الفائق في غريب الحديث المجلد 2

اشارة

سرشناسه : زمخشری، محمودبن عمر، ق ۵۳۸ - ۴۶۷
عنوان و نام پديدآور : الفائق فی غریب الحدیث/ محمودبن عمر الزمخشیری؛ ضبطه و صححه و علق حواشیه علی‌محمد البجاوی، محمد ابوالفضل ابراهیم
مشخصات نشر : قاهره : داراحیاآ الكتب العربیه ، ۱۳۶۴ق = ۱۹۴۵ م = - ۱۳۲۴.
مشخصات ظاهری : ج ۳
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
يادداشت : ج. ۱: (چاپ اول: ۱۳۶۴ق = ۱۹۴۵م = )۱۳۲۴
يادداشت : ج. ۲: (چاپ اول: ۱۳۶۶ق = ۱۹۴۷م = )۱۳۲۶
یادداشت : كتابنامه
موضوع : حدیث -- نقد و تفسیر
موضوع : احادیث -- مسائل ادبی
شناسه افزوده : بجاوی، علی‌محمد، مصحح
شناسه افزوده : ابراهیم، محمدابوالفضل، .Ibrahim, Mohammad Adumal - Fadlمصحح
رده بندی كنگره : BP۱۰۷/۵/ز۸ف‌۲ ۱۳۲۴
رده بندی دیویی : ۲۹۷/۲۶۷
شماره كتابشناسی ملی : م‌۸۳-۲۷۰۵۸

الجزء الثاني

حرفُ الرّاء

الراء مع الهمزة

[رأي]*:

النبيّ صَلَي اللّه عليه و سلِم- إن قوماً من أهل مَكَّة أسلموا فكانوا مقيمين بها قبل الفَتْح، فقال: أنا بري‌ء من كلِّ مسلم مع مشرك، قيل: لم يا رسول اللّٰه؟ قال: لا تَراءي ناراهما.
إنه يجب عليهما أن يتباعد منزلاهما بحيث إذا أوقدتْ فيهما ناران لَمْ تَلُحْ إحداهما للأخري. و إسناد التَّرائي إلي النارين مجاز، كقولهم: دور بني فلان تتناظر.
و التَّرائي: تَفَاعُل من الرُّؤية، و هو علي وجوه: يقال تراءي القومُ إذا رأي بعضُهم بعضاً، و مثال ما نحن فيه قوله تعالي: فَلَمّٰا تَرٰاءَا الْجَمْعٰانِ [الشعراء: 61].
و تراءي لي الشي‌ءُ؛ أي ظهر لي حتي رأيتُه. و تراءي القومُ الهلالَ؛ إذا رأَوْه بأَجْمعهم.
و من هذا
قوله صَلَي اللّه عليه و سلِم: «إن أهْل الجنة ليتراءون أهلَ علِّيين كما تَرَوْن الكوكب الدُّرِّي في أفق السماء، و إن الحَسَنَيْن منهم و أنْعَمَا»
. كلمة نعم: استعملت في حَمْد كل شي‌ء و استجادَتِه و تَفْضِيله علي جِنْسِه، ثم قيل: إذا عَمِلْتَ عملًا فأنْعِمْه، أي فأجِدْه و جِئْنِي به علي وجه يُثْنَي عليه بِنِعْمَ العملُ هذا. و منه: دَقّ الدّواء دَقًّا نِعما، و دقّه فأَنْعَم دَقَّه، و منه قول ورقة بن نوفل في زيد بن عمرو بن نفيل:
رشدت و أنعمَت ابن عَمرو و إنما تجنَّبت تَنوُّراً من النّار حاميا
أي أجدت وزدت علي الرّشد.
و منه
قوله صَلَي اللّه عليه و سلِم: و أنْعَما
، أي فضلَا، و زادا علي كونِهما من جملة أهل عِلِّيّين. و عن الفَرَّاء: و دخلا في النَّعيم.
______________________________
(1) (*) [رأي]: و منه حديث أبي البختري: تراءَينا الهلال. و منه حديث رَمَل الطواف: إنما كنا راءَينا به المشركين. و الحديث: أنه خطب فرُئيَ أنه لم يُسْمع. و في حديث عثمان: أُراهم أراهُمُني الباطل شيطاناً. و في حديث حنظلة: تُذَكِّرُنا بالنار و الجنة كأنَّا رأْي عين. و في حديث الرؤيا: فإذا رجل كريه المرأة. و الحديث: حتي يتبين له رِئْيهما. و في حديث عمر و ذكر المتعة: ارتأي امرؤٌ بعد ذلك ما شاء أن يرتئي. النهاية 2/ 177، 178.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 4‌

[رأس]*:

كان صَلَي اللّه عليه و سلِم يُصِيبُ من الرَّأْس و هو صائم.
هذه كناية عن التقبيل.
عمر رضي اللّٰه عنه- عن أذينة العَبْديّ: حَججْتُ من رأس هرٍّ و خَارك «1»، أو بعض هذه المزالف، فقلت لعمر: مِنْ أين أَعْتمر، فقال: ايت عليًّا فسله، فسألته فقال: مِنْ حيث ابتدأت.
رأس هِرّ و خارك: موضعان من ساحل فارس يرابط فيهما.
المزالف: بين البرّ و بلاد الريف، الواحدة مَزْلَفة.

[رأي]:

الخُدْرِيّ رضي اللّٰه عنه- بني ابنُ أخٍ لي أيامَ أُحُد، فاستأذنّا له النبي صَلَي اللّه عليه و سلِم فأذن له، فجاء فإذا هو بامرأته بين بابِ الدار و البيت. فسدَّد الرمحَ نحوها. فقالت: لا تعجل و انظر ما علي فِراشك، فإذ رَئِيٌّ مثلُ النِّحْي، فانتَظَمَه بسِنَانِه فماتا جميعاً.
هو الحيَّة العظيمة، سُمِّي بالرَّئي الذي هو الجِنِّي من قولهم: معه رَئيّ و تابعه؛ لأن في زعماتهم أنه من مَسْخِ الجن، و لهذا سَمَّوْه شَيْطاناً و حُبَاباً و جَاناً، و هو فعِيل أو فَعول من رَأي؛ لأنهم يزعمون أن له رأياً و طبًّا، و يقال فلان رَئيّ قومه، أي صاحب الرأي منهم وَ وَجْهُهُمْ، و قد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها فيقال: معه رِئِيّ كقولهم: صِلِيّ و مِنْخِر.
فرأب الثّأي في (سح). رئتيْ في (بج). أرأيتموني في (رع). ترأمه في (زف). رأْي عين في (عف). و اجعلوا الرأس رأسين في (فر). يرمي في (اك). و رأفة في (دح). لا أراني. و إلّا رأيتُك في (خش). أرأيتُك في (عد) أراك في (لق).

الراء مع الباء

[ربع]*:

النبي صَلَي اللّه عليه و سلِم- مَرَّ بقوم يَرْبَعُون حجراً- و يروي: يَرْتَبِعون، فقالوا: هذا حجر
______________________________
(2) (*) [رأس]: و منه في حديث القيامة: أَ لم أذرك ترأس و تربع. النهاية 2/ 176.
(1) خارك: جزيرة وسط البحر الفارسي، معجم البلدان.
(3) (*) [ربع]: و منه في حديث عمرو بن عبسة: لقد رأيتني و إني لربع الإسلام. و في حديث الشعبي في السِّقط: إذا نُكِسَ في الخلق الرابع. و في الحديث: فجاءت عيناه بأربعةٍ. و في حديث طلحة: إنه لما رُبع يوم أُحد و شُلَّت يده. و منه الحديث: فإنه لا يربع علي ظلعك. و في حديث المزارعة: و يشترط ما سقي الربيع و الأربعاء. و الحديث: و ما ينبت علي ربيع الساقي. و الحديث: فعدل إلي الربيع فتطهر.
و منه حديث سهل بن سعد: كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سلق كنا نغرسه علي أربعائيا. و في دعاء الاستسقاء: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مربعاً. و في حديث ابن عبد العزيز: أنه جمَّع في متربع له.
و الحديث: مُري بنيك أن يحسنوا غذاءَ رباعهم. و في حديث عبد الملك بن عمير: كأنه أخفاق الرباع.
و في حديث هشام في وصف ناقة: إنها لمرباع مسياع. و في حديث أسامة قال له عليه الصلاة و السلام: -
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 5
الأشداء، فقال: ألَا أُخبِركم بأشَدِّكم؟ مَنْ مَلَكَ نفسه عند الغضب.
و
روي: مر بناس يَتَجاذَوْن مِهْراساً، فقال: أ تَحْسِبُونَ الشِّدَّة في حَمْل الحجارة؟ إنما الشدة أن يمتلي‌ء أحدُكم غيظاً ثم يغلبَه.
رَبْعُ الحجر و ارْتِبَاعُه و إجْذَاؤُه: رفعُه لإظهار القوة، و سمي الحجر المربوع الرَّبيعةَ و المُجْذَي. و في أمثالهم أثقل من مُجْذَي ابن رُكَانة، و هما من رَبَع بالمكان و جَذَا فيه؛ إذا وقف و ثَبت، لأنه عند إشالته الحجر لا بُدَّ له من ثبات و استمكان في موقفه ذلك.
و التَّجَاذِي: تفاعُل من الإجْذَاء، أيْ يُجذي المهراسَ بعضهم مع بعض، هذا ثم هذا.
و منه
حديثُ ابنِ عَبَّاس رضي اللّٰه عنهما: إنَّه مَرَّ بقومٍ يتجاذَوْن حَجَراً- و روي:
يُجذُون، فقال: عمّال اللّٰه أقوي من هؤلاء.
و المِهْراس: حجر مستطيل منقور، يُتَوضّأ منه، شبيه بالهاوون الذي يُهْرَس فيه.
و الهَرْسُ: الدَّق الشَّديد.

[ربو]*:

في صلح أهْلِ نَجْران: ليس عليهم رُبِّيَّة و لا دم.
سبيلها أن تكون فُعُّولة من الرِّبا، كما جعل بعضهم السُّرّية من السَّرْو، و قال: لأنها أَسْري جَوَارِي الرجل. و عن الفرَّاء: هي رُبيْةً، و شبّهها بحُبْيَة «1»، حيث جاءت بالياء، و أصلها واو.
أسقط عنهم كلَّ رِباً و دم كان عليهم في الجاهلية.

[ربد]*:

إنَّ مسجدَهُ صَلَي اللّه عليه و سلِم كان مِرْبَداً ليتيمين في حِجْر «2» مُعاذ ابن عَفْرَاء، فاشتراه منهما مُعَوّذ ابن عَفْراء، فجعله للمسلمين، فبناه رسول اللّٰه صَلَي اللّه عليه و سلِم مَسْجِداً.
______________________________
- و هل ترك لنا عقيل من رَبع. و في حديث هرقل: ثم دعا بشي‌ء كالربعة العظيمة. و في حديث المغيرة: إن فلاناً قد ارتبع أمر القوم. و في صفته عليه الصلاة و السلام: أطول من المربوع. و الحديث: أغبُّوا عيادة المريض و أربعوا. النهاية 2/ 186، 187، 188، 189، 190.
(3) (*) [ربا]: و منه الحديث: من أجْبي فقد أربي. و في حديث الصدقة: فَتْربو في كف الرحمن. و الحديث:
الفردوس ربوة الجنة. و في حديث طهفة: من أبَي فعليه الرِّبوة. و في حديث عائشة: مالكِ حشياءَ رابيةً.
النهاية 2/ 192.
(1) الحبية: من الاحتباء.
(4) (*) [ربد]: و منه الحديث: إنه تيمم بمربد النعم. و الحديث: حتي يقوم أبو لبابة يسدُّ ثعلبَ مربده بإزاره.
و في حديث صالح بن عبد اللّٰه بن الزبير: إنه كان يعمل رَبَداً بمكة. و الحديث: إنه كان إذا نزل عليه الوحي اربدَّ وجْهُه. و منه حديث حذيفة في الفتن: أيُّ قلب أُشربها صار مربدّاً. النهاية 2/ 182، 183.
(2) الحجر: الحضن.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 6
المِرْبد: المكان الذي تُرْبَدُ به الإبل، أي تحبَس، و منه مِرْبَد المدينة و البَصْرَة.

[ربع]:

أتاه صَلَي اللّه عليه و سلِم عَدِيّ بن حاتم، فعرض صَلَي اللّه عليه و سلِم عليه الإسلام، فقال له عديّ: إني من دِين، فقال له رسول اللّٰه صَلَي اللّه عليه و سلِم: إنّك تأكل المِرْباع، و هو لا يحلّ لك. إنك من أهل دِين يقال لهم: الرَّكُوسِيَّة.
المِرْباع: الرُّبْع، و مثله المِعْشار، و كان يأخذه الرئيس من المَغْنَم في الجاهلية.
الرَّكُوسِيَّة: قوم بَينَ النصاري و الصَّابئين.
من دِين، أي من أهل دِين.

[ربض]*:

مَثَلُ المنافق مَثَلُ الشاة بين الرَّبَضَيْن، إذا أتت هذه نَطَحَتْها.
و
روي: مثلُ المنافق مثلُ الشاة العَائِرة بين الغَنَمَيْن، تَعير إلي هذه مرة و إلي هذه مرة، لا تدري أيّهما تَتْبَع- و روي: الياعرة.
و
روي: مثلُ المنافق مثلُ شاة بين رَبِيضَيْن، تَعْمُو إلي هذه مرة، و إلي هذه مرة.
الرَّبَضُ: مأوي الغنم و حيث تَرْبِض، فسمِّي به الغَنم لكونها فيه، أوْ علي حذف المضاف، أو علي أنه جمع ربض كخادم و خَدَم.
و الرَّبِيض: اسم الغنم برُعاتها مجتمعة في مَرْبضها.
تثنية الغَنَم علي معني غَنَم هاهنا و غنم هاهنا، قال:
هما سيّدانا يَزْعُمان و إنَّمَا يسودانِنَا إن يَسرت غَنَماهُما «1»
و مثله قوله:
*لنا إبِلَان فيهما ما علمتم
* العائِرة: المترددة. و الياعرة: من اليُعار و هو صوتُها.
عمَا يَعْمُو- مثل عنا يَعْنُو، إذا خَضَع و ذَلّ؛ ضمّنه معني ينضوي و يلتجي‌ء، فعدّاه بإلي.
______________________________
(2) (*) [ربض]: و منه في حديث أم معبد: فدعا بإناء يُرْبضُ الرهط. و الحديث: أنه بعث الضحاك بن سفيان إلي قومه و قال: إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظبياً. و في حديث عمر: ففتح الباب فإذا شبه العضيل الرابض. و حديث معاوية: لا تبعثوا الرابضين الترك و الحبشة. و منه الحديث: الرابضة ملائكة أُهبطوا مع آدم يهدون الضُّلَّال. و منه في حديث علي: و الناس حولي كربيضة الغنم. و في حديث قتل القرَّاء يوم الجماجم: كانوا رِبْضة. النهاية 2/ 184، 185.
(1) البيت من الطويل، و هو لأبي أسيدة الدبيري في تخليص الشواهد ص 446، و الدرر 2/ 255، و شرح التصريح 1/ 254، و لسان العرب 5/ 295 (يسر)، و المقاصد النحوية 2/ 403، و بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 59، و لسان العرب 12/ 445 (غنم)، و همع الهوامع 1/ 153.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 7‌

[ربب]*:

من أشراط الساعة أن يُرَي رِعاء الغنم رُؤوسَ الناس، و أنْ يُرَي العراةُ الجُوَّع يتباروْن في البُنْيَان، و أنْ تَلِدَ المرأةُ رَبَّهَا أو رَبَّتَها.
قيل: يعني الإماء اللاتي يلِدْنَ لمواليهنّ، و هم ذَوُو أحساب، فيكون وَلَدُها كأبيه في النَّسَب، و هو ابنُ أَمَة، و يحتمل أن المرأة الوضيعة ينالُ الشرف ولدُها فتكون منزلتُها منه منزلةَ الأمَة من المولي لضعتها و شرفه.

[ربع]:

كتب بين قريش و الأنصار كتاباً. و في الكتاب: إنّهم أمّة واحدة دون الناس؛ المهاجرون من قريش علي رِبَاعَتهِمْ يَتَعَاقَلُون بينهم مَعَاقِلَهُمُ الأولي، و يَفُكُّون عَانِيَهم بالمعروف و القِسْط بين المؤمنين، و إنّ المؤمنين لا يتركون مُفْرَحاً منهم أن يُعينوه بالمعروف من فِدَاءٍ أو عَقْل، و إنّ المؤمنين المتقين أيديهم علي مَنْ بَغَي عليهم، أو ابْتَغَي دَسِيعةَ ظُلْمٍ، و إنّ سلْمِ المؤمنين واحد، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتالٍ في سبيل اللّٰه، إلا علي سواء و عَدْل بينهم؛ و إنَّ كلَّ غازِية غَزَت يَعْقُبُ بعضهم بعضاً، و إنّه لا يجيرُ مشرِكٌ مالًا لقريش، و لا يعينها علي مؤمن، و إنّه من اعْتَبَطَ مُؤْمِناً قَتْلًا فإنّه قَوَدٌ إلَّا أنْ يَرْضَي وليُّ المقتول بالعَقْل، و إن اليَهُود يتَّفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، و إن يهود بني عوف أنفسهم و أموالهم أمَنة من المؤمنين؛ لليهود دينُهم و للمؤمنين دينُهم، إلا مَنْ ظَلَم أو أثم فإنه لا يُوتِغُ إلا نَفْسَهُ و أهْلَ بيتِه، و إن يهودَ الأوْس و مواليهم و أنفسهم مع البَرّ المُحْسِن من أهل هذه الصحيفة، و إن البِرّ دون الإثْم، فلا يكسِبُ كاسب إلا علي نفسِه، و إنّ اللّٰه علي أصدق ما في هذه الصحيفة و أبرّه، لا يحول الكتابُ دون ظلم ظالم، و لا إثمِ آثم، و إنّه مَنْ خرج آمنٌ، و من قعد آمنٌ، إلا من ظَلَم و أثِم، و إنّ أوَلاهمْ بهذه الصحيفة البَرُّ المُحْسِن.
رِبَاعةُ الرجل: شأنه و حاله الذي هو رابعٌ عليها؛ أي ثابت مقيم.
و منه
حديثه صَلَي اللّه عليه و سلِم حين سأله عمر عن الساعة: ذاك عند حَيْفِ الأَئِمة، و تصدِيقِ أمَّتِي بالنّجوم، و تكْذيبٍ بالقَدَر، و حين تُتَّخَذُ الأمانة مَغْنَماً، و الصَّدَقَةُ مَغْرَماً، و الفاحشة رِباعةً، فعند ذلك هلك قومُك يا عمر.
قال يعقوب: و لا يكون في غير حسن الحال؛ يقال: ما في بني فلان من يَضْبِط رباعته
______________________________
(1) (*) [ريب]: و منه حديث أجابة المؤذن: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة. و حديث أبي هريرة: لا يقل المملوك لسيده ربِّي. و حديث عمر: ربُّ الصُّريمة و رب الغُنيمة. و في حديث ابن عباس من الزبير: لأن يَرُبَّني بنو عمي أحبُّ إلي من أن يرُبَّني غيرهم. و الحديث: ألك نعمة تَرُبُّها. و الحديث: ما بقي في غنمي إلا فحل أو شاة رُبَّي. و منه حديث ابن عباس: إنما الشرط في الربائب. و في حديث المغيرة: حملها رِبابُ.
و حديث شريح: إن الشاة تُحْلَب في ربابها. و في حديث الرؤيا: فإذا قصر مثل الرَّبَابة البيضاء. و منه حديث ابن الحنفية قال حين توفي ابن عباس: مات رباني هذه الأمة. النهاية 2/ 179، 180، 181.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 8
غيرُ فلان، و قال الأخْطَل:
ما في مَعَدّ فتًي تُغْنِي رِباعَتُه إذا يَهُمّ بأمْرِ صالح فَعَلا «1»
التَّعَاقل: تَفاعُل من العقْل، و هو إعطاءُ الدِّية، و المعاقِل: الدِّيات جمع مَعْقُله، أي يكونون علي ما كانوا عليه من أخْذ الديات و إعطائها.
العاني: الأسير، و قد عنا يعنُو و عَنِيَ يَعْنَي؛ أي يُطلِقونه غير مُشْتَطِّين في ذلك.
المُفْرَح: المُثْقَل بالغُرْم.
أن يُعِينوه بدل منه، أي لا يتركون إعانته.
الدَّسِيعة: من الدَّسع و هو الدَّفع، يقال: فلان ضَخْم الدَّسيعة؛ أي عظيم الدَّفْع للعطاء، و أراد دَفْعاً علي سبيل الظلم، فأضافَهُ إليه، و هذه إضافة بمعني مِنْ، و يجوز أن يُرَاد بالدَّسِيعة العَطِيَّة؛ أي ابتغي منهم أن يَدْفعوا إليه عطيَّة علي وجه ظُلْمِهِم، أي كونهم مظلومين، أو أضافها إلي ظلْمِه؛ لأنه سبب دفعهم لها.
السِّلْم: الصُّلْح؛ أي لا يسوغُ لواحدٍ منهم دون السائر، و إنما يسالمون عدوَّهم بالتَّبَاطؤ.
جعل الغازيةَ صفةً للخيل فأنَّث، و هو يريد أصحابها، و قد ذهب إلي المعني في قوله:
يَعْقُب بعضهم، و المعني: إنَّ علي الغُزَاة أن يتنَاوَبُوا، و لا يُكلَّفُ مَنْ يَقْفُل الخروج إلي أن تجي‌ء نَوْبَتُه.
الاعْتِبَاط: النَّحْر بغير عِلَّة، فاستعاره للقَتْل بغير جناية.
يهود بني عَوْف بسبب الصلح الواقع بينهم و بين المؤمنين كأمّة منهم في أنّ كلمتهم واحدةٌ علي عدوِّهم، فأمّا الدّين فكلّ فرقة منهم علي حيالها.
إلا من ظلَم بنقض العهد.
فإنه لا يوتِغُ: أي لا يُهْلِكُ إلا نَفْسَه.
البِرّ دونَ الإثم، أي الوفاء بالعهد الذي معه السكون و الطُّمأنينة أهونُ من النَّكْثِ المؤدّي إلي الحروب و المتاعب الجمة.
فلا يكسِب كاسب؛ أي لا يجرُّ هذه المتاعبَ مَنْ نكث إلّا إلي نَفْسِه.
لا يحولُ الكِتَابُ دون ظُلْمِ ظالم؛ معناه: لو اعْتَدَي مُعْتَدٍ بمخالفة ما فيه، و زَعَم أنه داخل في جملة أهْلِه لم يمنعه دخولُه في جملتهم أن يُؤْخذَ بجناية.

[ربض]:

في ذكر أشراط الساعة- و أن ينطق الرُّوَيْبِضَة، قيل: يا رسول اللّٰه؛ ما
______________________________
(1) البيت في ديوان الأخطل ص 145، و رواية الديوان
« … بأمرٍ صالح عملَا»
بدل
« … بأمرٍ صالح فعلَا»
.الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 9
الرُّوَيْبِضَة؟ فقال: الرّجل التافه، يَنْطِقُ في أمر العامة.
كأنّه تصغير الرَّابضة، و هو العاجز الذي رَبَض عن معالي الأمور، و جثم عن طلبها، و زيادةُ التاءِ للمبالغة.
و التّافه: الخسيس الحقير، يقال: تَفِه فهو تَفِهٌ و تافه.
قال للضَّحاك بن سُفيان حين بعثه إلي قومه: إذا أتَيْتَهم فارْبِضْ في دارهم ظَبْياً.
الظبي: موصوف بالحذر، و أنه إذا رابه رَيْبٌ في موضع شَرَد عنه ثم لم يَعُدْو، و منه المثل: تَرَكَهُ تَرْك ظَبْيٍ ظِلَّه؛ فالمعني: كن في إقامتك بين أظهرهم كالظَّبْي في حَذَرِه، لأَنَّهُمْ كَفَرة؛ حتي إن ارتبت منهم بشي‌ء أسْرَعْت الرحيل؛ و قيل معناه: أقم في أرضهم آمناً كالظَّبْيِ في كِناسه.

[ربب]:

اللَّهمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ غِنًي مُبْطِر، و فَقْرٍ مُرِبٍّ أوْ مُلِبٍّ.
أي لازم غير زائل؛ من قولهم: أرَبَّ بالمكان و ألَبَّ، إذا أقام و لزم.

[ربع]:

يقول اللّٰه تعالي يوم القيامة: يا ابنَ آدم؛ أَلَمْ أحْمِلْكَ علي الخيل و الإبل، و زَوَّجْتُك النِّساءَ و جعلتُك تَرْبَعُ و تَدْسَعُ؟ قال: بلَي، قال: فأين شُكْرُ ذلك!
المعنيُّ بهذا الرئيس؛ لأنه هو الذي يَرْبع و يَدْسَع عند قِسْمة الغنائم، أيْ: يأخُذُ المِرْبَاع و يدفع العطاء الجزل؛ من الدَّسِيعة.
نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن كِراء الأرْضِ، و كانوا يُكْرُونها بما يَنْبُتُ علي الأرْبِعَاءِ و شي‌ء من التبن، و يسمون ذلك الحَقْل.
هي الأنْهَار الصغار؛ الواحد رَبيع.
الحَقْل، من الحَقْل و هو القَرَاح «1»؛ كانوا يُكْرُونَها بشي‌ء غير معلوم، و يشترطون علي المُكْتَرِي هذه الأشياء، فنهي عن ذلك، فأما إكراؤُها بدراهمَ أو إطعام مُسَمّي فلا بأس به.
جاءَته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سُبَيْعةُ الأسْلَمية رضي اللّٰه عنها، و قد تُوفِّيَ عنها زوجُها، فوضعت بأدْني من أرْبَعةِ أشْهر من يوم مات، فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: يا سُبيعة؛ ارْبَعِي بِنَفْسِك- و روي: علي نفسك.
هذا يحتمل وجهين:
أحدهما أن يكون من رَبَع بمعني وقف و انتظر، قال الأحوص:
ما ضرَّ جيرانَنا إذِ انْتَجَعُوا لو أَنَّهم قَبْل يومهم رَبَعُوا «2»
فيوافق قوله تعالي: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ* [البقرة: 228]، و هذا يقتضي أنه أمرها
______________________________
(1) القراح من الأرض: الظاهر البارز الذي لا شجر فيه (لسان العرب: قرح).
(2) البيت في لسان العرب (ربع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 10
بالكفِّ عن التزوّج، و انتظار تمام مدة التَّرَبُّص؛ و هو مذهب عليٍّ عليه السلام،
قال: عِدَّتها أبْعَدُ الأَجَلَيْن.
و يحتمل أن يكونَ من قولهم: رَبَع الرجلُ إذا أخْصَب من الرَّبيع، و منه: رجل مربوع؛ أيْ منعوش منفَسٌ عنه فيكون المعني: نَفِّسِي عَنْ نفسك، و ارمِي بها إلي الخِصْب و السعة، و أَخْرِجيها عن بؤس المعتدّة و سُوءِ حالها وضَنْك أمرِها. و يعضّده ما
يروي: أنّ سُبَيْعة وضعتْ بعد وفاة زوجها بشهر أو نحوه، فمرّ بها أبو السنابل، فقال: لقد تَصَنَّعْتِ للأزواج! لا حتي تَأْتِي عليك أربعةُ أشْهُر و عشر، فأتَتْ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فذكرت ذلك له، فقال: كذب، فانكحي فقد حَلَلْتِ.
و
عن عمر رضي اللّٰه تعالي عنه: إذا ولدت و زوجها علي سريره جاز أن تتزوج.

[ربغ]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن رجلًا جاءه في ناقة نُحرِت فقال له عمر: هل لك في نَاقَتَيْنِ عَشْراوَيْن مُرْبَغَتَيْنِ سَمينتين بناقتك، فإنا لا نَقْطَع في عام السَّنَة!
أربغتُ الإبل: إذا أرسلتُها علي الماء تَرِدُه متي شاءت، فربَغَتْ هي، و منه ربيع رابغ، أي مخصب، و عيش رابغ رافغ «1». أراد ناقتين أرْبَغَتَا حتي أخْصَبَتْ أبْدَانُهما و سَمِنَتَا.
السنَّةَ: القحْط، أراد ليست عادتنا كعادة الجاهلية في قطعهم الطريق إذا أقْحَطُوا.

[ربب]:

عليّ عليه السلام- قال لكُمَيْل بن زياد رحمه اللّٰه تعالي: الناسُ ثلاثة: عالِمٌ رَبّانيّ، و متَعَلِّمٌ علي سَبِيل نَجَاة، و هَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاع كلِّ ناعق.
الرَّبَّانيّ: منسوب إلي الرَّبّ بزيادة الألف و النون للمبالغة، و هو العالم الراسِخُ في العِلْم و الدِّين الذي أمر به اللّٰه و الذي يَطْلُبُ بعلمه وَجْهَ اللّٰه. قال بعضهم: الشارع الرّبانيّ العالم العامل المعلم.
الهَمَج: جمع هَمَجة، و هي ذباب صغير يقع علي وجوه الغنم و الحمير، و قيل: هو ضَرْبٌ من البعوض، و شبه به الرُّذَالُ من الناس، فقيل لهم: هَمَج.
الرّعاع: السِّفْلة.
نَعَق الراعي بالغنم: إذا صاح بها فهو ناعق، شَبَّهَهُمْ بالغنم في اتّباعهم كلّ من يَدْعُوهم كما تتبع الغنم الراعي إذا نَعَق بها.

[ربث]:

قال رضي اللّٰه عنه علي منبر الكوفة: إذا كانَ يوم الجمعة غَدَتِ الشياطين برَاياتها فيأْخُذُونَ النَّاسَ بالرَّبَائِث فَيُذَكِّرونهم الحاجات.
______________________________
(2) (*) [ربغ]: و منه الحديث: إن الشيطان قد أربغ في قلوبكم و عشَّش. النهاية 2/ 190.
(1) العيش الرابغ الرافغ: العيش الناعم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 11
أي بالعوارِض التي تربِّثُهم عن الجمعة، أي تَحبِسُهم و تُثَبِّطُهم. يقال: إنما فعلْتُ بِك ذاك رَبِيثةً منِّي لك، أي حَبْساً و خَدِيعةً.

[ربخ]:

إنَّ رجلًا خاصم إليه أَبا امْرَأَتِه، و قال: زَوَّجَنِي ابْنَتَه و هي مَجْنُونة، فقال:
ما بَدَا لَكَ مِنْ جُنونِها؟ فقال: إذا جامعتُها غُشِيَ عليها، فقال: تلك الرَّبُوخ؛ لستَ لها بأهْل.
هي التي يُغْشَي عليها إذا جُومِعَتْ، و لا بدّ لها من اسْتِرْخاء عند ذلك؛ من قولهم:
مشي حتي تَرَبَّخ؛ أي استرخي، و منه قيل لرملةٍ من رمال زَرُود: مُرْبِخ، أراد أن ذلك يُحْمَد منها، قال:
أطْيَبُ لَذَّاتِ الفَتَي نَيْكُ رَبوخٍ غَلمهْ
[شبقة].
و أربخ الرجل: إذا اشتري جارية رَبوخاً.

[ربق]*:

دعا بموسي بن طَلْحة رحمهما اللّٰه من السجن، فقال له: استغفرْ ربَّك، و تُبْ إلي اللّٰه ثلاثَ مرات؛ انطلِقْ إلَي العَسْكَرِ، فما وَجَدْتَ من سلاحٍ أو ثوب ارْتُبِقَ فاقْبِضْه، و اتَّق اللَّهَ و اجْلِسْ في بيتك.
يقال: رَبَقْتُ الشي‌ءَ و ارْتَبَقْتُه لنفسي كربطْتُه، و ارْتَبَطْتُه، من الرِّبْقة «1»، و كان مِنْ حكمه في أهْلِ البَغْيِ ألّا يغْنموا و لا يُسْبَوْا، و إن وُجِد من مالهم شي‌ء في يد أحدٍ استُرْجِع.

[ربك]*:

ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- صلَّي خلْفه أعرابي فَتَتَعْتَعَ في قِراءته، فقال الأعرابيّ: ارْتَبَك الشيخ، فلما قضي ابنُ مَسْعودٍ صلاته، قال: يا أعرابيّ، إنّهُ و اللَّهِ ما هو من نَسْجِك، و لا مِنْ نسج أَبِيكَ، و لكنه عزيز مِنْ عند عَزيزٍ نَزَل.
ارْتَبَك في كلامه: تتعتع فيه. و ارْتَبك في الأمر: نشَبَ فيه، و الصيدُ يَرْتبِك في الحُبالة، و أصله من رَبْك الطعام، و لبْكه خَلْطه.

[ربض]:

أبو لُبابَة رضي اللّٰه عنه- كان ارْتَبَط بسلسلة رَبُوض إلي أَنْ تاب اللّٰه عليه.
هي الضَّخْمة الثقيلة التي لا يكاد يُقِلُّها صاحبها، فوصفتْ لذلك بالرَّبُوض، و يقال:
قِرْبةٌ و جَرّة رَبُوض.

[ربب]:

عُرْوة بن مسعود رضي اللّٰه عنه- لما أسْلَم و انْصَرف إلي قومِه قَدِم عَشاءً،
______________________________
(2) (*) [ربق]: و منه الحديث: من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. و الحديث: لكم الوفاء بالعهد ما لم تأكلوا الرباق. و حديث عمر: و تَذَروا أرباقها في أعناقها. النهاية 2/ 190.
(1) الرِّبْقة: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها (لسان العرب: ربق).
(3) (*) [ربك]: و منه الحديث في صفة أهل الجنة: إنهم يركبون المياثر علي النوق الرُّبْك. و في حديث علي:
تحيَّر في الظلمات و ارتبك في المهلكات. النهاية 2/ 191.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 12
فدخَلَ مَنزِله فأَنكر قومُه دخولَه منزله قبل أن يأتِيَ الرَّبة، ثم قالوا: السَّفر و خَضَدُه، فجاءُوا منزله فحيَّوْه تحيَّة الشرك، فقال: عليكم بتحية أهلِ الجنَّة: السلام.
الرّبة: هي اللَّات، و كانت صَخْرةً يَعْبُدُها ثَقِيف، قوم عُرْوة بالطائف.
الخَضْدُ: كَسْرُ الشي‌ءِ اللَّيِّن من غير إبانة، فاسْتُعِير لما ينالُ المسافرَ من التعب و الانكِسار، أريدَ السَّفَرُ و خَضْدُه مانعاه أو مُثَبِّطَاهُ، فحذف.
السَّلام: بدل من التحية.

[ربز]:

و
عبد اللّٰه بن بِشْر رضي اللّٰه عنه قال: جاء رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إلي داري فوضعْنا له قَطِيفةً رَبِيزَةً.
أي ضَخْمة، من قولهم: كَبْش رَبِيز، و صُرَّة رَبِيزةَ. قال امرؤ القيس:
و لقد نَقُودُ إلي القتال بسرجه النَّشَزَ المُجَامِزْ «1»
القارحُ العَتَدُ الَّذِي أثمانه الصُّرَرُ الربائزْ
و منه قيل للعاقد الثَّخين: ربيز، و قد رَبَز رَبَازَةً، و منهم مَنْ يقول: رَمِيز، و قد رَمَزَ رمازَةً، قاله أبو زيد.

[ربب]:

ابنُ الزُّبير رضي اللّٰه عنهما- خطب في اليوم الذي قُتِل فيه، فحمِد اللّٰه و أثنَي عليه، ثم قال: أيُّها الناس، إنَّ الموت قد تَغَشّاكُمْ سحابُه، و أحْدَقَ بكم رَبَابُه. و اخْلَوْلَقَ بعد تَفَرُّق، و ارْجَحَنَّ بعد تَبَسُّق، و هو مُنْصَاح عليكم بوابل البلايا، تَتْبَعُها المنايا، فاجعلوا السيوف للمنايا فُرُضاً، و رهيش الثري غَرَضاً، و اسْتَعِينوا علي ذلك بالصبر، فإنّهُ لن تُدْرَكَ مَكْرُمَةٌ مونقة، و لا فضيلة سابقة إلا بالصبر.
الرَّباب: سحاب دُوَيْن السحاب؛ كأنه متعلق به.
اخلولق: تهيأ للمطر؛ من الخَلَاقة.
ارْجَحَنَّ: ثَقُل حتي مال لثِقْله، و هو من الرُّجْحان، أُلْحِق باقْشَعَرّ بزيادة النونين.
التّبَسُّق: تَفَعُّل، من بَسَق؛ إذا ارْتَفَع و طال.
المُنْصَاح: مطاوع صَاحَهُ يَصُوحُه إذا شَقَّه، يعني هو مُنْفَتِقٌ عليكم بوابِل. قال عَبيد بن الأبرص في صِفَة السحاب:
فثجَّ أعلاه ثم ارتجَّ أسفلُه و ضاق ذَرْعاً بحمل الماء مُنْصاح «2»
[و منضاخ، بالضاد و الخاء المعجمين تصحيف منكر].
______________________________
(1) البيتان في ملحق ديوان امري‌ء القيس ص 460.
(2) البيت في ديوان عبيد ص 35، و روايته في الديوان
«فالتج أعلاه … »
بدل
«فثجَ أعلاه … »
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 13
الفُرْضَة: النَّقْب يُنْحَدَرَ منه إلي نهر أو واد؛ يقول: صِلُوا إلي مناياكم بالسُّيُوف و اجعلوها طُرُقاً إليها؛ يُحَرِّضهم علي أن يُقْتَلُوا بالسيوف و يسْتَشْهدُوا بها.
الرَّهِيشُ: المُنْثَالُ من التُّرَاب، من الارْتِهَاش و هو الاضْطِراب أرادَ تراب القبر، أي اجعلوا غايتكم الموت، و مَرْمَي هِمَّتِكم.
و قيل: أراد المجالدة علي وَجْه الأرض، و لو رُوِي الرَّهِيس (بالسين) من الرَّهْس و هو الوطْء علي هذا المعني لكان وَجْهاً؛ لأن المُنَازِل يَطَأُ الثري.
[ربب]:
عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- ما كان لنا طعامٌ إلّا الأسْوَدَان: التَّمْر و الماء، و كان لنا جيرانٌ من الأَنْصَار لهم رَبائِب: فكانوا يَبْعَثُون إلينا من ألبانها.
جمع رَبِيبة، و هي الشاة التي يُرَبيِّها الإنسان في بيته لِلَبنها.
و منه
حديث النّخَعيّ رحمه اللّٰه: ليس في الرَّبَائِبِ صَدَقةٌ.

[ربع]:

أرادت رضي اللّٰه عنها بَيْعَ رِبَاعِها، فقال ابنُ الزُّبير: لتنتهَيَنّ أو لأَحْجُرَنَّ عليها، فقالت: للّٰه عليّ أن أُكَلِّمَهُ أبداً؛ فاستعان عليها فَبِلأْيٍ مّا كلَّمتْه، و بعثتْ إلي اليمن فاشْتُرِيَتْ لها أربعون رقبةً فأعتقتهم.
الرِّباع: جمع رَبْع، و هو دار الإقامة. أرادت ترك أنْ تُكَلِّمه أو ألّا أُكلمه فحذف ذلك لأنه غير مُلتبس كقوله تعالي: يُبَيِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [النساء: 176].
اللأي: البُطْءُ و الاحتباس؛ يقال: لأي لأْياً و الْتَأَي، و الجار و المجرور في محل النصب علي الحال؛ كأنه قال: فمُبْطِئَةً كَلَّمَتْهُ. و ما مزيدة مؤكدة.

[ربذ]:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه- كتب إليه عديّ بن أرْطَاة: إنَّ عندنا قوماً قد أكَلُوا من مال اللّٰه، و إنَّا لا نقْدِرُ أن نستخرج ما عندهم حتي يمسّهم شي‌ء من العذاب. فكتب إليه:
إنما أنْتَ رَبَذَةٌ من الرَّبَذ، فواللّٰه لأن يَلْقُوُا اللّٰه بخيانتهم أحبُّ إليَّ من أنْ ألقي اللّٰه بِدمائهم، فافْعَل بهم ما يُفْعَل بغريم السوء.
الرَّبَذَة و الرَّبَذ صوفة يُهْنأُ بها البعير، أو خرقة يَجْلُو بها الصائغ الحليّ. و المعني: إنه إنما استعمله ليعالج الأمور برأيه، و يجلوها بتدبيره. و يجوز أن يريد بالرَّبَذة خِرْقة الحائض، فيذمَّه و ينالَ مِنْ عِرْضِه. و أن يريدَ واحدة الرَّبذ، و هي العُهُون التي تُعَلّق في أعْناق الإبل، و علي الهوادج، فيكون المعني: إنه من ذَوِي الشَّارة الذين ليس فيهم جَدْوَي و لا طائل.
و يُعَضِّدُ هذا الوجه
أنه كتب إليه: غَرَّتْني منك صَلَاتُكَ و مجالستك القُرَّاء، و عمامتُك السَّوْدَاء؛ حتي ولّيْتُكَ و فوَّضتُ إليك الأمرَ العظيم، ثم وجدناك علي خلاف ما أمَّلْنَاكَ.
قاتلكم اللّٰه أما تمشون بين القبور!

[ربع]:

جَمعَ في مُتَرَبَّعٍ له كان يَتَرَبَّعُه، ثم انحرف، فقال: إنَّ الإمامَ يَجْمَعُ حيث كان.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 14
هو الموضع الذي يُنزَلُ فيه أيامَ الربيع، و يقال له: المَرْبَع و المُرْتَبَع، و ترَبُّعه: اتخاذه مَرْبعاً؛ لم يرَ الجمعة لغير الإمام إلا في المِصْر.

[ربب]:

مجاهد رحمه اللّٰه- كان يَكْرَهُ أن تُزَوَّجَ الرجلَ امرأةُ رابّه، و إن عطاءً و طاوساً كانا لا يريان بذلك بأساً.
يعني امرأة زوج أمه.

[ربط]*:

في الحديث: قال رَبِيطُ بني إسرائيل: زينُ الحكيم الصمت.
هو ذو العزم و القوة في الرأي؛ من قولك: رَبَطَ لذلك الأمر جَأْشاً، إذا حبس نَفْسه و صبرها، و هو رابط الجأْش و ربيط الجأْش، و هذا فَعِيل بمعني مَفْعول. و الجأْش في الأول في معني المفعول، و في الثاني في معني الفاعل.
و قيل: هو الزاهد في الدنيا الذي ربط نفسه عن طلبها.
الرِّباط في (كر). رباعَهم في (شو). الرّباق و الرّبوة في (صب). ربّي في (عز).
و ارْبَعُوا في (غب). و أربد في (دق). يُرْبِض و رَبْعَة في (بر). مُرْبعاً و ربيعاً في (حي). الرّبّة في (حم). رُبْد في (رم). الرّبيع في (قص). الرّبي في (غذ). رَبَعة و رِباع في (هل). أرْبَاقها في (ذر). الرّبذَة في (ضر). مُربدّ في (عر). الرّباب في (زو). اربدّت في (قل). الرِّباع في (سن) مِرْباع في (هل). رَبَابها في (لج). أربَي في (اب). رَابية في (حس). ورَبق في (سح). يَرُبَّني في (كث). فإنْ أبَتْ فارْبَعْ في (رف). ربد في (زن). فارْبَعِي فَرَبَعَتْ في (ظن). الربابة في (ثل). عن رُبُضه و من شقّ الرُّبُض في (رف). علي ستّ و بالأرْبع علي أربع في (ست). رابع أربعة في (سح). فارْبَعُوا في (مل). يَرْبأ في (رض). رَبْع المِغْزَل في (عر).

الراء مع التاء

[رتو]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال في الحَساء: يَرْتُو فُؤَادَ الْحَزين، و يَسرُو عن فؤاد السقيم.
الرَّتْو: من الأَضْداد يكون الشَّدّ و التقوية و هو المراد هاهنا، و منه قولهم: أكل فلان أكْلَةً فرتَتْ قلبه.
و يكون الكَسْر و الإرخاء؛ و منه قولهم: أصابتْه مصيبة فما رتت في ذَرْعه.
السَّرْو: الكشف، سَرَوْتُ عنه الثوبَ و سريتُه، و منه سُرِّي عن فلان.
______________________________
(1) (*) [ربط]: و منه حديث عدي: قال الشعبي: و كان لنا جاراً و ربيطاً بالنهرين. و منه حديث ابن الأكوع:
فربطت عليه أستبقي نفسي. النهاية 2/ 186.
(2) (*) [رتو]: و منه حديث أبي جهل: فيغيب في الأرض ثم يبدو رَتْوة. النهاية 2/ 195.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 15‌

[رتب]*:

مَنْ مات علي مَرْتَبَةٍ من هذه المراتب بُعث عليها يوم القيامة.
المرتبة: المنزلة الرفيعة، و منها قيل للمراتب: المراتب، و هي مَفْعَلة؛ من رتب الرجلُ: إذا انتصب قائماً. أراد الغزوَ و الحجَّ و غيرهما من العبادات الشاقة.

[رتل]*:

عن حُذَيفة رضي اللّٰه عنه- إن رجلًا قال: يا رسول اللّٰه؛ أبيتُ عندكَ الليلةَ فأصلِّي معك؟ قال: أنت لا تطيقُ ذلك، فقال: إني أحبُّ ذلك يا رسول اللّٰه، فجاء الرجلُ فدخل معه، فافتتح رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم السورة التي تُذْكر فيها البقرة و تَرَتّل في القراءة و ركع، ثم افتتح آل عِمران، فجُلِد بالرَّجل نَوْماً.
يقال: رَتَّل القراءة و تَرَتَّل فيها إذا ترسَّل و اتّأد، و بَيَّن الحروف، من قولهم: ثَغْر و رَتِل إذا كان مُفَلَّجاً؛ لأن المترسل في قراءته كَأنّ له عند كل حرْف شبهُ وَقفة، فشبّه ذلك بِتَفْلِيج الثَّغر، و الذي يُسرع فيها كأنه يَضُمُّ الحروفَ بعضَها إلي بعض و يرصُّها رصًّا، فشبه ذلك باللَّصَص «1».
جُلِدَ به: أي سقط، يقال: جَلَدْتُ بالرجل الأرضَ إذا صرعته، كما يقال: ضربت به الأرض، فإذا بُنِي للمفعول به و لم تذكر الأرض أسند إلي الجار مع المجرور، و كانا في محل الرفع علي الفاعلية.
نوماً: مفعول له.

[رتو]:

مُعَاذ رضي اللّٰه عنه- روي أنه يتقدَّم العلماءَ يومَ القيامة برَتْوَة.
أي برمية سَهْم، و قيل: بمِيل، و قيل: بخَطْوة.

[رتج]*:

ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- صلَّي بهم المغرب. فقال: وَ لَا الضّٰالِّينَ [الفاتحة: 7]. ثم أرْتِجَ عليه، فقال له نافع: إِذٰا زُلْزِلَتِ [الزلزلة: 1]، فقال: إِذٰا زُلْزِلَتِ.
إذا اسْتَغْلق الكلام علي الرجل قالوا: أُرْتِجَ عليه: من أرْتَجَ الباب إذا أغلقه. و لهذا قالوا للمرشد: فَتَح عليه.
و في كلامه رَتَج؛ أي تحبُّس، و تقول العامة: ارْتُجَّ عليه، بالتشديد، و عن بعضهم أن
______________________________
(2) (*) [رتب]: و منه في حديث لقمان بن عاد: رَتَب رتوب الكعب. و في حديث حذيفة قال يوم الدار: أما إنه سيكون لها وقفات و مراتب، فمن مات في وقفاتها خير ممن مات في مراتبها. النهاية 2/ 192، 193.
(3) (*) [رتل]: و منه في صفة قراءة النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: كان يرتِّل آيةً آيةً. النهاية 2/ 194.
(1) اللصص: تقارب ما بين الأضراس حتي لا تري بينهما خللًا.
(4) (*) [رتج]: و منه الحديث: أمرنا رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بإرتاج الباب. و منه حديث قس: و أرضٌ ذات رتاج. النهاية 2/ 193.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 16
له وجهاً، و أن معناه وقع في رجّة و هي الاختلاط.
[رتج]:
عائشة رضي اللّٰه عنها- قالت فيمن جعل مَالَه في رِتَاج الكعبة: إنه يُكَفِّرُهُ ما يُكَفِّرُ اليمينَ.
الرِّتَاج: الباب.
و منه
حديث مجاهد رحمه اللّٰه: إنه قال في قوله تعالي: فَأَرْسَلْنٰا عَلَيْهِمُ الطُّوفٰانَ وَ الْجَرٰادَ [الأعراف: 133].
الطُّوفَان: الموت، و الجراد تأكُلُ مساميرَ رُتُجهم
؛ أراد جمعَ رِتَاج. و إنما وَجَّهوا النَّذْرَ و اليمينَ إلي رِتَاج الكعبة، قال:
إذا أَحْلَفُونِي في عُلَيَّةَ أُجْنِحَتْ يَمينِي إلي شَطْرِ الرِّتَاجِ المُضَببِ
لأن بابَ البيت هو وَجْهُه، و هو السبيلُ إليه و إلي الارتفاق به.
و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: «أنا مَدينةُ العِلْمِ و عليٌّ بابها».
يُكَفِّرُه، أي يكفِّر قولَه و نَذْرَه.
المُرْتع في (لح). تُرَيْكَان في (فر). رَتْوة في (جب). رَتَب رُتُوب في (بج). مرتعاً في (حي). لأرْتَع في (ذق). ارتجّ في (اج). المراتب في (رس).

الراء مع الثاء

[رثي]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إن أمَّ عبد اللّٰه أخت شَدَّاد بن قَيْس بعثت إليه بِقَدَح لَبَن عند فِطْره، و قالت: يا رسول اللّٰه؛ بعثتُ به إليك مَرْثِيَةً لك من طول النهار و شدّة الحر.
هي في أبنية المصادر نحو المغفِرة و المعذِرة و المعجزة؛ من رَثَي له إذا رقّ له و توجّع من وقوع في مكروه، و منه الرَّثيْةَ الوجع في المفاصل. و قال بعضهم: رثيت له رَثْياً و مَرْثاةً.
و رثيت الميت مَرْثِيَةً، و زعم أن الصواب: مَرْثَاةً لك.

[رثث]*:

عن عبد اللّٰه بن نَهِيك رضي اللّٰه عنه- إنه دخل علي سعد و عنده متاع رَثّ و مِثَالٌ رَثّ، فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ليس منَّا مَن لم يتغنَّ بالقرآن.
الرَّثّ الخَلَق البالي، و قد رَثَّ و أرَثَّ؛ و منه الرِّثة، لأَسْقَاطِ البيت من الخُلقَان.
و المِثال: الفراش. قال:
بحمدٍ من سنانك لا يُذَمُّ أبا قران مِتَّ علي مِثالِ
______________________________
(1) (*) [رثي]: و منه الحديث: أنه نهي عن الرَثِّي. النهاية 2/ 196.
(2) (*) [رثث]: و منه الحديث: عفوت لكم عن الرِّثَّة. و منه حديث علي: أنه عَرَّف رِثَّة أهل النهر. و الحديث:
فجُمعتْ الرثاث إلي السائب. النهاية 2/ 195.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 17
التَّغَنِّي بالقرآن: الاستغناء به، و قيل كانت هِجِّيري العرب التغني بالرُّكْبَانيّ، و هو نَشِيدٌ بالمدِّ و التَّمطِيط إذا ركبوا الإبل و إذا انْبَطَحُوا علي الأرض، و إذا قَعَدُوا في أفْنِيَتِهم، و في عامّة أحوالهم، فأحبَّ الرسولُ أن تكونَ قراءة القرآن هِجِّيرَاهم، فقال ذلك؛ يعني ليس منا من لم يضع القرآن موضع الرُّكْبَانِيّ في اللَّهَج به و الطَّرَب عليه. و قيل: هو تَفَعُّل؛ من غَنِيَ بالمكان إذا أقام به [غنًي]، و ما غَنِيت فلاناً أي ما ألِفته. و المعني: من لم يلزمه و لم يتمسك به.
و الأول يحتج لصحته و وجاهته بمقدّمة الحديث و
قول ابن مسعود: من قرأ سورة آل عمران فهو غنيّ.
و
عن الشعبي رحمه اللّٰه: نِعْم كَنْزُ الصُّعْلُوكِ سورةُ آل عمران يقوم بها من آخر الليل.
و
في الحديث: من قرأ القرآن فرأي أن أحداً أُعْطِيَ أفضَل مما أُعْطِيَ فقد عَظَّمَ صغيراً و صَغَّرَ عظيماً.
الزُّبير رضي اللّٰه عنه- إن كَعْبَ بن مالك ارْتُثَّ يوم أُحُد، فجاء به الزُّبير يقود بزمام راحلته، و لو مات يومئذ عن الضِّيح و الرِّيح لورثه الزبير، و قد آخي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بينهما، فأنْزَلَ اللّٰه تعالي: وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ* [الأنفال: 75].
الارْتِثَاثُ: أن يُحْمَلَ من المعركة و هو ضعيف قد أَثْخَنَتْهُ الجِراحات من الرّثَّة، و هم الضعفاء من الناس، و منه قول الخنساء: أتَرَوْنَنِي تاركةً بني عَمِّي، كأنهم عوالِي الرّماح، و مُرْتَثّةً شيخَ بني جُشَم! قال:
يَمَّمْتُ ذا شَرَفٍ يُرْتَثُّ نائلُهُ من البريَّةِ جيلًا بعده جِيلُ
و منه
حديث زيد بن صُوحان رحمه اللّٰه تعالي: إنه ارْتُثَّ يوم الجمل، فقال: ادفنوني و لا تَحُسُّوا عني تُرَاباً.
أي لا تَنْفُضُوا، من حَسَسْتُ الدابة.
الضِّيح: صحّحه بعضهم، و زعم أنه قَلْبُ الضّحي، من ضُحَي الشمس، و الصواب الضِّحّ، و هو ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض؛ و منه ضَحْضَحَةُ السّراب و هو تَرَقْرُقُهُ.
قال ذو الرُّمة:
غَدَا أكْهَبَ «1» الأعْلَي و راح كأَنَّهُ من الضِّحِّ و استقباله الشمس أخْضَرُ «2»
و في أمثالهم: جاء بالضِّخّ و الرِّيح، أي بما طلعت عليه الشمسُ، و جرت عليه الريحُ؛ يعني كثرة المال، كما يقولون: جاء بالطِّم و الرّم «3». و المعني لو تَرَكَ الجمَّ الغفيرَ من المال
______________________________
(1) الأكهب: الأغبر إلي سواد.
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 229.
(3) الطمِّ و الرمِّ: الرطب و اليابس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 18
لوَرِثه الزبير؛ لأنهم كانوا يتوارثون في صدر الإسلام [بالحِلْف].

[رثع]:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- لا ينبغي أن يكون الرجلُ قاضياً حتي يكون فيه خمسُ خصال: يكون عالماً قبل أن يسْتعمل، مستشيراً لأهل العلم، مُلِقياً للرَّثَع؛ منصفاً للخَصْم، محتمِلًا لِلَّائمة.
الرَّثَع: نحو من الجَشَع، و هو أسْوَأُ الْحِرْص، إلا أنَّ فيه دناءة و إسفافاً لمداقّ المطامع، و الرضا بالطفيف من العطية. و الراثع: مَنْ كان بهذه الصفة.
و اللَّائمة: مصدر كالعافية و الفاضلة؛ يقال: أنحي عليه باللوائم. و يجوز أن يكون صفةً للقالة و الأُحْدُوثة التي فيها لوم.
أرثَم في (فن). من رثيئةٍ في (رص). رِثّة و الرثّاث في (خط).

الراء مع الجيم

[رجس]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
لما كان ليلة ولد فيها رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ارْتَجَسَ إيوانُ كِسْرَي، فسقطت منه أربعَ عشرة شُرْفة، و خَمَدَت نارُ فارس، و لم تَخْمُدْ قبل ذلك ألف عام، و غَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ، و رأي الموبَذَان إبلًا صِعَاباً تقودُ خَيْلًا عِرَاباً، و قد قطعت دِجْلَة و انتشرت في بلادها، فبعث كسري عبدَ المسيح بن عمْرو بن بُقَيلَة الغسّاني إلي سطيح ليستخبره عِلْمَ ذلك و يَسْتَعْبِره رؤيا الموبَذان، فقدِم عليه و قد أشْفَي علي الموت، فسلّم فلم يُحِرْ سَطيح جواباً، فأنشأ عبد المسيح يقول:
أصمُّ أم يَسْمَعُ غطْريفُ اليَمنْ أمْ فَادَ فازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ
يا فاصِلَ الْخُطَّةِ أعْيَتْ مَنْ و مَنْ أتاكَ شيخُ الحيِّ من آل سَنَنْ
و أمُّه من آلِ ذِئْبِ بنِ حَجَنْ أبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ و الْبَدَنْ
رَسُولُ قَيْل العجْم يسري لِلْوَسَنْ لا يرهب الرَّعْدَ وَ لَا رَيْبَ الزَّمَنْ
تَجُول بي الأرْضَ عَلَنْدَاةٌ شَزَنْ تَرْفَعُني وَجْنٌ و تَهْوِي بي وَجَنْ
حَتي أتي عارِي الجآجِي و القَطَنْ تَلُفُّهُ في الرِّيحِ بَوْغَاءُ الدِّمَنْ
كأَنَّمَا حُثْحِثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ أزْرَقُ مُمْهَي النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ
فلما سمع سَطيح شِعْره رفع رأسه، فقال: عبدُ المسيح، علي جمل مُشيح، جاء إلي سَطِيح، و قد أوفي علي الضَّريح، بعثَك مَلِكُ بني ساسان، لارْتِجَاس الإِيوان، و خُمُود النيران، و رؤيا الموبَذان، رأي إبلًا صِعاباً، تقود خيلًا عِراباً، قد قطعت دِجْلَة و انتشرت في
______________________________
(1) (*) [رجس]: و منه الحديث: أعوذ بك من الرِّجس النجس. و الحديث: نهي أن يُسْتنجَي بروثة و قال: إنها رِجسٌ. النهاية 2/ 200.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 19
بلادها. عبدَ المسيح، إذا كثرت التِّلاوة، و ظهر صاحبُ الهِرَاوة، و خمَدَت نار فارسَ و غاصَتْ بحيرةُ سَاوَة، و فاض وادِي السّماوة، فليست الشام لسطيح شَاماً، يملك منهم ملوك و ملِكات، علي عدد الشُّرُفات، و كلُّ ما هو آتٍ آت. ثم قضي سَطيح مكانه؛ و نهض عبدُ المسيح إلي رَحْلِه و هو يقول:
شَمِّرْ فإِنَّكَ ماضِي الهمِّ شِمِّيرُ لا يُفْزِعنَّك تفريقٌ و تَغْيِيرُ «1»
إنْ يُمْسِ مُلْكُ بني ساسان أفْرَطَهُمْ فإنَّ ذا الدهرَ أطوارٌ دَهارِيرُ
فَرُبَّما رُبَّمَا أضْحَوْا بمنْزِلَةٍ تهاب صولهمُ الأُسْدُ المهاصِيرُ
فلما قدم علي كِسْري أخبره بقول سَطِيح، فقال كسري: إلي أنْ يملكَ منا أربعة عشَر ملكاً تكون أمور. فملك منهم عشرةٌ في أرْبعِ سِنين، و ملك الباقون إلي زمن عُثْمان.
ارْتجَسَ و ارْتَجَّ و رَجَف أخوات، و منه رَجَستِ السماء و ارْتَجَسَتْ إذا رَعَدَتْ.
الإيوان: كلمة فارسية؛ و يقال الإوَّان، و الجمع إوَّانَات.
يقال للبحر الصغير: بُحَيْرة كبحيرة ساوة و بحيرة طَبَرِيَّة، و كأنها تصغير البَحْرَة من البحر، كالشَّحْمة و الشَّهْدَة و العَسَلة، من الشحْم و الشهْد و العسَل؛ و هي الطائفة و القِطْعة.
العِرَاب: الخيل العربيّة، كأنهم فرّقوا بين الأناسيّ و الخيل، فقالوا: فيهم عَرب و أعْراب، و فيها عِراب، كما قالوا فيهم: عُراة و فيها: أعْرَاء.
قولهم: أشفي علي الهلَكة و أشفي الغنيُّ علي الفقر، من أفْعَل الذي هو بمعني صار ذا كذا؛ لأن من كان علي حالةٍ ثم أشرف علي ما ينافيها فقد بلغ شَفَا تلك الحالة، أي طرَفَها و مُنْتَهاها؛ فكأنه صار ذا شفاً، لبلوغه إياه بعد أن كان ذا وسط لتمكُّنه و بُعْدِه من انقضائها.
أحَارَ: منقول من حار إذا رجع، كما يقال: لم يُرْجِعْ جواباً و لم يردّ، و منه المحاورة و هي مراجعة القول.
الغِطْريفُ: فرخ البازِي، فاستعِير للسَّيِّد، و منه تَغَطْرَفَ و تَغَتْرف؛ إذا تكبَّر و تسوَّد، و قالوا للذباب: غِطْرِيف، كما قالوا: أَزْهَي من ذُبَاب.
فاد، و فاظ، و فاز: إذا مات.
يقال: ازْلأَمُّوا: إذا ولَّوْا سِراعاً، و أنشد الأصْمَعيّ لكُثَيِّر
تَأَرَّض أخْفافُ المُناخةِ منهما مكانَ التي قد بُعِّدَت فازْلأَمَّتِ
و همزتُها لا تخلو من أن تكون أصْلِيَّة، و الكلمة رُباعِيَّة، كاتْلأَبَّ و ارْفَأَنَّ، و أن تكون
______________________________
(1) الأبيات في لسان العرب (سطح). و رواية اللسان «تخاف صولهم» بدل «تهاب صولهم».
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 20
مزيدةً للإلحاق باقْشَعَرَّ، أو بدلًا من ألف أفعال كالتي في بيت كُثَيّر الآخر:
و للأرض أما سودُها فتجلَّلتْ بياضاً و أما بِيضُها فادْهَأَمَّتِ «1»
و الكلمة ثلاثية فلا تكون أصلية، و إن كان الحكمُ بأصالتها إذا وقعت رابعة غير أول أصلًا لوضوح اشتقاق الكلمة، من قولهم: مَرَّ يَزْلِمُ و يحذِمُ، إذا قارب الخَطْو مع سُرْعة.
و عن الأصمعيّ: تَزْلِمُ إلي الشدّ و تنزع إليه؛ أي تُسرع؛ كما وَضَح اشتقاق اكْلأَب، و شاب مُصْمَئِلّ «2»، من الكَلَب و الصَّمْل، و لا مزيدة للإلحاق، مثلها في هذين الفعلين؛ لقوله: ازلمّ به، فبقي أن تجعل بدلًا، و أن يكون الأصل ازلامّ كاشهابّ و ازلمّ محذوف منه، نحو اشهبّ من اشهابّ و ادهمّ من ادْهَامّ.
و معني ازْلَمَّ به شأوُ العَنَن؛ ذهب به شأوُ عَرَض الموت ذهاباً سريعاً. و شأوه: سبقه إليه.
و العنَن: من عَنّ، كالعَرَض من عَرَض؛ و هو ما ينوبك من عارض.
أعْيَتْ مَنْ و مَنْ: أراد أن تلك الخُطَّة لصعوبتها أعْجزت مِنَ الحكماء و البُصراء كلَّ مَنْ جَلَّ قَدْرُه في علمه و حكمته، فحذف الصلة كما حذفت في قولهم: بعد اللّتيا و التي؛ إيذَاناً بأن ذلك مما تقصر العبارة عنه لعظمته، و نحوه قول خِطام [المجاشعي]:
*ثم أناخوها إلي مَنٍّ و مَنْ «3»
* الفَضْفَاض: الوَاسِع. و البَدَنُ من الجسد سوي الرأس و الشوي، و من الدُّرُوع: ما وَارَي البَدَن، و المراد به رَحَابَةُ الذَّراع و سَعة الصَّدْر؛ لأنه إذا وُصِفَ ما يَنْعَطِفُ علي ذِراعيه، و ما يشتمل علي صدره من بَدَنه أوْ دِرعه، بالسَّعة فقد رحب ذِرَاعُه و وسع صدره.
لِلْوَسن، أي لأجْل استعبار الرؤيا.
العَلَنْدَي، و العَرَنْدِي: الصُّلْبُ الشَّدِيد، و النون و الألف مزيدتان، يقال شي‌ء عَلْد و عَرْد، أي صُلْب، و أنْتَ في تَصْغِيرِهما مخير بين حذف هذه و إدْخَالُه التاء و هو يريد الجَمَل للمبالغة.
الشَّزَن: النّشيط. قال أبو العَمَيْثَل: شَزِن فلان؛ أي نشط. و إشزان الخيل: نشاطها، و أنشد للأغلب:
ما زالت الخيلُ علي أشْزَانِها يَرْمِي بها النازحُ من أوْطَانِها
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لكثير في ديوانه ص 323، و الدرر 6/ 287، و سر صناعة الإعراب ص 74، و شرح المفصل 10/ 12، و المحتسب 1/ 47، 312، و الممتع في التصريف ص 322، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 52، و الخصائص 3/ 127، 148، و رصف المباني ص 57.
(2) شاب مصمئل: شاب شديد.
(3) الرجز في لسان العرب (منن)، و رواية اللسان
«حتي انحناها … »
بدل
«ثم أناخوها … »
.الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 21
و هو من الشَّزَن؛ الناحية، أي يمشي في شِقٍّ من نشاطه؛ كما قيل: يمشي العِرَضْني و العِرَضْنَة، أي يمشي في عُرْض.
الوَجِين: العارض من الأرض، المُنْقَادُ في غِلَظٍ. و الجمع وجُن و وَجَن بالتخفيف.
سكّن الياء في النصب ضرورة، و يجوز أن يُجْعَلَ حالًا، و يجوز أن يُجعَلَ فاعلًا و يكون أسلوب النظم نحو ما في قوله:
فلئن بقيتُ لأرْحَلَنَّ بغَزْوَةٍ نحو الغنائم أو يموتَ كريمُ
الجآجئ: جمع جُؤْجُؤ؛ و هو قَصُّ الصدر «1».
القَطَن: ما بين الوَرِكين.
البَوْغاء: دِقاقُ التُّراب، الهافِي في الهواء؛ و منه تَبَوُّغُ الدّمِ، و هو ثورَانُه، و ارتفعت بَوْغاءُ الطِّيب؛ إذ سطعت سَواطِعُ فَوْحه. و قال:
لَعُمْرُكَ لو لا هاشمٌ ما تَعَفَّرَتْ بِبَغْدَانَ في بَوْغائها القَدَمان
ثَكَن: اسمُ جبل، و يقال: تنحّ عن ثكَنِ الطريق و ثَكَمِه؛ أي عن محجّته. و يريد بالأزْرَقِ النَّمِر، و هو موصوف بالزُّرقة. قال:
*بكفَّيْ سَبَنْتَي «2» أزرقِ العين مُطْرق
* المُمْهَي: المُحَدّد، و هو من المَهْي مقلوب، و رواه المحدِّثون مَهْم الناب بميمين، و قد لحنوا. و قيل: الصَّواب مَهْوُ الناب، و هو في معني المُمْهي، شبّه جملَه في سرعة سيره بِنَمِرٍ هُيِّج من جانبي هذا الجبل.
الأذن: مفعولة في المعني، أي يَصُرُّ آذانه أبداً «3». المُشيح و المُشَايح و الشِّيحُ:
المُجِدّ.
أفْرَطهم: من أفرط الرجلُ القومَ؛ قال ابنُ دُرَيد: أي تركهم وراءَه، و تقدَّمهم، و يقولون: ما أفرطت من القوم أحداً. و منه قوله عزَّ و علا: وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ [النحل: 16].
الدَّهَارِير: تصارِيفُ الدهر و نوائبُه؛ مشتق من لفظ الدهر؛ ليس له واحدٌ من لفظه كعباديد.
المهاصير: جمع مِهْصَار، و الهَصْر و الهَصْم أخوان؛ و هما أن تميلَ الشي‌ءَ إلي نفسك
______________________________
(1) قصُّ الصدر: رأس الصدر.
(2) السبنتي: النمر.
(3) صر أذنيه: إذا نصبهما، و إنما تفعل الخيل ذلك إذا جدت في السير (لسان العرب: صرر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 22
و تكسِره. و قيل للأسد: الهَصير و الهَصِيم.

[رجع]*:

نهي النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أن يُسْتَنْجَي برَجِيع أو عَظْم.
هو فعيل بمعني مَفْعُول، و المراد الرَّوْث أو العَذِرَة؛ لأنه رَجعَ، أي رُدَّ، من حالة إلي أخري. و رجعت الدَّابة إذا رَاثَت. و الرَّجيع: الْجِرَّة. قال الأعشي:
و فَلاةٍ كأنَّها ظَهرُ تُرْسٍ ليسَ إلَّا الرجيعَ فيها عَلَاقُ «1»
و كلُّ مَرْدُود رَجِيع، و منه قيل للدابة التي تردّدها في السفر: هي رَجِيع سَفَر، و يقولون في الحديث إذا أعادُه صاحبه: نحن في رَجِيعٍ من القول.

[رجج]*:

ذَكَرَ النَّفْخَ في الصّور. فقال: تَرْتَجُّ الأرضُ بأَهْلِها فتكونُ كالسفينةِ المرَنِّقَةِ في البحر، تضربُها الأمواجُ، أو كالقِنْدِيلِ المعلَّقِ بالعرْش تُرَجِّحُه الأرْوَاح.
يقال: رجَّه فارْتَجَّ.
و قال ابنُ دُرَيد رَجَّ الشي‌ء وَ تَرَجْرَجَ؛ فهو راجّ.
و قالوا: فلان يَرُجُّنِي عن هذا الأمر؛ أي يحرّكني عنه، و يَعوِّقُني عن مباشرته.
المُرَنِّقَة، من رَنَّق الطائر إذا رفرفَ فوقَ الشي‌ء و خَفَق بجَنَاحَيْه، و بيانه في بيت الحماسة:
و رَنَّقَت المنيَّةُ فهي ظِلٌّ علي الأبْطالِ دانيةُ الجَناح «2»
و منه: رنَّق النوم في عينيه، ألَا تري إلي قوله:
*إذا الكري في عَيْنِه تَمَضْمَضَا «3»
*______________________________
(4) (*) [رجع]: و منه في حديث الزكاة: فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. و في حديث السحور: فإنه يؤذن بليل، ليرجِعَ قائمكم و يوقظ نائمكم. و في صفة قراءته عليه الصلاة و السلام يوم الفتح: أنه كان يُرجِّع. و في حديث ابن مسعود: أنه قال للجلاد: اضرب و ارجِعْ يديك. و في حديث ابن عباس: أنه حين نُعي له قثم استرجع. النهاية 2/ 201، 202.
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 211.
(5) (*) [رجج]: و منه الحديث: من ركب البحر إذا ارتجَّ فقد برئت ذمته. و حديث ابن المسيب: لما قُبض رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ارتجَّت مكة بصوت عالٍ. و حديث ابن الزبير: جا فَرجَّ الباب رجاً شديداً. و منه حديث عمر بن عبد العزيز: الناس رجاجٌ بعد هذا الشيخ. النهاية 2/ 197، 198.
(2) البيت لأبي صخر الهذلي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1/ 327.
(3) صدره:
*و صاحب نبَّهْتُه لينهضا
* و البيت في لسان العرب (مضض).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 23
العَرْش: السَّقْف: و أصله الرفع، عَرَشَ الكَرْمَ: إذا رفعه، و عرشت النار: إذا رفع وقودها. قال حُميد:
عرِش الوقود لها بدار إقامةٍ للحيّ بين نظائرٍ وترِ «1»
و عرِش الحمار بعانته: حَمل عليها رافعاً رأسَه.

[رجل]*:

نهي عن التَّرَجُّل إلا غِبًّا.
تَرجَّل الرجلُ؛ إذا رجَّل شعرَه، كقولك: تَخَمّرتِ المرأة: إذا خمَّرت رأسها، و تطيَّب: إذا طيَّب نَفْسَه. و ترجيلُه: تسريحه و تغذيته بالأدهان و تقويته.
و منه
حديث أبيّ رضي اللّٰه عنه: إنه احتكم إليه العباسُ و عمرُ، فاستأذنا عليه، فحبسهما قليلًا، ثم أذِن لهما. فقال: إنَّ فلانة كانتْ تُرَجِّلُنِي، و لم يكنْ عليها إلا لِفاع، فَحَبَسْتُكُمَا.
هو ما يُتَلَفَّعُ به: أيْ يُشْتَمَلُ به حتي يُجَلِّل الجسد.
أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه-
قالت عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: أهْدَي لنا أبو بكر رِجْلَ شاةٍ مَشْوِيَّة فَقَسَّمْتُهَا إلا كَتفَها.
أرادتْ رجْلَها بما يليها من شِقِّها، أو كَنَتْ عن الشاة كلها بالرِّجْل، كما يُكْنَي عنها بالرأس.

[رجن]:

عُمر رَضِيَ اللّٰه عنه- كتب في الصَّدَقة إلي بعض عُمَّالِه كتاباً فيه: و لا تَحْبِسِ النَّاسَ أوَّلَهُمْ علي آخرهم؛ فإِنَّ الرَّجْنَ للماشية عليها شديد، و لها مُهْلِك، و إذا وَقَف الرجلُ عليكَ غَنَمَه فلا تَعْتَمْ من غَنَمِه، و لا تأخُذْ من أدناها، و خذِ الصَّدقة من أَوْسطها، و إذا وَجَب علي الرجل سنٌّ لم تجِدْهَا في إبله فلا تأخذ إلا تلك السنَّ من شَرْوَي إبله، أو قيمةَ عَدْل، و انظر ذواتِ الدصرِّ و الماخِض، فتنكّبْ عنها فإنها ثمالُ حاضِرَتِهِمْ.
رَجَنَ الشاة رَجْناً، إذا حَبَسَها و أسَاء عَلَفها، و رَجَنَتْ هي، و شاةٌ راجن بمعني داجن، و هي الآلفة.
الاعتيام: الاختيار، و العِيمَة: الْخِيرة؛ يقال: هذا عِيمةُ ماله، و هو من العَيْمة «2»؛ لأن
______________________________
(1) البيت في ديوان حميد ص 23، و روايته في الديوان «عرش النقاب» بدل «عرش الوقود».
(3) (*) [رجل]: و منه الحديث: لعن المترجلات من النساء. و الحديث: إن عائشة كانت رَجُلة الرأي.
و الحديث: الرِّجْل جُبَارٌ. و في حديث الجلوس في الصلاة: إنه لجفاء بالرَّجُلِ. و في حديث صلاة الخوف: فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلُّوا رجالًا و ركباناً. النهاية 2/ 203، 204.
(2) العيمة: شهوة اللبن، و يقال: عام الرجل إلي اللبن يعام عيماً و عيمة: أي اشتهاه (لسان العرب: عيم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 24
النفس تنزعُ إلي خيار كلِّ شي‌ءٍ فكأنها تُعَامُ إليه.
الشَّرْوي: المِثْل؛ و هي من شَرَي «1» يَشْرِي، لما بين البَدَلَيْن من التمّاثل و التساوي، ألا تَري إلي قولهم: هذا إيشارِي كذا، و لكنَّ الياء تقلب واواً فيما كان اسماً من فَعْلَي كالتَّقْوي و البَقْوَي، دون ما كان صفة كالْخَزْيَا و الصَّدْيا.
و المعني: إنه إذا وجب علي صاحب الخمس و العشرين من الإبل ابنُ مَخَاضٍ- و لا يوجد في إبله- فعليه أن يُحَصِّلَه مِنْ إبلٍ هي في مِثْل حالِ إبلِه خياراً أو رُذَالًا، و ليس للمُصَدِّق «2» أن يأخذه بتحصيل ما هو خيارٌ إن لم تكن إبلُه خياراً، أوْ يأخذ منه قيمة السن الواجبة عليه علي سبيل السويّة.
الماخِض: التي ضربها المَخَاضُ و هو الطَّلْق؛ يقال: ناقة ماخض و مخوض، و قد مَخِضَت و مُخِضَت، و تَمَخَّضَتْ، و امْتَخَضَتْ، و نوق مَواخض و مُخّض.
تنكَّبه و تنكَّب عنه: عَدَل. قال:
و لو خِفْتُ أنِّي إن كَفَفْتُ تحيتي تنكّب عني رُمْتُ أن يَتَنَكَّبَا
ثِمال القوم و مَثْمِلُهم: ملجؤهم و مُعْتَمَدُهم، و قد ثَمَلْتُ إليه، أي لجأت و اطمأَنَنْتُ، و ليستْ دارُك دار ثَمَل، أي طُمَأْنِينَة.
الحاضرة: القوم الحضُور، يقال: فلان من أهل الحاضرة.
[رجن]:
عُثْمان رضي اللّٰه تعالي عنه- غَطَّي وَجْهَهُ بقطيفة حمراء أُرْجُوان و هو مُحْرِم.
قيل: هو صِبْغ أحْمر، و قد أجْرَتْهُ العربُ مجري الفاني في وَصْف الثياب و غيرها بشدة الحُمْرَة، سواءٌ فيه المذكر و المؤنث، فقالوا: قميص أُرْجوان، و قطيفة أُرْجوان، و لم يقولوا:
أُرْجُوانة؛ كما قالوا: امرأة أمْلُدانة؛ و الأُمْلُدَان الناعم، إمّا لأنه اسم في أصله، فهو كقولك:
أمْوالٌ دَبْر «3»، و حَيَّة ذراع، و امرأة فِطْر و زَوْر. و إما لأن الكلمة فارسية فتركوها علي حالها في التعرِّي عن علامة التأنيث، كما قالوا: جُرْبزُ، فتركوه علي حاله في البناء.
لم ير بالحُمْرة بأساً إذا لم تكن من طيب.

[رجو]*:

حُذَيْفة رضي اللّٰه عنه- لما أُتِيَ بِكَفَنِه، قال: إنْ يُصِب أخوكم خيراً فعسَي، و إلّا فلْيَتَرامَ بي رَجَواها إلي يوم القيامة.
______________________________
(1) شري الشي‌ء: باعه أو اشتراه و هو من الأضداد.
(2) المصدق: الذي يأخذ الصدقات، و يجمعها.
(3) المال الدبر: المال الكثير الذي لا يحصي، واحده و جمعه سواء (لسان العرب: دبر).
(4) (*) [رجو]: و منه الحديث: إلَّا رجاءة أن أكون من أهلها. النهاية 2/ 207.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 25
أيْ جانبا الحفرة، و هو من قولهم: فلان يُرْمَي به الرَّجَوان؛ إذا اسْتُذِلّ و حُمِل علي خُطة لا يكون له معها ثبات و لا قرار، قال:
فلا يُرْمي بِيَ الرَّجَوانِ أنِّي أقَلُّ الناس مَنْ يُغْنِي غَنائي «1»
أراد عذاب القبر، أي و إلّا كنتُ في حُفْرتي علي حالٍ شديدة لا قرار لي معها، و لا طُمَأْنينة و لا خروج.
قوله و إلا فَلْيَتَرَامَ بي رَجَواها [أَخْرَجَهُ مُخْرَجَ] الأمر، و المراد به الخَبَر؛ أيْ و إِلّا ترامَي بي رَجَواها، نظير قوله عزّ من قائل: قُلْ مَنْ كٰانَ فِي الضَّلٰالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمٰنُ مَدًّا [مريم: 75]، أيْ مَدَّ له الرحمنُ، و جمع الرَّجا أرْجاء
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه عنهما: ما رأيتُ أحداً كان أخْلَقَ لِلْمُلْكِ من معاوية؛ كان الناس يَرِودُنَ منه أرْجاء وادٍ رَحْبٍ ليس مثلَ الحَصِر العَقِص- و رُوي: العُصْعُص.
و العَقِص: الشَّكِس العَسِر، و العَكِص مثله.
و العُصْعُص: العُجْب «2»، أضاف الحَصِر إليه إضافة الصفة المشبهة إلي فاعلها، و هو من قولهم: فلان ضيّق العُصْعُصِ: إذا كانَ نكِداً قليل الخير، و يحتمل أن يوقع العُصْعُص صفة تأكيداً للحَصِر، و يريد أنه في الشدة و الجسارة كالعُصْعُص- أراد ابنَ الزُّبَيْر.

[رجز]*:

مُعاذ رضي اللّٰه عنه- لما قدِم اليمن فأصابهم الطَّاعُون. قال عَمْرُو بن العاص لا أراه إلا رِجْزاً و طُوفاناً- و رُوي أنه قال: إنما هو وَخْزٌ من الشيطان. فقال له مُعاذ؛ ليس بِرِجْزٍ و لا طُوفان؛ و لكنَّها رحمةُ ربِّكم، و دَعْوةُ نبيِّكم؛ اللهمَّ آتِ مُعاذاً النصيب الأوْفر من هذه الرَّحمة. فما أمسي حتي طُعِنَ ابنُه عبد الرحمن و هو بِكْرُه و أحبُّ الْخَلْقِ إليه.
الرِّجْز و الرِّجْس: العذاب؛ قال أبو تراب: سمعت أبا السَّمَيْدَع الحُصَيْنِيّ يقول: الرِّجْز و الرِّجْس: الأمر الشديد يَنْزِل بالناس، و هو من قولهم: ارتجزت السَّماءُ بالرَّعْد، و ارْتَجَسَتْ، و رعد مُرْتَجِز و مُرْتَجِس، و هو حَرَكةٌ مع جَلَبة، لأنّ العذابَ النازل لا بدَّ فيه للمنْزول بهم من أن يضطربوا و يَجْلُبوا.
______________________________
(1) البيت من الوافر، و هو لعبد الرحمن بن الحكم في الاقتضاب في شرح أدب الكاتب ص 366، و بلا نسبة في أدب الكاتب ص 257، و لسان العرب 14/ 310 (رجا)، و يروي عجز البيت:
أقل القوم من يغني مكاني
(2) العجب: أصل الذنب.
(3) (*) [رجز]: و منه في حديث الوليد بن المغيرة حين قالت قريش للنبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إنه شاعر فقال: لقد عرفت الشعر، رَجَزَه و هَزَجَه و قريضه فما هو به. و في حديث ابن مسعود: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز. النهاية 2/ 199، 200.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 26
الوَخْزُ و الوَخْضُ و الوَخْطُ: أَخَوات، و هي الطَّعْن، و كانت العرب تسمِّي الطاعونَ رماحَ الجنّ.
أراد بقوله: «و دعوة نبيكم»
قولَه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اللهمّ اجعل فناء أُمّتي بالطَّعْن و الطَّاعُون.
البِكْر: الولد الأول، و إدخال الواو بين الصفات قَصْدٌ إلي إفْراد كلِّ واحدة بإثبات، و تركُها جمعٌ لها في إثبات واحد بيانه أنَّك إذا قلت: فلان جواد شجاع؛ فقد أثبتَّ له الاشتمال علي الصفتين معاً و أنه ذو احتواءٍ عليهما، و إذا قلتَه بالواو فقد أثبَتَّ أولًا أنه جواد، ثم استأنفت فزعمتَ أنه شجاع أيضاً، كما تصنع ذلك في الفعل حين تقول: يجود و يَشْجُع، و إذا كان كذلك، فقد أثبتَّ لعبد الرحمن أنه ابنُ معاذ، ثم أثبتَّ له ثانية أنه بِكْرُه، ثم ثالثةً أنه أحبُّ الخلق إليه، فأفاد أنَّ كل واحدة علي حِيالها من هذه الصفات يقتضي شدة الأمْر عليه.

[رجل]:

ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- دخل مكة رَجْلٌ من جراد، فجعل غِلْمَانُ مكة يأخذون منه، فقال: أما إنهم لو علموا لم يأْخذوه.
هو الجماعة الكثيرة تُذَكّر و تؤنث، و قد جمعهما أبو النَّجْم في قوله:
كأنما الغرَّاء من نضَالها رِجْلُ جرادٍ طار عن خُذَّالها «1»
كَرِه قتلَه في الحرم؛ لأنه صيد.

[رجي]:

ذَكَر قول النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: مَنِ ابْتَاع طعاماً فلا يَبِيعه حتي يكتالَه، فقال له طاوس:
لِمَ؟ قال: أَ لَا تَرَي أنهم يتبايعون بالذَّهب و الطعام مُرْجًي!
أي مؤجّل؛ يقال: رَجَيْتُه و أرجيته. و المعني أنك إذا أسلفت «2» في طعام ثم بِعْتَ ذلك الطعامَ قبل أن تَقْبِضَ فهو غيرُ جائز، لأنّ مِلْكَك فيه لم يتكامل؛ فإنما تبايعتُما ذهباً ليس بإزائه في الحقيقة طعام.

[رجم]*:

ابن مُغَفَّل رضي اللّٰه عنه- لا ترجمُوا قَبْري.
أي لا تجعلوا عليه الرِّجام، و هي حِجَارة ضِخام؛ الواحدة رُجمة، و المعني النهي عن التَّسْنم و الرَّفع.

[رجل]:

ابن المسِّيب رحمه اللّٰه تعالي- قال ذات يوم: اكتُب يا بْرد أَنِّي رأيتُ موسي رسول اللّٰه عليه السلام يمشي علي البحر حتي صَعِد إلي قَصْر، ثم أخذ بِرِجْلَيْ شيطانٍ فألقاه في البحر، و إنّي لا أعلمُ نبيًّا هلَك علي رِجْلِه من الجبابرة ما هلك علي رِجْل موسي؛ و أظن
______________________________
(1) الرجز في لسان العرب (رجل) و رواية اللسان «المعزاء» بدل «الغرَّاء».
(2) أسلف: قدم المال.
(3) (*) [رجم]: و منه الحديث: أنه قال لأسامة: هل تري رَجَماً؟ النهاية 2/ 205.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 27
هذا قد هلك؛ يعني عبدَ الملك. فجاء نعيه بعد أربْع.
أيْ علي عَهْده و وقت قِيامه. فَوُضِعَتِ الرِّجلُ التي هي آلة القيام موضعَه.

[رجرج]*:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- لما خرج يزيدُ بن المهلَّب و نَصَبَ راياتٍ سوداً، و قال: أدعوكم إلي سُنَّةِ عمرَ بن عبد العزيز. قال الحسن في كلام له طويل: نَصبَ قصباً عَلَّق عليها خِرَقاً، ثم اتَّبَعه رِجْرِجةٌ من الناس رِعاع هَباء.
هي بقيَّة في الحوض كَدِرةَ خاثرة تَتَرَجْرَجُ؛ شبَّه بها الرُّذال من الأَتباع في أنهم لا يغنون عن المستتبَع؛ كما لا تُغْنِي هي عن الشارب، و شبههم أيضاً في أنهم ليسوا بشي‌ء بالهَباء؛ و هو ما سَطع من تحت سَنَابِك الخيل، و هبا الغبار يَهْبُو، و أهْبَي الفرسُ.
كرجْراجة في (هر). المرجّب في (جذ). رَجَب مُضَر في (دو). فرجَف مكانه في (وز). ارتجّ في (اج). رَجّاجة في (ضر). و ارجحنّ في (رب). و ارْجع يديْك في (ثم).
ترجُف في (سا). و المُرْتَجز في (سك). مُرَجّل في (شه).

الراء مع الحاء

[رحض]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- جعل يمسح الرُّحَضاء عن وَجْهِه في مرضه الذي مات فيه.
هي عَرَق الحمّي، كأَنها تَرْحَضُ الجسدَ؛ أي تغسِله، و قد رُحِضَ الرجل؛ إذا أخذتْه الرُّحَضاء.

[رحل]*:

تجدونَ الناسَ كالإبل المائة ليست فيها رَاحلة.
الأزهري: الراحلة: البعير الذي يَرْتَحِلُه الرَّجل؛ جملًا كان أو ناقة؛ يريد أن المرضيّ المُنْتَجَب في عزةِ وجودِه كالنُّجُب التي لا توجد في كثير من الإبل.
الكاف مفعول ثان؛ لأن وجد بمعني عِلم، يتعدي إلي مفعولين.
______________________________
(1) (*) [رجرج]: و منه في حديث ابن مسعود: لا تقوم الساعة إلا علي شرار الناس كرجرجة الماء الخبيث.
النهاية 2/ 198.
(2) (*) [رحض]: و منه في حديث أبي ثعلبة سأله عن أواني المشركين فقال: إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء، و كلوا و اشربوا. و منه حديث ابن عباس في ذكر الخوارج: و عليهم قُمُصٌ مرحَّضة. و في حديث نزول الوحي: فمسح عنه الرحضاء. النهاية 2/ 208.
(3) (*) [رحل]: و منه حديث النابغة الجعدي: إن ابن الزبير أمر له براحلة رجيل. و منه الحديث: في نجابة و لا رُحلة. و منه حديث يزيد بن شجرة: و في الرحال ما فيها. و في حديث عمر: قال يا رسول اللّٰه حوَّلت رحلي البارحة. و حديث ابن مسعود: إنما هو رحْل و سرْج. و الحديث: عند اقتراب الساعة تخرج نار من قعر عدن ترحِّل الناس. و منه حديث عائشة و ذكرت نساء الأنصار: فقامت كل امرأةٍ إلي مرطها المرحَّل. النهاية 2/ 209، 210.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 28
و ليست مع ما في حيّزها في محل النصب علي الحال؛ كأنه قيل: كالإبل المائة غير موجودة راحلة، أو هي جملة مستأنفة، و هذا أوْجَهُ و أصحّ معنًي.

[رحم]*:

ثلاث يَنْقُص بهنّ العبدُ في الدُّنيا، و يُدْرِكُ بهنَّ في الآخرة ما هو أعظم من ذلك: الرُّحْمُ، و الحَياءُ، و عِيُّ اللسان.
الرُّحْم: الرَّحمة؛ يقال: رَحِم رُحْماً، كرَغِم أنْفُه رُغْماً، و فُعْل في المصادر يجي‌ء مجيئاً صالحاً. و قرئ: و أقْرَب رُحُماً و رُحْماً. مخففاً و مثقلًا. و قالوا لمكة: أم رُحْم و أم رُحُم.
ذلك: إشارة إلي مصدر يَنْقُص؛ و لا بدَّ من مضاف محذوف؛ كأنه قال [ما هو] أعظم من ضدِّ ذلك النقصان، و هو ما ينال المرء بقسوةِ القلب و وقاحة الوجه و بسطةِ اللسان التي هي أضدادُ تلك الخِصال من الزيادة، و هو من قبيل الإيجازات التي يشجع المتكلمَ علي تناولها أمْنُ الالتباس. و يجوز أن يكون المعني ما هو أبلغ في عظمه منهن في نُقاصنها، فاختصر الكلام، كقولهم: البَرُّ خيرٌ من الفاجر.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 28

[رحو]*:

تَدُورُ رَحَا الإسلام في ثلاث و ثلاثين سنة، أو أرْبَعٍ و ثلاثين سنة، فإن يقمْ لهم دِينُهم يَقُمْ لهم سبعين سنة، و إن يَهْلِكُوا فسبيلُ مَنْ هَلَك من الأمم. قالوا: يا رسول اللّٰه سوي الثلاث و الثلاثين؟ قال: نعم.
يقال دارتْ رَحَا الحرب: إذا قامت علي ساقها؛ و المعني أنَّ الإسلامَ يمتدّ قيامُ أمرِه علي سَنَنِ الاستقامة و البُعْدِ من أحد أثاث الظَّلَمة إذا تقضي هذه المدة. وَ وَجْهُه أن يكون قد قاله و قد بقيت من عمره ثلاث أو أربع؛ فإذا انضمّت إلي مدة خلافة الأئمة الراشدين و هي ثلاثون سنة، لأبي بكر رضي اللّٰه عنه سنتان و ثلاثة أشهر و تسعُ ليال؛ و لعمر رضي اللّٰه عنه عشرُ سنين و ثمانيةُ أشهر و خمسُ ليال، و لعثمان رضي اللّٰه عنه اثنتا عَشرَة إلا اثنتي عَشْرَة ليلة، و لعلي عليه السلام خَمْسُ سنين إلا ثلاثة أشهر؛ كانت بالغةً ذلك المبلغ.
دِينُهم: أي مُلْكهم. قال بعض أهل الردة:
أَطَعْنَا رسولَ اللّٰه إذْ كانَ حاضِراً فيا لهفا ما بالُ دِين أبي بَكْرِ
و كان من لَدُنْ وَلِي معاوية إلي أن وَلِي مَرْوَان الحِمار، و ظهر بخُرَاسان أمرُ أبي مُسْلم، وَ وَهَي أمْرُ بني أُميّة نحوٌ من سبعين سنة.

[رحل]:

إنَّ رجلًا من المشركين بمؤتة سبَّ النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فطفِق يسبُّه، فقال له رجل من المسلمين: و اللّٰه لتكفَّنَّ عن شتْمه أو لأرْحَلَنَّكَ بسيفي هذا، فلم يَزِدْ إلا استعراباً؛ فضربه
______________________________
(1) (*) [رحم]: و منه حديث مكة: هي أُمُّ رُحْم. و الحديث: من ملك ذا رحم مَحْرم فهو حر. النهاية 2/ 210.
(2) (*) [رحا]: و منه في حديث صفة السحاب: كيف ترون رحاها؟ النهاية 2/ 211.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 29
ضَرْبةً لم تَجُزْ عليه، و تغاوَي عليه المشركون فقتلوه، ثم أسْلَمَ الرجلُ المضروبُ و حَسُنَ إسلامه، فكان يقال له: الرَّحِيل.
يقال: فلان يَرْحَلُ فلاناً بما يكره، أيْ يرْكَبُه به، و أصْلُه من رَحَلْتُ الناقة.
الاسْتِعْراب: الإفحاش في القول، و حقيقته أنْ يخرج فيه عن الكناية و التعريض إلي الإفصاح.
و منه: استعرب البعير جَرَباً إذا استعرب جَرَبُه و ظهر علي عامَّة جِلْدِه.
الفراء: أجاز علي الجريح و أجْهَزَ عليه بمعني.
التَّغَاوِي: التَّجَمُّع، و لا يكون إلا علي سبيل الغِواية.

[رحي]:

عليٌّ عليه السلام-
قال سُلَيمانُ بن صُرَد: أتيتُ عليًّا حينَ فرغَ من مَرْحَي الجمل، فلما رآني قال: تَزَحْزَحْتَ و تربَّضْتَ و تَنَأنَأْتَ، فكيف رأيتَ اللَّهَ صنع! فقلت؛ يا أمير المؤمنين؛ إنَّ الشَّأْوَ بَطِين، و قد بقيَ من الأمور ما تعرف به صديقَك من عدوِّك. فلمّا قام قلت للحسن: ما أغْنيتَ عنّي شيئاً. قال: هو يقول لك الآن هذا؛ و قد قال لي يوم الْتقي الناس، و مشي بعضهم إلي بعض: ما ظنُّك بامري‌ءٍ جمع بين هذين الغارَيْنِ؟ ما أري بعد هذا خيراً!
المَرْحَي: حيث تُدَارُ رحَي الحرب؛ يقال: رحيتُ الرَّحَي، و رحوتُها، أي أدرتها.
التَّزَحْزُح: التباعد.
تَنَأْنَأْت: أي فَتَرتَ و امتنعتَ، يقال: نَأْنأته فتنأنأ؛ أي نَهْنَهْتُه. النأنأ و النأناء و المنأنأ:
الضعيف. قال أحد بني غَنْم:
فلا أسمعنْ فيكم بأمْرٍ منأنإٍ ضَعِيفٍ و لا تَسْمَعْ به هامَتي بَعْدي
الشأو البطين: الغاية البعيدة. قال:
فَبَصْبَصْنَ بين أداني الفَضَا و بين عُنَيْزَةَ شَأْواً بَطينا
و تباطن المكان: تباعد، يريد إن غاية هذا الأمر بعيدة و ستري مني بعدُ ما تحب؛ أي إن لم أَصْحبْك في وقعة الجمل فإن لك وقعات بعدها سأصحبك فيها.
كل جَمْع عظيم غارٍ.

[رحض]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قالت في عثمان: استتابُوه حتي إذا ما تركوه كالثَّوْبِ الرَّحِيض أحالُوا عليه فقتلوه.
هو الغسيل.
أحالوا عليه: أقبلوا عليه؛ يقال: أحالَ عليه بالسَّوْط و بالسيف كما يقال: أنحي عليه، و راغ عليه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 30
ورحاها في (قع) أم رُحْم في (بك). المرحَّل في (مر). مراحيضُهم في (رف).
الرّحال في (نع). المرتحل في (حل).

الراء مع الخاء

[رخم]:

الشَّعبي رحمه اللّٰه تعالي- ذكر الرَّافضة فقال: لو كانوا من الطير لكانوا رَخَماً، و لو كانوا من الدَّوابِّ لكانوا حُمُراً.
الرَّخَم: موصوفة بالقَذَر و المزق، و منه اشتق قولهم: رَخِم السقاء؛ إذا أنتن.
ابن دينار رحمه اللّٰه تعالي- بلغنا أنّ اللّٰه تعالي يقيم داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش فيقول: يا داود؛ مَجِّدْني اليوم بذلك الصوت الحسَن الرخيم
هو الرقيق الشَّجيّ، و منه:
ألقيت عليه رَخْمَة أمه
، أي رِقّتها أو محبتها، و رَخَّمْتُ الدجاجة: إذا ألزمتها البيض، لأنها لا تلزمه إلا بالرَّخْمة، و رخِم و رحِم و رئِم أخوات.

[رخخ]:

في الحديث: يَأْتِي علي النَّاسِ زمان أفضلُهم رَخَاخاً أقصدُهم عَيْشاً.
هو لِين العَيْش، و منه أرض رَخَاخ. قال الأصمعيّ: أي رخوة تسرع الأوتادُ فيها.

الراء مع الدال

[ردد]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال لسُراقة بن جُعْشُم: أ لا أدلُّك علي أفضل الصدقة؟ ابنتُك مَرْدودَةٌ عليك، ليس لها كاسبٌ غيرك.
المرْدُودَة: التي تُطلَّق، و تردُّ إلي بيت أبَوَيْها.
و منه
حديث ابن الزُّبيْر رضي اللّٰه عنهما: إنه كتب في صَكِّ دارٍ وَقَفها: و للمرْدُودِة من بناتِه أن تسكُنَها غير مُضَرّة و لا مُضَرٍّ بها، فإن استغنتْ بزوج فلا شي‌ء لها.
أراد أفضل أهل الصدقة، فحذف المضاف.

[ردح]*:

الأشعريّ رضي اللّٰه عنه- ذكر الفِتن فقال: و بقيت الرَّدَاحُ المُظلِمة التي مَن أشْرَف لها أشْرَفَتْ له.
______________________________
(1) (*) [ردد]: و منه الحديث في صفته عليه الصلاة و السلام: ليس بالطويل البائن و لا القصير المتردِّد. و في حديث عائشة: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ. و الحديث: ردُّوا السائل و لو بظلف محرق. و في حديث الفتن: و يكون عند ذلكم القتال ردَّة شديدة. النهاية 2/ 213، 214.
(2) (*) [ردح]: و منه في حديث أم زرع: عكومها رداحٌ. و حديث ابن عمر في الفتن: لأكونن فيها مثل الجمل الرداح. النهاية 2/ 213.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 31
الرَّدَاح: صفة كالرَّجاح «1» و الثَّقَال لما يعظم و يثقل؛ يقال في الجفنة العظيمة، و الكَتِيبة الجمة الفرسان، و الشجرة الكبيرة، و المرأة الثقيلة الأوراك: رَدَاح.
و منه
قول ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- و قد ذكرت الفتنة عنده: لأكونَنَّ فيها مِثْلَ الجَملِ الرَّدَاح الذي يُحْمل عليه الْحِمل الثَّقيل فيَهْرَج فيَبْرُك و لا يَنْبَعِث حتي يُنْحَر.
الهَرَج: السَّدَر قال أبو النجم:
في يوم قيظٍ ركِدَتْ جَوْزَاؤُه و ظلَّ منه هَرِجاً حِرْبَاؤُه
مَنْ أشرف لها أشرفت له، أي من غالبها غلبته.

[ردد]:

الخوْلَاني رحمه اللّٰه تعالي- أتي معاوية رضي اللّٰه عنه فقال: السَّلام عليك أيّها الأجير، إنه ليس من أجيرٍ اسْتُرْعِيَ رعيةً إلّا و مستأْجرُه سائلُه عنها. فإن كان داوَي مَرْضَاها، و جبر كَسْراها، و هَنَأ جَرْبَاها «2»، و رَدَّ أُولَاها علي أخْراها، و وضعها في أُنُف من الكلأ و صَفْوٍ من الماءِ وفَّاه أجْرَه.
أي إذا استقدمت أوائلُها، و تباعدت عن الأواخر لم يدعْها تتفرّق، و لكن يَزَعُ المستقدِمَة حتي تصل إليها المستأخرة، فتكون مُجتمعة متلاحقة؛ و ذلك من حسن الرِّعاية و العلم بالإيالة.
الأُنُف: الذي لم يُرْعَ؛ و هو من الصفات كقولك: ناقة سرُح و قارورة فُتُح.
ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه- لا رِدِّيدَي في الصَّدَقة.
هو
كقوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لا ثِنَي في الصَّدقة.
و التَّرْديد و التَّكرير و التَّثْنية من وادٍ واحد.
و نحو رِدِّيدي في المصادر قتِّيتَي و نمِّيمَي.

[ردغ]*:

الشَّعبي رحمه اللّٰه تعالي- دخلتُ علي مُصعْب بن الزبير، فدنوْتُ منه حتي وقعتْ يدِي عَلَي مَرَادِغه.
هي ما بين العُنق إلي التَّراقي.
و قيل: لحمُ الصَّدْر؛ الواحدة مَرْدَغَة.
______________________________
(1) الرجاح: المرأة الثقيلة العجيزة.
(2) هنأ جرباها: عالج الجرب بالقطران.
(3) (*) [ردغ]: و منه الحديث: من قال في مؤمن ما ليس فيه حبسه اللّٰه في ردغة الخبال. و الحديث: منعتنا هذه الرِّدَاغ عن الجمعة. و الحديث: إذا كنتم في الرداغ أو الثلج و حضرت الصلاة فأومئوا إيماءً. النهاية 2/ 215.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 32‌

[ردب]:

في الحديث: مَنَعتِ العِراقُ دِرْهَمَها و قَفِيزَها- و منعت الشام مُدْيَها و دينارها، و منعت مصر إرْدَبَّها، و عُدتُم من حيث بَدَأُتُم.
هو مِكيال يسع أربعةً و عشرين صاعاً؛ و القَنْقَل: نصفُ الإِردبّ. قال الأخطل:
و الخبز كالعَنْبرِ الهنديّ عندهمُ و القَمْحُ سبعون إردبًّا بدينار
فرديتهم في (بد). ردعه في (خش). فردع في (كب). الروادف في (نج). رداه في (بر). ردغه الخبال في (قف). ردحاً في (مح). [رداح في (غث)] من الردهة في (شي).
ردية في (اب). ما يرد قدميه في (اج).

الراء مع الذال

رذياً في (ذم). رذمة في (سن).

الراء مع الزاي

[رزم]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إذا أكلتم فدَنُّوا؛ و رازِموا.
المرازمة و الملازمة أختان؛ يقال: رَازَم الرجل أهلَه؛ إذا لم يبرحْ من عندهم، و طالما رازمْتم دارَكم؛ و منه رَزَم المتاعَ: إذا جمعه و ألزمَ بعضَه بعضاً، و منه الرِّزْمة، و رازمتِ الإبل إذا جمعت بين الخُلَّة و الحَمْض و سائر الشجر، قال الراعي:
كُلِي الحَمْضَ عامَ المُقْحِمِين و رَازِمِي إلي قابِل ثم اعْذِرِي بعدَ قَابِلِ «1»
و المرادُ ملازمة الحمْد و موالاتُه في تضاعيف الأكل. و قيل: الجمع بين الخُبْز و اللحم و التَّمر و الأَقِط. و قيل ألّا يميز بين اللِّين و الجَشِب «2»، و الحلو و الحامض، و القفَار و المأْدوم.

[رزز]*:

عليّ عليه السلام- مَنْ وجد في بَطْنِه رِزًّا فلينْصرفْ و لْيتوضّأْ.
هو غَمْزُ الحَدَث و حركته؛ يقال: وجدتُ في بطْني رِزًّا و رِزِّيزَي و إرْزِيزاً؛ و هو شبه طعن من جوع أو غَمْر حَدَث، أو غير ذلك؛ من قولهم: رَزَّهُ رَزَّةً إذا طعنه. و قيل: هو
______________________________
(3) (*) [رزم]: و منه الحديث: إن ناقته تلحلحت و أرزمت. و منه حديث خزيمة في رواية الطبراني: تَرَكَت المُخَّ رُزَاماً. النهاية 2/ 220.
(1) البيت في لسان العرب (رزم).
(2) الجشب: الغليظ.
(4) (*) [رزز]. و منه حديث أبي الأسود: إنْ سُئل ارْتزَّ. النهاية 2/ 219.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 33
القَرْقَرة؛ من رَزَّت السماء إذا صوّتت. قال يصف رعداً:
كأَنَّ في رَبَابِهِ الكبارِ رِزَّ عِشَارٍ جُلْنَ في عِشَار «1»

[رزغ]*:

عبد الرحمن بن سمرة رضي اللّٰه عنه- قال في يوم جمعة: ما خَطَب أميركم؟ فقيل: أَمَا جَمّعْت «2»؟ فقال: منعنا هذا الرَّزَغُ.
هو الرَّدْغُ، و هو الوَحَل، أرْزَغَت السماء؛ أي بلَّت الأرض.

[رزم]:

سليمان بن يسار رحمه اللّٰه تعالي- إن قوماً كانوا في سفر، و كانوا إذا ركبوا قالوا: سُبْحٰانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لَهُ مُقْرِنِينَ [الزخرف: 13].
قال: و كان فيهم رجل علي ناقة له رَازِمٍ، فقال: أمّا أنا فإني لهذه مُقْرِنٌ «3»، فقَمصَتْ به فصرعَتْه فدقَّتْ عُنُقَه.
رَزَمَ البعيرُ رَزَاماً و رزح رَزَاحاً: إِذا لم يقدر علي أن ينهض هُزالًا. و ناقة رَازم: كامرأة حائض؛ أي ذات رِزَام.
القِماص: الوُثوب.
و أرزمت في (لح). ما رَزَأْناكم في (ضل). مَرْزبة في (جب). لم ترزغْ في (جد). من رزئي في (ثو). رَزَم في (جز). ارتزّ في (هي). أرزّ في (ري).

الراء مع السين

[رسل]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قالت له امرأة: إني ابْتَعْتُ غنماً أَبْتَغِي نَسْلَها، و رِسْلَهَا، و إنّها لا تنمُو؛ فقال: ما أَلْوَانُهَا؟ فقالت: سود؛ فقال عَفِّري.
الرِّسْل: اللَّبن، و أرْسلُوا: إذا كَثُرَ عندهم الرِّسْل. وَ رسَّلْتُ فصْلاني، سقيتُها إياه.
يقال: نَمَي يَنْمِي و يَنْمُو، و زعم ثَعْلَب أن الفصيح يَنْمَي.
عَفِّري، أي بَيِّضي؛ من الشاة العَفْرَاء، و هي الخالصة البياض، و المراد استبدلي بها بِيضاً، أو اخلطيها ببيض.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (رزز).
(4) (*) [رزغ]: و منه الحديث: خَطَبَنا في يوم ذي رَزَغ. النهاية 2/ 219.
(2) أما جَمَّعْت: أي أما صليت الجمعة.
(3) إني لهذه مقرن: أي قادر عليها.
(5) (*) [رسل]: و منه حديث طهفة: و وقير كثير الرَّسَل قليل الرَّسْل. و في حديث الزكاة: إلا من أعطي في نجدتها و رِسْلِها. و في حديث صفية: فقال النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: علي رسلكما. و الحديث: أيُّما مسلم استرسل إلي مسلم فغبنه فهو كذا. و الحديث: غبن المسترسل رباً. النهاية 2/ 222، 223.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 34
و من الرِّسْل
حديثُ الخُدْرِيّ رضي اللّٰه عنه- قال: رأيتُ في عام كَثُرَ فيه الرِّسْلُ البياضَ أكثرَ من السواد؛ ثم رأيت في عامٍ بعد ذلك كَثُرَ فيه التمر السوادَ أكثرَ من البياض؛ و إذا كَثُرت المُؤْتَفِكات زَكَتِ الأرض.
البياض و السواد: اللبن و التمر؛ يعني أنهما لا يجتمعان في الكثرة، بل يكون بين كثرتيهما التعاقب.
المؤتفكات: الرياح إذا اختلفت مَهَابُّهَا.
إنّ الناس دخلوا عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بعد موته، أرْسَالًا أَرْسَالًا يصلّون عليه.
هي الأفْوَاج يَتْبَعُ بعضُها بعضاً؛ يقال: أورد إبله عِرَاكاً؛ أي جُملة، و أرسَالًا، أي متقطِّعة قَطيعاً علي إثْر قطيع، قال امرؤ القيس:
فهن أَرْسالٌ كرِجْل الدَّبي أوْ كَقَطَا كاظِمةَ الناهل «1»
و الواحد رَسَل. قال:
يَا رَحِمَ اللّٰه امرأً و فضله آخذ منها رَسَلًا فَأَنْهَلَه
عمر رضي اللّٰه عنه- قال لمؤذن بيت المقدس: إذا أذَّنْت فترسَّل، و إذا أَقَمْتَ فأَحْذِم.
يقال: ترسَّل في قراءته إذا اتَّأَد فيها و تَثَبَّتَ في طَلاقة؛ و حقيقة التَّرَسُّل تطلّب الرِّسْل، و هو الهينة و السكون، من قولهم: علي رِسْلك.
الْحَذْم نحو الْحَدْر، و هو السرعة و قطع التطويل، و أصله الإسراع في المشي؛ يقال:
مَرَّ يَحْذِمُ.
و يقال للأرنب حُذَمَة خُذَمة لُذَمة، تَسبقُ الجَمْع بالأكَمة.

[رسب]*:

خالد بن الوليد رضي اللّٰه عنه- كان له سيف سمَّاه مِرْسَباً، و فيه يقول:
ضَرَبْتُ بالمِرْسَبِ رأْسَ البِطْرِيق بصارِمٍ ذي هَبَّة فَتِيقِ
المِرْسَب: الذي يَرْسُب في الضربة؛ كأنه آلة الرُّسوب.
البِطْرِيق بلغة الشام و الروم: القائد من قُوَّادهم، و الجمع بَطارقة، و يقال للمختالِ المزهوّ بِطريق، كأنه تشبيه، و يقال: البِطريق: السَّمين من الطير.
هَبّة السيف، هِزَّته و مضاؤُه.
______________________________
(1) البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 121، و لسان العرب (نهل)، و رواية صدر البيت في الديوان و اللسان:
إذ هن أقساط كرجل الدبي
(2) (*) [رسب]: و منه الحديث: كان لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سيفاً يقال له الرَّسوب. و في حديث الحسن يصف أهل النار: إذا طفت بهم النار أرسبتهم الأغلال. النهاية 2/ 220، 221.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 35
فَتقَ السيف، إذا طَبَعه و داسه فهو فَتِيق. و كما قالوا من الصقل: صَيْقَل قالوا من الفَتْق: فَيْتَق. قال زَفَيان:
كالهُنْدُوانيّ جَلَاهُ الرَّوْنَق أنْحَي المداويسَ عليه الفَيْتَقُ
بين ضربي البيت تعادٍ، لأن الضَّرْب الأول مقطوع مُذال، و هو قوله «سَلْبِطْريق» نحو «بِلْجُهَّال» في قوله:
و الخالُ ثَوْبٌ مِنْ ثياب الجهالِ
و الثاني مَخْبون مَقْطوع، و هو قوله: فَتيق. و كان الخليلُ لا يري مشطورَ الرّجَز و مَنْهوكَه شعراً، و كان يقول: هي أنصاف مسجعة، و لما ردُّوا عليه قوله قال: لأحتجنَّ عليهم بحجة إن لم يُقِرُّوا بها كفروا، فاحتجَّ عليهم بأن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم نُزِّه عن قول الشعر و إنشاده، و
قد جري علي لسانه:
سَتُبْدِي لك الأيام ما كنت جاهلًا و يأتيك منَ لم تزود بالأخبار «1»
فقد علمنا أن النصف الأول لا يكون شعراً إلا بتمام النصف الثاني، و المشطورُ مثلُ ذلك النصف، و
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم:
هل أنْتِ إلا إصْبَعٌ دَمِيتِ و في سبيلِ اللَّهِ ما لقيتِ
و هو من المشطور، و
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم:
أنا النبيُّ لَا كَذِبْ أنا ابنُ عبد المطلب
و هو من المَنْهُوك، و لو كان شعراً لما جري علي لسانه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و لَمَّا صحّ من مذهب الخليل- و هو يُنْبوع العروض- أن المشطورَ ليس بشعر، و أنه من قبيل المسجّع لم يكن ذلك التعادي مطرقاً عليه للزراية.

[رسع]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- بكي حتي رَسِعَتْ عينُه- و يُرْوَي: رَصِعَتْ عيناه.
أي فَسَدَتَا و الْتَصَقَتَا، و أصل الكلمة من التَّقَارُب و الالتصاق.
مُرَسّعَةً وَسْطَ أرْفَاغِهِ بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أَرْنَبَا «2»
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لطرفة بن العبد في ديوانه ص 41، و لسان العرب (تبت) (ريث)، و بلا نسبة في شرح قطر الندي ص 108، و لسان العرب (ضمن).
(2) البيت من المتقارب، و هو لامري‌ء القيس في ديوانه ص 128، و أنباه الرواة 4/ 174، و شرح ابن عقيل ص 115، و لسان العرب 12/ 401 (عسم)، 8/ 123، 124 (رسع)، 8/ 318 (لسع)، و مجالس ثعلب 1/ 102، و المعاني الكبير ص 211، و هو لامري‌ء القيس بن مالك الحميري في المؤتلف و المختلف-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 36‌

[رسن]*:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قالت ليزيد بن الأصم الهلالي ابن أخت ميمونة رضي اللّٰه عنها و هي تعاتبه: ذهبت و اللّٰه مَيْمُونة، و رُمِيَ بِرسَنِك علي غَارِبك.
هو مثل في استرساله إلي ما يريد، و أصله البعير يُلقي حَبْلُه علي غارِبه إذا خُلِّيَ للرَّعْي، و الرَّسَن مما وافقت فيه العربية العجمية. و منه المَرْسِن، و هو موضع الرَّسَن من الدابة، ثم كثر حتي قيل مَرْسِنُ الإنسان. قال العجّاج يصف أَنْفَه:
و فاحِماً و مَرْسِناً مُسَرَّجا «1»
و عن النَّضْر: قد أَرْسَن المُهر؛ إذا انْقَادَ و أَذْعن، و هو من الرَّسن علي سبيل الكناية.

[رسس]*:

النَّخَعِيّ رحمه اللّٰه تعالي- كانت الليلة لتطول عليَّ حتي ألقاهم، و إن كنت لأَرُسُّه في نفسي و أُحَدِّثُ به الخادم.
قال شَمِر: أرُسُّه: أُثْبِتُه في نفسي، من قولك: إنكَ لَتَرُسُّ أَمْراً ما يَلْتَئِم، أي تُثْبِت.
و الرَّسَّة: السَّارِية المُحْكَمة. و الرَّسُّ و الرَّزُّ أخوان، يصف تَهالُكَه علي العلم، و أن ليلته تطول عليه لمفارقة أصحابه و تشاغله بالفكر فيه. و إنه يُحَدِّثُ به خادِمه استذكاراً.
إنْ: هي المخففة من الثقيلة، و اللام فاصلة بينها و بين النافية.
الحَجّاج- دخل عليه النَّعْمان بن زُرْعَة حين عرض الحجَّاجُ الناسَ علي الكفر، فقال له: أ مِنْ أهْل الرَّسّ و النَّسّ و الرَّهْمَسة و البَرْجَمَة، أو من أهل النجوي و الشكوي، أو من أهل المَحاشد و المَخاطِب و المَراتب؟ فقال: أصلح اللّٰه الأمير! بلْ شرٌّ من ذلك كلِّه أجمع. فقال:
و اللّٰه لو وجدتُ إلي دَمِكَ فَاكَرِشٍ لشربت البطحاءُ منك.
و هو من رَسَّ بين القوم، إذا أفسد؛ لأنه إثبات للعداوة؛ أوْ مِنْ رسَّ الحديثَ في نفسه: إذا حدَّثها به، و أثبتَه فيها؛ أو من رَسَّ فلانٌ خبرَ القوم: إذا لقيهم و تعرَّف أمورهم لأنه يُنبِته بذلك في معرفة. و قيل: هو مِنْ قولهم: عندي رَسٌّ من خبر، أي ذَرْوٌ منه. و المراد التَّعريضُ بالشَّتْم؛ لأن المعرِّض بالقول يَأَتي ببعضه دونَ حجته.
النَّسّ: من نَسّ فلان لفلان مَنْ يَتَخَيَّر خبرَه و يأتيه به، إذا دسَّه إليه. و النَّسيسة:
______________________________
- ص 12، و بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص 73، و شرح الأشموني ص 98، و شرح المفصل 1/ 36.
(2) (*) [رسن]: و منه في حديث عثمان: و اجررتُ المرسون رسنه. النهاية 2/ 224.
(1) صدره:
و جبهة و حاجباً مزججا
و البيت في لسان العرب (رسن).
(3) (*) [رسس]: و منه في حديث ابن الأكوع: إن المشركين راسُّونا الصلح و ابتدأونا. النهاية 2/ 221.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 37
الإيكالُ «1» بين الناس و السعاية، و الجَمع نَسائس.
الرَّهْمَسة و الرَّهْسَمة: المُسَارَّة، يقال: هو يُرَهْمِس و يُرَهْسِم، و حديثٌ مُرَهْسَم، و الدَّهْسَمة و الدَّهْمَسة بالدال أيضاً.
البَرْجَمة: غِلَظ الكلام.
النجوي: تناجيهم في التدبير علي السلطان.
الشَّكْوَي: تشاكيهم ما هُمْ فيه.
المَحاشِد و المَخاطِب: مواضع الحَشْد و الخُطَب علي غيرِ قياس؛ كالملامِح و المشابِه، أيْ يَجْمعون الجموع للخروج، و يخطُبون في ذلك الخُطَب. و عن قُطْرب المَخْطبة:
المُخاطبة، فيجوز علي هذا أن يراد: تخاطبُهم في ذلك و تشاورهم.
و قيل في المراتب: معناه أنهم يطلبون بذلك المرتَبَة و القَدْر، و الوجْه أن تُعني المراتب في الجبال و الصحاري، و هي المواضع التي يكون فيها العيون و الرُّقباء، و أنهم يبثُّون الجواسيس و العيون و يتعرَّفُون الأخبار. يقولون: لو وجدت إليه سبيلًا و مسلكاً.
و لو وجدتُ إلي دمِك فَاكَرِشٍ، هذا مثل ما يُحرص علي التطرّق إيه، و أصله أنَّ قوماً طبخوا شاة في كَرِشها؛ فضاق فَمُ الكَرِش عن بعض العظام، فقالوا للطباخ: أدْخله فقال: إِنْ وجدتُ إلي ذلك فَاكَرِشٍ.
يرسمُون في (كر). الرّسل و الرسل في (صب). في رِسْلها في (لق). الرّسوب في (فق). رَاسُونا في (حب). المرِسُّون رَسَنه في (رع). يَرْسف في (عت). [و في (بخ)].

الراء مع الشين

[رشو]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لعن اللّٰه الرَّاشِي و المُرْتَشِي و الرَّائش.
الرُّشْوة و الرَّشوة: الوُصْلة إلي الحاجة بالمصانعة، من الرِّشاء. و قد رَشاه يَرْشوه رَشْواً فارْتَشي؛ كما يقول: كساه فاكْتَسي، و قيل: هو من قولهم رَشَا الفرخُ: إذا مدَّ عنقَه إلي أمه لتَزُقَّه.
الرَّيْش بمعني الاصطناع و الإصابة بالخير، مستعار من رَيْشِ السَّهْم؛ ألا تري إلي قوله:
فرِشْ و اصْطَنِع عِنْد الذين بهم ترمي
______________________________
(1) الإيكال: النميمة، و يقال: آكل بين الناس، إذا سعي بينهم بالنمائم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 38
و قوله:
فَرِشْنِي بخير طالما قد بَرَيْتَنِي فخيرُ الموالي مَنْ يَريشُ و لا يَبْري «1»
و قيل للحارث الحِمْيري: الرائش؛ لأنه أوّلُ مَنْ غَزا فَراشَ الناسَ بالغنائم؛ و المراد بالرائش هاهنا الّذي يسعي بين الرَّاشي و المرتشي، لأنه يَريش هذا من مال هذا، إنما يَدْخل الراشي قبل اللعن إذا لم يستدفع بما بَذَله مضرّة.

[رشك]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- كان إذا سُئِل عن حسابِ فريضة قال: علينا بيانُ [السِّهام] و علي يَزيد الرِّشك بيانُ الحساب.
هو رجل كان أحْسبَ أهل زمانِه علي عهد الحَسن ملقب بالرِّشك، و هي كلمة فارسية.

[رشق]*:

في الحديث: إن موسي عليه السلام قال: كأني بِرَشْقِ القلم في مَسامعي حين جَرَي علي الألْوَاح يَكْتُبُ التَّوراة.
في كتاب العيني: الرِّشق و الرَّشق: لغتان، و هو صَوْت القلم إذا كُتب به.
فارشقه في (سر).

الراء مع الصاد

[رصع]:

قال أبو زيد: أسنانه مُرْتَصِعة: إذا تقاربت و التصقت. و قيل لسديف الأعرابيّ: يداك مُرْتَصِعَتان، فقال: كلا؛ بل فَلْجَاوان. و تراصع العصفوران: تسافَدَا و تشابكا. و منه التَّرْصيع؛ و هو عَقْدُ الشي‌ء بالشي‌ء و إلزاقه به، و قد تعاقبت الصاد و السين.
فقالوا: رَسِعت عينه و رَصِعَت و رجل أرْسَع و أرْصَع. و قالوا: رَسَعَت بالفتح. مخففاً و مثقلًا، و قال امرؤ القيس:

[رصف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَضَغ وتَراً في شهر رمضان و رَصَف به وَتَرَ قَوْسِه.
الرَّصْف، نحو من الرَّص؛ و هو الشَّد و الضمّ، يقال: عَمَلٌ رَصِيف؛ إذا كان مُحْكَماً، و الرَّصَف الحجارة المرْصوصة. و منه: رَصَف السهم إذا شدَّه بالرِّصاف و هو العَقَب يُلْوَي عليه.

[رصح]:

في قصّة هلال بن أميّة رضي اللّٰه عنه حين لَاعَنَ امرأته: فلمّا فرَّق بينهما قال: إن جاءَتْ بهِ أُريْصِح أُثَيْبج فهو لهِلَالٍ.
______________________________
(1) البيت لعمير بن الحباب في لسان العرب (ريش).
(2) (*) [رشق]: و منه الحديث: فرشقوهم رشقاً. و منه حديث فضالة: أنه كان يخرج فيرمي الأرشاق. النهاية 2/ 225.
(3) (*) [رصف]: و منه حديث الخوارج: ينظر في رصافه. و في حديث معاذ في عذاب القبر: ضربه بمرصافة وسط رأسه. النهاية 2/ 227، 228.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 39
الأرسَح و الأرْصَح و الأرصع أخوات بمعني الأزَلّ «1».
الأُثَيْبِج: الناتئ الثَّبَج، و هو ما بين الكاهلِ إلي الظَّهْر.

[رصف]:

عمر رضي اللّٰه عنه- أُتِيَ في المنام فقيل له: تصدّقْ بأرض كذا، قال عمر:
و لم يكنْ لنا مالٌ أرْصَفٌ بنا منها، فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: تصدّق و اشْتَرط.
أي أَرْفَقُ بنا و أَوْفقُ لنا: يقال: هذا أمر لا يَرْصُف بك «2».
و عُرِض علي رجل عِدَّة من الغلمان فقال أعرابيّ: اشتر هذا، فإنه أرْصَف بك في أمورك.
زياد- بلغه قولُ المغيرة بن شُعْبة: لحَدِيثٌ من عاقلٍ أحبُّ إليّ من الشُّهْدِ بماء رَصَفَةَ.
فقال: كذاك هو! فَلَهُو أحبُّ إليّ من رَثِيئَةٍ فُثِئَتْ بسُلالةٍ من مَاءٍ ثَغْبٍ في يومٍ ذي وَدِيقة تَرْمَضُ «3» فيه الآجالُ.
هي واحدة الرَّصَف من الحجارة، و هي التي ضُمَّ بعضها إلي بعض في مَسِيل: قال العجّاج:
مِنْ رَصَفٍ نَازَعَ سَيْلًا رَصَفا «4»
الرَّثيئَة: حَلِيبٌ يُصَبُّ علي لبن حامض. و في أمثالهم: الرثيئة تَفْثأ الغَضَب؛ أي تَكْسِره.
السلالة: الصفوة التي سلِمت من الكدر.
الثغْب و الثَّغَب: المستنقع في الصخرة، و جمعه ثُغْبان.
الوَدِيقة: الحرّ الذي يَدِق من الرؤوس بالظهائر؛ قال ذو الرُّمة:
إذا كافحتْنا نفحةٌ من وَدِيقةٍ ثَنَيْنَا بُرود الْعَصْب فوق المراعفِ «5»
الآجال: جمع إجْل، و هو جماعة البقر.
______________________________
(1) الأزل: الخفيف الوركين.
(2) لا يرصف بك: لا يليق بك.
(3) ترمض فيه الآجال: إذا احترقت من شدة الحر.
(4) قبله:
فشن في الإبريق منها نزفا
و الرجز في لسان العرب (رصف).
(5) البيت في ديوان ذي الرمة ص 384.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 40‌

[رصد]*:

ابن سِيرِين رحمه اللّٰه تعالي- كانوا لا يَرْصُدُون الثمار في الدَّيْن، و ينبغي أن يرصدوا العين في الدَّين.
تقول: رَصَدْتُه إذا قعدت له، علي طريقه تترقّبه، و أرصَدْتُ له العقوبة إذا أعدَدْتها له، و حقيقته: جعلتُها علي طريقِه كالمترقِّبة له، و يحذف المفعول كثيراً فيقال: فلان مُرْصِد لفلان إذا رصد له، و لا يذكر ما أرصد له.
و منه قوله تعالي: وَ إِرْصٰاداً لِمَنْ حٰارَبَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ [التوبة: 107]، و
قول حليمة ظِئْر رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم حين رُدَّ إلي مكة:
لا همَّ ربَّ الرَّاكِبِ المُسَافرِ مهاجراً قلب بخير طائرِ
و احْفَظْهُ لِي من أعين السواحِرِ و عينِ كلّ حاسدٍ و فاجِرِ
و حَيَّةٍ تُرْصِدُ بالهواجِر حتي تؤديه علي الأباعرِ
مكرّماً زين في المعاشرِ
و يقال: إن فلاناً ليرْصِد الزكاةَ في صلة إخوانه إذا و صلهم، و اعتدَّ بذلك من زكاة ماله؛ لأنه إذا اعتد به منها فقد أعدّه لها، و منه قول ابن سيرين؛ يعني أنه إذا ركب الرَّجُل دَيْنٌ و له من العين مثلُه فلا زكاة عليه، و إن أخْرَجَتْ أرضُه ثمرة يجب فيها العُشْر لم يسقط عنه العشر من أجل الدَّيْن.
في رصافه في (مر). فرّصه في (اط). الرّصَاف في (لغ). بمرصافِهِ في (وخ).

الراء مع الضاد

[رضف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إنَّ هنداً بنت عُتْبة لمّا أسلمت أرْسَلْت إليه بجدْيَيْن مَرْضُوفين و قَدّ.
الرَّضْفُ: الحجارة المحمّاة، و منه رَضْفُ الشِّوَاء؛ و هو شيُّه عليه. و الرَّضيفة: اللبن المسخّن بإلقائه فيه، و المرْضُوف: الجدْي المَشْوِيّ بإلقائه في جوفه. و رَضْفُ الدَّوَي «1» و هو كيّه به.
______________________________
(2) (*) [رصد]: و منه الحديث: فأرصد اللّٰه علي مدرجته ملكاً. و منه حديث الحسن بن علي، و ذكر أباه فقال:
ما خلَّف من دنياكم إلا ثلاثمائة درهم كان أرصدها لشراء خادم. النهاية 2/ 226.
(3) (*) [رضف]: و منه في حديث الصلاة: كان في التشهد الأول كأنه علي الرَّضْف. و منه حديث حذيفة، ذكر الفتن: ثم التي تليها ترمي بالرَّضف. و منه حديث الهجرة: فيبيتان في رسلهما و رضيفهما. و حديث وابصة: مَثَلُ الذي يأكل القسامة كمثل جدْي بطنه مملوء رضْفاً. النهاية 2/ 231.
(1) الدوي: المريض.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 41
و منه:
إن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أتيَ برجل نُعِتَ له الكيّ فقال: اكووه أو ارْضِفُوه.
القَدّ: جِلْد السَّخلة، أراد مِلْ‌ء هذا السِّقاء.

[رضم]*:

لما نزلتْ: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214]، أتَي رَضْمَة جبلٍ فعلًا أعلاها؛ فنادي: يا لَعبد مناف! إِني نذير، و إنما مَثَلِي و مثلَكم كمثل رجلٍ يذهب يَرْبَأ أهله، فرأي العدو؛ فخشي أنْ يسبِقوه، فجعل ينادي أو يُهَوِّت: يا صباحاه!
و يروي: لمَّا نزلتْ بات يُفَخِّذ عيرته.
الرَّضْمة: واحدة الرَّضم و الرِّضام و هي دون الهضاب. قاله أبو عمرو: و أنشد لابن دارة:
شَرَوْهُ بحُمْرٍ كالرِّضَام و أَخْذَمُوا علي العار مَنْ لا يتّق العار يُخْذِم «1»
و منه
حديث عامر بن واثلة رضي اللّٰه عنه: لما أرادت قريش هَدْمَ البيت لتبنيه بالخشب، و كان البناءُ الأول رَضْماً إذا هم بحيَّة علي سور البيت مثل قطعة الجائز «2» تسعي إلي كل من دنا من البيت، فاتحةً فاها، فعجّوا إلي اللّٰه، و قالوا: ربَّنا لم ترع؛ أردنا تشريف بيتِك؛ فسمعنا خَواتاً من السماء؛ فإذا بطائر أعظم من النّسر، فغرز مخالِبه في قَفَا الحيّة؛ فانطلق بها.
الخَوات صوت الخَوات و هو الانقضاض.
أدخل اللام علي المنادي للاستغاثة؛ كأنه دُهِيَ بأمرٍ كما تفعله ربيئة القوم.
يَرْبأ: في موضع الحال من ضمير يَذْهب.
أراد بالعدوّ الجماعة، و مثله قوله تعالي: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي [الشعراء: 77].
قال ابنُ الأنباريّ: يقال: رجل عدوّ، و امرأة عدوّ، و كذا الجمع.
و قال عليّ بن عيسي: إنما قيل علي التوحيد في موضع الجمع؛ لأنه في معني المصدر؛ كأنه قيل: فإنهم عداوة لي، فوقعتِ الصفة موقع المصدر كما يقع المصدر موقع الصفة في رجل عَدْل؛ أراد فخشي أن يسبقه العدوّ إلي أهله فيفجأهم ففزع.
يهوِّت: يقال هَيْت هَيْت، و هَوْت هَوْت؛ أي أسرع، و هيَّت و هوّت إذا صَوَّت بذلك.
______________________________
(3) (*) [رضم]: و منه حديث أنس في المرتد: فألقوه بين حجرين و رضموا عليه الحجارة. و الحديث: حتي ركَزَ الراية في رَضْمٍ من حجارة. النهاية 2/ 231.
(1) البيت لرجل من بني أسد في لسان العرب (خذم)، و ذكر قبله:
شري الكرشُ من طول النجي أخاهم بمالٍ كأن لم يسمعوا شعر حَذْلمِ
(2) الجائز: الخشبة التي تحمل خشب البيت.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 42
يُفَخِّذُهم فَخِذاً فخذاً.

[رضخ]*:

قال لهم ليلة العَقَبة، أو ليلة بَدْر: كيف تُقَاتلون؟ فقالوا: إذا دها القومُ كانت المُرَاضَخة، فإذا دنوْا حتي نالونا و نلناهم كانت المُدَاعسة بالرِّماح حتي تُقصَد.
هي المراماة بالنُّشاب؛ من الرَّضْخ و هو الشَّدْخ.
المداعسة: المطاعنة، و رمح مِدْعس و رماح مَدَاعس.
التَّقَصُّد: أن تصير قِصداً، أي كِسَراً.

[رضع]*:

أبو ميسرة- لو رأيت رجلًا يَرْضَع فسخرت منه خشيت أن أكون مثله.
أي يَرضَعُ الغنم من لؤمه. و في أمثالهم: ألْامُ من رَاضع، و هو مثبت في كتاب المستقصي بشرحه.
و رضِيفُها في (لق). رَضم في (دو). الرّضّع في (سر). المراضِح في (حر). رَضْراض في (جب). و رَضْراضه في (حو). الرّضّاع في (حم). الرضِيف في (خذ). برضَخ في (دف). بالرّضف في (ده). رَضِيعة الكعبة في (ضب). برضُفة في (كن). بِمِرْضَافة في (وخ).

الراء مع الطاء

[رطم]*:

عليّ عليه السلام- مَن اتَّجر قبل أنْ يتفقّه فقد ارْتَطم في الرِّبا ثُمَّ ارْتَطم.
أي ارْتَبك، يقال: ارْتَطَمَ في الوحْل، و هو من قولهم: ارتطمت فلاناً و تَرَطَّمته و تربقَّته؛ إذا حبستَه؛ و وقع في رُطْمة و ارتطام، إذا وقع في أمرٍ لا يُعرَف جهتهُ.

[رطأ]:

ربيعة رحمه اللّٰه تعالي- أَدْرَكْتُ أَبناءَ أصحاب النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يدَّهنُون بالرِّطَاء.
هو الدّهن بالماء، كأنه سُمِّيَ بذلك، لأنّ الدُّهْن يعلو الماءَ و يركبُه، من قولهم: رَطَأتُ الْقَوْمَ إذا ركِبْتهم بما لا يُحِبُّون، و رطأت المرأة إذا تغشّيتَها.
و قال بعضُهم: أنا أحسبه الرِّطَال، من تَرْطيل الشعر و هو تليينه.
رطنوا في (زخ).
______________________________
(1) (*) [رضخ]: و منه في حديث عمر: و قد أمرنا لهم برَضْخ فاقسمه بينهم. و حديث علي: و يرضخ له علي ترك الدين رضيخة. و في حديث صهيب: أنه كان يرتضخ لُكْنة روميةً. النهاية 2/ 228، 229.
(2) (*) [رضع]: و منه الحديث: فإنما الرضاعة من المجاعة. و في حديث ثقيف: أسلمها الرُّضَّاع و تركوا المصاع. و في حديث الإمارة: قال: نعمت المرضعة و بئست الفاطمة. و في حديث قُس: رضيع أيهقان.
النهاية 2/ 230.
(3) (*) [رطم]: و منه في حديث الهجرة: فارتطمت بسراقة فرسه. النهاية 2/ 233.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 43‌

الراء مع العين

[رعث]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
قالت أمُّ زَيْنَب بنت نُبَيْط: كنتُ أنا و أُخْتايَ في حِجْر رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و كان يُحلِّينا رِعَاثاً من ذَهب و لؤلؤ.
و يروي: يحلّينا التبر و اللؤلؤ.
الرَّعْثة و الرَّعَثة: القُرْط، و جمعها رِعاث، و كان يقال لبشار: المُرَعَّث.

[رعي]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لا يُعْطَي من المغانم شي‌ءٌ حتي تُقَسّم، إلا لراعٍ أو دليل غير مُوليه.
الرّاعي: عَيْنُ القوم علي العدوّ، لأنه يرعاهم و يحفظهم. و منه قول النابغة:
فإنكَ تَرْعاني بعين بصيرة و تبعثُ أحراساً عليَّ و ناظرَا
غيرَ مُولِيه، أي غير مُعْطيه شيئاً لا يستحقُّه، و كلّ مَنْ أعطيتَه ابتداء غير مُكافأة فقد أَولَيته، فإن كافأته فقد أَثَبْتَهُ و أَجزْته، و منه: اللّٰه يُبْلي و يُولي.
انتصب غيرُ علي الحال من المقدّر، لأنّه لمّا قيل: لا يُعطي، علم أنَّ ثَمّ مُعْطِياً.

[رعع]*:

عثمان رضي اللّٰه عنه- قال حين تنكّر له الناس: إن هؤلاءِ النَّفر رَعاع غَثَرة تَطَأْطأْت لهم تَطَأْطُأَ الدُّلَاةِ، و تَلَدَّدْتُ تَلَدُّد المضطر، أرانيهمُ الحقُّ إخزاناً، و أراهمنِي الباطلُ شيطاناً. أَجْرَرْتُ المَرْسُونَ «1» رَسَنَه، و أبلغتُ الراتغَ مَسْقَاتَه، فتفرَّقوا عليَّ فِرَقاً ثلاثاً، فصامتٌ صَمْتُه أنفذُ من صَوْلِ غيره، و ساعٍ أعطاني شاهدَه، و منعني غائَبه، و مرخّص له في مُدَّةٍ زُيِّنَتْ في قلبه، فأنا منهم بين أَلْسُنٍ لِدَاد، و قلوب شداد، و سيوف حداد. عذيري اللّٰه منهم، ألا ينهي عالم جاهلًا، و لا يردع أو يُنذِر حكيم سفيهاً! و اللّٰه حسبي و حسبهم يَوْمُ لٰا يَنْطِقُونَ، وَ لٰا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ.
قال أبو عمرو: رجل رَعَاعة و هَجَاجة، أي ليس له فؤاد و لا عَقْل، و هو من رَعاع الناس، و هو من الرَّعْرَعَة، و هي اضطرابُ الماء علي وجه الأرْض، لأنّ العاقل يوصف بالتَّثَبُّت و التماسك، و الأحمق بضدّ ذلك.
الغُثْرَة: الغُبْرَة، و الأغثر: الأغبر، و قيل للضبع: غَثْرَاء للونها، ثم قيل للأحمق: غثَرْ
______________________________
(2) (*) [رعث]: و منه في حديث سحر النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: و دُفِنَ تحت راعوثة البثر. النهاية 2/ 234.
(3) (*) [رعي]: و منه في حديث الإيمان: حتي تري رعاءَ الشاء يتطاولون في البنيان. و الحديث: كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته. و في الحديث: إلا إرعاءً عليه. النهاية 2/ 235، 236.
(4) (*) [رعع]: و منه في حديث عمر: إن الموسم يجمع رعاع الناس. و حديث علي: و سائر الناس هَمَجٌ رعاع. النهاية 2/ 235.
(1) المرسون: الذي جعل عليه الرسن و هو الحبل الذي يقاد به البعير و غيره (لسان العرب: رسن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 44
و للجُهَّال الغَثْرَاء و الغُثْرء و الغَثَرَة تشبيهاً، لأن الضبع موصوفة بالحمق، و في أمثالهم: أحمق من الضبع.
التَّطَأْطُؤ: أن يذِلّ و يَخْفِض نفسَه، كما يفعل الدَّالِي، و هو الذي ينزع الدَّلو.
يقال: بقي فلان مُتَلَدِّداً، أي مُتَحَيِّراً ينظر يميناً و شمالًا، و هو مأخوذ من اللّدِيدَين، و هما صَفْحَتَا العُنُق، يريد أنه داراهم فعلَ المضطرّ.
و في، «و أراهمني»، شذُوذان:
أحدُهما: أنَّ ضمير الغائب إذا وقع متقدماً علي ضمير المتكلم و المخاطب فالوجه أن يُجَاء بالثاني منفصلًا، كقولك: أعطاه إياي، و أعطاه إياك، و المجي‌ء به متصلًا ليس من كلام العرب.
و الثاني: أنّ الواو حقها أَنْ تثبت مع الضمائر، كقوله تعالي: أَ نُلْزِمُكُمُوهٰا [هود: 28]، إلا ما ذكر أبو الحسن من قول بعضهم: أعطيتكمه.
المَسقاة: المورِد، أراد رِفْقَه بالرّعيّة، و حسنَ إيالَتِه، و أنّه في ذلك كمن خَلَّي إبلَه حتي رتعت كيف شاءت، ثم أوردها الماء.
يريد بالمدّة أيام العمر، أي حُبِّبَتْ إليه أيام عُمره في الدنيا، فباع بها حظُّه من الآخرة؛ فهو يستحلُّ مِنِّي ما حرم اللّٰه.
العذير: العاذِر؛ أي اللّٰه يَعْذِرُني منهم إن نلتُ منهم قولًا أوْ فِعْلًا.

[رعبل]:

خالد رضي اللّٰه عنه- إن أهلَ اليمامة رَعْبَلُوا فُسْطاطَه بالسيف.
أي قطّعوه، وثوب رِعَابيل «1»، أي قِطَع.

[رعف]*:

أبو قتادة رضي اللّٰه عنه- كان في عُرْس و جارية تضرب بالدُّف، و هو يقول لها: ارْعَفِي.
أي تقدّمي، من قولهم: فرس راعف، إذا كان يتقدّم الخيل. و الرُّعاف: ما يسبق من الدّم، و قالوا: بينا نحن نذكرك رَعَف بك الباب.

[رعج]*:

قتادة رحمه اللّٰه- قال في قوله تعالي: خَرَجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ بَطَراً وَ رِئٰاءَ النّٰاسِ [الأنفال: 47].
هم مشركو قريش يوم بدر خرجوا و لهم ارْتِعاجٌ و بَغْيٌ و فَخْر.
______________________________
(1) رعابيل: جمع رعبولة و هي القطعة من الثوب البالي.
(2) (*) [رعف]: و منه في حديث سحر النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: و دفن تحت راعوفة البئر. النهاية 2/ 235.
(3) (*) [رعج]: و منه في حديث الإفك: فارتعج العسكر. النهاية 2/ 234.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 45
ارْتَعَجَ و ارْتَعد و ارْتَعش و ارْتَعَص أخوات، يقال، ارتعج البرقُ، إذا تتابع لمعانُه و اضطرابُه. و المعني: ما كانوا عليه من الاهتزاز بَطَراً و أشَراً، أو أريد و ميضُ أسْلحتِهِمْ أو تهلّل وجوههم، و إشراق ألوانِهِمْ أو تموجهم كثرة عدد، من قولهم: ارتعج الوادِي و ارتعج مالُ فلان. قال ابن هرْمة:
غذوْت لها تلاد الحُبِّ حتي نما في الصَّدْرِ و ارتعج ارْتَعاجا
الرعَلة في (لح). رَاعُوفة في (جف). في رَعْظه في (لغ). [الرعراع في (ام)].

الراء مع الغين

[رغم]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إن أسماءَ قالت: يا رسول اللّٰه؛ إنّ أمِّي قدِمَتْ عليّ رَاغِمة مشركة أفأَصلُها؟ قال نعم، فصِلي أمَّك.
و روي: أتتني أمي و هي راغبة أفأعطيها؟
يقال: رَغَم أنفُه رَغْماً؛ إذا ساخ في الرَّغام و هو التراب، ثم استُعمِل في الذال و العَجْز عن الانتصاف من الظّالم.
و منه
الحديث: إذا صلَّي أحدُكم فلْيُلزِمْ جبهتَه و أنْفه الأرض حتي يَخرُجَ منه الرَّغْم.
أي يظهر ذُلّه و خضوعَه، و لمّا لم يخلُ العاجزُ عن الانتصار من غَضَبٍ قالوا: ترغَّم، إذا تغضّب، و راغمه: غاضَبه. و من ذلك قولها: راغمة، أي غَضْبَي عليّ لإسلامي و هِجْرتي متسخّطة لأمرِي كَمَنْ أغْضَبه العجزُ عن الانتصاف مِنْ ظالمه.
إن السِّقْط لَيُراغِمُ ربَّه إن أدخلَ أبويه النار فيجترّهما بسَرَره حتي يدخلَهما الجنة. أي يغاضبه. السَّرَر: ما تقطعه القابلة من السّرة.
و من المراغمة
حديث سعد بن أبي وقَّاص رضي اللّٰه عنه قال: لما أسلمتُ راغمتْني أمّي و كانت تلقاني مرّة بالبِشْر و مرّة بالبَسْر.
أي بالقُطوب.

[رغس]:

إن رجلًا رَغَسه اللّٰه مالًا و ولداً، حتي ذهب عصرٌ و جاء عصر، فلما حضرته الوفاة قال: أيْ بَنِيّ، أيّ أب كنتُ لكم؟ قالوا: خير أب. قال: فهل أنتم مطيعيّ؟ قالوا:
______________________________
(1) (*) [رغم]: و منه الحديث: أنه عليه السلام قال: رَغِمُ أنفُه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل: من يا رسول اللّٰه؟
قال: من أدرك أبويه أو أحدهما حياً و لم يدخل الجنة و منه حديث سجدتي السهو: كانتا ترغيماً للشيطان. و الحديث: بُعِثْتُ مرغمةً. و في حديث أبي هريرة: صلِّ في مراح الغنم و امسح الرغام عنها.
النهاية 2/ 238، 239.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 46
نعم، قال: إذا مِتّ فَحرقوني حتي تَدَعوني فحماً، ثم اهرِسُوني بالمهِراس، ثم اذْرُوني في البحر في يوم ريح لعلي أضِلّ اللّٰه.
الرَّغْس و الرّغْد نظيران في الدلالة علي السعة و النّعمة، يقال: عيشٌ مرغَّس أي منعّم واسع، و أرغد القوم: إذا صاروا في سعة و نعمة. قال:
*اليوم أصبحتُ بعيش مُرْغَس
* و رغس اللّٰه فلاناً، إذا وَسّع عليه النعمة، و بارك في أمره، و فلان مَرْغوس. قال:
حتي رأينا وَجْهَك المرغُوسا «1»
و امرأة مرغوسة؛ أي وَلود مُنْجِبة.
و حقّ مالًا و وَلداً أن يكون انتصابهما علي التمييز.
أي علي لفظ أيّ المفسرة حرف نداء نحو: يا و أيا و هيا.
أضِلّ اللّٰه، من قولهم: ضلّني فلان فلم أقدِرْ عليه، أي ذهب عني. حكاه الأصمعيّ عن عيسي بن عمر.

[رغث]:

أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- ذكر قول رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: بينا أنا نائمٌ أتاني آتٍ بخزائن الأرضِ فوضِعتْ في يدي، فقال: لقد ذَهَب رسولُ اللَّهِ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و أنتم تَرْغَثُونها.
أي تَرْضَعونها. و منه رجل مَرْغُوث، إذا شفِه «2» مالُه بكثرة السؤال.

[رغل]:

ابن عبّاس رضي اللّٰه عنهما- كان يكرهُ ذبيحة الأرغل.
هو الأغْرَل، أي الأقْلَف.

[رغن]:

سعيد بن جُبَير رحمه اللّٰه تعالي- قال في قوله تعالي: أَخْلَدَ إِلَي الْأَرْضِ [الأعراف: 176]: رَغَنَ.
أي رَكَنَ إليها.

[رغب]*:

لما أراد الحجّاج قتله قال: ائْتُوني بسيفٍ رَغِيب.
______________________________
(1) الرجز لرؤية في لسان العرب (رغس) و روايته في اللسان:
دعوت رب العزة القدوّسا دعاء من لا يقرع الناقوسا
حتي أراني وجهك المرغوسا
(2) رجل مشفوه: إذا كثر سؤال الناس إياه حتي نفذ ما عنده.
(3) (*) [رغب]: و منه الحديث: أفضل العمل مَنْحُ الرِّغاب. و حديث حذيفة: ظعن بهم أبو بكر ظعنة رغيبةً.
و منه حديث أبي الدرداء: بئس العونُ علي الدِّين قلب نخيبٌ و بطن رغيبٌ. و في حديث الدعاء: رغبةً و رهبةً إليك. النهاية 2/ 236، 237.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 47
أراد العَرِيض، و هو في الأصل الواسع. يقال: رَغُبَ رَغابَة كرحُب رحابة، إذا اتسع.

[رغل]:

عاصم رحمه اللّٰه تعالي- قرأ عليه مِسْعر فَلَحَن، فقال: أَرْغَلْت.
رَغَل و رَغَث نظيران، و يقال: زَغَل أيضاً بالزاي، و الرَّغَل: أن يَسْتَلِبَ الصبيُّ الثَّدْيَ فيرتضعَه حثيثاً، يقول: أصِرْت رضيعاً بعد الكبر! و إنما استنكر منه اللّحْن بعد ما مَهَر.

[رغب]:

في الحديث: الرُّغْب شُؤْم.
هو الشُّرَه. و أصله سعة الجوف بمعني الرُّحب.
الرَّغِيب في (نخ). ارغميه في (سل). أَرغاه في (قع). الرَّغْبة في (مر).

الراء مع الفاء

[رفأ]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي أن يقالَ: بالرِّفاء و البنين.
أبو زيد: هو المرَافَأَة، أي الموافقة. و قيل: هو من رَفْو الثوب.
و
في حديث شُرَيحٍ: إنه أتاه رجل و امرأَتُه، فقال الرجلُ: أيْنَ أنت؟ قال: دون الحائط. قال: إني امرؤ من أهل الشام. قال: بعيد بغيض. قال: تزوَّجت هذه المرأة. قال:
بالرِّفاءِ و البنين. قال: فولدتْ لي غلاماً. قال: يهنيك الفارسُ. قال: و أَرَدْتُ الخروجَ بها إلي الشام قال: مصاحباً. قال: و شرطْتُ لها دارَها. قال: الشرط أمْلَك. قال: اقْضِ بينَنَا أصْلَحَك اللّٰه! قال: حَدِّثْ حديثين امرأةً: فإنْ أبَتْ فارْبع.
أي إذا كرَّرْت الحديث مرَّتين فلم تَفْهَمْ فأمْسِك. و لا تُتْعِبْ نفسَك فإنه لا مطمع في إفهامها. و روي فأرْبَعة، أي فحدِّثها أرْبعة أطوار. يعني أن الحديث يعاد للرجل طَوْرَين، و يُضَاعَفُ للمرأة لنُقْصان عقلها.
الشرط أمْلَك، أي إذا شَرَط لها المُقامَ في دارها فعليه الوفاء به، و ليس له نقلُها عن بلدِها.
الباء متعلقة بفعل؛ كأنه قيل: اصطحبتما بالرِّفاء [و البنين].
كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إِذا رَفَأَ رجلًا قال: بارك اللّٰه عليك، و باركَ فيك، و جمع بينكم في خير- و روي: رَفَّحَ.
______________________________
(1) (*) [رفأ]: و منه حديث أم زرع: كنت لك كأبي زرع لأم زرع في الألفة و الرِّفاء. و في حديث تميم الداري:
إنهم ركبوا البحر ثم أرفأوا إلي جزيرة. و منه حديث موسي عليه السلام: حتي أرفأ به عند فرضة الماء.
و حديث أبي هريرة في القيامة: فتكون الأرض لسفينة المُرْفأَة في البحر تضربها الأمواج. النهاية 2/ 240، 241.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 48
الترفئة: أن يقولَ للمتزوج بالرِّفاء و البنين، كما تقول: سَقّيْتُه و فَدّيْتُه إذا قلتُ له:
سقاك اللّٰه، و فَدَيْتُك.
و المعني أَنه كان يضعُ الدعاء له بالبركة موضع التَّرْفِئَة. و لما قيل لكل من يَدْعو للمتزوج بأيّ دعوة دعا بها: قد رَفَّأ، تصرّفوا فيه بقلب همزته حاء، و إذا كانوا ممن يقلبون اللام في قائلة عيناً فهم بهذا القلب أخلَق.

[رفه]*:

نهي عن [الإرْفاه.
و هو]، كثرة التَّدَهُّن. و قيل: التوسع في المشرب و المطعم. و أصلُه من رِفْه الإبل، رَفَهَتْ رِفْهاً و رُفُوهاً و أرْفَهَهَا صاحبُها. قال النضر: هو أنْ تُمْسِكَها علي الماء تَرِدُه كل ساعةٍ مثل النَّخْلِ التي هي شارعة في الماء بعروقها أبداً. و عن النضر: الإرفاء أيضاً في معني التَّدهُّن بإبدال الهاء همزة.

[رفق]*:

نهانا رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن أن نَسْتَقْبِلَ القِبْلَة ببول أوْ غائط؛ فلما قَدِمْنا الشامَ وجدنا مرافِقَهم قد اسْتُقْبِلَ بها القبلة، فكنا نَتَحَرَّفُ و نستغفر اللّٰه- و يروي: مراحيضهم.
المِرْفق: ما يُرْتفقُ به.
و المِرْحاض: موضع الرَّحْض، كُنِي بهما عن مَطْرَح العَذِرَة و جميع أسمائه كذلك، نحو: الغائط، و البَرَاز، و الكَنِيف، و الحُشّ، و الخَلَاء، و المَخْرَج، و المُستراح، و المتوضَّأ؛ كلما شاع استعمال واحد و شُهِر انتقل إلي آخر.

[رفع]*:

كلُّ رافعةٍ رَفَعَتْ علينا من البَلاغ، فقد حَرَّمتُها أنْ تُعْضَدَ، أو تُخْبَطَ إلا بعُصفورِ قَتَبٍ، أو مسد مَحالة، أو عصا حديدة.
أي كل جماعة أو نَفْسٍ تُبلِّغُ عنا، و تُذيعُ ما نقُوله؛ من رَفع فلان علي العامل؛ إذا أذاع خبرَه.
فلْتبلِّغ و لْتَحْكِ أني حرّمتُها، يعني المدينة أن يُقْطع شجرُها و يُخْبَط و رقُها.
ثم استثني ما ذكره، يعني أنه لا تقطع لبناء و نحوه.
البلاغ بمعني التَّبْليغ كالسلام بمعني التسليم. قال اللّٰه تعالي: وَ مٰا عَلَي الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلٰاغُ* [النور: 54].
______________________________
(1) (*) [رفه]: و منه حديث عائشة: فلما رُفِّه عنه. النهاية 2/ 247.
(2) (*) [رفق]: و منه في حديث المزارعة: نهانا عن أمرٍ كان بنا رافقاً. و الحديث: ما كان الرِّفْق في شي‌ء إلا زانه. و الحديث: أنت رفيقٌ و اللّٰه الطبيب. و منه الحديث: أيكم ابن عبد المطلب؟ قالوا؛ هو الأبيض المرتفق. و في حديث طهفة: ما لم تضمروا الرفاق. النهاية 2/ 246، 247.
(3) (*) [رفع]: و منه في حديث الاعتكاف: كان إذا دخل العشرُ أيقظ أهله و رفع المئزر. النهاية 2/ 244.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 49
و المعني من أهل البَلاغ؛ أي من المبلّغين، و يجوز أن يراد مما يبلَّغ- و روي: من البُلَّاغ، و هو مثل الحُدَّاث بمعني المحدِّثين.
فقد حَرَّمْتُها، نحو قوله تعالي: مَنْ كٰانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلّٰهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً [فاطر: 10].
كأَنه قيل: فلْيعلم أنّ العزة للّٰه.
العُصْفُور: واحد العصافير، و هي عيدان الرِّحَال الصغار.
المَسَد: اللّيف المَمْسُود، أي المفتول.
عصا الحديدة: عصا في رأسها حديدة، شبه العَنَزَة «1».

[رفل]*:

مَثَل [الرَّافِلَةِ] في غير أهلها كالظُّلْمة يوم القيامة لا نُورَ لها.
هي التي تَرْفُل في ثوبها؛ أي تتبختر.
و المُرْفَلَةُ: حُلةٌ طويلة يُتَبَخْتَرُ فيها، و رجل تِرْفيل بكسر التاء. و الرِّفْل: الذيل- يمانية.
قا:
إذا نَاءَي الشّراة أبا سَعِيد مَشَي في رِفْل محْكَمةِ القَتِيرِ

[رفغ]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إذا الْتَقَي الرَّفْغان وجب الغُسْل.
هما أصولُ الفخِذين. و قال أبو خِيرَة: الرَّفْغان بفتح الراء، و أهل الحجاز يرفعونه، و هما فوق العانة من جانبيها، و الثُّنَّة بينهما و هو ما دون السرة. قال الشماخ:
تَزَاورُ عن ماء الأساود أَنْ رأت به رامياً يَعْتَامُ رَفْغَ الخواصِر

[رفف]*:

عثمان رضي اللّٰه عنه-
قال عُقْبة بن صُوحان: رأيت عثمان نازلًا بالأبطح و إذا فُسْطَاطٌ مضروب، و سيف معلَّق في رفيفِ الفُسطاط، و ليس عنده سيّاف و لا جِلْواز.
رَفِيفُ الفُسطاط و السحاب و رَفْرَفُهما: ما تدلَّي منهما كالذيل.
الجِلْواز: الشُّرَطِيّ؛ سمي بذلك- إنْ كان عربياً لتشدِيدِه و عُنْفه، من قولهم: جَلّز في نَزْع القوس إذا شدد فيه، كما سمي أُتْرُورا لتَرْتَرَتِه الناسَ، و هي الإزعاج بِعُنْف و شدة.
______________________________
(1) العَنَزَة: عصا في قدر نصف الرمح.
(2) (*) [رفل]: و منه حديث أبي جهل: يَرْفُل في الناس. و في حديث وائل بن حجر: يسعي و يترفَّل علي الأقوال. النهاية 2/ 247.
(3) (*) [رفغ]: و منه الحديث: كيف لا أُوهم و رُفغُ أحدكم بين ظفره و أنملته. و في حديث علي: أرفغ لكم المعاش. و الحديث: النِّعم الروافغ. النهاية 2/ 244.
(4) (*) [رفف]: و منه الحديث: من حفَّنا أو رفَّنا فليقتصد. و في حديث أم زرع: زوجي إن أكل رَفَّ. النهاية 2/ 244، 245.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 50‌

[رفه]:

ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إنّ الرجل لَيتكلَّم بالكلمة في الرَّفاهية من سَخَطِ اللّٰه تُرْدِيه بُعْدَ ما بين السماء و الأرض.
الرَّفاهة و الرَّفاهية كالعَتاهية و العتاهِية: السعَّة، و أصلُها من رَفْه الإبل؛ أي أنه ينطق بالكلمة علي حُسبانِ [أنّ] سَخَطَ اللّٰه لا يَلْحَقه فيها، و أنه في سعة و مَنْدُوحة من لحوقه إنْ نَطق بها، و ربما أوقعته في هَلكَةٍ مَدَي عِظَمِها عند اللّٰه ما بين السماء و الأرض.

[رفرف]*:

قال في قوله تعالي: لَقَدْ رَأيٰ مِنْ آيٰاتِ رَبِّهِ الْكُبْريٰ [النجم: 18]:
رأي رَفْرفاً أخضر سدّ الأفق.
و
عنه: رأي رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم جبرئيل في حُلّتي رَفْرَفٍ قد ملأ ما بين السماء و الأرض.
الرَّفْرف: ما كان من الديباج و غيره رقيقاً حسن الصَّبْغة، الواحد رَفْرَفة.

[رفه]:

سَلْمان رضي اللّٰه عنه- كتب إليه أبو الدَّرْدَاء يَدْعوه إلي الأرض المقدّسة، فكتب إلي أبي الدَّرْدَاء: يا أخي، إنْ تكُن بَعُدتِ الدارُ من الدار فإنّ الرّوحَ من الرّوح قريب، و طيرُ السماءِ علي أَرْفِهِ خَمَر الأرض يَقَع- و روي: أُرْفَةِ خَمَر الأرض.
الأرْفهُ: الأخْصب. و الأُرْفَةُ: الحدّ، و الأُرْثة و الغُرْفة مثلُها، و عن امرأةٍ من العرب كانت تبيع تمراً أنَّها قالت: إنّ زوجي أرَّف لي أُرْفة لا أجاوزها؛ أي حدّ لي حدًّا في السِّعر.
الخَمَر: مَا واراكَ من شجر؛ يريد أن وطنه أرفق به و أرْفه له فلا يفارقُه.

[رفد]*:

عُبادة رضي اللّٰه عنه- ألَا ترون أني لا أَقوم إلَّا رِفْداً، و آكل إلّا ما لُوِّق لي، و إنّ صاحبي لأصمّ أعْمي، و ما أُحبُّ أنْ أخْلُوَ بامرأة.
أي إلا أنْ أُرفَدَ؛ أي أعان علي القيام.
لوِّق: لُيِّنَ، من اللُّوقة و هي الزُّبْدة.
صاحبي، أي فَرْجي لا يقدر علي شي‌ء.

[رفف]:

أبو هُرَيرة رضي اللّٰه عنه- سُئِل عن القُبْلَةِ للصائم، فقال: إني لأَرُفُّ شفتيها و أنا صائم.
الرَّف و الرَّشْفُ: أخوان.
______________________________
(1) (*) [رفرف]: و منه في حديث وفاته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فرفع الرَّفْرَفُ فرأينا وجهه كأنه ورقة. و منه حديث أم السائب: أنه مرَّ بها و هي ترفرف من الحُمَّي. النهاية 2/ 242، 243.
(2) (*) [رفد]: و منه في حديث الزكاة: أعطَي زكاة ماله طيِّبةً بها نفسه رافدةً عليه. و حديث ابن عباس: و الذين عاقدت أيمانكم من النصر و الرِّفادة. و في حديث أشراط الساعة: و أن يكون الفي‌ءُ رِفداً. النهاية 2/ 241، 242.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 51
و منه
حديث عبيدة السَّلْماني رحمه اللّٰه تعالي، قال له ابنُ سيرين: ما يوجب الجَنابة؟
قال: الرفّ و الاسْتِمْلاق.
المَلْقُ: علي معنيين؛ يقال: مَلَق الفصيلُ أمَّه و مَلَجها و مَلَعها، إذا رَضِعها. و ملقَ المرأةَ إذا جَامَعها.
و الاستملاق: يحتمل أن يكون استفعالًا من الملْق بمعني الرضع، و يُكْنَي به عن المواقعة؛ لأن المرأة كأنما تَرْتَضِع الرجل، و أن يكون من المَلْق بمعني الجماع.

[رفع]:

ابن سلام رضي اللّٰه عنه- ما هلكتْ أُمَّة قطّ حتي يرفعوا القرآن علي السلطان.
أي يتأَوَّلُوه عليه، و يروا الخروجَ به علي الوُلَاة.

[رفت]:

ابن الزبير رضي اللّٰه عنهما- لما أراد هدم الكعبة و بناءها أرسَلَ أربعة آلاف بعير تحمل الوَرْسَ من اليمن، يريد أن يجعله مَدَرَها، فقيل له: إن الوَرْس يَرْفَتُّ، فَقَسَمَه في عُجُز قريش و بَنَاها بالقَصَّة، و كانت في المسجد جَراثِيمِ، فقال: يا أيُّها الناس ابْطَحُوا.
و روي: كان في المسجد حُفَرٌ مُنْكَرة و جراثيم وَ تَعادٍ فأهاب بالناس إلي بَطْحِه، و لما أَبْرَزَ عن رَبَضِه دعا بِكُبْرِه، فنظروا إليه و أخذ ابنُ مُطِيع العَتَلة فَعَتَلَ ناحية من الرُّبَضِ و أقَضَّه- و روي أن ابنَ مُطيعٍ أخذ العَتَلة من شِقّ الرُّبَض الذي يلي دار بني حُمَيْد فأقَضَّه أجْمَع أَكْتَع- و روي:
لما أراد هدمَ البيت كان الناسُ يرون أن ستُصيبهم صاخَّة من السماء.
ارْفَتَّ: من الرَّفْت، و هو الكسر و الدق، كارْفضَّ من الرّفض.
القَصَّة: الْجَصّ، و قصَّص البيت.
الجرثوم: [الأماكن المرتفعة عن الأرض] المجتمعة من تراب أو طين.
التعادي: التفاوت و عدم التساوي؛ يقال: نمتُ علي مكان مُتَعَادٍ.
البَطْح: أن يُجْعَلَ ما ارتفع منه منبطحاً، أي منخفضاً حتي يستوِيَ و يذهب التفاوت.
الإهابة: الدّعاء؛ يقال: أهاب به إلي كذا، و أهابَ الراعي بالإبل: صَوَّت بها لتقفَ أو تَرْجع. و حقيقةُ «أهاب بها» صيَّرها ذاتَ هَيْبةٍ و فزع؛ لأنها تهابه فتقف.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 51
الرُّبَض: أساسُ البناء، و الرَّبَض: ما حوله.
و الإبراز عنه: أن يكشف عنه ما غطاه.
بِكُبْرِه، أي بكبار قومه و ذوي الأسنان منهم.
العَتَلة: عمود من حديد غليظ يُهْدمُ به الحيطان يسمي البَيْرَم، و قيل: حديدة غليظة يُقْلَع بها فَسِيل النخل، و يسمي المِجْثاث، و قيل: هِراوة غلية من خشب. قال:
فأينما كنتَ من البلاد فاجْتنبنَّ عَرَم الذُّوَّادِ
و ضربهم بالعَتَل الشِّداد
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 52
و عَتله: ضربه بالعَتلة؛ كقولك: عَبَله: رماه بالمِعْبَلَة.
أقَضَّه: أي تركه قَضَضاً، و هو دُقَاقُ الحجارة.
أكْتَع: إتْبَاعٌ لأجْمع.
الصاخّة: الصيحة الشديدة تَصُخُّ الآذان، أي تُصِمّها.

[رفق]:

عائشة رضي اللّٰه عنها- قالت: وجدت رسول اللّٰه صَلَّي اللّٰه عليه و سلم يَثْقُلَ في حِجْري.
قالت: فذهبتُ أنظرُ في وجهه فإذا بصرُه قد شخَص و هو يقول: بل الرفيقَ الأعلي من الجنة.
أي بل أريد جماعة الأنبياء، من قوله تعالي: وَ حَسُنَ أُولٰئِكَ رَفِيقاً [النساء: 69] و ذلك أنه صَلَّي اللّٰه عليه و سلم خُيِّرَ بين البقاء في الدنيا و بين ما عند اللّٰه، فاختار ما عنده. و الرفيقُ كالخليط و الصديق في كونه واحداً أو جَمْعاً.

[رفن]:

في الحديث: إن رجلًا شكا إليه التَّعَزُّب، فقال له: عَفّ شعرك ففعل، فارْفأَنَّ.
أي سكن ما كان به، يقال: ارفأنَّ عن الأمر و ارْفَهَنَّ.
يرف رفيفاً في (لح). المرتَفِق في (مغ). أَرفدة في (در). رافدة في (طع). ترفَضّ في (عق). يترفل في (اب). رِفْداً في (خر). أرفَش في (طم). رُفّد في (عب). و رُفْغُ أحدكم في (وه). ترف غروبه في (ظه). رَافَع في (دف). رفح في (فح). بِرفد في (من). الرَّفث في (هم). و في رفغي رِجْليه في (حن). رفيع العماد في (غث).

الراء مع القاف

[رقب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال: ما تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فيكُمْ؟ قالوا: الذي لا يَبْقَي لَهُ وَلَد.
فقال: بل الرَّقُوب الذي لم يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِه شيئاً.
قيل للرجل أو المرأة إذا لم يَعِشْ له ولد: رَقُوب لأنه متي وُلِدَ له فهو يَرْقُبُ موتَه؛ أي يخافُه أو يَرْصُده. و من ذلك قيل للناقة التي لا تدْنُو من الحوض مع الزّحام لكَرَمِها: رَقُوب.
و قصده صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أن المسلِمَ ولَدَهُ في الحقيقة من قَدَّمه فَرَطاً فاحْتَسَبَه، و مَنْ لم يُرْزَق ذلك فهو كالذي لا ولد له.

[رقع]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لسعد بن مُعاذ عند حُكْمِه في بني قُرَيْظة: لقد حَكَمْتَ بحُكْمِ اللّٰه من فوقِ سَبْعة أَرْقِعَة.
______________________________
(1) (*) [رقب]: و منه الحديث: ارقبوا محمداً في أهل بيته. و الحديث: ما من نبي إلا أُعطي سبعة نجباء رقباء.
و حديث ابن سيرين: لنا رقاب الأرض. و في حديث الخيل: ثم لم ينس حق اللّٰه في رقابها و ظهورها.
النهاية 2/ 248، 249.
(2) (*) [رقع]: و منه الحديث: يجي‌ء أحدكم يوم القيامة و علي رقبته رقاع تخفق. و الحديث: المؤمن واهٍ راقعٌ.-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 53
هي السموات؛ لأن كل واحدة منها رقيع التي تحتها. قال أمية:
و ساكن أقطار الرَّقِيع علي الهَوا و بالغيث و الأرواح كلٌّ مُشَهَّدُ

[رقق]*:

اطَّلَي حتي إذا بَلَغَ المراقّ وَلِيَ هو ذلك مِنْ نفسه.
جمع مَرَقّ؛ و هو ما رقّ من البطن.
و منه
حديث عائشة رضي اللّٰه عنها: إنها وصفت اغتسال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و أنه بدأَ بيمينه ثم غسل مراقَّه بشماله.

[رقن]:

ثلاثة لا تقربُهم الملائكة بخير جنازة الكافر، و الجنُب حتي يغتسل، و المترقِّن بالزعفران.
الرَّقون و الرِّقان: الزَّعفران. و التَّرَقُّن و الارْتِقان: التَّضَمّخ به، وثوب مُرَقَّن.

[رقم]*:

أتي فاطمةَ عليها السلام فوجد علي بابها سِتْراً مُوَشّي، فلم يدخل، فاشتدّ عليها ذلك، فأتا عليّ عليه السلام فذكر ذلك له، فقال: و ما أنا و الدنيا و الرَّقَم!
أي الوَشْي.

[رقب]:

لا رُقْبَي فمن أُرْقِبَ شيئاً فهو لوَرثة المُرْقب.
الرُّقْبَي: أن يقولَ الرجلُ: جَعَلْتُ لك هذه الدار، فإن مِتَّ قبلي رجعَتْ إليّ، و إن مِتُّ قبلك فهي لك، و أرقَبَها إياه، قالوا: و هي من المُراقبة؛ لأن كلَّ واحد منهما يرقُب موتَ صاحبِه.
و هي عند أبي حنيفة و محمد رحمهما اللّٰه تعالي في حكم العاريّة إذا شاء أخذ.
و عند أبي يوسف رحمه اللّٰه تعالي: هي هِبَة يملكها حياتَه و ورثته من بعده.
و هذا الحديث يشهد لأبي يوسف.
و قولُه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لا رُقْبي كقولِه في العُمْرَي- التي هي هِبَة بالإجماع:
أمسِكوا عليكم أموالكم لا تُعْمِروها؛ فإن مَنْ أُعْمِرَ شيئاً فإنه لمن أعْمر.
______________________________
- و في حديث معاوية: كان يلقم بيدٍ و يرقع بالأُخري. النهاية 2/ 251.
(1) (*) [رقق]: و منه الحديث: يُودَي المكاتب بقدر ما رقَّ منه دية العبد، و بقدر ما أدَّي دية الحر. و الحديث:
أنه ما أكل مرققاً حتي لقي اللّٰه تعالي. و في حديث ظبيان: و يخفضها بُطْنَان الرَّقاق. و منه حديث عائشة:
إن أبا بكر رجل رقيق. و الحديث: أهل اليمن أرق قلوباً. و منه حديث عثمان: كبرت سني و رق عظمي.
و الحديث: و تجي‌ء الفتنة فيُرَقِّق بعضها بعضاً. النهاية 2/ 251، 252، 253.
(2) (*) [رقم]: و منه الحديث: كان يزيد في الرقم. و حديث ابن عباس: ما أدري ما الرقيم؟ كتاب أم بنيان.
و حديث علي في صفة السماء: سقفٌ سائر و رقيمٌ مائر. و الحديث: ما أنتم في الأمم إلا كالرَّقْمة في ذراع الدابة. و الحديث: صعد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم رقمة من جبل. النهاية 2/ 253، 254.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 54‌

[رقم]:

عمر رضي اللّٰه عنه- إن رجلًا كُسِر منه عظم، فأتاه يطلب القَوَد، فأبي أنْ يُقِيده، فقال الرجل: هو إذن كالأرقم إنْ يُقْتَل يَنْقَم، و إنْ يُتْرَكْ يَلْقَم.
قال: هو كالأرقم هو الحية الذي علي ظَهْره رَقْم؛ أي نَقْش.
و هذا مثل لمن يجتمع عليه شَرَّان لا يدري كيف يصنع فيهما.
يعني أنه اجتمع عليه كسْر العظم و عدم القَوَد.

[رقط]*:

حُذَيفة رضي اللّٰه عنه- لَتكونَنّ فيكم أيتها الأمة أربع فتن: الرقطاء و المظلمة.
[يعني فِتناً ذكرها، يقال]: دجاجة رَقْطاء إذا كان فيها لُمَعٌ من السواد و البياض.
[و كذلك الشاة، فإما أن يكون شبهها بالحية الرقطاء أو أنها لا تعم كل الخلق.
و المظلمة لا يهتْدَي معها].

[رقل]*:

جابر رضي اللّٰه عنه- قال في قصة خَيبر: لما انتهينا إلي حِصْنِ الصَّعْب بن مُعاذ أَقَمْنا عليه يومين نقاتلهم، فلما كان اليومُ الثالث خرج رجل كأنه الرَّقْل، في يده حَرْبة، و خرجت عَادِيتُه معه، و أمْطَرُوا علينا النَّبْل فكان نَبْلُهم رِجْلَ جَرَادٍ، و انكشف المسلمون.
الرَّقْل: واحد الرِّقال، و هي النخل الطِّوال.
العادِية: الذين يَعْدُون علي أرجلهم، و يقال لهم: العَدِيّ.

[رقق]:

الشَّعْبي رحمه اللّٰه تعالي- سئِل عن رجل قَبَّل أمّ امرأتِه فقال: أ عَنْ صَبُوح تُرَقّق! حَرُمت عليه امرأته.
و هو مثَل للعرب فيمن يُظهر شيئاً و هو يريد غيرَه، و أصلُه مذكور في كتاب المستقصي.
و الترقيق عن الصّبوح: التعريضُ به، و حقيقتُه أنَّ الغرضَ الذي يقصده كأنّ عيه ما يستُره، فهو يريد بذلك الساتِر أنْ يجعلَه رقيقاً شفّافاً يكشف عما تحته، و ينمّ علي ما وراءه؛ كأنّه اتَّهَم السائل، و توهم أنّه أراد بالقُبْلة ما يتبعها، فغلَّظ عليه الأمر.
فرُقي إليه في (خو). أرقُبها [و الرُّقبي] في (عم). في مَرَاقّهم في (غد). الرقيم في (قد). و الأراقم في (وه). [الرقل في (حب)]. راقدة في (قح). رقرقة في (قر). الرقشاء في (سد). فاسترقوا في (سف).
______________________________
(1) (*) [رقط]: و منه حديث أبي بكرة و شهادته علي المغيرة: لو شئت أن أعدَّ رُقَطاً كانت بفخذيها. و في حديث صفة الحْزَورَة: اغفرَّ بطحاؤها و ارقاطّ عوسجها. النهاية 2/ 250، 251.
(2) (*) [رقل]: و منه في حديث علي: و لا يقطع عليهم رقلة. و منه حديث أبي حثمة: ليس الصقر في رؤوس الرقْل الراسخات في الوحل. النهاية 2/ 253.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 55‌

الراء مع الكاف

[ركب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إذا سافرْتم في الخصْب فأعطُوا الرُّكُبَ أسِنَّتَها.
جمع الرِّكَاب، و هي الرَّواحل. و قيل: جمع رَكُوب «1».
الأسِنَّة: جمع سِنّ «2»، و نظيرُها في الغرابة أقِنَّة جمع قِنّ. قال جرير:
إنَّ سَلِيطاً في الخَسَار إنَّهْ أولادُ قومٍ خُلِقُوا أقِنَّهْ «3»
و الأسِدَّة و الأنْدِية و الأنجِدة في جمع سَدّ و هو العَيْب و نَديّ و نجْد «4» غرائب مثلها، و قيل: هي جمع سِنَان.
و المعني أعْطُوها ما تمتنعُ به من النَّحْر، لأن صاحبها إذا أحْسَنَ رعيَها سَمنتْ و حَسُنتْ في عَيْنِه فينفس بها من أنْ تُنْحَر. فشبَّه ذلك بالأسِنَّة في وقوع الامتناع بها.
و المعني أمْكنُوها من الرَّعْي. و قيل: هي جمع سِنَان و هي المِسَنّ «5».
قال امرؤ القيس:
كحدِّ السِّنان الصُلَّبِيِّ النَّحِيضِ «6»
و المراد ما تُسَنُّ به، من قولهم: سنّ الإبلَ إذا أحسن رَعْيَها، كأنه صَقَلها. و فرس مسنونة. و قال مالك بن نُوَيْرة:
قَاظَتْ أُثَالَ إلي المَلَا و تربَّعَتْ بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ و تُودَعُ «7»

[ركس]*:

يأتي علي الناس زمانٌ خيرُ المالِ فيه غَنَمٌ تأكُلُ من الشجر، و تردُ الماءَ؛
______________________________
(8) (*) [ركب]: و منه الحديث: ابغني ناقةً حلْبانة ركْبانة. و الحديث: سيأتيكم رُكَيْبٌ مُبْغَضون. و الحديث:
بشّر رَكيبَ السعاة بقطع من جهنم. و في حديث أبي هريرة: فإذا عمر قد ركبني. و في حديث المغيرة مع الصديق: ثم ركبت أنفه بركبتي. و في حديث عمر: لبيت برُكْبَة أحب إليّ من عشرة أبيات بالشام. النهاية 2/ 256، 257.
(1) الركوب: ما يركب من كل دابة.
(2) السن: ما تأكله الإبل و ترعاه.
(3) الرجز في ديوان جرير ص 598.
(4) النجد: ما ارتفع من الأرض.
(5) المسن: الحجر الذي يسن به.
(6) صدره:
يباري شباة الرمح خذٌّ مُذَلَّقِ
و البيت في امري‌ء القيس ص 74.
(7) البيت في معجم البلدان (أثال).
(9) (*) [ركس]: و منه الحديث: اللهم اركسهما في الفتنة ركساً. و الحديث: أنه قال لعدي بن حاتم: إنك من أهل دين يقال لهم الركوسية. النهاية 2/ 259.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 56
يأكلُ صاحبُها من لحومها، و يشربُ من ألْبَانها، و يَلْبَسُ من أصوافها، و الفتن تَرْتَكِسُ بين جَراثيم العرب.
يقال: ارْتَكَسَ القومُ و ارتهسوا إذا ازدحموا، و الرِّكْسُ: الجماعة الكثيرة؛ لأنهم إذا ازدحموا كان في ذلك اضطراب و ترادّ، من ركسته و أَرْكَسْتُه إذا رددته في الشر.
الجراثيم: الجماعات، جمع جُرْثُومة؛ و هي في الأصل الكُومة من التراب.
أُتِي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم برَوْث في الاستنجاء، فقال: إنه رِكْس.
هو فِعْل بمعني مفعول من ركستُه، و نظيره رَجِيع من رجعته.

[ركك]*:

لعن الرُّكاكة.
هو الدَّيوث؛ سماه رُكاكة علي المبالغة في وصفه بالرُّكاكة من جهتين: إحداهما البناء؛ لأن فُعَالًا أبلغ من فَعِيل، كقولك طُوَال في طويل- و الثانية إلحاقُ التاء للمبالغة.
إنَّ المسلمين أصابَهمْ يوم حنين رَكٌّ من مطر، فنادي منادي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ألَا صَلُّوا في الرِّحال.
الرَّك- بالفتح و الكسر. و الرَّكِيكة: المطر الضعيف.

[ركب]:

بَشِّر رَكيبَ السُّعاة بِقِطْعٍ من جهنّم مثل قُورِ حِسْمَي.
الرَّكيب: الرَّاكب، و نظيره ما ذكره سيبويه من قولهم: ضَرِيب قِدَاح لضاربها، و صَرِيم للصارم، و عَرِيف للعارف في قول طَرِيف بن تميم العَنْبَرِيّ:
بعثوا إليّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسّم «1»
و يقال: فلان رَكِيبُ فلان للذي يَرْكَب معه.
السَّاعي: المُصَدّق «2».
القِطْع: اسم ما قُطع.
القُور: جمع قَارة و هي أصغر من الجبل.
______________________________
(3) (*) [ركك]: و منه الحديث: إنه يبغض الولاة الرّكَكَة. النهاية 2/ 260.
(1) صدره:
أوَ كلما وردت عكاظ قبيلةٌ
و البيت من الكامل، و هو لطريف بن تميم العنبري في الأصمعيات ص 127، و شرح أبيات سيبويه 2/ 389، و شرح شواهد الشافية ص 370، و الكتاب 4/ 7، و لسان العرب 1/ 584 (ضرب)، 9/ 236 (عرف)، و معاهد التنصيص 1/ 204 و بلا نسبة في أدب الكاتب ص 561، و الأشباه و النظائر 7/ 250، و جمهرة اللغة ص 372، 766، 930، و المنصف 3/ 66.
(2) المصدق: الذي يقبض الصدقات.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 57
حِسْمي: بلد جُذَام؛ المراد برَكِيب السعاة مَنْ يركب عمّال العدل بالرّفع عليهم، و نسْبَة ما هم منه بُرَاء من زيادة القَبْض و الانحراف عن السويَّة. و يجوز أن يراد من يركب منهم الناس بالغَشْم، أو مَنْ يصحب عمّال الجور، و يركب معهم.
و فيه بيان أن هذا إذا كان بهذه المنزلة من الوعيد فما الظَّنُّ بالعمال أنفسهم!

[ركز]*:

عمر رضي اللّٰه عنه- إن عبداً وجد ركْزَةً علي عهده فأخذها منه.
الرِّكاز: ما ركَزه اللّٰه تعالي في المعادن من الجواهر، و القطعة منه رِكْزة و رَكِيزة.

[ركن]*:

دخل الشام فأتاه أُرْكُون قريةٍ، فقال: قد صَنَعْتُ لك طعاماً.
هو رئيسها و دِهْقانها الأعظم؛ أُفعول من الرُّكُون؛ لأن أهلها إليه يركنون، أو من الرّكانة؛ لأن الرؤساء يوصفون بالوقار و الرَّزانة في المجالس.

[ركب]:

حُذيفة رضي اللّٰه عنه- قال: إنما تَهْلكُون إذا لم يُعرف لذي الشَّيَبِ شَيْبته، و إذا صرتم تمشون الرَّكَبات؛ كأنكم يَعَاقيب حَجَل، لا تَعْرِفُون مَروفاً و لا تُنْكِرون منكراً.
الرَّكْبة: المرة من الركوب، و جمعها رَكَبَات.
اليَعاقيب: جمع يَعْقوب، و هو ذكر الحَجَل.
انتصاب الرَّكَبات بفعل مُضْمر، هو حال من فاعل تمشون، و الرَّكَبات واقع موقع ذلك الفعل، مستغني به عنه. و التقدير: تمشون تركبون الركبات، كما أن أرسلها العِراك علي أرسلها تعتركُ العِراك.
و المعني تمشون راكبين رُؤوسكم، أي هائمين سادِرِين، تسترسلون فيما لا ينبغي من غير رجوع إلي فكر، و لا صُدورٍ عن رَوِيّة، كأنكم في تسرّعكم إليه، و تطايُرِكم نحوه يَعاقيب، و هي موصوفة بسرعة الطيَران. قال سلامة بن جندْل:
وَلَّي حثيثاً و هذا الشيْبُ يَتْبَعُه لو كان يُدْرِكُه ركضُ اليعاقيبِ

[ركو]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- تُعْرَضُ الأعمال علي اللّٰه تعالي في كل يوم اثنين و خميس، فيغفر اللَّهُ في ذلك اليوم لكلِّ امري‌ء لا يُشْرِك باللّٰه شيئاً إلّا امرأ كان بينه و بين أخيه شَحْناء فيقول: ارْكُوا هذين حتي يَصْطَلِحَا.
قيل: معناه أخِّروهما، من رَكَوْتُه أَرْكُوه إذا أخَّرته. عن ابن الأعرابيّ: و عندي أنه من
______________________________
(1) (*) [ركز]: و منه في حديث الصدقة: و في الركاز الخمس. النهاية 2/ 258.
(2) (*) [ركن]: و منه في حديث الحساب: و يقال لأركانه انطقي. النهاية 2/ 260.
(3) (*) [ركو]: و منه في حديث البراء: فأتينا علي ركيٍّ ذمَّة. و حديث علي: فإذا هو ركيّ يتبرَّد. النهاية 2/ 261.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 58
الرَّكْو بمعني الإصلاح. قال سُويد بن كراع:
فَدَعْ عَنْكَ قَوْماً قد كَفَتْك شُؤُونُهم و شأنُك إلا تَرْكُهُ مُتَفَاقِمُ «1»
أي أصلحوا ذاتَ بينهِما حتي يقعَ بينهما الصلح.
و روي: ارْهَكْ هذين، أي كلِّفهما بجهد و ألْزِمهما أن يصطلحا؛ من رَهَكْتُ الدابة، و دَهكتها إذا حملت عليها في السير وجَهَدْتها.

[ركض]*:

ابن عمرَ رضي اللّٰه عنهما- لَنَفْسُ المؤمن أشدُّ ارْتِكاضاً من الخطيئة من العصفور حين يُغْدف به.
أي اضطراباً و فِراراً، من ارتكض الجنينُ إذا اضطرب، و هو مطاوع رَكَضه إذا حرّكه، يقال: ركض الفارسُ إذا حرّك الدابة برجله، و ركض الطائر إذا حرَّك جَنَاحيْه.
أُغْدِف بالصيد: إذا أُلْقِيَ عليه الشبكة.

[ركن]:

حَمْنة رضي اللّٰه عنها- كانت تجلس في مِرْكَنِ أختها زينب، و هي مستحاضة، ثم تخرج و هي عالية الدم- و روي: حتي تعلوَ صفرةُ الدم الماء.
المِرْكن: الإجّانة التي تُغْسَلُ فيها الثياب. و في كتاب العين. شِبْه تَوْرٍ «2» من أدَم؛ يستعمل للماء، [يغتسل فيها].
و هي عالية الدم: أي عالٍ دَمُها الماء، فهو من باب إضافة الصفة إلي فاعلها.

[ركض]:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- قال ليزيد بن المهلَّب حين ولاه سليمانُ العراقَ: اتق اللّٰه يا يَزيد، فإنا لما دَفَنَّا الوليدَ رَكضَ في لَحْده.
أي ضَرَبَ بِرِجْله الأرض.

[ركب]:

ابن سيرين رحمه اللّٰه تعالي- قال غالب القطان: ذكرْتُ عنده يزيد بن المهلب فقال: أَ مَا تعرِفُ الأزْدَ و رُكَبَها؟ اتَّقِ [الأزد] لا يأخذوك فيَرْكُبُوك.
أي يضربوك بِرُكَبِهم.
و
عن المبرِّد: إن المهلّب بن أبي صُفْرة دعا بمعاوية بن عمرو سَيّد بني العَدَويّة فجعل يَرْكُبُه برِجْله؛ فقال: أصلح اللّٰه الأمير؛ اعفني من أم كيسان
، و هي كنية الرُّكْبة بلغة الأزد.
الركاز في (عج). ركبانة في (غف). [و في (هل)]. ركموا في (جه). الرَّكوسية في
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (ركو)، و رواية اللسان «قد كفوك شؤونهم» بدل «قد كفتك شؤونهم».
(3) (*) [ركض]: و منه في حديث المستحاضة: إنما هي رَكْضَة من الشيطان. النهاية 2/ 259.
(2) التور: إناء من حجارة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 59
(رب). رُكْح في (نق). رِكْز الناس في (قس). أو رَكْضَه في (عذ). ركلة في (جز). ركبت أنْفَه في (شو).

الراء مع الميم

[رمل]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كان مضطجعاً علي رُمَال حصير قد أثّر في جنبه.
الرُّمال: ما رُمِل؛ أي نُسِجَ؛ من قولهم: رَمَل الحصيرَ و أرْمَلَه. قال النضر: و رمَل أعلي و أكثر، و نظيره الحُطام و الرّكام لما حُطِم و رُكِم.

[رمك]*:

عن جابر رضي اللّٰه عنه: أقبلنا معه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في بعض مَغازيه فقال: مَنْ أحَبَّ أن يتعجَّل إلي أهْلِه فَلْيتعجَّلْ، فأقبلنا و أنا علي جمل أَرْمَك ليس فيه شِيَة.
الرُّمْكة والرُّمْدة أختان، و هما الكُدْرة في اللون و من الرُّمْكة اشتقاق الرَّامك «1».

[رمث]*:

إنّ رجلًا أتاه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال: يا رسول اللّٰه؛ إنا نركَبُ أرْمَاثاً لنا في البَحْرِ، فتحضر الصلاة و ليس معنا ماء إلا لشفاهنا، أ نتَوَضأُ بماء البحرِ؟ فقال: هو الطَّهُورُ مَاؤُه، الحِلّ مَيْتَتُه- و روي: العَرَكيَّ سأله فقال: يا رسول اللّٰه؛ إنا نركب هذه الرِّماث في البحر.
الرمَث: الطَّوْف، و هو خشبٌ يُضَمُّ بعضُه إلي بَعْض، و يُرْكَبُ في البحر، و هو فَعَل بمعني مفعول؛ من رمثتُ الشي‌ءَ إذا أصلحتُه و لممته؛ قال أبو دواد:
و أَخٍ رَمَثْتُ دَرِيسَهُ و نَصَجْتُه في الحَرْبِ نُصْحَا «2»
العَرَكِيّ: واحد العَرَك، و هم صيادو السمك، من المعاركة، و الملّاحون؛ قال زهير:
يَغْشَي الحداةُ بهم حُرَّ الكَثِيبِ كما يُغْشِي السفائنَ متنَ اللُّجة العَرَكُ «3»

[رمم]*:

في الاستنجاء: إنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم كان يأمر بثلاثة أحجار، و ينهي عن الرَّوْث و الرِّمة.
______________________________
(4) (*) [رمل]: و منه في حديث أم معبد: و كان القوم مرملين. و حديث عمر: فيم الرَّمَلان و الكشف عن المناكب و قد أطَّأ اللّٰه الإسلام؟. و في حديث الحمر الأهلية: أمر أن تُكْفأ القدور و أن يُرمَّل اللحم بالتراب. النهاية 2/ 265، 266.
(5) (*) [رمك]: و منه الحديث: اسم الأرض العليا الرَّمْكاء. النهاية 2/ 265.
(1) الرامك: شي‌ء يكون في الطيب (لسان العرب: رمك).
(6) (*) [رمث]: و منه في حديث رافع بن خديج و سئل عن كراء الأرض البيضاء بالذهب و الفضة فقال: لا بأس إنما هي عن الإرماث. و في حديث عائشة: نهيتكم عن شرب ما في الرِّمَاث و النقير. النهاية 2/ 261.
(2) البيت في لسان العرب (رمث) و روايته في اللسان «رويسه» بدل «دريسة».
(3) البيت في ديوان زهير ص 167، و لسان العرب (عرك).
(7) (*) [رمم]: و منه الحديث: قال يا رسول اللّٰه كيف تُعْرَض صلاتنا عليك و قد أرَمَّتَ. و في حديث عمر: قبل
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 60
فيها قولان أحدُهما- أنها بمعني الرميم- و هو العَظْم البالي. و منه شيخ رِمّة؛ أي فانٍ.
و الثاني أنها جمع رَمِيم كجليل و جِلّة، و رَمَّ العظمُ، بَلِيَ.
و منه ما
يروي عن أُبَيّ بن خَلَف أنه لما نزل قوله تعالي: قٰالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظٰامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ [يس: 78]، أَتَي بعظم بالٍ إلي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فجعل يفتّه و يقول: أ تُرَي اللّٰه يا محمد يحيي هذا بعد ما رَمّ!

[رمي]*:

لو أنَّ أحدَكم دُعي إلي مِرْمَاتيْن لأجَابَ؛ و هو لا يُجِيبُ [إلي] الصَّلاة.
و
يروي: لو أن رجلًا نَدَا الناسَ إلي مِرْمَاتيْنِ أوْ عَرْقٍ «1» أجابوه.
المِرْماة: ظِلْف الشاة؛ لأنه يُرْمي به، و قول من قال: إن المِرْمَاة السهم الصغير الذي يُتَعَلَّمُ به الرمي، و هو أحْقَرُ السهام و أرذلُها، و إن المعني: لو دُعِي إلي أنْ يُعطَي سهمين من هذه السهام لأسرع الإجابة- ليس بوجيه. و يدفعه قوله: أو عَرْق.
نَدَا الناسَ، أيْ دَعَاهم.

[رمد]*:

في ليلة الإسراء قال: و إذا أنا بأمَّتِي شطرين: شَطْراً عليهم ثياب بيض كأنها القَرَاطيس، و شَطْراً عليهم ثيابٌ رُمْد، فحُجبوا و همْ علي خَيْر- و روي: رُبْد.
الأرْمَد و الأرْبَد: الذي علي لون الرماد.

[رمم]:

عليكم بألْبَانِ البقر فإنها تَرُمُّ من كلِّ الشجر- و روي: تَرْتَمّ.
الرّم و القَمّ: أَخَوَان، و هما الأكل؛ و منهما المِرَمَّة و المِقَمَّة لفِي [ذات] الظِّلْف.

[رمي]:

عن عَدِيّ الجُذَامِيّ رضي اللّٰه عنه قلت: يا رسول اللّٰه؛ كانت لي امرأتان فاقْتَتَلَتَا، فرمَيْت إحْدَاهما، فَرُمِي في جِنازتها. فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اعْقِلْها و لا تَرِثْها.
رُمِي في جِنازة فلان إذا مات؛ لأن جِنازته تصيرُ مَرْمِيًّا فيها، و المراد بالرمْي الحملُ و الوَضْع، و الفعل فاعله الذي أسند إليه هو الظرف بعينه كقولك: سِيرَ بزيد.

[رمرم]*:

عن عائشة رضي اللّٰه عنها: كان لآل رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم وَحْش فإذا خرج لعب
______________________________
- أن يكون ثماماً ثم رماماً. و الحديث: أيَّكم المتكلم كذا و كذا؟ فأرمَّ القوم. و في حديث علي: فأسبابها رمام. و في حديث زياد بن حدير: حملت علي رمٍّ من الأكراد. النهاية 2/ 266، 267، 268.
(2) (*) [رمي]: و منه الحديث: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. و في حديث الكسوف: خرج أرتمي بأسهمي. و الحديث: ليس وراء اللّٰه مرميً. و في حديث عمر: إني أخاف عليكم الرَّمَاء. النهاية 2/ 268، 269.
(1) العرق: العظم يكون عليه اللحم.
(3) (*) [رمد]: و منه حديث عمر: أنه أخَّر الصدقة عام الرمادة. و في حديث وافد عاد: خذها رماداً رِمْدداً.
و في حديث أم زرع: زوجي عظيم الرماد. النهاية 2/ 262.
(4) (*) [رمرم]: و منه في حديث الهرة: حَبَستْها فلا أطعمتْها و لا أرسلتْها تُرَمرم من خشاش الأرض. النهاية 2/ 263.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 61
وَ جاء و ذهب، فإذا جاء رَبَض فلمَ يَتَرَمْرَمْ ما دام رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في البيت.
أي لم يتحرك، و قالوا: لا يستعمل في غير النفي. قال حُميد بن ثور:
صِلَخْداً لو أنّ الجنّ تَعْرِفُ تحته و ضَرْبَ المغَنِّي دُفّه ما تَرَمْرَمَا «1»
و قد استعمله في الإثبات مَن قال:
يُنْحِي إذا ما جاهلٌ تَرَمْرَمَا شَجَراً لإِعْنَاقِ الدَّواهِي مِحْطَما
الضمير في خرج لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.

[رمد]:

سألت ربي ألّا يسلط علي أمَّتي سَنَةً فترْمِدَهُمْ، فأعطانيها.
أي فتُهْلِكَهُمْ.
قالت صفية بنت أبي مسافع ترثي أباها و قد قتل يوم بدر كافراً:
رَحْب المبَاءة بالنَّدَي مُتَدَفِّقٌ في المُجْحِفَاتِ و في الزمان المُرْمدِ
يقال: رَمَدَه و أرْمَدَهُ إذا أهكه، و صيَّره كالرماد، و رَمَد و أرْمَد إذا هلك.
الضمير الذي هو مفعول ثان في فأعطَانِيها يرجع إلي ما دلّ عليه «قوله ألّا يُسلَّط»، و هو السلامة.

[رمض]*:

قال خَبّاب رضي اللّٰه عنه: شكونا إلي رسولِ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم الرّمْضَاءَ فلم يُشْكِنَا.
الرَّمْضَاء: نحو البَغْضاء و الفَحْشاء، و هي شدة حرّ الأرض من وقع الشمس، و قد رَمِضت الأرض و الحجارة رَمَضاً، و أرض رَمِضَة الحَصَي.
فلم يُشْكِنَا: يَحْتَمِل أن يكون من الإشكاءِ الذي هو إزالة الشِّكاية، فيُحمل علي أنهم أرادوا أَنْ يرخِّص لهم في الصلاة في الرِّحال فلم يجبْهم إلي ذلك. و يَحْتَمِل أن يكون من الإشكاء الذي هو الحمل علي الشِّكاية، فيُحمل علي أنهم سألوه الإبْرادَ بهَا، فأجابهم و لم يتركهم دون شِكاية.

[رمد]:

عمر رضي اللّٰه عنه- وقف بين الحرَّتين- و هما دَارَان لفلان- فقال: شَوَّي أخوك حتي إذا أنْضَجَ رَمَّد.
أي ألقي الشواء في الرّماد؛ و هذا مثل، نحوه قولهم: المِنَّة تهدم الصَّنِيعة.

[رمل]:

أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- كنا مع النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في غَزاةٍ فأرْمَلْنا و أَنْفَضْنَا.
المُرْمِل: الذي لا زَادَ معه، سُمِّي بذلك لركَاكَةِ حاله، من الرَّمَل و هو الرِّكُّ «2» من
______________________________
(1) البيت في ديوان حميد ص 11.
(3) (*) [رمض]: و منه حديث عمر: قال لراعي الشاء: عليك الظلف من الأرض لا تُرَمِّضْها. و منه حديث عقيل: فجعل يتتبع القي‌ءَ من شدة الرمض. النهاية 2/ 264.
(2) الرك، بالكسر و الفتح: المطر الخفيف.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 62
المطر، أَو لِلُصُوقِه بالرَّمْل كما قيل للفقِير: التَّرِب و المُدْقِع.
و منه
حديث جابر رضي اللّٰه عنه: إنه ذكر مَبْعثَ سريّةٍ كان فيها، و إنهم أرْمَلُوا من الزّاد.
قال: فبينا نحن علي ذلك إذْ رأينا سَوَاداً، فلما غَشِيناه إذا دابَّةٌ قد خرجت من الأرض، فأناخ عليها العسكرُ ثماني عشرة ليلةً يأكلون منها ما شاءُوا حتي ارْتَعَفُوا.
أي استبقوا و تَسَاعوْا علي أقدامهم لِمَا ثاب إليهم من القوَّة.
و
عن عمر بن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي: إنه خطب بعرفات، فقال: إنكم قد أنْضَيْتُم الظَّهْرَ، و أَرْمَلْتُم، و ليس السابقُ اليومَ مَنْ سبق بعيرُه و لا فَرَسُه؛ و لكنّ السابقَ من غُفِرَ له.
عن النخعي رحمه اللّٰه: إذا ساق الرجل هَدْياً فأرمَلَ، فلا بأْسَ أن يشربَ من لَبَنِ هَدْيِه.
أَنْفَضَ القومُ: إذا صاروا ذَوِي نَفَض؛ و ذلك أن يَنْفُضُوا مَزَاوِدَهم.

[رمس]*:

الضحّاك رحمه اللّٰه تعالي- و ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْساً.
الرَّمْسُ و الدَّمْس و النَّمْس و الطَّمْس و الغَمْس أخوات، في معني الكِتْمان؛ يقال: رَمَسَتِ الرياح الآثار، و رَمَسَ عليه الأمر.
و المعني النهيُ عن تشهير قَبْرِه بالرفع و التسْنيم.

[رمد]:

قَتَادة رحمه اللّٰه تعالي- يتوضأ الرجل بالماء الرَّمِد، و بالماء الطَّرِد.
هو الذي تغيَّر لونُه حتي صار علي لون الرّماد، و يقال: ثوب رَمِد و أَرْمَد: وَسِخ، و سحابة رَمْدَاء و نعامة رَمْدَاء إذا ضربتَا إلي السواد.
الطَّرِد: الطَّرْق، و هو الذي خاضَتْه الدوابّ كأنها طَرَدَتْه فطَرِدَ.

[رمس]:

الشعبيّ رحمه اللّٰه تعالي- إذا ارتمس الجُنُبُ في الماءِ أَجْزَأهُ من غُسْلِ الجَنَابةِ.
الارتماس و الاغتماس أَخَوَان.
و
عنه: إنه كره للصائم أن يَرْتَمس.

[رمض]:

في الحديث- صلاةُ الأوَّابين إذا رَمِضَت الفِصَال «1» مِنَ الضُّحي.
______________________________
(2) (*) [رمس]: و منه في حديث ابن عباس: أنه رامس عمر بالجحفة و هما محرمان. و الحديث: الصائم يرتمس و لا يغتمس. النهاية 2/ 263.
(1) رمضت الفصال: أي تحميها الرمضاء أي الرمال- فتبرك من شدة حرها و إحراقها أخفافها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 63
أي أصابتها الرَّمْضَاء، فاحْتَرَقَتْ أَخْفَافُها.
إذا مدحْتَ الرجل في وجهه فكأنما أمْرَرْتَ علي حَلْقِه مُوسي رَمِيضاً.
هو فعيلٌ بمعني مفعول، من رَمَضَ السكينَ يَرْمِضُهُ: إذا دَقَّه بين حجرين، ليرقّ، و لذلك أَوْقَعه صفة للمؤنث. و أما قوله:
وَ إنْ شئتَ أَقْبلنا بموسًي رَمِيضةٍ «1»
فحقه أن يكون بمعني فاعلٍ من رَمُض، و إن لم يُسمع، كما قيل: فقير و شديد، و روايةُ شَمِر: سكّين رَمِيض، بَيِّنُ الرَّمَاضة تُؤنس بتقدير رَمَض.

[رمي]:

و
في حديث زَيْد بن حارثة رضي اللّٰه عنه: إِنه سُبي في الجاهلية فترامَي به الأمْرُ أَنْ صار لخديجة، فوهبته للنبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فأَعْتَقَه.
يقال: ترامي إلي كذا، و تراقَي إليه إذا ارتفع و ازداد، و إلي حُذِفَت مع أَنْ، و حروف الجر تُحْذَف معها و مع أنَّ كثيراً.
الرَّمَض في (لب). ترمَضُ في (عز). برمّانتين في (غث) مُرْملين في (مر). فأرم في (حف) [و في (قر)]. الرّمادة في (كف). رمال في (مت). الرَّمَاء في (ها). رُمَاماً في (خض). [ترمض في (عز)]. لا تُرَمِّضْها في (ظل). أرملتم في (قل). الرمازة في (زم).
يترمّع في (مز). و رُمّة في (ثم). رمْيَة الغَرض في (جز). ترمَضَان في (حد). الرِّمَاق في (صب). أرُمّه في (عص). عظيم الرَّمَاد في (غث).

الراء مع النون

[رنق]*:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- سُئِلَ: أ ينفخُ الإِنسانُ في الماء؟ قال: إن كان من رَنَق فلا بأس به.
هو الكَدَر، و منه التَّرْنُوق، و هو الطين الباقي في المسيل.

[رنف]*:

عبد الملك- قال له رجلٌ: خرجَتْ بي قَرْحَةَ، فقال: في أيّ موضعٍ منْ
______________________________
(1) عجزه:
جميعاً فقطعنا بها عقد العُرا
و البيت للوضاح بن إسماعيل في لسان العرب (رمض).
(2) (*) [رنق]: و منه حديث سليمان عليه السلام: احشروا الطير إلا الرَّنقاء. و حديث ابن الزبير: و ليس للشارب إلا الرَّنْق و الطرق. النهاية 2/ 270، 271.
(3) (*) [رنف]: و منه الحديث: كان إذا نزل عليه الوحي و هو علي القصواء تذرف عيناها و تُرْنِف بأذنيها من ثقل الوحي. النهاية 2/ 270.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 64
جسدِك؟ قال: بين الرَّانِفَةِ و الصَّفْن، فأعجبه حُسْنُ ما كنَي.
الرَّانِفَة: ما سال من الألية علي الفَخِذين- عن الأصمعيّ يقال للمرأة: إنها لذات رَوَانِف. و الرَّوَانف: أكْسِيَةٌ تعلَّق إلي شِقَاق بيوت الأَعْرَاب حتي تلحق بالأرض. الواحدة رَانِفة.
الصَّفْنَ: جلدة البيضة. قال جرير:
يَتْرُكُ أَصْفَانَ الخُصَي جلَاجِلا «1»
المُرَنِّقَة في (رج). الأرنبة في (قل). يُرَنَّح في (رو). الرَّنْقَاء (شن).

الراء مع الواو

[روح]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَنْ قتل نَفْساً مُعَاهِدةً بغير حلّها لم يَرِحْ رائحةَ الجنة.
فيه ثلاثُ لغات: راح يَرِيح كباع يبيع، و رَاح يرَاح كخاف يخاف، و أراح يُريح إذا وجد الرائحة، و قد جاءت الرواية بهنَّ جميعاً.
أمر بالإثْمِد المرَوَّحِ عند النوم.
هو الذي جُعل فيه ما طيَّبَ رِيحَه من المسك أو غيره.
و منه:
إنه نهي أن تكتحلَ المُحْرِمَةُ بالإثمِدِ المروَّح.
خطب صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال: تحايوا «2» بذِكْر اللّٰه و برُوحه.
هو القرآن لقوله تعالي: أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنٰا [الشوري: 52].

[رود]*:

الحُمَّي رَائِدُ المَوْتِ، و هي سجن اللّٰه في الأرض يحبسُ بها عبدَه إذا شاء، و يُرْسِله إذا شاء.
______________________________
(1) صدره:
يَرْهَزُ رهزاً يُرْعِدُ الخصائلا
و البيت في ديوان جرير ص 486.
(3) (*) [روح]: و منه الحديث: الملائكة الروحانيون. و الحديث: هبت أرواح النصر. و الحديث: الريح من روح اللّٰه. و في حديث سرقة الغنم: ليس فيه قطعٌ حتي يؤُويه المراح. و منه حديث أم زرع: و أراح عليَّ نعماً ثرياً. و منه حديث عائشة: حتي أراح الحقَّ علي أهله. و في حديث عقبة: روَّحتها بالعشي.
و حديث أبي طلحة: ذاك مال رائحٌ. و الحديث: أنه أُتي بقدح أروْح. النهاية 2/ 272، 273، 274، 275.
(2) تحايوا: من التحية، و رواية لسان العرب تحابوا بالباء.
(4) (*) [رود]: و منه حديث و فد عبد القيس: إنَّا قومٌ رادة. و الحديث: إذا بال أحدكم فليرتد لبوله. و في حديث أنجشة: رُويدك رفقاً بالقوارير. النهاية 2/ 275، 276.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 65
هو رسولُ القوم الذي يرتادُ لهم مساقطَ الغيث، و قد رادَ الكلأَ يَرُود رِيَاداً. و في أمثالهم: لا يكذبُ الرائدُ أهلَه. فشبّه به الحمي، كأنها مقدّمة الموتِ و طليعَتُه لشدة أمرها.
و تقول العرب: الحمّي أخت الحِمَام. و يقولون: قالت الحمي: أنا أُمُّ مِلْدَم، آكل اللحمَ، و أمضّ الدم.
و جمع الرائد الروَّاد.
و منه
قول عليّ عليه السلام في ذِكْرِ دخولِ الناسِ علي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: يدخلون رُوّاداً، و لا يتفرقون إلا عن ذَوَاق، و يخرجون أَدِلَّة.
أي طلاباً للمنافع في دِينهم و دُنياهم.
الذَّواق: اسم ما يُذَاق، يقال: ما ذقت ذَوَاقاً. و هو مَثلٌ لما ينالون عنده من الخير.
أَدِلة، أي علماء يَدُلّون الناسَ علي ما عَلِموه.

[روق]*:

ذكر قتالَ الروم، فقال: يخرج إليهم رُوقَة المؤمنين من أهل الحجاز.
هم الموصوفون بالصَّفاء و الجمال، يقال: راق الشي‌ء، إذا صفا و خلص. و عن الأصمعيّ: مسك رائق، أي خالص، و كذلك كلُّ شي‌ء خالص؛ و هو من روّق الشراب إذا صفَّاه بالرَّاوُوق، و نظير رائق و رُوقة، صاحب و صُحْبة و فارِه و فُرْهة.

[روح]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يقول إذا هاجت الريحُ: اللهم اجعلها رِياحاً و لا تجعلها رِيحاً.
عَيْنُ الريح واوٌ لقولهم: أرواح و رُوَيحة. العرب تقول: لا تلقَحُ السحابُ إلا من رياح.
فالمعني اجعَلْها لقاحاً للسحاب، و لا تجعلها عذاباً. و يصدقه مجي‌ء الجمع في آيات الرحمة و الواحدة في قِصَص العذاب.
عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان أرْوَح كأنّه راكبٌ، و الناس يمشون، كأنه من رجال بني سَدُوس.
و هو الذي يتدَاني عَقِباه و تتباعُد صدورُ قَدَميه.
قال الكَلْبي: سدوس الذي في بني شيبان بالفتح، و الذي في طي‌ء بالضم، و بنو شيبان الطُّولُ فيهم غالبٌ. و يقال للطَّيْلَسان سدوس، أورده سيبويه مضموماً في موضعين من كتابِه؛ و عن الأصمعيّ: الطيلسان بالفتح، و القبيلة بالضم.
كأنّ الأولي خبر ثانٍ لكان، و الثانية بدلٌ منها.
______________________________
(1) (*) [روق]: و منه الحديث: حتي إذا ألقت السماء بأرواقها. و في حديث عائشة: ضرب الشيطان رَوْقَه.
و منه حديث الدجال: فيضرب رواقه فيخرج إليه كل منافق. النهاية 2/ 278.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 66
ركب ناقةً فارهةً فمشت مَشْياً جَيِّداً فقال:
كأنَّ راكبَها غُصْنٌ بمَرْوحةٍ إذَا تدلَّتْ به أو شاربٌ ثَمِلُ «1»
هي مُخْتَرَق الريح.
تدلَّت: من قولهم: تدلّي فلان من أرض كذا، أي أتانا، و من أين تدلَّيتَ علينا؟ كما يقال: من أين انْصَبَبْتَ؟

[روق]:

عليٌّ عليه السلام:
تِلْكُمْ قريشٌ تَمنَّانِي لتَقْتُلَنِي فلا و رَبِّكَ ما بَرُّوا و ما ظَفِرُوا
فإن هَلكْتُ فرَهْنٌ ذِمَّتِي لهمُ بذات رَوْقَينِ لا يعفُو لها أثرُ
قال أبو عثمان المازنيّ: لم يصح عندنا أن عليًّا تكلّم من الشعر بشي‌ء إلّا هذين البيتين.
الرَّوقان: القَرْنَان، و قولهم للداهية ذات رَوْقَين، كقولهم: نَوَاطِحُ الدهر لشدائده.
الواحدة ناطحة.
و يروي: بذات وَدْقَين، و فيها وجهان: أحدهما ما ذكره صاحب العين؛ قال: و يقال للحَرْب الشديدة: ذات وَدْقَين، تُشَبَّه بسحابة ذات مَطْرَتين شديدتين. و الثاني: أن يكون من الوَدْق بمعني الوِدَاق، و هو الحِرصُ علي الفحل؛ لأنَّ الحربَ توصفُ باللّقاح.

[روث]*:

حسان رضي اللّٰه عنه- أخرج لسانَه فضرب به رَوْثَةَ أنفع، ثم أدلعه، فضرب به نَحْرَه، و قال يا رسول اللّٰه، ادعُ لي بالنصر.
الرَّوْثَة: طرف الأَرْنَبة، و جمعها رَوْث، و رجل مَرُوث الأنف إذا ضخُمت رَوْثَته.
أَدْلَع لسانه و دَلَعه: أخرجه، و دَلَع لسانُهُ.
و نحوه ما
رُوِي: إنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قال لحسان: ما بقي من لسانك؟ فأخرج لسانَه حتي ضرب بطَرَفِه جَبْهتَه، ثم قال: و اللّٰه ما يسرُّني به مِقْوَلِ مِن مَعدّ، و اللّٰه لو وضعتُه علي صَخْرٍ لفلقه، أو علي شَعْرٍ لحلقه.

[روح]:

أم أيمن رضي اللّٰه عنها- هاجرت إلي المدينةِ في لَهَبان الحرّ، فاستُعْطِشت، فدُليّ إليها دَلو من السماء؛ فشربت حتي أَرَاحَتْ.
أي رجعت إليها نفسها و استراحت، و حقيقته: صارت ذات رَاحةٍ بعد جَهْد العطش.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (روح).
(2) (*) [روث]: و منه في حديث الاستنجاء: نهي عن الرَّوْث و الرِّمَّة. و حديث مجاهد: في الروثة ثلث الدية.
و الحديث: إن روثة سيف رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم كان فضة. النهاية 2/ 271.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 67
قال:
تُريحُ بَعْدَ النَّفَسِ الْحَفُوزِ إرَاحةَ الجِدَايَةِ النَّفُوزِ «1»
الأسود بن يَزيد رحمه اللّٰه تعالي- كان يصومُ في اليوم الشديدِ الحرض الذي إن الجَمَل الجَلْد الأحمر ليُرِيح فيه من الحر- و روي: يُرنَّح.
الإراحة: الموت، قال:
أَرَاحَ بعد الغَمِّ و التَّغَمْغُمِ «2»
رُنِّح الرجل إذا دِير به، و رَنَّحه الشراب أو الحرُّ أو غير ذلك، و أصله إصابة الرَّنْحِ، و هو العصفور من الدماغ، و هو قطيعة منه تحت فَرْخِ الدماغ كأنه بائنٌ منه و بينهما جُلَيْدَة تَفْصِلهما؛ قال رؤبة:
يكْسِرُ عن أمّ الفِرَاخ الرَّنْحا
خصّ الأحمر؛ لأنه أَصْبَر. و عن ابنِ لسان الحمَّرة إنه قيل له: أخْبرنا عن الإبل فقال:
حُمْراها صُبْراها، و عَيْساها حُسْناها، و وُرْقَاها غُزْراها، و لا أبيع جَوْنةً، و لا أَشْهَد مَشْرَاهَا.

[روض]*:

ابن المسيب رحمه اللّٰه تعالي- كره المُراوَضَة.
هي أن تُوَاصِف الرجلَ بالسِّلْعَة ليست عندك، و هي بيعُ المواصفة عند الفقهاء، و أجازه بعضهم إذا وافقتِ السلعةُ الصفةَ التي وصفها بها. و أبَاه غيرُه؛ و هي من راوضه علي أمرِ كذا إدا داراه ليُدْخِله فيه، كأنه يفعلُ به ما يفعلُ الرائض بالرَّيِّض؛ لأنَّ المواصِفَ يُدْلي صاحبه إلي الشراء بما يُلقي إليه من نعوت السِّلْعَةِ.

[روز]*:

مجاهد رحمه اللّٰه تعالي- قال في قوله تعالي: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقٰاتِ [التوبة: 58]: يَرُوزك و يسألك.
الرَّوْزُ: الامتحان و التقدير، تقول: رُزْتُ ما عِنْدَ فلان، و كأنَّ المعني إنه يلمزك يمتحنُ أمْرَك و يذوقُك: هل تخافُ لأئمته و تشمئزّ لمعابه فتعطيه أمْ لَا تَعْبَأُ بذلك؛ و يجعل اللَّمْز سبيلًا إلي الاستعطاء، و سبباً في السؤال، كما
فعل العباس بن مرداس حيث قال:
أتجْعَل نَهْبِي و نَهْبَ العُبَيْ دِ بَين عُيَيْنَةَ و الأَقْرَعِ «3»
______________________________
(1) البيت لجران العود عامر بن الحارث في لسان العرب (جدي) و (نفز) و (راح).
(2) الرجز للعجاج في لسان العرب (روح).
(4) (*) [روض]: و منه في حديث طلحة: فتراوضنا حتي اصطرف مني. و في حديث أم معبد: فدعا بإناء يريض الرهط. و في حديثها أيضاً: فشربوا حتي أراضوا. النهاية 2/ 276، 277.
(5) (*) [روز]: و منه حديث البراق: فاستصعب فرازه جبريل عليه السلام بأُذنه. و الحديث: كان رازُ سفينة نوح عليه السلام جبريل. النهاية 2/ 276.
(3) البيت في لسان العرب (نهب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 68
فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اقطعوا عَنِّي لسانه، و أمر له بمائةِ ناقة.

[روغ]*:

في الحديث: إذا كفي أحدَكم خادمُه حَرَّ طعامِه فليُقْعِدْه معه، و إلا فليروِّغْ له لُقْمةً.
روّغ و رَوَّل أخوان، و هو أن يُشرِّبَ اللقمة دَسَماً و يروّيها به.
فليرتد في (دم). فليروغْهَا في (شف). الأرواع في (اب). أراضوا في (بر). رُوَاء في (فر). مُرَوّعين في (حد). برَوْقه في (صب). يرَوِّح في (عز). مستريضاً في (فر). روّحَت في (لق). الروَايا في (شع). روقه في (زف). روحتي في (عر). بِرَوْعة في (ول). الرّوَاء في (سح). أراح الحق في (زف). لا روب في (شو). [الروم في (قر)]. بين الأَرْوَي و النعام في (كز). روعك في (فر).

الراء مع الهاء

[رهق]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
قال عمر رضي اللّٰه عنه: خرجَ علينا رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في يوم جُمعة، و عليه قميصٌ مَصْبوغٌ بالرَّيْهُقَان.
هو الزَّعفران، و الجَيْهُمان مثله؛ قال حُميد بن ثور:
*عَليل بمَاءِ الرَّيْهُقَانِ ذَهِيبُ «1»

[رهن]:

كل غلام رَهِينة بعَقِيقَته.
رهينة و الرَّهن بِمعني، كالشتيمة و الشّتْم؛ ثم استعملا بمعني المرهون فقيل: هو رَهْن بكذا و رَهِينة بكذا. قال:
أبعدَ الذي بالنَّعْفِ «2» نَعْفِ كُوَيْكِبٍ رَهِينة رَمْسٍ تُرَابٍ و جَنْدَلِ «3»
______________________________
(4) (*) [روغ]: و منه حديث عمر: أنه سمع بكاء صبي فسأل أمه، فقالت: إني أريغه علي الفطام. و حديث قس: خرجت أُريغ بعيراً شرد مني. و في حديث الأحنف: فعدلت إلي رائغة من روائغ المدينة. النهاية 2/ 278.
(5) (*) [رهق]: و منه الحديث: ارهقوا القبلة. و الحديث: فإن رَهِق سيده دينٌ. و منه حديث ابن عمر: أرهقنا الصلاة و نحن نتوضأ. و الحديث: حسبك من الرَّهَق و الجفاء أن لا يعرف بيتك. النهاية 2/ 283، 284.
(1) صدره:
فأَخلس منها البقل لوناً كأنه
و البيت في ديوان حميد ص 59.
(2) النعف من الأرض: المكان المرتفع.
(3) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (رهن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 69
و معني قوله: رِهينة بعَقِيقته أنّ العقيقَة لازمة لا بدَّ له منها، فشُبِّه في لزومه لها و عدم انفِكاكه منها بالرَّهْن في يد المرْتهن قال أبو زيد: يقال: إني لك رهن بكذا، أي ضامن.
و أنشد:
إني و دَلْوَيَّ لها و صَاحِبي و حَوْضَها الأَفْيَحَ ذَا النَّصَائِب
رَهْنٌ لها بالرِّيض غيرِ الكاذِبِ «1»

[رهق]:

إذا صلي أحدكم إلي شي‌ء فليَرْهَقْه.
أي فلْيَغْشَه و لا يَبْعُد عنه و هو كقولهم إذا صلي أحدكم إلي سترة] فليدن منها فإن الشيطان يمر بينه و بينها.
[رهق]:
علي عليه السلام- وعظ رجلًا في صُحْبَة رَجُلٍ رَهِق.
قال المبّرد: رجل فيه رَهَقٌ إذا كانت فيه خِفّة يَرْهَق الشرَّ و يَغْشَاه.
و منه
حديث شقيق رحمه اللّٰه تعالي: إنه صلي علي امرأة تُرَهَّق.
أي تُنْسب إلي الرَّهَق، يعني غِشْيَان المحارم.
سعد رضي اللّٰه عنه- كان إذا دخل مكة مُرَاهَقاً خرجَ إلي عَرفة قبل أن يطوفَ بالبيت و بين الصَّفَا و المَرْوَة، ثم يطوفُ بعد أن يرجع.
أي مقارباً آخرَ الوقت، من قولك: غلام مراهق إذا قاربَ الحُلُم و شارفَ أن يَرْهقَه، كأنه كان يقدم يوم التَّرْوِية أو يوم عرفة فيضيق عليه الوقت حتي يخاف فَوْتَ التعريف.

[رهو]*:

رافع بن خَدِيج رضي اللّٰه عنه- اشتري من رجل بعيراً ببعِيرَيْنِ فأعطاه أحدَهما و قال: آتيك بالآخر غَداً رَهْواً.
أي عَفْواً لا احتباس فيه، يقال: أعطيتهُ المالَ سَهْواً رَهْواً، من قولهم: سير رَهْو. أي سهل مستقيم.

[رهف]*:

ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- ذكر مجي‌ء عامر بن الطُّفَيْل إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قال: و كان عامرٌ مَرْهُوفَ البَدَن.
أي مُرَهَفَه دَقيقَه؛ يقال: رَهَفَ السيفَ و أَرْهَفَه.
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (رهن).
(2) (*) [رهو]: و منه الحديث: نهي أن يباع رهو الماء. و الحديث: سئل عن غطفان فقال: رَهْوةٌ تنبع ماء.
و الحديث: لا شفعة في فناءٍ، و لا منقبة، و لا طريق، و لا ركح، و لا رهو. و في حديث علي: و نظم رهوات فُرَجها. و في حديث ابن مسعود: إذ مرَّت به عنانة ترهْيأت. النهاية 2/ 285، 286.
(3) (*) [رهف]: و منه حديث ابن عمر: أمرني رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أن آتيه بمدية، فأتيته بها فأرسل بها فأُرهفت. و في حديث صعصعة بن صوحان: إني لأترك الكلام مما أُرهف به. النهاية 2/ 283.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 70‌

[رهط]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال أَنَس بن سيرين: أَفَضْتُ معه من عرفات حتي أتي جَمْعاً فأناخ نَجِيبَتَه، فجعلها قِبْلةً، فصلَّي المغرب و العشاء جميعاً ثم رقد، فقلنا لغلامه: إذا استيقظ فأَيْقِظْنَا، فأيقظَنا و نحن ارْتِهَاطٌ.
أي ذوو ارْتِهَاطٍ؛ و هو افتعال من الرَّهْط، أي مجتمعون رَهْطاً رَهْطاً، و الرَّهْطُ:
العصابة دون العَشرة، و يجمع علي أراهِط؛ و هو كالأباطيل في جمع باطل عند سيبويه: و قال غيره: يجمع رَهْط علي أَرْهُط؛ و أَنْشَد:
و فَاضِح مُفْتَضِحِ في أَرْهُطِه «1»
ثم أَرْهُط علي أَرَاهِط.

[رهب]*:

عوف بن مالك رضي اللّٰه عنه- لأنْ يَمْتَلِي‌ءَ ما بينَ عانَتِي إلي رَهَابَتِي قَيْحاً يتخَضْخَضُ مثلَ السِّقَاءِ أحبُّ إليّ من أن يمتلي‌ء شِعْراً.
الرَّهابة: غضروف كاللسان مُعَلّق بالقَصّ مُشْرِف علي البَطْن. يقال له رأسُ الكلب؛ سُميت بذلك إما لتحركها عند الرَّهْبَة، و إما لأنها مما يُرْهَبُ عليه لرقَّته و لطافته. و منه قيل للبعير المهزولِ و النَّصْلِ الرقيق: رَهْب، و رهَّبَتِ الناقة. و عن أبي زيد: رَهَّبَتْ ناقَتُه فقعد عليها يَحَائِيها «2».
رهوة في (زه). رهبانية في (زم). رَوَاهِشة في (غر). رَهْرَهة في (هو). رهو في (تق). تَرْتهش في (ظا). تَرَهْيَأ في (عن). الرهْمَسة في (رس). و رَهِيش الثري في (رب).
و رَهَبا نبتهم في (ثو). ارْهَكَ في (رك). الرهام في (صب).

الراء مع الياء

[رين]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
عن رافع بن خَدِيج رضي اللّٰه عنه قلت: يا رسول اللّٰه؛ إنّا نَلَقَي العدوَّ غداً و ليس معنا مُدًي؛ فقال: أَرِنْ و اعْجَلْ ما أَنْهر الدمَ و ذُكر اسمُ اللّٰه عليه فكُلوا، ما لم يكن سِنٌّ أو ظُفْر.
______________________________
(1) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 177، و بلا نسبة في تخليص الشواهد ص 297، و خزانة الأدب 1/ 469، و شرح شافية ابن الحاجب 2/ 205، و شرح شواهد الشافية ص 152، و شرح المفصل 5/ 73، و لسان العرب 7/ 305 (رهط).
(3) (*) [رهب]: و منه في حديث الرضاع الكبير: فبقيت سنة لا أُحدِّث بها رهْبَتَه. و الحديث: لا رهبانية في الإسلام. و الحديث: فرأيت السكاكين تدور بين رهابته و معدته. و في حديث بهز بن حكيم: إني لأسمع الراهبة. النهاية 2/ 280، 281.
(2) أي علفها و أحسن إليها حتي ثابت إليها نفسها.
(4) (*) [رين]: و منه في حديث عمر: قال عن أُسيفع جهينة: أصبح قد رِين به. و منه حديث علي: لتعلم أيُّنا المرين علي قلبه. و الحديث: إن الصُّيَّام يدخلون الجنة من باب الريان. النهاية 2/ 290، 291.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 71
كلُّ من عَلَاكَ و غلبك فقد رَانَ بك و رَان عليك، و رِين بفلان إذا ذهبَ به الموتُ. و أرانَ القومُ إذا رينَ بمواشيهم؛ أي هلكَتْ.
و معناه صاروا ذَوِي رَيْن في مالهم.
و منه قوله: أرِنْ؛ أي صِرْ ذا رَيْنٍ في ذَبيحتك.
و يجوز أن يكون أران تعديةً لِرَانَ بالهمزة، كما عُدِّيَت بالباء في ران به.
و المراد أَزْهِق نَفْسها بكل ما أَنْهَر الدم، أي أساله، غير السنّ و الظفْر.
و قيل: أرِنْ أمرٌ من أران إذا نَشِطَ و خفَّ، أي خفَّ في الذَّبْح.
و قيل: ارْنُ من الرنوّ؛ و هو إدامَةُ النظر، أي رَاعِه ببصرك لا يزلَّ عن المذبح.
و قيل أَرزّ، أي شدَّ يدَك علي المحزّ و اعتمد بها عليه، من أَرزّ الرجل إصبعه إذا أثاخها في الشي‌ء. و أرَزَّت الجرادةُ، غرزَتْ ذَنبها في الأرض لتبيض.
و لو قيل: أرنّ أي اذبحن بالإرَار و هو ظُرَرَة «1»، أي حجرٌ محدد يَؤُرّ بها الراعي ثَفْرَ الناقةِ إذا انقطع لبنها، أي يُدْمِيه، كانَ أيضاً وجهاً.

[ريف]*:

تُفْتَتَحُ الأريافُ فيَخْرجُ إليها الناسُ ثم يُبْعَثُون إلي أهليهم، إنكم بأرض جَرَدِيَّة.
الرِّيف: كل أرض فيها زَرْع و نخل و مال. ابن دريد: الريف: ما قارَب الماء من أرض العرب و من غيرها.
الجَردِيّة: منسوب إلي الجَرَد، و هي كلُّ أرضٍ لا نبتَ فيها و لا شجرَ.

[ريع]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أَمْلِكُوا «2» العجينَ فإنه أحدُ الرَّيْعَيْن.
الرَّيْعُ: فضلُ كلِّ شي‌ء علي أصلِه، نحو رَيْع الدقيق، و هو فضلُه علي كَيْل البُرّ، و رَيْع البَذْرِ فضْلُ ما يخرج من البِزْر علي أصْله، و رَيْع الدّرع: فضول كمّيها علي أطراف الأنامل.
و قال أبو زيد: راع البُرُّ يَرِيع رَيْعاً، و أراع القوم.
و يعني بالرَّيْعَينِ الزيادة عند الطَّحن أو الخَبْز و الزيادةُ عند العَجْن.
______________________________
(1) الظرر: الحجر المدور المحدد منه (القاموس المحيط: ظرر).
(3) (*) [ريف]: و منه حديث العرنيين: كنا أهل ضرع و لم نكن أهل ريف. النهاية 2/ 290.
(4) (*) [ريع]: و منه في حديث جرير: و ماؤنا يريع. و حديث هشام في صفة ناقة: إنها لمرياع مسياع. النهاية 2/ 290.
(2) الملك: إحكام العجن و إجادته.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 72‌

[ريش]*:

قدم عليه رضي اللّٰه عنه جرير بن عبد اللّٰه؛ فسأله عن سَعْد بن أبي وقَّاص، فأَثْني عليه خيراً. قال: فأَخْبِرْني عن الناس. قال: هم كسِهَامِ الجَعْبَة، منها القائم الرَّائش، و منها العَصِل الطَّائش، و ابن أبي وقّاص يغمِزُ عَصَلها، و يقيم مَيَلها، و اللّٰه أعلم بالسرائر.
القائم الرائش: أي المعتدل ذو الريش، و هو بمنزلة الماء الدافق و العِيشة الرَّاضِية.
العَصِل: المعوجّ.
الطَّائِش: الزَّالُّ عن الهَدَف.
عليّ عليه السلام- اشتري قميصاً بثلاثة دراهم و قال: الحمدُ للّٰه الذي هذا من رِيَاشه.
الرّيش: الكُسْوة التي يُتزيَّن بها، استُعير من ريش الطائر لأنه كُسوته و زينته، قال اللّٰه تعالي: لِبٰاساً يُوٰارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً [الأعراف: 26].
و الرياش يحتمل وجهين: أن يكون جمع رِيش، و أن يكون مفرداً مبنياً من لفظه علي فِعَال كِلبَاس.

[ريث]*:

أبو ذرّ رضي اللّٰه عنه- في حديث إسلامه قال [لي] أخي أُنيس: إن لي حاجة بمكة، فانْطلق فرَاثَ فقلت: ما حبَسك؟ قال: لقيت رجلًا علي دينك يزعم أنّ اللّٰه أرسله. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: ساحرٌ كاهنٌ شاعر.
و كان أُنيَسْ أحد الشعراء، فقال: و اللّٰه لقد وضعتُ قوله علي أَقْرَاءِ الشِّعْر فلا يلتئمُ علي لسانِ أحد. و لقد سمعتُ قولَ الكَهنَةِ فما هُوَ بقولهم. و اللّٰه إنه لصادِقٌ و إنهم لكاذبون.
فقلت: اكفني حتي أنظر. قال: نعم و كُنْ من أهلِ مكة علي حَذَر، فإنهم قد شَنِفُوا له و تجهّموا له.
فانطلقت فتضَعَّفْتُ رجلًا من أهلِ مكة فقلت: أين هذا الذي تَدْعُونَه الصابي‌ء؟ فمال عليَّ أهلُ الوادي بكل مدَرَة و عَظْم و حَجَر؛ فخررتُ مغشيًّا عليّ، فارتفعت حين ارتفعتُ، كأني نُصْبُ أحمر، فأتيتُ زمزَم فغسلتُ عني الدَّم، و شربت من مائها؛ ثم دخلت بين الكعبة و أستارِها، فلبثتُ بها ثلاثين من بين يوم و ليلة، و ما لي بها طعام إلا ماءُ زمزم، فسمنتُ حتي تكسَّرت عكن بَطْنِي، و ما وجدت علي كبدي سَخْفَةً [من] جوع.
فبينا أهل مكة في ليلة قَمْرَاء إضْحِيَان قد ضربَ اللّٰه علي أصْمِخَتِهم، فما تطوفُ بالبيت غيرُ امرأتين فاتَتَا عليّ، و هما تَدْعُوَان إسافاً و نائلًا، فقلت: أنكِحوا إحْدَاهما الأخري. فما
______________________________
(1) (*) [ريش]: و منه حديث عائشة تصف أباها: يفكُّ عانيها و يريش مملقها. و الحديث: إن رجلًا راشه اللّٰه مالًا. و حديث أبي جحيفة: أبري النبل و أُريشها. النهاية 2/ 288، 289.
(2) (*) [ريث]: و منه في حديث الاستسقاء: عجلًا غير رائث. و الحديث: وعد جبريل عليه السلام رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أن يأتيه فراث عليه. النهاية 2/ 287.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 73
ثناهما ذلك، فقلت- و ذكر كلاماً فاحشاً لم يكن عنه؛ فانطلقنا و هما تُوَلْوِلان و تقولان: لو كان هاهنا أحدٌ من أَنفارنا!
فاستقبلهما رسولُ اللّٰه و أبو بكر بالليل و هما هابِطَان من الجبل، فقال رسول اللّٰه: ما لكما؟ قالتا: الصابي‌ء بين الكعبة و أستارِها قال: فما قال لكما؟ قالتا: كلمة تملأُ الفم.
ثم ذكر خروجَه إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و تسليمه عليه، و أنه أوّلُ من حيَّاه بتحية الإسلام، و قال: فذهبت لأُقبِّل بين عينيه فقدَعَنِي عنه صاحبهُ.
الرَّيْثُ: الإبطاء، و رجل ريِّث. و عن الفرَّاء: فلان مُرَيَّثُ العينين إذا كان بطي‌ء النظر.
أَقْرَاء الشعر: أنحاؤه، و أنواعه، جمع قَرْو، يقال للبيتين أو للقصيدتين: هما علي قَرْوٍ واحد و قَرِيّ واحد، و جمع القَرِيّ أقْرِية. قال الكُمَيت:
و عنده للنَّدَي و الحَزْم أقْرِية و في الحروب إذا ما شاكتِ الأُهُب
و أصل القَرْو: القَصْد، من قَرَوْت الأرض، فسمّي به الطريق، كما سمي بنَحْوٍ من نحوت.
شَنِف و شَنِي‌ء أخوان، و لكن شَنِف لا يتعدي إلا باللام. قال رجل من طيي‌ء:
إذا لم يكن مال يُرَي شَنِفَتْ له صدورُ رجالٍ قد بَقَي لهم وَفْرُ
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 73
تجهَّمه: كلح في وجهه و غلَّظ له في القول، من قولهم: رجل جَهْم الوجه.
تضَّعفْته: بمعني استضعفته، كتعجلته و تقصَّيته و تثبَّتُّه، بمعني استفعلته.
النَّصْب و النُّصْب كالضَّعْف و الضُّعْف: حجرٌ كانوا ينصبونه فيعْبَد و تصبُّ عليه دماء الذبائح.
يقال: وجدت سَخْفَة من جوع، و هي الخِفّة تعترِي الإنسان إذا جَاعَ، من السُّخْف و هو الخِفّةُ في العَقْلِ و غيره.
القَمْرَاء للقمر كالضّحّ للشمس. و قوله: في ليلة قَمْراء فيه وجهان: الإضافة و الصفة، علي تقديرِ ذات قَمْرَاء، أو علي أنها تأنيث الأقمر و هو الأبيض.
يقال: ليلة ضَحْياء و إضْحِيان و إضْحيانة، و هي المُقْمِرة من أولها إلي آخرها، و إفعلان مما قلّ في كلامهم، و أورد منه سيبويه الإسْحِمَان و الإمِدَّان في الاسم، و الإضْحيان في الصفة، و قال: و هو قليل في الكلام لا نعلم إلا هذا.
الصِّمَاخ: الخرق الباطن الذي يفضي في الأذن إلي الرأس، و الصِّمْلَاخ بزيادة اللام:
وَسَخُها.
إِسَاف و نَائِل- و قيل نائلة: صنمان كانا لقريش يَنْحَرُون عندهما و يتمسَّحون بهما إذا
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 74
رَكِبُوا لأَسْفارهم و إذا قدموا قبل دخولهم علي أهاليهم تعظيماً. و
قيل: إن إسَافاً كان رجلًا و نائلًا امرأة، فدَخَلا البيتَ، فوجدَا خَلْوَةً ففَجَرا، فمسخهما اللّٰه حَجَريْن.
الأنفار: جمعَ نفَر و هم من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إلي العشرة، و النَّفْرَة مثله، يقال: جاءت نَفْرَةُ [بني] فلان و هو من النَّفير، لأنَّ الرجال هم الذين إذا حزَبَهم أمر نَفَرُوا لكِفَايَتِه.
القَدْع و الرَّدْع: أَخوَان.

[ريط]*:

حذيفة رضي اللّٰه عنه- أُتِيَ بكَفنِه رَيْطتين، فقال: الحيّ أحوجُ إلي الجديدِ من الميتِ، إني لا ألبثُ يسيراً حتي أُبَدَّلَ بهما خيراً منهما أو شرًّا منهما.
الرَّيْطَة: مُلَاءَة ليست بلِفْقَين كلها نَسْجُ واحد. و قيل: هي كل ثوب دَقِيق ليّن. و الجمع رَيْط و رِيَاط.

[رين]:

مجاهد رحمه اللّٰه- قال في قوله تعالي: وَ أَحٰاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ [البقرة: 81]: هو الرَّان.
الرَّان و الرَّيْن كالذَّام و الذَّيْم و الغار و الغير، من رانَ به الشرابُ إذا غلب علي عَقْله.
فالمعني تغطية الخطيئة علي قَلْبِه و ما يتخلَّله من ظلمتها.

[ريع]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- سئل عن الفي‌ء يذرع الصائم. فقال: هل راعَ منه شي‌ء؟ فقال السائلُ: لا أدري ما تقول؟ فقال: هل عادَ منه شي‌ء؟
راع و رجع: أخوان. قال:
طمعتُ بلَيْلَي أَنْ تَرِيعَ و إنَّمَا تُقَطِّعُ أعناقَ الرجالِ المَطَامِعُ
و منه تريَّع السراب، إذا جاء و ذهب.
و المعني: هل عاد منه شي‌ء إلي الجَوْف؟
مَرِيع في (دَك). الرَّيْطَة في (هض). لا يريبه في (حق). [رائث في (حي)]. رينَ في (سف). يَرِيش في (زف). مِرْياع في (هل). [راع في (ذر). بِريق سيف في (شت).
فما رَامُوا في (قح)].
[آخر كتاب الراء]
______________________________
(1) (*) [ريط]: و منه حديث أبي سعيد في ذكر الموت: و مع كل واحد منهم ريطة من رياط الجنة. و حديث ابن عمر: أُتي برائطة فتمندل بعد الطعام بها. النهاية 2/ 289.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 75‌

حرف الزّاي

الزاي مع الباء

[زبد]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أهْدَي إليه عِيَاض بن حِمَار قبل أن يُسْلِم، فردّه و قال: إِنَّا لا نَقْبل زَبْدَ المشركين.
سُئل عنه الحسنُ فقال رِفْدهم
، يقال: زَبَدته أَزْبِده و زبَّدْتُه إذا رفَدْتَه و وهبَت له. قال زهير:
أصحابُ زَبْدٍ و أَيامٍ و أَنْدِيَةٍ مَنْ حَارَبُوا أَعْذَبُوا عنهم بتَنْكِيلِ «1»
و هذا مما عرَضَ فيه العمومُ بعد الاختصاص، كاحْلَبَ.

[زبر]*:

خطب صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و ذكر أهلَ النارِ، فقال: ألَا و إنّ أهلَ النار خمسة: الضعيفُ الذي لا زَبْرَ له، الذين هم فيكم أتباع لا يبغون أهلًا و لا مالًا، و الشِّنْظِير الفحّاش. و ذكر سائرهم.
أي ليس له عَزْم يَزْبُرُه؛ أي ينهاه عن الإقدام علي ما لا ينبغي، أو تماسكٌ؛ من زَبْر البئر و هو طيُّها؛ لأنها تتماسكُ به.
قال أبو عَمْرو: الشَّنْظَرة: ضربُ أَعْراض القوم، و فلان يُشَنْظِر بالقوم مذ اليوم، و هو شِنْظِير و شِنْظِيرة، و في معناه شِنْذِير و شِنْذَارَة و شيذارة، و في شيذارة دليل علي أن النون في [شِنْذِير] و شِنْذَارة مزيدة، و يمكن أن يُتسَلّق بهذا إلي القضاءِ بزيادتها في الشِّنْظِيرة.

[زبي]*:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن مَزَابي القُبور.
و هي ما يُنْدَب به الميتُ و يُنَاحُ به عليه، من قولهم: ما زَبَاهم إلي هذا؟ أي ما دَعَاهم؟
______________________________
(1) البيت في ديوان زهير ص 311.
(2) (*) [زبر]: و منه الحديث: إذا رددت علي السائل ثلاثاً فلا عليك أن تزبره. و في حديث صفية بنت عبد المطلب: كيف وجدت زبراً؟ أقِطاً و تمراً أو مشمعلًا صقراً؟ النهاية 2/ 293.
(3) (*) [زبي]: و منه في حديث علي: أنه سئل عن زبية أصبح الناس يتدافعون فيها النهاية 2/ 295.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 76
و عن الأصمعي: سمعتُ نغمته و أُزْبِيَّه؛ أي صوته، و أُزْبِيّ القوس: صوتها و ترنّمها. و عن النضر: الأَزَابِيّ: الصخب، و لا واحد لها. و قد ظنَّها بعضُهُم مصحّفة عن مزابي القبور.

[زبر]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- دعا في مرضه بدواةٍ و مِزْبَر؛ فكتب اسمَ الخليفةِ بعده.
هو القلم. و أنشد الأصمعي:
قد قُضِيَ الأمرُ و جفَّ المِزْبَر
مِفْعل؛ من زَبَر الكتاب زَبْراً و زِبَارة، و هو إتقان الكتاب؛ و الزِّبْر بلسانِ اليمن:
الكتَاب.

[زبي]:

عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- لما حُصِر كان عليّ عليه السلام يومئذ غائباً في مالٍ له، فكتب إليه: أما بعد فقد بلغ السَّيْلُ الزُّبَي، و جاوز الحِزَام الطُّبييْن؛ فإذا أتاك كتابي هذا فأَقبل إليَّ عَليَّ، كنتَ أَوْلي.
فإن كنتُ مأكولًا فكُنْ خَيْرَ آكلٍ و إلّا فأَدْرِكْني و لَمَّا أُمَزَّقِ «1»
الزُّبْيَة حفرة تحفر للسُبع في علوّ من الأرض، و لا يبلغُه إلا السيلُ العظيم.
الطِّبي- بالضم و الكسر: واحد الأطباء، و هي للحافر و السباع كالأَخْلَاف للخفّ و الضُّروع للظِّلف، و يقال أيضاً: أطباء الناقة و اشتقاقه واضحٌ؛ من طَبَاه يَطْبِيه إذا دعاه؛ لأن اللبن يُطْبَي منه. ألا تري إلي قولهم: خِلْفٌ طَبِيٌّ؛ أي مُجِيب؛ و هو فعيل بمعني مفعول، كأنه يُدْعَي فيُجيب. و في الحديث: دَعْ داعِيَ اللبن.
و هما مثلان ضربهما لتفاقِم الخَطْب عليه، و البيت الذي تمثل به لشاعرٍ من عبد القيس لقّب بالممزّق بهذا البيت، و اسمه شَأْس بن نَهار، و مخاطبه فيه النعمان بن المنذر و قَبْلَه:
أ حقًّا أبيتَ اللعنَ أنّ ابنَ فَرْتَنَي «2» علي غير إجرامٍ بريقي مُشْرِقي
كعب بن مالك رضي اللّٰه عنه- جرت محاورةٌ بينه و بين عبد اللّٰه بن عمرو بن حَرَام. قال كعب: فقلت كلمة أُزْبِيه بذلك.
أي أشخصه و أُقلِقه؛ من أَزْبَي علي ظهره حِمْلًا ثقيلًا، إذا حمله؛ لأن الشي‌ء إذا حُمل أُزعج و أُزِيلَ عن مكانه. و يمكِّنهُ قولهم: احتُمل فلانٌ إذا استخفّه الغضب. و قيل: هو
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو للممزق العبدي في الاشتقاق ص 330، و الأصمعيات ص 166، و جمهرة اللغة ص 823، و خزانة الأدب 7/ 280، و شرح شواهد المغني 2/ 680، و الشعر و الشعراء 1/ 407، و لسان العرب 10/ 343 (مزق)، 11/ 21 (أكل)، و المقاصد النحوية 4/ 590، و بلا نسبة في رصف المباني ص 281، و شرح الأشموني 3/ 575، و مغني اللبيب.
(2) ابن فرتني: اللئيم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 77
مقلوب أَبْزيه؛ من أَبْزَيتُ الرجلَ، و بَزَوْته إذا قَهَرْته.

[زبع]:

عمرو رضي اللّٰه عنه- عزله معاوية عن مِصْر؛ فضرب فُسْطاطَه قريباً من فُسْطاط معاوية و جعل يَتَزَبَّعُ لمعاوية.
التَّزَبُّع سوء الخلق، و قلة الاستقامة؛ من الزَّوْبَعَةِ و هي الإعْصَار.

[زبن]*:

في الحديث: لا يقبلُ اللّٰه صلاةَ الآبقِ و لا صلاةَ الزِّبِّين.
بوزن السِّجيل، و هو الذي يدافع الأخبثين؛ مِنَ الزَّبْن و هو الدفع- قاله ابن الأعرابي.
المزابنة في (حق). زَرِيبة في (ضل). زَبْراً في (شع). زبنته في (عص). ازبأَرت في (سب). زَبّاء في (عض). ازبر و نُزْبرَة في (صد). زبيبتان في (شج).

الزاي مع الجيم

[زجل]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أَخَذَ الحَرْبَةَ لأُبَيّ بن خَلَف، فزَجَله بها، فتقعُ في تَرْقُوَته تحت تَسْبِغَة البيضة فوق الدِّرْعِ، فلم يخرج كثير دَم، و احتقن في جوفه.
زَجَله بالحربة و نَجَله أخوان: إذا زَجَّه بها. فتَقَع: حكايةَ حالٍ ماضية.
التَّسبِغَة: رَفْرَف البَيْضَة، و هو زَرَد يُوصَل بها ليستر العُنُق، سمي بمصدر سَبَّغ.
و يقال له السابغ أيضاً. قال مُزَرِّد:
و تَسْبِغَةٍ في تَرْكَةٍ حِمْيَريّة دُلامِصَة ترفضُّ عنها الجَنَادِلُ «1»

الزاي مع الحاء

[زحزح]*:

الحسن بن عليٍّ عليهما السلام- كان إذا فرغ من الفَجْر لم يتكلم حتي تطلعَ الشمسُ و إن زُحْزِح.
زحَّه و زَحْزَحه و حَزْحَزه: إذا نحّاه.
و المعني: و إن أريد تَنْحِيته عن ذلك باستنطاقٍ في بعض ما يهمّ.
______________________________
(2) (*) [زبن]: و منه الحديث: أنه نهي عن المزابنة و المحاقلة. النهاية 2/ 294.
(3) (*) [زجل]: و منه حديث عبد اللّٰه بن سلام: فأخذ بيدي فزجل بي. و في حديث الملائكة: لهم زجل بالتسبيح. النهاية 2/ 297.
(1) البيت في أساس البلاغة (سبغ).
(4) (*) [زحزح]: و منه الحديث: من صام يوماً في سبيل اللّٰه زحزحه اللّٰه عن النار سبعين خريفاً. النهاية 2/ 297.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 78‌

[زحل]*:

الأشعري- أتاه عبدُ اللّٰه بن مسعود رضي اللّٰه عنهما يتحدَّث عنده، فلما أُقيمت الصلاة زَحَل و قال: ما كنتُ أتقدَّمُ رَجُلًا من أهل بَدْر.
زَحَل و زَحك أخوان: إذا تباعد و تنحَّي. و ما لي عنه مَزْحَل و لا مَزْحَك.
و المعني أنه قدَّم عبد اللّٰه و تأخّر.
تزحزَحْتُ في (رح).

الزاي مع الخاء

[زخرف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال لعيَّاش بن أبي ربيعة حين بعثه إلي بني عبدِ كُلَال: خذ كتابي بيمينك، و ادْفَعْه بيمينك في أيمانهم فهم قائلون لك: اقرأ فاقرأ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ وَ الْمُشْرِكِينَ [البينة: 1]. فإذا فرغتَ منها فقل: آمن محمد و أنا أوَّلُ المؤمنين؛ فلن تأتيَك حجة إلا دَحَضَتْ، و لا كتاب زُخْرِفَ إلا ذَهَب نوره و مَخَ لونهُ. و هم قارئون؛ فإذا رَطَنوا فقل: ترجموا؛ فإذا تَرْجَموا فقل: حسنٌ، آمنتُ باللّٰه و ما أنزلَ من كتاب، فإذا أسلموا فسَلْهم قُضْبَهم الثلاثةَ التي إذا تخصَّرُوا بها سُجِد لهم، و هي الأثل، قضيب ملمّع ببياض، و قَضِيب ذو عُجَرٍ كأنه من خَيْزران، و الأَسْوَدُ البهيمُ كأنه من سَاسَمٍ. ثم اخرج بها فحرِّقها في سُوقهم.
أي كتاب تَمْويه و تَرْقِيش، من قوله تعالي: زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام: 112].
و أصله الزِّينة، فاستعير لما يُزيِّن من القول، و من ثم قيل للنمام: وَاشٍ.
في حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنه لم يدخل الكعبة يوم الفَتْح حتي بالزُّخْرُف فمحِيَ، و أمر بالأصنام فكُسِرت.
أراد النقوش و التصاوير.
و المراد كِتابٌ من كتب اللّٰه حَرَّفوه. و كان هؤلاء ممن دخله دينُ يهود.
أبو زيد: مَحَّ الكتابُ محوحاً إذا اندرس. و قال غيره: أمحَّ، و يقال: محَّ الثوبُ و أمحَّ: بَلِيَ. و أنشد الأصمعي:
ألا يا قَتْلَ قَدْ خَلُقَ الجديدُ و حُبُّكِ ما يُمِحُّ و ما يَبِيدُ «1»
______________________________
(2) (*) [زحل]: و منه الحديث: غزونا مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فكان رجل من المشركين يدقُّنا و يزحِّلنا من ورائنا.
و منه حديث الخدري: فلما رأه زحل له و هو جالس إلي جنب الحسين. و حديث ابن المسيب: قال لقتادة: ازحل عني فقد نزحتني. النهاية 2/ 298.
(3) (*) [زخرف]: و منه الحديث: نهي أن تزخرف المساجد. و حديث صفة الجنة: لتزخرفت له ما بين خوافق السموات و الأرض. النهاية 2/ 299.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (مح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 79
رطنَ له و رَاطَنه: كلَّمه بالأعجمية، و تَرَاطَنوا. و يقولون: ما رَطانتك و رِطانتك و رُطَّيْنَاكَ و رُطَيْناك؟ أي ما الذي ترطُن به؟
التخصّر: إمساك المِخْصَرَة، و هي قَضِيبٌ يكونُ في يَدِ الملك و الخطيب. و أنشد أبو عمرو:
خذها أبا عبد المليك بحقِّها و ارفع يمينَك بالعصا و تخصَّر «1»
الأثْلُ: شجرٌ يشبه الطَّرْفاء، إلا أنه أعظم منه و أجود عوداً، و منه تُصْنَع الأقداح الجِياد.
كل ذي لونين من ثوبٍ أو غيره فهو مُلَمّع، و منه الفرس الملمَّع؛ و هو الذي فيه سواد و بياض.
العُجَر: العُقَد، و الأعجر؛ كل شي‌ء فيه عُقَد، و منه قول الحطيئة للضيف:
عَجْرَاء مِنْ سَلَمٍ «2»
البَهيم: المُصْمَت الذي لا يخالِطُ لونَه لونٌ آخر.
الخيزران جرٌ عَبِق يتثنّي. و قيل: هو كلُّ عود متثنّ، و منه الخَيْزَرَي، و هي مِشيَةٌ فيها تثنّ.
السَّاسَم: الآبَنُوس. يريد أن القُضب الثلاثة من هذه الشجر الثلاث: الأثل و الخَيْزُرَان و الآبَنُوس.

[زخخ]*:

عليّ عليه السلام- كان من مَزْحه أن يقول:
أَفْلَحَ مَنْ كانت له مَزَخَّه يَزُخها ثمَّ ينامُ الفَخَّه «3»
المَزَخَّة: المرأة، لأنها موضعُ الزَّخّ، و هو النكاح؛ يقال: بات يَزُخُّها و يزخزخها؛ و أصله الدَّفْع؛ يقال: زُخَّ في قفاه حتي أخرج من الباب.
الفَخّة: من فَخ النائم فَخِيخاً و هو غَطِيطه. و قيل: هي نومة الغَدَاة. و قيل: نومةٌ بعد تَعَب.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (خصر).
(2) تمامه:
عَبِّي الحطيئة للضيفان مأدبة ناهيك مأدبة عجراء من سلم
(4) (*) [زخخ]: و منه الحديث: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من تخلف عنها زُخَّ به في النار. النهاية 2/ 298.
(3) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (زخ)، و أساس البلاغة (زخ)، و رواية أساس البلاغة:
طوبي لمن كانت له مِزَخَّه
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 80
بعث إلي عثمانَ رضي اللّٰه عنهما بصحيفة فيها: لا تأخذَنَّ من الزُّخَّةِ و النُّخَّةِ.
الزّخَّة: أولاد الغنم؛ لأنها تُزَخُّ؛ أي تُساق و تُدْفَعُ مِنْ ورائها.
و النُّخَّة: أولاد الإبل، و قيل: البقر العوامل؛ من النَّخِّ و هو السَّوْق، قال:
لا تَضْرِبا ضَرْباً و نُخّا نَخَّا لم يَدَعِ النخُّ لهنَّ مُخّا «1»
و هما في كونهما فُعْلة بمعني مفعول، كالقُبْضَة و الغُرْفة.
زُخْزبّا في (فر).

الزاي مع الراء

[زرم]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- بالَ عليه الحسنُ عليه السلام؛ فأُخِذ من حِجْره فقال: لا تُزْرِمُوا ابْنِي، ثم دعا بماءٍ فصبَّه عليه.
أي لا تَقْطَعُوا بَوْله، يقال: أزْرَم بَوْلَه فزرِم، و منه قيل للبخيل: زَرِمٌ. و عن قطرب:
ازْرَأَمَّ الشاعرُ: إذا ذهب شِعْرُه و انقطع.
بولُ الغلام و الجارية يُغسل عند أبي حنيفة و أصحابِه، و مذهبُ الشافعي مثل مذهبهم في بول الجارية. و قال في الغلام: يجزي‌ء رشُّ الماء علي بوله ما لم يَطْعَم، و احتج
بقوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: يُنْضَح بَوْلُ الغلام و يُغْسَلُ بَولُ الجارية
، و حملَ أصحابنا النَّضْح علي الصبِّ، و بالصبّ يَطْهُر عندهم.

[زرنق]:

عليّ عليه السلام- لا أدعُ الحجَّ و لو أَنْ أتَزَرْنَق- و روي: و لو تَزَرْنَقْتُ.
الزَّرْنَقَة العِيْنَة، و هي أَنْ يبيعَ الرجلُ شيئاً بأكثر من ثمنه سلفاً.
و
في حديث عائشة رضي اللّٰه عنها: إنها كانت تأخذ الزَّرْنَقَة.
و
عن عبد اللّٰه بن المبارك رحمه اللّٰه تعالي: لا بأسَ بالزَّرْنَقة
، و تَزَرْنق الرجل إذا تَعَيَّن.
و معناها الإخفاء؛ لأن المسلفَ يَدُسُّ الزيادة، تحتَ البيع و يخفيها من قولهم: تزَرْنقَ في الثياب، إذا لَبِسها و استتر فيها و زَرْنَقَها غيره. و لا يبعد أن تزعم أن النون مزيدة، و أنها من قولهم: انزرق في الجُحْر بمعني انْزَبق: إذا دخله و كمن فيه، و أصله زَرَقه بالرمح فانْزَرق فيه الرُّمْح، إذا نفد فيه و دخل. و لا بد من إضمارِ الفعل قبل أنْ؛ لأن لو مما يطلب الفعل.
و قيل: معناه: و لو أن أستقي و أحجّ بأجرة الاستقاء، من الزُّرْنُوقَيْنٍ «2» و هما منارتان تبنيان
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (نخخ)، و رواية اللسان «ما ترك» بدل «لم يدع».
(3) (*) [زرم]: و منه حديث الأعرابي الذي بال في المسجد: لا تزرموه. النهاية 2/ 301.
(2) الزرنوق: آلة معروفة من الآلات الي يستقي بها من الآبار (القاموس المحيط: زرنق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 81
علي رأس البئر، و عودان تُنْصَبَ عليهما البكرة، و يقال لهما القَرَنان، و المُزرْنِق الذي ينصبهما.

[زرر]*:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه تعالي عنه- قال في عليٍّ عليه السلام: زِرُّ الدِّين.
أي قِوامه؛ من قولهم للعُظَيْم الذي تحت القَلْب: زِرّ لأنه يشدُّه و يقيمُه، و لمن يحسنُ رِعية الإبلِ: إنه لزِرّ من أزرارها، و لحدَّيِ السيف زرَّاه، و للذي يدخل فيه رأس عمود وسط البيت: زِرّ. و مأخذُ كل ذلك من زِرّ القميص لأنه آلةُ الشدّ.

[زرمق]:

ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إن موسي عليه السلام أتي فرعون و عليه زُرْمَانِقَة.
هي جُبّة الصوف- كلمة أعجمية.

[زرب]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- ويْلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب! ويل الزِّرْبِيَّة! قيل: و ما الزِّربيَّة؟ قال: الذين يدخلون علي الأُمَراء، فإذا قالوا شرًّا، أو قالوا شيئاً قالوا:
صَدَقْتَ.
شبّهم في تلوّنهم بالزِّرْبِيّة واحدة الزِّرَابي و هي القطُوع الحَيْرية و ما كان علي صَنْعَتها.
و عن المُورّج أنها في الأصل ألوانُ النبات إذا اصفرّتْ و احمرّت، و قد ازْرَابَّ النَّبتُ؛ فسمِّيت بها البسط تشبيهاً، و فيها لغتان: كسر الزاي و ضمها. و عن قطرب: الزِّربيّ مكسوراً بلا تاءِ.
أو شبَّههم بالمنسوبة إلي الزِّرْبِ؛ و هي الغنَم في أنهم ينقادون للأمراء و يمضون علي مشيئتهم فِعْلَ الغنم في انقيادها لراعيها و استيساقها له. و في الزّرب لغتان: الفتح و الكسر.

[زرر]:

الدؤليّ رحمه اللّٰه تعالي- لقيَ ابنَ صديقٍ له، فقال له: ما فعل أبوك؟ قال:
أخذتهُ الحمَّي ففضخته فَضْخاً، و طبَخَتْه طَبْخاً، و تركته فَرْخاً. قال: فما فعلت امرأتُه التي كانت تُزَارّه و تُمَارّه و تشارّه و تهارّه؟ قال: طلقها، فتزوَّج غيرَها، فحظِيت عنده و رَضِيت و بَظِيت. قال أبو الأسود: فما معني بَظِيت؟ قال: حرفٌ من اللغة لم تَدْرِ من أي بَيْضٍ خرج، و لا في أي عُشٍّ دَرَج! قال: يا ابنَ أخِي لا خيرَ فيما لم أَدْرِ!
المُزارَّة: من الزّرّ، و هو العضّ، و حمار مِزَرَّ.
و المُمَارَّة: أن تلتويَ عليه و تخالفه، من أَمَرّ الحبلَ إذا شدَّ فتلَه.
و المُهَارَّة: أن تهرُّ في وجهه.
يمكن أن يُقَال في بَظِيت: إنه وصف لها بحُسْنِ الحال في بَدَنِها و نِعْمَتها، من قولهم:
______________________________
(1) (*) [زرر]: و منه صفة خاتم النبوة: إنه مثل زِرّ الحجلة. النهاية 2/ 300.
(2) (*) [زرب]: و منه في حديث بني العنبر: فأخذوا زريبة أمي فأمر بها فردت. النهاية 2/ 300.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 82
لحمه خَظٍ بَظٍ، لغة في خَظاً بَظاً، كما قالوا: دَوٍ و دَوًي، و أرض عَذِيَةٌ و عَذَاة «1»، و إن كان الأكثرُ فيه أن يُسْتَعمل علي سبيل الاتباع؛ فقد حكي الأصمعيّ عن قوم من العرب إفراده و أنهم يقولون: إنه لبظا.

[زرنق]:

عكرمة رحمه اللّٰه تعالي- قيل له: الجُنُب يغتمس في الزُّرْنُوق؛ أ يُجْزئه من غُسْلِ الجَنَابة؟ قال: نعم.
هو النهر الصغير- عن شَمر. و كأنه أراد جدول الساني، سُمِّي بالزُّرْنوق الذي هو القَرْن؛ لأنه من سببه لكونه آلة الاستسقاء.

[زرف]:

في الحديث- كان الكَلْبِيّ يُزَرِّفُ في الحديث.
قال الأصمعي: سمعتُ قرَّة بن خالد السدوسي يقول: كان الكَلْبيّ يُزَرِّف في الحديث.
فقلت له: ما التزريف؟ قال: الكذب.
يقال: زَرّف في الحديث إذا زاد فيه و زَلَّفَ مثله، و إذا ذرع الرجل ثوباً فزاد قالوا: قد زَرَّفْتَ و زَلَّفْتَ؛ و زَرَّفَ علي الخمسين، إذا أربي عليها، و منه الزّرافة.
زريبته في (ضل). زرنب في (غث). الزَّرب في (هن). الزرافات في (ين).

الزاي مع العين

[زعفر]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي أن يَتَزَعْفَر الرجل.
و هو التطلّي بالزّعفران، و التطيّب به، و لُبْس المصبوغ به، و زَعْفَر ثوبَه، و منه قيل للأَسد: المُزَعْفَر، لضَرْبِ وَرْدَتِه إلي الصُّفْرة.

[زعب]*:

قال عمرو بن العاص رضي اللّٰه عنه: أرسل إليّ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أن اجمع عليك ثيابَك و سِلَاحَك، ثم ائتني؛ فأتيتُه و هو يتوضَّأ فقال: يا عَمْرو؛ إني أرسلتُ إليك لأبعثَك في وَجْهٍ يُسَلّمُك و يُغَنّمك؛ و أَزْعَبُ لك زَعْبة من المال. فقال: يا رسول اللّٰه؛ ما كانت هِجْرَتِي للمال، و ما كانت إلا للّٰه و لرسوله. فقال: نعمَّا بالمال الصالح للرجل الصالح.
الزَّعْبُ و الزَّأْبُ و الزَّهْبُ أخوات؛ معناها الدَّفع و القَسْم، و منه تَزَعَّبُوا المال، و تَزَهَّبُوه و تأزّبوه علي القلب إذا توزَّعوه، و الزَّعْبة بناءُ المَرة، و يقال للمدفوع: الزَّعْبة و الزّهبة أيضاً و الزَّعْب و الزَّهبُ.
______________________________
(1) الأرض العذاة: التي لم يكن فيها حمض و لم تكن قريبة من بلاده.
(2) (*) [زعب]: و منه حديث أبي الهيثم: فلم يلبث أن جاء بقربة يزعبها. و في حديث سحر النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه كان تحت زعوبة أو زعوفة. النهاية 2/ 302.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 83
ما؛ في نعما غير موصولة و لا موصوفة، كأنه قيل: نعم شيئاً، و في نعم هاهنا لغتان:
فَتْح النون و كسرها، و العين مكسورة ليس إلّا؛ لئلَّا يلتقي ساكنان، و الباء مزيدة مثلها في كَفيٰ بِاللّٰهِ*.

[زعم]*:

ذكر أيُّوب عليه السلام- فقال: كان إذا مرَّ برجلين يَتَزَاعمان فيذكران اللَّهَ رجع إلي بيته فيكفِّر عنهما.
أي يتحدَّثانِ بالزَّعمات، و هي ما لا يُوثقُ به من الأحاديث. و منه قولهم: زَعَمُوا مطيةُ الكذب.
و قال أبو زيد: رجل مزاعم لمن لا يُوثَق به، من الشاةِ الزَّعُوم؛ و هي التي يجهل سمنها.
فيذكران اللّٰه؛ أي علي وجه الاستغفار، و هي صفة المُؤْمن إِذا فَرّط. قال اللّٰه تعالي:
وَ الَّذِينَ إِذٰا فَعَلُوا فٰاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّٰهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ [آل عمران: 135].

[زعنف]:

عَمْرو بن ميمون رحمه اللّٰه تعالي- إِيَّاكم و هذه الزَّعَانيف الذين رَغِبوا عن الناس و فارَقوا الجماعة.
قال المُبَرّد: الزَّعَانف: أصلها أجنحة السَّمَك، فقيل للأدعياء: زعانف؛ لأنهم التصقوا بالصميم، كما التصقت تلك الأجنحةُ بعَظم السمك. و أنشد لأوْسِ بن حَجَر:
فما زال يَفْرِي البيدَ حتي كأَنما قَوَائِمُه من جانِبَيْه الزَّعَانِفُ «1»
و الواحدة زِعْنِفة، و الياء في الزعانيف إشباع كسرة، و أكثر ما يجي‌ء في الشعر.
يَزْعَبُها في (عذ). زعيم في (ذم).

الزاي مع الغين

حُمَة زُغر في (زو).

الزاي مع الفاء

[زفف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- صنع طعاماً في تزويج فاطمة عليها السلام، و قال لبلال:
أَدْخِلِ الناسَ عليَّ زُفَّةً زُفَّةً.
______________________________
(2) (*) [زعم]: و منه الحديث: الزعيم غارم. و الحديث: بئس مطية الرجل زعَموا. و في حديث المغيرة: زعيم الأنفاس. النهاية 2/ 303.
(1) البيت في لسان العرب (زعف).
(3) (*) [زفف]: و منه الحديث: إذا ولدت الجارية بعث اللّٰه إليها ملكاً يزفُّ البركة زفّاً. النهاية 2/ 305.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 84
أي زُمرة بعد زُمْرةٍ، سمِّيت لزفيفها، و هو إقبالها في سرعة.

[زفن]*:

ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- إن اللّٰه أنزل الحق ليُذْهِبَ به الباطلَ، و يُبْطل به اللعب و الزَّفْن و الزّمارات و المَزَاهِر و الكِنّارات.
الزَّفْن: الرَّقص، و أصله الدَّفع الشديد، و الرّكل بالرجل، يقال: زَبَنَه و زَفَنه، و ناقة زَبُون و زَفُون، إذ دفعت حالِبَها برِجْلها- عن النضر.
و
في حديث عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: قدم وفدُ الحبشة فجعلوا يَزْفُنُون و يَلْعبون، و النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قائمٌ ينظر إليهم، فقمتُ أنا مستترةً خَلْفَه، فنظرتُ حتي أعييتُ، ثم قعدتُ، ثم قمتُ فنظرتُ حتي أعييتُ، ثم قعدتُ، و رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قائمٌ ينظرُ فاقْدُروا قَدْرَ الجاريةِ الحديثة السنّ المشتهية للنظر.
أي قِيسوا قياسَ أمرها، و أنها مع حداثتها و شهوتها للنَّظرِ كيف مسَّها اللغوبُ و الإعياء؛ و رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قائمٌ ينظرُ لم يمّسه شي‌ء من ذلك.
الزَّمَّارَة ما يُزَمَّرُ به كالصَّفارة لما يُصْفَر به، و القَدّاحة لما يُقْدَح به.
المِزْهَر: المعزف من الازدهار و هو الجَذَل، يقال للجذلان: مُزْدَهِر و مَزْدحِر؛ لأنه آلة الطرب و الفرح، و الازدهار: افتعال من الزّهرة، و هي الحُسْنُ و البَهْجَة؛ لأن الجَذْلان مُتَهلّل الوجه مُشْرِقُه.
الكِنَّارة: العودة و قيل. الطّنبور، و قيل: الدُّف، و قيل: الطبل و هي في حسبان أبي سَعِيد الضَّرير. الكِبارات: جمع كِبار جمع كَبر، كجَمل و جِمال و جِمالات، و هو الطَّبل.
و قيل: هو الطَّبلُ الذي له وَجْهٌ واحد.
و يجوزُ أن يكونَ الكِنّارة من الكَرَان علي القلب و هو العود، و الكَرِينة: المغنّية.

[زفل]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- بلغها أن أُناساً يتناولونَ من أبيها، فأرسلت إلي أُزْفَلَةٍ منهم، فلما حضرُوا قالت: أبي و اللّٰه لا تَعْطُوه الأيْدي، ذاك طَوْدٌ منيف، و ظِلٌّ مَدِيد.
نجحَ إذْ أَكْدَيتم، و سبَقَ إذْ وَنَيْتُم، سبْقَ الجوادِ إذا استولَي علي الأَمَد، فتي قريش ناشئاً، و كَهْفها كَهْلًا، يفكُّ عانِيَها، و يَرِيش مُمْلِقَها، و يَرْأَبُ شَعْبها، حتي حَلِيَتْه قلوبها، ثم اسْتَشْرَي في دِينه؛ فما بَرِحَتْ شكيمتُه في ذاتِ اللّٰه حتي اتَّخَذ بفِنَائه مسجداً يُحْيي فيه ما أماتَ المُبْطِلون؛ و كان وَقِيذَ الجوانح، غَزِيرَ الدَّمعة، شَجِيَّ النَّشِيج؛ فانْصَفَقَتْ إليه نِسْوَانُ مكة- و روي: فأَصْفَقَتْ- و وِلْدَانها يَسْخَرُون منه و يستهزئونَ. ف اللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيٰانِهِمْ يَعْمَهُونَ. و أكبرَتْ ذلك رِجالاتُ قُريش فحنَتْ له قِسِيَّها؛ و امْتَثَلُوه غَرَضاً؛ فما فَلُّوا له صَفَاةً، و لا قَصَمُوا له قَناةً- و روي: و لا قَصَفُوا- حتي ضربَ الحقُّ بجَرانِه، و أَلْقي بَرْكَه
______________________________
(1) (*) [زفن]: و منه في حديث فاطمة: أنها كانت تزفن للحسن. النهاية 2/ 305.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 85
و رَسَتْ أوتادُه، و دخل الناسُ فيه أَرْسَالًا. فلما قَبضَ اللّٰه نبيَّه ضرب الشيطانُ رَوْقَه، و مدَّ طُنُبه، و نصبَ حَبَائلَه، و أجب بخَيْلِه و رَجْله؛ و ظنَّتْ رجال أنْ قد أَكْثَبَتْ نُهَزُها، و لَاتَ حينَ الذي يَرْجُونَ و أَنَّي و الصِّدِّيق بين أظهرهم، فقام حاسراً مُشَمِّراً، قد جمع حاشِيَتَيْه و ضَمّ قُطْرَيه، فردَّ نَشَر الإسلام علي غِرِّه، و أقام أوَدَه بثِقَافه؛ فابذعَرَّ النِّفَاقُ بوَطْأَته، و انْتَاشَ الدِّينُ بنَعْشِه، حتي أرَاحَ الحقَّ علي أهْلِه، و قرَّرَ الرؤوسَ علي كواهلها، و حقَن الدِّمَاء في أهُبِها، ثم أتته منيَّته فسدّ ثُلْمَتَه بنظيره في المَرْحَمَة، و شَقِيقه في المَعْدلَة. ذاك ابنُ الخطَّاب، للّٰه أمٌّ حفَلَتْ له و دَرَّتْ عليه! لقد أَوْحَدتْ به ففنَّخَ الكَفَرة و دَيَّخها، و شرَّد الشِّرْكَ شَذَر مَذَر، و بعَجَ الأرْضَ و بَخَعها؛ فقاءَتْ أُكْلَها، و لفظَت خَبِيئها، تَرْأُمُه و يَأْباها، و تريدهُ و يَصْدف عنها؛ ثم وزّع فيها فَيْئَها، ثم تركها كما صحبها. فأروني ما ترتأون، و أيّ يومي أبي تَنْقِمون؟ أ يوم إقامِته إذ عَدَل فيكم أم يَوم ظعْنه فقد نظر لكم؟ أقول قولي هذا و أستغفِر اللّٰه لي و لكم.
الأَزْفَلَة و الأَجْفَلَة و الأَزْفَلَي و الأَجْفَلي: الجماعة، يقال: جاءوا أَزْفَلة و أَجْفَلة، و بأَزْفَلَتهم و أَجْفَلتهم. قال الشماخ يصف إبلًا:
يَهْوِيَن أزْفَلةً شَتّي و هنّ معاً كفِتْيةٍ لرهانٍ إذ نجوا غِيد «1»
العَطْو: التناول.
الطوْد: الجبل الشاهق. من قولهم: بناء مُنْطَاد، و هو الذاهبُ في السماءِ صُعداً. و قد طَوَّده تطويداً.
يقال: نجَح فلان، و نَجَحَتْ طلبته، و أنجحه اللّٰه، و أنجَحَ طلبته، ذكر الطلبة و لكنهم يختصرون. و أنجح الرجل إذا نجحت طلبته كما تقول: أقطفَ إذا قَطَفت «2» دابته.
الإكداء: الخيبة. و أصله بلوغ الحافر الكُدْية «3»، و مثله الإجبال.
المُمْلِق: الفقير، سُمِّيَ لتجرّده من المال، من الْمَلَقَة و هي الصخرةُ الملساء أو لِمَلَقِه لأهل اليَسَار، كما قيل: مِسْكين لسُكونه إليهم.
و رَيْشُه: تعهّده، تشبيهاً لذلك بِريش السَّهم.
الشَّعْبُ: الصَّدْع، و هو من الأضداد.
استشري: لجّ و تمادي. يقال: استشري الفرَسُ في عَدْوِه و البرقُ في لَمعانه و شَرِيَ مثله.
______________________________
(1) البيت في ديوان الشماخ ص 22، و رواية عجزه في الديوان:
بفتية كالنشاوَي أدلجوا غيد
(2) قطفت الدابة: أساءت السير و أبطأت (لسان العرب: قطف).
(3) أكدي: إذا بلغ الكدية، و هي قطعة غليظة صلبة، و أصله من حافر البئر ينتهي إلي كدية فلا يمكنه الحفر فيتركه (لسان العرب: كدي).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 86
شَكِيمته: أي جدّه و تصلّبه، و الشكيمة في الأصل: حديدةُ اللِّجام المعترضَةُ في الفم التي عليها الفأس، و هي التي تمنعُ الفرسَ من جِمَاحه، فشُبّه بها أنَفةُ الرجل و تصلّبه في الأمور و ما يمنعه من الهوادة و ترك الجدّ و الانكماش؛ فقالوا: فلان شديدُ الشكيمة؛ لأنه إذا اشتدت تلك الحديدةُ كانت عن الجِماح أمنع، و اشتقّوا منها قولهم في صفة الأسد: شَكِم، و شَكَمْتُ فلاناً: إذا ألجمته بعَطَاء.
وَقِيذ الجوانح: أي وقذ، خوّف اللّٰه قلبه.
النَّشِيج: أن يغصَّ بالبكاء مع صَوْتٍ، و منه نشيجُ الطَّعْنَة عند خروج الدم و القِدْرِ عند الغَليان. و سميت مجاري الماء أَنْشَاجاً «1» لِقَسيب الماءِ «2».
و الشَّجَا: ما نشب في الحَلْق من غصة هَمّ.
و المعني أنه كان شجياً في نشيجه، و نحو هذه الإضافة قولهم: ثابت الغَدر.
انْصَفَق: مطاوع صَفَقَه إذا ضربه و صَرَفه. قال رُؤْبة:
فما اشْتَلَاهَا صَفْقُهُ للمنصَفِقْ «3»
يعني صرفهم إليه صارفُ التلهّي و السُّخْرية فسارعوا إليه.
و أَصْفَق؛ من أصفق القوم علي كذا إذا أجمعوا عليه، أُخِذ من الصَّفْقَة في المبايعة، كأنهم تبايعوا علي ذلك، يعني مَضَوْا إليه بأجمعهم.
امْتَثَلُوه غَرَضاً؛ أي نصبوه؛ من الماثِل و هو المُنْتَصب.
القَصْمُ و القَصْفُ: الكَسر.
الضرْبُ بالجِرَان: الثبات و الإقامة، مستعارٌ من بُرُوكِ البعير.
الرَّوْق: الرِّوَاق، و هو ما بين يدي البيت. قال ذو الرمة:
لكلتيهما رَوْقٌ إلي جَنْب مِخْدَعِ «4»
______________________________
(1) النشيح محركة: مجري الماء، القاموس المحيط (نشيج).
(2) القسيب: صوت الماء.
(3) بعده:
حتي تردَّي أربعاً في المُنْعَفَق
و الرجز في لسان العرب (صفق)، و أراجيز العرب ص 37، و روايته في لسان العرب «المنصعق» بدل «المنصفق».
(4) صدره:
بثنتين إن تضرب ذهِي تنصرف ذهي
و البيت في لسان العرب (روق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 87
الإكْثَابُ: القُرْب، و أصله في الصيد إذا أمكن من كاثبه.
النُّهَز: الفُرَص.
القُطْرُ و الحاشِية: الجانب. و ضَمّ القطرين عبارةٌ عن التحزّم و التشمر لتَلَافِي الأمر.
غَرُّ الثوب: مَطْوَاه، و في كلام رؤبة: اطوه علي غُروره. يُريد أنه رَد ما انتشرَ من الإسلام إلي حاله.
ابذَعَرَّ: تفرَّق.
الانْتِياش: الاستِنْقَاذ، و هو افتعال من النَّوْش، و معناه أن يتناوله و يَنْتَزِعه من الهلكة.
و يصدق ذلك قوله:
باتَتْ تَنُوشُ العَنَق انْتِيَاشا «1»
النَّعْش: الرَّفْع و الإقامة من المَصْرَع. و الإنعاش خطأ.
الإرَاحة: مأْخُوذَةٌ من إرواح الراعي الإبل علي أهلها.
قال أبو عبيدة يقال: هم أهل مَعْدَلة- بفتح الميم و الدال، أي أهل عَدْل، كما يقال:
مَخْلَقة لذلك و مَجْدَرةٌ.
حفلت: جَمَعَتْ اللبَن في ثَدْيها. و هي حَافِل و هنّ حفّل. و حفَل الوادي: كثر سَيْلُه.
أَوْحَدَت به؛ أي جاءت به واحداً بلا نظير، من أوحدت الشاة إذا أفذّتْ. و يقال:
أوحده اللّٰه أي جعله مُنْقَطِع المِثْل.
فَنصخ و رَنّخ: أخوَان و هما التذليل.
و ديَّخ و دَوَّخ مِثلاهما.
شَذَرَ مَذَر أي متفرقاً. هما اسمان جُعِلا واحداً، و شذَرَ من التشذّر، و مَذَر، ميمه بدل من باء، من التَّبْذير، و هذا و نظائره متوفَّر عليها في كتاب المُفضَّل.
بَعَج: شقَّ.
بَخَع الأرض: نَهِكها بالحَرْث.
أُكْلَها: بذرها، أي أكلت البذر و شربت ماءَ المطر؛ فقاءت ذلك حين أنبتت.
الخَبي‌ء: المخبوء، يعني ما خُبي‌ء فيها.
تَرْأُمه: تعطف عليه رِئْمانَ الناقِة علي وَلدِها.
تَزْفِر في (مر). أزْفَله في (سد). يُزَفّ في (حل). المزفّت في (دب). الزَّافِريّة في (صع).
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (نوش).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 88‌

الزاي مع القاف

[زقم]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
قال أبُو جَهل: إنَّ محمداً يخوِّفنا بشجرة الزَّقُوم، هاتوا الزُّبْدَ و التَّمْر و تَزَقموا.
و
روي: إنه لما أنزل اللّٰه تعالي قوله: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعٰامُ الْأَثِيمِ [الدخان: 43]. لم تعرف قريشٌ الزَّقُّوم؛ فقال أبو جهل: إن هذه لشجرة ما تنبتُ في بلادنا؛ فمن منكم يعرف الزَّقُّوم؟ فقال رجل من أهل إفريقية قَدم من إفريقية: إنّ الزَّقُّوم بلغة أهل إفريقية هو الزُّبدُ بالتَّمر، فقال أبو جهل: يا جاريةُ؛ هاتي لنا زُبْداً و تَمْراً نَزَدَقِمه. فجعلوا يأكلون منه و يتزقَّمون و يقولون: أ بهذا يخوّفنا محمد في الآخرة؟ فبيّن اللّٰه مرادَه في آية أخري؛ فقال: إِنَّهٰا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهٰا كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّيٰاطِينِ
[الصافات: 64، 65].
الزَّقْم: اللّقم الشديد و الشّرب المُفْرِط. يقال: إنه ليزقم اللُّقم زقماً جيداً. و بات يتزقَّم اللبن.
و الزّقُّوم فعّول من الزقم، كالصّيُّور من الصِّير، و هو ما يزقم؛ ألا تَري إلي قوله عزَّ و جلَّ: فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهٰا فَمٰالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ [الصافات: 66].

[زقف]:

يأخذ اللّٰه تعالي السمواتِ و الأرض يومَ القيامة بيده ثَم يتزَقَّفُها تَزَقُّفَ الرُّمانَةِ.
التزقّف و التلقّف أخوان، و هما الاستلاب و الاختطاف بسرعة.
و منه:
إن أبا سُفْيان رضي اللّٰه عنه قال لبني أميَّة: تزَقَّفُوها تزَقُّفَ الكُرَة- و روي:
تلَقَّفُوها
، يعني الخلافة.
و
عن معاوية رضي اللّٰه عنه: لو بلغ هذا الأمرُ إلينا بني عبد مناف تَزَقَّفْنَاه تزقُّفَ الأُكْرة.
هي الكرة؛ قال:
تبيت الفِراخُ بأكنافها كأنّ حواصلهنّ الأُكَرُ «1»
و تزقُّف الكرة أن تأْخذَها بيدك أو بِفِيك بين السماء و الأَرْضِ.

[زقق]*:

علي عليه السلام-
قال سَلام: أرسلني أَهْلي إلي عليّ و أنا غلامٌ فقال:
ما لِي أَرَاك مُزَقَّقاً؟
هو من الزّق، و هو الجِلدُ يُجَزُّ شعره و لا يُنْتَفُ نَتْفَ الأَديم.
______________________________
(2) (*) [زقم]: و منه في صفة النار: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا. النهاية 2/ 306.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (زقف).
(3) (*) [زقق]: و منه الحديث: من منح منحة لبن أو هَدَي زقاقاً. النهاية 2/ 306.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 89
يعني ما لي أراك مَطْمُوم الرأس كما يُطَمّ الزّقّ؟

[زقف]:

ابن الزبير رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال: لما اصطفَّ الصَّفَّانِ يوم الجَمَل كان الأشتر زَقَّفَني منهم، فائتخذنا «1»، فَوقَعْنَا إلي الأرض، فقلت: اقتلوني و مالكاً.
هي من الازْدِقَاف، بمعني الاختطاف بمنزلة الخُلْسة من الاختلاس.
الائتخاذ من الافتعال الذي بمعني التفاعل، كالاجتوار و الاعتوار؛ أي أخذ كلُّ واحدٍ منا صَاحبَه.
و مالكٌ هو اسمُ الأشتر و الأشتر لقَب؛ من شترة كانت بإِحْدَي عينيه.
و عنه:
إنه دخل علي عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها فقالت: يا أَشْتَر «2»؛ أنت الذي أردتَ قَتْلَ ابن أخْتي و كان قد ضربه ضَرْبةً علي رأسه. فقال:
أعائِشَ لو لا أنني كنتُ طاوِياً ثلاثاً لألقيتُ ابنَ أخْتِك هالكا
غداةَ يُنَادِي و الرماح تَنُوشُه بآخرِ صوتٍ اقْتُلُوني و مَالِكَا
مزَقَّقاً في (طم).

الزاي مع الكاف

[زكو]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
عن ابن عُمَر رضي اللّٰه عنهما أن رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فَرض زكاةَ الفِطْرِ صاعاً من تَمْرٍ أو صاعاً من شعير علي كل حُرٍّ أوْ عَبْد ذكرٍ أَوْ أُنثي من المسلمين.
صدقة الفطر زكاةٌ مفروضة إلا أن بينها و بين الزكاة المعهودة أن تلك تَجِب طُهْرَةً للمال. و طُهْرَة لبدن المؤدِّي كالكفارة؛ و الزَّكاة فَعلَة كالصَّدَقة، و هي من الأسماء المشتركة تُطْلَق علي عَيْنٍ؛ و هي الطائفة من المال المزكَّي بها. و علي معنًي و هو الفِعْل الذي هو التَّزكية، كما أن الذكاة هي التذكية «3» في
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ذَكَاةُ الجَنِين ذَكَاةُ أمِّه.
و من الجهل بهذا أتي مَنْ ظَلَم نَفْسَه بالطَّعْنِ علي قوله عزَّ و جلَّ: وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكٰاةِ فٰاعِلُونَ [المؤمنون: 4]. ذاهِباً إلي العَيْنِ، و إنما المراد المعني الذي هو الفِعْل؛ أعني التزكية. و عليه قول أمية بن أبي الصلت:
المطعمون الطعامَ في سَنَةِ الْ أزمَةِ و الفاعلون للزَّكَوَاتِ «4»

[زكن]:

إياس بن معاوية رضي اللّٰه عنه- كان يقال: أَزْكَنُ من إيَاس؛ و زَكَنُ إياس.
______________________________
(1) الائتخاذ افتعال من الأخذ.
(2) الشَتَر: انقلاب الجفن من أعلي و أسفل و انشقاقه أو استرخاء أسفله (القاموس المحيط: شتر).
(3) التذكية: الذبح.
(4) البيت في ديوان أمية ص 20.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 90
الزَّكَن و الإزْكَان: هو الفِطْنَة و الحَدْسُ الصادق، و أن تنظرَ إلي الشي‌ء فتقول: ينبغي أن يكون كذا و كذا. يقال: زَكِنْتُ منك كذَا زَكَناً و زَكَانة و زَكَانِيَةً و أزكَنْتُه.
و قال أبو زيد: أزكنته الخبرَ حتي زَكِنَه؛ أي فَهِمه. و في كتاب سيبويه: و تقول لمن زَكِنْتَ أنه يريد مكة: مكة و اللّٰه. و قال قَعْنَب ابن أُمّ صَاحِب:
و لن يُرَاجِعَ قَلْبي وُدَّهُمْ أبداً زَكِنْتُ منهم علي مِثْلِ الذي زَكِنُوا «1»
ضمَّن زَكِنَ معني اطَّلَع، فعدَّاه تعديتَه. و قد ذكرت زَكَنَ إياس في كتاب المُسْتَقْصَي و بعضَ ما حُكي عنه؛ و هو قاضي عمر بن عبد العزيز، استُقضي علي البَصْرَة بعد الحسن بن أبي الحسن، رحمهم اللّٰه.

الزاي مع اللام

[زلل]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- من أُزِلَّتْ إليه نعمةٌ فلْيَشْكرْها.
الزَّلِيلُ: نوع من انتِقال الجسم عن مكانٍ إلي مكان؛ فاستُعير لانتقال النعمة من المنعِم إلي المنعَم عليه؛ فقيل: زلَّتْ منه إلي فلانٍ نعمةٌ، و أزَلَّهَا إليه. و قال الأصمعي: الإزلال:
تقديم الأمر، و قد أزلَّ أمامه شيئاً. قال مُزَاحم:
أخافُ ذنوبي أن تُعَدّ ببابه و ما قد أزَلَّ الكاشحون أماميا
و الحقيقة ما ذكرتُ.

[زلف]*:

أُتِي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بِبَدَناتٍ خَمْسٍ أو ستّ، فطفِقْنَ يَزْدَلِفْن إليه بأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأ فلما وَجَبَتْ لِجُنُوبِها قال: من شاء فلْيَقْتَطِعْ.
و في الحديث: قال عبد اللّٰه بن قُرْط: فتكلَّم رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بكلمة خفيّة لم أفْهَمْهَا- أو قال: لم أفْقَهْهَا- فسألتُ الذي يليه فقال: قال: مَنْ شاء فلْيَقْتَطِع.
الازْدِلاف: الاقتراب، و سمي المُزْدَلِف الشيبانيُّ لاقترابه إلي الأَقْرَان، و إقدامه عليهم.
و سميت المُزْدَلِفة لأنه يُتقرَّب فيها.
و منه
حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه كتب إلي مُصْعَب بن عُمير و هو بالمدينة انظر مِن اليوم الذي تَجَهَّزُ فيه اليهودُ لسَبْتِهَا؛ فإذا زالت الشمس فازْدَلِفْ إلي اللّٰه فيه بركعتين و اخطب فيهما.
______________________________
(1) البيت من البسيط، و هو لقعنب ابن أم صاحب في أدب الكاتب ص 24، 373، و لسان العرب 13/ 198 (زكن)، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 825، و إصلاح المنطق ص 254، و شرح المفصل 8/ 112.
(2) (*) [زلل]: و منه في صفة الصراط: مدحضة مزلَّة. و في حديث عبد اللّٰه بن أبي سرح: فأزلَّه الشيطان فلحق بالكفار. النهاية 2/ 310.
(3) (*) [زلف]: و منه حديث أبي بكر و النسابة: فمنكم المزدلف الحر صاحب العمامة الفردة. النهاية 2/ 310.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 91
و منه
حديث محمد بن عليّ عليهما السلام ما لَكَ من عَيْشِك إلا لَذَّةٌ تَزْدَلِفُ بِك إلي حِمَامك.
فليقتطع؛ أي فلْيَقْطَع لنفسه ما شاء؛ و هي رُخصة في النُّهبة إذا كانت بإِذْنِ صاحبها، و طيب نَفْسه كنُهبة السكَّر في الإعراس.

[زلخ]:

أراد غُوَيْرثُ بن الحارث المُحَاربيُّ أن يَفْتِك به، فلم يشعر به إلا و هو قائمٌ علي رَأْسه، و معه السيفُ قد سلَّه من غِمْدِه. فقال: اللهمَّ اكْفِنِيه بما شئتَ. قال: فانكبَّ لوجهه من زُلَّخَةٍ زُلِّخَها بين كَتِفَيه، و نَدَرَ سَيْفه.
الزُّلخَة: وَجَعٌ يأخذُ في الظهر حتي لا يتحركُ الإنسانُ من شدَّته. يقال: رماه اللّٰه بالزُّلَّخة. قال الراجز:
كأنَّ ظَهْرِي أَخَذَتْه زُلَّخَهْ لَمَّا تَمَطَّي بالفَرِيِّ المِفْضَخَهْ «1»
[و الدّلو الفاضخة؛ أي العاسرة].
و زلَّخة اللّٰه بالزُّلَّخَة؛ أي أصابه بها. فأُوصل الفعل إليها بعد حَذْف الجار. كما يقول:
اختِير الرجال زيداً، و اشتقاقها من الزَّلْخ؛ و هو الزَّلْق؛ لأنها تملّس الظَّهْرَ و ترقّقه. قال أبو عمرو: يقالُ: زَلَّخَ الدهرُ ظهري؛ إذا مَلّسه و رَقَّقه.

[زلق]*:

عليّ عليه السلام- رأي رجلين خرجا من الحمام مُتَزَلّقين، فقال: مَنْ أنتما؟ قالا مِنَ المهاجرين؛ قال: كذبتما، و لكنكما من المُفَاخرين.
قال أبو خِيَرة: المتزَلّق من الناس: هو الذي يَصْبُغُ نفسه بالأدهان. و يقال: تَزلَّقي أيتها المرأة و تزيّقي؛ أي تَزَيَّني.

[زلع]*:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه تعالي عنه- مرَّ به قومٌ بالرَّبَذَة و هم مُحْرِمون، و قد تزلَّعتْ أيديهم و أرجلُهم؛ فسألوه: بأيّ شي‌ءٍ نداويها؟ فقال: بالدُّهن.
التَّزَلُّع و التسلّع: التشقق؛ قال الراعي:
و غَمْلَي نَصيٍّ بالمِتَان كأنَّهَا ثَعَالِبُ مَوْتَي جِلْدُها قد تَزَلَّعَا «2»
رخَّص للمُحْرِم في الدّهن، و أراد غير المطيَّب.

[زلحف]:

سعيد رحمه اللّٰه تعالي- مَا ازْلَحَفَّ ناكحُ الأَمَةِ عن الزِّنا إلا قليلًا؛ لأن اللّٰه
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (زلخ).
(3) (*) [زلق]: و منه الحديث: كان اسم ترس النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم الزَّلوق. النهاية 2/ 310.
(4) (*) [زلع]: و منه الحديث: كان رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يصلي حتي تزلع قدماه. النهاية 2/ 309.
(2) البيت في لسان العرب (زلع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 92
تعالي يقول: وَ أَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ
[النساء: 25].
يقال: ازْحَلفَّ عن كذا و ازْلَحفَّ؛ إذا تنحّي. و ازلَحفَّ من ازحلَف كاطمأن من اطأَمنَّ. لقولهم: زَحْلَفْته فتزَحْلَف. كما قالوا: طامنه فتطامن؛ و زعموا أن الروايةَ بتخفيف الفاء، و هي من أوضاع العربية علي مراحل. و الصوابُ: ازْلَحفَّ كاقشعرَّ أو ازَّحْلَفَ؛ علي أن الأصلَ تَزلْحفَ قلبُ تَزَحْفَ فأُدْغِمت التاء في الزاي.
ازلّم في (رج). كالزّلَفَة في (نغ). المزدلف في (نس). المزالف في (را). مزلة في (دح). بالأزلام في (به). الأَزْل في (ال).

الزاي مع الميم

[زمر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نَهَي عن كَسْب الزَّمَّارة.
هي التي تَزْمُر. و قيل هي الزَّانيةُ. و لا يَخْلو من أن يكونَ من زمرتُ فلاناً بكذا و زَمَجْته إذا أغريته- عن الأصمعي. لأنها تُغْرِي الرجال علي الفاحشةَ، و تُولِعُهم بالإقدام عليها. أو من زَمَر الظبي زَمَرَاناً إِذا نقز «1» - عن أبي زيد. لأن القِحاب «2» موصوفات بالنَّزَق؛ كما أنَّ الحواصن يُوصَفْنَ بالرَّزَانة.

[زمج]:

أو من زَمَر القِرْبَة و زَمَجها إذا ملأها؛ لأنها تملأ رحِمها بنطفٍ شَتّي، أو لأنها تعاشر زُمَراً من الناس.
و من قال: الرَّمازَة فقد جعلَها من الرَّمْزِ؛ لأن عادة الزَّوانِي التقحّب و الإيماض بالعينين و الشفَتَيْن؛ و قال الأخطل:
أحَادِيثُ سَدَّاهَا ابنُ حَدْرَاء فَرْقَدٌ و رَمَّازَة مالتْ لمن يَسْتَمِيلُها «3»
و يجوز: أن تُجْعل من رمز و ارتمز بمعني زَمر؛ إذا نقز.

[زمل]*:

قال في شهداءِ أُحُد: زَمِّلُوهم في دمائهم و ثيابهم.
أي لُفُّوهم، يقال: زَمّله في ثيابه فتزمّل و ازَّمل.

[زمم]:

لا زِمَامَ و لا خِزَامَ و لا رَهْبَانيَّة و لا تَبَتل و لا سياحةَ في الإسلام.
______________________________
(4) (*) [زمر]: و منه حديث أبي بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و منه حديث الحجاج: ابعث إليّ بفلان مزمرّاً مسمَّعاً. النهاية 2/ 312.
(1) نقز: وثب صعداً.
(2) القحاب: جمع قحبة، و هي البغي سميت بذلك لأنها كانت تؤذن طلابها في الجاهلية بسعالها.
(3) البيت في لسان العرب (رمز).
(5) (*) [زمل]: و منه حديث السقيفة: فإذا رجل مزمَّل بين ظهرانيهم. و منه حديث أسماء: و كانت زمالة رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و زمالة أبي بكر واحدة. النهاية 2/ 313.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 93
أراد ما كان بنو إسرائيل يفعلونه من زَمِّ الأُنوف و خَرْق التَّرَاقي.
و الرَّهْبانيَّة فِعْل الرُّهْبَان؛ من مُوَاصَلة الصَّوْم، و لبس المُسُوح، و تَرْكِ أَكْلِ اللحم، و غير ذلكِ، و أصلها من الرَّهْبَة.
و التبتّل: ترك النكاح؛ من البَتْل، و هو القَطْع.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنّه قال لعكَّاف بن وَدَاعة الهلالي: يا عكَّاف؛ أ لك امرأة؟ قال: لا. قال فأنتَ إذَنْ من إخْوَانِ الشياطينِ، إن كنت من رُهْبَان النصاري فالحقْ بهم، و إن كنت مِنَّا فمن سُنَّتِنَا النكاحُ.
و السِّياحَة: مفارَقَةُ الأمصار، و الذهاب في الأرضِ كفِعْل عُبَّاد بني إسرائيل.
أراد أن اللّٰه تعالي وضَع هذا عن المسلمين، و بعثَه بالحنيفية السَّمْحَةِ السَّهلة.
[زمم]:
تلا القرآن علي عبد اللّٰه بن أُبيّ؛ و هو زَامٌّ لا يتكلَّمُ.
زَمَخ بأَنْفِه و زَمَّ به فهو زامِخ، و زَامّ؛ إذا شمخ به كبراً. و منه: حمل الذئب السَّخْلة زَامَّا بها؛ أي رافعاً رأسه.
و يجوز أن يكونَ من زممت القومَ إذا تقدمتهم تقدّمَ الزِّمام. و زَمَمْتُ بالناقة سير الإبل؛ أي كانت زمامَ الإبل لتقدمها. قال ذو الرُّمة:
مَهْريَّةٌ بازِل سير المطيِّ بها عشيةَ الْخِمسِ بالمَوْمَاةِ «1» مَزْمُوم «2»
يعني أنه جاعل ما تُلِيَ عليه دَبْرَ أذنه، و رواءَ ظهره؛ قلة احتفالٍ بشأنه. فكأنه تقدَّمه و خَلفه.

[زمر]:

سمع صوتَ الأشعري و هو يقرأ فقال: لقد أُوتِيَ هذا من مَزَامِير آل داود. قال بُريْدة: فحدَّثْتُه بذلك، فقال: لو علمت أنَّ نبيّ اللَّهِ استمع لقراءتي لحبَّرْتُها.
ضرب المزامير مثلًا لحُسْنِ صوتِ داود عليه السلام و حلاوةِ نغمته، كأنَّ في حَلْقه مَزَامِير يَزْمُر بها.
و الآل مقحم: و معناه الشخص. و مثله ما في قوله:
و لا تَبْكِ ميتاً بعد ميت أجَنَّهُ عَلِيّ و عباسٌ و آلُ أبي بكر «3»
التَّحْبِير: التَّحْسِين، و كان طُفَيل الغنويّ في الجاهلية يدعي المحبِّر لتَحْسِينه الشعر.
______________________________
(1) الموماة: المفازة.
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 580.
(3) البيت من الطويل، و هو لابن أراكة الثقفي في أمالي المرتضي 1/ 461، و الحماسة الشجرية ص 479، و المؤتلف و المختلف ص 53، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 248.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 94‌

[زمل]:

أبو الدرداء رضي اللّٰه تعالي عنه- سلوني؛ فوالذي نفسي بيده لَئِنْ فَقَدْتُمُوني لتفقدُنَّ زِمْلًا عظيماً من أُمَّةِ محمد صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
الزِّمْل و الحِمْل أخَوان. و قد ازْدَمَله إذا احتمله.
يريد أن عنده علماً جَمًّا. فمثَّل نفْسَه في رَجَاحَتِها في العَلم بالْوِقْر العظيم.
عبد اللّٰه بن رَواحة رضي اللّٰه عنه- غَزا معه ابنُ أخيه علي زَامِلَةٍ فأَحْرَقَتْه الحقيبةْ «1» فقال له: لعلّك ترجعُ بين شَرْخَيِ الرَّحْلِ.
الزَّاملة: البعيرُ الذي يُحْمَلُ عليه الطعام و المتاعُ، كأنها الحاملة. من الزِّمْلِ «2».
شَرْخَا الرَّحْلِ: جانباه.
أراد: أستشهدُ فترجع راكباً رَاحِلتي علي رحلها فتستريح مما أنت فيه.

[زمر]:

سعيد بن جُبير رضي اللّٰه عنه- أتي به الحجاج و في عُنُقِه زَمَّارَة.
هي الساجورُ «3»؛ سُمِّي بذلك لتصويته؛ قال:
ولي مُسْمِعَان و زَمَّارَةٌ و ظِلٌّ مدِيدٌ و حِصْنٌ أَمَقّ «4»
هذا بيتُ مسجونٍ؛ ألْغز بالمُسمِعَين عن القَيْدَين، لأنهما يُغنِّيَانه إذا تحركا، و بالزمّارَة عن الجامعة. و بالظلِّ المديد عن ظُلمة السجن: و بالحِصْن الأمَقّ- و هو الطويل في السماء، الممرّد- عن حَصَانة السِّجن و وثاقة بُنْيَانه، و أنه لا سبيلَ إلي المَخْلَصِ منه.
الزمع في (به). زميل في (ذف). وازمتهم في (فك) و في (مغ). مُزمهرّ في (دع).
الزمارات في (زف). مزمَّراً في (سم).

الزاي مع النون

[زنأ]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي أن يُصَلِّيَ الرجلُ و هو زَنَاء.
هو في الصفات نظير بَرَاء و جَوَاد و جَبَان؛ و هو الضَّيْفُ. يقال: مكان زَنَاء، و بِئْر زَنَاء، و ظِلٌّ زَنَاء، أي قالصٌ. و قد زَنأَ الظِّلُّ «5»؛ قال الأخطل:
و إذا قُذِفْتُ إلي زَنَاءٍ قَعْرُها غَبْرَاءَ مُظْلِمةٍ من الأَحْفَارِ «6»
______________________________
(1) حقيبة الرجل: الزيادة التي تجعل في مؤخر القتب، و الوعاء الذي يجمع الرجل فيه زاده.
(2) الزمل: الحمل.
(3) الساجور: الغل الذي يجعل في عنق الكلب.
(4) البيت بلا نسبة في لسان العرب (زمر) و (مقق) و (سمع).
(7) (*) [زنأ]: و منه في حديث سعد بن ضمرة: فزنأوا عليه بالحجارة. و الحديث: لا يصلي زاني‌ءٌ. النهاية 2/ 314، 315.
(5) زنأ الظِّلُّ: أي قلص و قصر و دنا بعضه من بعض.
(6) البيت في لسان العرب (زنأ) و رواية اللسان، «و إذا أبصرت» بدل «و إذا قذفت».
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 95
و قال ابنُ مُقْبِل:
و تُدْخِل في الظلِّ الزَّنَاءِ رُؤوسَها و تحسَبُها هِيماً و هُنَّ صَحَائحُ «1»
و قال آخر:
تناهَوْا بنيَّ القِدَاحَ و الأمرُ بيننا زَنَاءٌ و لما يَغْضَبِ المُتَحَلِّم
أي مُقَارِب؛ فاستعير للحاقن لأنه يَضِيق ببوله.

[زنخ]:

دعاه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم رجل؛ فقدّم إليه إهالة زَنِخَةً فيها قَرْعٌ، فجعل النبيُّ يَتَتَبَّع القَرْعَ و يأْكُله.
سَنِخ و زَنِخ: إذا تغيَّر و فَسد، و الأصل السين؛ و الزايُ بَدَل. و أصله في الأسنان إذا ائتكلت أَسْنَاخها و فَسَدت. يقال سَنِخت أسنانُه. كما يقال: يَدِيَ الرجل إذا شَلَّت يده. و ظَهِر إذا اشتكي ظَهْرَه.

[زنأ]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لا يُحِبُّ من الدنيا إلا أَزْنَأَهَا.
أي أضيقها و أقلَّها.

[زني]:

وفَدَ عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بنو مالك بن ثَعْلَبة، فقال: من أنتُم؟ فقالوا: نحن بَنُو الزِّنْيَة.
قال: بل أنتم بنو الرِّشْدَة، أحلاسُ الخيل.
قال أبو عمرو الشيباني:
الزِّنْيَة- بفتح الزاي و كسرها: آخرُ ولدِ الرجل. و يقال لبني مالك بن ثعلبة بنو الزِّنْية من هذا.
و قال محمد بن حبيب: الزّنية و العِجْزَة: آخرُ ولد الرجل و المرأة. قال: و مالك الأصغر يقال له الزِّنيَة؛ و ذلك أن أمَّه كانت ترقِّصُه و تقول: و ابأبي زِنيةُ أمه. و قال بعضهم:
نحنُ بني الزنْيَةِ لا نَفِرّ حتي نَرَي جَمَاجِماً تَخِرّ
و إنما قال النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ذلك رَبأً بهِم عما يُوهم نقيضَ الرِّشْدَةِ.

[زنن]*:

علي عليه السلام- قال ابنُ عباس: ما رأيت رئيساً مِحْرَباً يُزَنُّ [به]؛ لرأيْتُه يوم صِفّين؛ و علي رأسه عِمامةٌ بيْضَاء، و كأنَّ عينيه سِرَاجاً سَلِيط. و هو يُحْمِش «2» أصحابَه إلي أن انتهي إليَّ؛ و أَنا في كَثْفٍ، فقال: يا معشرَ المسلمين اسْتَشْعِرُوا الخَشْيَة، و عَنُّوا الأصْوَات، و تَجَلْبَبُوا السكينةَ، و أَكْمِلوا اللُّؤَم، و أَخِفُّوا الجُنَن، و أَقْلِقُوا السيوفَ في الغُمْد قبل
______________________________
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في لسان العرب (زنأ).
(3) (*) [زنن]: و منه الحديث: لا يصلين أحدكم و هو زِنِّين. و الحديث: لا يقبل اللّٰه صلاة العبد الآبق و لا صلاة الزِّنِّين. النهاية 2/ 316.
(2) أي يحرضهم علي القتال.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 96
السَّلَّة، و الْحَظُوا الشَّزْرَ، و اطْعَنُوا الشَّرْر. و النتر أو اليَسْر. و نَافِحُوا بالظُّبَي، و صِلُوا السيوفَ بالخُطَا، و الرماحَ بالنَّبل. و امشوا إلي الموت مِشية سُحُجاً أو سَجْحَاء. و عليكم الروَاقُ المطنَّب فاضربوا ثَبَجه، فإن الشيطان راكد في كِسْره، نافجٌ حِضْنَيْه، مُفْتَرِشٌ ذِرَاعيْه؛ قد قدَّمَ للوَثْبَةِ يَداً، و أخَّر للنكوص رِجْلًا.
يُزَنُّ به: أي يتّهم بمشاكلته.
السَّلِيط: الزَّيْت؛ قال الْجَعْدي:
يُضِي‌ءُ كضَوْءِ سِرَاج السَّلِي طِ لم يَجْعَلِ اللَّهُ فيه نُحَاسا «1»
و منه قيل للحُجّة السُّلْطَان لإنارتها.
يُحْمشهم: يحضّهم و يُغضبهم؛ من إحماش النار و هو إلهابُها.
الكَثْفُ: الجماعة، من التكاثفْ.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 96
التَّعْنية: الحَبْس، و منها العاني، يريد أخفُوا أصواتكم و اخفتُوها.
اللُّؤَم: جمع لأْمة، و هي الدِّرْع لالتِئامها.
أخِفُّوا: اجعلوها خِفَافاً.
أَقْلِقُوا: حَرّكوها لئلا يتعسَّر عليكم سَلُّها عند الحاجة إليها.
لَحْظ الشزر: النظر بمؤخر العَيْن؛ و هو نظر المُبغِض، و ذلك أهيب. و الطَّعْن الشَّزْر:
عن اليمين و الشِّمال.
و اليَسْر: حِذَاءَ الوجه.
و النَّبْر (بالباء و التاء): الخَلْس.
صِلُوا السيوفَ بالخُطَا؛ أي إذا قصرت عن الضَّرائب تقدمتم حتي تلحقوا.
و الرِّمَاحَ بالنّبل؛ أي إذا قصرت الرِّماح عن المطعونين لبُعْدهم فارْمُوهم.
المِشية السّجُح؛ كالناقة السّرح و هي السهلة. قال حسان:
دَعُوا التَّخَاجُؤَ و امْشُوا مِشْيَةً سُجَحاً إنّ الرجالَ ذَووُ عَصْبٍ و تَذْكِيرِ «2»
السَّجْحَاء: تَأْنيث الأَسْجح و هو السَّهْلُ.
الثّبَج: الوسط.
الكِسْر: الجانب.
النَافِج: المفرج. الحِضْنَان: الجَنْبَان.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (سلط).
(2) البيت في ديوان حسان ص 214، و في الديوان «التجاجؤ» بدل «التخاجؤ».
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 97
قَدَّمَ للوَثْبَة يَداً؛ يريد إن أصاب فُرْصَةً وثَب، و إن رأي الأمر علي من هو مَعه نَكَص و خلَّاه.

[زنق]:

أبو هُرَيرة رضي اللّٰه تعالي عنه- ذكر المَزْنُوقَ فقال: المائل شِقّه لا يَذْكر اللّٰه.
هو من الزَّنَقَة؛ و هي ميل في جِدارٍ في سكةٍ أو عُرقُوب وادٍ. و منها قولهم: زَنَقْتُ الفرس؛ إذا جعلْت الزِّنَاق- و هو حَلْقة في الجُلَيْدة- تحت حَنكه الأسفل، ثم جعلت فيها خيطاً تشدّه برأسه؛ تكسر بذلك جِمَاحه، و تميله إلي أن يَسْلْسَ و ينقاد. و الزِّنَاق أيضاً:
الشِّكال في قوائمه الأربع. و قد زَنَقْتُه.
و
في حديثه الآخر أنه قال في ذكر يوم القيامة: و إن جهنم يقادُ بها مَزْنُوقَة.
أي مربوطة بتلك الحَلْقة.

[زند]:

كعب رحمه اللّٰه تعالي- قال لصالح بن عبد اللّٰه بن الزبير و هو يعمل زَنْداً بمكة:
اشدد و أوثِق؛ فإِنا نجدُ في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان.
الزَّنْد: المُسَنَّاة من خَشَبٍ و حِجَارة يضَمُّ بعضُها إلي بعض. و لعلها سميت زَنداً لأنها تُعْقَد عَقْداً في تضامّ، من قولهم لمَعْقَد طرف الذراع في الكف زَنْداً، و للبخيل: إنه لزَنْد مَتين، و مُزَنَّد؛ أي شديد ضَيّق؛ كما قيل له شديد و متشدِّد، و لدُرْجَةِ الناقة زَنْد؛ لأنها خرقةٌ تَلفُّ و تُدْرَج أدراجاً. قال:
أبَنِي لُبَيْنَي إِنَّ أُمَّكُمُ دَحَقَتْ «1» فَخَرَّقَ ثَفْرَها الزَّنْدُ «2»
و يعضد ذلك تسميتهم إياها ضَفِيرة؛ من الضَّفْر، و عَرِماً؛ من العَرَمَةِ، و هي الكُدْس المتكاثف.
و قيل رَبَداً؛ أي بناءً من طِين. و الرَّبَد: الطِّين، و الرَّبَّاد: الطيّان بلغة اليمن.
و خطب رجلٌ من النافلة إلي حيٍّ من اليمن امرأة فسأل عن مالها فقيل: إن لها بيتاً رَبداً و كَدًّا و حَفْصاً و مِلْكَداً. فظنَّ أنها أسماء عَبيدٍ لها و إمَاءٍ، فرغب، فلما دخل بها و تَعَرَّفَ الخبرَ؛ فإذا هي جَرَّةٌ، و هي الكَدُّ «3». و جُوَالق، و هو الحَفْص. و هَاوُون من خَشَبٍ، و هو المِلْكَد «4».
و خير من ذلك أن يكون الرَّبَد من الرَّبْدِ، و هو الحبس لأنه يحبس الماء.
الزندين في (شذ). فزنح في (هو). الزنَمة في (بج). و لا أزَنّ في (نص).
______________________________
(1) دحقت المرأة لولدها: ولدت بعضهم في أثر بعض.
(2) البيت لأوس بن حجر الطائي في لسان العرب (زند).
(3) الكد: ما يدق به الأشياء (لسان العرب: كد).
(4) الملكد: شبه مدق يدق به.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 98‌

الزاي مع الواو

[زوي]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- زُوِيَتْ لِيَ الأرضُ فأُرِيت مَشارِقَها و مَغَارِبَها؛ و سيبلغُ مُلْكُ أُمَّتِي ما زُوِيَ لي منها.
الزَّيّ: الجمع و القَبْض، و منه قولهم: في وجه فلان مزَاوٍ و زُوِيّ؛ أي غُضون؛ جمع مزوي و زَيّ: و انْزَوَي القومُ: تدانَوْا و تضامّوا. و انْزَوَي الجلد في النَّار.
و منه
الحديث: إن المسجد لَيَنْزوِي من النُّخَامة كما تَنْزَوِي الجِلْدةُ من النَار، و الفرسُ من السوط.

[زور]*:

ذَكَرَ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قصةَ الدجال التي حكاها عن تميم الدَّارِي عن ابن عم له: أنه ركب البحر، و إنه رآه في جزيرة [من البحر] مُكَبَّلًا بالحديد بأَزْوِرَة، و رأي دابةً يُوَارِيها شَعْرُها. فقالوا: ما أنتِ؟ قالت: أنا الجَسَّاسَة، دابَّة أَهْدَب القِبَال. و يروي أنه- يعني الدجال- قال لهم: أخبروني عن نخل بَيْسان هل أَطْعَم؟ قالوا: نعم. قال: فأخبروني عن حَمَّةِ زُغَر هل فيها ماء؟ قالوا: نعم، يتدَفَّقُ جَنَبَتاها.
الزِّوَار و الزِّيَار: حَبْل [يُجْعل] بين التَّصْدِير و الحَقَب، و زَارَ الفرس يَزُورُه: شدَّه به.
و المرادُ أنه كان مجموعةً يدُه إلي صدره.
وَ بِأَزْوِرَة منصوبة المحلّ؛ كأنه قيل مُكَبَّلًا مَزُوراً.
قيل لها الجَسَّاسَة؛ لأنها تَجُسُّ الأخبارَ للدَّجَّالِ، و الجسُّ في التتبع و الاستثبات يكون بالسؤال و باللمس؛ كجسِّ الطبيب باليد و بالبصر. كقوله:
فاعْصَوْصَبُوا ثم جَسُّوهُ بأعْيُنِهم «1»
قِبَال الشي‌ء و قَبَله: ما استَقْبَلَك منه؛ و منه قِبَال النَّعْل. أراد أن مقدّمه كالناصية و العُرْف.
أهْدَب؛ أي كثير الشعر.
أَطْعَم: أثمر.
______________________________
(2) (*) [زوي]: و منه دعاء السفر: و ازْوِ لنا البعيد. و الحديث: أعطاني ربي اثنتين، و زوي عني واحدة.
و حديث الدعاء: و ما زويت عني مما أحب. النهاية 2/ 320.
(3) (*) [زور]: و منه الحديث: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. و منه الحديث: إن لزورك عليك حقاً.
و في حديث طلحة: حتي أزَرْته شَعُوبَ. النهاية 2/ 318.
(1) عجزه:
ثم اختفوه و قرن الشمس قد زالا
و البيت بلا نسبة في لسان العرب (خفي).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 99
بَيْسَان: قرية من الأُرْدُنّ بِغَوْرِ الشام. قال الأخطل:
فجاءوا بِبَيْسانِيَّة هي بَعْدَما يُعَلُّ بها الساقِي ألذُّ و أَسْهَل
زُغَر، غير منصرف؛ فإن كان كما زعم الكَلْبي أنه اسمُ امرأة من العرب نُسِبت إليها العينُ فامتناعُ صرفِه ظاهر، و إن كان كما قال ابنُ دريد إنه رجل، و أحسبه أبا قومٍ من العرب و أنشد:
ككناية الزُّغَرِيّ غَشَّا هَا من الذَّهَب الدُّلَامِص «1»
فامتناعُ صَرْفِه للعلمية و العدْل كزُفَر، و يجوز أن يكون علَماً للبُقْعة، و اشتقاقُه من زَغَر الماء بمعني زَخَرَ، ألا تري إلي قوله: يتدَفَّق جنبتاها، و يقال لضَرْبٍ من التمر زُغَرِيّ.
و عن الأصمعي: قال لي رجلٌ مَدَني: قد علم أهلُ المدينة بطيب كل التمْر بأي بلد يكون؛ فيقولون: عَجْوة العَالِية، و كبِيس خَيْبَر، و صَيْحَان فَدَك، و زُغَرِيّ الوادي.

[زود]*:

إنّ وَفْدَ عبد القَيَس لما قَدِموا عليه قال لهم: أمَعكم من أَزْوِدَتكم شي‌ء؟
قالوا: نعم، و قاموا بصُبَرِ التمر «2»، فوضعوه علي نطْع بين يَدَيه، و بيده جَرِيدة كان يَخْتَصِر بها، فأَومأَ إِلي صُبْرَة من ذلك التمر، فقال: أ تُسَمّون هذا: التَّعْضُوض؟ قالوا نعم يا رسول اللّٰه! و تسمُّون هذا: الصَّرَفَان؟ قالوا: نعم يا رسول اللّٰه! و تسمُّون هذا البَرْنِي؟ قالوا:
نعم يا رسولَ اللّٰه! قال: هو خيرُ تمرِكم، و أَنْفَعُه لكم. قال: و أقبلنا من وفَادَتنا تلك. و إنما كانت عندنا خصْبَة نَعْلِفُها إِبِلَنا و حميرَنا، فلما رجعنا عظُمَتْ رَغْبَتُنا فيها، و نَسَلْنَاها حتي تحوَّلت ثمارنا، و رأينا البركةَ فيها.
الأَزْوِدَة في جمع زَاد في الخروج عن القياس كأَندِية في جمع نَدًي، و القياس أَزْوَاد و أَندَاء.
الجَرِيدة: العَسِيبُ الذي يُجَرَّدُ عنه الخوص.
الاختصار و التخصُّر واحد.
التَّعْضُوض: واحدته بالتاء، و جمعه تَعْضُوضَاء. قالها خليفة، و قال: و فيها تَظْفِير؛ أي أساريع و تحزيز، و كأنَّ ذلك شُبِّه بآثارِ العَضِّ.
______________________________
(1) البيت لأبي داود في لسان العرب (زغر) و (دلمص)، و للبيت رواية أخري في لسان العرب: «ككتابة الزغري» بدل «ككناية الزغريّ».
(3) (*) [زود]: و منه حديث أبي هريرة: ملأْنا أزودتنا. و في حديث ابن الأكوع: فأمرنا نبي اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فجمعنا تزاودنا. النهاية 2/ 317.
(2) الصبرة: ما جمع من الطعام بلا كيل و لا وزن، بعضه فوق بعض.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 100
الصَّرَفَان: أجودُ التمر و أَوْزَنه. قالت الزَّبَاء:
أم صَرَفَاناً بارداً شديدا «1»
قال أبو عبيدة: لم يكن يُهْدَي لها شي‌ءٌ كان أحبَّ إليها من التَّمْرِ الصّرَفَان؛ و قد قال القائل:
و لما أَتتْها العِيرُ قالَتْ أ بارِدٌ من التمر هذا أمْ حَدِيدٌ و جَنْدَلُ «2»
البَرْنِيّ: تمر ضَخْمٌ كثير اللِّحاء، أحمر مُشْرَب صُفْرة.
الخَصْبَة: واحدة الخِصَاب، و هي نخل الدَّقَل «3». قال الأعشي:
و كلِّ كُمَيْتٍ كجذْعِ الخِصَا بِ يَرْدِي عَلَي سَلِطاتٍ لُثُمْ «4»
يقال: نَسَل الولد يَنْسُل. و نَسَلَتِ الناقة بولدٍ كثير، و أنسلت نَسْلًا كثيراً. و قوله:
نَسلناها، إن رُوِي بالتشديد فهو بمنزلة ولدناها، و المعني استثمرناها. و إن رُوِي مخففاً فوجهه أن يكون الأصلُ نسلنا بها، فحذف الجار و أوصل الفعل. كقوله: أمرتك الخيرَ.
تحوَّلت؛ أي من الرَّدَاءة إلي الْجَوْدة.

[زور]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- في قِصَّةِ سقيفة بني سَاعِدة حين اختلفت الأنصارُ علي أبي بكر رضي اللّٰه عنه- قال عمر: قد كنتُ زَوَّرْتُ في نفسي مَقَالةً أقومُ بها بين يَدَيْ أبي بكر، فجاء أبو بكر فما ترك شيئاً مما كنتُ زَوَّرتُه إلا تَكلَّمَ به.
و رُوِي: و قد كنتُ زَوَّيْتُ مقالةً قد أعجبتني، أريدُ أن أقدِّمها بين يدي أبي بكر، و كنتُ أدَارِي منه بعضَ الحِدّة. فقال أبو بكر: علي رِسْلِك يا عُمر! فكرِهْتُ أن أعْصيَه؛ فتكلَّم؛ فكان هو أحلمَ مني و أَوْقَر، فواللّٰه ما ترك كلمةً أعْجَبتْني من تَزْوِيتي إلا قالها في بديهته، أو مثلها أو أفضل.
______________________________
(1) قبله:
ما للجمال مَشْيُها وئيدا أجندلًا يحملن أم حديدا
و الرجز للزباء في أدب الكاتب ص 200، و الأغاني 15/ 256، و أوضح المسالك 2/ 86، و جمهرة اللغة ص 742، 1237، و خزانة الأدب 7/ 295، و الدرر 2/ 281، و شرح الأشموني 1/ 169، و شرح التصريح 1/ 371، و شرح شواهد المغني 2/ 912، و شرح عمدة الحافظ ص 179، و لسان العرب 3/ 443 (وأد)، و مغني اللبيب 2/ 581، و للزباء أو الخنساء في المقاصد النحوية 2/ 448، و بلا نسبة في همع الهوامع 1/ 159.
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (صرف).
(3) الدقل: أردأ أنواع التمر.
(4) البيت في ديوان الأعشي ص 39، و لسان العرب (خصب) و (سلط). و في اللسان «كجذع الطريق» بدل «كجذع الخصاب».
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 101
قال أبو زيد: كلام مُزَوَّر و مزوّق، أي مُحَسَّن؛ و هو من قولهم للزينة: الزَّوْن و الزُّور.
و قيل: مهيَّأ مُقَوّي؛ من قول ابن الأعرابي: الزُّور: القُوة. و ليس له زُور و صَيّور «1». أي قوة رَأي. و قيل: مُصْلَحٌ مُقوَّم مُزَلٌّ زَوَره؛ أي عِوَجه.
التَّزْوِية: التسوية و الجمعُ، من الزَّي.
عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- أرْسلَت إليه أمُّ سَلَمة: يا بنيَّ؛ ما لِي أَرَي رعيَّتَك عنك مُزْوَرِّين، و عن جَنَابك نَافِرين؛ لا تُعَفِّ سبيلًا كان رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لَحَبَها، و لا تَقْدح بزَنْد كان أَكْبَاها. تَوَخَّ حيثُ تَوَخَّي صاحباك، فإنهما ثَكِماً الأمرَ ثَكَماً، و لم يَظْلماه.
ازورَّ عنه: إذا عَدَ و أَعْرَض، و هو افعلَّ، من الزّوَر. و تزاور و ازَّاوَرَّ نحوه.
التَّعْفِية: الطَّمْس. قال عَبِيد:
مِثْلَ سَحْقِ البُرْدِ عفَّي بعدكَ ال قطْرُ مَغْنَاهُ و تأويبُ الشَّمالِ «2»
لَحَبها: نفي عنها كلّ لبس، و كشَفَ كلّ عَماية، حتي ردَّها مِنْهاجاً واضحاً نقيًّا؛ من اللَّحْب و هو القَشْر. يقال: لَحَبه و لَحَاه، و طريق لَحْب و لاحب؛ أي ذو لَحْب.
أكْبَاها: أي عَطَّلها من القَدْح بها.
ثَكَمْتُ الطريقَ ثَكْماً؛ أي لَزِمته، و ثَكَمُ الطريق: وَسَطُه.
و لم يَظْلِماه؛ أي لم يُنْقِصاه و لا زَادَا عليه؛ من قول اللّٰه تعالي: وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً [الكهف: 33]. و من قول بعض العرب لقوم حفروا قَبْراً فسنَّموهُ، ثم زَادُوا علي تَسْنِيمه من غير تُرَابه: لا تَظْلِموا.

[زوج]:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه تعالي عنه- مَنْ أنفق من ماله زَوْجَيْنِ في سبيل اللّٰه ابتدرته حَجَبَةُ الجنة. قيل: و ما زَوْجان؟ قال: فَرسان أو عَبْدان أو بَعِيران من إبلِه.
كلُّ شيئين مُقْتَرنين شكلين كانا أو نَقيضَيْنِ فكلُّ واحدٍ منهما زَوْج و هما زَوْجَان، كقولك: معه زَوْجا حَمام و زَوْجا نِعَال، و وهبتُ من خيلي زَوْجَيْنِ؛ أي اثنين في قِرَان.

[زوق]*:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- إذا رأيتَ قريشاً قد هَدَموا البيتَ ثم بنوه و زوَّقوه، فإن استطعت أن تموت فمت.
______________________________
(1) ما له صيور: أي ليس له عقل و رأي.
(2) البيت من الرمل المرفل، و هو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص 120، و خزانة الأدب 7/ 198، 5/ 207، و الخصائص 2/ 255، و سر صناعة الإعراب 1/ 333، و شرح المفصل 9/ 17، و المقاصد النحوية 1/ 511، و بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 83، و المنصف 1/ 66.
(3) (*) [زوق]: و منه الحديث: ليس لي و لنبي أن ندخل بيتاً مزوقاً. النهاية 2/ 319.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 102
التَّزْوِيق: التَّزْيين و النَّقحش؛ لأنَّ النقضَ لا يكونُ إلا بالزَّاوُوق، و هو الزِّئْبقُ عند أهل المدينة.

[زور]:

المُغيرة رضي اللّٰه عنه- قال أَحْصَنْتُ ثمانين امرأةً؛ فأنا أعلمكم بالنساء، فوجدتُ صاحبَ المرأة الواحدة امرأةً؛ إن زارتْ زار، و إن حاضتْ حاضَ، و إن اعتلَّت اعتلّ. فلا يقتصرنَّ أحدُكم علي المرأة الواحدة؛ إذا طالت صُحْبَتُها معه كان مثلها و مثله مثل أبي جفنة و امرأته أم عُقَار؛ فإنه نَافَرها يوماً، فقال- و هو مُغَاضب لها: إذا كنت ناكحاً فإياك و كل مُجْفِرَة مُبْخِرة، مُنْتَفِخة الوريد، كلامُها وَعيد، و بَصَرُها حَدِيد، سَفْعَاء فَوْهَاء، مَلِيلة الإرغاء- و روي بليلة الإرعاد- دَائِمة الدُّعاء، فَقْمَاء سَلْفَع، لا تَرْوَي و لا تَشْبَع، دائمة القُطُوب، عَارِية الظُّنبوب، طَوِيلة العُرْقُوب، حَدِيدة الرُّكْبَة، سريعة الوَثْبَة، شرُّها يَفِيض، و خيرُها يَغِيض، لا ذاتُ رَحِم قريبة، و لا غريبة نَجِيبة، إمساكها مُصيبة، و طلاقُها حَرِيبة، فُضُلٌ مِئْنَاث، كأنها بُغَاث- و روي: كأنها نُفَاث، و روي: كأنها نِقَاب- حَمْلُها رِبَاب، و شرُّها ذُبَاب، وَاغِرة الضمير، عالية الهَرِير، شَثْنَةُ الكَفِّ، غليظةُ الخُفّ، لا تَعْذِر من عِلّة، و لا تَأْوِي من قِلَّة؛ تأكلُ لَمًّا، و تُوسِع ذَمًّا، تُؤَدّي الأَخْبار، و تُفْشِي الأَسْرَار، و هي من أهلِ النار.
فأجابته فقالت: بِئْسَ لعَمْرُ اللَّهِ زوجُ المرأة المسلمة، خُضَمَة حُطَمَة، أَحْمَر المأكَمَة، مَخْزُونُ الهَزْمَةِ- و روي: اللَّهْزَمة، له جِلْدة غز هرمة، و سُرَّة متقدمة، و شَعْرَة صَهْبَاء، و أُذُنٌ هَدْبَاء، و رَقَبَةٌ هَلْبَاء، لئيم الأخلاق، ظاهر النِّفَاق، صاحب حِقْدٍ و هَمٍّ و حُزْن، عِشْرَته غبْن، زعيم الأنفاس- و روي: سقيم النِّفَاس- رَهِين الكاس، بعيدٌ من كل خير في الناس، يسأل النّٰاسَ إِلْحٰافاً، و يُنْفِقُه إسرافاً، وجهُهُ عَبُوس، و خَيْره مَحْبُوس، و شَرُّه يَنُوس، أَشْأَم من البسوس.
إن زارت؛ أي زارت أَهْلَها و غَابَتْ عنه. قال:
كأن الليلَ موصولٌ بِلَيْلٍ إذا زَارَتْ سُكَيْنَةُ و الرّبابُ
مُجْفِرة: متغيرة ريح الجسد.
مُبْخِرة: ذات بَخَر.
مُنْتَفِخَة الوَرِيد: ينتفخُ وَرِيدها لفَرْطِ غَضَبها.
سَفْعَاء: سوداء الجِلْد.
فَوْهَاء: لقَحَل السنّ أو لسوء المَطْعَم.
الإرْغَاء: من الرُّغاء، يريد شدَّةَ الصوت و الجَلَبة، أو من إرغاء اللَّبن، يريدُ إزباد شِدْقها.
مَلِيلة؛ أي مملولة، أي يُمَلُّ صوتُها لكثرته. بَلِيلة: من بلل اللسان و الرِّيق، يقال:
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 103
فلان بليل الريق بذِكْرِ فلان، و رَطْب اللسان.
الإرْعاد: التهديد.
فَقْمَاء: مائِلةُ الفَقم، و هو الحَنَك.
سَلْفَع: وقحة.
الظُّنْبُوب: عَظْم الساق، و عُرْيهُ لهُزالها.
و لا غريبة نَجِيبة: يزعمون أن أولادَ الغرائب أَنْجب. قال:
تَنَجَّبْتها للنَّسل و هي غَرِيبةٌ فجاءت به كالبَدْر خِرْقاً مُعَمَّما
حَرِيبة من الحَرْبِ، كالشتيمة من الشتم؛ يريد أن له منها أولاداً فإذا طلَّقها حُرِبوا و فُجِعوا بها.
فُضُل: مختالة تُفْضِل من ذَيْلها.
نُفَاث؛ أي تَنْفُثِ البنات نَفْثاً.
نِقَاب: من قولهم: فَرْخَان في نِقاب، أي في بَطْنٍ واحد، و يقال: للرجلين: جاءا في نقاب واحد، و نِقَافٍ واحد، أي في مكان واحد. عن أبي عَمْرو: يريد أنها مُتْئِم، و هو عَيْب.
الذّباب: الشرُّ الدائم.
رِبَاب، من قولك: الشاةُ في رِبابها؛ و هو ما بين أن تضعَ إلي عشرين يوماً.
و المرأة أنها تحمل بعد الوَضْع بمدة يسيرة في أيام نِفَاسها، و إنما تُحْمَد أن تحمَل بعد أن تتم الرضاعة.
وَاغرة: من الوَغْر و هو الحِقْد.
شَثْنَة: خَشِنة.
الخُفّ: القدَم.
لا تَأوِي من قِلَّة: لا تَرْحَمُ زوجَها عند الفقر.
لَمًّا: كثيراً.
خُضَمة: حديد الخَضْم.
حُطَمَة: كثير الأكل؛ من الحَطْم، و هو الكَسْر.
المَأْكَمَتَانِ: لحمتان بين العَجُزِ و المَتْنَيْن، و إنما عنَتْ ما دونَها من سِفْلته، فكَنَتْ عنه، و حُمْرَة ذلك الموضع يُسَبّ به، أو أرادت: حُمْرَة جميع البدن، و ذلك من الهُجْنة.
محزون من الحزن؛ تُرِيد الخشونة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 104
الهَزْمَة: الوَقْبة بين الصَّدْرِ و العُنُق؛ تريد أنه خَشِنُ الصَّدْر ثقيله؛ كقول امرأة في امري‌ء القيس: ثقيل الصَّدْر. أو أرادت خشونة المَلْمس من بَدَنة أجمع، من الهَزْم، و هو غَمْزُك الشي‌ء تهزِمه بيدك هَزْماً.
و من روي: اللَّهْزمة، أراد: أنَّ لهَازِمَه تَدَلَّت من الحُزْن و الكآبة.
هَدْبَاء: متغضّنة مُتَدلِّية، من الشجرة الهدباءِ، و هي المتدَلِّية الأغصان.
هَلْبَاء: عَمَّها الشَّعْر؛ من الهُلْب.
الزعيم: الكفيل، أي هو موكَّل بالأنفاس يُصَعِّدُها؛ لغَلَبةِ الحسدِ و الكآبةِ عليه، أو أرادت أنفاسَ الشرب.
النِّفَاس: المنافسة؛ أي أَسْقَمه النّفاس.
يَنُوس: يتحرَّك و يضطرب لا يَهْدَأ و لا يَفْتُر شرُّه.
البَسُوس: مضروبٌ بها المثلُ في الشُّؤْمِ.

[زول]*:

قَتَادة رحمه اللّٰه تعالي- كان إذا سمع الحديثَ يَخْتَطِفُه اختطافاً، و كان إذا سمع الحديثَ لم يَحْفَظْه أخَذَه العويلُ و الزَّوِيل حتي يحفَظَه.
هو القَلَق؛ مِن زَالَ عن المكان زَوَالًا و زَوِيلًا، و منه الفتي الزَّوْل، و هو الخفيفُ الحركات.

[زور]:

الحَجَّاج- رحم اللّٰه امرأ زَوَّرَ نَفْسَه علي نفسه.
أي اتَّهَمَهَا عليها، يقال: أنا أزَوِّرك علي نفسك. و حقيقتُه: نَسبَها إلي الزُّورِ، كفَسَّقَه و جَهَّلَه.

[زوق]:

هشام بن عُروة رحمهما اللّٰه تعالي- قال لرجل: أنت أثقل عليَّ من الزَّاوُوق- و روي: من الزَّواقِي.
الزّاوُوق: هو الزِّئْبَق؛ لأنه ثَقيلٌ رَزِين.
و الزَّوَاقي: الدِّيَكة؛ لأنهم كانوا يسمُرون فيثقلُ عليهم زُقاؤها لانقطاع السَّمَر عنهم بانبلاج الفَجْر.

[زور]:

في الحديث- إِنَّ الجَارُودَ لما أَسْلَم وثَب عليه الحُطَم؛ فأخَذَه فشدَّه وَثَاقاً و جعله في الزَّأْرَة.
هي الأَجَمة؛ يقال للأسد: مَرْزُبَانُ الزَّأْرَةِ.
______________________________
(1) (*) [زول]: و منه في حديث كعب بن مالك: رأي رجلًا مُبْيضاً يزول منه السراب. و في حديث أبي جهل:
يزول في الناس. و حديث النساء: بَزْولةٍ و جلْسٍ. النهاية 2/ 320.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 105
مَزْوق في (ظل). زائلة في (عش). ثوبي زُور في (شب). ما زوي اللّٰه في (بر).

الزاي مع الهاء

[زهر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أوصي أبا قَتادة بالإنَاءِ الذي توضَّأَ منه فقال: ازْدَهِرْ به فإنّ له شأناً.
أي احتفظ به؛ و اجعله من بالك و وَطرِك، من قولهم قضيتُ منه زِهْرَتي؛ أي وطَري، قال جرير:
فإنك قَيْنٌ و ابْنُ قَيْنَيْنِ فازْدهِرْ بكِيرِك إن الكِيرَ للْقَيْنِ نافعُ «1»
و قيل افْرَحْ به، من قولهم للجَذْلان: مُزْدَهِر، و قولهم للبَخْتَرِيّة: الزَّاهِرية.
و أصل ذلك كله من الزَّهْرة، و هي الحسن و البَهْجَة؛ لأنه إنما يَحْتفظ به و يَفْرح إذا استحسنه، فكأنه قال: اعتدّ به اعتدادَك بما له زَهْرة.

[زهو]*:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن بيع الثمر قبل أن يُزْهُو.
يقال: زهي الثَّمَر و أزهي؛ إذا احمرَّ أو اصفرَّ. و أبي الأصمعي الإزهاءَ و لم يعرف أزهي. و في كتاب العين: يَزْهُو خطأ؛ إنما هو يُزْهَي.

[زهد]:

أَفْضَلُ الناسِ مؤمنٌ مُزْهِد.
هو القليلُ الماء، لأن ما عنده يُزْهَد فيه لقلَّته. قال الأعشي:
فلَمْ يَطْلُبُوا سِرَّها لِلْغِنَي و لم يُسْلِمُوها لإزْهَادِها «2»
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: قال في المملوك إذا أطاع اللّٰه و أطاع مَوَالِيَه: ليس عليه حسابٌ و لا علي مُؤْمنٍ مُزْهِد.

[زهر]:

ذكر الدَّجَّالَ، فقال: أعور جَعْد أزْهَر، هِجَان، أَقْمَر، كأن رأسه أصَلَةٌ، أشبه الناس بعَبْدِ العزي بن قَطَن، و لكنَّ الهُلْكَ كلَّ الهُلْكِ أنَّ ربَّكم ليس بأَعْوَر.
الأزهر: الأبيض.
______________________________
(3) (*) [زهر]: و منه في صفته عليه السلام: أنه كان أزهر اللون. و الحديث: سورة البقرة و آل عمران الزْهَراوان. النهاية 2/ 321.
(1) البيت في ديوان جرير ص 370.
(4) (*) [زهو]: و منه الحديث: من اتخذ زهاءً و نواءً علي أهل الإسلام فهي عليه وزرٌ. النهاية 2/ 323.
(2) البيت في ديوان الأعشي ص 75، و لسان العرب (زهد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 106
و منه
حديث صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أَكْثِرُوا [عليَّ] الصلاة في الليلة الغَرَّاء، و اليوم الأزهر.
قالوا: أراد ليلة الجمعة و يومها.
و منه
حديثه الآخر: إنهم سألوه عن جدّ بني عامر بن صَعْصَعَة فقال: جَمَلٌ أزْهَر مُتَفَاجّ، يتناولُ من أطراف الشجر.
و سألوه عن غَطَفان فقال: رَهْوَةٌ تنبَع ماءً- و يروي أنه قال: رأيت جدودَ العرب، فإذا جدّ بني عامر بن صعصعة جَمَلٌ آدمُ مقيَّد بُعُصْمٍ؛ يأكل من فروعِ الشجر.
و الهِجَان: الأبيض أيضاً.
و الأقْمَر: الشديد البياض.
الأَصَلَة: حيَّةٌ كبيرَةُ الرأس، قصيرةُ الجسم، تثبُ علي الفارس فتقْتُلُه- عن ابن الأنباري.
و قيل حيّةٌ خبيثة لها رِجْلٌ واحدةٌ تقوم عليها، ثم تدور، ثم تثب. و الجمع أصَل و أنشد الأصمعي:
يا ربِّ إن كان يَزيدُ قد أكَل لحم الصديقِ عَلَلًا بعد نَهَلْ «1»
فاقْدُرْ له أصَلَةً من الأصل كَيْسَاءَ كالقُرْصَةِ أو خُفِّ الجملْ
و قال الجاحظ: الأعراب يقولون: إنها لا تمرّ بشي‌ء إلا احْتَرق؛ و كأنها سُميت لإهلاكها و استئصالها.
الهُلْك: الهلاك أي و لكنَّ الهلاكَ كلَّ الهلاكِ للدَّجال أنَّ الناسَ يعلمون أن اللَّهَ سبحانه مُنَزّهٌ عن العَوَرِ و عن جميع الآفاق؛ فإذا ادّعي الرُّبُوِبيّة، و لبَّسَ عليهم بأشياء ليست في البَشر فإنه لا يقدرُ علي إزالةِ العَوَرِ الذي يسجل عليه بالبشرية- و
يروي: فأمَّا هَلَكَتْ هُلَّكٌ فإن ربكم ليس بأَعْوَر.
أي فإن هَلَك به ناسٌ جاهلون، و ضلُّوا فاعلموا أن اللّٰه ليس بأعور- و لو روي: فإمَّا هَلَكَتْ هُلّكٌ- علي قول العرب: افْعَلْ ذلك إمَّا هَلَكَتْ هُلّك- لكان وَجْهاً قوياً؛ و مَجْرَاهُ مَجْرَي قولهم: افْعَل ذلك علي ما خيَّلت، أي علي كل حال.
و هُلُك: صفة مفردة، نحو قولك: امرأةٌ عُطُل، و ناقةٌ سُرُح «2»، بمعني هالكة، و يريد بالهلكة نَفْسه.
و المعني افعله و إن هلكت نَفْسُك. و من العرب مَنْ لا يَصْرفها، كأنه جعلها علماً لنفسه، فكأنه قال: فكيفما كان الأمرُ فإن ربكم ليس بأعور.
______________________________
(1) البيتان بلا نسبة في لسان العرب (أصل).
(2) ناقة سرح و منسرحة في سيرها: سريعة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 107
المُتَفَاجّ: الذي يتفاجّ للبول، لأنه في خِصب، فهو يشرب الماء ساعةً فساعة؛ و إنما يتناولُ من أطراف الشجر، لأنه شبعان، فيستطرف و يَنْتَقِي، و لا يخلط خَلْط الجائع. قال ابن ميّادة:
إني امرؤٌ أَعْتَفِي. الحاجاتِ أطلبُها كما اعْتَفَي سَنِق يُلْقَي له العُشُبُ
الرَّهْوة: الأرضُ المرتفعة و المنخفضة، و أراد المرتفعة؛ شبّههم بالجَبَل في العزّ و المَنَعة.
الآدَم: الأبيض مع سَواد المقلتين.
العُصُم: أثر الورْس و الحِنَّاء و نحوهما. و منه قول الأعرابية: أعطيني عُصُمَ حِنّائِكَ، أي نضارته؛ فاستعير للوَذَح؛ أي صار ذلك له كالقيد. و قيل هو جمع عِصام و هو ما يعصم به الشي‌ء؛ أي يُرْبَط كعِصام القربة؛ يريد أن الخِصب ربطه فلا يبعد في المرعي، فهو كالمقيد الذي لا يبرح.

[زهو]:

إذا سمعتَ بناسٍ يأتون من قِبَل المشرق أُولِي زُهاء، يَعْجَبُ الناسُ من زِيّهم، فقد أظلت الساعة.
أي ذَوِي عدد كثير. قال ابن أحمر:
تقلدت إبريقاً «1» و علَّقْتَ جَعْبَةً لتُهْلِك حيًّا ذَا زُهاءٍ و حامِلِ «2»
و هو من زهوت القوم إذا حَزَرْتُهم، و ذلك لا يكون إلا في الكثير، فأما القليل فإنهم يُعَدَّون عداً، ألا تري إلي قوله عزَّ و علا: دَرٰاهِمَ مَعْدُودَةٍ [يوسف: 20]. يعني القلة.
و يقال: هم زُهَاء مائة، أي قدرُها، و حُزاء مائة من حَزَوْت القوم؛ إذا حَزَرْتَهم، و لُهاءُ مائة من لاهَي الصبيّ من الفطام- إذا قاربه. عن النَّضْر؛ و نُهاء مائة، من الانتهاء، و رُهاق مائة من راهقت؛ إذا دانيت، و زُهاق مائة من زَهقَ الخيلَ؛ إذا تقدمها، و نُهازُ مائة من ناهزَ الاحتلامَ؛ إذا قاربَه.

[زهر]:

إن أخوف ما أخاف عليكم ما يُخرِج اللّٰه من نبات الأرض، و زَهْرَةِ الدنيا. فقام رجل فقال: يا رسول اللّٰه، و هل يأتي الخيرُ بالشر؟ فسكت ساعة، و أرينا أنه يُنْزَل عليه، فأفاق و هو يمْسَحُ عنه الرُّحَضاء «3»، و قال: أينَ هذا السائل؟ فكأنه حَمِدَه، فقال: إن الخير لا يأتي إلا بالخير، و لكنَّ الدنيا حلوة خَضِرَة، و مما ينبت الربيع ما يَقْتُلُ حَبَطاً أو يُلمّ؛ إلا آكلة الخَضِر؛ تأكلُ حتي إذا امتدّتْ خاصرتاها اسْتَقْبَلَتْ عين الشمس، فَثَلَطَتْ و بالت، ثم عادتْ
______________________________
(1) تقلدت إبريقاً: تقلدت سيفاً شديد البريق.
(2) البيت في لسان العرب (زها).
(3) يمسح عنه الرحضاء: يمسح عنه العرق.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 108
فأكلت، ثم أفاضت فاجترَّتْ؛ من أخذ مالًا بحقِّه بُورِك له فيه، و من أخذ مالًا بغيرِ حقِّه لم يبارك له فيه، و كان كالذي يأكلُ و لا يشبع.
زَهْرتها: حُسْنها.
خَضِرة: خَضْراء ناعمة؛ يقال: أخضر و خَضِر؛ كقولهم: أعور و عَوِر.
الخَضِر: نوع من الجَنْبَة «1» واحدته خَضِرة، و ليس من أحرارِ البُقول، و لا من بقول الربيع، و إنما هو من كلأ الصيف في القيظ، و النَّعم لا تستكثِر منه و تستوبِله. قال طَرَفة:
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ إذا أنْبَتَ الصيفُ عساليجَ الخَضِرْ «2»
حَبِطَ بطنه: إذا انتفخ فهلك حَبطاً، و حَبِطَ عملُه حبْطاً- بالسكون.
يُلِمّ: يكاد.
أراد: أنّ الدنيا مُونِقةٌ تعْجب الناظرين فيستكثرون منها فَتَهْلِكهم، كالماشية إذا استكثرتْ من المرعي حَبِطت؛ و ذلك مثل للمسرف. و المقتصدُ محمودُ العاقبةِ كآكلة الخضر.

[زهد]*:

خالد- كتب إلي عمر رضي اللّٰه عنهما: إنّ الناس قد انْدَفَعُوا في الخمر، و تَزَاهَدُوا الجَلْد.
أي احتقروه، و رأوه، زهيداً؛ أي قليلًا. و منه قول عمرو بن معديكرب:
و لو أبصرتَ ما جَمَعْ ت فوق الورد تَزْدَهِدْهُ
أي تحتقره.

[زهي]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قال أيمن: دخلتُ عليها، و عليها دِرْعٌ قيمتُه خمسة دراهم، فقالت: إن جاريتي تُزْهَي أن تلبَسه في البيت، و قد كان لي منه دِرعٌ علي عهد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فما كانت امرأة تُقَيَّن في المدينة إلا أرسلتْ إليّ تستعيره.
من الزهو، و هو الكِبْر، و أصلُه الرفع.
تُقَيَّن: تُزَيَّن لزفافها، و منه اقتانت الرَّوضة؛ إذا ازدانت.
المزاهر في (ذف). المِزْهَر في (غث). أزهر في (مغ). زاهق في (حب). زهوه في (عد). فما أُزهِف في (جد). تزهق في (قد).
______________________________
(1) الجنبة: ما كان بين الشجر و البقل.
(2) البيت في لسان العرب (مخر).
(3) (*) [زهد]: و منه الحديث: أفضل الناس مؤمن مزهد. و منه حديث ساعة الجمعة: فجعل يُزَهِّدها. النهاية 2/ 321.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 109‌

الزاي مع الياء

[زيب]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إن اللّٰه تعالي خَلَقَ في الجنة رِيحاً بعد الريح بسبع سِنين، من دونها باب مُغلق؛ فالذي يأتِيكم من الريح مما تخرجُ من خلال ذلك الباب، و لو أن ذلك الباب فُتح لأَدرت ما بين السماء و الأرض من شي‌ء. اسمها عند اللّٰه الأزْيَبُ، و هي فيكم الجَنُوب.
كأنها سُمِّيَتْ لخفيفها و سرعة مَرِّها؛ من قولهم مَرَّ فلان و له أَزْيب «1» و أَذْيَبّ، إذا مَرّ مَرًّا سريعاً، و قيل للداهية: أزْيَب؛ لأنها تستفزّ و تقلق. قال سالم المحاربي يرثي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم:
و تبكيه شُعْثٌ خِماصُ البُطُونِ أضَرَّ بهِمْ زَمَنٌ أزْيَبُ
و كأنه قلب لقولهم في الْخِفَّة و النشاط الأُزْبيّ «2»، و للدواهي: الأزابي.

[زين]*:

شُريح رحمه اللّٰه- كان يُجيز من الزينة و يَرُدّ من الكَذِب.
قالوا: هذا في تدليس البائع؛ و هو أن يبيع منه الثوب علي أنه هرويّ أو مَرْوِي «3»؛ فللمبتاع الردّ إنْ لم يكن كذلك، و إن زَيّنه بالصِّبْغ حتي ظُنَّ أنه هَرَوِيّ فليس له الرد؛ لأنه كان عليه التقليب و النظر.

[زير]*:

في الحديث: إن اللّٰه عزَّ و جلَّ قال لأيُّوب عليه السلام: إنه لا ينبغي أن يخاصمني إلا من يجعل الزِّيارَ في فم الأسَد و السِّحَال في فم العنقاء.
الزِّيار: ما يَشُدُّ به البَيْطارُ جَحْفَلَةَ الدابة. و زيَّره: إذا شَدَّه به.
السِّحَال بمعني المِسْحَل، و هو الحلْقة المُدْخَلة في الأخري علي طَرَف شَكِيمَةِ اللجام، و هما مِسْحَلان في طَرفَيها.
زينتها في (حي). أزل في (جل). فلم يزد في (وض).
[آخر الزاي]
______________________________
(1) الأزيب: النشاط، و إنه لأزيب البطش شديده (القاموس المحيط: أزب).
(2) الأزبي، كتركي: السرعة و النشاط و جمعه أزابي (القاموس المحيط: أزب).
(4) (*) [زين]: و منه الحديث: زيِّنوا القرآن بأصواتكم. و في حديث الاستسقاء: اللهم أنزل علينا في أرضنا زينتها. النهاية 2/ 326.
(3) الهروي: نسبة إلي هراة، و المروي: نسبة إلي مرو.
(5)* [زير]: و منه الحديث في صفة أهل النار: الضعيف الذي لا زير له. النهاية 2/ 324.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 110‌

حرف السين

السين مع الهمزة

[سأب- سأت- سأد]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- في حديث المَبْعَث، ذكر أن جبريل قال له: اقرأ، قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فلم أدْرِ ما أقرأ، فأخذ بحلْقِي، فَسَأَبني حتي أجْهَشْتُ بالبكاء، فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق: 1]، فرجع بها رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم تَرجُف بوادِرُه.
سَأَبه و سأَتَه و سأَده: أخوات، بمعني خَنَقه. و كذلك ذَأته و ذَأطه و ذَعطه.
جَهَشت نفسه للبكاء و الحزن و الشوق، إذا اهْتاجتْ و تَهيَّأَتْ؛ من قولهم: جَهَش القوم عن الموضع إذا ثاروا: و رأيت جاهِشةً من الناس، و أجْهَشْتُه عن الأمر و أجْهَضْتُه: أعجلته.
و قال النَّضْر: الجَهْشة: العَبْرة.
البادِرَة: اللحمة التي بين المنكِب و العُنُق. قال:
و جاءت الخيلُ مُحْمَرًّا بوادِرُها «1»
و قيل: التي بين الإِبِط و الثَّدْي، و قيل هي المَنْحر.
و بُدِر: طُعن في بادِرته، و يقال للخائف: رَجَفَتْ بوادرُه، و أرْعَدَتْ فرائصه.
الضمير في بها للكلمات، أو الآيات، فقد روي أن المنزَل عليه بَدِيًّا من هذه السور خمس آيات.

[سأم]*:

استأذن عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم رَهْطٌ من اليهود، فقالوا: السَّامُ عليكم يا أبا القاسم، فقالت عائشة: عليكم السَّامُ و الذَّامُ و اللعنة و الأفْن و الدّام «2». فقال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لها: لا تقولي ذلك،
______________________________
(1) عجزه:
زوراً و زلَّت يدُ الرامي عن الفوق
و البيت لخراشة بن عمرو العبسي في لسان العرب (بدر).
(3) (*) [سأم]: و منه الحديث: إن اللّٰه لا يسأم حتي تسأَموا. النهاية 2/ 328.
(2) الدام: أي الموت الدائم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 111
فإنّ اللّٰه لا يحب الفحش و لا التَّفاحش.
و يروي أنه قال لها: إن اللّٰه يحبُّ الرفْقَ في الأمر كله، ألَمْ تعلم ما قالوا! قالوا: السّام عليكم. فقال: قد قلت: عليكم.
هكذا رواه قَتادة، و قال: معناه: تسأمون دينكم، يقال: سَئِمه و منه سأْماً، و سأَماً، و سآمةً، و سَآماً. قال النابغة:
علي إثْرِ الأدِلة و البَغَايا و خَفْقِ الناجياتِ من السآم «1»
أي تخفق من السآم، بمعني تضطرب من ملال السير و الإعياء.
و رُوي من الشّآم، بمعني غزو عمرو بن هند الشآم.
و رواه غيره السام، و هو الموت. فإن كان عربياً، فهو من سام يَسُوم؛ إذا مضي، لأن الموت مُضِيّ. و منه قيل للذهب و الفضة سام؛ لمضائهما و جولانهما في البلاد، و لذلك سمي الدرهم قَرْقُوفاً. و القَرْقُوف: الخفيف الجوّالُ. و في كلامهم: أبيضُ قَرْقُوف؛ لا شَعَر و لا صُوف، في كل بلد يَطُوف.
و كان خالد بن صفوان إذا حصل في يده دِرْهَمٌ قال: يا عيّار «2»، كم تَعِير! و كم تطوف و تطير! لأُطِيلَنّ ضجعتك. ثم يطرحه في الصندوق و يُقْفِلُ عليه.
و قالوا في البِرْسَام: معناه ابنُ الموت و بُرْ- بالسريانية: الابن، و قد تصرفت فيه العرب فقالوا: بِلْسام و جِرْسام.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في رد السلام علي اليهود إنهم يقولون السَّام عليكم، فقولوا: و عليكم.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: في هذه الحبة السوداء شِفَاء من كل داء إلّا السَّام. قيل: و ما السّام؟ قال:
الموت.
الدام: الدائم.
الأفْن: النقص، و رجل أفين و مأفون: ناقص العقل. و قد أفنها الحالب؛ إذا لم يَدَعْ في ضَرْعها شيئاً.
الذامُ و الذّان و الذّاب: العيب.
الفحش: زيادة الشي‌ء علي مقداره.
رَدَعها عن العُدْوان في الجواب. قال النَّمِر بن تَوْلب:
و قد تَثَلَّم أنيابي و أدْرَكَنِي قِرْنٌ عليّ شديد فاحشُ الغَلَبَهْ
______________________________
(1) البيت في ديوان النابغة ص 103.
(2) العيار: كثير المجي‌ء و الذهاب في الأرض، و عار: ذهب علي وجهه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 112
ساسم في (زخ). سآمة في (عب). سئتاها في (قح). سائرها في (أز).

السين مع الباء

[سبخ]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، قال لعائشة- و سمعَها تدعُو علي سارق: لا تُسَبِّخِي عنه بدعائكِ عليه.
أي لا تُخَفِّفِي، يقال: اللهم سَبِّخْ عني الحُمَّي، أي سُلّها و خففها. و قال اللِّحيانيّ:
سَبَّخَ الْحَرُّ تسبيخاً إذا صار خَوَّاراً «1». و منه قوله تعالي: سَبْخاً طَوِيلًا [المزمل: 7]؛ أي راحة و خفة. و هذا مثل
حديثه الآخر: «مَنْ دعا علي من ظلمه فقد انتصر».

[سبغ]*:

ثلاثة كفَّارات: إسْباغُ الوضوء في السَّبَرات، و نقلُ الأقدام إلي الجماعات، و انتظار الصلاة بعد الصلاة.

[سبر]*:

السَّبْرة: شدة البرد؛ قال الحُطيئة:
عظامُ مَقيلِ الهام غُلْبٌ رقابُها «2» يباكرن حَدَّ الماء في السَّبَرَات «3»
سَمِّيَتْ بذلك لأنها من محنة اللّٰه و بلائه؛ من قولك: اسْبُرْ ما عند فلان، أي إبْله، و من ثم كني السِّمْع الأزَلّ بأبي سَبْرة.

[سبع]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لأمّ سَلَمة حين تزوجها- و كانت ثَيِّباً: إن شئتِ سَبَّعتُ عندَك، ثم سبَّعتُ عند سائر نسائي، و إن شئتِ ثَلَّثْتُ؛ ثم دُرْتُ لا أحتسب بالثلاث عليك.
اشتقوا «فَعَّل» من الواحد إلي العشرة، فمن ذلك سَبَّع الإناء؛ إذا غسله سبع مرات.
قال أبو ذؤيب:
كَنَعْتِ التي جاءت تُسَبِّعُ سُؤْرها و قالت حرام أنْ يُرَجَّلَ جارها «4»
______________________________
(5) (*) [سبخ]: و منه حديث علي: أمهلنا يسبِّخْ عنا الحرُّ. النهاية 2/ 332.
(1) خار الحر: ضعف و انكسر.
(6) (*) [سبغ]: و منه الحديث: كان اسم درع النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ذو السُّبُوغ. و في حديث الملاعنة: إن جاءت به سابغ الأليتين. و منه حديث شريح: أسبغوا لليتيم في النفقة. النهاية 2/ 338.
(7) (*) [سبر]: و منه الحديث: يخرج رجل من النار قد ذهب حبره و سبره. و منه حديث زواج فاطمة: فدخل عليها رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في غداة سبرات. النهاية 2/ 333.
(2) غلب، جمع أغلب: الغليظ الرقبة.
(3) البيت في ديوان الحطيئة ص 57، و رواية عجز البيت في الديوان:
يُبَاكِرْنَ بَرْدَ الماء بالسَّبَرَاتِ
(8) (*) [سبع]: و منه الحديث: أوتيت السبع المثاني. و منه حديث سلمة بن جنادة: إذا كان يوم سبوعه. النهاية 2/ 335، 336.
(4) البيت في ديوان الهذليين 1/ 26.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 113
و سبِّع المولود؛ إذا حُلِق رأسه، و ذبح عنه بعد سبعة أيام.
و قال أعرابيّ لرجل أحسن إليه: سَبَّع اللّٰه لك! أي جَزاك بواحد سَبْعة. و سبّع عند امرأته: أقام عندها سبعاً، و ثلَّث: أقام ثلاثاً.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: للبِكْرِ سبْع، و للثَّيب ثلاث.
أي زيادة علي النوبة عند البناء.
[سبع]:
نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن السِّبَاعِ.
هو أن يَسْبَعَ كلُّ واحد من الرجلين صاحبَه، أي يطعن فيه، و يَثْلُبه، و اشتقاقه من السَّبْع؛ لأنه يفعل بِعِرْض أخيه ما يفعله السّبْع بالفريسة؛ ألا تري إلي قولهم: يمزّق فَرْوَتَه، و يأكلُ لحمه.
و عن ابن الأعرابيّ أنه الفَخار بكثرة الجماع.
و عنه: أنه كثرة الجماع.
و منه
الحديث: إنه اغتسل من سِبَاع كان منه في شهر رمضان.
و كأنّ ذلك من السَّبْع لأنّ هذا العدد يُستعمل في الكثرة. و منه قوله عزَّ و علا: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنٰابِلَ [البقرة: 261]. و قوله تعالي: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً [التوبة: 80].
و
قول باب مدينة العلم عليه السلام:
لأُصْبِحنَّ العاصيَ ابنَ العاصِي سبعين ألفاً عَاقِدِي النَّواصِي
و لبعض أهل العصر:
و قد خَطَبْتُ علي أعواد منبره سَبْعاً دِقاقَ المعاني جَزْلة الكلم
كنّي بهذا عن السبّاع. و لقد أحسن في إساءته غفر اللّٰه له، و تاب عليه إنه جواد كريم!

[سبط]*:

أتي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سُبَاطة قومٍ فَبَالَ، ثم تَوَضَّأ، و مسَحَ علي خُفَّيه.
هي الكُنَاسة التي تطرح كلَّ يوم بأفْنِية البيوت فتكثر؛ من سَبَط عليه العطاء إذا تابعه و أكثره.

[سبأ]:

تسعة أعْشِراء الرزق في التجارة، و الجزء الباق في السَّابياء.
هي النِّتاج.
______________________________
(1) (*) [سبط]: و منه في صفته عليه السلام: سَبْط القَصَب. و في حديث الملاعنة: إن جاءت به سبطاً فهو لزوجها. و منه الحديث في صفة شعر صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ليس بالسبط و لا الجعد القطط. و الحديث: الحسين سبط من الأسباط. النهاية 2/ 334.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 114
و يقال: إن لفلان لَسَابياء، و بنو فلان تروح عليهم سَابِياء. تراد كثرة المواشي، و هي في الأصل الجِلْدة التي يخرج منها الولد، من سبأت جِلْدَه، إذا سلخته. و سَبِيُّ الحية:
مسلاخها. قال كُثَيِّر:
يُجَرِّدُ سِرْبالًا عليه كأنَّهُ سَبيُّ هلالٍ لم تُخَرَّقْ شرانِقه «1»
و يعضد ذلك تسميتهم لها مَشِيمة، من شامَ السيفَ من غِمْده، إذا سلّه.
و سَلًي، من سَلَا عن الهمّ إذا فُرج.

[سبح]*:

و
في حديث عمر رضي اللّٰه عنه: ما لُكَ يا ظَبْيَان؟ قال: عطائي ألفان.
قال: اتّخذ من هذا الحرْث و السابِياء قَبْلَ أنْ يليك غِلْمة من قريش، لا تَعُدُّ العطاءَ معهم مالًا. لعلكم ستُدركون أقواماً يؤخرون الصلاة، فصلوا في بيوتكم للوقت الذي تعرفون، و اجعلوا صلاتكم معهم سُبْحة.
و روي: نافلة.
السُّبْحة: من التسبيح كالعُرضة من التعريض، و المتْعة من التَّمتيع، و السُّخْرة من التَّسخير، و المكتوبة و النافلة و إن الْتَقَتا في أن كل واحدة منهما مُسَبّح فيها؛ إلا أنّ النافلة جاءتْ بهذا الاسم أخصّ من قِبَلِ أن التسبيحات في الفرائض نوافل؛ فكأنه قيل: النافلة سُبْحة، علي أنها شبيهة الأذكار في كونها غير واجبة.
و
في حديث ابن عمر رضي اللّٰه عنهما: أنه كان يصلِّي سُبْحَتَه في مكانه الذي يصلي فيه المكتوبة.
و أما السُّبُحات و هي جمع سُبْحة كغُرْفة و غُرُفات في
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنّ جبرئيل قال: للّٰه دون العرش سبعون حجاباً لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سُبُحات وجه ربنا، فهي الأنوار التي إذا رآها الراءون من الملائكة سبّحوا و هللوا لما يَروعهم من جلال اللّٰه و عظمته.

[سبق]*:

من أدخل فرساً بين فرسين، فإن كان يُؤْمَنُ أن يُسْبَقَ فلا خير فيه، و إن كان لا يُؤمن أن يُسْبق فلا بأس به.
أي إن كان الفرس المحلِّل- و يقال له الدّخيل- بليداً يؤمن سبقه فهو قِمار لا يجوز، كأنهما لم يُدخلا بينهما شيئاً، و إن كان جواداً رائعاً لا يؤمن سبقه فهو جائز. و الأصل فيه أنّ
______________________________
(1) الشرانق: ما انسلخ من جلد الثعبان.
(2) (*) [سبح]: و منه في حديث الدعاء: سبوح قدوس. و في حديث الوضوء: فأدخل إصبعيه السبَّاحتين في أذنه. النهاية 2/ 332.
(3) (*) [سبق]: و منه الحديث: لا سبق إلا في خف أو حافرٍ أو نعل. و الحديث: استقيموا فقد سبقتم سبقاً بعيداً. و في حديث الخوارج: سَبَق الفَرْثَ و الدم. النهاية 2/ 338.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 115
الرهن إذا كان من كلا المستبِقيْن أيُّهما سبق أخذه فهو القِمار المنهيّ عنه، و إن كان من أحدهما جاز، فإذا أدخلا المحلِّل بينهما و وضعا رهنين دون المحلِّل أيهما سبق أخذ الرهنين، و إن سبق المحلِّل أخذهما، و إن سبق فلا شي‌ء عليه فهو طيب.

[سبت]*:

رَأي رَجُلًا يمشي بين القُبُور في نَعْلَيْنِ فقال: يا صاحبَ السِّبْتَيْن، اخْلَعْ سِبْتَيْكَ و روي: السِّبْتِيَّين، و سِبْتِيَّيْك.
السِّبْت: كلُّ جلد مدبوغ عن أبي عمرو.
و قال الأصمعي: المدْبوغُ بالقَرَظ، و هو من قولهم: انسَبَتَت البُسرَة إذا جري الإرْطَابُ في كلِّها و لانَتْ، و أرض سَبْتَاء؛ و هي الليِّنة السهلة لأن الجلد إذا دُبغَ لَان.
و قيل: هو من السِّبْت، و هو الحَلْق؛ لأن الشَّعر يُسْبَتُ عنه و يُزال.

في حديث ابن عمر أنه قيل له: إنّك تلبس النعال السّبتيّة، فقال: رأيت النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يلبس النعال التي لا شعر عليها، و إذا أحب أن ألبسها. و إنما اعترض عليه لأنها نعال أهل النّعمة و السعة]
. و
في حديث ابن عَمْرو رضي اللّٰه عنهما إنه قيل له و هو بمكة: لو أردت لأخذت بِسِبْتَيَّ فمشيت فيهما، ثم لم أمْذَحْ حتي أطأَ علي المكان الذي تخرج منه الدّابة.
المَذْح: اصطكاك الفخِذين، و إنما يَمْذَح السمينُ من الرجال، و كان عبدُ اللّٰه بن عمرو سميناً.
أراد إني مع سِمَني لا أمْذَحُ حتي أبلغ موضع خروج الدابة لقربه من مكة. و منه قوله:
لو شئت ألا أنتقل حتي أضعَ قدمي علي المكان الذي تخرج منه الدابة لفعلت من أجْيَاد مما يلي الصَّفا.
و قولهم للنعل المحذوّة من السِّبْت: سِبْت، كقولهم: فلان يلبَس القطن و الصوف، و فلان يلبَس الإبْرِيَسم، يريدون الثِّيَابَ المتَّخذةَ منها.
و
عن الحَجَّاج أنه كان إذا أراد لُبْس نعليه قال: أرُوني سِبْتِي، قيل إنما أمرَه بالخلع لقَذَرٍ كان بهما.
و قيل: احتراماً للمقابرِ، و يجوز أن يكون لاخْتيالِه.

[سبع]:

إنَّ ذئباً اخْتَطَفَ شاةً من غَنَمٍ أيام المَبْعَث، فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب:
مَنْ لها يومَ السَّبْع!
قال ابن الأعرابيّ: هو الموضع الذي إليه المحْشَر يوم القيامة، أي مَنْ لها يوم القيامة.
______________________________
(1) (*) [سبت]: و منه الحديث: فما رأينا الشمس سبتاً. النهاية 2/ 331.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 116‌

[سبح]:

عُمَر رضي اللّٰه تعالي عنه- جَلَد رَجلين سَبَّحَا بعد العصر.
أي صَلَّيا، من قوله تعالي: فَلَوْ لٰا أَنَّهُ كٰانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ [الصافات: 143].
المراد بالجَلْد ضَرْبٌ من التَّعْزِير.

[سبهل]:

إني لأَكْرَهُ أن أري أحَدَكم سَبَهْلَلًا؛ لا في عَمَلِ دُنْيا و لا في عَمَلِ آخرة.
قال الأصمعيّ: جاء يمشي سَبَهْلَلًا؛ إذا جاء و ذهب فارغاً من غيرِ شي‌ء.
و قال أبو زيد: رأيت فلاناً سَبَهْلَلًا؛ و هو المختالُ في مِشْيَتِه. و أنشد:
سَبَهْلَلُ الرَّوْحَةِ لَعَّابُ الضُّحَي
و قال رؤبة:
أَغْدُو قَرِينَ الفارغِ السَّبَهْلَلِ
و السَّبَغْلَلُ: مثله، و يمكن أن يقال: إنهما من إسْبَالِ الذيل و إسْبَاغه، علي زيادة الهاء في الأول و اللام في الثاني.
التنكير في دنيا و آخرة يؤول إلي المضاف إليهما؛ و هو العمل كأنه قال: لا في عمل من أعمال الدنيا و لا في عمل من أعمال الآخرة.
و
في الحديث: لا يجيئنّ أحدُكم يوم القيامة سَبَهْلَلًا
، أي فارغاً ليس معه من عمل الآخرة شي‌ء.

[سبر]:

الزُّبير رضي اللّٰه عنه قيل له: مُرْ بَنِيك حتي يتزوجوا في الغَرائب فقد غلب عليهم سِبْرُ أبي بكر و نحولُه.
قال المبرِّد: سَبَرْت الدابة لأعلم لُؤمَها من كَرَمِها، و كيف حَرَكتُها و ما نسبُها.
و يقال: إني لأعرف سِبْر أبيه فيه، أي علامتَه و شَبَهَه. و أنشد أبو زيد:
أنا ابنُ المضرحِيِّ أبي شُلَيْلِ و هل يَخْفَي علي الناس النَّهَارُ
علينا سِبْرُه و لكلِّ فَحْلٍ علي أوْلادِه منه نِجَارُ
و كان أبو بكر رضي اللّٰه عنه دقيقَ المحاسن نحيفاً، فأمره الرجل بأن يُزَوِّجهم الغَرائب، ليجتمع لهم حسنُ أبي بكر و شدّةُ غيره.
حتي بمعني كَيْ، مثلها في قولك: أسلَمْت حتي أدخلَ الجنة.

[سبل]:

سلْمان رضي اللّٰه عنه- رُئِيَ بالكوفَةِ علي حمار عريّ، و عليه قميص سُنْبُلَانِيّ.
هو السابغ المسنبل، و قد سَنْبَلَ قَمِيصَه إذا جر له ذَنَباً من خَلْفه أو أمامه، و النون مزيدة لعدمها في أسْبَل، و كذا في السُّنْبل لقولهم: السّبل في معناه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 117‌

[سبب]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- لا تَمْشِينَّ أمامَ أبيكَ، و لا تجلسْ قَبْله و لا تَدْعُه باسمه، و لا تَسْتَسِبّ له.
أي لا تجرّ إليه المسبَّة بأن تسبّ أبا غيرك فيسبَّ أباك.
و نحوه ما
روي عن عبد اللّٰه بن عمر رضي اللّٰه عنهما عن النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنه قال: إن من أكْبَرِ الكبائر أن يَسُبَّ الرجلُ والِدَيْه؛ قالوا و كيف يَسُبّ والديه؟ قال: يَسُبّ الرجلَ فيسبُّ أباه و أمه.

[سبر]:

ابنُ عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال حبيب بن أبي ثابت: رأيت عَلَي ابنه عبَّاس ثوباً سابِرِيًّا أسْتَشِفُّ ما وراءه.
قال ابن دريد: كل رقيق عندهم سابِرِيّ، و منه قولهم: عَرْضٌ سابِرِيّ، و الأصل فيه الدُّرُوع السابِرِيّة؛ و هي منسوبة إلي سابُور.
أستشف ما وراءَه؛ أي أبصره، و يقال: كتبت كتاباً فأستشفّه، أي أتأمّل ما فيه: هل وقع خلل أو لحن.
و تقول للبزّاز: استشف هذا الثوب، أي اجعلْه طاقاً، و ارفْعه في ظل حتي أنظر:
أ كثيف هو أم سخيف.
و عن ابن الأعرابي عن بعض الأعرابيات: هو غِنًي يُشَفُّ الفقر من ورائه؛ بمعني يُسْتَشَفّ، و شفّ الثوبُ عن المرأة شُفوفاً و شَفيفاً؛ إذا أبدي ما وراءه.

[سبد]*:

قال محمد بن عبّاد بن جعفر رحمهم اللّٰه: رأيتُ ابنَ عباس قدم مكة مُسَبِّداً رأسه، فأتي الحَجَر فقبَّله، ثم سجد عليه.
السَّبَد: الشَّعر، من قولهم: ما له سَبَد و لا لَبَد. و يقال للعانة: السَّبَدَةُ علي الكناية، و منه سَبَد رأسَه؛ إذا طمَّ سبَدَه مُستقصِياً. و مثله جَلَّد البعيرَ؛ إذا كَشط جِلْدَه، و سَبده؛ إذا أعْفَاه عن الغسل و الدَّهْن؛ أي تركه سَبَداً ساذجاً بلا دُهْن و لا ماء. قالوا: و هو المراد في الحديث، و يجوز أن يكون من سَبَّد رأسه، إذا بلّه بالماء؛ من السُّبَد، و هو طائر كثير السَّبَد،
______________________________
(1) (*) [سبب]: و منه الحديث: كل سبب و نسب ينقطع إلا سببي و نسبي. و منه حديث عقبة: و إن كان رزقه في الأسباب. و الحديث: ليس في السبوب زكاة. و منه حديث صلة بن أشيم: فإذا سِبٌّ فيه دوخلة رُطَب.
و في حديث ابن عباس: أنه سئل عن سبائب يُسْلَف فيها. و حديث عائشة: فعمدت إلي سبيبةٍ من هذه السبائب فَحَشَتْها صوفاً ثم أتتني بها. و الحديث: سباب المسلم فسوق و قتاله كفر. و منه الحديث:
دخلت علي خالد و عليه سبيبةٌ. النهاية 2/ 329، 330.
(2) (*) [سبد]: و منه في حديث الخوارج: التسبيد فيهم فاشٍ. و الحديث: سيماهم التحليق و التسبيد. النهاية 2/ 333.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 118
أي الريش؛ ليِّنُه جداً إذا أصابه أدني ندي قَطَر ريشُه ماء. و العرب تُشبّه به الفرس إذا عَرِق، قال:
كأنه سُبَد بالماء مَغْسولُ «1»
و منه يقولون لكل لَثِق «2» ندٍ سُبَد، و قد سُبِّدَت ثيابك.
و للمحرم أن يغتسل و يدخل الحمّام و لا يغسل رأسه و لا لحيته بخِطْمِيّ «3» و نحوه.

[سبنج]:

عليّ بن الحسين عليهما السلام- كان له سَبَنْجُونَة من جلود الثعالب؛ كان إذا صلَّي لم يلبَسْها.
هي فَروْة من ثعالب؛ و كان أبو حاتم يذهب إلي لون الخضرة آسْمان جون.

[سبط]:

عائشة رضي اللّٰه عنها- كانتْ تضرب اليتيم يكون في حِجْرها حتي يُسْبِط.
أي يمتدّ علي وجه الأرض، يقال: دخلت علي المريض فتركته مُسْبَطاً؛ أي لَقًي لا يتكلّم و لا يتحرّك.

[سبطر]:

شُرَيح رحمه اللّٰه- إن امرأتين اختصمتا إليه في وَلَد هِرّة، فقال: ألقوه مع هذه فإن هي قَرَّتْ و دَرَّتْ و اسبطرَّت فهو لها، و إن هي مَرَّتْ و فَرَّتْ و اقشعّرت فليس لها- و روي: هرّت و ازْبَأَرَّت.
اسبَطَرَّ في معني أسْبَط، و لوِفَاقِه له في ثلاثة الأحرف لا يكون منه اشتقاقاً؛ و إن وافقه معنًي، لأن الراء لا تكون مزيدة. و المعني امتدادُها للإرضاع، و سَلسُها له.
ازبأَرّ نحو اقشعرّ، و يجوز أن يكون من الزُّبْرة؛ و هي مجتمع الوَبر في المرفقين و الصدر، لأنها تنفِّش زُبْرَتَها.
و
في حديث عطاءٍ رحمه اللّٰه: إنه سُئِل عن الرجل يَذبح الشاة ثم يأخذ منها يداً أو رجلًا قبل أن تَسْبَطِرّ؛ قال: ما أخذت منها فهو مَيْتة.

[سبع]:

في الحديث: سَبَّعَتْ سُلَيم يوم الفتح.
أي تمَّت سبعمائة رجل؛ و هو نظير ثبّيت المرأة و نيّبتِ الناقة.
سبيج في (فر).
______________________________
(1) صدره:
تقريبه المرطَي و الجوز مُعْتَدلٌ
و البيت لطفيل الغنوي في لسان العرب (سبد).
(2) اللثق: المبتل بالماء.
(3) الخطمي: نبات.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 119‌

السين مع التاء

[ستل]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كان أبو قَتادةَ معه في سَفَر، قال: فبينا نحن ليلةً مُتَساتِلين عن الطريق نَعَس رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقلتُ: يا رسولَ اللّٰه؛ لو عَدَلْتُ فنَزَلْتَ حتي يَذْهَبَ كَراك؟ قال:
فابْغِنَا مكاناً خَمِراً، فعدَلتُ عن الطريق، فإِذا أنا بعُقْدةٍ من شجر، فنزلْنا فما استيقظنا إلا بالشمس [فقمنا] وَهِلين من صلاتنا، و شكوْنا إلي رسولِ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم العطش فدعا بالميضأةِ، فجعلها في ضِبْنِه، ثم الْتَقَمَ فمَها، فاللّٰه أعلم: أنَفَثَ فيها أم لا؟ فشرب الناس حتي رَوُوا- و روي: فتَكَاتَّ الناسُ علي المِيضأة، فقال: أحْسِنُوا المَلاءَ فكلكم سَيَرْوَي.
يقال: تساتلَ القومُ، و تسيتلوا، و تسبسبوا؛ إذا تَتَابَعُوا واحداً في إِثْر واحد، و كل شي‌ء تتابع كالدمع في قطراته. و العِقد إِذا انقطع سِلْكُه مُتَساتل. و هو يساتله؛ أي يُتَابِعه، و السَّتْل:
التَّبع. و المَساتل: الطُّرُق الضيّقة؛ لأن الناس يَتَساتَلُون فيها.
يقال: مكان خَمِر أي ذو خَمَرٍ «1» كثير، و قد خَمِر المكان؛ و خَمِر في الخَمَر: تواري فيه.
العَقدة: شجر لا يبيد، و هو ما يلجي‌ء الناس إليه إذا لم يجدوا عُشْباً. و قال: عَرّام:
العُقْدة: شجر عندنا يقال له الرَّتَم. و يقال للأرض الكثيرة الشجر: عُقْدة.
الوَهَل: الفَزَع؛ يقال: وَهِلَ منه يَوْهَل وَهَلًا، و وهِل إليه: فَزع إليه.
المِيضَاءَة و المِيضَأَة- علي مفعالة و مِفْعَلَة: مِطْهَرة كبيرة يتوضأ منها.
الضِّبْن: ما بين الكَشْح و الإبْط.
و قد جاء في الإضافة «فمه»، و إن كان الأكثر الأشيع «فوه». قال:
يصبح ظمآن و في البحر فمُه «2»
و قال النَّضْر بن شميل: يقال رأيت فمه- بفتح الفاء- و أخرج لسانه من فمه- بكسرها- و هذا فمه- بضمها.
فتكاتّ الناس؛ أي تزاحموا، و لهم كتيت؛ أي صوت.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 119
المَلأَ: حُسْنُ الخُلُق. قال [الجهنيّ]:
تَنَادَوْا يا لَبُهْثةَ إذْ رَأَوْنَا فقلنا أحْسِني مَلأً جُهَيْنَا
و قيل للخُلُق الحسَن: مَلاء لأنه أكرمُ ما في الرجل و أفضلُه من قولهم لكرام القوم و وجوههم: ملأ.
______________________________
(1) الخمر: ما واراك من الشجر و الجبال و نحوها.
(2) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 159، و الحيوان 3/ 265، و خزانة الأدب 4/ 451، 454، 460، و الدرر 1/ 114، و شرح شواهد المغني 1/ 467، و المقاصد النحوية 1/ 139، و بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 31، و شرح التصريح 1/ 64، و همع الهوامع 1/ 40.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 120
قال المازني- عن أبي عبيدة: يقال لكرام القوم: ملأ، ثم يقولون: ما أحسنَ ملأه؛ أي خُلُقَه؛ و إنما قيل للكرام: ملأ؛ لأنهم يتمالؤون؛ أيْ يتعاونون.

[ستت]:

سعد رضي اللّٰه تعالي عنه- خطبَ امرأةً بمكّة، فقال: ليت عندي من رآها، أو من يخبرُني عنها! فقال رجل مُخَنَّث: أنا أنعتُها لك؛ إذا أقْبَلَتْ قلت: تمشي علي سِتّ، و إذا أدْبَرَتْ قلت: تمشي علي أربع.
أراد بالستّ يديْها و ثدييها مع رجليها، و أنها لعِظَم ثديها و عَبالة يديها تمشي مُكِبّة فكأنها تمشي علي ستٍّ، و بالأربع إلْيَتَيْها مع رجليها، و أنهما كادتا تمسّان الأرض لرجحانهما.
و هي بنت غَيْلان الثَّقفيّة التي قيل فيها: إنها تُقْبِل بأربع، و تُدْبِر بِثمانٍ، و كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، و هي سبب اتّخاذ النّعش الأعلي، و ذلك أنها هَلَكتْ في خلافة عمر رضي اللّٰه عنه فَصَلَّي عليها، و رأي خَلْقها من تحتِ الثوب، ثم هلكتْ بَعْدَها زينب بنت جَحْش و كانت خليقة «1»، فقال عمر: إني لأخافُ أن يُرَي منها مثلُ ما رُئِي من بنت غَيْلان، فهل عندكم حيلة؟ فقالت أسماء بنت عميس: قد رأيت بالحبَشَة نعوشاً لموتاهم، فعملت نَعْشاً لزينب، فلما رآه عمر قال: نِعْمَ خِبَاء الظَّعينة.

[ستر]*:

في الحديث: أيُّما رجل أغلق علي امرأته باباً، و أرخي دونها باسْتَارة فقد تَمّ صداقها.
هي السِّتارة، و نظيرها الإعْظَامة في العِظَامة، و هي ما تعظِمُ به المرأة عَجِيزتها.

السين مع الجيم

[سجل]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
إن أعرابياً بَالَ في المسجد، فقال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنْ هذا المسجدَ لا يُبالُ فيه، إنما بُنِيَ لذكر اللّٰه و الصلاةِ، ثم أمر بسَجْلٍ من ماء، فأفرغ علي بَوْله.
هي الدَّلْو الملأي، و استعير للنَّصِيب، كما استعير له الذَّنُوب.

[سجع]:

اشتري أبو بكر رضي اللّٰه عنه جاريةً، فأراد وَطْأها، فقالت: إني حامل، فَرُفِعَ ذلك إلي رسولِ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ فقال: إنّ أحدكم إذا سَجَعَ ذلك المَسْجَع فليس بالخيار علي اللّٰه، و أَمَرَ برَدِّها.
______________________________
(1) خليقة: أي تامة الخلق.
(2) (*) [ستر]: و منه الحديث: إن اللّٰه حيي ستيرٌ يحب الحياء و الستر. النهاية 2/ 341.
(3) (*) [سجل]: و منه في حديث ابن مسعود: افتتح سورة النساء فسجلها. و الحديث: لا تسْجلوا أنعامكم.
و في حديث الحساب يوم القيامة: فتوضع السجلَّات في كَفَّةٍ. النهاية 2/ 344.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 121
أي قَصَد ذلك المقصد. قال ذو الرُّمة:
قَطَعْتُ بها أرضاً تَرَي وَجْهَ رَكْبِها إذا ما علوْها مُكْفَأً غيرَ ساجِع «1»
أيْ غير قاصد لجهة واحدة. و منه سَجْعُ الكلام؛ و هو ائتلافُ أواخِره علي قَصْدٍ و نَسَق واحد، و كذلك سَجعُ الحمامة: موالاتُها الصوت علي نَمط واحد.
كره وَطْءَ الحبالي من السَّبْي،
بقوله: لا يسقينّ أحدُكم ماءَه زَرْع غيرِه.

[سجس]:

في حديث المولد: و لا تضرّوه في يقظة و لا منام سَجِيسَ الليالي و الأيام.
أي أبداً. قال الأصمعي: يقال: لا آتيك سَجِيسَ عُجَيسٍ؛ أي الدهر؛ و سَجيسه:
آخره. و منه قيل للماء الكَدِر: سَجيس؛ لأنه آخر ما يبقي، و العُجَيس: تأكيد، و هو في معني الآخر أيضاً، من عُجَيس الليل و هو آخره. و يقال للمتأخر في القتال: عَاجِس و مُتَعَجِّس.
و رَوَي أبو عمرو: سَدِيس عُجَيس؛ و هو كما قيل للدهر: الأزْلَم الجَذَع.

[سجي]*:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- لما مات قام عليّ بن أبي طالب عليه السلام علي باب البيت الذي هو مُسَجًّي فيه، فقال: كنتَ و اللّٰه للدين يَعْسوباً، أوّلًا حين نَفر الناس عنه، و آخراً حين فَيَّلوا، و طِرْتَ بِعُبابها، و فزت بحَبَابها، و ذهبْت بفضائلها؛ كنتَ كالجبل لا تحركه العواصف، و لا تزيله القواصف.
تَسْجِيةُ الميت: تغطيته بثوب، من الليل الساجي؛ لأنه يغطي بإظْلَامه.
اليَعْسوب: فحل النحل، تمثل به في سَبْقه إلي الإسلام غيرَه؛ لأن اليَعْسُوب يتقدم النحلَ إذا طارت فتتبعه، و هو يَفْعُول؛ من العسْب في أصله.
فَيَّلوا؛ أي فالت آراؤهم في قتال مَانِعِي الزكاة.
عُباب الماء: أول زخيره و ارتفاعه. و حبَابه: مُعْظمه. قال طَرَفة:
يشق البَابَ الماءِ حيزومُها بها «2»
القاصِف: الريح الذي تَقْصِف كل شي‌ء؛ أي تَكْسِرُه.

[سجل]:

ابن الحَنَفِيَّة رحمهما اللّٰه- قال في قوله تعالي: هَلْ جَزٰاءُ الْإِحْسٰانِ إِلَّا الْإِحْسٰانُ [الرحمن: 6].
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 359.
(3) (*) [سجي]: و منه حديث موسي و الخضر عليهما السلام: فرأي رجلًا مسجًّي عليه بثوب. و حديث علي:
و لا ليلٌ داجٍ و لا بحرٌ ساجٍ. النهاية 2/ 345.
(2) عجزه:
كما قَسَمَ التُّرب المفايل باليد
و البيت في لسان العرب (حبب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 122
هي مُسْجَلة للبرّ و الفاجر.
أي مُرْسلة مُطْلَقة في الإحسان إلي كل أحد، برًّا كان أو فاجراً.
يقال: هذا مُسْجَلٌ للعامة من شاء أخذ، و من شاء ترك. و أسْجَل البهيمة مع أمها و أزجلها.
و عن ابن الأعربي: فعلت كذا و الدهر إذ ذاك مُسْجَل؛ أي لا يخاف أحد أحداً.

[سجح]*:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قالت لعليّ عليه السلام يوم الجمل، حين ظهر علي الناس فَدَنا من هودجها، ثم كلَّمها بكلام: مَلَكْت فأسْجِح. فجهزّها عند ذلك بأحسن جِهاز، و بعث معها أربعين امرأة حتي قدمت المدينة.
أي سَهِّلْ، قال ابن مقبل:
فَرُدِّي فُؤَادي أو أثِيبي ثوابَه فقد يملك المرء الكريم فَيُسْجِحُ «1»
من قولهم للرفيق: سَجيح، و رجل أسْجَح: سهل الخدين. و مِشْيَةٌ سُجُح. و هو مثَلٌ سائر، ذكرت أصْله في كتاب المستقصي.

[سجلاطي]:

في الحديث: أهْدِي له صَلَي اللّٰه عليه و سلِم طيلسان من خَزّ سِجِلّاطيّ.
هو الذي علي لون السِّجِلّاط، و هو الياسمين و يقال: سِجِلّاطي و سِجِلّاط كرومي و رُوم. قال حميد بن ثور:
تَخَيَّرْن إمَّا أُرْجُواناً مُهَذَّبا و إما سِجِلّاط العراقِ المختما «2»
و قيل: الكلمة رومية.

[سجد]:

كان كِسْرَي يسجد للطالع.
قال يعقوب: الطالع من السهام الذي تجاوز الغَرَضَ من أعلاه شيئاً. و الذي يقع من عن يمينه و شماله هو العاضد.
قال ابن الأعرابي نحوه. و أنشد للمرار بن منقذ:
فما لك إذ ترمين يا أمّ هيثمٍ حُشاشة قلبي شلَّ منك الأصابع
لها أسُهمٌ لا قاصِراتٌ عن الحَشي و لا شاخصاتٌ عن فؤادي طوالع
______________________________
(3) (*) [سجح]: و منه في حديث علي يحرض أصحابه علي القتال: و امشوا إلي الموت مشيةً سُجُحاً أو سَجْحاء. النهاية 2/ 342.
(1) البيت في ديوان ابن مقبل ص 48.
(2) البيت في ديوان حميد ص 31.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 123
و قال القُتَبيّ: هو السهم الساقط فوق العلامة، و كانوا يعدونه كالمقرطَس «1».
قال: و قولُه «يسجد»: سجودُه أن يتطامَنَ له إذا رَمي، و يسلّم لراميه؛ هكذا فسّر.
و لو قيل: الطَّالع الهلال، فقد جاء عن بعض الأعراب: ما رأيتك منذ طالِعيْن، و أن كِسري كان يتطامن له إذا طلع إعْظَاماً له، لم يبعد عن الصواب.
السجة في (جب). سج في (فر). اسجر في (مغ). مسجًّي في (قي). سجحاً في (زن). سجانته في (سد). السجسج في (سل).

السين مع الحاء

[سحت]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أحمي لِجُرَشَ حِمًي، و كتب لهم بذلك كتاباً، فمن ادَّعاه من الناس فماله سُحْت.
يقال: مالُ فلانِ سُحْت؛ أي لا شي‌ءَ علي مَن استهلكه، و دمُه سُحْت، أي لا شي‌ءَ علي مَنْ سفكه، و اشتقاقُه من السَّحْت، و هو الإهلاك و الاستِئْصال؛ و منه السُّحْتُ لما لا يحلّ كسبُه؛ لأنه يَسْحَت البرَكة «2».

[سحل]*:

أتي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عبد اللّٰه بن مسعود و هو بين أبي بكر و عمر رضي اللّٰه عنهما، و عبد اللّٰه يصلّي، فافتتح النّساء فَسَحَلها.
أي قرأها كلها، و أصل السَّحْل: السحّ أي الصّب. يقال: باتت السماء تَسْحَل و قال الكُميت:
لنا عارضٌ ذو وابل أطلقت له وِكاء ذمي الأبطال عَزْلَاءُ تَسْحَلُ
و انْسَحَل الخطيب: إِذا اسْحَنْفرَ في كلامه؛ كأنه انصبّ فيه.
و هو بين أبي بكر و عمر، أي كانَ يمشي رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و هما عَنْ يمينه و شماله.
أتَتْه أمّ حكيم بنت الزُّبير بكَتِفٍ فجعلتْ تَسْحَلُها [له]، فأكل منها ثم صلي و لم يتوضّأ.
السَّحْل و السحْف و السَّحْر: أخوات؛ و هي القَشْر و الكَشْط؛ و قيل لِسَيْح المطر سَحْل؛
______________________________
(1) القرطاس، مثلثة القاف و كجعفر و درهم: الكاغد، و رمي فقرطس: أصاب القرطاس (القاموس المحيط) (قرطس).
(3) (*) [سحت]: و منه حديث ابن رواحة و خرص النخل: أنه قال ليهود خيبر لما أرادوا أن يرشوه: أتطعموني السُّحْت. النهاية 2/ 345.
(2) يسحت البركة: يذهبها.
(4) (*) [سحل]: و منه في الحديث: إن رجلًا جاء بكبائس من هذه السُّحَّل. و في حديث بدر: فساحل أبو سفيان بالعير. النهاية 2/ 348.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 124
لأنه يَقْشِر الأرضَ بوقعه؛ أ لا تراهم يقولون للْمَطْرة: سَحيفة و سَاحية و حريصة- و يروي:
تَسْحَاها.
قالت عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: كُفِّن رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في ثلاثة أثوابِ سَحُولية كُرْسف؛ ليس فيها قَميص و لا عمامة- و روي: في ثوبين سَحُوليَّين. و روي: حَضُوريين.
سَحول و حَضور: قريتان من قري اليمن. قال طرفة:
و بالسَّفْحِ آياتٌ كأنَّ رُسُومَها يَمَانٍ وَشَتْهُ رَيْدَةٌ و سَحُول «1»
و قيل: السَّحولية المقصورة؛ كأنها نسبت إلي السَّحُول و هو القَصّار لأنه يَسْحَلُها؛ أي يَغْسلها فينفي عنها الأوساخ.
و روي بضم السين علي أنه نسب إلي السُّحول جمع سَحْل، و هو الثوب الأبيض، و قيل الثوب من القطن. قال:
كأنّ بريقه برقان سَحْل جلا عن متنه حَرْضٌ و ماء
و كأنّ الذي سوّغ في هذا الموضع النِّسبة إلي الجمع أنّ ما في قولك لو قلت؛ رجل سُحُوليّ إِذا كان يبيع السُّحول أو يَلْبسها كثيراً أو يلابسها في الجملة مما يمنع من تسويغه؛ إذ المقصود الإيذان بملابسة الرجل هذا الجنس، لا معني في الجنس، و هو الجمع مفقود هاهنا؛ لأن الأثوابَ هي السُّحول فيما يرجع إلي الثوبية، و لكن السُّحول فيها اختصاص بلون، فَنَسَبها إليها لتُفَاد هذه الخصوصية فيها و يُؤذن بأنها منها في اللون، و هذه مفارقة بيّنة مُرَخِّصة في ترك الرجوع إلي الواحد.
و رأيت في تهذيب الأزهري بخطه السين مضمومة في اسم القرية، و الثياب المنسوبة إليها. و هذا خلاف ما أروي و أري في الكتب المضبوطة.
الكُرْسُف: القطن، و قد وصف به كقولهم: مررت بحيّة ذراع، و هي امرأة كلبة، و ليلة غَمّ.
أدني ما يكفَّن فيه الرجل ثوبان، و أكثره ثلاثة.
و هي لفائف كلها عند الشافعي، و كره القميص، و هذا الحديث ينصره، و هي عند أصحابنا قميص و إزَار و رِداء.

[سحم]*:

لَاعَنَ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بين عُوَيمر و امرأته، ثم قال: انظروا فإن جاءت به أسْحَم أحْتَم
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (سحل)، وريدة و سحول: قريتان.
(2) (*) [سحم]: و منه حديث أبي ذر: و عنده أمرأة سَحْماء. النهاية 2/ 348.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 125
فلا أحسب عُوَيمراً إلا قد كذب عليها، فجاءت به علي النعت الذي نعته به، و كان يُنْسَبُ بعدُ إلي أمّه.
الأسْحَم: الأسود.
و الأحتم: الغِرْبيب من الحاتم، و هو الغراب، و يجوز أن يكون قولهم في الأدهم:
الأَتْحَميّ، و التُّحمة: الدّهمة، مقلوباً من هذا.

[سحح]:

يَمينُ اللّٰه تعالي سَحَّاء لا يَغِيضُها شي‌ءٌ اللّيلَ و النّهَارَ.
هي من السَّح كالهطْلاء، من الهطْل؛ في أنها فَعْلاء من غير أَفْعَل. و نحوهما حَدْواء في قول العجاج:
حَدْواء جاءت من جبال الطورِ
و هي الريح التي تَحْدُو السحاب.
الغَيْض: النَّقَص؛ يقال: غاض الماءُ و غاضَ بنفسه. و المعني: اتصال عَطائه، و دَوام نَعْمائه، و أنها لا تفتر ليلًا و لا نهاراً، رزَقنا اللّٰه التوفيقَ لشكرها كما رَزَقَناها.
و
في حديث أبي بكر: أنه قال لأُسامة رضي اللّٰه عنهما، حين أنْفَذَ جيشَه إلي الشام:
أغِرْ عليها غارةً سَحّاء، لا تتلاقي عليك جموعُ الروم.
أي تَسُحُّ عليهم البلاء دَفْعة من غير تلّبث، كما قال القائل:
وَ رُبَّةَ غارةٍ أوضَعْتُ فيها كسحِّ الخزرجيّ جَريمَ تَمْرِ «1» «2»
و روي: مَسْحاء، أي خفيفة سريعة، من مسحهم يمسحهم إذا مرّ بهم مَرّاً خفيفاً.
قيل للرَّسْحاء: مَسْحاء لخِفَّة حَقِيبتها- و روي: سَنْحَاء؛ من سَنَح له الشي‌ء.

[سحق]:

عمر رضي اللّٰه عنه- من زَافَتْ عليه دراهمُه فَلْيأت بها السوق فليقلْ: من يبيعني بها سَحْق ثوب، أو كذا و كذا؟ و لا يخالف الناسَ عليها أنها جياد.
السَّحْق: الخَلَق من الثياب، و قد سَحق سُحوقة مثل خَلق خُلوقة، و أسحق أخلق.
و سمي بذلك لأنه [الّذي] سَحقه مرّ الزمان سَحْقاً حتي رق وَ بلِيَ.
و منه قيل للسحاب الرقيق: سحق.

[سحل]:

عليّ بن أبي طالب عليه السلام- إنّ بني أمَيَّة لا يزالون يَطْعُنُون في مِسْحَلِ ضلالة، و لهم في الأرض أجلٌ و نهاية، حتي يُهَريقوا الدم الحرام في الشهر الحرام، و اللّٰه
______________________________
(1) جريم التمر: نواه.
(2) البيت لدريد بن الصمة في لسان العرب (سحح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 126
لَكَأنِّي أنظر إلي غُرْنوق من قريش يتشحَّط في دمه، فإذا فعلوا ذلك لم يبق لهم في الأرض عَاذِر، و لم يَبْقَ لهم مُلْكٌ علي وجه الأرض بعد خمسَ عشرةَ ليلة.
يقال: طَعَن في عِنان كذا و في مِسْحَله؛ إذا جَدَّ فيه و مضي، و أصلُه في الفرس إذا استمرّ في سيره فدفع فيه برأسه. قال لَبيد [يصف فرساً]:
تَرْقَي و تَطْعُن في العِنان و تَنْتَحِي وِرْدَ الحَمامةِ إذْ أجدَّ حَمَامُها «1»
يقال: هَراق بقلب الهمزة هاء و أهْراق بزيادتها كما زيدت السين في استطاع؛ فهي في مضارع الأول محركة و في مضارع الثاني ساكنة.
الغُرنوق: الشاب العاذِر الأثر.
بعد خمس عَشْرة ليلة: أي من وقت قَتْله، و المراد ما ركبه الحجّاجُ عاملُهم في قتال عبد اللّٰه بن الزُّبير.

[سحح]:

ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- يَلْقَي شيطانُ الكافر شيطانَ المؤمن شاحباً أَغْبَرَ مهزولًا، و هذا ساحٌّ.
أي سمين، يقال: سَحَّت الشاة تَسِحُّ سُحُوحاً و سُحُوحة، و شاة ساحّ، و هو من السحّ؛ كأنه يَسِحّ الوَدَك سَحًّا.
يعني بالساحّ شيطان الكافر.

[سحر]*:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- خطبت بعد مَقْتَلِ عثمان رضي اللّٰه عنه بالبصرة فقالت: إن لي حُرْمَةَ الأُمومةِ، و حقَّ الصُّحبة، لا يَتَّهمنِي منكم إلا مَنْ عَصَي ربه.
و قُبِض رسول اللّٰه بين سَحْرِي و نَحْرِي، و حاقِنَتِي و ذَاقِنَتِي، و أنا إحدي نسائه في الجنة، و به حَصَّنني ربي من كل وضيع، و بي مُيِّزَ مُؤمنُكُمْ مِنْ مُنافِقِكم، و فيّ رُخِّص لكم في صعَيد الأَقْوَاء، و أبي ثاني اثنين- و روي: رابع أربعة من المسلمين و أولُ مَنْ سُمِّيَ صِدِّيقاً: قُبِض رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و هو عنه راضٍ، قد طَوَّقه وَهْفَ الأمانة- و روي: الإمامة- و اضطرب حبلُ الدين فأخذ بطَرَفَيْه، و رَبَّق لكم أثناءه، وَ وَقَذَ النفاق «2»، و غَاضَ نَبْغَ الرِّدّة «3»، و أطفأ ما حَشَّتْ يَهود، و أنتم يومئذ جُحظ «4»؛ تَنْتَظِرون الدَّعوة- و روي: تنتظرون العَدْوة و تَسْتَمِعُون الصَّيْحة؛ فَرَأَبَ الثْأَي؛ و أوْذَم السِّقَاء- و روي: و أوْذَمَ العَطِلة- و امْتَاحَ من المَهْواة، و اجْتَهَرَ دُفُنَ الرَّوَاء؛ حتي قبضه اللّٰه إليه واطئاً علي هامِ النفاق، مُذْكِياً لحرب المشركين، يقْظَان الليل في نُصرة الإسلام، صَفوحاً عن الجاهلين؛ بعيدُ ما بين اللّابتين، عُرَكَةٌ للأَذَاة بجَنْبه، خَشَاش
______________________________
(1) البيت في ديوان لبيد ص 317.
(5) (*) [سحر]: و منه حديث أبي جهل يوم بدر: قال لعتبة بن ربيعة: انتفخ سَحْرُك. النهاية 2/ 346.
(2) الوقذ: الضرب المثخن.
(3) غاض نبع الردة: نقصه و أهلكه.
(4) جحوظ العين: نتوءها و انزعاجها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 127
المَرآة و المَخْبَر. و إني أقبلتُ أطلْبُ بدم الإمام المركوبة منه الفِقَرُ الأربع، فمن ردَّنا عنه بحق قَبِلناه، و من ردَّنا عنه بباطل قاتلناه، فربما ظهر الظالم علي المظلوم، وَ الْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ*.
فأخْبِر الأحنف بما قالت؛ فأنشأ فيها أبياتاً و هي:
فلو كانتِ الأكْنانُ دونكِ لم يجد عليك مقالًا ذو أذَاةٍ يقولُها
وَقَفْتِ بمُسْتنِّ السُّيولِ و قَلَّ مَنْ يثوَي بها إلا علاهُ بليلُها
مخضت سِقائي غَدْرةً و ملامةً و كلتاهما كادت يَغولُك غولُها
فلما بلغتها مقالتُه- قالت: لقد استفرغ حلمَ الأحنف هجاؤُه إيّاي، ألِي كأن يَسْتَجِمُّ مَثَابة سَفَهه! إلي اللّٰه أشكو عقوق أبنائي! ثم أنشأت تقول:
بُنَيَّ اتّعظ إن المواعظ سهلةٌ و يوشك أن تختار وَعْراً سبيلُها
فلا تنسين في اللَّهِ حَقَّ أمومتي فإنك أولي الناس ألّا تقولها
[و لا تنطقن في أمة لي بالخني حنيفية قد كان بَعْلِي رَسُولُها
فاعتذر إليها الأحنف].
السَّحْر: الرّئة، و المراد الموضع المحاذِي للسَّحْر من جسدها- و روي: شَجْرِي- قال الأصمعيّ: هو الذَّقَن بعينه حيث اشْتَجَر طرفاً اللَّحْيَيْن من أسفل. و قيل: هو التشبيك؛ تريد أنها ضَمَّتْه بيديها إلي نحرها، مشبِّكة بين أصابِعها.
الحاقنة: النُّقرة بين التَّرْقُوَة و حَبْل العاتق.
الذَّاقِنَة: طرف الحُلقوم، و المعني: أنه قُبِض و هي ملازِمَته و ضامته إلي هذه المواضع من جسدها.
الأَقواء: فيه وجهان: أن يكون عَلَماً للمكان، أو جَمْع قِيّ؛ و هو القَوَاء، أي المكان القَفْر.
و
في حديثها في قصة العِقْد: خرجنا مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في بعض أسْفاره، حتي إذا كنا بالبَيْداء أو بذاتِ الجيش انقطع عِقْدٌ لِي، ثم ذكرتْ أن رسول اللّٰه أصبح علي غير ماء، و أن آية التَّيَمّم قد نزلت
، فلعلّ اسم تلك البيداء الأَقْواء.
رابع أربعة؛ أي واحد من الأربعة، و هم: رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و عليٌّ عليه السلام، و زيد بن حارثة، و أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنهما.
وهْف الأمانة: الإقامة بها، من الوَاهف، و هو قيِّم البِيعَة، وهَفَ يَهِفُ وَهْفاً. و حقيقة معناه: الدنو. وَهَف و وحَفَ أخَوان، يقال: خُذْ ما وهَفَ لك أي دنا و أمكن، كما يقال: خُذْ ما أطَفَّ لك، و معني الإطفاف الدنو. وَحَف يَحِف إذا دنا. قال ابنُ الأعرابي، و أنشد:
أقبلت الخودُ إلي الزَّاد تَحِفْ تُوقد للقِدْر مراراً و تَقِفْ
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 128
و ذلك لأن القَيِّم بالشي‌ء دانٍ منه، لازم له، لا يرخص لنفسه في التجافي عنه. و يجوز أن يكون من وهَفَ النبتُ إذا أوْرَق و اهتز؛ لأنه حينئذ يظهر صلاحه، فشبّه به ما يظهر من صلاح الشي‌ء بقَيِّمه و المعتنِي بشأنه.
رَبَّق أثْنَاءه. أي جعل أوساطَ الحبْل و ما عدا طرفيه رِبْقاً لَكُمْ شَدَّ بها أعناقكم، كما يفعل الراعي ببهيمته، تعني أنه جمعهم علي أمْرٍ فأطاعوه، و لم يستطيعوا الخروجَ منه.
نَبْغ الرّدة: ما نَبَغ منها؛ أي ظهر و منه النابغة، و نَبَغ الرأسُ إذا ثارت هِبْرِيتَهُ، و يقال لها النُّبَّاغ.
الحَشّ: الإيقاد، أي ما أوْقدته من نيران الفتنة.
تنتظرون الدعوة: أيْ قد شارفتم أن يَنْجُم مَنْ يدعو إلي غير دين الإسلام، أوْ يعدُو علي أهله؛ فجعلتْ تلك المشارفة انتظاراً منهم.
رَأْبُ الثّأْي: إصلاحُ الفساد، يقال: ثَأَي الخَرْزُ ثأْياً [و ثَيِ‌ءَ ثأيً]؛ إذا الْتَقَتْ خَرزَتان، فصارَتا واحدة، و أثأته الخارزة.
أوْذَم السِّقَاء: جعَل له أوْذَاماً، أو شَدَّه بها. و الوَذَم: كل سير قَدَدْتَهُ طولًا.
العَطِلة: الدّلْو المُعَطَّلَة، و قيل العِطلة: الناقة الحَسنَة. قال:
فلا نَتَجَاوَزُ العَطِلاتُ «1» منها إلي البَكْرِ المُقارِبِ و الكَزُومِ «2» «3»
و لكِنَّا نُعِضّ السيفَ صَلْتاً بأسْوقِ عافيات «4» اللحم كُومِ
أي شد الناقة لتَسْنُو «5». و المرادُ تسوية الأمر و إصلاحه.
المَهْواة: البئر.
اجتهر: كَسَح. يقال: رَكِيَّة «6» دَفْن، و رَكِيّ دِفان.
الرَّواء: الماء الكثير الذي للواردة فيه رِيّ.
اللَّابتان: حَرَّتَا المدينة؛ و إنما قصدتْ التمثيل بذلك لسعة عظمته، و فُسحة صدره.
عُرَكة: من قولهم فلان يعرك الأذي بجَنْبه، أي يحتمله. قال:
إذا أنتَ لم تَعْرُكْ بجَنْبِكَ بَعْضَ ما يُريبُ من الأَدْني رماك الأباعدُ
______________________________
(1) العطلات: الطوال الأعناق.
(2) الكزوم: الناقة المسنة.
(3) البيتات للبيد بن ربيعة في ديوانه ص 104.
(4) العافيات: الكثيرة اللحم.
(5) سنت الناقة تسنو: إذا سقت الأرض.
(6) الركية: البئر، و الدفن، بضم الفاء: جمع دفين و هو الشي‌ء المدفون و بسكون الفاء كذلك.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 129
الخَشاش: الماضي الخفيف؛ تعني أن الخِفة و الانكماش مخائلهما بادية عليه، و هي في الحقيقة و عند الخِبْرة علي ذلك لا تكذب مخائله.
الفِقَر: جمع فُقْرة (بالضم). قال ابنُ الأعرابيّ: البعير يُقْرَمُ أنفُه، و تلك القُرْمة يقال لها الفُقْرة فإِن لم يلن قُرِم أخري، ثم أخري إلي أن يلين، فضربت ذلك مثلًا لما ارتكب في عثمان من النِّكايات بهَتْكِ الحُرَم الأربع، و هي حرمة صحبة الرسول، و صهره، و حُرمة الشهر، و حرمة الخلافة. و كان قَتْلُه في الشهر الحرام يوم الأضحي.
استجمَّ البئر: تركها أياماً لا يستقي منها حتي يجتمع ماؤها؛ كأنه طلب جَمومها.
المَثابة: الموضع الذي يَثُوب منه الماء، أراد أنه كان يحلُم عن الناس و لا يتسافَهُ عليهم، و كأنه كان يجمع سَفَهه من أَجْلي.
وعراً سبيلها: تعني خُطة صَعْبة.
سحرك في (خل). فسحطوها في (عز). منسح في (ند). ساحة و سحساحة في (شر). ساح في (مت). سحلت في (ثم). السحال في (زي). السحاء في (ند).

السين مع الخاء

[سخن]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- دخل علي عمه حمزة، فَصُنِعَتْ لهم سَخينة فأكلوا منها.
هي شي‌ء يُعمل من دقيق و سمن، أغلظ من الحَساء، و كانت قريش تحبُّها فنُبِزَتْ بها.

[سخب]*:

حَضَّ النساء علي الصدقة، فجعلت المرأة تُلْقي القُرْطَ و السِّخاب.
في كتاب العين: السِّخاب: قلادة تتخذ من قَرنفل و سُكّ «1» و مَحْلب و نحوه، و ليس فيها من اللؤلؤ و الجوهر شي‌ء، و الجمع السُّخُب. و قيل: هو نظم من خَرَز.

[سخن]:

قالَ واثِلة بن الأسْقَع رضي اللّٰه عنه: كنتُ من أهل الصُّفَّة «2» فدعا النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بقُرْص فكسره في قَصعة ثم صنع فيها ماء سُخْناً، و وضع فيها وَدَكاً «3»، و صنع منه ثَرِيدة، ثم
______________________________
(4) (*) [سخن]: و منه في حديث فاطمة: أنها جاءت النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ببرمة فيها سخينة. و في حديث معاوية بني قرة:
شرُّ الشتاء السخينة. و في حديث أبي الطفيل: أقبل رهط معهم امرأة فخرجوا و تركوها مع أحدهم، فشهد عليه رجل منهم فقال: رأيت سخينتيه تضرب استها. و في الحديث: أنه أمرهم أن يمسحوا علي المشاوذ و التساخين. النهاية 2/ 351، 352.
(5) (*) [سخب]: و منه حديث فاطمة: فألبسته سخاباً. و في حديث المنافقين: خشبٌ بالليل سُخُبٌ بالنهار.
النهاية 2/ 349.
(1) السك: ضرب من الطيب.
(2) أهل الصفة: كانوا أضياف الإسلام، كانوا يبيتون في مسجده صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و الصفة: موضع مظلل من المسجد.
(3) الودك: الدسم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 130
سَغْسَغَها، ثم لَبَّقها، ثم صَعْنَبَها- و روي: شَعْشَعَها.
يقال: يوم سُخْن، و نظيره رجل جُدّ «1» و حُرّ.
و يقال: وجدت سُخْنَ الماء؛ أي سخونته. و سَخُن الماء و سَخَن و سِخن.
سَغْسَغَها: رَوّاها بالسَّمْن. و شَعْشَعَها: خَلَط بعضَها ببعض، كما يُشَعْشَعُ التراب، يقال: شَعْشَعْتُها بالزيت. و قيل: طَوَّل رأسَها، من الشَّعْشَاع؛ و هو الطويل.
لَبَّقَها: جمعها بالمَقْدَحة. و قال ابن دريد: هو أنْ تُحْكِمَ تَلْيينَها، و قيل: أنْ تُكْثِرَ ودَكها.
صَعْنَبَها: رفع صَوْمَعَتَها و حَدَّد رأسها.
قال له رجل: يا رسول اللّٰه؛ هل أُنْزِل عليك طعام من السماءِ؟ قال: نعم، أُنْزل عليّ بمسْخَنة- و يروي: أتاني جبرئيل بِقِدْر يقال لها الكَفِيت، فأكلت منها أكْلَة؛ فأعطيت قوة أربعين رجلًا في الجماع.
المِسْخَنة: قِدْر كالتَّوْر «2».
الكَفِيت: الكِفْت، و هي القِدْر الصغيرة، و الزّنتان معاً بمعني مفعول في الأصل، من كفته إذا ضمه و جمعه، و المراد التضييق و التصغير.

[سخد]:

زيد بن ثابت رضي اللّٰه تعالي عنه- كان لا يحيي من شهر رمضان إلا ليلة سبع عشرة، فيصبح كأنّ السُّخْدَ علي وجهه.
هو الماء الغليظ الأصفر الذي يخرج مع الولد إذا نُتِجَ، تقول العرب: هو بول الحُوار في بطن أمه. و الذي خَتم به ثعلب كتابَ الفصيح قيل إنه تعريب سخته، و هو المحرق؛ شَبَّه ما بوجهه من التَّهيج بالسُّخد في غِلَظه، و قد استمرَّ بهم هذا التشبيه حتي سموْا نفسَ الورم سُخداً، و قالوا للمورم وجهه: مُسَخّد. قال رُؤبة:
كأنّ في أجلادهن سُخْدا
و نظيره قولهم للسيف: عَقِيقة؛ لاستمرار تشبيههم له بعقيقة البرق، و لِقنوان الكروم غربان لذلك.

[سخم]*:

الأحنف رضي اللّٰه عنه- تبادلوا تحابوا، و تهادَوْا تَذْهَبِ الإحَنُ و السَّخائم، و إياكم و حَمِيّةَ الأوْغَاب.
______________________________
(1) رجل جد: أي رجل عظيم الجد.
(2) التور: إناء يشرب به.
(3) (*) [سخم]: و منه الحديث: اللهم اسلُلْ سخيمة قلبي. و الحديث الآخر: اللهم إنَّا نعوذ بك من السخيمة.
النهاية 2/ 351.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 131
السَّخِيمة: الحِقْدُ، و هي من السُّخام «1»، ألا تري إلي قولهم للعدو أسْوَدُ الكَبِد.
الوَغْب و الوَغْد: اللئيم الرَّذْل، و أوْغاب البيت: أسقاطه منه.
الساخين في (شو). و سخابها في (خر). سخلًا في (نب). سخبهم في (مر). سخفة في (ري). السخينة في (بج). السخبر في (ضل). السخيمة في (اه).

السين مع الدال

[سدد]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قيل له: هذا عليّ و فاطمة قائمين بالسُّدّة فأْذَنْ لهما، فدخلا فأغْدَفَ عليهما خميصةً سَوْدَاء.
هي ظُلّة علي باب أو ما أشبهها لتقيَ البابَ من المطر.
و قيل: هي الباب نفسه.
و قيل: السّاحة.
أغْدَف: أرْخَي.
الخَميصة- عن الأصمعيّ: مُلاءَة من صُوف، أو خزٍّ مُعْلَمة؛ فإن لم تكن مُعْلَمة فليست بخَمِيصة؛ سُمِّيَتْ لرقتها و لينها و صغر حجمها إذا طويت.
و عن بعض الأعراب في وصفها: الخَميصة المُلاءة اللينة الرقيقة الواسعة التي تَتْسع منشورة، و تَصْغُر مطوية، تكفي من القَرّ و تجمِّل الملبس، ليست بِقَرَدَة و لا ثخنية، و لا عظيمة الكَوْر.
[سدّ]: و
في حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنه ذكر أول من يَرِدُ الحوضَ، فقال: الشُّعْثُ رؤوساً، الدُّنْس ثياباً، الذين لا تُفتح لهم السُّدُد، و لا ينكحون المنعَّمات.
فالسُّدة هنا: الباب.
و
عن أبي الدَّرْدَاء رضي اللّٰه عنه: أنه أتي بابَ معاوية فلم يأذن له؛ فقال: من يأتِ سُدُد السلطان يَقُم و يَقْعُد، و مَنْ يجد باباً مغلقاً يجد إلي جنبه باباً فتحاً رَحْباً، إن دعا أجِيب، و إن سأل أُعْطِيَ.
يريد باب اللّٰه تعالي.
و
عن عُروة بن المغيرة رحمهما اللّٰه تعالي: أنه كان يصلِّي في السُّدّة.
______________________________
(1) السخام: الشعر الأسود.
(2) (*) [سدد]: و منه الحديث: قاربوا و سدِّدوا. و الحديث: أنه قال لعلي: سل اللّٰه السَّداد. و الحديث: ما من مؤمن يؤمن باللّٰه ثم يسدد. و في صفة معلم القرآن: يغفر لأبويه إذا كانا مُسَدَّدَين. و الحديث: كان له قوسٌ تُسمَّي السداد. و في حديث السؤال: حتي يصيب سداداً من عيش. النهاية 2/ 352، 353.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 132
و
عن المغيرة رضي اللّٰه عنه: أنه كان لا يصلّي في سدَّة المسجد الجامع يوم الجمعة مع الإمام.
و قيل: إسماعيل السُّدِّي، لأنه كان تاجراً يبِيع الخمرَ في سُدَّةِ المسجد.

[سدر]*:

من قطع سدْرَةً صوَّب اللّٰه رأسه في النار.
السِّدْر: شجر حَمْله النَّبْق، و ورقة غَسُول.
و قال الجاحظ: كانوا يتّخذون بين يَدي قصورهم السِّدْر لِلْغَلّة و الظِّل و الحُسن، أراد سِدْرة في الفلاة يَسْتَظِلُّ بها أبناء السبيل، أو في مِلْكِ رجل تحامل عليه ظالم فقطعها.

[سدد]:

أبو بكر رضي اللّٰه عنه- سأل النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن الإزار فقال: سَدِّدْ و قارب.
من السَّداد و هو القَصْد، أي اعمَلْ بالقصد فيه فلا تُسبله إسبالًا، و لا تقلِّصه تقليصاً.
و قَارِبْ، أي اجعله مقارِباً وسطاً بين التَّشْمِير و الإرخاء.

[سدل]*:

عليّ عليه السلام- رأي قوماً يُصَلُّون قد سَدَلوا ثيابهم فقال: كأنهم اليهود خرجوا من فُهْرهم.
هو إسْبال الثوب من غير أن يضم جانبيه.
فُهْرهم: مَدْرَستهم التي يجتمعون فيها، قالوا: و ليست عربية مَحْضة.

[سدد]:

أم سلمة رضي اللّٰه عنها- أتت عائشة لما أرادت الخروجَ إلي البَصْرة فقالت لها: إنك سُدَّة بين رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و أمّته، و حجابُك مضروب علي حُرْمَتِه، و قد جمع القرآن ذيلَك فلا تَنْدَحِيه، و سَكَّنَ عُقَيْرَاك فلا تُصْحِريها، اللَّهُ من وراء هذه الأمة، لو أراد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنْ يَعْهد إليك عهِد، عُلْتِ عُلْتٍ؛ بل قد نهاك رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن الفُرْطة في البلاد. إن عمود الإسلام لا يُثَاب بالنساء إن مال، و لا يُرْأب بهنّ إن صُدِع، حُمادَيَات النساء غَضُّ الأطْرَاف، و خَفَر الأعراض، و قِصَر الوِهازة، ما كنت قائله لو أنّ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عارَضك ببعض الفَلوات، نَاصَّةً قَلُوصاً من منهل إلي آخر. إن بعين اللّٰه مهواك، و علي رسوله تَرِدِين، قد وَجَّهْتِ سدَافته- و روي: سجَافته- و تركت عُهَّيْدَاه. لو سرتُ مسيرَك هذا ثم قيل: ادخلي الفردوس لاستحييتُ أن أَلْقَي محمداً هاتِكة حجاباً قد ضَرَبَه عليّ. اجْعَلِي حِصْنَكِ بيتَك، وَ وِقاعَة السِّتر قَبْرَك، حتي تلقيْنَه و أنت علي تلك، أطوعُ ما تكونين للّٰه ما
______________________________
(1) (*) [سدر]: و منه في حديث الإسراء: ثم رفعت إلي سدرة المنتهي. و الحديث: الذي يسدر في البحر كالمتشحط في دمه. و في حديث علي: نَفَرَ مستكبراً و خبط سادراً. و في حديث الحسن: يضرب أسدريه. و في حديث يحيي بن أبي كثير: السُّدَّر هي الشيطانة الصغري. النهاية 2/ 354.
(2) (*) [سدل]: و منه الحديث: نهي عن السدل في الصلاة. و منه حديث عائشة: إنها سدلت قناعها و هي محرمة. النهاية 2/ 355.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 133
لزمْتِه، و أنصرُ ما تكونين للدين ما جلست عنه، لو ذكَّرْتُك قولًا تعرفينه نَهَشْتِنِي نَهْش الرقشاء المُطْرِق.
فقالت عائشة: ما أقبلني لِوَعْظِك، و ليس الأمرُ كما تظنّين، و لنعم المَسيرُ مسيرٌ فزعتْ فيه إليَّ فئتان متناجزتان، أو متناحرتان، إن أقْعد ففي غير حرج، و إنْ أخرج فإلي ما لا بدّ من الازدياد منه.
السُّدَّة: الباب، تريد أنّكِ مِنْ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بمنزلة سُدّة الدار من أهلها؛ فإنْ نَابكِ أحدٌ بنائبة أو نال منك نائل فقد ناب رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و نال منه، فلا تُعَرِّضي بخروجك أهل الإسلام لِهَتْكِ حَرْمة رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و ترك ما يجبُ عليهم من تعزيزه و توقيره.
نَدَحَ الشي‌ءَ فتحه و وسعَّه، و منه أنا في مَنْدوحة من كذا، و نُدْحة نحوه، من النَّدح؛ و هو المتَّسع من الأرض.
العُقَيرَي: كأنها تصغير العَقْري؛ فَعْلي، من عَقَر؛ إذا بقي في مكانه لا يتقدم و لا يتأخر فزعاً أو أسفاً أو خجلًا. و أصله من عقرتُ به إذا أطلت حَبْسه، كأنك عقرتَ راحلتَه فبقي لا يقدر علي البَراح. أرادت نفسها؛ أي سَكِّني نفسك التي صفتها أو حقها أن تلزم مكانها، و لا تبرح بيتَها، و اعملي بقوله تعالي: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33].
أصْحَر؛ أي خرج إلي الصحراء، و أَصْحَرَ به غيرُه، و قد جاء هنا مُعَدًّي علي حذف الجار و إيصال الفعل.
عُلْت: مِلْت؛ من قوله تعالي: ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَلّٰا تَعُولُوا [النساء: 3]؛ و روي: عِلْتِ من عَال في البلاد «1» و عَار، و يجوز أن يكون فَعَلْت، من عَاله يعولُه إذا غلبه، و منه قولهم:
عِيل صبرهُ و عيل ما هو عائله؛ أي غلبت علي رأيك، و ما هو أولي بك.
للعرب في عُدت يا مريض، ثلاث لغات: الكسر و الضم الخالصان و الإشمام.
الفُرْطة و الفُروطة: التقدّم. و يقال للمسفار: فلان ذو فُرْطة و فُروطة في البلاد.
و قولهم: بعير فُرْطي؛ أي صعب منسوب إلي الفُرطة. و كذلك قولهم: فيه فُرْطيّة؛ أي صُعوبة؛ قال:
سَيْراً تري فيه القَعود الأوْرَقَا من بعد فُرْطيَّته قد أرْنَقا
أثابه: إذا قَوّمه، و هو منقول من ثاب إذا رَجَع؛ لأنها رجع للمائل إلي الاستقامة.
يقال: حُمَادَاك أن تفعل كذا، أي قُصَاراك و غايةُ أمرك الذي تحمد عليه.
غَضُّ الأطراف: أورده القتَيْبِي هكذا، و فسر الأطراف بجمع طَرْف و هو العين.
______________________________
(1) عال في البلاد: ذهب في البلاد.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 134
و يدفع ذلك أمران: أحدهما: أنّ الأطراف في جمع طَرْف لم يرد به سماع.
بل ورد بردِّه، و هو قول الخليل أيضاً أن الطَّرْف لا يثني و لا يجمع، و ذلك لأنه مصدر طَرَف إذا حرَّك جفونه في النظر. و الثاني: أنه غير مطابق لخَفر الأعراض، و لا أكاد أشك أنه تصحيف. و الصواب: غض الإطْراق، و خفر الأعراض. و المعني أن يَغَضُضْن من أبصارهنّ مُطْرِقات؛ أي راميات بأبصارِهنّ إلي الأرض، و يتخَفَّرن من السُّوء معرضات عنه.
الوَهازة: الخطو، يقال: هو يتوهز و يتوهس؛ إذا وطي‌ء وطئاً ثقيلًا.
و قال ابنُ الأعرابي: الوَهازَة: مِشْية الخَفِرات، و الأوْهَز: الرجل الحسَنُ المِشية.
نَصَّ الناقة: دفعها في السير.
السِّدَافة و السِّجافة الستارة، و تَوْجِيهها: هتكُها، و أخْذُ وجهها؛ كقولك، لأخْذِ قَذَي العينِ تقذّيته. قال العجاج يصف جيشاً:
يوجِّه الأرض و يستاق الشجر
أو تغييرُها و جعلها لها وجهاً غير الوجه الأول.
و العُهَّيْدَي: من العهد كالجُهّيْدي و العُجَّيْلَي من الجَهْد و العَجَلة؛ يقال: لأبلغنّ جُهَّيْدَاي في هذا الأمر، و هو يمشي العُجَّيلي.
وِقاعة السِّتْر و مَوْقعته: موقعه علي الأرض إذا أرسلته- و روي: وَقاعة الستر؛ أي ساحة الستر و موضعه.
الضمير في «لزمتِه» للستر، و المعني أطوع أوقات كونك و أنصرها وقت لزومك و وقت جلوسك.
الرّقشاء: الأفْعي.
الشعْبي رحمه اللّٰه تعالي- ما سددتُ علي خَصْم قط.
أي ما قطعت عليه.
مستدة في (كب). مسدفون في (بو). سداد في (هد). السدف في (قش). سدوس في (رو). سدانة في (اث). سدي في (شد). أسدرية في (بض). أسدي في (عص).

السين مع الراء

[سرر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- دخل علي عائشة تَبْرُق أسَارِيرُ وَجْهِه.
______________________________
(1) (*) [سرر]: و منه الحديث: صوموا الشهر و سِرَّه. و في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: تبرق أسارير وجهه. و منه حديث ابن الصائد: أنه ولد مسروراً. و منه حديث السقط: أنه يجترُّ والديه بسرره حتي يدخلهما الجنة. و في حديث-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 135
هي خُطوطُه، جمع أسْرَار، جمع سِرّ أو سِرَر.
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لرجل: هل صُمْت من سِرَار هذا الشهر شيئاً؟ قال: لا. قال: فإذا أفْطَرْتَ من شهر رمضان فصُم يومين.
السِّرَار- بالفتح و الكسر: حين يَسْتَسِرّ الهلالُ في آخر الشهر. أراد: سِرَار شعبان.
قالوا: كان علي ذلك الرجل نَذْر فلما فاته أمرَه بقضائه.

[سرع]*:

كان علي صدره صَلَي اللّٰه عليه و سلِم الحسَنُ أو الحُسين، فبال، فرأيت بَولَه أسَارِيع.
أي طرائق، الواحد أُسروع، سمي لاطّراده، من السرعة، و هي أن تطّرد الحركات من غير أن يتخلّلها سكون و توقّف.

[سري]:

ليس للنّساء سَرَوات الطّريق.
جمع سَراة، و هي ظهرها و معظمها، أي لا يتوسَّطْنَها و لكن يمشين في الجوانب.
قال لأصحابِه يوم أُحُد: اليوم تُسَرَّوْن، فقُتل حمزة.
أي يُقتل سَرِيّكم، كقولهم: تُشَرَّفُوا و تُكَمُّوا؛ إذا قُتل شريفُهم و كَمِيُّهم.

[سرح]*:

إن المشركين أغاروا علي سَرْح رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فذهبوا بالعَضْباء، و أسَرُوا امرأةً من المسلمين، فنوَّموا ليلة؛ فقامت المرأة و كانت إذا وضعتْ يديْها علي سَنَام بعير أو عَجُزهِ رَفع بُغَامَه «1» حتي انتهتْ إلي ناقة رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فلئمت بُغَامَها فاستوتْ عليها، و كانت ناقة مُجَرَّسة.
و
عن سَلَمة بن الأكْوع رضي اللّٰه عنه أنه قال: لما أغارَ عبد الرحمن بن عُيَيْنَة الفَزاري علي سَرْح رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ناديت: يا صَبَاحاه، ثم خرجتُ أقْفُو في آثارهم فألحق رجلًا فأرشُقه بسهم فوقع في نُغْضِ كَتِفه، فقلت:
خُذْها و أنا ابنُ الأكوعِ و اليوم يَوم الرضَّعِ
قال: فما زلت أرميهم و أعقرهم حتي ألْقَوْا أكثر من ثلاثين رُمحاً، و ثلاثين بُرْدة لا
______________________________
- ظبيان: نحن قوم من سرارة مذحج. و في حديث عمر: إنه كان يحدثه عليه السلام كأخي السِّرار. و في حديث حذيفة: ثم فتنة السَّرَّاء. النهاية 2/ 359، 360، 361.
(2) (*) [سرع]: و منه في حديث سهو الصلاة: فخرج سَرَعان الناس. و في حديث خيفان: مساريع في الحرب.
و في صفته عليه السلام: كأن عُنَقه أساريعُ الذهب. و في حديث الحديبية: فأخذ بهم بين سروعتين و مال بهم عن سنَن الطريق. النهاية 2/ 361.
(3) (*) [سرح]: و منه في حديث أم زرع: له إبل قليلاتُ المسارح كثيرات المبارك. و منه حديث ظبيان: يأكلون مُلَّاحَها و يرعون سراحها. النهاية 2/ 357، 358.
(1) البغام: صوت الإبل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 136
يلقون شيئاً إلا جعلت عليه آراماً، و أتاهم عُيَيْنَة بن بَدْر ممدًّا لهم فقعدوا يَتَضَحّون، و قعدت علي قَرْن فوقهم، فنظر عُيَيْنة فقال: ما هذا الذي أري؟ فقالوا: لقينا من هذا البَرْح.
و
في حديثه: أن خيلًا أغارت علي سَرْح المدينة فخرج رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و جاء أبو قتادة و قد رَجَّل شَعْرَه فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إني لأري شَعْرَك حَبَسَك، فقال: لآتينك برجل سَلَم.
يقال: سَرَح المالَ، إذا أطْلَقه يرعي و يَسْرَح بنفسه، و المالُ سارِح، و السَّرْح نحو الصَّحْب و الشَّرْب و التَّجْر، في جمع فاعل و ليس بتكسير؛ و لكنه من أسماء الجموع، كالضَّئِين و المَعيز، و الأشياء، و القصباء و نحو ذلك. و يجوز أن يكون كالصَّيْد؛ و ضَرْب الأمير؛ تسمية للمفعول بالمصدر.
العَضْباء: عَلَمٌ لناقة رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ منقول من قولهم: ناقة عضْباء، و هي القصيرة اليد.
نَوَّمُوا: مبالغة في نامُوا؛ إذا اسْتَثْقَلُوا في النوم.
مُجَرَّسة؛ أي مجرّبة مُعتادة للركوب، يقال: رجل مجرّب و مجرّد و مجرّس و مضرّس.
النُّغَض- بالفتح و الضم: فرع الكَتِف، لأنه يَنْغُض «1» إذا أسرع الماشي، و قيل: هو غُرْضوفها «2»، و هو النَّاغض.
الرّضّع: جمع راضِع، و هو اللئيم، يريد: اليوم يوم هَلاكهم، و ارتفاع اليوم علي الابتداء.
و يجوز نصبه علي الظّرفية علي أن اليوم بمعني الوقت و الحين. حكاه سيبويه عن ناس من العرب.
البردة: شَمْلة من صوف.
الآرام: جمع إرَم و هو العَلَم، و الأَرَمِيّ و الأيْرَم و الأيْرَمِيّ مثله. يقال: هذه السنة كالأريَام. قال:
عيدية سَنامها كالأَيْرِم
يَتَضَحَّوْن: يَتَغَدَّون. القَرْن: جُبيل منفرد.
البَرْح: شدة الأذي.
رجل سَلَم: أي أسير. قال الفرزدق:
وقوفاً بها صَحْبي عليّ كأنني بها سَلَمٌ في كف صاحبه نار
______________________________
(1) ينغض: يتحرك.
(2) الغرضوف و الغضروف: العظم اللين.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 137
و كذلك قومٌ سَلَم. قال:
فاتقين مروان في القوم السَّلَم

[سري]*:

لما أحْضَر بني شيبان و كلّم سَراتهم قال له المثنَّي بن حارثة: إِنا نزلنا بين صِيرَتين: اليَمامة و الشمامة. فقال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: و ما هاتان الصِّيرتان؟ فقال: أنْهارُ كِسْري و مياه العرب، نزلنا بينهما.
السَّراة: السّادة، جمع سَرِيّ، و هو غريب لضمة فاء أخواتها نحو غُزاة و قُضاة.
الصِّيرة: فِعلة، من صار يصير؛ و هي الماء الذي يصير إليه الناس، و يَحضُرونه؛ و يقال للحاضرة: الصائرة، و قد صاروا؛ إذا حضروا الماءَ.

[سرو]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لئِنْ بقيتُ إلي قابل ليَأْتِيَنّ كلّ مؤمن حقَّه أو حظَّه، حتي يأتيَ الراعي بسَرْوِ حميْر لم يعرقْ جبينهُ فيه.
و روي: لئن بقيت لأُسوِّينَّ بين الناس حتي يأتِيَ الراعي حقه في صُفْنه لم يعرَقْ جبينه.
السَّرْو: ما انحدر عن الجبل، و ارتفع عن الوادي، و النَّعْف و الخَيْف نحوه. قال ابن مقبل:
بسَرْوِ حمْيَر أبوال البغال به
الصَّفْن و الصَّفْنة: خريطة الرّاعي، و قيل: شبه الرّكوة.

[سرق]*:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- إذا بعتم السَّرَق فلا تشتروه.
هو شُقق الحرير، البيض منه خاصة، قال:
و نَسجَتْ لوامعُ الحَرور سَبَائِباً كَسَرقِ الحرير «1»
و الواحدة سَرَقة، كلمة معربة.
______________________________
(2) (*) [سري]: و منه الحديث يُرَدُّ متسريهم علي قاعدهم. و في حديث سعد: لا يسير بالسرية. و منه حديث أم زرع: فنكحت بعده سرياً. و حديث الأنصار: قد افترق ملؤُهم و قُتلت سرواتهم. و حديث رياح بن الحارث: فصعدوا سرواً. و الحديث: ليس للنساء سروات الطريق. و الحديث: فمسح سراة البعير و ذفراه. و الحديث: فإذا مطرت- يعني السحابة- سُرِّي عنه. و في حديث جابر: قال له: ما السَّريُّ يا جابر؟ و في حديث موسي عليه السلام و السبعين من قومه: ثم تبرزون صبيحة ساريةٍ. النهاية 2/ 363، 364.
(3) (*) [سرق]: و منه في حديث عائشة: قال لها: رأيتك يحملك المَلَك في سَرَقَة من حرير. و في حديث عدي: ما تخاف علي مطيتها السَّرَق. النهاية 2/ 362.
(1) البيت للعجاج في لسان العرب (سرق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 138
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما: إنّ رجلًا قال له: إن عندنا بَيْعاً له بالنقد سِعْر، و بالتأخير سعر، فقال: ما هو؟ فقال: سَرَق الحرير، فقال: إنكم معشرَ أهلِ العِراق تسمون أسماء مُنكرة، فهلّا قلت: شُقَق الحرير! ثم قال: إذا اشتريتَ و كان لك، فبعْه كيف شئت.
قيل: في الأول معناه إذا بعتموه نسيئة فلا تشتروه من المشتري بدون الثّمن؛ كأنه سمع أن بعضهم فَعل في السَّرَق هكذا، و إلّا فهو منهِيّ عنه في كلّ شي‌ء.
و في الثاني: إنه رخص في السِّعرين إذا فارقه علي أحدِهما؛ فأما إذا فارقه عليهما جميعاً فهو غير جائز، لأنه يكون بيعتين في بيعة.

[سرح]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال لرجل: إذا أتيت مِنًي فانتهيتَ إلي موضع كذا و كذا، فإن هناك سَرْحة لم تُعْبَلْ و لم تُجْرَد، و لم تُسرَف، و لم تُسرح، و قد سُرَّ تحتها سبعون نبياً فانْزِلْ تحتَها.
هي واحدة السَّرْح؛ ضَرْبٌ من الشجر، و قيل: هي شجرة بيضاء. و قيل: كل شجرة طويلة سَرْحة، و منه قول عنترة:
بطل كأن ثيابَه في سَرْحَةٍ «1»
و السِّرْياح من الخيل: الطويل، مأخوذ من لفظها.
لم تُعْبَل: لم يؤخذ عَبَلُها و هو وَرقُها.
لم تُجْرَد، أيْ لم يصبها الجَرَاد.
لم تُسرَف: لم تصبها السُّرْفة «2».
لم تُسرَحْ: لم يصبها السَّرْح؛ أي الإبل و الغنم السارحة.
و قيل: هو مأخوذ من لفظ السَّرْحة؛ كما يقال: شَجَر الشَّجَرة؛ إذا أخذ منها غصناً أو وَرَقاً.
سُرَّ: من سَرَرْتُ الصبي؛ إذا قطعت سُرَره.
______________________________
(1) عجزه:
يحذي نعال السبت ليس بتوءَم
و البيت من الكامل، و هو لعنترة في ديوانه ص 212، و أدب الكاتب ص 506، و الأزهية ص 267، و جمهرة اللغة ص 512، 1315، و خزانة الأدب 9/ 485، 490، و شرح شواهد المغني 1/ 479، و المنصف 3/ 17، و بلا نسبة في الخصائص 2/ 312، و رصف المباني ص 389، و شرح الأشموني 2/ 292، و شرح المفصل 8/ 21، و مغني اللبيب 1/ 169.
(2) السرفة: دويبة صغيرة تثقب الشجر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 139‌

[سرب]*:

ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- الدنيا سجن المؤمن، و جَنّة الكافر، فإذا مات المؤمن تَخَلَّي له سَرْبه، يَسرح حيث يشاء.
يقال: خَلِّ سَرْبه؛ أي وجهته التي يمر فيها. و قال المبرِّد: فلان واسع السَّرْب؛ أي المسالك و المذاهب؛ أراد أنها للمؤمن كالسِّجن في جَنْب ما أُعدَّ له من المثوبة، و للكافر كالجنة في جَنْب ما أُعدّ له من العقوبة.
و قيل: إن المؤمن صرف نفسه عن الملاذّ و أخذها بالشدائد، فكأنه في السجن، و الكافر أمْرَحَها في الشهوات، فهي له كالجنّة.

[سرف]*:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- إن لِلَّحم سَرَفاً كسَرَف الخمر.
قيل: هو الضَّرَاوة. و المعني: إن من اعتاده ضَرِيَ بأكله فأسرف فيه، فِعْلَ المُعاقر في ضَراوته بالخمر، و قلّة صبره عنها.
و منه
الحديث: إن للّحم ضَراوة كضراوة الخمر، و إنّ اللّٰه يبغض البيتَ اللَّحِمَ و أهلَه.
و وجه آخر: أن يريد بالسَّرَف الغفلة، يقال: رجل سَرِف الفؤاد؛ أي غافل. و سَرِفُ العقل؛ أي قليل العقل، قال طَرَفة:
إن امْرأً سَرِفَ الفؤاد يَرَي عَسَلًا بماء سحابةٍ شَتْمِي «1»
و يجوز أن يكون من سَرَفت المرأة صبيَّها إذا أفسدتْه بكثرة اللبن، يعني الفساد الحاصل من جهة غِلْظة القلب و قسوته و الجرأة علي المعصية، و الانبعاث للشهوة.

[سرر]:

ذُكر لها رضي اللّٰه عنها المتعة فقالت: و اللّٰه ما نجد في كتاب اللّٰه إلّا النكاح و الاستسرار. ثم تلت: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَليٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ* [المؤمنون: 5، 6].
أرادت التَّسرِّي، و هو اسْتِفْعَال، من السرِيّة علي مَنْ جعلها من السِّرّ، و هو النكاح أو من السرور.
معني المُتعة: أنّ الرجل كان يُشارِط المرأة شَرْطاً علي شي‌ء بأجلٍ معلوم، يستحِلّ به
______________________________
(2) (*) [سرب]: و منه الحديث: من أصبح آمناً في سربه معافيً في بدنه. و في حديث موسي و الخضر عليهما السلام: فكان للحوت سرباً. و منه حديث علي: إني لأُسرِّبُه عليه و في صفته عليه السلام: أنه كان ذا مسربة. و في حديث آخر: كان دقيق المسربة. النهاية 2/ 356، 357.
(3) (*) [سرف]: و منه في حديث ابن عمر: فإن بها سرحةً لم تعبل و لم تُسْرف. و الحديث: أردتكم فسرفتكم.
و في حديث الحديبية: أنه تزوج ميمونة بسرف. النهاية 2/ 361، 362.
(1) البيت في ديوان طرفة ص 143.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 140
فَرْجها، ثم يفارقُها من غير تَزْويج و لا طلاق، أُحِلّ ذلك للمسلمين بمكة ثلاثة أيام حين حَجّوا مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ثم حُرّم.
طاوس رحمه اللّٰه تعالي- مَنْ كانت له إبل لم يؤدّ حقها أتَتْ يوم القيامة كأسَرِّ ما كانت تَخْبِطُه بأخْفافها.
و روي: كأَبْشَرِ ما كانت.
قالوا: معناه كأسْمن ما كانت، و أوْفره و خَيْره، و سِرّ كلّ شي‌ء: لبّه. و قال أعرابيّ لرجل: انحر البعير فلَتَجِدنّه ذا سِرّ؛ أي ذا مُخّ.
و الوجه أن يكون من السّرور؛ لأنها إذا سمنت و حملت شحومها سَرّت الناظر إليها و أبْهجته.
و قيل في الأبشر: هو من البَشارة، و هي الحُسن.
يسرو في (رت). بسرره في (رغ). و سره في (شه). للمسربة في (صف). سارحتكم في (ضح). لسربخ في (عب). المسارح في (غث). سري في (لح). مساريع في (فر).
سروعتين في (خب). دقيق المسربة في (شذ). و في (مع). لا سربة في (نق). سرحاً في (كو). فيسرّ بهن في (بن).

السين مع الطاء

[سطح]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كان في سَفر ففقدوا الماءَ، فأرسل عليًّا عليه السلام، و فُلاناً يبغيان الماء، فإِذا هما بامرأة علي بعيرٍ لها بين مزادتين، أو سَطِيحتين؛ فقالوا لها: انطلقي إلي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقالت: إلي هذا الذي يُقال له الصابي‌ء؟ قالا: هو الذي تَعْنين. و كان المسلمون يُغِيرون علي من حول هذه المرأة و لا يصيبون الصِّرم الذي هي فيه.
السَّطيحة من جلدين. و المزادة: هي التي تُفْأَم «1» بجلد ثالث بين الجلدين لتتّسع.
الصِّرْم: أبيات من الناس مجتمعة، و قيل: فرقة من الناس ليسوا بالكثير. قال الطِّرِماح:
يا دارُ أقْوَتْ بعد أصرَامها «2»
______________________________
(3) (*) [سطح]: و منه في الحديث: فضربت إحداهما الأخري بمسطح. النهاية 2/ 365.
(1) فأم: وسَّع أسفله.
(2) عجزه:
عاماً و ما يعنيك من عامها
و البيت من السريع، و هو للطرماح في ديوانه ص 439، و شرح أبيات سيبويه 1/ 468، و الكتاب 2/ 201، و لسان العرب (صرم) و (سطح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 141
و من السَّطيحة
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: إنه كان بطريق الشام فأُتِي بسَطِيحَتَيْن فيهما نَبِيذ، فشرب من إحداهما و عَدّي عن الأخري «1».
أي صَرَف وَجْهَهُ عنها.

[سطم]:

من قضيتُ له شيئاً من حق أخيه فلا يَأْخُذنَّه، فإنما أقطعُ له إسْطاماً من النار.
الإسْطام و السِّطام: المِسْعار، و هو الحديدة المفطوحة الطّرف التي تُحَرِّك بها النار. أي قطعت له ما يُشعل به النارَ علي نفسه و يُسَعِّرها. أو قطعت له ناراً مُسعرة محروثة؛ و تقديره ذات إسْطَام.

[سطو]:

الحسن رحمة اللّٰه تعالي عليه- لا بأس أن يَسْطُوَ الرجل علي المرأة إذا لم توجد امرأة تعالجها، و خِيف عليها.
يعني إذا نشِب ولدُها في بطنها ميتاً، و لم توجد امرأة تعالجها، فللرجل أن يُدخل يده في رَحِمها فيستخرج الولد. يقال: مَسَطها، و مصها، و مَسَاها، و سَطا عليها. قال:
فاسط علي أمك سطو الهاسي «2»

[سطر]:

سأله الأشْعث عن شي‌ء من القرآن، فقال: إنك و اللّٰه ما تُسَطِّرُ عليّ بشي‌ء.
أي ما تُلبِّس.
يقال: سَطَّرَ فلان علي فلان؛ إذا زَخْرَفَ الأقاويلَ، و نمقّها كما يُنَمِّق الكاتبُ ما يخطُّه، و تلك الأقاويل الأساطير، و السُّطُر.

[سطم]:

في الحديث: العرب سِطَامُ الناس.
[السطام] و السَّطيم: حَدُّ السيف. قال كعب بن جُعيل- أنشده سيبويه:
و أبيض مَصْقُول السِّطام مُهَنَّداً و ذا حَلْقٍ من نسج داود مُسردَا
أي هم منهم كالحدّ من السيف في شَوْكتهم و حدتهم.
سطع في (بر). بمسطح في (جو).
______________________________
(1) يقال: عدِّ عن هذا الأمر: أي تجاوزه إلي غيره.
(2) صدره:
إن كن من أمرك في مسماس
و الرجز لرؤبة في لسان العرب (سطا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 142‌

السين مع العين

[سعد]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لا إسْعادَ و لا عَقْرَ في الإسلام.
هو إسعادُ النساء في المَنَاحات، تقومُ المرأةُ فتقوم معها أخري مِنْ جاراتها فتساعدُها علي النِّياحة.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنَّ امرأةً أتته، فقالت: يا رسولَ اللّٰه؛ إن فُلانةَ أسْعَدَتنِي؛ أفأُسْعِدُها؟ فقال:
لا- و نهي عن النِّياحة.
العَقْر: عَقْرُهم الإبلَ علي القبور- يزعمُون أنه يكافي‌ء الميتَ بذلك عن عَقْره للأضياف في حياته.
و قيل: ليطعمها السباعَ فَيُدْعَي مِضْيَافاً؛ حيًّا و ميِّتاً.

[سعر]*:

عن سالم بن أبي الجَعْد رحمه اللّٰه تعالي: قال: غَلَا السِّعر علي عهد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقالوا: لو سَعَّرْتَ لنا- و روي: فقالوا له: غلا السِّعر فأَسْعِرْ لنا فقال: إن اللّٰه هو المسعّر، إنَّ اللّٰه هو القابِض الباسطُ الرازق، إنّي لأرجو أنْ أَلْقَي اللَّهَ و لا يطالُبني أحدٌ منكم بمظلِمة.
يقال: أسْعَر أهلُ السوق، و سَعَّرُوا: إذا اتّفقوا علي سِعْر؛ و هو من سَعَّر النار إذا رفعها؛ لأن السِّعْر يوصف بالارتفاع.

[سعد]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يقول في التَّلْبِية: لَبَّيْك و سَعْديك.
قال أبو عمرو الجَرْميّ: معناه إجابةً و مساعدةً، و المساعدة: المطاوعة؛ كأنه قال:
أجِيبك إجابة و أطِيعك طاعة. و قال: و لم نسمعْ بِسَعْدَيْك مفرداً.
و حكي عن العرب: سُبْحانَه و سُعْدَانَه، علي معني أُسبِّحه و أطيعه؛ تسمية الإسعاد بسعُدان، كما سمي التسبيح بسُبْحان: عَلَمان كعُثمان و نُعمان. و نظير سَعْدَيْك في الحذْف قَعْدَك و عَمْرَك. و التَّثْنِيَةُ للتكرير و التكثير، مثلها في حَنَانَيْك و هَذَاذَيْك. و قوله تعالي: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ [الملك: 4].

[سعي]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أُتِيَ في نساءٍ أو إماء سَاعَيْن في الجاهلية، فأمر
______________________________
(1) (*) [سعد]: و منه في حديث البحيرة أساعدُ اللّٰه أشدُّ، و موساه أحدُّ. و الحديث: كنا نزارع علي السعيد و في خطبة الحجاج: انجُ سعداً فقد قتل سُعَيد. و في صفة من يخرج من النار: يهتز كأنه سعدانة. النهاية 2/ 366، 367.
(2) (*) [سعر]: و منه في حديث أبي بصير: ويلُ أُمه مِسَعْرُ حرب لو كان له أصحاب. و في حديث علي يحث أصحابه: اضربوا هبراً، و ارموا سعراً. النهاية 2/ 367، 368.
(3) (*) [سعي]: و منه الحديث: لا مساعاة في الإسلام. و في حديث وائل بن حجر: أن وائلًا يُسْتسْعي و يترفَّلُ-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 143
بأولادهنّ أن يُقَوَّموا علي أبائهم و لا يُسْتَرَقَّوا.
يقال: ساعت الأمة؛ إذا فجرَتْ، و ساعاها فلان؛ إذا فَجَر بها، و هو من السَّعْي؛ كأنَّ كلّ واحد منها يَسْعَي لصاحبِه. و نظيرُه قولهم: بَاغَتْ، من البغي و هو الطلب، و قيل للإماء:
البَغايا من ذلك، و معني تقويمهم علي آبائهم أن تكون قيمَتُهم علي الزانين لموالي الإماء البغايا، و يكونوا أحراراً لاحِقِي الأنسابِ بآبائهم. و كان عمر يُلحِق أولادَ الجاهلية بمن ادَّعاهم في الإسلام علي شرط التَّقويم، و إذا كان الوطء و الدعوي جميعاً في الإسلام فدعواه باطلة، و الولد مملوك لأنه عاهِر.

[سعر]:

أراد رضي اللّٰه عنه أنْ يدخل الشامَ و هو يَسْتَعِرُ طاعوناً؛ فقال له أصحابُ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنَّ مَنْ مَعَك من أصحاب النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قُرْحَانُون، فلا تدخلْها.
أصْلُ الاستعار الاشتعال، ثم استعير، فقيل: اسْتَعَرَتِ اللُّصوصُ و استعر الشرّ و الجرَب في البعير.
و المعني الكثرة و الانتشار، و الأصْل إسْناد الفعل إلي الطاعون، فأُسند إلي الشام، و أخرج ما كان الفاعل منصوباً علي التمييز، كقوله تعالي: وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً [مريم: 4]. و إنما يفعل هذا للمبالغة و التأكيد.
القُرْحان: الأملس من الداء، و أصله مَنْ لم يصبه جدري و لا حَصْبة، و للحذر عليه من أن يصاب بالعين اشتقوا له الاسم من القَرْح.
يستسقي في (اب). سعاره في (قد). تسعسع في (عق). سعن في (قن). السعانين في (قل). المساعر في (عر). ساعته في (خذ).

السين مع الغين

[سغب]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قَدِمَ خَيْبَر بأصحابه، و هم مُسْغِبون، و الثمرة مُغْضِفة فأكلوا منها، فكأنما مَرَّتْ بهم ريح فَصُرِعُوا.
أي داخلون في المَسْغَبة، و نظيره: أَقْحَطُوا و أجْدَبوا.
المُغْضِفَة: التي استرخت و لما تُدْرِك؛ من الغَضَف «1» في الأذن.

[سغسغ]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- سئل عن الطِّيب عند الإحرام، فقال: أما أنا فأسغسغه في رأسي، ثم أحب بقاءَه.
______________________________
- علي الأقوال. و منه حديث علي في ذم الدنيا: من ساعاها فاتَتْه. و حديث كعب: الساعي مُثلِّثٌ. النهاية 2/ 369، 370.
(1) الغضف: طول الأذن و استرخاؤها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 144
أي أثبته فيه و أقرره؛ من سَغْسَغَ شيئاً في التراب، إذا دَحَّه فيه، و سَغْسَغَ الدُّهن باليد علي الرأس إذا عَصرَ رَاحتَه لتكون أرْسَخَ للدُّهن في الرأس.
سغله في (بر). سغسغها في (سخ).

السين مع الفاء

[سفر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- دخل عليه عُمَر، فقال: يا رسولَ اللّٰه؛ لو أمرتَ بهذا البيتِ فَسُفِر، و كان في بيت فيه أُهُب و غيرُها- و روي: في البيت أُهُبٌ عَطِنَة- و روي: أنه دخل عليه و عنده أَفِيق.
السَّفْر: الكَنْس. و أصلُه الكَشْفُ.
و المِسْفَرة: المِكْنَسة.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 144
الأُهُب: ليس بتكسير للإهاب، و إنما هو اسم جمع، و نحوه: أُفُق و أُدُم و عُمُد، في جمع أفِيق و أدِيم و عَمُود.
و الإهابُ: الجِلْدُ غير المدبوغ.
و الأَفِيق: الذي لم يَتِمَّ دِباغه، و قيل الذي تَمَّ دِباغه و لم يُعْرَك و لم يُدْهن، فإذا فُعِل به ذلك فهو أديم.
عَطِن، و عَفِن، و عَرِن: أَخَوات. يقال: عَطِن الجلدُ إذا أنْتَن فسقط صوفهُ أو شعره.
و عفِن الشي‌ءُ؛ إذا فسد نَتَناً، و عرِن اللحمُ و عَرِنَتِ القِدْر، و هي الزُّهومة.

[سفه]:

أتاه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم مالكُ بن مُرارة الرَّهاويّ رضي اللّٰه عنه فقال: يا رسولَ اللّٰه؛ إني قد أوتيت من الجَمال ما تري؛ ما يسرُّني أنّ أحداً يَفَضُلُني بِشراكيْن فما فوقهما، فهل ذلك من البَغْي؟ فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنما ذلك من سَفَهِ الحقِّ و غَمَط النَّاس.
السَّفَه: الخفّة و الطَّيْش. تقول سَفِهَ فلان عليَّ؛ إذا استخفّ بك و جَهِل عليك، و منه زمام سفِيه «1»، و سفَّهَت الريح الغُصن «2». و في سَفِهَ الحقّ وجهان:
______________________________
(3) (*) [سفر]: و منه الحديث: مَثَلُ الماهر بالقرآن مَثَل السَّفَرة. و الحديث: أسفِروا بالفجر فإنه أعظم للأجر.
و حديث عمر: صلّوا المغرب و الفجاج مسفرة. و منه حديث النخعي: أنه سفر شعره. و في حديث علي:
أنه قال لعثمان: إن الناس قد استسفروني بينك و بينهم. و الحديث: ابعني ثلاث رواحل مسفرات. النهاية 2/ 371، 372، 373.
(1) ناقة سفيهة الزمام: إذا كان خفيفة السير (لسان العرب: سفه).
(2) تسفهت الرياح: اضطربت (لسان العرب: سفه).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 145
أحدهما: أنْ يكون علي حذف الجار، و إيصال الفعل؛ كأنَّ الأصلَ سَفِهَ علي الحق.
و الثاني: أن يضمن معني فِعْلٍ متعدٍّ، كجَهِل و نَكِر، و المعني الاستخاف بالحق، و ألَّا يراه علي ما هو عليه من الرُّجْحان و الرزانة.
الغَمْز و الغَمْص و الغَمْط: أخوات، في معني العيْب و الازدِراء. و في غَمَص و غَمط لغتان: فَعَل يَفْعَل، و فَعِل يَفْعِل.
ذلك: إشارة إلي البغي، كأنه قال: إنما البغي مِنْ سفه، و المعني: فعل من سَفه.

[سفع]*:

رأي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في بيت أم سَلَمة جارية، و رأي بها سَفْعَةً؛ فقال: إنّ بها نَظْرةً فاستَرْقُوا لها.
السَّفْعَةُ: المسُّ من الجنون، و حقيتها: المَرَّة؛ من السَّفْع؛ و هو الأخذ، يقال: سَفَع بناصيةِ الفرس ليركبَه أو يُلجمه، و سَفَع بيده فأقامه. و في كلام قضاة البصرة: اسفَعَا بيده.
و منه
قول ابن مسعود رضي اللّٰه عنه لرجل رآه: إنَّ بهذا سَفْعة من الشيطان، فقال له الرجل: لم أسمعْ ما قلت، فقال: نَشَدْتُك باللّٰه، هل تري أحداً خيراً منك؟ قال: لا، قال:
فلهذا قلت ما قلت.
جعل ما به من العجَب مَسًّا من الجنون.
و النَّظْرة: الإصابة بالعين، يقال: إنّ به نَظْرة، و صَبِيٌّ منظور. قال:
ما لقيت حُمر أبي سوَارِ من نَظْرةٍ مثل أجيج النار
و كأنّ المعني أنّ السَّفْعة أدركتها من قبَل النَّظْرة، فاطلبوا لها الرُّقية. و قيل: السُّفعة العين و صبي مسفوع: مَعِين «1»؛ فهي علي هذا في معني النَّظْرة سواء.
قَدِم عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أبو عمرو النَّخَعيّ رضي اللّٰه عنه في وفد من النَّخَع، فقال: يا رسول اللّٰه؛ إني رأيت في طريقي هذا رؤيا، رأيت أتَاناً تركتُها في الحي، وَلَدَتْ جدياً أسفَع أحْوَي. فقال له رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: هَلْ لك من أمَةٍ تركتها مُسِرّة حَمْلًا؟ قال: نعم، تركت أَمَةً لي أظنها قد حَمَلَتْ. قال: فقد وَلَدَتْ غلاماً، و هو ابنُك. قال: فما له أسفَعَ أحوي؟ قال: ادْنُ مني، فدنا. قال: هل بك من بَرَص تكتُمه. قال: نعم، و الذي بعثك بالحق ما رآه مخلوق و لا عَلِمَ به. قال: هو ذاك قال: و رأيت النعمان بن المنذر عليه قُرْطان و دُمْلُجان و مَسَكَتَان. قال:
ذاك ملك العرب عاد إلي أفْضَلِ زِيّه و بَهْجته. قال: و رأيت عجوزاً شَمْطاء تخرج من الأرض، قال: تلك بقية الدنيا، قال: و رأيت ناراً خرجتْ من الأرض فحالت بيني و بين ابْنٍ
______________________________
(2) (*) [سفع]: و منه حديث أبي اليسر: أري في وجهك سفعةً من غضب. و الحديث: ليصيبن أقواماً سَفْعٌ من النار. النهاية 2/ 374.
(1) المعين: أي المصاب بالعين.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 146
لي يقال له: عمرو، و رأيتها تقول: لَظَي لَظَي بصيرٌ و أعْمي، أطعموني أكلَكم كلّكم، أهلكم و مالكم. فقال: تلك فتنة تكون في آخر الزمان. قال: و ما الفتنة يا رسول اللّٰه؟ قال: يَقْتُلُ الناس إمامهم ثم يشتجرون اشتجارَ أَطْبَاق الرأس- و خالف رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بين أصابعه- يحسب المسي‌ء أنه محسن، و دم المؤمن أحلّ من شرب الماء.
الأسْفع: الذي فيه سَواد مع لون آخر، و منه السُّفعة في الدار، و هي ما فيها من زِبْلٍ، أو رَماد، أو قُمَامٍ مُتَلَبّد، فتراه مخالفاً للون الأرض في مواضع، و كلّ صقر أسفَع، و كلّ ثور وحشيّ أسفع، و قيل للحمامة: السَّفْعاء لعِلَاطَيْها.
و الأحْوي: لون يضرب إلي سواد قليل، و سميت أُمّنا حواء لأُدْمةٍ كانت فيها.
المَسَكة: السوار، و جمعها مَسَك.
لَظَي: علم للنار غير منصرف، و اللّظي: اللّهب. و المعني: أنا لظي. و لظي الثانية:
إما أنْ تكون تكريراً للخبر، أو خبر مبتدأ آخر.
بصيرٌ و أعمي، أي الناس في شأني ضربان: عالم يهتدي لِما هو الصواب و الحق، و جاهل يركبُ رأسَه فيضلّ.
الاشتجار: الاشتباك.
أطْباق الرأس: عظامه، و هي متطابقة متشبكة كما تشبك الأصابع. أراد التحام الحرب بين الناس، و اختلاطهم في الفتنة، و موج بعضهم في بعض.
أنا و سفْعاء الخدين، الحانية علي وَلَدها يوم القيامة كهاتين- و ضم إصْبَعه.
أراد التي آمَتْ من زوجها «1»، و قَصَرَتْ نَفْسَها علي وَلَدِها، و تركت التَّصَنّع، فَشُحِبَ لونُها، و تغيّر بالغموم، و ابتذال النفس في الاعتناء بالولد.
يقال: حَنَتِ المرأةُ علي ولدها تَحْنُو حنوًّا: إذا أقامتْ عليه بعد زَوْجها، و لم تتزوج؛ فهي حانية.

[سفف]*:

أتِي برجل فقيل: إنّ هذا سَرَق، فكأنما أُسِفَّ وجهُ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
هو من قولهم: أَسْفَفْتُ الوَشْمَ؛ و هو أَنْ تَغْرِز الحديدة في البَشرَة ثم تَحْشُو المغارِز كُحْلًا حتي تُسِفّه سَفًّا؛ أي تَغَيَّر و سَهَم، و أكْمَد لونه حتي عاد كالبَشَرة المفعولِ بها ذاك، و هو مستعار من سفّ الرجلُ الدواءَ و أسْفَفْتُه إياه.
______________________________
(1) آمت المرأة من زوجها: إذا مات عنها زوجها.
(2) (*) [سفف]: و منه الحديث: سَفُّ الملَّة خير من ذلك. و في حديث علي: لكني أسفَفْتُ إذا أسفُّوا. و في حديث أبي ذر: قالت له امرأة: ما في بيتك سُفَّة و لا هُفَّة. النهاية 2/ 375.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 147
و منه:
إن رجلًا أتاه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقال: يا رسولَ اللّٰه؛ إنّ لي جيراناً أصِلُهم و يقطعونني، و أُحْسنُ إليهم و يسيئون إليّ، فقال: أ كان كذلك؟ فكأنّك إنما تُسِفّهم المَلّ.
أي الرّمَاد الحارّ، و قيل: الجمر الذي تشوي فيه الخُبْزة، و لا يقال له مَلّ حتي يخالطَه رماد.

[سفسف]:

إن اللّٰه رضيَ لكم مكارمَ الأخلاق، و كَرِه لكم سَفْسَافَها.
هو في الأصل ما تَهَبَّي من غُبار الدقيق إذا نُخِل. و دُقاق التراب. و يقال: سَفْسَفْتُ الدَّقيق، ثم شبه به كلّ و سخ ردي‌ء.

[سفع]:

عمر بن الخطاب رضي اللّٰه تعالي عنه- ألّا إنّ الأسيْفِع أسيفع جُهَيْنة، قد رضي من دِينه و أمانته بأن يقال له سابق الحاج أو قال: سَبَق الحاج، فادّان مُعْرضاً، فأصْبَح قد رِينَ به، فمن كان له: عليه دَيْن فلْيغد بالغداة فَلْنَقْسِمْ مَالَهُ بينهم بالحِصَص.
الأسيَفْعِ: [علم، و هو في الأصل] تصغير الأسفع؛ صفة و عَلَماً [من السّفعة].
جُهَيْنَة: من بطون قُضاعة بن مالك بن حمير.
و عن قُطْرُب: إنها منقولة من مصغّر جُهَان علي الترخيم؛ يقال: جارية جُهَانة؛ أي شابة.
ادّان: افتعل من الدَّيْن، كاقترض من القَرْض.
مُعْرضاً: من قولهم طَأْ معرضاً؛ أي ضَعْ رجلك حيث وقعت و لا تتّق شيئاً. و أنشد يعقوب للبَعيث:
فطأ مُعْرِضاً إن الحتوف كثيرة و إنك لا تُبْقِي مِنَ المالِ باقيا
أراد فاستدان ما وجد ممن وجد، و الحقيقة بأيّ وجه أمكنه و من أي عرض تأتَّي له غَيْرَ مميِّز، و لا مبال بالتَّبِعَة.
رِينَ به، أي غلب، و فُعِلَ بِشَأْنه.

[سفر]:

حُذَيفة رضي اللّٰه عنه- ذَكَرَ قومَ لوط، و خَسْفَ اللّٰه بهم فقال: و تُتُبِّعَتْ أسفارُهم بالحجارة.
جمع سَفْر؛ و هم المسافرون، و هذا كما
يُرْوَي أنها لما قُلِبَتْ عليهم رمي بقاياهم بكل مكان.

[سفي]:

كعب- قال لأبي عثمان النَّهدي رحمهما اللّٰه تعالي: إلي جانبكم جبل مُشْرِفٌ علي البَصْرَة يقال له: سَنَام؟ فقال: نعم، قال: فهل إلي جانبه ماء كثيرُ السافي؟ قال: نعم.
قال: فإنه أولُ ماءٍ يَرِدُه الدجَّال من مياه العرب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 148
السَّافِي: التراب الذي تَسْفِيه الريح؛ أي تحتمله، و تهجُم به علي الناس و غيرهم، و نظيره: الماء الدافق، و السرّ الكاتم. و الماء الذي ذكره هو سَفَوان و هو علي مرحلة من باب المِرْبَد بالبصرة، سُمِّيَ بذلك لكثرة سافيه.

[سفر]:

ابن المسيِّب رحمه اللّٰه- لو لا أصوات السَّافِرة لسمعتم وَجْبَةَ الشمس
، و السَّافرة: أُمَّةٌ من الروم.
هكذا جاء متصلًا بالحديث، و كأنهم سُمُّوا بذلك لبُعْدَهم و توغّلهم في المغرب.
الوَجْبَة: الغُروب، يعني صوتَه، فحذف المضاف.

[سفف]:

النَّخعيّ رحمه اللّٰه- كَرِه أن يُوصَل الشعر، و لا بأس بالسُّفَّة.
هي شي‌ء من القَرَامِيل، و القَرَامِيلُ: ما تصل به المرأة شَعْرَها من شعر أو صوف. و هو من السَّفّ، يقال: سَفّ الخُوصَ؛ إذا نَسَجَه. و العَرَقَة الْمَسفوفة سفّة.
الشَّعبي رحمه اللّٰه- كره أنْ يُسِفّ الرجلُ النظَرَ إلي أمِّه و ابنته و أخته.
يقال: أسَفَّ النَّظَرَ إذا أحَدَّه؛ و هو من باب المجاز، كأنه جعل نظره في أخذه المنظور إليه لحدّته بمنزلة السافّ لمنظره، و يقرب منه قولهم- حكاه أبو زيد: إنه لَتَعْجُمُك عَيْني، أي كأَني أعرِفُك.
سفه الحق في (جل). السفع في (عن). السفار في (نض). سفعاء في (زو). السفين في (فض).

السين مع القاف

[سقي]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
كان مُعَاذ إمام قَومِه، فمرّ فتي بناضِحِه يُريد سَقِيَّة، فأقيمت الصلاة، فدخل معهم، فطوَّل معاذ و صلّي الفتي ثم خرج، فذُكِرَ ذلك لرسولِ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقال له: أَعُدْتَ فَتَّاناً! إذا كنتَ إماماً للناس فَخَفِّفْ.
السَّقِيّة: النخل الذي يُسقي بالسَّوَاني.
العَوْد: يجي‌ء كثيراً بمعني الصيرورة.
و منه
قول كعب: وَدِدْتُ أن هذا اللَّبنَ يعودُ قَطِراناً، فقيل له: لِمَ يا أبا إسحاق؟ قال:
تَتَبَّعَتْ قريشٌ أذناب الإبل، و تركوا الجماعات
، و قال الشاعر:
أَطَعْتُ العُرْسَ في الشَّهَوَاتِ حَتّي أعادَتْنِي عَسِيفاً عَبْد عَبْدِ
______________________________
(1) (*) [سقي]: و منه الحديث: أنه خرج يستسقي فقلب رداءَه. و في حديث عثمان: و ابلغت الرَّاتع مسقاته.
و الحديث: أنه كان يُستعذب له الماء من بيوت السقيا. النهاية 2/ 381، 382.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 149‌

[سقط]*:

يُحْشَرُ ما بينَ السِّقْطِ إلي الشيْخِ الفاني مُرْداً جُرْداً مُكَحَّلِين أولي أَفَانِين.
السِّقْط: الولد يَسْقُط قبل تمامه، و في حركة فائه ثلاثُ لغات.
الأفانين: جمع أفْنَان، جمع فَنَن، و هو الخُصلة من الشّعْر، قال العجّاج:
يَنْفُضْنَ أَفْنَانَ السَّبِيبِ و العُذَرْ
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- في ذكر أهْلِ الجنة: كلّ واحدٍ منهم فتي شاب أمْرَد، أجْعَد، أبْيَض، له جُمَّة علي ما اشتهت نفسهُ، حَشْوُها المسْك الأَذْفَر.

[سقي]:

عمر رضي اللّٰه عنه- قال للذي قتل الظبي و هو مُحْرِم: خُذْ شَاةً من الغنم، فَتَصَدَّقْ بلحمها، و أَسْقه إهابَها.
أي أَعْطِهِ مَنْ يَتَّخِذُه سِقاءً، و نظيره: أسْقِني عَسلًا، و أقِدْني خيلًا، و أسْقِني إبلًا.

[سقف]*:

عثمان رضي اللّٰه عنه- جاء ابن أبي بكر إليه، فأخذه بلحيته و أقبل رجل مُسَقَّفٌ بالسِّهام فأهوي بها إليه.
الأسْقَفُ، و المُسَقَّفُ: الطويل فيه جَنَأ «1»، و النعام موصوفة بالسَّقَف و الجَنَأ، و منه السَّقْف لإظْلالِه و تجانُئِهِ علي ما تحته.

[سقط]:

سعد رضي اللّٰه تعالي عنه- قال بُسْر بن سعيد: كنا نجالُسه، و كان يتحدَّثُ حديثَ الناس و الأخلاق، فكان يُسَاقِطُ في ذلك الحديث عن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم
: أي يُلْقِيه في تضاعيف ذلك و يَرْمي به. قال أبو حَيَّة النُّمَيْري.
إذا كُنَّ ساقَطْنَ الحديث كأنَّهُ سِقاطُ حَصَي المَرْجَان من كَفِّ ناظِم

[سقسق]:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه-
قال أبو عثمان النَّهْدِي: كنت أجالسُ ابنَ مسعود، فسَقْسَق علي رأسه عُصفور، فنَكَتَهُ بيده.
يقال: زَقْزَق الطائرُ بذَرْقه و سَقْسَق به؛ إذا رمي به، و زَقَّ و سَقَّ مِثْلُه.
نَكَتَهُ: أي سَلَتَهُ بإصْبَعه.
______________________________
(2) (*) [سقط]: و منه الحديث: للّٰه عز و جل أفرح بتوبة عبده من أحدكم يسقط علي بعيره قد أضله. و منه حديث الحارث بن حسان: قاله له النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و سأله عن شي‌ء فقال: علي الخبير سقطت. و الحديث: لأن أُقدِّم سقطاً أحبُّ إليَّ من مائة مستلئم. و في حديث الإفك: فأسقطوا لها به. و في حديث أبي هريرة: أنه شرب من السَّقيط. النهاية 2/ 378، 379.
(3) (*) [سقف]: و منه حديث عمر: لا يُمنع أُسقُفٌّ من سقِّيفاه. و في حديث الحجاج: إياي و هذه السُّقَفَاء.
النهاية 2/ 379، 380.
(1) الجنأ: انحناء في الظهر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 150‌

[سقد- سلقد]:

قال ابن مُعَيْزٍ السَّعدي رحمه اللّٰه تعالي: خرجت سَحَراً أُسَقِّدُ بفرسٍ لي، فمررتُ علي مَسْجد بني حَنِيفة، فسمعتُهم يذكرون مُسَيْلمة الكَذَّاب، و يزعُمون أنّه نبيّ، فأتيت ابنَ مَسعود فأخبرتُه، فبعثَ إليهم الشُّرَط، فجاءوا بهم فاستتابهم [فتابوا] فخلّي عنهم، و قدّم ابن النوّاحة فضرب عُنُقَه.
و روي: خرجت بفرس لي لأُسَقّده- و روي: أُسَلْقِدُ فرسي.
يقال: أسْقَد فرسَه، و سَقَّده، و سَلْقَده؛ ضَمَّره. و السُّقْدد، و السِّلْقِد: الفرس المُضَمّر.
و الباء في أُسَقِّد بفرس مثلُ «في» في قوله: «يجرح في عراقيبها». و المعني: أفْعَلُ التضميرَ لفَرَسي. و اللام في «سلْقد»: محكوم بزيادتها، مثلها في كَلْصم بمعني كَصَم، إذا فَرّ و نفر، و لعلّ الدال في هذا التركيب معاقب للطاء؛ لأن التضمير إسقاط لبعض السمن، إلا أنّ الدال جعلت لها خصوصية بهذا الضّرب من الإسقاط.

[سقط]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- كان يَغْدُو فلا يمرّ بِسَقَّاط، و لا صاحب بِيعةٍ إلّا سلّم عليه.
هو الذي يَبِيعُ سَقَط المتاعِ، أي رُذَاله.
البِيعَةُ من البَيْع كالرِّكْبة من الرُّكوب.

[سقع]:

عمْرو- كانت بينه و بين عُمر بن الخطاب رضي اللّٰه تعالي عنهما محاورة، فأغلظ له عُمر؛ فقاوله عمرو، فلما فرغ من كلامه قال له رجل من بني أمية، يقال له الأشجّ: إنك و اللّٰه سَقَعْتَ الحاجِب، و أوْضَعْتَ بالراكب.
السَّقْع و الصَّقْع: الضرب الشديد، و المراد: صَكَكْتَ وجهه بشدة كلامِك، و جَبَّهته بقولك.
يقال: وَضَع البعيرُ وَضْعاً، و وُضُوعاً: أسْرَع في سَيْره، و أَوْضَعه راكبُه، و أوضَعَ بالراكب: جعله مَوْضعاً لراحلته، يريد أنّك بَهَرْته بالمقاولة حتي ولّي عنك، و نَفَر مسرعاً.
السقارون في (حن). سقني في (لق). مَسْقاته في (رع). المسقويّ في (خم).
السقفاء في (ين). سقاية الحاج في (اث). من سقِيِّفاه في (ثو). السواقط في (عو). ساقي الحرمين في (قف).

السين مع الكاف

[سكك]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- خير المالِ سِكّة مَأْبُورة، و مُهْرة مَأمورة.
______________________________
(1) (*) [سكك]: و منه الحديث: أنه أمر بجدي أسَكَّ. و حديث علي: شقَّ الأرجاءَ و سكائك الهواءِ. النهاية 2/ 384، 385.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 151
هي الطَّريقة المُصْطَفّة من النَّخْل، و منها قيل للأزقّة: سكك؛ لاصطفاف الدّور فيها.
و المأْبُورة: المُلَقَّحة، و قيل: المراد سِكّة الحِراثة.
و المأبورة: المُصْلَحة، قال:
فإنْ أنْتِ لم تَرْضَيْ بِسَعْيِي فاتْرُكِي لِيَ البيت آبُرْه و كُوني مَكانِيَا
أي أُصلحه.
المأمورة: الكثيرة النِّتَاج، و كان ينبغي أنْ يقول المُؤْمَرَة، و لكن زَاوَج بها المأبورة، كما قال: مأزورات غير مأجورات. و عن أبي عبيدة: أمَرْتُه؛ بمعني آمرتُه؛ أي كثَّرته، و لم يقله غيره. و يجوز أن يُراد: أنها لكثرة نِتاجِها؛ كأنها مأمورة بذلك.
و من سِكة الحِراثة
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ما دخلتِ السِّكة دارَ قوم إلا ذلُّوا.
يريد أنّ أهل الحرث ينالهم المذلة لما يطالَبُون به من العُشْر و الخراج و نحوهما.
و نحوه:
العزّ في نواصي الخيل، و الذّل في أذْنَابِ البقر.
نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن كَسْر سِكَّة المسلمين الجائزة بينهم.
أرادَ الدراهم و الدنانير المضروبة بالسِّكة، و إنما كره تَقْوِيضها لما فيها من ذِكْرِ اللّٰه؛ أو لأنه يضيع قيمتها، و قد نهي عن إضافة المال، أو لكراهة التَّدْنِيق.
و
عن الحسن رحمه اللّٰه: لعن اللّٰه الدَّانق «1»
، و أول من أحدث الدّانق؛ ما كانت العرب تعرفه و لا أبناء الفرس.
و قيل: كانت تجري عدداً، لا وزناً في صدر الإسلام، فكان يعمِد أحدُهم إليها فيأخذ أطرافها بالمِقْراض.

[سكن]*:

اللهم أحْيِنِي مِسْكِيناً، و أَمِتْنِي مِسْكِيناً، و احْشُرْني في زُمْرة المساكين.
قيل: أرادَ التواضع و الإخْبَاتَ، و ألَّا يكون من الجبارين.
اسْتَقِرُّوا علي سَكِناتكم فقد انقطعت الهِجْرة.
يقال: الناس علي سَكِناتهم و مَكِناتهم و نُزُلاتهم؛ أي علي أحوالهم المستقيمة.
و المعني: كونوا عَلَي ما أنتم عليه مُستقرِّين في مواطنكم؛ لا تَبْرَحُوها؛ فإن اللّٰه قد أعزّ الإسلام، و أغني عن الهجرة و الفِرار عن الوطن حِذار المشركين- قال ذلك عند فتح مكّة.
______________________________
(1) الدانق سدس الدينار و الدرهم.
(2) (*) [سكن]: و منه الحديث: أنه قال للمصلي: تبأَّس و تمسكن. و في حديث الدفع من عرفة: عليكم السكينة. و حديث ابن مسعود: السكينة مغنم و تركها مغرم. و الحديث: اللهم أنزل علينا في أرضنا سَكَنَها. النهاية 2/ 385، 386.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 152‌

[سكب]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يُصَلي فيما بين العشاءين حتي يَنْصَدِعَ الفجر إحْدَي عشرة رَكْعة، فإذا سَكَبَ المؤذن بالأولي من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين.
أصْلُ السَّكْب الصَّبّ، فاستُعير للإفاضة في الكلام؛ كما يقال: هَضَبَ في الحديث، و أخذ في خُطْبَةٍ فَسَحَلَها «1»،
و كان ابنُ عباس مِثَجًّا «2».
كان اسم فرسه السّكب، و من أفراسه: اللَّحِيف، و اللِّزَاز، و المُرْتَجِز.
هو من قولهم: فرس سَكْب؛ أي كثير الجَرْي. قال أبو دُواد:
و قد أغْدُو بطِرْفٍ «3» هَيْ كَلٍ «4» ذي مَيْعة «5» سَكْبِ
و نحوه قولهم: مسحّ و بَحْر، و يعبوب و قيل: هو السَّكَب سمي بالسَّكَب، و هو شقائق النعمان، قال:
كالسّكَب المحمّر فوق الرابية
و قيل: اللَّحِيف؛ لكثرة شَائِله، و هو ذَنَبه.
و اللِّزاز لتلزّزه «6»، كقولهم: كِنَاز، و لِكاك للناقة «7».
و المُرْتَجز: لِحُسْن صَهيله.

[سكك]:

عليّ عليه السلام- خَطَبهم علي مِنْبَرِ الكوفة؛ و هو يَوْمَئِذٍ غيْرُ مَسْكُوك.
أي غير مُسمّر، من السك، و هو تَضْبِيبُ الباب. و السِّكِّيّ: المِسْمَار- و روي بالشين و هو المشدود المثبت؛ من قولهم: رماه فشكّ قَدَمه بالأرض؛ أي أثْبَتَها.
الخُدْريّ رضي اللّٰه عنه- وضع يديه علي أذنيه، و قال: اسْتكَّتَا إنْ لم أكُنْ سمعت النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يقول: الذّهَبُ بالذّهب، و الفضة بالفضة، مِثْلٌ بمثل.
أي صَمَّتَا، قال عَبيد:
دعا معاشِرَ فاسْتَكَّتْ مَسَامِعُهُمْ يا لَهْف نَفْسِيَ لو يَدْعُو بني أَسَدِ «8»
______________________________
(1) الخطيب المسحل: الخطيب الماضي، و انسحل بالكلام: جري به.
(2) الثج: الصب، و كان ابن عباس مثجاً: أي كان يصب الكلام صباً، شبه فصاحته و غزارة منطقه بالماء الثجوج.
(3) الطرف: الكريم من الخيل.
(4) الهيكل: الضخم من كل شي‌ء، و الفرس الطويل و النبات الطويل البالغ العبل. (القاموس المحيط:
هيكل).
(5) الميعة: أول سير الفرس.
(6) التلزز: القوة و شدة اجتماع الخلق.
(7) ناقة كناز: أي مكتنزة اللحم، و كذلك ناقة لكاك.
(8) البيت في ديوان عبيد ص 58.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 153‌

[سكن]:

كعب رحمه اللّٰه تعالي- ذكر يأْجوجَ و مأجوج، و هلاكَهمْ فقال: ثم يرسل اللّٰه السماء فتُنبِتُ الأرضَ، حتي إنّ الرُّمانة لَتُشْبعُ السَّكْن.
هم أهل البيت. قال ذو الرُّمة:
فيا كرم السَّكْنِ الذين تحملوا
و هو نحو الصَّحْب و الشَّرب.
سَكَنها في (حي). سَكَت في (ذل). السكينة في (ام). تمسكن في (با).

السين مع اللام

[سلم]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: عَلَي كلِّ سُلَامَي من أحَدِكم صدَقة، و يُجْزي‌ء من ذلك رَكْعتان يصيهما من الضُّحي.
قال الزَّجّاج: السُّلَامَيَات: العظام التي بين كل مَفْصِلين من أصابع الإنسان. و قال ابنُ الأنباري: السُّلَامي: كل عظم مُجَوّف؛ مما صَغُر من العظام، و لا يقال لمثل الظُّنبوب و الزَّنْد: سُلامَي، إنما يقال له قَصَب، و قيل: السُّلَاميات فصوص أعلي القدمين. و هي من الإبل في الأخْفاف، و هي عظام صغار يجمعهنّ عَصَب.
يُجْزِي‌ء: يُغْنِي.

[سلت]*:

لعن السَّلْتَاء و المَرْهَاء.
هي التي لا تَخْتَضِب و لا تكتحل، و قد سَلَتَتْ سَلْتاً، و مَرَهَتْ مَرْهاً؛ من السَّلْت و هو القَشْر. و من قولهم: رجل مَرِهُ الفؤاد؛ أي سقيمهُ ذاهبهُ.

[سلم- سلف]:

من تَسَلَّم في شي‌ء فلا يصرفْه إلي غيره.
هو الذي أسْلَم؛ أي أسلف دراهمَ في تَمْرٍ فَتَسَلّمها؛ أي أخذها، فليس له أن يصرف التمر إلي الزَّبيب؛ فيقول للمسلم: خُذْ زبيباً مكان التمر، و كذلك ما أشْبَهه.
______________________________
(1) (*) [سلم]: و منه في حديث التسليم: قل السلام عليك، فإن عليك السلام تحيَّة الموتي. و في حديث عمران بن حصين: كان يسلِّم عليّ حتي اكتويت. و في حديث الحديبية: أنه أخذ ثمانين من أهل مكة سَلْماً. و الحديث: أسلم سالمها اللّٰه. و الحديث: المسلم أخو المسلم. و في حديث جرير: بين سلم و أراك. و منه حديث ابن عمر: أنه كان يصلي عند سلمات في طريق مكة. و حديث خزيمة في ذكر السَّنَة: حتي آل السُّلامي. و الحديث: أنهم مروا بماءٍ فيه سليمٌ، فقالوا: هل فيكم من راقٍ. النهاية 2/ 393، 394، 395، 396.
(2) (*) [سلت]: و منه الحديث: أُمرنا أن نسلت الصَّفْحة. و حديث حذيفة و أزد عمان: سلت اللّٰه أقدامَها. و منه الحديث: أنه سئل عن بيع البيضاء بالسُّلْت فكرهه. النهاية 2/ 387، 388.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 154‌

[سلب]*:

بكتْ بِنْتُ أُمِّ سَلَمة علي حمزةَ رضي اللّٰه عنهما ثلاثة أيام و تَسَلَّبَتْ؛ فدعاها رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فأمَرَها أنْ تَنَصَّي و تكْتَحِل.
تَسَلَّبَتْ: لبست السِّلاب و هو سواد المُحِدّ «1». و قيل: خِرْقة سوداء كانت تُغَطِّي رأسها بها؛ و الجمع سُلب؛ قال ضَمْرة بن ضمرة.
هل تَخْمِشن إبلي عليَّ وجوهها أو تعصِبَنّ رُؤوسها بِسِلَاب
و تَنَصَّت المرأة؛ إذا سَرَّحَتْ شعرها، و نَصَّتها الماشطة و نَصَتْها تنصوها، أخذ الفعل من الناصية، و إنْ كان التسريحُ لسائر شَعْر الرأس؛ لأنّ الناصية الناصية فنُزِّلَتْ منزلَة جميعه.

[سلل]*:

اللهم اسق عبدَ الرحمن بن عوف من سليل الجنة- و روي: من سَلْسَل الجنة.
السَّلِيل: الشراب الخالص، كأنَّه سُلَّ من القَذي حتي خلص. و السَّلْسَل و السَّلْسال و السَّلاسِل: السَّهْل في الحَلْق.

[سلم]:

طاف صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بالبيت يستلم الأحْجار.
و روي: الأركان بمحْجَنه.
اسْتَلَم: افتعل من السَّلِمة و هي الحجر. و هو أنْ تتناوله و تعتمده بلمس أو تقبيل أو إدراك بعصا، و نظيره استَهم القومُ إذا أجالوا السِّهام. و اهْتَجَمَ الحالبُ؛ إذَا حلب في الهَجْم؛ و هو القَدَح الضَّخْم.
المِحْجَن: عصا في رأسها عُقّافة.
أخذ ثمانين رجلًا من أهل مكة سِلْما.
أي مستسلمين مُعْطِين بأيديهم؛ يقال: رجل سلم، و رجلان سِلْم، و قوم سِلّم. قال:
فاتّقين مَرْوان في القوم السَلمْ

[سلح]*:

عمر رضي اللّٰه عنه- لما أتِي بسيفِ النّعمان بن المنذر دعا جُبَيْر بن مُطعم
______________________________
(2) (*) [سلب]: و منه الحديث: إنه قال لأسماء بنت عميس بعد مقتل جعفر: تسلَّبي ثلاثاً، ثم اصنعي ما شئت.
و الحديث: من قتل قتيلًا فله سَلَبه. و منه حديث صفة مكة: و أسلَب ثمامها. النهاية 2/ 387.
(1) المحد: التي تلبس الثياب السود للحداد.
(3) (*) [سلل]: و منه الحديث: لا إغلال و لا إسلال. و في حديث عائشة: فانسللت من بين يديه. و حديث الدعاء: اللهم أسلل سخيمة قلبي. و في حديث زياد: بسُلالةٍ من ماءٍ ثغب. النهاية 2/ 392.
(4) (*) [سلح]: و منه حديث أبيّ: قال له: من سلَّحك هذا القوس؟ فقال: طفيل و الحديث: متي يكون أبعد مسالحهم سلاح. و الحديث الآخر: كان أدني مسالح فارس إلي العرب العذيب. النهاية 2/ 388، 389.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 155
فَسلَّحه إياه، ثم قال له: يا جُبَيْر ممَّنْ كان النعمان؟ قال: كان رجُلًا من أشْلَاء قَنَص بن مَعَدّ.
أي جعله سِلَاحه، و السلاحُ: ما أعددتَه للحرب من آلة الحديد، و السيف وَحْدَه يسمي سلاحاً، و عن أبي عُبيدة: السِّلاح ما قُوتل به، و الجُنّة ما اتقي به.
الأشْلَاء: البقايا، يقال: بنو فلان أشْلَاء في بني فلان؛ أي بقايا فيهم و الشِّلْو: البقية في اللحم، و أشلاء اللجام: التي تقادمت فدق حديدُها وَ لَانَ، فليس علي الفرس منه أذي.
و قد ذكر الزُّبير بن بكّار من ولد معدّ بن عدنان نِزار و قضَاعة و عُبيد الرّماح، و قَنصاً و قَنّاصة و جُنادة و عَوْفاً و حبيباً و سَلْهماً. و قال: و أما قَنص بن مَعد فلم يبق منهم أحد، و منهم كان النعمان بن المنذر الذي كان بالحِيرة، و قد نُسِبوا في لَخْم، و أنشد للنابغة، ينسُب النعمان إلي مَعد:
فإن يرجع النّعمان يفرح و نبتهجْ و يأت مَعَدّاً ملكُها و ربيعُها «1»
و كان جُبير أنسبَ العرب للعرب، و ذلك أنه كان أخذ النسب عن أبي بكر رضي اللّٰه تعالي عنها.

[سلت]:

إن وَليدةً له يقال لها مَرْجانة أتت بِوَلدِ زِنا، فكان يَحْمِله علي عاتِقِه و يَسْلُتْ خَشَمَه.
أي يمسح مُخَاطه. و أصل السَّلْت القطْع و القشر، و سَلَتُّ القَصْعة؛ لَحَسْتها.
و منه:
إن عاصم بن سفيان الثَّقفيّ حَدَّث عمر رضي اللّٰه عنهما بحديث فيه تشديد علي الوُلاة؛ فقال عمرُ عَلَي جبهته: إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ، مَنْ يأخذها بما فيها؟ فقال سلمان:
من سَلَت اللَّهُ أنْفَه و ألْزَقَ خَدَّه بالأرض.
أي جدَع أنفه، و الضمير في «يأخذها» للخِلَافة- و كأَنّ سلمان دعا علي من يكون بدل عُمَر.
و منه
حديث عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: إنّها قالت في المرأة تَوَضّأُ و عليها الخِضاب:
اسْلِتيه و أَرْغِميه.
أي أهِينيه و ارْمِي به عنك في الرَّغام.
و الخَشَم: ما يسيلُ من الخياشيم.

[سلف]*:

عامر بن ربيعة رضي اللّٰه عنه- كان رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يبعثُنا و ما لَنا طعام إلا
______________________________
(1) البيت في ديوان النابغة ص 57.
(2) (*) [سلف]: و منه الحديث: من سلَّف فليسلف في كيل معلوم إلي أجل معلوم. و الحديث: لا يحل سلف و بيع. و في حديث دعاء الميت: و اجعله لنا سلفاً. و حديث مذحج: نحن عباب سَلفها. النهاية 2/ 389، 390.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 156
السَّلْفُ من التَّمْر فنقسِمه قَبْضَة قبضة، حتي ينتهِيَ إلي تمرة تمرة. قال له عبد اللّٰه بن عامر: ما عسي أن ينفعَكم تمرة تمرة؟ قال: لا تقل ذاك، فواللّٰه ما عدا أنْ فَقَدْنَاها اخْتَلَلْنَاها.
السَّلْفُ: الجِراب الضَّخْم. و قال ابن دريد: هو أديم لم يُحْكَمْ دَبْغه؛ كأنّه الذي أصابَ أولَ الدِّباغ و لم يبلغ آخرَه.
اخْتَلَلْناها: أي اخْتَلَلْنَا إليها، فحذف الجارّ و أوصل الفعل؛ و المعني: احتجْنا إليها؛ من الخَلّة و هي الحاجة.

[سلفع]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال في قوله تعالي: فَجٰاءَتْهُ إِحْدٰاهُمٰا تَمْشِي عَلَي اسْتِحْيٰاءٍ [القصص: 25]: ليست بِسَلْفَع.
هي الوقِحَة الجريئةُ علي الرجال.
و
في الحديث في ذكر النساء: شَرُّهُنَّ السَّلْفَعة البَلْقَمَة.
أي الخالية من كل خير.

[سلف]:

أرض الجنة مسلوفة، و حِصْلِبها الصُّوَار، و هواؤها السَّجْسَج.
هي اللّيِّنة المَلْساء؛ كأنها سلفت بالمسلفة. الحِصْلِب: التراب.
الصِوار: المسك.
السَّجْسَج: أرَقُّ ما يكون من الهواءِ.

[سلب]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- دخل عليه سعيد بن جُبير فسأله عن حديث المُتلاعنين و هو مفترشٌ بَرْذَعَة رَحْلِه مُتَوَسّد مِرْفَقة أدَم حَشْوها لِيف أو سَلب.
هو ليف المُقْل. و قيل: شجر باليمن يعمل منه الحبال.
و قال شَمِر: السَّلَب: قشر من قشور الشجر يعمل منه السِّلال. يقال لسوقه: سوق السَّلَّابِين. و هي معروفة بمكة.

[سلم]:

كان رضي اللّٰه عنه يكره أن يقالَ: السَّلَم، و كان يقول: الإسلام للّٰه. و كان يقول: السَّلَف.
السَّلَم: اسم من الإسلام بمعني الإذعان و الانقياد؛ فكره أنْ يُستعمَل في غير طاعة اللّٰه، و إنْ كان يذهبُ به مُسْتَعْمِلُه إلي معني السَّلَف الذي ليس من الإسلام. و هذا من الإخلاص باب لطيف المسْلَك.

[سلسل]*:

ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- ذكر الأرضين السَّبْع فوصفَها فقال في صفة الخامسة: فيها حَيَّات كسَلاسِل الرَّمل و كالخَطائِط بين الشَّقائق.
______________________________
(1) (*) [سلسل]: و منه الحديث: اللهم أسق عبد الرحمن بن عوف من سلسل الجنة. النهاية 2/ 389.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 157
قال أبو عبيد: السَّلاسِل رمْل يَنْعقِد بعضُه علي بعض و ينْقاد.
الخَطائط: الخُطوط، جمع خَطِيطة.
الشقائق: قِطَعٌ غلِيظة بين جبلِي الرمل؛ جمع شقيقة.

[سلق]*:

أبو الأسود الدؤليّ رحمه اللّٰه- وضع النّحو حين اضطرب كلامُ العرب فغلَبت السَّليقة.
أي اللغة التي يسترسل فيها المتكلم بها علي سليقته؛ أي سجيّته و طبيعته، من غير تقيّد إعراب و لا تجنّب لحن، قال:
و لست بنحويٍّ يلوكُ لسانَه و لكن سليقيٌّ أقول فأُعربُ «1»
سَالِفتي في (غب). و اسلب في (عذ). لمسلٍ في (غث). سلَب في (خل). فسلقَاني في (هو). سلْع في (فر). سلَت في (مض). السَّلْفعة في (قي). سلقتُ في (بش). سلْفع في (زو). سُلُب في (جش): سِلْق و سلائق في (صل). سِلْم في (صو). سَلِيط في (زن).
سِلْم المؤمنين في (رب). سَلَم في (سر). أسلقِد في (سق). بسُلالة في (رص). سَالِفها في (عب). و السَّالفة في () «2».

السين مع الميم

[سمع]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَنْ سَمَّع الناسَ بِعَمَلِه سَمَّع اللّٰه به أسَامِعَ خَلْقِه و حَقَّره و صَغَّره- و روي: سامع خَلْقِه
، بالرفع.
التَّسْمِعة: أنْ يُسمِّعَ الناسَ عَمَلَه، و يُنَوِّه به علي سبيل الرياء. و يقال: إنما يفعل هذا تَسْمِعَةً و ترئية؛ أي ليُسمَعَ به و يُري.
و الأسامع: جمع أَسْمُع، جمع سَمْع، يعني من نَوَّه بعمله رياءً و سُمعة نَوَّه اللّٰه بريائهِ و تسمِيعه، و قَرَع به أسْماعَ خلقه فتعارفوه، و أشْهروه بذلك، فيفتضِح. و من رواه: سامعُ خلقه فهو صفة اللّٰه تعالي. و لو روي بالنصب لكان المعني. سَمَّع به من كان له سَمْعُ من خَلْقه.
______________________________
(3) (*) [سلق]: و منه الحديث: ليس منا من سلق أو حلق. و الحديث: لعن اللّٰه السالقة و الحالقة. و حديث علي: ذاك الخطيب المسلق الشحشاح. و في حديث المبعث: فانطلقا بي إلي ما بين المقام و زمزم فسلقاني علي قفاي. النهاية 2/ 391.
(1) البيت من الطويل، و هو بلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 732، و شرح التصريح 2/ 331، و شرح شافية ابن الحاجب 2/ 28، و لسان العرب (سلق)، و المقاصد النحوية 4/ 543.
(2) بياض بالأصل.
(4) (*) [سمع]: و منه حديث أبي جهل: إن محمداً نزل يثرب، و إنه حنق عليكم، نفيتموه نفي القراد عن المسامع. النهاية 2/ 402.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 158‌

[سمم]*:

لمّا قدم المهاجرون المدينةَ أرادوا أن يأتوا النساءَ في أدبارِهِنّ و فروجهنّ، فأنكرن ذلك، فجئن إلي أمّ سَلَمة، فسألت النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن ذلك فقال: نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰي شِئْتُمْ سِماماً واحداً.
هو من سِمام الإبرة و هو خَرْتُها «1»؛ أيْ مَأْتًي واحداً. و انتصاب سِماماً علي الظرف، أي فَأْتُوا حَرْثَكُمْ في سِمامٍ واحد، إلا أنه ظرف محدود أجْرِي مُجْرَي المبهم.

[سمع]:

قال له صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عمرو بن عَبَسة رضي اللّٰه عنه: أيّ الساعات أسْمَع؟ قال: جوف الليل الآخر. ثم قال: إذا توضأْتَ فغسلتَ يَدَيْك خرجت خطاياك من يديك و أنا مِلِكَ مع الماء، فإذا غسلت وجهك و مَضْمَضْتَ، و اسْتَنْشَيْتَ و اسْتَنْثَرْت، خرجتْ خطايا وجهك و فيك و خياشيمك مع الماء.
أيْ أوفقُ لاستماع الدعاء فيه. و هو من باب نهاره صائم وَ لَيْلُهُ قائم.
جَوْف الليل الآخر: الجزء السادس من أسْدَاسه.
الاستنشار و الاستنشاق: أخوان. و قد نَشِيت الرائحة و نَشقتها. و قال ذُو الرّمة:
و اسْتُنْشِيَ الغَرَبُ «2»
الاسْتِنْثَار: استخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق، كأنك تطلب نَثْره و تفريقه.
اللهم إني أعوذ بك من قولٍ لا يُسمع.
أي لا يُعتدّ به و لا يُستجاب، فكأنه غير مسموع. و منه قول المصلي: سمع اللّٰه لمن حَمِده. و قال شتير بن الحارث الضّبي:
دعوتُ اللّٰه حتي خفت ألّا يكونَ اللَّهُ يَسْمَعُ ما أقولُ

[سمسر]:

قال قيس بن أبي غَرَزَة رضي اللّٰه عنه: كنا نُسَمَّي السَّماسِرة علي عهد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فأتانا و نحن بالبَقِيع، فسمَّانا باسم هو أحسنُ منه، فقال: يا معشر التجار؛
______________________________
(3) (*) [سمم]: و منه حديث عياض: ملنا إلي صخرة فإذا بيض، قال: ما هذا؟ قلنا: بيض السَّامِّ. و في حديث عمير بن أفصي: يورده السامة. و منه حديث عائشة: أنها قالت لليهود: عليكم السَّام و الذَّام. و في حديث علي يذم الدنيا: غذاؤها سمام. النهاية 2/ 404، 405.
(1) خرت الإبرة: ثقبها.
(2) تمامه:
و أدرك المتبقَّي من ثميلته و من ثمائلها و استنشي الغَرَبُ
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 11.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 159
فاستمعْنا إليه فقال: إنّ هذا البيع يحضُره الحِلف و الكذب فشُوبوه بالصّدقة.
هو جمع سِمْسَار. و السَّمْسرة: البيع و الشراء. قال:
قد وَكَّلَتْني طِلَّتي بالسَّمسرهْ
و يقال للمتوسط بين البائع و المشتري سِمْسار. قال الأعشي:
فعشنا زماناً و ما بينَنا رسولٌ يحدّث أخبارَها «1»
فأصبحت لا أستطيع الجوابَ سوي أن أُراجع سِمْسارها
يريد السَّفير بينهما.

[سمن]*:

يكون في آخر الزمان قوم يَتَسَمّنُون.
أي يدّعون ما ليس لهم من الشرف ليلْحقوا بأهلِ الشَّرَف.

[سمر]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لا يُقِرّ رجل أنه كان يطأ جاريتَه إلا ألَحقت به وَلدَها. فمن شاء فليُمسكها، و من شاء فليُسَمِّرْها.
قال النّضْر: التسمير: الإرسال؛ و قد سمعتُ مَنْ يقول: أخذتُ غريمي ثم سَمَّرته، أي أرسلته.
و قال ابن الأعرابيّ: التسمير: إرسالُ السَّهْم بالعَجَلة. و الخَرْقَلة: إرساله بالتأني يقال:
سَمِّر فقد أخطأك الصيد. و خَرْقِل حتي يخطئك.
و روي عن شمر: التسمير و التشمير معاً.
و قال أبو عبيد: المعروف في العربية بالشين، من شمَّرْت السفينة و غيرها. و قال الشمّاخ:
كما سَطع المِرِّيخُ شَمَّره الغَالِي «2»
و فيه وجهان:
______________________________
(1) البيتان في ديوان الأعشي ص 317، 318.
(3) (*) [سمن]: و منه الحديث: ويل للمسمِّنات يوم القيامة من فترة في العظام. النهاية 2/ 405.
(4) (*) [سمر]: و منه في حديث العرنيين: فسَمَرَ أعينهم. و الحديث: يا أصحاب السَّمُرة. و في حديث قيلة: إذا جاء زوجها من السَّامِره. و الحديث: السَّمَر بعد العشاء. و في حديث علي: لا أطورُ به ما سمر سمير.
النهاية 2/ 399، 400.
(2) صدره:
أرقت في القوم و الصبح ساطع
و البيت في لسان العرب (شمر) و ليس في ديوانه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 160
أحدهما: أن يكون السين بدلًا من الشين، كقولهم: مَسْدوه في مَشْدوه؛ لأن معني الإرسال في شَمّر أَوْضحُ.
و الثاني: أن يكون قائماً برأسه، مشتقًّا من سَمّرت الإبل ليلَتها؛ إذا رعتْ فيها؛ لأنّها تكون مُرْسلة مُخَلّاة في ذلك، و كأنّ معني سَمَّره، جعله كالسّامر من الإبل في إرساله و تَخْليته.

[سمت]*:

كانوا يَرْحَلون إليه فينظرُون إلي سَمْتِه و هَدْيه و دلّه؛ فيتشبّهون به.
السَّمْت: أخْذُ النهج و لزومُ المحَجَّة. و سَمَت فلان الطريقَ يَسْمِت. و أنشد الأصمعي لطَرفة:
خواضع بالرُّكْبان خُوصاً عيونُها و هنَّ إلي البيت العتيق سوامِتُ «1»
ثم قال: ما أحْسَن سَمْته؛ أي طريقته التي ينتهجها في تحرّي الخير و التزيّي بزِيّ الصالحين.
و الهدْي: السيرة السويّة؛ يقال: هدي هدْي فلان إذا سار سيرته. و
في الحديث:
اهْدوا هَدْيَ عمار.
و قال الشاعر:
و يُخْبِرُني عن غائب المرءِ هَدْيُهُ كفي الهَدْي عمّا غيّب المرءُ مُخْبِرا «2»
و الدّل: حسن الشمائل، و أصلُه من دَلِّ المرأة و هو شَكلها، و ذلك يُستحسن منها و قد دَلَّت تَدِل، قال:
و دَلَّي دَلَّ ماجدةٍ صَنَاعِ «3»

[سمع]:

و من الناس من يقاتل رياء و سمْعة، و منهم من يقاتل و هو يَنْوي الدنيا، و منهم مَنْ ألحمهُ القِتال فلم يجد بُدًّا، و منهم مَن يقاتل صابراً مُحْتَسباً؛ أولئك هم الشهداء.
______________________________
(4) (*) [سمت]: و منه في حديث الأكل: سمُّوا اللّٰه و دنُّوا و سمِّتوا. و الحديث: في تسميت العاطس. النهاية 2/ 397.
(1) البيت ليس في ديوان طرفة، و لا في لسان العرب.
(2) البيت لزياد بن زيد العدوي في لسان العرب (هدي).
(3) صدره:
و كوني بالمكارم ذكِّريني
و البيت من الوافر، و هو لبعض بني نهشل في خزانة الأدب 9/ 266، 267، و نوادر أبي زيد ص 30، 58، و بلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 246، و الدرر 2/ 54، و سر صناعة الإعراب 1/ 389، و شرح شواهد المغني 2/ 914، و مغني اللبيب 2/ 584، و همع الهوامع 1/ 113.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 161
السُّمعة: بمعني التسميع، كالسُّخرة بمعني التسخير في قول عمر رضي اللّٰه تعالي عنه:
أنا في سُخْرة العرب.
ألحمَه: أرهقه و أخرجه، يقال: أُلْحِم فلان، إذا نشب فلمْ يبرح. و هو من الالتحام و التلاحم و هما التضايق. يقال: مأزق ملتحم و متلاحم. و قال:
إنا لكرّارون خلف المُلْحِم
أي نَكُرّ وراءه لنخلّصه.

[سمد]*:

عليّ عليه السلام- خرج و الناس ينتظرونه للصلاة قياماً، فقال، ما لي أراكم سَامِدين!
السامد: المنتصب إذا كان رافعاً رأسَه ناصباً صدره. و قال حُميد بن عبد العزيز ابن عم حُميد بن ثور:
و جاء في عُصْبَةٍ غُلْبٍ رقابهمُ يميس وَسْطَهُمُ كالفحل قد سَمَدَا
و قيل للمغني: سامد لرفعه رأسه. و
عن ابن عباس: أنه قال في قوله تعالي:
سٰامِدُونَ [النجم: 61]. الغناء في لغةِ حِمْير.
[يُقَال]: اسْمُدي لنا، أي غَنِّي لنا.

[سمت]:

عوف بن مالك رضي اللّٰه عنه- فَقَدْنا رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في بعض الأسفار ليلًا، فانْطَلَقْتُ لا أَدْرِي أيْنَ أَذْهب إلّا أنِّي أُسَمِّتُ، فهجمت علي رجلين. فقلت: هل أحسستما من شي‌ء؟ قالا: لا، إلّا أنّا سمعنا صوتاً- و روي: هَزيزاً كهزيز الرَّحَيَيْن.
قال الأصمعيّ: سَمت فلانٌ الطريق إذا لزمه، أراد: إلا أني ألزم قَصْدَ السبيل لا أعدل عنه.
حَسَّ به و أحَسَّ به بمعني؛ و يقال: حَسْتُ به و أحْسَسْتُ به قال:
أحَسْنَ به فهنّ إليه شُوسُ «1»
و نحوهما: ظَلت و مسْت، يحذفون أول المثلين لتعذر الإدغام، من حيث سكن الثاني سكوناً لازماً.
______________________________
(2) (*) [سمد]: و منه الحديث: ما هذا السمود. و في حديث عمر: إن رجلًا كان يسمِّد أرضه بعذرة الناس.
النهاية 2/ 398.
(1) صدره:
خلا إن العتاق من المطايا
و البيت من الوافر، و هو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص 96، و سمط اللآلي‌ء ص 438، و لسان العرب (حسس) و (حسأ)، و المحتسب 1/ 123، 69، 2/ 76، و المنصف 3/ 84، و بلا نسبة في الإنصاف 1/ 273، و الخصائص 2/ 438، و شرح المفصل 10/ 154، و لسان العرب 6/ 219، و مجالس ثعلب/ 486، و المقتضب 1/ 245.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 162
الهزِيز و الأزِيز: أخَوان، بمعني الصوت. قال:
هَزيز أَشاءةٍ فيها حريق

[سمي]*:

عائشة رضي اللّٰه عنها- في حديث الإفك: و لم تكن في نساء النبيّ امرأة تُساميها غير زينب، فعصَمَها اللّٰه.
أي تُبَاريها و تُعارِضها.

[سمم]:

الزُّهري رحمه اللّٰه تعالي- قال: بلغني أنه مَنْ قال حين يمسي أو يصبح:
أعوذ بك من شر السَّامَّة و الحامَّة و مِنْ شَرِّ ما خلقت، لم تضرّه دابة.
أي الخاصّة و العامة. قال العجاج:
هو الذي أنعم نُعمي عَمّت علي الذين أسلموا و سَمَّتْ

[سمع]:

الحجاج- كتب إلي عامله: ابعث إليّ فلاناً مُسمَّعاً مُزَمَّراً.
أي مقيَّداً مَسْجُوراً، من المُسْمِع و الزّمارة.

[سمن]:

و
في الحديث: ويلٌ للمسَمِّنات يومَ القيامة من فَتْرَةٍ في العِظام.
هنّ اللاتي يأكلن السِّمْنة؛ و هي دواء يُتَسَمَّنُ به.
سما في (بر). سمل [و سمر] في (جو). سمعمع في (شع). [فسمت في (غو)].
سمع الأرض و أسمال في (فر). يسمو في (لح). سمام في (جب). [اسمح في (بل)].
و سمتوا في (دن). اسمح في (بل). لمسمار في (جح). خبز السمراء في (خر). السموكات مسامعه في (ان). ابن سمية في (وي).

السين مع النون

[سنن]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- حضّ علي الصدقة، فقام رجل قبيح السُّنَّة صغير القِمّة؛ يقودُ ناقةً حَسْنَاءَ جَمْلاء، فقال: هذه صدقة.
______________________________
(1) (*) [سمي]: و منه في حديث أم معبد: إذا صمت سما و علاه البهاء. و في حديث أهل أحد: إنهم خرجوا بسيوفهم يتسامون كأنهم الفحول. و في حديث هاجر: تلك أُمكم يا بني ماء السماء. و في حديث شريح:
اقتضي مالي مُسمَّي. النهاية 2/ 405، 406.
(2) (*) [سنن]: و منه الحديث: إنما أُنَسَّي لأسُنَّ. و الحديث: أنه نزل المحصَّب و لم يسُنَّه. و منه حديث ابن عباس: رَمَل رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و ليس بسُنَّة. و في حديث محلم بن جثامة: أسْنُن اليوم و غيِّر غداً. و في حديث المجوس: سنُّوا بهم سنة أهل الكتاب. و في حديث الخيل: استنَّت شرفاً أو شرفين. و في حديث السِّواك: أنه كان يستنُّ بعود من أراك. و حديث عائشة في وفاة النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فأخذت الجريدة فَسَنَنْته بها.
و حديث جابر: فأمكنوا الرِّكاب أسناناً. و حديث عثمان: و جاوزت أسنان أهل بيتي. و في حديث علي: -
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 163
السُّنّة: الصورة، يقال: ما أحسن سُنّةَ وجهه، و قيل: سُنّة الخد: صَفْحته. و قالوا: هو أشبه به سُنّة و مُنّة و أُمّة؛ أي صورة و قوة عقل و قامة؛ و منها: المسنون المصوّر.
القِمّة: شخص الإنسان قائماً أو راكباً؛ يقال: إنه لَحَسنُ القمة علي الرحل. و نظر أعرابي إلي دينار؛ فقال: ما أصغر قِمَّتك و أكبر همتك!
الجَمْلاء: الجميلة؛ و هي فَعْلاء التي لا أفعل لها، كديمة هَطْلاء.

[سنو]*:

عليكم بالسَّنا و السَّنُّوات.
السّنا: نبْت يُتَداوي به، له إذا يَبِس زَجَل.
قيل: هو شجر كالعِشْرِق.
و قيل: هو العِشْرِق، الواحدة سَناة. قال الراعي:
كأن دويّ الحَلْيِ تحت ثيابها دويُّ السَّنا لاقي الرياحَ الزعازِعا
و قد رواه بعضُهم ممدوداً.
و
في حديث عَطاء رحمه اللّٰه تعالي: لا بأس أن يتداوَي المحرِم بالسَّنا و العِتْر.
و العِتْر: نبت ينبت كالمرْزَنْجوش متفرقاً، قيل: لا بأس بأخْذِهما من الحرم للتداوي.
السَّنُّوت: العسل. و قيل: الرُّبُّ. و قيل: الكَمُّون. و قيل: ضرب من التمر. و يقال:
فلان سَمِن بسَنُّوت.
و
في حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لو كان شي‌ء ينجي من الموت لكان السَّنا و السَّنّوت- و روي: السَّمْن و السَّنُّوت.

[سنه]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اللهم أعنِّي علي مُضر بالسَّنة، فجاء مُضَرِيٌّ فقال: يا نبيّ اللّٰه؛ و اللّٰه ما يخطِر لنا جمل؛ و ما يتزَوّد لنا راع- و روي: ما يغِطّ لنا بعير. فدعا اللّٰه لهم، فما مضي ذلك اليوم حتي مُطِروا، و ما مضت سابعة حتي أعْطَنَ الناسُ في العُشْب.
السَّنَة: الجَدْب؛ يقال: أخذتهم السّنة. و قال اللّٰه تعالي: وَ لَقَدْ أَخَذْنٰا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ [الأعراف: 130]. و هي من الأسماء الغالِبة نحو: الدابة في الفرس، و المال في
______________________________
- صَدَقني سنَّ بَكْرِه. و منه في حديث الحُمر: سنَّها في البطحاء. و في حديث بروع بنت واشق: و كان زوجها سُنَّ في بكر. النهاية 2/ 410، 411، 412، 413.
(1) (*) [سنا]: و منه الحديث: بَشِّرْ أمتي بالسَّناء. و منه حديث البعير الذي شكا إليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال أهله: إنا كنا نسنو عليه. و حديث فاطمة: لقد سنوت حتي اشتكيت ظهري. النهاية 2/ 415.
(2) (*) [سنة]: و منه في حديث حليمة السعدية: خرجنا نلتمس الرُّضَعَاء بمكة في سنةٍ سنهاء. و في حديث طهفة: فأصابتنا سُنَيّةٌ حمراء. و في حديث الدعاء علي قريش: أعنِّي عليهم بسنين كسني يوسف. النهاية 2/ 413، 414.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 164
الإبل. و قد خصُّوها بقلب لامها تاء في أسْنتُوا، و في تَسَنَّتَ فلان بنتَ فلان إذا خَطبها في السَّنة، و هو لئيم و هي كريمة لكثرة ماله و قلة مالها- و قد روي: السّنوت بمعني السّنين- و قال حرش الزُّبيدي:
و جارهم أحمي إذا ضِيمَ غيرُهُمْ و أخصَب رَحلًا في السّنوت و أنزه
و
في حديث عمر رضي اللّٰه عنه: أعطُوا من الصَّدَقة من أبْقَتْ له السَّنَة غنماً، و لا تُعطوا من أبْقَتْ له السَّنَة غنمين.
أي يُتصدق علي ذي القطعة دون ذي القطعتين؛ و لا يجعلها قطعتين إلا الغنيُّ ذو الغنم الكثيرة.
يخطِر؛ من خَطَران الفحل بذَنَبه إذا اغْتلم؛ يعني لما به من الضّر لا يَهْدِر.
إنما أعْطَنُوا في العُشْب، لأن الغُدْران امتلأت، فضربوا الأعطان في المراعي لا عند الآبار لارتفاع الخاصة عنها.

[سنن]:

أعطوا السِّنّ حَظَّها من السِّنّ.
أراد ذوات السِّنّ، يعني الدواب.
و السِّن الرَّعْي، يقال: سَنَّ الإبل، إذا صَقَلَها بالرعي.
عمر رضي اللّٰه عنه- خطبَ فذكر الرِّبا؛ فقال: إن منه أبواباً لا تخفي علي أحد؛ منها السَّلَم في السِّن؛ و أنْ تباع الثمرة و هي مُغْضِفة لَمَّا تَطِبْ، و أن يباع الذّهب بالوَرِق نَسَاء.
أراد [الرقيق و الدوابّ و غيرهما] من الحيوان.
مُغضفة، أي قد استرخت، و لما تدرك تمام الإدراك.
النّسَاء: النسيئة.
أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- إن فرسَ المجاهد لَيَسْتَنّ في طُوله فيُكتب له حسنات.
أي يُحْضِر و يمرْح في حَبْله فيكتب له ذلك الاستنان حسنات.
ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- يُنْفَي من الضحايا و البُدْن التي لم تُسْنَن و التي نَقَص من خَلْقها.
أي لم تُثْنِ، و إذا أَثْنَتْ فقد أسَنَّتْ؛ لأن أول الإسنان الإثناء؛ و هو أنْ تنبت ثَنيّتاها، و أقصاه في الإبل البُزول؛ و في البقر و الغنم الضّلوع- و رواه القُتَيْبِي بفتح النون؛ و قال: أي لم ينبت أسنانها، كأَنها لم تُعْط أسناناً، كقولهم: لَبَّنَ و سَمَّنَ و عَسَّل؛ إذا أعطي شيئاً منها.
و الأول هو الرواية عن الأثبات.
من خَلْقها في محل الرفع؛ أي نقص بعضُ خَلْقها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 165‌

[سند]*:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- رئيَ علي عائشة أربعة أثواب سَنَد.
هو ضرب من البُرود، و فيه لغتان: سَنَد و سِنْد، و الجمع أسناد قال:
جبة أسنادٌ نقيّ لونها لو يضرب الخيّاط فيها بالإبر

[سنم]*:

ابن عُمَيْر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: تفاخر سبعة نفر: مُضَري، و أزْدِي، و مَدَنيّ، و شامي، و هَجَري، و بَكْري، و طائفي.
فقال المضري: هاتوا كجَزور و سَنِمة، في غداةٍ شَبِمة، في قُدورٍ رَذِمة- و روي:
هَزِمة. بمواسِيَ خَذِمة، مَعْبوطة، نَفْسُها غير ضَمِنة.
و قال الأزْدِيّ: واللّٰه لَقُرْصٌ بُرِّي، بأبْطَحَ قَرِّيّ، بلبنٍ قِشْرِيّ- و روي: عُشَرِيّ- بسمْنٍ و عسل أطْيَبُ من هذا.
و قال الشاميّ: لخُبْزة أنبِجَانية، بخَلّ و زيت، تنال أدناها، فيضرط أقصاها، يتخطي إليها تخطِّيَ بنات المخاضِ من الجرف أطيبُ من هذا.
و قال المدنيّ: و اللّٰه لفُطْس خُنْس، بزُبْدٍ جَمْس، يغيب فيها الضِّرْس أطيبُ من هذا.
و قال الطائفيّ: و اللّٰه لعنب قَطِيف بوادي ثَقِيف، أطْيَبُ من هذا.
و قال الهَجَري: و اللّٰه لَتَعْضُوض كأنّه أخفافُ الرِّباعِ أطيب من هذا.
و قال البكْري: و اللّٰه لَقارص قُمَارص، يقطُر منه البول قطرة قطرة أطيب من هذا.
سَنِمة: عظيمة السَّنام.
شَبِمة: باردة.
رَذِمة: مُمْتلئة تَسيل، يقال: رَذَم رَذْماً.
هَزِمة: من الهَزِيم، و هو صوت الغليان.
خَذِمَة: قاطعة. مَعْبوطة: منحورة من غير عِلّة.
ضَمِنة: مريضة زَمِنة.
قَرّي: من القَرّ، و هو البرد.
قِشْريّ: كأنه منسوب إلي القِشْرة؛ و هي مَطَرة تَقْشِر الحصي عن مَتن الأرض، يريد:
لَبَناً أدرَّه المرعي الذي يُنبته هذا المطر، أو أراد اللبن الذي يَعلوه قِشْرٌ من الرَّغوة.
______________________________
(1) (*) [سند]: و منه في حديث أحد: رأيت النساء يُسنِدْنَ في الجبل. و منه حديث عبد اللّٰه بن أنيس: ثم أسندوا إليه في مشربة. و في حديث عبد الملك: إن حجراً وُجِد عليه كتاب بالمُسْند. النهاية 2/ 408.
(2) (*) [سنم]: و منه الحديث: خير الماءِ السَّنم. و حديث لقمان: يهب المائة البكرة السنمة. و الحديث: نساء علي رؤوسهن كأسنمة البخت. النهاية 2/ 409.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 166
عُشَريّ: منسوب إلي العُشَر، و هو شَجر. يريد لبن إبل العُشَر. أو إلي العُشَراء من النوق.
أنْبجَانية: هشّة منتفِخة، و الباء فيها عقيب الفاء، و منها قيل للمرأة الضخمة السمحة:
أنْقِجَانية و أنْفجانية.
فُطْس خُنْس: يريد تَمْر المدينة؛ لأنها صغار الحب، لاطِئة الأقْماع.
جَمْس: جامد؛ يقال: جمس الماء و السَّمْن، و يجوز أن يُرْوي جُمْس (بالضم) صفة للتمر؛ جمع جُمْسة، و هي البُسْرة التي أرطبت كُلُّها، و هي صُلْبة لم تنهضِمْ بعد.
التَّعْضوض: ضرب من التمر.
الرّباع: الفصلان. القارِص: اللبن الذي يَقْرِص اللسان لحُموضته.
و القمارص: أشد منه لزيادة الميم، و نظيره الدُّمالص للبُراق.
مسنتين في (بر). سنت في (حب). السنمة في (بج). اسنتها في (رك). استن اليوم في (غي). سنها في (كر). عن سنّة في (نص). السندرة في (حد). أسندوا في (فق). سنبك في (كف). [السنم في (دك). سنحاء في (سح). السنخة في (اه). سنحنح في (بن). سنتان في (أم). سنخ في (ذم). بالسنا في (شب). مسناع في (هل)].

السين مع الواو

[سود]*:

النبيّ صَلَي اللّه عليه و سلِم- قال لابن مسعود: أذنُك علي أنْ ترفعَ الحِجاب و تَسْتَمِع سَوادِي حتي أنهاك.
أي سِراري، يقال: سِواد و سُواد كجِوار و جُوار، و قد ساوده، و حقيقته: أن يدني سَواده من سَواده.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 166
و
قيل لابنة الخُسّ: لِمَ زَنَيْتِ و أنتِ سيدةُ نسائك؟ قالت: قرب الوِساد، و طول السِّواد.

[سوأ]*:

سَوْآء وَلُود خير من حَسْناء عقيم.
______________________________
(1) (*) [سود]: و منه الحديث: أنا سيد ولد آدم و لا فخر. و الحديث: كلّ بني آدم سيد، فالرجل سيد أهل بيته … و منه حديث قيس بن عاصم: اتقوا اللّٰه و سوّدوا أكبركم. و الحديث: أنه أمر بقتل الأسودين.
و الحديث: ما من داء إلا الحبة السوداء له شفاء إلا السام. و الحديث: و جعلوا سواداً حيساً. النهاية 2/ 417، 418، 419.
(2) (*) [سوأ]: و منه في حديث الحديبية و المغيرة: و هل غسلت سوأتك بالأمس. و حديث عبد الملك بن عمير: السوْآءُ السيد أحبُّ إليّ من الحسناء بنت الظنون. و في صفته صَلَي اللّه عليه و سلِم: سواءٌ البطن و الصدر.
و الحديث: لا يزال الناس بخير ما تفاضلوا، فإذا تساووا هلكوا. النهاية 2/ 416، 417.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 167
يقال: رجل أسْوَأ للقبيح، و امرأة سوآء، و كذلك كل كلمة أو فعلة قبيحة. قال أبو زُبيد:
لم يَهَبْ حُرْمَةَ النديم و حُقَّتْ يا لقومِي للسوأة السَّوْآء
إن رجلًا قصَّ عليه صَلَي اللّه عليه و سلِم رؤيا فاستاء لها، ثم قال: خلافَةُ نبوّة، ثم يؤتي اللّٰه المُلْكَ مَنْ يشاء.
هو مطاوع ساءه، يقال: استاء فلان بمكاني، و رجل مُسْتاء، أي ساء أمره. و قال أبو سعيد الضرير: يقال: استأت، من السوء، مثل استررت، من السّرور- و روي: فَاسْتَأَلَهَا؛ أي طلب تأويلها بالتأمل و النظر.

[سود]:

أُتِي صَلَي اللّه عليه و سلِم بكَبْش أقْرَن، يطأ في سَواد، و يَنظر في سَواد، و يَبْرُك في سَواد؛ ليضحّي به.
أي هو أسود القوائم، أسود ما يلي العين منه من الوجه، و كذلك ما يلي الأرض منه إذا رَبض.
و قيل: أراد بقوله ينظر في سَوادٍ سَوادَ الحَدَقَة. قال كُثيّر:
و عن نجلاء تدمَعُ في بياضٍ إذا دَمَعَتْ و تنظرُ في سَوادِ
يريد: أن خَدّها أبيض، و حدقتها سوداء.

[سوم]*:

إن للّٰه فُرْساناً من أهل السَّماء مُسَوَّمين، و فرساناً من أهل الأرض مُعْلَمين، ففُرسانُه من أهْلِ الأرض قيس، إن قيساً ضِراء اللّٰه.
يقال: فارس مُسَوّم و مُعْلَم (بالفتح و الكسر): و هو الذي أعلَم نفسَه بعلامة يُعْلَم بها في الحرب من ريشة يغرِزها في بَيْضته أو غير ذلك.
و السُّومة و السّيمي و السِّيِمياء: العلامة.
الضِّرَاء: جمع ضِرْو. و هو ما ضَرِيَ بالفَرْس «1» من السباع. و قيس منعوتون بالفُروسية، كان يقال؛ يسودُ السيدُ في تميم بالحِلْم، و في قيس بالفُروسية، و في ربيعة بالجُود.

[سود]:

قال صَلَي اللّه عليه و سلِم لأصحابه: أرأيتم لو أنّ رجلًا وجد مع امرأته رجلًا كيف يصنع به؟
فقال سعد بن عبادة: و اللّٰه لأضربنّه بالسيف، و لا أنتظر أن آتيَ بأربعة شهداء. فقال
______________________________
(2) (*) [سوم]: و منه الحديث: أنه قال يوم بدر: سوِّموا فإن الملائكة قد سوَّمت. و في حديث الخوارج:
سيماهم التحالق. و الحديث: في سائمة الغنم زكاة. و الحديث: السائمة جبار. النهاية 2/ 425، 426.
(1) الفَرْس: أي الافتراس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 168
رسول اللّٰه صَلَي اللّه عليه و سلِم: انظروا إلي سيدنا هذا ما يقول.
هو فَيْعَل، من ساد يسود، قلبت واوه ياء لمجامعتها الياء و سبقها إياها بالسكون، و إضافتُه لا تخلو من أحد ثلاثة أوجه: إما أن يضاف إلي من ساده، و ليس بالوجه هاهنا، و إما أن يراد أنه السيد عندنا، أو المشهور له بالسيادة بين أظهرنا، أو الذي سوَّدناه علي قومه كما يقول السلطان: فلان أميرُنا- و روي إلي سيّدكم.
و في حديث أبي الدَّرْداء رضي اللّٰه عنه-
قالت أم الدرداء: حدثني سيدي أبو الدرداء أنه سمع رسول اللّٰه صَلَي اللّه عليه و سلِم يقول: إذا دعا الرجلُ لأخيه بِظَهْر الغيب، قالت الملائكة: آمين، و لك.
أرادت معني السيادة تعظيماً له، أو أرادت مِلْك الزوجية، من قوله تعالي: وَ أَلْفَيٰا سَيِّدَهٰا لَدَي الْبٰابِ [يوسف: 25]. و قال الأعشي:
و سيِّد نعم و مُسْتادَها «1»

[سوي]:

إن رجلًا قال له صَلَي اللّه عليه و سلِم: إني لقيت أبي في المشركين فسمعت منه مقالة قبيحة لك، فما صبرت أن طعنتُه بالرمح فقتلتُه، فما سَوَّي ذلك عليه.
أي ما قبّحه، و لا قال له: أسأت.

[سوم]:

نهي صَلَي اللّه عليه و سلِم عن السَّوْم قَبْلَ طلوع الشمس.
هو الرّاعي، يقال: سامت الماشية، و سامها صاحبُها و أسامها، و لا يقال للراعي:
سائم و لكن مُسيم.
و عن المفضّل أن داءً يقع علي النبات فلا ينحلّ حتي تطلع الشمس، فإن أكلَ منه المالُ قبل طلوع الشمس هلك، و إن أكل من لحمه كَلْبٌ كَلِب.

[سود]:

ذكر صَلَي اللّه عليه و سلِم فِتناً؛ فقال رجل: كَلَّا و اللّٰه، فقال: بلي و اللّٰه، لَتعودُنَّ فيها أسَاودَ صُبًّا.
الأسْود: العظيم من الحيات، و قد غلب حتي اختلط بالأسماء، فقيل في جمعه:
الأساود، و قد حكي الأصمعيّ: كأنه من السُّودان؛ أي من الحيات.
و قال النَّضْر في الصُّبّ: إن الأسود إذا أراد النَّهْشَ رفع صدره، ثم انْصَبَّ علي الملدوغ فكأنَّهُ جمع صَبُوب علي التخفيف، كرُسْل في رُسُل و هو في الغرابة من حيث الإدغام كذُبّ في جمع ذُباب في قول بعضهم؛ و قيل: الأساود جمع أسودة جمع سَواد من الناس و هو الجماعة. و صُبَّي بوزن غُزَّي جمع صابٍ، من الصَّبْوة؛ أي جماعات مائلة إلي الدنيا،
______________________________
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 8، و رواية الديوان:
فكنت الخليفة من بعدها و سيد تَيًّا و مستادَها
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 169
متشوفة إليها، أو تخفيف صابي‌ء؛ من صبا عليه، إذا أُنْدِرَ «1» من حيث لا يحتسب.

[سود]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- تفقّهوا قبل أن تُسَوَّدُوا.
قال شَمِر: أي قبل أن تُزوَّجوا فَتَصِيرُوا أربابَ البيوت. و سَيِّدُ المرأة: بعلها.

[سوأ]:

عليّ بن أبي طالب عليه السلام- صلّي بقومٍ فَأَسْوَأَ بَرْزَخاً.
الإِسْوَاءُ في القراءة و الحساب كالإشْواء في الرمي «2»؛ يعني أسْقَط و أغفل.
و البَرْزخ ما بين الشَّيْئين، فسمّي الكلمة أو الآية بَرْزخاً؛ لأنها بين ما قبلها و ما بعدها كالفاصل بين الشيئين.
و
روي: قرأ برزخاً فأَسْوأَ حَرْفاً من القرآن
؛ أي طائفة؛ و إنما سماها بَرْزخاً لذلك أيضاً؛ لأنها تفصل ما تقدمها و ما تأخرها عنها.

[سوم]:

[قال] في خطبته رضي اللّٰه عنه حين قُتِل عاملُه علي الأنْبار: مَنْ تَرَك الجهادَ ألْبَسَه اللّٰه الذِّلَّة وَ سِيمَ الخسفَ، و دُيِّثَ بالصِّغَار.
في كتاب العين: السَّوْم: أنْ تُجَشِّمَ إنساناً مَشقَّة؛ أو خُطّة من الشر. فلان يسوَّم سوءاً؛ إذا داومَ عليه لا يَزالُ يُعاوده و يُلحُّ عيه كَسَوْمِ عالّة «3»؛ و إنما العالَّة بعد النَّاهِلة، تحْمَلُ علي شرب الماء ثانية بعد النَّهلِ «4» فتكرهُ و يُدَاومُ عليها لكي تشرب، و السائمة تسوم الكلأ سوماً إذا داومتْ علي رَعْيه.
دُيِّث: ذُلِّل، و طريق مُديَّث.

[سوأ]:

كان رضي اللّٰه عنه يقول: حَبَّذا أرضُ الكوفة؛ أرض سَواءٌ سَهْلة معروفة.
أي مستوية، و منه قيل للوسَط: سَواء؛ لاستواءِ المسافة منه إلي الأطراف.
سَهْلة: أي ليست بِحَزْنَة؛ و إن كسرت السين فهي الأرض التي ترابُها كالرمل، و أرض الكوفة شبيهة بذلك.
مَعْروفة: طيبة العَرف.
ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- يُوضَعُ الصِّرَاط علي سَواء جهنَّم مثل حَدِّ السيف المرهف مَدْحَضَة مَزَلَّة، فيمر أوَّلهم كالبرْق، ثم كالريح، ثم كشد الفَرس التَّئِق الجواد.
أي علي وسطها. الشَّد: العَدْو الشديد. التَّئِق: الممتلي‌ء نشاطاً من أتأَقْتُ الإناء.
______________________________
(1) أُندر من حيث لا يحتسب: أُسقط من حيث لا يحتسب.
(2) أشوي في الرمي: أخطأ في الرمي.
(3) يقال: أعرض عليه سوم عالة: إذا عرض عليه الطعام و هو مستغن عنه.
(4) النهل: الشرب أول مرة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 170‌

[سود]:

سلمان رضي اللّٰه تعالي عنه- دخل عليه سعد يعودهُ، فجعل يبكي، فقال سعد؛ ما يُبكيك يا أبا عبد اللّٰه؟ قال: و اللّٰه ما أبْكِي جَزَعاً من الموت، و لا حُزْناً من الدنيا؛ و لكن رسول اللّٰه صَلَي اللّه عليه و سلِم عَهِد إلينا لِيَكْفِ أحدَكم مثلُ زادِ الراكب و هذه الأساوِد حَوْلي- و ما حوله إلا مطْهَرة «1» أو إجّانة «2» أو جفنة «3».
أراد الشخوص. قال الأعشي:
تناهيتُم عنا و قد كان فيكُم أساوِدُ صَرْعَي لم يُوَسَّدْ قَتِيلُها «4»
و يجوز أن يريد الحيات؛ شَبَّهها بها في استضرارِه بمكانها.

[سوف]*:

زيد بن ثابت رضي اللّٰه تعالي عنه- دخل علي رجل بالأسْوَاف، و قد صاد نهَساً، فأخذه من يده و أرسله.
الأسْواف: موضع بالمدينة.
النُّهس: طائر يشبه الصُّرَد إلا أنه غير ملمع، يديم تحريك ذَنَبه، يصيد العصافير- عن أبي حاتم، و جمعه نِهْسان. كَرِه صَيْدَ المدينة لأنها حَرم كمكة.

[سوج]:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- أصحاب الدَّجَّال عليهم السِّيجان؛ شواربُهم كالصَّياصي، و خفافهم مُخَرْطَمة.
هي الطَّيَالسة الخُضْر: الواحد ساج. قال الشماخ:
بليل كلون السَّاجِ أسودَ مظلمٍ قليل الوغي داجٍ كلون الأرَنْدَج «5»
شَبَّه شوارِبَهم بالصَّياصي، و هي قرون البقر، لأنهم أطالوها و فَتَلُوها حتي صارت كالقرون الملْتوية.
مُخَرْطَمة: ذات خَراطيم.

[سود]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- لقد رأيتُنا و ما لنا طعام إلّا الأسْوَدَان.
أي التمر و الماء، و كلاهما يوصف بالسَّواد. تقول العرب: إذا ظهر السَّوَاد قَلّ البياض، و إذا ظهر البياض قَلَّ السواد، يعنون بالسَّواد التمر، و بالبياض اللبن. و قال أبو زيد:
يقال: ما سقاني فلان من سُوَيدٍ قَطْرة. و السُّوَيد: الماء، و الماءُ يُدعي الأسود.
______________________________
(1) المطهرة: إناء يتطهر به.
(2) الإجّانة: إناء تغسل فيه الثياب.
(3) الجفنة: أعظم ما تكون القصاع.
(4) البيت في ديوان الأعشي ص 177.
(6) (*) [سوف]: و منه الحديث: لعن اللّٰه المسوِّفة. النهاية 2/ 422.
(5) البيت في ديوان الشماح ص 78، و روايته في الديوان «اليرندج» بدل «الأرندج».
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 171
أبو مِجْلز رحمه اللّٰه تعالي- خرج إلي الجمعة، و في الطريق عَذِرَاتٌ يابسة، فجعل يتخطَّاهن و يقول: ما هذه إلا سَوْدَات، فصلي و لم يغسلْ قدميه.
السَّوْدة: القطعة من الأرض فيها حجارة سود خشنة؛ جعل العَذِرة ليُبْسها و عدم تعلقها بالحِذاء كالحجارة.

[سوف]:

الدُّؤَليّ رحمه اللّٰه تعالي- وقف عليه أعرابيّ و هو يأكل تَمْراً فقال: شيخ هِمّ، غابِر ماضِين، و وافِد محتاجين، أكَلَنِي الفقر، ورَدَّنِي الدهر ضعيفاً مُسيفاً. فناوله تَمْرة فضرب بها وجهه، و قال: جعلها اللّٰه حَظّك، من حظك عنده.
المُسيف: الذي ذهب ماله؛ من السُّواف، و هو داء يهلِك الإبل، يقال: وقع في المالِ سُوَاف- عن أبي عَمْرو. و كان الأصمعيّ يضمه، و قال ابن الأعرابيّ: السُّواف- بالضم: داء، و بفتحها هو الفَناء. و أنشد:
ذَهَبْتَ في تَمَثُّل القوافي و أنت لا تُورِد بالأخواف
غيرَ ثمان أينق عِجاف بُقْيا من الغُدّة «1» و السُّواف

[سود]:

في الحديث- إذا رأي أحدُكم سَواداً بليل، فلا يكن أجْبَن السَّوَادين، فإنه يَخَافُك كما تخافُه.
هو الشخص.

[سوأ]:

مُطَرِّف رحمه اللّٰه تعالي- قال لابنه ما اجتهد في العبادة: خيرُ الأمور أوْسَطُها، و الحسنةُ بين السَّيئتين؛ و شر السَّيْر الحَقْحَقَة.
السّيئتان: الغلوّ و التقصير. و الحسنة بينهما: هي الاقتصاد.
الحَقْحَقَة: أرْفَع السير و أتعبُه للظهر، و ذلك أن يلحّ في شدة حتي لا تقوم عليه راحلتُه فيبقي منقطعاً به. و هذا مثل.
تَسَاوق في (بر). سور الرأس في (جن). بسوادِ البطن في (شع). المسوِّفة في (فس).
أسْوِدة في (ان). و الأساود في (وه). بأسوق في (بو) [سورية في (صل). فكان سواداً في (جه). بأسود العين في (ضر). السوء في (دو). السواد في (رس). سواء البطن في (شذ).
يَسُوق بهم في (قن). إلا السام في (لم). سواء الثغرة في (نس)].

السين مع الهاء

[سهو]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- دَخَل علي عائشة رضي اللّٰه عنها و في البيت سَهْوة عليها سِتْر.
______________________________
(1) الغدة: طاعون يصيب الإبل.
(2) (*) [سهو]: و منه الحديث: آتيك به غداً سهواً رهواً. النهاية 2/ 430.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 172
هي بيت صغير مُنْحَدِر في الأرض، شبيه بالخِزانة يكون فيها المتاع. و قيل: كالصُّفَّة بين يدي البَيْت.
و قيل شَبيهَةٌ بالرَّف أو الطاق؛ يوضع فيها الشي‌ء، كأنها سميت بذلك، لأنها يُسْهي عنها لصغرها و خَفَائها.

[سهب]*:

بعث صَلَي اللّٰه عليه و سلِم خَيْلًا فأسْهَبت شَهْراً، لم يأْتِه منها خبر، فنزلت: وَ الْعٰادِيٰاتِ ضَبْحاً [العاديات: 1]- و روي: فأَشْهَرَتْ، لم يأْته منها خبر.
أي فأمعنت في سيرها، يقال: أسْهَب في أمْرٍ فهو مسهَب- بالفتح.
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما: إنه قيل له: ادْعُ اللّٰه لنا. فقال: أكره أنْ نَكُونَ من المُسْهَبِين.
أي المِكْثَارين الممعنين في الدعاء. و قال:
لا تعذلني بضَغابيس القوم «1» المسهبَين في الطَّعامِ و النَّوْم
و أصْلُه من السَّهْب، و هي الأرض الواسعة.

[سهم]*:

عن مُطَرِّف بن عبد اللّٰه بن الشِّخِّير رضي اللّٰه عنه: أتانا أعرابي و معه كتاب من رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لبني زُهير بن أُقَيْش: إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا اللّٰه، و أعطيتم الخُمُس من المَغْنَم، و سَهْمَ النبي، و الصَّفِيّ، فأنتم آمنون بأمان اللّٰه. فلما قرأناه انْصَاع مُدْبِراً.
قالوا: صاحب الكتاب النَّمِر بن تَوْلب الشاعر، وفد علي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و له يقول:
إنا أتينَاك و قد طال السَّفَرْ نَقُود خيلًا ضُمَّراً فيها ضَرَرْ
نُطعمها اللحم إذا عَزَّ الشَّجَرْ
السهم في الأصل: واحد السهام التي يُضرب بها، ثم سمي ما يفوز به الفالج سهماً، تسميةً بالسهم بالمضروب به، ثم كَثُر حتي سُمِّيَ كلُّ نصيب سَهْماً.
كان للنبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سَهْم رَجُل؛ شهد الوَقْعة أو غَابَ عنها.
و الصَّفِيّ: و هو ما اصْطفاه من عرض المغنم قبل القِسْمَة، من فرس، أو غلام، أو سيف، أو ما أحب. و خمس الخمس.
______________________________
(2) (*) [سهب]: و منه في حديث الرؤيا: أكلوا و شربوا و أسهبوا. و منه حديث علي: و فرَّقها بسهب بيدها.
و الحديث: و ضرب علي قلبه بالإسهاب. النهاية 2/ 428.
(1) ضغابيس القوم: ضعاف القوم.
(3) (*) [سهم]: و منه الحديث: ما أدري ما السهمان. و حديث بريدة: خرج سهمك. و في حديث جابر: أنه كان يصلي في بردٍ مسهَّم أخضر. و الحديث: فدخل عليَّ ساهم الوجه. و حديث ابن عباس في ذكر الخوارج: مُسْهَمةٌ وجوههم. النهاية 2/ 429.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 173
خص بهذه الثلاث عوضاً من الصدقة التي حُرّمت عليه.
انْصاع: وَلّي مسرعاً، قال ذو الرّمة:
فانْصاع جانبُه الوحشيّ و انْكَدَرَتْ «1»
و هو مطاوع صَاعه، إذا فرقه، و صاع الشجاع الأقران إذا فرّقهم و طردهم.
الضّرر: نقصانٌ يدخل في الشي‌ء، يقال: دخل عليه ضَرر في ماله، و الضَّرَرُ في الخيل: نُقصانُها من جهة الهُزال و الضعف.
و معني إطعامها اللحم عند عِزَّة الشجر أنها إذا لَمْ تجد مَسْرَحاً نقص لحمُها هُزالًا، فكأنها تُطْعَمُ لحمها.

[سهو]:

ألَا إنَّ عملَ الجنةِ حَزْنة بِرَبْوة، و إن عملَ النار سَهْلَةٌ بِسَهْوة.
يريد بالسَّهوة البطحاء اللينة التربة، شَبَّه المعصية في سهولتها عليه بالأرض السَّهلة التي لا حزونة فيها، و هي في البطحاء أيضاً، فلا تَشُقُّ علي سالكها مَشْياً و مُتَوَصَّلًا. و الطاعة في صعوبتها عليه بالأرض الحزنة الكائنة في الرّبوة، فهي تشق علي السالك مصعداً و مشياً فيها.
و هذا نحو
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: حُفَّت الجنة بالمكاره، و حُفَّت النار بالشهوات.
سَلْمان رضي اللّٰه تعالي عنه- قال في الكوفة: يوشك أن يكثر أهلُها فتَمْلأ ما بين النهرين، حتي يَغْدُوَ الرجلُ علي البغلة السَّهْوة فلا يُدْرِك [أقصاها].
هي اللينة السير التي لا تتعب راكبها. قال زهير:
تُهَوِّنُ غَمَّ السير عني فريدةٌ كِنازُ البَضِيع سَهْوَةُ السير بَازِلُ «2»

[سهر]:

في الحديث: خيرُ المال عينٌ ساهرة لعينٍ نائمة.
يريد عين ماء تجري ليلًا و نهاراً، فجعل ذلك سهراً. و العين النائمة: عين صاحبها.
أي هو راقد، و هي تجري لا تنقطع.
ثم اسْتَهَمَا في (لح). [السهمان في (كب). خرج سَهْمُك في (بر)].

السين مع الياء

[سير]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أهْدَي إليه أكَيْدِرُ دُومة حُلّةً سِيَراء فأعطاها عمر بن الخطاب،
______________________________
(1) عجزه:
يلحَبْنَ لا يأتلي المطلوب و الطلب
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 24.
(2) البيت من الطويل، و هو لزهير بن أبي سلمي في ديوانه ص 296، و الإنصاف 2/ 779.
(3) (*) [سير]: و منه في حديث حذيفة: تساير عنه الغضب. النهاية 2/ 434.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 174
فقال: يا رسول اللّٰه؛ أتُعطيني هذه الحُلّة، و قد قلت أمس في حُلّة عُطارد ما قلت! إنما يلبس هذه من لا خَلاق له! فقال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لم أعطكها لتلبسها، و لكن لتعطيها بعض نسائك، يتخذنها طُرَّات بينهن.
و
في حديث آخر: إنه قال لعليّ صلي اللّٰه عليهما في بُرْدٍ سِيَراء: اجْعَلْه خُمُراً، أو اقسمه بين الفَواطم.
و
عن عليّ عليه السلام: أُهديت لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم حُلّةٌ سِيَراء. فأرسل بها إليّ فلبستها، فعرفت الغضب في وجهه و قال: إني لم أعْطِكَها لِتَلَبَسها، و أمر بها فأطَرْتُها بين نسائي.
السِّيَراء: نوع من البُرُود يُخالطه حرير؛ سمي سِيَراء لتخطيط فيه، و الثوب المُسَيَّر الذي فيه سَيْر؛ أي طرائق. و يقال: سَيَّرت المرأة خِضَابها و لم تبهم، و التسيير: أن تَخْضِبَ أصابعها خضاباً مُخططاً تَخْضِب خَطّاً و تَدَعُ خطاً. قال ابن مُقْبل:
و أَشْنَبَ تَجْلُوه بعود أراكة و رَخْصاً عليه بالخِضاب مُسَيّرا «1»
طُرّات: أي قِطَعاً، من الطَّر و هو القطع.
بَيْن: يتعلق بيتخذن، أو بِطُرّات؛ لما فيه من معني الطّر، كأنه قال: يُقَطّعْنه بينهن.
الفواطم: فاطمة الزهراء البَتُول- عليها و علي أبيها و بَعْلها أفضل الصلوات و أشرف التسليمات- و فاطمة بنت أسَد بن هاشم زوج أبي طالب- رضي اللّٰه عنها- أم علي و جعفر و عَقيل و طالب عليهم السلام، و هي أولُ هاشمية وَلَدَتْ لهاشمي، و فاطمة أم أسماء بنت حمزة رضي اللّٰه عنهم؛ و قيل الثالثة فاطمة بنت عُتْبة بن ربيعة، و كانت قد هاجرت. و أمّا فاطمة المخزومية جدة النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لأبيه، و فاطمة بنت الأصم أم خديجة عليها السلام فما أدركتا الوقت الذي قال فيه لعلي صلي اللّٰه عليهما ذلك.
أطَرْتُها: قسمتها شققاً بينهن. قال:
كأن فؤادي يوم جاء نعيُّها مُلَاءةُ قَزٍّ بين أيْدٍ تُطِيرُها
أي تشققها.

[سيم]:

إن أصحابه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لما هاجرُوا إلي أرْضِ الحَبَشة قال لهم النَّجاشي: امكُثُوا فإنكم سُيُوم
. تفسيره في الحديث الأمان؛ أي أنتم آمنون. و هي كلمة حبشية.

[سيب]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- السّائبة و الصَّدقة ليومها.
______________________________
(1) البيت في ديوان ابن مقبل ص 143.
(2) (*) [سيب]: و منه: أن رجلًا شرب من سقاء فانسابت في بطنه حية. و في كتابه لوائل بن حجر: و في السيوب الخمس. و في حديث الاستسقاء: و اجعله سَيْباً نافعاً. النهاية 2/ 431، 432.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 175
السَّائبة: العَبْد الذي أُعْتِق سائبةً.
ليومِها؛ أي ليوم القيامة. يقول: فلا يَرْجِع له الانتفاع بهما في الدنيا؛ يعني إذا مات المُعْتَق و ورثه المعتِق فلْيصرف ميراثَه في مثله، و لا ينتفع به و ليس علي جهة الوجوب؛ و إنما كانوا يَكرهون أن يرجعوا فيما جعلوه للّٰه عزَّ و جلَّ- و
روي عن ابن عمر رضي اللّٰه عنهما: أنه فَعَل هكذا تَنَزُّهاً.
سيابة في (حض). و لا سياحة في (زم). السيوب في (اب). و في (حب). المسابيح في (نو). مسياع في (هل). [سيناء في (شر). سيباً في (صو). و (حو). سائل الأطراف في (شذ). مسيرة في (بص). تساير في (كب)].
[آخر السين]
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 176‌

حرف الشين

الشين مع الهمزة

[شأشأ]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إنَّ رجلًا من الأنصار قال لبعيره: شَأْ، لعنك اللّٰه! فنهاه عن لَعْنه.
شَأْ و جَأْ: زَجْر للجمل. و قد شَأْشَأ و جأجأ، إذا صَوّت بذلك، و هما منهما بمنزلة هَلّل و حَوْلَق؛ من لا إله إلا اللّٰه، و لا حول و لا قوة إلا باللّٰه؛ أي لَيْسا بمشتقين منهما، و حق الأصوات أن يجئن سواكن، إلا إذا عرض ما يُحَرَّكْن له.

[شأز]:

معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- دخل علي خاله أبي هاشم بن عُتبة و قد طُعِن، فبكي؛ فقال: ما يُبْكيك يا خال؟ أ وَجَع يُشْئِزك أم علي الدنيا؟
يقال: شَئِز الرجل، إذا قلق فهو شَئِز؛ و شُئِز فهو مَشْئُوز؛ و أشْأَزَه غيرُه، و هو من قولهم: مكان شَأْز و شَأْس؛ إذا كان غليظاً خشناً لا يستقر عليه.
علي: متعلق بفعل مضمر، يعني أمْ تبكي علي الدنيا؛ فأضمره لدلالة يُبْكيك عليه.

[شأف]:

في الحديث: خرجت بآدم شأفة في رجله.
قال يعقوب: هي قَرْحة تخرج في أسفل القدم فتُقطع فتذهب، و في أمثالهم: استأصل اللّٰه شأفته.
تَشاءمت في (نش). شَأفته في (جل). الأَشأم في (عن). شأْو العَنَن في (رج).

الشين مع الباء

[شبع]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- المُتَشَبِّع بما لا يَمْلِك كلابسٍ ثَوْبيْ زُور.
المُتشَبِّع علي معنيين:
أحدهما- المتكلّفُ إسرافاً في الأكل و زيادة علي الشبع، حتي يمتلي‌ء و يتضلع.
و الثاني: المتشبه بالشَّبعان و ليس به.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 177
و بهذا المعني الثاني استعير للمتحلي بفضيلة لم ترزق و ليس من أهْلِها. و شبّه بلابس ثوبي زور أي ذي زور، و هو الذي يزوّر علي الناس بأنْ يتزيا بزِيّ أهل الزهد، و يلبس لباس ذوي التقشّف رياء، و أضاف الثَّوْبين إلي الزور؛ لأنهما لما كانا ملبوسين لأجله فقد اختصاصاً سوَّغ إضافتهما إليه. أو أراد أنَّ المتحلي كمن لَبِسَ ثَوْبَيْن من الزّور قد ارْتَدَي بأحدهما، و ائتزر بالآخر كقوله:
إذا هو بالمجد ارتدي و تأزَّرا «1»
و قوله:
يجرّ رباط الحمد في دار قومه
و قول ذي الرُّمة:
علي كُلِّ كَهْلٍ أزْعَكِيٍّ «2» و يافعٍ «3» من اللُّؤم سربالٌ «4» جَديدُ البَنَائِقِ «5»

[شبر]:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في دعائه لعليّ و فاطمة عليهما السلام: جمع اللّٰه شَمْلَكما، و بارك في شَبْرِكما.
الشَّبْر: العَطَاء، يقال: شَبَره شَبْراً، إذا أعطاه؛ فكنّي به عن النكاح، فقيل: شَبَرها شَبْراً.
و منه
حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه نهي عن شَبْر الجمل.
و هذا علي وجهين: أنْ يراد بالشَّبْر ما يعطاه من أُجرة الضِّراب، أو الضِّراب نفسه، و يقدر مضاف محذوف؛ أي عن كِراء شَبْر الجمل، كقوله: نهي عن عَسَب الفَحْل.
______________________________
(1) صدره:
لا أبَ و ابناً مثل مروان و ابنه
و البيت من الطويل، و هو للربيع بن ضبع الفزاري في خزانة الأدب 4/ 67، 68، و شرح التصريح 1/ 243، و شرح شواهد الإيضاح ص 207، و المقاصد النحوية 2/ 355، و للفرزدق أو لرجل من عبد مناة في الدرر 6/ 172، و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 419، 2/ 593، 847، و أوضح المسالك 2/ 22، و جواهر الأدب ص 241، و شرح الأشموني 1/ 153، و شرح قطر الندي ص 168، و شرح المفصل 2/ 101، 110، و الكتاب 2/ 285، و اللامات ص 105، و اللمع ص 130، و المقتضب 4/ 372، و همع الهوامع 2/ 143.
(2) الأزعكي: اللئيم القصير.
(3) اليافع: الغلام الذي قارب بلوغ الحلم.
(4) السربال: الثوب.
(5) البيت في ديوان ذي الرمة ص 411.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 178‌

[شبع]:

آجر موسي عليه السلام نَفْسه من شعيب عليه السلام بِشِبْع بَطْنه، و عِفَّة فرجه، فقال له خَتَنُه: لك منها- يعني من نتائج غنمه- ما جاءتْ به قَالِبَ لَوْن. فلما كان عند السَّقْي وضع موسي قَضِيباً علي الحوض، فجاءت به كُلِّه قَالِبَ لونٍ غيرَ واحد، أو اثنين، ليس فيها عَزُوز و لا فَشُوش و لا كَموش و لا ضَبُوب و لا ثَعُول- و يروي: وقف بإزَاء الحَوْض؛ فلما وردت الغنم لم تصدر شاة إلا طعن جَنْبَها بعصاه، فوضعت قَوَالِبَ ألوان.
الشِّبْع: ما أشبعك من طعام، قال سيبويه: و مما جاء مخالفاً للمصدر لمعني هو أصاب شِبْعه و هذا شِبْعه؛ إنما يريد قدر ما يُشبعه، و تقول: شَبِعْتُ شِبَعاً، و هذا شِبَع فاحش، إنما تريد الفعل، و نظيره ملأتُ السقاء مَلْئاً و هذه مِلْؤُه؛ أي قدر ما يَمْلَؤُه. قال:
و كُلُّكُمْ قَدْ نال شِبْعاً لِبَطْنِهِ و شِبْعُ الفَتَي لؤم إذا جاعَ صَاحِبُه «1»
خَتَنُه: أي أبو امرأته، يعني شعيباً عليه السلام، و الأخْتَان من جهة المرأة، و الأحماء من قِبَل الزوج، يقال لأبي المرأة و أمها: الخَتنَان.
قَالِب لون: تفسيره في الحديث أنها جاءت علي غير ألْوان أمّهاتها.
العَزُوز: الضَّيِّقة الإحْليل، يخرج لبنُها بِجَهْد.
و الفَشُوش: الواسعة، تفشّ اللبن فشًّا.
و الكَمُوش: الصغيرة الضَّرْع، و الكَمْشَة نحوها. و قال الأصمعي: هي التي يَقْصر خِلْفها فلا تحلب إلا بِصَرّ.
و الضَّبُوب: التي لا يخرجُ لبنها إلا بالضَّب و هو الحلب بجميع الكف و شدة العَصْر.
الثَّعُول: التي لها زيادة حَلمة، و هي الثَّعْل.
الإزاء: مصبّ الدلو، و ناقة آزِيَة إذا لم تشرب إلّا منه.

[شبب]*:

قالت أم سَلَمَة رضي اللّٰه عنها: جَعَلْتُ عليّ صَبِراً حين تُوُفِّيَ أبو سَلمة، فقال النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنَّه يَشُبُّ الوجهَ فلا تجعليه إلا بالليل، و انْتزِعيه بالنهار.
أي يوقد و يَزيد في لَوْنه، و هذا شَبُوب له.
و
في الحديث: إنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لبس مدرعة سَوْداء، فقالت عائشة: ما أَحْسَنَها عليك! يَشُبُّ سوادُها بياضَك، و بياضُك سوادَها.
______________________________
(1) البيت لبشر بن المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة في لسان العرب (شبع).
(2) (*) [شبب]: و منه حديث عمر في الجواهر التي جاءته من فتح نهاوند: يشبُّ بعضها بعضاً. و منه الحديث في كتابه لوائل بن حجر: إلي الأقيال العباهلة، و الأرواع المشابيب. و في حديث أم معبد: فلما سمع حسان شعر الهاتف شبَّب يجاوبه. النهاية 2/ 438، 439.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 179
كانتْ أم سَلمة قبل النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم تحت أبي سَلَمة بن عبد الأسد، و كان لها منه زينب و عمر.

[شبك]*:

إذا توضأ أحدُكم فأحْسَنَ وُضوءَه، ثم خرج عامداً إلي المسجد فلا يُشَبِّكَنَّ يدَه، فإنه في صلاة.
هو أن يُدْخِل أصابِعه بعضها في بعض؛ و هذا كَنَهْيِه عن عَقْص الشعر، و اشْتِمَالِ الصَّماء. و قيل: إن التَشْبِيك و الاحتباء مما يجلِب النوم، فنهي عن التعرّض لما ينقض الطهارة.

[شبرم]:

رأي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم الشُّبْرم عند أسماء بنت عُميس، و هي تريد أنْ تَشْرَبه، فقال: إنّه حارّ جار- أو قال: يارّ، و أمرها بالسَّنَا «1».
الشُّبْرم: نوع من الشِّيح.
جارّ و يارّ: اتباعان لحار، يقال: حَرّان يَرّان.

[شبح]*:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- مَرّ ببلال، و قد شُبِحَ في الرَّمْضاء؛ يقال له:
اترك دينَ محمد، و هو يقول: أحَد أحَد، فاشتراه أبو بكر فأَعْتَقه.
الشّبْح أنْ يمدّ كالمصلوب، و منه شبح القوم أيديهم في الدّعاء. قال ذو الرمة:
و يُشْبَحُ بالكفّين شَبْحاً كأنّه أخو فَجْرَةٍ عالي به الجذعَ صالبُه «2»
يريد الحِرباء.
أحَد أحَد: يريد أن اللّٰه واحد لا شريك له.

[شبه]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن اللبن يُشبّه عليه.
يريد أنّ الرضيع ينزع به الشّبه إلي الظِّئْر من أجْل اللبن؛ فلا تَسْتَرْضِعُوا إلا المرضيَّة الأخلاق، ذات العَفَاف.

[شبب]:

شُرَيح رحمه اللّٰه تعالي- شهادة الصِّبْيان تجوز، و علي الكبار يُسْتَشَبُّونَ.
______________________________
(3) (*) [شبك]: و منه في حديث مواقيت الصلاة: إذا اشتبكت النجوم. و في حديث أبي رهم: الذين لهم نَعَم بشبكة جَرْحٍ. النهاية 2/ 441.
(1) السنا: نبات له حمل، إذا يبس و حركته الريح سمعت له زجلا.
(4) (*) [شبح]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه كان مشبوح الذراعين. و في حديث الدجال: خذوه فاشبحوه. النهاية 2/ 439.
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 47.
(5) (*) [شبه]: و منه الحديث في صفة القرآن: آمنوا بمتشابهه، و اعملوا بمحكمه. و في حديث الديات: دِية شبه العمد أثلاثٌ. النهاية 2/ 442.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 180
أي يَطْلَبون شُبَّاناً بالغين في الشّهادة علي الكِبار؛ و قيل: ينتظر بهم وقت الشّباب، أي إذا تحمَّلوها و هم صبيان، ثم أدّوها و هم كبار قُبِلَتْ منهم؛ و إنما صَحَّ هذا في الجِراحات دون الأموال.

[شبرق]:

عطاء رحمه اللّٰه تعالي- لا بأس بالشِّبْرق و الضَّغابيس، ما لم تَنْزِعْه من أصْله.
الشِّبْرق: نبت حجازيّ إذا يبس سُمِّيَ الضَّرِيع، و هو يؤكل و فيه حُمْرة. قال الهُذَليّ:
تَرَي القوم صرعي جثوة أضجعوا معا كأن بأيْديهم حواشي شِبْرق «1»
الضَّغَابيس: صغار القِثَّاء؛ يريد لا بأس بقطعهما في الحَرَم إذا لم يُسْتَأْصَلا.

[شبدع]:

في الحديث: مَنْ عَضَّ علي شِبْدِعه سَلِمَ من الأثام.
أي علي لسانِه، و الشبْدِع: العَقْرَب؛ فشبه اللّسان بها؛ لأنه يَلْسَعُ الناس. قال:
عَضّ علي شَبْدِعه الأريبُ فظلّ لا يُلْحِي و لا يَحُوبُ
الأثام: جزاء الإثم. و قال قُطْرُب: هو الإثم، يقال: أثِمَ أثاماً.

[شبع]:

إنّ زمزم كان يقال لها شُبَاعة في الجاهلية.
سميت بذلك لأن ماءها [يروي العطشان و] يُشْبع الغَرْثان. و منه قول عبد المطلب:
طَعَامُ طُعْم.

[شبب]:

اسْتَشبُّوا علي أَسْوُقِكُم علي البول.
أي استوفزوا عليها، و لا تُسِفُّوا من الأرض.
الشم في (دك). المشابيب في (اب). شب الذراعين في (مغ). يشب في (غو).
شبكة في (لق). و استشبوا في (مخ). شبمة في (سن). شببة في (لف). [و شبرك في (شك). بني شبابة في (ند)].

الشين مع التاء

[شتر]:

عمر رضي اللّٰه عنه- رأي امرأة مُتَزَيِّنة، أَذِنَ لها زوجُها في البُروز، فأخبر بها عمر، فطلبها فلم يقدر عليها، فقام خطيباً فقال: هذه الخارجةُ، و هذا المُرسلها لو قَدَرْتُ عليهما لَشَتَّرْتُ بهما. ثم قال: تخرج المرأة إلي أبيها يكيدُ بنَفْسه و إلي أخيه يَكِيدُ بنفسه فإذا أخرجت فلْتلْبَس مَعاوِزَها.
أبو زيد- يقال: شَتَّرْتُ به تَشْتِيراً؛ إذا سَمّعت به، و نَدَّدت، و أسمَعْته القبيح. و قال
______________________________
(1) البيت لمالك بن خالد الهذلي في ديوان أشعار الهذليين 1/ 471.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 181
غيره: شَنَّرْت- بالنون- من الشَّنَار و هو العَيْب، و كان حقيقةَ التَّشْتير إبرازُ مساوي‌ء الرجل، و إظهارُ ما بطَنَ منها؛ من الشَّتَر، و هو انقلاب في الجَفْن الأسفل؛ لأنه بروزُ ما حقه أن يَبْطُن، و هو عيب قبيح.
يقال: جادَ بنفسه، و كاد بنفسه، إذا ساق سياق الموت.
المعاوِز: الخُلْقان، الواحد مِعْوَز، من الإعْوازُ و هو الفقر و الحاجة. قال الشَّماخ:
إذا سقط الأنداء صينت و أشعرت حبيراً و لم تُدْرَج عليها المعاوِزُ «1»
لا تقول: الضارب زيدٍ، و لكن الضاربا زيدِ و الضاربو زيدٍ، و الضارب الرجل، علي التشبيه بالحسن الوجه، فأما الضمائر المتصلة فالإضافة إليها مطلقة، تقول: الضاربه و الضارباه و الضاربوه و ما أشبه ذلك. و منه قوله: المُرسلها، و قد لخصت هذا الباب في كتاب المفصَّل تلخيصاً شافياً.
[شتر]:
عليّ عليه السلام- قال: رأيت يوم بَدْرٍ رجلًا من المشركين فارساً مُقَنَّعاً في الحديد كان هو و سعد بن خَيْثَمة يَقْتَتِلان، فاقتحم عن قرينِه لَمَّا عرفني، فَنَادَاني: هلمَّ ابنَ أبي طالب للبِراز، فعطفتُ عليه، فانْحَطَّ إليَّ مقبلًا، و كنت رجلًا قصيراً، فانحططتُ راجعاً لكي ينزل، و كرِهْتُ أنْ يَعْلُوَنِي، فقال: يا ابنَ أبي طالب؛ أفَرَرْت؟ فقلت؛ قَريبٌ مَفَرُّ ابن الشَّتْرَاء. فلما دنا مني ضربني فاتَّقيْتُ بالدَّرَقة، فوقع سيفُه فلحَج، فأمَرّ به علي عاتِقه و هو دارع فارتعش، و لقد قَطَّ سيفي دِرْعَه فإذا بِرَيْقِ سَيْفٍ من ورائي فأطَنَّ قَحْفَ رأسِه، فإذا هو حَمْزَة بن عبدِ المطلب عليه السلام.
ابن الشَّتْرَاء: رجل كان يُصِيبُ الطَّريق، و كان يأتي الرُّفْقة فيدنو منهم، حتي إذا هَمُّوا به نأي قليلًا، ثم عاودهُمْ حتي يصيبَ منهم غرَّة.
لحَج في الشي‌ء: إذا نَشِب فيه.
القَطّ: القطع عَرْضاً كقطّ القلم.
بِرَيْقِ سيف: هكذا روي، و الرَّيْق من راق السّراب يَريق رَيْقاً؛ إذا لمع. و لو روي: فإذا بَرِيقُ سيف، من بَرق السيف بَريقاً لكان وَجْهاً بَيّناً كما تَري.
أطَنَّه: جعله يطِنّ طنيناً، و هو صوت القطع.
مشتين في (بر).

الشين مع الثاء

[شثث]:

محمد ابن الحَنَفِيَّة رحمها اللّٰه تعالي: ذَكَر مَنْ يلي الأمر بعد السُّفْيانيّ، فقال:
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو في ديوان الشماخ ص 193، و لسان العرب (حبر)، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 818، و المقتضب 3/ 81.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 182
يكون بين شَثٍّ و طُبَّاقٍ- و روي: أنه قال: حَمْش الذراعين و الساقين، مُصْفَح الرأس، غائر العينين، يكون بين شَثٍّ و طُبَّاق.
الشثّ: شجر طيّب الريح، مُرُّ الطعم- قاله أبو الدُّقَيْش. و زعم أنه ينبت في جبال الغَوْرِ [و تهامة] و نجد.
و الطُّبَّاق: شَجر ينبت بالحجاز إلي الطائف. قال تأبط شراً:
كأنما حَثْحَثُوا «1» حُصًّا قَوَادِمُه «2» أوْ أمَّ خِشْفٍ «3» بذِي شَثٍّ و طُبَّاقِ «4» «5»
يريد: أنه يخرج بمنابت هذين الشجرين.
الحَمْش: الدَّقِيق، و قد حمِشت قوائمه
المُصْفَح: العريض؛ و منه قولهم: وَجْهُ هذا السيف مُصْفَح، و ضربه بالسَّيْفِ مُصْفَحاً و مصفوحاً؛ إذا ضربه بعُرْضه. و قيل: المُصْفَح: الرأس الذي يضغط من قِبَل صُدْغيه فيطول ما بين جبهته وقفاه، و يدِقّ وجهه، و يرتفع أعلي رأسه.
شثنة في [(زو). شثن في (مغ) و في (شذ)].

الشين مع الجيم

[شجع]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- يجي‌ء كَنْز أحدِهم يوم القيامة شُجاعاً أقرعَ له زَبِيبَتان- و روي: من ترك بعده مالًا مَثَل له يوم القيامة شُجاع أقْرع يَتْبعه فيقول: مَنْ أنْتَ؟ فيقول:
كَنْزُك، فلا يزال يتبعه حتي يُلْقِمه يده فَيُقَضْقِضها.
الشُّجَاع: الذَّكَر من الحيّات.
الأقرع: الذي قَري السُّمَّ في رأسه حتي تَمَعَّط شَعْرُه. قال:
قَرَي السّم حتي انْمَازَ فروةُ رأسِه عن العَظْمِ صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مَارِدُهْ «6»
______________________________
(1) حثحثوا: حركوا.
(2) القوادم: ما ولي الرأس من ريش الجناح.
(3) الخشف: ولد الظبية.
(4) الشث و الطباق: نبتان طيبا الرعي.
(5) البيت من البسيط، و هو في سر صناعة الإعراب 1/ 180، و لسان العرب 2/ 129 (حثث)، 159 (شتت)، 7/ 13 (حصص)، 10/ 215 (طبق)، و المفضليات ص 28.
(7) (*) [شجع]: و منه في حديث أبي هريرة في منع الزكاة: إلا بُعِث عليه يوم القيامة سَعَفها و ليفها أشاجِع تنهشه. و في صفة أبي بكر: عاري الأشاجع. النهاية 2/ 447.
(6) البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه ص 665.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 183
الزَّبيبتان: النُّكْتتان السَّوْدَاوان فوق عَيْنيه، و هو أوْحَشُ ما يكون من الحيات و قيل:
هما الزَّبَدَتَان في شِدْقيه إذا غضب.
القَضْقَضَة: الكسر و القطع، و أسَد قَضْقَاض.

[شجر]*:

سعد رضي اللّٰه عنه- قالت أمه: أليس اللّٰه قد أمر ببرِّ الوالدين؟ فواللّٰه لا أَطْعَمُ طعاماً، و لا أشربُ شراباً حتي تَكْفُرَ أو أموت. فكانوا إذا أرادوا أن يُطْعموها أو يَسقوها شجروا فاها ثم أوجَرُوها.
أي جعلوا في شَجْره- و هو مَفْرَجه- عوداً حتي فَتَحوه.

[شجب]*:

ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- بات عند خالته مَيْمونة. قال: فقام النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إلي شَجْب فاصْطَبّ من الماء و تَوَضَّأَ.
هو ما أخلق و تَشَنَّن «1» من الأساقي، و هو من شَجَب، إذا هَلَك، فكأنَّه تخفيف شَجَب، يريد الهالك من الخُلوقة «2».
اصْطَبّ: افتعل من الصّب، أي صبه لنفسه.
الحسن رحمه اللّٰه تعالي- المجالس ثلاثة؛ فسالم و غانم و شاجب.
شَجَب يَشْجُب فهو شاجب، و شجِب يَشْجَب فهو شَجِب، إذا هَلك، يعني إما سالم من الإثم، و إما غانم للأجر، و إمّا هالك آثم.

[شجي]:

الحجاج- إن رُفقة ماتت من العَطش بالشَّجِي فقال: إني أظنهم قد دَعَوُا اللّٰه حين بلغهم الجهد، فاحفروا في مكانهم الذي ماتوا فيه، لعل اللّٰه يَسْقي الناس. فقال رجل من جلسائه قد قال الشاعر:
تراءت له بين اللِّوي و عُنَيزة و بين الشَّجِي مما أحال علي الوادي
ما تراءت له إلا و هي علي ماء، فأمر الحجاج رجلًا يقال له عضيدة أن يحفِر بالشَّجِي بئراً، فحفرها؛ فلما أنبط حمل معه قربتين من مائِها إلي الحجَّاج بواسط، فلما طلع قال له:
يا عضيدة؛ لقد تخطيت بها ماء عِذَاباً أ أخْسَفْتَ أم أوْشلت؟- و روي: أم أعْلَمْت؟ فقال: لا واحد منهما، و لكن نَيِّطاً بين المائين. قال: و ما يبلغ ماؤها؟ قال: وردتْ علي رفقة فيها
______________________________
(3) (*) [شجر]: و منه الحديث: إياكم و ما شجر بين أصحابي. و حديث أبي عمرو النخعي: يشتجرون اشتجار أطباق الرأس. و منه حديث عائشة: قُبض رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بين شجري و نحري. النهاية 2/ 446.
(4) (*) [شجب]: و منه حديث جابر: كان رجل من الأنصار يُبرِّد لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في أشجابه. و حديث جابر أيضاً: و ثوبه علي المشجب. النهاية 2/ 445.
(1) تشنن: يبس.
(2) الخلوقة: البلي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 184
خمس و عشرون بعيراً، فرويت الإبل و من عليها. فقال الحجاج: أللإبِل حَفرْتها؟ إن الإبل ضُمَّر خُنَّس ما جُشِّمَتْ جَشِمَتْ.
قال المبرِّد: ذكر التَّوَّزي عن الأصمعي أنّ الشّجِي و هو منزل من منازل طريق مكة، إنما سُمِّيَ لأنه شجٍ بما حوله من الماء.
مما أحال: أي من الجانب الذي صب الماء.
علي الوادي: من قولهم: أحال الماء إذا صبه. قال لبيد:
يُحِيلُون السِّجالَ علي السِّجَال «1»
قوله: ماء عِذاباً، علي ماءةٍ عَذْبة و ماء عِذاب.
قال الأصمعي: حضر فلان فأخْسَف؛ أي وجد بئرَه خَسِيفاً، و هي التي نقب جَبَلُها عن ماء غزيرٍ لا ينقطع.
و أعْلَم: إذا وجدها عَيْلَماً، و هي دون الخَسِيف.
و أوْشَل: وَجدَها وَشَلًا و هو الماء القليل.
لا واحد منهما؛ بمعني ليس واحد منهما، أو لا كان واحد منهما. و لو نصب علي لا أصبتُ، أو رأيتُ، واحداً منهما لكان صحيحاً، ألا تري إلي قوله: و لكن نَيِّطا، أي وسطاً بين الغزِير و القَلِيل، كأنه معلق بينهما، من ناط ينوط.
الضُّمَر: جمع ضامر، و هو الممسك عن الجرة، يقال: ضَمُرَ يَضْمُر، و ضَمَرَ.
الخُنَس: جمع خانس، من خَنَسه إذا أخَّره، و خَنَس بنفسه إذا تأخر، يعني أنها صوابر علي العطش تؤخر الشرب. أو تتأخر إلي العَشْر و فوق ذلك علي ما يحكي عن ضيف حاتم:
أن إبله كانت تظمأ غِبًّا بعد العَشْر.
شِجار في (به). الشجراء في (بد). تَشْجُرون في (سف). أشَاجع في (نج). شجرتها في (صو). المشْجوج في (قي). شَجَري في (سح). شجّك في (غث). و شَجَرهم في (وح).

الشين مع الحاء

[شحشح]:

عليّ بن أبي طالب عليه السلام- رأي فلاناً يخطُب، فقال: هذا الخطيب الشَّحْشَح.
______________________________
(1) عجزه:
كأن دموعه غربا سناة
و البيت في ديوان لبيد ص 74.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 185
هو الماهر الماضي في الكلام، من قولهم: قَطاة شَحْشَح، سريعة حادة، و ناقة شَحْشَح. و الشَحْشَحة: سرعة الطيران، و امرأة شَحْشاح: كأنها رجل في قولها و جِدّها؛ و هذا كله من معني الشّح لا من لفظه علي مذهب البَصْريين، و هو الإمْساك المفرط و التشدد الفاحش؛ ألا تَري إلي قولهم للبخيل: شَحْشح و شَحْشاح و مُشَحْشَح.

[شحو]*:

ذكر رضي اللّٰه تعالي عنه فِتْنَةً تكون، فقال لعمار: و اللّٰه يا أبا اليَقْظان لَتَشْحُوَنَّ فيها شَحْواً لا يدركُكَ الرَّجُلُ السريع، ثوبُك فيها أنْقَي من البَرَد، و ريحُك فيها أطْيب من المسك.
الشَّحْو: سعة الخَطْو، و دابة شَحْوي: واسعة الخطو، و رغيبةُ الشَّحْوة، إذا كانت كثيرة الأخذ من الأرض؛ يعني أنك تسعي فيها و تتقدم.
لا يدرِكُك: منصوب المحل، صفة للمصدر؛ و الضمير محذوف كأنه لا يُدْرِكُكَهُ؛ أي لا يدركك فيه.
أراد بنقاءٍ ثوبِه و طيب ريحه براءةَ ساحته من العيب اللاصق به، و حسن الأحدوثة عنه.

[شحج]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- دخل المسجد، فرأي قاصًّا صَيَّاحاً؛ فقال:
اخفِضْ من صوتك، أم تعلم أنَّ اللّٰه يُبْغِضُ كلَّ شَحَّاج!
الشُّحَاجُ للبغل و الحمار. و حمار مشِحج و شَحَّاج. و يقال للبغال: بنات شَحَّاج. عَنَي قوله عزَّ و جلَّ؛ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوٰاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان: 19].

[شحط]*:

ربيعة- قال في الرجل يُعْتِق الشِّقْصَ من العَبْد: إنه يكون علي المُعْتِق قيمةُ أنْصِباء شُرَكَائِه: يُشْحَطُ الثمنُ ثم يُعْتَقُ كلُّه.
يقال: شَحَطْتُ البعيرَ في السَّوْمِ حتي بلغتُ به أقصي نهائِه في الثمن، أشْحَطُه شَحْطاً، و تَشَحَّي فلان في السَّوْم و تَشَحَّطَ إذا أبْعَط، يريد يبلغ بقيمة العبد أقْصي الغاية. و قيل: معني يُشْحَط يُجْمَع؛ من شَحَطْتُ الإناء و شَمَطْتُه، إذا ملأته- عن الفَرَّاء.

[شحن]:

في الحديث: يغفر اللّٰه لكل بشرٍ مَا خَلَا مُشْرِكاً أو مُشَاحِناً.
هو المبتدع الذي يُشاحِن أهلَ الإسلام؛ أي يُعَادِيهم.
الشحناء في (غر). يتشحَّط في (سح).
______________________________
(1) (*) [شحو]: و منه الحديث: أنه كان للنبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فرس يقال له الشَّحَّاء. النهاية 2/ 450.
(2) (*) [شحط]: و منه في حديث محيصة: و هو يتشحَّط في دمه. النهاية 2/ 449.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 186‌

الشين مع الخاء

[شخب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- الشهيدُ يُبْعَثُ يوم القيامة و جروحُه تَشْخُبُ دَماً، اللون لونُ الدم، و الريحُ ريحُ المِسْك.
الشَّخْب: السيلان، و قد شخَب يشخُب. و منه مَرّ يشخُب في الأرض شَخَباناً. أي يجري جَرْياً سريعاً.
و في أمثالهم: شُخْب في الإناء و شُخْب في الأرض.
شُخص بي في (فر). شخيتا في (ضا). [شاخصاً في (جش)].

الشين مع الدال

[شدقم]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- حدَّث رجلٌ عند جابر بن زيد بشي‌ء فقال: ممَّنْ سمِعْتَ هذا؟ قال: من ابن عباس. قال: من الشَّدْقم.
هو الواسع الشّدق، و منه سُمّي شَدْقم فحلُ النعمان بن المنذر، و وزنه فَعْلَم، أي ميمه زائدة، يوصَفُ به المِنْطِيق المُفَوّه.

[شدخ]*:

ابن عُمَر رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال في السِّقْط إذا كان شَدَخاً أو مُضغة فادِفْنه في بيتك.
هو الصغير إذا كان رَطْباً رَخْصاً لم يشتد، و قيل: هو الذي وُلد بغير تمام.
مُشِدّهم في (كفّ). [من يُشَاد في (وغ)] يجتهد الشدَّ في (جد).

الشين مع الذال

[شذب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في صفته عليه السلام عن هند بن أبي هَالَة التيمي- كان فَخْماً مفخماً يَتَلألأُ وجهه تَلأْلؤ القَمر ليلةَ البدر، أطْوَلَ من المَرْبوع، و أقْصَر من المُشَذَّب، عظيم الهامة، رَجِل الشَّعْرَ، إن انفرقت عَقِيقته فَرَقَ- و روي: عَقِيصته- و إلا فلا يجاوِزُ شعره شحمةَ أُذنه إذا هو وَفَره، أزهر اللون، واسع الْجَبِين، أزجّ الحواجب، سوابغَ في غير قَرَن، بينهما عِرْق يُدِرُّه الغَضب، أقْنَي العِرْنِين، له نور يَعْلُوه، يَحْسَبُه من لم يتأملْه أشَمّ، كَثّ
______________________________
(1) (*) [شخب]: و منه الحديث: إن المقتول يجي‌ء يوم القيامة تشخب أوداجه دماً. و حديث الحوض: يشخب فيه ميزابان من الجنة. النهاية 2/ 450.
(2) (*) [شدخ]: و في الحديث: فشدخوه بالحجارة. النهاية 2/ 451.
(3) (*) [شذب]: و منه حديث علي: شذَّبهم عنَّا تخرُّم الآجال. النهاية 2/ 453.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 187
اللحية، سهل الخدَّيْن، ضَلِيع الفَمِ، أشْنَب، مُفَلَّج الأسنان «1»، دقيق المَسْرَبة «2»، كأنّ عنقَه جِيد دُمْية في صفَاء الفِضّة، معتدلَ الخلْق، بادِناً مُتَماسكاً، سواءَ البطن و الصدر، [عريضَ الصدر]، بَعِيد ما بين المنكِبَيْن، ضَخْم الكَرَادِيس، أنْوَر المُتَجَرَّد، طويل الزَّنْدين، رَحْب الراحة، شَثْن الكفَّين و القدمين، سائل الأطراف، خُمْصَان الأخْمَصين، مَسيحَ القدمين، يَنْبُو عنهما الماء، إذا زال [زال] قَلعاً «3»، يخطو تَكَفُّؤاً، و يمشي هَوْناً؛ ذَرِيعَ المِشْية، إذا مشي كأنما ينحطُّ في صَبَب «4». و إذا التفتَ التفت جميعاً، خافضَ الطَّرْف، نظرُه إلي الأرض أطولُ من نظره إلي السماء، جُلُّ نظرِه الملاحظة، يسوقُ أصحابه- و يروي: يَنُسُّ أصحابَه- يبدأ مَنْ لقِيَه بالسلام، يفتتحُ الكلام و يختتمه بأشْداقه، يتكلّم بجوامع الكَلِم، فضلًا، لا فضولَ و لا تَقْصير، دَمِثاً، ليس بالجافي و لا المُهين؛ يُعَظِّم النِّعْمة و إنْ دقَّت، و لا يذمّ منها شيئاً، لم يكُنْ يذمّ ذَوَاقاً و لا يمدحه؛ و إذا غضب أعرض و أشاح؛ جُلُّ ضحكة التبسم، و يفترُّ عن مثل حَبّ الغَمام.
قيل للطويل: المُشَذَّب؛ تشبيهاً بما يُشَذَّبُ من الشَّجر؛ لأنه يطول بذلك و يُسرع في شَطَاطِه «5».
العَقِيقة و العِقَّة: الشَّعر الذي يُولد به، و عَقّ عن الصبيّ، إذا حَلَق العقيقةَ بعد سبعة أيام من مَوْلِده، و ذبح عنه شاةً، و أطعمها المساكين، و تلك الشاةُ تسمي العَقِيقة باسمها، و كان تركُها عندهم عيباً و شُحّاً و لؤماً. قال امرؤ القيس:
أيا هندُ لا تَنْكِحي بُوهةً «6» عليه عقيقَتُه أحْسَبَا
أي شاخ، و شاب و عليه عقيقتُه، و بنو هاشم أكرم، و محمد بن عبد اللّٰه بن عبد المطلب أكرمُ عليهم مِنْ أن يتركوه غيرَ معقوق عنه، و لكنّ هِنْداً سمَّي شعره عقيقة لأنه منها، و نباته من أصولها، كما سمت العرب أشياء كثيرة بأساميّ ما هي منه و من سببه.
انْفَرَق: مطاوع فَرَق؛ أي كان لا يفرُق شعره إلا أن ينفرِقَ هو. و كان هذا في صدر الإسلام.
و
يروي أنه إذا كان أمْرٌ لم يُؤْمر فيه بشي‌ء يفعله المشركون و أهل الكتاب أخذ بِفِعْل
______________________________
(1) مفلج الأسنان: أي متباعد ما بين الأسنان.
(2) المسربة: أعلي الحلق.
(3) أراد قوة مشيه، و أنه كان يرفع رجليه من الأرض إذا مشي رفعاً بائناً بقوة، كمن يمشي اختيالًا و تنعماً (لسان العرب: قلع).
(4) الصبب: الموضع المنحدر.
(5) الشطاط، كسحاب و كتاب: الطول، و حسن القوام أو اعتداله (القاموس المحيط: شط).
(6) البوهة: الصقر يسقط ريشه، و الرجل الضاوي الطائش، و الأحمق، و البومة، و البوه أيضاً: ذكر البوم، أو كبيره. (القاموس المحيط: البوهة).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 188
أهل الكتاب، فسدل ناصيته ما شاء اللّٰه ثم فَرق بعد ذلك.
وَفَره: أي أعفاه عن الفَرْق، يعني أن شعره إذا تَرَك فَرْقه لم يجاوز شحمةَ أذنيه و إذا فرقه تجاوزها.
العَقِيصة: الخُصْلة إذا عُقِصت؛ أي لُوِيت.
الزَّجَج: دِقَّة الحاجبين و سبوغهما إلي مُؤْخر العين.
و القَرَن: أن يطولا حتي يلتقي طرفاهما؛ و المراد أن حاجبيه قد سبغا حتي كاد يلتقيان، و لم يلتقيا، و القَرَن غير محمود عند العرب، و يستحبون البَلَج «1»؛ و هو الصحيحُ في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم دون ما وصفتْه به أم مَعْبد من القَرَن.
سوابغُ: حال من المجرور و هو الحواجب، و هي فاعلة في المعني؛ لأن التقدير أزَجَّ حواجبه؛ أي زَجَّتْ حواجبه.
سوابغ بمعني دقت في حال سُبوغها، و وضع الحواجب في موضع الحاجبين؛ لأن التثنية جمع؛ و نحوه قوله: «ثِنْتَا حَنْظَل».
و قوله: بينهما عِرْق علي المعني؛ لأن الحواجب في معني الحاجبين، يقال: في وجهه عرق يُدِرُّه الغضب؛ أي يُحَرّكه، و هو من أدَرّت المرأة المِغْزل إذا فتلتْه فتلًا شديداً.
القَنَا: طولُ الأنْف و دقة أرْنَبَتِه، و حَدَبٌ في وَسَطه.
و الشَّمم: ارتفاعُ القَصبة، و استواء أعلاها، و إشرافُ الأرنبة قليلًا؛ أي كان يُحْسَبُ لِحُسْنِ قناه أشمّ قبل التأمّل.
ضليع الفم: عظيمه، و كانوا يذمون صِغَر الفم. قال:
أكَانَ كَرِّي و إقْدَامِي بِفِي جُرَذٍ بين العَوَاسِج أحْنَي حَوْلَهُ المُصَعُ «2»
و قال آخر:
لحي اللَّهُ أفواهَ الدّبَي «3» من قبيلة
و الضَّلِيع في الأصل: الذي عظمت أضلاعُه و وفرت، فأجْفَر جنباه «4»، ثم استعمل في موضع العظيم و إن لم يكن ثمَّ أضْلاع.
الشَّنَب: رِقّةُ الأسنان و ماؤها، و منه قولهم: رُمّانة شَنْباء، و هي الإمْلِيسية الكثيرة الماء.
______________________________
(1) البلج: نقاوة ما بين الحاجبين (القاموس المحيط: بلج).
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (مصع).
(3) الدبي: أصغر ما يكون من الجراد و النمل.
(4) أجفر جنباه: اتسع جنباه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 189
و سُئِل عنه رُؤْبة فأخذ حَبّة رُمّان، و قال: هذا هو الشَّنب.
الدُّمْية: الصورة.
البادِن: الضَّخْم.
[متماسك،] أي هو مع بَدَانته مُتَماسك اللحم ليس بمُسْتَرْخِيه.
سواء البطن و الصدر: أي متساويهما، يعني أنّ بطنه غَيْرُ مستفيض فهو مساوٍ لصدره، و صَدْره عَرِيض، فهو مساوٍ لبطنه.
الكراديس: جمع كُرْدُوس. قال ابن دُرَيد: هو رأسُ كلّ عَظْم نحو المنكِبين و الرّكبتين و الوَرِكين؛ و به سمي الكُرْدُوس من الخَيْلِ، و هو القطعةُ العظيمة؛ لانضمام بعضِها إلي بعض، و كل شي‌ء جمعتَه فقد كَرْدَسْتَه.
يقال: فلان حسَن الجُرْدة و المجرَّد [و المُتَجرَّد]. و هو ما جُرِّد عنه الثوب من البدن.
الزَّنْد: ما انْحَسر عنه اللحمُ من الذراع.
رَحْب الراحة: دَليلُ الجود، و ضيقها و صغرها دليلُ البخل. قال:
مَنَاتِينُ أبرامٌ كأنّ أكفّهمْ أكفُّ ضبَابٍ أُنْشِقَتْ في الحَبَائلِ
و قال الأخطل في صَلْب المختار بن أبي عُبَيْد:
و نَاطُوا من الكَذَّاب كفّاً صغيرةً و ليس عليهم قَتْلُه بكَبِيرِ
الشَّثْن و الشَّثْل: الغَلِيظ.
الأطراف: الأصابع، و كونها سائلة أنها ليست بِمُتَغَضِّنَةٍ متعقدة.
خُمْصان الأَخْمَصَيْن: يعني أنهما مرتفعان عن الأرض، ليس بالأَرَحِّ «1» الذي تمسّهما أخَمصاه.
مَسيح [القدمين]: يريد أنه ممسوحُ ظاهِرِ القدمين، فالماء إذا صُبّ عليهما مَرّ سريعاً لامّلاسهما.
هَوْناً، أي في رفْق غَيْر مختال.
الذَّريع: السريع، يقال: فرس ذَرِيع بيّن الذَّرَاعة.
يسوقُ أصحابَه؛ أي يُقَدِّمهم أمامه و يمشي وراءهم.
و النّس: السَّوْق، و منه قيل لمكة: الناسّة؛ لأنها تطرد مَنْ يَبْغي فيها.
الدَّمث: السهل اللين.
المُهين: الذي يُهين الناس. و المَهين: الحقير.
______________________________
(1) الأرحِّ: الذي لا أخمص لقدميه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 190
يُعَظِّم النعمة: أي لا يستصغر شيئاً أُوتِيه و إن كان صغيراً.
الذَّواق: اسم ما يُذاق؛ أي لا يصف الطعام بطيب و لا ببشاعة.
و أشاح: أي جَدّ في الإعراض و بالغ.
و حَبّ الغَمام: البَرَد.
تشذّروا في (حد). [تَشذُّر في (ذر)]. شذَر مذَر في (زف). شُذَّانُهم في (لو).

الشين مع الراء

[شرق]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي أنْ يضحّي بشَرْقَاء أو خَرْقَاء أو مُقَابَلة أو مدابَرة أو جَدْعَاء.
الشَّرْقَاء: المشقوقة الأذن باثنتين، و قد شَرَقها يَشْرُقها، و اسم السِّمَة الشَّرَقَة.
و الخَرْقاء: المثقوبتها ثَقْباً مستديراً.
و المقابلَة: التي قُطع من قبَل أُذنها شي‌ء ثم تُرِكَ معلقاً، و اسم المعلَّق الرَّعْلة، و يقال للسِّمة: القَبَلة و الإقْبَالة.
و المدابَرة: التي فُعِل بدبْر أذنها ذلك، و اسم السِّمة الإدْبارَة.
الجَدْعاء: المجْدوعة الأذُن.
لعلكم ستُدْركون أقواماً يؤخِّرون الصلاة إلي شَرَقِ الموتي، فصلُّوا الصلاةَ للوقت الذي تعرفون، ثم صلّوها معهم.
سئل عنه الحسن بن محمد ابن الحنفيّة؛ فقال: ألَم تر إلي الشمس إذا ارتفعت عن الحِيطان و صارت بين القُبور كأنها لُجَّة؟ فذلك شَرَق الموتي.
يقال: شَرِقت الشمسُ شَرَقاً إذا ضعُفَ ضوءُها، و كأنه من اللَّحْم الشَّرِق؛ و هو الأحمر الذي لا دَسم له؛ و من الثوب الشَّرِق، و هو الأحمر الذي شَرِق بالسِّبغ؛ لأن لونها في آخر النهار عند غيابها يحمرّ. و لما كان ضوءها عند ذلك الوقت ساقطاً علي المقابِر أضافه إلي الموتي. و قيل: هو أن يَشْرَق المحتضر برِيقه، فأراد أنهم يصلّونها و لم يبق من النهار إلا بقدر ما يبقي من نَفَس هذا، و نحوه قول ذي الرمة:
فلما رأيْنَ الليلَ و الشمسُ حَيّةٌ حياةَ الذي يَقْضِي حُشَاشةَ نازع «1» «2»
______________________________
(3) (*) [شرق]: و منه في حديث الحج: أيام التشريق في غير موضع. و الحديث: لا تستقبلوا القبلة و لا تستدبروها و لكن شرِّقوا أو غرِّبوا. و الحديث: الحَرَق و الشرق شهادة. و منه الحديث: لا تأكل الشريقة فإنها ذبيحة الشيطان. النهاية 2/ 464، 465.
(1) الحشاشة: بقية النفس.
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 364.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 191‌

[شري]*:

قال السائب: كان النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم شريكي فكان خَيْرَ شَرِيك؛ لا يُشَارِي و لا يُمارِي و لا يُدارِي.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 191
المشارَاة: المُلاجَّة، و قد شَرِيَ و اسْتَشْري؛ إذا لَجَّ.
و الممارَاة: المجادلة؛ من مَرَي الناقة «1»؛ لأنه يستخرج ما عنده من الحجة، و يقال:
دَعِ المِرَاء لقلة خَيْره. و قيل: المِرَاء مخاصمةٌ في الحق بعد ظهوره، كمَرْي الضَّرع بعد دُروره، و ليس كذلك الجدال.
المداراة: المخاتلة؛ من دَارَاه، إذا خَتَلَه، و يكون بتخفيف المدارأة، و هي مدافعة ذِي الحق عن حقه.

[شرق]:

من ذبح قبل التَّشريق فَلْيُعِدْ.
أي قبل أن يصلِّيَ صلاةَ العيد، و هو من شُروق الشمس أو إشراقها، لأنّ ذلك وقتها.
كأنه علي معني شَرّق إذا صلّي وقت الشروق، كما يقال صَبّح و مَسّي؛ إذا أتي في هذين الوقتين، و منه المشرَّق المصلَّي.
و منه
حديث عليّ عليه السلام: لا جمعةَ و لا تشريقَ إلا في مِصْرٍ جامعٍ.
و في أيام التشريق قولان: أحدهما أنها سُميت بذلك لأنها تَبَع ليوم النحر، و الثاني أن لحوم الأضاحي تُشرَّق فيها؛ أي تقَدَّد في الشمس.

[شرج]*:

لما بلغ الكَدِيد أمر الناس بالفِطْر فأصبحَ الناس شَرْجَين.
أي نِصْفين علي السواء: مُفطراً، و صائماً، يقال: هذا شرْجه و شَرِيجه، أي مثلُه و لِفْقُه، و أصْلُه الخشبةَ تُشَقّ نصفين، و كل واحد منهما شَريج الآخر، من قولهم: انْشرَجَتِ القوسُ و انشرَقَتْ إذا انشقَّتْ. و
قال يوسف بن عمر: أنا شَرِيجُ الحجَّاج
؛ أي قِرْنُه.
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: بينا رجلٌ بفلَاة من الأرض سمع صوتاً في سحابة: اسْقِي حديقة فلان؛ فَتَنَحَّي ذلك السحابُ فأفْرَغ ماءَه في شَرْجةِ، فإذا شَرْجةٌ من تلك الشِّراج قد استوعبَتْ ذلك الماء.
الشَّرْجة: أخص من الشرْج؛ و هو مَجْري الماء من الحَرَّة إلي السهل، و الجمع شِراج و الشرْج يجمع علي شُرُج، كرَهْن و رُهُن. و يحكي أنه اقتتل أهلُ المدينة و موالي معاوية في شَرْج من شُرُج الحَرَّة [سالت].
______________________________
(2) (*) [شري]: و منه الحديث: لا تشار أخاك. و الحديث: حتي شَري أمرهما. و حديث أم زرع: ركب شرياً.
و حديث عائشة تصف أباها: ثم استشري في دينه. النهاية 2/ 468، 469.
(1) مري الناقة: أي مسح ضرعها.
(3) (*) [شرج]: و منه حديث كعب بن الأشرف: شَرْجُ العجوز. النهاية 2/ 456.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 192‌

[شرط]*:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن شَرِيطة الشَّيْطان.
هي الشاة التي شُرِطَته؛ أي أثر في حلقها أثر يسير كشَرط الحاجم من غير فَرْي أوْدَاج و لا إنْهَارِ دَمٍ. و كان هذا من فِعْلِ أهل الجاهلية يقطعون شيئاً يسيراً من حَلْقها، فتكون بذلك ذكية عندهم، و هي كالذَّبيحة و الذَّكية و النَّطيحة.

[شرف]*:

أُمِرْنا أن نَسْتَشْرِف العَيْن و الأذن.
أي نتفقدهما و نتأملهما لئلا يكونَ فيهما نقص؛ من استشرفتُ الشي‌ءَ إذا وضعتَ يدك علي حاجبك، لأنك تَسْتَظِلّ بها من الشمس لتَسْتَبِينَه.
قال مُزَرِّد:
تطاللتُ فاستشرفْتُه فرأيتُه فقلتُ له: آأنت زيدُ الأرامل «1»
و قيل: أن نطلبهما شَرِيفَتَيْن بالتمام و السلامة.

[شرق]:

لو تعلمون ما أعلم لضحِكْتم قليلًا و لبكيتُم كثيراً، أناخت بكم الشُّرْق الجُون- أو الشُرْف- قالوا: يا رسول اللّٰه؛ و ما الشُّرق الجُون؟ قال: فِتَنٌ كقِطَع الليل المُظْلِم.
الشُّرْق: جمع شارِق «2»، يريد فِتَناً طالعةً من قِبَل المشرق.
و الشُّرْف: جمع شَارف، يريد فِتَناً متصلة الأوقات متطاولة المدد، شُبِّهَتْ بمسانِّ النُّوق.
الجُون: جمع جَوْن، و هو الأسود.
[شرق]:
صَلَّي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم الصُّبْحَ بمكة، فقرأ سورة المؤمنين، فلما أتي علي ذِكْرِ عيسي و أُمِّه أَخَذَتْه شَرْقَةٌ [فركع].
هي المرّة من الشَّرَق، أي شرِق بدمعه فَعِييَ بالقراءة.

[شرر]:

إنَّ لهذا القرآنِ شِرَّةً، ثم إن للناس عنه فَتْرَةً، فمن كانت فَتْرَته إلي القَصْد فنعمّاً هو، و مَنْ كانت فَتْرته إلي الإعراض فأُولئكم بُور.
______________________________
(3) (*) [شرط]: و منه- الحديث: لا يجوز شرطان في بيع. و في حديث الزكاة: و لا الشَّرَط اللئيمة. النهاية 2/ 459، 460.
(4) (*) [شرف]: و منه الحديث: لا ينتهب نهبة ذات شرف و هو مؤمنٌ. و منه حديث الفتن: من تشرَّف لها استشرفت له. و الحديث: لا تتشرَّفوا للبلاء. و في حديث سطيح: يسكن مشارف الشام. و في حديث الخيل: فاستنَّت شرفاً أو شرفين. النهاية 2/ 461، 462، 463.
(1) البيت في أساس البلاغة (شرف).
(2) الشارق الذي يأتي من ناحية المشرق.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 193
الشِّرّة: النشاط. و يقال: شِرَّة الشَّبَاب لميْعَتِه. قال:
رأت غلاماً قدْ صَرَي في فِقْرَتِهْ ماءَ الشباب عُنْفوان شِرَّتهْ «1»
البُور: جمع بائر، و هو الهالك؛ أي أن للمبتدي‌ء قراءةَ القرآن رغبة و نشاطاً، ثم يَفْتُر نشاطُه، فإن كان ذلك للاقتصاد و لئلا يوقعه الإفراط في السأم فهو محمود.

[شرب]*:

في قصة أُحُد: إنّ المشركين نزلوا علي زَرْع أهلِ المدينة، و خلّوْا فيه ظَهْرَهُم و قد شُرِّبَ الزرعُ الدقيق.
قال النَّضْر: يقال للسُّنبل إذا جري فيه الدقيق قد شُرِّب الدقيق. و قال أبو عبيدة: هو الشارب حينئذ، يقال: شارب قمح. و الشُّرْب يستعمل علي سبيل الاستعارة فيما هو أبعد من هذا، يقولون؛ أَشْرَبْتُ الإبلَ الحبالَ؛ إذا أدخلت أعناقها فيها. قال:
يا آل وَرْدٍ أشرِبُوها الأقرانْ «2»

[شرف]:

قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام- أصبتُ شارفاً من مَغْنَم بَدْر، و أعطاني رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم شارفاً، فأنختُهما ببابِ رجل من الأنصار، و حمزةُ في البيت و معه قَيْنةٌ تغنّيه:
ألا يا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّوَاءِ «3»
فخرج إليهما، فجبَّ أسْنِمَتَهما، و بَقَر خواصِرَهما، و أخذ أكبادَهما؛ فنظرتُ إلي منظرٍ أفْظعَني، فانطلقتُ إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فخرج و معه زَيْد بن حارثة، حتي وقف عليه و تَغيّظ، فرفع رأسَه إليه و قال: هل أنتم إلا عَبِيد آبائي! فرجع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يُقَهْقِر.
الشَّارِف: الناقة العالية السن.
النِّواء: السِّمان، جمع نَاوِية، و قد نَوَتْ. و النِّيّ: الشَّحْم؛ و كان ذلك قبل تحريم الخمر، و إنما حرِّمت بعد غزوة أُحد.
______________________________
(1) البيت للأغلب العجلي في لسان العرب (صري)، و روايته في اللسان:
رُبَّ غلامِ قد صَرَي في فقرِتِهْ ماء الشباب عنفوان سَنْبَتِهْ
(4) (*) [شرب]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أبيض مُشْرَبٌ حمرةً. و في حديث أبي بكر: و أُشرب قلبه الإشفاق. و في حديث الشوري: جُرعةَ شروبٍ أنفع من عذبٍ موبٍ. و الحديث: ملعون ملعون من أحاط علي مشربة.
و حديث عائشة: و اشرأبَّ النفاق. النهاية 2/ 454، 455.
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (شرب).
(3) تمامه:
فهن معقلاتٌ بالفناءِ
و الرجز في لسان العرب (شرف).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 194
اصطبح ناسٌ الخمرَ يوم أحد، ثم قتِلوا آخر النهار شُهداء. و بَعْدَ قوله:
ألا يا حَمْزَ للشُّرُف النِّواء و هُنَّ معقَّلات بالفِناء
ضع السِّكين في اللَّبَّاتِ منها و ضَرِّجْهُنَّ حمزةُ بالدِّماء
و عَجّل من أطايبها لِشَرْب طعاماً من قَدِيدٍ أو شِواء
القَهْقرة: من القهقري.
و المعني أنه أسرَع في الانصراف.

[شرق]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: إنَّ المشركين كانوا يقولون: أشرِقْ ثَبِير كيما نُغير؛ و كانوا لا يُفيضون حتي تطلع الشمس؛ فخالفهم رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
أي ادخُل في الشروق يا جَبل؛ كي ندفَعَ للنحر. يقال: غار إغارةَ الثعلب إذا دفع في السير و أسرَع. قال بِشر:
فَعَدِّ صِلابَهَا و تَعَزَّ عنها بِحَرْفٍ قد تُغِيرُ إذا تَبُوعُ «1»

[شرم]:

أتاه كعبٌ بكتابٍ قد تَشَرَّمَتْ نواحيه فيه التَّوْرَاة، فاستأذنه أن يقرأه، فقال له:
إنْ كنتَ تعلمُ أنّ فيه التوراةَ التي أنزلها اللَّهُ علي موسي بطُور سِينا، فاقرأها آناء الليل و النهار.
أي تَشَقَّقَتْ و تمزّقت، و الشّرْح و الشّرْخ و الشّرْط و الشّرْق و الشَّرْم: أخوات، في معني الشق، و المرأة الشّرِيم المُفْضَاة.
التَّوْرَاة: أصله وَوْرَية: فَوْعَلة، من وَري؛ عند البصريين؛ فأُبْدِلَتْ الواو تاء، و قلبت الياءُ ألفاً، و هذا كتسمية القرآن نُوراً، فتاؤها للتأنيث بدليل انقلابِها في الوقف هاء، و تأنيثها نحو تأنيث الصحيفة و المجلّة.
قال أبو عليّ: مَنْ قرأ سَيْناء لم ينصرف الاسم عنده في معرفة و لا نكرة؛ لأن الهمزة في هذا البناء لا تكون إلا للتأنيث و لا تكون للإلحاق؛ ألا تري أن فَعْلالا لا تكون إلا للمضاعف؛ فإذا خُصّ هذا البناء بهذا الضرب لم يجز أن يلحق به شي‌ء [لأنه حينئذ تَعدّي بالبناء إلي غير مضاعف]، فهذا إذن كموضعٍ أو بقعة تسمي بطرفاء أو بصحراء، فأما من قرأ سِيناء- بالكسر- فالهمزة فيه منقلبة عن الياء، كعِلْباء و حِرْباء. و هي الياء التي ظهرت في نحو دِرْحاية لما بُنيت علي التأنيث؛ و إنما لم ينصرف علي هذا القول و إن كان غيرَ مؤنث لأنه جعل اسمَ بقعة أو أرض؛ فصار بمنزلة امرأةٍ سُمّيت بجعفر.

[شرص]:

عليّ عليه السلام-
قال ابنُ عباس: ما رأيت أحسنَ من شِرْصَةٍ عليّ.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (بوع)، و رواية صدره في اللسان:
فدع هنداً و سلِّ النَّفْسَ عنها
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 195
الشِّرْصَتَان- بكسر الشين و سكون الراء: النَّزَعَتان، و الجمع شِرَاص. قال الأغلب:
يا رُبّ شيخ أشمط العَنَاصِي «1» صَلْت الجبين طَاهِر الشرَاصِ
كأنما أفْلَت مِنْ مُنَاصِي «2»
هو من الشَّرْص بمعني الشَّصْر، و هو الْجَذْب، كأن الشعر شُرِصَ شَرَصاً، فجلح الموضع؛ ألا تري إلي تسميتها نَزَعة. و الْجَذْب و النَّزْع من وادٍ واحد.

[شرع]*:

شَرْعُكَ ما بلَّغَكَ المحلَّا «3»
أي حسبك، و أشرَعَني كذا؛ أي أحسَبَني، و كأنّ معناه الكفاية الظاهرة المكشوفة؛ من شرعَ الدِّين شرْعاً؛ إذا أظهره و بيَّنه.

[شرج]:

الزُّبير رضي اللّٰه عنه- خاصم رجلًا من الأنصار في سُيول شِرَاج الحَرّة إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقال: يا زُبير؛ احبس الماء حتي يبلغ الجَدْر، ثم أرسله إليه.
هي جمع شرْجة، أو شرْج؛ و هو المسيل.
و الجَدْر: ما رُفع من أعْضَاد المزرعة ليمسك الماء كالجِدار.

[شري]:

قال لابنه عبد اللّٰه رضي اللّٰه عنهما: و اللّٰه لا أشرِي عَمَلي بشي‌ء، و للدُّنيا أهونُ عليّ من مِنْحة ساحَّة أوْ سَحْساحة.
أي لا أبيعه. و شَرَي و اشتري و باع من الأضداد.
المِنْحة: الشاة يمنحها صاحبها.
ساحّة: سَمينة، و قد سحَّت سُحوحة، أو غَزيرة تَسُحُّ اللَّبن سحّاً. و السَّحساحة:
الغزيرة. يقال: مطر سَحْسَح و سَحْسَاح.

[شرف]:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- يوشِك ألَّا يكونَ بين شَرَافِ و أرض كذا و كذا جمّاءُ و لا ذاتُ قَرْن. قيل: و كيف ذاك؟ قال: يكون الناس صُلامات يضرِبُ بعضُهم رِقابَ بعض.
شَرافِ: موضع، و في كتاب العين: ماء أظنه لبني أسد. قال المثَقّب:
مَرَرْن علي شَرافَ فذاتِ رجْلٍ و نَكَّبْنَ الذَّرَانِخَ باليمين
______________________________
(1) العناصي: الخصلة من الشعر.
(2) الرجز في لسان العرب (شرص).
(4) (*) [شرع]: و منه حديث علي: إن أهون السَّقْي التشريع. و في حديث صور الأنبياء عليهم السلام: شراع الأنفِ. النهاية 2/ 460، 461.
(3) يضرب مثلًا في التبليغ باليسير. (لسان العرب: شرع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 196
الجَمّاء: الشاة التي لا قَرْنَ لها.
الصُّلامة: الفِرقة، و هي من الصَّلم كالصِّرمة من الصَّرْم، و الفِئة من الفَأْو، و القَطِيع من القَطْع. قال:
لأمّكُمُ الويلاتُ أني أتيتُم و أنتم صُلامَاتٌ كثيرٌ عَدِيدُها

[شرط]:

ذَكَر قتال المسلمين الروم و فتح قسطنطينية فقال: يستمدُّ المؤمنون بعضُهم بعضاً فَيَلْتقون، و تُشْرَط شُرْطةٌ للموت لا يرجعُون إلا غَالِبين.
يقال: أشرط نفسَه لكذا إذا أعلَمها له و أعدَّها، فحذَف المفعول.
و الشُّرْطة: نُخْبَة الجيش التي تشهد الوقعة أوّلًا، قال الهُذَليّ:
ألَا لِلَّه دَرُّك مِنْ فَتي قَوْمٍ إذَا رَهِبُوا «1»
فكان أخي لشُرْطتهم إذا يُدْعَي لها يَثِبُ
سُمُّوا بذلك، لأنهم يُشْرِطون أنفسهم للهلكَة.

[شرك]*:

مُعاذ رضي اللّٰه عنه- أجاز بين أهل اليمن الشِّرْك.
يريد الشَّركة في الأرض، و المُزارعة بالنِّصف و الثلث و ما أشبه ذلك.

[شرم]:

ابن عُمَر رضي اللّٰه عنهما- اشتري ناقةً فرأي بها تَشْرِيم الظِّئار فردَّها.
التَّشْريم: التَّشْقِيق.
و الظِّئَار: أنْ تَعْطِف علي غير ولدها؛ يقال: ظأرتها مُظَاءرة و ظِئَاراً. و ذلك أن يَشُدُّوا فاها و عينيها و يَحْشُوا خَوْرَانها بدُرْجة ثم يَخُلُّوا الخَوْرَان «2» بخِلَالين، و هو التشريم، و يتركوها كذلك يوماً، فتظن أنها مُخِضت، فإذا غَمَّها ذلك نَفَّسوا عنها، و استخرجوا الدُّرْجة عن خَوْرَانها، و قد هُيِّي‌ء لها حُوَار، فتظن أنها ولدته فترأَمُه.

[شري]:

جَمع بَنِيه حين أشرَي أهلُ المدينة مع ابن الزبير و خلعوا بَيْعة يَزيد؛ فقال: لا يسارِعَنَّ أحدٌ منكم في هذا الأمرِ فيكون الصَّيلمُ بيني و بينه- و روي: الفَيْصل.
أي صاروا كالشُّراة في فِعْلهم، و هم الخوارج.
الصَّيْلم: فَيْعَل، من الصَّلْم، و هو القَطْع، و كذلك الفَيْصل من الفَصْل؛ أراد فيكون بيني و بينه القَطِيعة المنْكَرَة.
______________________________
(1) البيتان في أساس البلاغة (شرط).
(3) (*) [شرك]: و منه الحديث: من أعتق شركاً له في عبده. و حديث عمر بن عبد العزيز: إن شرك الأرض جائز. النهاية 2/ 467.
(2) الخوران: الدبر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 197‌

[شرجب]:

جابر رضي اللّٰه تعالي عنه- كنتُ مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في غزوة تَبوك، فأقْبَلْنا راجعين في حَرٍّ شديد، و كنتُ في أولِ العسكر إذْ عارضنا رَجُل شرْجَب.
الشَّرْجَب و الشَّرْحَب و الشَّرْعَب: الطويل، قال العُجَيْر:
فقام فأَدْنَي من وِسَادي وِسَادَه طِوَي البطن ممشوقُ الذراعين شَرْجَبُ

[شري]:

أنس رضي اللّٰه عنه- قال في قول اللّٰه عزَّ و جلَّ: وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ [إبراهيم: 26]: الشَّرْيان.
الشَّرْيان و الشَّرْيُ: الحَنْظَل. و قيل: ورَقُه، و نحوهما: الرَّهْوان و الرَّهْو للمطمئنّ، و أما الذي يُتَّخذ منه القِسِيُّ فيقال له: الشِّريان، و قد يفتح. و قال المبرّد: إنَّ النَّبْعَ و الشَّوْحط و الشِّرْيان واحد، و لكنها تختلف أسماؤها بمنابتها، فما كان في قُلّة الجبل فهو النَّبْع، و ما كان في سَفْحه فهو الشَّوْحط، و ما كان في الحضِيض فهو الشِّريان.

[شرج]:

عَلْقمة رحمه اللّٰه تعالي- إنْ امرأة ماتَتْ و أوْصت بِثُلُثها، فكان نسوة يَأتينها مُشارِجَاتٍ لها، فقال علقمة: خُذُوا ما أوْصَتْ به لكم، و سَلُوا عن النسوة اللاتي كنّ يَخْتَلْفن إليها: هل بينهنّ و بينها قَرَابة؟ فسألوهنّ عن ذلك، فوجدوا إحْدَاهن بنتَ أختها أو بنتَ أخيها لأمها؛ فأعطاها ميراثَها.
أي أتْرَاب مشاكِلات لها، يقال: شارَجه؛ إذا شابهه، و هو مُشَارِجُه و شَرِيجُه؛ كقولك مُشَابههُ و شَبيههُ و مُعادِلُه و عَدِيله.

[شرق]:

وَهْب رحمه اللّٰه تعالي- إذ كان الرّجلُ لا يُنْكِرُ عملَ السوء علي أهلِه جاء طائرٌ يقال لها القَرْقَفَنَّة، فيقع علي مِشْرِيق بابه، فيمكث هناك أربعين يوماً، فإنْ أنكرَ طار فذهب، و إنْ لم ينكر مَسَح بجناحيه علي عينيه، فلو رأي الرجالَ مع امرأته تُنْكح لم ير ذلك قَبِيحاً، فذلك القُنْذُع الدَّيُّوث لا ينظُر اللّٰه إليه.
مِفْعِيل، نظير مِفْعال في كونه بناءَ مبالغةٍ، فكما قالوا للمكان الذي يُحَلّ فيه كثيراً:
مِحْلال قالوا للمكان الذي تُشْرِق فيه الشمس كثيراً: مِشريق، و له معنيان يقال للمَشرقَة مِشْرِيق، [و للشّق الذي يقع فيه ضِحّ الشمس مِشْرِيق].
مِشْرِيق، [و للشّق الذي يقع فيه ضِحّ الشمس مِشْرِيق].
القُنْذُع: فُنْعُل من القَذْع بمعني الفُحش، و هو الذي لا يَغارُ علي أهلة.
و الديُّوث: مثله.

[شري]:

ابن المسيَّبِ رحمه اللّٰه تعالي- قال لرجل: انزل أَشرَاءَ الحَرَم.
أي نواحيه. الواحد شَرَي. و منه أسُود الشري، يراد جانب الفُرات، و هو مَأْسَدة.
قال القُطامي:
لُعِنَ الكواعِبُ بَعْدَ يومَ وَ صَلْنَني بشَري الفُرات و بَعْدَ يومِ الجَوْسَقِ
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 198
النَّخَعي رحمه اللّٰه تعالي- في الرجل يبيع الرجل و يشترط الخلَاص يقال له: الشَّرْوَي.
أي المِثْل.
و منه
حديث شُرَيح: إنه كان يُضمّن انفَصَّار شَرْوَاه.

[شرح]:

الحَسَن رحمه اللّٰه تعالي- قال له عَطَاء السلميّ: يا أبا سَعِيد؛ أكان الأنبياء يَشْرَحون إلي الدنيا و النساء مع علْمِهِمْ باللّٰه؟ فقال: نعم! إنَّ للّٰه ترائكَ في خَلْقه.
أي هل كانوا يَشرَحُون إليها صدورَهم، و يبسطون أنْفُسَهم؟
ترائك: أي أموراً أبقاها في العباد من الأَمَل و الغَفْلة بها يكون اسْتِرْسَالُهم و انْبِساطهم إلي الدنيا.

[شرق]:

الشَّعْبي رحمه اللّٰه تعالي- سُئِل عن رجل لَطم عَيْنَ رَجُلٍ، فشَرِقَتْ بالدَّم، و لما يذهبْ ضوءها. فقال:
لها أمْرُها حتي إذا ما تَبَوّأَتْ بأخفافها مَأْوًي تَبَوَّأَ مَضْجَعا «1»
أي احمرّت به كما تشرق الثَّوْب بالصِّبْغ. و البيت للراعي، و الضمير في لها للإبل؛ أي لها أمْرها في المرعي؛ يعني أنّ الراعي يُهْمِلها فتذهب كيف شاءت، حتي إذا صارت إلي الموضع الذي أعجبها فأقامت فيه- مال إلي مضجعه، فضربه مثلًا للعين المضروبة.
أي تُهْمَل فلا يحكم فيها بشي‌ء، حتي يأتي علي آخر أمرها ثم يحكم فيها.
شرق في (بح). تشاركن في (بر). و لا تُشَارّه في (جر). الشارف في (حز). لا يشاري في (در). شروي و يَشْرَحون في (حر). الشرط في (طع). شرف في (غي). شريًّا في (غث). شارف في (لح). مُشْرَب في (مغ). شَرْوَي في (رج). شَريساً في (عر). المشربة في (فق). الشُّروع في (حف). الشَّرْخَيْن في (ول). استَشْرَي في (زف). تَشْتَرّ في (بش).
و اشرأَبّ في (رف). التَّشريع في (ور). شَرْواها في (نق). فيشرئبّون، و شَرِيجين في (مل).
تشارّه في (زد).

الشين مع الزاي

[شزن]*:

عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- إنَّ سعْداً و عَمَّاراً أرْسَلا إليه: أن ائتِنا. فإنّا نريد أن نُذَاكرَك أشياء أحْدَثْتَهَا. فأرسل إليهما: ميعادكم يوم كذا حتي أتَشَزَّنَ. ثم اجتمعوا
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (شرق).
(2) (*) [شزن]: و منه حديث عائشة: أن عمر دخل علي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقطَّب و تشزَّن له. و حديث الخدري: أنه أتي جنازة، فلما رآه القوم تشزَّنوا ليوسعوا له. و في حديث لقمان بن عاد: و ولَّاهم شزنه. النهاية 2/ 471.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 199
للميعاد فقالوا: نَنْقِمُ عليكَ ضَرْبكَ عَمّاراً، فقال: تناوَلَه رسُولي من غير أمري. فهذه يدي بِعَمّار فَلْيَصْطَبِر، و ذكروا بعد ذلك أشياءَ نَقَمُوها، فأجابهم و انصرفوا راضِين. فأصابوا كِتاباً منه إلي عامله، أنْ خُذْ فلاناً و فلاناً و فلاناً فَضَرِّب أعناقَهم؛ فرجعوا فبدءوا بعليّ عليه السلام، فجاءوا به معهم؛ فقالوا: هذا كتابك؟ فقال عثمان: و اللّٰه ما كتبت و لا أمرتُ.
قالوا: فمن تَظَنُّ؟ قال: أظنّ كاتبي، و أظُنّكَ به يا فلان.
التشَزُّن: الاستعداد، يقال: تَشَزَّن للسفر؛ إذا تأهَّب له، و هو من الشُّزَن: الناحية؛ لأن المستعدّ، لقلة طُمَأْنينته؛ كأنه علي حَرْف.
و منه
قول عُبيد اللّٰه بن زياد: نعم الشي‌ءُ الإمارة؛ لو لا قَعْقَعَةُ البريد و التَّشَزُّن للخُطَب.
هذه يدي لعَمَّار، يريد الانقيادَ و الاستسلام، و نحوه قولهم: أَعْطَي بيده.
الصَّبْر: القِصَاص؛ قال هُدْبة:
إنِ العَقْلُ في أموالنا لا نَضِقْ بِهِ ذِرَاعاً و إن صَبْرٌ فنصبِر للصَّبْرِ «1»
أي إن كان العَقْل و إن كان قصاص، و قد صبره صَبْراً، إذا قَتله قِصاصاً، و أصلُه الحَبْس حتي يُقْتَل، و أصْبَرَهُ القاضي إصْباراً أقصَّه؛ فاصطبر أي اقْتَصَّ.
التّضْريب لكثرة الضَّرب أو المضروبين.
قلب تاء الافتعال من ظن طاء لإطباق الظاء رَوْماً للتناسب، ثم أدغمت الظاء في الطاء، كقولك: اطّلم، و يجوز قلب الطاء ظاء ثم الإدغام، كقولهم: اظَّلم؛ و البيان كقولهم: اظْطَلم، و جاء في بيت زهير:
و يُظْلَم أحياناً فيظَّلم «2»
الأوجه الثلاثة، و هو مشروح في كتاب المفصل مع نظائره.

[شزب]:

الخُدْري رضي اللّٰه عنه- أتي جنازةً و قد سبقه القوم، فلما رأوه تَشَزَّبوا له
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لهدبة بن الخشرم في ديوانه ص 98، و خزانة الأدب 9/ 337، و شرح شواهد المغني 1/ 276، 279، 2/ 715، و الكتاب 1/ 259، و بلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 302.
(2) تمامه:
هو الجواد الذي يعطيك نائله عفواً و يظلم أحياناً فيظَّلِمُ
و البيت من البسيط، و هو لزهير بن أبي سلمي في ديوانه ص 152، و سر صناعة الإعراب 1/ 219، و سمط اللآلي‌ء ص 467، و شرح أبيات سيبويه 2/ 403، و شرح التصريح 2/ 391، و شرح شواهد الشافية ص 493، و شرح المفصل 10/ 47، 149، و الكتاب 4/ 468، و لسان العرب 12/ 377 (ظلم)، و المقاصد النحوية 4/ 582، و بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 399، و الخصائص 2/ 141، و شرح الأشموني 3/ 873، و شرح شافية ابن الحاجب 3/ 189، و لسان العرب 13/ 273 (ظنن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 200
ليُوَسِّعُوا له؛ فقال: ألَا إني سمعتُ رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يقول: خير المجالس أوسعُها. و جلس ناحيةً.
أي تَحَرَّفوا و تنحّوا عن مَقَاعِدهم.
في الحديث- و قد تَوَشَّح بِشَزْبةٍ كانَتْ معه.
هي بمعني الشَّزِيب و الشَّسيب، و هي القوسُ التي شَزَبَ قَضِيبُها و ذَبَل. قال:
لو كنتَ ذَا نَبْلٍ و ذَا شَزِيب ما خِفْتَ شَدَّاتِ الخبيث الذِّيب
و روي: شَسِيب- و روي: شريب، من شَرَّبها ماءها وَ ذبَّلها، و هي بمنزلة ضخمة و صَعْبة. من قولهم: شَزُب و شَسُب إذا ضَمُر و ذَبل، لغةٌ في شزَب و شسَب، و الشَّزِيب و الشَّسِيب بمنزلة قريبٍ و بعيد؛ و إنما ذكر علي تأويل القضيب، و يجوز أن يكون فَعيلًا بمعني مفعول، أي مشزَّبٌ، و يعضده شزيب.
شزنه في (بج). شَزَن في (رج). الشزر في (زن).

الشين مع السين

[شسع]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- سُئل عن المعروف؛ فقال: لا تحقِرَنَّ شيئاً من المعروف و لو بِشِسْعِ النعل، و لو أن تُعطي الحَبْلَ، و لو أن تُونِسَ الوَحْشان.
الباء متعلقة بفعل يدل عليه المعروف؛ لأنه في معني الصَّدقة و البر و الإحسان؛ كأنه قال: و لو تصدقت بِشِسْع، أي و لو بررت أو أحسنت.

الشين مع الصاد

[شصص]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لمولاه أسْلَمَ- و رآه يحمل متاعَه علي بَعيرٍ من إبل الصدقة: فهلَّا ناقة شَصُوصاً أو ابنَ لبون بَوَّالًا!
هي التي قلّ لَبنها جِدًّا، و قد شَصَّت تَشِصُّ، و أشصَّت، و نُوقٌ شَصَائص و شُصُص.
و منه
الحديث: إنّ فلاناً اعتذر إليه من قِلّةِ اللبن، و قال: إن ماشِيَتنا شُصُص.
و قال:
أفْرَحُ أنْ أُرْزَأ الكرامَ و أنْ أُورَثَ ذَوْداً شَصَائصاً نَبَلا «1»
و منه قولهم: شَصَّت معيشتُهم شُصوصاً، و إنهم لفي شَصَاصَاء؛ أي في شدة. و نفي اللّٰه عنك الشّصائصَ.
نصب ناقة بفعل مضمر؛ أي فهلا حمَّلت ناقة أو أوْقَرت.
______________________________
(1) البيت لحضرمي بن عامر في لسان العرب (شصص) و (جزأ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 201
بَوَّالًا: أي كثير البول لِهُزَاله، أراد ألّا يستعمل ما يُنْفَسُ بمثله من إبل الصدقة.

الشين مع الطاء

[شطر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إن سعداً استأذَنه في أن يَتَصدّق بماله، فقال: لا، فقال:
الشطرَ؟ فقال: لا. ثم قال: فالثُّلُثَ، قال: الثُّلُث، و الثُّلُث كثير؛ إنك أن تتركَ أولادَك أغنياء خير من أن تتركهم عَالةً يتكَفَّفُون الناسَ.
الشَّطْر: النصف.
و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: مَنْ أعان علي قَتْل مُؤمن بشَطْرِ كَلِمَة لَقِيَ اللّٰه مكتوبٌ بين عينيه آيِسٌ من رحمة اللّٰه.
قيل: هو أنْ يقول: أُقْ من اقْتُلْ.
نَصَبَ الشَّطْرَ و الثُّلُثَ بفعل مضمر، أي أهبُ الشَّطرَ و أهبُ الثلثَ.
أن تترك: مرفوع المحلّ علي الابتداء؛ أي تَرْكُكَ أولادَك أغنياء خَيْرٌ. ثم إنّ الجملة بأسرها خبر إنّ.
العَالة: جمع عائل، و هو الفقير.
تكَفَّف السائل و اسْتَكَفَّ: إذا بَسَطَ كَفَّه للسؤال، أوْ سأل الناس كَفًّا كَفّا، من طعام، أو ما يَكُفُّ الجَوْعة.
مَنْ مَنَعَ صدقة فإنَّا آخِذُوها و شُطِرَ مالُه؛ عَزْمَةٌ من عَزَمَات اللّٰه.
أي جُعل شَطْرَين. يقال: شَطَرَ مَاله شطراً.
و المعني: أنّ ماله يُنَصَّف، و يتخيّر المصدّق خير النِّصفين.
عَزْمة: خبر مبتدأ محذوف؛ أي إنّ ذلك عَزْمة- و روي عن بَهْز بن حكيم: و شَطَرَ ماله، و كان هذا أمر سَبَق؛ تغليظاً و تهويلًا و إراءة لعِظَم أمْر الصَّدَقة، ثم نُسِخَ.

[شطب]*:

عامر بن ربيعة رضي اللّٰه عنه- حمل علي عامر بن الطُّفيل فطعنه؛ فَشَطَب الرُّمْح عن مَقْتَله.
أي مال و عدل و لم يبلغه، و هو من شَطَب بمعني بَعُد، يقال: شَطَبَتِ الدارُ و شَطَنَت و شَطَست و شطَفَتْ. قال:
التابعُ الحقَّ لا تُثْنَي فَرَائصه يُقَوّم الحق إن هو مَالَ أو شَطَبَا
______________________________
(1) (*) [شطر]: و منه الحديث: الطهور شطر الإيمان. و منه: أنه رَهَن درعه بشطر من شعير. النهاية 2/ 473.
(2) (*) [شطب]: و منه في حديث أم زرع: مضجعه كمسلِّ شَطْبةٍ. النهاية 2/ 472.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 202‌

[شطط]:

تميم الدَّاري رضي اللّٰه عنه- كلَّمَه رَجُلٌ في كثرة العبادة، فقال: أ رأيت إن كنتُ [أنا] مؤمناً قوياً، و أَنْتَ مؤمن ضعيف، أَ فَتَحْمِلُ قُوّتي علي ضَعْفك، و لا تستطيع فَتَنْبَتّ! أو رأيت إن كنتُ أنا مؤمناً ضعيفاً، و أنت مُؤمن قويّ إنك لَشَاطي حتي أحمل قُوّتك علي ضَعْفي فلا أستطيع فأنْبَتُّ! و لكن خُذْ من نَفْسك لدينك، و من دينِك لنفسك حتي يستقيمَ بك الأمرُ علي عبادةٍ تُطِيقُها.
أيْ إنَّكَ لَظالمي. قال أبو زيد: شَطَّنِي فلان يَشُطّني شَطًّا و شُطُوطاً إذا شقّ عليك و ظَلَمك؛ يعني أنّ القويَّ علي العمل، المقتدرَ علي تَحَمّل أعبائه لا ينبغي للضعيف أن يتكلف مُباراته؛ فإنَّ ذلك يتركه كالْمُنبتّ، و لكن عليه بالهُوَيْنَي و مبلغ الطاقة.

[شطر]:

الأحنف رضي اللّٰه عنه- قال لعليٍّ عليه السلام: يا أبا الحَسن؛ إنِّي قد عَجَمْتُ الرَّجُلَ، و حَلَبْتُ أشْطُرَه؛ فوجدته قَرِيبَ القَعْرِ، كَلِيلَ المُدْيَة، و أنك قد رُمِيت بحجَر الأرض.
للناقة أرْبعة أخلاف، فكل خِلْفين شَطْر؛ و إنما وضع الأشُطَرَ مَوْضِعَ الشّطْرين كما وضع الحواجب موضع الحاجبين مَنْ قال: أزَجّ الحواجِب- في صفة رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- و المراد: الذوق و التجربة.
يقال: فلان رُمِيَ بحَجَر الأرض؛ أي بواحد الناس نُكْراً و دهاء، و أراد بالرَّجلين الحكَمَيْنِ: أبا موسي الأشعري، و عَمْرو بن العاص رضي اللّٰه تعالي عنهما.
القاسم بن مخيمرة رحمه اللّٰه تعالي- لو أنّ رجلين شَهِدا علي رجل بحقّ: أحدُهما شَطِير، فإنه يَحْمِلُ شهادة الآخر.
الشّطِير و الشّجِير: الغَرِيب، يعني لو شهد له قريب؛ أخ أو ابن أو أب و معه أجنبي صحَّحت شهادةُ الأجنبي شَهادةَ القريب؛ فجعل ذلك حملًا، لأنه لو لم يشهد الأجنبيّ لكانت شهادةُ القريب ساقطةً مطّرحة.
و مثله
قول قَتادة رحمه اللّٰه في شهادة الأخ: إذا كان معه شَطِير جازت شهادتُه.

[شطن]*:

في الحديث: كل هَوًي شاطنٍ في النار.
هو البعيد عن الحق.
شطبه في (غث). الشِّطة في (وع).
______________________________
(1) (*) [شطن]: و منه في حديث البراء: و عنده فرس مربوط بشطنين. النهاية 2/ 475.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 203‌

الشين مع الظاء

[شظظ]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كانَ رجل يَرْعي لِقْحَةً له، ففجأها الموت، فَنَحرها بشِظَاظٍ، فسألَ رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن أكْلها فقالَ: لا بأس بها.
الشِّظاظ: خشبة عَقْفَاء مُحَدَّدة الطَّرَف.

[شظي]:

يُعْجَبُ رَبُّك مِنْ راعٍ في شَظِية يُؤَذِّن و يُقيم الصلاة.
الشَّظِية و الشِّنْظِيَّة: فِنْديرةٌ من فَنَادير الجبال، و هي قطعة من رُؤوسها و النون في شِنْظِية مزيدة، بدليل أنها لم تثبت في شَظِيّة، و وَزنُها فِنْعِلَة، و لأن اشتقاقها من التَّشَظِّي، و هو التَّشَعُّب؛ لأنها شُعبة من الجبل.
فانْشَظَّتْ رَباعية رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
أي انكسرت. و تَشَظَّي و انْشَظي بمنزلة تَشَعَّب و انْشَعب، و يقال: انْشظَي فُلان منا، أي انْشَعَبَ.
شظَف في (ضف). [و في (حف)]. شَيْظَمي في (فر).

الشين مع العين

[شعر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
عن عائشةَ رضي اللّٰه تعالي عنها: كان رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لا يُصَلّي في شُعُرنا و لا في لحُفِنا.
جمع شِعار. و هو الثوب الذي يلي الْجَسَد.
و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: الأنصار شِعَاري و النَّاسُ دِثاري.
اللّحاف: اللّباس الذي فوق سائر اللباس؛ قيل: و ذلك مخافةَ أنْ يُصيبها شي‌ء من دَمِ الحَيْض، و إلا فقد رُخّص في ذلك.
و
روي: أنه كان يصلي في مُروط نسائه، و كانت أكسيةً أثمانها خمسة دراهم أو ستة.

[شعن]:

قال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّٰه تعالي عنهما: كنَّا مع النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ثلاثين و مائة، فقال: هل مع أحد منكم طعام؟ فإذا مَعَ رجل صاعٌ من طعام، فأمر فَطُحِن، ثم جاء رجل مُشرك طويلٌ مُشْعانٌّ بغنم يسوقها، فقال النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أ بيع أم عطية أم هِبَة؟ فقال: [بل]
______________________________
(1) (*) [شعر]: و منه الحديث: أن شعار أصحاب النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم كان في الغزو: يا منصور أمِتْ أمِتْ. و في حديث معبد الجهني: لمَّا رماه الحسن بالبدعة قالت له أمه: إنك أشعرت ابني في الناس. و منه حديث عائشة:
أنه كان ينام في شَعُرِنا. و في حديث عمر: أن أخا الحاجِّ الأشْعَثُ الأشْعرُ. و في حديث عمرو بن مرة:
حتي أضاء لي أشعر جهينة. و في حديث سعد: شهدت بدراً و مالي غير شعرة واحدة. و في حديث أم سلمة: أنها جعلت شعارير الذَّهب في رقبتها. النهاية 2/ 479، 480، 481.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 204
بَيْع. فاشتري منه شاةً، فأمر فَصُنِعَتْ، و أمر بسَوَاد البَطن أن يُشْوي. قال: و أيم اللّٰه ما من الثلاثين و المائة إلا و قد حَزّ له النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم حُزَّةً من سَوَاد بَطْنها.
المُشْعَانَّ: المُنْتَفش الثائرُ الشّعر، و اشْعَانَّ شَعْرُه.
سواد البطن: الكَبِد، و قيل هو القلب و ما فيه، و الرئتان و ما فيهما.
الأصل أيمنُ اللّٰه، ثم تُصرِّف فيه بطرح النون و الاقتناع بالميم، فقالوا: أيم اللّٰه، [ومُ اللّٰه] و همزتها موصولة.
الحُزَّة: القطعة التي قُطِعتْ طولًا.

[شعف]*:

ذكر صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في خطبته يأجوج و مأجوج، فقال: عِراضُ الوُجوه، صغارُ العيون، صُهْب الشِّعاف، و مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ. ثم ذَكَر إهلاك اللّٰه إياهم فقال: و الذي نَفْسِي بيده؛ إنَّ دوابّ الأرض لتَسْمن و تَشْكَر شَكَراً من لُحومهم.
أراد بالشِّعاف أعالي الشعر أو الرؤوس أنفسها؛ لأن الرأس شَعَفة الإنسان؛ و شَعفة كلّ شي‌ء: أعلاه.
تَشْكَر: تمتلي‌ء، و الشاة الشَكْري الممتلئة الضَّرْع، و شَكِرت الإبلُ و الغنمُ: حَفَلت من الرّبيع، و هو شَكَاري، و منه شَكِرَ فلان بعد ما كان بخيلًا، أي غَزُر عطاؤه.

[شعر]:

لما دَنَا منه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أبَيّ بن خَلَف تناول الحَرْبَة فتطاير الناسُ عنه تَطَايُر الشُّعْر عن البعير، ثم طعنه في حَلْقِه- و روي: أنّ كعب بن مالك ناوَله الحربة، فلما أنْ أخذها انْتَفَضَ بها انتِفاضةً تطايرْنا عنها تَطايُرَ الشَّعارِير عن ظَهْر البعير.
الشُّعْر: جمع شَعْراء، و هي ضرب من الذِّبان أزرق، يقع علي الإبل و الحمير فيؤذيها أذًي شديداً، و قيل: ذباب كثير الشَعر كذُباب الكلب.
و الشّعَارِير: بمعني الشُّعْر، و قياس واحدها شُعرور، و منه قولهم: ذَهَبُوا شَعارير بِقِنْذَحْرَة، و شَعَارير بِقُذَّان؛ أي مثل هذه الذّبان إذا هُيّجت فتطايرت، و الشَّعارير أيضاً: صغار القِثَّاء لأنها شُعْر.
و منه
حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: و إنه أهديت له شَعَارِير.
الواحد شُعْرور.

[شعشع]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: مَنْ لي من ابن نُبَيْح؟ يعني سُفْيان بن خالد بن نُبَيْح الهُذَلِيّ- و كان مؤذياً له، فقال عبد اللّٰه بن أنيس: أنا لَكَ منه، فصِفْه لي. قال: إذا رأيتَه هِبْتَه، تراه
______________________________
(1) (*) [شعف]: و منه في حديث عذاب القبر: فإذا كان الرجل صالحاً أُجلس في قبره غير فزع و لا مشعوف.
و الحديث: ضربني عمر فأغاثني اللّٰه بشَعَفَتين في رأسي. النهاية 2/ 481، 482.
(2) (*) [شعشع]: و منه في حديث البيعة: فجاء رجل أبيض شعشاع. و في حديث عمر: إن الشهر قد تشعشع فلو صمنا بقيته. النهاية 2/ 481.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 205
عظيماً، شَعْشَعاً. فرآه فهابه و رِجلاه تكادان تَمسّان الأرض، وَجْهُه دقيق، و رأسه مُتمَرّق الشَّعْر سَمَعْمَع.
الشَّعْشع و الشَّعْشَاع [و الشَّعشان]: الطويل.
تمَرَّق شَعْره، و تَمَرّط بمعني.
السَّمَعْمَع: اللطيف الرأْس.
مَنْ لِي منه؛ أي مَنْ ينتصر لي منه.
تَمَسّان الأرض؛ أي إذا كان راكباً.

[شعل]:

شقَّ المَشاعِل يوم خَيْبر، و ذلك أنه وجد أهلَ خَيْبر يَنْتَبِذُون فيها.
هي الزِّقاق، و قيل: شي‌ء من جلود له أربع قوائم. قال ذو الرُّمة:
أَضَعْن مَوَاقِتَ الصَّلَواتِ عمْداً و حَالَفْنَ المَشَاعِلَ و الْجِرَارَا «1»
و
عن بعض الأعراب: أنه وُجِدَ مُتَعَلِّقاً بأستار الكعبة، يدعو و يقول: اللّهُم أَمِتْنِي مِيتَة أبي خارِجة؟ فقيل: و كيف مات أَبُو خارجة؟ قال: أكل بَذَجاً، و شرب مِشْعَلًا، و نام شامِسَاً، فلقي اللّٰه شَبْعان، رَيَّان دفئان.
و هو المِشْعَال أيضاً. قال:
و نسي الدّنّ و مِشْعالًا يَكِفْ
و سمي بذلك لأن التمر يُفَتّ فيه، و تُفرق أجزاؤه، من شَعَل الخيل، إذَا بثَّها في الغارة، و تفرّق القوم شعَاليل؛ و اشْعَالّ.

[شعب]*:

إذا قعد الرجل من المرأة بين شُعَبها الأربع اغْتسل.
يعني يَدَيْها و رِجليها، و قيل: رجليها و شُفْرَيْ فَرْجِها. كَنَّي عن الإيلاج.

[شعث]*:

لما بلغه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم هجاء الأعْشي عَلْقَمَةَ بن عُلاثَة العامِريّ نهي أصحابَه أن يَرْوُوا هِجَاءه. و قال: إن أبا سفيان شَعَّث مني عند قَيْصَر، فردَّ عليه علقمةُ و كذَّبَ أبا سفيان. قال ابن عباس: فشكر رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم له ذلك.
يقال: شَعثَّتُ من فلان، إذا غَضَضْت منه و تنقّصته، من الشّعَث و هو انتشارُ الأمر.
يقال: لَمّ اللّٰه شَعَثه؛ أي كان عِرْضُه موفوراً، و أَدِيمه صحيحاً؛ فبقَدْحِك فيه ذهبْتَ ببعض
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 200، و لسان العرب (شعل).
(2) (*) [شعب]: و منه الحديث: الحياءُ شعبة من الإيمان. و حديث عائشة و صفت أباها: يرأبُ شَعْبها. و في حديث عمر: و شَعْبٌ صغيرٌ من شعبٍ كبيرٍ. النهاية 2/ 477.
(3) (*) [شعث]: و منه حديث الدعاء: أسأَلَك رحمة تلمُّ بها شعثي. و الحديث: رُبَّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤبَه له لو أقسم علي اللّٰه لأبره. النهاية 2/ 478.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 206
وُفوره، فانتشرَ من ذلك ما كان مجتمعاً، و تباين ما كان ملتئماً.
و منه
حديث عثمان رضي اللّٰه عنه؛ شَعَّثَ الناسُ في الطعن عليه.
أي فعلوا التشعّث بعِرْضه في طَعنِهم عليه.

[شعر]:

[الزُّبير رضي اللّٰه تعالي عنه- قاتله غلام، فكسرَ يديْه، و ضربه ضرباً شديداً، فمرّ به علي صفِيَّة و هو يحمل، فقالت: ما شأنُه؟ فقالوا: قاتل الزبير فأشعره. فقالت:
كيف رأَيْتَ زَبْرا أَ أَقِطاً أم تَمْرا
أم مُشْمعِلًّا صَقْرا «1»
أشْعَره: جَرَحه حتي أدْماه.
و منه
حديث مَكْحُول رحمه اللّٰه تعالي: لا سَلَب إلا لِمَنْ أشْعَرَ عِلْجاً أوْ قَتَله.
قيل: أكثر ما يستعمل في الجائفة، و أصْلُه من إشعار البَدَنة، و هو أنْ يطعن في سنامه الأيمن حتي يسيل منه دم ليُعلم أنه هَدْي، ثم كُنِيَ به عن قَتْل الملوك خاصة، إكباراً أن يقال فيهم: قُتِل فلان.
زَبْر: مُكَبَّر الزُّبير، و هو في الصفات القوي الشَّدِيد.
المُشْمَعِلّ: السريع.
سأَلَتْهُ عن حال الزبير، تَهَكُّماً و سُخْرِية].
عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن رَجُلًا رمي الجَمْرة، فأصاب صَلَعة عمر فَدَمَّاه، فقال رجل مِنْ بَني لِهْب: أُشْعِر أميرُ المؤمنين. و نادي رجل آخر: يا خليفة، و هو اسم رَجُل، فقال رجل من بني لِهْب: لَيُقْتَلَنَّ أميرُ المؤمنين، [و اللّٰه لا يقفُ هذا الموقف أبداً]، فرجع.
فَقُتِل تلك السَّنَة.
لِهْب: قبيلة من اليمن فيهم زَجْر و عِيافة. قال كثير:
تيممتُ لِهباً أطلبُ العلمَ عندهم و قد رُدَّ يَمَمُ العائفين إلي لِهْبِ
فتطير اللِّهْبي بقول الرجل: أُشْعِر أمير المؤمنين، و إن كان القائل أراد أنه أعلِم بسيلان الدم من شَجَّته كما يُشْعر الهَدْي، ذَهاباً إلي ما تعودتْه العرب [أن تقول] عند قتل الملوك إنهم أُشْعِروا، و لا يفوهون للسوقة إلا بقُتِلوا، و إلي ما شاع من قولهم في الجاهلية: دِيَة المُشْعَرة ألف بعير، أي الملوك. فلما قيل: أُشْعِر أمير المؤمنين عَافَهُ اللِّهْبيُّ قَتْلًا، لِمَا ارْتآه من الزَّجْر، [و إن وَهِمه القاتل تَدْمِيَةً كتَدْمِية الهَدْي المُشْعَر].

[شعب]:

ابن مَسْعُود رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يقول في خطبته: الشّبَاب شُعْبة من
______________________________
(1) الرجز في الأزهية ص 136، و جمهرة اللغة ص 708، و الكتاب 3/ 182، و لسان العرب (شمعل)، و (زبر)، و المقتضب 3/ 303.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 207
الجنون، و شَرّ الروايا رَوايا الكذب، و من يَنْوِ الدنيا تُعْجِزْه، و مِنَ النَّاسِ من لا يأتي الصّلاة إلا دُبُراً، و لا يذكر اللّٰه إلا مُهاجِراً.
الشُّعبة من الشي‌ء: ما تَشَعَّب منه؛ أي تفرّع كَغُصْن الشجرة. و شُعَب الجبال: ما تفرق من رؤوسها، و عندي شُعْبة من كذا؛ أي طائفة منه.
و المعني أن الشباب شَبِيهٌ بطائفة من الجُنون؛ لأنه يغلِبُ العَقْل بميل صاحبه إلي الشهوات غَلَبةَ الجنون.
في الرَّوَايا ثلاثةُ أوْجُه: أنْ يكون جَمْع رَوِيَّة؛ أي شرُّ الأفكار ما لم يكن صادقاً صالحاً مُنَصّباً إلي الخير، و جمع رِوَاية؛ أراد الكَذِبَ في [رواية] الأحاديث، و جمع رَاوِية و هي الجَمل الذي يُرْوَي عليه الماء، أي يُسْتَقي، يقال: رَوَيْتُ علي أهلي؛ إذا أتيتهم بالماء، و هو راوٍ من قومٍ رُوَاة؛ أي شَرُّ الروايا مَنْ يَأْتِي الناسَ بالأخبار الكاذبة، شبيهاً بالرَّاوية فيما يَلْحَقُه في تَحَمُّل ذلك، و الاستقلال بأعبائه من العناء و النَّصَب.
نَوَي الشي‌ءَ: جَدَّ في طلبه؛ أيْ من طَلَبها جادًّا في ذلك لِيبلُغَ غايتها أعْجَزَتْه و خيبَّته.
دُبُراً: أي خرا؛ و روي بالفتح، و دُبْر الشي‌ء و دَبْره: عَقِبه و آخره.
مهاجراً: أي يهاجِر قَلْبُه لسانه، و لا يواطِئُه علي الذكر.
ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- قال له رجل من بَلْهُجَيْم: ما هذه الفُتْيا التي قد شَعَّبت الناس؟
أي فرقتهم. و الشَّعْبُ من الأضداد، يكون التَّفْرِقة و الْملاءَمة، و أصل الباب و ما اشتق منه علي التفريق؛ و كأنّ الملاءمة إنما قيل لها شَعْب؛ لأنها تقع عَقِيبةَ التفريق و بعده، فهي من باب تسمية الشي‌ء باسم ما يُجَاوره و يُدانيه.
قال في قوله عزَّ و جلَّ: وَ جَعَلْنٰاكُمْ شُعُوباً وَ قَبٰائِلَ [الحجرات: 13]: الشُّعوب:
الجُمَّاع. و القَبائل: الأفخاذ يتعارفون بها.
جُمّاع كل شي‌ء: مُجْتَمَع أصله، يقال لِمَا اجتمع في الغُصْن من بَراعيم النَّور: هذا جُمّاع الثّمَر.
و العرب علي ست طبقات: شَعْب كمُضَر، و قَبيلة ككِنانة، و عِمَارة كقريش، و بَطْن كقُصَيّ، و فَخِذ كهاشم، و فَصِيلة كالعباس.
و قيل: الجُمّاع الذين ليس لهم أصل نَسبٍ، فهم متفرقون. قال ابن الأسْلَت:
مِنْ بين جَمْع غَيْرِ جُمّاع «1»
______________________________
(1) صدره:
ثم تجلت و لنا غايةٌ
و البيت لقيس بن الأسلت في لسان العرب (جمع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 208
و الشُّعوب كذلك؛ لأنها متفرقة في أنْفُسِها. و إن كانت القبائل و ما وراءها تجتمع إليها.

[شعل]:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه- كان يَسْمُر مع جُلَسَائِه، فكاد السِّراج يَخْمُد، فقام فأصلح الشَّعِيلة، و قال: قمتُ و أنا عُمر، و رجعت و أنا عمر.
هي الفتِيلة المُشْعَلة.

[شعث]:

عطاء رحمه اللّٰه تعالي- يُشَعّث مِنْ سَنَا «1» الحَرَمِ ما لم يقْطَعْ أصلًا.
أي يأخذ مِنْ هذا النبت ما يُصَيِّره به أشعث، و لا يستَأْصِله.
من سَنَا: هو المفعول به.
و ما لم يُقْطَع: ظَرْف؛ أي يُشَعِّثه ما لم يقطع أصله.

[شعب]:

مسروق رحمه اللّٰه تعالي- إن رجلًا من الشُّعوب أسَلم، فكانت تؤخذ منه الْجِزْية.
قال أبو عُبيدة: الشُّعوب هاهنا العجم. و وَجْهُه أن الشَّعْب ما تَشَعّب منه قبائلُ العرب، أو العجم، فخص بأحد المتناولين، و يجوز أن يراد به جمع الشُّعوبيّ، كقولهم: اليهود و المجوس في جمع اليهودي و المجوسي.
و الشُّعوبيّ: الذي يُصَغِّر شأن العرب، و لا يري لهم فضلًا علي غيرهم.
بشَعَفَتَيْنِ في (بر). أشْعرنها في (حق). مَشْعوف في (فت). شعَفة في (هي). شعَاعاً في (وج). الأشعر في (قش). شَعُوب في (كس)، [و في (جب). الشعث في (عم)]. شعبٌ في (لب). [مشاعرُكم في (أد). شعشعها في (سخ). شعبها في (زف). أُشعر في (خض) و في (عف). و قد تَشَعْشَع في (عق). شعثنا في (لم)].

الشين مع الغين

[شغي]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أتاه رجلٌ من بني تمِيم، فشكا إليه الحاجةَ، فمَارَه، فرجع إلي أهله، فقال بعد حَوْل: لأُلِمَّنَّ بِعُمر. فانطلق حتي إذا كأن بَوادي كذا- و كان شاغِيَ السِّن- قال: ما أَرَي عُمر إلا سيعرفني بِسنِّي هذه الشَّاغية، فأخذَ وَتَرَ قَوْسِهِ فأعلقه بِسِنّه فلم يزل يعالجها حتي قلبها، ثم أتي عُمر فعرفه عمر، و قال: أنشدك اللّٰه! أقلْتَ كذا، و فعلْتَ كذا؟ قال: نعم.
______________________________
(1) السنا: نبت يكتحل به.
(2) (*) [شغي]: و منه في حديث عمر: أنه ضرب امرأة حتي أشاغت ببولها. النهاية 2/ 484.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 209
و
في حديث كعب رحمه اللّٰه تعالي: إنه قال له محمد بن [أبي] حُذَيفة، و هما في سَفِينة في البَحْرِ: كيف تجِدُ نَعْتَ سفينتنا هذه في التوراة؟ قال كعب: لستُ أَجِدُ نَعْتَ هذه السفينة، و لكني أجد في التوراة أنه يَنْزُو في الفِتْنة رجل يُدْعي فَرْخَ قريش، له سِنٌّ شاغية، فإياك أن تكونَ ذاك.
الشَّاغية: التي تخالف نِبْتَتُها نِبْتَةَ غَيرِها من الأسنان، و رواه المُحْدَثون في حديث عُمرَ بالنون، و هو لحن، و لم نَسْمَعْ من هذا التأليف غير الشُّغْنَة، و هي حال الثياب، و قد أُهمل في كتاب العين و قد شَغِيَ الرجل، و هو أَشْغَي.
و منه
حديث عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه: إنه خرج يوماً من دارِه، و قد جي‌ء بعامر بن عَبْدِ قيس و أقعد في دِهْليزهِ، فرأي شيخاً دَميماً أشْغَي ثَطًّا فِي عباءة، فأنْكَر مكانَه، فقال:
يا أعرابي؛ أين رَبُّك؟ قال: بالْمِرصَاد!
الثّطّ: الذي عُرِّيَ وجهه من الشعرَ إلا طاقات في أسفل حَنَكه.

[شغل]:

عليّ بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه- خطبهم بعد الحَكَمين علي شَغْلة.
هي البَيْدر، قال ابن الأعرابي: الشَّغْلة و البَيْدر و العَرَمة و الكُدْس واحد.
الإشغار في (اب).

الشين مع الفاء

[شفع]:

* النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- بعث مُصَدِّقاً، فأتِيَ بشاة شافع، فلم يأخذها؛ و قال: ائتنِي بمُعْتاط.
هي التي معها ولدُها لأنها شَفَعته. يقال: شفع الرجل شَفْعاً إذا كان فَرْداً فصار له ثانياً.
و المُعْتاط: العائط، و هي التي لم تَحْمِل؛ يقال: عاطت و اعْتَاطت.
مَنْ حافظ علي شَفْعةِ الضَّحي غُفِر له ذنوبُه- و روي: شُفعة
- بالضم- و سُبْحة. يريد ركعتي الضُّحي؛ من الشَّفْع بمعني الزَّوْج، و الشفعة و الشَّفعة كالغُرْفة و الغَرْفة.

[شفف]*:

مَنْ صلَّي المكتوبةَ، و لم يُتِمّ ركوعَها و لا سجودَها، ثم يكثر التطوع،
______________________________
(1) (*) [شفع]: و منه الحديث: الشفعة في كل ما لم يقسم. و حديث الشعبي: الشفعة علي رؤوس الجبال. و في حديث الحدود: إذا بلغ الحد السلطان فلعن اللّٰه الشافع و المشفّع. النهاية 2/ 485.
(2) (*) [شفف]: و منه الحديث: أنه نهي عن شفِّ ما لم يضمن. و حديث الربا: و لا تشفُّوا أحدهما علي الآخر.
و في حديث أم زرع: و إن شرب اشتفَّ. و في حديث عائشة: و عليها ثوب قد كاد يشفّ. و في حديث الطفيل: في ليلة ذات ظلمة و شفافٍ. النهاية 2/ 486، 487.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 210
فمثله كمثل مالٍ لا شِفَّ له حتي يُؤدِّي رأسَ المال.
الشِّف: الرِّبح.

[شفه]:

إذا صَنَع لأحدكم خادمُه طعاماً فَلْيُقْعِدْهُ معه، فإن كان مشفوهاً فَلْيَضَع في يده منه أُكْلةً أو أُكْلَتَيْن- و روي: فليأخُذْ لقمة فلْيُرَوِّغْهَا ثم ليُعْطِها إيَّاه.
المَشْفُوه: القليل، و أصله الماء الذي كثُرت عليه الشِّفَاهُ حتي قلّ؛ أو أراد: فإن كان مَكْثوراً عليه …
الأُكْلة: اللُّقمة.
رَوَّغ اللقمة. و رَوَّلها و رَوَّاها، بمعنًي؛ إذا شَرَّبها الدَّسم.

[شفي]*:

عمر رضي اللّٰه عنه- لا تنظُروا إلي صيام أحدٍ، و لا إلي صلاته، و لكن انظُروا مَنْ إذا حَدَّث صَدَق، و إذا ائْتُمِن أدَّي، و إذا أشفَي وَرع.
أي إذا أشرف علي مَعْصية امْتَنَع.
[شفا]:
ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- ما كانت المتعةُ إلا رحمةً رحم اللّٰه بها أمةَ محمد، لو لا نَهْيُه عنها ما احتاج إلي الزِّنا إلا شفًي.
أي إلا قليل من الناس؛ من قولهم: غابت الشمس إلا شَفًي، و ما بَقِيَ منه إلا شَفًي، و أتيته بشَفًي؛ أي ببقية قَليلة بقيت من ضَوْء الشمس؛ أي قريباً من غُروبها قال العجاج:
أدركته بلا شَفًي أو بشَفي «1»
هو من شَفَي الشي‌ء، و هو حَرْفُه.

[شفرة]:

* أنس رضي اللّٰه عنه- كان شَفْرةَ أصحابِه في غَزَاة.
أي خادمهم. و في المثل: أصغر القومِ شَفْرتُهم، شُبِّه بالشَّفْرةِ التي تمتهَنُ في قَطْعِ اللَّحْم و غيره.

[شفف]:

قال رضي اللّٰه عنه: إن النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم خطب أصحابَه يوماً، و قد كادت الشمسُ تَغْرُب، فلم يبق منها إلا شِفٌّ يسير.
______________________________
(2) (*) [شفي]: و منه في حديث حسان: فلما هجا كفار قريش شفي و اشتفي. و في حديث الملدوغ: فشفَوا له بكل شي‌ء. و في حديث علي: نازل بشفي جرف هارٍ. و منه في حديث ابن زمل: فاشفوا علي المرج.
و في حديث سعد: مرضت مرضاً أشفيت منه علي الموت. النهاية 2/ 488، 489.
(1) روايته في لسان العرب (شفي):
و مربا عال لمن تشرَّفا أشرفته بلا شفًي أو بشفَي
(3) (*) [شفر]: و منه حديث الشعبي: كانوا لا يقنون في الشُّفْر شيئاً. و في حديث كرز الفهري: لما أغار علي سرح المدينة و كان يرعي بشُفَر. النهاية 2/ 484، 485.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 211
هو الشَّفَافة و البقية اليَسِيرة.

[شفن]*:

الحسن رحمه اللّٰه- تموتُ و تترك مَالَك للشافِن.
قيل: هو الذي ينتظر مَوْتك. و الشُّفُون و الشَّفْنُ: النَّظر في اعتراض- عن الزَّجاج.
قيل: النّظر بمؤخر العين، فاستُعمل في معني الانتظار كما استعمل في النظر.
و يجوز أن يريد العدوّ المكاشح؛ لأن الشُّفُون نَظَر المبغض.
شفرة في (حر). اشتفّ في (غث). اشفوا في (لح). شافع في (مح). اشفع في (مل). أشفي في (لح). فشفَن في (قز). شفقاً في (مل).

الشين مع القاف

[شقق]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- اتَّقُوا النارَ، و لو بشِقِّ تَمْرَة، ثم أعرض و أشاح- و روي: اتَّقُوا النَّارَ، و لو بِشِقّ تمرة، فإنها تدفع مِيتَة السوء، و تقع من الجائع مَوقعَها من الشَّبْعان.
شِقّ الشي‌ء: نِصْفه، يريد أن نِصْف التمرة يَسُدُّ رَمَقَ الجائع، كما يورث الشبّعانَ كِظّة «1» عَلَي وَتَاحَته «2»؛ فلا تستقِلُّوا من الصَّدَقة شيئاً.
و قيل: معناه أنه لا يبين أثرُه علي الجائع و الشَّبْعان جميعاً، فلا تعجزوا أن تتصدقوا بمثله مع قلَّة غَنائه. و إنما أنّث الضمائر الراجعة إليه لأنه مضاف إلي المؤنث كسُورِ المدينة.
أشاح: حذِر؛ كأنه كان ينظرُ إلي النار حين ذكرَها فأعرض لذلك و حَذِر.

[شقح]*:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن بيع التمر قبل أن يُشَقِّح- و روي: يُشْقِح.
هو أن يتغير البُسْر للاحمرار و الاصفرار، و هو أقبح ما يكون، و لذلك قالوا: قَبيح شَقيح.
______________________________
(3) (*) [شفن]: و منه الحديث: أنه صلي بنا ليلة ذات ثلج و شفَّان. و في حديث استسقاء علي: لا قَزَعٌ ربابُها، و لا شفَّان ذهابها. النهاية 2/ 488.
(4) (*) [شقق]: و منه حديث أم زرع: وجدني في أهل غُنَيمة بشقٍّ. و الحديث: لو لا أن أشُقَّ علي أمتي لأمرتهم بالسِّواك عند كل صلاة. و في حديث قرة بن خالد: أصابنا شُقاقٌ و نحن محرمون. و في حديث البيعة:
تشقيق الكلام عليكم شديد. النهاية 2/ 491، 492.
(1) الكظة: البطنة.
(2) الوتاحة: القلة، علي و تاحته: علي قلته.
(5) (*) [شقح]: و منه في حديث عمار: أنه قال لمن تناول من عائشة: اسكُتْ مقبوحاً مشقوحاً منبوحاً. النهاية 2/ 489.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 212
و قال أبو حاتم: إذا صار بين الخُضْرة و الحمْرة، أو الصُّفْرة، و لم يلوّن بعد، فذلك أقْبَحُ ما يكون، مثل الجَيْسُوَان «1» إذا شقَّح، و هذا من قولهم: قَبيح شَقيح.
و قال الأصمعي: يقال للبُسْرة إذا صارت كذلك الشَّقْحة، و قد أشْقَحَت النخلة و شَقَّحت و شقَّهت.

[شقص]:

كوي سعد بنُ معاذ- أو أسعد بن زُرارة رضي اللّٰه عنهما- في أكْحله بمِشْقَص ثم حَسمَه.
هو نَصْل السهم الطويل غير العريض؛ و ضِدّه المِعْبَلة.
و منه
حديث صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنّه قَصَّر عند المَرْوة بمِشْقَص.
و منه:
إنه اطّلع عليه رجل فسدَّد إليه مِشْقَصاً فرجع.
و منه
حديث عُثْمان رضي اللّٰه تعالي عنه: حين دخل عليه فلان، و هو محْصور و في يده مِشْقَص.
الحَسْم: قطع الدم، و منه
قوله في السارق: اقطَعُوه ثم احْسِموه.

[شقح]:

أُتِي بحُيَيّ بن أخطب مجموعة يداه إلي عُنقه، و عليه حُلّة شُقْحِيَّة، قد لبسها لِلقَتْل، فقال له حين طلع: ألم يمكن اللَّهُ منك؟ قال: بلي! و لقد قَلْقَلْت كل مُقَلْقَل، و لكن مَنْ يخذل للّٰه يُخذَلْ.
كأنها نسبت إلي الشُّقْحة لكونها علي لَوْنها.

[شقشق]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن رجلًا خَطب فأكْثر، فقال عمر: إن كثيراً من الخُطَب مِنْ شَقاشِق الشيطان.
الشِّقْشِقَة: لَحْمة تخرج من شدق الفحل الهادر كالرّئة. قال الأعشي:
واقْنَ فإني طَبِنٌ عالم أقطَع من شِقْشِقَة الهَادِرِ «2»
و قال ابن مُقْبِل:
عَادَ الأذِلّةُ في دَارٍ و كانَ بها هُرْتُ الشقاشِق ظَلَّامون للجُزُرِ «3»
يشبه الفصيح المِنطيق بالفحل الهادر، و لسانُه بشقشقته، و قوله: من شقاشِق الشيطان؛ أي مما يتكلم به الشيطان، لما يدْخل فيه من الكذب و الباطل.
______________________________
(1) الجيسوان: نوع ردي‌ء من التمر.
(2) البيت في لسان العرب (شقق).
(3) البيت في أساس البلاغة (هرت)، و الشطر الثاني منه في لسان العرب (هرت) و (شقق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 213‌

[شقط]:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: ضَمْضَم بن جوس: رأيته يشرب من ماء الشَّقِيط.
هو الفَخَّار- عن الفراء. و قال الأزهري: جِرار من خَزف، يجعل فيها الماء.

[شقص]:

الشَّعْبي رحمه اللّٰه- مَنْ باع الخمر فَلْيُشَقِّص الخنَازير.
من المُشَقِّص، و هو القَصَّاب لأنه يُشَقِّص الشاة؛ أي يجعلها أَشْقاصاً و يُعَضِّيها «1».
يريد أنّ بائع الخمر كبائع لحم الخنزير.
بمشاقصه في (جم). مشقوحاً في (نب). المشقوحة في (صب).

الشين مع الكاف

[شكل]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كرِهَ الشِّكال في الخَيْل.
هو أن تكون له ثلاث قوائم مُحَجَّلة، و الواحدة مُطْلقة، أو بالعكس؛ يقال: بِرْذَون به شِكَال؛ شبه ذلك بالعِقَال فسُمّي به.

[شكم]*:

احْتَجَم صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و قال لهم: اشكمُوه.
الشُّكْبُ و الشُّكْد، و الشُّكم: أخوات. قال:
و ما خيرُ معروف إذَا كان للشُّكمِ «2»
أي للمكافأة و المجازاة، يقال: شَكَم الوالي إذا سد فاه بالرِّشوة. و اشتقاقه من الشَّكِيمة.

[شكع]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لما دنا من الشَّام، و لقِيَه الناس، جعلوا يتراطَنُون، فأشْكَعَه ذلك، و قال لأسْلم: إنهم لن يَرَوْا علي صاحبك بِزَّة قَوْمٍ غضب اللّٰه عليهم.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 213
الشَّكَع: شدة الضجر، يقال: شَكِع و أشكعه. و الشَّطَع و الشَّتَع مثله.
البِزّة: الهيئة؛ كأنه أراد هيئة العجم.

[شكل]:

في حديث مَقْتله رضي اللّٰه عنه: فخرج النبيذ مُشْكِلًا.
______________________________
(1) عضي الشاة: أي جعلها أعضاء.
(3) (*) [شكل]: و منه في صفته عليه السلام: كان أشكل العينين. و الحديث: في تفسير المرأة العَرِبة أنها الشَّكِلةُ. و في حديث بعض التابعين: تفقدوا الشاكل في الطهارة. النهاية 2/ 495، 496.
(4) (*) [شكم]: و منه في حديث عائشة تصف أباها: فما بَرِحَتْ شكيمته في ذات اللّٰه. النهاية 2/ 497.
(2) شطر البيت في أساس البلاغة (شكم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 214
أي مختلطاً غيرَ صريح، و يقال للزَّبد المختلط بالدم يظهر علي شَكِيم اللجام: الشَّكِيل يقال: سال الشَّكِيل علي الشَّكِيم.

[شكر]*:

يحيي بن يَعْمَر رحمه اللّٰه تعالي- إنّ امرأةً خاصمت زَوْجَها إليه؛ فقال للزوج: أأنْ سألتْك ثمن شَكْرها و شَبْرِك أَنْشَأْت تَطُلّها و تَصْهَلُهَا؟ و روي: تَلُطّها- و روي:
تَطْحَرُها.
الشَّكر: فَرْج المرأة. و الشّبْر: النِّكاح؛ قالت أم الخيار صاحبة أبي النَّجم له:
لقد فخَرْتَ بقصيرٍ شَبْرُه يجي‌ء بعد فِعلتين قَطْرُه
تَطُلُّها: تُهْدِرُ حَقَّها، من طلّ دمه.
و تَلُطّها: تسْتُر حَقَّها بباطِلِك.
و تَطْحَرُها: تَدْحَرُها.
و تَضْهَلُها: من الضَّهْل، بمعني الضَّحْل و هو الماء القليل، و الصَّكْل مِثْلهما، أي تُعْطيها شيئاً نَزْراً؛ يعني تُبْطِل مُعْظَمَ حَقِّها، و تَدْفع إليها منه القليل الذي لا يُعْبَأ بِه.
و قيل: تردّها إلي أهلِها؛ من قولهم: هل ضَهَل إليك من مالك شي‌ء؟ أي هَلْ رجع إليك؟ و وجههُ أن يكون علي: و تَضْهَل بها. ثم حذف الجار، و أُوْصِلَ الفعل.
ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- قال لهلال بن سِراج بن مُجَّاعة: يا هلال؛ هل بقي من كهول بني مُجَّاعة أحد؟ قال: نعم! و شَكِير كثير، فضحك، و قال كلمةٌ عربِيّة.
أراد الأحداث، و أصلُه الورق الصغار التي تنبت في أصول الكبار.
و
يروي: أنه قيل لعمر رضي اللّٰه تعالي عنه: ما الشَّكِير يا أمير المؤمنين؟ فقال: أ لم تر إلي الزرع إذا ذكا فأَفْرَخ، فنبت في أُصوله؟ فذلك الشَّكير.
شِكّة في (غي). شَكْلة في (مغ). شكيمته في (زف). [تشكي في (جف)]. و الشَّاكِل في (غف). و تَشكر في (شع). فلم يُشْكِنا في (رم). [الشكر في (حم)].

الشين مع اللام

[شلو]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أَقْرَأَ أُبَيّ بن كعب الطُّفيْل بن عَمْرو الدّوسي القرآن، فأهْدَي لَه قوساً؛ فقال له النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: مَنْ سَلَّحَك هذه القوس؟ فقال: طُفَيْل. قال: و لِمَ؟ قال: إني أَقرأته القرآن. فقال: تَقَلَّدْها شِلْوَةً من جَهَنَّم. قال: يا رسول اللّٰه؛ فإنا نَأْكل مِنْ طَعَامهم.
______________________________
(1) (*) [شكر]: و منه الحديث: أنه نهي عن شَكْر البغي. النهاية 2/ 494.
(2) (*) [شلو]: و منه الحديث: ائتني بشِلوها الأيمن. و منه حديث مطِّرف: وجدت العبد بين اللّٰه و بين الشيطان، فإن استشلاه ربه نجَّاه. النهاية 2/ 498، 499.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 215
قال: أمّا طعام صُنِع لغيرك فَكُلْ منه، و أمّا الطعام لم يُصْنَعْ إلا لكَ فإنك إن أكَلْتَه فإنما تأْكل بخَلَاقك.
فُسِّرَتْ الشِّلوة بالقِطْعة، و هي من الشِّلْو بمعني العُضْو.
بخَلاقِك: أي بحظّك من الدين.

[شلشل]:

اللص إذا قُطَّتْ يَدُه سبقته إلي النار، فإنْ تاب اشْتَلاها
؛ أي استنقذها. قال الأصمعيّ: يقال: أدركه فاشْتَلاه و اسْتَشْلاه؛ و هو من الشِّلْو.
و من الاسْتشلاء حديث مُطَرِّف- قال: وجدت العَبْد بين اللّٰه و بين الشيطان، فإن استشلاه رَبُّه نجا، و إن خَلَّاه و الشيطانَ هَلَك.
الواو بمعني مع؛ أي إن خَلَّاه مع الشيطان و خذله.
مَنْ يُجْرَح جُرْحاً في سبيل اللّٰه فإنه يأتي يوم القيامة و جُرْحه يَتَشَلْشَل؛ اللّوْنُ لونُ الدّم، و الريحُ ريحِ المِسْك.
أي يتقاطر، يقال: شَلْشلَ الماءُ فَتَشَلْشَلَ.
من أَشلاء في (سل).

الشين مع الميم

[شمت]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- عَطِس عنده رجلان، فَشَمَّت أحَدَهما و لم يُشَمِّت الآخر؛ فقيل له في ذلك، فقال: إن هذا حمِد اللّٰه، و إن هذا لم يحمَد اللّٰه.
التَّشْمِيت الدعاء و التبريك.
و منه
حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنّه ما أَدْخَلَ فاطمة عَلَي عَلِيّ عليهما السلام قال لهما: لا تُحْدِثا شيئاً حتي آتيكما، فأتاهما فدعا لهما، و شَمَّتَ عَلَيْهِمَا، ثم خرج.
أي بَرَّكَ عليهما «1».
و منه
حديثُ عبد اللّٰه بن عمر رضي اللّٰه عنهما: إنه عَطَس عنده رجلٌ فَشَمَّتَهُ رجلٌ، ثم عَطَسَ فشَمَّتَه، ثم عَطَسَ فأراد الرجل أن يُشَمِّتَه، فقال له: دَعْه فإنَّه مَضْنُوك.
أي مزكوم؛ و الضُّنَاك: الزُّكام.
و اشتقاق التشميت من الشوامت و هي القوائم؛ يقال: لا تَرَكَ اللّٰه له شامِتةً، أي قائمة؛
______________________________
(2) (*) [شمت]: و منه في حديث الدعاء: اللهم إني أعوذ بك من شماتة الأعداء. و الحديث: و لا تُطع فيَّ عدوّاً شامتاً. النهاية 2/ 499.
(1) بَرَّك عليهما: أي قال: بارك اللّٰه عليكما.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 216
لأن معناه التَّبْرِيك، و هو الدعاءُ بالثبات و الاستقامة. و هو بالسين، من السمت.

[شمع]:

مَن تَتَبَّعَ المَشْمَعَةَ يُشَمِّع اللَّهُ به.
المَشَمعة و الشِّمَاع: الفُكاهة و الضحك و الفَرَح. قال المتنخّل:
سأَبْدَؤُهم بِمَشَمَعَةٍ و أَثْني بجُهْدِي من طَعَامٍ أو بِسَاطِ «1»
و قال آخر:
بكيْنَ و أبكَيْنَنا ساعةً و غاب الشِّماعُ فما تَشْمَعُ
و جارية شَمُوع، و قد شَمَعَتْ تَشمَعُ، و هو من أشمعَ السراجُ؛ إذا سطع نورُه و منه الشَّمْع، لما في الشِّماع من تهَلُّلِ الوجه وَ تطلُّقه و استنارته [و إشراقه].
و
عن أبي هريرة رضي اللّٰه عنه: قلنا: يا رسولَ اللّٰه؛ إذا كنا عندك رَقّتْ قلوبنا، و إذا فارقْناك شَمَعْنا.
أي شَمَمْنَا النساء و الأولاد «2».
و المعني: من ضحِك بالناس و تفكَّه بهم جازاه اللّٰه جزاءَ ذلك كقوله تعالي: اللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ [البقرة: 15].
و قيل: أصاره اللَّهُ إلي حال يُتلهَّي به فيها و يُضْحَك منه.

[شمز]:

سَيلِيكُم أمراء تَقْشِعرُّ منهم الجلود، و تَشْمَئزُّ منهم القلوب. قالوا:
يا رسول اللّٰه، أَفَلَا نقاتلهم؟ قال: لا ما أَقاموا الصلاة.
الاشمئزاز: التَّقَبُّض، و همزته مَزيدة؛ لقولهم: تَشَمَّزَ وجهه، إذا تقبّض و تَمَعَّرَ.

[شمل] «3» *:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- سأل أبَا مالك- و كان من علماء اليهود- عن صفة النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في التّوراة؛ فقال: مِنْ صِفَتِه أنه يلبَس الشَّمْلَة، و يجتزي‌ء بالعُلْقة، معه قومٌ صُدُورُهُم أنَاجِيلهم، قُرْبانهم دِمَاؤهم.
الشَّمْلَة: كساء يُشْتَمَلُ به.
العُلْقة: البُلْغة؛ و قيل: ما يُمْسِكُ الرَّمَق؛ يقال: ما يأكل فلان إلا عُلْقَة؛ قال:
و أجْتَزِي من كَفافِ القُوتِ بالعَلَقِ
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (شمع)، و أساس البلاغة (شمع).
(2) شممنا النساء و الأولاد: لا عبنا الأهل و عاشرناهن (لسان العرب: شمم).
(3) (*) [شمل]: و منه الحديث: و لا تشتمل اشتمال اليهود. و الحديث: نهي عن اشتمال الصمَّاء. و في حديث الدعاء: أسألك رحمةً تجمع بها شملي. النهاية 2/ 501.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 217
و تَعَلَّق بكذا؛ إذا تَبَلَّغ به. و في المثل: ليس المُتَعَلِّق كالمتأنّق.
الإنجيل: افعيل، من نجل إذا أثار و استخرج، لأن به ما يستخرج [من] علم الحلال و الحرام و نحوهما؛ و قيل: هو أعجمي؛ و يُعَضِّدُه قراءة الحسن بفتح الهمزة؛ لأن هذه الزِّنة ليست في لسان العرب.
و المعني: صُدُورُهُمْ مصاحفهم؛ أي يحفظون القرآن عن ظَهْر قلوبهم، و كان أهلُ الكتاب إنما يقرؤون ناظرين، و من ثَمَّ افتُتنوا بعُزَير؛ فقالوا فيه الإفك العظيم حين حفِظ التوراة و أَمْلَاها عليهم عن ظَهْر قلبه، بعد ما دَرَسَت أيام بُخْت نَصّر.
قُربانهم: دماؤهم؛ أي هم أهل الملاحم، يتقربون إلي اللّٰه بإراقة دمائهم.

[شمم]*:

عليّ بن أبي طالب عليه السلام- قال حين بَرَز لعمرو بن عَبْدودّ: أخْرُجُ إليه فَأُشامُّه قبل اللقاء.
المُشَامة: مُدَانَاةُ العدو و الصّيرورة بحيث يراكَ و تراه؛ يقال: شاممناهم ثم ناوشْنَاهُم، و هي مفاعة من الشمّ؛ كأنَّكَ تَشُمّ ما عنده و يَشمّ ما عندك لتعملا علي حَسَب ما تقتضيه الحالُ، و ليصدر ما يصدر منكما عن بصيرة. و يقال: شامِمْ فُلاناً؛ أي ذُقْه و انظر ما عنده.

[شمر]*:

في الحديث في قصة عُوج بن عُنُق مع موسي عليه السلام: إن الهُدهد جاء بالشَّمُّور، فجاب الصخرة علي قَدْر رأس إبرة.
هو الألماس. فعُّول، من الانْشِمار، و هو المضيّ و النفوذ.
و الشمامة في (سر). مُشْتَمِل في (ور).

الشين مع النون

[شنق]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
قال ابن عباس: بِتُّ عند النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقام من الليل يُصَلِّي فحلَّ شِنَاق القِرْبَةِ.
يقال: شَنَق القِرْبة، و أشْنَقَهَا، إذا أوْكَأها، ثم ربط طَرَف وِكائها بوَتِد، أو برأْسِ عمِود؛
______________________________
(1) (*) [شمم]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: يحسبه من لم يتأمَّلْه أشَمَّ. و في حديث أم عطية: أشمِّي و لا تنهكي.
النهاية 2/ 502، 503.
(2) (*) [شمر]: و منه في حديث عمر: لا يُقرَّنَّ أحدٌ أن يطأ جاريته إلا أَلحقت به ولدها، فمن شاء فليمسكها و من شاء فليشمرها. و في حديث ابن عباس: فلم يقرب الكعبة، و لكن شمَّر إلي ذي المجاز. النهاية 2/ 500.
(3) (*) [شنق]: و منه الحديث: لا شناق و لا شغار. و في حديث علي: إنْ أشْنَق لها خَرَمَ. النهاية 2/ 505، 506.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 218
و هو الشِّناق. و قد يكون الشِّناق سيراً أوْ خيطاً غَيْرَ الوكاء؛ و هو هاهنا الوكاء المعلَّق طرفه بالوتِد؛ و يجوز أن يكون غَيْرَ الوكاءِ، و يراد بحلِّه حلُّه من الوتِد. و منه قولهم: شنَقْتُ رأسَ الفرس، إذا شددته إلي شجرة، أو وَتِد مرتفع، و قيل: أشْنَاقُ الدية، لأنها أبْعِرة قلائل، عُلّقت بالدِّية العظمي.
طلحة رضي اللّٰه عنه- أُنشد قصيدة، فما زال شانِقاً ناقته حتي كُتِبَتْ له.
هو أن يَجْذِبَ رأسها بزِمامها، حتي يُدَاني قفاها قادمة الرَّحْل، و قد شَنَقها و أشْنَقَها.

[شنع]:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه عنه- دخل عليه أبو أسماء الرُّحْبِي بالرَّبذَة، و عنده امرأة له سوداء مُشَنَّعة، و ليس عليها أَثَر المجاسِد.
أي قَبيحة، يقال: مَنْظَر شَنِيع و أشنع و مُشَنَّع؛ و شَنَّع عليه؛ إذا رفع عليه قبيحاً، و ذكره به.
و المجاسد: جمع مُجْسَد؛ و هو الثوب المشبَع بالجِسَاد، و هو الزعفران.

[شنذ]:

سعد بن مُعاذ رضي اللّٰه عنه- لما حُكِّم في بني قُرَيظة خرجت الأوسُ، فحملوه علي شَنَذَة مِنْ ليف، فأطافوا به، و جعلوا يقولون: يا أبا عمرو؛ أحْسِن في مَوَاليك و حلفائك.
هي شِبْه إكافٍ يُجعل لمقدَّمه حِنْو، و ليست بعربية.
الموالي: الحُلَفاء؛ و كان بينه و بينهم حِلْف. قال:
مواليَ حلْفٍ لا مَوالِي قرابةٍ «1»

[شنأ]*:

عائشة رضي اللّٰه عنها- عليكم بالْمَشْنِيئة النافعة التَّلْبِينة.
المَشْنِيئة: البَغِيضَة- عن أبي الحسن اللّحياني. و رجل مَشْنِيّ- بالياء- و الأصل مشْنُوّ (بالواو)، و أنشد:
و صَوْتُك مَشْنِيّ إليَّ مُكَلَّفُ
و هذا شاذ؛ لا يقال في مقروء مقْريّ، و لا في موطوء مَوْطِيّ. و وجهْهُ- علي شذوذه- أنه إذا خففت همزته فقيل: شَنِئَ و شَنِيَ (بالياء) و قيل مشنيّ؛ كما تقول في رضيّ مرضيّ استُبقيت الياء، و أن أعيدت الهمزة إلْفاً لها، و اسْتِئناساً بها؛ كما قالوا: دَمَيَان (بالتحريك) و يَدَيَان.
التَّلْبينة: حساء من دقيق أو نُخالة فيه عَسل؛ سميت بذلك لبياضها و رقتها، تشبيهاً باللَّبن و هي بدل من المَشْنِيئة.
______________________________
(1) الشطر للجعدي في لسان العرب (ولي).
(2) (*) [شنأ]: و منه حديث أم معبد: لا تَشْنَؤُه من طول. النهاية 2/ 503.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 219
تعني أن هذا الحَساء لا يَرْغَبُ فيه المُحْتَسِي، و هو نافع.

[شنن]*:

ذكرت رضي اللّٰه عنها جِلْد شاةٍ ذبحوها، قالت: فنبذْنا فيه حتي صار شَنًّا.
أي خَلَقاً.

[شنر]:

النَّخَعي رحمه اللّٰه- إذا تطيَّبت المرأةُ ثم خرجت كان ذلك شَنَاراً فيه نار.
هو العيب و العار، و رجل شِنِّير: كثير الشَّنار. و شنَّر به. قال القُطَامي:
و نَحْنُ رَعِيَّةٌ و هُمُ رُعَاةٌ و لَوْ لَا رَعْيُهم شَنُعَ الشَّنَارُ «1»
يريد أن الناس يقولون: النار و لا العار، و فِعْلُ هذه قد بلغ من الشَّناعة ما اجتمع لها فيه النار و العارُ جميعاً.

[شنخف]:

عبد الملك رحمه اللّٰه تعالي- دخل عليه إبراهيم بن مُتمّم بن نُوَيْرَة، فسلم بجَهْورِيّة فقال: إنك لشِنَّخْف، فقال: يا أمير المؤمنين؛ إني من قومٍ شِنَّخْفِين فقال: و أراكَ أحمَرَ قَرِفاً «2». قال: الحسْن أحمر يا أمير المؤمنين.
هو الطويل العظيم.
القرِف: الشديد الحُمْرَة، كأنه قُرِفَ؛ أي قُشِر، كما قيل له الأقْشَر.

[شنق]:

في الحديث: في قصة سليمان عليه السلام: احْشُرُوا الطيرَ إلا الشَّنْقَاء و الرَّنْقاء و البُلَت.
الشَّنْقاء: التي تَزُقّ فِرَاخَها.
و الرَّنْقاء: القاعدة علي البيض.
و البُلَت: طائر مُحْرِق الريش إن وقَعت ريشةٌ منه في الطير أحرقته.
الشّنْظِير في (دب). للشّنائيين في (جد). فليشنُّوا في (قح). فشَنَق لها في (مد).
[أشنب في (شذ)].

الشين مع الواو

[شوه]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال حين رَمي المشركينَ بالتّرَاب: شاهَتِ الوُجوه.
______________________________
(3) (*) [شنن]: و منه حديث قيام الليل: فقام إلي شنٍّ معلقة. و حديث ابن مسعود في صفة القرآن: لا يتفه و لا يتشانُّ. و حديث رقيقة: فليشنّوا الماء و ليمسُّوا الطيب. النهاية 2/ 506، 507.
(1) البيت في لسان العرب (شنر).
(2) القرْف، بسكون الراء: الأديم الأحمر، و القرِف، بكسر الراء: الشديد الحمرة (لسان العرب: قرف).
(4) (*) [شوه]: و منه حديث ابن الزبير: شوَّه اللّٰه حلوقكم. و الحديث: أنه قال لابن صياد: شاه الوجه. النهاية 2/ 511.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 220
يقال: شاه يَشُوه شَوْهاً و شوِه [يَشُوه] شَوَهاً إذا قَبُح، و رجل أشْوَه، و امرأة شَوْهاء، و يقال للخطبة التي لا يُصَلّي فيها علي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم شَوْهَاء.

[شوذ]:

بعث صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- سَرِيَّة أو جَيْشاً، فأمرهم أن يمسحوا علي المَشَاوذ و التَّسَاخِين- و روي: علي العَصائب.
المِشْوذ و العِصابة: العمامة. قال الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيط:
إذَا ما شَدَدْتُ الرَّأسَ مِنّي بمشْوَذٍ فَغيَّكِ عني تَغْلِبُ ابنةَ وَائِلِ «1»
و قال عَمْرو بن سعيد الأشدق [الأسديّ]:
فتاة أبُوها ذو العِصابة و ابنُه أخوها فما أكفاؤُها بكثير
و روي: ذو العِمامة.
و شوَّذه و عَصّبه: عمّمه. و منه الملك المَعصَّب، أي المتوّج؛ لأن العمائم تيجَانُ العرب.
التَّسَاخين: الخِفَاف. قال المبرد: الواحد تَسْخَان و تَسْخَن، قال ثعلب؛ لا واحدَ لها.

[شور]*:

رأي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم امرأة شَيِّرة عليها مَناجد.
أي حَسَنَة الشَّارة؛ و هي الهيئة؛ يقال: رجل صَيِّر شَيِّر، أي حَسَنُ الصُّورة و الشَّارة، و عَيْنُ الشارة واو؛ لقولهم: إنه لحسن الشَّور؛ أي الشارة- رواه أبو عُبيد.
و المعني ما يشوره، أي يعرضه و يظهره مِن جماله، و مصداقُه قولهم في الحسن المنظر: إنه لحسن المِشوار.
المناجد: جمع مِنْجد، و هو من لؤلؤ و ذهب، أو قَرنفل في عَرْض شِبر، يأخذ ما بين العنق إلي أسفل الثديين، أخذ من التنجيد، و هو التزيين و التَّحْسين.

[شوه]:

بينا أنا نائم رأيتُني في الجنة، فإذا امرأة شَوْهاء إلي جَنْب قَصْر، فقلتُ: لمن هذا القَصْر؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب.
قيل: الشَّوْهاء: المليحة الحسناء؛ و هي من الأضداد. و الحقيقة أنها هي التي تَرُوعُ الناظرَ إليها لفرط جَمالها، أو لتناهي قُبْحها. و منه قولهم: رجل شائه البصر؛ أي حَدِيدُه، يروعُ بنظره.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (شوذ).
(2) (*) [شور]: و منه الحديث: أن رجلًا أتاه و عليه شارة حسنة. و منه حديث طلحة: أنه كان يشور نفسه علي غُرْلته. و في حديث ابن اللتبية: أنه جاء بشَوَارٍ كثير. النهاية 2/ 508.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 221
[شاة]:
عن سَوادة بن الربيع رضي اللّٰه عنه- أتيته بأُمي، فأمر لها بِشَياهِ غَنَم، و قال:
مِرِي بنيك أن يُقَلّموا أظفارهم أنْ يُوجِعوا أو يَعْبِطوا ضُروع الغنم، و مُرِي بنيك أنْ يحسنوا غذاء رِبَاعهم.
الشِّيَاه: جمع شاةٍ، و أصلها شَاهَةٌ، فحذفت لامُها كما حذفتْ من عضه، و لامُها علي حرفين هاءٍ و ياء، كما أن لام عضه علي هاء و واو؛ فمن جعلها هاء قال في التكسير و التصغير شِيَاه و شُويهة، و في النسب شاهِيّ. و من جعلها ياء قال: شَوِيّ و شَاء و شُوَيّة و شاوِيّ، و أما عينُها فواوٌ كما تري؛ و العرب تسمّي البقرة الوحشية شاةً؛ فلذلك أضاف الشِّيَاه إلي الغنم تمييزاً.
أن يُوجَعوا، أي مخافة أن يُوجِعوا.
يَعْبِطوا: يَعْقِروا و يُدْمُوا.
الرِّباع: جمع رُبَع.
و أراد بإحسان غذائها ألا يُستقصي جَلْبُ أمهاتها إبقاءً عليها.

[شور]:

أبو بكر رضي اللّٰه عنه- رَكِب فرساً يَشُوره، فقام إليه فَتًي من الأنصار، فقال:
احمِلْنِي عليه يا خليفةَ رسول اللّٰه. فقال أبو بكر: لأَنْ أحْمِل عليه غلاماً ركِبَ الخيل علي غُرْلَتِهِ أحبُّ إليّ من أنْ أحملك عليه. فقال: أنا و اللّٰه أفْرَسُ منك و مِنْ أبيك. قال المُغِيرة:
فما تمالكتُ حين سمعتُه أن أخَذْتُ بأذنيه، ثم ركَبْت أنْفَه برُكْبَتي، فكأن أنْفَه عَزْلاءُ مزادةٍ انْثَعَبَتْ، فتواثبت الرجالُ من الأنصار، و مضي أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه، فلما رأي ما يصنعون بي، قال: إن المُغِيرةَ رجل وَازِع، فلما سمعوا ذلك أرْسلوني.
يَشُوره: يَعْرِضه، و المِشْوار المَعْرِض.
و منه
حديث أبي طلحة رضي اللّٰه عنه: إنه كان يَشُور نَفْسَه بين يدي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
علي غُرْلته: منصوب الموضع علي الحال، أي و هو أغْرَل؛ أي أقْلَفُ، يعني رَكبها في إبّان حَدَاثته؛ معتاد للركوب، مُتَطبّع به، و من ركبها كبيراً كان كما قال:
لم يركبوا الخيلَ إلا بعد ما كبِروا فهم ثِقَال علي أكتافها مِيلُ
رَكَبْتُ أنفه- بفتح الكاف؛ أي ضربته برُكْبتي، و لو روي بكسرها لكان أوجه لذكره الرّكْبة، كما تقول: علوته برُكْبتي.
العَزْلاء: فَمُ المَزادة، و الجمع العَزالِي.
الوازع: الَّذِي يُدَبِّر أمورَ الجيش، و يَرُدُّ مَنْ شَذَّ منهم، و لا يُقْتَصُّ مِنْ مثله إذا أَدَّبَ.
عمر رضي اللّٰه عنه- تَدَلّي رَجُلٌ بحبلٍ لِيَشْتَارَ عَسَلًا، فقعدت امرأتُه علي الحَبْل، فقالت: لأقطِّعنه أو لَتُطَلِّقَنّي. فطلقها، فرفع إلي عُمر، فأبانها منه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 222
شَارَ العسل: جَنَاه، و اشتار: افتعل منه، و قد جاء أَشارهُ. قال عديّ:
و حَدِيثٍ مِثْلِ مَاذِيٍّ مُشَارْ «1»
و فيه إجازة طلاق المُكْرَه.

[شوي]*:

ابن عُمر رضي اللّٰه عنهما- سُئِل عن المُتْعة: أَ يُجْزِي‌ءُ فيها شاة؟ فقال: ما لي و للشَّويّ؟
أي الشاءِ. قال:
أربابُ خَيْلٍ و شَوِيٍّ و نَعَمْ
و هو اسم جمع غير تكسير كالضَّئين.
و المعني: كان مِنْ مذهبه أن المتمتع بالعمرة إلي الحجِّ إنما تُجزئه بَدَنةٌ.
مُجاهد رحمه اللّٰه تعالي- كلّ ما أصاب الصائم شَوًي إلّا الغِيبة و الكذبَ.
أيْ شي‌ء هيّن لا يُفْسد صومه. و أصله من الشَّوَي و هي الأطراف؛ لأنها ليست بمَقْتَلٍ.

[شوب]*:

في الحديث: لا شَوْب و لا رَوْب في البيع و الشِّرَي.
أي لا غشّ و لا تخليط. و يقول البائع: لا شَوْب و لا رَوْب عليك؛ أي أنت بري‌ء من عَيبها، لا أشُوب و لا أرُوب؛ أي لا أُخَلِّط عليك.

[شوص]*:

من سبق العاطس بالحمد أمِنَ الشَّوْصَ و اللَّوْص و العِلّوْص.
قيل: الشَّوْص: وجع الضِّرس، و اللَّوْص: وجع الأذن. و قيل: الشَّوْصة: وجع في البطْن، و قيل: ريح تَنْعَقِد في الأضلاع ترفع القلْبَ عن موضعه؛ من قولك: شَاصَ فاهُ بالسِّوَاك: إذا استاك من سُفْل إلي علو، و يقال: شاصته الشَّوْصة؛ إذا أصابته. و رجل:
مُشْتَاص: به شوْصَة.
و اللَّوْصة: وجع في النّحر.
و العِلّوص: اللَّوَي «2»، و هو التُّخَمة.
______________________________
(1) صدره:
في سماع يأذن الشيخُ له
و البيت في لسان العرب (شور).
(3) (*) [شوي]: و منه في حديث عبد المطلب: كان يري أن السهم إذا أخطأه فقد أشوي. و الحديث: لا تنقض الحائض شعرها إذا أصاب الماء شَوَي رأسها. النهاية 2/ 511، 512.
(4) (*) [شوب]: و منه الحديث: يشهد بيعكم الحَلْفُ و اللغو فشوبوه بالصدقة. النهاية 2/ 508.
(5) (*) [شوص]: و منه الحديث: استغنوا عن الناس و لو بشوصِ السِّواك. النهاية 2/ 509.
(2) اللَّوَي: وجع في المعدة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 223
شوَي رأسها في (جن). الشَّوِي في (عم). يَشُور في (قت). يَشُوص في (هج).

الشين مع الهاء

[شهر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- صومُوا الشَّهْر و سِرَّه.
الشَّهر: الهِلال لشُهرته و ظهوره. قال ذو الرمة- يصف رجلًا بحدَّةِ الطَّرْف:
فأصبحَ أجْلَي الطَّرْفِ ما يستزِيدُه يري الشَّهْرَ قَبْلَ النَّاسِ و هو نَحِيلُ «1»
و قال آخر:
أَبْدَانَ مِنْ نَجْدٍ علي ثِقَةٍ و الشهرُ مثلُ قُلامة الظُّفْرِ
و كان أبو زِيَاد الأعرابي إذا رأي الهلال أخَذَ عُوداً فحدّد طَرفه، و أشار به إليه و قال:
عُود؛ عَدِّ عنَّا شرّك أيها الشهر.
أراد: صوموا مُسْتَهلّ الشهر.
و سرّه، أي آخره؛ و السِّرُّ، و السِّرار، و السَّرَر؛ حين يَسْتَسِرّ القمر. و قيل: سِرّه، وسطه؛ يعني أيام البيض، مِنْ سِرِّ الشي‌ء، و هو وسطه و جَوْفُه. و منه: قَناة سَرَّاء و زَنْدُ أَسَرُّ.
سُئل صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أيّ الصوم أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: شهر اللّٰه المحرّم- و روي:
الأصَمّ.
أضافَ الشهر إلي اسم اللّٰه عزّ اسْمُه؛ تعظيماً و تفخيماً؛ كقولهم: بيت اللّٰه، و آل اللّٰه، لقريش.
و قيل: للمحرَّم الأصم؛ لأنه لا يُسْمَع فيه قَعْقَعة السلاح، و خصَّه من بين الأشهر الحُرم لمكان عاشوراء.
و المعني: أي أوقات الصوم أفضل؟ فحذف المضاف، ألا تري إلي قوله: بعد شهر رمضان، و قوله: شَهْر اللّٰه.

[شهو]:

إنّ أخْوَف ما أخاف عليكم الرياء و الشهوة الخَفِيّة.
قيل: هي كلُّ شي‌ء من المعاصي يُضْمِرُه صاحبه، و يُصِرّ عليه. و قيل: أن يَرَي جاريةً حسناء، فيغضّ طَرْفه، ثم ينظر بقلبه، و يمثّلها لنفسه فيفتِنُها.

[شهر]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه-
عن عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: خرج أبي
______________________________
(2) (*) [شهر]: و منه الحديث: من لبس ثوب شهرة ألبسه اللّٰه ثوب مذلة يوم القيامة. النهاية 2/ 515.
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 671، و أساس البلاغة (شهر)، و الشطر الثاني في لسان العرب (شهر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 224
شَاهِراً سيفَه، راكباً راحلَته إلي ذات القَصَّة؛ فجاء عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال:
إلي أينَ يا خليفة رسول اللّٰه؟ شِمْ سَيْفَك، و لا تَفْجَعْنا بنفسك، فواللّٰه لئن أُصِبْنَا بكَ لا يكون بعدك للإسلام نظام أبداً، فرجع و أمْضَي الجيش.
أي مُبْرِزاً له من غِمْده.
و الشَّيْم: من الأضْدَاد بمعني السلّ و الإغماد.
عمر رضي اللّٰه عنه- وفد إليه عاملُه من اليمن، و عليه حُلَّة مُشَهَّرة، و هو مُرَجَّل دَهين، فقال: هكذا بعثناك! فأمر بالحُلَّة فَنُزِعت، و أُلْبس جُبَّة صوف، ثم سأل عن وِلايته فلم يُذْكَر إلا خير، فردَّه علي عمله، ثم وفدَ إليه بعد ذلك، فإذا أشْعَثُ مُغْبَرّ عليه أطْلاس، فقال: لا؛ و لا كلّ هذا، إن عاملنا ليس بالشّعِث و لا العافي، كلوا و اشربوا و ادَّهِنوا، إنكم ستعلمون الذي أكرَهُ من أمْرِكم.
أي فاخرة مَوْسُومة بالشُّهْرة لحُسْنِها.
مُرَجّل: رُجّل شعره؛ أي سُرّح.
دَهين: [أي] دُهن رأسه؛ يقال: دهنه بالدّهان، و ادَّهن هو بنفسه، و تَدَهَّن.
أَطْلاس: جمع طِلْس، و هو الثوبُ الخَلَق، فِعْلٌ بمعني مفعول؛ من طلَس الكتابَ و طلّسه إذا محاه ليُفْسِد الخط. و منه الطَّلَّاسة. و عن العُتبي: هي الوسِخة من الثياب؛ من الذئب الأطْلس، و هو الذي في لَوْنِه غُبْرَة.
العافِي: الطويل الشَّعْر؛ مِنْ عفا وَبَرُ البعير؛ إذا طال و وفُر. و منه: و أَنْ تعفي اللِّحي.

[شهب]*:

العباس رضي اللّٰه تعالي عنه- تَقَدَّم الناسُ يوم فتح مكة، فقال: يا أهل مكة؛ أسْلِموا تَسْلموا؛ فقد اسْتُبْطِنتُم «1» بأشْهَب بازِل.
أيْ بأمرٍ صعبٍ شديد، و الأصل فيه: العام الأشْهب؛ لأنَّ الأرض تشهابّ من وُقوعِ الصَّقيع، و تذهب خضرة النبات. و كَثُر ذلك حتي قالوا: شَهِبتهم السّنة، و هي شَهُوب؛ و أصابتهم شُهْبَةٌ مِنْ قَرٍّ و مِنْ سَنة.
و جعله بازِلًا استعارة، من البعير البازِل؛ لأن البزُول نهاية في القوة.

[شهد]*:

أبو أيوب الأنصاري رضي اللّٰه عنه- ذكر صلاةَ العصر، ثم قال: و لا صلاة
______________________________
(2) (*) [شهب]: و منه حديث حليمة: خرجت في سنةٍ شهباء. النهاية 2/ 512.
(1) استبطنتم: أي رُميتم (لسان العرب: شهب).
(3) (*) [شهد]: و منه حديث علي: و شهيدك يوم الدين. و في حديث الصلاة: فإنها مشهودة مكتوبة.
و الحديث: المبطون شهيد. و الحديث: خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها. النهاية 2/ 513.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 225
بعدها، حتي يُرَي الشّاهد، فقيل له: ما الشاهد؟ قال: النَّجْم.
سماه الشاهد؛ لأنه يُشْهَد بالليل. و عن الفراء: صلاة الشاهد المَغرب، و هو اسمها.
و عن أبي سَعيد الضَّرير: قيل لها ذلك لاستواء المُقيم و المسافر فيها لأنها لا تُقْصَر.

[شهبر]:

في الحديث- لا تَتَزوّجنّ [خمساً و لا تتزوّجنّ] شَهْبرة، و لا لَهْبَرة، و لا نَهْبَرة، و لا هَيْذَرة، و لا لَفُوتاً.
الشَّهْبرة و الشَّهْرَبة: الكَبيرة الفانية. و يقال: شَهْبر وَ بَرُ البعير؛ إذا اشهابّ، و الشَّهْبَرَة منه.
اللَّهْبَرة: القَصِيرة الدميمة، و يحتمل أن يكون قلب الرَّهْبلَة، و هي التي لا تُفْهَم جلباتها، أو التي تمشي مَشْياً ثَقِيلًا؛ من قولهم: جاء يَتَرَهْبَلُ.
النَّهْبَرَة: الطَّوِيلة المهزولة؛ و قيل: هي التي أشرفت علي الهلاك؛ من النَّهَابر، و هي المهالك.
الهَيْذَرَة: الكثيرة الهَذْر.
اللَّفُوت: التي لها ولد من زَوْج، و هي تحت آخر، فهي تلتفت إليه و تشتغل به.
فأشهرت في (سه). شِهَاب في (عص). و أشهر في (ذق).

الشين مع الياء

[شيد]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَنْ أَشَاد علي مسلم عَوْرَةً يَشِينُهُ بها بغير حَقّ شَانه اللَّهُ بها في النارِ يومَ القِيامة.
و
في حديث أبي الدَّرْداء رضي اللّٰه عنه: أيّما رَجل أشَاد علي امري‌ءٍ مسلم كلمةً هو منها بَرِي‌ء يَري أَنّ شَيْنه بها، كان حقّاً علي اللّٰه أَنْ يُعَذّبَه بها في نار جهنم حتي يأتيَ بنَفَذِ ما قال.
أشاده و أشاد به: إذا أشاعه و رفع ذكره، من أشدت البُنيان فهو مُشَاد، و شَيّدته إذا طَوّلتَه.
و في كتاب العين: الإشادة شِبُه التَّنْديد، هو رَفْعُك الصوت بما يكره صاحبك، و أنشد:
أتَاني أنَّ دَاهِيةً نآداً أشادَ بها علي خَطَلٍ هشام «1»
النَّفَذ: المخرج و المَخْلص مما قال، و يقال لِمَنْفَذِ الجِراحة نَفَذ، يقال: طعنه طعنةً لها نَفَذ.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (نأد)، و رواية الشطر الثاني في اللسان: أتاك بها علي شَحَطٍ مُيونِ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 226‌

[شيط]*:

في قصة يوم مُؤْتَة: إن زيد بن حارثة رضي اللّٰه عنه قاتل برايةِ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم حتي شَاطَ في رِماحِ القوم.
أي هَلَك؛ و أصلُه من شاط الزيتُ، إذا نَصَحَ حتي يحترق؛ لأنه يهلِك حينئذ، و قالوا:
أشاطت الجَزُور؛ إذا قُسِّمت حتي فَنِيت أنِصبَاؤُها.
إذا اسْتَشَاط السُّلْطان تسلَّطَ الشيطان.
أي تلهَّب و تحرَّق غضَباً؛ استفعال من شيْطوطة الزيت.
إن النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ ما رئِي ضاحكاً مُسْتَشِيطاً.
هو المتهالك ضَحِكاً.
إن سفينة رضي اللّٰه عنه أشاط دَمَ جَزُور بجِذْلٍ فأكله.
أي سفكه؛ و أراد بالجِذْل عُوداً أحَدَّه للذَّبْح.
و الوَجْهُ في تسميته جِذْلًا أنه أُخِذ من جِذْلِ شجرة، و هو أصلُها بعد ذهاب رَأْسها.

[شيع]*:

قال لِعَكَّاف: ألكَ شَاعة.
أي زوجة، هي المرأة لأنها تُشَايِعه.

[شيط]:

ذَكَر المقتول بالنَّهْرَوَان؛ فقال: شيطان الرَّدْهة.
هو الحية.
و الرَّدْهة: مُسْتَنْقعٌ في الجَبَل، و جمعها رِداه. و هو كقولهم: صَمَّاء الغَبَر «1».

[شيم]*:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- شُكِي إليه خالد بن الوليد، فقال: لا أشِيم سيفاً سلَّه اللَّهُ علي المشركين.
أي لا أغمِده. قال الفرزدق:
بِأَيْدِي رِجَالٍ لم يَشيموا سُيُوفَهُم و لم تَكْثُر الْقَتْلَي بها حينَ سُلَّتِ «2»
______________________________
(3) (*) [شيط]: و منه الحديث في صفة أهل النار: ألم تروا إلي الرأس إذا شُيِّطَ. و في حديث عمر: القسامة توجب العقل، و لا تشيط الدَّمَ. النهاية 2/ 519.
(4) (*) [شيع]: و منه حديث صفوان: إني لأري موضع الشهادة، لو تشا يعني نفسي. و في حديث الضحايا: نهي عن المشيَّعة. و حديث علي: أمرنا بكسر الكوبة و الكنَّارة و الشيَّاع. النهاية 2/ 520.
(1) هو جزء من بيت للحرمازي يمدح فيه المنذر بن الجارود:
أنت لها مُنْذِرُ من بني البشر داهية الدهْرِ و صمَّاء الغَبَرْ
لسان العرب (غبر).
(5) (*) [شيم]: و منه حديث علي: أنه قال لأبي بكر لما أراد أن يخرج إلي أهل الردة و قد شهر سيفه: شِمْ سيفك و لا تفجعنا بنفسك. النهاية 2/ 521.
(2) البيت من الطويل، و هو للفرزدق في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 122، و شرح شواهد المغني-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 227
و كأن الشَّيْم إنما أطلق علي السَّلّ و الإغماد من قِبَل أنَّ الشَّيْم هو النظر إلي البَرْقِ، و من شأنِ البرق أنه كما يخفق يَخْفَي من فَوْرِه بغير تَلَبُّث، فلا يُشام إلا خافقاً أو خافياً.
و قد غَلب تشبيهُ السيفِ بالبرق حتي سُمِّي عَقِيقة «1». فقيل: شِمْ سيفَك، أي انظر إليه نَظَرك إلي البرق، و ذلك حال الخُفوق أو حال الخفاء، و جعل النظر كناية عن السلّ و الإغماد؛ لأنّ النظر يتقدم الفِعْلين.

[شيع]:

خالد رضي اللّٰه عنه- كان رجلًا مُشَيَّعاً، و إنّ رجلًا كان في نفسه شي‌ء علي حيّ من العرب فأتي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فأخبره أنهم قد ارتدُّوا، فأرسل خالداً إليهم، فلما رأوا نَوَاصِيَ الخيل قالوا: ما هذا؟ فأخبرهم خالد الخبر، فخَنُّوا يبكون و قالوا: نعوذ باللّٰه أنْ نَكْفُرَ.
المُشَيَّع: الشجاع؛ لأن قلبه لا يخذُله، فكأنه يشيعه، أو كأنه شيِّع بغيره. قال تأبَّطَ شَرًّا:
قليل غِرارِ النوم أكبرُ همّه دمُ الثار أو يَلْقَي كَمِيًّا مَشيّعا
الخنين- بالخاء: من الأنف، و الحنين من الحلق.
مُشِيع في (رج). و أشاح في (شذ). يُشَاط في (دس). و المشيّعة في (صف). تُشيط في (قس). مُشيعاً في (بو). فتشايره في (جو). شيبة الحمد في (نس). و في (قح). شِيخان في (قح). شامة في (صب). شِمْ سيفك في (شه). شِيَاع في (تب).
[آخر باب الشين]
______________________________
- ص 778، و لسان العرب (خرر) و (شيم)، و ليس في ديوانه، و بلا نسبة في الإنصاف ص 667، و تذكرة النحاة ص 620، و شرح المفصل 2/ 67، و مغني اللبيب ص 360.
(1) العقيقة من البرق: ما يبقي في السحاب من شعاعه و به تشبه السيوف فسمي عقائق (القاموس المحيط:
عقق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 228‌

حرف الصّاد

الصاد مع الهمزة

[صأصأ]:

عُبَيْدُ اللّٰه بن جَحْش- هاجَرَ إلي الحَبَشة ثم تنصَّر؛ فكان يمرّ بالمسلمين فيقول: فَقَّحْنَا و صَأْصَأتُمْ.
أي أبصرْنا و لمَّا تَبْلُغوا حينَ الإبصار؛ من صَأْصَأَ الْجِرْوُ، إذا حرَّك أجفانَه لينظر قبل أن يُفَقِّحَ «1».
و يقال: صَأْصَأَ الكلْبُ بذَنَبه إذا حرَّكه فَزَعاً، و منه: صَأْصَأَ فلان بمعني كَأْكأَ؛ إذا جَبُنَ و فزع؛ قال:
يُصَأْصِئُ مِنْ ثارِه جَابِبا
[من الجَبَب، أي ناكصاً]، و الأصل فيه التحريك.

الصاد مع الباء

[صبر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي عن قَتْلِ شي‌ء من الدواب صَبْراً.
هو أن يُمْسَك، ثم يُرْمَي حتي يُقْتل.
و منه
حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه نهي عن المَصْبُورة، و نَهَي عن صَبْرِ ذي الرُّوح.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، أنه قال في رجل أمسك رجلًا و قتله آخر: اقْتُلُوا القاتل: و اصْبِرُوا الصابر.
أي احْبِسوا الذي حَبَسَه للموت حتي يموت.
______________________________
(1) التفقح: التفتح، و فقح الجر، كمنع: فتح عينيه أول ما يفتح و هو صغير (القاموس المحيط: فقح).
(2) (*) [صبر]: و منه في حديث الصوم: صُمْ شهر الصَّبر. و الحديث: من حلف علي يمين مصبورة كاذباً.
و الحديث: أن النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم طعن إنساناً بقضيب مداعبة فقال له: أصبرني، قال: اصطبر. و حديث ظبيان:
و سقوهم بصبير النيطل. و حديث عمر: دخل علي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و إن عند رجليه قرظاً مصبوراً. و في حديث علي: قلتم هذه صَبَارَّةٌ القُرِّ. النهاية 3/ 7، 8، 9.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 229
و
قال: لا يقُتْل قُرَشِيٌّ صَبْراً.
و هو أن يُمْسَكَ حتي تُضْرَب عُنُقُه.
و
عن ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- أن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم نهي عن صَبْر الرُّوح.
و هو الخِصاء، و الخِصَاءُ صَبْرٌ شديد. و قولهم: يمين الصَّبْر، هو أن يَحْبِسَ السلطانُ الرجلَ علي اليمين حتي يَحْلِفَ بها.

[صبح]*:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يتيماً في حِجْرِ أبي طالب، فكَان يُقَرَّبُ إلي الصبيان تَصْبيحُهم فيختلِسون و يَكُفّ، و يُصْبِحُ الصبيان غُمْصاً، و يصبح صَقِيلًا دَهِيناً.
هو في الأصل مصدر صَبَّحَ القومَ؛ إذا سقاهم الصَّبوح؛ ثم سمي به الغَدَاء؛ كما قيل للنبات: التَّنبيت و للنَّور: التَّنوير.
غَمِصَتْ عينُه و رَمِصَتْ، و غمِصَ الرجل و رَمِص، فهو أغمص و أرْمص. و منه الشِّعْرَي الغُمَيْصَاء. و الغَمَص: أن يَيْبَسَ. و الرَّمَص: أن يكون رَطْباً.
انتصاب غُمْصاً و صقيلًا علي الحال لا الخَبرَ؛ لأنّ أصبح هذه تامّة بمعني الدخول في الصباح؛ كأظهر و أعْتَم.
نَهَي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن الصُّبْحَة.
هي نَوْمَة الغَدَاة؛ و فيها لغتان: الفتح و الضم؛ يقال: فلان ينام الصَّبحة و الصُّبْحة.
و إنما نهي عنها لوقوعها في وقْتِ الذكر و طلب المعاش؛ و سمعت مَنْ يُنْشد:
ألَا إن نومات الضُّحَي تُورِث الفَتَي خَبَالًا و نَوْماتِ العُصَيرِ جُنُونُ

[صبر]:

لما قدمتْ عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم وفودُ العرب قام طَهفْة بن أبي زهير النَّهْدِي، فقال: أتيناك يا رسول اللّٰه مِنْ غَوْرَيْ تِهامة، بأكوار الميس، ترتمي بنا العِيس، نَسْتَحْلِبُ الصَّبِير، و نَسْتخلِبُ الخَبِير، و نسْتَعْضِدُ البَرِير، و نَسْتَخِيل الرِّهام. و نَسْتحيل- أو نَسْتجِيلُ- الجَهام، من أرْضٍ غائلة النِّطَاء، غَليظة الوِطاء، قد نَشِفَ المُدْهُن، و يَبِس الجِعْثِن، و سَقَط الأُمْلُوج، و مات العُسْلوج، و هلكَ الهَدِيّ، و مات الوَدِيّ. بَرِئْنا يا رسولَ اللّٰه من الوَثَن و العَنَن، و ما يُحْدِث الزَّمَن؛ لنا دعوة السلام، و شريعةُ الإسلام ما طَما البحر، و قام تِعَار، و لنا نَعَم هَمَلٌ أَغْفَال، ما تَبِضُّ بِبِلال، و وَقِير كثير الرَّسَل، قليل الرِّسْل، أصابتها سَنَة حَمْراء مُؤْزِلة، ليس لها عَلَلَ و لا نَهَل. فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اللهم بارك لهمْ في مَحْضِها و مَخْضِها و مَذْقِها، و ابعث راعيها في الدَّثْر، بيانِع الثَّمَر، و افْجُرْ له الثَّمَدَ، و بارك لَه في المال و الولَد. مَنْ أقام
______________________________
(1) (*) [صبح]: و منه في حديث الاستسقاء: و ما لنا صبيٌّ يصطبح. و في حديث الشعبي: أعن صبوح تُرقِّقُ.
و حديث جرير: و لا يَحْسُر صابحها. و الحديث: لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ صعد علي الصفا و قال: يا صباحاه. و في حديث أم زرع: أرقد فأتصبَّح. و في حديث الملاعنة: إن جاءت به أصبح أصهب. النهاية 3/ 6، 7.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 230
الصلاة كان مسلماً، و من آتي الزكاة كان مُحْسناً، و من شهد أَنْ لا إله إلا اللّٰه كان مُخْلِصاً، لكم يا بني نَهْد ودائعُ الشِّرْك، و وضائع الملك؛ لا تُلطِطْ في الزكاة، و لا تُلْحِدْ في الحياة، و لا تتثاقلْ عن الصلاة.
و كتب معه كتاباً إلي بَني نَهْد: من محمد رسول اللّٰه إلي بني نَهْد [بن زيد]: السلام علي من آمنَ باللّٰه و رسوله. لكم يا بني نهد في الوَظيفة الفَريضة، و لكم العَارِض و الفَرِيش و ذو العِنان الرَّكُوب، و الفَلُوّ الضَّبِيس؛ لا يُمْنَع سَرْحُكم، و لا يُعْضَدُ طَلْحُكُمْ، و لا يُحْبَسُ دَرُّكُمْ، ما لم تُضْمِرُوا الإمَاق، و تأكلوا الرِّباق. مَنْ أَقرَّ بما في هذا الكتاب فله من رسول اللّٰه الوفاءُ بالعهد و الذمَّة، و من أبَي فعليه الرِّبْوة.
الصَّبِير: السَّحَاب الكثِيف المتراكب، و هو من الصَّبْر بمعني الحبْس، كأنّ بعضه صُبِر علي بعض. و منه صُبْر الشّي‌ء و هو غِلَظُه و كثافته، و صُبْرة الطعام. و قد استصْبَرَ السحابُ كاستَحْجَرَ الطين.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما أنه قال في قوله تعالي: وَ كٰانَ عَرْشُهُ عَلَي الْمٰاءِ [هود: 7]. كان يصعد إلي السماء من الماء بُخار فاستَصْبَر فعاد صَبيراً، فذلك قوله تعالي: ثُمَّ اسْتَويٰ إِلَي السَّمٰاءِ وَ هِيَ دُخٰانٌ [فصلت: 11]؛ أي تراكم و كَثفُ.
نَسْتَخْلِب: من الخَلْب، و هو القَطْع و المَزْق؛ من خَلَب السبعُ الفريسةَ يَخْلِبَها و يَخْلُبها إذا شَقَّها و مَزَّقها. و منه المِخْلَب و قيل للمِنْجَل المِخْلَب.
الخَبِير: النبات؛ و منه قيل للوَبَر خَبِير. قال أبو النَّجْم:
حتي إذا ما طار مِن خَبِيرِها «1»
و نظيرُه الشَّكير.
نَسْتَعْضِد البَرِير «2»: أي نأخذه من شجره فنأكلُه للجَذْب، من العَضْد، و هو القطع.
الاستِخَالة: أن تظنه خليقاً بالإمطار.
و الاستحالة: النظر.
و الاستجالة: أن تراه جائلًا. يعني أنا لا نستمطر إلا الرِّهام و هي ضِعَاف الأمطار؛ جمع رِهْمَة، و لا نَنْظُر إلّا إلي الجَهام.
النِّطَاء؛ من النَّطِيّ، و هو البَعيد. قال العجاج:
و بَلْدةٍ نِيَاطُها نَطِيُّ «3»
______________________________
(1) الرجز في لسان العرب (خبر).
(2) البرير: ثمر الأراك إذا اسود و بلغ.
(3) تمامه:
قيٌّ تناصيها بلادٌ قيُّ
و الرجز في لسان العرب (نصا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 231
المُدْهُن: نُقْرة في صخرة يَسْتَنْقَع فيها الماء. و هو مِنْ قولهم: دَهَن المطرُ الأرضَ؛ إذا بلَّها بَلًّا يسيراً. و ناقة دَهين: قليلة اللَّبن.
الجِعْثِن: أصل النبات.
الأُمْلُوج: واحد الأمَاليج، و هو ورَقٌ؛ كأنه عيدان يكون لضَرْبٍ من شجر البَرّ، و قيل:
الأملوج: نوي المقْل. و الملجُ مثله- و روي: و سقَط الأمْلُوج من البِكارة؛ أي هُزِلت البِكارةُ «1» فسقط عنها ما علَاها من السِّمَن بِرَعْيِ الأمْلوج. فسمي السِّمَن نفسه أمْلوجاً علي سبيل الاستعارة، كقوله يصف غيثاً:
أقبلَ في المسْتَنِّ مِنْ رَبَابه أَسْنَمِةُ الآبَالِ في سَحَابِه
العُسْلُوج: الغصن الناعم؛ و منه قولهم: طعام عُسْلُوج.
الهَدِيّ: الهَدْيُ، و قري‌ء: و الهَدِيّ مَعْكُوفاً [الفتح: 25]؛ و أراد الإبل، فسماها هَدِيّاً؛ لأنها تكون منها؛ أو أراد هلك منها ما أعِدّ لأن يكون هَدِيّاً، و اختير لذلك.
الوَدِيّ: الفسيل «2».
العَنَن: الاعتراض و الخلاف؛ أي برئنا من أنْ نخالف و نعاند، قال ابن حِلِّزة:
عَنَناً باطِلًا و ظُلْماً كما تُعْ تَرُ عَنْ حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّبَاءُ «3»
طما و طمّ: إذا ارتفع.
تِعَار: جَبَل.
الهَمَل: المهْمَلَة التي لا رعاء لها و [لا فيها] من يُصْلِحُها و يَهْدِيها.
و منه المثل: اختلط المرعي بالهَمَل؛ أي الخير بالشر، و الصحيح بالسقيم.
الأَغْفَال: جمع غُفْل، و هي التي لا سِمَةَ عليها.
البِلَال: القَدْر الذي يَبُلّ.
الوَقير: الغنم الكثير. قال أبو عُبيدة: لا يقال للقطيعَ وَقِير حتي يكون فيه الكَلْب و الحِمار.
الرَّسَل: ما يُرْسَل إلي المرعي، و جمعه أرْسَال. و الرِّسْل: اللَّبَن؛ أي هي كثيرة العدد قليلة اللّبن. و قيل: الرَّسَل: التفرق و الانتشار في المرعي لقلة النبات و تفرقه.
حَمْرَاء: شديدة؛ لأنّ الآفاق تحمّر في الجَدْب. قال أمية:
وَيْلمّ قومي قَوْماً إذا قُحِط الْ قَطْرُ و آضَتْ كأَنّها أَدَمُ
______________________________
(1) البكارة، جمع بكر: و هو الفتي من الإبل.
(2) الفسيل: صغار النخل.
(3) البيت في لسان العرب (عنن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 232
المُؤْزِلَة: التي جاءت بالأَزْل، و هو الضيق، و قد أَزِلَتْ.
المَحْضُ: اللبن الخالص.
المَخْض: الممخوض.
المَذْق: الممذوق «1».
الدَّثْر: المال الكثير.
اليانع: المُدْرِك؛ يقال: يَنعَت الثمرة و أيْنَعَتْ؛ أي بسبب يانع الثمر أو مَعَه.
فَجْرُ الثَّمَد «2»: فتحه و إغْزَارُه.
الودائع: العهود، جمع وَدِيع؛ يقال: أعطيته وَدِيعاً، و هو من تَوادَعَ الفريقان؛ إذا تعاهدا علي ترك القتال، و كان اسم ذلك العَهْد وَدِيعاً.
وَضَائع الملك: ما وضع عليهم في مُلكهم من الزكوات.
يقال: لطّ و أَلطّ؛ إذا دفع عن حقٍّ يلزمُه و ستَره.
الإِلْحاد: الميل عن الحق إلي الباطل.
في الحياة: أي ما دمت حياً.
فَرَضَتْ: هَرِمت؛ فهي فارِضٌ و فريضة.
العارض: التي أصابَها كَسْر، أو مَرَض.
الفَرِيش: التي وَضَعَتْ حديثاً، قال ذو الرُّمة:
باتت يُقَحِّمها ذو أزْمَلٍ و سَقَتْ له الفَرائِشُ و السُّلْبُ القَيَادِيدُ «3»
و المراد أنا لا نأخذُ المَعِيب منكم؛ لأن فيه إضراراً بأَهْلِ الصدقة، و لا ذات الدَّر؛ لأن فيه إضراراً بكم. و لكن نأْخُذُ الوسَط.
ذو العِنان: الفرس.
الرَّكُوب: الذَّلولُ.
الضَّبِيس و الضَّبِس: الصَّعْب، و هو في الأناسي العَسِر. و هذا
كقوله عليه السلام: «قد عفَوْنَا لكم عن صَدقة الخيل»
. لا يُحْبَسُ دَرُّكم: أي لا تحشر ذواتُ ألْبَانِكم إلي المصدّق فتحبس عن المَرْعي.
الإمَاق: تخفيف الإمْآق، بحذف الهمزة و إلقاء حركتها علي الساكن قبلها و هو الميم، و مثله قولهم في اقرأ آية: اقرآية حذفت همزة آية، و أُلقيت حركتها علي همزة اقرأ. و الإمآق
______________________________
(1) الممذوق: هو المخلوط بالماء.
(2) الثمد: الماء القليل.
(3) البيت الذي الرمة في ديوانه ص 137، و للشماخ في لسان العرب (قدد)، و ليس في ديوانه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 233
من أمأقَ الرجل، إذا صار ذَا مأْقة، و هي الحميّة و الأنفة؛ كقولك: أكأب من الكآبة. قال أبو وَجْزَة:
كانَ الكمِيّ مع الرسول كأنه أسَدٌ بمأقَتِهِ مُدِلٌّ مُلْحِمُ
و المعني: ما لم تضمروا الحمِيّة، و تستشعروا عُبِّية الجاهلية التي منها ينتج النكث و الغدر.
و أَوْجَهُ منه أن يكون الإماق مصدر أماق علي ترك التعويض. كقولهم: أريته إراء.
و كقوله تعالي: وَ إِقٰامَ الصَّلٰاةِ* [الأنبياء: 73]؛ و هو أفعَلُ، من المُوق بمعني الحُمق.
و المراد إضمار الكفر، و العمل ترك الاستبصار في دين اللّٰه، و قد وصف اللّٰه عزَّ و جلَّ في غير موضع من كتابه المؤمنين بأولي الألباب، و الكفار بأنهم قوم لا يعقلون. و قد قال القائل:
و الكَيْسُ أكيَسُهُ الثُّقَي و الحمقُ أحمقُه الفُجُور
و رُوي- الرِّماق- و هو مصدر رامقني، و هو نظَرُ الكاشح، و المرادُ النفاق.
و قيل: هو من قولك: عيش فلان رِماق، أي ضيق. قال:
ما زخر معروفك بالرِّماق و لا مُؤَاخاتك بالمَذَاقِ «1»
أي ما لم تَضِقْ صدوركم عن أداء الحق.
الرِّباق: جمع رِبْق، و هو الحَبْل و أراد العهد.
شَبّه ما لزم أعناقهم بالرِّبْق في أعناق البُهْم و شَّبه نَقْضَه بأكل البهمة رِبْقَها و قطعه.
الرِّبْوة: الزيادة علي الفريضة عقوبة علي إبائه الحق.

[صبو]*:

خرج صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إلي طعام دُعِي له، فإذا حُسين يلعب مع صِبْوة في السِّكة، فاسْتَنْتَل رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أمامَ القومَ، فبسط إحدي يديه، فطفِق الغلامُ يفِرُّ هاهنا و هاهنا، و رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يضاحكه، حتي أخذه، فجعل إحدي يديه تحتَ ذَقنه، و الأخري في فأس رأسه، ثم أقْنَعَه فَقَبَّله.
يقال: صِبْوَة و صِبْيَة في جمع صبيّ، و الواو هو القياس.
اسْتَنْتَل: تقدَّم ليأخذه.
فَأْس الرأس: حرف القَمَحْدُوة «2» المُشرف علي القَفَا، و ربما احتُجِم عليه.
أقْنَعَه: رفعه. قال اللّٰه تعالي: مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ [إبراهيم: 43].
______________________________
(1) الرجز لرؤبة في لسان العرب (رمق).
(3) (*) [صبو]: و منه الحديث: و شابٌّ ليست له صبوةً. و في حديث الفتن: لتعودُنَّ فيها أساود صُبًّي. النهاية 3/ 11.
(2) القمحدوة: الهنة الناشزة فوق القفا، و هي بين الذؤابة و القفا منحدرة عن الهامة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 234‌

[صبع]:

قَلْب المؤمن بين إصْبَعين من أصابع الرحمن، يُقَلِّبه كيف يشاء.
هذا تمثيل لسرعة تقلّب القلوب، و إن ذلك أمر معقود بمشيئته، و ذكر الإصبع مجاز كذِكْر اليد و اليمين.

[صبي]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لا يُصَبِّي رَأْسَه في الركوع و لا يُقنِعُه.
أي لا يخفِضه و لا يُميله إلي الأرض؛ مِنْ صَبا إلي الجارية إذا مال إليها، و قيل: هو مهموز؛ من صَبَأَ من دِينه؛ لأنه إخراجُ الرأس عن الاستواءِ. و يجوز أن يكون قلْب يُصَوِّب و قيل: الصواب لا يُصَوِّبُ رأسَه.
الإقْناع: الرفع؛ و قد يكون التصويب- و منه رواية مَنْ
روي: كان إذا ركع لم يُشْخِصْ رأسه و لم يُقْنِعْهُ.

[صبح]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- لما قدم المدينةَ مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم مهاجراً أخذته الحُمَّي و عامرَ بن فُهَيْرة و بلالًا- قالت عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: فدخلتُ عليهم و هم في بيتٍ واحد، فقلت لأبي: كيف أصْبَحْت؟ فقال:
كل امري‌ء مُصَبَّح في أهْلِه و الموتُ أدْنَي من شِراك نَعْلِه «1»
فقلت: إِنّٰا لِلّٰهِ! إن أبي لَيَهْذِي؛ ثم قلت لعامر: كيف تَجِدُك؟ فقال:
لقد وجدت الموت قبل ذَوْقِه و المرء يأتي حَتْفُه من فَوْقِه «2»
كل امري‌ء مجاهدٌ بِطَوْقه كالثور يَحْمِي أنْفَه بِرَوْقِه
فقلت: هذا و اللّٰه ما يدري ما يقول؛ ثم قلت لبلال: كيف أصْبَحْت؟ فقال:
ألا ليتَ شعري هل أبيتَنَّ ليلةً بفَخٍّ و حولي إذْخِرٌ و جَليل «3»
و هل أرِدَنْ يوماً مِيَاهَ مَجَنَّة و هل يبدونْ لي شَامَةٌ و طَفِيل
قالت: ثم دخلت علي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فأخبرته، فقال: اللهم حَبِّبْ إلينا المدينة كما حببتَ إلينا مكة، اللهمّ بارك لنا في صاعنا و مُدّنا «4»، اللهم انقل حُمَّاها إلي مَهْيَعةَ.
مُصَبَّح؛ أي مَأْتِيٌّ بالموت صباحاً.
من فوقه، أي يُنَزَّلُ عليه من السماء فلا يُجْدي عليه حَذَرُه.
______________________________
(1) الرجز للحكيم النهشلي في شرح شواهد المغني 2/ 522، و العقد الفريد 5/ 185، و لأبي بكر الصديق في سمط الآلي‌ء ص 557، و العقد الفريد 5/ 282، و مغني اللبيب 1/ 196 (و قيل إنه تمثل به)، و بلا نسبة في الأزمنة و الأمكنة 2/ 137.
(2) الرجز لعمرو بن أمامة في لسان العرب (طوق).
(3) البيتان في معجم البلدان (شامة).
(4) المد: ربع صاع و الصاع خمسة أرطال.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 235
الطَّوْق: الطاقة.
الرَّوْق: القَرْن.
الفخ: واد بمكة.
و مَجَنَّة: موضع سوقٍ بأسفلها علي قَدْر بَرِيد منها.
و شامه و طَفيل: جبلان مُشرفان علي مَجَنَّة.
و مَهْيَعة: هي الجُحْفَة، مِيقاتُ أهلِ الشام.

[صبأ]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قيل له: إن أختَك و زوجَها قد صَبَئا و تركا دِينك، فمشي ذامِراً حتي أتاهما.
صبأ: إذا خرج من دين إلي دين؛ من صبأ نابُ البعير إذا طلع، و صَبَأ النجمُ.
ذَامِراً؛ أي متهدّداً، و منه. أقبلَ فلان يتذمّر. و أصل الذَّمْر الحضُّ علي القتال، و منه الذَّمر «1»، و كان هذا قبل أنْ يُرْزَقَ الإسلام.

[صبر]:

ابن مَسْعود رضي اللّٰه تعالي عنه- سِدْرَة المُنْتَهي صُبْرُ الجنة.
أي جانبها، و منه ملأ الإناء إلي أصْبَارِه. و قال النَمِر بن تولب [يصف روضة]:
عَزَبَتْ و باكَرَها الربيع بدِيمَةٍ وَطْفَاء تملؤها إلي أصْبَارِها «2»
قيل له صُبْر؛ من الصَّبْر و هو الحَبْس، كما قيل له عُدْوة، من عداه إذا منعه.

[صبب]*:

عُقْبة بن عامر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يَخْتَضِبُ بالصَّبِيب.
هو ماءُ وَرَقِ السِّمْسم، و قيل شجر يُغْسَل به [الرأس] إذا صُبَّ عليه الماء صارَ ماؤُه أخْضَر قال علقمة:
فأوْرَدْتُها ماءً كأن جِمامَه من الأجْنِ حِنَّاءٌ معاً و صَبِيب «3»

[صبغ]*:

أبو هُرَيرة رضي اللّٰه عنه- رأي قوماً يتعادَوْن، فقال: مَا لَهُمْ؟ قالوا: خرج
______________________________
(4) (*) [صبأ]: و منه في حديث بني جذيمة: كانوا يقولون لما أسلموا: صبأْنا صبأْنا. النهاية 3/ 3.
(1) الذمر: الشجاع.
(2) البيت في لسان العرب (صبر).
(5) (*) [صبب]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إذا مشي كأنما ينحطُّ في صبب. و منه حديث الصلاة: لم يَصُبَّ رأسه.
و في حديث مسيره إلي بدر: أنه صبَّ في ذِفرَانَ. و منه حديث عمر: اشتريت صُبَّة من غنم. و في حديث عتبة بن غزوان: و لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء. النهاية 3/ 3، 4، 5.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 235
(3) البيت في ديوان علقمة ص 5، و لسان العرب (صبب).
(6) (*) [صبغ]: و منه الحديث: أكذب الناس الصبَّاغون و الصبَّاغات. و في حديث علي في الحج: فوجَدَ فاطمة رضي اللّٰه عنهما لبست ثياباً صبيغاً. النهاية 3/ 10.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 236
الدجَّال، فقال كَذبة كَذَبها الصّبَّاغون- و روي: الصَّوَّاغون و الصَّيَّاغون.
هم الذين يَصْبُغون الحديثَ، أي يلَوِّنُونه و يُغَيِّرُونه. قال الفراء: أصْلُ الصَّبْغ التغير، و نَقْلُ الشي‌ء من حال إلي حال، و منه صَبَغْتُ الثوب، أي غيرته من لونه و حاله إلي حالٍ، سواداً أو حُمْرَةً أو صفرة. و منه قولهم: صَبَغُوني في عينك، أي غيروني عندك بالوشاية و التضريب.
و الصوّاغون: الذين يَصُوغونه، أي يُزينونه و يزخرفونه بالتَّمْوِيه. و الصَّيَّاغ: فَيْعَال من الصَّوْغ، كالديَّار و القيَّام.

[صبب]:

واثلة بن الأسْقع رضي اللّٰه تعالي عنه- ذكر تخلّفه عن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في غَزْوة تَبُوك، حتي خرج أوائِلُ الناس، قال: فدعاني شيخ من الأَنْصار، فحملني، فخرجتُ مع خَيْر صاحب، زادِي في الصُّبَّة. و خصَّني بطعام غير الذي أضع يدي فيه معهم.
الصُّبَّة: الجماعة من الناس.
و منه
حديث شقيق أنه قال لإبراهيم النَّخَعي رحمهما اللّٰه تعالي: أ لم أُنَّبأْ أنَّكم صُبَّتَان صُبَّتَان
، يريد: كنت آكلُ مع الرفقة الذين صحبتهمُ، و كان الأنصاري يخصُّني بطعَام غيره.
و قيل: الصُّبَّة ما صَبَبْته من الطعام مجتمعاً، أي كان نصيبي في الطعام المجتمع عليه وافراً، و كان مع ذلك يَخُصُّني بغيره.
و قيل هي شِبْه السُّفْرة «1».
و قال بعضهم: الصواب علي هذا التفسير الصِّنّة «2» (بالنون؛ مفتوحة الصاد أو مكسورتها).
و المعني: زادي في السُّفرة التي كانوا يجتمعون عليها؛ و أُخَصُّ بغيره.

[صبي]:

أم سَلَمة رضي اللّٰه تعالي عنها- خطبها رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقالت: أنا مُصْبية مُؤْتِمة، فتزوّجها فكان يأتيها و هي تُرضع زينب فيرجع، ففطن لها عمار- و كان أخاها من الرضاعة- فدخل عليها فانْتَشَط زينبَ- و روي فاجْتَحَفَها، قال: دَعِي هذه المَقْبُوحة المَشقُوحة؛ التي قد آذيتِ رسولَ اللّٰه بها!
مُصبِية: ذات صِبْيان.
مُؤْتِمة: ذات أيْتَام: و قد أصْبَت و أيْتَمت.
انْتَشَط: اجتذب.
و اجتحف: اسْتَلَب؛ من جَحَفْتُ الكُرة و اجْتحفتها من وَجْه الأرض.
______________________________
(1) السفرة: طعام يتخذه المسافر، و أكثر ما يحمل في في جلد مستدير.
(2) الصنة: شبه السلة يوضع فيها الطعام.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 237
المشقوحة؛ من المقبوحة كالشَّقيح من القَبِيح؛ و قد تقدم.
النَّخَعي رحمه اللّٰه تعالي- كان يُعْجِبُهم أنْ يكونَ للغلام إذا نشأ صَبْوة.
أيْ ميل إلي الهوي؛ لأنه إذا تاب و ارْعَوَي كان أشدَّ لاجْتهادِه، و أبْعَد له من العُجْبِ بنفسه، أو لأنه يعرفُ الشرّ فلا يقع فيه، و يذهبُ عنه البَلَه و الغَفْلة.
و
عن سُفْيان الثَّوْري رحمه اللّٰه تعالي: مَنْ لم يَتَفَتّ لم يحسن أن يتقرَّأ.

[صبر]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- من أسلف سَلَفاً فلا يأخذنّ رهناً و لا صَبِيراً.
هو الكَفِيل، و صبرت به أصبُر (بالضم) كأزْعُم و أكْفُل.
صبب في (مغ). أساود صُبّا في (سو). ثم صبَّ في (خي). بصُبَر في (زو). فأتصبّح في (غث). فليصطبر في (شز). صُبابة في (حذ). الصَّبغاء في (ضب). بالصبر في (دح).
يصبّها في (صم). لا أُصْبح في (فر). ما لم تصطبحوا في (حف). صُبّة من الغنم في (جز).
صابحُها في (دك).

الصاد مع التاء

[صتت]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- إنَّ بني إسرائيل ما أُمِرُوا أن يَقْتُلَ بعضُهم بعضاً قاموا صَتَّيْن- و روي: صَتِيتيْن.
الصَّت و الصَّتِيت: الفِرْقَةُ، يقال: تركتُ بني فلان صَتِيتَيْن، و القوم صتِيتَانِ، و ذلك في قتالٍ أو خُصومة.
و قيل: هو الصَّفُّ من الناس. و أصلُ الصَّتّ الصَّكُّ، و يقال: ما زلت أُصَاتُّ فلاناً؛ أي أُخَاصِمُه.

الصاد مع الحاء

[صحر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كُفِّنَ في ثوبين صُحَارِيَّين، و ثوب حَبِرة.
ثوب [أصْحَر و] صُحارِيّ و مُلاءة صَحْراء و صُحَارِيَّة من الصُّحْرة، و هي حمرة خَفِيَّة كالغُبْرة. و قيل: هو منسوب إلي صُحَار؛ قرية باليمن.
الحِبَرة: ضرب من البُرُود.

[صحف]*:

كتب صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لعُيَيْنة بن حِصْن كتاباً، فلما أخذ كتابَه قال: يا محمد، أ تُرَاني
______________________________
(1) (*) [صحر]: و منه في حديث علي: فأصحر لعدوِّك و امض علي بصيرتك. و في حديث الدعاء: فأصحر بي لغضبك فريداً. النهاية 3/ 12.
(2) (*) [صحف]: و منه الحديث: و لا تَسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها. النهاية 3/ 13.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 238
حاملًا إلي قومي كتاباً كصحيفة المُتَلَمِّس!
هي إحدي الصحيفتين اللتين كتبهما عمرو بن هِند لطَرَفة و المُتَلَمِّس إلي عامله بالبحرين في إهْلاكهما، وَ خَيَّلهما أنهما كِتابا جائزة. فنجَّي المتلمس عَمَلُه علي الحزْم و هَرَبُه إلي الشام، و سارت صحيفتُه مثلًا في كل كتابٍ يحمله صاحبُه يرجو منه خيراً و فيه ما يسوءه. و منه قول شريح رحمه اللّٰه:
فَلَيَأْتِيَنَّك غادِياً بصحيفة نَكْدَاءَ مِثْلِ صحيفةِ المُتَلَمِّس

[صحر]:

عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- رَأي رجلًا يقطع سَمُرة بِصُحَيْرات اليَمام، فقال: ويحك! إن هذا الشجرَ لِبَعيرك و شاتِك و أَنْتَ تَعْقِرُه! وَيْحك! ألست تَرْعَي مَعْوتَها و بَلَّتها و فَتْلَتها و بَرَمتها و حُبْلتها؟ قال: بلي واللّٰه يا أمير المؤمنين؟ و لست بعائدٍ ما حيِيت.
صُحَيْرَات اليَمَام: موضع، و هو في الأصل جَمْع مصغّر الصُّحْرة؛ و هي جَوْبة تنجاب في الحَرَّة «1»، تكون أرضاً ليِّنة تُطِيفُ بها حِجارة.
و اليَمام: شجر، و ضرب من طَيْر الصَّحْراء.
المَعْوة: ثمرة النخلة إذا أدركت، فشبّه بها المدرِك من ثَمر السَّمُرة.
و قيل: الصوب بَغْوَتها، و هي ثمرة السَّمُرة أول ما تخرج.
البَلَّة: نَوْرُ العِضَاه ما دام فيه بَلَل؛ فإذا تفَتَلَّ فهو فَتلَة.
البَرَمة: واحدة البَرَم. قال يعقوب: هي هَنَة مدحرجة. و بَرَمة كل العِضاةِ صفراء إلا أن العُرْفُط بَرَمته بيضاء. و بَرَمة السَّلَم أطْيَبُ البِرَام ريحاً.
الحُبْلَة: وعاء الحَبّ، كأنها وِعاء الباقِلي، و لا يكون إلا للسّلم و السَّمُرِ و فيها الحب، و هي عِرَاض كأنها نِصال.
و قال أبو مالك: الحُبْلة العُقْدة التي تكون في العُود؛ منها تخرج النَّوْرة.

[صحصح]:

ابن الزُّبَير رضي اللّٰه تعالي عنهما- لما أتاه قَتْلُ مَرْوان الضَّحَّاك بمَرْج راهط، قام خطيباً، فقال: إن ثَعْلب بنَ ثَعْلب حفر بالصَّحْصَحة؛ فأخطأت اسْتُه الحفرة، و الْهَفَ أمٍّ لم تَلِدْني علي رجل مِن محارب، و كان يرعي في جبال مكة فيأتي بالصِّرمة من اللَّبن فيبيعها بالقَبْضَة من الدقيق، فيري ذلك سَداداً من عَيْش، ثم أنشأ يطلبُ الخلافة و وِراثة النبوة.
الصَّحْصَحة و الصَّحْصَحُ: الأرض المستوية. قال الشماخ:
بِصَحْصَحَة تَبِيتُ بها النعامُ
______________________________
(1) جوبة تنجاب في الحرَّة: الجوبة: الحفرة، و تنجاب: أي تحفر، الحرة: الحجارة السوداء. أي حفرة تحفر في الحجارة السوداء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 239
أخطأت اسْتُه الحُفْرَة: مثل للعرب تضربه فيمن لم يُصِبْ مَوْضِع حاجته.
أراد بهذا أن الضَّحَّاك طلبَ الظَّفَر و التوثُّب علي المنازِل الرفيعة فلم ينل طَلِبتَه.
و الرَّجل من مُحارب هو الضَّحاك، لأنه الضحاك بن قَيس الفِهْري، من فِهْر بن محارب بن مالك بن النضر بن كنانة.
الصِّرْمة: الطائفة من اللَّبن الحامض؛ يريد أنه كان من رَكاكة الحال و دنَاءة العيش بتلك المنزلة، ثم تصدّي لطلب عَلِيَّات الأمور.
و كان معاوية قد استعمل الضحاك علي الكوفة بعد زِياد، فلما ولي مَرْوان صار الضحاكُ مع ابن الزبير، فقاتل مَرْوان يوم المَرْج؛ مَرْج راهط؛ فقتله مروان.
و قوله: ثعلب [بن ثعلب] جَعَله نَبْزاً له.

[صحن]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- سأل رجل عن الصَّحْنَاة، فقال: و هل يأكلُ المسلمون الصَّحْناة؟
هي التي يقال لها الصِّير؛ و كِلا اللفظين غَيْرُ عربي.
قال ابن دُريد: و أحسبه- يعني الصِّير- سريانياً معرباً؛ لأنَّ أهلَ الشام يتكلمون به؛ و قد دخل في عربية أهل الشام كثير من السريانية، كما استعملت عرب العراق أشياء من الفارسية.

[صحح]*:

في الحديث- الصَّوْم مَصَحَّة.
و رُوي بكسر الصاد؛ و هذا نحو
قوله: صُومُوا تَصِحُّوا.
صحل في (بر). صحِل في (قح). صَحْفتها في (كف). صحصح في (عب). مِصْحاة في (فق). فلا تُصْحريها في (سد). [صُوَيْحِبة في (أس). صاحبي في (رف). صاحبنا في (حش). و صحفة في (خر). مُصِح في (عو)].

الصاد مع الخاء

[صخر]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- الصَّخْرة، أو الشَّجَرة، أو العَجْوة «1» من الجنة.
أراد صخرةَ بيتِ المقدس و الكَرْمةَ، و النخلةَ.
صخب في (خش). صاخّة في (رف).
______________________________
(2) (*) [صحح]: و منه الحديث: لا يوردن ذو عاهة علي مُصِحٍّ. النهاية 3/ 12.
(1) العجوة: من أجود التمور.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 240‌

الصاد مع الدال

[صدأ]*:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه-
سئل ابنُ عباس عن السَّلَف، فقال أَ عَنْ أبي بكر؟ كان و اللّٰه برًّا تَقِيًّا من رجل، كان يُصَادِي غَرْبَه.
أي يُداري حِدّتَه، و يَسكّن غضبه. قال مُزَرِّد:
ظَللناها نُصادِي أمّنا عن حميتها كأَهْلِ الشَّمُوسِ كلُّهم يتودَّدُ
عن: تعلق بفعل محذوف؛ أراد التساؤل عن أبي بكر.
من رجل: بيان كقوله تعالي: مِنَ الْأَوْثٰانِ [الحج: 30].

[صدع]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- سأل الأسقُفَّ عن الخلفاء، فحدَّثه حتي انتهي إلي نَعْت الرابع، فقال: صَدَعٌ من حديد. فقال عمر: وا دَفَراه!- و رُوي: صَدَأُ حديد.
الصَّدَع: الوَعِل بين الوَعِلين، ليس بالغَليظ و لا بالشَّخْت. قال الأعشي:
قد يَتْرُكُ الدَّهْرُ في خَلْقَاء رَاسِيةٍ وَهْياً و يُنْزِلُ منها الأعْصَم الصَّدَعا «1»
و إنما يوصف بذلك لاجتماع القوة و الخفّة له، و قد يوصف به الرجل أيضاً.
و منه الحديث:
قال سُبيع بن خالد: قدمتُ الكوفةَ فدخلت المَسْجد، فإذا صَدَع من الرجال، فقلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: أ ما تعرفه؟ هذا حُذَيفة صاحب رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
أي متوسط في خَلْقِه، لا صغير و لا كبير؛ شبهه في خِفَّته في الحروب، و نُهوضِه إلي مُزَاولة صعابِ الأُمور حين أَفْضَي إليه الأمْرُ بالوَعِل؛ لتَوَقُّلِهِ في شَعَفَاتِ الجبال و القُلَل الشاهقة. و جعل الصَّدَع مِنْ حديد مبالغةً في وصفه بالبأس و النجدة و الصَّبْر و الشدة.
و الهمزة فيمن رواه صدأ بدلٌ من العين؛ كما قيل أُباب في عُباب. و يجوز أن يُراد بالصَّدَأ السَّهَك، و أنْ تكون العين مُبْدَلةً من الهمزة في صَدَع، كما قيل: و للّٰه عَنْ يَشْفِيك.
يعني: دَاوَم لُبْسَ الحديدِ لاتصال الحروب حتي يسهَك. و المراد علي رضي اللّٰه تعالي عنه و ما حدث في أيامه من الفِتَن، و مُنِيَ به من مقاتلة أهل الصَّلَاة؛ و مُنَاجزة المهاجرين و الأنصار، و ملابسة الأمور المشكلة، و الخطوب المعضلة؛ و لذلك قال عمر: وا دَفَراه!
و الدَّفْر: النَّتْن؛ تضجّراً من ذلك و استفحاشاً له.
______________________________
(2) (*) [صدأ]: و منه الحديث: إن هذه القلوب تصدأُ كما يصدأ الحديد. النهاية 3/ 15.
(3) (*) [صدع]: و منه في حديث الاستسقاء: فَصدَّع السحاب صدعاً. و الحديث: فأعطاني قبطيةً و قال:
اصدَعها صدعين. و في حديث أوفي بن دلهم: النساء أربع، منهن صدع تُفرِّق و لا تجمع. النهاية 3/ 16، 17.
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 13.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 241‌

[صدر]*:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- قال لعبيد بن عبد اللّٰه بن عُتْبة: حتي متي تقول هذا الشعر! فقال عُبيد اللّٰه: لا بُدَّ للمصدور أن يَسْعُلا.
هو الذي يشتكي صَدْره، و هو من باب ظُهِر و مُتِنَ و بُطِن؛ إذا أصيبتْ منه هذه المواضع؛ فحقيقة المصدور من أصيب صدرُه بعلة.

[صدف]*:

مُطَرف رحمه اللّٰه تعالي- من نام تحت صَدَفٍ مائل ينوي التَّوَكّل فلْيرمِ بنفسه مِنْ طَمَار، و هو يَنْوي التوكّل.
هو كلُّ بناء مرتفع، شبه بصَدَف الجبل، و هو ما صادفك؛ أي ما قابلك من جانبه.
و منه صَدفا الدُّرة، و هما القِشْرتان اللتان تكتنفانها من الصَّدف.
عن ابن الأعرابي: طَمَار: علم للمكان المرتفع؛ يعني أن الاحتراس من المهالك واجب، و إلقاءُ الرجل بيده إليها و التعرضُ لها جَهلٌ و خَطَأ عظيم.

[صدغ]:

قَتادة رحمه اللّٰه تعالي- كان أهلُ الجاهلية لا يُوَرِّثون الصبي، يجعلون الميراثَ لِذَوِي الأسْنَان؛ يقولون: ما شأنُ هذا الصَّدِيغ الذي لا يَحْتَرِفُ و لا يَنْفع، نجعل له نصيباً من الميراث!
قيل: هو الذي أَتَي له من وقت الولادة سبعة أيام؛ لأنه إنما يشتد صُدْغه إلي هذه المدة؛ و هو من لِحاظ العين إلي شَحْمة الأذن.
و قيل هو من قولهم: ما يَصْدَغُ نملةً من ضعفه، أي ما يَقْصَعُ.
و يجوز أن يكون فَعيلًا بمعني مفعول؛ من صَدَغه عن الشي‌ء إذا صرفه. يقال: ما صَدغه؟
و عن سَلَمة: اشتريت سِنَّوراً فلم يَصْدَغْهُنّ. يعني الفار؛ لأنه لضعفه لا يقدر علي شي‌ء؛ فكأنه مصروف عنه.

[صدم]*:

عبد الملك- كتب إلي الحجاج: إني قد استعملتك علي العِراقين صَدْمَةً.
فاخْرُجْ إليهما كَمِيشَ الإزار، شدِيدَ العِذار، منطوِيَ الخَصِيلة، قليل الثَّمِيلَة، غِرَار النوم، طويل اليوم.
______________________________
(1) (*) [صدر]: و منه الحديث: للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصَّدَر. و الحديث: كان له ركوة تسمي الصادر.
و الحديث: فأصدرتنا ركابنا. و في حديث الحسن: يضرب أصدرية. النهاية 3/ 15، 16.
(2) (*) [صدف]: و منه الحديث: كان إذا مر بصدف مائل أسرع المشي. و في حديث ابن عباس: إذا مطرت السماء فَتَحتِ الأصداف أفواهها. النهاية 3/ 17.
(3) (*) [صدم]: و منه الحديث: الصبر عند الصدمة الأولي. و حديث مسيره إلي بدر: خرج حتي أفْتَقَ من الصَّدْمتين. النهاية 3/ 19.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 242
أي دَفْعة واحدة.
كَمِيش الإزار: مُتقَلِّصه؛ من قولهم كَمُشتِ الخُصْية كماشة إذا لحقت بالصِّفاق «1»، و تقلّصتْ. و فرس كَمِيش: قصير الجُرْدَان. قال دُرَيد:
كَمِيش الإزار خارج نِصْفُ ساقِه
فلان شديد العِذار، و مُشمِّر العِذار؛ إذا كان معتزماً علي الشي‌ء الذي فُوِّض إليه، و هو من عِذار الدابة «2»، لأنه إذا و هي عِذَاره سقط عن رأسه و انخلع، فهامَ علي وجهه.
الخَصيلة: كل لحمة استطالت، و خالطت عَصَباً.
و قال الزجاج: الخصائل جُمْلة لحم الفَخِذَين و لحم العَضُدين.
الثَّمِيلة: بقية الطعام و الشراب في البطن.
الغِرار: القليل؛ استعمله صفةً ذهاباً إلي المعني.
طويل اليوم: جادّ عاملٌ يومَه، و لا يشتغِل بلهْو.

[صدر]:

أُتِي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بأَسير مُصَدّر أزْبَر، فقال له: أَدْبِرْ فأدْبَر، و قال له: أقْبِلْ فأقبل.
فقال: قاتلَه اللّٰه! أدبر بعجُز ذئب، و أقبل بزُبْرة أسد.
المُصَدّر: العريض الصدْر؛ و منه قيل للأسد مُصَدّر.
و الأزْبَر: العظيم الزُّبْرة؛ و هي ما بين الكتِفَيْن.
الصدمتين في (خي). صدع في (به). صَدْعين في (عو). في الصدقة في (ثن).
[صدقني في (قه)]. صدف في (هد). [صداقاً في (خض). صَدَاك في (جز)].

الصاد مع الراء

[صرر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لا تُصِرُّوا الإبل و الغنم؛ و من اشتري مُصَرَّاة فهو بآخر النَّظَرين؛ إن شاء رَدَّها وَ رَدَّ معها صاعاً مِنْ تَمْر- و رُوي: صاعاً من طعام لا سَمْراء «3».
التَّصْرِية: تَفعيل، من الصَّرْي، و هو الحبْس يقال صرَي الماءَ إذا حَبَسه، و منه المصرّاة، و ذلك أنْ يريد بيعَ الناقة أو الشاة فيحقِنُ اللبنَ في ضرْعها أياماً لا يَحْتَلبه لِيُرَي أنها
______________________________
(1) الصفاق: ما حول السرة.
(2) عذار الدابة: ما سال علي خد الفرس من اللجام.
(4) (*) [صرر]: و منه الحديث: ما أصَرَّ من استغفر. و الحديث: ويلٌ للمصرِّين الذين يصرُّون علي ما فعلوه وَ هُمْ يَعْلَمُونَ. و في حديث عمران بن حصين: تكاد تَنْصرُ من المِلْ‌ءِ. و حديث علي: أخرجا ما تصررانه.
و الحديث: حتي أتينا صراراً. النهاية 3/ 22، 23.
(3) السمراء: أي الحنطة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 243
كثيرة اللبن. قالوا: هذا أصل لكل من باع سِلْعة، و زيَّنها بالباطل؛ إن البيع مَرْدُود إذا علِم المشتري؛ لأنه غش، و يَردُّ معها صاعاً من تمر؛ كأنه جعله قيمةً لما نال من اللبن، و فُسِّر الطعام بالتمر.
لا يحِلّ لأحد أن يحل صِرَارَ ناقةٍ إلا بإذن أهلها؛ فإنه خاتَم أهلها عليها.
هو خيط يُشَدّ به ضَرْع الناقة لئلا يَدُرّ. و منه المثل: أثر الصِّرار دون أثر الذِّيار «1».

[صري]*:

إنّ آخر مَنْ يدخل الجنة لرَجُلٌ يمشي علي الصراط، فينكبّ مرة و يمشي مرة، و تَسْفَعُه النار، فإذا جاوزَ الصراط ترفعُ له شجرة فيقول: يا ربّ، أدْنِني من هذه الشجرة أستظلُّ بها، ثم تُرفع له شجرةٌ أخري فيقول مثل ذلك، ثم يسأله الجنة، فيقول اللّٰه جل ثناؤه: ما يَصْرِيك منّي أي عبدي؟ أ يرضيك أنْ أعطيك الدنيا و مثلها معها؟
أي ما يمنعُك عن سؤالي؟ قال ذو الرُّمة:
[وَ وَدَّعْنَ مُشْتاقاً أصبْنَ فؤادَه] هَواهُنّ إنْ لم يَصْرِه «2» اللّٰه قاتِلُهْ «3»
و صَرَي و صَرّ و صَرَف و صَرَب و صَرَم أخوات.

[صرر]:

لا صَرُورة في الإسلام.
هو فَعولة من الصَّرِّ، و هو المنع و الحبْس؛ و هو الممتنع من التزوّج تبَتُّلًا فعْل الرهبان، و هو الممتنع من الحج أيضاً. و الصارورة: لغة؛ و نظيرهما الضرورة و الضارورة.

[صرف]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في ذكر المدينة: و مَنْ أحْدَث فيها حدثاً أو آوي مُحْدِثاً فعليه لعنةُ اللّٰه إلي يوم القيامة؛ لا يقبل منه صَرْفٌ و لا عَدْل.
الصَّرْف: التوبة؛ لأنه صرفٌ للنفس إلي البر عن الفجور.
و العَدْل: الفِدْية؛ من المعادلة.
سَوَّي في استيجاب اللعن بين الجاني فيها جنايةً موجبة للحدّ، و بين مَنْ آوي الجاني و لم يخذُله حتي يخرج فيقام عليه الحد.
______________________________
(1) الذيار: البعر.
(4) (*) [صري]: و منه الحديث: من اشتري مصرَّاة فهو بخير النظرين. و في حديث الإسراء في فرض الصلاة:
علمت أنها أمر اللّٰه صِرَّي. و في حديث عرض نفسه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم علي القبائل: و إنما نزلنا الصَّرَيَيْن، اليمامة و السمامة. النهاية 3/ 27، 28.
(2) يصره اللّٰه: أي ينجيه و يبقيه.
(3) البيت في ديوان ذي الرمة ص 467.
(5) (*) [صرف]: و منه في حديث الشفعة: إذا صُرِّفَت الطرق فلا شفعة. و حديث جابر: تغيَّر وجهه حتي صار كالصِّرف. و حديث علي: لا يروعه منها إلا صريف أنياب الحِدْثان. و الحديث: أسمع صريف الأقلام.
و في حديث و فد عبد القيس: أتسمُّون هذا الصَّرَفان. النهاية 3/ 24، 25.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 244‌

[صرع]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ما تَعُدّون فيكم الصُّرَعة؟ ثم قال: الصُّرَعة: الحليم عند الغضب.
هو الصَّرِيع. و قال يعقوب: هو الذي اشتدّ جدّاً فلم يوضَعْ جَنْبُه.

[صرب]*:

قال مالك الجُشَمي رضي اللّٰه تعالي عنه: أتيتُ النبيَّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فَصَعَّد فيّ البَصر و صَوَّب، ثم قال: أ رَبُّ إبلٍ أنتَ أم غَنَم؟ فقلت: مِنْ كُلٍّ آتاني اللّٰه فأكثر و أطيب- و رُوي: و أيطب. قال فتنتجها وافِيَةً أعينُها و آذانُها؛ فتجدَعُ هذه فتقول: صَرْبي. و تَهُنّ هذه فتقول بَحيرة؟ و يروي فتَجْدَع هَن هذه فتقول: صَرْبي، و تشقّ هَنَ هذه فتقول بَحيرة- و يُرْوَي: فتقطع آذان بعضها فتقول هذه بُحُر، و تشق آذان فتقول هذه: صُرُم؟
صَرْبَي: من صَرَب اللبنَ في الضَّرْع إذا حَقَنه لا يَحْلِبُه. و كانوا إذا جَدَعُوها أعْفَوْها عن الحَلب إلا للضيف؛ و قيل هي المقطوعة الأذن، كَأَنَّ الباء بدل من الميم.
تَهُنّ هذه، أي تصيب شيئاً منها يعني الأذُن، و هو من الهَنَانِ بمعني الهن. قال ابن أحمر:
بم ارْتمينا بقول بيننا دُوَلٌ بَيْن الهنَانَيْن و لا جِدًّا و لا لعبا
أيْ بين الشيئين.
البُحُر: جمع بحَيرة؛ و هي التي بُحِر أذنها، أي شقّ.
و الصُّرُم: جمع صَرِيمة، و هي التي صُرِمَتْ أذُنُها.

[صرف]:

دخل صَلَي اللّٰه عليه و سلِم حائطاً مِنْ حوَائط المدينة، فإذا فيه جَملان يَصْرِفان و يُوعدان، فدنا منهما فوضعا جُرُنهما.
الصّريف: أن يشدَّ ناباً علي نابٍ فَيُصَوِّتَا، و هو في الفحولة من إيعاد، و في الإناث من إعياء، [و ربما كان من نشاط].
الجِرَان: مُقدَّم عُنق البعير من مَذْبحه إلي مَنْحَره، أي بَرَكا.
عن عبد اللّٰه بن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- أتيتُ رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و هو نائم في ظل الكعبة، فاستيقظ مُحْمارًّا وجهُه- و رُوي: فاحْمَارَّ وجهُه حتي صار كأنه الصِّرْف.
هو شجر أحمر يُدْبَغ به الأديم. و قال الأصمعي: هو الذي يُصْبغ به شُرُك النعال، و قد
______________________________
(1) (*) [صرع]: و منه الحديث: أنه صُرِعَ عن دابة فجُحش شِقّه. النهاية 3/ 24.
(2) (*) [صرب]: و منه حديث ابن الزبير: فيأتي بالصَّرْبة من اللبن. النهاية 3/ 20.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 245
يسمي الدم صِرْفاً، تشبيهاً به قال:
[كُمَيْت غير مُحْلِفةٍ و لكِنْ] كَلَوْنِ الصِّرْفِ عُلَّ به الأَدِيمُ «1»

[صرم]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان في وصيته: إنْ تُوُفِّيتُ و في يدي صِرْمة بن الأكْوع فَسُنَّتُها سنَّةُ ثَمْغ.
هي القِطْعة من الإبل الخفيفة، و لذلك قيل للمُقِلّ: المصْرِم.
ثَمْغ: مال لعُمَر كان وَقَفه، أي سبيلُها سبيلُ هذا المال.
أبو ذَرّ رضي اللّٰه عنه-
قال خُفَاف بن إيماء: كان أبو ذَرّ رجلًا يُصيب الطريقَ، و كان شجاعاً يتفرّدُ وحده- و يُغِير علي الصِّرْم في عَماية الصبح؛ ثم إن اللّٰه قذف الإسلام في قلبه، فسمع بالنبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ فخرج إلي مكة فأسلم.
الصِّرْم: نَفَر ينزلون بأهلهم علي الماء.
العَماية: بقية ظُلْمة الليل؛ قال الراعي:
حتي إذا نَطقَ العُصْفور و انكشفَتْ عَمايةُ الليلِ عنه و هو معتمد
و أضافها إلي الصبح لمقاربتها له، و منه قولهم: فلان في عَمَايةٍ من أمْره.

[صرد]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال له رجل: إني رجل مِصْرَاد؛ أ فَأُدْخِل المبْوَلة معي في البيت؟ قال: نعم و ادْحَلْ في الكِسْر.
هو الذي يشدّ عليه الصَّرْد؛ أي البرد، و يقلّ صَبْره عليه.
ادْحَل؛ أي صِرْ فِيه كالذي يصير في الدَّحْل، يقال: دَحَل الدَّحل؛ إذا دخله و انْقَمع فيه؛ و هو هُوَّة فيها ضيق ثم يتسع أسْفَلُه.

[صرق]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- كان يأكل الفِطْر قبل أنْ يخرج إلي المُصَلّي من طَرف الصَّرِيقة؛ و يقول: إنَّه سنّة.
الصَّرِيقة و الصَّلِيقة: الرُّقاقة.
______________________________
(1) البيت للكحلبة اليربوعي في لسان العرب (صرف).
(2) (*) [صرم]: و منه في حديث الجشمي: فتجدعها و تقول: هذه صُرُمٌ. و الحديث: لا يحل لمسلم أن يصارم مسلماً فوق ثلاث. و حديث عتبة بن غزوان: إن الدنيا قد أذنت بصرم. و حديث ابن عباس: لا تجوز المُصَرَّمة الأطباءِ. و الحديث: أنه غيَّر اسم أصرم فجعله زرعة. و في كتابه لعمرو بن مرة: في التيعة و الصريمة شاتان اجتمعتا. و حديث عمر: قال لمولاه: أدخِل ربَّ الصُّرَيمة و الغُنَيمة. النهاية 3/ 26، 27.
(3) (*) [صرد]: و منه الحديث: أنه نهي المحرم عن قتل الصُّرَد. النهاية 3/ 21.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 246
و قال ابنُ الأعرابي: العامة تقولها باللَّام، و الصواب بالراء، و تجمع صَرائق و صُرُقاً.
و قال: كل شي‌ء رقيق فهو صُرُق.

[صردح]:

أنس رضي اللّٰه تعالي عنه- رأيت الناسَ في إمارة أبي بكر جُمِعوا في صَرْدَحٍ يَنْفُذُهم البصر، و يُسْمِعهم الصوت؛ و رأيت عُمَر مُشْرِفاً علي الناس.
الصَّرْدح: الأرض الملساء.
يَنْفُذُهم: يجوزهم- و روي يُنفذهم؛ أي يخرقهم حتي يراهم كلّهم.

[صرف]:

أبو إدريس الخَوْلاني رحمه اللّٰه تعالي- مَنْ طلب صَرْف الحديث ليبتغي به إقبالَ وجُوهِ الناس إليه لم يَرَحْ رائحةَ الجنة.
و هو أنْ يَزيد فيه و يُحسّنه، من الصَّرْف في الدراهم، و هو فَضْلُ الدرهم علي الدرهم في القيمة. و يقال: فلان لا يعرف صَرْف الكلام، أي فَضْل بعضه علي بعض. و هذا علي هذا صَرْف، أي شَرَف و فَضْل. و هو من صرَفه يَصرِفه، لأنه إذا فَضَل صَرَف عن أشكاله و نظائره، و منه الصَّيْرفيّ.

[صرر]:

عطاء رحمه اللّٰه تعالي- كرِهَ من الجَرَادِ ما قتله الصِّرّ.
هو البرد الشديد، قال اللّٰه تعالي: فِيهٰا صِرٌّ [آل عمران: 117].

[صرم]:

في الحديث: في هذه الأمة خمس فِتَن، قد مضَتْ أرْبع، و بقيت واحدة، و هي الصَّيْرم.
هي بمنزلة الصَّيْلَم، و هي الدامية المستَأْصِلة.
الصرفان في (زو). لمن صَرَّحت في (ذم). للمُصرّين في (قم). تُصرِّرَان في (وك).
و صِرامهم في (نص). صرمها في (بر). صَرْدَح في (عب). [بصُوار في (نغ). يُصَرِّح في (صو). و الصريف في (هن). بالصرمةِ في (صح). الصرم في (سط). الصَّرِيد في (حت).
بصرار في (ار). و صَرِيفها في (لق). صرار الأذن في (رج)].

الصاد مع العين

[صعد]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إياكُمْ و القعودَ بالصُّعُدات إلَّا مَنْ أدَّي حقَّها- و رُوي: إلا مَنْ قَامَ بحقها، و حَقُّها رَدُّ السَّلام، و دَلالة الضالّ.
هي الطُّرُق، صَعِيد و صُعُد و صُعُدات، كطرِيق و طُرُق و طُرقات.
______________________________
(1) (*) [صعد]: و منه الحديث: فصعَّد منيَّ النظر و صوَّبه. و في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: كأنما ينحطُّ في صُعُدٍ. النهاية 3/ 30.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 247
و منه
الحديث: لو تعلمون ما أعلَمُ لَخرجْتُم إلي الصُّعدات تَجْأَرُون إلي اللّٰه.
و أنشد النَّضر بن شُمَيل:
تري السُّودَ القِصارَ الزل منهم علي الصُّعدات أمثالَ الوِبار
و قيل: هو جمع صُعْدة، كظلمات في ظُلْمة. و الصُّعْدة من قولهم: أراك تلزم صُعْدة بابك؛ هي وَ صيدُه و مَمَرُّ الناسِ بين يديه.
خرج رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم علي صَعْدةٍ يتبعها حُذَاقِيٌّ، عليها قَوْصَف، لم يبق منها إلَّا قَرْقَرُها.
يقال للأَتَان الطّويلة الظهر: الصَّعْدة و صَعْدة، و للحمير بنات صَعْدة، و أولاد صَعْدة.
قال سَهْم بن أسامة الهذلي:
فذلك يوم لَنْ تَرَي أمَّ نافع علي مُثْفَر من وُلْدِ صَعْدَة قَنْدَل
شبهت بالصَّعْدة من الرِّماح.
الحُذَاقِيّ: الْجَحْش.
القَوْصَف: القطيفة.
القَرْقر: الظهر.

[صعر]*:

كل صَعَّار ملعون- و روي: و ضَفَّار.
و الصَّعَّار: المتكبر؛ الذي يُصَعِّرُ خَدَّه زَهْواً.
و الصَّقار: النَّمام.
و الصَّقْر: النميمة.
و الضَّفار: مثله، و هو من ضَفَر البعير إذا لَقَّمه ضِغْثاً من الكلأ، لأن النمَّام يُنْهِي من أضْغاث الكلام نَحْواً من ذلك، أوْ لأنه يوكلُ بين الناس.

[صعصع]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يقول في خطبته: أيْنَ الذين كانوا يُعطون الغلبة في مواطن الحروب! قد تَصَعْصَعَ بهم الدهر، فأصبحوا كل شي‌ء، و أصبحوا قد فُقِدُوا؛ و أصبحوا في ظلماتِ القبور؛ الوَحَاء الوَحَاء! النَّجَاء النَّجَاء.
أي صَعْصَعَهم الدهر.
و المعني: فَرَّقَهُم و بدّدَ شملهم؛ و منه تصعصعتْ صفوفُ القوم في الحرب؛ إذا زالت عن مواقفها.
و روي: تَضَعْضَع بهم؛ أي أذَلَّهُم و جعلهم خاضعين.
______________________________
(1) (*) [صعر]: و منه الحديث: يأتي علي الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر. النهاية 3/ 31.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 248
الوَحَاء: السرعة؛ وَحَي يحي وَحاء، إذا أسرع و عَجِل.

[صعد]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- ما تَصَعَّدني شي‌ء ما تَصَعَّدَتْني خِطْبَةُ النكاح.
أي ما صَعُبَ عليَّ؛ من الصَّعود و هي العَقَبَة، كقولهم: تَكَاءَدَهُ من الكَؤُود «1».
ما الأولي للنفي، و الثانية مَصْدرية؛ أي مثل تَصعّد الخِطبة إياي. قال الجاحظ: سئل ابن المقفَّع عن قول عمر؛ فقال ما أعرفه، إلا أن يكون لقرب الوجوه من الوجوه، و نظر الحِداق في أجواف الحِدَاق، و لأنه إذا كان جالساً معهم كانوا نظراء و أكفاء، و إذا علا المِنْبَر كانوا سُوقَةً و رَعِيَّة.

[صعق]:

كان رضي اللّٰه عنه يَصيحُ الصيحةَ فيكادُ مَنْ يسمعه يُصْعَقُ كالجمل المحْجُوم.
الصَّعْق: أن يُغْشَي عليه من صوتٍ شديد يسمعه؛ و يقال للوَقْع الشديد من صَوْت الرعد تسقط منه قِطْعةٌ من نار الصاعقة، و قد صَعِقَ الرجل و صُعِق، و قد صَعَقته الصاعقة.
و قرئ: يَصْعَقون، و يُصْعَقُونَ.
و
في حديث الحسن رحمه اللّٰه تعالي: ينتظر بالمصْعُوق ثلاثاً ما لم يخافوا عليه نَتْناً.
قيل: هو الذي يموت فُجاءة.
المحْجُوم: الذي يجعل في فيه حِجَام «2»، [إذا هاج لئلا يَعَضّ].

[صعل]*:

عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- استكثروا مِنَ الطَّواف بهذا البيت، قبل أن يُحَال بينكم و بينه، فكأنِّي برجل من الحبشة أصْعَل أصْمَع حَمْش الساقين قاعدٍ عليهما و هي تُهْدَم.
هو بمعني الصَّعْل، و هو الصغير الرأس.
الأصْمع: الصغير الأُذُنِ.
الحَمْش: الدَّقِيق.

[صعر]:

عمَّار رضي اللّٰه تعالي عنه- لا يَلِي الأمرَ بعد فلان إلّا كلُّ أصْعَرَ أبْتَر.
أي كل مُعْرض عن الحق ناقص.

[صعل]:

الأحْنَف رضي اللّٰه عنه-
قال عبد الملك بن عُمير: قدم علينا الأحنف الكوفة مع المُصعْب، فما رأيت خَصْلَة تُذَمّ إلا و قد رأيتُها فيه، كان صَعْل الرأس؛ متراكبَ الأسنان،
______________________________
(1) الكؤود: المرتقي الصعب.
(2) الحِجام: ما يشد به فم البعير إذا هاج لئلا يعض (لسان العرب: حجم).
(3) (*) [صعل]: و منه في حديث أم معبد: لم تُزْرِ به صَعْلة. و حديث هدم الكعبة: كأني به صَعْلٌ يهدم الكعبة.
النهاية 3/ 32.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 249
مائلَ الذَّقَن، ناتي‌ء الوَجْنة، باخِقَ العين، خَفِيف العارضين، أحْنف الرِّجْل، و لكنه كان إذا تكلم جَلَّي عن نفسه.
الصَّعْل: الصغير الرأس.
يقال: بَخَق عينَه فَبَخِقَتْ، أي عوَّرها، و قيل أُصِيبَتْ عينه بِسَمْرقَنْد. و قيل: ذهبت بالجُدَرِيّ.
الحَنَف: أن تُقبِل كلُّ واحدة من الرِّجْلين بإبْهامها علي الأخري. و قيل: هو أنْ يَمْشِي [الإنسان] علي ظهر قَدَمَيْهِ، و هو الذي يقول:
أنا ابن الزَّافِريَّةِ أَرْضَعَتْنِي بَثَدْيٍ لا أحذّ و لا وخيم
أتَمَّتني فلم تُنقِص عظامي و لا صَوْتي إذا اصطكَّ الخصومُ
قالوا: يريد بعظامِه أسنانَه.
يقال: جَلَّي عن الشي‌ء، إذا كان مدفوناً فأظَهره و كشف عنه، يعني أنه إذا تكلم أظهر بكلامه محاسنَ نفسِه التي لا تُتوقع من مثله في صورته المقتحَمة، و رُوَائه المستهجَن.

[صعد]:

كان رضي اللّٰه عنه في بعض حروبه، فحمل علي العدوّ ثم انصرف، و هو يقول:
إنَّ عَلَي كلّ رئيس حَقًّا أنْ يَخْضِبَ الصَّعْدة أوْ تَنْدَقَّا «1»
فقيل له. أيْن الحِلم يا أبا بَحْر؟ فقال: عند عَقْدِ الحُبي.
هي القناة التي تَنْبُتُ مستوية؛ سميت بذلك لأنها تَنْبُتُ صُعُداً من غير مَيْل إلي غير جهة العلو.
الحُبَي: جمع حُبْوة، من الاحتباء (بالكسر و الضم) يريد أن الحلم إنما يحسن في السلم.

[صعفق]:

الشَّعبي رحمه اللّٰه تعالي- ما جاءك عن أصحاب محمد صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فخُذْه. و دَعْ ما يقولُ هؤلاء الصَّعَافِقة.
هو جمع صَعْفَق، و صَعْفَقِيّ؛ و هو الذي يشهد السُّوقَ و لا مالَ له، فإذا اشتري التاجر شيئاً دَخَلَ معه فيه؛ أراد أنّ هؤلاء لا علم عندهم، فشبَّههم بمنْ لا مال له من التجار.
و
عنه: أنه سُئل عن رجل أفْطَر يوماً من رمضان، فقال: ما يقول فيه الصَعَافِقة؟
و روي: ما يقول فيه المَفالِيق؟
و هم الذين يُفْلِقون؛ أي يجيئون بالفِلْق، و هو العَجَب و الداهية من جواباتهم فيما لا
______________________________
(1) الرجز في لسان العرب (صعد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 250
يعلمون. يقال: أفلق فلان و أعْلَق. و جاء بعُلَق [فُلَق]. و كان من مذهبه أن المُفْطِر بالطعام عليه صَوْمُ يومٍ، و أن يستغفرَ اللّٰه و لا كفّارة عليه.
صعلة في (بر). صَعْنَبها في (سخ). أو مُصْعباً في (ضع). صعابيب في (فر).
[بصعاليك في (فت)].

الصاد مع الغين

[صغي]:

عليٌّ رضي اللّٰه تعالي عنه- كان إذا صلَّي مع صاغيته و زفِراته انبسط.
هم الذين يَصغون إليه؛ أي يميلون. يقال أكْرِم فلاناً في صَاغيته. و عن الأصمعي:
صَغَتْ إلينا صاغية بني فلان.
و الزَّافِرة: الأنصار و الأعوان؛ لأنهم يتحملون ما يَنُوبه؛ من الزِّفْر و هو الحِمْل.
و من الصاغية
حديث عبد الرحمن بن عَوْف رضي اللّٰه عنه قال: كاتبتُ أمية بن خَلَف كتاباً في أنْ يحفظني في صاغِيتي بمكة، و أحفظَه في صاغِيته بالمدينة.

الصاد مع الفاء

[صفد]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إذا دخل شهرُ رمضان صُفِّدت الشياطين، و فُتِحت أبوابُ الجنة، و غلِّقت أبواب النار. و قيل: يا باغيَ الخير؛ أقبل، و يا باغي الشر؛ أقصر.
أي قُيِّدت، يقال: صَفَده و صفَّده و أصْفْده.
و الصَّفْد و الصِّفَاد: القَيْد، و منه قيل للعطية صَفَد، لأنها قَيْد للمنعمَ عليه، ألا تَري إلي قول مَنْ خرج علي الحجَّاج ثم ظفِر به فمنَّ عليه: غَلَّ يداً مُطْلِقُها، و أرَقّ رقبةً مُعْتِقُها.

[صفن]*:

عن البَرَاء بن عازب رضي اللّٰه تعالي عنه: كُنّا إذا صلينا مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فرفع رأسه من الركوع، قُمْنَا خَلْفَه صُفُوناً، فإذا سجد تَبِعْنَاه.
كل صافٍّ قدميه قائماً فهو صافِن، و الجمع صُفُون، كساجد و سجود، و قاعد وقعود.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: مَنْ سَرَّه أن يقومَ له الناس صُفُوناً فليتبوأْ مقعدَه من النار، و قد صَفَن صُفُوناً.
______________________________
(1) (*) [صفد]: و منه الحديث: نهي عن صلاة الصافد. النهاية 3/ 35.
(2) (*) [صفن]: و منه الحديث: فلما دنا القوم صافنَّاهم. و في حديث علي: الحقني بالصُّفْن. النهاية 3/ 39، 40.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 251
و منه
حديث مالك بن دِينار رحمه اللّٰه تعالي: رأيت عِكْرِمة يصلّي و قد صَفَن بين قدميه واضعاً إحْدَي يديه علي الأخري.

[صفق]*:

إنّ أكْبَر الكبائِر أنْ تُقَاتِلَ أهْلَ صَفْقَتِك، و تُبَدِّلَ سُنَّتَك، و تُفَارِقَ أمَّتَك.
قال الحسن: فقِتَالُه أهلَ صَفْقَتِه أن يُعْطِيَ الرجلَ عهدَه و ميثاقَه ثم يقاتله.
و تبديلُ سُنَّتِه أن يرجع أعْرابياً بعد هِجْرته.
و مفارقته أمته أنْ يلْحقَ بالمشركين.

[صفح]*:

بلغه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنّ سعد بن عُبَادة رضي اللّٰه تعالي عنه يقول: لو وجدتُ معَها رجلًا لضربته بالسيف غيرَ مُصْفِح.
يقال: أصْفَحه بالسيف؛ إذا ضربه بعُرْضه دون حَدِّه فهو مُصْفِح. و ضربه بالسيف مُصْفَحاً و مصفوحاً.
و يجوز أن يروي: غير مُصْفَح (بفتح الفاء). فالأول حال عن الضمير، و الثاني عن السيف.
و قال رجل من الخوارج: لَنَضْرِبَنَّكم بالسيوف غير مُصْفَحات.
التسبيح للرجل، و التَّصْفِيح للنساء.
هو التَّصْفِيق؛ من صَفْحَتِي اليدين؛ و هما صَفْقَتَاهُمَا، قال لَبيد:
كأنَّ مُصَفَّحَاتٍ «1» في ذُراه و أنْواحاً «2» عليهنَّ المَآلِي «3» «4»
يعني في الصلاة.
و هذا كما جاء في الحديث: إذا نابَ المُصَلِّيَ في صلاته شي‌ء فأراد تنبيههَه مَنْ
______________________________
(5) (*) [صفق]: و منه حديث ابن عمر: أعطاه صَفْقَة يده و ثمرة قلبه. و في حديث أبي هريرة: ألهاهم الصَّفْقُ بالأسواق. و الحديث: أنه نهي عن الصَّفق و الصفير. و في حديث لقمان: صفَّاقُ أفَّاقٌ. و في حديث عائشة: فأصفقت له نسوان مكة. النهاية 3/ 38، 39.
(6) (*) [صفح]: و منه حديث: المصافحة عند اللقاء. و الحديث: غير مقنع رأسه و لا صافحٍ بخدِّه. و حديث ابن الحنفية: أنه ذكر رجلًا مُصْفَحَ الرأس. و في حديث عائشة تصف أباها: صفوح عن الجاهلين. و منه حديث علي و عمارة: الصَّفيحُ الأعلي من ملكوته. النهاية 3/ 34، 35.
(1) المصفحات: الإبل اللواتي قد صفحت عن أولادها، أي عزلت عنها، فشبه صوت الرعد في هذا السحاب بصوت هذه الإبل.
(2) الأنواح: النساء ينحن.
(3) المآلي: الخرق التي تكون مع المرأة تحركها تندب بها.
(4) البيت في ديوان لبيد ص 90.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 252
بحذائه، فَيُسَبِّح الرجل، و تُصَفِّقُ المرأة بيديها.

[صفر]*:

نهي في الضَّحَايا عن المُصْفَرَة، و البَخْقَاء، و المشيّعة.
فسرت المُصْفَرَة في الحديث بالمستأْصَلة الأذن؛ و قيل هي المهزولة، و أيتهما كانت فهي من أصْفَره؛ إذا أخْلَاه؛ أيْ أُصْفِرَ صِماخاها من الأُذُنين؛ أو أُصْفِرَتْ من الشحم.
و رواها شَمِر بالغين، و هي حينئذ من الصَّغار؛ ألا تري إلي قولهم للذليل: مُجَدَّع و مُصَلَّم. و من ذلك قول كبشة:
فَمَشُّوا بآذَانِ النَّعَامِ المُصَلَّمِ «1»
و هذا وجهٌ حسن.
البَخْقاء: العَوْراء.
المُشَيِّعة: التي لا تزال تُشَيِّع الغنمَ؛ أي تَتْبَعها لِعَجَفِها.
صالَحَ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أهْلَ خَيْبَر علي أنَّ له الصَّفْرَاء و البَيْضاء و الْحَلقة؛ فَإنْ كَتَبُوا شيئاً فلا ذِمَّةَ لهم، فَغَيَّبوا مَسْكاً لحُيَيّ بن أخْطب فوجدوه، فَقَتل ابْنَ أبي الحُقيق، و سَبَي ذَرَارِيهم.
و فيه: إن كفارَ قريش كتبوا إلي اليهود: إنكم أهل الحَلْقة و الحُصُون؛ و إنكم لتقاتلُنّ صاحبَنا أو لا يحول بيننا و بين خَدَمِ نسائكم شي‌ء.
الصَّفْراء و البَيْضَاء: الذّهب و الفضة. يقال: ما لفلان صَفْراء و لا بَيْضاء.
و منه
حديث علي رضي اللّٰه تعالي عنه: يا صَفْراء اصْفَرِّي، و يا بيضاء ابْيَضِّي، و غُرِّي غَيْري.
الحَلّقة: الدّروع.
المَسْك: الجلد، و كان مِنْ مالِ أبي الحُقيق كنز يسمي مَسْك الجمل و هو حُلِيّ كان في مَسْك حَمَل، ثم في مَسْك ثَوْرٍ ثم في مَسْك جمل، يليه الأكبر فالأكبر منهم، و إذا كانت بمكة عُرس استعِير منهم؛ و قد قَوَّموه عشرة آلاف دينار.
الخَدَم: الخلاخيل، الواحدة خَدَمة؛ و هذا وعيد منهم لهم إن لم يقاتلوا رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
______________________________
(2) (*) [صفر]: و منه الحديث: لا عدوي و لا هامة و لا صَفَر. و في حديث أم زرع: صِفْرُ ردائها و مل‌ءُ كسائها.
و في حديث بدر: قال عتبة بن ربيعة لأبي جهل: يا مصفِّر اسْتِهِ. و في حديث مسيره إلي بدر: ثم جزع الصُّفَيْراء. النهاية 3/ 35، 36، 37.
(1) صدره:
فإن أنتم لم تثأروا و اتَّدَيتم
و البيت في لسان العرب (صلم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 253‌

[صفح]:

سُئل صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- عن الاسْتطابة، فقال؛ أ وَ لا يجد أحدُكم ثلاثة أحجار؛ حجرين للصَّفْحَتَيْن، و حَجَر للمسَرُبَة!
الصَّفْحتان: ناحيتا المَخْرج.
المَسْربة: مجري الغائط؛ لأنه ممر الحَدث و مَسِيلُهُ؛ من سَرَب الماء يسرُبُ؛ إذا سال.

[صفد]:

عمر رضي اللّٰه عنه-
قال عبد اللّٰه بن أبي عمار: كنتُ في سفَر فسُرِقَتْ عَيْبَتِي؛ و معنا رجل يُتَّهَم، فاستعدَيْتُ عليه عمرَ بن الخطاب و قلت: لقد أردتُ و اللّٰه يا أمير المؤمنين أن آتيَ به مَصْفُوداً، فقال: تَأْتيني به مَصْفُوداً تُعَتْرسُه! فغضب و لم يقض له بشي‌ء.
أيْ مقيّداً.
و العَتْرَسة: الأخذ بالجفاء و الغِلظة.
و يحتمل أن يقضي بزيادة التاء و تكون من العِرَاس، و هو ما يوثَقُ به اليدان إلي العنق، يقال: عَرَسْتُ البعير عَرْساً.
و قد روي: بغير بَيِّنة، و قيل: إنه تصحيف، و الصواب تُعْتَرِسُه.

[صفف]*:

الزُّبير رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يتزوَّد صَفِيفَ الوَحْشِ و هو مُحْرِم.
هو القَديد؛ لأنه يُصَفُّ في الشمس حتي يَجِفَّ. و يقال لِمَا يُصَفُّ علي الجمر لينْشَوِيَ صفيف أيضاً، قال امرؤ القيس:
[فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِنْ بين مُنْضِجٍ] صفيفَ «1» شِواءٍ أو قدير «2» مُعَجَّل «3»

[صفح]:

حُذَيفة رضي اللّٰه تعالي عنه- القُلوب أربعة؛ فقلب أغْلَف، فذاك قلب الكافر، و قلب مَنْكوس، فذاك قَلْبٌ رجع إلي الكُفْر بعد الإيمان، و قلب أجْرد مثل السِّراج يَزْهَر، فذاك قَلْبُ المؤمن، و قلب مُصْفَح اجتمع فيه النِّفَاق و الإيمان، فمثلُ الإيمان فيه كمثل
______________________________
(4) (*) [صفف]: و منه الحديث: نهي عن صُفَف النُّمور. و في حديث البقرة و آل عمران: كأنهما حِزمَان من طير صوافَّ. النهاية 3/ 37، 38.
(1) الصفيف، كأمير: ما صُفَّ في الشمس ليجف، و علي الجمر لينشوي (القاموس المحيط: صفف).
(2) القدير المعجَّل: المطبوخ في القدر.
(3) البيت من الطويل، و هو لامري‌ء القيس في ديوانه ص 22، و جمهرة اللغة ص 929، و جواهر الأدب ص 211، و خزانة الأدب 11/ 47، 240، و الدرر 6/ 161، و شرح شواهد المغني 2/ 857، و شرح عمدة الحافظ ص 628، و لسان العرب 9/ 195 (صفف)، 15/ 16 (طها)، و المقاصد النحوية 4/ 146، و بلا نسبة في الاشتقاق ص 233، و شرح الأشموني 2/ 424، و مغني اللبيب 2/ 460، و همع الهوامع 2/ 141.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 254
بَقْلة يُمِدُّها الماءُ العَذْب، و مثل النفاق فيه كمثل قَرْحة يُمدُّها القيح و الدم، و هو لأيّهما غَلَبَ.
هو الذي له صَفْحَتان، أي وَجْهان.

[صفر]:

شقيق رحمه اللّٰه تعالي- ذكر رجلًا أصَابَه الصَّفَر، فنُعت له السَّكَر، فقال: إن اللَّهَ لم يجعل شِفاءَكُمْ فيما حُرِّمَ عَلَيْكُمْ.
هو اجتماع الماء في البطن، يقال: صُفِر فهو مَصْفُور، و صفِرَ صفَراً فهو صَفِر و الصَّفَر أيضاً: دود يقَعُ في الكَبِد، و في شَرَاسيف الأضلاع، فَيَصْفَرُّ عنه الإنسانُ جداً، و يقال: إنه يَلْحَسُ الكبِد حتي يَقْتله. قال أعشَي باهلة [يرثي أخاه]:
و لا يَعَضُّ علي شُرْسُوفه الصَّفَر «1»
السَّكَرُ: خَمْر التمر.

[صفن]:

قال رحمه اللّٰه تعالي: شهدتُ صِفّين، و بئست الصِّفُّون.
فيه و في أمثاله من نحو فِلَسطينَ و قِنّسرين و يَبْرين لغتان للعرب:
إحداهما: إجراء الإعراب علي ما قَبْل النون، و تركها مفتوحة كجمع السلامة.
و الثانية: إقرارُ ما قبلها علي الياء و إعراب النون، كقولك: هذه صِفِّينُ، و مررت بصفِّينِ، و شهدتُ صِفِّينَ.

[صفي]*:

عَوْف بن مالك رضي اللّٰه تعالي عنه- تَسْبِيحةٌ في طَلَب حاجة خير من لَقُوح و صَفِيّ في عام أزْبة و لَزْبَة.
هي الغَزِيرة، و قد صَفَتْ وَ صَفُوَتْ.
الأزْبَة، و اللَّزبة: الشدة.

[صفت]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- قال المُفضَّل بن رَالان. سألتُه في الذي يستيقظ فيجِد بَلّةً، فقال: أمّا أنْتَ فاغْتَسِل، و رآني صِفْتَاتاً.
هو التارّ الكثير اللَّحم المكتنز. عن ابن شُمَيل.
______________________________
(1) صدره:
لا يتأَرَّي لما في القدر يَرْقُبُه
و البيت في لسان العرب (صفر).
(2) (*) [صفي]: و منه حديث عائشة: كانت صفية رضي اللّٰه عنها من الصَّفيِّ. و الحديث: كسانيه صَفيِّ عمر.
و في حديث عوف بن مالك: لهم صِفوة أمرهم. و الحديث: لا تُقْرع لهم صفاة. و في حديث الوحي:
كأنها سلسلة علي صفوان. النهاية 3/ 40، 41.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 255‌

[صفر]:

في الحديث: صَفْرة في سبيل اللّٰه خير من حُمُر النعم.
هي الجَوْعة.
صفاق في (بج). و الصفيّ في (سه). صافَنّاهم، و مصفّر استه في (ضل). لا صفَر في (عد). صوافّ في (غي). فأصفحتُموه في (فد). اصطفق في (فش). صفاتها في (جم).
و أصفقت في (زف). و الصفن في (دن). [و ليصفّق في (قو). و لا صفْق في (ود). الصفيراء في (خي). ما صفّ في (دف). في صفنه في (سر). مُصْفَح الرأس في (حم) و في (شت).
و الصفقة في (وج). صفيره في (ضف)].

الصاد مع القاف

[صقب]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- المرءُ أحق بصَقَبه.
أي بقُرْبِه، يقال: سَقِبَت دارُه و صقِبت سَقَباً و صَقَباً، و قد وصف به ابن الرّقيات في قوله:
لا أَمَمٌ دَارُهَا و لا صَقَبُ «1»
و المعني أن الجار أحقُّ بالشُّفْعة.
و
في حديث عليٍّ رضي اللّٰه تعالي عنه: كان إذا أُتِي بالقتيل قد وُجِد بين القَرْيتين حمله علي أصْقَب القريتين إليه.
و في هذا دليل علي أنّ أفعل مما يجوز فيه- إذ أضيف- التسوية بين المذكر و المؤنث؛ و أن الذي قاله ثعلب في عنوان الفصيح: فاخترنا أفصَحهنّ؛ لا غَمِيزة فيه.

[صقر]*:

لا يقبل اللّٰه من الصَّقُور يوم القيامة صَرْفاً و لا عَدْلًا.
هو مثل الصَّقَّار؛ و قد مر. و قيل: الصَّقْر القيادة علي الحُرَم.

[صقع]:

حُذيفة بن أُسَيْد رضي اللّٰه عنه- شرّ الناسِ في الفتنة الخطيبُ المِصقع و الراكب المُوضِع.
هو مِفْعل؛ من الصَّقْع، و هو رفْعُ الصوت و متابعته؛ و منه صَقْعُ الدِّيك؛ كأنه آلة
______________________________
(1) صدره:
كوفيةٌ نازحٌ محلَّتُها
و البيت في لسان العرب (صقب).
(2) (*) [صقر]: و منه الحديث: كل صقَّار ملعون، قيل يا رسول اللّٰه و ما الصقار؟ قال: نَشْي‌ءٌ يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم إذا تلاقوا التلاعن. و في حديث أبي خيثمة: ليس الصَّقْر في رؤوس النخل. النهاية 3/ 41.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 256
لذلك؛ مبالغة في وصفه كمِحْرَب. و قيل: [هو الذي يأخذ في كل صُقْع من الكلام اقتداراً عليه و مهارة]. قال قيس بن عاصم:
[خُطَباء حينَ يقومُ قائِلُهُمْ] بِيض الوُجوه مصاقِعٌ لُسُنُ «1»
المُوضِع: المسرع الساعي فيها.

[صقع]:

في الحديث: إن مُنْقِذاً صُقِع في الجاهلية آمَّةً.
هو الضَّرْبُ علي أعْليَ الرأس.
الآمة: الشَّجَّة في أُمِّ الدِّماغ.
كالصَّقْر في (حب). فاصقعوه في (أب). صقله في (بر). صقراً في (بر). صقراً في (شع). [صَقّار في (صع)].

الصاد مع الكاف

[صكك]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كان يستظلُّ بظلّ جَفْنة عبد اللّٰه بن جُدْعان في الإسلام في صَكَّةِ عُمَيّ.
هي الهاجرة، و شرحها في كتاب المستقصي، و كانت هذه الجَفْنَةُ لابن جُدْعان يُطعم فيها في الجاهلية؛ و كان يأكلُ منها القائمُ و الراكب لعِظَمها. و كان له منادٍ يُنادي: هلمّ إلي الفالوذ. و رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ربما كان يَحْضرُ طعامَه.
في الحديث: الصَّكيك.
هو بمعني الرّكيك و هو الضعيف، فعيل بمعني مفعول، من الصَّك و هو الضرب.
أي يُصَكُّ كثيراً لاستضعافه؛ أ لَا تري إلي قولهم للقويّ: مِصَكّ؛ أي يَصُكُّ كثيراً.

الصاد مع اللام

[صلق]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- ليس مِنَّا من صَلَق أو حَلَق
- و روي: بالسين.
يقال صَلَق و سَلَق؛ إذا رفع صوتَه عند الفَجِيعة بالميت؛ و منه خطيب سَلّاق و مِسْلَاق؛
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (صقع).
(2) (*) [صكك]: و منه في حديث ابن الأكوع. فأصكُّ سهماً في رجله. و الحديث: فاصطكُّوا بالسيوف. النهاية 3/ 43.
(3) (*) [صلق]: و منه الحديث: أنا بري‌ءٌ من الصالقة و الحالقة. و في حديث ابن عمر: أنه تصلَّق ذات ليلة علي فراشه. النهاية 3/ 48.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 257
و قيل سَلَقَ إذا خَمَش وجهه؛ من قولهم: سَلَقه بالسوط، و مَلَقَه، إذا نَزَع جِلْدَه. و السَّلْق أثر الدَّبَر «1».

[صلي]*:

إذا دُعِيَ أحدُكم إلي طعام فَلْيُجِبْ؛ فإنْ كان مفطِراً فَلْيَأْكُلْ، و إن كان صائماً فَلْيُصَلِّ.
أي فَلْيدْعُ بالبركة و الخير للمُضِيف.
و منه
قول صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: «الصائم إذا أُكِلَ عنده الطعامُ صَلَّتْ عليه الملائكة حتي يُمسي»
. و
قوله: مَنْ صَلَّي عليَّ صلاة صَلَّت عليه الملائكة عشراً
، و قال الأعشي:
عليك مثل الذي صَلَّيْتِ فاغْتَمِضِي «2»
أي دعوت؛ يعني قولها:
يا ربِّ جَنِّبْ أبي الأوصاب و الوجعا «3»
و قد تجي‌ء الصَّلاة بمعني الرحمة، و منها
حديث ابنِ أبي أوفَي، قال: أعْطَانِي أبي صدقةَ ماله، فأَتَيْتُ بها رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال: اللهم صلِّ علي آل أبي أوفَي.
و أصلُ التَّصْلِية من قولهم: صَلَي عصاه، إذا سخنها بالصِّلاء، و هي النار لِيُقَوِّمها، قال:
فلا تَعْجل بأمْرِك و اسْتدِمْه فما صلَّي عصاك كمُسْتَدِيم «4»
و قيل للرحمة صلاة، و صلّي عليه اللّٰه، إذا رحمه، لأنَّه برحمته يُقَوِّم أمْرَ مَنْ يرحمه و يذهب باعوجاج حاله، و أوَدِ عمله. و قولهم: صلّي، إذا دعا معناه طلب صلاة اللّٰه و هي رحمته، كما يقال حَيَّاه اللّٰه. وَ حَيَّيْت الرجل، إذا دعوت له بتحية اللّٰه.
صلاة القاعد علي النِّصْف من صلاة القائم.
المراد صلاة المقطوع القادر علي القيام يُصَلِّيها قاعداً، و أمَّا المفترض فليس له أنْ
______________________________
(1) الدَّبَرة: أثر قرحة الدابة و البعير، و الجمع دبر.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 257
(5) (*) [صلي]: و منه الحديث: أطيب مضغة صيحانية مصليّة. و في حديث حذيفة: فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار. و في حديث السقيفة: أنا الذي لا يصطلي بناره. النهاية 3/ 50، 51.
(2) عجزه:
نوماً فإن لجنب المرء مُضْطجعا
و البيت في ديوان الأعشي ص 101.
(3) صدره:
تقول بنتي و قد قرَّبت مرتحلًا
(4) البيت لقيس بن زهير في لسان العرب (صلا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 258
يُصَلِّيَ إلا قائماً لغير عُذْر، و إن قام به عذر فقعد أو أوْمَي فصلاتُه كاملة لا نَقْصَ فيها.
إن رجلًا شكا إليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم الجوعَ فأتي بشاة مَصْلِيَّة فأطعمه منها.
يقال: صَلَيْتُه إذا شويته، و أصْلَيْته و صَلَّيْته إذا ألقيته في النار أريد إحراقه، و في قراءة حميد الأعرج: فَسَوْفَ نَصْلِيهِ نَاراً [النساء: 30] بالفتح.
و روي بعضهم: أطيب مُضْغة صَيْحَانِيَّة [مَصْلِيَّة] أي صُلِيتْ في الشمس- و رواية الأصمعي و غيره من الثقات: مُصَلِّبة، من قولهم: صَلُبَتِ البُسْرة، إذا بلغت الصلابة و اليُبْس.
و هو من عَوَّد البعير «1»، و نَيَّبَتِ الناقة «2».

[صلصل]:

و
في حديث حُنَين: إنهم سمعوا صَلصَلَةً بين السماء و الأرض كإمرار الحديد علي الطَّسْتِ الجديد.
يقال صَلْصَل اللِّجام و الرَّعْد و الحديد، إذا صوَّت صوتاً مُتضاعفاً.
الطَّسْت «3» يذكر و يؤنث. و قال أبو حاتم: الطّست مؤنثة أعجمية.
و الجديد: يوصف به المؤنث بغير علامة، فيقال مَلْحَفَة جَديد، و عند الكوفيين فَعيل بمعني مفعول، فهو في حكم قولهم: امرأة قتيل، و دابة عَقير، و عند البَصْريِّين بمعني فاعل كعزيز و ذليل، لأنك تقول: جَدَّ الثوبُ، فهو جَدِيد، كعزَّ و ذلَّ، و لكن قيل في المؤنث جديد، كما قال اللّٰه تعالي: إِنَّ رَحْمَتَ اللّٰهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56].

[صلأ]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لو شِئْتُ لدعوت بصِلَاء، وَ صِناب، و صَلائق، و كَراكر، و أسْنِمة، أَفْلَاذ.
الصلاء: الشِّواء. فِعال من صَلاه كشِواءٍ من شَوَاه.
الصِّنَاب: الخَرْدَل بالزبيب؛ و منه فرس صِنابيّ؛ أي لونُه لون الصِّنَاب.
الصَّلَائق: جمع صَليقة؛ و هي الرُّقَاقة. قال جرير:
تُكَلِّفُني معيشةَ آل زَيْدٍ و مَنْ لِي بالصَّلائِق و الصِّنَابِ «4»!
و عن ابن الأعرابي رحمه اللّٰه تعالي: أنَّ الصَّلائق من صَلَقْتُ الشاة؛ إذا شويتها؛ كأنه أراد الحُملان، و الجِداء المشوية- و روي السَّلائق، و هي كل ما سُلِق من البقول و غيرها.
الكراكر: جمع كِرْكِرة «5» البعير.
الأفلاذ جمع فِلْذ؛ و هو القطعة من الكَبِد.
______________________________
(1) عَوَّد البعير تعويداً: صار عوداً، انقضت له ثلاث سنين بعد بزوله (القاموس المحيط: عود).
(2) نَيَّبت الناقة: صار هرمة.
(3) الطست: آنية من الصفر.
(4) البيت في لسان العرب (صلق).
(5) الكركرة: رحي زور البعير.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 259‌

[صلد]:

إنَّ الطبيب من الأنصار سقاه رضي اللّٰه عنه لبناً حين طُعِن فخرج من الطعنة أبْيض يَصْلِد.
يقال: خرج الدم يَصْلِد و يَصْلِت؛ أي يبرُق؛ و خَرَج الدم صَلْداً و صَلْتاً، و أنشد الأصمعي:
تُطِيفُ به الحُشّاش يُبْسٌ تِلاعُه حِجارَتُهُ من قِلَّةِ الخير تَصْلِدُ
و الصَّلِيد: البَريق. و نحوه من مقلوبه الدَّلِيص. و منه الدّرْع الدِّلاص «1».

[صلب]*:

لما قُتِل رضي اللّٰه عنه خَرَج عُبَيْدُ اللّٰه ابنه، فقتل الهُرمُزان «2» [و ابنةً لأبي لؤلؤة] و ابنة له صغيرة؛ ثم أتي جُفَينة، فلما أشْرَفَ له علاه بالسيف فصَلَّبَ بين عينيه. و أنكَر عثمان قتلَه النّفر، فثار إليه فَتَناصيا حَجَز الناس بينهما؛ ثم ثار إليه سعد بن أبي وقَّاص فَتَناصيا.
أي ضَرَبه علي عُرْضه حتي صارت الضربة كالصّليب.
فَتَناصيا؛ أي أخَذ هذا بناصية ذاك.
و عُبَيْد اللّٰه بن عمر: كان رجلًا شديد البَطْش؛ فلما قُتِل عمر جرد سَيْفه، فقتل بنتَ أبي لؤلؤة و الهرمزان و جُفَيْنَة، و هو رجل أعجميّ، و قال: لا أدع أعجمياً إلا قتلته، فأراد عليّ قتلَه بمن قَتل، فهرب إلي مُعاوية، و شهِدَ معه صِفِّين، فَقُتِل.
في حديث بعضهم- قال: صلّيْتُ إلي جنب عُمَر رضي اللّٰه عنه، فوضعت يدي علي خَاصِرتي، فقال: هذا الصَّلْب في الصلاة! كان رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ينهي عنه.
شُبِّه ذلك بفعل المَصْلوب في مَدِّه يَدَه علي الجِذْع.

[صلي]:

عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- سَبق رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و صَلَّي أبو بكر، و ثَلَّثَ عُمَر- رضي اللّٰه تعالي عنهما- و خَبَطَتْنَا فِتْنَة؛ فما شاء اللّٰه!
صَلَّي من المصَلِّي في الخيل، و هو الذي رأسُه عند صَلَا «3» السابق.
الخبْط: الضَّربُ علي غير استواء كخَبْطِ البعير برجله.

[صلب]:

اسْتُفْتِيَ رضي اللّٰه عنه في استعمال صلِيب الموتي في الدِّلاء و السُّفن فأَبَي عليهم.
______________________________
(1) الدرع الدلاص: الدرع اللينة.
(4) (*) [صلب]: و منه الحديث: نهي عن الصلاة في الثوب المصلَّب. و في حديث أبي عبيدة: تمْرُ ذخيرة مصلَّبة. النهاية 3/ 44، 45.
(2) الهرمزان: الكبير من العجم.
(3) الصلا: وسط الظهر من الإنسان، و من كل ذي أربع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 260
هو ما يسيل منها من الوَدَك «1»، و الجمع الصُّلُب.
و منه
الحديث: إنه لما قَدِم مكة أتاه أصحاب الصُّلُب.
أي الذين يَصْطَلِبون. و الاصطلاب: أن يسْتَخْرَج الوَدَكُ من العظام فيَأْتَدِم به.

[صلر]:

عمار رضي اللّٰه عنه- لا تأْكلوا الصِّلَّوْر و الإنْقِليسْ.
الصِّلَّوْر: الجِرِّيّ، و الإنْقلِيسْ: المَارْمَاهِي «2».

[صلصل]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال في تفسير الصَّلْصَال: الصّالّ: الماء يقع علي الأرض فتنشَقُّ فذلك الصَّالّ.
ذهب إلي الصَّلْصلة. و الصَّليل، بمعني الصوت، يعني الطين الذي يجف فيصِلّ «3».

[صلم]*:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال في ذي السُّوَيْقَتَيْن الذي يهدم الكعبة من الحبشة: اخرُجوا يا أهل مكة قبل الصَّيْلم، كأني به أُفَيْحِج أُفيْدِع «4» أُصَيْلِع؛ قائماً عليها يهدمها بمِسْحاته.
الصَّيْلم: فَيْعل من الصَّلْم؛ و هو الخطب العظيم المستأصل.
الأفْدَع: المعوج الرّسغ من اليد أو الرجل.

[صلق]:

تَصَلّق رضي اللّٰه عنه ذات ليلة علي فراشه، فقالت له صفِيّة: ما بك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: الجوع، فأمرت بخَزِيرةٍ فَصُنِعَتْ، و قال للجارية: أَدخِلِي مَنْ بالباب من المساكين، فقالت: قد انقلبوا. فقال: ارفعوها و لم يذقها.
أيْ تَلَوَّي و تململ؛ يقال تَصَلَّقَ الحوتُ في الماء و تَصَلَّقتِ الحامل إذا ضربها الطَّلْق فألقت بنفسها علي جَنْبِها، مرة كذا و مرة كذا.

[صلع]*:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قدم معاويةُ المدينةَ فدخل عليها، فذكرت له شيئاً فقال: إنَّ ذلك لا يصلح، فقالت: الذي لا يصلح ادعاؤك زياداً. فقال شَهِدَتِ الشهود، فقالت: ما شَهِدَت الشهود، و لكن ركبت الصُّلَيْعاء.
أي السَّوْءَة أو الفَجْرَة البارزة المكشوفة؛ تعني رَدّه بذلك الحديث المرفوع الذي أطبقت الأمة علي قبوله، و هو
قوله عليه السلام: الولد للفراش و للعاهر الحَجَر.
و سُميّة لم تكن لأبي سفيان فِرَاشاً.
______________________________
(1) الودك: الدسم.
(2) الجري و المار ماهي: نوعان من السمك.
(3) صل يصلُّ: صوَّت.
(5) (*) [صلم]: و منه في حديث ابن مسعود: يكون الناس صلامات يضرب بعضهم رقاب بعض. و في حديث الفتن: و تصطلمون في الثالثة. و حديث عاتكة: لئن عدتم ليصطلمنَّكم. النهاية 3/ 49.
(4) الأفحج: الذي في رجليه اعوجاج.
(6) (*) [صلع]: و منه في حديث لقمان: و إنْ لا أري مطمعاً فوقَّاعٌ بصُلَّع. و الحديث: ما جَرَي اليعفور بصُلع.-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 261
و كل خُطِّةٍ مشتهرة تسميها العرب صَلْعاء. قال:
و لَاقَيْتُ من صَلْعَاء يكبُو لها الفتي فلم أَنْخَنِعْ فيها و أوْعَدْتُ منكرا
و منها
الحديث: يَكُون كذا و كذا ثم تكون جَبَرُوَّة صَلْعَاء.

[صلي]:

كعب رحمه اللّٰه- إن اللّٰه بارك للمجاهدين في صِلِّيان أرض الروم كما بارك لهم في شعير سُورية.
الصِّلِّيان: نبات تَجْذِبُه الإبل. و تسميه العرب خُبْزة الإبل، و تأكله الخيل، قال:
ظلَّتْ تلوذ أمس بالصَّرِيم و صِلّيانٍ كسِبال الرُّومِ
سُورية: هي الشام. و الكلمة رومية؛ أي يقوم لخيلهم مَقام الشعير في التقوية.

[صلب]:

سعيد بن جُبَير رحمه اللّٰه- في الصُّلْب الدّية.
يعني إن كُسِر.
و قيل إن أُصيب بشي‌ء تذهب به شهوة الجماع؛ لأن المَنْيَ مكانه الصُّلْب ففيه الدية.

[صلخم]:

في الحديث: عُرِضت الأمانة علي الجبال الصّم الصَّلاخم.
جمع صَلْخم؛ و هو الجبل الصُّلْبُ المَنِيع.
بصلّع في (بج) و في (نص). صُلَتْا في (فر). صلتهما في (مغ). صالب في (فض).
تنصلت في (نص). الصلعاء في (حب). مصلبة في (خب). صلامات في (شر). [صلعاً في (طع). لا يصطلي بناره في (قد). الصلعان في (فر). الصالغ في (نص). يصلبا في (دق)].

الصاد مع الميم

[صمم]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي عن لبستين: اشتمال الصَّمَّاء، و أن يَحْتَبِيَ الرجل بثوب ليس بين فَرْجه و بين السماء شي‌ء.
هو أن يُجَلِّلَ بثوبِه جَسَده لا يرفع منه جانباً فيخرج يدَه؛ و معني النهي أنّه لا يقدر علي الاحْتِرَاس من شي‌ء بيده لو أصابه.

[صمت]*:

عن أسامة رضي اللّٰه عنه: دخلتُ عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يوم أصْمَتَ، فلم يتكلمْ، فجعلَ يَرْفَعُ يَده إلي السماءِ ثم يصبُّها عليّ؛ أعْرِفُ أنَّه يَدْعُو لِي.
______________________________
- و الحديث: أن أعرابياً سأل النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن الصُّلَيعاء و القُرَيْعَاء. النهاية 3/ 46، 47.
(1) (*) [صمم]: و منه الحديث: شهر اللّٰه الأصمُّ رجب. و الحديث: الفتنة الصمَّاء العمياء. و في حديث الوطء:
في صمام واحد. و الحديث: كُلْ ما أصميت ودع ما أنميت. النهاية 3/ 54.
(2) (*) [صمت]: و منه الحديث: أن امرأة من أحمس حجَّت مُصْمتة. و في الحديث: علي رقبته صامتٌ.
النهاية 3/ 51، 52.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 262
يقال: أصْمَتَ العليلُ؛ إذا اعتُقلَ لسانهُ فهو مُصْمِت. قال أبو زيد: صَمَت و أصْمَتَ سواء، و لم يعرف الأصمعي أصْمَتَ. و مثلهما سَكَت و أسْكَتَ. قال:
قَدْ رَابَنِي أنّ الْكَرِيّ أسْكَتَا لو كَانَ مَعْنِيًّا بها لَهَيَّتَا «1»
يصبها عليَّ؛ أي يَحْدِرُها و يُمرُّها.

[صمد]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أيها الناس، إياكم و تَعَلَّم الأنْساب و الطَّعْن فيها؛ و الذي نَفْسُ عمر بيدِه لو قلتُ لَا يخرُجُ من هذا الباب إلا صَمَدٌ ما خرج إلا أقلُّكُمْ.
هو السيد المصْمُود؛ فَعَل بمعني مَفْعول، كالحَسَب و القَبَض، و الصَّمْد: القَصْد.

[صمأ]:

ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- قال له رجل: إني أرْمي الصَّيْدَ فأَصْمِي و أنْمِي، فقال: ما أصْمَيْتَ فَكُلْ، و ما أنْمَيْت فلا تَأْكُلْ.
الإصْمَاء: أنْ تقتلَه مكانه؛ و معناه سُرْعة إزْهَاقِ الرُّوح، من قولهم للمُسْرع صَمَيان.
و الإنماء: أنْ تُصِيبَه إصابة غير مُقْعِصَة «2»؛ يقال: أنْمَيْتُ الرَّمِيَّة و نَمَتْ بنفسها؛ و هو من الارتفاع لأنه يرتفع، أي ينهض عن المَرْمَي، و يغيبُ ثم يموت بعد ذلك، فيهجُم عليه الصائد ميتاً. قال امُرؤ القيس:
رُبَّ رامٍ مِنْ بَنِي ثُعَلٍ مُتْلِج «3» كَفَّيْهِ في قُتَرِهْ «4» «5»
فهو لا تَنْمِي رمِيَّتُه مَا لَه لَا عُدَّ مِنْ نَفَرِهْ
و إنما نهاه عن النَّامِي، لأنه لا يعلم أنّ موته بِرَميّة فربما مات بعارض آخر.

[صمع]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لا يري بَأْساً أَنْ يُضَحِّيَ بالصَّمْعاء.
هي الصغيرة الأُذُن.

[صمغ]:

في الحديث- نظفوا الصِّمَاغين. فإنهما مَقْعَد المَلَكين- و روي: تعهدوا الصِّوَارين فإنهما مَقْعَد المَلَك.
و الصِّمَاغان، و الصَّامِغان، و الصِّواران: مُلْتَقيا الشِّدْقَين. قال:
قَدْ شَان أبناء بني عَتَّاب نَتْفُ الصِّمَاغَيْن علي الأبْوابِ «6»
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (هيت).
(7) (*) [صمد]: و منه حديث علي: فصَمْداً صمداً حتي ينجلي لكم عمود الحق. و في حديث معاذ بن الجموح في قتل أبي جهل: فَصَمَدْتُ له حتي أمكنتني منه غِرَّة. النهاية 3/ 52.
(2) أقعصه: قتله، إصابة غير مقعصة: غير مميتة.
(3) المتلج: المدخل.
(4) القتر، جمع قترة: هي بيت الصائد الذي يكمن فيه للوحش.
(5) البيتان من المديد، و هما في ديوان امري‌ء القيس ص 123، و الأغاني 9/ 95، و شرح شواهد الشافية ص 466، و الشعر و الشعراء 1/ 131.
(6) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (صمغ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 263
و قد أصْمَغ الرجلُ، إذا زَبَّبَ شِدْقَاه «1».
و صمته في (حب). صمر في (حت). صمام في (جب). أصمختهم في (دي).

الصاد مع النون

[صنبر]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إنَّ قريشاً كانوا يقولون إن محمداً صُنْبُور.
الصُّنْبُور: الأبتر الذي لا عَقِب له، و أصْلُه الصُّنبور من صَنابِير النخل، و هي سَعَفات تَنْبُتُ في جُذوعها غيرُ مستأرضة، فإذا قلع لم يبق له أثر كما يبقي للنابت في الأرْض. و قيل:
أرادوا أنه ناشي‌ء حَدَث كالسَّعَفة، فكيف تتبعه المشائخ المحنَّكُون! و يمكن أن يجعل نونه مزيدة؛ من الصُّبْر، و هو الناحية و الطَّرف لعدم تمكنه و ثباته.

[صنب]:

أتاه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أعرابيٍّ بأرْنبٍ قَدْ شَواها، و جاء معها بصِنابِها، فوضعها بين يَدَيْه، فلمْ يَأْكُلْ، و أَمَر القوم أنْ يَأْكُلُوا، و أمسك الأعرابيّ، فقال: ما يمنعُك أنْ تَأكل؟ قال: إني أصوم ثلاثَةَ أيام من الشَّهْر. قال: إنْ كنتَ صائماً فصُمِ الغُرّ.
الصِّناب: صِبَاغ الخردل:
أراد أيام الغُرّ، فحذف المضاف، و أرادَ بالغُرّ البيض، و هي ليلة السَّواء، و ليلة البَدْر، و التي تليها. و أما الغُرَر فهي التي أولها غُرّة الشهر، و قيل: إنما أمَرَه بِصَوْمِها لأنَّ الخُسوفَ يكونُ فِيهَا.

[صنو]:

العباس صِنْوُ أبي.
أي شقيقُه الذي أصله أصلُه، و هو واحد الصِّنْوان، و هي النَّخَلات التي أصلُها واحد، و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: عم الرجل صِنْوُ أبِيه.

[صنع]*:

اصْطَنَع صَلَي اللّٰه عليه و سلِم خَاتماً من ذهب- و روي: اضطرب.
أيْ سَأَل أنْ يُصْنَع له أو يُضْرَب؛ كما يقال: اكْتَتَب؛ أي سأل أنْ يُكْتَبَ له.
الخُدْرِي رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: قال رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لا توقدوا بِلَيْلٍ ناراً، ثم قال:
أوْقِدوا و اصْطَنِعُوا.
أي اتخذوا صَنِيعاً؛ أي طعاماً تُنْفِقُونه في سبيل اللّٰه.
______________________________
(1) زبب شدقاه: طلع زبدهما.
(2) (*) [صنع]: و منه في حديث عمر: حين جرح قال لابن عباس: انظر من قتلني، فقال: غلام المغيرة بن شعبة، فقال: الصَّنَعُ؟ قال: نعم. و في حديث جابر: كان يصانع قائده. النهاية 3/ 56.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 264‌

[صنخ]:

أبو الدَّرْدَاء رضي اللّٰه تعالي عنه- نعم البيتُ الحمّام، يُذْهِبُ الصَنْخَة، و يُذَكِّر النارَ- و روي الصِّنَّة.
يقال صَنِخ بَدَنُه و سَنِخ؛ إذا دَرِن. و الصَّنْخة و السَّنْخة: الدرن.
الصِّنّة: الرائحة الخبيثة في أصْل اللحم؛ و أصَنَّ إذا أنْتَن؛ و منه صُنان الآباط.

[صند]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- كان يتعوذ من صنَادِيد القَدَر.
هي نوائبُه العظام الغوالب؛ و كل عظيم غالب صِنْديد. يقال: أصابهم برد صِنْديد، و ريح صِنْديد؛ و قال ابن مقبل:
عفته صناديد السِّماكين و انتحت عليه رياح الصيف غُبْرا مجاوله «1» «2»
يريد الأمطار العظام الغزار.
صنفة في (دح). صناب في (صل). صناديد في (عظ).

الصاد مع الواو

[صور]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال: يَطْلُع من تحت هذا الصَّور رجل من أهل الجنة؛ فطلع أبو بكر.
هو من النَّخْل كالصُّوار من البقر، أي الجماعة.
و منه
حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنَّهُ أتَي امرأةً من الأنصار فرشت له صَوْراً، و ذبحت له شاة، فأكل منها ثم حانت العصر، فقام فتوضأ، ثم صلي الظهر ثم أُتِي بعُلالة الشاة، فأكل منها، ثم قام إلي الصلاة فصلّي و لم يتوضأ.
و
في قصة بدر: أن أبا سفيان خرج في ثلاثين فارساً حتي نزل بجبل من جبال المَدينة، فبعث رجلين من أصْحابه فأحرقوا صَوْراً من صيران الغُرَيْض، فخرج رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في أصحابه حتي بلغ قَرْقرة الكُدْر فأَغْدَرُوه.
يقال لبقية كل شي‌ء: عُلالة كبقية اللبن في الضَّرْع؛ و بقية جَرْي الفرس؛ و بقية قوة الشيخ، و أراد هاهنا ما بقي من لحم الشاة.
أغْدَره و أخْدَره، إذا تركه خلفه.
______________________________
(1) المجاول: التراب و حطام البيت.
(2) البيت في ديوان ابن مقبل ص 232، و أساس البلاغة (صند).
(3) (*) [صور]: و منه الحديث: أنه خرج إلي صَوْر بالمدينة. و في صفة الجنة: و ترابها الصُّوار. و في صفة مشيه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: كان فيه شي‌ءٌ من صَوَر. و الحديث: كره أن تُعْلَم الصُّورة. النهاية 3/ 59، 60.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 265‌

[صوح]*:

قَتَلَ مُحَلَّم بن جُثَامة اللَّيْثي رجلًا من أشجع في أول الإسلام قال لا إله إلا اللّٰه، فلم يتناهَ عنه حتي قتله، فدعا عليه النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فلما مات دفنوه فلفظتْه الأرض، ثم دفنوه فلفظته فألقوه بين صَوْحَيْن فأكلته السباع.
و في هذه القصة أن الأقْرع بن حابس قال لِعُيَيْنَة بن حِصْن: بم اسْتَلَطْتُم دم هذا الرجل؟
فقال: أقْسَمَ منا خمسون رجلًا أنَّ صاحبنا قُتِل و هو مؤمن؛ فقال الأقْرَع: فسألكم رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنْ تقبلوا الدية و تَعْفوا فلم تقبلوا! أقسمُ باللّٰه لتقْبلُنَّ ما دعاكم إليه أو لآتينّ من بني تميم فيُقْسِمون باللّٰه لقد قتِل صاحبكم و هو كافر! فقبلوا عند ذلك الدية.
الصَّوْح: جانب الوادي؛ و هو من تَصَوَّح الشَّعَرُ إذا تشقّق، كما قيل له شِقّ من الشقّ.
اسْتَلَطْتُم؛ من لَاطَ الشي‌ءُ بالشي‌ء؛ إذا لصق به؛ كأنهم لما استحقُّوا الدم، و صار لهم ألْصَقُوهُ بأَنْفُسِهمْ.

[صوع]*:

أعْطَي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عطية بن مالك بن حُطَيط الشعليّ صَاعاً من حَرَّة الوادي.
أي مَبْذَر «1» صاع: كقولك أعْطَاه جَربياً من الأرض، و إنما الجَريب اسم لأرْبَعة أقْفِزة من البَذْر، و قيل: الصاع المطمئنّ من الأرْض. قال المسيّب بن عَلَس:
مَرَحَتْ يداها للنَّجَاء كَأَنَّما تَكْرُو بكَفَّيْ لاعب في صاع «2»
و قال أبو دُواد:
و كلّ يوم تري في صاع جُؤْجُؤها تطلبه أيد كأيدي المعشر الفَصَدَهْ
أيْ في مكان جُؤْجُؤها؛ و يقال للبقعة الجرداء صَاعة، و يقولون لطارق الصوف: اتخذ لصوفك صَاعة؛ أي مكاناً مكنوساً أجْرَد.

[صوب]*:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إذا مُطر قال: اللهم صَيِّباً نافعاً- و روي سيِّباً.
هو فَيْعَل من صاب يَصُوب. قال اللّٰه تعالي: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمٰاءِ [البقرة: 19].
و السَّيب: العطاء؛ و هو من ساب يسيب؛ إذا جري. و السَّيب؛ مجري الماء.

[صوت]:

العباس رضي اللّٰه تعالي عنه- كان رجلًا صَيِّتاً، و إنه نادي يوم حُنَين فقال:
______________________________
(3) (*) [صوح]: و منه في حديث الاستسقاء: اللهم انصاحت جبالنا. و في حديث علي: فبادروا العلم من قبل تصويح نبته. النهاية 3/ 58.
(4) (*) [صوع]: و منه في حديث الأعرابي: فانصاع مُدْبراً. النهاية 3/ 60.
(1) المبذر: مكان يبذر فيه.
(2) البيت في أساس البلاغة (صوع).
(5) (*) [صوب]: و منه الحديث: من قطع سدرة صوَّب اللّٰه رأسه إلي النار. و الحديث: يصبون ما أصاب الناس. النهاية 3/ 57.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 266
يا أصْحَاب السَّمُرة «1»، فرجع الناس بعد ما وَلَّوْا حتي تَأَشَّبُوا حولَ رسولِ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ حتي تركوه في حَرَجة سَلَم، و هو علي بَغْلَتِه، و العباس يَشْتَجِرُها بلِجامها.
و
رُوِي عن العباس رضي اللّٰه عنه أنه قال: إني لَمَعَ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يوم حُنين آخِذٌ بِحَكَمة «2» بغلته البيضاء و قد شَجَرتُها بها- و روي و قد شَنَقْتُها بها.
الصَّيِّت: فَيْعِل؛ من صات يَصوت؛ إذا اشْتَدَّ صَوْتُه.
تَأشَّبُوا: الْتَفّوا؛ من أشب الشجر- و روي تَنَاشبوا.
الحَرَجة: الشَّجْراء الملْتفة. قال:
أيا حَرجَات الحيّ يوم تَحَمَّلوا بذي سَلَمٍ لَا جادَكُنَّ ربيعُ «3»
السَّلمُ من العِضَاهِ: الشجر. و الاشْتِجار: الكَفّ و الإمساك؛ من الشِّجَار و هو الخشبة التي توضع خَلْف الباب لأنها تُمْسِكُه.
و الشَّنْق: نحوه.
في متعلّق حتي الثانية وجهان: أنْ يكون متعلَّق الأولي و تكون هي بدلًا منها، و أن يكون تَأَشَّبُوا فَيكون لكل واحدة متعلَّق علي حدة.
آخِذٌ: خبر ثان لأن، و لو نصب علي الحال علي أن يكون العاملُ فيه ما في مَعَ من الفعل لكان وجهاً عربياً؛ كأنه قال: إنّي لفي صحبته يوم حُنين آخذاً.
تركوه: بمعني جَعَلوه.

[صوع]:

سَلْمان رضي اللّٰه تعالي عنه- كان إذا أصاب الشاةَ من الغنْم في دار الحَرْب عمد إلي جِلدها فجعل منه جِراباً، و إلي شَعْرِها فجعل منه حَبْلًا. فينظُر رجلًا قد صَوَّع به فرسُه فيعطيه.
صَوَّع الفرسُ إذا جَمَح رأسُه، من تصْوِيع الطائر و هو تحريكُه رأسَه حركةً متتابعة؛ و يقال: رأيت فلاناً يُصَوِّع رأسَه لا يدري أين يأخذ و كيف يأخذ. قال:
قطعناه و الحِرْباء في غَيْطَل الضُّحَي تراه علي جَذَلٍ منيف مُصَوَّعا

[صوي]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- إنَّ للإسلام صُوًي و مناراً كمنار الطريق.
______________________________
(1) السمرة: من شجر الطلح، و هي الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية.
(2) الحكمة: حديدة في اللجام تكون علي أنف الفرس و حنكه، تمنعه عن مخالفة راكبه (لسان العرب:
حكم).
(3) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (حرج).
(4) (*) [صوي]: و منه في حديث لقيط: فيخرجون من الأصواء فينظرون إليه. النهاية 3/ 62.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 267
هي أعلام من حجارة في المفاوِز المجهولة؛ الواحدة صُوَّة. قال:
و دوّية غَبْرَاء خاشعة الصُّوَي لها قلب عفّي الحياض أجون

[صوح]:

ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- سُئِلَ: متي يجوزُ شِرَي النخل؟ قال: حين يُصَوِّح.
أي يُشْقِح «1»؛ شَبَّه ذلك بِتَصْوِيح البَقْل؛ و ذلك إذا صارتْ بُقْعَة منه بيضاء و بقعة فيها نَدْوَة- و روي يُصَرِّح، أي يَسْتَبِينُ صلاحُه.

[صور]:

ابن عُمَر رضي اللّٰه تعالي عنهما- إنِّي لأُدْني الحائضَ و ما بِي إليها صَوَرَة إلا يعلم اللّٰه أني لا أجْتَنِبُها لحَيْضها.
هي المرّة من الصَوَر، و هو العَطْف، يقال: صارَ إلَيْه صَوراً، قال لبيد:
مِنْ فَقْدِ مَوْلًي تَصُورُ الحَيَّ جَفْنَتُه
أيْ مَا بِي شَهْوةٌ تَصُورُني إليها.
و منه
حديث مجاهد رحمه اللّٰه تعالي: أنه نهي عن أن تَصُورَ شجرةً مُثْمِرة.
أي تُميلها لأنها تصفّر بذلك و يقل ثمرُها.
و
عن الحسن رحمه اللّٰه تعالي، أنه ذكر العلماء فقال: تتعطَّفُ عليهم قلوبٌ لا تَصُورها الأرحام.
إنما قَرَّبَ الحائض إظهاراً لمخالفة المجوس في مجانبتهم الحيَّض.
عِكرمة رحمه اللّٰه تعالي- حملة العرش كلهم صُورٌ.
جمع أصْوَر، و هو المائل العنق؛ قال أمية:
شَرَجَعاً ما يناله بصر العين تري دونه الملائك صُوَرا

[صوب]:

في الحديث: من أراد اللّٰه به خيراً يُصِبْ منه.
أي يَنَلْ منه بالمصائب.
انصاع في (سه). صيّت في (فح). الأصواء في (هض). صيرتين في (سر).
الصواغون في (صب). بصوار في (نغ). [الصوارين في (صم). منصاح في (دب). الصوار في (سل). أصاول و أصول في (حو)].
______________________________
(1) أشقح النحل: إذا احمر و اصفر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 268‌

الصاد مع الهاء

[صهب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال في الملاعنة: إنْ جاءت به أُصَيْهب أُثَيْبِج، حَمْش الساقين فهو لزوجها؛ و إنّ جاءت به أوْرَق، جَعْداً جُمالِيّا خَدَلَّجَ الساقين، سابغ الإلْيَتين؛ فهو لِلَّذِي رُمِيَتْ به.
الأصَيْهِب: الذي في شعر رأسهِ حُمْرَة.
الأُثَيْبج: النائي الثَّبَج «1».
الحَمْش: الدقيق. الأَوْرَق: الآدَم.
الخَدَلَّج: الخَدْل، أي الضخم. الجُمَالِيّ: العظيم الخَلْق كالجمل. قال الأعشي:
جُمَاليّة تَغْتَلي بالرِّدَاف «2»

[صهر]:

قالت شَموس بنت النعمان رضي اللّٰه عنها: رأيته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يُؤَسِّسُ مسجد قُباء، فكان رُبَّمَا حَمَل الحجر العظيم فيُصْهِرُه إلي بطنه، فيأتيه الرجل ليحملَه، فيقول: دَعْه و احْمِل مثله.
أي يُدْنيه إليه؛ يقال: صَهَرَه و أصْهَرَه: أدْنَاه؛ و مِنْه المُصاهرة.
عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- بعث العبَّاس بن عبد المطلب و ربيعة بن الحارث ابنيهما الفَضْل بن عباس و عبد المطلب بن ربيعة يسألانه أن يَسْتَعْمِلهما علي الصدقات فقال عليّ:
واللّٰه لا يُسْتَعْمَلُ منكم أحد علي الصدقة. فقال ربيعة: هذا أمْرُك! نِلتَ صِهْرَ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فلم نَحْسُدْك عليه؛ فألْقَي عليٌّ رداءَه ثم اضطجع عليه. فقال: أنا أبو الحسن الْقَرْم؛ و اللّٰه لا أرِيم حتي يرجع إليكما ابناكما بحَوْر ما بعثتما به.
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إن هذه الصدقة إنما هي أوْساخ الناس، و إنها لا تحلُّ لمحمد و لا لآل محمد.
الصِّهْرُ: حُرْمَة التزويج.
و قيل: الفرق بين النَّسَب و الصهر أن النّسب ما رَجَع إلي ولادة قريبة [و الصهر] خلطة تُشْبِه القرابة.
القَرْم: السيد. و أصله فحل الإبِل المُقْرِم؛ يقال: أقرَمَ الفحلُ؛ إذا ودَّعه [صاحبه] من
______________________________
(3) (*) [صهب]: و منه الحديث: كان يرمي الجمار علي ناقة له صهباء. النهاية 3/ 63.
(1) الثبج: ما بين الكتفين إلي الكاهل.
(2) عجزه:
إذا كذَّب الأثمات الهجيرا
و البيت في ديوان الأعشي ص 97.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 269
الحمل و الركوب للفحلة. قال:
فحزّ وظِيف القَرْم في نصف ساقه و ذاك عِقال لا ينّشط عاقلُه
الحَوْر: الجَواب؛ يقال كلّمته فما رَدَّ إليّ حَوْر أو حَوِيراً. و قيل: أراد الخيْبة؛ من الحوْر الذي هو الرجوع إلي النقص في قولهم: الحَوْر بعد الكَوْر.
الأسْوَد بن يَزِيد رحمه اللّٰه تعالي- كان يَصْهَر رجليه بالشحم و هو مُحْرِم.
أي يَدْهُنهما بالصَّهير؛ و هو الشَّحْم المذاب؛ كقولك: شحمته، إذا دهنته بالشَّحْم.
صهيل في (غث). [صهل في برم].

الصاد مع الياء

[صيص]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- ذكر فتنةً تكونُ في أقطار الأرضِ؛ فقال: كأنها صَيَاصِي بَقَر.
جمع صِيصَية، و هي القَرْن؛ سميت بذلك، لأن البقرة تَتَحصَّن بها، و كل ما يُحَصَّنُ به فهو صِيصَية؛ و الكلمة من مُضاعف الرباعي؛ فاؤه و لامُه الأولي مِثْلان صادان، و عينه و لامُه الأخري مِثْلان ياءان: شبّه الرماح التي تُشْرَع فيها و ما يشبهها من سائر السلاح بقرون بَقَر مجتمعة، قال:
وَ أَصدرتهم شَتَّي كَأَنَّ قِسيَّهم قرون صُوارٍ «1» ساقطٍ متغلّبِ

[صير]*:

ما مِن أمّتي أحد إلّا و أنا أعرِفُه يوم القيامة، قالوا: و كيف تعرِفُهم يا رسول اللّٰه في كثرة الخلائق؟ قال: أ رأيتَ لو دخلتَ صيرةً فيها خيل دُهم، و فيها فرس أغَرّ محجَّل، أ مَا كنتَ تعرِفه منها! قال: فإنّ أمّتي غُرّ مُحَجَّلون من الوضُوء.
هي حظيرة تتخذ للدواب من الحجارة و أغصان الشجر قال الأخطل:
و اذْكُرْ غُدَانةَ عِدَّاناً «2» مُزَنَّمَة «3» من الحَبَلَّق «4» تُبْنَي حَوْلَهَا الصِّيَرُ «5» «6»
و الصَّيرة علي مذهب الأخفش لا تكون إلا من الياء؛ و سيبويه يُجَوِّزُ الأمرين؛ فإن كانتْ من الياء فهي من الصَّيْرُورة؛ لأن الدواب تأوِي إليها و تَصِير؛ و إن كانتْ من الواو
______________________________
(7) (*) [صيص]: و منه حديث أبي هريرة: أصحاب الدجَّال شواربهم كالصياصي. النهاية 3/ 67.
(1) الصوار: جماعة البقر.
(8) (*) [صير]: و منه الحديث: من اطَّلع من صير باب فقد دَمَر. و في حديث ابن عمر: أنه مرَّ به رجل معه صير فذاق منه. و حديث المعافري: لعل الصِّير أحبُّ إليك من هذا. النهاية 3/ 66، 67.
(2) العدان: جماعة المعزي.
(3) المزنمة: التي تدلي من حلقها الزنمة.
(4) الحبلق: أولاد المعزي الصغار.
(5) الصير: الحظائر.
(6) البيت في ديوان الأخطل ص 111.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 270
فلأنها تُصار إليها؛ أي تُمال رَواحاً.

[صيد]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لعليٍّ رضي اللّٰه عنه: أنتَ الذَّائِذُ عن حَوْضي يوم القيامة؛ تَذُود عنه الرِّجالَ، كما يُذَادُ البعير الصَّادُ.
هو الصَّيَد في الأصل؛ كقولهم خاف أصله خوَف، و هو الذي به الصَّيَد، داءٌ يَأْخُذُ في الرأس لا يُقْدَرُ من أجْله أن يَلْوِيَ عُنُقَه، و به شُبِّهَ المتكبر، فقيل له: أصْيَد. و يجوز أن يُروَي بكسر الدال؛ و يكون فاعلًا من الصَّدَي؛ و هو العطش.

[صيأ]:

عليّ رضي اللّٰه عنه- وطئت امرأة صبيًّا مولداً؛ فشدخَتْه، فشهدت نسوة عنده أنها قتلته، فأجاز شهادتهنّ، فلما رأت المرأة جَزِعت، فقال لها: أنت مثلُ العقرب؛ تلدغ و تصيئ.
أيْ تَصيح و تضج. قال العَجَّاج:
لهنّ من شَبَاته صَيِّئُ «1»

[صيف]*:

أنس [بن مالك] رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: إن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم شاور أبا بكر يوم بَدْر فَصَاف عنه.
أي عَدَل بوجهه عنه ليشاوِرَ غيره، من قولك: صَافَ السهم عن الهدف يَصِيف.
سليمان بن عبد الملك- قال عند موته:
إن بَنيّ صِبْية صَيْفِيُّون أفْلَح من كان له رِبْعِيّونْ
أي ولدوا علي الكِبر من صيفية النتاج، و الرّبْعيّون: الذين ولدوا له في حداثته من ربعية النتاج، و إنما قال ذلك، لأنه لم يكن في أبْنائِه مَنْ يُقَلده العَهد بعده.
بين صيرتين في (سر). الصير في (صح) [كالصياصي في (سو)].
[آخر الصاد]
______________________________
(2) (*) [صيد]: و منه حديث ابن الأكوع: قلت لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إني رجل أصْيَدُ أفأُصلي في القميص الواحد؟
و في حديث جابر: كان يحلف أن ابن صياد الدجال. النهاية 3/ 65، 66.
(1) نسبة في لسان العرب (صيف) لأكثم بن صيفي. و قال: و قيل هي لسعد بن مالك بن ضبيعة.
(3) (*) [صيف]: و منه في حديث الكلالة: حين سُئل عنها عُمرُ فقال له: تكفيك آية الصيف. النهاية 3/ 68.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 271‌

حرف الضاد

الضاد مع الهمزة

[ضأضأ]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال له رجل و هو يقسم الغنائم: إنك لم تعدلْ في القَسْم، فقال عليه السلام؛ ويحك! فمَنْ يَعْدِل عليك بَعْدِي، ثم قال: سيخرُج من ضِئْضِئ هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تَراقِيَهم، يَمْرُقُون من الدِّين كما يَمْرُق السَّهْمُ من الرّمِيّة.
أي من أصْله، يقال: هو من ضِئضِئ صدق. و ضُؤْضؤ صدق. و بُؤْبؤ صدق. و حكي بعضهم ضِئْضي‌ء بوزن قِنْديل. و أنشد الحفص الأمويّ:
أكرم ضِنْ‌ء و ضئضئٍ غُرُسا في الحي ضئضيئها و مضَاؤها

[ضأل]:

إن إسرافيل عليه السلام له جَناح بالمَشْرق، و جَناح بالمَغْرب، و العرش علي جَناحه، و إنه ليتضاءل الأحيان لعظمة اللّٰه تعالي حتي يعود مثل الوَصَع.
. أيْ يتصاغر، يقال تضاءل الشي‌ءُ إذا صار ضئيلًا، و هو النَّحِيف الدقيق.
الوَصَع: الصغير من النِّغْران، و قيل: طائر شبيه بالعصفور في صِغَره.
عمر رضي اللّٰه تعالي عنه-
قال عبد اللّٰه بن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه: خرج رجل من الإنس، فلقيه رجل من الجن فقال: هل لك أنْ تصارِعَني فإن صَرَعْتَنِي علمتك آية إذَا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخلْه شيطان؟ فصارعه فصَرعه الإنسيّ، فقال: إني أراك ضَئِيلًا شَخِيتاً، كأنّ ذِراعيك ذراعاً كلب، أفهكذا أنتُم أيُّها الجن كلكم، أم أنتَ من بينهم؟ فقال: إني منهم لَضَلِيع فعاوِدْني، فصارعه فصرعه الإنسي، فقال: تقرأ آية الكُرْسي فإنه لا يقرؤها أحد إذا دخل بيتَه إلا خرج الشَّيْطان و له خَبَج كخَبَج الحمار. فقيل لعبد اللّٰه: أ هُو عَمر؟ فقال: و مَنْ عَسَي أن يكون إلا عمر!
الضئيل: النحيف الدقيق، و منه قيل للأفعي ضَئيلة، و الشَّخيت مثله. و قد فعُل فُعولة فيهما. و الضَّلِيع: المُجْفَر الجَنْبَيْن، الوافر الأضلاع، و قد ضَلُع ضلاعة.
الخَبج، و الحَبَج: الضَّرَط.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 272
كلّكم: تأكيد لأنتم لا لصفة أي، أراد أم أنْتَ مِنْ بينهم هكذا؟ فحذف الخبرَ لدلالة الكلام.
إلا عمرُ، بالرفع، بدل من محل مَنْ، و محله الرفع علي الابتداء، و هو استثناء من غير مُوجب لتضمّن مَنْ معني الاستفهام، كأنك قلت: هل أحد مطموع منه في الصَّرْع إلا عمر؟
و أراد: عسي أن يكونه، أيْ أنْ يكون الإنسيّ الصارع، فحذف لكونه معلوماً.

[ضأن]:

شقيق رحمه اللّٰه تعالي- مَثَلُ قُرَّاءِ هذا الزمان كمثلِ غَنمٍ ضوائن ذواتِ صوف، عِجَاف، أكلت من الحِمْضيّ، و شربتْ من الماء حتي انْتَفَجَتْ، أو انتفخت خواصرُها، فمرّت برجلٍ فأعجبته، فقام إليها، فغبَط منها شاة فإذا هي لا تُنْقي، ثم غبط منها أخري فإذا هي لا تنقي، فقال: أفٍّ لك سائر اليوم!
هي جمع ضائنة.
الانتفاج و الانتفاخ، بمعني.
تُنْقِي، من النِّقْي و هو المخ، أي فإذا هي مهزولة.
الغَبْط: الجَسّ- و روي عَبَط، أي ذَبَح.

الضاد مع الباء

[ضبع]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إنّ رجلًا أتاه، فقال: يا رسول اللّٰه، قد أَكَلَتْنَا الضَّبُع فقال: غير ذلك أخْوَف عندي، أنْ تُصَبَّ عليكم الدنيا صَبًّا.
مَثَّلَ إهلاك السَّنة بأكل الضَّبُع. و الضَّبُع و الذئب مما يُمثِّلون به السَّنة و الجوع، لأنهما يَعْدُوَان علي الناس عُدْوانَهما. و فسر الذئب في قول أبي ذُؤَيْب:
مَنْ ساقَه السَّنة الحَصَّاء و الذِّئْبُ «1»
بالجوع.
طاف صَلَي اللّٰه عليه و سلِم مُضْطَبِعاً.
يقال: اضْطَبع بالثوب، إذا جعله تحت إبطِه و ترك مَنكِبه مَكْشوفاً، و هو افْتَعَل، من الضَّبْع.

[ضبر]*:

ذكر صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قوماً يخرجون من النار ضَبائر، فيُطْرحون علي نهر من أنهار
______________________________
(1) صدره:
يأوي إليكم بلا مَنٍّ و لا جَحَدِ
و البيت لجرير في لسان العرب (حصص).
(2) (*) [ضبر]: و منه في حديث الزهري، و ذكر بني إسرائيل فقال: جعل اللّٰه جوزهم الضَّبْر. النهاية 3/ 72.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 273
الجنة، فينبتُون كما تَنْبُتُ الحِبَّة في حَمِيل السَّيْل، قال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: هل رأيتم الصَّبْغاء؟ أو كما تنبت التَّغَاريز أو الثَّعَارير.
أي جماعات، جمع ضِبارة كعِمارة و عمائر من الضَّبْر و هو الجمع و الضّم.
الحِبّة: بزُور الصحراء- عن الفراء.
و قال ابن دُرَيد: ما تساقط من بزْر البَقْل، و أما الحِنطة و نحوها فَحبّ لا غير.
و قيل: هي جمع حَبّ كثَوْر و ثِيرة، و شيخ و شِيخة.
الصَّبْغاء: الطَّاقَة من النبت إذا طَلعَتْ كان ما يلي الشمس من أعاليها أخْضَر، و ما يلي الظلّ أبْيَض؛ من الأصْبَغ و هو الدّابة التي ابيضت ناصيتُها، و الأنثي صَبْغاء، و من المِعْزي الذي ابيضّ طرفُ ذَنَبه. و بيانه
في حديث آخر: فينبتُون كما تنبت الحِبَّة في حَميل السَّيْل، أ لَمْ تروها ما يلي الظلَّ منها أصَيْفِر أو أبْيَض، و ما يلي الشمس منها أخَيْضر!
التغاريز: جمع تَغريز، و هو ما حُوِّل من الفَسيل و غيره فَغُرِز، و مثله التَّنْوِير و التَّنْبيت في النَّوْر و النَّبْت. قال عَدِيّ:
و مَجودٍ قد اسْجَهَرَّ تناوِي ر كلون العُهون في الأعْلَاقِ «1»
و الثّعارير: الثَّآليل؛ الواحد ثُعْرور.

[ضبن]*:

أعوذ باللّٰه من الضُّبْنة في السّفر، و الكآبة في المُنْقَلَب.
الضُّبْنة و الضَّبنة: عيال الرجل، لأنهم في ضُبْنه «2»، و خصّ السفر لأنه مظنّة الإقْواء، و قيل هم الذين لا غَناء فيهم و لا كفاية من الرُّفقاء؛ إنما هم كَلٌّ علي مَنْ يُرافقونه، و قيل:
هي الضُّمْنة؛ أي الضَّمانة، يقال: كانت ضُمْنة فلان تسعة أشْهُر.

[ضبع]:

في قصة إبراهيم عليه السلام و شفاعتِه يوم القيامة لأبيه- قال: فيمسخُه اللّٰه ضِبْعاناً أمْجَر ثم يدخل في النار- و روي: ضِبْعاناً أمْدَر- و روي: فيحوّله اللّٰه ذِيخاً- و روي:
فإذا هو عَيْلام أمْدَر.
و
عن الحسن رحمه اللّٰه تعالي: أنه ذكر هو و عبد اللّٰه بن شقيق العُقَيليّ حديثَ إبراهيم عليه السلام، فقالا: يَأْتيه أبوه يومَ القيامة، فيسأله أنْ يَشْفَع له، فيقول له: خُذْ بحُجْزَتي، فيأخذ بحُجْزَتِه، فتحين من إبراهيم التفاتة إليه، فإذا هو بضِبْعَان أمْدَر؛ فينتزع حُجْزَته من يَديه، و يقول: ما أنْتَ بأَبي!
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (سجهر).
(3) (*) [ضبن]: و منه الحديث: فدعا بميضأة فجعلها في ضِبْنة. النهاية 3/ 73.
(2) ضبنة الرجل: أهله.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 274
الضِّبْعان: الذكر من الضِّباع؛ و كذلك الذَّيْخ و العَيْلَام. قال:
تمد بالعَلْبَاء «1» و الأَخَادِع رأساً كعيلام الضِّبَاع الضَّالِع
الأمْجر و الأمْدَر: العظيم البطن. و الأمدر؛ من قولهم عَكَرة «2» مدراء و بَطْحاء؛ أي ضخمة عظيمة علي عدد المَدر، و قيل الأمْدَر الأغبر، و يقال للضَّبُع مَدْراء و غَبْرَاء.

[ضبن]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن الكعبة كانت تَفِي‌ءُ علي دار فلان بالغداة و تفِي‌ءُ هي علي الكعبة بالعشيّ، و كان يقال لها رَضِيعة الكعبة، فقال عُمَر: إن دَارَكم قد ضَبِنت الكعبة، و لا بُدَّ لي من هَدْمها.
أيْ عَزَّتْها بِفَيْئها و طالّتها، فأصْبَحَتْ منها بمنزلة ما يجعله الإنسان في ضِبْنه، و منه قولهم: ضَبَن عنا الهدية «3»، و يجوز أن يكون من ضَبَنه إذا أزْمَنَه، و رجل مَضْبُون. قال مُزَرِّد:
و لو لا بنو سَعْدٍ و رهطُ ابن باعثٍ قرعتُك بين الحاجبين وقاعِ
فَتُصْبِحُ كالزَّبَّاء تَمْرِي بخُفِّها و قد ضَبِنتها وَقْرَةٌ بكُراعِ
و المعني غَضَّتْ منها، و أضْعَفَتْ أبهتها و جلالة شأنها.

[ضبر]:

سعد بن أبي وقاص رضي اللّٰه تعالي عنه- حبس أبا مِحْجن في شُرْب الخمر، فلما التقي الناس يوم القادِسيّة قال أبو مِحْجن لامرأة سَعْد: أطلِقيني، و لك اللّٰه عليّ إن سَلّمني [اللّٰه] أنْ أرجِع حتي أضعَ رِجْلي في القيد، فَحَلَّتْه، فوثب علي فرس لسعد يقال لها البَلْقاء فجعل لا يحمِل علي ناحية من العدوّ إلا هزَمهم، و جعل سعد يقول: الضَّبْر ضَبْر البَلْقاء و الطعن طعن أبي مِحْجن! فلما هُزِم العدو رجع حتي وضع رِجْلَه في القيد، فلما رجع سعد أخْبرته امرأتُه بما كان من أمره، فخلّي سبِيلَه، فقال أبو مِحْجن: قد كنت أشربُها إذْ كان يقامُ عليَّ الحد و أطهُر منها؛ فأما إذْ بَهْرَجْتَنِي فلا أشربُها أبداً.
الضَّبْر: أن تجمع قوائمها و تثبت.
بَهْرجتني: أهْدَرْتَنِي بإسقاط الحدّ عني، يقال: بَهْرَجَ السلطان دمَ فلان. و نظر أعرابي إلي دِجْلة فقال: إنها البَهْرَج لكل أحد؛ أي المُباح؛ و قيل: البهرجة أن تعدِل بالشي‌ء عن الجادة القاصدة إلي غيرها.

[ضبح]*:

ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- لا يخرجنّ أحدكم إلي ضَبْحةٍ بليل- و روي:
صَيْحة
، و المعني واحد.
______________________________
(1) العلباء: عصب العنق.
(2) العكرة: العدد العظيم من الإبل.
(3) ضبن الهدية: صرفها.
(4) (*) [ضبح]: و منه في حديث أبي هريرة: إن أُعطي مَدَح و ضَبَحَ. النهاية 3/ 71.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 275
يقال ضَبَح فلان ضَبْحَة الثعلب؛ أي إذا سمع صوتاً و جلَبة فلا يخرجنّ لئلا يُصاب بمكروه.

[ضبب]*:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يُفضِي بيديه إلي الأرض إذا سجد، و هما تَضِبَّان دماً.
هو دون السَّيَلان، يعني أنه لم يَرَ الدم الفاطر ناقضاً للوضوء.
أنس رضي اللّٰه تعالي عنه- إن الضب ليَموتُ هُزالًا في جُحْره بذنْب ابن آدم- و روي:
إن الحُباري لتَموت.
يريد أن اللّٰه تعالي يَحْبِس المطَر بشؤم ذنبه؛ حتي تموت الهوام أو الطير هُزالًا. و خَصَّ الضَّب لأنه أطول الحيوان ذَماء و أصبرها علي الجوع. و في أمثالهم: أطول ذَماء من الضّب أو الحُبَاري، لأنها أبْعد الطير نُجْعة؛ تذبح بالبصرة فتوجد في حَوْصَلتِها الحَبَّة الخضراء، و بين البصرة و منابت البَطْم مسيرة أيَّام و أيام.

[ضبن]:

شُميط رضي اللّٰه تعالي عنه- أوحي اللّٰه إلي داودَ عليه السلام: قل للملأ من بني إسرائيل لا يَدْعوني و الخطايا بين أضْبَانهم، لِيُلْقُوها ثم ليدعوني.

[ضبث]:

و يروي بالنون و الثاء؛ فهو بالنون جمع ضبن و بالثاء جمع ضَبْثة، علي تقدير حذف الثاء؛ كقولهم مؤن جمع مأنة. و الضَّبْثَة: القَبْضة، يقال ضَبَثهُ الأسد و ضَبثَ به؛ إذا قبض عليه؛ أي و هم مُحْتَقِبُون للأوزار؛ محتمِلون لها، غير مُقْلعين عنها.
ضبوب في (شب). الضبيس في (صب). بضبور في (فش). في ضبعها في (لو).
ضبس في (كل). الضبع (يت). و ضبح في (تع). الضبر في (مظ). ضبنه في (ست).

الضاد مع الجيم

[ضجن]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أقبل حتي إذا كان بضَجْنَان- أو بعُسْفَان لقي المشركين، فحضرت صلاةُ الظهر فتذَامَر المشركون فقالوا: هلّا كنا حَمَلْنا عليه و هم في الصلاة!
ضَجْنَان: جبل بناحية مكة.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: أنه مَرَّ بضَجْنان، فقال: رَأيتُني بهذا الجبله أحْتَطِبُ مرة، و أَخْتَبطُ أخري «1» علي جِمالٍ للخطَّاب، و كان شيخاً غليظاً؛ فأصبحت بِجَنَبَتِي الناس،
______________________________
(2) (*) [ضبب]: و منه حديث علي: كلٌّ منهما حامل ضبٍّ لصاحبه. و حديث عائشة: فغضب القاسم و أضبَّ عليها. و الحديث: ما زال مضباً مذ اليوم. و الحديث: أن أعرابياً أتي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بضبٍّ، فقال: إني في غائطٍ مُضِبَّةٍ. النهاية 3/ 70.
(1) احتطب: جمع الحطب، و اختبط: ضرب الشجر لينتثر الورق منه، و هو الخبط.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 276
و من لم يكن يُبْخَع لنا بطاعة، ليس فوقي أحد.
فتذامروا؛ أي فَتَلَاوموا و اسْتَقْصَروا أنْفُسَهم علي الغفلةِ و تركِ الفرصة. يقال: تَذَمَّرَ الرجلُ؛ لام نفسَه علي التقصير في الأمر؛ مثل تَذَمَّم. و قد يكون مثل تَحاضّوا علي القتال؛ من ذَمَرَ الرجل صاحبَه. قال عَنْتَر:
لما رأيت القومَ أقْبَل جَمْعُهمْ يَتَذامرون كَرَرْتُ غَيْر مُذَمَّمِ
عُسْفان: واد.
غليظاً؛ من الغِلْظة، يعني أنه كان يغلُظ عليه في الاستعمال.
بجَنَبَتِي؛ أي بجانِبي. و الْجَنْب و الْجَنَبة و الجُنْبة و الجنَابة واحد؛ يقولون: أنا بجَنْبة هذا البيت؛ و مروا يسيرون بِجَنْبَتَيْه و جَنَابتيه.
بَخَعَ له بطاعة: إذا أقَرَّ له بها و أذْعَن.
انضجعت في (بج).

الضاد مع الحاء

[ضحو]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
قال سلمَة بن الأكْوع: غَزَوْنا مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم هَوازِن؛ فبينا نحن مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم نَتَضَحَّي. جاء رجلٌ علي جمل أحمر، فأناخَه، ثم انتزع طَلَقاً من حَقَبه؛ فَقَيَّد به الجَمل.
تَضَحَّي: إذا تَغَدّي. و الضَّحَاء: الغَدَاء.
الطَّلَق: قيد من جُلود. قال [رؤبة] يصف حماراً:
مُحَمْلَج أُدْرجَ إدراجَ الطَّلَقْ «1»
الحَقب: الحبل الذي يُشَدّ في حَقْو البعير علي الرِّفادة «2» في مؤخر القَتَب «3»؛ و كأَنّ الطَّلَق كان معلقاً به فانتزعه منه، و أراد مِنْ موضع حَقَبه و هو مؤخر القَتَب.
كتب صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لحارثة بن قطن و مَنْ بدُومة الْجندل من كَلْب: إنَّ لنا الضَّاحية من البَعْل، و لكم الضامِنة من النخل؛ لا تُجْمَع سارحتُكم، و لا تُعَدّ فارِدَتكُم، و لا يحظر عليكم البنات، و لا يؤخذ منكم عُشْر البَتَات.
______________________________
(4) (*) [ضحا]: و منه حديث بلال: فلقد رأيتهم يتروحون في الضحاءِ. و الحديث: أنه قال لأبي ذر: إني أخاف عليك من هذه الضاحية. و في حديث إسلام أبي ذر: في ليلة إضحيان. النهاية 3/ 76، 77، 78.
(1) الرجز في لسان العرب (طلق).
(2) الرفادة: دعامة السرج و الرحل (لسان العرب: رفد).
(3) القتب: رحل صغير علي قدر السنام (لسان العرب: قتب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 277
الضَّاحية: التي في البَرِّ، و الضامنة: التي في القُرَي.
و البَعْل: الشارب بعروقه من غير سَقْي.
السّارحة: السَّائمة؛ يعني لا يُجْمَع بين مُتَفَرِّقها؛ و قيل: لا تُجْمَعُ إلي المصدّق؛ و لكن يأتيها فيصدّقها حيث هي.
الفاردة: الشّاة المنفردة؛ أي لا تُضَمّ إلي الشاء فتحتسب معها.
البَتَات: المتاع.

[ضحضح]:

قال له صَلَي اللّٰه عليه و سلِم العباسُ بن عبد المطلب رضي اللّٰه عنه: إن أبا طالب كان يحوطُكَ و يَنصرُك، فهلْ يَنفعُهُ ذلك؟ قال؛ نعم، وجدته في غَمَرَاتٍ من النار فأخْرَجْتُه إلي ضَحْضَاح- و روي: أنّه في ضَحْضَاح من نار يغْلي منه دِماغُه- و روي: رأيتُ أبا طالب في ضَحْضاح من النار، و لو لا مكاني لكان في طَمْطَام.
هو في الأصل الماءُ إلي الكعبين.
و الطَّمْطام: مُعظم ماء البحر.
و
في حديث أبي المِنْهال- قال: بلغني أنّ في النار أوْدِيَةً في ضَحْضَاح، في تلك الأوْدية حيّات أمثال أجْوازِ الإبل، و عقارب أمثال البغال الخُنْس؛ إذا سقط إليهنّ بعضُ أهْل النار أنشأن به نَشْطاً و لَسْباً.
الأجْواز: جَمْع جَوْز؛ و هو الوَسط، و منه قيل للشاة المبيض وسطها جَوْزاء، و بها سميت الْجَوْزَاء.
الخُنْس: القصار الأنوف.
النَّشط: اللسع باختلاس و سرعة، و كل شي‌ء اختلس فقد انتشط.
اللَّسْب و اللَّسْع؛ أخَوان.
نَشْطاً: منصوب بفعل مضمر، أيْ أنْشأن به ينشطنه نَشْطاً؛ فحذف الفعل، و وضع المصدر موضعه. و أنْشَأ يستعمل استعمال طَفِق و أخذ.

[ضحي]:

إن الناس قُحِطوا «1» علي عهده صَلَّي اللّٰه عليه و سلم فخرج إلي بَقِيع الغَرْقَد فصلي بأصْحَابه رَكْعَتَيْن جهر فيهما بالقراءة، ثم قلب رداءه، ثم رفع يديه فقال: اللهم ضَاحَتْ بلادُنا، و اغْبَرَّتْ أرضُنا، و هامَتْ دوابُّنا. اللهم ارحمْ بهائمنا الحائمة؛ و الأنعامَ السائمة؛ و الأطفال المُحْثَلة.
قالوا في ضَاحَتْ: هي فاعَلَتْ من ضَحَي، إذا برزت للشمس، و معناها كأنها بارَتْ غيرَها من البلاد في الضَّحْو لعدم النبات، و فَقْد ما يَسْتُرُ أديمَها من العُشب.
______________________________
(1) القحط: احتباس المطر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 278
و عندي أنها مما رواه ابنُ الأعرابيّ- و هو الثقة المأمون- قال يقال: ضاحت عِظامُه؛ إذا تحركت من الهُزال، و برزتْ حتي يري الناظر حَجْمها. ضَيْحاً و ضُيُوحاً و ضيحاناً.
و أنشد:
إما تريْني كالعريش المضْرُوجْ ضاحتْ عظامي عن لَقًي مفروجْ
فقد شهدتُ اللهو غير التزليجْ
الحائمة: التي تحوم حول موارد الماء؛ أي تدور و لا ترِدُ لعدم الماء؛ و يقال: كان عمر بن أبي ربيعة عفيفاً، يصفُ و يعفّ، و يحومُ و لا يرِد، قال:
و إنّ بنا لو تعلمين لَغُلَّةً إليك كما بالحائماتِ غَليل
المُحْثَل: المهزول لسوء الرَّضاع، يقال: أَحْثَلَتْهُ أمه، و قد يكون: أنْ يُحْثِلَه الدهر بسوء الحال.

[ضحك]:

يبعثُ اللّٰه السحابَ فيضحك أحْسَن الضَّحِك، و يتحدَّثُ أحْسَن الحديث.
أراد البرقَ و الرعدَ، و كأنه إنما جعل لَمْعَ البرق أحْسَن الضحك، و قَصْفَ الرعد أحسن الحديث؛ لأنهما آيتان حاملتان علي التَّسْبيح و التهليل.

[ضحي]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أضْحُوا بصلاة الضحي.
أي صلوها في وقتها، و لا تؤخروها إلي أنْ يَرْتَفع الضُّحي.
رأي رضي اللّٰه عنه عمْرو بن حُرَيْث، فقال: أين تريد؟ قال: الشام، فقال: أما إنها ضاحية قومك؛ و هي اللماعة بالركبان.
أي ناحية قومك. و الضاحية: الناحية البارزة و منها قُرَيْش الضواحي.
اللَّمَّاعة بالركبان؛ أيْ تَلْمَعُ بهم و تَدْعُوهم إليها و تَطَّبيهم.
و اللَّمْع: الإشارة الخفية.
علي رضي اللّٰه تعالي عنه- في كتابه إلي ابن عباس: أَلَا ضحِّ رُوَيْداً، فكأنْ قدْ بلغت المَدي.
أيْ اصْبِرْ قليلًا و اتَّئِدْ. و أصْلُه من تَضْحية الإبل، و هي رَعْيُها ضَحَاءً علي تؤدة في خلال السير.
ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- رأي مُحْرِماً قد استظلّ، فقال: اضْحَ لمن أحْرَمْت له.
أي ابرُزْ، يقال ضَحِي يَضْحَي، و ضَحَي يَضْحي.
بضاحكة في (أش). يتضحون في (سر). في الضحاء في (كب). الضاحية من الضحل
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 279
في (ند). ضحا ظله في (وج). ضح في (كل). أضحيان في (دي). الضحي و الضبح في (دث). ضحضاحها في (حن).

الضاد مع الراء

[ضرب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي عن بَيْعِ ما في بطون الأنعام حتي تَضَع، و عما في ضُروعها إلا بكيل، و عن شراءِ العبد و هو آبق، و عن بيع الغنائم حتي تُقَسَّم و عن شراء الصَّدَقات حتي تقبض، و عن ضَرْبة الغائص.
هي أن يقول: أغُوصُ غَوْصَةً فما أخرجتُه فهو لك بكذا، فنهي عنها لأنها غَرَر «1»، و كذلك سائر ما ذكر.

[ضرج]*:

مَرَّ بي جعفر في مَلأٍ من الملائكة مضرّج الجَناحين بالدم.
أي مُرَمّلها «2»، و منه ضَرّج الثوب؛ إذا صبغه بالحُمْرة خاصة. و عن ابن دريد: ربما اسْتُعْمِل في الصُّفْرة.

[ضرر]*:

قيل له صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أ نَري ربنا يوم القيامة؟ فقال: أ تضارّون في رؤية الشمس بغير سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم لا تضارّون في رؤيته- و روي تضارُون (بالتخفيف)، و تُضامّون و تضامُون
(بالتخفيف و التشديد).
أي لا يضارّ بعضكم بعضاً بمعني لا يخالف، يقال ضاررته؛ إذا خالفته؛ قال الجعديّ:
و خَصْمَيّ ضِرار ذَوَيْ تُدْرَأٍ متي يَأْتِ سِلْمهما يَشْغَبَا
و لا تضامّون، أي لا يزاحم بعضكم بعضاً، و لا يقال: أرنيه كما تفعلون في رؤية الهلال، و لكن ينفرد كل برؤيته.
______________________________
(3) (*) [ضرب]: و منه في صفة الدجال: طوال ضَرْبٌ من الرجال. و الحديث: لا تضرب أكباد الإبل إلا إلي ثلاثة مساجد. و منه حديث الزهري: لا تصلح مضاربة من طُعْمَتُه حرام. و الحديث: أنه نهي عن ضراب الجمل. و الحديث: ضراب الفحل من السحت. و منه حديث الإماء: اللاتي كان عليهن لمواليهن ضرائبُ. و الحديث: يضطرب بناءً في المسجد. و في حديث عائشة: عَتَبوا علي عثمان ضَرْبَةَ السوط و العصا. النهاية 3/ 79، 80.
(1) بيع الغرر: ما كان له ظاهر يغر المشتري أو باطن مجهول.
(4) (*) [ضرج]: و منه الحديث: و عليَّ رَيْطة مُضَرَّجة. و في كتابه لوائل: و ضرَّجوه بالأضاميم. النهاية 3/ 81.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 279
(2) المرمل: الملطخ و الملت (القاموس المحيط: رمل).
(5) (*) [ضرر]: و منه الحديث: لا ضرر و لا ضرار في الإسلام. و في حديث البراء: فجاء ابن أم مكتوم يشكو ضرارته. و في حديث عمرو بن مرة: عند اعتكار الضرائر. النهاية 3/ 81، 82، 83.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 280
و لا تضامُون من الضّيم؛ أي تستوون في الرؤية حتي لا يَضيم بعضُكم بعضاً، و كذلك لا تضارُون من الضَّيْر.

[ضرع]*:

دُخِل عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بابْنَيْ جعفر بن أبي طالب، فقال لحاضنتهما: ما لي أراهما ضارِعين؟ فقالت: تُسْرعُ العين إليهما، فقال: اسْتَرْقُوا لهما.
أي ضَاوِيين، و قد ضَرِع الرجل إذا استكان و خَضع؛ ضَرَعاً و ضراعة، و ضرَع مثله.
البيت المعمور الذي في السماء يقال له الضُّراع، و هو علي مَنَا الكعبة.

[ضرح]:

و
في حديث عليٍّ رضي اللّٰه تعالي عنه- إنّ ابنَ الكَوّاء قال له: ما البيت المعمور؟ فقال: بيت في السماء يدعي الضُّراح، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك علي ثُكْنَتِهِمْ.
و
عن ابن الطّفيل: سمعت علياً رضي اللّٰه تعالي عنهما- و سُئل عن البيت المعمور- فقال: ذاك الضّراع؛ بيت بحيال الكعبة، يدخله كلَّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتي تقوم الساعة
- و
روي عنه رضي اللّٰه تعالي عنه: هو بيت في السماء تِيفَاق الكعبة- و روي: نتاق الكعبة.
أي مطِلٌّ عليها؛ من قوله تعالي: وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ [الأعراف: 171]. فيه لغتان: الضُّراح و الضَّريح؛
قال مجاهد رحمه اللّٰه تعالي في قوله تعالي: وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ [الطور: 4] هو الضريح
، و هو من المضارحة بمعني المعارضة و المقابلة؛ يقال ضارِحْ صاحبك في رأيه و نيّته قال:
و مبنية تَلْغَي الرواة بذكرها قضيت و أجْراها القرين المُضارح
لكونه مقابلًا للكعبة- و من رواه بالصاد غير المعجمة فقد صَحَّف. و سألني عنه بعض المشيخة المتعاطين لتفسير القرآن و أنا حَدَث، فطفق يلاجّني و يزعم أنه بالصاد حتي رويت له بيت المعري:
و قد بلغ الضُّراح و ساكنيه نَثاك «1» و زار من سكن الضَّريحا «2»
و رأيته كيف قصد الجمع بين الضُّراح و الضَّريح ليجنس، فسكن ذلك من جماحه.
علي مَنا الكعبة؛ أي علي قدرها، و قيل بحِذائها. يقال: داري مَنا داره و حِيالها و تِيفاقها بمعني.
______________________________
(3) (*) [ضرع]: و منه حديث المقداد: و إذا فيهما فَرَسٌ آدم و مُهْرٌ ضرَعٌ. و حديث عمرو بن العاص: لست بالضَّرَع. و في حديث معمر بن عبد اللّٰه: إني أخاف أن تضارع. و حديث عمر: فقد ضرع الكبير ورق الصغير. و في حديث سلمان: قد ضَرع به. النهاية 3/ 84، 85.
(1) النثا: الخبر المنتشر بين الناس.
(2) البيت في شرح سقط الزند ص 269.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 281
الثُّكْنة: الراية؛ أي يدخلونها برايات لهم و علامات لهم.

[ضرب]:

إن المُسلم المُسَدِّد لَيُدْرِك درجة الصَّوَّام القوام بآيات اللّٰه بحسن ضَريبته.
هي خُلُقه و طبيعته. و هي من الضرْب كأنها ما ضرب عليه، كما قيل: طبيعته و نَحِيتَتُه، أي ما طُبع عليه و نُحت. قال زهير:
و مَنْ ضريبته التقوي و يعصِمُه من سَيّ‌ء العثرات اللّٰه و الرحِمُ

[ضرط]:

عن أبي هريرة رضي اللّٰه عنه قال: قال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إذا نادي المنادي أدْبَر الشيطانُ و له ضَريط.
أي ضُراط؛ كنَهيق و شَحيح في نُهاق و شُجاح.

[ضرم]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- عن قيس بن أبي حازم: كان يخرج إلينا و كأنّ لحيته ضُرَام عَرْفج.
هو لهب النّار؛ شبّهها في احمرارها لإشباعه إيَّاهَا بالحناءَ بسَنَا نار العرْفج. و خصّ العَرْفج لأن لهبَ نارِه أسطع لإسراع النار فيه- و روي ضرامة عرْفج. و هي الشعلة.

[ضرو]*:

أكل رضي اللّٰه عنه مع رجل به ضِرْوٌ من جُذَام.
الضِّرْو (بالكسر): الضّاري، و منه:
إنَّ قيْساً ضِراءُ اللّٰه.
جمع ضِرْو؛ شبِّهوا بالسباع الضَّارية في شجاعتهم؛ أي به داء قد ضَرِيَ به و لَهِجَ لا يفارقُه؛ فإن روي بالفتح فهو من قولك: ضَرا الجُرحُ يضرو ضَرْواً. و عِرْق ضارٍ و ضَرِيّ، لا ينقطع سيلانُه، أي به قُرْحة ذات ضِرْو، و لا تزال تُصِدّ، و قُرح المجاذِيم كذلك، عافانا اللّٰه من مثل ما ابتلاهم به و صبّرهم عليه.

[ضري]:

عثمان رضي اللّٰه عنه- قال خبيب بن شَوْذب: كان الحِمي حِمَي ضَرِيّة علي عهد عثمان سَرْح الغنم ستة أميال، ثم زاد الناس فيه، فصار خَيالٌ بإمَّرة، و خيال بأسْود العين.
قال: و حمي الرَّبذَة نحو من حِمَي ضَرِيّة.
ضَرِيّة: اسم امرأة، سمي بها الموضع.
سَرْح الغنم، أي موضع سَرْحها.
الخَيَال: خَشبة ينصبونها و عليها ثياب سود ليُعلِم أنها حِمي.
إمّرة و أسود العين: جبلان. قال:
إذا غاب عنكم أسْود العين كُنْتُمُ كراماً و أنتمْ ما أقام لئام
______________________________
(1) (*) [ضرو]: و منه الحديث: إنَّ للإسلام ضراوةً. و حديث عمر: إن للَّحم ضراوة كضراوة الخمر. النهاية 3/ 86.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 282‌

[ضرم]:

عليٌّ رضي اللّٰه تعالي عنه- و اللّٰه لَوَدّ معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضَرَمة إلا طَعَن في نَيْطه.
الضرَمة: النار؛ عن أبي زيد. يقال: طعن في نيطه أي في جنازته و من ابتدأ بشي‌ء أو أدخل فيه فقد طَعن فيه. و قال غيره: طُعن؛ علي لفظ ما لم يُسَمَّ فاعِلُه. و النَّيْط: نياط القلب؛ أي عِلاقته التي يتعلق بها؛ و إذا طُعِن مات صاحبه.

[ضري]:

نهي رضي اللّٰه عنه عن الشرب في الإناء الضَّاري.
هو الذي ضُرِّيَ بالخمر؛ فإذا جعل فيه العصير أو النبيذ صار مُسْكِراً. و قيل: هو السائل؛ من ضرا يضرو إذا سال؛ لأنه ينغص الشُّرب [علي شاربه].

[ضرط]:

دخل رضي اللّٰه عنه بيتَ المال فأضرَطَ به.
أي استخف به؛ من قولهم: تكلّم فلان فأضرَط به فلان؛ و هو أنْ يحكي له بفِيهِ، فعل الضارط هُزءاً و سخرية.

[ضرر]:

مُعاذ رضي اللّٰه تعالي عنه- قال للنَّخَع: إذا رأيتموني صنعتُ شيئاً في الصلاة فاصنعوا مثله؛ فلما صلّي بهم أضَرَّ بعينه غصن شجرة فكسره؛ فتناول كلُّ رجل منهم غصناً فكسره، فلمّا صلّي قال: إني إنما كسرته لأنه أضَرّ بعيني، و قد أحْسَنْتُم حين أطعتم.
أي دنا من عيني و ركبها؛ يقال أضرَّ فلان بفلان إذا لصق به دنوًّا. و قال ابن دُرَيد: كلُّ شي‌ء دنا منك حتي يزحمك فقد أضَرَّ بك، و سحاب مضِرّ إذا كان مسفًّا. قال الهُذَلِيّ:
غَدَاةَ المليح يوم نحن كأننا غواشي مُضِرٍّ تحت ريح و وابل
قال الأصمعي: شَبَّه جيشهم بسحاب قد أسَفّ.
سَمُرة بن جُنْدَب رضي اللّٰه تعالي عنه- إنه يجزي‌ء من الضَّارورة صَبُوح أو غَبُوق.
هي الضرورة. قال ابن الدُّمَيْنة:
أثيبي أخا ضارورة أصْفَق العِدي عليه و قَلَّتْ في الصديق أواصرُه
أي إنما يحل من الميتة للمضطر أنْ يَصْطبح منها؛ أو يغتبق، و ليس له أنْ يجمع بينهما.

[ضرس]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- كره الضَّرْس.
هو صَمْتُ يوم إلي الليل؛ سمي ضرْساً كما سميت الحِمْية أزْماً؛ لأن الصامت يطبّق فاه، و يضمّ بعض أضراسه إلي بعض كالعاضّ.
______________________________
(1) (*) [ضرس]: و منه الحديث: أن النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم اشتري من رجل فرساً كان اسمه الضَّرِس. و في صفة علي: فإذا فُزِع فُزِع إلي ضرسٍ حديدٍ. النهاية 3/ 83.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 283‌

[ضرر]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- لا تتبع من مُضْطَرٍّ شيئاً.
هو المضطهد المُكْرَه علي البيع؛ مُفْتَعَل من الضرورة.

[ضرب]:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- كان عنده مَيْمُون بن مِهْران فلما قام من عنده قال: إذا ذهب هذا و ضُرباؤه لم يبق في الناس إلَّا رَجاجة من الرَّجاج.
جمع ضَريب، و هو المِثْل؛ و كأَن أصْله من ضريب القِداح؛ ثم كثر حتي استعمل في كل نظير.
الرَّجَاج، مثل الرعاع.
ضرة في (بر). الضراع في (تب). الضريب في (حت). الضريح في (دج). ضراء اللّٰه في (سوء). ضرب في (مغ). اضرس في (حب). ضرس في (كل). ضرع في (قف).
ضُرِب كعبه في (ده). و اضطربت في (ضن). ضريّة في (نق). ضرر في (سه). فضرب في (شز). إلي ضِرْس في (لع). ضرب الحق في (ذف). فضرجوه في (أب). ضرب يعسوب في (عس). بالمضرج في (فد). بضرس في (ذم).

الضاد مع الزاي

[ضزن]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- بعث بعامل ثم عزله، فانصرف إلي منزله بلا شي‌ء؟ فقالت له امرأته. أيْنَ مرافِقُ العمل؟ فقال لها: كان معي ضَيْزَنان يحفظان و يعلمان.
يعني الملكَين؛ يقال: جعلت فلاناً ضَيْزناً لفلان، هو أنْ ترسل بُنْداراً، ثم ضاغطاً عليه: و هو الآخذ علي يديه دون ما يُريده، و هو يَضْزِنُنِي و يَضْزُنُنِي، بمعني يَضْبِنُني؛ أي يَحْبِسني. قال:
إن شَرِيبَيْك لضَيْزِنَانْ عند إزاء الحوض مِلْهَزَانْ
عَجّل فأصدر قبل يُورِدَانْ «1»
و المضَازنة في الوِرْد، المزاحمة. و يقال: الجارُ ضَيْزان عليك، إذا كان سَيِّ‌ء الخُلُق.

الضاد مع الطاء

الضياطرة في (حم).
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (ضزن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 284‌

الضاد مع العين

[ضعف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال في غزوة خَيْبر: من كان مُضْعِفاً أو مُصْعِباً فَلْيَرْجِع.
أي ضعيف البعير أو صَعْبه.
و
عن عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- المُضْعِف أمير علي أصحابه.
يعني في السَّفَر، لأنهم يسيرون بسيره.
عن أبي هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: قال لي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ألَا أنبئك بأهْلِ الجنة؟ قلت: بلي! قال: كلّ مُتَضَعَّف ذي طِمْرين لا يُؤْبَه له، لو أَقْسمَ علي اللّٰه لأبره. ألا أنبئك بأهل النار؟ كل جَظّ جَعِظ مستكبر. قلت: ما الجظّ؟ قال: الضخم. قلت: ما الجَعِظ؟ قال: العظيم في نفسه.
تضعفتُه بمعني اسْتَضْعَفْتُه؛ أي استضعفه الفقرُ و رثاثة الحال.
القَسَمَ علي اللّٰه: أنْ يقول: بحقك يا ربّ فافعل كذا.
قيل للضخم الْجَظّ، من جظّه بالغُصّة إذا كظه بها؛ أي أشْجَاه؛ كما قيل له جرائض من جَرض، و للمتعظم الجَعِظ لذهابه بنفسه، من أجعظَ الرجلُ إذا هرب. قال العجاج:
بالجفرتين أجْعَظُوا إجعاظا «1»
في الحديث: اتّقوا اللّٰه في الضّعيفين.
هما المرأة و المملوك.
فيضعف في (عض). فتضعفت في (ري). تضعضع بهم في (صع). مضعفهم في (كف).

الضاد مع الغين

[ضغبس]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أُهْدِيَتْ له ضغابيس، فَقَبِلَها و قَبَّلَهَا، و أكل منها.
هي صغار القِثّاء؛ الواحد ضُغْبُوس. و قال الأصمعيّ: هو نبت ينبت في أصول الثُّمَام يشبه الهِلْيَوْن؛ يُسْلَقُ بالخلِّ و الزيتِ و يُؤكل. و يقال لأغصان الثُّمَام و الشوك التي تُؤْكل
______________________________
(2) (*) [ضعف]: و منه في حديث أبي ذر قال: فتضعَّفْت رجلًا. و الحديث: تضعف صلاة الجماعة علي صلاة الفذِّ خمساً و عشرين درجة. النهاية 3/ 89.
(1) صدره:
تواكلوا بالمربد العناظا
و الرجز في لسان العرب (عنظ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 285
ضَغَابِيس، و للرجل الضعيف ضُغْبُوس علي التشبيه.
و قيل لعجوز: ما طعامك؟ فقالت: الحار و القار؛ و ما حشّت به النار، و إن ذُكِرَت الضَّغَابيس فإني ضغِبَة.
أي مشتهية لها؛ و ليس هذا بمشتق منه لأنَّ السين فيه غير مزيدة و إنما هو منه كسبط من سبطر، و دمث من دمثر، و لا فصل بين حرف لا يزاد أصلًا و بين حرف وقع في موضع غير الزيادة، و إنْ عُدَّ في جملة الزوائد.
و
في حديث آخر: إن صَفْوَان بن أميّة أهْدَي لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ضَغَابيس و جِدَاية.
الجِداية و الجَداية: الصغير من الظباء ذكراً كان أو أنثي.
و
في الحديث: لا بأس باجْتِنَاء الضَّغَابِيس في الحرم.

[ضغم]:

دعا صَلَي اللّٰه عليه و سلِم علي عُتْبة بن عبد العُزَّي، فقال: اللَّهم سَلِّطْ عليه كلباً من كلابك، فخرج عُتْبَة في تَجْرٍ من قريش حتي نزلوا بمكان من الشام؛ يقال له الزّرقاء ليلًا فعدا عليه الأسد من بين القوم فأخذ برأسه فَضَغَمَه ضَغْمَةً فَدَغَه.
الضَّغْم: العَضّ بشدة، و منه الضَّيْغَم. الفَدْغ: الشَّدْخ.

[ضغث]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- طاف بالبيت فقال: اللهم إنْ كَتَبْتَ عليَّ إثْماً أو ضِغْثاً فامحه عني فإنك تمحو ما تشاء و عندك أمُّ الكتاب.
هو من العمل ما كان مختلطاً غيرَ خالص؛ فِعْل بمعني مفعول كالذِّبح و الحِمْل، من ضَغَث الحديث إذا خلطه، و أتانا ضَغيثة من ناس؛ أي جماعة ملتبسة؛ دَخِلٌ بعضها في بعض، و منه قولهم للحُزْمة من خَلًي «1» أو غيره: ضِغْث، و للأحلام الملتبسة أضغاث.
و
في حديث أبي هريرة رضي اللّٰه عنه؛ أنه أرْدَف غلامه خلفه فقيل له: لو أنزلته فيسعي خلفك! فقال: لأن يسير معي ضِغْثَان من نار؛ يحرقان مني ما أحرقا أحبُّ إليّ من أن يسعي غلامِي خَلْفِي.

[ضغن]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- انتهي عَجَبِي عند ثلاث: المرء يفِرّ من الموت و هو لاقيه، و المرء يري في عين أخيه القَذَاة فيعيبُها، و يكون في عينه الجِذْع «2» لا يعيبه، و المرء يكون في دابته الضّغْن فيُقوّمُها جهده، و يكون في نفسه الضّغْن فلا يُقوِّم نفسَه.
هو التواء و عُسْر في الدابة، و قد ضَغِنَتْ ضِغْناً؛ و منه الضِّغْن واحد الأضغان، و قناة ضَغِنة و فيها ضَغَن، أي عِوَج، أراد فَعَلات هؤلاء، فلذلك أنّث العدد.
______________________________
(1) الخلي: الرطب من النبات، واحدته خلاة.
(3) (*) [ضغن]: و منه حديث العباس: إنَّا لنعرف الضغائن في وجوه أقوام. النهاية 3/ 91.
(2) الجذع: ساق النخلة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 286
الضغث في (لح). و ضغم في (عش). بالضغث في (غر). ضاغط في (عر). ضواغي في (لو).

الضاد مع الفاء

[ضفف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لم يشبع من خُبْزٍ و لحم إلا علي ضَفَف- و روي: علي شَظَف.
هما الشدّة و الضِّيق. قال ابن الأعرابيّ: الضّفف و الحفَف و القشَف، كلّها القلة و الضيق في العيش و قال الفرّاء: جاءنا علي ضَفَف و حَفَف، أي علي حاجة، أي لم يشبع و هو رافِه الحال متسع نطاق العيش، و لكن غالباً علي عيشه الضيق و عدم الرفاهية. و قيل: الضفف اجتماع الناس، يقال: ضَفّ القوم علي الماء يضِفُّون ضَفًّا و ضفَفاً، و أنشد الأصمعي لغيلان:
ما زُلْتُ بالعُنْفِ و فوق العنفِ حتي اشْفَتَرَّ الناسُ بعد الضَّفِّ
و جاء في ضَفَّةٍ من الناس، أي في جماعة، و كلمتني عند ضفّة الحاج. و ماء مضفوف:
كثرت واردته، أي لم يأكل وحدَه و لكن مع الناس.

[ضفز]*:

أوْتَرَ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بسبعٍ أو تسْعٍ، ثم اضطجع و نام حتي سُمع ضفيزُه، ثم خرج إلي الصلاة و لم يتوضأ- و روي: فخيخُه و غطيطُه و خطيطُه- و رواه بعضهم: صفيرُه.
و معني الخمسة واحد، و هو نخير النائم؛ إنما لم يجدّد الوضوء لأنه كان معصوماً في نومه من الحَدث.
و
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لعلي رضي اللّٰه تعالي عنه: ألَا أن قوماً يزعمون أنَّهُمْ يحبونك يضْفزُون الإسلام، ثم يلفِظونه، ثم يضْفزُونه، ثم يلفظونه ثلاثاً و لا يَقْبَلُونه.
الضَّفْز: التلقيم، و الضَّفِيزة: اللُّقْمة الكبيرة.

[ضفر]*:

مرّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بوادي ثَمودَ، فقال: يا أيّها الناس، إنكم بواد مَلْعون، من كان اعْتَجَنَ بمائه فلْيَضْفِرْه بعيرَه.
ما علي الأرض نفس تموت، لها عند اللّٰه خير تُحِبُّ أن ترجع إليكم و لَا تُضافِرُ الدنيا
______________________________
(1) (*) [ضفف]: و منه في حديث علي: فيقف ضِفَّتَي جفونه. النهاية 3/ 96.
(2) (*) [ضفز]: و منه الحديث: ملعون كل ضفَّاز. و في حديث الرؤيا: فيضفزونه في فَيّ أحدهم. و الحديث:
أنه عليه السلام ضفز بين الصفا و المروة. النهاية 3/ 94.
(3) (*) [ضفر]: و منه الحديث: فقام علي ضفيرة السُّدَّة. و حديث عمر: من عقص أو ضفر فعليه الحلق.
و الحديث: إذا زنت الأمة فبعها و لو بضفير. و في حديث علي: مضافرة القوم. النهاية 3/ 92، 93، 94.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 287
إلا القتيلَ في سبيل اللّٰه، فإنه يُحِب أنْ يرجعَ فيقتلَ مرة آخري.
المضافرة: الملابسة و المداخلة. فلان يُضافر فلاناً؛ أي لا يحب معاودةَ الدنيا و ملابستها إلا الشهيد. و هو عندي مفاعلة؛ من الضَّفْر و هو الأفْر «1».
قال الأصمعي: يقال ضَفَرَ يَضْفِرُ ضَفْراً؛ إذا وثب في عَدْوه، و طفَر و أفَر مثله؛ أي و لا يطمح إلي الدنيا و لا يَنْزُو «2» إلي العود إليها إلّا هو.
إذا زَنَتِ الأمة فبِعْها و لو بضَفِير.
هو الحبل المَفْتُول من الشَّعَر.

[ضفط]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- سمع رجلًا يتعوَّذ من الفِتن، فقال: اللهم إني أعوذ بك من الضَّفَاطة. فقال له: أتسأل ربَّك ألّا يرزقك أهلًا و مالًا!
و
في حديثه الآخر: إن أصحاب محمد تذاكروا الوِتْر، فقال أبو بكر: أما أنا فأبدأ بالوِتْر، و قال عمر: لكني أوتِر حين ينام الضَّفْطَي.
الضَّفَاطة: ضعْف الرأي و الجهل، و قد ضَفَط ضفَاطة فهو ضَفِيط، و هم ضَفْطي، كحَمْقي و نَوْكي.
و
في حديث ابنِ عباس رضي اللّٰه عنهما؛ لو لم يطلب الناسُ بدم عثمان لرُمُوا بالحجارة من السماء، فقيل له: أ تقول هذا و أنت عامل لفلان؟ فقال: إن فيّ ضَفَطَات و هذه إحدي ضَفَطَاتي.
الضَّفْطة للمرة؛ كالحمقة.
و
عن ابن سيرين رحمه اللّٰه أنه شهد نِكاحاً فقال: أين ضَفَاطَتُكم؟
أراد الدّف؛ لأنه لعب و لهو فهو راجع إلي ما يُحمَّق صاحبُه فيه.
و
عنه رحمه اللّٰه تعالي أنه كان ينكر قول مَنْ قال: إذا قعد إليك رجل فلا تقم حتي تَسْتَأْذِنَه. و بلغه عن رجل أنه استأذن فقال: إني لأراه ضَفِيطاً.
ذهب عمر رضي اللّٰه تعالي عنه إلي قوله تعالي: أَنَّمٰا أَمْوٰالُكُمْ وَ أَوْلٰادُكُمْ فِتْنَةٌ* [الأنفال: 28]. و كره التعوّذ منها.

[ضفر]:

عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- نازعه طلحة بن عبيد اللّٰه في ضفَيرة كان عليّ
______________________________
(1) الأفر: العدو.
(2) النزو: الوثبات.
(3) (*) [ضفط]: و منه في حديث قتادة بن النعمان: فقدم ضافطة من الدَّرْمك. و الحديث: أن ضفَّاطين قدموا المدينة. النهاية 3/ 94، 95.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 288
ضَفَرها في واد، كانت إحدي عُدْوَتَي الوادي له، و الأخري لطلحة، فقال طلحة: حمل عليّ السيول و أضرّني.
هي المُسنّاة؛ و ضَفْرُها: عَمَلُها، من الضَّفْر و هو النَّسْج.
جابر رضي اللّٰه تعالي عنه- ما جَزَر عنه الماء في ضَفِير البحر فَكُلْ.
أي في شَطِّه، و هو الجانب الذي علاه الماء فبطحه.
النَّخعيّ رحمه اللّٰه- الضَّافر و المُلَبِّد و المُجَمِّر عليهم الحَلَق.
الضافر: الذي ينسج قوي شعره.
و المُلَبِّد: الذي يعمد إلي صَمْغ أو شي‌ء لُزج فيلبد به شعره.
و المُجَمِّر: الذي يجمع شعره و يعقده في قفاه، و هي الجمائر و الضفائر.
يضفرونه في (حد). أو ضَفّر في (لب). ضَفَّار في (ضع). ضفره في (حظ). ضفف في (حف).

الضاد مع اللام

[ضلع]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لما نظر إلي المشركين يوم بدر؛ قال: كأنكم يا أعداء اللّٰه بهذه الضِّلَع الحمراء مُقَتَّلِين.
و
في حديث آخر؛ أنه قال يوم بدر: إن جَمْع قُريش عند هذه الضِّلَع الحمراء من الجَبل.
قال عليٌّ رضي اللّٰه تعالي عنه: فلما دنا القومُ و صافنّاهم إذا عُتْبة بن ربيعة يسير في القوم علي جمل أحمر؛ و هو يَنْهَي عن القتال، و يقول لهم: يا قوم؛ إني أري قوماً مُسْتَمِيتين؛ يا قوم اعْصِبوها اليوم برأسي، و قولوا: جَبُن عُتْبة؛ و قد تعلمون أني لست بأجْبَنِكم، فقال له أبو جهل: و اللّٰه لو غيرُك يقولُ هذا لأعْضَضْتُه، و قد مُلي‌ء جوفُك رعباً- و روي: قد مُلي‌ءَ سَحْرك: فقال له عتبة: و إياي تعني يا مُصَفِّر اسْتِه! ستعلم أينا اليوم أجبن.
الضَّلَع: جُبَيْل مُسْتَدِقّ مستطيل؛ يقال: انزِلْ بتلك الضِّلَع.
و عن الأصمعي: أنه وُجِدَ بدِمشق حجر مكتوب فيه: هذا مِنْ ضِلَع أضَاح.
المُصَافنة: المواقفة في مركز القتال، من الصّفون.
______________________________
(1) (*) [ضلع]: و منه الحديث: أعوذ بك من الكسل و ضلع الدين. و في حديث غسل دم الحيض: حُتِّيه بضلع.
و منه حديث عمر: أنه قال له الجني: إني منهم لضليع. و في حديث زمزم: فأخذ بعراقيها فشرب حتي تضلَّع. النهاية 3/ 96، 97.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 289
المستميت: المقاتل علي الموت، و مثله المستقتِل. قال حمزة بن عبد المطلب رضي اللّٰه عنه:
بكفّي ماجِدٍ لَا عَيْب فيه إذا لقِيَ الكريهةَ مُسْتَمِيتُ
الضمير في اعْصِبوها للسُّبّة التي تلحقهم بالفرار من الحرب.
السَّحْر: الرئة، يقال للجبان: انتفخ سَحْره. نَسب أبا جهل إلي التَّوْضِيع و التأنيث بقوله: يا مُصَفِّر اسْتِه. و قد قال فيه بعض الأنصار:
و مِنْ جَهْلٍ أبو جهل أبوكمْ غزا بدراً بمَجْمَرَةٍ و تَوْرِ
و قيل: هي عبارة عن التَّرَفُّه. و هذا مشروح في كتاب المستقصي.

[ضلل]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لبني العنبر: لولا أنّ اللّٰه لا يحب ضلالَة العمل ما رزأناكم عِقالًا.
و أُخِذَتْ لامرأة منهم زريبة فأمر بها فرُدّتْ.
ضلالةُ العمل: بُطْلانه و ضَياعه؛ من قوله تعالي: ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا [الكهف: 104] ما رزأناكم: ما نَقَصْنَاكُم؛ و منه الرجل المُرَزَّأ، و هو الذي تقع النقصانات في ماله لسخائه.
الزَّريبة: الطِّنْفِسة «1».
أتي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قومه فَأَضَلّهم.
أي وجدهم ضلَّالًا؛ كأجْبَنْتُه و أفحمته و أبخلته.

[ضلع]:

ابن الزبير رضي اللّٰه تعالي عنهما- نازع مَرْوان عند معاوية فرأي ضَلْع معاوية مع مروان؛ فقال: أطِع اللّٰه نُطِعْك؛ فإنه لا طاعة لك علينا إلا في حق اللّٰه، و لا تطْرِقْ إطراقَ الأُفْعوان في أصول السَّخْبر.
الضَّلْع: الميل؛ و في أمثالهم: لا تَنْقِشِ الشوكة بالشوكة؛ فإن ضَلْعهما معهما.
الأُفْعوان: ذكر الأفاعي.
السَّخْبر: شجر. قال حسان:
إنْ تَغْدِرُوا فالغدْرُ منكم شيمة و اللؤم ينبت في أُصُولِ السَّخْبَرِ «2»
شبهه في المعاداة بالأُفعوان المطرق، لأنه يُطْرِق عند نفث السم. قال تأبط شراً:
مُطرِق يَرْشحُ موتاً كما أطرق أفعي ينفث السم صلّ
______________________________
(3) (*) [ضلل]: و منه الحديث: ضالة المؤمن حَرَقُ النار. و الحديث: ذَرُّوني في الريح لعلِّي أضلُّ اللّٰه. و في حديث علي، و قد سُئل عن أشعر الشعراء فقال: إن كان و لا بُدَّ فالملك الضِّلِّيلُ. النهاية 3/ 97، 98.
(1) الطنفسة: النمرقة فوق الرحل.
(2) البيت في لسان العرب (سخبر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 290
فضالة الإبل في (عف). و ضَالَة في (قع). ضليع الفم في (شذ). لضليع في (ضا).
فاضطلع في (دح). [الضالة في (أو). أضل اللّٰه في (دغ)].

الضاد مع الميم

[ضمر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَنْ صام يوماً في سبيل اللّٰه باعدَهُ اللّٰه من النار سبعين خريفاً للمُضَمِّر المُجيد.
هو الذي يُضَمِّر خيلَه لغزو أو سباق، و هو أن يظاهر عليها بالعلف حتي تسمن، ثم لا يعلفها إلا قوتاً لتِخفّ.
المجيد: صاحب الجياد. قال خِداش:
و أبرح ما أدامَ اللَّهُ قومي بحمد اللّٰه مُنْتَطِقاً مُجِيدا «1»
و معناه أن اللّٰه يباعده من النار مسافة سبعين سنة بركض المضامير الجِياد من الخيل.

[ضمن]*:

كان لعامر بن ربيعة ابن اسمه عبد اللّٰه رضي اللّٰه عنهما، فأصابته رَمْية يوم الطائف فضَمِن منها؛ فقال النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لأمه- و قد دخل عليها و هي نَسْ‌ء- أبشر بعبد اللّٰه خَلَفاً من عبد اللّٰه، فولدت غلاماً فسمته عبد اللّٰه، فهو عبد اللّٰه بن عامر.
ضَمِن الرجل إذا زَمِن فهو ضَمِنٌ. و منه قول عمر رضي اللّٰه عنه: من اكتتب ضَمِناً بعثه اللّٰه ضَمِناً؛ و هو الرجل يضرب عليه بالبعث فيتعالّ و يتمارَض و لا مرض به و يحكي أن أعرابياً جاء إلي صاحب العرض فيقال:
إن تكتبوا الضَّمْني فإني لِضَمْن مِنْ داخل القلب وداء مُسْتكن
النَّسْ‌ء: الحامل؛ لتأخر حيضها عن وقته.
علي رضي اللّٰه تعالي عنه- من مات في سبيل اللّٰه فهو ضامِنٌ علي اللّٰه.
أي ذو ضمان عليه لقوله تعالي: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهٰاجِراً إِلَي اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ …
[النساء: 100] الآية.
______________________________
(2) (*) [ضمر]: و منه في حديث حذيفة: اليوم المضمار و غداً السباق. النهاية 3/ 99.
(1) البيت من الوافرة و هو لخداش بن زهير في لسان العرب (نطق)، و المقاصد النحوية 2/ 64، و بلا نسبة في ذكرة النحاة ص 619، و جمهرة اللغة ص 275، و خزانة الأدب 9/ 243، و الدرر 2/ 46، و شرح الأشموني 1/ 110، و شرح ابن عقيل ص 135، و المقرب 1/ 94، و همع الهوامع 1/ 111.
(3) (*) [ضمن]: و منه في كتابه لأكيدر: و لكم الضامنة من النحل. و الحديث: أنه نهي عن بيع المضامين و الملاقيح. و الحديث: الإمام ضامن و المؤذن مؤْتَمن. النهاية 3/ 101، 102.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 291‌

[ضمد]*:

طَلْحة رضي اللّٰه تعالي عنه- ضَمَّد عينَه بالصَّبِر.
الضَّمْد: العَصْب و الشد، يقال ضَمَدْتُ رأسه بالضِّماد، و هي خرقة تُلَفُّ علي الرأس من قبل الصداع، و اضْمِد عليك ثيابك و عِمامتك؛ أي شدها، و أجِدْ ضَمْدَ هذا العِدْل، أيْ شُدّه. و منه ضَمْدُ المرأة، و هو جمعها خليلين. و المعني عَصَب عينه و عليها الصَّبِر، أي و قد جعل عليها الصَّبِر و لَطَّخها به؛ و قد يقال: ضَمَد الجُرح؛ إذا جعل عليه الدواء و إن لم يَعْصِبْه؛ و يقال للدَّواء الضَّمادة. و الضَّمادة أيضاً العِصابة- و بالصاد: صَمّد رأسه تصميداً.

[ضمل]:

معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- خطب إليه رجلٌ بنتاً له عَرْجاء، فقال: إنها ضَميلة، فقال: إني أردتُ أنْ أَتَشرَّف بمُصاهرتك، و لا أريدُ بها السِّباق في الحَلْبة؛ فزوّجه إياها.
قيل هي الزَّمِنة، فإن صحت الرِّواية بالضاد فاللام بدل من النون، كقولهم: في أُصَيْلان أصْيَلال؛ و إلا فهي صَميلة- بالصاد.
قيل لها ذلك ليُبْسٍ و جسود «1» في ساقها؛ من قولهم للسِّقاء اليابس: صَمِيل، و قد صَمَل و صمُل صَمْلًا و صُمولًا، و كل يابس فهو صامل و صَميل. قال أبو عبيدة: يقولون: ما بقي لهم صميل إلا بُيِّض؛ أي مُلِي‌ء. و منه قيل: الصَّميل للرجل الضئيل.

[ضمر]:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- كتب إلي ميمون بن مِهْران في مظالم كانت في بيت المال أنْ يَرُدَّها إلي أرْبابها، و يأخُذَ منها زكاة عامها فإنه كان مالًا ضِماراً.
هو الغائب الذي لا يُرجَي، يعني أنّ أرْبابه ما كانوا يرجون رَدّه عليهم، و لم تَجِبْ الزكاة في السنين التي مَرّت عليه و هو في بيت المال. قال الراعي:
طلبن مَزاره فأصَبْنَ منه عطاء لم يكن عِدةً ضِمارا
و هو من الإضمار، تقول: أضمرتُه في قلبي إذا غيبته فيه، و نظيره من الصفات: رجل هِدان «2» و ناقة كِناز و لِكاك «3».

[ضمن]:

عِكرمة رحمه اللّٰه تعالي- لا تَشْتر لبن الغنم و البقر مُضَمَّناً.
أي و هو في الضَّرْع؛ يقال: شرابك مضمن؛ إذا كان في إناء.
الضامنة في (ضح). و ضَمْد في (عذ). بالأضاميم في (أب). المضامين في (لق).
______________________________
(4) (*) [ضمد]: و منه في حديث علي: و قيل له: أنت أمرت بقتل عثمان، فضمد. و في صفة مكة: من خوصٍ و ضمْد. النهاية 3/ 99.
(1) الجسود: اليبس (لسان العرب: جسد).
(2) رجل هدان: رجل أحمق جافي الوخم.
(3) ناقة لكاك: ناقة مكتنزة اللحم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 292
ضميس في (كل). و ضمد في (عب). ضمنائهم في (وع). [و تضامون في (ضر). ضمر في (شج). ضمنة في (سن). ضَمِناً في (كت)]. [ضمنه في (ش)].

الضاد مع النون

[ضني]*:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- جاءه أعرابيّ فقال: إني أعطيت بعض بَنِيّ ناقةً حياتَه، و إنها أضْنَتْ و اضطربتْ. فقال: هي له حياتَه و مَوتَه. قال: فإني تصدقتُ بها عليه؛ قال: فذلك أبعدُ لك منها.
يقال: ضَنَتِ المرأةُ تَضْنِي ضَناءً، و أضْنَتْ و ضَنأَتْ تَضْنَأُ ضَنْئاً. و أضْنأَتْ؛ إذا كَثُرَت أولادُها. أثبت أصحاب الفَرّاء و الزَّجَّاج فَعَل و أفْعَلَ مَعاً في الهمز و غير الهمز، و لم يُثْبِتْ غيرهم أفعل في غير الهمز.
لم يجعل للأب الرجوعَ فيما نَخَلَ ولده و جعله له حياته و لورثته بعده.

[ضنن]*:

في الحديث- إن للّٰه ضَنائنَ من خَلْقه؛ يُحْييهم في عافية، و يُميتهم في عافية.
أي خصائص، جمع فَعيلة من الضَّنّ، و هي ما تختصه و تضِنّ به لمكانه منك، و مَوْقِعه عندك. و منه قولهم: هو ضِنِّيّ من بين إخواني.
ضناك في (أب). مضنوك في (شم).

الضاد مع الواو

[ضوأ]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لا تَسْتَضِيئُوا بنار المشركين. و لا تنقُشوا في خواتمكم عربياً.
ضَرَب الاستضاءةَ بنارهم مثلًا لاستشارتهم في الأمور و استطلاع آرائهم.
و آراء بالنقّش العربي «محمد رسول اللّٰه»، لما روي أنه اتخذ خاتماً من فضة و نقش فيه «محمد رسول اللّٰه». و قال: لا ينقُشْ أحد علي نَقْشِه. و إنما قال: عربياً لاختصاص النبي العربي به من بين سائر الأنبياء.
و
عن عمر رضي اللّٰه تعالي عنه: لا تنقُشوا في خواتمكم بالعربية.

[ضوي]:

أصاب صَلَي اللّٰه عليه و سلِم هوازن يوم حُنين، فلما هبط من ثَنِيَّة الأراك ضَوَي إليه المسلمون
______________________________
(1) (*) [ضني]: و منه في حديث الحدود: إن مريضاً اشتكي حتي أضني. النهاية 3/ 104.
(2) (*) [ضنن]: و منه حديث الأنصار: لم نقل إلَّا ضنّاً برسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و منه حديث زمزم: قيل له: احفِرِ المضنونة. النهاية 3/ 104.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 293
يسألونه غنائَمهم حتي عَدَلوا ناقَته إلي سَمُراتٍ، فمرَش ظهره.
ضَوَي إليه ضَيًّا و ضَوِيًّا، و انضوي إليه؛ إذا أوي إليه، و أضواه: آواه، و انضوي في مطاوعة أضواه غريب، كانْزَعَج في أزْعَج. و قد جاء ضَواه كما جاء أواه، فهو علي قياسه المطرد.
عَدَله: صَرَفه و عَطَفه عَدْلًا، و عدَل بنفسه عُدولًا.
المَرْش: الخَدْش الخفيف، و فلان يَمْتَرشُ الطَّعام؛ إذا تناوله من أطراف الصَّحْفة.
في الحديث: اغتربوا لا تُضوُوا.
أي تزوجوا الغرائب دون القرائب؛ لا تَجيئوا بأولادكم ضَوايا، و الضاوي: النحيف.
و كانوا يقولون: إن الغرائب أنْجَب. قال:
فَتًي لم تَلِدْه بنتُ عم قريبةٌ فَيَضْوَي و قد يَضْوَي رَدِيدُ القرائبِ
ضاءت في (فض). [ضوضوا في (ثل)].

الضاد مع الهاء

[ضهد]:

شُرَيح رحمه اللّٰه تعالي- كان لا يُجيز الاضطهادَ و لا الضُّغْطة.
قيل: هو القهر و الإلجاء من الغريم، و أنْ يَمْطُل بما عليه ثم يقول الغريم: دع لي كذا و أعجْل لك الباقي.
و الاضطهاد: افتعال من ضهَد. يقال: ضهَده، إذا قهره و اضطهده فهو مَضْهود و مَضْطَهد. و يقولون: إن تلقني لا تلق ضهُدة واحد: أي لست بمن يَضْهَده رجل واحد.
و أنشد أبو عمرو:
إن تَلْقَنِي لا تلق ضُهْدة واحد لا طائش رعشٍ و لا أنا أعْزَلُ
و تَضْهلُها في (شك).

الضاد مع الياء

[ضيف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي عن الصلاة إذا تَضَيَّفَتِ الشمس للغروب.
ضاف يَضِيف: مال؛ يقال: ضاف السهمُ عن الهدف، و ضفت فلاناً إذا ملت إليه و نزلت به؛ و تَضَيَّف تَفَعَّل منه.
______________________________
(1) (*) [ضيف]: و منه في حديث عائشة: ضامنها ضيف فأمرت له بملحفة صفراء. و حديث النهدي: تضيَّفت أبا هريرة سبعة. النهاية 3/ 109.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 294
و منه
حديث عُقْبَة بن عامر رضي اللّٰه عنه: ثلاث ساعات كان رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ينهانا أن نُصَلِّيَ فيها و أن نَقْبُرَ فيها موتانا: إذا طَلَعَتِ الشمس حتي ترتفع، و إذا تَضَيَّفَتْ للغروب، و نصف النهار.

[ضيع]*:

مَنْ ترك ضَيَاعاً فإليّ.
أي عِيالًا ضُيَّعاً؛ فسماهم بالمصدر. و لو كسرت الضاد لكان جمع ضائع، كجِياع في جائع.
و مثله
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: من ترك كَلًّا فإلي اللّٰه و رسوله.
أي يُرْزَقون من بيت المال.

[ضيح]*:

من اعتذر إليه أخوه من ذَنْبٍ فَرَدَّه لَمْ يَرِدْ علي الحوض إلا مُتَضَيِّحاً.
أي متأخراً عن الواردين، لأن مَنْ يَرِد آخراً شرب البقية الكَدِرَة المشبهة للضَّياح «1» و هو السَّمار. و التَّضَيُّح: شرب الضَّيَاح؛ يقال: ضَيَّحْته فَتَضَيَّحَ.

[ضيف]:

عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- إن ابنَ الكَوَّاء و قَيْس بن عبادة جاءاه. فقالا:
أتيناك مُضافين مُثقلين.
أي مُلَجَأيْن، و من فسّره بخائفين؛ مِن أضاف من الأمر إذا حاذره و أشفق منه- و منه المضُوفة- فوجههُ أن يجعل المضاف مصدراً بمعني الإضافة، كالكرم بمعني الإكرام و يَصِف بالمصدر، و إلّا فالخائف مضيف.

[ضيع]:

في الحديث- إذا أراد اللّٰه بعبدٍ شَرًّا أفْشَي عليه ضَيْعَتَه.
أي كثر عليه أشغاله؛ يقال فَشَتْ علي فلان ضيعتُه فلا يَدْرِي بأيها يأخذ.
ضيحة في (بغ). الضيح في (دث). [تضارون تضامون في (ضر). و ضالة في (قع).
و إضاعة المال في (قو). و الضيعة في (عف)].
[آخر الضاد]
______________________________
(2) (*) [ضيع]: و منه في حديث سعد: إني أخاف علي الأعناب الضيعة. و حديث حنظلة: عافَسْنا الأزواج و الضيعات. و حديث عمر: و لا تدع الكثير بدار مَضيعة. النهاية 3/ 108.
(3) (*) [ضيح]: و منه في حديث كعب بن مالك: و مات يومئذ عن الضيح و الريح لورثه الزبير. و في حديث عمار: إن آخر شربه شربها ضياحٌ. النهاية 3/ 106، 107.
(1) الضياح: اللبن الممزوج بالماء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 295‌

حرف الطاء

الطاء مع الهمزة

تطأطأت لهم في (دع).

الطاء مع الباء

[طبع]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- استعيذوا باللّٰه من طمع يَهْدِي إلي طَبَع.
أي يُؤَدِّي إلي شَيْنٍ و عَيْب؛ و أصْلُ الطَّبَع الدَّنَس و الصَّدأ الذي يَغْشَي السيف، فيغطي وجهه، من الطَّبْع، و هو الخَتْم. يقال سيفٌ طَبع؛ ثم اسْتُعِير للدنس في الأخلاق و الشين في الخلال. و منه
قول عمر بن عبد العزيز رحمه اللّٰه: لا يتزوج من الموالي في العرب إلا الأشِر البَطِر، و لا يتزوجُ من العرب في الموالي إلا الطَّمِع الطَّبع.
و قال:
لا خَيْرَ في طَمَعٍ يَهْدِي إلي طَبَعٍ و غُفَّةٌ من قِوام العيش تَكْفِينِي «1»

[طبب]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم حين سُحِر: جاءني رجلان، فجلس أحَدُهما عند رأسي، و الآخر عند رِجْلي، فقال أحدهما: ما وَجَعُ الرجل؟ قال: مَطْبوب، قال من طَبَّه؟ قال: لَبيد بن الأعصم، قال: في أي شي‌ء؟ قال: في مُشط و مُشاطة، و جُفِّ طَلْعة ذَكَر. قال: و أيْنَ هو؟
قال: في بئر ذي أروان- و يروي: أنه حين أُخْرِجَ سِحْرُه جعل علي بن أبي طالب يَحُلَه، فكلما حَلَّ عُقْدَةً وجد لذلك خِفّة، فقام فكأنما أُنْشِط من عِقال.
المَطْبوب: المسْحُور، و الطَّب: السحر. و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في مريض: فلعل طَبًّا أصابه.
______________________________
(2) (*) [طبع]: و منه في حديث الدعاء: اختمه بآمين فإن آمين مثل الطابع علي الصحيفة. و الحديث: كل الخلال يُطْبَع عليها المؤمن إلا الخيانة و الكذب. و الحديث: ألقي الشبكة فطبَّعها سمكاً. النهاية 3/ 112.
(1) البيت في لسان العرب (غفف).
(3) (*) [طبب]: و منه في حديث سلمان و أبي الدرداء: بلغني أنك جُعِلت طبيباً. النهاية 3/ 110.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 296
ثم نَشَّره «1»: ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّٰاسِ
[الناس: 1]، و له محملان: أحدهما أنه مما يستعمل فيه الحِذْق و المهارة، من قولهم: فحل طَبّ، و رجل طَبّ بالأمور ماهر بها. و الثاني أنه قيل للمسحور: مَطْبوب علي سبيل التفاؤل؛ كما قيل لِلَّديغ سليم؛ أي أنه يُطَبُّ و يعالَج فيبرأ.
المُشاطة: ما يَسْقط من الرأس إذا مُشط.
و جُفّ الطَّلْعة «2»: قِشْرها.
بئر ذي أروان: بئر معروفة.
نَشَطْتُ العقدة: عَقَدْتُها بأنشوطة، و أنْشَطْتُها: حللتها، و نظيرهما قَسَط و أقْسَط.

[طبطب]:

قالت مَيْمُونة بنت كَرْدَم رضي اللّٰه عنها: رأيت رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في حجة الوداع، و هو علي ناقة و معه دِرَّة كدِرّة الكُتَّاب، فسمعت الأعراب و الناس يقولون: الطَّبْطَبِيَّة الطَّبطبيّة!
أي الدِّرة الدِّرة! نَصْباً علي التحذير؛ كقولك: الأسد الأسد؛ و إنما سموا الدِّرة بذلك نسبة لها إلي صوت وَقْعها إذا ضُرب بها و هو طَبْ طَبْ، و منه طَبْطاب اللعب، و قولهم:
طَبطَب الوادي طَبطَبَة؛ و هي صوت الماء، و أنشد الأصمعيّ لعمر بن لَجَأ يصف إبلًا تشرب:
في قصب تنضحُ في أمعائها طَبطَبَةُ المِيثِ إلي جِوائها
و طَبطَب اليَعْقُوب «3»: إذا صوّت، و يجوز أن يريدوا دعاءَ الناس إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و حوشهم عليه بهذا الشعار؛ كأنهم قالوا: هلموا! صاحب الطَّبطبية و حاملها. و قيل: معناه أنهم كانوا يسعَوْن إليه و لأقدامهم طَبطَبة، فجعلتهم يقولون ذلك، و لا قول ثَمّة، ولكنه كقول القائل: جرت الخيل، فقالت: حَبَطقْطقْ، و هي حكاية وقع سَنابكها.

[طبن]:

عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- قال رَباح: زَوَّجَني أهلي أمَةً لهم روميّة، فولَدَتْ لي غلاماً أسود مثلي، ثم طبِن لها غلام روميٌّ من أهلها، فراطنها بلسانه، فولدت غلاماً كأنه وزغة، فقلت لها: ما هذا؟ قالت: هذا ليوحنَّة، فرُفعا إلي عثمان فَجلدها و جَلَده- و كانا مملوكين.
يقال طَبِن لكذا، و تَبِن له طَبانة و تَبانة؛ فهو طبِن و تَبِن؛ إذا فَطِنَ له و هَجَمَ علي باطنه و سِرِّه، و منه طَبِن النار إذا دفنها لئلا تُطفَأ. و المعني: فطِن لها، و خبرَ أمرها و أنها ممن تواتيه
______________________________
(1) النُّشْرَةُ بالضم: رقيه يعالج بها المجنون و المريض، و نشره: رقاه (القاموس المحيط: نشر).
(2) الطلع: نور النخلة، و الواحدة طلعة.
(3) اليعقوب: ضرب من الطير.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 297
علي المراودة. قال كثيِّر:
بأبي و أمي أنت من موقة طبِن العدوّ لها فغَيَّر حالَها
و يحتمل أنه عرف منها كراهة مجي‌ء الولد أسود، فزيّن لها مساعدته لبياض لونه- و روي طبَن لها (بفتح الباء). أي خيّبها و أفسدها قال:
جَري بالفِرَي بيني و بينك طابِن «1»

[طبق]*:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- سئل أبو هريرة عن امرأة غير مدخول بها، طلقت ثلاثاً، فقال: لا تحلّ له حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ. فقال له ابن عباس: طبَّقْت.
أي أصَبْت وجهَ الفُتيا، و هو من قولهم: سيف مُطَبِّق و مُصَمِّم؛ فالتَّطْبِيق أن يصيب المفصِل، و هو طَبَق العظمين؛ أي ملتقاهما، و حيث تطابقا فيفصِل بين العظمين.
و التصميم: أن يصيب صميمَ العَظْم و هو وسطه فيقطعه بنصفين. قال:
يُطَبِّق أحياناً و حيناً يُصَمِّمُ «2»

[طبب]:

معاوية رضي اللّٰه عنه- وصفَه الشعبي فقال: كان كالجمل الطَّبّ، يأمر بالأمر فإن سُكِتَ عنه أقدم، و إن رُدَّ عنه تأخر.
قيل: هو الحاذق في مشيه، الذي لا يَضع خُفّه إلا حيث يبصره. و فحل طَبّ حاذق بالضِّراب، و هذا الوصف كنحو ما
يروي أن عَمْرو بن العاص قال له: قد أعياني أنْ أعلم:
أ جبان أنت أم شجاع؟ فقال:
شجاع إذا ما أمكنتْني فُرصة و إن لم تكن لي فُرصة فَجبَانُ

[طبخ]:

ابن المسيِّب رحمه اللّٰه تعالي- وقعت فِتنة عثمان، فلم يبق من المهاجرين أحد، و وقعت الحَرّة فلم يبق من أهل الحُدَيبية أحد، و وقعت الثالثة فلم ترتفع و في الناس طَباخ.
______________________________
(1) صدره:
فقلت لها: بل أنت حنة حوقل
و البيت بلا نسبة في لسان العرب (طبن).
(3) (*) [طبق]: و منه في حديث الاستسقاء: اللهم اسقنا غيثاً طبقاً. و حديث عمر: لو أن لي طباق الأرض ذهباً. و في حديث ابن مسعود في أشراط الساعة: تُوصل الأطباق و تقطع الأرحام. و في حديث أبي عمرو النخعي: يشتجرون اشتجار أطباقِ الأرض. و منه حديث علي: إنما أُمرنا في السارق بقطع طابقه.
و في حديث ابن مسعود: أنه كان يُطَبِّق في صلاته. و في حديث ابن مسعود أيضاً: و تبقي أصلاب المنافقين طبقاً واحداً. النهاية 3/ 113، 114.
(2) روايته في لسان العرب (طبق):
يصم أحياناً و حيناً يطبق
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 298
هو من قولهم: فلان لا طباخ له؛ أي لا خير فيه. قال حسان:
المالُ يَغْشَي رجالًا لا طَباخ لهم «1» كالسيل يغشي أصولَ الدِّنْدِنِ «2» البالي «3»
و الأصل فيه القوة و السِّمَن؛ من قولهم امرأة طَباخية للشابّة المكتنزة، و شاب مُطَبَّخ؛ أملأ ما يكونُ شباباً و أرْوَاه، و كذلك المُطَبَّخ من أولاد الضِّباب حين كاد يلحق بأبيه، و مأخذ ذلك من الطَّبْخ، لما فيه من الإدراك و التناهي.
في الحديث: إذا أراد اللّٰه بعبد سوءاً جعل ماله في الطِّبِّيخين.
هما الآجُرّ و الجِصّ.

[طبق]:

للّٰه مائة رحمة، كل رحمة منها كطِباق الأرض.
هو ما يملأها و يُطَبِّقها؛ أي يَعُمُّها. و منه:
علم عالم قريش يملأ طِباق الأرض.

[طبخ]:

و كان في الحي رجل له زوجة، و أم ضعيفة، فشكت زوجتُه إليه أمَّه، فقام الأطْبَخُ فألقاها في الوادي.
أي فأهوي الأحمق إليها. قال ابن الأعرابيّ: الطّبخ: استحكام الحماقة، و قد طُبخ فهو أطبخ.

[طبع]:

من ترك ثلاث جُمع من غير عذر طَبَع اللّٰه علي قلبه.
أي منعه ألْطَافه، حتي يصير كالمطبوع عليه لا يدخلُه خير.
طبقاً في (جي). طبقاً واحداً في (عق). [طبَاقَاء في (غث). أطباق الرأس في (سف). طَبَق في (فض). طُبَّ في (قر). الطبيين في (زب): الطبيع في (جر). و طباق في (شت)، و في (حم). طبقة في (قن)].

الطاء مع الحاء

[طحرب]:

سَلْمان رضي اللّٰه عنه- ذكر يوم القيامة فقال: تدنو الشمس من رؤوس الناس و ليس علي أحد منهم يومئذ طُحْرُبة.
يقال: ما علي فلان طُحْرُبة، بضم الطاء و الراء و كسرهما و الحاء و الخاء؛ أي شي‌ء من لباس كقولهم: ما عليه قُرّاص.
تطحرها في شك.
______________________________
(1) لا طباخ لهم: لا قوة لهم، و الطباخ القوة و السمن.
(2) الدندن: ما يلي و عفا من أصول الشجر.
(3) البيت في ديوان حسان ص 317.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 299‌

الطاء مع الخاء

[طخو]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إذا وجد أحدكم طَخاء علي قلبه فليأكل السفرجل.
هو ما يَغْشَاه من الكَرْب و الثِّقل؛ و أصله الظُّلمة و السحاب، يقال: في السماء طَخاء.
و الطَّخاءة و الطَّهاءة من الغيم: كل قطعة مستديرة تَسُدُّ ضوء القمر.
و
في حديث آخر: إن للقلب طَخاءة كطَخاءة القمر.

الطاء مع الراء

[طربل]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إذا مَرَّ أحدكم بطِرْبَال مائل، فَلْيُسْرِع المشي.
هو شبيه بالمنْظَرْ من مناظر العجم كهيئة الصَّوْمعة.
و قيل: هو عَلم يبني فوق الجبل.
و قال ابن دريد: قطعة من جَبل، أو من حائط تستطيل في السماء و تَميل، [و منه الطِّرْبال؛ صخرة عظيمة مُشرفة من جبل] و منه قولهم: طَرْبَل فلان، إذا تَمَطَّي في مِشْيَتِه، فهو مُطَرْبِل.

[طرق]*:

ذكر صَلَي اللّٰه عليه و سلِم الحقّ علي صاحب الإبل فقال: إطراق فحلِها، و إعارة دَلْوِها و مِنْحتُها و حَلَبها علي الماء، و حَمْلٌ عليها في سبيل اللّٰه.
هو من قولهم: أطْرِقْنِي فحلَك، أي أعطنيه ليُطرق إبلي، أي ينزوَ عليها.
المِنْحة: أن يعير مَنْ لا دَرّ لهم حَلُوبة ينتفعون بلبنها.
حَلَبها علي الماء: أي يحتلِبها يوم الوِرْد ليُسْقَي من حضر، قال النَّمرِ بن تَوْلب:
عليهنّ يوم الوِرْد حق و حرمة و هنّ غداة الغب عندك حُفّل

[طرأ]:

طَرَأَ عليَّ حِزْبي من القرآن فأحببت ألّا أخرج حتي أقْضِيه.
أي بدأت حِزْبي و هو الوِرْد الذي فرضه علي نفسه أنْ يقرأَه كلّ يوم؛ فجعل بَدْأته فيه طَرأ منه عليه.
______________________________
(1) (*) [طرق]: و منه الحديث: نهي المسافر أن يأتي أهله طُرُوقاً. و في حديث علي: إنها خارقة طارقة.
و الحديث: أعوذ بك من طوارق الليل، إلا طارقاً يطرق بخير. و الحديث: الطيرة و العيافة و الطَّرق من الجبت. و الحديث: كان يُصبح جنباً من غير طروقة. و في حديث عمر: و البيضة منسوبة إلي طَرْقها.
و في حديث عمر أيضاً: فلبست خُفَّين مطارقين. و في حديث نظر الفجأة: أطْرق بطرك. و منه حديث ابن الزبير: و ليس للشارب إلا الرنق و الطَّرْق. و في حديث سبرة: إن الشيطان قعد لابن آدم بأطْرُقِه. النهاية 3/ 121، 122، 123.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 300
و الحِزْب في الأصل: الطائفة من الناس؛ فسمي الوِرْد به لأنه طائفة من القرآن.

[طرف]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- كساه مَرْوانِ مُطْرَف خَزٍّ فكان يُثْنِيه عليه أثْناءً من سعته، فانْشَقّ فبَشكه بَشْكاً و لم يَرْفِه.
المُطرف (بكسر الميم و ضمها): الخَزّ الذي في طَرفيه عَلَمان.
الأثناء: جمع ثني، و هو ما ثني.
البَشْك: الخِياطة المستعجلة المتباعدة.

[طرق]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- ما أُعْطِيَ رجل قط أفضل من الطَّرْق، يُطْرِق الرجلُ الفحل، فَيُلْقِحُ مائة، فتذهب حيرِيّ دَهْر.
هو الضّراب.
حيرِيّ دَهْر؛ أي أبداً. و فيه ثلاث لغات: حَيْرِيّ دَهْرٍ، و حَيْرِيْ دَهْرٍ بياء ساكنة؛ و حَيْرِيَ دَهْرٍ بياء مخففة.
قال ابن جني: في حَيْرِيْ دَهْر (بالسكون): عندي شي‌ء لم يذكره أحد، و هو أن أصله حَيْرِيّ دهر، و معناه مدة الدهر، فكأنه مدة تحيّر الدنيا و بقائه، فلما حذفت إحدي اليائين بقيت الياء الساكنة كما كانت، يعني حذفت المدغم فيها و أبقيت المدغمة. و مَنْ قاله بتخفيف الياء. فكأنه حذف الأولي و أبقي الآخرة، فعذر الأول تطرّف ما حُذِف، و عذر الثاني سكونه. و عندي أن اشتقاقه من قولهم: حيروا بهذا الموضع، أي أقيموا؛ و يحكي عن تُبّع الأكبر الذي يقال له ذو المنار أنه لما رأي أن يأتي خُراسان خلّف ضعَفة جنده بالموضع الذي كان به، قال لهم: حيروا بذا أي بهذا المكان، فسمي الحيرة، و كان يجري عليهم فسموا العِباد؛ و المعني ما أقام الدهر.

[طرف]:

عمرو رضي اللّٰه تعالي عنه- قال قُبيصَة بن جابر الأسديّ: ما رأيت أقطعَ طَرَفاً منه.
أي لساناً، و طرَفا الإنسان لسانُه و ذَكَرهُ؛ يريد أنه كان ذَرِب اللسان مِقْوَلًا.
و كان عمر بن الخطاب إذا رأي من لا يُفصح قال: خالق هذا و خالق عمرو بن العاص واحد.

[طرد]*:

معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- صعِد المنبر و في يده طَرِيدة.
______________________________
(1) (*) [طرف]: و منه الحديث: إن إبراهيم الخليل عليه السلام جُعِل في سَرَب و هو طفل، و جُعل رزقه في أطرافه. و في حديث عذاب القبر: كان لا يتطرَّف من البول. و في حديث فضيل: كان محمد بن عبد الرحمن أصلع، فطُرِف له طَرْفة. النهاية 3/ 120، 121.
(2) (*) [طرد]: و منه في حديث قيام الليل: هو قربة إلي اللّٰه و مطردة الداء عن الجسد. و في حديث الإسراء:
فإذا نهران يطَّردان. و منه في حديث عمر: أطردنا المعترفين. النهاية 3/ 117، 118.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 301
أي شقّة من حرير مستطيلة. و كذلك الطَّريدة من الكلأ و الأرض هي الطريقة القليلة العرض.

[طرز]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قالت لها صفيّة: مَنْ فيكنّ مثلي! أبي نبيّ، و عمّي نبيّ، و زوجي نبيّ- و كان علَّمها رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ فقالت عائشة: ليس هذا من طِرازك.
قال ابنُ الأعرابيّ: تقول العرب للخطيب إذا تكلَّم بشي‌ء استنباطاً و قريحة: هذا من طرازه، و الطِّراز في الأصل: المكان الذي يُنسج فيه الثياب الجياد، و منه تَطرّزَ فلان؛ إذا تنوّق في الثياب و ألّا يلبس إلّا فاخراً.

[طرس]:

عُبيدة رحمه اللّٰه تعالي- قال الهَجَنَّع بن قيس: رأيتُ إبراهيم النَّخَعيّ يأتي عُبيدة في المسائل، فيقول عُبيدة: طَرِّسْها يا إبراهيم، طَرّسْها.
يقال طلَسْت الصَّحيفة؛ إذا محوتَها، و هي تقرأ بعد طَرْسها إذا أنعمت مَحْوَها، و الطِّرْس: الكتاب المَمْحُوّ.

[طرف]:

زياد- قال في خطبة له: قد طَرَفَتْ أعيُنكم الدنيا و سدّت مسامِعكم الشهوات، أ لم يكُنْ منكم نهاة تمنع الغُواة عن دَلَج الليل و غارة النهار! و هذه البرازق! فم يَزَلْ بهم ما تروْن من قيامكم بأمرهم، حتي انتهكوا الحريم، ثم أطرفوا وراءَكُمْ في مَكانِس الرِّيَب.
أي طمِحتْ أبصارُهم إليها؛ من قولهم: امرأة مطروفة بالرجال؛ إذا كانت طمَّاحة إليهم.
البَرَازق الجماعات، قال:
أرضاً بها الثيرانُ كالبرازِق
المكانِس. جمع مَكْنَس؛ يريد اسْتَتَرُوا بِكُمْ، و استَجنّوا بظهوركم.

[طرق]:

النَّخَعي رحمه اللّٰه- قال في الوضوء بالطَّرْق: هو أحبّ إليّ من التيمّم.
هو الماء المستنقع، تَبُول فيه الإبل، سمي طَرْقاً لأنها تخوضه و تَطْرُقه بأخْفافِها.

[طرطب]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- أرسل إليه الحجاج فأدخل عليه، فلما خرج من عنده قال دخلت علي أُحَيْوِلَ يُطَرْطِبُ شُعيرات له، فأخرج إليّ بناناً قصيرة قَلّما عَرِقت فيها الأعِنّة في سبيل اللّٰه.
يقال: طَرْطَب بالغَنم طرطبة و أطرب بها إطراباً، و هو إشلاؤُها. و أنشد أبو عمرو:
طَرْطِبْ بضأنك أو رَأْرِئ بمعزاكا
اشتقاقه من الطَّرب، و هو الخفة. و قد كررت فيه الفاء وحدَها، كما كررت مع العين
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 302
في مَرْمَرِيس، و الدليل علي زيادة الثانية مجي‌ء أطرب في معني طَرطَب، و قالوا أيضاً:
طَرْطَرَ: و المعني يستحفّ شاربَه، و يحركه في كلامه، و قيل: ينفخ بشفتيه في شاربه غيظاً أو كبراً كالمطرطب، إذا رعا الغنم فَصَفَر لها بالشفتين.

[طرب]:

في الحديث- من غَيَّر المَطْرَبة و المَقْرَبة فعليه لعنة اللّٰه.
المَطْربة و المَطْرب: الطريق الصغير المتشعِّب من الجادة، و قد فسره أبو ذؤيب في قوله:
و مَتْلَفٍ مثل فَرْق الرأس تَخْلِجُه مطاربٌ زَقَبٌ أميالُها فِيحُ «1»
و منه قولهم: طربت؛ أي عدلت عن الطريق.
و المَقْربة و المَقْرب: الطريق المختصر: قال طُفيل:
تُثير القَطَا فِي مَنْقَل بعد مَقْرَبِ «2»

[طرق]:

في حديث فَرائض الصدقات؛ فإذا بلغتِ الإبل كذا فيها حَقّه طَروقِةُ الفحل.
أي ناقة حَقّة، يَطْرُق الفحل مثلها؛ أي يضربها.
في الطروقة في (تب). و الطَّرْق في (طي) و في (جم). طارقة في (حر). و طريدة في (فل). كالطراف في (عض). طرفيه في (لب). طرات في (سي). طرت و طرت في (جو).
المطرق و غض الأطراف في (سد). طريرة في (قف). الطرد في (دم). [غير مطراة في (لو)].

الطاء مع الزاي

طازجة في (قز).

[الطاء مع السين

الطست في (صل) و في ()] «3».
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 302

الطاء مع الشين

الطشت في (حز).
______________________________
(1) البيت في ديوان الهذليين 1/ 110.
(2) صدره:
معرقة الألحي لوح متونها
و البيت في لسان العرب (قرب).
(3) بياض في الأصل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 303‌

الطاء مع العين

[طعم]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- ثَلاثٌ مَنْ فَعَلهن فقد طعِم الإيمان، مَنْ عَبَدَ اللّٰه وَحْدَه، و أعطي زكاة مالِهِ طَيِّبَةً نَفْسُه رافِدَة عليه كلّ عام؛ و لم يعط الهَرِمة و لا الدَّرنة، و لا المريضة و لا الشَّرْط اللئيمة.
استعار الطَّعم لاشتماله عليه و استشعاره له.
رافدة: من الرِّفْد، و هو الإعانة؛ أي معينة له علي أداء الزكاة غير مُحَدّثة إياه بمنعها.
الدَّرِنة: أراد الدّون الرديّة، فجعل الرداءة دَرَناً؛ كما يقال للرجل الدني‌ء: طَبِع.
الشَّرَط: الرّذِيلة كالصغيرة و المسِنّة، و العَجْفاء و الدَّبْراء.
إن المسلمينَ لما انصرفوا من بَدْر إلي المدينة استقبلهم المسلمون يهنئونهم بالفتح، و يسألونهم عمّن قتل، فقال سلامة بن سلَمة بن وقْش: ما قتلنا أحداً به طَعْم؛ ما قتلنا إلا عجائز صُلْعاً، فأعرض عنه رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و قال: أولئك يا ابن سَلمة الملأ.
أصْلُ الطَّعْم ما يؤدّيه ذوق الشي‌ء من حلاوة أو مرارة أو غيرهما؛ و لما كان كل معطوم بِطَعْمه، و المسيخ لا طائل فيه للطاعم و لا جدوي؛ استعير لمكان الجَدْوي و العائدة في الشي‌ء، و ما يكون الاعتداد به و الاكتراث له؛ فقالوا: فلان ليس بذي طَعْم؛ إذا لم يكن له نَفْس و لا معرفة؛ و ليس لما يفعله فلان طَعْم؛ أي لذّة و منزلة في القلب، و قال:
أيا مَنْ لِنَفْسٍ لا تموت فَتَنْقَضِي غَناءٌ و لا تحيا حياةً لها طعم
الملأ: الأشراف.
إذا استطعمكم الإمام فَأطْعِمُوه.
أي إذا أُرْتِج عليه فاستفتحَ فافتحوا عليه؛ و هذا من باب التمثيل؛ و منه قولهم:
استطعمني فلان الحديث إذا أرادك علي أنْ تحدّثه.
نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن بيع الثَّمرة حتي تطعِم.
يقال: أطعمت الشجرة إذا أثمرت؛ و بأرض فلان من الشجر المُطعِم كذا، و أطعمت الثمرة، إذا أدركت. و المعني: صارت ذات طعم. و منه
قول ابن مسعود رضي اللّٰه عنه في وصف أهل آخر الزمان: كَرِجْرِجَة الماء لا تُطْعِم.
أي لا طَعْمَ لها.
قال في زمزم: إنها طعام طُعْم، و شفاء سُقْم.
______________________________
(1) (*) [طعم]: و منه في حديث الدجال: أخبروني عن نخل بيسان هل أطعم؟ و في حديث ميراث الجد: إن السدس الآخر طعمة. النهاية 3/ 125، 126.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 304
قال ابن شُميل؛ أي يَشْبَعُ منه الإنسان؛ يقال: إنّ هذا الطعام طُعْم؛ أيْ يَشبع مَنْ أَكَله، و يجوز أَنْ يكون تخفيف طُعم، جمع طَعام، كأنه قال: إنها طعام أطْعِمة؛ كما يقال: صِلّ أصْلال «1»؛ و سِبْد أسباد «2»؛ و المعني أنها خيرُ طعام و أجوده.
الخُدْريّ رضي اللّٰه تعالي عنه- كنا نُخْرِج صدقة الفِطْر علي عهد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم صاعاً من طعام؛ أو صاعاً من شعير.
قيل: الطعام البُرّ خاصة: و عن الخليل أن الغالب في كلام العرب أنه هو البُرّ خاصة.
أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن اللّٰه تعالي إذا أطعم نبيًّا طُعمة ثم قَبَضه جعلها للذي يقوم بعده.
الطُعْمة: الرزق و الأكل؛ يقال. جعلت هذه الضَّيعة طُعمة لفلان؛ و يقال للمأدُبة الطُّعمة. و كأن الطّعم و طُعْمة بمعني؛ إلا أن الطُّعمة أخص منه؛ و أما الطِّعمة (بالكسر) فَوَجْهُ الرِّزق و المكسب كالحِرفة؛ يقال: فلان طيب الطِّعمة، و فلان خبيث الطِّعمة؛ إذا كان الوجهُ الذي يرتزق منه غيرَ مُباح.
و
في حديث الحَسن رحمه اللّٰه: كان قتالٌ علي عهد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، ثم قتال علي هذه الطُّعمة، ثم ما بَعدهما بدعة و ضلالة.
أراد الخراج و الجِزية و الزكوات؛ لأنها رزق اللّٰه للمسلمين.
هل أطعم في (زو). مطعم في (نس). لا تطعم (هر). ثم أطعمو و لا تطعمه في (حك). [طعان في (هر). طعن في (ضر). نطعمها اللحم في (سه). من طعام في (صر)].

الطاء مع الفاء

[طفي]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- اقْتُلوا ذَا الطُّفْيَتَيْن و الأبْتر.
قيل: هو الذي علي ظهره خطَّان أسْوَدان؛ شبها بالطُّفْيَتَيْن؛ و هما خُوصَتَا المُقل. يقال طُفْية و طُفَي؛ قال أبو ذؤيب:
و أقْطَاع طُفْيٍ قد عَفَتْ في المعاقل «3»
و
في حديث عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- اقتلوا الجان ذا الطُّفْيَتين، و الكلب الأسود ذَا الغُرّتين، و الأبتر القصير الذَّنب.
______________________________
(1) صل أصلال: حية من حيات الوادي.
(2) سبد أسباد: لص داهية في اللصوصية.
(3) صدره:
عفا غير نؤي الدار ما إن تبينُه
و البيت في ديوان الهذليين 1/ 14.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 305
و في كتاب العين؛ الطُّفْية: حيّة ليّنة خَبيثة. و أنشد:
و هُمْ يُذِلّونَها مِنْ بَعْدِ عِزَّتِها كما تَذِلّ الطُّفي مِنْ رُقْيَةِ الرَّقِي «1»
فإن صحّ هذا فلعل المراد: اقْتُلوا كلّ حية؛ ما كان منها له ولد و ما لا ولد له و ثَنّي لأن الغالب أن تُفْرخ فَرْخَين.

[طفف]*:

كلكم بنو آدم طَفُّ الصاع؛ لم يملأ، ليس لأحَدٍ علي أحدٍ فضل إلا بالتقوي. و لا تَسَابُّوا فإنما السُّبة أن يكونَ الرجل فاحشاً بَذِيًّا جَباناً.
يقال: هذا طَفُّ المِكْيال، و طِفافه أي قِرابه، و هو ما قَرُب من مَلْئِه. و قال المبرِّد: هو ما علا الْجَمَام «2»، و إناء طَفّان كقولك: قَرْبان «3» و كَرْبان، و المعني كلكم في الانتساب إلي أبٍ واحد بمنزلة مُتساوي الأقدام في النقصان و التقاصر عن غاية التمام. و شَبَّههم في نُقْصانهم بالمكِيل الذي لم يبلغ أن يملأ المكيال. ثم أعلم أن التفاضُل ليس بالنسب و لكن بالتقوي. و نهي عن التساب و التَّعَايُر بضعة المنصِب، و نَبّه علي أن السّبةَ إنما هي أن يتّضع الرجل بفعل سَمْج يرتكبه؛ نحو الفُحش و البَذَاء و الجُبْن.

[طفي]:

وَصَفَ الدجال فقال: أعور العين اليمني، كأنّ عينه عِنبة طافية.
هي الحبّة الناتئة الخارجة عن حَدِّ نِبْتَةِ أخَواتها. و كل شي‌ء علا فقد طَفا، و منه قول العَجَّاج في صفة ثَوْر:
إذا تلقَّتْه العقاقِيلُ طَفَا «4»
و قيل: أراد الحَبّة الطافية علي مَتْن الماء. و الحَدَقة العوراء الناتئة في المقلة القائمة مِنْ أشبَهِ شي‌ء بها.

[طفل]*:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- كَرِه الصلاة علي الجنَازة إذا طَفّلت الشمس.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (طفي).
(5) (*) [طفف]: و منه الحديث في صفة إسرافيل: حتي كأنه طفاف الأرض. و في حديث عرض نفسه علي القبائل: أما أحدهما فطفوف البرِّ و أرض العرب. النهاية 3/ 129.
(2) الجمام: الكيل إلي رأس المكيال.
(3) قربان: أي قاب الامتلاء.
(4) صدره:
إذا تلقته الدها خطرفا
و الرجز في لسان العرب (طفا).
(6) (*) [طفل]: و منه في حديث الحديبية: جاؤوا بالعوذ المطافيل. النهاية 3/ 130.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 306
أي دَنَتْ للغروب، و قَلّ ما بينها و بينه و اسم تلك الساعة الطَّفَل؛ اشتق من الطِّفْل لقلته و صغره.

[طفف]:

ذكر أن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سبَقَ الخَيل. فقال: كنت فارساً يومئذ فسبقت الناس حتي طَفَّفَتْ بي الفرس مسجد بني زُرَيق.
قال أبو عبيدة: طَفّف الفرسُ مكان كذا؛ إذا وثب حتي جازه. و أنشد الكسائيّ لجحاف بن حكيم يصف فرساً:
إذا ما تلَّقتْه الجراثيم لم يجم و طَفَّفَها وثباً إذا الجَرّي عقّبا
و هو من قولهم: مر يَطِفّ إذا أسرع، و فرس طفَّاف و طِفّ و خِفّ و ذِفّ أخَوَات.

[طفح]:

في الحديث: من قال كذا غُفِر له و إن كان عليه طُفَاح الأرض ذُنُوباً.
أي مِلْؤُها حتي تطفَح؛ و منه قولهم: إناء طَفْحان للذي يفيض من جوانبه.
المطافيل في (خب) و في (عو). و طفيل في (صب).

الطاء مع اللام

[طلم]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مرّ برجل يعالج طُلْمةً لأصحابه في سفر و قد عَرِق، و آذاه وَهَج النار فقال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لا يصيبُه حَرُّ جهنم أبداً.
الطَّلم و اللَّطم: أخَوان؛ و هو الضرب ببسط الكف- و روي بيت حسان:
تَظَلّ جيادُنَا مُتَمطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بالخُمُر النساءُ «1»
تُطَلِّمهن. و قيل للخُبْز: الطُّلمة لأنها تُطَلَّم.
و قيل: هي صفيحة من حجارة كالطَّابق يخبز عليها. و النار توقد تحتها، و جمعها طلُم، قال:
يلفح خدّيها تلّفح الضَّرَمِ كأنها خَبّازة علي طُلُمِ

[طلس]:

قال عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه: بعثني رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال: لا تَدَعْ قبراً مُشْرِفاً إلا سوّيتَه، و لا تِمْثالًا إلا طَلَسته.
أي محوته؛ يقال طَلَس الكتاب يطلِسه و طَمسه يطمِسه بمعني، و منه
الحديث: إنه أمر بطَلْس الصور التي في الكعبة.
و منه
الحديث الآخر: إن قَوْلَ لا إله إلا اللّٰه يَطْلِس ما قبله من الذنوب
.______________________________
(1) البيت في ديوان حسان ص 5.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 307‌

[طلل]*:

إن رجلًا عَضَّ يَد رجل فانتزع يدَه من فيه فسقطت ثنايا العاضّ، فَطَلَّها رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
قال أبو زيد: يقال طَلّ دمه و أطلّ و لا يقال طُلّ دَمُه، و أجازه الكسائي.

[طلع]*:

مات رجل من الطَّاعون في بعض النواحي أو الأرياف، ففزع له الناس، فقال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: مَنْ بَلَغه ذلك فإني أرجو أن لا يَطْلُع إلينا نِقابها.
طَلَع النَّشز؛ إذا أشرف عليه، و الضمير في نِقابها للمدينة.
و النِّقَاب: الطرق في الجبال؛ الواحد نَقْب. و المعني: أرجو أن لا يصل الطاعون إلي أهل المدينة.

[طلخ]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في جَنازة فقال: أيّكم يأتي المدينة فلا يدع فيها وثَناً إلا كسره؛ و لا صورةً إلا طَلَخها، و لا قبراً إلا سَوَّاه.
أي لَطَخها بالطين حتي يطمِسها؛ من الطَّلْخ، و هو الطين في أسفل الغَدير. و قيل:
سَوَّدها؛ من الليلة المُطْلَخِمّة؛ و الميم زائدة.

[طلس]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- قطع يَدَ مُولَّد أطلس.
هو اللِّص؛ شُبِّه بالذئب؛ و الطُّلسة غُبْرة إلي السواد.
و في كتاب العين: الأطلس من الذِّئاب: الذي تساقط شَعْره؛ و قد طَلَس طَلْساً.
و قيل: هو الأسود كالحبشيّ و نحوه؛ من قولهم: ليل أطْلس؛ أي مظلم.

[طلع]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال عند موته: لو أنّ لي ما في الأرض جميعاً لافتديتُ به من هَوْل المُطَّلَع.
هو موضع الاطِّلاع. من إشراف إلي انحدار؛ فشبه ما أشْرَف عليه من أمر الآخرة بذلك؛ و قد يكون المَصْعَد من أسفل إلي المكان المشرف. قال جرير:
إني إذا مُضَرٌ عليّ تَحَدَّبَتْ لاقيتُ مُطَّلَع الجبال وُعُورا «1»
يعني مَصْعَدها؛ كأنه شبه ذلك بالعقَبة، لما فيه من المشَاقّ و الأهوال.
______________________________
(2) (*) [طلل]: و منه الحديث: من لا أكل و لا شرب و لا استهلَّ، و مثل ذلك يُطَلُّ. و في حديث يحيي بن يعمر: أنشأت تطلُّها و تضهلُها. و في حديث أشراط الساعة: ثم يرسل اللّٰه مطراً كأنه الطَّلُّ. النهاية 3/ 136.
(3) (*) [طلع]: و منه في حديث ابن ذي يزن: قال لعبد المطلب: أطلعتك طِلَعة. و في حديث الحسن: إن هذه الأنفس طُلَعَةٌ. و في حديث السحور: لا يهدينكم الطالع. النهاية 3/ 133.
(1) البيت في ديوان جرير ص 211.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 308
و في حديث ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه: لكل حرف منه حدّ؛ و لكل حَدٍّ مُطَّلع.
أي مَصْعد؛ يُصْعد إليه في معرفة علمه.

[طلح]*:

إن كفار قريش ثاروا إليه رضي اللّٰه تعالي عنه لمَّا بلغهم خبرُ إسلامه؛ فما برح يقاتلهم حتي طَلَح.
أي أعْيَا؛ يقال طَلَّحَ البعيرَ؛ إذا حَسَرهُ فَطَلَح.

[طلفح]:

إ 1- ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لأبي العبيدين: إذَا ضَنُّوا عليك بالمُطَلْفَحة فكُلْ رغيفك ورِدِ النَّهر، و أمْسِكْ عليك دينَك.
هي الرُّقاقة. و طَلْفَحَ الخبز، إذا رقَّقَه، و فَلْطَحَه إذا بَسَطَهُ.

[طلع]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- لأنْ أعلم أني بري‌ء من النفاق أحبُّ إليّ من طِلاع الأرض ذهباً.
هو ماؤها.

[طلي]*:

في الحديث: ما أطْلَي نَبِيٌّ قط.
قال أبو زيد: أطْلَي الرجل، إذا مال إلي هواه، و أصله أن تميل طُلاتُك و هي عنقك، و تُصْغِي إلي أحد الشّقين. قال:
رأيتُ أباك قد أطْلَي و مالت عليه القَشْعَمانِ من النسور
فأطل في (أط). طلق في (حج). من طلاع الأرض في (تا). مَطْلَع في (ظه). طَلَقا في (ضح). اطلبكها في (غف). طلق اليمني في (فن). طلسا في (مل). اطلاس في (شه).
تطلها في (شك). طلعة في (حد) للطالع في (سج). [طالق في (خل). الطلب في (قو).
و طلاع الثنايا في (ين)].

الطاء مع الميم

[طمس]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- في ذكر الدجال: أنّه أفْحَج أعْور مَطْموس العين؛ ليست بناتئة و لا حَجْراء.
أي ذاهب البصر ممسوحة من غير بَخَق و بهذا سمي مسيحاً.
حَجْراء: منحجرة غائرة.
و روي حَجْراء؛ و هي المتحجرة الصلبة؛ أي تكون رِخْوة لَيّنة.
______________________________
(1) (*) [طلح]: و منه في حديث سطيح: علي جمل طليح. النهاية 3/ 131.
(2) (*) [طلي]: و منه في حديث علي: أنه كان يرزقهم الطِّلاء. النهاية 3/ 137.
(3) (*) [طمس]: و منه في حديث وفد مذجح: و يُمسي سَرَابها طامساً. النهاية 3/ 139.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 309‌

[طمر]*:

إنّ اللّٰه تعالي يَخْتِم يوم القيامة علي فَم العبد و يُنْطق يديْه و جلده بعمله؛ فيقول: أي و عزَّتِك لقد عمِلتُها؛ و إن عندي العظائم المُطَمَّرات، فيقول اللّٰه تعالي: أنا أعلم بها منك؛ اذهب فقد غفرتها لك.
أي المخبآت؛ من طَمَّرت الشي‌ء إذا أخفيته، و منه المَطمُورة، و طَمَّر القوم بيوتهم؛ إذا أرْخَوْا سُتُورهم علي أبْوابِهم.

[طمم]*:

حُذَيفة رضي اللّٰه تعالي عنه- خرج و قد طَمَّ شعرَه؛ فقال: إنَّ كل شَعْرة لا يصيبها الماءُ جنابة، فمن ثَمَّ عاديتُ رأسي كما تَرَوْن.
الطَّمّ: الجزّ.
و منه
حديث سَلْمان رضي اللّٰه عنه: أنه رُئِيَ مَطْموم الرأس، مُزَقّقاً- و كان أرْفش- فقيل له: شوّهت نَفْسك؛ فقال: إنّ الخيرَ خَيْرُ الآخرة.
مَرّ المُزَقّق.
الأرْفَش: العريض الأذن؛ شُبِّهت بالرَّفْش و هو المِجْرفة؛ و منه جاءنا فلان و قد رَفَّش لحيته ترفيشاً؛ أي سرحها و بسطها؛ و قيل: إنما هو: و كان أشْرَف؛ أي طويل الأذن؛ من قولهم: أذن شُرافِيّة «1».

[طمر]:

نافع رحمه اللّٰه تعالي- قال: كنت أقول لابن دَأْب إذا حَدّث: أقِم المِطْمَر.
هو الزِّيق الذي يقومُ عليه البناء؛ يريد أنه كان يأمُرُه أنْ يُقَوِّم الحديث و ينقحه و يَصْدُق فيه.
ذي طمرين في (ضع). طامساً في (عب). الطمطام في (ضح). طامة و لا تطم في (نس). طمطمانية في (لخ). طمار في (صد). ما طما في (صب).

الطاء مع النون

[طني]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
إن اليهودية التي سَمَّت رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عمِدتْ إلي سَمٍّ لا يُطْنِي.
الأصمعي: يقالُ: أشويتُ الرمِيَّة و أطْنيتُ و أنميتُ؛ إذا أصبتُ غيرَ المَقْتَل. و رمي فلم يُشْوِ و لم يُطْنِ. قال:
يهزّ سحماء ما يُطنِي النّفوس بها مدريّة ما تَرَي في متنها أوَدَا
______________________________
(2) (*) [طمر]: و منه الحديث: رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤْبَه له. النهاية 3/ 138.
(3) (*) [طمم]: و منه في حديث عمر: لا تُطَمُّ امرأةٌ أو طبيٌ سمع كلامكم. النهاية 3/ 139.
(1) الأذن الشرافية: الأذن المنتصبة في طول.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 310
و منه إطْناء الحية، و هو ألّا يُفْلِتَ سليمُها؛ يقال: رماه اللّٰه بأفعي لا تُطْنِي.

[طنب]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه-
تزوج الأشعثُ امرأة علي حُكْمِها فردها عمر إلي أطْنَاب بيتها.
هي حبال للبيوت؛ و هذا مثل؛ يريد إلي ما بني عليه أمر أهلها في المَهْر. و المعني:
رَدّها إلي مَهْرِ مِثْلِها من نساء عَشِيرتها.
طنبي المدينة في (وح). فمن تطن في (شز). المطنب في (ذن). يطنب في (وق).
فأطن في (شت).

الطاء مع الواو

[طوف]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- ليست الهرة بنَجَس؛ إنما هي من الطّوّافين عليكم و الطّوافات.
و كان يُصْغِي لها الإناء.
جعلها بمنزلة المماليك، من قوله تعالي: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدٰانٌ مُخَلَّدُونَ* [الواقعة: 17]. و منه
قول إبراهيم النّخعي: إنّما الهرّة كبعض أهل البيت.

[طول]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لأزواجه: أوّلُكن لُحوقاً بي أطْوَلُكُنّ يداً، فاجتمعن يتطاولْن فطَالّتْهُنّ سَوْدة، فماتت زينب أوّلهنّ.
أراد أمدّكن يداً بالعطاء؛ من الطَّوْل. و كانت زينبُ تعمل الأزمّة و الأوْعية، تقوي بها في سبيل اللّٰه.
خطب صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يوماً. فذكر رجلًا من أصحابه قُبض فكُفِّنَ في كَفَنٍ غيرِ طائل، و قُبِر ليلًا.
هو من الطَّوْل بمعني الفَضْل، قال:
لقد زادني حُبًّا لنفسي أنني بغيض إلي كل امري‌ءٍ غير طائل
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إذا كَفَّن أحدُكم أخاه فلْيحسن كَفَنَه.
إن هذين الحيين من الأوْس و الخَزْرج كانا يتطاولان علي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم تَطاوُل الفَحْلين.
______________________________
(1) (*) [طنب]: و منه الحديث: ما بين طُنُبَي المدينة أحوجُ مني إليها. و الحديث: ما أُحبُّ أن بيتي مُطَنَّبٌ ببيت محمد، إني أحتسب خطاي. النهاية 3/ 140.
(2) (*) [طوف]: و منه الحديث: كانت المرأة تطوف بالبيت و هي عريانة فتقول: من يعيرني تَطْوافاً؟ و في حديث عمرو بن العاص و ذكر الطاعون. فقال: لا أراه إلا رجزاً أو طوفاناً. النهاية 3/ 143.
(3) (*) [طول]: و منه الحديث: أوتيت السبع الطوال. و الحديث: تطاول عليهم الرَّبُّ بفضله. و الحديث: أربي الربا الاستطالة في عرض الناس. و الحديث: لطول الفرس حمًي. و في حديث ابن مسعود في قتل أبي جهل: ضربته بسيف غير طائل. النهاية 3/ 144، 145، 146.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 311
أي يَسْتَطيلان علي عَدُوِّه و يتباريان في ذلك، أوْ كانا يتباريَان في أن يكون هذا أبلغ نُصْرَةً له من صاحبه. فشبّه ذلك التباري و التغالب بتطاول الفَحْلين علي الصِّرْمة «1».
في دعائه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اللهم بك أحاوِل، و بك أصاوِل، و بك أطاوِل.
مفاعلة من الطَّوْل، و هو الفضل و العلو علي الأعداء.

[طوف]:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن مُتَحَدِّثين علي طَوْفهما.
يقال: طاف الرَّجُل طَوْفاً، إذا أحدث.
و
في حديث ابن عباس رضي اللّٰه عنهما: لا يُصَلِّينَّ أحدُكم و هو يُدَافع الطَّوْف و البَوْل.
و
في حديث آخر: لا تُدَافعوا الطَّوْف في الصلاة.

[طول]:

أم سَلَمة رضي اللّٰه تعالي عنها- كان رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يقرأ في المغرب بطُولَي الطُّولَيَيْن.
قيل لها: و ما طُولي الطُّولَيين؟ قالت: سورة الأعراف.

[طوع]*:

في الحديث- لو أطاع اللّٰه الناس في الناس لم يَكُنْ ناس.
أي لو استجاب دعاءَهم في أن يلدوا الذُّكْرانَ دون الإناث لذهب النسل.
لطيتك في (دح). من الطوف في (هض). طوره في (حك). [في طوله في (سن).
طال في (قف). طود في (زف). فتطوت في (ذر). طوال في (أد)].

الطاء مع الهاء

[طهو]:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: قال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إذا صلّي أحدُكم رَكْعَتي الفجر فلْيضطجع عن يمينه. فذُكر ذلك لابنِ عمر فقال: أكثر أبو هُرَيرة. فقيل له:
هل تنكر مما يقول أبو هريرة شيئاً؟ فقال: لا، و لكنه اجْتَرَأ و جَبُنّا. فقال أبو هريرة: أنا ما طَهْوي؟
أي ما عملي؟ يعني ما أصنع إن كنت حفظت و نسُوا؟- و
روي أنه قيل له: أ سمعته من رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؟ فقال: أنا ما طَهْوِي؟ أي ما عملي إن لم أسمعه
؛ يعني أنه لم يكن له عملٌ غيرُ السماع. أو هذا إنكارٌ لأن يكون الأمر علي خلاف ما قال، كأنه قال: ما خَطْبِي و ما بالي أرويه إن لم أسمعه! و قيل: هو تعجب من إتقانه كأنه قال: أنا أيّ شي‌ء عملي و إتقاني! و الطَّهْو في الأصل من طهَوْت الطعام إذا أنضجَته، فاستعار لتخمِير الرواية و أحكامها، ألا تراهم يقولون: رأي ني‌ء غير نضيج، و فَطِير غير مُخَمَّر.
______________________________
(1) الصرمة: القطعة من الإبل، و قيل: هي ما بين العشرين إلي الثلاثين.
(2) (*) [طوع]: و منه الحديث: هويً متَّبعٌ و شُحٌّ مطاع. النهاية 3/ 142.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 312
طهملة في (عش).. بالمطهم في (مغ). قدح مطهرة في (هض).

الطاء مع الياء

[طيب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نهي أن يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بيمينه.
الاستطابة و الإطابة: كنايتان عن الاستنجاء. قال الأعشي:
يا رَخَماً قَاظَ علي مطلوب يُعْجِلُ كَفَّ الخارِي‌ءِ المُطِيب «1»
و
في حديث ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- كان يأمر بالحجارة فتُطرح في مذهبه، فيستطيبُ، ثم يخرج فيغسل وَجْهَه و يديه، و ينضحُ فَرْجَه حتي يُخْضِل ثَوْبَه.
أي يَبُلَّه.

[طير]*:

الطِّيَرة و العِيافة و الطَّرْق من الجِبْت.
الطِّيَرة من التَّطَيّر كالخِيَرة من التَّخَيُّر. و عن الفَرّاء أن سكون الياء فيهما لغة، و هي التشاؤم بالشي‌ء.
و
في الحديث: ثلاث لا يسلم منها أحد: الطِّيَرة و الحَسد و الظنّ، قيل: فما نصنع؟
قال: إذَا تطَيَّرت فامْضِ، و إذا حسدت فلا تَبْغ، و إذا ظننت فلا تحقق.
عاف الطيرَ عِيافة؛ زجرها فتشاءم بها و تَسَعّد. الطرق: الضرب بالحصي. قال لَبِيد:
لَعَمْرُك ما تَدْرِي الطَّوارق الحصي و لا زاجرات الطير ما اللّٰه صانع «2»
قيل في الجِبْت: هو السّحر و الكَهانة. و قيل: هو كلّ ما عُبِدَ من دون اللّٰه. و قيل: هو الساحر. و قوله: «من الجِبْت» معناه من عمل الجبت، و قالوا: ليست بعربية. و عن سعيد بن جُبير: هي حَبَشِية. و قال قُطْرب: الجِبْت عند العرب الجِبْس، و هو الذي لا خير عنده.

[طيب]:

شهدت غُلاماً مع عمومتي حِلْف المُطَيَّبين، فما أحب أن أنكُثَه و أنّ لي حُمْرَ النعم.
كانت قُريش تتظالَم بالحُرُم فقام عبد اللّٰه بن جُدعان، و الزُّبير بن عبد المطلب، فدعوا
______________________________
(3) (*) [طيب]: و منه الحديث: أنه قال لعمار: مرحباً بالطيب المُطَيَّب. و الحديث: جعلت لي الأرض طيبة طهوراً. و في حديث جابر: و في يده عرجون ابن طاب. النهاية 3/ 148، 149، 150.
(1) البيت ليس في ديوان الأعشي.
(4) (*) [طير]: و منه الحديث: الرؤيا لأوّل عابر، و هي علي رِجْل طائرٍ. و في حديث عروة: حتي تطايرت شؤون رأسه. و في الحديث: بالميمون طائره. و في حديث السحور و الصلاة: الفجر المستطير.
و الحديث إياك و طيرات الشباب. النهاية 3/ 150، 151، 152.
(2) البيت في ديوان لبيد ص 272، و رواية الديوان «الضوارب» بدل «الطير».
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 313
إلي التحالف علي التناصر و الأخذ للمظلوم من الظالم، فاجتمع بنو هاشم و بنو زُهرة و تَيْم في دار ابن جُدعان، و غَمَسوا أيديهم في الطِّيب، و تحالفوا، و تصافَقوا بأيمانهم و لذلك سموا المُطَيّبين، و سموا الحِلْف حِلْف الفُضول؛ تشبيهاً له بحِلْف كان بمكة أيام جُرهم علي التناصف، قام به رجال من جُرْهم، يقال لهم الفَضْل بن الحارث، و الفُضَيل بن وَدَاعة، و الفُضيل بن فَضالة.
و
في حديث آخر: لقد شهدت في دار ابن جُدعان حِلْفاً لو دعيت إلي مثله في الإسلام لأجَبْتُ.

[طير]:

عن رُوَيْفع بن ثَابت رضي اللّٰه عنه: إن كان أحدُنا في زمان رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لَيَأْخُذ نِضْوَ «1» أخيه؛ علي أنَّ له النصف مما يَغْنَم و له النصف؛ و إن كان أحدنا ليَطير له النَّصْل «2» و للآخر القِدْح «3».
يقال: طار لفلان كذا؛ أي حَصلَ. و المعني أن الرجلين كانا يقتسمان السَّهْم فيَحصّ «4» أحدُهما قِدْحه، و الثاني نَصْله.

[طيب]:

سَمَّي المدينة طَابة.
هي منقولة من الطابة، تأنيث الطَّاب؛ و هو الطِّيب. قال:
مبارك الأعراق في الطّاب الطّابْ بين أبي العاص و آل الخطابْ «5»
و يقال لها طَيْبة
أيضاً بتخفيف الطَّيِّبة، و كلتاهما مأثورة عن النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و قال النضر:
طَيْبة اسم يَثْرب، و أنشد لربيعة الرَّقيّ:
و يَثْرِبُ في طيبها سمّيتْ بطَيْبة طابَتْ فنعم المحلْ
و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: المدينة كالكِير تَنْفِي خَبَثَها و تَنْصَعُ طِيبَها «6».

[طين]:

ما من نفس [منفوسه] تموت فيها مثقال نملة من خير إلا طِينَ عليه يوم القيامة طيْناً- و روي طِيمَ عليه.
أي جُبِل عليه؛ يقال: كل إنسان علي ما طَانه اللّٰه، و منه طِينةُ الرجل خَلْقه.
______________________________
(1) النضو: الدابة التي أهزلها الأسفار و أذهبت لحمها.
(2) النصل: حديدة السهم.
(3) القدح: السهم قبل أن يوضع فيه النصل.
(4) حصَّ من المال: أي أصاب و صار له من المال.
(5) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (طيب).
(6) الناصع: الخالص البياض، و تنصع طيبها تخلصه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 314‌

[طير]:

أبو ذر رضي اللّٰه تعالي عنه- تركَنا رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و ما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم.
يريد أنه استوفي بيانَ كل ما يحتاج إليه في الدين حتي لم يبق مُشْكل. و ضرب ذلك مثلًا.

[طيب]:

طاوس رحمه اللّٰه تعالي- سئل عن الطّابة تطْبخ علي النِّصف.
هي العصير، سمي بذلك لطِيبه. و عن بعضهم أن أهل اليمامة يسمون البلح الطَّابة.
استطيب بها في (عل). أطرتها في (سي). تطاير في (شع) و في (قن). طائحة في (قح). و لا يتطير في (فا). الطائش في (دي). و الطيبات في (حي). المطيبي في (حل).
و الطيب في (حس). علي رؤوسهم الطير في (أب). في طينته في (جد). لطيتك في (دح).
[آخر الطاء]
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 315‌

حرف الظاء

الظاء مع الهمزة

[ظأر]*:

معاوية رضي اللّٰه عنه- كتب إلي هُنَيّ و قد جعله علي نعَم الصَّدَقة: أنْ ظَائِرْ قال: فكنا نجمع النَّاقَتين و الثلاث علي الرُّبَع الواحد ثم نحدِرُها إليه.
المظاءَرة: عطف الناقة علي غير وَلَدها؛ يقال ظَأَرها و أظْأَرها و ظَاءرها؛ و هي ظَئور و ظئِير- و رواه المحدثون ظاوِرْ بالواو، و الصحيح الهمزة.
نحدِرُها إليه؛ أي نُرْسِلُها.
ظأره الإسلام في (عم). الظؤار في (فر). و في (عم). الظئار في (سر). و ظأرناهما في (نو).

الظاء مع الباء

[ظبي]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أُهْدِيَ إليه ظَبْيَةٌ فيها خَرَز؛ فأعطي الآهل منها و العَزَب.
هي جراب صغير عليه شَعر.
و
في حديث عمرو رضي اللّٰه عنه: إن أبا سعيد مولي أبي أُسَيْد قال: التقطت ظَبْيَةً فيها ألفٌ و مائتا درهم و قُلْبان من ذهب، فكاتبني مولاي علي ألف درهم، و أعطاني مائتي درهم، فتزوجت بعد ذلك و أصَبْتُ، ثم أتيت عمر فأخبرته، فقال: أمّا رِقُّك في الدنيا فقد عَتَق.
و أنشِدْها في الموسم عاماً؛ فأنشدتُها فلم أجد لها عارِفاً؛ فأخذها عُمر فألقاها في بيت المال.
______________________________
(1) (*) [ظأر]: و منه حديث قطن: و من ظأره الإسلام. و حديث علي: أظأَركم علي الحق و أنتم تفرُّون منه.
و حديث ابن عمر: أنه اشتري ناقة فرأي بها تشريم الظئار فردها. النهاية 3/ 154، 155.
(2) (*) [ظبي]: و منه حديث زمزم: قيل له: احفر ظبية، قال: و ما ظبية؟ قال: زمزم. و في حديث عمرو بن حزم: من ذي المروة إلي الظبية. و في حديث علي: نافحوا بالظُّبَا. النهاية 3/ 155، 156.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 316
القُلْب: الخَلخال، و قيل السوار. و قوله:
تجولُ خلاخيل النساءِ و لا أرَي لرملةَ خُلْخالًا يجول و لا قُلْبا «1»
يدلّ علي أنه السّوار.
قوله: و أعْطَانِي مولاي مائتي درهم؛ يعني أنه سوّغ له ذلك من مال الكِتابة؛ من قوله تعالي: وَ آتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ [النور: 33].
ظبته في (فر). [ظبياً في (دب)].

الظاء مع الراء

[ظرر]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قال له عَديّ بن حاتم: إنا نصيد الصَّيْد فلا نجد ما نُذَكّي به إلا الظّرار و شِقّة العَصَا. فقال: امْر الدَّمَ بما شِئت.
الظُّرَر: حجر صُلْب مُحْدَّد، و جمعه ظِرار، و ظِرَّان. و قال النَّضْر: الظّرَار واحد، و جمعه، أظِرّة.
و منه
الحديث: إن رجلًا جاء إلي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال: إني كُنْتُ أرْعَي غنمي، فجاء الذئب فَعَدَا علي نعجة فألقي قَصَبها بالأرض «2»، فأخَذْتُ حجراً ظرَّاراً من الأظِرّة؛ فقال: كُلْها و ألْقي الذئب منها بالأرض.
و يقال للظرَار: المِظَرّة نحو مِلْحفة و لِحَاف.
امْرِ الدم: سَيِّلْه؛ من مَرَي النَّاقَة «3» - و يروي أمْرِ، من أمار الدَّمَ إذا أجراه، و مار بنفسه يمورُ.

[ظرب]*:

شكي إليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم كثرةَ المَطر فقال: اللّهم حوالينا و لا علينا؛ اللَّهم علي الآكام و الظِّراب و بُطون الأودية.
الظِّراب: جمع ظَرِب، و هو الجُبيل؛ و قيل: رأس الجبل.
و منه
حديث عُبادة بن الصامت أو أخيه عبد اللّٰه رضي اللّٰه عنهما: يوشِكُ أن يكون خيرَ مال المسلم شاءٌ بين مكة و المدينة ترعي فوق رؤوس الظِّراب، و تأكل من ورق القَتاد «4»
______________________________
(1) البيت لخالد بن يزيد بن معاوية في الأغاني 17/ 257.
(2) ألقي قصبها بالأرض: أي ألقي ساقها بالأرض.
(3) مري الناقة: مسح ضرعها لتدر.
(5) (*) [ظرب]: و منه حديث أبي أمامة في ذكر الدجال: حتي ينزل علي الظريب الأحمر. و في حديث عمر:
إذا غسق الليل في الظراب. و الحديث: كان له عليه السلام فرس يقال له الظَّرِب. النهاية 3/ 156.
(4) القتاد: شجر صلب شائك بنجد و تهامة، واحدته قتادة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 317
و البَشام يأكل أهلُها من لُحْمِانها، و يشربون من ألْبانها، و جراثيم العرب تَرْتَهس بالفتنة- و يروي ترتهش.
البَشَام: شجر طيب يُستَاك به.
جراثيم العرب: أصول قبائلها.
الارتهاس: الاضطراب و الازدحام؛ يقال: أرَي داراً ترْتهس؛ أي كثيرة الزِّحام، و رأساً يرْتهس؛ أي كثير الدواب. قال:
إن الدَّوَاهِيَ في الآفاق ترتهس
و الارتهاش: الاصطدام؛ من ارتهشتِ الدَّابة؛ إذا اصطكت يَدَاها في السَّير.
و منه
حديثُ عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: إنها قالت لمسروق سأُخْبِرُك برؤيا رأيتها؛ رأيت كَأَني علي ظَرِب، و حولي بقر رُبُوض، فوقع فيها رجال يَذْبَحُونها.
عن صَعْصعة بن صوحان قال: خَطَبَنا علي رضي اللّٰه تعالي عنه بذي قَار علي ظَرِب.

[ظرف]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إذا كان اللِّص ظريفاً لم يُقْطَع «1».
أي إذا كان بليغاً جيّد الكلام احتج عن نفسه بما يسقط عنه الحَدّ- هكذا قال ابن الأعرابي؛ و كان يقول: الظَّرف في اللسان. و قال غيره: الظَّرْف حُسْنُ الهيئة. و قال الكِسائي: يكون في الوَجْه و اللسان. و أهلُ اليمن يسمون الحاذقَ بالشي‌ء ظريفاً. و قال صاحب العين: الظَّرْف البَراعة و ذَكاء القَلْب؛ و لا يوصَف به إلا الفِتْيان الأزْوَال؛ و الفَتَيات الزَّوْلَات، و الزَّوْل: الخفيف.
و
في حديث معاوية رضي اللّٰه عنه أنه قال: كيف ابنُ زياد؟ قالوا: ظريف علي أنه يَلْحَن؛ فقال: أ وَ ليس ذاك أظرفَ له!
قالوا: إنما استظرفه لأن السَّلِيقِيّة «2» و تَجَنُّبَ الإعراب مما يُسْتَمْلَحُ في البِذْلة «3» من الكلام؛ و من ذلك قوله:
مَنْطِقٌ عاقل و تلحَنُ أحياناً و أحْلَي الحديث ما كان لحنا
و عن بعضهم: لا تستعملوا الإعراب في كلامكم إذا خاطبتم، و لا تُخْلوا منه كتبكم إذا كاتبتم.
و قيل هو من اللَّحْن بمعني الفِطْنة، يقال: لَحن الرجلُ لَحناً، و فلان لحِنٌ بحجته؛ أي فهِم بها، فَطِن يُصَرِّفُها إلي حُسن البيان عنها.
______________________________
(1) أي لم تقطع يده في الحد من السرقة.
(2) السليقة: الطبع.
(3) البذلة من الكلام: ما يمتهن، و المراد هنا عدم التكلف في الكلام.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 318
و
في الحديث: لعلَّ بعضكم ألْحَنُ بحجَّتِه من بعض.
و قال يعقوب: اللَّحِن: العالم بعواقب الأقوال و جوْل الكلام. و قال أبو زيد: يقال: لَحَنَه عني، أي فهمه، و ألحنه إياه.
فقولهم: علي أنه يَلْحَن معناه أنه يُحْسِن الفَهْم و يبين الحجة، مخرّج علي أسلوب قوله:
و لا عَيْبَ فيهم غير أنّ سيوفَهم بهنّ فُلُول من قِراع الكتائب «1»
و قيل: أرادوا باللَّحْن اللّكنة التي كان يرتضِخها. و أرادوا: عَيْبَه، فَصَرَّفه إلي ناحية المدح. يريد؛ و ليس ذاك أظرف له، لأنه نزع بشَبَهه إلي الخال، و كانت ملوك فارس يُذْكَرُون بالشَّهامة و الظرف.
الظراب في (كب) و في (غس). [الأظرب في (عو)].

الظاء مع العين

[ظعن]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- قال لعدي بن حاتم: كيف بك إذا خَرجت الظَّعينة من أقْصَي قصور اليمن إلي أقْصَي الحيرة لا تخاف إلا اللّٰه؟ فقال عديّ: يا رسول اللّٰه فكيف بطيّ‌ء و مَقَانِبها؟ قال: يكفيها اللّٰه طَيِّئاً و ما سواها!
هي المرأة في الهَوْدج؛ فَعيلة من الظَّعْن، ثم قيل للهودج ظَعينة، و للبعير ظَعينة.
و من ذلك
حديث سعيد بن جُبير رحمه اللّٰه تعالي: ليس في جمل ظَعينة صَدقة.
إن رُوي بالإضافة فالظَّعينة المرأة، و إلا فهو الجَمل الذي يُظعن عليه.
المَقْنَب: جَماعة الخيل.
أراد أنّ الإسلام يَفْشُو و تأمن الدُّنيا؛ فلا يَتَعَرَّض أحد للظعينة في هذه البلاد المخوفة.

الظاء مع الفاء

[ظفر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- في صِفَةِ الدَّجَّال: و علي عينه ظَفَرة غليظة.
هي جُلَيدة تُغَشِّي البَصَر، تنبتُ من تِلْقاء المآقي، يقال لها ظَفَرة و ظفارة، و قد ظَفِرَتْ عينه ظَفَراً و ظَفَارةً فهي ظَفِرة، و ظَفِر الرجل فهو مَظْفور، و الأطباء يسمونها الظُّفْر.
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 44، و الأزهية ص 180، و إصلاح المنطق ص 24، و خزانة الأدب 3/ 327، 331، 334، و الدرر 3/ 173، و شرح شواهد المغني ص 349، و الكتاب 2/ 326، و معاهد التنصيص 3/ 107، و همع الهوامع 1/ 232، و بلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة ص 267، و لسان العرب (قرع) و (فلل)، و مغني اللبيب ص 114.
(2) (*) [ظفر]: و منه في حديث أم عطية: لا تمسُّ المُحِدُّ إلا نبذةً من قسط أظفارٍ. و في حديث الإفك: عِقدٌ من جزع أظفار. النهاية 3/ 158.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 319‌

الظاء مع اللام

[ظلم]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- كان عَبَّاد بن بِشْر و أُسَيْد بن حُضَيْر عنده في ليلة ظلْماء حِنْدِس، فتحدثا عنده حتي إذا خرجا أضاءتْ لهما عصا أحدهما، فمشيا في ضوئها، فلما تفرق بهما الطريق، أضاءتْ لكل واحد منهما عصاه، فمشي في ضوئها.
الظَّلْماء: المُظْلمة؛ و قد ظَلِمَتِ الليلة و أظْلَمَتْ.
و الحِنْدس: الشديدة السواد.
و
في حديث أبي هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه: كنا عند رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في ليلة ظَلْماء حِنْدس، و عنده الحَسَنُ و الْحُسَيْنُ، فسمع تَوَلْوُلَ فاطمةَ و هي تناديهما: يا حسنان يا حسينان، فقال: الْحقَا بأمكما.
و
في حديث كَعْب رضي اللّٰه تعالي عنه: لو أن امرأة من الحُور العِين «1» اطَّلعت إلي الأرض في ليلة ظَلْماء مُغْدِرة لأضاءت ما علي الأرض.
المُغْدِرة و الغَدِرة «2»: الدَّامِسة «3».
دُعي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إلي طعام و إذا البيت مُظَلَّم مُزَوَّق «4»، فقام بالباب، ثم انصرف و لم يدخل.
أي مُمَوّه؛ من الظَّلْم و هو مُوهَةُ الذهب و الفضة «5». و منه قيل للماء الجاري علي الثغر ظَلْم قال بِشْر:
ليالي تَسْتَبِيك بذي غُروب «6» يشبه ظَلْمُه خَضِلَ الأقاحي «7» «8»
و قال أبو حاتم: الظَّلْم كالسواد، تخالُه يجري داخل السِّن من شدة البياض، كفِرند السيف «9»، و جمعه ظُلوم.
______________________________
(10) (*) [ظلم]: و منه في حديث ابن زمل: لزموا الطريق فلم يظلموه. و في حديث قس: و مَهْمَهٍ فيه ظلمان.
النهاية 3/ 161، 162.
(1) الحور العين: أن يشتد بياض بياض العين و سواد سوادها، و تستدير حدقها، و ترق جفونها و يبيض ما حواليها، أو شدة بياضها و سوادها (القاموس المحيط: حور).
(2) سميت الليلة الغدرة: لأنها شديدة الظلمة حبس الناس في منازلهم فيغدرون، أي يتخلفون (لسان العرب: غدر).
(3) الدامسة: شديدة الظلمة.
(4) المزوِّق: المزين.
(5) موهة الذهب و الفضة: أي حسنه و صفاؤه.
(6) غروب الأسنان: الماء الذي يجري عليها.
(7) الأقحوان: نبت طيب الريح حواليه ورق أبيض، و وسطه أصفر، و جمعه الأقاحي.
(8) البيت في ديوان بشر ص 43.
(9) فرند السيف: وشيه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 320‌

[ظلف]*:

عُمَر رضي اللّٰه تعالي عنه- مَرَّ علي راع فقال: يا راعي، عليك الظَّلَف من الأرض؛ لا تُرَمِّضْها فإنك راع، و كلّ راعِ مسؤول.
الظَّلَف بوزن التَّلَف غِلَظ الأرض و صلابتها مما لا يبين فيه أثَر. و أرض ظَلِفَة، و ظَلَف بوزن جَرَز.
لا تُرَمِّض؛ أي لا تصب الغَنَم بالرَّمْضاء «1»؛ و هي حر الشمس، و إنه يشتد في الدَّهَاس «2» و الرَّمْل.
مُصْعَب بن عُمَير رضي اللّٰه تعالي عنه-
قال سَعْد بن أبي وَقّاص: كان يُصِيبُنَا ظَلَف العيش بمكة، فلما أصابَنَا البلاء اعْتَرَمْنَا لذلك. و كان مُصعب أنْعَمَ غلام بمكة، فجهِد في الإسلام، حتي لقد رأيت جِلْدَه يتحسَّف تَحَسُّفَ جِلْد الحية عنها.
و
عن عامر بن ربيعة: كان مُصْعَب مُتْرَفاً يدَّهِن بالعَبير، و يُذِيل يُمْنَةَ اليمن، و يمشي في الحَضْرَمِيّ، فلما هاجر أصابه ظَلَف شديد، فكاد يَهْمُد من الجوع.
و الظَّلَف: شَظَفُ العيش و خُشونته، من ظَلَف الأرض.
اعترمنا لذلك؛ أي قوينا له و احتملناه.
يَتَحَسَّف: يَتَقَشَّر، و منه حُسافة التمر و هي سُقاطته.
التَّذْييل: تطويل الذَّيل.
اليُمْنة: ضرب من بُرود اليمن.
الحَضْرمِيّ؛ يريد السِّبْت «3» المنسوب إلي حضرموت؛ أي كان ينتعِل النِّعال المتخذة من هذا السِّبْت.
يَهْمُد: يَهْلِك. من هَمَد الثوب إذا بَلِي و تَقَطَّع.

[ظلل]*:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- الكافر يسجد لغير اللّٰه و ظِلُّه يسجد للّٰه.
قالوا: معناه يسجد له جسمه الذي عنه الظل.

[ظلم]:

في الحديث: إذا سافرتم فأتيتم علي مظلوم فأغِذُّوا السير.
______________________________
(4) (*) [ظلف]: و منه في حديث الزكاة: فتطؤه بأظلافها. و في حديث علي: ظَلَف الزُّهْدُ شهواته. النهاية 3/ 159.
(1) الرمضاء: من الرمض و هو شدة وقع الشمس علي الأرض.
(2) الدهاس: المكان السهل، ليس برمل و لا تراب.
(3) السِّبْت: الجلد المدبوغ.
(5) (*) [ظلل]: و منه الحديث: الجنة تحت ظلال السيوف. و في حديث كعب بن مالك: فلمَّا أظلَّ قادماً حضرني بثي. و الحديث: البقرة و آل عمران كأنهما ظلتان أو غمامتان. النهاية 3/ 159، 160، 161.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 321
هو البلد الذي أخطأه الغيث، و لا رَعْيَ فيه للدواب. و قال قُطْرُب: أرْض مظلومة، إذا لم يُسْتَنْبَطْ بها ماء، و لم يُوقَدْ بها نار.
ظلتان في (غي). الظلال في (فض). فلم يظلموه في (لح). و لم يظلماه في (ذو).
ظلفات في (أط). [بأظلافها في (عق)].

الظاء مع الميم

المظمأي في (خم). لا يظمأ في (نس).

الظاء مع النون

[ظنن]*:

عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- قال في الرجل يكون له الدَّيْن الظنُون: يُزَكِّيه لما مضي إذا قبضه إن كان صادقاً.
هو الذي لست من قضائه علي يقين، و كذلك كل شي‌ء لا يستيقنه. قال الشَّماخ:
كلا يَوْمَيْ طُوالة وصلُ أرْوَي ظنون آن مطَّرحِي الظّنونِ «1»
عبيدة السلماني رحمه اللّٰه تعالي- قال ابن سِيرين: سألته عن قوله تعالي: أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ* [النساء: 43]. فأشار بيده فظننتُ ما قال.
أي علمت، من قوله تعالي: وَ ظَنُّوا أَنَّهُ وٰاقِعٌ بِهِمْ [الأعراف: 171].
صِلَة بن أُشَيْم رحمه اللّٰه تعالي- طلبتُ الدنيا [من] مظان حلالِها فجعلت لا أصيبُ منها إلا قوتاً، أما أنا فلا أعِيلُ فيها، و أما هي فلا تجاوزني. فلما رأيت ذلك قلت: أي نفس، جُعِل رزقك كَفافاً فارْبَعي، فَرَبَعْت و لم تَكَد.
المِظَنَّة: المعلم من ظَنّ بمعني علم، أي المواضع التي علمت فيها الحلال.
لا أعِيل: لا أفتقر؛ من العَيْلة.
فارْبَعي؛ أي أقيمي و استقري و ارْضَيْ بالقوت، من رَبَع بالمكان. حذف خبر كاد، أي و لم تكد تَرْبع.
ابن سيرين رحمه اللّٰه- لم يكنْ عليّ يُظَّنُ في قتل عثمان، و كان الذي يُظَنّ في قتله
______________________________
(2) (*) [ظنن]: و منه الحديث: و إذا ظننت فلا تحقّق. و الحديث: لا تجوز شهادة ظنين. و في حديث شهر:
حجَّ رجل فمرَّ بماءِ ظنون. النهاية 3/ 163.
(1) البيت من الوافر، و هو للشماخ بن ضرار في ديوانه ص 319، و الإنصاف 1/ 67، و سمط اللآلي‌ء ص 663، و شرح شواهد الإيضاح ص 79، و لسان العرب (طول)، و المحتسب 1/ 321، و معجم ما استعجم ص 897، و بلا نسبة في شرح المفصل 3/ 101.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 322
غيره؛ فقيل: من هو؟ قال: عَبْداً أسْكُتُ عنه.
أي يُتَّهم؛ من الظِّنة؛ و كان الأصل يُظْتَنّ ثم يُظْطَنّ بقلب التاء طاء لأجل الظاء؛ ثم قلبت الطاء ظاء فأدغمت فيها؛ و يجوز طلب الظاء طاء و إدغام الطاء فيها؛ و أن يقال يظن. قال:
و ما كل من يَظَّنُّنِي أنا مُعْتِبٌ و لا كل ما يُرْوي عليَّ أقول
[ظنين في (خب)]. ظَنُون الماء في (خب). [الظنبوت في (زو). تظن في (شز)].

الظاء مع الهاء

[ظهر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- ما نزل من القرآن آية إلا لها ظَهْر و بَطْن، و لكل حرف حدّ، و لكل حدّ مَطْلَع.
قيل ظهرُها لفظُها، و بطنُها معناها. و قيل: القِصص التي قُصَّت فيه؛ هي في الظاهر أخبار و أحاديث، و باطنها تنبيه و تحذير. و أنَّ من صَنَع مثل ذلك عُوقب بمثل تلك العقوبة.
و المطْلَع: المأتي الذي يؤتي منه حتي علم القرآن.
أنشد نابِغة بني جَعْدة قوله:
بلغنا السماءَ مجدُنا و سناؤنا و إنا لنَرْجُو فوق ذلك مظهرا «1»
فغضِب، و قال: إلي أين المظهر يا أبا ليلي؟ قال: إلي الجنة بك يا رسول اللّٰه. قال:
أجل! إن شاء اللّٰه. ثم أنشده:
و لا خير في حلم إذا لم يكن له بَوَادِرُ تحمي صفوعه أن يُكَدَّرَا
و لا خير في جَهْل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصْدَرا
قال: أجدْت! لا يُفْضضِ اللّٰه فاك!- و روي لا يُفِضّ. فَنيَّفْ «2» علي المائة، و كأن فاه البَرَد المنهلّ ترِفّ غروبه- و روي: «فما سقطت له سنّ إلا فغرت مكانها سن» [آخر]- و روي: فَغَبر مائة سنة لم تَنْغُض له سنٌ.
المَظْهر: المَصْعَد.
______________________________
(3) (*) [ظهر]: و منه الحديث: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنًي. و في حديث الخيل: و لم ينس خف اللّٰه في رقابها و لا ظهورها. و في حديث علي: اتخذتموه وراءكم ظِهرياً. النهاية 3/ 165، 166.
(1) البيت من الطويل، و هو للنابغة الجعدي في ديوانه ص 68، و خزانة الأدب 3/ 169، 7/ 419، و شرح التصريح 2/ 161، و لسان العرب 4/ 523، 529 (ظهر)، و المقاصد النحوية 4/ 193، و بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 406، و شرح الأشموني 2/ 439.
(2) النيِّف: الزيادة، أصله: نيوف، يقال: عشرة و نيِّف، و كل ما زاد علي العقد، فنيف إلي أن يبلغ العقد الثاني (القاموس المحيط: النوف).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 323
البادِرة: الكلمة تبدُر منك في حال الغضب؛ أي من لم يقمعِ السفيه استضعف.
الفَضّ: الكَسْر، و المراد بالفم الأسنان. و الإفضاء: أنْ يجعله فضاء لا سن فيه.
المنهل: المُنْصَب؛ أراد الذي سقط لوقتِه فهو في بياضه و رونقه.
الرَّفِيف: البَرِيق.
غُروبه: ماؤه و أشَرُه «1» فَغَرت طَلعت. من فَغر الوردُ إذا تَفَتّق؛ و يجوز أن يكون ثَغَرت من الثّغر، فأبدل الفاء من الثاء، كفوم و ثوم و فم و ثم.
نَغَض: إذا تحرك. و عين مضارعه تحرك بالحركات الثلاث.
الأشعري رضي اللّٰه تعالي عنه- كسا ثَوْبين في كفارة اليمين: ظَهْرَانِيًّا و مُعَقَّداً.
هو الذي يُجَاء به من مَرّ الظَّهْرَان، و قيل من ظَهْران، قرية من قُرَي البحرين.
المُعَقّد: ضرب من بُرود هَجَر.

[ظهم]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- سئل أيّ المدينتين تفتح أولًا: قُسطنطينية أو رُومية؟ فدعا بصُندوق ظَهْم.
جاء في الحديث: الظّهم الخَلَقَ.
قال الأزهري: و لم أسمعه إلا في هذا الحديث.

[ظهر]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- صلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم العَصْرَ و الشمس في حُجْرتها لم تَظْهر بعد.
أي لم تَخْرج.
معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- قدِم من الشام فمرّ بالمدينة فلم تلقه الأنصار، فسألهم عن ذلك، فقالوا: لم يكن لَنَا ظهر، قال: فما فعلت نواضِحُكم؟ قالوا: حَرَثْناهَا يوم بَدْر.
الظَّهْر: الراحلة.
و منه
حديث عمر بن عبد العزيز رحمه اللّٰه: أنه خطب بعَرفات؛ فقال: إنكم قد أنْضَيْتُمُ الظهر و أرملتم. و ليس السابق من سبق بعيره و لا فرسه؛ ولكن السابق من غُفر له.
النَّوَاضح: جمع نَاضِح، و هو البعير الذي يُسْتقي عليه. حرثْتُ الدابة و أحرَثْتُها و أهْزَلْتُها.
عَرَّض لهم بأنهم سقاة نخل، فأجابوه بإذكار ما جَرَي لهم مع أشياخه يوم بدر.
بين ظهراني قومهم في (أز). الظهائر في (كذا). ظهيرتين في (وه). ظاهر عنك في (نط). [ظهير في (يت). ظهر المجن في (كل). عن ظهر يد في (يد). بمر الظهران في (نف)].
______________________________
(1) أشر الأسنان: التحزيز الذي يكون فيه خلقة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 324‌

حرف العين

العين مع الباء

[عبس]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مرّ هو و أصحابُه علي إبل لِحَيٍّ؛ يقال لهم بنو المُلَوَّح أو بنو المصْطَلِق قد عَبِسَتْ في أبوالِها من السَّمَن، فَتقنَّع بثوبه ثم مَرّ؛ لقوله تعالي: وَ لٰا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِليٰ مٰا مَتَّعْنٰا بِهِ أَزْوٰاجاً مِنْهُمْ
[الحجر: 88].
العَبَس للإبل كالوَذَح للغنم؛ و هو ما يَبس علي مآخيرها من البَوْل و الثَّلْط «1».
و منه
حديث شُريح رحمه اللّٰه: أنّه كان يَرُدُّ من العَبَس.
أي كان يَرُدّ العبدَ البوّالَ في الفرش الذي اعْتِيد منه ذلك حتي بان أثرهُ علي بدنه، و إن كان شيئاً يسيراً نادراً لم يردّه.
و كما قالوا: وذِحَت الغنم قالوا: عبِست الإبل، و تَعْدِيَتُه بفي لأنه أجْرِيَ مُجْرَي انْغَمَسَتْ و نحوه.

[عبب]*:

إن اللّٰه أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية و فَخرَها بالآباء: مؤمن تَقِيّ و فاجر شَقِيّ.
العُبِّية: الكِبْر، و لا تخلو من أن تكونَ فُعِّيلَة أو فُعُّولة، فإن كانت فُعِّيلَة، فهي من باب عُباب الماء، و هو زخِيرُه «2» و ارتفاعُه، كما قيل له الزُّهُو؛ من زَهاه إذا رفعه، و الأبِّية بمعناها من الأُباب «3» بمعني العُيَاب، و يجوز أنْ يكونا فُعُّولة من العُبَاب و الأباب، إلّا أنّ اللام قلبت
______________________________
(4) (*) [عبس]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لا عابسٌ و لا مُفَنَّدٌ. النهاية 3/ 171.
(1) الثلط: رقيق السلح.
(5) (*) [عبب]: و منه في حديث عبد الرحمن بن عوف: قال: عَبَأَنا النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ببدرٍ ليلًا. و منه حديث علي يصف أبا بكر: طِرت بعبابها و فزت بحبابها. و الحديث: الكباد من العبِّ. النهاية 3/ 168.
(2) زخر: امتلأ، و ارتفع ماؤه.
(3) الأباب: السيل، و كذلك العباب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 325
ياء؛ كما في تَقَضَّي «1» البَازِي. و الأظهر في الأُبِّية أن تكون فُعُّولة من الإباء. و العُمِّية أيضاً فُعِّيلة من العَمم و هو الطُّول، و الطُّول و الارتفاع من واد واحد. و المتكبِّر يوصف بالترفّع و التَّطَاوُل، و يجوز أنْ تكون فعولة من العمي؛ لأنه يوصف بالسَّدَر «2» و التَّخَمُّط «3» و ركوب الرأس. و إن كانت- أعني العُبِّية- فُعّولَة فهي من عبَّاه، إذا هيّأه، لأن المتكبّر ذو تكلف و تعبئة خلاف من يسترسل علي سجيته، و لا يتصنع. و الكسر في العِبِّيَّة لغة.
مؤمن: خبر مبتدأ محذوف، و المعني أنتم أو الناس مؤمن و فاجر، أرَاد: أن الناس رجلان؛ إما كريم بالتقوي أو لئيم بالفجور، فالنسب بمعزل من ذلك.
إن جُهَيْش بن أوْس النَّخَعِي رضي اللّٰه عنه- قدم عليه في نفر من أصحابه فقال:
يا نبيّ اللّٰه، إنا حَيّ من مَذْحِج، عُباب سالِفها، و لُباب شرفِها، كِرام غير أبْرَام، نُجَباء غير دُحَّض الأقدام، و كأيِّنْ قطعنا إليك من دَوِّيّة سَرْبَخ، و دَيْمُومة صَرْدَح، و تَنُوفة صَحْصَح، يُضحي أعلامُها قامساً، و يُمْسي سَرَابُها طامساً؛ علي حَراجيج كأنها أخاشِبُ بالحوْمَانة مائلة الأرْجل، و قد أسلَمْنا علي أنّ لنا من أرْضِنَا ماءَها و مرعاها و هُدَّابَها. فقال النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اللَّهُمّ بارِكْ علي مَذْحِج و علي أرض مَذْحِج؛ حيّ حُشَّد رُفَّد زُهَّر «4».
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 325
فكتب لهم رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم كتاباً علي شهادة أن لا إله إلا اللّٰه، و أن محمداً رسول اللّٰه.
و إقام الصلاة لوقتها، و إيتاء الزكاة بحقِّها، و صوم شهر رمضان، فمن أدركه الإسلام و في يده أرض بيضاء، و قد سقَتْها الأنواء فنصف العُشْر، و ما كانت من أرض ظاهرة الماء فالعُشْر.
شهد علي ذلك عثمان بن عفان، و طلحة بن عبيد اللّٰه، و عبد اللّٰه بن أُنَيس الجُهني رضي اللّٰه عنهم.
عُباب الماء: مُعْظَمُه و ارتفاعه و كثرته. ثم استعير فقيل: جاءوا يَعبُّ عُبابُهم. و قالت دَخْتَنُوس [بنت حاجب بن زرارة].
فلو شهد الزَّيْدان زيد بن مالك و زيْد مناة حين عَبَّ عُبَابُها
و المراد بسالفها مَنْ سلف من مَذْحِج، أو ما سلَفَ من عِزِّهم و مَجْدهم، يريد أنهم أهل سابقة و شرف.
و اللباب: الخاص. الأبْرَام: الذين لا يدخلون في الميسر و هم موسرون لبُخْلهم؛ الواحد بَرَم؛ كأنه سمي بمصدر بَرِم به إذا ضَجر و غَرض «5». لأنهم كانوا يضجرون منه و من
______________________________
(1) تقضّي البازي: انقض.
(2) السدر: عدم الاهتمام بالأمر.
(3) التخمط: التكبر.
(4) زهر: جمع زاهر، و هو الحسن الأبيض من الرجال.
(5) غرض: مل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 326
فعله؛ أو بثمر الأراك و هو شي‌ء لا طَعْمَ له من حلاوة و لا حُموضة و لا معني له.
الدُّحَّض: جمع داحض، أي ليسوا ممن لا ثبات له و لا عزيمة؛ أو ليسوا بساقِطي المراتب زَالِّين عن علو المنازل.
كأيِّن؛ فيها عدة لغات ذكرتها في كتاب المفصل؛ و هي في أصلها مركبة من كاف التشبيه و أيّ.
الدوّ: الصحواء التي لا نبات فيها. قال ذو الرُّمَّة:
و دَوٍّ كَكَفِّ المُشْتَرِي غير أنَّها بِساطٌ لأخْماس المراسيل واسِع «1»
و الدَّوِية منسوبة إليها؛ و تبدل من الواو المدغمة الألف، فيقال: داويَّة إبْدَالًا غير قياسي، كقولهم طائيٌّ و حاريّ.
السَّرْبخ: الواسعة.
الدَّيْمُومة: يجعلُها بعضهم فَعْلولة من الدَّوَام، و يفسِّرُها بالمتقاذِفة الأرْجاء التي يدوم فيها السير فلا يكاد ينقطع، و يزعم الياءَ منقلبة عن واو تخفيفاً. و بعضهم فَيْعُولة، من دَمَمْتُ القِدْر إذا طليتها بالطِّحَال و الرَّماد. و يقول: هي المشتَبهة التي لا معلم بها؛ فمسالكُها مغطّاة علي سالكها كما يغطي الدِّمام «2» أثر ما شعبته منها.
الصَّرْدَح: المسْتوية.
التَّنُوفة: المَفازَة و يقال التَّنُوفيَّة؛ للمبالغة كالأحْمَريّ. و تاؤُها أصل و وزنها فَعُولة، و لو زعم زاعم أنها تَفْعُلَة كالتهلُكة و التَّدْمُلة، من نَافَتْ تَنُوف؛ إذا طالت و ارتفعت لَرَدَّ زَعْمَتَهُ أمران: أحدهما أنَّ حقَّها لو كانت كما زعم أن تصح كما صحت التَّدْوُرَة؛ لكون الزِّنَة و الزيادة موجودتين في الفعل؛ و الثاني قولهم: تنائف تُنُف؛ أي بعيدة واسعة الأطراف قال العجاج:
رمل تنوفات فيغشي التّنفا مواصلًا منها قِفافاً قففا
ذكر سيبويه أن أفعالًا يكون للواحد؛ و أن بعض العرب يقول: هو الأنعام، و استشهد بقوله تعالي: وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعٰامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّٰا فِي بُطُونِهِ [النحل: 66] و عليه جاء قوله: يُضْحِي أعلامُها قَامِساً. و قمسَ و غَمَس أخوان. و منه قولهم في المثل؛ أحُوتاً تُقَامس! و القَمَّاس: الغَوَّاص. و المراد انغماس الأعلام في السَّراب. و نظير القامِس الماء الدّافق، في مجيئه بمعني المفعول.
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو في ديوان ذي الرمة ص 1290، و سمط اللآلي‌ء ص 728، و شرح شواهد الإيضاح ص 384، و لسان العرب (دوا) و (بسط).
(2) الدمام: الطلاء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 327
طَمَسَ، يتعدّي و لا يتعدي. أي يَطْمِس سرابها القِيزان «1». قال:
بيد تري قِيزَانَهُنَّ طُمَّسا بَوَادِياً مَرًّا و مَرًّا قُمَّسا
الحُرْجُوج: الطويلة علي وَجْهِ الأرض. و عن أبي عمرو أنها الضَّامرة، كالحَرَج.
و الجيم مكررة.
الأخْشَب: الجَبَل الخَشِنُ الغليظ الحجارة.
الحَوْمانة: الأرض الغليظة المنقادة، و الجمع حَوَامين.
الهُدَّاب بمعني الهَدَب: الوَرَق الذي لم ينبسط، كورق الأرْطَي و الأثْل و الطَّرْفاء، و أرادَ الشَّجَر الذي هذا ورقه.
قال ابن الأعرابي: مَذْحِج أَكَمَة وَلَدَ عليها أبو هذه القبيلة فسمِّي بها. و عن قُطْرُب أنها أكَمة حَمْراء باليمن، و هي مَفْعل من ذَحَجَه إذا سَحَجَه «2»، و يقال ذحجتْه الريح، إذا جررته من موضع إلي موضع.
الحُشَّد: جمع حاشِد. يقال حَشَدَهم يحشِدهم، إذا جمعهم.
و الرُّفَّد: جمع رافد، و هو المعين، أي إذا حَزَبَ أمر حشَد بعضُهم بعضُاً، و تساندُوا و تظاهروا، و صاروا يداً واحدة و هم مَعاوين في الخطوب.
الأنواء: نجوم الأمطار.
إنما ألزمهم نصف العُشرِ فيما سقته السماء و ما سُقِيَ سَيْحاً «3»، و ما سقته السماءُ سيان في وجوب العُشر بكماله إلا ما سُقِيَ بِغَرْب «4» أو دالية «5»
لقوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فيما سقت السماء العُشر و ما سُقِي بالرِّشاء «6» ففيه نصف العُشر
، لأنه أراد تأليفهم علي الإسلام.

[عبقر]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يسجدُ علي عَبْقَريّ.
هو ضرب من البُسُط الموشية. و عَبْقَر: يقال إنها من بلاد الجن فينسب إليها كل شي‌ء يُونق و يستحسن و يُسْتَغْرَبُ، كأنه من صنعة الجن حتي قالوا: ظلم عَبْقَريّ.
______________________________
(1) القوز: جانب من الرمل صغير مستدير تشبه به أرداف النساء.
(2) سحجه: خدشه.
(3) السيح: الماء الجاري.
(4) الغرب: الدلو العظيمة.
(5) الدالية: الناعورة.
(6) الرشاء: الحبل.
(7) (*) [عبقر]: و منه الحديث: فلم أر عبقرياً يفري فريَّة. و في حديث عصام: عين الظبية العبقرة. النهاية 3/ 173.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 328‌

[عبد]*:

عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- قيل له: أنت أمرت بقتل عثمان أو أعنت علي قتله؟ فعَبِدَ و ضَمِدَ.
عبِدَ و أبِدَ و أمِد و رمِد و عَمد و ضَمِد كلها بمعني غَضِب. قال النابغة:
و مَنْ عصاك فعاقِبْهُ معاقبة تَنْهَي الظَّلُومَ و لا تقعدْ علي ضَمَد «1»

[عبر]*:

ابن سيرين رحمه اللّٰه- كان يقول: إني أعْتَبِر الحديث.
أراد أنه تأوَّل الرؤيا بالحديث كما تأوَّل بالقرآن، مثال ذلك أن يُعَبِّرَ الغرابَ بالرجل الفاسق و الضِّلْع بالمرأة، لأن النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سَمَّي الغراب فاسقاً. و
لقوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إن المرأة خُلِقت من ضِلَع عَوْجاء.

[عبرب]:

الحجَّاج- قال لطباخه: اتخذ لنا عَبْرَبِيَّة، و أكثِرْ فَيْجَنَها- و روي: دوفصها
العبْرَب: السُّماق.
و الفَيْجن: السِّداب.
و الدَّوْفَص (بالفاء): البصل الأملس الأبيض، و بالميم البيض الذي يلبس.
العباهلة في (اب). معبلة في (لع). أعبلة في (كد). عابر في (كن). إن يعبطوا في (شو). المعابل في (عل). اعتبط في (رب). عبقرياً في (غر). عبداؤك في (قح). لعبابها في (سج). لم تعبل في (سر). [فعبط في (ضا). معبوطة في (سن). اعتبد في (دب). بعبير في (تو). عنبسة في (ثغ) من العب في (كب)].

العين مع التاء

[عتق]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- خرجت إليه أم كُلْثوم بنت عُقْبة، و هي عاتق فَقَبل هِجْرَتَها، و أقبل أبو جندل يَرْسُفُ في الحديد فردّه إلي أبيه.
العاتِق: الشابة أوّلَ ما أدركت. و يُحْكَي أن جارية قالت لأبيها: اشترِ لي لَوْطاً أغَطِّي به فَرْعي فإني قد عَتَقْت.
______________________________
(2) (*) [عبد]: و منه في حديث الاستسقاء: هؤلاء عِبِدَّاك بفناء حرمك. و منه حديث عامر بن الطفيل: أنه قال للنبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: ما هذا العبدَّا حولك يا محمد. النهاية 3/ 169.
(1) البيت في ديوان النابغة ص 22.
(3) (*) [عبر]: و منه الحديث الرؤيا لأول عابر. و في حديث أبي ذر: فما كانت صحف موسي؟ قال: كانت عبراً كلُّها. و في حديث أم زرع: و عُبْرُ جارتها. النهاية 3/ 170، 171.
(4) (*) [عتق]: و منه حديث أم عطية: أُمرنا أن نُخرج في العيدين الحُيَّضَ و العُتَّقَ. و الحديث: عليكم بالأمر العتيق. النهاية 3/ 179.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 329
أي رداء أسْتُر بي شعري، فإني قد أدركت. قال ابنُ الأعرابي: إنما سميت عاتِقاً لأنها عَتَقت من الصِّبَا و بلغت أن تزوج، كان هذا بعد ما صالَح قريشاً فلم يخش مَعَرّتهم علي أبي جَنْدل، و لم يسعه رَدّ أم كلثوم إلي الكفار لقوله تعالي: فَلٰا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَي الْكُفّٰارِ [الممتحنة: 10].

[عترف]:

عن مُعاذ بن جبل رضي اللّٰه عنه- بينا أنا و أبو عبيدة و سَلْمان جلوساً ننتظر رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم خرج علينا في الهَجِير مَرْعوباً فقال: أوّهْ لِفراخ محمد من خليفة يُسْتَخْلف! عِتْرِيف مُتْرف يَقْتل خَلَفِي و خَلَف الخَلَف.
العِتْريف و العِتْريس: الغاشم، و قيل هو قَلْب عِفْريت. يتأول علي ما جري من يزيد في أمر الحُسين و علي أولاد المهاجرين و الأنصار يوم الحَرّة و هم خَلَف الخَلَف رضي اللّٰه عنهم.

[عتد]*:

نَدَب صَلَي اللّٰه عليه و سلِم النَّاسَ إلي الصدقة، فقيل له: قد مَنَّع أبو جَهْم و خالد بن الوليد و العباس. فقال أما أبو جهم فلم ينقِمْ منا إلا أن أغناه اللّٰه و رسوله من فَضْله، و أما خالد فإنهم يظلمون خالداً؛ إن خالداً جعل رقيقه و أعتُده حَبْساً في سبيل اللّٰه، و أما العباس فإنها عليه و مثلَها معها.
الأعتُد: جمع عَتاد و هو أهبة الحرب من السلاح و غيرِه، و يجمع أعْتِدَة أيضاً. فيه معنيان: أحدُهما أن يؤخر عنه الصدقة عامين لحاجة به إلي ذلك، و نحوه ما يُروي عن عمر أنه أخّر الصدقة عام الرّمادة فلما أحيا الناس في العام المقبل أخذ منهم صدقة عامين.
و الثاني: أن يتنجّز منه صدقة عامين؛ و يُعَضِّدُه ما روي أنه قال: إنا تسلّفْنا من العباس صدقة عامين- و روي: إنا تعجَّلْنا.
و مثلها يُنْصَبُ علي اللفظ و يُرْفَعُ علي المحلّ.

[عتم]*:

إن سلْمان رضي اللّٰه تعالي عنه غَرَسَ كذا و كذا وديَّة و النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يناوِلُه و هو يغرِس فما عَتَّمَتْ منها وَدِيَّة.
أي ما أبطأت أن عَلِقَتْ؛ يقال: ما عَتَّمَ أنْ فَعَل؛ إذا لم يَلْبَثْ. قال أوس:
فما إنّا إلا مُسْتَعِدّ كما تَرَي أخو شُرَكِيّ الوِرْد غير مُعَتَّم «1»
لا يغلبنَّكم الأعرابُ علي اسمِ صلاتِكم العِشاء؛ و إنما يُعْتَمُّ بحلاب الإبل.
أي إنما يسمي حِلَابُ الإبل عَتَمة.
______________________________
(2) (*) [عتد]: و منه في صفته عليه السلام: لكلِّ حالٍ عنده عَتَادٌ. و في حديث أم سليم: ففتحت عتيدتها النهاية 3/ 177.
(3) (*) [عتم]: و منه حديث أبي ذر: و اللِّقاح قد رُوِّحَت و حُلِبَت عَتَمتُها. النهاية 3/ 180.
(1) البيت في ديوان أوس ص 121.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 330
و الحِلَابُ: ما يُحْلَبُ من اللَّبن.
و العَتَمة: اسم للوقت؛ فسمي بها ما يُحْلَبُ فيها كما سمِّيت الصلوات بأسماء أوقاتها التي تُصَلَّي فيها، فيقال: صليتُ الظهر و العصر و العشاء.
و
أهلُ البدوِ كانوا يسمون صلاة العِشاء العَتَمة؛ فنهي رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنْ يُقْتَدَي بهم في هذه التسمية الخارجة علي ألسُنهم
؛ و استحب التمسك بالاسم الناطق بلسان الشريعة، و هو من أعْتَم القومُ إذا دخلوا في العَتَمة، لأنك إذا سميتَ اللبن بعتَمَة فقد جعلته معناها، و المعاني داخلة تحت الأسماء مُودَعةٌ إياها.

[عتك]:

أنا ابنُ العواتك من سُلَيم.
هن عاتكة بنت هلال بن فالج بن ذَكْوان، و هي أم عبد مناف بن قُصَيّ. و عاتكة بنت مُرّة بن هلال بن فالج بن ذَكْوان؛ و هي أُمُّ هاشم بن عبد مناف. و عاتكة بنت الأوْقَص بن مُرة بن هلال بن فالج بن ذَكْوان؛ و هي أُمّ وهب أبي آمنة أُمّ النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
و ذَكْوان مِنْ أولاد سُلَيم بن منصور بن عِكْرمة بن خَصَفَة بن قَيْس عَيْلان.
و بنو سُليم تَفْخَر بأشياء؛ منها أنَّ لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فيهم هذه الوِلادات.
و منها أنها كانت معه يوم فَتْح مكة، و أنه قدَّم لِواءهم علي الألوية، و كان أحمر.
و منها
أنَّ عمر كتب إلي الكوفة و البَصرة و الشام و مصر أن ابعثوا إليّ من كل بلد بأفْضَلِه رجلًا؛ فبعث أهلُ البصرة بمُجاشع بن مسعود السُّلَمي، و أهل الكوفة بعُتْبة بن فَرْقد السُّلَمي، و أهل الشام بأبي الأعْور السُّلَمي، و أهل مصر بِمَعْن بن يزيد بن الأخْنَس السُّلَمي.

[عتق]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يُلقَّب بعَتِيق.
قيل: لُقِّب بذلك لِعتْق وجهه و جماله.
و قيل:
لقول رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنْتَ عَتِيق اللّٰه من النار
، و
قيل إنّ تلاد اسمه عتيق.
و
عن عائشة رضي اللّٰه عنها: كان لأبي قُحافة ثلاثة من الوَلَد، فسماهم: عَتيقاً، و مُعَتِّقاً، و مُعَيْتِقاً.

[عتي]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لعبد اللّٰه بن مسعود حين بلغه أنه يُقري‌ء الناس:
«عَتَّي حِين» [يريد حَتّٰي حِينٍ]: إن القرآن لم ينزل بلغة هُذَيل فأقري‌ء الناس بلغة قريش.
[قال] الفراء: حَتَّي لغة قريش و جميع العرب إلا هُذَيلًا و ثَقيفاً؛ فإنهم يقولون «عَتَّي».
قال: و أنشدني بعضُ أهل اليمامة:
لا أضعُ الدَّلو و لا أُصَلِّي عَتّي أري جِلَّتها تُولِّي
صَوَادِراً مِثْلَ قِباب التَّلِّ
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 331
و قال أبو عبيدة: من العرب من يقول: أقم عني عتَّي آتيَك، و أتي آتيك؛ بمعني حتي آتيك، و هي لغة هُذيل.
و من معاقبة العين الحاء قولهم: الدَّعْدَاع في الدَّحْداح «1»، و العِفْضاج في الحِفْضَاج «2»، و تَصَوَّع في تَصَوَّح «3». و جي‌ء به من عَسِّك و حَسِّك «4». و العُثالة بمعني الْحُثالة «5».
و بين العين و الحاء من القرب ما لولا بحّة في الحاء لكانت عَيْناً، كما أنه لولا إطْبَاق في الصاد لكانت سِيناً، و لولا إطباق في الظاء لكانت ذالًا.

[عترس]:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- إذا كان إمامٌ تخافُ عَتْرَسَتَهُ فقل: اللهم ربّ السموات السَّبْع و ربّ العرش العظيم، كُنْ لي جاراً من فلان.
العِتْريسُ: الجبارُ الغضبان، و قد عَتَرس عَتْرسةً.
و العَنْتَرِيس: الناقة الصُّلْبة الجريئة، فَنْعلِيل من ذلك.

[عتب]*:

سَلْمان رضي اللّٰه تعالي عنه- كان عَتَّب سَراويلِه فتشمّر.
التَّعْتيب: أنْ تَجْمَع الحُجْزة و تَطوِيها من قُدّام، و هو من قولك عَتَّب عَتَبات؛ إذا اتخذ مِرْقَيَات؛ لأنه إذا فعل ذلك بسراويله فقد رَفَعها، و يجوز أن يكونَ من قولهم: عَتَّب فلان في الحديث؛ إذا جمعه في كلامٍ قَلِيل.

[عتت]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- إن رَجُلًا حَلَف أيماناً، فجعلوا يُعَاتُّونَه؛ فقال:
عليه كفارة.
أي يرادُّونه فيكرّر الحَلِف، و لا يقبلون منه في المرّة الواحدة، يقال: ما زِلْتُ أُصاتّه و أُعاتّه؛ أي أخاصمه و أُرادّه، و هي مُفاعلة مِنْ عَتّه بالمسألة، إذا ألحَّ عليه بها.

[عتب]:

الزُّهْرِيّ رحمه اللّٰه تعالي- قال في رجل أنعَلَ دابةَ رَجُلٍ فَعَتَبَتْ- أو عَنِتتْ:
إن كان يُنعِل فلا شي‌ء عليه، و إن كان ذلك تَكَلفاً و ليس مِنْ عمله ضَمِن.
يقال للدابة المعقولة أو الظالِعة إذا مشت علي ثلاثٍ كأنها تَقْفِزُ: عَتَبَتْ عَتَبَاناً، قالوا:
و هذا تشبيه، كأنها تمشي علي عَتَبَات الدَّرجة، فتنزو من عَتبة إلي عتبة.
______________________________
(1) الدحداح: المستدير الململم.
(2) الحفضاج: الضخم.
(3) تصوع: يبس.
(4) يقال: جاء بالمال من عسّه و حسّه أي من جهده و طلبه، أو جاء به من حيث كان.
(5) الحثالة: الزؤان و نحوه يكون في الطعام و القشارة، و ما لا خير فيه، و الردي‌ء من كل شي‌ء.
(6) (*) [عتب]: و منه الحديث: و لا بعد الموت من مستعتب. و في حديث عائشة: إن عتبات الموت تأخذها.
النهاية 3/ 175.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 332
عَنِتَتْ: من العَنَت و هو الضرر و الفساد، و سمي الغمز عَنَتاً لأنه ضَرَر.
و عتله في (عص). و لا عَتِيرة في (فر). العِتْرة في (فل). و عِتْرتي في (ثق). تَعْتَرِسه في (صف). عَتَمتها في (لق). العَتَلة في (رف). و العتر في (سن). [عتب في (جو). عتبة في (عص)].

العين مع الثاء

[عثر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- إنّ قريشاً أهلُ أمانةٍ، مَنْ بَغاها العَواثِير كَبَّه اللَّهُ لِمَنخِريه- و روي: العَوَاثِر.
العَواثير: جمع عَاثُور، و هو المكانُ الوَعْث لأنه يُعْثَر فيه، و العَافُور؛ مثله؛ من العَفَر و هو التراب؛ كأنه يَكُبّ سالِكَه فيعفِّر وَجْهَهُ؛ أو فاؤه بدل من ثاء؛ كما قيل فُوم في ثُوم، و فُم في ثُمّ، فاستعِير للورطة و الخُطّة الموبِقة؛ فقيل: وقع فلان في عَاثُور شَرّ، و عَافُور شر، و لا تبغني عاثُوراً؛ أي لا تحفر لي و لا تبغني شراً.
و قيل: العاثور مَصْيَدة تُتَّخذ من اللّحاء. و في العواثر و جهان: أحدهما أنه جمع عاثر، و هو حُبالة الصائد. و الثاني أنه جمع عاثِرة و هي الحادِثة التي تَعْثَرُ بصاحبها؛ من قولهم: عَثَر بهم الزمان؛ إذا أدال منهم، و أتعسَ جَدَّهم، و يجوز أن يراد العواثِير، فاكتفي عن الياء بالكسرة.

[عثعث]:

عليٌّ رضي اللّٰه تعالي عنه- ذاك زمان العَثَاعِث.
هي الشدائد؛ من العَثْعَثَة، و هي الإفساد. قال العَجَّاج:
[و أمراء أفْسَدُوا و عَاثُوا] و عَثْعَثُوا فكثر العَثْعَاثُ «1»
رواه أبو زيد بالعين و غَيْرُه بالهاء؛ و نظير العَثاعث التَّراتر و التَّلاتل للأمور العِظام، من التَّرْتَرة و التَّلْتَلَة؛ و هما شدةُ التحريك و العُنْف.

[عثمثم]:

ابن الزبير رضي اللّٰه تعالي عنه- إن نابغة [بني جَعْدة] امتدحه فقال [يَصِف جملًا]:
أتاكَ أبو لَيْلَي يجوبُ به الدُّجَي دُجَي اللَّيْلِ جوَّابُ الفلاةِ عَثَمْثَمُ «2»
______________________________
(3) (*) [عثر]: و منه الحديث: لا حليم إلا ذو عثرة. و في حديث الزكاة: ما كان بعلًا أو عَثَرياً ففيه العشر.
و الحديث: إنه مرَّ بأرض تُسمَّي العثرة فسماها الخضرة. و الحديث: هي أرض عِثْيَرةٌ. النهاية 3/ 182.
(1) الرجز في لسان العرب (عثم).
(2) البيت في لسان العرب (عثم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 333
هو الجمل الشديد القوي؛ و العَجَمْجَمُ مثله.

[عثث]:

الأحنف رضي اللّٰه تعالي عنه- بلغه أنَّ رجلًا يغتابُه فقال: عُثَيثُهُ تَقْرُم جِلْداً أمْلَس.
العُثَّة: دُوَيّبة تَلْحَسُ الصوف، قال:
فإنْ تشتمونا علي لُؤمِكُمْ فقد يلحَس العُثّ مُلْس الأدَمْ
قَرم الشي‌ء بأسنانه: قَطعه، مثل قَرَضه؛ ضرب الجِلْد الأملس مثلًا لعِرضه في براءته من العيوب؛ و العُثَيْثَة لمن أراد أن يقدحَ فيه بالغَيْبَة.

[عثم]:

النَّخَعي رحمه اللّٰه تعالي- في الأعضاء إذا انْجَبَرَتْ علي غير عَثْمٍ صُلْح، و إذا انجبرت علي عَثْمٍ فالدِّيَة.
يقال عَثَمْتُ يَدَه فَعَثَمَتْ؛ أي جَبَرْتُها علي غير استواءٍ فَجَبَرتْ و نحو ذلك؛ وفَرْتُه فَوَفَر؛ وَ وَقَفْتُه فَوَقَف؛ و رجعتُه فَرَجَع.

[عثري]:

في الحديث- أبغضُ الخلْقِ إلي اللّٰه العَثَرِيّ.
قيل هو الذي لا في أمْرِ الدُّنْيا و لا في أَمْرِ الآخرة.
قال ابنُ الأعرابي: يقال جاء فلان عَثَرِيًّا يتَبَحْلَسُ إذا جاء فارِغاً؛ و هو من قولهم للعِذْي من النخل أو لما يُسْقَي سَيْحاً علي خلافٍ بين أهل اللغة: العَثَرِيّ؛ لأنه لا يَحْتاج في سَقْيِه إلي عَمل بغَرْب أو دَالِية. و هو من عَثر علي الشي‌ء عُثوراً و عَثْراً؛ لأنه يهجُم علي الماء بلا عمل مِنْ صاحبه؛ كأنه نسب إلي العَثْر؛ و حركت عينه؛ كما قيل في الحمْض و الرَّمل حَمَضِيّ و رَمَلِيّ.

[عثن]*:

قال مُسْيلِمة الكذاب: عَثِّنُوا لها.
أي بَخِّروا لها؛ من العُثَان، و هو الدّخان الذي لا لَهَبَ له؛ و الضمير لسَجَاح المُتَنَبِّئَة، قال ذلك حين أراد الإعراسَ بها.
عَثِرة في (عص). عُثان في (فر). [عثكالًا في (خد)].

العين مع الجيم

[عجو]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- العَجْوة من الجنة، و هي شفاء من السّمّ.
______________________________
(1) (*) [عثن]: و منه في حديث الهجرة و سراقة: و خَرَجَت قوائم دابَّته و لها عُثَانٌ. النهاية 3/ 183.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 334
هي تَمْرٌ بالمدينة من غَرْس النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ قال:
خَلَطَتْ بصاع الأقْطِ «1» صاعين عجْوَةً إلي صاع سَمْنٍ و سْطَها يَترَيَّعُ «2»

[عجي]:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: كنْتُ يتيماً و لم أكُن عَجِيًّا.
هو الذي لا لَبَن لأمه، أو ماتت فَعُلِّل بلبن غيرها، أو بشي‌ء آخر فأَوْرَثه ذلك وَهْناً؛ و قد عجاه يَعْجُوه إذا علَّلَه. قال الأعشي:
قد تَعادي عنه النَّهَارُ فما تَعْ جُوه إلا عُفافةٌ «3» أو فُوُاقُ «4»
و قال النَّصر: عَجَي الصبيُّ يَعْجَي عَجًي؛ إذا صار عَجِيًّا، أي مُحْثَلًا «5».
و قيل عَجَتِ الأم وَلَدها؛ إذا أخرَتْ رضاعَه عن وَقْته.

[عجم]*:

العَجْماء جُبَار، و البئر جُبَار، و المعدِن جُبار؛ و في الرِّكَاز الخُمْس.
هي البهيمة لأنها لا تتكلم.
و منها
قولُ الحسن رحمه اللّٰه: صلاةُ النهار عَجْماء
؛ لأنها لا تُسمَع فيها قراءة.
و كذلك
قوله رحمه اللّٰه: مَنْ ذكر اللّٰه في السُّوق كان له من الأجر بعدد كل فَصيح فيها و أعْجم.
قيل: الفصيح: الإنسان، و الأعجم: البهيمة.
الْجُبَار: الهَدَر؛ يقال: ذهب دَمُه جُباراً. و المعني أنَّ جنايتها هَدر؛ قالوا: هذا إذا لم يكن لها سائق و لا قائد و لا راكب؛ فإن كان لها أحدُهم فهو ضامن، لأنه أوطأها الناس.
و أما البئر فهو أن يستأجر صاحِبُها مَنْ يحفِرُها في ملْكِه فتنهار علي الحافر؛ أو يسقط فيها إنسان فلا يَضْمن.
و قيل: هي البئر العاديَّة في الفَلَاةِ، إذا وقع فيها إنسان ذهب هدَراً.
و أما المعدِن فإذا انهار علي الحَفَرة المستأجَرين فهم هَدَر.
و الرِّكاز عند أهل العراق المعدِنُ؛ و ما يستخرج منه فيه الخُمْس لبيت المال؛ و المال المدفون العاديّ في حكمه.
و الرّكازُ عند أهل الحجاز المالُ المدفون خاصة؛ و المعادنُ ليست بِركازٍ، و فيها ما في أموال المسلمين من الزّكاة سواء.
______________________________
(1) الأقط: شي‌ء يتخذ من المخيض.
(2) البيت لمزرد في لسان العرب (ريع).
(3) العفافة: اجتماع اللبن في الضرع.
(4) البيت في ديوان الأعشي ص 211.
(5) المحثل: سي‌ء الغذاء.
(6) (*) [عجم]: و منه الحديث: إذا قام أحدكم من الليل فاستُعجم القرآن علي لسانه. النهاية 3/ 187.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 335‌

[عجز]*:

وصفَ البَراء بن عازب رضي اللّٰه عنه السجودَ، فبسط يديه، و رفع عَجيزَته، و خَوّي، و قال: هكذا رأيتُ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يسجد.
العَجِيزة للمرأة خاصة، و العَجُز لهما. و عَجِزَتْ، إذا عَظُمت عجيزتها، و هي عَجْزاء، و لا يقال: عَجِز الرجل و لا رجل أعجز، و لكن آليّ «1»، و عن الزجاج تسويغ الأعْجز، و إنما قال عَجِيزته علي طريق الاستعارة، كما استعار الثَّفَر «2» للثَّوْرَة- و هو للحافِر- من قال:
[جزَي اللَّهُ عَنَّا الأعورَيْن ظلامة] و فَرْوة «3» الثَّوْرة المُتضَاجمِ «4» «5»
و التَّخْوية: أن تجعل بينه و بين الأرض خَواءً؛ أي هواء و فَجحوة. و خَواءُ الفرس ما بين يديه و رجليه من الهواء. قال أبو النجم:
و يضلُّ الطيرُ في خَوائِه «6»

[عجم]:

قالت أُمَّ سَلمة رضي اللّٰه تعالي عنها: كان النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم ينهانا أن نَعْجُم النوي طَبْخاً، و أنْ نخلِط التمر بالزبيب.
أراد التّمر إذا طُبخ لتؤخذ حلاوته طُبخ عَفْواً، حتي لا يبلغ الطبخ النَّوي، و لا يؤثّر فيه تأثير من يَعْجُمه؛ أي يَلُوكُه؛ لأنَّ ذلك يُفْسد طَعْمَ الحلاوة، أو لأنه قوت للدّاجن؛ فلا يُنْضج لئلا يذهبَ طَعْمُه.

[عجج]*:

لا تقوم الساعة حتي يأخذ اللّٰه شَرِيطة من أهلِ الأرض، فيبقي عَجاجٌ لا يعرفون معروفاً، و لا يُنْكِرون منكراً.
هم الرِّعاع من النّاس؛ يقال: جئتُ بني فلان فلم أُصِبْ إلّا العجاج و الهَجَاج؛ أي الرِّعَاع، و مَنْ لا خَيْرَ فيه؛ الواحد عَجَاجة و هَجاجَة؛ قال:
يَرْضَي إذا رَضِيَ النساءُ عَجاجَةً و إذا تُعُمِّدَ عَمْدُه لم يَغْضَبِ «7»
______________________________
(8) (*) [عجز]: و منه الحديث: إياكم و العُجُزَ العُقُرَ. و في حديث عمر: و لا تُلِثُّوا بدار معجزة. النهاية 3/ 186.
(1) الالي: العظيم الألية.
(2) الثفر لكل ذات مخلب، كالحياء.
(3) فروة: اسم رجل.
(4) المتضاجم: المعوج الفم.
(5) البيت للأخطل في لسان العرب (ثور).
(6) الرجز لأبي النجم في أساس البلاغة (خوي).
(9) (*) [عجج]: و منه الحديث: أفضل الحج العجُّ و الثجُّ. و الحديث: إن جبريل أتي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال: كن عجَّاجاً ثجَّاجاً. و الحديث: من قتل عصفوراً عبثاً عجَّ إلي اللّٰه يوم القيامة. النهاية 3/ 184.
(7) البيت بلا نسبة في لسان العرب (عجج).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 336‌

[عجز]:

قدم عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم خَوْخُسْرو صاحبُ كسري فوهب له مِعْجزة، فسمِّي ذا المِعْجزة.
هي المِنْطَقة بلغة أهْلِ اليمن؛ كأنها سُميت بذلك لأنها تلي عَجُز المتَنَطِّق.
عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- قال يوم الشُّوري: لنا حَقٌّ إنْ نُعْطَه نأخذه، و إنْ نُمْنَعْه نركب أعجازَ الإبل، و إنْ طال السُّرَي.
هذا مَثلٌ ركوبه الذّل و المشقة، و صَبْرِه عليه و إنْ تطاول ذلك، و أصلُه أنّ الراكب إذا اعْرَوْرَي البعيرُ ركب عَجزَه من أصل السنام؛ فلا يطمئن و يحتمل المشقة.
و أراد بركوب أعجاز الإبل كونَهُ رِدْفاً تابعاً، و أنه يصبر علي ذلك و إنْ تطاول به.
و يجوز أن يريد: و إنْ نُمْنعه نبذل الجهد في طلبه؛ فِعْلَ مَنْ يضرب في ابتغاء طلبته أكبادَ الإبل، و لا يبالي باحتمالِ طول السُّري.

[عجم]:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- ما كنا نَتعاجَم أنّ ملَكاً ينطِقُ علي لسان عُمر.
أي كنا نُفصح بذلك إفصاحاً.
و نحوه
قولُ عليٍّ رضي اللّٰه عنه: كنا أصحابَ محمد لا نشك أنَّ السَّكينة تنطِق علي لسانِ عُمر!.

[عجي]:

الحجّاج- قال لأعرابي مِنَ الأزْد: كيف بَصَرُكَ بالزرع؟ قال: إني لأعلمُ الناسِ به، قال: صِفْهُ لنا. قال: الذي غَلُظَتْ قَصَبَتُه، و عرضت ورَقَتُه؛ و التفّ نَبْتُه، و عظمت سُنُبلته.
قال: إني أراك بالزرع بَصِيراً. قال: إني لَمَا عاجَيْتُه و عَاجَاني.
المعاجاة: تَعْلِيل الصبي باللبن أو غيره. قال:
إذا شئتَ أبصرتَ مِنْ عَقْبهم يَتَامي يُعَاجَوْن كالأذْؤُب «1»
جعل ذلك مثلًا لمعاناته أمَر الزرع و مُزَاولته له.

[عجب]*:

في الحديث: كلّ ابن آدم يبلي إلا العَجْب.
هو العُظَيم بين الإلْيتين؛ يقال: إنه أول ما يُخْلَق و آخِرُ ما يَبْلَي؛ و يقال له العُجْم أيضاً. رواه اللحياني- و رُوي الفتح و الضم فيهما.
______________________________
(1) البيت للنابغة الجعدي في لسان العرب (عجي).
(2) (*) [عجب]: و منه الحديث: عجب ربك من شاب ليست له صبوة. النهاية 3/ 184.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 337
و المعني: جميع جسد ابن آدم يَبْلَي.

[عجز]:

لا تَدَبَّرُوا أعجاز أُمورٍ قد وَلَّتْ صدورُها.
أي أدبارها و أواخِرها.
العجمة في (حب). تُعْجِزه في (شع). في عَجَلة في (فق). ذو عُجَر في (زخ).
عُجَري و بُجَري في (جد). مِعْجزة في (فر). عجمتك في (حن). [المعجم في (له). فعجم في (ين). العَجْوة في (بس). عجره في (غث)].

العين مع الدال

[عدو]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لا عَدْوي و لا هامَة و لا صَفَر و لا غُول؛ و لكنّ السعالَي.
العَدْوَي: اسم من الإعْداء، كالرَّعْوي وَ البَقْوي من الإرعاء و الإبقاء.
الهامَة: واحدة الهَام من الطير؛ و كانت العرب تقول: إنَّ عظامَ الموتي تَصِيرُ هاماً فتطير. قال لبيد:
فَليس الناس بَعْد في نَقيرٍ و ما هم غَيْرُ أصْدَاءٍ و هَامِ «1»
سئل رُؤْبَة عن الصَّفر؛ فقال: هو حَيَّة تكون في البَطْنِ تُصيبُ الماشية و الناس، و هي أعْدَي مِنَ الجَرَب عند العرب، و قيل: هو تأخيرهم المحرَّم إلي صَفَر.
السَّعَالَي: سحَرة الجِنّ؛ الواحدة سِعْلاة؛ أراد أنّ في الجن سَحَرَةً كسحرة الإنس؛ لهم تخييل و تَلْبيس.

[عدل]*:

ذكر قاري‌ء القرآن و صاحبَ الصدقة، فقال رجل: يا رسولَ اللّٰه، أرأيتك النَّجْدة تكون في الرجل؟ فقال: ليست لهما بِعَدْل «2»، إنّ الكَلْبَ يَهرّ مِنْ وراءِ أهله.
أي بِمِثْل.
و عن الفَرّاء أنّ عَدْل الشي‌ء ما كان من جِنْسه، و عِدْله ما ليس مِنْ جِنْسه. تقول: عندي عَدْل غلامك؛ أي غلام مثله. و عِدْله؛ أي قيمته من الدراهم و الدنانير.
______________________________
(3) (*) [عدا]: و منه حديث قتادة بن النعمان: أنه عُدِي عليه. و الحديث: المعتدي في الصدقة كمانعها. و في حديث علي: لا قطع علي عادي ظهر. و في حديث خيبر: فخرجت عاديتهم. و في حديث قس: فإذا شجرة عاديَّةٌ. النهاية 3/ 194، 195.
(1) البيت في ديوان لبيد ص 209.
(4) (*) [عدل]: و منه الحديث: لم يقبل اللّٰه منه صرفاً و لا عدلًا. و حديث علي: كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم. النهاية 3/ 190، 191.
(2) العدل: المثل و النظير.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 338
أراد أنّ النجدة غريزة؛ فالإنسان يقاتلُ حَمِيَّة لا حِسْبَةً؛ كالكلب يَهرّ عن أهله، و يَذُبّ عنهم طبعاً.
الكاف في أرأيْتُكَ مجردة للخطاب، كالتي في «النّجاءك» و معناه أخْبَرْني عن النجدة.

[عدد]:

إنّ أبْيضَ بن حَمّال المأربي استقطعه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم المِلْحَ الذي بمَأرب، فأقطعه إياه؛ فلما وَلّي قال له رجل: يا رسولَ اللّٰه؛ أ تَدْرِي ما أقْطَعْتَه؟ إنما أقطعتَ له الماء العِدّ، فرجعه منه.
و سأله أيضاً: ماذا يُحمي من الأَرَاك «1»؟ فقال: ما لم تَنَلْهُ أخفافُ الإبل.
العِدّ: الذي لا انقطاعٍ له، كماءِ العين و البئر؛ إنما رَجَعَه منه لأنّ الماءَ جميعُ الناس فيه شركاء، و كذلك ما كان كَلأ للإبل مِنَ الأراك، لكونه بحيث تَصِلُ إليه و تهجم عليه؛ فأما ما كان بمعزِل من ذلك فسائغ أن يحمي.
و قيل: الأخْفَاف مَسَانُّ الإبل؛ قال الأصمعي: الخُفّ: الجمل المسِنّ. و أنشد:
سألت زيداً بعدَ بَكْرٍ خُفّا و الدَّلُو قد تُسْمَع كَيْ تَخفّا «2»
و المعني أنَّ ما قَرُب من المَرْعَي لا يُحْمَي؛ بل يُترك لمسانّ الإبل و ما في معناها من الضِّعَاف التي لا تَقْوَي علي الإمعانِ في طَلَب المَرْعَي.

[عدم]:

في حديث المبعث: أنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قال لخديجة رضي اللّٰه تعالي عنها: أظُنّ أنّه عَرَضَ لي شِبْه جنُون. فقالت: كلا إنّك تَكسِبُ المعدوم و تحمل الكلّ.
يقال فلان يَكْسِب المعدوم؛ إذا كان مجدوداً يُرْزَق ما يُحرَمُه غيره.
و في كلامهم: هو آكلُكم للمأْدُوم، و أكسبُكم للمعدوم، و أعطاكم للمَحْرُوم.

[عدو]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لما عَزَل حبيب بن مَسْلَمة عن حِمْص، و ولّي عبد اللّٰه بن قُرْط، قال حبيب: رَحِمَ اللّٰه عُمر يَنْزِع قَوْمَه و يبعثُ القوم العِدَي.
أي الأجانب؛ قال:
إذا كنتَ في قوم عدًي لسْتَ مِنهم فَكُلْ ما عُلِفْتَ مِنْ خَبيثٍ و طَيّبِ «3»
عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لبعض أصحابه و قد تخلّف عنه يوم الجَمل: ما عَدَا ممّا بَدَا!
______________________________
(1) الأراك: أطيب ما رعته الماشية، و من فروعه تخذ المساويك.
(2) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (خفف).
(3) البيت في لسان العرب (عدا)، و قال في اللسان: قال ابن بري: هذا البيت يروي لزرارة بن سبيع الأسدي، و قيل: هو لنضلة بن خالد الأسدي، و قال ابن السيرافي: هو لدودان بن سعد الأسدي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 339
أي ما عَدَاك؟ بمعني: ما مَنَعَك و ما شغلك مما كانَ بَدا لَكَ مِنْ نُصْرتي؟
و منه
الحديث: السُلْطان ذو عَدَوَان، و ذو بَدَوَان، و ذو تُدْرَأ.
أي سريع الانصرافِ و المَلال؛ كثير البدء في الأمور.
و التُّدْرأ: تُفْعَل من الدَّرْء، و هو الدفع؛ أي يدفع نفسه علي الخطط و يتَهَوَّر.

[عدد]:

في الحديث: سُئل رجل متي تكون القيامة؟ فقال: إذا تكاملت العِدَّتان.
أي عدّة أهل الجنة و عِدّة أهل النار.
عِدْلها في (خد). لعادته و عاد في (بج). أعداد في (خب). تعادّني في (أك). لا تُعْدَل و لا تُعَدُّ في (ند). قيمة عَدْل في (رج). و عَدَّي في (سط). و تعدو في (لق).
عاديت في (طم). و تعادٍ في (دف). [عدلوا في (ضو). و لا عَدْل في (صر). عادية في (رق). العدوّ في (رض). المَعْدَلة في (ذف). العَدْوَة في (سح). عدنك في (دح).
و أعدَّه في (أد)].

العين مع الذال

[عذر]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- لا يَهْلِكُ الناسُ حتي يَعُذِرُوا مِنْ أنْفُسِهم
- روي بفتح الياء و ضَمِّها.
و الفرق بينهما نحوه بين سَقيته و أسقيته، و غَمدته و أغمدته. و حقيقة عذرْت محوتُ الإساءة و طَمَسْتُها، من قوله:
[أمْ كُنْتَ تعرف آيات فقد جَعَلَتْ] أطلالُ إلْفِك بالْودْكاءِ تَعْتَذِرُ «1»
و في معناه: عفوتُ مِنْ عفَا الدار.
و المعني حتي يفعلوا ما يتجه المُحلّ العقوبةِ بهم.
العُذْر: من قولهم: عذَيري مِنْ؛ أيْ هاتِ من يعذِرني منه في الإيقاع به؛ إيذاناً بأنه أهلٌ لأنْ يوقَع به، و إنّ علي مَنْ علم بحالهِ في الإساءة أنْ يعذر الموقِعَ به و لا يَلُومُه.
و منه ما جاء
في حديث الإفْك: فاسْتَعْذر رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم من عبد اللّٰه بن أُبيّ، فقال، و هو
______________________________
(2) (*) [عذر]: و منه الحديث: الوليمة في الإعذار حق. و حديث سعد: كنا إعذار عامٍ واحد. و الحديث: لقد أعذر اللّٰه من بلغ من العمر ستين سنة. و حديث علي: من يعذرني من هؤلاء الضياطرة. و الحديث:
جاءنا بطعام جَشْبٍ فكنَّا نُعَذِّر. و في حديث علي: لم يبق لهم عاذرٌ. و حديث رقيقة: و هذه عِبِدَّاؤك بعذرات حرمك. النهاية 3/ 196، 197، 198، 199.
(1) البيت لابن أحمر في لسان العرب (عذر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 340
علي المنبر: مَنْ يَعذِرني رجل قد بلغني عنه كذا و كذا؟
فقام سعد، فقال: يا رسول اللّٰه، أنا أعذِرك منه؛ إن كان مِنَ الأوس ضربْتُ عنقه.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه اسْتَعْذَرَ أبا بكر مِنْ عائشة.
أي قال له: كُنْ عذِيري منها إنْ عاقبتُها؛ و ذلك في شي‌ء عَتب فيه عليها.
إن اللَّهَ تعالي نظِيفٌ يحبُّ النظافة، فنَظِّفُوا عَذِرَاتكم، و لا تَشَبَّهوا باليهود، تجمع الأكْبَاءَ في دُورِها.
العَذِرة: الفِناء؛ و بها سُميت العذِرةُ لإلقائها فيها، كما سميت بالغائط و هو المطمئن من الأرض.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: اليهود أنتنُ خَلْقِ اللّٰه عَذِرةً.
و
عن عليٍّ رضي اللّٰه تعالي عنه أنه عاتب قوماً و قال: ما لكم لا تنظّفون عذِراتكم!
الأكباء: جمع كِبا (بالكسر و القصر)، و هو الكُناسة، و إذا مُدَّ فهو البَخور، و ألِفُ الكِبا عن واو، لقولهم: كبوتُ البيت أكبوه كَبْواً، و قد تُميله العرب؛ فهو في ذلك أخو العشَا في الشذوذ عن القياس.
و في تنظيف الأفنية يُرْوَي
عن عمر رضي اللّٰه تعالي عنه:
أنه كان إذا قَدِم مكة يطوفُ في سِكَكها فيمرّ بالقوم فيقول: قُمُّوا فِناءَكم «1»، حتي مَرّ بدارِ أبي سُفيان فقال: يا أبا سفيان، قُمُّوا فِناءكم، فقال: نعم يا أمير المؤمنين حتي يجي‌ء مُهَّانُنا «2» الآن، فطاف أيضاً ثم مَرَّ به فلم يصنع شيئاً، فقال: يا أبا سفيان، ألَا تَقُمُّون فِناءكم! فقال: نعم يا أمير المؤمنين. حتي يجي‌ء مُهّاننا الآن، فطاف أيضاً و مرَّ به فلم يصنع شيئاً.
فوضع الدِّرَّة بين أذنيه ضَرْباً، فجاءتْ هند فقالت: و اللّٰه لَرُبَّ يوم لو ضربتَه لاقْشَعَرَّ بَطْنُ مكة! فقال: أجل! و اللّٰه لرُبُّ يوم لو ضربته لاقْشَعَرّ بَطْنُ مكة!

[عذق]:

قَدِم عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أْصَيْل الغِفَاري مِنْ مكّة، فقال: يا أُصَيْل، كيف عَهِدْتَ مكة؟
فقال: عهْدتُها و اللّٰه و قد أخْصَبَ جنابُها «3»، و أعْذَقَ إذخِرُها، و أسلَبَ ثُمامُها «4»، و أمَشَّ سَلَمُها «5»، فقال: حَسْبُكَ يا أُصَيل.
و
يروي أنّ أبان بن سعيد رضي اللّٰه عنه قَدِم عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فقال: يا أبان، كيف تركتَ أهلَ مكة؟ قال: تركتُهم و قد جِيدوا، و تركتُ الإذْخِر «6» و قد أعْذَق، و تركتُ الثُّمام و قد خَاصَ.
فاغرورقَتْ عَيْنَا رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
______________________________
(1) قمُّوا فناءكم: أي اكنسوا فناءكم.
(2) المهان: الخدم.
(3) الجناب: الفناء و الناحية.
(4) الثمام: نبت.
(5) السَلَم: شجر.
(6) الإذخر: الحشيش الأخضر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 341
و
روي أنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لما نزل الحُدَيْبية أهدي له عَمْرو بن سالم و بُسر بن سفيان الخُزاعيان غَنَماً و جَزُوراً مع غلام منهم، فأجْلسه و هو في بُردة له فَلْتَة، فقال: يا غلام؛ كيف تركْتَ البِلادَ؟ فقال: تركتها قد تيسرت؛ قد أمْشَرَ عِضَاهُها، و أعْذَق إذْخِرُها، و أسْلَبَ ثُمامها، و أبْقَلَ حَمْضُها. فشبعت شاتُها إلي الليل، و شَبع بعيرُها إلي الليل، مما جمع من خُوصٍ و ضَمْد و بَقْل.
أعْذَق: أي صارت له أفْنَان كالأعْذَاق؛ يقال: أعذَقَتِ النخلة إذا كثرتْ أعذَاقُها؛ جمع عِذْق (بالكسر) و هو الكِباسة «1»، و أعذق الرجلُ؛ كثرت عذوقه، جمع عَذْق (بالفتح) و هو النخلة.
و قال الأصمعي؛ أعذق الإذخِر؛ إذا خرجت ثَمرتُه.
أسْلَبَ: خَوَّص. و السَّلَب: خُوص الثُّمام.
أمَشَّ: خرج ما يخرج في أطرافه ناعماً رَخْصاً كالمُشاش «2».
و قيل: إنما هو أمْشَر؛ أي أورق و اخْضَرّ، من مَشرة الأرض «3»؛ و هي أول نَبْتِها.
جيدُوا: أصابهم الجَوْد «4».
خاصَ: صار له خوص «5»؛ و المحفوظ أخْوَص النخل و أخْوَص العَرْفَج «6»؛ و ما كانت البئر خَوْصاء؛ و قد خاصَتْ تخوص؛ أي خَوِصَت، و أما خاص بمعني أخْوَص فلم يُسمع فيما أعلم إلا في هذا الحديث.
اغْرَوْرَقَتْ؛ افْعَوْعَلَتْ، من الغرق؛ أي غَرِقَتْ في الدَّمْع.
الفَلْتة: الفَلُوت، و هي التي لا ينضمُّ طَرَفاها.
تيَسَّرَتْ: أخصبت، من اليُسْر؛ و منه تيسَّرَ الرجل، إذا حَسُنَتْ حاله.
الضَّمْد: رَطْب الشجر و يابسه، و قديمه و حديثه.

[عذر]:

وُلِد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم مَعْذُوراً مسروراً.
يقال عَذرته و أعْذَرْتُه؛ إذا خَتنته، و سرْرتُه إذا قطعت سُرَّته.
و
في حديث أم سَلَمة رضي اللّٰه عنها أنها قالت: ابن صَياد ولدته أمه، و هو أعور مَعْذور مَسْرُور.
______________________________
(1) الكباسة من النخلة: ما تحمل من الرطب و الشماريخ.
(2) المشاش: رؤوس العظام اللينة.
(3) أرض ماشرة: و هي التي اهتز نباتها و استوت و رويت من المطر.
(4) الجود: المطر الغزير.
(5) الخوص: ورق المقل.
(6) العرفج: نبات سهلي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 342
إذا وُضِعَت المائدة فليأكْل الرجلُ مما يليه، و لا يرفع يده و إن شَبع، و لْيُعَذِّرْ فإن ذلك يخْجِل جَلِيسَه.
أي فليقصِّر في الأكل، و هو يُرِي صاحبَه أنه مُجتهد.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه كان إذا أكل مع قومٍ كان آخرَهم أكلًا.
ذلك إشارة إلي رَفْعِ اليد.

[عذب]*:

جاء صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إلي منزل أبي الهيثم بن التَّيِّهان و معه أبو بكر و عمر رضي اللّٰه تعالي عنهم؛ و قد خرج أبو الهيثم يَسْتَعْذِبُ الماء، فدخلوا فلم يلبَثْ أن جاء أبو الهَيْثَم يحمل الماء قِرْبةً يَزْعُبها، ثم رَقِي عَذْقاً له- و روي: إنه أخذ مِخْرَفاً فأتي عَذْقاً له فجاء بِقِنْوٍ فيه زَهْوُهُ و رُطَبُه، فأكلوا منه و شرِبُوا مِنْ ماء الحِسْي، ثم قال: يا أبا الهيثم؛ ألا أري لك هانئاً- و روي: ماهِناً؛ فإذا جاء السَّبْيُ أخْدَمْناك خادماً.
يقال: أعْذَب القوم، إذا عَذُبت مياههم؛ و استعذبوا إذا استَقَوْا و شرِبوا عَذْباً.
زَعَبْتُ القِرْبَة؛ حملتها مملوءةً. و قيل دَفعتُها لثِقَلها؛ من قولهم: سيلٌ زَاعب؛ إذا دَفَع بعضُهُ بعضاً.
المِخْرَف: شبه الدَّوْخَلَّة.
الهانِئ و الماهِن: الخادم. و أصل الْهِنْ‌ء؛ الإصلاح و الكفاية، و منه الهِنَاء لأنه يصلح الجَرْبي و يَشْفيها.
و يقال: اهتنأتُ مالي، إذا أصلحته. و هنأهم شهرين؛ إذا كفاهم مؤنتهم؛ و قيل للطعام هني‌ء؛ إذا صَلُح به البدن.

[عذق]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لا قَطْعَ في عِذْق مُعَلَّق.
أي في كِبَاسة هي في شجَرتها مُعَلّقة لما تُصْرَم و لما تُحرَز.

[عذب]:

عليّ رضي اللّٰه عنه- شَيَّع سَرِيّة أو جيشاً فقال: أعْذِبوا عن النساء.
أي امتنِعوا عن ذِكْرهِنّ، فإنه يكسِركم عن الغَزْوِ و يُثَبِّطُكم؛ قال عبيد بن الأبَرص:
و تَبَدَّلُوا اليَعْبُوبَ بعد إلههم صَنَماً فَقرُّوا يا جَدِيلَ و أعْذِبُوا «1»
و بات الفرسُ عَذُوباً، إذا امتنع من الأكل و الشرب. و منه العَذَاب؛ لأنه نكال يمنع الجاني من مِثْلِ ما جَنَي.
______________________________
(2) (*) [عذب]: و منه في الحديث: الميت يُعَذَّب ببكاء أهله عليه. النهاية 3/ 195.
(1) البيت في ديوان عبيد ص 3.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 343‌

[عذو]:

حُذيفة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لرجل: إن كنْتَ لا بُدَّ نازلًا بالبَصرة فانزل عَذَاوَتها و لا تنزل سُرَّتها.
جمع عَذَاة؛ و هي الأرض الطيبة التُّرْبَةِ البعيدة من الماء المالح و السباخ. قال ذو الرُّمة:
بِأَرْضٍ هِجَانِ التُّرْبِ و سْمِيَّة الثَّرَي عَذَاةٍ نَأَتْ عنها الملوحَةُ و البَحْرُ «1»
و العَذِية مثلها. و قد عَذَوت، و عَذِيَتْ أحسنَ العَذَاةِ- عن أبي زيد. و يمكن أن يكون منها العِذي، و هو الزَّرْع الذي لا يَسْقِيه إلا السماء لبُعْدِه عن الماء؛ و نظيرُه و هو ابن عَمّي دِنْيا.

[عذق]:

سَلْمان رضي اللّٰه تعالي عنه- كاتب أهلَه علي ثلاثمائة و ستين عَذْقاً و علي أربعين أوقية خِلَاص، فأعانه سعد بن عُبَادة بستين عَذْقاً.
هو النخلة؛ و كانوا كاتَبُوه علي أنْ يَغْرِسها لهم فَسِيلًا فما أخطأتْ منها وَدِيّة «2».
الخِلاص: ما أخلصَتْه النارُ من الذهب و الفضة؛ و منه الزبدُ خِلَاصُ اللبن.
و
في حديث ابن سَلام رضي اللّٰه عنه، قال: إني لفي عَذْقٍ أُنجِي منه رُطباً- و روي:
أسْتَنْجِي رُطباً، أنْ سمِعْتُ صائحاً يقول: قاتلَ اللَّهُ هؤلاء العرب! قد قدِم صاحبُهم الساعة.
- يعني رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ فأخذني أفْكَل من رَأْس العَذْق.
الإنجاء و الاستنجاء: الاجتناء؛ من نَجَا الشجرةَ و أنْجَاها و استنجاها؛ إذا قطعها، و منه الاستنجاء و هو قَطْع النَّجاسَة.
الأَفْكَل: الرِّعدة.
و
في حديث عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: تزوَّجني رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و أنا بنت تِسْع؛ و قالت: إني لأُرَجَّح بَيْنَ عَذْقين؛ إذْ جاءتني أمي فأنزلتني حتي انتهَتْ بي إلي الباب، و أنا أنْهَج، فمسحَتْ وجهي بشي‌ء من ماءٍ، و فَرَقت جُمَيْمَةً «3» كانت عليّ، و دخلتْ بي علي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
نَهَجَ و أنهَج؛ إذا رَبَا و علَاه البُهْر، و أنهجه غيرُه. و أنهجْتُ الدابة، سِرْتُ عليها حتي انبَهَرَتْ.
و
في الحديث: لا و الذي أخرج العَذْق من الجَريمة، و النَّارَ من الوَثِيمة.
الجَريمة: النَّوَاة.
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 211.
(2) الودي: فسيل النخل.
(3) الجميمة: تصغير الجمة و هي مجتمع شعر الرأس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 344
و الوثيمة: الحِجَارة المكسورة؛ مِنْ وَثَم يَثِمُ.

[عذر]:

المِقداد رضي اللّٰه تعالي عنه- قال أبو رَاشِد الحُبْراني: رأيتُه جالساً علي تابوت من تَوَابيت الصّيَارفة قد فضل عنها عِظَماً؛ فقلت؛ يا أبا الأسود، لقد أعْذَر اللّٰه إليك.
قال: أبَتْ علينا سُورة البَحوث: انْفِرُوا خِفٰافاً وَ ثِقٰالًا
[التوبة: 41].
هو مِنْ أعذَره بمعني عذَره؛ أي جعلك اللّٰه مُنتهي العُذر و غايته لثقل بَدَنِك، فأسقط عنك الجهاد، و رخَّص لك في تَرْكِه.
سُورة البَحوث: هي سورة التوبة لما فيها من البَحْثِ عن المنافقين، و كشف أسرارِهم، و تسمَّي المُبَعْثَرة.

[عذل]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- سُئل عن المُستَحاضة؛ فقال: ذاك العاذل يَغْذُو لتَسْتَثْفِر بثوبٍ و لتُصَلّ- و روي: أنه عِرْق عاند؛ أو رَكْضَةٌ من الشيطان.
هو العِرْق الذي يخرج منه دَمُ الاستحاضة؛ كأنه سمي بذلك لأن المرأة تَسْتَلِيمُ إلي زَوْجها، فجعل العَذْل للعِرْق لكونه سبباً له.
يَغْذُو: يسيل.
العاند: الذي لا يَرْقأ؛ من العُنقود، و هو البغي؛ جُعلت الاستحاضة رَكْضةً من الشيطان، و إن كانت فعلَ اللّٰه تعالي، و لا عملَ للشيطان فيها؛ لأنها ضرب من الأسقام و العِلل؛ و قد قال اللّٰه تعالي في مُحْكم تنزيله: وَ مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشوري: 30] و ما كسبت أيْدي الناس فبِنَزْغ الشيطانِ وَ كَيْدِه.

[عذم]*:

في الحديث: إن رجلًا كان يُرائي فلا يمرُّ بقوم إلا عَذَمُوه.
أي أخذوه بألسنتهِم، و أصْلُه العَضّ.

[عذر]:

إنَّ بني إسرائيل كانوا إذا عُمِل فيهم بالمعاصي نهاهُمْ أحبارهم تَعْذِيراً، فعمّهم اللّٰه بالعقاب.
أي نهوْهم غيرَ مبالغين في النهي. وُضع المصدر موضع اسْمِ الفاعل حالًا؛ كقولهم جاء مَشياً.
بعَذِرات في (قح). تعذّر في (جش). عَذِيري في (رع). و عُذَيْقها في (جذ). [رب عذق في (وق). عاذر في (سح). بأبي عُذر في (قر). شديد العذار في (صد)].

العين مع الراء

[عرج]:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَنْ عَرَج أوْ كُسِر أو حُبِس فَلْيَجْزِ مِثْلها و هو حِلّ.
______________________________
(1) (*) [عذم]: و منه في حديث علي: كالناب الضَّروس تعذم بفيها و تخبط بيدها. النهاية 3/ 200.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 345
عَرَج يَعْرُج عَرجاناً إذا غَمَز مِنْ عارضٍ أصابه، و عَرِج عَرَجاً إذا كان ذلك خِلْقة.
فليجزِ: مِنْ جَزَيْتُ فلاناً دَيْنَه؛ إذا قضيتَه.
و المعني أن مَنْ أحْصَره مرضٌ أو عدُوّ فعليه أن يَبْعَثَ بهَدْيِ شاةٍ أو بَدَنة أو بقرة، و يواعد الحامل يوماً بعينه يَذْبحها فيه، فإذا ذُبحت تحلل؛ و الضمير في مثلها للنَّسِيكة.

[عرس]*:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إذا عَرَّس بليل توسَّد لَيْنةً، و إذا عرّس عند الصبح نصبَ ساعدَه نصباً و عمدها إلي الأرض و وضَع رأسَه إلي كفّه.
يقال عَرَّس و أعْرَس؛ إذا نزل في آخر الليل، و منه الإعراس بالمرأة.
اللَّيْنة: المِسْوَرة «1»، سميت للينها؛ كأنها مُخَّففة من لَيِّنَة.

[عرق]*:

أتِيَ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بعَرَقٍ مِنْ تَمْر.
هو سَفَيف منسوج من خُوص، و كلُّ شي‌ء مضفور كالنِّسْع، أو مصطّف كالطير المتساطر في الجو فهو عَرَق. و المراد: بِزَبِيلٍ من عَرق.
في ذكر أَهْل الجنة- لا يتغَوّطون و لا يَبُولون؛ و إنما هو عَرَق يجري من أعْرَاضهم مثلُ ريح المسْك.
جمع عِرْض، و هو كل موضع يَعْرَق مِن الجسد، و منه قيل: فلان طَيِّب العِرْض؛ أي الريح، لأنه إذا طابت مراشحهُ. طابت ريحُه.

[عرب]*:

الثَّيِّبُ يُعْرِبُ عنها لسانُها، و البِكْر تُسْتَأمَرُ في نفسها.
الإعراب و التَّعريب: الإبانة، يقال: أعربَ عنه لسانُه، و عَرَّب عنه.
و منه
الحديث: في الذي قَتل رجلًا يقول لا إله إلا اللّٰه؛ فقال القائل: إنما قالها مُتَعَوِّذاً؛ فقال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فهلا شَقَقْت عن قَلْبه! فقال الرجلُ: هل كان يُبين لي ذلك شيئاً؟ فقال النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فإنما كان يُعْرِب عما في قلبِه لسانُه.
و منه
قولُ إبراهيم التَّيْمي كانوا يستحبُّون أنْ يلقِّنوا الصبيَّ حين يُعربُ أن يقول: لا إله إلا اللّٰه سَبْعَ مرات.
______________________________
(2) (*) [عرس]: و منه في حديث أبي طلحة و أم سليم: فقال له النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أعرستم الليلة؟ النهاية 3/ 206.
(1) المسورة: متكأ من جلد.
(3) (*) [عرق]: و منه الحديث: أنه وقَّت لأهل العراق ذات عرق. و حديث ابن عمر: أنه كان يصلي إلي العرق الذي في طريق مكة. و في حديث الأطعمة: فصارت عَرْقَة. و في حديث عطاء: أنه كره العُرُوق للمحرم. النهاية 3/ 219، 220، 221.
(4) (*) [عرب]: و منه حديث عمر: لا تنقشوا في خواتيمكم العربية. و في حديث عائشة: فاقدروا قدر الجارية العَرِبة. و في حديث الجمعة: كانت تُسمَّي العروبة. النهاية 3/ 202، 203.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 346‌

[عرق]:

مَنْ أحْيَا أرضاً مَيِّتة فهي له، و ليس لعِرْقٍ ظالمٍ حقّ.
أي لذي عِرْقْ ظالم، و هو الذي يَغْرِسُ فيها غَرْساً علي وجه الاغتصاب ليستوجبها بذلك.
و
في الحديث: إنَّ رجلًا غرس في أرضِ رَجُلٍ من الأنصار نَخْلًا، فاختصما إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقضي للأنصاريّ بأرضه، و قَضَي علي الآخر أنْ ينزِعَ نخلَه.
قال الراوي: فلقد رأيتها يُضرب في أصُولِها بالفؤوس، و إنها لنَخْلٌ عُمٌّ.
أي تامة طويلة؛ جمع عَميمة. قال لبيد [يصف نخلًا]:
سُحُقٌ «1» يُمَتِّعها «2» الصَّفا «3» و سَرِيُّهُ «4» عُمٌّ نَوَاعِمُ بينهنّ كُروم «5»

[عري]*:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يأمر الخُرَّاص «6» أن يخفّفوا في الخَرْص، و يقول: إن في المال العَرِيّة و الوصيّة.
مر تفسير العريّة في «حَقّ».

[عرب]:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن بَيْع العُرْبان- و رُوي: عن بيع المُسْكَان.
قال أبو زيد: يقال أعطيته عُرْباناً أو مُسْكاناً؛ أي عَرَبوناً.
و هو أنْ يشتري شيئاً فيدفعَ إلي البائع مبلغاً علي أنه إنْ تمّ البيعُ احتُسِبَ من الثمن؛ و إن لم يتم كان للبائع؛ لم يُرْتَجَع منه. و يقال: أعرب في كذا و عَرَّب و عَرْبن و مَسّك، فكأنه سُمّي بذلك لأن فيه إعراباً لعَقْد البيع؛ أي إصلاحاً و إزالة فساد، و إمْساكاً له لئلا يمْلِكَه آخر.

[عرق]:

قال عِكْراش بن ذُؤيب: بعثني بنو مُرّة بن عبيد بصدقَاتٍ أموالهم إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فقدِمت بإبلٍ كأنها عُرُوق الأرْطَي «7»؛ و ذكر أنه أكل معه، قال: فأتينا بجفَنة كثيرةِ الثّريد و الوَذْرِ.
______________________________
(1) السُحُق: الطوال، واحدها سحوق.
(2) يمتعها: يربيها.
(3) الصفا: نهر.
(4) سريَّه: نهره، أي الصفا.
(5) البيت في ديوان لبيد ص 120.
(8) (*) [عري]: و منه في صفته: عاري الثديين. و الحديث: أنه ركب فرساً عُرْياً لأبي طلحة. و في حديث البراء بن مالك: أنه كان يصيبه العُرَرَاءُ. و الحديث: لا تُشدُّ العُرَي إلا إلي ثلاثة مساجد. النهاية 3/ 225، 226.
(6) الخراص: جمع خارص، و الخَرْص: حرز ما علي النخل من الرطب تمراً.
(7) الأرطي: شجر معروف.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 347
شبّهها بعروق الأرْطَي في حُمرتها، و حمر الإبل كِرامُها، أو في ضُمْرِها؛ و الضُّمْر أمارة الكرَم و النَّجَابة.
و قيل في سِمَنها و اكْتنازِها؛ لأن عروق الأرْطي مكتنزة روِيّة؛ لانسرابها في ثَري الرمال الممطورة، و الوَحْشِ تَجْزأ بها في حمارّة القَيْظ.
الوَذَرْ: البَضْع؛ جمع وَذْرة. و حكي الأصمعي عن بعض العرب: جاءوا بثَريدةٍ ذاتِ حِفَافين مِنَ الوَذْر، و جَناحين من الأعراق تجذبُ أولاها فتنقعِرُ أخْرَاها.

[عرك]*:

في كتابه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لقوم مِنَ اليَهُود: إن عليكم رُبْعَ ما أخرجتْ نخلُكم، و ربعَ ما صاد عُروكُكم، و رُبْع المِغْزل.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 347
جمع عَرَك، و هم الذين يَصيدون السمك؛ قال أمية بن أبي عائذ الهُذَلي:
و في غَمْرةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوَي عُرُوكاً علي رائسٍ يَقْسِمُونا «1»
رُبْع المِغزل؛ أي ربع ما غزلته نساؤكم؛ و هذا حكم خُصَّ به هؤلاء.

[عرض]*:

أرسل صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أمَّ سُلَيم تنظر إلي امرأة، فقال: شَمِّي عوارضَها، و انظري إلي عقِبَيْها.
هي الأسنان في عُرض الفم. و عن الزجاج: هي الرَّبَاعيّة و الناب و الضاحكان من كل جانب؛ الواحد عارِض.
أمرها بشَمِّها لِتَبُور بذلك نَكْهَتَها؛ و بالنظر إلي عقبيها لتتعرف لونَ بشرتها؛ لأنهما إذا اسودّا اسودّ سائر الجسد؛ قال النابغة:
ليسَتْ من السُّود أعْقاباً إذا انصرفَتْ و لا تبيع بجنبيْ نَخْلةَ البُرَما «2»

[عرطب]:

إن اللّٰه يغفر لكل مُذْنب إلا لصاحب عَرْطبة أو كُوْبة.
هي العُود. و قال أبو عمرو: الطّنبور. و عن النَّضْر: الأوتار كلها من جميع الملاهي.
و عنه: الطّبل.
الكُوبة: النَّرد؛ و قيل الطّبْل.

[عرض]:

أ يعجِزُ أحدُكم أن يكون كأبي ضَمْضَم؟ كان إذا خرج من منزِله قال: اللهم
______________________________
(3) (*) [عرك]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أصدق الناس لهجة و ألينهم عريكة. و في حديث عائشة تصف أباها: عُرَكَةٌ للأذاة بجنبه. النهاية 3/ 222.
(1) البيت في لسان العرب (عرك).
(2) البيت في ديوان النابغة ص 92، و لسان العرب (برم).
(4) (*) [عرض]: و منه الحديث: كلُّ المسلم علي المسلم حرام، دمه و ماله و عرضه. و في حديث أبي الدرداء:
أقرض من عرضك ليوم فقرك. و منه حديث أم سلم لعائشة: غضُّ الأطراف و خَفَر الأعراض. و في-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 348
إني قد تصدّقتُ بعِرْضي علي عِبادك.
عِرْض الرجل: جانبه الذي يَصُونُه من نفسه و حسَبِه، و يُحامي عليه أن يُنتقَّص و يثلب عليه. و عِرْض الوادي: جانبه. أراد مَنْ تنقّصَني لم أجازِهْ.

[عرر]*:

لما كتب حاطبُ بن أبي بَلْتعة إلي بَلْتعة إلي أهل مكة كتابَهُ يُنْذِرُهم أمرَ النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، أطْلَع اللَّهُ رسولَه علي الكتاب؛ فلما عُوتِب حاطبٌ فيما كتب، قال: كنتُ رجلًا عَرِيراً في أهل مكة، فأحْبَبْتُ أنْ أتقرَّب إليهم ليحفظوني في عِيَالاتي عندهم.
هو فعِيل بمعني فاعل؛ من عَررته، إذا أتيتَه تطلب معروفه؛ أي غريباً متعلقاً بجوارهم.

[عرب]:

أتاه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم رجل فقال: إن ابنَ أخي قد عَرِب بَطْنُه. فقال: أسْقِ ابْنَ أخيك عَسَلًا.
أي فَسَد، يقال: ذَرِبت معدتُه و عَرِبت، و ذَرِب الجُرح و عَرِب، و وَرِب مثلَه.

[عري]:

إنما مَثلي و مَثلكم كَمثلِ رجلٍ أنذر قوماً جَيْشاً، و قال: أنا النذيرُ العُريان.
هو رجل مِنْ خَثْعَم حَمل عليه يوم ذِي الخَلَصة عَوْفُ بن عامر فقطع يده و يَدَ امرأتِه، و كان الرجل منهم إذا أنْذَرَ قوماً، و جاء من بلد بعيدٍ انْسَلَخَ من ثِيابه، ليكون أبْيَنَ للعين.

[عرض]:

إنَّ ركباً من تجار المسلمين عَرَّضوا رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و أبا بكر ثياباً بِيضاً.
أي جعلوها عُرَاضة؛ و هي هَدِيّة القادِم من سَفَره.
و
في حديث مُعاذ بن جَبل رضي اللّٰه عنه: إن عُمَر بعث به ساعِياً «1» علي بني كلاب؛ أو علي سَعْد بن ذُبيان، فقسم فيهم و لم يَدَعْ شيئاً، حتي جاء بِحِلْسِه «2» الذي خرج به علي
______________________________
- حديث أحد: قال للمنهزمين: لقد ذهبتم فيها عريضة. و الحديث: لئن أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة. و في حديث قتادة في ماشية الغنم: تصيب من رسلها و عوارضها. و حديث خديجة: أخاف أن يكون عرض له. و الحديث: لا جلب و لا جنب و لا اعتراض. و الحديث: أن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عارض جنازة أبي طالب. و الحديث: إن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة، و أنه عارضه العام مرتين. و في حديث عمر و ذكر سياسته فقال: و أضرب العروض. و في حديث قوم عاد: قٰالُوا: هٰذٰا عٰارِضٌ مُمْطِرُنٰا. و في حديث أبي هريرة: فأخذ في عروض آخر. و في حديث أبي سفيان: أنه خرج من مكة حتي بلغ العُرَيْض. و الحديث: الدنيا عَرَضٌ حاضر يأكل منها البر و الفاجر. و حديث الحسن: أنه كان لا يتأثم من قتل الحروري المستعرض. و في حديث عثمان بن أبي العاص: أنه رأي رجلًا فيه اعتراض. النهاية 3/ 209، 210، 211، 212، 213، 214، 215، 216.
(3) (*) [عرر]: و منه في حديث عمر: اللهم إني أبرأ إليك من معرَّة الجيش. النهاية 3/ 205.
(1) الساعي: من يباشر أعمال الصدقات.
(2) الحلس: كساء يوضع علي ظهر البعير تحت البرذعة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 349
رَقَبته؛ فقالت له امرأته: أين ما جئتَ به مما يأتي العمال من عُرَاضَة أهلهم؟ فقال: كان معي ضاغِط.
هو الذي يضغَطُ العامل؛ أي يمنع يده من التعاطي؛ و لم يكن معه، إنما قصد إرضاءَ أهلِه.
و
عن النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لا كذِبَ في ثلاث: الحرْب. و الإصلاح بين الناس، و إرضاء الرجُل أهله.
و قيل: أراد أن اللَّهَ رَقيب عليه.
قال له صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عدّيُّ بن حاتم: إني أرْمِي بالمعْراض فَيَخْزِق؛ قال إن خَزَق فكُلْ؛ و إن أصاب بالعَرْض فلا تأكل.
هو السَّهم الذي لا رِيش له يمضي عَرْضاً. و قال ابنُ دريد: سهمٌ طويل له أربع قُذَذٍ «1» دِقاق؛ فإذا رُمي به اعترض.

[عرر]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- أعطَي عُمَرَ سيفاً مُحَلًّي؛ فجاء عُمَر بالْحِلْية قد نَزَعها؛ فقال: أتيتُك بهذا لما يَعْرُرُك من أمور الناس.
عَرّه و عَرَاه بمعنًي؛ قال ابنُ أحمر:
تَرْعَي القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها ثم تَعُرُّ الماء فيمن يَعُرّ «2»
و منه
أنَّ أبا موسي الأشعري عادَ الحسنَ بن عليّ رضي اللّٰه تعالي عنهم، فدخل عليّ، فقال: ما عرَّنا بك أيها الشيخ؟ فقال: سمعتُ بوَجَع ابن أخي فأحببت أن أعودَه.
و الوجْه يعرّك، ففكَّ الإدغام، و لا يكاد يجي‌ء مثل هذا في الاتساع، و لكن في اضطرار الشعر، كقوله:
الحمد للّٰه العليّ الأجْلَلِ
و قوله:
أني أجُودُ لأَقْوامٍ و إنْ ضَنِنُوا «3»
______________________________
(1) القذة: الريشة التي توضع علي السهم.
(2) البيت في لسان العرب (عرر).
(3) صدره:
مهلًا أعاذل قد جَرَّبْتِ من خُلُقي
و البيت من البسيط، و هو لقعنب ابن أم صاحب في الخصائص 1/ 160، 257، و سمط اللآلي‌ء ص 576، و شرح أبيات سيبويه 1/ 318، و الكتاب 1/ 29، 3/ 535، و لسان العرب (ظلل) و (ضنن)، و المنصف 1/ 339، 2/ 303، و نوادر أبي زيد ص 44، و بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 150، 245،-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 350
و قال أبو عبيد: أراد لما يَعْرُوك؛ يعني أنه مِنْ تحريف النَّقَلة.

[عرب]:

عمر رضي اللّٰه عنه- ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يُخَرِّق أعراضَ الناس ألّا تُعَرِّبوا عليه! قالوا: نخافُ لسانَه. قال: ذلك أدني ألّا تكونوا شهداء!
أي ألَّا تُفْسِدوا عليه كلامَه و تُهَجِّنوهُ، تفَعُّل من عَرِب الجُرْحُ «1»؛ و المراد بالشهداء قوله تعالي: وَ كَذٰلِكَ جَعَلْنٰاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدٰاءَ عَلَي النّٰاسِ [البقرة: 143]. قال:
معناهُ تُسْتَشْهَدُون يومَ القيامة علي الأمم التي كَذَّبَتْ أنبياها، و جَحَدت تكذيبها.

[عرق]:

قال لسلْمان رضي اللّٰه عنهما: أين تأخذُ إذا صَدرْتَ؟ أ علي المُعَرّقة أم علي المدينة؟
هكذا رُويت مشدّدة، و الصواب التخفيف، و هي طريقٌ كانت قريش تَسْلُكها إذا صَارَتْ إلي الشام، تأخذ علي ساحل البحر، و فيها سلكت عِيرُ قريش حين كانت وَقْعَةُ بَدْر.
قال لعمْرو بن مَعْدي‌كرب: ما قولك في عُلة بن جَلْد؟ قال: أولئك فَوَارِسُ أعراضِنَا و شفاءُ أمراضنا، أحثُّنا طَلباً، و أقلُّنا هَرَباً، قال: فسعْد العشيرة: قال: أعظُمنا خَمَيساً، و أكثرنا رئِيساً، و أشدنا شَرِيساً قال: فبنو الحارث؟ قال: حَسَكة مَسَكة. قال: فمُراد؟ قال:
أولئك الأتقياء البَرَرَة، و المساعِير الفَخرة، أكرمنا قَراراً، و أبعدنا آثاراً.
الأعراض: جمع عُرْض، و هو الجانبُ، أي يحمون نواحينا عن تَخَطُّف العدو، أو جمع عَرْض، و هو الجيش، أو جمع عِرْض، أي يصونون ببلائهم أعراضَنا أن تُذَم و تُعَاب.
شفاء أمراضنا، أي يأخذون ثأرَنا.
الخَميس: الجيش له خمسة أركان.
الشَّرِيس: الشّراسة.
شبههم بالحَسكة في تمنُّعهم.
مَسكة: تُمسك مَنْ تعلّقت به فلا تُخَلّصه.
المساعير: جمع مِسعار، و هو الذي تُسْعَر به نارُ الحرب.
اطرُدوا المعترفين.
هم الذين يُقِرّون علي أنفسِهم بما يوجبُ الحدّ.

[عرق]:

خطب رضي اللّٰه عنه الناسَ فقال: ألا لا تغالوا صُدُق النساء، فإن الرجل يُغَالي صَداقَ المرأة حتي يكون ذلك لها في قلبه عَدَاوة.
يقول: جَشِمْتُ إليك عَرَق القِرْبة أو عَلَق القربة.
______________________________
و شرح شافية ابن الحاجب 3/ 241، و شرح المفصل 3/ 12، و لسان العرب (حمم)، و المقتضب 1/ 142، 253، 3/ 354، و المنصف 2/ 69.
(1) عَرِبَ الجرح: بقي أثره بعد البرء (القاموس المحيط: عرب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 351
هذا مثل تضربه العرب في الشدَّة و التعب، و فيه أقاويل ذكرتُها في كتاب المُستقصي في أمثال العرب.

[عرس]:

قال رضي اللّٰه عنه في مُتْعة الحج: علمتُ أن رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فعلها و أصحابه، و لكني كرهتُ أن يَظَلّوا بهن مُعْرِسين تحت الأرَاك، ثم يُلَبُّون بالحج تَقْطرُ رؤوسهم.
مِنْ أعرس بامرأته إذا بَنَي عليها، كره أن يُحِلّ الرجل من عُمرته، ثم يأتي امرأته، ثم يُهِلّ بالحج.
لم يعطف يُلَبّون علي يَظلوا، و إنما ابتدأه.
و تَقْطر في موضع الحال.

[عرجم]:

قَضَي رضي اللّٰه عنه- في الظُّفُرُ إذا اعْرَنْجَمَ بقَلُوص.
تفسيره في الحديث فَسد و لا تعرف حقيقتهُ، و لم يثبت عن أهل اللغة سماعاً، و الذي يؤدي إليه الاجتهاد أن يكون معناه جَسَا و غَلُظ؛ من قولهم للناقة الشديدة الغليظة عُلْجوم و عُرْجوم «1»؛ عن أبي عَمْرو و أبي تُراب. و أنشد أبو عَمْرو:
أفرغْ بشَوْل و عُشارٍ كُوم و كلّ سِرْدَاحٍ بها عُرْجُومِ
أو يكون بمعني انْعَرَج أي اعوجَّ، و من تركيبه بزيادة الميم كما زيدت في قولهم اعرنزم؛ إذا تقبض و اجتمع. فقد حكي الأصمعي استعرز؛ أي انقبض، و في احرنجمَ الكلبُ؛ إذا تقبض و انطوي: لأنه من الحرج و هو الضّيف؛ و من الحرَجة و هي الغَيْضة لتأشُّبها و تضايقها؛ و كما جعل الزّجاج النون في العُرْجون مزيدة، و اشتقّه من الانعراج لاستِقْوَاسِه. أو يكون أصله اعرنْجَنَ؛ افعنلل، من العُرجون، بمعني اعوجّ، فأبدلت نونهُ ميماً؛ أو يكون لغة في احْرَنْجم كما قرأ ابن مسعود (عَتَّي حِينٍ)؛ و كقولهم: العِفْضاج في الحِفْضَاج.

[عرب]:

ابتاع رضي اللّٰه عنه دَارَ السجن بأربعة آلاف، و أعرَبُوا فيها أربعمائة درهم.
أي أسلَفوا؛ مِنَ العُرْبان «2»؛ و العربانُ مَنْهِيٌّ عنه؛ و إنما فعله خليفة عُمَر.
و
في حديث عطاء أنه نَهي عن الإعراب في البيع.

[عرب]:

إنّ الخَيلَ أغارتْ بالشام فأدركت العِرابُ مِنْ يومها، و أدْرَكَتِ الكَوادِنُ ضُحَي الغَد، وَ عَلَي الخيلِ رجل من هَمْدان يقال له المنذر بن أبي حَمْضَة؛ فقال: لا أجعل
______________________________
(1) العرجوم و العلجوم: الناقة الشديدة.
(2) العربان في البيع: أن يشتري المرء السلعة و يدفع إلي صاحبها شيئاً، علي أنه إن أمضي البيع حُسب من الثمن، و إن لم يمض البيع كان لصاحب السلعة و لم يرتجعه المشتري.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 352
ما أدركَ مثلَ الذي لم يُدرك، ففضَّل الخيل، فكتب في ذلك إلي عُمَر، فقال: هبلت الوَادِعيَّ أمُّه، لقد أذْكَرَتْ به! أمضوها علي ما قال.
العِراب: الخَيْل العَرَبِيّات الخُلّص.
الكَوْدَن، من الكِدْنة، يقال: إنه لذو كِدْنَة، إذا كان غليَ اللحم، محبوك الخلْق، هو البِرْذَوْن الهَجِين، و قيل: التركي. و الكَوْدنة في المشي البطء.
عن يعقوب: هَبَلَتْه أمّه مدح له، كقوله:
هَوَتُ أمُّه ما يَبْعَثُ الصُّبْحَ غَادِياً «1»
الوادعِيّ: منسوب إلي وادعة بَطْن من هَمْدَان.
أذْكَرتْ به: جاءت به ذَكَراً شهماً دَاهياً. قال ذو الرّمة:
أبونا إياس قَدَّنَا من أديمِه لوالدةٍ تُدْهِي البَنِينَ و تُذْكِرُ «2»
الضمير في «أمضوها» للقضية.

[عرش]*:

سعد رضي اللّٰه تعالي عنه- قيل له إن فلاناً يَنْهَي عن المُتْعَة، فقال: قد تمتعنا مع رسولِ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و فلان كافر بالعُرُش.
يقال للمِظلّة مِنْ جَريد النخل يُطرَح عليها الثُّمام، يتخذها أهلُ الحاجة: عَرِي، و يجمع عُرُشاً. و عَرْش، و يجمع عُرُوشاً
و منه
حديث ابن عُمَر رضي اللّٰه عنهما: أنه كان يقطع التّلْبية إذا نظر إلي عُروش مكة.
و المراد بيوتُ مكة.
يعني و فلان كافِرٌ مُقيم بمكة لَمَّا يُسلم و يهاجر، فالباء في «بالعرش» لا تتعلق بكافر تعلّقَ باء باللّٰه به في [قولك]: هو كافرٌ بِاللّٰه، ولكن قوله: بالعُرُش خبر ثان للمبتدأ، كأنه قال: و فلان كافر في العُرش.

[عرض]:

حُذَيفة رضي اللّٰه تعالي عنه- تُعرَضُ الفِتنُ علي القلوب عَرْضَ الحَصير، فأيُّ قلب أشربَها نُكِتَتْ فيه نُكْتَةٌ سوداء، و أيُّ قلب أنكرها نُكِتت فيه نُكْتةٌ بيضاء، حتي تكون القلوبُ علي قلبين، قلب أبيض مثل الصَّفَا لا تضرّه فتنة ما دامت السموات و الأرض، و قَلْب
______________________________
(1) عجزه:
و ماذا يؤدي الليل حين يؤوبُ
و البيت لكعب بن سعد الغنوي في لسان العرب (هوي).
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 238.
(3) (*) [عرش]: و منه الحديث: اهتزَّ العرش لموت سعد. و الحديث: قيل له: ألا نبني لك عريشاً. و الحديث:
فجاءت حُمَّرَةٌ فجعلت تُعرِّش. النهاية 3/ 207، 208.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 353
أسود مُرْبدّ كالكوز مجخياً- و أمَالَ كَفَّه- لا يَعْرِفُ معروفاً و لا يُنْكر منكراً.
أي توضع عليها و تُبْسَطُ كما يُبْسَط الحَصِير، من عَرَض العود علي الإناء، و السيف علي الفخذين بعرضُه، و يعرضه إذا وضعه.
و قيل الحصير عِرْقٌ يمتدُّ مُعْترضاً علي جَنْبِ الدابة إلي ناحيةِ بَطْنها، أو لحمة.
مُرْبَدّ: من الرُّبْدة، و هي لون الرماد.
مُجَخِّياً: مائلًا، يقال: جَخّي الليلُ، إذا مال ليذهب، و جَخَّي الشيخُ، إذا حنَاهُ الكِبَر.
قال:
لا خَيْرَ في الشَّيْخِ إذَا مَا جَخي «1»
أرَاد أنَّه لا يَعِي خَبَراً كما لا يثبتُ الماءُ في الكُوزِ المُجَخّي.

[عرر]:

سَلْمان رضي اللّٰه تعالي عنه- قال زيد بن صُوحان: بِتُّ عنده، و كان إذا تَعَارَّ من الليل قال: سبحان رَبِّ النبيين و إله المرسلين! فذكرتُ ذلك له فقال: يا زيد، اكفِني نفسك يقظانَ، أكفِكَ نفسي نائماً.
التّعارّ: أنْ يستيقظ مع صوت، مأخوذ مِنْ عرار الظليم، و المعني: لا تَعْصِ اللّٰه في اليقظة، و أنا أكفيك، إنّ النائم سالم لا يُخاف عليه المَآثم.
كأنّ زيداً حمِد إليه تسبيحَه في حال النوم، و استقصر نفسَه في أن لم يتعوّد مثل ذلك، فأجابه سلمان بهذا.

[عرم]*:

مُعاذ رضي اللّٰه تعالي عنه- ضحَّي بكبش أعْرَم.
هو الأبيض فيه نُقَطٌ سود. قال معقِل بن خُويلد الهُذَلي:
أبا مَعْقِلٍ لا تُوطِئَنْكَ بغَاضَتي رُؤوسَ الأفاعي في مَرَاصِدِها الْعُرْمِ «2»

[عرب]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- سئل عن قوله تعالي: فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ [البقرة: 197]، فقال: من الرّفَث التعريضُ بذكر النكاح؛ و هي العِرَابة في كلام العرب.
[العَرَابة بالفتح و الكسر اسم] من أعرب و عَرَّب إذا أفحش؛ قال رُؤْبة: [يصف نساء
______________________________
(1) بعده:
و سال غرب عينه و لخّا
و الرجز بلا نسبة في لسان العرب (جخخ).
(3) (*) [عرم]: و منه في حديث عاقر الناقة: فانبعث لها رجل عارمٌ. و في حديث علي: علي حين فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ و اعترام من الفتن. النهاية 3/ 223.
(2) البيت في لسان العرب (عرم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 354
جمعن العفاف عند الغرباء و الإعراب عند الأزواج].
و العُرْبُ في عفافَةٍ و إعْرابْ «1»
و
في حديث ابن الزبير رضي اللّٰه عنهما: لا تحلّ العِرَابة للمُحْرم.
و
في حديث عطاء رحمه اللّٰه تعالي: إنه كره الإعراب للْمُحْرِم.

[عرض]:

ما أحِبُّ بمعارِيض الكلام حُمْرَ النّعم.
جمع مِعراض؛ من التعريض، و هو خلاف التصريح. يقال: عرفْتُ ذاك في مِعْراض كلامه.
و منه
حديث عمران بن الحُصين- إن في المعاريض لمندوحةً عن الكذب
؛ أي لسعةً و فُسْحة.

[عره]:

عُروة بن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- لما اتّصل به خَبَرُ المغيرة بن شعبة في مَخْرجه إلي المُقوقس في رَكْبٍ من قومه، و أنه في مُنْصَرِفِه عَدَا عليهم فقتلهم، و أخذ حرائبهم. قال: و اللّٰه ما كلمت مسعود بن عَمْرو منذُ عشر سنين و الليلة أكلّمه، فخرج إليه فناداه عُروة. فقال: مَنْ هذا؟ فقال: عُروة؛ فأقبل مسعود بن عمرو و هو يقول: أ طَرَقْتَ عَراهيةً؛ أم طَرَقْتَ بِداهية؟
و في هذه القصة: إنَّ مسعودَ بن عَمْرو قال لقومه: و اللّٰه لكأني بكِنَانة بن عَبْدِ ياليلَ قد أقبل تضرب دِرْعُه رَوْحَتي رِجْليه، لا يعانق رجلًا إلّا صرعه؛ و اللّٰه لكأني بجنُدب بن عَمْرو قد أقبل كالسِّيد عاضاً علي سهم مُفَوّفاً بآخر؛ لا يُشير بسَهْمِه إلي أحد إلا وضعه حيث يريد.
قيل: أصله عَرائيه بإضافة العراءِ إلي ياء المتكلم و هاء السكت، فأبدلت الهمزة هاء؛ أي أطرقْتَ أرْضِي و فِنائي زائراً كما يَطْرُق الضيوف؛ أم أُصِبْتَ بداهية فجئت مستغيثاً؟
و قيل؛ إنما هي عَتاهية و هي الغَفْلَة، أراد أوقَعْتَ هاهنا غَفْلةً بغير رَوِيّة؟
و فيه وجهان آخران:
الوجه الأول أن تكون مصدراً علي فَعالية من عَرَاه يَعْرُوه إذا زارَه، فأبدلت واوه همزة ثم الهمزة هاء، و إنما فعِل هذا ليزاوجَ داهية.
و ليس هذا بأَبْعَدَ مِنْ جَمْعِ الغَداةِ بالغَدَايَا لأجل العشايا؛ و من المصير إلي مأمورةٍ عن مُؤَمّرةٍ لأجل مأبورة؛ و من أشباهٍ لهما لا يستبعد ما ذكرنا مُسْتَقْريها!
و المعني علي هذا الوجه من السَّداد و الصحة علي ما تراه.
______________________________
(1) قبله:
و قد أري الغواني الأترابْ
و الرجز في لسان العرب (عرب)، و أراجيز العرب ص 160.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 355
و الوجْهُ الثاني أن تكون عزاهية (بالزاي) مصدراً مِنْ عَزِه يَعْزَهُ و هو عَزِهٌ إذا لم يكن له أَرَبٌ في الطَّرْق، و معناه أطَرَقْتَ بلا أرب و لا حاجةٍ، أم أصابتك داهية أحْوَجَتْكَ إلي الاستغاثة؟
الرَّوْحة؛ من الرَّوَح و هو تباعُدُ صدورُ القدمين و تَدَاني العقِبين؛ يريد إن دِرْعَه كانت سابغةً تبلغ ذلك الموضع مِنْ رجليه.

[عرك]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- سُئلت عن العِرَاكِ، فقالت: كان رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يَتَوَشَّحُنِي و يَنَالُ مِنْ رَأْسِي.
عرَكت تَعرُك عراكاً، إذا حاضت فهي عارِك.
التَّوَشّح: الاعتناق، لأن المعتَنق يجعل يديه مكان الوِشاح؛ قال:
جعلتُ يَدَيَّ وشَاحاً لَهُ و بَعْضُ الفَوَارِسِ لا يَعْتَنقْ «1»
النَّيل مِنَ الرأس: التقبيل.

[عرض]:

ابن الحنفية رحمهما اللّٰه- كل الجبنَ عُرْضاً.
أي اعترضه و اشتره ممن وجدَته، و لا تسأل عمّن عَمِله، أ مِنْ عملِ أهلِ الكتاب أم من عمل المجوس.

[عرو]:

أبو سَلمة رحمه اللّٰه تعالي- كنت أري الرؤيا أُعْرَي منها غير أني لا أُزمَّل، فلقيت أبَا قَتَادة فذكرت ذلك له.
من العُروَاءِ؛ و هي رِعْدَةُ الحُمَّي.

[عرق]:

ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- إن امرأ ليس بينه و بين آدم أبٌ حيّ لَمُعْرَقٌ له في الموت.
أي مصيَّر له عرْق فيه، يعني أنه أصيل في الموت.

[عرزم]:

النَّخَعيّ رحمه اللّٰه تعالي- قال: لا تجعلوا في قَبْرِي لَبِناً عَرْزَمِيًّا.
عَرْزم: جَبّانَة [بالكوفة] نُسب اللبِنَ إليها، و إنما كرهه لأن في هذه الجبانة إحداث الناس، فاللبنُ المضروب فيها مُسْتَقْذَر.

[عرر]:

طاوس رحمه اللّٰه تعالي- إذا اسْتَعرَّ عليكم شي‌ء من النَّعم فاصنعوا به ما تصنعون بالوحش.
أي اسْتَعْصَي و نَدَّ، من العَرارَة، و هي الشدَّة.
______________________________
(1) البيت في أساس البلاغة (وشح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 356‌

[عرب]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- قال البَتَّي للحسن: يا أبا سعيد، ما تقولُ في رجل رُعِف في الصلاة؟ قال الحسن: إن هذا يُعرِّب الناس، و هو يقول رُعف- و روي أنه قال: ما رُعفَ؟ لعلك تريد رَعَف.
أي يعلمهم العربية اللغة الفصيحة.
رَعَف (بفتح العين)، و قد جاء رَعُف (بضمها)، و هي ضعيفة، و أما رُعف فعاميّة ملحونة.
و
عن أبي حاتم سألتُ الأصمعيَّ عن رَعُف و رُعِف فلم يعرفْهما.

[عرف]*:

سعيد رحمه اللّٰه تعالي- ما أكلت لحماً أطيبَ من مَعرَفة البِرْذَوْن.
هي مَنْبِتُ العُرْف.

[عرض]:

في الحديث- منْ سعادة المرء خِفَّةُ عارِضَيْه.
قيل: العارِضُ من اللِّحيْة ما يَنْبُتُ علي عُرْض اللَّحْيِ فوق الذَّقَن. و قيل عارضا الإنسان صَفْحَتا خدّيه. و المعني خِفَّة اللّحية.
و قيل هو كناية عن كثرة الذِّكْر، أي لا يحرِّكُ عارضيه إلا بذكر اللّٰه.
و يقال: فلان خفيف الشَّفَة، أي قليل السؤال للناس.

[عرن]*:

دُفن بعضُ الخلفاء بعَرينِ مكة.
أي بفِنائها، شُبِّه لِعزِّه و مَنَعَتِه بعَرِين الأسد، و هو غابته. و كان دفنه في بئر ميمون.

[عرض]:

من عَرَّضَ عَرَّضْنا له، و مَنْ مشي علي الكَلَّاء قَذَفْنَاهُ في الماء- و روي:
ألقيناهُ في النهر.
أي من عَرَّضَ بالقَذْف و لم يُصَرِّح عَرَّضْنا له بضرب خفيف تأديباً له، و لم نضربه الحدّ، و من صَرَّح حَددناه؛ فضرب المشي علي الكَلّاء- و هو مرفأ السفن مثلًا- لارتكَابِه ما يُوجبُ الحدّ، و تَعَرُّضِه له، و الإلقاءِ في النهر لإصابته ما تعرّض له.

[عرر]:

سأل رجلٌ رجلًا عن منزله، فأخبره أنه ينزل بين حيَّيْنِ من العرب. فقال:
نزلت بين المَجَرّة و المَعرّة.
يعني نزلت بين حيَّيْنِ عظِيمين، كثيري العدد، فشبههما بالمجرّة لأنها فيما يقال نجوم
______________________________
(1) (*) [عرف]: و منه الحديث في تعريف الضالة: فإن جاء من يعترفها. و في حديث عمر: أطردنا المعترفين.
و الحديث: العرافة حق، و العرفاء في النار. و في حديث كعب بن عجرة: جاؤونا كأنهم عُرْفٌ. النهاية 3/ 217، 218.
(2) (*) [عرن]: و منه في صفته عليه السلام: أقني العرنين. و في حديث الحج: و ارتفعوا عن بطن عُرَنَة. النهاية 3/ 223.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 357
تدانَتْ فطمسَ بعضُها بعضاً، و بالمعرّة و هي من ناحية الشام، و النجومُ هناك تكثر و تشتبك.
عِرْق في (شذ). عَرَض له في (جا). فعرَّضُوا في (هج). تعارّ في (جر). العَرْصَ في (جر). العرايا في (حق). العارض في (صب). بالعرش في (رج). استعراباً في (دح).
[عِرَاباً في (رج). و] عَرِيش في (وش). العُرّة في (غر). أعرضت في (قص). العُرْفُط في (قل). تُعْرب في (كر). عَرِيراً في (حل). العَرُوض في (ذق). مُعْرضاً في (سف). من عرْضِك في (فق). يعرها في (خب). عرُوَاء في (وط). عُركة في (سح). و عوارضها في (جز). العركي في (رم). لعريض في (وس). بَعْرِعَرة الجبل في (قر). قد اعترقها في (غر). [و عرضه في (لو). عَرْفَج في (ضر). معروفة في (سو). و عُرْض في (ند). عريس في (حص). المعتر في (تب). عرشي في (ثل). من عَرَضها في (جو). بالعَرْج في (عق).
أشم العرنين في (قح). معروفاً في (أس). الأعْرج في (فر). قد عرفناك في (بص). لا أعرفن في (خي). بالعرة في (دم)].

العين مع الزاي

[عزب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- بعث بَعْثاً فأصبحوا بأرض عَزُوبة بَجْراء، فإذا هم بأعرابي في قُبَّةٍ، له غنم بين يديه، فجاءَهُ القومُ فقالوا: أجزِرْنا. فأخرج لهم شاةً فسحَطوها، ثم أخرج لهم أُخري فسحَطوها، ثم قال: ما بقي في غَنَمي إلا فحلٌ أو شاةٌ رُبَّي «1». فلما أبْهر القومُ احترقوا؛ و قد أقال الأعرابي غَنمه في القبّة، فقالوا: نحن أحقّ بالظل من الغَنم! أخْرِجْها عنا فقال: إنكم متي تُخرجوا غَنَمِي في الحرّ تَرْمَض و تطرح أولادها، و إني رجل قد زَكَّيتُ و صليتُ.
العَزُوبة: البعيدة المضرب إلي الكلأ؛ فَعولة من عَزَب، إذا بَعُد، و دخول التاء نحو دُخُولها في امرأة فَرُوقَة و مَلُولة؛ أعني للمبالغة لا للتأنيث، لأن فَعولًا يستوي فيه المذكر و المؤنث، كقولك: شَكور و صَبُور لهما، و يُصَدِّقُ أن دخولَها للمبالغة قولهم للرجل: فَروقة و مَلُولة.
البَجْراء: المرتفعة، من الأبجر الناتي‌ء السُّرّة.
أجْزِرْنا: أعْطِنا جَزَرة و هي الشاةُ التي تُذبح.
السَّحْط: الذَّبح الوحِيّ.
أبهروا: توسطوا النهار. و البُهْرة: الوسط.
______________________________
(2) (*) [عزب]: و منه حديث أم معبد: و الشاءُ عازبٌ حيالٌ. و في حديث أبي ذر: كنت أعزب عن الماء. النهاية 3/ 227.
(1) الرُبَّي: التي تربَّي في البيت من الغنم لأجل اللبن، و قيل: هي الشاة القريبة العهد بالولادة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 358
تَرْمَض: تحترق في الرَّمْضاء.

[عزم]*:

قال عليه السلام: يا أنجشَة، رُوَيْدَك سَوْقاً بالعَوازِم.
جمع عَوْزم؛ و هي المسِنَّةُ و فيها بَقِيَّة. قال سَلَمة بن زُفر الغَنَويّ:
و كبَّرتَ كلَّ عَجُوزٍ عَوْزم ضَامِدٍ جَبْهَتُها كالكُرْكُمِ
سَوْقاً: منصوب برُوَيد؛ كقولك: رُوَيد زَيْداً، بمعني أمهله و لا تَعْجَل عليه، و الكاف للخطاب.
و يجوز أن يكون ضميراً، و رُوَيد مضافٌ إليه، كقولك ضَرْبَك زيداً.

[عزي]*:

سمع أبيّ بن كَعْب رجلًا يقول يا لفلان! فقال: أعْضِضْ بَهن أبيك، و لم يكنِّ. فقالوا له: يا أبا المنذر، ما كنت فَحّاشاً. فقال: إن سمعْتَ رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يقول: مَنْ تَعَزَّي بعَزاءِ الجاهلية، فأعِضّوه بهَنِ أبيه و لا تُكنُّوا.
التَّعَزِّي و الاعتزاء بمعني، و هو الانتساب، و أنْ يقول: يا لفَلان! قال:
دَعَوْا لَكَلْبٍ و اعتَزيْنا لعامِرِ «1»
و منه
قوله عليه السلام: مَنْ لم يَتَعَزَّ بعَزاءِ اللّٰه فليس مِنَّا.
أي من استغاث فقال: يا للّٰه، أو يا لَلْمسلمين!
و
في حديث عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه أنه قال: يا للّٰه للمسلمين!
و
في حديثه: ستكونُ للعرب دَعْوَي قبائل، فإذا كان ذلك فالسيفَ السيفَ! و القتلَ القتلَ! حتي يقولوا يا للمسلمين!
و يري أنَّ رجلًا قال بالبصرة: يا لَعامر! فجاء النابغة الجَعْدي بعُصْبةٍ له فأخذه شُرَط أبي موسي فضربوه خمسين سَوْطاً بإجابة دَعْوَي الجاهلية.
و العَزاء و العِزَوة اسمٌ لدَعْوَي المستغيث.
المراد بترك أنْ يقول: اعضَضْ بأَيْر أبيك، و لا يكني عن الأيْر بالهَن.
و أمرهُ عليه السلام بذلك إغراق في الزَّجر عن الدَّعوي، و إغلاظٌ علي أهلها.
______________________________
(2) (*) [عزم]: و منه الحديث: الزكاة عَزْمةٌ من عزمات اللّٰه. و في حديث عمر: اشتدَّت العزائم. النهاية 3/ 232.
(3) (*) [عزي]: و منه الحديث: ما لي أراكم عِزِين. النهاية 3/ 233.
(1) صدره:
فلما لحقنا و الجياد عشيةً
و البيت من الطويل، و هو للراعي النميري في ديوانه ص 134، و شرح أبيات سيبويه 2/ 35، و الكتاب 2/ 380، و لسان العرب (عزا)، و بلا نسبة في لسان العرب (عمر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 359‌

[عزم]:

خَيْرُ الأُمورِ عَوازِمُها.
يعني ما وَكَّدْت عزمَك عليه، و وفيت بعهد اللّٰه فيه. أو فرائضَها التي عزم اللّٰه عليك بفِعْلها.
و المعني ذوات عَزْمِها؛ كقوله تعالي: فِي عِيشَةٍ رٰاضِيَةٍ* [الحاقة: 21]، أي التي فيها عَزم، و التي فيها رِضا؛ لأن المعزوم عليه و المرضيّ ذو عَزْم و ذُو رضا؛ أي يصحبه العَزْم و الرضا.

[عزل]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: مَنْ رأي مَقْتَل حمزة؟ فقال رجل أعزل: أنا رأيتُه.
هو الذي لا سِلاح معه.
و منه
حديث زينب رضي اللّٰه عنها أنها لما أجارَتْ أبا العاصِ خرج الناس إليه عُزْلًا.

[عزز]*:

لما قدم صَلَي اللّٰه عليه و سلِم المدينةَ نزل علي كُلْثوم بن الهِدم و هو شاكٍ، فأقام عنده ثلاثاً، ثم اسْتُعِزَّ بكُلثوم، فانتقل إلي سَعْد بن خَيْثَمَة.
يقال: اسْتَعَزَّ به المرضُ و غيرُه و استعزّ عليه، إذا اشتد عليه و غَلَبه، ثم يُبني الفعل للمفعول به الذي هو الجارُّ مع المجرور، فيقال: اسْتُعِزَّ به و عليه، إذا غُلب بزيادةِ مرضٍ أو بموتٍ و المراد هاهنا الموت.

[عزب]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- في قصةِ الغارِ؛ إنه كان له غَنم، فأمر عامر بن فُهَيرة أن يُعَزِّبَ بها، فكان يُرَوِّح عليها مُغْسِقاً.
قال يعقوب: عَزَّب فلانٌ بإبله؛ إذا ذهب بها إلي عازِبٍ من الكلأ. قال: و أنشد [للنابغة]:
[ضَلَّتْ حُلُومُهم عنهم و غَرّهُمُ] سَنَّ المُعَيْدِيّ في رَعْيٍ و تَعْزِيب «1»
و قال غيره: مَالٌ عَزَب و جَشَرِ، و هو الذي يَعْزُب عن أهله، و رجل مُعَزِّب و مُجَشِّر.
و فيه لغتان: عَزَّب السَّوَامَّ و بها، فتعديتُه بغير باء ظاهرةٌ، لأنه نُقل من عَزّب، كغَرّب من غَرَب. و في الباء وجهان: أحدهما أن تُزادَ لزيادة التبعيد. و الثاني: أن تنزَّلَ منزلةَ «في» قوله:
يَجْرَحُ في عَرَاقِيبها نَصْلِي «2»
______________________________
(3) (*) [عزل]: و منه الحديث: سأله رجل من الأنصار عن العزل. و في حديث خيفان: مساعير غير عُزْل.
النهاية 3/ 230، 231.
(4) (*) [عزز]: و منه في حديث مرض النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فاسْتُعِزَّ برسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و في حديث عمر: اخشوشنوا و تمعززوا. النهاية 3/ 228، 229.
(1) البيت في ديوان النابغة ص 13، و رواية الديون «و تغريب» بدل «و تعزيب».
(2) تمامه:
و إنْ تعتذر بالمحل من ذي ضروعها إلي الضيف يجرح في عراقيبها نصلي
-الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 360
أي فعل بها التَّغريب و ألصقه بها. و يجوز أن يكون عَزَّب مبالغة في عَزَب، نحو صدَّق في صَدَق، ثم يُعدي بالباء.
و
في الحديث: مَنْ قَرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عزَّبَ.
أي أبعدَ العهد بأوله، و أبطأ في تلاوته.
الترويح: الإراحة.
المُغْسِق: الدَّاخِل في الغَسَق.

[عزم]:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- إن اللّٰه يحبُّ أن يُؤْخذ بِرُخَصه؛ كما يحب أن يُؤْخذ بعَزَائمه.
أي بفرائضه التي أوجبها و أمر بها.

[عزز]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- إن قوماً اشتركوا في قتل صَيْدٍ و هم مُحرِمون، فسألوا بعضَ أصحاب رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عما يجب عليهم، فأمر كلَّ واحد منهم بكفّارة، ثم سألوا ابْن عمر، و أخبروه بفُتيا الذي أفتاهم، فقال: إنكم لَمُعَزَّزٌ بكم.
أي مُشدّد بكم، و مُثَقّل عليكم الأَمْرُ.

[عزل]:

سلَمة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: رآني رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بالحُديبية عُزُلًا.
أي لا سلاحَ معي؛ علي فُعل؛ كقولهم: امرأة فُنُق «1»، و نَاقة عُلُط «2». و يجمع علي أعزال؛ قال:
رأيْتُ الفِتيةَ الأعْزا لَ مِثْلَ الأيْنُق الرُّعْلِ «3»

[عزز]:

عمرو بن مَيْمون رحمه اللّٰه تعالي- لو أن رجلًا أخذ شاةً عَزُوزا فَحَلَبها؛ ما فرغ من حَلْبها حتي أُصلِّيَ الصلواتِ الخمس.
هي الضَّيقة الإحليل، و قد عَزَّتْ عُزوزاً. و قال النضر: عَزُوزٌ؛ بيِّنة العِزَاز.
أراد أنه يُخَفِّف الصلاة.

[عزم]:

عَمْرو بن معديكرب رضي اللّٰه تعالي عنه- قال له الأشعث: أمَا و اللَّهِ لئن دنوتَ لأُضَرِّطَنَّكَ. فقال عمرو: كلّا و اللّٰه إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعة.
______________________________
و البيت من الطويل، و هو لذي الرمة في ديوانه ص 156، و أساس البلاغة ص 296 (عذر)، و خزانة الأدب 2/ 128، و شرح المفصل 2/ 39، و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 251، و خزانة الأدب 10/ 233، و مغني اللبيب 2/ 521.
(1) امرأة فُنُق: امرأة منغمة.
(2) ناقة علط: ناقة بلا سمة و لا خطام (القاموس المحيط: فنق و علط).
(3) البيت بلا نسبة في لسان العرب (عزل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 361
أي صبور صحيحة العَقْدِ، و الاست تُكْني بأُمّ عَزْم، يريد أنّ استه ذاتُ عَزْم و قوة، و ليست بواهية فَتَضْرِط.
و المفزَّعة من فَزَّع عنه، إذا أزال عنه فَزَعه، علي حذف الجار و إيصال الفعل؛ أي هي آمنة لا يُرهقها فَزَع. أو من قولهم للرجل الشجاع مُفَزّع؛ لأن الأفزاعَ تنزل بمثله. و يقال للجبان أيضاً مُفَزّع لكثرة فَزَعه، و نظيره قولهم مُغَلَّب.

[عزي]:

عطاء رحمه اللّٰه تعالي-
قال ابن جُريج: إنَّ عطاء حَدَّث بحديث، فقلت له:
أ تَعْزِيه إلي أحَد؟
أي أ تسنِده؟ من عَزاه إلي أبيه يَعْزُوه و يَعْزيه إذا نَسَبهُ.

[عزز]:

الزُّهري رحمه اللّٰه تعالي- كان يتردَّدُ إلي مجلس عُبيد اللّٰه بن عبد اللّٰه بن عُتْبة و يكتب عنه؛ فكان يقوم له إذا دخل أو خرج، و يسوّي عليه ثيابَه إذا ركب، ثم إنه ظن أنه استَفْرَغ ما عنده، فخرج يوماً فلم يَقُمْ له، فقال عُبيد اللّٰه. إنك بَعْدُ في العَزَاز فقم.
هي الأرض الصُّلبة الخشِنَة، تكون في أطراف الأرضين؛ يعني أنك في أطراف العلم و لَمّا تبلغ الأوساط، فلا تترك القيامَ لي، و تخفّفَ المحتاجَ إليّ في خِدْمتي.
عزيز في (عص). العزوز في (شب). و عَزْل الماء في (غي). و عِزَازها في (نص).
تُعَزِّزني في (حب). عُزُز في (حل). اعتَزَمْنَا في (ظل). [بالعزْم في (حز). العزائم في (خض). عزل في (فر). عزلاء في (شو). عَزَاهية في (عر)].

العين مع السين

[عسب]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- نَهي عَنْ عَسْب الفَحْل.
أي عن كراء قَرْعه. و العَسْب: القَرْع؛ يقال: عَسَب الفحلُ الناقَة يَعْسِبُها عَسْباً.
و المُسْتَعْسِب: المُسْتَطرِق، و هذا كلب يَعْسِب إذا ابتغي السِّفاد؛ و كأنه سُمِّيَ عَسْباً لأن الفحل يركب العَسِيب إذا سَفِدَ، و قد سمي ما يؤخذ عليه من الكِراء باسمه. و قيل عسَبْتُ الرجلَ؛ إذ أعطيته الكِراء علي ضِرَاب فَحْلِه.
و
عن أبي مُعاذ: كنتُ تيَّاساً، فقال لي البَرَاء بن عازب: لا يحلّ لك عَسْبُ الفحل.
و
عن قَتادة: أنَه كره عَسْب الفحل لمن أخذه، و لم ير بأساً لمن أعطاه.

[عسف]*:

بعث صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سرِيّة فنهي عن قَتْل العُسَفاء و الوُصفاء- و روي: الأُسَفَاء.
______________________________
(1) (*) [عسب]: و منه حديث الدجال: فتتبعه كنوها كيعاسيب النحل. النهاية 3/ 235.
(2) (*) [عسف]: و منه الحديث: لا تبلغ شفاعتي إماماً عسوفاً. النهاية 3/ 237.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 362
العَسيف: الأجير و العبد المُستهان به. قال:
أطَعْتُ النفسَ في الشَّهوَات حَتَّي أعادَتْنِي عَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ «1»
و لا يخلو من أن يكون فَعيلًا بمعني فاعل كَعليم، أو بمعني مَفْعول كأسير، فهو علي الأول من قولهم: هو يَعْسِف ضَيْعتهم «2»؛ أي يرعاها و يكفيهم و يقال: كم أعْسِف عليك! أي كم أعمل لك! و علي الثاني من العَسْف؛ لأن مولاه يَعْسِفُه علي ما يريد، و جمعه علي فُعَلاء في الوجهين، نحو قولهم: عُلماء و أُسَراء.
الأَسِيف: الشيخ الفاني، و قيل العبد. و عن المبرِّد: يكون الأجير و يكون الأسير.
و
في الحديث: لا تقتلوا عَسيفاً و لا أسِيفاً.

[عسل]*:

إذا أراد اللّٰه تعالي بعَبْدٍ خيراً عَسَله. قيل: يا رسول اللّٰه، و ما عَسَله؟ قال:
يَفْتَحُ اللَّهُ له عملًا صالحاً بين يدي مَوْتِه، حتي يرضي عنه مَنْ حوله.
هو من عَسَل الطعامَ بعسِله و يَعْسُله، إذا جعل فيه العَسل؛ كأنه شَبّه ما رزقه اللّٰه من العمل الصالح الذي طاب به ذِكرُه بين قومه بالعَسل الذي يُجْعَلُ في الطعام فَيَحْلَوْلِي به و يَطيب.
قال لامرأة رِفاعة القُرَظِيّ: أ تريدين أنْ تَرْجِعي إلي رِفاعة؟ [فقالت: نعم! قال:] لا؛ حَتَّي تَذُوقي عُسَيْلَتَهُ و يَذُوقَ عُسَيْلَتك.
قلت: فإنه يا رسولَ اللّٰه قد جاءني هَبَّة.
و روي أن رِفاعة طَلّق امرأتَه فتزوَّجها عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت و عليها خِمارٌ أخضر، فشكت إلي عائشة و أرَتْها خُضْرة جِلْدِها. فلما جاء رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- و النساء يَنْصُرُ بعضهنّ بعضاً- قالت عائشة: ما رأيتُ مثلَ ما تَلْقَي المؤمنات! لَجِلْدُها أشَدُّ خُضرَةً من ثوبها!
و سمِع أنها قد أتَتْ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، فجاء و معه ابنان له مِنْ غيرِها. قالت: و اللّٰه ما لي إليه من ذَنْب إلا أنّ ما معه ليس بأغني عني من هذه- و أخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا- فقال: كذبت و اللّٰه! يا رسول اللّٰه إني لأنْفُضُها نَفْضَ الأديم؛ و لكنها ناشِزٌ تريد رِفاعة.
فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فإنْ كان ذلك لم تَحِلِّي له حتي تَذُوقِي عُسَيْلَته؛ فأبصر معه ابنين له، فقال أ بنوك هؤلاء؟ قال نعم، قال: هذا الذي تَزْعُمين ما تزعمين! فواللّٰه لهم أشْبَه به من الغُراب بالغراب.
______________________________
(1) البيت في أساس البلاغة (عسف).
(2) الضيعة: مال الرجل من النخل و الكرم و الأرض.
(3) (*) [عسل]: و منه في حديث عمر: أنه قال لعمرو بن معديكرب: كذب، عليك العَسَل. النهاية 3/ 237.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 363
و روي أنها قالت: إني كنتُ عند رِفاعة فطلقني فَبَتَّ طلاقي، فتزوجتُ عبد الرحمن بن الزبير. و إنه و اللَّهِ ما معه إلا مثلُ هذه الهُدْبة- و أخذت هُدْبةً من جِلْبَابها.
ضرب ذَوْقَ العُسيلة و هي تصغير العَسَلة و هي تغير العَسَلة، من قولهم: كنا في لَحْمة و نَبيذة و عَسَلة- مثلًا لإصابة حلاوةِ الجماع و لذَّته؛ إنما صُغّر إشارةً إلي القدْر الذي يُحَلِّل؛ و أرادتْ بالهَبَّة المرة الواحدة؛ تعني أن العُسَيلة قد ذِيقت بالوِقاع مَرّةً.
و الهَبّة: الوَقْعة، يقال احذَرْ هَبَّة السيف؛ أي وَقْعته.
شبهت ما معه بالهُدْبة في استرخائه و ضَعْفه.
الجلباب: الرِّداء، و قيل: ثَوْبٌ أوسع مِنَ الخِمار، تُغَطِّي به المرأةُ رأسها و صدرَها.
جُعل جَاء عبارةً عن المواقعة كما جُعل أتي و غشي.
أ بنوك هؤلاء؟ دليل علي أن الاثنين جماعة.
كان في كان ذلك تامة بمعني وثَبَت.

[عسب]:

علي رضي اللّٰه تعالي عنه- مَرَّ بعبد الرحمن بن عَتَّاب قَتِيلًا يوم الجَمل، فقال: لَهْفي عليك يَعْسوبَ قريش! جدعْت أنْفي و شفيت نفسي.
و
قال حين ذكر الفِتَن: فإذا كان ذلك ضرب يَعْسُوبُ الدين بذَنبه. فيجتمعون إليه كما يجتمع قَزعُ الخريف.
أراد السَّيِّد و الرئيس، و أصله الفَحْل، يقال لفَحْل النحلِ يعْسوب. و قال الهيَّبَان الفَهْمِي:
كما ضُرِب اليعسوب إنْ عَاف باقرٌ و ما ذَنْبُه إن عَاقَت المَاءَ باقِرُ
يعني فَحْل البقر؛ و هو يَفْعول من العَسْب بمعني الطَّرْق.
و الضَّرْب بالذَّنَب مَثلٌ للإقامة و الثَّبات.
القَزع: قِطَعُ السحاب.
زَيْد بن ثابت رضي اللّٰه تعالي عنه- أمره أبو بكر أنْ يَجْمَعَ القرآن، قال: فجعلت أتتبَّعه من الرِّقاع و العُسُب و اللِّخاف.
جمع عَسيب؛ و هو السَّعفة.
و منه
حديث الزّهري رحمه اللّٰه تعالي- قُبِض رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و القرآن في العُسُب و القُضم و الكرانيف.
اللِّخاف: حجارة بيض؛ الواحدة لَخْفَة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 364
القُضُم: جمع قَضِيم؛ و هي جُلود بِيض. قال [النابغة:
كأنَّ مَجَرّ الرامساتِ «1» ذيُولَها عليه] قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوانِعُ «2»
الكَرَانِيف: أصول السّعف الغِلاظ؛ جمع كِرْنَافة.
العسلوج في (صب). عساً في (هج) و في (دش). عَسِيفاً في (كت) و في (ذر).
عَسيب في (فر). بعِسَاء في (من). يعسوباً في (سج). عَسْعَس في (جو). [عَسْرَانِه في (نت). أعسر في (لب). بعُسْفان في (ضج). يعتسر في (عص)].

العين مع الشين

[عشي]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
عن زياد بن الحارث الصَّدَائي- كان رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في بَعْضِ أسفاره، فاعْتَشَي في أول الليل، فانقطع عنه أصحابُه و لزمْتُه؛ فلما كان وقت الأذان أمرني فأذَّنْت، فلما نزل للصلاة لحقه أصحابُه؛ فأراد بلال أن يُقيم، فقال له: إن أخا صُدَاء هو الذي أذَّن، و مَنْ أذّن فهو يقيم.
اعتَشَي: سَارَ وَقْتَ العِشاء؛ كاغْتَدَي و اسْتَحرَ و ابْتَكر، أنشد الجاحظ لمُزاحم العُقَيْلي:
وُجوهٌ لو أنَّ المُعْتَفِين اعْتَشَوْا بها صَدَعْنَ الدُّجَي حتي يُري الليل يَنْجَلِي «3»
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: يا مَعْشرَ العربِ، احْمَدوا اللّٰه الذي رفع عنكم العَشْوة.
أي ظُلمة الكفر. قال أبو زيد: يقال مضي من الليل عَشْوة؛ و هي ساعة من أوله إلي الرّبع، و فيها ثَلاث لغات: الضم و الفَتْح و الكسر. قال الكُمَيْت:
لا يَنْظُرُ العَشْوة الملتخّ «4» غيْهَبُها و لا تضيق علي زُوَّارِه الحِلَلُ
______________________________
(1) الرامسات: الرياح.
(2) البيت من الطويل، و هو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 31، و جمهرة اللغة ص 977، و خزانة الأدب 2/ 453، و شرح شواهد الإيضاح ص 174، و شرح شواهد الشافية ص 106، و شرح المفصل 6/ 110، 111، و لسان العرب (نمق) و (ذيل) و (قضم)، و بلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب 2/ 16، و شرح عمدة الحافظ ص 733.
(5) (*) [عشي]: و منه حديث ابن الأكوع: فأخذ عليهم بالعشوة. و في حديث علي: خَبَّاط عشوات. النهاية 3/ 242.
(3) البيت في لسان العرب (عشا)، و رواية عجز البيت في اللسان:
سَطَعْنَ الدُّجَي حتي تري الليل ينجلي
(4) الملتخّ: المضطرب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 365‌

[عشر]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم للنساء: إنكن أكْثَرُ أهلِ النار؛ و ذلك لأنكنّ تُكثرن اللَّعْنَ، و تَكْفُرن العَشير.
هو المعاشر؛ كالخليل بمعني المخالل، و الصديق بمعني المصادق. قال اللّٰه تعالي:
وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ [الحج: 13]. و المُراد به الزوج.
قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في حَجّة الوَدَاع: لا يُعْشَرن و لا يُحْشَرن.
أي لا يؤخذ عُشر أموالهنّ، و لا يُحْشَرن إلي المصدّق؛ و لكن تُؤْخذ منهن الصّدقة بمواضعهن.
و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: تُؤخذ صدقات المسلمين عند بيوتهم و أفنِيتهم و علي مياههم.
و قيل: لا يُحْشَرْنَ إلي المغازي.
و
عنه: أنَّ وفد ثَقيف اشترطوا عليه ألّا يُعْشَروا و لا يُحْشَروا و لا يُجَبُّوا فقال: لا خير في دين لا رُكوع فيه.
و التَّجْبِية: الركوع.

[عشي]:

قال جُندَب الجُهْني رضي اللّٰه عنه: بعث رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم غالبَ بن عبد اللّٰه إلي مَنْ بالكَدِيد، و أمره أنْ يُغير عليهم، فأتينا بَطْن الكَديد؛ فنزلنا عُشَيْشِيَة؛ فبعثني صاحبي رَبيئة؛ فعمدت إلي تَلّ يُطلعني علي الحاضر؛ فانبطحتُ عليه، و ذلك قبل المغرب، فرآني رجل منهم منبطحاً علي التَلّ؛ فرماني بسَهْم، فواللّٰه ما أخطأ جنبي؛ فانتزعتُه فوضعته، [و ثَبَتّ]، ثم رمي بالآخر فوضعه في جنبي، فنزعته و وضعته و لم أتحرّك؛ فقال لامرأته:
واللّٰه لقد خالطه سَهْماي، و لو كان زائلَةً لتحرّك.
هي تصغير عَشِيّة علي غير قياس؛ يقال: أتيته عُشَيْشيَة و عُشَيَّاناً و عُشَيَّانة و عُشَيْشَيانا.
الزائلة: كلّ شي‌ء تَحرّك و زال عن مكانه؛ يقال: زالت لي زائلة؛ أي شَخصَ لي شخص، و رجل رامي الزّوائل؛ أي طبٌّ بإصباء النساء، و أنشد ابن الأعرابي:
و كنتُ امرأ أرمي الزوائلَ مَرَّةً فأصبحتُ قد وَدَّعْتُ رَمْيَ الزَّوَائلِ «1»
و عَطَّلْتُ قَوْسَ الجَهلِ عن شِرَعاتها و عادَتْ سهامي بين رَثٍّ و ناصِلِ

[عشم]*:

صلَّي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في مسجد بِمني، فيه عَيْشومة.
______________________________
(2) (*) [عشر]: و منه الحديث: إن لقيتم عاشراً فاقتلوه. و الحديث: ليس علي المسلمين العشور. و قال صعصعة بن ناجية: اشتريت مؤودة بناقتين عشراوين. و في حديث ابن عمير: قرص بُرِّيٌّ بلبن عُشَريٍّ.
النهاية 3/ 239، 240، 241.
(1) البيت الأول بلا نسبة في أساس البلاغة (زول)، و البيتان بلا نسبة أيضاً في لسان العرب (زول).
(3) (*) [عشم]: و منه الحديث: إن بلدتنا باردة عَشَمة. النهاية 3/ 241.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 366
هي نبت دقيق طويل مُحدّد الأطرَاف؛ كأنه الأسَل، يُتَّخَذُ منه الحُصر الدّقاق قال ذو الرُّمة:
[لِلْجِنّ بالليل في أرجائها زَجَل] كما تناوحَ يوم الريح عَيْشُوم «1»
و يقال: إن ذلك المسجد يقال له مسجد العَيْشومة [؛ لأن] فيه عَيشومة خضراءُ أبداً؛ في الخِصب و الْجَدْب.
عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- وقفَتْ عليه امرأة [عَشمَة] بأهْدام لها، فقالت: حيّاكم اللّٰه قوماً تحيّة السّلام، و أمارة الإسلام، إني امرَأةٌ جُحَيْمِرٌ طَهْمَلةٌ، أَقْبَلْتُ من هَكْران و كَوْكب، أجاءتني النّآئد، إلي اسْتِيشَاء الأباعد؛ بعد الدف‌ء و الوَقِير؛ فهل من ناصر يُجير؛ أو دَاعٍ يُشْكر! أعاذكم اللّٰه من جَوْحِ الدهر، و ضَغْم الفقر!
يقال للرجل و المرأة عَشَمَة و عَشَبة، إذا أسَنّا و يَبِسا؛ من عَشِم الخُبزُ إذا يبِس و تكرَّج «2».
و
في حديث المغيرة بن شعبة: أن أميمة بنت الحارث النَّهدية دخلت عليه تخاصمُ زوجَها وَهْب بن سَلَمة بن جابر الرَّاسِبيّ، فقالت: أصلح اللّٰه الأمير! ينام عني حَجْرَة، و إن دنا ولَّي و ولاني دُبْره، ينام عن الحقائق، و يستيقظ للبوائق؛ ليلي من جرّاه طويل، و خادمي منه في عَوِيل!
فقال زوجها: كذبْتِ يا عدوة اللّٰه و أثِمْتِ! و اللّٰه ما أقدر علي أن أقوم بشأنك؛ فكيف أتعدَّاك إلي غيرك؟
فقالت: و اللّٰه ما أردتُ إلا هذا؛ ففرّقْ بيني و بينه، فواللّٰه ما هو إلا عَشمَة من العَشَم؛ و اللّٰه ما يقدِر علي ما يقدِر عليه الرجال.
الأهدام: جمع هِدْم و هو الثوب الذي هَدمه البِلي.
جُحَيْمر: تصغير جَحْمَرِش؛ و هي العجوز القَحْلة «3».
طَهْمَلة: مُسْتَرْخية اللحم.
هَكْران و كَوْكب: جبلان.
النآئد: جمع نآد، و هي الداهية: و يقال نأدته نأداً.
جعلت الاسْتِيشاء و هو الاحتلاب و الاستخراج، يقال اسْتَوْشَيْتُ الناقة إذا امتريتها و استوْشي الفرسَ، استخرج ما عنده من الْجَرْي- عبارةً عن المسألة كما يجعل الاختباط.
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 575.
(2) كرج الخبز و تكرج: فسد و علته خضرة. القاموس المحيط (كرج).
(3) القحلة: الفانية.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 367
الوَقير: الغنم الكثير.
الناصر: المعطي، من نَصَر الغيثُ أرضَ بني فلان.
الجَوْح: الاحتياج.
الضَّغْم: العَضّ.

[عشو]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- أتاه رجلٌ فسأله، فقال: كما لا ينفع مع الشِّرْك عَمَل، فهل يَضُرُّ مع الإسلام ذَنْب؟ فقال ابن عمر: عَشِّ و لا تَغْتَرّ، ثم سأل ابنَ الزبير فقال مثل ذلك، ثم سأل ابن عباس، فقال مِثْلَ ذلك.
هذا مثلٌ للعرب تضربه في التوصية بالاحتياط و الأخْذِ بالوثيقة. و أصلُه أن رجلًا أراد التّفوِيز بإبله، و لم يُعَشِّيا ثقةً بعُشْب سيجدُه، فقيل له ذلك.
و المعني تَوَقَّ الذنب و لا ترتكبه اتِّكالًا علي الإسلام، و خُذْ بما هو أحْوَطُ لك و آمنُ مَغَبّةً.
ابن عمير رضي اللّٰه تعالي عنه- ما مِنْ عاشيةٍ أطْول أنَقاً، و لا أطول شِبَعاً من عالم، من عِلْم.
يقال: عَشِيَت الإبل، إذا تَعَشَّتْ فهي عاشية، و في أمثالهم: العَاشِيَةُ تَهِيجُ الآبِيَة.
الأنَق: الإعجاب بالمرعي يقال: أنِق الشي‌ء، فهو آنق و أنِق إذا أعجب. و أنِقْت الشي‌ء أنقاً؛ إذا أحببته و أُعجِبت به.
«مِنْ» في «مِنْ عالم» يتعلق بأفعل الثاني عندنا لأنه أقربهما، و في «مِنْ عِلْم» بالشبع.
و المعني: ما من عاشية أطول أنَقاً من عالم، و لا أطول شبعاً من الكلأ مِنْ عالم من علم؛ يريد أنّ العالم منهوم مُتَمادِي الحِرْص.
و
روي: ما من عاشية أدوم أنَقاً، و لا أبطأ شِبَعاً من عاشية علم.
ابن المسيّب رحمه اللّٰه- قال عليّ بن زيد: سمعته و هو ابنُ أربعٍ و ثمانين سنة و قد ذهبَتْ إحدي عَيْنَيْه. و يَعْشُو بالأخري يقول: ما أخَافُ علي نفسي فتنةً هي أشَدُّ عليّ من النساء.
أي ينظر نظراً ضعيفاً؛ يقال: عشوتُ إلي النار أعْشُو.
بالعَشْوة في (بد). العشَنَّق و تعشيشاً في (غث). عشمة في (مز). [عُشَرِيّ في (سن).
عيشومة في (مص). العشاءين في (حي). و لا يُعشروا في (ثو). عَشَوات في (ذم)].

العين مع الصاد

[عصو]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- غَيَّر اسْمَ العَاصي، و عَزِيز، و عَتَلة، و شَيْطان، و الحَكم،
______________________________
(1) (*) [عصا]: و منه حديث أبي الجهم: فإنه لا يضع عصاه عن عاتقه. النهاية 3/ 250.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 368
و غُراب، و شِهَاب؛ و سَمَّي المضطجع- المُنْبَعث؛ و سَمي شعب الضلالة شعبَ الهدي؛ و مر بأرض تسمي عَثِرة، أو عَفِرة، أو غَدِرة؛ فسماها خَضرة.
كره العَاصي: لأنَّ شعارَ المؤمن الطاعة.
و العَزيز؛ لأن العبد موصوف بالذّل و الخضوع؛ و العزةُ للّٰه تعالي.
و عَتَلة؛ لأن معناها الغلظة و الشدّة؛ مِنْ عَتَلْتُه إذا جذبته جذباً عنيفاً؛ و المؤمن موصوف بلِين الجانب و خَفْضِ الجناح.
و الحَكَم؛ لأنه الحاكم و لا حُكم إلا للّٰه.
و شِهاباً؛ لأنه الشُّعلة، و النارُ عقاب الكفار، و لأنه يُرجم به الشيطان.
و غُراباً؛ لأن معناه البعد، و لأنه أخبث الطير لوقوعه علي الجِيف، و بحثه عن النجاسة.
العَثِرة: التي لا نبات فيها، إنما هي صَعِيد قد علاها العِثْير و هو الغُبَار.
و العَفِرة: من عُفْرة الأرض.
و الغَدِرة: التي لا تسمح بالثبات، و إن أنبتت شيئاً أسرعت فيه الآفة؛ أخِذَتْ من الغَدْر.

[عصر]*:

عن فَضَالة رضي اللّٰه تعالي عنه قال: قال رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: حافظ علي العَصْرين- و ما كانت من لغتنا- فقلت: و ما العَصْرَان؟ قال: صلاةٌ قبل طلوع الشمس، و صلاةٌ قبل غروبها.
سماهما بالعَصْرَيْن، و هما الغداة و العشِيّ؛ قال:
أُمَاطِلُه العَصْريْنِ حتي يَمَلّني و يرضي بنصف الدَّيْن و الأنفُ راغِم «1»
أمر صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بلالًا أن يؤذّن قبل الفجر لِيَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُم.
أراد الذي يضربُ الغائط منهم؛ فكَني عنه بالمُعْتَصِر؛ إما من العَصْر أو العَصَر، و هو الملجأ و المُسْتَخْفَي.

[عصو]:

لا ترفع عصاك عن أهلِك.
أي لا تَغْفُلْ عن أدبهم و منعِهم من الفساد و الشِّقَاق؛ و يقال للرجل الحسن السياسة لما وَلي: إنه لليِّن العصا. قال معنُ بن أوْس المزنيّ:
عليه شَرِيبٌ وَادِاعٌ لَيِّنُ العَصَا يُسَاجِلُها جُمَّاتِه و تُسَاجِلُهُ «2»
______________________________
(3) (*) [عصر]: و منه الحديث: من صلي العصرين دخل الجنة. النهاية 3/ 247.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (عصر).
(2) البيت في أساس البلاغة (عصي).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 369‌

[عصم]*:

لما فرغ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم مِنْ قتال أهْل بَدْر أتاه جبرئيل علي فرس أنثي حمراء، عَاقداً ناصيته، عليه دِرْعُه، و رُمْحُه في يده قد عَصَم ثَنِيَّتَه الغُبارُ؛ فقال: إن اللّٰه أمرني- ألّا أفارقك حتي تَرْضَي، فهل رضيت؟ قال: نعم، قد رضيت؛ فانصرف.
مِنْ عَصَبَ الريقُ فاه و عَصَمه؛ إذا لزِق به؛ علي اعتقاب الباء و الميم؛ و لهما نظائر.
و يجوز أن يُراد بالثَّنِيَّة الطريق الذي أتي فيه؛ و أنَّ الغبار قد عَصَمه، أي مَنَعَه و صَدَّه، لتكاثفه و اعتكَاره؛ كما يقال: غُبَار قد سدّ الأُفق.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 369
في المختالات المتبرِّجات قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: لا يدخُل الجنّة منهنّ إلا مثل الغراب الأعصم.
قيل: يا رسول اللّٰه، و ما الغُرَابُ الأعصم؟ قال: الذي إحدي رجليه بَيْضاء.
و
روي: عائشةُ في النساء كالغُراب الأعصم في الغِرْبان.
قال ابنُ الأعرابيّ: الأعصم من الخَيْل الذي في يديه بياض؛ قلَّ أو كثر، و الوُعُول أكثرها عُصْمَة.
و قال الأصمعي: العُصْمة بَياض في ذِرَاعيِ الظبي و الوَعِل.
و عن بعضهم: بياض في يديه أو إحداهما كالسِّوَار.
و تفسير الحديث يطابق هذا القول، إلا أن الرِّجْلَ موضوعةٌ مكان اليد؛ قالوا: و هذا غيرُ موجود في الغربان، فمعناه إذن أنه لا يدخل أحد من المختالات المتبرِّجات الجنة.
و قيل: إنَّ الجناحَيْنِ للطائر كاليدين للبَهيمة.
و الأعصم من الغِربان: الذي في أحد جَناحيه ريشةٌ بيضاء، و هو قليل فيها؛ فعلي هذا يدخل القليل النادِرُ منهن الجنة.

[عصر]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قضي أنَّ الوالدَ يعتصِر وَلَدهُ فيما أعطاه، و ليس للولدِ أن يَعْتَصِر من والده.
اتسع في الاعتصار، فقيل بنو فلان يعتصرون العطاء، قال:
فَمنَّ و استَبْقَي و لم يَعْتَصِرْ مِنْ فَرْعِه مالًا و لا المكْسِرُ «1»
و اعتصر النخلَة، إذا ارتجعها.
و المعني أن الوالد إذا نَحَل ولده شيئاً فله أن يأخذه منه؛ فشبّه أخْذَ المال منه و استخراجه من يده بالاعتصار.
______________________________
(2) (*) [عصم]: و منه الحديث: من كانت عِصْمته شهادة أن لا إله إلا اللّٰه. و حديث الحديبية: وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ. النهاية 3/ 249.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (عصر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 370
و
في حديث الشَّعبي رحمه اللّٰه- يعتصر الوالِدُ علي ولده في ماله.
و إنما عدّاه بعلي لأنه في معني يرجع عليه و يعود عليه؛ و يُسَمَّي مَنْ يفعل ذلك عاصِراً و عَصوراً.
و
روي: يعتسر من مَالِ ولده
؛ من الاعتسار و هو الاقتسار؛ أي يأخذه منه و هو كارِه.

[عصب]*:

الزّبير رضي اللّٰه تعالي عنه- لما أقبل نحو البصرة سُئِلَ عن وَجْهِه؛ فقال:
عَلِقْتُهُمْ أنّي خُلِقْتُ عُصْبَهْ قَتَادَةً تعلَّقَتْ بنُشْبَهْ «1»
العُصْبَة: اللّبْلَاب؛ لأنه يعصِب بالشجر؛ أي يَلْتَوِي عليه و يُطيف به؛ و منه العُصْبَة؛ و هي الجماعة الملتَفّ بعضُها ببعض.
النُّشْبة: الذي يَنْشَبُ في الشي‌ء فلا ينحلُّ عنه؛ و منه قيل للذئب نُشْبَة عَلَمٌ له.
و المعني خُلِقْتُ عُلْقَةً لخصومي، فوضَع العُصْبة موضع العُلْقة، ثم شبَّه نفسَه في فَرْط تَعلُّقه بهم و تَشَبُّثِه بالقَتَادَة إذا استهرت في تعلُّقها بما تتعلّق به.
بِنُشْبَة؛ أي بشي‌ء شديد النُّشُوب؛ فالباء في بِنُشْبَة هي التي في كتبتُ بالقلم؛ لا التي في مررتُ بزيد، و عن شَمرٍ بلغني أنّ العرب تقول:
عَلِقْتُهُم إني خُلِقْتُ نُشْبَهْ قَتَادَةً مَلْوِيَّةً بعُصْبَهْ
و عن أبي الجرّاح: يقال للرجل الشديد المِرَاس: قَتَادَةٌ لُوِيَتْ بعُصْبة.
و
عن الحارث بن بَدْر الغُدَانيّ: كنتُ مَرَّةً نُشْبة، و أنا اليوم عُقبة.
أي أُعقبْتُ بالقوة ضعفاً.
و روي: عُتْبَة؛ أي أُعتب الناس؛ أعطيهم العُتْبي و الرضا.

[عصر]:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- مرَّت به امرأة مُتَطيِّبة لذيلها عَصَرَة فقال لها:
أين تريدين يا أمة الجَبَّار؟ فقالت أُرِيد المسجد.
هي الريح التي تَهيجُ بالغُبار؛ فإمّا أن يريد الغبَار الثائر من مَسْحَب ذيلها، أو هَيْجَ الرائحة و سطوعَها من عطرها.

[عصو]:

صِلَةُ بن أشْيَم رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لأبي السَّلِيل: إياك و قَتيل العَصَا.
______________________________
(2) (*) [عصب]: و منه حديث علي: الأبدال بالشام، و النجباء بمصر، و العصائب بالعراق. و الحديث: أنه رخَّص في المسح علي العصائب و التساخين. و الحديث: ليس منا من دعا إلي عصبية. و في حديث المهاجرين إلي المدينة: فنزلوا العُصْبة. النهاية 3/ 243، 244، 245، 246.
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (عصب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 371
أي إياك أن تكون قاتلًا أو مقتولًا في شَقّ عَصَا المسلمين.

[عصر]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- كان دَحْيةُ إذا قَدِم لم تَبْق مُعْصِر إلا خرجَتْ إليه.
هي التي دَنَتْ من الحَيْض؛ كأنها التي حانَ لها أن تَنْعَصر؛ و إنما خُصّ المُعْصِرُ، لأنها إذا خرجت و هي محجوبة فما الظنُّ بغيرها! و كان دِحْيَة مُفْرِطَ الجمال، و كان جبريل عليه السلام يَأْتي في صُورَتِه.

[عصب]:

عمرو رضي اللّٰه تعالي عنه- دخل عليه معاوية و هو عاتب، فقال: إن العَصوبَ يَرْفُقُ بها حالبُها فتحلُبُ العُلْبَة. فقال: أجل! و ربما زَبَنَتْهُ فدقَّت فَاه، و كفأت إناءَه! أما واللّٰه لقد تلافيتُ أمْرَك، و هو أشد انْفِضَاجاً من حُقِّ الكَهْدَل، فما زِلْتُ أرمُّه بوَذَائِلِه، و أصِلُهُ بوَصائله؛ حتي تَرَكْتُه علي مثل فلْكة المُدِرّ.
و روي: أتيتُك من العراق، و إن أمرك كَحُق الكَهْول أوْ كالجُعْدُبة.
و روي: أو الكُعْدبة.
و روي: كالحَجَة في الضعف؛ فما زلت أُسْدِي و ألحِمُ حتي صار أمرك كفَلْكة الدَّرَّارة، و كالطِّرَاف المُمَدَّد.
العَصُوب: الناقة التي لا تَدُرّ حتي تُعصَب فَخذَاها.
الزَّبْن: أن تَدْفع الحالب، و منه الحَرْبُ الزَّبُون.
الانفضاج: الاسترخاء. يقال: انفضج بَطْنُه، إذا استرخي، و انفضجت القَرْحة، إذا انفرجت، و منه تَفَضَّج بدنُه سِمَناً و انفضج، و أنشد أبو زيد:
قد طُوِيتْ بطونُها طَيَّ الأدَمْ بعد انفضاج البُدْنِ و اللَّحْمِ الزِّيَمْ
الكَهْدَل و الكَهْوَل: العنكبوت.، و حُقُّها: بيتها. و قيل: الكَهْدَل العجوز، و حقّها ثديها. و قيل: الكهدل ضرب من الكَمْأَة، و حُقُّه بيضته. و يجوز أن تكون اللَّامُ مزيدةً من قولهم: شيخ كَوْهَد؛ إذا ارتعش ضَعْفاً، و يقال: كَهَدَهُ إذا أضعفه و نَهَكه.
قالوا: الوَذَائل: سبائك الفضة؛ جمعَ وَذِيلة.
و الوصائل: ثياب حُمْر مخططة يُجاء بها من اليمن؛ الواحدة وَصيلة.
يريد أنه زَيَّنه و حَسَّنه.
و عندي أنه أراد بالوذائل جمعَ وَذِيلة، و هي المرآة بلغة هذيل. قال:
و بياضُ وَجْهِك لم تَحُل أسرارُه مثل الوَذِيلة أو كَشَنْفِ الأنْضُر «1»
______________________________
(1) البيت في أساس البلاغة (وذل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 372
مَثَّلَ بها آراءه التي كانت لمعاوية أشباه المرائي، يري فيها وجوهَ صلاح أمره و استقامَةَ ملكه.
و بالوصائل جمع وَصيلة و هي ما يُوصلُ به الشي‌ء.
يقول: ما زلتُ أرُمُّ أمرَك بالآراء الصائبة و التَّدابير التي يُستصلح الملك بمثلها. و أصْلُه بما يجب أن يوصل به من المعاوِن، و الموازرات التي لا غِني به عنها.
المُدِرّ: الغَزَّال، و الدّرَّارة: المِغْزل، و أدَرّ مِغْزَله أدَاره.
ضَرَب فَلْكَة الغَزّال مثلًا لاستحكام أمْرِه بعد استرخائه، لأن الغَزّال لا يألو إحكاماً و تثبيتاً لفَلْكته، لأنها إذا قَلِقَتْ لم تدرّ الدرارة، و ثبلتُها أن تَنْتهي إلي مُسْتَغْلَظ المغزل.
و قال مَنْ فسر الكَهْدل بالعجوز و الحُقّ بالثدْي: المُدِرّ الجارية التي فلَّك ثَدْيُها و حان لها أن يَدُرّ لبنها، و الفَلْكة: ما استدار من ثَدْيها، شُبِّه بفَلْكة المغزل.
الجُعْدبة، و الكُعْدُبة، و الْحَجَاة: النَّفّاخة، و قولهم في عَلَم لرجل من المدينة جُعْدبة منقول منها.
الطِّرَاف: بيت من أدَم، قال طرفة:
رَأَيْتُ بني غَبْراءَ لا يُنكِرونَنِي و لا أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرافِ المُمَدَّدِ «1»

[عصر]:

القاسم بن مُخيمرة رحمه اللّٰه تعالي- سئل عن العُصْرَة للمرأة، فقال: لا أعلمُ رُخْصَةً فيها؛ إلا للشيخ المعقوف.
هو عَضْلُها عن التزوّج، من عُصْرَة الغَرِيم؛ و هو أن يَمْنع مالَه عليه. و قد اعتصره.
المَعْقُوف: المنحني، و العَقْف و العَطْف أخوان؛ يقال: عقَفَه يعقِفُه، و منه الأعقف و العُقَّافة: شبه المِحْجَنِ.
أراد أنه لا يرخّص إلا لشيخٍ له بنت، و قد ضعف و احْدَوْدَب؛ فهو مُضْطَر إلي استخدامها.
العصل في (خب). أن يعصبوه في (بح). العصفور في (دف). بعُصم في (زه).
العصائب في (شو). اعصبوها في (ضل). عصماء في (قح). العصل و عصلها في (ري).
عصب في (جز). بعَصْلَبي في (ين). العصعص في (رج). [العَصَبة في (عم)].
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لطرفة بن العبد في ديوانه ص 31، و تخليص الشواهد ص 125، و جمهرة اللغة ص 754، و الجني الداني ص 347، و الدرر اللوامع 1/ 236، و لسان العرب (غبر) و (بني)، و المقاصد النحوية 1/ 410، و بلا نسبة في الاشتقاق ص 214، و شرح الأشموني 1/ 65، و شرح ابن عقيل ص 73، و همع الهوامع 1/ 76.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 373‌

العين مع الضاد

[عضد]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم-
إن سَمرة بن جُنْدُب كانت له عَضُد من نَخْل في حائط رجُلٍ من الأنصار، و مع الرجل أهلُه، فكان سَمرة يدخل إلي نَخْله، فيشقّ علي الرجل، فطلب إليه أن يُناقِلَه فأَبَي؛ فأتي النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و ذكر له ذلك، فطلب إليه رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أن يبيعَه فأبي.
فطلب إليه أن يناقله فأبي، قال: فهَبْه له و لك كذا و كذا- أمراً أرْغَبه فيه- فأبي، فقال:
أنْتَ مُضَارّه، و قال للأنصاري: اذهب أنْتَ فاقلع نَخْلَه.
اتُّسع في العَضُد؛ فقيل عَضُد الحوض، و عَضد الطريق لجانبه. و يقولون: إذا نَخَرتِ الريح من هذه العَضُد: أتاك الغيث؛ يريدون ناحيةَ اليمن، ثم قالوا للطريقة من النخل:
عَضُد، لأنها متساطرة في جِهة- و روي: عَضِيد؛ قال الأصمعي: إذا صار للنخلة جذْع يُتَناول منه فهي العَضِيد. و الجمع عِضْدان. قال:
تري العَضِيد الموقَر المئخارا مِنْ وَقْعِه يَنْتَثِرُ انتثارا «1»
و قال كثَيِّر عَزّة:
من الغُلْبِ مِنْ عِضْدان هامة شُرِّبَتْ لِسَقْيٍ و جَمَّتْ للنواضِحِ بئرُها
و قيل: هي الجبّارة البالغة غايةَ الطول.

[عضه]*:

قال ألا أنبئكم ما العِضَةُ؟ قالوا: بلي يا رسول اللّٰه! قال: هي النميمة.
و قال: إياكم و العِضَة، أ تدرون ما العضة؟ هي النميمة.
أصلها العِضْهَةُ، فِعْلة من العَضْهِ؛ و هو البَهْت؛ فحذفت لامُه كما حذفت من السّنَة و الشَّفةِ، و تجمع علي عِضِين. قال يونس: بينهم عِضَة قبيحة، من العَضيهة.
و فسر بعضُهم قوله تعالي: جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [الحجر: 91] بالسِّحر؛ لأنه كذب، و نحوها العِضَة من الشجر في قوله:
[إذا ماتَ مِنْهُمُ سَيِّدٌ سُوِّدَ ابنُه] و مِنْ عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها «2»
______________________________
(3) (*) [عضد]: و منه الحديث في تحريم المدينة: نهي أن يُعْضَدَ شجرها. و حديث طهفة: و نستعضد البرير.
و في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إنه كان أبيض معضَّداً. النهاية 3/ 251، 252.
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (غضض)، و رواية صدر البيت في اللسان:
تري الغضيض الموقر المنحارا
(4) (*) [عضه]: و منه في حديث البيعة: و لا يعضه بعضنا بعضاً. و الحديث: من تعزَّي بعزاء الجاهلية فاعضهوه. و الحديث: ما عضهت عضاه إلا بتركها التسبيح. النهاية 3/ 254، 255.
(2) البيت من الطويل، و هو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 103، و خزانة الأدب 4/ 22، 6/ 281،-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 374
و قد جاء بأصلها مَنْ قال:
يحط من عمّائه الأُرْوِيّا يتركُ كلَّ عضْهَةٍ عِصيَّا

[عضض]*:

أنتم اليوم في نُبوَّة و رحمة، ثم تكون خِلافة و رَحْمة، ثم تكون كذا و كذا، ثم يكون ملك عَضُوض؛ يشربون الخَمْر، و يلبسون الحرِير، و في ذلك يُنْصَرون علي مَنْ ناواهم.
و روي: مُلوك عُضُوض.
الملك العَضوض: الذي فيه عَسْف و ظُلْم للرعية، كأنه يَعضُّهم عضاً. و منه قولهم:
عضَّتهم الحَرْبُ، و عضَّهم السِّلاح.
العُضوض: جمع عِضّ، و هو الخبيث الشَّرِس. و قد عَضّ يَعَضّ عَضاضة.
المناوأة: المناهضة، و هي العَداوة؛ من النّوء، و هو النهوض.

[عضب]:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أنْ يُضَحَّي بالأعْضَبِ القَرْنِ و الأُذُنِ.
العَضَب في القرن: الداخل الانكسار. قال الأخطل:
إنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّها و رَوَاحَها تَرَكَتْ هَوَازِنَ مِثْلَ قَرْنِ الأعْضَبِ «1»
و يقال للانكِسار في الخارج القَصَم. قال ابن الأنباري: و قد يكون العَضَب في الأذن؛ إلا أنه في القَرْن أكثر. و قد كانت تُسَمَّي نَاقَتُه العَضْباء، و هو عَلَم لها، و لم تُسَمَّ بذلك لعَضَبٍ في أذُنها.
و
في حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أن أصحابه أسَرُوا رجلًا من بني عُقَيْل، و معه ناقة يقال لها العَضْبَاء؛ فمرَّ به النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و هو في وَثَاقٍ، فقال: يا محمد، عَلامَ تأخذُني و تأخذ سابقةَ الحاج؟ فقال:
نأخذك بجَرِيرة حُلفَائك ثَقِيف- و كان ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- فلما مضي ناداه: يا محمد [يا محمد]! فقال: ما شأنُك؟ قال: إني مسلم. قال: لو قُلْتَها و أنتَ تملكُ أمرَك أفلحت كلَّ الفلاح! فقال: يا محمد إني جائع فأطعمني، إني ظمآن فاسْقِني، فقال رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: هذه حاجتك- [أو قال هذه حاجته] فَفُدِي الرجلُ بَعْدُ بالرجلين.
______________________________
- 11/ 221، 403، و شرح الأشموني 2/ 497، و شرح التصريح 2/ 205، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1643، و شرح شواهد المغني 2/ 761، و الكتاب 3/ 517، و لسان العرب (شكر) و (عضه)، و مغني اللبيب 2/ 340.
(2) (*) [عضض]: و منه الحديث: من اتَّصل فأعِضُّوه. و قول أبي جهل لعتبة يوم بدر: و اللّٰه لو غيرك يقول هذا لأعضضته. و في حديث يعلي: ينطلق أحدكم إلي أخيه فيعضُّه كعضيض الفحل. النهاية 3/ 252، 253.
(1) البيت من الكامل، و هو للأخطل في ديوانه ص 329، و خزانة الأدب 5/ 199، 201، و لسان العرب (عضب)، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 354، و شرح الأشموني 2/ 441.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 375
علام تأخذني؟ أي لِمَ تأسرني؟ و يقال للأسير أخِيذ، و الأكثر الأشيع حذف ألف ما مع حروف الجر، نحو: لِم؟ و بم؟ و فيم؟ و إلام؟ و علَامَ؟ و حتَّامَ.
أراد بسابقة الحاج ناقَته، كأنها كانت تسبقُ الحاجّ لسرعتها.
بجَرِيرة حُلفائك؛ يعني أنه كانت بين رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و بين ثَقِيف مُوادَعة، فلما نقضوها و لم يُنكر عليهم بنو عُقَيْل صاروا مِثْلَهم في نَقْض العهد؛ و إنما ردّه إلي دارِ الكفر بعد إظهاره كلمةَ الإسلام؛ لأنه علم أنه غير صادق، و أنّ ذلك لرغبة أو وهبة؛ و هذا خاصة لرسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.

[عضي]*:

لا تَعضِيةً في ميراث، إلا فيما حمل القَسْم.
هي التفريق؛ من عَضَّيْت الشاةَ؛ أي إذا كان في الترِكة ما يستضرُّ الورثة بقَسْمه؛ كحبة الجوهر، و الطَّيلسان، و الحمَّام، و نحوها، لم يُقْسَم؛ و لكن ثمنه.

[عضه]:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن العاضِهَة و المستَعْضِهة.
قيل: هما الساحرة، و المُسْتَسْحِرَة.

[عضل]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أعضَلَ بي أهلُ الكوفة؛ ما يرضَوْن بأمير، و لا يَرْضَي بهم أمير.
و روي: غَلَبَني أهْلُ الكوفة؛ أستعمِلُ عليهم المؤمن فيضعّف، و أستعمل عليهم الفاجر فيفَجّر.
أي ضاقت عليّ الحِيَلُ في أمرهم؛ مِنَ الدَّاءِ العُضَال.
و منه
قوله رضي اللّٰه عنه: أعوذُ باللّٰه من كل مُعضِلةٍ؛ ليس لها أبو حسن- و روي:
مُعَضِّلة.
أراد المسألة أو الخُطّة الصعبة. و المعضّلة من عَضَّلَتِ الحاملُ؛ إذا نَشِب الولدُ في بطنها.
و منه
حديث الشَّعبي رحمه اللّٰه: أنه كان إذا سُئل عن مُعضلة قال: زَبّاء ذات وَبَر، أعيَتْ قائدَها و سائقها؛ لو أُلْقِيَتْ علي أصحاب محمد صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لأعضلَتْ بهم.
______________________________
(1) (*) [عضي]: و منه في حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالي: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أي جزَّأُوه أجزاءً. النهاية 3/ 355.
(2) (*) [عضل]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه كان مُعضَّلًا. و في حديث ما عز: أنه أعضل قصيرٌ. و في حديث كعب:
لما أراد الخروج إلي العراق قال له: و بها الداء العضال. و في حديث ابن عمر قال له أبوه: زوجتك امرأة فعضلتها. النهاية 3/ 253، 254.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 376
مثّلها بالناقَةِ النفُور لزَببها في الاستعصاب؛ قال:
كما نَفَرَ الأزَبُّ عن الظّعَانِ «1»
و في أمثالهم: كُلُّ أزَبّ نَفُور.
و أن تعضَد في (دف). التَّعْضُوض في (ذو). بالعَضْبَاء في (سر). و نستعضد في (صب). عَضْباء في (عق). فاعتضد في (فج). ثَعْضُوض في (قو). معضّداً في (مغ). [عَضّ علي ناجذه في (جو). ملأ عَضُدي في (غث). العضه في (خب)]. عضوضاً في (وج). [لا يعض في العلم بضِرْس في (ذم). لأَعْضَضْتُه في (ضل). و اللّٰه لتعضوض في (سن). فأعِضّوه في (وص)].

العين مع الطاء

[عطو]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- أرْبَي الرِّبا عَطْوُ الرجلِ المُسْلم عِرْضَ أخيه المسلم بغير حق.
أي تناولُه بلسانه.

[عطل]*:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- كَرِهتْ أن تُصلِّيَ المرأةُ عُطُلًا؛ و لو أن تُعلّق في عُنقُها خَيْطاً.
هي العاطِل؛ و قد عطِلت عَطَلًا و عُطولًا و تَعَطَّلت، و عَطَلُها: نزْع حَلْيها.
و منه
حديثها رضي اللّٰه عنها: أنها ذُكِرت لها امرأة تُوُفِّيَتْ، فقالت: عَطِّلُوها.

[عطب]:

طاوس رحمه اللّٰه تعالي- لَيْسَ في العُطْبِ زَكَاةٌ.
هو القُطْن؛ و يقال اعْتَطَبْتُ بعُطْبة؛ إذا أخذت النار بها؛ قال ابن هَرْمة:
فجِئْتُ بعُطْبَتِي أسْعَي إليها فما خابَ اعْتِطَابي و اقْتِدَاحِي «2»

[عطف]*:

في الحديث: سبحان مَنْ تَعَطَّف العِزَّ، و قال به!
______________________________
(1) صدره:
أثَرْتُ الغيَّ ثم نَزَعْتُ عنه
و البيت للنابغة في لسان العرب (ظعن).
(3) (*) [عطا]: و منه في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فإذا تُعُوطَي الحق لم يعرفه احد. النهاية 3/ 259.
(4) (*) [عطل]: و في حديث عائشة تصف أباها: رأَب الثأْيَ و أوذم العَطَلة. و الحديث: يا علي مُرْ نساءَك لا يُصَلِّين عُطُلًا. النهاية 3/ 257، 258.
(2) البيت في أساس البلاغة (عطب).
(5) (*) [عطف]: و منه في حديث الاستسقاء: حوَّل رداءَه و جعل عطافه الأيمن علي عاتقه الأيسر. و في حديث ابن عمر: و خرج متلفِّعاً بعطاف. و في حديث الزكاة: ليس فيها عَطْفاء. و في حديث أم معبد: و في أشفاره عَطَفٌ. النهاية 3/ 257.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 377
يقال العِطاف و المِعْطف، كالرِّداء و المِرْدي، و اعْتَطَفه و تَعَطَّفه كارتداه و تردَّاه. و عَطَّفه الثوبَ كردّاه. و هذا من المجاز الحُكميّ؛ كقولهم: نهارُك صائم.
و المراد وصفُ الرجل بالصَّوْم، و وصفُ اللّٰه بالعزّ.
و مثله قوله:
يَجُرُّ رِياطَ الخَمْدِ في دَارِ قَوْمه «1»
أي هو محمود في قومه.
و قال به؛ أي و غلب به كلَّ عزيز، و مَلك عليه أمره؛ من القَيْل، و هو المِلك الذي يَنْفُذ قوله فيما يُريد.
عطف في (بر). عطنة في (سف). أعطن في (سن). عَطْفاء في (عق). بعطبول في (مغ). و عَطِّنَت في (لق). العطلة في (سح). لا تعطوه في (ذف). [و قد عطّنوا في (جب).
و ضربوا بعَطَني في (غر). إن يُعْطو القرآن في (خز). أعطاني في (ظب)].

العين مع الظاء

[عظم]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- بينا هو يلعب و هو صغير مع الصبيان بِعَظْمِ وَضَّاح مَرّ عليه يهودي، فدعاه، فقال [له:] لتقتلن صنادِيدَ هذه القَرْيةَ.
عَظْمُ وَضَّاحٍ: لُعبة لهم، يطرحون عَظْماً بالليل، فمن أصابه غلَب أَصحابَهُ فيقولون:
عُظَيْم وَضَّاحٍ ضِحَنَّ الليله لا تَضِحَنَّ بَعْدَهَا مِنْ لَيْله «2»
و قال الجاحظ: إِن غلَب واحدٌ من الفريقين، ركب أصحابُه الفريقَ الآخر؛ من الموضع الذي يجدونه فيه إلي الموضع الذي رَموا به.
______________________________
(1) الشطر نسبة في أساس البلاغة (ريط).
(3) (*) [عظم]: و منه الحديث: أنه كان يحدِّث ليلة عن بني إسرائيل لا يقوم فيها إلا إلي عُظْم صلاة.
و الحديث: فأسندوا عُظْم ذلك إلي ابن الدخشم. و في حديث ابن سيرين: جلست إلي مجلس فيه عُظْم من الأنصار. و في حديث رقيقة: انظروا رجالًا طوالًا عُظاماً. و الحديث: قال اللّٰه تعالي: لا يتعاظمني ذنبٌ أن أغفره. النهاية: 3/ 260.
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (وضح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 378
الصِّنْديد و الصِّنْتِيت: السَّيِّد، و هما فِنْعيل، من الصدّ و الصتّ؛ و هو الصَّدْم و القَهْر؛ لأَنه يَصُدّ مَنْ يَسُوده وَ يْقَهره، و يقال صَنادِيد القَدر لغوالبه؛ و قالوا للكتيبة صِنْتيت وصَتِيت.
فدلّ خلوّ أَحدِ البناءين عن النون علي زيادتها في الآخر؛ و أن الجيش من شأنه القهرُ و الغَلبة؛ و يحتمل أن يقال في الصِّنتيت بأنه من الإصنات و هو الإتقان؛ لأن السيد يُصلح أمورَ الناس و يتقنها، و التاء مكررة، و الزنة فِعْليل، و الدال في الصنديد بدل من التاء. و الأول أَوْجه.

[عظل]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال ذات ليلة في مَسير له لابن عباس: أنشدنا لشاعر الشُّعراء، قال: و مَنْ هو يا أمير المؤمنين؟ قال: الذي لم يُعاظل بين القول، و لم يتتبع حُوشِيَّ الكلام. قال: و مَنْ هو؟ قال: زُهير! فجعل يُنْشِده إلي أن بَرَق الصُّبح.
هو من تعاظُل الْجَرَاد، و هو تراكبه. و يوم العُظالَي (بالضم): يوم لبني تَميم؛ لأنه ركب فيه الاثنان و الثلاثة الدَّابة الواحدة.
و قال أبو عمرو: تعظَّلوا عليه؛ إذا تألّبوا. يريد أنه فَصَّل القول تفصيلًا و أوضحه، و لم يعقِّده تعقيداً.
الحُوشِيّ: الوَحْشِيّ الغامض؛ قيل: هو منسوب إلي الحُوش، و هو بلاد الجن. و منه الإبل الحُوشِيّة، يزعمون أنها التي ضَربت فيها فحولُ إبل الجن. قال:
كأني علي حُوشِيَّة أو نَعَامةٍ
و
عن الرشيد: أنه سمع أولادَه يتعاطوْن الغَرِيبَ في محاورتهم، فقال: لا تحملوا أَلسنتكم علي الوَحْشي من الكلام، و لا تَعَوِّدوها الغريب المستبشع، و لا السَّفْسَاف المتَّضِع.
و اعتمدوا سهولةَ الكلام؛ ما ارتفع عن طبقات العامة، و انخفض عن درجة المتشدِّقين.
و تمثل ببيت الخَطفي جد جَرِير:
إذا نِلتَ إِنِسيَّ المقالة فليكن به ظَهْرُ وَحْشِيّ الكلام مُحرَّما
[عظامي في (صع). عُظاماً في (قح).].

العين مع الفاء

[عفو]*:

النبيّ صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- أقطعَ من أَرْضِ المدينة ما كان عَفاءً.
______________________________
(1) (*) [عفو]: و منه حديث أم سلمة قالت لعثمان: لا تُعفِّ سبيلًا كان رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لحبها، و الحديث:
تعافوا الحدود فيما بينكم. و في حديث ابن الزبير: أمر اللّٰه نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.
و الحديث: أنه أمر بإعفاء اللحي. و في حديث القصاص: لا أعفي من قتل بعد أخذ الديّة. و في-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 379
قال الأصمعي: يقال أقطعه مِنْ عَفاء الأرض؛ أي مما ليس لمسلِم و لا مُعاهِد؛ أي مما قد عَفَا؛ ليس به أَثَر لأَحد، و هو مصدر عَفَا دَرَس؛ يقال: عفت الدارُ عُفُوّاً وَ عَفاء.
و منه قولهم: عليه العَفاء؛ إذا دُعي عليه ليعفو أثرُه.
و منه
حديث صَفْوان: إذا دخلتُ بيتي، فأكلتُ رغيفاً، و شرِبْتُ عليه من الماء فعلي الدنيا العَفاء!.
و التقدير: ما كان ذا عَفَاء؛ أو نُزِّل المصدرُ منزلة اسمِ الفاعل.
و يحتمل أن يكون عَفَاء صفة للأرض العافية الأثر؛ علي فَعالٍ؛ كقولهم للأرض البارزة: براز، و للفاضية فَضاء.
و قيل العَفاء: ما ليس لأَحَدٍ فيه مِلْك، من عفا الشي‌ء يعفو إذا خلص.
و عن الكسائي: عَفْوة المال و صفوته بمعني، و عِفاوة المَرقة و عافيها: صفوتها.
من أَحْيَا أرضاً ميتة فهي له، و ما أصابتِ العافية منها فهو لَهُ صدقة.
كل طالبٍ رِزقاً، مِنْ طائر أو بهيمة أو إنسان فهو عاف، و الجماعة عافية.
و نحوه في المعني حديثه:
إن أم مُبَشّر الأنصارية قالت: دخل عليّ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم و أنا في نَخْلٍ لي، فقال: مَنْ غَرَسه؟ أ مسلم أم كافر؟ قلت: لا، بل مسلم، فقال: ما مِنْ مسلم يَغْرِس غَرْساً، أو يزرع زَرْعاً، فيأكل منه إنسان أو دابة أو طائر أو سبع إلّا كانت له صدقة

[عفس]*:

جاء حَنْظَلة الأَسَدِي رضي اللّٰه عنه، فقال: نافَقَ حَنْظَلةُ يا رسول اللّٰه! نكون عندك؛ تذكّرنا الجنة و النار كأنا رأيَ عين؛ فإذا رجعنا عافَسْنا الأزواج و الضّيْعة، و نسينا كثيراً.
المعافسة: المعالجة و الممارسة، و منها اعتفس القومُ، إِذا تعالجوا في الصراع.
الضَّيْعة: الصِّناعة و الحِرفَة، يقال للرجل: ما ضَيْعَتُك؟ و تجمع ضَياعاً و ضِيَعاً، كما جمعت القَصْعة قِصاعاً و قِصَعاً.
رأيَ عينٍ: منصوب بإِضمار نَري، و مثله حَمْدَ اللّٰه في الخبر.
______________________________
- حديث مصعب بن عمير: إنه غلام عافٍ. و في حديث عمر: إن عاملنا ليس بالشعث و لا العافي. و منه الحديث: و يرعون عفاءَها. و الحديث: ما أكلت العافية منها فهو له صدقة النهاية 3/ 265، 266.
(1) (*) [عفس]: و منه حديث علي: كنت أُعافس و أُمارس. و حديثه الآخر: يمنع من العفاس خوف الموتِ و ذكر البعث و الحساب النهاية 3/ 263.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 380‌

[عفر]*:

أول دينكم نُبُوّة و رَحْمَة، ثم خِلافَةٌ و رحمة، ثم مُلْك أعفْرَ، ثم مُلْكٌ و جَبَرُوّة، يُستحلّ فيها الفَرْج و الحرير.
أي يُساس بالنّكر و الدَّهاء، من قولهم للخبيث المنكر عِفْر. و فلان أشد عفَارةً من فلان، و قد عفَر و استعفر: إذا صار عِفْرا.
الْجَبَرُوّة: الجَبَروت «1».
كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم إذا سجد جافَي عضُدَيه، حتي يُرَي مِنْ خَلْفِه عُفْرةُ إبِطَيْه.
العُفْرة: بياض ليس بالنّاصع، و لكن كلَوْنِ عَفَر الأرض و هو وجهُها، يقال: ما علي عَفَرِ الأرض مثلُه، و منه ظَبْيٌ أعفَرَ.
و
في حديثه صَلَي اللّٰه عليه و آله و سلِم: «يُحْشر الناس يومَ القيامة علي أرض بيضاء عَفْراء، كقرصة النَّقِيّ ليس فيها مَعْلَم لأحد»
. النَّقِيّ: الحُوَّارَي، سمي لنقائه من النّخالة، قال:
يُطْعِمُ النَّاسَ إذا أمْحلوا مِنْ نَقِيٍّ فوقَه أُدُمُهْ «2»
و أما النَّفِيّ (بالفاء) فيقال لِمَا ترامت به الرَّحي من دقيق: نَفِيّ الرحي، كما يقال: نفيّ المطر، و نَفِيّ القِدْر، و نَفِيّ قوائم البَعير، لما ترامَتْ به من الحصي.
الْمَعْلَم: الأثر.

[عفص]:

سُئل عن اللُّقَطَةِ، فقال: احْفَظْ عِفاصَها، و وِكاءَها، ثم عَرِّفْهَا، فإن جاء صاحبُها فادْفعها إليه. قيل: فضالَّةُ الغنم؟ قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب. قيل: فضالّة الإبل؟ قال: ما لَك و لها؟ معها حِذَاؤُها و سِقاؤها، ترِدُ الماءَ، و تأكل الشجرَ، حتي يلقاها رَبُّهَا.
______________________________
(3) (*) [عفر]: و منه الحديث: كأني أنظر إلي عُفْرتي إبطي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و الحديث: أن امرأة شكت إليه قلة نسل غنمها، قال: ما ألونها؟ قالت: سودٌ فقال: عفِّري. و في حديث الضحية: لدمُ عفراء أحبُّ إلي اللّٰه من دم سوداوين. و الحديث: ليس عفر الليالي كالدآدي. و الحديث: أنه مرَّ علي أرض تسمي عفراء فسمَّاها خضرة. و في الحديث: العافر الوجه في الصلاة. و في حديث أبي جهل: هل يعفِّر محمد وجهه بين أظهركم. و الحديث: إن اللّٰه تعالي يبغض العفرية النفرية. و منه: أن اسم حمار النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عفير النهاية 3/ 261، 262، 263.
(1) الجبروت: العلو و القهر.
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (نقي).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 381
العِفاص: الوِعاء، يقال: عِفَاص القارورة لِغلاقها، و عِفَاص الراعي لوعائِه الذي فيه نَفَقته، و هو فِعال من العَفْص، و هو الثَّنْي و العَطْف؛ لأن الوعاء يَنْثَنِي علي ما فيه و ينعطف.
الوِكَاء: الخيط الذي تُشَدُّ به.
أراد أن يكون ذلك علامةً لِلُّقطَة، فمن جاء يتعرّفها بتلك الصفة دفعت إليه.
و رَخَّص في ضالَة الغنم، أي إِن لم تأخذها أنتَ أخذها إِنسان سواك، أو أكلها [الذئب]، فخذْها.
و غلَّظ في ضالّة الإبل. و أراد بحِذائها أَخفافها، أي أنها تَقْوَي علي قطع البلاد.
و سِقاؤها؛ أنها تقوي علي وُرود المياه، و كذلِك البقر و الخيل و البغال و الحمير و كل ما استقلَّ بنفسه.
و منه
قول عمر رضي اللّٰه تعالي عنه لثابت بن الضحاك- و كان وَجد بَعِيراً- اذهب إلي الموضع الذي وجدتَه فيه فأرْسِلْه.

[عفر]:

قال له رجل: يا رسول اللّٰه، ما لي عَهْد بأهلي مذ عَفَار النَّخْلِ، فوجدتُ مع امرأتي رجلًا- و كان زوجُها مُصْفَرّاً حَمْشاً «1»، سَبْط الشَّعْر «2»، و الذي رُمِيتْ به خَدْلٌ إلي السواد، جَعْدَ قَطَط «3» - فَلاعَنَ بينهما.
أي منذ عُفِرَ النخْلُ؛ و ذلك أن يُعْفي عن السَّقْي بعد الإبَار لئلا ينتفض- أربعين يوماً ثم يُسْقي، ثم يُترك إلي أن يَعطش، ثم يُسقي؛ مأخوذٌ من تَعْفِيرِ الوَحْشِيّة وَلَدها، و هو أن تَقْطَعه عن الرضاع أياماً، ثم تُرضعه ثم تَقْطعه، ثم تُرْضِعُه؛ تَفْعل ذلك تاراتٍ حتي تُتِمّ فطامه.
و الأصلُ: قولهم لقيته عن عُفْر؛ إذا لَقيه بعد انقطاع اللقاء خمسة عشر يوماً فصاعداً؛ من الليالي العُفْر و هي البِيض؛ تقول العرب: ليس عُفْرُ اللَيالي كالدَّآدِي‌ء «4»
و
في حديث هِلَال بن أُمية: ما قَرِبْتُ أَهلي مذ عَفَّرْنَ [النَّخْل].
الخَدْل: الغليظ؛ و قد خَدِل خَدالةً.
لما أُخبر صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بشكوي سَعْد بن عُبادة خرج علي حِمَاره يَعْفُور، و أُسامةُ بن زيد رَدِيفُه؛
______________________________
(1) الحمش: دقة الساقين.
(2) سبط الشعر: أي الشعر المنبسط المسترسل (القاموس المحيط: سبط).
(3) القطط: أي الشعر الشديد الجعودة.
(4) الليالي الدآدي: الليالي المقمرة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 382
فمرَّ بمجلس عبد اللّٰه بن أُبَي- و كانت المدينة إنما هي سِبَاخٌ و بَوْغاء. فلما دنا من القوم جاءت العَجَاجةُ، فجعل ابنُ أُبيّ طَرفَ ردائه علي أنفه، و قال: يذهب محمد إلي مَنْ أخرجه من بلاده؛ فأما مَنْ لم يُخرجه؛ و كان قدومُه كَثَّ مَنْخَره فلا يَغْشَاهُ.
قالوا: سُمِّي يَعْفوراً لِعُفْرة لَوْنِه؛ و يجوز أن يكون قد سُمّي تشبيهاً في عَدْوه باليَعْفور؛ و هي الظَّبْي.
البَوْغاء: التربة الرِّخوة؛ كأنها ذَرِيرَة.
كَثَّ مَنخره: أي إرغام أَنفه. قال:
و مولاكَ لا يُهْضَمْ لديكَ فإنما هَضِيمة مَوْلي القَوْمِ كَثّ المَناخِرِ
و كأنه الإصابة بالكَثْكث، من قولهم: بِفِيهِ الكَثْكَث.
و روي: الكَتّ- بالتاء، بمعني الإرغام، و حكي اللِّحياني عن أعرابي قال لآخر: ما تَصْنَع؟ قال: ما كَتَّك و عَظاك! أي ما أرغمك و أغضبك.

[عفو]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- سلُوا اللّٰه العَفْوَ و العافية و المُعافَاة، و اعلموا أَنَّ الصبرَ نِصفُ الإيمان، و اليقين الإيمانُ كله.
العَفْو: أن يعفو عن الذنوب.
و العافية: أن يَسْلَم من الأسقام و البلايا، و نظيرها الثَّاغية، و الرَّاغية، بمعني الثُّغاء و الرُّغاء.
و المعافاة: أن يعفَو الرجلُ عن الناس و يَعْفوا عنه، فلا يكون يوم القيامة قِصَاص، مفاعلة مِن العَفْو و قيل هي أَنْ يُعَافيك اللّٰهُ من الناس، و يعافيهم منك.

[عفث]:

الزُّبَير رضي اللّٰه عنه- كان أَعْفث- و روي: كان الزُّبَيْر طويلًا أزرق أخْضَع أَشْعَر أَعْفَث- و رواه بعضهم في صِفَةِ عبد اللّٰه ابنه قال: و كان بخيلًا أَعْفث. و فيه قال أبو وَجْزَةَ:
دَعِ الأَعْفَثَ المِهْذَارَ يَهْذِي بِشَتْمِنَا فَنحْنُ بأَنْوَاعِ الشَّتِيمَةِ أَعْلَمُ «1»
وجدت قريشاً كلَّها تَبْتَنِي العُلَا و أَنْتَ أَبَا بكر بجَهْدِك تَهْدِم
______________________________
(1) البيت الأول لأبي وجزة في لسان العرب (عفث).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 383
الأَعْفَث: و الأجلع، و الفَرِج: الذي ينكشف فَرْجُه كثيراً. قال قُدَامة بن الأخْزر القُشيري في عبد اللّٰه بن الحَشْرج:
فَبرَّزْتَ سَبْقاً إِذْ جَرَيْتَ ابنَ حَشْرج و جاء سُكَيْتاً «1» كلُّ أعْفَثَ أَفْحَجِ «2»
و
عن ابن الزبير رضي اللّٰه تعالي عنهما: أنّه كان كلما تحرَّك بدَتْ عوْرَتهُ، فكان يلبس تحت إزاره التُّبَّان.
الأَخْضَع: الذي في عُنُقه خُضوع خِلْقَةً. و قيل: الذي فيه جَنَأ «3».
الأَشْعَر: الكثير شعر الرأس و الجسد.

[عفو]:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه تعالي عنه- ترك أتانَيْن و عَفْواً.
هو الجَحْش، سمي به لأنه يُعْفَي عن الركوب و الأعمال، و فيه خمس لغات: عَفْو، و عِفو، و عفو، و عَفاً و عِفاً.
ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- سُئِل ما في أموال أهل الذمَّة؟ فقال: العَفْو.
أي عُفِي لهم عن الخَرَاج و العَشْر، لِمَا ضرب عليهم من الجِزْية.

[عفر]:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- دخل المسجد الحرام، و كان عليه بُردان مَعَافِرِيَّان، فَنَهد الناسُ إليه يسألونه.
مَعافر: مَوضع باليمن. و قيل: قبيلة.
نَهَد و نَهَض: أخَوَان.

[عفو]:

في الحديث: إذا عَفَا الوَبَرُ، وَ بَرِي‌ءَ الدَّبَر «4»؛ حلت العُمْرَة لمن اعْتَمَر.
أي كثر و وفر؛ يقال: عفا بَنُو فلان؛ إذا كَثُرُوا، و منه قوله تعالي: حَتّٰي عَفَوْا [الأعراف: 95].
ذا العفاق في (بج) و تُعْفَي في (حف). العِفْرية في (دح). عفرة في (عص). عَفْراء في (بر). عُفري في (دس). للعَوَافي في (قن). اليعفور و عفاءَها (نص). عفوه و يَعْفُو لها في (وج). و العافِي في (شه). أعافس في (لع). عَافٍ في (مو).
______________________________
(1) السكيت: من يجي‌ء آخر الحلبة.
(2) الأفحج: المتكبر.
(3) الأجنأ: الذي في كاهله انحناء، و ليس بالأحدب.
(4) الدبر: الجرح الذي يكون في ظهر البعير.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 384‌

العين مع القاف

[عقد]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَنْ عقد لِحْيَته، أو تقلد وَتَراً «1» فإنّ محمداً منه بري‌ء.
قيل: هو معالَجَتها حتي تتعقّد و تتجعَّد؛ من قولهم: جاء فلان عاقِداً عُنُقه؛ إِذا لواها كِبْراً؛ و الذِّئْبُ الأعقد: الملتوي الذَّنَب؛ أي مَنْ لَواها و جَعّدها. و قيل: كانوا يَعْقِدونها في الحروب، فأمرهم بإرسالها.
و كانوا يتقلَّدون الوَتَر دَفْعاً للعَيْن، فكَرِه ذَلك.

[عقب]*:

أنا محمد، و أحمد، و الماحي؛ يَمْحُو اللّٰه بي الكُفْر؛ و الحاشر، أحشرُ الناسَ علي قدمي، و العَاقِب.
و روي: و أنا المُقفِّي.
عقبه، و قَفّاه: بمعني؛ إذا أتي بعده؛ يعني أنّه آخِرُ الأنبياءِ عليهم السلام.

[عقر]*:

قال صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لصفية بنت حُيَيّ حين قيل له يوم النَّفْرِ إنها حائض، عَقْري حَلقي: ما أراها إلَّا حَابِسَتَنَا.
______________________________
(2) (*) [عقد]: و منه الحديث: من عقد الجزية في عنقه فقد بري‌ء مما جاء به رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و في حديث الدعاء: لك من قلوبنا عقدة الندم. و في حديث أبي: هلك أهل العقدة و رب الكعبة. و في حديث الدعاء: أ سألك بمعاقد العزِّ من عرشك. و الحديث: الخيل معقود في نواصيها الخير. و في حديث أبي موسي: أنه كسا في كفارة اليمين ثوبين ظهرانياً و معقَّدا. النهاية 3/ 270، 271.
(1) الوتر: هو وتر القوس.
(3) (*) [عقب]: و منه الحديث: و التعقيب في المساجد بانتظار الصلاة بعد الصلاة. و الحديث: ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين، إلا إنها كانت عُقَباً. و الحديث: و أن كل غازية غزت يعقب بعضها بعضاً. و في حديث الدعاء: معقِّبات لا يخيب قائلهن. و الحديث: فكان الناضح يعتقبه منا الخمسة.
و في حديث أبي هريرة: كان هو و امرأته و خادمه يعتقبون الليل أثلاثاً. و في حديث شريح: أنه أبطل النفح إلا أن تضرب فتعاقب. و الحديث: وبلٌ للعقب من النار. و الحديث: أنه كان اسم رايته عليه السلام العقاب. و الحديث سأعطيك منها عُقْبَي. و في حديث الحارث بن بدر: كنت مرة نُشْبَةً فأنا اليوم عقبةٌ. و الحديث: أنه مضغ عَقَباً و هو صائم النهاية 3/ 267، 268، 269.
(4) (*) [عقر]: و منه الحديث: ما غُزي قوم في عقر دارهم إلَّا ذلُّوا. و الحديث: عقر دار الإسلام الشام.
و الحديث: لا عقر في الإسلام. و الحديث: لا تعقرنَّ شاةً و لا بعيراً إلا لمأْكلة. و في حديث ابن الأكوع: فما زلت أرميهم و أعقر بهم. و الحديث: فعقر حنظلة الراهب بأبي سفيان بن حرب.
و الحديث: أنه مرّ بحمار عقيرٍ. و في حديث عمر: إن رجلًا أثني عنده علي رجل في وجهه، فقال:
عقرت الرجل عقرك اللّٰه. و في حديث العباس: أنه عُقِر في مجلسه حين أُخبر أن محمداً قتل.
و الحديث: لا تزوَّجُن عاقراً فإني مكاثر بكم. و في حديث الشعبي: ليس علي زان عُقْر. و الحديث:
خير المالِ العُقْرُ. و في حديث كعب: إنَّ الشمس و القمر نوران عقيران في النار. النهاية 3/ 271، 272، 273.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 385
هما صفتان للمرأة إذا وُصِفت بالشُّؤْم؛ يعني أنها تَحْلِق قومَها و تَعْقِرهم؛ أي تستأصِلُهم من شُؤمها عليهم؛ و محلُّهُما مرفوع؛ أي هي عَقْري حَلْقي.
و قال أبو عبيد: الصواب عَقْراً حَلْقاً؛ أي عُقِر جسدُها و أصيبتْ بداءٍ في حَلْقها.
و قال سيبويه: يقال عَقَّرته؛ أي قلت له: عقراً، و هذا نحو سقَّيته و فَدّيته.
و يحتمل أن تكونا مصدرين علي فعلي؛ بمعني العَقْر و الحَلْق، كما قيل: الشَّكْوي للشَّكو، و دَغْرَي «1» لا صَفَّي. بمعني [دَغْراً]، ادغَروا. و لا تصفُّوا صَفّاً.
مفعولًا أري الضمير، و المستثني؛ و إلَّا لَغْوٌ.

[عقب]:

نهي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عن عَقِب الشَّيْطان في الصلاة.
هو أنْ يضَعَ أليَتَيْهِ عَلَي عَقِبَيْهِ بين السَّجدتين، و الذي يجعله بعضُ الناس الإقْعَاء.
و قيل: هو أن يَتْرُكَ عَقِبَيْه غيرَ مَغسولتين فِي وُضُوئِه.

[عقق]*:

في العَقِيقة- عن الغلام شاتانِ مِثْلان، و عن الجارية شاة.
و
عنه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: «مع الغلام عَقِيقتُه، فأَهريقوا عنه دماً، و أَمِيطوا عنه الأذي».
العَقيقة، و العقيق، و العِقّة: شَعر رَأْسِ المولود، ثم سميت الشاةُ التي تُذبح عند حَلْقه عَقِيقة؛ و هو من العَقّ و القَطْع؛ لأنها تُحْلَق.
هَراق و أهَراق: لغتان بإبدال الهاء من الهمزة و زيادتها.
قال سَلَمة بن الأكوع رضي اللّٰه عنه: غَزَوْنا مع رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم؛ فبينا نحن نُزُولٌ يوماً، جاء رجلٌ يقود فرساً عَقوقاً معها مُهْرَة؛ فقال: ما في بَطْن فرسي هذه؟ فقال: غَيْب، و لا يعلم الغيبَ إِلّا اللّٰه.
هي الحامل، يقال: عَقَّتْ تعِقُّ عَقَقاً [و عَقَاقاً]، فهي عَقُوق؛ و أعقَّت فهي مُعِقّ، قال رؤبة:
بقارحٍ أَوْ زَوْلَةٍ مُعِقِّ* «2»
______________________________
(1) دغر: اقتحم، و الاسم: الدَغْرَي، و زعموا أن امرأة قالت لولدها: إذا رأت العين فدغري و لا صَفَّي.
تقول: إذا رأيتم عدوكم فادغروا عليهم، أي اقتحموا و احملوا و لا تصافوهم. (لسان العرب: دغر).
(3) (*) [عقق]: و منه الحديث: أنه عقَّ عن الحسن و الحسين. و في صفة شعره صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إن انفرقت عقيقته فرق. و الحديث: أنه نهي عن عقوق الأمهات. و الحديث: من أطرق مسلماً فعقَّتْ له فرسه كان له كأجر كذا. و الحديث: إن العقيق ميقات أهل العراق. النهاية 3/ 276، 277، 278.
(2) قبله:
قد عتق الأجدع بَعْدَ رِقِّ
و الرجز في لسان العرب (عق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 386
و عن أبي زَيْد: أعقَّت فهي عَقُوق، و لا يقال مُعِقّ.
و عنه: إنّ العَقوق الحاملُ و الحائلُ معاً.
و عن يعقوب: عَقَّتْ و أعقَتْ؛ إذا نبتت العَقِيقَة علي ولَدِها في بَطْنِهَا.

[عقر]:

وَفد إِليه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم حُصَين بن مُشْمِت و بايَعه و صدّق إليه ماله.
و أقطعه مياهاً عِدَّة بأَعلي الْمَرُّوت، ذكرها و شرطَ له فيما أقطعه: أَلّا يَعْقِرَ مرعاه، و لا يُنَفِّرَ ماله، و لا يمنَع فضلَه، و لَا يَبيع ماءَه.
عَقْر المرْعي: قطع شجره.
و في كتاب العين: النخلة تُعْقَر، أي يُقْطَع رأْسها فلا يخرجُ مِنْ ساقها شي‌ء أبداً حتي تيبَس، فذلك العَقَر، و نخلة عَقِرَة، و كذلك من الطير تنبتُ قوادِمُه فتصيبه آفة فتُعْقَر، فلا تنبتُ أبداً فهو عَقِر.
و تَنْفِير المال: أي لا يترك إِبلًا ترعي فيه و يَذْعَرُه.
و مَنْع فضله: ألّا يخلّي ابْنَ السبيل و الرعيَ فيه، مع أنّ فيه فضلًا عن حاجَته.

[عقب]:

مَنْ عَقَّبَ في صَلاتِهِ فهو في صَلَاة.
هو أن يُقيم في مَجْلِسِه عُقَيب الصلاة، يقال: صلّي القوم و عَقْب فلان بعدهم. و حقيقة التعقيب اتباعُ العمل عملًا، كقولهم لمن يجي‌ء مرةً بعد أخري، و لمن يُحدث غزوة بعد غزوة، و سيراً بعد سير، و للفرس الذي لا ينقطع حُضْره «1» و لمن يعتذر بعد الإساءة، و يقتضي دينَه مَرة بعد كَرَّة- مُعقَّب، يقال: إِن كان أَساء فلان فقد عَقَّب باعتذار، و قال لبيد [يصف حماراً و أتاناً]:
طَلَب المعقِّبِ حَقَّه المظلومُ* «2»
و قال تعالي: لٰا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرعد: 41]، أي لا أحد يُتْبِعُ حُكْمَه رَدّاً، و قال عز و جل: وَلّٰي مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ* [النمل: 10]؛ أي لم يُتْبِعْ إِدباره إِقبالًا و التفاتاً، و قالوا:
تعقيبةٌ خيرٌ من غَزَاة.
______________________________
(1) الحضر: أي ارتفاع الفرس في عدوه كالإحضال (لسان العرب: حضر).
(2) صدره:
حتَّي تَهَجَّرَ في الرَّواحِ و هاجَها
و البيت من الكامل، و هو للبيد في ديوانه ص 128، و الإنصاف 1/ 232، و خزانة الأدب 2/ 242، 245، 8/ 134، و الدرر 6/ 118، و شرح التصريح 2/ 65، و شرح شواهد الإيضاح ص 133، و شرح المفصل 6/ 66، و لسان العرب 1/ 614، و المقاصد النحوية 3/ 512، و بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 214، و جمهرة اللغة ص 364، و خزانة الأدب 8/ 134، و شرح الأشموني 2/ 337، و شرح ابن عقيل ص 417، و شرح المفصل 2/ 42، 46، و همع الهوامع 2/ 145.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 387
و
في حديث أَنَس رضي اللّٰه تعالي عنه: أَنه سئل عن التّعقيب في رَمضان؛ فأمرهم أن يُصَلُّوا في البيوت.
هو أَنْ يصلُّوا عَقَب التراويح.

[عقر]:

أنا عند عُقْر حَوْضِي؛ أَذُودُ عنه الناسَ لأهل اليمن؛ إِني لأضربهم بعصاي حتي تَرْفَضَّ- و روي: إِني لَبِعُقْرِ حَوْضي.
يقال: أَعقاب الحَوْضِ و أَعْقَاره بمعني؛ و هي مآخِيره؛ الواحد عَقْب و عُقْر؛ أي أَذُودُهم لأَجل أَنْ يَرِدَ أَهلُ اليمن.
الارفضاض: التَّكَسُّر و التفرُّق، افعلال من الرَّفْض.
لُعِنَ عَاقِر الخَمْر.
هو من الفاعل الذي للنسب؛ بُني من المُعاقرة؛ و هي الإِدمان، كسافر في واحد السفْر، و السِّفار؛ من المسافرة.

[عقص]*:

ما مِنْ صاحبِ غَنَم، لا يُؤدّي حقَّها إلّا جاءت يوم القيامة أوَفَر ما كانت؛ فتنطحه بقُرونها؛ و تَطَؤُه بأَظْلافها؛ ليس فيها عَقْصاء و لا جَلْحَاء- و روي: عَضْباء و لا عَطْفاء.
العَقْصَاء: الملتوية القَرن؛ من عَقْص الشّعر.
و العَطْفاء مثلُهَا؛ من الانعِطاف.
الجَلْحَاء كالجمَّاء، مِنْ جلح الرأس.
العَضْباء: المنكسرة القَرْن؛ أي هي سليمة القرون مُستويتها؛ لتكون أجْرَح للمنطوح.

[عقب]:

إنَّ نعلَه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم كانت مُعَقبَةً مخَصَّرَةُ مُلَسَّنة.
أَي مُصيَّراً لها عَقِب.
مُسْتَدقَّة الخَصْر و هو وسطها.
مُخَرَّطة الصَّدْر مُدقَّقته، من أعلاه علي شكل اللسان.

[عقل]*:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- مَنَعَتْهُ العربُ الزكاةَ؛ فقيل له: اقْبَلْ ذلك
______________________________
(1) (*) [عقص]: و منه في حديث ضمام: إن صدق ذو العقيصتين ليدخلنَّ الجنة. و في حديث عمر: من لبَّد أو عقَّص فعليه الحلق. و في حديث حاطب: فأخرجت الكتاب من عقاصها. و منه حديث النخعي: الخلع تطليقة بائنة، و هو ما دون عقاص الرأس. و في حديث ابن عباس: ليس معاوية مثل الحصر العَقِص.
النهاية 3/ 275، 276.
(2) (*) [عقل]: و منه الحديث: الدية علي العاقلة. و الحديث: لا تعقل العاقلة عمداً، و لا عبداً، و لا صلحاً، و لا اعترافاً. و في حديث ابن المسيب: المرأة تعاقل الرجل إلي ثلث ديتها. و في حديث-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 388
الأمر منهم. فقال: لو منعوني عِقالًا مما أدَّوْا إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لقاتلتُهم عليه كما أُقاتِلُهم علي الصَّلاة.
و روي: لو منعوني عَنَاقاً.
و روي: لو منعوني جَدْياً أذْوَط.
هو صدَقةُ السَّنة إذا أخذ الأسنانَ، دون الأثمان. و كأنّ الأَصْلَ في هذه التسمية الإبل، لأنها التي تُعْقَل.
و
عن معاوية رضي اللّٰه عنه أنه استعمل ابنَ أخيه عَمْرو بن عُتْبَة بن أبي سفيان علي صَدَقات كَلْب، فاعْتَدَي عليهم، فقال عمرو بن عَدَّاء الكَلبي:
سَعَي عِقالًا فلم يَتْرَك لنا سَبَداً فكيف لَوْ قَدْ سعي عَمْرٌو عِقَالين «1»
لأَصبَح الحيُّ أَوْبَاداً و لم يَجِدُوا عند التَّفَرّق في الهَيْجَا جِمَالَيْنِ
أراد مدةَ عِقال، فنصبه علي الظرف.
و
عن ابن أبي ذُباب رحمه اللّٰه تعالي؛ قال: أَخَّرَ عُمَرُ الصَّدقَةَ عامَ الرَّمادة؛ فلما أحيا الناسُ بعثني فقال: اعِقلْ عليهم عِقالين، فاقسِمْ فيهم عِقالًا و ائتني بالآخر.
أي أوجِبْ. و قيل هو العِقال المعروف.
و
عن محمد بن مَسْلَمة رضي اللّٰه عنه: أنه كان يعمل علي الصَّدَقة في عهد رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و سلم، فكانَ يأمر الرجلَ، إذا جاء بِفَريضتين أن يأتي بِعقالهما و قِرَانهما.
و
كان عُمَرُ رضي اللّٰه عنه يأخذ مع كل فَرِيضة عِقالًا و رِوَاء «2»، فإذا جاء المدينة باعها، ثم تصدق بتلك العُقُل و الأرْوِية.
و قيل: إنما أراد الشي‌ءَ التافه الحقير، فضرب العِقالَ مثلًا له.
الأذْوَط: الصغير الفَكَ و الذَّقَن، و قيل: هو الذي يطول حَنكه الأعلي، وَ يقْصُر الأسفل.
______________________________
- ظبيان: إن ملوك حمير ملكوا معاقل الأرض و قرارها. و في حديث أم زرع: و اعتقل خطِّيّاً. و في حديث علي: المختص بعقائل كراماته. و في حديث الزبرقان: أحبُّ صبياننا إلينا الأبْله العقول. و في حديث عمرو بن العاص: تلك عقول كادها بارئها. و الحديث: إنه كان للنبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم فرس يُسمَّي ذا العُقَّال. النهاية 3/ 278، 279، 280، 281، 282.
(1) البيتان من البسيط، و هما لعمرو بن العداء في خزانة الأدب 8/ 579، 580، و شرح شواهد الإيضاح ص 560، و لسان العرب 3/ 443 (و بد)، 11/ 464 (عقل)، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 4/ 203، و شرح المفصل 4/ 153، و مجالس ثعلب 1/ 171، و المقرب 2/ 43.
(2) الرواء: حبل يقرن البعيران.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 389‌

[عقب]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- سافر في عَقِب شهر رمضان، و قال: إِن الشهر قد تَسَعْسَع؛ فلو صُمْنَا بَقِيَّتَه!.
أبو زيد: يُقال: جاء فلان علي عَقِب رمضان و في عَقِبه، إذا جاء و قد بقيت أيام من آخره.
و قال ابن الأنباري: الليلة تَبْقَي منه إلي عشر ليال تبقين منه. و يقال: جاء علي عُقْب رَمضان و في عُقْبِه؛ إِذا جاء و قد مضي الشهرُ كلُّه؛ و منه صليتُ عَقِب الظهر تَطَوّعاً، أي دُبُرها.
تَسَعْسَع؛ أي انحطّ و أَدْبر. و منه قولهم: تَسَعْسَعَتْ حالُ فلان، و يقال للكبير قد تَسَعْسَعَ. قال رُؤبة:
يا هِنْدُ ما أَسْرَع ما تَسَعْسَعا* «1»
و قال شَمِر: مَنْ رَوَي تَشَعْشع، ذهب به إِلي رِقَّة الشهر و قَلَّة ما بَقِي منه، من شَعْشَعَةِ اللبن و غيره، إِذا رُقِّقَ بالماءِ.
فيه دليل لَمْن رَأَي صَومَ المسافر أَفضلَ مِنْ فِطْرِهِ.

[عقر]:

لما تُوُفِّيَ رَسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قام أبو بكر فَتَلا هذه الآية: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر: 30]، فَعَقِرْتُ حتي خررتُ إِلي الأَرض.
العَقَرُ: أَنْ يفجأَه الرَّوْعُ، فلا يقدر أنْ يتقدمَ أو يتأخرَ دَهَشاً.

[عقب]:

كان صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يُعَقِّب الجُيُوشَ في كل عام.
أي يردُّ قوماً و يبعث آخرين يُعَاقِبونهم، يقال: قد عُقِّب الغَازِية، و أُعقبوا إذا وُجِّه مكانَهُمْ غيرهُم.
عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- أُهديت له يَعاقِيب و هو مُحرم بالعَرْج، فقام عَليِّ، فقال له: لِمَ قمت؟ فقال: لأنّ اللّٰه تعالي يقول: وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً
[المائدة: 96].
جمع يَعْقوب، و هو ذَكَر الْقَبَج.
العَرْج: منزل بطريق مَكة.

[عقم]*:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- ذكر القيامةَ و أَنَّ اللّٰه يَظهر للناس، قال:
______________________________
(1) قبله:
قالت و لم تأْلُ أن تسمعا
و الرجز في لسان العرب (سعع)، و قال في اللسان، قاله رؤبة يذكر امرأة تخاطب صاحبتها.
(2) (*) [عقم]: و منه الحديث: سَوْآءُ ولودٌ خير من حسناء عقيم. و الحديث: اليمين الفاجرة التي يقتطع بها مال المسلم تعقم الرحم. النهاية 3/ 282.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 390
فيخِرّ المسلمون للسجود، و تُعْقَمُ أصلابُ المنافقين، فلا يقدرون علي السجود.
و روي: و تبْقي أصلابُ المنافقين طَبَقاً واحداً.
العَقْد و العَقْل و العَقْمُ: أخوات، و قيل للمرأة العاقر مَعْقومة؛ كأنها مشدودة الرَّحِم.
و يقال للفَرَس إذا كان شديد مَعَاقِد الرُّسغ؛ إِنه لَشدِيد المَعَاقِم. و يقال لكل فِقَرة من فَقَار الظَّهْر طَبَق، و قيل طَبَقَةٌ؛ و الجمع طَبق؛ أي تصير فَقَارُه واحدة فلا تنعطفُ للسجود.

[عقد]:

أُبيّ رضي اللّٰه عنه- هلك أهلُ العُقْدَةِ و رَبِّ الكعبة! و اللّٰه ما آسَي عليهم، و لكن آسي علي مَنْ يضلّ.
يعني وُلاةَ الحق، و العُقْدة: البيعة المعقودة لهم؛ من عُقْدةِ الحَبْل. و العُقْدة: العَقَار الذي اعتَقَده صاحبُه مِلْكاً.

[عقي]*:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- سُئل عن امرأةٍ دخلَتْ علي قوم، فأرضعتْ صَبِيّاً [رَضْعة]. قال: إِذا عَقَي حَرُمت عليه و ما ولَدَتْ.
من العِقْي؛ و هو أوَّلُ ما يخرج من بطن المولود، أسودَ لَزِجاً، قبل أن يُطْعَم؛ يقال:
عَقَي يَعْقِي عَقْياً، و هل عَقّيْتُمْ صبيَّكم؟ أي هل سقيتموه عسلًا ليسقط عنه عِقْيُه؟ و إنما شرط العِقْي ليُعلم أَنَّ اللبن قد صار في جوفه.
عطف علي الضمير المستتر في «حَرُمَت» من غير أن يؤكده؛ و هو مستقبَح لولا أنه فصَلَ بينه و بين المعطوف.

[عقر]:

لا تأكلوا من تَعَاقُر الأعراب؛ فإني لا آمَنُ أن يكونَ مما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّٰهِ.
هو التَّباري في عَقْرِ الإبل، كفعل غَالب و سُحَيم. و أراد به ما يُتَعاقَر؛ فوضع المصدرَ موضِعَه.
و المعني أنهم يتعاطونه رِئاء الناس، و لا يقصِدون به وجهَ اللّٰه، فيُشْبِه ما أُهِلَّ به لغير اللّٰه.
عمرو رضي اللّٰه تعالي عنه- كان في سَفَر فرفع عَقِيرَته بالغِناء؛ فاجتمع الناسُ، فقرأ، فتفرَّقُوا؛ فَعل ذلك و فعلوه غيرَ مرة؛ فقال: يا بني المَتْكاءِ، إِذا أخذتُ في مَزامير الشيطان اجْتَمَعْتُم، و إذا أخذْتُ في كتاب اللّٰه تَفَرَقتم!.
قُطِعَتْ رِجْلُ رَجُلٍ فرفَعها و صاح، فقيل لكل مُصَوِّت: رَفَع عَقِيرتَه.
المَتْكَاء: من المَتْك و هو عِرْق بَظْر المرأة، و المرأة العظيمة البَظْر؛ لأن عِرْقه إذا عَظُم
______________________________
(1) (*) [عقي]: و منه في حديث ابن عمر: المؤمن الذي يأمن من أمسي بعقوته و في حديث علي: لو أراد اللّٰه أن يفتح عليهم معادن العقيان. النهاية 3/ 283.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 391
عَظُم هو. و قيل: هي التي لا تحبِس بَوْلَها، و قيل المُفْضَاة.

[عقص]:

ابن المسيِّب رحمه اللّٰه تعالي- قال رجل لامرأته: إن مَشَطَتْكِ فُلانة فأنتِ طالق أَلْبَتَّةَ، فدخل عليها فوجدها تَعْقِصُ رَأْسَها و معها امرأةٌ أخري؛ فقالت امرأته: و اللّٰه ما مَشطتْني إلَّا هذه الجالسة؛ و لكنْ لم تُحْسِنْ أن تَعْقِصه؛ فعقصتْه هذه. فسُئل سَعيد عن ذلك؛ فقال؛ ما مَشطتْ و لا تركتْ، فلا سبيلَ عليه في امرأته.
العَقص: الفَتْل؛ و قيل أن يُلْوَي الشعرُ حتي يَبْقَي لَيُّه ثم يُرسَل.
و المعني أن الطلاق عُلِّق بجميع المَشْط لا ببعضه، فقد أتَتْ بالبعض، فلا سبيلَ عليه، لمن أراد التفرقة بينه و بين امرأته لأنَّ الطلاق لم يقع.

[عقب]:

النَّخَعي رحمه اللّٰه تعالي- المُعْتَقِب ضامِنٌ لما اعْتَقَبَ.
هو الرجل يبيع الشي‌ءَ ثم يحتبِسه حتي يُنْقَدَ له ثمنُه، فإن تَلِف تَلِفَ منه؛ و هو من تَعَقَّبْتُ الأَمر، و اعتقبتُه؛ إذا تدبرته، و نظرت فيما يؤول إليه. قال:
و إنْ منطق زَلَّ عن صاحبي تعقّبتُ آخَرَ ذا مُعَتَقبْ
لأنه متدبر لأمر المبيع، ناظِرٌ فيما يكون عاقبته من أخْذِ أو ترك.

[عقل]:

في الحديث: من اعتقَل الشاةَ، و أكل مع أَهله، و ركب الحمارَ، فقد بَري‌ء من الكِبْر.
هو أنْ يَضَع رِجْلها بين ساقه و فَخذِه فَيَحْلُبَها؛ و اعتقالُ الرمح منه. و منه: اعتقل مُقَدَّم سَرْجه و تَعَقَّله؛ إذا أثْني عليه رجْلَه. قال النابغة:
مُتَعَقِّلِين قَوادِمَ الأكْوَارِ* «1»
في ذِكْر الدَّجال: ثم يأتي الخِصْب فَيُعَقَّلُ الكَرْمُ، ثم يُكَحِّب، ثم يَمْحَج.
عَقَّل الكَرْمُ؛ إذا أخرَج الحِصْرمَ أوّلَ ما يُخْرجه، و هو العُقيْلي [و العُقَالَي].
و كَحَّبَ، من الكَحْب «2»، و هو البَرْوق «3» إذا جَلّ حبُّه. و الكَحْبة: الحبة الواحدة.
و مَحج من المَحْج، و هو الاسترخاءُ بالنُّضْج.
______________________________
(1) صدره:
فلتأْتينك قصائدٌ و ليدْفَعَنْ
و البيت من الكامل، و هو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 55، و شرح أبيات سيبويه 2/ 249، و الكتاب 3/ 511، و المنصف 2/ 79، و بلا نسبة في الخصائص 2/ 347، و المقتضب 1/ 143، 3/ 354، و رواية عجز البيت في الديوان:
جيشٌ إليك قوادمَ الأكوارِ
(2) الكحب: الحصرم، واحدته كحبة (القاموس المحيط: كحب).
(3) البروق: ثمرة سوداء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 392
عقار في (دج). يتعاقلون بينهم مَعَاقلهم في (رب). [عقد الحبي في (صع)]. عقيقته و عقيصته في (شد). معقداً في (ظه). يعقب في (رب). عقيراك في (سد). بعقيقته في (ره). و لا عقر في (سع). عقلوا عنه في (حل). مُعَقَّلات في (فر). عَقَّص في (لب). لا نتعاقل في (وض). يَعَاقيب في (رك). العقص في (رج). و لا تعاقروا في (بس). فتُعَاقب في (نف). المعقد في (قع). عقبه و المعقوف في (عص). عقيل و لم يعقبوا في (خي).

العين مع الكاف

[عكر]: *

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مَرّ برجلٍ له عَكَرَة، فلم يذبح له شيئاً، و مر بامرأةٍ لها شُويهات فذَبحت له، فقال: إنّ هذه الأخلاق بيد اللّٰه، فمن شاء أن يمنحه منها خُلقاً حسناً فعل.
قال أبو عبيدة: هي الخمسون من الإبل إلي المائة. و عن الأصمعي: إلي السبعين، و الجمع عَكَر. قال:
فيه الصَّواهِلُ و الرايات و العَكَر
و رجل مُعْكِر: له عَكَرة؛ و هي من الاعتكار، و هو الازدحام و الكثرة.

[عكرش]:

عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- سأله رجل، فقال: عنَّت لي عِكْرِشة، فشنَقْتُها بِجَبُوبة، فسكنَت نَفْسُها، و سَكَتَ نَسِيسُها. فقال: فيها جَفْرة.
العِكْرِشة: أُنْثَي الأرانب.
الشَّنْق: الكفّ؛ فَعَبَّر به عن الرّمْي أو الضرب المُثْخِن الكافّ للمَرْمِيّ عن الحركة.
الجَبُوبة: المَدَرة؛ يقال أخذ جَبوبةً من الأرض؛ لغة أهل الحجاز.
عن الأصمعي: النَّسِيس: بقية النَّفْس.
الجَفرة: العَنَاق «1» التي قد أكَلَتْ.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 392

[عكس]:

الربيع بن خُثَيْم رحمه اللّٰه- اعْكِسوا أنفُسَكم عَكْسَ الخَيْلِ باللُّجُم.
أي كُفُّوها و رُدُّوها؛ و يقال: عَكَسَ البعيرَ؛ إذا عَقَل يديه ثم رَدَّ الحبْلَ من تحت إبطِه، فشدّه بِحَقْوه «2».
عن ابن دُرَيد: و دُونَ ذلك عِكاس و مِكاس؛ أي مُرادَّة و مُرَاجَعة.
______________________________
(3) (*) [عكر]: و منه الحديث: أنتم العكارون لا الفرارون. و الحديث: أنَّ رجلًا فجر بامرأةٍ عكورةٍ. و في حديث الحارث بن الصمة: و عليه عَكَرٌ من المشركين. و حديث عمرو بن مرة: عند اعتكار الضرائر النهاية 3/ 283، 284.
(1) العناق: الأنثي من أولاد المعز.
(2) الحقو: الكشح، أو معقد الإزار (القاموس المحيط: حقو).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 393‌

[عكر]:

قَتادة رحمه اللّٰه تعالي- قال في قوله تعالي: اقْتَرَبَ لِلنّٰاسِ حِسٰابُهُمْ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء: 1]: لَمَّا نزلتْ هذه الآية قال ناسٌ من أهلِ الضَّلالة: يزعم صاحبكُم محمد أنّ الحِساب قد اقترب؛ فتناهَوْا قليلًا؛ ثم عادوا إلي أعمالِهم أعمالِ السوء؛ فلما أنزل اللّٰه تعالي: أَتيٰ أَمْرُ اللّٰهِ فَلٰا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل: 1] قال ناس من أهل الضَّلالة:
يزعمُ صاحبُكم هذا أَنَّ أمرَ اللّٰه قد أتي؛ فتناهي القومُ قليلًا؛ ثم عادوا إلي عِكْرِهم عِكْرِ السَّوْء.
ثم أنزل: وَ لَئِنْ أَخَّرْنٰا عَنْهُمُ الْعَذٰابَ إِليٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ …
[هود: 8] الآية.
أي إلي أَصْل مذهبهم الرَّدِي‌ء، من قولهم: رجع إلي عِكْره و عِتْرِه.
و في أمثالهم: عادت لعِكْرِها لَمِيسُ، و لِعِتْرها. و أنشد الأصمعي:
أمْسَتْ قُرَيش قد تَجَلّي غَدْرُها و سيّئاً فيمنْ سواها عُذْرُها
فلَنْ يعودَ لقريش عِكْرُها ما ساق أَغباشَ الظلام فَجْرُها
و عن أَبي عبيدة: العِكْر الدَّيْدَن و العادة. يقال: ما زال ذلك عِكْرُه- و روي عَكَرهم؛ يذهب به إلي الدَّنس و الدَّرَن؛ و الصواب الأول.
العكارون في (جي). عكومها في (غث). فعكر في (هت). عكاك في (كذ). عكمها في (نج). [ماعكم في (كب). عكاء في (أد)].

العين مع اللام

[علك]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- مر برجل و بُرْمَتُه تَفُور علي النار، فقال له: أطابت بُرْمتك؟
قال: نعم، بأبي أنتَ و أمي! فتناول منها بَضْعَة، فلم يزل يَعْلِكها حتي أَحْرم بالصلاة.
أي يَمْضَغُها و يُلَجْلِجُها في فِيه. و عَلَك و أَلك أخَوان. و عن اللّحياني: عَلَك العجينَ، و مَلَكه و دَلَكه بمعني.
و بُرْمَتُه تَفُور: حال من الضَّمير في مَرَّ، علي سَنَن قوله:
و قد أَغْتَدِي و الطَّيْرُ في وُكُنَاتِها «1»
______________________________
(2) (*) [علك]: و منه الحديث: أنه سأل جريراً عن منزله ببيشة فقال: سَهْلٌ و دكداكٌ و حمضٌ و عَلاك. النهاية 3/ 290.
(1) عجزه:
بمنجردٍ قيد الأوابدِ هَيْكَلِ
و البيت من الطويل، و هو لامري‌ء القيس في ديوانه ص 19، و إصلاح المنطق ص 377، و خزانة الأدب 3/ 156، 243، و شرح المفصل 2/ 66، 68، 3/ 51، و لسان العرب 3/ 372 (قيد)، 11/ 700 (هكل)، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 410، 3/ 41، و خزانة الأدب 4/ 250، و الخصائص 2/ 220، و رصف المباني ص 392، و شرح شواهد المغني 2/ 862، و شرح عمدة الحافظ ص 487، و المحتسب 1/ 168، 2/ 243، و مغني اللبيب 2/ 466.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 394‌

[علل]*:

و بعث صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عاصَم بن ثابت بن أبي الأقْلَح و خُبَيْب بن عدِيّ، في أصحابٍ لهما إلي أَهلِ مكة يَتَخَبَّرُون له خَبَر قُريش؛ حتي إذا كانوا بالرَّجِيع اعترضت لهم بنو لِحْيان من هُذَيل، فقال عاصم:
ما عِلَّتي و أنا جَلْدٌ نَابِلُ و القَوْسُ فيها وَتَرٌ عُنَابِلُ «1»
تَزِلُّ عن صَفْحَتِها المعابِلُ و الموتُ حَقٌّ و الحياةُ باطِلُ
و ضارَبَ بسيفه حتي قُتِل؛ و أسروا خُبَيبَ بْنَ عَدِيّ، فكان عند عُقْبَة بن الحارث، فلما أرادوا قَتْلَه قال لامرأةِ عُقْبة: ابْغِيني حدِيدةً أَستطيب بها، فأعطته مُوسَي، فاستدفّ بها، فلما أرادوا أَنْ يرفعوه إلي الخشبة قال: اللهم أَحْيِيهِمْ عَدداً، و اقْتُلْهمِ بَدَداً.
أي ما عُذْري إن لم أُقاتِلْ و معي أُهْبَة القتال؟ و هي من الاعتلال كالعِذْرَةِ من الاعْتِذار.
نَابِل: معه نَبْل.
عُنَابل: [جمع عِنْبَل] مثل خِنْجَر، و هو أغلظُ الأوتار و أبقاها، و أملؤها للفَوْق، و أَصْوَبها سَهْماً.
المعابِل: النصال العِرَاض التي لا عيْر لها؛ جمع مِعْبلَة.
الاستطابة، و الاستدفاف: الاستحداد؛ من قولهم: دَفَّ عليه، إذا نَسفه، أي استأصله، و منه دفَّفَ علي الجَرِيح.
البِدَد: جمع بِدَّة، و هي الحِصّة، و أَنشد الكسائي:
لما التقيتُ عُمَيْراً في كتِيبَتهِ عاينتُ كَأْسَ المنَايَا بيننا بَدَدا «2»
وَ لَّيْتُ جَبْهَةَ خَيْلي شَطْرَ خَيْلهم وَ وَاجَهُونَا بأُسْدٍ قاتلوا أُسُدا
و التقدير: و اقْتُلْهم قَتْلًا بِدَداً، أي قَتْلًا مقسوماً عليهم بالحِصَص.
و عن الأصمعي: اللَّهُمَّ اقتلهم بَدَداً (بفتح الباء)، أي مُتفرقين.

[علج]*:

إنّ الدُّعَاء لَيَلْقَي البَلاء فَيَعْتَلِجان إلي يَوْم القيمة.
______________________________
(3) (*) [علل]: و منه الحديث أتي بعلالة الشاة فأكل منها. و في حديث عقيل بن أبي طالب: قالوا فيه بقيةٌ من علالة. و حديث أبي حثمة يصف التمر: تعلةُ الصَّبيِّ و قري الضيف. و في حديث علي: من جزيل عطائك المعلول. و الحديث: الأنبياء أولاد علَّات. و في حديث عائشة: فكان عبد الرحمن يضرب رجْلي بعلة الراحلة. النهاية 3/ 291.
(1) الرجز في لسان العرب (عنبل)، و في اللسان، «و أنا طبٌّ خاتلُ» بدل «و أنا جَلْدٌ نابلُ».
(2) البيتان بلا نسبة في أساس البلاغة (بدد).
(4) (*) [علج]: و منه الحديث: و نفي معتلج الريْبِ من الناس، و الحديث: فأتي عبد الرحمن بن خالد بأربعة أعلاج من العدو. و في حديث قتل عمر: قال لابن عباس: قد كنت أنت و أبوك تحبّان أن تكثر العلوج بالمدينة. و في حديث الأسلمي: إني صاحب ظهر أعالجه. و الحديث: عالجت امرأة فأصبت منها-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 395
يَصْطَرِعَان و يَتَدَافعان، قال أبو ذُؤيب، [يصف عَيْراً وَ أُتناً]:
فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضَةٍ فَيَجِدّ حيناً في العِلَاج و يَشْمَعُ «1»

[علق]*:

قالت أمّ قَيْس بنت مِحْصن، أخت عُكاشَة رضي اللّٰه عنهما: دَخَلْتُ بابن لي علي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، لَمْ يأكل الطَّعَامَ، فبالَ عليه؛ فدعا بماء فَرَشَّه عليه، و دخلتُ عليه بابنٍ لي قد أَعْلَقْتُ عنه مِنَ العُذْرَة؛ فقال: عَلَامَ تَدْغَرْنَ أولادَكُنّ بهذه العُلُق؟
و روي: أعْلَقْتُ عليه
. الإعلاق: أن تَدْفَعَ بإصبعها نَغَانِغَه؛ و هي لَحَمات عند اللَّهاة تعالج بذلك عُذْرَته «2»، و حقيقة أَعْلَقَتْ عنه: أَزالتْ عنه العَلُوق؛ و هي الداهية. قال:
[وَسَائلةٍ بثَعْلبَةَ بْنِ سَيْر] و قَدْ عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلُوقُ «3»
و مَن رواه عليه؛ فمعناه أوردتْ عليه العَلوق؛ يعني ما عذَّبته من دَغْرها «4»: و يقال:
أعلقْتَ عليّ؛ إذا أدخل يده في حُنْجُوره «5» يَتَقَيَّأ.
و عن بعض هُذَيل: كنت مَوْعُوكاً وَحَدِي؛ و طَخْطَخ الليلُ «6» دُجَاجِيّتَه «7»؛ و كنت
______________________________
- و الحديث الآخر: من كسبه و علاجه. و حديث العبد: ولي حرَّه و علاجه. و في حديث الدعاء: و ما تحويه عوالج الرمال. النهاية 3/ 286، 287.
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في لسان العرب (شمع)، و ديوان الهذليين 1/ 5، و رواية عجز البيت في اللسان:
فتجد حيناً في المراحِ و تَشْمَعُ
(8) (*) [علق]: و منه في حديث أم زرع: إن أنطق أُطلق، و إن أسكت أُعلَّق. و في حديث حليمة: ركبت أتاناً لي فخرجت أمام الرَّكب حتي ما يعلق بها أحدٌ منهم. و في حديث ابن مسعود: أن أميراً بمكة كان يسلِّم تسليمتين، فقال: أنَّي علقها! فإن رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم كان يفعلها. و الحديث: أدّوا العلائق. و الحديث:
فعلقت منه كلَّ معلق. و الحديث: من تعلَّق شيئاً و كلَ إليه. و في حديث الإفك: و إنما يأكلن العلقة من الطعام. و في حديث سريَّة بني سليم: فإذا الطير ترميهم بالعلق. و في حديث عامر: خيرُ الدواء العَلَقُ و الحجامة. و في حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين يسرقون أعلاقنا. النهاية 3/ 288، 289، 290.
(2) العذرة: قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف و الحلق، تعرض للصبيان عند طلوع العذرة، فتعمد المرأة إلي خرقة فتفتلها فتلًا شديداً و تدخلها في أنفه، فتطعن ذلك الموضع، فينفجر منه دم أسود (لسان العرب: عذر).
(3) البيت بلا نسبة في لسان العرب (علق).
(4) الدغر: غمز الحلق بالإصبع.
(5) الحنجور: الحلقوم.
(6) طخطخ الليل: أظلم.
(7) الليل الداجي: الليل المظلم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 396
صاحبَ قَدْح «1» و إثْقابٍ «2»؛ فأَزيد و أقْدَحُ ناراً؛ و إني لمقْمُوع فأُعْلِقَ عَلَيَّ من العُذْرَة؛ أي من أجلها.
العُلُق: جمع عَلُوق.

[علهز]*:

دعا صلي اللّٰه عليه و آله و سلم علي مُضَر فقال: اللهُمَّ اجْعَلْها عليهم سِنينَ كسنِي يوسف، فابْتلُوا بالجُوع حتي أَكلوا العِلْهِز.
هو دَمٌ كان يُخْلَط بوَبَر، و يعالَج بالنار. و قيل: كان فيه قِرْدان؛ و يقال للقُرَاد الضخم العِلْهز؛ و قيل: العِلْهِز شي‌ء ينبت ببلاد بني سُليم شِبْه الحذاء، له عُنْقُر «3»، أي أَصْلٌ رَخْص كأصل البَرْدِيّ.

[علج]:

علي رضي اللّٰه تعالي عنه- بعث رجلين في وَجْهٍ فقال: إنَّكما عِلْجَان، فعالِجا عن ديِنكما.
أي صُلْبان شَدِيدَا الأَسْر. يقال رجل عَلِج و عُلَج؛ و يقال للحمار الوحشي عِلْج لاستعلاج خَلْقه؛ و العِلْج: الناقة الشديدة. و العُلجْوم: مثلها بزيادة الميم.
فعَالِجَا؛ أي دَافِعا.

[علق]:

أبو هُريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- رُئِيَ و عليه إِزارٌ فيه عَلْق، و قد خيَّطه بالأصْطبَّة.
إذا علق الشوكُ أو غيرُه بالثَّوبِ فخرَقه فذلك الخَرْق عَلْق.
الأصْطُبّة: مُشَاقَةُ الكَتَّان.

[علب]*:

ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- رأي رَجُلًا بأنْفِهِ أثَرُ السجود، فقال: لا تَعْلُبْ صُورَتَكَ.
يقال: عَلَبَه إذا وسَمَه و أَثرَ فيه، و سيف مَعْلوبُ: مُثَلَّم. و طريق مَعْلوب، للذي يُعْلَبُ بِجَنْبَيه، و العَلْب: الأَثَر. قال ابن مُقْبِل:
هَلْ كنْتُ إلا مِجِنًّا تَتَّقُونَ بهِ قد لاحَ في عِرضِ مَنْ بَادَاكُمُ عَلَبِي
______________________________
(1) يقال قدح بالزند: إذا رام الإيراء به.
(2) يقال أثقبت الزند: إذا سقطت الشرارة منه.
(4) (*) [علهز]: و منه في حديث عكرمة: كان طعام أهل الجاهلية العلهز. النهاية 3/ 293.
(3) العنقر: أصل القَصَبِ، أو أول ما ينبت منه و هو غصنٌّ.
(5) (*) [علب]: و منه الحديث: إنما كانت حلية سيوفهم الأفك و العلابيَّ. و في حديث عتبة: كنت أعمد إلي البضعة أحسبها سناماً فإذا هي علباءُ عُنُق. و في حديث وفاة النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: و بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء.
و منه في حديث خالد: أعطاهم علبة الحالب. النهاية 3/ 285، 286.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 397
و المعني: لا تُؤثِّر فيها بشدة انتحائِك علي أَنْفِك في السجود.

[علو]*:

معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- قال للبيدٍ الشاعر: كم عطاؤك؟ قال: ألفان و خمسمائة. قال: ما بالُ العِلَاوة بين الفَوْدَين! فقال: أموت الآن فيكون لك العِلَاوة و الفَوْدَان! فَرَقَّ له، و تَرَك عطاءَه علي حاله.
العِلاوة: ما عُولِي فوق الجمل زائداً عليه. و يقال: ضرب عِلاوتَه؛ أي رأسه.
الفَوْدان: العِدْلان؛ لأنهما شِقّا الجمل؛ من قولك لِشِقَّي الرأس الفَوْدان، و الفَوْد:
ناحية البيت، و يقال: جعلت كتابك فَوْدَين؛ أي طويتُ أسفلَه و أعلاه حتي جعلته نِصْفَين، أرادَ بهما الأَلفَيْنِ، و بالعِلاوة خَمس المائة.

[علج]:

عائشة رضي اللّٰه عنها- تُوُفّي عبدُ الرحمن بن أبي بكر رضي اللّٰه تعالي عنهما- بالْحُبْشِيّ، علي رَأْس أميالٍ من مكة! فنقله ابنُ صفوان إلي مكة؛ فقالت عائشة: ما آسَي علي شي‌ء مِنْ أَمْرِه إِلّا خَصْلَتين؛ أنه لم يعالِج، و لم يدفن حيث مات.
أي لم يعالج سَكْرَةَ الموت؛ فتكون كَفَّارةً لذنوبه، لأنه مات فجأة.

[علق]:

ابن عُمير رحمه اللّٰه تعالي- أَرواحُ الشهداء في أجواف طَيْرٍ خُضْر تَعْلُق في الجنة.
و روي: تَسْرَحُ.
و روي: أَرواح الشهداء تحول في طير خُضْر تَعْلُق مِنْ ثمارِ الجنة.
أي تَأكل و تُصِيب؛ يقال: عَلَقت البهيمةُ تَعْلُق عُلُوقاً إذا أصابتْ من الوَرَق؛ و عَلَقَتِ الإبل العِضَاه؛ إذا تسنّمتها. و منه عَلَق فلان فلاناً، إذا تناولَه بلسانه.

[علل]:

النَّخَعي رحمه اللّٰه تعالي- قال في الضَّرْب بالعَصا: إذا عَلَّ ففيه قَوَد.
أيْ إِذا ثَنَاه و أعاده، من العَلَل في السَّقْي.

[علو]:

عطاء رحمه اللّٰه تعالي- ذكر مَهبِط آدمَ عليه السلام، فقال: هبط معه بالعَلاة.
هي السَّنْدان؛ فَعَلة من العُلُوّ، و كذلك قولهم للناقة: عَلَاة، و هي المشرفة الضخمة،
______________________________
(1) (*) [علا]: و منه في حديث ابن عباس: فإذا هو يتعلَّي عني. و الحديث: اليد العليا خير من اليد السفلي. و في حديث ابن مسعود: فلما وضعت رجلي علي مذَمَّر أبي جهل قال: أعْلِ عَنِّجْ. و منه حديث أحد: قال أبو سفيان لما انهزم المسلمون و ظهروا عليهم: اعلُ هبل. و في حديث حمنة بنت جحش: كانت تجلس في المركن ثم تخرج و هي عالية الدم. و في حديث ابن عمر: أخذت بعالية رُمح. و حديثه أيضاً: و جاء أعرابي عُلوي جافٍ. و في حديث عمر: فارتقي عُلِّيَّةً. و في حديث النجاشي: و كانوا بهم أعلي عيناً النهاية 3/ 293، 294، 295.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 398
و العِلْيان مثلها؛ قال:
تَقْدُمُها كلُّ عَلَاةٍ عِلْيانِ «1»
في [الحديث في] حديث سُبَيعة رضي اللّٰه تعالي عنها لما تَعَلَّتْ من نِفَاسها تشوفَتْ لخُطّابها.
أي قامت و ارتفعت؛ قال جرير:
فلا حَملتْ بَعْدَ الفرزدقِ حُرَّةٌ و لا ذاتُ بعل مِنْ نِفاسٍ تَعَّلَتِ «2»
و يحتمل أن يكون المعني سَلِمَتْ و صَحَّتْ، و أصله تعلَّلت مطاوع عَلّها اللّٰه؛ أي أزال عِلّتها كفزَّعه، و جلَّد البعير؛ ففُعل به ما فُعِل بتقَضَّض البازي و تَظَنَّنت.
و علاك في (دك). بعلالة الشاة في (صو). عَلَنداة في (رج). عيلام في (ضب). تعلو عنه في (تا). معلم في (عف). أعلَّق في (غث). العليفي (قص). بالعلق في (نح). بالعلقة في (شم). علَق القِربة في (عر). المعلول في (دج). بني العلات في (عي). أَعْل عَنِّج في (وط) [بالعلاة في (بس)] و عُلْبة في (ول). علافها في (نص). مُعلمين في (سو). عالية الدم في (دك).
[فعليك في (أد). بعلياء في (بع)].

العين مع الميم

[عمي]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- تعوَّذوا باللّٰه من الأَعْمَيَيْن، و من قِتْرةَ و ما وَلّد.
هما الأيهمان، أي السيل و الحريق، لما يُرْهِق مَنْ يُصِيبانِه من الحَيْرة في أمره.
قِتْرة: عَلَم للشيطان، و يُكْنَي أبا قِتْرَة.
من قاتل تحت راية عِمِّيَّة يَغْضَبُ لعَصَبةٍ، أو ينصر عَصَبةً، أو يدعو إلي عَصَبَةٍ، فَقُتِل قُتِلَ قِتْلةً جاهلية.
هي الضلالة؛ فِعِّيلة مِنَ العَمَي.
العَصَبة: بنو العم، و كلّ مَنْ ليست له فَريضة مُسَمَّاة في الميراثِ، و إنما يأخذ ما يَبْقَي بعد أَرباب الفرائض؛ فهو عَصَبة.
______________________________
(1) الشطر بلا نسبة في لسان العرب (علا).
(2) البيت في ديوان جرير ص 48، و رواية الديوان، «ذات حمل» بدل «ذات بعل».
(3) (*) [عمي]: و منه في حديث الصوم: فإن عُمِّيَ عليكم. و في حديث الهجرة: لأعَمِّينَّ علي من ورائي. و في حديث الزبير: لئلا تموت ميتة عِمِّيَّة. و في الحديث: من قتل في عِمِّيَّا في رمي يكون بينهم فهو خطأ.
و في حديث سلمان: سئل ما يحل لنا من ذمتنا؟ فقال: من عماك إلي هداك. و في حديث أم معبد:
تسفهوا عمايتهم. و في حديث أبي ذر: أنه كا يغير علي الصِّرم، في عماية الصبح. و الحديث: مثل المنافق مثل شاة بين ربيضين تعمو إلي هذه مرة و إلي هذه مرة. النهاية 3/ 304، 305، 306.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 399‌

[عمر]*:

قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في العُمْرَي و الرُّقْبَي: إنها لمن أَعْمَرها و لمن أرْقَبها و لورثتهما مِنْ بعدهما.
كان الرَّجُلُ يتفضل بالأعمارِ و الأقارب علي صاحبه فيتَمَتَّعُ بما يُعْمِره، أو يُرْقبه إياه مدةَ حياته؛ فإذا مات لم يصِلْ منه إلي ورثته شي‌ء، و كان للمُعمِر و المُرقِب أو لورَثته، [فَنَقضه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم.
و أعلم أنْ مَنْ ملك ذلك في حياته فهو لورثته] من بعده، و قد مَرّ نَحْوٌ من هذا في باب رقب مع ذكر ما في العُمْرَي و الرُّقْبَي من الكلام اللغوي و الفِقْهي.

[عماء]:

سأله أبو رَزِين العُقَيليّ: أين كان ربنا قبل أن يَخْلُق السمواتِ و الأرض؟
فقال:
[كان] في عَماء تحته هَواءٌ، و فوقه هَوَاء.
هو السَّحَاب الرَّقيق، و قيلَ السَّحَاب الكَثِيف المُطْبِق؛ و قيل شِبْه الدّخان يركب رؤوس الجبال.
و عن الجَرْمِيّ: الضَّباب.
و لا بد في قوله: أين كان رَبّنا؟ من مُضاف محذوف؛ كما حذف من قوله تعالي:
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّٰهُ [البقرة: 210] و نحوه.

[عمر]:

قدِم عليه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم قَطن بن حارثة العُلَيْمِيّ مع وفد من [كلْب] المدينة، فكتبَ لهم:
هذا كتابٌ من محمدٍ رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لعمائر كَلْب و أحْلَافها و من ظَأَرَه الإِسلام من غيرهم، مع قَطَنِ بن حارثة العُلَيْمِيّ، بإقام الصلاةِ لِوَقتِها و إيتاء الزكاة بحَقِّهَا؛ في شدة عَقْدها، و وَفَاء عَهْدِها؛ بمحضر من شُهود المسلمين: سعد بن عُبادة، و عبد اللّٰه بن أُنَيْس، و دِحْية بن خليفة الكَلْبي: عليهم في الهَمُولةِ الراعيةِ البُساطِ و الظُّؤَارِ؛ في كلِّ خمسين ناقةٌ غيرُ ذاتِ عُوَار، «1» و الحَمولةُ المائرةُ أهْلهُم لاغية، و في الشَّويّ الوَرِيّ مُسِنَّة حاملٌ أو حائل «2»، و فيما سَقي الجدول من العَيْن المَعين العُشْرُ من ثَمرها. و مما أخرجتْ أرضُها، و في العِذْي «3» شَطْرُه بِقيمَةِ الأمين، لا تُزاد عليهم وظيفةٌ و لا تُفَرَّق. شهد اللّٰه علي ذلك و رسولهُ. و كَتب ثابت بن قَيْس بن شَمّاس.
______________________________
(4) (*) [عمر]: و منه حديث لقيط: لعَمْرُ إلهك. و في حديث قتل الحيات: إن لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم منها شيئاً فحرِّجوا عليه ثلاثاً. و الحديث: أوصاني جبريل بالسواك حتي خشيت عُمُوري. النهاية 3/ 298، 299.
(1) العوار: العيب.
(2) الناقة الحائل: التي لم تلقح سنة أو سنتين أو ثلاثاً.
(3) العذْي من الزروع: ما لا يسقي إلا بماء السماء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 400
العمائر: جمع عِمَارة و هي الحيّ العظيم؛ فمن فَتَح فإِنه ذهبَ إلي التفاف بعضهم علي بعض كالعمَارة و هي العِمامة، و من كَسَر فلأَنهم عِمَارة للأرض.
و اشْتَقَّها بعضُهم من العَوْمَرة و هي الجَلَبة، و مِن اعْتَمَرَ الحاجُّ؛ إذا رفع صوتَه مُهِلًّا بالعُمرة لما يكُون فيها من الجَلَبة.
ظأَره: عطفه.
الهَمولة: التي أهْمِلَتْ للرَّعْيِ [و لا تُسْتَعْمَل].
البُساط: جمع بِسط، و هي التي معها ولدُها.
و الظُّؤَار: جمع ظِئْر، و هي التي ظُئِرت علي غير وَلدها.
المائرة: التي يُمتارُ عليها.
لاغية: مُلْغاة.
الشَّوِيّ: الشَّاء.
الوَرِيّ: السمين. قال الطِّرِمّاح:
بُوجُوهٍ كالوذائلِ لم يُخْتَزَنْ عَنْهَا وَرِيُّ السَّنَام «1»
أوصاني جبرئيل بالسِّواك حتي خِفْتُ علي عُمُوري.
هي جمع عَمْر، و قد رُوي فيه الضَّم، و هو لحم اللِّثة المستطيل بين كل سِنَّيْن.

[عمد]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أيما جالب جَلبَ علي عَمُود بطنه، فإنه يبيع كيف شاء و متي شاء.
أيْ علي ظَهْرِه. و قيل: هو عِرْقٌ يمتد من الرَّهَابة إلي دُوَين السُّرّة.
و المعني جَلَب مُعانِيا للمشقة؛ كأنما جُمِل المجلوب علي هذا العِرْق. و سُمّي الظهر عموداً؛ لأنه يعمد البطْنَ و قوامُه به.
و أما العِرْق فقد شُبِّه لا متداده و استطالتِه بعمود الخِباء.

[عمر]:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه تعالي عنه-
قال الأسْودُ: خرجنا عُمَّاراً، فلما انصرفُنَا مرَرْنا بأبي ذَرّ، فقال: أَ حَلَقْتُمُ الشَّعَثَ، و قَضَيْتُمُ التَّفثَ! أما إنّ العمرة مِن مَدَركم!
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (و ذل)، و في اللسان «بخدود» بدل «بوجوه».
(2) (*) [عمد]: و منه في حديث أم زرع: زوجي رفيع العماد. و في حديث ابن مسعود: إن أبا جهل قال لما قتله: أعْمَدُ من رجل قتله قومه. و في حديث عمر: أنّ نادبته قالت: وا عمراه! أقام الأوَدَ و شفي العَمَد.
و حديث علي: للّٰه بلاء فلان فلقد قوّم الأود و داوي العمد. و في حديث الحسن و ذكر طالب العلم:
و أعمدتاه رجلاه. النهاية 3/ 296، 297.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 401
أي مُعْتَمِرين؛ و لم يجي‌ء فيما أعلم عَمَر بمعني اعْتَمَرَ، و لكنْ عَمَر اللّٰه؛ إذا عَبَدَهُ، و فلان يَعْمُر رَبَّه؛ أي يصلّي و يصوم، و عَمَر ركعتين؛ أي صلّاهما؛ فيحتمل العُمّار أن يكون جمع عامر؛ مِن عَمَرَ بمعني اعتمر؛ و إنْ لم نسمعه، و لعل غيرَنا سَمِعه. و أنْ يكونَ مما استعمل منه بعضُ التصاريف، دون بعض، كما قيل يَذَر، و ما منه دُونَهُ من الماضي و اسمي الفاعل و المفعول، و كذلك يَدَع و ينبغي، و نحوه السُّفَّار و السَّفْر للمسافرين. و أن يقال للمعتمرين عُمَّار؛ لأنهم عَمَروا اللّٰه؛ أي عبَدُوه.
الشَّعَث: أن يَغْبَرَّ الشعرُ، و يَنْتَتِفَ «1»؛ لِبُعد عَهْدِه بالتعهد من المَشْط و الدهن؛ أرادَ ذا الشَّعَثِ.
التَّفَث: ما يُفْعَل عند الخروج من الإِحرام؛ من تقليم الأظفار، و الأَخْذ من الشَّارب، و نَتْفِ الإِبط و الاسْتِحْدَاد «2».
و قيل التَّفَث: أعمال الحج. و قال الأغلب:
لما وسطْتُ القَفْر في جنح المَلَث و قَدْ قَضَيْتُ النُّسْكَ عَنّي و الثَّفَثْ
فاجأَني ذِئبٌ بِه داءُ الغَرث «3»
و قال أمية:
شاحِينَ آبَاطَهُمْ لم يقربوا تَفَثاً و لم يَسُلُّوا لهمْ قَمْلًا و صِئْبَانا
قال الأصمعي: مَدَرة الرجل بَلَدُه؛ و الجمع مَدَر. و يقال: ما رأيتُ مِثْلَه في الوَبر و المَدَرِ، يعني أنَّ العُمْرَةَ يُبْتَدأُ لها سَفَرٌ غيرُ سَفر الحج.

[عملق]:

خَبّاب رضي اللّٰه تعالي عنه- رأي ابْنَه مع قاضّ، فلما رجع ائتزر و أخَذَ السوط، و قال: أَمَعَ العَمَالِقة! هذا قَرْنٌ قد طَلَع.
هم الجبابرة الذين كانوا بالشام علي عهد موسي علي نبينا و عليه السلام؛ الواحدُ عِمْليق و عِمْلاق؛ و يقال لمنْ يَخْدَعُ الناسَ و يخلبهم و يتظرّف لهم عِمْلاق، و هو يَتَعَمْلَقُ للناسُ.
شُبِّه القُصّاص بأولئك الجبابرة في اسْتِطَالَتهِم علي الناس، أو أراد تعمُلقَهم لهم.
القَرْن: أَهْلُ كلِّ عَصْر يَحْدثون بعد فَناء آخرين، يعني أنهم قوم حَدَثوا و نَجَموا، لم يكونوا علي عهد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم. و قيل: أراد قَرْنَ الحيوان؛ شُبِّه به البِدْعة في نَطْحها الناس عن السنَّة، و تبعيدهم عنها.
______________________________
(1) ينتتف: يسقط.
(2) الاستحداد: أي حلق شعر العانة.
(3) الغرث: شدة الجوع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 402‌

[عمر]:

محمد بن مَسْلَمة رضي اللّٰه تعالي عنه- في حديث محاربته مَرْحَباً قال: مَنْ شهدهما: ما رأيتُ حَرْباً بين رجلين قطُّ علمتُها مثلَها؛ قام كلُّ واحدٍ منهما إلي صاحبه عند شجرة عُمْرِيَّةٍ، فجعل كلُّ واحدٍ منهما يلوذُ بها مِنْ صاحبه، فإذا استتر منها بشي‌ء خَذَمَ صاحِبه ما يليه حتي يخلُص إليه، فما زالا يتخَذَّمَانِها بالسيف؛ حتي لم يَبْقَ فيها غُصْن، و أَفْضَي كلُّ واحدٍ منهما إلي صاحبِه.
هي العظيمة القديمة التي أَتَي عليها عُمْر طويل. و يقال للسِّدْر العظيم النابت علي الشُّطوط عُبْرِيّ و عُمْرِيّ، و لِمَا سواه ضَال، قال ذو الرمة:
قَطَعْتُ إذا تخَوّفَت العَواطِي ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيًّا و ضَالا «1»
و [إنما] قيل له العُبْرِيّ لِنَبَاته علي العِبْرِ «2»؛ و العُمْرِيّ لِقِدَمِه، أو الميم فيه معاقبة للباء؛ كقولهم: رماه مِنْ كَثَب و كَثَم.
يَتَخَذَّمَانِها: يتقطعانها، قال:
و لا يأكلون اللحْمَ إلا تَخَذُّما

[عمل]*:

الشَّعْبي رحمه اللّٰه تعالي- أُتِي بشرابٍ مَعْمول.
قيل: هو الذي فيه اللَّبَن و العَسَل و الثَّلْج.

[عمم]*:

عطاء رحمه اللّٰه تعالي- إذا توضأتَ فلم تَعْمُمْ فَتَيَمَّمْ.
أي لم تَعْمُمْ أعضاءك بإِيصال الوضوءِ إليها؛ يعني إذا كان عندك من الماءِ ما لا يَفِي بطَهورك فتيمَّمْ.

[عمر]:

في الحديث لا بَأسَ أنْ يُصَلِّيَ الرجلُ علي عَمَرَيْه.
أي كمّيه، قال:
قَامَتْ تُصَلِّي و الخِمارُ من عَمَرْ
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 440، و لسان العرب (عبر).
(2) العبري: من السدر و هو ما نبت عبر النهر و عظم، (لسان العرب: عبر).
(3) (*) [عمل]: منه في حديث خيبر: دفع إليهم أرضهم علي أن يعتملوها من أموالهم. و الحديث: ما تركت بعد نفقة عيالي و مؤنة عاملي صدقة. و الحديث: سئل عن أولاد المشركين فقال: اللّٰه أعلم بما كانوا عاملين. و في حديث الزكاة: ليس في العوامل شي‌ء. و الحديث: لا تُعْمَل المطيُّ إلّا إلي ثلاثة مساجد.
و في حديث الإسراء و البراق: فعملت بأذنيها. و في حديث لقمان: يعمل الناقة و السَّاقَ. النهاية 3/ 300، 301.
(4) (*) [عمم]: و منه في حديث الغصب: و إنها لنخلٌ عُم. و في حديث لقمان: يهب البقرة العَمَمة و الحديث: أكرموا عمتكم النخلة. و في حديث جابر: فَعَمَّ ذلك؟ و في حديث الحوض: عَرْضه من مقامي إلي عمَّان النهاية 3/ 301، 302، 303، 304.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 403
العممة في (بج). تعموا في (دب). عَمْرك اللّٰه في (خب). و المعامي في (ند).
عُمروس في (مل). اعمد و عماك في (ذم). [العمد في (أو). و أَعْمدَتاه في (نح). عُمّ في (عر). و عامِلَة في (نس). عميّة في (فر) و في (عب). عَمَمِه في (ثم). في عماية في (صر).
أَمر العامة في (خص)].

العين مع النون

[عنق]*:

النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم- «المؤذّنُون أَطولُ الناسِ أعناقاً يوم القيامة» - و روي: إعناقاً.
أي إسراعاً إلي الجنة؛ و العَنَقُ: الخَطْو الفَسِيح.
و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: «لا يزال المؤمنُ مُعْنِقاً صالحاً؛ لم يُصِبْ دَماً حراماً؛ فإذا أصاب دماً حراماً بَلَّحَ».
و منه
قوله صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: «إن رَهْطاً ثلاثة انطلقوا فأصابتهم السماء، فلجؤَوا إلي غارٍ، فبينما هم فيه؛ إذا انْقَلَعَتْ صخرةٌ من قُلَّة الجبل، فتَدَهْدَهَتْ حتي جَثَمَتْ علي باب الغار؛ فقال القومُ بعضُهم لبعض: كَفَّ المطرُ، و عَفَا الأثر؛ و لن يراكم إلّا اللّٰه؛ فلينظر كلُّ رجلٍ أَفضلَ عملٍ عمله قطّ فلْيذكُرْه، ثم ليدْعُ اللّٰه. فانفرجت الصَّخْرَةُ، فانطلقوا مُعانِقين».
عَانَق، و أعْنَق؛ نحو سارع و أسرع.
و
في حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أنه كان مُعاذ و أَبو موسي معه في سَفَر، و معه أصحابُه، فأناخوا ليلةً مُعَرِّسِين، و تَوَسَّدَ كلُّ رجل ذِرَاعَ راحلته، قالا: فانتبهنَا، فلم نَرَ رسولَ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عند رَاحلته، فاتبعناه، فَأُخْبِرْنا أنه خُيِّرَ بين أنْ يُدْخِلَ نصْفَ أُمته الجنة و بين الشفاعة، و أنه اختار الشفاعةَ، فانطَلَقنَا مَعَانِيقَ إلي الناس نُبَشِّرُهم.
أي مُعْنِقين، جمع مِعْناق.
بَلَّحَ: أعيا و انقطع، يقال: بَلَّحَ الفرسُ، و بَلَّحَت الرَّكِيَّةُ، إذا انقطع جَرْيُها و ذهب ماؤها.

[عنبر]:

بعث صَلَي اللّٰه عليه و سلِم سَرِيَّةً إلي ناحيةِ السِّيف فجاعُوا، فألقي اللّٰه لهم دابَّةً يقال لها العَنْبَر،
______________________________
(1) (*) [عنق]: و منه الحديث: أنه كان يسير العَنَق فإذا وجد فجوة نصَّ. و في حديث الحديبية: و إن نجواتكن عُنُقٌ قطعها اللّٰه. و في حديث فزارة: فانظروا إلي عنقٍ من الناس. و الحديث: لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا. و في حديث الضحية: عندي عَنَاقٌ جذعة. و في حديث أبي بكر: لو منعوني عناقاً مما كانوا يؤدونه إلي رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم لقاتلتهم عليه. و في حديث قتادة: عناق الأرض من الجوارح.
و في حديث الشعبي: نحن من العنوق، و لم تبلغ النوق. و في حديث الزبرقان: و الأسود الأعنق، الذي إذا بدا يُحمَّق. و منه حديث عكرمة في تفسير قوله تعالي: طَيْراً أَبٰابِيلَ قال: العنقاء المغرب. النهاية 3/ 310، 311، 312.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 404
فأكل منها جماعةُ السَّرِيَّةِ شهراً حتي سَمِنُوا.
هي سمكة بَحْرِية تُتخذُ التّرَسَة من جِلْدِها، فيقال للتُّرْس عَنْبَر. قال العباس بن مرداس:
لنا عارِضٌ كزهَاءِ الصَّرِيمِ فيه الأسِنَّةُ و العَنْبَر

[عنو]*:

اتقوا اللّٰهَ في النساء، فإنّهنّ عِنْدَكم عَوان.
جمع عانِية، من العُنُوّ، و هو الإقامة علي الإسار: يقال: عَنَا فيهم أَسيراً، و العَنْوَة:
القَهْر و الذل، و منه قوله تعالي: وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ [طه: 111].
و
في حديثه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: «عُودُوا المريضَ، و أطعِموا الجائع، و فُكُّوا الْعَانِي.

[عنن]*:

سئل صَلَي اللّٰه عليه و سلِم عنّ الإبل فقال: أعنانُ الشياطين، لا تُقْبِلُ إلّا مُوَلِّية، و لا تُدْبِرُ إلّا مُوَلِّية، و لا يأتي نَفْعُها إلّا مِنْ جانبها الأشأم.
الأَعْنان: النَّوَاحي؛ جمع عَنَنٍ و عَنّ، يقال أخذْنا كلّ عَنّ و سَنّ و فَنّ، أُخذ مِنْ عنّ، كما أُخذ العَرْض من عَرَض.
و
في الحديث: أنهم كرِهوا الصلاةَ في أعطانِ الإبلِ، لأنها خُلِقَتْ من أعْنَان الشياطين.
قال الجاحظ: يَزْعُمُ بعضُ الناسِ أنّ الإبلَ فيها عِرْقٌ من سِفَادِ الجنّ، و ذهبوا إلي هذا الحديث و غَلِطُوا. و لعلّ المراد- و اللّٰه و رسوله أعلم- أن الإبل لكثرةِ آفاتِها، و أن من شَأْنها أنها إذا أقْبَلَتْ أنْ يعتقبَ [إقبالَها] الإدبارُ، و إذا أدْبرتْ أن يكون إدْبَارُها ذهاباً و فنَاء مُسْتَأصلًا، و لا يأتي نَفْعُها- يعني منفعةَ الركوب و الحَلْب إلّا مِنْ جانبها الذي دَيْدَنُ العربِ أنْ يتشاءَمُوا به و هو جانب الشِّمال. و من ثَمّ سموا الشِّمال الشؤْمَي. قال يَصِف حماراً و أَتَاناً:
فأَنْحَي علي شُؤْمَي يَدَيْهِ فَذَادَهَا «1»
فهي إذن للفتنة مَظنّة، و للشياطين فيها مجال مُتَّسع، حيث تسببت أولًا إلي إغراء
______________________________
(2) (*) [عنو]: و منه الحديث: أتاه جبريل فقال: بسم اللّٰه أرقيك من كل داء يعنيك. و الحديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. و الحديث: أنه قال لرجل: لقد عني اللّٰه بك. و في حديث المقدام: الخال وارث من لا وارث له، يفك عانيه. و في حديث علي: أنه كان يحرِّض أصحابه يوم صفين و يقول: استشعروا الخشية و عنَّوا بالأصوات. النهاية 3/ 314، 315.
(3) (*) [عنن]: و منه في حديث طهفة: برئنا إليك من الوثن و العنن. و في حديث علي: دهمته المنية في عنن جماحه. و في حديث طهفة: و ذو العنان الركوب. و في حديث قيلة: تحسب عنِّي نائمة. النهاية 3/ 313، 314.
(1) عجزه:
بأَظْمإِ من فَرْعِ الذؤَابة أسْحَمَا
و البيت للقطامي في لسان العرب (شأم)، و في اللسان «فخر» بدل «فأنحي».
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 405
المالكين علي إخلالهم بشُكْرِ النّعمة العظيمة فيها، فلما زَوَاها عنهم لكُفْرَانهم أغرتهم أيضاً علي إغفال ما لزمهم مِنْ حقِّ جميل الصبر علي المرزئةِ بها، و سوَّلَتْ لهم في الجانب الذي يَسْتَمْلُونَ منه نعمتي الركوب و الحلبِ أَنه الجانب الأَشأم، و هو في الحقيقة الأيمن الأبرك.

[عنز]:

لما طعن أُبيّ بن خَلَف بالعَنَزَة بين ثدييه، انصرف إلي أصحابه، فقال: قتلني ابنُ أَبي كَبْشَة، فنَظَرُوا فإِذا هو خَدْش، فقال: لو كانتْ بأهل ذِي المجاز لقتلتهم.
العَنَزَة: شِبْه العُكَّازة.
أبو كَبْشَة: كُنْية رَجُلٍ خُزَاعِيّ، خَالَف قُرَيشاً في تَرْكِ الأوثان، و عبادة الشِّعْري العَبور، و كان يقول: إنها قطعتِ السماءَ عَرْضاً، و لم يقطعها عَرْضاً نَجْمٌ غيرها، و لهذا قال تعالي:
وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْريٰ [النجم: 49]. فلما خالفهمْ رسولُ اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم شَبَّهُوه بالخُزاعي، و قيل: هو كنية جَدِّ جَدِّه لأُمه، وَهْب بن عبد مناف بن زُهرة.
[ذو المجاز: سوق للعرب. الضمير في كانت للطَّعْنَة].

[عنت]*:

أَيُّما طَبِيب تَطَبَّبَ علي قَوْمٍ، و لم يُعْرَف بالطِّبِّ قبلَ ذلك فأعْنَتَ فهو ضامن.
أي أضرَّ و أفْسَدَ، من العَنتِ.

[عنق]:

عن أم سَلَمة رضي اللّٰه تعالي عنه- كنْتُ معه، فدخلتْ شاةٌ لجارٍ لنا، فأخذتْ قرصاً تحت دَنٍّ لنا، فقمتُ إليها فأخذتُه من بين لحْيَيْها، فقال: ما كان ينبغي لك أن تُعَنِّقِيها، إِنه لا قَلِيلَ من أَذَي الجار- و روي: تُعَنِّكيها.
أَيْ أَنْ تَأْخُذِي بِعُنُقِها و تَعْصِريها.
و التعنيك: المشقة و التعنيف، من اعتنَك البعيرُ إذا ارتطم في رَمْلٍ لا يقدِرُ علي الخلاص منه، و يقال لذلك الرمل: العانِك.
و يجوز أن يكون التَّعْنِيق، بمعني التَّخْييب، من العَنَاق، و هو الخَيْبة، و العَنَاقة مثله، يقال: رجع منه بالعَناق، و فاز منه بالعَنَاقة. و بلد مَعْنَقَةٌ لا مُقامَ به مِنْ جُدُوبته.
و التَّعْنيك بمعني المنع و التضييق؛ من عَنك البابَ و أعنكه، إذا أغلَقَه؛ و العِنْك:
الباب؛ لغة يمانية. و لو روي تُعَنِّفِيها (بالفاء)، من العُنْف لكان وَجْهاً قريباً.

[عنج]*:

قيل: أيّ أموالِنا أفضل؟ قال: الحرْث و الماشية؛ قيل: يا رسولَ اللّٰه،
______________________________
(1) (*) [عنت]: و منه الحديث: الباغون البرآءَ العَنَت. و الحديث: فيعنتوا عليكم دينكم. و الحديث: حتي تعنته. و حديث عمر: أردت أن تعنتني. و حديث الزهري: في رجل أنعل دابته فعنتت. النهاية 3/ 306، 307.
(2) (*) [عنج]: و منه الحديث: و عثرت ناقته فعنجها بالزمام. و في حديث علي: كأنه قلع داريّ عَنَجه نوتيُّه.-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 406
فالأبل! قال: تلك عَناجيج الشياطين.
العُنْجُوج من الخيل و الإبل: الطويلُ العُنُق، فُعْلُول من عَنَجه؛ إذا عطفه، لأنه يعطفُ عنقَه لطولها في كلّ جهة و يلْويها لَيّاً، و راكبه يعنِجها إليه بالعِنان و الزّمام؛ يريد أنّها مطايا الشياطين.
و منه
قوله صلّي اللّٰه عليه و آله و سلم: إن علي ذِرْوة كلّ بعير شيطاناً.

[عنتر]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- سبَّ ابنَه عبد الرحمن، فقال: يا عنتر! و روي:
غَنْثَر، و غُنْثَر
(بالفتح و الضم).
العَنْتَر: الذُّباب الأزرق؛ شبهه [به] تحقيراً.
و الغُنْثر؛ من الغَثارة، و هي الجهل. و قيل هو من الغَنْثَرة، و هي شُرْب الماء من غير عَطَش، و ذلك من الحُمْق.

[عنن]:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: إنّ رجلًا كان في أرض له إذ مرّت به عَنانة تَرَهْيَأُ؛ فسمع فيها قائلًا يقول: ائتي أرضَ فُلان فاسِقيها.
قيل للسحابة عَنانة؛ كما قيل لها عَارِض و حَبِيّ، و عَنّ و عَرَض و حَبا بمعني، و الجمع عَنان.
و منه
الحديث: و لو بلغتْ خَطيئتُه عَنان السماء.
و في كتاب العين: عَنانُ السماء: ما عَنَّ لك؛ أي ما بَدا لك منها إذا رفعتَ بصرَك إليها.
و روي: أعْنَان السماء، و الأعْنَان و الأعناءُ و الأحناءُ بمعنًي؛ و هي النواحي؛ يقال نزلوا أعناء مكة؛ الواحد عِنْو، و قيل عَناً، و يجوز أن يكون الأعنان جمع عَنان، كَأَسّاس و أجواد في أساس و جَواد.
تَرَهيَأَت السحابةُ؛ إذا سارتْ سيراً رويداً. و قال يعقوب: تمخّضت، قال:
فتلك عَنانة النِّقْمات أضحتْ تَرَهْيَأُ بالعِقاب لِمُجْرِمِيها «1»
فالهمزة فيه مزيدة، لقولهم ترهْيأت، و ترهيت؛ إِذا تبخترت، فكأنه من قولهم: رها الطائرُ يَرْهُو، إذا دَوَّم و رنَّق في الهواء، و هو أن ينشر جناحيه و لا يخفق بهما، علي معاقبة الياء الواو في البناء، كقولهم: أتيت و أتوت، و عَزيت و عزوت.

[عنش]:

ابن (معديكرب) رضي اللّٰه عنه- قال يوم القادسيّة: يا معشرَ المسلمين، كونوا أسْداً عِناشاً، فإنما الفارسي تَيْسٌ إذا ألقي نَيْزَكَه.
______________________________
- و في حديث أبي جهل يوم بدر: أغلِ عنّجْ. النهاية 3/ 307، 308.
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة ص 181.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 407
عَانش و عانق أخَوان؛ قال أبو خِراش:
إذنْ لأَتاه كلّ شاك سلاحَهُ يعانِشُ يوم البأس ساعِدُه عَبْلُ «1»
و المعني أسداً ذات عِناش لأقرانها، فوصف بالمصدر، كقولهم: فلان عِناش عدوّ، قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
عناش عَدُوٍّ لا يزال مُشَمِّراً بِرَجْلٍ إذا ما الحربُ شبَّ سَعِيرُها «2»
و يجوز أن ينتصب عِناشًا علي التمييز، كما يقال: هو أسَدٌ جرأةً و إقداماً.
النَّيْزَك: نحو من المِزْرَاق، عجمي معرب، و قد تكلمت به العرب قديماً و اشتقَّتْ منه، قال ذو الرُّمة:
فيا مَنْ لِقَلْبٍ لا يزال كأَنه من الوجد شَكَّتْهُ صدورُ النَّيَازِك «3»
و يقال: نَزكه ينزكه نزكاً، إذا زَرَقه، و منه نَزَكَه؛ إذا عابه و وقع فيه.

[عنس]*:

النَّخَعي رحمه اللّٰه تعالي- قال في الرجل يقول إنه لم يجد امرأته عذراء:
لا شي‌ءَ عليه، لأن العُذْرَة قد تُذهبها الحَيْضة و الوثبة و طول التَّعْنيس.
عَنَست و عُنِّسْت؛ إذا بقيت في بيت أبويها لا تزوج حتي تسنّ. و منه العَنْس للناقة إذا تَمَّتْ سِنُّها و اشتدّت قوتها.
و عن الأصمعي: أنه يقال للرجل عانِس إذا لم يتزوج، أراد: ليس بينهما لِعان لأنه ليس بقاذف.

[عنو]:

الشَّعْبي رحمه اللّٰه تعالي- لأَنْ أَتَعَنَّي بِعَنيَّة أحبّ إلي من أن أقول في مسألة برأيي.
العَنِيَّة: بول فيه أخلاط تُطلي به الإبلُ الجربَي، يقال في المثل: عَنِيَّة تشفي الجرَب، و التَّعَنِّي: التطلِّي بها.
العنن [و ذو العنان] في (صب). عانيهم في (دب) شاو العنن في (رج). عنابل في (عل). العنان في (غذ). العنطنطة في (عي). العنق في (دف). عنقفير في (نص). يعنجه في (نو). عنف، و العنود في (ذق). أن تعنتني في (قن). عان في (لب). [عني في (فر).
عنفوان في (جم). عنج في (وط). أعنق في (نح). و عناج في (حق). لعرق عاند في (عذ). عنف السياق في (ذن). عنتت في (عت). و عنوا في (زن). و لا تعنفها في (ثر)].
______________________________
(1) البيت في ديوان الهذليين 2/ 165.
(2) البيت في ديوان الهذليين 2/ 215.
(3) البيت في ديوان ذي الرمة ص 416.
(4) (*) [عنس]: و منه في صفته ص: لا عانسٌ و لا مفنَّدٌ. النهاية 3/ 308.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 408‌

العين مع الواو

[عول]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- المُعْوَلُ عليه يُعَذَّب.
أعْوَلَ علي الميت و عَوَّل؛ إذا رفع صوته بالبكاء، و قيل دعا بالويل. قالت هِند بنت عُتْبة:
إني عليك لَحَرَّي قد تَضَعَّفَنِي هَمٌّ أشاب ذُؤَابَتَيَّ و تَعْويلُ
قاله في إنسان بِعينه قد عَلِم بالوحي أنه يعذب، و اللام للإِشارة، كأنه قال: هذا الذي يُبكَي عليه يعذب، أو أراد مَنْ يوصي نساءه أن يُعْوِلْن عليه، أو أراد الكافر؛ لأنَّ المسلمين علي عهدِه كانوا من المحافظة علي حُدود الذين بمكان، و المسلمات بمثابتهم، فكان المسلم إذا مات لم يُعْوَل عليه.

[عود]*:

دخل صَلَي اللّٰه عليه و سلِم علي جابر بن عبد اللّٰه منزلَه، قال جابر:
فَعَمَدْتُ إلي عَنْزي لأذبحها فَثَغَتْ؛ فسمِعَ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم ثغْوتها، فقال:
يا جابر، لا تقطع دَرّاً و لا نَسْلًا. فقلت: يا رسول اللّٰه، إنما هي عَودَةٌ عَلَفْناها البلح و الرُّطَب فسَمِنت.
عن ابن الأعرابيّ: لا يقال عَوْد إلّا لبعير أو شاة، و قد جاء: عَوَّدَ الرجلُ؛ إذا أسنَّ، و قد استعاره للطريق القديم مَنْ قال:
عَوْدٌ علي عَوْدٍ لأقْوامٍ أُوَلْ يموتُ بالتَّرْك و يحيا بالعَمَلْ «1»

[عوذ]*:

تزوج صلي اللّٰه عليه و آله و سلم امرأة من العرب، فلما أُدْخِلَتْ عليه قالت:
أعوذُ باللّٰه منك! فقال لها: لقد عذت بمعَاذ، فالْحَقي بأهلك.
أي عُذْت بمكان العِياذ، و بِمَنْ للعائذين أن يعوذوا به، و هو اللّٰه عز و جل، و حقيقته:
عذت بمَعاذٍ أيّ مَعاذ، و بمَعاذٍ مَنْ عَاذَ به لم يكن لأحد أن يتعرضَ له.
______________________________
(2) (*) [عول]: و منه في حديث النفقة: و ابدأ بمن تعول. و في حديث مريم عليها السلام: و عال قلم زكريا عليه السلام. و في حديث أم سلمة: قالت لعائشة: لو أراد رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم أن يعهد إليك عُلْتِ. النهاية 3/ 321، 322.
(3) (*) [عود]: و منه الحديث: إن اللّٰه يحب الرجل القوي المبدي‌ء المعيد علي الفرس. و في الحديث:
و أصلح لي آخرتي التي فيها معادي. و في حديث علي: و الحَكَمُ اللّٰه و المَعْوَدُ إليه يوم القيامة. و في حديث معاذ: قال له النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أعُدْتُ فتاناً يا معاذ؟. و الحديث: الزموا تُقَي اللّٰه و استعيدوها. و في حديث حسان: قد آن لكم أن تبعثوا إلي هذا العَوْد. و في حديث حذيفة: تُعْرَض الفِتَنُ علي القلوب عَرْضَ الحصير عَوْداً عَوْداً. النهاية 3/ 316، 317.
(1) البيت لبشير بن لنكك في لسان العرب (عود).
(4) (*) [عوذ]: و منه الحديث: إنما قالها تعوُّذاً. و في حديث علي: فأقبلتم إليَّ إقبال العُوذ المطافيل. النهاية 3/ 318.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 409‌

[عول]:

قال حنظلة كاتبه: كُنَّا عند رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فوعَظنا، فرقَّتْ قلوبُنا و دَمَعتْ أعيْننا، فرجعتُ إلي أهلي فدنتْ مني المرأةُ و عَيّل- أو عيِّلان، فأخذنا في الدنيا، و نسيت ما كان عند رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم.
هو واحد العِيال، كجَيِّد و جِياد، و أصله عَيْوِل من عال يَعُول؛ إذا احتاج و سأل. عن أبي زيد.
و منه
حديث أبي هُريرة رضي اللّٰه تعالي عنه أنه قال: إنّ في وِعاء العَشَرة حقاً للّٰه واجباً. قيل: يا أبا هريرة، و ما وعاء العَشَرة؟ قال: رَجُلٌ يدخل علي عَشرةِ عَيِّلٍ وعاء من طعام إن لم يؤد حقه حَرَق اللّٰه وجهه في نار جهنم.
وضع العَيِّل موضع الجماعة كما قال الراجز:
إليك أشكو عرق دهر ذي خَبَلْ و عَيِّلًا شُعْثاً صِغاراً كالحَجَلْ
و لهذا قال: عشرة عيل، لأن مميز الثلاثة إلي العشرة مجموع.

[عوي]*:

سأله أُنَيف عن نحر الإبل، فأمره أن يَعْوِي رؤوسَها، و يفتق لَبّتها.
أي يعطفها إلي أحد شِقيها لتبرز اللَّبة و هي المَنْحر. و عَوي و لَوي و طَوي و تَوي أخوات. قال القطاميّ:
فرحلتُ يَعملة النّجاءِ شِمّلةً ترمي الزّميل إذا الزِّمام عَوَاها

[عور]*:

لما اعترض أبو لَهب علي رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عند إظهار الدعوة، قال له أبو طالب: يا أعور، ما أنت و هذا!
قال ابن الأعرابي: لم يكن أبو لَهب بأعور، و لكن العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه و أمه أعور، و قيل معناه يا ردي‌ء. و كل شي‌ء من الأمور و الأخلاق إذا كان رديئاً قيل له أعور، و منه: الكلمة العَوْراء.
و قال الأخفش: الأعور الذي عُوِّر؛ أي خُيِّب فلم يصب ما طلب، و أنشد لحُصين بن ضمضم:
ولّي فوارسهم و أفلت أعورا
______________________________
(1) (*) [عوي]: و منه في حديث المسلِم قاتل المشرك الذي سبَّ النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فتعاوي عليه المشركون حتي قتلوه. النهاية 3/ 324.
(2) (*) [عور]: و منه في حديث الزكاة: لا يؤخذ في الصدقة هرمةٌ و لا ذات عوار. و الحديث: يا رسول اللّٰه عوراتنا ما نأتي منها و ما نَذَر؟. و الحديث: المرأة عورة. و في حديث علي: لا تجهزوا علي جريح و لا تصيبوا مُعْوراً. و في حديث عمر و ذكر امرأ القيس فقال: افتقر عن معانٍ عُورٍ. و في حديث علي: أمَره أن يعوِّر آبار بدر. و الحديث: يتعاورون علي منبريِ. النهاية 3/ 318، 319، 320.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 410
و عن أبي خَيْرة الأعرابيّ: الأعورُ واحد الأعاور، و هي الصِّئبان؛ كأنه قال: يا صؤابة؛ استصغاراً له و احتقاراً.

[عوه]:

لا يُورِدَنّ ذو عاهة علي مُصِحّ.
عَيْن العاهة و هي الآفة واو، لقولهم: أعَاهَ القومُ و أعْوَهُوا؛ إذا أَيِفَتْ دَوابُّهم «1»، أوْ ثِمارُهم. و قرأت في مناظر النجومِ لِلْقُتَبِي في ذكر الثُّريا: و يقال: ما طَلَعَتْ، و لا فاءت إلّا بعاهة في الناس، و غَرْبُها أعْيَهُ من شَرْقها.
و منها
حديث ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما: أنه نهي عن بيع الثمار حتي تذهب العاهة.
و المعني لا يورِدَنَّ مَنْ بَإِبِله آفَةٌ من جَرَبٍ أو غيرهِ علي مَنْ إبلِه صِحَاح، لئلّا ينزلَ بهذه ما نزلَ بتلك من أمر اللّٰه، فيظنّ المُصح أن تلك أعْدَتْها فيَأثَم.

[عود]:

[قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لفاطمة بنت قَيْس لما طلَّقها زوجُها: انْتَقِلِي إلي أمّ كلثوم فاعْتَدِّي عندها، ثم قال: لا؛ إنَّ أمّ كُلْثوم يكثر عُوّادُها؛ و لكن انتقلي إلي عبد اللّٰه، فإنه أعمي؛ فانتقلتْ إليه حتي انقضت عِدّتُها، ثم خطبها أبو جَهْم و معاوية، فأتَتِ النبيَّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم تَسْتَأْذِنه؛ فقال لها: أمّا أبو جَهْم فأخاف عليك قَسْقَاسَة العصا، و أما معاوية فرجل أخَلْقُ من المال، قال: فتزوجتْ أسامة بن زيد بعد ذلك.
العُوَّادُ: الزُّوار، و كل مَنْ أتاك مرة بعد أخري فهو عائد- و روي: إنها امرأة يَكْثر ضِيفَانُها.
القَسْقَاسَة: العصا نفسها؛ و إنما ذُكِرَتْ علي إثْرِها تفسيراً لها. قال أبو زيد: القَسْقَاسة و القَساسة العصا؛ من قس الناقة يقسها إذا زجرها. و عن أبي عبيدة: يقال فلان يقسّ دابته؛ أي يسوقها- و روي: أن أبا جَهْم لا يضع عصاه عن عاتقه. و المعني أنه سيّي‌ء الخُلق، سريع إلي التأديب و الضَّرْب؛ قيل: و يجوز أن يُرَاد أنه مِسْفار لا يُلْقِي عصاه، فلا حَظَّ لك في صُحْبته، و من فَسّر القَسْقَاسة بالتحريك فلي فيه نظر.
أخلَقُ من المال؛ أي خلْوٌ عنه عار. و أصله من قولهم: حجر أخلق؛ أي أملس لا يقر عليه شي‌ء لملاسته؛ و هذا كقولهم لمن أنفق ماله حتي افتقر: أمْلَق فهو مُمْلِق، فإنَّ أصله من المَلَقة؛ و هي الصخرة الملساء- و روي: فإنه رجل حائل؛ أي فقير؛ من العَيْلَة].

[عور]:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال مَسْعود بن هُنيدة مولي أوس بن حَجر:
رأيته قد طَلَع في طريق مُعوِرة حَزْنة، و إنّ راحلَته قد أذمَّتْ به، و أزْحَفَتْ؛ فقال: أين أهلُك
______________________________
(1) إيْفَت دوابهم: أي أصيبت بآفة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 411
يا مسعود؟ فقلت: بهذا الأَظْرُب السواقط.
أعورَ المكانُ: صار ذا عَوْرة؛ و هي في الثُّغور و الحروب و المساكن خَلَلٌ يُتَخَوَّفُ منه الفَتْك. قال اللّٰه تعالي: إِنَّ بُيُوتَنٰا عَوْرَةٌ [الأحزاب: 33]. و منه ما أنشده الجاحظ:
دويّ الفيافي رَابَهُ فكأنه أَمِيم و سارِي الليل للضرّ مُعْوِرُ «1»
أي ممكن و مصحِر؛ كالمكَان ذي العَوْرة. أراد في طريق يخاف فيها الضلال أو فتك العدو.
يقال: أذَمَّتْ راحلته؛ إِذا تَأخَّرَتْ عن رِكَاب القوم فلم تَلْحقها؛ و معناها صارت إلي حال تُذَم عليها. و منه أذَمّت البئر؛ إذا قلّ ماؤها.
أزْحَفَتْ، أي أزحفها السيرُ، و هو أن يجعَلَها تَزْحف من الإعياء. و الزحف: ثِقَلُ المَشي. و بعير زاحف مزحف؛ إذا جرَّ فِرْسِنَه إعياء.
الأظْرُب: جمع ظَرِب، و هو ما دون الجبل.
السَّوَاقط: اللَّوَاطي‌ء بالأرض؛ ليس بمرتفعة.

[عوم]*:

عمر رضي اللّٰه عنه- قال في صَدَقة الغَنم: يَعْتَامُهَا صاحبُها شاةً شاةً؛ حتي يعزل ثلثها، ثم يَصْدَعُ الغَنَم صَدْعين؛ فيختار المُصَدِّقُ مِنْ أَحَدِهِمَا.
أيْ يختارُ لها شاةً شاةً؛ أيْ شاةً بَعْدَ شاةٍ؛ و انتصابُها علي الحالِ؛ أيْ يَعْتَامُها واحدةً ثم واحدة.
الصَّدْع (بالفتح): الفُرْقَة؛ سميت بالمَصْدَر كما قيل للمخلوق خَلْق، و للمحمول حمْلِ.

[عول]:

عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- كَتَبَ إلي أهلِ الكوفة: إني لَسْتُ بميزان لا أَعُول.
أي لا أميل: قال اللّٰه تعالي: ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَلّٰا تَعُولُوا [النساء: 3]. و قال الشاعر:
موازين صِدْقٍ كلّها غير عائل
لمّا كان خبرُ ليس هو اسمه في المعني، قال: لا أعول: و هو يريد صفةَ الميزان بالعدل، و نفي العَوْل عنه، و نظيره في الصلة قولهم: أنا الذي فعلت.

[عوج]*:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه عنه- قال نُعَيمُ بن قَعْنَب: أتيته فقلت: إني كنتُ وَأَدْتُ
______________________________
(1) البيت في الحيوان 6/ 255.
(2) (*) [عوم]: و منه في حديث البيع: نهي عن المعاومة. النهاية 3/ 323.
(3) (*) [عوج]: و منه الحديث: حتي يقيم به الملَّة العوجاء. و في حديث أم زرع: ركب أعوجياً. و في-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 412
في الجاهلية فقال: عَفَا اللّٰهُ عَمّٰا سَلَفَ؛ ثم عاج رأسَه إلي المَرْأةِ، فأمرها بطعام فجاءت بِثَرِيدة؛ كأنَّها قَطَاة، فقال: كُلْ و لا أَهُولَنَّك، فإني صائم؛ فجعل يُهْذِبُ الركوع.
العَوجُ: العطف.
لا أهُولَنَّك؛ أي لا أهُمَّنَّك، و لا أشْغَلَنَّ قَلْبَك؛ اسْتُعِيرَ من الهَوْل، و هو المخافة من الأمر لا يدري علي ما يهجم عليه منه؛ لأن المهولَ لا بدّ من أنْ يَهْتَمَّ و يشتَغِلَ قَلْباً؛ و نظيره قَوْلك؛ مَا رَاعَنِي إلّا أنْ كان كذا؛ تُرِيدُ ما شعرت؛ و المعني: مَا شَغَل رَوْعي.
يُهْذِبُ الركوع؛ أي يُتَابعه في سرعة؛ من أهَذَبَ في الخُطْبة؛ و أَهْذَبَ الفرسُ: أسْرَع في، جَرْيه و اهبذ و اهمذ مثله.

[عور]:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال في قصة العِجْل: و إنّه من حُليٍّ تَعَوَّرَه بنو إسرائيل من حُلِيِّ فرعون.
أي استعارُوه. قال ابن مُقْبِل:
و أصبحتُ شيخاً أقْصَرَ اليومَ باطلي و أدّيتُ رَيْعَان الصِّبا المتَعَوّر
و يجي‌ء تَفَعَّل بمعني اسْتَفْعَل مجيئاً صالحاً؛ منه تعجّب و اسْتَعْجَبَ، و تَوَفَّي و استَوْفَي، و تَطَرَّبه و اسْتَطْرَبه.
عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- يتوضأ أحَدكم من الطعام الطيّب، و لا يتوضأ من العَوْرَاء يقولها!
هي الكلمة الشَّنيعة، و نَقِيضَتُها العَيْنَاء.

[عود]:

شُريح رحمه اللّٰه تعالي- إنما القضاءُ جِمْر؛ فادفَع الجمرَ عنك بِعُوديْن.
مَثَّلَ الشَّاهِدَين في دَفْعهما الوبَال و المأْثَم عن الحاكم، بعودَيْن يُنَحِّي بهما المصطلِي الجمرَ عن مكانه، لئلا يَحْترق.

[عول]:

ابن مخيمرة رحمه اللّٰه تعالي- سُئِل: هَلْ تُنْكَحُ المرأَةُ علي عَمَّتِها أو خالتِها، فقال: لا، فقيل: إنه دَخل بها و أعْوَلَتْ أ فتفرق بينهما؟ قال: لا أدري.
أعَال و أعْوَل؛ إذا كَثُرَ عيالُه، و عين الفِعْل واو، و الياء في عَيِّل و عيال منقلبة عنها، و قولهم: أعْيَل منظور في بنائه إلي لفظ عيال، كقولهم أقْيال و أعياد، و الذي يُصَدِّقُ أصالةَ الواو قولهم: فلان يَعُولُ ولدَه، و الاشتقاق من عاله الأمرُ عَوْلًا، إذا غلبه و أثقله؛ لأن العِيالِ ثِقَل فادح، أ لا تَرَي إلي تسميتهم كَلًّا. و الكَلّ: الثِّقل؛ يقال: ألْقَي عليه كَلَّه و أوْقَه «1»:
و المراد دخل بها، وَ وَلَدَتْ منه أوْلَاداً.
______________________________
- حديث إسماعيل عليه السلام: هل أنتم عائجون؟ النهاية 3/ 315.
(1) ألقي عليه أوقه: ألقي عليه ثقله.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 413‌

[عوذ]:

في الحديث: سارت قريش بالعُوذِ المَطَافيل.
أي بالنُّوقِ الحديثات النّتاج، ذوات الأطْفَال.
العوذ في (خب). أعدت فتاناً في (سق). بمعتاط في (شف). و تعتاف في (نظ).
تعاوي في (رح). معاولهم في (كد). للعوافي في (قن). عوار في (عم). تعول في (عن).
بوادي عوف في (نس). عُور في (خس). فلا تعتم في (رج). مِعْوَز في (كس). لا عوناً في (بك) [علت في (سد). مُعِيداً في (فر). يعود في (بد). معاوزها في (شت). ليس بأْعْوَر في (زه). عائد في (عد). يتعاونان في (فر). يعادي عليه في (زه)].

العين مع الهاء

[عهر]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- الولد لِلْفراش و للعاهر الحجَر.
يقال عهر إلي المرأة يَعْهَرُ عَهراً و عُهُوراً و عَهَراناً؛ إذا أتاها لَيْلًا للفُجور بها. و التركيب علي ما استعمل مِنْ تَصَرّفه يدل علي الإسراع في نَزَق؛ يقال للفاجر التي لا تستقِرّ نَزَقاً في مكان: عَيْهَرة و هَيْعَرة و هَيْعَر و هَيْرَع؛ و قد تَعَيْهرَتْ و تَهَيْعَرَتْ، و الإهراع: الإسراع. قال اللّٰه تعالي: فَهُمْ عَليٰ آثٰارِهِمْ يُهْرَعُونَ [الصافات: 7]. و رجل هَرِيع: سريع المشي.
عُهَّيداه في (سد). و لا ذو عهد في (كف). واتق العواهن في (جر). [عما عهد في (غث)].

العين مع الياء

[عير]: *

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- كان يَمُرُّ بالتَّمْرة العائرة، فما يمنعُه من أَخْذِها إلّا مَخَافَة أَنْ تكونَ صَدَقة.
هي السَّاقِطة لا يُعْرَفُ لها مالِك؛ من عَارَ الفرسُ؛ إذا انطلق من مَرْبِطه مارّاً علي وجهه.
حرَّم صلي اللّٰه عليه و آله و سلم ما بين عَيْرٍ إلي ثَوْر.
هما جبلان بالمدينة؛ و قيل: لا يعرف بالمدينة جبل يسمي ثَوْراً و إنما ثَوْرٌ بمكة؛ و لعل الحديثَ ما بين عَيْر إلي أُحُد.
______________________________
(1) (*) [عهر]: و منه الحديث: اللهم بدِّلْه بالعهر العفَّة. و الحديث: أيما رجل عاهر بحرة أو أمة. النهاية 3/ 326.
(2) (*) [عير]: و منه الحديث: مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين غنمين. و الحديث: أن رجلًا أصابه سهم عائرٌ فقتله. و في حديث علي: لأن أمسح علي ظهر عَيْر بالفلاة. و الحديث: أنهم كانوا يترصدون عيرات قريش. و في حديث ابن عباس: أجاز لها العيرات. النهاية 3/ 328، 329.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 414‌

[عيف]*:

أُتِيَ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بضَبٍّ فلم يأكل؛ و قال: أعافُه؛ ليس من طعام قَوْمِي.
أيْ أكْرَهُه؛ يقال عافَ الماءَ عِيافاً؛ كَرِهَه. قال أبو زيد: و العَيِّفان: الرجل إذا كان العِياف من سُوسه؛ فإذا لم يكنْ من سُوسه فهو عائف.

[عيم]*:

كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يَتَعَوَّذ من الخمسة: من العَيْمة، و الغَيْمة، و الأيْمة، و الكَزَم، و القَرَم- و روي: و القَزَم.
العَيْمة: شَهْوة اللّبن حتي لا يصبِر عنه.
الغَيْمة: شدة العَطش، و كثرةُ الاستسقاء للماء.
الأيْمة: طول التَّعزّب؛ و الأَيِّم يُوصف به الرجل و المرأة.
الكَزَم: شِدَّة الأكل؛ من تَكَزَّمْتَ الفاكهة إذا أكلتَها من غير أنْ تُقَشِّرها؛ قاله ابن الأعرابي:
و العَيْر يَكْزِم من الحَدَج و هو صغار الحَنْظل.
و قيل هو البُخْل، و قِصَر اليد عن المكارم؛ يقال: فلان أكْزَم البنان؛ كقولهم: جَعْد البنان. و عن الأصمعي: ما كَزِمْت؛ أي انقبضت.
القَرَم: شِدّة شهوة اللحم، و بالزاي: الشح و اللُّؤْم.

[عيط]:

أَذِنَ في المُتْعة عامَ الفتح. قال سَبْرة الجُهنيّ: فانطلقتُ أنا و رجل إلي امرأةٍ شَابَّة كأنها بَكْرة عَيْطاء- و روي: أذن لنا رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في المُتعة عامَ الفتح، فخرجت أنا و ابنُ عم لي، و معي بُرْدٌ قد بُسَّ منه، فلقِينا فتاةً مثلَ البَكْرَةِ الْعَنَطْنَطة، فجعل ابنُ عميّ يقول لها: بُرْدِي أجْود من بُرْده، قالت: بُرْد هذا غير مَفْنُوخ؛ ثم قالت: بُرْد كبُرْدٍ.
و العَيْطَاء و الْعَنَطْنَطَة: الطويلة العُنُق.
بُسَّ منه؛ أي نِيل منه و نَهك بالبِلي؛ من قوله تعالي: وَ بُسَّتِ الْجِبٰالُ بَسًّا [الواقعة: 56]؛ أي فُتِّتَتْ.
المَفْنُوخ: المَنْهُوك، من فَنَخه و فَنَّخه إذا ذَلَّلَهُ؛ و يقال للضعيف: إنه لَفَنِيخ.

[عين]*:

عُثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- قال فيه فُلان يُعَرِّض به: إنِّي لم أفِرّ يوم
______________________________
(1) (*) [عيف]: و منه الحديث: العيافة و الطَّرْقُ من الجبت. و في حديث أم إسماعيل عليه السلام: و أوا طيراً عائفاً علي الماء. النهاية 3/ 330.
(2) (*) [عيم]: و منه في حديث عمر: أذا وقف الرجل عليك غنمه فلا تعتمه. و الحديث في صدقة الغنم أنك تنفق مال اللّٰه فيمن تعتام ممن عشيرتك. النهاية 3/ 331.
(3) (*) [عين]: و منه الحديث: أنه بعث بسبسة عيناً يوم بدر. و في حديث الحديبية: كان اللّٰه قد قطع عيناً من-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 415
عَيْنَيْن. فقال: فَلِم تُعَيرُنِي بذنب قد عفا اللّٰه عنه!
عَيْنَان: جبل بأحد، قام عليه إبليس فنادي: إنّ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم قد قُتِل.

[عير]:

كان عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه يشتري العِيرَ حُكْرَة؛ ثم يقول: مَنْ يُرْبِحُنِي عُقُلها.
هي الإبل بأحمالها. فِعْل، من عَارَ يَعير؛ إذا سار، يقال: قَصيدة عائرة، و ما قالت العرب بيتاً أعْيَر من قوله:
فمن يَلْقَ خَيْراً يحمَد الناسُ أمرَهُ و من يَغْوَ لا يعدِمْ علي الغَيِّ لائما «1»
و قيل هي قافلة الحَمير فكثرت، حتي سمِّيَتْ بها كلّ قافلة كأنها جمع عَيْر؛ و كان قياسُها أن تكون فُعْلًا (بالضم)، كقولهم سُقْف و لُدْن. في جمع سَقْف و لَدْن؛ إلّا أنَّهُ حُوفظ علي الياء بالكسرة نحو بِيض و عِين.
حُكْرة: أي جُملة؛ من الحَكْر؛ و هو الجَمْع و الإِمساك. و منه الاحتكار؛ أي كان يَشْتريها جملة، إذا وردت المدينة طلباً للرِّبْح؛ و قيل: حُكْرَةً؛ أي جُزَافاً.

[عين]:

عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- قاس عَيْناً ببيضة، جَعَل عليها خُطوطاً.
هي العَيْن تصاب بِلَطْم أو غيرِه مما يَضْعُف منه البصرُ. فَيُتَعَرّف مقدارُ ما نقصَ منها ببيضة يُخَطّ عليها خُطوط، و تنصب علي مسافة تَلْحَقُها العينُ الصحيحة؛ ثم تنصب علي مسافة دونها، تلحقها العليلة، و يُتَعَرّف ما بين المسافتين؛ فيكون ما يلزم الجاني بحسب ذلك.
إنَّ أعيانَ بني الأمِّ يتوارَثون دون بني العَلَّات.
الأعيان: الإخوة لأب واحد، و أم.
و بنو العَلَّات: الإخوة لأب واحد، و أمهات شتي.
و الأَخْيَاف: الإخوة لأم واحدة، و آباء شتي؛ فإذا مات الرجلُ و ترك أخْوَةً لأب و أم، و أخوة لأب؛ فالمال لأولئك دون هؤلاء.
______________________________
- المشركين. و الحديث: خير المالِ عينٌ ساهرة لعين نائمة. و الحديث: إذا نشأت بحريَّةً ثم تشاءمت فتلك عينٌ غديقة. و الحديث: العين حق، و إذا استُغسلتم فاغسلوا. و الحديث: كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين. و الحديث: لا رقية إلا من عين أو حمة. و الحديث: إن في الجنة لمجتمعاً للحور العين. و الحديث: أمر رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بقتل الكلاب العين. و في حديث اللعان: إن جاءت به أعين أو عج. و في حديث عائشة: اللهم عيِّنْ علي سارق أبي بكر. و في حديث ابن عباس: أنه كره العينة. النهاية 3/ 331، 332، 333.
(1) البيت للمرقش الأصغر في لسان العرب (غوي)، و المفضليات ص 247.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 416‌

[عير]:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- إذا توضأت فأمِرّ علي عِيار الأذنينِ الماءَ.
هو جمع عَيْر؛ و هو مَا عَارَ و نَتَأ منهما.

[عيف]:

المُغِيرَةُ رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: لا تُحَرِّم العَيْفة؛ فقيل له: و ما العَيْفة؟
فقال: المرأة تَلِد، فَيُحْصَرُ لبنها في ثَدْيها، فَتُرْضِعُه جارتَها المَزَّةَ و المَزَّتَيْن.
هي فَعْلة من العِياف؛ سميت المَصّة بها لأن المرضعة تعافُها و تَتَقَذَّرُ مِنها.
و المَزَّة: المرة من المَزّ؛ و هو المصّ؛ و إنما تفعل ذلك لينفتح ما انسد من مجاري اللبن.
شُرَيح رحمه اللّٰه تعالي- ذكرهُ ابنُ سيرين؛ فقال: كان عائِفاً و كان قائِفاً.
العائِف: الذي يَزْجُر الطيرَ، و قد عافَه يَعِيفه عِيافة.
و القَائف: الذي يَعْرِف الآثارَ و يتبعها، و شبه الرَّجُلِ في وَلَدِه و أخيه، و قَافَ يَقُوف قِيافة. شبهه في صدق حدْسه و إصَابةِ ظنه بِهِما؛ كقولهم: ما أنْتَ إلَّا ساحر.

[عيي]*:

الزُّهري رحمه اللّٰه تعالي- إنّ بَريداً من بعض الملوك جاءه يسألُه عن رجل؛ معه ما مع المرأة و الرجل كيف يُوَرَّث؟ فقال: من حيث يخرجُ الماء الدافِق، فقال في ذلك قائلهم:
و مُهِمَّةٍ أَعْيا القُضَاةَ عُياؤُها تعذَرُ الفَقيه يَشُكُّ شَكَّ الجاهلِ «1»
عَجَّلْتَ قبلَ حَنِيذِها بشِوائها و قَطَعْتَ مِحْرَدَها بِحُكْمٍ فاصل
العُياء: كالعُقام و العُضَال.
المِحْرد؛ من قولك حَرَدْتُ من السنام حَرْداً، و هو القِطْعة. يعني لم تَسْتَانِ بالجواب، و رميتَ به بَديهة، فشَبَّهه في ذلك برجلٍ نزل به ضَيْف، فجعل قِراه بما افْتَلَذَ له من كَبِدها؛ و اقْتَطَعَ من سَنامها، و لم يحبسه علي الحَنِيذ و القَديد. و تعجيلُ القِرَي مَحْمودٌ عندهم.
و عينها في (تب). العائِرة في (رب). العيافة في (طي). عيبتي في (كر). عالة في (سط). عياياء في (غث). من عيلته في (حر). فتلك عين في (نش). فلا أعيل في (ظن).
العيرات في (ال). العي في (حص). لعين نائمة في (سه). معائب في (غي). عين من لبن في (غر). بين عيص في (دي). عين جراد في (خر). لعينك في (أم). في (سد)].
[آخر العين]
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 416
______________________________
(2) (*) [عيي]: و منه في حديث أم زرع: زوجي عياياءُ طباقاء. و الحديث: شفاء العيِّ السؤال. و في حديث علي: فِعْلُهم الدَّاء العياء. النهاية 3/ 334.
(1) البيتان بلا نسبة في لسان العرب (عيا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 417‌

حرف الغين

الغين مع الباء

[غبط]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم سُئِل: هل يَضُرُّ الغَبْط؟ فقال: لا؛ إلّا كما يضرّ العِضَاهَ الخَبْط.
هو أَنْ تري لصاحِبك منزلة فاضلة، فتتمنَّي مِثْلها.
و منه
الحديث: اللهمّ غَبْطاً؛ لا هَبْطاً
؛ أي أَوْلِنا مَنْزِلةً نُغْبَطُ عليها؛ و جَنِّبْنَا السِّفَال و الضَّعَّة؛ يقال للقوم إذا تراجعت أحوالهم: قد هَبَطُوا. قال:
إن يُغْبَطُوا يهبِطوا يوماً و إن أُمِروا يوماً يصيروا لِلْهُلْكُ و النَّكَدِ
و مجاز الكلمة النُّبْل و رِفعة المنزلة؛ ألَا تري إلي قوله: لا هَبْطاً! و قالوا للمركَب الذي يُوطأ للجَليلة من النساء الغَبيط؛ لارتفاع قَدْرِه عن الحوِيَّة و السَّوِيَّةِ «1» و نحوهما. و المراد أن ضِرَارَ الغَبْط لا يبلغ ضِرَار الحَسَد؛ لأنه ليس فيه ما في الحسد من تمنِّي زوال النّعمة عن المحسود. و مَثَّل ما يلحَق عمل الغابط من الضَّرر الراجع إلي نقصان الثَّواب، دون الإِحباط، بما يلحق العضاهَ من خَبْطِ وَرَقِها الذي هو دون قَطْعها و استئصالها.

[غبب]*:

أَغِبُّوا في عِيادَة المريض و أَرْبِعُوا إلّا أن يكون مَغْلُوباً.
الإغْبَاب: أن تعودَه يوماً، و تتركَه يوماً. و منه
الحديث: زُرْ غبّاً تزدَدْ حُبّاً.
و الإرباع: أنْ تَدَعَه يومين، و تعودَه في الثالث؛ هذا إذا كان صحيحَ العقل؛ فإذا غُلِب و خِيف عليه تُعُهِّدَ كلَّ يوم.
______________________________
(2) (*) [غبط]: و منه الحديث: علي منابر من نور يغبطهم أهل الجمع. و في حديث الصلاة: أنه جاءَ و هم يصلون في جماعة فجعل يغبّطهم. و في حديث ابن ذي يزن: كأنها غُبُطٌ في زمخر. و في حديث أبي وائل فغبط منها شاةً. النهاية 3/ 340، 341.
(1) الحوية: كساء يحوي حول سنام البعير ثم يركب، و السوية أيضاً.
(3) (*) [غب]: في حديث الغيبة: فقاءث لحماً غابّاً. و في حديث الزهري: لا تُقْبل شهادة ذي تغبَّة. النهاية 3/ 336.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 418‌

[غبر]*:

إياكم و الغُبَيْرَاء فإِنها خَمْرُ العالم.
هي السُّكْرُكة، نبيذ الحَبَش من الذّرة؛ سميت بذلك لما فيها من غُبْرَةٍ قليلة.
خمر العالَم: أي هي مثل الخمر التي يتعارفُها جميعُ الناس لا فصل بينها و بينها.

[غبن]*:

كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم إذا اطَّلَي بدأ بمغابنِهِ؛ فكان هو الذي يليها.
المغابن: الأرْفاع، جمع مَغْبِن؛ مَفْعِل مِنْ غَبَن الثوبَ إذا ثناه.
و غَبَنَ و خَبَنَ و كَبَنَ و ثَبَنَ أَخَوات.

[غبط]:

في ذكر مَرضه الذي قبض فيه: أَغْبَطَت عليه الحُمَّي- و روي: أصابته حُمّي مُغْمِطَة.
الإغْباط في الأصل: وَضْع الغبيط علي الجَمل؛ ثم قالوا: أَغْبَطْتَ الرَّحْل علي البعير؛ ثم استعارُوه فقالوا: أغْبَطَتْ عليه الحُمَّي؛ كقولك: رَحَلْتُهُ و رَكِبْتُهُ، ألا تري إلي قولهم: هو يرحل فلاناً بما يكره؛ و لأُرَحِّلَنَّكَ بسيفي. و أما أغمطَتْ؛ فإِما أن يكون الميم فيه بدلًا من الباء؛ و إما أن يكون من الغَمْط، و هو كفران النعمة و سَتْرُها؛ لأنّها إذا غَشِيته و رَكبته، فكأنما سَتَرَتْ عليه. و قد جاء اغتمطتُه بمعني علوتُه، قال:
و أنت من الذين بهم مَعَدٌّ تسامي حين تُغْتَمَطُ الفحول

[غبش]*:

أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال في صلاة الصبح: صَلِّهَا بِغَبَش.
الغَبَش، و الغَطَش، و الغَبَس، و الغَلَس: أخَوات؛ و هي بقية الليل و آخره.

[غبب]:

هِشام بن عبد الملك- كتَب إليه الجيد يُغَبِّبُ عَنْ هَلَاكِ المسلمين.
التغبيب: تفعيل من الغِبّ، و هو أن يَفْعَل يوماً و يترك يوماً: فاستعمل في موضع التقصير، قال امرؤ القيس:
كالبرق و الرِّيح مرّا منهما عَجِلٌ ما في اجتهادٍ عن الإسراع تغبيب «1»
و المعني: يُقَصِّرُ عن ذِكْرِها لهم، بأن لم يخبر بكثرة مَنْ هَلك منهم، و لكن ذَكَرَ بعضاً، و سكَتَ عن بعض.
______________________________
(2) (*) [غبر]: و منه الحديث: ما أقلَّت الغبراء و لا أظلَّت الخضراء أصدقَ لهجة من أبي ذر. و في حديث أبي هريرة: بينا رجل في مفازة غبراء. و الحديث: لو تعلمون ما يكون في هذه الأمة من الجوع الأغبر و الموت الأحمر. و في حديث مجاشع: فخرجوا مغبرين. و الحديث: أنه اعتكف العشر الغوابر من شهر رمضان. و الحديث: فلم يبق إلَّا غبّراتٌ من أهل الكتاب. و في حديث عمرو بن العاص: و لا حملتني البغايا في غبُّرات المآلي. و منه في حديث أويس: أكون في غُبَّر الناس أحبُّ إليَّ. النهاية 3/ 337، 338.
(3) (*) [غبن]: و منه حديث عكرمة: من مسَّ مغابنه فليتوضأ. النهاية 3/ 341.
(4) (*) [غبش]: و منه حديث علي: قَمَش علماً بأغباش الفتنة. النهاية 3/ 339.
(1) البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 228.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 419
الغبساء في (دي). بأغباش في (ذم). غبر في (هي). غبرات في (أب). [ذي تغبة في (تغ)].

الغين مع التاء

[غتت]*:

قال النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- طولُ حَوْضي كما بين مَكَّة إِلي أيْلَةَ، و عرْضُه ما بين المدينة إلي الرَّوْحاء يَغُتّ فيه ميزابان إلي الجنة- و روي يَنْشَعِبُ فيه مِيزَابان من الجنة، مِدادهما أنهار الجنة.
الغَتُّ، و الغَطُّ، و الغَطْس واحد؛ و هو المَقْل في الماءِ و منه
الحديث: يَغُتُّهُمُ اللّٰهُ في العذابِ غَتّاً.
و لما كان من شأن من يَغُطّ صاحبَه في الماء أن يدارك ذلك، و أن يَضْغَط صاحبَه، و يبلغ منه الجهد. قالوا: غتّ الشارب الماءَ، و غَطَّهُ؛ إذا دارك جَرْعه.
و الميزابُ يَغُتّ الماءَ؛ أي يدارك دَفْقه، و قالوا: غته، إذا عصر حَلْقه و جهده، و غتّ الضحكَ يغته؛ إذا وضع يده علي فيه يخفيه من جلسائه كأنه يضغطه.
و منه
حديث المبعث: فأخذني جبرئيل، فغتني حتي بلغ مني الجهد.
المِداد: فِعال، من مَدّه بمعني أمدَّه؛ أي ما يمدان به أنهارَ الجنة.

الغين مع الثاء

[غثث]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قال: اجْتَمَعَتْ إحْدَي عشرة امرأة، فتعاهدْن ألّا يكتمنَ من أخبار أزواجِهِنَّ شيئاً.
فقالت الأولي: زوجي لَحْمُ جمل غَثٌّ- و روي: جمل قَحْر، علي جبل وَعْر، لا سَهْلٌ فيُرْتَقي، و لا سمين فَيُنْتَقي- و روي: فَيُنْتَقَل.
و قالت الثانية: زَوْجِي لا أَبُثُّ خَبَره، إني أخافُ ألّا أذَرَه، إنْ أَذْكُرْه أذْكُرْ عُجَرَه و بُجَرَه
و قالت الثالثة: زَوْجي العَشَنَّق، إن أنْطِقْ أُطَلَّقْ، و إنْ أسكُتْ أُعَلَّق.
و قالت الرابعة: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهامة، لا حَرَّ و لا قَرّ، و لا مخافة و لا سآمة.
و قالت الخامسة: زَوْجِي إن أكل لَفّ، و إنْ شرِب اشْتَفَّ، و لا يولِجُ الكَفّ، لِيَعْلَم البَثّ.
______________________________
(1) (*) [غتت]: و منه في حديث الدعاء: يا من لا يغتُّه دعاء الداعين. النهاية 3/ 342.
(2) (*) [غثث]: و منه في حديث ابن عباس: قال لابنه علي: الحق بابن عمِّك، يعني عبد الملك فغثُّك خير من سمين غيرك. النهاية 3/ 342.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 420
و قالت السادسة: زوجي عَياياءُ- أو غيَاياءُ طَبَاقَاءُ- كلُّ داءٍ له دواء، شَجَّكِ أو فَلَّكِ، أو جمع كُلالكِ.
و قالت السابعة: زوجي إنْ دخل فَهِد، و إن خرج أسِد، و لا يسأل عما عُهِد.
و قالت الثامنة: زوجي المسُّ مسّ أرْنَب، و الرِّيح ريحُ زَرْنَب.
و قالت التاسعة: زوجي رفيعُ العِماد، طويل النِّجاد، عظيم الرَّماد، قريب البَيْتِ من الناد.
و قالت العاشرة: زوجي مالِك، و ما مَلَك مالِك خيرٌ من ذلك، له إبِل قليلاتُ المسارح، كثيراتُ المبارك؛ إذا سَمِعْن صوتَ المِزْهَر أيقنّ أنهنّ هَوالك.
و قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زَرْع، و ما أبو زَرْع! أَنَاسَ من حُلِيّ أذنيّ، و مَلأ من شَحْم عَضُديّ، و بجّحني فبَجَحْت، وَجَدني في أهلِ غُنَيْمة بِشِقّ، فجعلني في أهلِ صَهيل و أطِيط، و دَائِس و مُنقّ، و عندَه أقول فلا أُقبَّح، و أشرب فأَتَقَنَّح- و روي: فأتقمّح، و أرقُدُ فأتَصَبَّح.
أمّ أبي زرع، و ما أمّ أبي زرع؟ عُكُومها رَدَاح. و بيتُها قَياح- و يُرْوي: فَسَاح.
ابنُ أبي زرع، و ما ابنُ أبي زرع! كَمَسَلِّ شَطْبَة، و تُشبعه ذراع الجَفْرة.
بنت أبي زرع، و ما بنتُ أبي زرع! وَفيّ الأل، كريم الخِلّ، بَرود الظّل، طَوعُ أبيها و طوعُ أُمّها، و مل‌ء كِسائها، و غَيْظُ جارتِها.
جارية أبي زَرْع، و ما جارية أبي زَرْع! لا تَنُثُّ حديثَنَاً تَنْثِيثاً- و روي: لا تَبُثُّ حديثَنا تَبْثيثاً، و لا تَغُثُّ طعامَنا تَغْثيثاً، و لا تُنَقّث مِيرتَنا تنقيثاً، و لا تملأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشاً- و روي:
تَغْشِيشاً.
خرج أبو زَرْع و الأوطاب تُمْخَض، فَلَقِي امرأةً معها وَلَدَان لها كالفَهْدَين يلعبان من تحت خَصْرِها برُمَّانَتَيْن، فطلَّقنِي و نَكَحَها، و نكحتُ بعده رجلًا سِريّاً، ركب شَرِيّاً، و أخَذ خَطِّيّاً، و أرَاح عَلَيَّ نَعَماً ثرِيّاً، و قال: كُلي أُمَّ زرع، و مِيريْ أهلَك؛ فلو جمعتُ كلَّ شي‌ء أعطانيه ما بلغ أصغرَ آنية أبي زَرْع.
قالت عائشةُ رضي اللّٰه عنها: قال لي رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: كنتُ لكِ كأبي زرع لأم زَرْع.
الغَثّ: المهزول، و قد غَثَثْتَ باللَّحْم تَغِث؛ و غَثِثْت تَغُث غَثَاثَةً و غُثوثة إذا غثَّ اللحمُ؛ و منه: أغثَّ الحديثَ، و غَثّ فُلانٌ في خُلقه.
القَحْر: الهَرِمُ و المهزول.
الانتِقاء: استخراج النِّقْي، و هو مُخّ العظم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 421
و الانتقال: بمعني التَّناقُل، كالاقتسام بمعني التقاسم: و صَفْته بقلّة الخير و بعدِه مع القِلّة، و شَبَّهته باللحم الغث الذي صَفِرت عظامُه عن النِّقي، أو لزهادة الناس فيه لا يتناقلونه إلي بيُوتهم، ثم هو علي ذلك موضوع في مُرْتَقًي صعب، و في مكانٍ لا يُوصل إليه إلّا بِشِقّ.
مَرَّ تَفْسِيرُ العُجَر و البُجَر في (حد)؛ تريد لا أخُوضُ في ذكره، لأني إن خضتُ فيه خفتُ أن أفضَحه، و أنْ أنادي علي مَثَالِبه.
العَشَنَّق و العَشَنَّط: أَخَوان، و هما الطَّويل. و قيل السّيي‌ء الخُلُق، فإن أرادت سوءَ الخُلُق فما بعدَه بيانٌ له، و هو أنه إنْ نَطَقَتْ طَلَّقها، و إن سكَتَتْ عَلَّقها، أي تَركها لا أيِّماً و لا ذاتَ بعل، و هذا من الشّكاسة البليغة، و إِن أرادت الطولَ فلأنه في الغالب دليلُ السّفه، و ما ذكرتْه فعلُ السفهاءِ، و مَنْ لا تماسُكَ عندَه. و في لامِ التَّعْريف إشعار بأنه هُو في كونه عَشَنَّقاً.
ليل تِهامة طَلْق؛ فشبّهته به في خُلُوِّه من الأذي و المكروه.
و قولُها: و لا مُخافة و لا سآمة، تعني ليس فيه شَرّ يُخاف، و لا خُلُق يُوجِب أنْ تُمَلَّ صُحبته.
لَفَّ: قَمش صنوفَ الطعام و خَلَط، يقال: لَفَّ الكتيبةَ بالأخري؛ إذا خلَط بينهما، و منه اللَّفِيف من الناس.
و الاشْتِفَاف؛ نحو التّشافّ؛ و هو شرب الشّفافة و ألّا يُسئِر.
و البَثّ: أشَدّ الحُزم الذي تُباثّه الناسَ، و أرادت به المَرض الشديد؛ ذمَّتْه بالنَّهم و الشَّرِه، و قِلَّةِ الشفقة عليها، و أنه إذا رآها عليلة لم يُدْخِل يَده في ثوبها ليجسها، متعرفاً لما بها؛ كما هو عادة الناس من الأباعد فضلًا عن الأزواج.
العياياء: فَعالاء؛ من العِيّ، و هو من الإبل و الناس: الذي عَيّ بالضِّرَاب.
و الطَّباقاء: المُفْحَمُ الذي انطبق عليه الكلامُ؛ أي انغلق، يقال: فلان غَباقاء طَباقاء.
و قال جميل:
طَباقاء لم يشهد خصوماً و لم يقُدْ ركاباً إلي أكوَارِها حين تُعْكَفُ «1»
وَ صَفَتْه بِعَجْزِ الطَّرفين. و قيل: الطَّباقاء، الذي انطبقتْ عليه الأمور، فلا يَهتدي لِوِجْهَتها.
و ما أدري ما الغَياياء (بالغين)؟ إلّا أن يُجْعل من الغَياية؛ و غَايَيْنا عليه بالسيوف؛ أي أظللناه، و هو العاجِز الذي لا يهتدِي لأمر؛ كأنه في غَيايةٍ أبداً، و في ظلمة لا يُبْصِر مسلكاً يَنْفُذُ فيه، و لا وجهاً يَتَّجِه له.
______________________________
(1) البيت في ديوان جميل ص 137، و لسان العرب (طبق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 422
كل داء له دواء: يَحتمِل أن يكون «له دواء» خبراً لكلّ؛ تعني أن كلّ داء يعرفُ الناسُ فهو فيه، و أن يكون «له» صفة الداء، و دواء خبر لكل؛ أي كل داء في زَوْجها بليغ مُتناهٍ، كما تقول: إنّ زيداً رجل، و إنّ هذا الفرس فَرس.
الفَلّ: الكَسْر؛ أرادت أنه ضَروب لامرأته، و كلما ضربَها شَجَّها، أو كَسَر عَظْماً من عظامها، أو جَمع الشجّ و الكَسر معاً، و يجوز أن تُريد بالفلّ الطَّرْد و الإبعاد.
فَهِد؛ أي صار فَهْداً؛ أي ينامُ و يغفلُ عن معائب البيتِ، و لا يتيقظ لها و لا يفطِن، و إذا خرج فهو أسَدٌ في جُرأَته و شجاعته، و لا يسأل عما رآه لِحِلْمِهِ و إغْضائه.
الزَّرْنب: نَبَات طَيِّبُ الريح، و قال ابن السِّكِّيت: نوع من أنواع الطِّيب، و قيل:
الزَّعفران، و يقال لأبعار الوحش الزَّرنب لنسيم نَبْتِها- و روي ابن الأعرابي قول القائل:
يا بأبي أنت و فوك الأشْنبُ كأنما ذُرَّ عليه ذَرْنَبُ «1»
بالذال، فهما لغتان كزبر و ذَبر، و الزُّعاف و الذُّعاف: أرادت أنه لَيِّن العريكة، كأنه الأرنب في لين مَسِّها، و هو في طِيب عَرْفه، و فَوْح ثنائه كالزَّرنب؛ أو أرادت لينَ بَشَرته و طيب عَرْف جسده، و هو أقرب من الأول.
كَنَّتْ عن ارتفاع بيتِه في الحَسَب برفعة عِماده، و عن طُول قَامته بطول نِجاده، و عن إكثاره القِري بعظم رَماده. و إنما قَرُب بيتُه من النادي ليعلم الناسُ بمكانه فينتابوه.
المِزْهر: العود، و قيل الذي يُزهِر النار، يقال: زهَر النارَ و أزهرها: أي أوْقدها.
و صفته بالكَرَم و النَّحْر للأضيافِ، و أن إبلَه في أكثر الأحوال باركة بفِنائه، لتكون مُعَدَّةً للقِري. و قد اعتادت أنَّ الضيوفَ إذا نزلوا به نَحَرَ لهم، و سقاهم الشراب، و أتاهم بالمعازِف، أو صَوَّتَ موقد نارِه بالطارِقِين، و ناداهم، فإذا سمعتْ بالمِعزَف، أو بصوت الموقد أيقنت بالنّحر.
النَّوْس: تحرُّك الشي‌ء مُتَدَلِّياً، و أناسَه: حرّكه تريد: أناسَ أذُنَيّ مما حلّاهما به من الشنوف و القرطة.
______________________________
(1) الرجز لراجز من بني تميم في الدرر 5/ 304، و شرح شواهد المغني 2/ 786، و المقاصد النحوية 4/ 310، و بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 83، و جمهرة اللغة ص 345، 1218، و الجني الداني ص 498، و جواهر الأدب ص 287، و شرح الأشموني 2/ 486، و شرح التصريح 2/ 197، و شرح قطر الندي ص 257، و لسان العرب 1/ 448 (زرنب)، و مغني اللبيب 2/ 197، و همع الهوامع 2/ 106، و يروي البيت:
وا بأبي أنتِ و فوكِ الأشنبُ كأنما ذُرَّ عليه الزرنبُ
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 423
و ملأ عَضُدي من شحم؛ أي سَمَّنني بإحسانه و تعهّده لي، و خَصَّتْ العَضُدين؛ لأنهما إذا سمِنتا سمِن سائر البدن.
يقال بَجَح بالشي‌ء؛ إذا فرح به و بجَّح.
بِشَقّ: من قولهم: هُم بِشَقّ من العَيش، إذا كانوا في شَظَف و جَهْد؛ و قيل: هو اسمُ مكان.
الأطِيط: صوت الأبل.
الدائس: من دِياس الطّعام.
رُوي: مُنَقّ، من تنقية الطّعام، و مُنِقّ؛ من النَّقِيق؛ و كأنها أرادتْ من يَطرد الدّجاج و الطير عن الحب فَتَنِقّ، فجعلته مُنِقّاً؛ أي صاحب ذي نَقِيق، يقال: أنَقَّتِ الدَّجاجةُ و نَقْنَقَتْ.
و عن الجاحظ: نَقَّت الرّخمة. و النَّقيق مشترك.
لا أُقَبَّح؛ أي لا يقالُ لي قَبْحك اللّٰه، و لكن يُقْبَلُ قولي.
روي شَمِر عن أبي زيد أن التَّقَنّح الشرب فوق الرِّيّ.
قال الأزهري: هو التَّقَنُّح و التَّرَنّح، سمعت ذلك من أعراب بني أسد. عن أبي زيد:
قَنَحْتُ من الشراب أقْنَح قَنْحاً، و تقنحتُ منه تَقَنُّحاً؛ إذا تكارهت علي شُربه بعد الرِّي. و قال أبو الصقر: قَنَحْتُ قَنْحاً.
و التقمُّح: تَفَعّل؛ من قَمح البَعِيرُ قُموحاً؛ إذا رفعَ رأسَه و لم يَشْرَبْ. و المعني: أشرب فأرفع رأسي رِيّاً و تملؤوا.
التَّصَبُّح: نُوم الصُّبْحة.
العُكُوم: جمع عِكْم؛ و هو العِدْل إذا كان فيه متاع.
و قيل: نَمَط تجعلُ فيه المرأةُ ذخيرتَها.
و الرَّدَاح: العظيمة الثقيلة، تكون صفة للمؤنث كالرّجاح و الثَّقَال. يقال جَفْنة و كَتِيبة و امرأة رَداح؛ و لمّا كانتْ جماعةُ ما لا يعقل في حكم المؤنث أوْقَعَها صفة لها، كقوله تعالي: لَقَدْ رَأيٰ مِنْ آيٰاتِ رَبِّهِ الْكُبْريٰ [النجم: 18]. و لو جاءت الرواية بفتح العين لكان الوجهُ أن يكونَ العَكوم أريدت بها الجَفنة التي لا تَزول عن مكانها، إما لِعِظَمها، و إما لأن القري دائم متصل، من قولهم: مر و لم يعكم؛ أي لم يقف و لم يتحبس، أو التي كَثُر طعامها و تَراكم، و من اعتكم الشي‌ءُ و ارْتَكم، و تعاكم و تراكم، أو التي يتعاقب فيها الأطعِمة؛ من قولهم للمرأَة المعقاب: عَكُوم، و الرَّداح حينئذٍ تكون واقعة في نصابها؛ من كون الجفنة موصوفة بها.
الفَياح: الأفْيَح؛ و هو الواسع، من فَاح يفيح؛ إذا اتسع. و منه قولهم: فيْحِي فَياح.
و الأفيَح من فَعل يفعَل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 424
و الفَساح: الفَسِيح.
الشَّطْبة: السعفة؛ و قيل السيف.
و المَسَلّ: مصدر بمعني السّل قام مقام المسلول. و المعني: كمسلُول الشّطبة؛ تريد ما سُلّ من قشره، أو من غمده.
الجَفْرة: الماعزة، إذا بلغتْ أربعةَ أشهر و فصلت، و أخَذَتْ في الرّعي؛ و منه الغلام الجفْر، و استَجْفر؛ و صفته بأنه ضرب مُهَفْهَف و قَليل الطعم.
الأَلّ: العهد؛ أي هي وافية بعهدها، فجعل الفعل للعهد و هو لها في المعني، أو هو كقولهم: ثابت الغَدْر.
و بَرْد الظل مثل لطيب العِشرة.
و كرم الخِلّ: ألا تُخادِنَ أخدان السوء.
و إنما ساغ في وصف المؤنث وفيٌّ و كريم- إن لم يكن ذلك من تحريف الرواة و النّقل- من صفة الابن إلي صفة البنت لوجهين: أحدهما أن يرد هي إنسان أو شخص وفيٌّ كريم، و الثاني أن يشبه فعيل الذي بمعني مفعول، كما شبه ذاك بهذا حيث قيل أسراء و قتلاء، و فصال و صقال، و أما بَرود فيستوي فيه المذكر و المؤنث، و يجوز أن يكون وفيٌّ فعولًا مثله كبغِيّ.
[لا تنثَّ] لما كان الفعل متناولًا علي الإِبهام كلّ جنس من أجناسه جاز أن يوقع التفعيل الدالّ علي التكرير و التكثير مصدَر الفعل. و الروايتان بالباء و النون معناهما واحد؛ و هو النَّشر و الإذاعة.
و الإغثاث و التَّغْثيث: إفساد الطعام.
النّقث و النقل بمعني، يقال نقث الشي‌ء ينقُثه، و التّنقيث مبالغة. نفت عنها السرقة و الخيانة. التَّعْشيش: من عَشَّش الطائرُ إذا اعتش؛ أي لا تخبأ في غير مكان خبئاً؛ فشبهت المخابي‌ء بعششة الطير لو تَقُمّه، فليس كعش الطائر في قلة نظافته.
و يجوز أن يكون من عَشَّشَتِ النخلةُ؛ إذا قل سَعفُها. و شجرة عَشّة، و عَشَّ المعروفَ يعشه، إذا أقله، و عطية معشوشة. قال رؤبة:
حَجَّاج ما سَجْلُك بالمعشوشِ و لا جَدا وَبْلِك بالطَّشِيش
أي لا تملؤه اختزالًا و تقليلًا لما فيه، و هو بالغين؛ من الغِشّ، و مأخذه مِن الغَشَش، و هو المشرب الكدر.
يلعبان من تحت خَصْرها برمانتين؛ وصف لها بِعظَم الْكَفَل، و أنها إذا استلقتْ نَبَا الكفلُ بها عن الأرض، حتي تَصِير تحتها فجوةٌ تجري فيها الرمان.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 425
الفرس الشَّرِيّ: الذي يَشْرِي في عدوه؛ أي يلجّ و يتمادي، و قيل هو الفائق الخيار، من قولهم: سراة المال و شراته لخياره. عن ابن السكيت، و اشتراه و استراه: اختاره.
الثَّرِيّ: الكثير، من الثروة.

[غثر]*:

أبو ذر رضي اللّٰه تعالي عنه- أحِبّ الإسلام و أهلَه، و أحبّ الغَثْراء.
أي العامَّة، و أراد بالمحبة المناصحةَ لهم، و الشفقة عليهم.
غثرة في (رع) [الغثاء في (ور)].

الغين مع الدال

[غدر]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- رأي المغيرةُ بن شُعْبة عُروةَ بن مسعود عَمّه يكلمُ النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم، و يتناولُ لِحيته يَمسّها، فقال: أمسِكْ يدَك عن لحية رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم قبل ألّا تصلَ إليك؛ فقال عُروة: يا غُدَر! و هلْ غسلتَ رأسَك من غَدْرتك إلّا بالأمس!
هو معدول من غادر؛ في النداء خاصة، و نظيره يا فُسق، و ذق عُقَق.
قبل أَلّا تصل إليك: يريد قبل أن أقطع يدَك، لأنه إذا قطعها لم تصلْ إليه، و يجوز أن يتضمن الفعل ضمير اللحية، و يعني أنه يحولُ بينها و بينه فلا تصل أيضاً إلي يده، و لا يقدر علي مسها.
إنّ بين يدي الساعة سِنين غدَّارة؛ يكثر فيها المطر و قلّ فيها النبات
- و
روي: تكون قبل الدجَّال سنون خَدَّاعة.
أي تطمعهم في الخِصب بالمطر، ثم تخلف، فجعل ذلك غَدْراً منها و خديعة: و قيل:
الخدَّاعة القليلة المر؛ من خدع الريقُ؛ إذا جَفَّ.

[غدد]:

ذكر صلي اللّٰه عليه و آله و سلم الطاعونَ فقال: [غُدَّة] كَغُدَّةِ البعير تَأْخُذُهم في مَرَاقِّهم.
الغُدَّة و الغُدَدَة: داء يَأْخُذُ البعير فَتَرِم نُكْفَتَاه «1» له فيأخُذُه شِبْه الْمَوْتِ. و بعير مُغِدّ،
______________________________
(2) (*) [غثر]: و منه في حديث القيامة: يُؤتي بالموت كأنه كبشٌ أغثر. و في حديث أويس: أكون في غثراء الناس. النهاية 3/ 342، 343.
(3) (*) [غدر]: و منه حديث كعب: لو أن امرأة من الحور العين؛ اطَّلعت إلي الأرض في ليلة ظلماء، مغْدرةٍ لأضاءت ما علي الأرض. و في حديث بدر: فخرج رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في أصحابه حتي بلغ قرقرة الكدر فأغدروه. و في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: قدم مكة و له أربع غدائر. و الحديث: بين يدي الساعة سنون غدَّارة.
النهاية 3/ 344، 345.
(1) النكفتان: اللهزمتان عن يمين العنفقة و شمالها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 426
و مَغْدُود، و غادّ. و في أمثالهم:
أغُدَّةً كَغُدَّةِ البعير، و مَوْتاً في بيت سَلُولِيّة! قاله عامر بن الطّفيل حين دَعا عليه رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فَطُعِن
المراقّ: أسْفَل البطن؛ جمع مَرَقّ.
عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أطافَ بناقة قد انْكَسَرَتْ لفلان؛ فقال: و اللّٰه ما هي بِمُغِدٍّ فَيستَحْجِي لَحْمُها.
لم يدخل تاءَ التأْنيث علي مُغِدّ؛ و هو يريد الناقَة المطعونة؛ لأنه أراد النَّسب؛ كقولهم:
امرأَة عاشق؛ و لحية ناصِل.
استحجي لحمُ البعير و دَخِنَ «1»؛ إذا تغيرت ريحهُ من مرض؛ و كأَنّه من حَجَوْتُه و حَجَيْتُه؛ إذا منعته. يقال: فلان لا يحجُو سرَّه و لا يحجو غَنَمه؛ أي لا يمنعها عن الانتشار.
و الصبر أحجي؛ أي أكفّ للنفس؛ و منه قيل لِلُّب الحجَا؛ كما قيل له الحَجْر و العقل؛ لأنه إذا أرْوَح «2» امتنع من رغبة الناس في أكْلِه.

[غدو]*:

ابن عباس «رضي اللّٰه تعالي عنهما- كنتُ أتغدّي عند عمرَ بن الخطاب رضي اللّٰه تعالي عنه في شهر رمضان؛ فسمع الهَائِعة، فقال: ما هذا؟ فقلت: انْصَرَف النَّاس من الوَتْر.
أي أَتَسَحَّر، لأن السَّحَر مُشارِف للغَدَاة.
الهَائِعة: الصوت الشديد؛ و الهَيْعة مثلها؛ من هَاع يهِيع إذا انبسط؛ لأن الصَّوت أشدّه و أرفعه أشْيَعه و أذْهبه.

[غدر]:

في الحديث: مَنْ صلَّي العِشاء جماعة في اللّيلة المُغْدِرَة فقد أوْجَبَ.
هي الشّديدة الظُّلْمة التي تُغْدِرُ الناسَ في بيوتهم؛ أي تترُكهم. و يقال: ليلة غَدِرة؛ بينة الغَدَر «3».
إذا عمل عَملًا تجب به الجنة أو النار قيل قد أوْجَب.

[غدق]*:

إذا أنشأت السحابةُ من العَيْن فتلك عيْن غُدَيْقة.
أَيْ كثيرة الماء.
______________________________
(1) دخِن: تغيرت رائحته.
(2) أروح: أنتن.
(4) (*) [غدا]: و منه في حديث السحور: قال هَلُمَّ ألي الغداء المبارك. و الحديث: لغدوة أو روحة في سبيل للّٰه. النهاية 3/ 346.
(3) بينة الغدر: شديدة الظلمة.
(5) (*) [غدق]: و منه في حديث الاستسقاء: اسقنا غيثاً غدقاً مغدقاً. النهاية 3/ 345.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 427
غدقاً مغدقاً في (حي). فأَغْدَرُوه في (صو). غدرة في (عص). غديقة في (نش).
لأغدرت في (ذق). [فاغدف في (سد). مغدرة في (ظل). يغدف به في (رك). غدواً في (حل)].

الغين مع الذال

[غذو]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم-
عن العبَّاس بن عبد المطلب: كنتُ في البَطْحاء في عِصابة فيهم رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم؛ فمرّت سحابة، فنظر إليها؛ فقال: ما تُسَمُّون هذه؟ قالوا: السحاب. قال: و المُزْن. قالوا: و المزن، قال: و الغَيْذي- و روي: و العَنان.
كأنّه فَيْعل؛ من غذا يَغْذو؛ إذا سال، و لم أسمع بفَيْعَل من المعتل اللّام غير هذا، إلّا كلمة مؤنثة: الكَيْهَاة؛ بمعني الكَهاة؛ و هي الناقة الضخمة.
[العَنان: العارِض].
عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- شكا إليه أهلُ الماشية تصديقَ الغذَاء؛ فقالوا: إنْ كنتَ مُعْتَدّاً علينا بالغِذاء، فخذ منه صَدَقته. فقال: إنا نعتدّ بالغِذاء كُلِّه حتي السخْلة يَرُوح بها الراعي علي يَده؛ و إني لا آخذ الشاة الأكُولة؛ و لا فحلَ الغنم، و لا الربِّي، و لا الماخِض؛ و لكن آخذ العَناق، و الجَذَعة، و الثِّنيّة، و ذلك عَدْل بين غِذاء المال و خياره.
و
عنه رضي اللّٰه تعالي عنه أنَّه قال لعامِل الصَّدَقات: احتسِبْ عليهم بالغِذاء؛ و لا تأخُذْها منهم.
هو جَمْع غَذِيّ، و هو الحَمَل أو الجَدْي المعَاجي، و إنَّما ذكَّر الراجعَ إليه لكونه علي زنة كِساء و رِداء، و قد جاء السِّمام المُنْقَع.
الأكُلولة: التي للأكل.
و الرُّبَّي: التي في البيتِ لِلَّبن. و قيل: الحدِيثة النّتاج، هذا بعُضِّدُ مَذهَب زُفَر و مالك رحمهما اللّٰه تعالي؛ لأنهما يوجبان في الحُمْلان ما في الكبار.
و عندَ أبي يوسف و الشافعي رحمهما اللّٰه تعالي، فيها واحدة منها، أمّا أبو حنيفة و محمد، رحمهما اللّٰه تعالي، فَلا يَريان فيها شيئاً.

[غذمر]:

علي رضي اللّٰه تعالي عنه- سأله أهلُ الطائف أنْ يَكْتُبَ لهم الأمان علي
______________________________
(1) (*) [غذو]: و منه في حديث سعد بن معاذ: فإذا جُرْحه يغذو دماً. و الحديث: أن عرق المستحاضة يَغْذُو. و الحديث: أنه قال لعامل الصدقات: احتسب عليهم بالغذاء. و الحديث: لا تغذُّوا أولاد المشركين. النهاية 3/ 347، 348.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 428
تحليل الرِّبا و الخَمْر، فامتنع، فقاموا و لهم تَغَذْمُرٌ و بَرْبَرَة.
هو التغضّب مع الكلام المخلَّط؛ من غَذْمرت الشي‌ءَ و غَثْمَرْته؛ إذا خلطت بعضه ببعض. و الغِذْمِيرُ: الأصوات و الألحان المختلطة. قال أوس:
تَبَصَّرْتُهُمْ حتَّي إذا حَال دُونَهُمْ ركام و حادٍ ذُو غَذَامِيرَ صَيْدَحُ «1»
البَرْبَرة: كَثْرة الكلام في غَضَب.

[غذم]:

أبو ذَرّ رضي اللّٰه تعالي عنه- عَرَض عليه عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه الإقامةَ بالمدينة، فأبي، و استأذنه إلي الرَّبذَة و قال: عليكم معشرَ قريش بدُنياكم فاغْذَمُوها.
هو الأكل بجَفَاء وَ نَهم، و قد غَذِمَ يَغْذَمُ، و رجل غَذِم؛ أي أكول.
و أغذه في (قر). فيغذي في (قن). [يغذو في (عذ)].

الغين مع الراء

[غرف]:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- نهي عن الغَارفة.
يقال: غَرَفْتُ الناصيةَ؛ إذا قطعتها فانغرفتْ، عن الأصمعيّ، و أنشد بيتَ قَيْس بن الخَطيم:
تنام عن كبْرِ شأنِها فإِذا قامتْ رُويداً تكاد تَنْغَرِفُ «2»
و الغارفة علي معنيين: أَحَدُهما أن تكون فَاعِلة بمعني مَفْعُولة؛ ك عِيشَةٍ رٰاضِيَةٍ*، و هي التي تقطعها المرأة و تُسَوِّيها مُطَرَّرَةً علي وَسط جبينها. و الثاني: أنْ تكونَ مصدراً بمعني الغَرَف، كاللاغية و الراغية و الثاغية.

[غرب]*:

أمر صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بتَغْرِيب الزَّانِي سنةً إذا لم يُحْصَن.
هو نَفْيُه عن بلده؛ يقال: أغرَبْتُه و غرّبْتُه؛ إذا نحيته.
______________________________
(1) البيت لأوس بن حجر في ملحق ديوانه ص 139، و للراعي النميري في لسان العرب (غذمر).
(2) البيت في ديوان قيس بن الخطيم ص 57.
(3) (*) [غرب]: و منه الحديث: إن الإسلام بدأ غريباً و سيعود كما بدأ فطوبي للغرباء. و الحديث: اغتربوا و لا تضووا. و في حديث المغيرة: و لا غريبة بخيبة. و في الحديث: أن رجلًا قال له: أن امرأتي لا ترد يد لامس فقال: أغربها. و الحديث: طارت به عنقاء مغرب. و في حديث الزكاة: و ما سقي بالغرب ففيه نصف العشر. و في حديث عمر: فسكن من غربه. و حديث الحسن: سئل عن القبلة للصائم فقال: «إني أخاف عليك غَرْبَ الشباب. و في حديث ابن عباس حين اختصم إليه في مسيل المطر فقال: المطر غَرْبٌ و السيل شرق. و الحديث: لا يزال أهل الغرب ظاهرين علي الحق.
و الحديث: ألا و إن مثل آجالكم في آجال الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلي مغيربان الشمس.-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 429‌

[غرق]*:

قال سَلَمَة بن الأكوع رضي اللّٰه تعالي عنه: غزونا مع رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، فرأينا رجلًا من المُشركين علي جمل أحْمر، فخرج ناس في أَثْره، و خرجت أنا و رجل من قومي من أسْلَم؛ و هو علي ناقة وَرْقاء، و أنا علي رِجْلي؛ فأغْتَرَقُها حتي آخذ بِخُطَام الجمل؛ فأضرب رأسه. فنفّلني رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم سَلبَه.
يقال للفرس إذا خالَط الخيلَ ثم سبقها: قد اغْتَرَقها. و من رواه بالعين فقد ذهب إلي قولهم: عَرَقَ الرَّجُل في الأرض عُروقاً، إذا ذهب، و جرت الخيل عُروقاً، أي طَلَقاً. قال قَيْس بن الخطيم:
تَغْترِقُ الطَّرْف و هي لاهيةٌ كأنما شَفَّ وجهَها نُزُفُ «1»
و قد رواه ابن دريد بالعين ذاهباً إلي أنّها تسبق العين؛ فلا تقدِر علي استيفاء محاسنها، و نُسِب في ذلك إلي التصحيف، فقال فيه المفجّع:
ألست قِدْماً جعلت «تعترق الطَّ رف» بجهل مكان «تَغْتَرِقُ» «2»
و قلت «كان الخِباء من أَدَمٍ» و هو «حِباءٌ» يُهْدَي و يُصْطَدَقُ

[غرر]*:

لا غِرَار في صلاة و تسليم- و روي: و لا تَسْليم.
هو النُّقْصان، من غارّت الناقة، إذا نَقَص لبنُها؛ و رجل مُغَارُّ الكَف، و إنَّ به لمغارّة؛ إذا كانَ بخيلًا؛ و لِلسُّوق دِرَّة و غِرار؛ أي نَفاق و كساد. و منه قيل لقلة النوم غِرار.
و
في حديث الأوزاعي رحمه اللّٰه: كانوا لا يَرَوْن بِغِرار النومَ بأْساً.
يعني لا يَنْقُضُ الوضوءَ.
______________________________
- و في دعاء ابن هبيرة: أعوذ بك من كل شيطان مستغرب و كل نبطي مستعرب. النهاية 3/ 348، 349، 350، 351، 352.
(3) (*) [غرق]: و منه الحديث: الحَرِقُ شهيد، و الغَرِقُ شهيد. و في حديث وحشي: أنه مات غرقاً في الخمر. و الحديث: فتكون أصولُ السِّلْق غُرْقَة. النهاية 3/ 361، 362.
(1) البيت في ديوان قيس بن الخطيم ص 55.
(2) البيتان في المزهر 2/ 366، و سمط اللآلي ص 422.
(4) (*) [غرر]: و منه الحديث: أنه جعل في الجنين غرةً عبداً أو أمة. و في حديث ذي الجوشن: ما كنت لأقيضه اليوم بغرةً. و الحديث: غُرُّ محجلون من آثار الوضوء. و الحديث: عليكم بالأبكار فإنهن أغرُّ غُرَّةً. و في حديث علي: اقتلوا الكلب الأسود ذا الغرتين. و الحديث: المؤمن غِرُّ كريم. و في حديث الجنة: يَدْخلني غِرَّة الناس. و في حديث ابن عمر: إنك ما أخذتها بيضاء غريرة. و الحديث: أنه نهي عن بيع الغرر. و في حديث الدعاء: لأن أغتر بهذه الآية و لا أقاتل أحبُّ إلي من أن أغتر بهذه الآية.
و في حديث عائشة تصف أباها: فقالت: ردَّ نشر الإسلام علي غرِّه. و في حديث معاوية: كان النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم يَغُرُّ علياً بالعلم. و في حديث حاطب: كنت غريراً فيهم. النهاية 3/ 353، 354، 355، 356، 357.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 430
و
عنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: لا تُغَارُّ التحية.
و الغرار في الصلاة ألّا يقيم أركانَها مُعَدَّلة كاملة.
و
في حديث سَلْمان رضي اللّٰه تعالي عنه: الصَّلاة مِكْيال فَمَنْ وَفَّي وُفِّي له؛ و مَنْ طَفَّفَ طُفِّفَ له، فقد علمتم ما قال اللّٰه في المُطَفِّفين
، و في التسليم أن يقول: السلام عليك إذا سَلَّم، و أن يقول: و علَيْك إذا رَدّ. و من روي: و لا تسليمَ، فعطفَه علي لا غِرار، فمعناه لا نَوْمَ فيها و لا سَلَامَ.

[غرقد]:

خطب صلي اللّٰه عليه و آله و سلم؛ فَذَكر الدَّجالَ؛ و قَتْلَ المَسيح له؛ قال: فلا يَبْقي شَي‌ءُ مِمَّا خَلقه اللّٰه تعالي يَتَواري به يَهُودِيّ إلّا أنطَق اللّٰه ذلك الشي‌ء؛ لا شجر و لا حَجر و لا دابة؛ فيقول: يا عبدَ اللّٰه المسلم، هذا يهودي فاقْتُله؛ إلّا الغَرْقدة فإِنها من شجرهم فلا تنطق، و تُرْفَع الشَّحْناء و التباغض، و تنزع حُمَةُ كل دَابّة؛ حتي يُدْخِل الوليدُ يدَه في فم الحَنَش فلا يَضُرُّه؛ و تكون الأرض كفاثور الفضة تنبت كما كانت تنبتُ علي عهد آدم عليه السلام، يجتمع النَّفر علي القِطْفِ فَيُشْبِعُهم.
الغَرْقَد؛ من العضاهِ؛ و قيل هي كبار العَوْسج؛ و قيل لمدفن أهل المدينة بَقِيعُ الغَرْقَد؛ لأنه كان يُنْبِتُه؛ قال ذو الرُّمة:
أَلِفْنَ ضَالًا ناعماً و غَرْقَدا «1»
الشَّحْناء و الشحنة: العداوة، و قد شَاحنه.
الحُمَة: فَوْعة السمّ؛ و هي حرارته و فورته، و فُعلة من حمي.
الحنش: الأفْعَي. قال ذو الرُّمة:
و كم حَنَش ذَعْفِ اللُّعَاب كَأَنَّه علي الشَّرَكِ العَادِيِّ نِضْوَ عِصَامِ «2»
و حنشتْه الحيةُ؛ إذا لَدَغَتْه و في كتاب العين: الحنَش: ما أشبهت رُؤوسُها رُؤوسَ الحيات من الحَرَابِيّ و سوامِّ أبرص و نحوها.
الفَاثور عند العامة: الطستخان. و أهلُ الشَّام يتخذون خِواناً من رخام يسمونه الفَاثور.
قال:
و الأكل في الفَاثور بالظَّهائر لَقْماً يَمُدُّ غُضْنَ الحنَاجر
______________________________
(1) صدره:
و أعيُنَ العينِ بأعلي خَوَّدَا
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 114.
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 606.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 431
و قيل: هو الطَّسْتُ من فِضَّة أوْ ذَهب؛ و منه قيل لقرص الشمس: فاثُورُها. و أنشدوا للأغلب:
إذا انجلي فَاثُور عين الشمس «1»
و القِطْف: العُنْقود؛ يريد أن الأرض تُنَقَّي من كل دَغَل و شَوْك كما كانت؛ لأنها فيما يقال أنبتته بعد قتل قابيل هابيلَ، فتصير في النّقاوة كالفاثور، و تعود ثمارُها في الحسن و الكثرة إلي ما كانت عليه في عهد آدم عليه السلام.

[غرب]:

أُريتُ في النَّوْم أني أنزع علي قَلِيبٍ بدَلْو، فجاء أبو بكر فنزَع نَزْعاً ضعيفاً و اللّٰه يغفرُ له؛ ثم جاء عمر فاسْتقَي، فاستحالَتْ غَرْباً، فلم أرَ عبقرِيّاً يَفرِي فَرْيه، حتي رَوِيَ الناسُ و ضربوا بَعطَن.
أي انقلَبتْ دَلْواً عظيمة، و هي التي تتخذ من مَسْك ثور يَسْنُو «2» بها البعير؛ و قد وصفها مَنْ قال:
شلّت يدا فارية فَرَتْها «3» مَسْكَ شَبُوبٍ ثُمَّ وَ فَّرَتْها «4»
سميت بذلك لأنها النهاية في الدّلاء؛ من غَرْب الشي‌ء و هو حَدُّه.
قد ذكرتُ أنّ كلَّ عجيب غريب يُنْسَبُ إلي عَبْقَر.
يَفْرِي فَرْيه: أي يعملُ عَمَله.
العَطَن: الموضع الذي تُناخ فيه الإبل إذا رويت؛ ضرب ذلك مثلًا لأيام خلافتهما.
و أن أبا بكر قصرت مدةُ أمره و لم يفرُغ من قتالِ أهلِ الرِّدة لافتتاح الأمصار؛ و عمر قد طالت أيامُه و تَيَسَّرَتْ له الفُتوح، و أفاء اللّٰهُ عليه الغنائمَ و كنوزَ الأكاسرة.
قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: «فيكم مُغَرِّبون». قالوا: و ما المغرِّبون؟ قال: «الذين يَشْرَك فيهم الجِنّ»
. غَرَب إذا بَعُد، و منه: غاية مُغَرِّبَة، و شَأْو مُغَرِّب.
و منه قولهم: هل عندك من مُغَرِّبَةِ خبر؟ كقولهم: من جائية خبر؛ أي مِنْ خبرٍ جاء من بُعْد.
______________________________
(1) الشطر في لسان العرب (فثر) و أساس البلاغة (فثر).
(2) يسنو: يسقي.
(3) فَرَتْها: عملتها.
(4) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (فري)، و زاد في اللسان:
لو كانت السَّاقي أَصغَرَتْها
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 432
و
في حديث عمر رضي اللّٰه تعالي عنه: أنّه قَدِم عليه أَحَدُ بني ثَوْر، فقال عمر: هَلْ من مُغَرِّبة خبر؟ قال: نعم! أخَذْنا رجلًا من العَرب كَفر بعد إسلامه، فقدَّمناه فضربنا عُنُقه؛ فقال: فَهَلّا أدْخَلْتموه جوفَ بيتٍ، فألقيتم إليه كلَّ يوم رغيفاً ثلاثة إيام، لعله يتوبُ أو يراجع! اللّهم لم أشْهَدْ و لم آمُرْ، و لم أرض إذْ بَلَغني.
و التاء في مغرّبة للمبالغة، أو لأنه جُعِل اسماً كالرَّمِيَّة و النّطيحة، و كأن قوله «مغرّبون» معناه جاؤُون من نسب بعيد.
إنَّ رجلًا كان معه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في غَزَاةٍ، فأتاه سَهْمُ غَرْبٍ، فمكث معالجاً فجزع مِمّا به؛ فعدل علي سهم من كنانته فقطع رَوَاهِشَه.
قال المبرِّد: يقال: أصابه سَهْمٌ غَرْبٍ، و سهمُ غَرْبٍ، بمعنًي.
و سمعت المازني يقول: أصابه حَجَر غَرْب؛ إذا أتاه من حيث لا يدرِي، و أصابه حجر غرْب، إذا رمي به غيرُه فأصابه.
و يروي: سَهْمٌ غرْبٌ و غَرِبٌ علي الصفة.
الرَّواهش: عُروق باطنِ الذراع و عَصَبه؛ و النَّواشر: التي في ظَاهرها؛ و قيل عكس ذلك؛ الواحد راهش و ناشرة.

[غرر]:

إياكُم و مشارّة الناس، فإِنها تدفن الغُرَّة و تظهر العُرّة.
أصل الغُرَّة البياض في جَبْهَة الفرس، ثم استُعيرت، فقيل في أكْرَم كلّ شي‌ء: غُرّته، كقولهم: غُرّة القوم لسيِّدهم.
و العُرّة: القذَر، فاستعيرت للعيب و الدَّنَس في الأخلاق و غيرها، فقالوا: فلان عُرَّة من العُرَر. و المعني أنهم إذا نالهم منك مكروه كتموا محاسنك و مناقبك، و أبْدَوْا مساويك و مثالبَك.

[غرض]*:

لا يُشَدُّ الغَرْضُ إلّا إلي ثلاثة مساجد: مسجدِ الحرام، و مسجدي هذا، و مسجدِ بيت المقدس.
و رُوي: لا تُشَدُّ العُري- و روي: الرَّحال.
الغَرْض و الغُرْضة: حِزام الرَّحْل؛ و المَغْرِض كالمَحْزِم. و هو من الغرْض في قولهم:
مَلأ السِّقَاء حتي ليس فيه غَرْض؛ أي أمْت، أي تَثَنٍّ.
كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم إذا مشَي مجتمعاً يُعْرَف في مِشْيَته أنه غيرُ غَرِض و لا وَكِل.
______________________________
(1) (*) [غرض]: و منه حديث عقبة بن عامر: تختلف بين هذين الغرضين و أنت شيخٌ كبيرٌ. و في حديث الغيبة: فقاءت لحماً غريضاً. و في حديث عمر: فيؤتي بالخبزِ ليناً و باللحم غريضاٌ. النهاية 3/ 360.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 433
الغَرَض: الضَّجَر و الملال، و منه
قول عَديّ بن حاتم: لمّا سمعتُ برسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم كرهتُه أشدّ كراهية؛ فسرت حتي نزلت جزيرةَ العرب، فأقمت بها حتي اشْتَدَّ غَرضي.
الوَكِل: الضعيف الثقيل الحركات؛ لأنه يَكِلُ الأمر إلي غيرِه. قالت:
و لا تكونن كهِلّوفٍ «1» وَكِل يصبح في مصرعه قد انجدَلْ «2»

[غرز]*:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- مَرَرنا بخباء أعرابية عجوز؛ فجلسنا قريباً منها، فلما كان مع المساء جاء بُنَيٌّ لها يَفَعَة «3» بأَعْنز معه، فدفعت إليه الشَّفرة، فأتانا بها، فقال له رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: رد الشَّفْرة و ائتني بِقَدَح أو قَعْب، قال: يا هذا، إن غنمنا قد غَرَزَتْ، قال: انطلق فأتني به؛ فأتاهُ فمَسح علَي ظهر العَنْز ثم حَلَب حتي ملأ القَدَح.
يقال: غَرَزَتِ الغَنمُ غِرازاً؛ إذا قَلَّ لَبَنُها. و ناقة غارِز، و غَرَزَها صاحبُها؛ إذا ترك حَلْبَها ليذهب رِفْدها فتسمن، و اشتقاقُه من الغَرْز؛ كأنه غَرزَ في الضروع؛ أي أمْسك و أثبت؛ و منه قيل لِمَا كان مِساكاً للرِّحْلِ في المركِب غَرْز.
حَمَي غَرَزَ النَّقِيع لخيل المسلمين.
هو نوع من الثُّمام دقيق، لا وَرَق له. و وادٍ مُغْرِز: به الغَرز.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه تعالي عنه أنه قال ليَرْفَأ خادِمِه: كم تعلِفون هذا الفرس؟
قال: ثلاثة أمداد. فقال: إنّ هذا لَكافٍ أهلَ بيت من العرب، و الذي نفسي بيده لتعالجنّ غَرَز النّقيع.
و
عَنْه: أنه رأي في رَوْثِ فرسٍ شعيراً في عام الرّمادة «4»، فقال: لَئِنْ عِشْتُ لأجعلنّ له من غرَز النَّقِيع ما يُغنيه عن قوت المسلمين.
______________________________
(1) الهلوف: الثقيل البطي‌ء.
(2) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (هلف)، و قبله:
أشْبِهْ أبا أمك أو أَشبِهْ عَمَلْ
(5) (*) [غرز]: و منه الحديث: كما تنبتُ التغاريز. و الحديث: كان أذا وضع رجله في الغرز، يريد السفر، يقول: بسم اللّٰه. و في حديث أبي بكر: أنه قال لعمر: استمسك بغرزه. و في حديث عمر: الجبن و الجرأة غرائزُ. النهاية. 3/ 358، 359.
(3) اليفعة: الشاب.
(4) عام الرمادة: سمي بذلك لأن الناس و الأموال هلكوا فيه كثيراً، و قيل لجدب تتابع، فصير الأرض و الشجر مثل لون الرماد، لسان العرب (رمد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 434
النّقيع (بالنون): مَوضع. و
عن الأصمعي أن عيسي بن عمر أنشد يوماً:
لَيْتَ شعري و أين مِنِّي لَيْت أَعَلَي العَهْدِ يَلْبُنٌ فَبُرام «1»!
أم بعهدي البَقِيع أم غَيَّرَتْه بعديَ المُعْصِرات و الأيَّام!
رواها بالباء، فقال أبو مَهديّة: إنما هو النَّقيع؛ فقال عيسي: صدق و اللّٰه! أما إني لم أرْوِ بيتاً عن أهل الحَضَر إلّا هذا؛ ثم ذكر حديث عمر؛ و رأي رجلًا يعلِف بعيراً، فقال: أما كان في النّقيع ما يغنيك!

[غرر]:

رضي اللّٰه تعالي عنه- قضي في ولد المغرور غُرَّة.
هو الرَّجل يزوِّجُ رجلًا مملوكةً علي أنها حُرَّة؛ فقضي أَن يَغْرَم الزوج لمولي الأمة غُرّة، و يكون ولدُها حُرّاً، و يرْجعُ الزوج علي مَنْ غرّه بما غَرِم.
أقبل صلي اللّٰه عليه و آله و سلم مِن بعض المغازي حتي إذا كان بالجُرْف «2»، قال: يأيها الناس؛ لا تطرقوا النساء وَ لَا تَغْتَرُّوهُنَّ.
أي لا تفاجئوهُنّ علي غِرّة منهن، و تركِ استعداد؛ من قولهم: اغترَّه الأمر إذا أتاه علي غِرَّة- عن يعقوب، و أنشد:
إذا اغْتَرَّه بين الأحبة لم تكن له فزعة إلّا الهوادج تخدَرُ

[غرق]:

عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- ذَكَرَ مَسجد الكوفة؛ فقال: في زَاويته فٰارَ التَّنُّورُ*، و فيه هَلَك يَغُوث و يَعوق، و هو الغاروق، و منه سير جبل الأهواز، و وسطه علي رَوْضة من رياض الجنة، و فيه ثلاث أعين أُنْبِتَتْ بالضِّغْثِ، تُذْهِب الرِّجس و تطهر المؤمنين: عين من لَبن، و عين من دُهْن، و عين من ماء، جانبه الأيمن ذِكْر، و جانِبُه الأيْسَر مَكْر، و لو يعلم الناس ما فيه من الفضل لأتوه و لَوْ حَبْواً.
هو فَاعُول، من الغَرق؛ لأن الغرق كان منه.
أراد بالضِّغث ما ضَرب به أيوبُ عليه السلام امرأتَه.
و بالعَيْن التي ظهرت لَمَّا ركض بِرِجْلِه.
و بالذِّكْر الصلاة.
و بالمَكْر أنه عليه السلام قُتل فيه.
الحَبْو: الدَّبيب.
______________________________
(1) البيتان من الخفيف، و هما لأبي قطيفة الوليد بن عقبة في الأغاني 1/ 39، و معجم البلدان 1/ 367 (برام)، 5/ 440 (يلبن)، و بلا نسبة في المقتضب 3/ 298.
(2) الجرف: موضع علي ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام (معجم البلدان: جرف).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 435‌

[غرنق]*:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- إنّ جَنازته لمّا أتي به الوادي، أقبل طائر أبيض غُرْنُوق، كأنه قُبْطيَّة، حتي دخل في نَعْشه. قال الراوي: فرمقتُه فلم أره خرج حتي دفِن.
الغُرنوق و الغُرْنَيْق: طائر أبيض من طَيْر الماء.
و عن أبي خيرة الأعرابي سمي غُرْنَيْقاً لبياضه.
و قال يعقوب في الشابّ: الغُرْنوق، و هو الأبيضُ الجميل الغَضّ؛ و لما كانت الكلمة دالة علي معني البياض أكد بها الأبيض.
القُبْطِية: ثياب بيض من كَتَّان تُنسج بمصر؛ نسبت إلي القِبْط، بالضم، فرْقاً بين الثياب و الأناسي و الجمع القَباطي.

[غرز]:

الشعْبي رحمه اللّٰه تعالي- ما طلع السِّماك قَطّ إلّا غارزاً ذَنَبه في بَرْد.
هذا تمثيل؛ و أصله من غَرز الجراد ذَنَبَه إذا أراد البَيْض، و أراد السِّماك الأعزل؛ فطلوعه لخمْسٍ تخلو من تشْرين الأول، و في ذلك الوقت يذهب الحرّ كله، و يبتدي‌ء شي‌ء من البرْد.

[غرب]:

الحسن رحمه اللّٰه تعالي- إذا استَغْرَب الرَّجُلُ ضَحِكاً في الصلاة أَعاد الصلاة.
يقال: أغْرَبَ في الضَّحِك، و استَغْرَب، و اغترق، و اسْتَغْرَب، و اغترق، و اسْتَغْرَق؛ إذا بالغ و أبْعَدَ.

[غربب]:

في الحديث: إنَّ اللّٰه تعالي يُبْغِضُ الغِرْبيبَ.
هو الذي يُسَوِّد شَيْبه بالخِضَاب.

[غربل]:

كَيْفَ بِكُمْ و بِزَمَانٍ يُغَرْبَلُ الناس فيه غَرْبَلَةً.
أي يُذهب بخيارهم و يَبْقي أراذِلُهم، كما يَفْعَل من يُغَرْبلُ الطعام بالغِرْبال. و يجوز أن يكون من الغَرْبلة؛ و هي القتل؛ عن الفراء: و أنشد:
تري الملوك حوله مُغَرْبلْه يقتل ذا الذَّنْبِ و مَنْ لا ذَنْبَ لَه
و منها قولك: مُلْكٌ مُغَرْبَل؛ أي داهب.
أعلنوا النكاح، و اضربوا عليه بالغِرْبال.
أي بالدُّف.
التغارير في (ضب). غروبة في (ظه). غرمه في (غل). فأغرورقت في (عد). أَغَرّ
______________________________
(1) (*) [غرنق]: و منه في حديث علي: فكأني أنظر ألي غرنوق من قريش يتشحط في دمه. النهاية 3/ 364.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 436
غُرَّة في (نت). و الغارب في (ود). علي غرلته في (شو). تغريراً في (غو). تغرة في (فل) و في (رب). غرباً في (ثج). علي غرة في (زف). غراة في (فر). الغُرغر في (مظ). غرة في (جو. [اغرث في (حب). الغريزة في (تب). غرائب الإبل في (ين). غاراً في (ذم).
و غراب في (عص)].

الغين مع الزاي

[غزو]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- لما فتح مكة قال: لا تُغْزَي قُريش بعدها.
أي لا تَكْفُر حتي تُغْزَي علي الكُفْر.
و نظيره
قوله: لا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْراً بعد اليوم.
أي لا يَرْتَدّ فيقتل صَبْراً علي رِدّته؛ فأما قريش و غيرهم فهم عنده في الحق سواء.
مغزية في (كس). المستغزر في (جن): و ربع المغزل في (عر). [المغازي في (خض). غازية في (رب). الغزيرة في (تب)].

الغين مع السين

[غسل]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- من غَسَّل و اغْتَسَل، و بَكّر و ابتكر، و استمع و لم يَلْغُ كَفَّرَ ذلك ما بين الجمعتين- و روي: غَسَل.
يقال غَسَّل المرأة و غسَلها: جامَعها، و منه فَحْلٌ غُسَلَة. أي جامَع مخافَة أن يري في طريقه ما يُحَرِّكُ منه، أو غَسَل أعضاءه مُتَوَضِّئاً، ثم اغْتَسَل غُسْل الجمعة. و غَسَّل: بالغ في غَسْل الأعْضَاء علي الإسْباغِ و التَّثْلِيث.
بَكَّر: أتي الصَّلاة لأول وَقْتها.
[و منه: بَكِّرُوا بصلاة المَغْرب؛ أي صلّوها عند سُقُوط القُرْص.
و
عنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: لا تزال أمَّتي علي سُنَّتِي ما بَكَّرُوا بصلاة المَغْرب.
ابْتَكَر: أدْرَك أوّلَ الخطبة؛ من ابتكرَ الرَّجُل؛ إذا أَكَل باكورة الفاكهة].

[غسق]*:

قالت عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: أَخَذَ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بيدي،
______________________________
(1) (*) [غزو]: و منه الحديث: ما من غازية تخفق و تصاب إلَّا تم أجرهم. و في حديث عمر: لا يزال أحدهم كاسراً و ساده عند مُغزية. النهاية 3/ 366.
(2) (*) [غسل]: و منه الحديث: أنه قال فيما حكي عن ربه: و أنزل عليك كتاباً لا يغسله الماء. و في حديث العين: إذا استغسلتم فاغسلوا. و في حديث علي و فاطمة: شرابه الحميم و الغسلين. النهاية 3/ 367، 368.
(3) (*) [غسق]: و منه الحديث لو أنَّ دلواً من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا. و منه في حديث أبي بكر: إنه مر عامر بن فهيرة و هما في الغار أن يُروِّح عليهما غنمه مغسقاً. النهاية 3/ 366.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 437
ثم نظر إلي القَمَر، فقال: يا عائشة، تعوَّذي باللّٰه من هذا، فإنه الغَاسِق إِذٰا وَقَبَ.
هو من غَسق يَغْسِق، إذا أظلم؛ لأنه يُظِلم إذا كُسِف.
و وُقُوبُه: دخولُه في الكسوف، أراد: تَعَوّذِي باللّٰه منه عند كُسُوفه.
و
في حديث عمر رضي تعالي عنه: لا تُفْطِروا حتي تَرَوا الليلَ يَغْسِق علي الظِّراب.
أي يُظلم عليها؛ و خَصّ الظراب و هي الجُبَيْلات إرادَةَ أنَّ الظلمةَ تَقْرُب من الأرض، كما قال الهُذَلِيّ.
دَلَجَي إذا ما الليل جَنَّ عَلَي المُقَرَّنَةِ «1» الحَبَاحِبْ «2» «3»
ابن خُثَيْم رحمه اللّٰه تعالي- كان يقول لمؤذنه يوم الغيْم أَغْسِق أَغْسِق.
أي أخِّر المغرب حتي يَغْسِق الليل.
مغسقاً في (عز). [لا يغسله الماء في (قر)].

الغين مع الشين

[غشش]:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- ليس منّا مَنْ غَشَّنَا.
الغشّ ألّا تَمْحَض النصيحة؛ من الغَشَش و هو المَشْرَب الكَدِر، و منه: لقيتُه علي غِشَاش؛ أي علي عَجلة، و نزلوا غِشَاشاً، كأنه لقاء مَشُوب بِفُرْقة، و نزول مَشُوب بنهضة، لِفَرْطِ قِلَّتِه، ألا تري إلي قوله:
يكون نزول الرَّكْب فيها كَلَا و لَا غِشاشاً و لا يُدْنونَ رَحْلًا إلي رَحْلِ

[غشمر]:

جُبير بن حبيب رحمه اللّٰه تعالي- قال عيسي بن عمر: أنشدته قول أبي كبير:
حَمَلَت به في ليلة مَزْوءُودَةٍ «4» كَرْهاً و عَقْد نِطاقِها لم يُحْلَلِ «5»
فقال: قاتله اللّٰه! لقد تَغَشْمَرَها.
أي أخذها بجفَاء و عُنْف.
تغشيشاً في (غث).
______________________________
(1) المقرنة: الجبال التي يدنو بعضها من بعض.
(2) الحباحب: الجبال الصغار.
(3) البيت للأعلم بن عبد اللّٰه الهذلي، أخي صخر الغي في ديوان الهذليين 2/ 82.
(4) الزؤد: الذعر.
(5) البيت في ديوان الهذليين 2/ 92.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 438‌

الغين مع الضاد

[غضض]*:

ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- لو غَضَّ الناسُ في الوصية من الثُّلُث إلي الرُّبع لكان أحبَّ إليّ، لقولِ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: الثُّلُث و الثُّلُث كثير.
أي نَقصوا و حطُّوا؛ يقال: لا أغُضُّك من حَقِّكَ شيئاً، و لا أغُذّك، و قد غَضَضْتُه و غَذَذْتُه. قال:
أيامَ ألحف مِئْزري عَفَر المَلا و أغُضّ كل مُرَجَّلٍ رَيّان «1»

[غضغض]:

عَمْرو رضي اللّٰه عنه- لما مات عبدُ الرحمن بن عوف رضي اللّٰه تعالي عنه قال: هنيئاً لك ابن عوف! خَرَجْت من الدنيا ببِطْنتك؛ لم يَتَغَضْغَضْ منها شي‌ء.
يقال غَضْغَضْتُه فَتَغَضْغَضَ؛ أي نقصتُه، و هو من معني غَضَضْتُه لا من لفظه، لأنه ثلاثي و هو رباعي، فلا يُشْتقّ منه.
ضَرب البِطْنة مثلًا لوفور أجره الذي استوجبه بهِجْرته و جهاده، و أنه لم يتلبسْ بولاية و عمل فينقُص ذلك.
مغضفة في (سغ) [و في (سن) غض الأطراف في (سد).].

الغين مع الطاء

غطف في (بر). غطيطه في (ضف). غطريف في (رج). [غطريفاً في (جم)]. ما يغط في (سن).

الغين مع الفاء

[غفل]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم-
قال نُقادة الأسديّ: يا رسول اللّٰه؛ إِني رجل مُغْفِل؛ فأين أَسِمُ؛ قال: في موضع الجَرير من السَّالفة، فقال: يا رسول اللّٰه؛ اطْلُبْ إليّ طِلبَة، فَإِنِّي أُحِبّ أنْ أُطْلِبَكها؛ قال ابْغِني ناقة حَلْبَانَة رَكْبانة؛ غير أن لا تُوَلَّهَ ذاتُ وَلَدٍ عن وَلَدِها.
______________________________
(2) (*) [غضض]: و منه الحديث: كان أذا فرح غضَّ طَرْفَه. و في حديث علي: هل ينتظر أهل غضاضة الشباب. النهاية 3/ 371.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (غض)، و رواية اللسان: «أيام أسحب لمتي» بدل «أيام ألحف مئزري».
(3) (*) [غفل]: و منه في حديث طهفة: و لنا نعم هَمَلٌ أغفالٌ. و الحديث: من اتبع الصيد غَفَلَ. النهاية 3/ 375.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 439
المُغْفِل: الذي إبلِه أغْفال، و هي التي لا سِمَة عليها.
الجَرير: حبل في عُنق البَعير من أدَم.
السالفة: ما سلف من العُنق؛ أي تَقَدَّم.
الحَلْبانة الرَّكْبانة: الصَّالحة للحلب و الرّكوب؛ زيدت الألف و النون في بنائهما علي ما هو أصل في بناء مصدري حَلَب و رَكِب؛ كما زيدتا علي سَيْف و عَيْر و رَيْع، في قولهم للمرأة الشِّطْبة «1» الممشوقة كأَنَّها سَيْف: سَيْفانة «2»، و للناقة التي هي في سرعة العَيْر «3» أو في صلابته: عَيْرانة؛ و في لبنها رَيْع؛ أي كَثْرة وَ بَركة: رَيْعانة، فكأنما قيل فيها فَعْليَّة و الألف و النون زائدتان لتعطيا معني النسب. قال:
أكْرِم لنا بناقة ألوفِ حَلْبانة رَكْبانة صَفُوفِ «4»
تخلط بين وَبَر وصُوفِ «5»
الطَّلبة: الحَاجة و ما يطلب، و نَظِيرها النَّكِرة لما يُنْكَر، و إطلابُها: إنجازُها و الإسعاف بها، و مثلُه سألتُه فَأَسْأَلنِي؛ أي أعطاني سؤالي، و الحقيقة أنه من باب الإِشكاء و الإِعْتاب.
ابْغِني: اطلبه لِي؛ بوصل الهمزة و يقَطّعها؛ أعنّي علي بغائه.
التوليه: أنْ تَدَعها والهاً؛ أي ثاكِلًا بفَصْلِها عن ولدها.
أنْ في أنْ لا تُوَلَّه؛ هي المخففة من الثقيلة، و المعني: غير أنه لا تُوَلّه؛ أيْ غيرَ أنّ الشأنَ و الحديث لا تفعل هذا.
أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- رأي رجلًا يتوضأ فقال: عليك بالْمَغْفَلَة و الْمَنْشَلَة.
أرادَ الْعَنْفَقَة «6»: لأن الناس يَغْفلُون عنها و عما تحتها.
الْمَنْشَلَة: موضعُ الخاتَم؛ إذا أراد غَسْله نَشَل الخاتَم عنه؛ أي رفعه.
و
عن بعض التابعين: أنه أوصي رجلًا في طهارته فقال: تفقد في طَهارتك [الْمَغْفَلة]، و الْمَنْشَلة، و الرَّوْم، و الفَنِيكين، و الشَّاكل، و الشَّجْر.
الرَّوْم: شَحْمة الأُذُن.
الفَنِيكان: جانبا العَنْفَقَة.
الشاكل: البياض بين الصُّدع و الأذن.
______________________________
(1) المرأة الشطبة: المرأة الطويلة الغضة.
(2) سيفانة: أي كأنها نصل سيف، و لا يوصف به الرجال (لسان العرب: سيف).
(3) العير: الحمار أياً كان، أهلياً أو وحشياً.
(4) صفوف: أي تصف أقداحاً من لبنها إذا حلبت لكثرة اللبن.
(5) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (حلب).
(6) العنفقة: ما بين الشفي السفلي و الذقن.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 440
الشَّجْر: مُجْتمع اللَّحيين عند الْعَنْفَقَة.

[غفق]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه-
روي إياس بن سَلَمة عن أبيه. قال: مَرَّ بي عمر بن الخطاب، و أنا قاعد في السُّوق، و هو مارٌّ لحاجةٍ له، معه الدِّرة. فقال: هكذا يا سَلمة عن الطريق! فَغَفَقَنِي بها؛ فما أصاب إلّا طرفُها ثوبي، قال؛ فأَمَطْتُ عن الطريق، فسكت عني، حتي إذا كان العام المقبل، لقيني في السوق، فقال: يا سَلَمة أردتَ الحج العام؟ قلت: نعم! فأخذ بيدي، فما فارقتْ يدُه يدِي، حتي أدْخَلني بيتَه، فأخرج كِيساً فيه ستمائة درهم، فقال: يا سَلَمة، خُذْها، و استعن بها علي حَجّك، و اعلم أنها من الغَفْقَة التي غفقتُك عاماً أول. قلت: يا أمير المؤمنين، و اللّٰه ما ذكرتُها حتي ذكَّرْتَنِيها، فقال عمر: و أنا و اللّٰه ما نسيتُها.
يقال غَفَقَه بالدِّرة غَفَقَاتٍ، و خَفَقة بها خَفَقَاتٍ؛ أي ضربه، و هو ضَرْبٌ خفيف، و منه التغفيق للنوم الخفيف، الذي يَسْمع صاحبه الحديث و لا يحققه، و يقولون خَفق خَفْقَةً؛ إذا نعس انتبه، و قد جاء عَفَقة عَفَقَاتٍ (بالعين غير المعجمة).
معه الدِّرّة: في محل النصب علي الحال، كقولك: خرج عليه سواد.
مفعول أمَطْتُ محذوف؛ و هو الأذي، يعني به سَدّه الطريقَ بنفسه؛ و المراد جعلت الطريق مُمَاطاً عنه؛ أي غيرَ مسدود.
حذف الراجع من الصلة إلي الموصول، و الأصل غَفَقْتُكها.
غفيراً في (جم). مغفلًا في (خر). إغفال في (صب). [غفل في (بج) و في (بد)]. و إغفال الأرض في (ند). أَغْفَر في (حص). تغفلني في (قن).

الغين مع القاف

[غقق]:

في الحديث: إنَّ الشَّمْسَ لتقرُبُ من النَّاس يوم القيامة، حتي إنَّ بطونهم تقول: غِق‌غِقْ.
هذه حكاية صوت الغَلَيان؛ و يقال: غَقَّ القِدْر غَقّاً، و غَقِيقاً؛ إِذا غلي فسمعت له صوتاً؛ و سمعتُ غَقَّ الماء و غَقِيقَه؛ إذا جري فخرج من ضِيقِ إلي سَعة؛ أو مِنْ سَعَةٍ إلي ضيق و منه قولهم للمرأة التي يسمع لها صوت عند الجماع: غَقُوق و غَقَّاقة.

الغين مع اللام

[غلل]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- في صلح الحُديبية حين صالح أهلَ مكة
______________________________
(1) (*) [غلل]: و منه في حديث الإمارة: فكَّه عَدْله أو غلَّه جَوْره. و في حديث عمر و ذكر النساء: فهن غُلٌّ قملٌ. و الحديث: الغَلة بالضمان. و في حديث عائشة: كنت أغلِّلُ لحية رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم بالغالية. النهاية 3/ 380، 381.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 441
و كتب بينه و بينهم كتاباً؛ فكتب فيه: أن لا إغْلَال و لا إسْلال. و أن بينهم عَيْبةً مَكْفوفة «1».
يقال غلّ فلانٌ كذا؛ إِذا اقتطعه و دَسّه في متاعه، من غلّ الشي‌ء في الشي‌ء؛ إذا أدخله فيه فانْغَلّ؛ و سلّ البعيرَ و غيرَه في جوف الليل؛ إذا انتزعه من بين الإبل و هي السَّلّة، و أغَلّ و أسَلَّ صار ذا غُلول «2» و سَلّة؛ و يكون أيضاً أن يعين غيره عليهما؛ و قيل: الإغلال لُبس الدروع، و الإسلالُ سلّ السيوف.
و
في حديث شُريح رحمه اللّٰه تعالي: ليس علي المستعير غير المُغلّ ضَمان، و لا علي المستودَع غير المغلّ ضَمَان.
يريد من لا خيانة عنده.
المَكْفُوفة: المُشْرَجة؛ مَثَّلَ بها الذمّةَ المحفوظة التي لا تُنْكَث.
ثلاثٌ لا يَغِلُّ عليهن قلبُ مؤمن: إخلاصُ العملِ للّٰه، و النصيحةُ لوُلاةِ الأمر، و لزومُ جماعة المسلمين، فإنّ دَعْوَتَهم تحيط من ورائه- و روي: لا يُغِلّ (بالضم) و لا يَغِلُ
بالتخفيف؛ يقال غلّ صدرُه يغلّ غِلٍّا، و الغلّ: الحِقْد الكامن في الصَّدْر.
و الإغلال: الخيانة.
و الوُغول: الدخول في الشر. و المعني أن هذه الخلال يُستصلح بها القلوب؛ فمن تمسك بها طَهُر قلبه من الدّغل و الفساد.
و عليهنّ: في موضع الحال؛ أي لا يغل كائناً عليهن قلب مؤمن؛ و إنما انتصب عن النَّكرة لتقدمه عليه.

[غلق]*:

لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ بما فيه؛ لك غُنْمه، و عليه غُرْمه.
يقال: غَلِق الرهن غلُوقاً، إذا بقي في يد المُرْتَهِن، لا يقدرُ علي تخلِيصه، قال زهير:
وَ فَارَقتْكَ برَهْنٍ لا فَكاك له يوم الوداع فأمْسَي الرَّهْن قَدْ غَلِقَا «3»
و كان من أفاعيل الجاهلية أنّ الراهن إذا لم يؤدِّ ما عليه في الوقت المؤقت مَلَك المرتهن الرهْن.
و
عن إبراهيم النَّخَعي رحمه اللّٰه: أنه سُئِل عن غَلِق الرَّهْنِ، فقال: يقولُ إن لم افْتَكّه إلي غد فهو لك.
و معني قوله: لك غُنْمه، و عليه غُرْمه؛ أن زيادة الرَّهن و نماءَه و فَضْلَ قيمتِه للراهن؛
______________________________
(1) العيبة: وعاء الثياب، و فلان عيبة فلان، إذا كان موضع سره، و المكفوفة المشرجة المشدودة.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌2، ص: 441
(2) الغلول: الخيانة.
(4) (*) [غلق]: و منه في حديث قتل أبي رافع: ثم غلَّق الأغاليق علي ودٍّ. النهاية 3/ 380.
(3) البيت في ديوان زهير ص 33.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 442
و علي المرتهِن ضمانُه إن هلك؛ كما
في حديث عَطاء: أن رجلًا رَهَن فرساً علي عهد رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فَنَفَق، فذكر المرتهِن ذلك لرسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، فقال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: «ذَهَب حَقُّك».
أي من الدَّيْن.
لا طَلاق و لا عِتَاق في إغْلاق.
أي في إِكراه، لأن المُكْرَه مُغْلَقٌ عليه أمْرُه و تَصَرُّفُه.

[غلط]:

نهي عن الْغَلُوطَات- و روي: الأغْلُوطات.
قال بعضهم: الغَلُوطة: المسألة التي يُغالَط بها العالم لِيُسْتَزَلّ و يُسْتَسْقَط رأيُه. يقال:
مسألة غَلُوط، كشاة حَلوب و ناقة رَكوب اسماً بزيادة التاء، فيقال غَلوطة. و قيل الصواب:
عن الغلوطات بطرح الهمزة، من الأغلوطات؛ و إلقاء حركتها علي لام التعريف. كما يقال في الأحمر لَحْمر، ورُدّت الرواية الأولي.
و الأُغلوطة: أُفعولة، من غلط؛ كالأحدوثة و الأحموقة.

[غلق]:

الخيل ثلاثة: رجلٌ ارتبَط فرساً عدَّة في سبيل اللّٰه؛ فإنَّ عَلَفه و رَوْثه و أثره و مَسْحاً عنه و عارية وِزْرٌ في ميزانه يوم القيامة. و رجل ارتبط فرساً لِيُغالِقَ عليها أو يُراهن عليها: فإنّ عَلَفه و رَوْثه و مَسْحاً عنه وِزْرٌ في مِيزانه يوم القيامة. و رجل ارتبَطَ فرساً ليستَنْبِطَها- و روي: ليستبطنها؛ فهي سِتْر من الفقر.
المغالَقة: المراهنة؛ و أصلها في الميسرِ. و المغالِق: الأزلام؛ الواحد مِغْلَق؛ و إنما كرهها إذا كانت علي رَسْم الجاهلية؛ و ذلك أن يتواضعا بينهما جُعلا يستحقه السابق منهما.
الاستنباط: استخراج الماء؛ يقال: أنْبَط فلان و استنبط؛ إذا حَفَر فانتهي إلي الماء؛ فاستعير لاستخراج النَّسْل.
و الاستبطان: طلب ما في البَطْن؛ يعني النَّتاج.
و المسح عنه: فَرْجَنته؛ لأنه يمسح عنه التراب و غيره.

[غلب]*:

أهلُ الجَنَّة الضّعَفاء المُغَلَّبون؛ و أَهْلُ النَّارِ كل جَعْظَرِيّ جَوَّاظ مُسْتَكْبِر جَمَّاع مَنَّاع.
المُغَلَّب؛ الذي يُغْلَبُ كثيراً، و يكون أيضاً الذي يُحْكَم لَهُ بالغَلَبة؛ يقال: غُلَّب فُلَانٌ علي فُلان. قال يعقوب: إذا قالوا للشاعر مُغَلَّب فهو مَغْلُوب؛ و رجل مُغَلَّب: لا يزال يُغْلَب.
الجَعْظَرِيّ و الجَعْذَرِيّ: الأَكُول الغَليظ؛ و قيل: القَصير المُنْتَفِخُ بما ليس فيه.
______________________________
(1) (*) [غلب]: و منه في حديث ابن مسعود: ما اجتمع حلال و حرام إلا غلب الحرام الحلال. النهاية 3/ 376.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 443
الجَوَّاظ؛ من جَاظ يَجُوظ جَوَظَاناً؛ إذا اختال؛ و قيل: [الذي] جَمع و مَنع. و قيل هو السَّمِين، و قيل: الصَّخَّاب المِهْذَار.

[غلم]*:

عن ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما: بعثَنا رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أُغَيْلِمة بني عبد المطلب من جَمْعٍ بِلَيْلٍ، ثم جعل يَلْطَخُ أفْخَاذَنا [بيده] و يقول: أُبَيْنَي؛ لا ترموا جَمْرة العَقبة حتي تَطْلُع الشمس.
الأُغَيْلِمة: تصغير أَغْلمة قياساً؛ و لم تجي‌ء؛ كما أنَّ أَصَيْبِية تصغير أَصْبِية و لم تستعمل؛ إنما المستعمل غِلْمة و صِبْية.
جَمْع: علم للمزْدلِفة؛ و هي المَشْعر الحرام؛ سُمِّيت بذلك لاجتماع آدم و حواء عليهما السلام بها، و ازْدِلافِهما إليها فيما روي عن ابن عباس.
اللَّطخ: ضَرْبٌ لَيِّن بِبَطْن الكَفّ.
الأُبَيْني بوزن الأُعَيْمَي، تصغير الأَبْنَي بوزن الأَعْمي، و هو اسم جمع للابن. قال:
و إن بك لا ساء فقد ساءنِي تَرْكُ أُبَيْنِيكَ إلي غير راعِ «1»

[غلق]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- في كتابِه إلي أبي موسي الأشْعري: و إياك و الغَلَق و الضّجَر و التْأَذِّي بالْخُصوم و التَّنكُّر للخصومات؛ فإنَّ الحقَّ في مواطنِ الحق يُعْظِم اللّٰه به الأجر، و يُحْسِنُ به الذُّخْر.
قال المبرَّد: الغَلَق: ضِيق الصَّدْر و قِلَّة الصبر. و رجل غلِق: سيّي‌ء الخُلق.

[غلم]:

علي رضي اللّٰه تعالي عنه- تَجَهَّزُوا لقتال المارِقين المُغْتَلِمين.
هم الذين تجاوزوا حَدَّ ما أُمِروا به من الدِّين و طاعةِ الإِمام وَ طَغَوا؛ من اغتلام البعير؛ و هو هَيْجُه للشهوة و طُغْيانه؛ و يقال غَلِم غُلْمة، و اغْتلم اغتلاماً.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه تعالي عنه: إذا اغتلمتْ عليكم هذه الأشربة، فاكسِروها بالماء.
أي إذا هاجت سَوْرَتُها و حُمَيَّاها فامزِجُوها [بالماء].

[غلت]:

ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- لا غَلَت في الإسلام.
يقال: غَلِط في كل شي‌ء؛ و غَلِت في الحساب خاصة.
______________________________
(2) (*) [غلم]: و منه في حديث تميم و الجساسة: فصادفنا البحر حين اغتلم. و الحديث: خير النساء الغَلمِة علي زوجها العفيفة بفرجها. النهاية 2/ 382.
(1) البيت للسفاح بن بكير اليربوعي في لسان العرب (بني).
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 444
و معناه أنَّ الرجل إذا قال: اشتريتُ منك هذا الثوب بمائة دِرهم، ثم تجده قد اشتراه بأقل ردّ إلي الحق، و ترك الغَلَت.
و منه
حديث شُريح رحمه اللّٰه تعالي: أنه كان لا يُجيز الغَلَت.
و
عن النَّخعي رحمه اللّٰه تعالي أَنَّه قال: لا يجوز التَّغَلّت.
تَفَعّل؛ من الغلَت، تقول تَغَلَّتُّه أي طلبت غلته، نحو تعنته. و يقال تَغَلَّتَنِي فُلان، و اغْتَلَتَنِي؛ إذا أخذه علي غِرَّة.

[غلق]:

جابر رضي اللّٰه تعالي عنه- إنما شفاعةُ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لمن أوثَق نفسه، و أغلق ظهره.
يقال: غَلِق ظهرُ البعير إذا دَبِر فَنَغِلَ «1» باطنه، فلا يكاد يبرأ؛ و أغْلَقَه صاحبُه؛ إذا أَثْقَل حمله حتي غَلِق؛ لأنّه منعه بذلك من الانتفاع به؛ فَكَأْنَّه أغلق منه، و كان مطلقاً. و المعني:
و أثْقَلَ ظهرَه بالذُّنوب.
[الغلاء في (لغ). بمغلة في (مغ). غللتم في (حل)]. غلالة في (قب). [يغلب في (أس). غل في (بك). مغلوباً في (غب)].

الغين مع الميم

[غمر]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- كان في سفر فَشُكِيَ إليه العطش، فقال:
أطلقوا لي غُمَرِي. فأُتِيَ به.
هو القَدَح الصغير، سمي بذلك لأنه مغمور بين سائر الأقداح، و منه تَغَمَّرَتِ الإِبلُ؛ إذا شربتْ قليلًا.

[غمم]*:

لا تُقَدِّموا شهرَ رمضان بيوم، و لا يومين؛ إلّا أن يُوافق ذلك صوماً كان
______________________________
(1) نغل الجرح: فسد.
(2) (*) [غمر]: و منه الحديث: مثل الصلوات الخمس كمثل نهر غمر. و الحديث: أعوذ بك من موت الغمر. و في حديث أبي طالب: وجدته في غمرات من النار. و في صفته صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: إذا جاء مع القوم غمرهم. و في حديث حجير: إني لمغمور فيهم. و حديث الخندق: حتي أغمر بطنه. و حديث الشهادة: و لا ذي غمر علي أخيه. و الحديث: من بات و في يد غمر. و الحديث: لا تجعلوني كغُمَرَ الراكب، صلُّوا عليَّ أول الدعاء و أوسطه و آخره. و في حديث عمرو بن حريث: أصابنا مطرٌ ظهر منه الغمير. و في حديث قس: و غمير حوذان. النهاية 3/ 383، 384، 385.
(3) (*) [غمم]: و منه في حديث وائل بن حجر: و لا غمة في فرائض اللّٰه. و في حديث المعراج: كنَّا نسير في أرض غمة. النهاية 3/ 388.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 445
يصومه أحدُكم. صوموا لرؤيته، و أَفْطِرُوا لرؤيته، فإن غُمّ عليكم فصوموا ثلاثين ثم أَفْطِرُوا- و روي: فإن غُمّ عليكم فاقدُروا له.
في غمَّ ضمير الهلال؛ أي إن غُطِّي بغَيْمٍ أو غيره؛ من غَمَمْت الشي‌ءَ، إذا غطيته، و يجوز أنْ يكونَ مُسْنَداً إلي الظَّرْف؛ أيْ فإِن كنتمْ مغموماً عليكم؛ فصوموا. و تَرَك ذِكْر الهلال للاستغناء عنه؛ كما تقول: دَفَع إلي زيد؛ إذا استغني عن ذكر المدفوع.
فاقدُروا له؛ أي فقدروا عدد الشهر بثلاثين يوماً.

[غمد]:

ليس أحدٌ يدخلُ الجَنَّةَ بعمله. قيل: و لا أنت يا رسول اللّٰه؟ قال: و لا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَني اللّٰه برحمته!
أي يَسْتُرُنِي و يَغْمِدُني؛ من الغَمْدِ.

[غمر]:

إنه أول ما اشتكَي في بيت مَيمونة؛ اشتدَّ مرضُه حتي غُمِرَ عليه.
أي أُغمِيَ [عليه]، كأَنَّهُ غُطِّيَ علي عَقله؛ من غَمَرْتُ الشي‌ء إذا سَترْته.
و غُشِيَ عليه، و أُغْمِيَ عليه؛ من معني الستر أيضاً.

[غمس]*:

اليمين الغَمُوس تَدَع الدِّيار بَلَاقِعَ.
هي اليمين الكاذبة، لأنها تغمِس في المآثم، و تقول العربُ للأمر الشديد الغامس في الشدة و البلاء: غَموس، قال:
متي تَأْتِنا أو تَلْقَنَا في ديارِنا تجد أمرَنا إمْراً أحذَّ غَموسا

[غمق]:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- كتب إلي أبي عُبيدة و هو بالشام حين وقع بها الطاعون: إن الأُرْدُنّ أرض غَمِقة، و إن الجابية أرض نَزِهة، فاظهر بمن معك من المسلمين إلي الجَابية.
الغَمَق: فساد الريح و خُمُومها من كثرة الأنْدِية «1».
النُّزْهَة: البعد من ذلك؛ و منها قولهم: فلان نَزِهُ النفس عن الريب.

[غمر]:

جعل علي كل [جَريب «2»] عامِرٍ أو غامر دِرْهَماً و قفيزاً.
الغَامِر: الذي أُغْفِل عن العِمارة و عن آثارها؛ من قولهم غَمَر غَمَارَةً فهو غُمْر، و هو الغِرُّ الذي خلا من آثار التجربة، و في كلام بعض العرب: فلان غُفْل، لم تَسِمْه التجارب.
و إنما وَجَب فيه الخراجُ لئلا يُقَصِّروا في العِمارة.
______________________________
(3) (*) [غمس]: و منه في حديث الهجرة: و قد غمس حلفاً في آل العاص. و في حديث المولود: يكون غميساً أربعين ليلة. و الحديث: فانغمس في العدو فقتلوه. النهاية 3/ 386.
(1) الأندية جمع ندي علي غير قياس، و قياسه الأنداء (لسان العرب: ندي).
(2) الجريب: مكيال معروف، و هو أربعة أقفزة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 446‌

[غمص]*:

علي رضي اللّٰه تعالي عنه- لما قتل ابنُ آدم أخاه غمص اللّٰه الخلق و نقص الأشياء.
أي غَضَّ من طولهم و عظمهم و قوتهم. و يقال: غَمِصت الرجل و غَمَصته و احتقرتُه.

[غمض]*:

مُعاذ رضي اللّٰه تعالي عنه- إياكم و مُغْمضات الأمور- و روي: إياكم و المُغمِضات من الذنوب.
قال النَّضْر: هي العِظام يركبها الرجل و هو يعرفها؛ لكنه يُغْمِضُ عنها كأن لَمْ يَرَها.

[غمم]:

عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قال موسي بن طَلْحة: أتيناها نسألُها عن عثمان، فقالت: اجلِسوا حتي أحدِّثَكم بما جئتم له، و إنا عتبنا عليه كذا، و موضع الغَمامة المُحْمَاة؛ و ضربَه بالسوط و العصا؛ فعَمدوا إليه حتي إذا مَاصُوه كما يُمَاص الثوب، اقتحموا إليه الفِقَر الثلاث: حُرمة الشهر، و حُرمة البلد، و حُرمة الخلافة.
سمَّت العُشْبَ بالغَمامة كما يسمي بالسَّماء؛ أي جَعل الكلأ حِمًي و الناسَ فيه شركاء، و ضَرب بالسوط و العصا في العقوبات، و كان مَن قبله يَضْرِبُ بالدِّرة و النعل.
ماصُوه: غَسلوه من الذنوب بالاستتابة.
مر تفسير الفقر في (سح).

[غمل]:

في الحديث: إنّ بني قُريظة نزلوا أرضاً غَمِلة وَبِلة.
هي التي واري النبات وَجْهها، يقال: اغمِلْ هذا الأمر؛ أي وَارِه.
الغُملول: الشجر المتكاثف.
الوَبِلة: الوبئة؛ من الكلأ الوبيل، و قد وَبُل وَ وَبَل.
مغمطة في (غب). غمط في (سف). غُمْصاً في (صب). [لا غمة في (أب)].
أَتَغْمِض في (خش). الغمز في (كم). غمص في (جل). غمغمة في (لخ). [فيغمز في (كف). بالغميم في (خب) و في (كر)].

الغين مع النون

[غني]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- خير الصدقة ما أَبْقَتْ غنًي، و اليد العُليا خير من اليد السفلي، و ابْدَأْ بمَنْ تَعُول.
______________________________
(1) (*) [غمص]: و منه حديث عمر: قال لقبيصة: أتقتل الصيد و تغمص الفتيا؟. و في حديث الإفك: إن رأيت منها أمراً أغمصه عليها. و في حديث توبة كعب: إلا مغموصٌ عليه النِّفاق. النهاية 3/ 386.
(2) (*) [غمض]: و منه في حديث البراء: الإ أن تغمضوا فيه. النهاية 3/ 387.
(3) (*) [غني]: و منه في حديث الخيل: رجل ربطها تغنياً و تعففاً. و في حديث القرآن: من لم يتغنَّ بالقرآن فليس منا. و في حديث عائشة: و عندي جارتيان تغنيان بغناء بعاث. و في حديث عثمان: أن علياً-
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 447
أي ما بقيتْ لك بعد إخراجها كفاية لك و لعيالك و استغناء؛
كقوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: «إنما الصدقةُ عن ظَهْرِ غِنًي»
، و كقوله تعالي: وَ يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [البقرة: 219]؛ أو ما أجْزَلْتَ فأغنيتَ به المعْطَي عن المسألة،
كقول عمر: إذا أعطيتمُ فأَغْنُوا.
العُلْيَا: يد المعطِي. و السُّفلي: يد الآخذ.
أنَّثَ الضمير الراجع إلي الموصول في قوله: ما أبقتْ، ذهاباً إلي معناه لأنه في معني الصَّدقة.
مَنْ كٰانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فالجمعة حَقٌّ عليه، إلّا عَبْدٌ أو صبي، أو مريض، فمن اسْتَغْنَي بلهو أو تجارة اسْتَغْنَي اللّٰهُ عنه، وَ اللّٰهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ.
أي طَرحه اللّٰه و رمي به من عينه، فِعْلَ من استغني عن الشي‌ء فلم يلتفت إليه. و قيل جزاه جزاء استغنائه عنها، كقوله تعالي: نَسُوا اللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ [الحشرة: 19].

[غنظ]:

ابن عبد العزيز رحمهما اللّٰه تعالي- ذَكَرَ الموتَ فقال: غَنْظٌ ليس كالغَنْظِ، و كَظّ ليس كالكَظّ.
يقال: غَنَظَه، جَهدَه و كَربَه، و كَنظه مثله، و يقال: غنظه؛ جَهده، و كَنظه إذا ملأه غيظاً، و غَنَظه الطعامُ و كَنَظه إذا ملأه و غمه. قال:
و لقد لقيتَ فوارسا من قَوْمِنَا غَنَظُوك غَنْظَ جَرادَة العَيّار «1»
و الكَظُّ نحوه، يقال: كَظَّه الطعامُ، إذا ملأه و غَمّه. و قال ابن دريد: كَظَّه الشِّبع إذا امتلأ حتي لا يُطيق النَّفِس.
غنثر في (عن). غنمين في (سن). يتغني في (أذ). من لم يتغن في (رث). و لم يغن في (ذم). مغن في (خج). غنمه في (غل).

الغين مع الواو

[غوط]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إنّ حُصين بن أوْسٍ النَّهْشَلِيّ أتاه فقال:
يا رسولَ اللّٰه؛ قل لأَهْلِ الغائط يُحسنوا مُخَالطتي؛ فَشَمَّتَ عليه، و دعا له.
الغَائط: الوادي المطمئنّ، و غاطَ في الأرض يَغُوط و يَغيط؛ إذا غَار، يريد أهلَ الوادي الذي كان ينزله.
______________________________
- بعث إليه بصحيفة فقال للرسول صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: أغنها عنَّا. و في حديث ابن مسعود: و أنا لا أُغني لو كانت لي منعة. و في حديث علي: و رجُلٌ سماه الناس علماً و لم يغن في العلم يوماً سالماً. النهاية 3/ 391، 392.
(1) البيت لجرير في لسان العرب (غنظ).
(2) (*) [غوط]: و منه الحديث: لا يذهب الرجلان يضربان الغائط يتحدثان. النهاية 3/ 395.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 448
و منه
قوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: «ينزل أمّتي بغائِط يُسمونه البصرة، يكثر أَهْلُها و يكون مِصْراً من أمصار المسلمين».

[غور]*:

عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- وَجَدَ رجلٌ منبوذاً فأتاه به فقال: عَسَي الغُوَيْر أبُؤساً. فقال عَريفه: يا أمير المؤمنين إنه و إنه.. فأثْنَي عليه خيراً. فقال: هو حُرّ و ولاؤُه لَكَ.
الغُوَيْر: ماء لكلْب؛ و هذا مثل، أولُ من تكلَّم به الزَّباءُ الملِكة، حين رأت الإبل عليها الصناديق، فاستنكرتْ شأن قَصيرٍ إذ أخذَ علي غير الطريق، أرادت؛ عسي أن يأتي ذلك الطريق بشر. و مراد عمر رضي اللّٰه تعالي عنه اتّهام الرجل بأن يكون صاحبَ المنبوذ، حتي أثني عليه عريفُه خيراً.
الأبؤس: جمع بأس، و انتصابه بعسي علي أنه خبره علي ما عليه أصل القياس.
جعله مولاه؛ لأنه كأنه أعتقه، إذ التقطه فأنقذه من الموت، و أن يلتقطه غيرُه فيدعي رِقَّه.
إنّه و إنّه؛ أراد أنه أمين و أنه عفيف، و ما أشبه ذلك فَحَذَف.

[غول]*:

إنّ صبيّاً قُتِل بصنعاء غِيلة، فَقَتل به عُمَر سبعة، و قال: لو اشتركَ فيه أهلُ صَنْعاء لقتلتهم.
هي فِعْلة؛ من الاغتيال و ياؤها عن واو، لأن الاغتيال، مِنْ غالتْه الغَوْل تغوله غَوْلًا.

[غوي]*:

إنّ قريشاً تريد أن تكون مُغْوِياتٍ لمال اللّٰه.
المُغوّاة: الزُّبية. قال رُؤبة.
في ليلة يجوزها يوم حادِ إلي مُغَوّاة الفَتَي بالمِرْصاد
و في أمثالهم: مَنْ حَفَر مُغَوَّاةً وقع فيها؛ أَيْ تريد أن تكون مصائد للمال تَحْتَجِنُه.
______________________________
(1) (*) [غور]: و منه الحديث: أنه أقطع بلال بن الحارث معادن القبيلة: جَلْسِيَّها و غَوْرِيَّها. و في حديث الدعاء: من أبعد غوراً في الباطل منيِّ؟ و في حديث عمر: أهاهنا غُرْتَ؟ و في حديث الحج: أشرق ثبير كيما نغير. و في حديث سهل: بعثنا رسول اللّٰه صَلَي اللّٰه عليه و سلِم في غزاة، فلما بلغنا المغَارَ استحثثت فرسي.
و في حديث يحيي بن زكريا عليهما السلام: فساح و لزم أطراف الأرض و غيران الشعاب. النهاية 3/ 393، 394، 395.
(2) (*) [غول]: و منه الحديث: لا غول و لا صفر. و الحديث الأخر: لا غولَ و لكن السعالي. و الحديث: إذا تغوّلت الغيلان فبادروا بالأذان. و في حديث قيس بن عاصم: كنت أغاولهم في الجاهلية. و حديث ابن ذي يزن: و يبغون له الغوائل. و في حديث خوّات: انتزعت مغولًا فوجأت به كبده. و حديث الفيل: حين أتي به مكة ضربوه بالمغول علي رأسه. النهاية 3/ 396، 397.
(3) (*) [غوي]: و منه في حديث الإسراء: لو أخذت الخمر غوت أمّتك. و منه حديث المسلم قاتل المشرك الذي كان يسب النبي صَلَي اللّٰه عليه و سلِم: فتغاوي المشركون عليه حتي قتلوه. النهاية 3/ 397، 398.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 449
و سميت مُغَواة لأنها غويت؛ أي أَضَلَّتْ، و سُتِرتْ اعتيالًا للصيد؛ من الغَيّ.

[غور]:

قال السائب بن الأقرع: وردتُ عليه المدينة بخبر فَتْح نَهَاوَنْد، فلما رآني ناداني من بعيد: ويحك! ما وراءك؟ فواللّٰه ما بِتُّ هذه الليلةَ إلّا تغويراً- و روي: تَغرِيرا.
قلت: أَبشِرْ بفتح اللّٰه و نصرِه! قال: و كنتُ حملت معي سَفَطين «1» من الجوهر، ففتحتهما كأنه النيران يَشُبُّ بعضُه بعضاً.
التغوير: النُّزول عند الغائرة، و هي حين تَغُور الشمس؛ أي تصير إلي شِدَّة الحر، يقال: غوّروا قليلًا. قال جرير:
أنَخْنَ لِتَغْوِيرٍ و قَدْ وَقَد الحَصَي و ذاب لُعاب الشمسِ «2» فوق الجماجم
و الغورة مثل الغائرة، ثم قيل للقيلولة تغوير، و أراد عُمَرُ ما بِتُّ إلّا قَدْرَ نومة المُغَوِّر.
و التَّغْرير؛ من الغرار.
الشبّ: الإيقاد، يريد: أنه كان يتلألأُ و يتوقَّدُ كالنَّارِ.

[غوي]:

عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه في مَقْتَله- فتغاوَوْا عليه حتي قتلوه.
التغاوِي: التحاشد بالغَيّ.
و منه:
أن رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بعث المنذر بن عَمْرو الأنصاري إلي بني عامر بن صَعْصعة، فاستنجد عامرُ بن الطُّفيل عليه قبائلَ، فقتلوه و أصحابَه، فدعا عليهم رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أياماً، و قالت أخت المنذر تَرْثيه:
تَغَاوَتْ عليه ذئابُ الحجازِ بنو بَهْثةٍ و بنو جَعْفَرِ «3»

[غول]:

عمّار رضي اللّٰه عنه- أوْجَزَ الصلاةَ، فقال: إني كنتُ أغاول حاجة لي.
أي أبادر، و هو من الغَوْل: البعد؛ يقال: هون اللّٰه عليك غَوْلَ هذا الطريق، لأنه إذا بادر الشي‌ءَ فقد طوي إليه البعد.

[غور]:

الأحنف رضي اللّٰه عنه- قيل له يوم انصرف الزبير من وَقْعة الجمل: هذا الزبير- و كان الأحنفُ يومئذٍ بوادي السباع مع قومه، قد اعتزل الفريقين جميعاً- فقال: ما أصنع به إن كان جَمَع بين هذين الغَارَيْن! ثم انصرف و ترك الناس.
الغار: الجمع الكثير لقهره و إغارته، و منه استغار الجَرحُ؛ إذا تَوَرَّم.

[غوص]*:

في الحديث: لُعِنَتِ الغائصة و المغَوِّصة.
______________________________
(1) السفط: وعاء.
(2) لعاب الشمس: ما يري في شدة الحر، مثل نسج العنكبوت.
(3) البيت في لسان العرب (غوي).
(4) (*) [غوص]: و منه الحديث: أنه نهي عن ضربة الغائص. النهاية 3/ 395.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 450
قالوا: الغائِصة التي لا تُعلِم زوجَها أنها حائض فيجتَنبها، و المغَوِّصة: التي لا تكون حائضاً، و تكذِب زوجَها فتقول: أنا حائض.

[غوط]:

في قصة نوح عليه السلام: و انْسَدَّتْ ينابيعُ الغَوْط الأكبر و أبواب السماء.
الغَوْط: عُمْق الأرض الأبعد.
غائلة في (خب). [و تغاوي عليه في (رح). مغولًا في (جز)]. لا غول في (عد).
[ليغان في (غي)].

الغين مع الهاء

[غهب]*:

عَطاء رحمه اللّٰه تعالي- سُئِل عن رجل أصابَ صيدا غَهَباً؛ قال: عليه الْجَزاء.
يقال: غَهِب عن الشي‌ء غَهَباً، مثل رَهِبَ رَهَباً؛ إذا غَفل عنه و نسيه، و منه الغِهِبَّي بوزن الزِّمِكّي: أولُ الشبابِ، لأنه وقت الغَفلات، و أصلُ الغَيْهب: الظلام، و ليل غَهِب و غَيْهب؛ أي مظلم، لأن الغافلَ عن الشي‌ء كأنما أظلم عليه الشي‌ء و خَفِي، فلا يَفْطِن له.

الغين مع الياء

[غيي]*:

النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- يأتي القرآنُ يومَ القيامة تَقْدُمُه سورةُ البقرة و آل عمران، كأنهما غَيايتان، أو كأنهما ظُلّتان سَوْدَاوَان بينهما شَرْق، أو كأنهما حِزْقان من طير صَوَافَّ.
الغَياية: كل ما أظل، و غَايَوْا فوق رأسه بالسيوف؛ أي أظلوه؛ و الظُّلة مثلها.
الشَّرْق: الضَّوْء، و قيل: الشَّق، من قولهم: شاة شَرْقَاء؛ أي بينهما فرْجة.
حِزْقان: طائفتان.
صَوَافّ: باسطات أَجْنِحَتَها في الطَّيران.

[غين]:

إنه لَيُغَانُ علي قلبي، حتي أستغفرَ اللّٰهَ كذا و كذا مرة.
أي يُطبق عليه إِطْباق الغَيْن، و هو الغيم، و يقال غَيِنَتِ السماءُ تُغان، و الفِعْل مُسْند إلي الظرف، و موضعه رفع بالفاعليّة؛ كأنه قيل: لَيَغْشَي قلبي. و المراد ما يَغْشَاه من السَّهْو الذي لا يخلو منه البَشر.
______________________________
(1) (*) [غهب]: و منه حديث قس: أرقب الكوكب و أرمق الغيهب. النهاية 3/ 398.
(2) (*) [غيي]: و منه حديث هلال رمضان: فإن حالت دونه غياية. و في حديث أم زرع: زوجي غياياءُ طباقاءُ. النهاية 3/ 404.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 451‌

[غير]*:

قال لرجل طلب القود لولي له قُتِل إلَّا الغِيَر تُريد؟- و رُوي: ألا تقبل الغِيَر؟
قال أبو عمرو: الغِيرة الدِّية، و جمعها غِيَر، و جمع الغِير أغْيار.
و غيَّره: أعطاهُ الدية، عن أبي زيد.
و عن أبي عبيدة: غَارَنِي يَغيرني و يَغورني؛ إذا ودَاك؛ و علي هذه الرواية جائز في ياء الغِيرة أن تكون منقلبة عن الواو كياء قَيْنة و جِيرة، و أنشدوا لبعض بني عُذْرة:
لَنَجْدَعَنَّ بأيدينا أُنُوفَكُمُ بَنِي أميمة إنْ لم تقبلوا الغِيَرا
و اشتقاقها من المغايرة و هي المُبادلة. يقال: غايرتُه بِسِلْعتي؛ إذا بادلته، لأنها بدل من القَود.
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في قصة مُحلِّم بن جَثّامة، حين قتلَ الرجلَ فأبي عُيَينة بن حصن أن يقبل الغِيَر، فقام رجل من بني ليث، يقال له مُكيتل، عليه شِكَّة، فقال:
يا رسول اللّٰه، إني ما أجد لما فعل هذا في غُرّة الإسلام مثلًا؛ إلّا غنماً وَرَدَتْ، فَرُمِيَ أوّلُها، فنفر آخرُها؛ اسْنُن اليومَ و غيِّره غداً.
الشِّكّة: السلاح.
و معني قول مُكَيتل: إنّ مثل مُحَلّم في قتله الرجل و طلبه ألّا يقتصّ منه، و الوقت أوّل الإسلام و صدره، كمثل هذه الغنم؛ يعني أنه إن جري الأمر مع أولياء هذا القتيل علي ما يريده مُحَلّم ثَبّطَ الناسَ عن الدخول في الإسلام معرفتُهم بأن القودَ يُغيَّر بالدية، و العرب خصوصاً؛ فهم الحراص علي دَرْك الأوتار، و فيهم الأنَفَة من تَقَبّل الديات.
ثم حث رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم علي الإقادة منه بقوله: اشنُن اليوم و غَيِّره غداً؛ يريد إن لم تقتص منه غَيَّرت سنتك، و لكنه أَخْرَج الكلامَ علي الوجه الذي يَهيج من المخاطب، و يستفزه للإِقدام علي المطلوب منه.

[غيل]*:

لقد هَمَمْتُ أنْ أنهي عن الغِيلة، ثم ذكرت أنّ فارس و الروم يفعلونه فلا يضرّهم.
هي الغَيَل، و إنما ذكّر ضميرها لأنها بمعناه، و هو أن تجامَع المرأة و هي مُرضع، و قد أغال الرجلُ و أغيل، و الولد مُغال و مُغْيَل.
______________________________
(1) (*) [غير]: و منه الحديث: أنه كره تغيير الشيب. و في حديث أم سلمة: إن لي بنتاً و أنا غيور. و في حديث الاستسقاء: من يكفر اللّٰه يلقي الغِير. النهاية 3/ 401.
(2) (*) [غيل]: و منه الحديث ما سقي بالغيل ففيه العشر. و في حديث الدعاء: و أعوذا بك أن اغتال من تحتي. و في حديث قس: أُسْد غِيلٍ. النهاية 3/ 403.
الفائق في غريب الحديث، ج‌2، ص: 452
كَرِه عشر خصال؛ منها تغيير الشيب- يعني نَتْفه- و عَزْل الماء عن محله، و إفساد الصبي غير مُحرِّمه.
تفسير تغيير الشيب في الحديث.
و عَزْل الماء: هو العَزْل عن النساء.
و إفساد الصبي: إغياله.
غير مُحَرِّمِه؛ يعني أنه كَرِهه و لم يبلغ به التَّحريم.

[غيب]*:

أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه: إن حَسّان لما هاجي قُريشاً قالت قريش: إن هذا الشتْم ما غاب عنه ابن أبي قُحافة.
عَنوْا أنه عالم بالأنساب و الأخبار، فحسان يراجعه و يسائله عنها.
و
في حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: أنه قال لحِسان: نافحْ عن قومك، و اسأله عن مغايب القوم
- يعني أبا بكر.

[غيض]*:

عثمان بن أبي العاص رضي اللّٰه عنه- لَدِرْهم ينفقه أحدُكم من جَهْده خَيْرٌ من عشرة آلاف، يُنْفِقها أحدنا غَيْضاً من فَيْضٍ.
أي قليلًا من كثير؛ و الغَيْض: النقصان؛ يقال غاض الماءُ و أغاضه غيرُه.
نغير في (شر). الغيمة في (عي). و غاية في (مو). فغثتم في (قح). [غياياء في (غث). لا يغيضها في (سح)].
[آخر الغين]
______________________________
(1) (*) [غيب]: و منه في حديث عهدة الرقيق: لا داءَ و لا خِبْثةَ و لا تغييب. و في حديث أبي سعيد: إن سيّد الحيِّ سليم، و إنّ نَفَرنا غَيَبٌ. النهاية 3/ 399.
(2) (*) [غيض]: و منه الحديث: يد اللّٰه ملأْي لا يغيضها شي‌ءٌ. و الحديث: إذا كانت الشتاء قيظاً و غاضت الكرام غيضاً. و في حديث سطيح: و غاضت بحيرة ساوة. و في حديث عائشة تصف أباها: و غاض نبع الردة. و في حديث عمر: لا تنزلوا المسلمين الغياض فتضيعوهم. النهاية 3/ 401، 402.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.