الفائق في غريب الحديث المجلد 1

اشارة

سرشناسه : زمخشری، محمودبن عمر، ق ۵۳۸ - ۴۶۷
عنوان و نام پديدآور : الفائق فی غریب الحدیث/ محمودبن عمر الزمخشیری؛ ضبطه و صححه و علق حواشیه علی‌محمد البجاوی، محمد ابوالفضل ابراهیم
مشخصات نشر : قاهره : داراحیاآ الكتب العربیه ، ۱۳۶۴ق = ۱۹۴۵ م = - ۱۳۲۴.
مشخصات ظاهری : ج ۳
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
يادداشت : ج. ۱: (چاپ اول: ۱۳۶۴ق = ۱۹۴۵م = )۱۳۲۴
يادداشت : ج. ۲: (چاپ اول: ۱۳۶۶ق = ۱۹۴۷م = )۱۳۲۶
یادداشت : كتابنامه
موضوع : حدیث -- نقد و تفسیر
موضوع : احادیث -- مسائل ادبی
شناسه افزوده : بجاوی، علی‌محمد، مصحح
شناسه افزوده : ابراهیم، محمدابوالفضل، .Ibrahim, Mohammad Adumal - Fadlمصحح
رده بندی كنگره : BP۱۰۷/۵/ز۸ف‌۲ ۱۳۲۴
رده بندی دیویی : ۲۹۷/۲۶۷
شماره كتابشناسی ملی : م‌۸۳-۲۷۰۵۸

الجزء الأول

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*

مقدمة المحقق

تقديم

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ* و الصلاة و السلام علي سيدنا و نبينا محمد و علي آله الطيبين الطاهرين و صحبه الكرام المنتجبين.
أما بعد.
لا شك أن كتاب «الفائق في غريب الحديث» لجار اللّه محمود بن عمر الزمخشري، يعتبر خلاصة لجهود العلماء في شرح غريب الحديث النبوي الشريف، هذه الجهود التي بدأت في أواخر القرن الثاني للهجرة و أوائل القرن الثالث مع أبي عبيدة معمر بن المثني التيمي المتوفي عام 210 ه، حيث يقال إنه أول من سلك هذه الطريق و صنف في غريب الحديث «1» ثم تتابعت من بعده مساهمات العلماء و المصنفين في هذا المضمار، يُذْكَر منهم علي سبيل المثال لا الحصر:
- محمد بن المستنير، قطرب، المتوفي عام 206 ه و اسم كتابه «غريب الآثار».
- أبو زيد الأنصاري، سعيد بن أوس بن ثابت المتوفي عام 215 ه.
- أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفي عام 224 ه.
- ابن الأعرابي، محمد بن زياد المتوفي عام 231 ه.
- عمرو بن أبي عمرو الشيباني المتوفي عام 231 ه.
- أبو مروان عبد الملك بن حبيب المالكي الإلبيري المتوفي عام 238 ه.
- أبو العباس محمد بن يزيد المبرد المتوفي عام 285 ه.
- محمد بن عبد السلام الخشني المتوفي عام 286 ه.
______________________________
(1) النهاية في غريب الحديث و الأثر، ابن الأثير الجزري. الجزء الأول صفحة 3 و ما بعدها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 4
- أبو العباس، أحمد بن يحيي، ثعلب المتوفي عام 291 ه.
- قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي المتوفي عام 302 ه.
- أبو محمد القاسم بن محمد الأنباري المتوفي عام 304 ه.
- أبو موسي الحامض سليمان بن محمد بن أحمد المتوفي عام 305 ه.
- أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفي عام 328 ه.
- أبو درستويه، أبو محمد عبد اللّه بن جعفر المتوفي عام 347 ه.
- أبو سليمان الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي الشافعي المتوفي عام 388 ه.
- أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن الغازي البيهقي المتوفي عام 402 ه، و اسم كتابه «سمط الثريا في معاني غريب الحديث».
- أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي الشافعي المتوفي عام 447 ه، و اسم كتابه «تقريب الغريبين».
- الشيخ العميد إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المتوفي عام 519 ه.
- أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي المتوفي عام 529 ه، و اسم كتابه «مجمع الغرائب في غريب الحديث».
هذا بعض من جهود العلماء في شرح غريب الحديث النبوي ما قبل الزمخشري و كتابه «الفائق في غريب الحديث»، حيث استفاد من هذا الحصاد و الجهد الذي بذل من قبله.
و قد أورد الزمخشري في كتابه، الكلمات الغريبة من الأحاديث و الآثار مرتبة علي حروف المعجم، بحيث رتب كل باب علي الحرف الأول مع الثاني، مثلا باب الهمزة مع الباء، ثم الهمزة مع التاء، ثم الثاء … الخ غير أنه لم يلتزم بالترتيب الألفبائي فيما بعد حرفي الباب، فهو مثلا يذكر مادة «علو» قبل مادة «علم» و «أكل» قبل «أكد»، أو يبدأ بلفظة معينة ثم يتركها للفظة أخري ثم يعود لها، فهو يذكر مثلا «أبو» ثم «أبد» ثم «ابن» ثم يعود إلي «أبو» و هكذا، و هذا مما جعل عملية البحث عن الحديث و العثور عليه صعبا و يتطلب مشقة، و سنضع إن شاء اللّه في آخر الكتاب فهرسا تفصيليا للكتاب، يتضمن فهارس للألفاظ مرتبة ترتيبا ألفبائيا، بالإضافة إلي فهارس الأحاديث النبوية و الأعلام، و الأماكن، و القبائل و الجماعات و القوافي و الآيات القرآنية و غيرها، و لزيادة الاستفادة من هذا الكتاب فقد استعنا بكتاب «النهاية في غريب الحديث و الأثر» لابن الأثير الجزري المتوفي عام 606 ه، إذ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 5
وضعنا للمادة نجمة في المتن، و وضعنا نفس المادة في الهامش و أضفنا إليها فوائد و أحاديث غير مذكورة في الفائق أخذناها من النهاية.
كما تم تخريج الآيات القرآنية، و تخريج الشعر و الأرجاز و شرحنا غريب الألفاظ.
و أخيرا فقد بذلنا وسعنا في سبيل أن يأتي هذا العمل ملبيا لحاجة الدارس و الباحث في سبر كنوز هذا الكتاب. و نرجو أن يكون عملنا هذا، خالصا لوجهه تعالي، و للّه الكمال وحده، و هو ولي التوفيق.
إبراهيم شمس الدين
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 6‌

ترجمة المؤلف

هو جار اللّٰه أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري صاحب المؤلفات في التفسير و الحديث و النحو و اللغة و الأدب، ولد عام 467 ه في زمخشر و هي قرية من قري خوارزم.
أخذ عن أبي مضر محمود بن جرير الضبي الأصبهاني، و أبي الحسن علي بن المظفر النيسابوري، و أبي منصور بن نصر الحارثي، و أبي سعد الشقاني.
طاف جار اللّٰه الزمخشري و جاب الآفاق في طلب العلم، و تنقل ما بين بغداد و نيسابور، ثم أقام بالحجاز، و لقب نفسه جار اللّٰه، إذ كان مجاورا للكعبة المشرفة، و بهذا اللقب عُرف و شُهر.
و كان صاحب رأي في الاعتزال، أعلنه في كتبه و صرح به في مجالسه و نادي به في رسائله، فقد كان إذا قصد أحد معارفه استأذن عليه في الدخول و يقول لمن يأخذ له الإذن:
قل له: أبو القاسم المعتزلي بالباب.
و قد ألف جار اللّٰه الزمخشري العديد من المصنفات و الكتب التي امتازت بالبحث الدقيق و العلم الغزير، و من أشهر هذه المؤلفات: الكشاف في تفسير القرآن، و أساس البلاغة في اللغة، و المفصل، و الأنموذج في النحو، و الفائق في غريب الحديث، و أطواق الذهب في المواعظ.
و للزمخشري أيضا رسائل مسجوعة، و مقامات مصنوعة، و له ديوان شعر، و من شعره:
سهري لتنقيح العلوم ألذّ لي من وصل غانية و طيب عناقِ
و تمايلي طرباً لحل عويصةٍ أشهي و أحلي من مدامة ساقِ
و سرير أقلامي علي أوراقها أحلي من الدوكاء و العشاق
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 7
و ألذ من نقر الفتاة لدفِّها نقري لألقي الرمل علي أوراقي
أأبيت سهران الدجي و تبيته نوماً و تبعثي بعد ذاك لحاقي
و من شعره أيضا:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به و أكتمه، كتمانه لي أسلم
فإن حنفياً قلت، قالوا بأنني أبيح الطِّلا و هو الشراب المحرم
و إن مالكياً قلت، قالوا بأنني أبيح لهم أكل الكلام و هم هم
و إن شافعياً قلت: قالوا بأنني أبيح نكاح البنت و البنت تحرم
و إن حنبلياً قلت، قالوا بأنني ثقيل حَلُوليٌّ بغيض مجسم
و إن قلت من أهل الحديث و حزبه يقولون تيس ليس يدري و يفهم
تعجبت من هذا الزمان و أهله فما أحدٌ من ألسن الناس يسلم
و أخّرني دهري و قدم معشراً علي أنهم لا يعلمون و أعلم
و قد أصيب بعطب في قدمه، بسبب البرد الشديد، أدي إلي بترها فاتخذ قدماً من خشب، فكان إذا مشي ألقي عليها ثيابه الطوال فيظن الناس أنه أعرج، و كان يصحب معه محضراً بشهادة خلق كثير ممن اطلعوا علي الحادث، خوفاً من أن يظن من رآه أن قدمه قطعت في ريبة، فعل ذلك تحرزاً و تورعاً.
توفي جار اللّٰه الزمخشري في جرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة عام 583 ه، و أوصي بأن تكتب علي قبره هذه الأبيات:
يا من يري مدّ البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليلِ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 8
و يري عروق نياطها في نحرها و المخ في تلك العظام النّحّلِ
اغفر لعبد تاب من فرطاته ما كان منه في الزمان الأوّلِ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 9‌

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ* … وَ مٰا تَوْفِيقِي إِلّٰا بِاللّٰهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ … وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الحمد للّٰه الذي فَتقَ لسانَ الذَّبيح بالعربية البينة و الخِطَاب الفصيح، و تولّاه بأَثرَةِ التقدم في النطْقِ باللغة التي هي أفصح اللغات، و جعله أبا عُذْر التصدّي للبلاغة التي هي أتمُّ البلاغات، و استلَّ من سُلالته عَدْنان و أبناءَه، و اشتّق من دَوْحته قَحْطان و أحْيَاءه، و قسم لكل من هؤلاء من البَيَانِ قِسْطاً، و ضرب له من الإبداع سَهْماً، و أَفرزَ له من الإِعراب كِفْلًا؛ فلم يُخْلِ شعباً من شعوبهم، و لا قبيلةً من قبائلهم، و لا عِمارةً من عمائرهم، و لا بَطْناً من بطونهم، و لا فَخْذاً من أفخاذهم، و لا فصيلةً من فصائلهم، من شعراء مُفْلِقين، و خطباء مَصَاقع «1»، يرمون في حدَقِ البيان عند هَدْر الشقاشق، و يصيبون الأغراض بالكَلِم الرواشق، و يتنافثون من السحر في مناظم قريضهم و رَجَزهم و قصيدِهم و مُقطَّعاتهم، و خُطبهم و مقاماتهم؛ و ما يتصرفون [عليه] فيها، من الكناية و التعريض، و الاستعارة و التمثيل، و أصناف البدِيع، و ضرُوب المجاز و الافتنان في الإشباع و الإيجاز، ما لو عَثر عليه السَّحَرَةُ في زمن موسي عليه الصلاة و السلام و المُؤَخِّذون «2»، و اطَّلع طِلْعه أولٰئك المُشْعوذون، لقعدوا مقْمورين مَقْهورين، و لبقُوا مبهوتين مبهورين، و لاسْتكانوا و أذعنوا، و أَسهبوا في الاستعجاب و أمعنُوا، و لعلموا أن نفثاتِ العرب بألسنتها أحقُّ بالتسمية بالسِّحْر، و أنَّهم في ضَحْضَاح منه، و هؤلاء لجَّجوا في البحر.
ثم إن هذا البيانَ العربي كأن اللّٰه عزّتْ قدرته مَخَضه و ألقي زُبْدته «3» علي لسان محمد عليه أفضل صلاة و أوفر سلام؛ فما من خطيب يقاومه إلا نكَص متفكك الرِجل «4»، و ما من مِصْقع يُناهزه إلا رجع فارغ السَّجْل، و ما قُرِن بمنطقه منطقٌ إلا كان كالبِرذَون مع الحصان المُطَهَّم، و لا وقع من كلامه شي‌ءٌ في كلام الناس إلا أشبه الوَضَح في نُقْبة الأدْهم.
قال عليه السلام: أُوتيت جوامعَ الكلم.
و
قال: أنا أفصحُ العرب بَيْد أني من قريش، و استُرضعت في بني سَعْدِ بن بكر.
______________________________
(1) المصاقع: الفصحاء.
(2) التأخيذ: نوع من السحر، من الأخذة، و هي رقية كالسحر، أو خرزة يؤخذ بها.
(3) الزبد: زبد السمن قبل أن يسلأ، و الواحدة منها زبدة.
(4) متفكك الرجل: أي العي و العجز عن المقاومة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 10
و قد صنّف العلماء رحمهم اللّٰه في كشف ما غَرُب من ألفاظه و استَبْهم، و بيانِ ما اعتاص من أغراضه و استعجم، كُتَباً تَنوَّقوا في تصنيفها، و تَجَوَّدوا، و احتاطوا و لم يتجوَّزوُا «1»، و عكفوا الهمم علي ذلك و حَرِصُوا، و اغتنموا الاقتدار عليه و افْتَرصوا، حتي أحكموا ما شاءُوا و أتْرَصوا «2»، و ما منهم إلا من بطش فيما انتحي بباع بسيط، و لم يزلَّ عن موقف الصواب مقدار فَسِيط «3»، و لم يَدَع المتقدمُ للمتأخر خَصاصةً «4» يَسْتظهِر به علي سدِّها، و لا أَنْشُوطة «5» يستنهِضه لِشَدِّها، و لكن لا يكاد يجد بدًّا من نَبغَ في فن من العلم، و صبغ به يده، و عاني فيه وُكْدَه «6» و كَدَّه، مِنَ اسْتِحباب أن يكون له فيه أثر يُكْسبه في الناس لسانَ الصدق و جمال الذكر، و يخزنُ له عند اللّٰه جزيل الأجر و سَنِيَّ الذُّخر.
و في صَوْب هذين الغرضين ذهبتُ عند صَنْعة هذا الكتاب غير آلٍ جُهداً، و لا مقصّر عن مَدَي، فيما يعود لِمُقْتَبِسِه بالنُّصْحِ، و يرجع إلي الراغبين فيه بالنُّجح، من اقتضاب ترتيب سَلِمت فيه كلمات الأحاديث نسقاً و نَضَداً، و لم تذهب بَدَداً، و لا أيدي سَبَا، و طَرائِقَ قِدَدَا، و من اعتماد فَسْرِ مُوضِح «7»، و كشف مُفْصح، اطلعت به علي حَاقِّ المعني «8» و فَصِّ الحقيقة «9» اطلاعاً مُؤَدَّاه طمأنينة النفس، و ثَلج الصدر، مع الاشتقاق غير المستكره، و التصريف غير المتعسّف، و الإعراب المحقق البَصْري، الناظر في نص سيبويه و تقرير الفَسَويّ «10»، فأيَّة نفس كريمة، و نَسمة زاكية، نوّر اللّٰه قلبها بالإِيمان و الإِيقان، مرّت علي هذا التبيان و الإِتقان، فلا يذهبن عليها أن تدعو لي بأن يجعله اللّهُ في موازيني ثِقَلًا و رُجحَاناً، و يُثيبني عليه رَوحاً و ريحاناً. و اللّٰه عزّ سلطانه المرغوبُ إليه في أن يُوزِعنا الشكر علي طَوْله و فضله، و ألا نُقْدم إلا علي أعمال الخير خالصةً لوجهه و من أجله؛ إنه المنعم المنّان.
______________________________
(1) أي لم يتساهلوا.
(2) أترص الشي‌ء: سواه و عدله.
(3) الفسيط قلامة الظفر.
(4) الخصاصة: الخلل.
(5) الأنشوطة: عقدة يسهل حلها.
(6) الوكد: السعي و الجهد.
(7) الفَسْرِ الموضح: البيان الموضح.
(8) حاق المعني: صادق المعني.
(9) فص الحقيقة: مفصل الحقيقة.
(10) الفسوي هو أبو علي الفارسي، نسبة إلي فسا قرية في بلاد فارس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 11‌

حرف الهمزة

الهمزة مع الباء

[أبن]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- في ذكر مجلسه، عن عليّ رضي اللّٰه عنه: مَجلسُ حِلْمٍ و حَيَاءٍ و صبر و أمانة، لا تُرفَعُ فيه الأصوَاتُ، و لا تُؤْبَنُ فيهِ الحُرَمُ، و لا تُنْثَي «1» فَلَتَاتُه؛ إذا تكلم أطرَق جُلساؤه كأنَّ علي رؤُوسهم الطّيَر، فإذا سكت تكلّموا، و لا يقبَلُ الثناءَ إلا عن مُكافئ.
لا تؤْبن: أي لا تُقْذَف و لا تُعَاب، يقال: أَبَنْتُهُ آبِنُهُ. و أَبَنَهُ [أبناً] و هو من الأُبَن، و هي العُقَد في القُضبان؛ لأنها تعِيبها.
و منه
قوله في حديث الإفْك: أَشِيروا عليّ في أُناسٍ أَبَنُوا أَهلِي.
و منه
حديث أبي الدّرداء إن نُؤْبَنْ بما لَيْسَ فِينا فرُبما زُكِّينَا بما ليس فينا.
البثّ و النثّ و النّثْو: نظائر.
الفَلْتَة: الهفوة. و افتُلِت القول: رُمي به علي غير رويّة؛ أي إذا فرَطَت من بعض حاضِريه سَقْطة لم تنشر عنه، و قيل هذا نفيٌ للفلتات و نَثوِها، كقوله:
*و لا تَري الضبّ بها ينْجَحرْ
* «2»
______________________________
(3) (*) [ابن]: و منه الحديث: أنه نهي عن الشعر إذا أُبِّنت فيه النساء. و منه حديث أبي سعيد: ما كنا نأبْنُهُ برُقية. و منه حديث أبي ذر: أنه دخل علي عثمان بن عفان فما سبَّه و لا أَبَّنَهُ. و في حديث المبعث: هذا إبَّان نجومه. و في حديث ابن عباس: فجعل رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يقول: أُبينَ لا ترموا الجمرة حتي تطلع الشمس. و في حديث أسامة قال له النبي صلي اللّه عليه و سلم لما أرسله إلي الروم: أغِرْ علي أُبَني صباحاً. عن النهاية في غريب الحديث لابن الأثير الجزري طبعة المكتبة العلمية بيروت جزء 1 ص 17، 18.
(1)
لا تنثي: لا تذاع.
(2) صدره:
لا تفزع الأرْنَبَ أهوالُها
و البيت من السريع، و هو لابن أحمر في ديوانه ص 67؛ و أمالي المرتضي 1/ 229، و خزانة الأدب 10/ 192؛ و بلا نسبة في خزانة الأدب 11/ 313؛ و الخصائص 3/ 165، 321.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 12
كأن علي رؤوسهم الطيرَ: عِبَارة عن سكونهم و إنْصَاتهم؛ لأن الطير إنما تَقَعُ علي الساكن، قال الهُذلي:
إذا حلَّت بنو لَيْثٍ عُكاظ رأيت علي رُؤوسهم الغُرَابا
المكافِئ: المجازِي. و معناه أنه إذا اصطنع فأُثِنيَ عليه علي سبيل الشكر و الجزاء تقبَّله. و إذا ابْتُدي‌ء بثناء تسخَّطه، أو لا يقبله إلا عمن يكافي‌ء بثنائه ما يري في المُثَني عليه، أي يماثل به و لا يتزيّد في القول، كما جاء
في وصف عمر رضي اللّٰه عنه زهيراً: و كان لا يمدحُ الرجلَ إلا بما فيه.

[أبو]

*: و كتب لوائل بن حُجْر: من محمد رسول اللّٰه إلي المهاجر بن أبو أمية: إن وائلًا يُستَسعَي و يَتَرَفلُ علي الأقوال حيث كانوا من حضرموت.
و
روي أنه كتب له: من محمد رسول اللّٰه إلي الأقْيَال العَباهِلة من أهل حَضْرَمَوْت بإقام الصلاة و إيتاء الزكاة، علي التِّيعة شاةٌ، و التِّيَمَة لصاحِبها، و في السُّيُوب الْخُمْس، لا خِلاط و لا وِرَاط، و لا شِنَاق و لا شِغَار، و من أَجْبي فقد أَرْبَي، و كل مُسْكِر حرام.
و
روي إلي الأقيال العَبَاهَلة و الأَرْواع المشابيب من أهل حضرموت بإقام الصلاة المفروضة و أداء الزكاة المعلومة عند محلها؛ في التِّيَعة شاة، لا مُقْوَرَّة الأَلْيَاط و لا ضِناكٌ، و أَنْطُوا الثَّبَجة، و في السُّيوب الخمس، و من زَنَي مِمْ بِكْر فاصْقَعُوه مائة و اسْتَوْفِضُوه عاماً، و من زَنَي مِمْ ثَيّب فضَرّجُوه بالأَضَاميم، و لا تَوْصيم في دين اللّٰه، و لا غُمّة في فرائض اللّٰه، و كلُّ مُسْكر حرام. و وائل بن حُجْر يترفّل علي الأَقيال، أمير أمّره رسول اللّٰه فاسمعُوا و أطيعوا.
و
رُوي أنه كتب: إلي الأَقْوال العَبَاهِلة، لا شِغَار و لا وِرَاط، لكل عشرة من السَّرَايَا ما يحْمِل القِرَابُ من التَّمْر.
و قيل هو القِراف.
أبو أمية: تُرِك في حال الجر علي لفظه في حال الرفع؛ لأنه اشتهر بذلك و عُرف، فجرَي مَجْري المثل الذي لا يغيّر. و كذلك قولهم: علي بن أبو طالب، و معاوية بن أبو سفيان.
يُسْتسعي: يُسْتعمل علي الصَّدَقات، من الساعي و هو المصدِّق.
______________________________
(1) (*) [أبو]: و منه حديث الأعرابي الذي جاء يسأل عن شرائع الإسلام، فقال له النبي صلي اللّه عليه و سلم: أفلح و أبيه إن صدق. و منه حديث أم عطية: كانت إذا ذكرت رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم قالت: بأباه، أصله بأبي هو. و منه الحديث: كلكم في الجنة إلا من أبي و شرد. و منه حديث أبي هريرة: ينزل المهدي فيبقي في الأرض أربعين، فقيل: أربعين سنة؟ فقال: أبَيْتَ، فقيل: شراً؟ فقال: أبَيْتَ، فقيل: يوماً؟ فقال: أبَيْتَ. النهاية في غريب الحديث 1/ 19، 20.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 13
و يترفَّل: يتسوَّد و يترأّس. يقال: رفّلته فترفل. قال ذو الرُّمَّة:
إذَا نَحْنُ رَفَّلْنَا امْرَأً سَادَ قَوْمَه و إن لم يكنْ من قبل ذَلِك يُذْكَر «1»
استعارهُ من تَرْفيل الثوب، و هو إسْبَاغُه و إسباله.
حَضْرموت: اسم غير منصرف رُكّب من اسمين و بُني الأول منهما علي الفتح. و قد يضافُ الأول إلي الثاني فيَعْتَقبُ علي الأول وجوهُ الإعراب و يُخيَّر في الثاني بين الصرف و تركه. و منهم من يضمُّ ميمه فيخرجه علي زنة عنكبوت.
أَقْوال: جمع قَيْل. و أصله قَيّل فَيْعِل من القول فحذفَتْ عينه. و اشتقاقه من القول كأنه الذي له قَوْل، أي ينفذُ قَوْله. و مثله أموات في جمع ميّت. و أما أقيال فمحمول علي لفظ قَيْل، كما قيل أَرْياح في جمع ريح؛ و الشائع أَرْوَاح؛ و يجوز أن يكون من التقيّل و هو الاتِّباع كقولهم تُبّع.
العباهلة: الذين أُقِرُّوا علي مُلكهم لا يُزَالون [عنه]، من عَبْهلَهُ بمعني أَبهله إذا أهمله، العينُ بدلٌ من الهمزة، كقوله:
أعَنْ توسَّمتَ [من خَرْقَاءَ مَنْزِلةً ماءُ الصَّبَابَةِ من عَيْنَيكَ مَسْجُومُ] «2»
و قَوله: وَللّٰه عن يُشْفِيك أغني و أوسع.
و عكسه: أُفُرّة في عُفُرَّة «3»، و أُباب في عُباب، و التاء لاحقةٌ لتأكيد الجمع كتاء صَياقلة و قشاعمة. و الأصل عباهل. قال [أبو وَجْزة السَّعْدي]:
*عَبَاهِلٍ عَبْهَلَها الوُرَّادُ
* و يجوز أن يكون الأصل عباهيل، فحذفت الياء و عوِّضت منها التاء، كقولهم: فَرَازِنة و زَنَادِقة في فَرَازِين و زَنَادِيق، و حذفَ الشاعر ياءَها بغير تعويض علي سبيل الضرورة كما جاء
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 238.
(2) البيت من البسيط، و هو لذي الرمة في ديوانه 1/ 369، و جمهرة اللغة ص 720، 886؛ و الجني الداني ص 250؛ و خزانة الأدب 2/ 341، 4/ 345، 10/ 292، 11/ 235، 238، 466، و الخصائص 2/ 11، و رصف المباني ص 26، 370؛ و سر صناعة الإعراب 2/ 722؛ و شرح شواهد الشافية ص 427، و شرح شواهد المغني 1/ 437؛ و شرح المفصل 8/ 79، 149؛ و الصاحبي في فقه اللغة ص 53؛ و لسان العرب 12/ 241 (رسم)، 13/ 295 (غني)، 308 (عين)، و مجالس ثعلب ص 101، و مغني اللبيب 1/ 149؛ و بلا نسبة في جواهر الأدب ص 356، و شرح شافية ابن الحاجب 3/ 203، 208، و شرح المفصل 10/ 16؛ و الممتع في التصريف 1/ 413.
و في اللسان و الديوان: «ترسمت» بدل «توسمت».
(3) يقال: جاء فلان في عفرة الحر و أفرته: أي شدته.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 14
في الشّعر: المرازبة الجحاجح. و أن يكون الواحد عُبْهِولًا، و يُؤَنِّس به قولهم: العُزْهُول واحدُ العَزَاهيل، و هي الإبل المهملة. و يجوز أن يكون علَماً للنسَب، علي أن الواحد عَبْهَليٌّ منسوب إلي العَبْهَلة التي هي مَصْدر، و قد حذفها الشاعر، كقولهم: الأشاعث في الأشاعثة.
التِّيعة: الأربعون من الغَنَم، و قيل: هي اسمٌ لأدني ما تجبُ فيه الزكاة، كالْخَمْس من الإبل و غير ذلك، و كأنها الجُمْلةُ التي للسعاة عليها سبيل. من تاعَ إليه يَتيع إذا ذهب إليه، أو لهم أن يرفعوا منها شيئاً و يأخذوا، من تاع اللِّبَأ «1» و السمن يَتُوع و يَتِيع إذا رفعه بكِسْرَةٍ أو تمرة. أو من قولك: أعطاني درهماً فتِعْتُ به أي أخذته، أو أن يقعوا فيها و يتهافتوا من التَّتايع «2» في الشي‌ء. و عينُها متوجِّهة علي الياء و الواو جميعاً بحسب المأخذ.
التِّيمَة: الشاةُ الزائدة علي التِّيَعة حتي تبلغ الفريضة الأخري. و قيل: هي التي تَرْتَبِطها في بيتِك للاحتلاب و لا تُسِيمها. و أيتهما كانت فهي المحبوسة إما عن السَّوْم و إما عن الصدقة، من التَّتْييم، و هو التعبيد و الحبس عن التصرّف الذي للأحرار، و يُؤكِّد هذا قولهم لمن يرتبط العلائف: مُبَنِّن، من أَبَنَّ بالمكان إذا احْتَبَس فيه و أقام. قال:
يعيِّرُني قومٌ بأنّي مُبَنِّن و هل بنَّنَ الأشراط «3» غيرُ الأَكارم
السُّيوب: الرِّكاز، و هو المال المدفون في الجاهلية أَو المَعْدِن، جمع سَيْب، و هو العَطَاء؛ لأَنه من فَضْل اللّٰه و عطائه لمن أصابَه.
الْخِلَاط: أن يخالط صاحبُ الثمانين صاحبَ الأربعين في الغنم، و فيهما شاتان لتُؤْخَذ واحدة.
الوِرَاط: خِداع المُصَدِّق بأن يكون له أربعون شاة فيعطِي صاحبه نصفها لئلا يأخذَ المُصدِّق شيئاً، مأخوذ من الوَرْطةِ، و هي في الأصل الهُوَّة الغامضة، فجُعِلت مثلًا لكل خُطّة و إيطاءِ عَشْوة، و قيل هو تغييبها في هُوَّة أو خَمَر لئلا يعثر عليها المصدق، و قيل هو أن يزعم عند رجل صدقةً و ليست عنده فيورِّطه.
الشِّنَاق: أَخْذُ شي‌ء، من الشَّنَق، و هو ما بين الفريضتين، سُمِّيَ شَنَقاً لأنه ليس بفريضة تامةٍ، فكأنه مشنوق أي مكفوف عن التمام، من شَنقْتُ الناقة بزمامها إذا كفَفْتُها، و هو المَعْنِيّ في تسميتهِ وَقَصا؛ لأنه لمّا لم يُتم فريضةً فكأنه مكسور، و كذلك شَنقُ الدية: العِدَّةُ من الإبل التي كان يتكرّم بها السيد زيادةً علي المائة. قال الأخطل:
قَرْمٌ تُعَلَّقُ أَشْنَاقُ الدِّيَاتِ بِهِ إذَا المُئونَ أُمِرَّتْ فَوْقَهُ حَمَلا «4»
______________________________
(1) اللبأ: أول اللبن في النتاج.
(2) التتابع: التهافت و الإسراع في الشر.
(3) الأشراط: الأشراف و الأرذال.
(4) البيت في لسان العرب مادة شنق.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 15
الشِّغَار: أن يُشَاغر الرجلُ الرجلَ، و هو أن يزوِّجَه أُخته علي أن يزوّجه هو أخته، و لا مَهْرَ إلا هذا، من قولهم: شَغَرْتُ بني فلان من البلد إذا أخرجتهم. قال:
و نحنُ شَغَرْنَا ابْنيْ نِزَارٍ كِلَيْهِمَا و كلْباً بِوَقْعٍ مُرْهقٍ مُتَقَارِبِ
و من قولهم: تفرقوا شَغَر بَغَر؛ لأنهما إذا تبادَلَا بأختيهما فقد أخرج كلّ واحد منهما أُختَه إلي صاحبه و فارق بها إليه.
أَجْبي: باع الزَّرْعَ قبل بدو صَلَاحه، و أصلُه الهمز، من جَبأَ عن الشي‌ء إذا كفَّ عنه، و منه الْجُبَّاء: الْجَبَان؛ لأنّ المبتاع ممتنع من الانتفاع به إلي أن يُدْرِك، و إنما خُفِّف ليُزَاوِج أَرْبي.
و الإِرباء: الدخول في الرِّبَا، و المعني أنه إذا باعه علي أن فيه كذا قفِيزا، و ذلك غيرُ معلوم، فإذا نقص عما وقع التعاقدُ عليه أو زاد فقد حصل الربا في أحد الجانبين.
الأَرْواع: الذين يَرُوعون بجَهَارةِ المناظر و حُسْن الشَّارَّاتِ، جمع رَائع، كشاهد و أَشهاد.
المَشابيب: الزُّهْر الذين كأنما شُبّت ألوانهم، أي أُوقدت، جمع مشبوب. قال العجاج:
*و مِنْ قريش كُلُّ مَشْبوبٍ أَغَرّ
* الاقْوِرار: تَشانّ الجلد و استرخاؤه للهزال، و يَفْضُل حينئذ عن الجسم و يتَّسِع؛ من قولهم: دَارٌ قَوْرَاء.
اللِّيط: القِشر اللاصق بالشجر و القصَب، من لَاط حُبُّه بقلبي يَليط و يَلُوط إذا لصِق، فاستُعير للجلد. و اتُّسعَ فيه حتي قيل: لِيطُ الشمس للونها، و إنما جاء به مجموعاً؛ لأنه أراد ليط كل عُضْو.
الضِّنَاك: المكتنزة اللحم، من الضَّنْك؛ لأن الاكتناز تَضَامٌّ و تضايق، و مطابقة الضناك الْمُقوَرّةَ في الاشتقاق لطيفة.
الإنطاء: الإعطاء، يمانية.
ألحق تاء التأنيث بالثَّبج، و هو الوَسَط؛ لانتقاله من الاسمية إلي الوصفية؛ و المراد أعطوا المتوسّطة بين الخيار و الرُّذال.
قَلْبُ نون «من» ميماً في مثل قوله: مم ثَيِّبٍ لغة يمانية كما يُبدلون الميم من لام التعريف، و أما مِمْ بِكرٍ فلا يختص به أهل اليمن؛ لأن النونَ الساكنة عند الجميع تُقْلبُ مع الباء ميماً، كقولهم شَنْبَاء و عنبر. و البِكر و الثَّيِّب يطلقان علي الرجل و المرأة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 16
الصَّقْع: الضرب علي الرأس، و منه: فرس أصقع و هو المُبْيَضّ أعلي رأسه؛ و المراد هٰهنا الضّرْب علي الإطلاق.
الاستيفاض: التغريب، من وفض و أوفض إذا عَدا و أسرع.
التَّضْريج: التَّدمية، من الضرج، و هو الشقُّ.
الأَضاميم: جماهير الحجارة: الواحدة إضْمامة، إفْعَالة من الضم، أراد الرَّجْم.
التَّوْصيم: أصله من وَصْمِ القناة و هو صَدْعُها، ثم قيل لمن به وَجَع و تكسُّر في عظامه مُوَصَّم، كما قيل لمن في حَسَبه غميزة مَوْصوم، ثم شبّه الكسلان المتثاقل بالوَجِع المتكسِّر، فقيل به توْصيم. كما قيل: مَرَّض في الأمر. و المعني لا هوادة و لا محاباة في دين اللّٰه!
الغُمّة: من غَمَّه إذا ستره؛ أي لا تُخْفَي فرائضه و إنما تُظهَر و يُجَاهر بها.
القِرَاب: شِبْه جِرَاب يضعُ فيه المسافرُ زادَه و سلاحه.
و القِرَاف: جمع قَرْف و هو ما يُحْمَل فيه الخَلْع «1». أَوجبَ عليهم أن يزوّدوا كل عشرة من السرايا المجتازة ما يسعُه هذا الوعاءُ من التمر.

[أبد]

*: سُئِل عن بعير شَرَد فرمَاه بعضُهم بسَهْمٍ حبسه اللّهُ به عليه، فقال: إن هذه البهائم لَها أَوَابدُ كأَوَابد الوَحْشِ فما غلبكم منها فاصنَعُوا به هكذا.
أَوَابدُ الوَحْش: نُفّرُها. أَبَدَتْ تَأْبُدُ و تَأْبدُ أُبوداً، و هو من الأَبَد؛ لأنها طويلة العُمْر لا تكاد تموتُ إلَّا بآفةٍ، و نظيرُه ما قالوه في الحيّاة إنها سُميت بذلك لطولِ حياتها. و حكَوا عن العرب: ما رأينا حيةً إلا مقتولة و لا نسراً إلا مُقَشَّباً «2».
البَهيمة: كل ذات أربع في البر و البحر، و المرادُ هٰهنا الأَهلية، و هذه إشارةٌ إليها.

[أبط]

*: أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- كانت رِدْيَتُه التَّأَبُّط.
هو أن يُدخل رداءَه تحت إبطه الأيمن، ثم يُلقيَه علي عاتقه الأيسر.
الرِّدْية: اسم لضَرْب من ضُروب التردّي كاللِّبسة و الجِلسة؛ و ليست دلالتُها علي أن لام رداءٍ ياء بحَتْمٍ، لأنهم قالوا: قِنْيَة «3»، و هو ابن عمي دِنْيا «4».
______________________________
(1) الخلع: لحم الجزور يطبخ بشحمه ثم تجعل فيه توابل ثم تفرغ في هذا الجلد.
(5) (*) [أبد]: و منه حديث أم زرع: فأراح عليَّ من كل سائمة زوجين، و من كل آبدة اثنتين. النهاية 1/ 13.
(2) كل مسموم قشيب و مقشب (لسان العرب: قشب).
(6) (*) [أبط]: و منه حديث: أما و اللّٰه إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي يتأبطها. النهاية 1/ 15.
(3) القنية بضم القاف و كسرها: الكسبة بكسر الكاف.
(4) دنيا بالفتح و بالتنوين إذا كان ابن عمه لحا.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 17
عَمْرو-
قال لعمر رضي اللّه عنه: إني و اللّهِ ما تأَبَّطتْنِي الإِمَاءُ، و لا حملتني البَغَايا في غُبَّرات المآلِي
- أي لم يحضُنَّنِي.
البغايا: جمع بَغِيّ فَعول بمعني فاعلة [من البغاء].
الغُبَّرات: جمع غُبَّر، جمع غَابِر؛ و هو البقيّة.
المآلِي: جمع مِئْلاة و هي خِرْقة الحائض هٰهنا، و خِرقة النَّائحة في قوله:
*و أنوَاحاً عليهنَّ المآلِي
* «1» و يقال: آلَتِ المرأةُ إيلاءً إذا اتَّخَذَتْ مِئْلَاةً. و يقولون للمتسلية المتألِّية. نفَي عن نفسه الجمعَ بين سُبَّتَين: إحداهما أن يكون لغِيَّة «2»، و الثانية أن يكونَ محمولًا في بقيَّةِ حَيْضَة، و أضاف الغُبَّرات إلي المآلي لمُلابستها لها.

[أبل]

*: يحيي بن يَعْمَر- أَيُّ مال أَدَّيت زكاتَه فقد ذهبت أَبَلَته.
همزتها عن واو، من الكلأ الوبيل؛ أي وَبَاله و مَأْثَمَتِه.
وَهْب- لقد تأبَّل آدمُ علي ابنِه المقْتول كَذَا و كَذَا عاماً لا يُصِيب حَوَّاءَ.
أي امتنع من غِشيان حوَّاء متفجعاً علي ابنه، فعدِّي بعلي لتضمّنه معني تفجَّع، و هو من أَبَلت الإبلُ و تأبَّلت إذَا جَزَأت.
في الحديث: يَأْتي علي الناس زمان يُغْبَطُ الرَّجلُ بالوَحْدة كما يُغْبط اليوم أبو العَشَرة.
هو الذي له عَشْرة أولاد، و غِبْطته بهم أنّ رحْلَه كان يُخْصب «3» بما يصيرُ إليه من أرزاقهم؛ و ذلك حين كان عِيَالاتُ المسلمين يُرْزقون من بيت المال.
و روي: يُغْبَط الرجل بخفّة الْحَاذِ، أَيْ بخفَّة الحالِ، حُذِف الراجع من صفة الزمان إليه، كما حذف في قوله تعالي: وَ اتَّقُوا يَوْماً لٰا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً* [البقرة: 48]. و التقدير يُغْبَطُه و لا تَجْزيه، أي يُغبط فيه و لا يجزي فيه.
______________________________
(1) صدره:
كأن مصفحات في ذراه
و هو للبيد بن ربيعة في لسان العرب (نوح).
(2) لغِيَّة: أي لزنية.
(4) (*) [أبل]: و منه حديث ضوال الإبل: أنها كانت في زمن عمر أبلًا لا يمسها أحد. و منه الحديث: كان عيسي عليه السلام يسمَّي أبيل الأبيلين. و منه حديث الاستسقاء: فألَّف اللّٰه بين السحاب فأبلنا. النهاية 1/ 16.
(3) يخصب: أي يصير ذا خصب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 18
لا تَبِع الثَّمر حتي تأمَنَ عليه الأُبْلة «1».
هي العاهَة بوَزْن الأُهْبَة، و همزتُها كهمزة الأَبَلة في انْقِلابها عن الواو من الكلأ الوبيل، إلا أنها منقلبة عن واو مضمومة، و هو قياس مطّرد غيرُ مفتقر إلي سماع، و تلك- أعني المفتوحة- لا بد فيها من السماع.
مَأْبُورة في (سك). ليس لها أبو حَسن في (عض). لا يُؤْبَه له في (ضع). إبَّان في (قح). لا أبا لَك في (له). أَبْطَحِيّ في (قح). مآبضه في (حن). بأبي قُحَافة في (ثغ) ابن أبي كبشة في (عن). الإباق في (دف).

الهمزة مع التاء

[أتي]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم- سأل عاصم بن عَدِيّ الأَنْصاري عن ثابت بن الدَّحْداح حين تُوفّي: هل تَعْلَمُون له نَسباً فيكم؟ فقال: إنما هُوَ أَتِيٌّ فينا. فقَضي بميراثِه لابْنِ أُخْتِه.
هو الغريبُ الذي قدم بلادَك. فَعول بمعني فاعل، من أَتَي.
توفي ابنُه إبراهيم فبكي عليه فقال: لولا أَنه وعدٌ حقٌّ، و قولٌ صِدْقٌ، و طريقٌ مِئتاءٌ لحزِنَّا عليكَ يا إبْرَاهيم حُزْناً أشدَّ من حُزْنِنا.
هو مِفْعال من الإتيان؛ أي يأتيه الناسُ كثيراً و يسلكونه، و نظيره دار مِحْلال للتي تُحَلُّ كثيراً، أراد طريق الموت.
و
عنه عليه السلام أن أبا ثعلبة الْخُشَنِي استفتاه في اللُّقَطة، فقال: ما وَجَدْتَ في طريقٍ مِئْتاء فعرِّفْه سَنَةً.
عثمان رضي اللّٰه عنه- أَرْسَل سَليط بن سَلِيط و عبدَ الرَّحمن بن عتَّاب إلي عبد اللّٰه بن سَلَام فقال: ائْتِياه فتنكَّرَا له و قولا: إنَّا رَجُلان أَتَاوِيَّان و قد صَنَع الناسُ ما تَرَي فما تأمُر؟
فقالا له ذلك، فقال: لستُما بأَتَاوِيَّيْنِ و لكنكما فلان و فلان و أرسلكما أميرُ المُؤْمِنين.
الأَتاوِيّ: منسوب إلي الأَتِيّ و هو الغريب. و الأَصل أَتَويّ كقولهم في عديّ عدَوِي، فزيدت الألف؛ لأن النسب باب تغيير، أو لإشباع الفتحة، كقوله: بمُنتَزَاحِ «2». و قوله: لا تُهَالَه «3».
______________________________
(1) صوابة الأَبلة بفتح الهمزة و الباء كما جاء في حديث آخر (لسان العرب: أبل).
(4) (*) [أتي]: و منه حديث الزبير: كنا نرمي الأتْوَ و الأتْوَين. و منه حديث ظبيان في صفة ديار ثمود: و أتَّوْا جداولها. و منه الحديث: خير النساءِ المواتية لزوجها. النهاية 1/ 21.
(2) يقال: أنت بمنتزاح من كذا: أي ببعيد عنه (لسان العرب: نزح).
(3) هو من هالني الأمر: أي أفزعني (لسان العرب: هول).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 19
و معني هذا النسب المبالغة، كقولهم في الأَحمر أحمري، و في الخارج خارجي، فكأنه الطاري‌ء من البلاد الشاسعة. قال:
يُصْبِحْنَ بالقَفْرِ أَتَاوِيَّاتِ هَيْهَاتِ عن مُصْبَحها هَيْهَاتِ
هيهاتِ حَجْرٌ مِن صُنَيْبِعَات «1»
عبد الرحمن- إن رجلًا أتاه فرآه يُؤَتِّي الماءَ في أرضٍ له.
أي يُطَرِّقُ له و يُسهِّل مَجْراه، و هو يُفَعِّل من الإتيان.

[إتب]

: النَّخَعي- إن جارية له يقال لها كَثِيرَة زَنَتْ فجلدها خمسين، و عليها إتْب لها و إزار.
هو البَقِيرة، و هي بُردة تُبْقَر أي تُشق فتلبس بلا كُمَّين و لا جَيب.

الهمزة مع الثاء

[أثل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- قال في وصيّ اليتيم يَأْكُل من ماله غير مُتَأَثِّلٍ مالًا
أي [غير] متخذ إياه لنفسه أثَلة، أي أصلًا؛ كقولهم: تديَّرتُ المكان إذا اتخذته داراً لك؛ و تبَنَّيته، و تَسرَّيتها، و توسَّدْت سَاعِدي.
و منه
حديث عمر: إن رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم أمره في أرضه بخيبر أن يَحْبِس أصلها و يجعلها صدقةً، فاشترط، فقال: و لمن وَلِيَها أَن يَأْكُلَ منها و يُؤكلَ صَدِيقاً غير مُتَأَثِّل- و روي غير مُتَموّل.

[أثر]

*: خطب في حِجَّته أو في عام الفتح فقال: أَلَا إنَّ كُلَّ دَمٍ و مالٍ و مَأْثُرَةٍ كانت في الجاهلية فهي تحت قدميَّ هاتَينِ؛ منها دَمُ ربيعة بن الحارث إلَّا سِدَانة الكَعْبَة و سِقاية الحاجّ.
المأثُرة: واحدة المآثر، و هي المكارم التي تؤثَر؛ أي تُرْوي، يعني ما كانوا يتفاخرون به من الأنساب و غير ذلك من مفاخر أهل الجاهلية.
______________________________
(1) الرجز لحميد الأرقط في لسان العرب 7/ 179 (عرض)، 14/ 16 (أتي)، و لأبي النجم في الحيوان 5/ 98، و بلا نسبة في شرح المفصل 4/ 65، 66.
(2) (*) [أثل]: و منه حديث: أن منبر رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم كان من أثل الغابة. و منه حديث أبي قتادة: إنه لأول مال تأثلته. النهاية 1/ 23.
(3) (*) [أثر]: و منه الحديث: قال للأنصار: إنكم ستلقون بعدي أَثَرةً فاصبروا. و منه الحديث: و إذا استأثر اللّٰه بشي‌ء فأَلْه عنه. و منه حديث عمر: فو اللّٰه ما أستأثر بها عليكم و لا أخذها دونكم. و منه حديث علي في دعائه علي الخوارج: و لا بقي منكم آثِرٌ. النهاية 1/ 22، 23.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 20
سِدَانة الكعبة: خِدْمتها، و كانت هي و اللواء في بني عبد الدار، و السقاية و الرّفَادة إلي هاشم، فأُقرَّ ذلك في الإسلام علي حاله. و إنما ذكر أحدَ الشيئين دون قَرِينة- أعني السدانة دون اللواء، و السقاية دون الرِّفادة؛ لأنهما لا يفترقان و لا يخلو أحدُهما من صاحبه؛ فكان ذِكْرُ الواحد متضمناً لذكر الثاني.
و هذا استثناء من المآثر و إن احتوي العطف علي ثلاثة أشياء. و نظيره قولك: جاءتني بنو ضَبّة، و بنو الحارث، و بنو عبس، إلا قَيْسَ بن زهير. و ذلك لأنّ المعني يدعوه إلي متعلّقه.
قوله: تحت قدميّ، عبارة عن الإهدار و الإبطال، يقول المُوَادِع لصاحبه: اجعل ما سلف تحت قدميك، يريدُ طَأ عليه و اقمعه.
الضمير في منها يرجع إلي معني كل، كقوله تعالي: وَ كُلٌّ أَتَوْهُ دٰاخِرِينَ [النمل: 87]. و كذلك الضمير في كانت و في قوله فهي.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون لفظ كانت صفة للذي أُضِيف إليه كلّ و للمعطوفيْن عليه فيستكنّ فيه ضميرها؟ قلت: لا و المانع منه أن الفاء وقع في الخبر لمعني الجزاء الذي تتضمنه النّكرة الذي هو كل، و حقه أن يكون موصوفاً بالفعل، فلو قطعنا عنه كانت لم يَصْلُح لأن يقع الفاءُ في خبره؛ فكانَت إذن في محل النصب علي أنه صفة كل و كائن فيه ضميره، و فيه دليل علي أن إنَّ لا يُبْطل معني الجزاءِ بدخوله علي الأسماء المتضمنة لمعني الشرط.
أبطل الدماء التي كان يَطْلُب بها بعضُهم بعضاً فيدُوم بينهم التغاور و التناجز، و الأموالَ التي كانوا يستحلونها بعقود فاسدة، هي عقود رِبا في الإسلام، و المفاخر التي كانت ينتج منها كلّ شر و خصومه و تهاج و تَعَاد.
و أما دمُ ربيعة فقد قُتِل له ابنٌ صغير في الجاهلية فأضاف إليه الدَّم، لأنه وَلِيُّه، و ربيعة هذا عاش إلي أيَّام عمر.
[و في الحديث]: مَنْ سَرَّة أَنْ يَبْسُط اللّٰه في رزقه و يَنْسَأَ في أَثَره فلْيَصِل رحمه.
قيل هو الأَجل؛ لأنه يَتْبع العمر، و اسْتُشْهِدَ بقول كعب:
و المَرْءُ ما عَاشَ ممدودٌ له أمَلٌ لا يَنْتَهِي العمْرُ حتَّي يَنْتَهِي الأثَرُ «1»
و يجوز أن يكون المعني إن اللّٰه يُبقي أثرَ وَاصِل الرَّحمِ في الدنيا طويلًا فلا يضمحلّ سريعاً كما يضمحل أَثر قاطع الرحم.
______________________________
(1) نسبه في لسان العرب (أثر) إلي زهير بن أبي سلمي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 21
عمر رضي اللّٰه عنه- سمعه النبيّ صلي اللّه عليه و سلم يحلف بأبِيه، فنهاه، قال: فما حلفتُ بها ذَاكِراً و لا آثراً.
مِنْ آثرَ الحديثَ إذا رواه، أي ما تلفَّظْتُ بالكلمة التي هي «بأبي» لا ذَاكِراً لها بلساني ذِكْراً مجرَّداً من عزيمة القلب و لا مُخَبِّراً عن غيري بأنه تكلَّم بها؛ مبالغة في تصوّني و تحفّظي منها. و إنما قال حلفت، و ليس الذكرُ المجرد و لا الإخبار بحلف حلفاً؛ لأنه لافظٌ بما يلفظ به الحالف.

[إثم]

: الحسن رحمه اللّٰه- ما علمنا أحداً منهم ترك الصلاةَ علي أحد من أهل القِبلة تَأَثُّماً.
أي تجنباً للإثم؛ و مثله: التحوّب و التحرّج [و التهجّد].
مِنَ الأَثَام في (شب). و أَثَرَتَه في (كل). فجلد بأُثْكُولِ النَّخْل في (حب). لآثِيَنَّ بك في (تب). الأَثْلَ في (زخ).

الهمزة مع الجيم

[إجار]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- مَنْ بَاتَ عَلَي إجَّارٍ ليس عليه ما يَرُدُّ قدمَيْهِ فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّةُ، و مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ إذا الْتَجَّ- و روي ارْتَجَّ- فقد بَرئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ. أو قال: فلا يلومنَّ إلَّا نفسه.
الإجَّار: السَّطْحُ «1».
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّٰه عنهما: ظهرتُ علي إجَّارٍ لحفصة فرأيتُ رسولَ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم جالساً علي حاجته مستقبلًا بيت المقدس مستدبراً الكَعْبَة.
و كذلك الإنْجَار. و جاء
في حديث الهجرة: فتلقَّي الناسُ رسولَ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم في السُّوقِ و علي الأناجِير
. ما يردُّ قدميه: أي لم يحوَّط بما يَمْنَعُ من الزلِيل و السقوط.
الذمّة: العهد كأن لكل أحد من اللّٰه ذمة بالكِلاءة، فإذا ألقي بيده إلي التهلكة فقد خذلته ذمةُ اللّٰه و تبرأت منه.
______________________________
(2) (*) [إجار]: و منه حديث الزكاة: و من أعطاها مؤتجراً بها. و منه حديث أم سلمة: آجرني في مصيبتي و أخلف لي خيراً منها. و منه حديث دية الترقوة: إذا كسرت بعيران، فإن كان فيها أجورٌ فأربعة أبعرة.
و منه حديث محمد بن مسلم: فإذا جارية من الأنصار علي إجَّار لهم. النهاية 1/ 25، 26.
(1) السطح: أي الذي ليس حوله ما يرد الساقط عنه (لسان العرب: سطح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 22
الْتَجَّ: من اللجة، و ارْتَجّ: من الرَّجَّةِ و هي الصوت و الحركة. و ارتجَّ: زخر و أَطْبق بأمواجه، قال:
*في ظُلْمَةٍ من بعيدِ القَعْرِ مِرْتَاجِ

[أجم]

*: أَرَاد أن يصلي علي جنازة رجل فجاءت امرأة معها مِجْمَر، فما زال يصِيح بها حتي تَوَارَتْ بآجَامِ المَدِينةِ.
هي الحصون، الواحد أُجُم، سمي بذلك لمنعه المتحصِّن به من تسلّط العدو. و منه الأَجَمَة لكونها مُمَنَّنة. و أَجَمَ الطعام: امتنع منه كراهية. و كذلك الأطُم لقولهم: بِه إطام «1»، و هو احْتِبَاسُ البَطْن، و لالتقائهما قالوا: تأطَّم عليه و تأجَّم إذا قوِيَ غضبُه.

[أجر]

: قال له رجل: إني أعمل العمل أُسِرُّه فإذا اطُّلِع عليه سرَّني. فقال: لك أجران: أَجْر السِّر و أَجر العلانية.
عرف منه أنّ مَسَرَّته بالاطلاع علي سرِّه لأجل أن يُقتدي به؛ فلهذا بشّره بالأجْرَين.
أُسرّه في محل النصب علي الحال أي مِسِرًّا له.

[أجل]

*: مكحول رحمه اللّٰه- كنّا مُرَابطين بالسّاحل فَتأَجَّلَ مُتَأَجِّلٌ، و ذلك في شهر رمضان، و قد أَصابَ الناسَ طَاعونٌ فلما صلَّينا المغرب، و وضعت الجَفْنَة قَعد الرّجل و هم يأكلون فَخَرِق.
أي سأَل أن يُضْرَب له أجل و يُؤْذَن له في الرجوع إلي أهله؛ فهو بمعني استأجل، كما قيل تعجّل بمعني استعجل.
خَرِق: سقط ميتاً، و أصل الخَرَق أن يبهت لمفاجأَة الفزَع.

[أجر]

: في الحديث في الأضاحي: كلُوا و ادَّخِروا و أتجِروا.
أي اتخذُوا الأجْرَ لأنفسكم بالصّدقة منها، و هو من باب الاشتواء و الاذِّباح. و اتّجروا علي الإدْغام خطَأٌ؛ لأنّ الهمزَةَ لا تُدْغَم في التاءِ، و قد غُلّط من قَرأَ: الذي اتُّمن، و قولهم:
اتَّزَر عاميّ، و الفصحاء علي ائْتزَر.
______________________________
(2) (*) [أجم]: و منه حديث معاوية: قال له عمرو بن مسعود: ما تسأل عمن سُحلَت مريرته و أجَم النساءَ.
النهاية 1/ 26.
(1) بكسر الهمزة و ضمها.
(3) (*) [أجل]: و منه في حديث قراءة القرآن: يتعجلونه و لا يتأجلونه. و في حديث المناجاة: أجْلَ أن يحزنه.
و منه الحديث؛ أن تقتل ولدك إجْل أن يأكل معك. النهاية 1/ 26.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 23
و أمّا ما
رُوي أن رجلًا دخل المسجدَ و قد قضي النبيُّ صلي اللّه عليه و سلم صلاته فقال: مَنْ يتَّجِر فيقوم فيصلّي معه.
فوجهه- إن صحَّتْ الرِّوَاية- أن يكونَ من التجارة؛ لأَنه يشتري بعمله المَثُوبَة، و هذا المعني يعضده مواضعُ في التنزيل و الأثر، و كلام العرب.
فخرج بها يَؤُجُّ في (دو). ارْتَوَي مِنْ آجِن في (ذم). أَجِم النساء في (ثم). تَرْمَضُ فيه الآجالُ في (ر ص). أَجِنّك في (جَل). أَجَل في (ذق).

الهمزة مع الحاء

[أحد]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- قال لسَعْدِ بن أبي وقَّاص و رآه يُومي‌ء بأصْبَعَيْه: أَحِّدْ أَحِّدْ.
أراد وَحِّد، فقلب الواو بهمزة، كما قيل أَحد و أُحاد و إِحدي، فقد تلعَّب بها القَلْبُ مضمومة و مكسورة و مفتوحة. و المعني أَشِرْ بإصْبع وَاحدة.
ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- سُئِلَ عن رَجُلٍ تَتَابَع عليه رَمَضَانَانِ فسكَتَ، ثم سأله آخر، فقال: إحْدي من سَبْع، يصوم شهرين و يُطْعم مسكيناً.
أرَاد أن هذه المسألة في صعوبتها و اعتياصها داهية، فجعلها كواحدة من ليالي عاد السَّبْع التي ضُربت مثلًا في الشدَّة. تقول العرب في الأمر المتفاقم: إحْدَي الإحَدِ و إِحْدَي مِنْ سَبْع.

[أحن]

*: في الحديث: في صدره إِحْنَةٌ علي أخيه.
هي الحقد، قال:
متي يَكُ في صَدْرِ أبْن عَمِّكَ إحْنَةٌ فلا تَسْتَثِرْها سوف يَبْدُو دَفِينُها «1»
وَ أَحَنَ عَلَيْه يَأْحَن، و لعل همزتها عن واو؛ فقد جاء وَحَنَ بمعني ضَغِن. قال أبو تراب: قال الفراء: وَحَنَ عليه، و أَحِن؛ أي حقِد. و عن اللِّحيَاني وَحِنَ عليه وحْنَة؛ أي أحن إحْنَة، و أما ما حكي عن الأصمعي أنه قال: كنا نظنّ أن الطرماح شي‌ء حتي قال:
و أَكره أن يعيبَ عليّ قومي هجائي الأَرْذَلين ذوي الحِنَاتِ
فاسترذالٌ منه لِوَحَن و قضاء علي الهمز بالإصالة، أو بِرَفْضِ الواو في الاستعمال.
أَحَد أَحَد في (شب).
______________________________
(1) البيت للأقيبل القيني كما في لسان العرب (أحن).
(2) (*) [أحن]: و منه حديث مازن: و في قلوبكم البغضاء و الإحن. النهاية 1/ 27.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 24‌

الهمزة مع الخاء

[أخ]

: عمر رضي اللّٰه عنه- كان يكلّم النبيّ عليه الصلاة و السلام كأَخِي السِّرَار، لا يَسْمعه حتي يستفهِمَه.
أي كلاماً كمثل المسارّة و شِبْهِها لخفض صوته. قال امرؤ القيس:
عَشِيَّة جَاوَزْنَا حَمَاةَ و سَيْرُنا أَخُو الْجَهدِ لا نلوي عَلَي مَنْ تَعَذَّرَا «1»
و يجوز في غير هذا الموضع أن يُرَاد بأخِي السِّرار الجهار، كما تقول العرب: عرفت فلاناً بأَخِي الشر، يعنون بالخير؛ و بأخي الخير يريدون بالشر. و لو أريد بأخي السرار المُسَارّ كان وجهاً، و الكاف علي هذا في محل النصب علي الحال. و علي الأول هي صفة المصدر المحذوف، و الضمير في لا يَسْمعه يرجع إلي الكاف إذا جُعلت صفة للمصدر. و لا يسمعه منصوب المحل بمنزلة الكاف علي الوصفية، و إذا جُعلت حالًا كان الضمير لها أيضاً إلا أنه قُدِّر مضاف محذوف، كقولك يسمعُ صوتَه، فحذف الصوتَ و أقيم الضميرُ مقامَه، و لا يجوز أن يجعلَ لا يسمعه حالًا من النبي صلي اللّه عليه و سلم لأن المعني يصير خَلْفاً.

[أخذ]

*: عائشة رضي اللّٰه عنها- جاءتها امرأة فقالت: أُؤخِّذُ جَمَلي؟ فلم تَفْطُنْ لها حتَّي فُطِّنَتْ فأَمرتْ بإخراجها- و روي أنها قالت: أأُقَيِّدُ جَمَلِي؟ فقالت: نعم. فقالت: أأقيد جملي؟ فلما علمت ما تريد قالت: وَجْهِي من وَجْهِك حرام.
جعلت تَأْخِيذ الجمل و هو المبالغة في أخذه و ضبطه مجازاً عن الاختيال لزَوْجِها بِحِيَل من السِّحر تمنعه بها عن غَيْرِها، و يقال: لفلانة أُخْذَةٌ تُؤَخِّذُ بها الرجالَ عن النساء.
حرام: أي ممنوع من لِقائه، تعني أني لا ألقاكِ أبداً.
مَسْروق رحمه اللّٰه- ما شبَّهْتُ أصحاب محمد إلا الإخَاذ؛ تكفي الإِخَاذَةُ الرَّاكِب و تكفي الإخَاذَةُ الرَّاكِبَيْنِ، و تكفي الإخاذة الفِئَامَ من الناسِ.
هي المستَنْقَع الذي يأخذ ماءَ السماء. و سمي مَسَاكة «2» لأنها تُمْسِكه، و تَنْهِية و نِهْياً لأنها تنهاه، أي تحبسه و تمنعه من الْجَرْي، و حَاجراً لأنه يَحْجُره، و حَائراً لأنه يحار فيه فلا يدري كيف يَجْري. قال عديّ:
فاضَ فيه مِثْل العُهُونِ من الرَّوْ ضِ و ما ضَنَّ بالإخَاذِ غُدُرْ «3»
.______________________________
(1) البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 62.
(4) (*) [أخذ]: و منه الحديث: أنه أخذ السيف و قال: من يمنعك مني؟ فقال: كن خير آخذٍ. و منه الحديث:
من أصاب من ذلك شيئاً أُخِذَ به. و منه الحديث: و إن أُخذوا علي أيديهم نجوا. النهاية 1/ 28.
(2) المساك: الموضع الذي يمسك الماء (لسان العرب: مسك).
(3) في لسان العرب بالإخاذة بدل بالإخاذِ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 25
و
في بعض الحديث: و كان فيها إخَاذَات أَمْسكتِ الماء.
يقال: شبهت الشي‌ء بالشي‌ء، و يُعَدّي أيضاً إلي مفعولين فيقال: شبهته كذا؛ و عليه وردَ الحديث.
الفِئام: الجماعة التي فيها كثرة و سَعة، من قولهم للهَوْدَج الذي فُئِّم أسفله، أي وُسّع، و للأرض الواسعة: الفِئَام. و المُفَأّم من الرِّحال: الواسعُ المزِيد فيه بَنِيقَتان «1»، و من الرجال:
الواسع الجوف. أراد تفاضلهم في العلوم و المنَاقِب.

[أخا]

*: في الحديث: لا تَجْعَلُوا ظُهُورَكم كأَخَايا الدَّوَابّ.
هي جمع آخِيّة، و هي قطعةُ حَبْل تُدْفن طَرَفاها في الأَرْض فتظهر مثل العُروة فتشدّ إليها الدابّة، و تسمي الآريَّ و الإِدْرَوْن، و هذا الجمع علي خلاف بنائها، كقولهم في جمع ليلة:
لَيَال. و جمعها القياسي أَوَاخِي كأَوَاري. و قياس واحد الأَخَايا أَخِيّة كأَلِيّة و أَلَايا، كما أن قياسَ واحدة الليالي لَيْلَاة.
أراد لا تقوِّسوها في الصلاة حتي تصيرَ كهذه العُري.
جَوْف اللَّيْل الآخر في (سم).

الهمزة مع الدال

[الأدم]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- قال للمُغيرة بن شُعْبَة رضي اللّٰه عنه- و خطب امرأةً- لو نَظرتَ إليها، فإنه أَحْرَي أن يُؤْدَمَ بينكما.
الأَدْم و الإيدام: الإصلاح و التوفيق من أَدْم الطعام و هو إصلاحُه بالإدام و جعلُه موافقاً للطعام.
لو هذه: في معني ليت، و الذي لاقي بينهما أنّ كل واحدة منهما في معني التقدير.
و من ثم أجيبت بالفاء، كأنه قيل ليتك نظرت إليها فإنه، و الغرض الحثُّ علي النظر.
و مثله قولهم: لو تأتيني فتحدثني، علي معني ليتك تأنيني فتحدثني.
و الهاء في قوله: فإنه راجعة إلي مصدر نظرتَ، كقولهم: من أَحسن كان خيراً له.
و قوله: أن يؤْدَم: أصله بأن يُؤْدم، فحذفت الباء، و حَذْفُها مع أنْ و أنّ كثير. و المعني
______________________________
(1) البنيقة: هي رقعة تزاد في ثوب يتسع.
(2) (*) [أخا]: و منه الحديث: مثل المؤمن و الإيمان كمثل الفرس في آخيته. النهاية 1/ 29.
(3) (*) [أدم]: و منه الحديث: سيد إدام أهل الدنيا و الآخرة اللحم. و منه حديث أم معبد: أنا رأيت الشاة و إنها لتأدمها و تأدم صرمتها. و منه حديث أنس: و عصرت عليه أم سليم عكة لها فأدَمَتْه. و منه الحديث: أنه مر بقوم فقال: إنكم تأتدمون علي أصحابكم. و منه حديث نجية: ابنتك المؤْدِمة المبشرة. و منه حديث عمر: قال لرجل: ما لك؟ فقال: أقرن و آدمة في المنيئة. النهاية 1/ 31، 32.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 26
فإن النظر أولي بالإصلاح و إيقاع الأُلْفة و الوِفاق بينكما، و يجوز أن تكونَ الهاء ضمير الشأن.
و أحري أن يؤدم جملة في موضع خبر أن.
نعم الإدَامُ الخلّ.
هو اسمٌ لكلِّ ما يُؤْتَدَم به و يُصْطَبغ، و حقيقته ما يؤَدم به الطعام أي يُصْلَح، و هذا البناء يجي‌ء لما يُفْعَل به كثيراً، كقولك: الرِّكاب لما يركَبُ به، و الحِزام لما يحزم به؛ و نظائره جمَّة.
لمَّا خرج إلي مكة عرض له رجلٌ فقال: إن كنتَ تريدُ النِّساء البِيضَ و النُّوقَ الأُدْمَ فعلَيْكَ ببَنِي مُدْلج. فقال: إن اللّٰه مَنَع من بني مُدْلج لِصلَتها الرَّحِم، و طعْنهم في ألْبَاب الإبل- و روي لَبَّات.
الأُدْمَة في الإبل: البياض مع سواد المقلتين.
عليك: من أسماء الفعل، يقال: عليك زيداً أي ألزمَه، و عليك به: أي خُذْ به، و المراد هاهنا أَوْقعْ ببني مُدلج.
الألباب: جمع لبَب، و هو المَنْحَر، و اللَّبَّة مثله، و قيل: جمع لُبّ، و هو الخالص؛ يعني أنهم ينحرون خالصة إبلهم و كرائمها. و يجوز أن يكون جمع لَبّة «1» علي تقدير حذف التاء، كقولهم في جمع بَدْرَةِ بِدَر «2» و شدّة أشدّ. وصَفَهم بالكرم و صلة الرحم و أنهم بهاتين الخصلتين استوجبوا الإمساك عن الإيقاع بهم.

[إدد- أود]

: أمير المؤمنين علي رضي اللّٰه عنه- سنح لي رسولُ اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم في المنام، فقلت: يا رسول اللّٰه؛ ما لقيتُ بعدك من الإِدَدِ و الأَوَدِ- و روي من اللَّدد!
و الإِدَّة: الداهية، و منها قوله تعالي: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا [مريم: 89]. و الأوَد:
العِوَج. و اللَّدد: الخصومة.
ما لقيت بعدك: يريد أي شي‌ء لقيتُ! علي معني التعجب، كقوله:
*يا جارتَا ما أنتِ جارهْ
* «3»
______________________________
(1) اللبة: هي اللهزمة التي فوق الصدر و فيها تنحر الإبل.
(2) البدرة: هي جلدة السخلة، و جمعها بدور و بدر (القاموس المحيط: بدر).
(3) صدره:
بانَتْ لتُحْزِنَنَا عَفَارَهْ
و البيت من مجزوء الكامل، و هو للأعشي في ديوانه ص 203، و خزانة الأدب 3/ 308، 310، 5/ 486، 7/ 250، 9/ 240، و شرح شواهد الإيضاح ص 193، و لسان العرب 4/ 63 (بشر)، 154 (جور)، 589 (عفر)، و المقاصد النحوية 3/ 638، و المقرب 1/ 165، و بلا نسبة في رصف المباني ص 452، و شرح الأشموني 1/ 252، و شرح شذور الذهب ص 335، و شرح ابن عقيل ص 347، و شرح عمدة الحافظ 435، و الصاحبي في فقه اللغة ص 171.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 27‌

[أدب]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إنَّ هذا الْقُرْآنَ مَأدَبة اللّهِ فتعلَّمُوا من مأْدَبَته- و روي مأدُبة اللّٰه فمن دخل فيها فهو آمِن.
المأدُبة: مصدر بمنزلة الأدَب، و هو الدعاء إلي الطعام كالمَعْتبَة بمعني العتب. و أما المأدُبة فاسمٌ للصَّنِيع نفسه كالوَكِيرة «1» و الوَليمة. و شبَّهها سيبويه بالمَسْرُبة «2»، و غرَضُه أنها ليست كمَفْعَلة و مَفْعلة في كونهما بناءين للمصادر و الظروف.
و
في حديث كَعْب رحمه اللّٰه: إنه ذكر مَلْحَمة للرُّوم، فقال: و لِلّهِ مَأْدُبَةٌ من لحومِ الرُّومِ بِمرُوجِ عَكَّاء.
أي ضيافة للسباع.
و عكاء: موضع.

[أدلم]

: في الحديث: يوشك أن يخرج جيش من قِبَل المشرق آدَي شي‌ءٍ و أَعَدَّه، أميرُهم رجلٌ طُوال أَدْلم أبرج.
آدي و أعدّ: من الأداة و العُدَّة، أي أكمل شي‌ءٍ أداة، و أتمّه عدَّة، و هما مبنيّان من فِعْلٍ علي تقدير فَعُل، و إن كان غير مستعمل «3»، كما قال سيبويه في قولهم: ما أشهاها! بمعني ما أفضلها في كونها مشتهاة: إنه علي تقدير فَعُل و إن لم يُستعمل. و يجوز أن يكون من قولك:
رجل مُؤْد: أي كامل الأدوات. أو من استعد علي حذف الزوائد كقولهم: هو أعطاهم للدينار و الدرهم. و هو آداهم للأمانة. و يجوز أن يكون الأصلُ آيدُ شي‌ءٍ و أَعْتَدُه فقيل: آدي علي القلب، كقولهم: شاكٍ في شَائِك. و أعَدُّ علي الإدغام، كقولهم وَدّ في وَتِد.
الطُّوَال: البليغ في الطول، و الطُّوَّال أبلغ منه.
الأَدْلم الأَسود، و منه سمي الأَرَنْدَج بالأَدلم.
الأبْرَج: الواسع العين الذي أَحْدَق بياضُ مُقْلَتِهِ بسوادِها كلّه لا يغيبُ منه شي‌ء، و منه التبرّج و هو إظهار المرأةِ محاسِنَها. و سفينة بارجة لا غِطاءَ عليها.

[أدف]

: في الأُدَاف الدِّيَة كاملة.
هو الذّكَر. فُعال من وَدَف إذا قطر، و قلبُ الواو المضمومةِ همزة قياس مطّرد. قال:
أولجْتُ في كَعْثَبِهَا الأُدَافَا مِثْلَ الذِّرَاعِ يَمْتَري النِّطَافَا
______________________________
(4) (*) [أدب]: و منه حديث علي: أمّا إخواننا بنو أمية فقادة أدَبَة. النهاية 1/ 30.
(1) الوكيرة: طعام يتخذ عند الفراغ من البنيان.
(2) هي اسم للشعَر بفتح العين.
(3) أي الثلاثي غير مستعمل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 28
و يروي الأُذاف- بالذال المعجمة- من وذَفَ، بمعني قطر أيضاً.
كاملة نصب علي الحال، و العامل فيها ما في الظرف من معني الفعل و الظرف مستقر، و يجوز أن تُرفع علي أنها خبر و يبقي الظرف لَغْواً.
آدِمَة في (قر). أَدَبَه في (نج). فاسْتَأَلَها في (سو). مُؤْدون في (قو) (آدَم) في (هب) و (زه).

الهمزة مع الذال

[أذن]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- ما أَذِنَ اللّهُ لشي‌ء كإذْنِه لنبيٍّ يتغنَّي بالقُرْآن.
و الأَذَنَ: الاستماع. و منه قوله تعالي: وَ أَذِنَتْ لِرَبِّهٰا وَ حُقَّتْ* [الانشقاق: 2] و قال عدي:
في سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشَيْخُ لَهُ و حَدِيثٍ مثْلِ ماذِيٍّ «1» مُشَار
المراد بالتغني: تحزين القراءة و ترقيقها. و منه
الحديث: زيِّنوا القرآنَ بأَصْوَاتكم.
و
عن عبد اللّٰه بن المُغَفّل رضي اللّٰه عنه- أنه رأي النبيَّ صلي اللّه عليه و سلم يقرأُ سورةَ الفتح. فقال:
لولا أنْ يجتمع الناسُ لحكيتُ تلك القراءة و قد رجَّع.
و المعنيّ بهذا الاستماع الاعتدادُ بقراءة النبي و إبَانة مزيَّتها و شرفها عنده. و منه قولهم: الأمير يسمع كلام فلان؛ يعنون أن له عنده وزناً و مَوْقعاً حسناً.

[أذي]

*. في الحديث: كلّ مُؤْذٍ في النَّار.
يريد أن كلَّ ما يُؤْذِي من الحشراتِ و السِّبَاع و غيرِها يكونُ في نارِ جهنَّمَ عقوبةً لأَهْلها.
و قيل: هو وَعِيدٌ لمن يُؤْذِي الناس.
و أما الأذي في
قوله: الإيمان نيف و سبعون درجة أدناها إماطة الأَذي عن الطَّرِيق
؛ فهو الشوك و الحجَر و كل ما يُؤذي المسالك.
و في
قوله في الصبيِّ: أَمِيطُوا الأذَي عنه
؛ هو العَقيقة تُحْلَقُ عنه بعد أُسْبوع.
بَيْنَ الأَذَانَيْنِ في (قر). الأَذْرَبِيّ في (بر).
______________________________
(2) (*) [أذن]: و منه الحديث: بين كل أذانين صلاة. و منه حديث زيد بن ثابت: هذا الذي أوفي اللّٰه بإذنه. و منه حديث أنس: أنه قال له: يا ذا الأُذانين. النهاية 1/ 34.
(1) الماذي: هو العسل.
(3) (*) [أذي]: و منه خطبة علي: تلتطم أواذيّ أمواجها. النهاية 1/ 36.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 29‌

الهمزة مع الراء

[أرب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أُتِي بكَتِف مُؤَرَّبة فأَكلَها و صَلَّي و لم يتوَضَّأ.
هي الموفَّرَة التي لم يُؤْخذ شي‌ءٌ من لحْمِها، فهي متلبِّسة بما عليها من اللحم متعقِّدة به؛ من أرَّبْتُ العقدة إذا أَحكمت شدَّها.
من الناس من يُوجب الوضوء بأَكْلِ ما مَسَّته النار، و عن أهل المدينة أنهم كانوا يرون هذا الرأيَ، و هذا الحديث و أشباهه ردٌّ عليهم.

[أرز]

*: إن الإسلام لَيأْرِزُ إلي المَدِينةِ كما تأرِزُ الحيَّةُ إلي جُحْرِها.
أي تنضوي إليه و تنضم، و منه الأَرُوز للبخيل المُنْقِبِض.
و
عن أَبي الأَسْوَدِ الدؤلي: إن فلاناً إذا سُئِل أَرَزَ، و إذا دُعِي انتهز- و روي اهْتَزّ.

[أرث]

: قال يزيد بن شيبان: أتانا ابن مِرْبَع الأَنْصاري و نحن وقوف بالموقف بمكانٍ فباعده عمرو، فقال: أنا رسولُ رسولِ اللّٰه إليكم، اثبتوا علي مشاعركم هذه، فإنكم علي إرثٍ من إرْثِ إبراهيم.
هو الميراث، و همزته عن واو، كإشاح و إسَادَة «1»، و هذا قياسٌ عند المازني.
من للتبيين، مثلها في قوله تعالي: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ [الحج: 3].
المَشَاعر: مواضع النسك؛ لأَنَّها مَعالِم للحجّ.

[أرك]

*: أُتِي بلَبَنِ إِبلٍ أَوَارِك و هو بعَرَفَة فشرِبَ منه- أتاه به العباس.
أَرَكَت الإِبلُ تَأْرِك و تَأْرُك: أقامت في الأَرَاك؛ فُعِل ذلك ليُعْلم أ صائم هو أم مفطر.
و
عن ابن عمر رضي اللّٰه عنهما: حججتُ مع رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم فلم يَصُمْه، و مع عثمان فلم يَصُمْه، و أنا لا أصومه و لا آمر بصيامه و لا أَنْهَي عنه.
______________________________
(2) (*) [أرب]: و منه حديث الصلاة: كان يسجد علي سبعة آراب. و منه حديث المخنث: كانوا يعدونه من غير أولي الإربة. و في حديث عمرو بن العاص: قال: فأرِبْتُ بأبي هريرة. و منه حديث سعيد بن العاص:
قال لابنه عمرو: لا تتأرَّب علي بناتي. و في حديث جندب؛ خرج برجل آرابٌ. النهاية 1/ 35، 36، 37.
(3) (*) [أرز]: و منه كلام علي بن أبي طالب: حتي يأرز الأمر إلي غيركم. و في حديث صعصعة بن صوحان:
و لم ينظر في أرْز الكلام. النهاية 1/ 37، 38.
(1) الإشاح: الوشاح، و الإسادة: الوسادة.
(4) (*) [أرك]: و منه حديث الزهري عن بني إسرائيل: و عنبهم الأراك. النهاية 1/ 40.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 30‌

[أرّي]

: اشتكي إليه رجلٌ امرأَته، فقال: اللهم أرِّ بينهما- و روي أنه دعا بهذا الدعاء لعليٍّ و فاطمة عليهما السلام.
التَّأْرِية: التَّثْبِيت و التمكين. و منه الآرِيّ «1». و تقول العرب: أَرِّ لفرسك و أَوْكد له؛ أي أشدد له آرِيّا في الأرض؛ و هو المَحْبِس من وَتد أو قطعة حبل مدفونة. و المعني الدعاء بثبات الود بينهما.

[أرب]

: قال له أبو أيوب رضي اللّٰه عنه: يا رسولَ اللّٰه؛ دُلَّني علي عمل يدخلني الجنة. فقال: أَربَ ما لَهُ؟ تعبد اللّٰه، لا تشرك به شيئاً، و تقيم الصلاة، و تُؤْتي الزكاةَ، و تَصِلُ الرحِم- و روي أَرِبٌ ما لَه!.
.. قيل في أَرِب: هو دعاء بالافتقار من الأَرَب، و هو الحاجة، و قيل: هو دعاء بتساقط الآراب؛ و هي الأعضاء.
و ما لَه: بمعني ما خَطْبُه؟ و فيه وَجْه آخر لطيف؛ و هو أن يكونَ أَرِب مما حكاه أبو زيد من قولهم: أَرِب الرجل إذا تشدَّد و تحَكَّر؛ من تَأْرِيب العُقْدة، ثم يُتَأَول بمَنَع؛ لأنَّ البخلَ مَنْعٌ، فيعدّي تعديته، فيصير المعني منع.
ما له: دعاء عليه بلُصوق عار البخلاء به و دخولهم له في غِمَار اللئام علي طريقة طباع العرب، كقول الأشتر:
بَقَّيت وَفْري و انحرفتُ عن العُلَا و لقِيتُ أضيافي بوجْهِ عَبُوس
و كذلك
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: إن الحارث بن أوس سأَله عن المرأَة تطوفُ بالبيت، ثم تنفِرُ من غير أن أَزِف «2» طواف الصَّدَر إذا كانت حائضاً. فأفتاه أن يفعل ذلك، فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. فقال عمر: أَرِبْتَ عَنْ ذي يَدَيْكَ.
و رُوِي: أَرِبْتَ من [ذي] يديك «3»؛ أ تسأَلني و قد سمعتَه من رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم كي أخالفه؟
و معناه مُنِعت عما يصحب يديك و هو مالُه.
و معني أَرِبْتَ من يديك: نشأَ بُخْلك من يديك، و الأصلُ فيما جاء في كلامهم من هذه الأدعية التي هي: قاتلك اللّٰه، و أخزاك اللّٰه، و لا دَرَّ درّك، و تَرِبت يداك و أشباهها. و هم يريدون المدح المفرط و التعجب للإشعار بأنّ فعلَ الرجل أو قوله بالغٌ من الندرة و الغرابة المبلغ الذي لسامعه أن يحسده و ينافسه حتي يدعوَ عليه تضجراً أو تحسراً، ثم كثُر ذلك حتي استُعْمل في كل موضع استعجاب؛ و ما نحن فيه متمحّض للتعجب فقط. و لتغيُّر معني قاتله
______________________________
(1) الآري: هو حبل تشد به الدابة في محبسها (لسان العرب: أري).
(2) أزف: أي أقترب.
(3) أي ذهب ما في يدك حتي تحتاج.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 31
اللّٰه عن أصل موضوعه غيّروا لَفْظه، فقالوا: قاتَعه اللّٰه و كاتعه «1».
و يجوز أن يكون علي قول مَنْ فسر أَرِب بافتقر و أن يجري مجري عدم فيعدّي إلي المال.
و أما أَرِبٌ فهو الرجل ذو الخِبرة و الفطنة. قال:
يَلُفُّ طَوائِفَ الفرسا ن وَهْوَ بِلَفِّهِمْ أَرِبُ «2»
و هو خبر مبتدأ محذوف، تقديره هو أَرِب؛ و المعني أنه تعجَّبَ منه أو أَخْبَر عنه بالفِطْنَة أوَّلًا ثم قال: ما لَه؟ أي لِمَ يستفتي فيما هو ظاهر لكل فَطِن، ثم التفت إليه فقال:
تعبدُ اللّٰه؛ فعدَّد عليه الأشياء التي كانت معلومةً له تبكيتاً.
و
روي أن رجلًا اعترضَه ليسأله فصاح به الناس فقال عليه السلام: دَعُوا الرجل أرِبَ ما لَه؟
قيل معناه احتاج فسأل. ثم قال: ما له؟ أي ما خطبُه يُصَاحُ به- و روي دعوه فأَرَبٌ مّا لَه: أي فحاجةٌ مّا له. و ما إبهامية، كمثلها في قولك: أريد شيئاً مّا.
ذكر الحيَّات فقال: مَنْ خَشِي إرْبَهُنَّ فليس منَّا.
أي دَهْيَهُنّ «3» و خبْثَهن، و منه المواربة «4»؛ و المعني ليس من جملتنا من يهابُ الإقدامَ عليهن و يتوقي قتلهنّ كما كان أهل الجاهلية يَدِينونه.

[أرض]

*: لا صيام لمن لم يُؤَرِّضْه من الليل.
أي لم يهيئه بالنية، من أَرَّضتُ المكان: إذا سوّيته، و هو من الأرض.

[أرس]

*: عن أبي سُفيان بن حرب إن رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم كتب إلي هرقل: من محمد رسول اللّٰه إلي هرقل عظيم الروم: سلام عَليٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُديٰ. أما بعد فإني أدعوك بدِعاية الإسلام، أَسْلم تسلمِ، و أسلم يُوَفِّكَ اللّٰه أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك الأَرِيسيّين، و يٰا أَهْلَ الْكِتٰابِ تَعٰالَوْا إِليٰ كَلِمَةٍ سَوٰاءٍ بَيْنَنٰا وَ بَيْنَكُمْ [آل عمران: 64].. الآية.
______________________________
(1) قاتعه و كاتعه اللّٰه: أي قاتله (القاموس المحيط: قتع و كتع).
(2) البيت لأبي العيال الهندي، و رواية صدره في لسان العرب:
يلف طوائف الأعداء
(3) الدهي و الدهاء بمعني.
(4) المواربة: المخادعة.
(5) (*) [أرض]: و منه حديث أم معبد: فشربوا حتي أراضوا. و في حديث الجنازة: من أهل الأرض أم من أهل الذمة. النهاية 1/ 39.
(6) (*) [أرس]: و في الحديث: فسقطت من يد عثمان في بئر أريس. النهاية 1/ 38.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 32
قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، و فرغ من قراءة الكتاب كَثُر عنده اللَّجب، و ارتفعت الأصوات.
الأَرِيس و الأَرِيسي «1»: الأكّار. قال ابن الأعرابي: و قد أَرسَ يأْرِس أَرْسَا و أَرَّس.
و المعني أن أهل السواد و ما صاقَبه «2» كانوا أهلَ فلاحة و هم رعيّة كسري و دينهم المجوسية، فأعلمه أنه إن لم يُؤْمن- و هو من أهل الكتاب- كان عليه إثمُ المجوس الذين لا كتابَ لهم.
فلما قال: يعني الرسول الذي أوصل الكتاب إليهم و قرأه علي هرقل.
اللَّجب: اختلاط الأصوات، و أصله من لَجَبِ البحر، و هو صوتِ الْتِطام أمواجه.

[أرف]

*: إذا وقعت الأُرَف «3» فلا شفْعَة.
هي الحدُود.
و منه
حديث عُمر رضي اللّٰه عنه: إنه خرج إلي وَادِي القري، و خرج بالقُسَّام، فقَسَمُوا علي عددِ السِّهام، و أَعْلَمُوا أُرَفَها، و جعلوا السهام تجري؛ فكان لعثمان خَطَر، و لعبد الرحمن بن عوف خَطَر، و لفلان خَطَر، و لفلان نصف خَطَر.
الخطر: النصيب، و لا يُستعمل إلا فيما له قدرٌ و مزية، يقال فلان خطير فلان، أي مُعَادِلُه في المنزلة.
و
في الحديث: أيُّ مالٍ اقتُسِم و أُرّفَ «4» عليه فلا شُفْعة فيه.
أي أديرت عليه أُرَف.

[أرث]

: عمر رضي اللّٰه عنه- قال أسلم مولاه: خرجتُ معه حتي إذا كنَّا بحَرَّة وَاقِم فإذَا نارٌ تؤَرَّث بصِرَار، فخرجنا حتي أَتينا صِرَاراً فقال عمَر: السلامُ عليكم يا أَهْلَ الضوءِ، و كره أن يقولَ: يٰا أَهْل النار؛ أَ أَدْنو؟ فقيل: ادنُ بخيرٍ أو دَعْ، قال: و إذا هم رَكْبٌ قد قَصَر بهم الليل و البرد و الجوع، و إذا امرأة و صبيان، فنكص علي عِقبيه، و أدبر يهرول حتي أَتي دارَ
______________________________
(1) الأريسي و الأريس (كجليس و سكيت): الأكار و جمعه أريسون و إرِّيسون و أرارسة و أراريس و أرارس (القاموس المحيط: أرس).
(2) صاقبه: أي قاربه.
(5) (*) [أرف]: و منه حديث عثمان؛ الأُرف تقطع الشفعة. و منه حديث عبد اللّٰه بن سلام: ما أجد لهذه الأمة من أُرْفة أجلِ بعد السبعين. النهاية 1/ 40.
(3) الأُرف: جمع أرفة، و هي الحدود و المعالم.
(4) أُرِّفَ: أي حُدِّد و أعلم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 33
الدقيق، فاستخرج عِدْلًا من دقيق، و جعل فيه كُبَّةً من شَحْم، ثم حمله حتي أتاهم، ثم قال للمرأة: ذرّي و أنا أحُرُّ لَك.
تَأْرِيث النار: إِيقادها.
صِرَار: بئر قديمة علي ثلاثة أميال من المدينة «1» علي طريق العراق.
أَوْدع: يريد أَوْدَع الدنوَّ إن لم يكن بخير.
و إذا هم: هي إذا المفاجَأة. و هي اسم [أي ظرف] مكان، كأنه قال: و بحضرته هم ركب، و المعني أنهم فجئوه عند دُنُوّه.
قَصَر بهم: حبسهم عن السير.
الهَرْوَلة: سرعة المشي.
الكُبَّة: الجَرَوْهَق.
الذرُّ: التفريق، يقال: ذرَّ الحبَّ في الأرض، و ذرَّ الدواءَ في العين.
و المراد ذُرِّي الدقيق في القِدْر.
أحُرُّ- بالضم: أَتَّخِذ حَريرة، و هي حَسَاءٌ من دقيق و دَسَم.

[أرض]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- أَ زلْزِلت الأرض أَم بي أَرْض.
هي الرعدة. قال ذو الرمة:
إذَا تَوَجَّسَ رِكْزاً مِنْ سَنَابكها أَوْ كانَ صاحبَ أرْض أَوْ بِهِ مُومُ

[أرب]

: عائشة رضي اللّٰه عنها- كان النبي صلي اللّه عليه و سلم يُقَبِّلُ و يُبَاشِر و هو صائم، و لكنه كان أَمْلَكَكُم لإرْبِه.
و الإرْب: الحاجة. و قيل هو العُضو، أرادت بملكه حاجَته أو عضوه قَمْعَه لشَهْوَته.
عبد الرحمن بن يزيد رضي اللّٰه عنه- قال محمد ابنه: قلت له في إِمرة الحجاج: يا أَبَهْ؛ أ نغزو! فقال: يا بني لو كان رأْي الناس مثلَ رأيك ما أُدِّيَ الارْيَانُ.
هو الخراج. قال الْحَيْقُطَان:
و قلتم لَقَاحٌ لا تؤدِّي إتاوةً و إعطاءُ أَرْيَان من الضُّر أَيْسَر
و كأنه فَعْلَان من التَّأْرِية؛ لأَنه شي‌ء أكِّد علي الناس و أُلْزِموه. و قيل الأشبه بكلام العرب أن يكون الأُرْبَان بالباء و هو الزيادة علي الحق. يقال: أُرْبَان و عُرْبَان.

[أرن]

*: الشَّعبي رحمه اللّٰه- اجتمع جَوَارٍ فأَرِنّ و أَشِرْنَ و لَعِبْنَ الْحُزُقَّة.
______________________________
(1) في لسان العرب (صرر): من طريق العراق.
(2) (*) [أرن]: و في حديث استسقاء عمر: حتي رأيت الأرنية تأكل صغار الإبل. النهاية 1/ 41.
الفائق في غريب الحديث/ ج 1/ م 3
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 34
الأَرَن: النّشاط، و مُهْر أَرِن. و منه
قول زيد بن عدي للنعمان: لقد عقدتُ لكَ آخِيَّة لا يحلّها المهر الأَرن.
الْحُزقَّة: لُعْبةٌ، من التَّحَزُّق و هو التقبّض.

[أروي]

*: عون رحمه اللّٰه- ذكر رجلًا فقال: تكلم فجمع بين الأَرْوَي «1» و النَّعام.
أي بين كلامين مُتَبَاعدين؛ لأن الأَرْوَي جَبَلية و النَّعام سَهْلية.
و في أمثالهم:
ما يجمع بين الأَرْوَي و النَّعَام؟

[أرب]

: في الحديث: مُؤَارَبة الأَرِيبِ جَهْلٌ و عَنَاءٌ.
و هي المُدَاهاةُ و المُخَاتلة، من الإِرْب و هو الدَّهاء و النكر. يريد أن العاقل لا يُخْدَع.
كيف تَبْلُغك صَلَاتنا و قد أَرِمْت.
قيل: معناه بَلِيت «2».
كمثل الأَرَزة في (خو). جعلْتُ عليه آرَاماً في (سر). ذِي أَرْوَان في (طب). مسّ أَرْنَب في (غث). كما تَتَوَقَّلُ الأرْوِية في (وق). و الأُرَف تقطع في (فح). إرْبَة أَرِبْتُها في (حو).
أَرَزَ في (هي). الأَرْنَبَة و الأَرِينة في (قل). أَرِنْ في (ري). أَرْزَ الكلام في (جد).

الهمزة مع الزاي

[أزز]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان يُصَلّي وَ لجوْفه أَزِيز كأَزيز المِرْجل من البكاء.
هو الغليان.
المرجل، عن الأصمعي: كل قدر يطبخِ فيها من حجارة أو خزَف أو حديد. و قيل:
إنما سمي بذلك لأنه إذا نُصب فكأنه أقيم علي أَرجل.
في حديث كسوف الشمس- قال: فدفعنا إلي المسجد، فإذا هو بأَزَز- و رُوي: يتأَزَّز
،
______________________________
(3) (*) [أروي]: و منه الحديث: أنه أُهدي له أروي و هو محرم فردها. النهاية 1/ 43.
(1) الأروية و الإروية بضم الهمزة و كسرها: الأنثي من الوعول، و ثلاث أراوي علي أفاعيل إلي العشر فإذا كثرت فهي الأروي علي أفعل (لسان العرب: روي).
(2) من أرم المال: إذا فني.
(4) (*) [أزز]: و منه حديث جمل جابر: فنخسه رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم بقضيب فإذا تحتي له أزيز. و منه الحديث: فإذا المسجد يتأزز. و في حديث الأشتر كان الذي أزَّ أم المؤمنين علي الخروج ابن الزبير. النهاية 1/ 45.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 35
و
ذكر صلاةَ رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم، و أنه خطب و ذكر خروجَ الدجال، و أنه يُحْصِر المسلمين في بيت المَقْدِس، قال: فَيُؤْزَلُونَ أَزْلًا شَديداً.
الأَزَزُ: الامتلاء و التضامّ.
و عن أبي الْجَزْلِ الأَعْرابي: أَتيتُ السُّوقَ فرأيت النساءَ أَزَزاً. قيل: مَا الأَزَز؟ قال:
كأَزَز الرُّمَّانة المُحْتَشِيَة.
يَتَأَزَّزُ: يتفعل من الأَزيز، و هو الغليان؛ أي يغلي بالقوم لكثرتهم.
الإحصار: الحبس.
يُؤْزَلُون: يُضيَّق عليهم. يقال: أَزَلْتُ الماشيةَ و القومَ: حبستُهم و ضيَّقْتُ عليهم.
و أَزَلُوا: قحطوا.

[أزر]

*: في حديث المبعث- قال له وَرَقة بن نوفل: إنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُك أَنْصُرْكَ نَصْراً مُؤَزَّراً.
أي قويًّا، من الأَزْرِ و هو القُوَّة و الشِّدَّة، و منه الإِزَار؛ لأن المُؤْتَزِر يشدّ به وسَطَه، و يُحْكِي‌ءُ صُلْبَهُ، من قوله:
*فَوْقَ مَنْ أَحْكَأَ صُلْباً بإزَار
* «1» و أزَّرت الرجل: شددتُ عليه الإزار. فكأنّ المُؤَزَّرَ مستعار من هذا، و معناه المشدد المقوّي. قال جوّاس:
و أيامَ صدق كلَّها قد علمتم نصرنا و يوم المَرْج نصراً مُؤَزّرا
قال للأنصار ليلة العَقبة: أُبايعكم علي أن تمنَعوني مما تمنعون منه نساءَكم و أبناءكم.
فأخذ البَرَاء بن مَعْرورٍ بيده ثم قال: نعم، و الذي بعثك بالحق لنمنعنَّك مما نمْنَعُ مِنه أُزُرَنا.
كنَي عن النساء بالأُزر كما كُنِيَ عنهنّ باللباس و الفُرش. و قيل: أراد نفوسهم من قوله:
______________________________
(2) (*) [أزر]: و في الحديث: قال اللّٰه تبارك و تعالي: العظمة إزاري و الكبرياء ردائي. و منه الحديث: إزرة المؤمن إلي نصف الساق. و في الحديث: كان يباشر بعض نسائه و هي مؤتزرة في حالة الحيض. النهاية 1/ 44، 45.
(1) صدره:
أجل أنَّ اللّٰه قد فضَّلَكُمْ
و البيت من الرمل، و هو لعدي بن زيد في ديوانه ص 94، و جمهرة اللغة ص 1051، و لسان العرب 1/ 58 (حكأ)، 531 (صلب)، 4/ 17 (أزر)، 11/ 12 (أجل)، 14/ 197 (حكي)، و بلا نسبة في مجالس ثعلب 1/ 240.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 36
[أَلَا أَبْلِغ أبا حَفْصٍ رَسُولًا] فِدًي لكَ من أَخِي ثِقَةٍ إزَارِي «1»
و هذا كما قيل في قول ليلي:
رَمَوْها بأَثوابٍ خفاف [فلَنْ تَرَي لها شبهاً إلا النَّعامَ المنفَّرا]
أَرَادت النفوس.
كان إذا دخل العَشْرُ الأَواخر أيقظ أهلَه و شَدَّ المِئزَر- و رُوي: و رفع المِئزَر.
أي أيقظهم للصلاة و اعتزل النساءَ، فجعل شدُّ الإِزار كنايةً عن الاعتزال كما يُجعل حَلُّه كناية عن ضدِّ ذلك. قال الأخطل:
قومٌ إذا حاربُوا شَدُّوا مَآزرهم دون النساءِ و لو باتت بأطْهَار «2»
و يجوز أَن يُرَاد تشميره للعِبادة، و من شأن المشمّر المنكمش أن يقلّص إزاره و يرفع أطرافَه و يشدها. و قد كثر هذا في كلامهم حتي قال الراجز في وصف حمار وحشٍ ورَدَ ماءً:
شَدَّ علي أَمْرِ الورُودِ مِئزَرَهْ [لَيْلًا و ما نَادَي أَذِينُ المَدَرَهْ] «3»

[آزاه]

: اخْتَلف مَن كان قبلنا علي ثنتين و سبعين فرقة نجا منها ثلاثٌ و هلك سائرُها؛ فرقة آزَتِ الملوكَ و قاتلتهم علي دينِ اللّٰه و دينِ عيسي حتي قُتِلوا. و فرقة لم تكن لهم طاقةٌ بمؤازاة الملوك، فأقاموا بين ظَهْرَانَي قومِهم فدعَوْهم إلي دينِ اللّٰه و دين عيسي؛ فأَخذتهم الملوك فقتلتهم و قطعتْهم بالمنَاشِير. و فرقة لم تكن لهم طاقة بمؤازاة الملوك و لا بأَنْ يقيموا بين ظَهْرَاني قومهم فيَدْعوهم إلي دين اللّٰه و دين عيسي فساحُوا في الجبال و ترهَّبوا، و هم الذين قال اللّٰه تعالي [فيهم]: وَ رَهْبٰانِيَّةً ابْتَدَعُوهٰا [الحديد: 27].
المُؤازَاة: المُقَاومة، من قولك: هو إزَاء مال، أي قائم به.
سائرها: باقيها، اسم فاعل من سأَر إذا بقي، و منه السؤر. و هذا مما تغلط فيه الخاصة فتضعُه موضعَ الجميع.
______________________________
(1) البيت من الوافر، و هو لبقيلة الأكبر الأشجعي و كنيته أبو المنهال، في لسان العرب 4/ 17 (أزر)، و المؤتلف و المختلف ص 63، و عجزه في لسان العرب منسوباً إلي جعدة بن عبد اللّٰه السلمي؛ و بلا نسبة في شرح اختيارات المفضَّل ص 250، و شرح شواهد الإيضاح ص 162، و لسان العرب 7/ 81 (قلص).
(2) البيت من البسيط، و هو للأخطل في ديوانه ص 84، و حماسة البحتري ص 34، و شرح شواهد المغني 2/ 646، و نوادر أبي زيد ص 150، و بلا نسبة في الجني الداني ص 285، و رصف المباني ص 291، و شرح الأشموني 3/ 601، و شرح عمدة الحافظ ص 583، 584، و مغني اللبيب 1/ 264، و المقرب 1/ 90.
(3) الأذين: هو المؤذن، و المدرة: القرية (لسان العرب: مدر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 37
أقام فلان بين أظهر قومه و ظَهْرانيهم: أي أقام بينهم.
و إقحام الأظْهُر: و هو جمع ظَهْر- علي معني أَنَّ إقامته فيهم علي سبيل الاسْتِظْهارِ بهم و الاستنادِ إليهم. و أما ظَهْرَانيهم فقد زِيدت فيه الألف و النون علي ظَهْرِ عند النسبة للتأكيد، كقولهم: في الرجل العَيُون نَفْساني و هو نسبة إلي النَّفس بمعني العَيْن، و الصّيدلاني و الصيدناني منسوبان إلي الصيدل و الصَّيْدَن، و هما أصولُ الأشياءِ و جواهرُها. فألحقوا الأَلِف و النونَ عند النسبة للمبالغة، و كأن معني التثنية أَن ظَهْراً منهم قدّامه و آخر وراءه، فهو مكنُوف من جانبيه، هذا أصله، ثم كثُر حتي استُعْمِل في الإقامة بين القوم مطلقاً و إن لم يكن مكنوفاً.

[أزر]

: أبو بكر- رضي اللّٰه عنه- قال للأنْصَار يومَ سقيفة بني ساعدة: لقد نَصَرْتُم و آزرتم و آسيتُم.
أي عاونتم و قوّيتم.
آسيتم: وافقتم و تابعتم؛ من الأُسْوة و هي القدوة.

[أزم]

*: نظرت يوم أُحُد إلي حَلْقَة دِرْع قد نَشِبَتْ في جَبين رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم فانكَبَبْتُ لأَنزِعَها، فأقْسَم عليَّ أبو عبيدة فأزَم بها بثَنِيَّتِه فجذَبها جَذْباً رفيقاً.
الأَزْم و الأرم: العضّ. و يقال للأسنان: الأُزَّم و الأُرّم.
عمر- رضي اللّٰه عنه- سأل الحارث بن كَلَدة: ما الدَّواء؟ فقال: الأَزْمُ.
هو الحِمْيَة. و منه الأَزْمَة «1» مِن المجاعة و الإِمساك عن الطعام.
فأَزَم القَوْمُ في (حف). عام أَزْبَة في (صف). مُؤْزِلة في (صب). أَزَبّ في (ول).
أَزْلِكم في (ال). مُتَّزِر في (كس). بإزَاء الحَوْض في (شب). إزْرَ صاحبنا في (حش). فأَزَم عليها في (هت).

الهمزة مع السين

[أسف]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- سُئل عن مَوْتِ الفُجَاءة. فقال: رَاحَةٌ للمُؤمِن و أَخْذَةُ أَسَفٍ للكافر.
______________________________
(2) (*) [أزم]: في حديث الصلاة: أنه قال: أيكم المتكلم؟ فأزَمَ القوم. و منه حديث السواك: يستعمله عند تغير الفم من الأزم. و في الحديث: اشتدي أزمة تنفرجي. و منه حديث مجاهد: إن قريشاً أصابتهم أزمة شديدة. النهاية 1/ 46، 47.
(1) الأزمة: القحط.
(3) (*) [أسف]: و منه الحديث: لا تقتلوا عسيفاً و لا أسيفاً. و منه الحديث: آسَفُ كما يأسفون. و منه حديث معاوية بن الحكم: فأسفت عليه. النهاية 1/ 49.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 38
أي أخذة سُخْط، من قوله تعالي: فَلَمّٰا آسَفُونٰا انْتَقَمْنٰا مِنْهُمْ [الزخرف: 55].
و ذلك لأنَّ الغضبان لا يخلو من حُزن و لهف، فقيل له أَسِف. ثم كثر حتي استعمل في موضع لا مجالَ للحزن فيه.
و هذه الإضافة بمعني مِنْ كخاتم فضة؛ أَلا تري أن اسم السخط يقع علي أَخْذَة وقوعَ اسم الفضة علي خاتم. و تكون بمعني اللام نحو قوله: قولُ صدقٍ و وعدُ حقٍّ.
و منه
حديث النَّخَعي رحمه اللّٰه: إنْ كانُوا لَيَكْرَهُونَ أَخْذَةً كأَخْذَةِ الأَسَفِ.
إنْ هذه هي المخففة من الثقيلة، و السلامُ للفَرْق بينها و بين إن النافية. و المعني إنه كانوا يكرهون؛ أي إن الشأن و الحديث هذا.

[أسي]

*: أَ يغلب أحدكم أن يُصاحب صُوَيحبه في الدنيا معروفاً، فإذا حال بينه و بينه ما هو أَوْلي به استرجع ثم قال: ربِّ آسِني لما أَمْضيْتَ، و أَعِنِّي علي ما أَبقيت- و روي أُسْنِي مما أمضيت- و رُوِي أَثِبْنِي علي ما أَمْضيت.
التَّأسية: التعزية، و هي تحريض المُصَاب علي الأُسي و الصبر. و المعني امنحني الصبرَ لأجل من أمضيتَه. و إنما قال «ما» ذهاباً إلي الصفة.
أُسْنِي من الأَوْسِ و هو العِوَض. قال رؤبة:
[يا قائد الجيش و زيد المجلس] أُسْنِي فقد قلّت رفَادُ الأَوْسِ
علي ما أبقيت: أي علي شكره، فحذف. استمنحه الصبر علي الماضي أو الخلَف عنه، و استوزعه الشكر علي الباقي.
أ يغلب: من غُلب فلان عن كذا إذا سُلِبه و أخذ منه.
و الأصل علي أن يصاحب فحُذف، و حَذْفُ حرف الجر مع أن شائِع كثير، و معناه أ تؤخذ منه استطاعةُ ذلك حتي لا يفعله.
التصغير في الصُّوَيْحب بمعني التقريب و تلطيف المحل.
معروفاً: أي صحاباً مَرْضِيّاً تتقبّله النفوسُ فلا تنكره و لا تَنْفِر عنه.
ما هو أولي به: أي أَخْلَقُ به من صحبته، و هو الانتقال إلي جوار ربّه.

[أسد]

*: كتب: من محمد رسول اللّٰه لعِبَاد اللّٰه الأَسْدِيين؛ ملوك عُمَان و أَسْد عُمَان،
______________________________
(1) (*) [أسي]: و منه حديث الحديبية: إن المشركين واسونا الصلح. و منه حديث علي: آسِ بينهم في اللحظة و النظرة. و في حديث أبي بن كعب: و اللّٰه ما عليهم اسي، و لكن اسَي علي من أضلوا. و في حديث ابن مسعود: يوشك أن ترميَ الأرض بأفلاذ كبدها أمثال الأواسي. النهاية 1/ 50.
(2) (*) [أسد]: و منه حديث أم زرع: إن خرج أسِد. و منه حديث لقمان بن عاد: خذي مني أخي ذا الأسد.
النهاية 1/ 48.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 39
من كان منهم بالبحرين- و روي الأَسْبَذِين.
أهلُ العلم بالنَّسب يقولون في القبيلة التي من اليمن التي تسميها العامة الأَزْد: الأَسْد.
و الأَسْبَذون «1»: كلمة أعجمية معناها عَبَدَة الفَرَس. و كانوا يعبدون فرساً، و الفَرَس بالفارسية أَسْب.

[أسر]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- إن رجلًا أتاه فذكر أن شهادة الزّور قد كثُرت في أرضهم، فقال: لا يُؤْسَر أحدٌ في الإسْلَام بشهداء السّوءِ، فإنا لا نقبلُ إلا العدولَ.
أي لا يُسْجَن، و فسّر قوله تعالي: وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً [الإنسان: 8]؛ بالمسجون.

[أسل]

*: علي رضي اللّٰه عنه- لا قَودَ إلّا بالأَسَل.
هو كل حديدٍ رَهيف من سنان و سَيْف و سكين. و الأَسَل في الأَصل الشوك الطويل فَشُبِّهَ به، و المؤسل المحدَّد. قال مُزَاحِم:
تُبَاري سَدِيسَاها إذا ما تَلَمَّجَتْ شباً مِثْل إبْزِيم «2» السِّلَاحِ المُؤَسَّلِ

[أسف]

: عائشة رضي اللّٰه عنها- قالت حين أمر رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم أبا بكر أن يصلِّي بالنَّاسِ في مَرَضِه الذي مات فيه: إنَّ أبا بكرٍ رجل أسِيف، و متي يَقمْ مَقَامَك لا يقدر علي القِراءة.
هو السريع الحُزْن و البكاء، فعيل بمعني فاعل من أَسِف، كحزين من حَزِن، و يقال:
أسُوف أيضاً.

[أسي]

: خالد الرَّبعي رحمه اللّٰه- إن رجلًا من عُبّادِ بني إسرائيل أذنب ذَنْباً ثم تاب، فثقب تَرْقُوَته فجعل فيها سِلْسلة، ثم أوثقها إلي آسِيَةٍ من أواسِي المسجد.
هي السارية، قال النابغة:
فإنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ غَيْرَ مُذَمَّمٍ أوَاسِيَ مُلْكٍ أثْبَتَتْها الأَوَائِلُ
سميت آسِيَة لأنها تُصْلح السقفَ و تُقيمه بعَمْدِها إياه، من أسَوْتُ بَيْنَ القومِ: إذا أصلحت بينهم.
______________________________
(1) الواحد أسبذي، و أسبذ اسم قائد من قواد كسري علي البحرين (لسان العرب: أسبذ).
(3) (*) [أسر]: و منه حديث الدعاء: فاصبح طليق عفوك من إسار غضبك. و في حديث أبي الدرداء: أن رجلًا قال له إن أبي أخذه الأُسْرُ. و في الحديث: زَنَي رجل في أُسرَة من الناس. النهاية 1/ 48.
(4) (*) [أسل]: في صفته صلي اللّه عليه و سلم: كان أسِيلَ الخد. و منه حديث مجاهد: إن قطعت الأسَلَة فبيّن بعض الحروف و لم يبين بعضاً. النهاية 1/ 49.
(2) الإبزيم: هي حديدة تكون في طرف السرج يسرج بها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 40‌

[أسر]

: ثابت البُنَاني رحمه اللّٰه- كان داودُ عليه السلام إذا ذَكَر عِقاب اللّٰه تخلَّعتْ أوصاله، فلا يشدّها إلا الأَسْر.
أي العَصْب.
إنْ خرج أَسِد في (غث). ذا الأَسَد في (بج). فأَسنَ في (خش). يَأسن في (نه). إسَافا في (ري). الأُسَامات في (حو). هذه الأَوَاسِي في (قل). و الأُسَفَاء في (عس). و آسيْتُم في (أز).

الهمزة مع الشين

[أشب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كان في سفرٍ فرفَع بهاتين الآيتين صَوْتَه: يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّٰاعَةِ شَيْ‌ءٌ عَظِيمٌ [الحج: 1]. فتأَشَّبَ أصحابُه حَوْله و أبْلَسُوا حتي ما أوْضَحُوا بضَاحِكةٍ.
أي التفّوا عليه، من أشَبِ الشجرِ و هو التفافُه.
و منه
حديث: إن ابن أمّ مَكْتُوم قال له: إني رجلٌ ضريرٌ، و بيني و بينك أشَبٌ فرخِّصْ لي في العِشَاء و الفَجْر. قال: هل تسمعُ النداء؟ قال: نعم، فلم يرخِّص له.
أراد التفافَ النَّخل.
أبلسوا: سكنوا، و منه الناقة المِبْلَاس، و هي التي لا تَرْغو من شدة الضَّبعَة. و إنما قيل لليائس عن الشي‌ء مُبْلِس؛ لأنّ نفسه لا تحدّثه بعقد الرجاء به.
حكي عن الزجاج أوضح: بمعني وَضح، و يقال للمُقْبِل: من أين أَوْضحْتَ؟ أي من أين طلعت؟
و المعني ما طَلعوا بضَاحِكة؛ و هي واحدة الضواحك من الأسنان؛ أي ما أَطلعوا ضاحكة، و الضّاحك أَشْيَع.

[أشش]

: كان إذا رأي من أصحابه بَعْضَ الأشَاش مما يَعِظهم.
هَمْزَتُه مبدلة من هاء الهَشَاش؛ كما قيل في ماهٍ: ماء. و تلحقه التاء كما يقال:
الهشاشة.
«ما» في مِمّا يعظهم: مصدرية، و قبلها مضافٌ محذوف؛ أي كان من أهل موعظتهم إذا رآهم نشيطين لها، و يجوز أن تكون موصولة مقامة مقام مَنْ إرادةً لمعني الوصفية.
الأشاءَتَيْن في (بر). مُؤْتَشِب في (دي). تأَشَّبُوا في (صو).
______________________________
(1) (*) [أشب]: و منه حديث العباس يوم حنين: حتي تأشَّبوا حول رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. النهاية 1/ 50.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 41‌

الهمزة مع الصاد

[أصر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- قال له عمر: يا رسولَ اللّٰه؛ أَخْبِرْني عن هذا السلطان الذي ذلَّتْ له الرِّقاب، و خضعت له الأجساد؛ ما هو؟ قال: ظلُّ اللّهِ في الأَرْض، فإذا أَحْسَن فله الأَجْر و عليكم الشُّكر، و إذا أساء فعليه الإصْر و عليكم الصَّبر.
هو الثّقل الذي يأصر حاملَه؛ أي يحبسه في مكانه لفَرْط ثِقله، و المراد الوِزر العظيم.
و منه
حديث ابن عمر: مَنْ حلف علي يمينٍ فيها إصْر فلا كفَّارة لها.
قيل: هو أن يحلف بطَلَاق أو عِتَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أو نَذْر. و كلُّ واحدة من هذه فيه ثِقَلٌ فادح علي الحالف؛ لأنه لا يتفصّي عنه بكفارة كما يتفصَّي بها عن القسم باللّٰه تعالي. و إنما قيل للعهد إصْر؛ لأنه شي‌ء أُصِرَ: أي عُقِد.

[إصطفل]

: معاوية رضي اللّٰه عنه- بلغه أن صاحبَ الروم يريد أن يَغْزو بِلادَ الشام أيام فتنة صِفِّين، فكتب إليه يحلف باللّٰه لئن تَمَمْتَ علي ما بلغني من عزمك لأُصَالحنَّ صاحبي، و لأكوننَّ مقدّمته إليك؛ فلأجعلنَّ القُسْطَنْطِينيَّة البَخْرَاء «1» حُمَمَةً سَوْدَاء، و لأنتزِعَنَّك من المُلْكِ انتزاعَ الإصْطَفْلينَةِ، و لأَرُدَّنَّكَ إِرِّيساً مِن الأَرَارِسَة تَرْعَي الدَّوَابِل.
هي الجَزَرة شامية، و الجمع بحذف التاء.
و منه
حديث القاسم بن مُخَيْمرة رحمه اللّٰه تعالي: إنّ الواليَ ليَنْحِت أقاربَه أَمانته كما تنحِتُ القَدوم الإِصْطَفِلينة، حتي تَخْلُصَ إلي قلبها.
مرّ الإِرّيس في (أر).
الدَّوَابل: جمع دَوْبل، و هو الخنزير، و قيل الجحش.
تَمَّ علي الأمر: إذا استمرّ عليه و تمّمه، كما يقال: مضي علي ما عزم إذا أمضاه.
اللام في لَئِن هي الموطئة للقسم، و قد لفَّ القسمَ و الشرط ثم جاء بقوله: لأُصَالحن؛ فوقع جواباً للقسم و جزاءً للشرط دفعةً.
المُقَدِّمة: الجماعة التي تتقدَّم الجيش؛ من قدَّم بمعني تقدَّم، و قد استعيرت لأول كلّ شي‌ء فقيل منه: مقدِّمة الكتاب و مقدِّمة الكلام؛ و فتح الدال خَلف.
أَصَلة في (زه). بالأُصْطُبَّة في (عل). الإِصْر في (وص).
______________________________
(2) (*) [أصر]: و منه في حديث الجمعة: و من تأخر ولغا كان له كفلان من الإصر. و منه الحديث: من كسب مالًا من حرام فأعتق منه كان ذلك عليه إصراً. النهاية 1/ 52.
(1) في لسان العرب: الحمراء بدل البخراء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 42‌

الهمزة مع الضاد

[أضا]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أتاه جبريل و هو عند أَضَاةِ بَنِي غِفَار، فقال: إن اللّٰه تعالي يأْمُرك أن تُقْرِي‌ء أُمَّتَك علي سَبْعَةِ أَحْرُف.
هي الغدير.
الأحرف: الوجوه و الأَنحاء التي ينحوها القراء، يقال: في حَرْفِ ابن مسعود كذا؛ أي في وَجْهِه الذي يَنْحَرِفُ إليه من وُجُوه القِراءة.
و منه
حديثه الآخر: نزل القرآن علي سبعة أحرف كلّها كَافٍ شَافٍ فاقْرَءُوا كما عُلِّمتم

الهمزة مع الطاء

[أطر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- ذكر المظالم التي وقعت فيها بنو إسرائيل و المعاصي، فقال:
لا، و الذي نفسي بيده حتي تَأْخُذُوا علي يَدَيِ الظالم و تَأْطِرُوه علي الحقّ أَطْراً.
الأَطْر: العَطْفُ، و منه إطار المُنْخُل. قال طرفة:
[كأنَّ كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفَانِها] و أَطْرَقِسيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ «1»
حتي متعلقة بلا، كأن قائلًا قال له عند ذكره مظالمَ بني إسرائيل: هل نُعْذَر في تخلية الظالمين و شأنهم؟ فقال: لا حتي تأخذوا. أي لا تعذرون حتي تَجْبُروا الظالم علي الإذْعان للحق، و إعْطَاء النَّصَفة للمظلوم؛ و اليمينُ معترضةٌ بين لا و حتي، و ليست لا هذه بتلك التي يجي‌ء بها المُقْسم تأكيداً لِقَسمه.

[أطم- أطل]

: لما خرج صلي اللّه عليه و سلم إلي أُحُد جعل نساءَه في أُطُم، قالت صفيَّة بنت عبد المطلب: فأَطَلَّ علينا يَهُودِيٌّ فقمتُ فضربتُ رأْسَه بالسَّيْفِ، ثم رميتُ به عليهم؛ فتَقَضْقَضُوا و قالوا: قد علمنا أن محمداً لم يتركْ أهلَه خُلوفاً.
الأُطُم: الْحِصن. و منه
حديثه: إنه انطلقَ في رهْطٍ من أصحابه قِبَل ابن صَيَّاد، فوجده يلعَب مع الصِّبيان عند أُطُم بني مَغَالَة، و قد قارب ابنُ صيّاد يومئذ الحلم، فلم يشعر حتي ضربَ رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و سلم ظَهْرَه بيده، ثمَّ قال: أ تشهدُ أني رسولُ اللّٰه؟ فنظر إليه ابنُ صيّاد فقال:
أشهدُ أنك رسولُ الأميين، ثم قال ابنُ صيَّاد له: أ تشهد أني رسول اللّٰه؟ فرصَّه رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و سلم و قال: آمنت باللّٰه و رسوله.
______________________________
(2) (*) [أطر]: و منه في صفة آدم عليه السلام: أنه كان طوالًا فأطَرَ اللّٰه منه. و في حديث ابن مسعود: أتاه زياد بن عدي فأطره إلي الأرض. و في حديث علي: فأطَرْتُها بين نسائي. النهاية 1/ 53، 54.
(1) قاله طرفة بن العبد في وصف ناقة و ضلوعها، و في لسان العرب مؤبَّدِ بدل مؤيَّدِ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 43
و منه
حديث بلال: إنه كان يُؤَذِّنُ علي أُطُمٍ في دار حَفْصَة يرقي علي ظَلِفات أَقْتَابٍ مُغَرَّزَة في الجدار.
أَطَلَّ: أَشْرَفَ، و حقيقتُه أوفي بِطلَله و هو شَخْصُه، و أَمّا أَظَلَّه فمعناه أَلْقَي عليه ظِلَّه، يقال: أَظَلَّتهم السَّحَابَةُ و الشَّجَرة. ثم اتُّسِع فيه فقيل: أَظَلَّه أَمْرٌ، و أظَلَّلنا شهرُ كَذَا؛ و الفرق بينهما أن أظَلَّ متعد بنفسه، و أطل يُعَدَّي بعَلي.
تقضقضوا: تفرَّقوا، و هو من معني القضّ لا من لفظه.
خُلوفاً: أي خالين من حَامٍ. يقال: القوم خُلوف إذا غابوا عن أهاليهم لرَعْي و سَقْي، كأنه جمع خالف و هو المستقِي. و يقال لمن تُركوا من الأهالي: خلوف أيضاً؛ لأنهم خَلَفوهم في الديار؛ أي بَقُوا بعدهم.
رصّه: ضَغَطه و ضمّ بعضه إلي بعض.
الظَّلِفات: الخشبات الأربع التي تقَعُ علي جَنْبي البعير.

[أطط]

*: أَنس- رضي اللّٰه عنه- قال ابنُ سيرين: كنتُ معَه في يوم مَطِير حتي إذا كنَّا بأَطَط «1» و الأرْضُ فَضْفَاضٌ صَلّي بنا علي حمارٍ صلاةَ العصر، يومي‌ء برأسه إيماء، و يجعلُ السجود أَخفضَ من الركوع.
هو موضعٌ بين البصرة و الكوفة.
فَضْفَاض: من قولهم: الحوضُ ملآن يتفضفض؛ أي يفيض من نواحيه امتلاء، أراد كثرةَ المطر، و إنما ذَكَّره لأنه أراد وَاد أو أَبطح فَضْفَاض، أَو تأوَّل الأرض بالمكان كقوله:
*و لا أرضَ أَبْقَلَ إبْقَالها
* «2»
______________________________
(3) (*) [أطط]: و منه حديث أم زرع: فجعلني في أهل أطيط و صهيل. و منه حديث الاستسقاء: لقد آتيناك و ما لنا بعير يئطُّ. النهاية 1/ 54.
(1) في لسان العرب (أطط) بأطيط قال: و هو موضع بين البصرة و الكوفة.
(2) صدره:
فلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها
و البيت من المتقارب، و هو لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص 483، و خزانة الأدب 1/ 45، 49، 50، و الدرر 6/ 268، و شرح التصريح 1/ 278، و شرح شواهد الإيضاح ص 339، 460، و شرح شواهد المغني 2/ 943، و الكتاب 2/ 46، و لسان العرب 7/ 111 (أرض)، 11/ 60 (بقل)، و المقاصد النحوية 2/ 464، و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 352، و أوضح المسالك 2/ 108؛ و جواهر الأدب ص 113، و الخصائص 2/ 411، و شرح الأشموني 1/ 174، و الرد علي النحاة ص 91، و رصف المباني ص 166، و شرح أبيات سيبويه 1/ 557، و شرح ابن عقيل ص 244، و شرح المفصل 5/ 94، و لسان العرب 1/ 357 (خضب)، و المحتسب 2/ 112، و مغني اللبيب 2/ 656، و المقرب 1/ 303، و همع الهوامع 2/ 171.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 44
و قد سهّل أمرَه أنه و إن كان صفة فليس له فعل كأسماء الفاعلين و الصفات المشبهة، فضرب له هذا سَهْماً في شبهِ الأسماء الجامدة.
مَطير: فعيل بمعني فاعل، لقولهم: ليلة مطيرة، كأنه مَطرُ فهو مطير، كقولهم: رفيع و فقير من رَفُع و فَقُر المتروك استعمالُهما.

[أطر]

: عمر بن عبد العزيز- رحمه اللّٰه- سئل عن السنّة في قصِّ الشارب، فقال: أنْ تَقُصَّه حتي يَبْدُو الإطارَ.
هو حرف الشّفَة المحيطُ بها.

[أطّ]

: في الحديث: أَطَّتِ السماءُ، و حَقَّ لها أَنْ تَئِطّ؛ فما فيها موضعُ شِبرٍ إلا و فيه مَلَك قائم أو راكع أو ساجد.
الأطيط: الحَنَين و النقيض «1»، و المعني أن كثرة ما فيها من الملائكة أثقلتها حتي أنقضتها، و هذا مثلٌ و إيذان بكثرة الملائكة و إن لم يكن ثمَّة أَطِيط.
أهل أَطِيط في (غث). فأَطَره في (وط). و أْتَطَي العِشَاء في (وط).

الهمزة مع الفاء

[أفك]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قال لبشير ابن الخَصاصِيَة: ممن أَنْت؟
قال: مِنْ رَبيعة. قال: أنتم تزعمون لو لا ربيعة لَائْتَفَكَتِ الأرْضُ بمَنْ عَليها.
أي لانقَلَبتْ بأَهْلِها، من أفكه فَائْتَفَكَ. و منه الإفك: و هو الكذب؛ لأنه مقلوبٌ عن وجهه، و المعني: لولاهُمْ لهَلك الناس.
تزعمون بمعني تقولون، و مفعولها الجملة بأسْرِها.

[أفف]

: أبو الدرداء رضي اللّٰه عنه- نعم الفارس عُويْمِرٌ غيرُ أُفَّةٍ.
أي غيرُ جبانٍ، و هو من قولهم: أفّ له أي نتْناً و دَفْراً، يقوله المتضجر من الشي‌ء، فكأنّ أصله غير ذي أفةٍ؛ أي غير متأفف من القتال. و قولهم للجبان: يَأْفُوف من هذا أيضاً، و غير خبر مبتدأ محذوف تقديره هو غير أُفّة.
و أما
حديث: فأَلْقَي طَرَف ثوْبِه علي أَنْفِه ثم قال: أُفّ أفّ
- فهو اسم للفعل الذي هو أتضجر أو أتكره مبني علي الكسر.
______________________________
(1) النقيض: الصوت.
(2) (*) [أفك]: و منه في حديث عائشة: حين قال لها أهل الإفك ما قالوا. النهاية 1/ 56.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 45‌

[أفد]

: الأحنف- رضي اللّٰه عنه- خرجنا حُجَّاجاً، فمررنا بالمدينة أيام قَتْل عثمان، فقلت لصاحبي: قد أَفِدَ الحجُّ، و إني لا أري الناس إلا قد نَشِبوا في قَتْل عثمان، و لا أراهم إلا قاتليه.
أَفِد: حان وقته. قال النابغة:
أَفِد الترحُّل غيرَ أنّ رِكابنا لمَّا تَزُل برحالنا و كأنْ قَدِ «1»
نشِبوا: أي وقعوا فيه وقوعاً لا منزع لهم عنه.
أفَّاق في (بج). و الأَفْن في (سأ). المؤتفكات في (رس). أَفِيقة في (دب). أَفِيق في (سف).

الهمزة مع القاف

[أقط]

: في (ثو). أقِطاً أَمْ تمراً في (شع).

الهمزة مع الكاف

[أكل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- قال بعضُ بني عُذرة: أتيته بتَبوك، فأخرج إلينا ثلاث أُكَلٍ من وَطِيئة.
جمع أُكْلة و هي القُرْص.
الوطيئة: القعيدة. و هي الغِرَارة التي يكون فيها الكَعْك و القَدِيد؛ سميت بذلك لأنها لا تُفَارق المسافر، فكأنها تواطِئه و تقاعده.
______________________________
(1) البيت من الكامل، و هو في ديوان النابغة ص 89، و الأزهية ص 211، و الأغاني 11/ 8، و الجني الداني ص 146، 260، و خزانة الأدب 7/ 197، 198، 10/ 407، و الدرر اللوامع 2/ 202، 5/ 178، و شرح التصريح 1/ 36، و شرح شواهد المغني ص 490، 764، و شرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52، و لسان العرب 3/ 346 (قدد)، و مغني اللبيب ص 171، و المقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 56، 356، و أمالي ابن الحاجب 1/ 455، و خزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260، و رصف المباني ص 72، 125، 448، و سر صناعة الإعراب ص 334، 490، 777، و شرح الأشموني 1/ 12، و شرح ابن عقيل ص 18، و شرح قطر الندي ص 160، و شرح المفصل 10/ 110، و مغني اللبيب ص 342، و المقتضب 1/ 42، و همع الهوامع 1/ 143، 2/ 80.
(2) (*) [أكل]: و منه الحديث: من أكل بأخيه أكلة. و في حديث عائشة تصف عمر رضي اللّٰه عنهما: و بَعَج الأرض فقاءت أُكلها. و في حديث عمر: دَع الرُّبَّي و الماخض و الأَكولة. و في حديث النهي عن المنكر:
فلا يمنعه أن يكون أكيلة و شريبة. النهاية 1/ 57، 58.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 46
[النبي صلي اللّه عليه و سلم]- ما زالت أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَادُّني، فهذا أَوَانَ قَطَعتْ أبهَرِي.
هي اللّقمة.
المعادّة: مُعَاودة الوجع لوقت معلوم. و حقيقتها أنه كان يحاسب صاحبه أيام الإفاقة، فإذا تم العدد أصابه، و المراد عادَّته أُكلة خَيْبَر فحذف.
الأَبهر: عرق مُسْتَبْطن [في] الصلبِ و القلبُ متصل به، فإذا انقطع مات صاحبه. قال:
و لِلْفُؤَادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِهِ لَدْمَ الغُلامِ وَرَاءَ الغَيْبِ بالحَجَرِ
أوانَ: يجوز فيه البناء علي الفتح، كقوله:
*علي حينَ عاتبتُ المشيبَ علي الصّبا «1»
* نهي عن المُؤَاكَلَةِ.
هي أن يتحف الرجل غَريمه فيسكت عن مطالبته؛ لأن هذا يأكل المال و ذلك يأكل التحفة فهما يتآكلان.
أُمِرْتُ بقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَي، يقولون يثرب.
أي يفتح أهلُها القري و يغنمون أموالها؛ فجعل ذلك أَكلًا منها للقري علي سبيل التمثيل، و يجوز أن يكون هذا تفضيلًا لها علي القري، كقولهم: هذا حديث يَأْكُل الأحاديث. و أسند تسميتها يثرب إلي الناس تحاشياً من معني التثريب. و كان يسميها طَيْبة و طَابَة.
يقولون: صفة للقرية، و الراجع منه إليها محذوف و الأصل يقولون لها.
عمر رضي اللّٰه عنه- أللّٰه ليضربنَّ أحدُكم أَخَاه بمِثْلِ آكِلَةِ اللحم، ثم يَري أني لا أُقيدُهُ منه، و اللّٰه لأقِيدَنَّهُ منه.
______________________________
(1) عجزه:
و قُلْتُ ألمَّا أصْحُ و الشيب وازعُ
و البيت من الطويل، و هو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 32، و الأضداد ص 151، و جمهرة اللغة ص 1315، و خزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553، و الدرر 3/ 144، و سر صناعة الإعراب 2/ 506، و شرح أبيات سيبويه 2/ 53، و شرح التصريح 2/ 42، و شرح شواهد المغني 2/ 816، 883، و الكتاب 2/ 330، و لسان العرب 8/ 390 (وزع)، 9/ 70 (خسف)؛ و المقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357؛ و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 111، و الإنصاف 1/ 292، و أوضح المسالك 3/ 133، و رصف المباني ص 349، و شرح الأشموني 2/ 315، 3/ 578، و شرح شذور الذهب ص 102، و شرح ابن عقيل ص 387، و شرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137، و مغني اللبيب ص 571، و المقرب 1/ 290، 2/ 516، و المنصف 1/ 58، و همع الهوامع 1/ 218.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 47
قيل: هي السكِّين، و أكْلُها اللَّحْم: قَطْعها له، و مثلها العصا المحددة أو غيرها.
و قيل: هي النار، و مثلها السِّياط؛ لإحراقها الجلد.
أللّٰه: أصله أبا اللّٰه، فأضمر الباء، و لا تُضْمر في الغالب إلا مع الاستفهام.
يري: يظنّ.
في الحديث: لُعِنَ آكِلُ الرِّبا و مُؤْكلُه.
أي مُعْطِيه.

[أكأ]

: لا تَشْرَبُوا إلّا مِنْ ذِي إكَاء.
أي من سقاء له إكَاء، و هو الوِكَاء.
الأَكُولة في (غذ). الأُكْرَة في (زق) المَأْكَمَة في (زو). أُكْلَها في (زف). أَكْلةً أَو أَكْلتين في (شف). مَأْكُول في (هب).

الهمزة مع اللام

[أل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- عجب رَبُّكم مِن أَلِّكُمْ «1» و قُنُوطِكم و سُرْعَةِ إجابته إياكم.
و رُوِي: مِنْ أَزْلِكم.
الأَلّ و الأَلَل و الأَلِيل: الأنين و رَفْع الصوت بالبكاء.
و المعني أن إفراطكم في الجُؤَار و النَّحِيب، فعلَ القانطين من رحمة اللّٰه، مُستغربٌ مع ما تَرَوْن من آثار الرَّأْفة عليكم، و وَشْك الاستجابةِ لأدِعيتكم.
و الأَزْلُ: شدَّةُ اليأْس.
ويلٌ للمتأَلِّين من أُمتي.
قيل: هم الذين يحلفون باللّٰه متحكّمين عليه فيقولون: و اللّٰه إن فلاناً في الجنة و إن فلاناً في النار.
و منه
حديث ابن مسعود: إن أبا جهل قال له: يا بنَ مسعود لأقْتلنّك. فقال: من يتألّ علي اللّٰه يكذِّبه. و اللّٰه لقد رأيتُ في النوم أني أخذت حَدَجَة حَنْظل فوضعتها بين كتفيك،
______________________________
(2) (*) [أل]: و منه في حديث الصديق لما عُرض عليه كلام مسيلمة قال: إن هذا لم يخرج من إلّ. و منه حديث لقيط: أنبئك بمثل ذلك، في إلّ اللّٰه. و منه حديث أم زرع: وفيُّ الإلِّ كريم الخل. و منه حديث علي:
يخون العهد و يقطع الإل. النهاية 1/ 61.
(1) قال في لسان العرب (ألل): قال أبو عبيد: المحدثون رووه من إلكم، بكسر الهمزة، و المحفوظ عندنا من ألكم، و هو أشبه بالمصادر، كأنه أراد من شدة قنوطكم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 48
و رأَيتني أضرب كَتِفَيْك بنَعل، و لئن صَدَقَتِ الرؤيا لأَطأَنّ علي رقبتك، و لأَذبحنّك ذبح الشاة.
لأقْتُلنَّك: جواب قسم محذوف، معناه و اللّهِ لأَقتلنَّك، و لهذا قال: من يتألَّ علي اللّٰه يكذِّبْه؛ أي من يُقسم به متحكماً عليه لم يصدّقه اللّٰه فيما تحكَّم به عليه، فخيّب مَأْمُوله.
الحَدَجَة: ما صَلُب و اشتد و لمّا يستحكم إدراكه من الحنظل أو البِطيخ.

[ألب]

*: إن الناسَ كانوا علينا أَلْباً وَاحِداً.
فيه وجهان: أحدهما أن يكون مصدراً، من أَلَب إلينا المالُ إذا اجتمع، أو من أَلَبْناه نحن إذا جمعناه، أي اجتماعاً واحداً أو جمعاً واحداً. و انتصابُه إما علي أنه خبر كان علي معني ذوي اجتماع أوْ ذَوِي جَمْع، و إمَّا علي أنه مصدر أَلَّبُوا الدَّال عليه: كانوا علينا؛ لأن كونهم عليهم في معني التألّب عليهم و التعاون علي مُنَاصَبتهم. و الثاني: أن يكون معناه يداً واحدة، من الإِلْب و هو الفِتْرُ. قال حسّان:
و النَّاسُ إلْب علينا فيك ليس لنَا إلا السُّيوف و أَطْرَاف القَنَا وَزَرُ «1»
تَفَل في عَيْنِ علي، و مسحها بأَلْيَةِ إبهامه.
هي اللحمة التي في أصلها، كالضَّرَّة في أَصل الخنصر.

[ألت]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- قال له رجلٌ: اتَّق اللّٰه يا أميرَ المؤمنين. فسمعها رجل فقال: أَ تَأْلِتُ علي أميرِ المؤمنين؟ فقال عمر رضي اللّٰه عنه: دَعْهُ فلن يَزَالوا بخير ما قالوها لنَا.
يقال: أَلَتَه يميناً إذا أَحْلَفَه، و تقول العرب: ألتُّكَ باللّهِ لمَا فَعَلتَ. و إذا لم يعطك حقَّك فقيِّدْه بالأَلْتِ. و هو من أَلته حقَّه إذا نَقَصه؛ لأن من أحلفك فهو بمنزلة مَنْ أخذ منك شيئاً و نقصك إياه. و لما كان من شأن المُحْلِف الجسارةُ علي المحرَج إلي اليمين و التشنيعُ عليه قال: أَ تَأْلِتُ علي أميرِ المؤمنين؟ بمعني أَ تجسر و تشنِّع عليه فِعْل الآلت؛ و الضمير في «فسمعها، و قالوها» للمقالة التي هي: اتَّقِ اللّٰه.
______________________________
(2) (*) [ألب]: و منه حديث عبد اللّٰه بن عمرو حين ذكر البصرة فقال: أما إنه لا يخرج منها أهلها إلا الألبة.
النهاية 1/ 59.
(1) البيت من البسيط، و هو لحسان بن ثابت في ديوانه ص 206، و تذكرة النحاة ص 735، و شرح أبيات سيبويه 2/ 175، و لكعب بن مالك في ديوانه ص 209، و شرح المفصل 2/ 79، و الكتاب 2/ 336، و بلا نسبة في الإنصاف 1/ 276، و المقتضب 4/ 397.
(3) (*) [ألت]: و منه في حديث عبد الرحمن بن عوف يوم الشوري: و لا تغمدوا سيُوفكم عن أعدائكم فتؤْلِتوا أعمالكم. النهاية 1/ 59.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 49‌

[ألف]

*: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- لقد عَلِمَتْ قريشٌ أن أوَّل من أخذَ لها الإِيلافَ و أَجازَ لها العِيَرات لَهَاشم.
الإيلاف: الحبل؛ أي العَهد الذي أخذه هاشم بن عبد مناف من قيصر و أشرافِ أحياء العرب لقومه بأَلّا يُتَعرض لهم في مُجتازاتهم و مسالكهم في رحلتهم. و هو مصدر من آلفه بمعني ألِفَه؛ لأن في العهد ألفةً و اجتماعَ كلمة، و يقال له أيضاً: إلْف و إلَاف. قال:
زَعَمْتم أنّ إخْوَتَكم قُرَيْشٌ لهمْ إلْف و لَيْسَ لَكم إلَافُ
العِيَرات: جمع عِيْر. قال الكميت:
عِيرات الفِعال و الحسَب العَوْ دِ إليهم مَحْطُوطةُ الأعْكَامِ «1»
قال سيبويه: أجمعوا فيها علي لغة هذيل، يعني تحريك الياء في مثل قوله:
*أَخُو بَيَضَاتٍ رائحٌ مُتَأَوِّبُ
* و كان القياسُ التسكين، و أن يقال عِيْرات كما يقال بَيْضات.

[ألا- لي]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- كان يقوم له الرَّجُلُ من إلْيَتِه- و رُوي من لِيَةِ نفسه- و روي من لِيَّتِه، فما يجلسُ في مجلسه لقول رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: لا يقيمنّ أحدُكم أخاه فيجلس في مكانه.
الإلية و اللِّيَة: كلتاهما فِعْلة من ولي، فقلبت الواو همزة أو حُذِفت.
و المعني: كان يلي القيام طيّبة به نفسه من غير أن يُغْصَب عليه، و يُجبَر علي الانزعاج من مجلسه.
و أما اللِّيَّة فالأَقْرِباء الأَدْنون من اللَّيّ؛ لأنَّ الرجالَ يُنْتَطَقُ بهم، فكأنه يَلْوِيهم علي نفسه.
و معناه: كان يقوم له الرجل الواحد من أَقاربه. و يقال في الاقارب أيضاً: لِيَة بالتخفيف من الوَلْي و هو القُرْب.

[ألب]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- ذكر البصرة فقال: أَمَا إنّه لا يُخْرِجُ أَهْلَهَا مِنْها إلّا الأُلْبَةُ.
هي المجاعة، من التأَلُّب و هو التجمّع؛ لأنهم في القَحْط يخرجون جماعة إلي الامتيار.
______________________________
(2) (*) [ألف]: و منه في حديث حنين: إني أُعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أ تألفهم. و منه حديث الزكاة: سهم للمؤلفة قلوبهم. النهاية 1/ 60.
(1) البيت من الكامل، و هو للكميت في شرح المفصل 5/ 31، 33، و ليس في ديوانه، و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 346.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 50
البراء رضي اللّٰه عنه- السجود علي أَلْيَتيِ الكفِّ.
أَرَادَ أَلْيَة الْإبْهام و ضَرَّةَ الْخِنْصَر، فغلَّبَ؛ كقولهم: العُمَران و القَمَران.

[أله]

: وُهيب رضي اللّٰه عنه- إذا وقع العَبْدُ في أُلْهَانِيَّةِ الرَّبِّ، و مُهَيْمِنِيّةِ الصدِّيقين، و رَهْبَانِيَّةِ الأَبْرَار لم يجدْ أحداً يأْخُذ بقَلْبه و لا تلحقه عينه.
هذه نسبة إلي اسم اللّٰه تعالي، إلا أنه وقع فيها تغيير من تغييرات النسب، و اقتضابُ صيغةٍ، و نظيرها الرُّجولية في النسبة إلي الرجل؛ و القياس إلهية و رَجُلِية كالمهيمنيّة و الرَّهْبَانية في النسبة إلي المهيمن و الرَّهبان؛ و الرَّهْبَان: و هو الرَّاهب فَعلان مِنْ رَهِب، كغَضْبان من غضب.
و المهيمن: أصله مُؤَيْمِن، مُفَيْعِل من الأمانة. و المراد الصفات الإِلهية و المعاني المهيمنية و الرَّهبانية؛ أي إذا علّق العبدُ أفكاره بها و صرف وَهْمهُ إليها أَبْغَضَ الناسَ، حتي لا يميل قلبُه إلي أحد و لا يطمح طرْفُه نحوه.

[ألس] [ألق]

*: في الحديث: اللهم إنَّا نَعُوذُ بك من الألْسِ و الأَلْقِ و الكِبْر و السَّخِيمة.
الأَلْس: اختلاط العقل، قال المتلمس:
*إني إذن لضعيفُ الرأي مَأْلُوس «1»
* و قيل: الخيانة، قال الأعشي:
*هُمُ السَّمنُ بالسَّنُّوت لَا أَلْسَ فيهمُ «2»
* الأَلْق: الجنون، أُلِقَ فهو مأْلُوق. و قيل: الكذب، أَلَقَ يأْلِق فهو آلِق: إذ انبسط لسانُه بالكذب.
السخيمة: الحِقْد.
إلّ اللّٰه الأرض في (هض). و هو إليك في (خش). اللهمّ إليك في (ور). تُؤْلِتُوا أعمالَكم في (حب). وَفِيّ الأَلّ في (غث). لم يخرج من إلّ في (نق). المآلي في (أب).
______________________________
(1) صدر البيت:
لئن تبدلت من قومي حديثكم
(2) عجزه:
و هم يمنعون جارَهُم أن يُقَرَّدا
و البيت ليس في ديوان الأعشي، و هو للحصين بن القعقاع في لسان العرب (سنت).
و السنوت: العسل.
(3) (*) [ألق]: و منه الحديث: اللهم إنا نعوذ بك من الألق. النهاية 1/ 60.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 51
آل، و أَلّي في (أو). لم آلُه في (ثم). إيلاء في (حد). الأُلوّة في (لو). علمي إلي علمه في (قر).

الهمزة مع الميم

[أم]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إن اللّٰه تعالي أَوْحَي إلي شَعيا أني أبعث أَعْمَي في عُميان و أُميًّا في أميين؛ أُنَزل عليه السكينة و أُؤيده بالحكمة، لو يَمُرُّ إلي جنب السراج لم يطفئه، و لو يمرّ علي القَصَبِ الرَّعْراع لم يُسْمَع صَوْتُه.
نسب الأُميّ إلي أمة العرب حين كانوا لا يُحسنون الخطّ و يخطّ غيرُهم من سائر الأمم، ثم بقي الاسم و إن استفادوه بَعْدُ. و قيل: نسب إلي الأُمّ؛ أي هو كما ولدته أمُّه.
السكينة: الوقار و الطُّمَأْنينة. فعيلة من سكَن كالغَفِيرة من غفَر. و قيل لآية بني إسرائيل سكينة؛ لسكونهم إليها.
الرَّعْرَاع: الطويل المهتزّ، من تَرَعْرُع الصَّبيِّ و هو تحرّكه و إيقاعه، و من تَرَعْرُع السرابِ و هو اضطرابه. وُصِف بأنه بلغ من توقّرِه و سكون طائره أنه لا يُطْفِي‌ء السراجَ مرورُه به مُلاصِقاً له، و لا يحرك القصبَ الطويل الذي يكاد يتحرك بنفسه حتي يسمعَ صوتُ تحركه.
[أمم]:
كان يحبُّ بِلالًا و يُمَازِحُه، فرآه يوماً و قد خَرَج بطنُه فقال: أمّ حُبَينٍ.
هي عِظَاية لها بَطْن بارز؛ من الحبَن و هو عِظَم البطن.

[أمر]

*: إن أميري من الملائكة جبريل.
هو فَعيل من المُؤَامرة و هي المشاورة، قال زهير:
و قال أميري هل تري رأْيَ ما نَرَي أَ نختله عن نَفْسِه أم نُصَاوِله «1»
و مثله العَشِير و النَّزِيل، بمعني المعاشر و المنازل، و هو من الأَمْر؛ لأن كل واحدٍ منهما يُبَاثُّ صاحبه أمره، أو يصدر عن رَأْيه و ما يأمرُ به. و المراد وَليِّي و صَاحِبي الَّذي أَفزَع إليه.

[أمع]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- لا يَكُونَنَّ أَحَدُكُمْ إمَّعَةً «2». قِيل: و ما اْلإمَّعَةُ؟ قال:
الذي يقول: أَنَا مع الناس.
و
عنه: اغْدُ عالِماً أوْ مُتَعَلِّماً و لا تَغْدُ إمَّعَة.
______________________________
(3) (*) [أمر]: و منه الحديث: خير المال مهرة مأمورة. و منه حديث أبي سفيان: لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشة.
و منه حديث ابن مسعود: كنا نقول في الجاهلية قد أمِر بنو فلان. النهاية 1/ 65، 66.
(1) البيت في ديوان زهير بن أبي سلمي ص 27.
(2) في لسان العرب (أمع): و لا تكن إمعة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 52
و عنه كنا نَعُدُّ الإمَّعَة في الجاهلية الذي يتْبَعُ الناسَ إلي الطَّعَامِ من غيرِ أَنْ يُدْعَي؛ و إنَّ الإمَّعَة فِيكم اليومَ المُحْقِبُ النَّاسَ دينَه.
الإِمَّعَة: الذي يَتْبَع كلَّ ناعقٍ، و يقول لكل أحد: أنا مَعك؛ لأنه لا رَأْيَ له يرجع إليه.
و وَزْنه فِعَّلة كدِنَّمَة «1»، و لا يجوز الحكم عليه بزيادة الهمزة؛ لأنه ليست في الصفات إفْعَلة، و هي في الأسماء أيضاً قليلة.
المُحُقِب: المُرْدِف، من الحقيبة، و هي كل ما يجعله الراكب خَلْف رحله.
و معناه المقلّد الذي جعل دينه تابعاً لدينِ غيره بلا رَوِيَّة و لا تحصيل بُرْهان.

[أمم]

: حُذيفة رضي اللّٰه عنه- مَا مِنَّا إلَّا رجلٌ به آمَّة يُبَجِّسُها الظُّفْر «2».
هي الشجَّة التي تبلغ أُمَّ الرأس، و المَأْمُومة مثلها. يقال: أَمَمْتُ الرجلَ بالعصا إذا ضربتَ أمَّ رأسه؛ و هي الجلدة التي تجمَعُ الدِّماغ، كقولك: رأَسْتُه و صَدَرْتُه و ظهَرْتُه: إذا ضربتَ منه هذه المَوَاضع؛ فالآمّ: الضَّارب، و المأمومة: أم الرأس. و إنما قيل للشجة آمَّة و مأمومة بمعني ذاتُ أَم، كقولهم: رَاضية، و سيل مُفْعم.
و
في الحديث: في الآمَّة ثُلث الدِّيَة- و روي في المأْمُومة.
يُبَجِّسُها: يُفَجِّرها. أراد ليس منا أحد إلا به عَيب فاحش. و ضربَ الشجّة الممتلئةَ من القَيْح البالغةَ من النُّضْجِ غايتَه التي لا يعجز عنها الظّفر فيُحتاج إلي بَطِّها «3» بالمِبْضَع مثلًا لذلك.

[أمت]

: الخُدْرِيّ رضي اللّٰه عنه- إن اللّٰه حرَّم الخمر فلا أَمْتَ فيه.
أي لا نَقْصَ في تحريمها.
يعني أنه تحريم بليغ، من قولهم: ملأ مَزادتَه حتي لا أَمْتَ فيها؛ أو لا شكّ، من قولهم: بيننا و بين الماء ثلاثة أميال علي الأَمْت؛ أي علي الْحَزْر و التَّقْدِير؛ لأن الحَزْر ظنٌّ و شكّ. أو لَا لينَ و لا هَوَادة، من قولهم: سار سيراً لا أَمْتَ فيه.
ابن عباس- رضي اللّٰه عنهما- لا يزالُ أَمرُ هذه الأمة مُؤَامًّا ما لم يَنْظُرُوا في الوِلْدَانِ و القَدَرِ.
المُؤَامّ: المُقَارِب؛ مُفَاعل من الأَمِّ و هو القَصْد؛ لأن الوسطَ مشارف للتناهي مُقَارِب له، قاصدٌ نحوَه، و قولهم: شي‌ء قَصْد، و الاقتصاد يشهد لذلك.
و منه
الحديث: لا تزالُ الفِتْنَة مُؤَامًّا بها ما لم تَبْدأْ من الشَّام.
______________________________
(1) الدنمة، بكسر الدال و شد النون: القصيرة (القاموس المحيط: دنم).
(2) يبجسها الظفر: يفجرها الظفر، و الظفر بضمة و ضمتين.
(3) بط الجرح: شقه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 53
و مُؤَامّ ههنا تقديره مُفَاعَل بالفتح؛ لأَن معناه مقارَباً بها. و الباءُ للتّعدية.
الوِلْدانِ: أطفال المشركين، أراد ما لم يتنازعوا الكلام فيهم و في القَدَر.

[أمه]

: الزهري رحمه اللّٰه- مَن امْتُحِن في حدٍّ فأَمِهَ، ثم تَبَرَّأَ فليْسَتْ عليه عقوبة، و إن عُوقب فأَمِهَ فليس عليه حَدٌّ إلا أن يَأْمَه من غَيْر عُقُوبةٍ.
الأَمَه: النِّسيان. و في قراءة ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما: وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أَمةٍ [يوسف: 45]. و لما كان في نسيان الشي‌ء تَرْكُه و إغفاله؛ و لهذا فُسِّر قوله تعالي:
فَنَسِيتَهٰا [طه: 126] بالترك، قال: فأَمِه؛ أي ترك ما كان عليه من التبرؤ و الجحود تَرْكَ الناسي له، و معناه يؤول إلي الاعتراف.

[أمد]

: الحجاج- قال للحسن: ما أَمَدُك يا حَسن؟ قال: سنتان من خلافة عمر رضي اللّٰه عنه. فقال: و اللّٰه لعَيْنُك أكبرُ من أَمَدك.
أراد بالأمَد مبلغ سنّه و الغاية التي ارتقي عليها عددُ سنِّه، قال الطرمَّاح:
كلُّ حيٍّ مستكمِلٌ عدةَ العُمْ رِ و مُودٍ إذا انْقَضَي أَمَدُه
سنتان: أي صدر ذلك و أوله سنتان؛ فحذف المبتدأ؛ لأنه مفهوم. و معناه: ولدت و قد بقيت سنتان من خلافة عمر.

[أمم]

: في الحديث- كانوا يتأَمَّمُونَ شِرَارَ ثِمَارهم في الصّدَقة.
أي يقصِدون، و في قراءة عبد اللّٰه: و لا تَأَمَّمُوا الخَبِيث [البقرة: 267].

[أمر]

: إن آدم لما زَيَّنَتْ له حَوَّاءُ الأكْلَ من الشجرَةِ، فأكل منها فعاقبه اللّٰه قال: من يُطِعْ إمَّرَةً لا يأكلْ ثمرَة.
هي تأنيث الإمَّر: و هو الأَحمق الضعيف الرأي الذي يقولُ لغيره: مُرْني بأَمْرِك.
و المعني: من عمل علي مشورة امرأةٍ حمقاء حُرِم الخير.
و يجوز أن تكون الإمّرة- و هي الأنثي من أولاد الضَّأْن؛ كناية عن المرأة، كما يكنون عنها بالشاةِ.

[أمن]

*: الأَمَانةُ غِني.
______________________________
(1) (*) [أمن]: و منه الحديث: نهران مؤمنان و نهران كافران. و منه الحديث: لا يزني الزاني و هو مؤمن. و في الحديث: النجوم أمَنَة السماء. و في حديث نزول المسيح عليه السلام: و تقع الأمَنَة في الأرض. و في الحديث: المؤذِّن مؤتمن. و حديث: المجالس بالأمانة. و في حديث أشراط الساعة: و الأمانة مغنماً.
و حديث: الزرع أمانة و التاجر فاجر. و حديث: أستودع اللّٰه دينك و أمانتك. و حديث: من حلف بالأمانة فليس منا. النهاية: 1/ 69، 70، 71.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 54
أي من شُهر بها كثر مُعَامِلوه فاستَغْنَي.
مأْمُورة في (سك). الإِمَاق في (صب). و يُؤْتَمَنُ الخائن في (تح). تقع الأَمَنَة في (هر). لا يَأْتَمِر رَشَداً في (هي). بإمَّرة في (ضر). يوم أَمَار في (حص). في تَامُورَته في (حب). أُمّ القُرَي في (بك). و أَمْر العامّة في (خص). أُمَّة في (رب) أَمِير أَو مَأْمُور في (قص). و أَمِيناً في (خي).

الهمزة مع النون

[أني]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إن رجلًا جاء يوم الجمعة و رسولُ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يخطب، فجعل يتخَطّي رقابَ الناسِ حتي صلَّي مع النبي صلي اللّه عليه و سلم؛ فلما فرَغ من صلاته قال: أمَا جَمَّعْتَ يا فلان؟
فقال: يا رسول اللّٰه؛ أما رأيتني جمّعتُ معك؟ فقال: رَأَيتك آنَيْتَ و آذَيْتَ.
أي أخَّرت المجي‌ء، قال الحطيئة:
و آنَيْتُ العَشاءَ إلَي سُهَيلٍ أو الشِّعْرَي فَطَال بي الأَنَاءُ «1»
و هو من التأني.
حُكْمُ جعل في مثل هذا الموضع حكم كاد في اقتضائه اسماً و خبراً هو فعلٌ مضارع في تأويل اسم فاعل. و بينهما من طريق المعني مسافةٌ قصيرة؛ و هي أنّ كاد لمقاربة الفعل و مُشَارفته، و جعل لابتدائه و الخوض فيه.
التجميع: إتيان الجمعة و أداءُ ما عليه فيها.
و المعني أنه جعل تجميعه في فَقْد الفضيلة لإيذائه الناس بالتخطي و تأخيره المجي‌ء كَلَا تجْميع؛ و نظيره
لا صلاةَ لجار المسجد إلا في المسجد

[آنك]

: من استمع إلي حديثِ قومٍ و هُمْ له كارِهون صُبَّ في أُذُنيه الآنُكُ يَوْمَ القِيامة- و روي: ملأ اللّٰه مسامعه من البَرَم- و روي: ملأ اللّٰه سَمْعَه من البَيْرَم.
الآنُك: الأُسْرُبّ أعجمية.
و منه
حديثه: مَنْ جَلَس إلي قَيْنَةٍ لِيَسْتَمِعَ منها صُبَّ في أُذُنَيه الآنُكُ يَوْمَ القِيامة.
البَرَم و البَيْرَم: الكُحْل المُذَاب.
______________________________
(2) (*) [أني]: و منه في حديث غزوة حنين: اختاروا إحدي الطائفتين إما المال و إما السبي، و قد كنت استأنيت بكم. و في حديث الحجاب: غَيْرَ نٰاظِرِينَ إِنٰاهُ. و في حديث الهجرة: هل أني الرحيل. النهاية 1/ 78.
(1) البيت في لسان العرب (أني).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 55
القوم: الرجال خاصة. قال اللّٰه تعالي: لٰا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسيٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لٰا نِسٰاءٌ مِنْ نِسٰاءٍ [الحجرات: 11]. و قال زهير:
*أ قومٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ «1»
* و هذه صفة غالبة. جمع قائم كصاحب و صَحْب، و معني القيام فيها ما في قوله تعالي:
الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَي النِّسٰاءِ [النساء: 34].
الواو في و هم: واو الحال، و هي مع الجملة التي بعدها منصوبة المحل، و ذو الحال فاعل استمع المستترُ فيه، و الذي سوَّغ كينونتها حالًا عنه تضمُّنها ضميره. و يجوز أن تكون الجملة صفةً للقوم، و الواوُ لتأكيد لصوق الصِّفة بالموصوف، و أن الكراهةَ حاصلةٌ لهم لا محالة. و نظيره قوله تعالي: وَ يَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثٰامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [الكهف: 22].
المَسَامِع: جمع مِسْمَع، و هو آلة السمع، أو جَمْع سَمْع علي غير قياس، كمَشابِه و مَلَامح في جمع شَبَه و لَمْحة، و إنما جُمِع و لم يثنّ لإرَادته المِسْمَعَينِ و ما حولهما مبالغة و تغليظاً.
القَيْنَة عند العرب: الأمَة. و القَيْن: العبد. و لإن الغناء أكثر ما كان يتولاه الإماء دون الحَرَائر سميت المغنية قَيْنة.

[أنف]

*: في قصة خروجه إلي المدينة و طلب المشركين إيّاه- قال سُراقةُ بن مالك:
فبينا أنا جالس أقْبَل جالس أقْبَل رجل فقال: إني رأيت آنِفاً أَسْوِدَةً بالساحل أَراهم محمداً و أصحابَه.
قال: فقلتُ: ليسوا بهم، و لكن رأيتُ فلاناً و فلاناً و فلاناً انطلقوا بُغْيَاناً.
آنفاً: أي الساعة، من ائْتِنَاف الشي‌ء و هو ابتداؤُه، و حقيقتُه في أول الوقت الذي يقرب منّا.
و منه:
إنه قيل له: مات فلان، فقال: أ ليس كان عندنا آنِفاً؟ قالوا: بلي! قال: سبحان اللّٰه! كأنها أَخْذَة علي غَضَب. المحروم: من حُرم وصيته.
الأَسْوِدَة: جمع سَوَاد، و هو الشّخص.
______________________________
(1) صدره:
و ما أدري و سوف إخال أدري
و البيت من الوافر و هو لزهير بن أبي سلمي في ديوانه ص 73، و الاشتقاق ص 46، و جمهرة اللغة ص 978، و الدرر 2/ 261، 4/ 28، 5/ 126، و شرح شواهد الإيضاح ص 509، و شرح شواهد المغني ص 130، 412، و الصاحبي في فقه اللغة ص 189، و مغني اللبيب ص 41، 139، 393، 398، و بلا نسبة في همع الهوامع 1/ 153، 248، 2/ 72.
(2) (*) [أنف]: و منه في حديث سبق الحدث في الصلاة: فليأخذ بأنفه و يخرج. و في حديث ابن عمر: إنما الأمر أُنُفٌ. النهاية 1/ 75.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 56
البُغْيان: الناشدون، جمع باغٍ، كرَاعٍ و رُعيان.
المؤمنون هَيْنُون لَيْنُون كالجمل الأَنِف، إن قِيدَ انقاد، و إن أُنيخ علي صخرة استناخ.
أَنِف البعير: إذا اشتكي عَقْرَ الخِشَاش أَنْفَه، فهو أَنِف. و قيل: هو الذّلول الذي كأنه يأْنَف من الزَّجْرِ فيُعْطِي ما عنده و يسلس لقائِده. و قال أبو سعيد الضرير: رواه أبو عبيد:
كالجمل الآنِف، بوزن فاعل، و هو الذي عَقَره الخِشَاش؛ و الصحيح الأَنِف علي فَعِل، كالفَقِر و الظَّهِر.
و المحذوفة من ياءي هين و لين الأولي. و قيل الثانية.
الكاف مرفوعة المحلّ علي أنها خبر ثالث، و المعني: أَن كل واحد منهم كالجمل الأَنِف.
و يجوز أن ينتصب محلها علي أنها صفةٌ لمصدر محذوف تقديره لَيْنُون ليناً مِثْلَ لين الجمل الأنِف.

[أنس]

: قال لرافع حين مسح بطنَه فألقي شحمة خضراء: إنه كان فيه سبعة أناسيّ.
جمع إنسان، يعني سبْعَ أعين.
إنَّ المهاجرين قالوا: يا رسولَ اللّٰه؛ إن الأَنصارَ قد فَضَلوا؛ إنهم آوَونا و فعلوا بنا و فعلوا. فقال: أ لستُم تعرفون ذلك لهم؟ قالوا: بلي! قال: فإنّ ذاك.
ذاك: إشارة إلي مَصْدر تعرِفون، و هو اسم إن، و خبرها محذوف، أي فإن عرفانكم المطلوبُ منكم و المستحقُّ عليكم. و معناه أن اعترافَكم بإيوائهم و نَصْرِهم و معرفتكم حقَّ ذلك- ما أنتم به مطالَبُون، فإذا فعلتموه فقد أدّيتم ما عليكم.
و مثله:
قول عُمر بن عبد العزيز لقرشيّ مَتَّ إليه بقرابةٍ: فإنّ ذَاك. ثم ذكر حاجَتَهُ فقال: لعلَّ ذاك.
أي فإن ذاك مُصدَّق، و لعل مطلوبك حاصل.

[أنح]

: عمر رضي اللّٰه عنه- رأَي رجلًا يَأْنحُ «1» ببَطْنِه، فقال: ما هذا؟ فقال: بركةٌ من اللّٰه. فقال: بل هو عذابٌ يعذّبك اللّٰه به.
الأُنُوح: صَوْتٌ من الجوف معه بُهْر يعتري السمين و الحاملَ حِمْلًا ثقيلًا. قال يصف مَنْجَنِيقاً:
تري الفِئَام قياماً يأْنَحُونَ لها دأْبَ المُعَضّل «2» إذ ضاقت مَلَاقيها
______________________________
(1) أي يقله مثقلًا به، من الأنوح.
(2) عضلت الحامل و أعضلت: إذا صعب خروجها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 57‌

[أنكليس]

: علي رضي اللّٰه عنه- بعث عماراً إلي السوق فقال: لا تَأْكلُوا الأَنْكَلِيسْ من السمك.
قيل: هو الشَّلق، و قيل: سمك شبيه بالحيَّات، و تزعم الأطباء أنه ردي‌ء الغذاء و كرهه لهذا لا لأَنِه محرم. و فيه لغتان الأنكليس و الأنقليس بفتح الهمزة و اللام، و منهم من يكسرهما.

[أندرورد]

: أقبل و عليه أَنْدَرْوَرْدِيَّةٌ.
الأَنْدَرْوَرْد: نوع من السراويل مشمَّر فوق التُّبّان «1» يُغَطّي الركبة.
و منه حديث سَلمان
قالت أم الدرداء: زارنا سلمان من المدائن إلي الشام ماشياً، و عليه كساء و أَنْدَرْوَرْد.
و الأَنْدَرْوَرْدية منسوبة إليه؛ أي سراويل من هذا النوع.

[أنن]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إنَّ طُولَ الصَّلَاةِ و قِصَر الْخُطْبَةِ مَئِنَّةٌ من فِقْه الرجل المسلم.
قال أبو زيد: إنه لَمِئَنّةٌ من ذاك، و إنهن لمَئِنّة: أي مَخْلَقة. و كل شي‌ء دلّك علي شي‌ء فهو مئِنة له. و أنشد!
و مَنْزِلٍ مِنْ هَوَي جُمْلٍ نَزَلْتُ بِهِ مَئِنَّة مِنْ مَرَاصيدِ المَنِيَّات «2»
و أنشد غيره:
نَسْقي علي دَرَّاجَةٍ خَرُوس [مَعْصُوبَةٍ بين رَكايا شُوسِ]
مَئِنَّةٍ من قَلَتِ «3» النفوسِ «4»
و يقال: إن هذا المسجد مَئِنّة للفقهاء. و أنت عمدتنا و مَئِنّتنا.
و حقيقتها أنها مَفعِلة من معني إنّ التأكيدية غير مشتقة من لفظها؛ لأَنَّ الحروف لا يُشتق منها. و إنما ضمنت حروفَ تركيبها لإيضاح الدلالة علي أن معناها فيها. كقولهم:
سأَلتُكَ حاجة، فلَا لَيْتَ فيها. إذ قال: لا، لا. و أَنْعَمَ لي فلان إذا قال: نعم. و المعني:
مكان قول القائل: إنه كذا. و لو قيل: اشتُقَّتْ من لَفْظِها بعدما جُعلت اسماً، كما أعربت ليت و لو و نُوِّئَتَا في قوله:
*إن لَوًّا و إنَّ لَيْتاً عَنَاءَ
* كانَ قَوْلًا.
______________________________
(1) التبان: هو سروال صغير.
(2) البيت في اللسان (أن).
(3) القلت: الهلاك.
(4) الرجز لدكين في اللسان (أن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 58‌

[أنث]

*: النَّخَعي كانوا يكرهون المُؤَنَّثَ من الطِّيبِ، و لا يرون بذُكُورَتِه بأْساً.
هو ما يتطيَّب به النساء من الزَّعْفَران و الخَلُوق و ما له رَدْع.
و الذكورة: طِيب الرجال الذي ليس له رَدْع، كالكافور و المِسْك و العود و غيرها.
التاء في الذكورة لتأنيث الجمع، مثلها في الحزُونة و السّهولة.

[أنف]

: و
في الحديث- لكلِّ شي‌ء أَنْفَةٌ، و أَنْفَة الصَّلَاةِ التَّكبيرَةُ الأُولي.
أي ابتداءٌ و أَوّل. كأنَّ التاء زِيدت علي أَنف، كقولهم في الذَّنَب ذَنَبة.
جاء في أمثالهم: إذا أخذت بذَنَبة الضب أعضبته و عن الكسائي آنِفَة الصّبا: مَيْعته و أوليته. و أنشد:
عذرتكَ في سَلْمَي بآنِفة الصّبا و مَيْعَته إذ تَزْدَهيك ظِلالُها
مُونِقاً في (حي). و إنّه في (هض). الأَمْر أُنُف في (قف). أطول أَنَفاً في (عش). ورم أَنْفُه في (بر). أَتأنَّق في (اه). لجعلت أَنْفَك في قَفَاك في (بر). إنّه و إنه في (غو). أَنْف في السماء في (مخ). الأَنقَليس في (صل). آنِيَتكم في (خم). آنَسَهُم في (نف). أَنابِهَا في (خص). أُنُف في (رد).

الهمزة مع الواو

[أوي]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- لا يأْوِي الضَّالَّة إلا ضَالٌّ.
أوَيْتُه بمعني آوَيْتُه. قال الأزهري: سمعت أعرابياً فصيحاً من بني نُمَير يَرْعَي إبلًا جُرْباً، فلما أراحها بالعشيِّ نحَّاها عن مأوَي الصِّحاح، و نادي عَريفَ الحيِّ، فقال: [أَلَا،] إلي أين آوِي بهذه المُوَقَّسةَ «1»؟
و منه
قوله عليه الصلاة و السلام للأنصار: أُبايعكم علي أن تَأْوُوني و تَنْصُرُوني.
الضالّة: صفة في الأصل للبهيمة فغلبت. و المعني أن مَنْ يضمُّها إلي نفسه متملكاً لها و لا ينشدُها فهو ضالٌّ.

[أول]

*: قال فيمن صامَ الدهرَ: لا صامَ و لا آلَ- و روي: ألَا- و روي: ألَّي.
______________________________
(2) (*) [أنث]: و منه في حديث المغيرة: فُضُلٌ مئناث. النهاية 1/ 73.
(3) (*) [أوي]: و منه الحديث: كان عليه السلام يخوِّي في سجوده حتي كنا نأوي له. و حديث: كان يصلي حتي كنت آوي إليه. و منه حديث المغيرة: لا تأوي من قلّة. و منه قول: لأقطع في ثمر حتي يأويه الجرين. و في حديث وهب: إن اللّٰه تعالي قال: إني أويت علي نفسي أن أذكر من ذكرني. و في حديث الرؤيا: فاستأي لها. و في حديث جرير: بين نخلة و ضالة و سدرة و آءة. النهاية 1/ 82، 83.
(1) الموقسة: الجرب.
(4) (*) [أول]: و منه في الحديث: الرؤيا لأوّل عابر. و في حديث الإفك: و أمرُنا أمر العرب الأَوّل. و في-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 59
آل: رجع. و هذا دعاءٌ عليه؛ أي لا صام هذا الصوم و لا رجع إليه.
و أَلَا: قصّر، و ترك الجَهْدَ.
و ألَّي: أفرط في ذلك. قال الربيع بن ضَبُع الفَزَاري:
و إنَّ كنائني لَنِساءُ صِدْقٍ و مَا أَلَّي بَنيَّ و لا أَسَاءُوا «1»
و لا في هذا الوجه نافية بمنزلتها في قوله: فَلا صَدَّقَ و لا صَلَّي. و المعني: لم يصم؛ علي أَنَّهُ لم يَتْرُك جهداً.

[أود]

: عمر رضي اللّٰه عنه- إنّ نَادِبَتَهُ قالت: وَا عُمَراه! أقام الأَوَد، و شَفَي الْعَمَد. فقال علي رضي اللّٰه عنه: ما قالَتْه و لكن قُوِّلته.
الأَوَد: العِوَج. يقال: أُدْتُه فأوِد، كعجته فعوِج.
العَمد أَنْ يَدْبَر ظَهْرُ البعير و يَرِم، و هو متفرع علي العَمِيد؛ و هو المريض الذي لا يتمالكُ أن يجلس حتي يُعْمَد بالوسائد لأنه مريض.
قوَّلته الشي‌ء و أوقلته: إذا لقّنته إياه و ألقيتُه علي لسانه.
و المعني أن اللّٰه أَجْرَاه علي لسانها. أراد بذلك تصديقَها في قولها و الثناء علي عمر.
لا بد للندبة من إحدي علامتين: إما يا و إما وا؛ لأن النُّدْبَةَ لإظْهار التفجع؛ و مدّ الصوت و إلْحاق الألف في آخرها لفصلها من النداء و زيادة الهاء في الوقف إرادةَ بيانِ الألف لأنها خفية، و تحذف عند الوصل كقولهم: وا عمرا أمير المؤمنين.

[أوي]

: مُعاذ رضي اللّٰه عنه- لا تأوَوْا لهم؛ فإن اللّٰه قد ضربهم بذلٍّ مُفْدَم، و أنهم سَبُّوا اللّٰه سبًّا لم يسبّه أحد من خَلْقِه؛ دَعوا اللّهَ ثالث ثلاثة.
أي لا ترِقّوا للنَّصاري و لا ترحموهم. قال:
*و لو أَنّني اسْتَأْوَيْتُه ما أَوَي لِيَا «2»
* و هو من الإِيواء؛ لأن المؤوِي لا يخلو من رِقَّةٍ و شَفَقَةٍ علي المؤوَي.
______________________________
- حديث أبي بكر و أضيافه: بسم اللّٰه الأولي للشيطان. و في حديث ابن عباس: اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل. و منه حديث خزيمة السلمي: حتي آل السُّلَامي. و في حديث قس بن ساعدة: قطعت مَهمَهاً و آلًا فآلًا. النهاية 1/ 80، 81.
(1) البيت في لسان العرب (ألي).
(2) صدره:
علي أمرِ من لم يُشوني ضرُّ أمْرِه
و البيت لذي الرمة في ديوانه ص 651.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 60
و منه
الحديث: كان يصلي حتي نأوي له.
المُفْدَم: من الصِّبْغ المُفْدَم، و هو المُشْبَع الخاثر. و المعني: بذُلّ شديد محكم مُبَالغ فيه.

[أوب]

*: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- صَلَاةُ الأَوَّابينَ ما بين أن يَنْكَفِتَ أهْلُ المَغْرِبِ إلي أن يَثُوبَ أهل العِشاء.
هم التَّوَّابون الرَّاجعون عن المعاصي. و الأَوْبُ و التَّوب و الثَّوْب أخوات.
انْكفاتهم: انكفاؤهم إلي منازلهم. و هو مطاوع كَفَت الشي‌ء: إذا ضمّه؛ لأن المنكفئ إلي منزله منضمّ إليه.
و تؤوبُهم: عودهم إلي المسجد لصلاة العشاء. و المعني: الإيذان بفضل الصلاة فيما بين العشاءين.

[أوه]

: معاوية رضي اللّٰه عنه- قال يوم صِفّين: آهاً أبا حفص!.
قد كان بَعدك أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ لو كنتَ شاهِدَهَا لم تكثر الْخُطَبُ
هي كلمة تأسف، و انتصابُها علي إجرائها مُجْري المصادر. كقولهم: ويحاً له! و تقدير فعل ينصبها، كأنه قال تأسفاً: علي تقدير أتأسَّف تأسّفاً.
الهنبثة: إثارة الفتنة، و هي من النبث، و الهاءُ زائدة. و يقال للأمور الشداد هَنَابِث.
يريد ما وقع الناس فيه من الفتن بعد عُمر رضي اللّٰه عنه. و هذا البيت يعزي إلي فاطمة.

[أول]

: الأحنف- كتب إليه الحسين رضي اللّٰه عنه، فقال للرسول: قد بَلَوْنَا فلاناً و آل أَبي فلان فلم نجد عندهم إيَالة للملك و لا مَكِيدة في الحرب.
آل الرعية يَؤُولها أوْلًا و إيالًا و إيالة: أَحْسن سياستها. و في أمثالهم: قَدْ ألنَا وَ إيلَ عَلَيْنَا. و إنما قلبت الواو ياء في الإيالة لِكَسْر ما قبلها و إعلال الفعل كالقيام و الصيام.
لا تَأْوِي في (زو). من كل أُوْب في (حس). أُسْني في (أس).

الهمزة مع الهاء

[أهب]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- لو جُعِل القُرْآنُ في إهَابٍ، ثم أُلْقِيَ في النار ما احْترق.
______________________________
(1) (*) [أوب]: و منه حديث السفر: توباً توباً لربنا أوباً. و منه حديث أنس: فآب إليه ناس. و منه حديث:
شغلونا عن الصلاة حتي آبت الشمس. النهاية 1/ 79.
(2) (*) [أهب]: و منه في حديث عمر: و في البيت أُهُبٌ عطنة. و منه الحديث: أيما إهاب دبغ فقد طهر. و منه قول عائشة في صفة أبيها: و حقن الدماء في أهبها. النهاية 1/ 83.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 61
هو الجلد؛ قيل لأنه أُهْبَةٌ للحيّ، و بناء للحماية له علي جسده، كما قيل له المَسْك؛ لإمْسَاكِه ما ورَاءَه؛ و هذا كلام قد سُلِك به طريقُ التمثيل، و المراد أنَّ حملة القرآن و العالمين به مَوْقيّون من النار.

[أهل]

*: كان يُدْعي إلي خُبْزِ الشعير و الإهالَة السَّنِخَة فيجيب.
هي الودك. و عن أبي زيد: كل دُهْن يؤْتَدم به.
السَّنِخة و الزنخة: المتغيّرة لطول المُكْث.
ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إذا وَقَعْتُ في آل حم وَقَعْتُ في رَوْضَاتٍ دَمِثَاتٍ، أتأنّق فيهن.
أصل آل أَهْل، فأُبدلت الهاء همزة ثم أَلِفاً؛ يدل عليه تصغيره علي أُهيل. و يختص بالأشْهَر الأشرف، كقولهم: القراء آل اللّٰه و آل محمد صلي اللّه عليه و سلم؛ و لا يقال: آل الخياط و الإسكاف، و لكن أهل. و المراد السّوَر التي في أوائلها حم*.
الدّمث: المكان السَّهْل ذُو الرمل.
التأنق: تطلّب الأنيق المُعْجِب و تتّبعه.
فيه أُهُب في (سف). مَتْنُ إهالة في (بص). أهُب في (سف). خير أهلك في (بر).
آل داود في (زم). إلي أهلها في (فر). فأهريقوا في (عق).

الهمزة مع الياء

[أيض]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- في حديث كسوف الشمس علي عَهْده، و ذلك حين ارتفعت الشمس قِيدَ رُمْحين أو ثلاثة: اسودَّت حتي آضَتْ كأنها تَنُّومة.
أي صارت، قال زهير:
قَطَعْت إذا ما الآلُ آضَ كأنَّه سيوفٌ تَنحَّي تارةً ثم تَلْتَقِي «1»
و أصل الأَيْض: العود إلي الشي‌ء، تقول: فعل ذلك أيضاً إذا فعله مُعَاوِداً؛ فاستُعير لمعني الصيرورة؛ لالتقائهما في معني الانتقال. تقول: صار الفقير غَنيّاً و عاد غنياً. و مثله استعارتهم النسيان للترك و الرجاء للخوف؛ لما في النسيان من معني الترك، و في الرجاءِ من
______________________________
(2) (*) [أهل]: و منه الحديث: أهل القرآن هم أهل اللّٰه و خاصته. و في حديث أم سلمة: ليس بك علي أهلك هوان. و منه الحديث: لقد أمست نيران بني كعب آهلةً. و منه حديث كعب في صفة النار: كأنها متنٌ إهالة. النهاية 1/ 83، 84.
(1) البيت من الطويل، و هو لزهير بن أبي سلمي في ديوانه ص 248، و شرح المفصل 7/ 90، و لكعب بن زهير في لسان العرب 7/ 116 (أيض)، و ليس في ديوان كعب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 62
معني التوقّع. و بابُ الاستعارة أوسعُ من أن يحاط به.
التَّنُّوم: نَبْت فيه سواد، وزنه فَعّول، و يوشك أن تكون تاؤه منقلبة عن واو، فيكون من بابَ ونَم.
أصل قِيد: قِوْد، و اشتقاقه من القَوَدِ و هو القِصاص؛ لما فيه من معني المماثلة و المقايسة، يدلُّ عليه قولهم: قِيسُ رُمح، و انتصابه علي أنه صفة مصدر محذوف تقديره:
ارتفعت ارتفاعاً مقدار رُمْحين.

[أير]

: علي رضي اللّٰه عنه- من يَطُلْ أَيْر أبيه يَنْتَطِقْ به.
ضَرب طُولَ الأَير مثلًا لكَثْرةِ الولد، قال:
فلو شَاءَ ربِّي كان أَيْرُ أَبيكُم طويلًا كأيْرِ الحارثِ بن سَدُوس
قال الأصمعي: كان للحارث أحدٌ و عشرون ذَكراً.
و الانتطاق مثلٌ للتقوّي و الاعتضاد. و المعني: مَنْ كثر إخوته كان منهم في عزٍّ و مَنَعة.

[أيه]

*: معاوية رضي اللّٰه عنه- قال عطاء: رأيتُه إذا رفع رأسه من السَّجْدَة الأخيرة كانت إيَّاها.
اسمُ كان و خبرها ضميراً السجدة. و المعني: هي هي، لم يقترن بها قَعدةٌ بعدها؛ أي كان يرفع رأسه منها، و ينهض للقيام إلي الركعة من غير أن يقعد قَعْدَة خفيفة.

[أيب]

: عِكْرمة رحمه اللّٰه- كان طالوت أَيّاباً.
أي سَقَّاء، و هي فارسية.

[أيه]

: أبو قَيْس الأوْدِيّ- سُئِل ملك الموت عن قَبْض الأرْوَاح. فقال: أُؤَيَّه بها كما يُؤَيَّهُ بالخَيْلِ، فتُجِيبني.
التأيِيهُ: أن يدعوه و يقول له: إيه؛ و نظيره التَّأْفيف في قوله: أفّ، قال طرفة:
فَعَدَا فأيَّهَهُنَّ فاستعرضنه فثَني لهنَّ بحدّ رَوْقٍ مِدْعَس
مثل الأيْم في (جه). الأَيْمَة في (عي). نفاق أيّمه في (حظ). بقَتْل الأَيم في (جن).
إيه و الاله في (نط). إياي في (مج). إي في (حل).
هذا آخر كتاب الهمزة
______________________________
(1) (*) [إيه]: و منه الحديث: أنه أُنشد شعر أمية بن أبي الصلت فقال عند كل بيت: إيه. و منه حديث أُصيل الخزاعي: حين قدم عليه المدينة قال له: كيف تركت مكة؟ قال: تركتها و قد أحجن ثمامها و أعذق إذخرها، و أمشر سَلَمها، فقال: إيهاً أُصيل! دع القلوب تقر. و في حديث أبي قيس الأودي: إن ملك الموت عليه السلام قال: إني أُأَيِّه بها كما يؤَيِّه بالخيل فتجيبني. النهاية 1/ 87.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 63‌

حرف الباء

الباء مع الهمزة

[بأس]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- الصلاة مثْني و تشهُّد في كل ركعتين و تَبْأَسُ- و روي:
و تَبَاءَسُ و تَمَسْكَن و تُقْنِعُ يديك- و روي: و تُقْنع رأْسَك، فتقول: اللهم اللهم؛ فمن لم يَفْعَل ذلك فهي خِدَاج.
تَبْأَسُ: أي تذل و تخْضَعُ ذلَّ البائس و خضوعه.
و التباؤس: التفاقر و أن يُرِي من نفسه تخشَّع الفقراء إخْبَاتاً و تضرعاً.
تمسكَنُ: من المِسْكِين، و هو مِفْعيل من السكون؛ لأنه يسكن إلي الناس كثيراً.
و زيادة الميم في الفعل شاذة لم يَرْوِها سيبويه إلا في هذا و في تَمَدْرَع [و تَمَنْدَل]، و كان القياس تَسَكَّن و تَدَرَّع. و نظيره شذوذاً اسْتَحْوذ عن القياس دون الاستعمال.
إقْنَاع اليدين: أن ترفعهما مستقبلًا ببطونهما وجهك. و إقناع الرأس: أن ترفعه و تُقبل بطرْفك علي ما بين يديك.
الخِداج: مصدر خَدَجت الحامل: إذا أَلْقت ولدَها قبل وقت النتاج، فاستُعير.
و المعني ذات خِدَاج؛ أي ذات نقصان؛ فحذف المضاف.
الضمير الراجع من الجزاء إلي الاسم المضمَّن معني الشرط محذوف لظهوره؛ و التقدير: فهي منه خِدَاج، و مثله قوله تعالي: وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ إِنَّ ذٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران: 189]؛ أي إن ذلك منه.

[بأر]

: إن رجلًا آتاه اللّهُ مالًا فلم يَبْتَئِرْ خَيْراً.
أي لم يدَّخر؛ من البؤْرَة و هي الحُفْرة، أو من البِئْرَة، و البَئيرة: الذخيرة.
______________________________
(1) (*) [بأس]: و منه حديث عمار: بؤس ابن سمية. و منه الحديث: كان يكره البؤس و التباؤس. و منه في صفة أهل الجنة: إن لكم أن تنعموا فلا تبؤسوا. و منه حديث علي: كنا إذا اشتد بنا البأس اتقينا برسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. و منه الحديث: نهي عن كسر السِّكة الجائزة بين المسلمين إلا من بأس. و في حديث عائشة: بئس أخو العشيرة. و في حديث عمر: عسي الغَويرُ أبؤساً. النهاية 1/ 89، 90.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 64‌

[باء]

: علي رضي اللّٰه عنه- سلّم عليه رجل فرد عليه رَدَّ السنَّة. و كان في الرجل باء، فقال له: ما أَحسبُك عرفتني، قال: بلي، و إني لأجد بَنَّة الغَزْل منك. فقام الرجل، و كان له فِي نفسه قَدْر. فقيل له: يا أمير المؤمنين؛ ما كان هذا؟ قال: كان أبوه ينسج الشِّمال باليَمَنِ.
الباء: الكِبر و العجب.
البَنَّة: الرائحة، من الإبْنان و هو اللزوم؛ لأنها تَعْبَقُ و تلزم.
الشِّمال: جمع شَمْلة و هي كِساء يُشْتَمَل به.
أريد السؤال عن الصفة، فقيل: ما كان هذا؟ و لم يُقَلْ: مَنْ كان؟ و مَوْضِعُ ما نَصْبٌ، تقديره أيّ شي‌ء كان هذا؟
لولا بَأْو فيه في (كل). من أفْوَاهِ البِئَار في (هب). فبَأَوْتُ بنفسي في (حو). باءَتْ في (بو). أَبْؤُساً في (غو).

الباء مع الباء

[ببان]

: عمر رضي اللّٰه عنه- لئن عِشْتُ إلي قابِل لأُلحقنّ آخِرَ الناس بأولهم، حتي يكونوا بَبّاناً.
أي ضرباً واحداً في العطاء. قال أبو علي الفارسي: هو فَعَّال من باب كَوْكَب، و لا يكون فَعْلَان؛ لأن الثلاثَ لا تكون من موضع واحد. و أما بَبَّة فصوت لا عِبْرَة به.
و عن بعضهم بَيّاناً؛ و ليس بثَبَت.

[ببة]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- كان يقول إذا أقبل عبد اللّٰه بن الحارث: جاء بَبَّة.
هذا صوت كان يُصَوِّت به في طفوليته، فلُقِّب به. و كانت أُمُّه. تقول في تَرْقِيصه:
لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جَارِيَةً خِدَبَّهْ «1»

[بابوس]

: كعب رحمه اللّٰه- قال في قصة جُرَيْج الزاهد [الرّاهب]: لَمَّا رُمي بتلك المرأة فجاءوا بمَهْد الصبي قال: يا بَابُوس؛ من أَبوْك؟ ففتح الصبيُّ حَلْقه و قال: فلان الرَّاعي. ثم سكت.
هو الصبي الرضيع، قال ابن أحمر:
حَنَّتْ قَلُوصِي إلي بَابُوسِها جَزَعاً فما حَنِينُكِ أَمْ ما أَنتِ و الذِّكَرُ
______________________________
(1) الرجز لهند بنت أبي سفيان والدة عبد اللّٰه بن الحارث في سر صناعة الإعراب 2/ 599، و الدرر 1/ 226، و شرح المفصل 1/ 32، و لسان العرب 1/ 221 (ببب)، 346 (خدب)، و المقاصد النحوية 1/ 403، و لامرأة من قريش في جمهرة اللغة ص 63، و بلا نسبة في الأشياء و النظائر 2/ 405، و الخصائص 2/ 217، و المنصف 2/ 182.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 65‌

الباء مع التاء

[بتع]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- سئل عن البِتْع؛ فقال: كلُّ شرابٍ أَسْكَر فهو حرام.
هو نبيذُ العَسَل؛ سمي بذلك لشدَّةٍ فيه، من البَتَع و هو شدَّة العُنُق.
و
عن أبي موسي الأشعري رضي اللّٰه عنه أنه خطب فقال: خَمْرُ المدينة من البُسْر و التمر، و خمرُ أهل فارس من العنب، و خَمْرُ أهل اليمن البِتْع و هو من العسل، و خمر الحبش السُّكُرْكَة.

[بتت]

*: لا صيام لمن لم يُبَيِّت الصيام من الليل- و روي يَبُتَّ.
أي لم يَقْطَعْه علي نفسه بالنيَّة.

[بتر]

*: علي رضي اللّٰه عنه- قال عبدُ خير: قلت له: أَ أُصلي الضُّحَي إذا بزغت الشمس؟ قال: لا، حتي تَبْهَر البُتَيْرَاء الأرضَ.
هي اسم للشمس في أول النهار قبل أن يَقْوَي ضوؤها و يَغْلب؛ كأنها سُميت بالبُتَيْرَاء التي لم نكُنْ نعرِفُها علي عَهْد رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم؟

[بتل]

*: سعد رضي اللّٰه عنه- لقد ردّ رسولُ اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم التبَتُّلَ علي عثمان بن مظعون، و لو أَذِن له لاختصَيْنا.
هو أن يتكلف بَتْلَ نفسه عن التزوج؛ أي قَطْعَها.
حُذَيفة رضي اللّٰه عنه- أُقيمت الصلاة فتدافعوا فصلّي بهم، ثم قال: لتَبْتِلُنّ لها إماماً غيري أوْ لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً.
______________________________
(1) (*) [بتت]: و منه في حديث دار الندوة و تشاوُرهم في أمر النبي صلي اللّه عليه و سلم: فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل عليه بَتٌّ. و منه حديث علي: أن طائفة جاءت إليه فقال لقنبر: بَتّتْهم. و منه الحديث: أبتَّوا نكاح هذه النساء. و منه الحديث: أدخله اللّٰه الجنة ألبتَّة. و منه الحديث: لا تبيت المبتوتة إلا في بيتها. النهاية 1/ 92، 93.
(2) (*) [بتر]: و منه الحديث: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد اللّٰه فهو أبتر. و منه حديث ابن عباس: أن قريشاً قالت: الذي نحن عليه أحق مما هو عليه هذا الصُّنبور المنبتر. و منه الحديث: أن العاص بن وائل داخل علي النبي صلي اللّه عليه و سلم و هو جالس فقال: هذا الأبتر. و في حديث الضحايا: أنه نهي عن المبتورة. و منه الحديث: كان لرسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم درع يقال لها البتراء. و منه: أنه نهي عن البتراء. النهاية 1/ 93.
(3) (*) [بتل]: و منه الحديث: بتل رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم العُمري. و منه الحديث: لا رهبانية و لا تبتل في الإسلام.
النهاية 1/ 94.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 66
أي لتَنْصِبُنَّ إماماً، و لتقطعن الأمرَ بإمامته.
الوُحدان: جمع واحد، كرَاكب و رُكْبان.
عَلَيْهِ بَتّ في (جل). و لا تَبَتُّل في (زم). عُشْر البَتَات في (ضح). و الأبتر في (طف).
المُنْبَتّ في (وغ). أبتر في (صع). الباتّ في (دف).

الباء مع الثاء

[بثبث]

: ابن مسعود رضي اللّه عنه- ذكر بني إسرائيل و تحريفهم، و ذكر عالماً كان فيهم عرضوا عليه كتاباً اختلقُوه علي اللّٰه، فأخذ ورقةً فيها كتابُ اللّٰه، ثم جعلها في قرَن، ثم علّقه في عُنقه، ثم لَبِس عليه الثياب. فقالوا: أ تؤمن بها؟ فأومأ إلي صدره و قال: آمنت بهذا الكتاب، يعني الكتاب الذي في القَرَن. فلما حضره الموت بَثْبَثُوه فوجدوا القَرن و الكتاب فقالُوا: إنما عني هذا.
وَ تَبْثِيثاً في (غث). و صار بَثَنِيَة في (بن).

الباء مع الجيم

[بجل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أَتي القبورَ، فقال: السلامُ عليكم، أصَبْتُم خيراً بَجيلًا، و سبقتم شرًّا طويلًا.
أي عظيماً، من قولهم: رجل بَجَال و بَجِيل، و هو الضَّخْم الجليل، عن الأصمعي؛ و منه التبجيل.

[بجر]

*: ما أخاف علي قريش إلا أَنْفسها. ثم وصفهم و قال: أَشِحَّة بَجَرة، يَفْتِنُون الناس حتي تراهم بينهم كالغنم بين الحوضين، إلي هذا مرَّةً و إلي هذا مرةً.
البَجَرة من الأَبْجر، و هو النَّاتي‌ء السرَّة، كالصَّلَعة من الأصْلع، و النَّزَعة من الأنزع.
و المعني ذوو بَجَرة فحُذِف المضاف. أو وُصِفوا بها كأنهم عين البَجَرة مبالغة في وصفهم بالبطَانة و نُتُوء السُّرَر.
و يجوز أن يكون هذا كناية عن كنزهم الأموال، و اقتنائهم لها و تركهم التسمّح بها.

[بجل]

: إن لُقْمان بن عادٍ خطب امرأة قد خطبها إخوته قبلَه، فقالوا: بِئْسَ ما صنعتَ!
______________________________
(1) (*) [بجل]: و منه حديث سعد بن معاذ: أنه رُمي يوم الأحزاب فقطعوا أبْجلَه. النهاية 1/ 980.
(2) (*) [بجر]: و منه الحديث: أنه بعث بعثاً فأصبحوا بأرض بجراء. و منه حديث علي: أشكو إلي اللّٰه عجري و بجري. و منه حديث علي: لم آتِ لا أبا لكم بُجْرا. النهاية 1/ 96، 97.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 67
خطبتَ امرأةً قد خطبناها قبلك، و كانوا سبعةً و هو ثامنهم! فصالحهم علي أن يَنْعَتَ لها نفسَه و إخوتَه بصِدْق، و تختار هي أيَّهم شاءت.
فقال: خُذِي منِّي أخي ذا الْبَجَل. إذا رَعَي القومُ غَفَل. و إذا سعي القومُ نَسَل. و إذا كان الشأن اتَّكَل. قريبٌ مِنْ نَضِيج. بَعيدٌ من نِي‌ءٍ. فَلَحْياً لِصاحِبنا لَحْياً.
فقالت: عِيال لا أريدُه.
ثم قال: خُذِي مني أَخي ذا البَجَلة. يَحْمِلُ ثِقْلي و ثِقْلَه. يخصف نَعْلي و نعْله. و إذا جاء يومُه قُدِّمْتُ قَبْلَه.
فقالت: خادم لا أريده.
ثم قال: خُذي مني أخي ذا العِفَاق. صَفّاق أفَّاق. يُعْمِل النَّاقة و السَّاق.
فقالت: فَيْجٌ «1» لا أُرِيده.
ثم قال: خذِي مني أَخي ذا الأسَد. جوّابُ ليل سَرْمَد. و بَحر ذُو زَبد.
فقالت: سارق لا أريده.
ثم قال: خذي مني أخي ذا النَّمر. حييّ خَفِر. شجاع ظفِر. أعجبني و هو خيرٌ من ذاك إذا سكر.
فقالت: يشرب الخمر فلا أريده.
ثم قال: خذي مني أَخي ذا الْحمَمة. يَهَبُ البَكْرَة السَّنِمة، و المائة البقرةِ العَمَمَة.
و المائة الضائنة الزَّنِمَةَ. و إذا أتت علي عادٍ ليلةٌ مظلمة، رتَب رُتوبَ الكَعْب و ولَّاهم شُزُنَة.
و قال: اكفُوني المَيْمَنة. سأَكفيكم المَشْأَمَة. و ليست فيه لَعْثَمة. إلّا أنه ابنُ أَمَة.
فقالت: مُسْرِفٌ لا أريده.
ثم قال: خُذي مني أخي حُزَيْنا. أَوَّلنا إذا غَدَوْنا. و آخِرُنا إذا استنجينا. و عصمة أَبْنَائِنَا إذا شَتَوْنا. و فاصِلُ خُطَّة أعيت علينا. و لا يَعُدّ فضلَه لدينا.
ثم قال: أَنا لقمان بن عاد. لعَاديةٍ و عَاد. إذا انضجَعْتُ لا أَجْلَنْظِي‌ء. و لا تملأ رئتي جَنْبي. إن أَرَ مَطْمَعِي فَحِدَأٌ تَلمّع. و إلّا أر مطمعي فوقَّاعٌ بصُلَّع. فتزوَجت حُزَيناً.
فُسِّر ذو البَجَل: بذي الضخامة. و قيل: هو من قولك بَجَلي هذا؛ أَيْ حسْبي.
و منه
الحديث: فألقي تمرات كنّ في يده، و قال: بَجَلي من الدنيا.
و المعني أنه قصير الهمة، مُقْتَصر علي الأَدْني. فإذا ظفر به قال: بَجَلي.
______________________________
(1) الفيج: المسرع في مشيه الذي يحمل الأخبار من بلد إلي بلد.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 68
و الوجهُ أن يكون هذا و سائر ما ابتدأ به ذكر إخوته أساميَهم أو ألقابَهم.
إذا رَعَي القومُ غَفل: أي إذا اهتمّوا برعاية بعضِهم بعضاً، أو برعاية ما معهم، أو برَعْي الإبل لم يهتم بشي‌ءٍ من ذلك و كان غافلًا عنه.
و إذا سعي القومُ نَسَل: أي إذا بذَلوا السعْيَ و تناهضوا فيما يُفي‌ء عليهم خيراً أو يُنجيهم من بَليَّة نَسَل هو من بينهم؛ أي خرج و كان بمَعْزِلٍ من السعي معهم.
اتَّكَل: أي اعتمد علي غيره في كفاية الشأن، و لم يتولَّه بنفسه عجزاً.
النّي‌ء: غير النضيج؛ يريد أنه لازمُ بيتٍ جَثّامةٌ، لا يصيد و لا يغزو فيأكل اللحم المُلَهْوَج «1».
و يُحتمل أنه ليس بجَلد يخدم أصحابه في السفر و يطبح لهم كالموصوف بقوله:
رُبَّ ابنِ عمٍّ لسُلَيمي مُشْمَعِلْ طباخِ ساعاتِ الكَرَي زادَ الْكَسَلْ «2»
و لكنه يتكاسل عن ذلك، و عن معاونتهم أيضاً إذا باشروا الطبخ. فإذا قَدّموا أكل؛ فهو بعيد عن النّي‌ء و طبخه، قريبٌ من النضيج و أكله.
فلَحْيا: من لَحَيْتُ العُودَ بمعني لَحَوْتُه؛ و هو دعاء عليه بالهلاك، و التكرير للتأْكيد.
قيل في ذي البَجْلَة: هو ذو الشارة الحسنة، كأنه الذي له من الرّواء ما يُبَجَّل لأجله.
و إذا جاءَ يومُه: أي وقت وفاته و أجَلِه. حمده لإعانتهِ له و حَمْله عنه، و دعا له.
ذو العِفَاق: من عَفَق يعفِق إذا أَسْرَع في الذَّهاب. و العِفَاق: الحَلَب أيضاً. قال:
عَلَيْكَ الشّاءَ شَاءَ بَنِي تميمٍ فعافِقْها فإنّكَ ذُو عِفاقِ «3»
صَفّاق من الصُّفْق، و هو الجانب. يقال: جاء أَهل ذلك الصُّفْق.
و أفّاق: من الأفق، أراد أنه مِسْفَار مُنَقِّب في النواحي و الآفاق.
يُعْمِل الناقةَ و الساقَ: أَيْ يركب تارة و يترجّل أخري لِجَلادَتِه.
ذو الأسَد: أي ذو القوة الأسَدية. و الأَسَد: مصدر أَسِد، بمعني اسْتَأْسَد.
ليل سَرْمد: أي دائم غير منقطع لفَرْط طوله.
______________________________
(1) اللحم الملهوج: الذي لم ينعم شيه.
(2) الرجز للشماخ في ديوانه ص 389، و الكتاب 1/ 177، و لجبار بن جزء في خزانة الأدب 4/ 233، 235، 237، 239، 8/ 212، 213، و شرح أبيات سيبويه 1/ 13، و شرح شواهد الإيضاح ص 167، و بلا نسبة في شرح المفصل 2/ 46، و لسان العرب 11/ 447 (عسل)، و مجالس ثعلب 1/ 152.
(3) البيت لذي الخرق الطهوي في لسان العرب (عفق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 69
و السَّنِمة: العظيمة السَّنام.
العَممة: التامة.
قوله: و المائة البقرة و المائة الضائنة بإدخال لام التعريف علي المائة المضافةِ مما لا يُجيزه البصريون؛ و يقولون: أخذتُ مائةَ الدّرهم لا غير. و كذلك ثلاثة الأثواب؛ و الثلاثة الأثواب خَلْف عندهم؛ لأن الإضافة مُعرِّفَة، فإذا عرِّف الاسم باللام لم يعرّف ثانية بالإضافة. و يستشهدون بمثل قول الفرزدق:
*و سما و أدرك خَمْسَة الأَشبارِ «1»
* و قول ذي الرمة:
*ثلاثُ الأثافي و الدِّيارُ البَلَاقعُ «2»
* و يخطِّئون من رَوَي مثل هذا. و يقولون: الصواب و مائة البقرة و مائة الضائنة؛ و بُرهانُهم القياسُ الصحيح، و استعمال الفصحاء.
الزَّنِمَة: ذات الزَّنَمة، و هي شي‌ءٌ يقطع من أُذنها و يترك معلَّقاً- و روي الزَّلمة- بمعناها.
الرُّتوب: الثبوت.
______________________________
(1) صدره:
ما زال مُذْ عَقَدَتْ يداه إزارَهُ
و البيت من الكامل، و هو للفرزدق في ديوانه 1/ 305، و الأشباه و النظائر 5/ 123، و الجني الداني ص 504، و جواهر الأدب ص 317، و خزانة الأدب 1/ 212، و الدرر 3/ 140، و شرح التصريح 2/ 21، و شرح شواهد الإيضاح ص 310، و شرح شواهد المغني 2/ 755، و شرح المفصل 2/ 121، 6/ 33، و المقاصد النحوية 3/ 321، و المقتضب 2/ 176، و بلا نسبة في إصلاح المنطق ص 303، و أوضح المسالك 3/ 61، و الدرر 6/ 203، و شرح الأشموني 1/ 87، و لسان العرب 6/ 67 (خمس)، و مغني اللبيب 1/ 336، و همع الهوامع 1/ 216، 2/ 150.
و يُروي عجز البيت:
و دنا فأدرك خمسة الأشبارِ
(2) صدره:
و هل يرجع التسليم أو يَدْفَعُ البُكا
و البيت من الطويل، و هو لذي الرمة في ديوانه ص 1274، و الأشباه و النظائر 5/ 122، 280، و إصلاح المنطق ص 303، و جواهر الأدب ص 317، و خزانة الأدب 1/ 213، و الدرر 6/ 201، و شرح شواهد الإيضاح ص 308، و شرح المفصل 2/ 122، و لسان العرب 6/ 76 (خمس)؛ و مجالس ثعلب ص 275، و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 358، و تذكرة النحاة ص 344، و شرح الأشموني 1/ 87، و المقتضب 2/ 176، 4/ 144، و المنصف 1/ 64، و همع الهوامع 2/ 150.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 70
وَلّاهم شُزُنَه؛ أي ولّاهم عُرْضه، فخاطبهم بنفسه. يقال: ولَّيته ظهري، إذا جعله وراءه و أخذ يذبُّ عنه. و معناه جعلت ظَهْري يليه- و روي: شَزَنَه؛ أي شِدّته و غلظته.
و معناه: دافع عنهم ببأسه.
اللَّعْثَمة: التَّوَقُّف؛ أي ليس في صفاته التي توجب تقديمه توقّف.
إلا أنه ابنُ أمة: أي هذا عيبُه فقط.
استنجينا: من النَّجاء و هو الفِرار. يريد إذا خرجنا إلي الغَزْوِ تقدَّمَنا و بادَرَنا. و إذا انْهَزَمْنا تأخّرَ عنا، ليحامي علينا ممن يتْبعنا.
العَادِية: خيل تعدو، أو رَجْلٌ يَعْدُون. و العادي الواحد؛ أي أنا لجماعة و لواحد، يعني أن مقاومته للجماعة و الواحد واحدَةٌ لا تتفاوت لشدَّةِ بأسه و قوة بطشه.
نظير أَضْجَعه فانْضَجَع في مجي‌ء الفعل مطاوعاً لأفعل أزعجه فانزعج، و أطلقه فانطلق؛ و حقُّ الفعل أن يطاوع فَعَلَ لا غير؛ و إنما فُعِل هذا علي سبيل إنابة أَفعل مناب فَعَلَ.
الاجلِنْظَاء. الاستلقاء و رفع الرجلين؛ يعني أنه ينام علي جنبه مستوفزاً؛ كما قيل في تأبط شراً:
ما إن يمسُّ الأرضَ إلا جانبٌ منه و حرفُ الساق طيَّ المحمل «1»
و لا تملأ رئتي جَنْبِي: أي لست بجبان فينتفخ سَحْرِي حتي يملأَ جَنْبي بانتفاخه.
يَلْمَع: يخفِق بجناحيه- و روي فَحِدَوٌّ تَلمّع. و التَّلَمُّع: تفعّل منه.
و الحِدَوُّ: الحِدَأُ بلغة أَهْل مكة.
الصُّلّع: الحجَر الأَمْلَس. و قيل: الموضع الذي لا ينبت من صلِع الرأس. أراد أن عيشَه عيشُ الصعاليك؛ إنْ ظفر بشي‌ء أَلْمَأَ عليه «2». و إلا فهو موطّن نفسه علي معاناة خشونةِ الحال، و شظَف العيش؛ كالحدأ الذي إن أبصر طَعْمته انقضّ عليها فاختطفها، و إن لم ير شيئاً لم يبرح واقِعاً علي الصّلَّع.

[البجباج]

: عثمان رضي اللّٰه عنه- تكلَّم عنده صعصعة بن صُوحان فأكثر؛ فقال: أيها
______________________________
(1) البيت من الكامل، و هو لأبي كبير الهذلي في خزانة الأدب 8/ 194، و شرح أبيات سيبويه 1/ 324، و شرح أشعار الهذليين 3/ 1073، و شرح التصريح 1/ 334، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 90، و شرح شواهد الإيضاح ص 147، و شرح شواهد المغني 1/ 227، و الشعر و الشعراء 2/ 676، و الكتاب 1/ 359، و المقاصد النحوية 3/ 54، و للهذلي في الخصائص 2/ 309، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 1/ 246، و الإنصاف 1/ 230، و أوضح المسالك 2/ 224، و المقتضب 3/ 203، 232.
(2) ألمأ عليه: ذهب به خفية (القاموس المحيط: لمأ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 71
الناس؛ إنَّ هذا البَجْبَاجَ النَّفَّاجَ لا يَدْري ما اللّهُ و لا أَيْنَ اللّهُ.
البَجْبَاج: الذي يَهْمِزُ الكلام، و لَيسَ لِكلامه جِهَة- و روي: الفَجْفَاج؛ و هو الصّياح المِكْثَار، و قيل: المأفون المختال.
و النَّفَّاج: الشديد الصَّلَف.
لا يَدْرِي ما اللّهُ و لا أَينَ اللّٰه: معناه أن حالَه في وضْع لسانه- من إكثار الخطلَ و ما لا ينبغي أن يقال- كلَّ موضع كحال من لا يدري أنّ اللّٰه سميعٌ لكل كلام، عالمٌ بما يجري في كل مكان.
و لم ينسبه إلي الكُفْر؛
و قد شهد صَعْصَعة مع علي رضي اللّٰه عنه يوم الجمل، و كان من أَخطب الناس؛ و أخوهُ زيد الذي قال فيه النبي عليه الصلاة و السلام: زيد الخير الأجذمُ من الخِيار الأَبرار.

[بجل]

: أمير المؤمنين علي رضي اللّٰه عنه- لما الْتَقَي الفرِيقان يوم الجَملِ صاح أَهْلُ البَصْرَةِ:
*ردُّوا علَيْنَا شيخنا ثم بَجَلْ «1»
* فقالوا:
*كيف نردُّ شيخَكم و قد قَحَل
* ثم اقتتلوا.
قال الراوي: فما شبهتُ وقعَ السيوف علي الهام إلا بضرب البَيَازِر علي المَوَاجِن.
بَجَل: بمعني حَسْب، و سبب بنائهما أن الإضافة منويّة فيهما. و إنما بني بجلْ علي السكون دون حَسْب؛ لأنه لم يتمكن بالإعراب في موضع تمكّنه.
قَحل: مات فجفّ جلده علي عظمه. يقال: قَحَل قحولًا و هو الفصيح، و قَحِل قَحَلًا.
البَيَازِر: جمع بَيْزَر؛ و هو الخشبة التي يدُقّ بها القصّار. و البيزرة: العَصَا و بزَره بها، إذا ضربه.
المَواجِن: جمع مِيجَنَة؛ و هي خَشَبَته التي يدقّ عليها.

[البجاد]

: جُبَير رضي اللّٰه عنه- نظرتُ و الناسُ يقتتلون يومَ حُنَين إلي مِثْلِ البِجَاد الأَسْوَد يَهْوِي من السماء، حتي وقع؛ فإذا نملٌ مبثوث قد ملأ الوادي؛ فلم يكن إلا هزيمةُ القوم؛ فلم نشك في أنها الملائكة.
______________________________
(1) الرجز للأعرج المعني في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 291، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 269، و خزانة الأدب 9/ 522، و شرح المفصل 4/ 89، و لسان العرب 11/ 46 (بجل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 72
البجاد: الكساء المخطّط؛ سُمِّي بذلك لتَدَاخُل ألوانه من قولهم: هو عالم ببُجْدَة أمره. أي بدِخْلَتِهِ.
و الأسود من البُجُد: هو المنسوج علي خطوط سُود يُفَصِّلُ بينها بيضٌ دِقاق؛ فالمعني أن النمل كان يَهْوِي متساطراً كخطوط البِجاد الأسود. و منه:
قيل لعبد اللّٰه بن عَبْدنُهْم:
ذو البِجَادين؛ لأَنه حين أَرَاد المصيرَ إلي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم قطعت أمُّه بِجاداً لها باثنين فائْتَزر بأحدهما و ارْتَدي بالثاني.
و منه
حديث معاوية: إنه مازَح الأَحْنَف بن قيس فما رُئي مَازِحان أوقرَ منهما؛ قال له:
يا أَحنف؛ ما الشي‌ء الملفَّف في البِجَاد؟ فقال: هو السخِينةُ يا أمير المؤمنين!
ذهب معاوية إلي قول الشاعر:
بخُبْزٍ أَوْ بتمر أو بسَمْن أو الشي‌ء الملفَّفِ في البجَاد «1»
و الأحنف إلي السخينة التي تُعيَّر بها قريش، و هي شي‌ء يعمل من دقيق و سمن؛ لأنهم كانوا يولعون به حتي جري مجري النبز لهم قال كعب بن مالك:
زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ ستَغْلِبُ رَبَّها و ليُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلَّابِ «2»
البَجّة في (جب). بَجْرَاء في (عز). و بجَّحَنِي في (غث). البَجْر في (بر). يُبجِّسها في (أم). بُجَرِي في (جد).

الباء مع الحاء

[بحر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- شكا عبدُ اللّٰه بن أبيّ إلي سَعْد بن عُبادة، فقال: يا رسول اللّٰه؛ اعفُ عنه، فو الذي أَنزل عليكَ الكتاب، لقد جاء اللّهُ بالحق، و لقد اصطلَح أهلُ البَحْرَة علي أن يُعَصِّبُوه بالعِصَابَةِ، فلما ردَّ اللّٰه ذلك بالحق الذي أعطاك شرِق بذلك.
أراد بالبَحْرة: المدينة. يقولون: هذه بَحْرتنا؛ أي أرضنا و بلدتنا. و أصل البَحْرَة:
فَجوة من الأرض تستبحر؛ أي تنبسط و تتّسع. قال يصف رسم الدار:
كأنّ بقاياه ببَحْرة مالك بقيَّةُ سَحْقٍ «3» من رِدَاءٍ مُحبّرِ
______________________________
(1) البيت لعنبسة بن نهم في لسان العرب (بجد).
(2) البيت في لسان العرب (سخن).
(4) (*) [بحر]: و منه الحيث: أنه ركب فرساً لأبي طلحة فقال: إن وجدنا بحراً. و منه حديث عبد المطلب و حفر بئر زمزم: ثم بحرها. و منه حديث ابن عباس: حتي تري الدم البحراني. و منه الحديث: و كتب لهم ببحرهم. و في حديث مازن: كان لهم صنم يقال له باحَر. النهاية 1/ 99، 100.
(3) السحق: الثوب الخلق البالي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 73
العصابة: العمامة؛ لأنه يُعْصب الرأس بها، و عصَّبه: عمَّمه. قال:
فتاةٌ أَبُوها ذُو العِمَامة [و ابنُه أَخُوها فما أَكْفَاؤُها بكَثير]
و روي: ذو العصابة، ثم جُعل التعصيب بالعصابة كنايةً عن التسويد؛ لأن العمائم تيجان العرب.
و قيل للسيد: المعمّم و المعصَّب، كما قيل له: المتوّج و المسوّد.
شرِق بذلك: أي لم يقدر علي إساغته و الصَّبْرِ عليه لتَعَاظُمِه إياه؛ فكأنّه اعترض في حَلْقه فغصَّ به كما يَغصّ الشارب بالماء.

[بحبوحة]

*: مَنْ سرَّه أَن يسكنَ بُحْبوحة الجنة فلْيَلْزَم الجماعة؛ فإن الشيطان مع الواحد و هو من الاثنين أَبْعد.
هي من كل شي‌ء وسَطه و خياره، قال جرير:
قَوْمِي تميمٌ همُ القومُ الذين هُمُ يَنْفُونَ تَغْلِب عَنْ بُحْبُوحَةِ الدَّارِ «1»

[البحراني]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما-
قال أنس بن سيرين: استُحيضت امرأَةٌ من آل أَنَس بن مالك فأَمروني فسألت ابن عباس عن ذلك فقال: إذا رأت الدَّمَ البَحْرَانيّ فلتدع الصَّلاة؛ فإذا رأت الطُّهْرَ و لو ساعةً من النهار فلتغتسل و لتُصَلّ.
البَحْرَانيّ: الشديد الحُمرة الضارب إلي السواد. منسوب إلي البَحْرِ، و هو عُمْقُ الرحم، قال:
*وَرْدٌ من الجَوْفِ و بَحْرَانِيُّ «2»

[بحنانة]

: في الحديث- تخرج بَحْنَانَةٌ من جهنَّمَ فتَلْقُطُ المُنافقين لَقْطَ الحَمَامَةِ القُرْطَم.
هي الشرارةُ الضخمةُ العظيمة، من قولهم: رجل بَحْوَن: عظيم البطن، و دَلو بَحْوَنة، و جُلَّة «3» بَحْونة إذا كانتا و اسعَتَيْنِ.
القُرْطم: حبُّ العصفر.

[بحثة]

: إن غلامين كانا يلعبان البَحْثةَ.
هي لَعِبٌ بالتراب.
______________________________
(4) (*) [بحبح]: و منه حديث غناء الأنصارية: أهدي لها أكْبشاً تبحبح في المربد. و في حديث خزيمة: تفطَّر اللِّحاء و تبحبح الحياء. النهاية 1/ 98.
(1) البيت في ديوان جرير ص 311.
(2) الرجز للعجاج في لسان العرب.
(3) الجلة: قفة كبيرة للتمر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 74
بَحِيرة في (صر). بَحْراً في (قر). بَحْرِيَّة في (نش). بحَرَها في (حل). سورة البَحُوث في (عذ). بُحَيْرة في (رج).

الباء مع الخاء

[بخس]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- يَأْتِي علي الناس زَمان يُسْتَحَلُّ فيه الربا بالبيع، و الخمرُ بالنبيذ، و البَخْس بالزّكاة، و السُّحْتُ بالهدية، و القَتْل بالموعظة.
المراد بالبَخْس المَكْس؛ لأن معني كلّ واحد منهما النُّقْصان، يقال: بخسني حَقّي و مكَسَنيه؛ و قد روي في قوله:
*و في كل ما باعَ امرؤ مَكْسُ درهم «1»
* بَخْس درهم. و المعني: أنه يؤخذ المكس باسم العُشْر يتأَول فيه معني الزكاة، و هو ظُلْم.
و السُّحْت: أي الرّشْوَة في الحكم و الشهادات و الشفاعات و غيرها باسم الهديّة، و يقتل من لا تحل الشريعة قَتْله ليَتَّعظ به العامة.

[البخاع]

*: أتاكم أهل اليمن هم أَرَقُّ قُلُوباً وَ أَلْيَنُ أَفْئِدَةً و أَبْخَعُ طَاعَةً.
أي أبلغ طاعة. من بَخَع الذبيحة: إذا بالغ في ذَبْحِها؛ و هو أن يَقْطَعَ عَظْم رقَبتها و يبلغ بالذبح البِخَاع.
و البِخاع- بالباء: العِرْق الذي في الصُّلْب.
و النَّخْعُ دون ذلك؛ و هو أن يبلغ بالذبح النُّخَاع، و هو الخَيْط الأَبْيَض الذي يجري في الرَّقبة.
هذا أصله ثم كثُر حتي استُعْمِل في كلِّ مبالغةٍ، فقيل: بخعت له نُصْحي و جَهْدي و طاعتي. و الفعل ههنا مجعول لِلطَّاعة، كأنها هي التي بخعت؛ أي بالغت، و هذا من باب:
نَهارُك صائم، و نام ليلُ الهَوْجل «2».
______________________________
(1) صدره:
أ في كل أسواق العراق إتاوة
و البيت لجابر بن جني الثعلبي في لسان العرب (مكس).
(3) (*) [البخاع]: و منه حديث عمر: فأصبحت يجنبني الناس و من لم يكن يبخع لنا بطاعة. و منه حديث عائشة في صفة عمر: بخع الأرض فقاءت أُكُلها. النهاية 1/ 102.
(2) الهوجل: الرجل الأهوج.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 75
الفؤاد: وسط القلب، سمي بذلك لتفُّؤدِه أي لتوقده.

[بخق]

: زيد بن ثابت- في العين القائمة إذا بُخِقتْ مائةُ دينار.
أي فقئت، يعني أنها إذا كانت عَوْراء لا يُبْصِرُ بها إلا أنها غير منخسفة، فعلي فاقئها كذا.

[البخص]

*: القُرَظيّ- قال في قوله تعالي: قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ اللّٰهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: 1، 2]. لو سَكتَ عنها لتَبَخَّصَ بها رجالٌ فقالوا: ما صَمَدٌ؟ فأخبرهم أن الصمد الذي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
أُخِذ من البَخَص، و هو لَحْمٌ عند الجفن الأَسْفل يظهر من الناظر عند التَّحْديق إذا أنكر شيئاً أو تعجَّب منه.
يريد لولا أَن البيان اقترن بهذا الاسم لتحيَّروا فيه حتي تَنْقَلب أجفانهم، و تَشخص أبصارهم.

[بختري]

: الحجاج- أُتي بيزيد بن المُهَلَّب يَرْسِف في حديد، فأقبل يخطر بيده، فغاظ ذلك الحجاج فقال:
*جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ «1» إذا مشي
* و قد ولي عنه فالتفت إليه فقال:
*و في الدِّرْع ضَخْمُ المَنْكِبَيْنِ شِنَاقُ
* فقال الحجاج: قاتله اللّٰه! ما أَمْضَي جَنانَه، و أحْلَفَ لسانه!
البَخْتَرِي: المُتَبَخْتِر.
الشِّنَاق: الطويل.
رجل حَليف اللسان: أي ذَرِبُه.
و البَخْقَاء في (صف). مَبْخُوص الكَعْبَيْن في (نه). بَخٍ بَخٍ في (نس). يَبْخَعُ لنا في (ضج). و بَخَعَها في (زفّ). باخق العين في (صع). مُبْخِرَة في (زو). بخ في (بر) و تُبَخَّلُون في (جب).
______________________________
(2) (*) [البخص]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: أنه كان مبخوص العقبين. النهاية 1/ 102.
(1) البختري: هي مشية المتكبر المعجب بنفسه (لسان العرب: بختر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 76‌

الباء مع الدال

[بدع]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إن رَجُلًا أَتاهُ فقال: يا رسولَ اللّٰه؛ إني أُبْدِعَ بي فاحْمِلْني.
أَبْدَعَتِ الرَّاحِلةُ: إذا انقطعت عن السَّيْرِ بِكَلَال أو ظَلَعَ.
جعل انقطاعها عما كانت مستمرةً عليه من عادة السير إبداعاً منها؛ أي إنشاء أمرٍ خارج عما اعتيدَ منها و أُلِف، و اتّسِع فيه حتي قيل: أُبْدِعَتْ حُجَّة فلان. و أَبْدَعَ بِرُّه بشُكْرِي: إذا لم يَفِ شكرُه ببرّه.
و معني أُبْدع بالرجل انقُطِع به؛ أي انقطعت به رَاحِلَتُه، كقولك: سار زيد بعمرٍو؛ فإذا بنيتَ الفعل للمفعول به و حذفتَ الفاعل قلتَ سِير بعمرو؛ فأقمت الجار و المجرور مقامَ الفاعل. و كما أن المعني في سِير بعمرو: سُيِّر عَمْرو، كذلك المعني في انْقُطِعْ بالرجل؛ قُطِع الرَّجُل. أي قُطع عن السير.

[البدأة]

: نَفَّلَ في البَدْأَةِ الرُّبُع، و في الرَّجْعَةِ الثُّلث.
بَدْأَة الأَمر: أَوّله و مُبْتَدَؤُه، يقال: أما بادي‌ء بَدْأَةٍ فإني أحمد اللّٰه.
و هي في الأصل المرَّةُ من البدء، مصدرُ بدأ؛ و المرادُ ابتداء الغَزْو.
يعني أنه كان إذا نهضت سَرِية من جُمْلة العسكر المقبل علي العدو فأوقعت نَقَّلها الربع ممَّا غنمت، و إذا فعلت ذلك عند قُفُول العسكر نفَّلها الثلث؛ لأنّ الكرّةَ الثانية أشقُّ و الخطّةَ فيها أعظم.

[البدن]

: لا تُبَادِرُوني بالركوع و السجود، فإنه مهما أَسْبِقْكُم به إذا ركعتُ تدركوني إذا رَفَعْتُ، و مهما أسْبِقْكم به إذا سجدتُ تدركوني إذا رفعتُ؛ إني قد بَدَّنْتُ.
أي صرت بَدَناً، و البَدَن: المسِنّ، و نظيره عجَّزَت «1» المرأة، و عوَّد «2» الجمل، و نَيَّبَت «3» الناقة.
و روي بَدُنتُ: أي ثَقُلت علي الحركة ثقلها علي الرَّجُل البادن و هو الضخم البدَن، يقال: بَدَن بُدْناً، و بَدُنَ بُدْناً و بَدَانة؛ و لا يصح؛ لأنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لم يُوصف بالبَدَانة.
______________________________
(4) (*) [بدع]: و منه في حديث عمر في قيام رمضان: نعمت البدعة هذه. و في حديث الهدي: فأزحفت عليه بالطريق فعيَّ بشأنها إن هي أبدعت. و منه الحديث: كيف أصنع بما أُبدع عليَّ منها. النهاية 1/ 106، 107.
(1) عجزت المرأة: صارت عجوزاً.
(2) عود الجمل تعويداً: صار عَوْداً، و العود: المسن من الإبل.
(3) نيبت الناقة: هرمت.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 77
تدركوني، أي تدركوني به، فحذِف لأنه مفهوم، كحذفهم «منه» في قولهم: السمن مَنَوان بدِرْهم.
و المعني أي شي‌ء من الركوع أو السجود سبقتكم به عند خَفْض الرأس فإنكم مُدْرِكوه عند رفعه لثقل حَرَكتِي.

[الإبداء]

: قال سلمة بن الأَكْوَع رضي اللّٰه عنه: قدِمتُ المدينةَ من الحُدَيْبية مع رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فخرجتُ أَنا و رَبَاحٌ [و معي فرسُ أبي طلحة] أُبْدِيه مع الإِبل، فلما كان بغَلَس أغار عبدُ الرحمن بن عُيينة علي إبلِ رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم، فقتل رَاعِيَها، ثم ذكر لحوقَه به و رَمْيه المشركين. قال: فإذا كنتُ في الشَّجْرَاء خَزَقْتُهم بالنّبل. فإذا تضايقت الثنايا عَلَوْتُ الجَبل فرَدَيتُهم بالحجارة «1». ثم ذكر مجيئَه إلي النبي عليه الصلاة و السلام قال: و هو علي الماء الذي حَلأْتُهم «2» عنه بذِي قَرَد «3»، فقلت: خلِّني فانتخِبْ من أصحابك مائةَ رجل فآخُذ علي الكفار بالعَشْوَة؛ فلا يَبْقي منهم مخبر إلا قتلتُه.
أُبْدِيه: أُبْرِزه إلي المَرْعَي.
الشَّجْرَاء: الأشجار الكثيرة المُتكاثفة. و هي اسم جمع للشجرة كالقَصْبَاء و الطَّرفاء و الأشاء.
الخَزْق: الإِصابة، يقال: سهم خَازِق و خَاسِق؛ أي مُقَرْطِس نافذ.
الرَّدْي: الرَّمْي بالحجر، و هو المِرْداة.
التَّحْلئة: المنع و الطرد، و منها التَّحْلِئَة التي يَقْشرها الدبَّاغ عن الجِلْد؛ لأنها تمنع الدباغ.
العُشْوَة- بالحركات الثلاث: ظُلْمة الليل، و قالوا في المثل: أَوْطأتَه العَشْوة؛ إذا سامه أمراً ملتبساً يَغْترُّه به، لأن من وَطِي‌ء الظلمة يَطَأُ ما لا يُبْصره فربما تردَّي في هُوَّة أو وضع قدمه علي هامَّة، ثم كثُرَ ذلك حتي استُعْمِلت العشوة في معني الغِرّة، فقيل: أخذتُ فلاناً علي عَشْوَة، و سمتُه عشوة.

[البديع]

: إن تِهَامة كبَدِيع الْعَسَل حُلْوٌ أوله و آخره.
البديع: الزِّقُّ الجديد، و هي صفةٌ غالبة كالحية و العَجُوز.
و المعني استطابةُ أرض تهامة كلِّها، أولها و آخرها، كما يْستحلي زِقّ العسل من حيث يُبْتَدَأ فيه إلي أن ينتهي.
______________________________
(1) رداه بحجر: رماه به.
(2) حلّاه عن الماء: طرده و منعه.
(3) ذو قرد: موضع قرب المدينة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 78
و قيل: معناه أنها في أول الزمان و آخره علي حالٍ صالحةٍ.
و قيل: لا يتغيّر طِيبها؛ كما أن العسل حلوٌ أولَ ما يُشتار و يجعل في الزق، و بعد ما تمضي عليه مدةٌ طويلة.

[بدد]

*: لما كان انْكِشَاف المُسْلمين يوم حُنَين أَبَدَّ يدَه إلي الأَرْضِ، فأَخذ منها قُبْضَة من تراب، فَحذا بها في وُجُوهِهم؛ فما زال حدُّهُمْ كَليلًا.
أي مَدَّها، يقال: أَبِدَّ السائلَ رغيفاً؛ أي مُدَّ يدك به إليه.
و منه
حديث عمر بن عبد العزيز: إنه لما حضرتْهُ الوفاةُ قال: أجلسوني فأَجْلَسوه، فقال: أنا الذي أمرتَني فقصَّرت، و نهيتني فعصيت، و لكن لا إله إلا اللّٰه. ثم رفع رأسه فأبَدَّ النَّظر، و قال: إني لا
؛ أي إني لا أشرك، أو إني لا أعيش.
القُبْضة: بمعني المقبوض، كالغُرفة بمعني المغروف.
حَذَا و حَثا: واحد، كجذَا و جَثَا.

[بدو]

: من بَدَا جَفَا، و من اتَّبَع الصيدَ غَفَل، و من اقترب من أبواب السلطان افْتَتَنَ.
بَدَوْت أَبْدُو: إذا أتيت البَدْوَ، و منه قيل لأَهلِ البادية: بادِية، كما قيل لحاضِري الأَمْصَار: حاضرة.
جَفَا: أي صار فيه جفاءُ الأَعراب لتوحّشه و انفراده عن الناس.
غَفَل: أي شَغَل الصيدُ قلبَه و أَلهاه حتي صارت فيه غَفْلة.
و ليس الغرضُ ما يزعمه جهلةُ الناس أن الوحش نَعَم الجنّ فمن تعرّض لها خبَّلَتْه و غفلته.
الخيل مُبَدَّأَةٌ يوم الوِرْد.
أي مقدَّمة علي غيرها يُبْدَأُ بها في السَّقْي.

[بدر]

*: أُتي بِبَدْرٍ فيه خَضِرَات من البُقُول.
هو الطَّبَق، سُمِّي بدراً لاستدارته، كما يسمَّي القَمر حين يَسْتَدِير بَدْراً.
خَضِرات: غَضّات، يقال: بقلة خَضِرَة و ورق خَضِر، قال اللّٰه تعالي: فَأَخْرَجْنٰا مِنْهُ خَضِراً [الأنعام: 99].
______________________________
(1) (*) [بدد]: و منه الحديث: أنه كان يُبِدُّ ضَبْعَيه في السجود. و منه حديث وفاة النبي صلي اللّه عليه و سلم: فأبَّد بصره إلي السواك. و منه حديث: اللهم أحصهم عدداً، و قاتلهم بدداً. النهاية 1/ 105.
(2) (*) [بدر]: و منه في حديث المبعث: فرجع بها ترجف بوادره. و في حديث اعتزال النبي صلي اللّه عليه و سلم نساءه: قال عمر: فابتدرت عيناي. و في حديث جابر: كنا لا نبيع التمر حتي يبدر. النهاية 1/ 106.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 79‌

[الأبدال]

: عليّ عليه السلام- الأَبْدَال بالشّام، و النُّجَباء بمصر، و العَصائب بالعرَاق.
هم خيارٌ بدل من خيار، جمع بَدَل و بِدْل.
العَصائب: جمع عِصابة. يريد طوائف يجتمعون فيكونُ بينهم حَرْب.

[بدن]

*: لما خطب فاطمة عليهما السلام قيل له: ما عِندك؟ قال: فَرَسِي و بَدَني.
هي الدِّرع القصيرة؛ سُمِّيَت بذلك لأنها مِجْول للبدن ليست بسابغةٍ تعمّ الأَطْرَاف.

[الباد]

: الزبير- كان حسن البَادِّ علي السرج إذا رَكب.
البادَّان: أَصْلَا الفخذين؛ سُمِّيا بذلك لانفراجهما. و قيل لامرأة من العرب: علَامَ تمنعين زوجك القِضَّة «1» فإنه يعتلُّ بك؟ قالت: كذب! و اللّٰه إني لأطَأْطي‌ء الوِساد، و أُرْخِي البَادَّ «2».
و المعني أنه كان حَسَن الركبة.

[بدج]

: حملَ يوم الخندق علي نَوْفَل بن عبد اللّٰه بن المغيرة بالسيف حتي شَقَّه باثنين، و قَطَع أُبْدُوجَ سَرْجِه، و يقال: خلَص إلي كاهل الفرس، فقيل: يا أبا عبد اللّٰه؛ ما رأينا مثلَ سَيْفِك! فيقول: و اللّٰه ما هو السيف، و لكنها الساعد أكرهْتُها.
هو اللِّبْد، كأنَّها كلمة أعجمية.

[بدي]

: سعد رضي اللّٰه عنه- قال يومَ الشُّوري، بعد ما تكلَّم عبدُ الرحمن بن عوف رضي اللّٰه عنه: الحمد للّٰه بَدِيًّا كان و آخراً يعود. أحمده كما أَنجَاني من الضَّلَالة، و بصَّرَني من الجهالة؛ بمحمد بن عبد اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم استقامت الطُّرق، و استنارت السُّبُل، و ظهر كلُّ حق، و مات كلُّ باطل، إني نكَبْتُ «3» قَرَني، فأَخذتُ السَّهم الفالِجَ، و أَخَذْتُ لطلحة بن عبيد اللّٰه ما أخذتُ لنفسي في حضوري، فأَنَا بِه زعيم، و بما أَعْطَيتُ عنه كفيل، و الأَمرُ إليك يا بنَ عوف.
البَدِيّ: الأول، و منه: أفعل هذا بادِي‌ء بَدِيٍّ؛ أي كان اللّٰه عز و جل أولًا قبلَ كل شي‌ء، و يكون حين تَفْنَي الأشياء كلُّها، و يبقي وجهه آخراً كما كان أوَّلًا؛ ف هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ.
و معني يعود: يصير، و قد مضي شرحه.
القَرَن: جَعْبَة صغيرة تُقْرَن إلي الكبيرة.
______________________________
(4) (*) [بدن]: و منه الحديث: لا تبادروني بالركوع و السجود فإني قد بدنت. النهاية 1/ 107.
(1) القضة: عذرة المرأة.
(2) أي لا تضم فخذيها.
(3) نكب: كبّ و نثر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 80
الفَالج: السَّهم الفائز في النِّضال.
و المعني: إني نظرتُ في الآراء و قلَّبتها فاخترتُ الرأيَ الصائبَ منها، و هو الرضاء بحكم عبد الرحمن بن عوف، و أجزت علي طلحة مثل ما أَجزتُه علي نَفْسِي، و أَنَا زعيم بذلك: أي ضامن.

[التبديد]

: أم سلمة- إن مساكين سألوها فقالت: يا جارية أَبِدِّيهم تمْرةً تمرة.
أي فرِّقِي فيهم، من التبديد، يقال: أبدَدْتُهم العطاء: إذا لم تجمع بين اثنين.
قال أبو ذؤيب:
فأَبدَّهُنَّ حُتُوفَهُنَّ فَهَاربٌ بِذَمَائِه أو بارِكٌ مُتَجَعْجِعُ

[البديّ]

: ابن المسيَّب- في حَرِيم البِئْر البَدِيّ خمسٌ و عشرون ذِراعاً، و في القليب خمسون ذراعاً.
هي التي بُدِئت فحُفِرت في الأرض المَوات، و ليست بعاديَّة، فليس لأَحد أنْ يحفر حولها خمساً و عشرين ذراعاً.
و القَلِيب: العاديَّة، فليس لأَحدٍ أن ينزلَ علي خمسين ذراعاً منها و يتَّخذها داراً؛ فإنها لعامَّة الناس.

[بدد]

: عِكْرمة- إن رجلًا باع من التَّمَّارين سبعةَ أصْوُع بدرهم، فتبدَّدُوه بينهم، فصار علي كل رجل حِصّة من الوَرِق، فاشتري من رجل منهم تمراً أربعة أَصْوُع بدرهم، فسأل عكرمة، فقال: لا بأس أَخذتَ أنقصَ مما بعْتَ.
تَبَدَّدُوه: أي اقْتَسَمُوه بِدَداً: أي حصصاً علي السواء.

[بدح]

*: بكر بن عبد اللّٰه- كان أصحابُ رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يتمازَحُون حتي يتَبَادَحُون بالبِطِّيخ، فإذا حزَبهم أَمر كانوا هم الرجالَ أصحابَ الأمر.
أي يترَامَوْن.
و البَدْح: رَمْيُك بكل شي‌ء فيه رَخَاوة.
حتي هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام. كالتي في قوله:
*و حتَّي الجِيادُ ما يقدْن بأَرْسَانِ «1»
*______________________________
(2) (*) [بدح]: و منه في حديث أم سلمة: قالت لعائشة: قد جمع القرآن ذيلك فلا تبدحيه. النهاية 1/ 104.
(1) صدره:
سَرَيْتُ بهم حتي تكلَّ مطيُّهُمْ
و البيت من الطويل، و هو لامري‌ء القيس في ديوانه ص 93، و الدرر 6/ 141، و شرح أبيات-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 81
و التقدير حتي هم يتبادَحُون، و لو كانت هي الجارة لسقطت النون لإضمار أَنْ بعدها.
بوَادِرُ في (ظه). بادناً في (شذ). المبدي‌ء في (نك). فلا تَبْدَحِيه في (سد). البدن في (رج) بَدَداً في (عل). و ذو بَدَوَان في (عد). بَوَادِره في (سا).

الباء مع الذال

[بذاذة] [بذة]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- البَذَاذَةُ من الإيمان.
يقال: بَذِذْتَ بَعْدي بَذَاذة و بِذَاذاً و بَذَاذاً: أي رثَّت هيئتك. و المراد التواضع في اللِّباس، و لُبْس ما لا يؤدّي منه إلي الخيلاء و الرّفول، و أن لذلك موقعاً حسناً في الإيمان. و رجل باذّ الهيئة و بذّها.
و منه:
إنّ رجلًا دخل المسجد، و النبيُّ صلي اللّه عليه و سلم يخطب، فأمره أن يصلّي ركعتين. ثم قال:
إنّ هذا دخل المسجد في هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، فأمرتُه أن يصلّيَ ركعتين، و أنا أُريد أن يفطُن له رجل فيتصدَّق عليه.

[بذج]

: يُؤْتَي بابنِ آدمَ يوم القيامة كأنه بَذَجٌ من الذُّلِّ
هي كلمة فارسيّة تكلمت بها العرب، و هو أَضعف ما يكون من الْحُمْلَان، و تُجمَع علي بِذُجَان.

[بذق]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- سُئِلَ عن الباذِق؛ فقال: سبَقَ محمد الباذِق، و ما أسكر فهو حرام.
هو تعريب باذَه، و معناها الخمر.

[بذاء]

: الشعبي رحمه اللّٰه- إذا عظمت الحلقة فإنما هي بِذَاء و نِجَاء.
أي مُبَاذاة؛ و هي الفاحشة، و مناجاة.
فيه بَذَاذَة في (تا). في هيئته بَذَاذَة في (حج). بَذِيّا في (طف). يبذّ القوم في (مغ).
فابْذَعَرَّ في (زف). البُذر في (نو). فما ابذَقرّ في (مذ).
______________________________
- سيبويه 2/ 420، و شرح الأشموني 2/ 420، و شرح شواهد الإيضاح ص 228، 255، و شرح شواهد المغني 1/ 374، و شرح المفصل 5/ 79، و الكتاب 3/ 27، 626، و لسان العرب 15/ 284 (مطا)، و مغني اللبيب 1/ 127، 130، و بلا نسبة في أسرار العربية ص 267، و جواهر الأدب ص 404، و رصف المباني 5/ 181، و شرح المفصل 8/ 19، و لسان العرب 15/ 124 (غزا)، و المقتضب 2/ 72، و همع الهوامع 2/ 136.
(1) (*) [بذاذة] [بذة]: و منه الحديث: بَذّ القائلين. و منه في صفة مشيه صلي اللّه عليه و سلم: يمشي الهوينا يبذَّ القوم. النهاية 1/ 110.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 82‌

الباء مع الراء

[برد]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- لما توجَّه نحو المدينة خرج بُرَيْدَة الأسلمي رضي اللّٰه عنه في سبعين راكباً من أهل بيته من بني سَهْم، فتلقَّي نبيَّ اللّٰه ليلًا. فقال له: مَن أنت؟ فقال:
بُرَيْدة، فالتفت إلي أبي بكر و قال: يا أبا بكر؛ بَرَد أَمْرنا و صلح، ثم قال: مِمَّنْ؟ قال: من أسلم. قال لأبي بكر: سَلِمنا. ثم قال: ممن؟ قال: من بني سَهْم. قال: خَرَج سَهْمك.
بَرَد أمرُنا: أي سهل؛ من العيش البارد، و هو النَّاعم السهل، و قيل: ثبت، مِنْ بَرَدَ لي عليه حَقّ.
خَرَج سَهْمُك: أي ظَفِرت. و أصله أن يُجِيلُوا السهامَ علي شي‌ء، فمن خرج سَهْمه حازَه.
مَنْ صَلَّي البَرْدَيْن دخل الجنة.
هما الغداة و العشيّ، لطيب الهواء و بَرْدِه فيهما.
إذا اشتد الحر فأَبْرِدوا بالصلاة.
أي صلّوها إذا انكسر وهَج الشمسِ بعد الزَّوال، و إذا كانوا في سفَر فزالت الشمسُ و هبّت الأرواح تنادَوْا: أَبْرَدتُم بالرواح.
و حقيقة الإبراد الدخول في البَرْد. كقولك: أظهرنا و أفجرنا.
و الباء للتعدية. فالمعني ادخُلوا الصلاة في البرد.
[باردة]:
الصَّوْمُ في الشِّتَاءِ الْغَنِيمةُ الْبَارِدَةُ.
هي التي تجي‌ء عَفْواً من غير أن يُصْطَلي دونها بنار الحرب، و يُباشر حرّ القتال.
و قيل: الثابتة الحاصلة، من بَرَدَ لي عليه حقّ. و قيل: الهَنيّة الطيبة من العيش البارد.
و الأصلُ في وقوع البرد عبارة عن الطِّيب و الهناءة أنَّ الهواء و الماء لما كان طِيبهما ببردهما خصوصاً في بلادِ تِهامة و الحجاز قيل: هواء بارد، و ماء بارد، علي سبيل الاستِطَابة، ثم كثر حتي قيل: عَيْش بارد، و غنيمة باردة، و بَرَدَ أمرنا.
[بريد]:
كان يكتب إلي أمرائه: إذَا أَبْرَدْتُمْ إليَّ بَريداً فاجْعَلُوه حسنَ الْوَجْهِ حَسَن الاسْمِ.
______________________________
(1) (*) [برد]: و منه حديث ابن الزبير: كان يسير بنا الأبردين. و حديث فضالة بن شريك: و سِرْ بها البَرْدَين.
و منه حديث ابن عمر: وددت أنه بَرَدَ لنا عملنا. و منه حديث: إذا أبصر أحدكم امرأة فليأتِ زوجته فإن ذلك بردُ ما في نفسه. و منه حديث عمر: أنه شرب النبيذ بعدما برد. و منه الحديث: لا تبرِّدوا عن الظالم. و في حديث عمر: فهبره بالسيف حتي برد. النهاية 1/ 114، 115.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 83
أي إذا أرسلتم إليَّ رسولًا.
و البريد: في الأَصْل: البَغْل، و هي كلمة فارسية أصلها بُرَيْدَة دُم: أي محذوف الذَّنَب؛ لأنَّ بغالَ البريد كانت محذوفة الأَذناب، فعرِّبت الكلمة و خُفِّفَت، ثم سُمِّي الرسولُ الذي يركبه بَريداً، و المسافةُ التي بين السكتين بريداً.
و السَّكَّة: الموضعُ الذي يسكُنُه الفُيُوج «1» المرتّبون من رِباط أو قُبَّة أو بيتٍ أو نحو ذلك- و بُعْدُ ما بين السكتين فَرْسَخان، و كان يُرَتّبُ في كُلّ سكة بغال.

[برقاء]

*: أَبْرِقُوا فإنَّ دَمَ عَفْرَاءَ أَزْكي عند اللّٰه من دَمِ سَوْدَاوَيْن.
أي ضَحُّوا بالْبَرْقَاء، و هي الشاةُ التي تشقُّ صوفَها الأبيض طاقاتٌ سود.
و العَفْراء: التي يضربُ لونها إلي بياض، من عُفْرَة الأرض.

[برر]

*: سئل- أيُّ الكَسْبِ أفضل؟ فقال: عمل الرجلِ بيده، و كل بيع مَبْرُور.
بره، أي أحسن إليه فهو مبرور. ثم قيل: بَرَّ اللّٰه عمله إذا قَبِلَه كأَنَّه أَحْسَن إلي عمله بأَن قَبِلَهُ و لم يرُدَّه.
و منه
حديث أبي قِلَابة: إنه قال لخالد الحذّاء و قد قَدِمَ من مكة: بُرَّ العَمَل.
و البيع المبرور: هو الذي لم يُخالطه كذِب و لا شي‌ء من المآثم؛ كأنّ صاحبَه أحسنَ إليه بإخلائه عن ذلك.

[برث]

*: يَبْعَثُ اللّٰه منها سبعين ألفاً لا حسابَ عليهم و لا عذابَ فيما بين البَرْثِ الأَحمر و بين كذا.
هو الأَرض اللينة، جمعُها بِراث.
الضمير في منها لحِمْص، و إنما قال ذلك لأنَّ جماعة كثيفة من المؤمنين قُتِلوا هناك.
______________________________
(1) الفيج: المسرع في مشيه الذي يحمل الأخبار من بلد إلي بلد، و جمعه فيوج.
(2) (*) [برقاء] [برق]: و منه في حديث الدجال: إن صاحب رايته في عجب ذنبه مثل ألية البَرَق. و منه حديث قتادة: تسوقهم النار سوق البَرَق الكسير. و منه حديث ابن عباس: لكل داخل بَرْقَة. و منه حديث الدعاء: إذا برقت الأبصار. و منه الحديث: كفي ببارقة السيوف. و في حديث أبي إدريس: دخلت مسجد دمشق فإذا فتي برّاق الثنايا. النهاية 1/ 119، 120.
(3) (*) [برر]: و منه الحديث؛ تمسَّحوا بالأرض فإنها بكم برَّة. و في حديث حكيم بن حزام: أ رأيت أموراً كنت أتبرر بها. و منه الحديث: ليس من البر الصيام في السفر. و منه الحديث: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة. و منه الحديث: الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة. و منه الحديث: أُمرنا بسبع منها إبرار القسم. النهاية 1/ 116، 117.
(4) (*) [برث]: و منه الحديث: بين الزيتون إلي كذا برث أحمرُ. النهاية 1/ 112.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 84‌

[برة]

: أُهْدِي مائة بدَنة منها جَمَلٌ كان لأبي جهل في أَنْفه بُرَة من فِضّة.
هي الْحَلْقة، و نقصانها واو، لقولهم: بُرَة مَبْرُوَّة؛ أي معمولة.

[برثمة]

: سئل عن مُضَر، فقال: كِنانةُ جَوْهرها، و أَسد لسانها العربي، و قيس فُرْسان اللّٰه في الأرض، و هم أصحاب الملاحم، و تميم بُرْثُمَتُهَا و جُرْثُمتُها.
قيل: أراد بالْبُرْثُمة: البُرْثُنة واحد البَراثن، و هي المخَالَب، و المراد شَوْكتها و قوّتها؛ فأبدل من النون ميماً لِتعاقُبهما و لِتزاوج الجرثمة، كالغَدايا و العشايا.
و الجرثمة: الجرثومة؛ و هي أصلُ الشي‌ء و مُجْتَمعه.

[براز]

: انطلق للبَرازَ فقال لرجل: ائتِ هاتين الأشَاءَتَيْن فقل لهما حتي تجتمعا، فاجتمعتَا فقضي حاجته.
البَراز: الفضاء، و اشتقَّ منه تبرَّز، كما قيل من الغائط: تغوّط.
الأَشاءة: النخلة الصغيرة.

[برا]

: إن أبا طلحة قال له: إن أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحَي، و إنها صدقة للَّه أَرجو برَّها و ذُخرها عند اللّٰه. فقال رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم بَخ! ذلك مالٌ رابحٌ، أَو قَال رائح.
بَيْرَحي: اسم أرض كانت له، و كأنها فَيْعَلي، من البَرَاح، و هي الأرض المنكشفة الظاهرة.
بَخ: كلمةٌ يقولها المعْجَبُ بالشي‌ءِ.
رابح: ذو رِبْح، كقولهم: همٌّ ناصب.
رائح: قريب المسافة يروح خيرُه و لا يعزب. قال:
سأَطْلب مالًا بالمدينة إنني أَرعي عازبَ الأموال قلَّت فَوَاضِلُه

[برزة]

: خرج من مكة مهاجراً إلي المدينة و أبو بكر و مولي أبي بكر عامر بن فُهَيْرة و دليلهما اللَّيْثي عبدُ اللّٰه بن أُرَيْقِط، فمروا علي خَيْمتي أمّ معبد، و كانت بَرْزَة جَلْدة تَحْتبِي بفناء القبّة ثم تَسْقِي و تُطْعم. فسألوها لَحْماً و تمْراً يشترونه منها، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك.
و كان القوم مُرْمِلين «1» مُشْتين- و روي مُسْنِتِين؛ فنظر رسولُ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم إلي شاةٍ في كِسْر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم مَعْبد؟ قالت: شاةٌ خلّفها الجَهْد عن الغنم. فقال: هل بها من لَبن؟ قالت: هي أَجْهَد من ذلك! قال: أ تأذنين لي أَنْ أَحْلبها؟ قالت: بأبي أنت و أمي! إن رأيتَ بها حلَباً «2» فاحْلبها.
______________________________
(1) المرمل: الذي نفد زاده.
(2) الحلب: اللبن.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 85
و
روي أنه نزل هو و أبو بكر بأُمّ معبد وَذْفَان مَخْرَجه «1» إلي المدينة. فأرسلت إليهم شاةً فرأي فيها بُصْرة «2» من لَبن، فنظر إلي ضَرعها، فقال: إن بهذه لبناً، و لكن أبْغيني شاةً ليس فيها لبن، فبعثت إليه بعَنَاقٍ «3» جَذَعة، فدعا بها رسولُ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم فمسح بيده ضَرْعها، و سمَّي اللّهَ و دَعا لها في شائها؛ فتفاجّت عليه و دَرَّت و اجترَّت.
و روي أنه قال لابنِ أمّ معبد: يا غلامُ؛ هات قَرْواً، فأتاه به؛ فضرب ظَهْر الشاة فاجترَّت و دَرَّت، و دعا بإناء يُرْبِضُ الرَّهْطَ، فحلب به ثَجًّا حتي علاه الْبَهاء- و روي: الثُّمال، ثم سقاها حتي رَوِيت، و سقَي أصحابَه حتي رَوُوا، فشرب آخرهم، ثم أَرَاضُوا عَلَلًا بعد نَهل، ثم حلب فيه ثانياً بعد بَدْء حتي ملأ الإناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها ثم ارتحلُوا عنها.
فقلَّما لبثت حتي جاء زوجُها أبو معبد يسوق أَعْنزاً عِجَافاً تَشَارَكْن هُزالًا- و روي:
تَسَاوكُ- و روي: ما تَسَاوَق، مُخّهن قليل. فلما رأي أبو معبد اللَّبنَ عَجِب، و قال: من أين لك هذا يا أمّ معبد و الشاءُ عَازِب حِيَال «4»، و لا حَلوبَ في البيت؟
قالت: لا و اللّٰه إلا أنه مرَّ بنا رجلٌ مُبَارك مِنْ حاله كذا و كذا. قال: صِفيه لي يا أم معبد. قالت: رأيتُ رجلًا ظاهرَ الوضاءة، أَبلج الوجه، حَسَن الخلق، لم تعْبه ثجْلَة، و لم تُزْر به صُقْلة- و روي صَعْلة- و روي لم يعبه نُحْلة «5»، و لم يزر به صُقْلة، وَسِيماً قسيماً، في عينيه دَعَج، و في أشفاره عَطَف. أو قال غَطَف- و روي وَطَف. و في صَوْته صَحَل، و في عُنُقه سَطَع، و في لحيته كَثاثة، أزجّ أَقْرن، إن صمت فعليه الوَقَارُ، و إن تكلَّم سما و علاه البَهَاء، و أجلّ الناس و أبهاهم من بعيد، و أحسَنُه و أجملُه من قريب، حُلْو المنطق، فَصْلٌ لا نَزْر و لا هَذَر، كأنما منطقه خَرزات نَظْم يتحدّرون، رَبْعَة لا يائس من طول، و لا تقتحمه عَيْن مِنْ قِصَر، غُصن بين غُصْنَيْن، فهو أنضر الثلاثة مَنْظَراً، و أَحسنهم قَدْراً، له رُفَقاء يَحفُّونه، إن قال أَنْصتوا لقَوْله، و إن أمر تبادَرُوا إلي أَمره، مَحْفود مَحْشود، لا عابِس و لا مُعْتد.
قال أبو معبد: هو و اللّٰه صاحبُ قُريش الذي ذُكِر لنا من أمْرِه ما ذُكِر بمكة، لقد هممتُ أن أصحبَه و لأفعلنّ إنْ وجدتُ إلي ذلك سبيلًا.
______________________________
(1) وذفان مخرجه: أي عند مخرجه.
(2) أي أثراً قليلًا يبصره الناظر إليه.
(3) العناق: الأنثي من أولاد المعز، و الجذع: ما قبل الثني، و الأنثي جذعة، و أجذع ولد الشاة دخل في السنة الثانية.
(4) عازب حيال: أي بعيدة المرعي لا تأوي إلي المنزل إلا في الليل، و الحيال: جمع حائل و هي التي لم تحمل.
(5) النُحلة: الدقة و الهزال.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 86
فأَصبح صوتٌ بِبَكة عالياً يسمعون الصوت و لا يَدْرون مَنْ صاحبه «1»:
جزي اللّٰهُ ربُّ الناس خيرَ جزائه رفيقين قَالا خَيْمَتي أمِّ مَعْبَد
هما نَزَلَاها بالهُدي و اهتدت بهم فقد فاز من أَمْسي رفيقَ محمد
فيا لقُصَيّ ما زوي اللّهُ عنكمُ به من فَعَال لا يُجَاري و سؤدد
لِيَهْن بني كعب مقامُ فَتَاتهم و مقعدُها للمؤمنين بمَرْصَد
سلُوا أختكم عن شَاتِها و إنائها فإنكم إن تسألوا الشاةَ تَشْهدِ
دعاها بشاةٍ حائِل فتحلّبت له بصريح ضَرَّةُ الشاةِ مُزْبِدِ
فغادرها رَهْناً لديها لحالب يردّدها في مَصْدرٍ ثم مَوْرد
البَرْزَة: العفيفة الرزينة التي يتحدَّث إليها الرجالُ فتبرزُ لهم، و هي كَهْلَة قد خلا بها سنّ، فخرجت عن حدّ المحجوبات، و قد بَرُزَت بَرَازَةً.
المُرْمِل: الذي نَفِد زاده فرقّت حاله و سخُفت، من الرَّمْل و هو نسجٌ سخيف، و منه الأرملة لرِقَّةِ حالها بعد قَيِّمها.
المُشْتِي: الداخل في الشتاء.
و المُسْنِت: الداخل في السّنة، و هي القَحْط، و تاؤه بدل من هاء لأنّ أصل أسنَتّ أسْنَهْتُ.
الكِسر- بالكسر و الفتح: جانب البيت.
وَذْفَان مَخْرَجِه: أي حِدْثَان خروجه، و هو من تَوَذّف إذا مرّ مرًّا سريعاً.
البُصْرَة: أثر من اللبن يُبْصَر في الضَّرْع.
التَّفَاج: تفاعل من الفجَج، و هو أشد من الفَحَج، و منه قوس فجَّاء.
و عن ابنة الخسِّ في وصف ناقة ضَبِعة: عَيْنها هَاجّ «2»، و صَلَاها رَاج، و تمشي و تَفَاجّ.
القَرْو: إناء صغير يردَّد في الحوائج، من قروت الأرض: إذا جُلت فيها و تردّدت.
الإرباض: الإرواءِ إلي أن يَثْقُل الشارب فيرْبِض.
انتصاب ثَجًّا بفعل مضمر؛ أي يثج ثجّاً، أو بحلب لأن فيه معني ثجّ، و يجوز أن يكون بمعني قولك ثاجًّا نَصْباً علي الحال.
المراد بالبَهَاءِ وَبيصُ الرّغْوَة.
______________________________
(1) الأبيات من الطويل، و هي لرجل من الجن في الدرر 3/ 87، و شرح شذور الذهب ص 305، و بلا نسبة في لسان العرب 11/ 578 (قبل)، و المقرب 1/ 147، و همع الهوامع 1/ 200.
(2) عين هاجة: عين غائرة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 87
و الثُّمالُ: جمع ثمالة، و هي الرغوة.
أرَاضُوا: من أَرَاض الحوض: إذا استنقع فيه الماء، أي نقعوا بالرِّي مرةً بعد أُخري.
تَشَاركن هُزالًا: أي عمَّهُنَّ الهزال فكأنهن قد اشتركْنَ فيه.
التَّسَاوُك: التمايل من الضعف: قال كعب:
حَرْفٌ تَوَارَثها السِّفَارُ فجسْمُها عارٍ تَسَاوَمُ و الفُؤَادُ خَطِيفُ «1»
تَسَاوُق الغنم: تتابعها في السير، كأنَّ بعضها يسوق بعضها.
و المعني: أنها لضعفها و فَرْط هُزَالها تتخاذلُ و يتخلَّف بعضُها عن بعض.
الحَلُوب: التي تَحْلِب. و هذا مما يستغربه أهل اللغة زاعمين أنه فَعُول بمعني مفعولة نظراً إلي الظاهر، و الحقيقة أنه بمعني فاعلة، و الأصل فيه أن الفعل كما يسند إلي مُباشرهِ يسند إلي الحامل عليه و المُطَرِّق إلي إحْدَاثه. و منه قوله:
*إذا رَدَّ عَافِي القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرها «2»
* و قولهم: هزم الأَمِيرُ العدوَّ، و بني المدينةَ. ثم قيل علي هذا النهج: ناقة حَلُوب: لأنها تحمِل علي احتلابها بكونها ذات حَلب، فكأنها تحلب نفسها لحملها علي الحَلب، و كذلك ناقة ضَبُوث: التي يُشَك في سمنها فتُضْبَث «3»، فكأنها تَضْبِث نَفْسها لحملها علي الضَّبث بكونها مشكوكاً في شأنها. و من ذلك: الماء الشروب، و الطريق الرّكوب، و أشباهها.
بَلَج الوَجْه: بياضُه و إشراقه. و منه: الحق أَبْلج.
الثُّجْلة و الثَّجَل: عِظَم البَطْن.
و الصُّقْلة و الصُّقْل: طولُ الصُّقْل؛ و هو الخصْر، و قيل ضُمْره و قلّة لحمه و قد صقل، و هو من قولهم: صَقَلْتُ الناقةَ إذا أضْمَرْتَها بالسَّيْرِ.
و المعني: إنه لم يكن بمنتفخ الخصْر و لا ضَامِره جدّاً و النُّحْل: النُّحول.
و الصَّعْلَة: صِغَر الرَّأْس، يقال: رَجلٌ صَعْل و أَصْعَل، و امرأةٌ صَعْلاء.
القَسَام: الجمال، و رجل مُقَسّم الوَجْه، و كأنّ المعني أَخذ كلُّ موضعٍ منه من الجمالِ قِسْماً، فهو جميل كلّه، ليس فيه شي‌ء يُسْتَقبحُ.
______________________________
(1) البيت لكعب بن زهير في لسان العرب (سوك).
(2) صدره:
فلا تسأليني و اسألي ما خليقتي
و البيت لمضرس الأسدي في لسان العرب (عفا).
(3) تُضبث: أي تجس باليد (القاموس المحيط: ضبث).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 88
العَطَف: طول الأشفار و انعطافُها، أي تثنّيها. و العطف و الغَطَف، و و انعطف و انغطف و انغضف أَخوات.
الوَطَف: الطول.
الصَّحَل: صوتٌ فيه بُحَّة لا يبلغُ أن تكون جُشَّة «1»، و هو يُسْتَحْسن لخلوِّه عن الحِدّة المُؤْذية للضماخ.
السَّطَع: طول العُنق، و رجل أَسْطع و امرأة سَطْعَاء، و هو من سُطوع النار.
سَما: قيل ارتفع و عَلَا علي جُلسائه. و قيل: عَلا برَأسه أو بيده. و يجوز أن يكون الفعل للبهاء؛ أي سَماهُ البَهَاء و علَاه علي سبيل التأْكِيد للمُبَالغة في وصفه بالبَهَاء و الرَّوْنق إذا أخذ في الكلام؛ لأنه عليه السلام كان أفصح العرب.
فَصْل: مصدر موضوع موضع اسم الفاعل؛ أي منطقة وسط بين النَّزر و الهَذر فاصل بينهما.
قالوا: رجل رَبْعة فأَنَّثُوا؛ و الموصوفُ مذكَّر علي تأويل نَفْس رَبْعة. و مثله: غُلَامٌ يَفَعَة و جمل حُجَأَة.
لا يائِس من طُول: يروي أنه كان فُوَيْق الرَّبعة. فالمعني أنه لم يكن في حدّ الرّبعة غيرَ متجاوزٍ له، فجعل ذلك القَدْر مِنْ تجاوز حدِّ الرَّبعة عدم يأس من بعض الطُّول.
و في تنكير الطول دليل علي معني البَعْضِيَّة- و روي: «رَبْعة لا يائس من طول».
يقال في المنظر المستقبح: اقْتَحمَتْهُ العينُ؛ أي ازْدَرَتْهُ، كأنها وقعت من قُبْحِه في قُحْمَة، و هي الشدّة.
مَحْفُود: مَخْدُوم. و أصل الحَفْد مُدَاركة الخَطْو.
مَحْشُود: مجتمَع عليه؛ تعني أَن أصحابه يَزِفون في خِدْمَته، و يجتمعون عليه.
خيمتي، نصْب علي الظرف، أجري المحدودَ مجري المُبْهم كبيت الكتاب:
*كما عَسَل الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ «2»
*______________________________
(1) الجشة: شدة الصوت، و صوت غليظ من الخياشيم فيه بحة.
(2) تمامه:
لَدْنٌ بهزِّ الكفِّ يعسل متنه فيه كما عسل الطريقَ الثَعْلَبُ
و البيت من الكامل، و هو لساعدة بن جؤية الهذلي في تخليص الشواهد ص 503، و خزانة الأدب 3/ 83، 86، و الدرر 3/ 86، و شرح أشعار الهذليين ص 1120، و شرح التصريح 1/ 312، و شرح شواهد الإيضاح ص 155، و شرح شواهد المغني ص 885، و الكتاب 1/ 36، 214، و لسان العرب-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 89
اللام في «يا لَقُصَيّ» للتّعجب، كالتي في قولهم: يَا للدَّواهي و يَا للْماء! و المعني:
تعالَوْا يا قصيّ لنعجبَ منكم فيما أَغْفلتموه من حظّكم، و أَضَعْتُمُوه من عِزّكم بعِصْيَانكم رسولَ اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم، و إلجائكم إياه إلي الخروج من بين أظهركم.
و قوله: «ما زَوي اللّٰه عنكم»، تعجّب أيضاً معناه أيّ شي‌ء زَوَي اللّٰه عنكم! الضَّرِّة:
أصل الضّرْع الذي لا يخلو من اللَّبن. و قيل: هي الضَّرْع كلُّه ما خَلا الأَطْبَاء «1».

[بري‌ء]

: أبو بكر الصديق رضي اللّٰه عنه- دخل عليه عبدُ الرحمن بن عوف في علَّته التي مات فيها فقال: أراك بارئاً يا خليفةَ رسول اللّٰه، فقال: أمَا إنّي علي ذلك لشديد الوَجَع، و لَما لقيتُ منكم يا معْشَرَ المهاجرين أشدُّ عليَّ من وَجعي؛ وَلَّيْتُ [أموركم] خَيْرَكم في نفسي، فكلُّكم وَرِم أنفُه «2» أن يكونَ له الأمرُ من دونه، و اللّٰه لتَتَّخِذُنّ نَضَائدَ الدِّيباج و ستُور الحرير، و لتألمُنَّ النومَ علي الصُّوف الأَذْرَبي، كما يألم أحدُكم النومَ علي حَسَك السَّعْدَان؛ و الّذِي نفسي بيده لأن يقدَّم أحدُكم فتُضرَب عنقُه في غير حدٍّ خيرٌ له من أن يخوضَ غمرات الدنيا. يا هادي الطريق جُرت؛ إنما هو الفَجْرُ أو البَجْر- و روي: البَحْر.
قال له عبد الرحمن: خفِّض عليك يا خليفةَ رسولِ اللّٰه! فإنَّ هذا يَهيضُك إلي ما بِكَ.
و رُوي أنَّ فلاناً دخل عليه فنال من عمر، و قال: لو استخلفتَ فلاناً؟ فقال أبو بكر رضي اللّٰه عنه: لو فعلتُ ذلك لجعلتَ أَنْفَكَ في قَفَاك، و لَمَا أَخَذْتَ من أهلك حقًّا.
و دخل عليه بعضُ المهاجرين و هو يشتكِي في مرضه، فقال له: أ تستخلف علينا عمر، و قد عَتَا «3» عَلَيْنا و لا سُلْطَانَ له، و لو مَلكَنا كان أعْتَي و أعْتَي! فكيف تقول للّٰه إذا لقيتَه! فقال أبو بكر: أَجْلِسُوني، فأجْلَسوه، فقال: أ باللّٰه تُفَرِّقُني فإني أقولُ له إذا لقيتُه: استعملتُ عليهم خيرَ أَهلك.
برئ من المرض، و برَأ، فهو بارئ، و معناه مُزَايلة المرض و التَّباعد منه، و منه:
برئ من كذا براءةً.
وَرَمُ الأَنف، كناية عن إفراط الغيظ؛ لأنه يرْدَفُ الاغتياظ الشديد أن يَرِمَ أنفُ المغتاظ و ينتفخ مِنْخَراه، قال:
*و لا يُهَاجُ إذَا ما أَنْفُه وَرِما «4»
*______________________________
- 7/ 428 (وسط)، 11/ 446 (عسل)، و المقاصد النحوية 2/ 544، و نوادر أبي زيد ص 15، و بلا نسبة في أسرار العربية ص 180، و أوضح المسالك 2/ 179، و جمهرة اللغة ص 842، و الخصائص 3/ 319، و شرح الأشموني 1/ 197، و مغني اللبيب ص 11، و همع الهوامع 1/ 200.
(1) الطبي، بكسر الطاء و ضمها: حلمات الضرع التي من خف و ظلف و حافر و سبع و جمعها أطباء.
(2) ورم أنفه: اغتاظ من ذلك، قال في لسان العرب (ورم): و هو من أحسن الكنايات لأن المغتاظ يرم أنفه و يحمر.
(3) العتو: التجبر و التكبر.
(4) الشطر بلا نسبة في لسان العرب (ورم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 90
النضائد: الوسائد و الفُرُش و نحوها مما يُنْضَدُ، الواحدة نَضِيدة.
الأَذْرَبيّ منسوب إلي أَذْرَبيجان- و روي: «الأَذْرِيّ».
البَجْرُ: الأَمر العظيم. و المعني: إن انتظرت حتي يُضي‌ء لك الفَجْر أبصرتَ الطريق.
و إن خَبَطْتَ الظّلماء أَفْضَت بك إلي المكروه. و قال المبرِّد فيمن رواه البَحْر: ضَرَب ذلك مثلًا لَغَمرات الدنيا و تحْييرها أَهلَها.
خَفِّض عليك، أي أَبقِ علي نفسك، و هوِّن الخَطْبَ عليها.
الهَيْض: كَسْر العظْم المجبور ثانية، و المعني أنه يَنْكُسُك إلي مرضك.
جَعل الأنف في القَفَا عبارة عن غايةِ الإعراض عن الشي‌ء وَلَيِّ الرأس عنه؛ لأنّ قُصَاري ذلك أن يُقْبِل بأنفه علي ما وراءه، فكأنه جعل أَنْفَه في قفاه؛ و منه قولهم للمنهزم:
عيناه في قَفَاه لِنَظَرِه إلي ما وراءه دائباً فَرقاً من الطَّلب؛ و المرادُ لأَفْرَطْتَ في الإعراض عن الحقّ، أو لجعلتَ دَيْدَنك الإقبالَ بوجْهك إلي مَنْ وراءك من أقاربك مختصًّا لهم بِبرِّك، و مُؤْثراً إياهم علي غيرهم.
تُفَرّقني: تُخَوِّفني من أهلك. كان يقال لقريش: أهل اللّٰه؛ تفخيماً لشأنهم، و كذلك كلّ ما يُضاف إلي اسم اللّٰه كبيت اللّٰه و كقولهم: للّٰه أنت، و كقول امري‌ء القيس:
فلِلّه عَيْنَاً مَنْ رَأَي مِنْ تَفَرُّقٍ أَشَتَّ و أَنْأَي من فِرَاقِ المُحصَّبِ «1»

[البرنس]

: أمير المؤمنين عمر رضي اللّٰه عنه-
قال رجل: ضربَنِي عمر، فسقط البُرْنُس عَنْ رأسِي، فأغاثني اللّٰه بشَعَفتيْن في رَأْسِي.
البُرْنس: كلّ ثوبٍ رأْسُه منه ملتزِق به، دُرَّايَةً كان أو جُبَّة أو مِمْطَراً.
الشَّعَفَة: خُصْلة في أعلي الرأس.

[برهوت]

: أمير المؤمنين عليّ عليه السلام- خيرُ بئر في الأرض زَمْزَم، و شرُّ بئرٍ في الأرض بَرَهُوت «2».
هي بئر بحضرموت يزعمون أن بها أَرْوَاح الكفَّار؛ و قيل: وادٍ باليمن. و قيل: هو اسم للبلد الذي فيه هذه البئر، و القياس في تائها الزيادة، لكونها مَزِيدة في أخواتها الجائية علي أمثالها مما عُرِف اشتقاقُه؛ كالتَّرَبُوت «3» و الخرَبُوت و غير ذلك.
______________________________
(1) البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 43.
(2) برهوت: واد معروف مشهور بأسفل حضرموت قريب من بلاد مهرة.
(3) التربوت: المذلل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 91‌

[بربر]

*: سعد رضي اللّٰه عنه- قال: لما قُتِل علي رَايةِ المشركين مَنْ قُتل من بني عبد الدّار أَخَذ اللِّوَاء غلامٌ لهم أَسْوَد، و كان قد انتكس، فَنصبه العبد و بَرْبَر يسبّ، فرميته و أصيبت ثُغْرتُه، فسقَط صَريعاً، فأقبل أبو سفيان: فقال: مَنْ رَدَاه؟ من رَدَاه؟
البربرة: كثرةُ الكلام، و
يحكي أن إفريقِيس أبا بِلْقِيسَ غزا البَرْبَر فقال: ما أَكثر بَرْبرتهم! فَسُمُّوا بذلك.
رَدَاه: رماه بحجر.

[البارقة]

: عمَّار رضي اللّٰه عنه- الجنَّة تحت البَارِقة.
هي السيوفُ لبريقها، و هذا كقولهم: الجنّةُ تحت ظِلال السيوف.

[البردة]

: ابن مَسعود رضي اللّٰه عنه- أصلُ كلِّ داءٍ البَرَدَة.
هي التُّخَمة؛ لأنها تُبَرِّد حرارةَ الشهوة، أو لأنّها ثقيلةٌ علي المِعدة بطيئةُ الذهاب من بَرَد إذا ثبت و سكَن؛ قال:
اليوم يومٌ بارِدٌ سَمُومُهُ مَنْ جَزِع اليَوْمَ فَلا نَلُومُه «1»
و المعني ذمّ الإكثار من الطعام؛ و
عن بعضهم: لو سُئل أهلُ القبور: ما سببُ آجالكم؟
لقالوا: التُّخَم «2».

[برشم- برهم]

: حُذيفة رضي اللّٰه عنه-
قال سُبَيع بن خالد: أتينا الكوفةَ، فإذا أنا برجال مشرفين علي رجل، فقالوا: هذا حُذيفة بن اليَمَان، فقال: كان الناس يَسألون رسولَ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم عن الخير، و كنتُ أَسْأله عن الشرّ، فبَرْشَمُوا إليه.
أي حدّدُوا النظر و أداموه إنكاراً لقوله و تعجّباً منه، يقال بَرْشَم إليه و بَرْهَم؛ و إنما كان يسأله عن الشرّ ليتوقّاه فلا يقع فيه؛ و لهذا كانت عامةُ ما يُرْوي من أحاديث الفِتَن منسوبةً إليه.

[بري‌ء و براء]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- استعمله عمرُ علي البَحْرَين، فلمَّا قدم عليه قال له: يا عدوَّ اللّٰه و عدوَّ رسوله؛ سرقتَ من مال اللّٰه، فقال: لستُ بعدوِّ اللّٰه و لا عدوِّ رسوله، و لكني عدوُّ من عادَاهُما، و لكنها سِهامٌ اجتمعت و نِتَاجُ خَيْلٍ، فأخذ منه عشرةَ آلاف درهم فألقاها في بيتِ المال؛ ثم دعاه إلي العمل فأبي، فقال عمر رضي اللّٰه عنه: فإن يُوسف
______________________________
(3) (*) [بربر]: و منه في حديث علي: لما طلب إليه أهل الطائف أن يكتب لهم الأمان علي تحليل الربا و الخمر فامتنع قاموا و لهم تغزمرٌ و بربرة. النهاية 1/ 112.
(1) الرجز في لسان العرب (برد)، و فيه «تلومه» بدل «نلومه»، و سموم بارد ثابت لا يزول.
(2) التخم: جمع تخمة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 92
قد سَأَل العمل، فقال: إنّ يوسف منِّي بري‌ءٌ و أنا منه بَرَاء، و أخافُ ثلاثاً و اثنتين، قال: أ فلا تقول خمساً؟ قال: أخاف أن أقول بغير حُكْم، و أقضي بغير عِلْم، و أخاف أن يُضْرب ظهْري، و أن يُشْتَم عِرْضي، و أن يُؤْخذ مالي.
البَرَاء: البري‌ء. و المراد بالبراءة بُعْده عنه في المُقَايسة، لقوة يوسف عليه السلام علي الاستقلال بأَعْبَاء الولاية و ضعفه عنه. و أراد بالثلاث و الاثنتين الخلال المذكورة، و إنما جعلها قسمين لكون الثنتين وَبالًا عليه في الآخرة، و الثلاث بَلاءً و ضراراً في الدنيا.

[برق]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- لكلّ داخل بَرْقَةٌ.
هي المرّة من البَرَق، مصدر بَرَق يَبْرَق إذا بقي شاخصَ البصر حَيْرةً؛ و أصله أن يَشِيم البرقَ فيضعُفَ بصرُهُ.
و منه
حديث عمرو بن العاص: إنّه كتب إلي عمر رضي اللّٰه عنه: يا أميرَ المؤمنين؛ إنَّ البَحْرَ خَلْقٌ عظيم، يركبه خَلْقٌ ضَعيف، دُودٌ علي عُود، بين غَرَق و بَرَقٍ.
يريد أنّ راكب البحر إما أن يغرق أو يكون مَدْهُوشاً من الغَرَق.
علقمة رضي اللّٰه عنه- قال أبو وائل: قال لي زياد: إذا وليتَ العراق فائْتني، فأتيتُ علْقَمة فسألتُه؛ فقال: لا تقربهم فإنَّ علي أبوابهم فِتناً كمَبَارِك الإبل، لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابُوا من دِينك مِثْلَيْه.
أرادَ مبارك الإبل الْجَرْبَي. يعني أن هذه الفِتَن تُعْدي مَنْ يَقْربهم إعْدَاءَ هذه المبارك الإِبل المُلْس إذا أُنيخت فيها. قال:
*تُعْدي الصحاحَ مَبارك الجُرْبُ «1»

[بري]

: علي بن الحسين صلوات اللّٰه عليهما- اللهمّ صلّ علي محمد عدد البَرَي و الثَّرَي و الوَرَي.
البَرَي: التراب الذي علي وَجْه الأرض، و هو العَفَر، من بَرَي له إذا عَرض و ظهر.
الثَّرَي: النَّدَي الذي تحت البَرَي، و منه قولهم: التقي الثَّرَيان، أي ندَي المطرِ و ندَي الثَّري.

[برطم]

: مجاهد رحمه اللّٰه- قال في قوله عز و جل: وَ أَنْتُمْ سٰامِدُونَ [النجم: 61] البَرْطَمة.
______________________________
(1) صدره:
جاثيك من يجني عليك و قَدْ
و البيت من الكامل، و هو لذؤيب بن كعب في تخليص الشواهد ص 199، و جمهرة الأمثال 1/ 307، و المقاصد النحوية 1/ 534، و بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص 170، و لسان العرب 14/ 154 (جني).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 93
هذا تفسيرٌ للسمود، و السَّامِد: الرَّافع رَأْسَه تكبراً، و المُبَرْطِم: المُتخاوِص «1» في النَّظر، و قيل: المقطّب المتغضِّب لِكِبْرِه. و
جاء في تفسير ابن عباس رضي اللّٰه عنهما في قوله: سٰامِدُونَ متكبّرون.

[برق]

: قتادة رضي اللّٰه عنه- تخرجُ نارٌ من مشارقِ الأَرض تَسُوق الناسَ إلي مغارِبها سَوْقَ البَرَقِ الكَسِير.
هو الجمل تعريب «بَرَهْ».

[برد]

: في الحديث- لا تُبَرِّدُوا عن الظَّالِم.
أي لا تخَفِّفُوا عنه، و لا تسهِّلوا عليه من عقوبة ذَنْبه بشَتْمِه و لَعْنِه.
البَيْرم و البَرَم في (ان). التَّبْريح في (ول). يَتَبرّضه في (خب). البُرْد في (خي).
و ثلاثين بُرْدة في (سر). من هذا البَرْح في (سر). غير أبْرَام في (عب). كثيرات المَبَارك في (غث). البَرَهْرَهة في (هو). بكُم بَرَّة في (مس). أبر عليهم في (نض). من البُرَحاءِ في (وغ). بَرّانيًّا في (جو). و هذه البَرَازق في (طر). البَرْجَمة في (رس). إن البِر دُونَ الإثْم في (رب).

الباء مع الزّاي

[البزبزة]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- كانت نُبُوَّةَ رَحْمَة، ثم تكون خِلافةَ رَحْمَة، ثم تكون مُلْكاً يملِّكه اللّهُ من يشاء من عباده، ثم تكون بَزْبَزِيًّا: قَطْع سبيل، و سَفْك دماء، و أخذ أموال بغير حقِّها.
أي استيلاءً منسوباً إلي البَزْبَزة؛ و هي الإسرَاع في الظّلم، و الخِفّةُ إلي العَسْف، و أصلها السَّوْقُ الشديد- و روي «بِزِّيزَي» بوزنِ «خِلّيفي»، و هي مصدر من بزّ إذَا سلَب، و معناها كثرة البَزّ. الضمير في «كانت» للحال، و كذلك في «تكُون».

[بازل]

: خطب يومَ فتح مكة فقال: أَلَا في قتيل خطأ العَمْد ثلاث و ثلاثون حِقَّة «2»، و ثلاث و ثلاثون جَذَعة، و أربع و ثلاثون ما بين ثَنِيّة إلي بازلِ عامِها كلُّها خَلِفة.
يقال: جمل بازِل و ناقةٌ بازل: إذا تمّت لهما ثماني سنين و دَخَلا في التاسعة. و إذا أتي علي الجمل عامٌ بعد البُزُول قيل له: مُخْلِف، فأمَّا الناقة فلا تكون مُخْلِفاً، و لكن يقال لها:
بَزُول و بازِلُ عام. و الضمير في «عامها»، يرجع إلي موصوف محذوف؛ لأنَّ التقديرَ: إلي ناقةٍ بازل عامها، و لا يجوزُ رجوعه إلي «بازل» نفسها، لأنَّ البازلَ مضافةٌ إلي العام، فلو
______________________________
(1) التخاوص: الغض من البصر.
(2) الحِق (بالكسر): من الإبل ما دخل في السنة الرابعة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 94
رجعت فأضفت العامَ إليها كنتَ بمنزلة من يقول: سيّد غلامه، أي سيّد غلامِ السيّد، و هذا مُحالٌ، و نظيره في قول حاتم يخاطب امرأته:
أماويّ إني رُبَّ وَاحدِ أُمِّه أَجَرْتُ فلا غرم عليه و لا أَسْرُ
«1» و الخَلِفَة: واحدة المخاض، و هي الحوامل علي غير لَفْظِها.

[البزو]

: في قصيدة أبي طالب يعاتبُ قريشاً في رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم:
كذَبتُم و بَيْت اللّٰه يُبْزَي مُحمَّدٌ و لما نُطَاعِنْ دُونَهُ و نُقَاتِلِ «2»
أي لا يُبْزَي، فحذفه لأنه لا يُلْبَس، و مثله:
*فقلت يمينَ اللّهُ أبرحُ قاعِداً «3»
* و قوله:
*آليتُ حبّ العِراق الدَّهر أطعمه «4»
* و البَزْو: القَهْر و الغَلبة، و يجوز أن يكون من الإِبزاء، قال:
و إنّي أخوكَ الدائم العَهْد لم أحُلْ إن ابْزَاك خَصْمٌ أَوْ نَبَا بِك مَنْزِلُ «5»
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لحاتم الطائي في ديوانه ص 201، و الأغاني 17/ 295، و خزانة الأدب 4/ 210، 211، و لسان العرب 3/ 449 (وحد)، و بلا نسبة في لسان العرب 9/ 567، و همع الهوامع 2/ 47.
(2) البيت في ديوان أبي طالب ص 110، و فيه و نناضل بدل و نقاتل.
(3) عجزه:
و لو قطعوا رأسي لديك و أوصالي
و البيت من الطويل، و هو لامري‌ء القيس في ديوانه ص 32، و خزانة الأدب 9/ 238، 239، 10/ 43، 44، 45، و الخصائص 2/ 284، و الدرر 4/ 212، و شرح أبيات سيبويه 2/ 220، و شرح التصريح 1/ 185، و شرح شواهد المغني 1/ 341، و شرح المفصل 7/ 110، 8/ 37، 9/ 104، و الكتاب 3/ 504، و لسان العرب 13/ 463 (يمن)، و اللمع ص 259، و المقاصد النحوية 2/ 13، و بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 232، و خزانة الأدب 10/ 93، 94، و شرح الأشموني 1/ 110، و مغني اللبيب 2/ 637، و المقتضب 2/ 362، و همع الهوامع 2/ 38.
(4) عجزه:
و الحب يأكله في القرية السوسُ
و البيت من البسبط، و هو للمتلمس في ديوانه ص 95، و تخليص الشواهد ص 507، و الجني الداني ص 473، و خزانة الأدب 6/ 351، و شرح التصريح 1/ 312، و شرح شواهد المغني 1/ 294، و الكتاب 1/ 38، و المقاصد النحوية 2/ 548، و بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 180، و شرح الأشموني 1/ 197، و مغني اللبيب 1/ 99.
(5) البيت لمعن بن أوس في ديوانه ص 57.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 95
أمير المؤمنين [عليّ] رضي اللّٰه عنه- قال سعد بن أبي وقَّاص: رأيته يوم بدر و هو يقول:
بَازِلُ عامَيْنِ حَدِيثٌ سَنِّي سَنَحْنَحُ اللّيل كأنيَ جِنِّي
لمثل هذا وَلَدَتْني أمي ما تَنْقِمُ الحربُ العَوَانُ مِنِّي
[* سَنَحْنَحُ اللَّيْلِ كأنّيَ جِنِّي «1» *]
و روي:
*سَمَعْمَع كأنَّني من جِنّ
* بازلُ عامين: هو البعير الذي تمّتْ له عشر سنين، و دخل في الحادية عشرة فبلغ نهايتَه في القوة، و هو الذي يقال له: مُخْلِفُ عَام؛ و المعني: أنا في استكمال القوة كهذا البعير مع حَدَاثَةِ السن.
السَّنَحْنَح و السَّمَعْمَع مما كُرّر عينه و لامه معاً، و هما من سَنَح و سَمِع. فالسَّنَحْنَح:
العريض الذي يَسْنَح كثيراً، و إضافته إلي الليل علي معني أنه يُكْثِرُ السُّنوح فيه لِأَعدائه و التعرّض لهم لجَلَادته. و السَّمَعْمَع: الخفيف السريع في وَصف الذئاب، فاستُعير، و الذئب موصوف بحدّة السمع، و لهذا قيل لولده من الضَّبُع: السِّمْع، و ضُرِب به المثل فقيل: أَسْمَع من سِمْع.
السنّ: أُنِّثت في تسمية الجارحة بها، ثم استُعيرت للعُمْر، للاستدْلال بها علي طُولهِ و قِصَره، فقيل: كَبِرَتْ سني؛ مُبْقَاة علي التّأْنيث بعد الاستعارة، و نظيرُها اليد و النار في إبقاء تأنيثهما بعدما استُعيرنا للنِّعْمة و السِّمَةِ.
و قوله: حديثٌ سنّي، كما يقال: طلع الشمس، و اضطرم النار؛ لأن «حديث» معتمد علي «أنا» المحذوف و ليس بخبرٍ قُدِّم.
خفّف ياءُ «جنِّي» ضَروةً، و يجوز في القوافي تخفيفُ كلّ مشدد و مثله قوله:
*أصحوتَ اليومَ أم شاقَتْك هِرْ «2»
* خالف بين حَرْفَيِ الرويّ؛ لتقارب النون و الميم، و هذا يسمّي الإكْفَاء في عِلم القَوَافي، و مِثْلُه:
______________________________
(1) الرجز لعلي بن أبي طالب في ديوانه ص 192، و لسان العرب 12/ 590 (نقم)، و لأبي جهل في جمهرة اللغة ص 616، و خزانة الأدب 11/ 325، و شرح شواهد المغني 1/ 147، و لسان العرب 11/ 52 (بزل)، 13/ 21 (سنن)، 299 (غون)، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 6/ 197، و شرح شواهد المغني 2/ 960، و مغني اللبيب 2/ 682، و المقتضب 1/ 218، و الممتع في التصريف 2/ 696.
(2) الرجز بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 35، و الخصائص 2/ 320.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 96
يَا رِيَّهَا الْيَوْمَ علي مُبين علي مُبِينٍ جَرَدِ الْقَصِيمِ «1»

[بازلة]

: زيد رضي اللّٰه عنه- قضي في البَازِلة بثلاثة أَبْعِرَة.
هي في الشِّجاج: المتلاحمة، لأنها تَبْزُل اللَّحْمَ أي تشُقُّه.
بَزِيع في (خش). بأشْهَب بَازِل في (شه). البَيَازر في (بج). بِزّة في (شك).

الباء مع السين

[البسّ]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- يخرج قومٌ من المدينة إلي العراق و الشام يَبُسُّون المدينة، و المدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون.
البسُّ: السَّوْق و الطَّرْد، يقال: بسّ القومَ عنك، أي اطرُدْهم، و منه بسّ عليه عَقَارِبَه؛ إذا بثَّ نَمائمه؛ قال أبو النجم:
*و انْبَسَّ حَيَّاتُ الكَثيبِ الأَهْيَلِ «2»
* و به فسر قوله تعالي: وَ بُسَّتِ الْجِبٰالُ بَسًّا [الواقعة: 5]. و المعني يسوقون بَهائمهم سائرين؛ و لا محلّ له من الإعراب؛ لأنه بدل من «يخرج قومٌ»، و لا يجوز أن يُقال: هو في محلّ النصب علي الحال؛ لأن الحال لا ينتصب عن النكرة، و يجوز أن يكونَ صفةً لقوم؛ فيُحْكم علي موضعِه بالرفع.

[بسط]

*: يَدُ اللّٰه بُسْطَان لمُسي‌ء النهار حتي يتوبَ بالليل، و لمسي‌ء الليل حتي يتوبَ بالنهار.
يقال: يدُ فلان بُسُط: إذا كان مِنْفاقاً منبَسِط الباع، و مثله في الصفات: روضة أُنُفٌ، و مِشْيَة سُجُح، ثم يخفف فيُقال: بُسْط كعُنْق و أُذْن، جُعِل بسط اليد كنايةً عن الجود، حتي قيل للملك الذي يُطْلِق عطاياه بالأمر و بالإشارة: مبسوط اليد، و إن كان لم يُعْطِ منها شيئاً بيده، و لا يبسطها به البتّة، و كذلك المراد بقوله: يَدَا اللّهِ بُسْطَانِ، و بقوله تعالي: بَلْ يَدٰاهُ
______________________________
(1) البيت لحنظلة بن مصبح في لسان العرب (جرد).
(3) (*) [البسّ]: و منه في حديث المتعة: و معي بُردة قد بُسَّ منها. و في حديث مجاهد: من أسماء مكة الباسَّة.
و في حديث المغيرة: أشأم من البسوس. النهاية 1/ 126، 127.
(2) الرجز لأبي النجم في الطرائف الأدبية ص 62، و قبله:
و مات دعموص الغدير المُثْمَلِ
(4) (*) [بسط]: و منه في وصف الغيث: فوقع بسيطاً متداركاً. و منه حديث فاطمة: يبسطني ما يبسطها. و منه حديث: لا تبسط ذراعيك انبساط الكلب. النهاية 1/ 127، 128.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 97
مَبْسُوطَتٰانِ [المائدة: 64] الجواد و الإِنعام لا غير، من غير تصوّر يد و لا بَسْطها؛ لأن قولهم: مبسوط اليد و جَوَاد عبارتان معتقبتان علي معني واحد، و المعني: إنّ اللّٰه جوادٌ بالغفران للمسي‌ء التائب. رزقنا اللّٰه التوبة و مغفرة الذنوب. و في قراءة ابن مسعود: بل يداه بُسْطان.
و
في حديث عُرْوة: مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بِسْطاً تكن أحبَّ إلي الناس ممّن يعطيهم العطاء.
أي مُنْبَسطاً منطلقاً.

[بسل]

*: أمير المؤمنين عمر رضي اللّٰه عنه-
مات أُسَيْد بن حُضَيْر فأُبْسِلَ مالُه بدَيْنه، فبلغ عمر، فردّه فباعه ثلاث سنين متوالية فقضي دينه.
أي أُسْلِم إذا كان مستغرقاً بالدَّين، و منه أُبسل فلان بجريرته. قال الشَّنْفَري:
هُنَالِك لا أَرْجُو حياةً تَسُرُّني سَجِيس اللَّيَالِي مُبْسَلًا بالجَرَائر «1»
و كان المالُ نخلًا فباعه، أي باع ثمرته حتي قضي منها دَيْنَه.
قال في دعائه: آمين و بَسْلًا.
قيل: معناه إيجاباً و تحقيقاً. قال أبو نخيلة:
لا خابَ من نَفْعِكَ مَنْ رَجَاكَا بَسْلًا وَعادَي اللّهُ مَنْ عَادَاكَا «2»

[باسنة]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- نزل آدمُ من الجنة و معه الحجرُ الأسود متأبِّطَه، و هو ياقوتة من يَوَاقيت الجنة، و نزل بالباسِنَة و نَخْلة العَجْوة- و روي: «و نزل بالعَلَاة».
الباسِنةَ: آلات الصُّنَّاع، و قيل سكَّة الحَرَّاث.
العَجْوَة: ضربٌ من أجود التمر. و
عنه عليه الصلاة و السلام: العَجْوَة من الجنّة.
و هي شفاء من السمّ.
العَلاة: السَّنْدَان.

[البسر]

: الأشجع العبديّ رضي اللّٰه عنه- لا تَبْسُرُوا و لا تَثْجُروا و لا تُعَاقِرُوا فتَسْكَروا.
البَسْر: خَلْط البُسْر بالتمر و انتباذهما.
و الثّجْر: أن يُؤْخذ ثَجِير البُسْر فيُلْقَي مع التمر، و هو ثُفْلُهُ.
______________________________
(3) (*) [بسل]: و منه في حديث خيفان: قال لعثمان: أمَّا هذا الحي من همدان فأنجاد بُسْل. النهاية 1/ 129.
(1) البيت في ديوان الشنفري ص 36، و عجز البيت في لسان العرب:
سمير الليالي مبسلًا لجرائري
(2) البيت للمتلمس الهذلي في لسان العرب (بسل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 98
و المُعَاقَرة: الإدْمان، مَأْخوذٌ من عُقْر الحوض؛ و هو مقام الشاربة، أي لا تلزموه لزومَ الشاربة العُقْر.
الحسن رحمه اللّٰه- قال له وليدٌ التَّيَّاس: إني رجل تَيَّاس. قال: لا تَبْسُر و لا تَحْلُب.
و
روي: سألت الحسن عن كسب التَّيَّاس. فقال: لا بأس به ما لم يَبْسُر و لم يَمْصُرْ.
هو أن يحمِل علي الشاة غير الصارف و الناقة غَيْر الضَّبِعة.
المَصْر: أَنْ يحْلُب بإصبعين، أَرَاد ما لم يسترقِ اللَّبَن.
قد بُسَّ منه في (عي). البُساط في (عم). و بواسقها في (قع). فأنجادٌ بُسْل في (فر) بعد تبسّق في (رب). و مرة بالبَسَر في (رغ). الباسّة في (بك). أشأم من البَسُوس في (زو).

الباء مع الشين

[التبشبش]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- لا يُوطِنُ من المسجد للصلاة و الذِّكْر رجل إلا تَبَشبشَ اللّهُ به من حِينِ يخرج من بيته كما تَبَشْبَشُ أهل البيت بغائبهم إذا قَدِم عليهم.
التَّبشبُش بالإنسان: المسرّة به و الإقبال عليه، و هو من معني البشاشة لا من لفظها عند أصحابنا البصريين؛ و هذا مثل لارتضاء اللّٰه فعلَه و وقوعه الموقعَ الجميل عنده.
يخرج: في موضع الجر بإضافة حين إليه، و الأوقات تضاف إلي الجمل، و مِن لابتداء الغاية؛ و المعني: إن التبشبش يبتدي‌ء من وقت خروجه من بيته إلي أنْ يدخل المسجد؛ فترك ذكر الانتهاء لأنه مفهوم، و نظيره:
*شمتُ البرقَ من خَلَل السحاب
* و لا يجوز أن يفتح «حين» كما فتحه في قوله:
*علي حينَ عاتبتُ المشيبَ علي الصّبا «1»
* لأنه مضافٌ إلي مُعْرَب، و ذاك إلي مبنيّ.
______________________________
(1) عجزه:
و قلت ألما أصْحُ و الشيب وازعُ
و البيت من الطويل، و هو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 32، و الأضداد ص 151، و جمهرة اللغة ص 1315، و خزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553، و الدرر 3/ 144، و سر صناعة الإعراب 2/ 506، و شرح أبيات سيبويه 2/ 53، و شرح التصريح 2/ 42، و شرح شواهد المغني 2/ 816، 883، و الكتاب 2/ 330، و لسان العرب 8/ 390 (وزع)، 9/ 70 (خشف)، و المقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 111، و الإنصاف 1/ 292، و أوضح المسالك 3/ 133، و رصف المباني ص 349، و شرح الأشموني 2/ 315، 3/ 578، و شرح شذور-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 99‌

[بشر]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- من أحبَّ القرآنَ فلْيَبْشَرْ- و روي فلْيَبْشُر.
يقال: بَشَرْتُه، بمعني بشّرته، فَبَشَر، كجَبَرْته فجَبَر، و بَشرته فبَشِر كثَلَجْت صدرَه فثَلِج، و المعني البِشَارة بالثواب العظيم الذي لا يبلغ كُنهَه وَصْف؛ و لهذا المعني حذف المبشَّر به.
و قيل: المراد بقوله: «فليبشُر» بالضمّ أن يضمِّرَ نفسه لحِفْظه؛ فإنَّ كَثْرَةَ الطَّعام تنسيه إياه، من بَشْر الأديم و هو أَخْذُ باطِنه بشفرة. و مثله
قوله: «إني لأكره أن أري الرجل سميناً نسيًّا للقرآن».
و نظير البَشْر في وقوعه عبارة عن التضمير النَّحت و البَرْيُ في التعبير بهما عن الهُزَال و ذَهاب اللَّحم. يقال: براه السفر، قال:
*و هو من الأَيْنِ حَفٍ نَحِيت «1»
* و من البَشْر
حديث ابن عمروٍ: أُمرنا أن نَبْشُرَ الشَّوَارِب بَشْراً.
أراد أن نُحُفِيَها حتي تظهر البَشَرة.

[البشام]

*: ابن غَزْوَان رضي اللّٰه عنه- خطب الناسَ بالبصرة، فقال: لقد رأيتُني سَابع سَبْعَة مع رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم، ما لنا طعام إلّا وَرَقُ البَشَام حتي قَرِحت أَشْدَاقُنا، ما منَّا اليوم رجلٌ إلا علي مِصْرٍ من الأمصار.
و روي: «سابع سبعة قد سُلقت أفواهنا من أكل الشجر».
البَشَام: شجر يُسْتاك به. قال جرير:
أَ تَذْكُرُ يَوْم تَصْقُل عَارِضَيْهَا بِفَرْع بَشامةٍ سُقِي البَشَام «2»
سُلِقَت، من السُّلاق، و هو بَثْر يخرج في باطنِ الفم.
______________________________
- الذهب ص 102، و شرح ابن عقيل ص 387، و شرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137، و مغني اللبيب ص 571، و المقرب 1/ 290، 2/ 516، و المنصف 1/ 58، و همع الهوامع 1/ 218.
(3) (*) [بشر]: و منه في حديث توبة كعب: فأعطيته ثوبي بشارة. و منه الحديث: لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم. و منه الحديث: أنه كان يقبِّل و يباشر و هو صائم. و منه حديث نجية: ابنتك المؤدمة المبشرة.
النهاية 1/ 129.
(1) جمل نحيت: انتحتت مناسمه (لسان العرب: نحت).
(4) (*) [بشم] [البشام]: و منه حديث الحسن: و أنت تتجشأ من الشبع بشماً. و في حديث عبادة: خير مال المسلم شاءٌ تأكل من ورق القتاد و البشام. و منه حديث عمرو بن دينار: لا بأس بنزع السِّواك من البشامة. النهاية 1/ 130، 131.
(2) البيت في ديوان جرير ص 512، و يروي:
أتنسي إذْ تودّعنا سُلَيْمَي
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 100
السابع علي معنيين: يكونُ اسماً للواحد من السبعة، و اسمَ فاعل من سَبَعْت القوم؛ إذا كانوا ستة، فأتممتَهم بك سبعة. فالأوّل يُضاف إلي العدد الذي منه اسمه، فيقال: سابع سبعة، إضافة مَحْضة بمعني أحَد سبعة، و مثله في القرآن: ثٰانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة: 40]، و ثٰالِثُ ثَلٰاثَةٍ. و الثاني يضاف إلي العدد الذي دونه فيقال: سابع ستة إضافة غيره من أسماء الفاعلين، كضارب زيد، و المعني سابع ستّة.

[بشر]

: الحجاج- دخل عليه سَيَابة بن عاصم السُّلَمِيّ، فقال: من أيّ البُلْدَان أنت؟
قال: من حَوْران قال: هل كان وراءك من غَيْث؟ قال: نعم! أصلح اللّٰه الأَمِير. قال: انعتْ لنا كيف كان المطرُ و تَبْشِيره؟ قال: أَصَابتني سَحَابَةٌ بحَوْرَان، فوقع قَطْرٌ كبار و قَطرٌ صغار، فكأنَّ الصغار لُحْمةٌ لِلكِبَارِ، و وقع سَبْطاً مُتَدَارِكاً، و هو السَّحُّ الذي سمعتَ به؛ وادٍ سائل، و واد نَادِح، و أَرْضُ مُقْبلة، و أَرْض مدبرة، و أصابتني سحابة بالقَرْيَتين فلبَّدَت الدِّماثَ، و أسالت العَزَاز، و صدعَتْ عن الكمَأة أماكنها، و جئتُك في مثل جارّ الضَّبُع «1».
و روي: فلَبَّدتِ الدِّمَاث، و دَحَّضَت التِّلَاع، و ملأَت الحفر، و جئتُك في ماء يجرّ الضّبُع، و يستخرجها من وِجارها؛ فقاءت الأرضُ «2» بعد الرّيّ، و امتلأَت الإِخَاذ «3» و أُفْعِمت الأَوْدِية.
ثم دخل عليه رجلٌ من أهل اليمامة، فقال: هل كان وراءك من غَيْث؟ فقال: نعم، كانت سماءٌ و لم أرها، و سمعتُ الروَّاد تدعو في رِيَادَتها، فسمعتُ قائلًا يقول: أُظعِنكم إلي مَحَلّة تُطْفَأ فيها النيران، و تَشْتَكِي فيها النساء، و تَنَافَسُ فيها المعزي.
فلم يفهم الحجاج ما قال، فاعتلَّ عليه بأَهلِ الشام، فقال: ويحك! إنما تُحدِّث أهل الشام فأَفْهِمهم. فقال: أما طَفْ‌ءُ النيران، فإنه: أَخْصَب الناسَ فكثُر السمن و الزّبد و اللَّبن فلم يُحتج إلي نارٍ يخبز به. و أما تشكّي النساء فإن المرأة تَرْبِق «4» بَهْمَها «5» و تمْخَض لبنها فتَبِيت و لها أَنِين. و أما تنافس المعزي فإنها تَرَي من ورق الشجر و زهر النبات ما يُشْبِع بطونها و لا يُشبع عيونها؛ فتبيتُ و لها كِظّة من الشبع و تَشْتَرُّ فتتنزل الدِّرّة.
ثم دخل رجل من بني أَسَد، فقال له: هل كان وراءك من غَيث؟ قال: أغبر البلاد «6»، و أُكِل ما أشرف من الجنة؛ فاستيقنَّا أنه عامُ سَنَة. فقال: بئس المخبرُ أنت!
______________________________
(1) يقال غيث جار الضبع: أي يدخل عليها في وجارها حتي يخرج منها، و الوجار جحر الضبع.
(2) قاءت الأرض: أي أخرجت نباتها و خزائنها.
(3) الإخاذ: الغدران.
(4) الربق، بالكسر: حبل فيه عدة عري تشد به البهم.
(5) البهمة: الصغير من أولاد الضأن و المعز و البقر.
(6) أغبرت البلاد: وقع مطرها و اشتد.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 101
ثم دخل رجل من الموالي من أشدّ الناس في ذلك الزمان، فقال له: هل كان وراءَك من غيث؟ قال: نعم، أصلح اللّٰه الأمير، غير أني لا أحسن أن أقولَ كما قال هؤلاء، إلا أنه أصابتني سحابةٌ فلم أَزَل في ماءٍ و طينٍ حتي دخلت علي الأَمير. فضحك الحجّاج ثم قال:
و اللّٰه لئن كنتَ من أَقصرهم خطبة في المطر إنك لمن أطولهم خُطوةً بالسيف.
التبشير: واحد التباشير؛ و هي الأَوائل و المبادي‌ء. و منه تباشير الصُّبْح، و هو في الأَصل مصدر بَشّر؛ لأن طلوع فاتحة الشي‌ء كالبِشارة به، و مثله التعشيب و التنبيت.
لُحْمة لِلْكِبار؛ أراد أنَّ الْقَطْرَ قد انْتَسَج لفرط تَتَابُعه، فشبّه الكبار بسدَي النسيج و الصغار بلُحْمته.
السَّبْط: الممتد المنبسط، و قد سَبِط و سَبُط.
النَّادِح: الواسع، من نَدَح يَنْدَح إذا وسَّعه، و هو من باب العيشة الراضية، و الماء الدافق، و منه المندوحة و هي السّعة، مصدر من نَدَح كالمكذوبة و المصدوقة.
الدِّمَاث: السهول، جمع مكانٍ دَمْث أو أرض دَمِثة.
العَزاز: الأرض الصلبة.
دُحِّضَت التِّلَاع: صيرتها مَداحض: أي مَزَالق.
الإخَاذ: المصانع «1».
أُفْعِمت: مُلئت.
الرِّيادة: مُخْرجَة علي زنة الخياطة و القِصارة؛ لأنها صناعة.
الكِظَّة: الامتلاء المفرط من طعام أو شراب؛ من اكتظَّ الوادي إذا غَصّ بالماء.
قلبت جيم «تجتر» شيناً لتقاربهما.
قيل في «تَشَكّي النساء» وجه آخر؛ و هو اتِّخاذهنّ شِكاءَ اللَّبن، جمع شَكْوة، و هي القِرْبة الصغيرة يقال: شَكَّي الراعي و تَشَكَّي، قال:
و حَتَّي رَأَيْتُ العَنْزَ تَشْرَي و شَكَّتِ الْ أيَامَي و أَضْحَي الرِّثْم بالدَّوِّ طَاوِيا «2»
الجنة: عامة الشجر التي تتربّل «3» في الصَّيف.
السَّنَة: القَحْط، أراد بطول الخطوة التقدم إلي الأَقران، من قول ابن حطان:
إذا قصُرت أسيافُنا كَانَ وَصْلُها خُطَانا إلي أَعْدَائنا فنُضَاربِ «4»
______________________________
(1) المصانع: مواضع يجتمع فيها الماء.
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (شكا).
(3) الربل: ضرب من الشجر، و تربل الشجر: أخرجه.
(4) البيت من الطويل، و هو لقيس بن الخطيم في ديوانه ص 88، و خزانة الأدب 7/ 25، 27، و شرح أبيات-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 102
و أَبْشَره في (قر). فبَشَكَهُ في (طر). و البَشامَ في (ظر). بِشَقّ في (غث).

الباء مع الصاد

[البصر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم-
عن ابن طَرِيف: كنتُ شاهداً النبيّ صلي اللّه عليه و سلم و هو محَاصِرٌ أهلَ الطائفِ، فكان يصلّي بنا صلاة البَصَر، حتي لو أن إنساناً رمي بنَبْلةٍ أبصر مواقع نَبْله.
البَصَر، بمعني الإِبصار، يقال: بَصُر به بَصَراً. و قيل لصلاة الفجر أو المغرب علي خلافٍ فيها: صلاة البَصر؛ لأنها تُصَلَّي في وقت إبصار العيون للأشخاص بعد حيلولة الظلمةِ أو قبلها.
ذكر قوماً يؤمُّون البيتَ و رجل متعوِّذ بالبيت قد لجأَ به من قُرَيْش، فإذا كانوا بالبَيْداءِ خُسِف بهم. فقيل: يا رسول اللّٰه؛ أَ لَيْس الطريقُ يجمعُ التاجر و ابنَ السبيل و المُسْتَبْصِر و المَجْبُور؟ قال: يهلِكُونَ مهلكاً وَاحِداً، و يَصْدرون مَصَادِر شتَّي.
المستبصر: ذُو البصيرة في دِينه.
المجبور: المجْبَر علي الخُروج، يقال: جَبره علي الأمر و أَجبره؛ و معناه أن قوماً يقصدون بيت اللّٰه ليُلْحِدوا في الحرم فيَخسف بهم اللّٰه. فقيل له: إن تلك الرفقة قد تَجمَع مَنْ ليس قصدُه قصدَهم. فقال: يهلكون جميعاً، ثم يَذْهَبُون مذاهبَ شتَّي في الجزاء.
ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- بين كل سَمَاءين مَسيرةُ خمسمائة عام، و بُصْرُ كلِّ سماء مسيرةُ خمسمائة عام.
البُصْر: غِلظ الشي‌ء، يقال: ثوب ذو بُصْر؛ إذا كان غليظاً وَثيجاً «1». و منه البَصْرة و البِصْر لنوع من الحجارة.
و يجوز أن يُرَاد بالمسيرة المسافة التي يُسارُ فيها كما قيل: المَتِيهة «2» و المزلّة. و يجوز
______________________________
- سيبويه 2/ 137، و شرح المفصل 7/ 47، و الشعر و الشعراء ص 327، و الكتاب 3/ 61، و هو برواية (نضاربُ) بدل (فنضاربِ) للأخنس بن شهاب في خزانة الأدب 5/ 28، و شرح اختيارات المفضل ص 937، و هو لكعب بن مالك في فصل المقال ص 442، و ليس في ديوانه، و لسهم بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 186، و لعمران بن حطان في شعر الخوارج ص 46، و بلا نسبة في شرح المفصل 4/ 97، و المقتضب 2/ 57.
(3) (*) [البصر]: و منه في حديث أم معبد: فأرسلت إليه شاة فرأي فيها بُصْرة من لبن. و منه الحديث: بَصُر عيني و سمع أُذني. و في حديث الخوارج: و ينظر في النصل فلا يري بصيرة. و في حديث عثمان:
و لتختلفن علي بصيرة. و منه الحديث: بُصْرُ جلد الكافر في النار أربعون ذراعاً. النهاية 1/ 131، 132.
(1) الوثيج: الكثيف.
(2) أرض متيهة: مضلة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 103
أن يكون مصدراً بمعني السَّيْر كالمَعيشة و المَعيش، و المَعْجِزَة و المَعْجِز.

[بصص]

: كعب رضي اللّٰه عنه- تُمْسَكُ النَّارُ يومَ القيامة حتَّي تَبِصَّ كأنها مَتْنُ إهالة، فإذا اسْتَوَتْ عليها أقدامُ الخلائق نادي منادٍ: أَمْسِكي أصحابَكِ و دَعي أصحابي فتَخْنُسُ بهم- و روي: فتَخْسِف بهم، فيَخْرُج منها المؤمنون نَدِيَّة ثيابُهُم.
البصيص: البريق.
الإِهَالة: الودك.
خَنس به يخنُس و يخنِس: إذا أخَّرَهُ و غيَّبه.
بَصِير و أعْمَي في (سف). ما هذه البَصْرَة في (كذ). بُصْرَه في (بر). و بصرها في (فر). أصحّ بصرٍ في (خس).

الباء مع الضاد

[البضع]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- لمّا تزوَّج خديجة بنت خُوَيلِد دخل عليها عمرو بن أُسَيْد، فلما رأي النبي عليه السلام قال: هذا البُضْع لا يُقْرَعُ أنفه- و روي: لا يُقْدع.
و
روي: أنه لما خَطَبَ خديجة اسْتَأْذَنَتْ أباها و هو ثَمِل فقال: هو الفَحْل لا يُقْرَع أَنْفُه؛ فَنحَرَتْ بعيراً، و خَلَّقَت أباها بالعَبِير. و كسَتْهُ بُرْداً أَحْمَر؛ فلما صَحَا من سُكْرِه قال: ما هذا الحَبِير؟ و هذا العَقِير؟ و هذا العَبِير؟
البُضْع: مصدر بَضع المرأةَ إذا جامَعها، و مثله فيما حكاه سيبويه: قَرَعَها قُرْعاً، و ذَقَطها ذُقْطاً «1»؛ و فعْل في المصادر غيرُ غريب؛ منه الشُّغل و السُّكر و الكُفْر و أخوات لها.
و يقال لعقد النكاح: بُضْع أيضاً، كما استعمل النكاح في المعنيين. و أرادها هنا صاحب البُضْع فحذف.
قَرْعُ الأنف: عبارة عن الردّ، و أصله في الفحل الهجين إذا أراد أن يَضْرب في كرائم الإبل قُرِع أَنفه بالعَصَا [ليرتدّ عنها].
و القَدْع: قريب من القَرْع، قالت لَيْلَي الأَخْيَلِيَّة:
______________________________
(2) (*) [البضع]: و منه الحديث: تُستأمر النساء في أبضاعهن. و منه حديث عائشة: و له حصّصني ربي من كل بُضْع. و منه الحديث: و بُضْعة أهله صدقة. و منه الحديث: عتق بضعك فاختاري. و في الحديث: فاطمة بضعة مني. و منه: أنه سئل عن بئر بضاعة. النهاية 1/ 132، 133، 134.
(1) ذقط الطائر أنثاه: سفدها (لسان العرب: ذقط).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 104
و لم يقْدع الخصم الألدّ و يملأ الْ جِفان سديفاً «1» يوم نكباء صرصر «2»
أراد بالحَبير: البُرْد الذي كَسَتْه، و بالعَبير: الذي خلَّقَتْه به. و بالعَقِير: البعير المَنْحُور.
عمر رضي اللّٰه عنه- كان لرجلٍ حقٌّ علي أم سَلمة، فأَقْسَمَ عليها أن تعطيَه، فضربه أَدَباً له ثلاثين سَوْطاً كلّها يَبْضَع و يَحْدُر- و روي: يُحْدِر.
أي يشقُّ الجِلْد، و منه المِبْضع، و يُوَرِّم، يقال: أحْدَرَه الضَّرْب و حَدَرَه حَدْراً. و حدَر الجلدُ بنفسه حُدُوراً. قال عمر بن أبي ربيعة:
لو دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِها لأَبَانَ مِنْ آثارِهِنّ حُدُورَا
و قيل: يُحْدِر الدم؛ أي يسيله.

[البضيض]

*: النّخَعيّ رحمه اللّٰه تعالي- يقال: إن الشيطان يجزي في الإحليل، و يَبِضّ في الدُّبر، فإذا أحسّ أحدُكم من ذلك شيئاً فلا ينصرف حتي يسمعَ صوتاً أَوْ يجد رِيحاً.
البَضِيض: سيَلان قليل، شِبْه الرَّشْح؛ و المعني أنه يدب فيه فيخيّل إليك أنه بَضيض بَلل.

[البض]

: الحسن رحمه اللّٰه تعالي- ما تَشاء أن تري أحدَهم أَبْيَض بَضّاً يَمْلَخُ في الباطل مَلْخاً، يَنْفُض مِذْرَوَيْهِ، و يضرب أَسْدَرَيْه، يقول: هٰأنذا فاعْرِفوني! قد عرفناك فمقتك اللّٰه، و مقتك الصالحون.
البضّ: الرقيقُ البَشرَة الرَّخْص الجسد.
المَلْخ: الإسراع و المرّ السهل، يقال: بَكْرة ملوخ، و قال رُؤْبة:
*مُعْتَزِمُ التَّجْلِيخ مَلَّاخُ المَلَق «3»
* أي سريع في الملَق، و هو ما استوي من الأرض.
المِذْرَوان: فرعا الأليتين، و إنما لم يقل: مِذْرَيان كقولهم: مذريان في تثنية مذري الطعام؛ لأنَّ الكلمة مبنية علي حرف التثنية، كما لم تقلب ياءُ النهاية، و واو الشقاوة همزة لبنائهما علي حَرْف التأنيث.
______________________________
(1) السديف: السنام.
(2) ترثي توبة بن الحمير.
(4) (*) [البضيض] [البض]: و منه في حديث طهفة: ما تبضُّ ببلال. و منه حديث تبوك: و العين تبضُّ بشي‌ء من ماء. و منه حديث خزيمة: و بضَّت الحلمة. النهاية 1/ 132.
(3) يصف الحمار، و رواية لسان العرب: مقتدر التجليخ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 105
الأَسْدَران: العِطْفَان، أي يضرب بيديه عليهما. عن ابن الأعرابي: و هو مثل للفَارغ، و نَفْض المِذْرَوَين للمختال.
قد عرَفْنَاك: يسمي التفاتاً، و له في علم البيان مَوقع لطيف.
و تبضع طيبها في (كي). ما تبضّ ببلال في (صب). يبضّ ماءً أصفر في (ند). من كل بضع في (سح). أن يستبضع في (نظ).

الباء مع الطاء

[بطن]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و سلم- رأيت عيسي ابن مريم عليه السلام، فإذا رجل أبيض مُبَطَّن مثل السَّيف.
هو الضامر البطن.

[بطاقة]

*: ابن عمرو رضي اللّٰه تعالي عنهما- يُؤْتَي برَجُل يوم القيامة، و تُخْرَج له بطاقة فيها شهادةُ أن لا إله إلا اللّٰه، و تخرج له تسعة و تسعون سِجِلًّا فيها خطاياه فترجَح بها.
قال ابن الأعرابيّ: البِطاقة: الورَقة- و روي «نطاقة» بالنون. و قال شمر: هي كلمةٌ مبتذَلة بمصر و ما وَالاهَا، يدعون بها الرُّقعة الصغيرة المنوطةَ بالثوب التي فيها رَقْم ثمنه؛ لأنها تُشَد بطاقة من هُدْبه، و قيل لها: النِّطاقة؛ لأنها تَنْطِق بما هو مرقوم عليها.

[البطة]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- قال رَجاء بن حَيْوَة: كنت معه فضُعف السراج فقلت: أقوم فأُصلحه، فقال: إنه لَلُؤْم بالرجل أَن يستخدمَ ضيفَه، فقام فأخذ البطَّة فزاد في دُهْن السراج ثم رجع فقال: قمت و أنا عمر بن عبد العزيز و رجعتُ و أنا عمرُ بن عبد العزيز!
البطَّة: الدَّبَّةُ بلغة أَهل مكة، و قيل: هي إناء كالقَارُورة، و كأَنها سُمِّيَتْ بذلك لأنها علي شكل الطائر المعروف.

[بطن]

: النّخعيّ رحمه اللّٰه تعالي- كان يُبَطِّنُ لِحْيَته و يأخذ من جوانبها.
أي يأْخذُ شعرها من تحت الذَّقَن و الحَنَك.
أبطحوا في (رف). و بطْن في (ظه). و البطحاء في (جد). بطيحاء في (كم).
______________________________
(1) (*) [بطن]: و منه الحديث؛ ما بعث اللّٰه من نبي و لا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان. و في حديث الاستسقاء: و جاء أهل البطانة يضجون. و في صفة القرآن: لكل آية منها ظهرٌ و بطنٌ. و منه: المبطون شهيد. و منه الحديث: أن امرأة ماتت في بَطَن. و في صفة علي: البطين الأنزع. و في حديث سليمان ابن صرد: الشوط بطين. النهاية 1/ 136، 137.
(2) (*) [بطاقة]: و منه حديث ابن عباس قال لامرأة سألته عن مسألة: اكتبيها في بطاقة. النهاية 1/ 136.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 106
ذو البُطَيْن في (جب). بطاقة في (كه). ليستبطنها في (غل). أبا البطحاء في (قح). إنّ الشَّوْط بَطِين في (رح). بِبِطْنَتِك في (غض). الأباطيل في (دح). البطريق في (رس). ما بّطأ بهم في (ثب).

الباء مع الظاء

[بظارة]

*: عليّ عليه السلام- أتِي في فريضة، و عنده شريح فقال له: ما تقول أنت أيّها العَبْدُ الأَبْظَر؟
هو الذي في شَفته العليا بُظَارة، و هي هَنَة نَاتئة في وَسَطها لا تكون لكلِّ أحد.
و يقال لحلمة ضَرْع الشاة: بُظارة أيضاً، و قيل: الأبظر الصخَّاب الطويل اللسان؛ و جعله عبداً؛ لأنه وقع عليه سِبَاء في الجاهلية.
بظيت في (زر).

الباء مع العين

[البعل]

*: النبيَّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- ما سُقي منها بَعْلًا ففيه العُشْر.
البَعْل: النَّخل النابت في أرض تقربُ مادةُ مائها، فهو يَجْتَزي‌ء بذلك عن المطر و السَّقي؛ و إياه أراد النابغة في قوله:
مِن الوَارِدَات الماءَ بالْقَاعِ تَسْتَقِي بأَذْنَابِهَا قَبْلَ اسْتِقَاء الْحَنَاجِرِ «1»
و إنما سمي بَعْلًا لأنّه باجتِزائِه كَلٌّ علي مَنابته و مَرَاسِخ عروقه، من قولهم: أصبح فلان بَعْلًا علي أَهْله؛ إذا صار كَلًّا و عِيَالًا عليهم.
و منه
حديثه: إن رجلًا أتاه فقال: يا رسول اللّٰه؛ أُبايعك علي الجهاد، فقال: هل لك من بَعْل؟ قال: نعم، قال: انطلق فجاهِدْ فيه، فإنَّ لك فيه مُجَاهَداً حسناً.
قيل معناه: هل لك من يَلْزمك طاعته من أبٍ و أم و نحوهما؟ من قولهم: هو بَعْل الدار
______________________________
(2) (*) [بظارة] [بظر]: و منه في حديث الحديبية: امْصُص ببظر اللّات. و منه الحديث: يا بن مقطعة البظور.
النهاية 1/ 138.
(3) (*) [البعل]: و منه حديث أسماء الأشهلية: إذا أحسنتن تَبَعُّل أزواجكن. و في حديث الإيمان: و أن تلد الأمة بعلها. و منه حديث ابن عباس: أنه مر برجلين يختصمان في ناقة و أحدهما يقول أنا و اللّٰه بعلها.
و منه حديث أكيدر: و إن لنا الضاحية من البعل. و في حديث الشوري: قال عمر: قوموا فتشاوروا فمن بعل عليكم أمركم فاقتلوه. النهاية 1/ 141، 142.
(1) البيت في ديوان النابغة ص 46.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 107
و الدابَّة، أي مالكهما. و منه بَعْل المرأة. و يجوز أن يكون مخفَّفاً عن بَعِل، و هو العاجز الذي لا يهتدي لأمره من بَعِل بالأمر «1»، و امرأة بَعِلة: بَلْهاء لا تُحْسن اللّبس و لا إصلاح شَأْن النَّفْس.
بَعْلًا، نصب علي الحال، و المعني ما سقاه اللّٰه بَعْلًا.

[الانبعاق]

: تكلَّم لديه رجل فقال له: كم دون لسانك من حجاب؟ فقال: شفتاي و أَسناني. قال: إن اللّٰه يكره الانْبِعَاقَ في الكلام.
هو الإِكثار و الاتّساع فيه، من انبعث المطر؛ و هو أن يَسيل بكثرةٍ و شدَّةٍ.

[بعال]

: ذكر أَيَّام التَّشْرِيقِ فقال: إنها أيام أَكْل و شُرب و بِعَال.
هو المُبَاعلة، و هي ملاعبة الرجل أهلَه، قال الحطيئة:
و كَمْ مِنْ حَصان ذَاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها إذا الليل أَدْجَي لم تَجِدْ من تُبَاعِلُه «2»

[البعولة]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- ما مُصَلًّي لامرأة أَفضل من أشدّ مكان في بيتها ظُلْمة، إلا امرأة قد يَئِسَتْ من البُعولة فهي في مَنْقَلَيْها.
هي جمع بَعْل، و التاء لتأنيث الجمع، كالسهولة و الحُزُونة، و يجوز أن يكون مصدراً، يقال: بَعّلتِ المرأة بُعولة، أي صارت ذات بَعْل.
المَنْقَل: الخُفّ، قال الكميت:
و كَانَ الأَبَاطِحُ مِثْل الإِرِنْ و شُبِّهَ بالْحِفْوَةِ المَنْقَل «3»
أي هي لَابِسة خُفَّيها لخروجها من البيت، و تردّدها في الحوائج، و المعني كراهة الصلاةِ في المسجد للشوابّ و الترخيص فيها لِلعجائز.
لامرأة: في موضع الرفع صفة لمصلًّي.
و أفضل إمّا أَنْ يُنْصب علي لغة أَهْل الحجاز، أو يرفع علي لغة بني تميم.

[البعق]

: حُذيفة رضي اللّٰه عنه- قال: ما بقي من المنافقين إلا أربعة، فقال رجل:
فأَيْنَ الذين يُبَعِّقُونَ لِقَاحَنا، و يَنْقُبُونَ بيوتنا؟ فقال: أولئك هم الفاسقونَ- مرّتين.
بعَق الناقة: نَحَرها، و بعَّق للتكثير.
و
في كلام الضّبيّ- كانت قبْلنا ذئبة مُجْرِيَةٌ «4»، فأقبلت هي و عِرْسُها ليلًا، فبَعَقَتَا غَنَمنا.
______________________________
(1) بعل بالأمر بعلًا، فهو بعل: برم فلم يدرِ كيف يصنع.
(2) البيت في ديوان الحطيئة ص 38.
(3) البيت في لسان العرب (نقل).
(4) المجرية: ذات الجرو.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 108
أي شقّتا بطونها، أو المراد اللصوص الذين يُغيرون علي أهل الحيّ فيستاقونها، ثم يَنْحرونها و يأكلونها.

[بعثة]

*: إن للفتنة بَعَثَاتٍ و وَقَفَاتٍ، فمن استطاع أنْ يموتَ في وقَفَاتِها فليَفْعَل.
جمع بَعْثَة، و هي المرّة من البَعْث؛ أي إثارات و تهيجات.

[البعثط]

: معاوية رضي اللّٰه عنه- قيل له: أخبرنا عن نفسك في قريش؟ فقال: أنا ابن بُعْثُطِها و اللّٰه ما سُوبقت إلّا سبَقْت، و لا خُضْتُ برِجْلٍ غَمْرَةً «1» إلا قطعتُها عَرْضاً.
البُعْثط: سرّة الوادي، أراد أنه من صميم قريش و واسِطتها. و خوض الغَمْر عَرْضاً أمر شاقّ لا يَقْوَي عليه إلا الكامل القوة، يقال: إن الأسد يفعل ذلك. و الذي عليه العادة اتّباعُ الجِرْية حتي يقع الخروج ببعدٍ من موضع الدخول، و هذا تمثيلٌ لإِقحامهِ نفسَه فيما يعجز عنه غيرُه، و خوضه في مستصعبات الأمور و تفصّيه منها ظافراً بمبَاغِيه.

[بعلياً]

: عُرْوَة رضي اللّٰه عنه- قال: قتِل في بني عمرو بن عَوْفٍ قتيلٌ، فجعل عَقْله علي بني عمرو بن عوف؛ فما زال وارثه، و هو عمير بن فلان، بَعْليًّا حتي مات.
هو منسوب إلي البَعْل من النَّخل، و قد سبق تفسيره، و المراد ما زال غنياً ذا نخْل كثير، و يجوز أن يكونَ بمعني البَعْل و هو المالك، من قولهم: هو بَعْلُ هذه الناقة، و الياء ملحقة للمبالغة مثلها في أحمري و دَوَّارِي؛ أي كثير الأملاك و القِنْية «2». و قيل: يشبه أن يكون بعَلياءَ من قول العرب في أمثالها: ما زال منها بعَليَاء، يُضْرَب لمن يفعل فَعلَة تُكْسِبه شرفاً و مجداً، و مثله قولهم: ما زال بعدها ينظر في خير.
و العَلْيَاء: اسم للمكان المرتفع كالنّجد و اليَفَاع، و ليست بتأنيث الأعلي؛ الدليل عليه انْقِلاب الواو فيها ياء، و لو كانت صفةً لقيل: العَلوَاء، كما قيل: العَشْواء، و القَنْواء و الخَذْوَاء، في تأنيث أَفْعلها، و لأنها استعملت منكّرة، و أَفعل التفضيل و مؤنثه ليسا كذلك.
فبعَّها في (كر). يوم بُعاث في (قي). تبعّل أزواجكنّ في (قصّ). و لا باعُوثاً في (قل). بعجَت له في (حَنّ). اغدوا المبعث في (غد). بَعَج الأرض في (زف). بَعِل بالأمر في (هط). و بعيثك في (دح). من البعل في (ضح). بُعْد ما بين السماء و الأرض في (رف).
بَعْلِي رسولها في (سح).
______________________________
(3) (*) [بعث]: و منه حديث عائشة: فبعثت البعير فإذا العقد تحته. و منه الحديث: أتاني الليلة آيتان فابتعثاني.
و في حديث القيامة: يا آدم ابعث بعث النار. و منه حديث ابن زمعة: إذا انبعث أشقاها. النهاية 1/ 138، 139.
(1) الغمرة: الماء الكثير، ضربه مثلًا لقوة رأيه عند الشدائد.
(2) القنية، بالكسر: ما اقتني من شاة أو ناقة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 109‌

الباء مع الغين

[بغش]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كانوا معه في سفَر، فأصابهم بُغَيْش فنادي مُنَادِيه: من شاءَ أن يُصَلّيَ في رَحْله فلْيَفْعَل.
تصغير بَغْش، و هو المَطر الخفيف، و قد بغشت السماء الأرض تبغَشها. قال رؤبة:
*سيداً كَسِيدِ الرَّدْهَة المبغوشِ «1»

[بغاء]

*: أبو بكر الصديق رضي اللّٰه عنه- خرج في بُغَاء إبلٍ، فدخل عند الظَّهيرة علي امرأة يقال لها حَبّة، فسقته ضَيْحَةً حَامِضَةً.
أخرج بُغَاء الشي‌ء علي زِنَة الأَدْواءِ كالعُطَاس و النُّحَاز «2» تشبيهاً لشغل قلب الطالب بالدَّاء، و بِغَاء المرأة علي زِنَةِ العيوب كالشِّرَاد و الحِران؛ لأنه عيبٌ فاحش.
الضَّيحة: من الضَّيح، و هو اللَّبن المرقَّق، كالشحمة من الشحم، و الشّهدة من الشّهد، و هي الشي‌ءُ اليسير منه.

[بغثر]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- إذ رأيتُك يا رسولَ اللّٰه قرَّت عيني، و إذا لم أَرَك تَبَغْثَرَتْ نَفْسي.
التَّبَغْثُر: خَبَث النفس من غَثَيان و سوء ظنّ و غير ذلك، و المراد هاهنا خُبْثُها للوَحْشة بفقد المشاهدة.
باغٍ و هادٍ في (كر). بُغْياناً في (ان). بغَوْتها في (صح). ابْغِني في (غف). [لا] ينبغي له أن ينام في (قس). باغوثاً في (قل). البَغَايا في (أب). أبْغِيها الطّعام في (دي).

الباء مع القاف

[بقي]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- تَبَقّهْ و تَوَقّهْ.
______________________________
(1) أوله:
أعدو لهبش المغنم المبغوش
و في لسان العرب «المهبوش» بدل «المبغوش» و يروي أيضاً «أغدو» بالغين المعجمة بدل «أعدو» بالعين المهملة.
(3) (*) [بغاء]: و منه الحديث: ابغني أحجاراً أستطب بها. و منه حديث سراقة و الهجرة: انطلقوا بغياناً. و منه الحديث: امرأة بغيٌّ دخلت الجنة في كلب. النهاية 1/ 143، 144.
(2) النحاز: داء للإبل يصيبها في رئتها تسعل به شديداً.
(4) (*) [بقي]: و منه حديث ابن عباس و صلاة الليل: فبقيت كيف يصلي النبي صلي اللّٰه عليه و سلم. و في حديث النجاشي و الهجرة: و كان أبقي الرجلين فينا. النهاية 1/ 147.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 110
التبقّي: بمعني الاستبقاء، كالتقصّي بمعني الاستقصاء، و في أمثالهم: لا ينفعْك من زَادٍ تُبقّي. و قال ذو الرّمة:
*و أَدرَك المُتَبَقّي من ثَمِيلَتِه «1»
* و المعني الأَمْرُ باستقباء النفس، و ألا يُلْقي بها إلي التّهلُكة، و التحرّز من المَتَالف، و الهاءُ ملحقةٌ للسكت.

[بقر]

*: نهي عن التَّبَقُّر في الأَهْلِ و المال.
التبقّر: تفعّل، من بقَر بطنه؛ إذا شقّه و فتحه، فوُضِع موضع التفرّق و التبدّد.
و المعني النّهي عن أن يكونَ في أَهْل الرجل و مالِه تفرّق في بلادٍ شتّي؛ فيؤدّي ذلك إلي توزّع قلبه. و هذا التفسير معني
قول ابن مسعود رضي اللّٰه عنه: فكيف بمالٍ بِرَاذَان و مالٍ بكذا؟

[بقع]

*: قال أبو مُوَيْهِبة رضي اللّٰه عنه: طرقَني رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم، فقال: يا أبا مُوَيْهِبةَ؛ إني قد أُمِرْتُ أن أستغفرَ اللّٰه لأهلِ البقيع؛ فانطلقتُ معه، فلما تَفَوَّهَ البَقِيع قال: السلام عليكم.
في كلام ذكره.
المراد بَقِيع الغَرْقَد: مقبرة بالمدينة.
تَفَوَّهَ، أي دخل فُوّهته، و هي مَدْخله، يقال: تفوَّهت الزّقاق و السِّكة.

[بقر]

: أمير المؤمنين عثمان رضي اللّٰه عنه-
قال أبو موسي الأشعري حين أقبلت الفِتنة بعد مَقْتَلِه: إنَّ هذه الفتنةَ بَاقِرَةٌ كداءِ البَطن، لا يُدْرَي أيْنَ يُؤْتي له!
أي صادِعة للأُلفة شاقَّةٌ للعصا، و شبَّهها في تعذّر تلافيها و الحيلةِ في كشفها بداءِ البطن الذي أعضل و أَعيت مُدَاوَاته.

[التبقط]

*: أمير المؤمنين عليّ عليه السلام- حمل علي عَسْكَرِ المشركين فما زالوا يُبَقِّطُون.
______________________________
(1) عجزه:
و من ثمائلها و استنشي‌ء الغَرَبُ
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 11.
(2) (*) [بقر]: و منه في حديث أبي موسي: سمعت رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يقول: سيأتي علي الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران. و في حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا. و منه حديث الإفك: فبقرت لها الحديث. و في حديث هدهد سليمان عليه السلام: فبقر الأرض. و في كتاب الصدقة لأهل اليمن: في ثلاثين باقورة بقرة. النهاية 1/ 144، 145.
(3) (*) [بقع]: و منه الحديث: أنه أمر بقتل خمس من الدواب، و عد منها الغراب الأبقع. و في حديث أبي هريرة: أنه رأي رجلًا مُبقع الرجلين و قد توضأ. و منه الحديث: ففاتحته فإذا هو باقعة. النهاية 1/ 145، 146.
(4) (*) [بقط]: و منه في حديث عائشة: ما اختلفوا في بقطة. النهاية 1/ 145.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 111
التبقيط: الإسراع في المشي و الكلام. و يقال: بقَّط في الجبل و بَرْقَط: أسرع في صعوده، و المعني تَعَادَوْا إلي الجِبالِ مُنْهزمين.

[بقي]

: معاذ رضي اللّٰه عنه- بَقَيْنا رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم ذاتَ ليلة في صلاة العشاء، حتي ظننّا أنه قد صلّي و نام، ثم خرج إلينا فذكر فَضْل تأخيرِ صلاةِ العشاء.
أي انتظرْنا، و الاسم منه البَقْوَي، قلبت الياء فيها واواً. و كذلك كلّ «فَعْلَي» إذا كانت اسماً كالتَّقْوي و الرَّعْوي و الشَّرْوي، و إذا كانت صفة لم تقلب يَاؤُها كقولهم: امرأة صَدْياً و خَزْياً. قال:
فهُنَّ يَعْلُكْن حَدَائدَاتهَا جُنْحُ النَّوَاصي نَحْوَ أَلْوِيَاتِهَا
كالطَّيْرِ تَبْقِي مُتَدَاوِماتِهَا «1»

[بقع]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- يُوشك أن يُسْتَعمل عليكم بُقْعَانُ أهل الشام.
أَراد خُبَثاؤهم، فشبَّهَهُمْ في خُبْثِهم بالبُقْع من الغِربان التي هي أَخْبثها و أَقْذَرُها.
و قيل: أراد المولّدين بين العرب و الرُّوميات لجمعهم بين سَوَادِ لَوْن الآباء و بياض لَوْنِ الأمهات.
و
في حديث الحجاج: إن بعضهم قال له في خيل ابنِ الأشعث: رأيت قوماً بُقْعاً.
قال: ما البُقْعُ؟ قال: رقَّعوا ثيابَهم من سُوءِ الحال.
شبَّه الثياب المرقعة بلَوْن الأَبقع.

[بقط]

: ابن المسيّب رحمه اللّٰه- قال: لا يَصْلُح بَقْط الجِنَان.
أي لا يجوز إعطاء البساتين علي الثّلث و الربع، و إنما سمي هذا بَقْطاً؛ لأنه خَلْطُ المِلْك و تَصْيِيرُه مشاعاً، من قولهم: بَقَط الأَقِطَ: إذَا بكَلَهُ.

[بقق]

*: ابن ميسرة رحمه اللّٰه- إنَّ حكيماً من الحكماء كتب ثلاثمائة و ثلاثين مُصْحَفاً حِكَماً فبثّها في الناس فأوحي اللّٰه تعالي: إنك قد ملأت الأرض بَقَاقاً، و إن اللّٰه لم يَقْبَل من بَقَاقِكَ شيئاً.
هو كثرة الكلام، يقال: بَقَّ علينا فلان يَبُقُّ بَقَاقاً، كقولك: فكّ الرهن يفكّ فَكاكاً؛ إذا اندفع بكلام كثير، و منه بقَّتِ المرأة: كَثُر وَلَدُها.
و تكلّم أعرابي فأكثرَ، فقال له أخوه: أَحْسنُ أَسْمَائك أن تُدْعَي مِبَقّاً.
لقًّا و بقاً في (لق). باقِعة في (نس). عين بَقّة في (حز). وَ بقَر خواصرهما في (شر).
______________________________
(1) الرجز للأحمر في لسان العرب (بقي).
(2) (*) [بقق]: و منه الحديث: أنه صلي اللّه عليه و سلم قال لأبي ذر: ما لي أراك لقاً بقاً، كيف بك إذا أخرجوك من المدينة.
النهاية 1/ 147.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 112‌

الباء مع الكاف

[بكت]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أُتِي بشارب خمر، فقال: بكِّتُوه فبَكَّتُوه.
التَّبكيت: استقباله بما يكره من ذمٍّ و تقريع، و أن تقول له: يا فاسق؛ أَمَا اتَّقَيْتَ! أَمَا اسْتَحْيَيْتَ! و منه قيل للمرأة المِعْقَاب: مُبَكِّت؛ لأَنها كلما وضعت أُنثي استقبلت زوجَها بمكروه.

[بكأ]

*: نحن مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ [فينا] بَكْ‌ء.
أي قِلَّة كلام؛ مثل بَكْ‌ء الناقة أو الشاة، و هو قِلّة لبنها، يقال: بكَأت و بكُؤت بُكَاءَ و بكْأً و بُكُوءاً، فهي بَكِي‌ء و بكِيئَةٌ.
و
في حديث عمر رضي اللّٰه عنه- إنه سأل جَيْشاً: هل يثبت لكم العدوّ قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ بكيئةٍ؟ فقالوا: نعم، فقال: غَلّ القوم.
أي خانوا في القَوْل، و معناه يكذّبهم فيما زعموا من قلّة ثبات العدوِّ لهم.

[بكر]

*: عليّ عليه السلام- كانت ضرباته مُبْتَكَراتٍ لا عُوناً «1».
الضَّرْبة المبتَكرة: هي التي ضُرِبت مرة واحدة و لم تُعَاوَدْ لشدّتها و إتيانها علي نَفْس المضروب؛ شبِّهت بالجارية المبتَكرة و هي المفتضّة؛ لأنها التي بُنيَ عليهما مرّةً واحدة.
و العَوَان: التي وقعت مُخْتَلَسَةً فأَحْوَجَت إلي المُعَاوَدة؛ شُبِّهَتْ بالمرأة العَوَان و هي الثيّب. و منه: حرب عَوَان، و حاجة عَوَان، و يجوز أن يُراد أنه كان يوقعها علي صفَةٍ في الشدّة لم يسبقه إلي مثلها أحدٌ من الأبطال.

[بكك]

*: مجاهد رحمه اللّٰه تعالي- من أسماءِ مكة بَكَّة، و هي أمّ رُحْم، و هي أمّ القُرَي، و هي كُوثَي، و هي الباسَّة- و روي النَّاسّة.
قيل: سمّيت بكّة لتباكّ الناسِ فيها؛ و هو ازدحامهم. و قيل: لأنها تبكّ أعناق الجبابرة و مَنْ أَلْحَد فيها بظلم؛ أي تدقّها.
______________________________
(2) (*) [بكأ]: و منه الحديث: من منح منيحة لبن بكيئةً كانت أو غزيرة. النهاية 1/ 148.
(3) (*) [بكر]: و منه الحديث: لا تزال أمتي علي سنتي ما بكَّروا في صلاة المغرب. و في الحديث: بكِّروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من ترك العصر حبط عمله. و منه الحديث: لا تعلموا أبكار أولادكم كتب النصاري. و منه حديث المتعة: كأنها بكرة عيطاء. و منه حديث طهفة: و سقط الأُملوج من البكارة.
النهاية 1/ 148، 149.
(1) العون: جمع العوان.
(4) (*) [بكك]: و منه الحديث: فتباك الناس عليه. النهاية 1/ 150.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 113
و هي الباسَّة أو النَّاسَّة؛ لأنها تَبُسهم أي تطردهم. و تنسُّهم أي تَزْجُرهم و تسوقهم.
و أم رُحم: أصل الرّحمة، يقال: رَحِمه رَحماً و رُحْماً. قال اللّٰه تعالي: وَ أَقْرَبَ رُحْماً [الكهف: 81]- قري‌ء باللغتين، و قال زهير:
و مِنْ ضَريبتِه التَّقْوَي و يَعْصِمُهُ من سَيِّي‌ءِ العَثَرَاتِ اللّهُ و الرُّحُمُ «1»
و قيل في أمّ القري: لأنها أولُ الأرض و أَصْلها و مِنها دُحيت.
و كُوثَي: بقعة بمكة، و هي محلّة بني عبد الدار، قال:
لَعن اللّهُ مَنْزِلًا بَطْنَ كُوثَي و رماه بالفَقْرِ و الإمْعَارِ «2»
ليس كُوثَي الْعِرَاقِ أَعْنِي و لٰكِنْ كُوثَةَ الدَّارِ دَارِ عَبْدِ الدَّارِ
يريد بكُوثي العراق؛ قرية وُلِد بها إبراهيم صلوات اللّٰه عليه.

[بكر]

: الحجاج- كتب إلي عامل له بفارس: ابعث إليَّ بعسَل أَبْكَار، من عَسل خُلَّار من الدّسْتفشَار، الذي لم تمسّه النار.
أَراد أَبكار النحل و هي أَفْتاؤها؛ لأن العسل إذا كان منها كان أطيبَ، و قيل أراد أن أَبْكارَ الجَوارِي يَلينه. و الأول أصحّ، لأنه قد روي: ابعث إلي بعسل من عَسَلِ خُلّار من النَّحْل الأَبْكارِ.
خُلّار: موضع بفارس.
الدّسْتَفشَار: كلمة فارسية؛ أي مما عَصَرَتْه الأيدي و عالَجَتْه.
بكَر و ابْتَكَر في (غس). أبكار أولادكم في (نب) إن تَبْكعَنِي بها في (قر). فبعكتّه في (قر). و بِكْره في (رج). بكلّت في (لب). مِمْ بكْر في (اب). مَنْ بك في (خص) شاة بكي‌ء في (نو).

الباء مع اللام

[بله]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- يقول اللّٰه تعالي: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصالِحينَ ما لَا عَيْنٌ رأَتْ، و لَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، و لَا خَطَر عَلَي قَلْبِ بَشَرٍ، بَلْه ما أطْلعتُهم عليه.
بَلْهَ: من أسماء الأفعال، كرُوَيْد، و مَهْ، و صَهْ، يقال: بَلْه زيداً؛ بمعني دَعْه و اتركه.
و قد يوضع مَوْضِع المصدر فيقال: بَلْه زيدٍ، كأنه قيل: تَرْكَ زيد، و يقلب في هذا الوجه فيقال: بَهل زيد؛ لأن حال الإعراب مظنة التصرّف.
______________________________
(1) البيت في ديوان زهير ص 162.
(2) البيتان لحسان بن ثابت، و هما في ديوانه ص 228. و أمعر: أي افتقر و فني زاده، و أمعرت الأرض: لم يكن فيها نبات.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 114
و ما أطلعتهم عليه: يصلح أن يكون منصوبَ المحلِّ و مجروره علي مقتضي اللغتين.
و قد رُوي بيت كعب بن مالك الأنصاري:
تَذَرُ الجَماجِمَ ضَاحِياً هاماتُها بَلْهَ الأَكُفِّ كأنها لم تُخْلَقِ «1»
علي الوجهين. المعني: رأَته و سمعته، فحُذِف لاستطالة الموصول بالصلة، و نظيره قوله تعالي: أَ هٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللّٰهُ رَسُولًا [الفرقان: 41].

[البل]

*: بُلُّوا أَرْحَامكم و لو بالسَّلَام.
لما رأَوا بعض الأشياء يتَّصل و يختلط بالنَّداوَة، و يحصل بينهما التّجافي و التفرّق باليُبْس استعاروا البَلَّ لمعني الوَصْل، و اليُبْس لمعني القَطيعة، فقالوا في المثل: لا تُؤْبِس الثري بيني و بينك. قال:
فلا تُؤْبِسوا بَيْنِي و بَيْنَكم الثَّرَي فإنّ الذِي بيني و بينكم مُثْرِي «2»
و
في حديث عمر بن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- إذا اسْتَشَنَّ «3» ما بينك و بَيْنَ اللّٰه فابْلُلْه بالإحْسَان إلي عِبَادِه.

[البله]

: إن أهل الجنة أَكْثَرُهم البُلْه.
هم الذين خلوا عن الدّهاء و النّكر و الخُبْث؛ و غَلبت عليهم سلامةُ الصُّدور و هم عُقلاء.
و
عن الزِّبرقان بن بدر: خيرُ أولادنا الأَبْله العقول
، قال النَّمِر بن تَوْلب:
و لَقَدْ لَهَوْتُ بِطَفْلةٍ ميَّالةٍ بَلْهاءَ تُطْلِعُني عَلَي أَسْرَارِها «4»
و في المقامات التي أَنْشَأتُها في عِظَة النَّفْس في صِفَةِ الصالحين: «هَيْنون لَيْنون، غير أن لا هَوادة في الحقّ و لا إدْهَان، أبْلهٌ خلا أن غَوْصَهُم علي الحقائق يغمرُ الألباب و الأَذْهان.
______________________________
(1) البيت من الكامل، و هو لكعب بن مالك في ديوانه ص 245، و خزانة الأدب 6/ 211، 214، 217، و الدرر اللوامع 3/ 187، و شرح شواهد المغني ص 353، و لسان العرب 3/ 478 (بله)، و بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217، و تذكرة النحاة ص 500، و الجني الداني ص 425، و خزانة الأدب 6/ 232، و شرح الأشموني 1/ 215، و شرح التصريح 2/ 199، و شرح شذور الذهب ص 513، و شرح المفصل 4/ 48، و مغني اللبيب ص 115، و همع الهوامع 1/ 236.
(5) (*) [البل]: و منه حديث طهفة: ما نبضّ بِبِلال. و في حديث المغيرة: بَلِيلَة الإرعاد. النهاية 1/ 153، 154.
(2) البيت لجرير في لسان العرب (ثري).
(3) استشن: أخلق.
(4) البيت لابن شميل في لسان العرب (بله).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 115‌

[البلس]

*: مَنْ أَحَبَّ أن يرقَّ قَلْبه فلْيدْمِنْ أَكْلَ البَلَس.
هو التّين، و
روي البُلُس و البُلْسُن
، و هما العَدَس، و قيل: حبٌّ يشبهه، و النون في البُلْسن مزيدة مثلها في خَلْبن «1» و رَعْشَن «2» من الخلابة و الرِّعشة.

[بلم]

*: ذكر الدَّجال فقال: رأيته بَيْلَمَانيًّا أقْمَر هِجَانا، إحْدَي عينيه كأنها كوكب دُرّي- و روي فَيْلَمانِيًّا و فَيْلَماً.
البَيْلَمانيّ: الضَّخْم المنتفخ، من قولك: أَبْلم الرّجل إذا انتفخت شَفَتاه، و رأيت شفتيه مُبْلَمَتَينِ، و أبلمت الناقة: وَرِم حَياؤها، و يقال لطُوط «3» البَرْدِي: البَيْلَم لطول انتفاخه.
و الفَيْلماني و الفَيْلَم: العظيم الجثّة، يقال: رأيت امْرَأً فَيْلَماً: أي عظيماً. و قال الهذليّ:
و يَحْمِي المُضَافَ إذا ما دَعا إذا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ «4»
و الألف و النون و الياء المشددة المزيدات علي الفَيْلم مبالغات في معناه.
الأَقمر: الأبيض. و الهِجَان تأْكيدٌ له.

[بلل]

: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أرسل إلي أبي عُبيدة رسولًا، فقال له حين رجع:
كيف رأيتَ أبا عُبيدة؟ فقال: رأيتُ بلَلًا مِنْ عَيْش. فقصر من رِزْقه، ثم أرسل إليه و قال للرسول حين قدم عليه: كيف رأَيته؟ قال: رأيتُ حُفُوفاً. فقال: رَحِم اللّٰه أَبا عبيدة بَسَطْنا له فبسَط، و قبضنا له فقبض.
جعل البَلل و الحَفُوف- و هو اليُبْس- عبارة عن الرَّخاء و الشدَّة؛ لأن الخصبَ مع وجود الماء و الجدبَ مع فقدَه. يقال: حفَّت أرضنا: إِذَا يبس بَقْلُها.
و عن أعرابيّ: أتَوْنا بعصيدة قد حفَّت فكأنها عَقِب فيها شقوق.
العباس رضي اللّٰه تعالي عنه- قال في زمزم: لا أُحِلُّها لمُغْتَسِل، و هي لِشَارب حِلٌّ و بِلّ.
______________________________
(5) (*) [بلس]: و منه الحديث: فتأشب أصحابه حوله و أبلسوا. و منه الحديث: ألم ترَ الجن و إبلاسها. و في حديث ابن عباس: بعث اللّٰه الطير علي أصحاب الفيل كالبلسان. النهاية 1/ 151، 152.
(1) امرأة خلبن: امرأة حمقاة.
(2) امرأة رعشن: امرأة مرتعشة.
(6) (*) [بلم]: و منه في حديث السقيفة: كقِدّ الأُبلمة. النهاية 1/ 154.
(3) الطوط: المقطن، و قيل قطن البردي خاصة.
(4) البيت لعياض بن خويلد في لسان العرب (فلم)، و يروي صدره:
يَشْذِبُ بالسَّيْفِ أقرانَهُ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 116
قيل: بِلّ إتباعٌ لحلّ، و قيل: هو المباح بلغة حِمْير.
و عن الزّبير بن بكّار: معناه الشِّفاء، من بلج المريض و أَبَلَّ.

[بلان]

: ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: ستفتحون أرضَ العَجَم، و ستجدون فيها بيوتاً يقال لها البَلَّانَات، فمن دَخَلَها و لم يستتر فليس منّا.
واحدها بَلّان، و هو الحمّام، من بلّ، بزيادة الألف و النون؛ لأنه يبلّ بمائه أو بعرَقه مَنْ دخله. و لا فِعل له، إنما يقال: دخلنا البلَّانات- عن أبي الأزهر.

[بلا]

: ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- سُئل عن الوضوء من اللَّبن، فقال: ما أُبالِيه بَالَةً، اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ.
أي مبالاة، و أصلها بَالِية، كعافية.
أَسمح و سَمَح و سَامَح: إذا ساهل في الأمر، يقال: أسْمَحَتْ قَرُونَتُه، و في أمثالهم:
إذا لم تجدْ عزًّا فسمّحْ.

[البلغين]

: عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قالت لعليّ رضي اللّٰه تعالي عنه- يوم الجَمل: قد بَلغْتَ مِنّا البُلَغِين.
قيل: هي الدّواهي، كقولهم: البُرَجينَ، و التحقيق فيهما أن يقال: كأنه قيل: خَطبٌ بِلَغ، أي بليغ، و أمر بِرَح أي مبرّح، كقولهم: لَحْم زِيمَ «1»، و مكان سِوّي، و ديناً قِيَماً، ثم جُمِعا جمع السلامة؛ إيذاناً بأن الخطوبَ في شدة نِكايتها بمنزلة العُقَلاءِ الذين لهم قصد و تعمّد. و في إعراب نحو هذا طريقان: أحدهما أن يجري الإعراب علي النون و يقرّ ما قبلها ياء، و الثاني أن يفتح النون أبداً و يعرب ما قبلها؛ فيقال: هذه البِلَغون، و لقيت البِلَغين، و أعوذ باللّٰه من البِلَغين، قالت ذلك حين جهدتها الحَرْب.
و أبْلِسوا في (أش). البُلُسُ و البُلْسنُ في (جل). من البَلاغ في (رف). بلّح في (عن).
الأبْلَمة في (قد). بالة في (حش). بذي بَلِّي و بذي بِلِّيان في (بن). بَلَاقع في (خش). أبْلَج الوجه في (بر). وبلّتْها في (صح). مُبَلِّجاً في (مح). البَلقعة في (قي). بليلة الإرعاد في (زو)، و البُلَت في (شن). ما نبضّ بِبِلال في (صب). و ما ابتَلّت قدماه في (حن).

الباء مع النون

[بنا]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم-
قالت عائشة رضي اللّٰه عنها: ما رأيتُ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و سلم يتَّقِي الأرضَ بشي‌ء إلا في يوم مطير أَلْقَينا تحته بناء.
______________________________
(1) لحم زيم: أي لحم متعضل متفرق ليس بمجتمع في مكان فيبدن.
(2) (*) [بنا]: و منه في حديث الاعتكاف: فأمر ببنائه فقوِّض. و منه حديث علي: قال: يا نبي اللّٰه متي تبنيني.
النهاية 1/ 157، 158.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 117
معني البناء: ضمُّ الشي‌ء إلي الشي‌ء، و منه قيل للنِّطَع مِبناة و مَبناة و بناء؛ لأنه أَدِيمان فصاعداً ضُمَّ بعضُها إلي بعض و وصل به.
في يوم مطير؛ أي مُطر فيه، فاتُّسع في الظَّرف بإجرائه مجري المفعول الصحيح، كما قيل: و يوم شهدناه، إلَّا أنَّ الضميرَ اسْتكَنَّ هنا لانْقِلابه مَرْفوعاً. و برز في شهدناه؛ لأنه انقلب منصوباً، و النَّصْبُ أَخُو الجر.
خالد رضي اللّٰه تعالي عنه- خطب الناس فقال: إن عمرَ استعملني علي الشامِ، و هو له مهمّ؛ فلما أَلْقَي الشَّامُ بَوَانِيَه، و صار بَثَنِيَّةً و عَسَلًا، عَزَلَني و استَعْمَل غَيْرِي فقال رجل: هذا و اللّٰه هو الفِتْنَة. فقال خالد: أما و ابنُ الخطاب حيٌّ فلا، و لكنَّ ذاك إذا كان الناسُ بذي بِلِّيٍّ و ذي بِلَّي- و روي: «بذي بِلِّيَانِ».
البَوَاني: أَضْلَاع الزَّوْرِ لتضامِّها، الواحدة بَانية، و يقال: أَلْقي البعيرُ بَوَانِيه، كما يقال:
ألقَي بَرْكه «1»، و أَلْقَي كَلْكَله: إذا اسْتَنَاخَ، فاستعاره لاطمِئنان الشامِ و قرار أُمُوره.
البَثَنِيَّة: حِنْطة حبّ منسوبةٌ إلي البَثْنَة، و هي بلاد من أرض دمشق. و البَثْنَةُ: الأرض السهلة اللينة؛ أي كثر فيها الحنطة و العسل، حتي كأن كلّه حنطة و عسل. و المرادُ ظهور الخصب و السَّعة فيه.
يقال لمن بَعُد حتي لا يدري أين هو: صار بذِي بِلِّيٍّ و ذي بِلِّيان، من بلَّ في الأَرض إذا ذهب. و المعني ضياع أمورِ الناسِ بعده و تشتّت كلمتهم.

[بنت]

: عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- كنت أَلْعب مع الجواري بالبنات، فإذا رأينَ رسولَ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم انْقَمَعْن فيُسَرِّبهُنَّ إليّ.
البنات: التماثيل التي يَلعبُ بها الصبايا.
انْقَمَعْن: دَخَلْن البيت و تغيَّبْن.
يُسَرِّبُهنَّ: يرسلهن، من السِّرْب، و هو جَمَاعة النساء.

[بنن]

*: شُرَيح رحمه اللّٰه تعالي- قال له أعرابيّ- و أراد أن يَعْجَل عليه بالحكومة:
تَبَنَّنْ.
أي تثبَّت، و البَنِين: العاقل المتثبِّت، و هو من باب أبَن بالمكان.
أُبَيْنَي عبد المطلب في (غل). و بنَّسوا في (نس). بَنَّة الغَزْل في (با). ابن أبي كَبشة في (عن).
______________________________
(1) البرك: الصدر.
(2) (*) [بنن]: و منه في جابر و قتل أبيه يوم أُحد: ما عرفته إلا ببنانه. و منه الحديث: إن للمدينة بنَّةً. النهاية 1/ 157.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 118‌

الباء مع الواو

[بوق]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- لا يَدْخُل الجنَّةَ مَنْ لَا يأمَنُ جَارُه بَوَائقَه.
أي غَوائِله و شُرُوره، يقال: باقَتْه بائقة تَبُوقه بَوْقاً.

[بوك]

: جاءوهم يَبُوكون حِسْي «1» تَبُوك بقِدْح «2»، فقال: ما زِلتُم تَبُوكونها بعدُ! فسمِّيت تَبوك.
و هو أن يحركوا فيه القِدْح حتي يخرجَ الماء.
و منه
حديثه: إن بعض المنافقين بَاكَ عَيْناً كان النبي صلي اللّه عليه و سلم وضع فيها سَهْماً.
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- إنه كانت له بُندقة من مِسْك، و كان يبلُّها ثم يَبُوكها بين راحته، فتَفُوح رَوَائحها.
أي يحرِّكها بتَدْوِيره بين رَاحَتَيْه.

[بور]

*: قال عَلْقَمة الثقَفي رضي اللّٰه عنه: كنت في الوَفْد الذين قدموا علي رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فضرب لنَا قُبَّتين، فكان بلالٌ رضي اللّٰه عنه يأْتِينا بفِطْرِنا، و نحن مُسْفِرون جدًّا حَتَّي وَ اللّهِ ما نحسب إلّا أنّ ذاك شي‌ء يُبْتَارُ به إسْلَامُنا، و كان يأْتِينا بطعامنا للسَّحور و نحن مُسْدِفُون فيكشِفُ القُبّةَ فيسْدِفُ لنا طعامَنا.
بَارَه يَبُوره و ابْتَاره، مثل خَبَره يَخْبُره و اخْتَبَره في البناء و المعني.
الإِسداف: الدخول في السُّدفة و هي الضّوْء؛ و قوله: «يُسْدِف لنا طعامَنا»، أي يدخل في السّدفة فيُضي‌ء لنا. أَرَاد أنه كان يعجِّل الفطور و يؤخِّر السحور امتحاناً لهم.
بفِطْرنا: أي بطعامِ فِطْرِنا فحذف.
و من الابْتِيار
حديث عَون، قال: بلغني أنّ داود سأل سليمان صلوات اللّٰه عليهما و هو يَبْتَارُ عِلْمَه «3». فقال: أخبرني؛ ما شرُّ شي‌ء؟ قال: امرأة سوء إن أَعطيتها بَاءَت و فَخَرت، و إن منعتَها شَكَتْ و نفرت.
الباء: الكِبر.
______________________________
(4) (*) [بوق]: و منه حديث المغيرة: ينام عن الحقائق و يستيقظ للبوائق. النهاية 1/ 162.
(1) الحسي: العين.
(2) القدح: السهم.
(5) (*) [بور]: و منه الحديث: فأولئك قوم بور. و منه حديث أسماء: في ثقيف كذاب و مبيرٍ. و منه حديث عمر: الرجال ثلاثة: فرجل حائر بائر. و في كتابه صلي اللّه عليه و سلم لأُكيدر: و أن لكم البور و المعاصي. و منه: نعوذ باللّٰه من بوار الأيِّم. النهاية 1/ 161.
(3) يبتار علمه: يختبر علمه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 119‌

[بوأ]

*: كان بين حَيَّيْن من العرب قتالٌ، و كان لأحد الحيَّيْن طَوْلٌ «1» علي الآخر، فقالوا: لا نَرْضَي إلا أنْ يُقْتَل بالعَبْدِ مِنّا الحرُّ منكم، و بالمرأة الرجلُ؛ فأمرهم أن يَتَبَاءَوْا.
هو أن يتقاصُّوا في قَتْلاهم علي التساوي؛ فيُقْتَل الحرُّ بالحر و العبْدُ بالعبد. يقال: هم بَوَاء، أي أَكْفاء في القصاص، و المعني ذَوُو بَوَاء، قالت ليلي الأخيلية:
فإنْ تَكُنِ الْقَتْلَي بَوَاءً فإنّكُمْ فَتًي ما قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ «2»
و منه
الحديث: الجِرَاحاتُ بَوَاء
: أي سوَاء.
و كَثُر حتي قيل: هم في هذا الأَمْرِ بَوَاء: أي سوَاء.

[بوح]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لعبادة بن الصامت رضي اللّٰه تعالي عنه: إن عليك السَّمْعَ و الطاعة في عُسْرِك و يُسْرك، و لا تنازع الأَمْر أهلَه إلا أن تُؤْمَر بمعْصِية بَوَاحاً- أو قال: براحاً.
يقال: باح الشي‌ءُ، إذا ظهَر- بَواحاً و بُؤوحاً، فجعل البَواحَ صِفَةً لمصدرٍ محذوف تقديره إلا أنْ تُؤمر أمراً بَوَاحاً؛ أي بائحاً ظَاهراً.
برَاحاً بمعناه من الأَرْض البراح، و هي البارزة.
ليس للنساء من بَاحَة الطّرِيق شي‌ء، و لكن لهن حَجْرَتا الطّرِيق.
بَاحَة الطريق: وَسَطه، و كذلك بَاحَة الدَّار: وسطها، و هي عَرْصَتُها.
الحَجْرَة: الناحية.

[بوص]

: كان جالساً في ظل حجرة قد كاد يَنْبَاص عنه الظلّ.
أي ينقبض عنه و يَسبِقه، من باص، إذا سبق و فات.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه- إنه كان أراد أن يستعمل سعيد بنَ عامر فباص منه
؛ أي فاته مستتراً.

[بوج]

*: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن الجن ناحت عليه فقالت:
______________________________
(3) (*) [بوأ]: و منه الحديث: فقد باء به أحدهما. و منه حديث وائل بن حجر: إن عفوت عنه يبوء بإثمه و إثم صاحبه. و في الحديث: بؤْ للأمير بذنبك. و منه الحديث: أنه قال في المدينة: هاهنا المتبوَّأ. و منه الحديث؛ أن رجلًا بوَّأ رجلًا برمحه. النهاية 1/ 159، 160.
(1) الطول: الغني و السعة و الفضل و القدرة.
(2) البيت في لسان العرب (بوأ).
(4) (*) [بوح]: و منه الحديث: نظفوا أفنيتكم و لا تدعوها كباحة اليهود. النهاية 1/ 161.
(5) (*) [بوج]: و منه في حديث عمر: اجعلها باجاً واحداً. النهاية 1/ 160.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 120
عليك سلامٌ من أميرٍ و باركتْ يَدُ اللّٰه في ذاك الأَدِيم الممزّق
قضيتَ أُمُوراً ثم غادَرْتَ بَعْدَها بَوَائِجَ في أَكْمَامِهَا لم تُفَتّقِ «1»
فمنْ يَسْعَ أو يركب جَنَاحيْ نَعامةٍ ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق
أَبَعْدَ قَتيلٍ بالمَدِينَةِ أَظْلمَتْ له الأرْضُ تهتَزُّ العِضَاه «2» بأَسْوُقِ
البَوَائج: الْبَوَائق.
الأَكْمَام: الأَغْطِية، جمع كِمّ؛ أي كانت الفِتَنُ في أيامك مستورة فانكشفت.
الأَسْوُق: جمع ساقٍ؛ أنكر علي الشجر اخضرارها و اهتزازها، أي كان يجب أن تجفَّ و تذهب رطوبتها بمَوْتة.

[بال]

*: الأحنف رضي اللّٰه تعالي عنه- نُعي إليه شقيق بن ثور، فاسترجع و شقّ عليه، و نُعِيَ إلي حَسَكة الحَبَطيّ فما ألقي لذلك بالًا؛ فغضب مَنْ حضره من بني تميم، فقال: إن شقيقاً كان رجلًا حليماً، فكنتُ أقول: إن وقعت فتنةٌ عصم اللّهُ به قومَه، و إن حسكة كان رجلًا مُشَيَّعاً، فكنتُ أخشي أن تقع فتنة فيجرّ بني تميم إلي هلكة.
إلْقَاء الْبَالِ للأمر: الاكْتِرَاث له، و الاحتفال به.
قيل المُشَيَّع هنا: العَجُول؛ من شَيَّعْتُ النارَ: إذا أَلْقَيْتُ عليها ما يُذكيها، و ليس يَبْعُد أن يُرَاد به الشجاع، و دَيْدَنُ الشُّجْعان اقتحامُ المهالك، و التخفّف إلي الحروب و الفِتن، و قِلّة تدبر العواقب، و لا يخلو مَنْ هَذَا دَأْبُه أن يُوَرِّط نفسَه و قومَه.

[بوك]

: عمر بن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- رُفِعَ إليه رجل قال لرجلٍ: إنكَ تَبُوكُهَا- يعني امرأةً ذَكَرَها- فأمر بضَرْبه، فجعل الرجلُ يقول: أَ أُضْرَبُ فِلَاطاً.
و
روي من وَجْه آخر: إنّ ابن أبي خنَيس الزّبيري سابَّ قرشيًّا، فقال له: علَامَ تَبُوكُ يَتِيمَتَكَ في حجرك؟ فكتب سليمان بن عبد الملك إلي ابْنَ حَزْم: إن البَوْكَ سفادُ الحمار فاضْرِبْه الحدَّ. فلما قُدِّم ليُضْرَبَ قال: إِنّٰا لِلّٰهِ! أُضْرَبُ فِلَاطاً!
قال ابن حزم- و كان لا يعرفُ الغَريب: لا تعجلوا عسي أن يكون في هذا حدٌّ آخر.
الفِلاط: المفاجأة، و أفلطه: فاجأه، لغة هذيلية، قال المتنخّل الهذلي:
بهِ أَحْمِي المُضافَ إذا دَعَانِي و نَفْسِي ساعةَ الفَزَعِ الفِلَاطِ «3»
______________________________
(1) البيت الثاني للشماخ في لسان العرب.
(2) العضاه: كل شجر يعظم و له شوك، واحده عضاهة و عضهة.
(4) (*) [بال]: و منه الحديث: من نام حتي أصبح فقد بال الشيطان في أذنه. و منه: كان للحسن و الحسين قطيفة بولانية. و في حديث المغيرة: أنه كره ضرب البالة. النهاية 1/ 163، 164.
(3) البيت في ديوان الهذليين 2/ 26.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 121
و قال أيضاً:
أَفْلَطها اللَّيْلُ بعيرٍ فتَسْ عي ثوبُها مُجْتَنِبُ الْمعدِلِ «1»
و إنما قال ذلك لأنّه لم يعلم أن الكلمة كانت قَذْفاً.
بَوْغاء في (رج). بَائِر في (هي). فأولئكم بُور في (شر). بَواء فليتبوّأ في (مث).
و البُور في (ند). بآئلة و بيلتي في (فو). بوّالًا في (شص). حَتّي باصَ في (ول). و بَوْغاء في (عف). بَيْص في (حي).

الباء مع الهاء

[بهز]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- أُتِيَ بشارِب خمر فخُفِق بالنِّعال و بُهزَ بالأَيْدِي.
البَهْز: الدَّفع العنيف. و منه قيل لأَوْلَاد العَلّات «2»: بنو بَهْز؛ لِتَدَافُعهم و قلة تَرَافدهم؛ و به سمي ابنُ حكيم بَهْزاً.

[بهر]

*: سار ليلة حتي ابهارَّ الليلُ، ثم سار حتي تَهَوَّرَ الليل.
ابهارَّ: انتصفَ، من البُهْرَة و هي وسَط كلِّ شي‌ء، و إنّما قيل للوسط بُهْرة؛ لأنه خيرُ موضع، فكأنه يَبْهر «3» ما سواه.
تَهَوَّر: مستعار من تهوّرِ البناءِ و هو انهدامه، و الغرض إِدْبَارُه، و مثله قولهم: تقوّض الليل.

[بهش]

*: قال لرجل: أ مِنَ البَهْش أنت؟
أَراد أ من أَهل بلاد البَهْش؟ و هي بلادُ الحجاز؛ لأن البَهْش ينبت بها، و هو المُقْل ما دام رطباً، فإذا يبس فهو خَشْل، و هو من بَهَش إليه، إذا أقبل باسْتِبْشَارٍ؛ لأن النبات إقباله و رَوْنَقه في رُطوبته و غَضَاضته، و إدباره و إنكاسه في يُبْسه و جفوفه.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه- إنّ رجلًا قرأ عليه حَرْفاً أَنكره، فقال: مَنْ أقرأك هذا؟
فقال: أبو موسي الأشعريّ. فقال: إن أبا موسي لم يكن من أَهْل البَهْشِ.
______________________________
(1) البيت في ديوان الهذليين 2/ 12.
(2) بنو العلات: أبوهم واحد و أمهاتهم شتي.
(4) (*) [بهر]: و منه الحديث: فلما أبهر القوم احترقوا. و في الحديث: صلاة الضحي إذا بهرت الشمس الأرض. و في حديث الفتنة: إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف. و منه الحديث: وقع عليه البهر.
النهاية 1/ 165.
(3) بهره: علاه و غلبه.
(5) (*) [بهش]: و منه حديث أهل الجنة: و إن أزواجه لتبتهشن عند ذلك ابتهاشاً. و منه الحديث: ما بهشت لهم بقصبة. و في حديث العرنيين: اجتوينا المدينة و ابتهشت لحومنا. النهاية 1/ 166، 167.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 122
أراد أن القرآن نزل باللّغة الحجازية و هو يَمنيّ.
و منه
حديث أبي ذر رضي اللّٰه عنه- إنه لما خرج إلي مكة أخذ شيئاً من البَهْشِ فتزوَّدَه.

[بهم]

*: يُحْشَرُ الناسُ يومَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً حُفَاةً غُرْلًا بُهْماً، قيلَ: و ما البُهْمُ؟ قال: ليس معهم شي‌ء.
البُهْم: جمع الأَبْهَم، و هو البَهيم، أي المصمَت الذي لا يخالط لونه لونٌ آخر. و يجوز أن يكون جمع بَهيم مخفّفاً كسُبُل، جمع سَبيل. و المعني: ليس معهم شي‌ء من أعراض الدنيا. شبه خلوّ جسد العاري عن عرَض يكون معه بخلو نُقْبَة «1» الفرس عن شِيَة مخالفة لها.
و الأَبْهَم و البَهِيم أيضاً: الحجر المُصْمَت الذي لا خرق فيه. قال العجاج:
*فَهَزَمْتَ ظَهْرَ السِّلَامِ «2» الأَبْهَم
* و من هذا جوّز أن يكون وصفاً لأبدانهم بالصحة و السلامة من الأَمْراض و العاهات الدُّنْيَوِيَّة، إلا أنه فاسد من وَجْهَين آخَرَين.
الغُرْل: جمع أَغْرَل و هو الأَقْلَف.

[بها]

*: سمع رجلًا حينَ فُتِحَت جزيرة العرب، أو مكة يقول: أَبْهُوا الخيلَ، فقد وَضَعت الحرب أوزارَها. فقال: لا تزَالون تقاتلون الكفَّار حتي تقاتل بقيَّتكم الدجَّال.
إبهاء الخيل: تَعْرِيَةُ ظهورها عند تَرْكِ الغزو، من قولهم: أبهي البيتَ؛ إذا تركه غير مسكون. و أبهي الإناء؛ إذا فرَّغه.

[بهش]

: كان يُدْلِعُ لِسَانَه للحسنِ، فإذا رأي الصبيُّ حُمْرَة لسانِه بَهَشَ إليه.
أي أقبل إليه و خفّ بارتياح و استبشار. قال المغيرة:
سَبَقْتَ الرِّجالَ الْبَاهِشِينَ إلي العلا فِعَالًا و مَجْداً و الفعَالُ سِبَاقُ «3»
و منه
حديثه: إنه أرسل أبا لُبَابة إلي اليهود، فبَهش إليه النساء و الصِّبيان يبكون في وَجْهِه.
كان أبو لُبابة يهوديًّا فأسلم؛ فلهذا ارْتَاحُوا حين أَبْصَروه مستغيثين إليه.
______________________________
(4) (*) [بهم]: و منه في حديث عياش بن أبي ربيعة: و الأسود البهيم كأنه من ساسم. و في حديث علي: كان إذا نزل به إحدي المبهمات كشفها. النهاية 1/ 168.
(1) النقبة: اللون.
(2) السلام: الحجارة.
(5) (*) [بها]: و منه الحديث: من أشراط الساعة أن يتباهي الناس في المساجد. و في حديث أم معبد: فحلب فيه ثجاً حتي علاه البهاء. النهاية 1/ 169.
(3) البيت للمغيرة بن حنباء التميمي في لسان العرب (بهثن)، و يروي «إلي الندي» بدل إلي «العلا».
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 123
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه عنهما قال أبو بَشَامة: قلت له: إني قتلتُ حيَّة و أنا مُحْرِم. فقال: هل بَهشتْ إليك؟ قلت: لا، قال: لا بأس بقتل الأَفْعَوْ و لا برَمْي الْحِدَوْ، فما نسيتُ خِلَافَ كلامه لكلامنا.
أي هل أَقبَلَتْ إِليك تريدك؟ قلب ألف أفعي واواً، و هذه لغةً لأهل الحجاز إذا وقفوا علي الألف يقولون: هذه حُبْلَوْ، و لقيتُ سُعْدَو؛ و منهم مَنْ يقلبها ياء فيقول: حُبْلَي و سُعْدَي، و أما الْحِدَأ «1» فإنه لما وُقِفَ عليه فسُكِّنَت همزته خففها تخفيفَ همزة رأس و كأس، ثم عاملها معاملة الألف في أَفْعَي.

[بهنس] [البهنس]

: في قصة حُنَين: خرجوا بدُرَيْد بن الصِّمَّة يَتَبَهْنَسُونَ به «2» - و روي يَتَبَيْهَسُون به؛ فقال: بأَيِّ وادٍ أنتم؟ قالوا: بأَوْطَاس. قال: نِعْم مَجَال الخَيْل! لا حَزْنٌ «3» ضَرِس «4» و لا سَهْلٌ «5» دَهِس «6»، ما لِي أَسْمَع بُكاء الصَّغِير، و رُغاء البعير، و نُهَاق الحمير، و يُعَار الشاء «7»؟ قيل: ساقَ مالِك بن عوف مع الناس الظُّعن و الأموالَ. فقال: ما هذا يا مالك؟ قال: يا أبا قرّة؛ أردتُ أن أُحْفِظ الناس، و أنْ يُقاتِلوا عن أَهليهم و أمْوَالهم؛ فأَنقض به «8»، و قال: رُوَيعي ضَأْنٍ و اللّٰه! ما له و لِلحرب! و هل يردُّ المنهزمَ شي‌ء؟ و قال: أنت مُحِلٌّ بقَومك، و فاضحٌ من عَوْرتك. لو تركتَ الظّعن في بلادها، و النّعم في مَرَاتعها، ثم لقيتَ القوم بالرِّجال علي مُتُون الخَيْل، و الرّجالة «9» بَيْنَ أَضعافِ الخيلِ أو متقدمة دَرِيَّةً أَمام الخيل كان الرَّأيُ. ثم قال: هذا يومٌ لم أشهدْه و لم أغب عنه، ثم أنْشَأَ يقول:
يا ليتَني فيها جَذعْ أخُبُّ فيها وَ أَضَعْ «10»
أقُودُ وَطْفَاء الزَّمَعْ كأنّها شَاةٌ صَدَعْ
التَّبَهْنُس و التَّبَيْهُس: مِشية البَيْهَس، و هو الأسد، و مِشْيَة تبختُر، و النون و الياء زائدتان بدليل تصريفيّ. و قيل اشتقاق البَيْهس من البَهْسِ و هو الجرأة، و المعني: يمشُون به علي تُؤَدة كمشي المتبختر، و قيل: إنما يَتَهَبَّوْن «11» به، و هو من قولهم: لضعيفِ البَصر مُتَهبٍّ لا يدري أين يطأ، مأْخَذُه من الهَبْوَة.
و روي: «يُقَاد به في شِجَار» «12»؛ و هو مركب للنساء.
______________________________
(1) الحِدَأ: جمع حدأة، و هي الطائر المعروف.
(2) التبهنس: التبختر في المشي (لسان العرب: بهن).
(3) الحزن: المرتفع الغليظ من الأرض.
(4) الضرس: الذي فيه حجارة محددة.
(5) السهل: المطمئن من الأرض.
(6) الدهس: اللبن الكثير التراب.
(7) يعار الشاء: صوتها.
(8) أنقض به: زجره.
(9) الرجالة: جمع الراجل: الماشي خلاف الفارس.
(10) الرجز في لسان العرب (وضع).
(11) التهبي: مشي المختال المعجب، من هبا يهبو، إذا مشي مشياً بطيئاً.
(12) الشجار: شبه الهودج، غير أنه مكشوف الأعلي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 124
ضَرِس: خَشِن. دَهِس: ليّنِ.
أُحْفِظ: من الحفيظة و هي الغضَب؛ أي أَذْمرهم للحرب.
أَنْقضَ به: نَقَر بلسانه في فِيه كما يُزجي الحمار و الشاة؛ فَعَلها اسْتِجْهالًا له.
مُحِلٌّ بقومك: مُخْرِج لهم من الأمْن كمن يَخْرج من الحَرم، أو من الأشهر الحُرَم، أو من حُرمة هو فيها، أو مُنْزِل بهم بَليَّة، فحذف المفعول.
الدَّرِيَّة: بَعير يَسْتَتِر به الصائدُ عند رَمْي الوحش، من دراه: إذا خَتله، و هي الدَّريئة أيضاً بالهمز، من الدَّرْء و هو الدَّفع، لأنه يَدْرَأ دَرْءاً و دِرَاء حتي يقربَ من الرمية، أي يجعل الرَّجَّالة ستراً دون الخَيْل.
الوَضْع: سير حثيث، يقال: أوضع الراكبُ البعير، و وضع البعيرُ.
الوَطْفَاء، من الوَطَف: و هو كثرة الشعر.
الزَّمَع: زَوائِد من وراء الظَّلْف.
الصَّدَع: الخفيف.

[الابتهار]

: عمر رضي اللّٰه عنه- رفع إليه غلام ابتهَرَ جارِيَةً في شِعْره، فقال: انظروا إليه فلم يُوجَدْ أنْبَتَ، فدَرَأ عنه الحدَّ.
الابتهار: أن يقول: فجَرْتُ و لم يفجر، من الشي‌ء الباهر، و هو الظَّاهر.
و الابتيار: أن يقول و قد فعل؛ من البُؤْرة و هي الحُفْرة، قال الكُميت:
قَبِيحٌ بمثْلِيَ نَعتُ الْفَتَا ةِ إمَّا ابتِهَاراً و إمَّا ابتِيَارَا «1»
و منه
حديث العوَّام بن حَوْشب رضي اللّٰه عنه: الابتِهَارُ بالذَّنْب أعظمُ من ركوبه.
لأن فيه تبجّحاً بالذنب، و لا يُتبجّح به إلا مع استحسانه، و استحسانُ ما قَضَي الإِسلام بقُبحه يضرب إلي الكفر.

[بهأ]

: عبد الرحمن رضي اللّٰه عنه عنه- رأي رجلًا يَحْلِفُ عند المَقام، فقال: أري الناسَ قد بَهَئُوا بهذا المقام.
أي أنِسُوا به حتي قَلَّت هَيْبَتُه في صُدُورهم، فلم يهابوا الحَلِف علي الشي‌ءِ الحقير عنده.
و منه
حديث ميمون بن مهران رحمه اللّٰه: إنه كتب إلي يونس بن عبيد: عليك بكتاب اللّٰه؛ فإن الناسَ قد بَهَئوا به و استخفُّوا، و استحبّوا عليه الأحاديث أَحاديثَ الرِّجال.
______________________________
(1) البيت في اللسان (بهر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 125‌

[البهلة]

*: ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- مَنْ شاء باهَلْتُه أنّ اللّٰه لم يذكر في كتابه جَدًّا و إنّما هو أب.
المُبَاهَلة: مفاعلة من البَهُلَة و هي اللَّعْنة، و مأخذها من الإبهال و هو الإِهمال و التَّخْلية؛ لأنّ اللعن و الطّرد و الإِهمال من وَادٍ واحد، و معني المباهلة أن يجتمعوا إذا اختلفوا، فيقولوا: بَهُلَة اللّٰه علي الظَّالم منا.

[البهار]

: عمرو رضي اللّٰه عنه- إن ابنَ الصَّعْبَة تَرك مائة بُهَار في كلِّ بُهَار ثلاثةُ قناطير ذهب و فضة.
البُهار: ثلاثمائة رطل، و هو ما يُحْمَلُ علي البعير بلغَة أهل الشام. قال بُريق الهذليّ:
بِمُرْتَجزٍ كأنَّ عَلَي ذُرَاهُ رِكاب الشَّامِ يَحْمِلْنَ البُهَارَا «1»
ابن الصَّعبة: طلحة بن عبيد اللّٰه، أَضَافَهُ إلي أمه و هي الصَّعبة بنت الحَضْرَميّ، و كانت قبل عبيد اللّٰه تحت أبي سفيان بن حرب، فلما طلقها تبعتها نفسُه فقال:
فإني و صَعْبة فيما تري بَعيدَانِ، و الوُدُّ وُدٌّ قَريب
فإن لا يكن نسبٌ ثاقبٌ فعند الفتاةِ جمالٌ و طِيبُ
و إنما أضافه إليها غضًّا منه؛ لأنها لم تكن في ثقابة نَسَب.

[بهرج]

: الحجاج- كان أبو المليح علي الابُلّة فأُتِيَ بِلُؤْلُؤ بَهْرَجٍ، فكتب فيه إلي الحجاج، فكتب فيه أن يخمس- و روي نَبَهْرَج.
و هما الباطل الردي‌ء. و بَهْرَج السلطان دَمَه: إذا أَهْدَره، و هي كلمة فارسية قد استعملها العرب و تصرفوا فيها، قال:
*محارم اللَّيلِ لهن بهرج «2»

[بهو]

: و
في الحديث- و تنقل الأَعراب بأَبْهَائها إلي ذي الْخُلَصَة.
جمع بَهْو، و هو بيتٌ من بُيُوتِ الأعرابِ يكون أَمَام البيوت.
ذو الْخَلُصَة: بيت فيه صَنَمٌ كان يقال له: الْخَلَصة لدَوْس و خَثْعَم و بَجيلة، و قيل: هو الكعبة اليمانية.
______________________________
(3) (*) [البهلة]: و منه في حديث أبي بكر: من ولي من أمر الناس شيئاً فلم يعطهم كتاب اللّٰه فعليه بهلة اللّٰه.
النهاية 1/ 167.
(1) البيت في ديوان الهذليين 3/ 62، و البهار: متاع البيت.
(2) عجزه:
حتي ينام الورع المحرج
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 126
أَبْهر القوم في (عز). بُهْلَة اللّٰه في (خف). قطعت أَبْهري في (اك). بَهْرجَتنِي في (ضب). و عَلَاه البهاء في (بر). تبهر في (تب). ابهارّ الليل في (هج). البهيم في (زح).
المُبْهمات في (ذم). فبِها و نِعْمَت في (نع). أنابها في (خص). هذه البَهائم في (اب).

الباء مع الياء

[بيد]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بَيْدَ أنهم أُوتوا الكتاب من قَبْلِنا و أُوتيناه من بعدهم.
قيل معناه: غير أنهم، و أُنشِد:
عَمْداً فَعَلْتُ ذَاكَ بَيْدَ أَنِّي إِخَالُ إِنْ هَلَكْتُ لَمْ تَرَنِّي «1»
و
في حديثه: أنا أفصحُ العربِ، بيدَ أَني من قُرَيش، و نشأتُ في بني سَعْد بن بكر- و روي: «مَيْدَ أني».

[البياض]

*: لا تقوم الساعةُ حتي يظهر الموتُ الأَبيض. قالوا: يا رسولَ اللّٰه؛ و ما الموتُ الأبيض؟ قال: موت الفُجَاءة.
معني البياض فيه خلوُّه عما يُحدثه مَنْ لا يُغَافَص «2»؛ من توبة و استغفار، و قضاءِ حقُوق لازِمة، و غير ذلك، من قولهم: بيَّضْت الإِناء إذا فرَّغته، و هو من الأَضداد.

[البيغ]

: عليكم بالْحِجَامة، لا يَتَبَيَّغُ بأَحَدِكم الدَّم فيَقْتُلَهُ.
قيل: هو قَلْب يتبغَّي، من البَغْي.
و عن ابن الأعرابيّ: تبيَّغ الدم، و تَبوّغ: ثَارَ، و هو من البَوْغاء، و هو التّرَاب إذا ثار.

[البيع]

*: لا يَخْطُبُ أَحَدُكم علي خِطْبَةِ أخِيه، و لا يَبِعْ علي بيعِ أَخِيه.
______________________________
(3) (*) [بيد]: و منه في حديث الحج: بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها علي رسول اللّٰه. و منه الحديث: فإذا هم بديارٍ باد أهلها. و منه حديث الحور العين:
نحن الخالدات فلا نبيد
. النهاية 1/ 171.
(1) الرجز بلا نسبة في إصلاح المنطق ص 24، و الدرر 3/ 174، و شرح شواهد المغني 1/ 352، و الصاحبي في فقه اللغة ص 147، و لسان العرب 13/ 99 (بيد)، 187 (رنن)، و مغني اللبيب 1/ 115، و همع الهوامع 1/ 232.
(4) (*) [البياض]: و منه حديث الحديبية: ثم جئت بهم لبيضتك تفضها. و منه الحديث: أُعطيت الكنزين الأحمر و الأبيض. و منه: كان يأمرنا أن نصوم الأيام البيض. النهاية 1/ 172، 173.
(2) غافص الرجل: أخذه علي غرة.
(5) (*) [بيع]: و منه في حديث ابن عمر: أنه كان يغدو فلا يمر بسقّاط و لا صاحب بيعة إلا سلّم عليه. و في الحديث: أنه قال: ألا تبايعوني علي الإسلام. النهاية 1/ 174.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 127
البيع هاهنا: الاشْتِرَاء، قال طرفة:
و يَأْتِيك بالأَخْبَارِ من لم تَبِعْ لَهُ بَتَاتاً و لم تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ «1»

[التبين]

*: ألَا إن التبيّن من اللّٰه، و العَجَلَة من الشَّيْطان؛ فَتَبَيَّنُوا*.
هو التثبّت و التأَنّي.

[بيض]

: قال لامرأة- و ذكرت زوجها- أ هُوَ الذي في عَيْنَيْهِ بَيَاض؟ فقالت: لا.
ذهب إلي البياض الذي حَوْل الحدَقة، و ظنته المرأة الكَوْكَب «2» في العين.

[البيت]

*: قال لأبي ذرٍّ رضي اللّٰه عنه: كيف تصنعُ إِذا مات الناسُ حتي يكون البيتُ بالوَصِيف «3»؟
أراد بالبيت القبر، و أن مواضع القبور تضيف لكَثْرَةِ الموتي حتي يُبْتَاع القبر بالوَصيف.
كان لا يُبَيِّتُ مالًا و لا يُقيِّلُه.
يعني أن مال الصَّدَقة إذا وافاه مَساء أو صباحاً لم يلبّثه إلي الليل، أو إلي القَائِلَة؛ بل كان يعجّل قِسْمَته.
عائشة رضي اللّٰه عنها- تزوَّجني رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم علي بيت قيمتُه خمسون دِرْهماً- و روي: «علي بَتٍّ».
البيت: فَرْش البيت و هو معروفٌ عندهم. يقولون: تزوَّج فلان امرأةً علي بيْتٍ.
البتّ: الكِساء، و قيل: الطيلسان من خَزٍّ.
بيّعاً في (خب). بِيَاح في (مك). البَيَاض أكثر في (رس). يبين في (فد). بَيْسان في (زو). بَيْص في (حي). بِيعة في (سق). و الأبْيَض في (حم). بَيْتك في (فض). بَيْن إحدَي ثلاث في (خب).
[آخر كتاب الباء و للّٰه الحمد و المنة]
______________________________
(1) البيت من المعلقة بشرح التبريزي ص 135.
(4) (*) [التبين]: و منه حديث آدم و موسي عليهما السلام: أعطاك اللّٰه التوراة فيها تبيان كل شي‌ء. و منه حديث الصديق: قال لعائشة: إني كنت أبنتك بنُحل. النهاية 1/ 174، 175.
(2) الكوكب: بياض في سواد العين.
(5) (*) [البيت]: و منه الحديث: بشّر خديجة ببيت من قصب. و منه الحديث: لا صيام لمن لم يبيت الصيام.
و منه الحديث: هذا أمر بُيّت بليل. و منه الحديث: أنه سئل عن أهل الدار يبيَتون. و منه الحديث: إذا بُيِّتُم فقولوا حم … لٰا يُنْصَرُونَ. النهاية 1/ 170، 171.
(3) الوصيف: الغلام.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 128‌

حرف التاء

التاء مع الهمزة

[الإِتآر]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أتاهُ رجلٌ عليه شارةٌ و ثِياب، فأَتْأَرَه بَصَره.
و جاءه رجلٌ آخر فيه بَذَاذة تَعْلُو عنه العينُ، فقال: هذا خيرٌ من طِلَاع الأَرْضِ ذَهباً؛ إنّ هذا لا يُريد أن يظلمَ الناس شيئاً.
الإِتْآر: إتْبَاع النَّظَر بحدّة، قال:
أَتْأَرْتُهُمْ بَصَرِي وَ الآلُ «1» يَرْفَعُهُمْ حتي اسْمَدَرَّ بِطَرْفِ الْعَينِ إتْآرِي
تعلو عنه: أي تنبو عنه و تَقْتَحِمُه.
طِلَاعُ الْأَرْضِ: ما يملؤُها حتي يَطْلع و يَسِيل.
و منه قَوْسٌ طِلَاعُ الكَفِّ. قال [يصف قوساً]:
كَتُومٌ طِلَاعُ الْكفِّ لَا دُونَ مَلْئِهَا و لا عَجْسُهَا عَنْ مَوْضِعِ الْكَفِّ أَفْضَلا «2»
هذا خير: إشارة إلي شأْن الرجل و حاله.
ذهباً: نصبر علي التمييز.
الفرس التّئق في (سو).

التاء مع الباء

[التبانة]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إنّ الرجلَ يتكلَّم بالكلمة يُتَبِّنُ فيها يَهْوِي بها في النَّار.
تَبَّن: دقَّق النظر من التَّبَانَةِ و هي الفِطْنة، و المراد التعمّق، و الإِغماض في الجدَل،
______________________________
(1) الآل: السراب، و أطراف الجبل و نواحيه.
(2) البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص 89.
(3) (*) [التبانة] [تبن]: و منه في حديث عمرو بن معدي كرب: و أشرب التِّبن من اللبن. النهاية 1/ 181.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 129
و أداء ذلك إلي التكلّم بما ليس بحق.
و منه
حديث سالم رحمه اللّٰه: كنا نقولُ في الحامل المتوفَّي عنها زوجُها: إنه ينفق عليها من جميع المال حتي تَبَّنْتُمْ ما تَبَّنْتُم، و دقّقتم النظر حتي قلْتُم غيرَ ذلك.

[تبع]

*: إنَّ مريم ابنة عمران سألت ربَّها أَنْ يُطْعمها مما لا دَمَ فيه، فأَطْعَمها الجرادَ.
فقالت: اللهم أَعِشْه بغير رَضَاع، و تابعْ بينه بغير شِياع.
أي اجعله يَتْبع بعضه بعضاً من غير أن يشايعَ به مشايعة الرَّاعي بالنعم، و هي دعاؤه بها فتجتمع، قال جرير:
فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْبَاء «1» فَوْق قَعُودها و شَايِعْ بهَا و اضْمُمْ إليكَ التَّوَالِيَا «2»
[التبعة]:
قال له قيسُ بن عاصم المنقري: يا رسولَ اللّهِ، ما المالُ الذي ليس فيه تَبِعَةٌ من طالب و لا من ضَيْفٍ؟ فقال: نِعْمَ المال الأربعون، و الكُثْر الستون، و وَيْلٌ لأصحاب المئين، إلا من أَعْطَي الكريمة، و مَنَح الغزيرة، و ذبح السمينة؛ فأَكَلَ و أَطْعَمَ الْقٰانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ.
و قال له رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم: كيف تَصْنَع في الطَّرُوقَة؟ قال له: يَغْدُو الناسُ بحبَالهم، فلا يُوزَعُ رَجُلٌ عن جَمَلٍ يَخْطِمه. و قال له: كيف تصنع في الإِفْقَار؟ فقال: إني لأُفْقِرُ [البَكْرَ] الضَّرَع، و النَّابَ المُدْبِرة.
و قال له: كَيف أنْت عند القِرَي؟ قال: أُلْصِق و اللّٰه يا رسول اللّٰه بالناب الفانية و الضَّرع.
التَّبعة: ما يتبع المال من الحقوق.
الكُثْر: الكثير.
مَنَح: من المِنْحة، و هي الناقة أو الشاة تُعَار لِلبَنها ثم تستردّ.
القَانِع: السائل، و مصدره القُنوع.
المعتَرُّ: الذِي يتعرضُ و لا يُفْصِح بالسُّؤَالِ.
في الطَّرُوقة؛ أي في صاحبِ الطّروقة إذا استَطْرَقَك فحلًا.
لا يُوزَع: لا يُمْنَع، أراد أنه يطرق الفحول كلَّ من أراد من غير مضايقة في ذلك.
الإِفْقَار: إعارةُ البعير للركوب أو الحمل، و المعني التمكين من فَقاره.
الضَّرَع: الصغير الضعيف.
______________________________
(3) (*) [تبع]: و منه في حديث الزكاة: في كل ثلاثين تبيعٌ. و منه حديث الحديبية: و كنت تبيعاً لطلحة بن عبيد اللّٰه. و منه حديث الحوالة: إذا أُتبع أحدكم علي ملي‌ء فليتبع. و في حديث الأشعري: اتَّبعوا القرآن و لا يتَّبعنَّكم. و منه الحديث: لا تسبُّوا تُبَّعاً فإنه أول من كسا الكعبة. النهاية 1/ 179، 180.
(1) يقال: رقبة هلباء: كثيرة الشعر.
(2) التوالي: المستأخرات.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 130
الإِلصاق بالناب: عَرْقبتها، و المعني إلْصاقُ السيف بساقها، قال الراعي:
فقُلْتُ لَهُ أَلْصِق بِأَيْبَس سَاقِها فإن يُجْبَر العُرْقُوبُ لَا يَرْقَأ النَّسَا «1»

[تبر]

: الذهبُ بالذهب تِبْرِها و عَيْنِها، و الفضة بالفضة تِبْرِها و عَيْنِها، و التِّبْر بالتِّبْرِ مُدْي بمُدْي.
التِّبر: جوهر الذهب و الفضة غير مطبوع، من التَّبَار «2»، فإذا طُبِع و ضُرب دنانير و دراهم فهو عَيْن، من عَيْن الشي‌ء و هو خَالِصه.
المُدْي: مِكْيال لأَهْل الشام يسع خمسة عشر مَكُّوكاً، و المَكُّوك: صاع و نصف.
الذهب مؤنثة، يقال ذهب حمراء- و روي الفرَّاء تذكيرها.

[تبع]

: عليّ عليه السلام- استخرج رجلٌ مَعْدِناً، فاشتراه منه أبو الحارث الأزْدِيّ بمائة شاة مُتْبِع، فأتي أمَّه فأخبرها فقالت: يا بنيّ؛ إن المائةَ ثلاثمائة؛ أمَّهاتُها مائة، و أولادُها مائة، و كفْأَتها مائة. فاستقالَه فأَبي فأَخذه فأَذَابَه فاستخرج منه ثمن أَلْف شاة، فقال له البائع:
لآتينّ بك عليًّا عليه السلام، فأتي علياً عليه السلام فأخبره، فقال له عليّ عليه السلام: ما أري الخمْس إلا عليك
- يعني خمسَ المائة.
المُتْبع: التي يَتْبَعُها وَلدُها.
الكُفْأَة في نتاج الإِبل: أن تجعلَها نصفين و تُرَاوِح بَيْنها في الإِضراب ليكونَ أقوي لها و أحري أن لا تخلف. قال ذو الرُّمة:
تَرَي كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ و لم يَجِدْ لها ثِيلَ سَقْب في النِّتَاجَيْنِ لامِسُ «3»
و إنما سُمِّيت كفأة؛ لأنَّها جَعْل الإِبل فرقتين متكافئتين، و لا كفأَة للغنم، و لكنها أرادت نِتاجها الذي لا يخلف و لا يُرْتاب فيه أن تُفِذّ: و هو أن تلد كلّ واحدة واحداً؛ لأنهن قد يُتْئِمْنَ، و في ذلك ريب فسمَّته كُفْأة لذلك.
الأَثي و الأثو: السِّعاية، و عدَّاه علي تأويل أخبر و أعلم، كأنه قال: لأخبرنَّ بشأنك علياً، أو بحذف الجار و إيصال الفعل.

[تبن]

: عمّار رضي اللّٰه عنه- صلي في تُبَّانٍ و قال: إني مَمْثون.
التُّبَّان: سَرَاوِيل المَلَّاحِين، و قد تبنَّهَ: إذا أَلْبَسَه إياه.
المَمْثُون: الذي يَشْتَكِي مَثَانته.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (لصق).
(2) التبار: الهلاك.
(3) البيت في ديوانه ص 321، و يروي «كلا كفايتها» بدل «تري كفايتها».
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 131‌

[تبع]

: زيد بن ثابت رضي اللّٰه تعالي عنه- جاء إلي النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم رجلٌ فسأله فقال: ما عندنا شَيْ‌ءٌ و لكن أَتبع علينا.
يقال: أتبَعتُ فلاناً علي فُلَان: أي أحَلْتُه.
و منه
الحديث: إذَا أُتبِع أحدُكم علي مَلِي‌ءٍ فلْيَتّبِعْ.
أي إذَا أحيل فلْيَحْتَلْ.
أبو واقد رضي اللّٰه تعالي عنه- تابعنا الأَعمَال فلم نجد شيئاً أبلغَ في طلبِ الآخرة من الزُّهد في الدنيا.
أي مارَسْنا و أَحْكَمنا معرفتها، من قولهم: تابع البَارِي القَوْسَ: إذا أحكم بَرْيَها، فأعطي كلَّ عضو منها حقه. و تابع الرَّاعي الإِبل: إذا أنعم تسمينها و أَتْقَنه، و كل بليغ في الاتِّساق و الإِحكام مُتَتَابع. و معناه أنه أشبه بعضه بعضاً، و تبعه في الإحكام؛ فليس فيه موضعٌ غير مُحْكَم.

[تبن]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه تعالي- كان يَلْبَسُ رِدَاءً مُتَبنَّاً بزَعْفَرانٍ.
هو المصبوغ علي لون التِّبْنِ.
و أُشْرِب التِّبْن في (قو).

التاء مع الجيم

[تجر]

*: أبو ذَرّ رضي اللّٰه عنه- كنا نتحدَّث أن التاجر فاجِر.
هو الخمار. قال ابنُ يَعْفُر:
و لَقَدْ أَرُوحُ إلي التِّجَارِ مُرَجَّلًا مَذِلًا بمالِي لَيِّناً أَجْيَادِي «1»
و قيل: هو كل تاجر؛ لما في التِّجارة في الأغلب من الكَذب و التَّدليس، و قلة التَّحاشي عن الرِّبا، و غير ذلك.

التاء مع الحاء

[تحت]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- لا تقومُ الساعةُ حتي يظهرَ الفُحْش و البُخْل، و يخونَ الأمين، و يُؤْتمنَ الخائن، و تَهْلِك الوُعُولُ، و تَظْهَرَ التُّحُوتُ. قالوا: يا رسولَ اللّٰه؛
______________________________
(2) (*) [تجر]: و منه الحديث: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقي اللّٰه و بر و صدق. و منه الحديث:
من يتجر علي هذا فيصلي معة. النهاية 1/ 181، 182.
(1) البيت في لسان العرب (تجر)، و يروي «علي التجار» بدل «إلي التجار».
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 132
و ما الوُعُول؟ و ما التُّحوت؟ قال: الوُعول: وجوهُ الناس و أشرافُهم. و التُّحوت: الذين كانوا تحتَ أقدامِ الناس لا يُعْلَم بهم.
شبّه الأشرافَ بالوُعول لارتفاع مساكنها. و جعل «تحت» الذي هو ظَرْف نقيض «فوق» اسماً؛ فأدخل عليه لامَ التعريف؛ و مثله قول العرب لمن يقولُ ابتداء: عندي كذا: أ وَ لَكَ عِنْد؟
و منه
حديث أبي هريرة رضي اللّٰه عنه: إنه ذَكَر أشراطَ الساعة، فقال: و إنّ منها أَنْ تَعْلُو التُّحوتُ الوعولَ. فقيل: ما التَّحوت؟ قال: بيوتُ القانصة «1» يُرفعون فَوْق صالحيهم.
كأنّه ضرب بُيوت القَانِصة، و هي قُتَر الصيادين، مثلًا للأرذال و الأَدنياء؛ لأَنَّها أرذل البيوت.
تحفة الكبير في (حب).

التاء مع الخاء

[تخم]

: النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّر تُخُومَ الأَرْضِ- و روي تَخوم.
التُّخوم- بوزن هُبوط و عَروض: حدُّ الأرض و هي مؤنثة. قال:
يا بَنِيَّ التُّخُومَ لا تَظْلمُوهَا إنَّ ظُلْمَ التُّخُومِ ذو عُقَّالِ «2»
و التَّخوم جمع لا واحد له كالقَتُود، و قيل: واحدها تَخْم، و قيل: و هذه الأرض تُتَاخِم أرض كذا: أي تحادّها؛ و المعني تغيير حدود الحرَمِ التي حدَّها إبراهيم علي نبينا و عليه الصلاة و السلام، و قيل: هو عامٌّ في كل حدٍّ ليس لأَحدٍ أن يزوي من حدِّ غيره شيئاً.
و
في حديثه الآخر: من ظلمَ [جاره] شِبْراً من الأرض طُوِّقه يومَ القيامة من سَبْعِ أَرَضِين.

التاء مع الراء

[ترع]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إن مِنْبَري هذا علي تُرْعَةٍ مِنْ تُرَع الجنّة- و روي من تُرَع الحَوْض.
قيل: هي الرّوضة علي مرتفع من الأَرض، و ذلك آنقُ لها و أخشن، و لهذا قالوا:
رِياض الحَزْن. و فسِّرت بالباب و الدَّرَجة و مَفْتَح الماء؛ و الأصل في هذا البناء التَّرَع: و هو
______________________________
(1) القانصة: اللئام.
(2) البيت لأبي قيس بن الأسلت في لسان العرب (عقل) و (تخم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 133
الإِسراع و النَّزْو إلي الشرّ، و فلان يَتَتَرَّع إلينا أي يتسرّع و يتنزَّي إلي شرِّنا، ثم قيل: كُوز تَرَع، و جَفْنَة مُتْرَعة؛ لأن الإِناءَ إذا امتلأ سارع إلي السَّيَلان، ثم قيل لمفتح الماء إلي الحوض:
تُرْعة؛ لأنه منها يُترَع أي يُملأ، و شبّه به الباب لأنه مفتح الدَّار، فقيل له: تُرْعة؛ و أما التُّرْعة بمعني الروضة علي المرتفع و الدّرجة فمن النَّزْو؛ لأنّ فيه معني الارتفاع، و منه قيل للأكَمة المرتفعة علي ما حولها: نَازية.
و المعني أن من عمل بما أَخْطُب به دَخل الجنة.

[ترب]

*: عليّ عليه السلام- لئن وُلِّيتُ بني أُميَّة لأَنفضنَّهُم نَفْضَ القَصَّاب التِّرَاب الوَذِمة.
التِّرَاب: جمع تَرْب، تخفيف «تَرِب».
الوَذِمة: المنقطعة الأوْذَام، و هي المعاليق، من قولهم: وَذِمَت الدّلو فهي وَذِمَة، إذا انقطعت وِذَامها، و هي سُيُور العَرَاقي؛ و المعني كما ينفضُ اللحوم أو البطون التي تعفَّرت بسُقوطها علي الأرْض لِانْقِطَاعِ مَعَاليقها.
و قيل: هذا من غلط النَّقَلة و إنه مقلوب، و الصواب الوِذَام التَّرِبة، و فسرت الوِذام بأنها جمع وَذِمَة، و هي الحزَّة من الكَرِش أو الكبد و الكَرِش نفسها؛ و الوجْه ما ذكرت.

[ترز]

*: مجاهد رحمه اللّٰه تعالي- لا تقومُ السَّاعةُ حتي يكثر التُّرَازُ.
قيل: هو موت الفُجَاءَة، و تَرِزَ يَتْرُزُ تَرْزاً. قال ابن دُريد: الترْز: اليُبْس، ثم كَثُر حتي سمّوا الميت تَارِزاً، قال الشمّاخ:
*كأنَّ الذي يَرْمي من الْوَحْشِ تَارِزٌ «1»
* و قيل: أصله أن تأكلَ الغنمُ حشيشاً فيه النَّدَي، فيقطّع بطونها فتموت، يقال تَرِزَت الغنم و نَفِصَت: أصابها التُّرَاز و النُّفَاص.

[ترص]

: في الحديث: لو وُزِنَ رَجَاءُ المُؤْمِن و خَوْفُه بميزان تَرِيصٍ ما زَادَ أحدُهما علي الآخر.
______________________________
(2) (*) [ترب]: و منه الحديث: عليك بذات الدين تربت يداك. و في حديث خذيمة: أنعم صباحاً تربت يداك.
و في حديث فاطمة بنت قيس: و أما معاوية فرجل ترب لا مال له. و منه الحديث: أتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة. النهاية 1/ 184، 185.
(3) (*) [ترز]: و منه حديث الأنصاري الذي كان يستقي لليهود: كل دلو بتمرة و اشترط أن لا يأخذ تمرة تارزة.
النهاية 1/ 186.
(1) صدره:
قليلُ التِّلاد غير قوسٍ و أسهمٍ
و البيت في ديوان الشماخ ص 46.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 134
هو المُحْكم العدل الذي لا يَحيف، و قد تَرُصَ تَرَاصةً، قال:
*فَشُدَّ يَدَيْكَ بالعَقْدِ التَّرِيصِ «1»
* تارّ في (لح). تَرِبَتْ يداك في (وس). تَركْتَه في (نف). تَرَائك في (شر).

التاء مع العين

[تعس]

*: أبو هُريرة رضي اللّٰه عنه- تَعِسَ عَبْدُ الدّينارِ و الدِّرْهم، الذي إنْ أُعْطِي مَدَحَ و ضَبَحَ، و إنْ مُنِعَ قَبَّحَ و كلَحَ، تَعِس فلا انْتَعَشَ، و شِيكَ فلا انْتَقَش.
تَعِس تعساً فهو تَاعس: إذا انحطَّ و عثر- و قد روي تَعَس فهو تَعِس، و ليس بذاك.
ضَبَحَ: من ضُبَاح الثَّعْلب و هو صِياحُه. شبَّه صوتَه في مخاصمته دونه و مُجَادلته عنه بالضُّبَاح. و هذا كقولهم: فلان كلْبٌ ينبح، و دِيك يَضْبَح.
قَبَّحَ، أو قَبَح له وجْهَه، بمعني قَبَّحَه.
و كلَحَ: عبس. شِيك من قولهم: شاكه الشَّوْك، إذا دخل في رِجْلِه.
و الانتقاش: اسْتِخراجه.
و قام تِعَار في (صب).

التاء مع الغين

[تغب]

: الزّهري رحمه اللّٰه- مضت السُّنَّة أنه لا يجوزُ شهادةُ خَصْم، و لا ظَنِين، و لا ذِي تَغْبَةٍ في دِينه.
هي الفساد، و قد تَغِب تَغَباً فهو تَغِب- و روي: «ذي تَغِبَّة»، و قيل: هي العَيْب و الفَسَاد، و لا تخلو من أن تكون «تَفْعِلة»، من غَبَّبَ الذي هو مبالغة في معني غبَّ الشي‌ءُ:
إذا فسد و تغيّر، أو من غبَّب في الحاجة إذا لم يُبَالغ فيها، و في ذلك فسادُها، أو من غبَّبَ الذِّئْبُ الغنم: إذَا عَاثَ فيها و عضَّض أغبابها «2».

التاء مع الفاء

[تفل]

*: النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- لا تَمْنعُوا إمَاءَ اللّٰه مساجدَ اللّٰه، و ليخرجُنَّ إذا خرجن تَفِلات.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (ترص)، و يروي:
«و شد يديك … »
بدل
«فشد يديك … »
. (3) (*) [تعس]: و منه في حديث الإفك: تعس مسطح. النهاية 1/ 190.
(2) الغبب الجلد الذي تحت العنق (لسان العرب: غبب).
(4) (*) [تفل]: و منه حديث علي: قم عن الشمس فإنها تتفل الريح. النهاية 1/ 191.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 135
التَّفَل: ألَّا يتطيَّب فيوجَد منه رائحةٌ كريهة؛ من تَفَل الشي‌ءَ من فيه: إذا رَمي به مُتَكرِّهاً. قال ذو الرُّمة:
*متي يحس منه ذائقُ القوم يَتْفَل «1»
* و مثله
قوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إذَا شَهِدتْ إحداكنّ العِشاء فلا تَمَسَّنَّ طِيباً.
قال رَافع بن خَدِيج رضي اللّٰه عنه في النَّصْل الذي في لَبَّتِهِ: إن النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم مَسَحَهُ بيده و تَفَل عليه فلم يَصْرِ و بقي في طِمّ غير أنه مُنْتَبر في رأْس الْحَوْل.
أي بَزق عليه.
لم يَصْرِ؛ أي لم يجمع المِدَّة، من صَرَي الماء.
الانْتبار: التورّم.

[تفه]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- ذكر القرآنَ فقال: لا يَتْفَهُ و لا يَتَشَانّ.
هو من تَفِه الطعام، إذا سَنِخ، و تَفِه الطيب: إذا ذهبت رائحتُه بمرُور الأزمنة.
و التشانّ: الإخلاق، من الشنِّ و هو الْجِلْد اليابس البالي؛ أي هو حُلْو طيّب، لا تذهب طَلاوته، و لا يبلي رَوْنقه و طراوته بتَرْدِيد القراءة كالشعر و غيره.
و منه
قول عليّ عليه السلام: لا تَخْلَق بكَثْرَة الردّ.
و يجوز أن يكون من تَفِه الثوب، إذا بلي. و لا يتشانّ تأْكيداً له، و يجوز أن يكونَ من تَفِه الشي‌ء: إذا قلَّ و حقر؛ أي هو معظَّم في القلوب أبداً.
و قيل: معني التشانّ الامتزاج بالباطل، من الشُّنَانَة، و هي اللّبن المَذيق «2».
الرجل التّافه في (رب). تُنْفِلُ الرّيح في (جف). التّفَث في (عم).

التاء مع القاف

التَّقْدة

في (جل).

التاء مع اللام

[تلو]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- إن الملَك يَأتي العبدَ إذا وُضِع في
______________________________
(1) صدره:
و من جوفِ ماءٍ عرمض الحولِ فَوقَه
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 515.
(3) (*) [تفه]: و منه الحديث: كانت اليد لا تقطع في الشي‌ء التافه. النهاية 1/ 192.
(2) المذيق: اللبن الممزوج بالماء.
(4) (*) [تلو]: و منه في حديث أبي حدرد: ما أصبحت أتليها و لا أقدر عليها. النهاية 1/ 195.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 136
قَبْره، فإن كان كافِراً أَوْ منافقاً قال له: ما تقولُ في هذا الرجل؟ يعني محمداً صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: فيقول: لا أَدْري، سمعتُ الناس يقولون شيئاً فقلته، فيقول: لا دَرَيْتَ و لا تَلَيْتَ.
أي و لا اتَّبَعْتَ الناسَ بأن تقول شيئاً يقولونه. و يجوز أن يكونَ من قولهم: تَلا فلان تِلْو غير عاقل، إذا عمل عملَ الجهال، أي لا علمتَ و لا جهلت؛ يعني هلَكْت فخرجتَ من القبيلين.
و قيل: لا قرأت، و قلب الواو ياء للازدواج. و قيل: الصواب أَتَليْتَ.
يَدْعُو عليه بألا يُتْلِيَ إبلَه؛ و إتْلَاؤُها: أن يكون لها أولاد تَتْلُوها، و قيل: هو ائتْلَيت افْتَعَلْت من لا آلُو كذا، إذا لم تَسْتطعْه.

[تلع]

*: عن عائشة رضي اللّٰه عنها- كان رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يبدو إلي هذه التِّلَاع، و إنه أراد البِدَاوة مرة فأرسل إليَّ ناقةً مُحَرَّمَة.
التِّلَاع: مَسايل الماءِ من الأعالي إلي الأَسافل.
بَدَا بَدَاوة و بِدَاوة: خرج إلي الصَّحراءِ.
المحرَّمة: التي لم تذلّل و لم تُرْكب. و منه أعرابي مُحرَّم: إذا لم يخالط أهل الحضر، و سوط محرَّم: لم تتم دِبَاغته.

[تل]

: بينا أنا نائم أُتِيت بمفاتِيح خَزائنِ الأَرْض فتُلّت في يَدي.
أي أُلْقِيت و وُضِعت، و المعني ما فتح اللّهُ لأُمَّته من خزائنِ الملوك بَعْدَه.
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إنه أُتي بشَرَاب فشرب منه، و عن يَمينه غلام و عن يَسَاره الأَشْياخ، فقال للغلام: أَ تَأْذَنني أَنْ أُعْطِي هؤلاء؟ فقال: لا و اللّٰه يا رسولَ اللّهِ، لا أُوثر بنصيبي منك أحداً؛ فتلَّه في يده.
ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- أُتي بسَكْران فقال: تَلْتلُوه و مَزْمِزوه.
التَّلْتَلَة من قولهم: مَرَّ فلانٌ يُتَلْتِل فلاناً، إذا عَنُفَ بسَوْقِه. و قيل: هي التخييس و التَّذليل.
و المَزْمَزَة: التَّحْريك.
و هذا كقوله: بُهِزَ بالأيدي «1»، و قيل: معناه حَرّكوه حتي يوجدَ منه ريح ماذَا شَرِب.
______________________________
(2) (*) [تلع]: و منه الحديث: فيجي‌ء مطر لا يمنع منه ذَنَبٌ تَلْعَة. النهاية 1/ 194.
(1) البهز: الدفع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 137‌

[تلد]

: قال في سورة بني إسرائيل و الكهف و مريم و طه و الأنبياء: هنَّ من العِتَاق الأوَل، و هُنَّ من تِلَادي.
أي من قديم ما أَخَذْتُ من القرآن، شبَّههُنَّ بتِلاد المال. و تاؤُه بدل من واو. و معناه ما ولد عندك.
و منه
حديث عائشة رضي اللّٰه عنها: إن أخاها عبد الرحمن مات فرأَتْه في منامها، و إنها أَعتَقت عنه تِلاداً من أتلاده.

[تل]

: أبو الدَّرداء رضي اللّٰه عنه- أين أنتَ من يومٍ ليس لك من الأَرض إلا عَرْضُ ذِراعين في طول أربع! أتْقَنوا عليك البنيانَ، و تركوك لمَتَلِّك.
أي لمَصْرَعِك.

[تلان]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- سأله رجل عن عُثْمان، فقال: أنشُدُك اللّٰه تعالي! هل تعلم أنه فرَّ يومَ أُحُد، و غاب عن بَدْر، و عن بَيْعَةِ الرّضوان؟ فذكر عُذْره في ذلك كلّه، ثم قال: اذهَبْ بِه تَلَان معك.
أراد الآن فخفَّفه بألَان و أسقط همزته و ألقي حركتَها علي اللام، كما يقال: أَلْرض في الأرض، و زاد في أوله تاء، قال الشاعر:
نَوِّلِي قَبْلَ نَأْيٍ دَارِي جُمَانا وَصِليَنا كما زَعَمتِ تَلَانَا «1»
و قد زادها علي «حين» من قال:
العاطِفُونَ تَحِينَ ما مِن عَاطِفٍ و المُسْبغون يَداً إذَا ما أَنعَمُوا «2»
فتلَّها إليه في (خل). و التِّلْوة في (ثغ). تَلِيدة في (ول).
______________________________
(1) البيت من الخفيف، و هو لجميل بثينة في ديوانه ص 196، و لسان العرب 13/ 74 (تلَن)، و بلا نسبة في الإنصاف ص 110، و تذكرة النحاة ص 735، و الجني الداني ص 487، و رصف المباني ص 173، و سر صناعة الإعراب ص 166، و لسان العرب 13/ 43 (أين)، 134 (حين)، و الممتع في التصريف 1/ 273.
(2) البيت من الكامل، و هو لأبي و جزة السعدي في الأزهية ص 264، و الإنصاف 1/ 108، و خزانة الأدب 4/ 175، 176، 178، 180، و الدرر 2/ 115، 116، و لسان العرب 2/ 87 (ليت)، 9/ 251 (عطف)، 13/ 43 (أين)، 134 (حين)، 15/ 472 (ما)، و بلا نسبة في الجني الداني ص 487، و خزانة الأدب 9/ 383، و الدرر 2/ 122، و رصف المباني ص 163، 173، و سر صناعة الإعراب 1/ 163، و شرح الأشموني 3/ 882، و مجالس ثعلب 1/ 270، و الممتع في التصريف 1/ 273، و همع الهوامع 1/ 126. و لعجز البيت روايات مختلفة منها:
«و المطعمون زمان ما من مطعم»
و
«نعم الذرا في الغائبات لنا هُمُ»
و
«و المطعون زمان أين المُطْعِمُ»
.الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 138‌

التاء مع الميم

[تمم]

*: سليمان بن يَسار رضي اللّٰه عنه- الجَذَع التامُّ التَّمَمُ يُجزِي‌ءُ في الصَّدَقَةِ.
أراد بالتامّ: الذي اسْتَوْفَي الوقت الذي يسمَّي فيه جَذَعاً كلَّه و بلغ أن يُسمَّي ثَنِيًّا.
و بالتّمَم: التامّ الخَلْق. و مثله في الصفات خلق عَمَمٌ و بَطل و حسَن.
يُجْزِي‌ءُ؛ أي يَقْضي في الأضْحية.

[تمر]

*: النخعي رحمه اللّٰه- لم يَرَ بالتّتْمِير بأْساً.
هو تَقْدِير اللَّحم. و قيل: هو أن تُقَطِّعَه صغاراً علي قَدْر التَّمرِ فتجفّفه. و المراد الرُّخْصة للمُحْرِم في تزوّده قديدَ الوَحْش؛ فأَوْقَع المصدرَ علي المفعول، كما يقال: الصيد بمعني المصيد، و الخَلْق بمعني المَخْلوق.
تَمَمتْ في (أص). فتتامَّت في (قح).

التاء مع النون

[تنور]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أَتاه رجُلٌ و عليه ثوب مُعَصْفَر، فقال له: لو أَنَّ ثوبَك هذا كان في تَنُّورِ أَهْلِك، أو تحتَ قِدْرِ أَهْلك، لكان خيراً لك. فذهب الرجلُ فجعله في التنّور أو تحت القِدْرِ، ثم غَدَا علي النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فقال: ما فَعَل الثوبُ؟ فقال: صنعتُ ما أمرتَني به. فقال: ما كذا أَمَرْتك! أفلا ألقيتَه علي بعض نسائك؟
قال أبو حاتم: التَّنُّور ليس بعربي صحيح، و لم تعْرِف له العرب اسماً غيره، فلذلك جاء في التنزيل؛ لأنهم خُوطبوا بما عَرفوا.
و قال أبو الفتح الهمْدَانيّ: كان الأصْلُ فيه نَوّور فاجتمع وَاوَان و ضمّة و تشديد، فاستثْقل ذلك فقلبوا عَيْنَ الفعل إلي فائِه فصار و نوّر، فَأَبْدَلوا من الواو تاء، كقولهم: تَوْلج في وَوْلج «1».
و ذات التَّنَانِير. عَقَبَةٌ بحِذَاء زُبالة. أَراد: لو صرفتَ ثمنَه إلي دقيق تختبزه أَوْ حَطبٍ تطبخُ به [كان خيراً لك].
و المعني: إنه كرِه [الثوب] المعَصْفَر للرِّجال.
______________________________
(2) (*) [تمم]: و منه الحديث: أعوذ بكلمات اللّٰه التامات. و منه حديث دعاء الأذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة. و في حديث عائشة: كان رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يقوم ليلة التمام. النهاية 1/ 197.
(3) (*) [تمر]: و منه في حديث سعد: أسدٌ في تامورته. النهاية 1/ 196.
(1) التولج: كناس الظبي أو الوحش الذي يلج فيه (لسان العرب: ولج).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 139‌

[تنا]

: عمر رضي اللّٰه عنه- مرَّ قومٌ من الأنصار بحيٍّ من العرب، فسألوهم القِرَي فأبَوْا، فسألوهم الشراء فأَبوا؛ فتَضَبَّطُوهم فأصابوا منهم، فأتوا عُمَر فذكروا ذلك له؛ فهمّ بالأَعراب و قال: ابنُ السَّبِيل أَحَقّ بالماء من التَّانِئ عليه.
هو المُقِيم.

[تنوخ]

: ابن سلَام رضي اللّٰه عنه- آمنَ و من معه من يَهُود، و تَنَخُوا في الإسلام.
أي أقاموا و ثبتوا. و منه تَنُوخ؛ لأنها قبائل تحالفت فتَنَخت في مواضعها.
و
رُوِي: «و نَتخوا».
و فسِّر برسخوا. و الأَصل في يهود و مجوس أن يُسْتعملا بغير لام التعريف؛ لأنهما علمان خاصان لقومين كقبيلتين. قال:
فَرّتْ يَهُودُ و أَسْلَمتْ جِيرانَها صَمِّي لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ صَمام «1»
و قال:
أَحارِ أُرِيك بَرْقاً هَبَّ وَهْناً كَنارِ مَجُوسَ تَسْتَعِر اسْتِعَارَا «2»
و إنما جوّز تعريفهما باللام لأنه أجري يهودي و يهود و مجوسيّ و مجوس مجري شعيرة و شعير و تَمْرة و تَمْر.
و تَنُوفة في (عب). تَنوُّمة في (أي).

التاء مع الواو

[تومة]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- رأي علي أسماء بنت يزيد سِوَارَيْن من ذَهب و خَوَاتيم من ذهب، فقال: أَ تَعْجِز إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَتَّخِذَ حَلْقَتَيْن أو تُومَتَيْنِ من فِضّة، ثم تُلَطِّخُهُمَا بعبيرٍ أَوْ وَرْس أَوْ زَعْفران؟
التُّوَمة: حبَّة تُصَاغ علي شكل الدُّرة، و جمعها تَومٌ و تُوَم، كصُور و صُوَر في جَمْع صُورَة.
العبير: أنواع من الطيب تخْلط- عن الأصمعيّ.
______________________________
(1) البيت من الكامل، و هو للأسود بن يعفر في ديوانه ص 61، و شرح شواهد الإيضاح ص 437، و لسان العرب 3/ 439 (هود) 12/ 345 (صمم)، و مجالس ثعلب ص 589، و المقاصد النحوية 4/ 112.
(2) البيت من الوافر، و صدره لامري‌ء القيس، و عجزه للتوأم اليشكري في ديوان امري‌ء القيس ص 147، و لسان العرب 6/ 213 (مجس)، و لامري‌ء القيس في شرح شواهد الإيضاح ص 438، و الكتاب 3/ 254، و بلا نسبة في لسان العرب 6/ 214، 215 (مجس)، و ما ينصرف و ما لا ينصرف ص 60، و المقرب 2/ 81.
(3) (*) [توم]: و منه حديث الكوثر: و رضراضُه التَّومُ. النهاية 1/ 200.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 140‌

[تو]

*: الاسْتِجْمار توٌّ، و الطّواف توٌّ، و إذا اسْتَجْمَر أَحدكم فلْيَسْتَجْمر بتوٍّ.
هو الوِتر؛ سبع جمرات، و سبعة أشواط، و منه قولهم: سافر سفراً توًّا، إذا لم يعرِّجْ في طريقه علي مكان. و التّوُّ: الْحَبْلُ المفتولُ طاقاً واحداً.

[تولة]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إن التَّمَائم و الرُّقَي و التِّوَلة من الشِّرْك.
التِّوَلة: ضَرْبٌ من السحر تُؤَخّذ بها المرأة زوجَها، و تحبب إليه نفسها، و هي من التُّولة و الدُّولة، و جاء فلان بتُولاته و دُولَاتِه.
و منه
الحديث: إن أبا جهل لمَّا رأي الدَّبْرَة «1» قال: إنَّ اللّهَ قد أراد بقريش التُّوْلَة «2».
و التاء مبدلة من دال، كما قال سيبويه في تاء تَرَبُوت، و هي النَّاقَةُ المُرْتَاضة: إنها بَدَل من دَال مدرّب «3»، و اشْتِقَاقُ الدُّولة من تَدَاوُلِ الأيَّامِ ظَاهِرٌ.
تاج الوقار في (يم). التُّوَيتات في (حو). و رَضْراضه التُّوم في (حو).

التاء مع الهاء

[التهم]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إنّ بِلَالًا أَذَّن بلَيْلٍ، فأمره أن يرجعَ فينادي ألا إنّ الرجل تَهم- و روي تَهِنَ.
النون فيه بدَلٌ من ميم، كما حكي البَنَام في بَنَان، و جاء قَاتِن بمعني قَاتِم في شعر الطِّرمَّاح:
كطَوْفِ مُتَلِّي حَجَّةٍ بينَ غَبْغَبٍ و قُرَّة مُسْوَدٍّ مِن النَّسْك قَاتِن «4»
و التّهَم: شِبْه سَدَر يُصيب من شدة الحرّ و رُكود الريح، و منه تِهَامة. و المعني أَنه أَشْكل عليه وقت الأَذَان و تحيَّر فيه فكأَنه تَهِم، و يجوز أن يشبّه فرطُ نُعَاسه بذلك؛ فيكون المعني مَلَكه النُّعاس، فلم يتفطّن لمراعاة وَقْتِه.
______________________________
(5) (*) [تو]: و منه حديث الشعبي: فما مضت تَوَةٌ حتي قام الأحنف من مجلسه. النهاية 1/ 201.
(6) (*) [التولة]: و منه في حديث ابن عباس: أفتنا في دابة ترعي الشجر و تشرب الماء في كرش لم تثغر؟ قال:
تلك عندنا الفطيم، و التولة، و الجذعة. النهاية 1/ 200.
(1) الدبرة: العاقبة.
(2) التولة: الداهية.
(3) الناقة الدروب و الدربوت: أي الذلول (لسان العرب: درب).
(7) (*) [التهم]: و منه الحديث: جاء رجل به وضحٌ إلي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم فقال له: أنظر بطن وادٍ لا منجدٍ و لا مُتْهمٍ فتمعك فيه، ففعل، فلم يزد الوضح حتي مات. النهاية 1/ 201.
(4) البيت في لسان العرب (قتن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 141
مُتْهِم في (وض). كليل تِهَامة في (غث).

التاء مع الياء

[التتايع]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- ما يَحْمِلُكم علي أَنْ تَتَايَعُوا في الكَذِب كما يَتَتَايَعُ الْفَرَاشُ في النَّارِ؟
التَّتَايُع: التهافت في الشرّ و التسارُع إليه، تفاعُل من تَاع؛ إذا عجل، و حذْف إحدي التاءين في «تتفاعل» جائز و في تتايع كالواجب.
و منه
حديثه: إنه لما نزلَتْ وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ … [النور: 4] الآية. قال سعدُ بن عُبَادَة: يا رسولَ اللّٰه؛ أرأيتَ إِن رأي رجلٌ مع امرأتِه رجلًا فقتَله أَ تَقْتُلُونَه؟ و إن أَخْبَر بما رأي جُلِدَ ثمانين؟ أفَلا يضربُه بالسيف؟ فقال رسول اللّٰه صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم:
كفي بالسَّيْفِ شَا- أراد شاهداً- فأَمسك، و قال: لولا أن يَتَتَايع فيه الغَيْرَان و السَّكْرَان.
حذف جواب لولا، و المعني لولا تَهَافُت هذين في القَتْل، و في الاحتِجاج بشهادة السيف لتمَّمْتُ علي جَعْله شاهداً و لحكَمْتُ بذلك.
و منه
قول الحسن رضي اللّٰه عنه: إن عليًّا عليه السلام أراد أمراً، فتَتَايَعَتْ عليه الأمور فلم يجد مَشْرَعاً.
يعني في أَمْرِ الْجَمَل.

[تيا]

: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- رأي جارية مهزولةً تطيش «1» مرَّة و تقومُ أخري، فقال: و من يعرف تَيَّا؟ فقال له ابنُه عبد اللّٰه: هي و اللّٰه إحْدَي بناتك.
تيّا: تصغير «تا» في الإشارة إلي المؤنث، كما قيل: «ذيَّا»، في تصغير «ذَا»، و الألف في آخرهما مزيدة مجعولة علامةً للتصغير، كالضمَّة في صَدْرِ فُلَيْس، و ليست هي التي في آخر المكبَّر بدليل قولك: اللَّذَيَّا و اللَّتَيَّا في تصغير الذي و التي، و كذا المُبْهَمات كلّها؛ مخالَفةً بها ما ليس بمُبْهَم و محافظةً علي بنائها.
و عن بعض السلف أنه أخذ تِبْنَةً من الأَرض ثم قال: تيَّا من التوفيق خيرٌ من كذا و كذا من العمل.
التِّيَعة و التِّيمَة في (اب). لأتيسنهّم في (يم).
[تمّ آخر كتاب التاء و للّه الحمد و المنة]
______________________________
(1) تطيش: أي تميل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 142‌

حرف الثاء

الثاء مع الهمزة

[ثؤاج]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- استعمل عُبادة بن الصَّامت علي الصدقة، فقال: اتَّقِ اللّهَ يا أبَا الوليد ألّا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ علي رقبتك شَاةٌ لها ثُؤَاج.
هو صوت النَّعجة.
ألّا تَأتي: فيه وجهان: أحدهما أن تكونَ لا مزيدة. و الآخر أن يكون أصلُه لئلا تأتي، فحذف اللام.
علي رقبتك: ظرف وقع حالًا من الضمير في تَأتي تقديره: مستعلية رقبتك شاة، و نظيره:
*فَجاءُونَا لهم سُكُرٌ عَلَيْنَا «1»

[ثأد]

: عمر رضي اللّٰه عنه- قال في عام الرَّمادة: لقد هممتُ أن أجعلَ مع كلَ أهل بيتٍ من المسلمين مثلهم، فإن الإنْسَان لا يَهْلِك علي نصف شِبَعه. فقال رجل: لو فعلت ذلك يا أميرَ المؤمنين ما كنتَ فيها بابْنَ ثَأْدَاء.
و روي: إن رجلًا قال له عام الرمادة: لقد انْكَشَفَتْ و ما كنتَ فيها ابنَ ثَأْدَاء! فقال:
ذلك لو أنفقتُ عليهم من مالِ الخطّاب!
الثَأْدَاء: الأَمة، سُمِّيت بذلك لفسَادها لُؤْماً و مَهَانَةً، منْ قولهم: ثَئِد المبرك علي البعير: إذا ابتل و فسد حتي لم يستقر عليه. و في كلامهم: أقمتُ فلاناً علي الثّأْدَاء، إذا أقلقته، و يعضد ذلك تسميتهم إياها ثَأطَاء من الثّأْطَة «2».
و أما الدَّأْثَاء فهي من دُئِث فلان بالإعياء حتي كَسل و أَعْيَا: أي أثقِل، لأنها لا تَخْلُو من
______________________________
(1) عجزه:
فأجلي اليوم و السكران صاحي
و البيت بلا نسبة في لسان العرب (سكر).
(2) الثأطة: الحمأة، و الطأطاة: الحمقاء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 143
ذلك في أكثر أوقاتها، و قد روي حركة الهمزة في قوله.
و مَا كُنَّا بَنِي ثَأَدَاءَ لَمَّا شَفَيْنَا بالأَسِنَّةِ كلَّ وَتْرِ «1»
و قد استثقل سيبويه هذا البناء، و لم يذكر إلا قَرَماء [و] جَنَفَاء في اسمي موضعين.
و المعني: إنك عملت علي شَاكِلَة الأحرار الكرام في تفقّد المسلمين و مُواساتهم و القيام بما يُصلحهم و ينعشهم.
و ثَأْط في (حم). فرأب الثَّأْي في (سح). فيوتَر ثأركُم في (حب).

الثاء مع الباء

[ثبج]

*: النبيُّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أَخْيَارُ أُمّتي أولها و آخرها، و بين ذلك ثَبَجٌ أَعْوج، ليس منك و لستَ منه.
أي وَسَطاً، يقال: ضرب ثَبَجه بالسيف، و مضي بثَبج من الليل: إذا مضي قريبٌ من نصفه. معني قولهم: هو منِّي هو بَعْضي. و الغرضُ الدلَالةُ علي شدّة الاتصال، و تمازج الأهواء، و اتحاد المذَاهب. و منه قوله تعالي: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي [إبراهيم: 36].
و قوله: ليس مِنك و لستَ منه، نفيٌ لهذه البعضية من الجانبين.

[ثبان]

: عمر رضي اللّٰه عنه- إذا مرَّ أحدُكم بحائط فلْيَأْكُلْ منه و لا يَتَّخِذْ ثِبَاناً- و روي:
خُبْنَة.
الثِّبان: ما تَحْمل فيه الشي‌ءَ بين يديك من وعاءٍ. و قيل: هي جمع ثُبْنة، و هي الْحُجْزَة تتخِذها في إزارِك تجعلُ فيها الجَني و غيره.
و الْخبنة: مثلها، يقال: ثبنُ الثوب و خَبَنه و كَبنه.

[ثبج]

: عبادة رضي اللّٰه عنه- يُوشك أن يُرَي الرَّجُلُ مِنْ ثَبَجِ المسلمينَ قرأ القرآن علي لسانِ محمدٍ، فأعاده و أَبْدَأَه، لا يَحُورُ فيكم إلا كما يَحُورُ صَاحِبُ الحمار الميّت.
أي من أوساطهم و خِيَارهم.
علي لسان محمد، أي علي لغته، و كما كان يقرؤه بلا لحن و لا تحريف.
لا يَحُور: لا يرجع؛ أي لا يصير حالُه عندكم في كسادِ ما يتلُوه من كتاب اللّٰه إلا كحال من يَعْرِض حماراً ميِّتاً، فلا يَعِنّ له من يَشْتَرِيه منه.
______________________________
(1) البيت للكميت في لسان العرب (ثأد).
(2) (*) [ثبج]: و منه كتابة لوائل: و أنطوا الثبجة. و منه حديث أم حرام: قوم يركبون ثبج البحر. و منه في حديث اللعان: إن جاءت به أُثيبج فهو لهلال. النهاية 1/ 206.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 144‌

[ثبر]

: أبو موسي الأشعري رضي اللّٰه عنه- قال لأنس بن مالك: ما ثَبَر النَّاسَ؟ ما بَطَّأَ بهم؟ فقال أنس: الدّنيا و شَهَواتها.
أي ما صدَّهم و قطَعَهم عن طاعة اللّهِ؟
و منه: ثَبَره اللّٰه ثبراً و ثُبُوراً، إذَا أَهلكه، و قطع دَابره.
و ثَبَر البحرُ: جَزَر، و الأصل فيه الثَّبْرَة، و هي تراب شبيه بالنُّورَة يكونُ بين ظهْرَي الأرض إذا بلغه عِرْقُ النخلة وَقَف، و لم يَسِرْ فيه، فضعفت.
بطَّأَ: علي ضربين: يكونُ تعديته لمعني بَطُؤ و مبالغة فيه، فيقال: بَطُوءَ و بَطَّأ به و بَطَّأَ عن الأمر و الطاعة: إذا بالغ، ثم يعدّي بالباء فيقال: بطأْت به. و منه قوله تعالي: وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ … [النساء: 72] الآية.
معاوية رضي اللّٰه عنه- قال أبو بُرْدَة: دخلتُ عليه حين أَصابَتْه قَرْحَة، فقال: هلمَّ يا بْنَ أَخي فانْظُر. فتحوَّلْتُ فإذا هي قد ثَبِرَتْ؛ فقلت: ليس عليك يا أمير المؤمنين بَأْس.
أي انْفَتَحَتْ و نَضِجت و سالت مدَّتُها؛ لأن عاديتها تذهب و تَنْقَطِع عند ذلك، و هذا من باب فَعلته ففعِل؛ يقال: ثَبَره اللّٰه فثَبِر؛ أي هلك و انقطع.
فتحوَّلْتُ: أي نهضت من مكاني إليه.
حَكِيم رضي اللّٰه عنه- دخلت أمّه الكَعْبة، و هي حامل، فأَدْرَكَها المَخَاض، فولدت حَكِيماً في الكعبة، فحُمِل في نِطَع، و أُخذ ما تحت مَثْبِرها فغُسل عند حوض زَمْزَم، و أُخذت ثيابها التي وَلدت فيها فجعلت لَقًي.
المَثْبِر: حيث يسقط الولد و ينفصل عن أمه، و حقيقته: موضع الثَّبْر، و هو القَطْع و الفصل، و منه قيل: مَثْبِر الجَزُور لمجزرها.
اللَّقي: المُلْقي، و كان من عادة أهل الجاهلية إلْقَاء ثيابهم إذا حجّوا يقولون: هذه ثياب قَارفْنا فيها الآثام، فلا نعود فيها، و يسمونها الألقاء.

[الثبط]

: عائشة رضي اللّٰه عنها- استأذنت سَوْدة رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم ليلةَ المُزْدَلفة أَنْ تَدْفَع قبله، و قبل حَطْمَةِ الناس، و كانت امرأةً ثَبِطَةً؛ فأَذِن لها.
و الثَّبِط: من التَّثبّط كالفقير من الافتقار، و القياس في فعلهما ثَبِط و فَقُر.
أُثَيْبِج في (رص) و (صه).. الثَّبَجة في (اب). فاضربوا ثَبَجَهُ في (زن).

الثاء مع الجيم

[ثج]

*: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- ذكره الحسن فقال: كان أوّلَ من عُرِف بالبَصْرة
______________________________
(1) (*) [ثج]: و منه الحديث: أفضل الحج العج و الثج. و منه حديث أم معبد: فحلب فيه ثجاً. و حديث المستحاضة: إني أثجُّه ثجاً. و حديث رقيقة: اكتظ الوادي بثجيجه. النهاية 1/ 207.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 145
صعد المِنْبر فقرأَ البقرةَ و آل عمران، ففسَّرهما حرفاً حرفاً، و كان مِثَجًّا يسيل غَرْباً.
هو مِفْعَل من الثّجِّ: و هو السيل و الصبّ الغزير. شبّه فصاحته و غزارةَ منطقه بماءٍ يثج ثجًّا، و مثله قولهم: مِثَجٌّ للفرس الكثير الجَرْي، و هذا لبناء الآلات، فاستُعْمل فيمن يكثر منه الفعل كأنه آلة لذلك. و منه: رجل مِحْرب، و مِدْره، و مِصْقع؛ و فرس مِكَرّ مِفَرّ.
الغَرْب: ما سال بحدَّة و اتِّصَالٍ بغيرِ انقِطاع. قال لَبِيد:
غَرْبُ المَصَبَّةِ محمودٌ مَصَارِعُه لَاهِي النَّهَارِ بسَيْرِ اللّيْلِ مُحْتَقِر «1»
و منه: قيل للدَّمع الكائن بهذه الصفة، و لعِرْقِ العَيْن الذي لا يَرْقَأ: غَرْب.
حلب به ثَجًّا، و لم تعبه ثُجْلَة في (بر) بِثَجِيجه في (قح). لا تَثْجُرُوا في (بس).

الثاء مع الدال

[ثدية]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قال في ذي الثُّدَيَّةِ المقتول بالنَّهْروان: إنه مُثْدُون اليد- و روي مُثَدَّنُ، و مَوْدُون، و مُودَن، و مُوتَن، و مُخْدِّ.
الثُّدَيَّة: تصغير الثَّنْدُوَة، بتقدير حذْف الزائد الذي هو النون، لأنها من تركيب الثَّدْي، و انقلاب الياء فيها واواً لِضَمَّةِ ما قَبْلَها، و وزنها فَنعلة، و لم يضرّ لِظُهور الاشتقاق ارتكابُ الوَزْن الشاذّ، كما لم يضرّ في إنْقَحْل- و روي: ذو اليُدَيّة.
المَثْدُون و المُثَدّن: المُخْدَج، من قولهم: امرأة ثَدِنة؛ أي منقوصة الخلْق.
المَوْدُون و المُودَن: من وَدَن الشي‌ء و أَوْدَنه، إذا نقَّصه و صغَّره. و منه: وَدَنه بالعصا:
إذا ضربه، و ودن الأديمَ: ليّنة بالبلّ، و المَعاني مُتقاربة.
و المُوتَن: من أَيتنَتِ المرأَةُ، إذا جاءت بوَلَدِها يَتْنا «2». و قلبت الياء واواً لضمّ ما قبلها.
و روي ابن الأنباري: الوتن بمعني اليَتن. و أوْتنت: أيْتنت.

الثاء مع الراء

[ثرو]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- ما بعث اللّٰه نبيًّا بعد لوط إِلَّا في ثرْوَةٍ من قَوْمِه.
______________________________
(1) البيت في ديوان لبيد ص 65.
(2) اليتن: أي المولود الذي تخرج رجلاه قبل رأسه و يديه.
(3) (*) [ثرو]: و منه الحديث: أنه قال للعباس: يملك من ولدك بعدد الثريا. و منه حديث إسماعيل عليه السلام: و قال لأخيه إسحاق عليه السلام: إنك أثريت و أمشيت. و منه حديث أم زرع: و أراح عليَّ نَعَماً ثرياً. و حديث صلة الرحم: هي مثراة في المال منسأة في الأثر. النهاية 1/ 210.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 146
أي في كثْرَةٍ: يقال: ثَرا المال يَثْرُو، و ثَرا القوم يَثْرُون. قال ابن مُقْبل:
وَ ثَرْوَةٍ مِنْ رِجَالٍ لَوْ رَأَيْتَهُم لَقُلْتَ إحْدَي حِرَاجِ الجَرِّ مِنْ أُقُرِ «1»
و ذلك لقول اللّٰه تعالي حكاية عن لوط: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِليٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود: 80].

[ثرب]

: إذا زَنَتْ خادِمُ أَحَدِكم فَلْيَجْلِدْها الحدَّ، و لا يُثَرِّبْ- و روي: و لا يُعَيّرها- و روي: و لا يعنِّفها.
و معني الثلاثة واحد.
الخادم: الجارية بغير تاءِ تأنيثٍ؛ لإِجرائها مَجْرَي الأَسْمَاء غير المأخوذة من الأفعال، و مثلها: لَحْيةٌ و امرأةٌ عاتِق «2».

[ثري]

: دعا في بعض أسفاره بالأَزْواد، فَلَم يُؤْتَ إِلا بالسَّويق، فأمر به فثُرِّي فأكل، ثم قام إلي المغرب فتمضمض ثم صلي و لم يتوضّأ.
أي نُدّي من الثَّري.
و منه
قول سهل بن سعد رضي اللّٰه عنه: كنا نطحن الشّعير و ننفخه، فيطير ما طار و ما بقي ثَرَّيْنَاه فأكلناه.
قام إلي المغرب: أي قصدها، و توجّه إليها، و عزم عليها، و ليس المراد المُثُول، و هكذا قوله تعالي: إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ [المائدة: 6].

[ثرب]

: نهي عن الصلاة إِذَا صارتِ الشمسُ كالأَثَارِب.
هي جمع أَثْرُب جمع ثرْب، و هو الشّحْمُ الرقيق المبسوط علي الكَرش و الأمعاء، شَبّه بها ضياءَ الشمس إذا رقّ عند العشيّ.
ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- كان يُقْعِي و يُثَرِّي في الصلاة.
أي يُلْزِم يدَيه الثَّرَي بين السّجْدتين لا يفارقُ بهما الأرض، و ذلك في التطوّع في وَقْتِ كِبَره.
يثْرِب في (اك). نَعَماً ثريّاً في (غث). الثّرثارون في (وط). ثَرَاه في (حت). غير مثرد في (فر).

الثاء مع الطاء

يَمْشي الثَّطي في (ذا). الثِّطَاط في (نط). ثَطَا في عَباءةٍ في (شغ).
______________________________
(1) البيت في ديوان ابن مقبل ص 89.
(2) امرأة عاتق: امرأة شابة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 147‌

الثاء مع العين

[ثع]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إنّ امْرَأةً أتَتْه، فقالت: يا رسولَ اللّٰه؛ إنّ ابنِي هذا به جُنُون يُصيبه عند الغَداء و المساءِ، فمسح صَدْره، و دعا له؛ فثَعّ ثعّةً، فخرج من جَوْفه جَرْوٌ أَسْوَد يَسْعي.
أي قاء قيئة، يقال: ثَعّ يثع، و تَعّ يتع.

[ثعلب]

: قال: اللهم اسْقِنا. فقام أبو لُبابةَ، فقال: يا رسول اللّٰه؛ إن التّمر في المَرابد. فقال رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: اللهم اسْقِنا حتي يقومَ أبو لُبَابة عُرْياناً فيسُدّ ثعْلبَ مِرْبده بإزَاره، أو بردَائه. قال: فَمُطرنا حتي قام أبو لُبَابة فنزع إزاره، فجعل يسدّ به ثعلب مِرْبَده.
المِرْبَد: الموضع الذي يُوضَع فيه التمر حين يُصْرَم «1» ليجفَّف، و هو من رَبده: إذا حبسه، و منه مِرْبَد الإِبل، و قيل مِرْبَد البصرة، لأنهم كانوا يحبسون فيه الإِبل.
و الثَّعْلب: مَخْرَج مائِه.
و لا ثَعُول في (شب). الثّعَارير في (ضب). المُثْعَنْجر في (قر). فثعّها في (كر).
ثَعْلب بن ثعلب في (صح).

الثاء مع الغين

[ثغامة]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أُتي بأبي قُحافة و كأنّ رأسَه غَامَة، فأمرهم أن يُغَيِّرُوه.
قال أبو زيد: هي شجرةٌ بيضاء الورق، ليس في الأرض ورقةٌ إلا خضراء غير الثَّغامة.
و قال ابن الأعرابي: شجرة تَبْيَضُّ كأنها الثَّلج.
أبو قحافة: أبو أبي بكر الصديق رضي اللّٰه عنهما، و اسمه عثمان، و كان هذا يوم فَتْح مكة، أُتِي به لِيُبَايعه علي الإسلام، فبَايَعه و سارَ إلي المدينة.

[ثغب]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- ما شَبَّهْتُ ما غَبرَ من الدُّنْيَا إلا بثَغَبٍ ذَهَبَ صَفْوُه و بَقِي كَدَرُه.
هو المستنقَع في الجبل.
و قد روي: ثَغْب و ثُغْبان كظهْر و ظُهْران.
______________________________
(1) يصرم: يقطع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 148‌

[ثغر]

*: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- قال عمرو بن حُبْشيّ: كنت عنده، فجاءته امرأةٌ [مُحْرمة]، فقالت: أَشَرْتُ إلي أرانب فرمَاها الكَرِيُّ. فقال ابنُ عباس: يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ. ثم قال له: أَفْتِنَا في دَابةٍ ترعي الشَّجر و تَشْرَب الماء في كَرِش لم تثَّغِر. فقلت:
تلك عندنا الفَطِيمة و التِّلْوَة و الجَذَعَة.
لم تَثَّغِرْ: لم تسقط أَسنانها، يقال: ثُغِر الصبيُّ فهو مَثْغور، و اتَّغر و اثّغر مثله.
و منه
حديث النَّخَعيّ: كانوا يحبون أن يعلِّموا الصبيَّ الصلاة إذا اثَّغَر- و روي: ثُغِر.
و
يحكي أن عبد الصمد بن عليّ بن عبد اللّٰه بن عباس لم يثَّغر قطّ، و أنه دخل قَبْره بأسنان الصّبا، و ما نفض له سنٌّ حتي فارق الدنيا مع ما بلغَ من العمر.
و يقال للنبات بعد السقوط: اتغارّ و اثغارّ أيضاً، و هما لُغتان في الافتعال من الثَّغر، و الأصل اثتغار، فإما أن تقلب الثاء تاء و هو المشهورُ في الاستعمال و القويّ في القياس، و إما أن تُقْلَب التاء ثاء. و مثل ذلك اتّار و اثّار، و اتّرد و اثَّرَد.
الفطيمة: المفطومة.
و التِّلْوَةُ: التي تَبِعَتْ أُمَّها، و الذَّكر: تِلْو.
و الجَذَعة: التي دخلت في السنة الثانية.
و المعني أنه لما قال لها يحكم به ذَوَا عدل منكم، نصب نفسه و ابن حُبْشيّ حَكَمين، فسأله عن فِدْية بالصِّفة التي وصفها معتبراً لِلمماثلة من جهة الخلقة، لا من جهة القِيمة، فذكر له هذه الثلاثة، فأَوْجب عليها أحدها.
معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- في فتح قَيْسَارِيَّة و قد ثَغَرُوا منها ثَغرَةً «1»، فأخذ معاوية اللِّواء و مضي حتي ركزوا اللِّواء علي الثّغْرَة، و قال: أنا عَنْبَسة.
أي ثَلَموا منها ثلمة.
عَنْبسة: الأسد، من العبوس و النون زائدة، و مثله عَنْسل «2» من العَسَلان.
سواء الثَّغرة في (نس).

الثاء مع الفاء

[ثفر]

: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- أَمَر المُسْتَحاضَة أَن تَسْتَثْفِر و تُلْجِم إذا غَلَبها سَيَلَانُ الدَّم.
______________________________
(3) (*) [ثغر]: و منه حديث عمر؛ تستبق إلي ثغرة ثنية. و حديث أبي بكر و النسابة: أمكنت من سواء الثُّغرة.
و في حديث الضحاك: أنه ولد و هو مُثَّغِر. النهاية 1/ 213، 214.
(1) الثغرة: الثلمة.
(2) العنسل: الناقة القوية السريعة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 149
الاستِثْفَار: أن تفعلَ بالخِرْقة فِعْل المستَثْفِر بإزَارِه، و هو أن يَرُدّ طَرَفه من بين رِجْليه، و يَغْرزه في حُجْزَته من وَرَائه، و مَأْخَذه من الثَّفْر.
و منه
حديث الزبير رضي اللّٰه عنه: إنه وصف الجنَّ الذين رآهم ليلة اسْتَتْبَعه النبيّ صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، قال: فإذا نحنُ برجالٍ طوالٍ كأنهم الرماحُ مُسْتَثْفِرينَ ثيَابَهم.
التلجّم: أن يتوثق في شدِّ الخِرْقة، و هي تسمي لَجمة، و كل ما شَدَدْتَ به شيئاً و أَوْثَقْتَه فهو لِجَام و لَجمة.
و يجوز أن يُرَاد بالاستثفار: الاحْتِشَاء بالكرسف من الثَّفْر، و هو الفرج، كأنه طلب ما تسدّ به الثَّفْر، و بالتلجّم شدّ اللَّجَمة.

[ثفاء]

: ماذَا في الأَمَرَّيْنِ من الشِّفَاءِ: الصَّبِر و الثُّفَاء «1».
هو الحَرْف، سمي بذلك لما يَتْبَع مَذَاقَه من لذع اللسان لِحِدّتِه، من قولهم: ثفاه يَثْفوه و يَثْفِيه: إذا اتَّبعَه، و تسميته حَرْفاً لحرَافته. و منه: بَصَلٌ حِرِّيف؛ و همزة الثُّفاء منقلبةٌ عن واو أَو ياء علي مُقْتَضي اللَّغتين.

[ثفل]

*: قال في غزوة الحديبية: من كان معه ثُفْل فليصطنع.
الثُّفْل: ما رسب تحتَ الشي‌ء من خُثُورَة و كُدْرة، كثُفْل الزيت و العصير و المَرَق. ثم قيل لكل ما لا يُشرب كالخُبز و نحوه: ثُفْل.
و منه: وجدتُ بَنِي فلان مُثَافِلين: إذا فقدوا اللبَن، فأكلوا الثُّفْل. و رَجُل ثَفِل و مَحِض.
الاصطناعُ: اتخاذ الصنيع.

[ثفنة]

*: أبو الدَّرْدَاء رضي اللّٰه عنه- رأي رجلًا بين عينيه مثلُ ثَفِنَة البعير؛ فقال: لو لم يكن هذا كان خَيْرٌ.
شبّه السّجَّادة بين عينيه بإحدي ثَفِنات البعير: و هي ما يَلِي الأرض من أعضائه عند البُرُوك فيغلظ، و كأنه إنما جعل فَقْدَها خيراً له مع أن الصُّلَحاء وصِفُوا بمثل ذلك، و
سمِّي كلُّ واحد من الإمام زين العابدين عليه السلام، و عليّ بن عبد اللّٰه بن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهم: ذَا الثَّفِنات
؛ لأنه رأي صاحبَه يُرَائي بها.
______________________________
(1) الثفاء: الخردل.
(2) (*) [ثفل]: و منه حديث جابر: كنت علي جمل ثفال. و في حديث علي: و تدقُّهم الفتن دقَّ الرحا بثفالها.
النهاية 1/ 215.
(3) (*) [ثفن]: و منه في حديث أنس: أنه كان عند ثفنة رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم عام حجة الوداع. و منه حديث ابن عباس في ذكر الخوارج: و أيديهم كأنها ثفن الإبل. النهاية 1/ 215، 216.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 150‌

[ثفّروق]

: مجاهد رحمه اللّٰه- قال في قوله تعالي: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ [الأنعام: 141].
و ذكر البُرَّ ثم التمر- إذا حضَروه عند الجَداد «1» ألقي لهم الثَّفَاريق و التَّمر.
الثّفروق: قِمَع البُسْرة و التّمرة.
و عن أبي زيد: هو شي‌ء كأنه خيط مركّب في بطن القمعة، و طرفه في النواة، و المراد هاهنا شَمَاريخُ يتعلق بأقماعها تَمرات متفرّقة، لا أقماع خالية من التمر.
الضمير في حضروه للمساكين.

[ثفن]

: في الحديث: حُمل فلان علي الكتيبة فجعل يَثْفِنُها.
أي يَضْرِبها و يَطْرُدها، و أصله من قولهم: ثَفَنَتْه الناقة: ضربته بثَفِنَاتها «2».
بِثِفَالها في (دس). بالثّفال في (دج).

الثاء مع القاف

[ثقل]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- خلّفت فيكم الثَّقَلَيْن كتاب اللّٰه و عِتْرَتي.
الثَّقَل: المتاع المحمول علي الدابة، و إنما قيل للجنّ و الإنس: الثَّقلان، لأنهما قُطَّانُ الأَرْضِ، فكأنهما أثقلاها. و قد شبّه بهما الكتاب و العِتْرة في أن الدين يستصلح بهما و يعمر كما عَمرت الدُّنيا بالثّقلين.
و العِترة: العشيرة، سميت بالعِترة و هي المَرْزَنْجُوشَة؛ لأنها لا تُنْبِت إلا شعباً متفرقة.
قال:
فما كُنْتُ أَخْشَي أن أُقِيم خِلافَهم بستّةِ أَبْيَات كما نَبَتَ العِتْرُ «3»

[ثقب]

*: أبو بكر رضي اللّٰه عنه- قالت الأنصار لقريش: منا أَمِيرٌ و منكم أَمير. فجاء أبو بكر فقال: إنّا معشرَ هذا الحيِّ من قريش أكرمُ الناس أحساباً، و أَثْقَبه أَنْساباً، ثم نحنُ بعدُ عِتْرةُ رسول اللّٰه التي خرجَ منها، و بَيْضته التي تَفَقّأَتْ عنه، و إنما جِيبَتِ العربُ عنَّا كما جِيبَت الرَّحَي عن قُطْبِها.
______________________________
(1) الجداد: صرام النخل.
(2) الثفنات من كل ذي أربع: ما يصيب الأرض منه إذا برك (لسان العرب: ثفن).
(4) (*) [ثقل]: و منه حديث ابن عباس: بعثني رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم في الثَّقل من جمع بليل. و حديث السائب بن يزيد: حُجَّ به في ثَقَل رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. النهاية 1/ 217.
(3) البيت للبريق الهذلي، و هو في ديوان الهذليين 3/ 59.
(5) (*) [ثقب]: و منه قول الحجاج لابن عباس: إن كان لمِثْقَباً. النهاية 1/ 216.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 151
أثقبه: أنوره، من ثقبت النار، و نجْم ثَاقِب، و الأصل فيه نفوذُ الضوء و سُطُوعه.
و الضمير يرجع إلي الناس، و هو اسم موحّد مذكر كالبَشَره و الأَنام و الوَرَي.
تَفَقَّأَت: تفلّقت، و منه فَقْ‌ء العين. معني جَوْب الرحا عن القُطب: أن يقطع عنه و يُزَال ما يمنع نفوذه منها بأن يُثْقب الموضعُ الذي يكونُ فيه. و لما كان موضعه وسط الرحي شُبِّه بذلك مكانُ قريش من العرب، يعني وسطها و سرَّتها «1».
معشر: منصوب بفعل مضمر مثل: اذكروا عني، و يسمَّي النصب علي المَدْح و الاخْتِصاص.
ثَقِف في (لق). لمِثْقباً في (نق).

الثاء مع الكاف

[ثكن]

: في الحديث- يُحْشَرُ الناس علي ثُكَنِهم.
الثُّكْنَةُ: الرَّاية، أي مع رايَاتهم و علَاماتهم، فتُعْلَمُ كلُّ أُمةٍ و فِرقة بعلامةٍ تمتازُ بها عن غيرها.
و الثُّكْنةُ: الجماعة أيضاً: أي يُحْشَرُ كلُّ أحدٍ مع الجماعة التي هو منها. و الثُّكْنَةُ أيضاً: القبر، أي يُحْشَرُون علي أحوال ثُكَنهم، فحذف المضاف.
و المعني: علي الأحوال التي كانوا عليها في قبورهم من سعادةٍ أو شقاء.
علي ثُكْنَتِهم في (ضر). ثَكَما الأمر ثَكْماً في (زو). بأُثكُول في (حب). ثَكَن في (رج).

الثاء مع اللام

[ثلغ]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قال ذاتَ غَداةٍ: إنه أتاني الليلةَ آتِيان، فابْتَعَثَاني فانْطَلَقْتُ معهما، فأتيْنا علي رجلٍ مُضْطَجع، و إذا رجلٌ قائمٌ عليه بصَخْرة، و إذا هو يَهْوِي بالصخرة، فَتَثْلَغُ رَأْسَه، فَتَدَهْدَي الصخرة. ثم انطلقنا فأتينا علي رجل مُسْتَلْق و إذا رجلٌ قائمٌ عليه بكَلُّوبٍ، و إذا هو يأتي أحد شِقي وجهه، فيُشَرْشِرُ شِدقه إلي قَفَاه. ثم انطلقنا فأتينَا علي مثل بناءِ التَّنُّور فيه رجال و نساء، يأتيهم لَهب من أسفل، فإذا أتاهم ذلك ضَوْضَوا؛ فانتهينا إلي دَوْحة عظيمة، فقالا لي: ارْقَ فيها، فارتقينا، فإذا نحن بمدينة مَبنية بلَبِن ذَهبٍ و فضة، فسَما بصري صُعُداً فإذا قصرٌ مثل الرَّبَابةِ البَيْضَاء.
الثَّلْغ و الفَلْغ: الشَّدْح.
الكُلَّاب و الكَلُّوب: خَشَبة في رأسها عُقَّافة منها أو من حديد. و منه قيل كَلَاليب البَازِي لمخالبه.
______________________________
(1) سرة الروض: خير منابتها، و سر النسب و سراره و سرواته: أوسطه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 152
يُشَرْشِرُ: يشقِّقُ و يُقَطِّع.
الضَّوْضَاةُ: الضَّجِيج و الصِّياح، و هو من مضاعف الرُّباعي كالقلقلة، و قولهم:
ضَوْضَيْتُ كأغزيت في قلب الواو ياء لوقوعها رابعة.
و التَّدَهْدِي، أصله التَّدَهْدُه، فقلبت الهاء ياء؛ لاستثقال التضعيف، كما قيل: تَقَضِّي البازي، و هو التَّدَحْرج.
و الدَّوْحَة: كلُّ شجرة عظيمة. و يقولون: انْدَاحت هذه الشجرة، إذا عَظُمَتْ و مِظلّة دَوْحة: أي عظيمة واسعة.
الرّبابة: السحابة المعلّقة دون السحاب. قال:
كأن الرَّباب دُوَيْنَ السَّحَاب نعامٌ تَعَلَّقَ بالأرْجُل

[ثلة]

*: لا حِمي إلَّا في ثلاث: ثَلَّة البِئْرِ، و طِوَل الْفَرَس، و حَلْقَة القوم.
أي إذا احتفرَ الرجلُ بئراً في موضع لم يملكه أحدٌ قبله، فله أن يحمي مِنْ حواليها ما يطرح فيه ثَلَّتها، و هي تُرَابها الذي أخرجَه منها، و إذا ربط فرسَه في العسكر فله أن يَحْمي مُسْتَدَار فرسه، و للقوم أن يحموا حَلْقة مجلسهم من أن يجلسَ وسطَها أحد.
و
في حديث حذيفة رضي اللّٰه عنه: الجالسُ في وسط الْحَلْقَةِ مَلْعُون.
[ثل]:
عمر رضي اللّٰه عنه- رُئي في المنام فَسُئِلَ عن حَاله فقال: ثُلّ عَرْشي، أَوْ كاد عرشي يُثَلّ لولا أني صادفتُ ربًّا رحيماً.
ثَلّه: هدَمه، و يكون أيضاً بمعني أصلحه- عن قُطْرُب. و أَثله: أمر بإصلاحه، و قد حكي: أَثَلَّهُ: هدمَه.
و العرش: سرير الملك.
و هذه كناية عن إدبار الأمر و ذهاب العِزِّ؛ لأن الإدالة من الملك يردفها ثلُّ عَرْشه.
تُثْلَغ الخبزة في (فل). الثَّلْب في (نص). ثلثا و اثنتين في (بر). و ثَلَّثهِمْ في (ثو) و ثِلَاثُها في (ثن). ثَلَثْت في (سب). ثُلّة في (ثو).

الثاء مع الميم

[ثمر]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- أتاه رجلٌ بابن أَخيه، و هو سكران، فأمر بسَوْطٍ
______________________________
(1) (*) [ثلة]: و منه في حديث معاوية: لم تكن أمة براعية ثلَّة. و في كتابه لأهل نجران: لهم ذمة اللّٰه و ذمة رسوله علي ديارهم و أموالهم و ثُلتهم. النهاية 1/ 220.
(2) (*) [ثمر]: و منه الحديث: لا قطع في ثمر و لا كثر. و منه حديث علي: زاكياً نبتها، ثامراً فرعها. و منه الحديث: إذا مات ولد العبد قال اللّٰه لملائكته: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون نعم. و في حديث المبايعة:
فأعطاه صفقة يده، و ثمرة قلبه. النهاية 1/ 221.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 153
فدُقَّتْ ثَمَرَتُه، ثم قال للجلَّاد: اضْرِب و ارْجع يديك. ثم قال: بئس لعمرُ اللّٰه وليُّ اليتيم هذا! ما أدَّبت فأحسنت الأدب و لا سترتَ الخَرَبة. قال: يا أبا عبد الرحمن؛ إنه لَابْنُ أخي، و إني لأَجِدُ له من اللّاعَةِ ما أجده لوَلَدِي، و لكن لم آله.
ثمَرَة السَّوط: العقدة في طرفه، و إنما أمر بدقِّها لتَلِين؛ تخفيفاً عنه، و كذلك أمره برَجْع اليدين و هو ألَّا يَرْفَعهما عند الضرب و لا يمدّهما، و يقتصر علي أن يرجعهما رَجْعاً.
اللام في اليتيم لتعريف الجنس لا لِلْعَهْد، لإسناد بئس إلي المضاف إليه، لأنه لا يسند إلا إلي ما فيه اللام للجنس أو إلي ما أُضيف. و الذي جوَّز الفصل بين بئس و فاعله بالقسم أنه تأكيد لمضمون الجملة، فليس بأجنبي عنهما.
ما أدّبتَ: التفات إلي الرجل بالتقريع.
الخَرَبة: من قولهم: ما رأينا من فلان خَرَبة؛ أي عيباً و فساداً. و منه: الْخَارِب لعيشه في المال بالسَّرِقة؛ و خراب الأرض: فسادُها لفَقْد العمارة.
اللَّاعة: فَعْلَة من لَاع يَلَاع: إذا وَجد في قلبه لَوْعة من شَوْقٍ أو حُزْن.
قال الأعشي:
مُلْمعٍ لَاعَةِ الفُؤَادِ إلي جَحْ شٍ فَلَاهُ عنها فَبِئْسَ الْفَالِي «1»
و مثلها: امرأةٌ خافة، و عين دَاءَة؛ من خاف يخاف، و دَاء يَدَاء، و المراد من وجد اللّاعَة، و هي النفس، فحذف المضاف.
لم آله: أي مع فرط حرقتي و محبّتي له لم أَدَّخِرْ عنه عركاً و تَأْدِيباً.

[ثمن]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- الرَّشوة في الحكم سُحْت، و ثمن الدم، و أُجرة الكاهن، و أَجْر القَائِف، و هديّة الشفاعة، و جَعالة الغَرَق.
ثمن الدم: كسب الحجَّام.
القِيافة: أن يعرف بفطنةٍ و صدقِ فَراسَةٍ أنَّ هذا ابنُ فلان أو أخوه، و كانت في بَنِي مُدْلج.
الجَعِيلة و الجَعالة: الجُعْل، و هو ما يُجْعل لمن يَغُوص علي متاعٍ أو إنسان غَرِق في الماء.

[ثمر]

: معاوية رضي اللّٰه عنه- دخل عليه عمرو بن مسعود، و قد أسنَّ و طال عمره، فقال له: كيف أنت؟ و كيف حالك؟ فقال: ما تسألُ يا أمير المؤمنين عمن ذَبُلتْ بَشرته، و قُطِعَتْ ثمَرتُه، و كَثُر منه ما يحبّ أن يقلّ، و صَعُب منه ما يحبّ أن يذل، و سُحِلت مَرِيرته
______________________________
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 7.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 154
بالنقض، و أَجِم النساءَ و كُنَّ الشفاء، و قلَّ انحِياشه، و كَثُر ارْتِعاشه، فنَوْمُه سُبَات، و ليله هُبَات، و سمعه خُفَات، و فهمه تَارَاتٌ.
ثمرته: نسْله، شبَّهه بثمرة الشَّجَرة، كما يُقَال: هذا فرعُ فلان و شُعْبته، و يجوز أن يُكني بها عن العُضْو، و يريد انقطاعَ قدرته علي الملامسة، و انقطاع شهوته؛ لقوله: و أَجِم النساء، و قد أنشد بعضهم:
إلي عُلَيْجين لم تُقْطَع ثِمارُها قد طال ما سَجَدا للشمْسِ و النار «1»
يريد لم يُخْتنا. أراد بما يُحبّ أن يقل: السَّهْو و النسيان، و الذَّنين «2»، و البول، و غير ذلك. و بما يُحِبُّ أن يَذِل: المفاصل الجاسية التي لا تُطاوعه في القَبْض و البَسْط.
سُحِلت مَرِيرته، أي جعل حبله المُبْرَم سَحِيلًا، و هو الرِّخو المفتول علي طاق واحد، و قد سَحَله يَسْحَله. و المَرِيرة و المَرِير: المَرُّ «3» المفتول علي طَاقَيْن فصَاعِداً، و هذا تمثيل لضَعْفِه و استرخاء قُوَّته. أَجِم: عاف و ملَّ.
الانْحياش: النفور من الشي‌ء فزعاً. قال ذو الرمة:
و بَيْضاءَ لا تَنْحَاشُ منَّا و أُمُّها إذا ما رَأَتْنا زِيلَ مِنهَا زَوِيلُها «4»
و لم يرد أنه لا يَفْزع فَيَنْحاش؛ لأنَّ الشيخ موصوف بالفَزَع و الخشية. و منه المثل: لقد كنتُ و ما أُخُشَّي بالذِّئْبِ. و لكنه أراد أنه إذا فزّع لم يقدر علي النفّار و الفرار.
السُّبَات: النوم الثقيل، و منه قيل للميت: مَسْبوت، و الأصلُ فيه انقطاع الحركة.
الهُبَات: الضعفُ و الاسْتِرخَاء، من قولهم: لفلان هَبْنَة أي ضَعْف، و هبَت المرض، و رَجلٌ مهبوت الفُؤَاد: نَخِب «5».
الخُفَات: ضعفُ الاستماع، من خُفُوت الصوت، و إنما أَخْرجه علي «فُعَال»، لأَنّه وزن أسماء الأدواء. تَارَات: يكرَّرُ عليه الحَدِيث مراتٍ حتي يتفهَّمَه.

[ثمه]

: عروة رضي اللّٰه عنه- ذكر أُحَيْحة بن الجُلَاح و قَوْل أخوَاله فيه: كنا أَهْلَ ثُمِّه و رُمِّه، حتي استوي علي عُمُمِّه.
و قيل: الصَّواب الفتح في ثَمِّه و رَمِّه.
الثَّم: الجمع. و الرَّم: المَرَمَّة، و أما الثُّم و الرُّم فلا يخلو من أَن يكونا مصدرين كالحُكْم و الشّكر و الكُفر، أو بمعني المفعول كالذُّخْر و العُرْف و الخُبْر. و المعني: كنَّا أَهل تَرْبِيَتِه و المتولِّين لجمع أمره و إصلاح شَأْنه، أو ما كان يرتفع من أمره مجموعاً مصلحاً فإنا كنّا المحصّلين له علي تلك الصفة.
______________________________
(1) البيت لدعبل الخزاعي و هو في ديوانه ص 88.
(2) الذنين: المخاط الرقيق الذي يسيل من الأنف.
(3) المر: الحبل.
(4) البيت في ديوان ذي الرمة ص 554.
(5) النخب: الجبان.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 155
العَمم: صفة كشلَل و سَحَج، بمعني العميم، و هو التامُّ الطويل؛ و يجوز أن يكونَ جمع عميم كسرير و سَرر؛ و قولهم: نَخْل عُمّ تخفيف عُمُمّ، و المعني: استوي علي عَظمه أو قدّه التام أو علي عِظَامه أو أَعْضَائِه التامَّة، و أما التَّشْديد [فيه عند من شدّد] فإنها التي تزاد في الوَقْف في قولهم: هَذَا عمرّ و فرجّ، و إنما زادها مُجْرياً للوصل مَجْرَي الوَقْفِ كما قال:
*ببَازِلٍ وَجْناءَ أَوْ عَيْهَلّ «1»
* ليتشاكل السجعتان. و روي بالتخفيف، و روي علي عَمَمه، و هو مَصْدَر العميم و قولهم: مَنْكِب عَمَم، وُصِف بالمصدر.
وَ
رُوِي أن هاشماً تزوَّج سلمي بنت زيد النَّجَّارِيّة بعد أُحيحة فولدتْ له شَيْبة، و تُوفي هاشم و شبَّ شيبة، فانتزعه المطلب من أُمّه، فقالت:
كنا ذوي ثمِّه و رُمِّه حتي إذا قَامَ عَلَي أَتمّه
انتزعوه يافعاً من أُمِّه و غلب الأخوال حَقّ عمه
علاه الثُّمال في (بد). علي ثَمَد في (خب). ثِمَال حاضرتهم في (رج). سنة ثَمغَ في (صر). قليل الثَّمِيلة في (صد). ثُمَاماً في (خض). فَثَمَلْتِه في (ور). و أفجر له الثَّمَد في (صب).

الثاء مع النون

[ثني]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- لا ثِنَي في الصَّدَقة.
الثِّنَي: مصدر كالقِلَي و الشِّرَي، من ثنيتُ الشي‌ء: إذا أخذته مرة ثانية، و ثنيت الأرض: إذا كريتها مرتين، و المعني في أخذ الصدقة، فحُذِف المضاف.
و الصدقة: المال المتصدَّق به، و يجوز أن يكون بمعني التصديق، من صدق المال:
إذا أَخَذَ صدقته، كالزَّكاة و الذكاة بمعني التزكية و التذكية، فلا يقدّر حذف مُضَاف.
أراد لا تُؤْخذ في السنة مرتين. ثِني بُنِيَ مع لا لنَفْي الجنس، و عَلَمُ بنائه سقوط التنوين.
سُئِلَ عن الإمارة فقال: أوَّلها مَلامة، و ثِنَاؤها نَدَامة، و ثِلَاثها عذاب يوم القيامة إِلَّا مَنْ عَدل.
______________________________
(1) صدره:
تسلّ وجداً لهائم المعتلّ
و البيت لابن منظور بن مرثد الأسدي في لسان العرب (عهل).
(2) (*) [ثني]: و منه الحديث: نهي عن الثنيا إلا أن تُعلم. و منه الحديث: من أعتق أو طلّق ثم استني فله ثنياه.
و منه حديث عائشة تصف أباها: فأخذ بطرفيه و ربَّق لكم أثناءه. و في صفته صلي اللّه عليه و سلم: ليس بالطويل المتثني.
النهاية 1/ 224، 225.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 156
أي ثانيها و ثالثها بالكسر، و أما ثُناء و ثُلَاث فصفتان مَعْدُولتان عن اثنين اثنين و ثلاثة ثلاثة.
قرأ عليه أُبيٌّ رضي اللّٰه عنه فاتحةَ الكتاب فقال: و الذي نفسي بِيَده ما أُنْزِل في التوراة و لا في الإنجيل، و لا في الزَّبُور، و لا في القرآن مثلُها؛ إنها السَّبعُ من المَثَاني و القرآنُ العظيم الذي أعطيت.
المثاني: هي السَّبع. و من: للتبيين، مثلها في قوله تعالي: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ [الحج: 30]. كأنه قيل: إنها للآيات السبع التي هي المَثاني، و إنما سُمِّيَتْ مَثَاني؛ لأنها تثني: أي تكرر في قَوْمات الصَّلاة، الواحد مَثْني، و يجوز أن يكون مَثْنَاة.
و قوله: و القرآن العظيم: إطْلَاق لاسْم القرآنِ علي بَعْضِه. و مثله قوله تعالي: بِمٰا أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ هٰذَا الْقُرْآنَ [يوسف: 3] فيمن جعل المراد بالقَصص سورة يوسف.
و قوله: و لا في القرآن مِثْلها تفضيلٌ لآيات الفاتحة علي سائر آي القرآن.

[ثنن]

*: حمزة رضي اللّٰه عنه- قالَ وَحْشي: سَدَّدْتُ حَرْبتي يوم أُحُدٍ لثُنَّتِهِ فما أَخْطأْتُها.
الثُّنَّة: ما دون السُّرَّةِ إلي العَانَةِ.
وحَشْي غلام طُعَيْمة بن عديّ، زَرَقَة يوم أُحد فقتله، و كان حَمْزة رضي اللّٰه تعالي عنه قد قتل طعيمة يوم بَدْر.

[ثنا]

: ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- من أَشْرَاط الساعة أنْ توضع الأخْيار، و تُرْفع الأشرار، و أن تُقْرَأَ المثْنَاةُ علي رءُوس الناس لا تُغَيَّر. قيل: و ما المَثْنَاةُ؟ قال: ما اسْتُكْتِبَ من غير كتابِ اللّٰه.
قيل: هو كتاب وضعه أحبارُ بني إسرائيل بعد موسي علي نبيِّنا و عليه الصلاة و السلام علي ما أرادُوا من غير كتاب اللّٰه الذي أنزل عليهم، أحلُّوا فيه ما شاءُوا، و حرَّمُوا ما شاءُوا علي خِلاف الكتاب، و قد وقعت إلي ابن عُمَر كُتُب يَوْمَ اليَرْموك، فقال ذلك لمعرفته بما فيها.

[ثنط]

: كعب رضي اللّٰه عنه- إن اللّٰه عزَّ و جلَّ لما مدَّ الأَرْض مَادَتْ فثَنَطها بالجبال، فصارت كالأَوْتاد لها، و نَثَطَها بالآكام، فصارت كالمُثْقِلَاتِ لها.
قال ابنُ الأعرابيّ: الثَّنْط بتقديم الثاء علي النون: الشَّقّ. و النَّثط: الإثقال، و هما
______________________________
(1) (*) [ثنن]: و منه حديث فارعة أخت أمية: فشق ما بين صدره إلي ثنته. و في حديث فتح نهاوند: و بلغ الدم ثُنن الخيل. النهاية 1/ 224.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 157
حرفان غَريبان ما جاءا إلا في حديث كَعْب. و قيل: نثطها: أثبتها، و النَّثْط و المثْط: غَمْزُك الشي‌ء بيدك علي الأرْضِ.
و
في بعض الحديث: كانت الأرض هِفًّا علي الماءِ فَنَثَطَها اللّهُ بالجبال.
الهِفّ: القَلِق الذي لا يستقرّ، من قولهم: رجل هِفٌّ؛ أي خفيف، قال:
هِفٌّ خَفِيف قليل المال ليس له إلا مُذَلَّقة أو وَفْضَة سَبَد
و منه سحابة هِفّ: لا ماء فيها. و شُهْدة هفٌّ لا عَسَل فيها.

[ثنية]

: سعيد رضي اللّٰه عنه- الشهداءُ ثَنِيَّة.
أي الذين استَثْناهم اللّٰه عن الصَّعْقة [الأولي] بقوله: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلّٰا مَنْ شٰاءَ اللّٰهُ [الزمر: 68]. يُقال: حلف يميناً ليست فيها ثَنِيَّة.
و عن الأصمعي: سألت ابنَ عمرَانَ القاضي عن رجل وقف وقْفاً و استثني منه، فقال:
لا يجوز الوقف إذا كانت فيه ثنيَّة.
يُثنِيه عليه إثناء في (طر). أَثْناءَه في (سح). و طلّاع الثَّنايا في (ين). ثَنِيّته في (عص).

الثاء مع الواو

[ثور]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- توضئوا مما غَيَّرتِ النارُ و لو من ثَوْرِ أَقِطٍ.
هو القِطْعَة منه؛ لأنَّ الشي‌ء إذا قُطِع عن الشي‌ء ثار عنه و زال.
و الأَقِط: مخيض يُطْبخ ثم يُتْرك حتي يَمْصل «1». و المراد بالتَّوضُّؤ غَسْل اليدين.
كتب صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم لأَهْل جُرَشَ بالحِمَي الذي أَحْماه لهم: لِلْفَرَسِ و الراحلةِ و المُثِيرَة، فمن رعاهُ من الناس فمالُهُ سُحْت.
المُثِيرة: البقرة التي تُثِير الأرضَ.
سُحْت: هَدَر، أي إنْ عَقَره عاقِر أهَدْرتُه، و الذي يلاقي بينه و بين السُّحْتِ المعروفِ أن الدَّم المُهْدَر مسحوت التَّبِعة، كما أنَّ الكَسْبَ الحرام مَسْحُوت البَرَكة.
______________________________
(2) (*) [ثور]: و منه حديث عمرو بن معدي كرب: أتيت بني فلان فأتوني بثور و قوس و كعب. و منه الحديث:
صلَّوا العشاء إذا سقط ثور الشفق. و منه الحديث: فرأيت الماء يثور من بين أصابعه. و منه الحديث:
من أراد العلم فليثوّر القرآن. و منه حديث عبد اللّٰه: أثيروا القرآن فإن فيه علم الأولين و الآخرين. النهاية 1/ 228، 229.
(1) مصل الأقط مصلًا و مصولًا: عمله، و مصل اللبن: وضعه في وعاء خوص ليقطر ماؤه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 158‌

[ثوي]

*: كتب صلي اللّه تعالي عليه و سلم لأهل نَجْرَان حين صَالَحهم: إنَّ عليهم أَلْفَي حُلَّةٍ في كل صَفَر، و في كلّ رَجَب ألف حُلّة، و ما قضوا من ركابٍ و خيل أَو دُروع أُخِذ منهم بحساب، و علي نَجْرَان مَثْوَي رُسُلي عشرين ليلةً فما دونها، و لنَجْرَان و حاشيتها ذِمَّةُ اللّٰه و ذِمَّة رسوله علي دِيارهم و أَمْوالهم، و ثَلَّتِهم و مِلَّتهم، و بِيَعهم و رَهْبَانيَّتِهم و أساقفتهم، و شاهدهم و غائبهم، و علي ألا يُغْزُوا أُسْقُفاً من سِقِّيفَاه، و لا وَاقفاً من وِقِّيفَاهُ، و لا راهباً من رَهْبَانِيَّتِه، و علي ألا يُحْشَرُوا و لا يُعْشَرُوا.
مَثْوَي رُسلي: أي ثَواؤهم ضيوفاً لهم. و الثِّوِيُّ: الضيف، قال أوس:
لَعُمْرُك ما مَلَّتْ ثواءَ ثَوِيّها حليمة إذ أَلْقَي مَرَاسِيَ مُقْعَد
و يقال: تثوَّيْتُ فلاناً: إذا تضيَّفْتُه.
و منه
حديث أبي هريرة رضي اللّٰه عنه أنه قال: شيخ من طُفَاوة تَثَوَّيْتُه، فلم أر رَجلًا أشدَّ تَشْمِيراً، و لا أَقْوَم علي ضَيْفٍ منه.
يقال لقطيع الضَّأْن: ثَلَّة، و لقطيع المِعْزي: حَيْلة، فإذا اجتمعا قِيلَ لهما جميعاً ثَلَّة.
و علي ألّا يُغْزُوا معطوف علي قوله: أنّ عليهم؛ لأن المعني صالحهم علي أن عليهم، فحذف علي؛ و حُروفُ الجر يكثر حَذْفها مع أَنْ و أنّ.
الرهبانية و الأساقِفَة: جمع رُهْبان و أُسْقُفّ، و قد مضي لنا في هذه التاء كلام، و سمي الأُسْقُفّ لخُشوعه من الأَسْقف، و هو الطويل المُنْحنِي.
الواقف: خادِم البيعَة، لأنه وقفَ نفسَه علي ذلك.
و السِّقِّيفَي و الوقِّيفَي: مصدران كالخلِّيفي و الخِطِّيبَي.
لا يُحشروا: لا يكلّفوا الخروجَ في البُعُوثِ.
و لا يُعْشَروا: لا يُؤْخَذُ عُشْرُ أَموالهم.

[ثوب]

*: إذا ثُوِّبَ بالصَّلَاة فأْتُوها و عليكم السكينةُ، فما أدركتُم فصلُّوا، و ما فاتكم فأَتمّوا.
الأَصل في التثويب: أن الرجلَ كان إذا جاء مُستَصْرُخاً لوَّح بثوبه، فيكون ذلك دُعاءً
______________________________
(1) (*) [ثوي]: و منه حديث عمر: أصلحوا مثاويكم. و منه الحديث: أنَّ رمح النبي صلي اللّه عليه و سلم كان اسمه المثوي.
النهاية 1/ 230.
(2) (*) [ثوب]: و منه حديث بلال: قال: أمرني رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم أن لا أثوِّب في شي‌ء من الصلاة إلا في صلاة الفجر. و منه حديث عائشة: فجعل الناس يثوبون إلي النبي صلي اللّه عليه و سلم. و في حديث ابن التيهان: أثيبوا أخاكم.
و منه الحديث: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. النهاية 1/ 227، 228.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 159
و إنذاراً، ثم كثُر حتي سمِّي الدعاءُ تَثْويباً، قال طُفَيل:
و قد منَّت الخَذوَاءُ منًّا عليكمُ و شَيْطَانُ إذْ يَدْعُوهُم و يُثَوِّبُ
«1» و قيل: هو تَرْدِيد الدعاءِ، تفعيل من ثاب: إذا رجع، و منه قيل لقول المؤذّن: الصلاة خيرٌ من النومِ: التَّثْوِيب.

[ثواء]

: عمر رضي اللّٰه عنه- كُتِب إليه في رجلٍ قيل له: مَتَي عَهْدُك بالنّساء؟ فقال:
البارِحة. فقيل: مَنْ؟ قال: أُمّ مَثْوَاي. فقيل له: قد هلكتَ! قال: ما علمتُ أن اللّٰه حَرَّم الزِّنَا. فكتب عُمر أن يُسْتَحْلَف ما عَلِم أَن اللّٰه حَرَّم الزِّنا، ثم يُخلَّي سبيله.
المَثْوي: موضع الثَّوَاء؛ و هو النزول، و يقال لصاحب المَثْوَي: أبو مَثْوًي، و لصاحِبَتِه:
أمّ مَثْوًي.

[ثوب]

: لا أُوتَي بأَحَدٍ انْتَقَص مِن سُبُل المسلمين إلي مَثَاباته شيئاً إلا فعلتُ به كذا.
أي إلي منازله؛ لأَنه يُثَابُ إليها؛ أَيْ يُرْجَع.
عمرو رضي اللّٰه عنه- قيل له في مَرَضِه الذي مات فيه: كيف تجدُك؟ قال: أجدني أَذُوب و لا أَثوبُ، و أَجد نَجْوِي أَكثَر من رُزْئي.
يقال: ثاب جسمُه بعد النَّهْكة: إذا عاد إلي صحَّته.
النَّجْو: الحدَث.
مِنْ رُزْئي: أي مما أرْزَؤه من الطعام بمعني أُصيبه. يقال: ما رَزَأْتُه زُبالًا: إذا لم يُصِبْ منه شيئاً.
و منه قيل للمصاب: رُزْء و رزئية.

[ثيب]

: في الحديث: الثّيِّبَان يُرْجَمَان، و البِكْرَان يُجلَدان و يُغَرّبَان.
يقال للرجل و المرأة: ثيّب، و هو فَيعل مِنْ ثاب يَثوب، كسيِّد من ساد يسود؛ لمعاودتهما التزوّج في غالب الأمر، و قولهم: تثيَّبْت مبنيٌّ علي لفظ ثَيب، و يجوزُ أن يكون فيعَلْت كما قيل في تديَّرتُ المكان.
مِمْ ثَيّب في (أب). إلي ثَوْر في (عي). مَثَاويَكم في (فر). فلا يَثْوِي عنده في (جو).
[آخر الثاء و للّه الحمد و المنّة]
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (خذا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 160‌

حرف الجيم

الجيم مع الهمزة

[جُئِث]

: النبيّ صلي اللّه عليه و سلم- قال في المَبْعَث حين رَأَي جِبْرِيل عليه السلام: فَجُئِثْتُ منه فَرَقاً، فأتت خديجةُ ابنَ عمها وَرَقَة بن نَوْفلَ، و كان نَصْرانياً قد قرأَ الكُتُب، فحدَّثته و قالت: إني أخافُ أن يكونَ قد عُرِضَ له. فقال: لئن كان ما تَقولين حقّاً إنه لَيَأْتِيه الناموسُ الذي كان يأتي موسي.
جُئِثَ الرجل: قُلِع من مكانه فزَعاً، و الثاء بدل من فاء جُئِف الشي‌ء بمعني جُعِف: إذا قُلِع من أصله، قال زَيْد الفوارس:
وَلَّوا تَكُبُّهمُ الرِّماحُ كأَنّهُمْ أَثْلٌ جأَفْتَ أُصولَه أوْ أثْأَبُ «1»
و مثله قولُهم في فُروغ الدلو ثُرُوغ. و في أَثاثٍ أثافٍ. و عكسُه فُمّ في ثُمَّ، و جَدَفٌ في جَدَث.
و روي: فجُثِثْتُ. و هو أيضاً من جَثّ و اجْتُثَّ: إذا قُلِع.
فرَقاً: منتصب علي أنه مفعول له.
عُرِض له: من قولهم عرَضَتْ له الغُول، و عَرِضت بالْكسر- عن أبي زيد؛ أي أخاف أن يكونَ قد أصابه مسٌّ من الجن.
الناموس: جبرائيل عليه السلام، شُبّه بناموس المَلِك، و هو خاصَّته الذي يُطْلِعه علي ما يَطْوِيه من سرائره عن غيره.
و قيل هو صاحب سرِّ الخيرِ خاصّة.
الجآجِي‌ء في (رج).
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (جأف).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 161‌

الجيم مع الباء

[جبه]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- ليس في الجَبْهةِ، و لا في النُّخَّةِ، و لا في الكُسْعَة، صَدَقة.
الجبهة: الخَيْلُ، سمِّيت بذلك؛ لأنها خِيار البهائم، كما يُقال: وجه السِّلعة لخيارها، و وَجْه القوم و جبهتهم لسيّدهم.
و قال بعضهم: هي خِيار الخيل.
النَّخَّة و النُّخَّة: الرقيق، و قيل: البَقَر العوامل، و قيل: الإبل العوامل من النَّخِّ و هو السَّوْقُ الشديد.
الكُسْعَة: الحمير، من الكَسْع، و هو ضَرْب الأَدْبَار.
و منه:
اتَّبَع آثارَهم يكْسَعهم بالسَّيف.
أَخْرِجوا صدقاتكم، فإن اللّٰه تعالي قد أَرَاحكم من الْجَبْهَةِ و السَّجَّةِ و البَجَّةِ.
الجَبْهَة: المذَلَّة، من جَبَهه: إذا استقبله بالأذي.
و السَّجَّة: المَذْقَة من السَّجَاج، و هو اللَّبن المَذِيق.
و البَجَّة: [الدم] الفَصِيد، من البجِّ، و هو البطّ و الطَّعن غَيْرُ النافذ.
و المعني: قد أنعم اللّٰه عليكم بالتخليص مِنْ مَذلّة الجاهلية و ضيقَتِها، و أعزّكم بالإسلام، و وسَّع لكم الرزق، و أَفَاء عليكم الأموالَ، فلا تُفَرِّطوا في أَداءِ الزَّكاة، فإنّ عِلَلكم مُزَاحة.
و قيل: هي أصنامٌ كانوا يَعْبُدُونَها.
و المعني: تصدَّقوا شكراً علي ما رزقكم اللّٰه من الإِسْلام و خَلْع الأَنْداد.

[جبر]

: حضرته امْرَأَةٌ فأَمَرها بأَمْرِ، فتأبَّتْ عليه، فقال: دَعُوها فإنها جَبَّارَةٌ.
هي العَاتِيَةُ المُتكَبِّرَةُ. و منه قيل للملك: جَبَّار و جبِّير لكبريائه.
و
في حديثِه: أنه ذَكَر الكافرَ في النار فقال: ضِرْسه مثل أُحُد، و كَثَافة جِلْدِه أربعون ذراعاً بذراع الجبَّار.
و هو من قول الناس: ذِرَاع الملك، و كان هذا ملكاً من ملوك الأعاجم تامّ الذِّراع.

[جبن]

: قال عمر بن عبد العزيز- زعمت المرأةُ الصالحةُ خَوْلَةُ بنتُ حكيم امرأةُ عثمان بن مظعون- أنّ رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم خرج ذات يوم و هو مُحْتَضِن أَحَدَ ابْنَيْ ابْنَتِه، و هو
______________________________
(1) (*) [جبه]: و منه في حديث حد الزنا: أنه سأل اليهود عنه فقالوا: عليه التجبية: قال: ما التجبية؟ قالوا: أن تحمم وجوه الزانين، و يحملا علي بعير أو حمار، و يخالف بين وجوههما. النهاية 1/ 237.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 162
يقول: و اللّٰه إِنكم لتُجَبِّنُونَ و تُبَخِّلُونَ و تُجَهِّلُونَ، و إنكم لَمِنْ رَيْحَانِ اللّٰه، و إنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَها اللّٰه بوَجّ.
معناه: إن الولد يُوقعُ أباهُ في الْجُبن؛ خوفاً من أن يُقْتَل فيضيع ولدُه بعدَه، و في البخل إبقاءً علي مالِه له، و في الجهل شُغْلًا به عن طلب العلم.
الواو في و إنكم للحال، كأَنه قال: مع أنكم من ريحان اللّٰه: أي من رزق اللّٰه. يقال:
سبحان اللّٰه و رَيحانَه: أي أسبّحه و أسترزقه. و قال النمر:
سَلَامُ الإِلٰهِ و رَيْحَانُه وَ رَحْمَتُه و سَمَاءٌ دِرَرْ «1»
[و بعده:
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ فأَحْيَا البِلَادَ و طَابَ الشَّجَرْ]
و هو مخفّف عن رَيِّحَان فَيْعِلَان من الرُّوح، لأن انتعاشه بالرزق. و يجوز أن يُراد بالريحان: المشموم، لأن الشَّمِّامات تسمّي تَحَايَا، و يقال: حيَّاه اللّٰه بطاقةِ نرجس، و بِطَاقَةِ رَيْحَان؛ فيكون المعني: و إنكم مما كرّم اللّٰه به الأناسيَّ و حيَّاهم به، أو لأنهم يُشمّون و يقبَّلون، فكأنهم من جملة الرَّياحِين التي أَنبتها اللّٰه.
و منه
حديث عليّ عليه السلام: أَن رسول اللّٰه صلي اللّه تعالي عليه و سلم قال له:
أبا الرَّيْحَانَتَيْن؛ أُوصِيكَ بريحانَتَيَّ خَيْراً في الدنيا قبل أَنْ يَنْهَدَّ رُكْنَاكَ. فلما مات رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم قال عليّ: هذا أَحَدُ الرُّكْنَيْن، فلما ماتت فاطِمَةُ قال: هذا الركنُ الآخر.
الوطأة: مجاز عن الطَّحْن و الإِبادة. قال:
وَ وَطِئْتَنَا وَطْأَةً عَلَي حَنَقٍ وَطْأَ المُقَيَّدِ نابت الْهَرْمِ «2»
وَجّ: وادي الطائف. قال:
يا سَقْيَ وَجّ و جُنُوب وجّ و احتلّه غَيْثٌ دِرَاكُ الثَّجِّ
و المراد غَزاة حُنين.
و حُنين: وادٍ قِبَلِ وَجّ، لأنها آخر غَزاة أوقع بها رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم علي المشركين. و أما غَزْوتَا الطائف و تَبُوك فلم يكن فيهما قِتال.
و وجْهُ عطف هذا الكلام علي ما سبقه التأسّفُ علي مفارقة أَوْلادِه لقُرْبِ وفاته؛ لأن
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (روح).
(2) البيت من الكامل، و هو للحارث بن وعلة في الدرر 3/ 62، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 206، و لزهير بن أبي سلمي في لسان العرب 12/ 607 (هرم)، و ليس في ديوانه، و بلا نسبة في لسان العرب 1/ 197 (وطأ)، و همع الهوامع 1/ 188.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 163
غَزْوَه حُنَيْن كانت في شوال سنة ثمان و وفاته في شهر ربيع الأول من سنة إحدي عشرة.
كأنه قال: و إنكم لمن رَيْحان اللّٰه، و أَنَا مُفَارِقُكُم عن قريب.

[جبب]

*: قال له رجل: إني مَرَرْتُ بِجَبُوبِ بَدْرٍ، فإذا أنا برجل أبيض رَضْرَاض، و إذا رجلٌ أسود بيديه مِرْزَبَةٌ «1» من حَدِيد، يضربه بها الضَّرْبةَ بعد الضَّرْبةِ فيغيب في الأرْض، ثم يبدو رَتْوَةً، فيتبعه فيَضْرِبه فيغيب، ثم يبدو رَتْوَة. فقال: ذاك أبو جهل، يُفْعل به ذلك إلي يوم القيامة.
الْجَبُوب: ما غَلُظَ من وجه الأرض، و قيل للمدَرة: جَبُوبة؛ لأنها قِطْعَةٌ من الجَبُوب.
و منها
حديثه: إنه قال لرجل يقْبُرُ ميّتاً: ضَعْ تلك الجَبوبةَ موضع كذا.
الرَّضْرَاض: الذي يترضرض لنعمته و كَثْرَة لحمه، يقال: بَدَن رَضْرَاض، و كَفَل رَضْرَاض.
المِرْزَبة و الإرْزَبَّة: المِيتَدة «2»، من رزَب علي الأرض و رَزَم: إذا لزم فلم يَبْرَح قال:
*ضَرْبُكَ بالمِرْزَبَةِ الْعُودَ النَّخِرْ «3»
* الرَّتْوَة: قربُ المسافة، من قول الماشي: رَتوتُ رَتْوَة إذا مشي مشياً قليلًا، و منه رَتَوْت الدَّلْو: إذا مَدَدْتُها بِرِفْقٍ، و رَتَا برأسه، و هو شِبْه الإيماءِ.

[جبي]

: قال سلَمة بن الأكوع: قَدِمْنا مع رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم [بئر] الحُدَيبية، فقعد علي جَبَاها فسقَيْنَا و اسْتَقَيْنَا، ثم إن المشركين راسُّونا الصُّلْحَ، حتي مشي بعضُنا إلي بعض فاصطلحنا.
الجِبَا: بالفتح ما حول البئر، و بالكسر: ما جُمع في الحوض من الماء.
رَاسُّونا: فاتحونا، من قولهم: بلغني رَسٌّ مِنْ خَبَر، و رَسُّ الحمي و رَسيسُها: أول ما تَمَسّ.

[جبجب]

: عبد الرحمن رضي اللّٰه عنه- لمَّا بَدَا له أَنْ يُهَاجر أودع مُطْعِم بن عديّ جُبْجُبَة فيها نَوًي من ذهب.
هي زَنْبيل من جلود.
______________________________
(4) (*) [جبب]: و منه حديث زنباع: أنه جبَّ غلاماً له. و منه الحديث: إن الإسلام يجب ما قبله، و التوبة تجب ما قبلها. و منه حديث علي: رأيت المصطفي صلي اللّه عليه و سلم يصلي و يسجد علي الجبوب. النهاية 1/ 233، 234.
(1) المرزبة: عصية من حديد.
(2) الميتدة: المرزبة التي يضرب بها الوتد.
(3) لسان العرب (رزب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 164
و منها
حديثُ عروة: كانت تموتُ له البقرة فيأمرُ أن تُتَّخَذ من جِلْدِها جَبَاجِب.
النوي: جمع نواة، و هي قِطْعَةٌ وزنُهَا خمسةُ دراهم، سُمِّيَتْ بنَوَاةِ التمرة.

[جبي]

: ابن مَسْعود رضي اللّٰه عنه- قال: و ذكر النفخ في الصور فيقومون فيُجَبّون تجبِيَةَ «1» رَجُلٍ واحد قياماً لرب العالمين.
قيل لكل واحد من الراكع و الساجد: مُجَبٍّ، لأنه يجمعُ بانحنائه بين أَسْفَل بطنه و أَعالي فَخِذَيه.

[جبأ]

: أُسَامة رضي اللّٰه عنه- ذكر سَرِيَّةً خرج فيها قال: فصبَّحْنا حيًّا من جُهينة فلما رأَوْنا جَبَئُوا من أَخْبِيَتِهم، و انفرد لي و لصاحب السَّرِيَّة رجلٌ، فأشرع عليه الأنصاريُّ رُمْحَه و سجد، فالتفت و قال: لَا إله إلا اللّٰه، فرفع عنه الأَنصاريُّ و أَدْرَكتُه فقتلتُه. فقال رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم: أ قتلت رجلًا يقول: لا إله إلا اللّٰه؟
قال أسامة: فلا أُقاتل رجلًا يقول: لا إله إلا اللّٰه حتي ألقاه.
فقال سعد: و أنا لا أُقاتلهم حتي يُقاتلهم ذو البُطَيْن. و كان لأسامة بطن مُنْدَحّ.
و روي أنه كان في سريّة أميرُها غالب بن عبد اللّٰه، و أنهم قد أحاطوا ليلًا بحاضِرٍ فَعْمٍ، و قد عَطَّنُوا مواشيَهُم، فخرج إليهم الرِّجال فقاتلوا ساعةً، ثم ولَّوْا، قال أُسامة: فخرجتُ في أَثَر رجل منهم فجعل يتهكَّمُ بي حتي إذا دنوتُ منه و لَحَمْتُه بالسيف «2» قال: لا إله إلا اللّٰه، فلم أُغْمِد عنه سيفي حتي أوردته شَعُوب «3».
جبَئُوا: خرجوا، يقال: جبأَ عليه الأَسْودُ من جُحْره، و جبأَتْ عليه الضَّبُع من وِجَارها:
و هو الخروج من مَكْمَن.
فرفع عنه: أي رُمْحَه أو يدَه، فَحذَف لأنه مفهوم.
الضمير في أَلقاه يرجع إلي اللّٰه في قوله: لا إله إلا اللّٰه.
أراد بذي البُطَيْن: أُسامة لِاندِحاحِ بَطْنِه، و هو اتِّساعه و استِفَاضَتُه. و منه: اندحَّ الكَلأ.
الحاضر: الحيُّ إذا حضر، و الدَّار التي بها مجتمعهم. قال:
في حاضِرٍ لِجَبٍ بالليل سامرهُ فيه الصَّوَاهِلُ و الرَّاياتُ و العَكَرُ «4»
و هو أيضاً خلافُ البَادِي في قوله:
لهم حاضِرٌ فَعْمٌ وَ بَادٍ كأَنَّهُ قَطِينُ الإِلهِ عزَّةً و تَكَرُّمَا «5»
و قد يُقال أيضاً للمكان المحضور: حاضر، فيقولون: نزلنا حاضر بني فلان.
______________________________
(1) جبب الرجل: إذا مضي مسرعاً فاراً من شي‌ء، و جبّي (بتشديد الباء) بالمعني نفسه.
(2) لحمته بالسيف: ضربته بالسيف.
(3) الشعوب: المنية.
(4) البيت في لسان العرب (حضر).
(5) البيت في لسان العرب (حضر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 165
الفَعْم: الضَّخْمُ الجمُّ.
عَطَّنُوا «1»: من العَطَن.
التهكّم: الاستهزاء و الاستخفاف.
لَحَمْتُه: ضَرَبْتُه. و معناه أصبت لحمه.
شَعُوب: علم للمنيّة، كذُكاء للشمس؛ و قد يدخل عليها لام التعريف فيقال: أدركته الشَّعوب؛ و هي حينئذ صفةٌ غالبة إذا لم تَدْخل عليها اللّام انصرفت، فقيل: أدركته شَعُوبٌ.
كقولك: منيّةٌ و مُصيبة، و هي من الشَّعب بمعني التَّفريق.

[جبب]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- نهي عن الجُبِّ. قيل: و ما الْجُبُّ؟ فقالت امرأة عنده: هو المَزَادَة يُخَيَّطُ بعضُها إلي بعض، و كانوا يَنْتَبِذُون فيها حتي ضَريت.
هي من الجَبّ، و هو القطع؛ لأنها التي فُريت لها عِدّة آدِمَة.
و عن الأصمعي في المزادة هي التي تُفْأَم بجلدٍ ثالث بين الجلدين لتتّسع، و تُسَمَّي المَجْبُوبة أيضاً.
و يقال: اسْتَجَبَّ السِّقاءُ: إذا غَلُظ و ضَرِي، و معناه صار جُبًّا، كاستَحْجَر الطين.

[جبي]

: جابر- كان اليهودُ يقولون: إذا نكَحَ الرجلُ امرأةً مُجَبِّيَة جاء وَلَدُه أحولَ؛ فنزلت: نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة: 223] غير أن ذلك في صِمَام واحد- و روي في سِمَامٍ.
أي مُكِبَّةً علي الوجه.
الصِّمَام: ما يُسدّ به الفرْجَة، فسمِّي به الفَرْج. و يجوز أن يكون معناه في مَوْضع صمام.
و السِّمَام: السُّم، يقال: سُمّ الإبرة و سِمَامها، و يجوز أن يكون الصاد بدلًا من السين شاذًّا عن القياس؛ أعني أنه ليس بعدها أحدُ الحروف الأربعة التي هي الغين و الخاء و القاف و الطاء، كما شذَّ صَلْهب «2» في معني سَلْهَب.

[جبل]

: عِكْرِمة- كان يسأله خالد الحَذَّاء، فسكت خالد، فقال له: مَا لَك أَجْبَلْت؟
أي انقطعت، و أصله أَنْ يبلغ مِعْوَلُ الحافر الجبلَ و لا يَعْمَل.

[جبب]

: مسروق رضي اللّٰه عنه- المُمْسِك بطاعة اللّٰه إذا جَبَّبَ الناسُ عنها كالكارِّ بعد الفارِّ.
التجبيب: الفرار البليغ بغاية الإِسراع.
المَجْبُور في (بص). و جَبَروّةٌ في (عف). جُبَار في (عج). و لا تُجَبُّوا في (عش). من
______________________________
(1) عطنوا مواشيهم: أراحوها.
(2) الصلهب من الرجال: الطويل، و كذلك السلهب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 166
أَجبي في (أب). مُجبّأَة في (قص). و جَبَّار القُلوب في (دح). في جِبْوته في (حب). من الجِبْت في (طي). جُبّ طَلْعَةٍ في (جف).

الجيم مع الثاء

[جثي]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- مَنْ دَعَا دُعَاءَ الجاهِلِيَّة فهو من جُثَي جهنّم.
أي من جماعاتها.
و الجُثْوَة: ما جُمِعَ من تراب و غيره، فاسْتُعِيرت.
و
روي جُثِيّ
، و هو جمع جَاثٍ؛ من قوله تعالي: حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا [مريم: 68].

[جثم]

*: نهي عن المُجَثَّمَةِ.
و هي البهيمة تُجَثَّمُ ثم تُرْمَي حتي تُقْتَل.
فجثثْتُ في (جا). تجثّمها في (جف).

الجيم مع الحاء

[جح]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم. مَرَّ بامْرَأَةٍ مُجِحٍّ، فسأل عنها، فقالوا: هذه أَمَةٌ لفلان. فقال:
أَ يُلِمُّ بها؟ فقالوا: نعم. فقال: لقد هَمَمْتُ أن أَلْعَنه لَعْناً يَدْخُل معه في قبره؛ كيف يستخدمه و هو لا يحلّ له؟ أم كيف يُوَريه و هو لا يَحِلُّ له؟
الْجُحّ: جِرْو الحَنْظَل و البطِّيخ، فشُبّه به الجنين، فقيل للحامل: مُجِحّ.
الضمير في يَسْتَخْدِمُه و يُوَرِّثه راجعٌ إلي الولد، و هو في الموضعين يرجعُ إلي الاستخدام و التَّوْريث.
و المعني: أن أمره مُشْكِل إِن كان وَلَدَه لم يحلّ له استعبادُه، و إن كان ولدَ غيره لم يحلّ له توريثه.

[جحف]

*: خُذُوا العطاءَ ما كانَ عطاءً، فإذا تَجاحفت قريشٌ عن المُلكِ، و كان عن دين أحدكم فدَعوه.
______________________________
(1) (*) [جثي]: و منه الحديث: من دعا يا لفلان فإنما يدعو إلي جثا النار. و منه حديث ابن عمر: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاً. و منه حديث علي: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي اللّٰه تعالي. النهاية 1/ 239.
(2) (*) [جثم]: و منه الحديث: فلزمها حتي تجَثَّمها. النهاية 1/ 239.
(3) (*) [جح]: و منه الحديث: إن كلبة كانت في بني إسرائيل مجحاً، فعوي جراؤها في بطنها. النهاية 1/ 240.
(4) (*) [جحف]: و منه في حديث عمر: أنه قال لعدي: إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة. النهاية 1/ 241.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 167
أي تقاتلت من الإِجحاف، و يقال: الجَحْفُ: الضَّرْبُ بالسيف. و المجاحفة المُزَاحفة.
عن دين أحدكم: أي مجاوزاً لدين أَحدكم مُبَاعِداً له.

[جحر]

*: عائشة- إذا حاضت المرأةُ حَرُم الْجُحْرَانِ.
المعني: أن أحدهما حَرَام قبل المحيض، فإذا حاضت حُرِّمَا معاً، و قيل الجُحْرَانُ و الجُحْر، كعُقْبِ الشهر و عُقْبَانه.

[جحام]

: مَيْمونة- كان لها كلبٌ، فأَخَذَهُ داءٌ يقال له الْجُحَام؛ فقالت: وَا رَحْمَتَا لِمِسْمَار!
هو داءٌ يأخذ في رُءُوس الكلاب، فتُكْوَي بين أَعينها، و في عيون الأناسيّ فتَرِم.
مِسْمَار: اسمُ كلبها.

[مجحجح]

: الحسن- اسْتُؤْذِن في قتال أهل الشام حين خرج ابنُ الأشْعَث، فقال في كلامٍ له: و اللّٰه إنها لعُقوبة، فما أدري أَ مُسْتَأْصِلَةٌ أم مُجَحْجِحَة؟ فلا تستقبلوا عقوبةَ اللّهِ بالسيف و لكن بالاسْتِكانة و التضرُّع.
أراد أم متوقّفة كافَّةٌ عن الاستئصال، يقال: جَحْجَحَ عن الأمر و حَجْحَج عليه: إذا لم يُقْدِم عليه.
جُحَيْمر في (عش). جُحّظ في (سح). و لا جَحْراء في (طم). فاجْتَحَفَها في (صب).
الجَحِيم في (قع). فجَحْجِحْ في (جخ).

الجيم مع الخاء

[جخي]

: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم- كان إذا سجد جَخَّي.
أي تقوَّس ظهره، مُتَجَافياً عن الأرض، من قولهم: جخَّي الشيخ: إِذا انحني من الكِبر. قال:
*لَا خَيْرَ في الشيخ إذا ما جَخَّي
* و
روي: جَخّ
: أي فَتح عَضُديه- و
روي: كان إذا صلَّي جَخَّ.
و فُسّر بالتحوّل من مكان إلي مكان.

[جخف]

: ابن عُمر- نام و هو جالس حتي سُمِع جَخِيفُه، ثم قام فصلَّي و لم يتوضأ.
جَخَف النائم: إذا نفخ و زادَ علي الغَطِيط.

[جخجخ]

: في الحديث: إن أَرَدْتَ العِزّ فجَخْجِخ في جُشم.
______________________________
(1) (*) [جحر]: و منه في صفة الدجال: ليست عينه بناتئة و لا حجراء. النهاية 1/ 240.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 168
أي صِحْ فيهم و نَادِهم. و قيل: احْلَل في مُعْظمهم و سَوَادهم؛ كأنه ليلٌ قد تَجَخْجَخ:
أي تراكمت ظلمتُه. قال الأغلب:
إنْ سَرَّك العِزُّ فجَخْجِخْ في جُشَمْ أَهْلِ الْعَدِيدِ و البناءِ و الكَرَمْ
و روي بالحاء؛ أي توقّف فيهم. و من روي: فجحجح بحشم، فهو من قولهم:
جَحْجَحْتُ بفلان؛ أي أتيت به جَحْجَاحا: سيِّداً.
مَجْخِيًّا في (عر). جخراء في (طم).

الجيم مع الدال

[جد]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم-
كتب معاوية إلي المغيرة بن شُعبة: أن اكتب إليَّ بشي‌ء سمعتَه من رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. فكتب إليه: إني سمعتُه يقول إذا انْصَرف من الصلاة: لٰا إِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ* وحدَه لٰا شَرِيكَ لَهُ..، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ هُوَ عَليٰ كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ.
اللهم لا مانعَ لِما أَعْطَيْتَ، و لا مُعْطِي لما منَعْتَ، و لا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الْجَدّ و روي: لما أَنْطَيت، و لا مُنْطي.
الجَدّ: الحظّ، و الإقبال في الدنيا. و الْجُدّ- بالضم: الصفة، و مثله الْحُلو و المُرّ، و ناقة عُبْر أَسْفار.
و منه
قوله صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم: قمت علي باب الجنة فإذا عامَّةُ مَنْ يدخلها الفقراءُ، و إذا أَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبوسون.
منك: من قولهم: هذا مِن ذاك؛ أي بدل ذاك، و من قوله:
*فليتَ لنا من ماء زمزم شَرْبةً «1»
* أي بدل ماء زمزم. و منه قوله تعالي: وَ لَوْ نَشٰاءُ لَجَعَلْنٰا مِنْكُمْ مَلٰائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ [الزخرف: 60]. و المعني: أن المحظوظ لا ينفعه حظُّه بذلك، أي بدَل طاعتك و عبادَتك. و يجوز أن تكونَ مِن علي أصلِ معناها؛ أعني الابتداء، و تتعلّق إما بينفع و إما بالجَدّ.
و المعني: المجدود لا ينفعه منك الجد الذي مَنَحْتَه، و إنما ينفعه أن تمنحه اللطف و التوفيق في الطاعة، أو لا يَنْفع مَنْ جَدُّه منك جَدُّه، و إنما ينفعه التوفيقُ منك.
______________________________
(2) (*) [جد]: و منه في حديث الدعاء: تبارك اسمك و تعالي جدّك. و في حديث الأضاحي: لا يُضَحَّي بجدَّاء.
و منه حديث علي في صفة امرأة: قال: إنها جدَّاء. و في حديث أبي سفيان: جُدَّ ثديا أمك. و في حديث ابن عمر: كان لا يبالي أن يصلي في المكان الجدد. النهاية 1/ 244، 245.
(1) عجزه:
مبرَّدَةً باتَتْ علي طهيانِ
و البيت من الطويل، و هو للأحول الأزدي أو الكندي في خزانة الأدب 5/ 276، 9/ 453، و لسان-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 169
الإِنطاء: الإِعطاء بلُغَة بني سَعْد.

[جدل]

*: إني عند اللّٰه مكتوبٌ خاتم النبيين، و إن آدم لمُنْجَدلٌ في طِينَته.
انجدلَ: مطاوع جدَله، إذا أَلقاه علي الأَرْض، و أصلُه الإِلقاء علي الجَدَالة و هي الأرض الصُّلبة، و هذا علي سبيل إنابة فَعّل مَنَابَ فَعَل، و قد سبق نظيره.
الطّينة: الخِلْقة، من قولهم: طانَه اللّٰه علي طِينتك، و الجارُّ الذي هو «في» ليس بمتعلِّقٍ بمنجدل، و إنما هو خبرٌ ثان لإن؛ و الواو مع ما بعدها في محل النصب علي الحال من المكتوب.
و المعني كتِبْتُ خاتمَ الأنبياء في الحال التي آدم مطروحٌ علي الأرض، حاصلٌ في أثناء الخلقة، لمّا يُفْرَغْ من تصويره و إجراء الرُّوح فيه.

[جداد]

: نهي صلي اللّه عليه و سلم عن جِدَادِ اللَّيْلِ و عَنْ حَصاد الليل.
هو بالفتح و الكسر: صَرَام النخل، و كانوا يَجُدّون بالليل و يحصدون خشيةَ حضور المساكين و فراراً من التصدّق عليهم؛ فُنهوا عن ذلك بقوله تعالي: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ [الأنعام: 141].

[جاد]

: أوصي من خَيْبر بجادِّ مائةِ وَسْقٍ للأَشْعَرِيّين، و بجادِّ مائة وَسْقٍ للشَّنَائيِّين.
أي بنخل يُجَدُّ منه مائةُ وَسْق من التمر، و هو من باب قولهم: ليلٌ نَائم.
و منه
حديثه: اربطوا الفرس فمن رَبَط فرساً فلَه جادُّ مائةٍ و خمسين وَسْقاً.
قيل: كان هذا في بَدْءِ الإسلام، و في الخيل إذْ ذَاك عِزَّة [و قلّة].
الشَّنَئي: منسوب إلي شَنُوءة، بحذْفِ الواو و فتح العين، و هكذا النَّسبة إلي كل ما ثالثُه واو أو ياء ساكنة و في آخره تاء تأنيث، كقولهم: عَضَبِيّ و حَنَفيّ نسبهم إلي بني عَضُوبة و بني حنيفة.
و روي للشَّنَوِيّين، و هذا فيمن خفّف شنوءة بقلب همزتها واواً.

[جداء]

: أبو بكر الصديق رضي اللّٰه عنه- إن قومَ خُفَاف بن نَدْبَة السُّلَمِي ارتدّوا، و أَبَي أن يرتدّ، و حَسُن ثباتُه علي الإِسلام؛ فقال فيه شعراً قوافيه ممدودة مقيدة:
ليس لشي‌ء غيرِ تَقْوي جَدَاءْ و كلُّ خَلْقٍ عُمْرُه لِلْفَناءْ
______________________________
- العرب 13/ 128 (حمن) 15/ 17، 18 (طها)، 477 (ها)، و معجم البلدان 3/ 329 (شدوان) 4/ 52 (طهيان)، و لأعرابية في جمهرة اللغة ص 1313، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1237، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 300، 605، و معجم ما استعجم ص 399، و يروي «شدوان» بدل «طهيان».
(1) (*) [جدل]: و منه الحديث: ما أوتي قوم الجدل إلا ظلُّوا. و منه حديث ابن صياد: و هو منجدل في الشمس. النهاية 1/ 247، 248.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 170
إنَّ أبا بكر هو الغيثُ إذ لم تُرْزِغ الأمطارُ بَقلًا بماءْ
المُعْطِيَ الْجُرْدَ بأَرسانها و الناعجاتِ المُسْرِعات النَّجَاءْ
و اللّهِ لا يدركُ أيامَه ذو طُرّةٍ نَاشٍ و لا ذُو رِدَاءْ
مَنْ يَسْعَ كي يدركَ أَيامَه يجتهِدُ الشدَّ بأرضٍ فضاءْ «1»
الجَدَاء: من أَجْدي عليه، كالغَنَاءِ من أغني عنه.
الإِرزاغ: البلَّ البليغ، و منه الرَّزَغة «2»، و هي الرَّدْغَة.
المعطِيَ: نصب علي المدح.
الناعجات: الإِبل السِّراع، و قد نَعَجت، و قيل: الكِرَام الحسان الألوان، من النَّعَج.
يجتهد الشدّ: أي يجتهده، و يبلغ أقصي ما يمكن منه، من قولهم: اجتهد رأيه.

[جدب]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- جَدَب السَّمَر بعد العَتَمة.
الجَدْبُ: العَيْبُ و التنفُّص، قال:
*و من وَجْهٍ تَعَلَّلَ جادِبُه «3»
* و منه الجَدْب.

[الجدح]

*: خرج إلي الاسْتسْقَاءِ، فصعد المنبر فلم يَزِدْ علي الاسْتِغفار حتي نزل، فقيل له: إنك لم تَسْتَسْقِ. فقال: لقد استسقيتُ بمجَادِيح السماء.
هو جمع مِجْدَح: و هو ثلاثةُ كواكب كأنها أُثْفِيَّة، فشُبِّه بالمِجْدَح، و هو خشبَة لها ثلاثة أعيار يُجْدَح بها الدواء: أي يُضْرَب، و القياسُ مَجَادح، فزيدت الياء لإشباع الكسرة، كقولهم: الصياريف و الدَّراهيم. و هو علي قياس قول سيبويه جَمْعٌ علي غير واحد.
و المِجْدَح عند العرب من الأنواءِ التي لا تكادُ تخطي‌ء، و إنما جمعه، لأنه أراده و ما شاكلَه من سائرِ الأنواء الصَّادقة.
______________________________
(1) الأبيات في الكامل للمبرد 1/ 145، و لسان العرب (جدا) و (رزغ).
(2) الرزغة: الطين الرقيق و الوحل.
(4) (*) [جدب]: و منه في حديث الاستسقاء: هلكت الأموال و أجدبت البلاد. النهاية 1/ 243.
(3) تمامه:
فيا لك من خد أسيل و منطقٍ رخيمٍ و من وجهٍ تعلل جادبه
و البيت لذي الرمة في ديوانه ص 43.
(5) (*) [جدح]: و منه حديث علي: جَدَحوا بيني و بينهم شرباً و بيئاً. النهاية 1/ 243.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 171
و المعني: أنّ الاستغفار عندي بمنزلة الاستسقاء بالأَنواء الصادقة عندكم؛ لقوله تعالي:
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كٰانَ غَفّٰاراً يُرْسِلِ السَّمٰاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرٰاراً [هود: 52].

[جدف]

*: سأل المفقودَ الذي اسْتَهْوَته الجنّ: ما كان طعامهم؟ قال: الفول، و ما لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ. قال: فما كان شرابُهُم؟ قال: الْجَدَف.
جاء في الحديث: إنه ما لا يُغَطَّي من الشراب
، كأنه الذي جُدِف عنه الغطاء: أي نُحِّي، و جُدف من قولهم: رجل مَجْدُوف الكُمَّيْن، إذا كان قصيرَ الكُمَّين محذوفهما، و جدفت السماء بالثلج [و جدَفت]: رَمَتْ به، و قيل: هو كل ما رُمِي به عن الشراب من زَبَد أو قَذَي. و قيل: هو نبات إذا رعَتْهُ الإِبلُ لم تحتج إلي الماء، كأنه يجدف العطش.
إنْ رُفِع طعامُهم و شرابُهم كان «ما» في محل النصب، و الفعل خال من الضمير؛ و التقدير: أي شي‌ءٍ كان طعامُهم أو شرابُهم. و إنْ نُصِبا كان في محلِّ الرفع، و في الفعل ضميرُه. و التقديرُ: أي شي‌ء كان هو طعامهم أو شرابهم، و الجدَف جائز فيه الرفع و النصب.

[جدل]

: علي عليه السلام- وقف علي طَلْحة يَوْمَ الجَمَل و هو صَريع، فقال: أعْزِزْ عَلَيَّ أَبا محمد أَنْ أَراك مُجَدَّلًا تحت نجُوم السماء في بطون الأَوْدية، شَفَيْتُ نَفْسِي، و قتلتُ مَعْشَرِي! إلي اللّٰه أشكو عُجَرِي و بُجَرِي!
المجدّل: المَطْرُوح.
العُجَر: العُقد في العَصَب، و منه عُجَر العَصَا.
و البُجَر: العروق المتعقِّدة في البطن خاصّة، و قيل: العُجَر النُّفَخ في الظُّهور، و البُجَر في البطون، فوُضِعَتْ موْضع الهموم و الأَشْجَان علي سبيلِ الاستِعارة.

[جدي]

*: سَعْد- رميتُ يوم بَدْرٍ سُهَيل بن عمرو، فقطعتُ نَسَاه فانبعثَتْ جَدِية الدم.
هي أول دَفْعَةٍ منه.

[جدد]

: ابن عمر- كان لا يُبالي أن يصلِّيَ في المكان الْجَدَد و البَطْحَاءِ و التراب.
الجَدَد: المستوي الصُّلْب.
و البَطْحَاء: المَسِيل الذي فيه حَصي صِغار.
[جدد]:
أنس- كان الرَّجُلُ إذَا قَرَأ البقرة و آل عمران جَدَّ فينا.
______________________________
(1) (*) [جدف]: و منه الحديث: لا تجدفوا بنعم اللّٰه. النهاية 1/ 247.
(2) (*) [جدي]: و منه الحديث: أُتي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم بجدايا و ضغابيس. النهاية 1/ 248.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 172
أي عظُم فيما بيننا. و منه جَدُّ اللّٰه و هو عَظَمته.

[جدل]

: معاوية رضي اللّٰه عنه- قال لصَعْصَعَة بن صُوحان: أنْتَ رجلٌ تتكلم بلِسانك، فما مرَّ عليك جَدَّلْتَه، و لم تنظر في أَرْزِ الكلام و لا اسْتِقَامته.
فقال له صَعْصَعة: و اللّٰه إني لأَتْركُ الكلامَ حتي يَخْتَمِر في صَدْري، فما أُزْهِفُ به، و لا أُلْهِبُ فيه، حتي أُقوِّم أَوَدَه، و أَنْظر في اعْوِجَاجه، فآخذ صَفْوَه، و أَدَع كدره.
أراد أنه يتكلم بكلِّ ما يعنّ له من غير رَوِيَّة؛ فشبّهه بالصائد الذي يُرْمِي، فيُجَدِّل كل ما أَكْثبه من الوحش المارَّة عليه.
الأَرْز: من قولك: أَرَز الشي‌ءُ: ثبت في مكانه فاجتمع. و منه: الآرِزة؛ و المراد الْتِئام الكلام.
الإِزْهاف: الاستقدام، يقال: أَزْهَفْت قُدْماً؛ يعني ما أقدِّمه قبل النظر فيه. و يجوز أَن يكونَ من أَزْهَف فلان في الحديث، إذَا زاد فيه و قال ما ليس بحقّ، و قد صحَّف من رواه بالرَّاءِ.
و الإِلهاب: الإِسراع.
عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- قالت في العقِيقة: تذبح يَوْم السابع، و تُقَطَّعُ جُدُولًا، و لا يُكْسَر لها عَظْم.
أي أعضاء تامة.
قال المبرّد: الجَدْل: العَظْم يُفْصَل بما عليه من اللحم.
يوم السابع: أي يوم الليل السابع.

[جدف]

: كعب رضي اللّٰه عنه- شرُّ الحديث التَّجْدِيف.
هو كُفْرَان النعمة و استِقْلَالها، و حقيقته نسبةُ النِّعْمَة إلي التقاصر؛ من قولهم: قميص مَجْدُوف الكُمَّيْنِ.
و منه
الحديث: لا تجدِّفُوا بنعم اللّٰه.
و منه
حديث الأوزاعي: سُئِل رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أيُّ العملِ شرٌّ؟
قال: التَّجْدِيف. قيل: و ما التَّجْدِيف؟ قال: أن يقولَ الرجل: لَيْس لي و ليس عِندي؛ لأن جُحُودَ النِّعْمَةِ من كُفْرانها.

[جديلة]

: مجاهد- قال في تفسير قول اللّٰه تعالي: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَليٰ شٰاكِلَتِهِ [الإسراء: 84]: علي جَدِيلته.
هي الطريقة و الناحية. و قال شَمِر: ما رأيت تصحيفاً أشْبه بالصواب مما قرأَ مالك بن
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 173
سليمان [عن مجاهد في تفسير قوله تعالي: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَليٰ شٰاكِلَتِهِ. أي علي جديلته]؛ فإنه صحَّف قوله: علي جَدِيلته، فقال: علي حَدٍّ يَلِيهِ.

[جد]

: ابن سيرين رحمه اللّٰه- كان يختار الصلاة علي الجُدِّ إن قدرَ عليه، فإن لم يقدر [عليه] فقائماً، فإن لم يَقْدِرْ فقاعداً.
الجُدّ بمعني الجُدَّة: و هي الشاطي‌ء، يعني أنَّ راكب السفينة يُصَلِّي علي الشاطي‌ء فإن لم يَقْدِر صلَّي في السفينة قائماً و إلا فقاعداً.
عطاء- قال في الجُدْجُد يموت في الوَضوء: لا بَأْسَ به.
هو صَرَّارُ الليل، و فيه شَبَه من الجَرَاد، قال ذو الرمة:
كأنّا تُغَنِّي بيننا كلّ لَيْلَة جَدَاجِدُ صَيْفٍ من صَرِير الأواخر «1»

[جدجد]

*: في الحديث: فوَرَدْنَا علي جُدْجُدٍ مُتَدَمِّن.
قيل: هو البئر الكَثِيرة الماء.
أَوْ جَدْعاء في (شر). وجَداً في (حي). وجَداية في (ضغ). الجَدْرُ في (شر) يُجَادُونه في (مص). جَادِسَة في (خم). الجديد في (صل).

الجيم مع الذال

[جذم]

*: النبي صلي اللّه تعالي عليه و سلم- من تعلَّم القرآنَ ثم نَسِيَه لَقِي اللّٰه تعالي و هو أَجْذم.
أي مَقْطُوع اليد.
و منه
قول عليّ عليه السلام: مَنْ نكَثَ بَيْعَتَه لَقِي اللّهَ و هو أَجْذَم، ليست له يَد.
و قيل: الأَجْذَم و المجْذُوم و المجذَّم: المصاب بالجُذَام، و قيل: هُوَ المنقطع الحجّة.

[جذع]

*: في حديث المبعث- إن ورقة بن نَوْفَل قال: يا ليتني فيها جَذَعْ.
______________________________
(1) البيت ليس في ديوان ذي الرمة.
(2) (*) [جدجد]: و منه في حديث عطاء: الجُدْجُد يموت في الوضوء قال: لا بأس به. النهاية 1/ 244.
(3) (*) [جذم]: و منه الحديث: لا تديموا النظر إلي المجذومين. و في حديث الأذان: فعلا جذم حائط فأذَّن.
و منه حديث حاطب: لم يكن رجل من قريش إلا و له جذم مكة. و منه الحديث: أنه أُتي بتمر من تمر اليمامة فقال: ما هذا؟ فقيل الجذامي، فقال: اللهم بارك في الجذامي. النهاية 1/ 252، 253.
(4) (*) [جذع]: و منه حديث الضحية: ضحينا مع رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم بالجذع من الضأن و الثني من المعز. النهاية 1/ 251.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 174
أراد ليتني في نُبُوّته شابٌّ أقوي علي نُصرته، أو ليتني أدركتُها في عَصْر الشّبيبة، جذع حتي كنتُ علي الإسلام لا عَلَي النصرانية.

[جذعم]

علي عليه السلام- أسلم و اللّٰه أبو بكر و أنا جَذْعَمَة، أقول فلا يُسْمَع قولي، فكيف أكونُ أحقَّ بمقام أَبي بكر؟
هي الجَذَعة، و الميم زائدة للتوكيد، كالتي في زُرْقم و سُتْهُم. و في التاء وجهان:
أحدهما المبالغة، و الثاني التَّأنيث علي تأويل النّفس أو الجُثّة.

[جذذ]

*: أمر نَوْفاً البِكَاليّ أن يَأْخُذَ من مِزْوَدِه جَذِيذاً.
هو السَّوِيق، لأنه يجذّ، أي يُكَسَّرُ و يُجَشّ، و الشزبةُ منه: جَذِيذة.
و منها حديث أَنس رضي اللّٰه عنه:
قال محمد بن سيرين: أَصْبحنَا ذاتَ يومٍ بالبَصْرة و لا نَدْرِي علي ما نحن عليه من صَوْمِنا، فخرجتُ حتي أتيتُ أَنس بن مالك، فوجدتُه قد أخذ جَذِيذةً كان يأخذُها قبل أن يَغْدُو في حاجته ثم غدا.
يجوز أن تكون ما استفهامية قد دخل عليها الجار، و أبقيَتْ كما هي غير محذوفة الألف و إن كان الحذف هو الأكثر استعمالًا، و عليه زائدة للتوكيد. و يجوز أن تكون موصولة، و يُجْرَي نَدْرِي مُجْرَي نطلع و نقف؛ فيعدّي تَعْدِيته.

[جذر]

*: حذيفة رضي اللّٰه عنه- حدّثنا رسولُ اللّٰه صلي اللّه تعالي عليه و سلم حديثين قد رأيتُ أحدَهما و أنا أَنْتَظِرُ الآخر: حدَّثَنا أنَّ الأَمانة نزلت في جَذْرِ قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعلّموا من القرآن و علّموا من السنة. ثم حدثنا عن رَفْع الأمانة فقال: ينامُ الرجل النومةَ فتُقْبَض الأمانةُ من قلبه، فيظلّ أثرها كأَثر الوَكْت، ثم ينامُ النَّوْمة فتُقْبض الأمانةُ من قلبه، فيظلّ أثرها كأَثر المَجْل، كجَمْرٍ دَحرَجْته علي رِجْلك تَرَاه مُنْتَبِراً و ليس فيه شي‌ء، و لقد أتي عليّ زمانٌ و ما أُبالي أيكم بايعْتُ، لئن كان مسلماً ليردنّه عليّ إسلامُه، و لئن كان يهودياً أو نصرانياً ليردنّه عليَّ سَاعِيه، فأما اليومَ فما كنتُ لأِبايع إلَّا فلاناً و فلاناً.
الجِذْر- بالفتح و الكسر: الأصل. قال زُهَير:
و سامِعَتَيْن تَعْرفُ العِتْقَ فِيهِما إلي جَذْرِ مَدْلوكِ الْكُعُوبِ مُحَدَّدِ «1»
الفرق بين الوَكْت و المَجْل: أن الوَكْت: النُّقَطَ في الشي‌ء من غير لَوْنه، يقال: بعَيْنه وَكْتَة، و وَكَتَ البُسْرُ: إذا بدت فيه نقطُ الإِرْطاب.
______________________________
(2) (*) [جذذ]: و منه: أنه قال يوم حنين: جذُّوهم جذاً. و منه حديث علي: أصول بيد جذَّاء. النهاية 1/ 250.
(3) (*) [جذر]: و منه في حديث الزبير: احبس الماء حتي يبلغ الجذر. و حديث عائشة: سألته عن الجذر، قال: هو الشاذروان الفارغ من البناء حول الكعبة. النهاية 1/ 250.
(1) البيت في ديوان زهير بن أبي سلمي ص 226.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 175
و المَجْل: غِلظَ الْجِلدِ من العَمل لا غَيْر، و يدلُّ عليه قوله: تراه مُنْتَبِراً: أي منتفخاً و ليس فيه شي‌ء.
بايعت: من البيع.
الساعي: واحد السُّعَاة: و هم الوُلاة علي القوم؛ يعني أن المسلمين كانوا متحقّقين بالإِسلام فيتحفظون بالصِّدْق و الأَمانة، و الملوكُ ذوي عدل؛ فما كنتُ أُبالي مَنْ أُعامل؛ إن كان مسلماً رَجَعه إليَّ بالخروج عن الحق عمله بمقتضي الإِسلام، و إن كان غَيْرَ مسلم أَنْصَفَني منه الوَالي.

[جذل]

*: الحُبَاب- قال يوم سَقِيفَةِ بني ساعدة حين اختلف الأنصار في البيعة: أنا جُذَيْلُها المحكَّك، و عُذَيْقُهَا المرجَّب، منا أميرٌ و مِنْكم أَمير.
الجِذْل: عودٌ يُنْصَب للإِبل الجَرْبي تحتكُّ به فتستشفي.
و المحكَّك: الذي كَثُر به الاحتكاك حتي صار مُمَلّساً.
و العَذْق: بالفتح: النخلة.
و المرجّب: المَدْعُوم بالرُّجْبَة؛ و هي خَشَبَة ذات شُعْبتين؛ و ذلك إذا طال و كَثُرَ حمله.
و المعني: إني ذُو رَأْي يُسْتَشْفَي بالاستضاءة به كثيراً في مثل هذه الحادثة، و أنا في كثرة التجارب و العِلْم بموارد الأَحوال فيها و في أمثالها و مصادِرها كالنخلة الكثيرة الحمل، ثم رَمَي بالرأي الصائب عنده، فقال: مِنّا أميرٌ و منكم أمير.

[جذم]

: قتادة- قال في قوله تعالي: وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ [الأنفال: 42]. أبو سفيان انجذم بالعير فانطلق في رَكْب نحو البحر.
أي انْقَطَعَ بها عن الجادَّة نحو البحر.
و المُجْذِية في (خو). يتجاذَوْن في (رب). بجِذْل في (شي). و الجَذْم في (مص).
و الْجَذعَة في (ثغ). حِسْمَي جُذَام في (كف).

الجيم مع الراء

[جرجر]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم- من شرب في آنيةِ الذهب و الفضة فكأنما يُجَرْجِرُ في جَوْفه نارَ جهنم.
أي يردّدها فيه، من جَرْجَر الفحلُ: إذا ردّد الصوت في حنجرته.
______________________________
(1) (*) [جذل]: و منه الحديث: يبصر أحدكم القذي في عين أخيه، و لا يبصر الجذل في عينه. و منه حديث سفينة: أنه أشاط دم جزور بجذْل. النهاية 1/ 251.
(2) (*) [جرجر]: و منه الحديث: يأتي الحب فيكتاز منه ثم يُجَرجر قائماً. النهاية 1/ 255.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 176‌

[جرر]

*: ما مِنْ عبد ينام بالليل إلّا علي رأسه جَرير معقود، فإن هو تَعَارَّ، و ذكر اللّٰه حُلَّت عُقْدَةٌ، فإن هو قام و توضّأ و صلّي حُلَّت عقدة
- و
روي: يَعْقِدُ الشيطان علي قافيةِ رأس أحدِكم ثلاثَ عُقد، فإذا قام من الليل فتوضّأ و صلّي انحلّت عقدة.
هو حبلٌ من أَدَم.
تعَارّ: سهر بصَوْتٍ، و منه عِرار الظَّليم و هو صِياحُه.
و في معناه:
حديث ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما: مَنْ أَصْبَحَ علي غَيْرِ وِتْرٍ أصبح و علي رأسه جَرِيرٌ سبعون ذِرَاعاً.
و من الْجَرير
قوله صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم لبني عبد المطلب و هم ينزعون علي زَمْزَم: انزِعوا علي سِقَايتكم، فلولا أنْ يغلبكم الناسُ عليها لنَزَعْتُ معكم حتي يُؤَثِّرَ الْجَرِيرُ بظَهْري.
و منه
الحديث: إن رجلًا كان يَجُرّ الجرِيرَ فأصاب صَاعَيْنِ من تَمْر، فتصدَّق بأحدهما فلَمزه المنافِقون.
معناه: أنه كان يستقي الماء.
القافية: القَفَا.
قالت عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: نصبتُ علي باب حُجْرَتي عَباءة، و علي مجَرِّ بَيْتِي سِتْراً مَقْدَمَه من غزوة خَيْبَر أو تَبُوك، فدخل البيتَ فهتك العَرْصَ حتي وقع إلي الأرض.
المجرّ و العَرْص واحد، و هما الجائز الذي تُوضع عليه أطراف العَوَارض.
و روي بالضّاد و قيل: لأنه يوضَعُ علي البيت عَرْضاً، و يقال: عرَّضت السقف تَعْريضاً.
مَقْدَمَه: نُصِب علي الظرف، أي وقت مَقْدَمه.

[جرف]

*: ليس لابْنِ آدمَ حقٌّ فيما سوي هذه الخِصَال: بَيْتٌ يُكِنُّه، و ثَوْبٌ يُوَاري عَوْرته، و جِرَفُ الْخُبْزِ، و الماء- و يروي: جِلَف.
و هما جمع جِرْفَة و جِلْفَة؛ و هي الكِسْرَة، من جرفَتْه السَّنَة و جَلَفَتْه.
الخِصال: الخِلال، و ليست الأشياء المذكورة بخِلَال، و لكنَّ المراد إكْنَان بيت،
______________________________
(1) (*) [جرر]: و منه الحديث: قال يا محمد بمَ أخذتني؟ قال: بجريرة حلفائك. و منه حديث لقيط: ثم بايعه علي أن لا يجر عليه إلا نفسه. و الحديث: لا تجارّ أخاك و لا تشارَّ. و منه الحديث: أجرَّ لي سراويلي.
و منه الحديث: لا صدقة في الإبل الجارّة. و في حديث ابن عباس: المجرَّة باب السماء. و منه حديث أم معبد: فضرب ظهر الشاة فاجترَّت و درَّت. و في حديث الشبرم: أنه حارٌّ جارٌّ. و في حديث الأشربة:
أنه نهي عن نبيذ الجر. و منه حديث علي: أنه كان ينهي عن أكل الجرّيّ و الجريت. النهاية 1/ 258، 259، 260.
(2) (*) [جرف]: و منه في الحديث: الطاعون الجارف. النهاية 1/ 262.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 177
و مُوَاراة ثَوْب، و أكلُ جِرَف، و شُرب ماء؛ فَحذَف ذلك، كقوله تعالي: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 81].
و
روي: كلُّ شي‌ء سوي جِلْف الطعام، و ظلّ بيتٍ، و ثَوْبٍ يَسْتر- فَضْلٌ
- بسكون لام جِلف.
و قيل: هو الخُبْز اليابس غير المأْدُوم. و أنشد:
الفَقْر خَيْرٌ مِنْ مَبِيتٍ بِتُّهُ بِجُنُوبِ زَخَّةَ عِنْدَ آلِ مُعَارِكِ «1»
جَاءُوا بجِلْفٍ مِنْ شَعِير يَابِسٍ بَيْنِي و بَيْنَ غُلَامِهِم ذِي الْحَارِكِ

[جري]

: لا تُجَارِ أخاكَ و لا تُشَارِه.
أي لا تُطَاوِلْهُ و لا تغالبه فِعْلَ المُجَارِي في السباق.
و المشارَاة: الملاجّة، و منها: اسْتِشْراء الفرس في عَدْوِه. و رُوِيا مشدَّدين، و قيل:
المجارَّة من الجرير، و هو أن يَجْنِيَ كلّ واحدٍ منهما علي صاحبه، و قيل: المُماطَلة و أَن يلوِيَ بحقه و يجرّه من وقت إلي وقت. و المشارَّة من الشر.
دخلت امرأةٌ النار من جَرَّا هِرَّةٍ لم تُطْعِمها حتي ماتَتْ هزلًا.
أي من أَجلها. قال أبو النجم:
*فَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ من جَرَّاها «2»

[جرن]

*: قال عمرو بن خارجة الأشعري: شهدتُ مع رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم حِجّةً، و كنت بينَ جِرَانِ ناقتِه، و هي تَقْصَع بجِرَّتها، و لُغامُها يَسِيلُ بين كَتِفيّ.
و هو من العُنقِ: ما بين المذبح إلي المنحر.
______________________________
(1) في لسان العرب (جلف) «القفز» بدل الفقر.
(2) بقيته:
واهاً لسلمي ثم واهاً واها
و الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 168، و له أو لأبي النجم في المقاصد النحوية 1/ 123، 3/ 636، و لأبي النجم في شرح التصريح 2/ 197، و شرح شواهد المغني 1/ 129، و شرح المفصل 4/ 72، و لسان العرب 13/ 563 (ويه)، 14/ 345 (روي)، و له أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455، و بلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 363، 486، و شرح شواهد المغني 2/ 786، و شرح عمدة الحافظ ص 967، و شرح قطر الندي ص 257، و اللامات ص 125، و مجالس ثعلب ص 275، و مغني اللبيب 2/ 369، و المقاصد النحوية 4/ 311.
(3) (*) [جرن]: و منه حديث عائشة: حتي ضرب الحق بجرانه. و في حديث الحدود: لا قطع في ثمر حتي يؤويه الجرين. و منه حديث أُبيّ مع الغول: أنه كان له جرن من تمر. النهاية 1/ 263.
الفائق في غريب الحديث/ ج 1/ م 12
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 178
القَصْع: المَضْغ بعد الدَّسْع؛ و هو نَزْع الجِرَّة من الكَرِش إلي الفَم، يقال: دسعَتْ بجرِّتها ثم قصَعت بها.
اللُّغام: الزبد و لغَمَ البعيرُ: رَمَي به.

[جرف]

: أبو بكر رضي اللّٰه عنه- مرَّ بالناس في مُعَسكرهم بالْجُرْف، فجعل ينسب القبائل، حتي مرَّ ببني فَزَارة، فقام له رجلٌ منهم، فقال له أبو بكر: مَرْحباً بكم. قالوا: نحن يا خليفةَ رسول اللّٰه أَحْلاسُ الخيلِ، و قد قُدْنَاها معنا. فقال أبو بكر: باركَ اللّهُ فيكم.
الجُرْف: مَوْضع، و أصله ما تجَرَّفَتْهُ السيولُ من الأَودية.
يَنسِبُ القبائل: من قولهم: نسَبتُ فلاناً إذا قُلْتَ: ما نَسَبُك؟ قال أبو وجْزة:
*ما زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كلَّ صَادِقةٍ «1»
* أي يُشْخِصن القطا فيقول: قَطَاقَطا؛ فجعل ذلك نسباً له.
حِلْس الدابة: كالمِرْشَحة يكون تحت اللِّبْد، فيشَبّهُ به الرجل اللازم لظَهْرِ الفرس.

[جرد]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- تجرَّدُوا بالحجِّ و إنْ لم تُحْرِموا.
أي جيئوا بالحجّ مُفْرَداً، و إن لم تَقْرِنُوا الإِحرام بالعمرة؛ يقال: جرَّدَ فلانٌ الحجَّ و تجرَّدَ به: إذا أَفْرَدَه و لم يَقْرِنْه بالعُمْرَة.
أتي مسجد قُبَاء، فرأي فيه شيئاً من غبَار و عنكبوت؛ فقال لرجل: ائتني بجَرِيدةٍ و اتَّقِ العَوَاهين. قال: فجِئْتُه بها فربط كُمَّيه بوَذَمَة، ثم أخذ الجريدةَ، فجعل يتتبَّع بها الغُبَار.
الجريدة: السَّعفة التي جُرِّد عنها الخوص؛ أي قُشِر.
العَوَاهن: ما يلي القِلَبة من السَّعف، و إنما نهي عنها لئلا يضرّ قطعُها القِلَبة.
الوَذَمَة: السَّير.

[جرمز]

: كان يأْخذ بيده اليمني أُذنه اليسري ثم يجمع جَرَامِيزه و يَثِبُ، فكأنما خُلِقَ علي ظَهْر فرسه.
______________________________
(1) عجزه:
باتت تباشر عُرْماً غير أزواج
و البيت في لسان العرب (عرما).
(2) (*) [جرد]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: أنه كان أنور المتجرَّد. و منه الحديث: أهل الجنة جُرْد مُرْد. و حديث أنس: أنه أخرج نعلين جرداوين. و في حديث أبي بكر: ليس عندنا من مال المسلمين إلا جُرْد هذه القطيفة. و منه الحديث: كتب القرآن في جرائد. و في حديث ابن أبي حدرد: فرميته علي جريداء متنه.
النهاية 1/ 256، 257.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 179
أي أطرافه. و منه تجَرْمَز الرجلُ و اجْرَنمز: إِذا اجتمع و تقبَّض، و هو جمع لم يُسْمَع واحِدُه، كالعبادِيد و الحذَافِير، و قيل: الْجُرْمُوز: الرُّكبة، فإن صحَّ كان المعني أنه جمع رُكبتيه و ما يتصل بهما.
و منه
حديث المُغيرة: إنه لما بُعِثَ إلي ذي الحاجِبَيْن قال: قالت لي نفسي: لو جمعتَ جَرَاميزك، فوثبتَ و قعدتَ مع العِلْج

[جرر]

: عبد الرحمن- قال الحارث بن الصِّمَّة: رأيتُه يوم أُحُد في جَرِّ الْجَبَل فعَطَفْت إليه.
هو أَسفله. قال:
*و قد قَطَعْتُ وَادِياً و جَرّا
* و كأنه ما انْجَرَّ علي الأرض من سَفْحِه. و قولهم: ذَيْل الجَبَل. يَحْتَجُّ له.

[جرد]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- جرِّدُوا القُرْآنَ ليَرْبُوَ فيه صَغِيرُكمْ، و لا يَنْأَي عَنْهُ كَبِيرُكم؛ فإنَّ الشيطانَ يخرجُ من البيت تُقْرَأُ فيه سورةُ البقرة.
قيل: أراد تجريدَه عن النُّقَطِ و الْفَوَاتح و العُشور لئلَّا ينشأ نَشْ‌ءٌ فيُرَي أنها من القرآن.
و قيل: هو حثٌّ علي ألَّا يُتَعلم معه غيرُه من كتب اللّٰه، لأنها تُؤْخَذ عن النصاري و اليهود، و هم غيرُ مأمونين.
و
قيل: إن رجلًا قرأَ عنده، فقال: أستعيد باللّٰه من الشيطان الرجيم، فقال: ذلك.
و فيه وجهٌ أُسلوبُ الكلام و نظمه عليه أدَلّ: و هو أَنْ يجعل اللام من صلة جَرِّدوا، و يكون المعني: اجعلوا القرآن لهذا، و خُصُّوه به، و اقْصُروه عليه دون النِّسْيان و الإِعراض عنه، من قولهم: جُرّد فلانٌ لأمر كذا و تجرَّد له.
و تلخيصه: خصُّوا القرآن بأَنْ يَنْشأَ علي تعلّمه صغاركم و بألَّا يتباعد عن تِلَاوَته و تدَبُّره كباركم؛ فإنّ الشيطانَ لا يَقرّ في مكان يُقْرَأُ فيه.

[جرش]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- لو رأيتُ الوعول تَجْرِش ما بين لَابَتَيْهَا ما هِجْتُهَا و لَا مِسْتُهَا؛ لأنَّ رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم حرَّم شجرها أن تُعْضَد أو تُخْبَط.
أي تُرْعي و تُقْضم، و الأصل فيه جَرَش الملح و غيره؛ و هو ألَّا يُنْعَمَ دَقُّه فهو جَرِيش، ثم استُعير لموضع القَضْم.
و أما الْجَرْس فهو أن ينقر الطيرُ الحبّ فيُسْمَع له جَرْسٌ أي صوت، و منه: نحل جَوَارس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 180
اللَّابَتَان: حَرَّتا المَدينة.
مِسْتُهَا: أي مَسِستُها. و فيه وجهان: أَحَدُهما أن تَحْذِف السين و تُلْقِي حركتَها علي الميم. و الثاني: أن تحذفَها حذفاً من غير أن تُلقيها عليها فتقول: مَسْتها بالفتح، و مثله ظِلْتُ و ظَلْت في ظَللت.

[جرر]

: ابن عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما- شهد فتحَ مكة، و هو ابنُ عشرين سنة، و معه فرسٌ حَرُون، و جمل جَرُور، و بُرْدَةٌ فَلوت، و رُمْح ثقيل؛ فرآه رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، و هو يَخْتَلِي لفرسه، فقال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إن عبد اللّٰه، إن عبد اللّٰه.
الْجَرُور: لا ينقاد كأنه يَجُرُّ قَائده، أو يُجَرُّ بالشَّطَن جَرًّا.
الفَلُوت: التي لا تنضمّ عليه لصِغرها، كأنها تنفلت عنه.
يَخْتَلِي: يَجْتَزّ الخَلَي؛ و هو الرَّطْب، و لامُه ياء لقولهم: خَلَيْت الخلي. قال ابن مُقْبِل:
تَمَطَّيْتُ أَخْلِيهِ اللِّجَامِ و بَذَّنِي و شَخْصِي يُسَامي شَخْصَه و يُطَاوِلُه «1»
أي أجْعَل اللجام في فيه مكان الخَلي.
إن عبد اللّٰه، إن عبد اللّٰه: يجوز أَن يكونا جملتين محذوفتي الخبر، و يجوز أن تكون الثانية خبراً كقولهم: عبدُ اللّٰه عبدُ اللّٰه.

[جرد]

: عائشة رضي اللّٰه عنها- رأتِ امرأةً شلَّاء؛ فقالت: رأَيتُ أُمِّي في المنام، و في يدها شَحْمَةٌ، و علي فَرْجها جُرَيْدَةً، و هي تَشْكُو الْعَطَش، فأردتُ أن أسقيَها، فسمعتُ منادِياً يُنَادي: أَلا مَنْ سقاها شلّت يمينُها، فأصبحتُ كما تَرَين.
تصغير جَرْدة: و هي الْخِرْقة الخَلَقَ؛ من قولهم: ثوبٌ جَرْد.

[جرجم]

*: وهب رحمه اللّٰه- قال طالوتُ لِدَاود: أنتَ رجلٌ جَري‌ءٌ، و في جبالنا هذه جَرَاجمَةٌ يَحْتَربون الناسَ.
هم اللّصوص، من جَرْجَمَهُ: إذا صرَعه؛ و قياس الواحد جَرْجمي.
يَحْتَربون: يستلبون؛ من حَرَبته: إذا أخذتَ ماله.

[جرمز]

: الشعبي رحمه اللّٰه- قال سُوَيد: قلت له: رجلٌ قال إن تزوجتُ فلانة فهي
______________________________
(1) عجز البيت في لسان العرب (خلي) يُروي:
و شخصي يسامي شخصه و هو طائلُه
(2) (*) [جرجم]: في حديث قتادة، و ذكر قصة قوم لوط: ثم جرجم بعضها علي بعض. النهاية 1/ 255.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 181
طالق. قال: هو كما قال. قلت: إن عِكْرمة يزعم أن الطَّلاقَ بعد النكاح. قال: جَرْمز مَوْلي ابن عباس.
أي حادَ عن الصواب، و نكص.
الحسن رحمه اللّٰه تعالي- قال عيسي بن عمر: أقبلتُ مُجْرَنْمِزاً حتي اقْعَنْبَيْتُ «1» بين يديه، فقلت: يا أبا سعيد؛ ما قولُ اللّٰه: وَ النَّخْلَ بٰاسِقٰاتٍ لَهٰا طَلْعٌ نَضِيدٌ [ق: 10]؟ قال:
هو الطِّبِّيع في كُفرَّاه.
أي مُتَقَبِّضاً.
اقْعَنْبَيت: استوفزتُ جاعلًا يديّ علي الأرض.
الطِّبِّيع: لبّ الطَّلع، سُمّي لامتلائه، من قولك: هذا طِبع الإِناء؛ أي ملؤه، و طَبَّعَ القربةَ.
و الكُفُرّي: قِشْرُ الطلع.

[جرح]

*: عبد الملك- قال في خطبته: و قد وعَظْتُكم فلم تزدادوا علي الموعظة إِلّا اسْتِجْرَاحاً.
هو استفعال من الْجَرْح؛ و هو الطعن علي الرجل و ردّ شهادته؛ أي لم تزدادوا إلا فساداً تستحقُّون به أن يُطْعن عليكم، كما يُفْعَل بالشاهد.
و منه
قول ابن عَوْن رحمه اللّٰه: اسْتَجْرَحَتْ هذه الأَحَاديث.
أي كثُرَت حتي دَعَتْ أهلَ العلم إلي جَرْح بَعْضها.
و لا يستَجْرِينكم في (جف). بيده جريدة في (زو). جَرَدِية في (ري). مُجَرَّسة في (سر). جُرْداً في (سق). في موضع الجَرِير في (غف). من الجريمة في (عذ). المتجرّد في (شذ). و جُرْثمتها في (بر). جراثيم العَرَب في (رك). حارّ جارّ في (شب). جرنَهُمَا في (صر). اجرد في (قع). و أَجرٍ في (قن). و لا يَجُرّ عليه في (هض). جَرَّسَتْك الدهور في (حن). و لم تُجَرد في (سر). ثم جَرْجم في (لو). ثم يُجَرْجرُ في (كو). جُرُزاً في (دو).
علي جِرَّته في (حن). بجريعة الذقَن في (كف). بجَرِيرة حلفائك في (عض). جراثيم في (رف).
______________________________
(1) الأقعنباء: الجلوس.
(2) (*): [جرح]: و منه الحديث: العجماء جرحها جبار. و منه حديث بعض التابعين: كثرت هذه الأحاديث و استجرحت. النهاية 1/ 255.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 182‌

الجيم مع الزاي

[جزأ]

*: النبي صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم- قال لأبي بُرْدَة بن نِيَار في الْجَذَعة التي أَمَره أن يُضَحِّي بها: و لا تَجْزِي عن أحدٍ بعدك.
أي لا تُؤَدِّي عنه الوَاجبَ و لا تَقْضِيه، من قوله تعالي: لٰا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً* [البقرة: 28]. و إنما وضع الجزاءَ موضعَ الأداء؛ لأن مُكافأة الصنيع كقضاءِ الحقّ.

[جزر]

*: أَمَر بإخْراج اليهود و النصاري من جزيرة العرب.
قال الأَصْمَعي: هي من أقصي عَدَنِ أَبَين إلي رِيفِ العراق في الطول. و أما العَرْضُ فمن جُدَّة و ما وَالاها مِنْ ساحل البَحْرِ إلي أطراف الشام. و قيل: ما بين حَفَر أبي موسي إلي أَقْصي اليمن في الطّول.
و أما العَرْض فما بين رَمْل يَبْرِين إلي مُنْقَطَع السَّماوَة.
و قيل: سُمِّيت جزيرة؛ لأن البحرين: بَحْرَ فارس و بَحْرَ الحبش، و الرَّافِدَايْنِ قد أحاطت بها.

[جزأ]

: قال عليّ رضي اللّٰه تعالي عنه في وصف دُخوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم:
كان دُخوله لنفسه، مَأذُونٌ له في ذلك، فكان إذا أوي إلي منزله جزَّأَ دخوله ثلاثة أجزاء:
جزءاً للّه، و جزءاً لأهله، و جزءاً لنفسه. ثم جزَّأ جُزْأَهُ بينه و بين الناس، فيردُّ ذلك بالخاصَّة علي العامّة، و لا يدَّخر عنهم شيئاً.
يريدُ أنَّ العامةَ كانت لا تَصِل إليه في منزله، و لكنه كان يُوَصِّل إليها حظَّها من ذلك الجزء بالخاصَّة التي تَصِل إليه فتُوصِله إلي العامَّة.
لنفسه: مِنْ صلة الدخول.
و مأْذون: خبر مبتدأ محذوف، و الجملة في موضع خبر كان؛ و يجوز أن يَسْتَتِرَ في كان ضميرُ الشَّأْن، و يرتفع الدخول بالابتداء و مأْذون خبره، و يجوز أن يكونَ لنفسه خبر كان، و مأذون خبر مبتدأ محذوف، و الجملةُ لا محلّ لها؛ لأنها بدل عن قوله كانَ دخولُه لنفسه.
______________________________
(1) (*) [جزأ]: و منه الحديث: الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستة و أربعين جزءاً من النبوة. و منه: أنه صلي اللّه عليه و سلم أُتي بقناع جَزْء. النهاية 1/ 265، 266.
(2) (*) [جزر]: و منه الحديث: أنه بعث بعثاً فمرُّوا بأعرابي له غنم، فقالوا: أجزرنا. و منه حديث الضحية:
فإنما هي جزرة أطعمها أهلها. و في حديث الزكاة: لا تأخذوا من جزرات أموال الناس. و فيه: أنه نهي عن الصلاة في المجزرة و المقبرة. و منه حديث عمر: اتقوا هذه المجازر. و في حديث الضحية: لا أعطي منها شيئاً في جُزَارتها. و في حديث جابر: ما جزر عنه البحر فكل. و منه الحديث: إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرة العرب. النهاية 1/ 267، 268.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 183‌

[جزع]

*: وقف علي وادي مُحَسِّر، فقَرَع رَاحِلته، فَخَبَّتْ حتي جَزَعه.
أَي قطعه عَرْضاً، و منه جزْع الوادي.

[جزل]

*: ذكر خروج الدجَّال و أنه يدعو رجلًا ممتلئاً شابّاً، فيضربُه بالسيف فيَقْطَعه جِزْلَتَينِ، رَمْيَةَ الغَرَض، ثم يدعوه فيُقْبِلُ يتهلّلُ وجهه يَضْحَك.
أي قِطعتين، يقال: ضرب الصيدَ فجَزَله جِزْلَتَيْن: إذا قطعه باثْنَتَيْن.
رَمْيَةَ الغَرَض: يريد أن بُعْدَ ما بين القِطعتين رَمْيَة غَرض، و تقدير الكلام كأنه قال:
فيفصلُ بين نصفيه فَصْلًا مثل رَمْيَة الغَرَضِ؛ لأنه معني قوله: فيقطعه جزْلتين، أو فيفصل بين نِصفيه واحد.

[جزر]

: قال: لا يحلُّ لأَحدٍ منكم مِنْ مال أخيه شي‌ء إلا بطِيب نفسه. فقال له عَمْرو بن يَثْرِبي: يا رسول اللّٰه؛ أرأيتَ إن لقيتُ غنمَ ابنِ عَمِّي أَجْتَزِرُ منها شاةً؟ فقال: إن لقيتَها نعجة تَحْملُ شَفْرة و زِناداً بخَبْتِ الْجَمِيش فلا تَهجها.
اجتزارُ الشاة: اتخاذها جَزَرَة، و هي من الغنم كالجَزُور من الإِبل.
خَبْت: عَلَمٌ لصحراء بين مكة و الحجاز. قال [جُنْدُب]:
زَعَم العواذِلُ أن ناقة جُنْدُب بُجَبُوبِ خَبْتٍ عُرِّيت و أجمَّت
و امتِناعُ صَرْفها للتأنيث و العلَمية، و يجوز أن تُصْرَف لسكون الوسط.
و الجَمِيش: صفة لها، فعيل بمعني مفعولة، من الْجَمش و هو الحلق، كأنها حُلِق نباتها.
و يجوز أن تُضَاف خَبْت إلي الجميش. و الجمَيش: النبات.
و المعني: إنك إن ظفرتَ بشاة ابن عمك، و هي حاملة ما تحتاج إليه في ذَبحها و اتخاذها من سكّين و مِقْدحة، و أنت مُقْوٍ في أَرْضِ قَفْرٍ فلا تتعَرَّض لها.
عمر رضي اللّٰه عنه- أَتَاهُ رجلٌ بالمُصَلَّي عامَ الرَّمادة مِن مُزَيْنَة، فشكا إليه سُوءَ الحال، و إشرافَ عِياله علي الهلاك؛ فأَعْطاه ثلاثة أَنيابِ جزَائر، و جعل عليهن غرائر، فيهنَّ رِزَمٌ من دقيق، ثم قال له: سِرْ فإذا قدمت فانْحَر ناقةً فأَطْعِمْهم بوَدَكها و دقيقها و نَوِّز. فلبثَ حيناً، ثم إذا هو بالشَّيخ المُزَنيّ فسأله فقال: فعلتُ ما أمرتَني به، و أتي اللّهُ بالحَيَا، فبِعْتُ ناقتين، و اشتريتُ للْعِيال صُبَّةً من الغم فهي ترُوح عليهم.
______________________________
(1) (*) [جزع]: و منه حديث مسيره إلي بدر: ثم جَزَع الصفيراء. و منه حديث المقداد: أتاني الشيطان فقال: إن محمداً يأتي الأنصار فيتحفونه، ما به حاجة إلي هذه الجُزَيْعَة. و في حديث عائشة: انقطع عقدٌ لها من جزع ظفار. النهاية 1/ 269.
(2) (*) [جزل]: و منه حديث خالد: لما انتهي إلي العُزَّي ليقطعها فجزلها باثنتين. و في حديث موعظة النساء:
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 184
الجَزائر: جمع جَزُور، و هي الناقة قبل أن تُنْحَر، فإذا نحرت فهي جزُور- بالضم.
الرِّزْمة من الدقيق: نحو ثلث الغِرَارة و رُبعها، و هي من رَزَم الشي‌ءَ: إذا جمعه، كالقِطْعَة و الصِّرْمة من قطع و صَرم، و يقال أيضاً للثياب المجموعة و بقيّة التمر في الْجُلّة:
رِزْمَة.
نَوِّزْ: قَلِّل- عن شَمِرٍ.
الْحَيَا: الخصب، و لامُه ياءٌ، و هو من الحياة.
الصُّبَّة: ما بين العَشْر إلي الأربعين.
تسمية الناقة المسنّة بالنابِ لطول نابها، كما يُسَمَّي الطَّلِيعة عيناً؛ و الناب مذكَّر، فلُوحِظ الأصل حيث قيل: ثلاثة أنياب علي التذكير، كما قالوا في تصغيرها: نُيَيْب لذلك.

[جزي]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- اشتري من دُهْقَان أرضاً علي أَنْ يَكْفِيَه جِزْيَتَها.
الْجِزْيَة: الخَرَاج الذي ضُرِب علي الكفّار جزاؤه؛ أي أداؤه، فاستُعيرت لخِرَاج الأَرْضِ المحتوم أداؤه.
و المعني أنه شرط عليه أن يؤدّي عنه الخراجَ في السنة التي وقع فيها البَيْع.

[جزع]

: أبو هُريرة رضي اللّٰه عنه- كان يُسَبِّحُ بالنَّوَي المجَزَّعِ
- و روي بالكسر.
قيل: هو الذي حُكّ بعضه حتي ابيضَّ، و تُرِك الباقي علي لونه، فصار علي لَوْن الْجَزْع، و كل ما اجتمَع فيه سَوَاد و بياض فهو مجزَّع. و منه: جَزَّع البُسْر، إذا أرطَبَ إلي نِصْفِه.
و المعني أنه اتخذ سُبْحَة من النَّوي يسبِّح بها.

[جزر]

: خَوَّات رضي اللّٰه عنه- خرجت زمن الخَنْدق عَيْناً إلي بني قُرَيظة، فلما دنوتُ من القوم كَمَنْتُ و رَمَقْت الحصونَ ساعةً، ثم ذَهَبَ بي النومُ فلم أشعر إلّا برجل قد احْتَملني، فلما رَقِي بي إلي حُصُونهم قال لصاحب له: أَبْشِر بجَزَرَةٍ سمينة، فتناوَمْت، فلما شُغِل عني انتزعتُ مِغْولًا كان في وَسَطه، فوَجَأْت به كَبده، فوقَع ميِّتاً.
هي الشاة المعدّة للجَزْر؛ أي الذبح.
المِغْوَل: شبه الخَنْجر يشدّه الفاتك علي وسَطَه للاغتيال.
______________________________
- قالت امرأة منهن جَزْلة. و منه الحديث: اجمعوا لي حطباً جزلًا. النهاية 1/ 270.
(1) (*) [جزي] [جزا]: و منه حديث عمر: إذا أجزيت الماء علي الماء جَزَي عنك. و منه الحديث: الصوم لي و أنا أجزي به. و منه الحديث: من أخذ أرضاً بجزيتها. النهاية 1/ 270، 271.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 185‌

[جزّ]

*: قتادة رحمه اللّٰه- قال في اليتيم: تكونُ له الماشيةُ يقومُ وَليُّه علي صلاحها و علاجها، و يُصيب من جِزَزِها و رِسْلها و عَوَارضها.
جمع جِزَّة، و هي ما جُزّ من صوفِ الشَّاةِ. يقال: أعطني جِزَّةً أو جِزَّتَيْن، أي صُوفَ شاةٍ أو شاتين؛ و فلان عاضٌّ علي جِزَّةٍ: إذا كان عظيم اللّحْيَة.
الرِّسل: اللّبن.
العَوَارِض: جمع عارض، و هو ما عَرضَ له داءٌ فذُكِّي. يقال: بنو فلان يأكلون العَوَارض.

[جزم]

: النَّخَعي رحمه اللّٰه- التكْبِير جَزْمٌ، و القراءة جَزْمٌ، و التَّسليم جَزْم.
الْجَزْمُ: القطع، و منه قيل لضَرْبٍ من الكتابة: جزم؛ لأنه جُزِم عن المُسْنَد، و هو خَطُّ حِمْير، أي قُطِع عنه و أُخذ منه.
و المعني الإِمساك عن إشباع الحرَكات، و التعمّق فيها، و قطعها أصلًا في مواضع الوَقْف، و الإِضراب عن الهمز المُفْرِط، و المدِّ الفاحش، و أن يَخْتلس الحركة، و يَعمل علي طلب الاسترسال و التسهُّل في الجملة، و علي وَتيرةِ قول الأصمعي: إن العرب تَزُوفُ علي الإِعْرَاب و لا تَعَمَّقُ فيه.

[جزر]

: الحجاج- قال لأَنس بن مالك: و اللّٰه لأقلعنَّك قَلْع الصَّمْغَة، و لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضَّرَب، و لأَعْصبنَّك عَصْبَ السَّلَمة. فقال أنس: مَنْ يَعْني الأمير؟ قال: إياك! أَصمّ اللّٰه صَدَاك.
فكتب أنَس بذلك إلي عبدِ الملك. فكتب إلي الحجاج: يا بنَ المُسْتَفْرِمَة بحَبِّ الزَّبِيبِ؛ لقد هممتُ أن أَرْكُلك رَكْلةً تَهْوِي منها إلي نارِ جهم، قاتلَك اللّٰه أُخَيْفِش العينين، أَصكَّ الرجلين، أسودَ الجَاعِرتين.
جزْرُ الْعَسَلِ: انتِزاعُه من الخليّة و قطعه عنها، و منه جَزَرَ النَّخْل: إذا أفسده بقَطْعِ ليفه و شَحْمه.
و الضَّرَب: العسل الأبيض الغليظ، و قد اسْتَضْرَب، و هو يَسْهُل علي العامل استقصاءُ شَوْرِه، بخِلاف الرقيق فإنه يَنْمَاعُ و يسيل، و لو رُوِي الصَّرَب- بالصاد- و هو الصَّمْغُ الأحمر- لجادَتْ رِوَايته.
عَصْب السَّلَمة: ضمُّ أَغْصَانها بحبل ثم ضَرْبُها حتي يسْقط ورقها.
أصمَّ اللّٰه صدَاك: أي أهلكك حتي لا يكونَ لك صوتٌ يسمعه الصّدَي فيجيبه.
______________________________
(1) (*) [جزّ]: و منه في حديث ابن رواحة: إنا إلي جزاز النخل. و منه حديث حماد في الصوم: و إن دخل حلقك جزَّةٌ فلا يضرك. النهاية 1/ 268.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 186
المُسْتَفْرِمَة: من الفَرْم و الفَرْمَة، و هو شي‌ء كانتِ البغايا يتَّخِذْنَه من عَجَم الزَّبيب و من الأشياء العَفِصة للتَّضْييق، و هو التَّفْرِيم و التَّقْرِيبُ، و منه قول امري‌ء القيس يصف خيلًا:
*مُسْتَفْرِمَات بالحصَي جَوَافِلا «1»
* الرَّكْلَة: الرَّفْسة بالرجل. و منها: مَرْكَلا الفرس لموقعي رِجلي الفارسِ من جَنبيه.
الجاعِرتَان: حيث يَضْرِب الفرس أو الحمار بذَنَبه من فخذيه.

[جزا]

: ابن عمير رضي اللّٰه عنهما- إِن رجلًا كان يُدَاينُ الناسَ و كان له كاتب و متجازٍ، فكان يقول: إِذا رأيتَ الرجل مُعْسِراً فأَنْظِره، فغفرَ اللّٰه له.
أهل المدينة يسمون المُتقَاضي المُتَجازي، و يقولون: أمرتُ فلاناً يَتَجازَي دَيْنِي علي فلان.
أَجِزْرنَا في (عز). فَتَجزَّعُوها في (مل). فجزَّلها في (كن). فليَجْزِ في (عر). من جُزْئه في (حي). بقِناح جَزْءٍ في (قن).

الجيم مع السين

[جسس]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- إياكم و الظنَّ، فإن الظنَّ أكذبُ الحديث، وَ لٰا تَجَسَّسُوا، و لا تحسَّسُوا.
هو بالجيم: تعرُّف الخبر بتلطّف و نِيقة، و منه الجاسوس، و جسّ الطبيب اليَد، و بالحاء: تطلّب الشي‌ء بجاسَّة كالتسمُّع علي القوم.

[جسر]

: الشعبيَّ رحمه اللّٰه:
اجْسُرْ جَسارُ سَمَّيْتُكَ الْ فَشْفاشَ إنْ لَمْ تَقْطَعِ
جسَّار: فعَّال من الجَسارة، يعني سيفه، جعله عَلماً له.
و الفَشْفَاش: المتنفج الكذاب، و فشفش: أفْرَطَ في الكَذِب، و أصله فَشْفَشَة الوَطْب، و هي فشّه.
نَوْف رحمه اللّٰه تعالي- ذكر عُوجاً و قَتْل موسي له، قال: فوقع علي نيل مصر فجسَرَهم سَنَةً.
______________________________
(1) صدره:
يحملننا و الأَسَل النَّواهلا
و البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 134.
(2) (*) [جسس]: و منه حديث تميم الداري: أنا الجسّاسة. النهاية 1/ 272.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 187
أي اعترض علي النّيل، فعَقَد لهم من شَخْصه جَسْراً، من جَسر الجسر. إذا عَقَده، و الأصل فجسر لهم، فحُذِف الجارّ و أوصل الفعل كقوله:
*و لقد جنيتُك أكْمُؤَاً و عَسَاقِلا «1»
* و منه قول ذي الرمة:
فلا وَصْلَ إلا أن تُقَارِب بيننا قَلَائصُ يَجْسُرنَ الفَلَاة بنا جَسْرا
الجَسّاسة في (زو). جُسَاماً في (قح). الجَاسِد في (شن).

الجيم مع الشين

[جشش]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- أَوْلَم عَلَي بَعْضِ نِسَائِه بجَشِيشَةٍ.
هي الْحِنطَةُ المجشُوشَة تُطْبَخُ بلَحْم أَوْ تمْرٍ.

[جشب]

*: عمر رضي اللّٰه عنه-
قال حفص بن أبي العاص: كنا نأْكل عند عُمَر و كان يَجيئُنا بطعام جَشِبٍ غَليظ، فكان يأكل و يقول: كلُوا فكنا نُعَذّر.
الجَشِب: الغليظ الخَشن، و قد جَشُب جَشَابَة. و منه:
*تُولِيكَ كَشْحاً لَطيفاً لَيْسَ مِجْشَابَا «2»
* التّعذير: التقصير مع طلب إقامة العُذْر.
______________________________
(1) عجزه:
و لقد نهيتك عن بنات الأوبَرِ
و البيت من الكامل، و هو بلا نسبة في الاشتقاق ص 402، و الإنصاف 1/ 319، و أوضح المسالك 1/ 180، و تخليص الشواهد ص 167، و جمهرة اللغة ص 331، و الخصائص 3/ 58، و رصف المباني ص 78، و سر صناعة الإعراب ص 366، و شرح الأشموني 1/ 85، و شرح التصريح 1/ 151، و شرح شواهد المغني 1/ 166، و شرح ابن عقيل ص 96، و لسان العرب 2/ 21 (جوت)، 4/ 170 (حجر)، 385 (سور)، 622 (عير)، 5/ 271 (وبر)، 6/ 271 (جحش)، 11/ 7 (أبل)، 159 (حفل)، 448 (عقل)، 12/ 18 (اسم)، 14/ 155 (جني)، 15/ 309 (نجا)، و المحتسب 2/ 224، و مغني اللبيب 1/ 52، 220، و المقاصد النحوية 1/ 498، و المقتضب 4/ 48، و المنصف 3/ 134.
(3) (*) [جشش]: و منه حديث قس: أشدق أجشّ الصوت. و منه حديث جابر: فعمدت إلي شعير فجشته.
النهاية 1/ 273.
(4) (*) [جشب]: و منه الحديث: أنه صلي اللّه عليه و سلم كان يأكل الجشب من الطعام. النهاية 1/ 272.
(2) صدره:
قراب حضُنك لا بِكرٌ و لا نَصَفٌ
و البيت لأبي وجزة السعدي في لسان العرب (جشب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 188‌

[جشر]

*: عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- بلغني أنَّ أناساً منكم يخرجون إلي سَوَادِهم إمّا في تجارة و إما في جباية، و إما في جَشَر فيَقْصُرون الصلاة، فلا تفعلوا؛ فإنما يَقْصُر الصلاة مَنْ كان شاخصاً أو بحَضْرَة عَدُوّ.
الجَشَر: فَعَلٌ بمعني مفعول، و هو المال الذي يُجْشَر؛ أي يُخْرَج إلي المرعي فيُبَات فيه، و لا يُرَاح إلي البيوت، و يقال للذين يَجْشُرونه: جَشَر أيضاً، كأنه جمع جَاشِر.
و يقال: جَشَرَ المالُ عن أهله فهو جَاشِر و جشَر. و منه
قوله: لا يغرَّنَّكم جشَرُكُمْ مِنْ صَلَاتكم.
و ذلك أنهم كانوا يُطيلون الغيبةَ عن البيوت فيَرَوْنها سفَراً فيَقْصُرون الصَّلاة.
شاخصاً: أي مسافراً.
بحَضْرَةِ عَدُوّ: يعني أنه كان يَقْصُر و إن كان مقيماً إذا كان في قتالِ عدوّ.
و من الجَشَر
حديث صِلَة بن أَشْيمَ، قال: خرجت إلي جَشَرٍ لنا، و النخلُ سُلُب، و كنتُ سريعَ الاستجاعة، فسمعت وَجْبَةً فإذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّةُ رُطَب، فأكلت منها، فلو أكلت خبزاً و لحماً ما كان أشبعَ لي منه.
سُلُب: لا حَمْل عليها، الواحدة سَلِيب.
الاستجاعة: قوة الجوع، و استَجاع من جَاع، كاستعلي من عَلا، و اسْتَبْشَر من بَشِر.
الوَجْبَة: صوت السقوط.
السِّبّ: الثوب الرقيق. و قيل: الشُّقَّة البيضاء.
الدوْخَلّة: سَفِيفةٌ من خُوص «1».

[جشع]

*: مُعاذ رضي اللّٰه عنه لما خرج إلي اليمن شيَّعَه رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، فبكي مُعَاذ جَشَعاً لفِراق رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم.
أي جَزَعاً مع شدَّة حِرْصٍ علي الإِقامة معه.
تُجَشِّمُني فإني جاشِمُه في (لب).

الجيم مع الظاء

كل جَظّ في (ضع).
______________________________
(2) (*) [جشر]: و منه حديث ابن مسعود: يا معاشر الجشار لا تغتروا بصلاتكم. النهاية 1/ 273.
(1) سف الخوص: نسجه كأسفه (القاموس المحيط: سفف).
(3) (*) [جشع]: و منه في حديث جابر: ثم أقبل علينا فقال: أيكم يحب أن يُعرض اللّٰه عنه؟ قال: فجشعنا.
النهاية 1/ 273، 274.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 189‌

الجيم مع العين

[جعر]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم- نهي عن لونين من التمر: لون الْجُعْرُورِ، و لونِ الحُبَيْق.
الجعرور: ضرب من الدَّقَل، يحملُ أشياء صِغاراً لا خيرَ فيها.
و منه قيل لصغار الناس: جعارِير.
و الحُبَيْق: ضرب رديٌّ أيضاً. و المراد النهي عن أن يُؤْخذا في الصَّدقة.
و منه
حديث الزُّهْري: لا يأخذ المصدِّق الجُعْرُور، و لا مُصْرَان الْفَارَة «1»، و لا عَذْق حُبَيْق.
قال الأصمعي: عَذْقُ حُبيق و عَذْقُ ابن حُبَيق: ضَرْبٌ من الدَّقَل «2».

[جعف]

*: مَرّ مصعب بن عُمَير و هو مُنْجَعِفٌ فقال: رِجٰالٌ صَدَقُوا مٰا عٰاهَدُوا اللّٰهَ عَلَيْهِ.
جَعفْتُ الرجل: صَرَعتُه، فانجعَف.

[جعسس]

: بُعِث عثمان بن عفّان رضي اللّٰه تعالي عنه رسولًا إلي أَهل مكة، فنزل علي أَبي سفيان بن حرب، و بلَّغه رسالتَه، فقال أهلُ مكة لأبي سفيان: ما أتاك به ابنُ عمك؟
قال: أتاني بشرّ؛ سألني أن أُخَلِّيَ مَكَّةَ لجعَاسِيس مُضَر.
قال الأصمعي: الجُعْسُوس بالسين و الشين: وصفٌ بالقَمَاءَةِ و الصّغَر، و قيل بالسين:
اللئيم، و بالشين: الدقيق الطويل و قال الراعي:
ضعافُ القُوَي ليسوا كَمَنْ يبتني العُلا جعاسيسُ قَصَّارُون دون المَكَارمِ

[جعر]

: كان العباس رضي اللّٰه تعالي عنه يَسم إبله في وجوهها، فقال له رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: يا عمّ؛ إن لكل شي‌ء حُرْمة، و إن حُرْمةَ البَدَن الوجه. قال:
لا جرمَ يا رسول اللّٰه! لأباعدنَّ ذلك عنه. فكان يَسِمها علي جوَاعِرها.
قال المبرّد: للورك حروفٌ ستة؛ فحَرْفاها المُشْرِفان علي الخاصرتين: الحَجَبَتَان، و حَرْفاها المُشْرِفان علي الفخذين: الغُرَابان، و حرفاها اللذان يَبْتَدّان الذنب: الجَاعِرَتان.
______________________________
(3) (*) [جعر]: و منه في حديث العباس: أنه وسم الجاعرتين. و منه الحديث: أنه كوي حماراً في جاعريته.
و منه حديث عمر: إني مجعار البطن. النهاية 1/ 275.
(1) مطران الفارة: ضرب من التمر ردي‌ء.
(2) الدقل: أردأ التمر.
(4) (*) [جعف]: و منه الحديث: مثل المنافق مثل الأرزة المجدبة حتي يكون انجعافها مرة. النهاية 1/ 276.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 190‌

[جعل]

*: ابن عمر رضي تعالي عنها- ذُكِرَ عنده الْجَعائل، فقال: لا أَغْزُو علي أجْرٍ، و لا أَبيع أَجْرِي من الْجِهَاد.
جمع جعَالَة بالفتح و الكسر أو جعَيلة؛ و هي جُعْل يدفعه المضروب عليه البَعْثُ إلي من يَغْزُو عنه قال [الأسديّ]:
*فأَعْطَيْتُ الجُعالة مُسْتَمِيتاً
* و منه
حديث مسروق رحمه اللّٰه: إنه كان يَكْرَه الْجَعَائل.

[جعجع]

*: ابن زياد- كتب إلي عمر بن سعد بن أبي وقّاص: أَنْ جَعْجِعْ بالحُسَيْنِ.
أي أنزله بجَعْجَاع، و هو المكان الخَشِن الغليظ و هذا تمثيلٌ لإِلجائه إلي خَطْبٍ شاقّ و إرهاقه.
و قيل: المراد إزعاجه؛ لأن الجعجاع مَنَاخُ سَوْءٍ لا يقرّ فيه صاحبُه، و منه: جَعْجَع الرجل: إذا قَعد علي غير طمأنينة.
جَعِظ في (ضع). جعظريّ في (غل). الجِعْثن في (صب). الجِعَاد في (نط). جَعْد في (فر). جَعِيلة في (ثم). كالجُعْدُبة في (عص). انجعافها في (خو).

الجيم مع الفاء

[جفل]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- في صفة الدّجال: جُفَالُ الشَّعرِ.
هو الكثيرُ الشعَرِ المجتمِعُه.
و منه الجُفَالةُ: الجماعةُ من الناس. و تقول العرب علي لسان الضائنة: أُوَلَّدُ رُخَالًا «1»، و أُجَزُّ جُفَالًا، و أُحْلَب كُثَباً عِجَالًا، [و لم تَرَ مِثْلي مالًا].
و
في حديث آخر: إنه صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم رأي رجلًا جَافِل الشعر؛ فقال: أ مَا وجدَ هذا شيئاً يسكِّن بِهِ شَعْره!
هو المستطار الشّعر المتَفرِّقهُ. و منه حديث السحاب الجَفْل: الخفيف الذي تطير به الريح، و كلُّ خفيف جافلٌ و جفَلْ و جفِيل.

[جفر]

*: صوموا و وَفِّرُوا أَشْعَاركم فإنها مَجْفَرَةٌ.
______________________________
(2) (*) [جعل]: و منه الحديث: جعيلة الغرف سحت. النهاية 1/ 277.
(3) (*) [جعجع]: و منه في حديث علي: فأخذنا عليهما أن يجعجعا عند القرآن و لا يجاوزاه. النهاية 1/ 274.
(4) (*) [جفل]: و منه الحديث: لما قدم رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم المدينة انجفل الناس قِبَله. و حديث الحسن: أنه ذكر النار فأجفل مغشياً عليه. و منه الحديث: أن رجلًا قال للنبي صلي اللّه عليه و سلم يوم حنين: رأيت قوماً جافلة جباههم يقتلون الناس. النهاية 1/ 279، 280.
(1) الرخل: الأنثي من أولاد الضأن.
(5) (*) [جفر]: و منه حديث أبي اليسر: فخرج إليَّ ابن له جَفْر. و حديث عمر: في الأرنب يصيبها المحرم-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 191
أي مَقْطَعَةٌ للنكاح، يقال: جفرَ الفحلُ عن الضِّراب جُفوراً: إذا انقطع عنه.
و كنت آتيكم فأَجفَرْتُكم: أي قَطَعتكم.
و منه
حديثه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إنّ عُثْمان بن مظعون قال له: إني رجل يَشُقُّ عليّ العُزْبة في المغَازِي؛ أ فتَأْذَنُ لي في الخِصاءِ؟ قال: لا، و لكن عليك بالصوم فإنه مُجْفِرٌ.
أي قاطع للشَّهوة.
و منه
حديث عليّ عليه السلام: إنه رأي رجلًا في الشمس فقال: قمْ عنها فإنها مَبْخرَة «1» مَجْفَرَةٌ، تُتْفِل الريح «2»، و تُبْلي الثوبَ، و تُظْهِر الداءَ الدَّفين.
و
عن عمر رضي اللّٰه عنه- إياكم و نوْمَة الغَدَاة فإنها مَبْخَرة مَجْفَرة- و روي مَجْعَرة.
أي مُيَبِّسة للطبيعة.

[جفف]

*: حين سُحِر جعِل سِحْرُه في جُفّ طَلْعَة، و دُفِن تحت راعُوفةِ البِئر- و روي: في جُبّ طلعة.
جُفّها: وِعاؤُها إذا جفّ، و جبّها: جَوْفُها، و منه جبّ البئر و هو جِرابها.
الرَّاعُوفة: صخرة تُتْرَك ناتِئةً في أسفل البئر فإِذا نَقّوها جلس عليها المُنَقِّي. و قيل:
تكون في بعض البِئرِ لا يمكنُ قطعها فتُتْرك، و هي من رَعَف: إذا تقدّم.

[جفأ]

*: في لحوم الحُمر الأهلية نَهَي عنها، و نادي مُنادِيه بذلك؛ فأَجفَئُوا القُدور- و روي: فجفَئُوا- و روي: فأمر بالقدور فكُفئت- و روي: فأُكفئت.
جفأ القِدْر و كَفأها و أَجفأها و أَكْفأها: قَلبها.

[جفن]

*: قال عبد اللّٰه بن الشِّخِّير رضي اللّٰه عنه: قدمتُ عليه في رَهْط من بني عامر فسلَّمنا عليه، فقالوا: أنت والدنا، و أنت سيِّدُنا، و أنت أطولُ طولًا، و أنت الْجَفْنَةُ الغَرّاء.
______________________________
- جَفْرةٌ. و حديث أم زرع: يكفيه ذراع الجفرة. و في حديث المغيرة: إياك و كلّ مجفرة. و في حديث طلحة: فوجدناه في بعض تلك الجفار. النهاية 1/ 277، 278.
(1) مبخرة: هو تغير ريح الفم.
(2) و هي الريح الكريهة.
(3) (*) [جفف]: و منه الحديث: جفَّت الأقلام و طويت الصحف. و منه حديث عمر: كيف يصلح أمرُ بلدٍ جُلّ أهله هذان الجفان. النهاية 1/ 278، 288.
(4) (*) [جفأ]: و منه حديث البراء يوم حنين: انطلق جفاءٌ من الناس إلي هذا الحي من هوازن. و منه الحديث:
متي تحل لنا الميتة؟ قال: ما لم تجتفئوا بقلًا. النهاية 1/ 277.
(5) (*) [جفن]: و منه حديث أبي قتادة: ناد يا جفنة الرَّكب. و في حديث الخوارج: سُلّوا سيوفكم من جفونها.
النهاية 1/ 280.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 192
فقال: قولوا بقولكم و لا يَسْتَجرِينَّكم الشيطان- و روي: و لا يستهوينّكم.
شبّهوه بالجَفْنة الغرَّاء، و هي البيضاء من الدّسم؛ نعتاً له بإنه مِضْيَاف مِطعام، أو أرادُوا: أنت ذو الجَفْنَة، و منه قوله:
يا جفنةً بإزَاءِ الحَوْض قد كفئوا و مَنْطِقاً مثل وَشْي اليُمْنَةِ الحَبِره
و قول امري‌ء القيس:
رُبَّ طَعْنَةٍ مُثْعَنْجِرَه و جَفْتَةٍ مُسْحَنْفِرَهْ
تُدْفَن غداً بأَنْقِرَهْ «1»
بقولكم: أي بما هو عَادَتُكم من القول المسترسَل فيه علي السجيَّة، دون المتكلَّف المتعمَّل للتزيد في الثناء.
و قيل: بقَوْل أهل الإسلام و مخاطبتهم بالنبي و الرسولِ؛ لأن ما خاطبوه به من تحية أهل الجاهلية لملوكهم.
اسْتَجْرَيْت جَرِيَّا، و تجرّيتُه: أي اتخذته وكيلًا، و هو من الجَرْي، لأنه يَجْري مَجْري مُوَكّله.
و المعني: لا يتخذنَّكم كالأجريَاءِ في طاعتكم له و اتِّباعكم خطواته.

[جفا]

: خلق اللّٰه الأرض السُّفْلي من الزَّبَد الجُفاء و الماء الكُبَاء.
الجُفَاء: ما جفأَه السيلُ؛ أي رَمي به، و يجوز أن يُرَاد به الجافي، و هو الغليظ، من قولهم: ثوب جَافٍ، و رَجل جاف.
و الكُبَاء: الكَابي، و هو المرتفع العظيم؛ من قولهم: فلان كابي الرَّماد. و كبَا الغُبَار:
ارتفع، و كَبَت العُلْبة: امتلأت حتي تَفِيض.

[جفر]

: من اتَّخَذ قَوْساً عربيةٌ و جَفِيرَها نفي اللّهُ عنه الفَقْر.
الجَفير: الواسعة من الكنائن، و منه: الفَرس المُجْفَر، و تقدير قوله: و جفيرها: و جفيرَ سِهامها، فحذف، و خصّ العربية؛ كراهة زِيِّ العَجَم.
و روي أنه رأي رجلًا معه قوسٌ فارسية فقال: أَلْقِها.
قالت حَلِيمة رضي اللّٰه عنها التي أرضعته صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: كان يَشِبُّ اليوم شبابَ الصَّبيِّ في الشهر، فبلغ ستًّا و هو جَفْر.
هو الذي قَوِي علي الأكل، و اتَّسع جوْفُه، و قد استَجْفر. و هو من أولاد المعز: ما بلغ أربعة أشهر و فُصِل.
______________________________
(1) الرجز في ديوان امري‌ء القيس ص 349.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 193
و منه
حديث عمر: إنه قَضَي في الضَّبُع كَبْشاً، و في الظَّبْي شاةً، و في اليَرْبُوع جَفْراً أو جَفْرَة.
أي أَوْجَب ذَبْحَها علي المُجْرِم إذا قتل شيئاً من ذلك.

[جفف]

: عُمَر رضي اللّٰه عنه- كيف يَصْلُح بلد جلُّ أَهْله هذَان الجُفَّان: كَذِبُ بكر، أَوْ بُخْل تميم.
هذا لقب لبَكْر و تميم. قيل: لأنه لم يكن في العرب قبيلتان أكثر عدداً منهما.
و الجُفُّ: الجمع الكثير. و عن المبرد: هما حيَّان فيهما جفاءٌ، من الجُفّ و هو الجافي.

[جفل]

: حَمَل يهوديٌّ امرأةً مسلمة علي حمار، فلما خرجَ بها من المدينة جفَلها عن رَحْلها، ثم تَجَثَّمها لِيَنْكِحَها، فأُتِي به عُمَر؛ فقال: ما علي هذا عَاهَدْناكم؛ فقتله.
جفَلها: طرحَها، من قولهم: طعنَهُ فجفَله، إذا قلعه من الأرض، و الريح تَجْفِل الجَهَام؛ أي تذهبُ به.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه عنهما: إن رجلًا قال له: آتي البحْرَ فأجده قد جفَل سمكاً كثيراً، فقال: كُلْ ما لم تر شيئاً طافياً.
أي رمي به إلي الساحل.
تجثَّمها: من تجثَّم الطائر أُنْثَاه إذَا عَلَاها للسّفَادِ.

[جفن]

: انْكَسَرَتْ قَلُوصٌ من إبلِ الصدقة فجَفَنَها.
أي أطعمها في الجفان، و أنشد ابن الأَعرابي:
يا رُبَّ شَيْخٍ فيهم عِنِّين عَن الطِّعَانِ و عن التَّجْفِينِ «1»

[جف]

: عثمان رضي اللّٰه عنه- لما حُوصِر أشار عليه طَلْحَة أن يَلْحَقَ بجنده من أهل الشام فيمنعوه. فقال: ما كنتُ لأَدِعَ المسلمين بين جُفَّين، يَضْرب بعضُهم رِقابَ بعض.
الجُفّ و الجُفّة؛ الجماعةَ الكثيرة، و يجوز أن يريد بين مِثْلِ جُفَّين، و هما بكر و تميم في كَثْرة العدد.

[جفل]

: أبو قتادة رضي اللّٰه عنه- كنت مع النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم في سَفْرة، فَنعَس علي ظهر بعيره حتي كاد يَنْجَفِلُ فدَعَمْتُه.
هو مطاوعُ جفَله، إذا طرحه و أَلْقَاه.

[جفأ]

: ابن عازب رضي اللّٰه عنه- سُئِل عن يَوْم حُنين، فقال: انْطَق جُفَاءٌ من الناس
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (جفن).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 194
و حُسَّر إلي هذا الحيّ من هَوَازِن، و هم قومٌ رُماةٌ، فرمَوْهم برَشْقٍ مِنْ نَبْل كأنها رِجْلُ جَرَاد؛ فانكشفوا.
أراد سَرَعان الخيل تشبيهاً بجُفَاء السَّيل.
و الحُسّر: جمع حاسِر، و هو الذي لا جُنَّة له؛ يعني أنهم قليلون و حاسِرُون.
رِجْل الجراد: الجماعة منه.
لم تُجْتَفَئُوا في (حف). الْجَفَرة في (عك). جُفّ طلعة في (طب). مجْفِرة في (زو).
من بدا جَفَا في (بد). [في جَفَاء الْحِقو في (حق)]. [أَجْفَلَة في (زف) جفّة في (نف).
جفنة عبد اللّٰه في (جك). جُفوفاً في (بل).

الجيم مع اللام

[جلل]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- نهي عن لحوم الجلَّالَةِ.
كُنِي عن العَذِرة بالجِلَّةِ، و هي البَعَرة؛ فقيل لآكلتها: جَلَّالة و جَالَّة، و قد جل الجِلَّة و اجتلَّها: التقطها، و ماء مَجْلُول: وقعت فيه الجِلّة.
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إن رجلًا سأَله عن لُحُوم الحمر، فقال: أَطْعِمْ أَهلك من سَمِين مَالِك، فإني إنما كرهت لك جَوَالَّ القَرْيَةِ.
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّٰه عنهما: إنّ رجلًا قال له: إني أريد أن أصحبَك. فقال:
لا تصحبني علي جلَّال.
كَرِهَ ركوبه؛ لأن ريح الجَلَّة في عَرَقه.

[جلهم]

: استأذن عليه أبو سفيان فحجبه، ثم أذِنَ له فقال: ما كِدْتَ تأذنُ لي حتي تأذَن لحجارةِ الْجُلْهُمَتَيْن! فقال: يا أَبا سُفْيانَ؛ أنت كما قال القائل: كلُّ الصيدِ في جَوْف الفَرَا.
الْجُلْهُمة- بالضم: القَارَةَ الضَّخمة.
و عن أبي عبيد: أنه أراد الْجَلْهَة، و هي جانب الوادي، فزاد ميماً، و الرواية عنه بالفتح.
و المعني أنك تؤخرني و لا تأذنُ لي حتي تأذنَ قَبْلي لناس كثير، هُمْ في كثرة حجارتها.
______________________________
(1) (*) [جلل]: و منه الحديث: ألظُّوا بيا ذا الجلال و الإكرام. و منه الحديث: أجلُّوا اللّٰه يغفر لكم. و في حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دِقَّه و جلَّه. و منه حديث الضحاك بن سفيان: أخذت جلة أموالهم.
و منه حديث جابر: تزوجت امرأة قد تجالتْ. و في حديث عمر: التقطت شبكة علي ظهر جلال. و منه حديث أنس: ألقي إلينا مجالَّ. و منه حديث ابن عمر: أنه كان يجلِّلُ بدنه القباطي. و في حديث علي:
اللهم جلِّل قتلة عثمان خزياً. و في حديث الاستسقاء: و ابلًا مجللًا. النهاية 1/ 287، 288، 289.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 195
أ و لا تأذن لي أصلًا كما لا تَأْذَن للحجارة.
الفَرَا: حِمار الوحش، يعني أن كلَّ صَيْدٍ دونه، و إنما قَصَد تألُّفه بهذا الكلام، و كان من المؤلَّفَة قلوبُهم.

[جلب]

*: لا جَلَبَ و لا جَنَب و لا شِغار في الإسلام.
الْجَلَب: بمعني الجَلَبة، و هي التَّصويت.
و الْجَنَب: مصدر جنَب الفرسَ؛ إذا اتَّخذه جَنيبةً.
و المعني فيهما في السباق أن يُتْبع فرسه رَجلًا يُجْلِب عليه و يَزْجُرُه، و أن يَجْنُبَ إلي فرسه فَرَساً عُرْياً، فإذا شارف الغايةَ انتقلَ إليه؛ لأنه أَوْدَعُ فسبق عليه.
و قيل: الجلَب في الصدقة: أن يَجلُبوا إلي المُصَدِّق أنعامَهم في موضع يَنْزله، فنُهي عنه إيجاباً لتصديقها في أَفْنيَتهم.
و قد مَرّ الشّغار في (أب).

[جلس]

*: أعطي بلال بن الحارث مَعَادِن القَبَليّة جَلْسِيّها و غَوْرِيّها.
النسبة إلي الجَلْس و هو نَجْد، سُمّيَ بذلك لارتفاعه من قولهم لِلْغِلَظِ من الأرض و الجبلِ المشرفِ و الناقةِ المرتفعة: جَلْس.
و جَلَس: إذا أنجد، و قال الشّمّاخ:
فمرَّتْ علي ماء العُذَيْبِ و عَيْنُها كَوَقْبِ الصَّفا جَلْسِيُّها قَدْ تَغَوَّرا «1»

[جلخ]

: في حديث الإسراء: أخذَني جبرائيل و ميكائيل، فصعِدَا بي، فإذا بنَهْرَين جِلْوَاخَيْنِ قلتُ: يا جبرائيل؛ ما هذان النهران؟ قال سُقْيَا أهلِ الدنيا.
الجِلْوَاخ: الواسع، قال بعض بني غطفان:
ألَا لَيتَ شِعْرِي هل أَبيتَنَّ ليلةً بأَبْطَحَ جِلْوَاخٍ بأَسْفَلِهِ نَخْلُ

[جلج]

*: قال له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أصحابُه لمّا نزلَتْ: إِنّٰا فَتَحْنٰا لَكَ فَتْحاً
______________________________
(2) (*) [جلب]: و منه في حديث علي: أراد أن يغالط بما أجلب فيه. و منه حديث العقبة: إنكم تبايعون محمداً علي أن تحاربوا العرب و العجم مجلبة. و في حديث عائشة: كان إذا اغتسل من الجنابة دعا بشي‌ء مثل الجلَّاب فأخذ بكفه. و في حديث سالم: قدم أعرابي بجلوبه فنزل علي طلحة. و في حديث مالك: تؤخذ الزكاة من الجلبان. و منه حديث أم عطية: لتلبسها صاحبتها من جلبابها. النهاية 1/ 281، 282، 283.
(3) (*) [جلس]: و منه الحديث: و أن مجلس بني عوف ينظرون إليه. النهاية 1/ 286.
(1) البيت في لسان العرب (جلس).
(4) (*) [جلج]: و منه في حديث أسلم: و إنا بعد في جَلَجَتِنا. النهاية 1/ 283.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 196
مُبِيناً [الفتح: 1]: هذا يا رسولَ اللّٰه أَنْتَ، قد غُفِرَ لك، و بَقينا نحن في جَلَجٍ لا نَدْرِي ما يُصْنَع بنا.
الجَلَج: بمعني الحَرَج و هو القَلَق، أي بَقِينَا في غير استِقرار و يَقِين من أمرنا.
و قيل: هو جمع جَلجَة، و هي الرأس: أي في عدد رءوس كثيرة من المسلمين.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: إنه كتب إلي عامله علي مصر خُذْ من كل جَلَجَة من القِبْط كَذَا و كذا.

[جلا]

*: أخذ أسعد بن زُرارة رضي اللّٰه عنه بيدِه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، و قال: يأيها الناس؛ أ تدرون علي ماذا تُبَايعون محمداً صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم؟ إنَّكم تُبَايِعونه علي أَنْ تُحَارِبوا العرَب و العجَم و الجنَّ و الإنْسَ مُجْلِيةً!
قالوا: نَحْنُ حَرْبٌ لمن حارب، سِلْمٌ لمن سَالَم.
أي حرباً مُجْلِيةً عن الأوطان، تقول العرب: اختاروا فإما سِلْمٌ مُخْزِية و إما حربٌ مُجْلية.
و قيل: لو رُوِيت مُجْلبة، فهي من أجلَب القوم، و أَجْلَبُوا: إذا اجتمعوا.

[جلل]

: قدم سُوَيد بن الصامت مكّة فتصدَّي له رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم فدعاه فقال له سُوَيد: لعل الذي معك مِثلُ الذي معي! فقال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: و ما الذي معك؟ قال: مَجَلَّةُ لُقْمان.
كلُّ كتابِ حِكمة عند العرب مَجَلَّة. قال النابغة:
مَجَلتُهُمْ ذَاتُ ألإِلٰهِ و دِينُهم قَوِيم فما يَرجُونَ غَيْرَ الْعَوَاقِبِ «1»
و كأَنها مفعلة مِنْ جَلَّ؛ لجلال الحكمة و عِظَم خطرها، ثم إما أن يكونَ مصدراً كالمَذَلَّة فسُمِّي بها، كما سُمِّي بالكتاب الذي هو مصدر كَتَب، و إما أن يكونَ بمعني مكان الْجلالِ.

[جلز]

: لا يدخلُ شي‌ء من الكِبْر الجنَّة. قال قائل: يا رسول اللّٰه؛ إني أُحِبُّ أن أتَجَمَّلَ بجِلَازِ سَوْطِي و شِسْع نَعْلي. فقال صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إنَّ ذلك ليس من الكِبْر، إن اللّٰه جميل يحبُّ الجمال، و إن الكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الحقَّ و غمَصَ الناس.
الْجِلَاز: ما يُجْلَزُ به السّوط أو القَوْس و غيرهما من عَقَب و غيره، و هو أن يُدَار عليه و يُلْوَي.
______________________________
(2) (*) [جلا]: و منه في حديث كعب بن مالك: فجلا رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم للناس أمرهم ليتأهبوا. و منه حديث الكسوف: متي تجلت الشمس. و منه حديث الحوض: يرد عليَّ رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض. و في حديث الكسوف: فقمت حتي تجلَّاني الغشْيُ. النهاية 1/ 290، 291.
(1) البيت في ديوان النابغة الذبياني ص 12.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 197
و منه قيل للمستدير في أسفلِ السنان كالحلقة: جَلْز، و للعَقْد المعقود مستديراً جَلْز و جِلُاز.
كَنَي بقوله: لا يدخل شي‌ء من الكِبر الجنةَ عن أَنه لا يدخلها أَحد من المتكبرين؛ لأنه إذا نَفَي أن يدخلَها سي‌ء منه فقد نَصَبَ دليلًا علي أنَّ صاحبه غيرُ داخلِها لا محالة.
جميل: أي جميل الأفعال حسَنُها، و العرب كما تَصِف الشي‌ء بفعله فإنها تصفه بفعلِ ما هو من سَبَبه.
مَنْ سَفِه الحق: أي فعل من سفهه، و معناه جهله.
و غَمِصَ الناس: أي استحقرهم.

[جلل]

: لما خرج أصحابُه إلي المدينة و تخلّف هو و أبو بكر ينتظر إذْنَ ربِّه في الخروج اجتمع المشركون في دار النَّدْوَة يتشاورون في أمره، فاعترضهم إبليس في صورةِ شيخٍ جليلٍ عليه بَتّ. فقال أبو جهل: إني مُشِيرٌ عليكم برَأْي. قال: و ما هو؟ قال: نأْخذُ من كل قبيلة غلاماً شابًّا نَهْداً ثم يُعْطي سيفاً صَارِماً، فيضربونه ضَرْبَةَ رَجلٍ واحِدٍ، حتي يقتلوه، ثم وَدَيْنَاه و قطعنا عَنّا شَأْفَته و استرحنا منه.
فقال الشيخ: هذا و اللّٰهِ الرأي!
جَلّ الرجل فهو جليل: إذا أسنّ و كبر، و منه قولهم: جلَّ عَمْروٌ عن الطَّوْق، بدليل قولهم: كَبِرَ عمرو. قال كثير:
*و جُنَّ اللواتي قُلْنَ عزةُ جلَّتِ «1»
* البَتّ: كِساء غليظ مربَّع.
النهد: العظيم الخَلْق المرتفع.
قال:
*من بعد ما كنتُ صُمُلًّا نَهْدا «2»
* الشَّأْفة: قَرْحة تخرج بالقدم فتُكْوَي فتذهب، و قد شَئِفَتْ رِجْلُه.
و المعني: قطعنا أَصلَه كما تُقطعُ الشأفة.

[جلب]

: قال البَراء رضي اللّٰه عنه: لما صَالح رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله
______________________________
(1) صدره:
أصاب الرَّدي من كان يهوي لها الردي
(2) صدره:
نضون عني شِدَّةً و إدَّا
و البيت في لسان العرب (أدد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 198
و سلم المشركين بالحُدَيْبيَة صالَحهم علي أَن يَدْخُلَ هو و أصحابُه مكَّة من قابِل ثلاثةَ أيام، و لا يدخلونها إلّا بجُلُبَّانِ السِّلاحِ.
قال: فسألته ما جُلُبَّانُ السِّلاحِ؟ قال: القِراب بما فيه.
الجُلُبَّان و الْجُرُبَّان و القِرَاب: شِبْه جِراب يَضع فيه الرَّاكب سيفَه مَغْموداً و سَوْطَه و أداته، و يَنُوطه وَرَاء رَحْله.
و قيل: هو مخفف بوزن الْجُلْبان الذي هو المَلِك؛ و لَعله سمي جُلْبَاناً لجمعه السلاح، و مَدَار هذا التركيب علي مَعْنَي الجمع.
و جُرُبّان من لفظ الجِراب، و إنما اشترطوا عليه ذلك ليكونَ عَلَماً للسِّلْمِ.

[جلل]

: قدم أبيّ بن خلَف في فداء ابْنِه- و كان أُسِرَ يوم بَدْر- فقال: يا محمد؛ إن عندي فَرساً أُجِلُّها كلَّ يوم فَرَقاً من ذُرَة أَقْتُلك عليها.
فقال رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: بل أنا أَقْتُلك عليها إن شاء اللّٰه تعالي.
[أُجِلُّها]: أَعْلِفها علفاً جليلًا، من قولهم: أتيته فما أَجَلَّني و لا أَحْشَاني: أي ما أعطَاني من جِلَّة ماله و لا حاشيتِه.
و قوله: فَرَقا، بيان لذلك الجليل، و هو مِكْيال يَسَع ستةَ عشر رِطلًا.
عليها: في الأول حال عن الفاعل و في الثاني عن المفعول.

[جلد]

*: أبو بكر رضي اللّٰه عنه- في قِصَّة المهاجرة: إن رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم قال لي: أَ لم يَأْنِ للرَّحِيل؟ فقلت: بَلَي! فارتحَلْنا حتي إذا كنَّا بأرضٍ جَلْدةٍ.
هي الصّلبة.
و منها
حديث علي عليه السلام: إنه كان ينزع الدَّلو بتَمْرَة، و يَشْتَرِط أنها جَلْدة.
و ذلك أنَّ الرُّطَبَة إذا صلَّبَتْ طابت جِدّاً.
و منه المثل: أطيبُ مُضْغةٍ صَيْحَانية مُصَلِّبة.

[جلفط]

: عمرُ رضي اللّٰه تعالي عنه- كتب إليه معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه يسأله أن يَأْذَن له في غَزْوِ البحر، فكتبَ إليه: إني لا أَحْمِل المسلمين علي أَعْوَادِ نجَرها النَّجَّار و جَلْفَطَها الجِلْفَاط، يحملهم عدوُّهم إلي عدوِّهم.
هو الذي يَسُدُّ دُرُوزَ السفن و يُصلحها- بالطاء غير المعجمة، و أراد بالعدوّ البحر أو
______________________________
(1) (*) [جلد]: و منه في حديث الطواف: ليري المشركون جَلَدَهم. و منه حديث ابن سيرين: كان أبو مسعود تُشبَّه تجاليده بتجاليد عمر. و في الحديث: قوم من جلدتنا. و منه حديث سراقة: وَحِلَ بين فرسي و إني لفي جَلَدٍ من الأرض. و في حديث الشافعي: كان مجالد يُجلد. النهاية 1/ 284، 285.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 199
النواتي، لأنهم كانوا عُلُوجاً يُعادُون المسلمين.

[جلل]

: قالت أم صُبَيَّة الجهنية رضي اللّٰه عنها: كنا نكونُ علي عهد رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم و عَهْد أبي بكر و صَدْراً من خلافة عمر رضي اللّٰه تعالي عنهما في المسجد نِسْوَةً قد تجالَلْنَ، و ربما غَزَلْنا فيه؛ فقال عمر رضي اللّٰه تعالي عنه: لأَردَّنكنَّ حرائر. فأَخْرَجَنا منه.
تجالَلْن: اسْنَنَّ.
حَرَائر: أي كما يجب أن تكونَ الحرائرُ من ضَرْبِ الحُجُب عليهن، و ألَّا يَبْرُزْنَ بُرُوز الإِماءِ.

[جلبب]

: علي عليه السلام- من أحبَّنا أَهْلَ البيتِ فليُعِدَّ للفَقْرِ جلْبَاباً، أو قال:
تِجْفَافاً.
الجِلْباب: الرداء، و قيل: الملاءة التي يُشتمل بها.
و المعني: فلْيُعدّ وقاءً مما يُورِدُ عليه الفقرُ و التقلّل و رَفضُ الدنيا؛ من الحَمْلِ علي الجزَع و قلَّةِ الصبر علي شَظَف العيش و خشونة الحال.
و منه
حديث ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه: إن امرأته سأَلَتْه أَنْ يَكْسُوَها، فقال: إني أَخشي أن تَدَعِي جِلْبَابَ اللّهِ الذي جَلْبَبَكِ به. قالت: و ما هو؟ قال: بيتُك. قالت: أَجِنَّكَ من أصحابِ محمد تقولُ هذا؟
أَجِنَّك: أصلُه من أَجل أنّك، أو لأَجْل أَنك، فحذف الجار؛ كقوله:
أَجْلَ أنَّ اللّهَ قد فَضَّلَكُم [فَوْقَ من أَحْكَأَ صُلْباً بإِزَار] «1»
و خُفِّفَت أنّ ضربين من التخفيف: أَحدهما حَذْفُ الهمزة، و الثاني حذف إحدي النونين، فَولِيت النونُ الباقية اللامَ و هما مُتَقَاربتا المخرجين، فقُلبت اللام نوناً، و أُدغِمَت في النون؛ و حقُّ المدغم أن يسكُن فالتقي سَاكِنان هي و الجيم فحُرّكت الجيم بالكسر؛ فصار أَجِنَّك.

[جلا]

: ذكر المهديُّ من ولد الحسن [الحسين رضي اللّٰه عنهما، فقال رجل: أَجْلَي الجَبِين، أَقْنَي الأَنف، ضَخْم البطن، أَزْيَلُ الفَخِذَين، أَفْلج الثنايا، بفخذه اليمني شَامة.
الْجَلا: ذَهابُ شَعْرِ الرَّأْسِ إلي نِصْفه، و الجَلح: دونه، و الجَلَهُ: فَوقَه.
القَنَا: أحدِيداب في قَصَبة الأنف.
______________________________
(1) البيت من الرمل، و هو لعدي بن زيد في ديوانه ص 94، و جمهرة اللغة ص 1051، و لسان العرب 1/ 58 (حكأ)، 531 (صلب) 4/ 17 (أزر)، 11/ 12 (أجل)، 14/ 197 (حكي)، و بلا نسبة في مجالس ثعلب 1/ 240.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 200
الزَّيَل: الفَحَج.

[جلع]

: الزُّبير رضي اللّٰه عنه- كان أَجْلَع فَرِجا.
هما بمعني واحدٍ، و هو الذي لا يزال يَبْدُو فَرْجُه.
و الأجلع أيضاً: الذي لا تنضَمُّ شَفَتَاه.

[جلد]

: لما الْتَقينا يَوْم بَدْر سلَّط اللّٰه علينا النُّعاس، فواللّٰه إنْ كنتُ لأتشدَّد فيُجْلَدُ بي، ثم أتشدّد فيُجْلَدُ بي.
أي يَصْرَعني النوم. يقال: جَلَدْتُ به الأَرضَ: إذا صَرَعْته، كما يقال: ضربتُ به الأرض.
إن: مخففة من الثقيلة، و اللامُ في لأتشدد هي الفارقة بين إنْ المخففة و النَّافية.

[جلح]

*: أبو أيوب رضي اللّٰه عنه- من بات علي سطح أَجْلَح فلا ذمّةَ له.
هو الذي لم يُحَجَّر بجدَار و لا غيره.

[جلعب]

: ابن مُعَاذ رضي اللّٰه عنه- كان رجلًا ضَخْماً جِلْعَاباً- و روي: جِلْحَاباً.
هما الطويل: و قيل: الضَّخْم الجسيم.

[جلاء]

: أم سَلَمة رضي اللّٰه تعالي عنها- كانت تكره للمُحِدّ أن تكتَحِل بالْجَلاءِ.
هو الإِثمد؛ لأنه يَجْلُو البصر؛ و أما الحُلَاء- بالحاء و الضم فحُكَاكة حَجر علي حَجَرٍ.
قال أبو المثلم الهذلي:
و أكْحُلْكَ بِالصَّابِ أو بالحُلَاء ففَقِّح لِذَلِك أَوْ غَمِّض «1»
و هو الحَلُوء أيضاً، يقال: حَلأَت له حَلُوءاً: إذا حَكَكْتَ حجَراً علي حجر، ثم جعَلتَ الحُكَاكة علي كَفِّكَ، و صَدَّأْتَ به المِرْآة ثم كَحَلْتَه به، و قد غُلّط راوي بيت الهذلي بالجيم؛ لأنه مُتَوعِّد فلا يَكْحُل بما يَجْلو البصر.

[جلجل]

: عطاء رحمه اللّٰه- قال ابن جُرَيج: سألته عن صدَقة الحَبِّ، فقال: فيه كلِّه الصدقةُ، و ذكر الذُّرَة و الدُّخْنَ و الجُلْجُلَان و البُلْسُن و الإِحْرِيض و التَّقْدَة.
الْجُلْجُلَان: السِّمْسِم.
و البُلْسُنُ: العدس، و هو البُلُس بضمتين- عن ابن الأعرابي.
و الإِحريض: العُصْفر، و ثوب مُحَرَّض.
______________________________
(2) (*) [جلح]: و منه في حديث الصدقة: ليس فيها عقصاء و لا جلحاء. و منه حديث كعب: قال اللّٰه تعالي لرومية: لأدعنَّك جلحاء. و في حديث عمر و الكاهن: يا جليح أمرٌ نجيحُ. النهاية 1/ 284.
(1) روي هذا البيت في لسان العرب شاهداً علي الجلاء بالجيم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 201
و التَّقْدَة- بالتاء: الكُزْبَرَة، و بالنون الكَرَوْيا.

[جلحاء]

: في الحديث: إنّ اللّٰه ليؤدِّي الحقوقَ إلي أَهْلِها حتي يُقِصّ للشَّاةِ الْجَلْحاء من الشاة القَرْنَاء نَطَحَتْها.
الْجلحاء: الجمَّاء.
لا أَجْلنظي في (بج). أجلي في (زه). مجَلِّلًا في (حي). أَجلُّو اللّٰه في (حل). و لا جَلْحَاء في (عق). من جلبابها في (عس). فجُلد بالرجل في (رت). جَلْعَدا في (قص).
علي أَجالدهم في (قس). و جليل في (صب). جَلّال في (لق). ذا الْجَلَب في (لب). جَلْحَاء في (قذ). جَليل المُشاش في (مغ).

الجيم مع الميم

[جمع]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- قال في الشُّهَداء: و منهم أن تموت المرأة بجُمْع.
يقال: ماتت بجُمْع و جِمْع: أي حاملةً أو غير مَطْمُوثة.
و منه
حديثه: أيُّما امرأة ماتت بِجُمْع لم تُطْمَث دخلت الْجنة.
و حقيقة الجُمْع و الجِمْع أنهما بمعني المفعول كالذُّخر و الذِّبح. و منه قولهم: ضربه بجُمْع كفّه، أي بمجموعها، و أخذ فلان بجُمْع ثياب فلان.
فالمعني: ماتت مع شي‌ء مجموع فيها غير منفصل عنها: حَمْلٍ أو بكارة، و أما قول ذي الرُّمة:
و رَدْناه في مَجْري سُهَيْل يَمَانِياً بصُعْر البُرَي من بين جُمْعٍ و خَادِجِ «1»
فلا بدّ فيه من تقدير مضاف محذوف، أي ذات جمع.
______________________________
(2) (*) [جمع]: و منه الحديث: أوتيت جوامع الكلم. و منه الحديث في صفته صلي اللّه عليه و سلم: أنه كان يتكلم بجوامع الكلم. و منه الحديث: أقرئني سورة جامعة. و الحديث: حدثني بكلمة تكون جماعاً. و الحديث:
الخمر جماع الإثم. و الحديث: كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء. و الحديث: له سهم جمع. و منه حديث كعب بن مالك: أجمعت صِدْقه. و حديث صلاة السفر: ما لم أجمع مكئاً. و في حديث أحد: إن رجلًا من المشركين جميع الأمة. و منه حديث الحسن: أنه سمع أنس بن مالك و هو يومئذ جميعٌ. و في حديث الجمعة: أول جمعة جمعت بعد المدينة بجواثي. و منه حديث معاذ: أنه وجد أهل مكة يجمِّعون في الحجر فنهاهم عن ذلك. و في صفته عليه السلام: كان إذا مشي مشي مجتمعاً. و في حديث أبي ذر: و لا جماع لنا فيما بعد. النهاية 1/ 295، 296، 297.
(1) البيت ليس في ديوان ذي الرمة، و هو بلا نسبة في لسان العرب (جمع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 202‌

[جمز]

*: وضَّأَه المغيرة، فذهب يُخْرِج ذِراعيه، فضاق عليه كُمَّا جُمَّازَته، فأخرج يدَه من تحتها.
الجمَّازَةُ: مِدْرَعة قصيرة مِنْ صُوف.

[جمل]

*: قال عمر رضي اللّٰه تعالي عنه: إن سَمُرَة بن جُنْدَب باع خَمْراً، قاتل اللّٰه سَمُرَة! ألم يعلم أن رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم قال: لعن اللّٰه اليهود حُرِّمَت عليهم الشُّحوم، فَجَمَلُوها فباعُوها.
جَمَل الشحم يَجْمُلُه: أذَابَه.
و المعني أنه خلَّل الخمر ثم باعها، فكان ذلك مُضَاهياً لفعل يهود في إذابتهم الشَّحم حتي يصير وَدَكاً، ثم بيعهم له متوهّمين أنه خرج عن حكم الأصل بالإِذابة.

[جم]

*: قال أبو ذر رضي اللّٰه تعالي عنه: قلت: يا رسول اللّٰه؛ كم الأنبياء؟ قال:
مائة أَلفٍ و عشرون ألفاً. قلت: كم الرُّسُلُ من ذلك؟ قال: ثلاثمائة و ثلاثة عشر جَمَّاءً غَفِيراً! قلت: مَنْ أولهم؟ قال: آدم. قلت: أ نبيٌّ مُرْسَل؟ قال: نعم، خلقه اللّٰه بيده، وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، ثم سوَّاه قِبَلًا- و روي: قَبَلًا، و قُبَلًا.
ذكر سيبويه: الجماءَ الغفير في باب: ما يُجعل من الأسماء مصدراً كطُرًّا و قاطبة، و كأنه قال صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: هم كذا و كذا جَمْعاً لهم و حَصْرَاً و استغراقاً.
و الكلمتان من الجُموم، و هو الاجتماع و الكَثْرة، و من الغَفْر و هو التَّغطية، فجُعلتا في موضع الشُّمول و الإِحاطة.
و عن المازني: لم تقل العرب الجماءَ إلا موصوفاً، و يقال: جاءوا جمًّا غَفيراً،
______________________________
(1) (*) [جمز]: و منه في حديث ماعز: فلمَّا أذلقته الحجارة جمز. و منه حديث عبد اللّٰه بن جعفر: ما كان إلا الجمز. و منه الحديث: يردونهم عن دينهم كفاراً جَمَزَي. النهاية 1/ 294.
(2) (*) [جمل]: و منه في حديث القدر: كتاب فيه أسماء أهل الجنة و أهل النار أُجملَ علي آخرهم. و منه الحديث: يأتوننا بالسقاء يجملون فيه الودك. و منه حديث فضالة: كيف أنتم إذا قعد الجُمَلَاءُ. و في حديث الملاعنة: إن جاءت به أورق جعداً جمالياً. و في حديث عائشة و سألتها امرأة: أؤَخذ جملي.
و في حديث أبي عبيدة: أنه أذِن في جمل البحر. و في حديث ابن الزبير: كان يسير بنا الأبردين و يتخذ الليل جملًا. و في حديث الإسراء: ثم عرضت له امرأة حسناء جَمْلَاء. و في حديث مجاهد: أنه قرأ:
حتي يلج الجُمَّل في سمِّ الخياط. النهاية 1/ 297، 298، 299.
(3) (*) [جمّ]: و منه الحديث: إن اللّٰه تعالي ليدين الجماء من ذات القرن. و منه: كان لرسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم جُمَّة جعدة. و منه حديث ابن زمل: كأنما جُمِّم شعره. و منه الحديث: لعن اللّٰه المجمِّمات من النساء.
و حديث خزيمة: اجتاحت جميم اليبيس. و حديث أبي قتادة: فأتي الناس جامّين رواءً. النهاية 1/ 300، 301.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 203
و الجماءَ الغفير، و الجمَّ الغفير. و عن بعضهم: جَمَّ الغفير، و جماءَ الغفير، و جَمّاءَ الغفيرة، و جماء الغَفِيري.
قِبَلًا و قُبَلًا: مقابلة و مشاهدة، و قَبَلًا: استقبالًا و استئنافاً، يقال: لا آتِيك إلي عشرٍ من ذي قِبَل: من قبل، أي من زمانٍ نشاهده، و مِنْ ذي قَبَلٍ، أي من زمانٍ يستقبلنا.

[جمل]

: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن أهلَ الكوفة لما وَفَّدُوا إليه العِلْباء بن الهَيْثَم السَّدُوسي، فرأي عُمر هيئةً رثَّةً، و ما يَصْنَع في الحوائج. قال: لكلِّ أناس في جُمَيْلِهم خبرٌ- و روي في بَعيرهم.
و هو مثلٌ يُضرب في معرفة القوم بصاحبهم؛ يريدُ أن قومه لم يُسَوِّدوه إلا لمعرفتهم بشَأْنه، و كان العِلباءُ دَميماً أعور باذَّ الهيئة، و كان الرجلَ إذا حَزَب أَمرٌ.

[جمر]

*: سأل الحطيئةَ عن عَبْسٍ و مُقاومتها قبائلَ قيس، فقال: يا أمير المؤمنين؛ كنا ألفَ فارسٍ، كأننا ذَهَبَةٌ حمراء، لا نَسْتَجْمِر و لا نُحالِفُ.
أي لا نَسأل غيرنا أن يتجمَّعوا إلينا لاسْتِغْنَائنا بأنفسنا من الجَمَارِ- بفتح الجيم: و هو الجماعة، و تجمّرت القبائل: اجتمعت.
لا تُجَمِّرُوا الجيشَ فتفتنوهم.
و هو أن يُحْبَسوا في الثغر، و لا يُؤْذن لهم في القفول.

[جمع]

: الخُدْري رضي اللّٰه عنه- بِعِ الجَمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جَنِيباً.
الجَمع: صنوف من التَّمر تجمع.
و الجنيب: نوعٌ منه جيِّد، و كانوا يبيعون صاعَيْن من الجَمع بصاع من الجَنيب، فقال ذلك تنزيهاً لهم عن الرِّبا.

[جمم]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- أُمرنا أن نَبْنِي المساجد جُمًّا و المدائن شُرَفاً.
الجُمّ: التي لا شُرَف لها، من الشاة الجماء، و هي خلاف القَرْنَاء. و الشُرَف: التي لها شُرَف.
أَنس رضي اللّٰه تعالي عنه- تُوفي رسول اللّٰه صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم و الوحي أَجمُّ ما كان، لم يَفْتُرْ عنه.
أي أكثر ما كان؛ من جمَّ الشي‌ءُ جُموماً.
______________________________
(1) (*) [جمر]: و منه الحديث: إذا استجمرت فأوتر. و منه الحديث: إن آدم عليه السلام رمي بمني فأجمر إبليس بين يديه. و في حديث أبي إدريس: دخلت المسجد و الناس أجمر ما كانوا. النهاية 1/ 292، 293.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 204‌

[جمهر]

: معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- قال له ابنُ الزُّبير: إنا لا نَدَع مَرْوَان يرمي جماهيرَ قُرَيش بمَشَاقِصه، و يضربُ صَفَاتها بمِعْوله، و لولا مكانُك لكان أخفَّ علي رِقابنا من فرَاشَةٍ، و أقلَّ في أنفسنا من خَشَاشة، و ايم اللّٰه لئن ملك أعِنَّةَ خَيْل تنقادُ له ليركبَنَّ منك طَبَقاً تخافه.
فقال معاوية: يا معشرَ قُرَيش؛ ما أراكم مُنْتَهين حتي يبعثَ اللّٰه عليكم مَنْ لا تعطفه قرابة، و لا يذكر رَحِماً، يسومكم خَسْفاً، و يُورِدكم تَلَفاً.
قال ابنُ الزبير: إذن و اللّٰه نُطْلِق عِقَالَ الحرب بكتائب تَمُور كرِجلِ الجَرَاد، [علي] حَافَتَيْها الأَسَل «1»، لها دَويّ كدَوِيّ الريح، تتبَعُ غِطْرِيفاً من قُريش، لم تكن أمُّه براعِيَة ثَلة.
فقال معاوية: أنا ابنُ هِنْد، أطلقتُ عِقالَ الحرب، فأكلت ذِروة السَّنام، و شربت عُنْفوان المَكْرَع، إذ ليس للآكل إلا الفِلْذة و للشارب إلا الرّنْقُ و الطَّرْق.
جُمْهُور الناس: مُعْظمهم، و جمعه جَماهير، و قد يقال له: جُرْهُوم و جرَاهيم.
المِشْقَص: من النصال: ما طال و عَرُض. و عن الأصمعي أنه الطويل غير العريض.
الصَّفَاة و الصَّفْوَانة: الحجر الأَملس.
الفَرَاشَة: التي تتهافت في النار.
الخَشَاشة: واحدة الخشَاش، و هي الهوامّ.
الطَّبق: جمع طَبَقةٍ، و هي مَنْزلة فوق منزلة. قال اللّٰه تعالي: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [الانشقاق: 19]، و منه طَبَقُ الظَّهْر، و هو فَقاره.
و المعني: ليَرْكبنَّ منك أحوالًا و منازلَ في العَدَاوَة مَخُوفةً.
سَامَه خَسْفاً: إذا ألزمه إياه قَسْراً و إجباراً، من سَوْمِ العالّة، و هو أن تُكْرَهَ و يُدَاوَم عليها حتي تَشْرَب، يقال: سام ناقته سَوْماً.
و الخَسْف: حَبْس الدابة علي غير عَلَف، فوُضِع مَوْضِعَ الإذلال.
نُطلِق: منصوب بإذن لكونها مبتدأة غير معتمدة، و كونِ الفعل مستقبلًا غير حاضر.
رِجْل الجرَاد: القطعة منه التي قوي بعضُها ببعض- عن المبرّد.
الغِطْريف: السيد.
الثَّلَّة: الجماعة من الضأن.
العُنْفُوَان: الأول، وزنه فُعْلُوَان، من اعتنف الشي‌ءَ إذا ابتدأه، و لو جُعل العين بدلًا من الهمزة لم يَبْعُدْ، لقولهم: أنْفُوَان و ائتنف الشي‌ءَ.
الفِلْذة: القطعة من الكبد.
______________________________
(1) الأسل: الرماح الطوال.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 205
الرَّنْق: الرَّنِق، و هو الكَدِرُ.
الطَّرْق: الماء الذي طَرَقَتْه الدوابّ؛ أي خاضَته، و بالَت فيه، و بعرت؛ فتغيّر و اصفرَّ، سُمّي بالمصدر.
ضَرَب ذلك مثلًا لعزِّه و مذَلَّتهم و تقدّمه و تَخَلُّفهم.

[جمم]

: عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- بلغها أن الأحنف قال شعراً يَلُومها فيه، فقالت: لقد اسْتَفْرَغَ حَلْمَ الأَحْنَفِ هِجَاؤُه إياي، أَبي كان يستجمُّ مَثَابَةَ سَفَهِه؟ إلي اللّهِ أشكو عُقُوقَ أَبنائي!
استجمَّ البئر: تركها أياماً لا يَسْتَسْقِي منها حتي يجتمِعَ ماؤها، كأنه طلَب جُمومَها.
و المثابة: المَوْضع الذي يثوب منه الماء.
أرادت أنه كان يحلُم عن النَّاس، و لا يتسافَه عليهم، فكأنه كان يَجْمع سَفَهه.
أَبي: أي بسببي، و من أجلي.

[جمل]

: عاصم رحمه اللّٰه- لقد أدركتُ أقواماً، يتَّخِذون هذا الليل جَمَلًا يشربون النبيذ، و يلبسون المُعَصْفَر، منهم زِرّ [بن حُبَيْش] و أَبو وائل
. هي عبارة عن قيام الليل و التهجّد.

[جمر]

: في الحديث- إن آدم عليه السلام رَمي إبليس بمِنًي، فأَجْمر بين يَدَيْه؛ فسمِّيت الجِمار به الجِمار.
أي أسرع. قال لَبِيد:
*فإذا حَرَّكْتُ غَرْزِي أَجْمَرت

[جمع]

: كان في جبل تِهَامة جُمَّاع قد غَصَبُوا المارَّةَ من كِنَانة و مُزَيْنة و حَكَم و القَارَة.
الجمّاع: الأُشابَةُ من قبائل شتَّي. قال ابنُ الأَسْلت:
*مِنْ بَيْن جمْعٍ غَيْر جُمَّاع

[جمد]

*: إذا وُضِعَت الجَوَامد فلا شُفْعَة.
هي الحدُود، جمع جَامِد.
من جَمْع في (غل). جَمَز في (ذل). جَمْلَاء في (سن). [بخَبْتِ] الجَمِيش في (جز).
جماليّاً في (صه). جمعاء في (فط). و إذا استَجْمرت في (نث). مجمّعاً في (نس). و لا تجمّروهم في (كف). جُمَّاع في (شع). جَامِساً في (مي). جَمْس في (سن). أَجْمَر ما كانوا في (خم).
______________________________
(1) (*) [جمد]: و منه في حديث التيمي: إنا ما نجمد عند الحق. النهاية 1/ 292.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 206‌

الجيم مع النون

[جنح]

*: النبي صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم- أَمَر بالتَّجَنُّح في الصلاة، فشكا ناسٌ إليه الضَّعْفَ، فأمرهم أن يستعينوا بالرُّكَب.
التجنُّح و الاجتناح في السجود: أن يعتمِدَ علي راحتيه مُجَافياً لذِرَاعيه غير مُفْتَرِشِهما؛ من قول ابن الرقاع يصف ثور الوحش:
يبيتُ يَحْفِر وَجْهَ الأرض مُجْتَنِحاً إذا اطمأنَّ قليلًا قامَ فانْتَقلا
و
في حديثه صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم: إنهم شكَوْا إليه الاعْتِماد في السُّجُودِ؛ فرخّصَ لهم أن يستعينوا بمرافقهم علي رُكَبهم.

[جنب]

*: ذكر الشهداء، فقال: و المجْنُوبُ في سبيل اللّٰه شَهِيد.
هو الذي به ذات الجَنْبِ.
دخل مكةَ فبعث الزُّبير علي إحدي المُجَنِّبَتَين، و بعث خالد بن الوليد علي اليُسْرَي، و بعث أبا عُبَيدة علي الحبُس أو الحُسَّر.
المُجَنِّبَتَان: جناحا العسكر.
الحبُسُ: الرَّجالة، سُمُّوا بذلك لحبسهم الخيَّالة ببطء مَسيرهم، كأنه جمع حَبُوس، أو لأنهم يتخلّفون عنهم و تحبسهم الرُّجْلة عن بلوغهم، كأنه جمع حَبيس.
و الحسر: جمع حَاسِر، و هو الذي لا بَيْضَة عليه.
لا يضر المرأةَ الحائض و الْجُنُبَ ألّا تَنْقُضَ شَعْرها إذا أصاب الماءُ سورَ الرأس- روي:
شَوَي رأسها.
الْجُنُب: يستوي فيه المذكّر و المؤنث و الواحد و الاثنان و الجمع. و قد يقال: جُنُبُون و جُنُبات و أَجْنَاب.
سُور الرأس: أعلاه.
و الشَّوَي: جمع شَواة و هي فَرْوَته.
______________________________
(1) (*) [جنح]: و منه في حديث عائشة: كان و قيذ الجوانح. و الحديث: إذا استجنح الليل فأكفتوا صبيانكم.
و في حديث مرض رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم: فوجد من نفسه خفة فاجتنح علي أسامة حتي دخل المسجد. النهاية 1/ 305.
(2) (*) [جنب]: و منه في حديث الزكاة و السباق: لا جَلَب و لا جنب. و منه حديث عمر: عليكم بالجنبة فإنها عفاف. و حديث رقيقة: استكفوا جنابيه. و حديث الشعبي: أجدب بنا الجناب. و حديث ذي المشعار:
و أهل جناب الهضب. و في حديث الحديبية: كأن اللّٰه قد قطع جنباً من المشركين. و في حديث الحارث ابن عوف: إن الإبل جُنِّبَت قبلنا العام. النهاية 1/ 302، 303، 304.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 207‌

[جنأ]

*: عن عليّ بن الحسين عليهما السلام- جَنَأَ رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم بيده في يوم حارّ و قال: مَنْ أحبَّ أن يُظِلَّه اللّٰه من فَوْرِ جهنم يوم القيامة فليُنْظِر غريماً أو لِيَدَعْ مُعْسراً.
يريد حَنَاها، و الأَجْنَا: الذي في كاهِلِه انحِنَاء علي صَدْرِه و ليس بالأَحْدَبِ. و تيس أَجْنَأ: الذي انحني قَرْناه علي جَنْبَيْه و صَلِيف عُنقه.
عن عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إن رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم رَجَم يهوديًّا و يهوديَّةً، فقد رأيته يُجَانِئ عليها يَقِيها الحِجَارة بنَفْسه- و روي: فَعلِقَ الرجل يُجْنِي‌ء عليها.
يقال: جَنَأَ عليه إذا عطف جُنُوءاً، و أجنأه عليه، و منه المُجْنأ؛ و هو التُّرس.
و القَبْر المُجْنَأُ: المسنَّم. و جانأه: بمعني أجنأه، كباعده و أبعده، و عالاه و أعلاه، و المعني: يعطِف عليها نفْسَه.

[جنف]

*: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أفطر في شهر رمضان و هو يري أنّ الشمسَ قد غربت، ثم نَظر فإذا الشمسُ طالعةٌ. فقال: لا نَقْضيه، ما تجانَفْنَا فيه لإِثْم.
التجانف: المَيْل، و الجَنَف و الإِجناف كذلك.
و منه
حديث عُرْوة: يُرَدُّ من صدَقَة الجانِف في مرَضه ما يُرَدّ من وصيَّة المُجْنِف عند مَوْتِه.

[جنن]

*: ابن عباس رضي اللّٰه عنه- الجانُّ مَسِيخُ الجِنِّ، كما مُسخت القِرَدة من بني إسرائيل.
هو العظيم من الحيات.
و منه
حديث ابن واثلة رحمه اللّٰه: أَقْبل جانّ فطاف بالبيت سَبْعاً، ثم انقلب حتي إذا كان ببعض دُورِ بني سَهْم عَرض له شابّ من بني سَهْم أحمرُ أَكْشف، أَزْرق أَحْول أَعسر، فقتَله، فثارت بمكة غَبَرة حتي لم تُبْصَر لها الجبال.
______________________________
(1) (*) [جنأ]: و منه حديث هرقل في صفة إسحاق عليه السلام: أبيض أجنأ خفيف العارضين. النهاية 1/ 302.
(2) (*) [جنف]: و منه الحديث: إنا نَرُدُّ من جنف الظالم مثل ما نرد من جنف الموصي. النهاية 1/ 307.
(3) (*) [جنن]: و منه الحديث: جنَّ عليه الليل. و منه حديث علي: جُعل لهم من الصفيح أجنان. و في حديث زيد بن نفيل: جنَّان الجبال. و في حديث السرقة: القطع في ثمن المجن. و منه: الصوم جُنَّة.
و الحديث: الإمام جُنَّة. و فيه: أنه نهي عن بيع ذبائح الجن. و منه الحديث: اللهم إني أعوذ بك من جنون العمل. النهاية 1/ 307، 308، 309.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 208
الأكشف: الذي له في قُصَاص الناصية شعرات ثَائرة، و قد يُتَشاءم به.
و منه
حديث القاسم رحمه اللّٰه: إنه سُئل عن قَتْل الجانّ؛ فقال: أُمِرَ بقَتْل الأَيْم منهن.
الأَيْمُ و الأَيْنُ: ما لَطُفَ منها.
و يُجمع علي جِنَّان، و نظيره غَائِط و غِيطان، و حَائِط و حيطان.
و منه
الحديث- في كَسْح زمزم أنَّ العبَّاس قال: يا رسول اللّٰه؛ إن فيها جِنَّاناً كثيرة.
و منه
حديث آخر: إنه نهي عن قتل الجِنَّان التي تكونُ في البيوت.

[جنه]

: علي بن الحسين عليهما السلام- مدحه الفرزدق فقال:
في كَفِّهِ جُنَهيٌّ رِيْحُهُ عَبِقٌ مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِينِه شَمَمُ «1»
قال القُتَيْبي: الجُنَهِي: الخَيْزُران. و معرفتي بهذه الكلمة عجيبة، و ذلك أنّ رجلًا من أصحاب الغريب سأَلني عنه فلم أعرفه، فلما أخذتُ من الليل مَضْجعي أتاني آتٍ في المنام فقال لي: ألَا أَخْبَرتَه عن الجُنَهي؟ قلت: لم أعرفه. قال: هو الخيزران! فسألته شاهداً، فقال: هدِيّة طرفنّه. في طبَقٍ مجَنَّة.
فهببتُ و أنا أكثِرُ التعجب، فلم ألبث إلا يسيراً حتي سمعت من ينشد:
في كَفِّه جُنَهِيٌّ …
و كنت أعرفُه: في كفّه خيزران.

[جنب]

: مجاهد رحمه اللّٰه- قال في قوله تعالي: مَتٰاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ [المائدة: 96]؛ أَجْنَابُ الناسِ كلهم.
هم الغُرباء، الواحد جُنُب. قالت الخنساء:
ابكي أخاك لأَيْتَامٍ و أَرْملة و ابكي أخاك إذا جاورْتِ أَجْنَابا

[جنق]

: الحجاج- نصَب علي البيت مَنْجَنِيقين و وَكَل بهما جَانِقَيْنِ، فقال أحد الجانِقَيْنِ عند رَمْيه:
خَطَّارَةٌ كالجملِ الفَنِيقِ أَعْدَدتُها للمَسْجِد العَتِيق «2»
الجانِق: الرَّامي بالمنجنيق، و قد جَنَق يجْنِق.
و قال الشيخ أبو علي الفارسي: الميم في مَنْجَنِيق أَصل، و النونُ التي تلي الميم زائدة، فأما جَنَق ففيه بعض حروف المنجنيق، و ليس منه؛ كقولهم: لأل و ليس من اللؤلؤ، و المَنْجَنِيق مؤنثة، و لهذا قال: «خَطّارة»، شبهها بالفحل، و وصفها بما يُوصف به من الخطَران، و هو تحريكه ذَنَبَه للصّيال أو للنُّزَاء.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (جنه).
(2) الرجز في لسان العرب (فهق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 209
و الفَنِيق: الفحل، و يجمع علي فُنُق و أَفْنَاق.
في الحديث- الجانِبُ المُسْتَغْزِرُ يُثَابُ مِنْ هِبَتِه.
الجانب: الغَريبُ.
و المستَغزِرُ، من استغزر الرجل: إذا طلب أَكثرَ مما أَعْطَي.
و المراد أنّ الرجلَ الغريب إذا أهدي إليك شيئاً لتُكافِئه و تزيدَه فأَثِبْهُ من هديَّته و زِدْه.
لا جَنَبَ في (جل). جِنَابَ الْهضب في (نص). بالجَنْبة في (كس). [أَخِفُّوا] الجُنَن في (زن). ظَهْرَ المِجَنّ في (كل). جَنابَيْه في (قح).

الجيم مع الواو

[جور]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- قال له حَمَل بن مَالِك بن النابغة:
إني كنتُ بين جارَتَيْنِ لي، فضرَبَتْ إحداهما الأخري بمِسْطَح، فأَلْقَتْ جَنِيناً ميِّتاً و ماتَتْ؛ فقضي بدِية المقتولة علي عَاقِلة القَاتِلة، و جعل في الجنين غُرَّة عبداً أو أمَة.
كنَّوْا عن الضَّرَّة بالجارة تطيّراً من الضرر.
و حكي أنهم كانوا يكرهون أن يقولوا: ضَرّة، و يقولون: إنها لا تذهب من رزقها بشي‌ء.
و منه
حديثُ ابن عباس رضي اللّٰه عنهما: إنه كان ينامُ بين جَارَتَيْه.
المِسْطح: عمودُ الخباء؛ لأنه يُسْطَح به، أي يُمَد.
العاقلة: القرابة التي تَعْقل عن القاتل؛ أي تُعْطي الدِّية من قِبَلِه.
غُرّة: أي رقيقاً أو مملوكاً، ثم أبدلَ منه عبداً أو أمة. قال ابن أحمر:
إنْ نحن إلّا أُناس أهل سَائمةٍ ما إنْ لَنَا دونها حَرْث و لا غُرَر
أي أَرِقَّاء. و قال آخر:
*كلُّ قَتيلٍ في كُلَيْبٍ غُرّه «1»
* أي هم كالمماليك في جَنْبِه، و إنما قيل للرقيق غُرَّة؛ لأنه غرةُ ما يملك: أي خَيْرُه و أفضله.
______________________________
(2) (*) [جور]: و منه الحديث و يجير عليهم أدناهم. و منه حديث الدعاء: كما تجير بين البحور. و في حديث الميقات: و هو جور عن طريقنا. النهاية 1/ 313.
(1) عجزه:
حتي ينال القتل آل مُرَّه
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 210
و قيل: أُطلق اسم الغرَّة و هي الوجه علي الجملة، كما قيل: رَقبة و رَأْس، فكأنه قيل جعل فيه نسمةً عبداً أو أمَة.
و قيل: أراد الخِيار دون الرُّذال.
و
عن أبي عَمْرو بن العلاء: لولا أن رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم أراد بالغُرّة معني لقال: في الجنين عبداً أو أمة، و لكنه عَني البياضَ، و لا يُقْبَلُ في الدية إلا غلامٌ أبيض، أَو جارية بيضاء.

[جول]

*: قالت عائشة رضي اللّٰه عنها: كان إذا دخل علينا لَبس مِجْوَلًا.
هو ثوبُ يُثْني و يُخَاطُ من أحَد شِقّيه، و يُجْعَلُ له جيب يُلْبَسُ و يُجَالُ به في البيت.

[جوح]

*: إن رجلًا قال له: يا رسول اللّٰه؛ إنَّا قومٌ نتساءلُ أموالنا. فقال: يسألُ الرجلُ في الجَائحة و الفَتْق، فإذا استَغْنَي أو كَرَب استَعَفَّ.
الْجَائحة: اسم فاعلةٍ من جَاحَتْهُ تَجْوحه: إذا اسْتَأْصَلَتْه، و هي المُصيبة العظيمة في المال التي تُهْلِكه.
و منه حديثُه: إنه أمر بوضع الْجَوائح.
قيل: هي كل ما أَذْهب الثمرةَ أَوْ بَعْضها من أمرٍ سماوِيّ بغير جناية آدمي.
و تقديره بوَضْع ذوات الجوائح، أي بوَضْع صَدَقات ذات الْجوائح، فحُذف الاسمان، و نظيره قوله:
*و ناقتي النَّاجِي إليك بَريدها «1»
* قال أبو علي: أي ذو سَيْر بريدها.
الفَتْق: أن تقعَ الحربُ بين فريقين، فتَقَعَ بينهم الدماء و الجِراحات؛ فيتحملها رجلٌ ليُصْلحَ بينهم، فيسأل فيها حتي يؤدّيها.
و قيل: هو الجَدْب و الشدّة.
كَرب: قَرُب من ذلك.
______________________________
(2) (*) [جول]: و منه الحديث: فاجتالتهم الشياطين. و منه الحديث: لما جالت الخيل أهوي إلي عنقي. و منه الحديث: للباطل جولة ثم يضمحل. و في حديث عمر للأحنف: ليس لك جُولُ. النهاية 1/ 317، 318.
(3) (*) [جوح]: و منه الحديث: أعاذكم اللّٰه من جوح الدهر. النهاية 1/ 312.
(1) صدره:
فدتك عراب اليوم أُمِّي و خالتي
و البيت لمزرد أخو الشماخ يمدح عرابة الأوسي في لسان العرب (برد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 211‌

[جوف]

*: قال صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: استحيوا من اللّٰه. ثم قال:
الاستحياء من اللّٰه ألا تَنْسَوُا المقابر و البِلَي، و ألَّا تنسوا الجَوْف و ما وَعَي، و ألَّا تَنْسَوُا الرأس و ما احْتَوَي.
ما وعاه الجَوْف، و هو داخل البطن: المأكولُ و المشروب.
و ما احتواه الرأس: السَّمع و البَصَر و اللسان.
و المعني: الحثّ علي الحلال من الرِّزق، و استعمالُ هذه الجَوارح فيما رضي اللّٰه استعمالَها فيه.

[جوع]

*: دخل صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم علي عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها، و عندها رجلٌ؛ فقالت: إنه أَخي من الرّضاعة. فقال: انْظُرْن ما إُخْوانكُنَّ، فإنما الرَّضَاعة من المَجَاعَةِ.
هي الجوعُ، و في وزنها و معناها المَخْمَصة.
و المعني أنّ الرضاع إنما يعتبر إذا لم يُشْبع الرضيعَ من جُوعِه إلا اللَّبَنُ، و ذلك في الحَوْلين، فأما رضاع مَنْ يُشبعه الطعامُ فلا.

[جوب]

*: جاءه قوم حُفَاةٌ عُراةٌ مُجْتَابي النِّمار [أُزْراً بينهم] عامَّتُهم من مُضَر؛ فتغيَّر وجهُ رسولِ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم لِمَا رأي بهم من الفاقَة، ثم حثّ علي الصدقة.
أي مقتطعي النِّمار؛ و هي أَكْسِيَةٌ من صُوفٍ، واحدتها نَمِرة.
أُزْراً بينهم: انتصابه علي الحال من الضمير في عُرَاة، و جَعْلُه حالًا من قومٍ غير ضعيف لأنه موصوف.

[جوز]

*: أتته امرأةٌ فقالت: إني رأيتُ في المنام كأنَّ جَائِزَ بَيْتِي قد انكسر. فقال:
خيرٌ! يَرُدُّ اللّهُ غائِبك.
______________________________
(1) (*) [جوف]: و منه في حديث خلق آدم صلي اللّه عليه و سلم: فلما رآه أجوف عرف أنه خَلْقٌ لا يتمالك. و منه حديث عمران: كان عمر أجوف جليداً. و منه الحديث: إن أخوف ما أخاف عليكم الأجوفان. و منه الحديث:
في الجائفة ثلث الدية. و في حديث الحج: أنه دخل البيت و أجاف الباب. و منه الحديث: أجيفوا أبوابكم. النهاية 1/ 316، 317.
(2) (*) [جوع]: و منه في حديث صلة بن أشيم: و أنا سريع الاستجاعة. النهاية 1/ 316.
(3) (*) [جوب]: و منه في حديث الاستسقاء: حتي صارت المدينة مثل الجوبة. و في حديث لقمان بن عاد:
جوَّاب ليل سرمد. النهاية 1/ 310، 311.
(4) (*) [جوز]: و منه الحديث: أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. و منه حديث العباس: ألا أمنحك ألا أجيزك. و الحديث: إن اللّٰه تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها. و منه الحديث: أسمع بكاء الصبي-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 212
فرجع زوجُها ثم غاب و رأَت مثل ذلك، فلم تجد النبي صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم فوجدت أبا بكر فأخبرتْه، فقال: يموتُ زوجك.
فذكرت ذلك لرسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم، فقال: هل قصصتِها عَلَي أَحد؟ قالت: نعم. قال: هُوَ كما قيل لك.
الجائز الذي توضع عليه أطرافُ العوارض، و جمعه أجْوزَة و جُوزَان.
الضيافةُ ثلاثة أيام، فما زاد فهو صَدَقة، و جائزَتُه يَوْمَه و ليلته، و لا يَثْوِي عنده حتي يُحْرِجه.
الجائِزة من أجازه بكذا: إذا أَتحفه و أَلطفه، كالفاضلة واحدة الفَواضِل، من أفضل عليه.
يَثْوِي- من الثواء: و هو الإقامة.
الإِحْراج: التضييق.
و المعني أنه يحتفل له في اليوم الأول، و يقدِّم إليه ما حضَره في الثاني و الثالث، و هو فيما وراء ذلك متبرّع، إن فعل فحَسنٌ و إلا فلا بأْس بهِ كالمتصدّق، و علي الضيف ألَّا يُطيل الإِقامة عنده حتي يُضيّقَ عليه.

[جوي]

*: في الرهط العُرَنيّين: قَدِموا المدينة فاجتَوَوْها، فقال: لو خرجتُم إلي إبِلنا فأصبتُم من أَبْوَالها و ألْبانها، ففعلوا فصحُّوا، فمالوا علي الرِّعاء فقتلوهم، و استاقوا الإِبل، و ارتدّوا عن الإِسلام، فبعث في طلبهم قَافَة، فأُتيَ بهم فأمر فقُطِعت أيديهم و أرجلهم، و سَمَّل أعينهم- و روي: و سَمر أعينهم.
قال أنس: فلقد رأيت أحدهم يَكْدِمُ الأرض بفِيه حتي ماتُوا عطشاً.
اجْتِوَاء المكان: خلافُ تنعّمه، و هو ألَّا تَسْتَمري‌ء طعامه و شرابَه و لا يُوَافِقك.
القَافَة: جمع قائف، و هو الذي يَقُوف الآثارَ؛ أي يَقْفُوها.
سَمّل أَعينهم: أي فَقأها بحديدة مُحْمَاة أو غيرها.
و سَمَرها: أحمي لها مسامير فكحلهم بها.
الكَدْم: العضّ.
قيل: وقع الترخيص في إصابة بَوْل الإِبل للتداوي لهؤلاءِ خاصة، و ذلك في صَدْرِ
______________________________
- فأتجوز في صلاتي. و منه الحديث: تجوَّزوا في الصلاة. و منه حديث المسعي: لا تجيزوا البطحاء إلا شداً. النهاية 1/ 314، 315.
(1) (*) [جوي]: و منه في حديث يأجوج و مأجوج: فتجوي الأرض من نتنهم. النهاية 1/ 319.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 213
الإِسلام ثم نُسِخ. و قيل: للمتداوي أن يصيبَه كأَكْلِ الميتة لكَسْرِ عادية الجوع.
و أما المُثْلة بهم فلأنَّهم كانوا مَثَلوا بِيَسَار مولي صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم، فقطَعُوا يدَه و رِجْله، و غرزُوا الشوك في لسانه و عينيه، فأُدخل المدينة ميّتاً، فجازاهم لقوله تعالي: فَعٰاقِبُوا بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل: 126]. نزل في قَتْلي أُحُدٍ و مُثْلَة المشركين بهم و قولِ المسلمين عند ذلك: لئن أَظْهَرنا اللّٰه عليهم لنمثِّلن بهم أعظمَ مما مثَّلوا.

[جوب]

: قال له رجلٌ: يا رسولَ اللّٰه؛ أيُّ اللَّيْلِ أَجْوَبُ دَعْوَةً؟ قال: جَوْفُ الليلِ الْغَابر.
أَجْوَب: كأنه في التقدير من جَابَتِ الدَّعوةُ بوزن فَعُلَت كطالَتْ، أي صارت مُسْتَجابة، كقولهم في فقيرٍ و شديدٍ: كأنهما من فَقُر و شَدُد؛ و ليس ذلك بمستعمل.
و يجوز أن يكونَ من جُبْتُ الأَرْضَ: إذَا قَطَعْتَها بالسَّيْر، علي مَعْنَي أَمْضَي دَعْوَةً، و أَنْفَذ إلي مَظَانِّ التّقبّل و الإجابة.

[جون]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- لما قدم الشَّأْم أَقْبل علي جَمَلٍ، عليه جِلْدُ كَبْشٍ جَونيّ، و زِمَامُه من خُلْبِ النخل.
الجَوْن: الأسود، و قد يُقال للأحمر: جَوْن، كما يقال له: أسود. قال في صفة الشّقشقة:
*في جَوْنَةٍ كَقَفَدَانِ العطَّارْ «1»
* و الباء للمبالغة كقولهم: أحمري و أَسوديّ.
الخُلْب: اللِّيف.

[جوأ]

: عليّ عليه السلام- لأن أَطَّلِي بجِوَاءِ قِدْر أحَبُّ إليّ مِنْ أطَّلِي بزعْفَران.
جِوَاء القدر: سَوَادها. و هو من قولهم: كَتِيبة جَأْواء.
العين همزة و اللام واو. و أصله جِئاء، إلا أنه استُثقلت همزتان بينهما ألِف، فقلبت الأولي واواً كما في ذَوائب.

[جوز]

: سأله رجل عن الوِتر، فلم يردّ عليه شيئاً، و قام من جَوْزِ الليل ليصلي، و قد طَرَّتِ النجوم، فقال: وَ اللَّيْلِ إِذٰا عَسْعَسَ وَ الصُّبْحِ إِذٰا تَنَفَّسَ. أين السائلُ عن الوِتر؟ نِعْمَ ساعة الوِتْر هذه!
جَوْز الليل: وسطه.
______________________________
(2) (*) [جون]: و منه في حديث أنس: جئت إلي النبي صلي اللّه عليه و سلم و عليه بُردة جونية. النهاية 1/ 318.
(1) البيت في لسان العرب (جون) و (قفد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 214
طَرَّتِ النجوم: طلعت- و روي: طُرَّت: أي أضاءت، من طَرَرْت السيفَ: إذا صقَلْتَه.

[جود]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- أقرضَ رجلًا دراهم، فأتاه بها، فقال حين قضَاه: إني قد تجوَّدْتُها لك من عطائي. فقال عبد اللّٰه: أذهَبْ بها فاخْلِطْها ثم ائْتِنَا بها من عُرْضها.
التجوُّد: تخيّر الأجود.
العُرْض: الجانب؛ أي خُذْها من جانب من جوانبها من غير تخَيّر.

[جوف]

: حُذَيفة رضي اللّٰه تعالي عنه- لقد تركَنا رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم و نحن مُتوافرون، و ما منَّا أحدٌ لو فُتّش إلا فُتِّشَ عن جائفةٍ أو مُنَقِّلةٍ إلا عُمر و ابن عُمر.
ضرب الجائفَةِ- و هي الطعنة الواصلةُ إلي الجوف، و المُنَقِّلة: و هي التي يُنْقَلُ منها العظام- مثلًا للمعايب.
و في معناه
قول جابر: ما مِنّا أحد إلا و قد مالت به الدنيا إلا عمرَ و ابنَ عمر.

[جوي]

: سلمان رضي اللّٰه تعالي عنه- إن لكل امري‌ءٍ جَوَّانِيًّا و بَرَّانِيًّا، فمن يُصْلِح جَوَّانيّه يصلح اللّهُ بَرَّانِيه، و من يُفْسد جَوَّانيّه يُفْسد اللّٰه بَرّانيّه.
الجوّاني: نسبة إلي الجوّ، و هو الباطنُ، من قولهم: جَوّ البيت لِدَاخله.
و البرَّاني: إلي البر، و هو الظاهر، من قولهم للصحراء البارزة: بَرٌّ و بَرّيَّة، و للباب الخارج: بَرَّاني. و زيادة الأَلف و النون للتأكيد.
و المعني أن لكل امري‌ء سرًّا و شَأْناً باطناً و علناً و شأناً ظاهراً.

[جوظ]

: ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- ستَّةٌ لا يدخلون الجنة، فذكر الجَوَّاظَ و الجَعْثل و القَتَّات. فقيل له: ما الجَعْثَل؟ فقال: الفظّ الغليظ.
جاظَ الرجل جَوْظاً و جَوَظَاناً: إذا اخْتَال من سِمَنٍ و ثِقَل في بَدنه. و منه الجوَّاظ.
و قيل: هو الجموع المَنُوع.
الجَعْثَل: مقلوب العَثْجَل، و هو العظيم البَطْنِ.
القتَّات: النمَّام.

[جوز]

: شُرَيح رحمه اللّٰه- خاصَم إليه محمدُ ابن الحنفية رحمه اللّٰه غلاماً لِزياد، في
______________________________
(1) (*) [جود]: و منه حديث الصراط: و منهم من يمر كأجاويد الخيل. و منه الحديث: تركت أهل مكة و قد جيدوا. و في حديث ابن سلام: و إذا أنا بجوادّ. النهاية 1/ 312، 313.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 215
بِرْذَوْنةٍ باعها، و كَفَل له الغلام، فقال محمد: حِيلَ بيني و بين غَرِيمي، و اقتُضي مالي مسمًّي، و اقتُسِمَ مالُ غريمي دُوني.
فقال شُرَيح: إن كان مُجِيزاً كفل لك غَرِم، و إن كان اقْتَضي لك مالك مُسَمًّي فأنت أحقُّ، و إن كان الغرماءُ أخذوا مالَه دونك فهو بينكم بالحِصَص.
أراد بالمُجِيز: المأذونُ له في التجارة؛ لأنه يجيزُ الشي‌ءَ، أي يُمضيه و ينفّذه بسبب الإذْن له، و يقال للوليّ و الوصي: مُجِيز أيضاً.
و منه
حديثه الآخر: إذا باع المُجِيزان فالبيعُ للأوّل، و إذا أَنكح المُجِيزان فالنِّكاحُ للأوَّل.
اقْتَضَي مالك مُسَمّي: أي إن تَقَاضاه و قَبَضه علي اسمك و علي أنه لكَ فأنتَ أحق به، و إن كان الغرماء أخذوا المال دونك فأنتَ غريمٌ كبعضهم، و لك فيه حصَّةٌ علي قدْر مالك.

[جور]

: عطاء رحمه اللّٰه- سُئِل عن المُجاوِر إذا ذَهب للخلاء أَ يمرُّ تحت سَقْفٍ؟ قال:
لا. قيل: أ فيمرّ تحت قَبْوٍ مقْبُوّ من لَبِن أو حجارة ليس فيه عَتَب و لا خَشَب؟ قال: نعم.
المُجَاوِر: المعتكِف.
القَبْو: الطَّاقُ.
مَقْبوّ: مَعْقود. و منه: كان يقال لضَمّ الحرف قَبْو، و حَرْفٌ مَقْبُوٌّ.
العَتَب: الدَّرَج.

[جون]

: الحجاج- أتي بدِرْع حديد، فعُرضَت عليه في الشمس، و كانت الدِّرع صافيةً، فجعل لا يَري صَفَاءَها، فقال له الرجل- و كان فصيحاً: الشمسُ جَوْنة- و روي عرَضها عليه في الشمس، فقال له الحجاج: الشَّمس جَوْنة.
أي نحِّها عن الشمس، فقد قَهرت لَوْنَ الدرع.
و الجَوْنة هنا: البيضاء الشَّديدة البياض، و الجَوْن من الأضدَاد.
و أَجِيفُوا في (خم). لم تَجُزْ عليه في (رح). المجيد في (ضم). جِيدُوا في (عذ).
ذي المجاز في (عن). أَجُون في (قع). إلّا جَوْراً في (نط). جَوْلة في (وج). جَوْح الدهر في (عش). فَجَوْب في (فر). [فسرت إليه] جواداً في (ذر). قطعة الجائز في (رض).
جُوّفوه في (قر). [ليس لك] جُول في (حد). أجواز الإبل في (ضح). [و تَسْتَجِيل في (صب)].
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 216‌

الجيم مع الهاء

[جهش]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- كان بالحدَيبية فأصابهم عَطَش، قال:
فَجَهَشْنَا إلي رسول اللّٰه صلي اللّه تعالي عليه و آله و سلم.
يقال: جَهَش إليه، و أجهش: إذا فَزِع إليه، كأنه يُريد البكاء فَزَعَ الصبيِّ إلي أبويه.

[جهد]

*: بينا هو في مسيرٍ له نزل بأرضٍ جَهَادٍ- و روي: بينا هو يسير علي أرض جُرُز مُجْدِبة مثل الأَيْم، فقال للناس: احْطِبوا، فتفرّق الناس فَجَاءٍ بعود، و جاءٍ ببَعْرَة، حتي رَكَمُوا؛ فكان سَوَاداً، فقال: هذا مِثْلُ ما تحقِرون من أعمالكم.
الْجَهادَ و الجرُز بمعني، و هي التي لا نَباتَ بها و لا ماء.
الأَيْم: الحية، شَبَّهَ به الأرض في مَلَاستها.
السَّوَاد: الشخص.

[جهر]

*: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- إذا رأيناكُم جَهَرْناكم.
أي وجدناكم عِظَاماً في الأَعين معجبةً أجسامكم، يقال: جَهَرني فلان: راعني بجِسْمِه و هيئته؛ و جَهَرْته: رأيتُه كذلك.

[جهض]

*: محمد بن مَسْلَمة رضي اللّٰه عنه- قصد يومَ أُحد رجلًا قال: فجَاهَضَني عنه أبو سُفْيان.
أي مانَعَني و عاجَلني بذلك. من قولهم: أَجْهضتُه عن كذا، فإذا نحيَّته عنه بعَجَلة.

[جهل]

* في الحديث: من اسْتَجْهَل مُؤمِناً فعليه إثمه.
أي حَمَله علي الْجَهْل و السَّفَه بشي‌ءٍ أغضبه به، فأَخْرَجه من خُلُقِه.
فَجَهْجَأَه في (حش). أجهضوهم في (حو). لا تُجْهده في (دع). و اجتهر في (سح).
أجهشت في (سا).
______________________________
(1) (*) [جهش]: و منه في حديث المولد: فأجهشت بالبكاء. النهاية 1/ 322.
(2) (*) [جهد]: و منه الحديث: لا هجرة بعد الفتح و لكن جهاد و نية. و في حديث معاذ: اجتهد رأيي. و منه حديث الصدقة: أي الصدقة أفضل؟ قال: جُهد المقلِّ. و حديث الدعاء: أعوذ بك من جَهد البلاء.
النهاية 1/ 319، 320.
(3) (*) [جهر]: و منه الحديث في صفته صلي اللّه عليه و سلم: من رآه جهرة. و منه حديث عائشة تصف أباها: اجتهر دُفُن الرَّواء. و منه الحديث: كل أمتي معافّي إلا المجاهرين. و منه الحديث: لا غيبة لفاسق و لا مجاهر.
النهاية 1/ 320، 321.
(4) (*) [جهض]: و منه الحديث: فأجهضوهم عن أثقالهم. النهاية 1/ 322.
(5) (*) [جهل]: و منه الحديث: إنكم لتجهِّلون، و تبخِّلون، و تجبِّنون. و منه حديث الإفك: و لكن اجتهلته الحميَّة. النهاية 1/ 322.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 217‌

الجيم مع الياء

[جيض]

: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم-
عن ابن عُمَر: بعثَ رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم سَرِيَّة، فلقُوا العدو، فجاضَ المسلمون جَيْضَةً، فأَتيتُ المدينة، فقلنا: يا رسولَ اللّٰه؛ نحن الفَرَّارُون، فقال: بل أنتم العَكَّارون، و أنا فِئَتكم- و روي: فحاص الناس حَيْصةً.
و معني الكلمتين واحد هو الْحَيْدُودة حَذَراً.
العَكَّار: الكَرَّار. ذهب في قوله: أنا فئتكم إلي قوله تعالي: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِليٰ فِئَةٍ [الأنفال: 16]. يُمَهّد بذلك عُذْرهم في الفِرَار.

[جيش]

*: البَرَاء بن مالك رضي اللّٰه عنه- شهدتُ المدينة فكَفُّونا أوَّل النهار، فرجعت من العَشِيّ فوجدتهم في حَائِط، فكأنَّ نفسي جَاشَتْ؛ فقلت: لا وَأَلْتُ، أَ فِراراً من أوَّل النهار، و جُبْنا آخره! فانْقحمتُ عليهم.
جاشت: ارتفعت، من الارْتياع و غَلَتْ.
وأَلْتُ: نجَوْتُ.
فجاش في (خب). جَيْشَات في (دح). الجِيّة في (مخ). فتَجَيَّشت في (حي).
[آخر الجيم و للّٰه الحمد و المنة]
______________________________
(1) (*) [جيش]: و منه في حديث الحديبية: فما زال يجيش لهم بأمري. و منه حديث الاستسقاء: و ما ينزل حتي يجيش كل ميزاب. و منه حديث علي في صفة النبي صلي اللّه عليه و سلم: دامغ جيشات الأباطيل. و في حديث عامر بن فهيرة: فاستجاش عليهم عامر بن الطفيل. النهاية 1/ 324.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 218‌

حرف الحاء

الحاء مع الباء

[حبل]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- نهي عن بيع حَبَل الحَبَلة.
الحَبَل: مصدر سُمِّي به المحمول، كما سمي بالحَمْل؛ و إنما أدخلت عليه التاء للإِشعار بمعني الأنوثة فيه؛ لأنّ معناه أن يبيعَ ما سوف يَحْمِله الجنين الذي في بَطْنِ الناقة، علي تقدير أَنْ يكون أُنْثي، و إنما نهي عنه لأَنه غَرَر.

[حبر]

*: يخرج من النار رجلٌ قد ذهب حَبْره و سَبْره.
الحَبْر: أثر الحُسْن و البَهاء، من حَبَرْتُ الشي‌ءَ و حَبَّرته.
و السَّبِرْ: ما عُرِف من هيئته و شَارته، من السَّبْر؛ و هو تَعرّف الشي‌ء.
عن أبي عَمْرو بن العلاء: أتيتُ حيّاً من أَحياء العرب، فلما تكلّمتُ قال بعضُ من حضر: أمّا اللسان فبدوي، و أما السّبْر فحضَري- و قد رُوِي فيهما الفتح.

[احبنطي]

: قال في السِّقْط: يظل مُحْبَنْطِياً علي باب الجنَّة.
احْبَنْطَيت: من حَبِط، إذا انتفخ بَطْنُه، كاسْلَنْقَيت من سَلقه: إذا ألقاه علي ظهره، و النون و الياء زائدتان.
______________________________
(1) (*) [حبل]: و منه في صفة القرآن: كتاب اللّٰه حبل ممدود من السماء إلي الأرض. و منه حديث ابن مسعود:
عليكم بحبل اللّٰه. و في حديث الدعاء: يا ذا الحبل الشديد. و منه حديث الأقرع و الأبرص و الأعمي: أنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري. و في حديث عروة بن مضرس: أتيتك من جبلي طي‌ء ما تركت من حبل إلا وقعت عليه. و منه الحديث: و جعل حبل المشاة بين يديه. و في حديث أبي قتادة:
فضربته علي حبل عاتقه. و في حديث قيس بن عاصم: يغدو الناس بحبالهم. و في صفة الجنة: فإذا فيها حبائل اللؤلؤ. و منه الحديث: النساء حبائل الشيطان. و منه حديث ابن ذي يزن: و ينصبون له الحبائل.
و في حديث قتادة في صفة الدجال: أنه مُحَبَّل الشعر. النهاية 1/ 332، 333، 334، 335.
(2) (*) [حبر]: و منه في ذكر أهل الجنة: فرأي ما فيها من الحبرة و السرور. و منه حديث أبي ذر: الحمد للّٰه الذي أطعمنا الخمير، و ألبسنا الحبير. النهاية 1/ 327، 328.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 219
و المعني أنه يَظَلُّ منتفخاً من الغَضَب و الضّجَر- و قد روي مهموزاً.

[حبك]

: في صفة الدجَّال: رَأْسُه حُبُك.
الحُبُك: هي الطَّرَائق، واحدُها حِباك أو حَبيك، أو هو جمع حَبيكة.
و منه
حديث قتادة رحمه اللّٰه: الدَّجالُ قَصْد «1» من الرِّجال، أجْلَي الجَبِين، بَرَّاق الثنايا، مُحَبَّك الشَّعَر- و روي: مَحَبَّل.
أي كلُّ قرن من قرونه حَبْل، لأنَّهُ جَعله تَقَاصِيب «2».

[حبل]

: إنّ الأَنصار لما أَرَادُوا أَنْ يُبَايِعُوه قال أَبو الهيثم بن التَّيِّهَان: يا رسولَ اللّهِ؛ إنَّ بيننا و بينَ القوم حِبَالًا، و نحن قاطِعُوها؛ فنخشي إِنَّ اللّهَ أعزَّكَ و أَظْهَرَك أنْ ترجعَ إلي قَومك.
فتبسَّم رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، ثم قال: بل الدَّمُ الدَّمُ، و الهَدْمُ الهَدْم- و روي: بل اللَّدَم اللَّدَم، و الْهَدَم الْهَدَم، أَنَا منكم و أنتم منِّي، أُحارب من حاربتُم، و أسالم من سالمتم.
الحِبال: العهود.
و الهَدْم بالسكون: أن يُهْدَم دَمُ القتيل، أي يُهْدَر، يقال: دماؤهم هَدْم بينهم.
و المعني دَمُكم دَمِي و هَدْمُكم هَدْمِي، يريد إنْ طُلِب دمُكم فقد طُلِبَ دَمي، و إن أُهْدِرَ فقد أُهْدِر دَمي لاستحكام الألفة.
و أما اللَّدَم: فهي الحُرَم، جمع لَادِم، لأنهن يلْتَدِمن «3» علي صاحبهن إذا هلك.
و الْهَدَم: المنزل، و هو فَعَل بمعني مفعول، لأنه يُهْدَم؛ أي حُرَمي حُرَمكم، و منزلي منزلكم.
و قيل: المراد بالهَدَم: القَبْر، أي و أُقْبَر حيث تُقْبَرون؛
كقوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لهم: المَحْيَا مَحْيَاكم، و المَمَات مَمَاتُكم.

[حبن]

*: إنّ رَجُلًا أَحْبَن أَصابَ امْرَأَةً، فسُئِل، فاعْترف، فأَمر به فجُلِد بأُثْكُول النَّخْل- و روي: بإثْكال النَّخْل.
______________________________
(1) القصد من الرجال: الذي ليس بجسيم و لا بقصير.
(2) القصبة (بسكون الصاد): خصلة من الشعر تلتوي.
(3) الالتدام: ضرب النساء صدورهن في النياحة.
(4) (*) [حبن]: و منه حديث عروة: إن وفد أهل النار يرجعون زبّاً حبناً. و في حديث عقبة: أتموا الصلاة، و لا تصلوا صلاة أم حبين. و في حديث ابن عباس: أنه رخص في دم الحبون. و منه الحديث: الاحتباء حيطان العرب. و منه الحديث: أنه نهي عن الحبوة يوم الجمعة و الإمام يخطب. و في حديث سعد:
نَبَطيٌّ في حبوته. النهاية 1/ 335، 336.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 220
الأَحْبَن: الذي به حَبن و هو السِّقْي.
و عن الأصمعي: إنَّ رجلًا تجشَّأَ في مجلس، فقال له رجل: أَ دَعوتَ علي هذا الطعام أحداً؟ قال: لا. قال: فجَعَلَه اللّٰه حَبنَاً و قُدَاداً.
الأُثْكُول و الإِثْكال: الشِّمْرَاخ.

[حبس]

*: الخيل ثلاثة: أَجْر، وَ سِتْر، و وِزر؛ فأما الذي له الأجر فرجلٌ حَبَس خيلًا في سبيل اللّهِ فما سنَّتْ له شَرَفاً إلا كان له أَجْر. و رجلٌ استعفَّ و ركِبها و لم يَنْسَ حقّ اللّٰه فيها، فذلك الذي له سِتْر. و رجلٌ حَبس خيلًا فخراً و نِواءً علي أهل الإِسلام، فذلك الذي عليه الوزْر.
حَبَس فرساً في سبيل اللّٰه و أَحْبَس: إذا وقَفَه، فهو حَبِيس و مُحْبِس.
سَنَّت: من سنَّ الفرسُ إذا لجَّ في عَدْوِه.
و الشَّرَف: الطَّلق، يقال: عَدَا شَرَفاً.
النِّوَاء: المناوأة، و هي المناهَضة في المباهاة. قال:
بَلَّتْ يَداه في النِّواء بفارسٍ لا طَائِشٍ رَعِشٍ و لا وَقَّافِ

[حبب]

*: إن رجلًا كان اسمه الحُبَاب، فسمَّاه عبد اللّٰه.
و قال: إن الحُبَاب اسمُ شَيْطان.
اشترك الشيطان و الحيَّة في الحُبَاب، كما اشتركا في الشيطان و الجانّ و أبي قِتْرة «1».

[حبل]

: في قصة بدر: إنَّ رجلًا من غِفَار قال: أَقْبَلتُ و ابنَ عمٍّ لي حتي صعدنا علي حَبْل، و نحن مُشْرِكان علي إحْدَي عُجْمَتَي بَدْرٍ- العُجْمَةِ الشامية- ننتَطْر الوَقْعةَ.
الحَبْل: الممتد من الرَّمْل.
و العُجْمَة: المتراكم منه المشرف علي ما حَوْلَه.

[حبس]

: قال لعمر رضي اللّٰه عنه في نَخْلٍ له أَرَاد أن يتقرَّب به صَدَقة إلي اللّٰه: حَبِّس الأَصْل، و سَبِّل الثَّمَرة.
______________________________
(2) (*) [حبس]: و منه في حديث الزكاة: إن خالداً جعل أدراعه و أعتده حبساً في سبيل اللّٰه. و منه الحديث:
ذلك حبيس في سبيل اللّٰه. و في حديث طهفة: لا يُحبس دَرُّكم. و في حديث الحديبية: و لكن حبسها حابس الفيل. و في حديث الفتح: أنه بعث أبا عبيدة علي الحُبُس. النهاية 1/ 328، 329.
(3) (*) [حبب]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: و يَفْتَرُّ عن مثل حب الغمام. و في حديث فاطمة: قال لها رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم عن عائشة: إنها حِبَّة أبيك. النهاية 1/ 327.
(1) أبو قترة: كنية إبليس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 221
أي اجْعَلْه حَبيساً وَقْفاً مُؤَبَّداً لا يُبَاعُ و لا يُوهَبُ و لا يُورَثُ، و اجعل تمرته في سُبُل الخَيْر.

[حبلة]

: عُمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لرجل من أهل الطائف: الحَبَلة أفضل أم النَّخْلة؟ و جاء أبو عَمْرَة عبد الرحمن بن مِحْصَن الأنصاري- قال: الزبيب إنْ آكلْه أضْرَس، و إن أتركه أغْرَث، ليس كالصَّقر في رءوس الرَّقْل، الراسخات في الوحل، المطعمات في المَحْل، خُرْفةُ الصَّائم، و تُحْفةُ الكبير، و صُمْتَهُ الصغير، و خُرْسة مَرْيمَ، و تُحْتَرُشُ به الضّبَاب من الصَّلْعَاء.
الحَبَلة: الكَرْمة.
و منه
الحديث: لما خرج نوح عليه السلام من السفينة غَرَس الحَبَلة.
و منه
حديث أَنس رضي اللّٰه عنه: إنه كانت له حَبَلة تحمِل كُرًّا، و كان يُسَمِّيها أمّ العيال.
أضرس. من ضَرَس الأسنان.
أغْرَث: أي أَجُوع؛ يريد أنه إذا أكل الزبيبَ ثم تَركه تركه و هو جائع، لأنه لا يعصِم كما يَعْصم التمر.
الصَّقْر: عسل الرطب.
الرَّقْل: النخيل الطوال.
الوَحْل: لغة في الوَحَل و هو الطين.
خُرْفَة الصائم: مُخْتَرفه، أي مُجْتَنَاه، و قد استُحِبّ الإِفطار بالتمر.
و
عن النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إِذا أَفْطَر أَحَدُكم فلْيَفطِر علي تمر، فإن لم يجد تمراً فإنَّ الماء طهور.
الصُّمْتَةُ: ما يُصْمَت به.
الْخُرْسَة: ما تُطْعَمه النُّفَساء؛ أراد قوله تعالي: تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا [مريم: 25].
الصَّلْعَاء: الصحراءُ التي لا نبات فيها، من الصَّلَع.
و احْتَرَاشِ الضَّب: اصطياده. يقال إِنه يُعْجَب بالتمر جداً.

[حبر]

: عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- كل شي‌ء يحبُّ ولدَه حتي الحُبَاري.
خصها لأنها مَوْصوفة بالمُوق «1». و قد شرحت ذلك في كتابِ «المستَقْصَي من أمثال العرب».
______________________________
(1) الموق: الحمق و الغباوة، يقال أحمق مائق.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 222‌

[حبا]

*: عبد الرحمن رضي اللّٰه عنه- قال يوم الشّوري: يا هؤلاءِ؛ إن عندي رأياً، و إنّ لكم نظراً، إِنّ حَابِياً خيرٌ من زاهِقٍ، و إِن جُرْعَةَ شَرُوبٍ أنفَعُ من عَذْبٍ مُوبٍ، و إِنّ الحِيلة بالْمَنطق أَبْلغ من السُّيُوب في الكَلِم؛ فلا تُطيعوا الأَعداء و إِن قَربُوا، و لا تَفُلوا المُدَي بالاختلاف بينكم؛ و لا تُغْمِدُوا السيوفَ عن أَعْدائكم؛ فَيُوتِروا ثَأركم، و تُؤْلِتُوا أعمالكم- و روي: و لا تُؤَبِّرُوا آثارَكم، فتؤلِتُوا دِينكم- لِكُلِّ أَجَلٍ كِتٰابٌ، و لكل بيت إمام، بأَمْره يَقومون، و بنَهْيِه يَرِعون؛ قلِّدوا أَمركم رَحْب الذراع فيما نزَل، مأمونَ الغَيْب علي ما استكن، يُقْتَرع منكم، و كُلّكم منتهًي، يُرْتَضي منكم، و كلُّكم رضا.
ضرب الحابي- و هو السَّهم الذي يَزْلج علي الأَرْض ثم يُصيب الهدَف، و الزَّاهق- و هو الذي يُجَاوزه، من زَهَق الفرسُ: إذا تقدَّم أَمامَ الخيلِ- مثلًا لوالٍ ضعيفٍ ينالُ الحقَّ أو بعضه، و لآخر يجاوزُ الحقَّ و يتخطّاه.
و الشَّرُوب: و هو الماء المِلح الذي لا يُشْرب إلا عند الضرورة. و العَذْب المُوبِئ:
و هو الذي يُورِث وَبَاءً- مخففة- مثلًا لرجلين: أحدهما أَدْوَن و أنفع، و الثاني أرفع و أضرّ.
السُّيوب: مصدر سَابَ في الكلام إذا هَضب فيه و خاض بِهَذَرٍ؛ يريد أنَّ التلطفَ في الكلام و التقلّل منه أبلغ من الإِكثار.
وَتَرْته: أَصَبْته بِوتر، و أوْتَرْته: أوجدته ذلك.
و الثّأر: العدو؛ أي لا توجدوا عدوكم الوِتْر في أنفسكم.
و تُؤلِتوا: تُنْقِصُوا، يقال: آلَته بمعني أَلَته.
التَّوْبير: تَعْفِيَة الآثار، من تَوْبير الأرنب، و هو مشيُها علي وَبَرِ قوائمها لئلا يُقْتَصّ أثرها.
يَرِعُون: يكُفّون. يقال: وَرَّعْتُه فَوَرِع يَرِع، كوثِقَ يَثِق وَرَعاً ورِعَةً.
علي ما استكن: أي تأمنون غَيْبَه علي ما استتر مِنْ أَمركم عليكم فلا يَخُونكم.
يُقْتَرع: يُخْتار. و منه القريع «1».

[حبلة]

: سعد رضي اللّٰه تعالي عنه- لقد رأيتنا مع رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم و ما لنا طَعَامٌ إِلا الحُبْلَة و وَرق السَّمُر، ثم أَصبَحَتْ بنو أَسد تُعَزِّرُني علي الإِسلام، لقد ضَلِلت إذن و خاب عَمَلي!
______________________________
(2) (*) [حبا]: و منه الحديث: أنه نهي عن الاحتباء في ثوب واحد. و في حديث الأحنف: و قيل له في الحرب: أين الحلم؟ فقال: عند الحُبا. و في حديث عبد الرحمن: إن حابياً خير من زاهق. و في حديث صلاة التسبيح: ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ النهاية 1/ 335، 336.
(1) القريع: الفحل، سمي بذلك لأنه مقترع من الإبل، أي مختار.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 223
الحُبْلَة: ثمر السَّمُر، مثل اللوبياء- عن ابن الأعرابيّ.
تُعزِّرُني؛ من عَزَره علي الأَمر، و عَزّره: إِذا أجبره عليه و وقفَه بالنَّهْي عن مُعَاوَدة خِلافه؛
قال هذا حين شكاه أهلُ الكوفة إلي عمر، و قالوا: لا يُحْسِن الصلاة، فسأله عمر عن ذلك، فقال: إني لأُطيل بهم في الأُولَيَيْن، و أَحْذِف في الأُخْرَيين، و ما آلو عن صلاةِ رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم.
فقال عمر: كذلك عَهِدْنا الصلاة- و روي: كذلك الظَّنُّ بك يا أَبا إسحاق.

[حبا]

: سأل عنه عمرُ عَمْرَو بن مَعْدِيكرب، فقال: خَيْرُ أَمير، نَبَطِيٌّ في حُبْوَتِه- و روي: جِبْوَته، عَرَبي في نَمِرته، أسدٌ في تَامُورَتِه- و روي: نَامُوسته، يَعْدِل في القضيّة، و يقسمُ بالسويّة، و ينقُل إلينا حقّنا كما تنقل الذرة.
الحِبْوَة، من الاحْتِباء و هي للعرب خاصة، كما يقال: حبَي العرب حِيطانها، و عَمائمها تيجانُها.
و الجِبْوَة: الجِباية، يقال: جِبْوَة و جِبْيَة و جِبَاوَة.
يريد أنه كالنبطيّ في عِلْمه [بالعمارة، و هو في حِبْوة العرب.
و إذا رُوي بالجيم فمعناه هو كالنبطي في علمه] بأَمْر الخَرَاج.
النَّمِرة: بُرْدَة تَلْبَسها الأعراب و الإِماء.
التَّامُورة: عِرَّيسة الأَسد. و قيل: التأمورة: عَلَقة القلب.
و المعني أَسَد في جرأته و شدَّة قلبه.
النَّامُوسَة: مَكْمَن الصائد، شَبَّه بها العِرِّيسة.

[حبج]

: ابن الزُّبير رضي اللّٰه تعالي عنهما- بلغه قَتْل مصعب؛ فقال في خطبته: إنَّا و اللّٰه ما نموت حَبَجَا، و لا نموت إلا قَتْلًا و قَعْصاً بالرماح تحتَ ظِلال السيوف، ليس كما تموت بَنُو مروان.
الحَبج: أن تنتفخ بطونُ الإِبل لأَكلِها العَرْفَج؛ يُعَرِّض ببني مروان أنهم يموتون تُخمَةً.
القَعْصُ: أن تُصيبه فتقتلَه مَكانه.

[حبك]

: عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- كانت تَحْتَبِك تحت الدِّرع في الصَّلاة.
الاحْتِباك: الائتزار بإحكام. و منه الحُبْكة، و هي الحُجْزَة.

[حبس]

: شُرَيح رحمه اللّٰه- جاء محمدٌ صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم بإطلاق الحُبُس.
هو جَمْع حَبيس: و هو ما كان أَهلُ الجاهلية يحبسونه من السَّوائِب و البَجَائر و الحَوَامي و غيرها؛ فالمعني أن الشريعةَ أطلقت ما حَبَّسوا، و حلّلت ما حَرَّموا.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 224‌

[حبا]

: وهب رحمه اللّٰه- قال: ما أَحْدَثتُ لرمضان شيئاً قط- يعني من صلاة أو صيام، و كان إذا دخلَ يَثْقُل عليّ كأنه الجبل الحَابي.
هو العظيم المُشْرِف.

[حبل]

: ابن المسيِّب رحمه اللّٰه- قال عبد اللّٰه بن يزيد السَّعْدي: سألتُه عن أَكل الضّبُع.
فقال: أَو يَأْكلها أحد؟ فقلتُ: إنّ ناساً من قومي يتحَبَّلونها فيأكلونها.
التحبّل و الاحتِبال: الاصطياد بالحِبالة.
الواو في أو يأكلها هي العاطفة دخلت عليها همزة الاستفهام، و المعطوف عليه في مثل هذا الكلام محذوف مقدّر.
علي الحُبس في (جن). تنبت الحبّة في (ضب). علي حَبْلِ عاتقه في (حت). ما يقتل حَبَطاً في (زه). لحبَّرتُها في (زم). و ثوب حِبَرة في (صح). لون الحُبَيق في (جع). و لو حَبْواً في (غر). ألبس الحَبِير في (خب). و حبْلتها في (صح). عقد الحُبَي في (صع). أم حُبين في (أم). حب الغمام في (شذ). و أن يحتبي في (صم). هذا الحَبِير في (بض). عذق حُبيق في (جع). لا يحبس في (صب).

الحاء مع التاء

[حت]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- قال لسَعْدٍ يوم أُحُد: احتُتهم يا سعدُ، فِداك أبي و أمي!
أرادَ ارْدُدهم و ادْفَعهم، و حَتُّ الشي‌ء و حطُّه نظيران.
و منه
حديث عمر: إنّ أَسْلَم كان يَأْتيه بالصَّاع من التمر فيقول: يا أَسْلَم؛ حُتَّ عنه قِشْرَه. قال: فأَحْسِفُه فيَأكله.
الحَسْف مثل الحتّ. و منه حُسَافة التَّمر.
ذَاكِرُ اللّٰه في الغافلين مِثل الشَّجَرةِ الخضراء وَسَط الشَّجَر الذي قد تحاتّ من الضَّرِيب «1».
______________________________
(2) (*) [حت]: و منه في حديث الدم يصيب الثوب: حتيه و لو بضلع. و منه الحديث: تحاتت عنه ذنوبه. النهاية 1/ 337.
(1) الضريب: الصقيع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 225
أي تساقط وَرَقُه من الجليد، و هو تفاعَل من الحتّ- [و روي من الصَّرِيد؛ و تفسيره في الحديث: البَرْد.

[حتف]

: قال فيمن خرج مُجَاهداً في سبيل اللّٰه: فإن رَفَسَتْه دابّة أو أَصابه كذا فهو شهيد، و من مات حَتْفَ أَنفِه فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَي اللّٰهِ، و من قُتِل قَعْصاً فقد استوجب المآب.
انتصب حَتْفَ أَنْفِه علي المصدر، [و لا فعل لها كبَهْرا و وَيحا]، كأنه قيل: موتَ أنفِه.
و معناه الموتُ علي الفِراش، قيل: لأنه إذا مات كذلك زهقت نفسُه من أنفه و فِيه، و يقال: مات حَتْفَ فيه، و حتف أَنْفَيه، يُراد الأَنف و الفم، فيغلّب أحدهما.

[حتك]

: في حديث العِرْباض رضي اللّٰه عنه- كان رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم يخرج في الصُّفَّة و علينا الحَوْتَكيَّة.
هي عِمّة يتعمَّمُها الأعراب.

[حتا]

: علي عليه السلام- بعث رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم أَبا رَافع يتلقَّي جعفرَ بن أبي طالب رضي اللّٰه تعالي عنه، فأعطاه عليّ عليه السلام حتِيّا و عُكَّة سَمْنٍ، و قال له: إني أعلم بجعفر، إنه إن عَلِم ثَرّاه مَرّة واحدة ثم أَطْعمه، فادفع هذا إلي أسماءَ بنتِ عُمَيْس، تَدْهُن به بني أخي من صَمَرِ البَحْرِ، و تُطعمهم من الحَتِيّ.
الحَتِيّ: سَوِيق المُقْل: قال الهذلي:
لا دَرَّ دَرِّيَ إنْ أَطْعَمْتُ نَازِلَكُم قِرْفَ الحَتِيِّ و عِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ «1»
ثرّاه: بَلّه؛ من الثَّري، يريد أن جعفر مِطعام، فإن ظفر به ندَّاه بالسمن، و أطعمه الناس، و حَرَمه أولاده.
الصَّمَر: النتْن و الغَمَق، و منه الصُّمَاري و هي الاسْت و سميت الصَّيْمَرة، و هي بلدة لغَمْقِها.

[حت]

: زينب رضي اللّٰه تعالي عنها- يَبْعَث اللّٰه مِنْ بَقيع الغَرْقَد سبعين ألفاً هم خِيارُ من يَنْحَتُّ عن خَطْمِه المَدَر، تضي‌ء وجوههم غُمْدَان اليمن.
انحتّ: مطاوع حَتّة.
______________________________
(1) البيت من البسيط، و هو للمتنخل الهذلي في جمهرة اللغة ص 67، و سمط اللآلي‌ء ص 157، و شرح أبيات سيبويه 1/ 550، و شرح أشعار الهذليين 3/ 1263، و لسان العرب 4/ 55 (برر)، 5/ 402 (كنز)، و المعاني الكبير ص 384، و للهذلي في الكتاب 2/ 89، و لسان العرب 14/ 163، و لأبي ذؤيب الهذلي في الحيوان 5/ 285، و شرح شواهد الشافية ص 488، و بلا نسبة في لسان العرب 4/ 280 (درر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 226
و الخَطْم: مستعار من السبع و الطائر، و هو مُقَدَّم الأنف و الفم و المنقار.
و المعنيُّ تنشق عن وجهه الأرض.
في الحديث: من أكل و تَحتَّم دَخل الجنة.
هو من الحُتَامة، و هي دُقاق الخُبْز و غيرِه الساقط علي الخِوان.
أحتَمَ في (سح). حَتْفها ضائن تَحْمِل في (فر).

الحاء مع الثاء

[حثل]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- لا تقومُ الساعةُ إِلا علي حُثَالةٍ من الناس.
هي الردي‌ء من كل شي‌ء. و منه قيل لثُفْل الدُّهْنِ و غيره: حُثالة.
و منه
حديثه الآخر: إنه قال لعبدِ اللّٰه بن عُمر: كيف أنتَ إذا بقيتَ في حُثَالةٍ من الناس قد مَرِجَتْ عهودُهم و أَماناتهم.
أي اختلطت و فسدت.

[حثا]

*: عُمر رضي اللّٰه عنه-
قال ابنُ عباس: دعاني عمر فإذا حَصِير بين يديه عليه الذَّهب. منثوراً نَثْرَ الحَثَا، فأمرني بقَسْمِه.
هو دُقَاق التِّبن، لأنَّ الريح تَحْثُوهُ حَثْواً. قال:
و أغبر مَسْحُولِ الترابِ تَرَي به حَثاً طرَدَته الريحُ من كلِّ مَطْرَدِ
و يجوز أن يُكْتَبَ بالياء لقولهم: حَثي يحثي.
منثوراً: حال من الظرف الذي هو عليه.

[حثل]

: أنس رضي اللّٰه تعالي عنه- أعوذُ بك أن أبقي في حَثْلٍ من النَّاس.
أي في حُثَالة- بسكون الثاء.
المُحْثَلة في (ضح). أن يحثوا عنه في (نه). حثحث في (دج).
______________________________
(1) (*) [حثل]: و منه في حديث الاستسقاء: و ارحم الأطفال المحثلة. النهاية 1/ 339.
(2) (*) [حثا]: و منه الحديث: احثوا في وجوه المداحين التراب. و في الحديث: ثلاث حثيات من حثيات ربي تبارك و تعالي. النهاية 1/ 339.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 227‌

الحاء مع الجيم

[حجز]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- قال: لأهل القَتِيل أَنْ يَنْحَجِزُوا الأدني فالأَدني و إن كانت امرأةً.
انحَجز: مطاوع حجزه إذا مَنَعه.
و المعني: أن لورثة القتيل أن يَعْفُوا عن دمه رِجالهم و نِسَائهم.

[حجل]

*: قال لزيد: أنت مولانا فحجَلَ.
أي رفع رجلًا، و قفز علي الأخري من الفرح.
و هو زيدُ بن حارثة
مَلَكَته خديجة عليها السلام فاستوهبه منها رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، فوهبته له؛ فأعتقه و زوّجه أمَّ أيمن.

[حجر]

*: كان له حَصِير يَبْسُطه بالنهار، و يَحْتَجِرُه بالليل يُصَلِّي عليه.
أي يَحْظُرُه لنفسه دون غيره. و منه احْتَجَرْتُ الأرض، إذا ضربتُ عليها مَنَاراً أو أعلمتُ عَلَماً في حُدُودها للحيازة.

[حجن]

: تُوضَع الرَّحم يَوْمَ القِيامة لها حُجْنَةٌ كحُجْنَة المِغْزَل، تَكَلَّمُ بلسان طَلِق ذَلِق- و روي: بألسنة طُلُق ذُلُق.
الحُجْنة من الأحجن، كالحمرة من الأَحمر، سُمّيت بها الحديدة العَقْفاء في رَأْسِ المِغْزَل. يقال: لسان طَلِق ذَلِق، و طَلُق ذَلُق، و طُلُقٌ ذُلُقٌ، و طَلِيق ذَلِيق، و أَلسنة طُلُق ذُلُق.
و المراد الانطلاق و الحِدّة.
و منه
الحديث: إذا كان يوم القيامة جاءت الرَّحم فتكلمت بلسان طَلِق ذَلِق، تقول:
اللهم صِلْ مَن وَصَلني، و اقطع من قطعني.

[حجز]

: ذكرت عائشةُ رضي اللّٰه تعالي عنها نساءَ الأنصار، فأثنت عليهنّ خيراً،
______________________________
(1) (*) [حجز]: و منه الحديث: إن الرحم أخذت بحجزة الرحمن. و منه الحديث: منهم من تأخذه النار إلي حجزته. و في حديث ميمونة: كان يباشر المرأة من نسائه و هي حائض إذا كانت محتجزة. و في حديث حريث بن حسان: يا رسول اللّٰه إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازاً بيننا و بين بني تميم. النهاية 1/ 344، 345.
(2) (*) [حجل]: و منه في صفة الخيل: خير الخيل الأقرع المحجّل. و منه الحديث: أتي الغر المحجَّلون.
و منه حديث الاستئذان: أعْروا النساء للزمن الحجال. النهاية 1/ 346.
(3) (*) [حجر]: و منه في حديث سعد بن معاذ: لمَّا تحجَّر جرحه للبرء، انفجر. و منه: للنساء حجرتا الطريق.
و في حديث الجساسة و الدجال: تبعه أهل الحجر و المدر. و في حديث الفتن: عند أحجار الزيت.
النهاية 1/ 342، 343.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 228
و قالت لهنّ مَعْروفاً. و قالت: لما نزلت سورة النور عَمَدْن إلي حُجُوز مَناطِقهن فشقَقنها، فجعلن منها خُمُراً، و أنه دخلت منهن امرأةٌ علي النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم فسأَلَتْه عن الاغتسال من المحِيض، فقال لها: خُذي فِرْصة مُمَسَّكة فتطهَّري بها.
واحد الحجوز حِجْز- بكسر الحاء، و هو الحُجْزَة، و يجوز أن يكون واحدها حُجْزة علي تقدير إسقاط التاء، كبُرج و بروج.
الفِرْصَة: قطعه قطن أو صوف، من فَرَص: إذا قطع.
المُمَسَّكة الخلَق [التي] أَمسكت كثيراً، كأنه أراد ألا يُستعمل الجديد للارتفاق به في الغَزْل و غيره؛ و لأن الْخَلَق أصلح لذلك و أَوْفق.
و قيل: هي المطيّبة من المِسْك.
رأي رجلًا مُحْتِّزاً بحَبْل أَبْرق و هو مُحْرِم، فقال: ويحكَ أَلْقه!
هو الذي يَشدّ ثوبه في وسطه، مأخوذ من الحُجْزة.
الأَبرق: الذي فيه سَوَاد و بَيَاض، و منه قيل للعين: بَرْقاء.

[حجن]

*: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال لبلال بن الحارث: ما أقطعك رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم العَقِيق لتَحْتِجِنَه؛ فأقْطِعْه الناس.
احْتِجان الشي‌ء: اجتِذابه إلي نفسك، من المحْجَن.
و المعني هاهنا الامتلاك و الحِيازة لنفسه، أراد أن الاقطاع ليس بتمليك، إنما هو إرفاق إلي مُدَّة.

[حجز]

: عليّ عليه السلام- سُئِل عن بني أميَّة فقال: هم أشدّنا حُجزاً، و أطلَبُنا للأمر لا يُنَالُ فينالونه.
شِدَّة الحُجْزَة عبارة عن الصبر علي الشدّة و الجَهْد.

[حجا]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إنكم معاشرَ هَمْدَان مِن أحْجَي حَيٍّ بالكوفة، يموتُ أحدكم فلا يترك عُصْبة، فإذا كان كذلك فلْيُوصِ بماله كلِّه.
______________________________
(1) (*) [حجن]: و منه الحديث: أنه كان يستلم الركن بمحجنه. و منه حديث القيامة: و جعلت المحاجن تمسك رجالًا. و منه حديث ابن ذي يزن: و احتجنَّا دون غيرنا. و في صفة مكة: أحجن ثمامها. النهاية 1/ 347، 348.
(2) (*) [حجا]: و منه الحديث: من بات علي ظهر بيت ليس عليه حجاً فقد برئت منه الذمة. و في حديث المسألة: حتي يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه. النهاية 1/ 348.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 229
يقال: هو حَجٍ بكذا و حَجيٌّ به: أي حَرِيّ و خَليق؛ و هو أَحْجَي به. قال الأعشي:
أَمِ الصَّبْرُ أَحْجَي فإنّ امْرأً سيَنْفَعُه عِلْمُه إن عَلِمْ «1»

[حجر]

: أبو الدَّرداء رضي اللّٰه عنه- ترك الغَزْو عاماً، فبعث مع رجل صُرَّة، فقال:
فإذا رأيت رَجلًا يسيرُ من القوم حَجْرَة، في هَيْئته بَذَاذَةٌ فادْفَعْها إليه.
الحَجرَة: الناحية.

[حجج]

*: معاوية رضي اللّٰه عنه- قال رجلٌ: خاصمت إليه ابنَ أخي، فجعلت أحُجّ خَصْمي؛ فقال: أنت كما قال أبُو دوَاد:
أنّي أُتِيح لها حِرْبَاءُ تَنْضُبَةٍ لا يُرْسِلُ السَّاقَ إِلَّا مُمْسِكاً سَاقَا «2»
أحَجّه: غلبه في المحاجّة، شبّهه في تعلقه بحُجَّةٍ بعد انقضاء أُخْرَي بفعل الحِرْباء في إمساكه ساقَ شجرة عند إرسال غيرها.

[حجز]

: في الحديث: تزوّجوا في الحجْزِ الصالح، فإن العِرْق دَسَّاس.
هو الأصلُ و المنبِت. و قيل: هو فَصْل ما بين فَخِذ الرّجل و الفَخِذ الأخري من عشيرته؛ سُمِّي بذلك لأَنه يُحْتجَز بهم، أي يُمتنع، و إن رُوِي بالكسر فهو بمعني الحُجْزَة، كناية عن العِفّة و طِيب الإِزار.

[حجا]

: رأيت عِلْجاً يوم القادسية قد تكنّي و تَحجَّي، فَقَتَلْته.
أي زَمْزم، و الحِجَاء- ممدود: الزَّمْزَمَة.
حَجْرتَا الطريق في (بو). حَجْرَاء في (طم). من وراء الحَجَزة في (فر). كالجمل المحْجُوم في (صع). كالجَحَفة في (ذر). فيسْتَحْجي في (غد). و احْتجانَه في (نو).
الحَواجِب في (شذ). [بمحجته في (فز). تحجّي في (كن)].

الحاء مع الدال

[حدج]

*: النبيّ صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- ألم تروْا إلي ميّتكم حين يَحْدِج ببصره فإنما ينظر إلي المِعْراج من حُسْنه.
______________________________
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 35.
(3) (*) [حجج]: و منه الحديث لم يترك حاجَّة و لا داجَّة. و منه الحديث: فحجَّ آدم موسي. النهاية 1/ 341.
(2) البيت في لسان العرب (جرب).
(4) (*) [حدج]: و منه في حديث ابن مسعود: رأيت كأني أخذت حدجة حنظل فوضعتها بين كتفي أبي جهل.
النهاية 1/ 352.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 230
أي يرمي ببصره و يُحدّ نظرَه.
و منه
حديث ابن مسعود رضي اللّٰه عنه: حَدِّث القوم ما حَدَجوك بأبصارهم.
أي ما داموا نشيطين لسماع حَدِيثك مُقْبلين عليك.

[حدد]

*: في قصة حُنين: إن مالك بن عَوْف النَّصريّ قال لغُلَام له حادِّ البصر: ما تري؟ فقال: أرَي كَتيبةَ حَرْشَف، كأنهم قد تشذَّروا للحَمْلَة، ثم قال له: ويلٌ! صِفْ لي، قال: قد جاء جَيْش لا يُكَتُّ و لا يُنْكَف.
يقال: رجل حَديد البصر و حادُّه، كقولهم: كليل البصر و كالُّه.
الْحَرْشَف: الرجَّالة.
تَشَذَّرُوا: تهيئوا.
لا يُكَتُّ: لا يُحْصي.
لا يُنْكَف: لا يُقْطع، و لا يُبلغ آخره، يقولون: رأينا غيثاً ما نَكَفه أحد سار يوماً و لا يومين.
[حدد]:
قال في السُّنة: في الرأس و الجسد قَصُّ الشاربِ و السِّواك و الاسْتِنْشاق و المَضْمضة و تقليم الأَظفار و نَتْف الإِبط و الخِتان و الاستنجاء بالأَحجار و الاسْتِحداد و انْتِقَاص الماء.
استحدَّ الرجلُ: إذا استعان، و هو استفعل من الحديد، كأنه استعمل الحديد علي طَرِيق الكناية و التَّوْرية.
و منه
حديثه: إنه حين قدم من سفرٍ أراد الناسُ أن يَطْرقوا النساء ليلًا، فقال: أَمْهِلوا حتي تَمْتَشِط الشّعِثَة، و تستَحِدَّ المُغِيبَة.
قيل في انتقاص الماء: هو أن يَغْسل مذاكيره ليرتدّ البول؛ لأنه إذا لم يفعل نزل منه الشي‌ء بعد الشي‌ء؛ فيعسر اسْتِبراؤه، فلا يخلو الماء من أن يُرَاد به البول، فيكون المصدر مضافاً إلي المفعول، و أن يُرَاد به الماء الذي يغسل به، فيكون مضافاً إلي الفاعل، علي معني و انتقاص الماء البول، و انْتَقص يكونُ متعدّياً و غير متعد. قال عديّ بن الرّعلاء:
لم ينتقص مِنّي المَشِيب قُلَامة الآنَ حينَ بَدَا ألبُّ و أَكْيس
______________________________
(1) (*) [حدد]: و منه حديث أبي العالية: إن اللَّمم ما بين الحدين. و منه حديث خبيب: أنه استعار موسي ليستحد به. و في حديث عبد اللّٰه بن سلام: إن قومنا حادُّونا لما صدقنا اللّٰه و رسوله. و منه الحديث في صفة القرآن: لكل حرف حَدٌّ. النهاية 1/ 353.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 231
و قيل: هو تصحيف، و الصوابُ انتفاصُ الماء- بالفاء، و المراد نَضْحه علي الذَّكر، من قولهم: لنَضْح الدم القليل: نُفَص، الواحدة نُفْصَة، قال حُمَيد «1»:
طافت ليالي و انضمَّت ثميلتُها و عاد لحمٌ عليها بادن نَخَصا
فجاءها قانص يسعي بضارية تري الدِّماء علي أَكتافها نَفَصا

[حدث]

*: إنّ في كل أمة مُحَدَّثين و مُرَوَّعين، فإن يكن في هذه الأمة أحدٌ فإن عُمَر منهم!.
المحدَّث: المصيب فيما يحدُس، كأنه حُدِّث بالأمر.
قال أَوْس:
*نِقَاب يُحَدِّثُ بالغَائب «2»
* و المروَّع: الذي يُلْقي الشي‌ء في روعه صدقُ فراسته.

[حدد]

: خيارُ أمتي أَحِدّاؤُها.
هو جمع حَديد، كأشدّاء في جمع شديد، و المراد الذين فيهم حِدّة و صَلابة في الدين.

[حدر]

*: قال: إن أُبيّ بن خَلَف كان علي بعيرٍ له و هو يقول: يا حَدْرَاها يا حَدْرَاها!
قال أبو عبيدة: يريد هل أحد رأي مثل هذه! و يجوز أن يريد يا حَدْرَاء الإِبل، فقَصَرها، و هو تأنيث الأَحْدَر، و هو الممتلي‌ء الفخِذ و العجز الدَّقيق الأعلي، و أراد بالبعير الناقة. و في كلامهم حَلَبْتُ بعيري و صَرَعَتْني بعيرٌ لي.

[حدج]

: عمر رضي اللّٰه عنه حِجَّةً هاهنا ثم احْدِجْ ههنا حتي تَفْنَي.
أي احدِج إلي الغَزْو. و الحَدْج: شدُّ الأَحْمَال و توسيقها.
تَفْنَي: تهرم، من قولهم للكبير: فانٍ. قال لبيد:
حبائلُه مَبْثُوثَةٌ بسبيلِه و يَفْنَي إذَا ما أخطَأْتْهُ الحَبائِلُ «3»
______________________________
(1) البيتان في ديوان حميد ص 101.
(4) (*) [حدث]: و منه في حديث عائشة: لولا حدثان قومك بالكفر لهدمت الكعبة و بنيتها. و منه الحديث:
إياكم و محدثات الأمور. النهاية 1/ 350، 351.
(2) صدره:
نجيحٌ جوادٌ أخو ماقطٍ
و البيت في ديوان أوس ص 13.
(5) (*) [حدر]: و منه الحديث: إذا أذَّنت فترسَّل و إذا أقمت فاحدر. و منه حديث ابن عمر: كان عبد اللّٰه بن الحارث بن نوفل غلاماً حادراً. النهاية 1/ 353، 354.
(3) البيت في ديوان لبيد ص 254.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 232
أو أراد حتي تموت. و المعني: حجّ حجة واحدة، ثم أقبل علي الجهاد ما دامت فيك مسكة أو ما عِشْت.

[حدر]

: عليّ عليه السلام- عن أم عطية: وُلِد لنا غلام أَحْدَرُ شي‌ءٍ و أَسْمنه، فحلفَ أبوه لا يقرب أمَّه حتي تَفْطِمه، فارتفعوا إلي عليّ، فقال: أَ مِنْ غضَبٍ غضبتَ عليها؟ قال:
لا، و لكني أردتُ أن يَصْلُح ولدي، فقال: ليس في الإصلاح إيلاء.
حَدُر حَدْراً فهو حادِر: إذا غَلُظ جِسْمُه.
ليس في الإصلاح إيلاء، أي أن الإِيلاء إنما يكون في الضّرار و الغَضَب لا في الرِّضا.
قال يوم خَيْبَر:
أنا الذي سَمَّتْنِ أُمِّي حَيْدَرَهْ كلَيْثٍ غاباتٍ كَرِيهِ المَنْظَرَه
أَوْفِيهم بالصاع كَيْلَ السَّنْدَره «1»
* قيل: سمتْهُ أمّه فاطمة بنت أَسد باسم أبيها، و كان أبو طالب غائباً، فلما قدم كرهه و سمَّاه علياً
، و إنما لم يقل: سمتني أسداً؛ ذهاباً إلي المعني. و الحَيْدَرة: من أسماء الأسد.
السَّنْدَرة: مكيال كبير كالقَنْقَل «2». و قيل: امرأة كانت تبيع القَمْح و تُوفِي الكيل.
و المعني: أقتلكم قَتْلًا واسعاً. و قيل: السَّنْدَرة العَجَلة، و المراد تَوَعُّدهم بالقتل الذريع.
و وَجْه الكلام: أنا الذي سمَّتْه، ليرجعَ الضميرُ من الصلة إلي الموصول، و لكنه ذهبَ إلي المعني؛ لأنَّ خبر المبتدأ هو، أعنِي أن الذي هو أنا في المعني، فردّ إليه الضمير علي لفظ مردود إلي أنا، كأنه قال: أنا سمتني.
جَمع الغابة ليجعلَ اللَّيْثَ الذي شبَّه به نفسه حامياً لغِياضٍ شتّي؛ لفرط قوَّته و مَنَعةِ جانِبه.

[حدد]

: صفية بنت أبي عبيد رضي اللّٰه عنهما- اشتكت عينَاها و هي حادٌّ علي ابنِ عمر زوجِها، فلم تَكْتَحِل حتي كادت عيناها تَرْمَضان.
حَدَّ تُحَدُّ حَدًّا، و المعني أحدّت: إذا تَركت الزينةَ بعد وفاةِ زوجها و هي حادّ، أي ذات حِدَاد، أو شي‌ء حادّ علي المذهبين.
الرَّمض معروف. و إن روي: تَرْمَضان فالرَّمَض الحمّي.
______________________________
(1) الرجز للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص 77، و أدب الكاتب ص 71، و خزانة الأدب 6/ 62، 63، 65، 66، 67، و الدرر 1/ 280، و بلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 294، 6/ 90، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1078، و همع الهوامع 1/ 86.
(2) القنقل: المكيال الضخم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 233‌

[حدق]

*: الأحنف رحمه اللّٰه تعالي- قدِم علي عمر في وفد أَهل البصرة و قَضَي حوائجهم، فقال: يا أميرَ المؤمنين؛ إن أَهل هذه الأمصار نزلوا في مِثْل حَدَقةِ البعير من العيون العِذاب، تأتيهم فواكِههم لم تُخْضَد- و روي: لم تُخَضّد.
و
روي: إنَّ إخْوَانَنا من أهل الكوفة نزلوا في مثل حُوَلَاء الناقة من ثِمار مُتَهَدِّلة، و أنهار متفجّرة، و إنَّا نزلنا بسَبَخَةٍ نَشَّاشة، طرَفٌ لها بالفَلَاة، و طرف لها بالبحر الأُجاج، يأتينا ما يأتينا في مثل مَري‌ء النعامة، فإن لم ترفع خَسِيسَتَنا بعطاءٍ تُفَضِّلنا به علي سائر الأمصار نهلك، فحبسه عنده سنة. و قال: خشيتُ أن تكون مُفَوَّهاً ليس لك جُول.
شبه بلادهم في خصبها و كَثْرة مائها بحدَقة البعير و حُوَلاء الناقة؛ لأنَّ الحدَقة تُوصف بكثرة الماء. و قيل: أراد أنّ خصبها دائم لا يَنْقَطع، لأن المُخّ ليس يبقي في شي‌ء بقاءه في العين.
و الْحوَلاء: جلدة رقيقة تخرج مع الحُوَار «1» كأنها مرآة مملوءة ماء أصفر، يسمي السُّخْد. قال الكميت:
و كالحولاء مراعي المسي م عندك و الرئة المنهل
خَضدَ الشي‌ء: ثناه و تخضَّد تثني، يعني أنّ فواكههم قريبة منهم؛ فهي تأتيهم غضَّة لم تتثنَّ و لم تتكسّر ذبولًا.
التهدّل: الاسترخاء و التدلّي.
النّشاشة: من النّشيش، و الغَلَيان.
مري‌ء النعامة: مَجْرَي طعامها، و هو ضيّق؛ يعني نَزَارة قوتهم.
الخسيسة: صفة للحال.
المفوّه: البليغ المنطيق، كأنه المنسوب إلي الفَوَه؛ و هو سعة الفم.
الجُول: العقل و التماسك، و أصله جانب البئر، و مثله قولهم: ما له زَبْرٌ؛ من زَبَرْت البئر.

[حدا]

*: مجاهد رحمه اللّٰه تعالي- كنت أتحدَّي القرَّاء فأَقرأ.
أي أتعمدهم، و التحدّي و التحرّي بمعني.
______________________________
(2) (*) [حدق]: و منه في حديث معاوية بن الحكم: فحدَّقني القوم بأبصارهم. النهاية 1/ 354.
(1) الحوار: ولد الناقة.
(3) (*) [حدا]: و منه في حديث ابن عباس: لا بأس بقتل الحدو و الإفعؤ. النهاية 1/ 355.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 234‌

[حدث]

: الحسن رحمه اللّٰه- حَادِثُوا هذه القلوب بذِكْرِ اللّٰه، فإنها سريعة الدُّثُور، و اقْدَعُوا هذه الأَنفس فإنها طُلَعة.
محادثة السيف: تعهّده بالصقل و تطريته. قال زيد الخيل:
أُحَادِثُه بصقلٍ كلَّ يومٍ و أَعْجمهُ بهَامَاتِ الرِّجالِ
فشبّه ما يركبُ القلوب من الرَّيْن بالصَّدَأ و جلاءَها بذكر اللّٰه بالمُحَادثة.
و الدُّثور: الدروس.
القَدْع: الكفّ.
الطُّلَعة: التي تَطَلَّع إلي هواها و شَهَوَاتها.

[حدب] [حدبر]

*: ابن الأشعث- كتب إلي الحجاج: سأَحْمِلك علي صَعْب حَدْباء حِدْبار يَنِجُّ ظَهْرُها.
الحِدْبار: التي بَدَا عَظْم ظهرها و نَشَزَت خَزَاقيفها هُزَالًا. قال الكميت:
ردّهنّ الهزال حُدْباً حَدَابي رَ و طيّ الإِكَامِ بَعْدَ الإِكَام
نجيج القُرْحة: سَيَلانها قَيْحاً، قال:
فإنْ تَكُ قُرْحةٌ خَبُثَتْ و نَجَّتْ فإنَّ اللّٰه يشفي من يَشَاءُ «1»
ضرب ذلك مثلًا للأمر الصَّعْب و الخُطَّةِ الشَّدِيدة.

[حدل]

: في الحديث: القضاةُ ثلاثة: رجل عَلِم فعدَل، فذلك الذي يَحْرُزُ أموالَ الناس و يَحْرُزُ نفسه في الجنّة. و رجل عَلِم فحدَل، فذلك الذي يُهلك الناس و يُهلك نفسه في النار، و ذكر الثالث.
حَدَل: ضدّ عدَل، من قولهم: إنَّه لحَدْل غير عَدْل.
و يحدرُ في (بض). حَدَجة حنظل في (أل). نحدرها في (ظ). فحدِأ في (بج). الحدو في (به). أو عصا حديدة في (رف).
______________________________
(2) (*) [حدب] [حدبر]: و منه في حديث قتيلة: كانت لها ابنة حديباء. و في حديث علي في الاستسقاء: اللهم إنا خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنين. النهاية 1/ 349، 350.
(1) البيت لجرير في لسان العرب (نجج)، و رواية لسان العرب:
فإن اللّٰه يفعل ما يشاءُ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 235‌

الحاء مع الذال

[حذف]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- تراصُّوا في الصَّلاة لا تَتَخَلّلكم الشياطين، كأَنها بنات حَذَف.
و
روي: أقيموا صفوفَكم لا يتخلّلكم كأوْلاد الْحَذَف- قيل: يا رسول اللّهِ؛ و ما أولاد الحذَف؟ قال: ضأنٌ سودٌ جُرْد صِغار تكون باليمن.
كأنها سميت حذَفاً؛ لأنها محذوفة عن مِقدار الكبار و نظيره قولهم للقصير: حُطَائط، قيل: لأنه حُطّ عن مقدار الطويل.
كأولاد: الكاف فيه في محل الرفع علي الفاعلية، و مثله الكاف في قول الأعشي:
هل تَنْتَهون و لن يَنْهي ذوي شَطَط كالطَّعْن يَذْهَبُ فيه الزيت و الفُتُلُ «1»

[حذا]

*: في ليلة الإسراء: انطلق بي إلي خَلْق من خَلْقِ اللّٰه كثير موكَّل بهم رجالٌ يَعْمِدُون إلي عُرْض جَنْبِ أحدهم فيَحْذُون منه الحُذْوَة من اللحم مثلَ النعل، ثم يَضْفِزونه في أحدهم، و يقال له: كُلْ كما أكلت.
أي يقطعون منه القِطْعَة، من حَذْوِ النعل.
و منه
الحديث- في مس الذكر: إنما هو حِذْية منك.
يَضْفِزُونه: يرفعونه فيه، من ضَفَزْت البعير: إذا جمعت ضِغثاً فلقّمته إياه، و ضَفَزْت الفرسَ لجامه.

[حذل]

: من دخل حائطاً فَلْيَأْكُلْ منه غيرَ آخذٍ في حُذْلِه شيئاً- و روي «في حُذْنِه».
و هما التبّان.
______________________________
(2) (*) [حذف]: و منه الحديث حذف السلام في الصلاة سنّة. و في حديث عرفجة: فتناول السيف فحذفه به.
النهاية 1/ 356.
(1) البيت من البسيط، و هو للأعشي في ديوانه ص 113، و الأشباه و النظائر 7/ 279، و الجني الداني ص 82، و الحيوان 3/ 466، و خزانة الأدب 9/ 453، 454، 10/ 170، و الدرر 4/ 159، و سر صناعة الإعراب 1/ 283، و شرح شواهد الإيضاح ص 234، و شرح المفصل 8/ 43، و لسان العرب 14/ 272 (دنا)؛ و المقاصد النحوية 3/ 291، و بلا نسبة في الخصائص 2/ 386، و رصف المباني ص 195، و شرح ابن عقيل ص 366، و المقتضب 4/ 141، و همع الهوامع 2/ 31.
(3) (*) [حذا]: و منه في حديث ضالة الإبل: معها حذاؤها و سقاؤها. و منه الحديث: إنما فاطمة حذية مني يقبضني ما يقبضها. و منه حديث ابن جريج: قلت لابن عمر: رأيتك تحتذي السبت. النهاية 1/ 357.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 236
و منه قولهم: هو في حُذْل أمه؛ أي في حِجْرِها، و أنشد:
أَنَا مِنْ ضِئْضِي‌ءِ صِدْقٍ بَخْ و في أكرمِ حُذْل «1»

[حذا]

: ابن عباس رضي اللّه عنهما- قال في ذات عِرْق: هي حَذْوَ قَرَنٍ- و روي وزان قَرَن.
و معناهما واحد؛ أراد أنها مُحَاذِية قَرَن فيما بين كلِّ واحد منهما و بين مكة، فمن أَحْرَم من هذا كمن أَحْرمَ من ذاك.

[حذاء]

: ابن غَزْوان رضي اللّٰه عنه- خطب الناس فقال: إن الدنيا آذَنَتْ بصَرْم، و ولَّتْ حَذّاء، فلم يبق منها إلا صُبَابة كصُبَابة الإناء.
الحذّاء: الخفيفة السريعة.
و منه قولهم للسارق: أحذّ اليد، و للقصيدة السيارة: حَذَّاء.
حُذاقيّ في (صع). إن لم يُحْذِك في (دو). فاحْذِمْ في (رس). أن يَحذِفها في (لب)، حِذَاؤها في (عف).

الحاء مع الراء

[حرق]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- قال حريث: رأيته دخل مكة يوم الفَتْح، و عليه عِمامة سوداء حَرَقانيَّة، قد أرخي طَرَفَها علي كَتفيه.
هي التي علي لَوْن ما أَحرقته النار، كأنها منسوبة بزيادة الألف و النون إلي الحَرَق؛ يقال: الحَرْق بالنار و الحَرَق معاً، و الحرَق من الدّق [الذي يعرض للثوب عند دقّه] محرّك لا غير.
و منه
حديث عمر بن عبد العزيز رحمهما اللّٰه: إنه أراد أن يستبدل بعمّاله لِمَا رأي من إبطائهم في تنفيذ أمره فقال: أما عديّ بن أَرْطَأة فإنما غرَّني بعمامته الحَرَقانية. و أما أبو بكر بن حَزْم فلو كتبت إليه أذْبح لأهل المدينة شاةَ لرَاجَعني فيها: أ قَرْناء أم جمَّاء؟

[حرس]

*: لا قَطْعَ في حَرِيسَةِ الجَبَل.
هي الشاة مما يُحْرَس بالجبل من الغَنم و هي الحَرَائس.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (ضأضأ).
(2) (*) [حرق]: و منه الحديث: ضالة المؤمن حَرَقُ النار. و منه الحديث: يحرقون أنيابهم غيظاً و حنقا. النهاية 1/ 371، 372.
(3) (*) [حرس]: و منه في حديث أبي هريرة: ثمن الحريسة حرام لعينها. و في حديث معاوية: أنه تناول قُصَّة من شعر كانت في يد حَرَسي. النهاية 1/ 367.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 237
و منه
حديثه الآخر: إنه سُئِلَ عن حَريسة الجبل، فقال: فيها غُرْم مِثْلِها، و جَلَدَاتٌ نَكالًا، فإذا آواها المُرَاح ففيها القَطع.
و احترس فلان: إذا استَرق الحريسة.
و منه
الحديث: إن غِلْمة لحاطب [بن أبي بَلْتَعة] احترسوا ناقةً لرجل فانتحرُوها.

[حرش]

*: إن رجلًا أَتاه بضِبَاب قد احْتَرَشها. فقال: إن أمةً مُسُخت، فلا أَدْري لعلّ هذه منها.
الاحتراش: أن يمسح يده علي الْجُحْر و يحرّكها حتي يظنّ الضبُّ أنها حيّة، فيُخْرِج ذنبه ليضربها فيقبض عليه، و هو من الحَرْش بمعني الأثَر، لأن ذلك المسح له أَثر.

[حراوة]

: تغدّي أعرابي مع قومٍ فاعتمد علي الْخَرْدَل، فقالوا: ما يُعْجِبُك منه؟ قال:
حَرَاوته و حَمْزه.
الحرَاوة و الحَمْز: اللَّذْع و القَرْص باللسان.

[حرث]

*: سَمُّوا أولادكم أسماء الأنبياء، و أحسنُ الأسماء عبد اللّٰه و عبد الرحمن، و أصدقُها الحارث و همام، و أقبحها حَرْب و مُرَّة.
قيل: لأنه ما من أحد إلّا و هو يَحْرث، أي يكسب. و يهمّ بالشي‌ء أي يعزم عليه و يريده. و كره حرباً و مُرّة ذهاباً إلي معني المحاربة و المَرَارة.

[حرأ]

*: كان قبل أن يوحي إليه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يأتي حِرَاءَ فيتحنّث فيه الليالي.
حِرَاء: من جبال مكة معروف، و منهم من يؤنثه فلا يصرفه، و للناس فيه ثلاث لحنات: يفتحون حاءه و هي مكسورة، و يقصرون ألفَه و هي مَمْدُودة، و يميلونها و لا يسوغ فيها الإِمالة؛ لأن الراء سبقت الألف مفتوحة و هي حرف مكرّر فقامت مقام الحرف المستعلي، و مثل رافع و راشد لا يُمال.
التحنّث: التعبد، و معناه إلقاؤه الحْنث عن نفسه، كالتحرّج و التحوّب.
و منه
حديث حَكِيم بن حِزَام القرشيّ رضي اللّٰه عنه: يا رسول اللّٰه؛ أرأيتَ أموراً كنت
______________________________
(1) (*) [حرش]: و منه حديث أبي حثمة في صفة التمر: و تحترش به الضّباب. و منه حديث علي في الحج:
فذهبت إلي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم مُحرّشاً علي فاطمة. النهاية 1/ 368.
(2) (*) [حرث]: و منه الحديث: احرث لدنياك كأنك تعيش أبداً، و اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً. و منه:
و عليه خميصة حريثية. النهاية 1/ 359، 361.
(3) (*) [حرأ]: و منه حديث الصديق: فما زال جسمه يحري بعد وفاة النبي صلي اللّه عليه و سلم حتي لحق به. و منه: إن هذا لحريٌّ إن خطب أن ينكح. و منه الحديث: تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر. النهاية 1/ 375، 376.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 238
أتحنّث بها في الجاهلية من صدَقة و صِلَة رَحِم؛ هل لي فيها أجر؟ فقال النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: أَسْلَمت علي ما سلَفَ من خير.

[حرق]

: نهي عن حَرْق النَّواة، و أن تُقْصَع بها القَمْلَة.
قيل: هو إحراقها بالنار، و يجوز أن يكونَ من حرَق الشي‌ء، إذا بَرَده بالمِبرَد.
و القَصْع: الفَضْخ؛ و إنما نهي عن ذلك إكراماً للنخلة، قيل: لأنها مخلوقة من فَضْلة طينة آدم عليه السلام.
و
في الحديث: أَكْرِموا النخلة فإنها عمتكم.
و
في حديث آخر: نعمت العمّة لكم النَّخلة.
و قيل: لأن النوي قوتٌ للدواجن.
بُعِث عروة بن مسعود رضي اللّٰه عنه إلي قومه بالطائف، فأَتاهم فدخل مِحْراباً له فَأَشْرف عليهم عند الفَجْرِ، ثم أذّن للصلاة، ثم قال: أَسْلموا تَسْلموا؛ فقتلوه.
المِحْراب: المكان الرفيع و المجلس الشَّريف؛ لأنه يُدَافع عنه و يحارب دونه.
و منه قيل: مِحراب الأسد لمأْواه، و سمي القَصْر و الغرفة المنيفة محراباً. قال:
رَبَّةُ مِحْرابٍ إذا جِئْتُهَا لم أَلْقَهَا أوْ أرْتقِي سُلَّما «1»

[حرض]

*: ما من مؤمن مَرِض مَرضاً حتي يُحْرِضَه إلا حطّ اللّٰه عنه خَطاياه.
أي يُشْرِف به علي الهلاك.

[حرج]

*: في قصة بدر:
عن معاذ بن عَمْرو بن الجُموح رضي اللّٰه تعالي عنه قال:
نظرت إلي أبي جَهْل في مثل الحرَجَة، فصمدتُ له، حتي إذا أَمْكَنَتْنِي منه غِرّة حملتُ عليه، فضربتُه ضَرْبةً طرحت رِجله من الساق، فشبَّهْتها النواةَ تَنْزُو من المَراضِخ.
الحرَجة: الغَيْضة التي تضايقت لالتفافها، من الحَرَج و هو الضيق.
الصَّمْد: القَصْد.
المِرضخة: حجر يُرْضَخ به النوي.

[حرب] [حرث]

: إن المشركين لمَّا بلغهم خروجُ أصحابِ صلي اللّٰه تعالي عليه
______________________________
(1) البيت لوضاح اليمن في لسان العرب (حرب).
(2) (*) [حرض]: و منه في حديث عطاء في ذكر الصدقة: كذا و كذا و الإحريض. النهاية 1/ 369.
(3) (*) [حرج]: و منه حديث اليتامي: تحرجوا أن يأكلوا معهم. و منه الحديث: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم و المرأة. و منه حديث ابن عباس في صلاة الجمعة: كره أن يحرجهم. النهاية 1/ 361.
(4) (*) [حرب]: و منه في حديث الحديبية: و إلا تركناكم محروبين. و منه حديث المغيرة: طلاقها حريبة. و منه-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 239
و آله و سلم إلي بَدْر يَرْصُدون العِير. قالوا: اخْرُجُوا إلي مَعَايشكم و حَرَائِبكم
- و روي بالثاء.
الحرائب: جمع حَرِيبة، و هي المالُ الذي به قِوَام الرجل.
و الحرائث: المكاسب، من الاحتراث، و هو اكْتِساب المال، الواحدة حريثة. و قيل:
هي أَنْضاء الإِبل، من أَحْرَثنا الخيل و حَرَثناها: إذا أهزلناها.

[حرف]

*: تزوَّج رجل من المهاجرين امرأةً من الأنصار فأراد أن يَأْتيهَا، فأبَتْ إلَّا أن تُؤتَي علي حَرْف، حتي شَرِيَ أمرهما، فبلغَ رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم؛ فأنزل اللّٰه تعالي: نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰي شِئْتُمْ [البقرة: 223].
الْحَرْف: الطرفُ و الناحية. و المعني إتيانها علي جَنْب.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه عنهما: كان أهلُ الكتاب لا يأتون النساء إلّا عَلَي حَرْف، و كان الأنصارُ قد أخذوا بذلك من صنيعهم، و كان هذا الحيّ من قريش يشْرَحون النساء شَرْحاً مُنْكَراً.
قيل: شرَح المرأَة: إذا سلقها علي قَفاها، ثم غَشِيها.
و قيل: معني علي حَرْف ألّا يتمكن منها تمكن المتوسّط المتبحبح في الأمر. و الشَّرح:
أن يتمكّن منها، من شَرْحِ الأمر، و هو فتح ما انْغَلق منه.
شَرِيَ: أي عظم و ارتفع، من شَرِيَ البرقُ و هو أن يتتابع في لمعَانه.

[حرز]

*: أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يُوتر من أوّل اللّيل و يقول:
*و احَرَزَا و أَبْتَغِي النَّوَافلَا
* و روي:
*أحرزتُ نَهْبي و أَبْتغي النوافِلَا
* الحَرَز: ما أَحرزته.
و النوافل: الزّوائد، و ألف و احَرزا منقلبة عن ياء الإضافة، كقولهم: يا غلاماً أقبل.
______________________________
- الحديث: الحارب المشلِّح. و منه حديث الدَّيْن: فإن آخره حَرَبٌ. و منه حديث أنس: أنه كان يكره المحاريب. و في حديث علي: فابعث عليهم رجلًا محراباً. النهاية 1/ 358، 359.
(1) (*) [حرف]: و منه حديث أبي هريرة: آمنت بمحرف القلوب. و منه الحديث: إن العبد ليحارَف علي عمله الخير و الشر. النهاية 1/ 370.
(2) (*) [حرز]: و منه في حديث يأجوج و مأجوج: فحرِّز عبادي إلي الطور. و منه حديث الدعاء: اللهم اجعلنا في حرزٍ حارزٍ. و في حديث الزكاة: لا تأخذوا من حرزات أموال الناس شيئاً. النهاية 1/ 366، 367.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 240
و هذا مثلٌ يضربه الطالب للزيادة علي الشي‌ء بعد ظَفره به، فتمثَّل به لأدَاء صلاة الوِتر و فراغ قَلْبِه منها و تنفّله بعد ذلك.

[حري]

: لما مات رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم أصابه حُزْن شديد، فما زال يَحْرِي بَدَنُه حتي لَحِق باللّٰه.
أي يَذُوب و ينقص. قال:
حتي كأني خاتل قَنَصا و المرءُ بعد تمامه يَحْرِي
و منه: الحاريَة من الأفاعي، و هي التي قيل فيها: حَارِيةٌ قد صَغُرَت من الكبر.

[حرف]

: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- ذكر فتيانَ قُريش و سرَفهم في الإِنفاق؛ فقال:
لحِرْفة أحدِهم أشدُّ عليّ من عَيْلَته.
الحِرْفة: بالكسر الطُّعْمَة، و هي الصناعة التي منها يَرْتَزق، لأنه مُنْحرِف إليها. و الحُرفة و الحُرف بالضم: من المُحَارَف و هو المحدود. و منها قولهم: حِرْفةُ الأدب، و المراد لعَدَمُ حِرْفَة أحدهم و الاغتمامُ لذلك أشدُّ عليّ من فَقْره.
و منه ما
يروي عنه: إني لأري الرجل فيُعجبني فأقولُ: هل له حِرفة؟ فإن قالوا: لا، سقط مِنْ عيني.
و الصحيح أن يريد بالحِرفة سَرَفهم في الإنفاق. و كل ما اشتغل به الإِنسانُ و ضري به من أي أمر كان؛ فإن العرب تسميه صنعة و حِرْفة؛ يقولون: صنعة فلان أن يفعل كذا، و حِرْفة فلان أن يفعل كذا، يريدون دَأْبَه و دَيْدَنه.

[حرق]

: عليّ عليه السلام- عليكم من النِّساء بالحَارِقة.
هي الضيّقة المَلَاقي كأنها التي تضم الفَعْل ضمّ العاضّ الذي يَحْرُق أسنانه، و يقال لها:
العَضوض و المَصُوص.
و
عنه عليه السلام: إنه سُئل عن امرأته، فقال: وجدتها حَارقة طارِقة فائِقة.
أراد بالطَّارقة: التي طَرَقَتْ بخير، و قيل: الحارقَة: النِّكاح علي الجنب، أخذت من حَارِقة الورك، و هي عَصَبة فيها، و المعني: عليكم من مباشرة النساء بهذا النَّوع.
و
عنه عليه السلام: كذَبَتْكم الحارقة، ما قام لي بها إلا أسماءُ بنت عُمَيس.

[حرر]

*: قال عليّ عليه السلام لفاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام: لو أتيتِ النبيَّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فسألته خادماً تقيك حارَّ ما أنتِ فيه من العَمَلِ!
______________________________
(1) (*) [حرر]: و منه في حديث أبي الدرداء: شراركم الذين لا يُعتَق مُحرَّرهم. و منه حديث أم المهاجر: لما نُعي عمر قالت: و احرّاه، فقال الغلام: حَرٌّ انتشر فملأ البشر. و منه الحديث: في كل كبد حَرَّي آجرٌ.
و منه حديث علي: حمس الوغا و استحرّ الموت. و في حديث عمر: ذُرِّي و أنا أحِرُّ لك. النهاية 1/ 363، 364، 365.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 241
أي شاقّه و شديدَه. جَعَلوا الحرارة عبارة عن الشدّة، و البرد عن خلافها، و قد سَبَق نحوٌ من ذلك.

[حرف]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- دخل علي مريض، فرأي جَبينَه يعرق، فقال:
موتُ المؤمن عَرَق الجبين، تبقي عليه البقيةُ من الذنوب فيُحَارَف بها عند الموت- و رُوِي:
فيكافَأُ بها.
المحارفة: المُقَايسة، و منه المِحْرَاف، و هو المِيلُ الذي يُقَايس به الجِراحة، فوُضعت مَوْضع المكافأة. و المعني أَن الشدَّةَ التي تُرْهقه حتي يعرَقَ لها جبينُه تقع كِفاءً لما بقِيَ عليه من الذنوب و جزاءً؛ فتكون كفَّارة له.

[حرث]

: احرثوا هذا القرآن.
أي فتِّشوه و تدَبَّروه.

[حرض]

: عوف رضي اللّٰه عنه- قال صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: رأيت مُحَلّم بن جَثّامة في المنام، فقلت: كيف أنت يا مُحَلّم؟ فقال: بخير؛ وجدْنا ربًّا رحيماً غفَر لنا.
قلتُ: أ كُلّكم؟ قال: كلّنا غير الأَحْرَاض. قلت: و مَنِ الأَحْراض؟ قال: الذين يشارُ إليهم بالأصابع.
أراد الفاسدِين المشتهرين بالشرّ الذي لا يخفي علي أحدٍ فسادُهم؛ شبّههم بالسَّقْمي المشرفين علي الهَلاك، فسماهم أحراضاً.

[حرم]

*: الحسَن رحمه اللّٰه- قال: في الرجل يُحْرِم في الغَضَب كذا.
أي يحلف في حال الغَضَب؛ و إنما سمي الحالف مُحرماً، لأنه يتحرّم بيمينه كالمُحْرِم الذي يَدْخُل في حُرْمة الحج و الحرَم. و منه إحرام المصلّي بالتكبير.

[حرر]

: الحجاج- باع مُعْتَقاً في حَرَاره.
يقالُ: حرَّ العبدُ حَراراً، قال:
*و ما رُدَّ من بَعْدِ الحرَارِ عَتِيقُ «1»
*______________________________
(2) (*) [حرم]: و منه حديث الصلاة: تحريمها التكبير. و منه الحديث: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم منها.
و منه: حريم البئر أربعون ذراعاً. النهاية 1/ 373، 375.
(1) صدره:
فما رُدَّ تزويجٌ عليه شهادةٌ
و قبله:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني فراقك لم أبخل و أنت صديق
-الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 242‌

[حرم]

: في الحديث: الذين تدركهم الساعة تُسَلَّطُ عليهم الحِرْمَة، و يُسْلَبون الحَياء.
هي الغلْمة، من حَرِمت الشاة و استحرمت: إذا اشتهت الفَحْل.

[حرق]

: الحرَقُ و الغَرَق و الشَّرَقُ شهادة.
هو الاحْتِراق بالنَّارِ.
حَرَق النار في (هم). يحرّف القلوب في (ذف). علي حَرَاجِيج في (عب). يَحْتَرِبون في (جر). و حَرْقَفَتَيْه في (ند). أحُرُّ لكِ في (أر). قد حَرِبَ في (كل). حَرَثْنَاها في (ظه).
سبعة أحْرُف في (أض). حَرْشَف في (حد). حَرْمد في (حر). حَرِيبة في (زو). مِحْرَدَها في (عي). حِرْبَاء تَنْضُبَة في (حج).

الحاء مع الزاي

[حزر]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- بعث مُصَدِّقاً فقال: لا تأخذ من حَزَرات أَنْفُسِ الناسِ شيئاً. خُذ الشَّارِفَ و البَكْر و ذَا العَيْب.
الحزَرَات: جمع حَزْرة، و هي خِيار مالِ الرَّجُل يَحْزُره في نفسه، كأنها سُمّيت بالمرَّة من الحَزْر، و لهذا المعني أُضيفت إلي الأنفس، و يقال: هي الحَرْزَة أيضاً بتقديم الراء من الإِحراز.
الشارف: الناقة المسنّة، و هي بينة الشروف؛ سميت لعلوّ سنّها. و منها قيل: السهم الشَّارِف للذي طالَ عهدُه فانْتَكَثَ عَقَبة و رِيشُه. كان ذلك في بدءِ الإِسلام؛ لأن السُّنة ألّا تُؤْخذ إلا بنتُ مخاض، أو بنتُ لَبُون، أو حِقّة، أو جذَعة.

[حزق]

*: كان يرقّص الحسن أو الحسين عليهم الصلاة و السلام فيقول:
حُزُقَّه حُزُقَّه. تَرقَّ عَيْن بَقّهْ
. فترقّي الغلام حتي وضع قدَمه علي صَدْره.
رُوِي: حُزُقَّة حُزُقَّهْ
، برَفْع الأول و تنوينه و الوقف في الثاني، و بالوقف فيهما. فوجه
______________________________
- و البيتان من الطويل، و هما بلا نسبة في الأزهية ص 62، و الأشباه و النظائر 5/ 238، 262، و الإنصاف 1/ 205، و الجني الداني ص 218، و خزانة الأدب 5/ 426، 427، 10/ 381، 382، و الدرر 2/ 198، و رصف المباني ص 115، و شرح الأشموني 1/ 146، و شرح شواهد المغني 1/ 105، و شرح ابن عقيل ص 193، و شرح المفصل 8/ 71، و لسان العرب 4/ 81 (حرر)، 10/ 194 (صدق) 13/ 30 (أنن)، و مغني اللبيب 1/ 31، و المقاصد النحوية 2/ 311، و المنصف 3/ 128، و همع الهوامع 1/ 143.
(1) (*) [حزق]: و منه الحديث: لا رأي لحازق. و منه الحديث: لا يصلي و هو حاقن أو حاقب أو حازق.
النهاية 1/ 378.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 243
الرواية الأولي أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره أنت حزقّةٌ و الثاني كذلك أو خبرٌ مكرر.
و وجه الروايةِ الثانية أن تكون منادي حُذِف منه حرف النداء، و هو في الشذوذ كقولهم: أَطْرِق كَرَا. و افْتَد مخنوق، و الثاني كذلك، أو تكرير للمنادي.
و الحُزُقّة: الضعيف القصير المقارب خَطْوه. قال امرؤ القيس:
و أَعْجَبني مَشْيُ الحُزُقَّةِ خَالدٍ كمَشْيِ أَتانٍ حُلِّئَتْ بالمنَاهلِ «1»
و عَيْن بَقّه: منادي؛ ذهب إلي صغر عَيْنه، تشبيهاً لها بعَيْنِ البَعُوضَة.

[حزم]

*: قال لأبي بكر رضي اللّٰه عنه: متي تُوتر؟ فقال: من أوَّل الليل. و قال لعمر: متي تُوتر؟ فقال: من آخر الليل. فقال لأبي بكر: أخذتَ بالحَزْم. و قال لعمر:
أخذت بالعَزْم.
الحزم: ضَبْط الأمر و الحذَر من فَوَاته. و العَزْم: عقد القَلْبِ علي الأمر و قوة الصريمة.
و منه
الحديث الآخر: إن أبا بكر و عمر رضي اللّٰه عنهما تذَاكَرا الوِتْر عند رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، فقال أبو بكر: أمَّا أنا فإني أنام علي وِتر، فإن استيقظتُ صلّيت شَفعاً إلي الصَّباح. و قال عمر: لكني أنامُ علي شَفْع ثم أُوتر من السَّحر.
فقال صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم لأبي بكر: حَذِر هذا، و قال لِعُمر: قَوِي هذا.

[حزق]

: عليّ عليه السلام- خطب أصحابَه في أَمر المَارِقين و حضّهم علي قِتَالهم، فلما قتلوهم جاءوا فقالوا: أَبْشِر يا أميرَ المؤمنين؛ فقد استَأْصَلْناهم. فقال: حَزْقُ عَيْرٍ، حَزْقُ عَيْرٍ، قَدْ بَقِيت منهم بَقِيَّة.
الحَزْق: الشدُّ البليغ و الضَّغْط و التضييق، يقال: حَزَقه بالحَبْل. و حزقَ القوسَ بالوَتَر.
و إبريق محْزُوق العنق: ضيّقها. و منه: حَزَق: إذا حبَقَ لما في الضَّرْط من الضّغْط؛ و فُسِّر علي وجهين: أحدهما: أن ما فعلتم بهم في قلَّةِ الاكتراثِ به حُصَاص «2» حِمار. و الثاني: أن أمرهم يعدّ في إحكامه كأنه وِقْر «3» حمار بولغ في شدّه. و المعني حزْق حِمْل عَيْرٍ، فحذف.

[حزز]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- الإثْم حزَّاز القلوب.
هي الأمور التي تحزّ في القلوب؛ أي تحكّ و تُؤَثّر و تخالج فيها أن تكون معاصي لفَقْد الطمأنينة إليها.
______________________________
(1) البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 95.
(4) (*) [حزم]: و منه الحديث: الحزم سوء الظن. و منه الحديث: أنه سئل ما الحزم؟ فقال: تستشير أهل الرأي ثم تطيعهم. و الحديث: أنه أمر بالتحزُّم في الصلاة. النهاية 1/ 379.
(2) الحصاص: الضراط.
(3) الوقر: الحمل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 244
و
رَوَاه بعضهم: حَوّاز القلوب
، أي يحوزُ القلوب و يغلبُ عليها و يجعلها في مَلْكَته.

[حزل]

: زيد رضي اللّٰه عنه- لما دَعاني أبو بكر إلي جَمْع القرآن دخلتُ عليه و عمر مُحْزَئِلّ في المجلس.
أي مسْتَوْفز، من قولهم: احزألّت الآكام: إذا زَهَاها السراب، و احزألّت الإِبل في السير: إذا ارتفعت فيه. قال الطِّرِمَّاح:
و لو خرجَ الدَّجَّال ينشد دِينَه لزَافَت تميمٌ حَوْلَه و احْزَأَلّت «1»
و كان عمرُ ينكر ذلك، و يقول: كيف نصنعُ شيئاً لم يصنعْه رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم؟ ثم وافَقَه بعد.

[حزن]

*: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- ذَكَر الْغَزْو، و من يَغْزُو و لا نِيَّةَ له، فقال: إنّ الشيطانَ يُحَزِّنه.
أي يجعله بوَسْوَسَتِه حزيناً نادماً علي مُفَارقة أهله، حتي يُفْسد عليه نيَّته. يقال: أحزنه الأمر و حزّنه.

[حزق]

: أبو سلمة رحمه اللّٰه- لم يكن أصحابُ رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم متحزّقِين و لا مُتَماوِتين، كانوا يتَنَاشَدُون الأَشعار، و يذكرون أَمْر جاهليّتهم، فإذا أُريد أَحدُهم علي شي‌ء من أَمر دينه دارت حَمَاليق عينيه كأنه مجنون.
المتحزِّق: المتقبّض. و المُتَماوت: من صِفَة المرائي بنُسْكه الذي يتكلّف التّزَمّت و تسكين الأطراف، كأنه ميّت.
و
عن عمر رضي اللّٰه تعالي عنه: لما رأي رجلًا مُتَماوِتاً، فخفقَه بالدِّرَّة قال: لا تُمِت علينا ديننا، أَماتَك اللّٰه!

[حزن]

: الشعبيّ رحمه اللّٰه- أُتي به الحجاج فقال: أ خَرَجْتَ علي يا شعبيّ؟ فقال:
أصلح اللّٰه الأمير، أَجْدب بنا الجَنَاب «2»، و أحزن بنا المنزل، و اسْتَحْلَسْنَا الخَوْفَ، و اكْتَحَلْنَا السَّهرَ؛ فأصابتنا خِزْية لم نكن فيها بررَةٌ أَتقياء، و لا فَجَرة أقوياء. قال: للّه أبوك! ثم أرسله.
أحزن المنزل: صار ذَا حُزونة، كأخصب و أجْدب، و يجوز أن يكون من قولهم: أَحْزَن الرجل و أسهل: إذا ركب الحَزْن و السَّهْل، و الباء للتَّعدية، يعني: و ركب بنا المنزل الحَزْن؛
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (حزل)، و فيه «ينشر دينه» بدل «ينشد دينه»، و زافت: أي أسرعت.
(3) (*) [حزن]: و منه الحديث: كان إذا حزنه أمرٌ صلّي. و منه حديث المغيرة: محزون اللهزمة. النهاية 1/ 380.
(2) الجناب: الناحية.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 245
لأنهم إذا نزلوه و هو حَزْن فكأنه قد أوطأهم الحَزْن.
استحلسنا الخوف: صيَّرْناه كالْحِلْس الذي يُفْتَرش.
خِزْية: أي خَصْلة خزينا فيها، أي ذللنا. قال:
فإني بحمدِ اللّهِ لا ثوبُ عاجز لَبِست و لا من خَزْيَة أَتقنّعُ

[حزور]

*: في الحديث: كنا مع رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم غلماناً حَزَاوِرة، فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلّم القرآن.
هو جمع حَزْوَر و حَزوَّر، و هو المُرَاهق، و التاء لتأنيث الجمع. و فلانٌ آخذ بحُزَّته أي بحُجْزَته، و قيل بعُنُقه.
حَزَّله حُزَّةً في (سع). حِزْبي من القرآن في (طر). حَزَبه أمر في (هي). مَحْزون في (زو). حَازِق في (حق). الحزقّة في (أر). [حزقان في (غي)].

الحاء مع السين

[حسب]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- الحَسب المالُ، و الكَرَم التَّقوي.
هو ما يعدّه من مآثره و مآثر آبائه.
و منه قولهم: من فاته حسبُ نفسِه لم ينتفع بحسَبِ أبيه. و قال ذو الرُّمة:
له قَدَمٌ لا يُنْكِرُ الناسُ أَنها مع الحسَب العادي طمَّتْ علي البحر
و قال المتلمّس:
و مَنْ كانَ ذَا بَيْتٍ كريمٍ و لم يَكُنْ له حَسَبٌ كان اللَّئِيمَ المُذَمَّمَا «1»
و
في حديث عمر رضي اللّٰه عنه: مِنْ حَسَبِ الرجل نَقاء ثوبيه.
و المعني: إنّ ذا الحسَب الفقير لا يُوَقَّر و لا يُتْفَلُ به، و مَنْ لا حسبَ له إذا رُزِق الثروة وَقُر و جَلّ في العيون.
و
في حديث آخر: حَسَبُ الرَّجل خُلقه، و كرمُه دِينه.
و
عنه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إن وَفْد هَوَازِن لما قدموا عليه يكلِّمونه في
______________________________
(2) (*) [حزور]: و منه حديث الأرنب: كنت غلاماً حَزَوَّراً فصدت أرنباً. النهاية 1/ 380.
(3) (*) [حسب]: و منه الحديث: تنكح المرأة لميسمها و حسبها. و منه الحديث: من مات له ولد فاحتسبه.
و منه حديث بعض الغزوات: أنهم كانوا يتحسبون الأخبار. النهاية 1/ 381، 382، 383.
(1) البيت في الأصمعيات ص 244.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 246
سَبْيهم قال لهم: اختارُوا إحدي الطائفتين: إمّا المال و إمّا السَّبي. فقالوا: أمّا إذ خيَّرْتنا بين المال و الحسَب فإنا نختارُ الحسَب، فاختارُوا أَبناءهم و نساءَهم.
قيل المراد بالحسَب هنا عَدَدُ ذَوي القرابات، و يجوز أن يُرَاد أن فِكاك الأساري و إيثارَه علي استرداد المال حَسَبٌ و فعال حَسَنَة فهو بالاخْتِيَارِ أَجْدر.

[حسس]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- مرَّ بامْرَأةٍ قد وَلدت، فدَعَا لها بشَرْبة من سَوِيقٍ و قال: اشْرَبي؛ هذا يَقْطَعُ الْحِسَّ.
هو وَجَعُ النُّفَساء غِبَّ الولادة.

[حسب]

: يأيها الناس، احْتَسِبُوا أعمالكم، فإنَّ من احْتَسب عَمله كُتِبَ له أَجْرُ عمله و أَجْر حِسْبتَه.
الاحْتِسَابُ من الْحَسْب كالاعتداد من العَدِّ. و إنما قيل: احتسب العمل لمن ينوي به وَجْهَ اللّٰه؛ لأنَّ له حينئذ أن يعتدَّ عمله، فجعل في حال مُبَاشرة الفعل كأنه معتدّ.
و الْحِسْبة: اسم من الاحتساب كالعِدَّة من الاعتداد. و قولهم: ماتت والدتي فاحتسبتُها. معناه: اعتدَدْتُ مصيبتها في جملة بلايَا اللّٰه التي أثَابَ علي التَّصبّر عليها.

[حسس]

: أتي بجرادٍ مَحْسُوس فأكلَه.
هو الذي مسّته النارْ حتي قَتَلَتْه، من الحسّ و هو القَتْلُ.

[حسب]

: طلحة رضي اللّٰه عنه- اشتري غُلَاماً بخَمْسمائة درهم و أَعتقه، فكتب: هذا ما اشتري طلحة بن عبيد اللّٰه من فلان ابن فلان العَبْشَمِيّ، اشتري منه فَتَاه ديناراً بخمسمائة دِرهم بالحَسب و الطيِّب، و دَفع إليه الثمن، و أَعْتَقه لوَجْه اللّٰه؛ فليس لأحدٍ عليه سبيلُ الولاء.
قيل: هو من حسَّبته إذ أكرمته، أي بالكَرَامة من البائع و المشتري و الرّغبة و طيب النفوس منهما.
العُطَارِديّ رحمه اللّٰه- قال له أبو عمرو بن العلاء: ما تَذكر؟ قال: أذكر مَقْتَل بِسْطام بنِ قَيْس علي الْحَسَن.
هو حَبْل من رمل. قال:
لأُمِّ الْأَرْضِ وَيْلٌ ما أَجَنَّتْ غداة أَضَرَّ بالحَسنِ السَّبيلُ «1»
______________________________
(2) (*) [حسس]: و منه الحديث: إن الشيطان حساس لحاس. و منه الحديث: حُسُّوهم بالسيف حساً. و منه الحديث في الجراد: إذا حسه البرد فقتله. النهاية 1/ 384، 385.
(1) البيت في لسان العرب (حسن)، و فيه «بحيث أضر» بدل «غداة أضر».
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 247
عُمِّر مائة و ثمانياً و عشرين سنة، و كانت وِلادته قبل الهجرة بإحدي عشرة سنة.
[حسب]:
سماك رحمه اللّٰه- قال شُعْبَة: سمعتُه يقول: ما حَسَّبُوا ضيفَهم.
أي ما أكرموه، و أَصْلُه من الْحُسْبَانة، و هي الوِسادة الصغيرة، و يقال لها المحْسَبة أيضاً؛ لأن من أُكرم أجلس عليها.
في الحديث: إن المسلمين كانوا يتحسَّبُون الصلاةَ، فيجيئون بلا دَاعٍ.
أي يتعرَّفون وقتها و يتوخَّونه، يأتون المسجد قبل أن يسمعوا الأَذَان.

[حسر]

*: يخرج في آخر الزمان رجلٌ يسمي أمير المعصب، أصحابُه مُحَسَّرُون مُحَقَّرُون مُقْصَوْن عن أَبْوَابِ السلطان، يأتونه من كلِّ أَوْبٍ كأنهم قَزَعُ الخريف، يوَرِّثهم اللّٰه مشارِقَ الأرض و مغاربها.
محسَّرُون: مُؤْذون محمولون علي الْحَسرة، أو مُدَفّعون مُبْعَدُون؛ من حَسَر القناع: إذا كشفه. أو مَطْرودون مُتْعَبون، من حَسَر الدابة [إذا أتعبها].
من كل أَوْب، قال ابن السراج: معناه أنهم جاءُوا من كل مآب يرجعون إليه و من كل مستقرّ.
القَزَع: السحاب المتفرق.
ادعُوا اللّٰه و لا تَسْتَحْسِرُوا.
هو أبلغ من الحُسُور؛ أي لا تَنْقَطِعُوا و لا تملُّوا.

[حسم]

*: عليكم بالصَّوْم فإنه مَحْسمَةٌ.
أَيْ مقطعة لِلْبَاءَةِ.
ثم حَسَمَهُ في (شق). لا يَحْسِرُ صابِحُها في (دك). حسّ في (هض). [عليها] حسيكة في (يس). فأحسِفُه في (حت). فحسك أمراس في (فر). تحسّف جلد الحية في (ظل).
حُسّر في (جف). حسَكة في (عر). و لا تحسُّوا في (رث). هل أحسستما في (سم).
حِسْمي في (رك). [حسرته في (مد). علي الحس في (حن). و لا تحسسوا في (جس)].
______________________________
(1) (*) [حسر]: و منه الحديث: لا تقوم الساعة حتي يُحسر الفرات علي جبل من ذهب. و منه حديث علي:
ابنوا المساجد حُسَّراً فإن ذلك سيماء المسلمين. و منه حديث أبي عبيدة: أنه كان يوم الفتح علي الحُسَّر. و منه الحديث: ادعوا اللّٰه عز و جل و لا تستحسروا. و منه حديث جرير: و لا يَحْسِرُ صابحها.
النهاية 1/ 383، 384.
(2) (*) [حسم]: و منه الحديث: أنه أُتي بسارق فقال اقطعوه ثم احسموه. النهاية 1/ 386.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 248‌

الحاء مع الشين

[حشش]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- إنّ رجلًا من أَسْلَم كان في غُنَيْمَةٍ له يَحُشُّ عليها في بَيْداءِ ذي الحُلَيْفَة إذ عَوَي عليه ذئب فانتَزَع شاةً من غنمه فجَهْجَأهُ الرجلُ بالحِجارة حتي استنقذ منه شَاتَه، فقال الذئب: أما اتقيتَ اللّٰه أن تَنزع مني شاة رُزقتها؟ فقال الرجل: تاللّهِ ما سمعتُ كاليوم قطّ! فقال الذئب: أَعْجب من ذلك هذا الرسول بين الحرّتين يحدِّث الناس بما خَلا و يُحدِّثهم بما هو آت. فلما سمع الرجل قولَ الذئب ساق غَنمه يَحُوزُها حتي جاء المدينة.
يحُش: بمعني يَهُشّ؛ أي يخبط الورق، و مثله مدَحَ و مَده!
جَهْجَأَه: زَجَرَه، و الهمزة بدل من هاء. قال عمرو بن الإطنابة:
و الضاربين الكَبْشَ يبرق بَيْضه ضرب المُجْهِجَه عن حِيَاض الآبل
يَحُوزُها: يجمعها في السوق.
ما سمعت كاليوم: أي ما سمعت أُعجوبة كأعجوبة اليوم؛ فحذف الموصوف و أقام الصفة مقامه، و المضاف و أقام المضاف إليه مقامه.
قال لأبي بَصِير رضي اللّٰه عنه: ويَلُمّه مَحِشَّ حَرْب لو كان معه رجال!
هو الذي يحُشّ «1» نار الحرب كثيراً، كقولهم: مِسْعَر حرب.
وي: كلمة تعجّب، و الأصل وَي لأمه، فحذفت الهمزة للتخفيف، و ألقيت حركتها علي اللام، و ربما كسرت إتباعاً للميم أو لأنها حركتها الأصلية، و انتصاب «مِحَشّ» علي التمييز.
عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- أُتي بامرأة مات زوجها، و اعتدّت بأربعة أشهر و عشر، ثم تزوّجت رَجلًا، فمكثت عنده أربعة أشهر و نصفاً، ثم وَلدت ولداً؛ فدعا عمرُ نساءً من نساء الجاهلية فسألهنّ عن ذلك. فقلن: هذه امرأةٌ كانت حاملًا من زَوْجها، فلما مات حَشَّ وَلَدُها في بطنها، فلما مسَّها الزوج الآخر تحرّك ولدُها؛ فأَلْحَقَ الولدَ بالأول.
حشَّ الولد في بطن المرأة: إذا يَبِس فيه، و هو حُشّ، و أحشَّت المرأة.

[حشف]

: عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- قال له أبان بن سعيد حينَ بعثه رسول اللّٰه صلي
______________________________
(2) (*) [حشش]: و منه في حديث الرؤيا: و إذا عنده نارٌ يحشُّها. و منه حديث عائشة تصف أباها: و أطفأ ما حشت اليهود. و منه حديث عمر: أنه رأي رجلًا يحتش في الحرم فزبره. و منه الحديث: أن رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم استخلي في حُشَّان. النهاية 1/ 389، 390.
(1) حش الحرب يحشها: إذا أسعرها و هيجها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 249
اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم إلي أساري المسلمين. يا عمّ؛ ما لي أراك متحشِّفاً؟ أَسْبِل، فقال:
هكذا إزْرَةُ صَاحِبنا.
أي متقَبِّضاً متقلّصَ الثوبِ، من الحَشَف و هو التَّمر اليابس الردي‌ء، و قيل: هو لابس الْحَشِيف، و هو الخَلَقُ. قال الهُذِليّ:
يُدْني الحشيفَ عليها كي يُوَاريَها و نفسه و هو للأطمار لَبّاسُ
الإِسبال: إرْخاءُ الإِزَار، و كان قد شمّره و قلَّصه.
الإِزْرَة: ضربٌ من الائتزار؛ و أراد بصاحبنا النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، يعني أنه إذا ائتزر شمّر و لم يُسْبل.

[حشش]

: ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- مَحَاشُّ النساءِ عليكم حَرَام.
المَحَشَّة: بالشين و السين: الدّبر- و قد روي بهما- و روي: مَحَاشي. و المَحْشَاة:
أسفل مواضع الطعام الذي يُؤَدِّي إلي المذهب، و هي المَبْعَر من الدواب.

[حشف]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- خلق اللّٰه البيتَ قبل أن يَخْلُق الأرض بأَلْف عام، و كان البيت زُبْدة بيضاء حين كان العَرْش علي الماء، و كانت الأرضُ تحتَه كأنها حشَفة، فدُحِيت الأرضُ من تَحْتِه.
هي صخرة تنبت في البحر. قال ابن هَرْمَة يَصِفُ ناقة:
كأنها قادِسٌ «1» يُصَرِّفها النُّو تيّ تحتَ الأمْوَاجِ عن حَشَفه
و
روي: كانت الكعبةُ خُشْفَة علي الماء، فدُحِيت من تحتها الأَرْض.
و هي أَكَمةٌ متواضعة.

[حشي]

*: أم سلمة رضي اللّٰه عنها- خرج رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم من بيتها ليلًا، و مضي إلي البَقِيع فتَبِعَتْه، و ظنَّت أنه دخلَ بعضَ حُجَر نسائه، فلما أحسَّ بسوَادِها قَصَدَ قَصْدَه، فعدَتْ و عَدَا علي أثرها، فلم يُدْركها إلا و هي في جَوْف حُجْرتها؛ فدنا منها و قد وقع عليها البُهْر و الرَّبو، فقال: ما لي أراكِ حَشْيَا رَابِية.
هي التي أصابها الحَشَي و هو الرّبو، و قد حَشِيت، و الرجلُ حَشْيان و حَشٍ.
في الحديث: كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يُصلِّي في حاشِية المقام.
______________________________
(1) القادس: لوح من ألواح السفينة و قيل هي السفينة، أو السفينة العظيمة.
(2) (*) [حشي]: و منه حديث الزكاة: خذ من حواشي أموالهم. و منه حديث معاوية: لو كنت من أهل البادية لنزلت من الكلأ الحاشية. النهاية 1/ 392.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 250
أَيْ في جانبه.
محشود في (بر). تحشحشنا في (حط). حيٌّ حُشَّد في (عب). لا يحشرْنَ في (عش). أو حشًّا في (حو). في الْحُشّ في (نش). و لا حَشّت في (نم). المحاشد في (رس). [ألا يحشروا في (ثو)].

الحاء مع الصاد

[حصد]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- قال لمُعَاذ بن جَبَل: اكْفُفْ عليك لسانَك! فقال: يا رسولَ اللّٰه؛ أ وَ إنا لمأخوذون بما نتكلَّم؟ فقال: ثَكلتْك أُمك يا مُعَاذ! و هل يكُبُّ الناس علي مَنَاخِرهم إِلا حَصَائِد أَلْسِنتهم.
جمع حصيدة، و هي ما يحصد من الزَّرْع، شبّه اللسان و ما يقتطعُ به من القول بحدِّ المنجل، و ما يُقْطَع به من النبات.

[حصي]

*: اسْتَقِيمُوا و لن تُحْصوا، و اعْلَمُوا أنَّ خير أعمالكم الصَّلاة، و لن يحافِظَ علي الوضوء إلا مُؤْمن.
أي لن تطيقوا الاستقامةَ في كلّ شي‌ء، حتي لا تميلوا؛ من قوله تعالي: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ [المزمل: 20].
و معني التركيب الضبط، فالعادّ يضبط ما يعدّه و يحصره، و كذلك المُطيق للشي‌ء ضَابطٌ له. و منه الحَصْو، و هو المنع. يقال: حَصَوْتَني حقّي.

[حصر]

*: بلَغَه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم أن قبطياً يتحدّث إلي مارية، فأمر عليًّا عليه السلام بقَتْله، قال علي عليه السلام: فأَخذتُ السيفَ و ذهبتُ إليه؛ فلما رآني رَقِي علي شجرة، فرَفَعَت الريحُ ثوبَه؛ فإذا هو حَصور، فأَتيتُ رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم فأَخبرتُه، فقال: إنما شفاء العيّ السؤال.
قيل: الحَصُور هاهنا هو المجْبُوب؛ لأنه حُصِر عن الجماع.
و العيّ: الجهل، من عيّ بالأمر يَعْيَا عِيّا: إذا لم يهتد له.

[حصي]

: نهي صلي اللّه عليه و سلم عن بَيْعِ الحَصَاة.
______________________________
(1) (*) [حصد]: و منه الحديث: أنه نهي عن حصاد الليل. و منه حديث ظبيان: يأكلون حصيدها. النهاية 1/ 394.
(2) (*) [حصي]: و منه الحديث: و هل يُكب الناس علي مناخرهم في النار إلا حصا ألسنتهم. النهاية 1/ 398.
(3) (*) [حصر]: و منه الحديث: أفضل الجهاد و أجمله حج مبرور، ثم لزوم الحُصر. و في حديث حذيفة:
تعرض الفتن علي القلوب عرض الحصير. النهاية 1/ 395.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 251
هو أن يقول: إذا نَبَذْتُ إليك الحَصَاةَ فقد وجب البَيْعُ؛ و هو من بُيُوع الجاهلية.

[حصب]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- لما حَصَّبَ المسجدَ قال له فلان: لِمَ فعلتَ هذا؟
قال: هو أغفر للنُّخَامة، و ألين في المَوْطِي‌ء.
هو تغطية سَطْحه بالحَصْبَاء، و هي الحصي الصّغار.
أَغْفَر: أستر، و هي رخصة في البُزَاق في المسجد إذا ادَّفن.
يا لخُزَيمَةَ حَصِّبوا.
التَّحْصِيب: إذا نفر الرَّجُل من مِني إلي مكة للتوديع أن يقيم بالأبطح حتي يَهْجَع به ساعةً من الليل ثم يدخل مكة- و روي: أصبحوا، أراد أن يقيموا بالأبطح إلي أن يُصْبِحُوا.
و
عن عائشة رضي اللّٰه عنها: ليس التَّحْصِيب بشي‌ء؛ إنما كان منزلًا نزله رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم؛ لأنه كان أسمح للخروج.
عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- في حديث مَقْتَله: تحاصَبُوا في المسجد حتي ما أُبْصِر أَدِيم السماء.
هو التَّرَامي بالحصباء.

[حصحص]

: عليّ عليه السلام- لأَنْ أُحَصْحِصَ في يَدَيَّ جَمْرَتين أَحَبُّ إليَّ مِنْ أُبْصِر أَدِيم السماء.
هو التَّرَامي بالحصباء.
[حصحص]:
عليّ عليه السلام- لأَنْ أُحَصْحِصَ في يَدَيَّ جَمْرَتين أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أُحَصْحِصَ كَعْبَتَيْن.
الحصحصة: تحريكُ الشي‌ء، أو تحرّكه حتي يستقرَّ و يتمكّن.
و منه
حديث سَمُرة رضي اللّٰه عنه: إنه أُتِي برجل عِنّين، فكتب فيه إلي معاوية، فكتب إليه: أن اشتَرِ له جارِيةً من بيت المال، و أَدْخِلْهَا معه ليلةً، ثم سَلْهَا عنه، ففعل، فلما أصبح قال: ما صنعتَ؟ قال: فعلتُ حتي حَصْحَصَ فيه؛ فسأل الجارية، فقالت: لم يَصْنَع شيئاً.
فقال: خَلِّ سبيلَها يا مُحَصْحِص!

[حصر]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- لُدِغ رجل و هو مُحْرم بالعمرة فأُحْصِرَ، فقال عبد اللّٰه: ابعثُوا بالهدْي، و اجعلوا بينكم و بينه يَوْمَ أَمار، فإذا ذبح الهَدْي بمكة حلّ هذا.
أي منع بسبب اللّدغ؛ من قوله تعالي: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ [البقرة: 196].
الأمار و الأَمارة: العلامة. يقال: أَمار ما بيني و بينك كذا. و المعني: اجعلُوا بينكم و بينه يوماً تَعْرِفونه.
______________________________
(1) (*) [حصب]: و منه في حديث علي: قال للخوارج: أصابكم حاصب. النهاية 1/ 393، 394.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 252‌

[حصص]

: أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- إن الشيطانَ إذا سمع الأذان خَرَج و له حُصَاص.
هو حدّةُ العَدْو، و قيل: هو أنْ يَمصَع بذَنَبه، و يصُرّ بأُذُنيه و يَعْدُو. و قال:
عجرَّدٌ «1» كالذئب ذي الحُصَاص يُوضع تحت القمر الوَبَّاص
و قيل هو الضُّرَاط.
ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- أَتَتْهُ امرأةٌ فقالت: إنَّ ابنتي عُرَيِّس، و قد تمعَّطَ شَعْرُها، و أَمَرُوني أن أُرَجِّلها بالخمر. فقال: إن فَعَلْتِ ذَاكِ فألقي اللّٰه تعالي في رأسها الحاصَّة.
هي العلّة التي تحُصُّ الشَّعْر، أي تنثره و تَذْهَب به.
و يقال: بينهم رَحِم حَاصّة، إذا قَطَعُوها، بمعني محصوصة، و التحقيق ذَات حَصّ.
عُرَيّس: تصغير عروس، و لم تدخله تاء التأنيث لقيام الحرفِ الرابع مقامها، و مثلُه قُلَيّص و عُقَيْرِب، و قد شذّ قُدَيدِمَة و وُرَيَّة.
معاوية رضي اللّٰه عنه- أُفلِتَ و انحصَّ الذَّنَبُ.
هو مثلٌ فيمن أشفي ثم نجا، و حديثُه في: كتاب المستَقْصَي.
حَصِيف العقدة في (كل). ليس مثل الحَصِر في (رج). ذَنوب حِصَان في (فق).
و حِصْلبها في (سل). في مؤخر الحصار في (خذ). قد حصبوا في (فر).

الحاء مع الضاد

[حضض]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أُهْدي له هديّة فلم يجد شيئاً يضَعها عليه فقال: ضَعْه بالحَضيض، فإنما أنا عبد آكُل كما يأكل العبد.
هو قَرَار الأرض بعد منقطع الجبل، قال امرؤ القيس:
فلما أجنّ الشمسَ مني غُؤورها نزلتُ إليه قائماً بالحضيضِ «2»

[حضن]

*: قال صلي اللّه عليه و سلم لعامر بن الطُّفَيل: أَسْلِمْ تَسْلَم، فقال: عَلَي أن تجعلَ لي نِصْفَ ثِمار المدينة، و تجعلني وَالِيَ الأمر من بَعْدك. فقال له أُسَيد بن حُضَير: اخْرُجْ بذِمَّتِك لا أُنْفِذْ حِضْنَيْك بالرّمح، فواللّٰه لو سَأَلْتَنا سَيَابةً ما أَعطيناكها.
______________________________
(1) العجرد: الشديد.
(3) (*) [حضض]: و منه الحديث: فأين الحضِّيضا. و في حديث طاوس: لا بأس بالحُضض. النهاية 1/ 400.
(2) البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 74.
(4) (*) [حضن]: و منه حديث علي: عليكم بالحِضنين. النهاية 1/ 401.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 253
هما الجنبان، و أحْضَان كلّ شي‌ء: جَوَانبه. السَّيَابة: البَلَحة.

[حضج]

: إنَّ بَغْلته صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لما تناوَلَ الحصي ليَرْمي به يَوْم حُنَين فَهِمَت ما أراد، فانحَضَجَتْ.
أي انْبَسطت، و يقال: انحَضَج بَطْنُه: إذا اتَّسع و تفتَّق سِمَناً. قال:
*و قَلَّصَ بُدْنَه بَعْدَ انحِضَاجِ «1»
* و انحَضَج من الغيظ: انقدّ و انشقّ.
و منه
حديث أبي الدَّرداء رضي اللّٰه عنه: إنه قال في الركعتين بَعْدَ العصر: أما أنا فلا أدعهما، فمن شاء أن يَنْحَضِج فلْيَنْحَضِج.
و قيل معناه: من شاء أن يسترخي في أدائهما و يقصِّر فشأْنه.

[حضن]

: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال يوم أتي سَقِيفة بني ساعدة للبَيْعة: فإذا إخواننا من الأنصار يريدون أن يَخْتَزِلوا الأمر دوننا و يَحْضُنُونَا عنه.
أي يحجُبونا و يجعلونا في حضْن، أي في ناحية.
و منه
حديث ابن مسعود رضي اللّٰه عنه: إنه أوصي إلي الزُّبير و إلي ابنه عبد اللّٰه بن الزُّبير، و قال في وصيته: إنه لا تزوّج امرأةٌ من بناته إلا بإذنها، و لا تُحْضَن زَيْنَب امرأة عبد اللّٰه عنْ ذلك.

[حضر]

*: عثمان رضي اللّٰه تعالي عنه- قال كَعْب بن عُجْرَة: ذكر رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم فتنة فقرَّبها و عظّمها، ثم مرَّ رجل مُتقنّع في مِلحفة، فقال: هذا يومئذ علي الحقّ. فانطلَقْت مُحْضِراً فأخذت بضَبُعِه، فقلت: أ هذا هو يا رسول اللّٰه؟ قال:
هذا. فإذا هو عثمان بنُ عفَّان.
أيْ مسرعاً.

[حضن]

: عمران رضي اللّٰه تعالي عنه- أقسمُ لأنْ أَكُونَ عبْداً حَبَشِيًّا في أَعْنز حَضَنِيَّات أَرْعَاهنَّ حتي يُدْرِكني أَجَلي أحبّ إِليّ من أن أرْمِي في أَحد الصَّفين بسَهْم أصبت أو أخطأتُ.
______________________________
(1) صدره:
إذا ما السوط سَمَّرَ حالبيه
و البيت لمزاحم العقيلي في لسان العرب (حضج).
(2) (*) [حضر]: و منه الحديث: لا يبع حاضر لبادٍ. و في حديث عمرو بن سلمة الجرمي: كنَّا بحاضر يمرُّ بنا الناس. و الحديث: هجرة الحاضر. و منه حديث صلاة الصبح: فإنها مشهودة محضورة. النهاية 1/ 398، 399.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 254
نسبها إلي حضَن، و هو جَبَل في أول حُدود نجْد. و منه قولهم: أَنَجد مَنْ رَأي حضَناً.
يعني أن ذلك أحبّ إليّ من أن أَشهدَ حرباً في فِتنة.
الحضَرْمي في (ظل)، و في (ذي). [أحاطوا ليلًا بحاضر في (جب)].

الحاء مع الطاء

[حطم]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم-
قال عليّ عليه السلام: لما خَطبْتُ فاطمة عليها السلام قال رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: أَ عِندك شي‌ء؟ قلت: لا. قال:
فأين دِرْعُك الحُطَميّة التي أعطيتُك؟ قلت:ها هي ذِه. قال: أَعْطِها. و دخل علينا، و علينا قَطِيفة، فلما رأيناه تحَشْحَشْنا، فقال: مكانَكما. و فيه قلتُ يا رسولَ اللّٰه؛ هي أحبُّ إِليك مِنِّي. قال: هي أحبُّ منك، و أنت أعزُّ عليّ.
هي منسوبة إلي حُطَمة بن مُحارب، بَطْن من عبد القيس يعملون الدُّروع.
التَّحَشْحش: التحرك للنهوض.
شرّ الرِّعاء الحُطَمة.
هو الذي يعنِّفُ بالإِبل في السَّوْق و الإِيراد و الإِصدار فيحطمها؛ ضَرَبَه مثلًا لِوَالي السُّوء.

[حط]

*: جلس صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم إلي غُصْن شجرة يابسة، فقال بيده، فحطّ ورقها.
الحطّ و الحتّ بمعني واحد.

[حطأ]

: قال ابنُ عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما: أخذَ بقَفاي، فَحطأَني حَطْأَة فقال:
اذهب فادْعُ إليّ معاوية- و كان كاتِبه- و روي: فَحطانِي حَطْوَةً
- غير مهموز.
الحَطْء: الضربُ بالكفّ مبسوطة كاللَّطْح. و قيل: هو الدفع، يقال: حطَأَت القِدْرُ بزَبَدها: دَفعتْهُ و رَمَتْ به، و حطأَ بسَلْحه و ضَرطه، و كان الحُطَيئة يَلْعب مع الصبيان فضرط فضحِكوا فقال: ما لكم؟ إنما كانت حُطَيْئة، فَلَزِمته نَبَزاً.
و منه
حديث معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه: إن المغيرة قال له حينَ ولّي عَمْراً: ما لبَّثَك السَّهمِيُّ أَنْ حَطَأَ بك إِذْ تشاورتُما.
______________________________
(1) (*) [حطم]: و منه الحديث: رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً. و في حديث توبة كعب بن مالك: إذن يحطمكم الناس. و في حديث عائشة: بعدما حطمه الناس. النهاية 1/ 402، 403.
(2) (*) [حط]: و منه الحديث: من ابتلاه اللّٰه ببلاء في جسده فهو له حطة. و في حديث سبيعة الأسلمية:
فحطَّت إلي السَّلَب. النهاية 1/ 402.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 255
أي دَفَعك عن رَأيك. و عن ابنِ الأَعرابي: الحَطْوُ: تحريك الشي‌ء مزعزعاً.
حطاماً في (خض).

الحاء مع الظاء

[حظر]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- سأله أبيض بن حَمّال عن حمَي الأراك. فقال: لا حِمَي في الأَرَاكِ. فقال: أَرَاكةٌ في حِظَارِي. قال: لا حِمَي في الأَرَاك.
أَرَادَ أَرْضاً قَدْ حَظَرها و حَوَّط عليها. و فيه لغتان: الفتح و الكسر؛ و حين أحياها كانت تِلْكَ الأَرَاكَةُ فيها.

[حظظ]

: عمر رضي اللّٰه عنه- من حظّ الرجلِ نَفاق أيّمه و موضع حقه.
الحظُّ: الجَدّ، و فلان حَظِيظ و محظوظ.
و الأَيّم: التي لا زَوْجَ لها بِكراً كانت أو ثَيباً؛ أي من جده ألَّا تبور عليه بناتُه و أَخواته، و أن يكون حقه في ذمّة مَأْمونٍ جحودُه و تهضّمه.
لا يحظَر في (ند).

الحاء مع الفاء

[حفز]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- أُتِي بتَمْر و هو مُحْتَفزٌ فجعل يَقْسِمه.
هو المُسْتَوْفِزُ المريدُ للقيام، من حَفَزه: إذا أَزعجه. و منه: الليل يسوق النهار و يَحْفِزُه.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما: إِنه ذُكِر الْقَدَرُ عنده فاحْتَفَز و قال: لو رأَيتُ أحدَهم لعَضِضْتُ بأَنْفِهِ.
أي قَلق و شَخَص به ضَجَراً.

[حفر]

*: عن أُبيّ بن كعب رضي اللّٰه تعالي عنه- سألت النبيَّ صلي اللّه عليه و سلم عن التوبة
______________________________
(1) (*) [حظر]: و منه الحديث: لا يلج حظيرة القدس مدمن خمر. و منه حديث مالك بن أنس: يشترط صاحب الأرض علي المساقي شد الحظار. النهاية 1/ 404، 405.
(2) (*) [حفز]: و منه الحديث عن أنس: من أشراط الساعة حَفْز الموت، قيل: و ما حفز الموت؟ قال: موت الفجأة. النهاية 1/ 407.
(3) (*) [حفر]: و منه الحديث: إن هذا الأمر لا يُترك علي حالته حتي يُرد إلي حافرته. النهاية 1/ 406.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 256
النَّصُوح، فقال: هو النَّدم علي الذنب حين يَفْرُطُ مِنْكَ، و تستغفر اللّٰه بندامتك عند الحَافر، ثم لا تعودُ إليه أبداً.
كانوا لكرامة الفَرَسِ عندهم و نَفَاستهم بها لا يبيعونها بالنَّسَاء «1» فقالوا: النَّقْدُ عند الحافِر، و سيّروه مثلًا، أي عند بيع الحافر في أول وَهْلَة العقد من غير تأخير، و المراد بالحافر ذات الحافر و هي الفرس. و من قال: عند الحافرة فله وجهان: أحدهما- أنه لما جعل الحافر في معني الدابة نفسها، و كثُر استعماله علي ذلك من غير ذكْر الذات فقيل:
اقتني فلان الخفَّ و الحافر؛ أي ذواتهما، ألحقت به علامة التأنيث إشعاراً بتسمية الذات بها.
و الثاني- أن يكونَ فاعلة من الحَفْر؛ لأنَّ الفرسَ بشدَّةِ دَوْسِها تَحْفِر الأرض، كما سُمِّيت فرساً لأنها تَفْرِسها: أي تدقّها؛ هذا أصل الكلمة، ثم كَثُرت حتي استُعْمِلت في كل أوَّلية؛ فقيل: رجع إلي حافره و حافِرته، و فعل كذا عند الحافِر و الحافِرة. و المعني تَنْجيز النّدامة و الاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأخير؛ لأن التأخير من الإصرار.
الباء في «بنَدَامتك» بمعني مع، أو بمعني الاستعانة؛ أي بطلب مغفرة اللّٰه بأن تندم.
الواو في و تستغفر للحال، أي هو الندم منك مُسْتَغْفِراً، و يحتمل أن يعطف علي الندم علي أن أصله و أن تستغفر فحذف. كقوله:
*ألَا أيّهذا اللائمي أَحْضُرَ الوَغَي «2»
* النّصوح: هي التي يناصحُ فيها الإِنسانُ نفسَه مبالغاً، فجعل الفعلَ لها كأنها هي التي تبالغ في النصيحة.

[حفا]

*: سئل: متي تحِلّ المَيْتَةُ؟ فقال: ما لم تَصْطَبِحُوا أو تَغْتَبِقُوا أو تحْتَفِئُوا بها بَقْلًا فشأْنَكُمْ بها.
______________________________
(1) النساء: التأخير.
(2) عجزه:
و أنْ أشهد اللَّذات هل أنت مخلدي
و البيت من الطويل، و هو لطرفة بن العبد في ديوانه ص 32، و الإنصاف 2/ 560، و خزانة الأدب 1/ 119، 8/ 579، و الدرر 1/ 74، و سر صناعة الإعراب 1/ 285، و شرح شواهد المغني 2/ 800، و الكتاب 3/ 99، 100، و لسان العرب 13/ 32 (أنن)، 14/ 272 (دنا)، و المقاصد النحوية 4/ 402، و المقتضب 2/ 85، و بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 463، 8/ 507، 580، 585، و الدرر 3/ 33، 9/ 94، و رصف المباني ص 113، و شرح شذور الذهب ص 198، و شرح ابن عقيل ص 597، و شرح المفصل 2/ 7، 4/ 28، 7/ 52، و مجالس ثعلب ص 383، و مغني اللبيب 2/ 383، 641، و همع الهوامع 2/ 17.
(3) (*) [حفا]: و منه حديث أنس: أنهم سألوا النبي صلي اللّه عليه و سلم حتي أحفوه. و حديث السواك: لزمت السواك حتي كدت أُحفي فمي. و في حديث الانتعال: ليحفها جميعاً أو لينعلها جميعاً. النهاية 1/ 410.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 257
الاحتفاء: اقتلاع الحَفأ، و هو البَرْدِيّ، و قيل: أصله، فاستعير لاقتلاع البَقْل.
و روي: تحتَفُوا، من احتفي القوم المَرْعَي: إذا رَعَوهْ و قلعوه.
و روي: تحتفّوا، من احتفاف النبت و هو جزّه. و حفّت المرأة وجهها و احتفّت.
و روي: تجْتَفِئوا، بالجيم، من اجتفاء الشي‌ء: إذا قلعته و رميتَ به. و منه الجُفَاء.
و روي: تُختَفُوا بالخاءِ، من اخْتَفَيت الشي‌ء: إذا أخرجته. و المختفي: النبَّاش.
ما: مصدرية مقدر قبلها الزَّمان، و المعني: وقت فقد صبوحكم.
أمر أن تُحْفَي الشَّوارب و تُعْفي اللِّحَي.
الإِحفاء و الحَفْو: أن يُلْزِق الجَزّ.
و الإِعفاء: التوفير، من عَفَا الشي‌ء: إِذا كثر، و عَفوْتِ و أعفيته.

[حفف]

*: إنّا لم نشبع من طعام إلا علي حَفَف.
و روي: ضَفف- و روي: شَظَف.
الثلاثة في معني ضِيق المعيشة و قلّتها و غِلْظتها، يقال: أصابه حَفف و حُفُوف، و حَفَّت الأرض: إذَا يَبس نَباتها.
و عن الأصمعيّ رحمه اللّٰه: أصابهم من العيش ضَفَف؛ أي شِدَّة، و في رأي فلان ضَفَف؛ أي ضَعْف، و ما رئي علي بني فلانٍ حفَف و لا ضَفَف: أي أَثر عَوَز.
و المعني: أنه لم يشبع إلا و الحالُ خِلاف الرّخاء و الخِصب عنده، و قيل: معناهما اجتماع الأَيْدِي و كَثْرَةُ الأَكلة؛ أي لم يَأكل وَحْدَه، و لكِنْ مع الناس.

[حفو]

: عطس عنده رجل فَوْقَ ثلاثٍ، فقال له: حَفَوْتَ.
الحَفْو: المَنع، يقال: حَفَاه من الخير؛ أي منعتنا أن نُشَمِّتَك بَعْدَ الثلاث.
و منه:
إن رَجلًا سلَّم علي بعض السلف فقال: و عليكم السلام و رحمةُ اللّٰه و بركاته الزَّاكيات، فقال له: أَرَاك قد حَفَوْتَنا ثَوابَها.
أَخذته كله و حَرَمْتَنا.
و روي: حَقَوْت بالقاف؛ أي شددت، من الحِقو و هو الإِزار الذي يشد علي الخصر، و المعني واحد؛ لأن الشدَّ من باب المنع.

[حفش]

: استعمل رجلًا فأهْدي إليه فقال: هذا لي، فقال: أَلا جَلَس في حِفْش أمه، فلينظر أ كان يُهْدَي إليه شي‌ء؟
______________________________
(1) (*) [حفف]: و منه في حديث أهل الذكر: فيحفونهم بأجنحتهم. و منه الحديث: من حفَّنا أو رفَّنا فليقتصِر.
النهاية 1/ 408.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 258
هو البيت الصَّغير، من الحَفْش و هو الجمع لاجْتِماع جَوَانبه. قيل للسَّفَط و السَّنَام حِفْش.
و منه
حديث زينب رضي اللّٰه عنها- كانت المرأة إذا تُوُفّي زوجُها دخلت حِفْشاً و لبِسَتْ شرَّ ثِيابها، و لم تمسَّ طيباً و لا شيئاً حتي تمُرَّ سنة، ثم تُؤْتَي بدابَّةٍ حمار أو شاة أو طير فتفْتَضّ به، فقلّ ما تفتضّ بشي‌ء إلّا مات.
أي تكْسِرُ ما كانت فيه من العِدَّة، و تخرج منه به. قيل: كانت تمسحُ به قُبُلها فلا يكاد يعيش- و روي: فتَقْبِص؛ من القَبْص، و هو الأَخذ بأطراف الأصابع.

[حفل]

: يذهب الصالحون الأُوَل فالأُوَل حتي يبقي حُفَالة كحُفالة التَّمْر.
هي الخُشارة.

[حفز]

: صلَّي فجاء رجلٌ قد حَفَزَه النَّفَس، فقال: اللّٰه أَكبر، حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه. فلمّا قضي صلاته قال: أيّكم المتكلم بالكلمات؟ فأرَمّ القوم- و روي: «فأَزَمَ القَوْمُ».
حَفَزَه: أَقلقه و جهده.
الإِرمام: السكوت. قال:
*يسرون و الليلُ مُرِمٌّ طائره «1»
* و الأَزْم: الإِمساك. حَمْداً: نصب بفعل مضمر، أراد أَحْمدُه حمداً.

[حفي]

: إن اللّٰه تعالي يقول لآدم عليه السلام: أَخْرِج نصيبَ جهنَّم من ذُرِّيَّتك، فيقول: يا ربِّ؛ كم؟ فيقول: من كلّ مائة تسعة و تسعين. فقالوا: يا رسول اللّٰه؛ احْتُفِينا إذن، فماذا يبقي منا؟ قال: إنَّ أُمَّتي في الأمم كالشَّعْرَةِ البيضاء في الثور الأَسْوَد.
أي اسْتُؤْصِلْنَا.

[حفل]

«2» *: نهي عن بيع المُحَفَّلة، و قال: إنها خلَّابة.
هي التي حُفِّل اللَّبَنُ في ضَرْعِها أياماً ليغترَّ بها المُشْتَري؛ فيزيد في الثمن.
______________________________
(1) عجزه:
مرخيً رِقاواه هجودٌ سامِرُه
و البيت لحميد الأرقط في لسان العرب (رمم).
(2) (*) [حفل]: و منه حديث حليمة: فإذا هي حافل. و منه الحديث في صفة عمر: و دفقت في محافلها. و في رقية النملة: العروس تكتحل و تحتفل. النهاية 1/ 409.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 259
الضمير في «إنها» للفَعلة، و يجوز أن يرجع إلي المحفّلة، و يكون سبيل الكلام سبيل قولها:
*فإنما هي إقْبَال و إدْبَارُ «1»

[حفن]

: أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- إنما نحن حَفْنَة من حَفَنَاتِ ربِّنا.
هي ما يملأ الكفين من دقيق أو غيره. و يقال: حفَن له حَفْنَة: إذا أعطاه قليلًا، كأنه لم يزده علي مِلْ‌ءِ الكفَّيْن. و المعني: إنا علي كَثْرَتنا يوم القيامة قليلٌ عند اللّٰه عزَّ و جل.

[حفف]

: عمر رضي اللّٰه عنه- كان أَصْلَع له حِفَاف.
حِفافا الشي‌ءِ: جانباه. و قولهم: بقي من شَعْرِه حِفَاف: هو أن يَصْلَع و تبقي طُرَّة من الشعر حول رأسه.

[حفا]

: أنزل أُوَيْساً القَرَني فاحْتَفَاه.
أي بالَغَ في إلْطافِه و استقصي.
عليّ عليه السلام- سلّم عليه الأَشْعَث فردّ عليه بغير تحفٍّ.
الحفاوة و التحفّي: الإكرام بالمسألة و الإِلْطَاف.

[حفف]

: معاوية رضي اللّٰه تعالي عنه- بلغه أن عبدَ اللّٰه بن جعفر حَفَّفَ و جهُد من بَذْله و إعطائه؛ فكتب إليه يأمره بالقَصْد، و ينهاه عن السَّرَف. و كتب إليه بيتين من شعر:
لَمَالُ المَرْءِ يُصْلِحُه فيُغْنِي مَفَاقِرَه أعفُّ من القُنُوع
يَسُدُّ بهِ نَوَائِبَ تَعْتَرِيه مِنَ الأَيام كالنُّهُلِ الشُّرُوعِ
حفَّف: مبالغة في حفّ؛ أي جهد و قلَّ ماله، من حفّت الأرض.
المَفاقِر: جمع فَقْر علي غير قياس، كالملامح و المَشابه، و يجوز أن يكون جمع مَفْقَر؛ مصدر من أفقَرَهُ اللّٰه، أو مُفْتَقر بمعني الافتقار، أو مُفْقِر و هو الشي‌ء الذي يورث الفقر.
القُنُوع: السؤال. يقال: قَنَعَ إلي فلان يَقْنَع.
النُّهُل: الإِبل العِطَاش، جمع نَاهل. الشُّرُوع: الشَّاربة في الماء. و البيتان للشماخ.
______________________________
(1) صدره:
ترتع ما رتعت حتي إذا ادَّكَرَتْ
و البيت من البسيط، و هو للخنساء في ديوانها ص 383، و الأشباه و النظائر 1/ 198، و خزانة الأدب 1/ 431، 2/ 34، و شرح أبيات سيبويه 1/ 282، و الشعر و الشعراء 1/ 354، و الكتاب 1/ 337، و لسان العرب 7/ 305 (رهط)، 11/ 538 (قبل)، 14/ 410 (سوا)، و المقتضب 4/ 305، و المنصف 1/ 197، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 387، 4/ 68، و شرح الأشموني 1/ 213، و شرح المفصل 1/ 115، و المحتسب 2/ 43.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 260
محفودٌ في (بر). أن أُحْفِظ الناس في (به) كدت أُحْفِي فمِي في (در). الحَوْفَزان في (نس). فلتَحْتَفِر في (خو). أخشي حَفْدَهُ في (كل). حَفَلْت له في (زف). حُفوفاً في (بل).

الحاء مع القاف

[حقا]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- أَعْطَي النساءَ اللَّوَاتي غسَّلْنَ ابنَتَهُ حِقْوَه، فقال: أَشْعِرْنها إياه.
الْحَقو: الإِزَار الذي يُشَدُّ علي الحَقْو، و هو الخِصْر.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: لا تزهدنَّ في جَفَاء الحَقْو، فإن يكن ما تحته جافياً فإنه أَسترُ له، و إن يكن ما تحته لطيفاً فإنه أخفي له.
أَشْعِرْنها إياه: أي اجْعَلْنَ لها الحَقْو شِعَاراً، و هو الثَّوْب الذي يَلِي الجسد.
جَفَاءُ الحَقْو: أن تجعله جَافياً؛ أي غليظاً بأنْ تضاعف عليه الثياب لتستر مُؤخرها.

[حقل]

*: نهي عن المُحَاقلة و المُزَابنة، و رَخَّص في العَرايا.
الحقْل: القَرَاح من الأرض، و هي الطيِّبة التُّرْبة، الخالصة من شائب السَّبَخ، الصالحة للزَّرع.
و منه حَقل يحقِلُ، إذا زَرَع، و المُحَاقلة: مُفَاعلة من ذلك، و هي المُزَارعة بالثُّلُث و الربع و غيرهما. و قيل: هي اكْتِرَاء الأرض بالبرّ. و قيل: هي بَيْع الطعام في سُنْبُله بالبُرّ.
و قيل: بيع الزرع قبل إدراكه.
المَزَابَنة: بيع التمر في رُءُوس النَّخل بالتَّمْر؛ لأنها تُؤَدِّي إلي النِّزَاع و المُدَافعة، من الزَّبْن و هو الدَّفْع.
العَرِيَّة: النخلة التي يُعْرِيها الرجلُ محتاجاً، أي يجعلُ له ثَمرتَها، فرخّص للمُعْرَي أن يبتاع ثَمَرَتها المُعْرِي بَتَمْر لموضع حاجته؛ سميت عَرِيَّة؛ لأنه إذا وهب ثمرتها فكأنه جرَّدها من الثَّمرة و عَرَّاها منها، ثم اشتق منها الإِعْرَاء.

[حقف]

*: مرَّ هو و أصحابُه و هم مُحْرِمُون بظَبْي حَاقِف في ظلِّ شجرة، فقال: يا فلان؛ قفْ هاهنا حتي يمرَّ الناسُ لا يَرِيبُه أحدٌ بشي‌ء.
______________________________
(1) (*) [حقا]: و منه حديث النعمان يوم نهاوند: تعاهدوا همانيكم في أحقيكم. النهاية 1/ 417.
(2) (*) [حقل]: و منه الحديث: كانت فينا امرأة تحقل علي أربعاء لها سِلقاً. النهاية 1/ 416.
(3) (*) [حقف]: و منه في حديث قيس: في تنائف حقاف. النهاية 1/ 413.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 261
هو المُحْقَوْقِف؛ و هو المنعطف المُنثِني في نَوْمه، و قيل: هو الكائن في أصل حِقْفٍ من الرَّمْلِ.
لا يَرِيبه: لا يُوهمه الأذي، و لا يتعرَّض له بِه.

[حقق]

*: قال للنساء: ليس لكنّ أن تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عليكن بحافات الطَّريق.
هو أن يَرْكَبنَ حُقَّها و هو وسطها. يقال: سقط علي حَاقِّ القَفَا و حُقِّه.
عليك، جعل اسماً للفعل الذي هو خذ، فقيل: عليك زيداً و بِزَيد، كما قيل: خُذْه و خُذْ به.
الحافَة: الناحية، و عينها واو، بدليل قولهم في تصغيرها حُوَيْفَة، و تحوّفه بمعني تطرفه. قال:
تَحَوَّفَ غَدْرهم مَالِي و أهدي سَلَاسِلَ في الحُلوق لها صَلِيلُ
و أمّا تحيّفه فمن الحَيفِ.

[حقب]

*: عن عُبَادة بن أحمر المازِنيّ: كنتُ في إبلي أَرْعاها، فأَغَارت علينا خيلُ رسولِ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم أو خَيلُ أصحابه، فجمعتُ إبلي، و ركبتُ الفحل، فحقِب فتفاجَّ يَبُول، فنزلتُ عنه، و ركبتُ ناقة منها، فنجَوْت عليها و طرَدُوا الإِبل.
الحَقَب: أن يتعسَّر البولُ علي البعير. و منه: حَقِبَ عامنا: إذا احْتَبس مَطَرُه. و قيل:
هو أن يقع الحَقَب «1» علي ثِيله فيُورِثه ذلك.
التفاجّ: تفاعل من الفَجَج، و هو أبلغ من الفَجَح.
و المعني: ففرج بينَ رِجْليه يريدُ أن يَبُول.

[حقق]

: أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- خرجَ إلي المسجد، فقيل: ما أخْرَجك هذه الساعة؟ قال: ما أَخْرَجني إلا ما أَجِدُ من حَاقِّ الْجُوع.
أي من صَادِقه، و يقولون: فلانٌ و اللّٰه حاقّ الرجل، و حاقّ الشجاع، و حاقّة الرجل و حاقّة الشجاع.
______________________________
(2) (*) [حقق]: و منه في حديث الحضانة: فجاء رجلان يحتقان في ولدٍ. و منه الحديث: من يحاقني في ولدي. و في حديث علي: إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولي. و منه حديث عمر: من وراء حقاق العرفط. النهاية 1/ 414، 415.
(3) (*) [حقب]: و منه الحديث: لا رأي لحاقب و لا لحاقن. و منه الحديث؛ حَقِب أمرُ الناس. النهاية 1/ 411.
(1) الحَقَب: الحبل الذي يشد علي حقو البعير.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 262
و المعني: صادق جنسه في الرُّجولية و الشّجاعة.
و
روي: من حَاقِ الجوع
، و هو من حَاقَ به البلاءُ يَحيق حَيْقاً و حاقاً؛ أي من اشتمال الجوع، و يجوز أن يكون بمعني حائِق، كالشاك و النال.
عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لما طُعِن أُوقِظ للصَّلَاةِ، فقيل: الصلاة يا أَميرَ المؤمنين.
فقال: الصلاةُ و اللّٰه إذن و لَا حقَّ.
أي الصلاة مقضيّة إذن و لا حقّ مَقْضِيّ غيرها؛ كأَنه أراد في عنقه حقوقاً جمّة مُفْتَرَضاً عليه الخروجُ عن عُهْدَتها، و هو غيرُ مقتَدر عليه؛ فهَبْ أنه قَضي حقَّ الصلاة فما بالُ الآخَر؟
و قيل معناه: و لا حظَّ في الإِسلام لمنْ تركها. و يُحْتَمل: و لا حظَّ لي فيها؛ لأنه وجد نفسه علي حالٍ سقطت عنه الصلاةُ فيها؛ و هذا أوقع.
ابن عبّاس رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال في قُرَّاءِ القرآن: متي ما تَغْلُوا تَحْتَقُّوا.
التحاقُّ و الاحْتِقاق: التخاصم، و أن يقولَ كلّ واحد: الحقُّ معي.

[حقن]

: في الحديث: لا رأي لحاقِنٍ و لا حاقِبٍ و لا حازِقٍ.
الحاقب: المحْصُور.
و الحازق: الذي ضاق خُفّه فحزَقَ قدمَه، أي ضغطها، و هو فاعل بمعني مفعول.
و يجوز أن يكون بمعني ذي الحَزْق، كما قيل في: مٰاءٍ دٰافِقٍ، و عِيشَةٍ رٰاضِيَةٍ*.
لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ و هو حَقِنٌ حتي يتخَفَّفَ.
هو الحاقن.

[حقل]

: ما تصنعون بمَحَاقِلكم.
هي المَزارع، الواحدة مَحْقلة.
حَقَبه في (ضج). الحقل في (رب). حِقاق العُرْفُط في (قل). الحِقَاق في (نص).
نُفُج الحقيبة في (خض). علي أحْقابها في (خط). حَاقِنتي في (سح). كحقّ الكهول في (عص). المُحْقِب في (أم). كل حُقّ في (حق). حقوت في (حف). [الحقحقة في (سو).

الحاء مع الكاف

[حكك]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- عن المغيرة بن شعبة رضي اللّٰه عنه، قال: قال لي أبو جَهْل بن هشام: و اللّٰه إني أعلم أن ما يقولُ محمد صلي اللّٰه عليه و آله و سلم حقّ، و لكن قالت بني قُصَيّ: فينا الحِجابة! فقلنا: نعم، ثم قالوا: فينا
______________________________
(1) (*) [حكك]: و منه في حديث السقيفة: أنا جذيلها المحكك. النهاية 1/ 418.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 263
اللِّواء! قلنا: نعم، ثم قالوا: فينا النَّدْوَة! قلنا: نعم. ثم قالوا: فينا السّقاية! قلنا: نعم، ثم أَطْعَمُوا و أَطْعَمْنَا، حتي إذا تحاكَّتِ الرُّكب قالوا: منا نبيّ؛ و اللّٰه لا أَفْعَل!
أي تماسَّت و اصطكّت، و المراد تَسَاويهم في الشَّرَف و تَشَاكُلهم في المَنْزِلة. و قيل:
تجاثيهم علي الرُّكب للتَّفَاخُر.
و أراد بالإِطعام: الرِّفادة. كانوا يترافدون فيشترون الجُزُر و الكعك و السَّويق، و يُطْعِمُون الحاجّ، و يقولون: نحن أهلُ اللّٰه و جيرانُ بيته، و الحاجُّ وَفْد اللّٰه و ضِيفانه؛ فنحن أَوْلَي بِقِراهم.
و عَنَي بالنَّدْوَة تناديهم في دَار عبد المطلب للتَّشاور إذا حَزَبهم أمر.
سأله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم النَّوّاس بن سَمْعَان عن البِرّ و الإِثم، فقال: البرُّ حُسْنُ الخلُق، و الإِثمُ ما حَكّ في نَفْسِكَ و كرهتَ أن يطَّلع عليه الناس.
أي أثّر في قلبه و أوهمه أنه ذنب و خَطِيئة.
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: الإِثم ما حَكَّ في صَدْرك و إن أَفْتَاكَ الناس عنه و أَفْنَوْك.
أي أَرْضَوْك.
و منه
الحديث: إياكم و الحكَّاكات، فإنها المآثم.
أي الأمور التي تحكّ في الصدور.
و روي: ما حَاكَ، من قولهم: حاك فيه السيف و أَحاك.

[حكمة]

*: عمر رضي اللّٰه عنه: إنَّ العبدَ إذا تَوَاضع رَفَع اللّٰه حَكَمَتَه، و قال: انتعش نَعَشَك اللّٰه، و إذا تكبَّرَ و عَدَا طَوْرَه وهَصَه اللّٰه إلي الأرض.
الحَكَمة من الإنسان: أسفل وَجْهِه، و رَفع الحكَمة كنايةٌ عن الإِعزاز؛ لأن من صفةِ الذليل أَن ينكِّس و يضرب بذقنه صَدْرَه. و قيل: الحَكَمة القَدْرُ و المنزلة، من قولهم: لا يقدر علي هذا مَنْ هو أعظم حَكَمة منك.
وَهَصَه: كسرَه و دَقَّه.

[حكر]

*: أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال في الكلاب: إذا وَرَدْن الحَكَر الصَّغير لا تَطْعَمْه.
______________________________
(1) (*) [حكم]: و منه الحديث: الصمت حُكْمٌ و قليل فاعله. و في الحديث: ما من آدمي إلا و في رأسه حَكَمَةٌ. النهاية 1/ 419، 420.
(2) (*) [حكر]: و منه الحديث: أنه نهي عن الحكرة. و منه حديث عثمان: أنه كان يشتري العير حُكْرةً. النهاية 1/ 417، 418.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 264
هو الماء المستنقع في وَقَبَةٍ من الأرض، لأنه يُحْكَر أي يُجْمع و يُحْبَس، من احتكار الطعام.
لا تَطْعَمْهُ: أي لا تَشْرَبْه. و منه قوله تعالي: وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي [البقرة: 249].

[حكم]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- قرأتُ المُحْكَم علي عَهْدِ رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، و أنا ابنُ اثنتي عشرةَ سنةً.
يعني المُفَصَّل، سُمِّي مُحْكماً لأنه لم يُنْسَخ منه شي‌ء، و قيل: يعني ما لم يكن متشابهاً؛ لأنه أُحكم بيانُه بنفسه، و لم يَفْتَقِر إلي غيره.
كان الرجلُ يَرِثُ امرأة ذاتَ قرابته، فيعضُلُهَا حتي تموتَ أو تَرُدّ إليه صَدَاقها، فأَحْكَم اللّهُ تعالي عن ذلك و نَهَي عنه.
أي منع، يقال: حَكَمْتُ الفرس و حكَّمته و أَحْكمته: إذا قَدَعْتُه. قال:
أَ بَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكم إنّي أَخَافُ عليْكُمْ أَنْ أَغْضَبَا «1»
كَعْب رحمه اللّٰه- ذكر داراً في الجنة و وَصفها، ثم قال: لا يَنْزِلها إلا نبيّ أو صدّيق، أو شهيد، أو مُحَكَّمٌ في نفسه، إو إِمامٌ عادل.
هو الذي يخيّر بين الشرك و القتل فيختار القَتْل.
و منه
الحديث: إِن الجنة لِلْمُحكَّمين
- و روي بالكسر، و فُسر بأنه المُنْصِف من نفسه.
النخعي رحمه اللّٰه- حَكِّم اليتيمَ كما تُحَكِّم ولدَك.
أي امْنَعْه من الفَسَاد.
الحَكَمَ في (عص). حُكْرَة في (عي). المحَكّك في (جذ). الحكم في الأنصار في (دع). [إذ حككت قرحة في (قف)].

الحاء مع اللام

[حلوان]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- نهي عن حُلْوَانِ الكاهن.
هو أُجرته، يقال: حَلَوْتُه كذا، إذا حَبَوْتَه به، فحُلِي به؛ إذا ظفر به. و اشتقاقُه من الحَلاوَة.

[حلم]

*: أمر معاذاً رضي اللّٰه تعالي عنه أن يأخذَ من كلّ حالم دِيناراً.
______________________________
(1) البيت لجرير في ديوانه ص 50.
(2) (*) [حلم]: و منه في حديث صلاة الجماعة: ليليني منكم أولو الأحلام و النُّهَي. النهاية 1/ 434.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 265
قيل: المرادُ كلّ من بلغَ وقْت الحُلْمُ، حَلَم أو لم يَحْلم.
و منه
الحديث: الغسلُ يوم الجمعة واجبٌ علي كل حالم.

[حلس]

: إنّ امرأة تُوفّيَ عنها زوجُها، فاشتكت عينها، فأرادوا أن يُدَاوُوها، فسُئِلَ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عن ذلك، فقال: فكانت إحداكنَّ تمكثُ في شر أَحْلَاسها في بيتها إلي الحَوْل، فإذا كان الحَوْل، فمرَّ كلب رَمَتْه ببَعْرة ثم خرجتْ، أفلا أَربعة أشهر و عشراً.
الحِلْس: كساءٌ يكونُ علي ظَهْر البعير تحت البَرْذَعة، و يُبْسَط في البيت تحت حُرّ الثياب، و جمعه أَحْلَاس. قال:
و لا تَغُرَّنْكَ أَضْغَانٌ مُزَمَّلة قد يُضْرَب الدّبر الدَّامي بأَحْلاسِ
و المعني أنها كانت في الجاهلية إذا أحدّت علي زوجها اشتملت بهذا الكِساء سنةً جرداء، فإذا مضت السنةُ رمَت الكَلْب ببَعْرة، تَرَي أن ذلك أَهون عليها من بعرة يُرْمَي بها كلبٌ، فكيف لا تصبرُ في الإِسلام هذه المدة. و أربعة أشهر منصوب بتمكث مُضْمراً.
و
في حديثه: إنه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم ذكر الفِتن حتي ذكر فِتْنَةَ الأَحْلَاس، فقال قائل: يا رسولَ اللّٰه؛ و ما فِتْنَةُ الأَحْلاس؟ قال: هي هَرَب و حَرَب. فتنة السرَّاء دَخَنُها من تحتِ قدميْ رجلٍ من أهل بيتي، يَزْعم أنه مِنِّي و ليس مني؛ إنما أوليائي المتَّقون؛ ثم يصطلح الناسُ علي رجلٍ كَوَرِكٍ علي ضِلَع، ثم فتنة الدُّهَيْمَاء، لا تَدَعُ من هذه الأمة أحداً إلا لطَمَتْهُ.
كأنَّ لها أحلاساً تُغَشّيها الناس لظُلْمَتها و الْتباسها، و هي ذات دَوَاهٍ و شُرور رَاكدة لا تُقْلع بل تلزم لُزُوم الأحْلاس.
السرَّاء: البَطْحَاء.
الدَّخَن: من دَخِنَتِ النارُ دخَناً إذا ارتفع دُخانها، و قيل: الدّخَن: الدُّخان.
من تحت قَدَمَي رَجُل: أي هو سببُ إثارتها.
كَوَرِكٍ علي ضِلع: مَثَل، أي لا يستقلُّ بالملك و لا يُلَائمه، كما أن الورك لا يُلَائم الضِّلع.
الدُّهَيْمَاء: الدَّاهِية.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: مررت علي جبرئيل ليلة أُسْرِي بي كالْحِلْس من خَشْيَة اللّٰه.
و يشبه به الذي لا يَبْرُح منزله، فيقال: هو حِلْسُ بيته.
و منه
حديثُ أبي بكر رضي اللّٰه عنه: كن حِلْسَ بيتك، حتي تأتيك يدٌ خاطئة أو منيّة قاضية.
و كذلك الذي يلزم ظَهْر فرسه فيقال: هو منْ أَحْلاس الخيل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 266
و منه
حديث معاوية رضي اللّٰه عنه، دخل عليه الضّحاك بن قيس، فقال معاوية:
تطاولت للضّحاك حتي ردَدْته إلي حَسَبٍ في قومه مُتَقَاصِر
فقال الضحّاك: قد علم قومنا أنّا أَحْلَاسُ الخيل، فقال: صدقت، أنتم أَحْلَاسها و نحن فُرْسانها!
أراد أنتم رَاضَتُها و سَاسَتُها، فتلزمون ظهورَها أبداً؛ و نحن أهلُ الفروسية. و يحتمل أن يذهبَ بالأحلاس إلي الأكسية، و يريد أنكم بمنزلتها في الضّعَة و الذِّلة، كما يقال للمستضعف: بَرْدَعة و وَلِيّة.

[حل]

*: لا يَمُوتُ لمؤمنٍ ثلاثة أولاد فتمسُّه النار إلا تَحِلَّةَ القَسَم.
مثلٌ في القليل المُفْرِط القِلَّةِ، و هو أن يُبَاشِرَ من الفعل الذي يُقْسِم عليه المقدارَ الذي يُبِرُّ به قَسَمَه و يُحَلِّله، مثل أن يحلف علي النزول بمكانٍ، فلو وَقَع به وَقْعَةً خفيفة فتلك تَحِلّةُ قَسَمِه. قال ذو الرمة:
طَوَي طيَّة فَوْقَ الكري جَفْن عَيْنِه علي رَهباتٍ منْ حَنَانِ المُحَاذرِ «1»
قليلًا كَتَحْليل الأُلَي ثم قلَّصت به شيمةٌ رَوْعاء تَقْلِيصَ طَائِرِ
و المعني: لا تمسه النار إلا مَسَّةً يَسيرة مثل تحليل قَسَم الحالف، و يحتمل أن يُرَاد بالقسم قوله تعالي: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلّٰا وٰارِدُهٰا كٰانَ عَليٰ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا [مريم: 71]. لأنَّ ما حتَّمَهُ الربُّ علي نَفْسه جارٍ في التأكيد مَجْري المُقْسَم عليه، و يعني بتحلَّتِه الوُرُود و الاجْتِيَاز.

[حلق]

: لَعَنَ من النساء الحالقةَ و السالِقة و الخَارِقة و المُنْتَهِشَة و المُمْتَهِشَة.
الحَالِقة: التي تَحْلِقُ شَعْرَها.
السالقة: التي تصرخ عند المصيبة، و السَّلْق و الصَّلْق: الصوت الشديد.
الخارِقة: التي تخرق ثوبها.
المُنْتَهِشَة: التي تَخْمِش وَجْهَها، و تأخذ لحمه بأَظْفَارِها، من قولهم: انْتَهَشَه الذّئب و الكَلْبُ و الحيَّة، و هي عضَّة سريعة لها مشقة.
______________________________
(2) (*) [حلّ]: و منه في حديث عائشة: قالت: طيب رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم لحله و حرمه. و منه حديث دريد بن الصمة: أنت مُحِلٌّ بقومك. و في حديث العمرة: حلَّت العمرة لمن اعتمر. و في حديث أبي قتادة: ثم ترك فتحلّل. و في حديث بعض الصحابة: لا أوتي بحال و محلَّل إلا رجمتهما. و منه الحديث: أن تزاني حليلة جارك. و منه: خير الكفن الحُلَّة. النهاية 1/ 428، 429، 430، 431.
(1) البيتان في ديوان ذي الرمة ص 294.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 267
المُمْتَهِشَة، جاء في الحديث: أَنها التي تَحْلِق وجهها بالموسَي للزينة
؛ قيل: كأنَّ هاءَها مبدلة من حاء، من المَحْش، و هو السَّحج و القَشْر، يقال: مرَّ بي فمحَشَني.

[حلف]

*: حالف صلي اللّه عليه و سلم بين قريش و الأَنصار في دار أَنَس التي بالمدينة.
أي آخي بينهم و عاهد.

[حلب]

*: كان صلي اللّه عليه و سلم إذا اغتسل دَعَا بشي‌ءٍ نحو الحِلَاب.
هو المِحْلَب، قال:
صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَا في الْحِلَابِ «1»
و منه
حديث عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: كان صلي اللّه عليه و سلم إذا اغتسل من الْجَنَابة دَعَا بشي‌ءٍ مثل الحِلاب، فأَخذ بكفِّه، فبدأ بشقِّ رأسه الأيمن، ثم الأَيْسَر.
و رُوي: «مثل الْجُلَّاب»
بالجيم و الضمّ، و فُسِّر بماء الورد، و أنه فارسي معرّب.
لما رأي سعد بن معاذ كَثْرَة استشارةِ النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و سلم أصحابَهُ يوم بَدْر قال: إنه إنما يستنطق الأَنصار شفقاً ألّا يستحلبوا معه علي ما يريدُ من أمره.
استحلاب القوم، مثل إحلابهم؛ و هو اجتماعُهم للنصرة و إعانتهم، إلّا أنّ في الاستحلاب معني طَلَب الفعل و حَرَص عليه، و أصل الإِحلاب: الإِعانة علي الحلب، ثم كَثُرَ حتي استعمل في كلِّ موضع، و المعني ما يستشيرُهم إلَّا خَوْفاً من أن يَتْرُكوا إعانَته. و شفقاً:
مفعول له، و حرفُ الجر محذوف قبل أن. و أن مع مَا في حَيِّزها منصوبة المحلّ بالمصدر المُفْضي إليها بعد حَذْفِ الجار.

[حلل]

: أَحِلُّوا اللّٰه يَغفر لكم.
أي أَسْلِمُوا للّٰه، و معناه الخروج من حَظْر الشرك و ضِيقه إلي حِلِّ الإِسلام و سَعته، من أَحَلَّ المُحْرم.
______________________________
(2) (*) [حلف]: و منه الحديث: لما صاحت الصائحة علي عمر، قالت: وا سيد الأحلاف، قال ابن عباس:
نعم و المحتلف عليهم. النهاية 1/ 425.
(3) (*) [حلب]: و منه الحديث: فإن رضي حلابها و أمسكها. و منه الحديث: إياك و الحلوب. و منه حديث نقادة الأسدي: أبغني ناقة حلبانة ركبانة. و منه الحديث: الرهن محلوب. و في حديث طهفة:
و نستحلب الصبير. النهاية 1/ 421، 422.
(1) البيت من الخفيف، و هو لإسماعيل بن يسار النسائي في الأغاني 4/ 411، و شرح شواهد الشافية ص 316، و للربيع بن ضبع الفزاري في جمهرة اللغة ص 366، و بلا نسبة في الاشتقاق ص 332، و خزانة الأدب 9/ 172، و شرح شافية ابن الحاجب 3/ 38، و لسان العرب 1/ 628 (علب). و يُروي «في القلاب» بدل «في الحِلابِ».
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 268
و
روي: «أَجِلّوا
بالجيم»، أي قولوا له: يا ذَا الْجَلَال، و آمنوا بعظَمَته و جَلَاله.
لا أُوتَي بِحَالٍّ و لا مُحَلَّلٍ له إلا رَجَمْتُهُما.
يقال: حَلَلت لفلان امرأتَه فأَنا حَالٌّ و هو محلول له: إذا نكحها لِتَحِلَّ للزوج الأول، و هو من حلِّ العقدة. و يقال: أَحْلَلْتُها له و حَلَّلْتُها.
و
عنه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إنه لعن المُحَلِّلَ و المُحَلَّل له.
و روي: لعنَ المُحِلَّ و المُحَلَّ له.
سُئِل صلي اللّه عليه و سلم أيُّ الأعمالِ أفضل؟ فقال: الحالّ المُرْتحِل. قيل: و ما ذَاك؟ قال: الخاتِم المفْتَتِح.
أراد الرجل المواصل لِتِلَاوةِ القرآن الذي يَخْتِمه ثم يَفْتَتحه، شبَّهه بالمسْفار الذي لا يُقْدِم علي أهله فيَحُلّ إلَّا أنشأ سَفَراً آخر فارْتحل.
و قيل: أراد الغازي الذِي لا يَقْفُل عن غَزْوٍ فيختمه إلَّا عَقَّبَه بآخر يفتتحه.
و التقديرُ عمل الحالّ المُرْتَحِل، فحذف لأنه معلوم.
أبو بكر رضي اللّٰه عنه- مرَّ بالنّهدية إحدي مَوَالِيه، و هي تَطْحَن لمَوْلَاتها و هي تقول:
و اللّٰه لا أُعْتِقكِ حتي يُعْتِقَك صُبَاتك، فقال أبو بكر رضي اللّٰه عنه: حِلًّا أُمَّ فلان! و اشْتَرَاها فأَعْتَقها.
حِلًّا: بمعني تَحَلُّلًا، من تَحَلَّلَ في يمينه إذا اسْتَثْنَي، و هو في حذف الزوائد منه و ردّه إلي ثلاثة أحرف للتخفيف نظيرُ عَمْرَك اللّٰه، بمعني تعميرك اللّٰه، و انتصابُه بفعل مضمر تقديرُه تحلَّلي حلًّا.
قال عَبيد:
حِلَّا أَبَيت اللَّعْن حِلَّا إنَّ فيما قُلْتَ آمَهْ «1»
يقال هذا لمن يَحْلف علي ما ليس بمرضي؛ ليكونَ له سبيلٌ بالاستثناء إلي إِتيان المرضيّ مع إبْرَارِ اليمين، و أَرادت بالصُّباة المسلمين، أي حتي يَشْتَرِيك بعضُهم فيُعتقك.
المَوَالي: جمع مَوْلًي و مولاة، لأن مَفْعَلًا و مَفْعَلَة يُجْمَعَانِ علي مَفَاعِل.

[حلم] [حلن]

: عمر رضي اللّٰه عنه- قَضَي في الأَرْنبِ يقتلُها المحرم بحُلّام- و روي بالنون.
______________________________
(1) البيت في ديوان عبيد ص 125، و في رواية الشعر و الشعراء ص 53:
مهلًا أبيت اللعن مَهْلا
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 269
الحُلَّان: الجدي أو الحمَل، يسمي بذلك حين تَضَعُه أمه فيحُل بالأرض، و يلزمه ما دامَ صغيراً. قال ابن أحمر:
يُهْدَي إليه ذِرَاعُ الْجَدْيِ تَكْرِمَةً إمَّا ذَبِيحاً و إمَّا كان حُلّانا «1»
أراد إما كبيراً قد استحقَّ أن يُذبح، و إما صغيراً قريبَ العهد بالوَضْع.
و أما الْحُلَّام فميمُه بدلٌ من النون، و قيل: هو الصغير الذي حَلَّمه الرَّضَاع، أي سَمَّنَه؛ من تَحَلم الصّبيّ إذا سَمِن و اكْتَنَزَ.
و
في حديث عثمان رضي اللّٰه عنه: إنه قَضَي في أمّ حُبَيْن بحُلَّان.

[حلف]

: من كان حليفاً أَوْ عَريراً في قَوْمٍ قد عَقَلوا عنه و نَصَرُوه فمِيراثُه لهم، إذا لم يكن له وارثٌ معلوم.
الحليف: المحالِف، و هو المُعَاهَد.
و العَرير: النزيل فيهم ليس من أنفسهم؛ من عَرَّه و اعْتَرَّه، إذا غَشِيَه.
عَقَلوا عنه، أي وجبت عليه دِيَة فأدَّوها عنه.

[حلل]

: إنَّ عليًّا عليه السلام أَرْسَل أمّ كلثوم إليه و هي صغيرةٌ، فقالت: إنَّ أبي يقولُ لك: هل رضيت الْحُلَّة؟ فقال: نعم قد رضيتُها.
كان قد خَطب إلي عليّ عليه السلام ابنتَه، فاعتذَر إليه بصِغَرها، و أرسلها إليه ليَرَاها إِعذاراً، و جعل الحُلَّة كنايةً عنها، و قد يكنَّي عن النساء باللباس.

[الحلب]

: أبو ذرّ رضي اللّٰه عنه- قال لحبيب بن مسلمة: هل يُوَافِقُكُم عَدُوُّكم حَلَبَ شاةٍ نَثُور؟ و روي: فتوح. قال: إي و اللّٰه و أربع عُزُز، فقال: غَلَلتم و اللّٰه.
الحلَب بالتحريك: مَصْدر حَلَب، و المعني وقْتَ حلَب شاةٍ، فحذف؛ و مثله قولهم:
آتيك خُفُوقَ النجم.
النَّثُور و الفَتُوح: الواسعة الإِحْلِيل، كأنها تَنْثُر الدرَّ نَثْراً و تفتح سبيله فتحاً.
إي بمعني نعم؛ إِلا أنها تختص بالإِتيان مع القسم؛ إيجاباً لما سَبَقه من الاستعلام، و نعم تأتي مع القَسم و غيره.
العُزُز: جمع عَزُوز، و هي الضّيّقة الإحليل، كأَنها تعزّ حالبها علي الدرّ، أي تغلبه عليه و تمنعه إيَّاه.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (حلن)، و ذكر قبله:
فداك كلُّ ضئيل الجسم مختشعٌ وسط المقامة يَرْعَي الضأنُ أحيانا
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 270
غَلَلتم، أي خُنْتُم في القول و لم تصدقوا.

[حلقن]

: أبو هُرَيرة رضي اللّٰه عنه- لما نَزَلَ تحْرِيمُ الخمر كنَّا نَعْمِد إلي الحُلْقَانةِ، و هي التَّذْنُوبة، فنقطعُ ما ذَنَّبَ منها حتي نخلص إلي البُسْر ثم نَفْتَضِخه.
إِذا بلغ الإِرْطاب ثُلُثي البُسْر فهو حُلْقان، و وزنها فُعْلال؛ لأن نونَها يقضي علي إصالتها قولهم: حَلْقن البُسر فهو مُحَلْقِن. و نظيره دِهقان و شَيطان نصَّ سيبويه علي أن نونيهما أصليتان مُسْتَدِلًّا بتَدَهْقَن و تَشَيْطَن، و إذا رَطَّبَ من قِبَلِ ذِنَابه فهو التَّذْنُوب و قد ذَنّبَ.
افتِضَاخُه: أن يُفْضَخ باليَد، و هو شَدْخُه، فيتَّخذ منه شرابٌ يُسَمُّونه الفَضيخ.

[حلي]

*: كان يتوضَّأُ إلي نِصْف السَّاقِ و يقول: إن الحِلْيَة تبلغ مَواضِع الوضوء.
أراد بالْحِلْيةِ التَّحْجيل يوم القيامة من أَثر الوُضُوءِ. من
قوله صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إنّ أُمَّتي يوم القيامة غُرّ من السجود محجَّلون من أَثر الوضوء.

[حلل]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- إنّ حَلْ لَيُوطِي و يُؤْذِي و يَشْغَل عن ذكر اللّٰه.
هو زَجْرٌ للنَّاقةِ، و المعني: إن حثّك النَّاقة و التصويت بها في الإِفاضة من عَرَفات يُؤَدِّي إلي ذلك فَسِرْ علي هِينَتِك.

[حلف]

: لقِيَه عبدُ اللّٰه بن صَفْوان بن أُميّة بن خلف في خلافةِ عمر، فقال: كيف تَرَوْن ولاية هذا الأَحْلافي؟ قال: وجدنا ولايةَ صاحبه المُطَيَّبِيِّ خيراً من ولايته.
كانت الرِّياسةُ في بني عبد مناف، و الْحِجَابة في بني عبد الدار، فأَراد بنو عبد مناف أن يَأْخُذُوا ما لعبدِ الدار، فحالف عبدُ الدار بني سَهْم ليمنعوهم، فعمدت أمُّ حكيم بنت عبد المطلب إِلي جَفْنَةٍ فملأتها خَلُوقاً، و وضعتها في الْحِجْر، و قالت: من تطيَّبَ بهذا فهو منَّا؛ فتطيَّبت به عبدُ مناف و أَسَد و زُهْرَة و بنو تَيْم؛ فسُمُّوا المُطَيَّبين، فالمطيَّبِي أبو بكر؛ لأنه من تَيْم. و نحرَ بنو سَهْم جَزُوراً؛ و قالوا: مَنْ أدخَلَ يده في دَمِها فهو منّا؛ فأَدْخلت أيديها بنو سَهْم و بَنُو عبد الدار و جُمَح و عَديّ و مَخْزُوم و تحالفوا؛ فسمّوا أحلافاً؛ فالأَحْلافيّ عُمَر؛ لأنَّه من عَدِيٍّ.
و
يروي: إنه لما صَاحت الصَّائحة علي عمر قالت: وا سيّدَ الأحلاف! قال ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما: و المُحْتَلَف عليهم؛ يعني المُطَيَّبين.
النسبة إلي الأَحلاف كالنسبة إلي الأبناء في قولهم أبنائي.

[حلج]

: و منه
حديث المغيرة: إنه خرج مع ستة نفر من بني مالك إلي مِصْرٍ فعدَا
______________________________
(1) (*) [حلي]: و منه في حديث علي: لكنهم حليت الدنيا في أعينهم. و في حديث قس: و حلي و أقاح. النهاية 1/ 435.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 271
عليهم، فقتلهم جميعاً، و اسْتاق العير، و لَحِق برسول اللّٰه، فاجتمعت الأحلاف إلي عُروة بن مسعود فقالوا: ما ظنُّك بأبي عمير سيّد بني مالك؟ قال: ظَنِّي و اللّٰه أنكم لا تتفرَّقون حتي تَرَوْهُ يَخْلِجُ أو يَحْلِج في قومه، كأنه أَمة مُخَرَّبة، و لا ينتهي حتي يبلغَ ما يريد و يرضي من رِجاله، فما تفرَّقوا حتي نَظَرُوا إليه قد تَكَتَّب يُزَفُّ في قومه.
يَحْلج: يمشي مسرعاً في حثِّ قومه فيحرك في مَشْيه يديه و أعضاءه فِعْل الخالج و هو الجاذب.
يَحْلِج: يُسْرِع، من قول العجاج:
*تُواضخُ التقريب قِلواً مِحْلَجَا «1»
* المُخَرَّبة: المَثْقُوبة الآذَان، من الخُرْبَة؛ شبَّهه بأَمَة سِنْدِيَّة لشدَّةِ أَدَمة لَوْنه.
تكَتَّب: تحزَّم، و جمَع عليه ثيابه.
يُزَفّ: من الزَّفيف، و هو الإِسراع.

[حلق]

*: أنس- كان النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يصلِّي العصر و الشمس بيضاء مُحَلِّقة، فأَرجع إلي أَهلي فأقول: صَلُّوا.
أي مُرْتَفِعة، من حلَّق الطائر: إذا ارتفع في طَيَرانه، و منه الحالِق، و هو المكان المُشرِف، يقال: هَوَي مِنْ حالق.

[حلل]

: عائشة رضي اللّٰه عنها- قالت لامرأةٍ مرَّتْ بها: ما أَطْوَل ذَيْلَها! فقال رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: اغْتَبْتِها، قُومِي إليها فتَحلَّلِيها.
التحلّل و الاسْتِحْلَال: طَلَبُك إِلي الرَّجل أن يجعلَك في حِلٍّ.
و
في الحديث: من كانت عنده مَظْلَمة من أخيه فَلْيَسْتَحِلّه.

[حلج]

: عديّ رضي اللّٰه عنه- لا يَتَحَلَّجَنَّ في صَدْرِك طعامٌ ضَارَعْتَ فيه النَّصْرَانية.
يقال: دع ما تحَلَّجَ في صَدْرِك و ما تخَلَّجَ، أي اضطرب فيه رَيْبٌ منه، و المعني: إنه نظيف فلا تَرْتابنَّ فيه.

[حلل]

: النَّخَعيّ رحمه اللّٰه- قال في المُحْرِم يَعْدُو عليه السَّبُع أو اللِّص: أَحِلّ بمَنْ أَحَلّ بك.
أي مَنْ ترك الإِحرام و أَحَلَّ بك فقاتَلَك فأَحْلِل به أنت أيضاً و قاتِله.
______________________________
(1) البيت في أراجيز العرب ص 76، و لسان العرب (وضخ).
(2) (*) [حلق]: و منه الحديث: أنه نهي عن بيع المحلِّقات. و منه الحديث: و إن لنا أغفال الأرض و الحلقة.
النهاية 1/ 426، 427.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 272
و
في حديث آخر: من حَلَّ بك فاحْلِلْ به.
يقال: حَلَّ المحرم صار حلالًا، و أَحلَّ: دخل في الحِلّ.
الزهري رحمه اللّٰه تعالي- ذكر شَأْنَ الفيل، و أَنّ قريشاً أجلتْ عن الحَرَم، و لَزِمَه عبدُ المطلب، و قال: و اللّٰه لا أَخْرج من حَرَمِ اللّٰه أبْتَغي العزَّ في غَيْرِه، و قال:
لا هُمَّ إنَّ المَرْءَ يَمنَعُ رَحْلَه فامْنَعْ حِلَالَك «1»
لا يَغْلبنَّ صَلِيبُهم و مِحَالهم غَدْواً مِحَالك
و أنه رأي في المنام فقيل له: احْفِر تُكْتَم، بين الفَرْث و الدَّم. قال: فحفرها في القرار، ثم بَحَرها حتي لا تُنْزَف.
قوم حِلّة و حِلَال: أي كانوا مقيمين مُتَجاورين، يريد سكان الحرَم.
المحال: الكَيْد، و الأصل في المحل الشدة.
تُكْتَم: من أسماء زَمْزم؛ لأنها كانت مكتومة، قد اندفنت بعد أيام جُرْهم حتي أظهرها عبد المطلب.
بَحرَها: شقها و أوسعها.
المِيمَانِ في لا همّ عِوضٌ عن حرف النداء عند أصحابنا البصريين.
الغَدْو: أَصل الغَدِ و تامّه، و لم يُرِد اليوم الذي بعد يومه، و إنما أراد ما قَرُب من الأوقات المستقبلة، و قد يَجْرِي مثل هذا التجوّز في اليوم و الأمس.

[حلق]

: في الحديث: دَبَّ إليكم داءُ الأُمم من قبلكم البَغْضَاء و الحالِقَة.
هي قطيعة الرَّحِم و التَّظالُم، لأنها تجتاحُ الناسَ و تهلكهم، كما يحلق الشَّعر، يقال:
وقعَتْ فيهم حالِقة لا تدَعُ شيئاً إلا أَهلكَته.

[حلم]

: من تحَلم ما لم يَحلُم.
أي من تكلَّف حُلُماً لم يرَه فقد أَساء و فَعَل مُنْكراً.
حينُ حلّها في (وق). لِحَلَاوة القَفَا في (هو). بفصيل مَحْلول في (خل). الحَلْقة في (صف) و في (ند). و حَلَبها علي الماء في (طر). حَلْبانة في (غف). حَلَب امرأة في (نض).
أحْلَاس الخيل في (جر). علي حَلْقة في (هت). و لا حَلُوب في (بر). اسْتَحْلَسْنا الخوف في (حر). مُحْلَسٌ أخفافُها في (نج). حَلأتهم في (بد). حِلَّا في (قو). حلْقة القوم في (ثل).
حَلْقي في (عق). الحلأَ في (جل). [أهل الْحلقة في (قد). مُحِلٌّ بقومك في (به)].
______________________________
(1) البيتان في لسان العرب (حلل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 273‌

الحاء مع الميم

[حمد]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- الحمد رَأْسُ الشُّكْر، ما شكر اللّهَ عبدٌ إلا بحمده.
الشكرُ لا يكونُ إلا علي نِعْمة، و هو مُقَابلتها قولًا و عملًا و نيَّة، و ذلك أن يُثْنِي علي المنعم بلِسانه، و يُدْئِب نفسه في الطاعة له، و يَعتقد أنه وليّ النعمة، و قد جمعها الشاعر في قوله:
أَفادَتكُم النعماءُ منِّي ثلاثة يَدِي و لِسَاني و الضمِيرَ المحجَّبا
و هو من قولهم: شَكَرت الإِبل: إذا أصابت مَرْعي فغَزُرت عليه، و فرس شَكُور إذا عُلِف فسمن. و أما الحمدُ فهو المدح و الوصف بالجميل، و هو شُعْبة واحدة من شُعَب الشكر، و إنما كان رأْسه؛ لأن فيه إظهارَ النعم و النداء عليها و الإِشارة بها.
في كتابه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: أما بعد فإني أحمد إليك اللّٰه الذي لا إله إلا هو.
أي أنهي إليك أن اللّٰه محمود.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما: إني أحمدُ إليكم غَسْلَ الإِحْلِيل.
معناه: أرضاه لكم و أُفْضِي إليكم بأنه فعل محمود مرضي.

[حم]

*: لقي صلي اللّه عليه و سلم العدوّ في بعض مَغَازِيه، فقال: «حم … لٰا يُنْصَرُونَ».
و في حديث آخر: إن بُيِّتُّم الليلة فقولوا: «حم … لٰا يُنْصَرُونَ».
قيل: إن حم من أسماء اللّٰه تعالي، و إن المعني اللّهُم لا يُنصرون، و في هذا نظر؛ لأن حم ليس بمَذْكور في أسماء اللّٰه المعدودة، و لأن أسماءه تقدّست ما منها شي‌ء إلا و هو صِفَةٌ مُفْصحة عن ثناءٍ و تمجيد، و حم ليس إلا اسمي حرفين من حروف المُعْجم، فلا معني تحْتَه يَصْلُح لأن يكونَ به بتلك المَثَابة، و لأنه لو كان اسماً كسائرِ الأسماء لوجب أن يكونَ في آخره إعرابٌ؛ لأنه عارٍ من عِلَل البناء؛ ألا تري أن قاتلَ محمد بن طلحة بن عبيد اللّٰه لما جعله اسماً للسورة كيف أعربه، فقال:
يُذَكِّرُني حامِيمَ و الرُّمْحُ شَاجِرٌ فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قبل التَّقَدُّمِ «1»
______________________________
(2) (*) [حمد]: و منه الحديث: لواء الحمد بيدي. و في حديث أم سلمة: حُماديات النساء غض الأطراف.
النهاية 1/ 437.
(3) (*) [حمم]: و منه في حديث الرجم: أنه مر بيهودي محمَّمٍ مجلود. و حديث لقمان بن عاد: خذي مني أخي ذا الحمة. و منه حديث قس: الوافد في الليل الأحم. و منه حديث الدجال: أخبروني عن حمة زُغَرَ. النهاية 1/ 444، 445.
(1) البيت من الطويل، و هو للأشتر النخعي في الاشتقاق ص 145، و لعدي بن حاتم الطائي في حماسة-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 274
منعه الصرف لأنه عَلم و مُؤَنث، و الذي يؤدي إِليه النظر أن السور السبع التي في أوائلها حم سور لها شأن.
و منه
حديث ابن مَسْعود رضي اللّٰه تعالي عنه: إذا وقعتُ في آل حم فكأني وقعتُ في رَوْضات دَمِثات.
فنبَّه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم أن ذِكْرها لِشَرفِ منزلتها، و فخامة شأنها عند اللّٰه عز و جل مما يُسْتَظهر به علي استنزال رحمةِ اللّٰه في نُصْرة المسلمين، و فلّ شوكة الكفار، و فضّ خَدَمتهم «1».
و قوله: لٰا يُنْصَرُونَ كلام مستأنف. كأنه حين قال قولوا: حم قال له قائل: ماذا يكون إذا قيلت هذه الكلمة؟ فقال: لٰا يُنْصَرُونَ.
و فيه وجهٌ آخر؛ و هو أن يكون المعني و ربّ- أو و مُنزل حم … لٰا يُنْصَرُونَ.

[حمز]

*: قال أنس بن مالك رضي اللّٰه عنه: كَنَّاني رسولُ اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم ببَقْلة كنت أَجتَنِيها- و كان يُكْنَي أبا حَمْزة.
سُمِّيَتْ لحرافتها بالْحَمْزَة و هي اللَّذْعَة.
و يحكي أنّ أَعرابياً تَغَدَّي مع قوم فاعتمد علي الخَرْدَل فقالوا: ما يعجبك منه؟ فقال:
حَرَاوته و حَمْزُه.

[حمس]

*: قال جُبَير بن مُطْعِم رضي اللّٰه عنه: أَضْلَلت بعيراً إلي يومَ عَرفة، فخرجتُ أطلبُه حتي أتيتُ عرَفَة؛ فإذا رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم واقفاً بعرَفة مع الناس، فقلت: هذا من الحُمْس؛ فما له خَرج من الحَرَمِ؟
الحُمْس: قُريش و من دَان بدينهم في الجاهلية، واحدهم أَحْمس؛ سموا لتحمسهم أي تشدّدهم في دينهم. و الحمسة: الحُرْمة مشتقة من اسم الحُمْس، لحرمتهم بنزولهم الحرَم، و كانوا لا يخرجون من الحرَم، و يقولون: نحن أهل اللّٰه، لسنا كسائر الناس؛ فلا نخرج من حَرَم اللّٰه، و كان الناسُ يقفون بعرَفة و هي خارج الحَرم، و هم كانوا يَقِفون فيه حتي نزل: ثُمَّ
______________________________
- البحتري ص 36، و لشريح بن أوفي العبسي في لسان العرب 3/ 314 (عهد)، و لعصام بن مقشعر البصري في معجم الشعراء ص 270، و بلا نسبة في الخصائص 2/ 181، و لسان العرب 12/ 151 (حمم)، 573 (ندم)، و المقتضب 1/ 238، 356.
(1) الخدمة: السير الغليظ المحكم.
(2) (*) [حمز]: و منه في حديث ابن عباس: سئل رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم: أي الأعمال أفضل؟ فقال: أحمزها. النهاية 1/ 440.
(3) (*) [حمس]: و منه حديث علي: حمس الوغي و استحرّ الموت. النهاية 1/ 440.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 275
أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ النّٰاسُ [البقرة: 199]. فوقفوا بعرَفة، فلمّا رأي جُبير رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم بعرَفة، و لم يعلم نزولَ هذه الآية أنكر وقوفَه خارجَ الحرم.
رسول اللّٰه: مبتدأ و خبره فإذا، كقولك: في الدار زيد.
و واقفاً: حال عمل فيها ما في إذا من مَعْنَي الفعل.

[حمل]

*: الحَمِيل غَارِم.
هو الكفيل، يقال حَمَل به يحمل حَمَالة.

[حمرة]

: إن قوماً من أصحابه صلي اللّه عليه و سلم أخذوا فَرْخي حُمَّرَة، فجاءت الحُمَّرة فجعلت تَفَرّش.
هي طائر بعظم العُصْفور، و تكون دَهْساء «1» و كَدْراء «2» و رَقْشاء «3».
التفرُّش: أن تقرب من الأرض فتُرَفْرِف بجناحيها. قال أبو دوَاد:
فأَتَانَا يَسْعَي تَفَرُّشَ أمّ الْ بَيْضِ شَدًّا و قَدْ تَعَالي النَّهارُ «4»

[حمم]

: إنَّ وفد ثقيف لما انْصَرف كلُّ رجل منهم إلي حَامَّتِه قالوا: أتينا رجلًا فظًّا غليظاً، قد أَظهر السيفَ، و أَداخَ العرَب، و دَانَ له الناس، و كان لهم بيتٌ يسمونه الرَّبَّة كانوا يضَاهون به بيتَ اللّٰه الحرام، و كان يُسْتَر و يُهْدَي إليه، فلما أسلموا جاء المغيرة بنُ شعبة فأخذ الكِرْزِين فهدَمها، فبهتَ ثقيف، و قالت عجوز منهم: أَسلمها الرُّضَّاع و تركوا المُصَاع.
الحامَّة: الخاصة.
أدَاخ: أذَلَّ.
دَان: أَطاع كرهاً.
الكِرْزِين: الفأس.
الرُّضَّاع: اللئام، جمع رَاضِع، و الفعل منه رَضَع.
المِصَاع: المماصعة و هي المُجَالَدة.
______________________________
(5) (*) [حمل]: و منه حديث ابن عمر: كان لا يري بأساً في السلم بالحميل. و في حديث القيامة: ينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل. و في حديث قيس: تحملت بعلي علي عثمان في أمر. و منه الحديث: كنا نحامل علي ظهورنا. و منه حديث عمر: فأين الحمال؟ النهاية 1/ 442، 443.
(1) الدهسة: لون كلون الرمال، و قيل لون يعلوه أدني سواد.
(2) الكدرة من الألوان: ما نحا نحو السواد و الغبرة.
(3) الرقشاء: فيها نقط سوداء و بيضاء.
(4) البيت في لسان العرب (فرش).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 276‌

[حمر]

*: بُعِثْتُ إلي الأَحمر و الأَسود.
أي إلي العَجم و العرب؛ لأن الغالب علي أَلوان العَجَم الحُمْرة و البياض، و علي ألوان العرب الأدمة و السُّمرة.
و
عنه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: أُعطيت الكَنْزَين الأَحمر و الأبيض.
هما الذهب و الفضة.
و أما
حديث ابن شَجَرة: أن عمر رضي اللّٰه عنه كان يَبْعَثه علي الجيوش، فخطب الناس فقال: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ*، ما أَحسن أثر نعمتِه عليكم إن كنتم ترون! ما أري ممَّا بينَ أحمر و أصفر و أخضر و أبيض، و في الرّحال ما فيها، إلا أنه إذا التقي الصفَّان في سبيل اللّٰه فُتِحت أبوابُ السماءِ و أبوابُ الجنَّة و أبوابُ النار، و تَزيَّن الحورُ العين، فإذا أقبل الرجلُ بوَجْهِه إلي القتال قلن: اللهم ثبِّته، اللهم انصره. و إِذا أدبر احتَجَبْنَ منه، و قلن: اللهم اغفِرْ له، فانْهكُوا وُجُوهَ القومِ، فِدًي لكم أبي و أمي! و لا تُخْزُوا الحور العين.
فإنه يريدُ بالأَلوان التي ذكرها زَهْرَة الدنيا و حُسْنَ هيئةِ القومِ في لباسهم.
النَّهْك: الجُهْد و الإِضناء.
الفَدَي- بفتح الفاء مقصور بمعني الفِدَاء.
لا تُخْزُوا: من الخزاية و هي الحَيَاء.

[حمم]

: أبو بكر رضي اللّٰه عنه- إن أبا الأعْور السُّلَميّ دخل عليه فقال: إِنا قد جئناك في غير مُحِمَّة و لا عُدْم.
المُحِمّة: الحاجة الحاضرة المهمَّة، يقال: أحم الأمر إذا دنا، قال:
حَيِّيَا ذَاكما الغَزَالَ الأَجمّا إِن يكن ذاكما الفِرَاقُ أَحَمَّا «1»

[حمو]

: عمر رضي اللّٰه عنه- لا يدخلنَّ رجل علي امرأةٍ و إن قيل حَمُوها، ألَا حَمُوها المَوْت!
و الأحماء: أقرباء الزوج كالأب و الأخ و العم و غيرهم، الواحد حم في غير الإِضافة، و إذا أضيف قيل: هذا حموها، و رأيت حماها، و مررت بحميها، و هو أَحد الأسماء الستة التي إِعْرَابها بالحروف مضافة، و يقال أيضاً: هذا حَما كقفا و هو حَماها.
______________________________
(2) (*) [حمر]: و منه الحديث: أهلكهن الأحمران. و منه: خذوا شطر دينكم من الحميراء. و في حديث علي:
يقطع السارق من حِمارَّة القدم. النهاية 1/ 438، 439.
(1) يُروي البيت في لسان العرب (حمم):
حييا ذلك الغزال الأحمَّا إن يكن ذلك الفراق أجمَّا
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 277
و قوله: أَلَا حموها الموت معناه أن حَمَاها الغايةُ في الشر و الفساد، فشبَّهه بالموت؛ لأنه قصاري كلّ بلاءٍ و شدة، و ذلك أنه شرٌّ من الغريب من حيث أنه آمِن مُدِل، و الأجنبي متخوّف مترقب، و يُحتمل أن يكون دعاءً عليها، أي كأنَّ الموت منها بمنزلة الحَمِ الداخل عليها إن رَضِيت بذلك.

[حمج]

: قال لرجل: ما لي أراك مُحَمِّجاً.
التحميج: إدامة للنظر مع فَتْح العين و إدارة الحدَقة. قال:
و حَمَّجَ للجَبَانِ المَوْ تُ حتي قَلْبُهُ يجِبُ «1»
و التجميح مثله.
و
عن عمر بن عبد العزيز رحمه اللّٰه: أنه اختصم إليه ناسٌ من قريش، و جاءه شهود يشهدون فطَفِقَ المشهُودُ عليه يُجَمِّحُ إلي الشاهد النَّظَر.

[حمر]

: أمير المؤمنين عليّ عليه السلام- كنا إذا احمرَّ البأسُ اتَّقَيْنَا برسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، فلم يكن أحدٌ أَقرَبَ إلي العدوِّ منه.
أي اشتدت الحربُ. و منه: موت أحمر، و هو مَأْخُوذ من لَوْن السَّبع، كأنَّه سبع إذا أهوي إلي الإنسان.
اتَّقَينا به: أي اسْتَقْبَلْنَا به العدوّ.
أَتاهُ الأَشْعثُ بن قيس و هو علي المنبر فقال: غَلَّبَتْنَا عليك هذه الحَمْرَاء، فقال عليّ:
مَن يَعْذِرُني من هؤلاء الضَّيَاطِرة، يتخلَّفُ أحدُهم يتقلّبُ علي حَشَاياه «2» و هؤلاء يُهَجِّرُون إلي أن طردتهم، إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظّٰالِمِينَ، و اللّٰه لقد سمعته يقول: ليَضْرِبُنَّكُم علي الدين عَوْداً كما ضربتموهم عليه بَدْءاً.
الحمراء: العَجَم.
الضَّيَاطِرة: جمع ضَيْطَر، و هو الضَّخْم الذي لا غنَاء عنده.
التَّهْجير: الخُروج في الهاجرة.
الضمير في «سمعتُه» للنبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، و في «ليضربنّكم» للعجم.
و
عنه: إنه قد عارضه رجلٌ من الموالي فقال: اسكت يا ابْنَ حَمْراءِ العِجَان.
أراد يا ابنَ الأمة. قال جرير:
إذا ما قلتُ قافيةً شرودا تَنَحَّلَهَا ابنُ حَمْرَاءِ العِجَانِ
______________________________
(1) البيت لأبي العيال الهذلي في ديوان الهذليين 2/ 249.
(2) الحشايا: الفرش، واحدها حشية.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 278‌

[حمش]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- كان حَمْشَ السَّاقَين.
أي دَقِيقهما.
و منه
حديثُ ابنِ الحنفيّة: إنه ذكر رَجُلًا يَلِي الأمْرَ بعد السُّفْيَانيّ، فقال: حَمْش الذِّرَاعين و الساقين، مُصْفَح الرأس، غائر العينين، يكون بين شَثٍّ و طُبَّاقٍ.
المُصْفَح: العريض.
الشَّث و الطُّبَّاق: شجران يَنْبُتَان ببلاد تهامة و الحجاز، أي يخرجُ بالمواضع التي هي منابت هذين.

[حمز]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- سُئِل أيُّ الأعمال أفْضَل؟ فقال: أَحْمَزُها.
أي أَمْتَنُهَا و أَقْوَاها، من قولهم: رجل حَمِيز الفؤاد و حَامِزُه.

[حمض]

*: كان يقول: إذا أَفَاضَ مَنْ عِنْدَه في الحديث بَعْدَ القرآن و التَّفْسير:
أَحْمضُوا.
يقال: أَحْمَضَتِ الإِبل، و حَمَضَت: إذا رَعَت الْحَمْضَ عند سآمتها من الخُلِة، فضرب ذلك مثلًا لخَوضهم في الأحاديث و أخبارِ العرب إذا ملّوا تفسيرَ القرآن.
و منه
حديث الزهري رحمه اللّٰه: الأذن مَجَّاجَةٌ و لِلنَّفس حَمْضَة «1».

[حمأ]

: حاجّ عمرو بن العاص عند معاوية رضي اللّٰه عنهم في آية، فقال عمرو: تَغْرُب في عَيْنِ حَامِيَةٍ، و قال ابنُ عباس: حَمِئَةٍ، فلما خرج إذا رجلٌ من الأَزد قال له: بلغني ما بينكما، و لو كنتُ عندك أَفدتك بأبيات قالها تبّع:
فَرَأَي مغارَ الشمسِ عِنْدَ غُرُوبها في عَين ذي خُلُب و ثَأْطٍ حَرْمَدِ «2»
فقال: اكتبها يا غلام.
حامية: حارّة.
حَمِئَةٍ: ذات حَمْأة.
الخُلُب: الطين اللَّزِج و ماء مُخْلِب.
______________________________
(3) (*) [حمش]: و منه حديث صفته عليه السلام: في ساقيه حموشة. و في حديث ابن عباس: رأيت علياً يوم صفين و هو يحمش أصحابه. النهاية 1/ 440، 441.
(4) (*) [حمض]: و منه الحديث في صفة مكة: و أبقل حمضها. النهاية 1/ 441
(1) الحمضة: الشهوة.
(2) صدر البيت في لسان العرب (خلب):
فرأي مغيب الشمس عند مسائها
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 279
الثَّأْط: الحمأة.
و الحَرْمَد: الأَسْوَد.

[حمم]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- كان يتوضَّأ و يغتسل بالحَمِيم.
هو الماء الحار.

[حمض]

: قال سعيد بن يسار: قلت له: كيف تقول في التَّحْمِيض؟ قال: و ما التَّحميض؟ قلت: أن تُؤْتَي المرأةُ في دُبرِها. قال: هل يَفعل ذلك أحدٌ من المسلمين!
كنَي عن ذلك بتَحْمِيض الإِبل إذا سئمت الخُلَّة.

[حمر]

: المِسْوَر رضي اللّٰه عنه- ذكر حليمة بنت عبد اللّٰه بن الحارث، و أَنها خرجت في سنة حَمْراء قد بَرَت المال، و خرجت بابنها عبد اللّٰه تُرْضعه، و معها أتان قَمْرَاء تُدْعي سِدْرة، و شارف دَلْقَاء يقال لها سمراء لَقُوح قد مات سَقْبُها بالرأس.
الحمراء: المُقْحِطة.
بَرَت المال: أي هزلت الإِبل، و المال عند العرب الإِبل؛ لأنها مُعْظَم مالها. قال النابغة:
*و نَمْنَح المالَ في الأَمْحَال و الغنما «1»
* القَمْرَاء: البَيْضَاء، و يقال: حمار أَقمر.
الشارف: المسنّة.
الدَّلْقَاء: التي ذهبت أسنانها، و يقال لها الدَّلُوق أيضاً.

[حمم]

: أَنس رضي اللّٰه عنه- كان يقيم بمكة فإذا حَمَّمَ رأسُه خرج فاعْتَمر.
هو أن ينبت بعد الحَلْق فيسودّ، من حَمَّم الفَرخ: إذا اسودَّ جلدُه من الريش، و حَمّم وَجْهُ الغلام.

[حميط]

: كعب رحمه اللّٰه- أسماء النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في الكتُب السالفة:
محمد، و أَحمد، و المتوكِّل، و المختار، و حِمْياطا، و فَارِقِلَيطا.
معني حِمْياطا: حامي الحَرَم.
و فَارِقِلَيطا: يفرق بين الحق و الباطل.

[حمر]

: شريح رحمه اللّٰه- كان يردُّ الْحَمَّارةَ من الخَيْل.
______________________________
(1) صدره:
نلوي الرؤوس إذا ريمت ظلامَتنا
و البيت في ديوان النابغة ص 97، و في الديوان «و النعما» بدل «و الغنما».
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 280
الحمَّارَة و الحمَّارُ: الخيلُ التي تَعْدُو عَدْوَ الحمير. و قيل: الحَمَّارة: أصحاب الحمير كالبَغَّالة و الجَمَّالة.
و الخيل: أصحابُ الخيل، من
قوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: يا خَيْل اللّهِ اركبي.
و المعني: إِنه ردَّهم فلم يُلحقهم بالفُرْسان في السِّهام.

[حما]

: مسلمة- كان يقول في خطبته: إن أقلَّ الناس في الدنيا همًّا أقلهم حَمّا.
هو المُتْعة، من تَحْمِيم المطلّقة، و هو أن تمتَّع بثوب أو نحوه. قال:
أنتَ الذي وَهَبْتَ زيداً بعدما هَمَمْتُ بالعَجُوزِ أَنْ تُحَمَّما

[حمص]

: في الحديث: في حديث ذي الثُّدَيَّة المقتول بالنَّهْرَوَانِ: إنه كان له ثُدَيَّة مثل ثَدْيِ المَرْأَةِ إذا مُدَّتْ امْتَدَّت و إذا تُرِكَتْ تَحَمَّصَتْ.
أي تَقَبَّضَتْ. و منه: حَمَصَ الْوَرَم: إذا سكَن و حَمَصه الدَّواء.

[حمة]

: إنما مَثَل العالِمِ كالحَمَّة تكونُ في الأرض، يأتيها البُعَداء، و يتركُها القُرَباء؛ فبينا هم كذلك إذ غارَ ماؤُها فانتفع بها قومٌ و بقي قوم يتَفكَّنُون.
هي عين حارَّةُ الماءِ يُسْتَشفي بها.
يتفكَّنُون: يتندمون و يتعجّبون من شَأن أنفسهم و ما فَرّطوا فيه من طلب حظهم مع إمكانه و سهولة مأْخذه.
و الفكن و الفنك: العجب، و قيل: تفكَّن و تفكَّر بمعني.
ذا الحُمَمة في (بج). حُمَة زُغَر في (زو). حُمَة كُلِّ دابة في (غر). الحُمَم الأسود في (هض). حَمِيت في (خذ). حُمّة النّهضات في (هم). حُمَاديات في (سد). حَمّمها في (خذ) أَحْماس في (فر). يُحْمِش في (زن). حَمْنانة في (قر). الحمَيدات في (حو). و تَحامل في (فق). المُحْمَاة في (غم). و الحُمّة في (هم). سنة حمراء في (صب). استحمق في (مه). [حَمْش السّاقين في (صه)].

الحاء مع النون

[حنك]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- كان يُحَنِّك أَوْلادَ الأَنصار.
هو أن يَمْضُغ التمر و يَدْلُكه بحَنَكِه. يقال: حَنَك الصبي و حَنَّكَه.

[حني]

*: كانوا معه صلي اللّه عليه و سلم فأَشْرَفوا علي حرَّةِ وَاقم، فإذا قبور بمَحْنِيَة.
______________________________
(1) (*) [حنك]: و منه في حديث خزيمة: و العضاه مستحنكاً. النهاية 1/ 452.
(2) (*) [حني]: و منه حديث رجم اليهودي: فرأيته يَحنَي عليها يقيها الحجارة. النهاية 1/ 454.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 281
هي مَفْعِلة، من حَنَي، و هي مُنْعَطف الوادي و مُنْحَنَاه.

[حنث]

*: لا تزالُ الأُمَّة علي شريعة ما لم يَظْهَر فيهم ثلاث: [ما لم] يُقْبَض منهم العِلْم، و يكثُرْ فيهم أولادُ الحِنْث، و يظهرْ فيهم السّقارون. قالوا: و ما السَّقَّارون يا رسول اللّٰه؟ قال: نَشْ‌ءٌ يكونون في آخر الزمانِ تحيتُهم إذا التَقَوا التَّلاعن.
الذَّنْب العظيم سمي بالحِنْث، و هو العِدْل الكبير الثقيل. و قيل للزِّنا: حِنث، لأنه من العظائم.
السَّقّار و الصَّقّار: اللَّعان لمن لا يستحق اللعن، سُمِّي بذلك؛ لأنه يَضْرب الناسَ بلسانه، من الصَّقْر، و هو ضربك الصَّخْرة بمِعْول و هو الصَّاقور. و منه الصَّقر لأنه يَصْقُر الصيدَ؛ أي يضربه بقُوَّة.
النّشْ‌ءُ: القَرْن الذي ينشأ بعد قَرْن مضي، و هو مصدر كالضَّيْف.

[حن]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- لما قال ابنُ أبي مُعَيْط: أَ أُقْتَل من بين قُريش؟ قال عمر: حَنَّ قِدْحٌ ليس منها.
ضربَه مثلًا لإِدخاله نفسَه في قريش، و ليس منهم، و أَصْله أن يستعار قِدْح فيُضْرَب مع القِدَاح فيصوِّت صوتاً يخالفُ أَصواتها.

[حنق]

*: لا يصلح هذا الأمرُ إِلا لمن لا يُحْنِق علي جِرّته.
يقال: ما يكظم فلانٌ علي جِرّة، و ما يُحْنِق علي جِرّة: إذا لم يَنْطَو علي حِقْد و دَخَل، و أصل ذلك في البعير أن يفيض بجِرَّته، و هو أن يَقْذِف بها و لا يضمر عليها، و الإِحْناقُ:
لُحُوق البَطْنِ و التِصَاقُه. قال أوس:
و جَلّي بها حتي إذا هي أَحْنَقَتْ و أَشْرَف فَوْقَ الحالِبين الشَّرَاسِف «1»
و إنما وُضِع مَوْضع الكَظْم من حيث إن الاجْتِرار ينفخ البطن و الكَظْم بخِلَافه.

[حنك]

: طلحة- قال لعمر رضي اللّٰه عنهما حين استشارهم في جُموع الأعاجم: قد حنَّكَتْك الأمور، و جرَّسَتك الدُّهور، و عَجَمَتْك البَلَايا، فأنتَ وليُّ ما ولّيت، لا نَنْبُو في يديك، و لا نخُول عليك.
______________________________
(2) (*) [حنث]: و منه الحديث: اليمين حِنْثٌ أو مندمة. و منه حديث عائشة: و لا أتحنث إلي نذري. النهاية 1/ 449.
(3) (*) [حنن]: و منه في حديث زيد بن عمرو بن نفيل: حنانيك يا رب. و منه حديث حارثة بن مضرب: ما بين و بين العرب حِنة. النهاية 1/ 452، 453.
(4) (*) [حنق]: و منه حديث أبي جهل: إن محمداً نزل يثرب، و إنه حَنِقٌ عليكم. النهاية 1/ 451.
(1) البيت في ديوان أوس ص 68.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 282
حَنَّكَته الأُمور و أحْنكَتْه و حنَّكته: إذَا أدَّبَتْه و رَاضَتْه، و هو حَنيك و محنّك و مُحْنَك، و احتنك فهو مُحْتَنك، و أصله من قولهم: حَنَك الفرسَ يَحْنُكه: إذا جعل في حَنَكِه الأسفل حَبْلًا يقودُه به.
جرَّسته: أَحكمته، و هو من جَرَّست بالقوم: إذا سمَّعتُ بهم، كأنه ارتكب أَموراً لم يهتد للإصابة فيها، فَعُنِّف و صيح به و أنحي عليه باللوائم حتي تعلّم و استحكم.
عَجَمَتْك: من عجَمْ العود؛ و هو عضّه ليعرف صَلَابته من رَخَاوته، و من فصيح كلامهم ما حكاه أبو زيد من قولهم: إني لتَعْجُمك عَيْني؛ يريدُون يخيَّل إليّ أني قد رأيتك.
لا نخُول: لا نتَكبَّر. قال:
فإنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا و إن كُنْتَ لِلْخَالِ فاذْهَبْ فَخُلْ «1»
و هو مع الخُيَلاء و الخيل شاذّ.
لا نَنْبُو في يديك: أي نحنُ لك كالسيوف البَاتِرة.

[حني]

: أبو ذَرّ رضي اللّٰه عنه- لو صلّيْتم حتي تكونوا كالحَنَايا ما نَفَعكم ذلك، حتي تحِبُّوا آل رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم.
و عنه: لو صلَّيتم حتي تكونوا كالأوْتَار، و صُمْتم حتي تكونوا كالحَنَايا ما نفعكم ذلك إلا بِنِيَّة صادقة و وَرَعٍ صادق.
الحَنِيَّة: القوس بلا وَتر، و قيل: العَقْد المَضْروب، و قيل كل مُنْحن.
و المعني حتي تَحْدَبوا و تَنْحَنُوا مما تُجْهِدون أنفسكم فتصيروا كالقسيّ، أَو العقود في انحنائها و انعطافها، أو كالأَوتار في الدِّقة من الهُزَال.

[حنن]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- الكِلَاب من الحِنّ- و هي ضَعَفَةُ الجِنّ- فإذا غَشِيتكم عند طعامكم فأَلْقُوا لهنّ، فإنَّ لهنَّ أنفساً.
الحِنّ: من حَنَّ عليه إذا رقّ و أَشْفَق، قال:
و لا بد من قَتْلَي فَعَلَّكَ منْهُمُ و إلّا فجُرْحٌ لا يحِنُّ علي الْعَظْمِ «2»
و الرِّقة و الضعف من وادٍ واحد، ألا تري إلي قولهم: رقاق القلُوب و ضِعَاف القلوب، كما يقولون: غِلَاظ القلوب و أَقْوِياء القُلُوب، و يُحْتَمل أن يكونَ من أحنَّ إحناناً إذا أَخطأ؛
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (خول).
(2) رواية البيت في لسان العرب (حنن):
و إن لها قتلي فعلَّك منهمُ و إلا فجرحٌ لا يحن عن العظمِ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 283
لأن الأَبْصَار تُخْطِئها و لا تُدْرِكها، كما أن الجنَّ من الاجتنان عن العيون.
الأنفس: جمع نَفْس، و هي العين.

[حنتم]

*: عمرو رضي اللّٰه عنه- إن ابنَ حَنْتَمة بَعَجَتْ له الدنيا مَعَاها، و أَلقت إليه أَفْلَاذَ كبدها، و نَقَتْ له مُخَّتَها، و أَطْعَمته شحمتها، و أمطرت له جَوْداً سال منه شِعَابها، و دَفقت في مَحَافِلها، فمصَّ منها مَصًّا، و قَمصَ منها قَمْصاً، و جانب غَمْرَتها، و مشي ضَحْضَاحَها و ما ابتلَّت قدماه، أَلَا كذلك أيها الناس؟ قالوا: نعم رحمه اللّٰه!
حَنْتَمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومي أمّ عمر بن الخطاب.
البَعْج: الشقّ، يعني أَظْهَرت له ما كان مَخْبوءاً من غيره.
الأَفْلَاذ: جمع فِلْذ و هو القِطْعة من الكبد؛ أي ملّكته كُنُوزَها و أَفاءَت عليه أموالها.
المحَافِل: حيث يَحْتَفِل الماء جمع مَحْفِل أو مُحْتَفَل.
مَصّ منها، أي نال اليسير.
قَمَص: نَفر و أعرض.
الضَّحْضَاح: ما رقّ من الماء علي وجه الأرض.
ما ابتلت قدماه: أي لم يتعلّق منها بشي‌ء. نصب ضَحْضَاحَها علي أحد وجهين: إِما علي حذف الجار و إيصال الفعل، أو تأوّل مشي بخَاض و سلَكَ و ما أَشْبَه ذلك.

[حنن]

: بلال رضي اللّٰه تعالي عنه- مرَّ عليه ورقةُ بن نَوْفل و هو يعذَّب، فقال: و اللّٰه لئن قَتَلْتُموه لأَتَّخِذنَّه حَنَاناً.
أراد لأَجْعَلَنّ قبرَه موضع حَنان، أي مَظِنَّةً من رحمة اللّٰه فأتمسَّح به مُتَبَرِّكاً، كما كان يُتَمسَّح بقُبور الصالحين الذين قُتِلوا في سبيل اللّٰه في الأمم الماضية، فيرجع ذلك عاراً عليكم و سُبَّةً عند الناس.
و ورقة هو ابنُ عم خديجة رضي اللّٰه تعالي عنها، و هو أحدُ مَنْ كان علي دين عيسي عليه السلام قُبَيل مبعَث النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم.

[حنظب]

: ابن المسيَّب رحمه اللّٰه- من قَتَلَ قُرَاداً أو حُنْظُبَاناً و هو مُحْرِم تصدَّق بتَمْرَةٍ أوْ بتَمْرَتَيْنِ.
و قال له ابن حمزة: قتلت قُرَاداً أو حُنْظُباً، فقال: تصدَّقْ بتَمْرة.
هما ذكر الخَنَافس، و قد يفتح ظاء حنظَب، و هذا عند سيبويه دليلُ علي زيادة النون،
______________________________
(1) (*) [حنتم]: و منه الحديث: أنه نهي عن الدباء و الحنتم. النهاية 1/ 448.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 284
و أنّ الوزن فُنْعَل لأن فُعْلَلًا ليس يثبت عنده، و يجب علي قياس مذهبه أن يُشْتَقّ من حَظِب، إِذا سمن.

[حنط]

*: عطاء رحمه اللّٰه- قال ابنُ جريج قلت لعطاء: أيُّ الحِنَاط أحبُّ إليك؟
قال: الكافور، قلت: فأيْن يجعل منه؟ قال: في مَرَافِقه، قلت: و في بطنه؟ قال: نعم! قلت: و في رُفْغَيْ رِجْليه و مَآبِضه! قال: نعم! قلت: و في عَيْنَيه و أَنفِه و أُذنيه؟ قال: نعم.
قلت: أَ يابساً يُجْعل الكافور أم يُبَلّ بماء؟ قال: لا، بل يابساً. قلت: أ تكره المِسْك حِنَاطاً؟
قال: نعم.
الحَنُوط و الحِناط: كل ما يطيّب به الميت.
المآبض: بَوَاطن الرُّكبتين.
الرُّفْغ: أصل الفخذ.
حِنَاطاً نصب علي التمييز.

[حنن]

: في الحديث- لا تَزَوّجن حنَّانَة و لا مَنَّانةً.
أي امرأة كان لها زوجٌ قبلَك، فهي تَذْكره بالتحزّن و الحَنِينِ إليه. و لا أنسب منك، فهي تمنُّ عليك بصُحْبتها.

[حنط]

: إن ثموداً لما استَيْقَنُوا بالعذاب تكفَّنوا بالأَنْطَاع و تحنَّطوا بالصَّبِر.
أي جعلوا حَنُوطهم الصَّبِر.
الحنتم في (دب). و الحنوة في (فش). في حِنْدِسه في (نح). فيتحنّث في (حر).
الحانية في (سف). أحنف الرّجْل في (صع). الحنش في (غر). [حَنانيك في (لب)].

الحاء مع الواو

[حوي]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- خيرُ الخيل الحُوّ.
الحوّة: كُمْتة يعلوها سَوَاد، و قد حَوِي، و هو أَحْوي، و الجمع حُوّ. قال طُفَيل:
وِرَاداً و حُوًّا مُشْرِفاً حَجَبَاتُها «1» بنَاتُ حِصانٍ قد تُعُولِمَ مُنْجِبِ
______________________________
(2) (*) [حنط]: و منه في حديث ثابت بن قيس: و قد حسر عن فخذيه و هو يتحنّط. النهاية 1/ 450.
(3) (*) [حوي]: و منه في حديث قيلة: فوألنا إلي حواءٍ ضخم. و منه الحديث: و يطلب في الحواء العظيم الكاتب فما يوجد. النهاية 1/ 465.
(1) الحجبتان: حرفا الورك اللذان يشرفان علي الخاصرتين.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 285
[حوي]:
قال له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم رجل: يا رسولَ اللّٰه؛ هل عليَّ في مالي شي‌ء إذا أدَّيت زَكاته؟ فقال: فأين ما تَحَاوَتْ عليك الفُضُول.
التَّحَاوِي: تَفَاعل من الحَوَاية «1»، و هي الجمع. و ما موصولة و ما يجب من الضمير الرَّاجع إليها في الصلة محذوف، و التقدير تَحَاوَتْه.
و الفُضُول: جمع فَضْل و هو ما فضل من المال عن حَوَائجه.
و المعني: فأين الحقوق التي تَحَاوَتْها عليك فُضُول المال من الصَّدَقات و المكارم.
و من يرويه: تحَاوَأَت فوجههُ إن صحت روايته أن يكون في الشذوذ كقولهم: حَلّأْت السَّوِيق، و لَبَّأْت في الحجّ.

[حوب]

*: كان صلي اللّه عليه و سلم إذا قَدِم مِنْ سَفَرٍ قال: آيِبون تائِبون لربِّنا حَامِدون حَوْباً حَوْباً.
حَوْب: زَجْرٌ للجمل، يقولون: حوب لا مَشَيتَ، و في كلام بعضهم: حَوْبُ حَوْبُ، إنه يَوْمُ دَعْقٍ وَ شَوْبٌ، لا لَعاً لبَنِي الصَّوْبِ. و قد سُمِّي به الجمل، فقيل له: الحَوْب. قال يصف كنانته:
هِيَ ابْنَةُ حَوْبٍ أمّ تِسْعينَ آزَرَتْ أخا ثِقَةٍ تمْرِي جَباهَا ذَوَائِبُه
و يجوز فيه ما يجوزُ في أُف من الحركات الثلاث و التنوين إذا نكّر، فقوله: حَوْباً حَوْباً بمنزلة قولك: سيراً سيراً، كأنه فرغ من دعائه، ثم زجر جَمَله.
كان صلي اللّه عليه و سلم إذا دَخل إلي أهله قال: تَوْباً تَوْباً، لا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْباً.
الحَوْب و الحُوب و الحُوْبة: الإِثم.
و منه:
إن أبا أيّوب رضي اللّٰه عنه أراد أن يُطَلِّق أمّ أيوب، فقال له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إن طلاقَ أمّ أيّوب لَحَوْب.
و إنما أثَّمه بطلاقها لأنها كانت مُصْلِحةً له في دِينه.
و
في دعائه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: اللهم اقْبَل تَوْبَتي، و اغْسِل حَوْبَتِي.
و روي: و ارْحَمْ حَوْبتي.
و فَسّرت بالحاجة و المسكنة، و إنما سموا الحاجة حَوْبة، لكونها مذمومة غير مرضية، و كل ما لا يرتضونه هو عندهم غيّ و خطيّة و سيئة، و إذا ارتضوا شيئاً سمَّوه خيراً و رُشداً
______________________________
(1) من حوي الشي‌ء: جمعه.
(2) (*) [حوب]: و منه الحديث: اغفر لنا حوبنا. و منه الحديث: الربا سبعون حوْباً. و منه الحديث: إن الجفاء و الحوب في أهل الوبر و الصُّوف. و في حديث ابن العاص: فعرف أنه يريد حوباء نفسه. النهاية 1/ 455، 456.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 286
و صواباً. قال القطاميّ:
و الناس مَنْ يَلْقَ خَيْراً قائِلُون لهُ ما يَشْتَهِي وِلامّ المُخْطِي‌ء الهَبَلُ «1»
أراد من استغني و أصاب ثَرْوة مَدَحوه و أَحْسَنوا فيه القولَ. و يقولون للفقير: هبلته أمّه.
و
عنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: اللهم إليك أرْفَعُ حَوْبَتي.
و
في حديثه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إن رجلًا أتاه، فقال: إني أَتيتك لأُجاهِدَ مَعك. فقال: أ لك حَوْبة؟ قال: نعم! قال: ففيها فَجَاهِدْ.
هي الحُرْمة التي يأَثم في تَضْييعها؛ من أمّ أو أخت أو بنت، و التقدير ذات حَوْبة. قال الفرزدق:
*لحَوْبة أمّ ما يَسُوغ شَرَابُها «2»
* و منه
الحديث: اتقوا اللّٰه في الحَوْبات. الربا سبعون حَوْباً أَيْسَرُها مِثْلُ وُقوع الرَّجُل علي أُمّه، و أَرْبَي الرِّبا عِرْضُ المُسْلِم.
هو الفنّ و الضَّرْب. قال ذو الرُّمّة:
تَسْمَع في تَيْهَائِه الأَغفال حَوْبَيْنِ مِنْ هَمَاهِمِ الأَغْوَالِ «3»
و هذا أيضاً من الباب؛ لأنه فن مما لا يُرْتضي.

[حوج]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم للذي باع له القَدَح و الحِلْس فيمن يزيد:
______________________________
(1) قبله:
قد يدرك المتأنِّي بعض حاجته و قد يكون مع المستعجل الزَّلَلُ
و البيت من البسيط و هو في ديوان القطامي ص 25، و جمهرة أشعار العرب 2/ 805، و ديوان المعاني 1/ 124، و هو للأعشي في تخليص الشواهد ص 102، و خزانة الأدب 5/ 377، و بلا نسبة في لسان العرب 7/ 120 (بعض)، و مجالس ثعلب ص 437.
(2) صدره:
فهب لي خنيساً و اتخذ فيه منةً
و البيت في لسان العرب (حوب).
(3) البيت في ديوان ذي الرمة ص 483، و رواية العجز في الديوان:
فنين من هماهم الأغوالِ
(4) (*) [حوج]: و منه الحديث: قال له رجل: يا رسول اللّٰه ما تركت من حاجة و لا داجة إلا أتيت. النهاية 1/ 456.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 287
انطلق إلي هذا الوادي فلا تَدَعْ حاجاً و لا حَطَباً و لا تَأْتِني خمسة عشر يوماً.
الحَاج: ضرب من الشَّوك. قال:
*من حَسَكِ التّلْعَة أو من حَاجِها

[حور]

*: الزبير ابن عمتي و حَوَارِيّي من أُمتي.
حَوَارِيّو الأنبياء: صَفْوتهم و المُخْلِصون لهم، من الحَور و هو أن يَصْفُوَ بياضُ العين و يشتدّ خُلوصه، فيصفو سَوَادها، و من الدقيق الحُوَّارَي و هو خُلَاصته و لُبَابه، و من ذلك قيل لنساء الأَمصار: الحَوَارِيات؛ لخلوص ألوانهن و ذهابهن في النظافة عن نساءِ الأعراب. قال المبرد:
إذا ما الحَوَارِيّات علقن طَنّبت بمِيثاءَ لا يألُوك رافضُها صَخْرَا
صفية رضي اللّٰه عنها: بنت عبد المطلب عمّة رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم، و هي أمّ الزبير.

[حوز]

*: أتي عبدَ اللّٰه بن رَواحَةَ رضي اللّٰه عنه يَعُوده، فما تحوَّزَ له عن فِراشه.
التحوّز: من الحَوْزة؛ و هي الجانب، كالتَّنحِّي من الناحية، يقال: تحوَّز عنه و تحيَّز، و تحييز تفعيل.
السنَّة أنّ الرجل أحقُّ بصدر دَابته و صَدْرِ فراشه.

[حوش]

: أتي صلي اللّه عليه و سلم حَائش نخل أو حَشا فقضي حاجتَه.
الحَائِش: النَّخْل الملتفّ، كأنه لالتفافه يَحوش بعضه إلي بعض. قال الأخطل:
و كأَنَّ ظُعْنَ الحيِّ حائِشُ قَرْيَةٍ دَانِي الجَنَاةِ و طَيِّبُ الأَثمَارِ «1»
و الحُش و الحَشّ: البستان، و قيل: هو النخل الناقص القصير الذي ليس بمَسْقي و لا مَعْمور، من حَشّ الوَلدُ في بطنها.
و
في حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إنه كان أحبَّ ما استتر به إليه حائِشُ نخْل أَو حائط.
______________________________
(2) (*) [حور]: و منه الحديث: نعوذ باللّٰه من الحور بعد الكور. و منه حديث عائشة: فغسلتها، ثم أجففتها ثم أحرتها إليه. النهاية 1/ 458.
(3) (*) [حوز]: و منه حديث ابن مسعود: الإثم حوَّاز القلوب. و منه حديث معاذ: فتحوز كل منهم فصلَّي صلا خفيفة. و منه حديث يأجوج و مأجوج: فحوِّز عبادي إلي الطور. و في حديث عائشة تصف عمر: كان و اللّٰه أحوزياً. و منه الحديث: فحمي حوزة الإسلام. النهاية 1/ 459، 460.
(1) البيت في ديوان الأخطل ص 77، و رواية العجز في الديوان:
داني الجناية مونع الأثمارِ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 288
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: إِنه دخل يوماً حَائِش نخل، فرأي فيه بعيراً؛ فلما رآه البعيرُ خَنّ أو حن، و ذَرَفت عيناه، فمسح سَرَاته و ذِفْراه فسكن؛ فقال لصاحبه: أَحْسِن إليه؛ فإِنه شكا إليّ أنّك تُجِيعه و تُدْئبه.
الخَنِين: البكاء في الأنف.
السَّرَاة: أعلي الظهر.
الذِّفْرَي: أصل الأذن، و هي مؤنثة، سواء جعلت ألفها للتأنيث أو للإِلحاق. يقول:
هذه ذفرَي أَسيلة و ذفرًي أسيلة.

[حول]

*: في ذكر الكوثر- حَاله المِسْك و رَضْرَاضُه التُّوم.
الحال: الحَمأة، من حَال يَحُول: إِذا تغيَّر.
و منه
الحديث- إن جبرئيل عليه السلام أخذ من حَالِ البحر فأدخَله فَا فِرْعون.
الرضراض: الحصي الصغار.
التُّوم: جمع تُومَة، و هي حبة الدُّر. قال الأَسود بن يعفر:
يَسْعي بها ذُو تُومَتَيْن منظّفٌ قَنَأَتْ أَنَامِله من الفِرْصَاد «1»
و نظيره دُرّة و دُرَر، و صُورَة و صوَر.

[حور]

: كوَي أَسْعد بن زُرَارة رضي اللّٰه عنه علي عاتِقه حَوْرَاء- و روي: إنه وَجد وجَعاً في رَقَبته، فحوَّره رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بحديدة.
الحَوْرَاء: كعيَّة مُدَوَّرَة، من حَارَ يَحُور: إِذا رجع، و حَوَّره: إذا كواه هذه الكَيَّة، و حَوَّر عينَ دابته و حَجَّرها: إِذا وسَم حَوْلها بميسم مُسْتَدير.
و
عنه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: إنه لما أُخْبِر بقتل أبي جهل قال: إنَّ عَهْدِي به في ركبته حَوْرَاء، فانظروا ذلك؛ فنظرُوا فرَأَوْه.

[حوس]

*: إنهم حاسُوا العَدُوَّ يوم أُحد ضَرْباً حتي أَجْهَضُوهم عن أَثْقَالهم، و إنّ
______________________________
(2) (*) [حول]: و منه في الحديث: بك أصاول و بك أحاول. و في حديث طهفة: و نستحيل الجهام. و في حديث خيبر: فحالوا إلي الحصن. و منه الحديث: من أحال دخل الجنة. و منه حديث عمر: فاستحالت غرباً. و منه حديث أم معبد: و الشاء عازب حيال. و منه حديث الرجلين اللذين ادعي أحدهما علي الآخر: فكان حوَّلًا قلَّباً. النهاية 8/ 463، 464.
(1) البيت في المفضليات ص 44، و رواية صدر البيت في المفضليات:
يسعي بها ذو تومتين مشمر
(3) (*) [حوس]: و منه حديث الدجال: و أنه يحوس ذراريهم. النهاية 1/ 460.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 289
رجلًا من المشركين جَميعَ اللأْمَة كان يَحُوزُ المسلمين، و يقول: اسْتَوْسِقُوا كما تَسْتَوْسِقُ جُرْب الغنم، فضربه أبو دُجانة علي حَبْلِ عاتقه ضربةً بلغت وَركه.
الحَوْس: المخالطة بضررٍ و نِكاية، يقال: تركت فلاناً يَحُوسهم و يَجُوسهم و يَدُوسهم.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: إنه رأي فلاناً و هو يخطب امرأة تَحُوس الرجال.
قال العجاج:
خَيالُ تُكْنَي و خيال تكتما باتا يَحُوسان أناساً نُوّمَا
و
عنه: إنه ذكر فلان شيئاً، فقال له عمر: بل تحُوسك فتنة.
ضرباً: تمييز، و يجوز أن يكون حالًا، أي حاسوه ضاربين.
الإِجهاض: التنحية و الطّرد.
جَميعَ اللأمة: أي مُجْتَمع السلاح.
الحَوْز: السوق.
استوسقوا: اجتمعوا؛ يقال: وسقه فاتسق و استوسق.
حَبْل العاتق: رباطه ما بينه و بين المنكب.

[حول]

: نهي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أن يُسْتَنْجي بعَظْمٍ حائِل.
هو المتغيّر المستحيل بِلًي، من حال: أي تغيَّر.

[حوذ]

: عَلَم الإِيمان الصلاة، فمن فرَّغ لها قَلْبَه و حاذ عليها بحدودها فهو مُؤمن.
أي حافظ عليها بجدٍّ و انكماش، من الأَحْوَذِيّ، و هو الجادّ الحسن السباق للأمور.

[حوي]

: أقبل صلي اللّٰه عليه و آله و سلم من خَيْبَر، و أقبل بصفيّة بنت حُيَيّ قد حازَها فكان يُحَوِّي وراءه بعباءة أو بكساء، ثم يُرْدفها وراءه.
التَّحْوِية: أن يُدِير كِساء حول السّنام، و هو الحوِيَّة، و جمعها حَوَايا.
و
في قصة بَدْر: إن أبا جهل بعث عُمَير بن وَهْب الجُمَحي ليَحْزُر «1» بأصحاب رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، فأطاف عمير برسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، فلما رجع إلي أصحابِه قال: رأيتُ الحَوَايا عليها المَنَايا، نَوَاضِحُ يثرب تَحْمِل الموتَ الناقع.
النَّواضح: جمع نَاضح، و هو السَّانِية «2».
الناقع: الثابت المجتمع، من نقع الماء في بَطْنِ الوادي و استنقع. و منه السم المُنْقَع و النقيع، و هو الذي جُمع و ربي.
______________________________
(1) حزر الشي‌ء: قدره بالحدس.
(2) السانية: البعير الذي يستقي عليه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 290‌

[حول]

: اللهم بك أُحاول و بِك أصاول.
المحاولة: طلب الشي‌ء بحِيلة، و نظيرها المُرَاوغة.
و المصَاولة: المواثبة- و
روي: إنه كان يقول إذا لَقِي العدو: اللَّهم بك أحُول و بك أصول.
و هو من حال يَحُول حيلة، بمعني احْتَال، و المراد كيد العدو، و قيل: هو من حال بمعني تحرَّك.
صبَّح خيبر يوم الخميس بكرة فَجْأة، و قد فَتَحُوا الحصن، و خَرَجُوا معهم المَسَاحي «1»، فلما رأوه حالُوا إلي الحصن، و قالوا: محمد و الخميس.
أي تحوَّلوا إليه، يقال: حالَ حَوْلًا كعاد عوداً.
محمدٌ خبر مبتدأ محذوف، أي هذا محمد و هذا الخميس، أو محمد و الخميس جاءا، علي حذف الخبر.
من أحال دَخَل الجنَّة.
أي أَسلم، لأنه قَلْبٌ لحاله عما عُهد عليه، من حال الشي‌ءَ و أحاله: غَيَّره.

[حوم]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- ما وَليها أحدٌ إلا حامَ علي قرابته، و قَرَي في عَيْبَته، و لن يليَ الناسَ كَقُرَشِي عضَّ علي نَاجِذِه.
هو أن يَحْكي في عَطْفه و رَفْرَفَتِه عليهم فِعْلَ الحائم علي الوِرْد.
و القَرَابة: الأقارب، سُمّوا بالمصدر كالصَّحابة.
القَرْي في العيبة- و هو الجَمْع فيها- تمثيل للاحْتِجان و الاختِزال.
عَضَّ علي نَاجذه: صبر و تصلَّب، و النواجذ: أربعة أضراس في أقصي المنابت تنبت بعد أن يشبّ الإِنسان، تسمي أضراسَ العقل و الحلم.

[حانوت]

: أحْرَقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَقفي و كان حانوتاً.
هو حانَة الخمَّار. قال طرفة:
*و إن تَقْتَنِصْني في الحوانيت تَصْطَدِ «2»
*______________________________
(1) المسحاة: هي المجرفة من الحديد.
(3) (*) [حوم]: و منه في حديث وفد مذحج: كأنها أخاشب بالحومانة. النهاية 1/ 465.
(2) صدره:
و إن تبغني في حلقة القوم تلقني
و البيت في معلقة طرفة بشرح التبريزي ص 106.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 291
و هو كالطَّاغوت في تقديم لَامِه إلي موضع العين، و أصله حَنَوُوت فَعَلوت من حنا يَحْنو حنوّاً، لإِحرازِه ما يرفع فيه و حِفْظه إياه، ثم قلب فصار حَوَنُوت ثم حانوت.
و الحانَة: أيضاً من تركيبه، لأن أصلها حانِيَة فاعلة من الحنو، بدليل قولهم في جمعها: حَوَان، و في النسبة إليها حانَوِيّ، و في معناها الحانياء؛ إلا أنه حذف لامها كما قالوا: ما باليت به بالةً، و الأصل بالية كعَافِية.

[حوص]

*: علي عليه السلام- اشتري قميصاً فقطع ما فضل عن أصابعه، ثم قال لرجل: حُصْه.
أي خِطْ كِفَافه.

[حور]

: ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- لما بايع الناسُ عبدَ اللّٰه بن الزبير قلتُ: أين المذهبُ عن ابن الزّبير؟ أبُوه حَوَاريّ الرسول، و جدّته عمةُ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم صفيّة بنت عبد المطلب، و عمته خديجة بنت خُويَلد زوج النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، و جدّه صدّيق رسول اللّٰه أبو بكر، و أمه ذات النِّطاقين، فشددت علي عَضُدِه، ثم آثر عليَّ الْحُمَيْدَات و التُّوَيْتَات و الأُسَامات، فَبأَوْت بنفسي و لم أرضَ بالهوان؛ إن ابنَ أبي العاص مشي اليَقْدُمِيّة- و روي القُدَمِيّة- و إن ابنَ الزبير مَشَي القَهْقَري- و روي: لَوَي ذنبه- ثم قال لعليّ ابنه: الحق بابن عمك، فغثُّك خيرٌ من سمين غيرك، و مِنْكَ أَنْفك و إن كانَ أَجدع، فلحق بعبد الملك؛ فكان آثر الناسِ عنده.
حَوارِيّ الرسول: صَفْوته، و قد مرّ.
خَدِيجة عمّة الزّبير لأن خُوَيلد بن أسد بن عبد العزي أبو العوام و خديجة، فجعلها عمّة لعبد اللّٰه كما يجعل الجدُّ أباً.
خالته عائشة لأن أمه أسماء بنت أبي بكر، و سميت ذات النطاقين لِمُظَاهرتها بينهما تستراً، و قيل: كانت تحمل في أحدهما الزاد إلي الغار.
و النِّطاق: ثوب تلبسه و تشدُّ وسطها بحبل، ثم ترسل الأعلي علي الأسفل.
شدَدْت علي عَضده، أي عضدته و أَعَنْته.
الحُمَيدات و غيرها: بنو حُمَيد. و تُوَيت و أُسامة: قبائل من أسد بن عبد العُزَّي.
بَأَوْت بنفسي: رفعتها و رَبَأْت بها.
______________________________
(1) (*) [حوص]: و منه الحديث: كلما حيصت من جانب تهتكت من آخر. النهاية 1/ 461.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 292
مشي اليَقْدُمِيَّة، أي المِشية اليَقْدُمِيَّة، و هي التي يَقْدُمُ بها الناسَ أي يتقدَّمهم، و روي عن بعضهم بالتاء و غلط. قال:
الضّارِبِينَ اليَقْدُمِيَّ ة بالمُهَنّدَة الصَّفَائحْ «1»
القَهْقري: الرجوع إلي خَلْف، و في ذلك يقول عبد اللّٰه بن الزَّبير الأسديّ:
مشي ابنُ الزُّبير القهقري و تقدّمت أمية حتي أَحْرَزُوا القَصَبات
تلوية الذنب: مثلٌ لتَرْك المكارم و الروغان عن المَعْروف.

[حوش]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- دخل أرضاً له فرأي كَلْباً فقال: أَحِيشوه عليّ، و أخذ المِسْحاة فاستَقْفَاه، فضربه بها حتي قَتَله، و أقبل علي قَيّمه في أرض فقال: أ تدخل أَرضي كلباً!
حُشْتُ عليه الصيد حَوْشاً و أَحَشْتُه عليه: إذا نَفرْته نحْوه و سُقْته.
استقفاه و تَقَفّاه: إذا أتاه من قِبَل قَفَاه.
عمرو رضي اللّٰه عنه- قال في قصة إسلامه: أَقْبَلت متوجهاً إلي المدينة علي جَمَلٍ لي، فبينا أنا أسيرُ ببعض الطريق إذا ببياض أَنْحَاشُ منه مرّة، و يَنْحَاشُ مني أخري، فإذا أنا بأبي هريرة الدَّوْسِي فقلت: أين تريد؟ قال: المدينة، فاصطحبنا حتي قدمنا المدينة فأَرِبْت بأبي هريرة، و لم تَضُرّني إِرْبَةٌ أَرِبْتُها قطّ قَبْلَ يومئذ؛ قلت: أقدم أبا هريرة فيدخل فيجد رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم مشغولًا؛ فجئنا و الصلاة قائمة فدخل أبو هريرة و الناس ينظرون إليه في الصلاة؛ فتشايَره الناسُ و شهر، و تأخّرت أنا حتي صلَّي.
الانْحِياش: مطاوع الحَوْش و هو النِّفار. قال ذو الرمة:
و بَيضَاء لا تَنْحَاشُ مِنَّا و أُمُّها إذا ما رَأَتْنَا زِيلَ مِنْها زَوِيلُها «2»
أَرِبت به: احْتَلْت به.
الإِرْبَة: الحيلة.
قطّ: فيما مضي، كعَوْض و أبداً فيما يستقبل، يقول: ما فعلت ذلك قطّ، و لن أفعله عَوْض؛ و بناؤه من حيث إنه وجبت إضافته إلي صاحب الوقت أُضيف إليه قبل و بعد، فلما انقطع من الإِضافة بني علي الضم كما بينا.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (قدم) و ذكر قبله:
ماذا ببدرٍ فالعقن قلِ من مرازبة جحاجحْ
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 554.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 293
تَشَايَرُوه: تراءوا شَارتَه أي هيئته، و هذا يُؤْذن بأنّ أَلف الشّارة عن ياء.
و قد روي أبو عبيد: إنه لَحَسَنُ الشَّوْرة بمعني الشارة، فهما لغتان.
و الصحيح أن إسلام عمرو تقدّم إسلام أبي هُرَيرة، أَسْلَم عمرو مع خالد بن الوليد سنة خمس و أبو هُرَيرة سنة سبع.

[حول]

: معاوية بن أبي سفيان رضي اللّٰه عنهما- لما احْتُضِر قال لبنت قَرَظة: اندُبِيني.
فقالت:
ألا أبكيه ألا أبكيه ألا كل الفتي فيه
فقال: لابنتيه: قلِّبَاني، و قال: إنكما لتُقَلِّبَان حُوَّلًا قُلَّباً، إنْ وُقِيَ كُبَّةَ النَّار.
و روي: حُوَّلِيًّا قُلَّبِيًّا إنْ نَجَا من عذاب اللّٰه غداً، ثم تمثّل:
لا يبعدنّ ربيعة بن مُكَدَّم و سقَي الْغَوادِي قّبْرَه بذَنُوب «1»
الحوّل: ذو التصرّف و الاحتيال.
و القلّب: المقلِّب للأمور ظهراً لبطن، و لحوق ياء النسبة للمبالغة.
كُبَّة النار: معظمها، و البيت لحسّان.

[حوف]

*: عائشة رضي اللّٰه عنها- تزوَّجني رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم و عليَّ حَوْف «2»، فما هو إلا أن تَزَوَّجَني فأَلْقي عليّ الحياء.
هو بَقِيرة يلبسها الصبيّ؛ قال:
جارية ذات حِرٍ كالنَّوفِ «3» مُلَمْلَمٍ تَسْتُرُه بحَوْفِ

[حوس]

: ابن عبد العزيز رحمهما اللّٰه- قدم عليه وفدٌ فجعل فتًي منهم يتَحَوَّسُ في كلامه، فقال: كبِّروا كبِّروا! فقال الفتي: يا أميرَ المؤمنين؛ لو كان بالكِبَر لكان بالمسلمين مَنْ هو أسنّ منك.
هو تفعّل من الأَحْوس و هو الشجاع، أي يتشجّع في كلامه، و لا يبالي، و قيل: يتردد و يتحيّل؛ من قولهم: ما زال يتحوّس حتي تركته. قال:
*سر قد أَنَي لك أيها المتحوس
*______________________________
(1) البيت لرجل من بني الحارث بن فهر يرثي فيها ربيعة بن مكدم فارس مضر في الأغاني 14/ 125.
(4) (*) [حوف]: و منه الحديث: سلط عليهم موت طاعون يحوف القلوب. و منه حديث حذيفة: لما قتل عمر رضي اللّٰه عنه نزل الناس حافة الإسلام. النهاية 1/ 462.
(2) الحوف: ثوب لا كمين له، و قيل هي سيور تشدها الصبيان عليهم.
(3) النوف: السنام العالي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 294
كَبِّروا: أي اجْعَلوا متكلِّمَكم رجلًا كبيراً مُسِنًّا.

[حوج]

: قَتادة رحمه اللّٰه- أن تَسْجَد بالآخرة منهما أَحري ألّا يكونَ في نَفْسك حَوْجَاء.
هي الريبة التي يحتاج إلي إزالتها. يقال: ما في صدري حَوْجاء و لا لَوْجاء. قال قيس بن رفاعة:
مَنْ كان في نفسه حَوْجَاءُ يَطْلُبها عِنْدي فإنّي له رَهْنٌ بإصْحَارِ «1»
أُقِيمُ نَخْوَتَه إن كان ذا عِوَجٍ كما يُقَوِّمُ قِدْحَ النَّبْعَةِ الْبَارِي
يريد من كان له رِيبة في أمرِي يَطْلُب عندي إزالتها فأنا مُزيلها.
و المعني: إن موضع السجود من حَم السجدة مختلف فيه، فعند بعضهم هو في الآية الأولي عند قوله تعالي: وَ اسْجُدُوا لِلّٰهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ [فصلت: 37]. و عند آخرين في الآية الأخري عند قوله تعالي: وَ هُمْ لٰا يَسْأَمُونَ [فصلت: 38]. فاختار السجودَ عند الأخري؛ لأنه إن كانت السجدةُ عند الأولي لم يضره أَنْ يسجدَها عند الأُخري، و إن كانت عند الأخري فسجدَها عند الأولي قَدّم السجود قبل الآية.
أن تسجد: في موضع المبتدأ و أحري خَبَره.
الحَوْر في (وع). يتحوّلهم في (خو). الحَائمة في (ضح). يَحُوزُها في (حش).
الحوأب في (دب). نَسْتَحِيل الجَهَام في (صب). انْحَاز في (هت). بالحَوْمانة في (عب).
إلي حَواء في (فر). الحَورِي في (نص). حوشيّ الكلام في (عظ). بِحَوْر في (صه). لا يحورَ فيكم في (ثب). يَحُوف في (ذف). بِمِحْول في (قص). بخفّة الحاذِ في (اب).
حُوَلَاء في (حد). أحْوَي في (سف). فلم يُحِرْ في (رج).
أحَالُوا عليه في (رح). تَحَوَّلت في (زو). المُسْتَحيلة في (ور).

الحاء مع الياء

[حيش]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إنَّ قوماً أَسلموا علي عهده، فقدِموا بِلَحْم إلي المدينة، فتَحَيَّشَت أَنفس أَصْحابه و قالوا: لعلهم لم يُسَمّوا، فسألوه، فقال: سموا أنتم و كُلُوا- و روي: فتجيَّشَت.
هما تفعّل من حاش يحيش: إذا فَزِع و نَفر، و من جاشت نَفْسُه: إذا دارت للغَثَيان.
______________________________
(1) البيتان في لسان العرب (حوج).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 295‌

[حيي]

*: عن عبد اللّٰه بن مسعود رضي اللّٰه عنه: كُنّا إذا صلّيْنا خَلْفَ رسول اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم قلنا: السلامُ علي اللّٰه، السلام علي فلان، فقال لنا: قولوا التحيات للّه و الصلوات و الطيّبات … إلي آخر التشهد، فإنكم إذا قلتُم ذلك فقد سلَّمتم علي كل عبدٍ صالح في السموات و الأرض.
التحية: تَفْعِلة من الحياة بمعني الإِحياء و التَّبْقِية.
و الصلاة من اللّٰه: الرحمة.
و الطيبات: الكلمات الدّالة علي الخير، كسقاه اللّٰه و رعاه، و أعزّه و أكرمه، و ما أشبه ذلك.
و المعني: إنه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم أنكر عليهم التسليم علي اللّٰه، و علَّمهم أن ما تقولونَ عَكْسُ ما يجب أن يُقَال؛ لأنّ كل إحياء و تعمير و سلامة في مَلْكَةِ اللّٰه و له و منه، فكيف يُسْتَجاز أَنْ يقال: السلام علي اللّٰه، و كذلك كلُّ رحمة و كلُّ ما يدل عليه كلمات أدعية الخير فهو مالكُها و مُعْطِيها.
إنّ مما أَدْرك الناسُ من كلام النبوَّة الأولي: إذا لم تَسْتَحْي فاصْنَع ما شِئت.
فيه إشعارٌ بأنّ الذي يكُفُّ الإِنسانَ و يَرْدَعُه عن مُواقَعَةِ السوء الحياء، فإذا رفضه و خَلَع رِبْقَته فهو كالمأمور بارتكاب كلّ ضلالة و تعاطي كل سيِّئة.

[حيل]

*: جاء في دُعائه صلي اللّه عليه و سلم- اللَّهُمَّ ذا الحَيْل الشديد.
هو الحَوْل، أُبدل واوه ياء- و روي الكسائي: لا حَيْلَ و لا قوّة إلا باللّٰه.
و المعني ذا الكيد و المَكْر الشديد، و هو من قوله تعالي: وَ أَكِيدُ كَيْداً [الطارق: 16]. و قوله تعالي: وَ مَكَرَ اللّٰهُ [آل عمران: 54]. و قيل: ذا القوة؛ لأن أَصْل الحول الحركة و الاستطاعة.

[حين]

*: تحيَّنُوا نُوقَكم.
أي احتلبوها في حينها المعلوم.

[حياء]

: الحَيَاء من الإِيمان.
جُعل كالبعض منه لمُنَاسبته له في أَنه يَمْنَع من المعاصي كما يَمْنَعُ الإِيمان.
______________________________
(1) (*) [حيي]: و منه الحديث: من أحيا مواتاً فهو أحق به. و منه حديث القيامة: يُصَبُّ عليهم ماءُ الحياة.
النهاية 1/ 471، 472.
(2) (*) [حيل]: و منه في الحديث: فصلي كلٌّ منا حياله. النهاية 1/ 470.
(3) (*) [حين]: و منه حديث رمي الجمار: كنا نتحين زوال الشمس. النهاية 1/ 470.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 296
و
عن الحسن رحمه اللّٰه: إن رجلًا قال له: يأتيني الرجل و أنا أَمقُته، لا أُعطيه إلا حَيَاء، فهل لي في ذلك من أَجر؟ قال: إن ذلك من المعروف، و إن في المعروف لأَجْراً.
أتاني جبرئيل ليلة أُسري بي بالبُرَاق فقال: اركبْ يا مُحمد، فدَنَوْتُ منه لأَركب، فأنكرني فتَحيَّا مني.
أي انقبض و انْزَوي، و لا يخلو من أن يكونَ مأخوذاً من الحياء علي طريق التمثيل، لأنّ من شَأْنِ الحيِيّ أن يتقَبَّضَ، أو يكون أَصْلُه تحوَّي، أي تجمَّع، فقُلِبت واوه ياء، أو يكونَ تَفْعيل، من الحَيّ و هو الجمع كتحيَّز من الحَوْز.
خرج صلي اللّٰه عليه و آله و سلم للاستسقاء، فتقدم فصلّي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، و كان يقرأ في العيدين و الاستسقاء في الركعة الأولي بفاتحة الكتاب، و سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَي، و في الركعة الثانية بفاتحة الكتاب، و هَلْ أَتٰاكَ حَدِيثُ الْغٰاشِيَةِ، فلما قضَي صلاته استقبل القوم بوَجْهِه، و قلَب رداءه، ثم جَثَا علي رُكْبَتيه، و رفع يديه، و كبَّر تكبيرة قبل أن يَسْتَسْقي، ثم قال: اللهم اسقِنَا و أَغِثْنَا، اللهم اسقِنَا غيثاً مُغِيثاً، و حَياً ربيعاً، وجَداً طبَقاً غدَقاً مُغْدِقاً، مُونِقاً عاماً، هنِيئاً مريئاً، مَرِيعاً مُرْبِعاً مُرْتعاً، وابلًا سَابلًا، مُسْبِلًا مُجَلِّلًا، دِيماً دِرَراً، نافعاً غير ضَارّ، عاجلًا غير رائِث، غيثاً اللهم تُحْيي به البلاد، و تُغِيث به العباد، و تجعله بلاغاً للحاضر منّا و البَاد. اللهم أنزل علينا في أَرْضنا زينتها، و أَنزل علينا في أرضنا سَكَنها. اللهم أَنزل علينا من السماء ماء طَهوراً فأَحْيِ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً و اسْقِه مما خلقت لنا أَنْعٰاماً وَ أَنٰاسِيَّ كَثِيراً.
قيل لابن لهِيعَة: لم قلب رِدَاءه؟ فقال: لِيَنْقَلِب القَحْط إلي الخصب. فقيل له: كيف قَلَبه؟ قال: جعله ظَهْراً لبطن. قيل: كيف؟ قال: حوَّل الأَيسر علي الأيمن و الأيمن علي الأيسر.
الحَيَا: المَطَر لإِحيائه الأرض.
الجَدَا: المطر العام.
الطَّبَق: مثله.
الغَدَق و المُغْدِق: الكثير القَطْر.
المُونِق: المُعْجب.
المَرِيع: ذو المَرَاعة، و هي الخِصْب.
المُرْبِع: الذي يُرْبِعهم عن الارْتياد، من رَبعت بالمكان و أَربعني.
المُرْتِع: المُنْبِت ما يُرْتَع فيه.
السَّابل، من قولهم: سَبَل سَابل، أي مطر ماطِر.
المُجَلِّل: الذي يجلِّل الأرض بمائه أو بنَبَاته.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 297
الدِرَر: الدّارّ، كقولهم: لَحْم زِيم و دِين قِيم.
الرَّائث: البطي‌ء.
السَّكن: القوت؛ لأن السكني به. كما قيل: النزل، لأن النزول يكونُ به.

[حيش]

: عمر رضي اللّٰه عنه- قال لأخيه زيد حين نُدِب لقتال أهل الردّة فتثاقل ما هذا الحَيْشُ و القِلّ!
أي الفزع و الرعدة، يقال للمرأة المَذْعُورة من الريبة: حَيْشانة.
و أَخَذه قِلّ: إذا أرعد، كأنه يقل من مَوْضِعه.

[حيهل]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- إذا ذُكِر الصالحون فَحيَّهلا بعمر.
أي ابْدَأ به، و اعْجَل بذكره، و فيه لغات: حَيَّهَلَ بفتح اللام، و حَيَّهَلَا بألف مزيدة.
قال:
بحَيَّهَلَا يُزْجُونَ كلَّ مَطِيَّةٍ أمامَ المَطَايَا سَيْرُها المُتَقَاذِفُ «1»
و حَيَّهَلًا بالتنوين للتنكير، و حَيَهلا بتخفيف الياء. و روي حَيَّهْل بالتشديد و إسكان الهاء، و عُلِّل باستثقال توالي المتحركات و استدراك ذلك، و قيل: الصواب حَيَهْل بتخفيف الياء و سكون الهاء، و أن هذا التعليل إنما يصح فيه لا في المشدد، و يلحقه كاف الخطاب فيقال: حَيَّهَلَكَ الثريد.
و سمع أبو مَهْدِيَّة الأعرابي رجلًا يقول لصاحبه: زُوذ فسأل عنه فترجم: تعجّل. فقال:
أَفَلا [يقول]: حَيَّهَلَك.
و يقال: فحيّ بعمر.

[حيأ]

: سلمان رضي اللّٰه عنه- أَحْيُوا ما بين العشاءَيْنِ فإنه يحطُّ عن أحدكم من جُزْئِه، و إياكم و مَلْغَاة أَول الليل، فإن مَلْغَاة أول الليل مَهْدَنة لآخره- و روي: مَهْذرة في مَوْضِع مَلْغاة.
إحْيَاء الليل بمنزلة تسهيده و تَأريقه؛ لأنّ النومَ مَوْت، و اليقظةَ حياةٌ، و مرجع الصفة إلي صاحبِ الليل، فهو إذن من باب قوله:
*إذا ما نامَ ليلُ الهَوْجَلِ «2»
*______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص 247، و أمالي ابن الحاجب 1/ 363، 364، و خزانة الأدب 6/ 263، 268، و شرح أبيات سيبويه 2/ 223، و الكتاب 3/ 301، و لسان العرب 9/ 278 (قذف)، و لمزاحم العقيلي في شرح أبيات سيبويه 2/ 223، و لسان العرب 14/ 221 (حيا)، و بلا نسبة في المفصل 4/ 46، و ما ينصرف و ما لا ينصرف ص 108.
(2) تمامه:
فأتت به حوش الفؤاد مُبطَّناً سهداً إذا ما نام ليل الهَوْجَل
-الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 298
أراد بالعشاءين المغرب و العشاء فغلّب، و بالجزء: ما وَظَّف علي نفسه من التهجّد.
المَلْغَاة و المَهْذَرة و المَهْدَنة: مَفْعَلة من اللَّغْو و الهَذَر، و الهُدُون بمعني السكون، و المعني: إن من قَطَع صَدْرَ الليل بالسَّمَر ذهب به النوم في آخره، فمنعه من القيام للصلاة.

[حيص]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- كان في غزاة بعثهم فيها النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم قال: فحَاصَ المسلمون حَيْصَةً- و روي فجَاضَ.
كلاهما بمعني انْهَزَم و انحرَف.
و منه
حديث أبي موسي رضي اللّٰه عنه: إن هذه لحَيْصَةٌ من حَيَصات الفِتَن.
أي رَوْغَةٌ منها عدَلَتْ إلينا.

[حي]

: ابن عمير رضي اللّٰه تعالي عنه- إنَّ الرجلَ ليُسْأَل عن كلِّ شي‌ء حتي عن حَيَّةِ أهله.
أي عن كُلِّ نفسٍ حيَّةٍ في بيته؛ من هِرَّة و فرس و حِمارٍ، و غير ذلك.

[حيص]

: مطرِّف رحمه اللّٰه- خرجَ من الطاعون، فقيل له في ذلك، فقال: هو الموت نُحَايِصه و لا بدّ منه.
المُحَايصة: مفاعلة من حاص عنه، و ليس المعني أن كلَّ واحد من الموت و الرجل يَحِيص عن صاحبه، و إنما المعني أنَّ الرجلَ في فَرْط حرْصه علي الحياص عن الموت كأنه يُبَارِيه و يُغَالبه؛ لأن من شأن المغالب المُبَاري أن يَحْرِص علي فعله و يحتشد فيه، فيؤول معني نحَايِصه إلي قولك: يحرص علي الفِرار منه. و إخراجه علي هذه الزِّنة لهذا الغرض؛ لكونها موضوعة لإِفادة المباراة و المغالبة في الفعل.
و منه قوله تعالي: يُخٰادِعُونَ اللّٰهَ وَ هُوَ خٰادِعُهُمْ [البقرة: 9].
سعيد رحمه اللّٰه تعالي- سُئِل عن مُكاتبٍ اشترط عليه أهلُه ألّا يَخْرج من المِصْرِ، فقال: أَثْقلتم ظهْره، و جعلتم عليه الأَرْض حَيْصَ بَيْص.
أي ضيّقةً لا يقدر علي التردد فيها؛ من قولهم: وقع فلانٌ في حَيْص بَيْص: إذا وقع في خطة مُلْتَبِسة لا يَجِد موضعَ تفَصٍّ عنها، تقدَّم أو تأَخر، من حاص عن الشي‌ء إذا حادَ عنه، و باص: إذا تقدَّم، و الذي قلبت له واو بوص ياء طلبُ المزاوجة كالعِين الحير، و بُنِيَا بناءَ
______________________________
- و البيت من الكامل، و هو لأبي كبير الهذلي في جمهرة اللغة ص 360، و خزانة الأدب 8/ 194، 203، و شرح أشعار الهذليين 3/ 1073، و شرح التصريح 2/ 28، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 88، و شرح شواهد المغني 1/ 228، و الشعر و الشعراء 2/ 675، و لسان العرب 3/ 224 (سهد)، 6/ 290 (حوش)، 11/ 690 (هجل)، و مغني اللبيب 2/ 511، و بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 89، و جمهرة اللغة ص 1176، و شرح شواهد المغني 2/ 880، و لسان العرب 14/ 214 (جيا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 299
خمسة عشرَ، لأنّ الأصل حَيْصٌ و بَيْصٌ- و روي الفتحُ و الكسر في الحاءِ و الصاد، و التنوين للتَّنكير.

[حيك]

*: عطاء رحمه اللّٰه- قال له ابن جُرَيج: كيف يُمْشَي بجنازة الرجل؟ قال:
يُسْرَعُ به. قال: فالمرأة؟ قال: يُسرع بها أيضاً؛ و لكن أَدْوَن من الإِسراع بالرجل. قال: فما حِيَاكتهم- أو حِيَاكَتُكم هذه؟ قال: زَهْو.
هي مِشْيَة فيها تبختر. قال:
*حَيَّاكَة وَسْطَ القَطِيع الأَعْرَم «1»
* تحيَّضي في (كر). حيّهلا في (قح). حِيْريّ دَهْرٍ في (طر). من حاقِّ الْجُوعِ في (حق). الحياء في (مر). تحايوا في (رو). انحياشه في (ثم). بالحيا في (جز). حُبْلَة في (كر).
[آخر الحاء]
______________________________
(2) (*) [حيك]: و منه الحديث: الإثم ما حاك في نفسك. النهاية 1/ 470.
(1) البيت في لسان العرب (عرم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 300‌

حرف الخاء

الخاء مع الباء

[خبر]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- أهلَّ من ذي الحُلَيْفة، و بعثَ مِنْ بين يَدَيْه عَيْناً من خُزَاعة يتخَبَّر له خَبَر كُفَّار قريش، فلَقِيه، فأَخبره أنه ترك قُرَيشاً تجْمَع لقِتاله، قال: فرَاحُوا إلي عُسْفان، فقال رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: خَيْلُ قريش بالغَمِيم عليها خالدُ بن الوليد، فأَمرهم رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أَنْ يَتَيامَنُوا عن الغَمِيم.
و يُروي أنه قال لما لَقِيه خالد بن الوليد: هَلُمَّ هاهنا، فأخذ بهم بين سَرْوَعَتَيْن، و مال عن سَنَن القوم.
و يُروي أنه قال: يامِنُوا في هذا العَصَل، فلم يشعر خالدٌ و أصحابُه إلّا و قد خلَّفتهم قَتَرة رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم و أصحابه، فركضَ خالد إلي مكة، فأَنذر كفَّار قريش، فخرجوا بأجمعهم حتي نزلوا أَعْدَاد مِيَاه الحُدَيبية، و أقبل رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يسيرُ نحوَ القومِ، فبرَكت به ناقَتُه، فزَجَرها المسلمون. فأَلَحّت، و قالوا: خلأت القَصْوَاء، فقال رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: و اللّٰه ما خَلأتْ و ما هو لها بخُلُق، و لكنْ حَبَسها حابِس الفيل، ثم زَجَرها فقامت و انصرف عن القومِ، فنزل علي ثمَدٍ بوادي الحُدَيبية ظَنُونِ الماء، يَتَبَرَّضُه الناس تبرُّضاً، فشكا الناسُ إليه قلةَ مائِه، فانتزع سَهْماً من كنانته فأَمر به فغُرِز في الثَّمد، فجاشَ لهم الماءُ بالرِّي، ثم قدِم بُدَيْل بن وَرْقاء الخُزَاعي في رَهْطٍ من خُزَاعَة علي رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، و كانت خُزَاعة عَيْبةَ رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم من أَهل تهامة، فقال: تركتُ قومك كَعْبَ بن لُؤَيّ و عامر بن لؤي، قد خرجُوا بأجمعهم معهم العُوذ المَطَافيل، و قد أَقسموا باللّٰه لا يُخَلُّون بينك و بين الطَّواف ما بقي منهم أَحد، فقال رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم: إنّا لم نَأْتِ لقتالِ أحد، و لكِنْ جِئْنا نَطُوف بالبيت، فمن صدَّنا عنه قاتلناه،
______________________________
(1) (*) [خبر]: و منه الحديث: فدفعنا في خبار من الأرض. و في حديث طهفة: و نستحلب الخبير. النهاية 2/ 7.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 301
و إنّ قريشاً قد أَضرَّت بهم الحرب و نَهَكَتْهم، فإن شاءُوا مادَدْناهم مُدَّةً يستجِمّون فيها، و أَنا و اللّٰه مجاهدٌ علي أَمري حتي تنفردَ سالِفتي أو يُنْفِذَ اللّهُ أمره.
و
في الحديث: إن عُرْوة بن مسعود رضي اللّٰه عنه قال له: إني أَري معك أوْشاباً من الناس لا أَعرفُ وجُوهَهم و لا أنسابهم.
تخبَّر الخبر: تعرَّفه.
التَّيامُن عن الموضع: الذهابُ عنه ذات اليمين، يقال: يامَنَ بهم و شَاءَمَ فتيامنوا و تشاءَمُوا.
الغَمِيم: موضع ما بين عُسْفَان و ضَجْنَان.
السَّرْوَعَة و الزَّرْوَحَة: رَابِية من رَمْل.
العَصَل: رَمْل مُعَوَّج، سُمّي بالعَصَل و هو الالتواء.
القَتَرة: الغَبَرة.
الأَعْدَاد: المياه ذوات المادّة كماء العيون و الآبارِ.
أَلَحَّتْ: لزمت مكانَها لا تبرح.
الخَلاءُ للناقة: كالحِرَان للفرس.
الثَّمَد: الماء القليل.
الظَّنُون: كل ما تَتَوهَّمه و لستَ منه علي يقين. قال الشماخ:
كِلَا يَوْميْ طُوَالَةَ وَصْلُ أَرْوَي ظَنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظَّنُون «1»
التَّبرُّض: الأَخذ قليلًا قليلًا، من البَرْض و هو الوَشلُ.
جاشَ: ارتفع.
عَنَي بالعَيْبَة: أنهم موضع سِرّه و مَظِنّة اسْتِنْصَاحه.
العُوذُ: الحديثات النتاج، جمع عائِذ.
السَّالِفتان: ناحيتا مُقَدّم العُنُق.
الأَوْشَاب: الأَخْلَاط.

[خبث]

*: كان إذا أَرادَ الخَلاءَ قال: أعوذ باللّٰه من الخُبْثِ و الخَبَائث- و روي:
الخُبُث
- بضم الباء.
الخُبْث: خلاف طِيبِ الفعل من فجورٍ و غيره.
______________________________
(1) البيت في ديوان الشماخ ص 901.
(2) (*) [خبث]: و منه الحديث: إذا بلغ الماء قلَّتين لم يحمل خبثاً. و منه الحديث: مهر البغي خبيث. و منه الحديث: لا يصلين الرجل و هو يدافع الأخبثين. النهاية 2/ 4، 5.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 302
و منه
الحديث: إذا كثر الخُبْث يكون كذا.
و
في الحديث: وُجِد فلان مع أَمةٍ يَخْبُث بها.
و يجوز أن يكون تخفيف الخُبُث، و هو جمع خبيث.
و الخَبائث: جمع خَبِيثة، فالمرادُ شَياطين الجنِّ و الإِنس ذكْرَانُهم و إناثهم.
اللهم إني أَعوذ بك من الرِّجْس النَّجِس الخَبِيث المُخبِث.
هو الذي أصحابه و أعوانه خُبَثاء، كقولهم للذي فرسُه قَوِيّ: مُقْوٍ. و قيل: هو الذي ينسبُ الناسَ إلي الخُبْث، و قيل: الذي يعلّمهم الخبث و يُوقِعهم فيه.

[خبط]

*: اشتري رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم من أعرابيّ حِمْل خَبَط، فلما وجبَ البيعُ قال له: اختَرْ. فقال له الأَعرابي: عَمْرَك اللّٰه بَيِّعاً.
هو الورق المَخْبُوط.
عَمْرَكَ اللّٰه: ذكر أبو عليّ الفارسي في الشِّيرازيات أنّ انتصابَه بفعل مضمر، و ذلك الفعل عَمَّرتُكَ اللّٰه، أي سأَلْتُ اللّٰه تعميرَك.
و المعني عَمَّرتكَ اللّهَ تعميراً مثل تَعْمِيرك إياه، و في هذا إِلْطَاف من المخاطِب، و تَقَرُّب إلي مَنْ يخاطبه، فكان القياس في عَمْرك اللّٰه تَعْمِيرك اللّٰه، إلا أنَّ المصدرَ استُعْمل بحَذْفِ الزيادة، و نظيرُه تحقيرُ الترْخيم.
البَيّع: فَيْعل مِنْ باع، بمعني اشتري، كلَيِّن من لان، و انتِصابُه علي التمييز.

[خبر]

: نهي صلّي اللّٰه عليه و آله و سلم عن المُخَابرة.
هي المُزَارعة علي الخُبْرَة و هي النَّصِيب.
و
عن جابر رضي اللّٰه عنه: كنا نُخَابِر علي عهد رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فنُصِيب من القِصْرِيّ، و مِنْ كذا و كذا، فقال: من كانت له أَرضٌ فلْيَزْرَعْها أو ليمنحها أَخاه.
القِصْرِيّ: القُصَارة، و هي الحبّ الباقي في السُّنْبل بعد الدّياسة.
و المِنْحة: العاريَة.
و
عن ابن عُمر رضي اللّٰه عنهما- إنه كان يُخَابر بأَرْضِه، و يشترط ألّا يَعُرَّها.
من العُرَّة: و هي السِّرْجين.
______________________________
(1) (*) [خبط]: و منه في حديث تحريم مكة و المدينة: نهي أن يُخبط شجرها. و منه الحديث: سئل هل يضر الغَبْط؟ فقال: لا إلا كما يضر العضا، الخَبْط. و في حديث الدعاء: و أعوذ بك أن يتخبطني الشيطان.
النهاية 2/ 7، 8.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 303‌

[خبث]

: إنّ الحمَّي تنفي الذُّنوب كما يَنْفِي الكِير الخَبَث.
هو نُفَاية الجوهر المُذَاب و رَدِيّه.

[خبل]

*: من أُصيب بِدَم أو خَبْل فهو بين إحدي ثلاث: بين أن يَعفو، أو يقتصّ، أو يَأْخذ الدِّيَة، فإن فَعَل شيئاً من ذلك ثم عدَا بعدُ فإنّ له النارَ خالداً فيها مخلّداً.
يقال: خَبل الحُبّ قلبه إذا أفسده، يَخْبِله و يَخْبُله خَبْلًا.
و منه خُبِلت يَدُ فلان أي قُطِعت. قال أوس:
أَبَنِي لُبَيْنَي لَسْتُم بِيَدٍ إلَّا يَداً مَخْبُولَةَ الْعَضُدِ «1»
و بنو فلان يطالبون بدماء و خَبْل؛ أي بقطع أَيد و أَرْجل.
و المعني: من أُصيب بقَتْل نَفْس أو قَطْع عُضْو.
بين: يقتضي شيئين فصاعداً.
و قوله: بين إحدي ثلاث إِنما جاز لأنه محمول علي المعني.
و منه قول سيبويه: و قولهم: بيني و بينه مالٌ معناه بيننا مالٌ، إلا أنَّ المعطوف حُذِف هاهنا لكونه مفهوماً مدلولًا عليه بالثَّلاث، و تقديرُه بين إحدي ثلاث و بين أختيها أو قرينتيها أو الباقيتين منها، و كذلك قوله: بين أَن يَعْفو.
و
في حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعةِ الخَبْل.
هو الفسَاد بالفِتَن.

[خبأ]

*: ابْتَغُوا الرّزْق في خَبَايا الأَرْضِ.
هي جمع خَبِيئة، و هو المَخْبوء، و قياس جمعها خَبَائِئ بهمزتين، المنقلبة عن ياء فعيلة و لامُ الفعل، إلا أنهما اسْتُثقل اجتماعُهما فقُلِبت الأخيرة ياءً لانكسار ما قبلها، ثم قيل خَبَاءَي كعَذَاري و مَدَاري، فحصلتِ الهمزةُ بينَ أَلفين فقُلبت ياء.
و نَظِيرُها خطايا في جمع خطيئة، و المراد ما يخبؤُه الزّراع من البَذْر، فيكون حثًّا علي الزراعة، أو ما خبأه اللّٰه تعالي في مَعَادِن الأرض.

[خبث]

: كتب صلي اللّه عليه و سلم للعَدّاء بن خالد بن هَوْذَة كتاباً: هذا ما اشْتَرَي العَدَّاء بن خالد من محمد رسول اللّٰه، اشتري منه عبداً أو أَمةً، لا دَاءَ و لا خِبْثَة و لا غائِلة، بَيْعَ المسلمِ للمسلم.
______________________________
(2) (*) [خبل]: و منه الحديث: و بطانة لا تألوه خبالًا. النهاية 2/ 8.
(1) البيت في لسان العرب (خبل).
(3) (*) [خبأ]: و منه في حديث ابن الصياد: قد خبأت لك خَبأً. النهاية 2/ 3.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 304
عبَّرُوا عن الحرمة بالخُبْثِ كما عَبَّروا عن الحل بالطِّيب، و الخِبْثة نوعٌ من أَنواعه.
قيل: هو أن يكون مَسْبِياً من قوم أَعطوا عَهْداً أو أماناً أو لهم حُرِّية في الأَصْل.
الغائلة: الخَصلة التي تَغُول المالَ، أي تُهْلكه من إبَاقٍ و غيره.

[خبط]

: إنَّ امرأتين من هُذَيل كانت إحداهما حُبْلي فضرَبَتْها ضَرّتها بِمِخْبَط فأَسْقطَتْ، فحكم النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بغُرَّة.
هو عصا يُخْبَط بها الوَرَق.

[خبت]

*: إن أبَا عامر الذي يُلَقَّب الرّاهب كان مقيماً علي الحنيفيّة قبل مَبْعَث رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، و كان حَسوداً، فساعَةَ بلغه أنّ الأَنصار بايعوه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم تَغَيَّر و خَبُتَ و عاب الحنيفية.
هو بمعني خَبُث. قال السموءل بن عاديا:
إنني كنتُ ميِّتاً فحييت و حَيَاتي رَهْنٌ بأَنْ سأموتُ
فأتاني اليقينُ أني إذا ما مت أو رمّ أعظُمي مَبْعُوتُ
يَنْفَعُ الطَّيِّبُ القليلُ من الكَسْب و لا ينفع الكَثِير الخَبِيتُ
قال عمر بن شَبّة: هذه لُغَتُه، أراد مَبْعوث و الخبيث.

[خبي]

: عثمان رضي اللّٰه عنه- قد اخْتَبَأْتُ عند اللّٰه خِصَالا: إني لرَابع الإِسلام، و زوَّجني رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم ابْنَته ثم ابْنَته، و بايعتُه بيَدِي هذه [اليمني]، فما مَسَسْت بها ذَكَرِي، و ما تغنَّيت و لا تمنّيت و لا شربتُ خمراً في جاهليَّة و لا إِسْلَام.
أي ادَّخَرْتها و جعلتُها خبيئة لنفسي.
زوَّجه رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم رُقَيّة فماتت، ثم زوّجه أم كلثوم.
التمنّي: التكذّب، تَفَعُّل من مَنَي إذا قدَّر؛ لأن المتفعِّل يُقَدِّر الحديثَ في نفسه و يزوّره، و مِصْداقه التخرّص من الخَرْص و الحَزْر و التَّقدير.
و
عنه رضي اللّٰه عنه: ما تمنَّيتُ منذ أَسْلَمْت.

[خبط]

: أبو عُبَيدة رضي اللّٰه عنه- خرج في سَرِيَّة إلي أرض جُهينة فأَصَابهم جوعٌ فأَكلوا الخَبَط، و هو يومئذ ذو مَشْرةٍ حتي إن شِدقَ أحدهم بمنزلة مِشْفر البعير العَضِه، و حتي قال قائلُهم: لو لقينا العدوَّ ما كان مِنَّا حركةٌ إليه، فقال قيس بن سَعْد لرجل من جُهَينة: بِعْني جُزُراً و أوفيك شِقَّة من تمر المدينة، فابتاع منه خَمْس جَزَائر يَشْرِطُ عليه الأعرابي تمْر ذَخِيرَة مُصَلِّبة من تمر آل دُلَيم.
______________________________
(1) (*) [خبت]: و منه في حديث الدعاء: و اجعلني لك مخبتاً. و منه حديث ابن عباس: فيجعلها مخبتة منيبة.
النهاية 2/ 4.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 305
قال الجهني: أَشْهِد لي، فكان فيمن اسْتُشْهِد عُمر، فقال: لا أَشهد، هذا يَدِين و لا مالَ له، إنما المال مالُ أبيه، فقال الجهني: و اللّٰه ما كان سَعْدٌ لِيُخْنِيَ بابْنِه في شِقَّةٍ من تَمْر.
الخَبَط: فَعَل بمني مَفْعول كالنَّفَض.
المَشَرَة و المَشْرة من أَمْشَرت العِضَاهُ و تمشَّرت: إذا أصابها مَطَرُ الخريف فتفطّرت بوَرق، و معني وَصْفِ الخَبَط بذي مَشَرة أن العِضَاه قد أَمْشَرت به.
حتي إنّ شدق أحدهم: هي حتي التي يُبْتَدأ الكلامُ بعدها، و لهذا وجب كسر إن بعدها.
العَضِه: الذي يَرْعي العِضَاه، يعني أن أشداقهم قد انتفخت و قُلّصت.
الشّقَّة: كلُّ قطعة مما يُشقّ، و منها قولهم: غَضِب فطارت منه شِقَّة. فاستعارها في الطائفة من التمر.
الْجَزائر و الْجُزُر: جمع جَزُور، و هي مُؤَنَّثة، و لهذا قال: خَمْس.
المُصَلِّبة- بالكسر- من صلَّبَت الرُّطبة: إذا بَلَغت اليُبْس، يقال: أَطْيبُ مُضْغَة أَكلَها الناس صَيْحَانِيّة مُصَلِّبة.
أَدَان يُدِين: إذا أخَذَ الدَّيْن فهو دَائِن، و دِنْته: أعطيتُه الدَّين فهو مَدِين.
الإِخْناء علي الشي‌ء: إفْساده، و منه الخَنا، و هو الفُحْش، و الكلامُ الفاسد. و دخلتِ الباءُ في قوله: ليُخْنِي بابْنِه للتعدية.
و المعني ما كان ليجعله مُخْنِياً علي ضَمانه خَائِساً به، و اللام لتَأكيد معني النَّفي، كأنه قال: سعدٌ أجلّ من أَنْ يُضَايق ابنه في هذا حتي يعجز عن الوفاءِ بما ضَمن.

[خبر]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- إنْ كنتُ لأَسْتَقْرِئ الرجل السُّورةَ لأَنَا أَقرأ لها منه؛ رجاءَ أن يذهب بي إلي بيته فيُطْعِمني، و ذلك حينَ لا آكل الخَبِير و لا أَلبس الْحَبِير.
الخبير: الإِدَام الطَّيِّب، لأنه يُصْلِح الطعام و يُدَمِّثهُ للأَكل، من الخَبْرَاء، و هي الأرضُ السهلة الدَّمِثة، و هي الخُبْرَة أيضاً؛ يقال: أتانا بخُبْزَة و لم يأْتِ بخُبرة. و روي الخمير.
الْحَبِير: المَوْشِيّ من البُرُود، و إن هي المخففة من الثّقيلة و اللام هي الفارقةُ بينها و بين النافية و التي دخلت علي أَنا للابتداء.
الاسْتِقْرَاء: طلب القراءة، و الإِقراء أيضاً كالاستنشاد.

[خبط]

: ابن عامر رحمه اللّٰه- دخَل عليه أصحابُ النبي صلي اللّه عليه و سلم في مَرَضه الذي مات فيه، فقال: ما تَرَوْنَ في حَالي؟ قالوا: ما نشكُّ لك في النجاة؛ قد كنتَ تَقْرِي الضَّيْفَ و تُعْطِي المُخْتَبِط.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 306
هو الذي يَسْأَل من غَيْرِ سابقِ مَعْرِفة و لا وَسِيلة، شُبِّه بخَابِط الوَرَق.

[خبث]

: الحسن رحمه اللّٰه- خَبَاثِ؛ كلَّ عِيدَانك مَضضْنا فوجدنا عاقبتَه مُرّاً.
خَبَاثِ: هي الخبيثة، في النداء خاصة، كغَدَار و فَسَاق، و حَرْفُ النِّدَاء محذوف و هو جائزٌ في كلِّ معرفة، و لا يصحّ أن يُنْعَت به أيّ، و الخطابُ للدُّنيا.
مضَّ يَمُضّ مضيضاً: إذا مَصّ، يُقال: لا تَمُضَّ مَضِيض العَنْز.

[خبت]

: مكحول رحمه اللّٰه- مَرَّ برجل نائمٍ بعد العَصْرِ فدفعه برِجْله، و قال: لقد عُوفِيت، لقد دُفِع عنك، إنها ساعةُ مَخْرَجِهم [أي الشياطين] و فيها يَنْتَشِرُون و فيها تكون الخَبْتَة.
كانت فيه لُكْنَة، فجعل الطاء تاء، و إنما أراد الْخَبطة من تَخَبّطه الشيطان إذا مسّه بخَبْل أو جُنُون.

[خبل]

: في الحديث: مَنْ أكل الرِّبا أَطْعَمه اللّهُ تعالي من طِينَة الخَبَالِ يَوم القيامة.
قيل: هو ما ذَاب من حُرَاقة أجْسَاد أهلِ النار.
بِخَبت الجمِيش في (جز). هل تخُبُّون في (وط). خُبْنة في (صب). و المَخْبَر في (سح). و أَخْتَبِط في (ضج). اخْبُر تَقْلِه في (قل). خَبَّاط عَشَوات في (ذم). كخَبَجِ الحمار في (ضل).

الخاء مع التاء

[ختل]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- مِنْ أَشراط الساعة أن تُعَطَّلَ السيوفُ من الجهاد، و أن تُخْتَل الدُّنيا بالدين- و روي: و أن تُتَّخذ السيوفُ منَاجل.
خَتَل الذئبُ الصيد: إذا تخفَّي له، و خَتْل الصائدِ: مَشْيُه للصيد قليلًا [قليلًا] في خُفْية لئلا يسمع حِسًّا، فشُبِّه فعْلُ من يُرِي دِيناً و وَرَعاً، يتذرَّع بذلك إلي طَلَب الدنيا، بخَتْل الذئب و الصائد.
المناجل: المجازُّ، أي يؤثرون الحرث علي الحرب.

[ختن]

: إذا الْتَقَي الخِتَانان وَجَب الغُسْل.
هما موضعا الإِعذار و الخَفْض.
سَعيد رحمه اللّٰه- سئل: أ ينظرُ الرَّجل إلي شعر خَتَنَتِه، فقرأ: وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا
______________________________
(1) (*) [ختل]: و منه حديث الحسن في طلاب العلم: و صنف تعلموه للاستطالة و الختل. النهاية 2/ 9.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 307
لِبُعُولَتِهِنَّ … [النور: 31] الآية. فقال: لا أَراهُ فيهم و لا أَرَاها فيهنَّ.
الختَن: أبو امرأَة الرجل، و الخَتَنة: أُمها. قال الأصمعي: الأَخْتَان من قِبَل المرأة، و الأَحْمَاء من قبل الرّجل، و الصِّهْر يجمعهما، و خاتَن الرجلُ الرجلَ: إذا تزوَّج إليه. و
عن النَّضْرِ بن شُمَيل سُمّيت المصاهرة مخاتنة لالْتِقاء الخِتَانين.

الخاء مع الجيم

[خجل]

: أَبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: إن رجلًا ذَهبت له أَيْنُق فطلبها، فأَتي علي وادٍ خَجِلٍ مُغِنّ مُعْشِب، فوجد أَيْنُقه فيه.
الخَجِل: الكثير العشب المُتكاثفه. و منه: قميص خَجِل: فَضْفاض واسع، و جَلَّلَ الفرسَ جُلًّا خَجِلًا: أي واسعاً يضطرب عليه و يَدْنُو من الأرض.
أغَنّ الوادي فهو مغنّ: إذا صوَّتت ذِبّانُه، و في صوتها غُنّة، كقولك: أَقْطف الرجل:
إذا قَطَفت دابته. و يقال أيضاً: وَادٍ أَغن، جُعل الوصف له، و هو للذّباب كقولهم: طريق سائِر.
الأيْنق: جمع ناقة كالآكُم في جمع أكمة، قال ذلك سيبويه، و فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون أصله أَنْوق فقلبت و أبدل واوه ياء.
و الثاني: أن تُحذَفَ العين و تزاد الياء عِوَضاً.

[خجج]

: ابن عُمير رضي اللّٰه عنه- اسمُ الذي بني الكعبة لقُريش بَاقُوم، و كان رومياً، كان في سفينةٍ أَصابتها رِيح فخَجَّتها، فخرجت إليها قريش بجُدّة فأخذوا السفينة و خشَبها، و قالوا: ابْنهِ لنَا بُنْيان الشام.
الريح الخَجُوج: الشديد المرِّ في غير استواء، و خَجّت السفينة: لَوَتْها عن وجهها بعَصْف.
الضمير في ابْنه للبيت.
خَجِلتنَّ في (دق). ريح خَجُوج في (ذر).

الخاء مع الدال

[خدج]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- كلُّ صَلَاة ليست فيها قراءة فهي خِدَاج.
فسر في الباء مع الهمزة.
______________________________
(1) (*) [خدج]: و منه في حديث الزكاة: في كل ثلاثين بقرة تبيعٌ خديج. و منه حديث ذي الثدية: إنه مخدج اليد. النهاية 2/ 13.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 308‌

[خدش]

: مَنْ سأل و هو غنيٌّ جاءت مَسْألته يومَ القيامة خُدُوشاً، أو خُمُوشاً، أو كُدُوحاً، في وَجْهه، قيل: و ما غنَاه؟ قال: خمسون درهماً أو عَدْلها من الذهب.
خَدْش الجلد: قَشره بِعُودٍ و نحوه. و منه قيل لأطراف السَّفَا: الخَادِشة.
و الخَمْش بالأَظفار.
و الكَدْح: العَضّ.
و هذه مَصَادر؛ و الذي جوَّز فيها أن تُجْمع أنها جُعِلَتْ أَسماء للآثار.
عَدْل الشي‌ء: مثله من غير جنسه.

[خدج]

: إنَّ سَعْد بن عُبَادة رضي اللّٰه عنه أَتاه برجل في الحيّ مُخْدِج سقيم، وُجِد علي أمَة من إمائهم يَخْبُث بها، فقال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: خذوا له عِثْكالًا فيه مائة شِمْراخ فاضْرِبوه به ضَرْبة.
هو الناقص الخَلْق.
الْعِثكال و العُثْكول: الكِبَاسة.

[خدع]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- رَفَع إليه رجل ما أهَمَّه من قحوط المَطَر؛ فقال:
خَدَعَت الضِّبَابُ و جاعتِ الأَعراب.
أي أمعنت في جحَرَتها. و منه خَدَعَتِ العين: إذا غارت، و المُخْدع: البيت الدَّاخل، و خَدْعُ الرجل: أن تظهر له خلافَ ما تخفي.

[خدم]

*: عبد الرحمن رضي اللّٰه عنه- طلَّق امرأته فمتَّعَها بخَادِم سَوْداء حمَّمها إياها.
الخادِم: واحد الخدم غلاماً كان أو جارية. قال:
ما أنا بالجلد و لا بالْحَازِم إن لم أَجَأْ هَنَّكِ بالعُجَارِم
وَجْأ يُنَسّيك طلابَ الخادم
يُرِيد الجارية.
حَمّمها إياها: أي أعطاها الجاريةَ علي وجه التَّحميم، و هو إِعطاء مُتْعَة الطلاق خاصة، و كأنهم كانوا يجعلونها من حامَّةِ مَالِهم؛ أي من خِياره، يقال: لفلان إبلٌ حامّة: إذا كانت خياراً.
______________________________
(1) (*) [خدع]: و منه الحديث: الحرب خدعة. و الحديث: تكون قبل الساعة سنون خدّاعة. و منه حديث الفتن: إن دخل عليَّ بيتي قال: أدخُلُ المخدَعَ. النهاية 2/ 14.
(2) (*) [خدم]: و منه في حديث خالد بن الوليد: الحمد للّٰه الذي فض خَدَمَتكم. و منه الحديث: لا يحول بيننا و بين خدم نسائكم شي‌ء. النهاية 2/ 14، 15.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 309‌

[خدم]

: سلمان رضي اللّٰه عنه- كان في سَرِيّة و هو أَميرها علي حمارٍ، و عليه سرَاوِيل، و خَدَمَتَاه تَذَبْذَبَانِ.
الخَدَمة: سَيْرٌ مُحْكم كالْحلقة يُشَدّ في رُسْغ البعير، ثم يُشَدّ إلي سَرِيحة النَّعل، و جمعها خَدَم. قال جرير:
يَدْمَي علي خَدَم السَّرِيح أظلّها و المروُ من وَهَج الهواجرِ حامِي
و بها سُمِّي الخلخال خَدَمة، و اشتقَّ منها الفرس المُخَدّم و هو الذي تَحْجيله مستدير فوق أَشَاعِره؛ فيجوز أن يشبّه قَناتي سَرَاوِيله بالخَدَمتين. و يجوز أن يُرِيد ساقيه؛ لأنهما موضعا الخَدَمتين.
التَّذبذب: الاضطراب.

[خدد]

: مسروق رحمه اللّٰه- أَنْهَارُ الجنَّة تَجْري في غير أُخْدود، و شجرُها نَضِيد من أَصلها إلي فرعها.
أي في غير شقّ في الأرض.
نَضِيد: منضود بالوَرق أو بالثَّمر من أَعلاها إلي أَسْفلها ليس لها سوق بارزة.
خِدبّا في (قص). خِدَامهنّ في (دل). خَدَلّج في (صه). خَدَم نسائكم في (صف).
خَدْل في (عف). خَدَّاعَةٌ في (غد). خِدَبّ في (كس). مُخْدِج اليد في (ثد). فهي خِدَاج في (با).

الخاء مع الذال

[خذو]

: أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- قال سَعْد: رأيته بالخَذَوَاتِ و قد حَلَّ سُفْرَةً مُعَلَّقة في مُؤخِرِ الحِصَار، فإذا قُرَيْصٌ من مَلَّة فيه أَثر الرَّضِيف، و إذا حَمِيت من سَمْن، فدعاني فأَصَبْتُ من طَعامه.
هي موضع.
الحِصَار: حَقِيبة يُرْفَع مؤخرها فيُجْعَل كآخِرَة الرَّحْل، و يُحْشَي مقدّمها فيكون كقادِمَةِ الرَّحل يُرْكب بها البعير، و يقال: قد احْتَصَرْتُ البعير بالحِصَار.
مِنْ مَلَّة: أي مما يُنْضَج في مَلّة؛ و هي الرَّمَاد الحارّ.
الرَّضِيف: اللَّحم المشويّ علي الرَّضْف، و رَضَفَه يَرْضِفه.
و أَثَره: ما عَلِقَ بالقُرْص من دَسَمه.
الحَمِيت: زِقّ السمن. قال ابن السكيت: هو النِّحْي المَرْبُوب؛ و إنما سمي حَمِيتاً؛
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 310
لأنهم يَحْمِتونه بالرّب، و الْحَمِيت المتين. قال رُؤْبة:
*حتي يَبُوخ الغَضَبُ الحَمِيتُ «1»
* و يقال للتمرة إذا كانت أشدّ حلاوة من صاحبتها: هذه أَحْمت حلاوةً منها.

[خذق]

: معاوية رضي اللّٰه عنه- قيل له: أ تذكر الفِيلَ؟ قال: أَذكر خَذْقَه.
هو رَوْثُه.

[خذا]

: النخعي رحمه اللّٰه- إِذا كان الشَّقّ أو الخَذَا أو الخرْقُ في أذن الأُضْحِية فلا بأسَ ما لم يكن جَدْعاً.
و هو استرخاءَ الأُذن و انْكِسارُها، و لامُه واو لقولهم: خَذْوَاء، و منه خَذِي الرجل و اسْتَخْذي: إِذا انْكَسر.

[خذم]

*: أبو الزناد رحمه اللّٰه- أُتي عبدُ الحميد و هو أميرٌ علي العِرَاق بثلاثة نَفر قد قطعُوا الطَّرِيقَ، و خَذَموا بالسَّيف. فأُشِير عليه بقَتْلهم؛ فاسْتَشارني فنهيتُه، ثم قتل أحدهم، فجاءه كتابُ عمر بن عبد العزيز يُغْلِظ له و يُقَبِّح له ما صنع.
الخَذْم: سرعة القَطْع، و المراد أنهم جَرَحوا الناس.
في الحديث: كأنكم بالتُّرْكِ و قد جاءَتكم علي بَرَاذين مُخَذَّمةِ الآذان.
أي مُقَطّعتها.
المِخْدَم في (فق). يَتَخذَّمانها في (عم). و مِخْذَفة في (قِف). خذِمة في (سن).

الخاء مع الراء

[خرف]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- عَائِدُ المريض عَلَي مَخَارِف الجنَّةِ حتي يَرْجِعَ.
هو جمع مَخْرَف «2» أو مَخْرَفة «3»، فالمَخْرف من قولهم: اشتري فلان مَخْرَفاً صالحاً، أي نَخَلَات يُخْتَرفن.
______________________________
(1) الرجز في لسان العرب (ماخ).
(4) (*) [خذم]: و منه حديث عمر: إذا أذّنت فاسترسل، و إذا أقمت فاخذم. النهاية 2/ 16.
(5) (*) [خرف]: و منه حديث أبي عمرة: النخلة خرفة الصائم. و منه: أنه أخذ مخرفاً فأتي عذْقاً. و في حديث عمر: إذا رأيت قوماً خرفوا في حائطهم. النهاية 2/ 24، 25.
(2) المخرف: القطعة الصغيرة من النخل ست أو سبع يشتريها الرجل للخرفة، و قيل: هي جماعة النخل ما بلغت.
(3) المخرفة: سكة بين صفين من نخل يخترف من أيهما شاء، أي يجتني، و المخرفة البستان أيضاً (لسان العرب: خرف).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 311
و منه
حديث أبي طلحة رضي اللّٰه عنه: حين نَزلت: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً*. قال: إن لي مَخْرَفاً، و إني قد جعلتُه صدَقةً. فقال النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: اجْعَله في فُقَراء قَوْمِك.
و
عن أبي قَتادة رضي اللّٰه عنه: لما أعطاه رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم سَلَب القتيل. قال: فبِعْتُه و ابتعتُ به مَخْرَفاً، فهو أوَّل مالٍ تأثَّلْتُه في الإِسلام.
و المعني أنّ العائِد فيما يَحُوزه من الثواب كأنه علي نَخْل الجنة يَخْترف ثِمَارَها، و المَخْرَف و المَخْرَفة أيضاً: الطريق الواضح قال أبو كبير الهذلي:
فأَجَزْتُه بأفَلَّ تَحسبُ أَثْرَه نَهْجاً أَبَانَ بذِي فَرِيغٍ مَخْرَفِ «1»
و
في حديث عمر رضي اللّٰه عنه: تَرَكْتُكُمْ علي مِثْل مَخْرَفَةِ النّعم.
أي علي مِنْهاج لَاحب كالجادَّة التي كدّتها النَّعَم بأَخفافها، حتي وضَحَت و استبانت، و هي في الأصل: السكة بين صَفَّي النخل، فيكون المعني أنه علي الطريق المؤدِّية إلي الجنة.
و
روي: خِرَافة الجنّة
، و هي مصدر خَرَف الثمار: إذا جَناها- و
روي: علي خُرْفة الجنة
؛ أي علي مواضع خُرْفتها، و هي اسم المخروف فيؤول إلي معني قَوْله: علي مَخَارف الجنة.

[خرص]

: حضَّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم علي الصَّدَقة، فجعلت المرأةُ تُلْفِي خُرْصها و سِخَابَها «2».
هو حَلْقة القرط.
و منه
حديث عائشة رضي اللّٰه عنها: إنها ذكرت جراحةَ سَعْد بن معاذ فقالت: و قد كان رقأ كلّه و بَرأ، فلم يبق إلا مِثْلُ الخُرْص.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّٰه عنهما: إنه قال في قوله تعالي: وَ جِئْنٰا بِبِضٰاعَةٍ مُزْجٰاةٍ [يوسف: 88]: الغِرَارة، و الحَبْل، و الخُرْص.
و الخرْص أيضاً: الحَلْقَة التي في أَسْفَل السِّنَانِ، ثم سُمّي به السنان، ثم كثر حتي سُمِّي به الرّمح.

[خرط]

*: كان عليه الصلاة و السلام يأكل العِنَب خَرْطاً.
______________________________
(1) البيت في ديوان الهذليين ص 107، و لسان العرب (خرف).
(2) السخاب: قلادة بلا جوهر.
(3) (*) [خرط]: و منه في حديث صلاة الخوف: فاخترط سيفه. النهاية 2/ 23.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 312
يقال: خَرَط العُنْقود و اخْتَرطه: إذا وضعه في فِيه و أَخْرج عُمْشُوقه «1» عارِياً.

[خرم]

*: نهي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم أن يُضَحَّي بالمُخَرَّمةِ الأُذُن.
هي مَقْطُوعتها.

[خرر]

*: قال له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم حَكيم بن حِزَام: أُبايعك علي ألا أَخِرَّ إلا قائماً. فقال: أمّا مِنْ قِبَلنا فلن تخرّ إلّا قائماً.
أي لا أَموت إلا ثابتاً علي الإِسلام قائماً بالحق.
و معني جوابه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم إنك لن تَعْدم من جِهتنا الاجتهادَ في إرشادك و في ألَّا تموتَ إلا بهذه الصفة.

[خرت]

*: إنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم و أبا بكر رضي اللّٰه عنه حين خَرَجَا مهاجِرَيْن اسْتَأجَرَا رَجُلًا مِنْ بني الدِّيلِ هادِياً خِرِّيتاً فأخذ بهم يَدَ بَحْر.
هو الماهِرُ بالدّلالة الذي يهتدي لأَخْراتِ المفَازَة، و هي مَضَايقُها و طرقها الخفيّة.
يَدَ بَحْر: أَيْ طريق بَحْرٍ، يريدُ الساحل؛ لأن الطريقَ كان عليه.

[خرب]

*: مِنِ اقتِرَابِ الساعَةِ إخْرَابُ العَامِر، و عمارةُ الخَرَاب، و أن يكون الفَي‌ءُ رِفْداً، و أن يتمرَّس الرجلُ بدِينه تَمَرُّسَ البعير بالشجرة.
و قال أبو عَمْرو: الإِخْرَاب: أن يُتْرك المَوْضِع خَرِباً، و التخريب: الهَدم، و قرأ وحده:
يُخَرِّبون بيوتهم [الحشر: 2] مشددة، و الباقُون يُخْرِبُونَ؛ و المرادُ ما يُخَرّبه الملوك من العمران، و تعمّره من الخراب شهوةً لا صَلَاحاً.
الفي‌ءُ: الخَراج؛ أي يَصِلون به من أَرَادوا، و لا يصرفونه إلي مَصارفه.
يَتَمَرَّس بدينه: أي يتلعّب به و يعبثُ، كما يتحكَّكُ البعير بالشجرة مُتَعَبّثاً.
______________________________
(1) العمشوق: العنقود يؤكل ما عليه و يترك بعضه، و هو العمشوش أيضاً.
(2) (*) [خرم]: و منه الحديث: رأيت رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يخطب الناس علي ناقة خرماء. و منه الحديث: لم أخرم منه حرفاً. النهاية 2/ 27.
(3) (*) [خرر]: و منه في حديث الوضوء: إلا خرَّت خطاياه. و في حديث عمر: أنه قال للحارث بن عبد اللّٰه:
خَرَزْتَ من يديك. و منه حديث قس: و إذا أنا بعين خرَّارة. النهاية 2/ 21.
(4) (*) [خرت]: و منه في حديث عمرو بن العاص: قال لما احتضر: كأنما أتنفس من خرت إبرة. النهاية 2/ 19.
(5) (*) [خرب]: و منه الحديث: الحرم لا يعيذ عاصياً و لا فاراً بخَرَبَة. و في حديث المغيرة: كأنه أمة مخرَّبة.
النهاية 2/ 17، 18.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 313‌

[خرق]

*: زوّج صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فاطمة مِنْ عليٍّ عليهما السلام، فلما أصبح دَعاها، فجاءت خَرقَةً من الحَيَاء، فقال لها: اسكُنِي فقد أنكحتُكِ أَحبَّ أهل بيتي، و دَعا لهما- و روي: إنها أَتتْه تَعْثُر في مِرْطها من الخَجَل.
الخَرَق: التحيّر.

[خرز]

: سأله صلي اللّه عليه و سلم رجلٌ عن إتْيَان النساء في أَدْبَارهنّ فقال: حَلَال. فلما ولَّي دعاه فقال: كيف قلتَ؟ في أي الخُرْزَتين أو الخُصْفَتين، أ مِنْ دُبُرها في قُبُلها فنعم، أم من دُبُرها في دُبُرها فلا.
ثَلَاثَتُها بمعني وَاحد، و هو الثّقب المستدير. قال ذو الرُّمة:
*أَوْ مِنْ مَعَاشِرَ في آذَانِها الخُرَبُ «1»
* و الخُرْزَة، من الخَرْز، و الخصْفَة: من الخَصْف.

[خرم]

: مرّ صلي اللّه عليه و سلم بأَوْسِ بن عبد اللّٰه الأسلمي، و معه أبو بكر رضي اللّٰه عنه، و هما متوجِّهان إلي المدينة، فحملهما علي جَمَل، و بعث معهما دَليلًا، و قال: اسلُك بهما حيث تعلم من مَخَارِم الطّرق، و كان أوس مُغْفلًا، فأمره رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم.
يَسِم إبله في أعناقها قَيْدَ الفرس.
المَخْرِم: مُنْقَطع أنفِ الجبل.
المغفّل: الذي إبله أَغْفال.
قَيْد الفرس: سِمةٌ. أنشد أبو عبيد:
كومٌ علي أَعناقها قَيْدُ الفَرَسْ تَنْجُو إذا الليلُ تَدَانَي و الْتَبَسْ «2»
قال صخر- من أسباط أَوْس: و هي سَمِتُنَا اليوم، و صورتُها أن تحلِّق حَلْقَتين و تمدّ بينهما مَدَّة.

[خربص]

: من تَحَلَّي ذهباً أو حلّي ولده مثل خَرْبَصِيصَة، أو عينَ جرَادةٍ كان كذا يوم القيامة.
هي هَنَةٌ تتراءي في الرَّمل لها بَصيص كأنها عينُ جَرَادة.
______________________________
(3) (*) [خرق]: و منه الحديث في صفة البقرة و آل عمران: كأنهما خَرِقان من طير صواف. و منه الحديث:
الرِّفْق يُمنٌ و الخرق شؤمٌ. النهاية 2/ 26.
(1) صدره:
كأنه حبشيٌ يبتغي أثراً
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 29.
(2) الرجز في لسان العرب (قيد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 314
و
عنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إنَّ نعيم الدنيا أقل و أصغر عند اللّٰه من خَرْبَصِيصة.

[خرط]

: عمر رضي اللّٰه عنه- رأي في ثوبه جَنَابة، فقال: خُرِط علينا الاحْتِلَام.
أي أُرسِل، من قولهم: خَرَط الفَحْل في الشَّول، و خَرَط البازي في سيره، و خَرَط دَلْوَهُ في البِئر.

[خرص]

: كان رضي اللّٰه عنه يقول للخارص: إذا رأيت قوماً قد خَرَفُوا في حائطهم فانظر قَدْرَ ما تري أنهم يأكلون، فلا يُخْرَص عليهم.
أي أقاموا فيه وقت اخْتِراف الثمار، و هو الخرِيف، يقال: خَرَف القوم بمكان كذا و صَافوا و شَتَوْا، و أَمَّا أخرفوا و أصافوا و أَشْتَوْا فمعناها الدُّخول في هذه الأوْقاتِ.

[خرط]

: علي عليه السلام- أتاه قومٌ برجلٍ فقالوا: إن هذا يَؤُمُّنا و نحن له كارهون، فقال له عليٌّ: إِنك لخَرُوط. أَتَؤُمّ قوماً و هم لكَ كارهون!
شبَّهه في تهوُّرِه و تَهَافُتِه في الأمر بجَهْلِه بالفرس الْخَرُوط؛ و هو الذي يجتذب رَسَنه مِنْ يَدِ ممسكه و يَمْضي هائماً.

[خرق]

: البَرْقُ مَخَارِيق المَلَائِكة.
جمع مِخراق؛ و هو ثوب يُفْتَل يُتَضَارَب به، ثم يقالُ للسيوف الخِفاف: مخَارِيق تشبيهاً. قال:
*مخاريقٌ بأَيدي لَاعِبينَا «1»

[خرج]

: قال سُوَيد بن غَفَلة رحمه اللّٰه تعالي: دخلت علي عليّ عليه السلام يوم الخُروج فإذا بين يديه فَاثُورٌ، عليه خُبْز السَّمْراء، و صَحْفَة فيها خَطِيفة و مِلْبَنَة، فقلت: يا أَميرَ المؤمنين؛ يومُ عيد و خَطِيفة! فقال: إنما هذا عِيد مَنْ غُفِر له.
يقال ليوم العيد: يوم الخُروج، و يوم الزِّينة، و يوم الصفّ، و يوم المشَرَّق.
الفَاثُور: الخِوان من رُخام و نحوه، و يقال للّجَام أو الطَّست من ذَهَب أو فِضّة: فَاثور، و منه قيل لقُرْص الشمس فَاثُورها.
السمراء: الخُشْكَار «2» لسُمْرته، كما قيل لِلُّباب: الحُوَّارَي لبياضه، و السمراءُ أيضاً من أسماء البُرّ.
الصَّحْفَة: القصعة المُسْلَنْطِحة.
______________________________
(1) صدره:
كأن سيوفنا منَّا و منهم
و البيت لعمرو بن كلثوم في شرح المعلقات للتبريزي ص 231.
(2) الخشكار: الردي‌ء من كل شي‌ء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 315
الخَطِيفة: الكَبُولَاء. و قيل: لبن يُوضَع علي النار، ثم يُذَرّ عليه دقيق، و يطبخ، و يُخْتَطف بالملاعق.
المِلْبَنة: مِلْعقة يُلْعَق بها الخَطِيفة و نحوها، و هي من اللّبَنِ.
يَوْمُ عيد: خبر مُبْتَدؤه محذوف، و لا يجوزُ أن يكونَ استفهاماً لأنَّ حرف الاستفهام لا يجوز حَذْفُه إلا في مثل قولك: زيد في الدَّار أم علي السطح؛ لأنَّ أم العَدِيلة للهمزة تَدُلُّ عليها، و لو قلت: زيدٌ في الدار، و أنتَ تريدُ الاستفهام كنت مخطِئاً [عند البَصْرِيين].

[خرم]

: سَعْد رضي اللّٰه عنه- ما خَرَمْتُ من صَلَاةِ رسولِ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم شيئاً.
أي ما تركتُ، و أَصْلُه القَطْع.
زيد رضي اللّٰه عنه- قال في الخَرَمات الثَّلاثِ في كلِّ واحدة منها ثلث الدِّيَة.
جمع خَرَمة، و هي من الأَخْرَم، كالشَّتَرة من الأَشْتَر «1».
و المعني: أنه إذا خَرَم الوَتَرَة «2» و الناشِرَتَيْن كانت عليه الدِّية، و إذا خرم واحدةً منها فعليه الثّلث.

[خرع]

*: الخدري رضي اللّٰه عنه- لو سمع أَحدُكم ضَغْطَة القبر لخَرِع.
أي انكسر و ضَعُف، و منه الخِرْوَع؛ و هو كلُّ نبات ليِّن.
و
في حديث يحيي بن أبي كثير: لا يُؤْخذ [في] الصَّدَقة الخَرِعُ.
أراد الصَّغير؛ لأنّه ضعيف.
و
عن أبي طالب: لولا أنَّ قُرَيشاً تقول أدركه الخَرَع أي الخوَر- [لأَقررتُ بها عَيْنَك]

[خرج]

: الأَشْعَري رضي اللّٰه عنه- مثلُ الذي يَقْرَأُ القرآن، و يعمل به كمثل الأتْرُجَّةِ، طَيِّبٌ رِيحها، طَيِّبٌ خَرَاجُها. و مثلُ الذي يَعْمَل به و لا يَقْرَؤه كمثل النخلةِ؛ طيِّبٌ خَرَاجها و لا ريحَ لها.
كلّ ما خرج من شي‌ء من نفعِهِ فهو خَرَاجه؛ فخرَاجُ الشجر ثَمره، و خَرَاج الحيوان نَسْلُه و دَرُّه.

[خرفج]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- كرِه السَّرَاوِيل المُخَرْفَجَة.
______________________________
(1) الشتر: انقلاب الجفن من أعلي و أسفل و انشقاقه.
(2) الوترة: حرف المنخر.
(3) (*) [خرع]: و منه الحديث: إن المغيبة ينفق عليها من مال زوجها ما لم تخترع ماله. النهاية 2/ 23.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 316
هي الواسِعة التي تَقَع علي ظهور القَدَمين، و منها عَيْش مُخَرْفَج.
السراويل: مُعَرّبة، و هي اسمٌ مفرد واقعٌ في كلامهم علي مِثَال الجَمْع الذي لا يَنْصرف كقَنَادِيل؛ فيمنعونه الصَّرْف. قال يصف ثَوْراً:
يُمَشِّي بها ذَبُّ الرِّيَاد كأَنّه فَتًي فارِسيٌّ في سَرَاوِيلِ رَامِح «1»
و يقال في معناها: سِرْوَالة. قال:
*عَلَيْه مِنَ اللُّؤْمِ سِرْوَالةٌ «2»
* و عن الأخفش: إِنّ من العرب من يَراها جَمْعاً و أن كلّ جزء من أجزائها سِرْوَالة.

[خرج]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- يَتَخَارَجُ الشَّرِيكان و أَهْل الميراث.
أي إذا كان بينهم شي‌ءٌ غيرُ مقسوم جاز لكلِّ واحد منهم بَيْعُ نصيبه من الآخر، و لا يجوزُ له بيعهُ من أجنبي إلا بعد القَبْض و الحِيازة، و هو تفاعُل من الخُروج، كأنه يَخْرُجُ كلّ واحد عن مِلكه إلي صاحبِه بالبيع.

[خرب]

: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- قال في الذي يُقَلِّد بدَنتَه فيضَنّ بالنعل: يُقلِّدُها خُرَابة.
هي بتشديد الراء و تخفيفها: عُرْوَة المَزَادة، و يقال لثُقْب الوَرِك أيضاً خُرابة باللغتين، و لفم الدَّبَرة التي تُفْتَح و تُشْكَر: خُرّابة- بالتشديد.

[خرس]

*: في الحديث: كان فلان إذا دُعِي إلي طعام قال: أ في خُرْس أم عُرْس أم إعْذار؟ فإن كان في واحد من ذلك أجاب و إلّا لم يُجب.
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لميم بن مقبل في ديوانه ص 41، و جمهرة اللغة ص 66، و خزانة الأدب 1/ 288، و شرح عمدة الحافظ ص 850، و شرح المفصل 1/ 64، و لسان العرب 1/ 381 (ذبب) 3/ 188 (رود)، 11/ 334 (سرل)، و للراعي النميري في ملحق ديوانه ص 303، و ديوان المعاني 2/ 132.
(2) عجزه:
فليس يرقُّ لمستعطفِ
و البيت من المتقارب، و هو بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 233، و الدرر 1/ 88، و شرح الأشموني 2/ 522، و شرح التصريح 2/ 212، و شرح شافية ابن الحاجب 1/ 270، و شرح شواهد الشافية ص 100، و شرح المفصل 1/ 64، و لسان العرب 11/ 334 (سرل)، و المقتضب 3/ 346، و همع الهوامع 1/ 25.
(3) (*) [خرس]: و منه الحديث في صفة التمر: هي صُمْنة الصبي و خرسة مريم. النهاية 2/ 21.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 317
الخُرْس: طعام الولادة، و الخُرْسَة ما تطْعمه النُّفَساءُ نفسُها. و في أمثالهم: تَخَرَّسي لا مُخَرِّسَةَ لك. و كأنه سُمِّي خُرْساً؛ لأنه يُصْنَع عند وَضْعِها و انقِطاع صَرْخَتها.

[خرج]

: إن قومَ صالح عليه السلام سألوه أن يُخْرِج لهم من الصخرةِ ناقةً مُخْتَرجَة جَوْفاء وَبْراء.
قيل: علي خِلْقَة الجَمل، و قيل: مشاكلة لِلْبُخْتِ، و هي من قولهم: اخْتَرجه بمعني استخرجه؛ فإما أن تكون التي استخرجت من شكل الذكورِ أو من شكول البُخْت.
الجوفاء: الواسعة الجَوْف.

[خربش]

: كان كتابُ فلان مُخَرْبَشاً.
الخَرْبَشَة و الخَرْمَشة و الخَرْفَشة معناها التشويش و الإِفساد.
الخارِقة في (حل). نخترق في (فض). أو خَرْقاء في (شر). خارِف في (نص). اللَّبن الخَرِيف (هن). يَخْرش في (قز). خُرْفَة الصائم و خُرْسة مريم في (حب). الخَرَبة في (ثم).
مُخَرّبة في (حل). المُخرْدَل في (وب). فَخَرُق في (اج). مُخْرفاً في (عذ). خَارِك في (را).
مُخْرَنْطِمَة في (سو).

الخاء مع الزاي

[خزع]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إِنّ كَعْبَ بن الأَشرف عاهَدَهُ ألّا يُعين عليه و لا يُقاتله، و لحق بمكة، ثم قدم المدينة مُعْلِناً مُعَاداةَ رسولِ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، فخَزَع منه هجاؤه له، فأمر بقَتْلِه.
الخَزْعُ: القطع، و منه خُزَاعة، لأنهم تَخَزَّعُوا عن أصحابهم و أقاموا بمكة، و خَزَع منه كقولهم: نال منه و شَعَّثَ منه، و وضع منه.
و الضمير في منه لرسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. و قيل: معناه قَطَع الهجاءُ عَهْدَه و ذِمَّته، و الضميرُ علي هذا لكَعْب.

[خزم]

*: حذيفة رضي اللّٰه عنه- إن اللّٰه تعالي يصنع صانع الخَزَم و يصنع كلَّ صَنْعة.
الخَزَم: شجر يُتَّخذ مِنْ لحائه الحِبال، الواحدة خَزَمة، و بالمدينة سوق الخزَّامين، و المراد بصانع الخَزَم: صانع ما يُتّخذ من الخَزَم.
أبو الدَّرْدَاء رضي اللّٰه عنه- قال له رجل: إن أخوانَك من أهل الكوفة يُقرئونك السَّلام،
______________________________
(1) (*) [خزع]: و منه في حديث أنس في الأضحية: فتوزعوها، أو تخزعوها. النهاية 2/ 28.
(2) (*) [خزم]: و منه الحديث: لا خزام و لا زمام في الإسلام. النهاية 2/ 29.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 318
و يأمرونك أن تَعِظهم. قال: اقْرَأْ عليهم السلامَ، و مُرْهم أن يُعطوا القرآن بخَزَائِمهم.
جمع خِزَامَة، و هي شي‌ء من الشعر كالخِشَاش من العُود في أَنْفِ البعير، و المرادُ اتِّباعهم القرآن مُنْقَادِينَ لأحْكامِه.
أعطي: منقول بالهمزة، من عطا الشي‌ء، إذا تناوله؛ فهو متعدٍّ إلي مفعولين، و وجهُ دخولِ الباء هاهنا علي المفعول الثاني، و في قولهم أَعطي بيده إذا انقاد و وكلَ أمره إلي مَنْ عَنَي له بيانُ ما تضمّن من زيادة المعني علي معني الإِعطاء المجرَّد.

[خزر]

*: معاوية رضي اللّٰه عنه- حبسه عِتْبان بن مالك علي خَزِيرةٍ تُصْنَع له.
هي حَساءٌ مِنْ دقيق و دسَم، و قيل: الحَريرة من الدقيق و الخَزِيرة من النُّخَالة.
في الحديث: إن الشَّيْطان لمَّا دخل سفينةَ نوح قال له نوح عليه السلام: اخرج يا عدوَّ اللّٰه من جَوْفها، فصعد علي خيْزُرَان السفينة.
هو سُكَّانُها. قال المبرِّد يقال للمُرْدِي «1»: خيْزُرانة إذا كان يتثني إذا اعتمد عليه.
و الخَيْزُران: كلُّ غُصْنٍ مُتثَنّ.
خَزَقْتهم في (بد). لا خِزَام في (زم). و لا تُخْزوا في (حم). خِزية في (حز). فخُزل في (قص).

الخاء مع السين

[خسف]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- إن العباسَ بنَ عبد المطلب رضي اللّٰه عنه سأله عن الشُّعَراءِ، فقال: امرؤ القيس سابِقهم، خَسَف لهم عَيْنَ الشِّعْر، فافْتَقَر عن معانٍ عُور أَصحَّ بَصَر.
أي أنْبَطها و أغْزَرها، من قولهم: خسف البئرَ: إذا حفَرها في حجارةٍ فنبعت بماءٍ كثير، فهي خَسِيف.
يريد أنه أولُ من فتَق صناعة الشعر، و فنّنَ معانيها، و كثّرها و قصَّدها؛ فاحتذي الشعراءُ علي مثاله.
افتقر: افتعل من الفقير، و هو فَمُ القناة بمعني شقّ و فَتَح، جعل للشعر بصراً صحيحاً، و جعل ذلك البصر مفتوحاً باصراً، و هو في المعني لمتأمله و الناظر فيه كقوله تعالي: وَ آتَيْنٰا
______________________________
(2) (*) [خزر]: و منه في حديث حذيفة: كأني بهم خنس الأنوف، خزر العيون. النهاية 2/ 28.
(1) المردي: خشبة يدفع بها الملاح السفينة.
(3) (*) [خسف]: و منه في حديث علي: من ترك الجهاد ألبسه اللّٰه الذلة و سيم الخَسْفَ. النهاية 2/ 31.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 319
ثَمُودَ النّٰاقَةَ مُبْصِرَةً [الإِسراء: 59]. و كذلك وَصْفُه المعاني بالعُور في الحقيقة لمتأملها، يعني أنها لغموضها و خفائها عليه كأنه أعمي عنها.
و المراد أن امرأ القيس قد أوضحَ معاني الشِّعْر، و لخصها، و كشفَ عنها الحجُب، و جانَبَ التعويص و التعقيد.
و محلّ عن و ما دَخلَ عليه النصبُ علي الحال، كأنه قال: فتح للشعر أصحَّ بَصَرٍ مجاوزاً للمعاني العُورِ متخطياً لها.
[أَخسفت في (شج). يسومكم خَسْفاً في (جم). خَسِيسَتَنا في (حد)].

الخاء مع الشين

[خشب]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قال في مكة: لا تَزُولُ حتي يَزُول أَخْشَبَاها.
هما أبو قُبَيْس و الأحمرُ، و هو جَبَلٌ مشْرف وَجْهُه علي قُعَيْقِعَان.
و الأخْشَب: كلُّ جبل خَشِنٍ غَليظٍ، و أَخاشب: جبالٌ بالصمَّان.
و
في حديثه الآخر أن جبرئيل قال له: يا محمد؛ إنْ شئتَ جمعتُ عليهم الأخْشَبَيْن، فعَلَا رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أفْكَلٌ و قال: دَعْني أُنذِر قومي.
[الأفْكَل: الرّعْدَة].
أُنذِر: مجزوم بحرف شرط مضمر، تقديره فإنْ تدعني أُنذر، و لو رُفع لكان متَّجهاً علي أنه يكون حالًا أو كلاماً مستأنفاً كقوله:
*و قال قائلهم أرْسُوا نُزَاولها «1»

[خشف]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لِبِلَال: ما عَمَلُك، فإني لا أراني أدخُلُ الجنَّة، فأسمع الخَشْفَة فأنظر إلّا رَأَيْتُك.
الخَشْفَة: الحِسّ و الحركة؛ و منها: الخِشْف و هو الغَزَال إذا تحرّك.
______________________________
(2) (*) [خشب]: و منه في حديث وفد مذحج: علي حراجيج كأنها أخاشب. و في حديث ابن عمر: أنه كان يصلي خلف الخشبية. النهاية 2/ 32، 33.
(1) عجزه:
فكلُّ حتف امري‌ءٍ يمضي لمقدارِ
و البيت من البسيط، و هو للأخطل في خزانة الأدب 9/ 87، و الكتاب 3/ 96، و معاهد التنصيص 1/ 271، و ليس في ديوان الأخطل. و بلا نسبة في المفصل 7/ 51، و يروي:
«و قال قائدهم … »
بدل
«و قال قائلهم … »
. (3) (*) [خشف]: و منه حديث أبي هريرة: فسمعت أمي خشف قدمي. و في حديث الكعبة: إنها كانت خشفة علي الماء فدحيت منها الأرض. النهاية 2/ 34، 35.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 320
أراني: من الرُّؤْية، بمعني العِلْم بدليل تعدّيه إلي ضمير فاعله. و أَدخُلُ في موضع المفعول الثاني. و رأيتك في موضع الحال بإضمار قد، كأنه قيل: لا أراني ناظراً إلا رائياً لك.

[خشخش]

: و
روي: ما دخلت الجن إلا سمعت خَشْخشةً، فقلتُ: من هذا؟ فقالوا:
بلال، ثم مررتُ بقصر مَشِيد بَزِيع، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لعُمَر بن الخطاب.
الخَشْخَشة: حركة فيها صوت. قال العجاج:
*خَشْخَشَة الرِّيح الحَصَادَ اليُبَّسَا
* البَزِيع: الحَدَث الظَّريف، و قد بَزُع بَزَاعةً، فشبَّه به القَصْر في حُسْنه.

[خشش]

*: دخلت امرأَةٌ النارَ في هِرّة رَبَطَتْها، فلم تُطْعِمها و لم تَسْقِها، و لم ترسلها فتأكل من خَشَاشِ الأرض.
أي من هَوامِّها. الواحدة خَشَاشَة، سُمِّيت بذلك لانْدِسَاسها في التُّرَاب، من خشَّ في الشي‌ء، إذا دخل فيه يخِشّ، و خشّه غيره يخشُّه. و منه الخِشاش؛ لأنه يُخَشّ في أَنْفِ البعير.
في هرَّة: أي في معناها و بسببها.

[خشب]

: في ذكر المنافقين: مستكْبِرون لا يألفون و لا يُؤلفون، خشُبٌ باللَّيْل، صُخُبٌ بالنهار- و روي: سُخُب
- بالسين.
شبَّهَهُم في تمدّدهم نِياماً بالخشُب المُطَرَّحة، و يقال للقتيل: خرَّ كأنه خَشَبة، و كأنه جِذْع. قال جميل بن معمر:
قعدتُ له و القومُ صَرْعَي كأنهم لدَي العِيس و الأكْوَار خُشْبٌ مُطَرَّحُ
السَّخَب و الصَّخَب: اختلاط الأصوات، و الأصل السين، و منه السِّخَاب، و هو القِلَادة من قَرَنْفُل، و قيل: و من خَرز؛ لإِجراسه، و الصاد بَدَل، و الذي أُبدلت له وقوع الخاء بعدها؛ كقولهم: صَخّر في سَخّر؛ و الغَيْن و القاف و الطاء أخوات الخاء في ذلك، يقال: أَصْبَغ و يُصَاقون و مُصَيْطر!
و المراد رفعُ أَصْواتهم و ضجيجهم في المجادلات و الخُصُومات و غير ذلك.

[خشش]

: عمر رضي اللّٰه عنه- أَتَاه قَبيصة بن جابر فقال: إني رميتُ ظبياً، و أنا مُحْرم، فأصبتُ خُشَشَاءَه، فرَكِبَ رَدْعَه، فأَسِنَ فمات. فأقْبل علي عبد الرحمن بن عوف فشاوَرَه، ثم قال: اذْبَحْ شاة. فقال قبيصة لصاحبه: و اللّٰه ما عَلِم أميرُ المؤمنين حتي سأل
______________________________
(1) (*) [خشش]: و منه حديث العصفور: لم ينتفع بي و لم يدعني أختش من الأرض. و منه حديث ابن الزبير و معاوية: هو أقل في أنفسنا من خشاشةٍ. النهاية 2/ 33.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 321
غيرَه، و أحسِبني [أني] سأنحر ناقتي! فسمعه عمر فأَقبل عليه بالدرّة، و قال: أَ تَغْمِص الفُتْيَا و تَقْتُلُ الصَّيد و أنتَ مُحْرِم؟ قال اللّٰه تبارك و تعالي: يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة: 95]. فأنا عُمَر و هذا عبد الرحمن!
الخُشَشَاء: العظم النَّاتِي‌ء خَلْفَ الأُذُن، و همزتُها منقلبة عن ألف التأنيث، و أما همزة الخُشَّاء و وزنها فُعْلاء كقُوبَاء، و هذا الوزن قليل فيما قال سيبويه- فمنقلبةٌ عن ياءٍ للإِلْحاق، و نظيرُ هذه الهمزة في كونها تارةً للتأنيث و أخري للإِلحاق ألفُ عَلْقَي، و هي مِنْ خَشّ لأنها عَظْمٌ مركوز في اليافوخ مركّب فيه.
الرّدْع: التضميخ بالزّعفران، و ثوب مَرْدُوع: مُزَعْفَر، و كَثُر حتي قيل للزعفران نفسه:
رَدْع، و هو في قولهم: رَكِب رَدْعه اسمٌ للدم علي سبيل التشبيه، و مثله الجسَد هو الزَّعْفَران و الدّم، و معني ركوبه دَمه أنه جُرح فسال دَمُه فوقه مُتَشَحِّطاً فيه.
و عن المبرد أنه مِنَ ارْتَدَع السهم: إذا رجع النَّصل في السِّنْخِ متجاوزاً، و أن معناه سقط، فدخلت عُنقه في جوفه.
و فيه وجهان: أحدهما أن يكون الرَّدع بمعني الارْتِداع علي تقدير حذف الزوائد.
و الثاني أن يكون من رَدَع الرامي السَّهْمَ: إذا فعل به ذلك، و منه رَدَع السهم: إذا ضرب نَصْله بالأرض ليثبت في الرُّعْظ، و التقدير ركب ذات رَدْعه؛ أي عنقه، فحذف المضاف، أو سمي العُنق رَدْعاً علي الاتِّساع.
أَسِنَ: دِير بهِ، من أسنَ المائحُ.
الغَمْص: التسخّط و الاستحقار.

[خشي]

*: إن ابنَ عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما قال له: أكثرتَ من الدعاء بالمَوْت حتي خشيتُ أن يكونَ ذلك أسهلَ لك عند أَوَان نُزُوله، فإذا مَلِلْتَ من أُمَّتك؛ أ ما تُعينُ صالحاً أو تُقَوّم فاسداً؟ فقال: يا بنَ عباس؛ إني قائل قولًا و هو إليك. قال: قلت لن يَعْدُوَني. قال: كيف لا أحبُّ فراقَهم و فيهم ناسٌ كلّهم فاتح فاه للَهْوة من الدنيا إمَّا بحقٍّ لا ينوءُ به أو بباطل لا يناله، و لولا أن أُسأل عنكم لهربت منكم، فأصبحت الأرض مني بَلَاقع، فمضيتُ لشأني و ما قلتُ ما فعل الغالبون.
خشيت: رَجَوْت.
و هو إليك: أي مُسَرٌّ إليك.
اللَّهْوَة: ما ألقي من الحبّ في فم الرَّحَي، فاستُعِيرت للعطيّة و المنالة.
ناء بالحمل: إذا نهض.
______________________________
(1) (*) [خشي]: و منه في حديث خالد: أنه لما أخذ الراية يوم مؤتة دافع الناس و خاش بهم. النهاية 2/ 35.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 322
البَلَاقِع: جمع بَلْقع و هو الخالي. وصف بالجمع مُبَالَغة كقوله:
[كأَن قتود رَحْلي حين ضَمَّتْ حَوَالِبَ غُرَّزاً] وَ مِعاً جِيَاعا «1»

[خشب]

: سلمان رضي اللّٰه عنه- ذكره أبو عثمان، فقال: كان لا يكادُ يُفْقَه كلامُه من شدَّة عُجْمته، و كان يُسَمِّي الخَشَبَ خُشْبَان.
قد أُنكر هذا الحديث؛ لأنَّ كلامه يُضَارع كلامَ الفصحاء. و الخُشْبَان في جمع الخَشَب صحيح مرويّ، و نظيره سَلَق «2» و سُلْقان و حَمَل و حُمْلان. و قال:
*كأنهم بجنوب الْقَاع خُشْبَان
* و لا مَزِيد علي ما يتعاونُ علي ثُبُوتِه القياسُ و الرِّوَاية.

[خشف]

: معاوية رضي اللّٰه عنه- كان سَهْمُ بن غالب من رءُوس الخَوارج خرج بالبَصْرَة عند الجسْر، فآمنَه عبدُ اللّٰه بن عامر، فكتب إلي معاوية: قد جعلت لهم ذِمَّتك.
فكتب إليه معاوية: لو كُنْتَ قتلتَه كانت ذِمَّةً خَاشَفْتَ فيها.
فلما قدم زِيَادٌ صلَبه علي باب داره.
أي سارعْتَ إلي إخفارها. يقال: خاشَفَ فلانٌ في الشرّ، و خاشفَ الإِبل لَيْلَتَه: إذا سايرها؛ يريد لم يكن في قَتْلك له إلا أن يُقال: قد أَخْفَر ذِمَّته، يعني أنّ قَتْلَه كان الرَّأي.

[خشر]

: في الحديث: إذا ذهب الخِيَارُ و بقيت خُشَارة كخُشَارة الشَّعِير لا يبالي بهم اللّٰه بَالة.
هي من كل شي‌ء رَدِيّه و نُفَايته، و قيل: هو من الشعير ما لا لُبَّ له.
البَالة: أصلها بالية كعافية بمعني المُبَالاة.

[خشرم]

: لتركبُنَّ سَنَن مَنْ كان قبلكم ذِرَاعاً بذراع حتي لو سَلَكُوا خَشْرَم دَبْرٍ لسلكتُموه.
قيل: هو بيت النخل ذو التَّخَاريب، و يقال لجماعة النحل: خَشْرَم.
و الدَّبْر: النَّحْل، و يمكن أن يجعل اشتقاقه من التَّدبير؛ لما في عمله من النِّيقَة.
______________________________
(1) البيت من الوافر، و هو للقطامي في ديوانه ص 41، و الأشباه و النظائر 4/ 198، و شرح شواهد الإيضاح ص 229، و لسان العرب 5/ 386 (غرز)، 15/ 287 (معي). و يُروي «كأن نسوع» بدل «كأن قتود».
(2) السلق: القاع المطمئن المستوي لا شجر فيه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 323
أَخَاشَب في (عب). المَخْشُوش في (مد). خشمه في (سل). و اخشَوْشِنُوا في (فر).
من أَخْشَن في (نش). خُشْناً في (نب). خُشَاش المرأة في (سح). خَاشي بهم في (دف).
خُشْعَة في (حش). خَشّ في (فق). من خشاشة في (جم).

الخاء مع الصاد

[خصف]

*: النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم- كان يُصَلِّي فأقبل رجلٌ في بَصَره سُوءٌ، فمرَّ ببئر عليها خَصَفة؛ فوقع فيها؛ فضحك بَعْضُ مَنْ كان خَلْفَ النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، فأمرهم بإعَادة الوضوء و الصلاة.
الخَصَفة: واحدة الخَصَف، و هي جِلال نَجْرَانية يُكْنَزُ فيها التمر، و كأنه فَعَل بمعني مَفْعول، من الْخَصْف؛ و هو ضمُّ الشي‌ء إلي الشي‌ء، لأنه شي‌ء مَرْمول «1» من خُوص، و منه خَصْف النعل، و شُبِّه به ضربٌ من الثياب الغِلاظ جداً، فقيل له: خَصَف.
و منه
الحديث: إنَّ تُبَّعاً كَسَا البيتَ المُسُوح، فانتفض البيتُ منه، و مَزَّقَه عن نفسه ثم كساه الخَصَف فلم يَقْبَلْه، ثم كَسَاه الأَنْطَاع [فقبلها]

[خصر]

*: جاء صلي اللّٰه عليه و آله و سلم إلي البَقِيع و معه مِخْصَرَة له، فجلس و نَكَت بها في الأَرْض، ثم رفع رأسَه و قال: ما من مَنْفُوسَةٍ إلا و قد كُتِب مكانها في الجنة و النار.
المُخْصرة: قضيبٌ يشيرُ به الخطيب و الملك إذا خَاطَب. قال:
يكادُ يُزيل الأَرضَ وَقْعُ خِطَابهِمْ إذا وَصَلُوا أيمانهمْ بالمَخَاصِرِ «2»
و يقال: اخْتَصَرتَها و تَخَصَّرت بها: إذا أَمْسَكتها بيدك. قال أبو الفتح الهَمداني النحوي: هي من الخنصر، لأنها إما أن تكون بعلاقة فيعتلقها صَاحِبها بخِنْصَره، و إما ألَّا تكون بعلاقة فيجعلها بين خِنْصره و بِنْصَره. و وزن خِنْصر فنْعل من الاختصار لصِغَرها.
______________________________
(3) (*) [خصف]: و منه الحديث: كان له خَصَفَةٌ يحجرها و يصلي عليها. و منه الحديث في ذكر علي: خاصف النعل. النهاية 2/ 38.
(1) المرمول: المرقق، و رمل النسج: رققه.
(4) (*) [خصر]: و منه حديث علي و ذكر عمر فقال: و اختصر عنزته. و منه حديث أبي سعيد، و ذكر صلاة العيد: فخرج مخاصراً مروان. و منه الحديث: فأصابني خاصرة. النهاية 2/ 36، 37.
(2) البيت لحسان بن ثابت في أساس البلاغة (خصر)، و روايته للصدر:
يصيبون فصل القولِ في كل خطبةٍ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 324
النَّكْت في الأرض. أن يَضْرِبها و يخطّ فيها، و هذه من صفة المفكّر المهموم، كما قال ذو الرمة:
عَشِيَّةَ ما لِي حيلةٌ غيرَ أنَّني بلَقْطِ الحَصَي و الخطِّ في الدَّارِ مُولَعُ «1»
المَنْفُوسة: المولودة، نُفِسَت المرأة [نفاساً]: إذا ولدت فهي نَافِس، و الولد منفوس.
قال:
*كما سقط المَنْفُوس بين القَوَابِل «2»

[خصر]

: نهي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أَنْ يُصَلِّي الرجلُ مُخْتَصِراً- و روي: مُتَخَصِّراً.
هما بمعني الواضع يدَه علي خاصِرَته.
و
عنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: الاختصار في الصلاة راحةُ أهلِ النار.
قيل معناه أنّ هذا فِعْلُ اليهودِ في صلاتهم و هم أهلُ النار، لا أنّ لأَهل جهنم راحةً، لقوله تعالي: لٰا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [الزخرف: 75].
و قيل: هو أن يَأْخذ بيده مِخْصرة يتَّكِي‌ء عليها. و قيل الاختصار: أن يقرأ آية أو آيتين من آخرِ السورَةِ و لا يقرأها بكمالها في فَرْضِه.
و منه:
إنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم نهي عن اخْتِصار السجدة.
و هو أن يقرأ آيةَ السَّجدة، فإذا انْتَهي إلي موضعها تخطَّاه.
و أما الحديث-
المُخْتَصِرُون يوم القيامة علي وجُوههم النور.
فهم الذين يتَهجَّدون، فإذا تَعِبوا وضَعُوا أَيديهم علي خواصِرهم، و قيل: هم المتكِئُون علي أَعمالهم يوم القيامة.

[خصم]

: قالت له أمُّ سَلَمة رضي اللّٰه تعالي عنها: يا رسولَ اللّٰه؛ أراك كَساهِم الوَجْه؛ أ مِنْ عِلَّة؟ قال: و لكنه السبعة الدَّنانير التي أُتِينا بها أَمسِ نسيتُها في خُصْمِ الفِراش فبتّ و لم أَقسمها.
هو الجانب، و جمعه خُصُوم و أَخْصَام.
و منه
قول سَهْل بن حُنَيْف رحمه اللّٰه يوم صِفّين لما حُكِّم الحَكَمان: إن هذا الأَمْرَ لا يُسَدُّ منه و اللّٰه خُصْمٌ إلا انفتح علينا خُصْم آخر.
و المخاصمة: من الخُصْم، كما أن المشاقَّة من الشقِّ، لأن المتجاذَبين كلاهما مُنْحاز إلي جانب.
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 342.
(2) البيت في أساس البلاغة (نفس).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 325
روي: الدنانير السَّبْعة، و هي الرواية الصحيحة، لأن إضافة ما فيه لام التعريف في غير أسماء الفاعلين و المفعولين و الصفات المشبهة لا وَجْه لها.

[خصص]

*: بادِرُوا بالأَعمال سِتّاً: طلوعَ الشمس من مغربها، و الدّجال، و الدّخان، و دابَّة الأرض، و خُوَيْصّةَ أحدكم، و أمر العامّة.
الخوَيْصّة: تصغير الخصّة بسكون الياء، لأن ياء التصغير لا تكون إلا ساكنة، و مثله أُصَيْمّ و مُذَيقّ، في تصغير أصمّ و مُذقّ، و الذي جوَّز فيها و في نظائرها التقاء الساكنين، أن الأول حرفُ لين، و الثاني مُدّغم، و المراد حادثة المَوت التي تَخُصّ المرء، و صُغِّرت لاستصغارها في جَنْب سائر الحوادث العِظَام من البَعْثِ و الحساب و غير ذلك.
العامَّة: القيامة لأنها تعُمّ الخلائق. و معني مُبَادرة الستّ بالأَعمال الانكماش في الأعمال الصالحة قبل وقوعها، و تأنيث الست، لأنَّها خُطَط و دَوَاهٍ.

[خصل]

: ابن عمر رَضِي اللّٰه عنهما- كان يَرْمِي فإذا أصاب خَصْلة قال: أَنَا بِهَا، أَنَا بِهَا.
الخَصْلة: المرَّة من الخَصْل، و هو الغَلَبة في النضال، يقال: خَصَلْتُهم خَصْلًا و خِصَالًا كأنه علي خَاصَلْتُهم، فَخَصَلتهم، [كناضَلْتُهم] فنضلتهم. و التخاصل: الترَاهن في النضال، و أصلُ الخَصْل: القطع. و منه: سيفٌ مِخْصَل، لأن المُتَراهِنين يتقاطعون أَمْرهم علي شي‌ء معلوم.
أَنا بها: أي أنا جئت بها و خصلْتُها «1» فحذف.
و مثله
قول عمر رضي اللّٰه عنه- و قد أتي بامرأة قد فجرت: مَنْ بك؟
أي من فَعَل بِك؟
يخصف الوَرق في (فض). متخَصّراً في (قر). إذا تخصّروا في (زخ). خصبة في (زو). مُخَصَّرة في (عق). الخَصيلة في (صد). الخُصفتين في (خر). و لا يَخْصِف في (نش).
______________________________
(2) (*) [خصص]: و منه حديث أم سليم: و خويَّصتك أنس. و منه الحديث: أن أعرابياً أتي باب النبي صلي اللّه عليه و سلم فألقم عينه خصاصة الباب. النهاية 2/ 37.
(1) المخصل من السيوف: القطاع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 326‌

الخاء مع الضاد

[خضرم]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- خطب الناسَ يوم النَّحْر، و هو علي ناقةٍ مُخَضرَمة.
الخَضْرَمَة: أن يُجْعل الشي‌ء بَيْنَ بَيْنَ، فالناقة المُخَضْرَمة: هي التي قُطِع شي‌ءٌ يسيرٌ من طرَف أُذُنِها؛ لأنها حينئذ بين الوَافِرة الأُذُن و النَّاقِصتِها، و قولهم للخَفْضِ «1»: خَضْرَمة تشبيهٌ بذلك؛ لأن ما يحذف يسيرٌ، و قيل: هي المَنْتُوجة بين النَّجائب و العُكاظِيَّات، و يقال للَّحْم الذي لا يُدرَي أَ مِن ذَكرٍ هو أَمْ من أُنثي مُخضْرَم، و منه المُخَضْرَم من الشعراء: الذي أدَرْكَ الجاهليَّة و الإِسْلَام.

[خضر]

*: نهي صلي اللّه عليه و سلم عن المُخَاضرة.
و هي بَيْعُ الثِّمار خُضْراً لمَّا يَبْدُ صَلَاحُها.
قال أبو سفيان رضي اللّٰه عنه يومَ فتح مَكة: يا رسول اللّٰه؛ قد أُبِيحَت خَضْراء قُريش، لا قُرَيْش بعد اليوم.
هي جماعتهم و كَثْرَتُهم؛ سُمِّيت بذلك من الخُضْرَة التي بمعني السَّواد، كما قيل لها سَوَاد و دَهْماء، و مثلها تسميتُهم اللَّبَن المخلوطَ بالماء خَضَاراً، كما سموه سَمَاراً؛ شبَّهُوها في تكاثُفِها و تَرادُفِها بالليل المظلم، و قد صرَّحوا بذلك فقالوا: أَقْبَلوا كاللَّيل المظلم. و قال:
*و نحنُ كاللّيل جاشَ في قتمه
* و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في فتح مكة: إنه أمر العبَّاس أن يَحْبِس أبا سفيان بمَضِيقِ الوَادِي حيث تمرُّ به الكتائب، فحبَسه حتي مرَّ المسلمون، و مرَّ رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم في كتيبته الخَضْرَاء.
هي التي غلبها سَوَاد الحديد كما قيل الجَأْوَاء.
و منه
حديث زَيْد بن ثابت رضي اللّٰه عنه: إن الحارث بن حَكِيم تزوَّج امرأةً أَعْرابية، فدَخل عليها، فإذا هي خَضْرَاء؛ فكرهها و لم يَكْشِفها، فطلَّقها، فأرسل مروانُ في ذلك إلي زَيد فجعل لها صَدَاقاً كامِلًا.
الصِّدَاقَ بالكسر أفصح عند أصحابنا البَصْريين.
______________________________
(2) (*) [خضرم]: و منه الحديث: إن قوماً بيتوا ليلًا و سيقت نعمهم فادَّعوا أنهم مسلمون، و أنهم خضرموا خضرمة الإسلام. النهاية 2/ 43.
(1) الخفض للجارية: كالختان للغلام.
(3) (*) [خضر]: و منه الحديث: إن الدنيا حلوة خضرة. و منه حديث القبر: يُملأ عليه خَضِراً. النهاية 2/ 41.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 327‌

[خضب]

: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في مَرَضه الذي مات فيه: أجْلِسُوني في المِخْضَب فاغْسِلوني.
هو المِرْكن، سُمِّي بذلك؛ لأنه يُجْعل فيه ما يُخْضَبُ به.

[خضر]

: إياكم و خَضْرَاء الدِّمن. قيل: و ما ذاك يا رسولَ اللّٰه؟ قال: المرأةُ الحسناء في مَنْبت السُّوء.
ضربَ الشَّجَرةَ التي تنبتُ في مَلْقي الزِّبْل فتجي‌ء مُخْضَرَّة ناضِرة، و لكنَّ منبتها خَبيث قَذِر، مثلًا للمرأةِ الجميلة الوجه اللَّئيمة المَنْصِب.

[خضل]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لأمّ سليم: خَضِّلي قَنَازِعَك.
الخَضِل: النَّدِيّ، و خَضِلَ و اخْضَلَّ: إذا نَدِي، و التخضيل: التّندية.
القَنازع: شَعْرٌ متفرقٌ في الرأس في مواضع شتَّي بعد الحَلْق أو النّتْف، الواحدةُ قُنْزُعة، يقال: لم يبق من شَعْرِه إِلا قُنْزعة، و نونها زائدة من الرأس المُقزّع.
أمرَها بإزالةِ الشّعث و تطاير الشَّعر و التندية بالماء أو الدُّهن.

[خضع]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- مرَّ رجل برجل و امرأة قد خَضَعا بينهما حديثاً، فضرب الرجلَ حتي شَجَّهُ، فرُفع إلي عمر رضي اللّٰه عنه فأَهْدره.
خضعَ يكون متعدياً و لازماً. قال جرير:
أعدَّ اللّهُ للشُّعَراءِ منِّي صَوَاعِق يَخْضَعُون لها الرِّقَابا «1»
و المرادُ خَفْض الحديث و تَلْيينه.

[خضر]

: كان يقولُ: اغْزُوا و الغَزْوُ حُلْوٌ خضِر قبل أن يكون ثُمَاماً، ثم رُماماً، ثم يكون حُطَاماً.
و
كان يقول: إذا انتاطت المَغَازي، و اشتدَّت العزائم، و مُنعت الغنائم فخيرُ غَزْوِكم الرّباط.
الخَضِر: الأخضر، و المراد الطريّ.
و الثُّمام: شجرٌ ضعيف.
______________________________
(2) (*) [خضل]: و منه حديث النجاشي: بكي حتي أخضل لحيته. و في حديث قس: مخضوضلة أغصانها.
النهاية 2/ 43.
(3) (*) [خضع]: و منه الحديث: أنه نهي أن يخضع الرجل لغير امرأته. و في حديث استراق السمع: خضعاناً لقوله. النهاية 2/ 43.
(1) البيت في ديوان جرير ص 71.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 328
و الرُّمَام: الهشيم من النَّبت.
و قيل: هو حين تَنْبت رءُوسه فتُرَمّ، أي تُؤْكل.
و حُطَام كل شي‌ء: كُسَارته.
و المعني: عليكم بالغَزْو، و هو لِعَدْلِ وُلاة الأمر في قسمةِ الفَي‌ءِ، و لمَا ينزل اللّٰه من النَّصر و يُيَسّر من الفَتْح ببركة الصالحين كالثمرة في وَقْتِ طراوتها و حَلَاوتها و خُلُوِّها من الآفات قبل أن يتدرَّج في الوهن إلي أَنْ يشبه حُطَام اليَبِيس و دُقَاقه.
انتاطت: بَعُدت؛ افتعلت من نِيَاط المَفازة؛ و هو بُعْدُها؛ كأنها نيطت بأَخْري.
المَغَازِي: مَوَاضعُ الغَزْو و متوجهات الغُزَاة.
العزائم: عَزمات الأُمراء علي الناس في الغَزْو إلي الأَقْطار البعيدة و أخذهم به.
الرِّباط: المُرَابطة، و هي الإِقامة في الثَّغْر.

[خضع]

: الزُّبير رضي اللّٰه عنه- عن عُرْوة ابنه: كان الزبير طويلًا أَزْرَق، أَخْضع أَشْعر، ربما أَخَذْتُ و أنا غلامٌ بشَعْر كَتِفَيْهِ حتي أقوم. يخطّ رجلاه إذا ركب الدابة، نُفُجَ الحَقِيبة.
الأَخْضَع: الذي فيه جَنَأ.
الأَشْعر: الكثير الشعر.
النُّفُج: صفة كالسُّرُح و السُّجح «1»، بمعني المنتفج، و هو الرّابي المرتفع.
و الحَقيبة: كل ما يجعَلُه الراكب وراءَ رَحْلِه، فاستُعِيرَت للعَجُز.
و المعني: أنه لم يكنْ بأَزَلّ «2».

[خضر]

: أبو ذَرّ رضي اللّٰه عنه- عن النبي صلي اللّٰه تعالي عليه و آله و سلم: ما أَظلَّتِ الخَضْرَاء و لا أَقلَّت الغَبْراء أَصْدَق لَهْجَةً من أَبي ذَرّ.
هي السماء، و تسمي الجَرْبَاء و الرَّقِيع و الرَّقْع.
و روي في اللَّهجة سكون الهاء و فتحها، و أن الفتح أفصح. و قال أبو حاتم عن الأصْمَعي: اللّهْجة الهاء ساكنة، و لم يعرف اللّهَجة، و قيل: لهجة اللسان ما يَنْطِقِ به من الكلام، و إنها من لَهج بالشي‌ء، و نظيرُها قول بعضهم في اللغة: إنها من لَغِيَ بالشي‌ء إذا أُغْرِي به.

[خضم]

*: أبو هُرَيْرَة رضي اللّٰه عنه- مرَّ بمروان هو يَبْنِي بُنْيَاناً له، فقال: ابْنُوا شَدِيداً، و أمِّلُوا بَعِيداً، و اخُضَمُوا فسنَقْضَم.
______________________________
(1) السجح: اللين السهل، و السرح: السريع.
(2) الأزلّ: السريع، و الخفيف الوركين.
(3) (*) [خضم]: و منه حديث أبي ذر: تأكلون خضماً و نأكل قضماً. النهاية 2/ 44.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 329
الخَضْم: المضْغُ بأقصي الأضراس، و هو من الكَثْرة، و منه الرجل الخِضَمّ الكثير العطيّة.
و القَضْم: بأدْنَي الأَسْنَان، و منه القَضِيم «1»، و ما ذُقْت قَضَاماً «2».
و المعني: استكثرُوا من الدنيا فإنَّا سنَقْنَع منها بالدُّون.

[خضض]

: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- سُئل عن الخَضْخَضَة، فقال: هو خيرٌ من الزِّنا، و نِكَاحُ الأَمَةِ خيرٌ منه.
هي الاستمناء، و هو اسْتِنزال المنيّ في غيرِ الفَرْج، و أصلُ الخَضْخَضَة: التحريك، يقال: خضخض الماءَ في الإِناء، و السكِّين في بَطْنه.

[خضد]

*: معاوية رضي اللّٰه عنه- رأي رجلًا يُجِيد الأَكلَ، فقال: إنه لَمِخْضَد.
هو الشدِيدُ الأكل يقال: الفرس يَخْضِد خَضْداً. قال امرؤ القيس:
و يَخْضِدُ في الآرِيّ حتي كأَنما به عُرَّةٌ أو طائِفٌ غَيْرُ مُعْقِبِ «3»
و هو من الخَضْد، و هو قَطْع الشي‌ء الرّطب. و قيل لأعرابي كان مُعْجبً بالقِثّاء: ما يُعْجِبك منه؟ فقال: خَضْدُه.
و منه
حديث مَسْلَمة بن مُخَلَّد: إنه قال لعَمْرو بن العاص: إنَّ ابنَ عمِّك هذا لَمِخْضَد.

[خضل]

: الحجاج- جاءته امرأةٌ برجلٍ فقالت: تزوّجني علي أَنْ يعطيني خَضْلًا نبيلًا.
هو الدرّ الصَّافي ذو الماء، الواحد خَضْلَة، و هي مِنَ الخَضْل بمعني النَّدي.

[خضر]

: مجاهد رحمه اللّٰه- ليس في الخَضْراوَاتِ صَدَقة.
قيل هي الفَوَاكه مثل التفاح و الكمثري و غيرهما، و قيل: البُقُول، و إنما جاز جمع فَعْلاء هذه بالألف و التاءِ، و لا يُقَال نساء حمراوات، لاخْتِلاطِها بالأَسماء.
و
في الحديث: تجنّبوا من خَضْرَائكم ذَوَاتِ الريح.
أراد الثّوم و البَصَل و الكرَّاث.
في الحديث: من خُضِّرَ له في شي‌ء فلْيَلزمه.
______________________________
(1) القضيم: الصحيفة البيضاء، و الفضة، و الجلد الأبيض.
(2) القضام: نبت إذا جف ابيض، و له وريقة صغيرة.
(4) (*) [خضد]: و منه حديث الدعاء: تقطع به دابرهم و تخضد به شوكتهم. و منه حديث ظبيان: يرشحون خضيدها. النهاية 2/ 39.
(3) البيت في ديوان امري‌ء القيس ص 49.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 330
أي من بُورِك له في صناعةٍ أو حِرْفة أو تجارةٍ فَلْيُقْبِل عليها؛ و تحقيقُه: جعلت له الحال فيها خضْرَاء.
مخضبة خضِرة، و آكلة الخضر في (زه). أخضلوا في (لع). أَخضر الشَّمَط في (مغ).
يَخْضَلّ في (طي). خضمة في (زو). لم تخْضَد في (حد). فيه خضرات في (بد). خَضْرمنا النعم في (دج). خضرتها في (قر). خضراؤهم في (قو). و خضده في (رب).

الخاء مع الطاء

[خطم]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- وعدَ رجلًا أَنْ يَخْرُج إليه فأَبْطأ عليه، فلما خرج قال له: شَغَلِني عنك خَطْمٌ.
قال ابنُ الأعرابي: هو الخَطْبُ الجليل، فميمُه علي هذا بدلٌ من الباء، و نظيره قولهم:
بنات مَخْرٍ في بنات بَخْر، و رأيته من كَثَمٍ و كَثَبٍ، و ما زِلْتُ رَاتِماً علي هذا و رَاتِباً؛ و يحتمل أن يُرَاد بالخَطْم أمرٌ خَطَمه؛ أي مَنعه من الخروج.

[خطف]

*: نهي صلي اللّه عليه و سلم عن الخَطْفَة.
هي المرّة من الخَطْفِ، سُمّي بها العُضْو الذي يَخْطِفُه السبُع، أو يقطعُه الإِنسان من أعضاءِ البَهيمة الحيّة، و هو ميْتة لا تحلّ، و أصلُ هذا أنه حين قَدِم المدينةَ رأي الناسَ يَجُبّون أَسْنمة الإِبل و أَلْياتِ الغَنَم فيأْكلُونها.

[خطط]

*: سأله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم معاوية بن الحكم عن الخَطِّ. فقال: كان نبيٌّ من الأنبياء يخُطُّ، فمن صادَفَ مثلَ خَطِّه عَلِم مِثْلَ عِلْمه.
قال ابن الأَعرابيّ: كان يأتي صاحبُ الحاجة إلي الحازِي فيعطيه حُلْوَاناً فيقولُ له:
اقْعُد حتي أخطَّ لك، و بين يديه غلامٌ معه مِيل، ثم يأتي إلي أرْضٍ رخْوة فيخُطّ خطوطاً كثيرة بالعَجَلة لئلا يَلْحَقها العدد، ثم يرجِع فيمحُو علي مَهله خَطَّين خطَّين، فإن بقي منها خطّان فهما علامةُ النجاح، فيقول الحازي: ابْنَي عِيَان. أسْرِعَا البَيَان. و إن بقي خطٌّ واحد فهو علامة الخيْبَة، و العرب تسميه الأسْحم.
______________________________
(1) (*) [خطم]: و منه في حديث الزكاة: فخطم له أخري دونها. و في حديث الدجال: خبأت لكم خطم شاة.
النهاية 2/ 50، 51.
(2) (*) [خطف]: و منه حديث الجن: يختطفون السمع. و في حديث الرضاعة: لا تحرم الخطفة و الخطفتان.
و في حديث علي: نفقتك رياءً و سمعة للخطَّاف. و منه حديث القيامة: فيه خطاطيف و كلاليب. النهاية 2/ 49.
(3) (*) [خطط]: و منه في حديث قيلة: أ يُلام ابن هذه أن يفصل الخطَّة. و منه الحديث: أنه ورَّث النساء خططهن دون الرجال. و في حديث أم زرع: و أخذ خطيّاً. النهاية 2/ 48.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 331‌

[خطم]

: تخرج الدَّابَّة و معها عصَا مُوسي و خاتَم سليمان عليهما السلام، فتُحَلِّي وَجْهَ المؤمن بالعصا، و تَخْطِم أنْفَ الكافر بالخاتَم، حتي إن أهل الإِخْوَان ليجتمعون فيقول هذا:
يا مؤمنُ، و يقول هذا: يا كافر.
أي تُؤثر علي أنفه، من خَطَمت البعير: إذا وسمتَه بالكيّ بخطٍّ من الأَنْفِ إلي أحدِ خَدَّيه، و تسمي تلك السِّمَة: الخِطَام.
الإِخْوَان: الخِوَان، و مثاله الإِسوار و السّوار. و قال:
و مَنْحَر مِئْنَاثٍ تَجُرُّ حُوارَها و مَوْضِع إخْوَانٍ إلي جَنْبِ إخْوَانِ «1»

[خطط]

: أبو ذرّ رضي اللّٰه عنه- نَرْعَي الخطَائِط، و نَرِدُ المَطَائط، و تأكلون خَضْماء، و نأكل قَضْماً، و الموعدُ اللّٰه.
الخطيطة: الأرض التي لم تمطر بين ممطُورتين.
المطيطة: الماء المختلط بالطين الذي يتمطَّط، أي يتمدّد بِخُثُورَته.
الخضم و القضم: قد مضي تفسيرهما آنفاً.

[خطأ]

*: ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- سُئِل عن رجلٍ جعل أمرَ امْرَأتِه بيدها، فقالت: فأنتَ طالق ثلاثاً. فقال ابنُ عباس: خَطَّأَ اللّٰه نَوْءَها! أَلَا طلقت نفسها ثلاثاً.
أي جعله مُخْطِئاً لها لا يصيبُها مَطَرُه، و يقال لرجل إذا طلب حاجتَه فلم يَنْجح: أَخطأ نوؤك- و روي: خطّي؛ و هو يحتمل أن يكون من الخطيطة، و هي الأرض غيرُ المُمْطَرة و أصله خطَّط، فقُلبت الطاء الثالثة حرف لين، كقولهم: تَقَضِّي البازي و التَّظَنِّي و لا أملاه.
و روي بهذا المعني خطّ بغير ألف، و ما أظنّه صحيحاً، و أن يكون من خَطَّي اللّٰه عنك السوء؛ أي جعله يتخطَّاها و لا يُمطرها.

[خطف]

: أَنَس رضي اللّٰه تعالي عنه- كان عند أم سليم شَعِير فجشَّته، فجعلت للنبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم خَطِيفة و أَرْسَلَتْني أَدْعوه.
[هي] لبن يُطبخ بدَقيق و يُخْتطف بالملاعق.

[خطر]

*: ابن مُقَرِّن رضي اللّٰه عنه- قام خطيباً في غزوة نَهاوَنْد، فقال: أيها الناسُ، إن هذه الأعاجم قد أَخْطَروا لكم و أَخطرتُم لهم إخطاراً؛ أخطروا رِثَّةً و أخطرتُم الإِسلام؛
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (خون).
(2) (*) [خطأ]: و منه حديث الدجال: إنه تلده أمه فيحملن النساء بالخطائين. النهاية 2/ 44.
(3) (*) [خطر]: و منه في حديث الاستسقاء: و اللّٰه ما يخطر لنا جمل. و منه حديث مرحب: فخرج يخطر بسيفه. و منه الحديث: ألا هل مشمِّرٌ للجنة؟ فإن الجنة لا خطر لها. النهاية 2/ 46.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 332
فنافِحوا عن دِينكم؛ ألا و إنكم بابٌ بين المسلمين و المشركين إن كُسر ذلك البابُ دُخل عليهم منه. ألَا و إني هَازٌّ لكم الرَّايةَ، فإذا هَزَزْتها فلْيَثب الرِّجال إلي أَكِمَّةِ خُيولها فيُقَرِّطُوها أَعِنَّتها؛ ألا و إني هازٌّ لكم الراية الثانية فلْتَثب الرجالُ فتشد هَمَايِينَها علي أحقائها، ثم ذُكِر أن النعمان طعن برايته رجلًا ثم رفع رايته مختضبَة دَماً، كأنها جناح عُقَاب كاسر؛ و جُمِعت الرِّثَاث كأنها الإِكام- بعد قَتْل النعمان- إلي السائب.
يقال: أخْطَر لي فُلانُ و أخطرت له، إذا تَرَاهَنا. و الخَطَر: ما وضَعَاه علي يدي عَدْل، فمن فاز أخذه، و هو من الخَطر بمعني الغَرَر؛ لأن ذلك المال علي شَفَا أن يُفَازَ به و يُؤْخذ.
الرِّثّة واحدة الرِّثَاث: الأَمتعة الرَّدِية، أراد الغنائم؛ فصغّر شأنها كما قالت أخت عمرو بن معديكرب:
و لا تأخذوا منهم إفَالًا و أَبْكراً [و أُتْرك في بيت بصَعْدَة مُظْلِم]
أراد أنهم لم يُعَرِّضوا للاستهلاك إلا متاعاً يَهُونُ قَدْرُه؛ و أنتم عَرّضْتُم له ما هو أفخم الأشياء شأناً و أعظمها قَدْراً، و هو دِينُ الإِسلام؛ فضرب لذلك فِعْلَ المتخاطرَين مثلًا.
المُنَافحة: المدافعة، من نفحه بالسّيف، و قَوْس نَفُوح: بعيدة الدَّفع للسهم، و نَفْح الرائحة: انتشارُها و اندفاعها.
الأَكِمَّة: جمع كِمام و هو المِخلاة التي تعلّق بأعلي رأس الدابة، و كِمام البعير: هو ما تكمُّ به فُوه لئلا يعضّ.
التقريط: أن يجعلوا الأعِنّة وراء آذانِها عند طرح اللّجم في رءوسها، أُخِذ من تقريط المرأة.
و المعني: الأمرُ بنزع المخالي و إِلجام الخيل.
الثانية: صفة للمصدر المحذوف، تقديره الهزَّة الثانية.
الهِمْيَان: الذي يُجعل فيه الدَّرَاهم و يشدّ علي الْحِقْو، فِعْلَان من هَمي، لأنه إذا أُفرِغ همي بما فيه، و سميت به المِنطقة؛ لأنها تُشَدّ مشدَّه، و المراد هاهنا المَناطِق.
الكاسر: التي تَكْسِرُ جَنَاحَيْها إذا انحطَّت.

[خطم]

: عائشة رضي اللّٰه عنها- وصَّي أبو بكر رضي اللّٰه عنه أن يُكَفَّنَ في ثوبين كانَا علَيْهِ، و أن يُجعلَ معهما ثوبٌ آخر؛ فأرادت عائشة أن تبتاعَ له أثواباً جُدُداً، فقال عُمَر: لا يكفَّن إلا فيما أَوْصَي به. فقالت عائشة: يا عمر؛ و اللّهِ ما وُضعت الخُطُم علي آنُفِنا. فبكي عُمَر و قال: كفِّني أباك فيما شئت.
كُنِي عن الولاية و الملك بوَضْع الخُطم؛ لأن البعير إذا مُلِكَ وُضع عليه الخطام.
و المعني: ما ملَكْتَ علينا أمورَنا فتنهانا أن نصنع ما نريدُ فيها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 333
و ما يخطر في (سن). خطيطه في (ضف). فتَخْطِمه في (هض). و خطيفة في (خر).
كالخطائط في (سل). المخاطب في (رس). خَطر في (أر). عن خَطْمه في (حت). خَطّارة في (جن). و اسوق خَطْوِي في (ذق).

الخاء مع الفاء

[خفق]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أيُّما سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأَخْفَقَت كان لها أَجْرُها مرَّتين.
أي لم تغنَم، و حقيقتُه صادفت الغنيمة خافِقَةً غيرَ ثابتة مستقرَّة؛ فهو من باب أَجْنَبته و أَنحلته و أَقْحمته.

[خفض]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: يا أم عطية؛ إذا خَفَضْت فأَشِمّي، و لا تَنْهَكي؛ فإنه أَسْرَي للوجه و أَحْظَي عِنْد الزَّوْج.
الخَفْض: خَتْن المرأةِ خاصّة، شَبَّه القطع اليسير بإشمام الرَّائحة.
و النَّهْك: المبالغة فيه.
أَسْري: من سَرَوْتُ عنه الثوب: إذا كشفتَه، أي أَجْلَي للوَجْهِ، و أَصفي للونه؛ و الضمير في فإنه للإِشْمَام.

[خفر]

*: أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- ذكَر المسلمين فقال: فمن ظَلَم منهم أحداً فقد أَخْفَر اللّٰه، و من وَلِي من أَمْرِ الناس شيئاً فلم يُعْطِهم كتاب اللّٰه فعليه بَهُلَة اللّٰه، و من صلّي الصبح فهو في خُفْرَة اللّٰه.
خفرتُ الرجل أَجَرْتُه، و حفِظْتُ عَهْدَه و أخفرته: نَقَضْتُ عهده، الهمزة فيه مثلها في أشكَيْتُه، كأن المعني: أزلت خُفْرته.
كتاب اللّٰه، أي مَرَاسِمه في العدل و الإِنصاف.
البَهْلة- بالفتح و الضم: اللعنة.
______________________________
(1) (*) [خفق]: و منه الحديث: كانوا ينتظرون العشاء حتي تخفق رؤوسهم. النهاية 2/ 56.
(2) (*) [خفض]: و منه حديث الدجال: فرفّع فيه و خفّض. و في حديث الإفك: و رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يخفضهم.
النهاية 2/ 53، 54.
(3) (*) [خفر]: و منه الحديث: من صلي الغداة فإنه في ذمة اللّٰه فلا تخفرن اللّٰه في ذمته. و الحديث: من صلي الصبح فهو في خفرة اللّٰه. و الحديث: الدموع خفر العيون. و في حديث لقمان بن عاد: حييٌ خفرٌ.
النهاية 2/ 52، 53.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 334‌

[خفا]

*: أبو ذَرّ رضي اللّٰه عنه- قَدِم مكة عند إسلامه، فذكَر أَنه كان يمشي نَهاره، فإذا كان الليلُ سَقَطْتُ كأني خِفَاء.
هو الكِساء الذي يُلْبَس وَطْبَ اللبن، من خَفِيَ، قال ذو الرمة:
*عليه زَادٌ و أَهْدَام و أَخْفِية «1»
* كان هي التّامة المُسْتَغْنية عن الخَبر.

[خفت]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- مثل المؤمن الضعيف كمثل خَافِت الزَّرع، يميل مرة و يعتدلُ أُخري- و روي: خافتة الزرع، و خافَةِ الزرع.
الخافت و الخافتة: ما لَانَ و ضَعُف، و لحوق التاء علي تأويل السّنبلة، و أما الخافة فهي فَعَلَة من باب خَوْف، و هي وِعاءُ الحبّ؛ سُمِّيت بذلك لأنها وقايةٌ له. و يقال للعَيْبة و الخريطة التي يُشْتَار فيها العسل: خَافَة مِنْ هذا، و الخوف هو الاتّقاء.
و المعني إنه مَمْنُوٌّ بأحداث الزمان مُرَزّأٌ لا يستقيم في أَمر دنياه استقامةَ غيره.

[خفق]

: ابن أَسِيد رضي اللّٰه عنه- ذكر الدّجال فقال: يخرجُ في قلَّةٍ من الناس، و خَفْقَة من الدّين، و إدبار من العلم.
هي من خفق إذا اضطرب، أو خفق الليل: إذا ذهب أكثره، أو خَفَق النجم إذا انحطّ في المغرب، أو من خفق خَفْقة، إذا نعس نَعْسة، و المعني فَتْرَةُ أمره.
عبيدة السَّلمانيّ رحمه اللّٰه تعالي- سُئل عن مُوجب الجَنَابةِ، فقال: الخَفْق و الخِلَاط- و روي: الدّفْق.
هو الإِيلاج، و أصله الضَّرب، يقال: خَفَقَه بالدِّرة.
و الخِلاط: مُخَالطة الرجل المرأة.

[خفف]

*: مجاهد رحمه اللّٰه- سأله حبيب بن أَبي ثابت، فقال: إني أَخافُ أن يُؤَثِّر السجودُ في جَبْهَتي. فقال: إذا سجدتَ فتَخافَّ.
______________________________
(2) (*) [خفا]: و منه الحديث: إن الحزاءة تشتريها أكايس النساء للخافية و الإقلات. و منه الحديث: خير الذكر الخفيُّ. النهاية 2/ 56، 57.
(1) عجزه:
قد كان يستلُّها عن ظهره الحقبُ
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 31.
(3) (*) [خفف]: و منه الحديث: إن بين أيدينا عقبة كؤوداً لا يجوزها إلا المخفُّ. و منه الحديث: نجا المخفون. و في حديث خطبته في مرضه: أيها الناس إنه قد دنا مني خفوف من بين أظهركم. و منه حديث ابن عمر: قد كان مني خفوفٌ. و في حديث عطاء: خففوا علي الأرض. النهاية 2/ 54، 55.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 335
أي ضَعْ جبهتكَ علي الأَرْض وضْعاً خَفِيفاً من غير اعتمادٍ.
و منه
حديث عطاء: خِفّوا علي الأرض- و روي: فتَجافَّ.
تَخْتَفُوا في (حف). أَخَفْواً في (قع). خَفَر في (بج). خافجة في (لب).

الخاء مع القاف

[خقق]

*: عبد الملك- كتب إلي الحجاج: أما بعد فلا تَدَع خَقًّا من الأَرض، و لا لَقًّا إلا زَرَعته.
الخَقُّ: الخَدّ في الأرض، يقال: خقّ فيها و خدَّ.
و اللَّق: الصّدع- و
روي عن يوسف بن عمر أنه قال: إنّ عاملًا من عمّالي كتب إليّ يذكر أنه زرع كل حُقّ و لُقِّ
، بالحاء و الضم، و فسر الحُقّ بالأرض المطمئنة، و اللُّقُّ بالمرتفعة.
أَخاقيق في (وق).

الخاء مع اللام

[خلف]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إن اللّٰه تعالي جعل حسناتِ ابن آدم بعَشْرِ أمثالها إلي سبعمائة ضعف، و قال جل ثناؤه: إلّا الصوم؛ فإن الصوم لي، و أنا أَجْزِي به، و لَخُلُوف فَمِ الصائم أَطْيبُ عند اللّٰه من رِيح المسك.
خَلَف فوه خُلُوفة و خُلُوفاً، و أَخلف إخلافاً: إذا تغيّر. قال ابن الأحمر:
بانَ الشبابُ و أَخْلَف العَمْرُ و تنكّر الإِخوانُ و الدَّهْر «1»
أراد بالعَمْرِ: اللحم الذي بين الأَسنان، قال المبرِّد في فَسْره: خَلف: حدثَتْ له رائحة بعدُ ما عُهِدَتْ منه، و لا يقال: خُلوف لمن لم يزَلْ ذلك منه. و منه اللحم الخَالِف، و هو الذي تجِد منه رُوَيحةً.
______________________________
(2) (*) [خقق]: و منه الحديث: فوقصت به ناقته في أخاقيق جرذان فمات. النهاية 2/ 57.
(3) (*) [خلف]: و منه الحديث: يحمل هذا العلم من كل خَلَفٍ عُدُولُه. و منه الحديث: سيكون بعد ستين سنة خَلْفٌ أَضٰاعُوا الصَّلٰاةَ. و في حديث الدعاء: اللهم أعط كلَّ منفق خَلَفاً. و حديث أبي الدرداء في الدعاء للميت: أخْلُفْه في عقبه. و منه الحديث: فدخل ابن الزبير خلافه. و في حديث الدجال: قد خلفهم في ذرياتهم. و منه حديث خزيمة السلمي: حتي آل السُّلامَي و أخلف الخزامي. و الحديث: سوُّوا صفوفكم و لا تختلفوا فتختلف قلوبكم. النهاية 2/ 65، 66، 67.
(1) البيت في لسان العرب (عمر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 336
و منه
حديث عليّ عليه السلام- حين سُئِل عن القُبْلَة للصائم، فقال: و ما أَربُك إلي خُلُوفِ فيها؟

[خلج]

*: ليَرِدَنّ عَليَّ الحوضَ أقوامٌ ثم لَيُخْتَلَجُنّ دُوني.
أي ليجتَذَبنّ، و يقتطعُنّ عَنِّي.
صَلّي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بأصحابه صلاةً جَهَر فيها بالقراءة، و قرأ قاري‌ءٌ خلفه فجهر فلما سلّم قال: لقد ظننت أن بعضكم خَالَجَنِيها.
أي جاذبني القِرَاءة و نازَعنيها.
و
في حديث آخر: ما لي أُنَازع القرآن!

[خلل]

*: بعث صلي اللّٰه عليه و آله و سلم رجلًا علي الصَّدَقة، فجاء بفَصِيل مَخْلول، أو محلول، فقال: هذا من صَدَقَة فلان، فقال رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: لا باركَ اللّٰه له في إبِله؛ فبلغ الرجلَ دعاؤه فجاء بناقةٍ كَوْماء، فتلّها إليه، فدعا له في إبله بالبركة.
المَخْلُول: الذي خُلّ لسانُه لئلا يَرْضع عند الفِطام فهُزِل.
و المحلول: الذي كأنما حُلَّ عن أوصاله اللحمُ و خُلِع لفَرْط هُزَاله.
تلّها: أناخها، من تَلَلْتُ الرجل: إذا صرعتَه.
الكَوْمَاء: المرتفعة السنام، من كوّمت الشي‌ء: إذا ركمته.

[خلب]

*: قال أبو رفاعة رضي اللّٰه عنه: أتيتُه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم و هو يخطب، فقلت: إني رجل جاهل غريب لا يَعْلَم دينه، فترك الناسَ و نزل، فقعد علي كرسيّ خُلْبٍ، قَوَائِمُه من حَدِيد.
هو لِيف النّخل. قال:
و مُطَّرداً كرِشَاءِ الجَرُو رِ مِنْ خُلُب النَّخْل لم يَنْأَدِ
______________________________
(1) (*) [خلج]: و منه الحديث: يختلجونه علي باب الجنة. و منه حديث عمار و أم سلمة: فاختلجها من جحرها. و منه حديث علي في ذكر الحياة: إن اللّٰه تعالي جعل الموت خالجاً لأشطائها. و في حديث عائشة و سئلت عن لحم الصيد للمحرم فقالت: إن تخلَّج في نفسك شي‌ء فدعه. و منه الحديث: ما اختلج عرق إلا و يكفر اللّٰه به. و الحديث: إن فلاناً ساق خليجاً. النهاية 2/ 59، 60، 61.
(2) (*) [خلل]: و منه الحديث: إني أبرأ إلي كل ذي خلة من خلته. و الحديث: اللهم سادَّ الخلَّة. و منه حديث بدر و قتل أمية بن خلف: فتخلَّلوه بالسيوف من تحتي. و الحديث: التخلل من السنة. و في حديث الدجال: يخرج من خَلَّة بين الشام و العراق. النهاية 2/ 72، 73.
(3) (*) [خلب]: و منه الحديث: بليفٍ خُلْبة. و منه حديث ابن عباس: كان أسرع من برق الخُلَّبِ. و الحديث:
إذا بعت فقل لا خِلابة. و الحديث: إذا لم تغلب فاخْلُب. و الحديث: إن كان خَلَبَها. النهاية 2/ 58، 59.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 337
و هو من الخَلْب بمعني الانتزاع، يُقال: خَلَب السبعُ الفريسة، و منه الخُلْب لأنه يُنتزع من النخل، و سُمّي لِيفاً، لأنه يُلاف منه أي يُؤخذ منه، من لَافَ المالُ الكلأ يلوفه.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: إنه كان له وسادة حَشْوُها خُلْب- و روي: سَلَب.
و هو قشور الشجر- و
روي: فأُتي بكُرْسي من خُلْبٍ قوائمه حديد فقعد عليه.
قال حُميد بن هلال: أُراه خشباً أسود، حسب أنه حديد.

[خلص]

*: لا تقومُ الساعة حتي تضطرب أليَاتُ نساء دَوْس علي ذي الْخَلَصَة.
هو بيت أصنام كان لدوْس و خَثْعم و بَجِيلة و مَنْ كان ببلادهم من العرب بتَبالة؛ أو صنم لهم.
و قيل: كان عَمْرو بن لُحيّ بن قَمْعَة نصبه بأسفل مكة حين نصب الأصنام في مواضع شتي، فكانوا يُلْبِسونه القلائدَ، و يُعَلّقون عليه بَيْض النعام، و يذبحون عنده، و كأنّ مَعْناهم في تسميته بذلك أن عُبَّاده و الطائفين به خَلَصة.
و قيل: هو الكعبة اليمانيَّة.
و في قول مَنْ زعم أنه بيت كان فيه صنم يسمي الخَلَصة نظر؛ لأن ذو لا يُضَاف إلا إلي أسماءِ الأجناس.
و المعني أنهم يرتدُّون و يعودون إلي جاهليتهم في عبادة الأوثان فترمُل نساءُ بني دوْس طائفاتٍ حولَ ذي الخَلَصة، فترتجُّ أكفالُهنّ.
و منه
قوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لجرير بن عبد اللّٰه: تهيَّأ حتي تسيرَ إلي بيت قومك خَثْعم و ذي الخَلَصة، فتدعوَهم إلي الإسلام و تكسر صَنَمهم. فقال: يا رسولَ اللّٰه إِني رَجُلُ قِلْع، فقال: اللهم ثَبِّته و اجعله هادِياً مهديًّا.
القِلْع: الذي لا يَثْبُت في السَّرْج.
و منه
الحديث: تكون رِدّةٌ قَبْل يوم القيامة، حتي يرجعَ ناسٌ من العرب كفّاراً يعبدون الأصنام بذي الخَلَصة.
و فيه دليل علي أنه بيت أصنام.

[خلي]

*: عن معاوية بن حَيْدة القُشَيْري رضي اللّٰه عنه: قلت: يا رسول اللّٰه؛ ما آيات
______________________________
(1) (*) [خلص]: و منه في حديث الاستسقاء: فليخلص هو و ولده ليتميز من الناس. و في حديث الإسراء:
فلما خَلَصْت بمستويً. النهاية 2/ 61.
(2) (*) [خلي]: و منه في حديث الرؤيا: أليس كلكم يري القمر مخلياً به. و منه حديث أم حبيبة: قاله له: لست لك بمخلية. و منه حديث أنس: أنت خِلوٌ من مصيبتي. و منه الحديث: إذا كنت إماماً أو خِلْواً. و منه حديث ابن عمر: كان يختلي لفرسه. و منه الحديث: فاستخلاه البكاء. النهاية 2/ 74، 75، 76.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 338
الإِسلام؟ قال: أن تقولَ أسلمتُ وجهي إلي اللّٰه و تخلَّيتُ، و تقيمَ الصلاة و تُؤتي الزكاة، كلُّ مسلم عن مسلم مُحْرِم، أَخَوان نصيران.
فقلتُ: يا نبي اللّٰه؛ هذا ديننا؟ قال: هذا دينكم و أينما تحسِنْ يكفِك.
التخلّي: التفرّغ. يقال: تخلي من الدنيا و تخلَّي للعبادة، و هو تَفَعُّل من الخُلُوّ، و المراد التبرّؤ من الشرك، و عَقْدُ القلب علي شرائع الإِسلام.
كل مَنْ دخل في حرمة لا يسوغُ هَتْكُها فهو مُحْرِم
؛ يعني أنّ حقَّ كل مسلم أن يكون آمناً أَذَي مسلم مِثْلِه متباعداً عن استطالتِه عليه، و نكايتِه فيه، لكونه داخلًا في حُرمة الإِسلام و مَأْمَنِه.
أخوان: خبر مبتدأ محذوف، معناه: هما أخَوَان؛ أي المسلمان حَتْمٌ عليهما التناصر و التعاون؛ لا ينبغي لهما أن يتخاذلا.
ما في أينما زائدة؛ ليست مثلها في حيثما و إذ ما، ألا تري أن أين جازمة للفعلين بدونها، و لكنها أفادت تأكيداً و ضَرْباً من الشّيَاع الزائد.
و المعني: هذا دينكم و أنتم كما قلت في المحافظة علي هذه الحدود و إقامةِ هذه الفرائض، و علي أن الأمرَ كذلك؛ ففي أي مقامة من مقامات الخير أوقعت إحساناً و بِرّاً علي سبيل التبرع أجدي عليك و نَفَعَك عند اللّٰه فلا تعجَز أن تفعل.

[خلف]

: ثلاث آيات يَقْرُؤهن أحدكم في صلاته خيرٌ له من ثلاث خَلِفاتٍ سِمَان عِظام.
الخِلَفة: الناقة الحامل.

[خلج]

: كانت له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم خَشَبة يقوم عندها إذا خَطَب، فقالوا: لو جعلنا لك شيئاً تقومُ عليه حتي تُسْمِعَ الناس؟ فحنَّت الخشبة حَنِينَ الناقة الخَلُوج، فأتاها فضمّها إليه.
هي التي اخْتُلج عنها ولدها، أي انتُزِع.
لو: بمعني ليت، و قد سبق مِثْلها مع الشرح.

[خلي]

: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في مكة: لا يُخْتَلي خَلَاها، و لا تَحِلُّ لُقَطَتها إلا لمُنْشِدٍ.
الخَلَي: الرَّطب من الخَلَي، كما أن الفَصِيل من الفَصْل و هما القَطْع؛ يقال: خَلَي الخَلَي يَخْليه و اخْتَلاه: إذا جَزَّه، و حقه أن يكتب بالياء، و يثنّي خَلَيان.
اللُّقَطة- يفتح القاف، و العامّةُ تسكنها: ما يُلْتَقط.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 339
المنْشِد: المعَرِّف.

[خلف]

: أبو بكر رضي اللّٰه تعالي عنه- جاءه أعرابيٌّ فقال: أنت خليفة رسول اللّٰه؟
قال: لا، قال: فما أنْتَ؟ قال: أنا الخالِفة بعده.
الخالف و الخالِفة: الذي لا غَناءَ عنده و لا خَيْرَ فيه، [و هو بَيِّن الخَلافة بالفتح]. يقال:
هو خالِفةُ أهلِ بيته. و هو خالفةٌ من الخوالف، و ما أدري أيُّ خالفةٍ هو؟ أراد تصغير شَأْن نفسِه و توضيعها.
لما كان سؤاله عن الصفة دون الذات. قال: فما أنتَ؟ و لم يقل: فمن أنت؟
عُمَر رضي اللّٰه عنه- لو أُطِيقُ الأَذانَ مع الخِلِّيفي لأَذَّنتُ.
هذا النوع من المصادر يدل علي معني الكثرة.
قال سيبويه: يقول: كان بينهم رمِّيَّا؛ فليس يريد قوله رَمي رَمْياً، و لكنه يريد ما كان بينهم من الترَامِي و كثرة الرَّمْي، و أما الدِّلِّيلَي فإنما يريد كثرة علمه بالدّلالة و رسوخه فيها؛ فكأنه أراد بالخِلِّيفي كثرةَ جَهْده في ضبط أمور الخلافة، و تصريف أعِنّتها.

[خلي]

: رفع إليه رضي اللّٰه عنه رجلٌ قالَت له امرأتُه: شَبِّهني، فقال: [كأنَّك ظبية]، كأنَّك حمامَة. فقالت: لا أرضي حتي تقول: خَلِيَّةٌ طالق، فقال ذلك، فقال عمر رضي اللّٰه عنه: خُذْ بيدها فهي امرأتُك.
الخلية: الناقة التي تُخَلَّي عن عِقالها، و طَلَقتْ من العِقَال تَطْلُق طلْقاً فهي طالق، و قيل الخَليّة: الغزيرة يؤخذ وَلَدُها فيُعْطَف عليه غيرُها و تُخَلّي هي لِلْحَيّ يشربون لبنها. قال خالد بن جعفر الكلابي [يصف فرساً]:
و أوصي الحالبَيْن ليُؤْثرَاها لهَا لَبَنُ الخلِيّة و الصُّعُود «1»
و الطالق: الناقة التي لا خِطَام عليها، أرادت مخادَعتَه عن التطليق بإرادتها له علي أن يقول: كأنك خليّةٌ طالق، فتطلق، و إنما ذهب هو إلي الناقة فلم يقع الطَّلاق.

[خلق]

*: [قال عمر رضي اللّٰه عنه]: ليس الفقير الذي لا مال له، إنما الفقير الأَخْلَقُ الكَسْبِ.
هو الأمْلس المُصْمَت الذي لا يُؤَثّر فيه شي‌ء؛ من قولهم: حَجَرٌ أَخْلَق، و صخرة خَلْقاء.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (خلا) و (صعد)، و رواية صدر البيت في لسان العرب:
أمرت بها الرعاء ليكرموها
(2) (*) [خلق]: و منه في حديث الخوارج: هم شر الخلق و الخليقة. و في حديث أبي طالب: إِنْ هٰذٰا إِلَّا اخْتِلٰاقٌ. و في حديث فاطمة بنت قيس: و أمَّا معاوية فرجل أخلق من المال. النهاية 2/ 70، 71.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 340
و معني وَصْف الكسب بذلك أنه وافر منتظم، لا يقع فيه وَكْس و لا يتحيَّفُه نُقْصَان. أراد أنّ عادة اللّهِ في المؤمن أَنْ تُلمَّ به المرازي‌ء فيما يملكه، فيثابَ علي صبره فيها؛ فإذا لم يزَلْ مُعَافًي منها موفوراً كان فقيراً من الثواب، و هو الفَقْر الأَعظم.

[خلي]

: إن عاملًا له رضي اللّٰه عنه علي الطائف كتب إليه: إن رجالًا من فَهْم كَلَّموني في خَلَايا لهم أسْلَموا عليها، و سألوني أنْ أحميَها لهم.
فكتب إليه عمر: إنما هو ذُبَابُ غَيْث، فإن أدَّوْا زَكاته فاحْمه عليهم.
الخلايا عَسَّالات النحل، و هي أشباه الرَّوَاقيد «1»، الواحدة خلِيّة، كأنها المواضع التي تُخْلِي فيها أجْوافها.
و منه
الحديث في خلايا النحل، أن فيها العشر.
هو: ضمير العَسَل. يعني أنه يعيش بالغيث و يرعي ما ينبته، فشبّهه بالنعم السائم الذي فيه الزكاة.

[خلع]

*: عثمان رضي اللّٰه عنه- كان إذا أُتِيَ بالرجل قد تَخَلَّع في الشراب المُسْكِر جَلَده ثمانين.
أي انهمك في مُعَاقرته، و خلع رَسَنَه فيها، و بلغ به الثَّمَل إلي أن استرخت مفاصِلُه استرخاءً يشبه التَّخَلُّع و التفكك، كما قال الأخطل:
صَرِيعُ مُدَام يَرْفَعُ الشَّرْبُ رأسَه ليحيا و قد مَاتَتْ عِظَامٌ و مَفْصِلُ
إِذا رفعوا عَظْماً تحامل صَدْرُه و آخرُ مما نال منها مُخَبَّلُ

[خلف]

: ابن عمرو بن نُفَيل- لما خالفَ دِين قومه قال له الخَطَّاب بن نُفَيل: إني لأحسَبك خالِفةَ بني عديّ؛ هل تري أحداً يصنع مِنْ قومك ما تصنع؟
الخالفة: الكثير الخِلاف، قال:
*يأيها الْخَالِفة اللَّجُوج
* و يجوز أن يريد الذي لا خيرَ عنده، و قد مرَّ آنفاً.

[خلل]

: ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- عليكم بالعلم فإنّ أحدكم لا يَدْرِي متي يُخْتَلُّ إليه.
______________________________
(1) الراقود: دن كبير أو طويل الأسفل.
(2) (*) [خلع]: و منه الحديث: من خلع يداً من طاعة اللّٰه لقي اللّٰه تعالي لا حجة له. و منه الحديث: و قد كانت
(1) هذيل خلعوا خليعاً لهم في الجاهلية. و في حديث ابن الصبغاء: فكان رجل منهم خليع. و منه الحديث:
المختلعات هن المنافقات. النهاية 2/ 64، 65.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 341
أي يُحتاج، من الخَلَّة، و هي الحاجة.

[خلف]

: الخُدْريّ رضي اللّٰه عنه- خرجنا في سَرِيَّة زَيْد بن حارثة التي أصاب فيها بني فَزارة، فأتينا القوم خُلُوفاً، فقاتل النَّحَّام العَدَويّ يومئذ، و قد أقام علي صلبه نَصِيلًا. قال:
إني أقْوَيْت منذ ثلاث، فخِفت أنْ يَحْطِمَني الجوع.
فُسّر الخلوف في الهمزة و الطاء.
النّصيل: حَجَر فيه طول نحو الذراع و أكثر.
الإِقواء: نفاد الزاد.

[خلج]

: شُرَيح رحمه اللّٰه- إن نسوةً شهدن عنده علي صبيٍّ وقَعَ حيًّا يَتَخَلَّج، فقال:
إن الحيَّ يرِثُ الميت، أَتَشْهَدن بالاستهلال؟ فأَبْطَل شهادتهنّ.
التَّخَلُّج: الاضطراب و التحرك.
أهلَّ الصبي و اسْتَهَلَّ: صاح عند الولادة، و أُهِلَّ الهلال فاسْتُهلّ: صِيح بالتكبير عند رؤيته، و انهلَّت السماء بالقَطْر، و استهلّت: ابتدَأت به فَسُمِع صوت وَقْعِه.

[خلص]

: قضي في قَوْسٍ كسرها رجلٌ لرجل بالخَلاص.
قيل: هو مِثْل الشي‌ء المُتْوَي.
و خَلَّص: إذا أعطي الخَلاص، و منَّاه ما يتخلَّصُ به من الخصومة.

[خلج]

: أبو مِجْلَز رحمه اللّٰه- إذا كان الرجل مُخْتَلَجاً فسرَّك ألّا تكذب فانسُبْه إلي أمّه.
يقال: تخالجوا الشي‌ء و اختلجوه، إذا تنازعوه.
و المعني: إذا كان مُخْتَلَفاً في نسب أبيه يتداعاه قوم و قوم فانْسُبه إلي طرف الأم.

[خلق]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّٰه- كُتِب إليه في امرأة خَلْقاء تزوَّجها رجل؛ فكتب إليه: إن كانوا علموا بذلك فأغْرِمْهم صَدَاقها لزَوْجها- يعني الذين زوّجوها- و إن كانوا لم يعلموا فليس عليهم إلا أن يحلِفوا ما علموا بذلك.
هي الرَّتْقاء، من الصخرة الخَلْقاء: المُصْمتة.

[خلي]

: معتمر رحمه اللّٰه- سُئِل مالك عن عَجين يُعْجَن بدُرْدِيّ، فقال: إن كان يُسْكِر فَلا، فَحَدَّث الأصمعيّ به معتمراً فقال: أو كان كما قال:
رأي في كفّ صاحبه خَلاةً فَتُعْجِبه و يُفْزِعه الجَرِيرُ «1»
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (خلا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 342
الخلاة: الطائفة من الخَلَي و هو الرَّطْب، و نظيرها الشُّهْدة من الشَّهْد، و الْجُبْنَةُ من الجُبْن.
أعجبته فتوي مالكٍ، و خاف التحريمَ لاختلافِ الناس في المسكر، فتوقّف و تمثل بالبيت.
و معناه أن الرجل ينِدُّ بعيرُه فيأخذ بإحدي يَدَيْه عُشْباً، و في الأخري حَبْلًا فينظر البعيرُ إليهما فلا يَدْري ما يَصْنَع.
خلوفاً في (أط). لا خِلَاط في (اب). خَلأت في (خب). إذا أخلف في (دك). ما خَلَفُه في (دخ). بِخَلَاقِك في (شل). أخلقَ في (عو). خالع في (هل). خُلِب النخل في (جو). الخلي في (لف). خِلَاص في (عذ). اختللناها في (سل). يخْتَلِي في (جر). يخْلِجُ في (حل). خلوقكم في (ول). و اخلولق في (رب). الخِلَاط في (ين). نستخلب في (صب). مخلاف في (نص).

الخاء مع الميم

[خمر]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- خَمِّرُوا آنيتَكم، و أوْكُوا أَسْقِيتكم، و أَجِيفوا الأبوابَ، و أَطْفِئُوا المصابيح، و اكْفِتُوا صِبيانَكم؛ فإنّ للشياطين انتشاراً و خَطْفة
- يعني بالليل.
التخمير: التغطية.
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إنه أُتِي بإناء من لبن، فقال: لولا خمرته و لو بعود تَعْرُضه عليه.
لولا هذه تَحْضِيضيَّة.
و منه
الحديث: لا تجد المؤمنَ إلا في إحدي ثلاث: في مسجد يَعْمُره، أو بيتٍ يُخَمِّرُه، أو معيشة يُدَبِّرُها.
أي يستره و يُصْلِح من شأنه.
الآنية: جمع قِلّة، كآدِمة جمع أديم.
الإِيكاء: الشَّدُّ بالوِكاء، و هو خيط يشد به السِّقاء.
إجافة الباب: ردّه.
______________________________
(1) (*) [خمر]: و منه حديث أبي قتادة: فأبغنا مكاناً خَمِراً. و منه حديث الدجال: حتي ينتهوا إلي جبل الخَمَرِ.
و منه حديث أويس القرني: أكون في خمار الناس. و منه الحديث: ملِّكه علي عُرْبهم و خمورهم.
النهاية 2/ 77، 78.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 343
اكْفِتوهم: ضُمّوهم إليكُم، و احبسوهم في البيوت.
كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يسجد علي الخُمْرة.
هي السجّادة الصغيرة من الحصير، لأنها مُرْمَلة مخمّرة خيوطها بسَعَفها.

[خمم]

*: سُئل صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أيُّ الناس أفضل؟ فقال: الصادق اللسان، المَخْمُوم القلب. قالوا: هذا الصادق اللسان قد عرفناه، فما المخموم القَلْب؟ قال:
هو النَّقيُّ الذي لا غِلّ فيه و لا حَسَد.
هو من خَمَمْتُ البيت، إذا كنسته.

[خمس]

*: عليّ عليه السلام- قال حَبَّة بن جُوَيْن العُرَنيّ: شَهِدْنَا معه يوم الجمل، فَقَسَم ما في العسكر بيننا، فأصاب كلّ رجل منا خَمْسمائَةٍ خَمْسمائةٍ؛ فقال بعضهم يوم صِفِّين في كلام له:
قُلْتُ لِنَفْسِ السوء لا تَقرِّيْن لا خَمْسَ إلا جَنْدَل الإِحَرِّيْن
وَ الخَمْسُ قد تُجْشِمُك الأَمرِّين «1»
* أراد لا خَمسمائة، فحذف لأنه كان معلوماً.
الإِحرُّون: جمع حَرَّة، و زيادة الهمزة فيه بِمنزلة الحركة في أرَضَون، و كتغير الصدر في ثِبون [و قِلُون] كراهة أن تكون بمنزلة ما الواو و النون له في الأصل، كمسلمون. و يقال حَرُّون كما قيل قُلون بغير تغيير؛ تنزيلًا للواو و النون منزلة الألف و التاء و نظيره قول بعضهم في الواحدة: إِحَرّة.
و المعني: ما لَك اليوم مما فرض لك يوم الجمل إلا الحجارة!
الأمَرُّون: الدواهي، جمعُ الأمرّ، و المعني الخطب أو الحادث.
الأمَرّ: الأفظع. و القول فيه القول في حَرُّون.
مُعاذ رضي اللّٰه عنه- كان يقول باليمن: ائتوني بخَميس أوْ لَبِيس أخذُه منكم في الصدقة؛ فإنه أيسرُ عليكم و أنفع للمهاجرين بالمدينة.
الخميس: ثوب طوله خمسُ أذرع، و هو المخموس أيضاً، يعني الصغير من الثياب.
و اللَّبيس: الذي لُبِس فأَخْلَق.
______________________________
(2) (*) [خمم]: و منه في حديث معاوية: من أحب أن يستخم له الرجال قياماً. النهاية 2/ 81.
(3) (*) [خمس]: و منه في حديث خيبر: محمدٌ و الخميس. و منه حديث عمرو بن معدي‌كرب: هم أعظمنا خميساً و أشدنا شريساً. و في حديث الحجاج: أنه سأل الشعبي عن المخمسة. النهاية 2/ 79.
(1) الرجز لزيد بن عتاهية في شرح شواهد الإيضاح ص 540، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 96، 1334، و رصف المباني ص 433، و سر صناعة الإعراب ص 617، و شرح المفصل 5/ 5.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 344
و عن أبي عَمْرو: الخميس نوع من الثياب عمله الخِمْسُ ملكُ باليمن، قال الأعشي:
يوماً تراها كشِبْهِ أرْدية ال خِمْسِ و يوماً أديمَها نَغِلا «1»
أَيسر: أسهل.

[خمر]

: من اسْتَخْمَر قوماً أوَّلهم أحرار، و جيرانٌ مستضعَفون، فإن له ما قَصَر في بيته حتي دَخَل الإِسلامُ، و ما كان مُهْمَلًا يُعْطِي الخِراج فإنه عَتيق، و إنَّ كلَّ نَشْرِ أرض يُسْلِم عليها صاحبُها فإنه يخرج منها ما أُعْطِي نَشْرُها رُبْعَ المَسْقَوِيّ و عشر المَظْمئِي، و من كانت له أرض جادِسة، قد عُرِفت له في الجاهلية حتي أسلم فهي لربّها.
اسْتَخْمَر: استعبد و تَمَلَّك، و أَخْمِرْنِي كذا: مَلِكَنيه- كلمة يمانية.
يعني إذا استعبد الرجل في الجاهلية قوماً بني أحرار، و قوماً استجاروا به، فاستضعفهم و استعبدهم، فإنّ مَنْ قَصَره، أي من احتبسه و اختاره منهم في بيته، و اسْتَجْرَاه في خدمته، إلي أن جاء الإِسلامُ فهو عبدٌ له، و من لم يَحْتبِسْه، و كان مُهْمَلًا قد ضَرَب عليه الخراج، و هو الضريبة، فهو حرٌّ بمجي‌ء الإِسلام.
النَّشْر: النَّبَات.
ما: في أعْطي مصدرية مُقَدَّر معها الزمان.
و ربعَ: مفعول يُخرج.
المَسْقْوِي: الذي يُسْقي سَيْحاً.
و المَظْمئِي: الذي تَسْقِيه السماء، و هما منسوبان إلي المسقَي و المظْمَأ، مصدري سقي و ظمِي‌ء.
الجادسة: التي لم تُحْرَث و لم تُعْمَر. قال ابن الأعرابي: الجوادس: البِقَاع التي لم تُزرع قط.
قال عائذ اللّٰه بن عَمْرو: دخلتُ المسجدَ يوماً مع أصحاب النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أخْمَر ما كانوا …
ثم ذكر حديثاً حدّثهم به مُعاذ.
أي أكثر ما كانوا و أوْفر، و حقيقته أسْتَر ما كانوا، من خَمَر شهادتَه يَخْمرُها، و يَخْمِرها؟ أي سَتَرُوا بِدَهْمَائِهم أرْض المسجد.
و روي بالجيم، من أجْمَر القوم إذا اجتمعوا.
سَهْل [بن حُنَيف الأنصاري رحمه اللّٰه-] قال عامر بن ربيعة: انطلقتُ أنا و سَهْل نلتمس
______________________________
(1) البيت من المنسرح، و هو للأعشي في ديوانه ص 283، و شرح شواهد الإيضاح ص 124، و لسان العرب 6/ 70 (خمس)، 11/ 670 (نغل) 12/ 10 (أدم)، و بلا نسبة في الخصائص 2/ 395، و شرح عمدة الحافظ ص 636.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 345
الخَمَر، فوجدنا خَمَراً و غَدِير ماء، و دخل الماء فأعجبني خَلْقُه، فأَصبْتُه بعينٍ فأخَذَتْه قَفْقَفَة.
هو ما واراكَ من شجر. القَفْقَفَة: الرّعدة.

[خمل]

*: في الحديث: اذكروا اللّٰه ذِكْراً خاملًا.
أي خفيضاً خفياً، كقوله تعالي: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً [الأعراف: 55].
الخَميس في (حو). خَمْراً في (ست). خَميصةً في (سد) و في (فض). خُمصان الأَخْمَصين في (شذ). خُماشات في (نو). خُمُوشاً في (خد). لا تخمِّرُوا وَجْهه في (وق).
[خَمْرُ العالم في (غب)].

الخاء مع النون

[خنف]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إن رجلًا أتاه فقال: يا رسول اللّٰه؛ تَخرَقتْ عنا الخُنُف و أحرق بطونَنا التَّمْر.
الخَنِيف: ضرب من أردأ الكَتَّان، أرْدأ ما يكون منه، كأنه سُمِّيَ بذلك لمباينته سائر أجناس الكَتَّان و انقطاعه، و ميله عنها رداءة، من خَنَف الأُتْرُجَّة بالسكين إِذا قَطعها، و خَنَف الفرسُ: أمال حافرَه إلي وَحْشِيِّه «1».

[خنث]

: نهي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عن اخْتِنَاث الأسْقِية.
هو ثَنْي أفواهها إلي خارج، فإن ثُنِيتْ إلي داخل فهو قَبْع.
قيل: إنما نهي عنه لأنه يُنْتِنُها، أو كراهةَ أن تكون فيه دابّة.
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّٰه عنهما: إِنه كان يشرب من الإِدَاوَة و لا يَخْتَنِثُها، و يسمّيها نَفْعة.
سماها بالمرّةَ من النَّفْع، و مَنَعها الصرف للعلمية و التأنيث.

[خنز]

: لو لا بنو إسرائيل ما خَنِز الطعام، و لا أَنْتنَ اللحم، كانوا يرفعون طعامَ يومهم لغدهم.
هو قَلْب خَزن إذا أرْوَح و تَغَيَّر، و هو من الخَزْن بمعني الادّخار، لأنه سبب تغيره، ألا تَري إلي قول طَرَفة:
ثُمّ لا يخْزَنُ فينا لحمُها إنما يَخْزَن لحمُ المدَّخِرْ
و يحتمل أن يكونا أصلين، و منه الخُنْزُوانة، و هي الكِبْر، لأنها تغيّرٌ عن السَّمْت
______________________________
(2) (*) [خمل]: و منه حديث فضالة: أنه مر و معه جارية علي خملة بين أشجار فأصاب منها. النهاية 2/ 81.
(3) (*) [خنف]: و منه في حديث الحجاج: إن الإبل ضمَّزٌ خُنُفٌ. النهاية 2/ 85.
(1) الوحشي: الجانب الأيمن من كل شي‌ء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 346
الصالح، و وزنها فُعْلُوَانة، [و يَحْتَمِل أن يكون فُنْعُلانة، من الخَزْو، و هو القَهْر و الإِذلال].

[خندف]

: الزُّبير رضي اللّٰه عنه- سمع رجلًا يقول: يا لِخَنْدِف! فخرج و بيده السيفُ، و هو يقول: أُخَنْدِف إليك أيها المُخَنْدِف! و اللّٰه لئن كنت مظلوماً لأَنصرنّك.
الخَنْدَفة: الهَرْولة، و لو قيل: إن نونها مَزِيدة و اشتُقّت من خَدَفت السماء بالثلج، إذا رمَتْ به، لأن المُهَرْوِل يقذف بنفسه في السير- كانَ وجهاً.
و خنْدف: لقَبُ ليلي بنت عمران بن الحافي بن قُضاعة، وَلدَتْ للياس بن مُضَر عَمْراً و عامراً و عُميراً فندَّت لهم إبل، فذهبوا في طلبها، فأدركها عامر، فلقّب بمدْركة، و اقتنص عَمْروٌ أرنباً فطبخها فسُمّي طابخة، و انْقَمع عُمير في البيت فسُمي قَمَعة، و خرجت ليلي في إثْرهم، و قالت: أُخَنْدف في إِثْركم فَلُقِّبَتْ خِنْدف.
أراد بالمُخَنْدف المنادي بيا لخَنْدِف، و لم يُرد المُهَرْول، و نظيره المهَلِّل و الملبّي.
اللامُ في يا لخندف لامُ الاستغاثة، كان هذا كان قَبْل نهي النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عن التعزّي بعزاء الجاهلية.

[خنث]

: عائشة رضي اللّٰه عنها- ذكرت وفاةَ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فقالت: فانْخَنَث في حِجْري فما شعرتُ حتي قُبِض.
أي انثني، يقال: خَنَثه فانخنث.

[خنن]

: قالت لها بنو تميم: هل لك في الأحنف؟ قالت: لا، و لكن كونوا علي مَخَنَّتِه
، أي علي طريقته، قال بعضُ بني ضَبَّة:
يا مَن لِعَاذلةٍ لَوْمِي مَخَنّثُها و لو أرادَتْ سدَاداً لاتَّقَتْ عَذْلي
و يقال: البِطِّيخ لي مَخَنَّة، أي أكلُه لي إلْفٌ و عادة، أي آكله الساعة بعد الساعة لا أصبر عنه.

[خنس]

*: في الحديث- يخْرج عُنُق من النَّار فتَخْنِس بالجبّارين في النار.
أي تَغِيب بهم فيها، من خَنَس النجمُ.
الخَنيف في (هن). فَخنُّوا في (شي). الخُنْس في (ضح).

الخاء مع الواو

[خوم]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- مَثلُ المؤمن مثل الخامَةِ من الزرع تُفَيِّئُها
______________________________
(1) (*) [خنس]: و منه حديث كعب: فَتَخْنِسُ بهم الناس. النهاية 2/ 83.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 347
الرياح مرةً هنا و مرة هاهنا، و مَثلُ الكافر مثل الأَرْزَة المجْذِيةِ علي الأرض حتي يكون انْجِعَافُها مَرَّةً.
هي الغَضَّة. قال الشَّمَّاخ:
إنما نحْن مثلُ خامةِ زَرْع فمتي يَأْن يأتِ مخْتَضِدُه
تُفَيِّئَها: تُميلها.
الأَرَزَة بفتح الراء. شجرة الأَرْزَن، و روي بسكونها، و هي شجرة الصَّنَوْبَر، و الصَّنَوْبَر ثمرها، و روي: الآرزة، و هي الثابتة في الأرض، و قد أَرَزَت تَأْرِز.
و المجْذِيَة مثلها، يقال: جَذا يَجْذو، و أَجْذَي يُجْذِي.
الانجعاف: مطاوع جَعَفَة إذا قَلَعه.

[خول]

*: كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يَتَخَوَّلُهم بالموعظة مخافةَ السَّآمة عليهم.
أي يتعهّدهم، من قولهم: فلان خائِلُ مال، و هو الذي يُصْلِحه و يقوم به، و قد خال يخول خَوْلًا و هو الخَوَلِيّ عند أهل الشام.
و روي: يَتَخَوَّنهُم علي هذا المعني. قال ذو الرُّمة:
لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إلَّا ما تَخَوَّنه داعٍ يُنادِيه باسْم الماءِ مَبْغومُ «1»
و قيل: يَتَحَوَّلُهم، أي يتأمَّل حالاتهم التي ينشَطون فيها للموعظة.

[خوخ]

: لا تبقي خَوْخَةٌ في المسجد إلا سُدَّت غيرَ خَوْخَةِ أبي بكر.
هي مُخْتَرَق بين بيتين يُنْصَبُ عليها باب.

[خوب]

: عن التَّلِب بن ثَعْلَبة العَنْبَريّ- أَصَابَ رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم خَوْبَةٌ فَرُقيَ إليه أنّ عندي طعاماً فاسْتَقْرَضَه مِنِّي.
هي الحاجة، و قد خَابَ يَخُوبُ خَوْباً: إذا افتقر. رُقيَ إليه: رُفع إليه و بُلّغ.
و منه
الحديث: نَعُوذُ باللّهِ من الخَوْبَة.

[خون]

*: نَهَي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أن يَطْرُق الرجلُ أَهْلَه، [أنْ] يَتَخَوَّنَهم أو يلتمسَ عَوْرَاتِهم.
التَخَوُّن: تَطَلُّب الخيانة و الريبة، و الأصل لأَنْ يتخوَّنَهم، فحذف اللام؛ [و حروفُ الجر]
______________________________
(2) (*) [خول]: و منه حديث ابن عمر: أنه دعا خَوَليَّهُ. و في حديث طلحة قال لعمر: إنا لا نَتْبَو في يديك و لا نخول عليك. النهاية 2/ 88، 89.
(1) البيت من البسيط، و هو في ديوان ذي الرمة ص 390، و خزانة الأدب 4/ 344، و الخصائص 3/ 29، و مراتب النحويين ص 38.
(3) (*) [خون]: و منه الحديث: ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين. النهاية 2/ 89.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 348
[تسقط مع أنْ كثيراً. و معناه مُتَخَوِّناً]، و قد مرّت له نظائر.

[خور]

*: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لن تَخُورَ قُوًي ما كان صاحبُها يَنْزِعُ و يَنْزُو.
خار يخور خَوَراً أو خُؤُوراً أو خُئُورَةً إذا ضعف، و هو خوَّار.
أراد: ينزِع القَوْسَ و يَنْزُو علي الفَرَس.

[خوي]

*: عليّ عليه السلام- إذا صلّي الرجل فَلْيُخَوِّ، و إذا صلت المرأة فَلْتَحْتَفِزْ.
التَّخْوِية: أن يُجَافِيَ عَضُدَيْه عن جَنْبَيْه حتي يَخْوِي ما بين ذلك.
الاحتفاز: التَّضَامّ، كتضامِّ المحتفز؛ و هو المستوفز.

[خوص]

*: في الحديث- مثل المرأة الصالحة مثل التاج المُخَوَّص بالذَّهب، و مَثَلُ المرأة السوء كالحِمْل الثقيل علي الشَّيْخ الكبير.
هو الذي جُعِلَتْ عليه صفائح من ذَهَب كخُوص النَّخْل.
خَوّة في (ده). نستخيل في (صب). و خَوّي في (عج). خاصَ في (عذ). لا نخول في (حن). لا الْخَال في (لب). خَوَلا في (دخ). خَواتاً في (رض). أهل الإِخْوَان في (خط).
خَوْضَات الفتن في (دح).

الخاء مع الياء

[خير] [خيل]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- عن عائشة رضي اللّٰه عنها: كان نبيّ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم إذا رأي ريحاً سأل اللّهَ خيرَها و خيرَ ما فيها، و إذا رَأي في السماء اختيالًا تغيَّر لونُه و دخل و خرج، و أقبل و أدبر- و روي: كانَ إذا رأي مَخيلة أقْبَل و أدْبَر و تغيّر. قالت عائشة: فذكرت ذلك له، فقال: و ما يُدْرِينا؟ لعلَّه كقومٍ ذكرهم اللّٰه: فَلَمّٰا رَأَوْهُ عٰارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ … [الأحقاف 24].
الاختيال: أن يُخالَ فيها المطر، و المَخِيلة: موضع الخَيْل و هو الظن، كالمَظِنَّة و هي السحابة الخليقة بالمطر، و يجوز أن تكون مسماةً بالمَخيلة التي هي مصدر كالمحسِبَة كقولهم: الكِتَاب و الصَّيد.
______________________________
(1) (*) [خور]: و منه حديث مقتل أبي بن خلف: فخرَّ يخور كما يخور الثور. و منه حديث أبي بكر: قال لعمر: أجبارٌ في الجاهلية و خوَّار في الإسلام. النهاية 2/ 87.
(2) (*) [خوي]: و منه الحديث: أنه كان إذا سجد خوَّي. النهاية 2/ 90.
(3) (*) [خوص]: و منه في حديث أبان بن سعيد: تركت الثمام قد خاص. و في حديث علي و عطائه: أنه كان يرغب لقوم و يخوِّص لقوم. النهاية 2/ 87.
(4) (*) [خير]: و منه الحديث: كان رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في كل شي‌ء. و منه دعاء الاستخارة: اللهم خِرْ لي. و منه الحديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. النهاية 2/ 91.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 349‌

[خيف]

*: قال أُسَامةُ بن زيد رضي اللّٰه عنهما: قلت له: يا رسول اللّٰه أين تنزل غداً؟
في حِجَّته. فقال: هل ترك لنا عَقِيل مَنْزِلًا! ثم قال: نحن نازلون بِخَيْف بني كِنانة حيثُ قاسمَتْ قريش علي الكفر
- يعني المُحَصَّب.
الخَيْفُ: ما انحدر من الجبل و ارتفع عن المسيل.
قاسمَتْ: من القَسَم، و ذلك أنهم قالوا: لا نُنَاكِح بني هاشم، و لا نُبَايِعهم؛ معاداةً لهم في رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم.
و عَقِيل هو ابن أبي طالب رضي اللّٰه عنه، باع دُورَ عبد المطلب، لأنه ورِثَها أباه دون عليّ عليه السلام؛ لأن عليّاً عليه السلام تقدّم إسلامُه موتَ أبيه، و لم يكن لرسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم [فيها] إرْث؛ لأن أباه عبد اللّٰه رضي اللّٰه عنه هلك و أبوه عبد المطلب حيّ، و هلك أكثرُ أولاده و لم يُعْقِبوا، فحاز رِبَاعَه أبو طالب رضي اللّٰه عنه و بعده عقيل رضي اللّٰه عنه.

[خير]

: بعث صلي اللّٰه عليه و آله و سلم مُصَدِّقاً، فانتهي إلي رجل من العَرَب له إبِل، فجعل يطلبُ في إبله، فقال له: ما تنظر؟ فقال: بنتَ مَخَاض أو بنتَ لَبون. فقال: إني لأَكره أن أُعْطِي اللّهَ من مالي ما لا ظَهرٌ فيُرْكَب، و لا لبن فيُحْلب، فاخْتَرْها ناقة.
الاختيار: أخْذُ ما هو خير، و هو يَتَعَدَّي إلي أَحدِ مفعوليه بوساطة مِنْ، ثم يحذف و يُوصل الفعل، كقوله تعالي: وَ اخْتٰارَ مُوسيٰ قَوْمَهُ [الأعراف: 155]؛ أراد فاختر منها ناقةً [أي] من الإِبل؛ و يجوز أن يَرجع الضمير إلي المطلوبة و تنصب ناقة علي الحال، و يكونُ المختارُ منه محذوفاً، و ذلك سائغٌ في غير باب حسب.
تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ.
أي تكلَّفُوا طَلَب ما هو خَيْرُ المناكح و أزْكاها و أَبْعدها من الخُبْث و الفُجُور.
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إنه كره أن يُسْتَرْضَع بلبن الفاجرة.
و
عن عمر بن الخطاب رضي اللّٰه عنه: إن اللبن لَيُشَبَّهُ عليه.

[خيط]

: لا أعرِفَنَّ أَحَدَهم يجي‌ء يومَ القيامة و معه شاة قد غَلَّها لها ثُغَاء، ثم قال: أدُّوا الخِياط و المِخْيَط.
الخِيَاط: الخَيْط، يقال: هَبْ لي خِيَاطاً و نِصَاحاً. و المِخْيَط: الإِبْرة.
لا أعْرِفَنّ صورته: نَهْيُ نفسه عن العرفان.
______________________________
(1) (*) [خيف]: و منه في صفة أبي بكر: أخيف بني تميم. النهاية 2/ 93.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 350
و معناه نَهْيُ الناس عن الغلُول؛ لأنهم إذا لم يَغُلّوا لم يعرفهم غَالِّين، و نظيره قول العرب: لا أرَينَّك هاهنا.

[خيف]

: في مَسِيره صلي اللّٰه عليه و آله و سلم إلي بَدْر: إنه مضي حتي قَطَع الخُيُوف، و جعلها يَساراً، ثم جَزَعَ الصُّفَيْراء، ثم صَبَّ في دَقْرَان، حتي أَفْتَق من الصَّدْمَتَيْن.
جمع خَيْف «1».
الصُّفَيْراء: شِعْب بناحية بَدْر، و يقال لها: الأصافر.
دَقْران: واد ثَمَّةَ.
و صَبَّ فيه: إذا انحدر فيه.
أَفْتَق: خرج إلي الفَتْق، و هو ما انفرج و اتَّسع، و مثله أَصْحَرَ و أفْضَي.
الصَّدْمَتَان: جانبا الوادي؛ لأنهما لِضيق المسلك الذي يشقهما كأنهما يتصادمان.

[خيس]

: قال أبو رافع رضي اللّٰه عنه: بعثتني قريشٌ إلي رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، فلما رأيته أُلْقيَ في قَلْبي الإِسلام، و قلت: و اللّٰه لا أرجِعُ إليهم. فقال رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إني لا أَخيس بالعهْد، و لا أحبس البُرْد؛ و لكن ارجِع فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارْجع.
خاس بالعهد: إذا أفسده، من خاص الطعامُ إذا فَسَد، و منه الخِيسُ لما يَخيس فيه من لحوم الفرائس.
البُرْد: جمع بَريد، و هو الرسول، مخفف عن بُرُد، كرُسْل في رُسُل.
التي [في نفسك]: أراد النية و العزيمة فأنَّث.
فارْجِع، أي إلي المدينة.
عليّ عليه السلام- بَني سِجْناً من قَصَب فسمّاه مانعاً، فَنَقَبه اللصوص، ثم بني سجناً من مَدَر، فسماه مُخَيَّساً. ثم قال:
أمَا تراني كَيِّساً مُكَيّسا بنيتُ بعد نافعٍ مُخَيَّسا
باباً حصيناً و أميناً كَيِّسا
المخيَّس: موضع التَّخْيِيس، و هو التَّذْلِيل. قال المتلمس:
*شدّوا الرحال علي إبل مُخَيَّسَةٍ
* و رُوِي بكَسْرِ الياء؛ لأنه يذلِّل مَنْ وقع فيه.
الكَيْس: حسنُ التأتِّي في الأمور.
______________________________
(1) الخيف: ما ارتفع عن مجري السيل و انحدر عن غلظ الجبل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 351
و المُكَيَّس: المنسوبُ إلي الكيس المعروفُ به.
و أميناً: أراد: و نصبتُ أميناً، يعني السجان، كقوله:
*متقلِّداً سَيْفاً و رُمْحا «1»
* و خَيَّسَه في (نو) الأَخْيَب في (مي).
[آخر الخاء]
______________________________
(1) صدره:
يا ليت زوجك قد غدا
و البيت من مجزوء الكامل، و هو بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 108، 6/ 238، و أمالي المرتضي 1/ 54، و الإنصاف 2/ 612، و خزانة الأدب 2/ 231، 3/ 142، 9/ 142، و الخصائص 2/ 431، و شرح شواهد الإيضاح ص 182، و شرح المفصل 2/ 50، و لسان العرب 1/ 422 (رغب)، 2/ 287 (زجج)، 593 (مسح) 3/ 367 (قلد)، 8/ 42 (جدع)، 57 (جمع)، 15/ 359 (هدي)، و المقتضب 2/ 51.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 352‌

حرف الدال

الدال مع الهمزة

[دال]

: في الحديث: إن الجنَّةَ مَحْظُورٌ عليها بالدَّآليل.
هي جمع دُؤْلُول؛ و هو الشِّدّةُ و الداهية، يقال: وقع الناسُ في دُؤْلول، و هو فُعْلول، علي تكرير اللام، من دَأَل إذا عَدا؛ لأن الناس يتعادَوْن في النوازل و يتردّدون فيها.
و معناه معني
قوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: حُفَّت الجنة بالمَكَاره.

الدال مع الباء

[دبر]

*: النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- ثلاثة لا تُقْبَل لهم صلاة: رجل أَتَي الصلاة دِبَاراً، و رجل اعْتَبَد مُحَرَّراً، و رجل أَمَّ قوماً و هم له كارهون.
يقال: لا يَدْري فلان ما قِبَالُ الأمر من دِبَاره، و ما قَبِيله من دَبيرِه، أي ما أوله من آخرِه.
و المراد أنه يأتي في آخر وقت الصلاة حين أدبر و كاد يفوت. و انتصابُه علي الظرف.
و عن ابنِ الأعرابي رحمه اللّٰه: هو جمع دُبُر كالأدبار في قوله تعالي: وَ أَدْبٰارَ السُّجُودِ [ق: 40].
الاعتباد: الاستعباد.

[دباء]

: نهي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عن الدُّبَّاء و الحَنْتَم و النَّقير و المُزَفَّت- و يروي:
نهي عن الشُّرب في النَّقير و المُزَفَّت و الحَنْتَم؛ و أباح أن يُشْرَب في السِّقاء المُوكَي.
الدُّبَّاء: القَرْع، الواحدة دُبَّاءة، و وزنه فُعَّال، و لامُه همزة، كالقُثَّاء علي [اعتبار] ظاهر اللفظ؛ لأنه لم يُعرف انقلابُ لامه عن واو أو ياء؛ كما قال سيبويه في ألَاءة، و يجوز أن
______________________________
(1) (*) [دبر]: و منه في حديث ابن عباس: كانوا يقولون في الجاهلية: إذا برأ الدَّبَرُ و عفا الأثرُ. و الحديث: لا تقاطعوا و لا تدابروا. و منه الحديث: لا يأتي الجمعة إلا دَبْراً. و الحديث: نصرت بالصبا، و أُهلكت عاد بالدبور. و منه: نهي أن يضحَّي بمقابلةِ أو مدابرةٍ. النهاية 2/ 97، 98.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 353
يقال: هو من باب الدَّبا و هو الجَرَاد ما دامت مُلساً قُرْعاً؛ و ذلك قبل نبات أجنحتها، و إنه سمي بذلك لمَلَاسته، و يُصَدِّقه تسميتهم إياه بالقَرْع، و لام الدبّاء واو لقولهم: أرض مَدْبُوَّة، و أما مَدْبِيّة فكقولهم: أرض مَسْنِيّة في مَسْنُوّة.
الحَنْتَم: جِرار خُضْر.
النّقير: أصل خشبة يُنْقَر.
المُزَفّت: الوعاء المطلي بالزِّفت، و هي أَوعية تسرع بالشدة في الشراب. و تُحدث فيه التغيّر و لا يشعر به صاحبه، فهو علي خطر من شرب المحرم.
و أما المُوكَي فهو السِّقاء الرقيق الذي كان يُنْتَبَذ فيه، و يُوكَي رأسه؛ فإنه لا يَشْتَدُّ فيه الشرابُ إلا انشقّ، فلا يخفي تغيّره.
و
في حديث ابن مغفل رضي اللّٰه عنه قال غَزْوَان: قلتُ له: أَخْبرني ما حَرُمَ علينا من الشراب؟ فذكر النَّهْي عن الدِّبَاء و الحَنْتَم و النقير و المُزَفَّت، فقلتُ: شَرْعِي، فانطلقت إلي السوقِ فاشتريتُ أَفِيقَةً، فما زالت مُعَلَّقَة في بيتي.
شَرْعي: حسبي. قال:
شَرْعُكَ مِنْ شَتْمِ أخيك شَرْعُكْ إن أخاك في الأشاوي صَرْعُك «1»
الأفِيقة: من الأَفِيق كالجلدة من الْجِلْد، و هو الذي لم يتمّ دِباغه، فهو رفيق غير خَصِيف، و أراد سقاء مُتَّخذاً من الأفيقة.

[دبح]

: نهي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أن يُدَبِّح الرجل في صلاته كما يُدَبِّح الحمار.
هو أن يُطَأْطِي‌ء الرّاكعُ رأسَه حتي يكونَ أخفضَ من ظهره.
و
في حديث: إنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم كان إذا ركع لو صُبَّ علي ظهره ماء لاسْتَقَرّ.
و
عنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أنه كان إذا ركع لم يشخص رأسه و لم يُصَوّبْه.

[دبب]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لنِسائه: ليتَ شِعْرِي أيَّتكنَّ صاحِبةُ الجملِ الأَدْبَب، تسير أو تَخْرُج حتي تنبَحَها كلابُ الحَوْأَب؟
الأدَبّ كالأزَبّ، و هو الكثير وَبَر الوجه، فأُظْهر التضعيف ليُزَاوج الْحَوْأب.
______________________________
(1) الرجز في لسان العرب (شوي).
(2) (*) [دبب]: و منه في حديث أشراط الساعة: دابة الأرش. و منه الحديث: عنده غُلَيِّم يُدَبِّبُ. النهاية 2/ 96.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 354
الحوأب: مَنْهل، و أصله الوادي الواسع.
[دبب]:
لا يَدْخُلُ الجنَّةَ دَيْبُوب و لا قَلّاع.
هو الذي يَدِبّ بين الرجال و النساء، و يَسْعَي حتي يجمعَ بينهم. و قيل: النمَّام لأنه يَدِبّ بعَقَارِبه.
و القَلَّاع: الذي يَقْلع الرجلَ المتمكن عند الأمير بوِشَاياته.

[دبل]

*: عُمر رضي اللّٰه عنه- كان زِنْبَاع بن رَوْح في الجاهلية نزل مَشَارِف الشام، و كان يَعْشُر مَنْ مَرَّ به، فخرج عُمَر في تجارةٍ له إلي الشام و معه ذَهَبةٌ قد جعلها في دَبِيل، و أَلْقَمها شارِفاً له، فنظر إليها زِنْبَاع تَذْرِفُ عيناها، فقال: إن لها لَشأناً، فنحرها، و وجد الذَّهَبة فَعَشَرها؛ فقال عمر:
متي ألقَ زِنْبَاعَ بنَ رَوْحٍ بِبَلْدَةٍ ليَ النِّصْفُ منها يَقْرَعُ السِّنَّ من نَدَمْ
الدَّبِيل: من دَبَل اللُّقْمَة دَبْلًا و دبَّلها: إذا جمعها و عظَّمها. قال كُثَيِّر:
و دبَّلْتُ أَمْثال الأثَافِي كَأَنَّها رُءُوسُ نِقَادٍ قُطِّعَتْ يوم تُجْمَع «1»
النِّصْفُ: النَّصَفَة.

[دبر]

: لمّا بُويع لأبي بكر رضي اللّٰه عنه قام فقال: أمّا بعد، فإنِّي قلت لكم مَقَالةً لم تكن كما قلتُ، و لكنِّي كنت أرجُو أنْ يعيشَ رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم حتي يَدْبُرَنا.
أي يَخْلُفُنا بعد موتنا، يقال: هو يَدبُره و يَخْلُفه و يَذْنِبُه.
و كانت مقالتُه
أنه لما نُعي إليه رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أنكَر مَوتَه و توعَّد النَّاعي، و زعم أنه لا يموتُ حتي يموتَ أصحابه، حتي تَلَا عليه أبو بكر رضي اللّٰه عنه قوله تعالي: أَ فَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَليٰ أَعْقٰابِكُمْ
[آل عمران: 144].
أبو الدَّرْدَاء رضي اللّٰه عنه- لأَنا أَعلَمُ بِشِراركم من البَيْطار بالخيل، هم الذين لا يأتون الصلاةَ إلا دَبْراً، و لا يستمعون القول إلا هُجْرا؛ و لا يُعتَقُ مُحَرَّرُهم.
أي آخِراً، حين كاد الإِمام يَفْرُغ.
الهُجْر: الفُحْش، من أَهْجَرَ في مَنْطِقه- و
رُوي: لا يسمعون القرآن إلا هَجْراً.
أي تَرْكاً و إعراضاً؛ يعني أنهم وضعوا الهَجْر موضع السَّماعِ، فسماعُهم له تركُه،
______________________________
(2) (*) [دبل]: و منه في حديث خيبر: دلَّه اللّٰه علي دُبُول كانوا يتروَّون منها. و في حديث عامر بن الطفيل:
فأخذته الدُّبيلة. النهاية 2/ 99.
(1) البيت لمزرد في لسان العرب (دبل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 355
و يجوز أنْ يكون بمعني الهَذَيان من قولك: هَجَر في منطقه؛ أي هَذي، يعني لا يستنصتون له، و لا يُعظّمونه؛ كأنهم يستمعون هُجْراً من الكلام.
مُحَرَّرُهم: مُعْتَقُهُم.
و المعني أنهم يستخدمونه و لا يُخَلُّونه و شأنَه؛ و إن أراد مفارقتَهم ادَّعوا رقَّه، فهو مُحَرَّر في معني مُسْتَرقّ.
و قيل: إن العربَ كانوا إذا أَعْتَقوا عَبْداً باعُوا ولاءَه، و وَهَبُوه و تناقلوه تَنَاقُلَ المِلك.
و قال [الشاعر]:
فباعوه عَبْداً ثم باعوه مُعْتَقاً فليس له حتي المماتِ خَلاصُ

[دبب]

: ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- اتَّبِعوا دُبَّةَ قُرَيش فلا تُفَارِقوا الجماعةَ.
هي طَرِيقهم، يقال: ركب فلان دُبَّةَ فلان و أخذ بدُبَّتِه، و هي من الدَّبِيب.

[دبر]

: النَّجَاشي رضي اللّٰه عنه- ما أُحبّ أنّ لي دَبْراً ذهباً، و أني آذيتُ رجلًا من المسلمين.
فُسّر في الحديث بالجبَل، و انتصاب ذهباً علي التمييز، و مثله قولهم: عِنْدِي رَاقُودٌ خَلًّا، و رِطْلٌ سمناً.
و الواو في «و أني» بمعني مَع؛ أي ما أحب اجتماع هذين.
سُكَيْنة رضي اللّٰه عنها- جاءت إلي أمِّها الرَّباب، و هي صغيرة تبكي، فقالت: ما بك؟
قالت: مَرَّت بي دُبَيْرَة فَلَسَعَتْني بأُبَيْرَة.
هي تصغير دَبْرة، و هي النَّحْلة، سُميت بذلك لتدبيرها و نِيقتها في عَمَل العسل.

[دبج]

: النَّخَعيّ رحمه اللّٰه- كان له طَيْلَسان مُدَبَّج.
هو الذي زُيِّن تَطَارِيفُه بالدِّيبَاج.

[دبر]

: في الحديث- لا يأتي الصلاةَ إلّا دَبَريًّا- و روي: دَبْريًّا
- بالسكون.
هو منسوب إلي الدَّبْر و هو الآخِر، و التَّحريك من تَغَيُّرات النسب. كقولهم حِمْصيّ و رَمْليّ. و انتصابُه علي الحال من فاعل يأتي.
أما سَمِعْتَه من مُعاذ يُدَبِّرُه عن رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم.
حقيقة قولهم: دَبَّرتُ الحديث، أنه جعل له دُبُراً، أي آخراً و مُسْنَداً كقولك: رَوَي فلان عن فلان عن النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم.
و عن ثعلب إنما هو يُذَبِّره- بالذال المعجمة- و فسره بيُتْقِنُه- و عن الزَّجَّاج الذَّبْر:
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 356
القِرَاءة. و عن بعضهم: ذَبَر إذا نَظَر فأحسن النَّظر.
مدابرة في (شر). الدُّبَّاء في (فغ). الدّبْر في (قع). و لا تَدَابَرُا في (نج). دُبول في (نظ). الدَّوابل في (اص). دبرا في (شع). لمن الدَّبْرة في (ذم). دبْراً في (خش).

الدال مع الثاء

[دثر]

*: النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قيل له: يا رسول اللّٰه؛ ذهب أهل الدُّثُور بالأُجور.
جمع دَثْر، و هو المال الكثير.
أبو الدَّرْدَاء رضي اللّٰه عنه- إنَّ القَلْب يَدْثُر كما يَدْثُر السيفُ، فجِلاؤه ذكرُ اللّٰه.
شبَّه ما يَغْشَي القلبَ مِنَ الرّيْن و القَسْوة بما يركبُ السيف، من الصَّدأ فيغطي وَجْهه، و هو من دُثُور المنزل، و هو أن تَهُبَّ عليه الرياح فَتُغَشِّي رُسومَه بالرمل، و تغطّيها بالتراب، و أصله من الدِّثار.
الجِلَاء، مصدر كالصّقَال، و يحتمل أنْ يُرَاد ما يُجْلي به.
سريعه الدّثور في (حد).

الدال مع الجيم

[دجن]

*: النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- لعن اللّٰه مَنْ مَثل بدَوَاجِنه.
هي الشَّاءُ التي تَعلِفُها الناس في منازلهم؛ شاة دَاجِن، و دجَنَتْ تَدْجُن دُجُوناً.
و المُثْلة بها: أن يَخصيَها و يَجْدَعَها.

[دجا]

*: بعث صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عُيَيْنَة بن بَدْر رضي اللّٰه عنه حين أسلم الناس، و دَجَا الإِسلامُ، فهجم علي بني عَديّ بن جُنْدُب بذات الشُّقُوق، فأغارُوا عليهم، و أخذوا أموالهم حتي أحضروها المدينة؛ فقالت وفود بني العَنبَر: أُخِذْنا يا رسولَ اللّٰه مسلِمين غيرَ مشركين، حين خَضْرَمْنَا النَّعَم، فردّ النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عليهم ذَرَارِيَهم و عَقَار بيوتهم.
______________________________
(1) (*) [دثر]: و منه حديث طهفة: و ابعث راعيها في الدثْر. و حديث الأنصار: أنتم الشعار و الناس دثار.
النهاية 2/ 100.
(2) (*) [دجن]: و منه في حديث الإفك: تدخل الداجن فتأكل عجينها. و في حديث ابن عباس: إن اللّٰه مسح ظهر آدم بدجناء. النهاية 2/ 102.
(3) (*) [دجا]: و منه الحديث: من شق عصا المسلمين و هم في إسلام داجٍ. و منه حديث علي: يوشك أن تغشاكم دواجي ظُلَلِه. النهاية 2/ 103.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 357
دجا الإِسلام: شاع و طبّق، من دَجَا الليلُ إذا ألْبَس كلَّ شي‌ء. قال الأصمعي: و ليس من الظُّلمة.
و قيل لأعرابيّ: بِمَ تعرِف حَمْل شَاتِك؟ قال: إذا اسْتَفاضَتْ خاصِرتاها، و دَجَت شَعْرتها؛ أي وَفَرَت.
و
في بعض الأحاديث: منذ دَجَتِ الإِسلام.
فأنّث علي معني المِلّة الحنِيفِيَّة.
أرادوا خَضْرَمة الإِسلام؛ و ذلك أن أهلَ الجاهليّةِ كانوا يُخَضْرِمُون نَعَمهم، فلما جاء الإِسلامُ أمر رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بأَنْ يُخَضْرِمُوا في غير الموضع الذي خَضْرَم فيه أهلُ الجاهلية. و قد فُسِّرت الخَضْرَمة في الخاء مع الضاد.
عَقَار البيت: المَصُون من مَتَاعه الذي لا يُبْتَذَل، و رَجل مُعْقِر: كثير العَقَار.
قال ابنُ الأعرابي: أنشدني أبو مَحْضَة قصيدة فقال في أبيات منها: هذه الأبيات عَقَار هذه القصيدة، أي خِيَارها، و قال الشاعر:
تُضي‌ء عَقارَ البيت في ليلة الدُّجَي و إن كان مقصوراً عليها ستُورُها

[دجل]

*: إن أبا بكر رضي اللّٰه تعالي عنه خطب إليه فاطمةَ عليها السلام، فقال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إني قد وعدتُها بعليّ و لست بدَجَّال.
أي خَدَّاع، و أصلُ الدَّجل الخَلْط، و به سمي مَسِيح الضَّلالة لخَلْطه الحقَّ بالباطل.

[دجج]

*: ابن عمر رضي اللّٰه عنهما- رأي قوماً في الحجّ لهم هيئة أنكرها؛ فقال:
هؤلاءِ الدَّاجُّ و ليسوا بالحاجّ.
دَجّ دَجِيجاً، إذا دبَّ و سعي و منه الدَّاجُّ، و هم الذين يسعَوْن مع الحاج في تجاراتهم، و قيل: هم الأعوان و المكارُون. و عن بعضهم: الداجّ: المقيم. و أنشد:
عِصابة إنْ حَجَّ عيسي حَجُّوا و إن أَقام بالعراق دَجُّوا
و نظير الحاجّ و الداجّ في أن اللفظ مُوَحَّد، و المعني جمع قوله تعالي: سٰامِراً تَهْجُرُونَ [المؤمنون: 67].
و قوله الشاعر:
*أو تُصْبحي في الظَّاعِن المُوَلِّي
*______________________________
(1) (*) [دجل]: و منه الحديث: يكون في آخر الزمان دجالون. النهاية 2/ 102.
(2) (*) [دجج]: و منه الحديث: قال له رجل: ما تركت من حاجَّة و لا داجَّة إلا أتيت. و في حديث وهب:
خرج جالوت مدججاً بالسلاح. النهاية 2/ 101.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 358‌

[دجر]

*: أَكَلَ الدَّجْر ثم غسل يده بالثِّفَال.
الدَّجْر: اللوبياء.
و الثِّفَال: الإِبْرِيق.
و الدَّاجِن في (نص). دَاجِنتهم في (نو). و لا دَاجّة في (دو).

الدال مع الحاء

[دحم]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- سُئِل: هل يتناكح أهلُ الجنة؟ قال: نعم! دَحْماً دَحْماً.
الدَّحْم و الدَّخْم و الدَّحْب و الدَّعْب: نكاح المرأة بدَفْعٍ و إزعاج.
و منه
حديث أبي الدَّرداء رضي اللّٰه عنه: إنه ذكر الجنة فقال: ليس فيها مَنِيّ و لا مَنِيّة؛ إنما تَدْحَمُونَهُنّ دَحْماً.
و انتصاب دَحْماً بفعل مُضْمَر، أي يُدْحَمُون دَحْماً، و يجوز أن يَنْتصِب علي الحال، أي داحمين. و التكرير للتأكيد، أو بمنزلة قولك: دَحْماً بعد دَحْم؛ كقولك: لقيتهم رَجُلًا رَجُلًا.

[دحض]

*: كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يُصَلِّي الهَجِير التي يسمُّونها الأولي حين تَدْحَض الشمس.
أي تزول؛ لأنها تنزل حينئذ عن كَبِد السماء و تزول عنها.
أراد صلاةَ الهَجير، فحذف المضاف و أنَّث الصفة، و هي الاسمُ الموصول لكون الصلاة مُرَادةً، و من ذلك قول حسان:
*بَردَي يُصَفّق بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ «1»
* أراد ماء بَردَي، فذكر يصفّق لذلك.
______________________________
(2) (*) [دجر]: و منه في حديث عمر: قال اشتر لنا بالنوي دجراً. النهاية 2/ 102.
(3) (*) [دحض]: و منه حديث الجمعة: كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين و الدحض. و في حديث وفد مذحج: نجباء غير دُحَّضِ الأقدام. النهاية 2/ 104.
(1) صدره:
يسقون مَنْ وَرَدَ البريصَ عليهمُ
و البيت من الكامل، و هو لحسان بن ثابت في ديوانه ص 122، و جمهرة اللغة ص 312، و خزانة الأدب 4/ 381، 382، 383، 11/ 188، و الدرر 5/ 38، و شرح المفصل 3/ 25، و لسان العرب 3/ 88 (برد)، 7/ 6 (برص)، 10/ 202، (صفق)، و معجم ما استعجم ص 240، و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 451، و شرح الأشموني 2/ 324، و شرح المفصل 6/ 133، و لسان العرب 11/ 345 (سلسل)، 14/ 478 (ضحا)، و همع الهوامع 2/ 51.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 359‌

[دحسم] [دحمس]

: كان صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يبايع الناس و فيهم رجل دُحْسُمان، و كان كلّما أتي عليه أخَّره حتي لم يَبْقَ غيرُه؛ فقال له رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم:
هل اشتكيت قَطُّ؟ قال: لا. قال: فهل رُزِئت بشي‌ء؟ قال: لا، فقال: إن اللّٰه يُبْغِض العِفْرِيَةَ النِّفْرية، الذي لم يُرْزَأ في جسمه و لا ماله.
الدُّحْسُمان و الدُّحْمُسان: الأسود في سَمِن و حَدَارة، و يلحق بهما ياء النسبة كأحْمَريّ.
و لو قيل: إنَّ الميم زائدة لِمَا في تركيب دَحَس من معني الخفاء فالدَّحْس: طلب الشي‌ء في خفاء. و منه داحِس، و الدَّحَّاس: دويَّبة تَغِيب في التراب- لكان قولًا.
العِفْر و العِفْرية و العِفْريت و العُفَارية: القَوِيّ المُتَشَيْطِن، الذي يُعَفِّرُ قِرْنه. و الياء في عِفْرية و عُفَارية للإِلحاق [بِشِرْذِمة و عُذافرة. و حرفُ التأنيث فيهما للمبالغة. و التاء في عفريت للإِلحاق] بقنديل. و النِّفرية و النِّفْريت و النُّفَارِية إتْبَاعَات.

[دحس] [دخس]

: مرَّ بغلام يَسْلُخ شاة، فقال له: تنحّ حتي أريكَ، فَدَحس بيده حتي توارَتْ إلي الإِبِطْ، ثم مضي، فصلَّي و لم يتوضأ.
أي دَسَّها بين الجلد و اللَّحْم.
و منه
حديث عطاء رحمه اللّٰه: حَقٌّ علي الناس أن يَدْحَسُوا الصُّفوف حتي لا تكونَ بينهم فُرَج.
أراد أن يرصُّوها و يَدُسُّوا أنْفسَهم بين فُروجها- و روي: أَن يَدْخسوا بالخاء، من الدَّخِيس، و هو اللّحم المُكتَنِز، و كل شي‌ء ملأته فقد دَخَسْتَه.
و منه:
إن العَلاء بن الحضرمي أَنشد رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم:
و إن دَحَسوا بالشرّ فاعْفُ تَكَرُّماً و إن خَنَسوا عنك الحديثَ فلا تَسَلْ «1»
الدَّحْس: دسُّه من حيث لا يُعلم به.

[دحر] [دحق]

: ما مِنْ يومٍ إبليسُ فيه أَدْحَر و لا أَدْحَقُ مِنْ يومِ عَرَفة، إلا ما رأي يوم بَدْر. قيل: و ما رَأَي يوم بدر؟ قال: أمَا إنه رأي جبرئيل يَزَعُ الملائكة.
الدَّحْر: الدفع بعنف علي سبيل الإِهانة و الإِذلال.
و الدَّحْق: الطَّرْد و الإِبعاد، يقال: فلان دَحِيق سَحِيق، و أَدْحقه اللّٰه و أَسْحقه. و منه:
دَحَقَت الرَّحمُ؛ إذا رَمَت الماء فلم تَقْبله. و أفعل التفضيل من دُحر و دُحِق، كقولهم: أشْهَر و أَجَنّ من شُهِر و جُنَّ.
______________________________
(2) (*) [دحس]: و منه في حديث جرير: أنه جاء النبي صلي اللّه عليه و سلم و هو في بيت مدحوسٍ من الناس فقام بالباب.
النهاية 2/ 104.
(1) البيت في لسان العرب (دحس).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 360
يَزَع الملائكة: يعني يَتَقَدَّمُهم فكيفّ رَيْعانهم، من قوله تعالي: فَهُمْ يُوزَعُونَ* [النمل: 17].
نُزّل وصفُ الشيطان بأنه أَدْخر و أَدْحق منزلةَ وصف اليوم به؛ لوقوع ذلك في اليوم و اشتماله عليه؛ فلذلك قيل: من يوم عرفة، كأنّ اليوم نفسه هو الأَدْخر الأَدْحَق.
و قوله إلا ما رأي يوم بَدْر: استثناءٌ من معني الدُّحور، كأنه قال: إِلا الدُّحور الذي أصيب به يومئذ عند وَزْع جبرئيل الملائكة.

[دحق]

: كان صلي اللّه عليه و سلم يَعْرِض نَفْسَه علي أحْياءِ العرب في المواسم، فأتي عامرَ بن صَعْصَعة فردّوا عليه جَميلًا و قبلوه، ثم أتاهم رجلٌ من بني قُشير، فقال لهم: بئس ما صنعتم! عَمَدتم إلي دَحِيق قومٍ فَأَجَرْتُموه، لَتَرْمِيَنَّكم العربُ عن قَوْس واحدة. قالوا: يا محمد؛ اْعمدْ لِطيَّتِك، و أصْلح قومَك، فلا حاجةَ لنا فيك.
الدَّحِيق: الطَّرِيد.
الطِّيَّة: الوِجْهة، و هي فِعْلة من طَوَي الأَرْضَ.

[دحو]

*: عليّ عليه السلام-
عن سلامة الكِنْدِيّ: كان عليٌّ عليه السلام، يُعَلِّمنا الصلاةَ علي النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: اللهُمَّ داحِيَ المَدْحُوَّات، و بارئ المَسْمُوكات، و جَبَّارَ القلوبِ علي فِطَارتها: شَقِيِّها و سعيدِها؛ اجعل شرائفَ صلواتك، و نوامِيَ بركاتك، و رأْفةَ تَحَنُّنك علي محمد عبدِك و رسولِك، الفاتح لما أغْلق، و الخاتِم لما سُبِق، و الْمعانِ الحقَّ بالْحَقِّ، و الدامغ لِجَيْشَات الأباطيل، كما حُمِّل فاضْطَلَع بأمرك لِطَاعَتِك، مستَوْفِزاً في مَرْضاتك، بغير نَكَلٍ في قَدَم، و لا وَهْي في عَزْم، وَاعِياً لوحْيِك، حافِظاً لعهْدِك، مَاضِياً علي نَفَاذِ أمْرِك؛ حتي أَوْرَي قَبساً لِقابس آلاء اللّٰه تَصِلُ بأهْله أسبابه. به هُدِيَت القلوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ الفِتَن و الإِثم، مُوضِحَاتِ الأعلام، و نائرات الأحكام، و مُنيرات الإِسلام، فهو أمينُك المأمون، و خازِنُ عِلْمِك المَخْزُون، و شهيدُك يومَ الدين، و بعيثُك نعمة، و رسُولُك بالحق رحمة، اللَّهُمّ افسح له مُفْتَسَحاً في عَدْلِك، أو عَدْنِك، و اجْزِه مضاعَفَاتِ الخيْرِ من فَضْلِك، له مُهَنَّآتٍ غيرَ مُكدَّرات، من فَوْزِ ثوابك المَحْلول، و جَزْل عطائك المعْلول. اللَّهُمّ أَعْلِ بِنَاءِ البانين بناءَه، و أكْرِمْ مَثْوَاهُ لدَيْكَ و نُزُلَه، و أَتْمِمْ له نورَه، و اجزه من ابتعاثك له مقبولَ الشهادة، مرضيَّ المقالة، ذا منطق عَدْل، و خُطّة فَصْل، و برهان عظيم.
الدَّحْو: البَسْط. و المدحوّات: الأَرَضُون، وَ كانَ خَلَقها رَبْوة ثم بَسَطها.
______________________________
(1) (*) [دحو]: و منه الحديث: لا تكونوا كقيض بيض في أَداحيَّ. النهاية 2/ 106.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 361
المسمُوكات: السموات، و كلُّ شي‌ء رفعتَه فقد سَمَكْتَه.
الجبَّار: من الجبْر الذي هو ضدّ الكَسر، أي أَثْبَتها و أَقامها علي ما فَطَرها عليه من معرفته؛ و يجوز أنْ يكونَ من جَبَره علي الأمرِ بمعني أَجْبَرَه عليه، أَيْ أَلْزَمها و حتّم عليها الفطْرَة علي وَحْدَانيته و الاعترافِ بِرُبُوبِيَّتِه.
و الفِطَرَات: جمع تكسير فِطْرة؛ علي بناءِ أدْني الجمع كالقِرَبات و السِّدَرَات بكسر العين. قال سيبويه: و من العرب مَنْ يفتح العين- و روي عنهم الإِسكان أيضاً كما يقولون في الغُرْفة: غُرْفات.
شقيِّها و سَعِيدِها: بدل من القُلوب.
الرأفة: أرَقّ الرحمة، فأضَافها إلي التَّحَنُّن و هو التّرحّم.
الجَيْشَات: جمع جَيْشة، من جاش إذا ارْتَفَع.
الأَبَاطيل: جمع باطل علي غير قياس. و المراد أنه قَامِعٌ ما نجم منها و مُزْهِقُه.
اضْطَلَع به: قويَ بحَمْله، افْتَعَل من الضَّلَاعة و هي القوة، و إجْفَار الجنبين، يقال فرس ضَلِيع، و قد ضَلُع، و الأصل الضِّلَع.
نَكَلَ [قَدَمُ الرجُل] نَكَلًا: لغة في نَكل نُكولًا.
و القَدَم: التقدم؛ و يجوز أن يراد قَدَم الرِّجْل، و يقع نُكولها عبارة عن التلكّؤ و التأخر.
أراد بالقَبَس نورَ الحق.
الضميران في بأهله و أسبابه راجعان إلي القَبَس؛ يعني من أنعم عليه اللّٰه و تكاملت عنده آلاؤه وصل أسبابَ ذلك القَبَس به، و جعله من أهله و المستضيئين بشُعاعه.
المصدر في خَوْضات الفِتَن مضاف إِلي المفعول، أي بعد ما خاضت القلوبُ الفتنَ أطواراً و كرات.
مُوضِحَات: متعلقٌ بهُدِيتْ، و الأصل هُدِيت إِلي مُوضِحات، فحُذِف الجارّ، و أُوصِل الفعل.
النَّائِر بمعني المنير: نار الشي‌ء و أنارَ.
شهيدُك: أي الشاهد علي أمته يوم القيامة.
البَعيث: المَبْعوث.
المُفْتَسَح: موضع الافْتِسَاح، و هو الاتِّساع، أو مصدر.
العَدْن: الجنة، و أصله الإِقامة.
المحْلول: الميسر المُهَيَّأ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 362
المعْلول: المضاعف المكرر، من عَلَل الشرب.
نُزُله: رزقه.

[دحض]

: أبو ذَرّ رضي اللّٰه تعالي عنه- إن خليلي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم قال: إِنّ ما دون جَسْر جهنم طريقاً ذا دَحْض و مَزَلّة.
هما الزَّلَق.
ابن عباس رضي اللّٰه عنهما- قال في حديث إسماعيل عليه السلام: فلما ظمِي‌ء إسماعيل عليه السلام جعل يَدْحَضَ الأرضَ بِعَقِبيْه، و ذهبت هَاجَرُ حتي عَلَت الصَّفا إلي الوادي، و الوادي يومئذ لاحٌّ.
الدَّحْض: الفَحْص. يقال: دَحَض المذبوحُ برجليه.
لاحّ: ضيّق بكثرة الشجر و الحجارة، و منه لَحِحَتْ عينه: الْتَصَقَتْ- و رُوي: لاخّ، أي مُلْتَفّ مختلط، من قولهم: سَكْرَانٌ مُلْتَخّ- و روي: لَخِخَتْ عينُه، مثل لحِحَتْ، و روي: لَاخٌ بالتخفيف، من قولهم: الْتَاخَ النَّبْت إذا الْتبس، و كذلك الأمرُ، و لُخْته لَوْخاً، يقال: وادٍ لاخٌ و أودية لَاخَةٌ، و تقديره فِعل، كما قيل في كبش صافٍ- و روي: لاخٍ كقاضٍ، بمعني مُعْوَجّ من الألْخَي، و هو المعوجُّ الفم.

[دحو]

: أبو رافع رضي اللّٰه عنه- كنت ألاعِبُ الحَسَن و الحسين عليهما السلام بالمَداحي
. هي أحجار أمثال القِرَصَة يحفِرون حَفِيرة فَيَدْحُون بها إليها، و تسمي المَسَادِي و المرَاصِيع. و الدَّحْو: رَمْيُ الملاعب بالجوز أو غيره، و كذلك الزَّدْو، و السَّدْو، و الرَّصْع:
ضَرْبُه باليد.
و منه
حديث ابن المسيِّب رحمه اللّٰه: إنه سئل عن الدَّحْو بالحجارة فقال: لا بأس به.

[دحن]

: سَعِيد [بن جُبَيْر رحمه اللّٰه]- خلق اللّٰه آدم من دَحْنَاء، و مسح ظَهْره بنَعْمان السَّحاب.
دَحْناء: اسم أرض.
نَعْمان: جبلٌ بقُرب عَرفة، و أضافه إلي السحاب؛ لأن السحاب يَرْكُد فوقه لِعُلوِّه.

[دحل]

: أبو وائل رحمه اللّٰه- ورد علينا كتابُ عمر رضي اللّٰه تعالي عنه و نحن بِخانِقِين؛ إذا قال الرجل للرجل: لا تَدْحَل فقد آمَنه.
مِنْ دَحَل عني إذا فَرَّ و استتر، هو من الدَّحْل. قال:
و رَجُل يَدْحَل عني دَحْلًا كدَحلانِ البَكْر لَاقَي الفَحْلَا «1»
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (دحل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 363‌

[دحح]

*: عطاء رحمه اللّٰه- بلغني أن الأرض دُحَّت دَحًّا من تحت الكَعْبة.
أي بُسِطت وَ وُسِّعَتْ، من دَحَّ بيتَه: إذا وسعه، و انْدَحَّ بطنه.

[دحدح]

: ابن زِياد لعنه اللّٰه- دخل عليه زيد بن أرْقم و بين يديه رأسُ الحسين [عليه و علي أبيه و جدّه و أمِّه و جَدَّته من الصلوات أزكاها و من التحيات أنماها] و هو يَنْكتُه بقضيب معه، فَغُشي عليه، فلما أفاق قال له: ما لك يا شيخ؟ قال: رأيتكَ تَضْرِب شَفَتين طالما رأيتُ رسولَ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يقبِّلهما. فقال ابنُ زياد [لعنه اللّٰه]: أَخْرِجُوه، فلما قام ليخرج قال: إن محمَّدِيكم هذا لدَحْدَاح.
و هو القصير.

[دحي]

: في الحديث: يدخل البيتَ المعمور كلَّ يوم سبعون ألف دِحْيَة مع كل دِحْية سبعون ألف ملك.
قيل: هو رئيس الجند، و به سمي دِحْية الكلبي؛ و كأَنَّه من دَحاه يَدْحوه؛ إذا بسطه و مَهَّده؛ لأن الرئيس له التمهيد و البسْط، و قلبت الواوُ ياءً فيه نظير قَلْبها في قِنْية و صِبْيَة.
و رَوَي أبو حاتم عن الأصمعي دَحْية الكلبي، و لا يقال بالكسر، و لعل هذا من تغيرات الأعلام كشُمْس، و مَوْهب، و الحجاج علي الإِمالة.
دُحّض في (عب). مندح في (حب). مَدْحَضة في (سو). و ادْحَلْ في (صر).
و دحضت في (بش). دَحْمَسة في (نف).

الدال مع الخاء

[دخل]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- إذا أراد أحدُكم أن يضطجعَ علي فراشه فَلْيَنْزِعْ دَاخِلَةَ إزاره.
و روي: صَنِفَة إزَارِه، ثم لْيَنْفُضْ فِراشَه، فإنه لا يدري ما خَلَفه عليه.
هي حاشية الإِزار التي تلي جسدَه. و هي الصَّنِفَة، و مشدّه هنالك، فإذا نزعها فقد حلَّ الإِزار.
خَلَفه عليه: أي صار بعده فيه، من هَامةٍ أو غيرها، مما يؤذي المضْطَجِع.
«ما» في محل الرفع علي الابتداء، و يَدْري معلَّقٌ عنه لتضمّنه معني الاستفهام.
______________________________
(1) (*) [دحح]: و منه في حديث أسامة: كان له بطن مندحٌ. النهاية 2/ 103.
(2) (*) [دخل]: و منه في حديث قتادة بن النعمان: كنت أري إسلامه مدخولًا. و في حديث عمر: من دُخْلة الرحم. النهاية 2/ 108.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 364‌

[دخ]

: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لابن صيّاد: إني خبأت لك خَبِيئاً، فما هو؟
قال: الدَّخ، فقال: اخْسَأْ، فلن تعدو قَدْرَك.
هو الدُّخَان. قال:
*عند رِوَاق البيت يَغْشي الدُّخا

[دخل]

: أبو هريرة رضي اللّٰه عنه- إذا بلغ بَنُو العاص ثلاثين كان دينُ اللّٰه دَخَلًا، و مال اللّٰه نُحْلًا، و عباد اللّٰه خَوَلًا
. هو الغشّ و الفساد، و حقيقته أن يُدخَل في الأمر ما ليس منه، أي يُدْخلون في الدين أموراً لم تَجْرِ بها السُّنة.
النُّحْل من العطاء: ما كان ابتداء من غير عِوض، و المراد أنهم يُعْطَوْن بغير استحقاق.
و الخَوَل: الخدم، جمع خائل.
دَخَن في (هد). دَخَنُها في (حل). يدخَسُوا في (دح).

الدال مع الدال

[دد]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- ما أنا مِنْ دَدٍ و لا الدَّدُ مني.
هذه الكلمة محذوفة اللام، و قد استُعملت متممة علي ضربين دَدًي كَنَدًي، و دَدَن كبَدَن؛ فهي من أخوات سَنه و عضه في اختلاف موضع اللام؛ فلا يخلو المحذوف من أن يكون ياء فيكون كقولهم يَدٌ في يَدْيٍ أو نوناً فيكون كقولهم: لَدُ في لَدُن. و معناه اللَّهو و اللعب.
معني تنكير الدَّدِ في الجملة الأولي الشِّياع، و ألَّا يبقي طرف منه إلّا و هو منَزّه عنه، كأنه قال: ما أنا من نوع من أنواع الدَّد، و ما أنا في شي‌ء منه.
و تعريفه في الثانية لأنه صار معهوداً بالذكر، كأنه قال: و لا ذلك النوع مني، و ليس بِحَسَنٍ أنْ يكون لتعريف الجنس؛ لأن الكلام يتفكَّك و يخرج عن التئامه. و نظيره جاءني رجلٌ و كان من فعل الرَّجل كذا.
و إنما لم يقل: و لا هو مني؛ لأن الصريح آكدُ و أبلغ، و الكلامُ جُمْلتان و في الموضعين مضاف محذوف تقديره: و ما أنا من أهل دَدٍ و لا الدَّد من أَشْغالي.

الدال مع الراء

[دركل] [درقل]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- مرّ علي أَصْحاب الدِّرَكْلة فقال:
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 365
خذُوا يا بَنِي أَرْفَدة حتي يعلمَ اليهودُ و النصاري أن في ديننا فُسْحَة. قال: فبينا هم كذلك إذ جاءه عمر، فلما رأوه ابْذَعَرّوا.
الدِّرَكْلَة و الدِّرَقْلة بوزن الرِّبَحْلَة: ضربٌ من لُعَبِ الصبيان، و قد دَرْقَلُوا دَرْقلة.
و منه
الحديث: إنه قدم عليه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم فتية من الحبشة يُدَرْقِلُون.
و فسر بيَرْقُصون- و قال شَمِر: قري‌ء علي أبي عبيد و أنا شاهد: الدِّرْكِلَة بوزن الشِّرْذِمة.
أَرْفَدة: أبو الحبش.
ابْذَعَرُّوا: تفرَّقوا.

[دري]

*: كان في يده صلي اللّه عليه و سلم مِدْرَي يَحُكّ به رأسَه، فنظر إليه رجل من شَقِّ بابه، فقال له: لو علمت أنَّك تنظر لَطَعنتُ به [في] عينِك.
المِدْرَي و المِدْرَاةُ: حديدة يُسَرَّح بها الشعر، و قد دَرَتْ شعرَها.
الشَّق: واحد الشُّقوق؛ سمي بالمصدر.

[درمك]

: إنه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم سأل ابنَ صَيَّاد عن تُرْبة الجنة، فقال: دَرْمَكَة بيضاء، يُخالطها مِسْك خالص، فقال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: صَدَق.
هي بالكاف و القاف الحُوَّارَي.

[درمق]

: و
ذكر خالد بن صفوان الدِّرْهَم فقال: يطعم الدَّرْمق و يكسو النَّرْمَق.

[درد]

: لزمت السواك حتي خِفْت أن يُدْرِدَنِي- و روي: حتي كدتُ أُحْفِي فَمِي.
من الدَّرَد، و هو: سقوط الأسنان، أراد بالفم الأسنان.
و منه
قوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: لا يَفْضُضِ اللّٰه فاكَ
. و مَثَلُ العرب: متي عهدك بأسفل فيك؟
و إحفاؤُها: إسقاطها من أصولها، من إحْفَاء الشعَر؛ و هو أن يُلْزِقَ جَزَّه.

[درب]

*: أبو بكر رضي اللّٰه عنه- لا تَزَالُون تَهْزمُونَ الرُّومَ، فإذا صاروا إلي التَّدْرِيب وقَفَت الحَرْبُ.
قال ابن الأعرابي: التدريب: الصَّبْر في الحرب وقتَ الفِرار، و قد دَرِب الرجل إذا صبر، و أصله من الدُّرْبة، [و يجوز أن يكون التدريب من الدُّروب كالتَّبْويب من الأَبْوَاب].
______________________________
(1) (*) [دري]: و منه الحديث: كان لا يداري و لا يماري. النهاية 2/ 115.
(2) (*) [درب]: و منه في حديث عمران بن حصين: فكانت ناقة مدرَّبة. النهاية 2/ 111.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 366‌

[درأ]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- صَلَّي المغرِبَ فلما انْصَرَفَ دَرَأَ جُمْعَةً من حَصَي المَسْجِدِ و ألْقَي عليه رِدَاءه و اسْتَلْقَي.
أي سوَّاها بيده و بسطها، من درأ له الوِسادة.
و الجُمْعة: المجموعة، و يقال: أعطني جُمْعةً من تمرٍ كالقبضة.

[درنك]

: ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما- قال عطاء: صلينا معه علي دُرْنُوك قد طبَّق البيتَ كلّه.
الدُّرْنوك و الدُّرْمُوك: [ضرب من] الطِّنْفِسة.
و منه
حديث عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: قدِم رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم من سَفَرٍ و قد سَترْتُ علي بابي دُرْنُوكاً فيه الخيلُ أولاتُ الأجنحة [فهتكه].

[درج]

*: كعب رحمه اللّٰه- قال له عمر: لأيِّ ابْنَيْ آدم كان النَّسلُ، فقال ليس لواحد منهما نَسْل؛ أما المقتولُ فَدَرَجَ، و أما القاتلُ فهَلَكَ نَسْلُه في الطُّوفان، و الناسُ من بني نوح، و نوح من بني شيث بن آدم عليهم السلام.
دَرَج: مات و ذهب.
درّية في (به). درراً في (حي). أَدراجَك في (لب). تَدَرْدر في (دع). دريناً في (دك).
و لا الدَّرِنة في (طع). ذو تُدْرءٍ في (عد). المُدِرّ في (عص). لا يدري ما اللّٰه في (بج). أَدِرّوا في (لق). و لا يُداري في (شر). تدركوني في (بد).

الدال مع السين

[دسم]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- خطب الناسَ ذاتَ يومٍ، و علي رأسه عِمامة دَسْماء.
هي السَّوْدَاء.

[دسع]

*: ذكر صلي اللّٰه عليه و آله و سلم ما يُوجب الوُضُوء فقال: أو دَسْعةٌ تملأ الفم.
هي القَيْئَة؛ يقال: دَسَع الرجلُ، و دسع البعيرُ بجِرَّته دَسْعاً و دُسوعاً: انتَزَعها من كرِشه و ألقاها إلي فيه.
______________________________
(1) (*) [درأ]: و منه الحديث: ادرأوا الحدود بالشبهات. و الحديث: إذا تدارأتم في الطريق. و في حديث دريد ابن الصمة في غزوة حنين: دريئةٌ أمامَ الخيل. النهاية 2/ 109، 110.
(2) (*) [درج]: و منه في حديث عائشة: كُنَّ يبعثن بالدِّرْجة فيها الكرسف. النهاية 2/ 111.
(3) (*) [دسع]: و منه في حديث القيامة: ألم أجعلك تربع و تدسع. و منه حديث ظبيان و ذكر حمير: فقال: بنوا المصانع، و اتخذوا الدسائع. النهاية 2/ 117.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 367‌

[دسر]

: عمر رضي اللّٰه عنه- خطب فقال: إنّ أخْوَف ما أخافُ عليكم أن يؤخذَ الرجلُ المسلمُ البري‌ءُ فَيُدْسَر كما تُدْسَر الجَزُور، و يُشَاطَ لحمه كما يشاطُ لحمُ الجَزور؛ يقال عاصٍ و ليس عاصٍ.
فقال علي عليه السلام: و كيف ذاك و لمّا تشتد البلية، و تظهر الحميّة، و تُسْبَ الذرِّيّة، و تدقَّهم الفتن دقَّ الرَّحي بِثِفَالها؟
الدَّسْر: الدَّفْع. و المعني يُدْفعُ و يُكَبُّ للقتل كما يُفْعَل بالجَزُور عند النَّحْر.
أشَاط الجزَّارُ الْجَزورَ: إذا قطعها و قَسَّم لحومَها.
لمّا: مركَّبة مِنْ لَمْ و ما، و هي نقيضةُ قد تنفي ما تثبتُه من الخبر المنتظر.
أراد بالحميَّة حميَّة الجاهلية.
الثِّفَال جلدة تُبْسَط تحت رَحَي اليد، يقع عليها الدقيق. قال:
*فَتَعْرُكْكُم عَرْكَ الرَّحَي بِثِفَالها «1»
* و المعني: كما تَدُقُّ الرَّحي في حال طَحْنِها؛ لأن الثِّفَال إنما يكون معها حينئذ.
و من الدّسْر
حديث ابن عباس رضي اللّٰه تعالي عنهما: ليس في العَنْبَر زكاة، إنما هو شي‌ء دَسَره البَحْرُ.
و منه
حديث الحجّاج: أنه قال لِسنان بن يزيد النخعي [لعنه اللّٰه]: كيف قَتَلْتَ الحُسَين عليه السلام؟ قال: دَسَرْتُه بالرمح دَسْراً، و هَبَرْتُه بالسيف هَبْراً، و وكلته إلي امري‌ء غيرِ وَكِل.
فقال الحجاج: أما و اللَّهِ لا تجْتَمِعان في الجنة أبداً، و أمر له بخمسة آلاف درهم؛ فلما ولّي قال: لا تعطوه إياها.
الهَبْر: القَطْع الواغل في اللحم.
و الوَكِل: الجبان الذي يكل أمْرَه إِلي غيره.

[دسم]

: عثمان رضي اللّٰه عنه- رأي صبياً تأْخُذه العين جمالًا، فقال: دَسِّمُوا نُونَتَه.
أي سَوِّدُوا النُّقرة التي في ذقنه ليردَّ العين.
الحسن رحمه اللّٰه- كان يقول في المُسْتَحاضة: تَغْتَسل من الأولي إلي الأولي، و تَدْسِمُ ما تحتها، و تتوضَّأ إذا أحدثت.
أي تسد فَرْجَها؛ من الدِّسَام، و هو ما يُسَدُّ به رأسُ القارُورة.
______________________________
(1) عجزه:
و تلقح كشافاً ثم تُنْتج فتفطم
و البيت لزهير بن أبي سلمي في ديوانه ص 19.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 368
في الحديث: لا يذكرون اللّهَ إلَّا دَسْماً.
أي قليلًا؛ من قولهم: دَسَم المطرُ الأرضَ إذا لم يبلغ أن يَبُلّ الثري، و الدَّسِيم: القليل الذِّكْر.
دَسيعة ظلم، و تدسع في (رب). و دِسَاماً في (نش).

الدال مع الشين

[دشش]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- دعا قوماً من أصحاب الصُّفة إلي بيت عائشة، فقال: يا عائشة أطْعمينا. قال الراوي: فجاءت بِدَشِيشة، فأكلنا، ثم جاءت بحَيْسة مثل القَطَا فأكلنا، ثم جاءت بِعُس [عظيم] فشربنا، ثم انطلقنا إلي المسجد.
الدَّشِيشة كالجشيشة، و هي حَسْو يتخذ من بُرّ مرضوض.
العُسّ: القَدَح الضخم العظيم.

الدال مع العين

[دعب]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- كانت فيه دُعَابة.
الدُّعَابة كالفكاهة و المُزَاحة، مصدر دَعَب إذا مزح، و المُدَاعبة مفاعلةٌ منه.
و منه
قوله صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لجابر بن عبد اللّٰه: أ بِكْراً تزوَّجْتَ أم ثيِّباً، قال: بل ثَيِّباً. قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: فهلّا بِكْراً تُدَاعبُها و تُدَاعبك!
نصب بِكْراً بفعل مضمر معناه: فهلا تزوّجت بِكْراً.

[دعثر]

: لا تقتلوا أولادكم سراً، أنه ليُدْرِك الفارس فَيُدَعْثِرُه.
و هو من قولهم: دَعْثَرَ الحوْضَ؛ إذا هدَّمه. قال ذو الرمة:
*آريُّها و المنتأي المُدَعْثَرُ «1»
* و الدُّعْثُور: الحوض المُتَثلِّم، و المراد النهي عن الغَيْل «2» و أنّ من سوء أثره في بدن المُغِيل، و إرخاءِ قواه، و إفسادِ مزاجه أن ذلك لا يزال ماثلًا فيه إلي أنْ يَكْتَهل و يبلغ مبلغ الرجل، فإذا أراد مقاواة قِرْنٍ في الحرب وَهَن عنه و انكسر. و سبَبُ وَهْنِه و انكساره الغَيْل.
______________________________
(1) صدره:
مَيَّا و شاقتك الرسوم الدُّثرُ
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 210.
(2) الغيل: أن ترضع المرأة ولدها و هي حبلي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 369
و معني الإِدراك هاهنا كمعني التدارك في قوله:
جَرَي طَلَقاً حتي إذا قِيل سابقٌ تَداركه أعْرَاقُ سوءٍ فَبَلَّدَا «1»

[جهد]

: أمرَ ضِرار بن الأَزْوَر أن يحلب ناقة. و قال له: دَاعيَ اللبن لا تَجْهَدْه.
أي أَبْقِ في الضَّرْع باقياً يَدْعو ما فوقه من اللَّبن فيُنزله، و لا تَسْتوعبه؛ فإنه إذا اسْتَنْفَض أبطأ الدَّر.
و الجَهْد: الاستقصاء. قال الشَّمَّاخ:
*من ناصع اللَّوْن حُلْوٍ غيرِ مجهود «2»

[دعج]

*: ذكر الخوارج فقال: آيَتُهم رجلٌ أدْعَجُ، إحْدَي يديه مثل ثَدْي المرأة تدَرْدَر.
هو الأسود. قال:
*حتَّي تري أعناقَ ليلٍ أَدْعجا «3»
* التَّدَرْدر: الاضطراب، و المجي‌ء و الذهاب، و منه تَدَرْدَر في مِشيته: إذا حرَّك نفسه.

[دعاء]

*: الخلافة في قُرَيْش، و الحُكْم في الأنصار، و الدَّعْوة في الحبشة.
يعني الأذان؛ جعله في الحَبشة، تفضيلًا لِبلال، و رفْعاً منه، و جعل الحكْمَ في الأنصار؛ لأن أكثرَ فقهاءِ الصَّحابة فيهم؛ منه مُعاذ بن جبل، و أُبَيّ بن كعب، و زَيْد بن ثابت، و غيرهم رضي اللّٰه عنهم.
سمع رجلًا في المسجد يقول: مَنْ دَعَا إلي الجمل الأحمر، فقال: لا وجَدْت لا وَجَدْت.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (بلد).
(2) صدره:
تضحي و قد ضمنت ضرّاتها عرقا
و البيت في ديوان الشماخ ص 13.
(4) (*) [دعج]: و منه الحديث في صفته صلي اللّه عليه و سلم: في عينيه دعج. و في حديث الملاعنة: إنْ جاءت به أدعج.
النهاية 2/ 119.
(3) الرجز للعجاج، في أساس البلاغة (دعج)، و لسان العرب (دعج)، و رواية لسان العرب:
تسور في أعجازِ ليلٍ أدعجا
(5) (*) [دعاء]: و منه الحديث: ما بال دعوي الجاهلية. و الحديث: تداعت عليكم الأمم. و الحديث: لو دعيت إلي ما دعي إليه يوسف عليه السلام لأجبت. و الحديث: لا دعوة في الإسلام. و منه حديث عمير بن أفصي: ليس في الخيل داعية لعامل. النهاية 2/ 120، 121، 122.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 370
أراد من أَنْشَده فدعا إليه صاحبه، و إنما دعا، كراهية النّشْدَان في المسجد.
إنما كان أكثر دعائي و دُعاءُ الأنبياءِ قَبْلِي بعَرَفات لٰا إِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ*، وحده لٰا شَرِيكَ لَهُ، … لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ هُوَ عَليٰ كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ.
إنما سمَّي التهليل و التمجيد دعاء؛ لأنه بمنزلته في استيجاب صُنْع اللّٰه و إنعامه.
و منه
الحديث: يقول اللّٰه: إذا شَغَل عَبْدي ثناؤُه عليّ عن مسألته أعطيتُه أفْضَلَ ما أعطي السائلين.
دعاء الأنبياءِ يجوز فيه الرفع علي تقدير حذفِ المضاف و إقامة المضاف إليه مقامه.

[دعم]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- وصفَه عمر بن عبد العزيز فقال: دِعامة للضَّعيف، مُزْمَهِرٌّ علي الكافر.
شبَّهه في تقويته الضعيف بالدِّعامة التي يُدْعَم بها.
المُزْمَهِرّ: الغَضُوب الذي تَزْمَهِرّ عيناه، أي تحْمرَّانِ من شدة الغضب، من قولهم:
ازْمَهَرَّت الكواكب إذا لَمعت و زَهرت، و الميم مَزِيدة.

[دعاء]

: كان يُقَدِّم الناس علي سابِقَتِهم في أعْطِياتهم، فإذا انتهت الدَّعوة إليه كَبّر.
هي المناداةُ و التسميةُ، و أن يقالَ: دونك يا أمير المؤمنين، يقال: دعوت زيداً إذا ناديته، و دَعَوْتُه زيداً، إذا سميته به.
دَعَج في (بر). أديْعِج في (مع). المُدَاعَسة في (رض). الدَّعْوة في (سح). [دعابة في (كل).

الدال مع الغين

[دغر]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قال للنساء: لا تُعَذِّبْن أولادَكنَّ بالدَّغْر.
هو أن يأخذَ الصبيَّ العُذْرَة، و هي وجع في الحَلْق، فتدْغَر المرأة ذلك الموضع، أي تدفعه بإصْبَعها.

[دغم]

: ضحَّي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم بكبش أدْغَم.
هو ما اسودّت أرْنَبَتهُ و ما تحت حَنَكه. و في أمثالهم: الذئب أَدْغَم، و هو من الإِدغام، لأنه لون في لون آخر.

[دغر]

: عليّ عليه السلام- لا قَطْع في الدَّغْرَة.
______________________________
(1) (*) [دعم]: و منه الحديث: لكل شي‌ء دعامة. و منه حديث عمرو بن عبسة: شيخ كبير يدَّعم علي عصاً له.
النهاية 2/ 120.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 371
هي الخَلْسة؛ لأن المختلسَ يدفع نَفْسَه علي الشي‌ء.
تدغرن في (غل). ندغفِقها دَغْفقة في (نط).

الدال مع الفاء

[دفأ]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- أُتِي بأسيرٍ يُوعك، فقال لقوم: اذهبوا به فأَدْفُوه، فذهبوا به فقتلوه، فَوداه رسولُ اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم.
أراد الإِدْفَاء، من الدِّف‌ء فحَسِبوه الإِدْفَاء بمعني القَتْل في لغةِ أهْلِ اليمن؛ يقال: أدْفَأتُ الجريح و دَافَأْتُه و داففته و دَفَوْته و دَافَيْته: أجْهَزت عليه، و الأصل أدْفِئُوه، فخفَّفه بحذف الهمزة، و هو تخفيف شاذ، و نظيره: لا هَنَاكَ المرتع، و تخفيفه القياسيّ أن تجعل الهمزة بَيْن بَيْن.

[دفف]

*: فَصْلُ ما بين الحلال و الحرام الصَّوْت و الدُّف في النِّكاح.
هو الذي تَضْرب به النساء- بالضم و الفتح.
و المراد بالصوت الإِعلان.

[دفو]

: أبصر صلي اللّٰه عليه و آله و سلم في بعض أسفاره شَجرة دَفْواء تسمي ذاتَ أَنْواط؛ كان يُناط بها السّلاح و تُعْبد من دون اللّٰه.
الأدْفَي: الطويل الجَنَاح من الطير، و الطويل القَرْنين من الوُعول؛ و يقال: عنز دَفْواء، إذا انصبَّ قَرْناها علي طَرفي عِلْبَاوَيْها، و من ذلك شجرة دَفواء؛ و هي العظيمة الطويلة الفروع و الأغصان، الجَثْلة الظَّلِيلة.
سمي المنُوط به بالنَّوْط؛ و هو مصدر ثم جمع؛ و منه قولهم: لمِزْوَد الراكب الذي يَنُوطه: نَوْط.

[دفف]

: قال له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أعرابيّ: يا رسول اللّٰه؛ هل في الجنة إبل؟
فقال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: نعم تَدِفّ برُكبانها.
أصل الدَّفيف من دفَّ الطائر؛ إذا ضرب بجناحيه دَفّيه في طَيَرانه علي الأرض؛ ثم قيل: دفّت الإِبل إذا سارت سَيْراً ليِّناً.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: أنه قال لمالك بن أوْس: يا مالك؛ إنه قَدْ دَفَّت علينا من قومك دافَّة، و قد أمَرْنا لهم برضْخ فاقْسمه بينهم.
______________________________
(1) (*) [دفف]: و منه في حديث لحوم الأضاحي: إنما نهيتكم عنها من أجل الدافَّة التي دفَّت. و الحديث:
طفق القوم يدفُّون حوله. النهاية 2/ 125.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 372
هم القوم يَسِيرُون جماعة. و عدي دَفَّت بعلَي علي تأويل قَدِم و ورَد.
و منه
حديث سالم رضي اللّٰه عنه: إنه كان يلي صدقة عمر فإذا دَفَّتْ دَافَّةُ الأَعراب وَجَّهَهَا أو عامتها فيهم و هي مسبَّلة.

[دفع]

: دَفَع من عَرفاتٍ العَنَقَ، فإذا وجد فَجْوة نَصَّ.
أي ابتدأ السَّيرَ من عرفات، و حقيقته دَفَع نفسه منها، و نَحَّاهَا. و انتصابُ العَنق كانتصاب الخَيْزَلَي و القَهْقَري، في قولهم: مشي الخَيْزَلَي، و رجع القَهْقَري في أحد الوجهين.
و العَنَق: السير الفسيح.
الفَجْوَة: المتّسع من الأرض، يقال: بين دور آل فلان فَجْوة.
النَّصُّ: من نَصَّ البعيرَ في السير إذا رفعه، و لا يقال منه فعْلُ البعير.
[دفع]: خالد رضي اللّٰه عنه- لما أخذ الراية يوم مُؤْتة دافع بالناس و خَاشي بهم.
و روي: رافع.
دافع من الدَّفْع بمعني التَّنحية.
و رَافع، من قولهم: رفع الشي‌ء إذا أخذه و أحرزه.
و خاشي: من الخشْية؛ و المعني أنه نحَّي المسلمين عن القتال، و صدَّهم عنه، و حاذَرَ عليهم منه؛ و كأنّ مجي‌ء هذه الأفعال علي «فاعل»، فائدتُه أنه ظاهرَ غيرَه علي ذلك، مبالغةً في الإِبقاءِ عليهم.

[دفف]

: أسَر رضي اللّٰه عنه من بني جَذِيمة يوم فَتْح مكة قوماً، فلمّا كان الليل نادي مناديه: مَنْ كان معه أسير فَلْيُدافِّه.
و روي بالتخفيف، و بالذال المعجمة مع التثقيل؛ و معني الثلاثة: فليُجْهِز عليه.
و منه
حديث ابنِ مسعود رضي اللّٰه عنه: إنه دَافَّ أبا جهل يوم بَدْر.
و روي: أقْعَص ابنا عَفْراء أبا جهل، و ذَفَّفَ عليه ابنُ مسعود.
المراد: أحرضاه و أجهز [هو] عليه، و أصلُ الإِقعاص: إعجال القَتْل.

[دفن]

*: شُريْح رحمه اللّٰه- كان لا يَرُدُّ العبدَ من الادِّفَان، و يردُّه من الإِبَاقِ الباتّ.
قال أبو زيد: هو أن يروغ من مواليه اليومَ أو اليومين، و لا يغيب من المِصْر. و هو
______________________________
(1) (*) [دفن]: و منه في حديث علي: قم عن الشمس فإنها تظهر الداء الدفين. النهاية 2/ 126.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 373
افْتِعَال من الدَّفْن؛ لأنه يَدْفن نفسه أي يَكْتُمها، و عبدٌ دَفُون، و فعله الدِّفَان.
و أما الإِباق، فهو أن يَغِيب من المِصْر و يَهْرُب.
الباتّ: الذي لا شُبْهَة فيه، و هو من اليمين الباتّة، و هي المنقطعة عن علائق الشروط، و قَدْ بَتَّتْ بُتُوتاً.

[دفر]

*: عِكرمة رحمه اللّٰه- قال في قوله تعالي: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِليٰ نٰارِ جَهَنَّمَ دَعًّا [الطور: 13] يُدْفَرُونَ دَفْراً.
هو الدَّفْع العنيف، يقال: أدْفَر في قفاه دَفْراً، و عن بعضهم إنه اشتق قولهم للدنيا: أمّ دفر، من هذا لأنها تَدْفَرُ أهلَها.

[دفف]

: في الحديث- يُؤْكَلُ ما دفَّ، و لا يُؤْكَلُ ما صَفَّ.
أي ما حرَّكَ جَناحيه من الطير كالحمام و نحوِه دون ما صفّهما كالنُّسور و الصُّقور و نحوها.
فيه دفاً في (مس). فاستدفّ في (عل). يا دَفَارِ في (فر). يَدِفُّون في (قح). مِن دِفْئِهم في (نص). الأَدْفَر في (قش). و ادَفَراه في (صد). دُفُن في (سح).

الدال مع القاف

[دقع]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- قال للنساء: إنكن إذا جُعْتُنَّ دقَعْتُن، و إذا شبعتن خَجِلْتُنَّ.
الدَّقْع: اللُّصوق بالدَّقْعاء؛ و هو التراب ذُلَّا.
و الخَجَل: الأَشَر، من خَجِل الوادي، إذا كثر صوتُ ذبابه.
لا تَحِلُّ المسألة إلا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِع، أو غُرْمٍ مُفْظِع، أو دم مُوجِع.
هو المُلْصَقُ بالتُّراب لشدته، و منه قولهم: تَرِب إذا افْتَقَر؛ و أما أتْرَبَ فمعناه: صار له من المال مثلُ التراب في كثرته، و مثلُه أَثْرَي.
المفظع: الشَّدِيد المُثْقِل.
الدم المُوجع: أن يَتَحَمَّل ديةً فيسعي فيها حتي يؤديَها إلي أولياء المَقْتول، و إنْ لم يؤدِّها قُتِل المتحمَّلُ عنه، و هو أخوه أو حَمِيمُه، فيوجعُه قَتْلُه.

[دقر]

: عمر رضي اللّٰه عنه- استعمل قُدامة بن مَظْعون علي البَحْرين، فشهدوا عليه
______________________________
(1) (*) [دفر]: و منه في حديث قيلة: ألقي إليَّ ابنة أخي يا دَفار. و منه الحديث: إنما الحاجُّ الأشعث الأدفر الأشعر. النهاية 2/ 124.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 374
بشرب الخمر، فَأتوا به، فقال: ائْتُوني بسَوْط، فأتاهُ أسلمُ مولاه بِسَوْطٍ دقيق، فقال عمر لأسْلَم: قد أخذتْك دِقْرَارَةُ أهلِك؛ ائتني بغيرِ هذا، فأتَاه بسوْطٍ تام فجَلَده.
الدِّقْرَارَةُ: واحدة الدَّقَارير و هي الأباطيل و عادات السوء، قال الكُميْت:
و إن أبيت من الأسرار هَيْنَمَةً عَلَي دقاريرَ أَحْكِيها و أفْتَعِلُ «1»
و المعني أن عادةَ السوء التي هي عادة منصبك و قومِك في العُدولِ عن الحقِّ، و العمل بالباطل، قد نَزَعَتْكَ؛ و كان أسْلَمُ عبداً بجَاوِيًّا.
الدَّقَل في (هد) و في (ذا).

الدال مع الكاف

[دكدك]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- سأل جَرِيرَ بن عبد اللّٰه البَجَلي عن منزله بِبِيشَةَ فقال: سَهْلٌ و دَكْدَاك، و سَلَم و أراك، و حِمْضٌ و عَلَاك، بين نخلة و نخلة، ماؤنا يَنْبوع، و جنابُنا مَرِيع، و شتاؤنا رَبِيع. فقال له: يا جرير؛ إيّاك و سجعَ الكهان. و يروي أنه قال:
شتاؤنا رَبيع، و ماؤنا يَمِيع، أو يَرِيع، لا يقام ماتِحها، و لا يَحْسِر صابِحُها، و لا يَعْزُب سارِحُها؛ فقال له رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: إِنَّ خيرَ الماءِ الشَّبِم، و خير المال الغَنَم، و خير المرْعَي الأراكُ و السَّلَم؛ إذا أَخْلَفَ كان لَجِيناً، و إذا سَقَط كان دَرِيناً، و إذا أكِل [كان] لَبِيناً.
الدَّكدَاك: الرَّمْل المتلبِّد بالأرض، غير الشديد الارتفاع.
العَلَاك و العَلَك: شجر بالحِجَاز.
يميع: يسيل.
يريع: يَثُوب.
الماتح: نازِع الدلو، أراد أن ماءَهم سائح، فلا يحتاجون إلي إقامة ماتح.
حَسِر يحسَر: إذا أعيا.
الصَّابح: الذي يَصْبَح الإِبلَ؛ أي يسقيها صَباحاً؛ يعني أنه يُوردها الشَّرِيعة فلا يَعْيا في سَقْيها.
السارح: النَّعَم؛ أي نَبْتُها قريب من المنازل، فنَعَمُهم لا تَعْزُب.
الشَّبِم: البارد، و قيل: إنما هو السَّنِم؛ أي العالي علي وجه الأرض.
أخْلَف: أخرج الخِلْفة؛ و هي الوَرَق بعد الورق الأوَّل.
اللَّجِين: الورق يُدَقُّ حتي يتلجّن؛ أي يتَلزَّج ثم تُوجَرُه الإِبل.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (دقر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 375
الدَّرِين: حُطَامُ المرعي إذا قَدُم.
اللّبِين: بمعني اللَّابن؛ من لَبَنْتُ القومَ إذا سقيتُهم اللَّبَن، كأنه يَلْبِن القوم؛ لأنه يُدِرُّه و يُكْثِرُه.

[دكك]

*: الأشعري رضي اللّٰه عنه- كتب إلي عمر رضي اللّٰه عنه: إنا وجدنا بالعِراق خيلًا عِراضاً دُكًّا، فما يري أمير المؤمنين في أسْهامها؟ فكتب إليه عمر: تلك البَرَاذين؛ فما قَارف العِتَاق منها فاجعل له سهماً واحداً و ألْغِ ما سوي ذلك.
الأدَكّ: العريض الظهر، القصير؛ من دَكَكْت الشي‌ء إِذا ألصقته بالأرض، و ناقة دَكَّاء:
لا سَنام لها.
قارف: أي قارَبها في السُّرْعة.
[بالدَّكَادِك في (مخ)].

الدال مع اللام

[دلا]

*: النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم-
قالت أم المنذر العدَوِيّة: دخل عليَّ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم و معه عليّ بن أبي طالب عليه السلام [و هو] ناقِةٌ، و لنا دَوَال مُعَلَّقة، فقام فأكل، و قام عليّ يأكُل، فقال له رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم:
مهلًا فإنّك ناقِهٌ؛ فجلس عليّ عليه السلام و أكل منها رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، ثم جعلت لهم سِلْقاً و شعيراً، فقال له: مِنْ هذا أَصِبْ فإنه أوفَقُ لك.
الدّوالي: بُسْرٌ يُعَلَّق فإذا أرطب أكِل، و هي من التَّدْلِية.

[دلق]

*: يُؤْتَي بالرَّجل يوم القيامة فيُلْقَي في النَّار فَتَنْدَلِق أقْتَابُ بَطْنه، فيدورُ بها كما يدور الحمار بالرحي، فيقال: ما لك؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف و لا آتيه، و أنْهَي عن المنكر و آتيه.
الاندلاق: خروج الشي‌ء من مكانه.
الأقْتَاب: الأمعاء، جمع قَتَب.

[دلح]

: إِن أزواجَه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم كن يَدْلَحْن بالقِرَب علي ظُهورهنَّ، يَسْقِينَ أصحابه، بادية خِدَامُهنَّ في غزوة أُحد.
______________________________
(1) (*) [دكك]: و منه في حديث علي: ثم تداككتم علي تداكك الإبل الهيم علي حياضها. النهاية 2/ 128.
(2) (*) [دلا]: و منه في حديث عثمان: تطأْطأْتُ لكم تطأْطأَ الدُّلاة. النهاية 2/ 131.
(3) (*) [دلق]: و منه الحديث: جئت و قد أدلقني البرد. و في حديث حليمة السعدية: و معها شارفٌ دَلْقَاء.
النهاية 2/ 130.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 376
الدَّلْح: أن يمشي بالحِمْل و قد أثْقله، و منه سحائبُ دُلَّح.
الخِدَام: الخَلاخيل، جمع خَدَمة.

[دلع]

: إِن امرأةً رأَتْ كلباً في يوم حارٍّ، يُطِيف ببئر، قد أَدْلع لسانَه من العطش، فنزَعَت له بمُوقها [فسقته] فَغُفِرَ لها.
دَلَع لسانَه و أدلعَه: أخرجه، و دَلَع بنفسه.
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: يُبْعَث شاهدُ الزُّور يومَ القيامة مُدْلِعاً لسانَه في النار.
المُوق: ضرب من الخِفاف، فارسية معربة، و يجمع أمواقاً.

[دلك]

: عمر رضي اللّٰه عنه- كتب إلي خالد بن الوليد: بلَغني أنّك دخلت الحمَّام بالشام، و أن مَنْ بها من الأعاجم أعدُّوا لك دَلوكاً عُجِن بخمر، و إني أظنكم آلَ المغيرة ذَرْءَ النار- و روي: ذَرْوَ النَّار.
الدَّلُوك: ما تَدْلِك به جسدَك من طِيبٍ و غيره.
الذَّرْء: أصله من ذَرَأ الأرضَ؛ إذا بَذَرها، و ذرأ فيها، و زَرَعَ فيها الحبَّ: ألقاه فيها، و زرع ذَرِي‌ء؛ و منه قوله:
شَقَقْتَ القلبَ ثم ذَرَأْتَ فيه هواكَ فَلِيمَ فالتأَم الفُطُور «1»
فاستعير للخَلْق.
و منه
قول أبي طالب: الحمد للّٰه الذي جعلَنا من ذُرّية إبراهيم و زَرْع إسماعيل.
و ناصبُه فعل مضمر؛ تقديره ذَرِئْتم ذُرءاً للنار، فحذف الفعل و أضيف المصدر إلي النار، و معني إضافته إِليها أنهم ذُرِءُوا لها، من قوله تعالي: وَ لَقَدْ ذَرَأْنٰا لِجَهَنَّمَ [الأعراف: 179]؛ و يجوز أن يراد بالمصدر المفعول كالخَلْق، و يعمل النصبُ فيه الظن علي أنه مَفْعول ثان.
و أما الذَّرْو، فقد قيل: ذَرَوْت بمعني ذَرَأ، أي بذرت، فسبيلُه سبيلُ الذَّرْء؛ و قيل: من هو ذَرتِ الرّيحُ الترابَ، و معناه تُذْرَوْن في النار ذَرْواً.

[دلج]

: إن رجلًا أتاه فقال: إن امرأة أتَتْني أبايعها، فأَدْخَلْتُها الدَّوْلَج، فضربت بيدي إليها.
هو المخْدَع، و كذلك كل ما وَلَجت فيه من كَهْف أو سَرَب، فهو تَوْلَج و دَوْلَج، و الأصل وَوْلج؛ «فَوْعل» من الوُلوج، فالتاء بَدَلٌ من الواو، و الدال من التاء.
______________________________
(1) البيت لعبيد اللّٰه بن عبد اللّٰه بن عتبة في لسان العرب (فطر) و (ذرأ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 377‌

[دلح]

: سلمان رضي اللّٰه عنه- اشتري هو و أبو الدَّرْدَاء لحماً فَتَدَالَحَاه بينهما علي عُودٍ.
التَّدَالح: تفاعل، من دَلَح بحِمْله، و المعني: وَضَعاه علي عُودٍ، و احتملاه آخذيْن بِطَرَفَيْه.

[دلم]

*: أبو هُرَيرة رضي اللّٰه عنه- صلِّ العشاء إذا غاب الشفق، و ادْلَامَّ الليل من هنا ما بينك و بين ثلث الليل، و ما عجَّلْتَ بعد ذهابِ البياض فهو أفْضل.
هو افعالّ من الدُّلْمة؛ كاحمارَّ من الحُمْرة؛ يقال ليل أَدْلم: أَسود مظلم.
من هنا: أَي من قِبَل المغرب، و هذا الحديث حُجّةٌ لأبي حنيفة رحمه اللّٰه في اعتباره الشّفق الأبيض.

[دلو]

: ابن الزبير رضي اللّٰه عنهما- وقع حبشيٌّ في بئر زمزم، فأمر أَن يُدْلُوا ماءَها.
الدَّلْو: نَشْط الدّلْو، و الإِدلاء إرسالُها، و أَما قول العجاج:
يَكْشِفُ عن جَمَّاته دَلْوُ الدّالْ عَبَاءَةً غَبْرَاء من أَجْنٍ طالْ «1»
فقال المبرِّد: يريد المُدْلِي؛ و لكنه أخرجه علي الأَصل للقافية إِذْ كانت الهمزةُ زائدة، و هذا ردي‌ء في الضرورة، لأن الهمزة إنما زيدت لمعني، فمتي حذفت زال ذلك المعني، و دخل في باب آخر، و أنشد أبو عبيدة في مثل ذلك:
*يَخْرُجْنَ من أجْوازِ ليلٍ غاضِ «2»
* و إنما حقُّه مُغضٍ. و قال أبو عليٍّ الفارسيّ: أراد المُدْلِي، فحذف الزيادة، أو أراد دَلوَ ذي الدَّلو، كلَابِنٍ و تَامِر.
و قال بعضهم: الدَّالي و المُدْلي جميعاً صفتان للمستقي؛ و كأنه قال: دلو المستقي، و لو قيل: إنما قصد بقوله دلْو الدال نزْح النازح، لأنَّ حقيقة نَزْح الماء و استقائه في الدَّلو لا في الإِدلاء و عمله في كشف العَرْمَض أبلغ من عمله، و لأنّ النّزع لا يكون إلا بعد الإِرسال، و يكون عكس ذلك- لكان قولًا وجيهاً.
______________________________
(3) (*) [دلم]: و منه الحديث: أميركم رجلٌ طوالٌ أدلم. و الحديث: فجاء رجل أدْلم علي النبي صلي اللّه عليه و سلم. النهاية 2/ 131.
(1) الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 321، و أدب الكاتب ص 612، و لسان العرب 14/ 265 (دلا)، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 422، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 796، و المقتضب 4/ 179.
(2) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 82، و أدب الكاتب ص 612، و إصلاح المنطق ص 275، و سمط اللآلي ص 102، و بلا نسبة في المحتسب 2/ 242، و المقتضب 4/ 179.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 378‌

[دلك]

: شقيق رحمه اللّٰه- قال في قوله تعالي: أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإِسراء: 78].
دُلُوكُها: غروبُها.
قال: و هو في كلام العرب دَلَكَتْ بِرَاحِ.
دلكت الشمس: إذا زالت، و إذَا غَابت، قيل: لأن الناظر إليها [يدلك عينه، و نظيره:
أفغر النجم؛ إذا استوي علي رءوسهم لأن الناظر إليه] يفغر فاه.
و قوله: بِرَاح فيه قولان: أحدُهما أنَّه جَمْع راحة، يعني أنهم يضعون راحاتهم علي عيونهم ينظرون هل غربت؟ قال:
هَذا مُقامُ قَدَمَيْ رَبَاحِ ذَبَّبَ حتي دَلَكَتْ بِرَاحِ «1»
الثاني أن بَراح بوزن قَطام اسم للشمس، و هي معدولة عن بارحة؛ سُمِّيتْ بذلك لظهورها و انكشافها، من البَراح: البَراز، و بارحة: كاشفة، و علة بنائها شِبْهُهَا بفَعَال في الأَمْر.

[دلس]

: ابن المسيِّب رحمه اللّٰه- عمر رضي اللّٰه عنه- لو لم يَنْهَ عن المُتْعة لاتخذها الناس دَوْلَسيًّا.
الدَّوْلسيّ: الأمر الذي فيه تَدْليس، و أصلُه أن يستُر البائعُ علي المشتري عيبَ السِّلْعة؛ من الدَّلَس و هو الظلمة. و المرادُ: مُتْعة النكاح؛ كان الرجل يشارِطُ المرأة بأجَلٍ معلوم علي شي‌ء يُمتّعها به، يستحلّ به فَرْجَها، ثم يفارقها من غير تزوّج و لا طلاق، و إنما أُحِلَّ ذلك للمسلمين بمكة ثلاثة أيام حين حجُّوا مع النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، ثم حَرُم؛ فالمعني: لو لم ينه عنها لكان أصحاب الريْب يتّخذونها سَبَباً و سُلَّما إلي الزِّنا مدلِّسين به علي الناس.

[دلم]

: مجاهد رحمه اللّٰه- إن لأهل النار جَناباً يستريحون إليه، فإذا أتوه لَسَعَتْهم عَقَاربُ كأمثال البغال الدُّلْم.
الدُّلْمة: سواد مع طول؛ رجل أدْلم و ليل أدْلم، و دَلِم الشي‌ءُ: اشتدّ سوادُه.

[دلك]

: الحسن رحمه اللّٰه- سئل أ يُدَالِك الرجلُ امرأته؟ قال: نعم إذا كان مُلْفَجاً.
المدالَكة و المداعَكة و المماعَكة: المماطلة، و المعني مُطْله إياها بالمهر.
المُلْفَج، بالفتح: المعدِم، من قولهم: ألْفَجَتْنِي إليك الحاجةُ؛ أي اضطرَّتْنِي، و يقال:
ألْفَج إذا أفْلس، فهو مُلْفِج بالكسر.
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في شرح المفصل 4/ 60، و لسان العرب (برح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 379
و لْيُدْلِفْ، و دَلِهَ عقلي في (قح). و دَلّه في (سم). الدُّلَاة في (رع). دَلَوْنا في (قف).
دَلْقاءَ في (حم).

الدال مع الميم

[دمر]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد دَمَر- و روي: مَنْ سبق طرفُه استئذانه فقد دَمَر.
دَمَر علي القوم هجم عليهم بمكروه، و منه الدَّمار: الهلاك. و هجوم الشرّ؛ و قيل للدخول بغير إذن دُمُور؛ لأنَّهُ هجوم بما يكره. و المعني: إن إساءةَ المطلع مثل إساءة الدَّامِر.

[دمث]

*: بينما هو يمشي في طريق إذ مالَ إلي دَمْثٍ فبالَ فيه، و قال: إذا بال أحدُكم فلْيرْتَدْ لبوله.
دَمِثَ المكان دمَثاً: إذا لان و سهل فهو دَمِث و دمْث، و منه دَماثة الخلق.
الارتياد: افتعال من الرَّوْد، كالابتغاء من البَغْي، و منه الرائد طالب المرْعي؛ يقال:
راد الكلأ و ارتادَهُ و المعني: فليطلب مكاناً مثل هذا، فحذف المفعول لدلالة الحالِ عليه.
مَنْ كذب عليّ متعمداً فإنما يُدَمِّثُ مجلسَه من النار.
أي يسهله و يوطِّئه، بمعني يهيّئُه للجلوس فيه.

[دمو]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم لسعد رضي اللّٰه عنه يوم أُحد: ارمِ فدَاك أبي و أمي؛ قال سعد: فرمَيْت رَجُلًا بِسَهْم فقتلتُه، ثم رُمِيتُ بذلك السَّهم أعرِفُه؛ حتي فعلتُ ذلك و فعلَه مرّات، فقلت: هذا سهم مبارك مُدَمًّي، فجعلته في كِنانتي؛ فكان عنده حتي مات.
قيل لهذا السهم سهم مُدَمَّي و سهم أسود؛ لأنه رُمِيَ به غير مرة فلُطِّخ بالدم حتي
______________________________
(1) (*) [دمر]: و منه حديث ابن عمر: فدحا السَّيْلُ بالبطحاء حتي دمَّر المكان الذي كان يُصلي فيه. النهاية 2/ 133.
(2) (*) [دمث]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: دَمِثٌ ليس بالجافي. و منه حديث ابن مسعود: إذا قرأت آل حم وقعت في روضات دمثات. النهاية 2/ 132.
(3) (*) [دمو]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: كأن عُنُقَه جيدُ دُميةٍ. و في حديث زيد بن ثابت: في الدامية بعير. و في حديث بيعة الأنصار و العقبة: بل الدَّم الدم، و الهدم الهدم. النهاية 2/ 136، 137.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 380
ضربت حُمْرته إلي السواد؛ و الرماةُ يتبركون بالسهام الكائنة بهذه الصفة. و منه قوله:
*هلا رميتَ ببعضِ الأسهم السُّودِ «1»
* و عن بعضهم: هو مأخوذ من الدَّامِياء، و هي البَركة.

[دمس]

: في ذكر المَسيح عليه السلام- سَبْط الشَّعْر، كثير خِيلان الوجه، كأنه خرج من دَيماس.
هو بالفتح و الكسر السَّرَب لظلمته، من اللَّيل الدَّامس؛ و يقال دَمَسْته إذا أقبرته؛
و كان للحجاج سجن يعرف بالدِّيماس
؛ يعني أنه في نُضْرة لونه و كثرة ماءِ وجهه كأنه خرج من كِنّ.

[دمج]

*: مَنْ شَق عصا المسلمين و هم في إسلام دامج فقد خَلَع رِبْقة الإِسلام من عُنُقه- و روي: في إسلام داجٍ.
يقال: ليلة دامجة بمعني داجية؛ و هي التي دَمَج ظلامها في كل شي‌ء؛ أي دَخَل، كما يقال وَقَب، و المعني شُمُول الإِسلام و شياعه.
و الداجي: قريب من هذا، و قد تقدّم؛ و قيل: الدامج المجتمع المنتظم، و دَمَج الأمرُ:
إذا استقام، و منه الصلح الدُّمَاج.

[دمن]

*: إن الناس كانوا يَتَبايَعُون الثِّمار قبل أَنْ يبْدُوَ صلاحُها، فإذا جدَّ الناس و حضر تقاضيهم قال المبتاع: قد أصاب الثمر الدَّمَان و أصابه قُشَام، فلما كَثُرت خصومتهم عند النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم، قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: لا تبتاعوا الثَّمرة حتي يبدوَ صلاحها
؛ كالمشورة يُشير بها لكثرة خصومتهم و اختلافهم.
______________________________
(1) صدره:
قالت أُمامة لما جئت زائرها
و بعده:
لا دَرَّ درُّك إني قد رميتهم لولا حددتُ و لا عُذْرَي لمحدود
و البيتان من البسيط، و هما للجموح الظفري في خزانة الأدب 1/ 462، و شرح المفصل 1/ 95، و لسان العرب 4/ 545 (عذر)، و بلا نسبة في الأزهية ص 170، و الإنصاف 1/ 73، 74، و تذكرة النحاة ص 79، 387، و جمهرة اللغة ص 692، 1230، و خزانة الأدب 11/ 247.
(2) (*) [دمج]: و منه حديث علي: بل اندمجت علي مكنون علمٍ. و الحديث: سبحان من أدمج قوائم الذَّرَّة و الهمجة. النهاية 2/ 132.
(3) (*) [دمن]: و منه الحديث: إياكم و خضراء الدمن. و الحديث: فأتينا علي جدجدٍ متدمِّن. النهاية 2/ 134، 135.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 381
الدَّمَان و الدّمَال بالفتح: فساده وَ عفَنُه قبل إدراكه حتي يسوادّ، من الدِّمْن و الدَّمال و هما السِّرْقين.
القُشَام: انتفاضه قبل أن يصير بَلحاً، و قيل هو أُكَالٌ يقع فيه، من القَشْم و هو الأكْل، و من قول العرب: ما أصابت الإِبل مَقْشماً؛ إذا لم تُصِبْ ما ترعاه.

[دمل]

: سعد رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يَدْمُل أرضَه بالعُرَّة، و كان يقول: مِكْتل عُرَّة بمكتل بُرَّة.
دَمَل الأرضِ: تسميدُها؛ لأنه يُصْلحها، من دَمَل بين القوم إِذا أصلح، و اندمل الْجُرْح.
المِكْتَل: شبه الزِّنْبِيل، من كَتَله إِذا جمعه، و رجل مُكَتَّل الخلْق؛ لأنه آلة لجمع ما يجمع فيه.
العُرَّة: العَذِرَة.

[دمق]

: خالد- كتب إِلي عمر رضي اللّٰه عنهما: إِنّ الناس قد دمَقُوا في الخمر، و تزاهدُوا في الحدّ.
هو من دَمَق علي القوم و دَمَر إِذا هجم؛ و المعني: إِنهم تهافتوا في مُعاقرتِها تَهافُتاً.

[دمك]

: وهب رحمه اللّٰه- في قصة إبراهيم أنه و ابنه إسماعيل عليهما السلام كانا يبنيان البيتَ، فيَرْفعان كلَّ يوم مِدْمَاكاً.
الصفّ من اللبِن و الحجارة سافٌ عند أهل العراق، و عند أهل الحجاز مِدْماك، و هو من الدَّمْك و هو التَّوثيق. و رجل مَدْمُوك الخَلْق: معصوبه.
و منه
الحديث: كان بناء الكعبة في الجاهلية مِدْمَاك حجارة، و مِدْمَاك عِيدانٍ من سفينة انكسرت.

[دمم]

*: النخَعيّ رحمه اللّٰه تعالي- كان لا يري بأساً بالصلاة في دِمَّة الغنَم.
قلب نون الدِّمنة لوقوعها بعد الميم ميماً ثم أدغمت الأولي في الثانية، و ذلك لتقاربهما و اتفاقهما في الغُنّة و الهواء. قال سيبويه: و تدغم النون مع الميم نحو: عمطر لأن صوتهما واحد، ثم قال: حتي إنك تسمعُ الميم كالنون، و النون كالميم حتي تبيِّن الموضع؛ و لهذا جمعوا بينهما في القوافي في كثير من الشعر.
و قيل الدِّمَّة: مَرْبِض الغنم؛ لأنه دُمَّ بالبول و البعر، من دَمَمْتُ الثوب إذا طليتَه بالصِّبغ، و قِدْرٌ دَمِيم مَطلِية بالطِّحَال، و دمَّ البيت: طَيَّنه.
______________________________
(1) (*) [دمم]: و منه حديث المتعة: و هو قريب من الدَّمامة. و حديث عمر: لا يزوجنَّ أحدكم ابنته بدميم.
النهاية 2/ 134.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 382
دُمْية و دَمِثاً في (شذ). دَمِثات في (اه) و في (حم). دَمّيتها في (قت). الدِّماث في (بش).

الدال مع النون

[دندن]

: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- سأل رجلًا: ما تدعو في صلاتك؟ فقال:
أدعو هكذا و كذا، و أسأل ربي الجَنَّة، و أتعوَّذُ به من النار، فأمّا دَنْدَنَتُك و دَنْدَنَةُ مُعاذ فلا نُحْسِنُها. فقال له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: حولهما نُدَنْدِن- و رُوي: عنهما نُدَنْدِن.
هي كلامٌ أرْفَعُ من الهيْنَمة، تُردِّده في صَدْرِك تسمع نَغَمته و لا يُفْهم.
و منه: دَنْدَنَ الرجلُ: إذا اختلف في مكان واحد مجيئاً و ذَهاباً.
و يجوز أن يكون في المعني من الدَّنَن، و هو التَّطَامن، يقال: نَبْتٌ أدَنّ، و فَرَس أدَنّ؛ لأنه يخفِض صوتَه و يُطَأْمِنُه.
و وحَّد الضميرَ في قوله: «لا نُحسِنُها؛ لأنه يُضمَر للأول كقوله:
*رماني بأمْرٍ كنتُ منه و والدي بريًّا «1»
* الضمير في حولَهما للجنة و النار. و المعني: ما تُدَنْدِنُ إِلا حول طَلَبِ الجنة، و التعوّذ من النار، و من أجْلهما، و لا مبايَنَة في الحقيقة بين ما نَدْعُو به نحن و بين دُعائك.
و أما عَنْهما نُدَنْدِن. فالمعني أن دَنْدَنَتَنَا صادرةٌ عنهما، و كائنة بسببهما.

[دنق]

: الأوْزَاعِيّ رحمه اللّٰه- سئِل عن المسلم يُؤْسَر، فَيُريدون قتلَه، فيقال له: مُدَّ عنقك؛ أ يمدّ عُنُقَه، و هو يخاف إنْ لم يَفْعَل أنْ يُمَثَّل به؟ فقال: ما أَرَي بأساً إذا خاف إن لم يَفْعل يُمَثَّل به أن يُدَنِّق في الموت.
أي يدنو منه و يدخل فيه؛ من دَنَّقتِ الشمسُ إذا دنتْ من الغروب، و دنَّقت عينه:
غارت؛ و تقديرهما: ما أري به بأساً في أن يُدَنَّق؛ فحذف الجار مع أنْ.

[دنو]

*: في الحديث- سَمُّوا، و دَنُّوا، و سَمِّتُوا.
______________________________
(1) تمامه:
رماني بأمرٍ كنت منه و والدي بريئاً و من أجل الطَّويِّ رماني
و البيت من الطويل، و هو لعمرو بن أحمر في ديوانه ص 187، و الدرر 2/ 62، و شرح أبيات سيبويه 1/ 249، و الكتاب 1/ 75، و له أو للأزرق بن طرفة بن العمَّرد الفراصي في لسان العرب 11/ 132 (جول).
(2) (*) [دنو]: و منه في حديث الحديبية: علام نعطي الدَّنيَّة في ديننا. و في حديث الحج: الجمرة الدنيا. و في حديث حبس الشمس: فادَّني من القرية. النهاية 2/ 137، 138.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 383
هذا في الطعام، أي سَمُّوا اللّٰه، و كلوا مِمَّا دنا منكم، و ادعوا للمُطْعِم بالبركة.

الدال مع الواو

[دوم]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- نهي أن يُبَال في الماء الدائم، ثم يُتَوَضَّيَ منه.
هو السَّاكن؛ دام الماء يَدُوم، و أدَمْتُه أنا. و منه تَدْوِيمُ الطائر؛ و هو أن يتركَ الخَفَقَان بجَناحيه في الهواء. و دوامُ الشي‌ء: مُكْثُه و سُكُونُه.

[دور]

*: إنَّ الزمان قد اسْتَدَار كهيئته يومَ خَلَق اللّٰه السمواتِ و الأرضَ، السنة اثنا عشر شهراً، مِنْهٰا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثلاث متواليات: ذو القَعْدة و ذو الحِجَّة و المحرَّم؛ و رَجَب مُضَر الذي بين جُمَادي و شَعْبان.
استدار بمعني دار. قال:
*كما يَسْتَدِير الحِمار النَّعِر «1»
* و المعني: أَنّ أهل الجاهلية كانوا يقاتلون في المحرَّم و يَنْسئون تحريمه إلي صَفَر، فإذا دخل صَفَر نَسَئوه أيضاً و هكذا؛ إلي أنْ تَمْضِي السنة، فلما جاء الإِسلام رجَع الأمر إلي نصابه، و دارت السّنة بالهيئة الأولي.
قال: «ثلاث»، ذَهاباً إلي المُدد، كقوله: «ثلاث شخوص» «2»، لأنه ذهب إلي الأنفس.
أضاف رجَباً إلي مضر، لأنهم كانوا يعظمونه.

[دوك]

: في قصة خَيْبر: لأُعطينَّ الراية غداً رجلًا يَفْتح اللّٰه علي يَدَيْه؛ فبات الناس
______________________________
(3) (*) [دوم]: و منه الحديث: رأيت النبي صلي اللّه عليه و سلم و هو في ظل دومةٍ. و في حديث قس و الجارود: قد دوَّموا العمائم. و منه حديث عائشة: عليكم السامُ الدامُ. النهاية 2/ 141، 142.
(4) (*) [دور]: و منه في الحديث: ما بقيت دارٌ إلا بني فيها مسجد. و قوله صلي اللّه عليه و سلم: و هل ترك لنا عقيل من دارٍ.
و في حديث الشفاعة: فاستأذن علي ربي في داره. و في حديث أهل النار: يحترقون فيها إلا دارات وجوههم. و منه كلام علي: كأنه قِلْعٌ داريٌّ. النهاية 2/ 139، 140.
(1) صدره:
فظلَّ يرنِّحُ في غيطلٍ
و البيت لامري‌ء القيس في ديوانه ص 162.
(2) جزء من شطر بيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص 100، و تمام البيت:
فكان مجنِّي دون من كنت أتقي ثلاث شخوص كاعبان و مُعْصِرِ
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 384
يَدُوكون، فلما أصبحَ دعا علياً، فأعطاه الرايةَ، فخرج بها يَؤُجّ حتي ركَزها في رَضّمٍ من حجارة تحتَ الحِصْن.
أي يَخُوضون فيمن يَدْفَعُها إليه، و منه: وقعوا في دَوْكة و دُوكة.
يَؤُجُّ: يُسْرع و يُهَرْوِل. قال:
*يَؤُجُّ كما أجَّ الظَّليمُ المُنَفَّر «1»
* الرَّضْم: صخور كالجزُور متراكمة، يقال: بَنَي دَارَه فَرَضَم فيها الحجارة.

[دوج]

: قال له صلي اللّٰه عليه و آله و سلم رجلٌ: يا رسول اللّٰه؛ ما تركت من حاجَّة و لا داجَّة إلا أتيتُ، قال: أ ليس تشهد أن لا إِله إلا اللّٰه و أن محمداً رسولُ اللّٰه؟ قال: بلي، قال:
فإنّ هذا بذاك.
و
روي: إن أبا الطويل شَطْباً الممدود أتاه فقال: يا رسول اللّٰه، أ رأيت رجلًا عمِل الذنوبَ كلّها و هو في ذلك لا يترك حاجَّة و لا داجَّة إلا اقتطعها بيمِينه، هل له من توبة؟ قال:
هل أسلمت؟ قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أنك رسول اللّٰه، قال: نعم قد عمل الخيرات بترك الشهوات يجعلهنّ اللّٰه لك خيرات كلها.
الدَّاجَّة: إتباع، و عَيْنُها مجهولة الشأن، فحملتْ علي الأغلب، لأن بنات الواو من المعتل العين أكثر من بنات الياء. و المعني: أنه لم يبق شيئاً من حاجات النفس أو شهواتها أو معاصيها إلا قضاه.
و أما الداجّة فقد مضي تفسيرها؛ و المراد الجماعة الحاجّة و الداجّة.
في «ألَيْس» ضمير الأمر و الشأن.

[دور]

: مَثَلُ الجليس الصالح مثل الدَّارِيّ إنْ لم يُحْذِك من عِطْره عَلِقَك من ريحه، و مَثَلُ الجليس السَّوْء كمثل الكِير إن لم يُحْرقْك من شِرار ناره عَلِقَك من نَتْنه.
الدَّاريّ: العطار، نسب إلي دَارين بلد يُنْسَب العِطْر إليها، قال:
إذا التَّاجرُ الدَّارِيُّ جاء بفأْرةٍ من المِسْكِ راحَتْ في مَفَارِقِه تجري «2»
الإِحْذاء: الإِعطاء، و الحَذِيَّة و الحُذْيا: العَطِيَّة.
كِير الحداد: المبنيّ من الطين، و يكون زِقّه أيضاً، و قيل: الكِير الزِّق، و الكُور من الطين، و يُوشك أن تكون الياء فيه عن الواو، و يكون بابهما واحداً، و فُرِّق بين البناءين بضمّ الفاء و كسرها، و اشتقاقهما من الكَوْر الذي هو ضد الحَوْر؛ لأنّ الريح تزيد فيهما عند كل نَفْخة، و تنقُص؛ و كِلَا تفسيري الكِير له وجه هاهنا، أما المبنيّ فظاهرٌ أمره؛ و أما الزِّق فلأنّه
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (أجج).
(2) البيت في لسان العرب (دور).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 385
سببُ حياة النار فجازت إضافتها و ما يتعلق بها إليه.
السوْء: الرَّداءة و الفساد، فوصف به كما يوصف بالمصادر. و قال أبو زيد: سمعت بعض قيس يقول: هو رجل سوْء و رجلان سوْءان و رجال أسْواء، و أكثر الاستعمال علي الإِضافة، تقول: رجلُ سوْءٍ، و عملُ سوْءٍ. و منه قوله تعالي: ظَنَّ السَّوْءِ* [الفتح: 6].
ألا أنْبِئُكم بخير دُور الأنصار؟ دُورُ بني النَّجار، ثم دُورُ بني الأشْهَل، ثم دُورُ بني الحارِث، ثم دُورُ بني ساعدة، و في كل دور الأنصار خير.
دُور القوم و ديارُهم: منازل إقامتهم، و منه قولهم: ديار رَبيعة و [ديار] مُضر للبلادِ التي أَقاموا بها، و أما قولهم: دُورُ بني فلان يريدون القبائلَ، و مَرّت بنا دارُ بني فلان؛ أيْ جماعتُهم، و كذلك قولهم: بيوتُ العرب و بيوتاتُها و المراد أحياؤها، و هي في الأصل الأخبية، فعلَي أنّ أصلَه أَهلُ الدُّور و أهلُ البيوت فحذف المضاف و استمر علي حَذْفه، كقولهم: قُرَيش و مُضَر. و منه الحديث: ما بقيت دارٌ إلا بني فيها مسجد؛ أي قبيلة.

[دوأ]

*: قال صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: مَنْ سَيِّدُكم يا بَني سَلِمة؟ قالوا: الجَدّ بن قَيْس، علي أنا نُبَخِّلُه. فقال: و أيُّ داءٍ أدْوَأ من البُخْل؟ بل سيِّدكم الجَعْد القَطَط عمرو بن الجَمُوح، فقال بعض الأنصار:
و سُوِّد عَمْرو بن الجَمُوح لجُوده و حَقَّ لعمرو ذي الندي أنْ يُسَوَّدَا
إذا جاءهُ السُّؤّالُ أَنْهَبَ مالَه و قال خذوه إنه عائد غدَا
و ليس بخاطٍ خَطْوَةً لدنيّةٍ و لا باسطٍ يوماً إلي سوْءةٍ يَدا
فلو كنتَ يا جدّ بن قيس علي التي علي مثلِها عمروٌ لكنتَ المسوَّدا
دَاء الرجلُ يَدَاء داءً فهو داءٌ، و المرأة داءَةٌ، و تقديرهما فَعِل و فَعِلة.
و في كلام بعض الأعراب: كحلني بما تُكحل به العيون الدّاءة؛ فهو نظير شَاءَ في أن عينَه حرفُ عِلّة، و لامُه همزة أصلية غير منقلبة، و أما دَوِيَ يَدْوَي دوًي فهو دوٍ فتركيبٌ برأسه. و ليس لقائل أن يقول: إنّ دَاءَ من دَوِيَ قلبت واوُه ألفاً، و ياؤه همزة، و جمع بين إعْلالَيْن.
الجَعْد: الكريم الجواد، و إذا ذُكِرَتِ اليدُ فقيل: جَعْد اليدين و جَعْد البَنَانِ و جَعْد الأصابِع فهو اللئيم البخيل، و يقال في ضدّه: سَبْط البنان، و يده سَبْطة. و قد جاء القَطط تأكيداً له في المعنيين جميعاً؛ فقالوا: للكريم: جَعْد قَطَط، و للّئيم جَعْد اليديْن قَطط، قال:
سَمْح اليدين بما في رَحْل صاحبه جَعْد اليدين بما في رَحْله قَطَطُ
______________________________
(1) (*) [دوأ]: و منه في حديث أم زرع: كلُّ داءٍ له داءٌ. و منه حديث العلاء بن الحضرمي: لا داءَ و لا خبثة.
النهاية 2/ 142.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 386
و القول في ذلك أنّ اليد إذا وصفت بالجعودة فقد وصفت بالانقباض الذي هو ضد الانبساط و هذا ظاهر، أما وصْفُ الرجل بذلك فلأنّ الغالبَ علي العرب جُعُودة الشعر، و علي العجم سبُوطته. قال:
هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدٌ و ساقيان سَبِطٌ و جَعْدُ «1»
قالوا: يعني بالسَّبْط العجميّ و الجَعْد العربيّ، لأنهما لا يتفاهمان كلامهما، فلا يشتغلان بالكلام عن السقي، فهذه في الأصل كناية عن خُلُوِّه من الهجنة و خُلوصِه عربيًّا، و متي أثْبت له أنه عربيّ تناوله المدح، و ردفه أن يكون كريماً جواداً.
الَّتي: أراد الصفة التي، أو العاد الَّتي.

[دوم]

: حُذَيْفَة رضي اللّٰه عنه- ذكر الفتن، فقال: إنها لآتِيَتُكُمْ دِيماً دِيَماً.
الدِّيمةُ: المطر يَدُوم أياماً لا يُقْلِع؛ فهي فِعْلة من الدَّوام، و انقلاب واوها ياء لسكونها و انكسار ما قبلها. و قولُهم في جمعها دِيَم، و إن زال السكونُ لحمل الجمع علي الواحد و إتْباعه إياه؛ شبَّهها بهذه الأمطار و كرر، أراد أنَّها تترادف و تمكث مع ترادفها.
و منه
حديث عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها: إنها سئلت: هل كان رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يُفَضِّلُ بعضَ الأيام علي بعض؟ فقالت: كان عمله دِيمَةً.

[دوح]

: ابن عُمَر رضي اللّٰه عنهما- قَطَعَ رجلٌ دَوْحَةً من الحرم، فأمره أن يعتق رَقَبَةً.
هي الشجرة العظيمة من أيّ شجر كانت. قال:
*يَكُبُّ علي الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبُلِ «2»
* و انْدَاحَتِ الشجرة. و مِظَلَّةٌ دَوْحَةٌ؛ أي عظيمة.

[دوم]

: عائشة رضي اللّٰه تعالي عنها- كانت تأمُرُ من الدُّوَام بسبع تَمَرات عَجْوة في سبع غَدَوات علي الرِّيق.
الدُّوَام: الدُّوَار، و دِيم به مثل دِير به؛ و منه الدُّوَّامة لدورانها.
العجوة: ضرب من أجود التمر.

[دول]

*: الحجَّاج- يوشك أن تُدَالَ الأرض منّا، فَلَنَسْكُنَنَّ بطنَها كما عَلَوْنا ظهرَها،
______________________________
(1) البيت لأحمد بن جندل السعدي في لسان العرب (معد)، و بلا نسبة في أساس البلاغة (معد).
(2) صدره:
فأضحي يسُحّ الماء حول كُتَيْفَةٍ
و البيت لامري‌ء القيس في ديوانه ص 24.
(3) (*) [دول]: و منه في حديث أشراط الساعة: إذا كان المغنم دُوَلًا. و في حديث وفد ثقيف: ندال عليهم و يدالون علينا. النهاية 2/ 140، 141.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 387
و لتأكلَنَّ من لحومنا كما أكلنا من ثمارها، و لتشربَنّ من دمائنا كما شربنا من مائها، ثم لَتُوجَدَنَّ جُرُزاً، ثم ما هو إلا قولُ اللّٰه: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذٰا هُمْ مِنَ الْأَجْدٰاثِ إِليٰ رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ
[يس: 51].
أي تُجْعَلُ للأرْض الكَرَّة علينا؛ تقول: أدال اللّٰه زيداً من عمرو مجازاً: نزع اللّٰه الدَّوْلة من عمرو فآتاها زيداً. و في أمثالهم: يُدَال من البِقاع كما يُدَال من الرجال. أي تُؤخذ منها الدُّوَل.
قال المبرِّد: أرض جُرُز و أرَضُون أجْراز: إذا كانت لا تُنْبِت شيئاً، و تقدير ذلك أنها كأنها تَأْكل نبتَها فلا تُبْقِي منه شيئاً، من الجَرْز و هو الاسْتِئْصال.
هو: ضمير الشأن، أي ما الشأن إلا قول اللّٰه تعالي.

[دوح]

: في الحديث- كم من عَذْقٍ دَوَّاح [في الجنة] لأبي الدَّحْدَاح.
قيل هو العَظِيم، فَعَّال من الدَّوْحة.
و دَائِس في (غث). دَوْماء الجَنْدل في (ند). دَيْمُومة و دَوِيةً و دَوْهصها و دَوْفصها في (عب). مِنَ الدَّاويّ في (ين). دِيَماً في (حي). الدَّأم في (سأ).

الدال مع الهاء

[الدهر]

*: النبيّ صلي اللّٰه عليه و آله و سلم- لا تَسُبُّوا الدَّهرَ فإن الدّهرَ هو اللّٰه- و روي: فإن اللّٰه هو الدهر.
الدَّهْر: الزَّمان الطويل، و كانوا يعتقدون فيه أنه الطارق بالنوائب، و لذلك اشتقوا من اسمه دَهَرَ فلاناً خطبٌ؛ إذا دهاه، و ما زالوا يَشْكُونَه و يَذُمّونه. قال حُرَيْث:
*الدَّهْرُ أَيَّتمَا حالٍ دَهارِيرُ «1»
*______________________________
(2) (*) [دهر]: و منه في حديث موت أبي طالب: لو لا أن قريشاً تقول دهره الجزع لفعلت. و في حديث أم سليم: ما ذاك دَهْرُكِ. و في حديث النجاشي: فلا دهورة اليوم علي حرب إبراهيم. النهاية 2/ 144.
(1) صدره:
حتي كأنْ لم يكن إلَّا تذكُّرُهُ
و البيت من البسيط، و هو لحريث بن جبلة العذري في شرح أبيات سيبويه 1/ 360، و له أو لعثير بن لبيد العذري في لسان العرب 4/ 294 (دهر)، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 139، و جمهرة اللغة ص 641، و الخصائص 2/ 171، و سمط اللآلي ص 800، و الكتاب 1/ 240، و مجالس ثعلب 1/ 266.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 388
أي دواهٍ و خطوب مختلفة، و هو بمنزلة عَبادِيد في أنه لم يستعمل واحده، و قال رجل من كَلْب:
لَحا اللّٰه دهراً شرُّه قبل خيرِه تَقاضي فلم يُحْسِنْ إليَّ التَّقَاضا
و قال الشَّنْفَري:
*بَزّني الدهر و كان غشوماً
* و قال يحيي بن زِياد:
عذِيريَ من دهر كأني و ترتُه رهينٌ بحبلِ الوُدِّ أن يتقطَّعَا
فنهاهم رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم عن ذمِّه، و بَيَّن لهما أن الطوارق التي تنزل بهم مُنْزِلُها اللّٰه عزّ سلطانه دونَ غيرِه، و أنّهم متي اعتقدوا الدهر أنه هو المنْزِل ثم ذمّوه كان مرجِعُ المذمَّة إلي العزيز الحكيم، تعالي عن ذلك عُلُوًّا كبيراً.
و الذي يحقق هذا الموضع، و يفصل بين الروايتين، و هو أن
قَوْلَهُ: «فإن الدهر هو اللّٰه»
، حقيقته: فإن جالبَ الدهر هو اللّٰه لا غيرُه، فوضَع الدّهْرَ موضع جالب الحوادث؛ كما تقول: إن أبا حنيفة أبو يوسف، تريد أنّ النهاية في الفقه أبو يوسف لا غيره، فتضع أبا حنيفة موضع ذلك لشهرته بالتَّناهي في علمه، كما شهر الدَّهْرُ عندهم بجلْب الحوادث.
و معني
الرواية الثانية: فإن اللّٰه هو الدهر
، فإنَّ اللّٰه هو الجالبُ للحوادث لا غير الجالب، ردّاً لاعتقادهم أن اللّٰه ليس من جَلْبِها في شي‌ء، و أن جالبَها الدهر؛ كما لو قلت:
إن أبا يوسف أبو حنيفة، كأن المعني أنه النهاية في الفِقْه لا المتقاصر.
هو: فصل، أو مبتدأ خبره اسم اللّٰه، أو الدهر في الروايتين.

[دهس]

*: عن عبد اللّٰه بن مسعود رضي اللّٰه عنه- إنَّ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم أقبل من الحُدَيْبيَةِ فنزل دَهاساً من الأرض، فقال: مَنْ يَكْلَؤُنا الليلة؟ فقال بلال: أنا، ثم ذكر أنهم ناموا حتي طلعت الشمس، فاسْتيقظَ ناس فقلنا: أَهْضِبُوا.
الدَّهْس و الدَّهَاس: ما سَهُل و لَانَ من الأرض، و لم يبلغْ أن يكونَ رمْلًا. قال:
*و في الدَّهَاسِ مِضْبَرٌ مُواثِمُ «1»
* هضبوا- في الحديث: أفاضوا فيه بشدة، من هَضَبَتِ السماءُ إذا وقع مطرُها وقْعاً شديداً؛ كرهوا أن يُوقِظُوه، فأرادوا أن يستيقظ بكلامهم.
______________________________
(2) (*) [دهس]: و منه حديث دريد بن الصمة: لا حَزْنٌ ضَرِسٌ و لا سهلٌ دَهْسٌ. النهاية 2/ 145.
(1) البيت في لسان العرب (دهس).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 389‌

[دهم]

*: من أراد المدينةَ بِدَهْم أذابَه اللّٰه كما يذوبُ المِلْح في الماء.
قال المبرِّد: يقال للعامة الدَّهْماء، يراد أنَّهم قد غطّوا الأرض، كما يقال عليك بالسواد الأعظم، و علي ذلك يقال في كثرة جاءهم الدَّهْم، قال:
جِئْنَا بِدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما مَجْرٍ كأنَّ فوقَه النُّجُوما «1»
و منه
الحديث: إن أبا جهل لم يَشْعُر بعسكرِ رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يومَ بدْر حتي تَصَايحَ الفريقان، ففزع أبو الحكَم، فقال: ما الخبر؟ فقيل: محمد في الدَّهْم بهذا القَوْز فأخذتْه خَوَّة فلا يَنْطِق.
القَوْز: الكثِيب المستدير. الخَوَّة: أصلها الفَتْرة التي تصيب، من الخَوَي و هو الجوع فاستعيرت، و فيها دليل علي أن لامَ خوي واو، و أَنه مثل قَوِي من القوَّة.
و من الدَّهْم
حديث بَشِير بن سعد رضي اللّٰه عنه:
إنه خرج في سَريَّة إلي فَدَك، فأدركه الدَّهْم عند الليل فأصِيب أصحابه، و ولَّي منهم مَنْ وَلَّي، و قاتل قتالًا شديداً حتي ضُرِبَ كعبُه، و قيل: قد مات.
يُضرَب كعبُ الصَّرِيع في المعركة فإن لم يتحرك أوقِن بموته.

[دهمق]

: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- لو شِئتُ أنْ يُدَهْمَقَ لِي لفَعَلْتُ ذلك؛ و لكنَّ اللّٰه عاب قوماً فقال: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبٰاتِكُمْ فِي حَيٰاتِكُمُ الدُّنْيٰا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِهٰا
[الأحقاف: 20].
الدَّهْمَقة في الطعام: التجويد و التلْيِين، يقال: وتَرٌ مُدَهْمَق، إذا جاء به قاتِلُه مُسْتَوِياً، و قِدْح مُدَهْمَق: مستوِي المتْن، نقيّ من العيوب، و سُمِّيَ مُدْرِك الفَقْعسي مُدَهْمِقاً لتجويدِه شعره.

[دهق]

: العباس رضي اللّٰه تعالي عنه-
قال عبد اللّٰه: إنه ربّما سمعت العباس يقول:
اسقُونِي دِهاقاً.
أي كأساً مُتْرَعَةً، و كأنها التي تَدْهَقُ ما فيها، أي تُفْرِغُ؛ لشدة امتلائها، يقال: دَهَق الماء دَهْقاً إذا أفْرغَه.
و إنما ذكَر هذا ابنُ عباس استشهاداً لقوله تعالي: وَ كَأْساً دِهٰاقاً [النبأ: 34].

[دهم]

: حُذَيْفة رضي اللّٰه تعالي عنه- ذَكَرَ الفِتْنَةَ فقال: أتَتْكُم الدُّهَيْماء ترمي
______________________________
(2) (*) [دهم]: و منه في حديث علي: لم يمنع ضوءَ نورها ادهامُ سجفِ الليل المظلم. و في حديث قس:
و روضة مدهامَّة. النهاية 2/ 145، 146.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (دهم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 390
بالنَّشَف، ثمّ التي تليها ترمي بالرَّضف، و الذِي نَفْسِي بيده ما أعْرِف لي و لكم إلا أنْ تَخْرُجَ منها كما دخلْنا فيها!
هي تصغير الدَّهْماء؛ و هي الفتنة المُظْلمة، و هو التصغير الذي يقصد به التعظيم.
النَّشَفُ: جمع نَشْفَة؛ و هي الفِهْر «1» السَّوْداء كأنها مُحْرَقَة.
الرَّضَفُ: الحِجَارة المحمَاة، الواحدة رَضْفَة.
ذكر تتابُعَ الفِتن، و فظاعة شَأْنها، و ضرَب رميها بالحجارة مثلًا لما يصيبُ الناس من شرّها، ثم قال: ليس الرأي إلا أن تنجلي عنا و نحن في عدم التباسنا بالدنيا كما دخلنا فيها.
دهِس في (به). الدُّهقان في (قر). المُدْهن في (صب). يدّهن بالعبير في (دي).
دَهَارير في (رج). فتدَهْدَي في (ثل).

الدال مع الياء

[دين]

*: النبي صلي اللّٰه عليه و آله و سلم-
خرج الأعشي، و اسمه عبد [اللّٰه] بن لَبيد الأعور الحِرْمَازِي في رَجَب، يَمير أهلَه من هَجَر، فهرَبت امرأتُه بعدَهُ ناشزاً عليه، فعاذت برجل منهم يقال له: مُطَرِّف بن بهضل، فجعلها خَلْف ظهره، فلما قدِم أتي النبيَّ صلي اللّه عليه و سلم فعاذ به، و أَنْشأ يقول:
يا سَيِّد النَّاسِ و ديَّانَ العربْ إليكَ أشْكو ذِرْبَةً من الذِّرَبْ
كالذَّئْبَة الغَبْساءِ في ظلِّ السَّرَبْ خَرجتُ أبْغيها الطعامَ في رَجَبْ
فَخَلَفَتْنِي بنزاعٍ و حَرَبْ أَخْلَفَتِ الوَعْدَ و لطَّت بالذَّنَبْ
و قذفتْنِي بين عِيصٍ مُؤْتَشِبْ و هُنَّ شَرُّ غالبٍ لمن غَلَبْ
فجعل رسول اللّٰه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم يتمثلها و يقول:
*و هو شَرُّ غالبٍ لمن غَلَبْ
* يُكَرِّر ذلك عليه. و كتب إلي مطرِّف: انظر امرأة هذا مَعاذةً فادفعها إليه.
الدَّيَّان: فَعَّال، من دان الناسَ إذا قَهرَهم علي الطاعة. يقال: دِنْتُهُمْ فَدَانُوا، أيْ قهرتهم فأطاعوا.
______________________________
(1) الفهر: هو حجر يملأ الكف، و هو مؤنث.
(2) (*) [دين]: و منه الحديث: كان علي ديَّان هذه الأمة. و في دعاء السفر: استودع اللّٰه دينك و أمانتك. و في حديث عمر: إن فلاناً يدين و لا مال له. و منه حديث عمر عن أسيفع جهينة: فادَّان معرضاً. و منه الحديث: ثلاثة حق علي اللّٰه عونهم، منهم المديان الذي يريد الأداء. و منه حديث مكحول: الدَّين بين يدي الذهب و الفضة، و العُشْرُ بين يدي الدَّين في الزرع و الإبل و البقر و الغنم. النهاية 2/ 148، 149، 150.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 391
و منه
حديثه صلي اللّٰه عليه و آله و سلم: الكَيّس من دانَ نفسَه، و عَمل لما بعد الموت، و الأحمق من أَتْبَع نفسَه هواها ثم تمنّي علي اللّٰه.
الذِّرْبَة: فِعْلة منقولة من فَعِلة؛ كما تقول في كَلِمة: كِلْمة، و في مَعِدة مِعْدة. يقال:
ذَرِب الرجل ذَرَباً و ذَرَابةً: إذا صار حادّ اللسان، فهو ذَرِب، و هي ذَرِبة، و ذَرِب لسانه؛ وصفَها بالسَّلاطة. و قيل: ذَرَبُ اللسانِ: سرعته و فساد مَنْطقه؛ من ذَرِبَتْ مَعِدتُه، إذا فَسَدت. و عن أبي عُبَيْدة: هو سرعة اللسان حتي لا يثبت الكلام فيه، كذَرَب المعدة و هو فسادُ المعدة حتي لا يثبت الطعام فيها. و قيل: الذِّرْبَة الفاسدة لمكرها و خيانتها.
الغُبْسَة: الغُبْرة إلي السواد.
بغاه الشي‌ء: طلبَه له، يقال: ابغِني كذا، و أبغاه عليه: أعانه علي بُغَائِه.
فخلَفتني: أيْ بقيت بعدي.
بنزاع و حرب، أي مع خصومة و غضب، يقال: حرِبَ حرباً إذا غضب، و حَربه غيرُه؛ يريد نُشوزَها عليه بعد حيلة، و عياذَها بمطرِّف؛ و لو روي: «فَخَلَّفتني» كان المعني: فتركتْني خَلْفها بنزاع إليها و شدة حالٍ من الصَّبْوة إليها، كأنه يدعُو بالويل و الحَرب وراءها، و هو من حُرِبَ الرَّجُل مالَه فهو حَرِب.
لطَّت الناقة بذَنبها؛ إذا أَلْزقته بحَياها، و منه قيل للعِقْد لِلُصوقهِ بالنَّحر، و هي تَفْعَل ذلك إذا أبَتْ علي الفحل؛ فهذه كناية عن النُّشوز، و قيل: لما أقامت علي أمرها، و لزمت أخلافها و قعدت عنه كانت كالضارب بذنبه المُقْعِي علي استه لا يبرح.
العيصُ: الشَّجَر الملتفّ الكثير.
و المؤتشِب: الملتف الملتبس، ضربه مثلًا لالتباس أمره عليه.
اللام في قوله: «لمن غلب» متعلّق بشرّ، كقولك: أنت شرٌّ لهذا منك لهذا، و أراد لمن غلَبه، فحذف الضمير الراجع من الصلة إلي الموصول.
فإن قيل: هلّا قال: و هن شر غالبات لمن غَلَبْنَه، علي ما هو حق الكلام؟
فالجواب أنه أراد أن يُبالغ فقصد إلي شي‌ء من صفة ذلك الشي‌ء، أنه شر غالب لمن غلبه، ثم جعلهن ذلك الشي‌ء فأخبره به عنهن، كما يقال: زيد نَخْلة، إذا بولغ في صفته بالطول. يقال تمثلت حاتماً و تمثلت به.
انظر امرأته، أي اطلبها، يقال: انظر لي فلاناً نظراً حسناً و انظر الثوب أين هو؟
فادَّان في (سف). دُيِّثَ في (سو). دينها في (وض). الدّيّوث في (شر). و دَيَّخَها في (زف). مِنْ دِين في (رب). يُدِين في (خب). و أداخ و دان في (حم). دِيَتهم في (رح).
[آخر الدال]
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 392‌

حرف الذال

الذال مع الهمزة

[ذئر]

: النبي صلي اللّٰه عليه و سلم- قيل له لما نهي عن ضرب النساء: ذَئِر النساء علي أَزْوَاجِهِنَّ.
أي نَشَزْنَ عليهم و اجترأن، و امرأة ذَئِر: ناشز؛ و منه المَذَائِر من النوق، و هي التي لا تَرْأَم ولَدَها، و لا تَدِرّ عليه.

[ذأل]

: مرّ بجارية سَوْدَاء و هي تُرَقِّصُ صبيًّا لها و تقول:
ذُؤَالُ يا بْنَ القوم يا ذُؤَالَهْ يَمْشِي الثَّطَا و يجس الْهَبَنْقَعَهْ
فقال: لا تَقُولي ذُؤال، فإنّ ذؤال شرُّ السباع.
ذُؤالة: عَلمٌ للذئب كأسامة للأسد، و لذلك رَخَّمَتْه، و امتناعُه من الصرف لهذا و للتأنيث. و في أمثالهم: خَشِّ «1» ذُؤَالة، بالحِبَالة، و هو من ذَأَلَ ذَأَلَاناً، إذا أسرع، ألَا تري إلي قولهم: أَعْدَي من الذِّئب، و جمعه الذُّؤْلان كالذُّؤْبان.
القوم: الرجال خاصّة، و قولهم: فلان من القوم في موضع المدح. معناه أنه من الرجال الذين حقّوا أن يطلق عليهم هذا الأمر لاستكمالهم شرائطَ الرُّجولية، و كذلك يا ابن القوم و يا ابنة القوم.
الثَّطَي، و الثَّطَاة: إفراط الحمق، و رجل ثَطٍ، و المعني تمشي مَشْيَ ذي الثّطَا، فحذفت المضافَ و المضافَ إليه جميعاً أو جعلت المشي نفسه ثَطاً مبالغة.
الْهَبَنْقَعَة: أن يُقْعِيَ و يضمَّ فَخِذَيْه و يفتحَ رِجليه.
عن الزِّبْرِقان بن بدْر رضي اللّٰه عنه: أبغضُ كَنَائِني إليّ الطُّلَعة الخُبَأَة، التي تمْشِي الدِّفِقَّي «2» و تجلس الْهَبَنْقَعَة.
______________________________
(1) خش فعل أمر من خشيته، أي خوفته و معناه قعقع ترهب.
(2) الدفقَّي: المشي الواسع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 393
جعلته ذئباً متفئِّلة فيه المَضاء و الْجُرْأة؛ ثم وصفت حالَ قُعوده و مشيِه في إبَّان الطُّفولة و الغَرارة و لم تقصد الذَّمّ.

[ذأن]

: حُذَيفة رضي اللّٰه عنه- قال لجُندُب بن عبد اللّٰه البَجَلِيّ: كيف تصنع إذا أتاك مثل الوَتِد أو مثل الذُّؤْنُون، قد أُتي القرآن من قبل أن يؤتي الإيمان، يَنْثُرُه نَثْرَ الدَّقَل فيقول:
اتَّبِعْنِي و لا أَتَّبعِك.
الذُّؤْنُون: نَبْت ضعيف طويل له رأس مُدَوَّر، و ربما أكلَه الأعراب؛ يقال: خرجوا يَتَذَءَنُون، قال الفرزدق:
عشية وُلِّيتم كأنَّ سُيُوفَكُمْ ذَآنينُ في أَعْنَاقِكُمْ لم تُسَلَّلِ «1»
و هو فُعْلُول، من ذَأَنَه إذا حَقَّرَهُ و ضَعَّف شأنَه.
الدَّقَل: تمْر رَدِي‌ء لا يَتَلاصَقُ، فإذا نُثِرَ تَفَرَّق و انفردتْ كلُّ تمرة عن أختها؛ يريد أنه يَهُذُّ القرآن هذّاً «2»، و المعني: ما تصنع إذا أتاك رجل ضالّ و هو في نحافة جسمه كالوَتِد أو الذُّؤْنُون لكدِّه نفسه بالعبادة، يخدعك بذلك و يَسْتَتْبِعُك.

الذال مع الباء

[ذبح]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و سلم- نهي عن ذبائح الجنّ.
كانوا إذا اشتروْا داراً و استخرجوا عَيْناً ذبحوا ذبيحةً مخافة أنْ تُصِيبَهم الجنّ؛ فأُضيفت الذَّبائح إلي الجنّ لذلك.

[ذبر]

*: أهل الجنَّة خمسة أصناف؛ منهم الذي لا ذَبْرَ له.
الذَّبْر: القراءة، و الزَّبْر: الكتابة في لغة هُذَيل، و لم يفرِّق سائرُ العرب بينهما.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (ذأن)، و فيه «غداة توليتم» بدل «عشية وليتم».
(2) الهذذ: سرعة القراءة.
(3) (*) [ذبح]: و منه في حديث القضاء: من ولِّي قاضياً فقد ذبح بغير سكين. و في حديث أم زرع: و أعطاني من كل ذابحةٍ زوجاً. و الحديث: كلُّ شي‌ء في البحر مذبوحُ. و في حديث أبي الدرداء: ذَبْح الملحُ و الشمسُ و النينان. و منه الحديث: أنه كوي أسعد بن زرارة في حلقه من الذُّبَحة. و الحديث: أنه نهي عن التذبيح في الصلاة. النهاية 2/ 153، 154.
(4) (*) [ذبر]: و منه حديث معاذ: أما سمعه كان يَذْبُره عن رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. و في حديث النجاشي: ما أحب أن لي ذَبْراً من ذهب. و في حديث ابن جدعان: أنا مُذَابِرٌ. النهاية 2/ 155.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 394
و يقال: ذَبَرْتُ الكِتاب، إذا قرأتَه قراءة سهلة خفيفة، و كتاب ذَبْر: سهل القراءة. قال ذو الرُّمَّة:
أقولُ لنفسي واقفاً عند مُشْرِفٍ علي عَرَصَات كالذِّبَارِ النَّوَاطِق «1»
فالمراد: لا نُطْقَ له من ضَعْفه، و قيل: لا لسانَ له يتكلم من ضعفه، فتقديره علي هذا: لا ذا ذَبْرَ له، أي لا لسان له ذَا مَنْطِق، فحذف المضاف الذي هو ذو. و يجوز أن يراد لا فَهْم له، من ذَبَرْتُ الكتابَ إذا فهمته و أتقنته. قال ابن الأعرابيّ: الذابر: المُتْقِن.

[ذبح]

: عاد البَراء بن مَعْرور و أخذته الذُّبْحة فأمر من لَعَطه بالنار.
الذُّبْحة و الذُّبَحَة و الذُّبَاح: أنْ يتورَّم الحلق حتي ينطبق، و لا يسوغَ فيه شي‌ء، و يمنع من التنفُّس فيقتُل. و روي أبو حاتم عن أبي زيد أنه لم يعرفها بإسكان الباء.
اللَّعط: الكيّ النار في عَرْض العنق؛ من الشاة اللّعطاء؛ و هي التي بعرْض عنقها سواد، و منه لَعَطه بأبيات، إذا وسمه بهجاء، و قيل: لَعطه مقلوب من علطه، و إذا استوي التصرّف سقط القول بالقلب.

[ذبب]

*: في حديث أحد: لما قصّ رؤياه التي رأها قبل الحرب علي أصحابه قال:
رأيت كأن ذُبَابَ سَيْفي كُسِر، فأوَّلْت ذلك أنه يصابُ رجلٌ من أهْلي. فقُتِل حَمْزة عليه السلام في ذلك اليوم.
ذُبَاب السَّيْف: طَرَفه الذي يَضْرِب به، من الذّب، و هو الدَّفْع، و ذُبَابا أذني الفرس:
هما ما حدّ من أطْرافِهِما.
صَلَب رجلًا علي ذُبَاب «2».
هو جبل بالمدينة.
قال وائل بن حجر: أتيتُ رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم و لي شَعْر طويل، فلما رآه قال: ذُبَاب ذُباب.
قال: فرجعت، فجزرته، ثم أتيته، من الغد، فقال: إني لم أعْنِك، و هذا أحسن.
هو الشؤم و الشرّ؛ يقال: أصابك ذُبابٌ من هذا الأمر، و رجل ذُبَابيّ: مَشْؤُوم؛ فكأنه
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة، ص 404.
(3) (*) [ذبب]: و منه حديث المغيرة: شرها ذبابٌ. و الحديث: عُمْرُ الذباب أربعون يوماً و الذباب في النار.
و في حديث عمر: كتب إلي عامله بالطائف في خلايا العسل و حمايتها: إنْ أدَّي ما كان يؤديه إلي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم من عشور نحله فاحْم له، فإنَّما هو ذباب غيثٍ يأكله مَن شاء. النهاية 2/ 152.
(2) ذباب جبل بالمدينة، و ضبطه ياقوت الحموي بكسر الذال. معجم البلدان (ذباب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 395
مثل الشَّذَاة «1» في أنه استعارة، قال أوس:
و ليس بطارقِ الجاراتِ مِنِّي ذُبابٌ لا يُنِيمُ و لا ينامُ «2»
أي أذي و شرّ.

[ذبذب]

*: جابر رضي اللّٰه عنه- سرتُ مع رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم في غَزِاة فقام يصلِّي، و كانت عليَّ بُرْدة، فذهبت أخالف بين طَرَفَيْها فلم تَبْلُغ، و كانت لها ذبَاذب فنكستُها، و خالفت بين طَرَفيها، ثم تواقَصتُ عليها لئلَّا تسقط؛ فنهاني عن ذلك، و قال: إنْ كان الثوبُ واسعاً فخالفْ بين طَرَفيه، و إنْ كان ضَيِّقاً فاشْدُدْهُ علي حَقْوِك.
أراد بالذَّباذب الأهداب؛ لأنها تَنُوس و تتذبذب، و منه قيل لأسافل الثوب: ذَلَاذل و ذباذب، و قيل في واحدها: ذِبْذِب، بالكسر.
التَّواقُص: التَّشَبُه بالأوْقَص؛ و هو القصير العُنُق، يريد أنه أمسك عليها بعُنقه لئلا تسقط.
ذهب يفعل، بمنزلة طفِق يَفْعل، و ليس ثَمَّ ذَهَاب.

[ذبح]

: مَرْوان- أُتي برجل ارتدّ عن الإسلام، فقال كعب: أَدْخِلُوه المذابحَ، و ضعوا التَّوْراة و حَلِّفُوه باللّٰه.
قال شمِر: المذابح: المقاصِير، و يقال: هي المحاريب، و ذَبَّحَ: إذا طاطأ رأسه للركوع، مثل دَبَّح.
يُذَبِّره في (دب). ذُباب في (زو). أذُبّ في (ذق). تَذَبْذَبان في (خد). ذُباب غَيْثٍ في (خل).

الذال مع الراء

[ذرب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- في أَلْبانِ الإبل و أَبْوَالِها شفاءٌ للذَّرَبِ.
هو فَساد المَعِدَة.

[ذرر]

*: قال حَنْظَلة الكاتب: كنا في غَزَاةٍ مع رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم فرأي امرأة مَقْتُولة،
______________________________
(1) الشذاة: ذباب أزرق عظيم يقع علي الدواب فيؤذيها.
(2) البيت في ديوان أوس، ص 115.
(3) (*) [ذبذب]: و منه الحديث: من وُقِيَ شر ذبذبه دخل الجنة. و الحديث: فكأني أنظر إلي يديه تَذَبْذَبان.
و الحديث: تزوَّجَ و إلا فأنت من المذبذبين. النهاية 2/ 154.
(4) (*) [ذرب]: و منه حديث حذيفة: قال يا رسول اللّٰه إني رجل ذرب اللسان. و الحديث: ذرب النساءُ علي أزواجهن. و في حديث أبي بكر: ما الطاعون؟ قال: ذَرَبٌ كالدُّمَّلِ. النهاية 2/ 156، 157.
(5) (*) [ذرر]: و منه في حديث جبير بن مطعم: رأيت يوم حنين شيئاً أسود ينزل من السماء، فوقع لي إلي-
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 396
فقال: هاه! ما كانت هذه تقاتل، الْحَق خالداً فقل له: لا تقتلَنَّ ذُرِّيَّةً و لا عَسِيفاً.
الذّرِّية من الذر بمعني التَّفْريق؛ لأن اللّٰه تعالي ذَرَّهم في الأرض، و من الذَّرْء بمعني الخَلْق، فهي من الأول فُعْليَّة أو فُعْلُولَة ذُرُّورَة؛ فقلبت الراء الثالثة ياء كما في تَقَضَّيْت و من الثاني فعلولة أو فُعِّيلَة؛ و هي نَسْلُ الرجل، و قد أوقعت علي النساء كقولهم للمطر: سماء.
و منه
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: حجّوا بالذّريّة، لا تأكلوا أرزاقها، و تَذَرُوا أرْبَاقها في أعناقها.
قيل: أراد النساء لا الصبيان، ضَرَبَ الأرْبَاق «1» مثلًا لما قُلِّدت أعنَاقُها من وجوب الحجّ.
العَسِيف: الأجِير.

[ذرو]

*: أمّا أول الثلاثة يدخلون النّار فأميرٌ مُسَلط جائر، و ذو ذَرْوَة من المال لا يُعطي حَقَّ اللّٰه من ماله، و فقير فخور. و أما أوَّلُ الثلاثة يدخلون الجنَّة فالشهيد، و عَبْد مملوك أحسنَ عبادةَ ربِّه و نصح لسيِّده، و عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيالٍ.
قال أبو تراب: يقال: هو ذُو ذَرْوَة من المال؛ أي ذو ثَرْوَة؛ فإمَّا أن يكون من باب الاعْتِقاب؛ و إما أن يكون من الذِّرْوة لما في الثَّرْوة من معني العلوّ و الزيادة.
عليّ عليه السلام- غاب عنه سُليمان بن صُرَد فبلغه عنه قولٌ، فقال: بلغَني عن أمير المؤمنين ذرْوٌ من قول تَشَذَّرَ لي به من شَتْمٍ و إبعَاد، فَسِرْت إليه جواداً.
الذِّرْوُ من الحديث: ما ارتفع إليك، و ترامي من حواشيه و أطرافه، من قولهم: ذرا إليَّ فلان؛ أي ارتفع و قصد، و ذرا الشي‌ءُ و ذروتُه أنا: إِذا طيّرته. قال صخر بن حَبْنَاء:
أتاني عن مُغيرةَ ذَرْوُ قَوْلٍ و عن عيسي فَقُلْتُ له كَذَاكَا
التَّشَذُّر: التَّوَعُّد و التَغَضُّب؛ قال لَبيد:
*غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالدُّخُولِ كأنَّها «2»
*______________________________
- الأرض، فدبَّ مثل الذَّرِّ، و هزم اللّٰه المشركين. و في حديث عائشة: طيبت رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم لإحرامه بذريرة. و في حديث النخعي: يُنْثَر علي قميص الميت الذريرة. و في حديث عمر: ذُرِّي و أنا أحرُّ لك.
النهاية 2/ 157، 158.
(1) الأرباق: جمع ربقة، و هي الحبل. (لسان العرب: ربق).
(3) (*) [ذرو]: و منه حديث علي: يذرو الرواية ذَرْوَ الريح الهشيم. و في حديث أبي موسي: أُتي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم بإبل غُرِّ الذُّرَي. و الحديث: علي ذروة كل بعير شيطان. و في حديث سحر النبي صلي اللّه عليه و سلم: ببئر ذَرْوانَ.
النهاية 2/ 159، 160.
(2) عجزه:
*جن البَديِّ رواسياً أقدامُها
*الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 397
و حقيقته التميُّز من الغيظ، من قولهم: تَشَذَّرُوا؛ إذا تفرّقوا شَذَرَ مَذَرَ. و
في كلام بعضهم: غضب فطارت منه شِقّة في السماء و شِقَّة «1» في الأرض.
جواداً، أي سريعاً كالفرس الجواد، و يجوز أن يريد سيراً جواداً، كما يقال: سرنا عُقْبَةً «2» جواداً و عُقْبَتَيْن جوادين.

[ذرف]

*: قال رضي اللّٰه عنه: ذَرَفْت علي الخمسين.
يقال: ذَرَّف علي الخمسين و ذَرَفَ عليها: إذا زاد.

[ذرع]

*: إن اللّٰه تعالي أوحي إلي إبراهيم عليه السلام أن ابْنِ لي بيتاً، فضاق إبراهيمُ بذلك ذرْعاً؛ فأرسل اللّٰه إليه السَّكينة و هي ريح خَجُوج، فَتَطَوَّتْ موضع البيت كالحَجَفَة.
الذِّراع: اسم الجارحة من المَرْفِق إلي الأنامل، و الذَّرْع: مَدُّها؛ و معني ضيق الذّرع في قولهم: ضاق به ذرعاً قِصَرُها؛ كما أن معني سَعَتها و بسطتها طولها؛ أَلا تري إلي قولهم: هو قصير الذِّراع و الباع و اليد، و مديدُها و طويلُها في موضع قولهم: ضيِّقها و واسعها. و وجه التمثيل بذلك أن القَصِير الذِّراع إذا مدَّها ليتناولَ الشي‌ءَ الذي يتناوله مَنْ طالت ذِراعه تقاصر عنه، و عَجَزَ عن تعاطيه، فضُرِب مثلًا للذي سقطت طاقتُه دون بلوغ الأمر و الاقتدار عليه.
الخَجُوج: السريعة المرّ.
تَطَوَّتْ: تَفَعَّلَتْ من الطيّ.
الحَجَفَة: الدَّرَقة، و هي التُّرْس المعمول من جلود مُطَارَقة «3».
انتصب «موضعَ» علي الظرفية؛ لأنه مُبْهَم.

[ذرو]

: الزُّبير- سأل عائشة رضي اللّٰه عنهما الخروجَ إلي البَصْرَة فأبت عليه، فما زال
______________________________
- و البيت من الكامل، و هو في ديوان لبيد ص 317، و أدب الكاتب ص 520، و الأزهية ص 287، و الأشباه و النظائر 5/ 255، و الحيوان 6/ 189، و خزانة الأدب 9/ 515، 516، 519، و سر صناعة الإعراب ص 13، و لسان العرب 4/ 399. (شذر)، 15/ 443 (با)، و المعاني الكبير ص 816.
(1) الشقة: القطعة المشقوقة من لوح أو غيره.
(2) العقبة: قدر فرسخين.
(4) (*) [ذرف]: و منه في حديث العرباض: وعظنا رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم موعظة بليغة ذَرَفت منها العيون. النهاية 2/ 159.
(5) (*) [ذرع]: و منه الحديث: أن النبيّ صلي اللّه عليه و سلم أذرع ذراعيه من أسفل الجبة. و الحديث: و عليه جُمَّازة فأَذرع منها يده. و في حديث ابن عوف: قلِّدوا أمركم رَحْب الذراع. و الحديث: فَكَبُر في ذرعي. و الحديث: فكسر ذلك من ذرعي. و في صفته عليه الصلاة و السلام: كان ذريعَ المشي. و منه الحديث: فأكل أكلًا ذريعاً.
النهاية 2/ 158.
(3) جلود مطارقة: أي يطارق بعضها بعضاً.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 398
يَفْتِلُ في الذِّرْوَة و الغَارِب حتي أجابته.
هي أعلي السَّنام، من ذَرَا: إذا ارتفع.
و الغارب: ما تحت الكتفين مما يلي السَّنام.
و الفَتْل فيها: يفعله خاطُم الصَّعْب من الإبل يختِله بِذلك، فجعله مثلًا للمخادعة و الإزالة عن الرأي.

[ذرب]

: حُذَيفة رضي اللّٰه عنه- قال: يا رسول اللّٰه؛ إني رجل ذَرِب اللسان و عامّة ذلك علي أهلي، قال: فاستغفر اللّٰه.
هو حِدّةُ اللسان و بَذَاءَتُه.

[ذرع]

: الحسن رحمة اللّٰه تعالي- سئل عن القَيْ‌ء يَذْرَع الصائمَ؟ فقال: هل راع منه شي‌ء، فقال له السائل: ما أدري ما تقول؟ فقال: هل عاد منه شي‌ء؟
ذَرَعه القي‌ءُ: إذا غلبه و سبقه.
راع يريع ريعاً: إذا رجع قال:
*تَريع إليه هَوادِي الكلامِ
* و منه: تَريَّع السَّراب إذا جاء و ذهب؛ و المعني: هل عاد منه شي‌ء إلي الجوف؟

[ذري]

: أبو الزِّناد رحمه اللّٰه- كان يقول لعبد الرحمن ابنه: كيف حديث كذا؟ يريد أن يُذَرِّيَ منه.
التّذرية من الرجل: الرّفع منه و التنويه به. قال رؤبة:
*عَمْداً أُذَرِّي حَسَبِي أَنْ يُشْتَما «1»
* أي مخافَة ذلك.
ذِرْبة في (ذي). ذَرِيع المِشْية في (شذ). الأذربيّ و الأذرِيّ في (بر). ذَرْء النار في (دل). يَذْرو في (ذم). مِذْرَوَيْه في (بض). بِمذارع في (فت).

الذال مع العين

[ذعت]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- صلّي صلاةً فقال: إن الشيطانَ عَرَض لِي يَقْطَعُ الصلاةَ عليَّ، فأَمْكَنَني اللَّهُ مِنْه فَذَعَتُّه.

[ذعط]

: الذَّعْت، و الذّأت، و الذَّعط، و الذَّأط: الخَنْق؛ و قيل: الدَّعْت و الذَّعت بالدال
______________________________
(1) الرجز في لسان العرب (ذرا)، و بعده:
*لا ظالم الناس و لا مظلَّما
*الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 399
و الذال: الدّفع العنيف، و قيل: ذَعَته: مَعَكه في التُّرَاب، و ذَعَطه: ذبحه.
يقطع: في محل النصب علي الحال.

[ذعذع]

: عليّ عليه السلام- أتاه غالبٌ، فقال له: من أنت؟ فقال: غالب، فقال:
صاحب الإبل الكثيرة؟ فقال: نعم، ثم قال: ما فَعَلْتَ بإبلِكِ؟ فقال: ذَعْذَعَتْهَا النوائب، و فَرّقتها الحقوقُ. فقال: ذلك خير سُبُلها.
الذَّعْذَعة: التفريق، يقال: ذَعْذَعَ مالَه، و ذَعْذَعَهُم الدهر.
و منه
حديث ابن الزُّبير رضي اللّٰه عنهما: إن نابغة بني جَعْدة مدحه مَدْحة فقال فيها:
لِتجْبُرَ منهُ جانباً ذَعْذَعَتْ بِهِ صروفُ الليالِي و الزمانُ المُصَمِّمُ «1»
زاد الباء للتأكيد.
لا تَذْعَرُوا في (لف).

الذال مع الفاء

[ذفف]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- سُلِّط عليهم آخرَ الزمان موتُ طاعونٍ ذفيف يُحَرِّف القلوبَ و روي: يحوّف.
الذَّفيف: الوحيّ المُجْهِز. التَّحرِيف و التَّحْويف من الحرْف و الحافة، و هما الجانب و المعني: يغيّرها عن التوكل، و ينكِّبُها إياه، و يدعوها إلي الانتقال و الهرَب.
عليّ عليه السلام- أمرَ يوم الجمل فنودي: لا يُتْبَع مدبِر، و لا يُذَفَّفُ علي جريح، و لا يُقْتَل أسِيرٌ، و لا يُغْنَم لهم مال، و لا تُسْبَي لهم ذرية.
التَّذْفِيف: الإجهاز. لا يُتْبع: يحتمل أن يكون من تَبِعه و أتْبَعه.
أنس رضي اللّٰه عنه- قال سهل بن أبي أُمامة: دخلت عليه فإذا هو يصلِّي الصلاة خفيفة ذَفيفةً، كأنها صلاة مسافر.
هي السريعة. قال الأعشي:
يطوف بها ساقٍ علينا مُنَطَّفٌ خفيفٌ ذفيفٌ لا يزال مقدَّما «2»
و ذِفْرَاهُ في (حو). و ذَفّف عليه في (دف).
______________________________
(1) البيت في ديوان النابغة الجعدي ص 204.
(3) (*) [ذفف]: و منه الحديث: أنه قال لبلال: إني سمعت ذفَّ نعليك في الجنة. و في حديث الحسن: و إن ذفَّفتْ بهم الهماليج. و حديث ابن مسعود: فذفَّفت علي أبي جهل. النهاية 2/ 162.
(2) البيت في ديوان الأعشي ص 293، و روايته في الديوان
« … ساق علينا مقوَّمٌ»
بدل
« … ساق علينا منطَّفٌ»
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 400‌

الذال مع القاف

[ذقن]

*: عمر رضي اللّٰه عنه- إن عمران بن سَوادة أخا بني لَيْثٍ قال له: أربعُ خصالٍ عاتَبَتْك عليها رَعِيَّتُك. فوضع عُود الدِّرة، ثم ذَقَّن عليها، و قال: هاتِ، قال: ذكَروا أنك حَرَّمتَ العُمْرَة في أشهر الحَجّ. قال عمر: أجلْ؛ إنكُم إن اعْتَمَرْتُمْ في أشْهر حَجِّكم رأيتموها مُجْزِئَةً عن حجِّكم. فقَرِع حَجُّكم، فكانت قَائبةً من قُوبٍ عامَها، و الحجُّ بهاءٌ من بهاء اللّٰه.
قال: و شكوْا منك عُنْفَ السِّياقِ و نَهْر الرَّعية. قال: فنزع الذِّرَّة، ثم مَسَحها حتي أَتَي علي سُيورها، و قال: أنا زَميل محمد في غزوة قَرْقَرَة الكُدْر «1»، ثم إنِّي و اللّٰه لأرْتَع فأُشْبِع و أُسْقِي فأُرْوِي، و أضربُ العَروضَ، و أَزْجُر العَجُول، و أذُبُّ قَدْري، و أسوقُ خَطْوي، و أرُدُّ اللَّفُوت، و أضُمُّ العَنُود، و أُكثِر الزَّجْر، و أُقِلّ الضَّرب، و أَشْهَر بالعصا، و أدْفَعُ باليد؛ و لو لا ذلك لأَغْدَرْتُ.
يقال: ذَقَّن علي يده و علي عصاه- بالتّشديد و التخفيف: إذا وضع ذَقَنه عليها.
أجل: تقع في جواب الخبر محققة له، يقال لك: قد كان أو يكون كذا، فتقول:
أجل، و لا يصلُح في جواب الاستفهام، و أمّا نعم فمحقِّقة لكلّ كلامٍ.
قَرع حَجُّكم، أي خَلا من القُوَّام به، من قولهم: أعوذ باللّٰه من قَرَع الفِنَاء؛ و هو ألّا يكون عليه غاشية و زُوّار، و أصلُه خُلُوُّ الرأس من الشَّعر.
القَائبة: البَيْضَة المُفْرِخة؛ فاعلة بمعني مَفْعولة؛ من قُبْتُها: إذا فَلقتُها، قَوْباً.
و القُوب: الفَرْخ، و منه المثل: تَبَرَّأَتْ قائبة من قُوب، يعني أنْ مكة تخلُو من الحَجِيج خُلوَّ القائبة.
انتصاب عامَها إمّا بكانت، و إمّا بما يُفهم من خبرها؛ لأن المعني: كانت خالية عامَها.
مِنْ في قوله: «مِنْ بهاءِ اللّٰه» للتبعيض أو للتبيين.
العُنْف: ضد الرّفق؛ يقال: عَنُفَ به و عليه عُنْفاً و عَنافَةً، و هو في هذه الإضافة لا يخلو إما أن يكون قد أضاف العُنْف إلي السِّياق إضافة المصدر إلي فاعله، كقولهم: سَوْق عنيفٌ.
و إما أنْ يريد عُنْفَه في السِّياق فيضيف علي سبيل الاتساع، كقوله عزَّ و علا: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهٰارِ [سبأ: 33]. بمعني بل مكركم فيهما.
______________________________
(2) (*) [ذقن]: و منه في حديث عائشة: توفي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم بين حاقنتي و ذاقنتي. النهاية 2/ 162.
(1) القرقرة: الأرض الملساء، و الكدر جمع الكدرة، من اللون، و قرقرة الكدر: موضع ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 401
النَّهْر: الزَّجْر.
الزَّمِيل: الرَّدِيف.
رَتَعت الإبل، و أرْتَعَها صاحبُها: أراد أنه في حُسْنِ سياسة الناس بهذه الغزاة كالراعي الحاذق بالرعيّة الذي يرسل الإبلَ في مرعاها و يتركها حتي تشبع، و إذا أوْرَدها تركها حتي تُرْوَي.
و يضرِب العَرُوض منها: و هو الذي يأخذ يميناً و شمالًا، حتي يردَّه إلي الطريق.
و يَذُبُّها عما لا ينبغي أن يُتسرع إليه قَدْر وُسْعِه، و يسوقُها مبلغَ خَطْوِه، أو يُسْرِع خَطْوه؛ كأنه يَسُوقه انكماشاً منه في شأنها.
و يردّ اللَّفوت: و هي التي تتلفّت و تَرُوغ- و روي: «و أنْهَز اللَّفوت»؛ و قيل: من النوق:
الضَّجُور التي تَلْتَفِت إلي حالبها لتعضَّه فينهزُها، أي يدفعُها.
و يضمّ العَنُود: المائل عن السَّنَن، و يزجُر ما دام الزَّجْر كافياً، و إنما يَضْرب إذا اضطرَّ إلي الضرب.
و يَشْهَر بالعصا، أي يرفعها مُرْهباً بها.
احتج عليهم بأنه كان يفعل هذا علي عَهْد رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم مع طاعة الناس و إذْعانهم له، فكيف لا يفعله بعده!
لأغدرت: أي لغادرت الحقَّ و الصواب، و قَصَّرت في الإيالة- و روي: لغَدَّرْتُ أي لألقيت الناس في الغَدَر، و هو سَهْل فيه حجارة. و قال أبو زيد: غَدِرَتْ أرْضنا: كَثرت حِجارتها. و الغَدَر: الحِجَارة و الشجر، و منه قولهم: فلان ثَبْتُ الغَدَر «1». و يجوز أن يكون أَغْدرْتُ بمعني غَدَرْت.
و ذاقتني في (سح).

الذال مع الكاف

[ذكا]

*: محمد بن عليٍّ عليهما السلام- ذكاة الأرض يُبْسها.
أي إذا يبست من رطوبة النجاسة فذاك تطهيرها، كما أن الذكاة تُحِلّ الذبيحة و تطيبها.
و قيل: الذكاة الحياة، من قولهم: ذكت النار، إذا حييت و اشتعلت؛ فكأن الأرضَ إذا نجِست ماتت، و إذا طهرت حييت.
______________________________
(1) فلان ثبت الغدر: أي يثبت في مواضع القتال و الجدل و الكلام.
(2) (*) [ذكا]: و منه الحديث: ذكاة الجنين ذكاة أمه. و في حديث الصيد: كلْ ما أمسكَتْ عليك كلابك ذكيٌّ و غير ذكيٍّ. النهاية 2/ 164.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 402‌

[ذكر]

*: في الحديث: القرآن ذَكَرٌ فَذَكِّرُوه.
في الذَّكَر معني الذِّكْر و النباهة، فوقع نعتَ صدْقٍ و تقريظاً في مواضعَ من كلامهم، قالوا: رجل ذَكَر للشهم الماضي في الأمور.
و منه
قول طارق مولي آل عثمان لابن الزبير رضي اللّٰه عنهم حين صُرع: و اللّٰه ما وَلدت النساء أذْكَرَ منك.
و قالوا: ذَكَرٌ و مُذَكَّر للنَّصْل المطبوع من خلاصة الحديد، فالمعني: أنَّ القرآن نبيه خطير، فاعرفوا له ذلك وصِفُوا به.
ذكاءها في (وب). أذكرت به في (عر).

الذال مع اللام

[ذلق]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و سلم- في رجْم ماعزٍ: لما أذْلَقَتْه الحجارة جَمَز- و روي: رمينَاه بجلاميد الحرَّة حتي سكت.
أذْلَقه فذلَق: إذا أجْهَده حتي يَقْلَق. و منه: أذلَقْتُ الضَّبَّ، إذا صببت الماء في جُحْرِه ليخرُجَ. و السِّنان المُذلَّق: الذي حُدِّد حتي يصيرَ ماضياً نافذاً.
جَمَز: أسرع يُهَرْول. و
عن بعض السَّلَف: اتَّق اللّٰه قبل أن يُجْمَز بك
؛ أراد الهَرْوَلَة في مَشْي حملة الجنَازة.
سكت: يعني سكوت الموت. قال المتلمّس يذكر موت عديّ بن زيد:
و لقد شفَي نفسي و أبْرَأ داءَها أخذُ الرجال بحلْقِه حتي سَكَتْ
و من الإذْلاق حديث عائشة رضي اللّٰه عنها: إنها كانت تَصُوم في السفر حتي أذْلَقَها الصوم.
و منه
الحديث: إن أيوب عليه السلام قال في مناجاته: أذْلَقَني البلاءُ فتكلَّمْت.

[ذلل]

*: عليّ عليه السلام- سُئل: ما كان ذو القرنين ركِب في مسيره يوم سار؟
______________________________
(1) (*) [ذكر]: و منه الحديث: الرجل يقاتل للذِّكْرِ، و يقاتل ليُحْمد. و منه الحديث في صفة القرآن: و هو الذِّكْر الحكيم. و في حديث عائشة: ثم جلسوا عند المذْكر حتي بدا حاجب الشمس. و في حديث علي: إن علياً يذكر فاطمة. و حديث عمر: هَبلت أمُّه لقد أذكرت به. النهاية 2/ 163.
(2) (*) [ذلق]: و منه الحديث: إنه ذلق يوم أُحد من العطش. و في حديث أم زرع: علي حدِّ سنانٍ مُذَلَّق. النهاية 2/ 165.
(3) (*) [ذلل]: و منه: كمْ من عِذق مذلَّل لأبي الدحداح. و الحديث: اللهم اسقنا ذُلُل السحاب. و في حديث ابن الزبير: بعض الذُّلِّ أبقَي للأهل و المال. النهاية 2/ 166.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 403
فقال: خُيِّر بين ذُلُلِ السَّحاب و صعابه، فاختار ذُلُلَه.
هي جمع ذَلول، و تفسيره في الحديث أنها التي لا برْق فيها و لا رعْد.
ابن مسعود رضي اللّٰه عنه- ما مِنْ شي‌ء من كتابِ اللّٰه إلا و قد جاء علي أَذْلَاله.
أيْ علي طُرُقه و وجوهه. الواحد ذِلّ. قال أبو عمرو: و يقال: ركبوا ذِلل الطريق؛ و هو ما وُطي‌ءَ منه و ذُلِّل.
و منه قول زياد: إذا رأيتموني أنْفِذ فيكم الأمر فَأَنْفِذوه علي أَذْلَاله.

[ذلي]

: فاطمة عليها السلام- ما هو إلا أن سمعت قائلًا يقول: مات رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم فاذْلَوْلَيْت حتي رأيت وجهه.
أي مضيت لوجْهِي بسرعة. و منه: اذلَوْلَتِ الريحُ: مَرّت مرًّا سهلًا؛ و هو ثلاثيٌّ كُررت عينه و زيدت واو بينهما؛ و أَصْله من ذَلَي الطعام يَذْلِيه، إذا ازْدَرَدَ لسرعة ذلك؛ و نظيره اثْنَوْنَي، من ثني يَثْنِي، فالياء في «اذلوليْت» أصليّة غير منقلبة، و في احْلَوْلَيْتُ منقلبة عن الواو.

[ذلف]

: أبو هريرة رضي اللّٰه تعالي عنه- لا تقومُ الساعة حتي تقاتِلوا قوماً صغارَ الأعينِ ذُلْفَ الآنُف.
الذَّلَف في الأنف: الشخوص في طرفه مع صغر الأرنبة؛ قال الزجاج: هو صغر الأنف، وضع جملة القلة موضع جمع الكثرة، و يحتمل أن يقلّلها لصغرها.
ذلق في (حج). فانذلق في (مد). مذلّل في (وق). مذّللة في (قن).

الذال مع الميم

[ذمم]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و سلم-
قال البَراء بن عازب: أتي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم علي بِئْرٍ ذَمَّةٍ، فَنَزَلْنَا فيها ستّةً ماحَةً.
الذَّمَّة و الذّمِيم: القليلة الماء؛ لأنها مذمومة. و منه
حديث زَمْزم: لا تُنْزَفَ و لا تُذَمّ.
الماحة: جمع مائح؛ و هو الذي يملأ الدَّلْو في أسفل البئر.
سأله الحجاج بن الحجَّاج الأسْلَمي: ما يُذْهِبُ عني مَذَمَّة الرضاع؟ فقال: غُرَّةٌ عَبْدٌ أو أمَةٌ.
______________________________
(1) (*) [ذمم]: و منه الحديث: يسعي بذمتهم أدناهم. و الحديث: ذمة المسلمين واحدة. و الحديث: قد برئت منه الذمة. و الحديث: لا تشتروا رقيق أهل الذِّمة و أرضيهم. و منه حديث أبي بكر: قد طلع في طريق معورة حزنة، و إنّ راحلته أذمَّتْ. و في حديث الشؤْم و الطيرة: ذروها ذميمةً. النهاية 2/ 168، 169.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 404
الذِّمام و المَذِمَّة، بالكسر و الفتح: الحقُّ و الحُرْمَة التي يُذَمّ مُضَيِّعها، يقال: رعيت ذِمام فلان و مَذَمَّته. و عن أبي زيد: المَذِمَّة بالكسر: الذِّمام، و بالفتح الذَّمّ. و المراد بمِذمَّة الرضاع الحق اللَّازم بسبب الرضاع، أو حق ذات الرَّضاع، فحذف المضاف.
قال النَّخَعيّ رحمه اللّٰه تعالي: كانوا يستحبّون أن يَرْضَخُوا عند فصَال الصبيّ للظئر شيئاً سوي الأجر.
عليّ عليه السلام- ذمّتي رهينة، و أنا به زعيم، لمن صَرَّحَت له العِبَر ألَّا يهيجَ علي التَّقْوَي زَرْعُ قوم، و لا يَظْمأ علي التَّقْوي سِنْخُ أصْلٍ؛ أَلَا و إنَّ أبْغَضَ خَلْقِ اللّٰه إلي اللّٰه رجلٌ قَمَشَ عِلْماً غارًّا بأَغْباش الفِتْنَة؛ عَمِياً بما في غَيْبِ الهُدْنة، سَمَّاه أشْباهُه مِنَ الناس عالماً، و لم يَغْنَ في العلم يوماً سالماً، بكَّر فاستَكْثر مما قلَّ منه فهو خَيْرٌ مما كَثُرَ، حتي إذا ما ارْتَوَي من آجِنٍ، و اكْتَنَزَ مِنْ غير طائل، قَعَدَ بين الناس قاضياً لتلخيص ما الْتَبَسَ علي غيرِه؛ إنْ نزلتْ به إحْدَي المُبْهَمَات هَيَّأَ حَشْواً رَثًّا رأياً من رأيه. فهو من قِطَعِ الشُّبُهَات في مثل غَزْلِ العنكبوت، لا يعلمُ إذا أخْطأَ؛ لأنه لا يعلم أخطأ أم أصاب؛ خَبَّاطُ عَشَوَات، رَكَّابُ جهالات، لا يعتذرُ مما لا يعلمُ فيسلَم، و لا يَعَضُّ في العلم بِضِرْسٍ قاطع فيغنم؛ يَذْرُو الرِّوَايةَ ذَرْوَ الريح الهشيم، تبكي منه الدِّماء، و تَصْرُخ منه المواريث؛ و يُسْتَحَلُّ بقضائه الفَرْجُ الحرام. لا مَلِي‌ءٌ و اللّٰه بإصدار ما وَرَدَ عليه، و لا أهلٌ لما قُرّظ به.
الذِّمَّة: العهد و الضَّمان، و يقال: هذا في ذِمَّتي و ذِمِّي، أي في ضماني. و الرَّهينة بمعني الرَّهْن كالشَّتِيمة و العَضِيهة، بمعني الشَّتْم و العضه؛ و ليست بتأْنيث رهين بمعني مَرْهُون؛ لأنَّ «فعيلًا» هذا يستوي فيه المذكّر و المؤنث؛ فلو أراد هذا لقال ذِمَّتي رهين، كما يقال: كفٌّ خَضِيب، و لحيةٌ دَهِين، إلَّا أن المصدر الذي هو الرهن و ما في معناه، أعني الرهينة، يُقامان مقام الشي‌ء المرهون، و لهذا قيل: الرُّهُن و الرِّهان و الرَّهائن. و قولهم: هو رهينة في أيديهم، و قوله:
أَبَعْدَ الذي بالنَّعْفِ نَعْفِ كُوَيْكِبٍ رَهِينة رَمْسٍ ذي تُرَاب و جَنْدَلِ
دليل علي ما قلنا.
الزَّعيم: الكَفِيل، يقال زَعَم به زَعْماً و زعامةً.
صَرَّحَت: ظهرت، و تبينت، أو بَيَنَّت له الحق و صحة الأمر، يقال: صَرَّح الشي‌ء، و صرّح بنفسه.
ألّا يَهيج متعلق برهينة، و أنْ هذه هي المخففة من الثقيلة، و قبلها جار محذوف.
التقدير: ذِمَّتي رهينة بأنه لَا يهيج؛ أي لا يجفّ.
السِّنْخ من الأصل: ما توغل منه، و منه سِنْخ السِّن الداخل في اللّحم. و سِنْخُ السَّيْف:
سِيلانُه، و المعني: ضَمَنْتُ لمن استبصر و اعْتَبَر أنَّ من اتَّقَي اللّٰه لم يَزَلْ أمرُه ناضراً، و عملُه نامياً زاكياً، و أنا بذلك كفيل؛ فالضَّمير في «به» راجع إلي المضمون الذي هو في قوله: ألّا
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 405
يهيج، و هو في التقدير مقدّم عليه لتعلّقه بالرَّهينة.
القَمْش: الجمع من هاهنا و هاهنا، و منه قُماش البيت لردي‌ء متاعه.
الغارّ: الغافل المغترّ، و قد غَرّ يغِرُّ بالكسر؛ يقال: أتتهمُ الخيلُ و هم غارُّون.
الأغباش: جمع غبَش، و هو الظُّلمة في آخر الليل، قالوا: الغَبَش، ثم الغَبَس، ثم الغَلَس.
الهُدْنة: السُّكون، هَدَن يهدِن هُدوناً و هُدْنة؛ كأنه أراد أنه مُغتَرٌّ بما أصاب من تسليم الجَهَلة له، و تَمَشِّي أمره بين أظهرهم، و ذهب عليه أنْ يتفطَّن لما هو مُدَّخَر له إذا زالت هذه الحال، و قَرَّت الأمور قرارَها، و دَفعَ إلي قوم أولي بصيرة في الدِّين من الافْتِضاح الشَّائن و بُدُوِّ العَوار، فسمَّي الحالة المسخوطة فِتْنَةً، و المرضية هُدْنةً.
لم يَغْنَ في العلم يوماً سالماً، أي لم يَلْبَث في أخذ العلم يوماً تامًّا سالماً من النقصان.
الآجن: الماء المتغير، شبَّه علمَه به.
المُبْهَمَات: المسائل المشكلة.
العَشْوَة: الظلمة: شبَّهه في تَحَيُّره و تعسُّفه بواطي‌ء العشوَة.
الضِّرْس: واحد الأضْرَاس؛ و هي عشرون ضرساً، تلي الأنياب من كلّ جانب من الفم، خمسة من أسفل، و خمسة من فوق، و هو مذكّر، و ربّما أُنِّثَ، و هذا مَثَلٌ لعدم إتقانه.
الذَّرْو: التَّطْيير و النَّسْف.
الهَشِيم: النَّبْت اليابس؛ أي يسرد الرواية بسرعةٍ كَذَرْوِ الريح.
فلان مَلِي‌ءٌ بهذا الأمر: إذا كان كاملًا في مزاولته مضطلعاً به؛ يعني عجزه عن جواب ما يُسأل عنه.
تقريظ الرجل: مدحُه حيًّا، و تأبينه أمدحُه ميّتاً.

[ذمر]

*: ابن مسعود رضي اللّٰه تعالي عنه- قال: انتهيتُ إلي أبي جهل يوم بَدْر و هو صريع، فقلت له: قد أخْزَاك اللّٰه يا عدوَّ اللّٰه، فوضعت رجلي علي مُذَمَّرِه؛ فقال: يا رُوَيْعيَ الغنم، لقد ارتقيتَ مُرْتَقًي صعباً؛ لمن الدَّبْرة؟ فقلت: للّٰه و رسوله، ثم احتززتُ رأسَه، و جئت به إلي رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم. و روي أنه قال: أعْمَدُ مِنْ سيّدٍ قتله قومُه.
______________________________
(1) (*) [ذمر]: و منه في حديث علي: إلَّا أن عثمان فضح الذمار، فقال النبيّ صلي اللّه عليه و سلم: مَهْ. و منه حديث أبي سفيان:
قال يوم الفتح: حبَّذا يوم الذمار. و الحديث: فخرج يتذمّر. و فيه حديث موسي عليه السلام: إنه كان يتذمّر علي ربه. و فيه حديث طلحة: لما أسلم إذ أُمُّه تذمره و سَبُّه. و الحديث: فجاء عمر ذامراً. و في حديث علي: ألا و إن الشيطان قد ذمر حِزْبه. و حديث صلاة الخوف: فتذامر المشركون. النهاية 2/ 167.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 406
المذمَّر: الكاهل.
الدَّبْرة- بالسكون: الهزيمة، من الإدبار، يقال: لمن الدَّبْرة؟ أي من الهازم؟ و علي من الدَّبْرة؟ أي مَنِ المهزوم؟
أعْمَدُ: من عَمَدني كذا؛ إذا أوْجَعني، فعمِدت أي وجِعت، و اشتكيت، أعْمَد: أي أتوَجّع من أن يقتلَ القومُ سيدَهم و أشتكِي، و قيل: عمِد عليه إذا غضب، فمعناه أغضَبُ من ذلك. قال ابن ميّادة:
و أعْمَدُ من قومٍ كفاهمْ أخوهُمُ صِدَام الأعادي حيث فُلَّت نُيوبُها «1»

[ذمم]

: سَلْمان رضي اللّٰه عنه- قيل له: ما يحِلّ لنا من ذِمَّتِنا؟ فقال: مِنْ عَماك إلي هُداك، و مِنْ فَقْرِك إلي غِناك.
أراد مِنْ أهلِ ذِمَّتنا.
العَمَي: ضلال الطريق؛ أي إذا ضللت طريقاً أخذت أحدَهم بأنْ يقفَك علي الطريق، و إذا مَرَرْت بحائطه أو ماله و افتقرت إلي ما يقيمك لا غنًي بك عنه، فخذ منه قَدْرَ كفايتك؛ هذا إذا صُولِحوا علي ذلك، و شُرِط عليهم و إلا فلا يحِلّ منهم إلا الجِزْيَة.
في الحديث: رُويَ في حديث يونس عليه السلام: إن الحوت قاءه رَذِيًّا ذَمًّا.
هو المفرطُ الهُزال، الهالك، و هو من الذمّ، لأنَّه تحتقِرهُ الأنْفس، و تَقْتَحِمه الأعْيُن.
فتذامروا في (ضج). ذامراً في (صب). برئت منه الذمة في (اج). أذمت في (عو).
بذمتهم في (كف).

الذال مع النون

[ذنب]

*: أنس رضي اللّٰه عنه- كان لا يقطع التَّذْنُوبَ من البُسْرِ إذا أراد أن يَفْتَضِخَه.
هو الذي بَدا فيه الإرطاب من قبَل الذَّنَبِ.
و منه
حديث ابن المسيّب: كان لا يَرَي بالتَّذْنُوبِ أن يُفْتَضخَ بأساً.
الافتضاخ: أن يُشْدخ و يُنْتَبَذ، و اسم ذلك الشراب الفَضيخ.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (عمد). و قال في اللسان نسبه الأزهري إلي ابن مقبل.
(2) (*) [ذنب]: و منه الحديث: إنه كان يكره المذنّب من البسر. و منه حديث ابن عباس: كان فرعون علي فرسٍ ذَنُوبٍ. و في حديث حذيفة: حتي يركبها اللّٰه بالملائكة فلا يمنع ذَنَبٌ تَلْعة. و الحديث: يقعد أعرابُها علي أذناب أوديتها فلا يصل إلي الحج أحدٌ. و منه حديث طبيان: و ذَنَبوا خِشانه. النهاية 2/ 170.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 407
يذنب عينه في (كس). ذنب تلعة في (مض). التّذنوبة و ما ذنب منها في (حل) فرس ذَنوب في (فق). بذنبه في (عس).

الذال مع الواو

[ذوق]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إن اللّٰه لا يحبُّ الذَّوَّاقين و لا الذَّوَّاقات.
هو استطراف النّكاح وقتاً بعد وقت.

[ذوي]

*: عمر رضي اللّٰه تعالي عنه- كان يَسْتَاكُ و هو صائم، و لكنه يَسْتَاك بعودٍ قد ذَوَي.
أي يبس.

[ذوب]

*: ابن الحَنَفيَّة رضي اللّٰه عنهما- كان يُذَوِّب لِمَّتَه.
أي يَمْشُطها و يضْفِرُ ذوائِبها؛ و القياس يُذَئِّب، لأن عين «ذؤابة» همزة. و منه قولهم:
غلام مُذَأَب: له ذُؤَابة، و أمّا ذوائب فوارد علي خلاف القياس، و القياس ذآئب، و كأنّ يذؤُب مبنيّ علي هذا.

[ذو]

: في الحديث- في صفة المهدي: قرشيٌّ يمانٍ، ليس من ذِي و لا ذو.
أي ليس ممن نسب الأذواء؛ و هم ملوك حِمْير المسمَّوْن بذي فائش و ذي رُعَيْن و ذي يزن.
هَذه الكلمة عينُها واو؛ و يشهد بذلك الأذْوَاء و الذَّوُون، و قياس لامها أن تكون ياء؛ لأنّ باب طَوَي أكثر من باب قَوِيَ، و وزنها فَعَل؛ لقولهم: ذواتا.
قُرشيّ يمانٍ، أي قرشيّ النَّسب يمانيّ المنشأ.
ذواق في (رو). ذَواقاً في (شذ). أذْوَط في (عق). وذَوْد في (فر). ذَادَة في (نج). ذُو عَهْد في (كف).
______________________________
(1) (*) [ذوق]: و منه الحديث: كانوا إذا خرجوا من عنده لا يتفرقون إلا عن ذَواق. و في حديث أحد: إن أبا سفيان لما رأي حمزة مقتولًا معفراً قال له: ذُقْ عُقَقُ. النهاية 2/ 172.
(2) (*) [ذوي]: و منه حديث جرير: يطلع عليكم رجل من ذي يمن علي وجهه مسحة من ذي مُلْكٍ. النهاية 2/ 173.
(3) (*) [ذوب]: و منه الحديث: من أسلم علي ذَوْبة أو مأْثرة فهي له. و في حديث عبد اللّٰه: فيفرح المرءُ أن يذوبَ له الحق. و في حديث الغار: فيصبح في ذُوبان الناس. النهاية 2/ 171.
الفائق في غريب الحديث، ج‌1، ص: 408‌

الذال مع الهاء

[ذهب]

*: عِكْرِمة رحمه اللّٰه- سُئل عن أذاهِبَ من بُرّ، و أذاهِبَ من شعير، فقال:
يُضَمُّ بعضُها إلي بعض، ثم تُزَكَّي.
الذَّهَبُ: مكيال لأهل اليمن، جمِع أذهاباً ثم أذاهب.
فذهبتْ في (بر).

الذال مع الياء

[ذيل]

*: ابن عُمَيْر رضي اللّٰه عنه- قال ابن عامر بن ربيعة: كان مُصْعَب بن عُمَير مُتْرَفاً يَدَّهِنُ بالعَبير، و يُذَيّلُ يُمْنَة اليَمن، و يمشي في الحَضْرَميّ، فلمّا هاجر أصابه ظَلَف شديد، فكاد يَهْمُد من الجوع.
التَّذْيِيل: تطويل الذَّيْل.
اليُمْنَة: ضَرْبٌ من بُرود اليَمن.
الحَضْرَميّ: السِّبْت المنسوب إلي حَضرموت.
الظَّلَفُ: الشدَّة.
يَهْمُد: يَهْلِك، من هَمَد الثوبُ إذا بَلِي يَهمُد، لغة في هَمَد يَهْمَد.
يدَّهن بالعبير: أي يمزِج الدُّهن بالعبيرِ فيتمزّخُ به.
الذام في (سا). ذيخا في (ضب). المذاييع في (نو).
[آخر الذال]
______________________________
(1) (*) [ذهب]: و منه في حديث جرير و ذكر الصدقة: حتي رأيت وجه رسول اللّٰه صلي اللّه عليه و سلم يتهلَّل كأنه مُذْهَبه. و في حديث علي: فبعث من اليمن بذُهَيْبة. و في حديث أيضاً: لو أراد اللّٰه أن يفتح لهم كنوز الذُّهبان لفعل.
و الحديث: كان إذا أراد الغائط أبْعد المذهب. النهاية 2/ 173.
(2) (*) [ذيل]: و منه الحديث: بات جبريل يعاتبني في إذالة الخيل. و الحديث: أذال الناس الخيل. النهاية 2/ 175.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.