سلسله المسائل الفقهیه رؤية الهلال و اختلاف الآفاق المجلد 25-26

اشارة

سرشناسه:سبحانی تبریزی، جعفر، 1308 -

عنوان و نام پديدآور:سلسله المسائل الفقهیه / تالیف جعفر السبحانی.

مشخصات نشر:قم: موسسه الامام صادق (ع)، 1430ق.= 1388.

مشخصات ظاهری:26 ج

فروست:سلسله المسائل الفقهیه؛ 1.

يادداشت:عربی.

يادداشت:چاپ دوم.

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع:احکام فقهی

موضوع:فقه تطبیقی

شناسه افزوده:موسسه امام صادق (ع)

ص: 1

رؤية الهلال و اختلاف الآفاق

ص: 2

25. رؤية الهلال و اختلاف الآفاق

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أفضل خلقه و خاتم رسله محمّد و على آله الطيّبين الطاهرين الذين هم عيبة علمه و حفظة سننه.

أمّا بعد، فانّ الإسلام عقيدة و شريعة، فالعقيدة هي الإيمان باللّه و رسله و اليوم الآخر، و الشريعة هي الأحكام الإلهية التي تكفل للبشرية الحياة الفضلى و تحقّق لها السعادة الدنيوية و الأُخروية.

و قد امتازت الشريعة الإسلامية بالشمول، و وضع الحلول لكافّة المشاكل التي تعتري الإنسان في جميع جوانب الحياة قال سبحانه: (اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ).(1)

ص: 3


1- المائدة: 3.

غير أنّ هناك مسائل فرعية اختلف فيها الفقهاء لاختلافهم فيما أثر عن مبلّغ الرسالة النبي الأكرم صلَّى الله عليه و آله و سلَّم، الأمر الّذي أدّى إلى اختلاف كلمتهم فيها، و بما أنّ الحقيقة بنت البحث فقد حاولنا في هذه الدراسات المتسلسلة أن نطرحها على طاولة البحث، عسى أن تكون وسيلة لتوحيد الكلمة و تقريب الخطى في هذا الحقل، فالخلاف فيها ليس خلافاً في جوهر الدين و أُصوله حتّى يستوجب العداء و البغضاء، و إنّما هو خلاف فيما روي عنه صلَّى الله عليه و آله و سلَّم، و هو أمر يسير في مقابل المسائل الكثيرة المتّفق عليها بين المذاهب الإسلامية.

و رائدنا في هذا السبيل قوله سبحانه: (وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ).(1)

جعفر السبحاني قم مؤسسة الإمام الصادق عليه السَّلام3.

ص: 4


1- آل عمران: 103.

رؤية الهلال و اختلاف الآفاق الصلاة و الصوم في الأراضي القطبية

اشارة

إذا هلّ الهلال و رآه قوم فهل تكون الرؤية حجّة على غيرهم في الآفاق المتباعدة و البلاد النائية؟ فيه تفصيل و لنستعرض كلمات الفقهاء:

اتّفقت كلمة الفقهاء على عدم اعتبار الرؤية في نفس البلد، بل تكفي الرؤية في خارجه، و قد استفاضت الروايات في ذلك.(1)

كما اتّفقت كلمتهم على كفاية الرؤية في بلد آخر إذا كان متحداً معه في الأُفق، كما إذا كانا متحدين في المطالع.

و نظيره ما إذا كانا مختلفين في المطالع لكن الثبوت في بلد يكون مستلزماً للثبوت في البلد الآخر بالأولوية، مثلاً إذا رُئي الهلال في البلد الشرقي فيكون حجّة بالنسبة إلى البلد الغربي، لأنّ حركة القمر من الشرق إلى الغرب، فإذا رُئي في

ص: 5


1- لاحظ الوسائل: 7، الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 10، 13، و غيره.

الشرق يكون دليلاً على تولّد الهلال تولّداً شرعياً قابلاً للرؤية عند الغروب في المشرق قبل وصوله إلى المغرب.

فهذه الموارد الثلاثة لا يُطرأ عليها الاختلاف، إنّما الكلام فيما إذا اختلف الأُفق و شوهد الهلال في البلاد الغربية فهل يكفي ذلك للبلاد الشرقية أو لا؟

و الفقهاء في هذه المسألة على طوائف ثلاث:

الأُولى: مَن لم يتعرض للمسألة و لم يصرِّح بالفرق أو بعدم الفرق بين البلاد المتقاربة و المتباعدة.

الثانية: مَن صرّح بالمسألة و فرّق بين المتباعد و المتقارب، و هم الأكثر.

الثالثة: مَن لم يفرّق بينهم و عطف المتباعد على المتقارب.

لا حاجة لذكر أسماء الطائفة الأُولى و إنّما المهم هو الإيعاز إلى أسماء الطائفتين.

من اشترط وحدة الأُفق

قد ذهب لفيف من القدماء إلى شرطية التقارب بين

ص: 6

البلدين، و أوّل من نبَّه بذلك هو شيخ الطائفة الطوسي (460385 ه).

1. قال: علامة شهر رمضان رؤية الهلال أو قيام البيّنة إلى أن قال: و متى لم يُر الهلال في البلد و رُئي خارج البلد، على ما بيّناه وجب العمل به إذا كان البلدان التي رئي فيها متقاربة بحيث لو كانت السماء مُصْحِيَة(1) و الموانع مرتفعة، لرُئي في ذلك البلد أيضاً، لاتّفاق عروضها و تقاربها، مثل بغداد و واسط و الكوفة و تكريت و الموصل، فأمّا إذا بعدت البلاد مثل بغداد و خراسان، و بغداد و مصر، فإنّ لكلّ بلد حكمَ نفسه.(2)

و لم يتعرض في كتابيه الآخرين: النهاية،(3) و لا الخلاف للمسألة.(4)

2. قال ابن حمزة (المتوفّى حوالي 550 ه): و إذا رُئي في بلد و لم ير في آخر، فإن كانا متقاربين لزم الصوم أهلهما معاً، و إن كانا متباعدين، مثل بغداد و مصر أو بلاد خراسان، لم8.

ص: 7


1- أي ذهب غيمها.
2- المبسوط: 268267/1.
3- النهاية: 150.
4- الخلاف: 391/1، المسألة 8.

يلزم أهل الآخر.(1)

3. و قال المحقّق (676602 ه): و إذا رُئي الهلال في البلاد المتقاربة كالكوفة و بغداد، وجب الصوم على ساكنيهما أجمع، دون المتباعدة، كالعراق و خراسان.(2)

و قال في المعتبر نفس ذلك القول و ذكر فتوى ابن عباس، فقال: و قد أفتى بذلك عبد اللّه بن عباس.(3) و سيوافيك فتوى ابن عباس عن التذكرة.

4. و قال العلاّمة (726648 ه) في «التذكرة»: إذا رأى الهلالَ أهلُ بلد، و لم يره أهل بلد آخر، فإن تقاربت البلدان كبغداد و الكوفة، كان حكمهما واحداً: يجب الصوم عليهما معاً، و كذا الإفطار; و إن تباعدتا كبغداد و خراسان و الحجاز و العراق، فلكلّ بلد حكمُ نفسه، قال الشيخ رحمه اللّه(4): و هو المعتمد. و به قال أبو حنيفة، و هو قول بعض الشافعية،1.

ص: 8


1- الوسيلة: 141.
2- شرائع الإسلام: 200/1.
3- المعتبر: 689/2.
4- المبسوط: 268/1.

و مذهب القاسم و سالم و إسحاق(1); لما رواه كُرَيب من أنّ أُمّ الفضل بنت الحارث بَعثتهُ إلى معاوية بالشام، قال: قدمت الشام فقضيت بها حاجتي و استهلّ عليّ رمضان، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثمّ قدمتُ المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد اللّه بن عباس و ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة; فقال: أنت رأيته؟ قلت: نعم و رآه الناس و صاموا و صام معاوية; فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل العدّة أو نراه; فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية و صيامه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول اللّه صلَّى الله عليه و آله و سلَّم.(2)

و لأنّ البُلدان المتباعدة تختلف في الرؤية باختلاف4.

ص: 9


1- فتح العزيز: 272271/6; المهذب للشيرازي: 168/1; المجموع: 273/6 و 274; حلية العلماء: 180/3; المغني: 10/3; الشرح الكبير: 7/3.
2- صحيح مسلم: 765/2 /برقم 1087; سنن الترمذي: 7776/3 /برقم 693; سنن أبي داود: 300299/2 برقم 2332; سنن النسائي: 131/4; سنن الدارقطني: 171/2 برقم 21; سنن البيهقي: 251/4.

المطالع و الأرض كرة، فجاز أن يرى الهلال في بلد و لا يظهر في آخر; لأنّ حَدَبَة(1) الأرض مانعة من رؤيته، و قد رصد ذلك أهل المعرفة، و شوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب القريبة لمن جدّ في السير نحو المشرق و بالعكس.

و قال بعض الشافعية: حكم البلاد كلّها واحد، متى رُئي الهلال في بلد و حكم بأنّه أوّل الشهر، كان ذلك الحكم ماضياً في جميع أقطار الأرض، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت، اختلفت مطالعها أو لا و به قال أحمد بن حنبل و الليث بن سعد، و بعض(2) علمائنا لأنّه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد للرؤية، و في الباقي بالشهادة، فيجب صومه; لقوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).(3)

و قوله عليه السَّلام: «فرض اللّه صوم شهر رمضان».(4) و قدى.

ص: 10


1- الحَدَبَة: ما أشرف من الأرض و غلظ و ارتفع. لسان العرب: 301/1.
2- فتح العزيز: 272/6; المجموع: 273/6 و 274; حلية العلماء: 3 برقم 181; المغني: 10/3; الشرح الكبير: 7/3.
3- البقرة: 185.
4- صحيح البخاري: 31/3; سنن النسائي: 121/4; سنن البيهقي: 201/4 نقلاً بالمعنى.

ثبت أنّ هذا اليوم منه.

و لأنّ الدَّين يحلّ به، و يقع به النذر المعلّق عليه.

و لقول الصادق عليه السَّلام: «فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه».(1)

و قال عليه السَّلام، في من صام تسعة و عشرين، قال: «إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية، قضى يوماً».(2)

و لأنّ الأرض مسطّحة، فإذا رئي في بعض البلاد عرفنا أنّ المانع في غيره شيء عارض; لأنّ الهلال ليس بمحل الرؤية.

و نمنع كونه يوماً من رمضان في حقّ الجميع; فإنّه المتنازع، و لا نسلّم التعبّد بمثل هذه الشهادة; فإنّه أوّل المسألة.

و قول الصادق عليه السَّلام محمول على البلد المقارب لبلد3.

ص: 11


1- التهذيب: 158157/4 /برقم 439; الاستبصار: 64/2 /برقم 206.
2- التهذيب: 158/4 /برقم 443.

الرؤية; جمعاً بين الأدلّة.(1)

5. و قال في «المنتهى»: إن رأى الهلال أهل بلد وجب الصوم على جميع الناس سواء تباعدت البلاد أو تقاربت. و به قال أحمد و الليث بن سعد و بعض أصحاب الشافعي، ثمّ ذكر تفصيل الشيخ بين البلاد المتباعدة، ثمّ أخذ بردّها، فخرج بالنتيجة التالية:

ان علم طلوعه في بعض الصفائح و عدم طلوعه في بعضها المتباعد منه لكروية الأرض لم يتساو حكماهما، أمّا بدون ذلك فالتساوي هو الحقّ.(2)

و على هذا فما ربما يعدّ العلاّمة في المنتهى من القائلين بعدم الفرق بين البعيد و القريب إنّما يصحّ حسب ابتداء كلامه، و أمّا بالنسبة إلى النتيجة التي وصل إليها فإنّما سوّى بين القريب و البعيد إذا لم يُعلم اختلاف مطالعهما، و إلاّ فالحكم هو الفرق بين القريب و البعيد.

6. كما أنّه قدَّس سرَّه مشى في «القواعد» على غرار2.

ص: 12


1- التذكرة: 124/6.
2- المنتهى: 593/2.

«التذكرة»، و قال: و حكم البلاد المتقاربة واحد بخلاف المتباعدة، فلو سافر إلى موضع بعيد لم يُر الهلال فيه ليلة الثلاثين تابعهم; و لو أصبح معيّداً و سار به المركب إلى موضع بعيد لم ير فيه الهلال لقرب الدرج، ففي وجوب الإمساك نظر، و لو رأى هلال رمضان ثمّ سار إلى موضع لم ير فيه، فالأقرب وجوب الصوم يوم أحد و ثلاثين.

و بالعكس يفطر يوم التاسع و العشرين.(1)

أقول: ما ذكره في الفرعين، هو الذي يُلزم به القائلون باشتراط وحدة الأُفق حيث يورد عليهم بأنّ لازم اشتراط وحدة الأُفق صوم واحد و ثلاثين يوماً في فرض و ثماني و عشرين في فرض آخر.

أمّا الأوّل ففيما إذا كان الشهر تامّاً في القريب و البعيد رُئي الهلال في الأوّل دون الثاني، و صام ثلاثين يوماً في القريب، و سار إلى البلد الآخر بعده، فلو وجبت عليه المتابعة يلزم أن يصوم ذلك اليوم، لأنّه هو اليوم الآخر من شهر رمضان في1.

ص: 13


1- قواعد الأحكام: 70/1.

ذلك القطر فيلزم أن يصوم واحداً و ثلاثين.

بخلاف ما إذا قلنا بأنّ الرؤية في القريب حجّة على البعيد، فيجب على الجميع الإفطار في ذلك اليوم، من غير فرق بين بلد رُئي فيه الهلال و ما لم ير فيه.

و أمّا الثاني ففيما إذا كان الشهر غير تام في القريب و البعيد: فلو رُئي في بلده متأخراً و في البلد البعيد متقدماً، فصام في بلده ثماني و عشرين يوماً ثمّ سار به إلى البلد الآخر، فلو وجبت المتابعة يجب أن يفطر التاسع و العشرين، لكونه في ذلك القطر يوم الفطر و كلاهما لا يلتزم به الفقيه.

7. و قال الشهيد الأوّل (734-786 ه): يصام رمضان برؤية هلاله و إن انفرد... و البلاد المتقاربة كالبصرة و بغداد متّحدة لا كبغداد و مصر، قاله الشيخ; و يحتمل ثبوت الهلال في البلاد المغربية برؤيته في البلاد المشرقية و إن تباعدت، للقطع بالرؤية عند عدم المانع.(1)

و لا يخفى انّ ما استثناه ليس مخالفاً للقول بشرطية1.

ص: 14


1- الدروس الشرعية: 285284/1.

وحدة الأُفق لما سيوافيك من أنّ هذه (الرؤية في الشرق حجّة على الغرب) خارج عن محط البحث للملازمة بين الرؤيتين.

8. و قال الشهيد الثاني (966911 ه): و إذا رُئي في البلاد المتقاربة، كالكوفة و بغداد، وجب الصوم على ساكنيهما أجمع دون المتباعدة، قال: المراد انّه إذا رُئي في أحد البلاد المتقاربة و لم ير في الباقي وجب الصوم على الجميع; بخلاف المتباعدة، فانّ لكلّ واحدة منها حكم نفسها.(1)

9. و قال المقدس الأردبيلي (المتوفّى 993 ه) عند قول المحقّق: «و المتقاربة كبغداد و الكوفة متحدة بخلاف المتباعدة».

قال: و وجهه ظاهر بعد الفرض، لأنّه إذا نظر و ما رأى في هذا البلد و رأى في بلد آخر يصدق عليه أنّه ما رأى فيفطر، لصدق الأدلة المفيدة أنّه ليس من الشهر في هذا البلد، فلا تنفع الرؤية في بلد آخر لأهل هذا البلد، و لا يستلزم الصدق.

مع أنّه علم بالفرض من مخالفة المطالع، عدمَ استلزام2.

ص: 15


1- المسالك: 52/2.

إمكان الرؤية هنا، بل قد يكون ممتنعاً.

فقول المصنِّف في «المنتهى» بعدم الفرق بعد الرؤية في بلد ما، في إيجاب الصوم و الإفطار بين المتقاربة و المتباعدة بدليل ثبوته بالرؤية في بلد، و بالشهود في آخر بعيد لما مرّ، و لأنّ الظاهر انّ المراد بمن شهد الشهر أنّهم رأوا في البلد الذي هم فيه كما هو المتبادر.(1)

10. و قال صاحب المدارك (المتوفّى 911 ه): المراد انّه إذا رُئي الهلال في إحدى البلاد المتقاربة، و هي التي لم تختلف مطالعها و لم يُر في الباقي، وجب الصوم على جميع من في تلك البلاد، بخلاف المتباعدة، فهي ما علم اختلاف مطالعها، فانّ الصوم يلزم من رأى دون من لم ير.(2)

إلى هنا تبيّن انّه لم يفت أحد إلى نهاية الألف سنة من الإمامية باتحاد حكم المتباعد و المتقارب إلاّ العلاّمة في «المنتهى»، و قد عرفت أنّه عدل عمّا ذكره في صدر كلامه إلى شيء آخر، و هو وحدة البلاد في الحكم إذا لم يعلم اختلاف6.

ص: 16


1- مجمع الفائدة و البرهان: 295/5.
2- مدارك الاحكام: 171/6.

مطالعهما.

نعم احتمل الشهيد الأوّل احتمالاً متساوياً، و قد عرفت أنّ مورده خارج عن محط البحث.

و أمّا بعد الألف، فربما نرى بعض من يرجِّح ذلك القول، و على رأسهم المحدِّث الكاشاني و تبعه الشيخ يوسف البحراني و غيرهم، و إليك بعض نصوصهم.

من لم يشترط وحدة الأُفق

قال المحدّث الكاشاني (10911007 ه) في «الوافي» بعد نقل جملة من الأخبار الدالة على القضاء بشهادة أهل بلد آخر: أنّما قال عليه السَّلام: «فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه»، لأنّه إذا رآه واحد في البلد رآه ألف كما مرّ. و الظاهر انّه لا فرق بين أن يكون ذلك البلد المشهود برؤيته فيه من البلاد القريبة من هذا البلد أو البعيدة منه، لأنّ بناء التكليف على الرؤية لا على جواز الرؤية، و لعدم انضباط القرب و البعد لجمهور الناس، و لإطلاق اللفظ، فما اشتهر بين متأخري أصحابنا من الفرق ثمّ اختلافهم في تفسير القرب و البعد بالاجتهاد

ص: 17

لا وجه له.(1) و سيوافيك انّ المناط هو جواز الرؤية.

و قال المحدّث البحراني (المتوفّى 1186 ه): قد صرّح جملة من الأصحاب بأنّ حكم البلاد المتقاربة كبغداد و الكوفة واحد، فإذا رُئي الهلال في أحدهما وجب الصوم على ساكنيهما، أمّا لو كانت متباعدة كبغداد و خراسان و العراق و الحجاز، فانّ لكلّ بلد حكم نفسها. و هذا الفرق عندهم مبني على كروية الأرض و أمّا مع القول بعدمها فالتساوي هو الحقّ.(2)

الظاهر تصحيح النزاع على القول بكرويتها، و إن كان على القول بكونها مسطحة غير صحيح كما سيوافيك.

و قد تبعهما النراقي في «المستند»، و قال: الحقّ كفاية الرؤية في أحد البلدين للبلد الآخر مطلقاً سواء أ كان البلدان متقاربين أو متباعدين كثيراً، لأنّ اختلاف حكمهما موقوف على العلم بأمرين لا يحصل العلم بهما البتة.(3)0.

ص: 18


1- الوافي: 121120/11.
2- الحدائق الناضرة: 263/13.
3- مستند الشيعة: 424/10.

و قال في الجواهر (12661200 ه): إن علم طلوعه في بعض الأصقاع و عدم طلوعه في بعضها للتباعد عنه لكروية الأرض لم يتساو أحكامهما.

ثمّ قال: و يمكن أن لا يكون كذلك ضرورة عدم اتفاق العلم بذلك عادة، فالوجوب حينئذ على الجميع مطلقاً قوي.(1)

و لا يخفى انّ ما ذكره صاحب الجواهر من عدم حصول العلم بعدم التساوي في المطالع صار بمنزلة الأُمور البديهية في هذه الأزمان حسب تقدم وسائل الاتصال و تطورها. و قد أيّد ذلك القول بعض مراجع العصر كالسيد الحكيم في مستمسكه و اختاره السيد الخوئي في «منهاج الصالحين» في إطار خاص، و هو أن تكون ليلة واحدة ليلة للبلدين و إن كانت أوّل ليلة لأحدهما، و آخر ليلة للآخر المنطبق طبعاً على النصف من الكرة الأرضية دون النصف الآخر الذي تشرق عليه الشمس عند ما تغرب عندنا بداهة انّ الآن نهار عندهم فلا معنى للحكم بأنّه أوّل ليلة من الشهر بالنسبة6.

ص: 19


1- الجواهر: 361360/16.

إليهم.(1)

هذا هو تاريخ المسألة و سيرها في الأعصار و قد علمت أنّ القول باتحاد القريب و البعيد في الحكم كان شاذاً في العشر الأُولى من القرون و إنّما خرج عن الشذوذ بعد فتوى المحدّث الكاشاني و المحدّث البحراني و صاحب المستند إلى ان اختاره السيد الخوئي قولاً في إطار خاص كما عرفت.

و قبل الخوض في أدلّة القولين نقدّم أُموراً

تلقي المزيد من الضوء على المسألة.

الأوّل:

قال علماء الفلك: إنّ القمر يدور حول نفسه، و حول الأرض في نفس الوقت

و تبدأ كلتا الدورتين معاً، و تنتهيان معاً و مدتهما شهر كامل من شهور الأرض.

الثاني:

قال علماء الفلك: إنّ حركة القمر حول الأرض معقّدة

، و انّ الفترة الزمنية بين اقترانين (أي اقتران القمر بالشمس مرّة بعد مرة) ليست على نمط واحد، بل هي تختلف من شهر إلى شهر، و هي تتراوح من 29 يوماً و 19 ساعة إلى

ص: 20


1- مستند العروة: 119/2.

29 يوماً و 5 ساعات. و هي مدة غير قليلة من الاختلاف غير انّهم حدّدوها بيوم أو يومين من أيام المحاق.

الثالث:

انّ دورة القمر حول الأرض لا يمكن أن تقلَّ عن 29 يوماً

، و قد أجمع الفقهاء على ذلك، و من ثمّ لا ترى أيّاً منهم يوصل الشهر القمري إلى 28 يوماً.

الرابع:

ما ذا يراد من وحدة الأُفق أو اختلافه؟

فانّ الأُفق ليس إلاّ المحل الذي ترى فيه السماء كأنّها منطبقة على الأرض في نهاية مدّ البصر و هي مسافة قد لا تزيد في الأرض المنبسطة على كيلومترين و نصف أو ثلاثة، فإذاً فالأُفق كدائرة حول الناظر لا يزيد قطرها على ستة كيلومترات، و هي منطقة صغيرة. بحيث يمكن تقسيم الكرة الأرضية إلى آلاف مثلها، و من المعلوم انّ المراد غير هذا.

و المراد وحدة البلدين في الطلوع و الغروب، فإذا كانا تحت خطّ واحد من نصف النهار فهما متّحدان في الأُفق.

ثمّ إنّ القمر بما انّه يتحرك من الشرق إلى الغرب، على خلاف الأرض فإنّها تسير من الغرب إلى الشرق، فإذا رُئي

ص: 21

الهلال في بقعة دلّ على أنّ الهلال تولّد في هذه البقعة، فعندئذ لا يكون دليلاً على ولادته في الآفاق الشرقية، لإمكان أن لا يخرج القمر من المحاق في سيره من المشرق إلى هذه البقعة، و لكنّه يكون دليلاً على وجود الهلال في الآفاق الغربية عند الغروب بحيث لو استهل و لم يكن هناك مانع لرُئي قطعاً كما سيوافيك.

الخامس: كيفية تكوّن الهلال؟

إنّ القمر في نفسه جرم مظلم و إنّما يكتسب النور من الشمس نتيجة المواجهة معها، فنصف منه مستنير دائماً، و النصف الآخر مظلم كذلك، غير انّ النصف المستنير لا يستبين لدينا على الدوام، بل يختلف زيادة و نقصاً حسب اختلاف سير القمر.

فانّه لدى طلوعه عن الأُفق من نقطة المشرق مقارناً لغروب الشمس بفاصل يسير في الليلة الرابعة عشرة من كلّ شهر بل الخامسة عشرة فيما لو كان الشهر تامّاً يكون تمام النصف منه المتجه نحوَ الغرب مستنيراً حينئذ لمواجهته

ص: 22

الكاملة مع النيّر الأعظم، و هذا ما يطلق عليه مقابلة القمر مع الشمس، كما أنّ النصف الآخر المتجه نحو الشرق مظلم.

ثمّ إنّ هذا النور يأخذ في قوس النزول في الليالي المقبلة، و تقلُّ سعته شيئاً فشيئاً حسب اختلاف سير القمر إلى أن ينتهي في أواخر الشهر إلى نقطة المغرب بحيث يكون نصفه المنير مواجهاً للشمس. و هذا ما يطلق عليه مقارنة النيرين. و يكون المواجه لنا هو تمام النصف الآخر المظلم. و هذا هو الذي يعبِّر عنه بتحت الشعاع و المحاق، فلا يرى منه أي جزء، لأنّ الطرف المستنير غير مواجه لنا لا كلاً كما في الليلة الرابعة عشرة، و لا بعضاً كما في الليالي السابقة عليها أو اللاحقة.

ثمّ يخرج شيئاً فشيئاً عن تحت الشعاع و يظهر مقدار منه من ناحية الشرق و يرى بصورة ضوء عريض هلاليّ ضعيف، و هذا هو معنى تكوّن الهلال و تولّده، فمتى كان جزء منه قابلاً للرؤية و لو بنحو الموجبة الجزئية، فقد انتهى به الشهر القديم، و كان مبدأً لشهر قمري جديد.

إذاً فتكوّن الهلال عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع

ص: 23

بمقدار يكون قابلاً للرؤية و لو في الجملة.

السادس:

الشهر القمري يفترق عن الشهر الطبيعي

، و لكنّ الثاني ربما لا يشكّل بداية الشهر الشرعي، ما لم يتكون الهلال بصورة قابلة للرؤية عند الغروب، و لذا يتأخر الشهر الشرعي عن الشهر الطبيعي باستمرار، لاستحالة أن يتولّد الهلال من أوّل أمره عريضاً قابلاً للرؤية.

و بعبارة أُخرى: انّ القمر إذا بدأ بالخروج من مقارنة النيّر الأعظم متحركاً إلى جانب الغرب يتحقّق الشهر الطبيعي أو الفلكي، و مع ذلك لا يرى في السماء عند الغروب إلاّ إذا انتهت حركته إلى درجة تؤهله للرؤية، و يذكر الفلكيون انّ القمر إذا وصل إلى الدرجة السادسة من دائرة حركته يكون صالحاً للرؤية بالعين المجردة، و لذلك ربما يتوقف على تأخر ليلة كاملة من ولادته الطبيعية.

السابع:

انّ القمر يبدأ بحركته من الشرق إلى الغرب

، و يخرج من مقارنة النير الأعظم متوجهاً إلى جانبه شيئاً فشيئاً إلى أن يتولد الهلال القابل للرؤية عند الغروب، فإذا رُئي يكون

ص: 24

دليلاً على إمكان رؤيته في الآفاق الغربية، لأن سير القمر يكون باتجاهها و إذا وصل إليها ربما يكون النور فيه قد ازداد.

و لذلك ربما يقال: إنّ الرؤية في الآفاق الشرقية دليل على إمكان رؤيته في الآفاق الغربية، بل ربما يكون رؤية الهلال فيها أكثر وضوحاً من الآفاق الشرقية، و هذا بخلاف العكس، فإذا رُئي في الآفاق الغربية لا يكون دليلاً على إمكان رؤيته في الآفاق الشرقية عند غروب فيها، لإمكان تولّد الهلال القابل للرؤية بعد تجاوزه الآفاق الشرقية.

الثامن:

إذا خرج القمر عن المحاق و تكوّن الهلال الشرعي على وجه صار قابلاً للرؤية

لأوّل وهلة في أُفق خاص بحيث لم يكن هناك أي هلال قبلها. فعندئذ تكون نسبة الآفاق إلى ذلك الأُفق مختلفة حسب اختلافها في طول البلد.

فالآفاق الواقعة غرب ذلك الأُفق بين آخر نهارها أو وسط نهارها أو أوائل فجرها، كما أنّ الآفاق الشرقية غطها الليل فهي بين وسط الليل أو آخره.

فما هو المنهج المتبع للتعرف على بداية الشهر القمري؟

ص: 25

هناك احتمالات:

1. أن يكون ثبوت الشهر أمراً مطلقاً لا نسبياً بمعنى أنّ تكوّن الهلال و صيرورته قابلاً للرؤية في نقطة من نقاط العالم، يكون سبباً لثبوت الشهر الشرعي في جميع العالم.

و بعبارة أُخرى: خروج القمر عن المحاق وقت الغروب في نقطة، يعد بداية الشهر القمري لعامة الآفاق.

2. أن يكون ثبوت الشهر في نقطة من نقاط العالم سبباً لثبوت الشهر الشرعي في الآفاق التي تشترك مع هذا الأُفق في جزء من الليل و إن كان ساعة واحدة من غير فرق بين الآفاق الغربية و الشرقية، و على هذا يكون ثبوت الشهر أمراً نسبياً لكن في دائرة كبيرة و يشارك هذا الوجه مع الوجه الأوّل في أنّ خروج القمر عن تحت الشعاع في نقطة وقت الغروب، يكون بداية الشهر الشرعي في البلاد التي تشارك بلد الرؤية في جزء من الليل.

3. أن يكون إمكان الرؤية الذي هو أوّل الولادة الشرعية للهلال سبباً لكونه شهراً شرعياً للنقاط التي يُرى فيها الهلال عند غروبهم إذا لم يكن هناك مانع، كما هو الحال في

ص: 26

الآفاق الغربية بالنسبة إلى الأُفق الذي رُئي فيه الهلال، و لكن لا يتّسم الزمان بالشهر الشرعي إلاّ بعد غروب الشمس في كلّ أُفق على نحو يمكن للإنسان رؤية الهلال إذا لم تكن موانع و عوائق.

أمّا الاحتمال الأوّل فهذا مما لا يمكن الالتزام به، إذ معنى ذلك أن نلتزم ببدء الشهر فيه من ثلث الليل و نصفه و يكون ذاك بداية الشهر الشرعي في تلك الآفاق.

و الثاني هو خيرة المحقّق الخوئي كما سيوافيك، و هو أخف إشكالاً من الأوّل، و هو يشارك الأوّل في الإشكال في بعض النقاط.

و أمّا الثالث و هو نقيّ عن الإشكال، إنّما الكلام في ما يستفاده من الروايات.

التاسع: انّ الصوم و الإفطار و إن علّق على الرؤية في كثير من الروايات، لكنّ الرؤية طريق إلى العلم بخروج القمر عن المحاق، و يدلّ على ذلك أُمور:

1. إقامة البيّنة مقام الرؤية، و هذا دليل على أنّ الرؤية مأخوذة بنحو الكاشفية، فلو كشف عن الهلال حجّة شرعية

ص: 27

تقوم مقامها.

2. عدّ الثلاثين من أوّل يوم رُئي فيه الهلال حيث يحكم بخروج الشهر السابق و دخول اللاحق.

3. وجوب قضاء صوم يوم الشك إذا أفطر لعدم ثبوت الهلال ثمّ ثبت ولادة الهلال في ليلة ذلك اليوم.

4. إذا رُئي الهلال في ليلة التاسع و العشرين من صومه انكشف انّه أفطر في شهر رمضان يوماً.

5. إذا صام بنية آخر شعبان فتبيّن انّه من رمضان، فقد صحّ صومه. و هذه الفروع كلّها منصوصة، و قد أفتى على ضوئها العلماء، و هذا يكشف عن كون الرؤية أخذت طريقاً لوجود الهلال في الأُفق وقت المغرب.

العاشر: قد عرفت أنّ الموضوع هو الرؤية، فهل هي منصرفة إلى العين العادية أو يعمّها و العين ذات البصر

ص: 28

الحاد، و على كلّ تقدير فهل الموضوع هو الرؤية بالعين المجردة أو يعمّ الرؤية بالعين المسلحة المستندة إلى النظارات القوية؟

المشهور هو الأوّل، فلا تكفي الرؤية بعين ذات البصر الحاد كما لا تكفي الرؤية بالآلات الرصدية، و ما هذا إلاّ للانصراف.

نعم لا بأس بالاستعانة بالنظارات لتعيين المحل، ثمّ النظر بالعين المجردة، فإذا كان قابلاً للرؤية و لو بالاستعانة بتلك الآلات في تحقيق المقدمات كفى و ثبت الهلال.(1) و لكن يمكن التفريق بين الرؤية بالعين ذات البصر الحاد، فإذا افترضنا في بلد يوجد فيها ثقتان لهما حدة البصر فرأيا الهلال بالعين المجرّدة، و شهدا عند الحاكم فهل عليهما أن يصوما أو لا؟

و على الفرض الأوّل هل تقبل شهادتهما عند الحاكم أو ترد؟

لا أظن أن يلتزم الفقيه بعدم وجوب الصوم عليهما، كيف و هو على خلاف النص.

1. روى علي بن جعفر أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السَّلام عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده لا2.

ص: 29


1- مستند العروة الوثقى: 119117/2.

يبصره غيره، أ له أن يصوم؟ قال: «إذا لم يشك فليفطر و إلاّ فليصم مع الناس».(1)

2. روى علي بن جعفر في كتابه عن أخيه، قال: سألته عمّن يرى هلال شهر رمضان وحده لا يبصره غيره أ له أن يصوم؟ فقال: «إذا لم يشك فيه فليصم وحده و إلاّ يصوم مع الناس إذا صاموا».(2)

و إنّما الكلام في الثاني، فهل للحاكم أن يرد شهادتهما مع علمه بوثاقتهما و عدم كون المورد مظنة الخطأ، لأنّه إنّما يكون كذلك إذا كان الجوّ صحواً و ادّعى رجلان الرؤية و لم يكونا من ذوي البصر الحاد، و يؤيد ذلك انّهما لو ادّعيا الرؤية و رُئي الهلال في ليلة التاسع و العشرين فليس للحاكم إلاّ الحكم بالإفطار و الأخذ بقولهما.

إنّما الكلام في الرؤية بالآلات الرصدية، فالظاهر انصراف النص عنه، و قد عرفت الفرق بين الولادة الطبيعية للهلال و الولادة الشرعية، و انّ الثاني إنّما يتم إذا خرج القمر2.

ص: 30


1- الوسائل: 7، الباب 4 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1 و 2.
2- الوسائل: 7، الباب 4 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1 و 2.

عن مقارنة الشمس بست درجات، فما تُريه النظارات فإنّما تثبت الهلال الطبيعي لا الهلال الشرعي، و إن شئت قلت: الشهر الطبيعي لا الشهر القمري.

إذا عرفت هذه الأُمور فلنرجع إلى بيان أدلّة القولين، فنقول:

تحليل نظرية اشتراط وحدة الأُفق

إذا وقفت على هذه الأُمور فلندخل في صلب الموضوع و نقدم دليل من قال باشتراط وحدة الأُفق،

فقد استدلوا أو يمكن الاستدلال على ذلك بوجهين تاليين:

الأوّل: خروج القمر عن المحاق كشروق الشمس

إنّ خروج القمر عن تحت الشعاع أشبه بشروق الشمس و غروبها، فكما انّ لكلّ أُفق مشرقاً و مغرباً حسب اختلاف البلدان حيث إنّ الأرض بمقتضى كرويتها و حركتها الوضعية يكون النصف منها مواجهاً للشمس دائماً و النصف

ص: 31

الآخر غير مواجه، و يعبِّر عن الأوّل بقوس النهار و عن الثاني بقوس الليل، و هذان القوسان في حركة و انتقال دائماً حسب حركة الأرض حول نفسها، و لذلك يكون هناك مشارق و مغارب حسب اختلاف درجاتها.

و هكذا الهلال و خروج القمر عن تحت الشعاع، فانّه يختلف حسب اختلاف الآفاق، فربما يخرج القمر من بقعة عنه و يُرى الجزء القليل من وجهه المضاء، دون بقعة أُخرى، و يظهر ذلك بوضوح إذا علمنا انّ القمر يسير من الشرق إلى الغرب، فلو رئي في بلد دل على خروجه عنه في ذلك الوقت، لا يكشف ذلك عن خروجه عنه في البلد الواقع في شرقه، إذ لعلّ القمر وقت غروب الشمس عنه كان في المحاق.

هذا هو الاستدلال المعروف و قد يؤاخذ عليه بالتالي:

وجود الفرق بين شروق الشمس و غروبها و طلوع الهلال، لأنّه يتحقّق في كلّ آن شروق في نقطة من الأرض و غروب في نقطة أُخرى مقابلة لها، و ذلك لأنّ هذه الحالات

ص: 32

إنّما تنتزع من كيفية اتجاه الكرة الأرضية مع الشمس، فهي نسبة قائمة بين الأرض و الشمس، و بما انّ الأرض لا تزال في تبدّل و انتقال، فتختلف تلك النسب حسب اختلاف جهة الأرض مع الشمس، و هذا بخلاف الهلال فانّه إنّما يتولد و يتكون من كيفية نسبة القمر إلى الشمس من دون مدخل لوجود الكرة الأرضية في ذلك بوجه، بحيث لو فرضنا خلوّ الفضاء عنها رأساً لكان القمر متشكلاً بشتى أشكاله من هلاله إلى بدره و بالعكس كما نشاهدها الآن.

و بعبارة أُخرى: انّ الهلال عبارة عن خروجه تحت الشعاع بمقدار يكون قابلاً للرؤية و لو في الجملة، و هذا كما ترى أمر واقعي وجداني لا يختلف فيه بلد عن بلد و لا صقع عن صقع، لأنّه كما عرفت نسبة بين القمر و الشمس لا بينه و بين الأرض، فلا تأثير لاختلاف بقاعها في حدوث هذه الظاهرة الكونية في جو الفضاء، و على هذا يكون حدوثها، بداية شهر قمري لجميع بقاع الأرض على اختلاف مشارقها و مغاربها و إن لم ير الهلال في بعض مناطقها لمانع خارجي من

ص: 33

شعاع الشمس أو كُرويّة الأرض.(1)

يلاحظ عليه: أنّ ما ذكره من أنّ الشروق نسبة قائمة بين الشمس و الأرض بخلاف خروج القمر من المحاق فانّها نسبة بين الشمس و القمر، غير تام.

و ذلك لعدم التفاوت بينهما حيث إنّ وجه القمر المقابل للشمس، مستنير أبداً و الوجه المخالف مظلم كذلك، و لا يتصور في الجانب المستنير الهلال و لا التربيع و لا التثليث و لا البدر إلاّ بالإضافة إلى الأرض و فرض الناظر فيه، ففي حالة المقارنة يكون وجه القمر المظلم إلى الأرض، و الوجه المستنير كلّه إلى الشمس و إذا بدأ بالخروج عن المحاق يبدو نور عريض حول القمر بالنسبة إلى الأرض و الناظر المفروض فيه ثمّ لم يلبث يتحرك حتى يصل إلى التربيع بحيث يكون نصف الوجه المقابل مستنيراً و نصفه في ظلمة إلى أن يصل إلى التثليث و البدر.

فلو لم يكن هناك أرض و لا ناظر مفروض بحيث جرد2.

ص: 34


1- مستند العروة: 117/2.

النظر إلى الشمس و القمر، فلا يتحقق فيه تلك الحالات الأربع: الهلال، التربيع، التثليث، و البدر، بل ليس هناك إلاّ حالة واحدة و هي كون نصف منه مظلم و نصف منه مستنير، و يدلّ على ذلك انّه لو فرض ناظر يرى القمر في كوكب آخر غير الأرض لما يراه هلالاً فاتضحت بذلك صحّة قياس بزوغ القمر ببزوغ الشمس، فكما أنّ هناك مشارق و مغارب فهناك أيضاً بزوغات للقمر حسب اختلاف المناطق.

الثاني: الميقات هو وجود الهلال عند الغروب

إنّ المستفاد من الأدلّة هو الاحتمال الثالث في تحقّق الشهر الشرعي، قال سبحانه: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الْحَجِّ وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ).(1)

سأل الناس عن أحوال الأهلّة في زيادتها و نقصانها9.

ص: 35


1- البقرة: 189.

و وجه الحكمة فأمر رسول اللّه صلَّى الله عليه و آله و سلَّم بأن يقول لهم بأنّ وجه الحكمة في زيادة القمر و نقصانه ما يتعلّق بمصالح دينهم و دنياهم، لأنّ الهلال لو كان مدوّراً أبداً مثل الشمس لم يمكن التوقيت به فهي مواقيت للناس في دنياهم و عبادتهم.

فجعل المقياس هو الهلال و ليس الهلال إلاّ رؤية خيط عريض وقت الغروب، و لذلك سمّي الهلال هلالاً، لأنّه حين يُرى يهلُّ الناس بذكره.

فالميقات ليس تكوّن الهلال في وقت من الأوقات و خروجه عن المحاق مطلقاً، بل تكوّنه و رؤيته عند الغروب، و هذا القيد هو المهمّ في هذا الاستدلال، و المتبادر من الآية بحكم كونه خطاباً لعامّة الناس في أقطار الأرض و أيّ جزء منها، هو انّ ميقات كلّ إنسان هو هلاله وقت غروب الشمس عن أراضيه، و على ذلك فلا تكون الرؤية في بقعة من البقاع دليلاً على دخول الشهر في جميع الآفاق أو الآفاق التي تشارك معها في جزء من الليل، إذ لو التزمنا بذلك يلزم أن يكون بدء الشهر فيه هلاله المتحقّق في

ص: 36

ثلث الليل أو نصفه مع أنّ الميقات هو هلاله وقت الغروب في أراضيه.

و إن شئت قلت: الهلال المتكوّن لدى الغروب حدوثاً أو بقاء كما في الآفاق الغربية. و لو قلنا بأنّ الرؤية في الآفاق الشرقية حجة على الآفاق الغربية ليس معناه انّ اللحظة التي رُئي فيها الهلال في الأُفق الشرقي هو ابتداء الشهر القمري للمناطق الغربية في تلك اللحظة، بل يبتدأ الشهر الشرعي بغروب الشمس فيها في تلك المناطق.

كلام لبعض المحقّقين حول الآية

ثمّ إنّ بعض المحقّقين ذكر في تفسير الآية ما يلي: «الهلال عنوان للقمر في حالة خاصة له و هي الخروج من تحت شعاع الشمس، فالقمر في حالته هذه علامة للناس، و هذه الحالة وحدها لم يعتبر فيها أن تكون مرئية للناس و إنّما الخروج من تحت شعاع الشمس تمام ماهيتها فلم تتقيد بالرؤية و لا

ص: 37

بحالة من حالات الأرض مثل أن تتقيد برؤية هذا البلد أو غيره أو تتقيد بأن يرى الهلال مثلاً خلال عشر دقائق بعد الغروب أو نحوه و هذا تمام ملاك الهلال.(1)

يلاحظ عليه: أنّه سبحانه جعل الهلال ميقاتاً للناس و ليس الهلال مجرّد خروج القمر عن مقارنة الشمس أو عن تحت الشعاع أو ما شئت فعبر، بل خروجه عنها عند الغروب، فلو خرج القمر عنها عند الظهر أو قبل ساعات من الغروب عنها، لم يتحقّق الشهر الشرعي بل يكون منوطاً بخروجه عنها حدوثاً أو بقاءً عند الغروب على نحو يكون «الخروج عند الغروب» بكلا النحوين محقِّقاً لمعنى الهلال، و هذا النوع من الزمان جعل مبدأً للشهر الشرعي، لا قبله، و لا بعده.

و على هذا فلو رُئي الهلال في العراق و لم يُر في الصين الذي يبتعد عنه بست ساعات، و يكون غروب العراق منتصف ليل الصين، فهل يا ترى أنّ الآية تشمل تلك المناطق الشرقية و يخاطبهم بدخول الشهر الشرعي و هم في آناء الليل8.

ص: 38


1- مجلة فقه أهل البيت، العدد 1211، مقالة المحقّق الشيخ الخزعلي: 198.

مع أنّ الآية تدقّ مسامعهم بأنّ الميقات هو الهلال المتبادر منها هلال أُفقهم؟

و بعبارة أُخرى: المتبادر انّ الميقات هو هلال كلّ منطقة لأهلها عند غروب الشمس عن أراضيهم.

فما ذكره ذلك المحقّق تبعاً للسيد المحقّق الخوئي قدَّس سرَّه حول الهلال و انّه عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع بمقدار يكون قابلاً للرؤية و لو في الجملة صحيح، لكنّه ليس تمام الموضوع لابتداء الشهر الشرعي، بل يجب أن ينضم إليه، كلمة «عند الغروب» و هذا القيد كالمقوم لما يفهم من لفظ الهلال الذي وقع موضوع للحكم و ميقاتاً للناس. و من المعلوم انّه متحقّق في بلد الرؤية حدوثاً، و لما يليه من الآفاق الغربية بقاء، دون الآفاق الشرقية له، فلم يتكون فيه لا حدوثاً و لا بقاء و قد سار القمر فيها و هو تحت الشعاع و المحاق عند غروب الشمس عن آفاقهم. و بذلك يظهر النظر في بقية كلامه، حيث قال:

المدار هو العلم، و الرؤية طريق العلم خصوصاً و قد قورنت في الروايات بهذه الكلمة لا بالرأي و التظنّي. فنستفيد

ص: 39

انّ الأئمّة عليهم السَّلام أكدوا على أن لا يستند الناس إلى الآراء الحدسية و الظنون الفاشلة، بل إلى الرؤية المؤدّية إلى العلم، فإذا لم يكن الهلال مقيداً بقيد سوى كونه هلالاً و لم تكن الرؤية إلاّ طريقاً للعلم به، فإن علمت به و أنا في الساعة الرابعة من الليل، أ فلا يصدق انّ القمر خرج الآن من تحت الشعاع و انّ هذا الليل الذي قد غشينا ليل رُئي فيه الهلال و علم فيه بخروج القمر من تحت الشعاع و قد أخذ القمر في بداية شهر جديد؟

أو لست أنا الآن في شهر جديد و قد علمت علماً يقيناً غير ذي شك بأنّ الهلال قد أخذ في طريق ما سخّر له، و هذا لعمري من الوضوح بمكان.(1)

يلاحظ عليه: أنّ ما ذكره من الرؤية طريق للعلم أمر صحيح و قد أشار إلى برهانه، إنّما الكلام في قوله «انا إذا كنت في الساعة الرابعة من الليل في الآفاق الشرقية و علمت أنّ القمر خرج الآن عن تحت الشعاع من الآفاق الغربية، أ فلا9.

ص: 40


1- مجلة فقه أهل البيت، العدد 1211 مقالة الشيخ الخز علي: 199.

يصدق انّه خرج عن تحت الشعاع في هذا الآن» و ذلك لأنّ المعلوم ليس تمام الموضوع و لذا لو علمنا به قبل الغروب، لا يحكم على ذلك الوقت بداية الشهر الجديد، بل هو جزء الموضوع و يجب أن ينضم إليه قيد آخر، و هو خروج القمر عن تحت الشعاع وقت الغروب حتى يكون بداية الشهر الجديد، و هو طبعاً يتضيق ببلد الرؤية و ما يليه من الآفاق الغربية لا الشرقية.

و القول بأنّ الخروج عن تحت الشعاع في غرب ما، يعدّ هلالاً، للبلاد التي لم يخرج فيه عنه وقت الغروب، أمر لا يلائم ظاهر الآية و لا يصار إليه إلاّ بدليل صريح.

أدلّة القائلين بعدم شرطية وحدة الأُفق

استدلّ القائلون بعدم شرطية الوحدة بوجوه نقلية نأتي بها:

الأوّل: إطلاق أدلّة البيّنة

إنّ مقتضى إطلاقات نصوص البيّنة الواردة في رؤية

ص: 41

الهلال ليوم الشكّ في رمضان أو شوال و أنّه في الأوّل يقضي يوماً لو أفطر، هو عدم الفرق بين ما إذا كانت الرؤية في بلد الصائم أو غيره المتحد معه في الأُفق أو المختلف. و دعوى الانصراف إلى أهل البلد كما ترى سيما مع التصريح في بعضها بأنّ الشاهدين يدخلان المصر و يخرجان كما تقدّم(1) فهي طبعاً تشمل الشهادة الحاملة من غير البلد على إطلاقها.(2)

يلاحظ عليه: أنّ ما ادّعاه من الإطلاق صحيح حيث يعم بلد الرؤية و غيرها، و أمّا إطلاقه بالنسبة إلى المتحد في الأُفق أو المختلف بعيد جداً خصوصاً بالنسبة إلى الوسائط النقلية.

مثلاً قوله في صحيحة منصور بن حازم: «صم لرؤية الهلال و أفطر لرؤيته و إن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنّهما رأياه فاقضه»(3) ناظر إلى شاهدين مرضيين رأيا الهلال أمّا في8.

ص: 42


1- الوسائل: الجزء 7، الباب 11 من أحكام شهر رمضان، الحديث 10. لاحظ نصوص البيّنة الباب 5، الحديث 4، 9 و الباب 6، الحديث 1، 2.
2- مستند العروة: 120/2.
3- الوسائل: 7، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 8.

نفس البلد أو في بلد يقاربه على وجه يكون بينهما مسافة يوم، و من المعلوم أنّ الإنسان في الأدوار السابقة حسب وسائط النقل المتاحة آنذاك لا يقطع في يوم واحد أكثر من 60 كيلومتراً، و من المعلوم انّ هذا المقدار في الفاصل المكاني لا يؤثر في وحدة الأُفق، بل نفترض انّ الفاصل المكاني بين البلدين حوالي الخمسمائة كيلومتراً و هي منطقة واحدة في ثبوت الهلال على وجه الأرض و ليست منطقتين.

فانّ هذا و نظائره منصرف إلى البلاد التي كان يقطعها الإنسان في يوم أو يومين أو مثل ذلك لا يخرج البلدين من وحدة الأُفق.

الثاني: النصوص الخاصة

و قد استدلّ بنصوص خاصة، منها:

1. صحيحة هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه عليه السَّلام أنّه قال فيمن صام تسعة و عشرين، قال: «إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوماً».(1)3.

ص: 43


1- الوسائل: 7، الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 13.

2. صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السَّلام عن هلال شهر رمضان يغمّ علينا في تسع و عشرين من شعبان؟ قال: «لا تصم إلاّ أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه».(1)

3. صحيحة إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السَّلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان؟ فقال: «لا تصمه إلاّ أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر أنّهم رأوه فاقضه».(2)

4. صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السَّلام انّه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان؟ فقال: «لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، و قال: لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلاّ أن يقضي3.

ص: 44


1- الوسائل: 7، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 9.
2- الوسائل: 7، الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 3.

أهل الأمصار، فإن فعلوا فصمه».(1)

دلّت بمقتضى إطلاقها على أنّ الرؤية و الثبوت في مصر كافية لسائر البلاد و لم يقيد بوحدة الأُفق.

أقول: إنّ الاستدلال بهذه الإطلاقات مع العلم بأنّ الوسائل النقلية المتاحة آنذاك كانت محدودة جداً، فالمسافر الذي ينقل الخبر يأتي من بلد إلى بلد تكون المسافة بينهما خمسين كيلومتراً أو قريباً منه، و هذا المقدار من المسافة بل أكثر منها بكثير كما عرفت لا تؤثر في وحدة الأُفق، و قلّما يتفق أن يخرج إنسان من مصر و يدخل بغداد حاملاً خبر الهلال، و يكون قوله حجّة لأهل بغداد التي تقع في الجانب الشرقي بالنسبة إلى مصر، و إن كنت في شك فلاحظ حديث الخزّاز حيث يقول: «و إذا كانت في السماء علّة قبلت شهادة رجلين يدخلان و يخرجان من مصر».(2)

فانّ الخبر ظاهر في أنّ البيّنة رأت الهلال قبل يوم0.

ص: 45


1- الوسائل: 7، الباب 12 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1.
2- الوسائل: 7، الباب 11. من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 10.

و دخلت مصر بعد يوم و من المعلوم انّ مثل هذا لا يصدق على المسافات الشاسعة.

و منه يعلم انّ الاستدلال بصحيحة أبي بصير التي جاء فيها: «إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر» في غير محله. فانّ قوله «من جميع أهل الصلاة» ناظر إلى عمومية الحكم لجميع المسلمين على اختلاف مشاربهم و مذاهبهم لا على اختلاف بلادهم في الآفاق.

كما أنّ المراد من قوله: «أهل الأمصار» في نفس الصحيحة هي الأمصار المتقاربة التي كان الرجل يقطع بينهما حسب الوسائط النقلية المتوفرة في يوم أو يومين و يحمل خبر الرؤية.

***

الثالث: صحيحة محمد بن عيسى بن عبيد

روى محمد بن عيسى بن عبيد قال: كتب إليه أبو عمر(1) أخبرني يا مولاي انّه ربما أشكل علينا هلال شهرام

ص: 46


1- أبو عمر الحذاء من أصحاب الإمام الهادي عليه السَّلام

رمضان فلا نراه و نرى السماء ليست فيها علّة فيفطر الناس و نفطر معهم، و يقول قوم من الحسّاب قبلنا: إنّه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر و إفريقية و الأندلس، فهل يجوز يا مولاي ما قال الحسّاب في هذا الباب حتى يختلف الفرض على أهل الأمصار، فيكون صومهم خلاف صومنا، و فطرهم خلاف فطرنا؟

فوقع عليه السَّلام: «لا تصومنّ الشك، أفطر لرؤيته و صم لرؤيته».(1)

وجه الاستدلال: انّ السائل سأل عن قول أهل الحساب برؤية الهلال في الأندلس و افريقية، و انّه هل يمكن أن يرى فيهما و لا يرى في بغداد حتّى يكون فرضنا خلاف فرضهم، فعليهم أن يصوموا دوننا. فأجاب الإمام عليه السَّلام انّه لا صوم مع الشكّ و لم يجب سؤاله المذكور.

يلاحظ عليه: مضافاً إلى انّ السؤال دالّ على انّ المركوز في ذهن السائل انّه لو رئي الهلال في البلدين، لا تكون حجّة1.

ص: 47


1- الوسائل: الجزء 7، الباب 15 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1.

أهل العراق بشهادة انّه قال: حتّى يختلف الفرض».

انّ البلدين المذكورين في الرواية واقعان في غرب العراق الذي كان الإمام و الراوي يقطنان فيه، و قد عرفت أنّ ثبوت الهلال فيه، لا يكون على وجود الهلال في سماء البلد الشرقي عند الغروب، إذ من المحتمل جداً عدم تكونه عند غروب الشمس عنه. و عندئذ كان لإرشاد الراوي إلى الحكم الواقعي (عدم الملازمة بين التولّدين) طريقان:

الأوّل: أن يشير الإمام إلى عدم الملازمة بين الرؤيتين، لاختلاف البلدين في الأُفق، و انّ الرؤية في الآفاق الغربية لا يكون دليلاً على تكوّن الهلال و ولادته في الآفاق الشرقية، و بشرح حقيقة ذلك الأمر.

الثاني: أن يثير احتمال تطرّق الخطأ في حساب المنجّمين، خصوصاً انّ السماء كانت في العراق صافية و لم يره أحد، و هذا ما يؤيد وجود الخطأ في حسابهم. و قد اختار الإمام هذا الجواب لسهولته و قال: إنّ الصوم و الإفطار مبنيّان على اليقين دون الشك، و سكوت الإمام عن الجواب الأوّل لا يكون دليلاً على عدم اعتبار وحدة الأُفق، إذ من المحتمل أن لا

ص: 48

تكون الظروف مساعدة لإلقاء هذا النوع من الجواب.

***

تعدّد يوم العيد و ليلة القدر على كلا المنهجين

و ربما يعضد عدم اعتبار وحدة الأُفق بالدعاء المأثور في صلاة العيد: «أسألك بحقّ هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً».

فإنّه يعلم منه بوضوح انّ يوماً واحداً شخصياً يشار إليه بكلمة (هذا) هو عيد لجميع المسلمين المتشتتين في أرجاء المعمورة على اختلاف آفاقها لا لخصوص بلد دون آخر.

و هكذا الآية الشريفة الواردة في ليلة القدر و انّها خير من ألف شهر و فيها يفرق كلّ أمر حكيم، فانّها ظاهرة في أنّها ليلة واحدة معينة ذات أحكام خاصة لكافة الناس و جميع أهل العالم، لا انّ لكلّ صقع و بقعة ليلة خاصة مغايرة لبقعة أُخرى من بقاع الأرض.(1)

يلاحظ عليه: أنّه لا محيص من تعدّد يوم العيد و ليلة القدر على القول بكرويّة الأرض، و القائل بعدم اشتراط

ص: 49


1- مستند العروة: 122/2.

وحدة الأُفق قد خصَّ الحجّية بالأقطار التي تشترك في الليل و لو في جزء يسير منه، و لا يشمل النصف الآخر للكرة الذي لا يشارك تلك البقعة في ليلها، فيتعدّد يوم العيد سواء أقلنا باشتراط وحدة الأُفق أو لا، كما أنّ ليلة القدر تتعدّد حسب كرويّة الأرض.

و بذلك يظهر عدم صحّة ما أفاده صاحب الحدائق حيث قال: إنّ كلّ يوم من أيام الأُسبوع و كلّ شهر من شهور السنة أزمنة معينة معلومة نفس أمرية، كالأخبار الدالة على فضل يوم الجمعة، و ما ورد في أيّام الأعياد من الأعمال، و ما ورد في يوم الغدير و نحوه من الأيام الشريفة و ما ورد في شهر رمضان من الفضل و الأعمال، فإنّ ذلك كلّه ظاهر في أنّها عبارة عن أزمان معينة نفس أمرية.(1)

فإنّ ما ذكره مبني على كون الأرض مسطحة كما اعترف بذلك، و أمّا على القول بكرويّة الأرض فتتعدد ليالي القدر و أيّام الجمعة و أيّام رمضان على كلا القولين، نعم لا يخرج عن مقدار 24 ساعة.3.

ص: 50


1- الحدائق: 267/13.

ص: 51

ص: 52

26. الصلاة و الصوم في الأراضي القطبية

انّ الصلاة و الصوم في الأراضي القطبية من المسائل المستحدثة التي اختلفت فيها أنظار الفقهاء و لنذكر

نصّ ما جاء في العروة الوثقى:

إذا فرض كون المكلّف في المكان الّذي نهاره ستّة أشهر و ليله ستّة أشهر أو نهاره ثلاثة و ليله ستّة أو نحو ذلك فلا يبعد كون المدار في صومه و صلاته على البلدان المتعارفة المتوسّطة مخيّراً بين أفراد المتوسط، و أمّا احتمال سقوط تكليفهما عنه فبعيد كاحتمال سقوط الصوم و كون الواجب صلاة يوم واحد و ليلة واحدة، و يحتمل كون المدار بلده الذي كان متوطّناً فيه سابقاً إن كان له بلد سابق.

قد ذكر في المقام احتمالات:

ص: 53

1. المدار في صومه و صلاته على البلدان المتعارفة المتوسطة مخيّراً بين أفراد المتوسط.

2. احتمال سقوط تكليفهما عنه.

3. سقوط الصوم و كون الواجب صلاة يوم و ليلة واحدة.

4. كون المدار بلده الذي كان متوطّناً فيه سابقاً إن كان له بلد سابق.

و لا يخفى سقوط الوجوه الثلاثة الأخيرة.

سقوط الاحتمالات الثلاثة في كلامه

أمّا سقوط التكاليف و الفرائض بالمرّة فهو ممّا لا يحتمل أبداً.

أمّا وجوب صلاة يوم و ليلة فهو أيضاً مثل السابق، مع عدم تحقّق الدلوك فيما إذا كانت الليلة طويلة.

و أمّا الأخير فلعلّ وجهه الاستصحاب، لكنّه انتقض بالعبور على المناطق التي تختلف فيها الليالي و الأيام بالنسبة إلى وطنه قبل أن يصل إلى المناطق القطبية، و الصالح للبحث هو الوجه الأوّل الذي لم يستبعده الماتن، و إليك تحقيق المقام، و يتوقف على ذكر أُمور:

ص: 54

تحقيق المقام يتوقف على ذكر أمور

الأوّل: انّ لكلّ بلد طولاً و عرضاً جغرافياً

، فالأوّل عبارة عن مقدار القوس العمود من خط نصف النهار «غرينتش» إلى نصف نهار البلد. فمقدار المسافة بينهما هو طول البلد.

و أمّا العرض الجغرافي، فهو عبارة عن مقدار القوس العمود من خط الاستواء إلى ذلك البلد. فمقدار المسافة بينهما هو عرض البلد.

و بما انّ خط الاستواء دائرة تنصِّف الكرة الأرضية إلى نصفين، و بتبعه ينتصف هذا العرض الجغرافي إلى شمالي و جنوبي، فمقدار القوس من خط الاستواء إلى أن ينتهي إلى القطب الشمالي 90 درجة، و مثله القوس الممتد بين خط الاستواء إلى القطب الجنوبي.

الثاني: المناطق الواقعة بين خط الاستواء و أحد القطبين تختلف درجتها حسب بعدهما عن خط الاستواء إلى أن ينتهي إلى درجة 67

، فالمناطق الواقعة تحت ذلك العرض تعد مناطق معتدلة حيث تتمتع بليل و نهار مدة 24 ساعة و إن كان يختلفان طولاً و قصراً.

ص: 55

و أمّا المناطق الواقعة فوق 67 درجة، إلى 90 درجة فهي مناطق قطبية يختلف فيها طول الليل و النهار حسب بعدهما عن المناطق المعتدلة، و تشترك هذه المناطق في أنّها تتمتع إمّا بنهار طويل أو ليل طويل بنحو ربما يصل نهارها إلى ستة أشهر و ليلها كذلك كلّما اقتربنا من 90 درجة.

فما اشتهر على الألسن من أنّ طول النهار أو الليل في البلاد القطبية مطلقاً ستة أشهر ليس صحيحاً على إطلاقه و إنّما يختص بالنقاط المتاخمة إلى 90 درجة، و أمّا المناطق الواقعة بين هذه الدرجة و 67 درجة فيختلف طول النهار و الليل حسب قربهما و بعدهما و إن كان الجميع يتمتع بطول النهار أو الليل.

الثالث: قد عرفت أنّ بعض المناطق القريبة من 67 درجة تتمتع بليل و نهار ضمن 24 ساعة

و ربما يكون ليله 22 ساعة و نهاره ساعتين و ربما يكون بالعكس، فهذه المناطق و إن طال نهارها أو ليلها مكلفون بالفرائض حسب نهارهم و ليلهم، حسب مشرقهم و مغربهم فيصومون 22 ساعة و يقيمون الفرائض اليومية في ضمن ساعتين، و لا مناص لنا

ص: 56

من هذا القول، و لا يمكن لنا إجراء حكم النهار في الليل أو بالعكس، إنّما الكلام في المناطق الواقعة فوق هذه الدرجة التي يمرّ عليها 24 ساعة و ليس فيها ليل أو نهار، و هذه هي المسألة المطروحة في كلام الماتن.

الرابع: المتبادر من كلمات الفقهاء في تلك المسألة هو انّ الليل و النهار غير متميزين في المناطق القطبية

و انّ الزمان إمّا نهار فقط أو ليل فقط، و لذلك اختلفت كلماتهم في كيفية إقامة الفرائض فيها. و أنّه كيف يمكن أن نصلّي المغرب و العشاء و الشمس في السماء، أو نقيم الظهر و العصر و الجو ليل دامس؟!

و لذلك طرحوا فرضيات قد عرفت حالها، و بقي ما اقترحه الماتن المصنّف، و هو كون المدار في صومه و صلاته على البلدان المتعارفة المتوسطة مخيراً بين أفراد المتوسط.

مثلاً يكون المقياس مقدار النهار و الليل في المناطق المعتدلة في ذلك الفصل و التي يكون مقدار الليل و النهار فيها غير قصير و إن بلغ النهار إلى 16 ساعة و الليل إلى 8 ساعات في بعض الفصول. فيصوم بمقدار نهار المناطق المعتدلة

ص: 57

و يصلّي الظهرين، و يفطر بمقدار ليلها و يصلي فيها صلاة المغرب و العشاء. و على ذلك يجب أن يراعى مقدار الليل و النهار في كلّ فصل من فصول السنة في المناطق المعتدلة البعيدة عن المناطق القطبية.

أقول: أوّلاً: ما هو الوجه لاختيار البلدان المتعارفة المتوسطة و ترجيحها على البلاد القريبة من تلك المنطقة التي تتمتع بليل و نهار و إن كان أحدهما أقصر و الآخر أطول في ضمن 24 ساعة؟

و ثانياً: انّ العلم بمقدار نهار المناطق المعتدلة في الفصل الخاص أمر صعب المنال و لا يمكن أن يكون مثل ذلك مناطاً لعامة الناس عبر القرون خصوصاً قبل تطور وسائل الاتصال السلكية و اللاسلكية و الإسلام دين البساطة و السهولة.

إذا عرفت هذه الأُمور، فاعلم:

الصلاة في المناطق القطبية على المختار

إنّ المناطق القطبية تتمتع في عامّة الفصول بليل و نهار

ص: 58

و إن كانت تختلف كيفية الليل و النهار عن المناطق المعتدلة و بذلك تنحلّ العقدة، و يظهر ذلك في البيان التالي.

إذا كان النهار أطول من الليل و ممتداً إلى شهر أو شهرين إلى أن يصل إلى ستة أشهر، فرائدنا في تمييز النهار عن الليل هو الشمس، حيث إنّ حركتها في تلك المناطق حسب الحس حركة رحوية حيث تدور حول الأُفق مرة واحدة ضمن 24 ساعة بأوج و حضيض، فتبدأ حركتها من الشرق إلى جانب الغرب في خط قوسيّ، و كلّما ارتفعت الشمس و سارت إلى الغرب ازداد ظلّ الشاخص إلى أن يصل إلى حدّ تتوقف فيه الزيادة ثمّ ينعكس الأمر و يحدث في جانب الشرق، و عند ذلك تصل الشمس في تلك النقطة إلى نصف النهار، و يعلم بذلك أوقات الظهر و العصر، ثمّ تأخذ الشمس بالسير في هذا الخط المنحني إلى أن تنخفض نهاية الانخفاض و إن لم تغرب ثمّ تبدأ بالحركة من الغرب إلى الشرق و عند ذاك، يدخل الليل إلى أن تنتهي في حركته إلى النقطة التي ابتدأت منها.

و يُعد قُبيل وصولها إلى نقطة الشرق أوّل الفجر.

و على ذلك فحركة الشمس هو رائدنا في العلم بأوّل

ص: 59

النهار و وسطه و أوّل الليل و بدأ الفجر. و لا يتصوّر أنّ ذلك استحسان منّا، بل المناخ يؤيد ذلك، و هو انّه إذا بدأت الشمس بالحركة من الشرق إلى أن تنتهي إلى جانب الغرب يكون الجو مضيئاً جداً كنهار المناطق الاعتدالية، و عند ما انخفضت الشمس إلى جانب الغرب و بدأت بالحركة من الغرب إلى الشرق يميل الجو إلى الغبرة و الظلمة الخفيفة، و لذلك يتعامل سُكّان تلك المناطق بالحركة الأُولى للشمس معاملة النهار و بالحركة الثانية معاملة الليل، فيقيمون أعمالهم فيها و ينامون في الثانية.

و على ذلك فليس المناخ على وتيرة واحدة ضمن 24 ساعة، بل يتغير من الإضاءة إلى الغبرة، أو من الإضاءة الشديدة إلى الضعيفة، و ما ذلك إلاّ لأنّ الحركة الأُولى تلازم وجود النهار في المناطق المعتدلة كما أنّ الحركة الثانية تلازم وجود الليل فيها أيضاً. غير انّ ميلان مركز دوران الأرض حول نفسها مقدار 23/5 درجة سبَّب لأن تخيِّم الشمس عليها في بعض الفصول مدة مديدة لا ترى لها غروباً و إن كنت ترى لها ارتفاعاً و انخفاضاً.

ص: 60

هذا كلّه إذا ظلّ النهار مدّة مديدة.

و أمّا إذا انعكس بأن غمر الليلُ تلك المناطق مدة مديدة إلى أن ينتهي إلى ستة أشهر، فيعلم حكمه ممّا ذكرناه في الصورة الأُولى، فانّ الشمس و إن كانت تغرب عن تلك المناطق طول مدة طويلة لكن ليست الظلمة على نمط واحد، بل تتضاءل تارة و تزداد أُخرى، فزيادتها آية سلطة الليل في المناطق المعتدلة كما أنّ تضاؤلها علامة سلطة النهار عليها كذلك، و بذلك يمكن أن نميز النهار عن الليل حيث إنّ الزمان (24 ساعة) ينقسم إلى ظلمة دامسة (بحتة) و ظلمة داكنة أي (مزيجة بالنور الضئيل)، فيعد ظهور الظلمة الدامسة ليلاً لهم، و تكون بدايته أوّل وقت المغرب ثمّ العشاء. فإذا بدت الظلمة الداكنة التي يخالطها نور ضئيل فيعد فجراً لهم، و تستمر هذه الحالة ساعات إلى أن تحل الظلمة الدامسة، فهذا المقدار من الساعات يعد نهاراً لهم فيصام فيها، كما أنّ وسطه يعد ظهراً لهم فيقيمون الظهر و العصر.

فتبيّن من ذلك انّ المناطق القطبية أو القريبة منها على أنحاء ثلاثة:

ص: 61

الأوّل: يوجد فيها الليل و النهار بشكل متميز و إن كانا غير متساويين و لكنّ هناك شروقاً و غروباً، فيؤدي الفرائض النهارية عند الشروق، و الليلية عند الغروب و إن كان قصيراً.

الثاني: إذا كان هناك نهار طويل سواء بلغ ستة أشهر أو لم يبلغ، فبما انّ الشمس مرئية و حركتها رحوية، فإذا بدأت بحركتها من الشرق إلى الغرب يعدّ نهاراً، و إذا وصلت إلى دائرة نصف النهار يعدّ ظهراً، و إذا تمت الحركة الشرقية و أخذت بالاتجاه إلى جانب الغرب يعد ليلاً، فإذا تمت الحركة الغربية و بدأ بالحركة إلى جانب الشرق فهو أوّل فجرهم، و بذلك تتم الدورة النهارية و الليلية في 24 ساعة.

الثالث: الليل الطويل فالشمس فيها و إن كانت غير مرئية، لكن الظلمة ليست على نسق واحد، بل هي بين ظلمة دامسة و ظلمة داكنة، فعند ما تسود الأُولى يحسب ليلاً لهم و تكون بدايتها أوّل صلاة المغرب و العشاء، و إذا بدأت بالظلمة الداكنة و ظهر بصيص من النور يحسب أوّل الفجر، فإذا خفّت الظلمة يعد نهاراً لهم إلى أن يعود إلى الحالة السابقة.

ص: 62

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.