سلسله المسائل الفقهیه المسلم يرث الكافر دون العكس المجلد 20

اشارة

سرشناسه:سبحانی تبریزی، جعفر، 1308 -

عنوان و نام پديدآور:سلسله المسائل الفقهیه / تالیف جعفر السبحانی.

مشخصات نشر:قم: موسسه الامام صادق (ع)، 1430ق.= 1388.

مشخصات ظاهری:26 ج

فروست:سلسله المسائل الفقهیه؛ 1.

يادداشت:عربی.

يادداشت:چاپ دوم.

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع:احکام فقهی

موضوع:فقه تطبیقی

شناسه افزوده:موسسه امام صادق (ع)

ص: 1

المسلم يرث الكافر دون العكس

ص: 2

[20. المسلم يرث الكافر دون العكس ]

مقدمة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أفضل خلقه و خاتم رسله محمّد و على آله الطيّبين الطاهرين الذين هم عيبة علمه و حفظة سننه.

أمّا بعد، فانّ الإسلام عقيدة و شريعة، فالعقيدة هي الإيمان باللّه و رسله و اليوم الآخر، و الشريعة هي الأحكام الإلهية التي تكفل للبشرية الحياة الفضلى و تحقّق لها السعادة الدنيوية و الأُخروية.

و قد امتازت الشريعة الإسلامية بالشمول، و وضع الحلول لكافّة المشاكل التي تعتري الإنسان في جميع جوانب الحياة قال سبحانه: (اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ).(1)

ص: 3


1- المائدة: 3.

غير أنّ هناك مسائل فرعية اختلف فيها الفقهاء لاختلافهم فيما أثر عن مبلّغ الرسالة النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم)، الأمر الّذي أدّى إلى اختلاف كلمتهم فيها، و بما أنّ الحقيقة بنت البحث فقد حاولنا في هذه الدراسات المتسلسلة أن نطرحها على طاولة البحث، عسى أن تكون وسيلة لتوحيد الكلمة و تقريب الخطى في هذا الحقل، فالخلاف فيها ليس خلافاً في جوهر الدين و أُصوله حتّى يستوجب العداء و البغضاء، و إنّما هو خلاف فيما روي عنه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و هو أمر يسير في مقابل المسائل الكثيرة المتّفق عليها بين المذاهب الإسلامية.

و رائدنا في هذا السبيل قوله سبحانه: (وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ).(1)

جعفر السبحاني قم مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)3.

ص: 4


1- آل عمران: 103.

المسلم يرث الكافر دون العكس

إنّ للإرث في الفقه الإسلامي موجبات و موانع.

أمّا الموجبات له فسببان: النسب و السبب. و قد قيل:

الإرث في الشرع بأمرين وجب بالنسب الثابت شرعاً و سبب

و أمّا الموانع فهي: الكفر، و القتل، و الرقّ، فنُهمِلُ الكلامَ في المانعين الأخيرين، و نركّز على المانع الأوّل ضمن مسألتين:

من موانع الإرث الكفر و نبحث عنه في ضمن مسألتين

الأُولى: توريث الكافر من المسلم

لا يرث الكافر المسلم مطلقاً، إجماعاً محقّقاً بين المسلمين، مع تضافر الروايات عليه.

قال المفيد في «المقنعة»: و لا يرث كافر مسلماً على

ص: 5

حال.(1)

و قال الطوسي في «المبسوط»: و الكافر لا يرث المسلم بلا خلاف.(2)

و قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أنّ الكافر لا يرث المسلم.(3)

و بما انّ هذه المسألة ممّا لم يختلف فيها اثنان، و هي مورد اتفاق بين الفريقين نكتفي بهذا المقدار و نركّز البحث على المسألة الثانية.

الثانية: توريث المسلم من الكافر

هذه المسألة اختلفت فيها كلمات الفقهاء، فالإمامية و لفيف من غيرهم على أنّه يرث الكافر، و لكن الأكثرية من غيرهم على المنع.

و تحقيق الكلام في هذه المسألة التي أصبحت مثار بحث و جدل واسع بين المذهبين، يتم ببيان أُمور:0.

ص: 6


1- المقنعة: 700.
2- المبسوط: 4/79.
3- المغني: 6/340.

[تحقيق الكلام في هذه المسألة ببيان أمور ]

1 استعراض كلمات الفقهاء

1. قال الشيخ الطوسي: ذهبت الإمامية قاطبة تبعاً لأئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، و معاذ بن جبل و معاوية بن أبي سفيان من الصحابة، و مسروق و سعيد و عبد اللّه بن معقل و محمد بن الحنفية و إسحاق بن راهويه من التابعين إلى أنّ المسلم يرث الكافر.

و قال جمهور الصحابة و الفقهاء على أنّه لا يرث المسلم الكافر.(1)

2. و قال ابن قدامة: قال جمهور الصحابة و الفقهاء: لا يرث المسلم الكافر. يروى هذا عن أبي بكر و عثمان و علي و أُسامة بن زيد و جابر بن عبد اللّه، و به قال عمرو بن عثمان6.

ص: 7


1- الخلاف: 4/23، كتاب الفرائض، المسألة 16.

و عروة و الزهري و عطاء و طاوس و الحسن و عمر بن عبد العزيز و عمرو بن دينار و الثوري و أبو حنيفة و أصحابه و مالك و الشافعي و عامّة الفقهاء، و عليه العمل.

و روي عن عمر و معاذ و معاوية، أنّهم ورَّثوا المسلم من الكافر و لم يورِّثوا الكافر من المسلم. و حكي ذلك عن محمد بن الحنفية، و علي بن الحسين، و سعيد بن المسيب، و مسروق، و عبد اللّه بن معقل، و الشعبي، و النخعي، و يحيى بن يعمر، و إسحاق; و ليس بموثوق به عنهم، فإنّ أحمد قال: ليس بين الناس اختلاف في أنّ المسلم لا يرث الكافر.(1)

و جدير بالذكر انّهم ينسبون عدم الإرث إلى علي (عليه السلام) و علي بن الحسين المعروف بزين العابدين (عليه السلام) مع أنّ روايات أئمة أهل البيت متضافرة على خلافه كما سيوافيك.0.

ص: 8


1- المغني: 6/340.

2 الكتاب حجّة قطعية لا يعدل عنه إلاّ بدليل قطعي

إنّ الكتاب حجّة قطعية سنداً و دلالة في غير المجملات و المبهمات و المتشابهات و لا ترفع اليد عن مثله إلاّ بدليل قطعي آخر، فإنّ كون الكتاب حجّة ليس ككون خبر الواحد حجّة، بل هو من الحجج القطعية الذي لا يعادله شيء إلاّ نفس كلام المعصوم، لا الحاكي عنه الذي يحتمل أن يكون كلام المعصوم أو موضوعاً على لسانه، و قد سمّاه النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) في حديث الثقلين بالثقل الأكبر، و معه كيف يمكن رفع اليد عن ظواهر القرآن بخبر الواحد و إن كان ثقة؟! و لذلك قلنا في الأُصول: إنّ رفع اليد عن إطلاق

ص: 9

الكتاب و عمومه بمجرّد ورود خبر ثقة مشكل جدّاً، إلاّ إذا احتفّ الخبر بقرينة توجب اطمئنان الإنسان بصدوره من المعصوم يجعله بمثابة تسكن النفس إليه، و لأجل ذلك لم تجوّز طائفة من الأُصوليّين تخصيص القرآن بخبر الواحد.

قال الشيخ الطوسي بعد نقل الآراء في تخصيص الكتاب و تقييده بخبر الواحد:

و الذي أذهب إليه انّه لا يجوز تخصيص الكتاب بها [بأخبار الآحاد] على كلّ حال، سواء خُصّ أم لم يخصّ، بدليل متّصل أو منفصل، و الذي يدلّ على ذلك انّ عموم القرآن يوجب العلم، و خبر الواحد يوجب غلبة الظن، و لا يجوز أن يترك العلم بالظن على حال، فوجب بذلك أن لا يخصّ العموم به.(1)

و أيّده المحقّق الحلّيّ فقال: لا نسلّم انّ خبر الواحد دليل على الإطلاق، لأنّ الدلالة على العمل به، هي الإجماع على استعماله فيما لا يوجد عليه دلالة فإذا وجدت5.

ص: 10


1- عدّة الأُصول: 1/135.

الدلالة القطعية سقط وجوب العمل.(1)

و حاصل كلامهما وجود الشكّ في سعة دليل حجّية خبر الواحد، و انّه هل يعمّ ما إذا كان في المورد دليل قطعي مثل الكتاب؟! إنّ كثيراً من الأُصوليّين و إن كانوا يتعاملون مع الكتاب العزيز معاملة سائر الحجج، أعني: السنّة الحاكية، لكنّ الكتاب أعظم شأناً من أن يكون عِدْلاً لأمثالها بل هو حجة قطعية، فعموم القرآن و إطلاقاته حجّة على المجتهد إلاّ إذا وقف على حجّة أُخرى تسكن النفس إليها و يطمئن بها المجتهد، فعند ذلك يقيّد عموم القرآن و إطلاقاته به.

إذا عرفت ذلك فلندخل في صلب الموضوع و نقدّم أدلّة القائلين بالإرث على أدلّة نفاته.6.

ص: 11


1- المعارج: 46.

3 أدلّة القائلين بإرث المسلم من الكافر

استدلّ القائلون بأنّ المسلم يرث الكافر مطلقاً، كتابياً كان أو وثنياً بوجوه:

1. إطلاقات الكتاب العزيز

إنّ مقتضى إطلاقات الكتاب و عموماته، هو التوارث في الحالتين، من دون فرق بين إرث الكافر، المسلم و بالعكس، قال سبحانه:

(يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا

ص: 12

اَلنِّصْفُ ).(1)

و قال سبحانه: (وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ... ).(2)

و قال سبحانه: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ... ).(3)

غير أنّ الدليل القطعي و هو اتّفاق المسلمين قام على إخراج إرث الكافر من المسلم من تحت هذه الإطلاقات و العمومات.

و أمّا إرث المسلم من الكافر فخروجه رهن دليل قطعي تسكن إليه النفس حتّى يعد عديلاً للقرآن في الحجّية و يخصّ الكتاب أو يقيّد بهذا الدليل، فلا بدّ من دراسة الروايات التي استدلّ بها على عدم توريث المسلم من الكافر، و انّه هل هي بهذه المثابة أو لا؟ و ستتم دراسته في الفصل القادم.6.

ص: 13


1- النساء: 11.
2- النساء: 12
3- النساء: 176.

2. إجماع الإمامية على الإرث

اتّفقت الإمامية على أنّ المسلم يرث الكافر مطلقاً، و لم يختلف فيه اثنان منهم، و قد مرّت الإشارة إلى إجماع الطائفة في كلام الشيخ الطوسي، و لنذكر غيرها، حتّى يتّضح اتّفاقهم في المسألة.

1. قال المفيد (336 413 ه): و يرث أهل الإسلام بالنسب و السبب أهلَ الكفر و الإسلام، و لا يرث كافر مسلماً على كلّ حال. فإن ترك اليهودي، أو النصراني، أو المجوسي، ابناً مسلماً و ابناً على ملّته، فميراثه عند آل محمد لابنه المسلم دون الكافر; و لو ترك أخاً مسلماً و ابناً كافراً، حجب الاخُ المسلم الابنَ في الميراث و كان أحقّ به من الابن الكافر، و جرى الابن الكافر مجرى الميت في حياة أبيه، أو القاتل الممنوع بجنايته من الميراث.(1)

2. و قال السيد المرتضى (355 436 ه) في «الانتصار»: و ممّا انفردت به الإمامية عن أقوال باقي الفقهاء0.

ص: 14


1- المقنعة: 700.

في هذه الأزمان القريبة و إن كان لها موافق في متقدّم الزمان: القول بأنّ المسلم يرث الكافر و إن لم يرث الكافر، المسلم.

و قد روى الفقهاء في كتبهم موافقة الإمامية على هذا المذهب عن سيدنا علي بن الحسين (عليه السلام) و محمد بن الحنفية و عن مسروق و عبد اللّه بن معقل المزني و سعيد بن المسيب و يحيى بن يعمر و معاذ بن جبل، و معاوية بن أبي سفيان.(1)

3. و قال الطوسي (385 460 ه): و الكافر لا يرث المسلم بلا خلاف، و المسلم يرث الكافر عندنا، حربياً كان أو ذمّيّاً، أو كافر أصل، أو مرتداً عن الإسلام.(2)

4. و قال ابن زهرة (585511 ه): إنّ الكافر لا يرث المسلم، فأمّا المسلم فانّه يرث الكافر عندنا و إن بعد نسبه. و يدلّ على ذلك الإجماع الماضي ذكره، و ظاهر آيات الميراث، لأنّه إنّما يخرج من ظاهرها ما أخرجه دليل قاطع.(3)).

ص: 15


1- الانتصار: 587، المسألة 323.
2- المبسوط: 4/79.
3- غنية النزوع: 328، تحقيق مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام).

5. و قال ابن إدريس (539 598 ه): قد بيّنا فيما مضى انّ الكافر لا يرث المسلم، فأمّا المسلم فانّه يرث الكافر عندنا و إن بعد نسبه و يحجب من قرب عن الميراث بلا خلاف بيننا.(1)

6. و قال الكيدري (... 600 ه): المسلم يرث الكافر، و إن بعد نسبه، أمّا بالعكس فلا، كما مضى.(2)

7. و قال المحقّق الحلي: (602 676 ه): و يرث المسلم الكافر، أصلياً و مرتداً، و لو مات كافر و له ورثة كفّار، و وارث مسلم، كان ميراثه للمسلم.(3)

8. قال الشهيد الثاني معلّقاً على كلام المحقّق «و يرث المسلم الكافر»: هذا موضع وفاق بين الأصحاب.(4)

إلى غير ذلك من الكلمات الّتي يجدها الباحث في1.

ص: 16


1- السرائر: 3/266.
2- إصباح الشيعة بمصباح الشريعة: 370.
3- الشرائع: 2/814.
4- مسالك الأفهام: 13/31.

مظانّها، و لا حاجة إلى نقلها تفصيلاً.

و هذا النوع من الإجماع الموسوم بالإجماع المحصّل حجّة بنفسه حسب أُصول المخالفين، و كاشف عن رأي المعصوم على أُصولنا، و هو حجّة قطعية لا يعدل عنها إلى غيرها.

3. الروايات المتضافرة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)

قد تضافرت الروايات على أنّ المسلم يرث الكافر و لا عكس، و قد جمعها الشيخ الحرّ العاملي في كتاب الفرائض الباب الأوّل من أبواب موانع الإرث، و هي تناهز عشر روايات، و إليك استعراضها:

1. أخرج الصدوق بسند صحيح عن أبي ولاّد، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: «المسلم يرث امرأته الذمّيّة، و هي لا ترثه».(1)

و مورد الرواية هو إرث المسلم زوجته، و لكن المورد غير مخصّص خصوصاً بقرينة ما يأتي من المطلقات و العمومات.2.

ص: 17


1- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 1 و 2.

2. أخرج الصدوق عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «المسلم يحجب الكافر و يرثه، و الكافر لا يحجب المسلم و لا يرثه».(1)

و على ذلك فلو كان للكافر ابن كافر، و أخ مسلم يحجب الأخ إرث الابن الكافر; و الكلام في المقام في إرث المسلم، الكافر، و كونه وراء ذلك حاجباً عن إرث الكافر مسألة ثانية، و لا ملازمة عقلاً بين المسألتين، إذ يمكن الفصل بين المسألتين عقلاً، بأن يكون وارثاً، لا حاجباً.

نعم دلّت الروايات على كونه حاجباً أيضاً، فيحجب إرث الكافر من الكافر، سواء كان الحاجب متّحداً مع الممنوع في الطبقة أو متأخّراً عنه، فالولد المسلم يحجب الولد الكافر، كما أنّ الأخ المسلم يحجب إرث الولد الكافر.

3. أخرج الشيخ بسند معتبر عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا يرث الكافر المسلم، و للمسلم أن يرث2.

ص: 18


1- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 1 و 2.

الكافر، إلاّ أن يكون المسلم قد أوصى للكافر بشيء».(1)

4. أخرج الشيخ عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) في النصراني يموت و له ابن مسلم، أ يرثه؟ قال: «نعم، إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يزدنا بالإسلام إلاّ عزّاً، فنحن نرثهم و هم لا يرثوننا».(2)

5. ما أخرجه الصدوق بسند موثّق عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن المسلم هل يرث المشرك؟ قال (عليه السلام): «نعم، فأمّا المشرك فلا يرث المسلم».(3)

6. أخرج الفقيه بسند معتبر عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته، يقول: «لا يرث اليهودي و النصراني المسلمين، و يرث المسلمون اليهود و النصارى».(4)

7. أخرج الشيخ في «التهذيب» عن أبي العباس (البقباق) قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: «لا يتوارث أهل ملّتين (يرث هذا هذا، و يرث هذا هذا) إلاّ أنّ المسلم يرث7.

ص: 19


1- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 3، 4، 5، 7.
2- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 3، 4، 5، 7.
3- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 3، 4، 5، 7.
4- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 3، 4، 5، 7.

الكافر و الكافر لا يرث المسلم».(1)

8. أخرج الكليني بسند صحيح عن جميل و هشام، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انّه قال: فيما روى الناس عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) أنّه قال: «لا يتوارث أهل ملّتين، قال: نرثهم و لا يرثونا، انّ الإسلام لم يزده في حقّه إلاّ شدّة».

و في رواية الشيخ الطوسي: «انّ الإسلام لم يزده إلاّ عزّاً في حقّه».(2)

ثمّ إنّ الرواية السابعة و الثامنة تفسران ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) من أنّه لا يتوارث أهل ملّتين كما سيوافيك بيانه، و حاصل التفسير: انّ نفي التوارث كما يحصل بعدم إرث كلّ الآخر، يتحقّق أيضاً بعدم إرث الكافر المسلم دون المسلم، الكافر.

و بذلك أيضاً يفسر بعض الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت بنفس اللفظ النبوي أو قريب منه، نظير الروايات التالية:0.

ص: 20


1- الوسائل، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 15، 14، 20.
2- الوسائل، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 15، 14، 20.

9. أخرج الشيخ بسند معتبر عن حنان بن سدير، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته يتوارث أهل ملّتين؟ قال: «لا».(1)

10. و نظيره ما رواه علي بن جعفر (عليه السلام)، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن نصراني يموت ابنه و هو مسلم، فهل يرث، فقال: «لا يرث أهل ملّة».

و في المصدر: لا يرث أهل ملّة ملّةً.(2)

و هو محمول على عدم التوارث من الطرفين فلا ينافي إرث المسلم الكافر.

إلى هنا تمّت دراسة ما دلّ على إرث المسلم الكافر، و هي متضافرة تفيد الاطمئنان بالصدور.

الروايات المعارضة

ثمّ إنّ هناك روايات ربّما يتراءى التعارض بينها و بين4.

ص: 21


1- الوسائل، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 15، 14، 20.
2- لاحظ الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 24.

ما سبق، لا تعارضاً مطلقاً، بل تعارضاً نسبياً، و هي القول بإرث المسلم الكافر إلاّ في مورد الزوج و الزوجة أو خصوص الزوجة.

و مقتضى صناعة الفقه تخصيص المطلقات السابقة بهذه الروايات المتعارضة، إلاّ أنّها فاقدة للحجّية فيطرح تخصيصها بها، و إليك ما يعارضها بظاهره:

1. ما رواه الصدوق مرسلاً، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في الرجل النصراني تكون عنده المرأة النصرانية فتسلم أو يسلم ثمّ يموت أحدهما؟ قال: «ليس بينهما ميراث».(1)

2. رواية عبد الملك بن عمير القبطي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال للنصراني الذي أسلمت زوجته:

«بضعها في يدك، و لا ميراث بينكما».(2)

3. رواية عبد الرحمن البصري، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في نصراني، اختارت2.

ص: 22


1- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 12 و 22.
2- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 12 و 22.

زوجته الإسلام و دار الهجرة: أنّها في دار الإسلام لا تخرج منها، و أنّ بضعها في يد زوجها النصراني، و أنّها لا ترثه و لا يرثها».(1)

4. رواية عبد الرحمن بن أعين قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا نزداد بالاسلام إلاّ عزّاً، فنحن نرثهم و لا يرثونا، هذا ميراث أبي طالب في أيدينا، فلا نراه إلاّ في الولد و الوالد، و لا نراه في الزوج و المرأة».(2)

و هذه الروايات لا يعتمد عليها في مقابل ما تضافر.

أمّا الأُولى فهي مرسلة الصدوق في «المقنع» و ليست مسندة إلى المعصوم.

و أمّا الثانية فهي مضافاً إلى كونها مرسلة لما في سندها من قوله: عن أُمّي الصيرفي أو بينه و بينه رجل، عن عبد الملك بن عمير القبطي فإنّ عبد الملك لم يوثّق.

و أمّا الثالثة فسندها و إن كان موثّقاً و مقتضى الجمع9.

ص: 23


1- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 23 و 19.
2- الوسائل: 17، الباب 1 من أبواب موانع الإرث، الحديث 23 و 19.

الصناعي هو تخصيص ما دلّ على إرث المسلم الكافر بهذه الرواية و تكون النتيجة: إرث المسلم الكافر، إلاّ الزوجة المسلمة فإنّها لا ترث الزوج الكافر.

و لكن العمل بهذه الرواية في مقابل ما تضافر و تواتر عنهم غير صحيح، مضافاً إلى أنّ مقتضى التعليل الوارد في رواية عبد الرحمن بن أعين عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «لا يتوارث أهل ملّتين، نحن نرثهم و لا يرثونا، إنّ اللّه عز و جلّ لم يزدنا بالإسلام إلاّ عزّاً».(1) هو عدم الفرق بين الزوجة و غيرها، لأنّ التعليل آب عن التخصيص.

و أمّا الرواية الرابعة فيرد عليها أمران:

الأوّل: انّ ظاهر الرواية هو عدم إيمان أبي طالب، و هذا ممّا اتّفق أئمّة أهل البيت على خلافه.

الثاني: انّ إخراج الزوجة و الزوج خلاف مقتضى التعليل الوارد في نفس هذه الرواية.

أضف إلى ذلك إعراض المشهور عن هذه الرواياتة.

ص: 24


1- انظر الرواية الرابعة.

الأربع و مخالفتها لصحيح أبي ولاّد (الرواية الأُولى) على نحو التباين.

فخرجنا بالنتيجة التالية: انّ الرأي السائد عند أتباع أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) هو إرث المسلم الكافر، من دون فرق في المسلم بين كونه زوجاً أو زوجة.

و أمّا هذه الروايات الأربع، فهي بين ضعيفة كمرسلة الصدوق و رواية عبد الملك بن عمير، أو مخالفة للتعليل الآبي عن التخصيص، كالرواية الثالثة، أو مخدوش في المضمون لاشتماله على كفر أبي طالب، مضافاً إلى أنّ إخراج الزوج و الزوجة خلاف التعليل الوارد فيها و خلاف صحيحة أبي ولاّد.

إلى هنا تمّت دراسة الروايات المروية عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام).

[4. الآثار المروية في السنن ]

الرابع: الآثار المروية في السنن ثمّ إنّ هناك آثاراً مروية عن الصحابة تؤيّد موقف

ص: 25

الإمامية في المسألة، و إليك بعض ما وقفنا عليه:

1. أخرج أبو داود عن عبد اللّه بن بريدة، انّ أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر، يهودي و مسلم فورّث المسلم منهما، و قال: حدّثني أبو الأسود انّ رجلاً حدّثه، انّ معاذاً حدّثه، قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول: الإسلام يزيد و لا ينقص، فورث المسلم.(1)

2. أخرج أبو داود عن عبد اللّه بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدؤلي انّ معاذاً أتى بميراث يهودي وارثه مسلم، بمعناه عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم).(2)

3. أخرج الدارمي عن مسروق قال: كان معاوية يورِّث المسلم من الكافر و لا يورث الكافر من المسلم، قال:

قال مسروق: و ما حدث في الإسلام قضاء أحب إليّ منه، قيل لأبي محمد تقول بهذا، قال: لا.(3)م.

ص: 26


1- سنن أبي داود: 3/126، حديث رقم 2912.
2- سنن أبي داود: 3/126، برقم 2913.
3- سنن الدارمي: 370، باب في ميراث أهل الشرك و أهل الإسلام.

قال السيد المرتضى بعد نقل قضاء معاذ: و نظائر هذا الخبر موجودة كثيرة في رواياتهم.

و على كلّ تقدير ففي الكتاب مع ما تضافر من الروايات عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) و في هذه الآثار كفاية لمن رام الحق، و لكن لا يتم الإفتاء إلا بدراسة دليل المخالف فانتظر.

[5. حرمان المسلم خلاف الامتنان ]

الخامس: حرمان المسلم خلاف الامتنان إنّ من درس موارد الحرمان في الإرث يقف على أنّه إمّا للإرغام، أو لضعة الوارث.

و الأوّل كما في القاتل فلا يرث المقتول، و ذلك لأنّه حاول بقتله أن يرثه معجلاً، فانعكس الأمر و صار محروماً بتاتاً.

و الثاني كما في الرق حيث لا يرث الحر لضعة مرتبته و درجته.

فعلى ضوء ما ذكرنا يجب أن يرث الكافر المسلم دون

ص: 27

العكس، و إلاّ يلزم أن يكون حرمان المسلم إرث الكافر إرغاماً له، و هو كما ترى.

و إن شئت قلت: إنّ التشريع الإسلامي قائم على الترغيب و الترهيب، ففي الموضع الذي يكون المورِّث كافراً و الوارث على و شك اعتناق الإسلام، فلو قيل له أنت لو أسلمت يكون جزاء إسلامك هو حرمانك من عطايا والدك و أُمّك التي يتركها لك، فهو يرجع إلى الوراء و يتعجب من هذا التشريع الذي يُرهب مكان الترغيب، و يبعِّد بدل التقريب إلى الإسلام و يعده على طرف النقيض من الترغيب.

إلى هنا تمّ ما دلّ على إرث المسلم الكافر.

فحان حين البحث في أدلّة نفاة الإرث و هي على قسمين:

1. الأحاديث الواردة في الموضوع.

2. الآثار المنقولة عن الصحابة.

فإليك دراسة كلّ واحد على حدة.

ص: 28

4 أدلّة القائلين بعدم التوريث

استدلّ القائلون بعدم توريث المسلم من الكافر بأحاديث و آثار، نشير إلى الجميع.

1. حديث عمرو بن شعيب

أخرج أبو داود بسنده عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه عبد اللّه بن عمرو، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): «لا يتوارث أهل ملّتين شتى».(1)

و أخرج الدارقطني بسنده عن عمرو بن شعيب، قال: أخبرني أبي، عن جدّي عبد اللّه بن عمرو، انّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) قام1.

ص: 29


1- سنن أبي داود 3/126، برقم 2911.

يوم فتح مكة، قال: «لا يتوارث أهل ملّتين».(1)

و أخرجه البيهقي بنفس السند، قال: لا يتوارث أهل ملّتين شتّى. و في لفظ آخر: و لا يتوارثون أهل ملّتين.(2)

و رواه أيضاً ابن ماجة في سننه.(3)

و نقله الدارمي عن عمر مرسلاً عن النبي، و عن أبي بكر و عمر موقوفاً أنّ رسول اللّه و أبا بكر و عمر قالوا: لا يتوارث أهل دينين. و نقل عن عمر قال: لا يتوارث أهل ملّتين.(4)

و لكن الاستدلال غير تام دلالة و سنداً.

أمّا الدلالة فقد أُشير إليه في غير واحد من روايات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، و حاصله: انّ الحديث بصدد نفي التوارث لا الإرث من كلّ جانب و يصدق نفي التوارث بعدم توريث9.

ص: 30


1- سنن الدارقطني: 2/72، برقم 16.
2- سنن البيهقي: 6/218، باب لا يرث المسلم الكافر.
3- سنن ابن ماجة: 2/912، الحديث 2731.
4- سنن الدارمي: 2/369.

الكافر من المسلم دون العكس، فلو قيل: ما تضارب زيد و عمرو، كفى في صدقه عدم الضرب من جانب واحد، فيقال: لم يكن هنا تضارب بل ضرب من جانب واحد، فالنبي بصدد نفي التوارث و هو لا ينافي الإرث من جانب واحد، و هذه الروايات و إن مرّت الإشارة إليها لكن نأت بواحد منها.

أخرج الكليني عن جميل و هشام، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انّه قال: فيما روي الناس عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) انّه قال: لا يتوارث أهل ملّتين، قال: «نرثهم و لا يرثونا، انّ الإسلام لم يزده في حقّه إلاّ شدة».(1)

هذا كلّه حول دلالة الرواية، و أمّا السند فقد تفرّد بروايته عمرو بن شعيب و أبوه و جدّه عن رسول اللّه، أ فيمكن ترك الكتاب بالخبر الذي تفرد به هؤلاء؟! على أنّ عمرو بن شعيب مطعون به، فقد ترجم له ابن حجر في «التهذيب» ترجمة ضافية على نحو يسلب سكونة.

ص: 31


1- لاحظ الرواية الثامنة.

النفس إلى روايته، حيث قال: قال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: حديثه عندنا واه.

و قال علي عن ابن عيينة: حديثه عند الناس فيه شيء.

و قال أبو عمرو بن العلا: كان يعاب على قتادة و عمرو بن شعيب انّهما كانا لا يسمعان شيئاً إلاّ حدّثا به.

و قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: له أشياء مناكير، و إنّما يكتب حديثه يعتبر به فأمّا أن يكون حجّة فلا.

إلى أن قال: و قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: إذا حدّث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه فهو كتاب، و من هنا جاء ضعفه.(1)

فمن قرأ ترجمته المفصّلة في هذا الكتاب و أقوال العلماء المتضاربة في حقّه، يقف على أنّه لا يمكن تقييد الكتاب و تخصيصه بروايته.0.

ص: 32


1- تهذيب التهذيب: 8/48 برقم 80.

2. حديث أُسامة

أخرج البخاري عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أُسامة بن زيد انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال: لا يرث المسلم الكافر، و لا الكافر المسلم.(1)

أخرج مالك عن عمرو بن عثمان بن عفان، عن أُسامة بن زيد، انّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) قال:

لا يرث المسلم الكافر.(2)

أخرج مسلم بنفس هذا السند انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال: لا يرث المسلم الكافر و لا يرث الكافر المسلم.(3)

و أخرجه البيهقي في سننه(4) ، إلى غير ذلك من المصادر.

يلاحظ على الاستدلال: أوّلاً: أنّه خبر واحد تفرّد بنقله8.

ص: 33


1- فتح الباري: 12/40 برقم 6764.
2- الموطأ: 2/519، الحديث 10.
3- صحيح مسلم: 5/59، كتاب الفرائض.
4- سنن البيهقي: 6/218.

أُسامة بن زيد كما تفرد بنقله من نقل عنه، و طبيعة المسألة تقتضي أن يقوم بنقلها غير واحد من الصحابة و التابعين لا سيّما في العهد النبوي و من بعده حيث إنّ شرائح كبيرة من المجتمع كانت تبتلي بتلك الظاهرة، فتفرّد أُسامة بسماع الحكم دون غيره يورث الشك بالرواية.

و ثانياً: أنّ ابن شهاب في سند البخاري ينقل عن علي بن الحسين، و هو عن عمرو بن عثمان، عن أُسامة انّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) قال: «لا يرث المسلم الكافر و لا الكافر المسلم»(1) ، مع أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) و منهم علي بن الحسين (عليهما السلام) كانوا يروون و يفتون على خلاف ذلك، فقد اشتهر أنّ آل محمّد متفردون بهذا الرأي.

و ثالثاً: أنّ الدارمي نقل الحديث عن علي بن الحسين، عن أُسامة بحذف عمرو بن عثمان من السند.(2)

و قد نقل المرتضى في «الانتصار» أنّ الزهري نقله عن عمرو بن عثمان و لم يذكر علي بن الحسين، فالاختلاف في0.

ص: 34


1- مسند أحمد: 5/208.
2- سنن الدارمي: 2/370.

السند يوجب الطعن في الرواية.(1)

و رابعاً: أنّ أحمد بن حنبل ينقل عن مالك، عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، عن عمرو بن عثمان، عن أُسامة بن زيد عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم): «لا يرث المسلم الكافر»(2) الظاهر في عدم سماعه من النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)، مباشرة خلافاً لما رواه البخاري الظاهر في ذلك و هذا أيضاً اختلاف و اضطراب في الرواية، يحطّ من الاعتماد عليها.

3. حديث عامر الشعبي

عن عامر الشعبي انّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) و أبا بكر و عمر قالوا: لا يتوارث أهل دينين.

و لكن الرواية مرسلة، لأنّ الشعبي(3) ولد بالكوفة سنة 19 ه و قيل: سنة 21 ه، و رأى الإمام عليّاً و صلّى خلفه، فكيف ينقل عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)؟! و المعروف أنّ الشعبي كان من1.

ص: 35


1- نقله المرتضى في الانتصار: 590.
2- مسند أحمد: 5/208.
3- انظر موسوعة طبقات الفقهاء: 1/414 برقم 181.

الموالين لبني أُميّة أعداء أهل البيت (عليهم السلام)، فكيف يمكن الاعتماد على روايته؟!

4. الاستدلال بالآثار المروية عن الصحابة

و قد استدلّ بالروايات الموقوفة على الصحابة من دون أن تسند إلى النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و هي كثيرة:

1. أخرج الدارمي عن عامر الشعبي، عن عمر قال: لا يتوارث أهل ملّتين.(1)

2. عن عامر انّ المغيرة بنت الحارث توفيت باليمن و هي يهودية، فركب الأشعث بن قيس و كانت عمّته إلى عمر في ميراثها، فقال عمر: ليس ذلك لك، يرثها أقرب الناس منها من أهل دينها، لا يتوارث ملّتان.(2)

3. عن ابن سيرين، قال عمر بن الخطاب: لا يتوارث ملّتان شتّى و لا يحجب من لا يرث.(3)

يلاحظ على الاستدلال بهذه الآثار: أنّها موقوفات لم8.

ص: 36


1- سنن الدارمي: 2/369، 370; سنن البيهقي: 6/218.
2- سنن الدارمي: 2/369، 370; سنن البيهقي: 6/218.
3- سنن الدارمي: 2/369، 370; سنن البيهقي: 6/218.

تسند إلى النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فهي حجّة على أصحابها على أنّ قوله: «لا يتوارث أهل ملّتين» أو قوله: «لا يتوارث ملّتان شتّى» لا يصلح دليلاً على عدم توريث المسلم من الكافر، لما عرفت من أنّه يهدف إلى نفي التوارث، و يكفي في صدقه عدم توريث الكافر من المسلم. نعم فهم الخليفة و أضرابه، نفي الإرث من كلّ جانب، ففهمهم حجّة على أنفسهم دون غيرهم.

و لذلك يمكن أن يقال: انّ الحرمان من كلا الطرفين كان سنّة للخليفة لمصلحة رآها، و ليس ذلك ببعيد، فإنّ له نظيراً غير هذا المورد.

أخرج مالك في موطّئه عن الثقة عنده انّه سمع سعيد بن المسيب يقول: أبى عمر بن الخطاب أن يورث أحداً من الأعاجم، إلاّ أحداً ولد في العرب.(1)

قال مالك: و إن جاءت امرأة حامل من أرض العدو و وضعته في أرض العرب، فهو ولدها يرثها إن ماتت و ترثه إن4.

ص: 37


1- الموطأ: 2/520 برقم 14.

مات.(1)

و بذلك يعلم أنّ ما نسب إلى سعيد بن المسيب انّه قال: مضت السنّة أن لا يرث المسلم الكافر.(2) فلعلّ مراده من السنّة هو سنّة الخلفاء لا سنّة الرسول، و إلاّ لنسبها إليه (صلى الله عليه و آله و سلم).

و أمّا ما رواه البيهقي في سننه عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب انّ عمر بن الخطاب قال: لا نرث أهل الملل و لا يرثونا.(3)

فهو مخدوش، لأنّ المعروف انّ سعيد بن المسيب ممّن يقول بالإرث، و قد نقله عنه غير واحد من الفقهاء.

و في الحاوي: و حكي عن معاذ بن جبل و معاوية انّ المسلم يرث الكافر و لا يرث الكافر المسلم، و به قال محمد بن الحنفية و سعيد بن المسيب و مسروق و النخعي و الشعبي9.

ص: 38


1- الموطأ: 2/520 برقم 14.
2- نقله المرتضى في الانتصار: 589.
3- سنن البيهقي: 6/219.

و إسحاق بن راهويه.(1)

و نقله أيضاً النووي في شرح صحيح مسلم.(2)

إلى هنا تمت دراسة أدلّة المانعين، و هي على أقسام:

1. غير تامّة دلالة، أعني: ما يركز على نفي التوارث بين المسألتين الذي يصدق بنفي الإرث من جانب الكافر فقط.

2. تامّة سنداً و دلالة، مثلما أخرجه البخاري، لكنّه خبر واحد لا يقاوم الكتاب.

3. غير تامّة سنداً كرواية عمرو بن شعيب، و قد عرفت ضعفها.

4. آثار موقوفة ليست حجّة إلاّ على أصحابها.

بقي للمانعين دليل آخر و حاصله: انّ الإرث من آثار الولاية، و لا ولاية بين الكافر و المسلم.2.

ص: 39


1- الحاوي: 8/78.
2- شرح صحيح مسلم: 11/52.

5. انقطاع الولاية بين الكافر و المسلم

استدلّ القائل بنفي التوريث مطلقاً بوجه آخر، و هو انّه سبحانه قال: (وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (1) فإنّ الآية بصدد بيان نفي الولاية من الكفّار و المسلمين، فإن كان المراد به الإرث فهو إشارة إلى أنّه لا يرث المسلم الكافر، و إن كان المراد به مطلق الولاية ففي الإرث الولاية لأحدهما على الآخر.(2)

و قال ابن حجر: إنّ التوارث يتعلّق بالولاية، و لا ولاية بين المسلم و الكافر، لقوله تعالى: (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ )(3).(4)

يلاحظ عليه بأمرين:

أوّلاً: بأنّ الإرث من آثار الولاية في العتق و ضمان الجريرة، فميراث المعتَق للمعتِق لأجل الولاء، و هكذا الأمر في0.

ص: 40


1- الأنفال: 73.
2- المبسوط للسرخسي: 30/30.
3- المائدة: 51.
4- فتح الباري: 12/50.

ضمان الجريرة.

و أمّا الوراثة في غير هذين الموردين فلم يعلم أنّه من آثار الولاية، بل من آثار النسب و السبب.

و الذي يدلّ على ذلك انّ التوارث أمر عقلائي لا يختصّ بأصحاب الشرائع، بل يعمّ قاطبة البشر، و الملاك عند الجميع هو العلقة التكوينية بين أصحاب النسب أو الاعتبارية في السبب و وجود الولاية بين الوالد و الولد أو غيرهما و إن كان أمراً ثابتاً مع العلقة التكوينية، لكن ليس كلّ مقرون بها يكون موضوعاً للوراثة.

و الذي يوضح ذلك انّ الفقهاء يذكرون عند بيان أسباب الإرث، السبب و النسَب مقابل الولاء.

أسباب ميراث الورى ثلاثة كل يفيد ربّه الوراثة

و هي نكاح و ولاء و نسب ما بعدهن من مواريث سبب(1)8.

ص: 41


1- المجموع: 17/48.

و ثانياً: أنّ كون الولاية هي السبب للميراث يخالف ما عليه الحنفية و من تبعهم من أنّ المسلم، يرث المرتد مع انقطاع الولاية بين المسلم و المرتد.

قال النووي في شرح المهذب: قال أبو حنيفة و الثوري: ما اكتسبه قبل الردة ورث عنه، و ما اكتسب بعد الردة يكون فيها.(1)

و قال النووي في شرح صحيح مسلم: أمّا المسلم فلا يرث المرتد عند الشافعي و مالك و ربيعة و ابن أبي ليلى و غيرهم، بل يكون ماله فيئاً للمسلمين.

و قال أبو حنيفة و الكوفيون و الأوزاعي و إسحاق: يرثه ورثته من المسلمين، و روي ذلك عن علي و ابن مسعود و جماعة من السلف.(2)

و قال في الشرح الكبير عن أحمد ما يدلّ على أنّ ميراث2.

ص: 42


1- المجموع: 17/57.
2- شرح النووي لصحيح مسلم: 11/52.

المرتد لورثته من المسلمين، يروى ذلك عن أبي بكر الصديق و علي و ابن مسعود (رض)، و به قال سعيد بن المسيب و جابر بن زيد و الحسن و عمر بن عبد العزيز و عطاء و الشعبي و الحكم و الأوزاعي و الثوري و ابن شبرمة و أهل العراق و إسحاق.(1)

و من غريب القول: إنّ المسلم لا يرث الكافر و لكن الكافر يرث عتيقه المسلم، و هو منقول عن أحمد كما في الموسوعة الفقهية.(2)

و نكتفي بهذا المقدار من البحث، و لعلّ فيه غنى و كفاية لمن ألقى السمع و هو شهيد، و أمّا الكلام في الفروع1.

ص: 43


1- المغني: 7/167.
2- الموسوعة الفقهية: 3/25، مادة إرث نقله عن العذب الفائض: 1/31.

الأُخرى، أعني:

1. حجب المسلم الكافر.

2. إذا أسلم الكافر قبل القسمة و بعدها.

3. اشتراط عدم حجب المسلم الكافر في عقد الذمّة.

فنحيل الكلام فيها إلى مجال آخر، فإنّ هذه الفروع اختلفت فيها كلمة الفريقين بخلاف الفرع الأوّل، فجماهير أهل السنّة على المنع و الإمامية على الجواز، و قد دام هذا الخلاف إلى يومنا هذا، و لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمراً.

الحمد للّه ربّ العالمين

ص: 44

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.