سلسله المسائل الفقهیه الخمس في الكتاب و السنّة المجلد 12

اشارة

سرشناسه:سبحانی تبریزی، جعفر، 1308 -

عنوان و نام پديدآور:سلسله المسائل الفقهیه / تالیف جعفر السبحانی.

مشخصات نشر:قم: موسسه الامام صادق (ع)، 1430ق.= 1388.

مشخصات ظاهری:26 ج

فروست:سلسله المسائل الفقهیه؛ 1.

يادداشت:عربی.

يادداشت:چاپ دوم.

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع:احکام فقهی

موضوع:فقه تطبیقی

شناسه افزوده:موسسه امام صادق (ع)

ص: 1

الخمس في الكتاب و السنّة

ص: 2

[12. الخمس في الكتاب و السنّة ]

مقدمة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أفضل خلقه و خاتم رسله محمّد و على آله الطيّبين الطاهرين الذين هم عيبة علمه و حفظة سننه.

أمّا بعد، فانّ الإسلام عقيدة و شريعة، فالعقيدة هي الإيمان باللّه و رسله و اليوم الآخر، و الشريعة هي الأحكام الإلهية التي تكفل للبشرية الحياة الفضلى و تحقّق لها السعادة الدنيوية و الأُخروية.

و قد امتازت الشريعة الإسلامية بالشمول، و وضع الحلول لكافّة المشاكل التي تعتري الإنسان في جميع جوانب الحياة قال سبحانه: (اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ).(1)

ص: 3


1- المائدة: 3.

غير أنّ هناك مسائل فرعية اختلف فيها الفقهاء لاختلافهم فيما أثر عن مبلّغ الرسالة النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم)، الأمر الّذي أدّى إلى اختلاف كلمتهم فيها، و بما أنّ الحقيقة بنت البحث فقد حاولنا في هذه الدراسات المتسلسلة أن نطرحها على طاولة البحث، عسى أن تكون وسيلة لتوحيد الكلمة و تقريب الخطى في هذا الحقل، فالخلاف فيها ليس خلافاً في جوهر الدين و أُصوله حتّى يستوجب العداء و البغضاء، و إنّما هو خلاف فيما روي عنه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و هو أمر يسير في مقابل المسائل الكثيرة المتّفق عليها بين المذاهب الإسلامية.

و رائدنا في هذا السبيل قوله سبحانه: (وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ).(1)

جعفر السبحاني قم مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)3.

ص: 4


1- آل عمران: 103.

الخمس في الكتاب و السنّة(1) الأصل في ضريبة الخمس هو قوله سبحانه: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).(2)

لا شك أنّ الآية نزلت في مورد خاص، أعني: يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان و هو غزوة «بدر» الكبرى، لكن الكلام في مادة «الغنيمة» في قوله سبحانه: (ما غَنِمْتُمْ ) هل1.

ص: 5


1- ربّما يُخيّل لبعض البسطاء أنّ الشيعة تنفرد بالقول بوجوب الخمس في غير الغنائم، و لأجل توضيح الحال ندرس الموضوع في ظل الكتاب و السنّة، و كلمات الفقهاء.
2- الأنفال: 41.

هو عام لكلّ ما يفوز به الإنسان في حياته، أو خاص بما يظفر به في الحرب من السلب و النهب؟ و على فرض كونه عامّاً فهل المورد مخصّص أو لا؟ فيقع الكلام في مقامين:

الكلام حول مادة الغنيمة في قوله تعالى مما غنمتم في مقامين

الأوّل: الغنيمة مطلق ما يفوز به الإنسان

فالظاهر من أئمّة اللغة أنّه في الأصل أعم ممّا يظفر به الإنسان في ساحات الحرب، بل هو لغة لكلّ ما يفوز به الإنسان، و إليك بعض كلماتهم:

1. قال الخليل: الغُنْم: الفوز بالشيء في غير مشقة، و الاغتنام: انتهاز الغنم.(1)

2. قال الأزهري: قال الليث: الغنم: الفوز بالشيء، و الاغتنام انتهاز الغنم.(2)

3. قال الراغب: الغنم معروف... و الغُنْم: إصابته

ص: 6


1- كتاب العين: 4/426، مادة غنم.
2- تهذيب اللغة: مادة «غنم».

و الظفر به، ثمّ استعمل في كل مظفور به من جهة العِدَى و غيرهم، قال: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ )، (فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً ) و المغنم: ما يُغنم و جمعه مغانم، قال: (فَعِنْدَ اللّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ ).(1)

4. قال ابن فارس: «غنم» أصل صحيح واحد يدلّ على إفادة شيء لم يملك من قبل ثمّ يختص بما أُخذ من المشركين.(2)

5. قال ابن منظور: «الغُنْم» الفوز بالشيء من غير مشقّة.(3)

6. قال ابن الأثير: في الحديث: الرهن لمن رهنه، له غُنمه و عليه غُرمه، غُنْمه: زيادته و نماؤه و فاضل قيمته.(4)

7. قال الفيروزآبادي: «الغنم» الفوز بالشيء لا».

ص: 7


1- المفردات: مادة «غنم».
2- مقاييس اللغة: مادة «غنم».
3- لسان العرب: مادة «غنم».
4- نهاية اللغة: مادة «غنم».

بمشقّة، و أغنمه كذا تغنيماً نفله إيّاه، و اغتنمه و تغنّمه، عدّه غنيمة.(1)

8. و قال الزبيدي: الغنيمة و الغنم بالضم، و في الحديث: «الرهن لمن رهنه، له غُنْمه و عليه غرمه» غنمه أي زيادته و نماؤه و فاضل قيمته، و الغنم الفوز بالشيء بلا مشقة.(2)

9. و قال في الرائد: غنم: يغنم: أصاب غنيمة في الحرب أو غيرها.(3)

10. انّ الغُنم يستعمل مقابل الغرم و هو الضرر، فيكون معناه بمقتضى المقابلة هو النفع، و من القواعد الفقهية قاعدة «الغُنْم بالغرم» و معناه انّ من ينال نفع شيء يتحمّل ضرره.

و دليل هذه القاعدة هو قول النبي (صلى الله عليه و آله و سلم): «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه و عليه غرمه»، قال».

ص: 8


1- قاموس اللغة: مادة «غنم».
2- تاج العروس: ج 9: مادة «غنم».
3- الرائد: 2: مادة «غنم».

الشافعي: غنمه زيادته، و غرمه هلاكه و نقصه.(1)

و هذه النصوص تعرب عن أنّ المادّة لم توضع لما يفوز به الإنسان في الحروب، بل معناها أوسع من ذلك و إن كان يغلب استعمالها في العصور المتأخّرة عن نزول القرآن في ما يظفر به في ساحة الحرب.

و لأجل ذلك نجد أنّ المادة استعملت في مطلق ما يفوز به الإنسان في الذكر الحكيم و السنّة النبويّة.

لقد استعمل القرآن لفظة «المغنم» فيما يفوز به الإنسان و إن لم يكن عن طريق القتال، بل كان عن طريق العمل العادي الدنيوي أو الأُخروي، إذ يقول سبحانه:

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ ).(2)

و المراد بالمغانم الكثيرة: هو أجر الآخرة، بدليل4.

ص: 9


1- الموسوعة الفقهية: 31/301، مادة غنم.
2- النساء: 94.

مقابلته لعرض الحياة الدنيا، فيدل على أنّ لفظ المَغْنم لا يختصّ بالأُمور و الأشياء التي يحصل عليها الإنسان في هذه الدنيا أو في ساحات الحرب فقط، بل هو عام لكلّ مكسب و فائدة و إن كان أُخرويّاً.

كما وردت هذه اللفظة في الأحاديث و أُريد منها مطلق الفائدة الحاصلة للمرء.

روى ابن ماجة في سننه: أنّه جاء عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): «اللّهمّ اجعلها مغنماً و لا تجعلها مغرما».(1)

و في مسند أحمد عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): «غنيمة مجالس الذكر الجنّة».(2)

و في وصف شهر رمضان عنه (صلى الله عليه و آله و سلم): «غنم للمؤمن».(3)

و في نهاية ابن الأثير: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة،7.

ص: 10


1- سنن ابن ماجة: كتاب الزكاة، باب ما يقال عند إخراج الزكاة، الحديث 1797.
2- مسند أحمد: 2/330 و 374 و 524.
3- المصدر نفسه: ص 177.

سمّاه غنيمة لما فيه من الأجر و الثواب.(1)

فقد بان ممّا نقلناه من كلمات أئمّة اللغة و موارد استعمال تلك المادة في الكتاب و السنّة، أنّ العرب تستعملها في كل مورد يفوز به الإنسان، من جهة العدى و غيرهم، و إنّما صار حقيقة متشرعة في الأعصار المتأخّرة في خصوص ما يفوز به الإنسان في ساحة الحرب، و نزلت الآية في أوّل حرب خاضها المسلمون تحت لواء رسول اللّه، و لم يكن الاستعمال إلاّ تطبيقاً للمعنى الكلّي على مورد خاص.

الثاني: المورد غير مخصّص

إذا كان مفهوم اللفظ عامّاً يشمل كافّة ما يفوز به الإنسان، فلا يكون وروده في مورد خاص، مخصّصاً لمفهومه و مضيّقاً لعمومه، فإذا وقفنا على أنّ التشريع الإسلامي فرض الخمس في الركاز و الكنز و السيوب أوّلاً، و أرباح المكاسب ثانياً، فيكون ذلك التشريع مؤكّداً لإطلاق الآية، و لا يكون

ص: 11


1- النهاية: مادة «غنم».

وروده في الغنائم الحربية رافعاً له. و إليك ما ورد في السنّة من الروايات في الموردين:

ما ورد في السنّة من الروايات في الموردين

1. وجوب الخمس في الركاز من باب الغنيمة

اتّفقت السنّة على أنّ في الركاز الخمس و إنّما اختلفوا في المعادن، فالواجب هو الخمس لدى الحنفية و المالكية، و ربع العشر عند الشافعية و الحنابلة.

و قد استدلّت الحنفية على وجوب الخمس في المعادن بالكتاب و السنّة و القياس فقالوا:

أمّا الكتاب: فقوله تعالى: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ ) و يعدّ المعدن غنيمة، لأنّه كان في محلّه من الأرض في أيدي الكفرة، و قد استولى عليه المسلمون عنوة.

و أمّا السنّة: فقوله (صلى الله عليه و آله و سلم): «العجماء جُبار أي هدر لا شيء فيه و البئر جبار و المعدن جبار، و في الركاز الخمس» و الركاز يشمل المعدن و الكنز، لأنّه من الركز أي المركوز، سواء من الخالق أو المخلوق.

ص: 12

و أمّا القياس: فهو قياس المعدن على الكنز الجاهلي، بجامع ثبوت معنى الغنيمة في كلّ منهما، فيجب الخمس فيهما.(1)

ترى أنّ الحنفية تستدلّ على وجوب الخمس في المعادن بآية الغنيمة و لا تصلح للاستدلال إلاّ أن يراد بها المعنى اللغوي لا المعنى الاصطلاحي.

و ما جاء في ثنايا الاستدلال بأنّ المعدن غنيمة، لأنّه كان في محلّه من الأرض في أيدي الكفرة و قد استولى عليه المسلمون عنوة، غير تام، بل الظاهر انّ المعدن بما هو هو مع قطع النظر عن تلك الحيثية «غنيمة»، و إلاّ يتوجّه عليه إشكالان:

1. عدم وجوب الخمس في المعادن التي لم تكن عليها يد الكفر، كما في الصحارى الخالية عن أيّة سلطة عبر التاريخ.

2. انّ أمر «الغنيمة» دائر بين كونها حقيقة في خصوص6.

ص: 13


1- الفقه الإسلامي و أدلّته: 2/776.

ما يفوز به الإنسان في ساحة الحرب أو مطلق ما يفوز به الإنسان، و أمّا الفوز بالشيء بعد مرور قرن أو قرون على الحرب فهو لم يقل به أحد، و من الواضح انّ أكثر المعادن التي عليها يد الدولة الإسلامية أو آحاد الناس من هذا القبيل.

هذا و قد تضافرت الروايات عن طريق أهل السنّة على وجوب الخمس في الأُمور الأربعة:

أ. الركاز.

ب. الكنز.

ج. المعدن.

د. السيوب.

روى لفيف من الصحابة كابن عباس و أبي هريرة و جابر و عبادة بن الصامت و أنس بن مالك، وجوب الخمس في الركاز و الكنز و السيوب، و إليك قسماً ممّا روي في هذا المجال:

1. في مسند أحمد و سنن ابن ماجة و اللفظ للأوّل: عن

ص: 14

ابن عباس قال:

قضى رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) في الركاز، الخمس(1).

2. و في صحيحي مسلم و البخاري و اللفظ للأوّل: عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): «العجماء جرحها جبار، و المعدن جبار، و في الركاز الخمس».(2)

قال أبو يوسف في كتاب «الخراج»: كان أهل الجاهلية إذا عطبَ الرجل في قُلَيب جعلوا القليب عَقَله، و إذا قتلته دابة جعلوها عقله، و إذا قتله معدن جعلوه عقله. فسأل سائل رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) عن ذلك؟ فقال: «العجماء جبار، و المعدن جبار، و البئر جبار، و في الركاز الخمس» فقيل له: ما الركاز يا رسول اللّه؟ فقال: «الذهب و الفضة الذي خلقه اللّه في الأرض يوم خلقت».(3)2.

ص: 15


1- مسند أحمد: 1/314; سنن ابن ماجة: 2/839، ط 1373 ه.
2- صحيح مسلم: 5/127، باب جرح العجماء و المعدن و البئر جبار، من كتاب الحدود; صحيح البخاري: 1/182، باب في الركاز الخمس.
3- الخراج: 22.

3. و في مسند أحمد: عن الشعبي عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم):

«السائمة جبار، و الجُبّ جبار، و المعدن جبار، و في الركاز الخمس» قال الشعبي: الركاز: الكنز العادي.(1)

4. و فيه أيضاً: عن عبادة بن الصامت قال: من قضاء رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) أنّ المعدن جبار، و البئر جبار، و العجماء جرحها جبار. و العجماء: البهيمة من الأنعام و غيرها، و الجبار هو الهدر الذي لا يُغرم، و قضى في الركاز الخمس.(2)

5. و فيه: عن أنس بن مالك قال: خرجنا مع رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) إلى خيبر فدخل صاحب لنا إلى خربة يقضي حاجته فتناول لبنة ليستطيب بها فانهارت عليه تبرا، فأخذها فأتى بها النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فأخبره بذلك، قال: «زنها» فوزنها فإذا مائتا درهم فقال النبي: «هذا ركاز و فيه الخمس».(3)8.

ص: 16


1- مسند أحمد: 3/335.
2- مسند أحمد: 5/326.
3- المصدر نفسه: 3/128.

6. و فيه: أنّ رجلاً من مزينة سأل رسول اللّه مسائل جاء فيها: فالكنز نجده في الخرب و في الآرام؟ فقال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): «فيه و في الركاز الخمس».(1)

7. و في نهاية اللغة و لسان العرب و تاج العروس في مادة «سيب» و اللفظ للأوّل: و في كتابه أي كتاب رسول اللّه لوائل بن حجر: «و في السيوب الخمس» السيوب: الركاز.

قالوا:

«السيوب: عروق من الذهب و الفضة تَسيب في المعدن، أي تتكوّن فيه و تظهر» و السيوب: جمع سيب، يريد به أي يريد النبي بالسيب المال المدفون في الجاهلية، أو المعدن لأنّه من فضل اللّه تعالى و عطائه لمن أصابه».(2)

تفسير ألفاظ الأحاديث

العجماء: الدابة المنفلتة من صاحبها، فما أصابت في».

ص: 17


1- المصدر نفسه: 2/186.
2- النهاية: مادة «سيب».

انفلاتها فلا غرم على صاحبها، و المعدن جبار يعني: إذا احتفر الرجل معدناً فوقع فيه انسان فلا غرم عليه، و كذلك البئر إذا احتفرها الرجل للسبيل فوقع فيها إنسان فلا غرم على صاحبها، و في الركاز الخمس، و الركاز: ما وجد من دفن أهل الجاهلية، فمن وجد ركازاً أدّى منه الخمس إلى السلطان و ما بقي له.(1)

و الآرام: الأعلام و هي حجارة تجمع و تنصب في المفازة يُهتدى بها، واحدها إرَم كعنب. و كان من عادة الجاهلية أنّهم إذا وجدوا شيئاً في طريقهم لا يمكنهم استصحابه، تركوا عليه حجارة يعرفونه بها حتى إذا عادوا أخذوه.(2)

و في «لسان العرب» و غيره من معاجم اللغة،: ركَزَه يركُزُه رَكزاً: إذا دفنه. و الركاز: قطع ذهب و فضة تخرج من الأرض، أو المعدن. واحده الركزة، كأنّه ركز في الأرض.

و في نهاية اللغة: و الركزة: القطعة من جواهر الأرض».

ص: 18


1- سنن الترمذي: 6/145، باب ما جاء في العجماء.
2- النهاية: مادة «ارم».

المركوزة فيها، و جمع الركزة: الركاز.

إنّ هذه الروايات تعرب عن وجود ضريبة غير الزكاة، هي الخمس و عليه كلام أبي يوسف في كتابه «الخراج» و إليك نصّه:

كلام أبي يوسف في المعدن و الركاز

قال أبو يوسف: في كل ما أُصيب من المعادن من قليل أو كثير، الخمس، و لو أنّ رجلاً أصاب في معدن أقل من وزن مائتي درهم فضّة أو أقل من وزن عشرين مثقالاً ذهباً فإنّ فيه الخمس، و ليس هذا على موضع الزكاة إنّما هو على موضع الغنائم(1) ، و ليس في تراب ذلك شيء إنّما الخمس في الذهب الخالص و الفضة الخالصة و الحديد و النحاس و الرصاص، و لا يحسب لمن استخرج ذلك من نفقته عليه شيء، و قد تكون النفقة تستغرق ذلك كلّه فلا يجب إذن فيه خمس عليه، و فيهً.

ص: 19


1- ترى أنّ أبا يوسف يعد الخمس الوارد في هذا الموضع من مصاديق الغنيمة الواردة في آية الخمس و هو شاهد على كونها عامة مفهوماً.

الخمس حين يفرغ من تصفيته قليلاً كان أو كثيراً، و لا يحسب له من نفقته شيء من ذلك، و ما استخرج من المعادن سوى ذلك من الحجارة مثل الياقوت و الفيروزج و الكحل و الزئبق و الكبريت و المغرّة فلا خمس في شيء(1) من ذلك، إنّما ذلك كلّه بمنزلة الطين و التراب.

قال: و لو أنّ الذي أصاب شيئاً من الذهب أو الفضة أو الحديد أو الرصاص أو النحاس، كان عليه دين فادح لم يُبطل ذلك الخمس عنه، أ لا ترى لو أنّ جنداً من الأجناد أصابوا غنيمة من أهل الحرب خُمِّسَت و لم ينظر أ عليهم دين أم لا، و لو كان عليهم دين لم يمنع ذلك من الخمس.

قال: و أمّا الركاز فهو الذهب و الفضة الذي خلقه اللّه عزّ و جلّ في الأرض يوم خلقت، فيه أيضاً الخمس، فمن أصاب كنزاً عاديّاً في غير ملك أحد فيه ذهب أو فضة أو جوهر أو ثياب فإنّ في ذلك الخمس و أربعة أخماسه للذيع.

ص: 20


1- هذا رأي أبي يوسف، و اطلاق الآية يخالفه مضافاً إلى مخالفته مع روايات أئمّة أهل البيت فإنّها تفرض الخمس في الجميع.

أصابه و هو بمنزلة الغنيمة يغنمها القوم فتخمَّس و ما بقي فلهم.

قال: و لو أنّ حربياً وجد في دار الإسلام ركازاً و كان قد دخل بأمان، نزع ذلك كلّه منه و لا يكون له منه شيء، و إن كان ذمّياً أُخذ منه الخمس كما يؤخذ من المسلم، و سلِّم له أربعة أخماسه. و كذلك المكاتب يجد ركازاً في دار الإسلام فهو له بعد الخمس....(1)

إنّ الناظر في فتاوى العلماء و روايات الواردة في وجوب الخمس في الركاز الذي هو الكنز عند الحجازيين و المعدن عند أهل العراق يقف على أنّ إيجابه من باب انّه فوز بالشيء بلا بذل جهد، كالغنائم المأخوذة في الغزوات، و هذا يعرب عن أنّ مدلول الآية أوسع ممّا يتصوّر في بدء الأمر.

يقول ابن الأثير ناقلاً عن مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا و الذي سمعت أهل العلم يقولون: إنّ الركاز إنّما هو دفن يوجد من دفن الجاهلية، ما لم يطلب بمال و لم يتكلّف فيه نفقة، و لا كبير عمل و لا مئونة، فأمّا ما طلب2.

ص: 21


1- الخراج: 22.

بمال، و تكلّف فيه كبير عمل فأصيب مرة و أخطئ مرة، فليس بركاز.

و الركاز عند أهل الحجاز كنز الجاهلية و دفنها، لأنّ صاحبه ركزه في الأرض، أي أثبته و هو عند أهل العراق، المعدن، لأنّ اللّه تعالى ركزه في الأرض ركزاً، و الحديث إنّما جاء في التفسير الأوّل منهما، و هو الكنز الجاهلي على ما فسّره الحسن و إنّما كان فيه الخمس لكثرة نفعه و سهولة أخذه، و الأصل فيه أنّ ما خفت كلفته كثر الواجب فيه، و ما ثقلت كلفته قلّ الواجب فيه.(1)

و يؤيد ذلك ما رواه الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) في وصية النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لعلي (عليه السلام) قال: «يا علي إنّ عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها اللّه له في الإسلام...

و وجد كنزاً فأخرج منه الخمس و تصدّق به فأنزل اللّه: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ )».

إلى غير ذلك من الأخبار.(2)3.

ص: 22


1- جامع الأُصول: 6214/620.
2- الوسائل: 6، الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 3.

ترى أنّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) جعل الكنز من مصاديق الغنيمة الواردة في الآية المباركة، و هذا يعرب عن سعة مفهوم الآية.

غير أنّ الشيعة الإمامية عمّمتها إلى أرباح المكاسب و لكن السنّة خصصتها بالركاز و الكنز و المعدن، و سيوافيك ما يدلّ على وجوب الخمس في أرباح المكاسب في روايات أهل السنّة.

2. الخمس في أرباح المكاسب

هذا هو بيت القصيد في المقام، و الهدف من عنوان المسألة هو إثبات ذلك، حيث يظهر من غير واحد من الروايات أنّ النبيّ الأكرم أمر بإخراج الخمس من مطلق ما يغنمه الإنسان من أرباح المكاسب و غيرها، و إليك بعض ما ورد في المقام:

1. قدم وفد عبد القيس على رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) فقالوا: إنّ بيننا و بينك المشركين و إنّا لا نصل إليك إلاّ في شهر الحرام، فَمُرنا بأمر فصل، إنْ عملنا به دخلنا الجنة و ندعو إليه مَن

ص: 23

وراءنا» فقال (صلى الله عليه و آله و سلم): «آمركم بأربع و أنهاكم عن أربع; آمركم: بالإيمان باللّه، و هل تدرون ما الإيمان؟ شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و تعطوا الخمس من المغنم».(1)

و من المعلوم أنّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لم يطلب من بني عبد القيس أن يدفعوا غنائم الحرب كيف و هم لا يستطيعون الخروج من حيّهم في غير الأشهر الحرم، خوفاً من المشركين. فيكون قد قصد المغنم بمعناه الحقيقي في لغة العرب و هو ما يفوزون به فعليهم أن يعطوا خمس ما يربحون.

و هناك كتب و مواثيق، كتبها النبيّ و فرض فيها الخمس على أصحابها و ستبيّن بعد الفراغ من نقلها، دلالتها على الخمس في الأرباح و إن لم تكن غنيمة حربية، فانتظر.

2. كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن:ا.

ص: 24


1- صحيح البخاري: 4/250، باب «و اللّه خلقكم و ما تعملون» من كتاب التوحيد، و ج 1/13 و 19، و ج 3/53; صحيح مسلم: 361/35 باب الأمر بالإيمان; سنن النسائي: 1/333; مسند أحمد: 1/318; الأموال: 12 و غيرها.

«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ... هذا... عهد من النبي رسول اللّه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى اللّه في أمره كلّه، و أن يأخذ من المغانم خمس اللّه، و ما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عُشر ما سقى البعل و سقت السماء، و نصف العُشر ممّا سقى الغرب».(1)

و البعل ما سُقِيَ بعروقه، و الغَرب: الدلو العظيمة.

3. كتب إلى شرحبيل بن عبد كلال، و حارث بن عبد كلال، و نعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين، و معافر و همدان:

«أمّا بعد، فقد رجع رسولكم و أعطيتم من المغانم خمس اللّه».(2)

4. كتب إلى سعد هُذيم من قضاعة، و إلى جذام كتاباً واحداً يعلّمهم فرائض الصدقة، و يأمرهم أن يدفعوا الصدقة و الخمس إلى رسوليه أُبيّ و عنبسة أو من أرسلاه».(3)0.

ص: 25


1- فتوح البلدان: 1/81 باب اليمن; سيرة ابن هشام: 4/265; تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك: 1/157.
2- الوثائق السياسية: 227 برقم 110. (ط 4 بيروت).
3- الطبقات الكبرى: 1/270.

5. كتب للفُجَيع و من تبعه:

«من محمد النبيّ للفجيع، و من تبعه و أسلمَ و أقام الصلاةَ و آتى الزكاة و أطاع اللّه و رسوله و أعطى من المغانم خمس اللّه...».(1)

6. كتب لجنادة الأزدي و قومه و من تبعه:

«ما أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و أطاعوا اللّه و رسوله و أعطوا من المغانم خمس اللّه و سهم النبي و فارقوا المشركين، فإنّ لهم ذمّة اللّه و ذمّة محمد بن عبد اللّه».(2)

7. كتب لجهينة بن زيد فيما كتب:

«إنّ لكم بطون الأرض و سهولها و تلاع الأودية و ظهورها، على أن ترعوا نباتها و تشربوا ماءها، على أن تؤدّوا الخمس».(3)

8. كتب لملوك حمير فيما كتب:7.

ص: 26


1- المصدر نفسه: 304 305.
2- المصدر نفسه: 270.
3- الوثائق السياسية: 265 برقم 157.

«و آتيتم الزكاة، و أعطيتم من المغانم: خمس اللّه، و سهم النبي و صفيّه و ما كتب اللّه على المؤمنين من الصدقة».(1)

9. كتب لبني ثعلبة بن عامر:

«من أسلم منهم و أقام الصلاة و آتى الزكاة و أعطى خمس المغنم و سهم النبي و الصفي».(2)

10. كتب إلى بعض أفخاذ جهينة:

«من أسلم منهم و أقام الصلاة و آتى الزكاة و أطاع اللّه و رسوله و أعطى من الغنائم الخمس».(3)

إيضاح الاستدلال بهذه المكاتيب

يتبيّن بجلاء من هذه الرسائل أنّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها، بل كان يطلب ما استحقّ في أموالهم من خمس و صدقة.

ثمّ إنّه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط في1.

ص: 27


1- فتوح البلدان: 1/82; سيرة ابن هشام: 4/258.
2- الإصابة: 2/189; أُسد الغابة: 3/34.
3- الطبقات الكبرى: 1/271.

ذلك خوض الحرب و اكتساب الغنائم.

هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم الإسلامي أو نائبه هما اللّذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب و تقسيمها بعد استخراج الخمس منها، و لا يَملِك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئاً ممّا سلب و إلاّ كان سارقاً مغلاّ.

فإذا كان إعلان الحرب و إخراج خمس الغنائم على عهد النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) من شئون النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فما ذا يعني طلبه الخمس من الناس و تأكيده في كتاب بعد كتاب، و في عهد بعد عهد؟ فيتبيّن أنّ ما كان يطلبه لم يكن مرتبطاً بغنائم الحرب. هذا مضافاً إلى أنّه لا يمكن أن يقال: إنّ المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهلية عن طريق النهب، كيف و قد نهى النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) عن النهب و النهبى بشدّة، ففي كتاب الفتن باب النهي عن النُّهبة عنه (صلى الله عليه و آله و سلم):

«من انتهب نهبة فليس منّا»(1) ، و قال: «إنّ النهبة لا تَحِلّ».(2)ن.

ص: 28


1- سنن ابن ماجة: 2/1298 برقم 3937 و 3938، كتاب الفتن.
2- سنن ابن ماجة: 2/1298 برقم 3937 و 3938، كتاب الفتن.

و في صحيح البخاري و مسند أحمد عن عبادة بن الصامت: بايعنا النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) أن لا ننهب.(1)

و في سنن أبي داود، باب النهي عن النهبى، عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) فأصاب الناس حاجة شديدة و جهدٌ، و أصابوا غنماً فانتهبوها، فإنّ قدورنا لتغلي، إذ جاء رسول اللّه يمشي متّكئاً على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه، ثمّ جعل يُرمِّل اللحم بالتراب، ثمّ قال: «إنّ النُّهبة ليست بأحلَّ من الميتة».(2)

و عن عبد اللّه بن زيد: نهى النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) عن النهبى و المثلة.(3)

إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد.

و قد كانت النُّهبة و النهبى عند العرب تساوق الغنيمة4.

ص: 29


1- صحيح البخاري: 2/48 باب النهب بغير إذن صاحبه.
2- سنن أبي داود: 3/66 برقم 2705.
3- رواه البخاري في الصيد، راجع التاج: 4/334.

و المغنم في مصطلح يومنا هذا الذي يستعمل في أخذ مال العدو.

فإذا لم يكن النهب مسموحاً به في الدين، و إذا لم تكن الحروب التي تُخاض بغير إذن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) جائزة، لم تكن الغنيمة في هذه الوثائق غير ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب و ما شابهه، و لا محيص حينئذ من أن يقال: إنّ المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) هو خمس أرباح الكسب و الفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال أو النهب الممنوع في الدين.

و في الجملة: إنّ الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبويّة أداء خمسها إمّا أن يراد بها ما يُستولى عليه من طريق النهب و الإغارة، أو ما يستولى عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد، أو ما يستولى عليه من طريق الكسب و الكد.

و الأوّل ممنوع، بنصّ الأحاديث السابقة فلا معنى أن يطلب النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) خمس النهبة.

و الثاني يكون أمر الغنائم بيد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) مباشرة، فهو

ص: 30

الذي يأخذ كل الغنائم و يضرب لكلّ من الفارس و الراجل ما له من الأسهم بعد أن يستخرج الخمس بنفسه من تلك الغنائم، فلا معنى لأن يطلبه النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) من الغزاة، فيكون الثالث هو المتعيّن.

و ورد عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ما يدلّ على ذلك، فقد كتب أحد الشيعة إلى الإمام الجواد (عليه السلام) قائلاً: أخبرني عن الخمس أ عَلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الصنّاع و كيف ذلك؟ فكتب (عليه السلام) بخطّه: «الخمس بعد المئونة».(1)

و في هذه الإجابة القصيرة يظهر تأييد الإمام (عليه السلام) لما ذهب إليه السائل، و يتضمّن ذكر الكيفية التي يجب أن تراعى في أداء الخمس.

و عن سماعة قال: سألت أبا الحسن (الكاظم) (عليه السلام) عن الخمس؟ فقال: «في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير».(2)6.

ص: 31


1- الوسائل: ج 6 الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 1.
2- المصدر نفسه، الحديث 6.

و عن أبي علي ابن راشد (و هو من وكلاء الإمام الجواد و الإمام الهادي (عليهما السلام) قال: قلت له (أي الإمام الهادي (عليه السلام): أمرتني بالقيام بأمرك، و أخذ حقّك، فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم: و أي شيء حقّه؟ فلم أدر ما أُجيبه؟ فقال: «يجب عليهم الخمس»، فقلت: و في أي شيء؟ فقال: «في أمتعتهم و صنائعهم»، قلت: و التاجر عليه، و الصانع بيده؟ فقال: «إذا أمكنهم بعد مئونتهم».(1)

إلى غير ذلك من الأحاديث و الأخبار المرويّة عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) و أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) التي تدلّ على شمول الخمس لكلّ مكسب.

ثمّ إنّ هنا سؤالاً و هو إذا كان إخراج الخمس من أرباح المكاسب فريضة إلهية فلما ذا كان أمراً متروكاً قبل الصادقين (عليهما السلام)؟ فانّ الأخبار الدالة عليه مروية عنهما (عليهما السلام) و عمّن بعدهما من الأئمّة، بل أكثرها مروية عن الإمامين3.

ص: 32


1- المصدر نفسه، الحديث 3.

الجواد و الهادي (عليهما السلام)، و هما من الأئمة المتأخّرين، فهل كان هذا الحكم مهجوراً عند الفريقين بعد عصر النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلى عصر الإمام الصادق (عليه السلام)؟ و الجواب هو انّه قد عرفت تضافر الروايات النبوية على وجوب الخمس في كلّ ما يربح الرجل و يفوز، و أمّا عدم قيام الخلفاء به فلأجل عدم وقوفهم على هذا التشريع، كما أنّ عدم قيام النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بهذه المهمة على رءوس الأشهاد لأجل تفشّي الفقر بين المسلمين يومذاك، و الناس كانوا حديثي عهد بالإسلام، و كانت المصلحة تقتضي تأخير إجراء التشريع إلى الأعصار اللاحقة.

و أمّا عصر الصادقين (عليهما السلام) الذي ورد فيه بعض الروايات ثمّ وردت تترى إلى عصر الجوادين (عليهما السلام)، فلأجل تكدّس الأموال بين المسلمين، الأمر الذي اقتضى الإجهار بالحكم و دعوة الشيعة إلى العمل به، و إلاّ فأصل تشريع الخمس كان في عصر النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) كما عرفت.

ص: 33

مواضع الخمس في القرآن الكريم

يُقسَّم الخمس حسب تنصيص الآية على ستة أسهم، فيفرق على مواضعها الواردة في الآية، قال سبحانه:

(وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ )(1) غير أنّه يطيب لي تعيين المراد من ذي القربى.

يُقصد ب (ذي اَلْقُرْبى ) صاحب القرابة و الوشيجة النسبية، ويتعيّن فرده، بتعيين المنسوب إليه. و هو يختلف حسب اختلاف مورد الاستعمال، و يستعان في تعيينه بالقرائن الموجودة في الكلام و هي: الأشخاص المذكورون في الآية، أو ما دلّ عليها سياق الكلام.

1. قال سبحانه: (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ1.

ص: 34


1- الأنفال: 41.

يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى ) (1) و المراد أقرباء المذكورين في الآية، أي النبيّ و المؤمنين لتقدّم قوله: (وَ الَّذِينَ آمَنُوا ).

2. و قال سبحانه: (وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى )(2) ، و المراد أقرباء المخاطبين في الآية بقوله:

(قُلْتُمْ ) و (فَاعْدِلُوا ).

3. و قال سبحانه: (وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى ) (3) و المراد أقرباء من يقسم ماله أعني الميّت مطلقاً.

فقد أُريد من ذي القربى في هذه الآيات الثلاث، مطلق القريب دون أقرباء النبي خاصة، لما عرفت من القرائن بخلاف الآيتين التاليتين، فإنّ المراد، أقرباء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لنفس الدليل.

4. قوله سبحانه: (ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ8.

ص: 35


1- التوبة: 113.
2- الأنعام: 152.
3- النساء: 8.

اَلْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى ).(1)

5. و قوله سبحانه: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )(2). المراد في الآيتين قرابة الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) لتقدّم ذكره و عدم صلاحية السياق إلاّ لذلك.

و أمّا آية الخمس من سورة الأنفال المتقدّم ذكرها، فقد اتّفق المفسّرون على أنّ المراد من ذي القربى قرابة الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم)، فسدس الخمس لذي القربى و هو حكم خالد ثابت غير منسوخ إلى يوم القيامة.

و أمّا الأسداس الثلاثة الباقية فهي للأصناف الثلاثة المذكورة في الآية أعني: اليتامى و المساكين و ابن السبيل و هل المراد مطلق اليتامى و المساكين و أبناء السبيل، أو يتامى آل محمّد و مساكينهم و أبناء سبيلهم، و بالجملة: الثلاثة من ذوي القربى على الخصوص؟ و السياق هنا و إن لم يقتض الالتزام بأحدهما، إلاّ أنّ السنّة الشريفة الواردة عن الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) و أهل بيته اقتضت الأخير كما يأتي في البحث التالي.3.

ص: 36


1- الحشر: 7.
2- الشورى: 23.

مواضع الخمس في السنّة

و أمّا السنّة فهي أيضاً تدعم ما هو مفاد الآية:

روي عن ابن عباس: كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يقسم الخمس على ستة: للّه و للرسول سهمان و سهم لأقاربه حتى قبض.(1)

إنّ السهم الوارد في قوله: «و سهم لأقاربه» تعبير آخر عن ثلاثة أسهم من الخمس يدل عليه قوله «على ستة:

للّه و للرسول سهمان» فانّ معناه سهم للّه، و سهمان للرسول، أي سهم لنفس الرسول و سهم «لذي القربى» فتبقى الأسهم الثلاثة في الخمس و من لأقاربه، أعني: اليتامى و المساكين و ابن السبيل.

و هذا هو الذي عليه الإمامية في تقسيم الخمس.

و روي عن أبي العالية الرياحي(2): كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم)، يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة، فتكون أربعة أخماس لمن6.

ص: 37


1- تفسير النيسابوري المطبوع بهامش الطبري: 10/4.
2- أبو العالية الرياحي: هو رفيع بن مهران، مات سنة 90. لاحظ تهذيب التهذيب: 3/246.

شهدها، ثمّ يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه فيأخذ منه الذي قبض كفّه، فيجعله للكعبة و هو سهم اللّه، ثمّ يقسّم ما بقي على خمسة أسهم، فيكون سهم للرسول و سهم لذي القربى و سهم لليتامى و سهم للمساكين و سهم لابن السبيل. قال: و الذي جعله للكعبة فهو سهم اللّه.(1)

و لعلّ جعله للكعبة كان لتجسيد السهام و تفكيكها، و ربّما خالفه كما روى عطاء بن أبي رباح(2) قال: «خمس اللّه، و خمس رسوله واحد، و كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يحمل منه و يعطي منه و يضعه حيث شاء و يصنع به ما شاء».(3)

و المراد من كون سهمهما واحداً، كون أمره بيده (صلى الله عليه و آله و سلم) بخلاف الأسهم الأُخر، فإنّ مواضعها معيّنة.

و بذلك يظهر المراد ممّا رواه الطبري: «كان نبيّ اللّه إذا اغتنم غنيمة جعلت أخماساً، فكان خمس للّه و لرسوله. و يقسّم المسلمون ما بقي (الأخماس الأربعة) و كان الخمس الذي جعل4.

ص: 38


1- الأموال: 325; تفسير الطبري: 10/4; أحكام القرآن: 3/60.
2- عطاء بن أبي رباح مات سنة 114، أخرج حديثه أصحاب الصحاح.
3- تفسير الطبري: 10/4.

للّه و لرسوله، لرسوله، و لذوي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل، فكان هذا الخُمْس خمسة أخماس خمس للّه و لرسوله».(1)

فالمراد منه كما يظهر أنّ أمر السهمين كان بيد الرسول و لذا جعلهما سهماً واحداً، بخلاف السهام الأُخر، و إلاّ فالخبر مخالف لتنصيص القرآن الكريم، لتصريحه بأنّ الخمس يقسم أسداساً.

و أمّا تخصيص بعض سهام الخمس بذي القربى و من جاء بعدهم من اليتامى و المساكين و ابن السبيل، فلأجل الروايات الدالة على أنّه لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس من آل محمّد (صلى الله عليه و آله و سلم).

روى الطبري: كان آل محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم (ذوي القربى) خمس الخمس، و قال: قد علم اللّه أنّ في بني هاشم الفقراء فجعل لهم الخمس مكان الصدقة(2). كما تضافرت الروايات عن أئمّة أهل البيتن.

ص: 39


1- المصدر نفسه. و الأصح أن يقول ستة أسداس و قد مرّ وجه العدول عنه.
2- المصدر نفسه: 5، فجعل لهم تارة خُمسَ الخمس، بلحاظ المواضع الخمسة ما سوى للّه، و جعل كله لهم مرّة أُخرى كما في ذيل كلامه «فجعل لهم الخمس» باعتبار أنّ أمره أيضاً بيده، فلا منافاة بين الجعلين.

أنّ السهام الأربعة من الخمس، لآل محمد (صلى الله عليه و آله و سلم).(1)

فتبين انّ سدس الخمس لذي القربى و الأسداس الثلاثة الباقية، للطوائف الثلاث من آل محمّد.

هذا ما يستفاد من الكتاب و السنّة، غير أنّ الاجتهاد لعب دوراً كبيراً في تحويل الخمس عن أصحابه، و إليك ما ذهبت إليه المذاهب الأربعة:

إسقاط حقّ ذي القربى بعد رحيل النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)

اتّفق أكثر فقهاء المذاهب تبعاً لأسلافهم على إسقاط سهم ذوي القربى من خمس الغنائم و غيره، و إليك كلماتهم:

قالت الشافعية و الحنابلة: تقسم الغنيمة، و هي الخمس، إلى خمسة أسهم، واحد منها سهم الرسول، و يصرف على مصالح المسلمين، و واحد يعطى لذوي القربى، و هم من انتسب إلى هاشم بالابوّة من غير فرق بين الأغنياء و الفقراء،ه.

ص: 40


1- الوسائل: ج 6، الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة. و لاحظ أيضاً صحيح البخاري: 1/181، باب تحريم الزكاة على رسول اللّه.

و الثلاثة الباقية تنفق على اليتامى و المساكين و أبناء السبيل، سواء أ كانوا من بني هاشم أو من غيرهم.

و قالت الحنفية: إنّ سهم الرسول سقط بموته، أمّا ذوو القربى فهم كغيرهم من الفقراء يعطون لفقرهم لا لقرابتهم من الرسول.

و قالت المالكية: يرجع أمر الخمس إلى الإمام يصرفه حسبما يراه من المصلحة. ز و قالت الإمامية: إنّ سهم اللّه و سهم الرسول و سهم ذوي القربى يفوّض أمرها إلى الإمام أو نائبه، يضعها في مصالح المسلمين. و الأسهم الثلاثة الباقية تعطى لأيتام بني هاشم و مساكينهم و أبناء سبيلهم، و لا يشاركهم فيها غيرهم.(1)

و في هامش «المغني» لابن قدامة، بعد ما روى أنّ أبا بكر و عمر قسّما الخمس على ثلاثة أسهم: «و هو قول أصحاب الرأي أبي حنيفة و جماعته قالوا: يقسّم الخمس على ثلاثة: اليتامى و المساكين و ابن السبيل، و أسقطوا سهم رسول اللّه8.

ص: 41


1- الفقه على المذاهب الخمسة: 188.

بموته، و سهم قرابته أيضاً.

و قال مالك: الفيء و الخمس واحد يجعلان في بيت المال.

و قال الثوري: و الخمس يضعه الإمام حيث أراه اللّه عزّ و جلّ.

و ما قاله أبو حنيفة مخالف لظاهر الآية، فإنّ اللّه تعالى سمّى لرسوله و قرابته شيئاً و جعل لهما في الخمس حقّاً كما سمّى الأصناف الثلاثة الباقية، فمن خالف ذلك فقد خالف نصّ الكتاب، و أمّا جعل أبي بكر و عمر رضى اللّه عنهما سهم ذي القربى في سبيل اللّه، فقد ذكر لأحمد فسكت و حرّك رأسه و لم يذهب إليه، و رأى أنّ قول ابن عباس و من وافقه أولى، لموافقته كتاب اللّه و سنّة رسوله (صلى الله عليه و آله و سلم)....(1)

إسقاط سهم ذي القربى اجتهاد تجاه النص

ثمّ إنّ الخلفاء بعد النبيّ الأكرم اجتهدوا تجاه النص في3.

ص: 42


1- الشرح الكبير على هامش المغني: 49410/493.

موارد منها إسقاط سهم ذي القربى من الخمس، و ذلك أنّ اللّه سبحانه و تعالى جعل لهم سهماً، و افترض أداءه نصاً في الذكر الحكيم و الفرقان العظيم يتلوه المسلمون آناء الليل و أطراف النهار، و هو قوله عزّ من قائل:

(وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).(1)

و قد أجمع أهل القبلة كافّة على أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) كان يختصّ بسهم من الخمس و يخص أقاربه بسهم آخر منه، و أنّه لم يَعْهَد بتغيير ذلك إلى أحد حتى قبضه اللّه إليه و انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

فلمّا ولي أبو بكر تأوّل الآية فأسقط سهم النبيّ و سهم ذي القربى بموت النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)، و منع بني هاشم من الخمس، و جعلهم كغيرهم من يتامى المسلمين و مساكينهم و أبناء1.

ص: 43


1- الأنفال: 41.

السبيل منهم.

قال الزمخشري: و عن ابن عباس: الخمس على ستّة أسهم: للّه و لرسوله، سهمان، و سهم لأقاربه حتى قبض، فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة، و كذلك روي عن عمر و من بعده من الخلفاء قال: و روي أنّ أبا بكر منع بني هاشم الخمس.(1)

و قد أرسلت فاطمة (عليها السلام) تسأله ميراثها من رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) ممّا أفاء اللّه عليه بالمدينة وفدك و ما بقي من خمس خيبر، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلّمه حتى توفّيت، و عاشت بعد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي ليلاً و لم يؤذن بها أبا بكر، و صلّى عليها. الحديث.(2)

و في صحيح مسلم عن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة بن عامر الحروري الخارجي إلى ابن عباس قال ابن هرمز:».

ص: 44


1- الكشاف: 2/126.
2- صحيح البخاري: 3/36 باب غزوة خيبر. و في صحيح مسلم: 5/154: «... و صلّى عليها علي».

فشهدتُ ابن عباس حين قرأ الكتاب و حينَ كتب جوابه و قال ابن عباس: و اللّه لو لا أن أردّه عن نتن يقع فيه ما كتبت إليه، و لا نعمة عين. قال: فكتب إليه: إنّك سألتني عن سهم ذي القربى الذين ذكرهم اللّه من هم؟ و إنّا كنّا نرى أنّ قرابة رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) هم نحن فأبى ذلك علينا قومُنا. الحديث.(1)

و أخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في أواخر ص 294 من الجزء الأوّل من مسنده.

و رواه كثير من أصحاب المسانيد بطرق كلها صحيحة، و هذا هو مذهب أهل البيت المتواتر عن أئمّتهم (عليهم السلام).

لكن الكثير من أئمّة الجمهور أخذوا برأي الخليفتين فلم يجعلوا لذي القربى نصيباً من الخمس خاصّاً بهم.

فأمّا مالك بن أنس فقد جعله بأجمعه مفوّضاً إلى رأي الإمام يجعله حيث يشاء في مصالح المسلمين، لا حقّ فيه لذي قربى و لا ليتيم و لا لمسكين و لا لابن سبيل مطلقاً.ر.

ص: 45


1- صحيح مسلم: 2/105، كتاب الجهاد و السير.

و أمّا أبو حنيفة و أصحابه فقد أسقطوا بعد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) سهمه و سهم ذي قرباه، و قسموه بين مطلق اليتامى و المساكين و ابن السبيل على السواء، لا فرق عندهم بين الهاشميين و غيرهم من المسلمين.

و الشافعي جعله خمسة أسهم: سهماً لرسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يصرف إلى ما كان يصرف إليه من مصالح المسلمين كعُدَّة الغزاة من الخيل و السلاح و الكراع و نحو ذلك، و سهماً لذوي القربى من بني هاشم و بني المطلب دون بني عبد شمس و بني نوفل يقسم بينهم (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ )، و الباقي للفرق الثلاث:

اليتامى و المساكين و ابن السبيل مطلقاً.(1)

إلى هنا خرجنا بالنتيجة التالية:

إنّ الخمس يقسم على ستة أسهم، الثلاثة الأُولى، أمرها بيد الإمام يتولاّها حسب ما رأى من المصلحة، و الثلاثة الأُخرى، للأيتام و المساكين و أبناء السبيل من آل النبيّ الأكرم لا مطلقهم.7.

ص: 46


1- النص و الاجتهاد: 25 27.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.