سلسله المسائل الفقهیه البسملة جزئيّتها و الجهر بها على ضوء الكتاب و السنّة المجلد 5

اشارة

سرشناسه:سبحانی تبریزی، جعفر، 1308 -

عنوان و نام پديدآور:سلسله المسائل الفقهیه / تالیف جعفر السبحانی.

مشخصات نشر:قم: موسسه الامام صادق (ع)، 1430ق.= 1388.

مشخصات ظاهری:26 ج

فروست:سلسله المسائل الفقهیه؛ 1.

يادداشت:عربی.

يادداشت:چاپ دوم.

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع:احکام فقهی

موضوع:فقه تطبیقی

شناسه افزوده:موسسه امام صادق (ع)

ص: 1

البسملة جزئيّتها و الجهر بها على ضوء الكتاب و السنّة

ص: 2

[5. البسملة جزئيّتها و الجهر بها على ضوء الكتاب و السنّة ]

مقدمة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أفضل خلقه و خاتم رسله محمّد و على آله الطيّبين الطاهرين الذين هم عيبة علمه و حفظة سننه.

أمّا بعد، فانّ الإسلام عقيدة و شريعة، فالعقيدة هي الإيمان باللّه و رسله و اليوم الآخر، و الشريعة هي الأحكام الإلهية التي تكفل للبشرية الحياة الفضلى و تحقّق لها السعادة الدنيوية و الأُخروية.

و قد امتازت الشريعة الإسلامية بالشمول، و وضع الحلول لكافّة المشاكل التي تعتري الإنسان في جميع جوانب الحياة قال سبحانه: (اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ).(1)

ص: 3


1- . المائدة: 3.

غير أنّ هناك مسائل فرعية اختلف فيها الفقهاء لاختلافهم فيما أثر عن مبلّغ الرسالة النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم)، الأمر الذي أدّى إلى اختلاف كلمتهم فيها، و بما أنّ الحقيقة بنت البحث فقد حاولنا في هذه الدراسات المتسلسلة أن نطرحها على طاولة البحث، عسى أن تكون وسيلة لتوحيد الكلمة و تقريب الخطى في هذا الحقل، فالخلاف فيها ليس خلافاً في جوهر الدين و أُصوله حتّى يستوجب العداء و البغضاء، و إنّما هو خلاف فيما روي عنه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و هو أمر يسير في مقابل المسائل الكثيرة المتّفق عليها بين المذاهب الإسلامية.

و رائدنا في هذا السبيل قوله سبحانه: (وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً... ).(1)

جعفر السبحاني قم مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)3.

ص: 4


1- . آل عمران: 103.

البسملة جزئيّتها و الجهر بها

اشارة

البسملة في اللغة و الاصطلاح: قول بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، يقال بَسْمَل بَسْمَلة: إذا قال أو كتب بسم اللّه، يقال: أكثر من البسملة، أي أكثر من قول بسم اللّه.(1)

البسملة هي سمة المسلمين حيث لا يستفتحون بشيء إلاّ بعد ذكر بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، و هي آية التوحيد و سبب نفر المشركين، يقول سبحانه: (وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً ).(2)

ص: 5


1- . لسان العرب و المصباح المنير: مادة بسملة.
2- . الفرقان: 60.

و قد كان شعار المشركين في عصر الجاهلية قولهم: «باسمك اللهم» و كانوا يستفتحون بذلك كلامهم. و قد آل الأمر في صلح الحديبية إلى كتابة وثيقة صلح بين الطرفين، أمرَ النبي عليّاً (عليه السلام) أن يكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم، فكتب علي وفق ما أُمِر، فقال سهيل مندوب قريش: لا أعرف هذا و لكن اكتب باسمك اللهم.(1)

فالبسملة هي الحد الفاصل بين الإسلام و الشرك، و بها يميّز المؤمن عن الكافر، و لا ينفك المسلم منها في حِلّه و ترحاله.

البسملة آية قرآنية تشهد عليها المصاحف عبر القرون، و قد كتبت في مفتتح كلّ سورة خلا سورة التوبة، كتبوها كما كتبوا غيرها من سائر الآيات بدون ميز مع اتّفاقهم على أن لا يكتبوا شيئاً من غير القرآن فيه إلاّ بميزة بيّنة حرصاً منهم على أن لا يختلط به شيء من غيره.7.

ص: 6


1- . سيرة ابن هشام: 2/317.

و لذلك تراهم ميّزوا عنه أسماء سوره، و عدد آياته، و رموز أجزائه، و أرباعه، و ركوعه و سجوده، كتبوها على نحو يعلم أنّها خارجة عن القرآن، و في الوقت نفسه اتّفقوا على كتابة البسملة مفتتح كلّ سورة كسائر الآيات دون فرق بين الخلف و السلف، و لا تجد قرآناً مخطوطاً من عهد الصحابة إلى يومنا هذا على غير هذا النمط، و هذا اتّفاق عملي منهم على أنّ البسملة جزء من المصحف.

غير انّه طرأ الاختلاف بعد رحيل الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم)، و الأظهر انّ الاختلاف ظهر في خلافة معاوية بن أبي سفيان أو قبله بقليل، و أمّا ما هي العلّة لطروء هذا الاختلاف، فلعلّ بعض الدواعي له، هو المخالفة لسيرة الإمام علي (عليه السلام) في البسملة حيث أطبق الجميع على أنّ علي بن أبي طالب كان يجهر بها.

قال الرازي: و أمّا انّ علي بن أبي طالب فقد كان يجهر بالتسمية و قد ثبت بالتواتر، و كان يقول: يا مَنْ ذِكْره

ص: 7

شَرف للذاكرين.(1)

و قد تضافرت الروايات عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و أهل بيته و أصحابه، على أنّ كون البسملة جزء من الفاتحة و انّها يجب الجهر بها في الصلوات الجهرية، كما أنّها جزء من كلّ سورة.

و تظهر حقيقة الحال في ضمن فصول.4.

ص: 8


1- . التفسير الكبير: 1/204.

1 فضل البسملة

قد ورد في فضل البسملة أحاديث كثيرة نقتبس منها القليل:

1. قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): «فُضِّلتُ ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» و قال: «لم تنزل على أحد غيري سوى ما حكاه اللّه سبحانه من كتاب سليمان».(1)

2. قال الإمام الباقر (عليه السلام): «أكرم آية في كتاب اللّه: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».(2)

3. أخرج الشيخ الطوسي عن عبد اللّه بن يحيى

ص: 9


1- . كنز العمال: 1/655 رقم 2492; تفسير ابن كثير: 1/17; بحار الأنوار: 89/227 رقم 4.
2- . تفسير العياشي: 1/19 رقم 4.

الكاهلي، عن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من ناظر العين إلى بياضها».(1)9.

ص: 10


1- . التهذيب: 2/289 رقم 1159.

2 أقوال الفقهاء في جزئيّة البسملة

قد ذكر القرطبي أقوال أئمّة المذاهب الأربعة بوضوح، فقال:

اختلفوا في قراءة بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في افتتاح القراءة في الصلاة.

1. فمنع ذلك مالك في الصلاة المكتوبة جهراً كانت أو سراً لا في استفتاح أُمّ القرآن و لا في غيرها من السور، و أجاز ذلك في النافلة.

2. و قال أبو حنيفة و الثوري و أحمد: يقرؤها مع أُمّ القرآن في كلّ ركعة سراً.

3. و قال الشافعي: يقرؤها و لا بدّ في الجهر جهراً و في السرّ سرّاً، و هي عنده آية من فاتحة الكتاب، و به (كون

ص: 11

البسملة آية من فاتحة الكتاب) قال أحمد و أبو ثور و عبيد.

و اختلف قول الشافعي هل هي آية من كلّ سورة أم إنّما هي آية من سورة النمل فقط و من فاتحة الكتاب؟ فرُوي عنه القولان جميعاً.

و سبب الاختلاف من هذا آيل إلى شيئين:

أحدهما: اختلاف الآثار في هذا الباب.

و الثاني: اختلافهم هل «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» آية من فاتحة الكتاب أم لا؟(1) و قال الشيخ الطوسي: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من كلّ سورة من جميع القرآن، و هي آية من أوّل سورة الحمد.

و قال الشافعي: إنّها آية من أوّل الحمد بلا خلاف بينهم، و في كونها آية من كلّ سورة قولان:

أحدهما: انّها آية من أوّل كلّ سورة، و الآخر: انّها4.

ص: 12


1- . بداية المجتهد: 1/124.

بعض آية من كلّ سورة و إنّما تتمّ مع ما بعدها فتصير آية.

و قال أحمد و إسحاق و أبو ثور و أبو عبيدة و عطاء و الزهري و عبد اللّه بن المبارك: إنّها آية من أوّل كلّ سورة حتّى أنّه قال: من ترك بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ترك مائة و ثلاث عشرة آية.

و قال أبو حنيفة و مالك و الأوزاعي و داود: ليست آية من فاتحة الكتاب و لا من سائر السور.

و قال مالك و الأوزاعي و داود: يكره أن يقرأها في الصلاة بل يكبّر، و يبتدي بالحمد إلاّ في شهر رمضان، و المستحب أن يأتي بها بين كلّ سورتين تبركاً للفصل، و لا يأتي بها في أوّل الفاتحة.(1)

و حاصل الأقوال: إنّ مالكاً لا يرى البسملة جزءاً من السور مطلقاً، و أمّا الحنفية و الحنابلة فيرونها جزءاً من فاتحة الكتاب لكن يقرءونها سراً.ة.

ص: 13


1- . الخلاف: 1/328، المسألة 82 من كتاب الصلاة.

و أمّا الشافعية فيرونها جزءاً من فاتحة الكتاب، و يقرءونها في الجهر جهراً و في السرّ سرّاً، و أمّا كونها جزءاً من سائر السور ففيه عن الشافعي قولان.

و أمّا الشيعة الإمامية فليس عندهم إلاّ قول واحد، و هو انّ البسملة جزء من كلّ سورة، و يجهر بها في الصلوات الجهرية وجوباً و في الصلوات السرية استحباباً.

و أبعد الأقوال بالنسبة إليهم قول مالك حيث إنّ البسملة عنده ليست آية من القرآن إلاّ في سورة النمل فانّها جزء من آية و يكره قراءتها بصلاة فرض للإمام و غيره قبل الفاتحة أو سورة بعدها.

و أين هذا القول من كلام الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال مندِّداً لمن يترك البسملة في الصلاة و يرى الجهر بها بدعة، فقال:

«ما لهم عمدوا إلى أعظم آية في كتاب اللّه عزّ و جلّ فزعموا انّها بدعة إذا أظهروها، و هي بسم اللّه الرّحمن

ص: 14

الرّحيم».(1)

و تحقيق المقام يقتضي البحث في الأُمور التالية:

الأوّل: هل البسملة جزء من الفاتحة أم لا؟ الثانية: لو افترضنا انّها جزء فهل يجهر بها في الصلوات الجهرية؟ الثالثة: هل البسملة جزء من سائر السور أم لا؟ و نستعرض مورد أدلّة الأقوال مع القضاء الحاسم بإذن اللّه سبحانه.6.

ص: 15


1- . تفسير العياشي: 1/21، الحديث 16.

3 البسملة جزء من الفاتحة

اشارة

إنّ البسملة جزء من الفاتحة، و يدلّ عليه أُمور نذكرها تباعاً:

الأوّل: ما رواه الشافعي باسناده انّ معاوية قدم المدينة فصلّى بها، و لم يقرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، و لم يكبّر عند الخفض إلى الركوع و السجود، فلما سلّم ناداه المهاجرون و الأنصار: يا معاوية، سرقتَ من الصلاة، أين بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟! و أين التكبير عند الركوع و السجود؟! ثمّ إنّه أعاد الصلاة مع التسمية و التكبير.

قال الشافعي: إنّ معاوية كان سلطاناً عظيم القوة، شديد الشوكة، فلو لا انّ الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرر عند كلّ الصحابة من المهاجرين و الأنصار، و إلاّ لما قدروا

ص: 16

على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية.(1)

و نحن نقول: و لو لا انّ التسمية جزء من الفاتحة لما اعترض المهاجرون و الأنصار على تركها مضافاً إلى ترك الجهر بها. و هذا الأثر كما يدلّ على جزئيّة التسمية، يدلّ على لزوم الجهر بها، فيستدلّ به في كلا الموردين.

الثاني: روى الشافعي عن مسلم، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أُمّ سلمة انّها قالت: قرأ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) فاتحة الكتاب فعدّ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية، الحمد للّه ربّ العالمين آية، الرحمن الرحيم آية، مالك يوم الدين آية، اياك نعبد و اياك نستعين آية، اهدنا الصراط المستقيم آية، صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين آية. و هذا نص صريح على الجزئيّة.(2)

الثالث: أخرج الحاكم عن أُمّ سلمة انّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم)2.

ص: 17


1- . مسند الشافعي: 13، و نقله الرازي بتمامه في تفسيره الكبير: 1/204 و المستدرك: 1/233.
2- . المستدرك: 1/232.

قرأ في الصلاة بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فعدها آية، الحمد للّه ربّ العالمين آيتين، الرّحمن الرّحيم ثلاث آيات، مالك يوم الدين أربع آيات، و قال: هكذا إيّاك نعبد و إيّاك نستعين، و جمع خمس أصابعه.(1)

الرابع: أخرج الحاكم عن أُمّ سلمة، قالت: كان النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) يقرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الحمد للّه ربّ العالمين يقطعها حرفاً حرفاً.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه. و أقرّه على صحّته الذهبي في تلخيصه.(2)

الخامس: أخرج الحاكم عن نعيم المجمر، قال: كنت وراء أبي هريرة، فقرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قرأ بأُمّ القرآن حتّى بلغ و لا الضّالين، قال: آمين. و قال الناس: آمين، و يقول كلّما سجّد: اللّه أكبر، و يقول إذا سلم:

و الذي2.

ص: 18


1- . المستدرك: 1/232.
2- . المستدرك: 1/232.

نفسي بيده انّي لأشبهكم صلاة برسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم).

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه. و قرره الذهبي في تلخيصه.(1)

السادس: أخرج الحاكم عن قتادة قال: سئل أنس ابن مالك كيف كان قراءة رسول اللّه؟ قال: كانت مدّاً، ثمّ قرأ : بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و يمد الرحيم.(2)

و قرره على ذلك الذهبي في تلخيصه.

السابع: أخرج الحاكم عن ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال: فاتحة الكتاب (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ )، و قرأ السورة. و قال ابن جريج: فقلت لأبي لقد أخبرك سعيد عن ابن عباس انّه قال: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، آية، قال: نعم.3.

ص: 19


1- . المستدرك: 1/232.
2- . المستدرك: 2/233.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح و لم يخرجاه و تمام هذا الباب في كتاب الصلاة.(1)

الثامن: أخرج الثعلبي باسناده إلى أبي هريرة قال: كنت مع النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) في المسجد إذ دخل رجل يصلّي، فافتتح الصلاة، و تعوّذ ثمّ قال: «الحمد للّه ربّ العالمين» فسمع النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال: «يا رجل قطعت على نفسك الصلاة، أما علمت أنّ «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» من الحمد؟ فمن تركها فقد ترك آية، و من ترك آية فقد أفسد عليه صلاته.(2)

التاسع: أخرج الثعلبي عن علي انّه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» و كان يقول: من ترك قراءتها فقد نقص، و كان يقول: هي تمام السبع المثاني.(3)

العاشر: أخرج الثعلبي عن طلحة بن عبيد اللّه قال:9.

ص: 20


1- . المستدرك: 1/551، تفسير سورة الفاتحة.
2- . الدر المنثور: 1/21.
3- . كنز العمال: 2/297 رقم 4049.

قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): من ترك «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فقد ترك آية من كتاب اللّه، و قد نزل علىّ فيما عدّ من أُمّ الكتاب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».(1)

الحادي عشر: أخرج الدارقطني و صحّحه و البيهقي في السنن عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): إذا قرأتم «الحمد» فاقرءوا «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» إنّها أُمّ القرآن، و أُمّ الكتاب، و السبع المثاني، و «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» إحدى آياتها.(2)

الثاني عشر: أخرج الطبراني في الأوسط و الدارقطني و البيهقي عن نافع، انّ ابن عمر كان إذا افتتح الصلاة يقرأ ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» في أُمّ القرآن و في السورة التي تليها، و يذكر أنّه سمع ذلك من رسول اللّه.(3)9.

ص: 21


1- . كنز العمّال: 1/556 برقم 2494.
2- . الدر المنثور: 1/11; السنن الكبرى: 2/45.
3- . المعجم الأوسط: 1/257; السنن الكبرى: 2/48; مجمع الزوائد: 2/109.

الثالث عشر: أخرج أبو داود و الترمذي و الدارقطني و البيهقي عن ابن عباس قال: كان النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) يفتتح صلاته ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».(1)

الرابع عشر: أخرج الدارقطني و البيهقي عن أبي هريرة «انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) كان إذا قرأ و هو يؤم الناس افتتح ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» قال أبو هريرة: هي آية من كتاب اللّه، اقرءوا إن شئتم فاتحة القرآن، فانّها الآية السابعة.(2)

الخامس عشر: أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر انّه كان يقرأ في الصلاة «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» فإذا ختم السورة قرأها يقول: ما كتبت في المصحف إلاّ لتقرأ.(3)6.

ص: 22


1- . الترمذي: 1/155، ح 245; سنن الدارقطني: 1/303; السنن الكبرى: 2/47.
2- . السنن الكبرى: 2/47; سنن الدارقطني: 1/305.
3- . شعب الإيمان: 4402/439، ح 2336.

السبع المثاني هي فاتحة الكتاب

قد تضافرت الروايات عن علي و ابن مسعود و غيرهما من الصحابة و كثير من التابعين على أنّ المراد من السبع المثاني في قوله سبحانه: (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (1) هذا من جانب، و من جانب آخر، انّ آياتها لا تبلغ سبعاً إلاّ إذا عُدّ البسملة آية منها، فإليك الكلام في المقامين.

أمّا ما دلّ على المراد من السبع المثاني هو سورة الفاتحة، فهو على قسمين:

ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب من دون تصريح بأنّ البسملة جزء من فاتحة الكتاب.

ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب مع التصريح بأنّ البسملة من آياتها.

أمّا القسم الأوّل فإليك بعض ما وقفنا عليه لا كلّه،

ص: 23


1- . الحجر: 87.

لأنّه يوجب الإطناب في الكلام.

1. أخرج الطبري عن عبد خير، عن علي عليه السَّلام قال: «السبع المثاني فاتحة الكتاب».(1)

2. أخرج الطبري عن ابن سيرين قال: سئل ابن مسعود عن سبع من المثاني، قال: فاتحة الكتاب.(2)

3. أخرج الطبري عن الحسن في قوله (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال: هي فاتحة الكتاب.

و أخرج أيضاً عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فاتحة الكتاب.

4. أخرج الطبري عن أبي فاختة في هذه الآية (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: هي أُمّ الكتاب.(3)

5. أخرج الطبري عن أبي العالية في قول اللّه:8.

ص: 24


1- . تفسير الطبري: 14/37.
2- . تفسير الطبري: 14/37.
3- . تفسير الطبري: 14/38.

(وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال: فاتحة الكتاب سبع آيات، قلت لربيع: إنّهم يقولون السبع الطول فقال: لقد أنزلت هذه و ما أنزل من الطول شيء.

6. أخرج الطبري عن أبي العالية قال: فاتحة الكتاب، قال: و إنّما سمّيت المثاني، لأنّه يثنّى بها كلّما قرأ القرآن قرأها، فقيل لأبي العالية: إنّ الضحاك بن مزاحم يقول: هي السبع الطول، فقال: لقد نزلت هذه السورة سبعاً من المثاني و ما نزل شيء من الطول.

7. أخرج الطبري عن عبد اللّه بن عبيد بن عمير قال: السبع من المثاني هي فاتحة الكتاب.

8. أخرج الطبري عن ابن جريج عن ابن مليكة قال: (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال: فاتحة الكتاب، و ذكر فاتحة الكتاب لنبيّكم (صلى الله عليه و آله و سلم) لم تذكر لنبي قبله.

8. أخرج الطبري عن أبي هريرة، عن أبىّ قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): أ لا أُعلّمك سورة ما أنزل في التوراة و لا في

ص: 25

الإنجيل و لا في الزبور و لا في القرآن مثلها، قلت: بلى.

قال: انّي لأرجو أن لا تخرج من ذلك الباب حتّى تعلّمها، فقام رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) و قمت معه فجعل يحدثني و يده في يدي، فجعلت أتباطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرني بها، فلمّا قرب من الباب قلت: يا رسول اللّه السورة التي وعدتني، قال: كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأ فاتحة الكتاب، قال: هي هي، و هي السبع المثاني التي قال اللّه تعالى: (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) الذي أعطيت.(1)

و أخرجه الحاكم في «المستدرك» و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه.(2)

10. أخرج الطبري عن أبي هريرة، عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) قال: هي أُمّ القرآن و هي فاتحة الكتاب و هي السبع المثاني.(3)1.

ص: 26


1- . تفسير الطبري: 14/40.
2- . المستدرك: 2/258.
3- . تفسير الطبري: 14/41.

11. أخرج الطبري عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) في فاتحة الكتاب، قال: هي فاتحة الكتاب و هي السبع المثاني و القرآن العظيم.(1)

و أمّا القسم الثاني و هو ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب و يجعل البسملة أوّل آية منها.

12. أخرج ابن جرير و ابن المنذر و الطبراني و ابن مردويه و الحاكم و صحّحه و البيهقي في سننه عن ابن عباس انّه سُئل عن السبع المثاني، قال: فاتحة الكتاب استثناها اللّه لأُمّة محمّد، فرفعها في أُمّ الكتاب، فدخرها لهم حتى أخرجها و لم يعطها أحداً قبله، قيل: فأين الآية السابعة؟ قال: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.(2)

13. أخرج الطبري عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال: فاتحة الكتاب، فقرأها على ست، ثمّ قال: بسم اللّه الرحمن4.

ص: 27


1- . تفسير الطبري: 14/41.
2- . الدر المنثور: 5/94.

الرحيم، الآية السابعة.

قال سعيد: و قرأها ابن عباس علىَّ كما قرأها عليك، ثمّ قال: الآية السابعة، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.(1)

14. أخرج الطبري عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس: فاستفتح ثمّ قرأ فاتحة الكتاب ثمّ قال: تدري ما هذا (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ).

و لا شهادة في قوله: «فاستفتح ثمّ قرأ فاتحة الكتاب» على خروج البسملة من جوهرها، و ذلك لأنّ البسملة لما كانت موجودة في صدر عامة السور فأشار إلى البسملة بقوله: «فاستفتح» ثمّ أشار إلى سائر آياتها التي تتميز عن سائر السور بقوله: «ثمّ قرأ فاتحة الكتاب».

و بما ذكرنا يفسر الحديث التالي:

15. أخرج الطبري عن أبي سعيد بن المعلى انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) دعاه و هو يصلّي فصلّى ثمّ أتاه فقال: ما8.

ص: 28


1- . تفسير الطبري: 14/38.

منعك أن تجيبني، قال: إنّي كنت أُصلّي، قال: أ لم يقل اللّه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ )(1) ، قال: ثمّ قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) لأُعلمنك أعظم سورة في القرآن، فكأنّه بينها أو نسي، فقلت: يا رسول اللّه الذي قلت.

قال: الحمد للّه ربّ العالمين، هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أُوتيته.(2)

16. أخرج الدارقطني و البيهقي عن أبي هريرة «انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) كان إذا قرأ و هو يؤم الناس افتتح بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» قال أبو هريرة: آية من كتاب اللّه، اقرءوا إن شئتم فاتحة الكتاب، فانّها الآية السابعة.(3)

17. أخرج الدارقطني و البيهقي في السنن بسند صحيح عن عبد خير، قال: سئل علي رضي اللّه عنه عن5.

ص: 29


1- . الأنفال: 24.
2- . تفسير الطبري: 14/41.
3- . السنن الكبرى: 2/47; سنن الدارقطني: 1/305.

السبع المثاني، فقال: «الحمد للّه ربّ العالمين» فقيل له: إنّما هي ست آيات! فقال: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» آية.(1)

18. أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أُمّ سلمة قالت: قرأ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ * اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ ) و قال:

هي سبع يا أُمّ سلمة.(2)

فاتحة الكتاب سبع آيات مع البسملة

إنّ فاتحة الكتاب آيات سبع إذا قلنا بكون التسمية جزءاً منها و لذلك ترى أنّ المصاحف المعروفة تعد البسملة آية من سورة الفاتحة و إن كان يترك عدّها آية من سائر

ص: 30


1- . سنن الدارقطني: 1/311; السنن الكبرى: 2/45.
2- . الدر المنثور: 1/12.

السور، و على ذلك يكون عدد الآيات سبعاً كالشكل التالي:

(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ ) 7) (.

فترى أنّ كلّ آية جملة تامة، و أمّا من لم يجعل التسمية من السبع فقد جعل (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) آية، (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ ) آية أُخرى، و معنى ذلك جعل المبدل منه آية و البدل آية أُخرى، و هذا ما لا يستسيغه الذوق السليم.

كما أنّ من حاول أن يجعل (إِيّاكَ نَعْبُدُ ) آية، (وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) آية أُخرى فقد سلك مسلكاً وعراً، فإنّ الجملتين كسبيكة واحدة تنص على التوحيد في العبادة

ص: 31

و الاستعانة فما معنى الفصل بينهما.

هذا بعض ما وقفنا عليه من روايات أهل السنّة الدالة على أنّ البسملة جزء من الفاتحة، و يدلّ عليه أيضاً أمران آخران:

1. ما سيمرّ عليك من أنّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و أصحابه كانوا يجهرون بالبسملة.

2. ما يدلّ على أنّ البسملة جزء من كلّ سورة.

غير انّه رعاية لنظام البحث فصلنا ما يدلّ على الجهر بالبسملة في قراءة الفاتحة عن ذكر البسملة، كما فصلنا ما يدلّ على أنّ البسملة جزء من كلّ سورة.

روايات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)

أمّا ما روي عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) فحدِّث عنه و لا حرج، و لنذكر بعض ما روي عنهم (عليهم السلام):

1. أخرج الشيخ في «التهذيب» عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن السبع المثاني و القرآن

ص: 32

العظيم، أ هي الفاتحة؟ قال: «نعم»، قلت: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من السبع؟ قال: نعم، هي أفضلهن.(1)

2. أخرج الشيخ في «التهذيب» عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، عن أبيه قال:

«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من ناظر العين إلى بياضها».(2)

3. أخرج الكليني عن معاوية بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): إذا قمت للصلاة أقرأ بسم اللّه الرّحمن الرحيم في فاتحة الكتاب؟ قال: «نعم».(3)

4. أخرج الصدوق في «عيون الأخبار» عن الحسن ابن علي العسكري (عليه السلام)، قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) أخبرنا عن بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، أ هي من فاتحة الكتاب؟ قال: «نعم، كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يقرأها و يعدها1.

ص: 33


1- . التهذيب: 2/289، برقم 1157.
2- . التهذيب: 2/289، برقم 1159.
3- . الكافي: 3/312، الحديث 1.

آية، و يقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني».(1)

إلى غير ذلك ممّا ورد عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في جزئيّة البسملة من الفاتحة.

و يؤيّد ذلك أنّ المأثور المشهور عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) قوله: «كلّ أمر ذي بال لا يبدأ ببسم اللّه أقطع، و كلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم اللّه فهو أبتر أو أجذم».(2)

و من المعلوم أنّ القرآن أفضل ما أوحاه اللّه تعالى إلى أنبيائه و رسله و انّ كلّ سورة منه ذات بال و عظمة تحدّى اللّه بها البشر فعجزوا عن أن يأتوا بمثلها، فهل يمكن أن يكون القرآن أقطع؟ تعالى اللّه و تعالى فرقانه الحكيم و تعالت سوره عن ذلك علوّاً كبيراً.

و الصلاة هي الفلاح و هي خير العمل كما ينادى به في أعلى المنائر و المنابر و يعرفه البادي و الحاضر، لا يوازنها8.

ص: 34


1- . عيون أخبار الرضا: 2/11.
2- . التفسير الكبير للرازي: 1/198.

و لا يكايلها شيء بعد الإيمان باللّه تعالى و كتبه و رسله و اليوم الآخر، فهل يجوز أن يشرعها اللّه تعالى بتراء جذماء؟! انّ هذا لا يجرأ على القول به برّ و لا فاجر، لكن الأئمّة البررة مالكاً و الأوزاعي و أبا حنيفة رضي اللّه عنهم ذهلوا عن هذه اللوازم، و كلّ مجتهد في الاستنباط من الأدلّة الشرعية معذور و مأجور إن أصاب و إن أخطأ.(1)9.

ص: 35


1- . مسائل فقهية: 28 29.

4 التسمية و لزوم الجهر بها

اشارة

قد أثبت البحث السالف الذكر انّ التسمية جزء من فاتحة الكتاب و من صميمها، فلا تتم السورة إلاّ بقراءتها، و أمّا الجهر بها فحكمه كحكم سائر أجزاء السورة، فلو كانت الصلاة من الصلوات الجهرية يجب الجهر بها ما لم يدلّ دليل على جواز المخافتة، مضافاً إلى أنّه قد تضافرت الروايات على لزوم الجهر بها، و يستفاد ذلك من الروايات التالية:

1. أخرج الحاكم عن أبي هريرة قال: كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم.(1)

2. أخرج الحاكم عن أنس بن مالك قال: سمعت

ص: 36


1- . المستدرك: 1/232.

رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) جهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. و قال: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، و أقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه.(1)

3. أخرج الحاكم في مستدركه عن محمد بن أبي السري العسقلاني، قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان ما، لا أحصي صلاة الصبح و المغرب فكان يجهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قبل فاتحة الكتاب و بعدها، و سمعت المعتمر يقول: ما آلو أن اقتدي بصلاة أبي، و قال أبي: ما آلو أن اقتدى بصلاة أنس بن مالك، و قال أنس ابن مالك: ما آلو أن اقتدي بصلاة رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم).

رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، و أقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه.(2)

4. أخرج الحاكم عن حُميد الطويل، عن أنس، قال: صلّيت خلف النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم و خلف أبي بكر و خلف عمر2.

ص: 37


1- . المستدرك: 1/232.
2- . المستدرك: 1/232.

و خلف عثمان و خلف علي كلّهم كانوا يجهرون بقراءة بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، ثمّ قال:

و قد بقي في الباب عن أمير المؤمنين عثمان و علي، و طلحة بن عبيد اللّه، و جابر بن عبد اللّه، و عبد اللّه بن عمر، و الحكم بن عمير الثمالي، و النعمان بن بشير، و سمرة بن جندب، و بريدة الأسلمي، و عائشة بنت الصديق كلّها مخرجة عندي في الباب، تركتها إيثاراً للتخفيف و اختصرت منها ما يليق بهذا الباب، و كذلك ذكرت في الباب من جهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من الصحابة و التابعين و أتباعهم.(1)

و بما انّ الكلام الأخير الذي يدّعي إطباق الأئمة على الجهر بالتسمية في الصلوات يخالف مذهب إمام الذهبي، فغاظ غيظه و ادّعى انّ نسبة الجهر إلى هؤلاء كذب محض، ثمّ حلف على صدق مدّعاه مع أنّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال: «البينة على المدّعي و اليمين على المنكر» فمن يدّعي2.

ص: 38


1- . المستدرك: 1/232.

الكذب فعليه البيّنة لا الحلف، و إلاّ ففي وسع كلّ من يرى الحديث مخالفاً لهواه و للمذهب الذي نشأ عليه أن يحلف على كذبه.

5. ما رواه الإمام الشافعي في مسنده انّ معاوية قدم المدينة فصلّى بها و لم يقرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فاعترض عليه المهاجرون و الأنصار بقولهم: يا معاوية سرقت منّا الصلاة، أين بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟! و علّق عليه الشافعي بقوله: فلو لا أنّ الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرر عند كلّ الصحابة من المهاجرين و الأنصار، و إلاّ لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية.

6. و أخرجه الحاكم بنحو آخر و قال: إنّ أنس بن مالك قال: صلّى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ فيها بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأُمّ القرآن و لم يقرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ للسورة التي بعدها حتّى قضى تلك القراءة، فلمّا سلّم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين

ص: 39

و الأنصار من كلّ مكان: أ سرقت الصلاة أم نسيت؟! فلمّا صلّى بعد ذلك قرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ للسورة التي بعد أُمّ القرآن و كبّر حين يهوي ساجداً.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم فقد احتج بعبد المجيد بن عبد العزيز و سائر الرواة متفق على عدالتهم، و أقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه.

7. قال الرازي في تفسيره: إنّ البيهقي روى الجهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في سننه عن عمر بن الخطاب و ابن عباس و ابن عمر و ابن الزبير، ثمّ قال الرازي ما هذا لفظه: و أمّا انّ علي بن أبي طالب كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر و من اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، قال: و الدليل عليه قول رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم): اللّهم أدر الحقّ مع علي حيث دار.(1)

8. أخرج البزار و الدارقطني و البيهقي في «شعب4.

ص: 40


1- . التفسير الكبير: 1/204.

الإيمان» من طريق أبي الطفيل قال سمعت علي بن أبي طالب و عمار يقولان: إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) كان يجهر في المكتوبات ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» في فاتحة الكتاب.(1)

9. أخرج الدارقطني عن عائشة انّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) كان يجهر ب «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم».(2)

10. أخرج الدارقطني عن النعمان بن بشير قال: قال رسول اللّه: «أمّني جبرئيل (عليه السلام) عند الكعبة فجهر ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».(3)

11. أخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) يجهر ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» في السورتين جميعاً.(4)2.

ص: 41


1- . سنن الدارقطني: 1/302، شعب الإيمان: 2/436، الحديث 2322، باب تعظيم القرآن; الدر المنثور: 1/21، 22.
2- . الدر المنثور: 1/23.
3- . سنن الدارقطني: 1/309; الدر المنثور: 1/22.
4- . سنن الدارقطني: 1/302; الدر المنثور: 1/22.

12. أخرج الدارقطني و الحاكم و البيهقي عن أبي هريرة، و كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يجهر ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» في الصلاة و زاد البيهقي: «فترك الناس ذلك».(1)

13. أخرج الدارقطني عن عبد اللّه بن عمر قال: «صلّيت خلف النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و أبي بكر و عمر فكانوا يجهرون ب «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».(2)

14. أخرج الثعلبي عن علي بن زيد بن جدعان انّ العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ب «بسم اللّه الرحمن الرحيم» يجهرون بها: عبد اللّه بن عباس و عبد اللّه بن عمر، و عبد اللّه بن الزبير.(3)

15. أخرج البيهقي عن الزهري قال: من سنّة1.

ص: 42


1- . مستدرك الحاكم: 1/208; السنن الكبرى: 2/47; سنن الدارقطني: 1/306.
2- . سنن الدارقطني: 1/305; الدر المنثور: 1/22.
3- . الدر المنثور: 1/21.

الصلاة أن تقرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، و انّ أوّل من أسرّ «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة و كان رجلاً حييّاً.(1)

16. أخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) علّمني جبرئيل الصلاة، فقام فكبّر لنا ثمّ قرأ «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فيما يجهر، في كلّ ركعة.(2)

17. أخرج الدارقطني عن الحكم بن عمير و كان بدرياً قال: صلّيت خلف النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فجهر في الصلاة ب «بسم اللّه» و صلاة الليل، و صلاة الفجر و صلاة الجمعة.(3)

و قد احتجّ الرازي على لزوم الجهر بالتسمية في الصلوات الجهرية بما أوعزنا إليه في صدر البحث من أنّ حكم جزء السورة كحكم كلّها و لا يصحّ التبعيض بين3.

ص: 43


1- . الدر المنثور: 1/21.
2- . سنن الدارقطني: 1/305; الدر المنثور: 1/20، 21.
3- . سنن الدارقطني: 1/308; الدر المنثور: 1/22، 23.

الكل و الجزء إلاّ بدليل قاطع، و قد ذكره الرازي باللفظ التالي:

قد دللنا على أنّ التسمية آية من الفاتحة، و إذا ثبت هذا فنقول: الاستقراء دلّ على أنّ السورة الواحدة إمّا أن تكون بتمامها سرية أو جهرية، فأمّا أن يكون بعضها سرياً و بعضها جهرياً فهذا مفقود في جميع السور، و إذا ثبت هذا كان الجهر بالتسمية مشروعاً في القراءة الجهرية.(1)

أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) و الجهر بالبسملة

تضافرت الروايات عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) على الجهر بالبسملة، و كانت سيرة الإمام علي (عليه السلام) و الأئمّة (عليهم السلام) بعده على الجهر بها، نقتطف شيئاً ممّا أثر عنهم:

18. أخرج الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره باسناده إلى الرضا، عن أبيه، عن الصادق (عليهم السلام) قال: «اجتمع آل محمّد (صلى الله عليه و آله و سلم) على الجهر ببسم اللّه الرحمن

ص: 44


1- . التفسير الكبير: 1/204.

الرحيم».(1)

19. أخرج علي بن إبراهيم في تفسيره باسناده عن ابن أُذينة قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «بسم اللّه الرحمن الرحيم» أحقّ ما جهر به و هي الآية التي قال اللّه عزّ و جلّ: (وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً )(2).(3)

20. أخرج الصدوق باسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) انّه قال: «و الإجهار ببسم اللّه الرحمن الرحيم في الصلاة واجب».(4)

21. أخرج الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان فيما كتبه الرضا للمأمون في بيان محض الإسلام9.

ص: 45


1- . روض الجنان: 1/50 و الشيخ النوري في المستدرك: 4/189 رقم 4456.
2- . الإسراء: 46.
3- . تفسير القمّي: 1/28.
4- . الخصال: 2/604، أبواب المائة فما فوقه، رقم 9.

جاء فيه: «و الإجهار ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في جميع الصلوات سنّة».(1)

22. و عن الرضا (عليه السلام) انّه كان يجهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في جميع صلواته بالليل و النهار.(2)

23. أخرج الكليني عن صفوان الجمّال قال: صلّيت خلف أبي عبد اللّه (عليه السلام) أيّاماً، فكان إذا كانت صلاة لا يجهر فيها، جهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، و كان يجهر في السورتين.(3)

24. أخرج العياشي عن خالد المختار قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: «ما لهم عمدوا إلى أعظم آية في كتاب اللّه فزعموا انّها بدعة إذا أظهروها، و هي بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».(4)6.

ص: 46


1- . عيون أخبار الرضا: 2/122، الباب 35.
2- . عيون أخبار الرضا: 2/181، الباب 44 رقم 5.
3- . الكافي: 3/315، الحديث 20.
4- . تفسير العياشي: 1/21، الحديث 16.

25. أخرج الكليني عن يحيى بن أبي عمران الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر [الجواد] (عليه السلام):

جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في صلاته وحده في أُمّ الكتاب فلمّا صار إلى غير أُمّ الكتاب من السورة تركها، فقال العباسي: ليس بذلك بأس؟ فكتب بخطّه: «يعيدها مرّتين على رغم أنفه يعني العباسي».(1)

و لعلّ فيما ذكر من الروايات غنى و كفاية، لطالب الحقّ و رائد الحقيقة.2.

ص: 47


1- . الكافي: 3/313، الحديث 2.

5 حجّة المخالف على أنّ التسمية ليست جزءاً من الفاتحة أو لا يجهر بها

اشارة

و قد تجلّت الحقيقة بأجلى مظاهرها و ظهرت بأوضح الدلائل، انّ البسملة جزء من الفاتحة و انّها يجهر بها في الصلوات الجهرية لزوماً، و هناك روايات غريبة بين ما يدلّ على أنّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إمّا تركها بتاتاً أو لم يجهر بها، لكن مضمون بعضها أوضح دليل على كذبها و وضعها نذكرها تباعاً.

1. أخرج مسلم عن شعبة قال: سمعت قتادة يحدّث عن أنس قال: صلّيت مع رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) و أبي بكر و عمر و عثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم اللّه الرّحمن

ص: 48

الرحيم.

2. و أخرجه أيضاً بسند آخر عن أنس بن مالك انّه قال: صلّيت خلف النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و أبي بكر و عمر و عثمان فكانوا يستفتحون ب «الحمد للّه ربّ العالمين» لا يذكرون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أوّل قراءة و لا في آخرها.(1)

يلاحظ عليه: بأنّه معارض بما أخرج الحاكم عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) جهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.(2)

فلأجل هذا التعارض لا يمكن الاعتماد عليه.

و قد كفانا الرازي في الإجابة عن الحديثين اللّذين هما العمدة في القول بالترك أو بالسرّ قال:

قال الشيخ أبو حامد الاسفرايني: روي عن أنس في هذا الباب ست روايات، أمّا الحنفية فقد رووا عنه ثلاث روايات:4.

ص: 49


1- . صحيح مسلم: 2/12 باب حجّة من قال لا يجهر بالبسملة.
2- . لاحظ ص 3736 الرواية 2 و 4.

إحداها قوله: صلّيت خلف رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و خلف أبي بكر و عمر و عثمان، فكانوا يستفتحون الصلاة بالحمد للّه ربّ العالمين.

و ثانيتها قوله: إنّهم ما كانوا يذكرون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

و ثالثتها قوله: لم أسمع أحداً منهم قال بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فهذه الروايات الثلاث تقوي قول الحنفية، و ثلاث أُخرى تناقض قولهم:

إحداها: ما ذكرنا أنّ أنساً روى أنّ معاوية لمّا ترك بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في الصلاة أنكر عليه المهاجرون و الأنصار، و قد بيّنا أنّ هذا يدلّ على أنّ الجهر بهذه الكلمات كالأمر المتواتر فيما بينهم.

و ثانيتها: روى أبو قلابة عن أنس أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) و أبا بكر و عمر كانوا يجهرون ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

و ثالثتها: أنّه سئل عن الجهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و الإسرار به فقال: لا أدري هذه المسألة.

ص: 50

فثبت أنّ الرواية عن أنس في هذه المسألة قد عظم فيها الخبط و الاضطراب، فبقيت متعارضة فوجب الرجوع إلى سائر الدلائل.

قال الشافعي: لعلّ المراد من قول أنس كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يستفتح الصلاة بالحمد للّه ربّ العالمين أنّه كان يقدّم هذه السورة في القراءة على غيرها من السور، فقوله: الحمد للّه ربّ العالمين المراد منه تمام هذه، فجعل هذه اللفظة اسماً لهذه السورة.

و أيضاً ففيها تهمة أُخرى، و هي أنّ عليّاً (عليه السلام) كان يبالغ في الجهر بالتسمية، فلما وصلت الدولة إلى بني أُميّة بالغوا في المنع من الجهر، سعياً في إبطال آثار علي (عليه السلام)، فلعلّ أنساً خاف منهم، فلهذا السبب اضطربت أقواله فيه، و نحن و إن شككنا في شيء فانّا لا نشكّ أنّه مهما وقع التعارض بين قول أنس و قول علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي بقي عليه طول عمره، فانّ الأخذ بقول علي أولى، فهذا جواب قاطع في المسألة.

ص: 51

3. أخرج ابن أبي شيبة و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و البيهقي عن عبد اللّه بن مغفل قال: سمعني أبي و أنا أقرأ «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فقال: أي بُني محدِث؟ صلّيت خلف رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) و أبي بكر، و عمر و عثمان، فلم أسمع أحداً منهم جهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.(1)

و قد أجاب الرازي عن هذا الحديث بقوله: إنّ الجواب بوجوه:

الأوّل: أنّ راوي أخباركم أنس و ابن المغفل، و راوي قولنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) و ابن عباس9.

ص: 52


1- . السنن للبيهقي: 2/522; الدر المنثور: 1/29.

و ابن عمر و أبو هريرة، و هؤلاء كانوا أكثر علماً و قرباً من رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) من أنس و ابن المغفل.

الثاني: أنّ من المعلوم بالضرورة أنّ النبي (عليه السلام) كان يقدّم الأكابر على الأصاغر، و العلماء على غير العلماء، و الأشراف على الأعراب، و لا شكّ أنّ علياً و ابن عباس و ابن عمر كانوا أعلى حالاً في العلم و الشرف و علوّ الدرجة من أنس و ابن المغفل، و الغاية على الظن أنّ علياً و ابن عباس و ابن عمر كانوا يقفون بالقرب من رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و كان أنس و ابن المغفل يقفان بالبعد منه، و أيضاً أنّه (عليه السلام) ما كان يبالغ في الجهر امتثالاً لقوله تعالى: (وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها )(1) ، و أيضاً فالإنسان أوّل ما يَشْرع في القراءة إنّما يَشْرع فيها بصوت ضعيف ثمّ لا يزال يقوى صوته ساعة فساعة، فهذه أسباب ظاهرة في أن يكون علي و ابن عباس و ابن عمر و أبو هريرة سمعوا الجهر بالتسمية من رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) و إنّ أنساً و ابن المغفل ما سمعاه.

الثالث: لعلّ المراد من عدم الجهر في حديث ابن المغفل عدم المبالغة في رفع الصوت، كما قال تعالى: (وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها ).

الرابع: أنّ الدلائل العقلية موافقة لنا، و عمل علي0.

ص: 53


1- . الإسراء: 110.

ابن أبي طالب (عليه السلام) معنا، و من اتّخذ علياً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه و نفسه.

4. ما روي عن أبي هريرة، انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال: يقول اللّه تعالى: قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين، فلما قال العبد: الحمد للّه ربّ العالمين، يقول اللّه تعالى: حمدني عبدي، و إذا قال: الرّحمن الرّحيم، يقول اللّه تعالى: أثنى علىَّ عبدي، و إذا قال: مالك يوم الدين، يقول اللّه تعالى: مجّدني عبدي، و إذا قال: إياك نعبد و إياك نستعين يقول اللّه تعالى: هذا بيني و بين عبدي.

و الاستدلال بهذا الخبر من وجهين:

الأوّل: انّه عليه الصلاة و السلام لم يذكر التسمية و لو كانت آية من الفاتحة لذكرها.

الثاني: انّه تعالى قال: جعلت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين، و المراد من الصلاة، الفاتحة، و هذا التنصيف إنّما يحصل إذا قلنا بأنّ التسمية ليست آية من الفاتحة، لأنّ الفاتحة سبع آيات، فيجب أن يكون فيها للّه

ص: 54

ثلاث آيات و نصف، و هي من قوله: (اَلْحَمْدُ لِلّهِ ) إلى قوله: (إِيّاكَ نَعْبُدُ ) و للعبد ثلاث آيات و نصف و هي من قوله: (إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) إلى آخر السورة.

أمّا إذا جعلنا «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» آية من الفاتحة حصل للّه أربع آيات و نصف و للعبد آيتان(1) و نصف، و ذلك يبطل التنصيف المذكور.(2)

يلاحظ عليه أوّلاً: بأنّه معارض بخبر ابن عباس مرفوعاً و فيه: قسّمت الصلاة بيني و بين عبدي، فإذا قال العبد: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، قال اللّه تعالى: دعاني عبدي إلى آخر الحديث، و قد اشتملت الرواية على البسملة و ليست في مرفوعة ابن عباس كلمة نصفين، و التقسيم لا يستدعي المساواة من حيث العدد.

قال الرازي: إنّ لفظ النصف كما يحتمل النصف في1.

ص: 55


1- . كذا في المصدر و الصحيح: ثلاث.
2- . التفسير الكبير: 1/201.

عدد الآيات يحتمل النصف في المعنى، قال (عليه السلام): الفرائض نصف العلم، و سمّاه بالنصف من حيث إنّه بحث عن أحوال الأموات و الموت و الحياة قسمان.

و ثانياً: انّ أبا هريرة روى عن رسول اللّه الجهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و كان هو يجهر بها و يقول: إنّي لأشبهكم صلاة برسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و قد مرّ عليك حديثه في ذلك.(1)

5. روت عائشة انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) كان يفتتح الصلاة بالتكبير و القراءة بالحمد للّه ربّ العالمين، و هذا يدلّ على أنّ التسمية ليست آية من الفاتحة.

يلاحظ عليه: أنّ عائشة جعلت الحمد للّه ربّ العالمين اسماً لهذه السورة، كما يقال: قرأ فلان (اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ ) و المراد انّه قرأ هذه السورة فكذا هاهنا.

أقول: ما أكثر التعبير عن مجموع السورة بالآية التي2.

ص: 56


1- . انظر الحديث 12.

وردت في أوّلها فيقال: قرأ فلان سورة (قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) أو قرأ سورة (يُسَبِّحُ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ ) و ما أشبه ذلك، فيكون معنى الحديث انّه كان يفتتح الصلاة بالتكبير و بقراءة هذه السورة التي أوّلها «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ... الخ.(1)

ما يكذّبه التاريخ الصحيح

6. أخرج الطبراني من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) : إذا قرأ «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» هزأ منه المشركون و قالوا: محمد يذكر إله اليمامة، و كان مسيلمة يتسمّى الرحمن، فلمّا نزلت هذه الآية أمر رسول اللّه أن لا يجهر بها.(2)

و هو نفس ما أخرجه ابن داود عن سعيد بن جبير قال: كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم،

ص: 57


1- . التفسير الكبير: 1/202.
2- . الطبراني في الأوسط: 5/89; الدر المنثور: 1/29.

و كان أهل مكة يسمّون مسيلمة «الرحمن» فقالوا: إنّ محمّداً يدعو إلى إله اليمامة، فأمر رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) بإخفائها فما جهر بها حتّى مات.(1)

و لكن التاريخ يكذّب الرواية مهما صحّح سندها أو أرسلت إرسالَ المسلّم، لأنّه ما علا أمرُ مسيلمة إلاّ في السنة العاشرة من الهجرة، و أين هو من بدء الهجرة و صدر البعثة؟! روى الطبري و غيره انّ مسيلمة وفد إلى النبي مع جماعة و أسلم، و لمّا عاد إلى موطنه ادّعى النبوة، و التفّ حوله عصابة من قومه تعصباً، و قد نقل انّ واحداً من أتباعه سأل مسيلمة ذات مرة و قال: من يأتيك؟ قال مسيلمة: رحمان.

قال السائل: أ في نور أم في ظلمة؟ فأجاب: في ظلمة.9.

ص: 58


1- . الدر المنثور: 1/29.

فقال السائل: أشهد انّك كذّاب و انّ محمّداً صادق، و لكنّ كذّابَ ربيعة أحبّ إلينا من صادق مُضر.(1)

قال شيخنا «معرفة» في موسوعته الروائية للتفسير: كانت العرب تعرف «الرحمن» و انّه ربّ العالمين (وَ قالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ )(2) ، (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَ ما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ ) (3) و قد خاطبهم اللّه سبحانه بهذا الوصف أزيد من خمسين موضعاً، فكيف يا تُرى أنكروا وصفه تعالى بهذا الوصف و زُعِم أنّه مستعار من وصف صاحب اليمامة؟! و أمّا قوله سبحانه: (وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً )(4) ، فليس إنكارهم دليلاً على عدم عرفانهم، فانّ قولهم: (وَ مَا الرَّحْمنُ ) مثل قول فرعون: (وَ ما رَبُّ0.

ص: 59


1- . تاريخ الطبري: 2/508.
2- . الزخرف: 20.
3- . يس: 15.
4- . الفرقان: 60.

اَلْعالَمِينَ ) استهزاء بموضع الكليم في دعوته إلى عبادة اللّه بما انّه إله واحد لا شريك له.

7. أخرج ابن شيبة عن ابن عباس قال: الجهر ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قراءة الاعراب.(1)

باللّه عليك هل كان الإمام علي (عليه السلام) الذي اشتهر بأنّه كان يجهر بها في صلواته عامة، من الأعراب؟! و هل الإمام الشافعي و من أخذ عنه أو أخذ منه، الذين كانوا يجهرون بها في الصلوات الجهرية من الأعراب؟! (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ).

8. و نظيره ما أخرجه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال: جهر الإمام ب بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بدعة.(2)

و قد كانت الأئمة الذين أخذ إبراهيم عنهم الفقه،9.

ص: 60


1- . مصنف ابن أبي شيبة: 1/441; الدر المنثور: 1/29.
2- . المصنف: 1/448; الدر المنثور: 301/29.

يجهرون بالتسمية فهل أخذ الفقه من المبدعة؟! كلّ ذلك يشهد على أنّ عزو هذه الأقاويل إلى أئمّة الحديث و الفقه، كذب مفترى.

إلى هنا تمّ الكلام في الأمرين التاليين:

أ. انّ التسمية جزء من الفاتحة.

ب. انّ التسمية يجهر بها في الصلوات الجهرية.

ص: 61

6 البسملة جزء من مفتتح كلّ سورة

قد أوقفك البحث السابق على أنّ التسمية جزء من الفاتحة، و أنّه يجب الجهر بها في الصلوات الجهرية بلا ريب.

بقي الكلام في البحث الثالث و هو انّ التسمية جزء من مفتتح كلّ سورة إلاّ سورة التوبة، و يدلّ على ذلك الأُمور التالية:

الأوّل: انّ الصحابة كافة فالتابعين أجمعين فسائر تابعيهم و تابعي التابعين في كلّ خلف من هذه الأُمّة منذ دوّن القرآن إلى يومنا هذا مجمعون إجماعاً عملياً على كتابة البسملة في مفتتح كلّ سورة خلا براءة. كتبوها كما كتبوا غيرها من سائر الآيات بدون ميزة مع أنّهم كافة متصافقون

ص: 62

على أن لا يكتبوا شيئاً من غير القرآن إلاّ بميزة بيّنة حرصاً منهم على أن لا يختلط فيه شيء من غيره، أ لا تراهم كيف ميّزوا عنه أسماء سوره و رموز أجزائه و أحزابه و أرباعه و أخماسه و أعشاره فوضعوها خارجة عن السور على وجه يعلم منه خروجها عن القرآن احتفاظاً به و احتياطاً عليه، و لعلّك تعلم أنّ الأُمّة قل ما اجتمعت بقضها و قضيضها على أمر كاجتماعها على ذلك، و هذا بمجرده دليل على أنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم آية مستقلة في مفتتح كلّ سورة رسمها السلف و الخلف في مفتتحها.(1)

الثاني: أخرج الحاكم عن ابن عباس انّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) كان إذا جاءه جبرئيل فقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم علم أنّها سورة. هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه.(2)

الثالث: أخرج الحاكم عن ابن عباس) (رضي الله عنه) قال:

ص: 63


1- . مسائل فقهية: 28.
2- . المستدرك: 1/231.

كان النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لا يعلم ختم السورة حتّى تنزل بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه، و أقرّه على صحّته الذهبي في تلخيص المستدرك.(1)

الرابع: أخرج الحاكم عن ابن عباس قال: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتّى تنزل بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، فإذا نزلت بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ علموا أنّ السورة قد انقضت.(2)

الخامس: روى ابن ضريس عن ابن عباس قال: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية.(3)

السادس: أخرج الواحدي عن عبد اللّه بن عمر قال: أنزلت بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في كلّ سورة.(4)0.

ص: 64


1- . المستدرك: 1/231.
2- . المستدرك: 1/232.
3- . الدر المنثور: 1/20.
4- . الدر المنثور: 1/20.

السابع: أخرج الطبراني في الأوسط و الدارقطني و البيهقي عن نافع انّ ابن عمر كان إذا افتتح الصلاة يقرأ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أُمّ القرآن و في السورة التي تليها و يذكر انّه سمع ذلك من رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم).(1)

(وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ).(2)5.

ص: 65


1- . الدر المنثور: 1/22.
2- . الأنعام: 115.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.