ریاض المسائل فی تحقیق الاحکام بالدلایل المجلد 14

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الطباطبائي كربلائي، السید علي بن السيد محمد علي، 1161 - 1231ق.

عنوان واسم المؤلف:ریاض المسائل في تحقیق الاٴحکام بالدلائل المجلد 14/ تأليف السید علي بن السيد محمد علي الطباطبائي كربلائي؛ تحقیق موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث.

تفاصيل المنشور:قم: موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث، 1418ق.-= 1376-

مواصفات المظهر:16 ج.: نمونه.

الصقيع:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث؛ 204، 205، 206، 207، 212، 214.

ISBN: دوره: 964-319-088-9 ؛ 7500 ریال: ج. 9: 964-319-111-7 ؛ 8500 ریال: ج. 11: 964-319-273-3 ؛ 8500 ریال: ج. 12 964-319-274-1 : ؛ 8500 ریال: ج. 13 : 964-319-275-X ؛ ج. 15: 964-319-277-6 ؛ 9000 ریال: ج. 16: 964-319-278-4

حالة القائمة: الاستعانة بمصادر خارجية

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: هذا الكتاب تعليق على مختصرالنافع محقق حلي.

ملاحظة:ج.9 (الطبعة الأولى: 1419ق. = 1377).

ملاحظة:ج. 11 - 13 (مطبعة؟: 1421ق. = 1379).

ملاحظة:ج. 15و 16 (مطبعة؟: 1422ق. = 1380).

ملاحظة:فهرس.

عنوان:محقق حلي، جعفربن حسن، 672 - 602ق. المختصر النافع -- نقد و تفسیر

عنوان:فقه جعفري -- قرن 7ق.

المعرف المضاف:محقق حلي، جعفربن حسن، 676 - 602ق. المختصر النافع. شرح

المعرف المضاف:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث

ترتيب الكونجرس:BP182/م3م30216 1376

تصنيف ديوي:297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية:م 77-4774

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

كتاب الغصب

النظر الأوّل في تعريفه

كتاب الغصب و النظر في يقع في أُمور الأوّل :في تعريفه.

اعلم أنّ الغصب كما هنا و في الشرائع و اللمعة و الدروس (1) هو الاستقلال و الاستبداد بإثبات اليد على مال الغير عدواناً و ظلماً،و هو قريب من معناه اللغوي الذي هو الأخذ ظلماً (2).

و خرج بالاستقلال بإثبات اليد ما لا إثبات معه أصلاً كمنعه من ماله حتّى تلف كما يأتي،و ما لا استقلال معه كوضع يده على ثوبه الذي هو لابسه،فإنّ ذلك لا يسمّى غصباً لغةً و لا عرفاً.

و خرج بالمال الاستقلال باليد على غيره كالحرّ فإنّه لا يتحقّق فيه الغصبية جدّاً،فلا يضمن.

ص:5


1- الشرائع 3:235،اللمعة(الروضة البهية 7):13،الدروس 3:105.
2- العين 4:374،الصحاح 1:194،القاموس المحيط 1:115.

و خرج بإضافة المال إلى الغير ما لو استقل بإثبات يده على مال نفسه عدواناً كالمرهون في يد المرتهن،و الوارث على التركة مع الدين على قول،فليس كلّ منهما بغاصب عرفاً و إن أثما و ضمنا.

و خرج بالعدوان إثبات المرتهن و الوليّ و الوكيل و المستأجر و المستعير أيديهم على مال الراهن و المولّى عليه و الموكّل و المؤجر و المعير.

و لانتقاض هذا التعريف في عكسه بما لو اشترك اثنان فصاعداً في غصبٍ بحيث لم يستقلّ كل منهما باليد،بُدّل الاستقلال فيه بالاستيلاء (1)ليشمله؛ لصدق الاستيلاء فيه دون الاستقلال.

و لانتقاضه أيضاً بالاستقلال بإثبات اليد على مطلق حقّ الغير كالتحجير و حق المسجد و نحوه مما لا يعدّ مالاً مع كون الغصب فيه متحقّقا عرفاً بُدّل المال فيه بمطلق الحق (2)؛ ليشمله.

فتلخّص من ذلك أنّ الأجود في تعريفه:أنّه الاستيلاء على حق الغير عدواناً.

و أمّا إبدال العدوان بغير حقّ؛ ليتناول التعريف من ترتّبت يده على يد الغاصب جاهلاً بالغصب،و من سكن دار غيره غلطاً،أو لبس ثوبه خطأً فإنّهم ضامنون و لم يدخلوا في التعريف بدون التبديل المذكور.

فمردود؛ لعدم صدق الغصب عرفاً على شيء من ذلك جدّاً، و الحكم بالضمان فيها لم يكن وجهه في الغصب منحصراً؛ لعدم التلازم بينهما إجماعاً،و لذا قالوا:إنّ أسباب الضمان غير منحصرة فيه (3).

ص:6


1- لاحظ تحرير الأحكام 2:137،تبصرة المتعلّمين:108،إيضاح الفوائد 2:166،الروضة البهية 7:15،19،جامع المقاصد 6:208،المفاتيح 3:170.
2- كما في الروضة البهية 7:19،و المفاتيح 3:170.
3- التذكرة 2:374،الروضة 7:19،مجمع الفائدة و البرهان 10:493،495.

مع أنّ الغصب من الأفعال المحرّمة بدليل العقل و الآيات المتكاثرة و السنة المستفيضة،بل المتواترة،و إجماع الأُمّة المحقّق و المحكيّ في كلام جماعة (1)إلى حدّ الاستفاضة،فلو صدق الغصب عليها حقيقةً لاستلزم حرمتها مع أنّها مقطوع بعدمها.

و حيث قد عرفت اعتبار الاستقلال أو الاستيلاء في الغصب ظهر لك الوجه بعد ملاحظة الأصل أيضاً أنّه لا يضمن أحد و إن أثم- لو منع المالك من إمساك الدابّة المرسلة فتلفت،لا عينها و لا منفعتها زمن المنع.

و كذا لا يضمنهما لو منعه من القعود على بساطه و السكنى في داره فتلفا؛ لما عرفت من الأصل،و عدم صدق الغصب الموجب للضمان بالإجماع بناءً على فقد جزئه المفهوم منه لغةً و عرفاً هنا،و هو إثبات اليد.

قيل:و يشكل بأنّه لا يلزم من عدم الغصب عدم الضمان؛ لعدم انحصار السبب فيه،بل ينبغي أن يختصّ ذلك بما لا يكون المانع سبباً في تلف العين بذلك بأن اتفق تلفها مع كون السكنى غير معتبرة في حفظها، و المالك غير معتبر في مراعاة الدابّة كما يتّفق لكثير من الدور و الدوابّ،أمّا لو كان حفظه متوقّفاً على سكنى الدار و ركوب الدابّة لضعفها أو كون أرضها مسبعة مثلاً فإنّ المتّجه الضمان؛ نظراً إلى كونه سبباً قويّاً مع ضعف المباشر (2).

ص:7


1- كالعلّامة في التذكرة 2:373،و الشهيد الأول في الدروس 3:105،و الشهيد الثاني في المسالك 2:253،و 254،و الروضة 7:18.
2- قال به الشهيد الثاني في الروضة 7:19.

و هو حسن،وفاقاً لجماعة من المتأخّرين كما في المسالك و الكفاية (1)و اختاراه أيضاً،لا لما ذكر من أنّ عدم الغصب لا يلزم منه عدم الضمان لاحتماله بسبب آخر؛ لنفيه بالأصل المتقدّم،و لذا سُلّم عدم الضمان في صورة عدم سببيّة المانع للتلف.

بل لأنّ نفي احتمال سببيّة سبب آخر في الضمان بالأصل،إنّما يتوجّه حيث لا يمكن إثباته بدليل آخر أقوى منه و أخصّ،و هو في صورة سببيّة المانع و ضعف المباشر ممكن؛ لعموم:«لا ضرر و لا إضرار في الدين» (2)بناءً على صدق الإضرار بمنع المانع في هذه الصورة عرفاً،فيتوجّه ضمانه حينئذٍ جدّاً.

و من هنا يتوجّه الحكم بضمان نقص القيمة السوقية للمتاع إذا حصل بمنع المالك عن بيعه و لو مع بقاء العين و صفاتها.

و ذكر القائل المتقدّم هنا أنّه لم يضمن قطعاً؛ لأنّ الفائت ليس بمال، بل اكتسابه (3).

و هو كما ترى؛ لاتّحاد وجه الحكم بالضمان هنا و فيما مضى،و هو صدق الإضرار المنفيّ شرعاً،و ليس فيه ما يقتضي تخصيص الضرر المنفيّ بما يكون متعلّقه مالاً،و لعلّه لذا قوّى الشهيد-(رحمه اللّه) في بعض فتاويه الضمان في الجميع (4)،و إنّ قوّى في الدروس عدم الضمان مطلقاً (5)،وفاقاً

ص:8


1- المسالك 2:254،الكفاية:255.
2- انظر الوسائل 25:427 أبواب إحياء الموات ب 12.
3- الروضة البهية 7:21.
4- حكاه عنه في المسالك 2:254.
5- الدروس 3:105،106.

للمشهور كما في المسالك و الكفاية (1).

و يصحّ أي و يتحقّق و يتصوّر غصب العقار كالمنقول بلا خلاف بيننا،بل في ظاهر الكفاية و المسالك أنّ عليه الإجماع منّا و من أكثر العلماء (2)؛ لأنّ المعتبر منه الاستقلال بإثبات اليد أو الاستيلاء، و تحقّقهما ممكن في العقار كغيره.

و من ثمّ أمكن قبضه في البيع و نحوه ممّا يعتبر فيه القبض،و هو لا يتحقّق بدون الاستقلال بإثبات اليد عليه،فليكن هنا كذلك.

هذا مضافاً إلى الخبر:«من غصب شبراً من الأرض طوّقه اللّه تعالى من سبع أرضين إلى يوم القيامة» (3).

و في آخر:«من خان جاره شبراً من الأرض جعله اللّه تعالى طوقاً في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتّى يلقى اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة مطوّقاً إلّا أن يتوب و يرجع» (4).

و في ثالث:«من أخذ أرضاً بغير حقّ كُلّف أن يحمل ترابها إلى المحشر» (5).

خلافاً لبعض العامة،فقال:لا يمكن غصبه بل إنّما يضمن بالانهدام فإذا دخل و انهدم ضمن المهدوم (6).

ص:9


1- المسالك 2:254،الكفاية:255.
2- الكفاية:255،المسالك 2:254.
3- المغني لابن قدامة 5:379 بتفاوت يسير.
4- الفقيه 4:/6 1،الوسائل 25:386 أبواب الغصب ب ا ح 2.
5- التهذيب 6:819/294،الوسائل 25:388 أبواب الغصب ب 3 ح 2.
6- قال به أبو حنيفة و أبو يوسف،حكاه عنهما السرخسي في المبسوط 11:73،و ابني قدامة في المغني و الشرح الكبير 5:375،378.

و ضعفه ظاهر،مع عدم الدليل عليه.

و اعلم أنّه إنّما يضمن بمجرّد الاستقلال به أي:بالعقار، بإثبات اليد عليه و لو بأن يستولي عليها و يتسلّم مفاتيحها من دون أن يزعج المالك و يخرجه منها،على ما يقتضيه إطلاق العبارة و نحوها،و به صرّح جماعة كالمسالك و الكفاية (1).

خلافاً للعلاّمة فاعتبر مع ذلك الدخول و الإزعاج (2).

و وجهه غير واضح؛ لصدق الغصب بدونهما بمجرّد الاستقلال و الاستيلاء عرفاً،أ لا ترى أنّه لو كان المالك غائباً يتحقّق الغصب و لا إزعاج أصلاً،و كذا لو استولى مع المالك صار غاصباً و لو في الجملة مع أنّه لا إزعاج فيه بالمرّة،فظهر أنّ الاعتبار باليد و الاستقلال بلا شبهة.

قيل:و لعلّ المراد به عدم قدرة المالك على تصرّفه فيما هو بيده و تصرّفه،بمعنى أنّه لم يمكّنه من ذلك و إن كان جالساً معه،فإنّه حينئذٍ يكون وجوده و عدمه سواء (3).

و هو حسن.

و لو سكن الغاصب الدار قهراً مع صاحبها ففي الضمان قولان مبنيّان على الاختلاف في تعريف الغصب بأنّ المعتبر فيه الاستقلال فلا يضمن،أو الاستيلاء فيضمن،و حيث قد عرفت أظهرية الثاني ظهر لك توجّه الضمان كما عليه الأكثر وفاقاً للشيخ (4)،و نبّه على الأكثرية شيخنا في

ص:10


1- المسالك 2:254،الكفاية:255.
2- القواعد 1:201.
3- قال به الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 10:503.
4- المبسوط 3:73.

المسالك و صاحب الكفاية (1).

هذا مع إمكان تصحيح هذا القول على تقدير اعتبار الاستقلال أيضاً كما هو ظاهر جمع،منهم:الشهيدان في الدروس و الروضة (2)،و الفاضل المقداد في التنقيح،قال فيه بعد تعليل عدم الضمان بعدم استقلال يد الغاصب؛ لأنّه إنّما يحصل برفع يد المالك و لم يرفع-:و فيه نظر؛ لأنّه إن أراد باستقلال اليد عدم المشاركة فهو باطل و إلّا لزم عدم الضمان على شخصين اشتركا في غصب شيء واحد،و إن أراد به إثباته على وجه يرتفع به يد المالك فهو مصادرة على المطلوب؛ لأنّ ذلك غير المتنازع فيه (3).

و لو قلنا بالضمان ضمن النصف عيناً و قيمةً،كما إذا كان له شريك في الغصب.و إطلاق العبارة و نحوها من عبائر الجماعة يقتضي عدم الفرق في ضمانه النصف بين وحدة المالك و تعدّده.

و يحتمل تخصيصها بالصورة الأُولى و الرجوع في الثانية إلى الضمان بالنسبة،فلو كان اثنين لزمه الثلث،و ثلاثة لزمه الربع،و أربعة لزمه الخمس.

و استقربه في التنقيح إلحاقاً للمفروض بما لو تعدّد الغاصب،و قال بعد ذلك:و التحقيق يقتضي الضمان على نسبة ما استولى عليه و استقلّ به، إن نصفاً فنصفاً،و إن ثلثاً فثلثاً،و هكذا (4).

و هو جيّد.

و على القول بالضمان لا بُدّ من التقييد بكونه متصرّفاً في النصف مثلاً

ص:11


1- المسالك 2:255،الكفاية:255.
2- الدروس 3:106،الروضة 7:21.
3- التنقيح 4:66.
4- التنقيح 4:67.

بحيث يمنع المالك من أنواع التصرّفات فيه كالبيع و الهبة و أمثالهما، لا مجرّد السكنى.و كونِ شركته على الإشاعة من غير اختصاص بموضع معيّن،أمّا معه فالمتجه ضمانه كائناً ما كان.

و لو كان قويّاً مستولياً و صاحب الدار ضعيفاً بحيث اضمحلّت يده معه احتمل قويّاً ضمان الجميع.

و لو انعكس الفرض بأن ضعف الساكن الداخل على المالك عن مقاومته،و لكن لم يمنعه المالك مع قدرته ضمن الساكن اجرة ما سكن خاصّة؛ لاستيفائه منفعته بغير إذن مالكه.

هذا مع حضور المالك،و أمّا مع غيبته فلا شبهة في ضمانه العين أيضاً؛ لتحقق الاستيلاء حينئذٍ جدّاً.

و يضمن حمل الدابّة لو غصبها،و كذا غصب الأمة الحامل غصب لحملها بلا خلاف أجده ظاهراً؛ لأنّه مغصوب كالأُمّ،و الاستقلال باليد عليه حاصل بالتبعية لها.

و ليس كذلك حمل المبيع فاسداً حيث لا يدخل في البيع؛ لأنّه ليس مبيعاً فيكون أمانةً في يد المشتري؛ لأصالة عدم الضمان،و لأنّ تسلّمه بإذن البائع.

مع احتمال الضمان؛ لعموم:«على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (1)مع الشك في صدق الأمانة عليه.و به قطع الماتن في الشرائع (2).

قالوا:فإن أسقطت الحمل و بقيت الاُمّ لزمه تفاوت ما بين قيمتها

ص:12


1- غوالي اللآلي 1:224 و 2:345،مستدرك الوسائل 17:88 أبواب الغصب ب 1 ح 4.
2- الشرائع 3:236.

حاملاً و حائلاً،و إن تلفت بعد الوضع أُلزم بالأكثر من قيمة الولد و قيمتها حاملاً إن اعتبرنا الأكثر،و إلّا فقيمة يوم التلف (1).

و اعلم أنّه لا خلاف في أنّه لو تعاقبت الأيدي على المغصوب فالضمان على الكل سواء علموا بالغصب جمعياً أم جهلوا أم بالتفريق؛ لتحقّق التصرّف في مال الغير بغير إذنه الموجب للضمان؛ لعموم قوله(عليه السّلام):«على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» و إن انتفى الإثم عن الجاهل بالغصب.

و حينئذ يتخيّر المالك في تضمين من شاء منهم العين و المنفعة،أو تضمين الجميع بدلاً واحداً بالتقسيط و إن لم يكن متساوياً؛ لأنّ جواز الرجوع على كلّ واحد بالجميع يستلزم جواز الرجوع بالبعض.

و كذا له تقسيط ما يرجع به على أزيد من واحد و ترك الباقين؛ لما ذكر.و يرجع الجاهل منهم بالغصب إذا رجع عليه المالك على من غرّه فسلّطه على العين أو المنفعة و لم يُعلِمه بالحال،و هكذا الآخر إلى أن يستقرّ الضمان على الغاصب العالم و إن لم تتلف العين في يده.

هذا إذا لم يكن يد من تلفت في يده يد ضمان كالعارية،و إلّا لم يرجع على غيره.

و لو كانت أيدي الجميع عاريةً تخيّر المالك في الرجوع عليهم أو بعضهم،و استقرّ الضمان على من تلفت في يده فيرجع غيره عليه لو رجع المالك عليه دونه،و كذا يستقرّ المنفعة على من استوفاها.

و الحرّ لا يُضمن بالبناء للمفعول بالغصب عيناً و لا منفعةً مطلقاً

ص:13


1- كما في التحرير 2:137،و المسالك 2:255،و الكفاية:255.

و لو كان صغيراً ؛للأصل،و عدم صدق الغصب عليه عرفاً؛ لأنّ متعلّقه فيه ما كان مالاً كما مضى،و هو ليس بمال مطلقاً.

لكن لو أصابه تلف بسبب الغاصب من نحو الجناية على نفسه أو طرفه مباشرةً أو تسبيباً ضمنه إجماعاً،كما يأتي في محلّه في كتاب الجنايات إن شاء اللّه تعالى.

ثم إنّ عدم الضمان في غير هذه الصورة إجماعيّ في الكبير مطلقاً، و الصغير إذا كان تلفه بالموت الطبيعي من قبل اللّه تعالى،كما في الروضة و التنقيح (1).

و لو كان لا من قبل اللّه تعالى و لا بسببه أي الغاصب كالموت بافتراس السبع و لدغ الحيّة و نحو ذلك فقولان للمبسوط (2)،ينشئان مما مرّ،و من أنّه سبب الإتلاف،و أنّ الصغير لا يستطيع دفع المهلكات عن نفسه،و عروضها أكثريّ فمن ثَمّ رجّح السبب.

و قوّى هذا في الخلاف و القواعد و المختلف و الدروس (3)، و يعضدهم الخبر:«من استعار حرّا صغيراً فعيب ضمن» (4)بناءً على أنّ الاستعارة أهون من الغصب.

لكنّه بعد الإغماض عن سنده شاذّ لا قائل بإطلاقه،و مع ذلك كفتوى الجماعة بالضمان في المسألة موافق لرأي أبي حنيفة،كما عن

ص:14


1- الروضة 7:27،التنقيح 4:67.
2- المبسوط 3:105،و 7:18.
3- الخلاف 3:421،القواعد 1:202،المختلف:459،الدروس 3:106.
4- الكافي 5:2/302،قرب الإسناد:527/146 و فيه:من استعان،الوسائل 29:246 أبواب موجبات الضمان ب 12 ح 2.

الخلاف و في التذكرة (1)،و مع ذلك تعليلهم المشار إليه غير صالح للحجّية، و تخصيص أصالة البراءة القطعية.

فالمسألة إمّا الأظهر فيها عدم الضمان كما هو الأشهر بين الطائفة على ما صرّح به في المسالك و الكفاية (2)،أو محل تردّد كما هو ظاهر المتن و الإرشاد (3)،و لكن ربما يستوحش منه.

و يعضد القول بالضمان ملاحظة أنّ فتح باب عدم الضمان في مثله يفضي إلى الحيل لقتل الناس بأن يخلّيه و يدعه في مسبعة و مضيعة،و أنّ الضمان يناسب عدوانه و يقابل بفعله الشنيع.

و هو مع ما فيه من أنّه استبعاد محض جارٍ في الكبير أيضاً،و لذا قيل:إنّ الظاهر عدم الفرق بين الكبير (4)المجنون و الطفل الغير المميز الغير القادر على الدفع عن نفسه و هو مثل الحيوان.بل الظاهر عدم الفرق بينهما (5)و بين الكبير إذا حبس بحيث لا يقدر على الخلاص منه،ثم حصل في الحبس شيء أهلكه مثل لدغ الحيّة أو غيره؛ لاشتراك العلّة المتقدّمة، (فإنّ الكبير مع عدم قدرته) (6)على دفع الحيّة و العقرب إذا لم يره في الحبس لظلمته كالطفل،بل و كالحيوانات التي لا شعور لها (7)،انتهى.

و لكنّ الأكثر خصّوه بالصغير فلا يمكن أن يستدلّ لهم بهذا التعليل.

ص:15


1- الخلاف 3:421،التذكرة 2:376.
2- المسالك 2:255،الكفاية:255.
3- الإرشاد 1:445.
4- في«ص» زيادة:و،و الصواب ما أثبتناه من المصدر.
5- في«ص» بينهم،و ما أثبتناه من المصدر.
6- بدل ما بين القوسين في«ص»:فإنّ كبره مع قدرته،و ما أثبتناه من المصدر.
7- مجمع الفائدة و البرهان 10:512.

و لو حبس صانعاً حرّا زماناً له اجرة عادةً لم يضمن أُجرته إذا لم يستعمله،قالوا:لأنّ منافع الحرّ لا تدخل تحت اليد تبعاً سواء كان قد استأجره لعمل قد اعتقله و لم يستعمله،أم لا.نعم لو كان قد استأجره مدّة معيّنة فمضت زمن اعتقاله و هو باذل نفسه للعمل استقرّت الأُجرة؛ لذلك،لا للغصب،بخلاف الرقيق؛ لأنّه مال محض و منافعه كذلك.

و ظاهرهم القطع بعدم الضمان في صورته،و به صرّح في الكفاية (1).

فإن تمّ إجماعاً،و إلّا ففيه مناقشة حيث يكون الحابس سبباً مفوّتاً لمنافع المحبوس؛ لقوّة الضمان فيه،لا للغصب؛ بل لإيجابه الضرر عليه المنفيّ.

و عليه نبّه الفاضل المقدس الأردبيلي في الشرح،قال بعد تقوية الضمان-:لدفع المفاسد،و لدفع ضرر عظيم،فإنّه قد يموت هو و عياله من الجوع،و لا يكون في ذلك مانع (2)،مع كونه ظالماً و عادياً؛ و وجودِ ما يدلّ على جواز التعدي بما اعتدى،و جزاء السيئة سيئة،و القصاص،و نحو ذلك،فتأمّل.انتهى (3).

و تبعه خالي العلاّمة دام ظلّه في حواشيه عليه،قال بعد تقوية ما ذكره الشارح-:و بالجملة إن ثبت إجماع أي على ما ذكره الأصحاب و إلّا فالأمر كما ذكره (4)أي الشارح.

أقول:و يحتمل قويّاً اختصاص ما ذكره الأصحاب بصورة عدم

ص:16


1- الكفاية:255.
2- في النسخ:مال،و ما أثبتناه من المصدر.
3- مجمع الفائدة و البرهان 10:513.
4- حاشية مجمع الفائدة و البرهان:615.

استلزام الحبس التفويت كما فرضناه،بل الفوات خاصّةً.

و ربما يستفاد ذلك من التذكرة حيث إنّه مع تصريحه بما ذكره الأصحاب قال في عنوان البحث:منفعة بدن الحرّ تضمن بالتفويت لا بالفوات (1)،انتهى،فتأمّل.

و يظهر الفرق بين المقامين فيما لو حبسه مدّةً لها أُجرة عادةً،فإن كان لو لم يحبس لحصّلها كان حبسه سبباً لتفويتها فيضمن هنا كما ذكراه.و إن كان لو لم يحبس لم يحصّلها أيضاً لم يكن حبسه سبباً لتفويتها،و هذا مراد الأصحاب في حكمهم بنفي الضمان فيه كما احتملناه من كلامهم.

و لا شبهة فيه،كما لا شبهة في أنّه لو انتفع به باستخدامه ضمن اجرة الانتفاع مع أنّه لا خلاف فيه.

و لا تضمن الخمر لو غصبت من مسلم أو كافر متظاهر و إن كان قد اتّخذها للتخليل؛ إذ لا قيمة لها في شرع الإسلام.لكن هنا يأثم الغاصب و يجب عليه ردّها مع بقاء عينها.

و لو تخلّلت ردّها خَلّاً؛ لأنّها مملوكة على هذا الوجه،فلا يزول ملكها بانتقالها إلى الصفة المحلّلة،بل تتأكّد.

و إن تلفت عينها عند الغاصب فإن كان بعد التخليل لزمه الخلّ،و إن كان قبله أثم و سقط عنه الضمان في المشهور،كما في المختلف و المسالك (2)و غيرهما؛ لأنّ حق الإمساك لا يوجب الضمان.

خلافاً للإسكافي (3)فحكم له بقيمتها خلّاً؛ لأنّ له حقّ اليد فكان عليه

ص:17


1- التذكرة 2:382.
2- المختلف:459،المسالك 2:256.
3- نقله عنه في المختلف:459.

الضمان بإتلاف حقّه،و لا يصحّ الضمان بالمثل،فيضمن بالقيمة و يجب الخلّ؛ لأنّه أقرب إلى العين.

و يضعّف بأنّ فيه تدافعاً؛ لأنّ جعلها حينئذٍ قيميّةً يقتضي إيجاب القيمة كيف كان،فلا وجه للانتقال إلى الخلّ و إن كان أقرب.

و لا فرق في إطلاق العبارة و غيرها من عبائر الجماعة،بل صريح بعضها بين كون الغاصب مسلماً أو كافراً،و بالإجماع على عدم الضمان مطلقاً في الأوّل صرّح الفاضل في التذكرة (1)،و ظاهرها عدم الخلاف فيه كذلك في الثاني.و به أيضاً يضعّف (2)مختار الإسكافي.

و يضمنها الغاصب مطلقاً مسلماً كان أو كافراً لو غصبها من ذمّي مستتر بلا خلاف بيننا،بل عليه في ظاهر المبسوط و التذكرة إجماعنا (3)؛ لأنّها مال بالإضافة إليه و قد أقرّ عليه،و لم يجز مزاحمته فيه.

ثم إن كان الغاصب مسلماً لزمه قيمتها عند مستحلّيها قولاً واحداً كما في المسالك (4)،و في ظاهر التذكرة أنّ عليه إجماعنا (5)؛ لتعذّر إلزامه بالمثل شرعاً و إن كان بحسب القاعدة مثليّا.

و إن كان الغاصب كافراً ففي إلزامه بالمثل أو القيمة وجهان:من أنّه مال مملوك لهم و هو مثليّ فيضمن بمثله؛ إذ لا مانع منه هنا.و من أنّه يمتنع في شرع الإسلام الحكم بثبوت الخمر في ذمّة أحد،و إن كنّا لا نعترضهم إذا لم يتظاهروا بها،فامتنع الحكم بالمثل لذلك فوجب الانتقال إلى القيمة،كما

ص:18


1- التذكرة 2:379.
2- في«ص» زيادة:لنا.
3- المبسوط 3:100،التذكرة 2:379.
4- المسالك 2:256.
5- التذكرة 2:379.

لو تعذّر المثل في المثليّ.

و لعلّ هذا أقوى وفاقاً لأكثر أصحابنا،بل عليه في ظاهر التذكرة إجماعنا (1).

خلافاً للقاضي في أحد قوليه فاختار الأوّل (2).و نقله في التذكرة عن أبي حنيفة (3).

و كذا الحكم في الخنزير إلّا أنّ ضمان قيمته حيث يجب واضح؛ لأنّه قيميّ حيث يملك.

و اعلم أنّه كما يوجب الغصب الضمان كذلك الإتلاف يوجبه أيضاً بلا خلاف؛ و لعلّه لحديث:لا ضرر و لا إضرار (4).

و لا فرق في المتلف بين كونه عيناً أو منفعةً.و هو قد يكون بالمباشرة و إيجاد علّة التلف كالأكل،و الحرق،و القتل،و نحو ذلك،و بالسبب و فعل ملزوم العلّة كحفر البئر.و إذا اجتمعا قدّم المباشر بلا خلاف ظاهر،بل ظاهرهم الإجماع عليه،و به صرّح المقدس الأردبيلي-(رحمه اللّه) قال:و كأنّه مجمع عليه (5).

و ذلك كما لو سعى إلى ظالم بآخر فأخذ ماله،أو فتح بابه على مال فسرق أو دلّ السرّاق إلى مال فسرقوه،فإنّ في جميع هذه المسائل ضمن المباشر الذي هو الظالم السارق دونه أي دون السبب.قالوا:لأنّه أقوى.

ص:19


1- التذكرة 2:379.
2- المهذب 1:444.
3- التذكرة 2:379.
4- الوسائل 25:/427 أبواب إحياء الموات ب 12.
5- مجمع الفائدة و البرهان 10:501.

و فيه نظر،فإنّ القوّة لا تدفع الضمان عن السبب بعد وجود ما يقتضي ضمانه أيضاً،و هو ما مرّ من حديث نفي الضرر.و لا امتناع في الحكم بضمانهما معاً و تخيّر المالك في الرجوع إلى أيّهما شاء كالغصب.فلولا الإجماع الظاهر المعتضد بالأصل لكان القول بضمانهما كترتّب الأيدي في الغصب في غاية الحسن.

و على هذا نبّه خالي العلّامة دام ظلّه في حاشيته على شرح الإرشاد (1)،إلّا أنّ ظاهره سلّمه اللّه المصير إليه،أو بقاؤه في شباك التردّد من دون أن يقطع بما ذكره الأصحاب،و لعلّه لتوقّفه في فهم الإجماع،و تردّده في قبول حكايته من ناقله؛ لعدم قطعه به.

و هو حسن،و لكن الإجماع ظاهر،فالمصير إلى ما ذكره الأصحاب متعيّن إلّا مع قوّة السبب كالمكره،و الملقي للحيوان في المسبعة لو قتله السبع؛ لاتّفاقهم أيضاً على هذا الاستثناء.

و لذا قالوا: لو أزال القيد عن فرس و نحوه فشرد،أو عن عبد مجنون فأبق أو قفص طائر فطار ضمن المزيل،و نفى الخلاف في جميع ذلك في المبسوط (2)في الجملة،و عليه كذلك في ظاهر التذكرة إجماع الإماميّة (3).و يحتج لضمانه زيادةً عليه بما مرّ من حديث نفي الضرر.

و يبقى الإشكال في (4)الحكم بنفي الضمان عن المباشر لو كان؛

ص:20


1- حاشية مجمع الفائدة و البرهان:609.
2- المبسوط 3:89.
3- التذكرة 2:375.
4- في«ص» زيادة:نفي.

لثبوت ضمانه و إن ضعف بعموم على اليد،و لا مانع من اجتماع الضمانين كما مرّ.و لكن المخرج عن هذا الإشكال كالمخرج عن الإشكال الأوّل بناءً على انعقاد الإجماع في الظاهر على اختصاص الضمان بالسبب القويّ دون المباشر.

و مما ذكرنا يظهر الوجه فيما حكموا به من غير خلاف يعرف من أنّه لا يضمن لو أزاله أي القيد عن عبد عاقل بناءً على قوّة المباشر أي هو العبد؛ لأنّ له اختياراً صحيحاً فذهابه محال عليه؛ إذ لا يتوقّع منه الفرار،بخلاف المجنون.

قيل:هذا إذا لم يكن آبقاً،و إلّا ففي ضمانه وجهان:من أنّه بعقله يحال عليه الفعل.و من أنّ إطلاقه و قد اعتمد المالك ضبطه إتلاف عليه فكان كحلّ المجنون و البهيمة.انتهى (1).

و هذا ظاهر في عدم الإجماع على الحكم في الآبق،و عليه فالوجه الثاني متعيّن؛ لما مرّ من عموم ما دلّ على ضمان السبب،و إنّما خرج عنه في محلّ الإجماع به،و هو مفقود في المقام بمقتضى الفرض.

الثاني في الأحكام

الثاني: في الأحكام يجب ردّ المغصوب على مالكه ما دامت العين باقيةً يمكنه ردّها، سواء كانت على هيئتها يوم غصبها أم زائدة،أم ناقصة و إن تعسّر ردّه، و استلزم ذهاب مال للغاصب كالخشبة المستدخلة في البناء،و اللوح في السفينة و الخيط في الثوب،و الممزوج الشاق تمييزه كالحنطة بالشعير و نحو ذلك.

ص:21


1- قال به الشهيد الثاني في المسالك 2:257.

بلا خلاف في شيء من ذلك إلّا في وجوب فوريّة الردّ مع ذهاب مال للغاصب أو من بحكمه.و بعدم الخلاف صرّح في التذكرة (1)،و هو ظاهر المسالك (2)و غيره (3).و بالإجماع عليه صرّح جماعة كالشهيدين في الدروس و الروضة،و المقدّس الأردبيلي (4)رحمه اللّه و هو ظاهر الكفاية (5)؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى عموم:« على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» .و لم ينقل الخلاف في المسألة إلّا عن أبي حنيفة (6)في الخشبة المستدخلة في البناء أو المبنيّ عليها حيث حكم فيها بملكه للغاصب، و وجوب غرم قيمته على الغاصب.

و يضعّف زيادة على ما مر بأنّ البناء العدوان لا يزيل ملك المالك،كما لو غصب أرضاً و بنى عليها باعترافه،و أنّ القدرة على المثل تمنع العدول إلى القيمة؛ لأنّ المثل أقرب إلى المغصوب،فأولى أن تمنع القدرة على العين العدول إلى القيمة.

و بالجملة لا ريب في فساد ما ذكره،و وجوب ردّ العين فوراً إلى مالكه و إن استلزم ذهاب مال الغاصب،كما هو ظاهر إطلاق العبارة و الأكثر

ص:22


1- التذكرة 2:395،396.
2- المسالك 2:258.
3- انظر السرائر 2:484.
4- الدروس 3:109،الروضة 7:36،الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 10:520.
5- الكفاية:256.
6- حكاه عنه في الخلاف 3:409.

كما في المسالك (1).

و ذكر فيه و في الروضة و الشهيد في الدروس (2)أنّه لو خيف غرق الغاصب أو غرق حيوان محترم،أو مال لغيره و لم يكن بحكمه كأن تصرّف في المغصوب جاهلاً بالغصب لم ينزع إلى أن يصل إلى الساحل.

و لو عاب بالإخراج من البناء و نحوه ضمن الأرش إجماعاً كما في الروضة (3)؛ لأنّه عوض عن أجزاء ناقصة،أو أوصاف،و كلاهما مضمون،سواء كان النقص من الغاصب أو من غيره و لو من قبل اللّه تعالى.

و لو بلغ حدّ الفساد على تقدير الإخراج بحيث لا يبقى لها قيمة، فالواجب تمام قيمتها بلا خلاف.

و في جواز إجباره على النزع حينئذٍ وجهان:من فوات الماليّة،و بقاء حقّ المالك في العين.و الأوّل أجود و إن حكى في المسالك عن ظاهر الأصحاب الثاني؛ لأنّها تنزّل منزلة المعدوم (4).و فيه نظر و لو تلف المغصوب أو تعذّر العود إليه و ردّه ضمن الغاصب مثله إن كان المغصوب مثليّا،بلا خلاف؛ لأنّه أقرب إلى التالف.

و قد اختلف عباراتهم في ضبط المثليّ،فالمشهور بينهم كما في المسالك و الكفاية (5)أنّه ما كان متساوي الأجزاء قيمةً،أي أجزاء النوع الواحد منه،كالحبوب و الأدهان،فإنّ المقدار من النوع الواحد منه يساوي مثله في القيمة،و نصفه يساوي نصف قيمته.

ص:23


1- المسالك 2:258.
2- الروضة 7:36،الدروس 3:109.
3- الروضة 7:44.
4- المسالك 2:258.
5- المسالك 2:259،الكفاية:257.

و ضبطه بعضهم بالمقدّر بالكيل أو الوزن (1)،و بعضهم بأنّه ما تتساوى أجزاؤه في الحقيقة النوعية (2).و زاد آخرون عليه اشتراط جواز السلم فيه (3).

و عرّفه في الدروس (4)بأنّه المتساوي الأجزاء و المنفعة المتقاربة الصفات،و تبعه في المسالك و الكفاية (5)،قائلين:إنّه أقرب التعريفات إلى السلامة.

و لا يذهب عليك عدم ظهور حجّة لهذه التعريفات عدا العرف و اللغة،و هما بعد تسليم دلالتهما على تعيين معنى المثل المطلق و ترجيحهما أحدَ الآراء لا دلالة لهما؛ إذ هي فرع تعليق الحكم على لفظ المثل في دليل،و ليس بموجود عدا قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ [1] (6).و فيه نظر؛ لاحتمال كون المراد بالمثل فيه مثل أصل الاعتداء،لا مثل المعتدى فيه الذي هو ما نحن فيه،فتأمّل.هذا.

مع أنّه لم يظهر حجّة على أصل اعتبار المثل في المثلي،و القيمة في القيمي عدا الإجماع و الاعتبار،و ليس فيهما ما يرجّح أحد التعريفات، فليرجع في خصوص الأفراد إلى ما جُمع على كونه مثليّا أو قيميّاً.

و لا إشكال فيما ظهر فيه،و يشكل الأمر فيما عداه،و ينبغي الاحتياط

ص:24


1- انظر الأُم 3:254،بداية المجتهد 2:317.
2- غاية المراد 2:398.
3- انظر فتح العزيز المطبوع مع المجموع 11:266.
4- الدروس 3:113.
5- المسالك 2:259،الكفاية:257.
6- البقرة:194.

في مثله بالرجوع إلى الصلح و التراضي إن أمكن،و إلّا فلا يبعد ترجيح مختار الأكثر؛ لرجحانه بالشهرة.

و لولاها لكان العمل بالتخيير بين الآراء متّجهاً،كما هو الحال في ترجيح الأقوال المختلفة التي لا مرجّح لأحدها على الآخر من الأدلّة.

و ربما يرجّح مختار الأكثر أيضاً على أكثر ما عداه بسلامته عن النقض الذي يورد عليه من شموله للثوب؛ لأنّ قيمة أجزائه متساوية،مع أنّه قيمي،و ذلك فإنّه يمكن أن يقال:الثوب ليس بمتساوي الأجزاء فإنّ ذراعاً منه قد يسوى عثمانيا و الآخر شاهيات،بل ربما لا تكون له قيمة أصلاً كما لا يخفى.

و أمّا ما يورد على مختارهم من أنّه إن أُريد التساوي بالكلّية فالظاهر عدم صدقه على شيء من المعرّف؛ إذ ما من شيء إلّا و أجزاؤه مختلفة في القيمة في الجملة مثل الحنطة و الشعير و جميع ما قيل إنّه مثلي،فإنّ حنطة قد تكون تغارها تساوي عشرين و الآخر عشر شاهيات،و بالجملة التفاوت معلوم.

و إن أُريد التساوي في الجملة فهو في القيمي أيضاً موجود مثل الثوب و الأرض و نحوهما.

و إن أُريد مقداراً خاصّاً فهو حوالة إلى المجهول.

فيضعّف بما ذكره خالي العلّامة (1)دام ظلّه بأنّه لعلّ المراد التفاوت المتعارف المعتدّ به عند أهل العرف،أي ما يكون متساوي الأجزاء عرفاً يكون مثليّا،و غير المتساوي كذلك غير مثليّ،فتأمّل.و أيضاً المثلي

ص:25


1- حاشية مجمع الفائدة و البرهان:620.

ما تعارف تحقّق المثل له بحيث يساويه و يماثله في الطبيعة و المميّز النوعي و الصنفي،و هو أقرب إليه من كلّ جنس و إن كان مثل الدرهم و الدينار، فتأمّل.

ثم إنّه إذا كان المثل موجوداً و لم يسلّمه حتّى فقد،لزمت القيمة عليه.و ذكر جماعة (1)أنّ المراد من الفقدان أن لا يوجد في ذلك البلد و ما حوله ممّا ينقل إليه عادةً.

و فيه نظر،بل مقتضى الأصل لزوم تحصيل المثل و لو من البلاد النائية التي لم ينقل إليها عادةً،إن لم يستلزم التكليف بالمحال،فتأمّل.

و في القيمة المعتبرة حينئذٍ أوجه:

أوّلها و هو أشهرها كما في المسالك و الكفاية (2)-:اعتبار قيمته حين تسليم البدل.

و ثانيها:اعتبارها وقت الإعواز.

و ثالثها:اعتبار أقصى القيم من حين الغصب إلى حين دفع العوض، و هو المعبّر عنه بيوم الإقباض.

و رابعها:اعتبار الأقصى من حينه إلى حين الإعواز.

و خامسها:اعتبار الأقصى من حين الإعواز إلى حين دفع القيمة.

و العمل على الأوّل.

و اعلم:أنّه قد ظهر مما مرّ أنّه إن لم يكن المغصوب مثليّا يلزم قيمته إجماعاً.

ص:26


1- منهم العلامة في التذكرة 2:383،و الشهيد الثاني في المسالك 2:259،و السبزواري في الكفاية:257.
2- المسالك 2:259،الكفاية:257.

و في اعتبار ضمانها بين الأصحاب أقوال:أحدها و هو الذي اختاره الماتن هنا مشيراً إليه بقوله: و قيمته يوم الغصب إن كان مختلفها (1) [مختلفاً.] أي مختلف الأجزاء قيمة،وفاقاً لموضع من المبسوط (2)و نسبه في الشرائع (3)إلى الأكثر؛ لأنّه أوّل وقت دخول العين في ضمان الغاصب،و الضمان إنّما هو لقيمتها فيقضى بها حالة ابتدائه به.

و يضعّف بأنّ الحكم بضمان العين حينئذٍ بمعنى أنّها لو تلفت وجب بدلها و هو القيمة،لا وجوب قيمتها حينئذٍ،فإنّ الواجب ما دامت العين باقية ردّها،و لا ينتقل إلى القيمة إلّا مع تلفها،فلا يلزم من الحكم بضمانها على هذا الوجه اعتبار ذلك الوقت.

نعم ربما يمكن أن يستدلّ له بصحيحة أبي ولاّد (4)الطويلة المشهورة الواردة في ضمان البغلة المغصوبة المتضمّنة لقوله عليه السّلام بعد أن سأله الراوي:أ رأيت لو عطب البغل أو نفق أ ليس كان يلزمني؟:«نعم قيمة بغل يوم خالفته» .لكنّه مبنيّ على كون المراد القيمة الثابتة يوم المخالفة،لكنّه معارض باحتمال أن يكون المراد:يلزمك قيمة البغل يوم المخالفة،متعلّقاً ب«يلزم»،يعني لزوم القيمة في ذلك اليوم.و عليه فحدّ القيمة غير مبيّن مرجوع إلى ما يقتضيه الدليل.

و مع ذلك معارض باعتباره عليه السّلام بعد ذلك في أرش العيب القيمة يوم

ص:27


1- في المطبوع من المختصر(256):
2- المبسوط 3:60.
3- الشرائع 3:240.
4- الكافي 5:6/290،التهذيب 7:943/215،الإستبصار 3:483/134،الوسائل 25:390 أبواب الغصب ب 7 ح 1.

الردّ،حيث إنّه(عليه السّلام) بعد أن سأله الراوي بعد ذلك بقوله:قلت:و إن أصاب البغل كسر أو دبر أو عقر قال:«عليك قيمة ما بين الصحّة و العيب يوم تردّه عليه» .فهذا القول ضعيف غايته،مع أنّي لم أجد القائل به عدا من مرّ و إن نسبه الماتن إلى الأكثر.

و قيل:أعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف اختاره الشيخ في النهاية و الخلاف و موضع من المبسوط،و ابن حمزة و الحلي (1).

و استحسنه الماتن في الشرائع (2)،و نسبه في المختلف و التنقيح (3)إلى الأشهر.و مال إليه في الدروس،و اختاره في اللمعة (4)،و قوّاه شيخنا في شرحها معتمداً على الصحيحة المتقدّمة،قال:و يمكن أن يستفاد منه اعتبار الأكثر منه إلى يوم التلف.و هو قويّ عملاً بالخبر الصحيح،و إلّا لكان القول بقيمته يوم التلف مطلقاً أقوى (5).

و في إمكان استفادة ما ذكره منها نظر،مع أنّه ذكر قبل هذا الكلام أنّ فيها ما يدلّ على القول الأوّل.و فيه أيضاً ما مرّ.

و لعلّه لذا لم يستدلّ بها على أحد هذين القولين و لا غيرهما من

ص:28


1- حكاه عن النهاية في المهذّب البارع 4:252،و المسالك 2:260،و الموجود فيها في موضع(402):قيمة يوم الغصب،و في آخر(446):قيمة يوم التعدّي،و في ثالث(780):قيمة يوم التلف،و لم نعثر على غيرها،الخلاف 3:403،415،المبسوط 3:70،الوسيلة:276،السرائر 2:481.
2- الشرائع 3:240.
3- المختلف:455،التنقيح 4:70.
4- الدروس 3:113،اللمعة(الروضة البهية 7):40.
5- الروضة 7:43.

القدماء أحد،بل استدلّوا بغيرها و منهم أرباب هذا القول،فقد استدلّوا له بأنّه مضمون في جميع حالاته التي من جملتها حالة أعلى القيم،و لو تلف فيها لزمه ضمانه فكذا بعده،و أنّه يناسب التغليظ على الغاصب.

و يضعّف بما يأتي من أنّ الزيادة للسوق ما دامت العين باقية غير مضمونة إجماعاً،و لا يلزم من ضمانها لو تلفت في تلك الحالة ضمانها مع عدم تلفها؛ لأنّ ضمان القيمة على تقدير تلفها (1)[حينئذٍ ما جاء من قبل الزيادة،بل من حيث الانتقال من ضمان العين إلى القيمة لفوات العين،و هو منتفٍ على تقدير عدم تلفها] في تلك الحالة العليا.

و مؤاخذة الغاصب بالأشقّ لا يجوز بغير دليل يقتضيه،و قد تبيّن ضعفه.

و فيه وجه آخر بل وجهان،أحدهما:ضمان القيمة يوم التلف، اختاره القاضي و الفاضل في المختلف (2)،و نسبه في الدروس (3)إلى الأكثر.

و ما أبعد ما بينه و بين ما يستفاد من ظاهر العبارة أنّه ليس قول أحد و إنّما هو مجرّد وجه.

و وجهه أنّ العين ما دامت موجودة لا حقّ لمالكها في القيمة زادت أم نقصت،و لهذا لم يحكم عليه بزيادة القيمة السوقية عند نقصانها حين الردّ إجماعاً كما يأتي،و صرّح به هنا الفاضل في المختلف (4).و الانتقال إلى القيمة إنّما هو عند التلف فتعتبر القيمة في تلك الحال.

و فيه نظر سبق التنبيه على وجهه في كتاب التجارة في غير محلّ، و هو منع استلزام التلف الانتقال إلى القيمة حينه؛ إذ لا مانع من تعين القيمة

ص:29


1- في«ح» و«ر» زيادة:حينئذٍ ما جاء من قبل الزيادة،بل من حيث الانتقال من ضمان العين إلى القيمة لفوات العين،و هو منتفٍ على تقدير عدم تلفها.
2- المهذب 1:436،437،المختلف:455.
3- الدروس 3:113.
4- المختلف:455.

الأعلى حينه لأمرٍ آخر كحديث:لا إضرار و لا ضرر (1)؛ إذ لا ريب أنّ حبس العين عن المالك حين ارتفاع قيمتها ضرر على المالك،و تفويت لتلك القيمة العليا عليه.

و من هنا يُوجّه الوجه الثاني،و هو ضمان أعلى القيم من حين الغصب إلى حين الردّ.ذكره الخال العلّامة دام ضلّه في حاشية شرح الإرشاد،و اختاره (2).

و فيه نظر (3)مع أنّ الإجماع المحكيّ عموماً و خصوصاً على عدم ضمان القيمة السوقيّة يدفع هذا الوجه المبنيّ عليه ما اختاره،مضافاً إلى شذوذه و ندرة القائل به؛ إذ لم يحك القول به إلّا عن الماتن في أحد قوليه، و كافّة الأصحاب على خلافه؛ لأنّ الواجب القيمة فمتى حكم بها استقرت، فلا عبرة بزيادتها و لا نقصانها يوم التلف.

و مع ذلك لم يوجّه مختار الماتن هذا بما ذكر،بل بما نبّه عليه في المسالك تبعاً للدروس،فقال بعد ذكر التعليل المتقدّم على ردّه-:نعم لو قلنا بأنّ الواجب في القيمي مثله كما ذهب إليه ابن الجنيد مخيّراً بين دفع القيمة و المثل و مال إليه المصنف في باب القراض اتّجه وجوب ما زاد من القيمة إلى حين دفعها كما في المثلي (4).

و كيف كان فالمسألة محلّ إشكال.و الاحتياط يقتضي المصير إلى مختار الخال،لكن على سبيل الاستحباب.

ص:30


1- في«ح»:لا ضرر و لا ضرار.
2- حاشية مجمع الفائدة و البرهان:624.
3- ليس في«ص»،أثبتناه من سائر النسخ لاستقامة المتن.
4- المسالك 2:260،و هو في الدروس 3:113.

و أمّا الاحتياط الواجب لتحصيل البراءة اليقينيّة عمّا اشتغلت به الذمّة فمقتضاه المصير إلى القول الثاني،و إنّما لم يجب الاحتياط في الوجه الرابع مع جريان دليله فيه؛ لظهور الإجماع من الكلّ كما عرفت على خلافه.

ثم إنّ محلّ الخلاف كما صرّح به جماعة من الأصحاب (1)من غير خلاف هو ما إذا كان نقصان القيمة مستنداً إلى السوق.أمّا إذا استند إلى حدوث نقص في العين ثم تلفت فإنّ الأعلى مضمون بلا خلاف،بل عليه في المسالك (2)الوفاق.و مرّ وجهه في ضمان أرش العيب،مع نقل الإجماع أيضاً في الروضة (3).

و اعلم:أنّ المعروف بين الأصحاب كما في الكفاية (4)أنّه مع ردّه أي الشيء المغصوب بعينه لا يجب على الغاصب أن يردّ زيادة القيمة السوقية و بعدم الخلاف فيه صرّح في المبسوط (5)،و بالإجماع صرّح في المختلف (6)كما مرّ،و هو ظاهر التذكرة و المسالك (7)حيث لم ينقلا الخلاف فيه بيننا،و نسباه إلى أكثر أهل العلم،و حكيا الخلاف فيه عن شذوذ من العامّة.

و هو كالصريح في انعقاد الإجماع عليه منّا و من أكثر العامّة؛ و هو

ص:31


1- كالشهيد الثاني في المسالك 2:260،و السبزواري في الكفاية:258،و الكاشاني في المفاتيح 3:172.
2- المسالك 2:260.
3- الروضة 7:44.
4- الكفاية:257.
5- المبسوط 3:63.
6- المختلف:455.
7- التذكرة 2:385،المسالك 2:259.

الحجّة المعتضدة بالأصل،و أنّ الفائت رغبات الناس لا شيء من المغصوب،فإنّ عينه موجودة فالواجب ردّها خاصّة.و بذلك يخصّ عموم حديث نفي الضرار،و لولاه لكان المصير إلى ضمانها في غاية من القوّة؛ للحديث المزبور بناء على أنّ تفويتها بالغصب ضرر بلا شبهة.

و عليه نبّه الخال العلّامة (1)دام ظلّه لكن ظاهره الميل إليه؛ لإظهاره التردّد في الإجماع،و احتماله كون المراد منه في كلام الحاكي غير معناه المصطلح.و ليس للقاصر محل تردّد،و فتح باب الاحتمال المزبور يوجب سدّ باب حجيّة الإجماعات المنقولة.هذا.

مع أنّ عدم الخلاف لا أقلّ منه قطعاً،و هو حجّة ظنيّة كما بينّاه في رسالة مفردة في تحقيق الإجماع.و لا ريب أنّ الظنّ المستفاد منه أقوى من الظنّ المستفاد من عموم الخبر المتقدم؛ لكونه خاصّاً فليكن مقدّماً.

و تردّ الزيادة أي زيادة القيمة إن كانت لزيادة في العين كاللبن و الشعر و الولد و الثمرة أو الصفة كتعلّم الصنعة و نحوه،و إن كانت بفعل الغاصب.بلا خلاف في شيء من ذلك أجده.

@(و وجه الأوّل واضح.و أمّا الثاني،فقيل (2):وجهه أنّه بعد وجود الصفة في العين صارت ملكاً للمالك و جزءاً لمملوكه من غير عوض له للغاصب،فيكون مضموناً.و لا فرق في ذلك بين حصوله ثانياً و كونه أوّلاً؛ إذ بعد الوجود صار ملكاً له و مضموناً بيد الغاصب المكلف بدفعه و بعوضه لو تلف،فيضمن كالأصل و الأجزاء السابقة و الأوصاف السالفة كالكبر بزيادة

ص:32


1- حاشية مجمع الفائدة و البرهان:618،619.
2- قال به المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 10:442.

الأجزاء بعد الغصب عنده) (1)@ [بناء على ما سيأتي من استحقاق المالك الزيادة عينا كانت أو آثارا محضة فيتبعها القيمة] فتأمّل.

و لو كان المغصوب دابّة فعابت عند الغاصب ردّها مع الأرش مطلقاً و لو كان العيب من قبل اللّه تعالى أو أجنبيّ؛ لما مضى في ضمان أرش العيب من الإجماع و غيره.

و يتساوى في ذلك بهيمة القاضي و الشوكي بلا خلاف فيه بيننا،بل عليه في كلام جماعة إجماعنا (2)؛ و هو الحجة،مضافاً إلى عموم الأدلّة.

خلافاً لبعض العامة (3)فحكم في الجناية على بهيمة القاضي بالقيمة و يأخذ الجاني العين المغصوبة؛ نظراً منه إلى أنَّ المعيب لا يليق بمقام القاضي.

ثمّ إنّ إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في الحكم بلزوم الأرش بالعيب بين ما لو كان بجناية الغاصب في العين و نحوها ممّا في البدن منه اثنان،و بين غيره.و عليه عامّة المتأخّرين وفاقاً للمبسوط و القاضي و الحلي (4)،قالوا:لأنّه مال،فيجب فيه الأرش كغيره من الأموال.

أقول:و يعضده إطلاق صحيحة أبي ولاّد المشهورة،بل عمومها، و فيها:قلت:فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو عقر،فقال عليه السّلام:«عليك قيمة

ص:33


1- بدل ما بين القوسين في«ر» و«ح»:بناءً على ما سيأتي من استحقاق المالك الزيادة عيناً كانت أو آثاراً محضة فيتبعها القيمة.
2- الخلاف 3:396،الروضة البهية 7:46.
3- حكاه عن مالك في المجموع 14:245،و المغني لابن قدامة 5:386.
4- المبسوط 3:62،القاضي في المهذب 1:437،الحلي في السرائر 2:487،488،498.

ما بين الصحة و العيب يوم تردّه عليه» (1).

خلافاً للخلاف (2)فأدّعى في جناية الغاصب في إحدى العينين و ما في معناها نصف القيمة،و في كلتيهما تمامها محتجّاً بالإجماع و الرواية، و هي:كلّ ما في البدن منه اثنان ففي الاثنين جميع القيمة و في الواحد نصفها (3).

و نسب ذلك في المبسوط (4)إلى روايات الأصحاب،بل فتاويهم.

و ردّه الحلّي (5)بأنّ الرواية ليست إلّا في الإنسان،و حمل الدابة عليه قياس.

و حملهما الفاضل في المختلف (6)على جناية غير الغاصب في إحدى العينين بشرط نقص القدر عن الأرش.

و أمّا الخبران المثبتان في عين الدابّة ربع القيمة فليسا بمنطبقين على أحد المذهبين،مع أنّه لا قائل بهما في البين فليطرحا،أو يحملا على التقية فقد حكى في التذكرة (7)القول بمضمونهما عن أبي حنيفة،أو على ما إذا توافق الأرش و القيمة.و هذا و إن كان بعيداً غايته إلّا أنّه لا بأس به جمعاً بين الأدلّة.

و لو كان المغصوب المعيب بالجناية عبداً أو أمة و كان الغاصب هو الجاني ردّه و دية الجناية إن كانت مقدّرةً مطلقاً،وفاقاً

ص:34


1- الكافي 5:6/290،التهذيب 7:943/215،الوسائل 25:390 أبواب الغصب ب 7 ح 1.
2- الخلاف 3:397.
3- الوسائل 29:/283 أبواب ديات الأعضاء ب 1.
4- المبسوط 3:62.
5- السرائر 2:498.
6- المختلف:457.
7- التذكرة 2:380.

للمبسوط و الخلاف (1)تسويةً بين الغاصب و غيره؛ لأصالة العدم.

و فيه قول آخر أفتى به الحلّي و الفاضلان و الشهيدان (2)،و عامّة المتأخّرين على الظاهر المصرّح به (3)،و هو ضمان أكثر الأمرين من القيمة و المقدّر شرعاً في الجناية؛ لأنّ الأكثر إن كان هو المقدّر فهو جانٍ،و إن كان هو الأرش فهو مال فوته تحت يده كغيره من الأموال؛ لعموم:« على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (4)و هذا أظهر.

مع أنّ المحكيّ عن المبسوط ما يوافق هذا القول (5)فلا خلاف،و لذا إنّ الفاضل في المختلف (6)حمل كلامه السابق على إرادة الجاني غير الغاصب؛ فإنّ الحكم فيه ذلك بلا خلاف،بل عليه الوفاق في المسالك و غيره (7).

و الفرق أنّ ضمان الغاصب من جهة الماليّة فيضمن ما فات منها مطلقاً،و ضمان الجاني منصوص فيقف عليه.و أنّ الجاني لم يثبت يده على العبد فيتعلّق به ضمان المالية،بخلاف الغاصب؛ لأنّ يده يد عدوان يوجب ضمان العين عليه بالقيمة مطلقاً،حتّى لو مات العبد عنده ضمن قيمته مطلقاً بلا خلاف،كما في الكفاية (8)و غيرها.

ص:35


1- المبسوط 3:64،الخلاف 1:680.
2- الحلي في السرائر 2:488،المحقق في الشرائع 3:241،العلامة في التذكرة 2:380،الشهيدان في اللمعة(الروضة البهية 7):48،47.
3- في«ر» و«ح» زيادة:في الدروس،(3:114).
4- راجع ص 12 الرقم 1.
5- حكاه عنه في المختلف:457،و هو في المبسوط 3:98.
6- المختلف:457.
7- المسالك 2:261،الكفاية:258.
8- الكفاية:258.

و لا فرق في ذلك على القولين بين ما لو كانت الجناية على الطرف أو النفس.

و يتفرّع على المختار أنّه لو قتله غيره و زادت قيمته عن دية الحرّ لزم القاتل الدية و الغاصب الزيادة؛ لأنّ ماليّته مضمونة عليه،و كذا لو جنى عليه غيره فقطع يده مثلاً ضمن أقلّ الأمرين من نصف القيمة و نصف دية الحرّ.

ثمّ إن زاد نصف القيمة عن نصف دية الحر تخيّر المالك بين الرجوع إلى الغاصب بنصف القيمة فيرجع الغاصب على الجاني بأقلّ الأمرين،و بين أن يرجع على الجاني بأقلّهما و إلى الغاصب بالزيادة.

و لو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزج في يده بغير اختياره كلّف قسمته بتمييزه إن أمكن التمييز مطلقاً و إن شقّ،كما لو خلط الحنطة بالشعير،أو الحمراء منها بالصفراء بلا خلاف؛ لوجوب ردّ العين حيث يمكن.

و لو لم يمكن التمييز كما لو خلط الزيت بمثله أو الحنطة بمثلها صفة ردّ العين وفاقاً للأكثر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر؛ لأنّ عين مال المالك موجودة في الجملة و غايته أنّها بغيرها ممتزجة،و ذلك لا يخرجها عن ملكه؛ و لأنّ في ذلك إيصال المالك إلى بعض حقّه بعينه،و إلى بدل بعضه من غير زيادة فوت على الغاصب،فكان أولى من إيصاله إلى بدل الكلّ.

خلافاً للحلّي فقال:ينتقل إلى المثل؛ لاستهلاك العين إذ لا يقدر الغاصب على ردّها لو طلبه (1).

ص:36


1- السرائر 2:482.

و يضعّف بأنّ ذلك لا يوجب خروجها عن ملكه،كما لو اختلط المالان بغير اختيارهما أو برضى المالكين.و بأنّه لو غصب رطلاً من هذا و رطلاً من هذا و خلطهما و جعلهما بذلك هالكين يلزم انتقال الملك فيهما إلى الغاصب و هو تملّك اختياريّ.

و كذا لو كان الخلط بأجود منه لوجود عين المغصوب المقتضي لتسلّط المالك عليهما،و عدم الانتقال إلى مثلها أو قيمتها.

و لا يقدح في ذلك الزيادة؛ لأنّها زيادة صفة بفعل الغاصب،فكان كما لو علّم العبد صنعة،أو صاغ النقرة حليّاً.

خلافاً للمبسوط و الحلي (1)،فقالا:يتخيّر الغاصب في دفع القدر من العين أو غيرها؛ لأنّ العين قد استهلكت،إذ لا يقدر على الرد لو طالبه.

و التخيير في الحقيقة راجع إلى ضمان المثل؛ لأنّه حينئذ لا ينحصر في العين و هي أجود ممّا يلزمه فإذا بذلها وجب قبولها بطريق أولى؛ و لأنّ بعضها عين حقّه و بعضها خير منه،مع أنّه لا خلاف فيه كما في التنقيح (2).

و اعلم:أنّ ما ذكره الأكثر في المقامين أظهر إن أرادوا نفي الخيار للغاصب و إثباته للمالك.و إن أرادوا لزوم القبول عليه فمشكل حيث يعتذر لعدم قبوله بعذر موجّه،ككون ماله حلالاً و مال الغاصب الممزوج به مشبوهاً،أو نحوه،فإنّ إيجاب القبول حينئذٍ ضرر و أيّ ضرر.فالتحقيق في المقامين ثبوت الخيار للمالك وفاقاً للتنقيح (3).

و لو كان الخلط بأدون منه ضمن المثل بلا خلاف كما في

ص:37


1- المبسوط 3:79،السرائر 2:482.
2- التنقيح 4:72.
3- التنقيح 4:72،73.

التنقيح (1)،قيل:لتعذّر ردّ العين كاملةً؛ لأنّ المزج في حكم الاستهلاك من حيث اختلاط كلّ جزء من مال المالك بجزء من مال الغاصب،و هو أدون من الحق فلا يجب قبوله،بل ينتقل إلى المثل،و هذا مبنيّ على الغالب من عدم رضاه بالشركة (2).

و في الروضة أنّ الأقوى تخييره بين المثل و الشركة مع الأرش؛ لأنّ حقّه في العين لم يسقط،لبقائها،كما لو مزجها بالأجود،و النقص بالخلط يمكن جبره بالأرش (3).

و هو حسن حيث يكون المتمازجان غير ربويّين،أو ربويّين و رضي المالك بالناقص من دون أرش.و يشكل في غير ذلك،إلّا أن يدفع باختصاص الربا بالبيع،و لكنّه خلاف التحقيق،كما مرّ في بحثه.

و لو زادت قيمة المغصوب فهو أي الزائد لمالكه مطلقاً،و لو كانت الزيادة بفعل الغاصب كما مضى؛ لأنّها حصلت في ملك غيره.

أمّا لو كانت الزيادة لانضياف عين من مال الغاصب إلى المغصوب كالصبغ و الآلة في الأبنية أخذ الغاصب العين المضافة إن قبلت القلع و الفصل و لو بنقص قيمة الثوب و البناء و ردّ الأصل المغصوب جمعاً بين الحقين. و يضمن الغاصب الأرش إن نقص المغصوب بالقلع.و هذا هو المشهور بين الأصحاب سيّما المتأخّرين وفاقاً للشيخ (4).

ص:38


1- التنقيح 4:72.
2- قال به الشهيد الثاني في الروضة 7:56.
3- الروضة البهية 7:56.
4- المبسوط 3:77.

خلافاً للإسكافي و المختلف (1)فقالا:ليس للغاصب قلع الصبغ بغير إذن المالك.فإن لم يرض و دفع قيمة الصبغ وجب على الغاصب قبوله؛ لأنّ عين مال الغاصب قد استهلكت،لعدم الانتفاع بصبغه،مع استلزام القلع التصرف بغير إذن المالك؛ كيف و لو أعار أرضاً للغرس فغرسها المستعير ثم استعاد المالك الأرض و بذل قيمة الغرس اجبر الغارس على أخذها عند الشيخ (2)،مع أنّه أذن في الغرس،و في صورة النزاع لم يأذن المالك بالصبغ،فكيف لا يجبر الغاصب على أخذ قيمة الصبغ إن بذلها المالك مع تضرّره بالقلع و عدم تضرّر معير الأرض بقلع الغرس؟ .قال في التنقيح بعد ذكر ذلك-:ما ذكره العلّامة حسن،و تعليله جيّد،لكن تمثيله بالأرض و الغرس إلزام للشيخ،و إلّا فقد قال في القواعد:

الأقرب توقف تملّك الغرس بالقيمة على التراضي منهما.و نعم ما قال؛ لأنّه فرق بين الغصب و العارية بعدم الإذن في الغصب و حصوله في العارية،فإذاً قول ابن الجنيد جيّد و عليه الفتوى (3).انتهى.

و إلى مختارهم يميل الخال العلّامة دام ضلّه مبالغاً في تقريبه في حاشيته على شرح الإرشاد (4).و هو غير بعيد؛ نظراً إلى قواعدهم المقرّرة في الغصب.

و قد استدرك شيخنا في الروضة على الحكم المشهور تعليل العلّامة و أجاب عنه،فقال:و لا يرد أنّ قلعه يستلزم التصرّف في مال الغير بغير إذنه

ص:39


1- المختلف:455،و قد حكاه فيه عن الإسكافي.
2- المبسوط 3:55.
3- التنقيح 4:74.
4- حاشية مجمع الفائدة و البرهان:629.

و هو ممتنع،بخلاف تصرّف مالك الثوب في الصبغ لأنّه وقع عدواناً لأنّ وقوعه عدواناً لا يقتضي إسقاط ماليّته،فإنّ ذلك عدوان آخر.بل غايته أن ينزع و لا يلتفت إلى نقص قيمته،أو اضمحلاله أو بعضه (1).انتهى.

و فيه نظر،فإنّه كما أنّ وقوعه عدواناً لا يقتضي إسقاط ماليّة الغاصب فله التصرف فيه بالقلع،فكذلك عدوانه لا يقتضي نفي سلطنة المالك عن ملكه فله أن يمنع الغاصب عن التصرّف فيه بالقلع.و حيث تعارض الحقّان ينبغي أن يترجّح جانب المالك؛ لعدم تقصيره و تداركه مال الغاصب بقيمته.و لا كذلك الغاصب؛ لعدوانه فلا حرمة لسلطنته كما لا حرمة لفعله الذي له اجرة و نحو ذلك،سيّما مع استلزامه عيباً في ملك المالك أو نقصاً فيه.و جبره بالأرش ليس بأولى من تدارك مال الغاصب بالقيمة،بل هو أولى كما مضى.

و بالجملة فهذا القول أجود،و إن كان الأحوط للمالك ما عليه الأكثر.

و من هنا يتّجه ما ذكره جماعة (2)من أنّه إذا طلب أحدهما البيع من غيرهما يجبر الغاصب على الإجابة إن كان الطالب هو المالك دون العكس، و ضعف ما يقال من أنّه يحتمل أن لا يجبر أحدهما على موافقة الآخر لمكان الشركة،و أن يجبر المالك للغاصب على الإجابة أيضاً تسويةً بين الشريكين.

ثمّ إنّ كلّ ذا مع إمكان فصل العين المضافة،و أمّا مع عدمه كان الغاصب شريكاً للمالك لكن يلزمه إجابة المالك لو طلب منه البيع من

ص:40


1- الروضة 7:51،و فيه:أو اضمحلاله للعدوان بوضعه.
2- منهم العلامة في التذكرة 2:394،و القواعد 1:206،و الشهيد الثاني في المسالك 2:263،و الروضة البهية 7:53.

ثالث،و كذا قبول القيمة لو دفعها إليه كما في السابق.

و إن نقصت قيمة الثوب بالصبغ لزم الغاصب الأرش،و لا يلزم المالك ما ينقص من قيمة الصبغ.و لو بيع مصبوغاً بنقصان لم يستحقّ الغاصب شيئاً إلّا بعد توفية المالك قيمة ثوبه،و لو بيع بنقصان من قيمة الثوب لزم الغاصب إتمام قيمته.

و اعلم أنّ جميع ما ذكر إنّما هو فيما إذا صبغ الغاصب بصبغ منه،و لو صبغ بصبغ من المالك فإن لم يحصل بفعله نقصان لم يكن على الغاصب أرش.نعم إن أمكن إزالته فالظاهر أنّ للمالك طلب ذلك،و على الغاصب الأرش إن حصل نقص في المصبوغ،و عليه قيمة الصبغ إن لم يبق العين.

و إن صبغه بصبغ غيرهما عدواناً كان المالكان شريكين،فإن لم يحدث بفعله نقصان فلا غرم عليه،غير أنّه يجب عليه الفصل مع إمكانه لو طلباه أو أحدهما.و إن حصل النقص فيهما أو في أحدهما عمّا كان قبل الصبغ غرمه الغاصب لمن حصل في حقّه.

الثالث:في اللواحق و هي ستّ مسائل

اشارة

الثالث:في اللواحق و هي ستّ مسائل.

الأُولى:فوائد المغصوب للمالك

الاُولى:فوائد المغصوب للمالك بلا خلاف؛ لأنّها نماء ملكه و فوائده فتكون مضمونة عند الغاصب كالأصل،سواء تجدّدت عنده أم لا،أعياناً منفصلةً كانت كالولد،أو متّصلةً كالصوف و السمن،أو منفعة كاُجرة سكنى الدار و ركوب الدابة و كذا منفعة كلّ ما له اجرة في العادة.

و لا فرق بين أن يستعمل العين و عدمه.

و لو استعملها و كان لها منافع مختلفة القيم كعبد يكون كاتباً

ص:41

و خيّاطاً فإن استعمله في الأعلى ضمنها قطعاً،و إن استعمله في الدنيا أو الوسطى،أو لم يستعمله أصلاً ففي ضمان أُجرة متوسّطة أو العليا وجهان.

و يعتبر أُجرته في الوقت المعتاد لعمله كالنهار في أكثر الأشياء،إلّا أن يكون له صنعة بالنهار و صنعة بالليل فيعتبر أُجرتهما.

و لو سمنت الدابّة في يد الغاصب،أو تعلّم المملوك صنعة أو علماً فزادت قيمته ضمن الغاصب قيمة الزيادة،و إن كانت بسببه كما قالوه و مرّت إليه الإشارة.

فلو هزلت الدابّة،أو نسي المملوك العلم أو الصنعة فنقصت بذلك القيمة ضمن الغاصب الأرش إن ردّ العين المغصوبة،و لو تلفت ضمن الأصل و الزيادة.

و لا فرق في إطلاق الفتاوى و صريح جماعة (1)بين أن يكون الهزال و النسيان بتفريط من الغاصب و عدمه،قالوا:لأنّ زيادة الأثر في المغصوب تابعة له و لا يستحقّ الغاصب عليه شيئاً بالكلية،فإذا صارت ملكاً للمغصوب منه فهو مع الأصل في ضمان الغاصب.

و لا يضمن شيئاً من الزيادة المتّصلة ما لم تزد به القيمة و ذلك كما لو سمن المغصوب مثلاً و قيمته بعد السمن و قبله واحدة فإذا زال السمن المفرط و كانت القيمة بحالتها الأُولى باقية لم يكن عليه ضمان هذه الزيادة؛ لأنّ المعتبر من هذه الصفات القيمة فما لا أثر له في زيادتها لا اعتبار به.و لا فرق في ذلك بين الموجود حال الغصب، و المتجدّد في يد الغاصب بعده.

ص:42


1- منهم السبزواري في الكفاية:260.

و لو كان بعض السمن لا أثر له في القيمة،و بعضه له أثر فزال الجميع فإنّه يضمن ما له أثر فيها دون ما زاد عليه.

و لا خلاف في شيء من ذلك أجده و لا نقله ناقل في الكتب الاستدلاليّة و غيرها بالكليّة.و لعلّ مثله كافٍ في إثبات مثل هذه الأحكام و إن خلت عن حجّة أُخرى ظاهرة.

الثانية: لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد

الثانية: لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد بلا خلاف و لا إشكال؛ لأنّ نقل الملك إلى مالك آخر موقوف على أسباب نصبها الشارع،و حدود حدّدها فما لم يحصل فالملك باقٍ على أصله.و تسميته على تقدير فساد الشراء مشترياً مجاز بحسب الصورة،و إلّا فالبيع حقيقة لا يطلق إلّا على الصحيح.

و يضمنه أي المبيع و ما يحدث من منافعه،و ما يزداد في قيمته لزيادة صفة فيه كتعلّم و نحوه.

أمّا ضمان العين و منافعه العينيّة التي دخلت تحت يده فلعموم:« على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (1)السليم عن المخصّص حتّى عن شبهة كون الأخذ برضا المالك الموجب لانتفاء الضمان بالنصّ و الإجماع،و ذلك لاختصاص الدليلين النافيين للضمان فيما لو أخذ بالرضا بما إذا كان الرضا بمجرّد الأخذ و التصرّف فيه من دون أن يستعقب ضماناً،و أمّا إذا رضي به مع تعقّب الضمان و بشرطه كما فيما نحن فيه لأنّ المشتري قبضه ليكون مضموناً عليه و دفعه البائع إليه كذلك فلا يدلاّن على نفي الضمان فيه لو لم نقل بدلالتهما على ثبوته،و لذا صرّحا بثبوته في العارية المضمونة بالشرط

ص:43


1- عوالي اللئلئ 2:10/345،المستدرك 17:88 أبواب الغصب ب 1 ح 4.

و نحو ذلك.و عليه فيبقى العموم الدالّ على إطلاق الضمان بحاله.

و من هنا يتوجّه القاعدة المشهورة أنّ كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.و قد قدّمنا التحقيق في وجهها مرّة أُخرى في كتاب التجارة،و فساد ما يقال عليها و على عموم الرواية.

و أمّا ضمان زيادة القيمة لزيادة الصفة فحسن حيث صار المشتري سبباً في إتلافها؛ إذ لا ضرر و لا ضرار في الشريعة.و يشكل فيما عداه؛ لعدم وضوح مأخذه إلّا إلحاق مثل هذا القبض بالغصب،و هو حسن إن لم نعتبر في تعريفه قيد العدوان،و أمّا مع اعتباره كما هو الأظهر و مذهب الماتن هنا و في الشرائع (1)فالوجه عدم ضمانها.

الثالثة:إذا اشتراه عالماً بالغصب

الثالثة:إذا اشتراه أي المغصوب أحد عالماً بالغصب حين الشراء و قبضه فهو كالغاصب بل غاصب محض إن كان عالماً بحرمة الشراء و القبض؛ لصدق تعريفه عليه حينئذٍ بالاتّفاق،و يطالب بما يطالب به البائع الغاصب.

و يتخيّر المالك بين مطالبته بالعين مع بقائها،و بعوضها مِثلاً أو قيمةً مع تلفها،و مطالبة ما جرت عليه يده من المنافع،و بين مطالبة البائع.فإن طالبه رجع على المشتري بالعين أو البدل و ما استوفاه من المنافع؛ لاستقرار التلف في يده مع دخوله على ضمانه.

نعم لو استوفي قبل البيع شيئاً من المنافع،أو مضى زمان يمكن فيه استيفاء شيء منها،أو حصل في يده نقصان مضمون عليه كان الضمان عليه من غير رجوع على المشتري.و إن رجع على المشتري فيما رجع عليه

ص:44


1- الشرائع 3:235.

ضمانه لم يكن له الرجوع إلى البائع؛ لاستقرار الضمان عليه بالتلف أو ما في حكمه في يده.

و لا يرجع المشتري إلى البائع بما يضمن للمالك من الثمن مع تلفه إجماعاً كما في التنقيح و المسالك (1)و غيرهما (2).قيل:للأصل، و أنّه قد سلّطه عليه و أذن له في إتلافه،و أنّه مع علمه بأنّه لا يسلم له العوض في حكم المسلّط عليه مجّاناً (3).

و أمّا مع بقائه ففي جواز الرجوع له به على البائع قولان:أشهرهما عدم الرجوع.قيل:لأنّه بإعطائه إيّاه عالماً بعدم عوض حقيقيّ في مقابلته في معنى هبته إيّاه (4).

و فيه بعد تسليم كونه هبة أنّه لا يستلزم عدم جواز الرجوع،بل الأصل فيه جوازه إلّا ما استثني.و حمل المنع عن الرجوع على صورة الاستثناء بعيد عن إطلاقات عبائرهم.

و المتّجه الجواز مطلقاً،حتّى فيما لو كان البائع بالنسبة إلى المشتري ممّن لا يجوز له الرجوع في هبته،وفاقاً لأحد قولي الماتن (5).و به صرّح في التنقيح (6).و قوّاه شيخنا الشهيد الثاني في كتابيه (7)،و تبعه من متأخّري

ص:45


1- التنقيح 4:74،المسالك 2:265.
2- انظر الكفاية:260.
3- قال به المحقق السبزواري في الكفاية:260.
4- انظر المسالك 2:265،و الكفاية:260.
5- حكاه عنه الشهيد الثاني في الروضة 3:235،و عن بعض رسائله في المسالك 2:265.
6- التنقيح 4:74،75.
7- المسالك 2:265،الروضة البهية 3:235.

المتأخّرين جماعة (1).و لكن يشكل بما يحكى عن التذكرة (2)من الإجماع على العدم مطلقاً بناءً على أنّ الإجماع المنقول حجّة،كما هو الأشهر الأقوى،سيّما إذا اعتضد بفتوى أكثر أصحابنا.

و لو كان المشتري جاهلاً بالغصب كان كالغاصب من حيث ترتّب اليد في وجوب دفع العين المبتاعة بعينها مع بقائها و بدلها مثلاً أو قيمةً مع تلفها إلى مالكها إن رجع عليه و يرجع بالثمن مع بقائه، و ببدله مع تلفه على البائع لفساد المعاوضة الموجب للترادّ في العوضين.

و لو كان عوض العين الذي غرمه للمالك أزيد من الثمن الذي دفعه إلى البائع ففي جواز رجوعه بالزيادة إليه وجهان:أوجههما الأوّل،وفاقاً لشيخنا الشهيد الثاني (3)؛ لتغرير البائع له و إيقاعه في خطر الضمان فليرجع عليه.

و لو رجع المالك إلى البائع رجع هو على المشتري،و في رجوعه إليه في القدر الزائد على الثمن على تقدير الزيادة الوجهان،و المختار هنا العدم،وفاقاً لمن مرّ؛ لما مرّ.

و المعروف من مذهب الأصحاب أنّ للمشتري أن يرجع بما (4) بجميع ما غرمه للبائع (5) ممّا لم يحصل له في مقابلته عوض كقيمة الولد و النفقة

ص:46


1- منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 8:164،و البحراني في الحدائق 18:392،و السبزواري في الكفاية:260.
2- حكاه عنه الكركي في جامع المقاصد 6:326،و الشهيد الثاني في الروضة 3:235،و هو في التذكرة 1:463.
3- المسالك 2:265.
4- في«ر» و المختصر(257):.
5- كذا،و لعلّ الأنسب:للمالك،كما في الشرح الصغير 3:134.

و العمارة و نحو ذلك؛ لمكان التغرير،و ترتّب الضرر به مع عدم جابر له من العوض.

و في جواز الرجوع عليه بما ضمن و غرمه من المنافع كعوض الثمرة و أُجرة السكنى تردّد ينشأ:من مباشرته الإتلاف مع حصول نفعه في مقابله،و أولويّة حوالة الضمان على مباشر الإتلاف.

و من أنّ الغاصب قد غرّه و لم يشرع على أن يضمن ذلك فكان الضمان على الغارّ،كما لو قدّم إليه طعام الغير فأكله جاهلاً و رجع المالك على الآكل،أو غصب طعاماً فأطعمه المالك فإنّه يرجع على الغارّ.

و إلى هذا ذهب الماتن في كتاب التجارة من الشرائع،و الفاضل المقداد في التنقيح (1).

و إلى الأوّل ذهب الشيخ في المبسوط و الخلاف،و الحلي (2).و هو أوفق بالأصل،مع عدم معلوميّة صلوح المعارض للمعارضة بناءً على عدم وضوح دليل على ترتّب الضمان على الغارّ بمجرّد الغرور و إن لم يلحقه ضرر،كما فيما نحن فيه بمقتضى الفرض؛ لاستيفائه المنفعة في مقابلة ما غرمه.و الإجماع على هذه الكلية غير ثابت بحيث يشمل نحو مفروض المسألة.

نعم ربما يتوجّه الرجوع حيث يتصوّر له الضرر بالغرور،كما إذا أُخذت منه قيمة المنافع أزيد ممّا يبذله هو في مقابلتها من غير ملكه و نحو ذلك.و كيف كان الأحوط له عدم الرجوع مطلقاً.

ص:47


1- الشرائع 2:14،التنقيح 4:75.
2- المبسوط 3:69،71،و حكاه عن الخلاف في المسالك 2:265،الحلي في السرائر 2:348،493.

الرابعة:إذا غصب حبّا فزرعه،أو بيضة فأفرخت،أو خمراً فخلّلها

الرابعة:إذا غصب حبّا فزرعه،أو بيضة فحضنها تحت دجاجة له فأفرخت،أو خمراً فخلّلها فالكلّ للمغصوب منه بلا خلاف ظاهر في الأخير،و كذا في الأوّلين؛ إذ ليس المخالف فيهما إلّا الشيخ (1)في أحد قوليه،مع أنّه قد رجع عنه (2)كما في السرائر و غيره (3).و نفى في الأوّل عنه الخلاف بين الأصحاب،و حكى فيه عن المرتضى في الناصريات (4)الإجماع فيهما؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى أصالة بقاء الملك [ملك المالك] بحاله،و عدم دليل على تملّك الغاصب إيّاه بفعله سيّما مع النهي عنه،مع أنّه عين مال المالك و إنّما حدث بالتغيير اختلافات الصور،و نماء الملك للمالك و إن كان بفعل الغاصب.و ضعف قول الشيخ ظاهر برجوعه عنه،فلا نطيل بنقله و ردّه،سيّما مع موافقته لرأي أبي حنيفة باعترافه.

الخامسة:إذا غصب أرضا فزرعها

الخامسة:إذا غصب أرضا فزرعها أو غرسها فالزرع و الغرس لصاحبه و عليه أُجرة الأرض عن مدّة شغلها بالزرع فيها.

و لصاحبها أي الأرض إزالة الزرع و الغرس و لو قبل بلوغهما؛ إذ ليس لعرق ظالم حقّ،كما في الخبر المتلقّى بالقبول (5).

و له أيضاً إلزامه أي الغاصب بالإزالة و طمّ الحفر،و الأرش إن نقصت بالقلع أو الزرع؛ لدفع الضرر،بلا خلاف في شيء من ذلك إلّا ممّن يأتي،بل في التنقيح إنّه عليه انعقد إجماع القوم،قال:و لا نعلم فيه

ص:48


1- المبسوط 3:105،الخلاف 3:42.
2- انظر المبسوط 3:56.
3- السرائر 2:483،التنقيح 4:75.
4- الناصريات(الجوامع الفقهية):218.
5- التهذيب 7:909/206،الوسائل 19:157 أبواب أحكام الإجارة ب 33 ح 3.

خلافاً إلّا ما يحكى عن ابن الجنيد من أنّ لصاحب الأرض أن يردّ ما خسره الزارع؛ لقوله(صلّى اللّه عليه و آله):«من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فله نفقته و ليس له من الزرع شيء» (1)و الحقّ الأوّل؛ لأنّه نماء ملك الزارع و هو البذر فيتبعه في الملك،فالأرض و الماء و الهواء و الشمس معدّات لصيرورة البذر زرعاً ثم حبّا بالتدريج و الفاعل هو اللّه سبحانه،فهو بمنزلة من غصب دجاجة و أحضنها على بيض له فإنّه يملك الفرخ و عليه اجرة الدجاجة،و كذلك إذا غصب أرضاً و بذراً فزرعه فيها يتبع الزرع البذر و لا يكون للغاصب شيء (2).

و الخبر الذي تمسّك به الإسكافي قد ذكر الأصحاب عدم ثبوت صحّته،مع أنّه مخالف للأصل القطعي عندهم المعتضد بالشهرة العظيمة، و حكاية الإجماع المتقدّمة المعلومة الصحّة بتتبّع فتوى الجماعة.

و معارض بخصوص الخبر المروي في التهذيب في كتاب المزارعة:

عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير إذنه حتّى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال:زرعت بغير إذني فزرعك لي و عليّ ما أنفقت،إله ذلك؟ فقال:«للزارع زرعه،و لصاحب الأرض كراء أرضه» (3).

و أظهر منه الموثّق المرويّ ثمّة بعده بلا فصل:في رجل اكترى داراً و فيها بستان،فزرع في البستان و غرس نخلاً و شجراً و فواكه و غير ذلك، و لم يستأمر صاحب الدار في ذلك،فقال:«عليه الكراء و يقوّم صاحب الدار الزرع و الغرس قيمة عدل فيعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك،و إن لم

ص:49


1- سنن الترمذي 2:1378/410،سنن أبي داود 3:3403/261.
2- التنقيح الرائع 4:77.
3- الكافي 5:1/296،التهذيب 7:906/206،الوسائل 25:387 أبواب الغصب ب 2 ح 1.

يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء و له الغرس و الزرع و يقلعه و يذهب حيث شاء» (1).

و فيه دلالة على ما مر عن الشيخ (2)في العارية من لزوم أخذ المستعير قيمة ما زرعه أو غرسه في أرض الغير بعد بذله إيّاها له و عدم لزومه في الغصب.

لكنّه مرويّ في الكافي بهذا السند و المتن إلى قوله:«فيعطيه الغارس» و ليس فيه ما يعده،بل ذكر بعده:«و إن استأمر فعليه الكراء و له الغرس و الزرع يقلعه و يذهب به حيث شاء» .و ليس فيه حينئذٍ دلالة على ما ذكره الشيخ و لا الأصحاب في الباب، بل ظاهر فيما ذكره الإسكافي،فيشكل الأمر،سيّما بملاحظة ما قدّمناه في مسألة زيادة العين بغصب الغاصب و نحوه من قوّة ما ذكره الإسكافي و المختلف (3)ثمّة خلافاً لهم أيضاً،ألّا أن يجاب هنا باختلاف النسخة فلا يقوم بها على أحد حجّة.

و رجحان نسخة الكافي بأضبطيّته و موافقتها لسياق السؤال و الجواب، لا يبلغ رجحان أدلّة الأصحاب هنا من الإجماع المنقول و الرواية السابقة المنجبرة بالشهرة،فلا تترجّح عليها هي و لا ما قدّمناه لتأييد الإسكافي ثمّة.

و على ما ذكره الأصحاب لو بذل و عوّض صاحب الأرض قيمة الغرس و الزرع لم يجب على الغاصب إجابته و قد مرّ الكلام

ص:50


1- الكافي 5:2/297،التهذيب 7:907/206،الوسائل 25:387 أبواب الغصب ب 2 ح 2.
2- المبسوط 3:55.
3- المختلف:455،و قد حكاه فيه عن الإسكافي.

في مثله فيما تقدّم،و لكن ما ذكره الأصحاب هنا أظهر؛ إذ لم أجد الخلاف فيه إلّا من الإسكافي،و مع ذلك ظاهر الخبرين يساعدهم.

السادسة:لو تلف المغصوب و اختلفا في القيمة

السادسة:لو تلف المغصوب و اختلفا في القيمة فالقول قول الغاصب الغارم،وفاقاً للمبسوط و الخلاف و الحلي و الفاضلين و الشهيدين (1)،و كثير من المتأخّرين،بل عامتهم؛ استناداً إلى أنّه منكر و غارم،و الأصل عدم الزيادة.

و قيل كما عن النهاية و المقنعة (2)،و نسبه الماتن في الشرائع إلى الأكثر (3)-:إنّ القول قول المغصوب منه قيل:لأنّ المالك أعرف بقيمة ماله من الغاصب (4)،مع مناسبة ذلك لمؤاخذته بأشقّ الأحوال.و لا ريب في ضعفه.

نعم:في صحيحة أبي ولاّد المشهورة قلت:من يعرف ذلك؟أي القيمة قال:«أنت و هو،إمّا أن يحلف هو على القيمة فتلزمك،و إن ردّ اليمين عليك فحلفت على القيمة فيلزمك ذلك،أو يأتي صاحب البغل بشهود أنّ قيمة البغل حين اكترى كذا و كذا،فليزمك» (5)الحديث.

ص:51


1- المبسوط 3:75،101،الخلاف 3:412،السرائر 2:490،الشرائع 3:249،القواعد 1:209،التذكرة 2:399،تحرير الأحكام 2:144،تبصرة المتعلّمين:109،المختلف:458،إرشاد الأذهان 1:488،الدروس 3:117،اللمعة(الروضة البهية 7):58،المسالك 2:268.
2- النهاية:402،المقنعة:607.
3- الشرائع 3:249.
4- قال به الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 4:78.
5- الكافي 5:6/290،التهذيب 7:943/215،الإستبصار 3:483/134،الوسائل 25:390 أبواب الغصب ب 7 ح 1.

و لو لا إطباق متأخّري الأصحاب على العمل بالأصل العام و إطراح الرواية لكان المصير إليها في غاية القوّة،لكن لا مندوحة عمّا ذكروه؛ لاعتضاد الأصل بعملهم،فيرجّح عليها و إن كانت خاصّة لفقد التكافؤ،و مع ذلك فالاحتياط لازم في المسألة بمراعاة المصالحة.

ص:52

كتاب الشفعة

اشارة

كتاب الشفعة

تعريف الشفعة

و هي فُعْلَة من قولك:شفعت كذا بكذا إذا جعلته شفيعاً به أي زوجاً،كأنّ الشفيع يجعل نصيبه شفيعاً بنصيب شريكه.و أصلها التقوية و الإعانة،و منه الشفاعة و الشفع.

و شرعاً:ما عرّفه الماتن هنا بقوله:الشفعة استحقاق حصّة الشريك لانتقالها بالبيع و كذا في الشرائع (1)إلّا أنّه بدّل حصّة الشريك بقوله:أحد الشريكين حصّة شريكه.و لعلّه أجود لما فيه من التنبيه على اتّحاد الشريك المشترط في ثبوتها كما يأتي.

و الاستحقاق بمنزلة الجنس يدخل فيه استحقاق الشخص مال آخر بالإرث،و الاستحقاق بالحيازة و الإحياء و غيره.و بقيد المستحقّ بكونه أحد الشريكين خرج منه استحقاق من ليس بشريك و لو بحصّة أُخرى ببيع و غيره.و خرج بقيد انتقالها بالبيع ما إذا استحقّ أحد الشريكين حصّة الآخر بهبة و غيرها.

و هذا التعريف و إن انتقض في طرده بأُمور،منها:ما لو باع أحد الشريكين حصّته للآخر،فإنّه يصدق عليه أنّ المشتري قد يستحقّ حصّة شريكه الآخر بسبب انتقالها بالبيع.

إلّا أنّه أجود ممّا عرّفها به في القواعد من أنّها استحقاق الشريك

ص:53


1- الشرائع 3:253.

انتزاع حصّة شريكه المنتقلة عنه بالبيع (1)؛ لانتقاضه طرداً زيادة على ما ينتقض به الأوّل بأنّه قد يستحقّ الشريك حصّة شريكه المنتقلة عنه بالبيع لا بسبب الشفعة،بل بسبب آخر كالإرث و غيره.و إنّما لا ينتقض ما هنا به؛ لتعليل الاستحقاق بالانتقال بالبيع ليخرج عنه ما كان الانتقال لا به،بل بغيره من النواقل كالهبة و الإصداق و الصلح و نحو ذلك،هذا.

و التحقيق أنّ هذه التعريفات اللفظيّة لا يقدح فيها ما يورد أو يرد عليها من النقض و المناقشة،فإنّما المقصود منها التمييز في الجملة ليتذكّر فيترتّب عليها الأحكام بسهولة،و إنما يحصل تمام التمييز بالعلم بالشرائط من الأدلّة.

و الأصل فيها بعد الإجماع المحقّق المحكيّ في كلام جماعة (2)السنة المستفيضة،بل المتواترة من طريق الخاصّة و العامة،و ستتلى عليك جملة منها في الأبحاث الآتية.

و النظر فيه يستدعي أُموراً

الأوّل ما تثبت فيه الشفعة

و النظر فيه أي في هذا الكتاب يستدعي أن نذكر فيه أُموراً الأوّل :في بيان ما تثبت فيه الشفعة.

و اعلم أنّه تثبت في الأرضين و المساكن إجماعاً كما هنا و في الشرائع و شرحه،و شرح الإرشاد للمقدس الأردبيلي (3).و النصوص بذلك

ص:54


1- القواعد 1:209.
2- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):590،و الحلي في السرائر 2:389 و ابن فهد في المهذّب البارع 4:259،و الشهيد الثاني في المسالك 2:270،و الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 9:8.
3- الشرائع 3:253،المسالك 2:269،مجمع الفائدة و البرهان 9:13.

مستفيضة جدّاً،منها:«قضى رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن،و قال:لا ضرر و لا إضرار» (1).

و هل تثبت فيما ينقل كالثياب و الأمتعة؟فيه قولان أكثر المتقدّمين منهم:الشيخان و المرتضى و الإسكافي و القاضي و الحلبي و الحلي و جماعة من المتأخّرين (2)على الأوّل مطلقاً،منقولاً كان أم لا،قابلاً للقسمة أم لا،و مال إليه الشهيد في الدروس و نفى عنه البعد (3).و لعله أظهر؛ لدعوى الإجماع عليه في الانتصار و السرائر،و خصوص المرسلة المنجبرة بالشهرة القديمة:«الشفعة جائزة في كل شيء من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشيء بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحقّ به من غيره» الخبر (4).

مضافاً إلى التأيّد بالإطلاقات،بل و عموم بعض الروايات،كالحسن:

«الشفعة في البيوع إذا كان شريكاً فهو أحقّ بها من غيره بالثمن» (5)، و الخبر:«الشفعة لكل شريك لم يقاسم» (6)و قريب منه مفهوم غير واحد من

ص:55


1- الكافي 5:4/280،الفقيه 3:154/45،التهذيب 7:727/164،الوسائل 25:399 أبواب الشفعة ب 5 ح 1.
2- المفيد في المقنعة:618،الطوسي في النهاية:423،المرتضى في الانتصار:215،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:402،القاضي في المهذب 1:458،الحلبي في الكافي في الفقه:362،الحلي في السرائر 2:390؛ و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):591.
3- الدروس 3:356.
4- الكافي 5:8/281،الفقيه 3:162/46،التهذيب 7:730/164،الوسائل 25:402 أبواب الشفعة ب 7 ح 2.
5- الكافي 5:5/281،التهذيب 7:728/164،الوسائل 25:395 أبواب الشفعة ب 2 ح 1.
6- الكافي 5:1/280،الوسائل 25:396 أبواب الشفعة ب 3 ح 3.

النصوص (1)،هذا.

مع انسحاب وجه الحكمة و هو الضرر الذي نيط به شرعيّة الشفعة كما اعترف به الجماعة.و ربما استفيد من الرواية السابقة التي هي إحدى المستفيضة في المسألة،هذا.

مع احتمال التأيّد أيضاً ببعض النصوص الآتية في ثبوت الشفعة في المملوك.

و لا يعارضها المرسلة الأُخرى المرويّة في الكافي بعدها:«أنّ الشفعة لا تكون إلّا في الأرضين و الدور فقط» (2)؛ لقصور سندها،مع عدم جابر لها عدا الأصل و الشهرة المتأخّرة،و الأوّل يجب الخروج عنه بالإجماع المنقول،و العمومات.و الثاني جابر لو لم يعارضه الشهرة القديمة الراجحة عليه حيث حصل بينهما معارضة،كما في المسألة،و مع ذلك موافقة للعامّة كافّة،كما يستفاد من الانتصار (3)و سيأتي إليه الإشارة.

و الأشبه بين أكثر المتأخرين (4)،وفاقاً للمبسوط و الخلاف و ابن حوزة و ظاهر سلّار (5) الاقتصار على موضع الإجماع أخذاً بالأصل الدالّ على عدم تسلّط المسلم على مال المسلم إلّا بطيب نفسه،خرج منه المجمع عليه و بقي الباقي.و بما دلّ على نفيها عن الحيوان و الطريق و السفينة من المعتبرة الآتية.و بالمرسلة المتقدّمة.

ص:56


1- الوسائل 25:396 أبواب الشفعة ب 3.
2- الكافي 5:/281 ذيل حديث 8،الوسائل 25:405 أبواب الشفعة ب 8 ح 2.
3- الانتصار:215.
4- انظر التذكرة 1:588،و الإيضاح 2:198،و الروضة 4:397،و المسالك 2:270.
5- المبسوط 3:106،الخلاف 3:425،الوسيلة:258،المراسم:183.

و ضعف الجميع ظاهر،فالأوّل:بلزوم الخروج عنه بما مرّ من الخبر المنجبر بالعمل،و الإجماع المنقول المعتضد بما تقدّم.و الثاني:بما يأتي.

و الثالث:بما مرّ.

و العجب من المختلف حيث استدلّ على هذا القول بالرواية المتقدّمة (1)من جملة المستفيضة،قال بعد نقلها-:و هو يدلّ بمفهومه على انتفاء الشفعة في غير الأرضين و المساكن،أمّا أوّلاً:فلتعليق الحكم عليهما،و أمّا ثانياً:فلقوله(عليه السّلام):«لا ضرر و لا ضرار» (2).

و هو كما ترى،فإنّ تعليق الحكم عليهما لا يقتضي نفيه عمّا عداهما إلّا على تقدير اعتبار مثل هذا المفهوم،و لم يقل هو و لا سائر الأصحاب به.

و أمّا التعليل فالظاهر أنّه للحكم بثبوت الشفعة فيهما،لا لنفيه عمّا عداهما.

و عليه فيكون المراد بالضرر الضرر الذي نيط به وجه الحكمة في ثبوت الشفعة،لا ضرر نفي سلطنة المالك عمّا ملكه كما عقله،فالرواية حينئذٍ حجّة بعمومها المستفاد من التعليل فيها لما عليه أكثر القدماء.و على تقدير عدم ظهور ما ذكرناه فاحتماله لا أقل منه،و معه لا يتمّ استدلاله إلّا على تقدير مرجوحيّته،و لا ريب في فساده.

و تثبت الشفعة في الشجر و النخل و الأبنية إذا بيعت تبعاً للأرض التي هي أصلها و منضمّة معها،بلا خلاف ظاهر مصرّح به في المبسوط (3).و يظهر من الماتن في الشرائع (4)،و شيخنا في شرحه،قال

ص:57


1- راجع ص:53.
2- المختلف:402.
3- المبسوط 3:107.
4- الشرائع 3:253.

بعد القطع بالحكم-:لدخولها في عموم النص الوارد بثبوتها في الربع و المساكن و الدور و نحو ذلك.و إن بيعت منفردةً أو منضمّةً إلى أرض أُخرى غير ما هي فيها بني ثبوت الشفعة فيها و عدمه على القولين السابقين، فمن عمّمها أثبتها بطريق أولى،و من خصّص موردها بالأرضين و المساكن و البساتين لم يوجبها؛ لأنّها لا تدخل منفردةً في أحدها،فإنّ المساكن اسم للمجموع المرّكب من الأرض و البناء،و كذا البساتين بالنسبة إلى الشجرة.

و لا ينفعها ضميمتها إلى غير أرضها؛ لعدم التبعيّة و كونها جزءاً من مسمّاها (1).

و في ثبوتها أي الشفعة في الحيوان ال قولان المتقدّمان، و لم أفهم وجه إفراد ذكرهما فيه بالخصوص مع كونه من المنقول الذي فيه أصل القولين.و لقد أحسن في الشرائع حيث أدرجه فيه و ذكره من أمثلته (2).

و كذا لم أفهم وجهاً لقوله:و المرويّ في الموثّق (3) أنّها لا تثبت لإشعاره،بل و دلالته بعدم ورود رواية بثبوتها فيه مطلقاً،و قد عرفت ورود ما هو صريح في ثبوتها فيه سابقاً (4)غايته أنّه ضعيف بالإرسال،و لكنّه كما عرفت منجبر بالشهرة بين الأصحاب،و هو أقوى من الصحيح الغير المنجبر بها.

فالرواية النافية لها و إن كانت موثقة إلّا أنّها بالإضافة إلى تلك المرسلة

ص:58


1- المسالك 2:270.
2- الشرائع 3:253.
3- التهذيب 7:733/165،الإستبصار 3:419/117،الوسائل 25:403 أبواب الشفعة ب 7 ح 6.
4- راجع ص:6190.

لذلك مرجوحة،و إن ترجّحت عليها بأخبار أُخر صحيحة متضمّنة للتفصيل بين المملوك و حيوان غيره مصرّحة بالثبوت في الأوّل و بعدمه في الثاني.

منها:المملوك بين الشركاء فيبيع أحدهم نصيبه،و يقول صاحبه:أنا أحقّ به،إله ذلك؟قال:« نعم إذا كان واحداً» فقيل له:في الحيوان شفعة؟ فقال:«لا» (1)و نحوها صحيحة أُخرى في الفقيه مرويّة (2)؛ لأنّ هذا التفصيل لم يقل به أحد من أرباب القولين،بل و لا غيرهم،بل و لا نقل القائل به من الأصحاب أحد عدا الماتن هنا و في الشرائع (3)فقال: و من فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره و قد اعترف جماعة بعدم معروفيّته (4)،فمثله شاذّ و إن صار إليه في المختلف (5)،و لكنّه ضعيف و إن صحّ سند ما دلّ عليه؛ لما مرّ من فقد التكافؤ بينه و بين الخبر المثبت،هذا.

مع أنّ الموثّقة مع ما هي عليه ممّا مر إليه الإشارة محتملة للحمل على التقية؛ لكون المنع مذهب العامّة،كما يستفاد من الانتصار،حيث قال بعد الحكم بالثبوت،و نسبته إلى الإمامية-:و خالف باقي الفقهاء في ذلك،و أجمعوا على أنّها لا تجب إلّا في العقارات و الأرضين دون العروض و الأمتعة و الحيوان (6).انتهى.

ص:59


1- الكافي 5:5/210،التهذيب 7:735/166،الإستبصار 3:415/116،الوسائل 25:402 أبواب الشفعة ب 7 ح 3.
2- الفقيه 3:163/46،الوسائل 25:404 أبواب الشفعة ب 7 ح 7.
3- الشرائع 3:253.
4- انظر غاية المراد 2:151،التنقيح الرائع 4:81،مجمع الفائدة و البرهان 9:14.
5- المختلف:402.
6- الانتصار:215.

و هي مع ذلك بإطلاقها شاملة للعبد و غيره،فتعارض بما مرّ من النصوص الصحيحة الصريحة بثبوتها في الأوّل و إن اشتركت معها في نفيها في الثاني.

و نحوها الموثق بل الصحيح:المملوك يكون بين شركاء فباع أحدهم نصيبه فقال أحدهم:أنا أحقّ به إله ذلك؟قال:«نعم إذا كان واحداً» (1).

و لا تثبت الشفعة فيما لا ينقسم و لا يقبل القسمة الإجبارية كالعضائد و الدكاكين و الحمامات الضيقة و النهر و الطريق الضيّق كلّ منهما على الأشبه الأشهر بين أكثر من تأخّر،بل بالشهرة المطلقة صرّح في التذكرة (2).

و الحجّة عليه غير واضحة عدا ما في التنقيح من وجوه ضعيفة،منها:

أنّ غرض الشارع بالشفعة إزالة ضرر المالك بالقسمة لو أرادها المشتري، و هذا الضرر منتف فيما لا يقسم،فلا شفعة فيه (3).

و هو كما ترى في غاية من الضعف،أمّا أوّلاً:فلعدم ورود النصّ الصحيح الصريح بهذه العلّة.

نعم ربما يستفاد من بعض الروايات السابقة كون العلّة في ثبوت الشفعة نفي الضرر و الإضرار في الشريعة،لكن متعلّق الضرر فيه غير معلوم،فيحتمل ما ذكره و غيره من نفس الشركة الجديدة،أو سوء الشريك.و لعلّ هذا أظهر.

ص:60


1- التهذيب 7:734/165،الإستبصار 3:414/116،الوسائل 25:403 أبواب الشفعة ب 7 ح 4.
2- التذكرة 1:589.
3- التنقيح الرائع 4:82.

و لذا استدلّ بعض الأصحاب وفاقاً للمرتضى على ثبوت الشفعة في المسألة بالضرر،فقال:لأنّ المقتضي لثبوت الشفعة و هو إزالة الضرر عن الشريك قائم في غير المقسوم،بل هو أقوى؛ لأنّ المقسوم يمكن التخلّص من ضرر الشريك بالقسمة بخلاف غيره،قال:و أُجيب بأنّه ليس المراد من إزالة الضرر بالشفعة ما ذكروه،بل إزالة ضرر طلب القسمة و مئونتها،و هو منتفٍ في محلّ النزاع.و لا يخفى عليك ضعف هذا الجواب،و أيّ مئونة للقسمة و ضرر بذلك يقابل ضرر الشريك الذي لا وسيلة إلى التخلّص منه (1).

و هو في غاية الجودة.

و أمّا ثانياً:فلضعف التعليل من وجه آخر،و هو أنّ الشفعة إنّما تثبت بانتقال الملك عن الشريك إلى المشتري،فلا بدّ أن يكون الضرر الذي نيط به الشفعة في ظاهر النصّ و كلام الأصحاب ناشئاً من جهته،و ضرر طلب المشتري القسمة ليس ضرراً ناشئاً منه؛ لسبقه على الانتقال،و ثبوته للشريك على كلّ حال.فضرر طلب القسمة لازم على كلّ تقدير،بل هو من لوازم الشركة فيما يقبل القسمة،فلا يمكن أن يكون مثله الضرر المناط به الشفعة.و هذا من أقوى الشواهد على تعيّن ما استظهرناه من متعلّق الضرر في الرواية.

و منها:أصالة بقاء الملك على مالكه،و إثبات الشفعة مخالف له فيفتقر إلى دليل.

و هو كالسابق في الضعف بعد ما عرفت على الثبوت على العموم من

ص:61


1- انظر المسالك 2:270.

الإجماع المنقول،و الخبر المنجبر بالعمل المؤيّد بما قدّمناه من المؤيّدات.

و منها:الخبران«لا شفعة في سفينة،و لا في نهر،و لا في طريق» (1)و زيد في بعض النسخ«و لا في رحى و لا في حمام» (2).

و فيهما مع قصور السند-:ما ذكره بعض الأصحاب (3)من أنّه لا دلالة فيهما عليه أصلاً،مع احتمالهما التقية،سيّما مع كون الراوي لهما من العامّة على المشهور بين الطائفة.و لا يقدح فيه اختصاصهما بنفي الشفعة في الأُمور المزبورة إلّا على تقدير حجّية مثل هذا المفهوم،و لم يقل بها أحد من الطائفة و أكثر العامّة،هذا.

مضافاً إلى معارضتهما في الطريق بأقوى منهما سنداً،و هو خبران:

أحدهما موثّق،و الآخر حسن يأتيان في بحث ثبوت الشفعة في المقسوم بالاشتراك في الطريق و الغالب فيها الضيّق.و الاختصاص بالطريق غير قادح بعد الإجماع المركّب على العموم،و عليهما بناء الاستدلال بالخبرين الأوّلين.

فإذاً القول بثبوت الشفعة في المسألة في غاية من القوّة،وفاقاً لجماعة من قدماء الطائفة،و منهم المرتضى مدّعياً عليه إجماع الإماميّة (4).

و مال إليه من المتأخّرين شيخنا في المسالك و جمع ممن تبعه (5)،لكنّه

ص:62


1- الكافي 5:11/282،التهذيب 7:738/166،الإستبصار 3:420/118،الوسائل 25:404 أبواب الشفعة ب 8 ح 1.
2- الفقيه 3:159/46،الوسائل 25:404 أبواب الشفعة ب 8 ذيل الحديث 1.
3- مفاتيح الشرائع 3:76.
4- الانتصار:215.
5- المسالك 2:270،و انظر مفاتيح الشرائع 3:76.

رجع عنه في الروضة (1)فوافق الجماعة مستنداً إلى الوجه الثاني.و فيه ما عرفته.

هذا و لا ريب أنّ الأحوط للشفيع ترك المطالبة بها في المواضع الخلافية،سيّما فيما لا يقبل القسمة،و خصوصاً الخمسة الواردة في خصوص الخبرين المتقدّم إليهما الإشارة،و نحوهما مرسلة رضويّة (2)عمل بها الصدوقان (3)حيث نفيا الشفعة فيها و أثبتاها في غيرها و لو لم يقبل القسمة أصلاً.

و للمشتري إجابة الشفيع إن طلبها مطلقاً.و إن تعاسرا فالعمل على ما عليه أكثر قدماء أصحابنا.

و يشترط في ثبوتها انتقاله أي الشقص المشفوع بالبيع، فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح،أو صداق (4)،أو إقرار على الأظهر الأشهر،بل عليه عامّة من تأخّر،و في المسالك و كلام جماعة أنّه كاد أن يكون إجماعاً (5)،و بانعقاده بين المتأخّرين صرّح في التنقيح (6)،و به و بالأخبار في نفيها عن الصداق صرّح في المبسوط (7)،و به في الجميع صرّح في السرائر،و المقدس الأردبيلي في شرح الإرشاد (8)؛ و هو الحجّة،

ص:63


1- الروضة 4:398.
2- فقه الرضا(عليه السّلام):264،المستدرك 17:105 أبواب الشفعة ب 8 ح 4.
3- الصدوق في المقنع:135،و حكاه عن والده في المختلف:402.
4- في«ح» و المطبوع من المختصر(257)زيادة:أو صدقة.
5- المسالك 2:271،الحدائق 20:298.
6- التنقيح 4:84.
7- المبسوط 3:111.
8- السرائر 2:386،مجمع الفائدة و البرهان 9:12.

مضافاً إلى الأصل.و اختصاص أكثر النصوص بصورة البيع خاصّةً، و إطلاقات بعضها غير معارضة بعد ورودها لبيان حكم آخر غير مفروض المسألة.

خلافاً للإسكافي فأثبتها في الهبة مطلقاً بعوض كان أم لا (1).و نسب جماعة إليه ثبوتها في الجميع (2)،و لا تساعدها عبارته المحكيّة في المختلف (3)،و لذا نسب إليه الثبوت فيما ذكرناه خاصّة في الدروس (4).

فكيف كان فحجّته غير واضحة عدا ما قيل عنه:من عدم دليل على التخصيص مع اشتراك الجميع في الحكمة الباعثة،و هي دفع الضرر عن الشريك.و تضمّن النصوص البيع لا ينافي ثبوتها بغيره (5).

و يظهر من المسالك الميل إليه في الجملة (6)،و كذا بعض من تبعه، قال لا بعد نقله-:و هو قويّ إن خصّها بالمعاوضات المحضة؛ لأنّ أخذ الموهوب مثلاً بغير عوض بعيد،و به خارج عن مقتضى الأصل،و كذلك غير الهبة (7).

و المناقشة فيه واضحة؛ لابتناء التقوية على ثبوت وجه الحكمة من حجّة منصوصة،و لم نقف عليها عدا الرواية المتقدّمة النافية للضرر بعد

ص:64


1- نقله عنه في المختلف:404.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:271،و الفاضل المقداد في التنقيح 4:84،و الكاشاني في المفاتيح 3:76.
3- المختلف:404.
4- الدروس 3:358.
5- قال به الكاشاني في المفاتيح 3:76.
6- المسالك 2:271.
7- مفاتيح الشرائع 3:76.

الحكم بالشفعة (1)،و هي مع قصور سندها و عدم جابر لها في المسألة قد مرّ ما يقدح في دلالتها من حيث إجمال المعلّل به،هل هو ثبوتها،أو نفيها كما فهمه العلّامة (2)؟و عليه فينعكس الدلالة.

و لا ينافي الإجمال ما ادّعيناه سابقاً من ظهور الاحتمال الأوّل؛ لعدم كونه ظهوراً معتدّاً به،و لذا أيّدنا به الأدلّة العامّة و لم نجعله حجّةً مستقلّةً.

و على تقدير الظهور و قوّة الدلالة فلا ريب في عدم مقاومتها للإجماعات المحكيّة و القاعدة الثابتة المسلّمة،و مع ذلك مفهوم العلّة فيها معارض بمفهوم الشرط أو القيد المعتبر في المرسلة المتقدّمة المتضمّنة لقوله(عليه السّلام):«الشفعة جائزة في كلّ شيء» إلى أن قال:«إذا كان بين الشريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره» (3).

و قريب منها:أخبار أُخر معتبرة و فيها الصحيح و غيره آتية في مسألة ثبوت الشفعة في الدور المقسومة،مع كون طريق الجميع واحدة.

و لكنّ الإنصاف أنّ مثل هذه المفاهيم محتملة للورود مورد الغلبة في بعض،و السؤال في آخر،فلم تبلغ درجة الحجّية،و لا كذلك مفهوم العلّة في المرسلة،لكنّها صالحة للاعتضاد و التقوية،و إلّا فالعمدة هو ما قدّمناه من الأدلّة الظاهرة و الحجج الباهرة السليمة كما عرفت عمّا يصلح للمعارضة.فلا شبهة في المسألة بحمد اللّه سبحانه.

و قد استدلّ الفاضل في المختلف (4)للمختار بالصحيح:عن رجل

ص:65


1- راجع ص:53.
2- المختلف:402.
3- راجع ص:6190.
4- المختلف:404.

تزوّج امرأة على بيت في دار له،و له في تلك الدار شركاء،قال:«جائز له، و لا شفعة لأحد من الشركاء عليها» (1).

و فيه نظر؛ لجواز أن يكون نفي الشفعة لكثرة الشركاء،لا للإصداق.

و لو كان الوقف مشاعاً مع طلق فباع الموقوف عليه الوقف على وجه يصحّ،تثبت الشفعة لصاحب الطلق بلا خلاف فيه ظاهر؛ لوجود المقتضي و انتفاء المانع.

و إن انعكس فباع صاحب الطلق ملكه لم تثبت للموقوف عليه مطلقاً وفاقاً من الماتن هنا و في الشرائع،و الشهيدين للمبسوط (2) نافياً الخلاف فيه.و نسبه الحلّي إلى الأكثر (3)،و لعلّه الأظهر؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن من الفتوى و النصّ،و ليس بحكم التبادر إلّا ما عدا محلّ الفرض،مضافاً إلى نقل عدم الخلاف المتقدّم المعتضد بدعوى الحلّي على ذلك الشهرة؛ و هو حجّة كما بيّنته في رسالة في الإجماع مفردة،و مع ذلك سليم عن المعارض بالكلّية عدا ما يتخيّل من وجه الحكمة المشتركة،و قد مرّ الجواب عنه في المسألة السابقة.

هذا كلّه على تقدير القول بانتقال ملك الموقوف إلى الموقوف عليه، كما هو أحد الأقوال في تلك المسألة.

و أمّا على القول بعدم الانتقال إليه مطلقاً فلا ريب في عدم ثبوت الشفعة لفقد الشركة المشترطة في ثبوتها اتّفاقاً فتوًى و روايةً.

ص:66


1- الفقيه 3:165/47،التهذيب 7:742/167،الوسائل 25:407 أبواب الشفعة ب 11 ح 2.
2- الشرائع 3:254،الدروس 3:358،المسالك 2:271،المبسوط 3:145.
3- السرائر 2:397.

و قال المرتضى (1) رضى اللّه تعالى عنه: تثبت الشفعة مطلقاً (2)و جوّز للإمام و خلفائه المطالبة بشفعة الوقوف التي ينظرون فيها على المساكين،أو على المساجد و مصالح المسلمين،و كذلك كلّ ناظر بحقّ في وقف من وصيّ و وليّ،و استند فيه إلى الإجماع.

و هو موهون بعدم وجود قائل به سواه،معارض بنقل الشيخ على خلافه عدم الخلاف.و هو أرجح بعد اعتضاده بالشهرة المنقولة،و الأصل المتقدّم إليهما الإشارة.

و عن الحلّي الموافقة له مع وحدة الموقوف عليه،و للمبسوط مع تعدّده.و عليه أكثر المتأخّرين،بل نسبه الشهيدان إليهم كافّة (3).

و وجهه غير واضح إلّا على تقدير ثبوت انتقال الموقوف إلى الموقوف عليه مطلقاً،و وجود عموم على ثبوت الشفعة كذلك حتّى في الملك الغير التامّ كالوقف فيصح ما ذكروه حينئذٍ؛ لوجود المقتضي لثبوتها في الشق الأوّل،و المانع عنه و هو تعدّد الشركاء على الأصح كما يأتي في الثاني.و لكنّهما في محلّ التردّد أو المنع.

الثاني:في الشفيع

الثاني:في بيان الشفيع المستحقّ لمطالبة المشتري بالشفعة و هو كلّ مسلم شريك بحصّة مشاعة قادر على الثمن و اعتبار الإسلام فيه ليس كلّياً؛ لثبوتها بين الكفّار بعضهم مع بعض إجماعاً،كما في المبسوط و غيره (4)؛ لعموم الأدلّة.

ص:67


1- الانتصار:221.
2- في«ح» و المطبوع من المختصر(257)زيادة:و هو الأشبه.
3- الدروس 3:358،المسالك 2:271.
4- المبسوط 3:138،19؛ و انظر المسالك 2:272.

بل يعتبر إذا كان المشتري مسلماً فلا تثبت لذمّي و لا حربي على مسلم إجماعاً منّا،كما في الانتصار و المبسوط و السرائر و المسالك و شرح الإرشاد للمقدس الأردبيلي (1)رحمه اللّه حاكياً له عن التذكرة، و هو أيضاً ظاهر جماعة (2)؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى أنّ مطالبتها تسلّط على سبيل القهر،و لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [1] .

و في الخبر:«ليس لليهودي و لا النصراني شفعة» (3)يعني على المسلم؛ للإجماع على ثبوتها لهما على غيره.و اختصاص النصّ و الفتوى بالذمّي لعلّه لندرة اتّفاق شركة المسلم مع الحربيّ،أو للتنبيه على الأدنى بالأعلى.

و يتفرّع على اعتبار الشركة في الحصّة أنّه لا تثبت بالجوار بلا خلاف منّا حتّى من العماني كما في ظاهر المسالك،و صريح بعض من تبعه (4).بل عليه الإجماع في السرائر و عن شيخ الطائفة (5)؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى الأصل و اختصاص المخصّصة له بما فيه الشركة،مع فحوى النصوص الآتية الدالّة على نفي الشفعة فيما حصل فيه قسمة،بل بعضها كالصريح في ذلك.

ص:68


1- الانتصار:218،المبسوط 3:139،السرائر 2:386،المسالك 2:272،مجمع الفائدة و البرهان 9:26.
2- منهم المحقق في الشرائع 3:255،و العلّامة في التذكرة 1:590،و الشهيد الثاني في الروضة 4:399.
3- الفقيه 3:157/45،الوسائل 25:400 أبواب الشفعة ب 6 ح 1.
4- المسالك 2:270،و انظر مفاتيح الشرائع 3:76.
5- السرائر 2:386،الشيخ في الخلاف 3:427 429.

كالحسن:عن الشفعة في الدور أ شيء واجب للشريك و يعرض على الجار فهو أحق بها من غيره؟فقال:«الشفعة في البيوع إذا كان شريكاً فهو أحقّ بها من غيره بالثمن» (1)فلا شبهة في المسألة.

و خلاف العماني هنا على تقديره كما يستفاد من جماعة (2)شاذّ منعقد الإجماع على خلافه.

و يتفرّع على اعتبار القدرة على الثمن أنّه لا تثبت الشفعة لعاجز عن الثمن بلا خلاف ظاهر،بل مصرّح بالوفاق عليه و على باقي قيود التعريف في المسالك حيث حكاه بعد ذكره بقيوده (3)؛ و هو الحجّة، مضافاً إلى الأصل،و اختصاص المثبت من النصّ و الفتوى بحكم التبادر في بعض،و التصريح في الآخر بالقادر.مع إمكان الاستدلال عليه بالخبر الآتي في تأجيل ثلاثة أيّام لمدّعي غيبة الثمن و نفي الشفعة إن لم يحضره بعدها،و بلزوم الضرر على المشتري أو البائع على تقدير ثبوتها مع العجز أيضاً،و هو منفيّ عقلاً و نقلاً.

و منه يظهر الوجه في إلحاقهم المماطل،و الهارب بعد البيع عن بذل الثمن بالعاجز عنه أوّلاً.

و يرجع في العجز إلى اعترافه،أو شهادة القرائن القطعيّة بعجزه، و عدم إمكان استدانته أو عدم مشروعيّتها.

و لا تثبت الشفعة فيما ميّز و قسّم على الأظهر الأشهر،بل عليه

ص:69


1- الكافي 5:5/281،التهذيب 7:728/164،الوسائل 25:395 أبواب الشفعة ب 2 ح 1.
2- الإيضاح 2:198،التنقيح 4:85،الدروس 3:357.
3- المسالك 2:272.

عامّة من تأخّر،و عن الشيخ و في السرائر و التنقيح و غيره (1)الإجماع عليه؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى أكثر ما مرّ في نفيها للجار من الأدلّة.و النصوص به مع ذلك مستفيضة كادت تكون متواترة.

منها زيادة على الحسنة المتقدّمة الصحيح:« لا تكون الشفعة إلّا لشريكين ما لم يتقاسما» الحديث (2).

و القوي:« لا شفعة إلّا لشريك غير مقاسم» (3)و نحوه أخبار أُخر ثلاثة (4).

و الخبر:« إذا وقعت السهام ارتفعت الشفعة» (5).

و في آخر:« إذا أرّفت الأُرف،و حدّت الحدود فلا شفعة» (6).

و في ثالث:« أنّ رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)قضى بالشفعة ما لم تؤرّف» يعني:

ما لم تقسّم (7).

ص:70


1- انظر الخلاف 3:429،و السرائر 2:386،387،393،التنقيح 4:86،و انظر الغنية(الجوامع الفقهية):590.
2- الكافي 5:7/281،التهذيب 7:729/164،الوسائل 25:396 أبواب الشفعة ب 3 ح 1.
3- الكافي 5:6/281،التهذيب 7:737/166،الوسائل 25:396 أبواب الشفعة ب 3 ح 2.
4- الأوّل في:الكافي 5:1/280،الوسائل 25:396 أبواب الشفعة ب 3 ح 3.الثاني في:الكافي 5:10/282،الوسائل 25:397 أبواب الشفعة ب 3 ح 6.الثالث في:الفقيه 3:157/45،التهذيب 7:741/167،الوسائل 25:398 أبواب الشفعة ب 3 ح 7.
5- الكافي 5:3/280،الفقيه 3:161/46،التهذيب 7:724/163،الوسائل 25:397 أبواب الشفعة ب 3 ح 4.
6- الكافي 5:4/280،الفقيه 3:154/45،التهذيب 7:727/164،الوسائل 25:397 أبواب الشفعة ب 3 ح 5.
7- الفقيه 3:153/45،الوسائل 25:398 أبواب الشفعة ب 3 ح 8.

و في المعتبرين:« لا شفعة إلّا لشريك» (1).

و لا يضرّ ضعف الإسناد بعد الانجبار بالأصل،و الكثرة،و عمل الأصحاب.و خلاف العماني (2)شاذّ،و مستنده غير واضح عدا ما يستدلّ له بالخبر العامي الوارد في الجار (3)و النصّ الآتي في الاستثناء.

و الأوّل ضعيف سنداً غير صريح دلالةً،و لا مقاوم لما مرّ من الأدلّة من وجوه شتّى.

و الثاني نقول بموجبه تبعاً للأصحاب من غير خلاف،و منهم الماتن هنا لقوله: إلّا بالشركة في الطريق و النهر إذا بيع أحدهما أو هما مع الشقص المقسوم،للصحيح:عن دار فيها دور،و طريقهم واحد في عرصة الدار،فباع بعضهم منزله من رجل،هل لشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة؟فقال:« إن كان باع الدار و حوّل بابها إلى طريق غير ذلك فلا شفعة لهم،و إن باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة» (4).

و نحوه خبر آخر (5).

و قريب منهما الرضوي:« فإذا كانت دار فيها دور،و طريق أبوابها في عرصة واحدة،فباع رجل داره منها من رجل كان لصاحب الدار الأُخرى شفعة إذا لم يتهيّأ له أن يحوِّل باب الدار التي اشتراها إلى موضع آخر،فإن حوّل بابها فلا شفعة لأحد عليه» (6).

ص:71


1- التهذيب 7:725/164،726،الوسائل 25:395 أبواب الشفعة ب 1 ح 1،2.
2- كما حكاه عنه في المختلف:403.
3- سنن البيهقي 6:106.
4- الكافي 5:2/280،التهذيب 7:731/165،الإستبصار 3:417/117،الوسائل 25:398 أبواب الشفعة ب 4 ح 1.
5- المقنع:136،المستدرك 17:100 أبواب الشفعة ب 4 ح 3.
6- فقه الرضا(عليه السّلام):264،المستدرك 17:99 أبواب الشفعة ب 4 ح 2.

بناءً على ما قيل من ظهور أنّ قوله:« إذا لم يتهيّأ» إلى آخره،كناية عن دخول الطريق في البيع و عدمه،بمعنى أنّه إن باع الدار وحدها من غير دخول الطريق معها فلا شفعة؛ لما مرّ من عدم موجب لها.و إن أدخل الطريق في البيع لعدم إمكان طريق له غير ذلك فله الشفعة في الجميع (1).

و عن التذكرة (2)الاستدلال أيضاً بالحسن:عن دار بين قوم اقتسموها،فأخذ كلّ واحد منهم قطعة فبناها،و تركوا بينهم ساحة فيها ممرّهم،فجاء رجل فاشترى نصيب بعضهم،إله ذلك؟قال:« نعم و لكن يسدّ بابه و يفتح باباً إلى الطريق،أو ينزل من فوق البيت و يسدّ بابه،فإن أراد صاحب الطريق بيعه فإنّهم أحقّ به،و إلّا فهو طريقه يجيء حتى يجلس على ذلك الباب» (3).

و نحوه الموثق،إلّا أنّه قال:« أو ينزل من فوق البيت،فإن أراد شريكهم أن يبيع منتقل قدميه فهو أحقّ به،و إن أراد يجيء حتّى يقعد على الباب المسدود الذي باعه لم يكن لهم أن يمنعوه» (4).

و فيه نظر،كما نبّه عليه جمع ممّن تأخّر (5)؛ إذ لا تعرّض فيهما لبيع الدار مع الممرّ كما هو محلّ البحث،بل ظاهرهما ثبوت الشفعة في الطريق فقط ببيعه خاصّةً.

ص:72


1- قال به البحراني في الحدائق 20:296.
2- التذكرة 1:590.
3- الكافي 5:9/281،التهذيب 7:732/165،الإستبصار 3:418/117،الوسائل 25:399 أبواب الشفعة ب 4 ح 2.
4- التهذيب 7:743/167،الوسائل 25:399 أبواب الشفعة ب 4 ح 3.
5- منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 9:19،و السبزواري في الكفاية:105،و البحراني في الحدائق 20:295.

و اعلم أنّ النصوص كما ترى مختصّة بصورة الاشتراك في الطريق، لكنّهم ألحقوا به الاشتراك في الشرب،و مستندهم غير واضح،مع مخالفته لأُصولهم في الكتاب،اللّهم إلّا أن تكون انعقد عليه الإجماع.

ثمّ لو باع الشريك حصّته من العرصة التي هي الطريق دون الدار جاز الأخذ بالشفعة؛ لما مرّ إليه الإشارة.

و اشترط بعضهم كون الطريق ممّا يقبل القسمة في صورة انفراده بالبيع دون صورة الانضمام (1)،و بعضهم اشترط ذلك في الموضعين (2).

و ليس في الروايات و غيرها تعرّض لذلك،فالأقوى عدم اعتباره مطلقاً.

و كذا إطلاق الروايات يقتضي عدم الفرق بين كون الدور مقسومة بعد اشتراك سابق أم لا.و به صرّح في المسالك (3)،و حكي عن التذكرة (4)، و تبعهما جماعة (5).و عن ظاهر آخرين (6)اعتبار شركة سابقة على القسمة في ذات الطريق؛ تعويلاً على حجّة ضعيفة.فالأوّل في غاية القوّة.

و اعلم أنّه تثبت الشفعة بين شريكين إجماعاً فتوًى و نصّاً و لا تثبت لما زاد عليهما على أشهر الروايتين فتوًى،بل عليه في الانتصار و السرائر و التنقيح إجماعنا (7)،و مع ذلك هي صحاح مستفيضة

ص:73


1- كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 6:349،و الشهيد الثاني في الروضة 4:399،و المسالك 2:270.
2- انظر الدروس 3:357.
3- المسالك 2:271.
4- حكاه عنه في المسالك 2:271،و انظر التذكرة 1:590.
5- منهم السبزواري في الكفاية:105،و البحراني في الحدائق 20:296،297.
6- انظر جامع المقاصد 6:351،352،و حكاه عن ظاهرهم في الكفاية:105،و الحدائق 20:297.
7- الانتصار:216،السرائر 2:387،التنقيح 4:88.

و غيرها من المعتبرة تقدّم إلى جملة منها الإشارة في تضاعيف المباحث السابقة،معتضدة بالأصل المتقدّم غير مرّة.

و الرواية الثانية أيضاً مستفيضة،منها:النصوص المتقدّمة في المسألة السابقة.

و منها:الخبران« الشفعة على عدد الرجال» (1).

و الخبر:« قضى رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)بالشفعة بين الشركاء» (2).

و هي مع قصور سند أكثرها،و عدم مكافأتها لما مضى من وجوه شتّى شاذّة لا عامل بها عدا الإسكافي و الصدوق في الفقيه في الجملة (3)، موافقة لمذهب العامّة القائلين بمضمونها،كما صرّح به المرتضى و شيخ الطائفة (4)و جماعة (5)،فلتحمل على التقية لذلك،سيّما مع كون راوي بعضها من العامّة.

و يعضده مصير الإسكافي إليها،إلّا أنّ المنقول عنه في الانتصار يخصص ذلك بغير الحيوان،و مصيره فيه إلى ما عليه الأصحاب (6).و هو حينئذٍ كالصدوق في قوله بالتفصيل المزبور،فإنّه قال في الفقيه بعد نقل

ص:74


1- الفقيه 3:155/45،156،التهذيب 7:736/166،الإستبصار 3:416/116،الوسائل 25:403 أبواب الشفعة ب 7 ح 5 و ذيله.
2- الكافي 5:4/280،الفقيه 3:154/45،التهذيب 7:727/164،الوسائل 25:399 أبواب الشفعة ب 5 ح 1.
3- حكاه عن الإسكافي في المختلف:403،الفقيه 3:46.
4- المرتضى في الانتصار:216،و الشيخ في الخلاف 3:435.
5- منهم الفاضل في التذكرة 1:589،و الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 9:10،و البحراني في الحدائق 20:303.
6- الانتصار:217.

ما يدلّ على المختار من الأخبار-:قال مصنّف هذا الكتاب:يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده،فأمّا غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء و إن كانوا أكثر من اثنين،و تصديق ذلك ما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد اللّه بن سنان قال:سألته عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم أن يبيع نصيبه،قال:« يبيعه» قلت:فإنّهما كانا اثنين فأراد أحدهما بيع نصيبه فلمّا أقدم على البيع قال له شريكه:أعطني،قال:« هو أحقّ به» ثمّ قال(عليه السّلام):

« لا شفعة في حيوان إلّا أن يكون الشريك فيه واحداً» (1)انتهى.

و ظاهر جماعة من الأصحاب مصير الإسكافي إلى القول المزبور مطلقاً من دون التفصيل (2)،و عبارة المختلف يحتمل ذلك و ما ذكره المرتضى،فإنّه قال بعد نقل مذهب الصدوق-:و كذا اختار ابن الجنيد ثبوت الشفعة مع الكثرة (3).

و يعضد ما ذكره الجماعة ما ذكره الماتن في الشرائع من أنّ في المسألة أقوالاً ثلاثة،و عدّ منها القول بثبوتها مع الكثرة مطلقاً (4)،و لم نجد القائل به لو لم يكن الإسكافي.

لكن يضعّفه أنّه عدّ منها القول بالتفصيل بين العبد خاصّةً و غيره، و لا قائل به حتّى الصدوق؛ لاشتراطه اتّحاد الشريك في مطلق الحيوان من دون تخصيص بالعبد،فهو غير الصدوق.و لعلّ القول بالثبوت مطلقاً لمن

ص:75


1- الفقيه 3:46.
2- منهم القاضي في المهذّب 1:453،و ابن فهد في المقتصر:346،و المهذّب البارع 4:267،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:362.
3- المختلف:403.
4- الشرائع 3:255.

عدا الإسكافي و قد وقف على قائله و لم نقف عليه،كالقول بالتفصيل الذي حكاه.

و كيف كان فالقول بالتفصيل بقسميه على تقديرهما ضعيف جدّاً كسابقهما؛ لعدم وضوح مأخذهما عدا ما في الفقيه قد مضى،و هو كما ترى؛ لعدم التعارض بين الخبر الذي قيّده و الذي استشهد به لتقييده؛ إذ غايته اشتراط الاتّحاد في الحيوان و هو لا ينافي اشتراطه في غيره كما هو مقتضى الخبر الأوّل المفيد بعمومه،بل بصريحه؛ لأنّه المرسل المتقدّم المصرّح بثبوت الشفعة في كلّ شيء حتّى الحيوان (1)،و نحوه الرضوي الماضي (2)إلّا بالمفهوم الضعيف الذي لعلّه لا يقول به.

ثمّ على تقدير حجّيته لا يمكن التقييد به أيضاً؛ لما مضى من عدم التكافؤ أصلاً.

و مقتضاه رفع اليد عن نحو هذا الخبر كغيره من الأخبار المتقدّمة المطلقة،سيّما مع ما عرفت من قوّة احتمال ورودها للتقية.

و يحتمل أيضاً محامل أُخر ذكرها الجماعة (3)،كحمل لفظ الجمع فيها على الاثنين و لو مجازاً،أو على إرادة تعميم الحكم بالنسبة إلى المكلّفين، لا بالنسبة إلى قضيّة واحدة اشترك فيها جماعة.و هما و إن بعدا إلّا أنّه لا بأس بهما جمعاً،و هو أحسن من الطرح مهما أمكن و أولى.

و بالجملة لا ريب و لا شبهة في المسألة بحمد اللّه تعالى.

و اعلم أنّه لا خلاف على الظاهر المصرّح به في شرح الإرشاد (4)

ص:76


1- راجع ص:54.
2- في ص:70.
3- انظر الانتصار:217،و الاستبصار 3:117،و المسالك 2:272.
4- مجمع الفائدة و البرهان 9:20.

للمقدّس الأردبيلي-(رحمه اللّه) محتملاً كونه إجماعاً في أنّه لو ادّعى الشفيع غيبة الثمن أُجّل ثلاثة أيّام و لو ملفقة من وقت حضوره للأخذ بالشفعة إن ذكر أنّه ببلده فإن لم يحضره في المدّة المضروبة بطلت.و لو قال:

إنّه في بلد آخر أُجّل بقدر وصوله إليه و عوده منه و زيادة ثلاثة أيّام بعد ذلك.

و الأصل في جميع ذلك الحسن بالنهدي:عن رجل طلب شفعة أرض فذهب على أنْ يحضر المال فلم ينضّ،فكيف يصنع صاحب الأرض إذا أراد بيعها،أ يبيعها أو ينتظر مجيء شريكه صاحب الشفعة؟قال:

« إن كان معه في المصر فلينتظر به ثلاثة أيّام،فإن أتاه بالمال،و إلّا فليبع و بطلت شفعته في الأرض،و إن طلب الأجل إلى أن يحمل المال من بلد إلى بلد آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة و ينصرف و زيادة ثلاثة أيّام إذا قدم،فإن وفاه،و إلّا فلا شفعة له» (1).

و قصوره عن الصحّة مجبور بالعمل،مع أنّ الحسن في نفسه حجّة على الأظهر الأشهر بين الطائفة.

و ظاهر إطلاقه و إن شمل صورتي ترتّب الضرر على المشتري بالتأجيل و عدمه،إلّا أنّ ظاهرهم الإطباق على تقييده ب ما إذا لم يتضرّر المشتري به كما إذا كان البلد بعيداً جدّاً.و لعلّه للجمع بينه و بين ما دلّ على نفي الضرر من العقل و النقل،مضافاً إلى التأيّد بما مرّ من إناطة ثبوت الشفعة بنفي الضرر،فينبغي أن يكون حيث لا يلزم من وجه آخر، لأنّ مع التعارض ينبغي الرجوع إلى حكم الأصل،و هو عدم الشفعة،هذا.

ص:77


1- التهذيب 7:739/167،الوسائل 25:406 أبواب الشفعة ب 10 ح 1.

و أمّا ما يورد على الخبر من أنّ مورده هو الشفعة قبل البيع،و أنّ الذي ينتظر به هو الشريك الذي يريد أن يبيع،لا المشتري.فهو خارج عن محلّ البحث الذي استدلّوا به عليه و هو الشفعة بعد البيع،و لعلّهم قاسوا حال المشتري على البائع،و هو مشكل.

فغير واضح؛ لابتنائه على كون المراد بصاحب الأرض هو المالك الأوّل دون المشتري،و لا إشعار في الخبر به،مع صدق ذلك على المشتري.بل إطلاق لفظ الشفعة التي هي حقيقة في الاستحقاق بعد البيع كما مرّ يعضد إرادة الثاني،هذا.

مع احتمال أن يكون الإلحاق على تقدير صحّة ما ذكر من باب تنقيح المناط القطعيّ،لا القياس الخفيّ،فتدبّر.

ثمّ المراد ببطلانها على تقدير عدم إحضاره في المدّة المضروبة سقوطها إن لم يكن أخذ،و يتسلّط المشتري على الفسخ إن كان قد أخذ.

كذا ذكره في المسالك (1).

و لعلّه كذلك؛ لأنّ الحكم بالبطلان إنّما هو مراعاة للمشتري،فإذا رضي بأخذ الشفيع بالتأخير فقد أسقط حقّه.و ليس في إطلاق الرواية ما ينافي ذلك؛ لأنّ غايتها إسقاط حقّ الشفيع من السلطنة على المطالبة، و هو لا يستلزم إسقاط حقّ المشتري من المطالبة بالثمن بعد إجراء الصيغة الناقلة.

و بالجملة لا دلالة فيها على بطلان حقّ الشفيع،و على تقديره لا ضير فيه أيضاً،و إن هي حينئذٍ إلّا كما ورد في خيار التأخير من بطلان البيع،مع

ص:78


1- المسالك 2:273.

إطباق الأصحاب على بقاء الصحّة و ثبوت الخيار،لا فساد الشفعة من أصله.

فما في الكفاية (1)من أنّ هذا التفصيل غير مذكور في الرواية،محلّ مناقشة إن أراد الردّ بها عليه،و إن أراد عدم استفادة ما ذكره منها فحسن، إلّا أنّه لم يستند إليها في ذلك.و لعلّه أخذه ممّا قدّمناه من الحجّة.

و تثبت الشفعة للغائب و إن طالت غيبته،فإذا قدم من سفره أخذ إن لم يتمكّن من الأخذ في الغيبة بنفسه،أو وكيله.و لا عبرة بتمكّنه من الإشهاد.

و في حكمه المريض و المحبوس ظلماً أو بحقّ يعجز عنه،و لو قدر على الحقّ و لم يطالب بعد مضيّ زمان يتمكّن من التخلّص و المطالبة بطلت.

و كذا السفيه و المجنون و الصبيّ في ثبوت الشفعة لهم و يأخذ لهم الوليّ مع الغبطة و المصلحة كسائر التصرّفات.و لا خلاف في شيء من ذلك أجده،و بعدمه صرّح بعض الأجلّة (2)؛ و هو الحجّة، مضافاً إلى العمومات المعتضدة بوجه الحكمة المشتركة،و خصوص بعض المعتبرة المنجبر قصور سنده عن الصحّة بفتوى الطائفة:« وصيّ اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان له فيه رغبة» و قال:« للغائب شفعة» (3).

و هو و إن اختصّ مورده بالأوّل و الأخير إلّا أنّ الوسطين ملحقان بهما

ص:79


1- الكفاية:105.
2- مجمع الفائدة و البرهان 9:24.
3- الكافي 5:6/281،الفقيه 3:160/46،التهذيب 7:737/166،الوسائل 25:401 أبواب الشفعة ب 6 ح 2.

لعدم القائل بالفرق بين الأربعة في الطائفة،مع اعتضاد إلحاق الثالث بل ما سبقه أيضاً بالاستقراء،و اشتراكه مع الصبيّ في الأحكام غالباً،هذا.

و ربما يشكل الحكم بثبوت الشفعة لهم إن تضمّن طول الغيبة، و انتظار ارتفاع موانع الثلاثة حيث لم يأخذ لهم وليّهم بالشفعة كما سيأتي إليه الإشارة ضرراً على المشتري؛ يظهر وجهه ممّا قدّمناه قريباً من أنّ مقتضى تعارض الضررين الرجوع إلى حكم الأصل،و هو عدم الشفعة.

و وجّهنا بهذا حكمهم السابق بتقييد جواز التأجيل بما إذا لم يتضرّر به المشتري،مع خلوّ النصّ كما عرفت عن القيد.لكن عدم خلافهم في ذلك بحيث كاد أن يعدّ من الإجماع كفانا الاشتغال بطلب دليل آخر على تصحيح الإطلاق.

و لو ترك الوليّ الأخذ حيث يجوز له فبلغ الصبيّ،أو أفاق المجنون أو رشد السفيه فله أي لكلّ منهم الأخذ قيل:لأنّ التأخير وقع لعذر،و تقصير الوليّ بالتراخي لا يسقط حق المولّى عليه،و ليس الحقّ متجدّداً عند الكمال،بل مستمرّ و إنّما المتجدّد أهليّة الآخذ (1).و لا يظهر خلاف فيه،و في أنّه لو كان الترك لعدم المصلحة لم يكن لهم بعد ارتفاع الموانع الأخذ بالشفعة.

و عليه فلو جهل الحال في سبب الترك هل هو الثاني أو الأوّل؟ففي استحقاقهم الأخذ نظراً إلى وجود السبب فيستصحب،أم لا التفاتاً إلى أنّه مقيّد بالمصلحة و هي غير معلومة،وجهان،أوجههما الثاني عند الشهيد الثاني (2).

ص:80


1- قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:79.
2- الروضة البهية 4:401.

و ذكر تبعاً للدروس أنّ المفلس له الشفعة (1)،و لكن لا يجب على الغرماء تمكينه من الثمن،فإن بذلوه أو رضي المشتري بذمّته فأخذ،تعلّق بالشقص حق الغرماء.و لا يجب عليه الأخذ لو طلبوه منه مطلقاً و لو بذلوا له الثمن،أو كان للمشتري بذمّته رضاً.

الثالث:في كيفيّة الأخذ

الثالث:في بيان كيفيّة الأخذ و اعلم أنّه يجوز أن يأخذ الشفيع المشفوع بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد إجماعاً محقّقاً مستفيض النقل في كلام جماعة (2)؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى اتّفاق النصوص عليه.

و لو لم يكن الثمن مثليّا بل قيميّاً كالرقيق و الجوهر و الثياب و نحو ذلك أخذه بقيمته على الأظهر الأشهر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر إلّا من ندر ممّن تأخّر عمّن تأخّر (3)وفاقاً للمفيد و المبسوط و الحلّي (4)؛ للعمومات المؤيّدة بالإطلاقات،و الشهرة العظيمة بين الأصحاب.

و قيل كما عن الخلاف و ابن حمزة (5)-:إنّه تسقط الشفعة و عليه الطبرسي و العلّامة في المختلف (6) استناداً إلى رواية بل قيل

ص:81


1- الدروس 3:360.
2- منهم العلّامة في المختلف:404،و فخر المحققين في الإيضاح 2:210،و هو ظاهر المهذّب البارع 4:269،و التنقيح 4:90،و جامع المقاصد 6:405،و مجمع الفائدة و البرهان 9:30.
3- انظر كفاية الأحكام:106.
4- المفيد في المقنعة:619،المبسوط 3:108،الحلي في السرائر 2:385.
5- الخلاف 3:432،الوسيلة:258.
6- المؤتلف من المختلف 1:631،المختلف:404.

روايات معتبرة (1).

منها:الموثّق في التهذيب،و الصحيح في قرب الاسناد:في رجل اشترى داراً برقيق و متاع،و بزّ و جوهر،قال:« ليس لأحد فيها شفعة» (2).

و منها:الحسن:« الشفعة في البيوع إذا كان شريكاً فهو أحقّ بها من غيره بالثمن» (3).

و منها:الصحيح:عن رجل تزوّج امرأة على بيت في دار له،و له في تلك الدار شركاء،قال:« جائز له و لها،و لا شفعة لأحد من الشركاء عليها» (4).

و جعل هذه الرواية من روايات المسألة يتوجّه إليه المناقشة بظهور احتمال استناد المنع فيها عن الشفعة إلى كثرة الشركاء،أو انتقال المشفوع بما عدا البيع لاشتراط الانتقال به في ثبوتها،كما مضى.

و كذلك جعل الثانية من رواياتها و إن اتّفق للفاضل في المختلف (5)بخيال أنّ الأحقّية بالثمن إنّما يتحقّق في المثلي،لأنّ الحقيقة غير مرادة إجماعاً،فيحمل على أقرب المجازاة إلى الحقيقة،و هو المثل.

و اعترضه في المسالك بأنّ أقرب المجازات إلى الحقيقة بحسب

ص:82


1- قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:81.
2- التهذيب 7:740/167،قرب الإسناد:603/165،الوسائل 25:406 أبواب الشفعة ب 11 ح 1.
3- الكافي 5:5/281،التهذيب 7:728/164،الوسائل 25:395 أبواب الشفعة ب 2 ح 1.
4- الفقيه 3:165/47،التهذيب 7:742/167،الوسائل 25:407 أبواب الشفعة ب 11 ح 2.
5- المختلف:404.

الحقيقة،فإن كان مثليّا فالأقرب إليه مثله،و إن كان قيميّاً فالأقرب إليه قيمته (1).

و فيه نظر،بل الأجود في منعه ما ذكره المقدس الأردبيلي (2)-(رحمه اللّه) من أنّها محمولة على الغالب من أنّ القيمة ثمن أو المثلي في الدور،أو غير ذلك ممّا ذكره،و إن كان في بعضه نظر.و وجه اشتراط الثمن في استحقاق الشفعة على ما ذكره من المحامل التي مرجعها إلى اشتراط جنس الثمن و لو كان قيميّاً الإشارة إلى أنّ استحقاقها ليس مجّاناً بل بإعطاء الثمن، و هذا يجتمع ما لو كان مثليّا أو قيميّاً.

و بالجملة فالاستدلال بهذين الخبرين في البين غير متوجّه،و لعلّه لذا لم يستند إليهما من فضلاء الطرفين المشهورين أحد غير من مرّ.

بقي الكلام في الخبر الأوّل الذي استند إليه أرباب هذا القول، و فيها بعد الإغماض عن عدم مكافأتها لما مضى من حيث اشتهاره بين الأصحاب،بل و الإجماع عليه في الجملة دونه قصور من حيث الدلالة بناءً على احتمال استناد المنع فيها عن الشفعة على أسباب مانعة عنها تقدّمت إلى ذكرها الإشارة إذ ليس فيها التصريح بأنّ المانع من جهة القيمة،و أنّها قيمي لا مثلي.

و ما يقال:من أنّ المتبادر من سياقها ذلك؛ لأنّ الظاهر أنّ السؤال فيها إنّما أُريد به من حيث الشراء بذلك الثمن،و أنّه هل تجوز الشفعة إذا كان الشراء بهذا الثمن أم لا.و لو كان المراد من السؤال معنى آخر من كون الدار

ص:83


1- المسالك 2:277.
2- مجمع الفائدة و البرهان 9:31.

لا شريك فيها،و أنّ المراد نفي الشفعة بالجوار لما كان لذكر القيمة وجه بالكلّية،و لكان حق السؤال التصريح بذلك و أن يؤتى بعبارة أُخرى تؤدّي هذا المعنى.

فمدفوع بأنّه و إن ذكر الثمن و بسببه يستظهر من السؤال و الجواب ما يتوهّم،كذا ذكر أنّ المبيع الدار،و المتبادر منه المجموع،و هو ممّا لا يتأتّى فيه بعد الشراء شركة توجب الشفعة،فلا تثبت فيها إلّا من حيث الجوار،فنفي الشفعة في الرواية يحتمل أن يكون مستنداً إلى هذا.

و لو أُريد من الدار بعضها تعيّن ما استظهر من السياق،إلّا أنّ إطلاقها على البعض مجاز لا يصار إليه إلّا بالقرينة،هي في الرواية مفقودة.فإذاً هي مجملة لا ريب في ضعف الاستناد إليها،و لا شبهة.

و منه يظهر ضعف هذا القول،و إن ادّعى عليه في الخلاف إجماع الفرقة (1)؛ لوهنه بعدم ظهور قائل به سواه و بعض من تبعه (2)،مع مصير معظم الأصحاب على خلافه و منهم هو في قوله الثاني (3).و على تقدير سلامته عنه لا يمكن المصير إليه؛ لضعفه عن المقاومة للعمومات المعتضدة بالشهرة.

و منها يظهر ضعف استناد المختلف (4)لما صار إليه بالأصل المقرّر في الشفعة؛ لاندفاعه بتلك الأدلّة المعتضدة زيادةً على الشهرة بوجه الحكمة المشتركة التي استند إليها هو و غيره من الجماعة في مواضع عديدة

ص:84


1- الخلاف 3:432.
2- كابن حمزة في الوسيلة:258.
3- المبسوط 3:108.
4- المختلف:404.

على سبيل الحجّة أو التقوية.

و هنا قول ثالث حكي في المختلف و الدروس عن الإسكافي،و هو أنّه يكلّف الشفيع ردّ العين التي وقع عليها العقد إن شاء،و إلّا فلا شفعة له (1).

و على المختار فهل المعتبر القيمة وقت العقد؛ لأنّه وقت استحقاق الثمن و العين متعذّرة،فوجب الانتقال إلى القيمة،أو وقت الأخذ؛ لوجوبه حينئذٍ على الشفيع،أو الأعلى منهما؟أقوال،أحوطها الأخير،و أشهرها في الظاهر المصرّح به في كلام جمع (2)،الأوّل.

و اعلم أنّ للشفيع المطالبة بالشفعة في الحال أي حال العلم بالشراء بلا خلاف، و لو أخّر لا لعذر بطلت شفعته وفاقاً للشيخ في كتبه الثلاثة و القاضي و ابن حمزة و الطبرسي،و جماعة و منهم الفاضل في كتبه،و الشهيدان (3)،و عامّة المتأخّرين.و ادّعى عليه الشهرة المطلقة جماعة منهم الفاضل في التذكرة،و آخرون الشهرة المتأخّرة كالمسالك و جمع ممّن تبعه (4).و عن الشيخ دعوى الإجماع عليه (5)؛ و هو الحجّة عندهم؛ مضافاً إلى ما قالوه من الأصل المتقدّم غير مرّة؛ و أنّها حقّ مبنيّ على التضييق بقرينة ثبوتها في بعض دون بعض،و بعقد دون عقد فلا يناسب التوسعة؛

ص:85


1- المختلف:404،الدروس 3:367.
2- منهم البحراني في الحدائق 20:318.
3- الشيخ في النهاية:424،و المبسوط 3:108،و الخلاف 3:430،و لم نعثر عليه في مهذّب القاضي،ابن حمزة في الوسيلة:258،الطبرسي في المؤتلف من المختلف 1:630،الفاضل في القواعد 1:213،و المختلف:405،الشهيدان في الدروس 3:363،و اللمعة(الروضة البهية 4):404.
4- التذكرة 1:604،المسالك 1:283؛ و انظر مفاتيح الشرائع 3:78.
5- الخلاف 3:431.

و لأدائه إلى ضرر المشتري إذ قد لا يرغب في عمارة ملكه لتزلزله؛ و للحسنة المتقدّمة (1)في جواز إنظار الشفيع بالثمن الأيّام الثلاثة لحكمه(عليه السّلام)فيها ببطلان الشفعة بعد الثلاثة التي أخّرها للعذر،فلو كان حقّ الشفعة على التوسعة لم تبطل شفعته بالتأخير مطلقاً لعدم القائل بالفرق.فالقول به إحداث قول ثالث،و هو باطل بإجماعنا.

و للخبرين،في أحدهما:« الشفعة لمن واثبها» (2)و في الثاني:

« الشفعة كحلّ العقال» (3).

و في الجميع نظر؛ لمعارضة الإجماع بمثله و سيأتي،و اعتضاده بالشهرة غير نافع بعد ظهور انعقادها بعد الحكاية،و مرجوحيّته بالموافقة للعامّة كما سيأتي إليه الإشارة،و ضعف الأصل بما مرّ في المسألة السابقة.

و دعوى أنّها حقّ مبني على الضيق غير مسموعة إن أُريد بها العموم حتّى في المسألة؛ لكونها مصادرة غير واضحة الحجّة عدا القرينة،و دلالتها على العموم غير ظاهرة بل فاسدة.و إن أُريد بها ثبوت الضيق في الجملة أو فيما عدا المسألة فغير نافعة.

و الضرر الناشئ من التراخي مجبور بضمان الشفيع الأرش على تقدير القلع كما ذكروه،هذا إن أُريد من الضرر ما ينشأ من نقص ما حصل و عمر.و إن أُريد به مجرّد عدم الرغبة في التعمير فيمنع عن كون مثله يعدّ ضرراً،و على تقديره يجبر بما ذكره علم الهدى من عرض المبيع إلى

ص:86


1- في ص:75.
2- عوالي اللئلئ 3:13/478،المستدرك 17:108 أبواب الشفعة ب 11 ح 13؛ بتفاوت.
3- سنن ابن ماجة 2:2500/835،سنن البيهقي 6:108.

الشفيع و بذل تسليمه إليه فإمّا أن يتسلّم،أو يترك الشفعة فيزول الضرر عن المشتري،فإن لم يفعل ذلك كان التفريط من قبله (1).و على تقدير عدم إمكان دفع هذا الضرر فالدليل من المدّعى أخصّ.

و الجبر بالإجماع المركّب ينفع حيث لا يمكن العكس،و هو ممكن في محلّ البحث،فتدبّر.هذا.

مع أنّ هذا الدليل جارٍ في صورة التأخير لعذر،و قد أطبقوا على ثبوت الشفعة فيها مطلقاً.

و الحسنة لا دلالة فيها على الفوريّة التي ذكروها و أحالوا معرفتها إلى العرف و العادة.و لا ريب أنّ التأخير ثلاثة أيّام،بل و ما دونها من دون عذر كما هو مورد الرواية تنافي الفورية العرفيّة،و لذا استدلّ به المقدس الأردبيلي-(رحمه اللّه) على القول الآتي،و أجاب عن الاستدلال بها لهذا القول بما يرجع حاصله إلى أنّ الحكم ببطلان الشفعة بعد الثلاثة لعلّه للعلم بعدم إرادة الشفيع المطالبة بالشفعة عرفاً و عادةً (2).

أقول:و يحتمل كونه من جهة ظهور عدم بنائه (3)على أداء الثمن المشترط في استحقاق الشفعة بالاتّفاق كما مرّ إليه الإشارة،و لذا عملوا بمضمونها من دون خلاف فيها يذكرونه ثمّة.

و بالجملة هذه الرواية لو لم نقل بظهورها في ضدّ ما ذكره الجماعة، فلا ريب أنّها على ما ذكروه غير دالّة.

و أمّا الخبران الأخيران فهما عاميان على الظاهر؛ إذ لم نجدهما في

ص:87


1- الانتصار:220.
2- مجمع الفائدة و البرهان 9:22.
3- في« ح» و« ر»:قدرته.

كتب أخبارنا المشهورة،و لا نقلهما ناقل من طرقنا في الكتب الاستدلالية.

بل صرّح جماعة (1)بأنّهما من طرق العامّة،فليس فيهما حجّة و إن انجبرا بالشهرة المتأخّرة،بل و المطلقة على تقدير تسليمها لأنّها معارضة بالموافقة للعامّة،كما صرّح به في الانتصار (2).

و فيه أي في المقام قول آخر :إنّها على التراخي لا تسقط إلّا بالإسقاط.ذهب إليه المرتضى،و الإسكافي،و والد الصدوق،و الحلبي، و الحلّي (3)مدّعياً أنّه الأظهر بين الطائفة،حاكياً الأوّل عن بعض الأصحاب مشعراً باشتهار ما اختاره بين الأصحاب.

و زاد المرتضى فادّعى الإجماع عليه؛ و هو الحجّة لهذا القول،مضافا إلى العمومات السليمة كما عرفت عمّا يصلح للمعارضة،مع استصحاب الحالة السابقة.

و هذه الأدلّة في غاية من المتانة و الأجوبة عنها فاسدة،عدا ما أُجيب به الإجماع فإنّه حقّ لمعارضته بالمثل،إلّا أنّ في الباقي كفاية لولا الشهرة العظيمة المتأخّرة التي كادت تكون بالإجماع ملحقة.فالمسألة محلّ إشكال،فلا ينبغي ترك الاحتياط فيها على حال.

و على اعتبار الفورية يلزم المبادرة إلى المطالبة عند العلم على وجه العادة.و المرجع فيه إلى العرف لا المبادرة بكلّ وجه ممكن،فيكفي مشيه إلى المشتري على الوجه المعتاد و إن قدر على الزيادة،و انتظار الصبح لو

ص:88


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:283،و الروضة 4:406،و الفاضل المقداد في التنقيح 4:91،و البحراني في الحدائق 20:320.
2- الانتصار:219.
3- المرتضى في الانتصار:219،و نقله عن الإسكافي و والد الصدوق في المختلف:405،الحلبي في الكافي:361،الحلي في السرائر 2:388.

علم ليلاً،و الصلاة عند حضور وقتها و مقدّماتها و متعلّقاتها الواجبة و المندوبة التي يعتادها على الوجه المعتاد،و انتظار الجماعة و الرفقة مع الحاجة،و زوال الحرّ و البرد المفرطين،و لبس الثوب،و أمثال ذلك.

و لا خلاف في شيء من ذلك أجده،و لعلّه لعدم حجّة ظاهرة على الفوريّة الحقيقية،بل غايتها الفوريّة العرفية،و لا ينافيها شيء ممّا تقدّم إليه الإشارة،فتأمّل.

و لو كان التأخير لعذر عن المباشرة و التوكيل لم تبطل الشفعة بلا خلاف و لا إشكال،إلّا فيما يقتضيه إطلاق العبارة و غيرها من عبائر الجماعة من عدم البطلان مطلقاً و إن أوجب التأخير على المشتري ضرراً،فإنّه منافٍ لما ذكروه سابقاً في تأخير الثمن ثلاثة أيّام بعد دعوى غيبته من تقييد الحكم ثمّة ببقاء الشفعة بعد التأخير إلى المدّة بما إذا لم يوجب ضرراً على المشتري،فإنّ دليل التقييد الذي عرفته جارٍ في المسألة.

اللّهم إلّا أن يكون التقييد مراداً هنا أيضاً،و إنّما تركوه حوالةً على ما مضى.و كيف كان فمراعاة التقييد مطلقاً أحوط و أولى.

و قد عدّ الأصحاب من غير خلاف يعرف من جملة الأعذار ما أشار إليه بقوله: و كذا لا تبطل الشفعة لو كان التأخير بسبب توهّم زيادة ثمن فبان قليلاً أو كونه جنساً من الثمن كذهب مثلاً فبان غيره أي فضّة و نحوها،أو بالعكس،أو أنّه اشترى النصف فبان الربع أو بالعكس،أو أنّ المشتري واحد فبان أكثر أو بالعكس،أو نحو ذلك، لاختلاف الأغراض في مثل ذلك.

و يعذر جاهل الفورية كجاهل الشفعة و ناسيهما.و تقبل دعوى الجهل ممّن يمكن في حقّه عادةً،و إنّما يؤمر بالمطالبة بها فوراً حيث يكون البيع

ص:89

عنده ثابتاً بالشياع أو البيّنة،دون نحو خبر الفاسق،و المجهول،و الصبيّ، و المرأة مطلقاً.

و في شهادة العدل الواحد مطلقاً وجه قويّ وفاقاً للروضة (1)،و عن الدروس الاكتفاء به مع القرينة (2).و حجّته غير واضحة إن عمّم القرينة للظنّية،و منع الاكتفاء بالخبر الغير المحفوف بها بالكلية،فإنّها إن كانت عموم ما دلّ على حجّية خبره فليس فيه التقييد بالقرينة،و إن كانت حصول المظنّة بصدق الخبر بمعونتها زيادةً على ما يحصل من مجرّد خبره،و أنّ المعتبر قوّة المظنّة،فلا دليل على اعتبارها بعد أن قطع النظر عن عموم ما دلّ على حجّية خبر العدل مطلقاً.و كذا لو نظر إليه لما مضى من عدم تقييده بالقرينة،و أنّ مفاده الحجّية من حيث هو هو،و لو صدّق المخبر كان كثبوته في حقّه (3)،و كذا لو علم صدقه بأمر خارج.

و اعلم أنّه يأخذ الشفيع الشقص المبيع من المشتري لأنّه استحقّ الأخذ بالبيع و بعده انتقل الملك إلى المشتري،فلا تسلّط له على أخذه من البائع.و لا خلاف فيه و في أنّ دركه أي درك الشقص لو ظهر مستحقّاً عليه أي على المشتري،فيرجع عليه بالثمن و بما اغترمه لو أخذه منه المالك،بل ادّعى على الأمرين الإجماع في السرائر (4).

و لا فرق في ذلك بين كونه في يد المشتري و يد البائع بأن لم يكن أقبضه،لكن هنا لا يكلّف المشتري قبضه منه،بل يكلّف الشفيع الأخذ منه

ص:90


1- الروضة البهية 4:406.
2- الدروس 3:365.
3- في« ح» و« ر» زيادة:على الظاهر.
4- السرائر 2:390.

أو الترك؛ لأنّ الشقص هو حقّ الشفيع فحيثما وجده أخذه،و يكون قبضه كقبض المشتري و الدرك عليه على التقديرين.

و لو انهدم المسكن،أو عاب بغير فعل المشتري أخذ الشفيع ب تمام الثمن أو الترك و لا شيء على المشتري مطلقاً،كان النقص و التعيّب قبل المطالبة بالشفعة أم بعدها،بأمر سماويّ كانا أم بفعل آدمي، على الأشهر الأقوى،وفاقاً للمبسوط و الحلبي (1)؛ للأصل المؤيّد بإطلاق ما دلّ على لزوم الأخذ بالشفعة بالثمن.و المرسل المنجبر بعمل الأكثر:في رجل اشترى من رجل داراً (2)مشاعاً غير مقسوم و كان شريكه الذي له النصف الآخر مشاعاً (3)غائباً،فلمّا قبضها و تحوّل عنها انهدمت الدار، و جاء سيل خارق (4)فهدمها و ذهب بها،فجاء شريكه الغائب فطلب الشفعة من هذا،فأعطاه الشفعة على أن يعطيه ماله كملاً الذي نقد في ثمنها،فقال:

ضع عنّي قيمة البناء،فإنّ البناء قد انهدم و ذهب به السيل،ما الذي يجب في ذلك؟فوقّع(عليه السّلام):« ليس له إلّا الشراء و البيع الأوّل» (5).

خلافاً للخلاف على ما حكى عنه في المختلف (6)،ففصّل بين صورتي كون الهدم بأمر سماوي فالأوّل؛ لظاهر الخبر المتقدّم،أو بفعل آدمي فالأخذ بحصّته من الثمن.و إطلاقه يشمل المشتري و غيره،بل لعلّه ظاهر فيه.

ص:91


1- المبسوط 3:116،الحلبي في الكافي في الفقه:362.
2- في المصدر:نصف دار.
3- ليس في«ح» و«ر» و المصدر.
4- في المصدر:جارف.
5- التهذيب 7:850/192،الوسائل 25:405 أبواب الشفعة ب 9 ح 1.
6- المختلف:408،و هو في الخلاف 3:437.

و وجهه غير واضح عدا ما يوجّه به ضمان المشتري في القول الآتي في نقص المبيع بفعل المشتري قبل مطالبة الشفيع من تعلّق حق الشفيع به بالبيع فيضمنه المشتري و إن كان ملكه.

و فيه نظر،فإنّه إن أُريد بالحقّ المتعلّق بالشقص حقّ المطالبة به فمسلّم،و لكنّه بمجرده لا يوجب ضماناً على المشتري،فإثباته يتوقّف على دليل.و إن أُريد به الملكية فممنوع،سيّما إذا ادّعي ثبوتها قبل المطالبة.و على تقديره فالضمان محلّ تأمّل،سيّما إذا لم يقبضه المشتري؛ إذ لا موجب لضمانه حينئذٍ و لو فرض كونه ملك الشفيع،هذا.

مع أنّ هذا التوجيه على تقدير تماميّته يشمل صورة التلف بأمر سماوي أيضاً و لا يقول به،إلّا أن يقال باستثنائها بالخبر الذي مضى.

و إن كان الهدم بفعل المشتري بعد مطالبة الشفيع بالشفعة، فالمشهور ضمان المشتري،بمعنى أخذ الشفيع الباقي بعد التلف بحصّته من الثمن و سقوط ما قابل التالف منه.

قيل:لأنّ الشفيع استحقّ بالمطالبة أخذ المبيع كاملاً،و تعلّق حقّه به، فإذا انتقض بفعل المشتري ضمنه له (1).

و هو مبنيّ على تملّك الشفيع الشقص بالمطالبة دون الأخذ،و وجهه غير واضح.و الأصل يقتضي المصير إلى التملّك بالأخذ كما عن الشيخ، و عليه بنى اختياره في المبسوط (2)هنا عدم الضمان على المشتري أيضاً كالسابق.و هو في غاية من القوّة،سيّما بعد اعتضاده بإطلاق ما دلّ على استحقاق الشفعة بتمام الثمن.

ص:92


1- قال به الشهيد الثاني في المسالك 2:278.
2- المبسوط 3:116.

و لو كان الهدم بفعله قبل المطالبة بها فالأشهر الأظهر عدم الضمان على المشتري،بل يتخيّر الشفيع بين الأخذ بكلّ الثمن و بين الترك؛ لما مرّ،و أنّ المشتري تصرّف في ملكه تصرّفاً سائغاً فلا يكون مضموناً عليه، سيّما إذا كان التالف لا يقابل به شيء من الثمن فلا يستحقّ الشفيع في مقابلته شيئاً،كما لو تعيّب في يد البائع فإنّ المشتري تخيّر بين الفسخ و بين الأخذ بجميع الثمن.

و حكي في المسالك و الكفاية (1)قول بالضمان،و هو الظاهر من إطلاق العبارة،و لا ريب في ضعفه؛ لضعف ما مرّ من توجيهه.

ثمّ إنّ الحكم بعدم الضمان على المشتري حيث توجّه إنّما هو إذا لم يتلف من الشقص شيء يقابل بشيء من الثمن،و إلّا قيل:ضمن بحصّته من الثمن على الأشهر (2).

قيل:لأنّ إيجاب دفع الثمن في مقابلة بعض المبيع ظلم (3).

و فيه نظر،و لذا أطلق الحكم في العبارة هنا و في المبسوط (4)و غيرهما (5)،و مع ذلك يدفعه إطلاق ما مرّ من الخبر،فتأمّل.

و لو اشترى الشقص بثمن مؤجّل قيل كما عن الخلاف و المبسوط و الإسكافي و الطبرسي (6): هو أي الشفيع بالخيار بين

ص:93


1- المسالك 2:278،الكفاية:106.
2- قال به السبزواري في الكفاية:106.
3- كما قال به الشهيد الثاني في المسالك 2:278.
4- المبسوط 3:116.
5- انظر المختلف:408.
6- الخلاف 3:433،المبسوط 3:112،و حكاه عن الإسكافي في الدروس 3:364،الطبرسي في المؤتلف من المختلف 1:631.

الأخذ بالثمن عاجلاً و بين التأخير إلى الحلول و أخذه بالثمن في محلّه أي وقت حلوله؛ لأنّ الذمم غير متساوية فيجب إمّا تعجيل الثمن، أو الصبر إلى الحلول و دفعه عند الأخذ.

و أُجيب بأنّ ذلك لا يوجب التخيير؛ لإمكان التخلّص بالكفيل إمّا مطلقاً كما يظهر من المختلف (1)،أو مع عدم الملائة كما عن الشيخ (2)و غيره (3)؛ و بأنّه يستلزم أحد محذورين إمّا إسقاط الشفعة على تقدير ثبوتها،أو إلزام الشفيع بزيادة لا موجب لها.و كلاهما باطل.

و وجه الملازمة أنّ تجويز التأخير ينافي الفوريّة المستلزمة لبطلانها، و تعجيل الأخذ بالحال يوجب زيادة صفة في الثمن،و هي كونه معجّلاً من غير سبب.

و ذهب المفيد و الشيخ في النهاية و القاضي،و الحلي (4)إلى أنّه لا يتخيّر،بل يأخذ الشقص عاجلاً و يكون الثمن مؤجّلاً،و يلزم كفيلاً إن لم يكن مليّاً،و هو أشبه و أشهر،بل عليه عامّة من تأخّر،إمّا لما مرّ من منافاة التخيير للفورية،أو لا له؛ لضعفه أوّلاً:بما مرّ من عدم وضوح دليل على اعتبارها.و ثانياً:على تقدير تسليمه يمكن كون الإخلال هنا بها لعذر،و هو مراعاة مال المشتري و ثمنه عن الذهاب،و هو لا يوجب سقوطها كما مرّ عن الأصحاب (5).

ص:94


1- المختلف:406.
2- النهاية:425.
3- انظر إيضاح الفوائد 2:211.
4- المفيد في المقنعة:620،النهاية:425،القاضي في المهذب 1:458،الحلي في السرائر 2:388.
5- راجع ص:88.

و لعلّه لذا إنّ الشيخ مع اعتباره للفورية لم يجعل الإخلال بها هنا موجباً لسقوطها.

و لكن دفع هذا العذر بإمكان مراعاة الفورية،و مال المشتري عن الذهاب بأخذ الكفيل،كما قال به الأصحاب ممكن،فتأمّل.

بل لأنّ التأجيل له قسط من الثمن فيلزم زيادة الثمن المأخوذ به في الحال على الأصل.

و فيه أيضاً نظر،فإنّ هذا لم يدلّ إلّا على عدم وجوب تعجيل الثمن على الشفيع،و هو لا يستلزم وجوب الأخذ بالشفعة حالّا إلّا على تقدير اعتبار الفورية،و المفروض عدمه.

فالمتّجه على هذا التخيير بين الأمرين اللذين ذكرهما في الخلاف و المبسوط،و بين ما ذكره الأصحاب.فهو في غاية من القوّة إن لم يكن إحداث قول ثالث في المسألة.

و لو دفع الشفيع الثمن قبل حلوله لم يلزم البائع أخذه لأنّ دفعه مسبّب عن المشتري،و هو لو دفعه إليه قبله لم يلزمه الأخذ قطعاً،فبأن لا يلزمه الأخذ من الشفيع بطريق أولى.

و لو دفعه الشفيع إلى المشتري قبل الحلول لزمه الأخذ على قول المبسوط و الخلاف.و يشكل على قول الأصحاب،و لا يبعد اللزوم عليه أيضاً التفاتاً إلى أنّ الحكم بالتأجيل في حقّ الشفيع إنّما هو مراعاة لحقّه و استخلاص له عن لزوم التعجيل به،فإذا أسقط حقّه و يتبرّع بالتعجيل فلا موجب للمشتري عن عدم قبوله،مع دلالة الإطلاقات على لزومه.

و لو ترك الشفيع المطالبة بالشفعة قبل البيع فقال للمشتري:

اشتر نصيب شريكي فقد نزلت عن الشفعة و تركتها لم تبطل و كذا لو

ص:95

عرض البائع الشقص على الشفيع بثمن معلوم فلم يرده،فباعه من غيره بذلك الثمن أو زائداً،وفاقاً لظاهر المرتضى،و صريح الإسكافي و الحلي، و الفاضل في المختلف و القواعد،و المقداد في التنقيح،و الشهيد الثاني، و كثير ممّن تبعه (1).و الظاهر أنّه عليه أكثر المتأخّرين.و حكاه في الدروس عن المبسوط (2).

و ظاهر الأوّل دعوى الإجماع عليه حيث قال:و ممّا انفردت به الإماميّة أنّ حقّ الشفيع لا يسقط إلّا أن يصرّح الشفيع بإسقاط حقّه.ثمّ أخذ في نقل مذاهب العامّة،و ذكر منها قول الشعبي بأنّ من بيعت شفعته و هو شاهد و لم ينكر،فلا شفعة له،ثم قال بعد هذا بلا فصل:و الذي يدلّ على صحّة مذهبنا الإجماع المتكرّر.

و هو كما ترى ظاهر في شمول عموم عبارته لمثل ما نحن فيه؛ فهو الحجة،مضافاً إلى ما ذكره جماعة (3)من عموم ما دلّ على ثبوتها،مع سلامتها عمّا يصلح للمعارضة،و ضعف ما سيأتي على خلافه من الأدلّة، و آخرون (4)بأنّ ذلك ترك قبل الاستحقاق فلا يلزم،كما لو أسقطت المرأة

ص:96


1- المرتضى في الانتصار:219،حكاه عن الإسكافي في المختلف:407،الحلي في السرائر 2:393،المختلف:407،و القواعد 1:216،التنقيح الرائع 4:93،الشهيد الثاني في المسالك 2:283،و انظر كفاية الأحكام:106،و المفاتيح 3:80.
2- انظر الدروس 3:368،369،المبسوط 3:140.
3- منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:440،و الشهيد الثاني في المسالك 2:283،و البحراني في الحدائق 20:331.
4- كالشيخ في المبسوط 3:140،و ابن إدريس في السرائر 2:393،و العلّامة في المختلف:407،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 4:93،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:440،و البحراني في الحدائق 20:331.

المهر قبل التزويج،و نحو ذلك.

خلافاً للنهاية و المفيد و ابن حمزة (1)؛ لقوله(صلّى اللّه عليه و آله):« لا يحلّ للشريك أن يبيع حتّى يستأذن شريكه،فإن باع و لم يأذنه فهو أحقّ» (2)لتعليق الاستحقاق فيه على عدم الاستيذان فلا يثبت معه،و لأنّ الشفعة شرعت لإزالة الضرر عن الشريك فإذا لم يردّه دلّ على عدم الضرر.و ليس ذلك من باب الإسقاط حتى يتوقّف على الاستحقاق.

و في الجميع نظر؛ لعدم وضوح سند الخبر،و عدم جابر له بل الجابر بالعكس،مع معارضته بما مرّ من الإجماع المنقول الذي منه أجود.و منع دلالة عدم الردّ على عدم الضرر فإنّه أعمّ منه،مع احتمال جعله وسيلةً على الأخذ بالشفعة،و على تقدير تسليمه فهو إنّما يتمّ على تقدير قيام دليل على كون الضرر هو السبب الباعث لثبوت الشفعة،و لا حجّة عليه مستقيمة تطمئنّ إليها النفس،كما مرّ إليه الإشارة.

فهذه الحجج ضعيفة،و غاية ما يمكن أن يحتجّ لهم شيئان:

أحدهما:ما ذكره المولى الأردبيلي من أنّ الترك وعد فتشمله الأدلّة الدالّة على وجوب الوفاء به،و ليس هنا إبراء أو إسقاط،بل قول و وعد و شرط،و مخالفته قبيحة عقلاً و شرعاً،و أنّه غرر و إغراء،و ليس من صفات المؤمن (3).

و ثانيهما:ما يختلج بالبال من الأصل،و عدم عموم من الأخبار يدلّ

ص:97


1- النهاية:424،المفيد في المقنعة:618،ابن حمزة في الوسيلة:258.
2- عوالي اللئلئ 3:14/479،المستدرك 17:108 أبواب الشفعة ب 11 ح 14.
3- مجمع الفائدة و البرهان 9:45.

على ثبوت الشفعة في جميع الأحوال.و إنّما العموم الموجود فيها إنّما هو بالنسبة إلى كلّ مبيع لا إليها في جميع الأحوال،و غايته بالنسبة إليها أن يكون مطلقاً،و رجوعه إلى العموم مشروط بتساوي أفراده في الانسباق إلى الذهن و عدمه؛ إذ مع رجحان بعضها بتبادر و نحوه ينصرف إليه دون المرجوح،و ما نحن فيه من هذا القبيل؛ لعدم تبادر ما أُسقط فيه الشفعة من إطلاق ما دلّ على ثبوتها بلا شبهة.

مضافاً إلى التأيّد بما ورد في صحّة الوصية بما زاد على الثلث بإجازة الورثة لها قبل الموت من المعتبرة (1)،و عليه معظم الطائفة،و ادّعى بعضهم عليه إجماع الإمامية (2).

و لا يخلو الجميع عن المناقشة.

فالأوّل:بأنّه بعد تسليم كونه من باب الوعد لم يحضرني الآن دليل عامّ يدلّ على وجوب الوفاء به على الإطلاق بحيث يشمل نحو مورد النزاع،مع عدم وجوبه في كثير من قبيله بالإجماع،و قد تقدّم بعضه من إسقاط المرأة حقّها قبل الثبوت و نحو ذلك.و الفرق بينه و بين ما نحن فيه لو ادّعي غير واضح.

و الثاني:بأنّ العموم في البيع يستلزم العموم في الأحوال،و إلّا لما بقي عموم على حال؛ لاختلاف أحوال أفراد العموم بلا إشكال،فتأمّل.

و الثالث:نافع حيث يوجد دليل،و قد عرفت ما فيه.

و اعلم أنّ مقتضى الأدلّة من الطرفين عدم الفرق بين الموضعين

ص:98


1- انظر الوسائل 19:283 أبواب الوصايا ب 13.
2- كالشيخ في الخلاف 4:144.

المتقدّمين،و غيرهما من المواضع التي اختلف في سقوط الشفعة فيها ممّا أشار إليه الماتن بقوله: أمّا لو شهد على البيع و لم يردّ أو بارك للمشتري أو البائع فقال:بارك اللّه تعالى لكما في البيع،أو هو مبارك لكما،أو نحو ذلك. أو أذن لهما أو لأحدهما في البيع فقال:تبايعا ففيه التردّد الناشئ مما مرّ.

و عدم السقوط في الجميع كما عرفت أشبه و لم أفهم وجهاً لفرق الماتن بين هذه المواضع.و لم أر من قال به، بل أطلق أرباب القولين الحكم فيها،عدا الفاضل في الإرشاد (1)ففرّق بينها كالماتن،و لكن حكم بالبطلان في الموضع الأوّل عكسه،و تنظّر فيه في باقي المواضع.

و وجهه أيضاً غير واضح،و إن كان أنسب من فرق الماتن؛ لأنّه في غاية البعد،فإنّ عدم الإبطال بالإسقاط قبل البيع يستلزم عدمه فيما عداه بطريق أولى؛ إذ ليس بأبلغ في الدلالة على الإبطال من الإسقاط قبل البيع، بل هو أبلغ.فكيف يفرّق بينهما بالعدم في الأوّل،و السقوط في الباقي؟بل العكس أولى،و قد نبّه على الأولويّة في المسالك (2)شيخنا.

و من اللواحق مسألتان

الأُولى:الشفعة لا تورّث

و من اللواحق مسألتان الأُولى: قال الشيخ في النهاية و موضع من الخلاف،و القاضي و الطبرسي (3):إنّ الشفعة لا تورّث بل تبطل بموت الشفيع.و نسبه في

ص:99


1- الإرشاد 1:387.
2- المسالك 2:283.
3- النهاية:425،الخلاف 3:437،القاضي في المهذب 1:459،الطبرسي في المؤتلف من المختلف 1:632.

المبسوط إلى أكثر الأصحاب (1)؛ للخبر:« لا تورّث الشفعة» (2)و أنّ ملك الوارث يتجدّد على الشراء لا به،فلا يستحق به شفعة.

و يضعف الأوّل بضعف الراوي (3)،مع جهالة الراوي عنه أيضاً (4).

و لا جابر له أصلاً عدا الأكثريّة المحكيّة في المبسوط،و هي موهونة باشتهار الخلاف بل و دعوى الإجماع عليه كما يأتي،مع أنّه موافق لرأي أبي حنيفة كما نسبه إليه في الخلاف (5)شيخ الطائفة.

و قال شيخنا المفيد و علم الهدى و الشيخ في موضع آخر من الخلاف و الحلي و الشهيدان و الصيمري (6)أنّها تورّث و تبعهم جملة من المتأخرين.بل لعلّه عليه عامّتهم إذ لم أقف على مخالف منهم.و صرّح بالشهرة المطلقة في المسالك و الكفاية (7).

و ظاهر الثاني في الانتصار أنّ عليه إجماع الإماميّة حيث قال في

ص:100


1- المبسوط 3:113.
2- الفقيه 3:158/45،التهذيب 7:741/167،الوسائل 25:407،أبواب الشفعة ب 12 ح 1.
3- و هو طلحة بن زيد أبو الخزرج النهدي الشامي،عدّه الشيخ في رجاله 3/126 من أصحاب الباقر(عليه السّلام)و قال:بتري.و في الفهرست 362/86 و رجال النجاشي 550/207 أنّه عامي.
4- و هو محمّد بن يحيى،و الظاهر بقرينة اتحاد الراوي و المروي عنه أنّه هو الخزّاز،و قال النجاشي فيه:ثقة،عين،له كتاب نوادر.انظر رجال النجاشي:964/359،معجم رجال الحديث 18:11997/37.
5- الخلاف 3:436.
6- المفيد في المقنعة:619،علم الهدى في الانتصار:217،الخلاف 3:27،الحلي في السرائر 2:399،الشهيدان في اللمعة(الروضة البهية 4):412،الصيمري في تلخيص الخلاف 2:177،و غاية المرام 4:115.
7- المسالك 2:280،الكفاية:106.

توجيه الخبر الوارد بأنّه إذا سمح بعضهم بحقوقهم من الشفعة،إلى آخر الرواية-:فيمكن أن يكون تأويله أنّ الوارث لحقّ الشفعة إذا كانوا جماعة، فإنّ الشفعة عندنا تورث متى سمح بعضهم بحقّه،كانت المطالبة لمن لم يسمح،إلى آخر ما ذكره؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى الرواية المرويّة في المسالك و غيره (1)المنجبرة بالشهرة:« ما ترك الميّت من حقّ فلوارثه» .هذا مع التأيّد بعمومات أدلّة الإرث قال سبحانه وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ [1] (2). و لذا كان هذا هو الأشبه و عليه فالمشهور بل كاد أن يكون إجماعاً أنّها تقسم على سهام الورثة.و حجّتهم عليه غير واضحة عدا ما استدلّوا به لإثبات أصل المسألة من عمومات أدلّة الإرث.

و هو حسن إن بلغ درجة الحجيّة كما ظنّوه،و إلّا كما ذكره بعض الأجلّة (3)،و لعلّه لا يخلو عن قوّة ففيه مناقشة،و الأصل يقتضي التسوية، لكن المخالف لهم غير معلوم و إن ذكروه قولاً،و الظاهر أنّه من العامّة كما يستفاد من جماعة (4).

و لو عفى أحد الورثة عن نصيبه أخذ الباقون و لم تسقط لأنّ الحقّ للجميع،فلا يسقط حقّ واحد بترك غيره.فلو عفوا إلّا واحداً أخذ الجميع أو ترك؛ حذراً من تبعّض الصفقة على المشتري،و هو ضرر منفيّ في

ص:101


1- المسالك 2:280،مفاتيح الشرائع 3:82.
2- النساء:12.
3- انظر مجمع الفائدة و البرهان 9:40.
4- انظر:الخلاف 3:435،و التذكرة 1:600،و جامع المقاصد 6:448.

الشريعة اتّفاقاً فتوًى و روايةً.

و لا يقدح هنا تكثّر المستحقّ و إن كانوا شركاء؛ لاتّحاد أصل الشريك،و الاعتبار بالوحدة عند البيع لا الأخذ.

الثانية:لو اختلف المشتري و الشفيع في الثمن

الثانية:لو اختلف المشتري و الشفيع في الثمن الذي وقع عليه العقد،فادّعى الأوّل أنّه مائة مثلاً،و الثاني أنّه خمسون فالقول قول المشتري مع يمينه في المشهور بين الأصحاب.بل لا يكاد يوجد فيه خلاف إلّا من ظاهر شيخنا الشهيد الثاني (1)تبعاً لما حكاه هو،و الشهيد الأوّل في الدروس (2)عن الإسكافي من العكس،بناءً منه على ضعف حججهم على ما ذكروه.

و منها:التي أشار إليها الماتن هنا بقوله: لأنّه ينتزع الشيء من يده فلا يرفع يده عنه إلّا بما يدّعيه.

و منها:أنّه أعلم بعقده.

و منها:أنّ المشتري لا دعوى له على الشفيع إذ لا يدّعي شيئاً في ذمّته و لا تحت يده،و إنّما الشفيع يدّعي استحقاق ملكه بالشفعة بالقدر الذي يعترف به،و المشتري ينكره.و لا يلزم من قوله:اشتريته بالأكثر،أن يكون مدّعياً عليه و إن كان خلاف الأصل؛ لأنّه لا يدّعي استحقاقه إيّاه عليه، و لا يطلب تغريمه إيّاه؛ و لأنّ الذي لو ترك الخصومة ترك هو الشفيع؛ إذ لا يطلب المشتري للأخذ بالشفعة بما يدّعيه.

و قد بيّن وجوه الضعف في المسالك و الروضة (3)،و تبعه في الكفاية

ص:102


1- الروضة البهية 4:414.
2- الدروس:391.
3- المسالك 2:284،الروضة 4:414.

لكن في الجملة،و فصّل،فقال بعد نقل القولين-:و حجّة المسألة من الجانبين لا يخلو عن ضعف،و لا يبعد أن يقال:إذا سلّم المشتري المبيع بمطالبة الشفيع ثم اختلفا في قدر الثمن فالقول قول الشفيع؛ لأنّه منكر للزيادة فيكون داخلاً في عموم اليمين على من أنكر.و إن لم يسلّم المشتري المبيع و قلنا بوجوب تسليم الثمن أوّلاً فيرجع الأمر إلى كون الشفيع مدّعياً و المشتري منكراً،فيكون القول قول المدّعى.انتهى (1).

و ربما ناقش المشهور أيضاً الفاضل المقداد في التنقيح فقال بعد الاستدلال لهم بأنّ الشفيع يدّعي استحقاق الحصّة بثمن معيّن،و المشتري ينكره و يده عليها،فيكون القول قوله مع اليمين-:و لقائل أن يقول:بل القول قول الشفيع؛ لأنّه منكر لزيادة يدّعيها المشتري،و اليمين على من أنكر،و يؤيّده قول الشيخ في الخلاف أنّهما إذا أقاما بينة يعمل ببيّنة المشتري،و إذا كان كذلك ينبغي أن يكون القول قول الشفيع عند عدم البيّنة.لكنّه قال بعد ذلك:و يمكن أن يجاب بأنّ الشفيع إمّا أن يدّعي العلم أو لا،فإن كان الثاني لم يصحّ حلفه؛ لما تقدّم أنّه لا يمين إلّا مع العلم.

و إن كان الأوّل فكذلك؛ لأنّ الاختلاف في فعل المشتري،و هو أعلم به.

انتهى (2).

و المسألة لذلك قوية الإشكال،إلّا أنّ الأصل مع العجز عن الترجيح يقتضي المصير إلى مذهب الأكثر،سيّما مع موافقته بمنافاة الشفعة للأصل، و بلوغ الشهرة قريباً من درجة الإجماع.و لذا لم يخالف شيخنا في المسالك صريحاً،بل و لا ظاهراً،و كذا التنقيح فإنّه و إن استشكل أوّلاً إلّا أنّه وافقهم

ص:103


1- الكفاية:107.
2- التنقيح الرائع 4:96،و هو في الخلاف 3:431.

كما عرفت ثانياً.

و أمّا صاحب الكفاية فهو و إن صرّح بالمخالفة إلّا أنّه لا ضير في خروجه جدّاً،مع كون مختاره خرقاً للإجماع المركّب ظاهراً.

و كيف كان فالاحتياط لا ينبغي تركه في أمثال المقام على حال.

ص:104

كتاب إحياء الموات

اشارة

كتاب إحياء الموات و المراد بها الأراضي الغير المنتفع بها لعطلتها باستيجامها،أو عدم الماء عنها،أو استيلاء الماء عليها بحيث تعدّ مواتاً عرفاً.و يقال لها أيضاً:

موتان بفتح الميم و الواو،و فيه لغة بسكون الواو و فتح الميم دون ضمّها، لكونه بهذا الضبط الموت الذريع.

و بإحيائها إخراجها من الخراب و العطلة إلى حيّز الانتفاع،و هو يوجب الملك كما يأتي.

و الأصل فيه بعد إجماع المسلمين كما في التنقيح (1)النصوص الخاصية و العامية،منها زيادة على ما يأتي إليه الإشارة-:الأخبار النبويّة.

منها:« من أحيى أرضاً ميتة فهي له» (2).

و منها:« موتان الأرض للّه تعالى،و لرسوله(صلّى اللّه عليه و آله)،ثم هي لكم منّي أيّها المسلمون» (3).

و اعلم أنّه لا خلاف ظاهراً في أنّ العامر منها ملك لأربابه لا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذنهم بل عليه الإجماع في كلام جماعة (4)؛ لقبح التصرّف في ملك الغير عقلاً و شرعاً.

ص:105


1- التنقيح الرائع 4:98.
2- عوالي اللئلئ 3:12/259.
3- تلخيص الحبير 3:1293/62.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:288،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:23،و انظر الكفاية:238.

ففي الخبر:« لا يحلّ مال امرء مسلم إلّا عن طيب نفسه» (1).

و في آخر:« من أخذ شبراً من الأرض بغير حق،أتى به يوم القيامة في عنقه مطوقة من سبع أرضين» (2).

و في ثالث:« من أخذ أرضاً بغير حقّ كلّف أن يحمل ترابها إلى المحشر» (3).

و كذا ما به صلاح العامر و يحتاج إليه من مرافقه و حريمه كالطريق المسلوك إليه و الشرب بكسر الشين واصلة الحظّ من الماء، و منه:قوله تعالى وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [1] (4)و المراد هنا النهر و شبهه المعدّ لمصالح العامر و المراح أي مأوى الإبل و الغنم و نحو ذلك؛ لاتّحاد الدليل.

و بنحو ما هنا صرّح في الشرائع،إلّا أنّه قال بعده:و يستوي في ذلك ما كان من بلاد الإسلام و ما كان من بلاد الشرك،غير أنّ ما في بلاد الإسلام لا يغنم،و ما في بلاد الشرك يملك بالغلبة عليه (5).

و عليه لا يتمّ ما قدّمه من عدم جواز التصرف فيه إلّا بإذنه على إطلاقه.و عليه نبّه في المسالك،قال:لأنّ ما كان منها من بلاد الشرك يجوز التصرف فيه بغير إذن مالكه في الجملة.و كان الأولى ترك ذلك،أو تقييده بكون ملكاً لمسلم أو مسالم (6).

ص:106


1- عوالي اللئلئ 2:309/113.
2- عوالي اللئلئ 3:7/474،المستدرك 17:91 أبواب الغصب ب 3 ح 2؛ بتفاوت يسير.
3- التهذيب 7:909/206،الوسائل 25:388 أبواب الغصب ب 3 ح 2.
4- الشعراء:155.
5- الشرائع 3:271.
6- المسالك 2:287.

و أمّا الموات أي ما لا ينتفع به لعطلته بما مرّ إذا كان ممّا لم يجر عليه ملك مسلم و من بحكمه أو جرى عليه ملك أحدهما و لكن باد أهله و هلك بحيث لا يعرفون و لا بعضهم فهو للإمام عليه السّلام بلا خلاف بيننا،بل عليه في التنقيح و المسالك و غيرهما (1)إجماعنا؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة الدالّة على أنّها من الأنفال.

منها زيادة على ما يذكر في بحث الأنفال من كتاب الخمس الصحيح:« إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [1] (2)أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض و نحن المتّقون و الأرض كلّها لنا» (3)الحديث.

و حينئذٍ لا يجوز التصرّف فيه و لا إحياؤه إلّا بإذنه لما مرّ، مضافاً إلى الإجماع عليه في التنقيح و غيره (4) و مع إذنه يملك بالإحياء بلا خلاف بل عليه الإجماع في التنقيح؛ و هو الحجة،مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

منها زيادة على ما تقدّمت إليه الإشارة من الأخبار النبويّة -:الصحيح:عن الشراء من أرض اليهود و النصارى،قال:« ليس به بأس» إلى أن قال:« و أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض أو عملوه فهم أحقّ بها و هي

ص:107


1- التنقيح 4:98،المسالك 2:287؛ و انظر الخلاف 3:526،و تلخيص الخلاف 2:213،و جامع المقاصد 7:9.
2- الأعراف:128.
3- الكافي 5:5/279،التهذيب 7:674/152،الإستبصار 3:383/108،الوسائل 25:414 أبواب إحياء الموات ب 3 ح 2.
4- التنقيح 4:98؛ و انظر جامع المقاصد 7:10،الروضة 7:135.

لهم» (1).

و الصحيحان:« أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض أو عمروها فهم أحقّ بها» (2)و زيد في أحدهما« و هي لهم» (3).

و الصحاح:« من أحيى أرضاً مواتاً فهي له» (4).

و عمومها سيّما الصحاح الأوّلة يشمل صورتي كون المحيي مسلماً أو كافراً،بل سياق الأوّل كالصريح في الشمول له.

و أصرح منه الصحيح الآخر:عن شراء الأرضين من أهل الذمّة، فقال:« لا بأس بأن يشتري منهم،إذا عملوها و أحيوها فهي لهم» (5)الخبر.

فالقول المحكيّ في المسالك و غيره (6)باختصاص جواز الإحياء بالمسلم،ضعيف كمستنده من اختصاص الخطاب بالتمليك في بعض النبويّة المتقدّمة و الصحاح به؛ لعدم دلالة التخصيص بالذكر على التخصيص،مع احتماله الاختصاص بصورة الحضور كما يشعر به الصحيح و لا نزاع فيه،كما في المسالك (7).

ص:108


1- الفقيه 3:664/151،التهذيب 7:655/148،الإستبصار 3:390/110،الوسائل 25:411 أبواب إحياء الموات ب 1 ح 1.
2- التهذيب 7:659/149،الوسائل 25:411 أبواب إحياء الموات ب 1 ح 3.
3- الكافي 5:1/279،التهذيب 7:671/152،الإستبصار 3:380/107،الوسائل 25:412 أبواب إحياء الموات ب 1 ح 4.
4- الكافي 5:4/279،التهذيب 7:673/152،الإستبصار 3:382/108،الوسائل 25:412 أبواب إحياء الموات ب 1 ح 5.
5- التهذيب 7:657/148،الإستبصار 3:388/110،الوسائل 25:416 أبواب إحياء الموات ب 4 ح 1.
6- المسالك 2:287؛ و انظر جامع المقاصد 7:10.
7- المسالك 2:287.

و لكن في ظاهره و ظاهر الروضة وقوع النزاع فيه أيضاً في هذه الصورة حيث ذكره تلو حكمها،فقال:و في ملك الكافر مع الإذن قولان، و لا إشكال فيه لو حصل،إنّما الإشكال في جواز إذنه(عليه السّلام)له نظراً إلى أنّ الكافر هل له أهليّة ذلك أم لا.و النزاع قليل الجدوى (1).انتهى.

و لا ريب أنّ العموم مطلقاً أقوى،و ذلك لأنّ عمومها يشمل صورتي وجود الإمام(عليه السّلام)و غيبته،بل لعلّها في الأُولى أظهر،إلّا أنّ أصحابنا كما قيل (2)خصّوها بالثانية فقالوا: و لو كان الإمام غائباً فمن سبق إلى إحيائه كان ملكه و أحقّ به.و مع وجوده له رفع يده أي المحيي.و وجهه غير واضح إن لم ينعقد الإجماع عليه.

و أمّا ما قيل (3)على العبارة من أنّ في قوله:و مع وجوده،إلى آخره، مناقضة لقوله:و مع إذنه يملك بالإحياء؛ لأنّه إذا ملكه بالإحياء لم يكن لأحد رفع يده إماماً كان أو غيره؛ لقوله(صلّى اللّه عليه و آله):« الناس مسلّطون على أقوالهم» .فمدفوع بأنّه لا مناقضة بعد احتمال كون القول الأخير مخصّصاً لما قبله،كما فهمه القائل المتقدّم إليه الإشارة.

و عن النهاية في دفعها:أنّ المراد بملكها بالإحياء ملك منافعها، لا رقبتها فإنّها له(عليه السّلام).فله رفع يد المحيي إن اقتضت المصلحة ذلك (4).

و هو كما ترى،و إن أشعرت به عبارة الماتن أخيراً كالدروس (5)حيث

ص:109


1- الروضة 7:135.
2- لم نعثر على قائله.
3- التنقيح الرائع 4:98.
4- النهاية:420.
5- الدروس 3:55.

عبّرا عن الملكية بالأحقيّة و الأولوّية،هذا.و الإشكال في هذا قليل الجدوى،فإنّه(عليه السّلام)أعرف بما يفعله قطعاً.

و يشترط في التملك بالإحياء أُمور:

الأوّل:ألّا يكون في يد مسلم

و يشترط في التملك بالإحياء أُمور:

الأوّل: ألّا يكون في يد محترمة من مسلم و لا مسالم، (1)بلا خلاف و لا إشكال؛ لأنّ ذلك يمنع عن مباشرة الإحياء لغير المتصرّف.

و مجرّد ثبوت اليد المحترمة كافٍ في منع الغير من الإحياء و إن لم يعلم وجود سبب الملك.

نعم لو علم إثبات اليد بغير سبب مملّك،و لا موجب أولويّة فلا عبرة به،كما لو استندت إلى مجرّد تغلّب على الأرض و نحو ذلك.

و الثاني:أن لا يكون حريماً لعامر

و الثاني: أن لا يكون حريماً لعامر بلا خلاف ظاهر مصرّح به في المسالك و غيره (2)؛ للأصل الآتي،و لما فيه من الضرر المنفيّ بالإجماع و غيره،و لأنّ مالك العامر استحقّ حريمه لأنّه من مرافقه و ممّا يتوقف عليه كمال انتفاعه.و سيأتي الكلام في بيان الحريم و تفصيله.

و هل يملك تبعاً للعامر،أو يكون أولى به و أحقّ به من غيره من دون تملّك حقيقة؟قولان،أشهرهما كما في المسالك و غيره (3)الأوّل.و لعلّه أظهر،و في إطلاق المعتبرة المتقدمة في ثبوت الشفعة ببيع الطريق المشترك (4)دلالة عليه.و تظهر الفائدة في بيعه منفرداً فيجوز على الأوّل، و على الثاني لا.

ص:110


1- في« ح» و« ر» زيادة:و لو بالتحجير.
2- المسالك 2:289؛ و انظر الكفاية:240،و المفاتيح 3:28.
3- المسالك 2:289؛ و انظر الكفاية:240.
4- راجع ص:70.

و الثالث:أن لا يسمّيه الشارع مشعراً للعبادة

و الثالث:أن لا يسمّيه الشارع مشعراً و محلّاً للعبادة كعرفة و منى و مزدلفة،بلا خلاف فيه في الجملة؛ للأصل،و اختصاص النصوص الدالّة على تملّك الأرض بالإحياء بحكم التبادر بغير الأراضي المزبورة،مع ما في تسويغ إحيائها من تفويت الغرض و منافاته البغية فيها و الحاجة.

لكن مقتضى هذا التعليل المنع عن إحياء الكثير منها خاصّة الذي يؤدّي إحياؤه إلى الضيق على الناسكين و يحتاج إليه غالباً،و أمّا ما عداه فلا يدلّ على المنع فيه أصلاً،و لذا استثناه الماتن على ما حكي عنه فجوّز إحياءه (1).و نفى البعد عنه في المسالك قال:إلّا أنّ الأشهر المنع مطلقاً (2).

و هو كذلك لو كان الأصل الجواز و النصوص الدالة عليه عامّة،و هما ممنوعان كما تقدّم.و الأصل يقتضي العدم كما عليه الأكثر.و على غيره ففي بقاء حق الوقوف فيما يملكه المحيي أوجه،يفرق في ثالثها بين ضيق الموقف فالبقاء،و عدمه فلا.و الحكم بالملك يأبى القول بالجواز مطلقاً إلّا أن يجعل مراعىً بعدم الإضرار فيكون التفصيل متوجّهاً.

و الرابع:أن لا يكون مقطعاً من إمام الأصل لغيره

و الرابع:أن لا يكون مقطعاً من إمام الأصل لغيره، و لا محمى له،و لا لنفسه،كما أقطع النبي(صلّى اللّه عليه و آله)الدور و أرضاً بحضرموت، و حُضْر فرس الزبير (3)بالحاء المهملة و الضاد المعجمة و كما حمى النقيع لإبل الصدقة،و نعم الجزية،و خيل المجاهدين في سبيل اللّه سبحانه (4).

ص:111


1- الشرائع 3:274.
2- المسالك 2:290.
3- مسند أحمد 2:156،سنن أبي داود 3:3058/173 و 3072/177،سنن الترمذي 2:1399/420،سنن البيهقي 6:144.
4- الكافي 5:5/277،التهذيب:625/141،سنن البيهقي 6:146.

و الخامس:أن لا يكون محجراً

و الخامس:أن لا يكون محجراً أي مشروعاً في إحيائه شروعاً لم يبلغ حد الإحياء.و لا خلاف أجده في شيء من هذه الشرائط الثلاثة و ذلك لأنّ التحجير كسابقيه يفيد اختصاصاً و أولويّةً بلا خلاف أجده،بل عليه الإجماع في كلام جماعة كالمسالك و غيره (1)، فلا يصح لغيره التخطي إليه،و إن كان لا يفيد ملكاً على الأشهر الأقوى؛ للأصل،و اختصاص النصوص الدالّة على التملك بالإحياء به دون التحجير.

و مع ذلك لا يكاد يتحقّق فيه خلاف إلّا ما حكاه الفاضلان و غيرهما (2)عن بعض المتأخّرين من أنّ التحجير إحياء.و هو ضعيف؛ لأنّ المرجع فيهما إلى العرف و لا ريب في تغايرهما فيه و إن تقاربا في بعض الأفراد.و عليه حمل كلامه في الدروس (3).

قال شيخنا في المسالك بعد نقل كلّ من الخلاف و الحمل،و لنعم ما قال-:و حيث كان المحكّم في الإحياء العرف فإن وافق التحجير في بعض الموارد كفى،و إلّا فلا (4).

و اعلم أنّ التحجير مثل أن ينصب عليها أي على الأرض التي يريد إحياءها مرزاً (5) و يجمع حواليها تراباً،أو يغرز فيها خشبات،أو يخطّ عليها خطوطاً،أو نحو ذلك.و منه أن يحفر النهر و لم يصل إلى منزع

ص:112


1- المسالك 2:292،و انظر المفاتيح 27/3.
2- المحقق في الشرائع 3:276،و العلّامة في المختلف:473؛ و انظر الدروس 3:56،و جامع المقاصد 7:28.
3- الدروس 3:56.
4- المسالك 2:292.
5- في المطبوع من المختصر:مرزاباً.

الماء،و أن يعمل في المعادن الباطنة عملاً لا يبلغ نيلها،أمّا بلوغه فهو إحياء.

و لا تحجير في المعادن الظاهرة كما قالوه لأنّه شروع في الإحياء و هو منتفٍ فيها.و لو أهمل المحجّر العمارة مدّة طويلة أجبره الإمام على أحد الأمرين إمّا الإتمام أو التخلية للغير؛ حذراً من التعطيل.و لا خلاف في شيء من ذلك يعرف.

و اعلم أنّي لم أقف على ما يتضمّن أصل التحجير فضلاً عمّا يدلّ على حصول الأولوية به إلّا اتّفاقهم عليه ظاهراً،و دعواه في كلام جمع منهم صريحاً.و لعلّهم أخذوها من فحوى ما دلّ عليها في السبق إلى مكان من المسجد،أو السوق من النصّ و غيره.و لا بأس به.

و أمّا الإحياء ف ليس كذلك؛ لما مرّ من تضمّن النصوص له، و لحصول الملك به.و هي و إن كانت لا تدلّ على تقدير للشرع فيه إلّا أنّ الضابط في مثله معروف و هو أنّه يرجع في كيفيّته و تحديده إلى العرف و العادة حيث لم يثبت له تقدير في اللغة.و لعلّه لذا غيّر الماتن التعبير عنهما،فبيّن كيفيّة التحجير من دون ردّ إلى ما ردّ إليه كيفيّة الإحياء تنبيهاً بورود النصّ فيه دون التحجير،إلّا أنّه ظاهر في قيام دليل على ما بيّنه في التحجير،و لعلّه الإجماع،فتأمّل.

و حيث وجب الرجوع في الإحياء إلى العرف فلا بُدّ من الاقتصار على ما يحكم به فيه،و هو يختلف باختلاف ما يقصد منه،فالمسكن بالحائط، و السقف بخشب أو عقد،و الحظيرة بالحائط و لو بخشب أو قصب.

و لا يشترط نصب الباب فيهما عندنا.

و الزرع بعضد الأشجار و قطعها،و التهيئة للانتفاع،و سوق الماء أو

ص:113

اعتياد الغيث أو السيح.و يحصل الإحياء أيضاً بقطع المياه الغالبة.

و لا يشترط الزرع و لا الغرس على قول اختاره في الدروس (1).و كذا لا يشترط الحائط و لا المسنّاة في الزرع.نعم يشترط بيان الحدّ بمرز و شبهه.

أمّا الغرس فالظاهر اشتراط أحد الثلاثة من المرز أو المسنّاة أو الحائط فيه مصيراً إلى العرف،و لو فعل دون ذلك و اقتصر كان تحجيراً.

و اعلم أنّ الشهيد في الدروس (2)جعل الشروط تسعة،و جعل منها إذن الإمام(عليه السّلام)مع حضوره.و وجود ما يخرجها عن الموات بأن يتحقّق الإحياء،إذ لا ملك قبل كمال العمل المعتبر فيه و إن أفاد الشروع تحجيراً لا يفيد سوى الأولوية كما مضى.و قصد التملّك،فلو فعل أسباب الملك بقصد غيره أو لا بقصده لم يملك،كحيازة سائر المباحات من الاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش.

و يمكن استفادة هذه الثلاثة من الماتن هنا،فالأوّل:بما ذكره في أوّل الكتاب من أنّه لا يجوز إحياؤه إلّا بإذنه.و الثاني:بجعل الشروط شروطاً للإحياء،مضافاً إلى ما مرّ من قوله:و يرجع في كيفيّته إلى العادة.و الثالث:

بما مرّ من قوله في ذكر الشروط:و يشترط في التملك..؛ إذ التملّك يستلزم القصد إليه.

و الدليل على اشتراطها واضح،عدا الأخير؛ لعدم وضوحه فيه،مع إطلاق النصوص على حصول الملك بالإحياء من دون إشعار فيها،و لا قيام دليل في غيرها على التقييد و اشتراط القصد.اللّهم إلّا أن يكون إجماعاً، و لم أتحقّقه،أو يدّعى اختصاص إطلاق النصوص بحكم التبادر بصورة القصد،مع اقتضاء الأصل العدم بدونه،و هو غير بعيد.

ص:114


1- الدروس 3:56.
2- الدروس 3:55.

و يلحق بهذا الكتاب مسائل تسع.

الاُولى:الطريق المبتكر في المباح

و يلحق بهذا الكتاب مسائل تسع.

الاُولى:الطريق المبتكر و المراد به الملك المحدث في المباح من الأرض إذا تشاحّ أهله فحدّه خمس أذرع مطلقاً عند الماتن هنا و في الشرائع،و الفاضل في القواعد (1)،و عن ولده أنّه نقله عن كثير من الأصحاب (2)؛ للخبر المرويّ في التهذيب في باب بيع الغرر و المجازفة:إذا تشاحّ قوم في طريق فقال بعضهم:سبع أذرع،و قال بعضهم:أربع أذرع، فقال أبو عبد اللّه(عليه السّلام):« بل خمس أذرع» (3).

قيل:و لأصالة البراءة من الزائد (4).و لعلّ المراد بها أصالة براءة ذمّة المانع للآخر عن الزائد عن تحريم المنع فيجوز له دفعه عنه.و لكن تعارض بالمثل،مع أوفقيّته بالعمومات الدالّة على جواز تملّك الموات بالإحياء،خرج عنها الزائد على السبع فيما لا يحتاج إليه بالإجماع و بقي الباقي.

و في رواية عمل بها النهاية (5)و جماعة و منهم:الحلّي و الفاضل في المختلف و التحرير،و فخر الإسلام و الشهيدان (6)،و غيرهما (7)،و لعلّه المشهور بين الطائفة،أنّ حدّه سبع أذرع مطلقاً.

ص:115


1- الشرائع 3:272،القواعد 1:220.
2- إيضاح الفوائد 2:232.
3- التهذيب 7:570/130،الوسائل 455/18 أبواب أحكام الصلح ب 15 ح 1.
4- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:289.
5- النهاية:418.
6- الحلي في السرائر 2:374،المختلف:475،التحرير 2:130،فخر الإسلام في الإيضاح 2:232،الشهيدان في الدروس 3:60،و المسالك 2:289.
7- انظر الجامع للشرائع:276،و جامع المقاصد 7:23.

و هو أقوى؛ للأصل الذي مضى،و تعدّد الرواية به،كما سيأتي إليه الإشارة؛ و قوّة بعضها سنداً إذ ليس فيه سوى السكوني الذي حكي فيه أنّه ممّن أجمع على تصحيح ما يصح عنه أصحابنا؛ و اعتضادها مع ذلك بالشهرة مع شذوذ(القائل بها) (1)كما عرفته.

و ربما يفصّل في الطرق بين التي للأملاك فالأوّل،و غيرها كالتي للقوافل فالثاني؛ جمعاً بين الروايات.و لا شاهد عليه يصحّح الفتوى به كما عن المحقّق الثاني (2).

و ربما مال إليه شيخنا الشهيد الثاني،و زاد فقال:و قد يفرض احتياج بعضها إلى أزيد من السبع كالطريق التي يمرّ عليها الحاجّ بالكنائس و نحوها،فيجب مراعاة قدر الحاجة بالنسبة إلى الزائد على المقدار،أمّا النقصان عنه فلا.و حيث يقتصر به عن المقدار الزم المحيي ثانياً به.فإن كان هناك حاكم فهو وظيفته،و إلّا وجب على المسلمين كفايةً من باب الحسبة.و لو تساوى المحيون من الجانبين الزموا به.و لو زادوها على السبع و استطرقت صار الجميع طريقاً،فلا يجوز إحداث ما يمنع المارّة في الزائد (3).

و في كثير ممّا ذكره نظر إلّا أن يستند في بعضه إلى أدلّة نفي الضرر.

و في الموثّق المرويّ في التهذيب في الباب المتقدّم:قلت له:الطريق الواسع هل يؤخذ منه شيء إذا لم يضرّ بالطريق؟قال:

« لا» (4).و قيّد بكون الطريق في المبتكر؛ لأنّ الأملاك لا يجب ترك بعضها

ص:116


1- كذا في« ص» و« ر»،و في« ح»:المقابل لها.و هو الأنسب.
2- جامع المقاصد 7:23.
3- المسالك 2:289.
4- التهذيب 7:566/129،الوسائل 378/17 أبواب عقد البيع و شروطه ب 27 ح 1.

لأجل الطريق،فيكتفى بالطريق الموجود بين الملكين مطلقاً ضاق أو اتسع.

الثانية:حريم بئر المعطن

الثانية:حريم بئر المعطن هو و العطن واحد الأعطان و المعاطن، و هي مبارك الإبل عند الماء لتشرب، أربعون ذراعاً من الجوانب الأربع.

و حريم بئر الناضح ستّون ذراعاً كذلك،على المشهور بين الطائفة في المقامين كما حكاه جماعة (1)بحدّ الاستفاضة؛ للخبرين المفصلين:

أحدهما القويّ بالسكوني المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه على النقل الماضي:« أنّ رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)قال:ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعاً،و ما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستّون ذراعاً،و ما بين العين إلى العين يعني:القناة خمسمائة ذراع،و الطريق يتشاحّ عليه أهله فحدّه سبع أذرع» (2).

و في الصحيح (3)و غيره (4)« أربعين ذراعاً» من دون تفصيل بين بئري الناضح و المعطن.

و في رواية« خمسون إلّا أن يكون إلى عطن أو إلى الطريق فأقلّ من

ص:117


1- منهم الفاضل في المختلف:474،و المقداد في التنقيح الرائع 4:100،و الكركي في جامع المقاصد 7:24،و الشهيد الثاني في المسالك 2:290،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:29،و السبزواري في الكفاية:240.
2- الأوّل في:الكافي 5:8/296،التهذيب 7:643/145،الوسائل 25:426 أبواب إحياء الموات ب 11 ح 5. و الثاني في:الكافي 5:2/295،التهذيب 7:642/144،الوسائل 25:426 أبواب إحياء الموات ب 11 ح 6.
3- الكافي 5:5/295،التهذيب 7:645/145،الوسائل 25:425 أبواب إحياء الموات ب 11 ح 1.
4- الفقيه 3:661/150،الوسائل 25:426 أبواب إحياء الموات ب 11 ح 7.

ذلك إلى خمسة و عشرين» (1).

و في اخرى مرويّة عن قرب الاسناد كذلك،إلّا أنّه زيد فيها:

« و حريم البئر المحدثة خمسة و عشرون ذراعاً» (2).

و لاختلاف هذه الأخبار قيل:بأنّ الحريم في البئر مطلقاً ما يحتاج إليه في الانتفاع المقصود منها؛ جمعاً بينها (3).و استظهره بعض متأخّر متأخّرين أصحابنا (4).

و فيه ما لا يخفى؛ لفساد الجمع أولاً بعدم التكافؤ أصلاً لاعتضاد المفصِّلَين بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً.و يشعر به عبارة التنقيح (5)و لو ضعيفاً حيث نسب المختار إلى الأصحاب كافّةً بعد أن ادّعى عليه أوّلاً الشهرة،فلا يقاومهما باقي الروايات و لو كانت جُمَع صحيحة،مع أنّ أكثرها ضعيفة.و ثانياً بعدم وضوح الشاهد عليه من نصّ و لا أمارة.

فهذا القول ضعيف غايته،كمختار الإسكافي (6)من أنّ حريم بئر الناضح قدر عمقها ممرّ الناضح؛ لعدم وضوح مأخذه،فلا يصحّ حمل رواية الستّين عليه،كما احتمله و نفى عنه البأس في المختلف (7).

و حريم العين و القناة ألف ذراع في الأرض الرخوة،

ص:118


1- الكافي 5:/296 ذيل حديث 5،التهذيب 7:646/146،الوسائل 25:425 أبواب إحياء الموات ب 11 ح 2.
2- قرب الاسناد:172/53،و لم نعثر على الزيادة فيه،الوسائل 25:427 أبواب إحياء الموات ب 11 ح 9.
3- روضة الطالبين 4:349 350.
4- المفاتيح 3:30.
5- التنقيح الرائع 4:100.
6- حكاه عنه في المختلف:474.
7- المختلف:474.

و في الصلبة خمسمائة على الأظهر الأشهر هنا أيضاً كما في المسألة السابقة؛ للخبر« يكون بين البئرين إذا كانت أرضاً صلبة خمسمائة ذراع، و إن كانت أرضاً رخوة فألف ذراع» (1).

و عليه يحمل إطلاق الخبرين السابقين (2)بالخمسمائة بتقييدهما بما كانت صلبة.و حدّه الإسكافي بما ينتفي به الضرر (3)،و مال إليه في المختلف (4).و اختاره شيخنا الشهيد الثاني (5)و بعض من تبعه (6)؛ جمعاً بين ما دلّ على نفي الضرر،و على جواز الإحياء من غير تحديد؛ لضعف تلك الأخبار.

و للصحيح:في رجل كانت له قناة في قرية،فأراد[رجل]أن يحفر [قناة أُخرى إلى قرية له]،كم يكون بينهما في البعد حتّى لا تضرّ[إحداهما ]بالأُخرى في أرض إذا كانت صلبةً أو رخوة؟فوقّع(عليه السّلام):« على حسب أن لا تضرّ إحداهما بالأُخرى إن شاء اللّه تعالى» (7).

و فيه نظر يظهر وجهه ممّا مرّ حرفاً بحرف.و يزيد هنا في الصحيح بكونه مكاتبة و المكاتب مجهولاً،و هما موجبان للمرجوحيّة أيضاً من هذه الجهة،إن لم نقل بكونهما موجبين للضعف،كما ذكره في التنقيح (8).

ص:119


1- الكافي 5:6/296،الفقيه 3:207/58،التهذيب 7:644/145،الوسائل 25:425 أبواب إحياء الموات ب 11 ح 3.
2- المتقدمين في ص:115.
3- نقله عنه في المختلف:474.
4- المختلف:474.
5- المسالك 290/2.
6- انظر الكفاية:240،و المفاتيح 3:30.
7- الكافي 5:5/293،الفقيه 3:659/150،الوسائل 25:430 أبواب إحياء الموات ب 14 ح 1،و ما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.
8- التنقيح 4:101.

و لكنّه ضعيف.

نعم ربما يمكن المناقشة في الخبر المستند للأكثر بوروده في البئرين دون القناتين،و مع ذلك ذيله مشعر بما ذكره الإسكافي؛ لتضمّنه قوله(عليه السّلام):

« و قضى رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)في رجل احتفر قناة و أتى لذلك سنة،ثم إنّ رجلاً احتفر إلى جانبها قناة،فقضى أن يقاس الماء بجوانب البئر ليلة هذه،و ليلة هذه،فإن كانت الأخيرة أخذت ماء الاُولى عوّرت الأخيرة،و إن كانت الأُولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الاُولى شيء» (1)فتأمّل.

و ربما يستفاد منه أنّ فائدة هذا الحريم منع الغير من إحداث عين أُخرى في ذلك المقدار،لئلّا ينتقل ماء العين الاُولى إلى الثانية.و عليه نبّه في المسالك و غيره،و قالا:و من ثمّ اختلف باختلاف الأرض بالرخاوة و الصلابة،بخلاف حريم البئر المتقدّم فإنّ فائدته منع الغير من إحياء ذلك المقدار مطلقاً حتّى الزرع و الشجر؛ لأنّ الغرض منه الانتفاع بالبئر فيما أُعدّ[ت]له،و ما يحتاج إليه.و يستثنى للعين قدر ما يحتاج إليه للانتفاع بها فيما أُعدّت له عرفاً من غير تحديد (2).

و اعلم أنّ ما ذكر في الحريم للبئر و العين و الحائط و الدار مخصوص بما إذا كان الإحياء في الموات فيختصّ الحريم بها.

و أمّا الأملاك فلا يعتبر الحريم فيها؛ لأنّ الأملاك متعارضة،و كلّ واحد من الملّاك مسلّط على ماله،له التصرّف فيه كيف شاء،فله أن يحفر بئراً في ملكه و إن كان لجاره بئر قريب منها و إن نقص ماء الاُولى،و لكن

ص:120


1- التهذيب 7:644/145،الوسائل 25:433 أبواب إحياء الموات ب 16 ح 3.
2- المسالك 2:290،الكفاية:241.

فعل مكروهاً.و لو حفر في ملكه بئر بالوعة و فسد بئر الجار لم يمنع منه، و لا ضمان عليه،و مثله ما لو أعدّ داره المحفوف بالمساكن حمّاماً أو خاناً أو طاحونة أو حانوت حدّاد و قصّار؛ لأنّ له التصرف في ملكه كيف شاء.

صرّح بجميع ذلك في السرائر و الدروس و المسالك (1)،و نسبه في الكفاية إلى الأصحاب كافّةً مؤذنا بدعوى الإجماع عليه،و نحوه الحلي حيث نفى الخلاف فيه.و لكن قال في الكفاية:و يشكل هذا الحكم في صورة تضرّر الجار تضرّراً فاحشاً نظراً إلى تضمّن الأخبار المذكورة نفي الضرر و الإضرار،و هو الحديث المعمول به بين الخاصّة و العامّة، المستفيض بينهم،خصوصاً ما تضمّن الأخبار المذكورة من نفي الإضرار الواقع في ملك المضارّ (2).

و فيه نظر،فإنّ حديث نفي الضرر المستفيض معارض بمثله من الحديث الدالّ على ثبوت السلطنة على الإطلاق لربّ الأموال.و هو أيضاً معمول به بين الفريقين.و التعارض بينهما تعارض العموم و الخصوص من وجه،و الترجيح للثاني بالأصل و عمل الأصحاب كما اعترف به،و لا سيّما إذا استلزم منع المالك عن التصرّف ضرراً عليه أشدّ من ضرر الجار،أو مساوياً،أو أقلّ بحيث لم يتفاحش معه ضرره.و ينبغي القطع في هذه الصور بما عليه الأصحاب.و أمّا فيما عداها فالظاهر ذلك أيضاً؛ لما ذكر، و إن كان الأحوط عدم الإضرار على الإطلاق.

و أمّا الأخبار الدالّة على نفي الإضرار في ملك المضارّ ف مع قصور سند بعضها،و عدم مكافأته لما مضى يمكن حملها على ما إذا قصد

ص:121


1- السرائر 2:382،الدروس 3:60،المسالك 2:290.
2- الكفاية:241.

المالك بالتصرّف الإضرار دون رفع الحاجة،كما يشعر به بعض تلك الأخبار.ثمّ على تقدير تسليم ترجيح حديث نفي الضرار فلا وجه لتخصيصه بصورة تفاحش الضرر،مع عمومه و شموله للغير.

الثالثة:من باع نخلاً و استثنى واحدة

الثالثة:من باع من غيره نخلاً المراد به الجنس الشامل للمتعدّد من أفراده بقرينة قوله: و استثنى واحدة منها كان له المدخل إليها و المخرج منها و مدى جرائدها بلا خلاف ظاهر و لا محكيّ؛ للخبر القوي بالسكوني كما مرّ« في رجل باع نخلاً فاستثنى عليه نخلة، فقضى رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)بالمدخل إليها و المخرج،و مدى جرائدها» (1).

و لأنّ ذلك مقتضى الاستثناء،فكأنّه استثناها و شرط على المالك التردّد إليها لإصلاحها و أخذ ثمرها.و ذلك مقتضى العرف،و أنّه مثل استحقاق صاحب الثمرة على النخلة مع انتقالها عن ملكه.

و ينبغي أن لا يكون إلّا لمصلحة تلك النخلة المتعارفة لا غير، اقتصاراً على الأصل،بل و العرف،كما صرّح به بعض الأصحاب (2).

و مقتضى هذا الدليل انسحاب الحكم في كلّ ما يشابه محلّ البحث من نحو بيع الدار و استثناء بيت منها،أو نحو ذلك.

و اعلم أنّ الأنسب ذكر هذه المسألة في كتاب البيع في بحث ما يدخل في المبيع،كما فعله في الشرائع (3)و سائر الأصحاب عدا الحلي (4)،فإنّه ذكرها كالماتن هنا في هذا الكتاب.

ص:122


1- الكافي 5:1/295،الفقيه 3:200/57،التهذيب 7:640/144،الوسائل 18:91 أبواب أحكام العقود ب 30 ح 2.
2- مجمع الفائدة و البرهان 8:503.
3- الشرائع 2:27.
4- السرائر 2:373.

الرابعة:إذا تشاحّ أهل الوادي في مائه

الرابعة:إذا تشاحّ و تنازع أهل الوادي في مائه المباح الغير المملوك لهم حبسه الأعلى الذي(يلي) (1)فوهة النهر للنخل إلى الكعب،و للزرع إلى الشراك و هو أسفل منه بقليل ثمّ يسرحه و يرسله إلى الذي يليه و هكذا،بلا خلاف في أصل الحكم مطلقاً،استضرّ الثاني بحبس الأوّل أم لا.بل في المسالك (2)الإجماع عليه؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى النصوص المستفيضة العامية (3)و الخاصية (4).

و المستفاد منها في تحديد مقدار السقي ما عليه الماتن هنا تبعاً للنهاية (5).

خلافاً للمبسوط و السرائر،فقالا:روى أصحابنا أنّ الأعلى يحبس إلى الساق للنخل،و للشجر إلى القدم،و للزرع إلى الشراك (6).و عليه أكثر الأصحاب و منهم الماتن في الشرائع (7).و ادّعى جمع الشهرة عليه و منهم شيخنا في المسالك (8).

و يظهر منه و من جمع ممّن تبعه كالكفاية و غيره (9)أنّ محل الخلاف بين القولين و الخبرين إنّما هو التعرّض للشجر غير النخل في الثاني دون الأوّل،حيث استدلّوا لهذا القول ببعض ما مرّ من النصوص المتضمّنة لعين

ص:123


1- ليس في« ص»،أثبتناه من« ر» و« ح» لاستقامة المتن.
2- المسالك 2:295.
3- انظر سنن البيهقي 6:153 154.
4- انظر الوسائل 25:420 أبواب إحياء الموات ب 8.
5- النهاية:417.
6- المبسوط 3:284،السرائر 2:385.
7- الشرائع 3:280.
8- المسالك 2:295؛ و انظر الكفاية:244،و المفاتيح 3:27.
9- المسالك 2:295،الكفاية:244؛ و انظر المفاتيح 3:27.

ما في العبارة من دون زيادة.و اعترضوا عليه بضعف السند و عدم التعرّض فيه للشجر.

و لم أفهمه بعد وضوح الفرق بين الكعب و الساق،و أنّه أعلى منه بكثير،سيّما إذا أُريد من الساق منتهاه أو أواسطه،فيصير هذا أيضاً محلّ الخلاف بينهما من حيث تحديد مقدار السقي للنخل في القول الأوّل بالأوّل،و في الثاني بالثاني.فلا وجه لحصر محلّ الخلاف في الأوّل، و لا الاستدلال على هذا القول بما دلّ على القول الأوّل.

اللّهم إلّا أن يجعل الكعب هو المفصل بين القدم و عظم الساق،و يراد به مبدؤه لا الزائد،فيصير قوله(عليه السّلام):« إلى الساق» كنايةً عن منتهى الكعب، فتتوافق الروايتان في تحديد مقدار سقي النخل أيضاً،و يظهر انحصار اختلافهما فيما مرّ.

و لكنّه خلاف مذهب الأصحاب إلّا النادر (1)حيث حدّدوا الكعب بالمفصل في قبّة القدم،و ادّعوا عليه الإجماع بحدّ الاستفاضة،و قامت عليه الأدلّة القاهرة كما تقدّم في بحث الوضوء من كتاب الطهارة.

و مع ذلك لم يتّضح الفرق بين تحديدي الشجر إلى القدم،و النخل إلى الساق؛ لتقاربهما على ذلك التقدير،فربما لم يكن معه الفصل محسوساً،بحيث كاد أن يكون أحدهما عين الآخر.و عليه بني التوجيه في دفع الاختلاف،فلا بُدّ من تصحيح وجه الفرق بين التحديدين بأن يراد من الساق غير مبدئه،و معها لم يرتفع الاختلاف؛ لمخالفة الكعب على أيّ تفسير للساق على هذا التقدير.

ص:124


1- و هو العلّامة في القواعد 1:11.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه لا إشكال في مقدار سقي الزرع؛ لاتّفاق النصوص و الفتاوى على تقديره بالشراك،و لا في الشجر؛ لمرسلتي المبسوط و السرائر (1)المنجبرتين بعمل الأكثر،مع سلامتهما عن معارضة باقي النصوص الأُخر؛ لخلوّها عن تحديد مقدار سقيه.

و يبقى الإشكال في النخل؛ لتعارض النصوص و الفتاوى فيه كما عرفت.و لترجيح كلّ من القولين وجه.

فالأوّل:باستفاضة النصوص الدالّة عليه،مع صحّة سند بعضها إلى ابن أبي عمير المجمع على تصحيح رواياته.

و الثاني:بانجبار المرسلتين الدالّتين عليه بعمل الأكثر،فلا يعارضهما شيء من النصوص المتقدّمة.و لعلّ هذا أجود،سيّما مع أوفقيّته بأصالتي بقاء الحقّ و عدم سلطنة الأسفل على الأعلى في منعه عن القدر الزائد على المجمع عليه.

و ليس في إطلاق النصوص و أكثر الفتاوى تقييد الحكم بكون الأعلى سابقاً في إحياء الأرض التي يراد سقيها،أو كون السابق مجهولاً،كما ذكره الشهيدان و غيرهما (2)،قائلين بتقدّم المتأخّر إذا كان سابقاً في الإحياء؛ معلّلين بتقدّم حقّه في الماء بالإحياء.و استوجهه في الكفاية (3)قائلاً:إنّ الروايات الدالّة على تقديم الذي يلي فوهة النهر لا عموم لها بحيث يشمل هذا القسم.

و فيه نظر؛ لكفاية رجوع الإطلاق إلى العموم فيه حيث لم يظهر له

ص:125


1- المبسوط 3:284،السرائر 2:385.
2- الدروس 3:66،المسالك 2:295؛ و انظر جامع المقاصد 7:59.
3- الكفاية:244.

فرد شائع متبادر و يتساوى أفراده،كما في محلّ البحث.و لعلّه لهذا تنظّر فيما ذكروه في المفاتيح (1)،و هو في محلّه،إلّا أن يكون قد انعقد الإجماع على صحّته.

ثمّ إنّه ذكر في المسالك أنّ إطلاق النصّ و الفتوى لسقي الزرع و الشجر بذلك المقدار محمول على الغالب في أرض الحجاز من استوائها و إمكان سقي جميعها كذلك،فلو كانت مختلفةً في الارتفاع و الانخفاض بحيث لو سقيت أجمع كذلك زاد الماء في المنخفضة عن الحدّ المشروع أُفرد كلّ واحد بالسقي بما هو طريقه؛ توصّلاً إلى متابعة النص بحسب الإمكان.و لو كانت كلّها منحدرة لم يقف الماء فيها كذلك سقيت بما يقتضيه العادة،و سقط اعتبار التقدير الشرعي لتعذّره (2).

و استحسنه في الكفاية (3).

و احترزنا بالتقييد بالمباح (4)عمّا إذا كان ملكاً لهم،فإنّه يقسم بينهم على قدر سهامهم إمّا بقسمة نفس الماء،أو بالمهاياة عليه،بلا خلاف فيه أجده.

الخامسة:يجوز للإنسان أن يحمي المرعى في ملكه خاصّة

الخامسة: لا يجوز للإنسان أن يحمي المرعى إلّا في ملكه خاصّة فلا يجوز أن يحمي بقعة من الموات لمواش بعينها و يمنع سائر الناس من الرعي فيها،بلا خلاف أجده،بل عليه الإجماع في المسالك و غيره (5)؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى ما دلّ على شرعيّة الناس في الماء و النار

ص:126


1- المفاتيح 3:27.
2- المسالك 2:295.
3- الكفاية:244.
4- راجع ص:121.
5- المسالك 2:291؛ التحرير 2:131،المفاتيح 3:28.

و الكلاء (1)،و خصوص منطوق النبوي(صلّى اللّه عليه و آله):« لا حمى إلّا للّه تعالى و لرسوله(صلّى اللّه عليه و آله)» (2)،و مفهوم النصوص:

منها:الخبران القريبان من الصحيح بابن أبي نصر المجمع على تصحيح رواياته أحدهما:عن الرجل تكون له الضيعة،و تكون لها حدود،تبلغ حدودها عشرين ميلاً أو أقلّ أو أكثر،يأتيه الرجل فيقول له:

أعطني من مراعي ضيعتك و أُعطيك كذا و كذا درهما،فقال:« إذا كانت الضيعة له فلا بأس» (3).

و أظهر منه الثاني،و فيه:إنّ لنا ضياعاً،و لها حدود،و فيها مراعي، و لرجل منا غنم و إبل يحتاج إلى تلك المرعى لإبله و غنمه،أ يحلّ له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟فقال:« إذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي و يصير ذلك إلى ما يحتاج إليه» قال:فقلت له:الرجل يبيع المراعي،فقال:

« إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس» (4).

و عليهما يحمل إطلاق بعض النصوص القاصرة سنداً،بل الضعيفة جدّاً:عن بيع الكلاء و المراعي،فقال:« لا بأس به،قد حمى رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله) النقيع لخيل المسلمين» (5).

ص:127


1- الوسائل 25:417 أبواب إحياء الموات ب 5.
2- سنن الدارقطني 4:238.
3- الكافي 5:3/276،التهذيب 7:624/141،الوسائل 25:422 أبواب إحياء الموات ب 9 ح 1.
4- الكافي 5:2/276،الفقيه 3:685/156،التهذيب 7:623/141،الوسائل 17:371،أبواب عقد البيع و شروطه ب 22 ح 1.
5- الكافي 5:5/277،التهذيب 7:625/141،الوسائل 25:423 أبواب إحياء الموات ب 9 ح 3.

و يحتمل الحمل على غير ذلك أيضاً ممّا يوافق النصّ و الفتوى.

و يجوز ذلك للنبي(صلّى اللّه عليه و آله)و للإمام(عليه السّلام)مطلقاً بإجماعنا المحكي في كلام جماعة من أصحابنا (1)،خلافاً لبعض العامة العمياء فلم يجوّزه لغير النبي(صلّى اللّه عليه و آله)مطلقاً (2)؛ للنبوي المتقدّم.

السادسة:لو كان له رحى على نهر لغيره

السادسة:لو كان له أي للإنسان رحى على نهر مملوك لغيره لم يجز له أي لصاحب النهر أن يعدل بالماء و يصرفه عنها إلّا برضاء صاحبها كما في خصوص الصحيح:كتب رجل إلى الفقيه(عليه السّلام) في رجل كانت له رحى على نهر قرية،و القرية لرجل أو لرجلين،فأراد صاحب القرية أن يسوق الماء إلى قريته في غير هذا النهر الذي عليه هذه الرحى،و يعطّل هذه الرحى،إله ذلك أم لا؟فوقّع(عليه السّلام):« يتّقي اللّه عزّ و جلّ،و يعمل بالمعروف،و لا يضارّ أخاه المؤمن» (3)الحديث.

و اعلم أنّي لم أقف على متعرّض لهذه المسألة عدا قليل،و منه بعض المتأخرين (4)مستنداً إلى هذا الصحيح،و زائد و هو اشتمال الصرف بالماء عن الرحى على ضرر منفي.

و هذا إنّما يتمّ على القول المتقدّم عن قريب بترجيح أدلّة نفي الضرر على أدلّة تسلّط الملّاك على التصرّف في أملاكهم،و أمّا على غيره فيشكل

ص:128


1- منهم ابن سعيد في الجامع:375،و العلّامة في التحرير 2:131،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 7:32،و الشهيد الثاني في المسالك 2:291.
2- انظر الأُم للشافعي 4:48.
3- الكافي 5:5/293،الفقيه 3:659/150،التهذيب 7:647/146،الوسائل 25:431 أبواب إحياء الموات ب 15 ح 1.
4- مفاتيح الشرائع 3:27.

الحكم على إطلاقه،و لذا قيّده الحلّي في السرائر بما إذا كان نصب الرحى على النهر بأمر حقّ واجب على صاحبه (1).

و هذا هو الأقوى بناءً على القول الآخر الذي ذهب إليه أصحابنا من ترجيح أدلّة السلطنة على أدلّة نفي الضرر.و لا ريب أنّ الأوّل أحوط و أولى.

السابعة:من اشترى داراً فيها زيادة من الطريق

السابعة:من اشترى داراً فيها زيادة من الطريق للمسلمين ففي رواية ابن مسلم الموثّقة المروية في التهذيب في باب بيع الغرر و المجازفة أنّه إن كان ذلك أي الزائد المدلول عليه بالزيادة فيما اشترى فلا بأس (2) و نحوها رواية أبي جميلة المروية ثمّة (3)،لكن بتغيير ما في العبارة.

و في النهاية و السرائر إن لم يتميز الزائد لم يكن عليه شيء،و إن تميّز ردّه إليها و رجع على البائع بالدرك و أخذ الثمن منه (4).

و الرواية الثانية ضعيفة السند،و الأولى و إن كانت موثّقة إلّا أنّها مخالفة للأُصول من حيث دلالتها على إباحة ما لا يجوز استباحته من طريق المسلمين.

و فيه نظر؛ لجواز أن يكون اللام فيها في الطريق للعهد،أي:الطريق

ص:129


1- السرائر 2:374.
2- التهذيب 7:568/130،الوسائل 17:378 أبواب عقد البيع و شروطه ب 27 ح 3.
3- التهذيب 7:573/131،الوسائل 17:379 أبواب عقد البيع و شروطه ب 27 ح 4.
4- النهاية:423،السرائر 2:380.

المسلوك،و جاز أن يكون متّسعاً يزيد على القدر الشرعي،فيكون على الإباحة،فلا يضرّ إدخالها في الملك،فأجاب(عليه السّلام)بنفي البأس لما علم من حاله.فليست الرواية من محلّ البحث في شيء؛ لفرضه في العبارة و عبارتي السرائر و النهاية في زيادة الطريق بالأخذ من طريق المسلمين، لا الطريق المسلوك.

و تفصيل النهاية فيه في موضع المنع لأنّ عدم التميز لا يقتضي إباحة ما أُخذ من الطريق،بل ينبغي ردّه إليها على جميع الأحوال.

و الوجه فيه البطلان أي بطلان البيع من رأس؛ لأنّ حقّ الطريق إذا لم يتميّز بالحدود كان ما وقع عليه العقد ممّا هو ملك المالك مجهولاً لجهالته.

و يصحّ البيع على تقدير الامتياز للأصل السليم عن المعارض من نحو الجهالة،و لكن له الخيار،ف يفسخ إن شاء لأنّه يجب ردّ الزائد إلى الطريق،فيتبعّض المبيع على المشتري،و ذلك عيب موجب لخياره ما لم يعلم بحقيقة الحال،و مع العلم بها لا خيار له بلا إشكال؛ لمجيء الضرر عليه من قِبَله.

الثامنة:من كان له نصيب في قناة أو نهر

الثامنة:من كان له نصيب قد ملكه في قناة أو نهر جاز له بيعه بما شاء كما في المعتبرة.

ففي الصحيح:عن الرجل يكون له الشرب مع قوم في قناة فيها شركاء،فيستغني بعضهم عن شربه،أ يبيع شربه؟قال: نعم إن شاء باعه بورق،و إن شاء بكيل حنطة (1)

ص:130


1- الكافي 5:1/277،التهذيب 7:616/139،الإستبصار 3:376/106،الوسائل 17:373 أبواب عقد البيع و شروطه ب 24 ح 1.

و نحوه الصحيح المروي عن قرب الاسناد:عن قوم كانت بينهم قناة ماء،لكلّ إنسان منهم شرب معلوم،فباع أحدهم شربه بدراهم أو بطعام، هل يصلح؟قال:« نعم» (1).

و في الحسن:عن قناة بين قوم،لكلّ رجل منهم شرب معلوم، فاستغنى رجل منهم عن شربه،أ يبيعه بحنطة أو شعير؟قال:« يبيعه بما شاء،هذا ممّا ليس فيه شيء» (2).

و أمّا النصوص الناهية عن بيع فضول الماء (3)فمحمولة على الكراهة؛ جمعاً بين الأدلّة.

و استشكل الحكم على إطلاقه في التنقيح،قال:لعدم إمكان التسليم، و عدم العلم بقدر ما يسلم له بالقسمة.نعم يجوز الصلح على ذلك،و كأنّه أراد بالبيع مطلق المعاوضة بنوع سائغ (4).

و يستفاد من المسالك و الكفاية أنّ المنع في محلّ الإشكال هو الأشهر بين الأصحاب،فإنّهما قالا:ما حكم بملكه من الماء يجوز بيعه كيلاً و وزناً للانضباط،و كذا يجوز مشاهدة إذا كان محصوراً.و أمّا بيع ماء العين و البئر أجمع فالأشهر منعه؛ لكونه مجهولاً،و كونه يزيد شيئاً فشيئاً فيخلط المبيع بغيره (5).

ص:131


1- قرب الإسناد:1039/262،الوسائل 17:375 أبواب عقد البيع و شروطه ب 24 ح 5.
2- التهذيب 7:617/139،الإستبصار 3:377/107،الوسائل 17:374 أبواب عقد البيع و شروطه ب 24 ح 3.
3- انظر الوسائل 25:419 أبواب إحياء الموات ب 7.
4- التنقيح 4:104.
5- المسالك 2:294،الكفاية:243.

و في الدروس جوّز بيعه على الدوام،سواء كان منفرداً أو تابعاً للأرض (1).انتهى.

فالمسألة محلّ إشكال من ظواهر هذه المعتبرة،و من القاعدة الناهية عن بيع الغرر و الجهالة المعتضدة بالإجماع من أصلها،و خصوص الشهرة المحكيّة في المسألة.

و لعلّ هذا لا يخلو عن قوّة،سيّما مع ظهور سياق المعتبرة كالعبارة في أنّ المقصود من الحكم فيهما تجويز البيع بكلّ ما يشاء،لا تجويزه حقيقةً.و إطلاقه على مطلق المعاوضة الشرعية مجاز شائع،و قد ورد مثله في جواز بيع خدمة العبد المدبَّر،و قد حمله الأصحاب على نحو الإجارة دون البيع حقيقة،و نحوه إطلاق البيع على المعاوضة على سكنى الدار.

و كيف كان فالأحوط ترك البيع و البناء على الصلح؛ لجوازه مع الجهالة حيث لا يتوقّع رفعها كما في المسألة بالاتفاق.و قد مرّ تحقيقه في كتاب الصلح،مع اتفاق كلمة هؤلاء الجماعة الذين وقفت على كلمتهم في المسألة على جوازه من دون ريبة.

التاسعة:روى إسحاق بن عمار،عن العبد الصالح ع عن رجل في يده دار لم تزل في يده و يد آبائه

التاسعة:روى الشيخ في التهذيب في باب بيع الغرر و المجازفة بسنده عن حسن بن محمّد بن سماعة،عن علي بن رئاب و عبد اللّه بن جبلة،عن إسحاق بن عمار،عن العبد الصالح (عليه السّلام)،قال:سألته عن رجل في يده دار ليست له،و لم تزل في يده و يد آبائه من قبله و قد أ علم ه من مضى من آبائه أنّها ليست لهم و لا يدرون لمن هي،فيبيعها و يأخذ ثمنها؟قال:« ما أُحبّ أن يبيع ما ليس له» قلت:فإنّه ليس يعرف صاحبها و لا يُدرى لمن هي،و لا أظنّه يجيء لها ربّ،قال:

« ما أُحبّ أن يبيع ما ليس له» قلت:فيبيع سكناها أو مكانها في يده،فيقول

ص:132


1- الدروس 3:67.

لصاحبه:أبيعك سكناي،و تكون في يدك كما هي في يدي؟قال:« نعم يبيعها على هذا» (1).

و اختصر عن جميع هذا الماتن و نقل بالمعنى،فقال في نقل التتمّة:

و لا يظنّ مجيء صاحبها،قال:ما أُحبّ أن يبيع ما ليس له،و يجوز أن يبيع سكناه و اعلم أنّ وصف الماتن هذه الرواية بأنّها مرسلة غير واضح إلّا ما يقال:من عدم العلم بإسنادها إلى المعصوم؛ لأنّ وصفه بكونه عبداً صالحاً لا يقتضي كونه معصوماً.

و فيه نظر،لشهادة التتبّع و تصريح جمع (2)بأنّ المراد به حيث يطلق مولانا موسى بن جعفر عليه السّلام.هذا مع أنّ وجود عليه السّلام بعده ممّا يعيّن كونه معصوماً،كما لا يخفى.

و كذا الطعن فيها بأنّ في طريقها الحسن بن محمّد بن سماعة و هو واقفي غير واضح؛ لأنّ وقفه لا يمنع عن العمل بروايته على الأظهر الأشهر بعد وثاقته،كما صرّح به العلّامة و النجاشي (3)و غيرهما (4)من علماء الرجال.و الاستدلال بالرواية لا بأس بها بحسب السند؛ لأنّها من الموثّق.

نعم متنها مخالف للأصل من حيث تضمّنها جواز تركها في يده و بيعه السكنى،مع أنّها ليست له.بل ربما أشعرت بجواز بيع نفس الدار و لو مع الكراهة؛ لمكان لفظة« لا أُحبّ» الظاهرة فيها بلا شبهة.

و نحوه ما ذكره الشيخ في النهاية (5) من أنّه يبيع تصرّفه

ص:133


1- التهذيب 7:571/130،الوسائل 17:335 أبواب عقد البيع و شروطه ب 1 ح 5.
2- الإرشاد للشيخ المفيد 2:215،نقد الرجال 5:316،جامع الرواة 2:461.
3- رجال العلّامة:212،رجال النجاشي:84/40.
4- انظر جامع الرواة 1:225،رجال ابن داود:131/239.
5- النهاية:423.

فيها،و لا يبيع أصلها ؛ لأنّ حق التصرف ليس شيئاً يباع،و لو سلّم،أو حمل البيع على الصلح و نحوه فهو فرع ثبوت هذا الحق بموجب و سببٍ، و لم يظهر إلّا مجرد سبق يده و يد آبائه عليها،و هو لا يفيد أولوية تُجوّز الصلح عليها؛ إذ هي في السبق على الأمر المباح أو المشترك دون مال الغير.

و لذا اختلف الأصحاب في توجيهه،فقال الحلي:و يمكن أن يقال:

إنّما كان الأمر على ما ذكر في هذا الحديث،الوجه في ذلك و كيف يجوز له تركها في يده،و بيع ما جاز له بيعه،و هو يعلم أنّه لم يكن لمورثه أنّ هذه الدار لم يحط علمه بأنّها غصب،و إنّما قال في الحديث:لم يكن لمورثه و من كان بيده شيء،و لم يعلم لمن هو،فسبيله سبيل اللقطة،فبعد التعريف المشروع يملك التصرّف،فجاز أن يبيع ما له فيها،و هو التصرف الذي ذكره في الخبر،دون رقبة الأرض إذا كانت في الأرض المفتوحة عنوة (1).

و هو حسن،إلّا أنّه ليس فيه توجيه لإطلاق لفظ البيع عليه مع أنّه ليس حقيقة فيه،بل في المعاوضة على الأعيان.

و نحوه في هذا توجيه الماتن المشار إليه بقوله: و يمكن تنزيلها على أرض عاطلة خربة مملوكة أحياها غير المالك بإذنه،ف إنّ مثلها للمحيي التصرّف فيه و إن كان الأصل للمالك فإنّ حق التصرف ليس شيئاً يجوز بيعه كما عرفت حقيقةً،و إنّما هو شيء يصلح الصلح عليه،إلّا أن يكون المراد ببيع التصرف بيع الآثار الموجودة من الأبنية و السقوف.

و بهذا وجّه الفاضل في المختلف كلام النهاية المستند في الظاهر إلى

ص:134


1- السرائر 2:380.

الرواية،قال بعده:و لا يلزم من كون الدار ليست له كونها غصباً،بل جاز أن تكون عاريةً،و هو الظاهر؛ إذ تصرّف المسلم إنّما يبنى في الظاهر على المشروع (1).انتهى.

و هو حسن.

ص:135


1- المختلف:475.

ص:136

كتاب اللقطة

اشارة

كتاب اللقطة و هي بضمّ اللام و فتح القاف و سكونها اسم للمال الملقوط،على ما نقل عن جماعة من أهل اللغة كالأصمعي،و ابن الأعرابي،و الفرّاء،و أبي عبيدة (1).و عن الخليل أنّها بالتسكين لا غير،و أمّا بفتح القاف فهي اسم للملتقط؛ لأنّ ما جاء على فُعَلَة فهو اسم للفاعل كهُمَزَة و لُمَزَة (2).و بهذا صرّح أيضاً في التنقيح (3).

و على أيّ تقدير،فهي لغة مختصّة بالمال،و سيصرّح به الماتن في القسم الثالث،و لكنّه هنا تبعا للفقهاء تَجَوّز في إطلاقها على ما يشمل الآدمي.

الأوّل:في اللقيط

و أقسامه أي الملقوط ثلاثة :

الأوّل:في اللقيط و يقال له:الملقوط و المنبوذ أيضاً.

و هو:كل صبيّ (4)ضائع لا كافل له حالة الالتقاط،و لا يستقلّ بنفسه بالسعي على ما يصلحه و يدفع عن نفسه المهلكات الممكن دفعها عادةً.

ص:137


1- حكاه عنهم في المسالك 2:296،و انظر تهذيب اللغة 16:250،لسان العرب 7:392،تاج العروس 5:216.
2- حكاه عنه في السرائر 2:100،و التذكرة 2:250،و انظر العين 5:100.
3- التنقيح الرائع 4:105.
4- في المطبوع من المختصر زيادة:أو مجنون.

فيلتقط الصبيّ و الصبيّة مع عدم التمييز إجماعاً،و كذا معه على قول مشهور بين أصحابنا.و لا ريب فيه مع عدم بلوغ التمييز حدّا يحفظ نفسه عن الهلاك بوقوع في بئر،أو ماء،أو نار،أو عن سطح،و نحو ذلك.

و يشكل مع بلوغه ذلك الحدّ و إن احتاج إلى بعض الضروريات، و بعدم الجواز فيه صرّح بعض الأصحاب،قال:فيكون أمره إلى الحاكم كالبالغ من باب الولاية العامّة،كحفظ المجانين و أموال الغياب و سائر المصالح العامّة،فينصب له من يباشر ذلك،و يصرف عليه من بيت المال إن لم يكن له مال (1).

و هو حسن،و مرجعه إلى أنّ حكم الالتقاط و هو الأخذ و التصرّف في الضبط و حفظه و نحو ذلك مخالف للأصل مطلقاً،سيّما على القول بوجوبه،فيقتصر فيه على القدر المتيقّن من النصّ و الفتوى،و هو ما أطلق عليه لفظ اللقيط حقيقةً عرفاً،و المميّز الدافع عن نفسه لا يسمّى لقيطاً جدّاً.

و على تقدير التنزل،فلا أقلّ من الشك في تسميته بذلك حقيقة عرفاً،و هو كافٍ في الرجوع إلى حكم الأصل.و لعلّ مراد المجوّزين خصوص المميّز الغير الدافع على ما يظهر من تعليلهم الجواز بما يدلّ عليه.

و من هنا ينقدح وجه صحّة تعبير الماتن كغيره (2)عن اللقيط بخصوص الصبي،دون مطلق الإنسان الشامل له و لمن في حكمه كالمجنون؛ لعدم صدق اللقيط عليه مطلقاً و إن لم يستقلّ بدفع المهلكات عن نفسه؛ لأنّ ترتب أحكام اللقيط عليه بالاسم دون الحاجة،و دفع الضرر

ص:138


1- مجمع الفائدة و البرهان 10:394.
2- انظر التذكرة 2:270،و التحرير 2:123.

عن النفس المحترمة؛ لاندفاعهما بإرجاع الأمر إلى الحاكم و من في حكمه، كما في البالغ العاقل لاتّفاقهم فيه على امتناع التقاطه،و مع ذلك قالوا:نعم لو خاف على البالغ التلف في مهلكة وجب إنقاذه كما يجب إنقاذ الغريق و نحوه.

و هو كما ترى ظاهر في دوران أحكام اللقيط مدار الاسم دون وجوب دفع الضرر.

و إليه يشير ما في المسالك في بيان احتراز الماتن بقوله:الضائع، عن غير المنبوذ و إن لم يكن له كافل من التعليل بأنّه لا يصدق عليه اسم اللقيط و إن كان كفالته واجبة كالضائع إلّا أنّه لا يسمّى لقيطاً.و في بيان احترازه ب:لا كافل له،عن الضائع المعروف النسب من قوله:فإنّ أباه و جدّه و من وجب عليه حضانته مختصّون بحكمه،و لا يلحقه حكم الالتقاط و إن كان ضائعاً.نعم يجب على من وجده أخذه و تسليمه إلى من يجب عليه حضانته كفاية من باب الحسبة (1).

و نحوه كلام غيره (2).

فلا وجه لما ذكراه هما و غيرهما (3)من إلحاق المجنون مطلقاً بالصبي مع اعترافهم بما ذكرناه،و تصريح بعض أهل اللغة في تعريف اللقيط بأنّه الصبي المنبوذ خاصّة (4).

فالأجود وفاقاً لبعض من تأخّر (5)عدم القطع بالإلحاق،بل التوقّف

ص:139


1- المسالك 2:296.
2- انظر الكفاية:234.
3- الدروس 3:73،جامع المقاصد 6:97.
4- تهذيب اللغة 16:250،القاموس 2:398،و النهاية لابن الأثير 4:264.
5- انظر مجمع الفائدة و البرهان 10:395،و مفتاح الكرامة 6:88،89.

فيه.

اللهم إلّا أن يكون إجماعاً،و لم أتحقّقه،سيّما مع اقتصار كثير من التعاريف على الصبي كالمتن،مع موافقته اللغة،كما عرفته.

نعم يتوجّه عليه خروج الصبيّة و الخنثى الغير البالغين مع صدق اللقيط على غير مميّزهما لغةً و عرفاً،و ورد النصّ به في الأُولى،ففي الخبر المعتبر:عن اللقيطة،فقال:« لا تباع و لا تشترى،و لكن تستخدم بما أنفقت عليها» (1)و نحوه غيره (2).

و يمكن الذبّ عنه بإدخالهما في الصبي تغليباً،سيّما مع شيوعه و دخول الصبيّة فيه بفحوى الخطاب جدّاً.

و يشترط في الملتقط التكليف بالبلوغ و العقل،فلا يصحّ التقاط الصبي و المجنون،بلا خلاف ظاهر مصرّح به في كلام بعض الأصحاب (3)؛ لاستلزام الصحّة الولاية و الحضانة و الإنفاق،و ليس لهما أهليّة شيء من ذلك.

و هل يجوز الالتقاط من يدهما لمن له أهليّته فله ولاية الحفظ،أم لا،بل يخرج بذلك عن حكم اللقيط و يكون الولاية للحاكم؟وجهان، ظاهر المحكيّ عن التذكرة الثاني (4).و استوجه الأوّل شيخنا الشهيد الثاني (5)،بل فسّر عدم الصحّة بذلك في الروضة (6)؛ و لعلّه لاستصحاب

ص:140


1- الكافي 5:4/225،الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22 ح 4.
2- الكافي 5:1/224،الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22 ح 1.
3- مجمع الفائدة و البرهان 10:397.
4- التذكرة 2:270.
5- المسالك 2:296.
6- الروضة 7:69.

الحالة السابقة،لكنه معارض بالمثل؛ أو للإطلاقات،و في انصرافها إلى محلّ الفرض إشكال.

و يفهم من إطلاق الماتن و كثير اشتراط التكليف خاصة و عدم اشتراط الرشد فيصحّ من السفيه؛ و لعلّه لأنّ حضانته ليست مالاً،و إنّما يحجر السفيه له؛ و مطلق كونه مولّى عليه غير مانع.

خلافاً للدروس،فاستقرب اشتراطه؛ محتجّاً بأنّ الشارع لم يأتمنه على ماله فعلى الطفل و ماله أولى بالمنع؛ و لأنّ الالتقاط ائتمان شرعي و الشرع لم يأتمنه (1).

و يضعّف بأنّ عدم ائتمانه إنّما هو على المال لا على غيره،بل جوّز تصرّفه في غيره مطلقاً.و على تقدير أن يوجد معه مال يمكن الجمع بين القاعدتين الشرعيتين،و هما:عدم استئمان المبذّر على المال،و تأهيله لغيره من مطلق التصرّفات التي من جملتها الالتقاط و الحضانة،فيؤخذ منه المال خاصّة.

و يشكل بأنّ صحّة التقاطه يستلزم وجوب إنفاقه،و هو ممتنع من المبذّر؛ لاستلزامه التصرّف الماليّ،و جعل التصرّف فيه لآخر يستعقب الضرر على الطفل بتوزيع أُموره،هذا.

مضافاً إلى عدم عموم يشمل جواز التقاطه،فليرجع فيه إلى حكم الأصل،و هو عدم جوازه،فتأمّل.

و كذا يفهم من ذلك عدم اشتراط العدالة.و إليه ذهب الأكثر على الظاهر المصرّح به في المسالك (2)،قيل:للأصل،و لأنّ المسلم محلّ

ص:141


1- الدروس 3:76.
2- المسالك 2:297.

الأمانة،مع أنّه ليس استئماناً حقيقيّا،و لانتقاضه بالتقاط الكافر مثله،لجوازه بغير خلاف (1).

و قيل:بالاشتراط،كما عن الشيخ في أحد قوليه (2)،و الفاضل في التذكرة و التحرير و الإرشاد و القواعد (3)؛ لافتقار الالتقاط إلى الحضانة،و هي استئمان لا يليق بالفاسق؛ و لأنّه لا يؤمن أن يسترقه و يأخذ ماله.

و فيه نظر،و لعلّ الأوّل أظهر،سيّما مع التأيّد بالإطلاقات الواردة مورد الغالب؛ لندرة العادل،فتأمّل.

و لا ريب أنّ الأوّل أحوط،كما صرّح به الشهيد الثاني (4)وفاقاً للمحكيّ عن المحقق الثاني (5)،فتدبّر.

و هنا قول ثالث يحكى عن المحقّق الثاني بالتفصيل بين ما إذا كان له مال فالثاني؛ لأنّ الخيانة في المال أمر راجح،و ما إذا لم يكن فالأوّل؛ لما مرّ (6).

و فيه أيضاً نظر.

و في اشتراط الإسلام في التقاط المحكوم بإسلامه كلقيط دار الإسلام،أو الكفر مع وجود مسلم فيها يمكن تولّده منه تردّد ينشأ:من انتفاء سبيل الكافر على المسلم،و أنّه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه،سيّما إذا تخلّق بالتربية و الصحبة المتأكّدة بأخلاقه و أقواله و أفعاله.و من أصالتي الجواز و عدم الاشتراط،مع كون المقصود الأهمّ من الالتقاط الحضانة

ص:142


1- المسالك 2:297.
2- المبسوط 3:340.
3- التذكرة 2:252،التحرير 2:123،الإرشاد 1:440،القواعد 1:195.
4- الروضة البهية 7:73.
5- جامع المقاصد 6:108.
6- جامع المقاصد 6:108.

و التربية،و هما يحصلان مع الكفر.

و المناقشة في هذه الوجوه واضحة؛ لاندفاع الأصالة الأُولى بعدم دليل عليها سوى الإطلاقات،و في انصرافها إلى محلّ البحث إشكال؛ لعدم تبادره منها بناءً على ورودها خطابات للمسلمين و في بلادهم.و يعضده ورود النصوص (1)بحريّة المنبوذ على الإطلاق،مع اختصاصه بمنبوذ دار الإسلام بالإجماع.

و منه يظهر الجواب من الأصالة الثانية،فإنّها صحيحة حيث يوجد عمومات أو إطلاقات ظاهرة تدلّ على الجواز على الإطلاق،و ليس شيء منهما بموجود في المسألة،كما عرفته.

و كون المقصود الأهم منه ما ذكر من الحضانة لا يستلزم المنع عن ثبوت المنع من حجّة أُخرى ظاهرة،و لا ريب أنّ ما قدّمناه من وجوه الأوّل منها بلا شبهة،سيّما مع ورود النصّ الصريح بالتعليل الاعتباري،منها:في المنع عن تزويج العارفة المؤمنة من المخالف بأنّ المرأة تأخذ من أدب زوجها.

فالأوّل أقوى،وفاقاً لأكثر أصحابنا،بل عليه عامّتهم كما لا يذهب على المتتبّع و لا يخفى.و ليس المخالف عدا الماتن هنا و في الشرائع (2)حيث تردّد فيهما،و الشيخ في الخلاف كما في التنقيح (3)،أو المبسوط كما في المسالك (4).

ص:143


1- انظر الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22.
2- الشرائع 3:284.
3- التنقيح الرائع 4:106.
4- كذا،و لعله سهو،فإنّ الموجود فيهما اشتراط الإسلام،انظر المبسوط 3:340،و المسالك 2:297.

ثم إنّ محلّ الخلاف على ما يستفاد من كلمات الأصحاب و تعليلاتهم في الباب،و به صرّح جمع كالشيخ في المبسوط (1)،و الفاضل في جملة من كتبه (2)،على ما حكي عنهما،و الشهيدان و غيرهما (3)ما قيّدنا به العبارة من كون اللقيط محكوماً بإسلامه،دون ما إذا كان محكوماً بكفره،فللكافر التقاطه بلا خلاف.

و ربما يستفاد من التنقيح انسحاب الخلاف فيه أيضاً،فإنّه قال بعد نقل القولين-:و التحقيق أنّه إن حكم بإسلام اللقيط اشترط إسلام الملتقط، و إلّا فلا (4).و هو كما ترى؛ لما مضى.

و أضعف منه ما ينقل من بعض المتأخّرين من المنع عن التقاط الكافر لمثله (5)،فقد نفى الخلاف عن جوازه صريحاً جماعة،و منهم:شيخنا في المسالك و الروضة في بحث عدم اشتراط العدالة (6)؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى الآية الكريمة وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [1] (7).و ما ربما يتخيّل للمنع من ورود النصّ بأنّ« كلّ مولود يولد على الفطرة» (8)ففي التقاط الكافر له افتتان له و لو في الجملة؛ مدفوع بأنّه لو

ص:144


1- المبسوط 3:340.
2- القواعد 1:195،التحرير 2:123،التذكرة 2:270.
3- الدروس 3:75،المسالك 2:297،الروضة 7:72،مجمع الفائدة و البرهان 10:399.
4- التنقيح 4:106.
5- حكاه عن المحقق الثاني في مجمع الفائدة و البرهان 10:399،و انظر جامع المقاصد 6:102.
6- المسالك 2:297،الروضة 7:72.
7- الأنفال:73.
8- الفقيه 2:96/26،علل الشرائع:2/376،الوسائل 15:125 أبواب جهاد العدو ب 48 ح 3.

صحّ لجرى في منع الكافر عن حضانته لولده،و هو مخالف للضرورة.

و لا يجوز أن يلتقط المملوك اللقيط إلّا بإذن مولاه بلا خلاف أجده،بل عليه الإجماع في كلام بعض الأجلّة (1)؛ و هو الحجّة؛ مضافاً إلى أنّ منافعه له،و حقّه مضيّق و لا يتفرّغ للحضانة؛ و فحوى الخبر:

عن المملوك يأخذ اللقطة،قال:« و ما للمملوك و اللقطة،و المملوك لا يملك من نفسه شيئاً،فلا يعرض لها المملوك،فإنّه ينبغي أن يعرّفها سنة» (2)الخبر،فتدبّر.

أمّا لو أذن له فيه ابتداءً،أو أقرّه عليه بعد وضع يده عليه جاز،و كان السيّد في الحقيقة هو الملتقط و العبد نائبه.

قيل:ثمّ لا يجوز للسيّد الرجوع فيه (3).

و لا فرق بين القنّ و المكاتب و المدبّر و المبعّض و أُمّ الولد؛ لعدم جواز تبرّع واحد منهم بماله و لا منافعه إلّا بإذن سيّده.و لا يدفع ذلك مهاياة المبعّض و إن وفى زمانه المختصّ به بالحضانة؛ لعدم لزومها،فجاز تطرّق المانع كلّ وقت.

نعم لو لم يوجد للّقيط كافل غير العبد،و خيف عليه التلف بالإبقاء فعن التذكرة (4)جواز التقاطه له حينئذٍ.و لعلّه أراد به الوجوب،كما صرّح به في الدروس (5).

ص:145


1- مجمع الفائدة و البرهان 10:398.
2- الكافي 5:23/309،الفقيه 3:845/188،التهذيب 6:1197/397،الوسائل 25:465 أبواب اللقطة ب 20 ح 1.
3- قاله المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:107.
4- التذكرة 2:270.
5- الدروس 3:75.

و لا ريب فيه،لكنّه لا يوجب إلحاق حكم اللقطة به،و إنّما دلّت الضرورة على الوجوب من حيث إنقاذ النفس المحترمة من الهلكة،و هو غير حكم اللقطة،كما مرّ إليه الإشارة.فلو وجد من له أهليّة الالتقاط وجب عليه انتزاعه منه،و سيّده من الجملة؛ لانتفاء أهليّة العبد له.

و أخذ اللقيط مستحبّ إمّا مطلقاً،كما عليه الماتن هنا و في الشرائع (1)،أو مع عدم الخوف عليه،و أمّا معه فيجب،كما في ظاهر الدروس و صريح اللمعة (2).و استوجه هذا شيخنا في المسالك و الروضة (3)، و تبعه في الكفاية (4).

استناداً في الصورة الأُولى إلى الأصل،مع سلامته عن المعارض سوى الأمر بالإعانة على البرّ،و هو للاستحباب لاستلزام وجوبه وجوب الإعانة على كثير من وجوه البرّ التي تشهد الضرورة بعدم وجوبها فيها.

و البناء على التخصيص يوجب خروج مثل هذا العام عن الحجية لخروج أكثر أفراده مع أنّه برهن في محله اشتراط بقاء ما يقرب من مدلول العام في حجيته فيما يبقى منه بعد تخصيصه.

و في الصورة الثانية إلى وجوب دفع الضرر عن النفس المحترمة بالإجماع،بل الضرورة.

و هذا التفصيل لا يخلو عن قوّة إن وجد الصورة الأُولى،و لكن في وجودها مناقشة كما صرّح به بعض الأجلّة قال:إذ الطفل في محلّ التلف

ص:146


1- الشرائع 3:285.
2- الدروس 3:76،اللمعة(الروضة البهية 7):77.
3- المسالك 2:297،الروضة 7:77.
4- الكفاية:234.

مع عدم الكفيل (1).فإذاً الأجود الوجوب مطلقاً،وفاقاً للشيخ (2)و الأكثر، كما في المسالك و الكفاية (3).بل ادّعى عليه الصيمري في شرح الشرائع الشهرة (4).

و منه يظهر أضعفية مختار الماتن مع تفرّده به على الظاهر،فلم نر له موافقاً،و لا حكاه أحد.

ثمّ على المختار ليس الوجوب عينيّاً،بل كفائيّاً،إجماعاً كما عن التذكرة (5).

و اللقيط في دار الإسلام حرّ محكوم بإسلامه،لا يجوز تملّكه و لا كذلك اللقيط في دار الشرك فإنّه رقّ محكوم بكفره [يجوز استرقاقه] ،بلا خلاف أجده في المقامين،و احتمله إجماعاً بعض الأجلّة (6)؛ و هو الحجّة.

مضافاً في الأوّل إلى أصالة الحريّة في الناس المستفادة من الأدلّة المتقدّمة في كتاب العتق من الفتوى و الرواية.

و خصوص النصوص المستفيضة.

ففي الصحيح:« المنبوذ حرّ،فإذا كبر فإن شاء توالى إلى الذي التقطه،و إلّا فليردّ عليه النفقة،و ليذهب فليوالِ من شاء» (7).

ص:147


1- مجمع الفائدة و البرهان 10:393.
2- المبسوط 3:336.
3- المسالك 2:297،الكفاية:234.
4- غاية المرام 4:145.
5- التذكرة 2:270.
6- انظر مجمع الفائدة و البرهان 10:414،و الحدائق 19:383.
7- الكافي 5:3/225،الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22 ح 3.

و فيه:عن اللقيط،فقال:« حرّ لا يباع و لا يوهب» (1)و نحوه آخر إلّا أنّه أُنّث فيه المذكّر (2).

و في الخبر:« اللقيط لا يشترى و لا يباع» (3).

و في آخر:« المنبوذ حرّ،فإن أحبّ أن يوالي غير الذي ربّاه والاه، فإن طلب منه الذي ربّاه النفقة و كان مؤسراً ردّ عليه،و إن كان معسراً كان ما أنفق عليه صدقة» (4).

إلى غير ذلك من النصوص،و هي و إن كانت مطلقة شاملة للقيط دار الشرك أيضاً،إلّا أنّه غير متبادر منها بعد ورودها خطابات للمسلمين و في بلادهم،و قد مرّ نظيره،هذا.

مع ما عرفت من الاتّفاق على الظاهر على الحكم برقّيته،فبه تقيّد تلك الإطلاقات على تقدير تسليم ظهور شمولها لمحلّ البحث،و تخصّ أصالة الحريّة المتقدّمة.

قالوا:و المراد ببلاد الإسلام هنا ما ينفذ فيه حكمه،و لا يكون فيها كافر إلّا معاهد.و دار الكفر ما ينفذ فيه أحكامه،و لا يوجد فيها مسلم إلّا مسالم.قالوا:و لو وجد فيها مسلم و لو واحد يمكن تولده منه و لو إمكاناً ضعيفاً الحق به،و لم يحكم بكفره و لا رقّه؛ و لعلّه لما ورد من أنّ« الإسلام يعلو و لا يعلى» (5).

و اعلم أنّ المعروف من مذهب الأصحاب و أكثر أهل العلم كما في

ص:148


1- الكافي 5:5/225،الوسائل 25:468 أبواب اللقطة ب 22 ح 5.
2- الكافي 5:4/225،الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22 ح 4.
3- الكافي 5:1/224،الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22 ح 1.
4- الكافي 5:2/224،الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22 ح 2.
5- الفقيه 4:778/243،الوسائل 26:14 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 11.

المسالك و غيره (1)أنّه لا ولاية للملتقط و لا لغيره من المسلمين عليه، إلّا في حضانته و تربيته.بل هو سائبة يتولّى من شاء.و عليه دلّت جملة من النصوص المتقدّمة و غيرها (2).

و يتفرع عليه انه إذا لم يتوال أحداً بعد بلوغه فعاقلته و وارثه الإمام(عليه السّلام)إذا لم يكن له وارث و لم يظهر له نسب.فدية جنايته خطأً عليه،و حقّ قصاصه في النفس له.و في الطرف للّقيط بعد بلوغه قصاصاً و ديةً،قيل:و يجوز للإمام تعجيله قبله كما يجوز ذلك للأب و الجدّ،على أصحّ القولين (3).

و يستفاد من شيخنا في الروضة وقوع الخلاف في أصل الحكم حيث قال بعد بيان أنّه لا ولاء عليه للملتقط و لا لأحد من المسلمين-:خلافاً للشيخ (4).

و لعلّه أشار به إلى ما يحكى في المختلف و الدروس عنه و عن المفيد (5)من أنّه إذا لم يتوال أحداً كان ولاؤه للمسلمين و لم يكن للذي أنفق عليه ولاؤه،و إن ترك (6)و لم يترك ولداً،و لا قرابة له من المسلمين، كان ما تركه لبيت المال كما عن الأوّل،أو لبيت مال المسلمين كما عن الثاني.

ص:149


1- المسالك 2:297؛ و انظر الروضة 7:77،و الكفاية:234.
2- راجع ص:144،و انظر الوسائل 23:97 أبواب العتق ب 62،و 17:299 أبواب ما يكتسب به ب 96.
3- قاله الشهيد الثاني في الروضة 7:79.
4- الروضة 7:77.
5- المختلف:453،الدروس 3:81،و هو في النهاية:323،و المقنعة:648.
6- أي:إن ترك اللقيط مالاً.

لكن ذكر الحلّي أنّ المقصود من بيت المال هنا بيت مال الإمام،دون بيت مال المسلمين،قال:فإذا ورد لفظ:إنّه للمسلمين،أو لبيت المال، فالمراد أنّه بيت مال الإمام(عليه السّلام)،و إنّما أطلق القول بذلك لما فيه من التقيّة لأنّ بعض المخالفين لا يوافق عليه.ثم قال:هكذا أورده شيخنا في آخر الجزء الأوّل من مبسوطه،و هو الحقّ اليقين (1)،انتهى.

و لعلّه لذا نسب الحكم في المسالك و غيره (2)إلى الأصحاب من غير نقل خلاف.

و فيه نظر،كنسبة الخلاف في الروضة إلى الشيخ خاصّةً؛ لما عرفته من موافقة المفيد له،مع أنّه حكي في الكتابين أيضاً عن الإسكافي قولاً آخر يخالف ما عليه الأصحاب و لو في الجملة،و هو أنّه لو أنفق عليه و تولّى غيره ردّ عليه النفقة،فإن أبى فله ولاؤه و ميراثه.و لكن حمله الفاضل (3)على أخذ قدر النفقة من ميراثه.

و على أيّ حال فالحقّ ما ذكره الأصحاب،و لا دليل على ما ذهب إليه الإسكافي و الشيخان في ظاهر عبائرهم.

و يقبل إقراره على نفسه بالرقّية مع بلوغه و رشده أي:و عقله، ما لم يعلم حرّيته سابقاً بشياع و نحوه على الأظهر الأشهر؛ لعموم« إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (4)؛ و خصوص ما مرّ في كتاب العتق من النص الدال على أنّ« الناس أحرار إلّا من أقرّ على نفسه بالعبودية» (5).

ص:150


1- السرائر 2:108.
2- المسالك 2:298؛ و انظر التذكرة 2:276.
3- المختلف:453.
4- الوسائل 23:184 أبواب الإقرار ب 3 ح 2.
5- الكافي 6:5/195،الفقيه 3:302/84،التهذيب 8:845/235،الوسائل 23:54 أبواب العتق ب 29 ح 1.

خلافاً للحلي فقال:لا يقبل إقراره عند محصّلي أصحابنا،و هو الأصحّ؛ لأنّ الشارع حكم عليه بالحرية (1).

و يضعّف بأنّ حكم الشرع على الحرّية بناءً على الأصل،و هو يدفع بالإقرار بعده.و لا فرق بين اللقيط و غيره من المجهولين،فلو جاء رجل و أقرّ بالعبودية يقبل.و قد كان على مذهبه أنّه لا يقبل؛ لأنّه كان محكوماً عليه بالحرّية شرعاً فلا يقبل إقراره بالعبودية.و هذا كلّه غلط كما في المختلف (2)،و مع ذلك النصّ الخاصّ المتقدّم يدفعه صريحاً.

نعم إن اعترف سابقاً بحرّيته مع الوصفين ثمّ ادّعى رقّيته أمكن عدم قبول إقراره؛ لكونه مناقضاً لإقراره السابق،وفاقاً لجماعة و منهم الشيخ في المبسوط (3).

خلافاً لآخرين و منهم المحقق الثاني كما حكي (4)،و جعله الأشهر شيخنا الشهيد الثاني (5)فقبلوه هنا أيضاً؛ للعموم السابق،و عدم منافاة الإقرار السابق له،فإنّه له و الثاني عليه،فليقدّم بمقتضى النصّ المتقدّم الدالّ على قبول الإقرار عليه،و لا دليل على قبوله له حيث ينافي الأصل.و قبوله حيث لا ينافيه كما في محل البحث إنّما هو من حيث الأصل،و لولاه لما قبل،فوجود هذا الإقرار كعدمه.

و لعلّه أقوى.

ثم إنّ كلّ ذا إذا لم يكذّبه المقرّ له،و أمّا معه ففي قبول إقراره حيث

ص:151


1- السرائر 2:354.
2- المختلف:443.
3- المبسوط 3:352.
4- جامع المقاصد 6:131.
5- المسالك 2:299.

يقبل من دونه قولان،اختار ثانيهما في المبسوط (1)،و أوّلهما في المسالك (2).و يتفرّع عليه ما إذا عاد المقرّ له فصدّقه فلا يلتفت إليه على الأوّل؛ لأنّه لمّا كذّبه ثبت حرّيته بالأصل فلا يعود رقيقاً.و نعم على الثاني؛ لأنّ الرقّية المطلقة تصير كالمال المجهول المالك يقبل إقرار مدّعيه ثانياً و إن أنكره أوّلاً.

و حيث حكم برقّيته ففي بطلان تصرّفاته السابقة على الإقرار أوجه، يفرق في ثالثها بين ما لم يبق أثره كالبيع و الشراء فلا يبطل،و ما يبقى كالنكاح فيبطل،و عليه نصف المهر قبل الدخول،و تمامه بعده.و لو كانت المقرّة الزوجة اللقيطة لم يحكم بالبطلان؛ لتعلّقه بالغير و يثبت للسيّد أقلّ الأمرين من المسمّى و عقر الأمة.و اختار هذا في الدروس (3).

و اعلم أنّ المعروف من مذهب الأصحاب من غير خلاف يعرف أنّ الواجب على الملتقط حضانته بالمعروف،و هو تعهّده و القيام بضرورة تربيته بنفسه أو بغيره.و أنّه لا يجب عليه الإنفاق من ماله ابتداءً،بل من مال اللقيط الموجود تحت يده،أو الموقوف على أمثاله،أو الموصى لهم به، بإذن الحاكم مع إمكانه،و إلّا أنفق و لا ضمان.

و عن التذكرة الإجماع (4)على عدم وجوب الإنفاق عليه ابتداءً، و جوازه على اللقيط من ماله لكن بإذن الحاكم مع إمكانه.و لا ريب في اعتباره حينئذٍ؛ لأصالة عدم جواز التصرف في مال الغير بغير إذنه أو إذن

ص:152


1- المبسوط 3:352.
2- المسالك 2:299.
3- الدروس 3:81.
4- التذكرة 2:273.

وليّه.و ولايته مقصورة على الحضانة دون التصرف في المال.

و هذا و إن جرى في صورة عدم إمكان الإذن،إلّا أنّ الجواز فيها للضرورة المبيحة،و هي في صورة الإمكان مفقودة.

فالحكم بالجواز في الصورتين كما يميل إليه بعض متأخّري متأخّري الطائفة (1)لا وجه له،سيّما مع كون التفصيل بينهما بالجواز في إحداهما و عدمه في الثانية معروفاً بين الطائفة.و به صرّح في الكفاية (2).

ثمّ إنّ هذا إن وجد للّقيط مال.

و أمّا إذا وجد هُ الملتقط و لا مال له،فإن وجد سلطاناً استعان به على نفقته من بيت المال أو الزكاة فإن لم يجد و تعذّر عليه استعان بالمسلمين و يجب عليهم مساعدته بالنفقة كفايةً،على الأشهر بين الطائفة؛ لوجوب إعانة المحتاج كذلك مطلقاً.

خلافاً للماتن في الشرائع حيث تردّد فيه (3):ممّا مرّ،و من أنّ الوجوب حكم شرعيّ فيقف على دليل،و ليس،مضافاً إلى أصالة البراءة.

و يمنعان بما عرفته،فإنّه أخصّ.

فإذاً الأشهر أظهر،و عليه فإن وجد متبرّع منهم،و إلّا كان الملتقط و غيره ممّن لا ينفق إلّا بنيّة الرجوع سواء في الوجوب.

و إن تعذّر الأمران من الرجوع إلى السلطان،و الاستعانة بالمسلمين أنفق الملتقط وجوباً و رجع عليه بعد يساره إذا نوى الرجوع بها عليه و لو تبرّع فلم ينو لم يرجع كما لا يرجع لو وجد

ص:153


1- مجمع الفائدة و البرهان 10:417.
2- الكفاية:235.
3- الشرائع 3:284.

المعين المتبرّع فلم يستعن به.

و لا إشكال في شيء من ذلك و لا خلاف إلّا في الرجوع مع نيّته،فقد خالف فيه الحلّي و قال:الأقوى عندي أنّه لا يرجع به عليه؛ لأنّه لا دليل على ذلك،و الأصل براءة الذمّة،و شغلها يحتاج إلى أدلّة ظاهرة (1).

و يضعّف باستلزام ما ذكره الإضرار باللقيط و الملتقط،و هو منفيّ بالنصّ و الإجماع.و ذلك فإنّه إمّا أن يجب النفقة على الملتقط،أو لا.و الأوّل باطل؛ لأنّه ضرر به،مع أنّه خرق للإجماع أيضاً كما في المختلف قال:إذ لم يوجبه أحد مجّاناً (2).و الثاني باطل أيضاً؛ لأنّه ضرر على اللقيط؛ إذ لملتقطه ترك ما ليس بواجب عليه فيؤدّي ذلك إلى تلفه، و الإجماع بل الضرورة تنادي ببطلانه،هذا.

مع أنّه قد مرّ جملة من النصوص (3)الدالّة على جواز الرجوع بها عليه،بل تضمّنت أمر اللقيط بردّها عليه،و فيها الصحيح و غيره.و قصور سنده مجبور بالعمل،فلا قدح فيه،كما لا قدح في شمولهما لما لا يجوز له الرجوع فيه إجماعاً؛ لجواز التقييد و التخصيص مع حجية العام في الباقي.

و في الصحيح:عن اللقيطة،فقال:« لا تباع و لا تشترى،و لكن استخدمها بما أنفقته عليها» (4)و ربما كان فيه تأييد ما لما اخترناه، فلا إشكال فيه أصلاً.

ص:154


1- السرائر 2:107.
2- المختلف:453.
3- راجع ص:144،145.
4- الكافي 5:4/225،الوسائل 25:467 أبواب اللقطة ب 22 ح 4.

و هل يشترط مع نيّته الرجوع الإشهاد؟عن التذكرة:نعم (1)،و عن الحلي:لا (2).و هو أشهر و أقوى؛ للأصل،مع عدم ما يوجب الخروج عنه.نعم الأحوط ذلك ليسلم عن اليمين لو ادّعى اللقيط عليه التبرّع.

القسم الثاني:في الضوالّ

القسم الثاني:في الضوالّ جمع ضالّة.

و هي:كلّ حيوان مملوك ضائع أُخذ و لا يد محترمة عليه.احتُرِز بالمملوك عن نحو الخنزير و الكلب العقور،و بالضائع عمّا يوجد و عليه يد المالك،و بلا يد عليه عن الحيوان الضائع عن مالكه و هو بيد الملتقط.

و أخذه في صورة الجواز الآتية مكروه كما هو من مذهبهم معروف.

قيل (3):للنصوص،منها النبوي:« لا يأوي الضالّ إلّا الضالّ» (4)و الخبران:« الضوالّ لا يأكلها إلّا الضالّون» (5)و زيد في أحدهما:« إذا لم يعرّفوها» (6).

و في الاستدلال بهما نظر؛ لورودهما في الأكل دون مجرّد الأخذ الذي هو محلّ البحث،فلا دلالة فيه على المنع عنه.و ربما كان في الثاني من جهة الزيادة إشعار بل ظهور في اختصاص المنع بالأوّل دون الثاني،فتدبّر.

و لكن الأمر في ذلك سهل لأنّ في فتاوى الأصحاب و الخبر الأوّل

ص:155


1- التذكرة 2:273.
2- حكاه عنه في التنقيح 4:108،و انظر السرائر 2:107.
3- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:300،و السبزواري في الكفاية:235.
4- سنن البيهقي 6:190.
5- التهذيب 6:1193/396،الوسائل 25:440 أبواب اللقطة ب 1 ح 5.
6- التهذيب 6:1182/394،الوسائل 25:442 أبواب اللقطة ب 2 ح 4.

كفاية و إن ضعف السند،و لم يبلغ الفتوى درجة الإجماع؛ لجواز التسامح في أمثال المقام.

و استثنوا من ذلك الأخذ مع تحقّق التلف فقالوا:إنّه جائز، بل مستحبّ صيانةً للمال المحترم عنه،مع انتفاء الفائدة للمالك على تقدير تركها،قيل:بل قد يجب كفايةً إذا عرف مالكها (1).

و حيث قد دلّت فحوى العبارة على اختلاف حكم التقاط الضالّة حرمةً و حلّاً أراد بيان كلّ من الصورتين،و أشار إلى الأُولى بقوله: فالبعير لا يؤخذ إذا وُجِد في كلأ و ماء،أو كان صحيحاً،إجماعاً كما يأتي.

و الصحاح به مع ذلك مستفيضة،في اثنين منها:« إنّي وجدت شاة، فقال رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله):هي لك،أو لأخيك،أو للذئب،فقال:يا رسول اللّه إنّي وجدت بعيراً،فقال:معه حذاؤه و سقاؤه،حذاؤه خفّه،و سقاؤه كرشه» (2).

و في ثالث:« عن الشاة الضالّة بالفلاة،فقال للسائل:هي لك،أو لأخيك،أو للذئب،قال:و ما أُحبّ أن أمسّها،و سئل عن البعير الضالّ، فقال للسائل:مالك و له،خفّه حذاؤه إلى أن قال خلّ عنه» (3)و نحوها مفهوم الرابع الآتي،هذا.

مضافاً إلى الأصل الدالّ على عدم جواز إثبات اليد على مال الغير من دون الإذن أو السبب المرخّص فيه،و ليسا في محل الفرض؛ لعدم المعرفة بالصاحب،و أنّ البعير مصون عن السباع بامتناعه مستغنٍ بالرعي.

ص:156


1- كما في الروضة 7:83.
2- الكافي 5:12/140،التهذيب 6:1184/394،الوسائل 25:457 أبواب اللقطة ب 13 ح 1.
3- الفقيه 3:848/188،التهذيب 6:1185/394،الوسائل 25:459 أبواب اللقطة ب 13 ح 5.

فمصلحة المالك ترك التعرّض له حتّى يجده،و الغالب أنّ من أضلّ شيئاً يطلبه حيث يضعه،فإذا أخذه غيره ضاع عنه،و عليه نبّه في بعض النصوص (1).

و لو أخذه في هذه الصورة ضمنه الآخذ لأنّه غاصب،فلا يبرأ إلّا بردّه إلى المالك،أو الحاكم مع فقده،لا بالإرسال،و لا بردّه إلى المكان الأوّل.قيل:إلّا إذا أخذها ليردّها إلى المالك (2).

و في رواية:« الضالة يجدها الرجل فينوي أن يأخذ لها جعلاً فتنفق، قال:هو ضامن،فإن لم ينوِ أن يأخذ لها جعلاً فنفقت فلا ضمان عليه» (3).

و في الصحيح:« من وجد ضالّة و لم يعرّفها،ثمّ وجدت عنده،فإنّها لربّها،أو مثلها من مال الذي كتمها» (4).

و كذا حكم الدابة و البقرة و الحمار،بلا خلاف في الأوّل أجده.

و جعله المعروف من مذهب الأصحاب في الكفاية (5)؛ للأصل المتقدّم.

مضافاً إلى خصوص الخبرين،في أحدهما:« إنّ أمير المؤمنين(عليه السّلام) قضى في رجل ترك دابّة من جهد،قال:إن كان تركها في كلأ و ماء و أمن فهي له،يأخذها حيث أصابها،و إن كان ترك في خوف و على غير ماء و لا كلأ،فهي لمن أصابها» (6).

ص:157


1- الوسائل 25:439 أبواب اللقطة ب 1.
2- قال به الكاشاني في المفاتيح 3:181.
3- الفقيه 3:852/189،التهذيب 6:1192/396،الوسائل 25:464 أبواب اللقطة ب 19 ح 1.
4- الكافي 5:17/141،الفقيه 3:843/187،التهذيب 6:1180/393،الوسائل 25:460 أبواب اللقطة ب 14 ح 1.
5- الكفاية:235.
6- الكافي 5:14/140،التهذيب 6:1178/393،الوسائل 25:458 أبواب اللقطة ب 13 ح 4.

و في الثاني:« إنّه(عليه السّلام)كان يقول في الدابّة إذا سرحها أهلها،أو عجزوا عن علفها أو نفقتها فهي للذي أحياها» قال:« و قضى علي(عليه السّلام)في رجل ترك دابّة،فقال:إن كان تركها في كلأ و ماء و أمن فهي له،يأخذها متى شاء،و إن تركها في غير كلأ و ماء،فهي للذي أحياها» (1).

و على مذهب الخلاف و السرائر (2)في الأخيرين،و وافقه الماتن في الشرائع (3)لكن بعد التردّد.و في المسالك (4)استجود إلحاق الأوّل منهما، دون الثاني.و استقرب عدم الإلحاق فيهما في الكفاية قال:وقوفاً في النهي على مورد النص (5).

و فيه نظر؛ التفاتاً إلى ما يستفاد من النصوص من أنّ وجه الحكمة في جواز التقاط البعير و الدابّة و عدمه،إنّما هو الأمن من تلفه بامتناعه من صغار السباع و عدمه؛ مضافاً إلى ظهور اتّفاق الفتاوى عليه في المقامين؛ مع أنّ المنع عن التقاطهما هو الأوفق بالأصل المتقدّم.

فالأجود الإلحاق فيهما،سيّما مع عموم الصحيح الآتي بناءً على أنّ المراد من المال فيه خصوص الحيوان الضالّ،كما يشهد له سياقه،و صرّح به بعض الأصحاب (6).

و يجوز أن يؤخذ البعير و ما في حكمه لو تركه صاحبه من

ص:158


1- الكافي 5:16/141،التهذيب 6:1181/393،الوسائل 25:458 أبواب اللقطة ب 13 ح 3.
2- الخلاف 3:579،السرائر 2:100.
3- الشرائع 3:289.
4- المسالك 2:300.
5- الكفاية:235.
6- جامع المقاصد 6:138.

جهد و عطب لمرض أو كسر أو غيرهما في غير كلأ و لا ماء،و يملكه الآخذ حينئذٍ على الأظهر الأشهر،بل عليه عامّة من تأخّر؛ للصحيح:

« من أصاب مالاً أو بعيراً في فلاة من الأرض،قد كلّت و قامت،و سيّبها صاحبها لما لم تتبعه،فأخذها غيره،فأقام عليها،و أنفق نفقة حتّى أحياها من الكلال و من الموت،فهي له،و لا سبيل له عليها،و إنّما هي مثل الشيء المباح» (1).

مضافاً إلى الخبرين المتقدّمين في الدابّة.

خلافاً لابن حمزة (2)فلم يجوّز الأخذ أيضاً في هذه الصورة؛ التفاتاً منه إلى إطلاق المنع عنه في الصحاح المتقدّمة.

و يضعّف بلزوم تقييده بهذه النصوص المعتبرة.

و ظاهرها كالعبارة و نحوها من عبائر الجماعة،و صريح آخرين اشتراط الأمرين من الترك من جهد و في غير كلأ و ماء معاً،فلو انتفى أحدهما بأن ترك من جهد في كلأ و ماء،أو من غير جهد في غيرهما،أو انتفى كلّ منهما بأن ترك من غير جهد فيهما لم يجز الأخذ.و عليه الإجماع في ظاهر التنقيح و صريح الصيمري (3).

و ربما يستفاد من بعض متأخّري المتأخّرين (4)ما يعرب عن كفاية أحدهما.

و لا ريب في ضعفه،مع عدم وضوح مستنده.

ص:159


1- الكافي 5:13/140،التهذيب 6:1177/392،الوسائل 25:458 أبواب اللقطة ب 13 ح 2.
2- الوسيلة:278.
3- التنقيح الرائع 4:110،غاية المرام 4:149.
4- انظر المفاتيح 3:181.

و هل الفلاة المشتملة على كلأ دون ماءٍ أو بالعكس بحكم عادمتهما، أو بحكم مشتملتهما؟قولان،صريح التنقيح:الثاني (1)،و صريح شيخنا الشهيد الثاني:الأوّل،قال:لعدم قوام الحيوان بدونهما،و لظاهر قول أمير المؤمنين(عليه السّلام)إنّه إن تركها في غير كلأ و لا ماء،فهي للذي أحياها (2).

و هذا أقوى.

و الشاة إن وجدت في الفلاة التي يخاف عليها فيها من السباع أخذها الواجد جوازاً،بلا خلاف ظاهر مصرّح به في المسالك (3)و غيره (4)،بل عليه الإجماع في شرح الشرائع للصيمري و عن التذكرة (5)؛ و هو الحجّة.

مضافاً إلى الصحاح المتقدّمة،و لأنّها لا تمنع من صغير (6)السباع فتكون كالتالفة،لا فائدة للمالك في تركها له.و يتخيّر الآخذ بين حفظها لمالكها،و دفعها إلى الحاكم.و لا ضمان فيهما إجماعاً كما في شرح الشرائع للصيمري و المسالك (7)؛ للأصل،و انتفاء الموجب للضمان في الصورتين، نظراً إلى الرخصة في الأخذ فيكون أميناً في الحفظ،و الدفع إلى الحاكم الذي هو بحكم المالك،لأنّه ولي الغيّب؛ و بين أن يتملّكها،بلا خلاف.

و هل يضمنها حينئذٍ كما عن الأكثر مطلقاً أو مع ظهور

ص:160


1- التنقيح 4:111.
2- الروضة 7:85.
3- المسالك 2:301.
4- انظر الكفاية:235.
5- غاية المرام 4:150،التذكرة 2:267.
6- في المطبوع من المختصر(261):ضرر.
7- غاية المرام 4:151،المسالك 2:301.

المالك،أم لا؟قولان،تردّد بينهما في الشرائع (1)من أنّها مال الغير، و لم يوجد دليل ناقل عن حكم ضمانه،و إنّما المتّفق عليه جواز تصرّفه فيها،و لعموم:« على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» و عموم الخبر:« من وجد شيئاً فهو له،فليتمتّع به حتى يأتيه طالبه،فإذا جاء طالبه ردّه إليه» (2).

و من ظاهر اللّام في قوله(عليه السّلام):« هي لك» في تلك الصحاح (3)، و إطلاق الصحيحة الأخيرة (4)منها الصريحة في الملك بالأخذ،و به تخصّ العمومات المتقدّمة،مع قصور الرواية الأخيرة منها سنداً،بل و دلالةً.

و أمّا ما يقال من احتمال اللّام الاختصاص الغير المنافي للضمان، و اختصاص الصحيحة الأخيرة بحيوان سيّبه صاحبه فلم تعمّ صور المسألة.

فمحلّ مناقشة؛ لمنافاة الاحتمال الظاهر المتبادر منها عند الإطلاق، و اندفاع الاختصاص بعدم القول بالفرق بين الأصحاب.

و مع ذلك فلا ريب أنّ الضمان أحوط،بل و أظهر؛ للصحيح المرويّ عن قرب الإسناد:عن رجل أصاب شاة في الصحراء،هل تحلّ له؟قال:

« قال رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله):هي لك،أو لأخيك،أو للذئب فخذها،و عرّفها حيث أصبتها،فإن عرفت فردّها إلى صاحبها،و إن لم تعرف فكلها،و أنت ضامن لها إن جاء صاحبها يطلب ثمنها أن تردّها عليه» (5).

لكن سيأتي في الصحيح:« إنّ من وجد ضالّة فلم يعرّفها،ثمّ وجدت

ص:161


1- الشرائع 3:289.
2- الكافي 5:10/139،التهذيب 6:1175/392،الوسائل 25:447 أبواب اللقطة ب 4 ح 2.
3- المتقدمة في ص:153.
4- المتقدمة في ص:156.
5- قرب الإسناد:1086/273،الوسائل 25:459 أبواب اللقطة ب 13 ح 7.

عنده،فإنّها لربّها» الحديث (1).و يستفاد من مفهومه خروجه عن ملك المالك بالتعريف.

و هل له التملّك قبل التعريف سنة؟قيل:لا؛ للاستصحاب،و عموم الأمر بالتعريف في اللقطات (2).و قوّى جماعة (3)العدم (4)؛ لإطلاق الصحاح بالملك من دون تقييد له به،مع ورودها في مقام بيان الحاجة، و به يخصّ عموم الأمر المتقدّم مع الاستصحاب،مع أنّه لا عموم له،بل غايته الإطلاق الغير المنصرف بحكم التبادر و سياق جلّ من النصوص المشتملة عليه إلّا إلى لقطة الأموال غير الضوالّ.

و الأوّل أحوط،بل لعلّه أظهر؛ للصحيح المتقدّم الصريح في ذلك المعتضد بإطلاق الصحيح الآخر،بل عمومه الناشئ عن ترك الاستفصال:

عن الرجل يصيب درهماً أو ثوباً أو دابّة،كيف يصنع؟قال:« يعرّفها سنة، فإن لم يعرّف حفظها في عرض ماله حتّى يجيء طالبها،فيعطيها إيّاه،و إن مات أوصى بها،و هو لها ضامن» (5)فتأمّل.

و الصحيح:« من وجد ضالّة فلم يعرّفها،ثمّ وجدت عنده،فإنّها

ص:162


1- الكافي 5:17/141،الفقيه 3:843/187،التهذيب 6:1180/393،الوسائل 25:460 أبواب اللقطة ب 14 ح 1.
2- انظر تحرير الأحكام 2:126.
3- منهم العلّامة في التذكرة 2:268،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:140،و الشهيد الثاني في الروضة 7:87.
4- المراد عدم توقّف التملك على التعريف،و العبارة غير ملائمة للسياق،و الأنسب:الجواز.
5- الفقيه 3:840/186،التهذيب 6:1198/397،الوسائل 25:466 أبواب اللقطة ب 20 ح 2.

لربّها» و الخبر:« الضوالّ لا يأكلها إلّا الضالّون إذا لم يعرّفوها» (1).

و في رواية ضعيفة (2) أنّ واجد الشاة يحبسها عنده ثلاثة أيّام، فإن جاء صاحبها،و إلّا تصدّق بثمنها عن صاحبها.و قد حملها الأصحاب على ما إذا أُخذت من العمران،و المساكن المأهولة،و ما هو قريب منها بحيث لا يخاف عليها من السباع.

و ظاهرهم الإطباق على العمل بها حينئذٍ،و لكن اختلفوا في جواز الأخذ فيه،فعن المبسوط أنّه جوّز فيه و فيما كان متّصلاً به نصف فرسخ أخذ الحيوان ممتنعاً أو لا،و يتخيّر الآخذ بين الإنفاق تطوّعاً،أو الدفع إلى الحاكم،و ليس له أكله (3).

و المشهور كما في التنقيح (4)،و عن التذكرة عدم الخلاف فيه (5)المنع إلّا مع خوف التلف أو النهب،فيجوز أخذه حينئذٍ حفظاً لمالكه على وجه الحسبة.و في الدروس عن الفاضل الموافقة لهم إلّا في الشاة،قال:

و منع الفاضل من أخذ ما في العمران عدا الشاة إلّا أنْ يخاف عليه النهب أو التلف (6).

و وجهه كوجه ما في المبسوط غير واضح،مع أنّ الأصل عدم جواز الأخذ و التصرّف في ملك الغير بدون إذن من الشرع،كما هو مفروض

ص:163


1- التهذيب 6:1182/394،الوسائل 25:442 أبواب اللقطة ب 2 ح 4.
2- التهذيب 6:1196/397،الوسائل 25:459 أبواب اللقطة ب 13 ح 6.
3- المبسوط 3:320.
4- التنقيح 4:113.
5- التذكرة 2:267.
6- الدروس 3:83.

البحث.فإذا الأظهر قول الأكثر.

و يجب أن ينفق الواجد على الضالّة إن لم يتّفق سلطان ينفق عليها من بيت المال أو يأمره بالإنفاق؛ حفظاً لنفسها المحترمة عن الهلكة،و لا يرجع بالنفقة على المالك حيثما لم يجز له أخذها قطعاً؛ لعدم الإذن له في الأخذ و لا الإنفاق و إن وجب عليه من باب الحفظ.

و هل يرجع بها على المالك حيثما جاز له الأخذ مع نيّة الرجوع؟قولان، الأشبه نعم و عليه الأكثر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر؛ لما مرّ في بحث الإنفاق على اللقيط،خلافاً لمن سبق ثمة (1).و دليله مع جوابه يعلم من هناك.

و لو كان للضالّة نفع كالظهر و الركوب أو اللبن جاز الانتفاع به في مقابلة الإنفاق،بلا خلاف كما يفهم من الروضة (2).و يعضده الصحيح الوارد في تجويز استخدام اللقيطة في مقابلة النفقة (3).

و في كيفيّة الاحتساب بالمنفعة مكان النفقة قولان قال الشيخ في النهاية (4):كان ما استوفاه من المنافع بإزاء ما أنفق عليها.و حجّته هنا غير واضحة عدا ما ذكره جماعة من الحوالة على ما ورد في الرهن من الرواية (5).

ص:164


1- راجع ص:153 154.
2- الروضة 7:91.
3- المتقدم في ص:154.
4- النهاية:324.
5- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 4:115،و ابن فهد في المهذب البارع 4:305،و الشهيد الثاني في المسالك 2:302.

و يضعّف زيادة على ما أوردنا عليها ثمّة من ضعف السند،و قصور الدلالة و المخالفة للقواعد الشرعية بأنّه قياس فاسد في الشريعة،مع أنّ الرواية الدالّة على ذلك ثمّة مشترطة للرهينة،فإنّه« قال(عليه السّلام):الظهر يركب إذا كان مرهوناً،و على الذي يركب نفقته،و الدرُّ يشرب إذا كان مرهوناً، و على الذي يشرب نفقته» (1).

و من هنا ينقدح أنّ الوجه في المسألة ما اخترناه ثمّة من لزوم التقاص بالنفقة،و رجوع كلّ ذي فضل بفضله؛ لأنّ لكل منهما حقاً عند الآخر فيتقاصّان كسائر الحقوق.

القسم الثالث في لقطة المال الصامت و فيه ثلاثة فصول

الأوّل:اللقطة

اشارة

القسم الثالث في لقطة المال الصامت و فيه ثلاثة فصول :

الأوّل:اللقطة:كلّ مال ضائع أُخذ و لا يد عليه هذا تعريف لها بالمعنى الأخصّ الذي هو المعروف منها لغةً كما مضى.

و ربما كان فيه مع جعل المعروف قسماً ثالثاً من اللقطة تقسيم للشيء إلى نفسه و غيره.

و يندفع بأنّ المراد من المقسم المعنى الأعمّ الذي هو المصطلح في استعمال الفقهاء،فلا محذور؛ لتغاير الاعتبارين.

و كان عليه أنْ يقيّد المال بالصامت كي لا ينتقض في طرده بالحيوان الضائع حتى العبد فإنّه داخل في المال المطلق.

إذا عرفت هذا ف اعلم أنّ ما كان منه دون الدرهم يجوز

ص:165


1- الفقيه 3:886/195،التهذيب 7:775/175،الوسائل 18:398 أبواب أحكام الرهن ب 12 ح 2.

التقاطه و ينتفع به من غير تعريف بلا خلاف ظاهر،بل عليه الإجماع عن التذكرة و في التنقيح (1)لكن فيما عدا لقطة الحرم؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى صريح الروايات الآتية.

و هل يجب ضمانه مع ظهور مالكه؟قولان،أحوطهما ذلك،وفاقاً للقواعد و التنقيح و غيرهما (2)؛ للأصل،و عدم صراحة النصوص في التملّك بناءً على عدم صراحة اللام فيه،مع أنّ بعضها الذي هو المعتبر سنداً دون ما تضمّن اللام؛ لإرساله،مع عدم جابر له فيه جدّاً لم يتضمّن عدا نفي وجوب التعريف في هذا المقدار،و هو لا يستلزم التملك؛ لاجتماعه مع جواز التصرّف فيه،هذا.مضافاً إلى اعتضاده ببعض ما مرّ فيما يشابه المسألة قريباً.

و في إلحاق قدر الدرهم بما دونه في الحكم المتقدّم قولان، أظهرهما بل و أشهرهما العدم،وفاقاً للصدوقين و الشيخين،و القاضي و الحلي (3)؛ للأصل المعتضد بإطلاق النصوص المستفيضة،بل المتواترة بلزوم تعريف اللقطة (4)،مع أنّ جملة منها عامّة؛ لما فيها من ترك الاستفصال،و هي حجّة أُخرى مستقلّة و إن كانت للأوّل معاضدة.

و خصوص الروايات،منها:الصحيح الصريح المتقدّم:عن الرجل يصيب درهماً أو ثوباً أو دابّةً كيف يصنع؟قال:« يعرّفها سنة» (5)فتأمّل.

ص:166


1- التذكرة 2:256،التنقيح 4:115.
2- القواعد 1:198،التنقيح 4:116؛ و انظر جامع المقاصد 6:158.
3- الصدوق في المقنع:127،و حكاه عن والده في المختلف:449،المفيد في المقنعة:647،الطوسي في المبسوط 3:324،القاضي في المهذّب 2:567،الحلي في السرائر 2:101.
4- الوسائل 25:441 أبواب أحكام اللقطة ب 2.
5- الفقيه 3:840/186،قرب الإسناد:1702/269،الوسائل 25:444 أبواب أحكام اللقطة ب 2 ح 13.

و المرسل كالصحيح بابن أبي عمير المجمع على تصحيح رواياته -:عن اللقطة،قال:« تعرّف سنةً قليلاً كان أو كثيراً» قال:« و ما كان دون الدرهم فلا يعرّف» (1).

و مرسل الفقيه:« و إن كانت اللقطة دون درهم فهي لك فلا تعرّفها» (2)الخبر.

خلافاً للديلمي و التقي و ابن حمزة (3)،فاختاروا الإلحاق.و حجّتهم عليه غير واضحة،و مع ذلك الأدلّة على خلافه كما عرفت متكاثرة متعاضدة.

نعم يستفاد من قول الماتن:فيه روايتان وجود رواية لهم،و لم نقف عليها بعد التتبّع،و به صرّح في التنقيح (4).

و إطلاق الخبرين الأخيرين يقتضي عدم الفرق في جواز أخذ ما دون الدرهم،و تملّكه بين التقاطه من الحرم و غيره،و هو ظاهر المتن أيضاً.

بل يستفاد من قوله: و ما كان أزيد من الدرهم فإن وجده في الحرم كره أخذه،و قيل:يحرم و لا يحلّ أخذه إلّا مع نيّة التعريف عدم الخلاف فيه.و نحوه عبارة الشيخ في النهاية،و القاضي و الحلي (5)كما حكي.

ص:167


1- الكافي 5:4/137،التهذيب 6:1162/389،الإستبصار 3:226/68،الوسائل 25:446 أبواب أحكام اللقطة ب 4 ح 1.
2- الفقيه 3:855/190،الوسائل 25:443 أبواب أحكام اللقطة ب 2 ح 9.
3- الديلمي في المراسم:206،التقي في الكافي في الفقه:350،ابن حمزة في الوسيلة:278.
4- التنقيح الرائع:116.
5- النهاية:320،المهذّب 2:567،السرائر 2:101.

و في كلّ من الحكم بعدم الفرق في ذلك،و الإشعار بعدم الخلاف فيه،و اختصاصه بما زاد من لقطة الحرم نظر.

فالأوّل:بعدم دليل عليه عدا إطلاق الخبرين،و ليسا يشملان بحكم التبادر و الغلبة محلّ الفرض.و أدلّة المنع و الجواز المستدلّ بها في لقطة الحرم مطلقة لا تفصيل فيها بين الزائد على الدرهم و الناقص عنه،فلا وجه للحكم به.

و الثاني:بما يحكى عن جماعة من عدم الفرق بينهما،و إن اختلفوا في الحكم كراهةً كما عن الخلاف و والد الصدوق (1)،أو تحريماً كما عن النهاية (2)،و جماعة و منهم الماتن في كتاب الحج،و الدروس فيه أيضاً، و الفاضل في المختلف و القواعد،و المقداد في التنقيح،و الصيمري في شرح الشرائع،و الشهيد في اللمعة (3)مشترطاً في التحريم نيّة التملّك، مصرّحاً بالجواز إذا كان بنيّة الإنشاد.

و نسبه في المسالك و غيره (4)إلى المشهور،و احتجّ فيه لهم بالآية أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً [1] (5)فإنّ مقتضاه أن يكون الإنسان آمنا فيه على نفسه و ماله،و هو ينافي جواز أخذه.

و النصوص،منها:« لقطة الحرم لا تمسّ بيد و لا رجل،و لو أنّ الناس

ص:168


1- الخلاف 3:585،و حكاه عن والد الصدوق في المختلف:448.
2- النهاية:284.
3- الشرائع 1:277،الدروس 1:472،المختلف:248،القواعد 1:197،التنقيح 4:117،غاية المرام 4:155،اللمعة(الروضة البهية 7):92.
4- المسالك 2:303؛ و انظر جامع المقاصد 6:147.
5- العنكبوت:67.

تركوها لجاء صاحبها فأخذها» (1).

و منها:عن رجل وجد ديناراً في الحرم فأخذه،قال:« بئس ما صنع، ما كان ينبغي له أن يأخذه» قلت:ابتلي بذلك،قال:« يعرّفه» (2)الحديث.

و منها:عن لقطة الحرم،فقال:« لا تمسّ أبداً حتى يجيء صاحبها فيأخذها» قلت:فإن كان مالاً كثيراً،قال:« فإن لم يأخذها إلّا مثلك فليعرّفها» (3).

و ضعّف الجميع بما يرجع حاصله إلى منع دلالة الآية،و تضعيف أسانيد الروايات،مع تضمّن بعضها لفظة:« لا ينبغي» الصريحة في الكراهة،و آخر منها لفظة:« لم يأخذها إلّا مثلك فليعرّفها» الظاهر فيها؛ إذ لو كان محرّماً لساوى غيره.بل الظاهر منه أنّ أخذ الثقة غير مكروه،أو أقلّ كراهة،و حال مطلق اللقطة كذلك.

بل قد ورد فيها بمثل هذه العبارة ما هو أصحّ سنداً،منها:« كان علي ابن الحسين(عليه السّلام)يقول لأهله:لا تمسّوها» (4).

و منها:« لا تعرّض لها،فلو أنّ الناس تركوها لجاء صاحبها فأخذها» (5).

قال:و يؤيدّ الحكم بالكراهة الخبر:عن اللقطة،فقال:« أمّا بأرضنا

ص:169


1- التهذيب 6:1167/390،الوسائل 25:439،أبواب اللقطة ب 1 ح 3.
2- التهذيب 6:1190/395،الوسائل 25:463 أبواب اللقطة ب 17 ح 2.
3- التهذيب 5:1461/421،الوسائل 13:260 أبواب مقدمات الطواف ب 28 ح 2.
4- التهذيب 6:1163/389،الإستبصار 3:227/68،الوسائل 25:439 أبواب اللقطة ب 1 ح 1.
5- التهذيب 6:1166/390،الوسائل 25:439 أبواب اللقطة ب 1 ح 2.

هذه فلا يصلح» (1).

و في جميع ما ذكره عدا الجواب عن الآية نظر؛ لانجبار قصور الأسانيد بالشهرة الظاهرة المحكيّة في كلام جماعة (2)،و اعتضاده بالأصل المتقدّم إليه الإشارة غير مرّة من حرمة التصرّف في ملك الغير إلّا برخصة من الشرع،هي في المقام مفقودة.

و« لا ينبغي» و إن أشعر بالكراهة إلّا أنّ« بئس ما صنع» أظهر دلالةً على الحرمة منه على الكراهة.

و دعواه الصراحة في« لا ينبغي» ممنوعة،كيف لا؟!و استعماله في الحرمة و الأعمّ منها و من الكراهة شائع في الأخبار غايته،حتى أنكر بعض الأصحاب لذلك إشعاره بالكراهة (3).

و دلالة« إن لم يأخذها إلّا مثلك» عليها على تقدير تسليمها غير نافعة للقائلين بالكراهة؛ لعدم تفصيلهم في الحكم بها بين الفاسق و الثقة، نعم ربما يوجد هذا التفصيل في كلام بعض القائلين بالحرمة (4)،فتكون ضارّة لهم لا نافعة.

و أمّا النصوص الصحيحة المتضمّنة لنحو ما في الروايات السابقة من المنع عن أخذ مطلق اللقطة،فهي ممّا يؤيّد القول بالحرمة؛ لإطلاقها الشامل للقطتي الحرم و غيره.و لا إجماع يقيّده بالثاني و يصرف النهي فيها

ص:170


1- التهذيب 5:1463/421،الوسائل 13:259 أبواب مقدمات الطواف ب 28 ح 1.
2- منهم فخر المحققين في إيضاح الفوائد 2:15،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:147،و الشهيد الثاني في المسالك 2:303.
3- انظر مجمع الفائدة و البرهان 10:454.
4- انظر الدروس 1:473.

إلى الكراهة؛ لوقوع الخلاف فيه أيضاً حرمةً و كراهةً،كما يستفاد من المختلف،حيث قال:الأشهر الكراهة (1)،بعد أن حكى المنع عن الصدوق و النهاية.

و على تقدير الإجماع على الكراهة فلا دلالة فيه على تعيّن التقييد المتقدّم إليه الإشارة بعد احتمال كونه مقيّداً لها بصورة العكس،بل هذا أولى؛ لتعدّد المجازيّة في الاحتمال الأوّل من التقييد و صرف النهي فيها إلى الكراهة،و لا كذلك الثاني،فإنّ اللازم فيه إنّما هو الأوّل،و يكون النهي فيه باقياً على الحرمة.

لكن يتوجّه عليه استلزامه حمل الإطلاق على الفرد النادر؛ لندرة لقطة الحرم بالإضافة إلى غيرها.

و به يجاب عمّا لو استدلّ به على الكراهة في لقطة الحرم من إطلاق مرسل الفقيه:« إنّ أفضل ما يستعمله الإنسان في اللقطة إذا وجدها أن لا يأخذها،و لا يتعرّض لها،فلو أنّ الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه» (2)الخبر؛ لوروده مورد الغالب و هو ما عدا لقطة الحرم،مع أنّه مرسل،لكنّه بعد حمله على الغالب من لقطة غير الحرم كما بني عليه الجواب بالشهرة المحكيّة في المختلف بل الظاهرة منجبر،فيصرف به ظواهر النهي في تلك النصوص الصحيحة إلى الكراهة.

و منه يظهر صحّة ما عليه المشهور في لقطة غير الحرم من الكراهة (3).

ص:171


1- المختلف:449.
2- الفقيه 3:855/190،الوسائل 25:443 أبواب اللقطة ب 2 ح 9.
3- في« ح» و« ر» زيادة:بل قيل:يفهم عليه الإجماع من التذكرة،و هو حجّة أخرى مستقلّة.انظر مجمع الفائدة و البرهان 10:470،و التذكرة 2:251،256.

[بل قيل:يفهم عليه الإجماع من التذكرة،و هو حجّة أخرى مستقلّة أيضا] مضافاً إلى الموثق كالصحيح:عن اللقطة،فأراني خاتماً في يده من فضّة،قال:« إنّ هذا ممّا جاء به السيل،و أنا أُريد أن أتصدّق به» (1).

و يبقى الجواب حينئذٍ عن تمسّك المسالك (2)بها لصرف النهي في تلك الروايات أيضاً إلى الكراهة.و يمكن أن يقال:إنّ صرف النهي إليها في تلك الصحاح لقرينة من إجماع أو رواية لا يستلزم صرفه إليها في هذه الروايات من دون قرينة كما هو المفروض.

و تأييد الكراهة بالرواية الأخيرة (3)غير واضح؛ لإشعارها بل ظهورها في اختصاص عدم الصلاحية و الكراهة بأرض منى خاصّة،و لا قائل به من الطائفة فلتطرح،أو تؤوّل بحمل« لا يصلح» على الحرمة،و يلحق مكة و باقي الحرم بمنى بعدم القائل بالفرق بين الطائفة،و لا محذور.و لا كذلك لو أُبقيت على ظاهرها من الكراهة؛ إذ عدم القول بالفرق المزبور إنّما يتمّ به الكراهة في لقطة جميعه،و لا يدفع محذور اختصاصها به،فإنّ مقتضاه عدم الكراهة في لقطة غيره،و لا قائل به.

و حمل« لا يصلح» على تأكّد الكراهة و إن أمكن و يندفع به هذا المحذور،إلّا أنّه مجاز كالحمل على الحرمة،لا يمكن اختياره خاصّة إلّا بعد قرينة معيّنة هي في الرواية مفقودة.

اللّهم إلّا أنْ يقال:إنّه أقرب المجازين إلى أصل الكراهة الذي هو الحقيقة،لكنّه معارض بظهور الروايات السابقة في الحرمة،مع اشتهارها بين الطائفة،كما اعترف به هو و غيره،و أخبارهم عليهم السّلام يكشف بعضها عن

ص:172


1- التهذيب 6:1172/391،الوسائل 25:451 أبواب اللقطة ب 7 ح 3.
2- المسالك 2:303.
3- المتقدمة في ص:166.

بعض.

فإن لم يكن الحمل على الحرمة بهذا راجحاً على الحمل الآخر فلا أقلّ من التساوي بينهما،و هو يوجب الإجمال المنافي للاستدلال.

و بما حرّرناه ظهر قوّة القول في لقطة الحرم بالحرمة،و ضعف القول فيها بالكراهة غايته.

و على كلا القولين يعرّف ها حولاً واحداً،إجماعاً فيما زاد عن الدرهم،و على الأشهر الأقوى مطلقاً،بناءً على عدم تملّكه و ما نقص عنه أيضاً كما مضى فإن جاء صاحبه سلّمه إليه و إلّا تصدّق به بعد الحول أو استبقاه أمانة في يده.

و لا يجوز له أن يملك ه بلا خلاف في شيء من ذلك إلّا في عدم جواز التملّك،فقد جوّزه جماعة في الناقص عن الدرهم و لو من دون تعريف كما مرّ (1).و عن الحلبي تجويزه في الزائد أيضاً بعد التعريف (2).

و قد مرّ ضعف الأوّل مفصّلاً،و مثله الثاني فيه جدّاً،مع كونه شاذّاً محجوجاً هو كسابقه بالأصل،و عدم دليل على الملك مطلقاً،عدا ما يأتي من النصوص الدالّة عليه الواردة في مطلق اللقطة الغير المنصرفة كما عرفت بحكم التبادر و الغلبة إلى مفروض المسألة.

و مع ذلك معارضة بصريح الرواية المنجبرة بالشهرة العظيمة في الجملة التي كادت تكون إجماعاً،بل لعلّها إجماع في الحقيقة كما في المختلف و عن التذكرة (3)،و فيها:« اللقطة لقطتان:لقطة الحرم و تعرّف

ص:173


1- راجع ص:164.
2- الكافي في الفقه:350.
3- المختلف:448،التذكرة 2:256.

سنةً،فإن وجدت لها طالباً،و إلّا تصدّقت بها.و لقطة غيرها تعرّف سنةً فإن لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك» (1).

و لا يعارضه الخبر:فيمن وجد في الطواف ديناراً قد انسحق كتابته، قال:« له» (2)و كذا الآخر:« فإن وجدت في الحرم ديناراً مطلّساً فهو لك لا تعرِّفه» (3).

لضعفهما سنداً،و مخالفتهما الإجماع ظاهراً؛ لدلالتهما على إطلاق جواز التملّك من دون تقييد بالتعريف سنةً،مع تصريح الأخير بالنهي عنه، و لم يذهب إليه أحد من الأصحاب عدا الصدوقين (4)،و هما شاذّان انعقد على خلافهما الإجماع،فليطرحا،أو يؤوّلا بما يؤولان به إليه من حملهما على غير اللقطة من المدفون أو غيره،أو على أنّه(عليه السّلام)كان يعلم أنّه من خارجي أو ناصبيّ،فتأمّل.

و لو تصدّق به بعد الحول،و كره المالك فلم يرض به لم يضمن الملتقط على الأشهر على حكاية الماتن هنا،و لم ينقل إلّا عن المفيد و الديلمي و القاضي و ابن حمزة (5).

و في المسالك نسب الضمان إلى الشهرة (6).و حكي عن الشيخ في

ص:174


1- التهذيب 6:1163/389،الإستبصار 3:227/68،الوسائل 25:441 أبواب اللقطة ب 2 ح 1.
2- التهذيب 6:1187/394،الوسائل 25:463 أبواب اللقطة ب 17 ح 1.
3- الفقيه 3:855/190،الوسائل 25:443 أبواب اللقطة ب 2 ح 9.
4- الصدوق في المقنع:127،و حكاه عن والد الصدوق في المختلف:448.و انظر فقه الرضا(عليه السّلام):266.
5- المفيد في المقنعة:646،الديلمي في المراسم:206،القاضي في المهذّب 2:567،ابن حمزة في الوسيلة:278.
6- المسالك 2:303.

كتبه الثلاثة و الإسكافي و الحلّي (1)،و اختاره في المختلف و الصيمري في شرح الشرائع (2).و لعلّه أظهر؛ للخبر المتضمّن بعد الأمر بالتصدّق قوله(عليه السّلام):« فإن جاء صاحبه فهو له ضامن» (3).

و ضعفه منجبر بعموم:« على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (4)و فحوى الأدلّة الآتية في لقطة غير الحرم من الضمان بعد الصدقة و الكراهة؛ و ذلك لأنّها جائزة له و لو على كراهة كما مر إليه الإشارة،فضمانها حينئذٍ بعد الأمرين مع كونه مأذوناً في الالتقاط و الصدقة يستلزم الضمان بعدهما في مفروض المسألة بالأولوية؛ لأنّه لم يرخّص فيه إلّا بالصدقة دون الالتقاط؛ للنهي عنه،كما عرفته.

مضافاً إلى انجباره من أصله بالشهرة الظاهرة،و فيما تضمّنه من حكم المسألة بالشهرة المحكية.

نعم يعارضها حكاية الشهرة على العكس في العبارة،لكنّها على تقدير تسليمها غير واضحة الحجّة عدا ما صرّح به في الشرائع و غيره (5)من أنّ الصدقة بها تصرّف مشروع بالإجماع فلا يتعقّبها ضمان.

و هو حسن لولا ما قدّمناه من الحجة القويّة المترجّحة على هذه بوجوه عديدة،أقواها الأولويّة المتقدّمة،و هي و إن اختصّت بصورة تعمّد

ص:175


1- النهاية:284،المبسوط 3:321،الخلاف 3:585،و حكاه عن الإسكافي في إيضاح الفوائد 2:154،السرائر 2:101.
2- المختلف:448،غاية المرام 4:156.
3- التهذيب 6:1190/395،الوسائل 25:463 أبواب اللقطة ب 17 ح 2.
4- عوالي اللئالئ 2:10/345،مسند أحمد 5:12،سنن أبي داود 3:3561/296،سنن الترمذي 2:1284/368،مستدرك الحاكم 2:47،مستدرك الوسائل 17:4/88.
5- الشرائع 3:292؛ و انظر التنقيح الرائع 4:118.

الالتقاط فلا تشمل غيرها من الصور،لكنّها تتمّ حجّة على تمام المدّعى بعدم القائل بالفرق بين الطائفة إن صحّ،و إلّا فتخصيص الضمان بالصورة الاُولى لا يخلو عن وجه؛ لاختصاص الخبر المتقدّم الدالّ عليه مع بعض معاضداته بها،فلا معارضة للقاعدة من جهته فيما عداها.

و إن وجده في غير الحرم و كان زائداً عمّا دون الدرهم يعرّف ه حولاً واحداً،بلا خلاف فيه في الجملة،و النصوص به مع ذلك مستفيضة.

ففي الصحيح:« يعرّفها سنة،فإن جاء لها طالب،و إلّا فهي كسبيل ماله» (1).

و فيه:« لا ترفعوها،فإن ابتليت بها فعرّفها سنةً،فإن جاء طالبها،و إلّا فاجعلها في عرض مالك،يجري عليها ما يجري على مالك،إلّا أن يجيء طالب» (2).

و فيه:« يعرّفها سنةً،فإن لم يُعرَف حفظها في عرض ماله حتّى يجيء طالبها فيعطيها إيّاه،و إن مات أوصى بها،و هو لها ضامن» (3)فتأمّل.

و في المرسل كالصحيح:« تعرّف سنة قليلاً كان أو كثيراً،و ما كان دون الدرهم فلا يعرّف» (4).إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.

ص:176


1- التهذيب 6:1163/389،الإستبصار 3:227/68،الوسائل 25:441 أبواب اللقطة ب 2 ح 1.
2- التهذيب 6:1165/390،الإستبصار 3:229/68،الوسائل 25:442 أبواب اللقطة ب 2 ح 3.
3- الفقيه 3:840/186،قرب الإسناد:1072/269،الوسائل 25:444 أبواب اللقطة ب 2 ح 13.
4- الكافي 5:4/137،التهذيب 6:1162/389،الإستبصار 3:226/68،الوسائل 25:446 أبواب اللقطة ب 4 ح 1.

و إطلاقها كالعبارة و نحوها من عبائر الجماعة يقتضي عدم الفرق في وجوب التعريف بين صورتي نيّة التملّك بعده و عدمها.و هو أقوى وفاقاً لأكثر أصحابنا؛ لذلك؛ و لأنّه مال الغير حصل في يده،فيجب عليه دفعه إلى مالكه،و التعريف وسيلة إلى علمه به،فيجب من باب المقدّمة؛ و لما في تركه من الكتمان المفوّت للحقّ على مستحقّه.

خلافاً للمبسوط (1)،فخصّه بالصورة الأُولى،محتجّاً بأنّ التعريف إنّما وجب لتحقّق شرط التملّك،فإذا لم يقصده لم يجب و يكون مالاً مجهول المالك.

و فيه مع مخالفته لما مرّ نظر؛ لمنع حصر سبب وجوب التعريف فيما ذكر،بل السبب الأقوى فيه هو ما مرّ من وجوب إيصال المال إلى مالكه بأيّ وجه اتّفق.و يفرّق بينه و بين المال المجهول المالك بأنّه لم يقدّر له طريق إلى التوصّل إلى مالكه،بخلاف محلّ الفرض فقد جعل الشارع التعريف طريقاً إليه،كما عرفت من إطلاق النصّ.

ثم إنّ الملتقط بعد التعريف تمام الحول بالخيار بين التملّك مع الضمان كما في بعض الصحاح المتقدّمة،و غيره من المعتبرة.

ففي الخبر:« ينبغي أن يعرّفها سنة في مجمع،فإن جاء طالبها دفعها إليه،و إلّا كانت في ماله،فإن مات كانت ميراثاً لولده و لمن ورثه،فإن لم يجيء لها طالب كانت في أموالهم،هي لهم،و إن جاء طالبها بعد دفعوها إليه» (2).

ص:177


1- المبسوط 3:322.
2- الكافي 5:23/309،الفقيه 3:845/188،التهذيب 6:1197/397،الوسائل 25:465 أبواب اللقطة ب 20 ح 1.

و في آخر:« خيّره إذا جاءك بعد سنة بين أجرها،و بين أن تغرمها إذا كنت أكلتها» (1).

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة المعتضدة بفحوى الضمان مع الصدقة،و بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،كما يشعر به كلام صاحب الكفاية (2)حيث نسبه إلى الأصحاب كافّةً.فاحتماله عدم الضمان و كونه على جهة الاستحباب لا وجه له.

و الصدقة بها عن مالكها،كما في النصوص المستفيضة،ففي الخبر القريب من الصحيح بفضالة و أبان المجمع على تصحيح ما يصح عنهما كما حكاه بعض أصحابنا (3)-:عن اللقطة،فقال:« يعرّفها سنة،فإن جاء صاحبها دفعها إليه،و إلّا حبسها حولاً،فإن لم يجيء صاحبها و من يطلبها تصدّق بها،فإن جاء صاحبها بعد ما تصدّق بها إن شاء اغترمها الذي كانت عنده و كان الأجر له،و إن كره ذلك احتسبها و الأجر له» (4).

و في آخر:عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص،إلى أن قال(عليه السّلام):« و إلّا كانت في يده بمنزلة اللقطة يصيبها،فيعرّفها حولاً،فإن أصاب صاحبها ردّها عليه،و إلّا تصدّق بها،فإن جاء صاحبها بعد ذلك خيّره بين الأجر و الغرم،فإن اختار الأجر فله الأجر،و إن اختار الغرم غرم له و كان الأجر له» (5).

ص:178


1- التهذيب 6:1194/396،الوسائل 25:442 أبواب اللقطة ب 2 ح 5.
2- الكفاية:238.
3- رجال الكشي 2:673،831.
4- التهذيب 6:1164/389،الإستبصار 3:228/68،الوسائل 25:441 أبواب اللقطة ب 2 ح 2.
5- الكافي 5:21/308،الفقيه 3:856/190،التهذيب 6:1191/396،الإستبصار 3:440/124،الوسائل 25:463 أبواب اللقطة ب 18 ح 1.

و إبقائها أمانةً موضوعاً في حرز أمثاله كالوديعة،فلا يضمنها إلّا مع التعدي أو التفريط؛ لأنّه حينئذٍ محسن إلى المالك يحفظ ماله و حراسته له،فلا يتعلّق به ضمان؛ لانتفاء السبيل عن المحسنين.

و هذا لم يرد به نصّ كأصل التخيير بينه و بين أحد الأوّلين؛ لظهور النصوص الواردة فيهما في تعيّن أحدهما لا التخيير مطلقاً،إلّا أنّه قيل:

يفهم الإجماع عليه من التذكرة (1).فإن تمّ،و إلّا كان مشكلاً؛ لوقوع الخلاف في توقّف التملك على النيّة أو حصوله قهراً،و عليه لا معنى للإبقاء أمانةً،و سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى.

و يستفاد من المستفيضة أنّه لو تصدّق الملتقط بها بعد الحول فكره المالك ذلك ضمن الملتقط و لا خلاف فيه ظاهراً، و نفاه في المسالك (2)صريحاً.و جعله في المختلف إجماعاً (3).

ثم إنّ كلّ ذا إذا كانت مأمونة البقاء تمام الحول كالدراهم و الدنانير و نحوهما و لو كانت ممّا لا يبقى بل يفسد عاجلاً كالطعام قوّمها على نفسه عند الوجدان،و ضمنها للمالك و انتفع بها،و إن شاء دفعها إلى الحاكم أوّلاً و لا ضمان عليه حينئذٍ أصلاً،بلا خلاف ظاهر مصرّح به في شرح الإرشاد للمقدس الأردبيلي-(رحمه اللّه) ناقلاً فيه عن ظاهر التذكرة الإجماع عليه (4).

و هو الحجّة الجامعة بين القاعدة الدالّة على الثاني لأنّ الحاكم وليّ

ص:179


1- قال به في مجمع الفائدة و البرهان 10:461،و هو في التذكرة 2:260.
2- المسالك 2:303.
3- المختلف:449.
4- مجمع الفائدة و البرهان 10:469،و هو في التذكرة 2:259.

الغُيّب،و القويّ بالسكوني و صاحبه الدالّ على الأوّل:عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة،كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها،و فيها سكين،قال:

« يقوّم ما فيها،ثم يؤكل لأنّه يفسد و ليس له بقاء،فإن جاء طالبها غرموا له الثمن» (1)الخبر.

و نحوه آخر:« فإن وجدت طعاماً في مفازة فقوّمه على نفسك لصاحبه ثمّ كله،فإن جاء صاحبها فردّ عليه القيمة» (2).

و ليس في الأوّل كالعبارة التصريح بالتقويم على نفسه؛ لإطلاق التقويم مع عموم مفهوم التعليل فيه الشاملين له و للتقويم على غيره.

و في تقييده بالخبر الثاني إشكال ينشأ من قوّة احتمال ورود الأمر بالتقويم على نفسه على الغالب من تعسّر تقويمه على الغير في المفاوز، و احتمال ورود إطلاق الخبر الأوّل عليه و إن أمكن،إلّا أنّ عموم مفهوم التعليل مع عدم تعقّل الفرق بل القطع بعدمه يدفعه.

و لذا ذكر جماعة (3)التخيير بينهما أيضاً من غير خلاف،و إن اختلفوا في وجوب استئذان الحاكم و عدمه مطلقاً على قولين،فعن التذكرة:

الأوّل (4)،و يعضده أنّ الأصل عدم التسلط على بيع مال محترم إلّا بإذن الشارع أو الصاحب،و لم يثبت جوازه بدون إذنهما.

و اختار بعض الأجلّة الثاني (5)،و يعضده إطلاق الخبر المتقدّم،

ص:180


1- الكافي 6:2/297،الوسائل 25:468 أبواب اللقطة ب 23 ح 1.
2- الفقيه 3:855/190،الوسائل 25:443 أبواب اللقطة ب 2 ح 9.
3- منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:165،و الشهيد الثاني في المسالك 2:303،و السبزواري في الكفاية:237.
4- التذكرة 2:259.
5- مجمع الفائدة و البرهان 10:469.

و نحوه الصحيح الوارد في التقاط الجارية:هل يحلّ فرجها لمن التقطها؟ قال:« لا،إنّما يحلّ له بيعها بما أنفق عليها» (1).

و ربما عضده بعض بالأصل،و بأنّ له ولاية التملك و الصدقة بعد التعريف فالبيع بالطريق الأولى،و التعريف ساقط للعذر (2).

و يضعّف الأوّل بما مرّ،و الأولوية بأنّ التملّك و ما بعده إنّما يكونان بالضمان بالقيمة السوقية بعد التعريف لا قبله.و كيف كان فلا ريب أنّ الأوّل أحوط.

كل ذا مع وجود الحاكم،و مع عدمه يتعيّن عليه التقويم،فإن أخلّ به فتلف أو عاب ضمن.

و لو كان ممّا يتلف على تطاول الأوقات لا عاجلاً كالثياب تعلّق الحكم بها عند خوف التلف.و لو افتقر إبقاؤه إلى علاج كالرطب المفتقر إلى التجفيف،أصلحه الحاكم ببعضه،بأن يجعل بعضه عوضاً عن إصلاح الباقي،أو يبيع بعضه و ينفقه عليه وجوباً؛ حذراً من تلف الجميع.و يجب على الملتقط إعلامه بحاله إن لم يعلم،و مع عدمه يتولاّه بنفسه؛ حذراً من الضرر بتركه.

و يكره أخذ الإداوة بالكسر،و هي المِطْهَرة به أيضاً و المِخْصَرَة به أيضاً،و هي كل ما اختصر الإنسان بيده فأمسكه من عصاً و نحوها،قاله الجوهري (3) و النعلين غير الجلد،أو مطلقاً إذا أُخذ في بلاد الإسلام،و إلّا فيحرم التقاطه لكونه ميتة و الشظاظ بالكسر،خشبة

ص:181


1- التهذيب 6:1198/397،الوسائل 25:443 أبواب اللقطة ب 2 ح 8.
2- و هو المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة 10:469.
3- الصحاح 2:646.

محدّدة الطرف تدخل في عروة الجِوالِقَيْن ليجمع بينهما عند حملهما على البعير.و الجمع أشظّة و العصا و الوتِد بكسر الوسط و الحبل و العقال بالكسر،و هو حبل يشدّ به قائمة البعير،و السوط و أشباهه من الآلات التي يعظم نفعها و تصغر قيمتها.

بلا خلاف في أكثرها؛ للصحيح:« لا بأس بلقطة العصا،و الشظاظ، و الوتد،و الحبل،و العقال،و أشباهه» قال:« و قال أبو جعفر(عليه السّلام):ليس لهذا طالب» (1).

و على الأظهر في الجميع،و هو أشهر،بل عليه عامّة من تأخّر.

لا للأصل و الصحيح المزبور كما قيل (2)؛ لضعف الأوّل بعدم دليل عليه،بل قيام الدليل على خلافه؛ لما عرفت من حرمة التصرّف في مال الغير بغير إذن من الشرع.و الثاني باختصاصه بغير محلّ الخلاف.و شموله له بقوله:« و أشباهه» محلّ نظر؛ لخفاء وجه الشبه فيحتمل ما (3)يعم معه له،و كذا التعليل في الذيل.

بل لفحوى الأدلّة الدالّة على جواز التقاط ما عدا محلّ الخلاف ممّا يكثر قيمته؛ مضافاً إلى إطلاق المرسلة المتقدّمة (4)بأفضليّة ترك اللقطة،بل عمومها الشامل لمحلّ البحث؛ مضافاً إلى الاعتضاد بالشهرة العظيمة المحقّقة و المحكيّة في كلام جماعة (5)التي كادت تكون لنا إجماعاً.

ص:182


1- الكافي 5:15/140،الوسائل 25:456 أبواب اللقطة ب 12 ح 1.
2- قاله العلّامة في المختلف:450.
3- في« ح» و« ر» زيادة:لا.
4- في ص:168.
5- منهم السبزواري في الكفاية:237،و انظر مجمع الفائدة و البرهان 10:472،و المفاتيح 3:177.

خلافاً لصريح الحلبي (1)و ظاهر الصدوقين (2)و الديلمي (3)فحرّموا التقاط الأوّلين و السوط؛ للخبرين،أحدهما:الصحيح المروي في الفقيه (4).

و هو حسن لولا ما قدّمناه من الدليل القابل لصرف النهي فيهما إلى الكراهة كما في نظائرهما،لكنّها هنا أشدّ؛ لقوّة شبهة الخلاف بمصير هؤلاء الأعاظم إلى الحرمة.و من هنا يندفع ما قيل:من عدم وضوح دليل على شدّتها (5).

و يظهر من المفيد أنّ الوجه فيها أنّ فقدها قد يؤدّي إلى هلاك صاحبها؛ لأنّ الإداوة تحفظ ما يقوم به الرمق من الماء،و الحذاء يحفظ رجل الماشي من الزمانة و الآفات،و السوط يسيّر البعير،فإذا تلف خيف عليه العطب (6).

و من شيخنا في المسالك أنّ الوجه في إطلاق النهي عن مسّها كونها من الجلود غالباً،و هي ميتة مع جهالة التذكية (7).

و فيه مناقشة واضحة؛ لورود الإطلاق في بلاد الإسلام،و الجلود فيها محكوم بطهارتها اتّفاقاً،فتوًى و نصّاً،كما مضى.و كذا الوجه الأوّل لا يخلو

ص:183


1- الكافي في الفقه:350.
2- الصدوق في الفقيه 3:188،و حكاه عن والده في المختلف:450.
3- المراسم:206.
4- الفقيه 3:846/188،الوسائل 25:457 أبواب اللقطة ب 12 ح 3،و الآخر في:التهذيب 6:1183/394،الوسائل 25:456 أبواب اللقطة ب 12 ح 2.
5- انظر مجمع الفائدة و البرهان 10:472 474.
6- المقنعة:647.
7- المسالك 2:304.

عن مناقشة ما،و الوجه التعبّد.

و اعلم أنّه يستفاد من تخصيص الماتن الكراهة هنا بهذه الأشياء و سابقاً بلقطة الحرم خاصّة،عدمها في غيرهما.

و هو ضعيف جدّاً،مخالف للإجماع المحقّق،و المحكيّ عن التذكرة كما مرّ إليه الإشارة (1)قطعاً،و لكن الأمر سهل.

و هنا

مسائل ثلاث:
الاُولى:ما يوجد في أرض خربة

مسائل ثلاث:

الاُولى:ما يوجد في أرض خربة قد جلى عنها أهلها بحيث لم يعرفوا أصلاً أو في فلاة أي أرض قفر غير معمورة من أصلها أو تحت الأرض التي لا مالك لها ظاهراً فهو لواجده فيملكه من غير تعريف إجماعاً،إذا لم يكن عليه أثر الإسلام من الشهادتين،أو اسم سلطان من سلاطينه.و على الأقوى مطلقاً وفاقاً للنهاية و الحلي و غيرهما (2)؛ لإطلاق الصحيحين.

في أحدهما:عن الدار يوجد فيها الورق،فقال:« إن كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم،و إن كانت خربة قد جلى أهلها،فالذي وجد المال أحقّ به» (3)و نحوه الثاني (4).

و أخصّيتهما عن المدّعى باختصاصهما بالورق و الموجود في الدار الخربة،فلا يعمّان مطلق اللقطة،و لا الموجودة منها تحت الأرض

ص:184


1- التذكرة 2:251،و راجع ص:168.
2- النهاية:320،السرائر 2:101؛ و انظر التحرير 2:129.
3- الكافي 5:5/138،التهذيب 6:1169/390،الوسائل 25:447 أبواب اللقطة ب 5 ح 1.
4- التهذيب 6:1165/390،الوسائل 25:447 أبواب اللقطة ب 5 ح 2.

و المفازة.

مدفوعة بالإجماع المركّب،مع إمكان اندفاع الأخصّية باعتبار الاختصاص بالأرض الخربة باستلزام ثبوت الحكم في لقطتها إيّاه فيما عداها بطريق أولى.

خلافاً للمبسوط،و الفاضل في جملة من كتبه (1)،و جماعة (2)،و نسبه في الروضة (3)إلى الشهرة،فحكموا فيما عليه أثر الإسلام بأنّه لقطة؛ لدلالة الأثر على سبق يد المسلم فيستصحب.

و للجمع بين الصحيحين و الموثّق:« قضى عليّ(عليه السّلام)في رجل وجد ورقاً في خربة أن يعرّفها،فإن وجد من يعرفها،و إلّا تمتع بها» (4)بحمل الأوّلين على ما لا أثر عليه،و الأخير على ما عليه الأثر.

و فيهما نظر؛ لمنع الأوّل بأنّ أثر الإسلام قد يصدر من غير المسلم، نعم هو مخالف للظاهر،لكنّه لا يعارض به الأصل.

و الثاني:أوّلاً:بفقد التكافؤ في الموثق عدداً و سنداً.و ثانياً:بكونه قضيّة في واقعة،فلا يعمّ محلّ الفرض لاحتماله غيره.و ثالثاً:بعدم الشاهد على ذلك الجمع،مع استلزامه حمل الصحيحين على الفرد النادر؛ لورودهما في بلاد الإسلام،و الغالب في لقطتها من الدراهم و الدنانير كونها

ص:185


1- المبسوط 1:236 و 3:338،القواعد 1:199،المختلف:203،التذكرة 2:265.
2- منهم فخر المحققين في إيضاح الفوائد 2:159،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 6:175،و الشهيد الأوّل في اللمعة(الروضة البهية 7):119،و السيوري في التنقيح 4:120.
3- الروضة 7:120.
4- التهذيب 6:1199/398،الوسائل 25:448 أبواب اللقطة ب 5 ح 5.

مسكوكة بسكّتهم.

مع إمكان الجمع بوجه آخر أوفق بالأصل،و هو حمل الأوّلين على الأحقّية بعد التعريف حملاً للمطلق على المقيّد،لكنّه لا قائل به.

و هو ضعيف كالأوّل بعدم الشاهد عليه عدا ما مرّ من العلّة،و فيها ما عرفته.مع أنّهم جعلوها حجّةً مستقلّةً.

و الشهرة على تقدير تحقّقها ليست بحجّة جامعة فما ظنّك بما إذا كانت محكيّة.

و يستفاد من تقييد الماتن الموجود في الأرض التي لا مالك لها بكونه تحتها،عدم اشتراطه في الأوّلين،بل يملك الموجود فيهما مطلقاً؛ عملاً بإطلاق النصّ و الفتوى.و أمّا غير المدفون في الأرض المزبورة فهو لقطة.

قيل:هذا كلّه إذا كان في دار الإسلام،أمّا في دار الحرب فلواجده مطلقاً (1).

و لم يتعرّض الماتن و كثير هنا لوجوب الخمس في المدفون،مع تصريحهم به في كتابه.و لعلّهم أحالوه إلى الظهور من ثمّة،أو أرادوا بالمدفون هنا ما لا يصدق عليه الكنز عرفاً.و الأوّل هو الظاهر؛ لمنافاة الثاني لإطلاق العبائر.

و لو وجده في أرض لها مالك معروف أو بائع،و لو كان ما وجده فيها مدفوناً عرّفه المالك أو البائع مطلقاً،و لو كان كلّ منهما مالكاً أو بائعاً بعيداً فإن عرفه (2) أحدهما يدفع إليه من غير بيّنة و لا وصف و إلّا يعترفا به كان للواجد على ما ذكره جمع من

ص:186


1- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:304،و الروضة 7:120.
2- في المطبوع من المختصر(262):فهو أحق به.

الأصحاب (1)من غير خلاف يعرف؛ لإطلاق الصحيحين المتقدّمين بالدفع إلى أهل الأرض من دون تقييد باشتراط البيّنة أو الوصف.بل ليس فيهما تقييده بالتعريف،و لكنّه لا أعرف خلافاً فيه.

و لعلّه للجمع بينهما و بين الموثّق كالصحيح:عن رجل نزل في بعض بيوت مكّة،فوجد فيها نحواً من سبعين ديناراً مدفونة،فلم تزل معه و لم يذكرها حتى قدم الكوفة،كيف يصنع؟قال:« يسأل عن أهل المنزل لعلّهم يعرفونها» قلت:فإن لم يعرفوها،قال:« يتصدّق بها» (2).

لكن ذيله منافٍ لما ذكروه من التملّك مع عدم المعرفة،إلّا أن يحمل على الاستحباب،أو غيره ممّا يجتمع معه.

و ربما يرشد إلى التقييد الصحيح الآتي الوارد في المأخوذ من جوف الدابّة المتضمّن لعين ما ذكروه في المسألة.و إلحاقها به لعلّه من باب تنقيح المناط القطعيّ؛ لعدم تعقّل الفرق بين الأرض و الدابّة في ذلك،فتأمّل.

و إطلاق الحكم بكونه لواجده مع عدم اعترافهما الشامل لما عليه أثر الإسلام و غيره تبعاً لإطلاق النصّ،لكن في التنقيح الإجماع على كون الأوّل لقطة (3).فإن تمّ،و إلّا كما هو الظاهر المستفاد من الروضة و المسالك (4)حيث أجرى الخلاف السابق فيه في المسألة فالإطلاق أصحّ.

و إطلاق العبارة و غيرها بوجوب التعريف هنا يقتضي عدم الفرق بين

ص:187


1- المقنعة:646،النهاية:321،المراسم:206،الشرائع 3:293،القواعد 1:199،التحرير 2:126،اللمعة(الروضة البهية 7):121،جامع المقاصد 6:176،المسالك 2:304.
2- التهذيب 6:1171/391،الوسائل 25:448 أبواب اللقطة ب 5:ح 3.
3- التنقيح 4:121.
4- الروضة 7:121،المسالك 2:304.

القليل و الكثير.و به صرّح في المسالك (1)؛ و لعلّ الوجه فيه مع اختصاص النصّ بالأخير لتضمّنه الدراهم و الدنانير الأصل،و اختصاص ما دلّ على تملّك الأوّل بلا تعريف باللقطة التي ليست منها مفروض المسألة.لكنّه إنّما يصحّ على المختار من عدم الفرق بين ما عليه أثر الإسلام و غيره،و لا يصحّ على غيره؛ لكون ما عليه الأثر منها عند القائل بالفرق بينهما.

و حكى في التنقيح (2)قولاً عن الشيخ بكون ما لا أثر فيه لقطة إذا لم يعرفه المالك أو البائع أيضاً.

و يدفعه النصّ جدّاً.

و كذا ما يجده في جوف دابّة مملوكة،عرّفه مالكها كما مضى؛ لسبق يده،و ظهور كونه من ماله دخل في علفها؛ لبعد وجوده في الصحراء و اعتلافه.فإن عرفه المالك،و إلّا فهو لواجده.

للصحيح:عن رجل اشترى جزوراً أو بقرةً للأضاحي،فلمّا ذبحها وجد في جوفها صرّة،فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة،أو غير ذلك من المنافع،لمن يكون ذلك؟و كيف يعمل به؟فوقّع(عليه السّلام):« عرّفها البائع،فإن لم يعرفها فالشيء لك،رزقك اللّه تعالى إيّاه» (3).

و إطلاقه كالعبارة و نحوها عدم الفرق بين ما عليه أثر الإسلام و غيره.

خلافاً للمختلف و الروضة و غيرهما (4)،فقالوا في الأوّل بأنّه لقطة؛

ص:188


1- المسالك 2:304.
2- التنقيح الرائع 4:121.
3- الكافي 5:9/139،الفقيه 3:853/189،التهذيب 6:1174/392،الوسائل 25:452 أبواب اللقطة ب 9 ح 1 و 2.
4- المختلف:451،الروضة 7:122؛ و انظر جامع المقاصد 6:177.

لما مرّ مع جوابه،مع أنّ الأوّلين احتملا الإطلاق هنا،قال ثانيهما:لإطلاق النصّ و الفتوى.و ظاهره إطباق الفتاوى على عدم الفرق هنا،و لكن ظاهره في المسالك (1)وقوع الخلاف المتقدّم هنا أيضاً.

و لو وجده في جوف سمكة،قال الشيخ في النهاية،و المفيد و القاضي،و ابن حمزة (2): أخذه بلا تعريف و عليه المتأخّرون كافّةً.

خلافاً للديلمي و الحلّي (3)خاصة فهو كالمأخوذ من جوف الدابّة.

و ظاهر العبارة التردّد في ذلك،و يبنى الخلاف على الاختلاف في اشتراط النيّة في تملّك المباحات و عدمه.فعلى الأوّل يقوّى الأوّل؛ لأنّ المحيز إنّما قصد تملّكها خاصّةً لعدم علمه بما في بطنها،فلم يتوجّه قصده إليه.و على الثاني يقوّى الثاني كما هو واضح.

و احتمل في المختلف و التنقيح (4)قوّته على الأوّل أيضاً،قالا:لأنّه قصد ملك هذه الجملة،و ما في بطنها كأنّه جزء منها.لكنّهما ضعّفاه،قال أوّلهما بعد البناء و ما يترتّب عليه من القولين-:إلّا أنّ أصحابنا لم يفتوا بالتملّك له مع عدم المعرفة،و هو يدلّ على بطلان هذا القسم عندهم، و بقي الوجه الأوّل.و أشار به إلى عدم اشتراط النيّة في التملّك،و عبارته ظاهرة في انعقاد الإجماع عليه.و عليه فالمذهب الأوّل؛ لكون المأخوذ مباحاً في الأصل،فإذا حيز مع النيّة ملك،هذا.

ص:189


1- المسالك 2:304.
2- النهاية:321،المفيد في المقنعة:647،القاضي في المهذّب 2:569،ابن حمزة في الوسيلة:279.
3- المراسم:206،السرائر 2:106.
4- المختلف:451،التنقيح 4:122.

مضافاً إلى اعتضاده بالنصوص المستفيضة المرويّة في الوسائل في الباب عن الكافي (1)،و قصص الأنبياء (2)،و الأمالي (3)،و تفسير مولانا العسكري (4)؛ لتضمّنها تقريرهم(عليهم السّلام)لكثير في تصرّفهم فيما وجدوه في جوفها بعد الشراء من دون تعريف،على ما هو الظاهر منها.و أسانيدها و إن كانت قاصرة إلّا أنّها بالشهرة منجبرة،فلا وجه للقول الثاني.

نعم يتوجّه فيما لو كانت السمكة محصورة في ماء تعلف كما ذكره الشهيدان (5)؛ لعين ما ذكر في الدابّة أوّلاً.و منه يظهر أنّ المراد بها الأهليّة كما يظهر من الرواية،فلو كانت وحشيّةً لا تعتلف من مال المالك فكالسمكة.

و به صرّح في التنقيح (6)و المختلف،قال فيه:و لما كانت الأحكام الشرعيّة غالباً منوطة بالغالب دون النادر-(و الغالب) (7)فيما تبلعه الدابة أنّه من دار البائع،و فيما تبلعه السمكة أنّه من البحر أوجب الشارع التعريف في الأوّل للبائع دون الثاني،حتّى أنّا لو عرفنا مضادّ الحال في البابين حكمنا بضدّ الحكمين.و لو أنّ البائع قد اشترى الدابّة ثم في ذلك الآن بعينه باعها لم يجب تعريفه،و عرّف البائع قبله.و لو أنّ السمكة محصورة في

ص:190


1- الكافي 8:585/385،الوسائل 25:453 أبواب اللقطة ب 10 ح 1.
2- قصص الأنبياء:224/184 و 229/185،الوسائل 25:453 أبواب اللقطة ب 10 ح 2 و 3.
3- أمالي الصدوق:3/367،الوسائل 25:454 أبواب اللقطة ب 10 ح 4.
4- تفسير الإمام العسكري(عليه السّلام):/604 ضمن الحديث 357،الوسائل 25:454 أبواب اللقطة ب 10 ح 5.
5- اللمعة(الروضة البهية 7):123.
6- التنقيح الرائع 4:122.
7- ما بين القوسين أثبتناه من« ح» و المصدر لاستقامة العبارة.

بركة في دار إنسان وجب أن يعرّف بما في بطنها (1).انتهى.

الثانية:ما وجده في صندوقه،أو داره

الثانية:ما وجده في صندوقه،أو داره المختصّين بالتصرّف فيهما فهو له.و لو شاركه في التصرّف غيره كان كاللقطة عرّفه سنةً إذا عرّفه الشريك أوّلاً و أنكره بلا خلاف فيهما ظاهراً؛ لدلالة الصحيح عليهما منطوقاً و مفهوماً.

و فيه:« رجل وجد في بيته ديناراً،قال:« يدخل منزله غيره؟» قلت:

نعم كثير،قال:« هذه لقطة» قلت:فرجل وجد في صندوقه ديناراً،قال:

« فيدخل أحد يده في صندوقه غيره،أو يضع فيه شيئاً؟» قلت:لا،قال:

« فهو له» (2)هذا.

مع شهادة الظاهر في صورة عدم المشارك بأنّه له و قد يعرض له النسيان،لكنّه يختصّ بما إذا لم يقطع بانتفائه عنه،و مع القطع به يشكل، و لذا قيل:بأنّه حينئذٍ لقطة أيضاً،كصورة المشارك مع الإنكار (3).

و هذا أيضاً مشكل بعد إطلاق النصّ و الفتوى،مع عدم صدق اللقطة على مثله ظاهرا.فمتابعة الإطلاق لعلّها أولى،و لا ينافيه القطع بالانتفاء، فقد يكون شيئاً بعثه اللّه تعالى و رزقه إيّاه.

و إطلاق النصّ و الفتوى يقتضي عدم الفرق في الحكم بكونه لقطة مع المشارك بين المنحصر منه و غير المنحصر.و الوجه فيه ظاهر؛ لأنّه بمشاركة غيره لا يد له بخصوصه،فتكون لقطة.و أمّا مع انحصار المشارك؛

ص:191


1- المختلف:451.
2- الكافي 5:3/137،الفقيه 3:841/187،التهذيب 6:1168/390،الوسائل 25:446 أبواب اللقطة ب 3 ح 1.
3- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:305.

فلأنّ المفروض أنّه لا يعرفه الواجد،فلا يملكه بدون التعريف سنة.

قيل:و يحتمل قويّاً كونه له مع تعريف المنحصر خاصّة؛ لأنّه بعدم اعتراف المشارك يصير كما لا مشارك له فيه (1).

و هو حَسَنٌ يمكن تنزيل إطلاق النصّ و الفتوى عليه.

و لا فرق في وجوب تعريف المشارك هنا بين ما نقص عن الدرهم و ما زاد؛ للإطلاق،و لاشتراكهم في اليد بسبب التصرّف.

قيل:و لا يفتقر مدّعيه منهم إلى البيّنة و لا الوصف؛ لأنّه مال لا يدّعيه أحد.و لو جهلوا جميعاً أمره فلم يعترفوا به و لم ينفوه،فإن كان الاشتراك في التصرّف خاصّةً فهو للمالك منهم،و إن لم يكن فيهم مالك فهو للمالك،و إن كان الاشتراك في الملك و التصرّف فهم فيه سواء (2).

و دليل بعض ما ذكر غير واضح.

الثالثة:لا يملك اللقطة بحول الحول و إن عرّفها

الثالثة:لا يملك اللقطة بحول الحول و إن عرّفها سنةً ما لم ينو التملّك على الأشهر بين المتأخّرين،بل مطلقاً كما في المختلف و الروضة و الكفاية (3)؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن.

و للصحيح (4)المتضمّن للأمر بجعلها في عرض المال بعد التعريف، مع عدم التصريح فيه بجعله مالاً،فيكون ظاهراً في الأمر بجعلها أمانة.

و الخبر:« من وجد شيئاً فهو له،فليتمتع به حتّى يأتيه طالبه،فإذا جاء طالبه ردّه إليه» (5)لإيجابه ردّ العين بعد التصرّف،و ليس ذلك قبل

ص:192


1- الروضة 7:124.
2- قال به الشهيد الثاني في الروضة 7:125.
3- المختلف:450،الروضة 7:126،الكفاية:238.
4- الكافي 5:11/139،الوسائل 25:444 أبواب اللقطة ب 2 ح 10.
5- الكافي 5:10/139،التهذيب 6:1175/392،الوسائل 25:447 أبواب اللقطة ب 4 ح 2.

الحول إجماعاً؛ لتحريم التصرّف فيه،بل بعده،فهو ظاهر في كونه عنده أمانةً،و لو حصل الملك قهراً لما كان لجعلها أمانةً معنى.

و في الجميع نظر؛ للزوم الخروج عن الأوّل بما يأتي،و قصور دلالة الخبرين،مع ضعف الثاني،و مخالفة إطلاقه الإجماع من حيث تجويزه الانتفاع مطلقاً من دون تقييد له بالتعريف سنةً و حول الحول،و ذلك لأنّ الأمر بجعله في عرض المال غير صريح،بل و لا ظاهر في جعله أمانةً، كيف لا و هو أمانة أيضاً سابقاً،مع ما في ذيله من قوله(عليه السّلام):« يجري عليها ما يجري على مالك» الظاهر في جريان جميع أحكام ماله عليه و من جملتها وجوب الزكاة عليه بعد حول الحول إذا كانت نقداً.و هذا إحدى ثمرات النزاع التي رتّبت عليه،فهو دليل للملك قهراً،لا لما ذكروه،كما لا يخفى.

و أمّا ما يستفاد من الروضة (1)من أنّ وجه الاستدلال بهذه الرواية أنّ الأمر بجعلها في عرض المال أمر أقلّه الإباحة،فيستدعي أن يكون المأمور به مقدوراً بعد التعريف و عدم مجيء المالك،و هو لا يجتمع مع الملك قهراً.فهو إنّما يتمّ لو كان المأمور به جعلها مالاً،و ليس،فإنّ جعلها في عرض المال غيره،كما صرّح به في المختلف (2)،و لذا لم يجعل وجه الاستدلال به ذلك،بل ما عقّبناه [عيناه] به.

@و الأمر بردّ العين في الأخير لا يختص بكونها أمانةً» بل يجتمع مع الملك سابقاً قهرياً كان أو اختياراً،و لذا أنّ بعضاً من الأصحاب القائلين بالملك الاختياري أوجب ردّ العين بعينها بعد مطالبة المالك لها،قائلاً:إنّ

ص:193


1- الروضة 7:127.
2- المختلف:450.

الملك السابق ملك متزلزل مراعىً ليس مستقرّاً (1)،فلا دلالة في الخبر على ذلك أصلاً،سيّما مع الحكم فيه أوّلاً بأنّه له يتمتّع به،الظاهر في ثبوت الملك له جدّاً.

@ و بالجملة الاستدلال بهذه الأدلّة كما ترى.

و نحوه الاستدلال بالصحيح:« يعرّفها سنةً،فإن لم يعرفها حفظها في عرض ماله،حتّى يجيء صاحبها فيعطيها إيّاه،و إن مات أوصى بها،و هو ضامن» (2)و لو كان مالكاً لها قهراً لكان له التصرّف فيها كيف شاء،و لم يأمره بحفظها.

و ذلك لقوّة احتمال أن يكون قوله(عليه السّلام):« فإن لم يعرف» بالتشديد، و لا كلام فيه،لا بالتخفيف المبنيّ عليه الاستدلال.

و قيل كما عن الشيخين و الصدوقين و الحلي (3):إنّه يملك ها بمضيّ الحول بعد التعريف،مدّعياً الأخير الإجماع عليه من الأصحاب و تواتر الأخبار.و ليس ببعيد عن الصواب؛ تعويلاً على ما ذكره من الإجماع و الأخبار؛ لتضمّن كثير منها أنّها بعد التعريف كسبيل ماله،الظاهر في ذلك على الظاهر المصرّح به في الروضة و المختلف (4).

و الجواب عنها بأنّ التشبيه لا يقتضي الاتّفاق في جميع الأحكام و إلّا لكان هو هو،و ليس،بل يكفي في مطلق التشبيه الاتّفاق في بعضها،و هو

ص:194


1- جامع المقاصد 6:169.
2- الفقيه 3:840/186،مسائل علي بن جعفر:265/165،قرب الإسناد:1072/269،الوسائل 25:444 أبواب اللقطة ب 2 ح 13.
3- المفيد في المقنعة:346،الطوسي في النهاية:320،الصدوق في المقنع:127،و حكاه عن والد الصدوق في المختلف:449،الحلي في السرائر 2:103.
4- الروضة 7:129،المختلف:450.

هنا جواز التصرّف فيه بأحد الأُمور الثلاثة المتقدّم ذكرها.

مدفوع بما حقّق في محلّه من اقتضاء التشبيه الاتّفاق في الجميع، إلّا أن يكون فيها فرد متبادر فينصرف إليه،و ليس محلّ الفرض من المستثنى.

و دعوى استلزام الاتّفاق في الجميع الاتّحاد غريب واضح الفساد؛ لكفاية استناد التغاير إلى أمر آخر غير الأحكام من نحو تغاير الماهيّة أو غيرها.

و دعوى المختلف (1)وهن الإجماع بمصير أكثر الأصحاب إلى الخلاف غريبة بعد نقله هو بنفسه هذا القول عمّن حكيناه عنه،و القول الأوّل عن الشيخ في الكتابين و الحلبي مقتصراً عليهما.و لا ريب أنّ الأوّلين أكثر عدداً بالنسبة إليهما.مع أنّ الشيخ قال بهذا القول في قوله الآخر (2)، فبقي الثاني خاصّة،فمع ذلك كيف يمكن دعوى الأكثريّة،بل الأنسب العكس كما اتفق لشيخنا في الدروس،حيث قال بعد نقل القولين -:و الروايات محتملة للقولين،و إن كان الملك بغير اختياره أشهر،و قال:

و تظهر الفائدة في اختيار الصدقة و النماء المتجدّد و الجريان في الحول و الضمان.ثمّ هل يملكها بعوض يثبت في ذمّته،أو بغير عوض ثمّ يتجدّد بمجيء مالكها؟في الروايات احتمال الأمرين،و الأقرب الأوّل،فيلحق بسائر الديون (3).

و اعلم أنّ في أصل المسألة قولاً ثالثاً طرف النقيض للثاني،و هو احتياج التملّك إلى النيّة و التلفّظ كما عن الشيخ و غيره (4).و دليله غير واضح و إن كان أحوط،و بعده الأحوط [فالأحوط] القول الأوّل،فتأمّل.

ص:195


1- المختلف:450.
2- النهاية:320.
3- الدروس 3:88.
4- الشيخ في الخلاف 3:584،و انظر التذكرة 2:261.

الفصل الثاني في بيان الملتقط

الفصل الثاني في بيان الملتقط للمال مطلقاً،و هو: من له أهلية الاكتساب، فلو التقط الصبي و المجنون جاز في المشهور بين الأصحاب،وفاقاً للشيخ (1)قاطعاً به،بل لا يكاد يتحقّق فيه مخالف صريحاً،و لم ينقل،كما صرّح به في المسالك (2)،لكن كلماته في مواضع يومئ إلى وقوع الخلاف فيه،و به صرّح في الكفاية (3)و المفاتيح،فقال:يشترط في الملتقط أهلية الاكتساب عند قوم،و أهلية الحفظ عند آخرين،و إحدى الأهليّتين عند ثالث (4).

و لم أقف على أرباب القولين الأخيرين عدا الماتن في الشرائع، حيث صرّح في تعريف الملتقط بثانيهما (5)،و تردّد في التقاط الصبي و المجنون للضالة في بحثها (6).و لعلّ نظر القائلين للخلاف إليه في المقامين،و إلّا فلم أقف على من عداه في البين.و ما أبعد ما بين هذا و بين ما ذكره الناقل الثاني من مصير قوم إلى التفسير الثاني في كلامه.

و كيف كان،فالتحقيق أن يقال:إمّا أن يراد بجواز التقاط غير المكلّف ما يقابل الحرمة بمعنى إباحته له،أو يراد به ترتّب أحكام اللقطة عليه من التملك أو التصدّق بها بعد التعريف،و خروجها بذلك عن الأمانة المحضة.

ص:196


1- المبسوط 3:324.
2- المسالك 2:301.
3- الكفاية:238.
4- مفاتيح الشرائع 3:183.
5- الشرائع 3:294.
6- الشرائع 3:290.

و لا معنى للجواز بالمعنى الأوّل؛ لكونه من صفات التكليف،و ليس غير المكلف أهلاً له و إن كان حكمه ثابتاً له،فتعيّن إرادة الثاني،و لا دليل عليه؛ لاختصاص النصوص المثبتة لأحكام اللقطة المزبورة بالمكلّف بحكم التبادر؛ و تضمّنِها الأمر بالحفظ أو التصدّق أو التملّك،و هو لا يتوجّه إلى غيره.فالحكم بالجواز مشكل بعد اقتضاء الأصل العدم.

و يمكن أن يقال:إنّ وجه الإشكال المزبور مقتضٍ لاعتبار الأهليّتين معاً،و ليس هو لأحد قولاً،فيكون للإجماع مخالفاً،فينبغي ترجيح أحد الأقوال المتقدّمة على تقدير ثبوتها.و لا ريب أنّ المشهور منها أولى؛ لما عرفت من عدم مخالف صريح فيه أو كونه نادراً،فتأمّل.

و عليه يتولّى الولي الحفظ و التعريف فيما يفتقر إليهما، ثم يفعل لهما ما هو الأغبط لهما من التملّك و الصدقة و الإبقاء أمانةً إن قلنا به.

و في جواز التقاط المملوك من دون إذن مولاه تردّد و اختلاف،فبين من حكم بالمنع عنه كالإسكافي (1)؛ للخبر الماضي (2)في المنع عن التقاطه اللقيط الصريح في ذلك،مضافاً إلى الأصل،و اختصاص ما دلّ على جواز الالتقاط بغيره إمّا للتبادر أو لتصريح كثير من النصوص المتقدّمة،مع الفتاوى بجواز التملك و الصدقة بعد التعريف،و ليس أهلاً للأمرين إجماعاً في الثاني؛ لمكان الحجر عليه (3)،و على الأصحّ الأشهر في الأوّل بناءً على عدم قابليّته للملك.

ص:197


1- حكاه عنه في المختلف:453.
2- المتقدم في ص:142.
3- في«ر» و«ح» زيادة:في مطلق التصرف.

و بين من قال بالضدّ،و نسبه في المختلف إلى المشهور (1)،و منهم الماتن لقوله: أشبهه الجواز لأنّ المملوك له أهلية الاستئمان لأنّه أهل للوديعة و غيرها من الأمانات،و أهلية الاكتساب لجواز اكتسابه بالاحتطاب و الاحتشاش و الاصطياد و إن كان المتملّك هو المولى؛ لأنّ كسبه له، و المسألة كسابقتها محل إشكال.

و كذا الكلام في التقاط المكاتب مطلقاً و المدبّر و أُمّ الولد منعاً و جوازاً،و لكن احتمال الحكم بالأخير في المكاتب أقوى كما لا يخفى.هذا في غير لقطة الحرم،و أمّا فيها فجائز أخذها للعبد،كما في الدروس معلّلاً بأنّها أمانة،حاكياً عن الفاضل نفي الخلاف عنه (2).

الفصل الثالث في الأحكام المتعلقة بالمقام و هي ثلاثة:

الأوّل:لا تدفع اللقطة إلى مدّعيها وجوباً إلّا بالبيّنة

الفصل الثالث في الأحكام المتعلقة بالمقام و هي ثلاثة:

الأوّل:لا تدفع اللقطة إلى مدّعيها وجوباً إلّا بالبيّنة العادلة،أو الشاهد و اليمين،أو العلم بأنّه له و لا يكفي الوصف إجماعاً إذا لم يورث ظنّاً،بل عن الحلي (3)عدم كفايته مطلقاً؛ لاشتغال الذمّة بحفظها و إيصالها إلى مالكها،و لم يثبت(كون) (4)الوصف(حجّة) (5)و الواصف به مالكاً.

و قيل كما عن الشيخ (6):إنّه يكفي في الأموال الباطنة (7)،و هو

ص:198


1- المختلف:453.
2- الدروس 3:93،و هو في التذكرة 2:254.
3- السرائر 2:111.
4- ما بين القوسين أثبتناه من«ر» و«ح».
5- ما بين القوسين أثبتناه من«ر» و«ح».
6- المبسوط 3:329،الخلاف 3:587.
7- في«ر» و«ح» و المطبوع من المختصر زيادة:كالذهب و الفضّة.

حسن و غير خالٍ عن القوّة إذا أفاد المظنّة،كما هو الغالب في وصفها، وفاقاً للأكثر،بل عليه عامّة من تأخّر؛ لأنّ مناط أكثر الشرعيّات الظن، فيلحق المقام به إلحاقاً له بالأعمّ الأغلب؛ و لتعذّر إقامة البيّنة في الأغلب، فلولاه لزم عدم وصولها إلى مالكها كذلك.

و في كثير من النصوص إرشاد إليه،ففي الصحيح في ملتقط الطير و واجده:«و إن جاءك طالب لا تتّهمه ردّه عليه» (1).

و نحوه الخبر الطويل المتضمن لتقرير مولانا الصادق(عليه السّلام)ملتقط الدنانير الدافع لها إلى من وصفها من دون بيّنة على ذلك (2).

و قريب منهما النبوي المقبول (3).و ظاهره كالصحيح و سابقه و إن كان وجوب الدفع،إلّا أنّ الفتاوى مطبقة على التعبير بالجواز،و به صرّح في المسالك مدّعياً عليه دون الوجوب إجماع الأصحاب (4).

و به و بسابقه يصرف الأمر في الخبرين عن ظاهره،مع قوّة احتمال عدم دلالته فيهما على الوجوب من أصله بوروده مورد توهّم حظر الدفع و حرمته.فلا إشكال في عدم وجوبه،كما لا إشكال في جوازه؛ لندرة القائل بخلافه؛ و قيام الدليل على فساده.

و عليه فلو أقام غير الواصف بها بيّنة بعد دفعها إليه استعيدت منه بلا خلاف؛ لأنّ البيّنة حجة شرعيّة بالملك،و الدفع بالوصف إنّما كان

ص:199


1- في«ص»:و إن جاءك طالب فلا تتّهمه.و ما أثبتناه من«ر» و«ح» و المصدر،التهذيب 6:1186/394،الوسائل 25:461 أبواب اللقطة ب 15 ح 1.
2- الكافي 5:6/138،التهذيب 6:1170/390،الوسائل 25:449 أبواب اللقطة ب 6 ح 1.
3- سنن البيهقي 6:185 186.
4- المسالك 2:308.

رخصةً و بناءً على الظاهر.فإن تعذّر انتزاعها من الواصف ضمن الدافع لذي البيّنة مثلها أو قيمتها؛ لإتلافه لها عليه بالدفع.

و لا ينافيه الرخصة له من الشرع فيه؛ لأنّ غايتها دفع الإثم،و هو لا يستلزم نفي الضمان مع عموم دليل ثبوته من نحو قوله:«على اليد» و غيره من أدلّته،كما ثبت نظيره في الإذن في التصرّف في اللقطة بعد التعريف مع الضمان بظهور المالك.

فإذا ضمن رجع على القابض بما غرم؛ لمباشرته الإتلاف؛ و لأنّه عادٍ بادّعائه ما ليس له،فيستقرّ الضمان عليه،إلّا أن يعترف الدافع له بالملك، فلا يرجع عليه لو رجع عليه؛ لاعترافه بكون ذي البيّنة الآخذ منه عاديا عليه ظالماً.

الثاني:لا بأس بجعل الآبق فإن عيّنه لزم بالردّ

الثاني:لا بأس بجعل الآبق و أخذ مالٍ لردّه و نحوه إجماعاً، فتوًى و نصّاً فإن عيّنه المالك كأنْ قال:من ردّ عبدي مثلاً فله كذا لزم بالردّ مع عدم قصد التبرع كائناً ما كان بلا كلام و لا إشكال،كما في المسالك و شرح الشرائع للصيمري (1)مؤذنين بدعوى الإجماع عليه.و يدلّ عليه عموم:«المؤمنون عند شروطهم» (2).

و إن لم يعيّن الجعل بأن قال:من ردّ عبدي فله عليّ شيء،أو عوض،و أبهم ففي ردّ العبد من المصر الذي فيه مالكه إليه دينار قيمته عشرة دراهم.

و من خارج البلد الذي هو فيه سواء كان من مصر آخر أم

ص:200


1- المسالك 2:183،غاية المرام 3:453.
2- التهذيب 7:1503/371،عوالي اللئلئ 3:77/217،الوسائل 21:276 أبواب المهور ب 20 ح 4،المستدرك 13:301 أبواب الخيار ب 5 ح 7.

لا أربعة دنانير قيمتها أربعون درهماً على رواية مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه(عليه السّلام):«إنّ النبي(صلّى اللّه عليه و آله)جعل في الآبق ديناراً إن أخذه في مصره،و إن أخذه في غيره فأربعة دنانير» (1).

و هي و إن كانت ضعيفة السند بجماعة (2)،و المتنِ بمخالفة القاعدة الدالّة على ثبوت اجرة المثل فيما له اجرة في العادة،و عدم شيء فيما لا اجرة له،إلّا أنّها يعضدها (3)الشهرة المتقدّمة و المتأخّرة حتى من الحلي (4)الغير العامل بأخبار الآحاد الغير المحفوفة بالقرائن القطعية، لكنّه خصّها بصورة ذكر الجعل مبهماً،كما نزّلنا عليه العبارة.

و نسبه الشهيد في الدروس و الصيمري في شرح الشرائع (5)إلى المتأخّرين كافّة.و نسب الأوّل كالمختلف (6)العمل بإطلاق الرواية الشامل لما لم يذكر جعل بالكلية و لم يستدع الردّ بالمرّة إلى ظاهر النهاية و المقنعة و الوسيلة (7).

و ما عليه الحلي و تابعوه في غاية القوة؛ عملاً بالقاعدة؛ و اقتصاراً في تخصيصها بالرواية على ما تحقّق فيه منها جبر بالشهرة،و ليس في محل

ص:201


1- التهذيب 6:1203/398.
2- هم:محمّد بن الحسن بن شمون،و عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ،و سهل بن زياد،ضعّفهم أصحاب الرجال،لاحظ رجال الكشي 2:584/613،رجال النجاشي:490/185 و 566/217 و 899/335،رجال الطوسي:20/436،الفهرست:329/80.
3- في المطبوع من المختصر(262):يؤيّدها.
4- السرائر 2:109.
5- الدروس 3:97،غاية المرام 3:454.
6- المختلف:454.
7- النهاية:323،المقنعة:648،الوسيلة:277.

البحث بلا شبهة.

و إطلاقها كالعبارة و ما ضاهاها من عبائر الجماعة يقتضي عدم الفرق في وجوب المقدّر بين نقصانه عن قيمة العبد و عدمه.و به صرّح الماتن في الشرائع و الفاضل في التحرير (1).

و استشكل في القواعد (2)و الروضة،بل قال فيها:و ينبغي حينئذٍ أن يثبت على المالك أقلّ الأمرين من قيمته و المقدّر شرعاً.و مبنى الرواية على الغالب من زيادة قيمته كثيراً (3).

و هو حَسَنٌ،لكن في كلام الصيمري أنّ الإطلاق مشهور بين الأصحاب،فيمكن جعل الشهرة قرينة على إرادة الفرد النادر.و فيه إشكال.

و ظاهر النص و الفتوى وجوب دفع المقدّر لا استحبابه.و نسبه في المختلف (4)إلى الأشهر.

خلافاً للمبسوط (5)فنزّل الرواية على الفضيلة،و حجّته غير واضحة عدا العمل بالقاعدة،و ترك أصل الرواية.و هو حَسَنٌ لولا ما عرفت من الشهرة الجابرة.فهو ضعيف و إن اختاره شيخنا في المسالك و الروضة و بعض من تبعه (6)،فحكموا بلزوم الأُجرة دون المقدّر في الرواية.

ثم إنّ مورد العبارة و الرواية العبد خاصّة، و لكن ألحق به

ص:202


1- الشرائع 3:164،التحرير 2:122.
2- القواعد 1:200.
3- الروضة 4:450.
4- المختلف:454.
5- المبسوط 3:333.
6- المسالك 2:185،الروضة 4:448؛ و انظر الكفاية:233.

الشيخان و الحلي و غيرهم (1) البعير و نسبه في المختلف (2)إلى الأكثر.و يظهر من المفيد-(رحمه اللّه) أنّ به رواية؛ لأنّه قال:بذلك ثبتت السنّة.

و فيه إشكال،و لعلّ المصير إلى القاعدة أجود وفاقاً لجماعة (3).

و أما فيما عداهما فتتعيّن أُجرة المثل إذا كان العمل ممّا له اجرة في العادة و ذكر المالك لها و لو مبهمة؛ عملاً بالقاعدة المتقدّمة،مع أنّه إجماعي كما صرّح به بعض الأجلة.فلا إشكال فيه،كما لا إشكال في عدم لزوم شيء مع فقد الشرطين،أو تبرّع العامل بعمله؛ لأصالة البراءة.

الثالث:لا يضمن الملتقط في الحول و بعده لقطةً و لا لقيطاً

الثالث:لا يضمن الملتقط في الحول و بعده لقطةً و لا لقيطاً و لا ضالّةً ما لم يفرّط أو يتعدّى،بلا خلاف في شيء من حكمي المستثنى منه و المستثنى،و لا إشكال فيهما أصلاً.

و من التعدي أخذها بنيّة التملك قبل الوقت المشروع للتملك فيه في أثناء الحول كانت أو ابتداء لكون اليد حينئذٍ عارية مستعقبة للضمان إجماعاً.و كذا ترك التعريف حيث يجب عليه مطلقاً و إن لم ينوِ التملك،بل الحفظ خاصّة.

و ليس منه الأخذ بنيّة الحفظ دائماً مع المواظبة على التعريف سنةً، و لا الأخذ ليعرّفها سنةً و يتملّكها بعدها،فإنّها أمانة فيها إذا عرّفها،و يجوز له التملّك بعدها مع الضمان،كما مضى.

و في ثبوته بعد الحول بمجرد نيّة التملك السابقة أو توقفه على نية

ص:203


1- المفيد في المقنعة:648،الطوسي في النهاية:323،الحلي في السرائر 2:109،الشهيد في اللمعة(الروضة 4):448.
2- المختلف:455.
3- الخلاف 3:589،المبسوط 3:332،كشف الرموز 2:415 416،التنقيح الرائع 4:128.

اخرى له متجدّدة وجهان على القول بافتقار التملّك بعد التعريف إليها.

و على القول بحصوله بعده قهراً فالضمان بعد مضيّ الحول متعيّن جدّاً.

و حيث ثبت الضمان بموجبه من نيّة التملك قبل الحول أو ترك التعريف لم يزل بزواله من نيّة الحفظ و الأخذ في التعريف؛ استصحاباً لما ثبت من حاله سابقاً.

و ممّا ذكرنا ظهر أنّ العين لا تخرج بالتقاطها قبل الحول عن ملك مالكها،فالنماء المتجدّد في أثنائه للمالك مطلقاً،متصلاً كان أو منفصلاً.

و أقرب الوجهين و أظهرهما أنّه يتبع العين مطلقاً،و لا يشترط لتملّكه حول بانفراده بعد إكمال حول أصله.

و إطلاق العبارة و سائر الفتاوى بكون اللقطة مع عدم التفريط أمانة يقتضي عدم الفرق فيها بين لقطة الحرم و غيرها.

و هو حسن إن قلنا بعدم الفرق بينهما حكماً،و أمّا على القول بالفرق بينهما كراهةً في الثانية و حرمةً في الأُولى فمشكل جدّاً.بل الأوفق بالأُصول عدم كون لقطة الحرم أمانة؛ لكون اليد الآخذة لها عادية من حيث النهي عن التقاطها فلا إذن لها في التصرّف فيها أصلاً،فتأمّل جدّاً.

ص:204

كتاب المواريث

اشارة

كتاب المواريث هو أعم من الفرائض مطلقاً إن أُريد بها المفروض بالتفصيل،و إن أُريد بها ما يعمّ الإجمال كإرث اولي الأرحام فهو بمعناه،و من ثم كان التعبير بما هنا أولى من التعبير بالفرائض.

و الأصل فيه بعد الإجماع الكتاب و السنّة،قال سبحانه:

يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [1] إلى آخر الآيتين (1).

و في النبوي:«تعلّموا الفرائض و علّموها الناس،فإنّي امرء مقبوض، و إنّ العلم سيقبض،و تظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما» (2).

قيل:و ذلك لابتناء مسائل الفرائض على أُصول غير عقليّة،و عدم اشتمال القرآن على جميعها،و لأهل البيت(عليهم السّلام)فيها أُصول باينوا بها سائر الفِرَق،و هم أدرى بما في بيت النبي(صلّى اللّه عليه و آله) (3).

و فيه أيضاً:«تعلّموا الفرائض،فإنّها من دينكم،و إنّه نصف العلم، و إنّه أوّل ما ينتزع من أُمّتي» (4).

و قد ذكروا في توجيه التنصيف وجوهاً كلّها تعسّفات.

ص:205


1- النساء:11،12.
2- سنن البيهقي 6:208،الوافي 25:701.
3- مفاتيح الشرائع 3:300.
4- سنن البيهقي 6:209،الوافي 25:701.

و النظر فيه يكون في المقدّمات،و المقاصد،و اللواحق

و المقدّمات ثلاث

الاُولى:في بيان موجبات الإرث

و المقدّمات ثلاث:

الاُولى:في بيان موجبات الإرث و أسبابه و هي:نسب و سبب،فالنسب هو الاتّصال بالولادة بانتهاء أحد الشخصين إلى الآخر، كالأب و الابن،أو بانتهائهما إلى ثالث مع صدق اسم النسب عرفاً على الوجه الشرعي.

و هو ثلاث مراتب: لا يرث أحد من المرتبة التالية مع وجود واحد من المرتبة السابقة خال من موانع الإرث.

فالأُولى: الأبوان من غير ارتفاع و الولد و إن نزل بشرط الترتيب،الأقرب فالأقرب.

و بعدها الأجداد و الجدّات و إن علوا مرتّبين و الإخوة و الأخوات و أولادهم مع فقدهم و إن نزلوا كذلك.

و بعدهما الأعمام و العمّات و الأخوال و الخالات، و أولادهم مع فقدهم و إن نزلوا،ثم أعمام الأبوين،و عمّاتهما،و أخوالهما، و خالاتهما،و أولادهم مع فقدهم و إن نزلوا كذلك،ثم أعمام الجدّ و الجدّة، و عمّاتهما،و أخوالهما،و خالاتهما،و أولادهم مع فقدهم و إن نزلوا،الأقرب فالأقرب،و هكذا إلى سائر الدرجات.ففي كلّ من المرتبتين الأُوليين صنفان،و في الباقي صنف واحد؛ لأنّهم إخوة الأب و الأُمّ.

و لا يحجب الأقرب من كلّ صنف الأبعد من الصنف الذي في مرتبته،بل يحجبه إذا كان من صنفه،و الواحد من كلّ مرتبة أو درجة و إن كان أُنثى يحجب من وراءه من المراتب و الدرجات،إلّا في صورة واحدة

ص:206

إجماعية،هي:أنّ ابن العمّ للأب و الأُمّ يحجب العمّ للأب وحده،و يأخذ نصيبه.

و الأصل في جميع ذلك بعد الإجماع عليه في الجملة الكتاب و السنّة،قال سبحانه وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ [1] الآية (1).

و في الصحيح:«أنّ كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به،إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميت فيحجبه منه» (2)و نحوه غيره (3).

و في الخبر:«ابنك أولى بك من ابن ابنك،و ابن ابنك أولى بك من أخيك،و أخوك لأبيك و أُمّك أولى من أخيك لأبيك،و أخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأُمّك،و ابن أخيك لأبيك و أُمّك أولى بك من ابن أخيك لأبيك،و ابن أخيك لأبيك أولى بك من عمّك،و عمّك أخو أبيك من أبيه و أمّه أولى بك من عمّك أخي أبيك من أبيه،و عمّك أخو أبيك من أبيه أولى بك من عمّك أخي أبيك لأُمّه،و ابن عمّك أخي أبيك من أبيه و أُمّه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأبيه،و ابن عمّك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأُمّه» (4).

و ما فيه من أولويّة المتقرّب بالأب وحده على المتقرّب بالأُمّ وحدها من الإخوة و الأعمام و أولادهم بمعنى زيادتهم الميراث،و في غيرهم بمعنى

ص:207


1- الأنفال:75،الأحزاب:6.
2- الكافي 7:1/77،التهذيب 9:976/269،الوسائل 26:68 أبواب موجبات الإرث ب 2 ح 1.
3- الكافي 7:2/77،التهذيب 9:977/269،الوسائل 26:68 أبواب موجبات الإرث ب 2 ح 2.
4- الكافي 7:1/76،التهذيب 9:974/268،الوسائل 26:63 أبواب موجبات الإرث ب 1 ح 2.

الحجب،إجماعاً (1)كما يأتي.

و السبب هو الاتّصال بما عدا الولادة من ولاء أو زوجيّة،و هو لتعدّد ما به الاتّصال فيه قسمان:زوجيّة من الجانبين مع دوام العقد،أو شرط الإرث،على الخلاف المتقدّم في كتاب النكاح وَ وَلاء بفتح الواو، واصلة القرب و الدنوّ،و المراد به هنا تقرّب أحد الشخصين بالآخر على وجه يوجب الإرث بغير نسب و لا زوجيّة.

و الوَلاء له ثلاث مراتب كالنسب،لا يرث أحد من المرتبة التالية مع وجود واحد من المرتبة السابقة خال من الموانع،فأقربها: ولاء العتق،ثم ولاء تضمن الجريرة،ثم ولاء الإمامة و القسم الأوّل يجامع جميع الورّاث،و الثاني لا يجامع النسب و إن بَعُد.

الثانية:في بيان موانع الإرث

اشارة

الثانية:في بيان موانع الإرث،و هي كثيرة،ذكر الماتن منها هنا ثلاثة هي أظهر أفرادها الكفر،و القتل،و الرقّ أمّا الكفر فإنّه يمنع في طرف الوارث يعني:أنّه لو كان كافراً لا يرث مسلماً،و يرث لو كان بالعكس.

و الأصل فيه بعد اتّفاق المسلمين كافّة،كما في صريح المسالك و ظاهر غيره (2)المعتبرة المستفيضة التي كادت تكون متواترة،بل لعلّها متواترة،ففي الموثق:عن الرجل المسلم هل يرث المشرك؟قال:«نعم،

ص:208


1- و في هذا الخبر دلالة على ما ذهب إليه المشهور من غير خلاف يظهر بينهم من اختصاص الرد فيما لو اجتمع المتقرب بالأُمّ خاصّة مع المتقرب بالأب كذلك به،و اعتذروا له بما في هذه الرواية من الأولوية،و تأمّل فيه في الكفاية:(291)و لا وجه له.منه(رحمه اللّه).
2- المسالك 2:311،و انظر المفاتيح 3:311.

و لا يرث المشرك المسلم» (1).

و في الصحيح:«المسلم يرث امرأته الذمّيّة،و لا ترثه» (2).

و فيه:«لا يرث اليهودي و النصراني المسلمين،و يرث المسلم اليهودي و النصراني» (3).

و في الخبر القريب من الصحيح برواية ابن محبوب المجمع على تصحيح رواياته عن راويه الموجب لقصوره:«المسلم يحجب الكافر، و يرثه،و الكافر لا يحجب المؤمن،و لا يرثه» (4).

فلا إشكال في أنّه يرث الكافر مسلماً مطلقاً حربيّا كان الكافر أو ذمّيا أو مرتدّاً،و إنّما خصّ المنع بما إذا كان الكفر في طرف الوارث؛ لأنّه يرث المسلمُ الكافرَ مطلقاً أصليّاً كان أو مرتدّاً بإجماعنا المحكي في عبائر جماعة من أصحابنا (5)،مع وقوع التصريح به في الأخبار التي تلوناها سابقاً.

و أمّا النصوص المستفيضة الدالّة على أنّه لا توارث بين أهل ملّتين من الموثقين و غيرهما فمع قصور أسانيدها،و ضعف جملة منها محمولة إمّا

ص:209


1- التهذيب 9:1304/366،الإستبصار 4:708/190،الوسائل 26:13 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 5.
2- الكافي 7:6/143،الفقيه 4:784/244،التهذيب 9:1306/366،الإستبصار 4:710/190،الوسائل 26:11 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 1.
3- الكافي 7:2/143،الفقيه 4:786/244،التهذيب 9:1303/366،الإستبصار 4:707/190،الوسائل 26:13 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 7؛ بتفاوت.
4- الكافي 7:5/143،الفقيه 4:783/244،التهذيب 9:1307/366،الإستبصار 4:711/190،الوسائل 26:11 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 2.
5- منهم الشيخ في الخلاف 4:23،24،و الحلي في السرائر 3:266،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 4:132.

على التقيّة؛ لموافقتها لمذهب أكثر العامّة،كما صرّح به جماعة،و منهم شيخ الطائفة (1).

أو على نفي التوارث من الجانبين على وجه يرث كل منهما صاحبه، كما يتوارث المسلمان،و هو لا ينافي إرث أحدهما عن الآخر خاصّة.

و بهذا التوجيه وقع التصريح في كثير من المعتبرة و لو بعمل الطائفة، منها الصحيح:عن مولانا الصادق عليه السّلام أنّه قال:«فيما يروي الناس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:لا يتوارث أهل ملّتين» فقال:«نرثهم و لا يرثونا، إنّ الإسلام لم يزده إلّا عزّاً في حقّه» (2).

و الخبر:عن قوله:«لا يتوارث أهل ملّتين» فقال عليه السّلام:«نرثهم و لا يرثونا،إنّ الإسلام لم يزده في ميراثه إلّا شدّة» (3).

و في آخر:«لا يتوارث أهل ملّتين،يرث هذا هذا،و هذا هذا،إلّا أنّ المسلم يرث الكافر،و الكافر لا يرث المسلم» (4).

و في الموثق:«لا يزداد الإسلام إلّا عزّاً،فنحن نرثهم،و لا يرثونا» (5).

و في الخبر:النصراني يموت و له ابن مسلم،أ يرثه؟قال:فقال:

«نعم،إن اللّه تعالى لم يزده في الإسلام إلّا عزّاً،فنحن نرثهم،

ص:210


1- التهذيب 9:368؛ و انظر التنقيح الرائع 4:133،و الكفاية:289.
2- الكافي 7:1/142،التهذيب 9:1302/365،الإستبصار 4:706/189،الوسائل 26:15 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 14.
3- التهذيب 9:1312/367،الإستبصار 4:716/191،الوسائل 26:15 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 17.
4- التهذيب 9:1313/367،الإستبصار 4:717/191،الوسائل 26:15 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 15.
5- التهذيب 9:1321/370،الإستبصار 4:719/192،الوسائل 26:16 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 19.

و لا يرثونا» (1).

و حيث قد ظهر أنّ الكافر لا يرث المسلم ف قد ظهر منه أنّ ميراث المسلم لوارثه المسلم مطلقاً انفرد بالنسب و ما بعده من الأسباب أو شاركه الكافر فإنّه لا يرثه مطلقاً و لو (2)كان أقرب إليه من الوارث المسلم حتى أنّه لو كان ذلك الوارث المسلم ضامن جريرة اتفق مع ولد كافر للميت فالميراث للضامن دون الولد الكافر.

و بالإجماع على هذا بالخصوص صرّح جماعة من الأصحاب (3)، و نفى عنه الخلاف في السرائر و المسالك و غيرهما (4).

و لعلّه يفهم من إطلاق الأخبار المتقدّمة في صدر الباب،سيّما الأخيرة منها،فإنّه كالصريح فيه،بل جزم بصراحته في المسالك و غيره (5).

و قصور سنده منجبر بما مرّ،و بالعمل به من الكلّ من دون خلاف يظهر.

مضافاً إلى اعتضاده بصريح كثير من النصوص المعتبرة الآتية، كالصحيح الوارد في إسلام الكافر على الميراث قبل القسمة (6)،و رواية

ص:211


1- الكافي 7:4/143،الفقيه 4:780/243،التهذيب 9:1305/366،الإستبصار 4:709/190،الوسائل 26:12 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 4.
2- في المطبوع من المختصر(263):أو.
3- منهم الفاضل في التحرير 2:171،و الكاشاني في المفاتيح 3:312،و الهندي في كشف اللثام 2:278.
4- السرائر 3:270،و المسالك 2:311؛ و انظر الكفاية:289.
5- انظر كفاية الأحكام:289.
6- الكافي 7:3/144،التهذيب 9:1317/369،الوسائل 26:21 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 2.

مالك بن أعين الآتية في المسألة الثانية (1)من المسائل الستّ الملحقة (2).

و هي و إن لم تنهض حجة على تمام المدّعى من تقديم الأبعد على القريب مطلقاً،و لو كان ضامن جريرة؛ لاختصاص الأوّل بتقديم ذي القرابة عدا الأولاد و الزوجة على الأُمّ النصرانيّة،و الثاني بتقديم ابني الأخ و الأُخت على الأولاد،و هما في ذوي الأنساب خاصّة،إلّا أنّها ناهضة عليه بعد ضمّ الإجماع،و عدم القول بالفرق.

و فحوى النص الدالّ على أنّه لو لم يكن للمسلم وارث مسلم فميراثه للإمام (عليه السّلام)،فإنّ ثبوت أولويّة إرثه(عليه السّلام)من الكافر بولاية الذي هو متأخّر عن أنواع الولاء يستلزم إرث من قبله منه من اولي الولاء الذين منهم ضامن الجريرة بطريق أولى،كما لا يخفى،و النص هو الصحيح المشار إليه سابقاً،الوارد في إسلام الكافر على الميراث قبل قسمته.

و قريب منه الصحيح الآخر:في رجل مسلم قُتِل و له أب نصراني، لمن تكون ديته؟قال:«تؤخذ ديته فتجعل في بيت مال المسلمين؛ لأنّ جنايته على بيت مال المسلمين» (3)فتأمّل .و يعضدهما عموم النصوص الدالّة على أنّ الإمام(عليه السّلام)وارث من لا وارث له (4)،بناءً على أنّ ورثة المسلم الكفّار لا يرثونه كما مرّ،فهم بالإضافة إليه بحكم العدم،و لا خلاف فيه أيضاً بين الأصحاب ظاهراً،و به

ص:212


1- في النسخ:الثالثة،و الصواب ما أثبتناه.
2- تأتي في ص:217.
3- الفقيه 4:775/243،التهذيب 9:1322/370،الوسائل 26:22 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 6.
4- الوسائل 9:523 أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام ب 1،و ج 26:246 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3.

صرّح بعض أصحابنا (1).

و اعلم أنّ الحكم بأنّ الكافر يرثه المسلم إن اتفق وارثاً،مطلقاً و لو كان بعيداً،و عارضه وارث كافر أقرب منه إلى الميت و أولى ممّا لا إشكال فيه أصلاً،كما مضى،فلا وجه لإعادته تارة أخرى.

و لا كذلك الحكم بأنّ الكافر لا يرثه الكافر فإنّه في الجملة و إن كان لا إشكال فيه أيضاً،إلّا أنّه ليس على إطلاقه إجماعاً،بل يستثني منه ما أشار إليه بقوله: إلّا إذا لم يكن له وارث خاص مسلم فيرثه الكفار حينئذٍ،و لذا يتوجّه إعادته بعد فهمه سابقاً؛ تنبيهاً على أنّ الحكم ليس على إطلاقه؛ لثبوت التوارث بين الكفّار في صورة الاستثناء، بلا خلاف فيه ظاهراً،و صرّح به بعض أصحابنا (2).

لعموم أدلّة الإرث،مع سلامته عن المعارض في محلّ البحث؛ لاختصاصه بما إذا كان هنا وارث خاص مسلم.

و لمرسلة ابن أبي عمير الموثقة كالصحيحة إليه:في يهودي أو نصراني يموت،و له أولاد غير مسلمين،فقال:«هم على ميراثهم» (3).

و لما سيأتي من النص في ميراث المجوس (4).

و في الصحيح:«إنّ عليّاً عليه السّلام كان يقضي في المواريث فيما أدرك الإسلام من مال مشرك تركه لم يكن قسم قبل الإسلام،أنّه كان يجعل للنساء و الرجال حظوظهم منه على كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله» (5)

ص:213


1- الكفاية:289.
2- انظر الكفاية:289.
3- التهذيب 9:1330/372،الوسائل 26:25 أبواب موانع الإرث ب 5 ح 3.
4- في ص:470.
5- الكافي 7:1/144،التهذيب 9:1324/370،الإستبصار 4:720/192،الوسائل 26:23 أبواب موانع الإرث ب 4 ح 1.

و نحوه آخر (1).

و يظهر من الكليني و غيره (2)دلالتهما على حكم المسألة.

و فيه مناقشة؛ لاحتمالهما وجوهاً ثلاثة،منها:أن يكون المراد أنّه إذا أسلم واحد من الورثة أو أكثر قبل القسمة فإنّه يشارك و لو كان امرأة،ردّاً على بعض العامة القائل:إنّه لا يرث منهم سوى الرجال أو العصبة،على ما حكاه جدّي العلّامة المجلسي (3)طاب رمسه.

و منها:أن يكون المراد أنّه يجري على أهل الذمّة أحكام المواريث، و ليست كغيرها من الأحكام،بأن يكون مخيّراً في الحكم أو الردّ إلى أهل ملّتهم،كما قال سبحانه فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [1] (4).

و منها:أن يكون المراد أنّهم إذا أسلموا و كان لم يقسم بينهم التركة يقسم التركة بينهم على قانون الإسلام،و ليس لهم أن يقولوا:إنّ المال بموته انتقل إلينا على القانون السابق على الإسلام فنقسمه عليه.

و لا يتم الدلالة إلّا على الوجهين الأخيرين،و لا قرينة فيهما تعيّن إرادتهما،مع احتمال أظهرية الوجه الأوّل منها،كما ذكره جدّي (5)-(رحمه اللّه).

و لو كان للكافر وارث مسلم كان أحقّ بالإرث من وارثه الكافر و إن بَعُد هو و قرب ذلك الكافر لبعض ما مرّ في أولويّة

ص:214


1- الكافي 7:2/145،التهذيب 9:1325/371،الإستبصار 4:721/192،الوسائل 26:23 أبواب موانع الإرث ب 4 ح 2.
2- الكافي 7:144؛ و انظر التهذيب 9:370.
3- روضة المتقين 11:385.
4- المائدة:42.
5- روضة المتقين 11:386.

الوارث المسلم للمسلم من وارثه الكافر و إن قرب و بَعُد هو،و الفرق بين المسألتين مع تشابههما كون المورّث في الأُولى مسلماً و في الثانية كافراً، فلا يتوهّم التكرار هنا.

و إذا أسلم الكافر على ميراث مورّثه،المحجوب منه بكفره،مع وجود ورثة له مسلمين قبل قسمته عليهم شارك في الإرث بحسب حاله إن كان مساوياً لهم في النسب و المرتبة،كما لو كان الكافر ابناً و الورثة إخوته مثلاً. و حاز الميراث و جمعه كَمَلاً إن كان أولى منهم في المرتبة،كما لو كانوا في المثال إخوة الميت،و الحكم بذلك مطلق سواء كان المورّث مسلماً أو كافراً بلا خلاف في شيء من ذلك في الظاهر،بل عليه الإجماع في بعض العبائر،و هو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة،و فيها الصحاح و الموثّقات،ففي الصحيح:«من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله ميراثه،و إن أسلم و قد قسم فلا ميراث له» (1)و نحوه الموثقان (2)كالصحيحين بأبان المجمع على تصحيح رواياته،و الخبران (3)أحدهما الموثق.

و في الصحيح أيضاً:عن رجل مسلم مات،و له أُمّ نصرانية،و له

ص:215


1- الكافي 7:3/144،التهذيب 9:1317/369،الوسائل 26:21 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 2.
2- الأوّل في:الكافي 7:4/144،التهذيب 9:1318/369،الوسائل 26:21 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 3. و الثاني في:الفقيه 4:758/237،التهذيب 9:1211/336،الوسائل 26:21 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 4.
3- التهذيب 9:1320/370،الوسائل 26:22 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 5،دعائم الإسلام 2:1370/386،المستدرك 17:144 أبواب موانع الإرث ب 2 ح 1.

زوجة و ولد مسلمون؟فقال:«إن أسلمت أُمّه قبل أن يقسم ميراثه أُعطيت السدس» قلت:فإن لم يكن له امرأة،و لا ولد،و لا وارث له سهم في الكتاب مسلمين،و له قرابة نصارى ممّن له سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين،لمن يكون ميراثه؟قال:«إن أسلمت امّه فإنّ ميراثه لها،و إن لم تسلم امّه،و أسلم بعض قرابته ممّن له سهم في الكتاب فإنّ ميراثه له، فإن لم يسلم أحد من قرابته فإنّ ميراثه للإمام(عليه السّلام) » (1).و هل يبقى الميراث على حكم مال الميت إلى أن يقسم أو يسلم الباقي و يصير بلا مالك بالفعل غير اللّه تعالى،أو ينتقل إلى الموجودين ملكاً متزلزلاً ثم ينتقل منهم إلى من يسلم بعدهم كلّاً أو بعضاً،أو يكون إسلامه كاشفاً عن الملكيّة بعد الموت؟فيه أوجه ثلاثة.

و قطع الشهيدان في الدروس و المسالك و الروضة و غيرهما (2)بأنّ النماء المتجدّد بعد الموت و قبل القسمة تابع للأصل .و لو أسلم الكافر بعد القسمة لم يرث،بلا خلاف؛ للأخبار المزبورة.

و كذا لو كان الوارث المسلم واحداً لم يزاحمه الكافر في الميراث مطلقاً و إن أسلم إجماعاً،كما في السرائر (3)،و لا خلاف فيه في الجملة إذا كان الواحد من عدا الإمام(عليه السّلام) لأنّه لا يتحقق هنا قسمة مع انتقال المال إليه و حصوله في ملكه،فالانتقال إلى غيره يحتاج إلى دليل،و ليس،و لا فرق في ذلك بين بقاء عين التركة و عدمه.

ص:216


1- الكافي 7:2/144،الفقيه 4:787/244،التهذيب 9:1316/369،الوسائل 26:20 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 1.
2- الدروس 2:345،المسالك 2:311،الروضة 8:28،كشف اللثام 2:278.
3- السرائر 3:268.

خلافاً للمحكي في المسالك و غيره عن الإسكافي (1)،فحكم بالمشاركة في الصورة الاُولى إن كان الوارث الواحد فيها حيّاً.و في المسالك أنّه نادر،و وجهه مع ذلك،و مخالفته للنصوص غير واضح.

أمّا لو كان الوارث الواحد هو الإمام،و كان المورث مسلماً،فأسلم الكافر،فهو أولى بالميراث،على المشهور،كما في الكفاية (2)،و عن فخر الدين نسبته إلى كثير (3)،و اختاره الماتن في الشرائع (4)؛ للصحيح الأخير.

و الصحيح الآخر:عن رجل قتل رجلاً مسلماً فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلّا أولياء من أهل الذمّة من قرابته؟فقال:«على الإمام(عليه السّلام) أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام،فمن أسلم منهم فهو وليّه يدفع القاتل إليه،فإن شاء قتل،و إن شاء عفا،و إن شاء أخذ الدية،فإن لم يسلم أحد كان الإمام(عليه السّلام)وليّ أمره» (5)الحديث.

خلافاً لإطلاق العبارة،و صريح جماعة،كالحلي و الشيخ في النهاية (6)؛ للتعليل المتقدّم إليه الإشارة.

و المناقشة فيه بعد ورود النص الصحيح الصريح بخلافه واضحة، فالقول به ضعيف غايته.

ص:217


1- المسالك 2:311،المختلف:751.
2- الكفاية:289.
3- الإيضاح 4:175.
4- الشرائع 4:12.
5- الكافي 7:1/359،الفقيه 4:248/79،التهذيب 10:697/178،العلل:15/581،الوسائل 29:124 أبواب القصاص في النفس ب 60 ح 1.
6- السرائر 2:268،النهاية:663.

و أضعف منه المحكي عن ظاهر المبسوط و صريح ابن حمزة (1)من التفصيل بين نقل التركة إلى بيت المال فالثاني،و عدمه فالأوّل.

فإنّه لا وجه له،كما في الروضة (2)،و إن جزم به الفاضل في الإرشاد و ولده قد تبعه (3).

و يلحق بهذه المقدّمة مسائل ستّ:
الاُولى:الزوج المسلم أحقّ بميراث زوجته من ذوي قرابتها الكفّار

و يلحق بهذه المقدّمة مسائل ستّ:

الاُولى:الزوج المسلم أحقّ بميراث زوجته من ذوي قرابتها الكفّار مطلقاً كافرة كانت الزوجة أو مسلمة فإنّ له النصف بالزوجية حيث لا يكون لها ولد حاجب و الباقي بالردّ على الأظهر الأشهر فيه.

و في أنّ للزوجة المسلمة الربع من التركة إن لم يكن له ولد حاجب مع الورثة الكفّار كانت أم لا و الباقي للإمام (عليه السّلام)،مع عدمهم مطلقاً،و مع وجودهم أيضاً إذا كان الزوج المورّث مسلماً،و لهم إذا كان كافراً،كما مضى،و سيأتي الكلام في المسألتين إن شاء اللّه تعالى مفصّلاً.

و إنّما ذكرتا هنا مقدّمةً لذكر مسألة هنا محلّها و هي:أنّه لو أسلموا أي الورثة الكفّار أو أحدهم بعد أن أخذ الزوجان نصيبهما من التركة كلّاً أو بعضاً قال الشيخ في النهاية و القاضي و الماتن في النكت (4) يردّ عليهم أي على الورثة أو بعضهم بعد إسلامهم ما فضل عن سهم

ص:218


1- المبسوط 4:79،الوسيلة:394.
2- الروضة 8:29.
3- الإرشاد 2:127،إيضاح الفوائد 4:175.
4- النهاية:664،المهذّب 2:157،نكت النهاية 3:234.

الزوجية من النصف في الفرض الأوّل،و الزائد عن الربع في الثاني.

و لا ريب في الحكم بذلك في الفرضين على القول النادر بعدم الردّ فيهما،و في الثاني خاصّة على مختار الأكثر و الماتن هنا إذا كان الإسلام قبل القسمة بين ذي الفرض و الإمام(عليه السّلام)؛ لاندراج الحكم على التقديرين تحت النصوص المتقدّمة الدالّة على الإرث بالإسلام قبل القسمة،و عدمه إذا كان بعدها.

و ينبغي القطع بعدمه في الفرض الأوّل على قول الأكثر،و في الثاني أيضاً على القول الثالث من ثبوت الردّ فيهما؛ لما مرّ في الإسلام مع الوارث المسلم الواحد من الأصل،و اختصاص ما دلّ على خلافه و انتقال المال عنه بعضاً أو كلّاً إلى غيره الوارث بما إذا أسلم قبل القسمة،و هي لا تصدق إلّا مع التعدّد،دون الوحدة المفروضة في المسألة،فلا وجه لما ذكره الجماعة في الفرض الأوّل مع قولهم بالردّ فيه.

كما لا وجه لإطلاق قول الماتن هنا: و فيه تردّد الظاهر في رجوع التردّد إلى الحكم المذكور في الفرضين،بل كان ينبغي تخصيصه بالفرض الأوّل الذي قال فيه بالردّ.

اللّهم إلّا أن يجعل مورد التردّد ثبوت الحكم في المقامين معاً،و هو يجامع عدم التردّد في ثبوته في أحدهما.

و كيف كان وجه تردّده في الحكم في الفرض الأوّل مع حكمه فيه بالردّ غير واضح،عدا ما في التنقيح (1)من الاستناد في جهة منع المسلم عمّا فضل إلى ما قدّمنا،و في جهة المقابل إلى قول الشيخ خاصّة.

ص:219


1- التنقيح الرائع 4:134،135.

و هو كما ترى،فإن قول الشيخ بنفسه لا يصلح حجّة،سيّما و أن يعارض به الحجة الأقوى.

و الماتن استشكل الحكم المذكور في الشرائع (1)أيضاً كما هنا،لكن لم يذكر وجهه إلّا في الجهة الأُولى،و لم يشر إلى وجهه في الجهة الثانية أصلاً،و الظاهر أنّه ما حكي عن الماتن في النكت (2)من أنّ الزوج لا يستحق سوى النصف،و الردّ إنّما يستحقه إذا لم يوجد للميت وارث محقق و لا مقدّر،و هنا الوارث المقدّر موجود،فإنّه إذا عرض على الكافر الإسلام و أسلم صار وارثاً و منع الردّ؛ و أنّ استحقاق الزوج الفاضل ليس استحقاقاً أصليّاً،بل لعدم الوارث؛ و كونه أقوى من الإمام و الزوج،فيجري في الردّ مجرى الإمام،فإنّه إذا أسلم على الميراث منع الإمام.

و يضعّف بأنّ المعتبر في الحكم بالردّ على الزوج و عدمه إنّما هو بعد الموت بلا فصل؛ لأنّه وقت الحكم بالإرث و انتقال التركة إلى الوارث، و الاعتبار حينئذٍ بالوارث المحقّق لا المقدّر،مع عدم دليل على اعتباره، و انتقاضه بكل وارث واحد منع كافراً عن الإرث،سواء ورث فرضاً و ردّاً أو قرابةً،خصوصاً الذي يرث بالفرض و الردّ،و الاتحاد على تقدير القول بالردّ حاصل،و الفرق بين الاستحقاق الأصلي و غيره لا دخل له في الحكم بعد القول بثبوته في الجملة عند عدم الوارث وقت الحكم بالإرث.

و بالجملة لا ريب في ضعف هذا القول،و ابتناء الحكم فيه على الردّ على الزوجين مع عدم الوارث و عدمه،فيقبل على الثاني،و يردّ على

ص:220


1- الشرائع 4:12.
2- النكت 3:235.

الأوّل،و هذا البناء مشهور بين المتأخّرين،بل عليه عامّتهم وفاقاً للحليّ (1).

الثانية:روى مالك بن أعين،عن أبي جعفر(عليه السّلام):في نصراني مات،و له ابن أخ و ابن أُخت مسلمان،و أولاد صغار

الثانية:روى المشايخ الثلاثة في الصحيح (2)إلى: مالك بن أعين،عن أبي جعفر(عليه السّلام):في نصراني مات،و له ابن أخ و ابن أُخت مسلمان،و أولاد صغار أنّه لابن الأخ الثلثان،و لابن الأُخت الثلث، و أنّه ينفقان على الأولاد بالنسبة أي بنسبة حقوقهما و ميراثهما من أبيهم،فينفق عليهم ابن الأخ ثلثي النفقة،و ابن الأُخت ثلثها،هذا إذا لم يسلموا قبل البلوغ.

ف أمّا إن أسلم الصغار قبله دفع المال أي التركة إلى الإمام،فإن بلغوا باقين على الإسلام دفعه الإمام إليهم،و لو (3)لم يسلموا،أو لم يبقوا بعده على إسلامهم دفع الإمام المال إلى ابن الأخ الثلثين،و إلى ابن الأُخت الثلث و ظاهر نقلهم لها من دون معارض صريح بل و لا ظاهر عملهم بها،مع تصريح الشيخ في النهاية (4)بالفتوى بها،كالمفيد و القاضي و الحلبي و ابن زهرة و الكيدري و نجيب الدين (5)،كما حكى ذلك عنهم الشهيد في

ص:221


1- السرائر 3:268.
2- الكافي 7:1/143،الفقيه 4:788/245،التهذيب 9:1315/368،الوسائل 26:18 أبواب موانع الإرث ب 2 ح 1.
3- في«ر» و المطبوع من المختصر(264):فإن.
4- النهاية:665.
5- المفيد في المقنعة:701،القاضي في المهذّب 2:159،الحلبي في الكافي في الفقه:375،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):608،نجيب الدين في الجامع:502.

النكت (1)مدّعياً هو فيه و في الدروس (2)كونها مذهب الأكثر و المعظم، و نحوه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك (3)،فقد نسبه إلى أكثر الأصحاب، قال:خصوصاً المتقدّمين منهم كالشيخين و الصدوق (4)و الأتباع،و بذلك أيضاً صرّح المقدس الأردبيلي-(رحمه اللّه) و صاحب الكفاية (5).

و لا ريب في اشتهار الرواية بين القدماء،بل و المتأخّرين أيضاً،كما يفهم من عبائر هؤلاء الجماعة،فلا بعد في المصير إليها،و إن ضعف السند بالراوي،و المتن بمخالفة الأُصول المقرّرة و القواعد الممهّدة من أنّ الولد يتبع أبويه في الكفر و الإسلام بلا خلاف،و ما مرّ من أنّ من أسلم من الأقارب الكفّار بعد اقتسام الورثة المسلمين لا يرث،و من أسلم قبله يشارك أو يختصّ،و من لوازم عدم المشاركة اختصاص الوارث المسلم بنصيبه من الإرث،و لا يجب عليه بذله و لا شيء منه للقريب الكافر صغيراً كان أم كبيراً؛ لانجبار جميع ذلك بالشهرة المطلقة المحكية،بل المحقّقة بين القدماء بلا شبهة،بل لا يرى لهم منهم مخالف عدا الحلي (6)،و هو بالإضافة إليهم شاذّ،هذا.

مضافاً إلى قوّة السند في نفسه بتضمّن الحسن بن محبوب المجمع على تصحيح رواياته،مع أنّه في الفقيه أسنده إلى عبد الملك بن أعين أيضاً،لكن مردّداً بينهما في النسخة المشهورة،و في غيرها أسنده إليهما

ص:222


1- غاية المراد 3:597.
2- الدروس 2:346.
3- المسالك 2:312.
4- الفقيه 4:245.
5- مجمع الفائدة و البرهان 11:483،الكفاية:289.
6- السرائر 3:268.

معاً،و هو حسن و إن ضعف مالك بن أعين،و يحصل من ذلك تأييد ما للسند أيضاً،كما يحصل من وصف جماعة إيّاه بالصحة،كالفاضل في المختلف و الشهيد في الكتابين (1)،بل نسبه جدّي المجلسي-(رحمه اللّه) إلى أكثر الأصحاب (2)،فتأمّل جدّاً .و الخروج عن الأُصول بمثل هذا الخبر المنجبر بالعمل غير عزيز، و لكن المسألة مع ذلك لعلّها لا تخلو عن إشكال؛ لإطباق المتأخّرين على عدم الجزم به،و إن اختلفوا في التوقّف فيه أو ردّه.

فبين من اختار الثاني،كالفاضل في الإرشاد و المختلف و المقداد في التنقيح و شيخنا في المسالك و المقدس الأردبيلي-(رحمه اللّه) و جدّي العلّامة المجلسي (3)-(رحمه اللّه) و نسبه شيخنا في المسالك و بعض من تبعه (4)إلى أكثر المتأخّرين.

و بين من مال إلى الأوّل،كالماتن هنا و في الشرائع و الشهيد في الكتابين و صاحب الكفاية و غيرهم (5).

و لعلّه في محلّه،و إن كان المصير إلى ما عليه الأكثر لما مرّ غير بعيد.

و اختلفوا في تنزيل الخبر على ما يوافق الأصل فرادّوه على الاستحباب و غيرهم من العاملين به على محامل [بعيدة] تأبى عنها نفس الرواية.

ص:223


1- المختلف:740،الدروس 2:345،غاية المراد 3:597.
2- روضة المتقين 11:387.
3- الإرشاد 2:127،المختلف:741،التنقيح الرائع 4:137،المسالك 2:312،مجمع الفائدة 11:483،روضة المتقين 11:387.
4- مفاتيح الشرائع 3:312.
5- الشرائع 4:13،الدروس 2:346،غاية المراد 3:598 599،الكفاية:289؛ و انظر كشف اللثام 2:277.

و هل يختص الحكم على تقدير ثبوته بمورد الخبر،كما هو ظاهر الأكثر،أم يطّرد في ذي القرابة المسلم على الإطلاق مع الأولاد،كما في المختلف عن ابن زهرة و الحلبي (1)؟وجهان،و لا ينبغي ترك الاحتياط فيه،بل في أصل المسألة على حال.

الثالثة:إذا كان أحد أبوي الصغير مسلماً الحق به

الثالثة:إذا كان أحد أبوي الصغير مطلقاً مسلماً الحق به في إسلامه،سواء كان حين علوق الصغير أو بعده قبل بلوغه،و يتبع ذلك حكم التوارث فلو بلغ اجبر على الإسلام،و لو أبى عنه كان كالمرتدّ في وجوب قتله و حكم إرثه الآتي،و لا أعرف في شيء من ذلك خلافاً بين الأصحاب،بل ادّعى عليه في المسالك (2)الوفاق،و نفى الخلاف عن أصل التبعيّة في المفاتيح و الكفاية (3)،و لا شبهة فيه،كما لا شبهة في التبعيّة في الكفر أيضاً إذا كان أبواه كافرين معاً،و ادّعى فيه بالخصوص الإجماع في التنقيح،قال:و لهذا يسترقّ كما يسترقّ أبوه الكافر (4).

أقول:و لعلّ التبعيّة للأبوين في الإسلام و الكفر من الضروريّات يمكن استفادته من الأخبار المتواترة معنىً،المتشتّتة في مواضع عديدة، ككتاب الميراث،و الحدود،و الجهاد،و الوصية.

و يدلُّ على إجباره على الإسلام بعد الإدراك الخبران المرويان في الكافي و التهذيب في باب حدّ المرتدّ،أحدهما المرسل كالموثق على الأصح:في الصبي إذا شبّ فاختار النصرانية،و أحد أبويه نصراني،أو

ص:224


1- المختلف:740،الغنية(الجوامع الفقهية):608،الكافي في الفقه:375.
2- المسالك 2:312.
3- المفاتيح 2:363،الكفاية:289.
4- التنقيح 4:135.

جميعاً مسلمين،قال:«لا يترك،و لكن يضرب على الإسلام» (1).

و في الثاني:في الصبي يختار الشرك و هو بين أبويه،قال:«لا يترك، و ذاك إذا كان أحد أبويه نصرانياً» (2)فتأمّل جدّاً .و على أنّه لو أبى قُتِل،المرسلة الآتية.

و إنّما الشبهة في الحكم بالارتداد و ثبوت جميع أحكامه له بالإباء عن الإسلام مع ثبوته بمجرّد التبعيّة،فإنّي لم أقف فيه على رواية عدا رواية مرسلة رواها الصدوق،قال:قال النبي(صلّى اللّه عليه و آله):«إذا أسلم الأب جرّ الولد إلى الإسلام،فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام فإن أبى قُتل،و إن أسلم الولد لم يجرّ أبويه،و لم يكن بينهما ميراث» (3).

و إطلاقات النصوص المتضمّنة لأحكام الارتداد غير شاملة لمثل هذا المرتدّ،بحكم التبادر في جملتها،و الصريح في بعضها،إلّا أنّ دعوى الوفاق المعتضدة بعدم الخلاف و بالمرسلة المزبورة الدالّة على ما ذكروه و لو في الجملة حجّة قويّة كفتنا مئونة الاشتغال بتحصيل غيرها من الحجج الشرعيّة.

الرابعة:المسلمون يتوارثون

الرابعة:المسلمون يتوارثون بعضهم من بعض و إن اختلفت آراؤهم و مذاهبهم ما لم ينكروا ما علم ضرورة من الدين،و معه لا يرث المنكر غيره،و هو يرثه.

ص:225


1- الكافي 7:7/257،الفقيه 3:341/91،التهذيب 10:554/140،الوسائل 28:326 أبواب حد المرتد ب 2 ح 2.
2- الكافي 7:4/256،التهذيب 10:553/140،الوسائل 28:326 أبواب حد المرتد ب 2 ح 1.
3- الفقيه 3:343/92،الوسائل 28:329 أبواب حد المرتد ب 3 ح 7.

و كذا الكفّار يتوارثون بعضهم من بعض و إن اختلفت ملتهم (1) بلا خلاف في شيء من ذلك،إلّا من المفيد في المقنعة في بعض نسخها، فقال:يرث المؤمن أهل البدع من المعتزلة و المرجئة و الخوارج من الحشوية،و لا ترث هذه الفرق مؤمناً (2).و وافق القوم في النسخة الأُخرى (3).

و من الحلبي،فقال:يرث كفّار ملّتنا غيرهم من الكفّار،و لا يرثونهم، و قال:المجبّرة و المشبّهة و جاحد الإمامة لا يرثون المسلم (4).

و هما مع شذوذهما محجوجان بعمومات أدلّة الإرث من الكتاب و السنّة،السليمة هنا عن المعارض بالكلّيّة؛ لاختصاص الأدلّة المانعة عن إرث الكافر عن المسلم فتوًى و روايةً بالكافر مقابل المسلم،و هو من لم يظهر الشهادتين،أو أظهرهما و أنكر من الدين ما علم ضرورة.

و هذا و إن لم يتعرض له كثير من أصحابنا هنا،إلّا أنّ الحكم به مستفاد من قواعدهم التي مهّدوها في مواضع أُخر شتّى،و به صرّح الشهيد في الدروس و العلّامة في القواعد (5)و الفاضل المقداد هنا،فقال بعد الاستدلال لما عليه الأصحاب من أنّ المقتضي للتوارث هو الإسلام لا غير -:نعم الغلاة و المجسّمة و الخوارج و المرجئة و الجبريّة لا يرثون غيرهم من أرباب المذاهب؛ لأنّهم منكرون لما علم ضرورة من دين النبي(صلّى اللّه عليه و آله)،فهم كفرة،و الكافر لا يرث المسلم؛ لما تقدّم (6).انتهى.

ص:226


1- في«ر» و المطبوع من المختصر(264):مللهم.
2- المقنعة:701.
3- قاله في المختلف:741.
4- الكافي في الفقه:375.
5- الدروس 2:346،القواعد 2:163.
6- التنقيح الرائع 4:137.

و مقتضى ذلك ثبوت التوارث بينهم و بين سائر الكفّار،لكنّه صرّح بعد ذلك بما يدل على أنّ مثل هذا الكافر من ملّتنا يرث مثله و غيره من أقسام الكفّار من غير ملّتنا،و لا يرثونه إذا كانوا من غير ملّتنا،قال:لأنّ لهم خصوصية بذلك زادوا على غيرهم،فهم يرثون غيرهم من الكفّار، و لا ينعكس،و لم أقف على من تعرّض لذلك غيره.

الخامسة:المرتدّ

الخامسة:المرتدّ و هو الكافر بعد الإسلام أعاذنا اللّه تعالى ممّا يوبق الأديان إذا كان ارتداده عن فطرة الإسلام بأن ارتدّ عنه بعد أن انعقد و أحد أبويه مسلم،كما صرّح به الفاضلان و الشهيدان و غيرهم (1)،من دون خلاف بينهم يعرف،و يعضده ظواهر بعض النصوص الآتية المتضمن له مع حكمه من حيث التعبير فيه عنه بمن ولد على الإسلام كما في بعض، أو على الفطرة كما في آخر،و لا يصدق شيء منهما إلّا بما ذكروه يقتل، و لا يستتاب،و تعتدّ امرأته عدّة الوفاة مطلقاً،و لو لم يدخل بها،على قول قوي. و تقسم أمواله بين ورثته،و لو كان حيّاً.

بلا خلاف في شيء من ذلك أجده،و لا حكاه أحد من الطائفة، إلّا شيخنا في المسالك و بعض من تبعه (2)،فحكياه عن ظاهر الإسكافي، حيث لم يفصّل في الاستتابة و القتل بعدها مع عدم التوبة بين الفطري و الملّي،قال التابع بعد نقله:و هو شاذّ.و هو ظاهر في انعقاد الإجماع على خلافه،و به صرّح في الروضة و غيرها (3)،و هو الحجة.

ص:227


1- المحقق في الشرائع 4:13،العلّامة في التحرير 2:171،الشهيد الأوّل في الدروس 2:52،الشهيد الثاني في المسالك 2:451؛ و انظر كشف اللثام 2:435.
2- المسالك 2:451؛ و انظر المفاتيح 2:104.
3- الروضة 9:337،و المسالك 2:451.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح:«من رغب عن الإسلام،و كفر بما انزل على محمّد(صلّى اللّه عليه و آله)بعد إسلامه فلا توبة له،و قد وجب قتله،و بانت منه امرأته،و قسم ما ترك على ولده» (1).

و إنّما خصّ بالفطري مع شموله أيضاً للملّي جمعاً بينه و بين ما دلّ على لزوم قتل المرتدّ بقول مطلق بعد امتناعه من التوبة،كالصحيح عن غير واحد من أصحابنا عنهما(عليهما السّلام)في المرتدّ:«يستتاب،فإن تاب،و إلّا قتل» (2)إلى غير ذلك من النصوص،بحملها على الملّي خاصّة.

و الجامع بعد الإجماع المتقدّم إليه الإشارة المعتبرة،منها الصحيح:

عن مسلم تنصّر كما في الكافي و التهذيب أو:ارتدّ كما في الاستبصار قال:«يقتل،و لا يستتاب» قلت:فنصراني أسلم،ثم ارتدّ عن الإسلام، قال:«يستتاب،فإن رجع،و إلّا قتل» (3).

و الموثق:«كل مسلم بين مسلمين ارتدّ عن الإسلام و جحد محمّداً(صلّى اللّه عليه و آله) نبوّته و كذّبه فإنّ دمه مباح لكل من سمع ذلك منه،و امرأته بائنة منه يوم ارتدّ فلا تقربه،و يقسم ماله على ورثته،و تعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها،و على الإمام أن يقتله و لا يستتيبه» (4).

ص:228


1- الكافي 7:4/153،التهذيب 9:1333/373،الوسائل 26:27 أبواب موانع الإرث ب 6 ح 5.
2- الكافي 7:3/256،التهذيب 10:543/137،الإستبصار 4:959/253،الوسائل 28:327 أبواب حد المرتد ب 3 ح 2.
3- الكافي 7:10/257،التهذيب 10:548/138،الإستبصار 4:963/254،الوسائل 28:327 أبواب حد المرتد ب 3 ح 1.
4- الكافي 7:11/257،الفقيه 3:333/89،التهذيب 10:541/136،الإستبصار 4:957/253،الوسائل 28:324 أبواب حد المرتد ب 1 ح 3.

و المرفوع كالموثق بعثمان بن عيسى المجمع على تصحيح رواياته:

«أمّا من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم تزندق فاضرب عنقه، و لا تستتبه،و من لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه،فإن تاب،و إلّا فاضرب عنقه» (1).

و في الصحيح:رجل ولد على الإسلام ثم كفر و أشرك و خرج عن الإسلام،هل يستتاب،أو يقتل و لا يستتاب؟فكتب:«يقتل» (2).

و فيه تصريح بقتل الفطري و عدم استتابته،و في كثير من النصوص عدم قتل الملّي إلّا بعد امتناعه من التوبة،و لا تعارض بينهما،فيجب العمل بهما بلا شبهة،و فيهما قرينة أُخرى أيضاً على الجمع المتقدّم إليه الإشارة، فلا شبهة في المسألة.

و قصور اسناد بعض المعتبرة المتقدّمة كقصور دلالة بعض آخر منها عن إفادة تمام ما ذكره الجماعة معتضد و مجبور بعملهم،فلا وجه لمناقشة بعض متأخّري الطائفة (3)فيها بذينك الأمرين و غيرهما بالمرّة.

و ممّا ذكرناه يستفاد ما ذكره الأصحاب من غير خلاف فيه بينهم يعرف أنّ من ليس ارتداده عن فطرة كأن أسلم عن كفر ثم ارتدّ لا يقتل ابتداء،بل يستتاب،فإن تاب،و إلّا قتل و النصوص به زيادة على ما مرّ مستفيضة،ما بين مطلقة للحكم بالاستتابة غير مقيّدة للمرتدّ بالملّي،و مقيّدة له به.

ص:229


1- الفقيه 3:339/91،التهذيب 10:550/139،الوسائل 28:333 أبواب حد المرتد ب 5 ح 5.
2- التهذيب 10:549/139،الإستبصار 4:964/254،الوسائل 28:325 أبواب حد المرتد ب 1 ح 6.
3- مجمع الفائدة و البرهان 13:322.

و قد عرفت الجواب عن الأدلّة بحملها على المقيّدة؛ لما عرفت من الأدلّة،مع أنّها ضعيفة،و أكثر رجالها من العامّة،موافقة لمذاهبهم،كما صرّح به جماعة (1)،فيحتمل الحمل أيضاً على التقية،و يعضده مصير الإسكافي (2)إليها،كما مرّ غير مرّة.

و سقوطها من البيت بهذا الحمل غير ضائر،فإنّ في بقيّة النصوص كفاية إن شاء اللّه تعالى.

مع عدم الخلاف هنا أصلاً،و به صرّح الفاضل المقداد في التنقيح، فقال بعد نقل ما قدّمناه هنا من المتن مع ما بعده من قوله: و تعتدّ زوجته عدّة الطلاق مع الحياة،و عدّة الوفاة لا معها -:هذا ممّا لا خلاف فيه عندنا،لكن الشيخ في النهاية زاد على هذا أنّه إذا التحق بدار الحرب و لم يقدر عليه يقسم ميراثه بين أهله،و تبعه القاضي،و نازعه الحلي قائلاً بأنّ الأصل بقاء الملك على مالكه،و لا دليل على قسمة أمواله بارتداده،قال:

و قد رجع الشيخ عن ذلك في المبسوط و الخلاف،و هذا هو المفتي به (3).

انتهى.

و ظاهره كما ترى عدم الخلاف في مبلغ العدّة في صورتي الحياة و الوفاة أيضاً و قد قدّمنا التحقيق فيه في كتاب النكاح.

و هل الملّي لتوبته حدّ و تقدير مدّة؟قيل:لا؛ لعدم دليل عليه (4).

ص:230


1- منهم الشيخ في المبسوط 8:71،و الخلاف 5:353،و الشهيد الثاني في المسالك 2:451.
2- على ما نقله عنه في المسالك 2:451.
3- التنقيح 4:138،و هو في النهاية:666،و المهذب 2:161،و السرائر 3:271،272،و المبسوط 7:283،و الخلاف 5:358.
4- قاله الشيخ في الخلاف 5:356.

و قيل:القدر الذي يمكن معه الرجوع؛ احتياطاً في الدماء؛ و إزاحةً للشبهة العارضة في الحدّ (1).و قيل:ثلاثة أيّام (2)؛ للخبر الضعيف لجماعة (3)، و فيه:«المرتدّ تعزل عنه امرأته،و لا تؤكل ذبيحته،و يستتاب ثلاثة أيّام،فإن تاب،و إلّا قتل يوم الرابع» (4)و لعلّ الوسط أجود.

و أمّا المرأة ف لا تقتل بالردّة بل تحبس،و تضرب أوقات الصلاة حتى تتوب مطلقاً و لو كانت مرتدّة عن فطرة للمعتبرة المستفيضة،ففي المرسل كالصحيح بل الصحيح على الصحيح:

«و المرأة إذا ارتدّت استتيبت فإن تابت و رجعت،و إلّا خلّدت السجن، و ضيّق عليها في حبسها» (5).

و في الصحيح:في المرتدّة عن الإسلام،قال:«لا تقتل،و تستخدم خدمة شديدة،و تمنع الطعام و الشراب إلّا ما تمسك نفسها،و تلبس خشن الثياب،و تضرب على الصلوات» (6).

و أمّا الصحيح الدالّ على قتل المرتدّة عن ملّة بعد إبائها عن التوبة (7)،

ص:231


1- حكاه الشيخ في المبسوط 7:283،ثم قال:و هو الأقوى،و اعتمد عليه الصيمري في تلخيص الخلاف 3:217.
2- حكاه الشيخ في المبسوط 7:282،و جعله أحوط،و استحسنه المحقق في الشرائع 4:184.
3- تقدّم ذكرهم في ص:198 الرقم 2.
4- الكافي 7:17/258،الفقيه 3:334/89،التهذيب 10:546/138،الاستبصار 4:961/254،المقنع:162،الوسائل 28:328 أبواب حد المرتد ب 3 ح 5.
5- الكافي 7:3/256،التهذيب 10:543/137،الإستبصار 4:959/253،الوسائل 28:332 أبواب حد المرتد ب 4 ح 6.
6- الفقيه 3:335/89،التهذيب 10:565/143،الوسائل 28:330 أبواب حد المرتد ب 4 ح 1.
7- التهذيب 10:567/143،الإستبصار 4:968/255،الوسائل 28:331 أبواب حد المرتد 4 ح 5.

ف مع أنّه شاذّ،مخالف للإجماع قضيّة في واقعة،يحتمل الاختصاص بها،و غيره،مع توجيهات فيه بها لا ينافي الأخبار الأوّلة،ذكر بعضها الشيخ في الكتابين (1)و غيره،مع أنّه غير مكافئ لها.

و اعلم أنّه ذكر شيخنا في المسالك و بعض من تبعه أنّه ليس فيها ما يدلّ على قبول توبتها مطلقاً،و الأوّل منها و إن كان ظاهره ذلك إلّا أنّه تضمّن حكم الرجل بذلك أيضاً،و حمله على الملّي يرد مثله فيها،فحمل الدالّ على تخليد حبسها دائماً من غير تفصيل على الفطري و عدم قبول توبتها كالرجل ممكن،و في التحرير إشعار بالخلاف في ذلك،و هو مناسب للأخبار (2).

أقول:و أظهر من عبارة التحرير عبارة المهذّب (3)المحكيّة في بعض الحواشي المعتبرة،و فيها بعد الحكم بأنّ حكم المرتدّة مطلقاً حكم المرتدّ عن غير فطرة-:و ذهب بعضهم إلى أنّها تحبس دائماً مع التوبة إن كانت عن فطرة.

و لكنّه لم يظهر منها و لا من العبارة الأُولى كون المخالف منّا،فلعلّه من العامّة العمياء،أو من لم يعتدّ به أصلاً،و ربما يشير إلى هذا ما حكي عن المهذب أيضاً في ذيل تلك العبارة في ردّه،قال:و هو و هم،لم يقل به أحد،و لا يدل عليه دليل،بل الأخبار تدل على خلافه (4).انتهى.

و ما أبعد ما بين ما ذكره من دلالة الأخبار على خلافه و ما ذكره شيخنا

ص:232


1- التهذيب 10:143،144،الاستبصار 4:256.
2- المسالك 2:451،و تبعه الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:105،و هو في التحرير 2:235.
3- المهذّب البارع 4:344.
4- المهذّب البارع 4:344.

من مناسبته لها.

و كيف كان فعبارته ظاهرة في عدم الخلاف،كعبارة من تبع شيخنا في إشكاله،حيث قال بعد ذكر الحكم أوّلاً-:بلا خلاف.و هو الظاهر منه أيضاً حيث نسب الحكم بعد ذكره إلى الأصحاب كافّة من دون خلاف ذكره،و لا ريب فيه،فإنّ عبائر الأصحاب مطبقة على ذلك من دون نقل خلاف عمّن يعتدّ به،و لا ذكر إشكال،و حيث كانت المسألة بهذه المثابة فلا إشكال فيها بحمد اللّه سبحانه.

مع إمكان استفادتها من الرواية الأُولى بنوع من التوجيه،كأن يذبّ عمّا أُورد عليها من استلزام حمل المرتدّ فيها على الملّي مثله في المرتدّة بمنع التلازم بين الحملين؛ لتغاير اللفظين،فلا بعد في تقييد إطلاق أحدهما بالدليل الخارجي،و إبقاء الآخر على إطلاقه.

نعم ربما نافى ذلك السياق فكان مستبعداً،لكنّه مندفع بعد ضمّ الفتاوى من دون خلاف إليها،و لعلّه لذا لم يستشكل الحكم بذلك في الروضة (1)أصلاً،و جعله التابع أحوط و أولى (2).

السادسة:لو مات المرتدّ كان ميراثه لوارثه المسلم

السادسة:لو مات المرتدّ كان ميراثه لوارثه المسلم و إن بَعُد و قرب وارثه الكافر،إجماعاً؛ لما مرّ.

و لو لم يكن له وارث إلّا كافر كان ميراث المرتدّ الأجود الاكتفاء عنه بالضمير للإمام (عليه السّلام)،بلا خلاف يظهر فيما إذا كان المرتدّ عن فطرة.

و كذا مطلقاً على الأظهر الأشهر،بل عليه عامّة من تأخّر،و في

ص:233


1- الروضة 9:344.
2- انظر المفاتيح 2:105.

عبارة الماتن في الشرائع و غيره (1)إشعار بالإجماع عليه،حيث نسبا الرواية و قائلها إلى الشذوذ،و لعلّه الظاهر من تتبّع الفتاوى؛ لاتفاقها على ذلك من دون ظهور مخالف صريح و لا ظاهر،عدا الصدوق في الفقيه،حيث روى ما يدل على أنّ ميراث الملّي لورثته،في الموثق كالصحيح عن إبراهيم بن عبد الحميد:في نصراني أسلم،ثم رجع إلى النصرانية،ثم مات،قال:

«ميراثه لولده النصارى» و مسلم تنصّر،ثم مات،قال:«ميراثه لولده المسلمين» (2).

و ظاهره الفتوى بمضمونه؛ لما ذكره في أوّل كتابه،مع أنّه حكي عنه المصير إليه صريحاً في مقنعه (3).

و لم نر موافقاً له عدا الشيخ في استبصاره،حيث حكى الرواية فيه بعينها متناً و سنداً،لكن مرسلاً،و قال بعدها:ميراث النصراني يكون لولده النصارى إذا لم يكن له ولد مسلمون (4).

لكنّه غير صريح بل و لا ظاهر في فتواه به؛ لما هو معلوم في كتابيه من حاله،مع أنّه صرّح في النهاية بخلاف الرواية،حاملاً لها على التقية، قال:لأنّها مذهب العامة (5).و بذلك ردّها جماعة (6).و آخرون

ص:234


1- الشرائع 4:12؛ و انظر المفاتيح 3:312.
2- الفقيه 3:789/245،الوسائل 26:26 أبواب موانع الإرث ب 6 ذيل الحديث 1.
3- حكاه عنه في المهذب البارع 4:347،و المسالك 2:311،و هو في المقنع:179.
4- الاستبصار 4:193،و كذا في التهذيب 9:1328/372.
5- النهاية:667.
6- منهم الفاضل في المختلف:751،و ابن فهد في المهذب البارع 4:347،و المقداد في التنقيح 4:139.

بإرسالها (1).

و هو كما ترى؛ لاختصاص الإرسال بكتابية،و إلّا فهي مسندة في الفقيه،مع أنّ في سنده ابن أبي عمير المجمع على تصحيح ما يصح عنه.

و ثالث:بعدم مقاومتها للقاعدة الدالّة على أنّ المرتدّ بحكم المسلم، فلا يرثه الكافر (2).

و هو حسن إن ثبتت الكلّيّة و عموم المنزلة بحيث يشمل مفروض المسألة من إجماع أو رواية،و لم أتحقّقهما كذلك بالكلّيّة.

و رابع:بمعارضتها بالمرسلة كالصحيحة بأبان و ابن أبي عمير المجمع على تصحيح رواياتهما،كما مرَّ غير مرة:في رجل يموت مرتدّاً،و له أولاد،فقال:«ماله لولده المسلمين» (3)بناءً على دلالة تقييد الولد بالمسلمين بمفهوم القيد المعتبر على عدم كون إرثه لأولاده الكافرين، فلا يكون لغيرهم من الورثة الكفّار بالإجماع و فحوى الخطاب،فانحصر الميراث للإمام(عليه السّلام) (4).

و هو حسن إن لم يكن القيد وارداً مورد الغالب،كما ذكره هذا المجيب في الذبّ عن معارضة هذا المرسل بإطلاق الصحيحين،في أحدهما:عن رجل ارتدّ عن الإسلام لمن يكون ميراثه؟قال:«يقسم ميراثه

ص:235


1- منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز 2:425،و ابن فهد في المهذب البارع 4:347.
2- انظر مجمع الفائدة و البرهان 11:473.
3- الكافي 7:1/152،التهذيب 9:1335/374،الوسائل 26:28 أبواب موانع الإرث ب 6 ح 6.
4- انظر كفاية الأحكام:289.

على ورثته على كتاب اللّه تعالى» (1)و نحوه الثاني (2)،قال بعدهما:إنّهما مبنيّان على الغالب من كون ورثة المرتدّ عن الإسلام مسلمين.

و مقصوده أنّه لا عبرة بإطلاقه؛ لوروده مورده،فلا يعمّ ورثته الكفّار كما هو محلّ البحث و مفروضه.

قلنا:فاقبل مثله في القيد الوارد في المرسل؛ لوروده مورده أيضاً، فلا يعمّ غيره.

و خامس:بحمل الأولاد فيها على الصغار،و هم بحكم المسلمين تبعاً لإسلام أبيهم قبل ارتداده (3).

و فيه نظر؛ لما فيه من تقييد الأولاد بالصغار،ثم تقييدهم بالمنعقدين حال إسلام الأب،و ليس فيها ما يرشد إليهما،مع إشعار وصفهم بالنصارى على خلافهما،و لو لا الإجماع الظاهر المستشعر من جملة من العبائر لكان المصير إليها ليس بذلك البعيد؛ لاعتبار السند،و الاعتضاد بعمومات أدلّة الإرث،السليمة هنا عن المعارض ممّا دل على عدم إرث الكافر عن المسلم؛ لاختصاصه بحكم التبادر بعدم الإرث عن المسلم الحقيقي، لا مطلق من في حكمه،و برواية الإسكافي لها عن ابن فضال و ابن يحيى عن أبي عبد اللّه(عليه السّلام) (4).

و الحمل على التقيّة يصار إليه مع وجود المعارض الأقوى،و ليس

ص:236


1- الكافي 7:2/152،الفقيه 4:771/242،التهذيب 9:1334/374،الوسائل 26:27 أبواب موانع الإرث ب 6 ح 3.
2- الكافي 7:4/153،التهذيب 9:1333/373،الوسائل 26:27 أبواب موانع الإرث ب 6 ح 5.
3- روضة المتقين 11:389،و ملاذ الأخبار 15:399.
4- حكاه عنه في المختلف:751.

بعد الإجماع كما فرضنا.

مضافاً إلى انجبار ضعفها بذلك بموافقتها للعمومات السليمة هنا كما عرفت عن المعارض.

و أمّا القتل أي قتل الوارث لولاه المورّث فيمنع الوارث من الإرث أي إرث المقتول إذا كان عمداً ظلماً إجماعاً محقّقاً،و محكيّاً في كلام جماعة (1)حدّ الاستفاضة،و الصحاح به مع ذلك كغيرها من المعتبرة مستفيضة،ففي الصحيح و غيره:«لا ميراث للقاتل» (2).

و احترز بالظلم عمّا لو قتله حدّا،أو قصاصاً،و نحوهما من القتل بحق،فإنّه لا يمنع بلا خلاف،كما في كلام جماعة (3)،و هو الحجة المؤيّدة بعمومات أدلّة الإرث كتاباً و سنّة،السليمة هنا عمّا يصلح للمعارضة،عدا إطلاقات النصوص المتقدّمة،و هي غير صريحة في المعارضة،بل و لا ظاهرة؛ لاختصاصها بحكم التبادر بغير مفروض المسألة،و هو القتل ظلماً لا حقّاً،هذا.

مضافاً إلى صريح الخبر المنجبر ضعفه بالعمل:عن طائفتين من المؤمنين،إحداهما باغية،و الأُخرى عادلة،اقتتلوا،فقتل رجل من أهل العراق أباه،أو ابنه،أو أخاه،أو حميمه،و هو من أهل البغي،و هو وارثه،

ص:237


1- منهم الشيخ في الخلاف 2:39،و الشهيد في اللمعة(الروضة البهية 8):31،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:314.
2- الصحيح في:الكافي 7:5/141،التهذيب 9:1352/378،الوسائل 26:30 أبواب موانع الإرث ب 7 ح 1.و غيره في:الكافي 7:2/140،التهذيب 9:1349/377،الوسائل 26:31 أبواب موانع الإرث ب 7 ح 6.
3- منهم السبزواري في الكفاية:290،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:314،و انظر المسالك 2:313،و كشف اللثام 2:280.

هل يرثه؟قال:«نعم،لأنّه قتله بحق» (1).

و لا يمنع لو كان خطأً مطلقاً عند المفيد في نقل (2)،و الديلمي و الماتن هنا و في الشرائع (3)،و إليه يميل شيخنا في المسالك (4)؛ للصحيح:

عن رجل قتل امّه،أ يرثها؟قال:«إن كان خطأً ورثها،و إن كان عمداً لم يرثها» (5)و نحوه الموثق في التهذيبين،الصحيح في الفقيه (6).

مع انتفاء الحكمة الباعثة على نفي الإرث حيث لم يقصد القتل،و هي مقابلته بنقيض مقصوده.

خلافاً للعماني (7)،فيمنع مطلقاً؛ أخذاً بإطلاق النصوص المانعة، و خصوص الخبر:«لا يرث الرجل أباه إذا قتله و إن كان خطأً» (8)و نحوه آخر (9).

و هو شاذّ،و مستنده ضعيف؛ لتقييد الإطلاق بما مرّ من الصحيحين و غيرهما ممّا يأتي في البين،و ضعف الخبرين سنداً،و مكافأةً لما مرّ

ص:238


1- الفقيه 4:748/233،التهذيب 9:1364/381،الوسائل 26:41 أبواب موانع الإرث ب 13 ح 1.
2- المقنعة:703.
3- المراسم:218،الشرائع 4:14.
4- المسالك 2:313.
5- التهذيب 9:1358/379،الإستبصار 4:726/193،الوسائل 26:34 أبواب موانع الإرث ب 9 ح 2.
6- الفقيه 4:742/232،التهذيب 9:1357/379،الإستبصار 4:725/193،الوسائل 26:33 أبواب موانع الإرث ب 9 ح 1.
7- حكاه عنه في المختلف:742.
8- الكافي 7:7/141،الوسائل 26:34 أبواب موانع الإرث ب 9 ح 3.
9- التهذيب 9:1359/379،الإستبصار 4:727/193،الوسائل 26:34 أبواب موانع الإرث ب 9 ذيل الحديث 3.

و سيأتي من وجوه شتّى،مع احتمالهما الحمل على التقية،كما ذكره الشيخ في الكتابين (1).

و قال الشيخان و المرتضى و الإسكافي و الحلبي و القاضي و ابن حمزة و ابن زهرة و الحلي (2)،و بالجملة الأكثر،على الظاهر المصرّح به في كلام جمع ممّن تأخّر،كالشهيدين و غيرهما (3):إنّه يمنع من الدية حسب و يرث ممّا عداها من التركة.

و لعلّه الأظهر؛ لنقل المرتضى و الشيخ و ابن زهرة و الحلي الإجماع عليه من الطائفة،و هو الحجة الجامعة بين النصوص المختلفة،مع قصور ما دل منها على إرث الخاطئ عن الدلالة على إرثه من الدية المأخوذة منه أو من العصبة؛ لاختصاصه بحكم التبادر بإرث ما عداها من التركة.

مضافاً إلى رواية عاميّة هي بالتفصيل مصرّحة،و فيها:أنّ النبي(صلّى اللّه عليه و آله) قال:«ترث المرأة من مال زوجها و من ديته،و يرث الرجل من مالها و ديتها،ما لم يقتل أحدهما صاحبه،فإن قتل أحدهما صاحبه عمداً فلا يرثه من ماله،و لا ديته،و إن قتله خطأً ورث من ماله و لا يرث من ديته» (4).

ص:239


1- التهذيب 9:380،الاستبصار 4:194.
2- حكاه عن المفيد في التهذيب 9:380،و النهاية:672،الطوسي في التهذيب 9:380،المرتضى في الانتصار:307،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:742،الحلبي في الكافي في الفقه:375،القاضي في المهذّب 2:162،ابن حمزة في الوسيلة:396،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):608،الحلي في السرائر 3:274.
3- الدروس 2:347،المسالك 2:313؛ و انظر الكفاية:290.
4- سنن ابن ماجة 2:2736/914.

و ضعف السند مجبور بعمل الأكثر،و ذكر الزوجين غير مخصّص إجماعاً،هذا.

مضافاً إلى الاعتضاد بعموم المعتبرة المستفيضة أو إطلاقاتها الدالّة على عدم إرث القاتل شيئاً من الدية،ففي الصحيح:«المرأة ترث من دية زوجها و يرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه» (1)و نحوه الموثق (2)و غيره (3).

و أقرب منها دلالة الصحيح:عن امرأة شربت دواءً و هي حامل، و لم يعلم بذلك زوجها،فألقت ولدها،قال:فقال:«إن كان له عظم و نبت عليه اللحم عليها دية تسلّمها إلى أبيه،و إن كان حين طرحته علقة أو مضغة،فإنّ عليها أربعين ديناراً أو غرّة تؤدّيها إلى أبيه» قلت:فهي لا ترث ولدها من ديته مع أبيه؟قال:«لا،لأنّها قتلته» (4)فتأمّل .و استدلوا عليه أيضاً بوجه اعتباري،و هو:أنّ الدية يجب عليه دفعها إلى الوارث على تقدير كون الخطأ شبه العمد،و يدفعها عاقلته إلى الوارث على تقدير كونه محضاً؛ لقوله تعالى وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ [1] (5)و لا شيء من الموروث له يجب دفعه إلى الوارث و الدفع إلى نفسه،و أخذه

ص:240


1- الكافي 7:8/141،التهذيب 9:1353/378،الإستبصار 4:728/194،الوسائل 26:32 أبواب موانع الإرث ب 8 ح 2.
2- التهذيب 9:1362/381،الإستبصار 3:1225/343،الوسائل 26:33 أبواب موانع الإرث ب 8 ح 4.
3- الكافي 7:9/141،التهذيب 9:1354/378،الوسائل 26:32 أبواب موانع الإرث ب 8 ح 3.
4- الكافي 7:6/141،الفقيه 4:746/233،التهذيب 9:1356/379،الإستبصار 4:1130/301،الوسائل 26:31 أبواب موانع الإرث ب 8 ح 1.
5- النساء:92.

من عاقلته عوض ما جناه بنفسه لا يعقل.

و فيه:أنّه استبعاد محض،لكن لا بأس بتأييد الدليل به إن ثبت،كما مرّ.

و اعلم أنّه حكى الشهيد-(رحمه اللّه) في النكت و الدروس تبعاً للفاضل في المختلف (1)عن الفضل بن شاذان و العماني أنّهما قالا:إنّ ضارب ابنه تأديباً يرثه؛ لأنّه كالإمام(عليه السّلام)في إقامة الحدّ،و إنّ جناية دابة الراكب مانع من الإرث موجب للكفّارة،قال الفضل:بخلاف دابّة السائق،و لا قيد فيهما، ثم ورّثا السبب،كحافر البئر في غير ملكه؛ لأنّه لا يسمى قاتلاً،و ورّثا الصبي و المجنون إذا قتلا،قال الشهيد-(رحمه اللّه) في كتابه الأوّل (2):و لم أقف على ذلك في كلام غيرهما من الأصحاب،إلّا أنّ المصنف ألحق السبب و الصبي و المجنون و السائق و القائد بالمباشر و الكامل و الراكب،و في الفرق بين السائق و الراكب بُعد؛ لأنّه أكثر ضماناً منه.

و لو اجتمع القاتل الممنوع من الإرث و غيره ممّن يرث المقتول فالميراث لغير القاتل مطلقاً و إن بَعُد من المقتول سواء تقرب ذلك الغير بالقاتل كابنه مثلاً أو بغيره كابن الأخ له و نحوه.

و لو لم يكن للمقتول وارث سوى القاتل فالإرث للإمام (عليه السّلام)، بلا خلاف في شيء من ذلك و لا إشكال،فإنّ القاتل الممنوع من الإرث كالمعدوم،فيرثه من عداه من مراتب الورّاث على الترتيب المتقدّم،هذا.

مضافاً إلى الصحيحين الدالّين على بعض من ذلك،في أحدهما:

«لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو والده،و لكن يكون الميراث لورثة

ص:241


1- غاية المراد 3:608،الدروس 2:347،المختلف:742.
2- في«ب» زيادة:بعد الحكاية.

القاتل» (1).

و في الثاني:رجل قتل أباه؟قال:«لا يرثه،و إن كان للقاتل ولد ورث الجدّ المقتول» (2).

و في الصحيح:في الرجل يقتل و ليس له وليّ إلّا الإمام:«إنّه ليس للإمام أن يعفو،و له أن يقتل،أو (3)يأخذ الدية» (4)فتدبّر.

و هنا مسائل ثلاث.
الأُولى:الدية كأموال الميت تقضى منها ديونه،و تنفذ وصاياه

و هنا مسائل ثلاث.

الأُولى:الدية كأموال الميت تقضى منها ديونه،و تنفذ وصاياه مطلقاً و إن قتل عمداً إذا أُخذت الدية و صولح عن القصاص عليها،على الأشهر الأقوى،و قد تقدّم الكلام في المسألة في آخر كتاب الوصية مستوفى.

و هل للديّان في صورة العمد منع الوارث من القصاص مع عدم الوفاء الوجه:لا وفاقاً للحلي و جماعة من المحققين كما في التنقيح (5)،و جعله أشهر في المسالك و غيره (6)؛ لأنّ أخذ الدية اكتساب، و هو غير واجب على الوارث في دين مورّثه،و للعمومات الواردة في

ص:242


1- الكافي 7:3/140،التهذيب 9:1350/378،الوسائل 26:30 أبواب موانع الإرث ب 7 ح 3.
2- الفقيه 4:741/232،التهذيب 9:1361/380،الوسائل 26:39 أبواب موانع الإرث ب 12 ح 1.
3- في النسخ:و،و ما أثبتناه من المصدر.
4- التهذيب 10:696/178،الوسائل 29:125 أبواب القصاص في النفس ب 60 ح 2.
5- التنقيح 4:141،و هو في السرائر 2:49،التحرير 2:172،تبصرة المتعلّمين:180،المهذب البارع 4:352،كشف الرموز 2:428.
6- المسالك 2:313،مفاتيح الشرائع 3:318.

القصاص.

و في رواية عمل بها الشيخ في النهاية و الحلبي و القاضي و الإسكافي و ابن زهرة (1)مدّعياً عليها إجماع الإمامية،و حكاه الشهيد في النكت (2)أيضاً عن جماعة أنّ لهم منع الوارث حتى يضمن الوارث الدين رواها في التهذيب في كتاب الديات،في آخر باب القضاء في اختلاف الأولياء،بسنده عن يونس عن ابن مسكان،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه(عليه السّلام)،و فيها:«إنّ أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل،فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل ضمنوا الدية للغرماء،و إلّا فلا» (3).

و في أُخرى:«فإن وهبوا دمه للقاتل فجائز،و إن أرادوا القود ليس لهم ذلك حتى يضمنوا الدين للغرماء،و إلّا فلا» (4).

قيل:و الوجه في جواز الهبة لهم بدون الضمان في هذه أنّ مع الهبة يتمكن الغرماء من الرجوع إلى القاتل بحقّهم،بخلاف ما إذا قيد منه (5).

و حملهما الطبرسي على ما إذا بذل القاتل الدية،فإنّه يجب القبول، و إلّا جاز القود (6).

و هو حسن بعد وجود شاهد عليه،و ليس،مع قصور الروايتين سنداً

ص:243


1- النهاية:309،الكافي في الفقه:332،حكاه عن القاضي و الإسكافي في المختلف:413،الغنية(الجوامع الفقهية):592.
2- غاية المراد(مخطوط)النسخة الرضوية،الورقة:304.
3- الفقيه 4:411/119،التهذيب 10:703/180،الوسائل 29:122 أبواب القصاص في النفس ب 59 ح 1.
4- التهذيب 6:861/312،الوسائل 18:365 أبواب الدين و القرض ب 24 ح 2.
5- الوافي 16:865.
6- حكاه عنه في المختلف:413.

و مقاومة لما مضى من وجوه شتّى،أعظمها اعتضاده بالشهرة العظيمة بين الأصحاب دونهما،حتى أنّه في المهذب و عن الماتن في النكت (1)الحكم بضعف الرواية و شذوذها،مشعرين بدعوى الوفاق على خلافها.

و في رواية:«إن قتل عمداً قتل قاتله و ادّى عنه الإمام الدين من سهم الغارمين» (2)هذا.

و أمّا ما يستفاد من السرائر و المختلف و المسالك (3)من استناد الشيخ فيما أفتى به من مضمون الرواية المتقدّمة إلى الخبر:«عن رجل قتل و عليه دين و لم يترك مالاً،و أخذ أهله الدية من قاتله،أ عليهم أن يقضوا الدين؟ قال:«نعم» قلت:و هو لم يترك شيئاً،قال:«أما أخذوا الدية؟فعليهم أن يقضوا عنه الدين» (4).

فقد ذكر في التنقيح أنّه و هم (5).و لعلّه كذلك،و لكنّهم أعرف،إلّا أنّ استناد الشيخ إليها مع عدم الدلالة على ما اختاره كما ذكروه مستبعد.

و اعلم أنّ في المسالك فرض الخلاف فيما لو بذل القاتل الدية (6).

و هو غريب،خلاف ما يستفاد من كلمات الأصحاب في بيان محلّه، حتى أنّه هو بعد ذلك نسب مضمون الرواية المطلقة الغير المقيّدة بما ذكره من القيد إلى القيل الذي هو الشيخ في النهاية و من تبعه،و عبارته كما نقل

ص:244


1- المهذّب البارع 4:353،نكت النهاية 2:29.
2- الفقيه 4:264/83،الوسائل 29:123 أبواب القصاص في النفس ب 59 ح 2.
3- السرائر 2:50،المختلف:413،المسالك 2:313.
4- الكافي 7:6/25،الفقيه 4:584/167،التهذيب 9:681/167،الوسائل 18:364 أبواب الدين و القرض ب 24 ح 1؛ و فيها:إنّما أخذوا..
5- التنقيح 4:142.
6- المسالك 2:479.

كالرواية مطلقة،ثم نسب تقييد الرواية بالقيد الذي ذكره إلى الطبرسي خاصّة (1)،و هو ظاهر بل صريح في مخالفته للنهاية،و لا وجه له سوى قوله بمضمون الرواية مقيّداً بدفع القاتل الدية و إطلاق القول بمضمونها من دون القيد في النهاية،و لذا أنّ بعض من ديدنه غالباً متابعته لم يترجم عن المسألة بما ذكره،بل ذكرها مطلقة (2)،هذا.

و الاحتياط في المسألة يقتضي المصير إلى القول الثاني؛ للإجماع المنقول المعتضد بدعوى الشهيد في الدروس في كتاب الدين الشهرة عليه (3)،مع عدم وجود مخالف له من القدماء عدا الحلي (4)،و هو بالإضافة إليهم نادر قطعاً،و الشهرة المحقّقة إنّما هي متأخّرة،و لو لا العمومات القطعية من الكتاب و السنّة و خصوص الرواية الأخيرة المعتضدة بالشهرة المتأخّرة العظيمة بحيث لا يكاد يوجد مخالف منهم لكان المصير إلى هذا القول في غاية القوّة،و لعلّه لهذا تردّد الشهيد في كتبه المزبورة و لم يحكم بشيء من القولين في المسألة.

الثانية:يرث الدية من يتقرب بالأب ذكراناً أو إناثاً

الثانية:يرث الدية دية المقتول مطلقاً،عمداً كان قتله أو خطأً من يتقرب إليه بالأب ذكراناً أو إناثاً بلا خلاف إلّا من الخلاف، فقال:لا يرثها إلّا المتقرب إليه بالأبوين دون أحدهما (5).

و هو شاذّ،و مستنده غير واضح،عدا ما يظهر من شرح الشرائع

ص:245


1- المسالك 2:479.
2- مفاتيح الشرائع 3:318.
3- الدروس 3:313.
4- راجع ص:239.
5- انظر الخلاف 5:178.

للصيمري (1)من أنّه رواية.و لم أقف عليها،و لا نقله غيره،فهي مرسلة لا تعارض عمومات الإرث و النصوص الآتية.

و كذا يرث الزوج و الزوجة كل منهما من دية الآخر، بلا خلاف يظهر،و به صرح في المبسوط (2)،بل بالوفاق عليه صرّح جمع و منهم الشيخ في الخلاف (3)،و هو الحجة.

مضافاً إلى عمومات الكتاب و السنّة،و خصوص المعتبرة المستفيضة الدالّة على أنّهما يتوارثان من الدية ما لم يقتل أحدهما صاحبه (4)،و قد تقدّم غير بعيد إلى بعض منها الإشارة.

و أمّا الرواية الدالّة على:«أنّ عليّاً(عليه السّلام)كان لا يورث المرأة من دية زوجها،و لا يورث الرجل من دية امرأته شيئاً و لا الإخوة من الاُمّ من الدية شيئاً» (5)فمع أنّها شاذّة،قاصرة السند بالسكوني،غير معارضة لما مرّ من الأدلّة من وجوه عديدة،فلتكن مطرحة أو مؤوّلة بما ترجع به إلى الأوّلة من الحمل على صورة ما إذا قتل أحدهما صاحبه،مع احتمالها الحمل على التقية،كما ذكره شيخ الطائفة (6)و يؤيّده رواية الراوي لها الذي هو من قضاة العامّة.

و لا يرث من يتقرب إليه بالأُمّ خاصّة،وفاقاً للمقنعة و النهاية

ص:246


1- غاية المرام 4:170.
2- المبسوط 7:54.
3- الخلاف 4:114.
4- الوسائل 26:31،38 أبواب موانع الإرث ب 8،11.
5- التهذيب 9:1360/380،الإستبصار 4:731/195،الوسائل 26:39 أبواب موانع الإرث ب 11 ح 4.
6- التهذيب 9:380.

و القاضي و التقي و ابن زهرة و الحلي و الكيدري و الفاضل في القواعد و ولده و الشهيدين في الدروس و المسالك (1)،و نسبه فيه إلى الأكثر،و تبعه في النسبة جمع (2)،و سيأتي عن الحلي نفي الخلاف عنه (3)،و في الخلاف الإجماع عليه (4)،و هو الحجّة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح:«يرثها الورثة على كتاب اللّه تعالى و سهامهم،إذا لم يكن على المقتول دين،إلّا الإخوة و الأخوات من الأُمّ فإنّهم لا يرثون من ديته شيئاً» (5)و نحوه آخران (6)،لكن بدون ذكر الأخوات فيهما.

و في الموثق:«لا يرث الإخوة من الاُمّ من الدية شيئاً» (7).

و في الخبر:هل للإخوة من الاُمّ من الدية شيء؟قال:

«لا» (8).

ص:247


1- المقنعة:702،النهاية:735،المهذّب 2:163،الكافي في الفقه:376،الغنية(الجوامع الفقهية):608،السرائر 3:274،القواعد 2:163،إيضاح الفوائد 4:180،الدروس 2:347 المسالك 2:313،314.
2- منهم السبزواري في الكفاية:291،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:280.
3- في ص:245.
4- الخلاف 2:356.
5- الكافي 7:2/139،الفقيه 4:744/232،التهذيب 9:1338/375،الوسائل 26:35 أبواب موانع الإرث ب 10 ح 1.
6- أحدهما في الكافي 7:5/139،التهذيب 9:1340/375،الوسائل 26:37 أبواب موانع الإرث ب 10 ح 4. و الآخر في:الكافي 7:4/139 التهذيب 9:1339/375،الوسائل 26:36 أبواب موانع الإرث ب 10 ح 2.
7- الكافي 7:6/139،التهذيب 9:1343/376،الوسائل 26:37 أبواب موانع الإرث ب 10 ح 5.
8- الكافي 7:8/140،التهذيب 9:1342/375،الوسائل 26:37 أبواب موانع الإرث ب 10 ح 6.

و ليس في سنده سوى السهل الثقة عند بعض (1)،و ضعفه سهل عند آخرين (2)؛ و داود بن حصين،و هو موثق.

و هذه النصوص و إن قصرت عن إفادة تمام المدّعى من حرمان جميع من يتقرب بها؛ لاختصاصها بالإخوة و الأخوات منها،إلّا أنّه لا قائل بالفرق ظاهراً،و إن احتمله الشهيدان (3)،مع رجوع أوّلهما إلى عدم الفرق.

مضافاً إلى ثبوت الحكم في غير مواردها بطريق أولى،كما صرح به جماعة (4)،و إن أنكرها آخرون متردّدين فيها (5).و لا وجه له بعد ظهورها بحسب فهم العرف الذي هو المناط في حجيتها.

و قيل كما عن المبسوط (6) يرثها من يرث المال كائناً من كان؛ لعمومات الإرث.و لا وجه للاستناد إليها بعد تلك النصوص الخاصّة، إلّا على مختار من ضعّف العمل بأخبار الآحاد،أو عدم قابليتها لتخصيص نحو الكتاب،و هما عنده خلاف التحقيق.

و أمّا ما يظهر من الصيمري من أنّ سنده الرواية،فيتوجّه عليه عين ما سبق على حكايته السابقة من المناقشة (7).

ص:248


1- كالطوسي في رجاله:4/416.
2- منهم المجلسي في رجاله:870/224،و انظر تعليقات الوحيد البهبهاني على منهج المقال:176،177.
3- الدروس 2:347،348،الروضة البهية 8:36،37،المسالك 2:313،314.
4- منهم الشهيد الأوّل في غاية المراد 3:610،و الشهيد الثاني في الروضة 8:37،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:280.
5- مجمع الفائدة 11:511،الكفاية:291.
6- المبسوط 7:54.
7- راجع ص:242.

و اعلم أنّ كثيراً من الأصحاب كالشهيدين و غيرهما (1)نسبوا هذا القول إلى الحلّي في كتاب الجنايات.و لم أقف فيه على ما يدل على ما ذكروه، مع أنّه قال في المسألة الآتية ردّاً على ما قاله الشيخ فيها في النهاية:هذا غير صحيح و لا مستقيم،بل الإمام وليّ المقتول المذكور،إن شاء قتل،و إن شاء عفا،فإن رضي هو و القاتل و اصطلحا على الدية فإنّها تكون له،دون بيت مال المسلمين؛ لأنّ الدية عندنا يرثها من يرث المال و التركة،سوى كلالة الأُمّ،فإنّ كلالة الأُمّ لا ترث الدية و لا القصاص و لا القود،بغير خلاف، و تركته لو مات كانت لإمام المسلمين،بغير خلاف بيننا (2).إلى آخر ما ذكره.

و هذا كما ترى ظاهر بل صريح في اختياره القول الأوّل،نافياً الخلاف فيه بيننا،و لم أَرَ منه في ذلك الكتاب ما يوجب توهّم ما ذكروه، عدا ما حكاه فيه عن الشيخ في النهاية و المبسوط في مسألة من يرث القصاص (3)،فإنّ عبارته في الكتابين المحكيّة في كتابه ذلك تضمّنت حكم تلك المسألة و المسألة التي نحن فيها،و عبارة النهاية صرّحت بمنع الكلالة للأُمّ عن إرث الدية (4)،و عبارة المبسوط أطلقت الحكم بأنّه يرثها من يرث المال (5)،ثم قال:و الأقوى ما اختاره في مبسوطه.

ص:249


1- الدروس 2:348،المسالك 2:313؛ و انظر التنقيح 4:143،و الكفاية:291.
2- السرائر 3:336.
3- السرائر 3:328.
4- النهاية:673.
5- المبسوط 7:54.

و لعلّه لذا نسبوه إلى ما نسبوه زاعمين رجوع اختياره لما في المبسوط إلى المسألة التي نحن فيها أيضاً،و ما تفطّنوا لرجوعه إلى حكم مسألة من يرث القصاص خاصّة،فإنّ في عبارتي النهاية و المبسوط فيها أيضاً اختلافاً،حيث تضمّنت الاُولى منع النساء من إرثهنّ القصاص،و الثانية أنّه يرثه من يرث المال حتى النساء،و اختار هو مختار المبسوط؛ استناداً،إلى عموم الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ [1] (1).و يشير إلى ما ذكرناه من رجوع اختياره لما في المبسوط إلى مختاره هذا دون ما مضى أوّلاً:ما ذكرناه من عبارته الصريحة في موافقته المشهور هنا مدّعياً الوفاق عليه.

و ثانياً:فهم الفاضل في المختلف ما ذكرناه،فإنّه في كتاب الجناية بعد نقله عبارة الحلّي تلو عبارتي المبسوط و النهاية قال:و المعتمد ما قاله الشيخ في المبسوط؛ لعموم الآية،ثم قال:احتجّ الشيخ على قوله في النهاية بما رواه أبو العباس عن الصادق(عليه السّلام)،قال:«ليس للنساء عفو و لا قود» (2)ثم قال:و الجواب المنع من صحة السند (3).

و هو كما ترى صريح في فهمه من تلك العبارات ما فهمناه،و أنّ عنوانها مسألة من يرث القصاص لا هذه المسألة.

و نسبه في الدروس أيضاً إلى الفاضل،بعد نسبته إيّاه إلى الحلي، قال:و في المبسوط:يرثها من يرث المال،و اختاره ابن إدريس و الفاضل؛

ص:250


1- الأنفال:75،الأحزاب:6.
2- الكافي 7:5/357،التهذيب 10:692/177،الإستبصار 4:988/262،الوسائل 29:118 أبواب القصاص في النفس ب 56 ح 1.
3- المختلف:786.

للآية (1).

و لم أقف على ما ذكره في شيء من كتبه التي تحضرني،و لا يبعد أن يكون منشأ نسبة ذلك إليه عبارته في المختلف المتقدّمة المتضمّنة لاختياره ما اختاره المبسوط و الحلي،لكنّها كما عرفت صريحة في أنّ عنوان مختارهم في تلك العبائر شيء آخر،لا هذه المسألة.

الثالثة:إذا لم يكن للمقتول عمداً وارث سوى الإمام(عليه السّلام)

الثالثة:إذا لم يكن للمقتول عمداً وارث سوى الإمام(عليه السّلام)فله القود،أو الدية مع التراضي عن القود عليها و ليس له العفو عنهما، وفاقاً للإسكافي و الشيخين و القاضي (2)،و لعلّه المشهور بين الأصحاب، كما صرّح به جمع (3)؛ للصحيح المروي في الكتب الثلاثة بعدّة طرق صحيحة:في الرجل يقتل و ليس له ولي إلّا الإمام:«إنّه ليس للإمام أن يعفو،و له أن يقتل،أو يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين،لأنّ جناية المقتول كانت على الإمام،و كذلك تكون ديته لإمام المسلمين» (4)و هو يتناول العمد و الخطأ،و نسبه في المختلف إلى الشيخين (5)،فلا يبعد.

و قيل و هو الحلّي كما مرّ:إنّ له العفو أيضاً كغيره من الأولياء،بل هو أولى (6)،و نفى عنه البأس في المختلف (7)،إلّا أنّه جعل

ص:251


1- الدروس 2:348.
2- حكاه عن الإسكافي في المختلف:788،المفيد في المقنعة:743،الطوسي في النهاية:673،القاضي في المهذّب 2:162.
3- منهم الفاضل المقداد في التنقيح 4:143،و الشهيد الثاني في المسالك 2:313،و السبزواري في الكفاية:291.
4- التهذيب 10:696/178،الوسائل 29:125 أبواب القصاص في النفس ب 60 ح 2.
5- المختلف:788.
6- السرائر 3:336.
7- المختلف:788.

العمل بالرواية أولى،و قريب منه كلام شيخنا في المسالك،فإنّه قال بعد نقل هذا القول-:و له وجه وجيه،إلّا أنّ صحة الرواية،و ذهاب معظم الأصحاب إلى العمل بمضمونها،مع عدم المعارض،يعيّن العمل بها (1).

و الأمر كما ذكراه،و لكن لا فائدة في نفي البأس عنه بعد ذلك أصلاً.

و أمّا الرقّ فيمنع من الإرث في الوارث بمعنى:أنّه لا يرث الإنسان إذا كان رقاً،و إن كان المورّث مثله،بل يرثه الحرّ و إن كان ضامن جريرة،دون الرقّ و إن كان ولداً.

و في الموروث بمعنى:أنّ الرقّ لا يورّث،بل ماله لمولاه بحق الملك،لا بالإرث و إن كان له وارث حرّ،و لا خلاف في شيء من ذلك،حتى على القول بأنّ العبد يملك،بل عليه الإجماع في عبائر جمع (2)،و هو الحجة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة،بل المتواترة،يقف عليها المتتبّع لتضاعيف أخبار أبحاث هذه المسألة،ففي جملة من المعتبرة المستفيضة، و فيها الصحيح و القريب منه و غيرهما:«لا يتوارث الحرّ و المملوك» (3).

و يستفاد منها منع الرقّ عن الإرث في المقامين،و من غير واحد من النصوص المعتبرة المنع في الأوّل (4).

و أمّا ما يدل عليه في الثاني فالمعتبرة الأُخر المستفيضة،الواردة في ميراث المكاتبين،منها الصحيح:في مكاتب توفّي و له مال،قال:«يحسب

ص:252


1- المسالك 2:313.
2- كالخلاف 4:26،و كشف اللثام 2:281،و المفاتيح 3:313.
3- الوسائل 26:43 أبواب موانع الإرث ب 16.
4- الوسائل 26:44 أبواب موانع الإرث ب 16 الأحاديث 3،6،7.

ميراثه على قدر ما أعتق منه لورثته،و ما لم يعتق منه لأربابه الذين كاتبوه» (1).

و نحوه آخر:في رجل مكاتب يموت و قد أدّى بعض مكاتبته،و له ابن من جاريته،قال:«إن كان اشترط عليه أنّه إن عجز فهو مملوك رجع إليه ابنه مملوكاً و الجارية،و إن لم يكن اشترط عليه ذلك أدّى ابنه ما بقي من مكاتبته،و ورث ما بقي» (2).

و نحوهما غيرهما من المعتبرة الأُخر،التي فيها الصحيح أيضاً و غيره (3).

و لو اجتمع الرقّ الوارث مع الحرّ مثله فالميراث للحرّ دونه و لو بَعُد الحر و قرب المملوك كما مرّ.

و لو كان للحرّ ولد رقّ و لذلك الولد الرقّ ابن حرّ ورث الابن الحرّ جدّه،و لا يحجبه رقّية أبيه،كما في الكافر و القاتل،فإنّهما لا يمنعان من يتقرّب بهما إلى الميت؛ لانتفاء المانع منه دونهما،و به خصوص الخبر المنجبر ضعفه بالعمل،و رواية الحسن بن محبوب المجمع على تصحيح ما يصح عنه عن موجبه:في عبد مسلم و له أُمّ نصرانية،و للعبد ابن حرّ، قيل:أ رأيت إن ماتت أُمّ العبد و تركت مالا؟قال:«يرثها ابن ابنها الحرّ» (4).

ص:253


1- الكافي 7:4/151،الفقيه 4:801/248،التهذيب 9:1254/349،الوسائل 26:48 أبواب موانع الإرث ب 19 ح 2.
2- الكافي 7:2/151،التهذيب 9:1256/349،الإستبصار 4:125/37،الوسائل 26:57 أبواب موانع الإرث ب 23 ح 2.
3- الوسائل 26:57 أبواب موانع الإرث ب 23.
4- الكافي 7:1/150،التهذيب 9:1214/337،الوسائل 26:45 أبواب موانع الإرث ب 17 ح 1.

و لو أعتق على ميراث قبل قسمته يشارك باقي الورثة إن كان مساوياً لهم في الطبقة و الدرجة و حاز الإرث و جمعه كلّه إن كان أولى منهم،بلا خلاف،كما في المعتبرة المستفيضة.

ففي الصحيح:«قضى أمير المؤمنين(عليه السّلام)فيمن ادّعى عبد إنسان أنّه ابنه:أنّه يعتق من مال الذي ادّعاه،فإن توفّي المدعي،و قسم ماله قبل أن يعتق العبد،فقد سبقه المال،و إن أعتق قبل أن يقسم ماله فله نصيبه منه» (1).

و في القريب منه بأبان و ابن أبي عمير المجمع على تصحيح رواياتهما:«من أعتق على ميراث قبل أن يقسم الميراث فهو له،و من أعتق بعد ما قسم فلا ميراث له» (2)و نحوه غيره (3).

و في القريب منه أيضاً بأبان المتقدّم،الوارد فيمن أسلم على ميراث قبل قسمته:قلت:العبد يعتق على ميراث،قال:«هو بمنزلته» (4).

و منه يظهر أنّه لو كان الوارث الحرّ واحداً فأعتق الرق بعد موت مورّثه لم يرث مطلقاً و إن كان أقرب إلى الميت من الحرّ، و كذا لو أعتق بعد القسمة مع تعدّد الورثة لأنّه لا قسمة في الأوّل، و لا عتق قبلها في الثاني،فلا إرث له.

ص:254


1- الفقيه 4:794/246،التهذيب 9:1212/337،الوسائل 26:46 أبواب موانع الإرث ب 18 ح 1.
2- الكافي 7:4/144،التهذيب 9:1318/369،الوسائل 26:21 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 3.
3- التهذيب 9:1210/336،الوسائل 26:47 أبواب موانع الإرث ب 18 ح 2.
4- الفقيه 4:758/237،التهذيب 9:1211/336،الوسائل 26:21 أبواب موانع الإرث ب 3 ح 4.

و لو قسم بعض التركة ثم أعتق ففي إرثه من الجميع،أو الباقي خاصّة،أو عدمه مطلقاً،أوجه و احتمالات،و لعلّ أظهرها الأوّل،كما قطع به الفاضل في الإرشاد و غيره (1)؛ لعموم المعتبرة المتقدّمة بإرثه لو أعتق قبل القسمة،و المتبادر منها قسمة جميع التركة لا بعضها.

و لو لم يكن للميت ممّن عدا الإمام(عليه السّلام) وارث سوى المملوك اجبر مولاه على أخذ قيمته فيعتق ليحوز الإرث و يجمعه،بلا خلاف أجده،بل عليه الإجماع في ظاهر كلام جماعة (2)،و النصوص به مع ذلك مستفيضة،ستأتي إليها الإشارة.

و هي و إن كانت مطلقة في وجوب الشراء،إلّا أنّها مقيّدة بما إذا لم يكن هناك وارث حرّ،و لو كان بعيداً كضامن جريرة؛ لما مرّ إليه الإشارة،مع أنّه ادّعى عليه الشيخ إجماع الإمامية (3).

و ظاهر أكثرها،كالعبارة و غيرها،و صريح آخرين (4)،توقف عتقه بعد الشراء على الإعتاق،فيتولّاه من يتولّى الشراء،و هو الحاكم الشرعي،فإن تعذّر تولّاهما غيره كفايةً.

قيل:و لا فرق في المملوك بين القنّ و المكاتب و المدبّر و أُمّ الولد؛ لاشتراك الجميع في أصل الرقّيّة و إن تشبّث بعضهم بالحرّية،و النهي عن بيع أُمّ الولد مخصوص بغير ما فيه تعجيل عتقها؛ لأنّه زيادة في مصلحتها

ص:255


1- الإرشاد 2:127؛ و احتمله في القواعد 2:162،و تنظّر فيه في التحرير 2:171؛ و انظر مجمع الفائدة و البرهان 11:488.
2- منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز 2:432،و الشهيد الثاني في المسالك 2:314،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:313.
3- الخلاف 4:26.
4- منهم العلّامة في القواعد 2:164،و الشهيد الثاني في الروضة البهية 8:38.

التي نشأ منها المنع من البيع،فيصح هنا بطريق أولى،و لو كان المكاتب المطلق قد أدّى شيئاً و عتق منه بحسابه فكّ الباقي،و إن كان يرث بجزئه الحرّ؛ لأنّ ما قابل جزأه الرقّ من الإرث بمنزلة ما لا وارث له (1).انتهى.

و يعضده إطلاق النصوص و الفتاوى.

و لو قصر المال و التركة عن قيمته لم يفكّ على الأظهر الأشهر،كما في المختلف و المسالك و غيرهما (2)و عليه عامّة من تأخّر، و نفى عنه الخلاف في السرائر (3)،و هو الحجة.

مضافاً إلى مخالفته الأصل من وجوه عديدة،فيقتصر فيه على المتيقن من الفتوى و الرواية،و ليس إلّا ما إذا وفت التركة بتمام القيمة،بل و ما زاد أيضاً،إلّا أنّه لم يعتبر الزيادة عنه إجماعاً.

و قيل:يفكّ ما وفى به القيمة و يسعى العبد في باقيه هذا القول لم نظفر بقائله،و إنّما الأصحاب الحاكون له أشاروا إليه من دون تصريح به،و بعدم الظفر به صرّح شيخنا في المسالك (4)و غيره،و لا يبعد أن يكون هو الفضل بن شاذان،كما حكاه عنه في الكافي،فإنّه قال في جملة كلام له في وجوب شراء المملوك و إعتاقه مع عدم الوارث و جبر المالك عليه-:فإن قال أي قائل-:فإنّها أي أُمّ الولد ورثت أقلّ من قيمتها أو ورثت النصف من قيمتها،أو الثلث،أو الربع،قيل له:يعتق منها بحساب ما ورثت،فإن شاء صاحبها أن يستسعيها فيما بقي من قيمتها فعل

ص:256


1- قاله الشهيد الثاني في المسالك:314.
2- المختلف:741،المسالك 2:314؛ و انظر الإيضاح 4:183،و المهذب البارع 4:360.
3- السرائر 3:272.
4- المسالك 2:314.

ذلك،و إن شاء أن تخدمه بحساب ما بقي منها فعل ذلك.لكنّه قال بعد ذلك ما يدل على تخصيصه الفكّ بما إذا لم يقصر المال عن جزء من ثلاثين جزءاً من قيمتها،و أنّه لو قصر لا يفكّ؛ أخذاً من عدة الشهر،و زعم أنّ الأمة لو تجاوزت قيمتها دية الحرّ ردّت إليها (1).

و إطلاق القول المحكي في كلام الأصحاب لا يوافق هذا التفصيل، و لعلّه لذا جعله في الدروس قولاً ثالثاً (2).

و كيف كان فلا ريب في ضعفه مطلقاً،و إن قوّاه مطلقاً من دون تفصيل بعض متأخّري متأخّري أصحابنا (3)؛ لعدم وضوح مأخذه،عدا ما في السرائر (4)من نسبته إلى رواية،و لم نقف عليها،فهي مرسلة لا حجة فيها،سيّما في مقابلة حجّة الأكثر المتقدّمة،مع أنّه ذكر الشيخ في النهاية أنّه لم يقف له على أثر (5).

و أمّا عموم:«الميسور لا يسقط بالمعسور» (6)و نحوه (7)فبعد تسليم شموله لنحو المقام معارض بعموم ما دل على أنّه:«لا ضرر و لا ضرار في الإسلام» (8)و لا ريب أنّ إجبار المالك على بيع مملوكه ضرر،و أصالة البراءة مع الشهرة العظيمة مع حكاية نفي الخلاف المتقدّمة ترجّح الثاني،

ص:257


1- الكافي 7:148.
2- الدروس 2:343.
3- مفاتيح الشرائع 3:313.
4- السرائر 3:272.
5- النهاية:668.
6- عوالي اللئلئ 4:205/58.
7- عوالي اللئلئ 4:207/58.
8- الفقيه 4:777/243،الوسائل 26:14 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 10،و كذا الوسائل 25:427 أبواب إحياء الموات ب 12.

فلا محيص عنه،و إن نفى البأس عن خلافه في المختلف و المسالك (1).

و يتفرع على القولين فروع،منها:ما لو تعدّدوا و وفّى نصيب بعضهم بقيمته دون غيره،فعلى القول الثاني يجب شراؤهما،بل وجوب شراء من وفّى نصيبه بقيمته أولى؛ لعدم تضرر المالك،و عدم الاحتياج إلى الاستسعاء.

و على الأوّل لا يجب شراء من لا يفي نصيبه بقيمته،و في وجوب شراء الآخر وجهان،أحدهما:العدم؛ لقصور التركة عن فكّ الورثة في الجملة،و هو مانع عن الفكّ،كما مرّ إليه الإشارة؛ و لأنّه إمّا أن يجب فكّ بعض كل واحد،أو فكّ واحد لا بعينه،أو بعينه،فإمّا من يفي نصيبه بقيمته،أو غيره،و الأوّل خلاف الفرض،و الثاني غير موجود في الخارج، و الثالث ترجيح من غير مرجّح،و الرابع كذلك،مع متروكيّته بالإجماع.

و ثانيهما:نعم؛ لوجود قريب يرث مع الحرّية،و ما هو كذلك يجب شراؤه؛ لعموم النص،و فرق بينه و بين شراء بعض وارث بحصول ضرر فيه على المالك دون الأوّل،و هو اختيار الفاضل و ولده،و مال إليه شيخنا الشهيد الثاني (2).

و منها:ما لو لم تف التركة بقيمة القريب و وفت بقيمة البعيد،كالأخ مع الابن،فيجب شراؤه دون البعيد على القول الثاني دون الأوّل.

و عليه ففي وجوب شراء الأخ،أو كون التركة للإمام(عليه السّلام)وجهان، أحدهما:نعم؛ لأنّ الابن يمنع من إرث الأخ مع حرّيته أو مع إمكانها، و كلاهما مفقودان،فهو في حكم العدم،فينحصر الوارث في الأخ.

ص:258


1- المختلف:741،المسالك 2:314.
2- القواعد 2:164،إيضاح الفوائد 4:184،المسالك 2:314.

و الآخر:لا؛ لأنّ كونه ولداً يمنع من إرث الأخ،فليس الأخ وارثاً هنا.و هو ضعيف؛ لأنّ من شروط الحجب عدم رقّيّة الوارث.

و اعلم أنّه يفكّ الأبوان إجماعاً،كما في الانتصار و السرائر و الشرائع و شرحيه لشيخنا الشهيد الثاني و الصيمري و الروضة (1)،و غيرها من كتب الجماعة (2)،و هو الحجة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة في الأُمّ (3)، و يلحق بها الأب؛ لعدم القائل بالفرق،مع وقوع التصريح به فيما يأتي من المعتبرة.

مضافاً إلى استلزام ثبوت الحكم فيها ثبوته فيه بطريق أولى (4).

و اختلفوا في إلحاق من عداهما بهما على أقوال،فبين من اقتصر عليهما،كما عن سلّار و ظاهر ابني بابويه (5)؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المجمع عليه.

و بين من ألحق بهما الأولاد خاصّة دون غيرهما من الأقارب و الزوجين،مخصِّصاً إيّاهم بأولاد الصلب دون أولاد الأولاد،كما عن المفيد و ابن حمزة (6)،و نسبه الحلي إلى الأكثر و حكاه عن المرتضى و قوّاه؛ مستنداً في محلّ المنع إلى الأصل،و في الإلحاق إلى الإجماع (7).

ص:259


1- الانتصار:308،السرائر 3:273،الشرائع 4:15،المسالك 2:315،غاية المرام 4:172،الروضة البهية 8:41.
2- إيضاح الفوائد 4:186،و التنقيح الرائع 4:145،و مفاتيح الشرائع 3:313.
3- الوسائل 26:49 أبواب موانع الإرث ب 20 الأحاديث 1،2،6،7،11.
4- في«ب» زيادة:فتأمّل.
5- المراسم:219،حكاه عن ابني بابويه في المختلف:741،و الإيضاح 4:186.
6- المقنعة:695،الوسيلة:396.
7- السرائر 3:272.

و سيظهر لك ضعف هذه الأقوال.

و قيل:يفكّ ذو القرابة مطلقاً،فيدخل فيه من علا من الآباء، و من سفل من الأولاد،و الإخوة،و الأعمام،و الأخوال،و بالجملة كل وارث قريب عدا الزوج و الزوجة،و القائل الإسكافي و الشيخ في النهاية و التقي و القاضي و ابن زهرة و الكيدري (1)،و كثير ممّن تأخّر عنهم كالفاضل و ولده و الشهيدين و غيرهم (2)،و نسبه في الروضة إلى الأكثر (3).

و هو الأقوى؛ استناداً في إلحاق الأولاد للصلب بما مرّ من الإجماع المحكي في كلام الحلي،و أولادهم بظاهر الاتفاق المحكي في الروضة على إلحاق الأولاد بالأبوين من دون تقييد بكونهم للصلب.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح:الرجل يموت،و له ابن مملوك،قال:«يشترى،و يعتق،ثم يدفع إليه ما بقي» (4)و نحوه آخر (5).

و في ثالث:عن رجل كانت له أُمّ ولد و هو طويل،و في آخره -:قلت:فولدها من الزوج؟قال:«إن كان ترك مالاً اشتري منه بالقيمة،

ص:260


1- حكاه عن الإسكافي في المختلف:741،النهاية:668،التقي في الكافي في الفقه:375،القاضي في المهذّب 2:155،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):608،و حكاه عن الكيدري في المختلف:741.
2- القواعد 2:164،إيضاح الفوائد 4:187،اللمعة(الروضة البهية 8):41،و التنقيح الرائع 4:146.
3- الروضة 8:42.
4- الكافي 7:4/147،الفقيه 4:792/246،التهذيب 9:1221/334،الوسائل 26:50 أبواب موانع الإرث ب 20 ح 4.
5- التهذيب 9:1205/335،الإستبصار 4:667/177،الوسائل 26:53 أبواب موانع الإرث ب 20 ح 10.

فأُعتق،و ورث» (1)و الحديث مروي في الفقيه.

و في الموثق المروي فيه كذلك،و في الكافي و التهذيبين بسند فيه جهالة:مات مولى لعليّ(عليه السّلام)،فقال:«انظروا هل تجدون له وارثاً؟» فقيل له:إنّ له ابنتين باليمامة مملوكتين،فاشتراهما من مال الميت،ثم دفع إليهما بقيّة الميراث (2).

و احتمال التبرّع فيه و إن كان قائماً،إلّا أنّه بضميمة ما تقدّم من الأخبار الظاهرة في عدمه و كونه على الوجوب ليس محتملاً،فتأمّل .و منه إن تم ينقدح وجه للاستدلال به على إلحاق مطلق الورثة؛ لإطلاق قوله(عليه السّلام):«هل تجدون له وارثاً» .مضافاً إلى دلالة كثير من المعتبرة المشار إليها بقوله: و به رواية ضعيفة عليه،منها المرسل كالموثق بابن بكير المجمع على تصحيح ما يصح عنه:«إذا مات الرجل،و ترك أباه و هو مملوك،أو امّه و هي مملوكة،أو أخاه أو أُخته،و ترك مالاً و الميت حرّ،يشترى ممّا ترك أبوه أو قرابته و ورث الباقي من المال» (3)و نحوه مرسل آخر (4)مثله سنداً و متناً.

و الخبر:عن رجل مات،و ترك مالاً كثيراً،و ترك امّاً مملوكة،و أُختاً مملوكة؟قال:«تشتريان من مال الميت،ثم تعتقان،و تورثان» قلت

ص:261


1- الفقيه 4:795/246،الوسائل 26:54 أبواب موانع الإرث ب 20 ح 12.
2- الكافي 7:8/148،الفقيه 4:791/246،التهذيب 9:1197/333،الإستبصار 4:659/175،الوسائل 26:52 أبواب موانع الإرث ب 20 ح 8.
3- التهذيب 9:1203/334،الإستبصار 4:665/176،الوسائل 26:53 أبواب موانع الإرث ب 20 ح 9.
4- الكافي 7:3/147،التهذيب 9:1202/334،الإستبصار 4:664/176،الوسائل 26:50 أبواب موانع الإرث ب 20 ح 3.

أ رأيت إن أبى أهل الجارية،كيف يصنع؟قال:«ليس لهم ذلك،و تقوّمان قيمة عدل،ثم تعطى مالهم على قدر القيمة» (1)الحديث.

و ضعف سنده بالجهالة،و متنه كسابقيه عن الدلالة بالأخصّيّة من المدّعى بالاختصاص ببعض القرابة،مجبور بعمل أكثر الطائفة،كما هو الظاهر من الفتاوى الظاهرة و المحكيّة،و قد عرفته من حكاية الروضة المتقدّمة التي هي أرجح من حكاية الحلي الأكثرية على خلافه؛ لكونها موهونة بعدم مصير أحد إلى ما ذكره،عدا نادر من الطائفة (2)،مع كون باقي فتاوى القدماء و المتأخّرين على خلافه مطبقة.و بعدم القائل بالفرق بين الأُخت مثلاً و غيرها من القرابة بين الطائفة،و به صرّح في الروضة (3).

و أمّا ما يتوهّم من القدح في الرواية الأخيرة بتضمّنها شراء الأُخت مع الاُمّ و إيراثها معها،مع أنّه ممّا لا نقول به فمدفوع بأنّ الواو فيها بمعنى أو،كما صرّح به جماعة (4)،و ربما يرشد إليه قول الراوي:فإن أبى أهل الجارية،فتدبّر،فإذاً لا محيص عن هذا القول و لا مندوحة.

و في إلحاق الزوج و الزوجة بمطلق القرابة في الحكم المزبور تردّد ينشأ:من الأصل المتقدّم إليه الإشارة.

و من ورود الصحيح بإلحاق الزوجة فالزوج أولى،مع أنّه لا قائل بالفرق بينهما جدّاً،و فيه:«كان أمير المؤمنين(عليه السّلام)إذا مات الرجل و له امرأة

ص:262


1- الكافي 7:6/147،التهذيب 9:1198/333،الإستبصار 4:660/175،الوسائل 26:50 أبواب موانع الإرث ب 20 ح 5.
2- راجع ص:256.
3- الروضة 8:41.
4- المختلف:741،مرآة العقول 23:220،الوسائل 26:51،الوافي 25:845.

مملوكة،اشتراها من ماله،فأعتقها،ثم ورّثها» (1).

و في الدلالة نظر؛ لقيام احتمال التبرّع فيه،فلا يمكن الاستدلال به على الوجوب.

مع أنّه معارض بصريح الصحيح الناصّ على عدم شراء الزوج من مال الزوجة،رواه في الفقيه،و فيه:عن مملوك رجل أبق منه،فأتى أرضاً فذكر لهم أنّه حرّ من رهط بني فلان،و أنّه تزوّج امرأة من أهل تلك الأرض فأولدها،ثم إنّ المرأة ماتت،و تركت في يده مالاً و ضيعة و ولدها،ثم إنّ سيّده أتى تلك الأرض،فأخذ العبد و جميع ما في يده و أذعن له العبد بالرق؟فقال:«أمّا العبد فعبده،و أمّا المال و الضيعة فإنّه لولد المرأة الميتة، و لا يرث عبد حرّا» قلت:جعلت فداك،فإن لم يكن للمرأة يوم ماتت ولد و لا وارث،لمن يكون المال و الضيعة التي تركتها في يد العبد؟فقال:

«جميع ما تركت لإمام المسلمين خاصّة» (2).

و هو كما ترى صريح في خروج الزوج من هذا الحكم،فالزوجة أولى؛ مضافاً إلى عدم القول بالفرق،كما مضى.

و حمله في الوافي على أنّ ذلك لخدعته المرأة بدعواه الحرّية (3).

و فيه:أنّه لا معارض له صريحاً بل و لا ظاهراً يوجب الخروج عن ظاهره؛ مضافاً إلى عدم دليل على الحمل،مع خلوّ كلام القائلين بوجوب فكّ الزوجين كالنهاية و الكيدري و ابن زهرة و الفاضل في الإرشاد و المحقق

ص:263


1- الفقيه 3:298/83،التهذيب 8:894/247،الإستبصار 4:674/178،الوسائل 23:89 أبواب العتق ب 53 ح 1.
2- الفقيه 3:1371/288،الوسائل 21:224 أبواب العيوب و التدليس ب 11 ح 3.
3- الوافي 25:850.

الثاني و الشهيد الثاني و بعض من تبعه (1)عن التقييد بما ذكره و اشتراطه بعدم الخدعة.

اللّهم إلّا أن يكون مراده بها عدم وقوع تزويجه بإذن سيّده،فيكون باطلاً،فكأنّ المملوك ليس بزوج لها.

و فيه نظر؛ لعدم إمكان الحكم بالبطلان إلّا مع عدم إجازة المولى، و هو في الرواية غير مشار إليه أصلاً،بل وقع الحكم فيها بإرث الإمام لتركتها مع عدم الولد مطلقاً،بل عامّاً؛ لترك الاستفصال عن إجازة المولى لعقده و عدمها،فيكون الحكم شاملاً لصورة الإجازة أيضاً.

نعم تخرج الرواية بهذا عن الصراحة جدّاً،لكنّها ظاهرة؛ لما ذكرناه، سيّما و إنّ قوله(عليه السّلام)معلّلاً:«و لا يرث عبد حرّا» ظاهر في أنّ المانع عن الإرث في مورد السؤال إنّما هو العبودية خاصّة،لا عدم الزوجيّة،و هو ظاهر في ثبوتها،فتأمّل .و بالجملة الأقوى عدم وجوب فكّهما؛ للأصل،و هذا الصحيح الظاهر (2)فيه و لو بمعونة ما قدّمناه،مع خلوّه عن المعارض الصريح،بل مطلقاً؛ لما مضى من ضعف دلالة الصحيحة بفكّ الزوجة.

نعم ربما يشير إليه قوله(عليه السّلام)في بعض ما تقدّم من الروايات:«هل تجدون له وارثاً» (3)بناءً على ما قدّمناه من إطلاق الوارث فيه و صدقه على

ص:264


1- النهاية:668،حكاه عن الكيدري في المختلف:741،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):608،الإرشاد 2:128،حكاه عن المحقق الثاني في مجمع الفائدة و البرهان 11:492،الشهيد الثاني في الروضة 8:42،و المسالك 2:315،و تبعه الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:313.
2- في«ب»:الناصّ.
3- راجع ص:257.

نحو الزوجة،إلّا أنّ الاكتفاء بنحو هذه الإشارة في مثل هذه الرواية و إن كانت موثقة في مقابلة الأُصول القطعية المعتضدة في خصوص المسألة بعمل أكثر الطائفة و خصوص الصحيحة الظاهرة لا يخلو عن شبهة،بل مشكل غايته،بل لا مسرح عمّا اخترناه و لا مندوحة.

و حيث كان المملوك الذي منع عن إرثه و إيراثه في العبائر المتقدّمة مطلقاً،و يتبادر منه خصوص القنّ،دون غيره ممّن تشبّث بالحرّية، و احتمل لذلك توهّم اختصاص الحكم به دونهم،نبّه على العموم بقوله:

و لا يرث المدبّر،و لا أُمّ الولد،و لا المكاتب المشروط و لا المطلق الذي لم يؤدّ شيئاً،و لا يورثون كالقنّ،بلا خلاف ظاهر،و يشهد له ما ورد من المعتبرة المستفيضة في المكاتب،و قد تقدّم إلى جملة منها الإشارة (1).

و كما لا يرثون على هذه الحالة كذا يفكّون ليرثوا؛ لتحقق الوصف إذا كانوا ممّن يجب فكّهم،و قد تقدّمت إليه الإشارة (2).

و من تحرّر بعضه و بقي بعضه رقّاً يرث و يورث ب قدر ما فيه من الحرّيّة،و يمنع من كلّ منهما ب قدر ما فيه من الرقّيّة بلا خلاف فيه بيننا أجده،بل ظاهر جماعة أنّ عليه إجماع الإماميّة (3)، و أخبارنا به في المكاتب مستفيضة (4).

ففي الصورة الاُولى:لو كان للميت ولد نصفه حرّ و أخ حرّ،فالمال

ص:265


1- في ص:249.
2- في ص:252.
3- منهم الشيخ في الخلاف 4:27،و انظر تلخيص الخلاف 2:247،و المفاتيح 3:313.
4- الوسائل 23:162،165 أبواب المكاتبة ب 19،20،و ج 26:47 أبواب موانع الإرث ب 19.

بينهما نصفان.

و لو كان نصف الأخ حرّا أيضاً فللابن النصف،و للأخ الربع،و الباقي للعم الحرّ إن كان،فلو كان نصفه حرّا،فله الثمن،و الباقي لغيره من المراتب المتأخّرة عنه،و هكذا.

و لو لم يكن هناك وارث في جميع الطبقات حتى ضامن الجريرة، كان باقي التركة في مقابلة الجزء الرقّ بمنزلة ما لو لم يخلف وارثاً،فيشترى الجزء الرقّ من التركة المخلفة في مقابلته،و إن قلنا إنّه لا يشترى بعض المملوك؛ لأنّ شراء هذا الجزء يوجب تمام الحرّيّة،و لا يحصل به ضرر على المالك بالتبعيض،بخلاف شراء البعض و إبقاء الباقي رقّاً.

نعم لو لم يف باقي التركة بهذا الجزء جاء فيه الخلاف السابق.

و في الثانية:لو كان الميت نصفه حرّا فلمولاه نصف تركته،و لوارثه الحرّ النصف الباقي،و هكذا،في أصح الوجهين في كيفية الإرث منه بنسبة الحرّية،وفاقاً لشيخنا في المسالك و الروضة (1)،قال:لأنّ مالك الباقي قد استوفى نصيبه بحق الملك،فلا سبيل له على الباقي،و إنّما تظهر فائدة الإرث بالنسبة ممّا ترك على تقدير أن يكون قد اكتسب بجميعه مالاً و لم يحصل للمالك منه شيء،فيكون ما كسبه مقسوماً على نسبة الرقّيّة و الحرّيّة.

و الأجود الاستدلال عليه بظاهر الصحيحين،في أحدهما:عن رجل كاتب عبداً له على ألف درهم،و لم يشترط عليه حين كاتبه إن هو عجز عن مكاتبته فهو ردّ في الرقّ،و إنّ المكاتب أدّى إلى مولاه خمسمائة درهم،ثم

ص:266


1- المسالك 2:314،الروضة 8:40.

مات المكاتب،و ترك مالاً،و ترك ابناً له مدركاً؟قال:«نصف ما ترك المكاتب من شيء فإنّه لمولاه الذي كاتبه،و النصف الآخر لابن المكاتب» (1)الخبر.

و في الثاني:مكاتب توفّي و له مال،قال:«يقسم ماله على قدر ما أُعتق منه لورثته،و ما لم يعتق يحسب منه لأربابه الذين كاتبوه و هو ماله» (2).

و الوجه الثاني :أنّ ما جمعه ببعضه الحرّ يتقسّط على مالك الباقي و الورثة بقدر ما فيه من الرقّ و الحرّية،فإذا كان نصفه حرّا و نصفه رقّاً فنصف ما جمعه بنصفه الحرّ للسيّد،و نصفه للورثة؛ لأنّ سبب الإرث الموت،و الموت حلّ بجميع بدنه،و بدنه ينقسم إلى الرقّيّة و الحرّيّة فينقسم ما خلّفه.

و هو ضعيف غايته،سيّما في مقابلة ما قدّمناه من الحجة الظاهرة.

المقدّمة الثالثة:في بيان السهام

اشارة

المقدّمة الثالثة:في بيان السهام المقدّرة،و بيان أهلها.

و هي في كتاب اللّه تعالى ستّة:النصف،و الربع،و الثمن، و الثلثان،و الثلث،و السدس و قيل في التعبير عنها ما هو أخصر ممّا هنا،و هو:النصف،و نصفه، و نصف نصفه،و الثلثان،و نصفهما،و نصف نصفهما (3).و أخصر منهما

ص:267


1- الكافي 6:3/186،التهذيب 9:1259/350،الإستبصار 4:123/37،الوسائل 26:59 أبواب موانع الإرث ب 23 ح 5.
2- الكافي 7:4/151،الفقيه 4:801/248،التهذيب 9:1254/349،الوسائل 26:48 أبواب موانع الإرث ب 19 ح 2؛ بتفاوت.
3- قاله الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 4:149.

التعبير عنها بالربع،و الثلث،و ضعف كلّ،و نصفه.

و أمّا أهل هذه السهام فخمسة عشر:

فالنصف لأربعة للزوج مع عدم الولد للزوجة و إن نزل سواء كان منه أم من غيره،قال سبحانه وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ [1] (1)و ولد الولد كالولد هنا،إجماعاً،كما حكاه جماعة (2).

و للبنت الواحدة،قال سبحانه وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [2] (3). و ل الأُخت للأب و الأُمّ،أو الأُخت للأب خاصّة مع عدمها و عدم الذكران في الموضعين،قال اللّه تعالى إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ [3] (4).و احترز بالقيد عن الأُخت للأُمّ خاصّة،فإنّ لها السدس؛ للآية الأُخرى الواردة في الكلالة (5)،مضافاً إلى الرواية (6)،و الإجماع الظاهر من فتاوى الجماعة.

و الربع لاثنين للزوج مع الولد للزوجة و إن كان من غيره،

ص:268


1- النساء:12.
2- منهم ابن إدريس في السرائر 3:230،و الشهيد الثاني في المسالك 2:318،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:288.
3- النساء:11.
4- النساء:176.
5- النساء:12.
6- الكافي 7:3/101،الفقيه 4:676/202،التهذيب 9:1045/290،الوسائل 26:154 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 3 ح 2.

و نزل لما مرّ،قال سبحانه فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ [1] (1). و للزوجة مع عدمه أي الولد للزوج مطلقاً،و لو كان من غيرها، و نزل،كما سبق،قال تعالى وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ [2] (2). و الثمن لقبيل واحد للزوجة مع الولد لزوجها و إن كان من غيرها،و نزل كما مضى،قال سبحانه فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ [3] (3).و لا فرق في الزوجة في المقامين بين الواحدة و المتعددة،حتّى لو كنّ أربعاً اقتسمن الفرض من الربع أو الثمن على عددهنّ أرباعاً،و لو كنّ ثمانية اقتسمنه أثماناً،و هكذا.

و يتصوّر ذلك في المريض إذا طلّق أربعاً في مرضه طلاقاً بائناً،و تزوّج بأربع غيرهنّ من قبل خروجهنّ من عدّتهنّ،و دخل بمن تزوّجهنّ أخيراً، ثم مات قبل برئه من مرضه الذي طلّق الأربع فيه قبل سنة من طلاقه لهنّ و قبل تزويجهنّ،فإنّ الثمان نسوة يرثنه الثمن مع الولد،و الربع مع عدمه، بالسوية،و نبّه على ذلك الحلي في السرائر نافياً الخلاف فيه بين الأصحاب (4).

و الثلثان لثلاثة للبنتين فصاعداً قال عزّ من قائل فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ [4] (5).

ص:269


1- النساء:12.
2- النساء:12.
3- النساء:12.
4- السرائر 3:230.
5- النساء:11.

و هو و إن جعل فيه النصيب للزائد عن الاثنتين،إلّا أنّهما الحقتا به إجماعاً،كما في كلام جماعة (1)،و يعضده ثبوته في الأُختين،ففي البنتين أولى .و ذكر لذلك وجوه أُخر،لا فائدة مهمّة لنقلها هنا بعد ثبوته بما ذكرناه.

و للأُختين فصاعداً إذا كنّ للأب و الأمّ،أو الأُختين للأب خاصّة،مع عدمهما و عدم الذكران في الموضعين،قال تعالى فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ [1] (2). و الثلث لقبيلتين للاُمّ مع عدم من يحجبها من الولد للميت و إن نزل،أو الإخوة قال سبحانه فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [2] (3). و للاثنين فصاعداً من ولد الأُمّ خاصّة،ذكوراً كانوا أم إناثاً أم بالتفريق،قال سبحانه فَإِنْ كانُوا [3] أي أولاد الأُمّ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ [4] (4). و السدس لثلاثة لكلّ واحد من الأبوين مع الولد للميت و إن نزل قال تعالى وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ [5] (5).

ص:270


1- منهم السيوري في كنز العرفان 2:328،و الشهيد الثاني في المسالك 2:319،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:288.
2- النساء:176.
3- النساء:11.
4- النساء:12.
5- النساء:11.

و للأُمّ مع من يحجبها عن الزائد عن السدس،من الوالد أو الإخوة،قال تعالى فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [1] (1). و للواحد من كلالة الأُمّ أي ولدها ذكراً كان أو أُنثى قال عز من قائل وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [2] (2).قيل (3):سمّى الإخوة كلالة من الكلّ و هو الثقل؛ لكونها ثقلاً على الرجل؛ لقيامه بمصالحهم مع عدم التولّد الذي يوجب مزيد الإقبال و الخفة على النفس،أو من الإكليل،و هو ما يزيّن بالجوهر شبه العصابة؛ لإحاطتهم بالرجل كإحاطته بالرأس.

هذا حكم السهام المقدّرة منفردة.

و أمّا منضمّة بعضها إلى بعض فبعضها يمكن،و بعضها يمتنع،و صور اجتماعها الثنائي ممكناً و ممتنعاً إحدى و عشرون،حاصلة من ضرب السهام الستّة في مثلها،ثم حذف المكرّر منها،و هو خمسة عشر،منها ثمان ممتنعة،و هي:

واحدة من صور اجتماع النصف مع غيره،و هي:اجتماعه مع الثلثين؛ لاستلزامه العول (4)،و إلّا فأصله واقع،كزوج و أُختين فصاعداً لأب،لكن يدخل النقص عليهما،فلم يتحقق الاجتماع مطلقاً.

و اثنتان من صور اجتماع الربع مع غيره،و هما:اجتماعه مع مثله؛

ص:271


1- النساء:11.
2- النساء:12.
3- قاله الشهيد الثاني في الروضة البهية 8:69.
4- العول:ارتفاع السهام و زيادتها على التركة و قصور التركة عن سهام ذوي الفروض،و هو ضدّ التعصيب الذي هو توريث العصبة ما فضل عن ذوي السهام.النهاية لابن الأثير 3:321،مجمع البحرين 5:431.

لأنّه سهم الزوج مع الولد و سهم الزوجة مع عدمه،فلا يجتمعان.و اجتماعه مع الثمن؛ لأنّه نصيبها مع الولد و الربع نصيبها مع عدمه،أو نصيب الزوج معه.

و اثنتان من صور اجتماع الثمن مع غيره،و هما:اجتماعه مع مثله؛ لأنّه نصيب الزوجة و إن تعدّدت خاصّة،فلا يتعدّد.و اجتماعه مع الثلث؛ لأنّه نصيب الزوجة مع الولد،و الثلث نصيب الاُمّ لا معه،أو الاثنين من أولادها لا معهما (1).

و واحدة من صور الثلثين،و هي:اجتماعهما مع مثلهما؛ لعدم اجتماع مستحقهما متعدّداً في مرتبة واحدة؛ مضافاً إلى بطلان العول (2).

و اثنتان من صور اجتماع الثلث،و هما:اجتماعه مع مثله،و إن فرض في البنتين و الأُختين،حيث إنّ لكلّ واحدة ثلثاً،إلّا أنّ السهم هنا هو جملة الثلثين،لا بعضهما.و اجتماعه مع السدس؛ لأنّه نصيب الاُمّ مع عدم الحاجب،و السدس نصيبها معه أو مع الولد،فلا يجامعه.

و يبقى من الصور ثلاث عشرة،فرضها واقع صحيح،قد أشار الماتن إلى عشرة منها بقوله: و النصف يجتمع مع مثله كزوج و أُخت لأب و أُمّ، أو لأب خاصّة مع عدم ذكر. و مع الربع كزوجة و أُخت كذلك،و كزوج و بنت واحدة.

و مع الثمن كزوجة و بنت،و قد تقدّم أنّه لا يجتمع مع الثلثين.

ص:272


1- أي:من أولاد الأُمّ لا مع الولد و الأُمّ.
2- لأنّ مع وجود الطبقة الأُولى و هي البنات لا ترث الطبقة الثانية و هي الأخوات،مضافاً إلى زيادة السهام على التركة بثلث.

و مع الثلث كزوج و أُمّ مع عدم الحاجب،و ككلالة الاُمّ المتعدّدة مع أُختٍ لأب و أُمّ،أو أب خاصّة مع عدم ذكر.

و مع السدس كزوج و واحد من كلالة الأُمّ،و كبنت مع أحد الأبوين،و كأُخت لأب و أُمّ،أو لأب خاصّة مع واحد من كلالة الأُمّ.

و قد عرفت أنّه لا يجتمع الربع مع مثله،و لا مع الثمن و يجتمع الربع مع الثلثين كزوج و ابنتين،و كزوجة و أُختين لأب و أُمّ،أو أب خاصّة.

و مع الثلث كزوجة و أُمّ مع عدم الحاجب،و زوجة مع متعدّد من كلالة الأُمّ.

و مع السدس كزوجة و واحدة من كلالة الأُمّ،و كزوج و أحد الأبوين مع ابن،أو بنت،بناءً على أنّ زيادة سدسي الأبوين معها بالردّ لا بالفرض،و إنّما هو السدس خاصّة،فلا فرق بين الابن و البنت في ذلك، و إن افترقا بحصول الردّ إلى أحد الأبوين معها دونه،إلّا أنّه ليس من جهة الفرض الذي هو محلّ الفرض.

و يجتمع الثمن مع الثلثين كزوجة و ابنتين.

و مع السدس كزوجة و أحد الأبوين مع ابن،أو بنت.

و يجتمع الثلثان مع الثلث،كإخوة لأُمّ مع أُختين فصاعداً لأب، و لا يجتمعان مع مثلهما؛ لما مضى.

و يجتمعان مع السدس،كبنتين و أحد الأبوين،و كأُختين لأب مع واحد من كلالة الأُمّ.

و يجتمع السدس مع السدس،كأبوين مع الولد مطلقاً،و لو بنتاً،إن فرضنا اجتماع السدسين في الجملة و إن اجتمع معهما فرض آخر غيرهما،

ص:273

و إلّا فليخصّ الولد بالابن؛ لكون البنت فرضها النصف،فيجتمع ثلاثة فروض،و هو خلاف المفروض.

و قد عرفت أنّه لا يجتمع الثمنُ مع مثله،و لا مع الثلث، و لا الثلث مع مثله،و لا مع السدس تسمية (1) احترز بهذا القيد عن اجتماع مقيده،و هو الثلث مع السدس قرابة،كزوج و أبوين،فإنّ للزوج النصف،و للأُمّ مع عدم الحاجب الثلث،و للأب السدس،و مع الحاجب بالعكس،و على التقديرين فسهم الأب هنا بالقرابة لا بالفرض.

و لو لوحظ هذا المعنى لأمكن اجتماع كل ما امتنع سابقاً بغير العول، فيجتمع الربع مع مثله كما في بنتين و ابن،و مع الثمن،كما في زوجة و بنت و ثلاث بنين،و هكذا،لأنّه خارج عن الفرض.

و اعلم أنّ الوارث إذا كان واحداً من أيّ الطبقات كان ورث المال كلّه،بعضه بالفرض،و الباقي بالقرابة إن كان من ذوي الفروض،و إلّا فجميعه بالقرابة.

و إن كان أكثر من واحد و لم يحجب بعضهم بعضاً،فإمّا أن يكون ميراث الجميع بالقرابة،أو بالفرض،أو بعض بهذا و بعض بهذا.

فعلى الأوّل:يقسم على ما يأتي من التفصيل في ميراثهم.

و على الثالث:يقدم صاحب الفرض فيعطى فرضه،و الباقي للباقين.

و على الثاني:فإمّا أن تنطبق السهام على الفريضة،أو تنقص عنها،أو تزيد عليها.

فعلى الأوّل لا إشكال.

ص:274


1- ليس في المطبوع من المختصر:266.

و على الثالث:فالزائد عندنا للأنساب،يردّ عليهم زيادة على سهامهم؛ إذ الأقرب يحرم الأبعد.

و على الثاني:يدخل النقص عندنا على البنت و البنات،و الأُخت و الأخوات للأبوين،أو للأب خاصّة.

و ضابطه عندنا:أنّ النقص إنّما يدخل على من له فرض واحد في الكتاب المجيد؛ لأنّ له الزيادة متى نقصت السهام،فيكون عليه النقيصة متى زادت،دون من له فرضان،فإنّه متى نزل عن الفرض الأعلى كان له الفرض الأدنى.

خلافاً للعامّة في المقامين،حيث حكموا في الأوّل بالتعصيب،أي إعطاء الزائد للعَصَبَة،و هم من يتقرّب بالأب من الإخوة و الأعمام،و في الثاني بالعول،فجعلوا النقص موزّعاً على أرباب السهام.

و حيث إنّ هاتين المسألتين من أُمّهات المسائل،و المعركة العظمى بين الإماميّة و من خالفهم،و عليهما يبنى معظم الفرائض،نبّه الماتن عليهما بقوله:

مسألتان:
الأُولى:التعصيب باطل

مسألتان:

الأُولى:التعصيب باطل عندنا بضرورة مذهبنا،و المعتبرة المستفيضة بل المتواترة عن أئمّتنا(عليهم السّلام) (1)،و آية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ [1] (2)فإنّها نص في ذلك.

و في الصحيح:إنّ أبا جعفر(عليه السّلام)أقرأني صحيفة الفرائض التي هي

ص:275


1- الوسائل 26:85 أبواب موجبات الإرث ب 8.
2- الأنفال:85،الأحزاب:6.

إملاء رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)و خطّ علي(عليه السّلام)بيده،فوجدت فيها:«رجل ترك ابنته و أُمّه،لابنته النصف،و للأُمّ السدس،يقسم المال على أربعة أسهم،فما أصاب ثلاثة أسهم فهو للابنة،و ما أصاب سهماً فهو للاُمّ» و وجدت فيها:

«رجل ترك ابنته و أبويه،للابنة النصف ثلاثة أسهم،و للأبوين لكل واحد منهما السدس،يقسم المال على خمسة أسهم،فما أصاب ثلاثة فهو للابنة،و ما أصاب سهمين فللأبوين» قال:و قرأت فيها:«رجل ترك ابنته و أباه،للابنة النصف،و للأب سهم،يقسم المال على أربعة أسهم،فما أصاب ثلاثة فللابنة،و ما أصاب سهماً فللأب» (1)الحديث.

و في الخبر،و قد سئل:المال لمن هو؟للأقرب؟أو للعَصَبَة؟ فقال(عليه السّلام):«المال للأقرب،و العَصَبَة في فيه التراب» (2)إلى غير ذلك من الأخبار التي لا يسعها المضمار.

و من هنا يصح ما سيأتي من أنّ فاضل التركة يردّ على ذي السهام،عدا الزوج،و الزوجة،و الأُمّ مع وجود من يحجبها،على تفصيل يأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى.

الثانية:لا عول في الفرائض

الثانية:لا عول في الفرائض بضرورة مذهبنا،و المعتبرة المستفيضة التي كادت تبلغ التواتر عن أئمّتنا(عليهم السّلام) (3)،و إنكارهم الشديد في ذلك،و احتجاجاتهم.

و قد أطنب الأصحاب في الاستدلال على ذلك،و الردّ على مخالفيهم

ص:276


1- الكافي 7:1/93،الفقيه 4:668/192،التهذيب 9:982/270،الوسائل 26:128 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 17 ح 1.
2- الكافي 7:1/75،التهذيب 9:972/267،الوسائل 26:64 أبواب موجبات الإرث ب 1 ح 3.
3- الوسائل 26:72 أبواب موجبات الإرث ب 6.

بما لا يسع المقام لذكره،و من جملته ما أشار إليه الماتن بقوله: لاستحالة أن يفرض سبحانه في مال ما لا يفي به،كنصفين و ثلث،أو ثلثين و نصف،و نحو ذلك،و إلّا لكان جاهلاً أو عابثاً،تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً.

و العمدة هو الإجماع،و النص،ففي الصحيح:في زوج و أبوين و ابنة:«فللزوج الربع،ثلاثة من اثني عشر،و للأبوين السدسان،أربعة من اثني عشر،و بقي خمسة أسهم،فهي للابنة؛ لأنّها لو كانت ذكراً لم يكن لها غير ذلك،و إن كانتا اثنتين فليس لهما غير ما بقي،خمسة» (1)الحديث.

و في المستفيضة:«إنّ الذي أحصى رمل عالج يعلم أنّ السهام لا تعول على ستّة» (2).

بل يدخل النقص على البنت أو البنتين كما عرفته في أمثلة الصحيح،أو على الأُخت للأبوين أو الأب،أو الأُختين كذلك أو على الأب،أو من يتقرّب به،و سيأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى و فرض دخول النقص على الأب غير موجود إلّا هنا و في الشرائع و جملة من كتب الفاضل و اللمعة (3).

و هو غير جيّد،يظهر وجهه ممّا قدّمناه في ضابطة من يدخل عليه النقص،فإنّ الأب مع الولد لا ينقص عن السدس،و مع عدمه ليس من ذوي الفروض،و مسألة العول مختصّة بهم.

ص:277


1- الكافي 7:1/96،التهذيب 9:1041/288،الوسائل 26:131 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 18 ح 1.
2- الوسائل 26:72 أبواب موجبات الإرث ب 6.
3- الشرائع 4:21،الإرشاد 2:131،التحرير 2:163،اللمعة(الروضة البهية 8):87.

و منه يظهر فساد ما قيل في مثاله،و هو:زوج و أبوان،الفريضة ستّة، للزوج النصف ثلاثة،و للأُمّ الثلث،و الباقي و هو الواحد للأب،فيدخل النقص عليه؛ لأنّ المناسب أن يكون له اثنان من الستّة كما للاُمّ.

و ذلك لأنّ ثبوت الاثنين له ليس بالفريضة،بل بالمناسبة و القرابة، و قد عرفت أنّه لا عول إلّا فيمن يرث بالفرض،لا بالقرابة.

و إنّما خصّ هؤلاء بالنقص؛ لأنّ لكلّ من سواهم فريضتين في حالتين،عليا و دنيا،بخلافهم؛ لأنّه لا دنيا لهم بالفرض،فاُخّروا لذلك.

و اعلم أنّ العول لا يكون إلّا بدخول الزوج أو الزوجة،و المراد به زيادة في السهام عليها على وجه يحصل النقص على الجميع بالنسبة،سمّي عولاً إمّا من الميل،و منه قوله تعالى ذلِكَ أَدْنى أَلاّ تَعُولُوا [1] (1)و سمّيت الفريضة عائلة على أهلها لميلها بالجور عليهم بنقصان سهامهم.

أو من عال الرجل إذا كثر عياله؛ لكثرة السهام فيها.

أو من عال إذا غلب؛ لغلبة أهل السهام بعضهم على بعضٍ بالنقص (2).

أو من عالت الناقة ذنبها إذا رفعته؛ لارتفاع الفرائض على أهلها (3)بزيادة السهام،كما إذا كانت الفريضة ستّة فعالت إلى سبعة،في مثل زوج و أُختين لأب،فإنّ له النصف،ثلاثة من ستّة،و لهما الثلثان أربعة،فزادت الفريضة واحداً،أو إلى ثمانية،كما إذا كان معهم أُخت لأُمّ،أو إلى تسعة، بأن كان معهم أُخت أُخرى لأُمّ،أو إلى عشرة إذا كان معهم أُمّ محجوبة، و هكذا.

ص:278


1- النساء:3.
2- ليس في«ب».
3- في«ب»:أصلها.

و أمّا المقاصد فثلاثة:

الأوّل:في بيان ميراث الأنساب

الاُولى:الآباء و الأولاد
اشارة

و أمّا المقاصد فثلاثة:

الأوّل:في بيان ميراث الأنساب،و قد عرفت أنّ مراتبهم ثلاث:

الاُولى:الآباء من غير ارتفاع و الأولاد و إن نزلوا،بشرط الأقرب فالأقرب فالأب يرث المال كلّه إذا انفرد عن قريب للميت في مرتبته و كذلك الاُمّ ترثه إذا انفردت عنه،لكنّها ترث الثلث بالفرض و الباقي بالردّ بخلاف الأب،فيرثه أجمع بالقرابة؛ لما مرّ من أنّه مع عدم الولد لا فرض له.

و لو اجتمعا أي الأبوان خاصّة،منفردين عمّن هو في مرتبتهما فللأُمّ الثلث بالفرض مع عدم الحاجب و للأب الباقي بالقرابة.

و لو كان له أي للميت إخوة يحجبونها عن الثلث كان لها السدس بالفرض أيضاً،و الباقي كله للأب بالقرابة.

و لو اجتمعا و شاركهما زوج أو زوجة،فلزوج النصف، و للزوجة الربع،و للأُمّ ثلث الأصل لا ثلث الباقي عن نصيبهما إذا لم يكن لها حاجب عنه،من الإخوة و الباقي عن نصيبهم للأب بالقرابة،بخلافهم،فإنّما يحوزونه بالفرض.

و لو كان للأُمّ (1)حاجب كان لها السدس من الأصل كالثلث، و الباقي عن نصيبهم للأب كالسابق.

و لو انفرد الابن عمّن يشاركه في مرتبته فالمال كلّه له بالقرابة.

ص:279


1- في المختصر المطبوع(267):لها.

و لو كانوا أكثر من واحد اشتركوا فيه بالسويّة بلا خلاف؛ لعدم إمكان الترجيح من غير مرجّح،و كذلك البنت أو البنات لو انفردن، كان المال كلّه لهنّ بالسوية،لكن يرثن بعضه و هو النصف،أو الثلثان بالفرض،و الباقي بالقرابة.

و لو كانوا ذكراناً و إناثاً،فللذّكر سهمان،و للأُنثى سهم بالكتاب و النص و الإجماع.

و لو اجتمع معهم (1) أي مع الأولاد الأبوان خاصّة فلهما السدسان بالسويّة فرضاً و الباقي عن نصيبهما و هو الثلثان للأولاد مطلقاً ذكراناً كانوا،(أو إناثاً) (2)،أو ذكراناً و إناثاً يرثونه بالقرابة خاصّة.

و لو كانت بنتاً في المثال فلها النصف بالتسمية و للأبوين السدسان بها،من أصل التركة و الباقي و هو السدس يردّ على الأبوين و البنت أخماساً على نسبة الفريضة،إجماعاً؛ لأنّ ذلك هو قضيّة الردّ على السهام؛ و للصحيح المتقدّم في إبطال العصبة (3)،فيكون جميع التركة بينهم أخماساً،للبنت ثلاثة أخماس،و لكل منهما خُمس، و الفريضة حينئذٍ من ثلاثين؛ لأنّ أصلها ستّة مخرج السدس و النصف،ثم يرتقي بالضرب في مخرج الكسر إلى ذلك (4).

ص:280


1- في المختصر المطبوع(267):معهما.
2- ما بين القوسين ليس في«ر» و«ب».
3- راجع ص:272.
4- لأنّ مخرج السدس و النصف 6،و مخرج الكسر 5،و الحاصل من ضرب الأوّل في الثاني 30،للبنت 15،و لكل واحد من الأبوين 5،و المجموع 25،يبقى 5 و هو يردّ عليهم بنسبة سهامهم،فللبنت 3،و لكلٍّ من الأبوين 1،فمجموع حصّة البنت فرضاً و ردّاً:15+ 3 18 و مجموع حصّة كل من الأبوين كذلك:5+ 1 6.

هذا إذا لم يكن للاُمّ حاجب عن الزيادة عن الثلث.

و لو كان من يحجب الاُمّ من الإخوة ردّ على الأب و البنت خاصّة أرباعاً و الفريضة حينئذٍ من أربعة و عشرين (1)،للأُمّ سدسها أربعة،و للبنت اثنى عشر بالأصل و ثلاثة بالردّ،و للأب أربعة بالأصل و واحد بالردّ.

و لا خلاف في أصل الردّ هنا و سابقاً،و كونه فيه أخماساً،كما لا خلاف في اختصاصه هنا بمن عدا الاُمّ،بل على جميع ذلك الإجماع في عبائر جماعة (2)،و هو الحجة المؤيّدة بما مرّ من الأدلّة.

مضافاً في الأخير إلى فحوى الأدلّة الدالّة على حجب كلالة الأب للأُمّ عن الثلث،فإنّ حرمانها بهم من أصل الفريضة العليا يستلزم حرمانها بهم من الردّ بجهة القرابة بطريق أولى،سيّما مع تضمّن كثير من النصوص الدالّة على حرمانها بهم من فريضتها العليا التعليل له بحكمة التوفير على الأب، الموجودة هنا أيضاً.

و لعلّه إلى هذا نظر المقدّس الأردبيلي-(رحمه اللّه) في استدلاله لحجبها من الردّ بالكلالة بالآية الدالّة على حجبها بهم عن الفريضة الكاملة (3)،فتردّد صاحب الكفاية (4)فيه لا وجه له،بل ضعيف غايته؛ لما عرفته.

ص:281


1- لأنّ مخرج الكسر هنا 4،و الحاصل من ضرب 6 فيه 24،للبنت 12،و لكلٍّ من الأبوين 4،و المجموع 20،يبقى 4 و هو يردّ على الأب و البنت على حسب سهامهما،فللبنت 3،و للأب 1،فمجموع حصّة البنت:3+ 12 15،و مجموع حصة الأب:1+ 4 5.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:324،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:290،آيات الأحكام للفاضل الجواد 4:169 و 171.
3- مجمع الفائدة و البرهان 11:353.
4- الكفاية:295.

و به يذبّ عمّا اعترضه به أيضاً من منافاة الحرمان هنا لعموم الصحيحة السابقة في إبطال العَصَبَة؛ لارتفاع المنافاة بتخصيص عمومها بما إذا لم يكن ثمّة كلالة حاجبة.

و بالجملة لا شبهة في المسألة،كما لا شبهة عند الأكثر في كون الردّ أرباعاً؛ لما مضى قريباً من أنّ ذلك قضيّة الردّ على نسبة السهام،مع كونه الآن مشهوراً بين أصحابنا،بحيث لا يكاد يتحقق فيه مخالف منهم، و لم ينقل إلّا عن معين الدين المصري (1)،حيث ذهب إلى قسمة الردّ أخماساً هنا أيضاً،للأب منها سهمان،سهم الاُمّ و سهمه؛ لأنّ الإخوة يحجبون الاُمّ عن الزائد لمكان الأب،فيكون الزائد له (2).

و لعلّه نظر إلى مفهوم ما تقدّم من التعليل الوارد في الأخبار لحجب الاُمّ عن الثلث.

و هو غير بعيد؛ لاعتبار أسانيدها بالصحة في بعض،و القرب منها في آخر،مع حجية مفهوم التعليل،و أنّه يتعدّى به حيثما كانت العلّة موجودة، إلّا أنّ إطباق الفتاوى و اتفاقها على كون الردّ أرباعاً بحيث كاد أن يعدّ إجماعاً أوجب وهنه.

مع إمكان أن يقال:إنّ التعليل إنّما هو لحجب الاُمّ عن الزائد عن

ص:282


1- هو الشيخ الجليل معين الدين أبو الحسن سالم بن بدران بن علي بن سالم المازني المصري،من مشاهير علماء الإمامية و أجلّاء فقهائهم،أخذ الفقه عن محمّد بن إدريس الحلّي،و روى عن السيّد أبي المكارم ابن زهرة،و أخذ عنه الخواجة نصير الدين الطوسي،من مؤلّفاته:التحرير،الأنوار المضيئة،رسالة النيات،الاعتكافية.لم نظفر بتاريخ وفاته،إلّا أنّه كان حيّاً سنة 629 و مات قبل 672.أمل الآمل 2:999/324،رياض العلماء 2:408،أعيان الشيعة 7:172،طبقات أعلام الشيعة 3:71،الكنى و الألقاب 3:163،معجم المؤلّفين 4:202.
2- حكاه عنه في المختلف:753.

السدس،لا إعطائه بجميعه للأب،فمقتضى التعدّي به حينئذٍ إثبات أصل الحجب عنه،و نحن نقول به،كما قدّمناه،لا إعطاؤه كلّه للأب،و إن اتّفق ذلك في أكثر الصور،فإنّه ليس كالتعليل يتعدّى به من غير دليل.

و التوفير على الأب،المعلّل به الحجب لا يجب أن يكون بتمام الزائد؛ لصدقه بالتوفير بالبعض،لكنّه خلاف الظاهر المتبادر منه؛ لسبق التوفير بالجميع إلى الذهن،و لعلّه لذا احتمل هذا القول في الدروس (1)و لكن رجع عنه (2).

و لو كان مع الأبوين بنتان فصاعداً،فللأبوين السدسان بينهما نصفان و للبنتين أو البنات الثلثان بالسوية و لا ردّ في المقام؛ لأنّ الفريضة حينئذٍ بقدر السهام.

و لو كان معهما أي مع البنتين أو معهنّ أي البنات أحد الأبوين خاصّة كان له السدس مطلقاً أباً كان أو امّاً و لهما أو لهنّ الثلثان،و السدس الباقي عن سهامهم يردّ عليهم جميعاً أخماساً على نسبة السهام (3)،على الأشهر الأقوى،بل لعلّه عليه الآن كافّة أصحابنا؛ لما مضى قريباً.

خلافاً للمحكي عن الإسكافي (4)،فخص الردّ بالبنتين؛ لدخول

ص:283


1- الدروس 2:357.
2- اللمعة(الروضة البهيّة 8):97.
3- بيان ذلك:أنّ الفريضة هنا من 30 كمثال البنت و الأبوين،لأنّ مخرج السهام 6 و مخرج الكسر 5،و الحاصل من ضرب الأوّل في الثاني 30،فللبنات 20،و لأحد الأبوين 5،و الفاضل و هو 5 يردّ عليهم على حسب سهامهم،فللبنات 4،و لأحد الأبوين 1،فمجموع حصة البنات فرضاً و ردّاً:4+ 20 24،و مجموع حصة أحد الأبوين كذلك:1+ 5 6.
4- حكاه عنه في المختلف:750.

النقص عليهما،فيكون الفاضل لهما،و للموثق:في رجل مات و ترك ابنتيه و أباً،قال:«للأب السدس،و للابنتين الباقي» (1).

و يضعّف الأوّل:بأنّه مجرّد اعتبار لا دليل عليه،و على تقديره فإنّما يجب جبر النقص بذلك إذا لم يكن جبر بشيء آخر غيره،و الحال أنّه قد جبره الشارع به حيث جعل لهنّ فريضة عُليا خاصّة لا دنيا،فيكون النقص كالفريضة الدنيا لهنّ،فيساوين الأبوين من جميع الوجوه،فلا يصلح حجّة.

مع انتقاضه بالمعتبرة المستفيضة،الواردة في اجتماع أحد الأبوين مع البنت الواحدة؛ لتصريحها بردّ الفاضل عليهما بنسبة الفريضة،منها الصحيح:أقرأني أبو جعفر(عليه السّلام)صحيفة كتاب الفرائض إلى أنّ قال -:فوجدت فيها:«رجل ترك ابنته و أُمّه:للابنة النصف،ثلاثة أسهم،و للأُمّ السدس،يقسم المال على أربعة أسهم،فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة،و ما أصاب سهماً فللأُمّ» قال:و قرأت فيها:«رجل ترك ابنته و أباه،للابنة النصف ثلاثة أسهم،و للأب السدس،يقسم المال على أربعة أسهم،فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة،و ما أصاب سهماً فللأب» (2).

و الخبر:في رجل ترك ابنته و أُمّه:«أنّ الفريضة من أربعة؛ لأنّ للبنت النصف ثلاثة أسهم،و للأُمّ السدس سهم،و ما بقي سهمان فهما أحقّ بهما..بقدر سهامهما» (3).

ص:284


1- التهذيب 9:990/274،الوسائل 26:130 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 17 ح 7.
2- الكافي 7:1/93،الفقيه 4:668/192،التهذيب 9:982/270،الوسائل 26:128 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 17 ح 1.
3- التهذيب 9:988/273،الوسائل 26:130 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 17 ح 6.

و هذه العلّة موجودة في المسألة،فيتعدّى بها الحكم إليها،و يعارض بها الموثقة،و يرجّح عليها؛ لما هي عليه من المرجوحية بالشذوذ و الندرة، و في الدروس أنّها متروكة (1)،و فيه إيماء إلى انعقاد الإجماع على خلافها، بل ربما كان فيه عليه دلالة،و بالإجماع صرّح في التحرير،و في بعض المعتبرة:«أصل الفريضة من ستّة أسهم،لا تزيد و لا تعول عليها،ثم المال بعد ذلك لأهل السهام الذين ذكروا في الكتاب» (2)فتدبّر.

و لو كان مع البنت أو البنتين فصاعداً و الأبوين زوج أو زوجة، كان للزوج الربع مطلقا و للزوجة الثمن كذلك و للأبوين السدسان إن كانا معاً،و إلّا فلأحدهما السدس و الباقي للبنت أو البنات و حيث يفضل شيء عن الفريضة التي هي النصف و السدسان و الثمن في مثال المتن،و يختلف باختلاف الفروض التي فرضناها،و هي ما لو كان الوارث بنتين و أحد الأبوين و زوجة،أو بنتاً و أحدهما و زوجاً،أو زوجة يردّ الزائد عليها أي على البنت أو البنات و على الأبوين في الفرض الأوّل،أو أحدهما في الفرض الثاني أخماساً مع عدم الحاجب للاُمّ عن الثلث،أو أرباعاً حيث يناسب،فللبنت ثلاثة أخماس،و للأبوين خمسان إذا اجتمعا معاً معها،و إلّا فلأحدهما الربع،و لها الثلاثة الأرباع،و للبنتين أربعة أخماس،و الخمس الباقي لأحد الأبوين.

و لو كان معهما من يحجب الاُمّ رددناه أي الفاضل عن الفريضة على البنت و الأب خاصّة أرباعاً بنسبة سهامهم،و لا يردّ على الزوجين هنا إجماعاً؛ لاختصاصه بذوي القرابة بالكتاب و السنّة المستفيضة،بل المتواترة.

ص:285


1- الدروس 2:356.
2- الكافي 7:7/81،الوسائل 26:73 أبواب موجبات الإرث ب 6 ح 8.

مضافاً إلى صريح بعض المعتبرة:«و إن ترك الميت امّاً،أو أباً و امرأة و ابنة فإنّ الفريضة من أربعة و عشرين سهماً،للمرأة الثمن ثلاثة أسهم من أربعة و عشرين،و لأحد الأبوين السدس أربعة أسهم،و للابنة النصف اثنى عشر سهماً،و بقي خمسة أسهم،هي مردودة على سهام الابنة و أحد الأبوين على قدر سهامهما،و لا يردّ على المرأة شيء،و إن ترك أبوين و امرأة و بنتا فهي أيضاً من أربعة و عشرين سهماً،للأبوين السدسان ثمانية أسهم،لكل واحد منهما أربعة أسهم،و للمرأة الثمن ثلاثة أسهم،و للابنة النصف اثنى عشر سهماً،و بقي سهم واحد مردود على الابنة و الأبوين على قدر سهامهم،و لا يردّ على المرأة شيء،و إن ترك أباً و زوجاً و ابنة فللأب سهمان من اثني عشر سهماً،و هو السدس،و للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر و للابنة النصف ستّة أسهم من اثني عشر،و بقي سهم واحد مردود على الابنة و الأب بقدر سهامهما،و لا يردّ على الزوج شيء» (1)الحديث.

و اعلم أنّ جميع ما ذكر من الأحكام في هذه المرتبة غير ما أُشير إلى الخلاف فيه مجمع عليه بين الأصحاب،مستفاد من الكتاب و السنّة المشار إليهما في المقدّمات و صدر الكتاب،و مع ذلك فبخصوص كثير منها نصوص معتبرة،قد تقدّم إلى بعضها الإشارة،و لا فائدة مهمّة في نقلها جملة بعد وضوح مأخذها من الكتب المشهورة،في أبوابها المتفرّقة، كأبواب إبطال العول و العَصَبَة،و أبواب ميراث الولد خاصّة،و ميراث الأبوين كذلك،و ميراثه معهما خاصّة،و ميراثه معهما و مع الزوجة أو

ص:286


1- الكافي 7:3/97،الوسائل 26:132 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 18 ح 3.

المرأة،و ميراثهما مع أحدهما،و غير ذلك من الأبواب(المتعلقة بهذه المرتبة) (1).

و تلحقه أي الكلام في هذه المرتبة مسائل
الأُولى:أولاد الأولاد يقومون في الإرث مقام آبائهم عند عدمهم

و تلحقه أي الكلام في هذه المرتبة مسائل (2)الأُولى:أولاد الأولاد يقومون في الإرث مقام آبائهم عند عدمهم و عدم الأبوين و وارث آخر أقرب منهم،إجماعاً؛ للمعتبرة المستفيضة الآتية،و مقتضى كثير منها ثبوت ذلك و لو مع وجود الأبوين أو أحدهما،و هو الأقوى،كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.

و حيث يرثون يأخذ كلّ فريق منهم نصيب من يتقرب به إلى الميت،فلأولاد الابن الثلثان،و لأولاد البنت الثلث،كائناً من كانوا، ذكوراً كانوا أو إناثاً.

و يقتسمونه أي النصيب الذي حازوه اقتسام الأولاد للصلب للذّكر مثل حظّ الأُنثيين،أولاد ابن كانوا أو أولاد بنت إجماعاً في الأوّل و على الأشبه الأشهر في الثاني،بل عليه الإجماع في صريح التنقيح (3)و ظاهر الشرائع و غيره (4)،و هو الحجة.

مضافاً إلى كون أولاد الأولاد أولاداً إمّا حقيقة أو مجازاً راجحاً هنا، بقرينة الإجماع المحكي في كلام جماعة من الأصحاب (5)على أنّ الأولاد

ص:287


1- ما بين القوسين ليس في«ب» و«ر».
2- في«ب» زيادة:متعلّقة بهذه المرتبة.
3- في«ح» و نسخة في«ر»:الغنية.(الجوامع الفقهية):605.
4- التنقيح الرائع 4:164،الشرائع 4:25،و انظر المسالك 2:325،و مجمع الفائدة و البرهان 11:369.
5- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:325،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:290،و انظر الكفاية:296.

و مرادفاته من البنين و البنات و نحوهما هنا و في أكثر ما ورد في القرآن يشمل أولاد الأولاد أيضاً،كما في حجب الأبوين و الزوجين،و آية المحرّمات (1) و الاحتجاب في موضعين (2)،و غير ذلك،و يستفاد كون الشمول بعنوان الحقيقة من كثير من الروايات،و ربما ادّعي تواترها،فيدخل أولاد البنات في عموم يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [1] (3)كما يدخل أولاد البنين فيه بالإجماع.

خلافاً للقاضي،تبعاً للمحكي عن بعض القدماء،فقال:يقتسم أولاد البنات نصيبهم بالسوية مطلقاً؛ لتقرّبهم بالأُنثى (4).

و هو مع شذوذه منقوض بما اعترف به موافقاً للقوم في اقتسام أولاد الأُخت للأبوين و الأب بالتفاوت،مع مشاركتهم لأولاد البنت في إرث نصيب الاُمّ،هذا.

مع عدم دليل على اقتسام المتقرّبين بالأُنثى بالسوية بعنوان الكلّية، و مع ذلك معارض بالعموم المتقدّم إليه الإشارة؛ لما عرفت من شموله لأولاد البنت.

مع أنّ استدلاله بما ذكر ربما دل على اعترافه بالشمول لهم؛ إذ لولاه لأمكنه الاستدلال في ردّ التفاوت و إثبات المساواة بعدم دليل على الأوّل، و موافقة الثاني للأصل،كما ذكروه في أمثال الوصية و الوقف،و من هنا ينقدح تحقق الإجماع من الخصم أيضاً على ما ذكرناه من الشمول.

ص:288


1- النساء:23.
2- النور:31،الأحزاب:55.
3- النساء:11.
4- المهذب 2:133.

و حينئذٍ فلا ريب في كون الاقتسام بالتفاوت هو الأشبه،كما ذكره الماتن و الأكثر،بل عامّة من تأخّر.

و أمّا أخذ كل فريق نصيب من يتقرّب به فهو أيضاً الأشبه الأشهر،بل عليه عامّة من تأخّر،و في كنز العرفان انعقاد الإجماع عليه بعد المرتضى (1)،و في الغنية أنّ عليه إجماع الطائفة (2)،و هو الحجة.

مضافاً إلى ظواهر المعتبرة المستفيضة،منها الصحاح:«بنات البنات يقمن مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات،و لا وارث غيرهنّ،و بنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ولد،و لا وارث غيرهن» (3).

خلافاً للمرتضى و الحلي و معين الدين المصري (4)،فقالوا:يقتسمون تقاسم الأولاد للصلب من غير اعتبار من تقرّبوا به؛ لأنّهم أولاد حقيقية، فيدخلون في العموم المتقدّم.

و أُجيب بأجوبة أجودها ما ذكره شيخنا في المسالك و الروضة (5)، فقال بعد ذكر دليلهم-:و هذا كلّه حقّ لولا دلالة الأخبار الصحيحة على خلافه هنا،ثم ساقها،و قال بعدها:

فإن قيل:لا دلالة للروايات على المشهور؛ لأنّ قيامهنّ مقامهم ثابت على كل حال في أصل الإرث،و لا يلزم منه القيام في كيفيته و إن احتمله، و إذا قام الاحتمال لم يصلح لمعارضة الآية الدالّة بالقطع على أنّ للذّكر مثل

ص:289


1- كنز العرفان 2:328.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):607.
3- الوسائل 26:110،111 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 7 ح 3،4.
4- رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة:257 266،السرائر 3:236،257،و حكاه عن معين الدين المصري في المختلف:732.
5- المسالك 2:325،الروضة 8:104.

حظّ الأُنثيين.

قلنا:الظاهر من قيام الأولاد مقام الآباء و الأُمّهات تنزيلهم منزلتهم لو كانوا موجودين مطلقاً،و ذلك يدل على المطلوب،مضافاً إلى عمل الأكثر، انتهى.

و هو جيّد،يعضده بل يدل عليه أنّه لو كان المراد من المنزلة إثبات أصل التوارث لا الكيفيّة لاكتفى في النصوص بذكر أولاد الأولاد من دون تفصيل بين أولاد البنين و أولاد البنات في الذكر،فإنّه على ذلك مجرّد تطويل مستغنى عنه،لا طائل تحته،فيجلّ عن مثله كلام الإمام الذي هو إمام الكلام.

و يقوّي ذلك اتفاق الأخبار الواردة في المضمار على عدم ذكر أولاد الأولاد على الإجمال،بل هي ما بين مصرّحة بالتفصيل،كالصحاح المتقدّمة و غيرها ممّا يأتي إليه الإشارة،و مكتفٍ بأحد شقّيه،كالصحيح:«بنات البنات يرثن،إذا لم تكن بنات كنّ مقام البنات» (1).

و الموثق،بل الصحيح كما قيل (2):«ابن الابن يقوم مقام الابن» (3).

نعم في الخبر المنجبر ضعفه بصفوان و عمل الأكثر:«و لا يرث أحد من خلق اللّه تعالى مع الولد إلّا الأبوان و الزوج و الزوجة،فإن لم يكن ولد و كان ولد الولد ذكوراً كانوا أو إناثاً فإنّهم بمنزلة الولد،و ولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين،و ولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث

ص:290


1- الكافي 7:3/88،التهذيب 9:1138/317،الإستبصار 4:630/166،الوسائل 26:110 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 7 ح 1.
2- انظر المهذّب البارع 4:377.
3- الكافي 7:2/88،التهذيب 9:1139/317،الإستبصار 4:631/167،الوسائل 26:110 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 7 ح 2،و فيها:مقام أبيه.

البنات،و يحجبون الأبوين و الزوجين عن سهامهم الأكثر،و إن سفلوا ببطنين و ثلاثة و أكثر يرثون ما يرث الولد الصلب،و يحجبون ما يحجب ولد الصلب» (1).

و لكنّه كما ترى و إن أُجمل فيه أوّلاً ذكر أولاد الأولاد،لكنّه مفصّل ثانياً بين أولاد البنين و البنات،و مع ذلك هو ظاهر كالصريح بل صريح في أنّ المراد بالمنزلة ليس في خصوص أصل الإرث،بل هو مع الكيفيّة،و لذا قال:«يرثون ميراث البنين و البنات» و ما قال:يرثون كما يرثون،مع أنّ فيه لو قاله دلالة أيضاً،و إن لم يكن بتلك الظهور و الصراحة،فهذه الرواية أقوى دلالة من الأخبار السابقة.

و في الموثق:«ابنة الابن أقرب من ابن البنت» (2).

قال بعض الأفاضل:المراد بالأقربية فيه كثرة النصيب،لا استيراثه جميع التركة (3).

و عليه تكون الرواية لما اخترناه مؤيّدة،لكنّه حملها الشيخ بعد نقلها و نقل ما بمعناها،و دعوى إجماع الطائفة على خلافها على التقيّة (4).

و كيف كان لا شبهة في المسألة بعد الإجماع المنقول،و الأخبار المعتبرة الظاهرة و الصريحة،المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل لعلّه إجماع في الحقيقة،كما ذكره الناقل له (5).

ص:291


1- الكافي 7:3/97،التهذيب 9:1043/288،الوسائل 26:132 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 18 ح 3.
2- التهذيب 9:1143/318،الإستبصار 4:635/167،الوسائل 26:113 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 7 ح 8.
3- روضة المتقين 11:263،ملاذ الأخيار 15:308.
4- التهذيب 9:318،الاستبصار 4:167،168.
5- كنز العرفان 2:328.

و على القولين حيث يرثون يمنع الأقرب منهم إلى الميت الأبعد إجماعاً؛ لما مرّ في صدر الكتاب.

و أمّا الموثق:«بنات الابن يرثن مع البنات» (1)فشاذّ،مخالف للإجماع،محمول على التقية،كما ذكره شيخ الطائفة،قال:لأنّ في العامة من يذهب إلى ذلك (2).

و يتفرع على الخلاف مع المرتضى أنّه يردّ على ولد البنت ما يزيد عن سهمها خاصّة،و سهم الأبوين إن كانا كما يردّ على امّه ذكراً كان ولدها أو أُنثى على مذهب الأصحاب،و يخصّ ذلك على مذهبه بما إذا كان ولدها أُنثى.

و الفروعات كثيرة،لا يخفى تطبيق أحكامها على القولين على ذي فطنة.

و على القولين يشاركون أي أولاد الأولاد حيث قاموا مقام آبائهم الأبوين للميت و إن كانوا أبعد منهما كما يشاركهما الأولاد للصلب على الأصح الأقوى،بل عليه عامّة متأخّري أصحابنا،بل و متقدّميهم أيضاً،عدا الصدوق،حيث منع عن المشاركة،و جعل التركة للأبوين أو أحدهما خاصّة (3).

و هو شاذّ جدّاً،بل على خلافه الإجماع في الكافي في أوّل كتاب الفرائض (4)،و في الغنية و كنز العرفان و التنقيح حاكياً له عن الشيخ أيضاً (5)،

ص:292


1- التهذيب 9:1142/318،الإستبصار 4:634/167،الوسائل 26:112 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 7 ح 6.
2- التهذيب 9:318.
3- الفقيه 4:196.
4- الكافي 7:70.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):607،كنز العرفان 2:329،التنقيح 4:164،165.

و نفى عنه الخلاف في الانتصار،و ظاهر السرائر الإذعان به،حيث حكاه ساكتاً عليه،متلقّياً إيّاه بالقبول (1).

و مع ذلك مستنده غير واضح،عدا ما فهمه من الصحاح المتقدّمة من كون المراد من«و لا وارث غيرهنّ» هو الوالدان لا غير،و كونهما أقرب من الأولاد،فيمنعون بهما؛ لما مرّ من العمومات الدالّة على منع الأقرب الأبعد.

و يضعّف الأوّل:بأنّ المراد منه الأولاد للصلب لا الأبوان،كما ذكره الشيخ و غيره (2)،قال:و الذي يكشف عمّا ذكرناه ما رواه محمّد بن الحسن الصفار،عن إبراهيم بن هاشم،عن صفوان،عن خزيمة بن يقطين،عن عبد الرحمن بن الحجاج،عن أبي عبد اللّه(عليه السّلام)،قال:«ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن» قال:«و ابنة البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت» (3)انتهى.

و هو حسن،يعضده اتحاد الراوي له و للصحاح المتقدّمة،و قصور السند في هذا بالشهرة و العمل منجبر،و مع ذلك بصريح الخبر المتقدّم في البحث السابق معتضد،و هو في نفسه دليل مستقل بعد انجباره بما انجبر به هذا،و نحوه في الصراحة المرسلة المروية عن الطبرسي (4)-(رحمه اللّه) .و بهذه الأدلّة يظهر وجه الجواب عن الحجة الأخيرة؛ لوجوب تخصيصها بها؛ لأنّها خاصّة و تلك عامّة،و مع ذلك معتضدة بصريح الإجماعات المستفيضة المنقولة،فلا ريب في المسألة.

ص:293


1- السرائر 3:236.
2- التهذيب 9:317؛ و انظر إيضاح الفوائد 4:213.
3- التهذيب 9:1141/317،الوسائل 26:112 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 7 ح 5.
4- الاحتجاج:390،الوسائل 26:108 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 5 ذيل الحديث 14.
الثانية:حبوة ابن الميت الأكبر

الثانية:يحبى أي يعطي و يخصّ الولد الأكبر أي أكبر الذكور إن تعدّدوا،و إلّا فالذكر خاصّة،كما سيظهر بثياب بدن الميت المورّث له و خاتمه،و سيفه،و مصحفه بضرورة مذهبنا،و المعتبرة المستفيضة عن أئمتنا(عليهم السّلام)،ففي الصحيح:«إذا هلك الرجل و ترك بنين فللأكبر السيف،و الدرع،و الخاتم،و المصحف،فإن حدث به حدث فللأكبر منهم» (1).

و نحوه آخر:«إذا مات الرجل فلأكبر ولده سيفه،و مصحفه،و خاتمه، و درعه» (2).

و نحوهما ثالث،مبدلاً فيه الدرع بالكتب،و الرحل،و الراحلة، و الكسوة (3).

و في الموثق:«إذا ترك سيفاً أو سلاحاً فهو لابنه،فإن كانوا اثنين فهو لأكبرهما» (4)و نحوه آخر مبدلاً فيه السلاح بالثياب،ثياب جلده (5).

و في ثالث:«كم من إنسان له حقّ لا يعلم به» قلت:و ما ذاك أصلحك اللّه تعالى؟قال:«إنّ صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به،أمّا أنّه لم يكن بذهب و لا فضّة» قلت:فما كان؟قال:«كان علماً» قلت:فأيّهما

ص:294


1- الكافي 7:1/85،التهذيب 9:994/275،الإستبصار 4:538/144،الوسائل 26:98 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 3.
2- الكافي 7:3/86،التهذيب 9:996/275،الإستبصار 4:540/144،الوسائل 26:97 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 2.
3- الكافي 7:4/86،الفقيه 4:805/251،التهذيب 9:997/275،الإستبصار 4:541/144،الوسائل 26:97 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 1.
4- التهذيب 9:998/276،الإستبصار 4:542/144،الوسائل 26:98 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 6.
5- الفقيه 4:806/251،الوسائل 26:98 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 5.

أحقّ به؟قال:«الكبير،كذلك نقول نحن» (1).

و نحوه رابع،لكن من دون لفظة:حق و أحق،بل في ذيله بعد بيان العلم المكتوب فيه:فقال له حسين بن أسباط:فإلى من صار؟إلى أكبرهما؟قال:«نعم» (2).

و ظاهرهما كالصحيح الثالث دخول الكتب في الحبوة،و يمكن تعميم المصحف في غيرها لها.

لكنّه خلاف الظاهر؛ لتبادر القرآن المجيد منه،لا مطلق الكتب،مع منافاته أيضاً لظاهر عطف الكتب عليه في الصحيح المزبور،و مع ذلك مخالف للأصل،و ما عليه الأكثر.

و ظاهر هذه الأخبار كونه على سبيل الوجوب و الاستحقاق مجّاناً؛ للتعبير في كثير منها عن الإحباء باللام المفيدة للملك،أو الاختصاص،أو الاستحقاق،و في الموثق الثالث بصريح لفظة الأخير.

و لا ينافي الاستدلال به تضمّنه الكتب الغير المعمول به عند الأكثر، أمّا عند العامل به فظاهر،و أمّا عندهم فلكونه إخباراً عن الملّة السابقة، و لم يكن المصحف فيها،فيحتمل كون ذلك الكتاب المكنون بدلاً عنه.

و هو ظاهر المتن هنا و في الشرائع (3)و كثير من أصحابنا،و صريح جمع منهم (4)،و ادّعى الشهرة عليه جماعة بحدّ الاستفاضة (5)،و لا ريب

ص:295


1- التهذيب 9:1000/276،الإستبصار 4:543/144،الوسائل 26:99 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 8.
2- التهذيب 9:1001/276،الوسائل 26:99 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 9.
3- الشرائع 4:25.
4- السرائر 3:258،التحرير 2:164،كشف الرموز 2:451،التنقيح الرائع 4:168،الروضة البهية 8:108.
5- كالشهيد الأوّل في الدروس 2:362،و الشهيد الثاني في المسالك 2:325،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:329.

فيها،بل ادّعى الحلّي عليه الإجماع (1)،و هو حجة أُخرى مستقلّة.

خلافاً للإسكافي و المرتضى و الفاضل في المختلف (2)،فقالوا بأنّه على الاستحباب،و زاد الأوّلان احتسابها بالقيمة لا مجاناً؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل و نصّ الكتاب على موضع الوفاق.

و هو حسن إن كان المستند منحصراً فيه،و هو ممنوع؛ لأنّ الأخبار المتقدّمة مع استفاضتها،و اعتبار أسانيدها ظاهرة في الوجوب؛ لما مضى،و في كونه مجّاناً؛ للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة مع عدمه، و هو قبيح عندنا،كما تقرّر في محلّه مستوفى،مع أنّ الأصل براءة الذمّة عن القيمة جدّاً.

و لا ريب أنّ هذه الأدلّة بالإضافة إلى أدلّة الإرث خاصّة،فلتكن عليها مقدّمة.

و دعوى ضعف دلالتها ضعيفة جدّاً،أمّا أوّلاً:فلما مضى.

و أمّا ثانياً:فلاستناد الدلالة فيها إلى اللام و ما هو أظهر منها،و هي بعينها مستند الدلالة في أدلّة الإرث من الكتاب و السنّة أيضاً،فما هو الجواب فيها فهو الجواب هنا.

و الاقتصار في المسألة على مجرّد الوفاق دون الأخبار لا وجه له و لو قلنا بعدم حجية أخبار الآحاد؛ لكونها هنا محفوفة بالقرائن القطعية أو القريبة منها،و هي كونها متلقّاة بالقبول عند علمائنا.

و أمّا ما يقوّى به هذا القول من اختلاف الأخبار في مقدار ما يحبى

ص:296


1- السرائر 3:258.
2- حكاه عن الإسكافي في المختلف:732،المرتضى في الانتصار:299،المختلف:733.

به،كما مضى،مع عدم تضمّن شيء منها الأربعة المتفق عليها؛ لأنّ أشملها لها الصحيحان الأوّلان،و قد تضمّنا ثلاثة منها،و لم يتضمّنا الثياب،بل تضمّنا الدرع بدلها،و لم يقل به أحد.

فمحلّ نظر،أمّا أوّلاً:فلعدم دليل على كون الاختلاف أمارة للاستحباب،إلّا أن يبلغ درجة يحصل القطع به من جهتها،كما في أخبار البئر و نحوها،و لا بلوغ هنا إليها جدّاً.

و أمّا ثانياً:فلمنع عدم تضمّن الصحيحين للأربعة،و تضمّنهما للدرع الذي لا يقولون به؛ لابتنائهما على تعيّن كون المراد بالدرع فيهما درع الحديد لا الثوب و القميص،و هو في حيّز المنع؛ لظهور اشتراكه بينهما لغةً،و وروده بالمعنى الأخير في الأخبار كثيراً،فإرادته محتمل،و معه لا يمكن دعوى الأمرين جدّاً،فيكون الصحيحان حينئذٍ سالمين عن القدح بالتضمّن لما لا يقول به أحد،و قد تضمّنا الثلاثة قطعاً،و يلحق بها الرابعة بعدم القول بالفرق بينهما في أصحابنا،و تخرج الأحاديث المتضمّنة لها شاهدة و إن سلّمنا عدم حجيتها لتضمّنها نحو السلاح و غيره ممّا لم نكن به قائلاً،هذا.

و يمكن تعيين الدرع بالمعنى الثاني و ترجيحه بفهم الأصحاب،حيث عبّروا عنه بعد الثلاثة في كلامهم بالثياب،و لا سيّما الشيخ في النهاية (1)؛ لفتواه فيها بعين متون الأخبار غالباً،و لا خبر يتضمّن ما ذكره كما ذكره جميعاً،على تقدير أن لا يكون المراد من الدرع في الصحيحين ما ذكرنا، و إذا ثبت بذلك دلالتهما على القميص الحق به باقي الكسوة بالإجماع

ص:297


1- النهاية:633.

و الشواهد المتقدّمة،و حينئذٍ فيكونان متضمّنين للأربعة جميعاً و لو بضميمة،فتأمّل جدّاً.

و لئن سلّمنا عدم تضمّنهما إلّا للثلاثة،و تضمّنهما ما لا يقول به أحد من الطائفة،نقول:لا يوجب ذلك خروجهما عن الحجية بعد ما تمهّد في محلّه و مرّ غير مرّة من عدم اشتراط تطابق كلّ من الأدلّة الشرعية للمدّعى كلّيّةً،و أنّه يثبت بعضه ببعضها و آخر بباقيها،و عدم قدح تضمّن الخبر لما لا يعمل به في حجيته.

و بهذا يمكن الذبّ عن الاختلاف فيما عدا الصحيحين؛ لأنّه إنّما هو يتضمّن بعضه بعضاً من الأربعة و آخر منه ما لا يقول به أحد من الطائفة؛ لاندفاع الأوّل بثبوت ما لم يتضمّنه من باقي الأربعة بحجة اخرى خارجة من إجماع أو رواية،و الثاني بأنّه من قبيل العام المخصّص،فيكون في الباقي حجّة.

و بهذا يمكن أن يقال بوجود رواية متضمّنة لمجموع الأربعة،و هي الصحيحة الثالثة،و غايتها تضمّنها الكتب و الرحل و الراحلة زيادة على الأربعة،و هو غير ضائر؛ لما عرفته من عدم خروجها بذلك عن الحجية.

هذا على تقدير عدم القول بهذه الثلاثة.

و أمّا على القول بها أيضاً كما هو ظاهر الفقيه (1)حيث رواها فيه، مع التزامه أن لا يروي فيه إلّا ما يعمل به فلا إشكال من أصله.

و لا بعد في المصير إليه بعد صحة مستنده،لولا ما في صريح الروضة و ظاهر غيرها (2)من إعراض الأصحاب عنها و اقتصارهم على الأربعة،مؤذناً

ص:298


1- الفقيه 4:251.
2- الروضة 8:110؛ و انظر التنقيح 4:168.

بدعوى الإجماع عليه.

و نحوه الكلام فيما صار إليه الإسكافي (1)من إلحاق السلاح بها،لكن المصير إليه هنا أضعف منه فيما مضى؛ لقصور مستند هذا عن الصحة بالموثقية،دونه؛ لكونه كما عرفت صحيحاً.

و هل يختص الحباء وجوباً أو استحباباً،بالقيمة أو مجّاناً بما إذا خلف الميت مالاً غير ذلك أي غير ما يحبى به،كما هو صريح الشيخين و ابن حمزة و الماتن هنا و في الشرائع (2)،و عزاه في الدروس إلى الحلّي (3)،و في المسالك إلى المشهور (4)،أم يعمّه و ما إذا لم يخلف؟ وجهان،بل قولان،ظاهر إطلاق النصوص مع الثاني،و الأصل مع اختصاص الإطلاق بحكم التبادر بالصورة الأُولى؛ لكونها الغالبة فيه جدّاً مع الأوّل،و هو الأقوى،سيّما مع الاعتضاد بالشهرة،و بما علّل به من استلزام الثاني الإجحاف و الإضرار بالورثة،و هما منفيّان في الشريعة.

و عليه ففي اشتراط كون الغير كثيراً بحيث يعادل نصيب كل من الورثة مقدار الحبوة،أو نصيب الكلّ مقدارها،أو عدمه مطلقاً،و كفاية ما قلّ منه و لو كان درهماً و هي تساوي دنانير،أوجه،مقتضى الأدلّة الدالّة على اعتباره و لا سيّما التعليل الأوّل.

قيل:و عليه ينبغي اعتبار نصيب الولد المساوي له في الذكورية،أمّا

ص:299


1- حكاه عنه في المختلف:732.
2- المفيد في المقنعة:684،الطوسي في النهاية:634،ابن حمزة في الوسيلة:387،الشرائع 4:25.
3- الدروس 2:362،و هو في السرائر 3:258.
4- المسالك 2:326.

غيره فلا؛ لعدم المناسبة،سيّما الزوجة (1).

و اعلم أنّه لو كان الأكبر بنتاً أخذه أي المال المحبوّ به الأكبر من الذكور بلا خلاف،بل عليه الوفاق في المسالك (2)،و هو الحجة.

مضافاً إلى إناطة الحبوة في أكثر النصوص المتقدّمة بالأكبر من الذكور،أو بالذكر أعم من أن يكون هناك أُنثى أكبر منه أم لا،مع أنّه وقع التصريح به في بعضها،و هو الصحيح:«فإن كان الأكبر بنتاً فللأكبر من الذكور» (3).

و مقتضاه كغيره إطلاقاً ثبوت الحبوة بين المتعدّد من أكبر الذكور، فيقسم بينهم بالسوية،و حكي التصريح به عن الشيخ في المبسوط و جماعة (4)،و لعلّه المشهور.

خلافاً لابن حمزة (5)،فاشترط في ثبوتها للأكبر فقد آخر في سنّه، و أسقطها مع وجوده.و لعلّه نظر إلى تبادر الواحد من الأكبر دون المتعدّد.

و هو غير بعيد لولا اشتهار خلافه،سيّما مع ندرة اتفاق المتعدّدين من أولاد رجل واحد في سنّ واحد،بحيث لا يزيد سنّ أحدهما عن الآخر بساعة و لا ينقص،كما هو واضح.

و ممّا ذكرنا يظهر الاتفاق على إحباء الذكر الواحد مع غيره من الورثة

ص:300


1- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:326.
2- المسالك 2:326.
3- الكافي 7:4/86،الفقيه 4:805/251،التهذيب 9:997/275،الإستبصار 4:541/144،الوسائل 26:97 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 3 ح 1.
4- المبسوط 4:126؛ و انظر الجامع للشرائع:509،و القواعد 2:171،و الكفاية:297 حكاه عن الجماعة الشهيد الثاني في المسالك 2:326.
5- الوسيلة:387.

الغير الذكور أيضاً،و إن اقتضى أفعل التفضيل فيما مرّ من النص وجود مشارك له في أصل الفعل،فيشكل مع الاتحاد،لكن الاتفاق المعتضد ببعض المعتبرة المتقدّمة المصرّح بأنّه لابنه،و أنّه إن كانوا أكثر فهو لأكبرهم يدفعه.

و في اشتراط بلوغه قولان،من إطلاق النصوص المتقدّمة و من أنّه يجب عليه أن يقضي عنه ما ترك من صلاة و صيام في مقابلة الحبوة،و لا يكلّف به إلّا البالغ.

و الأصح الأوّل؛ لمنع كون القضاء في مقابلتها،و إن اشترطه في ثبوتها بعض أصحابنا،كابن حمزة (1)؛ لعدم الملازمة بينهما،مع خلوّ نصوص الجانبين عن بيانها.

و شرط بعض الأصحاب في ثبوتها أن لا يكون المحبوّ سفيهاً،و لا فاسد الرأي أي مخالفاً في المذهب،ذكر ذلك الحلي و ابن حمزة (2).

و حجتهما عليه غير واضحة،مع كون النصوص مطلقة،فالأصح عدم الاشتراط،و إن نسبه في الشرائع إلى قول مشهور (3).

قيل:و يمكن اعتبار الثاني من حيث إنّ المخالف لا يرى استحقاقها، فيجوز إلزامه بمذهبه،كما جاء في منعه عن الإرث أو بعضه،حيث يقول به إدانة له بمعتقده (4)،انتهى.

ص:301


1- الوسيلة:387.
2- السرائر 3:258،الوسيلة:387.
3- الشرائع 4:25.
4- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:326.

و هو حسن،إلّا أنّه ليس من باب الشرطية،فتدبّر،و لذا لم يشترط أحد في إبطال العول و العصبة عدم فساد الرأي،و إنّما حكموا به مطلقاً،مع تصريحهم كجملة من الأخبار بجواز إدانة المخالف بمعتقده فيهما.

و اشترط جماعة من الأصحاب في ثبوتها خلوّ الميت عن دين مستغرق للتركة (1).

و فيه بل في اشتراط خلوّه عن مطلق الدين إشكال،وفاقاً لشيخنا في الروضة (2):من انتفاء الإرث على تقدير الاستغراق،و توزيع الدين على جميع التركة؛ لعدم الترجيح،فيخصّها منه شيء و تبطل بنسبته.

و من إطلاق النص،و القول بانتقال التركة إلى الوارث و إن لزم المحبوّ ما قابلها من الدين إن أراد فكّها.

و يلزم على المنع من مقابل الدين إن لم يفكّه المنع من مقابل الوصية النافذة إذا لم تكن بعين مخصوصة خارجة عنها،و من مقابل الكفن الواجب و ما في معناه؛ لعين ما ذكر،و يُبَعَّد ذلك بإطلاق النص و الفتوى بثبوتها،مع عدم انفكاك الميت عن ذلك غالباً،و عن الكفن حتماً.

و الموافق للأُصول الشرعية البطلان في مقابلة ذلك كلّه إن لم يفكّ المحبوّ بما يخصّه؛ لأنّ الحبوة نوع من الإرث و اختصاص فيه،و الدين و الوصية و الكفن و نحوها تخرج من جميع التركة،و نسبة الورثة إليه على السواء.

نعم لو كانت الوصية بعين من أعيان التركة خارجة عن الحبوة

ص:302


1- منهم الشهيد الأوّل في الدروس 2:263،و الشهيد الثاني في المسالك 2:326،و السبزواري في الكفاية:297.
2- الروضة 8:114.

فلا منع،كما لو كانت تلك العين معدومة.

و لو كانت الوصية ببعض الحبوة اعتبرت من الثلث،كغيرها من ضروب الإرث،إلّا أنّها تتوقف على إجازة المحبوّ خاصّة.

و يفهم من الدروس (1)أنّ الدين غير المستغرق غير مانع؛ لتخصيصه المنع بالمستغرق،و استقرب ثبوتها حينئذٍ لو قضى الورثة الدين من غير التركة؛ لثبوت الإرث حينئذٍ،و يلزم مثله في غير المستغرق بطريق أولى.

و كذا الحكم لو تبرّع متبرّع بقضاء الدين،أو أبرأه المدين.

مع احتمال انتفائها حينئذٍ مطلقاً؛ لبطلانها حين الوفاة بسبب الدين.

و فيه:أنّه بطلان مراعى،لا مطلقاً.

الثالثة:لا يرث مع الأبوين و لا مع الأولاد جدّ و لا جدّة

الثالثة:لا يرث مع الأبوين و لا مع الأولاد و إن نزلوا جدّ مطلقاً و لا جدّة كذلك و لا أحد من ذوي القرابة (2) بلا خلاف أجده إلّا من الصدوق (3)،حيث شرك الجدّ من الأب معه،و الجدّ من الاُمّ معها، و شرك الجدّ مطلقاً مع أولاد الأولاد.

و من الإسكافي (4)،حيث شرك الجدّين و الجدّتين مع البنت و الأبوين.

و هما شاذّان،بل على خلافهما الآن انعقد الإجماع،و به صرّح السيّد في الناصريات (5)في الردّ على الأوّل في تشريكه الجدّ مع ولد الولد، و الفاضل المقداد في التنقيح (6)في الردّ على الثاني،و هو الحجة.

ص:303


1- الدروس 2:263.
2- في«ر» زيادة:كالأعمام و الأخوال و الخالة و العمّة.
3- الفقيه 4:208.
4- حكاه عنه في المختلف:751.
5- الناصريات(الجوامع الفقهية):221.
6- التنقيح 4:170.

مضافاً إلى الأدلّة من الكتاب و السنّة،الدالّة على منع الأقرب الأبعد، و على فريضة الأبوين مع الولد،و لا معه؛ لظهورها في انقسام التركة بينهما و بينه خاصّة على التقدير الأوّل،و بينهما خاصّة على التقدير الثاني مطلقاً، من دون تقييد في شيء منها بما إذا لم يكن هناك جدّ؛ إذ لا إشارة إليه أصلاً،و المراد بالأبوين فيها هو الأب و الأمّ بغير واسطة،بغير خلاف،حتى من الصدوق و الإسكافي؛ لأنّ السدس و الثلثين مثلاً ليسا للأب و الأجداد، و كذا السدس و الثلث ليسا للاُمّ و الجدّات (1)وجوباً،بل و لا استحباباً في كثير (2)من الأفراد.

مع أنّ النصوص الآتية (3)في الطعمة الدالّة على أنّ اللّه تعالى لم يفرض للجدّ شيئاً،و إنّما جعل له رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)سهماً فأجاز اللّه تعالى ذلك له دالّة عليه.

و من هنا ينقدح وجه الاستدلال على ردّهما بالصحاح الدالّة على أنّه لا يجتمع مع الأبوين و الولد غير الزوج و الزوجة (4).

مضافاً إلى الأدلّة الدالّة على أنّ الأجداد و الجدّات في مرتبة الإخوة، لا يرثون إلّا حيث يرثون (5)،و لا ريب و لا خلاف أنّ الإخوة لا يرثون مع الأبوين،و لا مع الأولاد و إن نزلوا شيئاً،فليكن الأجداد كذلك.

مع أنّ خصوص المعتبرة بذلك ناطقة،ففي الصحيح:امرأة ماتت، و تركت زوجها،و أبويها،و جدّها،أو جدّتها،كيف يقسم ميراثها؟

ص:304


1- في«ح» و«ر» زيادة:لا.
2- في«ب»:بعض.
3- في ص:305،303.
4- الوسائل 26:103 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 5.
5- الوسائل 26:164 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6.

فوقّع(عليه السّلام):«للزوج النصف،و ما بقي للأبوين» (1).

و في القريب منه:عن امرأة مملّكة،لم يدخل بها زوجها،ماتت و تركت أُمّها،و أخوين لها من أبيها و أُمّها،و جدّها أبا أُمّها،و زوجها؟قال:

«يعطى الزوج النصف،و يعطى الأُمّ الباقي،و لا يعطى الجدّ شيئاً؛ لأنّ ابنته حجبته عن الميراث،و لا يعطى الإخوة شيئاً» (2).

و في آخر مثله:عن رجل مات،و ترك أباه و عمّه و جدّه؟قال:فقال:

«حجب الأب الجدّ الميراث،و ليس للعمّ و لا للجدّ شيء» (3).

و بالجملة لا ريب في المسألة،سيّما مع عدم وضوح حجّة على قولي الصدوق و الإسكافي و لا أمارة،عدا ما يستدل للثاني أوّلاً:بمشاركة الأجداد للأبوين في التسمية التي أخذوا بها الميراث الذي عيّن لهم،و هي الأُبوة.

و ثانياً:ببعض أخبار الطعمة الآتية.

و المناقشة فيهما واضحة،أمّا الأوّل:فبعد ما عرفته؛ مضافاً إلى منع المشاركة في التسمية عرفاً و لغةً؛ لأنّ الجدّ لا يدخل في اسم الأب حقيقة، بدليل صحّة السلب،بل مجازاً،و كذا الجدّة بالنسبة إلى الأُمّ.

و أمّا الثاني:فلأنّ ذلك محمول على إعطاء الجدّ و الجدّة طعمة،كما سيأتي التصريح به في الأخبار؛ مضافاً إلى ما مرّ من صريح الآثار المعتضدة بعمل كافّة الأصحاب.

ص:305


1- التهذيب 9:1113/310،الإستبصار 4:610/161،الوسائل 26:135 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 19 ح 4.
2- الكافي 7:8/113،التهذيب 9:1111/310،الإستبصار 4:608/161،الوسائل 26:134 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 19 ح 2.
3- الكافي 7:9/114،التهذيب 9:1112/310،الإستبصار 4:609/161،الوسائل 26:135 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 19 ح 3.

و أمّا الصحيح:عن بنات الابنة و الجدّ؟فقال:«للجدّ السدس، و الباقي لبنات الابنة» (1)فغير صريح فيما ذهب إليه الصدوق من مشاركة الجدّ مع أولاد الأولاد،و لا يمكن الاستناد إليه له.

أمّا أوّلاً:فلعدم تصريح فيه بكون الجدّ المشارك لبنات البنت جدّ الميت،فيحتمل كونه جدّ البنات أب الميت،فيصح ما فيه من المشاركة، و لكن يبقى حكم الردّ فيه غير مذكور،و لا بأس به،لاستفادته من غيره من الأخبار.

و أمّا ثانياً:فلأخصّيته من المدّعى،و إن أمكن تطبيقه له،إلّا أنّ ذلك لا يدفع المرجوحيّة الثابتة له بذلك،المعتبر مثله في مقام التعارض جدّاً.

و أما ثالثاً:فلعدم معارضته لما قدّمناه من الأدلّة الدالّة على أنّ الجدّ بمنزلة الأخ،فلا يرث مع ولد الولد،كما لا يرث الأخ معه.

و أمّا رابعاً:فلنقل الشيخ عن ابن فضال دعوى إجماع الطائفة على ترك العمل به (2)،مع احتماله الحمل على التقية،كما صرّح به جماعة (3).

و أمّا خامساً:فبمعارضته لما دلّ على أنّ أولاد الأولاد بمنزلة الأولاد، و من أحكامهم حجبهم الأجداد عن الميراث إجماعاً،فيثبت لأولادهم ذلك أيضاً؛ التفاتاً إلى عموم المنزلة،مع وقوع التصريح به في بعض ما دلّ عليه،فإنّ فيه بعد بيانه:«يرثون ما يرث ولد الصلب،و يحجبون ما يحجب ولد الصلب» (4).

ص:306


1- الفقيه 4:682/205،الوسائل 26:113 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 7 ح 10.
2- التهذيب 9:315.
3- الوسائل 26:114،روضة المتقين 11:285.
4- الكافي 7:3/97،التهذيب 9:1043/288،الوسائل 26:132 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 18 ح 3.

و لا ريب أنّ هذه الأدلّة أرجح من تلك الصحيحة من وجوه عديدة، فالقول بظاهرها على تقدير تسليمه ضعيف غايته،كقول الإسكافي.

لكن يستحب للأب أن يطعم أباه جدّ الميت و أُمّه جدّته السدس من أصل التركة يقتسمانه بينهما بالسوية إذا حصل له الثلثان فما زاد و كذا يستحب أن تطعم الأُمّ أباها جدّ الميت و أُمّها جدّته النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد بلا خلاف فيه في الجملة؛ للمعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح:«أنّ رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)أطعم الجدّة أُمّ الأب السدس،و ابنها حيّ،و أطعم الجدّة أُمّ الأُمّ،و ابنتها حيّة» (1).

و نحوه صحيحان آخران (2)،لكن من دون ذكر جدّة الأب فيهما،بل اقتصر في أحدهما بذكر الجدّة مطلقاً،من دون إضافة الأب أو الأُمّ.

و في رابع:إنّ ابنتي هلكت،و أُمّي حيّة،فقال أبان:لا،ليس لأُمّك شيء،فقال أبو عبد اللّه(عليه السّلام):«سبحان اللّه،أعطها السدس» (3).

و في الموثق (4)و غيره (5)من المعتبرة القريبة من الصحيح:أنّ رسول

ص:307


1- الفقيه 4:680/204،التهذيب 9:1118/311،الإستبصار 4:616/162،الوسائل 26:139 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 9.
2- الأول في:الكافي 7:12/114،الوسائل 26:136 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 1. و الآخر في:الكافي 7:11/114،التهذيب 9:1115/311،الإستبصار 4:614/162،الوسائل 26:137 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 2.
3- الكافي 7:15/114،الفقيه 4:681/204 بتفاوت،التهذيب 9:1114/310،الإستبصار 4:613/162،الوسائل 26:138 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 6.
4- الكافي 7:13/114،الفقيه 4:683/205،التهذيب 9:1116/311،الوسائل 26:137 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 3.
5- الكافي 7:14/114،التهذيب 9:1117/311،الإستبصار 4:615/162،الوسائل 26:137 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 4.

اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)أطعم الجدّة السدس،و لم يفرض لها شيئاً،كما في الأوّل،و في غيره:أطعمها طعمة.

و ظاهر الجميع عدا الصحيح الأخير كون إعطاء السدس لا على جهة الميراث،بل على سبيل الطعمة التي هي في اللغة بمعنى الهبة،و هي غير الإرث بلا شبهة،و عليها يحمل الصحيحة الرابعة و غيرها،ممّا يأتي إليه الإشارة.

و حيث تعيّن كونه طعمة لا إرثاً،ظهر كونه على الاستحباب لا الإيجاب؛ لعدم قائل بوجوبها،مع منافاته لما تقدّم من الأخبار المصرّحة بعدم شيء للأجداد مع الأبوين و الزوج،أو أحدهما.

و صريح الصحيحين الأوّلين عدم اختصاص الطعمة بأُمّ الأب،و ثبوتها أيضاً لأُمّ الأُمّ.

خلافاً للمحكي في المختلف و التنقيح عن الحلبي (1)،فخصّها بالأُولى.

و حجته عليه غير واضحة،سيّما في مقابلة الصحيحين و غيرهما من الأخبار،منها:«الجدّة لها السدس مع ابنها و مع ابنتها» (2)و منها:في أبوين و جدّة لاُمّ،قال:«للاُمّ السدس،و للجدّة السدس،و ما بقي و هو الثلثان للأب» (3).

و هذه النصوص و إن اختصّت بذكر الجدّة خاصّة،إلّا أنّه لا قائل

ص:308


1- المختلف:753،التنقيح 4:172،و هو في الكافي في الفقه:378.
2- الفقيه 4:685/205،التهذيب 9:1120/312،الإستبصار 4:618/163،الوسائل 26:140 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 11.
3- الفقيه 4:684/205،التهذيب 9:1119/312،الإستبصار 4:617/163،الوسائل 26:140 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 10.

بالفرق بينها و بين الجدّ في استحباب الطعمة له،و هو كافٍ في التعدية.

مضافاً إلى ثبوتها بالأولوية،و كثير من النصوص المصرحة بالجدّ أيضاً، منها المرسلة المروية في الكافي،قال فيه:و قد روي أنّ رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله) أطعم الجدّ و الجدّة السدس (1).

و منها النصوص المروية في التهذيب و بصائر الدرجات،الدالّة على أنّ اللّه تعالى لم يذكر الجدّ،و لم يفرض له فرضاً،و إنّما جعل له رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)سهماً،كما في بعض (2)،أو أطعمه سهماً،كما في آخر (3)،أو أطعم،من دون ذكر السهم،كما في ثالث (4)،فأجاز اللّه تعالى له ذلك.

و قصور الأسانيد أو ضعفها مجبور بعمل الطائفة،و الأولوية المتقدّمة، فما يوجد في كلام بعض (5)من الطعن على الأصحاب في إلحاقهم الجدّ بالجدّة لا وجه له،بل ضعيف غايته.

و السدس في هذه الأخبار و إن كان مطلقاً غير مبيّن فيه أنّه من الأصل أو من نصيب المُطعِم،إلّا أنّ الظاهر منه كما فهمه الأصحاب هو الأوّل.

ص:309


1- الكافي 7:10/114،الوسائل 26:136 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 19 ح 5.
2- التهذيب 9:1417/397،الوسائل 26:140 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 13.
3- بصائر الدرجات:3/398،الوسائل 26:142 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 16.
4- بصائر الدرجات:13/401،الوسائل 26:142 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 20 ح 17.
5- انظر المفاتيح 3:302،303.

خلافاً للمحكي عن الإسكافي (1)،فالثاني.و لا دليل عليه سوى الأصل الغير المعارض لما مرّ من الظهور المعتضد بفهم الأكثر.مع أنّ الخبر الأخير في الردّ على الحلبي صريح في ردّه؛ لتصريحه بالثلثين في مقابلة السدسين.

و اعلم أنّ ما ذكره الماتن هنا من تقييد الحكم بما إذا زاد نصيب المُطعِم بقدر السدس فما زاد شيء لم يذكره أحد من الأصحاب عدا الشهيد في اللمعة و الدروس (2)،و إنّما المشهور كما في المختلف و المسالك و غيرهما (3)تقييده بما إذا زاد نصيبه عن السدس و لو بما دونه.

و تظهر الفائدة في اجتماع الأبوين مع البنت،أو أحدهما مع البنات، فإنّه على القول الأوّل لا يفضل لهما سدس،فلا يستحبّ الطعمة،و على الثاني يزيد نصيبهما عن السدس،فيستحب.

و ليس في شيء من النصوص ما يدل على شيء منهما صريحاً، و لكن يمكن الاستناد إليها لكلّ منهما،مع تأيّد الأوّل بالأصل و الاعتبار، و الثاني بقاعدة التسامح في أدلّة السنن،و لعلّ هذا أجود،سيّما مع التأيّد بكونه الأشهر.

و ربما قيل باستحباب أقل الأمرين من الزائد عن السدس و منه (4).

و لا دليل عليه عدا ضمّ الاعتبار مع الأخبار،و هو ضعيف جدّاً؛ لاتفاق الأخبار على السدس خاصّة،من دون نقيصة.

ص:310


1- حكاه عنه في المختلف:751.
2- اللمعة(الروضة البهية 8):122،الدروس 2:367.
3- المختلف:751،المسالك 2:326؛ و انظر الكفاية:297.
4- قواعد الأحكام 2:170.

و يستفاد من تغيير الماتن التعبير عن السدس في طرف الاُمّ بنصف الثلث فما زاد استحباب طعمتها لأبيها و (1)أُمّها السدس و ما زاد إن حصل بالردّ،بخلاف الأب،فطعمته لأبويه السدس خاصّة من دون زيادة.

و هو شيء لم يقم عليه في الأخبار دلالة،و لم يذكره أحد من الطائفة فيما أعلمه،و لعلّ ذلك منه مسامحة في التعبير،لا التنبيه على ما مرّ إليه الإشارة.

و لو حصل لأحدهما أي أحد الأبوين نصيبه الأعلى من الثلث فما زاد في الأُمّ،و الثلثين في الأب على مختار الماتن،و الزائد على السدس على مختار الأكثر دون الآخر استحب له طعمة الجدّ و الجدّة بالسدس دون صاحبه الذي لم يحصل له نصيبه الأعلى،أو الزائد عن السدس، فلو كانت الأُمّ محجوبة بالإخوة فالمستحب إطعام الأب خاصّة،و لو كان معهما زوج من غير حاجب فالمستحب لها خاصّة،بلا خلاف أجده؛ للأصل،مع اختصاص الأخبار المتقدّمة بحكم التبادر و الاعتبار بما إذا كان هناك للمطعم عن نصيبه زيادة سدساً أو غيره،و ليس في إطلاق ما دل منها على أنّه(صلّى اللّه عليه و آله)أطعم الجدّة السدس،منافاة لذلك؛ لأنّه قضية في واقعة،فلا تعم،بل تحتمل الاختصاص بما ذكرناه،سيّما بعد تصريح جملة منها صحيحة بأنّه أطعمها مع ابنها أو ابنتها،و المتبادر منه إطعامه إيّاها مع اجتماعها معهما خاصّة،أو مع أحدهما كذلك،و الظاهر أنّ فعله(صلّى اللّه عليه و آله)ذلك إنّما هو في قضية واحدة (2) فتكون هذه الأخبار مبيّنة لتلك الأخبار المجملة؛ لبيانها نصيب كلّ من الأبوين على ما فيها بحكم التبادر الذي مضى زائداً عن السدس،بل نصيبهما الأعلى،بل فصاعداً أيضاً إن كان

ص:311


1- في«ب» و«ر»:أو.
2- في«ب»:قضيّة في واقعة.

اجتماع الجدّة فيها مع أحدهما خاصّة.

و من هنا يتّجه ما ذكره الأصحاب من أنّه لا طعمة لأحد الأجداد إلّا مع وجود من يتقرب به من أب أو أُمّ،فلا يستحب للأولاد طعمة، و ذلك للأصل،مع اختصاص النصوص المفصّلة المبيّنة لفعله الذي هو الأصل في استحباب الطعمة بإطعامه الجدّة مع حياة ابنها أو ابنتها،و عليه يحمل بعض الأخبار المبيّنة لفعله مجملاً،كما نظيره قد مضى،و لعلّه إلى هذا نظر الشيخ (1)في استدلاله للحكم هنا بتلك الأخبار المفصّلة قاصداً به دفع المقتضي لعموم استحباب الطعمة،و إلّا فليس فيها دلالة على التخصيص،كما ذكره معترضاً عليه في الكفاية (2)،هذا.

و ربما يظهر من التنقيح الإجماع في المسألة،فإنّه قال:يدل على استحباب الطعمة قوله تعالى وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ [1] (3)و هذا و إن كان عامّاً في طرفي المُطعِم و المُطعَم،لكن إجماع الأصحاب و الروايات خصّاه بالمسألة المذكورة (4).

و أشار بها إلى مسألة الطعمة للأبوين خاصّة المذكورة في العبارة و نحوها من عبائر الجماعة.

و اعلم أنّ مقتضى الأصل الذي مهّدناه في هاتين المسألتين لنفي الطعمة اختصاصها في كلّ من الأبوين بما إذا كان له جدّ واحد أو جدّة، دون ما إذا كانا له معاً؛ لعدم ظهور الأخبار إلّا في الصورة الأُولى خاصّة، فيتمسّك في نفي الطعمة في الثانية إلى الأصل،لكن عدم القائل بالفرق بين

ص:312


1- التهذيب 9:311.
2- الكفاية:297.
3- النساء:8.
4- التنقيح الرائع 4:172.

الصورتين كافٍ في ثبوتها فيها،مع قوّة احتمال ثبوتها فيها بطريق أولى، لكن مقتضاها كالإجماع استحباب السدس لهما،و حيث لا مرجّح لأحدهما في الاختصاص بالسدس يقسم بالسوية بينهما،و لا زيادة عن السدس لهما قطعاً؛ إذ نحن في ويل و عويل في إثبات أصل السدس لهما،فكيف لنا إثبات الزائد عنه أيضاً؟!

الرابعة:شروط حجب الإخوة الأم عن كمال نصيبها
الأوّل:أن يكونوا أخوين فصاعداً أو أخاً و أُختين،أو أربع أخوات فما زاد

الرابعة: الولد الحاجب لكلّ من الاُمّ و الزوجين عن كمال نصيبه يشمل ولد الولد و إن نزل،إجماعاً،كما مرّ (1).

قيل:لإطلاق لفظ الولد عليه عرفاً،فيدخل في ظاهر اللفظ (2).و فيه نظر.

و لخصوص النص:«أولاد الأولاد يحجبون الأبوين و الزوج و الزوجة عن سهامهم الأكثر،و إن سفلوا ببطنين و ثلاثة و أكثر،يرثون ما يرث ولد الصلب،و يحجبون ما يحجب ولد الصلب» (3).

و قريب منه المعتبرة المتقدّمة الدالّة على كون أولاد الأولاد بمنزلة آبائهم (4)،و من حكمهم الحجب،فليكن ذلك حكم أولادهم أيضاً؛ لعموم المنزلة.

و في شموله الممنوع من الإرث كالرقيق وجهان:من إطلاق ما دلّ على حجب الولد الشامل لمثله.

و من عموم ما دلّ على كمال النصيب لأهله،مع عدم معلومية شمول

ص:313


1- في ص:283.
2- قاله الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:326.
3- الكافي 7:3/97،التهذيب 9:1043/288،الوسائل 26:132 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 18 ح 3.
4- راجع ص:285،287.

الإطلاق لمثله،سيّما بعد ملاحظة عدم شمول الإخوة الحاجبين للاُمّ عن كمال نصيبها لمثله،كما يأتي.

و لعلّ هذا لا يخلو عن قوة (1)،سيّما مع تضمّن بعض النصوص الدالّة على عدم شمولهم له لقوله(عليه السّلام):«الكفّار بمنزلة الموتى، لا يحجبون و لا يرثون» (2)فإنّه يفهم منه أنّ عدم الإرث يجعلهم في حكم الموتى،فوجودهم كعدمهم،و هو جارٍ هنا،فتأمّل جدّاً .و لا يحجب الإخوة الأُمّ عن كمال نصيبها إلّا بشروط أربعة بل خمسة،مشهورة:

الأوّل: أن يكونوا أخوين فصاعداً أو أخاً و أُختين،أو أربع أخوات فما زاد و هم يحجبون دون غيرهم،بلا خلاف،بل عليه الإجماع منّا في كثير من العبارات (3)،و هو الحجة الصارفة للآية (4)عن ظاهرها.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة جدّاً،ففي الصحيح:«لا يحجب الاُمّ عن الثلث إذا لم يكن ولد إلّا الأخوان،أو أربع أخوات» (5).

و فيه:«إذا ترك الميت أخوين فهم إخوة مع الميت،حجبا الاُمّ،و إن كان واحداً لم يحجب الأمّ» و قال:«إذا كنّ أربع أخوات حجبن الاُمّ عن الثلث؛ لأنّهنّ بمنزلة الأخوين،و إن كنّ ثلاثاً لم يحجبن» (6).

ص:314


1- في«ب»:قرب.
2- الفقيه 4:778/243،الوسائل 26:125 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 15 ح 2.
3- المسالك 2:317،مجمع الفائدة و البرهان 11:554،المفاتيح 3:327،كشف اللثام 2:287.
4- النساء:11.
5- الكافي 7:4/92،التهذيب 9:1019/282،الإستبصار 4:527/141،الوسائل 26:121 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 11 ح 4.
6- الكافي 7:2/92،التهذيب 9:1015/281،الإستبصار 4:524/141،الوسائل 26:120 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 11 ح 1.

و في الموثق:«لا يحجب الاُمّ عن الثلث إلّا الأخوان،أو أربع أخوات لأبٍ و أُمّ،أو لأب» (1).

و الحصر فيه و في الأوّل إضافي،بدلالة الإجماع،و الصحيح الثاني و غيره ممّا دلّ على حجب الأخ و الأُختين،كالخبر المروي في الفقيه،و فيه:

«لا يحجبها إلّا أخوان أو أخ و أُختان،أو أربع أخوات لأب،أو لأبٍ و أُمّ، [أو (2)]أكثر من ذلك،و المملوك لا يحجب،و لا يرث» (3).

و في آخر مروي عن تفسير العياشي:«لا يحجب عن الثلث الأخ و الأُخت حتى يكونا أخوين،أو أخاً و أُختين» (4)الخبر.

و من هنا يظهر فساد ما قيل على الأصحاب من أنّ روايات الباب لا تدلّ على حجب ذكر و امرأتين،و أنّ الخبرين المتقدّمين المتضمّنين للحصر يدلان على خلافه (5).

و فيه أيضاً أنّه يمكن استفادة حجب الذكر و المرأتين من المنزلة المستفادة من الصحيحة الثانية،فإنّ فيها أنّ الأربع أخوات بمنزلة الأخوين، فالثنتان بمنزلة أخٍ واحد،فهما مع أخٍ واحد كالأخوين.

الثاني أن يكونوا لأبٍ و أُمّ أو للأب

الثاني:أن يكونوا لأبٍ و أُمّ،أو للأب فلا يحجب كلالة الأُمّ،

ص:315


1- الكافي 7:5/92،التهذيب 9:1017/281،الإستبصار 4:526/141،الوسائل 26:120 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 11 ح 3.
2- في النسخ:و،و ما أثبتناه من المصادر.
3- الفقيه 4:674/198،الوسائل 26:123 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 13 ح 1.
4- تفسير العياشي 1:52/226،الوسائل 26:122 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 11 ح 7.
5- قاله السبزواري في الكفاية:293.

بلا خلاف،بل عليه الإجماع في عبائر جماعة (1)،و هو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة،المتقدّم إلى جملة منها الإشارة، و منها زيادة عليها الخبر المتقدّم روايته عن الفقيه،و فيه:«و لا يحجب الاُمّ عن الثلث الإخوة و الأخوات من الاُمّ ما بلغوا» .و في موقوف زرارة:«و أمّا الإخوة لأُمّ ليسوا لأبٍ فإنّهم لا يحجبون الاُمّ عن الثلث» (2).

و في ثالث في تفسير الكلالة الحاجبة:«أُولئك الإخوة من الأب،فإذا كان الإخوة من الاُمّ لم يحجبوا الاُمّ عن الثلث» (3).

و في القوي:رجل مات و ترك أبويه و إخوة لاُمّ،قال:«اللّه سبحانه أكرم من أن يزيدها في العيال،و ينقصها من الثلث» (4).

الثالث:مع وجود الأب فلا يحجبون مع موته

الثالث:ما أشار إليه بقوله: مع وجود الأب فلا يحجبون مع موته،على الأظهر الأشهر،بل عليه عامّة من تقدّم و تأخّر،إلّا الصدوق (5)«مع تأمّل فيه،كما سيظهر.

قيل:لظاهر الآية فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [1]

ص:316


1- لاحظ المسالك 2:318،المفاتيح 3:327،كشف اللثام 2:288.
2- الكافي 7:1/92،التهذيب 9:1013/280،الوسائل 117/26 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 10 ح 4.
3- الكافي 7:7/93،التهذيب 9:1014/280،الوسائل 26:117 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 10 ح 2.
4- التهذيب 9:1026/284،الوسائل 26:118 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 10 ح 5.
5- الفقيه 4:198.

فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [1] (1)لدلالته على أنّ حجبهم لها فيما إذا ورثه أبواه،فلا يثبت الحجب مع فقد الأب (2).

و فيه نظر؛ لعدم استفادة الاشتراط منها،بل غايتها الاختصاص بالحجب في حياة الأب،فلا يدل عليه.

نعم يصلح ما ذكر ردّاً على من يستدل بعمومها؛ لعدم الاشتراط.

و الأجود الاستدلال عليه بالنصوص،منها الصحيح:«إن مات رجل، و ترك امّه و إخوة و أخوات لأب و أُمّ،و إخوة و أخوات لأبٍ،و إخوة و أخوات لاُمّ،و ليس الأب حيّاً،فإنّهم لا يرثون،و لا يحجبونها؛ لأنّه لم يورث كلالة» (3).

و منها الخبر:«الاُمّ لا تنقص عن الثلث أبداً إلّا مع الولد،أو الإخوة إذا كان الأب حيّاً» (4)و نحوه غيره (5).

و قصور السند مجبور بعمل الأكثر،مع اعتباره في نفسه،و اعتضاد الحكم بما يستفاد من النصوص من أنّ علّة الحجب التوفير على الأب.

و قال الصدوق في الفقيه:لو خلّف زوجها و أُمّها و إخوة فللأُم السدس،و الباقي يردّ عليها.

ص:317


1- النساء:11.
2- قاله المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 11:553.
3- الكافي 7:1/91،التهذيب 9:1013/280،الإستبصار 4:545/145،الوسائل 26:123 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 12 ح 3.
4- التهذيب 9:1020/282،الوسائل 26:122 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 12 ح 1.
5- الكافي 7:4/92،التهذيب 9:1019/282،الإستبصار 4:527/141،الوسائل 26:121 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 11 ح 4.

و ظاهره الحجب هنا،و هو شاذّ،و دليله غير واضح إلّا ما استدل به من ظاهر عموم الآية،و قد عرفت جوابه.

نعم له خبران يقربان من الصحة،إلّا أنّهما متروكان بالإجماع؛ لاشتمالهما على إرث الإخوة مع الاُمّ،و حملا على التقية،أو إلزامهم بمعتقدهم،بمعنى:أنّ الأُمّ لو كانت ترى ذلك جاز للأخوات إلزاماً لها بمعتقدها،هذا.

و أرى النزاع هنا لفظيّاً،كما صرّح به في الدروس و المختلف (1)، قال:و لا منازعة هنا في الحاصل لها بالردّ و التسمية؛ لأنّ الباقي كلّه لها، و إنّما النزاع في التقدير،فعندنا لها الثلث؛ لقوله تعالى وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [1] (2)ثم قال:فإن اعترض بقوله تعالى فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [2] (3)أجبنا بأنّ شرط حجب الإخوة وجود الأب،و الأب هنا مفقود.

و يستفاد منه الاتفاق حتى من الصدوق على اعتبار هذا الشرط، و يعضده تصريح الصدوق بما علّل به الحجب في النصوص،فقال:و إنّما حجبوا الاُمّ عن الثلث؛ لأنّهم في عيال الأب،و عليه نفقتهم،فيحجبون، و لا يرثون (4).

و لعلّه لذا لم ينسبه كثير إلى المخالفة هنا،و يحتمل لقلّة الثمرة فيها؛ لما عرفت من أنّها لفظيّة لا فائدة لها إلّا نادرة فرضية.

ص:318


1- الدروس 2:256،المختلف:739.
2- النساء:11.
3- النساء:11.
4- الفقيه 4:197.
و الرابع:أن يكونوا غير كفرة و لا أرقّاء

و الرابع:أن يكونوا غير كفرة و لا أرقّاء إذا كانت الأُمّ مسلمة حرّة، إجماعاً،كما حكاه جماعة (1)،و هو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة،منها زيادة على ما مرّ إليه الإشارة الصحيح:عن المملوك و المشرك،يحجبان إذا لم يرثا؟قال:«لا» (2).

و الموثقان:عن المملوك و المملوكة هل يحجبان إذا لم يرثا؟قال:

«لا» (3).

و في الخبر:«المسلم يحجب الكافر،و يرثه،و الكافر لا يحجب المسلم،و لا يرثه» (4).

و في آخر«الكفّار بمنزلة الموتى،لا يحجبون،و لا يرثون» (5).

و قصور سندهما كدلالة الجميع من حيث احتمالها كون المراد الحجب عن أصل الإرث خاصّة،لا عن الزائد عن كمال النصيب،فيكون المرادبالحجب فيها حجب حرمان لا حجب نقصان مجبور بعمل الأصحاب و فهمهم.

مع أنّ قصور الدلالة إنّما هو عن الصراحة،و إلّا فالظهور موجود؛

ص:319


1- منهم الشيخ في الخلاف 4:33،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:288،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:327.
2- التهذيب 9:1027/284،الوسائل 26:124 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 14 ح 1.
3- الفقيه 4:798/247،التهذيب 9:1021/282،الوسائل 26:124 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 14 ح 2،3.
4- الكافي 7:5/143،الفقيه 4:783/244،الوسائل 26:124 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 15 ح 1.
5- الفقيه 4:778/243،الوسائل 26:125 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 15 ح 2.

للإطلاق و العموم،و هو كافٍ،سيّما مع عدم عموم في الإخوة الحاجبة في الآية،و إنّما هي مطلقة غير معلومة الشمول لمثل الإخوة في المسألة،هذا.

مع أنّ عطف عدم الحجب على عدم الإرث في جملة منها ربما يدل على أنّ المراد بالحجب حجب نقصان لا حجب حرمان،و إلّا فعدم الإرث يستلزم عدمه بالمعنى الثاني،فلا فائدة في العطف إلّا التأكيد،و التأسيس أرجح منه.

و من هنا ربما يظهر أنّ المراد بالحجب حيث يطلق في الأخبار الحجب بالمعنى الأوّل لا الثاني،فتدبّر،و بمجموع ما ذكرنا لا يبقى إشكال أصلاً،و الحمد للّه.

و في حجب الإخوة القتلة لأخيهم المورث امّه عن كمال النصيب قولان:أشبههما و أشهرهما عدم الحجب للإجماع المحكي في الخلاف عن الطائفة،بل قال:من الأُمّة،و ابن مسعود خالف فيه،و قد انقرض خلافه (1).هذا.

مضافاً إلى الاعتضاد بما قدّمناه في عدم حجب الولد من المؤيّدات، بل الأدلّة،قيل:لمشاركة القاتل مع الكافر و المملوك في العلّة الموجبة للحكم (2).

خلافاً للصدوق و العماني (3)،فيحجبون،و نفى عنه البأس في المختلف (4)؛ لعموم الآية،و صدق الإخوة على القاتل،و منع التعدّي،فإنّ

ص:320


1- الخلاف 4:33.
2- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:318.
3- الفقيه 4:234،و حكاه عن العماني في المختلف:743.
4- المختلف:743.

العلّة ليست منصوصة بل مستنبطة،فيكون الإلحاق بها قياساً لا يقول به الأصحاب،و منع الإجماع لمخالفة القديمين.

و في الجميع نظر يظهر وجهه بعد تتميم الإجماع بمنع منعه بمخالفتهما؛ لشذوذهما،مع معلومية نسبهما،فلا يقدح خروجهما في انعقاد الإجماع إجماعاً منّا،بل و أكثر من خالفنا أيضاً؛ نظراً إلى حصول اتفاق الكلّ بعد عصرهما،بل و قبلهما،فتأمّل جدّاً.

و به يخصّص العموم على تقديره،مع إمكان القدح فيه بعدم عموم في الإخوة و إنّما هو جمع منكر في سياق الإثبات لا يفيده لغة،على الأشهر الأقوى،فهو مطلق،و في شموله لمثل الإخوة القتلة مناقشة،أو شك و ريبة،فيبقى عموم ما دل على ثبوت الثلث للاُمّ من الكتاب و السنّة سليماً عمّا يصلح للمعارضة.

و أمّا العلّة المستنبطة فهي و إن لم تكن حجة إلّا أنّها مؤيّدة،سيّما بعد اجتماعها مع المؤيّدات المتقدّمة في عدم حجب الولد،بل لا يبعد جعل مجموعها حجة،سيّما بعد الاعتضاد بالشهرة العظيمة المحققة و المحكية في كلام جماعة حدّ الاستفاضة،و منهم الفاضل في المختلف،و جَعَلَها على المختار حجة،فقال في الاستدلال:لنا أنّه المشهور بين علمائنا، فيتعيّن العمل به (1).و هو ظاهر في بلوغها حدّ الإجماع،و إلّا لما استدل بها؛ إذ ليس من طريقته جعل الشهرة حجة في مقام أصلاً،و لو لا نفيه البأس عن القول الثاني أخيراً لكان استدلاله المزبور بالشهرة في انعقاد الإجماع ظاهراً،بل صريحاً.

ص:321


1- المختلف:743.
و الخامس أن يكونوا منفصلين بالولادة

و الخامس أن يكونوا منفصلين بالولادة،ف لا يكفي كونهم حملاً بلا خلاف ظاهر،إلّا من الماتن في الشرائع (1)،فتردّد فيه أوّلاً:

من العموم،و أصالة عدم اشتراط الانفصال.

و من الخبر:«إنّ الطفل و الوليد لا يحجب،و لا يرث،إلّا ما آذن بالصراخ،و لا شيء أكنّه البطن و إن تحرّك،إلّا ما اختلف عليه الليل و النهار» (2)و انتفاء العلّة المنصوصة لحجبهم،و هي إنفاق الأب عليهم.

و لكن جَعَل هذا أظهر ثانياً،و هو كذلك و إن كان في الدليل الأخير نظر لانجبار ضعف الخبر بالعمل،و منع العموم؛ لفقد اللفظ الدالّ عليه، و إنّما غايته الإطلاق،و في شموله لمثل الحمل شكّ و نظر،سيّما بعد ملاحظة منعه عن الإرث و إن عزل له نصيب حتى يظهر.

و ليس في اعتبار الإيذان بالصراخ في الخبر اشتراط له فيخالف الإجماع من هذا الوجه فلا يمكن الاستدلال به؛ لوروده مورد الغالب في تولّد الحمل و مجيئه،فلا عبرة بمفهومه،كما هو الحال في نظائره،فيكون المراد منه الكناية عن اعتبار حياته دون صراخه الحقيقي.

و من هنا اشترط الشهيدان في الدروس و الروضة (3)سادساً،و هو كونهم عند موت المورّث أحياء،و إلّا فلو كان بعضهم ميّتاً أو كلّهم عنده لم يحجب،و كذا لو اقترن موتهما،أو اشتبه المتقدّم منهما و المتأخّر.

و توقّف في الدروس لو كانوا غرقى،من حيث إنّ فرض موت كلّ

ص:322


1- الشرائع 4:19.
2- الفقيه 4:674/198،التهذيب 9:1022/282،الوسائل 26:123 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 13 ح 1.
3- الدروس 2:357،الروضة 8:63.

واحد منهما يستدعي كون الآخر حيّاً،فيتحقق الحجب،و من عدم القطع بوجوده و الإرث حكم شرعي،فلا يلزم منه اطّراد الحكم بالحياة،قال:و لم أجد في هذا كلاماً لمن سَبَق.

و قوّى في الروضة عدم الحجب؛ للشك،و الوقوف فيما خالف الأصل على مورده.

أقول:و منه يظهر الوجه في اشتراط أصل هذا الشرط،و مرجعه إلى عموم ما دل على فرض النصيب الأكمل،و منع عموم الإخوة؛ للشك في شموله للميّت منهم.و هو حسن،كما مرّ،بل جريان منع العموم هنا أظهر؛ لتبادر الأحياء من الإخوة دون الأموات.

و منه يظهر الوجه في اشتراط الثاني منهما في الروضة (1)سابعاً،و هو المغايرة بين الحاجب و المحجوب،فلو كانت الأُمّ أُختاً لأب فلا حجب، كما يتفق في المجوس،أو الشبهة بوطء الرجل ابنته،فولدها أخوها لأبيها.

و فيما صرّح به الشهيدان في الكتابين (2)من عدم حجب الإخوة للأب المنفيّين عنه بالملاعنة؛ مضافاً إلى ما دل على اشتراط كونهم للأب،فإنّ المتبادر منه كونهم له شرعاً،و هو منتفٍ عنهم،و إن كانوا له في نفس الأمر، و لذا لا توارث بينه و بينهم،كما يأتي.

و منه أيضاً يظهر عدم حجب الأولاد للاُمّ و الزوجين عن كمال النصيب إذا كانوا كذلك.

و اعلم أنّ أولاد الإخوة لا يحجبون هنا،و إن حجبوا من كان أبعد

ص:323


1- الروضة 8:64.
2- الدروس 2:357،الروضة 8:62.

عنهم بمرتبة،كما صرّح به جماعة (1)من غير خلاف بينهم أجده؛ أخذاً بعموم ما دل على كمال النصيب،و اختصاص ما دل على الحجب عنه بالإخوة بهم دون أولادهم؛ لعدم صدق الإخوة عليهم حقيقة،و إلحاقهم بهم في حجب الحرمان،و بالأولاد فيه و في حجب النقصان قياس فاسد في الشريعة.

المرتبة الثانية الإخوة مطلقاً،و يعبّر عنهم بالكلالة و الأجداد
اشارة

المرتبة الثانية الإخوة مطلقاً،و يعبّر عنهم بالكلالة و الأجداد كذلك.

اعلم أنّه إذا لم يكن للميت أحد الأبوين،و لا ولد و إن نزلوا أو كانوا ممنوعين عن إرثه فالميراث للإخوة له،و أولادهم و إن نزلوا، بشرط الأقرب فالأقرب و الأجداد و إن علوا مرتّبين مطلقاً،انفردوا أو اجتمعوا،لأبٍ و أُمٍّ كانوا أم لاُمٍّ،أم لأب،على تفصيل يأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى.

فالأخ الواحد للأب و الأُمّ يرث المال و يحوز كلّه بالقرابة و كذا الإخوة المتعدّدون لهما.

و الأُخت كذلك،إلّا أنّها إنّما ترث النصف بالتسمية،و الباقي بالردّ عليها،دون العصبة بالقرابة،بخلاف الإخوة،فإنّهم يحوزون الجميع بها خاصّة.

و للأُختين فصاعداً لهما الثلثان بالتسمية،و الباقي بالردّ

ص:324


1- منهم المحقق في الشرائع 4:19،و الشهيد الثاني في المسالك 2:318،و السبزواري في الكفاية:293.

و لو اجتمع الإخوة و الأخوات لهما كان المال بينهم،للذّكر سهمان، و للأُنثى سهم و للواحد من ولد الاُمّ السدس بالتسمية،مطلقاً ذكراً كان أو أُنثى و الباقي بالقرابة.

و للاثنين فصاعداً من ولدها الثلث بالتسمية،و الباقي بالقرابة، يقتسمونه بينهم بالسوية مطلقاً ذكراناً كانوا أو إناثاً أو ذكراناً و إناثاً.

و لا يرث مع الإخوة و الأخوات للأب و الأُمّ،و لا مع أحدهم أحد من ولد الأب خاصّة،لا من الفريضة و لا من القرابة مطلقاً،اجتمعوا مع كلالة الأُمّ أيضاً أم لا،بلا خلاف أجده،بل عليه الإجماع في كلام جماعة (1)،و منهم الفضل بن شاذان من قدماء الطائفة (2)،و هو الحجة المخصّصة لعمومات الإرث بالقرابة و الفريضة من الكتاب و السنّة.

مضافاً إلى المعتبرة،منها النبوي و المرتضوي:«أنّ أعيان بني الأُمّ أحق بالميراث من ولد العلات» (3).

و الأعيان:الإخوة لأبٍ واحد و أُمٍّ واحدة،مأخوذة من عين الشيء، و هو النفيس منه،و بنو العلات:هم لأبٍ واحد و أُمّهات شتّى؛ لأنّ الذي

ص:325


1- كالمفيد في المقنعة:689،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):607،و الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 11:390،و الهندي في كشف اللثام 2:292.
2- حكاه عنه في الكافي 7:105.
3- الأوّل في:الفقيه 4:675/199،الوسائل 26:183 أبواب ميراث الأخوة و الأجداد ب 13 ح 4. و الثاني في:التهذيب 9:1172/326،الإستبصار 4:644/170،الوسائل 26:183 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 13 ح 3.

تزوّجها بعد اولى قد كان ناهلاً؛ لأنّ النهل شرب الإبل الماء أوّلاً ثم يترك حتى يسري في عروقه و يشرب مرّة أُخرى،و هذا الشرب علل بعد نهل، فكأنّ من تزوّج بأُمّهم بعد اخرى نهل بالأُولى ثم علّ بالثانية.

و الخبر:«أخوك لأبيك و أمّك أولى بك من أخيك لأبيك،و ابن أخيك لأبيك و أُمّك أولى بك من ابن أخيك لأبيك» (1).

و إرسال الأوّل كقصور سند الثاني بالعمل مجبور،فلا إشكال فيه.

لكن يقومون أي إخوة الأب مقامهم أي مقام إخوة الأب و الأُمّ عند عدمهم أو منعهم عن الإرث و يكون حكمهم في الانفراد و الاجتماع بعضهم مع بعض،أو مع كلالة الأُمّ ذلك الحكم الذي ذكر في الإخوة لهما،إجماعاً؛ للعمومات،و النصوص المستفيضة.

فلو انفرد الأخ أو الأُخت للأب حاز المال كلّه،لكن الأوّل جميعه بالقرابة،و الثانية النصف بها و الباقي بالتسمية.

و كذا الإخوة و الأخوات المتعدّدون،لكن فريضتهنّ الثلثان،و الباقي بالقرابة،و يقتسمونه بالسوية مع التساوي في الذكورية و الأُنوثية،و بالتفاوت مع الاختلاف فيهما للذّكر مثل حظّ الأُنثيين.

هذا حكم انفرادهم عن باقي الكلالات للأبوين أو للأُمّ.

و أمّا حكم اجتماعهم معها فهو أنّه لو اجتمع الكلالات الثلاث كان لولد الأُمّ خاصّة السدس إن كان واحداً،و الثلث إن كانوا أكثر، و الباقي لولد الأب و الأُمّ معاً مطلقاً،ذكراً كان أو أُنثى،واحداً أو متعدّداً و يسقط معهم أولاد الأب خاصّة،كما مرّ.

ص:326


1- الكافي 7:1/76،التهذيب 9:974/268،الوسائل 26:182 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 13 ح 1.

فإن أبقت الفريضة و زادت التركة عن السهام،بأن كان كلالة الأبوين أُختاً خاصّةً مطلقاً،أو أُختين كذلك مع واحد من كلالة الأُمّ فالردّ على كلالة الأب و الأُم خاصّة،على الأشهر الأظهر،بل عليه عامّة من تأخّر،و في السرائر بل في كلام جماعة كما في المسالك،بل في كلام أكثر علمائنا كما في المختلف الإجماع عليه (1)،و هو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة،منها زيادة على ما يأتي من فحوى المعتبرة،و صريح بعضها الصحيح:ما تقول في امرأة ماتت،و تركت زوجها،و إخوتها لاُمّها،و إخوة و أخوات لأبيها؟قال:«للزوج النصف ثلاثة أسهم،و لإخوتها لاُمّها الثلث سهمان،الذكر و الأُنثى فيه سواء،و بقي سهم، فهو للإخوة و الأخوات من الأب،للذّكر مثل حظّ الأُنثيين؛ لأنّ السهام لا تعول،و أنّ الزوج لا ينقص من النصف،و لا الإخوة من الاُمّ من ثلثهم؛ لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ [1] (2)و إن كان واحداً فله السدس،و إنّما عنى اللّه تعالى في قوله وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [2] (3)إنّما عنى اللّه تعالى بذلك الإخوة و الأخوات من الأُمّ خاصّة و قال في آخر سورة النساء يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ [3] يعني بذلك:أُختاً لأب و أُمٍّ،أو أُختاً لأب فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ [4] - وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [5] (4)فهم الذين يزادون و ينقصون» قال:«و لو أنّ امرأة

ص:327


1- السرائر 3:260،المسالك 2:327،المختلف:738.
2- النساء:12.
3- النساء:12.
4- النساء:176.

تركت زوجها،و أُختيها (1)لاُمّها،و أُختيها لأبيها،كان للزوج النصف:ثلاثة أسهم،و لأُختيها لاُمّها (2)الثلث،و لأُختيها لأبيها السدس:سهم،و إن كانت واحدة فهو لها؛ لأنّ الأُختين من الأب لا يزادون على ما بقي،و لو كان له أخ لم يزد على ما بقي» (3)و نحوه بعينه إلّا في يسير الحسن (4).

و إنّما ذكرناه بطوله لتكفّله لبيان كثير ممّا سبق من الأحكام،و تفسيره الكلالتين في الآيتين بما فسّرهما به المفسّرون،و بيانه حكم ما إذا عالت الفريضة بمزاحمة الزوج أو الزوجة من ردّ النقص على الأخوات من الأب خاصّة،و قد تركه الماتن هنا اتّكالاً على ما قدّمه من بطلان العول و العصبة.

و وجه دلالته على الحكم في المسألة الحصر المستفاد من قوله(عليه السّلام):

«فهم الذين يزادون و ينقصون» .و قريب منهما فيه بعض المعتبرة،كالموثقة بالحسن بن علي،عن عبد اللّه بن المغيرة المجمع على تصحيح ما يصح عنه،و فيه:قلت لزرارة:

إنّ بكيراً حدثني عن أبي جعفر(عليه السّلام)أنّ الأُخت للأب و الأخوات للأب و الأُمّ يزادون و ينقصون؛ لأنّهنّ إلى أن قال فقال زرارة:و هذا قائم عند أصحابنا،لا يختلفون فيه (5).و ظاهره إجماع قدماء الرواة و الأصحاب على

ص:328


1- في المصادر:و إخوتها.
2- في المصادر:و للإخوة من الاُمّ.
3- الكافي 7:3/101،التهذيب 9:1045/290،الوسائل 26:154 أبواب ميراث الإخوة و الأجداد ب 3 ح 2.
4- الكافي 7:5/103،الوسائل 26:157 أبواب ميراث الأخوة و الأجداد ب 3 ذيل الحديث 3.
5- الكافي 7:7/104،التهذيب 9:1148/319،الوسائل 26:152 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 2 ح 2.

ذلك.

و هذا الخبر و إن لم يتضمّن الحصر،إلّا أنّ السياق قريب منه في الدلالة.

مضافاً إلى أنّ بكيراً الراوي لهذا هو الذي روى الحسن المتقدّم، و الظاهر اتحادهما.

فقول الفضل بن شاذان و العماني بالردّ عليهم جميعاً على قدر أنصبائهم (1)ضعيف،سيّما مع شذوذه كما في المسالك (2)،و عدم وضوح مستنده عدا ما يتخيّل من التساوي في القرب،و عدم أولويّة بعض على بعض،و هو بعد تسليمه اجتهاد في مقابلة النص،فلا يعتبر.

و لو أبقت الفريضة مع ولد الاُمّ و ولد الأب بعد اجتماعهما ففي الردّ على قرابة الأب خاصّة،أو عليهما قولان مشهوران أحدهما قول الصدوق و الشيخين و أتباعهما و أكثر المتأخّرين كما في المسالك و غيره (3):إنّه يردّ على كلالة الأب خاصّة؛ للموثق:في ابن أُختٍ لأب و ابن أُختٍ لأُمّ،قال:«لابن الأُخت للأُمّ السدس،و لابن الأُخت للأب الباقي» (4)و هو يستلزم كون الاُمّ كذلك؛ لأنّ الولد إنّما يرث بواسطتها.

ص:329


1- حكاه عنهما في المختلف:728،و الدروس 2:368.
2- المسالك 2:327.
3- الصدوق في المقنع:172،المفيد في المقنعة:691،الطوسي في النهاية:638،و تبعهما ابن البراج في المهذّب 2:138،و أبو الصلاح في الكافي:372،و ابن حمزة في الوسيلة:389،و نجيب الدين في الجامع للشرائع:513،المسالك 2:327،الكفاية:298.
4- التهذيب 9:1157/322،الإستبصار 4:637/168،الوسائل 26:162 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 5 ح 11.

و لأنّ النقص يدخل عليهم بمزاحمة الزوج أو الزوجة،دون كلالة الأُمّ، إجماعاً،و من كان عليه الغُرم فله الغُنم،و ذلك: مثل أُخت لأب مع واحد أو اثنين فصاعداً من ولد الأُمّ،أو أُختين للأب مع واحد من ولد الاُمّ فيحوز كلالة الأُمّ السدس،أو الثلث،على تقدير التعدّد فرضاً،و الباقي مطلقاً للأُخت و الأُختين فرضاً و ردّاً.

و القول الآخر :إنّه يردّ على الفريقين بنسبة مستحقهما أرباعاً في الفرض الأوّل،و أخماساً في الأخيرين.

و هو أشبه عند الماتن هنا و في الشرائع و الفاضل في أحد قوليه (1)،وفاقاً للإسكافي و الحلي و المبسوط (2)؛ لتساويهما في المرتبة، و فقد المخصّص؛ استضعافاً للرواية،فإنّ في طريقها علي بن فضال،و هو فطحي،و منع اقتضاء دخول النقص الاختصاص بالردّ؛ لتخلّفه في البنت و الأبوين.

و هو حسن لولا ورود النص المعتبر بالاختصاص،و ضعف السند ممنوع؛ لوثاقة عليّ بتصريح العدول من أرباب الرجال بها (3)،و مع ذلك معتضدة بالشهرة (4)المحقّقة و المحكية،بل ظاهر الكليني في باب بيان الفرائض دعوى الإجماع،فإنّه قال:و الإخوة و الأخوات من الاُمّ لا يزادون على الثلث،و لا ينقصون من السدس،و الذكر و الأُنثى فيه سواء،و هذا كلّه

ص:330


1- الشرائع 4:28،التحرير 2:164.
2- حكاه عن الإسكافي في المختلف:738،الحلي في السرائر 3:260،المبسوط 4:73.
3- رجال الكشي 2:812،رجال النجاشي:676/257،الفهرست:381/92.
4- في«ر» زيادة:العظيمة.

مجمع عليه (1).

و هو كما ترى عامّ يشمل محلّ النزاع،هذا.

مضافاً إلى مفهوم الحصر و ما يقرب منه في النصوص الصحيحة المتقدّمة،التي هي العمدة في ثبوت الحكم المشهور في المسألة السابقة.

مع تأيّد الجميع بما في بعض المعتبرة من قوله(عليه السّلام):«و أخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأُمّك» (2)بناءً على ما ذكره بعض المحدثين في توجيهه نظراً إلى مخالفة ظاهره الإجماع من أنّ وجهه أنّ له ما بقي إن كان ذكراً و يردّ عليه خاصّة إن كان أُنثى (3).فتأمّل جدّاً .و أصرح من الجميع المرسلة المروية في مجمع البيان،فإنّ فيها:

«و يصح اجتماع الكلالتين معاً؛ لتساوي قرابتهما،و إذا فضلت التركة يردّ الفاضل على كلالة الأب و الأُمّ،أو الأب دون كلالة الأُمّ» (4)فإذاً القول الأوّل أقوى.

و للجدّ المال كلّه إذا انفرد مطلقاً لأبٍ كان أو لاُمٍّ،و كذا الجدّة المنفردة،ترثه مطلقاً.

و لو اجتمع جدّ و جدّة،فإن كانا معاً لأبٍ فلهما المال كلّه، يقتسمونه بينهم للذّكر مثل حظّ الأُنثيين،و إن كانا معاً لاُمٍّ فالمال لهم يقتسمونه بينهم بالسوية بلا خلاف في شيء من ذلك أجده،و به صرّح جماعة (5)،و هو الحجة.

ص:331


1- الكافي 7:74.
2- الكافي 7:1/76،الوسائل 26:171 أبواب ميراث الأخوة و الأجداد ب 7 ح 4.
3- الوسائل 26:/171 ذيل الحديث 4.
4- مجمع البيان 2:18.
5- منهم السبزواري في الكفاية:298،و انظر مجمع الفائدة و البرهان 11:395.

مضافاً إلى عموم أدلّة الإرث بالقرابة من الكتاب و السنّة،التي هي المستند أيضاً في إرث الأخوات و الإخوة،بل جميع أهل هذه المراتب و المرتبة المتقدّمة و المتأخّرة،كما عرفته غير مرّة.

لكن لا يستفاد منها كيفية القسمة في المتقربين بالأب بالتفاوت و المتقربين بالأُمّ بالسوية،و هي ثابتة في الإخوة بالكتاب و الإجماع و السنّة، و لم أقف على نص معتبر سنداً يدل عليها هنا،و لا إشكال فيها في المتقرّبين بالأُم؛ لموافقتها الأصل في الشركة الثابتة بالأدلّة،و هو التسوية، كما مرّ نظيره في مواضع عديدة.

و يشكل فيها في الطرف الآخر،سيّما مع مخالفتها الأصل المزبور، لكنّه يرتفع بعدم الخلاف فيها هنا أيضاً،مع وقوع التصريح بها في الرضوي:«فإن ترك جدّين من قبل الاُمّ و جدّين من قبل الأب،فللجدّ و الجدّة من قبل الاُمّ الثلث بينهما بالسوية،و ما بقي فللجدّ و الجدّة من قبل الأب،للذّكر مثل حظّ الأُنثيين» (1).

و قريب منه المرسلة المروية في مجمع البيان،و فيها:«فالجدّ أب الأب مع الأخ الذي هو ولده في درجة،و كذلك الجدّة مع الأُخت،فهم يتقاسمون المال للذّكر مثل حظّ الأُنثيين» إلى أن قال:«و متى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأُمّ مع استوائهم في الدرج كان لقرابة الأُمّ الثلث بينهم بالسوية،و الباقي لقرابة الأب للذّكر مثل حظّ الأُنثيين» (2).

مضافاً إلى عموم المعتبرة الواردة في علّة تفضيل الذكران على النسوة

ص:332


1- فقه الرضا(عليه السّلام):290،المستدرك 17:183 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 8 ح 2.
2- مجمع البيان 2:18،الوسائل 26:65 أبواب موجبات الإرث ب 1 ح 5.

بأنّ ذلك لأنّهنّ ليس عليهنّ جهاد و لا نفقة و لا معقلة (1)،و إنّما ذلك على الرجال،و لذلك جعل للمرأة سهماً واحداً و للرجل سهمين،كما في الصحيح (2)و غيره (3)،و في ثالث:«لأنّ اللّه تبارك و تعالى فضّل الرجال على النساء بدرجة و لأنّ النساء يرجعن عيالاً على الرجال» (4).

و هي كما ترى عامة من حيث التعليل أوّلاً،و من جهة الإطلاق بل العموم ثانياً،و لا وجه لتقييده أو تخصيصه ببيان علّة تفضيل الأولاد و الكلالة الذين تضمّنتهم الآية الكريمة بعد عموم العلّة و اللفظ،و لا يرد ذلك في المتقربين بالأُمّ مطلقاً بعد وضوح قيام دليل على التخصيص من الإجماع و الكتاب و السنّة فيهم دون غيرهم،هذا.

مضافاً إلى المؤيّدات الأُخر التي تظهر بالتأمّل فيما يأتي من الأدلّة على تنزيل الأجداد من كلّ جهة منزلة الإخوة من تلك الجهة،و لو لا ما نورد عليها من المناقشة في التمسّك بها لإثبات حكم في نحو المسألة لكانت حجة مستقلة.

و بالجملة لا شبهة في المسألة و إن أطلق عنان المناقشة فيها بعض الأجلّة،لكنّه بعد ما عرفت لا وجه له،و الحمد للّه سبحانه.

و إذا اجتمع الأجداد المختلفون قرابة،بأن كان بعضهم لأبٍ

ص:333


1- المَعْقُلَة:الدية.النهاية لابن الأثير 3:279.
2- الكافي 7:3/85،التهذيب 9:993/275،المحاسن:89/329،الوسائل 26:93 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 2 ح 1.
3- الكافي 7:2/85،التهذيب 9:992/274،الوسائل 26:94 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 2 ح 3.
4- الكافي 7:1/84،التهذيب 9:991/274،الوسائل 26:94 أبواب ميراث الأبوين و الأولاد ب 2 ح 2.

و بعضهم لاُمّ فلمن يتقرب بالأُمّ الثلث،على الأصح مطلقاً واحداً كان أو أكثر،و لمن يتقرب بالأب الثلثان كذلك و لو كان المتقرب به واحداً وفاقاً لوالد الصدوق و النهاية و القاضي و الحلي و ابن حمزة (1)، و عليه المتأخّرون كافّة كما في المسالك (2)،مدّعياً اتفاقهم عليه،و به يشعر عبارة الروضة (3)،حيث نسب فيها الأقوال الآتية إلى الندرة،و هو الحجة.

مضافاً إلى عموم الأدلّة الدالة على أنّ لكلّ قريب نصيب من يتقرب به إلى الميت و سهمه،و لا ريب أنّ الأُمّ سهمها الثلث،فليكن ذلك لقريبها الجدّ و لو انفرد.

و القول بأنّه كما أنّ الثلث نصيبها كذلك السدس نصيبها فترجيح الأوّل على الثاني في إعطائه القريب دونه يحتاج إلى مرجّح.

فاسد؛ لمنع كون السدس فريضتها الأصلي،بل هي الثلث،و إنّما السدس فريضتها بالحاجب،مشروطة به،و هو في المقام مفقود،فيتبعه عدمه،و يلزم منه ثبوت النصيب الأصلي الذي هو الثلث.

و من هنا يظهر فساد التأمّل في هذه الحجة،كما اتفق لصاحب الكفاية (4)،و إن لم يبيّن وجهه.

و خصوص الموثق:«إذا لم يترك الميت إلّا جدّه أبا أبيه و جدّته أُمّ امّه،فإنّ للجدّة الثلث،و للجدّ الباقي،و إذا ترك جدّه من قبل أبيه،و جدّ أبيه،و جدّته من قبل امّه،و جدّة امّه،كان للجدّة من قبل الاُمّ الثلث،

ص:334


1- حكاه عن والد الصدوق في المختلف:733،النهاية:649،القاضي في المهذّب 2:142،الحلي في السرائر 3:260،ابن حمزة في الوسيلة:392.
2- المسالك 2:327.
3- الروضة 8:127.
4- الكفاية:298.

و سقطت جدّة الأُمّ،و الباقي للجدّ من قبل الأب،و سقط جدّ الأب» (1).

و نحوه الرضوي:«فإن ترك جدّاً من قبل الاُمّ،و جدّاً من قبل الأب، فللجدّ من قبل الاُمّ الثلث،و للجدّ من قبل الأب الثلثان» (2).

و في المسألة أقوال أُخر:

منها:قول الصدوق:للجدّ من الاُمّ مع الجدّ للأب أو الأخ للأب السدس،و الباقي للجدّ للأب أو الأخ (3).

و منها:قول الفضل بن شاذان:إنّه لو ترك جدّته أُمّ امّه و أُخته للأبوين،فللجدّة السدس (4).

و منها:قوله و قول العماني:إنّه لو ترك جدّته أُمّ امّه و جدّته أُمّ أبيه، فلأُمّ الاُمّ السدس،و لأُمّ الأب النصف،و الباقي يردّ عليهما بالنسبة (5).

و منها:قول التقي و ابن زهرة و الكيدري:إنّ للجدّ أو الجدّة للأُمّ السدس،و لهما الثلث بالسوية (6).

و مستندهم غير واضح و لا متوهّم،غير ما في النكت من أنّ لهم رواية محمّد بن حمران،عن زرارة،قال:أراني أبو عبد اللّه(عليه السّلام)صحيفة الفرائض،فإذاً فيها:«لا ينقص الجدّ من السدس شيئاً» و رأيت سهم الجدّ

ص:335


1- التهذيب 9:1124/313،الإستبصار 4:625/165،الوسائل 26:176 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 9 ح 2.
2- فقه الرضا(عليه السّلام):290،المستدرك 17:183 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 8 ح 2.
3- حكاه عنه في المختلف:733.
4- حكا عنه في الدروس 2:370.
5- حكاه عنه في المختلف:733.
6- الكافي في الفقه:372،الغنية(الجوامع الفقهية):607،و نقله عن الكيدري في المختلف:733.

فيها مثبتاً (1).قال في وجه الاستدلال بها:و هو غير محمول على الجدّ للأب؛ لأنّ النص أنّه إذا كان مع إخوة كان كأحدهم (2).انتهى.

و هو ضعيف جدّاً،أوّلاً:بضعف السند باشتراك الراوي،و ثانياً:بما ذكره في الجواب عنها من أنّ حديثنا أي الموثق المتقدّم صريح،مع اعتضاده بما تقدّم،أي من العمومات و عمل الأصحاب،و أنّ الشيخ حملها على التقية (3)،فإنّه يشمل الجدّ مطلقاً،و هو غير مذهبنا.

أقول:و يحتمل حملها أيضاً على الطعمة على بعض الوجوه.

و ربما انتصر لهم بعض أفاضل المعاصرين و غيره بما سيأتي من الأخبار المنزّلة للأجداد منزلة الإخوة،و مقتضاه ما ذكروه؛ لأنّ الواحد من كلالة الأُمّ نصيبه السدس،فليكن أيضاً نصيب الجدّ المنزّل منزلته؛ عملاً بعموم المنزلة.

و فيه أوّلاً:أنّه لا دلالة فيها على أزيد من تنزيل الجدّ للأب منزلة الإخوة و الأخوات له،و هو لا يستلزم تنزيل الجدّ للأُمّ منزلة كلالتها، و لا يتم الاستدلال على هذا التقدير قطعاً.

و ثانياً:أنّه على تقدير تسليم ذلك غايتها إثبات المنزلة لهم إذا كانوا مع الكلالة،لا مطلقا،و نبّه على هذا الصدوق في الفقيه،فقال في جملة كلام له في الردّ على الفضل فيما قال به من أنّ الجدّ بمنزلة الأخ أبداً،يرث حيث يرث،و يسقط حيث يسقط ما لفظه:فكيف يكون الجدّ بمنزلة الأخ

ص:336


1- التهذيب 9:1095/306،الإستبصار 4:597/158،الوسائل 26:170 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد 6 ح 21.
2- غاية المراد 3:564.
3- التهذيب 9:306.

أبداً؟و كيف يرث حيث يرث،و يسقط حيث يسقط؟بل الجدّ مع الإخوة بمنزلة واحد منهم،فأمّا أن يكون أبداً بمنزلتهم يرث حيث يرث و يسقط حيث يسقط الأخ فلا (1)،إلى آخر ما ذكره و أطال في ردّه و تضعيف مستنده.

و من هنا يظهر وجه ثالث لفساد الاستدلال بها لجميع تلك الأقوال، فإنّ منها قول الصدوق،و هو كما ترى يأبى مناط الاستدلال و ينكره غاية الإنكار.

و يشهد له في إنكاره مضافاً إلى الأصل،مع اختصاص أكثر تلك النصوص المثبتة للمنزلة مع الإخوة خاصّة،كما مرّ إليه الإشارة تقييد جملة منها لها بما إذا اجتمع الجدّ مع الكلالة،كالصحيحين:«إنّ الجدّ مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا» (2).

و نحوهما المرسل المروي عن العماني:أنّ رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)أملى على أمير المؤمنين(عليه السّلام)في صحيفة الفرائض:«أنّ الجدّ مع الإخوة،يرث حيث ترث الإخوة،و يسقط حيث تسقط،و كذلك الجدّة أُخت مع الأخوات،ترث حيث يرثن،و تسقط حيث يسقطن» (3).

و لو لا اختصاص المنزلة بصورة الاجتماع مع الكلالة لما كان للتقييد بقوله:«مع الإخوة» فائدة،بل كان ينبغي أن يقال:إنّ الجدّ مثل واحد من

ص:337


1- الفقيه 4:/208 ذيل الحديث 705.
2- الأوّل في:الفقيه 4:693/206،الوسائل 26:164 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6 ح 4. و الثاني في:الكافي 7:2/109،التهذيب 9:1081/303،الإستبصار 4:583/155،الوسائل 26:165 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6 ح 9.
3- الوسائل 26:170 أبواب ميراث الأخوة و الأجداد ب 6 ح 22.

الإخوة،ترث حيث يرث الإخوة،و يسقط حيث تسقط،فتأمّل جدّاً . و لو اجتمع معهم أي مع الأجداد زوج أو زوجة أخذ كل منهما النصيب الأعلى له من النصف أو الربع و لمن يتقرب منهم بالأُمّ ثلث الأصل لأنّه نصيبها المفروض لها،فيأخذه المتقرّبون بها و الباقي لمن يتقرب بالأب منهم.

و الجدّ الأدنى يمنع الجدّ الأعلى بلا خلاف و لا إشكال فيه، و لا فيما مضى؛ للقواعد المقررة.

مضافاً إلى خصوص المعتبرة،منها:عن زوج و جدّ،قال:«يجعل المال بينهما نصفين» (1)و مضى في الموثق السابق ما يدل على منع الأدنى الأعلى (2).

و إذا اجتمع معهم الإخوة فالجدّ و الجدّة للأب كالأخ و الأُخت له،و الجدّ و الجدّة للأمّ ك الأخ و الأخت لها،على المعروف من مذهب الأصحاب من غير خلاف يعرف بينهم،بل ادّعى جماعة منهم الإجماع عليه،كالكليني في الكافي و الشيخ في الاستبصار و الفاضل المقداد في كنز العرفان (3)،و نسبه الشهيدان إلى الأصحاب (4)معربين عن دعوى الإجماع عليه،لكن عبارة الأوّلين مختصّة بدعواه على قيام الجدّ منزلة الأخ من الأب،و عبارة الثالث كما بعده و إن كانت ناصّة بالعموم،إلّا أنّها غير صريحة في دعوى الإجماع،فإنّه قال:الأجداد عندنا في مرتبة الإخوة،فإذا

ص:338


1- التهذيب 9:1129/315،الوسائل 26:180 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 11 ح 2.
2- راجع ص:331.
3- الكافي 7:115،الاستبصار 4:158،كنز العرفان 2:334.
4- غاية المراد 3:565،المسالك 2:327.

اجتمعوا معهم كان الجدّ للأب كالأخ له،و الجدّة له كالأُخت له،و الجدّ للأُمّ كالأخ منها،و كذا الجدّة،انتهى.

و لكنّها فيها ظاهرة غاية الظهور،سيّما مع كون ما ذكره المعروف من مذهبهم و المشهور،فهي الحجة المثبتة لهذا التفصيل المزبور.

مضافاً إلى إطلاق المرسلة المتقدّمة؛ إذ ليس فيها التقييد للإخوة بكونهم من الأبوين أو الأب خاصّة،كما في إجماعي الكليني و الشيخ، و أكثر النصوص المستفيضة بل المتواترة الواردة في المسألة.

مع أنّ جملة منها أيضاً مطلقة،كالصحيح:في رجل مات،و ترك ستّة إخوة و جدّاً،قال:«هو كأحدهم» (1).

و الموثق:في ستّة إخوة و جدّ،قال:«للجدّ السبع» (2).

و الخبر:في رجل ترك خمسة إخوة و جدّاً،قال:«هي من ستّة،لكل واحد منهم سهم» (3).

فإنّ إطلاق الجدّ و الإخوة فيها شامل للمتقربين بالأُمّ أيضاً،لكنّها مع ذلك مجملة،قاصرة عن بيان التفصيل المعروف بينهم من أنّ جدود الأب و جدّاته ككلالته،و جدود الاُمّ و جدّاتها ككلالتها،يقتسمون تقسيم الكلالة مع الاختلاف في الذكورية و الأُنوثية بالتفاوت أو التسوية،لكن الإجماع الظاهر المصرّح به كفانا مئونة الاشتغال بطلب حجة أُخرى في المسألة،أو تطبيق الأخبار عليها بجهد و مشقّة.

ص:339


1- الفقيه 4:697/207،الوسائل 26:165 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6 ح 7.
2- الكافي 7:5/110،الفقيه 4:698/207،التهذيب 9:1084/304،الإستبصار 4:586/156،الوسائل 26:168 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6 ح 15.
3- الكافي 7:6/110،التهذيب 9:1085/304،الإستبصار 4:587/156،الوسائل 26:168 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6 ح 16.

مع تكفّل كثير من النصوص لبيان التقسيم بالتفاوت بين الأجداد للأب و الإخوة له إذا اجتمعوا،كالصحيح:«إنّ الجدّ مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا» قال:قلت:رجل ترك أخاه لأبيه و أُمّه و جدّه،أو قلت:ترك جدّه و أخاه لأبيه (1)و أُمّه،قال:«المال بينهما،فإن كانا أخوين أو مائة ألف فله نصيب مثل واحد من الإخوة» قال:قلت:رجل ترك جدّه و أُخته،فقال:« لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [1] ،و إن كانتا أُختين فالنصف للجدّ،و النصف الآخر للأُختين،و إن كنّ أكثر من ذلك فعلى هذا الحساب، و إن ترك إخوة و أخوات لأب و أُمّ،أو لأب،و جدّاً فالجدّ أحد الإخوة، المال بينهم،للذّكر مثل حظّ الأُنثيين» قال زرارة:هذا مما لا يؤخذ عليّ فيه،قد سمعته من أبيه و منه قبل ذلك،و ليس عندنا في ذلك شك و لا اختلاف (2).

و الصحيح:عن رجل ترك أخاه لأبيه و أُمّه و جدّه،قال:«المال بينهما و لو كانا أخوين أو مائة،كان الجدّ معهم كواحد منهم،للجدّ نصيب واحد من الإخوة،قال:«فإن ترك أُخته فللجدّ سهمان،و للأُخت سهم،و إن كانتا أُختين فللجدّ النصف،و للأُختين النصف» قال:«فإن ترك إخوة و أخوات من أب و أُمّ كان الجدّ كواحد من الإخوة،للذّكر مثل حظّ الأُنثيين» (3)إلى غير ذلك من الأخبار التي يضيق عن نشرها المقام.

بقي هنا شيء،و هو أنّه إذا اجتمع الجدّ أو الجدّة للأُمّ مع الأُخت للأب،فلأحدهما السدس،أو الثلث،على الخلاف،و للأُخت النصف،

ص:340


1- في«ب» و التهذيب و الاستبصار زيادة:أو أخاه لأبيه.
2- الكافي 7:2/109،التهذيب 9:1081/303،الإستبصار 4:583/155،الوسائل 26:165 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6 ح 9.
3- الكافي 7:8/110،الفقيه 4:694/206،التهذيب 9:1087/305،الإستبصار 4:589/156،الوسائل 26:167 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 6 ح 13.

بلا خلاف.

و هل يكون الفاضل عن سهامهما مردوداً عليهما بالنسبة،كما هو فتوى ابن زهرة و الكيدري (1)،أو على الأُخت خاصّة،كما عن النهاية و القاضي و نجيب الدين (2)؟قولان،تردّد بينهما الفاضل في الإرشاد (3).

و لا وجه له بعد عموم مفهوم الحصر المتقدّم في قوله(عليه السّلام):«فهم الذين يزادون و ينقصون» (4)مشيراً بهم إلى كلالة الأب،و ليس فيه تقييد ذلك بما إذا اجتمعوا مع كلالة الأُمّ خاصّة،بل هو عام شامل له و لما إذا اجتمعوا مع الأجداد لها.

و لا يقدح في ذلك تضمّن صدر بعض النصوص المتضمّنة له أو جملتها خصوص الصورة الأُولى،فيخصّ بها عموم ذيلها،إلّا على تقدير تخصيص السؤال لعموم الجواب،و هو خلاف التحقيق،كما برهن في محلّه.

فالقول الثاني أظهر،وفاقاً للشهيد في الدروس و النكت (5)،قائلاً فيه:

الظاهر أنّه يلزم كلّ من قال باختصاص الأُخت في مسألة قيام كلالة الأب مقام كلالة الأب و الأُمّ.

و هنا

مسألتان:
الاُولى:لو اجتمع أربعة أجداد لأب

مسألتان:

الاُولى:لو اجتمع أربعة أجداد لأب أي جدّ أبيه و جدّته لأبيه

ص:341


1- الغنية(الجوامع الفقهية):607،و حكاه عن الكيدري في المختلف:733.
2- حكاه عنهم في غاية المراد 3:566،و هو في النهاية:651،المهذب 2:144،145،الجامع للشرائع:516،517.
3- الإرشاد 2:121.
4- راجع ص:324.
5- الدروس 2:371،غاية المراد 3:566.

و هما لاُمّه و مثلهم لاُمّ أي جدّ امّه و جدّتها لأبيها و هما لاُمّها كان لأجداد الأُمّ و جدّاتها الأربعة الثلث يقتسمونه بينهم أرباعاً،و لأجداد الأب و جدّاته الثلثان يقتسمونهما بينهم بالتفاوت لأبوي أبيه ثلثا الثلثين أثلاثاً للذّكر منهما ضعف الأُنثى و لأبوي امّه الثلث أثلاثاً أيضاً كذلك.

هذا على المشهور بين أصحابنا،كما صرّح به جماعة (1).

قيل:اعتباراً للنسبة إلى نفس الميت (2).

خلافاً لمعين الدين المصري،فثلث الثلث لأبوي أُمّ الأُمّ بالسوية، و ثلثاه لأبوي أبيها كذلك أيضاً،و ثلث الثلثين لأبوي أُمّ الأب بالسوية، و ثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثاً (3).

قيل:اعتباراً في الطرفين بالتقرب إلى الأُمّ في الجملة المقتضي للتسوية (4).

و للبَرزَهي (5)،فثلث الثلث لأبوي أُمّ الأُمّ بالسوية،و ثلثاه لأبوي أبيها أثلاثاً،للذّكر ضعف الأُنثى.و قسمة أجداد الأب كالأوّل،قيل:اعتباراً في

ص:342


1- منهم الشهيد في الروضة 7:147،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:323،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:293.
2- قاله الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:324.
3- حكاه عنه في الدروس 2:370.
4- قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:324.
5- حكاه عنه في الدروس 2:371.و هو الشيخ زين الدين محمّد بن القاسم البرزهي،عالم،فقيه،فاضل،ينقل له أقوال في كتب الاستدلال،و البرزهي بفتح الباء و الزاي نسبة إلى البَرزَة بالهاء الصريحة و هي قرية من أعمال بيهق،و البرزة بتاء التأنيث قرية من غوطة دمشق إلّا أن النسبة إليها البرزي.أمل الآمل 2:884/293،رياض العلماء 5:152،الكنى و الألقاب 2:68،القاموس المحيط 2:172(برز)،معجم البلدان 1:382.

الطرفين بالتقرب إلى الأب (1).

و المسألة محلّ إشكال؛ لعدم وضوح الدليل على شيء من هذه الأقوال،و ضعف الاعتبارات،مع تعارض بعضها مع بعض.

و ندرة اتفاق هذه المسألة كفتنا مئونة الاشتغال بتحصيل ما يرجّح أحد هذه الأقوال،مع أنّ العمل بالمشهور متعيّن في أمثال المجال لو لم يكن بدّ و لا يمكن احتياط.

و تصح المسألة على القولين الأخيرين من أربعة و خمسين،و إن اختلف وجه الارتفاع فيهما؛ لأنّ على الأوّل:سهام قرابة الأُمّ ستّة،و سهام قرابة الأب ثمانية عشر،و على الثاني:الثمانية عشر سهام قرابة الأُمّ،و سهام قرابة الأب تسعة،و على التقديرين يجتزأ بالثمانية عشر التي هي العدد الأكثر لدخول الأقل فيه،و هو الستّة في الأوّل و التسعة في الثاني،و تضرب في أصل المسألة،و هو ثلاثة،تبلغ العدد المتقدّم إليه الإشارة.

و أمّا على القول الأوّل: فتصح من مائة و ثمانية لأنّ أصلها كما عرفت من ثلاثة أسهم هي مخرج ما فيها من الفروض،و هو الثلث،سهم منها لأقرباء الأُمّ و هو ثلثها لا ينقسم على عددهم و هو أربعة،و سهمان لأقرباء الأب لا ينقسم على عدد سهامهم و هي تسعة؛ لأنّ ثلثي الثلثين لجدّ أبيه و جدّته لأبيه بينهما أثلاثاً،و ثلثه لجدّ أبيه و جدّته لأُمّه أثلاثاً أيضاً، فترتقي سهام الأربعة إلى تسعة،فقد انكسرت على الفريقين،و بين عدد سهم كلّ فريق و نصيبه مباينة،و كذا بين العددين،فيطرح النصيب، و يضرب أحد العددين في الآخر يحصل ستّة و ثلاثون،تضرب في أصل

ص:343


1- مفاتيح الشرائع 3:324.

الفريضة ثلاثة تبلغ مائة و ثمانية،ثلثها ستّة و ثلاثون ينقسم على أجداد أُمّه الأربعة بالسوية،لكلّ واحد تسعة،و ثلثاها اثنان و سبعون ينقسم على تسعة،لكلّ سهم ثمانية،فلجدّ الأب و جدّته لأبيه ثلثا ذلك ثمانية و أربعون،ثلثه للجدّة ستّة عشر،و ثلثاه للجد اثنان و ثلاثون،و لجدّ الأب و جدّته لأمّه أربعة و عشرون،ثلثا ذلك للجدّ ستّة عشر،و ثلثه للجدّة ثمانية.

الثانية:الجدّ و إن علا يقاسم الإخوة و الأخوات

الثانية:الجدّ و إن علا مطلقاً،بشرط الترتيب الأقرب فالأقرب يقاسم الإخوة و الأخوات مطلقاً،بغير خلاف ظاهر،مصرّح به في كلام جماعة (1)،و هو الحجة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و نحوها من المعتبرة،المتقدّم إلى جملة منها الإشارة،الدالّة على تنزيل الجدّ منزلة الإخوة و اقتسامهما التركة (2).

و جملة منها و إن كانت مطلقة غير منصرفة بحكم التبادر و الغلبة إلى الجدّ الأعلى،بل إلى الأدنى خاصّة،إلّا أنّ جملة أُخرى منها وافرة عامّة لهما،و إن كان الجدّ فيها أيضاً مطلقاً،إلّا أنّه في السؤال،و حيث لم يستفصل عن أفراده و محتملاته التي منها الجدّ الأعلى أفاد العموم لهما على الأقوى،كما برهن في محلّه مستقصى.

نعم ربما يتوجّه السؤال بأنّ هذا العموم معارض بعموم ما دلّ على منع الأقرب الأبعد،و الأخ أقرب من أب الجدّ،و الجمع بينهما كما يمكن بتخصيص هذا العموم و إبقاء عموم مقاسمة الجدّ للأخ بحاله،كذا يمكن

ص:344


1- كشف الرموز 2:457.
2- راجع ص:333.

العكس،فلا وجه لترجيح الأوّل عليه،سيّما مع العمل به في الحكم بترتّب الأجداد بعضهم مع بعض و منع الأقرب منهم الأبعد،فليكن هذا بالترجيح أجدر،و هذا السؤال متوجّه لولا فتوى الأصحاب المرجّح للجمع الأوّل.

و أولاد الإخوة و الأخوات مطلقاً و إن نزلوا لكن مرتّبين يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الأجداد و الجدّات خاصّة، بلا خلاف أجده،بل عليه الإجماع في السرائر و الانتصار و الغنية و كنز العرفان و غيرها (1)،و هو الحجة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة عموماً و خصوصاً،فمن الأوّل:

المعتبرة من الصحيح و غيره،الدالّة على أنّ كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به،إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميت فيحجبه (2).

و من الثاني:الصحاح و المعتبرة من الموثق و غيره،الدالّة على مقاسمة ابن الأخ مع الجدّ المال بينهما نصفين (3).

و الصحيح:«بنت الأخ بمنزلة الأخ» (4).

و المرسل القريب من الصحيح:في بنات أُخت و جدّ،قال:«لبنات الأُخت الثلث،و ما بقي فللجدّ» (5)إلى غير ذلك من الأخبار.

ص:345


1- السرائر 3:260،الانتصار:302،الغنية(الجوامع الفقهية):607،كنز العرفان 2:334؛ كشف اللثام 2:293.
2- الوسائل 26:63 أبواب موجبات الإرث ب 1 ح 1،و 68 ب 2 ح 1،و 162 أبواب ميراث الإخوة و الأجداد ب 5 ح 9.
3- الوسائل 26:159 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 5.
4- التهذيب 9:1170/325،الوسائل 26:162 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 5 ح 9.
5- الكافي 7:7/113،الفقيه 4:702/207،التهذيب 9:1109/309،الوسائل 26:161 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 5 ح 7.

و قصورها عن إفادة تمام المدّعى مجبور بعدم القائل بالفرق بين جزئيات المسألة و أفرادها،مع الاعتضاد بعموم المعتبرة المتقدّمة الدالّة على المنزلة.

و الاستثناء في بعضها كآية الإرث بالقرابة و غيرها و إن اقتضى منع الجدّ من بَعُد عن درجته من أولاد الإخوة،إلّا أنّه مخصّص هنا أيضاً بالإجماع،و صريح الأخبار الخاصّة.

و يستفاد من عموم المنزلة المتقدّمة مضافاً إلى عدم الخلاف أنّه يرث كلّ واحد منهم أي من المتقاسمين من الأجداد و أولاد الإخوة نصيب من يتقرب به إلى الميت.

ثم إن كانوا أولاد أخ أو إخوة أو أولاد أُخت أو أخوات لأب اقتسموا نصيبهم من المال مع الاختلاف في الذكورة و الأُنوثة بالتفاوت للذّكر مثل حظّ الأُنثيين،و إن كانوا أي أولاد الإخوة و الأخوات لأُمّ خاصة اقتسموا نصيبهم بينهم بالسوية مطلقاً،و لو اختلفوا في الذكورة و الأُنوثة،فإنّ ذلك حكم المنزلة.

و لنذكر أمثلة اقتسام أولاد الإخوة منفردين عن الأجداد،ثم أمثلة اقتسامهم مجتمعين معهم،فنقول:

لو خلف الميت أولاد أخ لأُمّ أو أُخت لها خاصّة،كان المال لهم بالسوية،السدس فرضاً و الباقي ردّاً،من غير فرق بين الذكر و الأُنثى.

و إن تعدّد من تقربوا به من الإخوة للاُمّ أو الأخوات أو الجميع،كان لكلّ فريق من الأولاد نصيب من يتقرب به،يقتسمونه بالسوية.

و إن كانوا أولاد أخ للأبوين أو لأب و لا وارث سواهم كان المال بينهم بالسوية إن اتفقوا ذكورية أو أُنوثية،و إلّا بالتفاضل.

ص:346

و إن كانوا أولاد أُخت للأبوين أو الأب،كان النصف فرضاً،و الباقي ردّاً مع عدم غيرهم.

و إن كانوا أولاد أُختين فصاعداً كذلك،فالثلثان لهم فرضاً،و الباقي ردّاً مع عدم غيرهم،و يقتسمونه بالسوية أو التفاضل،كما تقدّم.

و لو اجتمع أولاد الأُخت للأبوين أو الأب مع أولاد الأخ أو الأُخت أو الأخوة أو الأخوات للأُمّ،فللفريق الثاني السدس مع وحدة من يتقربون به، و الثلث مع تعدّده،و للفريق الأوّل النصف،و الباقي يردّ عليهم خاصّة،أو عليهما،على الاختلاف المتقدّم إليه الإشارة.

و لو اجتمع أولاد الكلالات الثلاث سقط أولاد من يتقرب بالأب، و كان لمن يتقرب بالأُمّ السدس مع وحدة من يتقرب به،و إلّا فالثلث، و لمن يتقرب بالأبوين الباقي.

و لو دخل في هذه الفروض زوج أو زوجة،كان له النصيب الأعلى، و الباقي ينقسم كما تقدّم.

و لو خلف أولاد أخ للأبوين و أولاد أُخت لهما،و مثلهم من قبل الاُمّ، و جدّاً و جدّة من قبل الأب،و مثلهما من قبل الأُمّ،فلكلالة الأُمّ مع الجدّين لها الثلث،يقتسمونه أرباعاً،ربع للجدّ،و ربع للجدّة،و ربع لأولاد الأخ، و ربع لأولاد الأُخت،و كلّ من هؤلاء الأولاد يقتسمونه بالسوية،و الباقي و هو الثلثان يقسم على الباقين بالتفاضل،فثلثاه للجدّ من الأب و لأولاد الأخ من الأبوين انصافاً بينه و بينهم،بالتفاضل بينهم،و ثلثه للجدّة و أولاد الأُخت انصافاً بينها و بينهم كذلك.

و لا فرق بين كون الأخ موافقاً للجدّ في النسبة أو مخالفاً،فلو كان ابن أخ لأُمّ مع جدّ لأب،فلابن الأخ السدس فريضة أبيه،و للجدّ الباقي،و لو

ص:347

انعكس فكان الجدّ للاُمّ و ابن الأخ للأب،فللجدّ الثلث أو السدس،على الخلاف المتقدم،و لابن الأخ الباقي.

و بالجملة فإنّك تنزل هؤلاء الأولاد من أيّ جهة كانوا منزلة من يتقربون به،و تقسم عليهم حصته كما تقسم عليه لو كان،و كذلك الجدّ.

و اعلم أنّ اشتراط عدم الإخوة في إرث أولادهم مطلقا هو المشهور بين الأصحاب؛ لعموم ما دل على منع الأقرب الأبعد،و لا يكاد يتحقق فيه خلاف،و لم ينقل إلّا عن الفضل بن شاذان،حيث شرك ابن الأخ من الأبوين مع الأخ من الاُمّ،و ابن ابن الأخ منهما مع ابن الأخ منها،و نحو ذلك،فجعل السدس للمتقرب بالأُمّ،و الباقي للمتقرب بالأبوين،بناءً على أصله من جعل الإخوة صنفين،و اعتبار الأقرب من إخوة الأُمّ فالأقرب على حدة،و الأقرب من إخوة الأبوين و الأب فالأقرب على حدة،و عدم اعتبار قرب أحد الصنفين بالنسبة إلى الآخر،كما في الأخ بالنسبة إلى الجدّ الأعلى (1).

و هو مع شذوذه (2)ضعيف؛ لاتحاد صنف الإخوة جميعاً كالجدّ، كما هو المفهوم من تقديم الأقرب فالأقرب لغة و عرفاً؛ مضافاً إلى النص الصحيح كما قيل (3)،و لم أقف عليه.

نعم في الرضوي:«من ترك واحداً ممّن له سهم،ينظر فإن كان من بقي من درجته[أولى بالميراث]ممّن سفل[فهو أولى]و هو أن يترك الرجل أخاه و ابن أخيه،فالأخ أولى من ابن أخيه» (4)و الحمد للّه.

ص:348


1- حكاه عنه في الفقيه 4:200،و الكافي 7:107.
2- في«ر» زيادة:بل دعوى الإجماع على خلافه في السرائر(3:262).
3- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:328.
4- فقه الرضا(عليه السّلام):289،المستدرك 17:180 أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 4 ح 4؛ بتفاوت،و ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
المرتبة الثالثة:الأعمام،و الأخوال
اشارة

المرتبة الثالثة:

الأعمام،و الأخوال و أولادهم،و هم أُولوا الأرحام،و إنّما يرثون على المشهور مع فقد الإخوة و بنيهم و الأجداد فصاعداً.

و عن الفضل:أنّه لو خلّف خالاً و جدّة لاُمّ اقتسما المال نصفين (1).

و في الدروس:أنّ الذي في كتابه:أنّه لو ترك جدّته و عمّته و خالته فالمال للجدّة.و نقل عن يونس مشاركة العمّة و الخالة،و أنّه جعل العمّة تساوي الجدّة و غلّطه في ذلك،و في قوله:إنّه لو خلّف عمّاً و ابن أخ اقتسما المال نصفين (2).

و هذا منه موافقة للمشهور،فتأمّل .و كيف كان فالمذهب الأوّل؛ لعدم وضوح دليل على الخلاف،مع ظهور أقربيّة كلّ من آحاد المرتبة الثانية من كلّ من أهل هذه المرتبة، فالميراث لهم؛ لعموم ما دل على منع الأقرب الأبعد من الآية و الرواية.

مضافاً إلى صريح الرضوي:«و من ترك عمّاً و جدّاً،فالمال للجدّ، و إن ترك عمّاً و خالاً و جدّاً و أخاً،فالمال بين الأخ و الجدّ،و يسقط العم و الخال» (3).

و اعلم أنّ للعمّ جميع المال إذا انفرد عمّن عداه ممّن يرث و كذا المال للعمّين المنفردين فصاعداً،و كذا العمّة المنفردة و العمّتان المنفردتان و العمّات المنفردات،يقتسمون المال بينهم

ص:349


1- حكاه عنه في الفقيه 4:213،و انظر الكافي 7:118.
2- الدروس 2:372.
3- فقه الرضا(عليه السّلام):289،المستدرك 17:189 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 1 ح 1.

بالسوية،لأب و أُمّ كانوا أو لأب أو لاُمّ،بلا خلاف فيه.

و في أنّه لو اجتمع العمومة جمع عمّ،أي الأعمام و العمّات اقتسموا المال بينهم بالتفاضل للذّكر مثل حظّ الأُنثيين إن كانوا جميعاً من قبل الأبوين أو الأب،بمعنى أنّهم كانوا إخوة لأب الميت من قبل أبويه أو أبيه خاصّة،و الدليل عليه بعد عدم الخلاف فيه على الظاهر،بل الإجماع كما في الغنية (1)الخبر المنجبر قصور سنده بالعمل:

في عمّة و عمّ،قال:«للعمّ الثلثان،و للعمّة الثلث» (2)و نحوه الرضوي (3).

و أمّا إذا كانوا جميعاً لاُمّ فالذي يقتضيه إطلاق العبارة هنا و في الشرائع و الصدوق في الفقيه و الفضل بن شاذان و الغنية (4)مدّعياً عليه إجماع الإماميّة أنّه أيضاً كذلك،يقتسمونه بينهم بالتفاضل،و يعضده إطلاق الرواية.

خلافاً لصريح جماعة،كالفاضل في الإرشاد و التحرير و القواعد و الشهيدين في الدروس و اللمعتين و غيرهم (5)،فيقتسمونه بالسوية.

و هذا أوفق بالأصل؛ لاقتضاء شركة المتعدّدين في شيء اقتسامهم له بينهم بالسوية،خرج عنه هنا ما لو كانوا للأب بالإجماع و الرواية،و تبقى هذه الصورة تحته مندرجة؛ لعدم مخرج لها عنه عدا إطلاق الرواية،و هي

ص:350


1- الغنية(الجوامع الفقهية):607.
2- التهذيب 9:1179/328،الإستبصار 4:645/171،الوسائل 26:189 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2 ح 9.
3- فقه الرضا(عليه السّلام):289،المستدرك 17:190 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2 ح 4.
4- الشرائع 4:30،الفقيه 4:211،و حكاه عن الفضل بن شاذان في الكافي 7:120،الغنية(الجوامع الفقهية):607.
5- الإرشاد 2:122،التحرير 2:166،القواعد 2:175،الدروس 2:372،اللمعة(الروضة البهية 8):153؛ كشف اللثام 2:296.

مع قصور سندها بالجهالة مع عدم جابر لها في هذه الصورة غير مقاومة للأصل المعتضد بالشهرة،بل نفى عنه الخلاف جملة،و منهم صاحب الكفاية (1).

و لا يعارضه عموم ما دل على تفضيل الذكر على الأُنثى بقول مطلق؛ لرجحان الأصل عليه بالشهرة العظيمة،مع حكاية نفي الخلاف المتقدّمة، هذا.

مع عدم صراحة في الدلالة؛ لاحتمالها الاختصاص بالعمّ و العمّة للأب أو الأبوين خاصّة،و يؤيّده إطلاق أنّ الجدّ يقاسم الإخوة للأب في الأخبار المستفيضة بل المتواترة،مع أنّ المراد منه الجدّ من قبل الأب خاصّة،فتدبّر.و إذا قام مثل هذا الاحتمال انتفت الصراحة في الرواية،التي هي مناط التخصيص للعمومات،كما مرّ إليه الإشارة غير مرّة.

ثم إنّ جميع ما ذكر إنّما هو إذا كانوا مجتمعين في الدرجة،بأن كانوا جميعاً للأبوين،أو أحدهما خاصّة.

و أمّا لو كانوا متفرقين بأن كان بعضهم للأبوين أو الأب خاصّة،و بعضهم للاُمّ كذلك ف قد ذكر الأصحاب من غير خلاف يعرف بينهم،و به صرّح جماعة (2)أنّ لمن تقرب منهم بالأُمّ السدس إن كان واحداً مطلقاً،ذكراً كان أو أُنثى و الثلث إن كانوا أكثر يقتسمونه بينهم بالسوية و لو اختلفوا ذكورة و أُنوثة و الباقي عن الثلث أو السدس لمن تقرب منهم بالأب و الأُمّ أو الأب عند عدم

ص:351


1- الكفاية:300.
2- منهم الحلي في السرائر 3:262،و الكاشاني في المفاتيح 3:321 322،و السبزواري في الكفاية:298.

من يتقرب بهما،واحداً كان أو متعددّاً،يقتسمونه بينهم بالتفاضل للذّكر مثل حظّ الأُنثيين و لم أقف لهم بعد الاتفاق على حجة ظاهرة و لا متوهّمة عدا إلحاق الأعمام بالكلالة،و أنّ إرثهم إنّما هو من حيث الأُخوّة لأب الميت،فكما أنّ لمن تقرب منهم بالأُمّ السدس مع الوحدة و الثلث مع الكثرة بينهم بالسوية، و لمن تقرب منهم بالأبوين أو الأب بالتفاضل،فكذلك هنا.و هو كما ترى؛ لعدم دليل عليه بعد الوفاق أصلاً،فيكون لولاه قياساً.

و ربما يتأمّل في الاتفاق أيضاً؛ نظراً إلى إطلاق عبارتي الصدوق و الفضل باقتسام العمّ و العمّة المال بالتفاضل،من دون تفصيل بين كونهما معاً لأب أو لاُمّ أو مختلفين،و نحوهما إطلاق الرواية المتقدّمة.

و يمكن الذبّ عن الجميع،فعن الرواية بما مرّ إليه الإشارة،و عن مخالفتهما به أيضاً على احتمال،و بمعلومية نسبهما،فلا يقدح في انعقاد الإجماع مخالفتهما على تقدير تسليمها،فتأمّل جدّاً . و يسقط معهم أي مع الأعمام للأبوين من يتقرب من الأعمام إلى الميت بالأب خاصّة و يقومون أي المتقربون به خاصّة مقامهم أي مقام المتقربين بالأبوين عند عدمهم بلا خلاف في شيء من الأمرين أجده،و به صرّح جماعة (1)،بل في الغنية و السرائر (2)الإجماع عليهما،و هو الحجة فيهما.

مضافاً إلى بعض المعتبرة في الأوّل:«و عمّك أخو أبيك من أبيه و أُمّه أولى بك من عمّك أخي أبيك من أبيه» قال:«و ابن عمّك أخي أبيك من

ص:352


1- انظر مجمع الفائدة و البرهان 11:413 414،و الكفاية:300.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):607،السرائر 3:262.

أبيه و أُمّه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأبيه» (1).

و اعلم أنّ هذه المرتبة ليست كسابقتها مشتملة على صنفين يجتمع أعلى أحدهما مع أدنى الآخر،بل الصنفان فيها أحدهما بحكم الآخر؛ نظراً إلى أنّ إرثهم إنّما يكون من جهة كونهم إخوة لأب الميت و أُمّه،كما هو ظاهر الأصحاب،أو من جهة كونهم بمنزلة الأبوين،كما يستفاد من الأخبار،و لا شيء من صنفي الإخوة و الأبوين بمتعدّد،بل كل منهما صنف واحد،فيكون ما نُزّل منزلتهما كذلك.

و لهذا الصنف درجات متفاوتة صعوداً و نزولاً بحسب القرب و البعد، فالعمّ و العمّة مثلاً مطلقاً أقرب من بنيهما و بني الخال،و الخال و الخالة كذلك.

و لا يرث الأبعد منهم مع الأقرب،مثل ابن خال مع خال،أو مع عمّ،أو ابن عمّ مع خال،أو مع عمّ إجماعاً،إلّا من الإسكافي في ابن خال مع عمّ،حيث قال:إنّ للعم الثلثين،و لابن الخال الثلث (2).

و هو شاذّ،محجوج بالإجماع الظاهر المحكي في الغنية و السرائر (3)، و الآية (4)،و المعتبرة الدالّة على أنّ:«كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به،إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه،فيحجبه» (5)و لا ريب أنّ العمّ

ص:353


1- الكافي 7:1/76،التهذيب 9:974/268،الوسائل 26:190 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 4 ح 1.
2- حكاه عنه في المختلف:751.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):607،السرائر 3:262.
4- الأنفال:75،الأحزاب:6.
5- الكافي 7:2/77،التهذيب 9:976/269،و 1170/325،الوسائل 26:68 أبواب موجبات الإرث ب 2 ح 1،و 188 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2 ح 6.

أقرب من ابن الخال،و أنّ العمّ أقوى من الخال؛ لأنّه أكثر نصيباً،و الخالة تحجب ابن العمّ،كما في الخبر:في ابن عمّ و خالة،قال:«المال للخالة» و قال في ابن عمّ و خال،قال:«المال للخال» (1)فالعمّ أولى أن يحجب ابن الخال،فتدبّر.

و بالجملة لا شبهة فيما ذكره الأصحاب من كلّيّة قاعدة منع الأقرب الأبعد إلّا في اجتماع ابن عمّ لأب و أُمّ مع عم لأب ف إنّ ابن العمّ أولى بالميراث عند الإمامية،حكى إجماعهم عليه جماعة حدّ الاستفاضة (2)،بل لعلّ الحكاية متواترة،و هو الحجة المخصّصة لتلك القاعدة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة،كما ذكرها بعض الأجلّة (3).

و لم أقف عليها كذلك،مع أنّها غير معتبرة السند،لكن في الفقيه:إن ترك عمّاً لأب و ابن عمّ لأب و أُمّ فالمال كله لابن العمّ للأب و الأُمّ؛ لأنّه قد جمع الكلالتين كلالة الأب و كلالة الاُمّ،و ذلك بالخبر الصحيح عن الأئمّة(عليهم السّلام) (4).

فتأمّل ،مع أنّ ذلك مجبور بالعمل.

و هل يتعدّى الحكم من هذه الصورة إلى ما تقاربها من الصور،كما لو حصل التعدّد في أحد الجانبين أو كليهما،أو دخل في الفرض المذكور

ص:354


1- التهذيب 9:1179/328،الإستبصار 4:645/171،الوسائل 26:193 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 5 ح 4.
2- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):607،و الحلي في السرائر 3:262،و الفاضل المقداد في التنقيح 4:181،و ابن فهد في المهذّب البارع 4:393،و السبزواري في الكفاية:301.
3- المفاتيح 3:302.
4- الفقيه 4:212.

زوج أو زوجة،أو حصل التغير بالذكورة و الأُنوثة،أو انضمّ إلى ذلك الخال و الخالة؟خلاف لا يليق بهذا الشرح نشره،و الاقتصار على مورد النص أظهر،وفاقاً لكثير؛ لأنّ المسألة جرت على خلاف الأُصول المقرّرة و القواعد الممهّدة،فالتعدية فيها عن موضع الإجماع و الرواية مشكلة،و إن وجّهت بتوجيهات اعتبارية ربما أوجبت مظنّة،إلّا أنّ في بلوغها حدّا يجوز معه تخصيص الأُصول بها إشكالاً.

و للخال جميع المال إذا انفرد عمّن عداه ممّن يرث و كذا المال للخالين المنفردين و الأخوال المنفردين و كذا الخالة المنفردة و الخالتين المنفردتين و الخالات المنفردات،لهنّ المال أجمع،يقتسمونه بينهم بالسوية.

و لو اجتمعوا ذكورة و أُنوثة فالمال بينهم أيضاً بالسوية كيف كانوا في المقامين،أي لأب كانوا أو لاُمّ أو لهما،بشرط الاجتماع في الدرجة،بأن يكونوا كذلك جميعاً.

و أمّا لو كانوا متفرقين فيها،بأن كان بعضهم للأبوين و بعض للأب خاصّة و آخر للاُم فلمن يتقرب بالأُمّ السدس إن كان واحداً مطلقاً،ذكراً كان أو أُنثى و الثلث إن كانوا أكثر كذلك،يقتسمونه بينهم بالسوية و الثلثان فما زاد لمن يتقرب بالأب و الأُمّ،و يسقط من يتقرب منهم بالأب (1)معهم أي مع المتقربين منهم بالأبوين، و يقومون مقامهم عند عدمهم و القسمة بينهم أي بين المتقربين بهما أو بالأب مع عدمهم بالسوية للذّكر مثل ميراث الأُنثى (2)

ص:355


1- في المطبوع من المختصر(270):بالأُمّ.
2- في المطبوع من المختصر(270):للذكر مثل حظّ الأُنثيين.

و لا خلاف في شيء من ذلك أجده،و به صرّح جماعة (1)،إلّا في الحكم الأخير من اقتسام الأخوال للأب و الخالات له بالتساوي،فقد خالف فيه بعض أصحابنا،كما في الخلاف (2)،فحكم بأنّ الخؤولة للأبوين أو الأب يقتسمون بالتفاضل؛ نظراً إلى تقربهم بأب في الجملة.

و ردّ بأنّ تقربهم للميت بالأُمّ مطلقا،و لا عبرة بجهة قربها (3).

و فيه:أنّه متى كان الحكم كذلك فالحكم في صورة التفرق بأنّ للمتقرب بالأُمّ السدس مع الوحدة و الثلث مع الكثرة و الباقي للمتقرب بالأبوين أو الأب خاصّة مع عدمه لا وجه له،بل الواجب على هذا الحكم بالتساوي.

و بالجملة فكلماتهم في هذه المسألة على الفقير مشتبهة،فإنّه إن كان الاعتبار بالنظر إلى تقرب هذا الوارث إلى الميت فتقرب الخؤولة مطلقاً إنّما هو بالأُمّ الموجب لاقتسام من تقرب بها بالسوية،أعم من أن يكون التقرب إليها بالأبوين أو أحدهما خاصّة،فلا وجه حينئذٍ لتخصيص المتقرب إليها بالأُمّ بالسدس أو الثلث،بل لا وجه لسقوط المتقرب إليها بالأب متى اجتمع مع المتقرب إليها بالأبوين.

و إن كان الاعتبار بالنظر إلى تقرب الوارث إلى الواسطة أعني الأُمّ، فلا ينبغي النظر إلى الأُمّ مطلقاً،و حيث إنّ النص مفقود في هذا المجال فالحكم فيه مطلقاً لا يخلو عن إشكال،و إن كان القول بالتسوية كما هو المشهور لا يخلو عن قرب؛ لأنّه مقتضى الشركة،كما مرّ مراراً إليه

ص:356


1- انظر مفاتيح الشرائع 3:321 322.
2- الخلاف 4:17.
3- المسالك 2:330.

الإشارة،و لكنّه يعارض بما مرّ من العمومات الدالّة على تفضيل الذكر على الأُنثى مع التعليل بقول مطلق،فالاحتياط بنحو من المصالحة لا يترك.

و إن أمكن الذبّ عن هذا بترجيح قاعدة الشركة عليه بالشهرة، فلا بأس بالعمل عليها حيث لا يمكن الاحتياط بنحو من المصالحة،سيّما مع ندرة قول بعض الأصحاب،كما صرّح بها في الروضة (1)مشعراً بدعوى الإجماع عليه،و قريب منها عبارة الكفاية و غيرها (2)،فلا يبعد ترجيح المشهور مطلقاً،سيّما بملاحظة الرضوي الآتي.

و لو اجتمع الأخوال و الأعمام،فللأخوال الثلث،و للأعمام الثلثان إجماعاً مع تعدّد الأخوال مطلقاً؛ للرضوي:«فإن ترك خالاً و خالة و عمّاً و عمّة،فللخال و الخالة الثلث بينهما بالسوية،و ما بقي فللعمّ و العمّة،للذّكر مثل حظّ الأُنثيين» (3).

و لأنّ الأخوال يرثون نصيب من تقربوا به و هو الأُخت أو الأُم، و نصيبهما الثلث، @(و الأعمام يرثون نصيب من يتقربون به و هو الأخ أو الأب،و نصيبهما الثلثان)@ (4)،هذا.

مضافاً إلى فحاوي المعتبرة الآتية،و عموم التعليل في جملة منها.

و في الموثق:في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه و أخواله،فقال:

«لأعمامه الثلثان،و لأخواله الثلث» (5)و قد روى الشيخ في الكتابين في هذا

ص:357


1- الروضة 8:154.
2- الكفاية:301؛ و انظر الدروس 2:373،و كشف اللثام 2:297.
3- فقه الرضا(عليه السّلام):289،المستدرك 17:190 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2 ح 4.
4- ما بين القوسين ليس في«ح».
5- الكافي 7:3/45،الفقيه 4:535/154،التهذيب 9:1169/325،الوسائل 19:393 أبواب أحكام الوصايا ب 62 ح 1.

الباب.

و يقتسمون كلّ منهم نصيبهم من الثلث و الثلثين اقتسامهم حال الانفراد،فالأخوال بالسوية مطلقاً،و الأعمام بالتفاوت مع الاختلاف في الذكورة و الأُنوثة،و مع الاتفاق فيهما بالسوية.

هذا إن اجتمعوا في الدرجة.

و لو كانوا متفرقين فللأخوال من جهة الأُمّ ثلث الثلث،و مع الاتحاد سدسه،و الباقي من الثلث للأخوال من جهة الأب و إن كان واحداً،و الثلثان للأعمام سدسهما للمتقرب منهم بالأُمّ إن كان واحداً،و ثلثهما إن كان أكثر بالسوية و إن اختلفوا في الذكورة و الأُنوثة،و الباقي للأعمام المتقربين بالأب بالتفاضل.

و أمّا مع اتحاد الأخوال و الأعمام بأن اجتمع خال أو خالة مع عمّ أو عمّة،فالمشهور أنّ لكلّ من الخال أو الخالة الثلث أيضاً كصورة التعدّد، و الثلثان لكلّ من العم و العمّة،بل عليه عامّة المتأخّرين،و في المسائل الناصرية الإجماع عليه (1)،و في السرائر أنّه مذهب المحصّلين (2)،و هو الحجة.

مضافاً إلى التعليل المتقدّم إليه الإشارة،و المعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح إنّ في كتاب علي(عليه السّلام):«رجل مات،و ترك عمّة و خالة،قال:

للعمة الثلثان و للخالة الثلث» (3)و إنّ فيه أيضاً:«إنّ العمّة بمنزلة الأب،

ص:358


1- الناصرية(الجوامع الفقهية):223.
2- السرائر 3:261.
3- الكافي 7:1/119،التهذيب 9:1162/324،الوسائل 26:186 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2 ح 1،و فيها:العمّ و الخال،بدل العمّة و الخالة.

و الخالة بمنزلة الأُمّ،و بنت الأخ بمنزلة الأخ،و كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به،إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه» و بمعنى ذيله الموثق و غيره (1).

و في الصحيح:رجل مات،و ترك عمّة و خالة،قال:«للعمّة الثلثان، و للخالة الثلث» (2).

و نحوه الخبر بل الصحيح كما قيل (3)-:رجل ترك عمّاً و خالاً، فأجاب:«الثلثان للعمّ،و الثلث للخال» (4).

خلافاً لصريح العماني و الكيدري و معين الدين المصري و ابن زهرة و ظاهر المفيد و الديلمي (5)،فقالوا:لكلّ من الخال أو الخالة السدس.

و حجتهم غير واضحة عدا إلحاق الأخوال و الأعمام بالكلالة.

و هو مع عدم دليل عليه من أصله كما عرفته اجتهاد صرف في مقابلة الأحاديث المعتبرة،المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل لعلّها إجماع في الحقيقة،كما صرّح به في المسائل الناصرية (6).فقولهم ضعيف غايته،كقول العماني أيضاً بأنّ للعمّ أو العمّة

ص:359


1- الوسائل 26:186 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2.
2- انظر الوسائل 26:187 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2 ح 2،3،4،5.
3- قاله المجلسي في ملاذ الأخيار 15:322.
4- التهذيب 9:1177/327،الوسائل 26:189 أبواب ميراث الأعمام و الأخوال ب 2 ح 8.
5- حكاه عن العماني و الكيدري و معين الدين في المختلف:734،735،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):607،المفيد في المقنعة:693،الديلمي في المراسم:223.
6- الناصريات(الجوامع الفقهية):223.

النصف،و للخال أو الخالة السدس،و الباقي يردّ عليهما على قدر سهامهما (1).

و يزيد الحجة على هذا بأنّ الردّ إنّما هو مع التسمية و هؤلاء لا تسمية لهم.

و لو كان معهم أي مع الأعمام و الأخوال جميعاً زوج أو زوجة فل كل منه هما النصيب الأعلى من النصف أو الربع و لمن يتقرب منهم بالأُمّ أي الأخوال و إن اتحدوا و كانوا لاُمّ،كما مرّ ثلث الأصل لا ثلث الباقي و الباقي و هو السدس على تقدير الزوج،و هو مع الربع على تقدير الزوجة لمن يتقرب منهم بالأب أي الأعمام.

و لو تفرق الفريقان المجتمعان مع أحدهما،أخذ كلّ منهما نصيبه الأعلى،و للأخوال الثلث،سدسه لمن تقرب منهم بالأُمّ مع الوحدة،و ثلثه لا معها،و الباقي من الثلث للأخوال من قبل الأبوين أو الأب عند عدمهم، و الباقي بعد نصيب أحد الزوجين و الأخوال للأعمام،سدسه للمتقرب بالأُمّ مع الوحدة،و ثلثه لا معها بالسوية،و الباقي للمتقرب منهم بالأبوين أو الأب عند عدمهم بالتفاضل.

و لو اجتمع أحدهما مع أحد الفريقين خاصّة،فله نصيبه الأعلى كذلك،و الباقي لأحد الفريقين و إن اتحدوا،و مع التعدّد و اتفاق الجهة كالأعمام من الأب خاصّة أو من الاُم كذلك أو الأخوال كذلك يقتسمون الباقي كما فصّل.

ص:360


1- حكاه عنه في المختلف:735.

و لو اختلف الجهة فإن كان الفريق المجامع لأحدهما الأعمام خاصّة فلمن تقرب منهم بالأُمّ سدس الأصل أو ثلثه،بلا خلاف على ما يظهر منهم،و به صرّح في المسالك و الروضة و غيرهما من كتب الجماعة (1).و إن كان الأخوال خاصّة فكذلك أيضاً،على الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل نسبه الشهيدان في الدروس و المسالك (2)إلى ظاهر كلام الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع عليه.

خلافاً للمحكي في القواعد و التحرير و الدروس و المسالك عن بعض الأصحاب (3)فلمن تقرب منهم بالأُمّ سدس الباقي.

و للقواعد و فخر الدين (4)،فله سدس الثلث؛ لأنّ الثلث نصيب الخؤولة،فللمتقرّب منهم بالأُمّ سدسه مع اتحاده،و ثلثه مع تعدّده.

و يضعف:بأنّ الثلث إنّما يكون نصيبهم مع مجامعة الأعمام،و إلّا فجميع المال لهم،فإذا زاحمهم أحد الزوجين زاحم المتقرب منهم بالأب و بقيت حصة المتقرب بالأُمّ و هو السدس مع وحدته،و الثلث مع تعدّده خالية عن المعارض.

مع أنّ هذا القول بل و سابقه أيضاً لو صحا يجريان في اجتماع أحد الزوجين مع الأعمام خاصّة أيضاً،فيكون للمتقرب بالأُم منهم سدس الباقي خاصّة،أو ثلثه،أو سدس الثلثين،أو ثلثهما،مع أنّهم لا يقولون بذلك

ص:361


1- المسالك 2:332،الروضة 8:160.
2- الدروس 2:374،المسالك 2:331.
3- القواعد 2:175،التحرير 2:166،الدروس 2:373،المسالك 2:332.
4- القواعد 2:175،إيضاح الفوائد 4:231.

ثمّة.

و اعلم أنّ هذه المرتبة مشتملة على طبقات متعدّدة مترتّبة،فالأُولى:

أعمام الميت،و عمّاته،و أخواله،و خالاته،ثم أولادهم مع عدمهم،ثم أولاد الأولاد،و هكذا مرتّبين.

و الثانية:أعمام أب الميت و أُمّه،و عمّاتهما،و أخوالهما،و خالاتهما، ثم أولادهم فنازلاً مرتّبين،كما في سابقتها.

و الثالثة:أعمام الجدّ و الجدّة،و عمّاتهما،و أخوالهما،و خالاتهما،ثم أولادهم فنازلاً مرتّبين.

و الرابعة:أعمام أب الجدّ و أُمّه،و أب الجدّة و أُمّها،و عمّات كل منهم،و أخوال كل منهم،و خالاتهم،ثم أولادهم و إن نزلوا مرتّبين.

و على هذا،فإذا انتقل فرض الميت إلى الطبقة الثانية من طبقات الفريقين ف لو اجتمع عمّ الأب أب الميت و عمّته و خاله و خالته و عمّ الأُمّ أُمّ الميت و عمّتها و خالها و خالتها ورثوا جميعاً؛ لاستوائهم في الطبقة،و كان لمن يتقرب منهم بالأُمّ من العمّ و العمّة و الخال و الخالة الثلث بينهم بالسوية أرباعاً،و لمن يتقرب منهم بالأب الثلثان الباقيان ثلثاه لعمّه و عمّته بينهما أثلاثاً للذّكر مثل حظّ الأُنثيين و ثلثه الباقي لخاله و خالته بينهما نصفين بالسوية هذا على قول مشهور.

و قيل (1):بل يجعل لخال الاُمّ و خالتها ثلث الثلث بالسوية،و لعمّها

ص:362


1- حكاه عن المحقق الطوسي في الإيضاح 4:230.

و عمّتها ثلثاه كذلك،و أمّا الأعمام فكالمشهور.

و احتمل بعضهم (1)أن يكون للخؤولة الأربعة من الطرفين الثلث بينهم بالسوية،و فريضة الأعمام الثلثان،ثلثهما لعمّ الاُمّ و عمّتها بالسوية أيضاً؛ لتقربهما بالأُمّ،و ثلثاهما لعمّ الأب و عمته أثلاثاً،للذّكر مثل حظّ الأُنثيين.

و المسألة خالية من النصوص،فسلوك جادّة الاحتياط فيها بصُلح و نحوه مطلوب مع الإمكان،و إلّا فلا محيص عن المشهور.

و تصح المسألة عليه من مائة و ثمانية،كمسألة الأجداد الثمانية،إلّا أنّ الطريق هنا أنّ سهام أقرباء الأب ثمانية عشر توافق سهام أقرباء الأُمّ الأربعة بالنصف،فيضرب نصف أحدهما في الآخر،ثم المجتمع في أصل الفريضة،و هو ثلاثة،تبلغ مائة و ثمانية،و كذا على القول الأخير.

و أمّا على القول الثاني فتصح من أربعة و خمسين؛ لأنّ سهام أقرباء الأُمّ ستّة تداخل سهام أقرباء الأب الثمانية عشر،فيجتزى بالأكثر و يضرب في الثلاثة أصل الفريضة،تبلغ ذلك.

و هنا

مسائل ثلاث:
الأُولى:عمومة الميت و عمّاته و خؤولته و خالاته و أولادهم و إن نزلوا أولى من عمومة أبيه و خئولته

مسائل ثلاث:

الأُولى:عمومة الميت و عمّاته و خئولته و خالاته و أولادهم و إن نزلوا أولى من عمومة أبيه و خئولته و عمومة امّه و خئولتها،و عمومتهما و خئولتهما و أولادهم و إن نزلوا أولى من عمومة الجدّ و الجدّة و خئولتهما، و هكذا.

و كذا أولاد كلّ بطن أقرب أولى من البطن الأبعد و الأصل فيه

ص:363


1- انظر القواعد 2:176.

بعد الوفاق الظاهر المحكي في كلام جمع (1)الأولوية المستفادة من آية إرث القرابة (2)،و الكلّيّة الناطقة بتنزيل كل ذي رحم منزلة الرحم الذي يجرّ به كما في النصوص المتقدّمة (3).

و منها مضافاً إلى خصوص بعض النصوص:«إذا اجتمع ولد العمّ و ولد العمّة،فلولد العمّ و إن كان أُنثى الثلثان،و لولد العمّة و إن كان ذكراً الثلث» (4)يظهر الوجه في أنّه يقوم أولاد العمومة و العمّات و الخؤولة و الخالات من كلّ طبقة مقام آبائهم و أُمّهاتهم في الإرث عند عدمهم،و يأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به،واحداً كان أو أكثر فيأخذ ولد العمّ أو العمّة و إن كان أُنثى الثلثين،و ولد الخال أو الخالة و إن كان ذكراً الثلث،و ابن العمّة مع بنت العمّ الثلث كذلك،و يتساوى ابن الخال و ابن الخالة و بنتهما،و يأخذ أولاد العمّ أو العمّة للأُمّ السدس إن كان واحداً، و الثلث إن كان أكثر،و الباقي لأولاد العمّ للأبوين أو للأب مع عدمهم.

و كذا القول في أولاد الخؤولة المتفرقين،و لو اجتمعوا جميعاً فلأولاد الخال الواحد أو الخالة كذلك للاُمّ سدس الثلث،و لأولاد الخالين أو الخالتين فصاعداً أو هما كذلك ثلث الثلث،و باقيه للمتقرب منهم بالأب.

و كذا القول في أولاد العمومة المتفرقين بالإضافة إلى الثلثين،و هكذا.

و يقتسم أولاد العمومة من الأبوين أو الأب عند عدمهم بالتفاوت،

ص:364


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:331،و السبزواري في الكفاية:301،انظر المفاتيح 3:301 302.
2- الأنفال:75،الأحزاب:6.
3- في ص:341.
4- انظر الفقيه 4:219،و الكافي 7:122.

للذّكر مثل حظّ الأُنثيين إذا كانوا إخوة مختلفين في الذكورية و الأُنوثية، و يقتسم أولاد العمومة من الأُمّ بالتساوي،و كذا أولاد الخؤولة مطلقاً،لأب كانوا أو لاُمّ أو لهما.

الثانية:من اجتمع له سببان موجبان للإرث،ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر

الثانية:من اجتمع له سببان أي موجبان للإرث،و المراد بالسبب هنا المعنى الأعمّ من السبب بالمعنى السابق؛ لشموله النسب ورث بهما معاً ما لم يمنع أحدهما الآخر و لم يكن ثمّة من هو أقرب منه فيهما أو في أحدهما.

فالأوّل أي الذي يرث بالسببين اللذين لم يمنع أحدهما الآخر كابن عمّ لأب هو ابن خال لأُمّ أ و زوج هو ابن عمّ أ و عمّة لأب هي خالة لأُمّ و يتصور الأوّل فيما لو تزوّج أخ الشخص من أبيه بأُخته من امّه،فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد هذين عمّ؛ لأنّه أخو أبيه من الأب،و خال؛ لأنّه أخو امّه من الاُمّ،و ولده ابن عمّ لأب و ابن خال لاُمّ،و كلّ من الولد و الوالد يصلح للمثال،فيرث نصيب الخؤولة و العمومة،حيث لا مانع له منهما أو من أحدهما،فلو اجتمع معه عمّ للأبوين حجبه عن الإرث بنصيب العمومة،و كان له الثلث بنصيب الخؤلة.

و يتصور الثالث في رجل له ابن،تزوّج بامرأة لها بنت،ثم ولدت منه بنتا،و تزوّج ابن الرجل من غير هذه المرأة بنتها من غيره،فابنته منها عمّة و خالة لمن يتولد من ولديهما اللذين تزوّج أحدهما بالآخر.

و الثاني أي الذي أحد السببين فيه يحجب الآخر،فلا يرث بهما

ص:365

معاً،بل بأحدهما هو كابن عمّ هو أخ لأُمّ و يتصور في رجل تزوّج بامرأة أخيه،و لأخيه منها ولد اسمه حسن، ثم ولد له منها ولد اسمه حسين،فحسن ابن عمّ لحسين و أخوه لاُمّه،فإذا توفّي ورثه حسين من جهة كونه أخاً،لا من جهة كونه ابن عمّ،لأنّ الأخ حاجب لابن العم.

و لا خلاف في شيء من ذلك،و لا في أنّه لا يمنع ذو السبب المتعدّد من هو في طبقته من ذي السبب الواحد من حيث توهّم قوّة السبب بتعدّده؛ لأنّ مدار الحجب إنّما هو على الاختلاف في القرب و البعد بحسب البطون،لا على وحدة القرابة و تعدّدها،فيأخذ ذو القرابتين مع عدم المانع من جهتي استحقاق النصيبين،و يأخذ ذو القرابة الواحدة من جهتها نصيب واحد.

و لا يعترض بتقديم المتقرب بالأبوين على المتقرب بالأب و حجبه إيّاه،فإنّ ذلك جارٍ على خلاف الأصل،و من ثم شاركه المتقرب بالأُمّ.

الثالثة:حكم أولاد العمومة و أولاد الخؤلة مع الزوج و الزوجة حكم آبائهم

الثالثة: لا ريب و لا خلاف في أنّ حكم أولاد العمومة و أولاد الخؤلة مع مجامعتهم الزوج و الزوجة حكم آبائهم و أُمّهاتهم في أنّه يأخذ من يتقرب بالأُمّ منهم نصيبها،و هو ثلث الأصل و يأخذ كلّ من الزوج و الزوجة نصيبه الأعلى منه من النصف أو الربع و يكون ما بقي عن أنصبائهم لمن يتقرب منهم بالأب و يقتسم كلّ منهم اقتسامهم حال انفرادهم عن الزوجين بنحو ما سبق تفصيله.

ص:366

المقصد الثاني:في ميراث الأزواج

اشارة

المقصد الثاني:

في بيان ميراث الأزواج اعلم أنّ الزوجين يدخلان على جميع الطبقات،و لا يحجبهما حجب حرمان أحد؛ لعموم الآية (1)،و المعتبرة المستفيضة (2)،بل المتواترة، و خصوص المعتبرة،منها القريب من الصحيح:«إنّ اللّه تعالى أدخل الزوج و الزوجة على جميع أهل المواريث،فلم ينقصهما من الربع و الثمن» (3)و الإجماع،بل الضرورة.

و قد مرّ أنّ للزوج مع عدم الولد الغير الممنوع من الإرث و إن نزل النصف،و للزوجة مع عدمه كذلك الربع،و أنّ لكلّ واحد منهما مع وجوده و إن نزل نصف النصيب من الربع أو الثمن،و يكون الباقي لباقي الورثة من أرباب الطبقات الثلاث،كائناً من كانوا و لو معتقين أو ضمناء جريرة.

و لو لم يكن منهم وارث سوى الزوج ردّ عليه الفاضل من نصيبه الأعلى،على الأشهر الأقوى،بل ظاهر العبارة و نحوها و التنقيح (4)عدم الخلاف فيه،و في صريح كلام الشيخين في كتاب الإعلام و الإيجاز و الاستبصار و السيدين في الغنية و الانتصار و الحلي في السرائر (5)الإجماع

ص:367


1- النساء:12.
2- الوسائل 26:195 أبواب ميراث الأزواج ب 1.
3- الكافي 7:4/82،الوسائل 26:195 أبواب ميراث الأزواج ب 1 ح 2.
4- التنقيح 4:189.
5- الإعلام(مصنفات الشيخ المفيد 9):55،الإيجاز(الرسائل العشر):271،الاستبصار 4:149،الغنية(الجوامع الفقهية):608،الانتصار:300،السرائر 3:284.

عليه،و هو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة الصريحة،ففي الصحيح:كنت عند أبي عبد اللّه(عليه السّلام)فدعا بالجامعة،فنظر فيها،فإذاً فيها:«امرأة ماتت،و تركت زوجها،لا وارث لها غيره،المال له كلّه» (1).

و فيه:امرأة توفّيت،و لم يعلم لها أحد،و لها زوج،قال:«الميراث لزوجها» (2).

و في الموثق:امرأة تركت زوجها،قال:«المال كلّه له إذا لم يكن لها وارث غيره» (3).

و فيه:قرأ عليَّ أبو عبد اللّه(عليه السّلام)فرائض علي(عليه السّلام)،فإذاً فيها:«الزوج يحوز المال إذا لم يكن غيره» (4)و نحوها غيرها (5).

خلافاً للمحكي عن ظاهر الديلمي (6)،فلا يردّ عليه،بل هو للإمام(عليه السّلام)؛ لظاهر الآية،المؤيّد بالأصل؛ لأنّ الردّ إنّما يستفاد من آية اولي الأرحام (7)، و الرحم منتفٍ عن الزوج من حيث هو زوج.

ص:368


1- الكافي 7:2/125،التهذيب 9:1053/294،الإستبصار 4:561/149،الوسائل 26:197 أبواب ميراث الأزواج ب 3 ح 3.
2- الكافي 7:1/125،التهذيب 9:1051/294،الإستبصار 4:559/149،الوسائل 26:197 أبواب ميراث الأزواج ب 3 ح 1.
3- التهذيب 9:1050/294،الإستبصار 4:558/148،الوسائل 26:198 أبواب ميراث الأزواج ب 3 ح 7.
4- التهذيب 9:1052/294،الإستبصار 4:560/149،الوسائل 26:197 أبواب ميراث الأزواج ب 3 ح 2.
5- الوسائل 26:197 أبواب ميراث الأزواج ب 3.
6- المراسم:222.
7- الأنفال:75،الأحزاب:6.

و للموثق:«لا يكون ردّ على زوج و لا زوجة» (1).

و هو شاذّ،و مستنده ضعيف؛ لوجوب الخروج عن الأصل بما مر، و عدم مقاومة الموثق له من وجوه،مع احتماله الحمل على التقية،بل حمله عليها بعض الأجلّة،قال:لموافقتها لمذاهب العامة (2).و بكون ذلك مذهبهم كافّة صرّح في الانتصار (3)،فلا ريب في المسألة بحمد اللّه سبحانه.

و في ردّ الفاضل عن نصيب الزوجة عليها إذا لم يكن بعد الإمام(عليه السّلام)وارث سواها قولان بل أقوال:

أحدهما: أنّه لا ردّ عليها،بل لها الربع خاصّة و الباقي للإمام (عليه السّلام)مطلقاً؛ للأصل المتقدّم إليه الإشارة،و المعتبرة المستفيضة، منها الصحيح:كتب محمّد بن حمزة العلوي إلى أبي جعفر الثاني(عليه السّلام):

مولى لك أوصى إليّ بمائة درهم،و كنت أسمعه يقول:كلّ شيء لي فهو لمولاي،فمات و تركها،و لم يأمر فيها بشيء و له امرأتان إلى أن قال -:فكتب(عليه السّلام):«انظر أن تدفع هذه الدراهم إلى زوجتي الرجل،و حقهما من ذلك الثمن إن كان له ولد،و إن لم يكن له ولد فالربع،و تصدّق بالباقي على من تعرف أنّ له إليه حاجة إن شاء اللّه» (4).

و لا قصور فيه بالمكاتبة كما قرّر في محلّه،و لا في الدلالة من حيث

ص:369


1- التهذيب 9:1061/296،الإستبصار 4:563/149،الوسائل 26:199 أبواب ميراث الأزواج ب 3 ح 8.
2- المفاتيح 3:304.
3- الانتصار:300.
4- الكافي 7:4/126،التهذيب 9:1059/296،الإستبصار 4:566/15،الوسائل 26:201 أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 1.

توهّم كون المائة له(عليه السّلام)بالإقرار لا بالإرث؛ لأنّ كون السهم المذكور حقّا للزوجتين على التفصيل الذي يقتضيه الإرث يدل دلالة ظاهرة على أنّه بطريق الإرث.

مع أنّ الإقرار يختلف حاله في الصحة و المرض،فيقبل في الأوّل مطلقاً،و في الثاني في بعض الصور كذلك،و في الباقي يمضى عليه من الثلث لا مطلقاً،فترك الاستفصال عن أحوال المقرّ و صور إقراره و الجواب بالتصدّق بعد إخراج الربع بقول مطلق كالصريح في أنّ ذلك بالإرث.

و احتمال علمه(عليه السّلام)بحقيقة حال المقرّ و إقراره بحيث يناسب كونه بالإقرار غير مذكور في الخبر فيدفع بالأصل.

و منها الموثقات،في أحدها:قرأ عليَّ أبو جعفر(عليه السّلام)في الفرائض:

«امرأة توفّيت،و تركت زوجها،قال:المال للزوج،و رجل توفّي،و ترك امرأته،قال:للمرأة الربع،و ما بقي فللإمام(عليه السّلام) » (1).و في الثاني:توفّي رجل و ترك امرأته،قال:«للمرأة الربع،و ما بقي فللإمام(عليه السّلام) » (2).و في الثالث:«أعط المرأة الربع،و احمل الباقي إلينا» (3)و نحوها غيرها (4).

و أكثر هذه الأخبار و إن كان يتوهّم منها الاختصاص بحال حضور الإمام(عليه السّلام)من حيث وقوع التعبير فيها عن الموت في الأسئلة بلفظ الماضي

ص:370


1- الكافي 7:2/126،الوسائل 26:202 أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 3.
2- الكافي 7:3/126،الوسائل 26:202 أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 4.
3- الكافي 7:1/126،التهذيب 9:1058/295،الإستبصار 4:565/150،الوسائل 26:202 أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 2.
4- الوسائل 26:201 أبواب ميراث الأزواج ب 4.

الظاهر في وقوعه حال السؤال المصاحب لحضور الإمام(عليه السّلام)،لكن الموثقة الأُولى ظاهرة في العموم لحالتي الحضور و الغيبة؛ لحكايتها الحكم المذكور عن صحيفة الفرائض التي تضمّنت الأحكام على سبيل القاعدة و الكلّيّة، هذا.

مع أنّ الظاهر من الأسئلة و إن تضمّنت لفظ الماضي السؤال عن الحكم بعنوان الكلّيّة في الرجل المتوفّى المخلّف للزوجة خاصّة،من دون قصد إلى صورة خاصّة تضمّنتها الأسئلة،بل ربما لم تكن واقعة حينها.

و ربما يومئ إلى ظهور ما ذكرنا فهم الأصحاب أوّلاً،حيث استدلوا بهذه الأخبار لعدم الردّ مطلقاً.

و ثانياً:قولهم(عليه السّلام)في أكثرها بعد الأمر بإعطاء الربع:«و الباقي للإمام(عليه السّلام)» و لو كان موردها صورة الحضور خاصّة لكان المناسب أن يقولوا:و الباقي يبعث إليّ،أو:هو لي،أو ما شاكل ذلك كما وقع التعبير به في الموثق الثالث،فالعدول عنه إلى قول:إنّ الباقي للإمام،بقول مطلق ظاهر في العموم.

و ثالثاً:وقوع التعبير بلفظ الماضي في مواضع لا يختص الحكم فيها بحال الحضور قطعاً،مثل ما ورد في صحيفة الفرائض و غيرها.

و القول الآخر: إنّه يردّ عليها الفاضل مطلقاً كالزوج للمعتبرين (1)،أحدهما الصحيح:«رجل مات،و ترك امرأته،قال:«المال

ص:371


1- أحدهما في:الفقيه 4:667/192،الوسائل 26:203 أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 6. و الآخر في:التهذيب 9:1056/295،الإستبصار 4:568/150،الوسائل 26:204 أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 9.

لها» فقال:امرأة ماتت،و تركت زوجها،قال:«المال له» .و هذا القول شاذّ،مخالف للأصل،و النصوص المستفيضة المتقدّمة التي لا يعارضها المعتبران من وجوه عديدة،و مع ذلك القائل به غير معروف،عدا المفيد فيما يحكى عن ظاهره في المقنعة (1)في عبارة محتملة لكون ذلك حكم الزوج خاصّة،و مع ذلك ذكر الحلّي (2)أنّه رجع عنه في كتاب الإعلام.

و كيف كان فالمصير إلى هذا القول ضعيف غايته،و إن صحّ مستنده؛ لمعارضته بأجود منه ممّا مرّ،فليحمل على ما يأتي،أو على ما إذا كانت الزوجة قريبة للزوج،فترث الباقي بالقرابة،كما ذكره الشيخ في الكتابين (3)،مستشهداً عليه بالصحيح:عن رجل مات،و ترك امرأة قرابة، ليس له قرابة غيرها؟قال:«يدفع المال كله إليها» (4).

و فيه نظر،و مع ذلك فهو أظهر من الجمع الذي سيذكر.

و قال ثالث و هو الصدوق (5): بالردّ عليها مع عدم ظهور الإمام (عليه السّلام)و غيبته،و بعدمه مع حضوره،و تبعه جماعة من المتأخّرين (6)؛ جمعاً بين الأخبار بحمل ما دل منها على الردّ على حال

ص:372


1- المقنعة:691.
2- السرائر 3:244.
3- التهذيب 9:295،الاستبصار 4:151.
4- التهذيب 9:1057/295،الإستبصار 4:569/151،الوسائل 26:205 أبواب ميراث الأزواج ب 5 ح 1.
5- الفقيه 4:192.
6- منهم ابن سعيد في الجامع:502،و العلّامة في التحرير 2:168،و الإرشاد 2:125،و الشهيد في اللمعة(الروضة البهية 8):81.

الغيبة،و ما دل منها على عدمه على حال الحضور.

و لا شاهد عليه أصلاً،و لا موجب له جدّاً،سوى الحذر عن إهمال الحديث الصحيح لو لم يرتكب هذا الجمع،و لا وجه له بعد إمكان الجمع بغيره ممّا مرّ،بل جعله الشيخ أولى في التهذيب (1).

و منه يظهر ما في نسبة هذا القول إليه فيه (2)،بل و لو لم يجعله أولى كما في الاستبصار (3)لم تمكن النسبة أيضاً؛ لترديد الجمع بين الاحتمالين، مع عدم تصريحه بترجيح الجمع الذي يوافق هذا القول،مع أنّ احتمالاته في مقام الجمع في الكتابين و إن لم يقع فيها ترديد لم يمكن نسبة القول بها إليه فيهما،كما مضى التنبيه عليه مراراً،هذا.

و ربما يضعّف هذا الجمع بأنّ تخصيص ما دل على الردّ بحال الغيبة بعيد جدّاً؛ لأنّ السؤال فيه للباقر(عليه السّلام)وقع من رجل مات بصيغة الماضي، و أمرهم(عليهم السّلام)حينئذٍ ظاهر،و الدفع إليهم ممكن،فحمله على حال الغيبة المتأخرة عن زمن السؤال عن ميت بالفعل بأزيد من مائة و خمسين سنة أبعد كما قال ابن إدريس (4)ممّا بين المشرق و المغرب.

و فيه نظر،يظهر وجهه أوّلاً مما مرّ.

و ثانياً:أنّه على تقدير تسليمه إنّما يجري في الصحيح الذي مرّ حيث وقع التعبير فيه بلفظ الماضي،و ليس يجري في المعتبر الآخر القريب منه سنداً بابن أبي عمير عن أبان بن عثمان؛ لوقوع التعبير فيه بلفظ المضارع

ص:373


1- التهذيب 9:295.
2- نسبه إليه في المسالك 2:317.
3- الإستبصار 4:150،151.
4- السرائر 3:243.

المحتملة لحصول المبدأ في حال الغيبة،و لم يستفصل عنه و عن حصوله في حال الحضور،فيعمّ الجواب بالردّ عليها لهما،و أوّل من جمع بهذا الجمع هو الصدوق في الفقيه،و هو لم يرد فيه إلّا هذا الخبر،دون الصحيح الذي مرّ،و بمقتضى ما ذكره المضعّف لهذا الجمع من مراعاة مدلول صيغتي الماضي و المضارع يقوّى هذا الجمع،و يتوجّه من الصدوق،حيث إنّه ذكر ممّا دل على عدم الردّ ما وقع التعبير فيه بلفظ الماضي،و ما دل على الردّ بلفظ المضارع.

نعم لا يتوجه من الشيخ الذي هو مورد اعتراض الحلي؛ حيث اقتصر على ذكر الصحيح المتقدم.

و بالجملة الأجود في ردّ هذا الجمع ما قدمناه من عدم شاهد عليه، و الترجيح لجانب ما دل على عدم الردّ؛ لموافقته الأصل،و العمومات، و التعدّد بحدّ الاستفاضة،و غير ذلك ممّا سيأتي إليه الإشارة.

و ممّا ذكرنا ظهر أنّ الأوّل من هذه الأقوال أظهر مع أنّه أشهر،كما في عبائر جمع (1)،بل يستفاد من الانتصار عدم الخلاف فيه، فإنّه قال:و أمّا الزوجة فقد وردت رواية شاذّة بأنّها ترث المال كله إذا انفردت كالزوج،و لكن لا معول عليها،و لا تعمل الطائفة بها (2).و قريب منه كلام الحلي،حيث قال مشيراً إلى المختار:إنّه لا خلاف فيه[من (3)]محصّل متأمّل،إلّا رواية شاذّة لا يلتفت إليها (4).

ص:374


1- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 4:189،و السبزواري في الكفاية:304،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:304.
2- الانتصار:301.
3- في النسخ:بين،و ما أثبتناه من المصدر.
4- السرائر 3:242.

و هذه الأُمور من الشهرة المحكية،بل المحققة،و العبارات المعربة عن عدم الخلاف بين الطائفة معاضدات أُخر قويّة للأدلّة المتقدمة، فلا ريب أيضاً في هذه المسألة بحمد اللّه سبحانه.

و إذا كنّ أي الزوجات،و إنّما جمع الضمير نظراً إلى معنى الخبر، و هو أكثر من واحدة فهنّ مشتركات في الربع مع عدم الولد أو الثمن معه اتفاقاً،فتوًى و نصّاً،و منه الصحيح المتقدم في البحث السابق (1)،و نحوه الصحيح الآتي في المسألة الاُولى من المسألتين (2).

و الخبر المنجبر قصوره بالعمل:«لا يزاد الزوج على النصف، و لا ينقص من الربع،و لا تزاد المرأة على الربع،و لا تنقص من الثمن،و إن كنّ أربعاً أو دون ذلك فهنّ فيه سواء» إلى أن قال الفضل الراوي له:و هذا حديث صحيح على موافقة الكتاب (3).

و ذكر الأربع فيه وارد على الغالب و المقرر بحسب أصل الشرع،و إلّا فلو فرض زيادتهنّ عليه اقتسمن أحد النصيبين بينهنّ أيضاً بالسوية، بلا خلاف،و به صرّح الحلي (4)،كما تقدمت إليه الإشارة،و ربما اقتضته إطلاق العبارة و ما ضاهاها من عبائر الجماعة.

و اعلم أنّ المعروف من مذهب الأصحاب أنّ مجرّد العقد مع عدم الدخول كافٍ في ثبوت التوارث بين الزوجين،ف ترث الزوجة زوجها و إن لم يدخل بها الزوج،و كذا الزوج يرثها و إن لم يدخل بها.

ص:375


1- راجع ص:365.
2- يأتي في ص:385.
3- الفقيه 4:657/188،التهذيب 9:964/249،الوسائل 26:196 أبواب ميراث الأزواج ب 2 ح 1.
4- السرائر 3:230.

و الأصل فيه بعد الإجماع،و عموم الكتاب و السنّة خصوص النصوص المستفيضة،و فيها الصحاح و غيرها من المعتبرة،منها:في امرأة توفّيت قبل أن يدخل بها،قال:«فلها نصف المهر،و هو يرثها» و في رجل توفّي قبل أن يدخل بامرأته،قال:«إن كان فرض لها مهراً فلها نصفه،و هي ترثه» (1).

و منها:في الرجل يموت و تحته امرأة لم يدخل بها،قال:«لها نصف المهر،و لها الميراث كاملاً» (2)إلى غير ذلك من النصوص المتقدمة في كتاب النكاح في بحث المهور.

و يستثنى منه عند الأصحاب ما لو تزوّج المريض و مات في مرضه قبل الدخول بها،فإنّها لا ترثه،كما يأتي.

و (3) يتوارثان ما دامت المرأة في حبال الزوج و لو بعد الطلاق إذا كانت في العدّة الرجعية خاصّة دون البائنة،فلا توارث بينهما فيها، و لا بعد العدّة مطلقاً،إجماعاً في المقامين،و للنصوص المستفيضة التي كادت تكون متواترة فيهما،تقدم في باب كراهة طلاق المريض إلى جملة منها الإشارة.

نعم يستثني عند الأصحاب من عدم التوارث في العدّة البائنة صورة واحدة،أشار إليها بقوله: لكن لو طلّقها حال كونه مريضاً ورثت منه هي خاصّة و إن كان الطلاق بائناً ما لم تخرج السنة من ابتداء الطلاق

ص:376


1- الكافي 6:6/119،التهذيب 8:510/147،الإستبصار 3:1220/341،الوسائل 21:328 أبواب المهور ب 58 ح 8.
2- الكافي 6:1/118،التهذيب 8:499/144،الإستبصار 3:1207/339،الوسائل 21:326 أبواب المهور ب 58 ح 1.
3- في المطبوع من المختصر(271)زيادة:كذا.

إلى حين موت الزوج و لم يبرأ الزوج من مرضه الذي طلّقها فيه و لم تتزوّج هي،و قد مضى الكلام مستوفى في كتاب الطلاق في الباب المتقدم إليه الإشارة،في هذه المسألة.

و في أنّه لا ترث المطلّقة بالطلاق البائن إلّا هنا أي في هذه الصورة المستثناة.

و يرث الزوج من جميع ما تركته المرأة التي توفّيت و هي في حبالته مطلقاً،ذا ولد كان منها أم لا،بإجماع المسلمين كافّة كما في الإيضاح و التنقيح (1)؛ للعمومات من الكتاب و السنة،مع اختصاص الأدلّة المخصّصة لها من النصوص المستفيضة،بل المتواترة،و الإجماعات المنقول حدّ الاستفاضة بالزوجة؛ مضافاً إلى خصوص بعض النصوص الآتية.

و كذا المرأة ترث الزوج من جميع ما تركه عدا العقار فلا ترث منه عيناً،إجماعاً،و خلاف الإسكافي (2)بإرثها منه أيضاً شاذّ، مسبوق بالإجماع و ملحوق به،كما في نكت الإرشاد و شرح الشرائع للصيمري و غيرهما (3)،و في صريح الانتصار و السرائر و المسالك و غيرها من كتب الجماعة و ظاهر الغنية (4)أنّ الحكم بذلك من متفرّدات الإمامية.

و أمّا الصحيح:عن الرجل،هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئاً،أو يكون ذلك بمنزلة المرأة؟فقال:«يرثها،و ترثه من كل شيء

ص:377


1- الإيضاح 4:240،التنقيح 4:190.
2- حكاه عنه في المختلف:736.
3- غاية المراد 3:583،غاية المرام 4:183،المهذب البارع 4:399.
4- الانتصار:301،السرائر 3:258،المسالك 2:333؛ و انظر الغنية(الجوامع الفقهية):607،و الكفاية:302.

ترك،و تركت» (1).

فحمله على التقية متعيّن؛ لموافقته العامّة،كما صرّح به جماعة (2)، و يظهر من جملة من الروايات الآتية،و هو أولى من تخصيص العموم في جانب الزوجة بما عدا الأراضي؛ لمنافاته لسياق الرواية،و كذا من تخصيص الزوجة بذات الولد من الزوج؛ لعدم الشاهد عليه من إجماع أو رواية معتبرة،و إن اشتهر بين المتأخّرين كما سيأتي إليه الإشارة.

و لا قيمةً أيضاً،على الأشهر الأقوى،خلافاً للمرتضى (3).و هو ضعيف جدّاً،كما سيأتي بيانه مفصّلاً إن شاء اللّه تعالى.

و بالجملة لا شبهة في أنّها لا ترث من العقار شيئاً.

و ترث من قيمة الآلات أي آلات البناء من الأخشاب و الأبواب و الأبنية من الأحجار و الطوب (4)و غيرها،دون عينها،بلا خلاف فيهما ممّن عدا الإسكافي (5).

و خلافه في إرثها من عينها أيضاً كخلافه السابق شاذّ،لا يلتفت إليه؛ لاستفاضة النصوص قبل الإجماع بل تواترها على ردّه في المقامين،ففي الصحيح:«لا يرثن النساء من العقار شيئاً،و لهنّ قيمة البناء و الشجر و النخل» يعني بالبناء:الدور،و إنّما عنى من النساء:الزوجة (6).

ص:378


1- الفقيه 4:812/252،التهذيب 9:1075/300،الإستبصار 4:581/154،الوسائل 26:212 أبواب ميراث الأزواج ب 7 ح 1.
2- منهم فخر المحققين في إيضاح الفوائد 4:242،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:329،و المجلسيان في روضة المتقين 11:411،و ملاذ الأخيار 15:282.
3- الانتصار:301.
4- الطوب:الآجر.المصباح المنير:380،مجمع البحرين 2:111.
5- حكاه عنه في المختلف:736.
6- الفقيه 4:809/252،الوسائل 26:211 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 16.

و فيه:«لا ترث النساء من عقار الدور شيئاً،و لكن يقوّم البناء و الطوب،و تعطى ثُمنها أو ربعها» (1).

و في الخبر:«لا ترث النساء من عقار الأرض شيئاً» (2).

و في آخر:«المرأة ترث الطوب و لا ترث من الرباع شيئاً» (3)الحديث.

و المراد بإرثها من الطوب إرثها من قيمته لا من عينه،كما في الأخبار المفصّلة،منها زيادة على ما مرّ الخبر:«إنّما جعل للمرأة قيمة الخشب و الطوب لئلا يتزوّجن فيدخل عليهم من يفسد مواريثهم» (4).

و في آخر:«إنّ النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئاً،و لكن لهنّ قيمة الطوب و الخشب» قال:قلت:إنّ الناس لا يأخذون بهذا،فقال:«إذا ولينا ضربناهم بالسوط،فإن انتهوا،و إلّا ضربناهم بالسيف» (5).

و في ثالث:«ليس للنساء من الدور و العقار شيء» (6)إلى غير ذلك من النصوص الآتية.

و اعلم أنّه قد اختلف الأصحاب فيما يحرم منه الزوجة،فمنهم من اقتصر على ما في العبارة من العقار خاصّة،كالمفيد و الحلي (7)؛ اقتصاراً في

ص:379


1- الكافي 7:6/129،الوسائل 26:208 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 7.
2- الكافي 7:4/128،الوسائل 26:208 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 6.
3- الكافي 7:5/128،قرب الاسناد:182/56،الوسائل 26:206 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 2.
4- الكافي 7:7/129،التهذيب 9:1068/298،الإستبصار 4:574/152،الوسائل 26:209 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 9.
5- الكافي 7:10/129،التهذيب 9:1069/299،الإستبصار 4:575/152،الوسائل 26:210 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 11.
6- الكافي 7:9/129،التهذيب 9:1070/299،الإستبصار 4:576/152،الوسائل 26:209 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 10.
7- المقنعة:687،السرائر 3:258.

تخصيص العمومات القطعية على القدر المتيقن المجمع عليه المصرّح به في النصوص المذكورة.

و منهم من طرد الحكم في أرض المزارع و القرى و غيرها، و بالجملة نفس الأرض مطلقاً،سواء كانت بياضاً أم مشغولة بزرع و شجر و بناء و غيرها،كالنهاية و القاضي و الحلبي و ابن حمزة (1)،بل ادّعى عليه الشهرة جماعة،كالفاضل في التحرير و القواعد و ولده في الشرح و الشهيدين في النكت و المسالك و المفلح الصيمري في شرح الشرائع و المقدس الأردبيلي-(رحمه اللّه) و صاحبي المفاتيح و الكفاية (2)،و بالجملة أكثر من وقفت على كلماتهم في المسألة،و مع ذلك اختاروه إلّا نادراً منهم،و هو أيضاً مذهب الماتن في الشرائع و الفاضل في المختلف و الإرشاد و الشهيد في الدروس و اللمعة (3)،و في الخلاف الإجماع عليه (4).

و هو الأظهر؛ للنصوص المستفيضة المصرّحة بذلك،ففي الصحيح:

«إنّ المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض،إلّا أن يقوّم الطوب و الخشب قيمة،فتعطى ربعها أو ثُمنها» (5).

ص:380


1- النهاية:642،القاضي في المهذّب 2:140،الحلبي في الكافي في الفقه:374،ابن حمزة في الوسيلة:391.
2- التحرير 2:168،القواعد 2:178،الإيضاح 4:240،غاية المراد 3:587،و المسالك 2:333،غاية المرام 4:183،و الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 11:450،المفاتيح 3:329،الكفاية:302.
3- الشرائع 4:34،المختلف:736،الإرشاد 2:125،الدروس 2:358،اللمعة(الروضة البهية 8):172.
4- الخلاف 4:116.
5- الكافي 7:3/128،التهذيب 9:1064/297،الإستبصار 4:570/151،الوسائل 26:207 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 5.

و فيه:«لا ترث ممّا ترك زوجها من القرى و الدور و السلاح و الدوابّ شيئاً،و ترث من المال و الفرش و الثياب و متاع البيت مما ترك،و تقوّم النقض و الأبواب و الجذوع و القصب،فتعطى حقّها منه» (1).

و نحوه الموثق:«لا ترث من تركة زوجها من القرى و الدور و السلاح و الدوابّ شيئاً،و ترث من المال و الرقيق و الثياب و متاع البيت مما ترك، و يقوّم النقض و الجذوع و القصب،فتعطى حقّها» (2).

و في القريب منه سنداً:«لهنّ قيمة الطوب و البناء و القصب و الخشب، فأمّا الأرض و العقارات فلا ميراث لهنّ فيه» قال:قلت:فالثياب؟قال:

«لهنّ» (3)و نحوه الخبر (4).

و في آخر:«لا يرثن من الأرض و العقارات شيئاً» (5).

و في ثالث:«لا يرثن من الدور و الضياع شيئاً،إلّا أن يكون أحدث بناءً،فيرثن ذلك البناء» (6)و المراد بإرثهنّ منه إرثهنّ من القيمة،بدلالة الأخبار المفصّلة.

ص:381


1- الكافي 7:2/127،التهذيب 9:1065/298،الإستبصار 4:571/151،الوسائل 26:205 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 1.
2- الفقيه 4:811/252،التهذيب 9:1072/299،الإستبصار 4:578/153،الوسائل 26:210 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 12.
3- الكافي 7:11/130،التهذيب 9:1071/299،الإستبصار 4:577/152،الوسائل 26:206 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 3.
4- الكافي 7:10/129،التهذيب 9:1069/299،الإستبصار 4:575/152،الوسائل 26:210 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 11.
5- الكافي 7:1/127،التهذيب 9:1066/298،الإستبصار 4:572/152،الوسائل 26:207 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 4.
6- التهذيب 9:1073/300،الإستبصار 4:579/153،الوسائل 26:210 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 13.

و في رابع:إنّ بكيراً حدثني عن أبي جعفر(عليه السّلام):«أنّ النساء (لا يرثن) (1)ممّا ترك زوجها من تربة دار و لا أرض،إلّا أن يقوّم البناء و الجذوع و الخشب،فتعطى نصيبها من قيمة البناء،و أمّا التربة فلا تعطى شيئاً من أرض و لا تربة» قال زرارة:هذا لا شك فيه (2).

و هذه الأخبار مع اعتبار سند جملة منها بالصحة و الموثقية،و انجبار باقيها بالشهرة العظيمة المحققة جدّاً و المحكية ظاهرة الدلالة على المختار.

و لا يقدح في حجية بعضها تضمّنه لما لا يقول به أحد من السلاح و الدوابّ؛ لأنّ طرح بعض الخبر لمعارض أقوى لا يوجب طرح ما لا معارض فيه،كما مرّ مراراً.

و ربما يؤوّل ذلك بأنّهما من الحبوة،أو موصى به،أو صدقة،أو نحوها ممّا لا ترث الزوجة و لا غيرها معه.

نعم ذلك نقص في مقام التعارض إذا كان المعارض موجوداً، و لا وجود له هنا سوى العمومات المتفق على تخصيصها و لو في الجملة كثيراً،و هو نقص أيضاً،فيتساوى النقصان،و الخاص مقدّم.

و أمّا الأخبار السابقة فلا معارضة فيها لهذه الأخبار بوجه؛ إذ غايتها إثبات الحرمان في العقارات،و لا تنافي بينه و بين إثباته من جملة الأراضي و لو كانت غيرها من هذه الأخبار بوجه أصلاً.

فلا وجه مع ذلك للقول الأوّل إلّا مراعاة تقليل التخصيص و الاقتصار

ص:382


1- في المصادر:لا ترث امرأة.
2- التهذيب 9:1077/301،الإستبصار 4:580/153،الوسائل 26:211 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 15.

فيه على المتيقن منه،و ليس بوجه؛ لوجوب الالتزام به و لو كثر بعد قيام الدليل عليه،و قد قام،كما ظهر لك في المقام.

و الاقتصار على المتيقن غير لازم،بل يكفي المظنون بعد حصول الظن به من الأخبار المزبورة،و منع حصوله منها أو عدم حجية مثلها بناءً إمّا على عدم حجية أخبار الآحاد،أو عدم قابليتها لتخصيص نحو عمومات الكتاب ضعيف،على الأشهر الأقوى،كما حقق في محله مستقصى.

و أمّا ما في شرح الإرشاد للمقدس الأردبيلي-(رحمه اللّه) و الكفاية (1)من المناقشات في جملة الأخبار الواردة في المسألة،و تأويلها بتأويلات بعيدة و تمحّلات غير سديدة فممّا لا ينبغي الالتفات إليه و العروج في مقام التحقيق عليه،و كفاه فساداً مخالفته لفهم الأصحاب كافّة،مع عدم تعرض أحد منهم لشيء منه أصلاً،و لو جرى أمثال هذه التأويلات في الروايات لا ندرس جملة الأحكام،و ما بقي لها أثر في محل و لا مقام.

ثم إنّ ظاهر العبارة و ما ضاهاها من عبائر الجماعة في الاقتصار فيما تحرم منه على العقار و الأبنية و الآلات عدم حرمانها من نحو الشجر و النخل،و هو أحد القولين في المسألة.

و الثاني:إلحاقه بالآلات،نسب إلى القواعد و الدروس و أكثر المتأخّرين (2)،و هو مذهب فخر الدين مدّعياً هو و والده و الصيمري و غيرهم (3)أنّه المشهور،بل الظاهر منهم أنّه لا خلاف فيه على المشهور،

ص:383


1- الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 11:445،الكفاية:303.
2- نسبه إليهم في المسالك 2:333،و هو في القواعد 2:178،و الدروس 2:358.
3- فخر الدين في الإيضاح 4:241،و والده في القواعد 2:178،و الصيمري في غاية المرام 4:183،المهذب البارع 4:402.

و في المسالك (1)أنّه ممنوع،كما يظهر من تتبّع عباراتهم.

و كيف كان فالأقرب الإلحاق؛ للتصريح به في بعض الصحاح المتقدمة (2).

مضافاً إلى إمكان استفادته من جُملة من النصوص النافية لإرثهنّ من العقار شيئاً،و النخل و الشجر منها،كما صرّح به جماعة (3)،و منهم بعض أهل اللغة بل جماعة (4).

و عدم التعرض فيها للقيمة غير ضائر بعد قيام الإجماع على ثبوتها؛ إذ لا قائل بالحرمان منهما عيناً و قيمةً؛ لتردّده بين الحرمان منه عيناً خاصّة أو عدمه بالكلية،فإذا ثبت الحرمان عيناً من هذه الأخبار ثبتت القيمة بعدم القائل بالفرق بين الطائفة.

مع أنّ في إثباتها مناسبة لإثباتها في الآلات و الأبنية،بل ربما ادّعي دخول الشجر في الآلات (5)،و إن كان بعيداً،مع ما فيه من تقليل التخصيص للعمومات.

و ظاهر شيخنا في المسالك (6)الميل إلى هذا،و في الروضة إلى الأوّل قائلاً:إنّ النصوص الصحيحة و غيرها دالّة عليه أكثر من دلالتها على القول

ص:384


1- المسالك 2:333.
2- في ص:6482،6483.
3- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:333،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:328،و انظر روضة المتقين 11:412.
4- منهم الجوهري في الصحاح 2:754،و ابن الأثير في النهاية 3:274،و الطريحي في مجمع البحرين 3:410.
5- الروضة 8:173.
6- المسالك 2:333.

المشهور بين المتأخّرين (1).و فيه نظر.

و للسيّد المرتضى علم الهدى (رحمه اللّه)في أصل المسألة قول ثالث تفرّد به،حيث إنّه يمنعها أي الزوجة من العين أي عين الرباع خاصّة دون القيمة فيثبتها لها؛ مراعاة للجمع بين العمومات و ما أجمع عليه الأصحاب من الحرمان بتخصيص الحرمان بالعين و إيجاب القيمة، على نحو ما اختاره في الحبوة.

و هو شاذّ و مستنده ضعيف؛ لظهور كلمات القوم قديمهم و حديثهم في الحرمان منها عيناً و قيمة،و إن اختلفوا في مقدار ما تحرم منه،و يشير إلى ذلك استنادهم إلى الأخبار،و هي كما عرفت صريحة في حرمانها من الأرض مطلقاً،عيناً و قيمةً،بدليل استثناء القيمة من آلاتها خاصّة.

و مع ذلك فهي حجة برأسها في خلافه،فإنّها ليست من الآحاد حتى لا يقال بحجيتها،أو لا يخصّص عموم الكتاب بها،و لو سلّم فالقرينة على صحتها من فتاوى الأصحاب موجودة جدّاً،فيكون من الآحاد المحفوفة بالقرائن القطعية،و لا ريب في حجيتها لأحد حتى عنده،فتأمّل.

و اعلم أنّ مقتضى إطلاق العبارة و غيرها من عبائر الجماعة ممّا أُطلق فيه الزوجة عدم الفرق فيها بين كونها ذات ولد من زوجها أم لا،و هو الأقوى،وفاقاً لكثير من أصحابنا،كالكليني و المفيد و المرتضى و الشيخ في الاستبصار و الحلبي و ابن زهرة (2)ظاهراً،و الحلي و جماعة من المتأخّرين (3)

ص:385


1- الروضة 8:174.
2- الكليني في الكافي 7:127،المفيد في المقنعة:687،المرتضى في الانتصار:301،الاستبصار 4:154،155،الحلبي في الكافي في الفقه:374،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):607.
3- السرائر 3:259؛ كشف الرموز 2:464،مفاتيح الشرائع 3:328 329.

صريحاً،و في السرائر و عن الخلاف (1)الإجماع عليه،و هو الحجة.

مضافاً إلى إطلاق الأخبار السابقة،بل عمومها الثابت من صيغة الجمع في جُملة منها،و ترك الاستفصال في أُخرى،و عموم التعليل و وجه الحكمة في ثالثة.

خلافاً للصدوق و أكثر المتأخّرين (2)،فخصّوا الحكم بغير ذات الولد؛ تقليلاً للتخصيص؛ و عملاً بالمقطوع الغير المسند إلى إمام:إذا كان لهنّ ولد أُعطين من الرباع (3).و للجمع بين النصوص المتقدمة المختلفة في أصل الحرمان و عدمه بالكلية بحمل الأدلة على غير ذات الولد و الأخيرة على صاحبتها.

و في الجميع نظر؛ للزوم التخصيص و إن كثر بعد قيام الدليل عليه و لو من الإطلاق أو العموم،فإنّه في أفراد الخاص،و هو بالإضافة إلى أصل العمومات خاصّ فيقدّم عليها.

و المقطوع لا حجة فيه بعد القطع،و ليس مثل الإرسال ليجبر ضعفه بالشهرة و نحوها،كما صرّح به جماعة من أصحابنا (4).

و الجمع لا شاهد عليه،مع وضوح الجمع بغيره من حمل ما دلّ على عدم الحرمان بالكلية على التقية،كما تقدمت إليه الإشارة،و الاحتياط لا يترك هنا،بل في أصل المسألة أيضاً،فإنّه طريق السلامة.

ص:386


1- السرائر 3:259،الخلاف 4:116.
2- الفقيه 4:252؛ و القواعد 2:178،الإيضاح 4:241،و الشهيد في اللمعة(الروضة 8):172،التنقيح 4:192.
3- الفقيه 4:813/252،التهذيب 9:1076/301،الإستبصار 4:582/155،الوسائل 26:213 أبواب ميراث الأزواج ب 7 ح 2.
4- منهم المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 11:444،و صاحب الكفاية:304.

و هنا فوائد مهمة يطول الكلام بذكرها جملة،إلّا أنّا نذكر منها ما لا بُدّ منه،و هو أنّ الظاهر كما صرّح به جماعة (1)من غير خلاف بينهم أجده أنّه لا فرق في الأبنية و المساكن على القول باعتبارها بين ما يسكنه الزوج و غيره،و لا بين الصالح للسكنى و غيره،كالحمّامات و الأرحية و غيرها إذا صدق عليه اسم البناء.

و أنّ المراد بالآلات المثبتة منها خاصّة دون المنقولة،فإنّها ترث من عينها إجماعاً،كما حكاه الصيمري في شرح الشرائع (2)،و لا فرق بين كونها قابلة للنقل بالفعل أو بالقوة،كالثمرة على الشجرة و الزرع على الأرض و إن لم يستحصد،أو كان بذراً،دون الشجر.

و أنّ كيفية التقويم للبناء و الآلات و الشجر على القول بانسحاب الحكم فيه أن يقوّم مستحق البقاء في الأرض مجاناً إلى أن يفنى،فيقدّر الدار كأنّها مبنية في ملك الغير على وجه لا يستحق عليها أُجرة إلى أن يفنى،و تعطى قيمة ما عدا الأرض من ذلك.

و ذكر الصيمري وجهاً آخر لكيفية التقويم أخصر من الأوّل،و هو أنّه يقوّم الأرض على تقدير خلوّها من الأبنية و الأشجار،ما يسوى؟فإذا قيل:

عشرة،مثلاً قوّمت اخرى مضافة إليهما،فإذا قيل:عشرون،مثلاً كانت شريكة في العشرة الزائدة.

و هل القيمة رخصة للورثة لتسهيل الأمر لهم حتى لو بذلوا الأعيان لم

ص:387


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:334،و الروضة 8:174،و السبزواري في الكفاية:304.
2- غاية المرام 4:184.

يكن لها طلب القيمة،أم على سبيل الاستحقاق؟فيه وجهان،و لعلّ الأقرب الأوّل،وفاقاً لجماعة من الأصحاب (1)،و إن كان الظاهر من النصوص وجوبها على الوارث على وجه قهري؛ لورودها في مقام توهّم تعيّن العين،فلا يفيد سوى إباحة القيمة،و سبيلها سبيل الأوامر الواردة مورد توهّم الحظر الغير المفيدة لذلك سواها،كما برهن في محله مستقصى؛ مضافاً إلى إشعار التعليل الوارد في جملة منها بذلك جدّاً.

خلافاً للصيمري و المحقق الثاني و الشهيد الثاني في المسالك و الروضة (2)،و الاحتياط معهم في الجملة.

و هنا

مسألتان:
الأُولى:إذا طلّق ذو الأربع نساء واحدة من الأربع و تزوّج أُخرى

مسألتان:

الأُولى:إذا طلّق ذو الأربع نساء واحدة من الأربع و تزوّج اخرى بعد العدّة،أو فيها إذا كانت بائنة،ثم مات و اشتبهت المطلّقة بين الأربع الأُول كان للأخيرة الخامسة المعلومة ربع الثمن مع الولد، و ربع الربع مع عدمه،و الباقي عن نصيبها بين الأربعة المشتبهة بينهنّ المطلّقة بالسوية بلا خلاف أجده،و لا نقله أحد من الطائفة،عدا الفاضل المقداد في التنقيح و الشهيدين في الدروس و المسالك و الروضة (3)، فنقلوه عن الحلي خاصّة،حيث صار إلى القرعة،فمن أخرجتها بالطلاق

ص:388


1- منهم المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 11:451،و السبزواري في الكفاية:304.
2- الصيمري في غاية المرام 4:184،185،المسالك 2:334،الروضة 8:175.
3- التنقيح 4:193،الدروس 2:361،المسالك 2:332،الروضة 8:178.

منعت من الإرث،و حكم بالنصيب للباقيات بالسوية؛ لأنّ القرعة لكلّ أمر مشتبه إمّا مطلقاً،أو في الظاهر مع كونه متعيّناً عند اللّه تعالى،و الأمر هنا كذلك؛ لأنّ المطلّقة في نفس الأمر غير وارثة،و لأنّ الحكم بتوريث الجميع يستلزم توريث من يعلم عدم إرثه؛ للقطع بأنّ إحدى الأربع غير وارثة.

و هو حسن على أصله،و كذا على غيره لولا الشهرة المستندة إلى صريح بعض المعتبرة المروي في الكافي صحيحاً و التهذيب كذلك في باب ميراث المطلّقات و أواخر باب أحكام الطلاق،و موثّقاً في باب ميراث الأزواج،و فيه:أ رأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان،فطلّق واحدة من الأربع،و أشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد،و هم لا يعرفون المرأة،ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة التي طلّقت،ثم مات بعد ما دخل بها،كيف يقسم ميراثه؟قال:«إن كان له ولد فإنّ للمرأة التي تزوّجها أخيراً من أهل تلك البلاد ربع ثُمن ما ترك،و إن عرفت التي طلّق من الأربع بعينها و اسمها و نسبها فلا شيء لها من الميراث،و عليها العدّة» قال:«و يقتسمن الثلاث نسوة ثلاثة أرباع ثُمن ما ترك بينهنّ،و عليهنّ العدّة،و إن لم يعرف التي طلّق من الأربع اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثُمن ما ترك بينهنّ جميعاً،و عليهنّ جميعاً العدّة» (1).

و لو اشتبهت بواحدة أو باثنتين أو نحو ذلك،ففي انسحاب الحكم أو القرعة نظر،من الخروج عن النص،و تساويهما معنى،و استقرب الوجه الأوّل فخر الإسلام و شيخنا الشهيد الثاني في الروضة (2)،و إن اختار في

ص:389


1- الكافي 7:1/131،التهذيب 8:319/93،و 9:1062/296،الوسائل 26:217 أبواب ميراث الأزواج ب 9 ح 1.
2- إيضاح الفوائد 4:240،الروضة 8:181،و فيهما أنّه هو الأقوى.

المسالك (1)انسحاب الحكم،و توقف فيه الفاضل و الشهيد الأوّل (2)،و هو في محلّه،فلا بُدّ من الرجوع إلى الصلح.

الثانية:نكاح المريض مشروط بالدخول

الثانية:نكاح المريض مشروط بالدخول بمعنى أنّه لا يلزم بحيث يترتب عليه أحكامه من الإرث و نحوه فإن مات في مرضه ذلك قبله أي قبل الدخول فلا مهر لها و لا ميراث على الأشهر الأظهر،بل لا يكاد يتحقق فيه خلاف من أحد و لا تأمّل و لا نظر،إلّا من الماتن في الشرائع و الشهيد في الدروس (3)،حيث نسب الأوّل الحكم إلى الرواية، و الثاني إلى المشهور،و هو منهما مشعر بنوع تردّدٍ فيه لهما،و لعلّه من حيث مخالفته للعمومات القطعية من الكتاب و السنة،و خصوص إطلاق المعتبرة (4)الناطقة بجواز نكاح المريض بعد المنع عن طلاقه،من دون تقييد بالدخول،و لا اشتراط في لزومه.

و هو حسن لولا إطباق الفتاوى عليه،حتى منهما هنا و في اللمعة (5)المتأخّرة كالكتاب عن الكتابين السابقين،فهو رجوع منهما و جزم منهما بالحكم جدّاً.

و نسب الحكم في السرائر (6)إلى أصحابنا،مشعراً بكونه مجمعاً عليه

ص:390


1- المسالك 2:332.
2- القواعد 2:178،الدروس 2:361.
3- الشرائع 4:35،الدروس 2:358.
4- الوسائل 20:505 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 43.و ج 22:149(أبواب أقسام الطلاق ب 21.
5- اللمعة(الروضة البهية 8):172.
6- السرائر 3:283.

بيننا،كما عن صريح التذكرة (1).

و مع ذلك النصوص الصريحة المعتبرة سنداً مطبقة على ذلك أيضاً، ففي الصحيح المروي في الفقيه:عن رجل تزوّج في مرضه؟فقال:«إذا دخل بها فمات ورثته،و إن لم يدخل بها لم ترثه،و نكاحه باطل» (2).

و في نحوه المروي هو و ما يأتي في الكافي و التهذيب في باب طلاق المريض:«ليس للمريض أن يطلّق،و له أن يتزوّج،فإن هو تزوّج و دخل بها فهو جائز،و إن لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل، و لا مهر لها،و لا ميراث» (3).

و في القريب منهما سنداً بابني محبوب و بكير،المجمع على تصحيح ما يصح عنهما:عن المريض،إله أن يطلّق؟قال:«لا،و لكن له أن يتزوّج إن شاء،فإن دخل بها ورثته،و إن لم يدخل بها فنكاحه باطل» (4).

و المراد ببطلان العقد في هذه النصوص عدم لزومه على وجه يترتب عليه جميع أحكامه حتى بعد الموت من الميراث و العدّة،لا البطلان و عدم الصحة حقيقةً،و إلّا لزم عدم جواز وطئه لها في المرض بذلك العقد،مع أنّ صدرها كغيرها من الأخبار الدالّة على جواز نكاح المريض بقول مطلق يدل على خلافه.

ص:391


1- التذكرة 2:518.
2- الفقيه 4:724/228،الوسائل 26:231 أبواب ميراث الأزواج ب 18 ح 1.
3- الكافي:12/123،التهذيب 8:261/77،الإستبصار 3:1080/304،الوسائل 26:232 أبواب ميراث الأزواج ب 18 ح 3.
4- الكافي 6:1/121،الوسائل 26:232 أبواب ميراث الأزواج ب 18 ح 2.

و إن مات المريض في مرض آخر بعد برئه من المرض الأوّل،أو مات بعد الدخول،فلا ريب في صحة العقد،و لزومه،و ترتّب أحكامه؛ عملاً بالعمومات،و خصوص هذه الروايات جميعها في الفرض الثاني، و الصحيح الثاني منها في الفرض الأوّل؛ لتقييده البطلان بموته في مرضه، و به يقيّد الموت المطلق الموجب للبطلان في الآخرين،مع أنّ المتبادر منه فيهما المقيّد خاصّة.

و لو ماتت هي في مرضه الذي عقد فيه قبل الدخول بها،ففي توريثه منها إشكال ينشأ:

من أنّ صحة العقد و لزومه الموجب لترتّب جملة الأحكام عليه موقوفة على الدخول،أو البرء.

و من أنّ الحكم على خلاف الأُصول المقرّرة في الكتاب و السنة، فيقتصر فيه على مورد المعتبرة،و هو موته خاصّة.

و هذا أقوى،وفاقاً للروضة (1)؛ لمنع الدليل الأوّل،و احتمال الفرق بين موته و موتها في مرضه،حيث منع عن الإرث في الأوّل دون الثاني، باحتمال كون الحكمة في وجه المنع عن الإرث مقابلة المريض بضدّ قصده من الإضرار بالورثة بإدخال الزوجة عليهم،و بعبارة اخرى:كون الحكمة مراعاة حال الورثة،و هي في الفرض الثاني مفقودة،بل منعكسة،فينبغي الحكم فيه بالصحة،فتأمّل .

ص:392


1- الروضة 8:172.

المقصد الثالث:في الولاء

الأوّل:ولاء العتق

المقصد الثالث:

في بيان الإرث ب الولاء،و قد عرفت أنّ أقسامه ثلاثة مترتّبة.

الأوّل (1):ولاء العتق و الأصل فيه بعد الإجماع السنة المستفيضة، بل المتواترة من طرق العامّة و الخاصّة،و سيأتي إلى جملة منها الإشارة.

و يختص الإرث به بالمعتِق دون المعتَق،فلا يرث مولاه المعتِق له، بلا خلاف فيه إلّا من الإسكافي و الصدوق في الفقيه (2)،فأورثا منه أيضاً كالعكس.و هو شاذّ،بل عن الشيخ و في التنقيح (3)على خلافه الإجماع، و هو الحجة.

مضافاً إلى الأصل،فإنّ الإرث يحتاج إلى سبب شرعي،و لم يثبت في محل البحث؛ لاختصاص النصوص الدالّة على الإرث بإرث المولى من عتيقه خاصّة،و هي صحاح مستفيضة تضمّنت قولهم(عليهم السّلام):«الولاء لمن أعتق» (4).و ربما يفهم منه عدم الإرث في محل البحث،مع أنّ في المسالك و غيره (5)أنّ بعض ألفاظ الحديث:«إنّما الولاء» و هو أظهر دلالة.

ص:393


1- في المطبوع من المختصر(272):القسم الأوّل.
2- حكاه عن الإسكافي في المختلف:752،الفقيه 4:224.
3- حكاه عن الشيخ في الدروس 2:214،و المفاتيح 3:306،و هو في الخلاف 4:84،و المبسوط 4:95،التنقيح 4:194.
4- الكافي 7:1/170،الفقيه 3:261/74،التهذيب 8:807/224،الوسائل 26:243 أبواب ولاء ضمان الجريرة و الإمامة ب 1 ح 1.
5- المسالك 2:336؛ و انظر المفاتيح 3:306.

و أمّا ما في الخبر:«الولاء لحمة كلحمة النسب» (1)فمع ضعف سنده بالسكوني مطلق يحتمل التقييد بما يوافق المذهب،كما نبّه عليه جدّي المجلسي-(رحمه اللّه) في شرحه على الفقيه (2)،و مع ذلك غير مكافئ لشيء ممّا مرّ من الحجج،نعم لو دار الولاء توارثا،كما لو أعتق العتيق أب المنعم.

و يشترط في الإرث به التبرّع بالعتق (3)و أن لا يتبرّأ من ضمان (4)جريرته حال إعتاقه.

فلو كان العتق على المعتق واجباً في كفّارة أو نذر و شبههما كان العبد المعتَق سائبة أي لا عقل بينه و بين معتِقه،قال ابن الأثير:

تكرّر في الحديث ذكر السائبة و السوائب،كان الرجل إذا أعتق عبداً فقال:

هو سائبة،فلا عقل بينهما و لا ميراث (5).

و كذا لو تبرّع بالعتق و لكن تبرّأ من ضمان الجريرة على الأظهر الأشهر في الشرط الأوّل،بل عليه عامّة من تأخّر،و نفى عنه الخلاف في السرائر (6)،و في الانتصار و الغنية (7)الإجماع عليه،و هو الحجة.

مضافاً إلى الأصل،مع اختصاص النصوص المتقدمة بمباشرة العتق، فلا يشمل محل الخلاف و المشاجرة.

ص:394


1- الفقيه 3:281/78،الوسائل 23:75 أبواب العتق ب 42 ح 2.
2- روضة المتقين 11:319.
3- في«ح» زيادة:على الأظهر.
4- ليس في«ب» و«ر».
5- النهاية 2:431.
6- السرائر 3:25.
7- الانتصار:168،الغنية(الجوامع الفقهية):607.

و المعتبرة به مع ذلك مستفيضة،ففي الصحيح:«انظروا في القرآن، فما كان فيه: فتحرير رقبة فتلك السائبة التي لا ولاء لأحدٍ عليها إلّا اللّه تعالى،فما كان ولاؤه للّه تعالى فهو لرسوله،و ما كان لرسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)فإنّ ولاءه للإمام(عليه السّلام)،و جنايته على الإمام(عليه السّلام)،و ميراثه له» (1)و في معناه آخر (2).

و في ثالث:«قضى أمير المؤمنين(عليه السّلام)فيمن نكل بمملوكه:أنّه حرّ، و لا سبيل له عليه،سائبة،يذهب فيتوالى إلى من أحبّ،فإذا ضمن جريرته فهو يرثه» (3).

و في الخبر:الرجل أُعتق،إله أن يضع نفسه حيث شاء،و يتولّى من أحبّ؟فقال:«إذا أُعتق للّه تعالى فهو مولى للذي أعتقه،و إذا أُعتق و جعل سائبة،فله أن يضع نفسه حيث شاء،و يتولّى من شاء» (4).

خلافاً للمبسوط و ابن حمزة (5)في أُمّ الولد،فأثبتا الولاء لورثة مولاها بعد انعتاقها من نصيب ولدها،و نفى الأوّل الخلاف فيه.

و هو موهون بوجوده،مع مصير المشهور إلى الخلاف،و مع ذلك معارض بحكاية الإجماع و نفي الخلاف المتقدّمة.

ص:395


1- الكافي 7:2/171،التهذيب 9:1410/395،الإستبصار 4:748/199،الوسائل 26:248 أبواب ولاء ضمان الجريرة و الإمامة ب 3 ح 6.
2- الكافي 7:7/171،الفقيه 3:293/81،التهذيب 8:925/254،الإستبصار 4:76/23،الوسائل 23:71 أبواب العتق ب 40 ح 2.
3- التهذيب 9:1411/395،الوسائل 26:245 أبواب ولاء ضمان الجريرة و الإمامة ب 1 ح 6.
4- الكافي 6:2/197،التهذيب 8:909/250،الوسائل 23:63 أبواب العتق ب 36 ح 1.
5- المبسوط 6:71،الوسيلة:344.

و لهما (1)أيضاً فيمن انعتق بالقرابة،فأوجبا الولاء لمن ملك أحد قرابته فانعتق عليه،سواء ملكه باختيار أو اضطرار؛ للموثق:في رجل يملك ذا رحمه،هل يصلح له أن يبيعه،أو يستعبده؟قال:«لا يصلح أن يبيعه،و لا يتّخذه عبداً،و هو مولاه،و أخوه في الدين،و أيّهما مات ورثه صاحبه،إلّا أن يكون وارث أقرب إليه منه» (2).

و فيه نظر،فإنّ الظاهر أنّ المراد بالإرث فيه الإرث الحاصل بالقرابة دون الولاء،و يؤيّده الحكم فيه بالتوارث من الطرفين،فلا حجة فيه لهما.

و يتصوّر الإرث بالولاء هنا مع كون العتق بالقرابة،و يشترط في العتق (3)بالولاء عدم المناسب مطلقاً،كما سيأتي فيما إذا كان صاحب الولاء غير مناسب للعتيق أصلاً مع كونه نازلاً منزلة من يكون العتق بسبب قرابته،بأن يكون صاحب الولاء قريباً لذلك القريب مع عدم قرابته للعتيق، و قد مات ذلك القريب،فصار قريبه الذي ليس من أقرباء العتيق صاحب الولاء،كما إذا اشترى رجل امّه فانعتقت عليه،و مات الرجل،و كان له أخ لأبيه خاصّة،و لا وارث للاُمّ نسباً أصلاً،فولاء الأُمّ للأخ المذكور.

و أما الصحيح:عن الرجل يعتق الرجل في كفّارة يمين أو ظهار،لمن يكون الولاء؟قال:«للذي يعتق» (4)فشاذّ،فليطرح،أو يحمل على ما إذا توالى إليه بعد العتق،أو على التقية،كما يستفاد من الانتصار (5)،حيث

ص:396


1- المبسوط 6:71،الوسيلة:343.
2- الفقيه 3:287/80،الوسائل 23:29 أبواب العتق ب 13 ح 5.
3- كذا،و لعلّ الأنسب:الإرث.
4- الفقيه 3:283/79،التهذيب 8:931/256،الإستبصار 4:86/26،الوسائل 23:78 أبواب العتق ب 43 ح 5.
5- الانتصار:168.

نسب خلافنا إلى الفقهاء الأربعة،أو على الإعتاق تطوّعاً في كفّارة غيره، كما دل عليه بعض الصحاح المتقدمة (1).

و لا خلاف في الشرط الثاني،بل في عبائر جمع (2)الإجماع عليه، و هو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة،منها الخبر القريب من الصحيح بابن محبوب المجمع على تصحيح رواياته:عن السائبة؟فقال:«الرجل يعتق غلامه،ثم يقول له:اذهب حيث شئت،ليس لي من ميراثك شيء،و لا عليّ من جريرتك شيء،و يشهد على ذلك» (3).

و في اشتراط الإشهاد في التبرّي قولان،و الأكثر على العدم؛ للأصل.

خلافاً للشيخ و الصدوق و الإسكافي (4)؛ للأمر به في الخبر المذكور و غيره،كالصحيح:«من أعتق رجلاً سائبة فليس عليه من جريرته شيء، و ليس له من الميراث شيء،و ليشهد على ذلك» (5).

و فيه:أنّ الأمر به أعمّ من ذلك و من كونه شرط الإثبات عند الحاكم لو ادّعاه،فلا مخرج عن الأصل بمثله،بل مقتضى الجمع بينهما حمله على الثاني.

ص:397


1- راجع ص:390،الرقم 5.
2- منهم العلّامة في التحرير 2:168،و فخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:523،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:307.
3- الكافي 7:6/171،الفقيه 3:289/80،التهذيب 8:929/256،الاستبصار 4:84/26،المقنع:160،الوسائل 23:77 أبواب العتق ب 43 ح 2.
4- النهاية:669،المقنع:156،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:752.
5- التهذيب 8:928/256،الإستبصار 4:83/26،الوسائل 23:78 أبواب العتق ب 43 ح 4.

و هل يسقط التبرّي بعد العتق للإرث،أم لا،بل لا بُدّ منه حينه؟ وجهان،ظاهر الأكثر و صريح الفاضل في التحرير و الشهيد في الدروس (1)الثاني؛ و لعلّه لعموم:«الولاء لمن أعتق» (2)خرج منه ما لو تبرّأ من جريرته حال الإعتاق بالإجماع و الروايات،و بقي غيره مندرجاً تحته.

و هو حسن لولا إطلاق التبرّي فيما مرّ من النص المحتمل لوقوعه حال الإعتاق و بعده،سيّما مع عطف التبري على«يعتق» فيه ب«ثمّ» في الكافي و الفقيه،و هي حقيقة في التراخي،لكن الموجود في التهذيب و الاستبصار الواو بدل ثم.

و كيف كان النص معهما مطلق يشمل الصورتين،إلّا أن يدّعى تبادر التبرّي حال الإعتاق لا بعده،بقرينة السياق،و هو غير بعيد،مع أنّ مخالف الأكثر غير معلوم الوجود،و إن أشعر به عبارة التحرير و الدروس.

و لا يرث المعتِق عتيقه مع وجود مناسب له و إن بعد فإنّ الولاء بعد النسب،كما مر،بالإجماع،و آية اولي الأرحام (3)،و النصوص المستفيضة،منها الصحيح:«قضى أمير المؤمنين(عليه السّلام)في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات،فقرأ هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ [1] فدفع الميراث إلى الخالة،و لم يعط المولى» (4).

و يرث المولى عتيقه مع الزوج و الزوجة بعد أن يأخذ كل

ص:398


1- في«ر» زيادة:و المسالك.التحرير 2:168،الدروس 2:214،المسالك 2:335.
2- الوسائل 23:61،64 أبواب العتق ب 35،37.
3- الأنفال:75،الأحزاب:6.
4- الكافي 7:2/135،التهذيب 9:1183/329،الإستبصار 4:649/172،الوسائل 26:233 أبواب ميراث ولاء العتق ب 1 ح 3.

منهما نصيبه الأعلى،بلا خلاف،إلّا من الحلبي (1)-(رحمه اللّه) فمنع عن إرثه مع الزوج خاصّة،و جعل المال له كلّه،النصف تسمية و الباقي ردّاً،كما مضى (2).

و هو شاذّ،و مستنده غير واضح،و مع ذلك عموم:«الولاء لمن أعتق (3):و«و لحمة كلحمة النسب» (4)يردّه.

و إذا اجتمعت الشروط المتقدمة ورثه المنعم أي المعتق له، و اختص بتركته إن كان واحداً،و اشتركوا في المال إن كانوا أكثر يقتسمونه بينهم بالسوية مطلقاً،ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين، بلا خلاف؛ لأنّ السبب في الإرث هو الإعتاق،فيتبع الحصّة،و لا ينظر فيها إلى الذكورة و الأُنوثة كالإرث بالنسب؛ لأنّ ذلك خارج بالنص و الإجماع، و إلّا لكان مقتضى الشركة خلاف ذلك.

و لو عدم المنعم فللأصحاب في تعيين الوارث للعتيق أقوال خمسة،لا ضرورة بنا إلى التطويل بنقلها جملة،مع عدم وضوح حججها، إلّا أنّ الأقرب إلى الأخبار منها قولان مشهوران:

أحدهما:ما استظهره الماتن هنا بقوله: أظهرها انتقال الولاء إلى الأولاد الذكور،دون الإناث،فإن لم يكن الذكور فالولاء لعصبته الذين يعقلون عنه إذا أحدث حدثاً،من إخوته و جدوده و عمومته و أبنائهم.

كل ذا إذا كان المعتق رجلاً.

و لو كان المعتِق امرأة ف ينتقل الولاء إلى عصبتها دون أولادها

ص:399


1- الكافي في الفقه:374.
2- راجع ص:363.
3- تقدّمت مصادرهما في ص:389.
4- تقدّمت مصادرهما في ص:389.

مطلقاً، و لو كانوا ذكوراً استناداً في اختصاص الأولاد الذكور من المعتق الرجل بالإرث إلى الصحيح،و هو طويل،و فيه:«و إن كانت الرقبة على أبيه تطوّعاً،و قد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة،فإنّ ولاء المعتَق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال» (1)الحديث.

و الخبر:عن رجل مات،و كان مولى لرجل،و قد مات مولاه قبله، و للمولى ابن و بنات،فسأله عن ميراث المولى؟فقال:«هو للرجال دون النساء» (2).

و في اختصاص عصبة المنعم بالولاء مع فقد الولد الذكر إلى الصحيح:قضى(عليه السّلام)في رجل حرّر رجلاً فاشترط ولاءه،فتوفّي الذي أعتق،و ليس له ولد إلّا النساء،ثم توفّي المولى و ترك مالاً و له عصبة، فاحتقّ في ميراثه بنات مولاه و عصبته،فقضى بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه (3).

و فيه أيضاً دلالة على منع البنات عن الميراث،لكن في دلالته على المستدل به عليه نظر،فإنّ ظاهر قوله:ثم توفّي المولى و ترك مالاً و عصبة، أنّ العصبة للمولى و هو العتيق،لا المنعم كما هو المدّعى،و الاحتقاق و هو التخاصم إنّما وقع بين بنات المنعم و عصبة العبد،فلا دلالة فيه على

ص:400


1- الكافي 7:7/171،التهذيب 8:925/254،الإستبصار 4:76/23،الوسائل 23:71 أبواب العتق ب 40 ح 2.
2- التهذيب 9:1419/397،الوسائل 26:239 أبواب ميراث ولاء العتق ب 1 ح 18.
3- التهذيب 8:923/254،الإستبصار 4:77/24،الوسائل 23:71 أبواب العتق ب 40 ح 1.

ما ذكر.

و في منع أولاد المعتقة مطلقا و إعطاء الإرث لعصبتها إلى الصحاح، منها:«قضى أمير المؤمنين(عليه السّلام)على امرأة أعتقت رجلاً،و اشترطت ولاءه، و لها ابن،فألحق ولاءه لعصبتها الذين يعقلون عنها،دون ولدها» (1).

و لا معارض لها،مع كثرتها،و اشتهارها،بل نفى الخلاف عنها في الاستبصار و الخلاف (2)،و فيه و في السرائر (3)الإجماع عليه.

و من هنا يظهر عدم إشكال في الحكم من جهة عصبة المعتقة،و إنّما هو في اختصاص إرث المعتِق بأولاده الذكور دون الإناث،كما استظهره الماتن هنا،وفاقاً للشيخ في النهاية و الإيجاز (4)،و تبعه القاضي و ابن حمزة (5)،و تبعهم من المتأخّرين جماعة (6)،حتى أنّه في التحرير و شرح الشرائع للصيمري (7)ادّعي عليه الشهرة.

أو اشتراكهم أجمع في إرثه،كما هو القول الثاني للشيخ في الخلاف و الحلي في السرائر و الشهيد في الدروس (8)،ينشأ:

من دلالة النصوص الصحيحة المتقدمة على الاختصاص.

ص:401


1- التهذيب 8:921/253،الإستبصار 4:80/25،الوسائل 23:70 أبواب العتق ب 39 ح 1.
2- الاستبصار 4:173،الخلاف 4:81.
3- الخلاف 4:81،السرائر 3:24.
4- النهاية:547،الإيجاز(الرسائل العشر):277.
5- المهذّب 2:154،الوسيلة:397.
6- منهم العلّامة في التحرير 2:169،و الشهيد الثاني في الروضة 8:185،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:307.
7- التحرير 2:169،غاية المرام 4:188.
8- الخلاف 4:79،السرائر 3:23،الدروس 2:216.

و من الموثق الصريح في العدم:قال(عليه السّلام):«مات مولى لحمزة بن عبد المطلب،فدفع رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)ميراثه إلى بنت حمزة» (1).

و الأوّلة و إن كانت صحيحة إلّا أنّها موافقة للعامّة،كما صرّح به الشيخ و الحسن بن محمّد بن سماعة الذي هو أحد رواة هذه الموثقة،فإنّه قال في آخرها:هذه الرواية تدل على أنّ المرأة ترث الولاء،ليس كما يروون العامّة (2).

و اختار هذا في الكفاية (3)،مؤيّداً له بعموم:«الولاء لحمة كلحمة النسب» (4)في الخبر القوي بالسكوني المجمع على تصحيح رواياته عموماً، كما عن الشيخ (5)،و خصوصاً كما ادّعاه الحلي (6)من الخاصّة و العامّة، و طاعناً في دلالة الصحيحة الاُولى من النصوص المتقدمة،قال:فإنّ محل الاستدلال فيها قوله:«فإنّ ولاء المعتَق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال» قال:و هو مبني على أنّ«من الرجال» قيد الولد،مع أنّه يحتمل أن يكون قيداً للميت لا للولد،و حينئذٍ لا يكون للخبر دلالة على اختصاص الولاء بالذكور من الأولاد.و فيه نظر.

و المسألة عند الفقير محل إشكال،و إن كان لا بأس بالقول الأخير؛ لاعتضاد الموثقة بمخالفة العامّة و القويّة المتقدمة،مع صراحتها بلا شبهة، و الكثرة و الصحة في الأخبار الأوّلة لم تبلغ حدّ المقاومة لهذه المرجّحات

ص:402


1- الكافي 7:6/170،التهذيب 9:1191/331،الإستبصار 4:652/172،الوسائل 26:236 أبواب ميراث ولاء العتق ب 1 ح 10.
2- التهذيب 9:331،الاستبصار 4:173.
3- الكفاية:305.
4- المتقدم في ص:389.
5- العُدّة 1:380.
6- السرائر 3:24.

المزبورة،سيّما مع مخالفة العامة.

نعم ربما عارضها الشهرة المحكية،بل الظاهرة،كما عرفت،لكنّها ليست شهرة مفيدة لتلك المظنّة القويّة الجابرة أو المرجّحة و الفائقة غيرها من المرجّحات المقابلة مثل مخالفة العامّة،مع أنّ في اللمعة (1)جعل المشهور كون الولاء للأولاد الذكور منهم و الإناث مطلقاً،ذكراً كان المنعم أو امرأة،لكنه عجيب كما في الروضة (2)؛ لأنّه مذهب الصدوق (3)خاصّة،كما صرّح به في الدروس و جماعة (4)،هذا.

مع أنّ المحكي عن الخلاف (5)دعواه الإجماع على مجموع ما اختاره فيه،حتى توريث بنات المنعم،فيكون هو حجة أُخرى زيادة على ما مضى.

و اعلم أنّ المشهور بين الأصحاب أنّه يترتّب من يرث ترتّبهم في النسب؛ لحديث اللحمة المتقدم،و خصّ بما مرّ للأدلة المتقدمة،فيشارك الأب الأولاد،و كذا الجدّ و الأخ من قبله،أمّا الأُمّ فيبنى إرثها على ما سلف، و المشهور أنّه تشاركهم أيضاً؛ و لعلّه لعموم الحديث المتقدم،و إنّما الخارج منه بالنصوص الصحيحة البنات خاصّة،و هو لا يستلزم خروج الاُمّ منه أيضاً،فتأمّل .و خلاف الإسكافي (6)في تقديمه الولد على الأبوين،و الجدّ على

ص:403


1- اللمعة(الروضة البهية 8):183.
2- الروضة 8:186.
3- الفقيه 4:224.
4- الدروس 2:215؛ المهذب البارع 4:407،الروضة 8:184،الكفاية:305.
5- الخلاف 4:79 81.
6- حكاه عنه في الدروس 2:216.

الأخ شاذّ ضعيف،و إن قيل (1):يساعده ظاهر الصحيح المتقدم (2)، المتضمّن لقوله(عليه السّلام):كان ولاء العتق ميراثاً لجميع ولد الميت من الرجال؛ لما عرفت من قوة احتمال وروده مورد التقية،و ربما يؤيّده موافقة الإسكافي،كما مرّ غير مرّة.

و حيث خصّ الإرث بالولاء في النصوص المتقدمة بالعصبة الذين يعقلون ظهر أنّه لا يرث الولاء الأخوات و الجدّات و إن كنّ من أبيه؛ لأنّهنّ لا يعقلن،كما لا يعقل من يتقرّب بأُمّ المنعم من الإخوة و الأخوات و الأخوال و الخالات و الأجداد و الجدّات،فلا يرثون أيضاً.

و هل يورث الولاء كما يورث به؟قولان،أشهرهما:العدم؛ للأصل؛ و لأنّه ليس مالاً يقبل النقل، و لهذا لا يصح بيعه و لا هبته و لا اشتراطه في بيع و نحوه،بلا خلاف،بل إجماعاً،كما في التنقيح (3)؛ للقوي المتقدم:«الولاء لحمة كلحمة النسب،لا يباع و لا يوهب» (4).

و الصحيح:«أنّ عائشة قالت للنبي(صلّى اللّه عليه و آله):إنّ أهل بريرة اشترطوا ولاءها،فقال(صلّى اللّه عليه و آله):الولاء لمن أعتق،و أبطل شرطهم» (5).

خلافاً لظاهر الماتن هنا و في الشرائع و جماعة (6)،فجعلوه موروثاً، لأنّه من الحقوق المتروكة،فكان داخلاً تحت عموم الإرث.

و فيه نظر يظهر وجهه ممّا مرّ،إلّا أنّ ذلك ظاهر الصحيح المتقدم

ص:404


1- قاله السبزواري في الكفاية:306.
2- في ص:395.
3- التنقيح الرائع 4:198.
4- في ص:389.
5- الكافي 6:4/198،التهذيب 8:907/250،الوسائل 23:64 أبواب العتق ب 37 ح 1.
6- الشرائع 4:36،الخلاف 4:79،السرائر 3:23،التحرير 2:169.

المتضمّن لأنّ ولاء العتق ميراث لجميع ولد الميت،و نحوه الصحاح الواردة في توريث عصبة المعتقة دون ولدها،منها زيادة على ما مضى:عن امرأة أعتقت مملوكاً،ثم ماتت؟قال:«يرجع الولاء إلى بني أبيها» (1).

و منها:«يكون ولاؤها لأقرباء امّه من قبل أبيها،و تكون نفقتها عليهم حتى تدرك،و تستغني» قال:«و لا يكون للذي أعتقها عن امّه شيء من ولائها» (2)و نحوها غيرها ممّا يأتي.

و العجب من الأصحاب عدم استدلالهم لهذا القول بها،و لعلّهم فهموا منها الإرث به،لا كونه موروثاً،لكنه خلاف الظاهر،كما اعترف به شيخنا في المسالك (3)في شرح قول الماتن:و يرث الولاء الأبوان و الأولاد،فإنّه قال:و يفهم منه كونه موروثاً،فيقوى العجب منه في عدم استدلاله بها، و لا سيّما الصحيح الأوّل منها؛ لكونه كعبارة الماتن في تضمّنه لفظ إرث الولاء مضاهياً،و لعلّ هذا أقوى.

و تظهر الفائدة في مواضع،منها:ما لو مات المنعم قبل العتيق، و خلف وارثاً غير الوارث بعد موت العتيق،كما لو مات المنعم عن ولدين، ثم مات أحدهما عن أولاد،ثم العتيق،فعلى الأشهر يختصّ الإرث بالولد الباقي،و يشاركه أولاد الولد الميت على الآخر.

و اعلم أنّه كما يرث المولى عتيقه كذلك يرث أولاد عتيقه مع فقد النسب،بلا خلاف؛ للصحاح المستفيضة،منها:عن رجل اشترى عبداً،له

ص:405


1- التهذيب 8:922/254،الإستبصار 4:81/25،الوسائل 23:70 أبواب العتق ب 39 ح 2.
2- التهذيب 8:924/254،الإستبصار 4:82/25،الوسائل 23:70 أبواب العتق ب 39 ح 3.
3- المسالك 3:336.

أولاد من امرأة حرّة،فأعتقه؟قال:«ولاء ولده لمن أعتقه» (1).

و منها:في العبد تكون تحته الحرّة،قال:«ولده أحرار،فإن أعتق المملوك لحق بأبيه» (2).

و منها:«قضى أمير المؤمنين(عليه السّلام)في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق،فنكح وليدة لرجل آخر،فولدت له ولداً،فحرّره،ثم توفّي المكاتب،فورثه ولده،فاختلفوا في ولده،من يرثه؟» قال:«فألحق ولده بموالي أبيه» (3).

و لكن في نصوص أُخر ما ربما يتوهم منه المخالفة لذلك،منها الصحيح:دخلت على أبي عبد اللّه(عليه السّلام)و معي علي بن عبد العزيز،فقال لي:

«من هذا؟» فقلت:مولى لنا،فقال:«أعتقتموه،أو أباه؟» فقلت:بل أباه، فقال:«ليس هذا مولاك،هذا أخوك و ابن عمّك،و إنّما المولى الذي جرت عليه النعمة،فإذا جرت على أبيه فهو أخوك و ابن عمّك» (4).

لكنّها مع ضعف سند أكثرها شاذّة،محتملة للحمل على أنّه ليس معتقاً،و عدم كونه مولى بهذا المعنى لا يستلزم انتفاء الولاء،و لا تلازم بينهما،و به صرّح الشيخ (5)أيضاً،مستشهداً له بالخبر:«المعتق هو المولى،

ص:406


1- الكافي 7:4/170،الفقيه 3:285/79،التهذيب 8:910/250،الإستبصار 4:66/21،الوسائل 23:66 أبواب العتق ب 38 ح 1.
2- التهذيب 8:911/251،الإستبصار 4:67/21،الوسائل 23:66 أبواب العتق ب 38 ح 2.
3- الفقيه 3:275/77،التهذيب 8:912/251،الإستبصار 4:68/21،الوسائل 23:66 أبواب العتق ب 38 ح 3.
4- الكافي 6:3/199،الفقيه 3:286/79،التهذيب 8:917/252،قرب الاسناد:133/41،الوسائل 23:69 أبواب العتق ب 38 ح 11.
5- التهذيب 8:253،الإستبصار 4:23.

و الولد ينتمي إلى من يشاء» (1).

و حيث قد عرفت ذلك فاعلم أنّه يصح جرّه أي الولاء من مولى الأُمّ إلى مولى الأب إذا كان الأولاد مولودين على الحرّية تبعاً لحرّية أُمّهم،بيان ذلك:أنّه إذا أُعتقت الأُمّ أوّلاً،ثم حملت بهم،و أبوهم رقّ، فولاؤها و ولاء أولادها لمولاها؛ لعدم إمكانه من جهة الأب؛ إذ لا ولاء عليه،و لمعتق الاُمّ عليهم نعمة،فإنّهم عتقوا بعتقها،فإن ماتوا و الأب رقيق بعد ورثهم معتق الاُمّ بالولاء و لو عتق الأب بعد ذلك.

و أمّا لو عتق قبله انجرّ ولاؤهم من مولى الأُمّ إلى مولاه؛ للصحاح المتقدمة،و لأنّ ثبوت الولاء لمولاها كان لضرورة أنّه لا ولاء على الأب، فإذا وجد قدّم كما يقدّم عليه لو كان معتقاً قبل عتق الأُمّ أو معه؛ لأنّ الولاء تلو النسب(بمقتضى حديث اللحمة المتقدم) (2)و النسب إلى الآباء دون الأُمّهات.

و إنّما اشترط الولادة على الحرّية احترازاً عمّا لو ولدوا على الرقّية ثم أعتقوا،فإنّ ولاءهم حينئذٍ لمباشر عتقهم،كائناً من كان،لا ينجرّ ولاؤهم إلى معتق أبيهم؛ لأنّ نعمة من أعتقهم عليهم أعظم من نعمة من أعتق بعض أُصولهم،فيخصّ بولائهم.

و لا فرق في ذلك بين أن يعتقوا منفصلين أو حملاً مع أُمّهم، فلا ينجرّ ولاؤهم من معتقهم على تقدير فقده و فقد عصبته إلى معتق أُمّهم؛ لأنّ ولاء المباشرة لا ينجرّ مطلقا،و إنّما ينجرّ ولاء غيرها من الأضعف إلى الأقوى.

و لا أجد خلافاً في شيء من ذلك،و لا في اشتراط كون الحرّية

ص:407


1- الفقيه 3:288/80،التهذيب 8:919/253،الإستبصار 4:75/23،الوسائل 23:67 أبواب العتق ب 38 ح 7.
2- ما بين القوسين ليس في«ر».

المعتبرة ولادتهم عليها حرّية عرضية حاصلة بالعتق،لا أصلية،و نفى عنه و عن جميع ما مرّ الخلاف في السرائر (1)،و ادّعى عليه الاتفاق في المسالك (2)و غيره.

لكن جملة من الصحاح المتقدمة بإرث معتق الأب أولاد زوجته الحرّة مطلقة،بل ربما كان بعضها ظاهراً في اختصاص حكم الجرّ بما إذا كانت حرّة الأصل،كالصحيح:عن حرّة زوّجتها عبداً لي،فولدت لي منه أولاداً،ثم صار العبد إلى غيري،فأعتقه،إلى من ولاء ولده؟إليّ إذا كانت أُمّهم مولاتي؟أم إلى الذي أعتق أباهم؟فكتب:«إن كانت الأُمّ حرّة جرّ الأب الولاء،و إن كنت أنت أعتقت فليس لأبيه جرّ الولاء» (3).

و لم أر أحداً من الأصحاب تنبّه أو نبّه على ذلك،عدا خالي العلّامة المجلسي-(رحمه اللّه) في الحاشية المنسوبة إليه على هذه الرواية،فإنّه قال:

ظاهرها اختصاص حكم الجرّ بما إذا كانت حرّة الأصل،كما هو ظاهر الأخبار السابقة،على خلاف ما ذكره الأصحاب و أجمعوا عليه،فتدبّر.

ثم قال في توجيهها و تطبيقها لما ذكروه:و لعلّ المراد أنّك إذا أعتقت الأُمّ فصار عتقها سبباً لعتق الأولاد التي حصلت بعد العتق فحينئذٍ ينجرّ الولاء إلى مولى الأب،و إن كنت أعتقت الأولاد أنفسهم فولاؤهم لك و لا ينجرّ،و اللّه يعلم (4).

أقول و باللّه التوفيق-:لعلّ الوجه في اتفاق الأصحاب على ما مرّ أنّ الحرّية الأصلية في أحد الأبوين تستتبع حرّية الأولاد،فيكون حرّيتهم من

ص:408


1- السرائر 3:263.
2- المسالك 2:336.
3- التهذيب 8:913/251،الإستبصار 4:69/21،الوسائل 23:67 أبواب العتق ب 38 ح 4.
4- ملاذ الأخبار 13:502.

جهتها،لا من جهة العتق،و الولاء إنّما يكون على من حصلت له الحرّية به لا بها،فإنّ الولاء من توابع العتق،لا الحرّية مطلقا،و لذا قالوا(عليهم السّلام):

«الولاء لمن أعتق» (1)و لا عتق هنا بالإضافة إلى الأولاد مطلقاً و لو تبعاً؛ لامتناع حصول الحاصل،فتأمّل جدّاً .و حينئذٍ ينبغي تقييد النصوص المتقدمة بحمل الحرّة فيها على المعتقة خاصّة،و حمل الرواية الأخيرة على ما حملها عليه خالي العلّامة (2).

و على كل حال،فالنصوص المزبورة صريحة الدلالة على أصل حكم الجرّ و لو في الجملة؛ مضافاً إلى النصوص الأُخر،كالمرسل كالموثق:«يجرّ الأب الولاء إذا أُعتق» (3).

فما يوجد في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد الثاني على كتابه المسالك في مسألة الجرّ:أنّه ليس في بابه نص مطلقا،و إنّما هو اعتبار؛ غريب،إلّا أن يكون مراده من المنفي ما يتضمّن أحكام الجرّ كلا بنحو ما ذكره الأصحاب.

و اعلم أنّهم ذكروا من غير خلاف يعرف بينهم أنّه إذا فقد المولى و قرابته الوارثون للولاء يرثه مولى المولى،فإن عدم فقرابة مولى المولى، على تفصيل قرابة المولى،فإن فقد الجميع فمعتق أب المعتق،ثم معتق هذا المعتق،و هكذا كالأوّل.

و لا نصّ فيه،و كأنّهم استنبطوه من حديث اللحمة المتقدم (4)، و لا بأس به.

ص:409


1- راجع ص:389.
2- راجع ص:404.
3- التهذيب 8:914/252،الإستبصار 4:70/22،الوسائل 23:67 أبواب العتق ب 38 ح 5.
4- في ص:389.
القسم الثاني:ولاء تضمّن الجريرة

القسم الثاني:

ولاء تضمّن الجريرة و هي الجناية:

اعلم أنّ من توالى إنساناً بأن يضمن ذلك الإنسان حدثه و جنايته و يكون ولاؤه المورث به له،ثبت له أي للضامن الميراث بلا خلاف فيه بيننا،بل عليه الإجماع في عبائر كثير من أصحابنا،كالغنية و المسالك و الكفاية و غيرها (1)،و هو الحجة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة،و غيرها من المعتبرة،ففي الصحيحين«إذا والى الرجل الرجل فله ميراثه،و عليه معقلته» (2).

و في الصحيح:عن مملوك أُعتق سائبة؟قال:«يتولّى من شاء،و على من تولّى جريرته،و له ميراثه» (3)الخبر،و نحوه الموثق (4)،هذا.

مع أنّه على ما ذكره الأصحاب عقد كان سائغاً في صدر الإسلام،بل في الجاهلية أيضاً،فيشمله عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [1] (5) و مقتضاه اللزوم،

ص:410


1- الغنية(الجوامع الفقهية):608،المسالك 2:338،الكفاية:306؛ المفاتيح 3:310.
2- الأوّل في:الكافي 7:3/171،الوسائل 26:244 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 1 ح 2. و الثاني في:التهذيب 9:1413/396،الوسائل 26:244 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 1 ح 4.
3- الكافي 7:4/171،الفقيه 3:290/80،التهذيب 8:927/255،الإستبصار 4:747/199،الوسائل 23:73 أبواب العتق ب 41 ح 1.
4- التهذيب 9:1406/394،و 1409/395،الاستبصار 4:746/199،الوسائل 26:244 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 1 ح 3،و 249 ب 3 ح 9.
5- المائدة:1.

كما هو المشهور،وفاقاً للحلي (1)،و ظاهره الإجماع عليه،و هو حجة أُخرى مستقلة،فليس لكل منهما فسخه و نقل الولاء إلى الغير.

خلافاً للشيخ و ابن حمزة (2)،فجائز،إلّا أن يعقل عنه؛ للأصل.

و يندفع بما مر.

و على المختار فيعتبر فيه ما يعتبر في سائر العقود اللازمة.

و صورة عقده أن يقول المضمون:عاقدتك على أن تنصرني،و تدفع عنّي،و تعقل عنّي،و ترثني،فيقول الضامن:قبلت،و لو اشترك العقد بينهما قال أحدهما:على أن تنصرني و أنصرك،و تعقل عني و أعقل عنك، و ترثني و أرثك،أو ما أدّى هذا المعنى،فيقبل الآخر.

و لا يتعدّى الإرث عن الضامن إلى أقاربه و ورثته،على المشهور،بل في الغنية (3)عليه الإجماع؛ قصراً للحكم على موضع الشرط، و وقوفاً على اليقين فيما خالف الأصل.

خلافاً للمحكي في السرائر و المختلف عن ظاهر المقنعة (4)،حيث سوّى بين هذا الولاء و ولاء العتق في جميع الأحكام الثابتة له.

و حجته مع ندرته غير واضحة.

و لا يصح أن يضمن الجريرة إلّا عن سائبة،كالمعتق في النذر و الكفّارات أو تبرّعاً مع التبرّي عن جريرته،كما مرّ أو

ص:411


1- السرائر 3:265.
2- الخلاف 4:120،الوسيلة:398.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):608.
4- السرائر 3:265،المختلف:740،و هو في المقنعة:694.

ع من كان حرّ الأصل لكن لا وارث له مطلقاً و لو معتِقاً،فإنّ هذا الإرث متأخّر عن الإرث بالنسب و العتق،بلا خلاف،بل في ظاهر الغنية (1)الإجماع عليه،و ربما كان في النصوص الصحيحة (2)دلالة عليه.

و على أنّه لا يرث الضامن إلاّ مع فقد كل مناسب (3)و مع فقد المعتِق عتقاً يرث به الولاء،مع أنّه لا خلاف فيه أيضاً.

و الفرق بين هذا الحكم و السابق مع اشتراكهما في اشتراط فقد المناسب و المعتِق أنّ ذلك شرط صحة العقد و هذا شرط الإرث،و المعنى أنّه مع صحة العقد و اجتماع شرائطه لا يثبت الإرث للضامن إلّا مع فقد الوارث المذكور عند موت المضمون أيضاً،فلو فرض تجدّد وارث للمضمون،بأن تزوّج بعد العقد و ولد له أولاد كان إرثه لهم،دون الضامن و إن كان سببه صحيحاً سائغاً.

و يتصوّر تجدّد العتق على العقد بأن يكون إسلامه طارئاً،ثم يكفر بعد العقد،و يلتحق بدار الحرب،و يسترقّ،فيعتقه مولاه،فإنّه يقدّم ولاء العتق على الضامن المتقدّم.

و يرث معه الزوج و الزوجة نصيبهما الأعلى من النصف أو الربع و ما بقي عنه كان له أي للضامن،بلا خلاف،بل عليه الإجماع في الغنية (4)؛ للعمومات،و خصوص ما مرّ من النصوص الدالّة على دخولهما

ص:412


1- الغنية(الجوامع الفقهية):607.
2- انظر الوسائل 26:243 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 1.
3- في«ح» زيادة:و إن بعد.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):608.

على جميع طبقات الورثة (1).

و هو أي الضامن أولى من بيت مال الإمام (عليه السّلام)،بلا خلاف، بل في الغنية عليه الإجماع (2)،و هو الحجة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة،ففي الصحيحين:«من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال» (3)و نحوهما الموثق (4)و غيره (5).

و في الصحيح:«قضى أمير المؤمنين(عليه السّلام)فيمن أعتق عبداً سائبةً:أنّه لا ولاء لمواليه عليه،فإن شاء توالى إلى رجل من المسلمين،فليشهد أنّه يضمن جريرته و كل حدث يلزمه،فإذا فعل ذلك فهو يرثه،و إن لم يفعل ذلك كان ميراثه يردّ على إمام المسلمين» (6)و قريب منه الموثق (7)،و في جملة من النصوص أنّ:«الإمام وارث من لا وارث له» (8).

ص:413


1- راجع ص:363.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):608.
3- أحدهما في:الكافي 7:4/169،التهذيب 9:1379/386،الإستبصار 4:732/195،الوسائل 26:247 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 3. و الآخر في:الكافي 7:1/168،الوسائل 26:247 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 4.
4- التهذيب 9:1380/386،الإستبصار 4:733/195،الوسائل 26:249 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 8.
5- الوسائل 26:246 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3.
6- التهذيب 9:1407/394،الوسائل 26:250 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 12.
7- التهذيب 9:1406/394،الإستبصار 4:746/199،الوسائل 26:249 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 9.
8- الكافي 7:3/169،الوسائل 26:248 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 5.
القسم الثالث:ولاء الإمامة

القسم الثالث:

ولاء الإمامة و الأصل فيه بعد الإجماع الظاهر المحكي في الخلاف و الغنية و السرائر و المنتهى و المسالك و غيرها من كتب الجماعة (1)النصوص المتقدمة و غيرها من المعتبرة،ففي الصحيح:«من مات و ليس له وارث من قبل قرابته،و لا مولى عتاقه قد ضمن جريرته،فماله من الأنفال» (2).

و فيه:«السائبة التي لا ولاء لأحد عليها إلّا اللّه تعالى،فما كان ولاؤه للّه تعالى فهو لرسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)،و ما كان لرسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)فإنّ ولاءه للإمام(عليه السّلام)،و جنايته على الإمام(عليه السّلام)،و ميراثه له» (3)إلى غير ذلك من النصوص (4)،التي كادت تبلغ هي مع ما مرّ التواتر.

و أمّا النصوص الدالّة على أنّ إرث من لا وارث له لبيت مال المسلمين (5)،فمع قصور سند أكثرها غير مقاومة لما قدّمناه من الأدلّة من وجوه شتّى،أعظمها موافقة تلك للشهرة العظيمة (6)،و مخالفتها للعامّة،

ص:414


1- الخلاف 4:22،الغنية(الجوامع الفقهية):608،السرائر 3:265،المنتهي 1:553،المسالك 2:338؛ المفاتيح 3:311،كشف اللثام 2:302.
2- الكافي 7:2/169،الفقيه 4:773/242،التهذيب 9:1381/387،الوسائل 26:246 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 1.
3- الكافي 7:2/171،التهذيب 8:930/256،الإستبصار 4:85/26،الوسائل 23:77 أبواب العتق ب 43 ح 1.
4- الوسائل 26:246 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3.
5- الوسائل 26:أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 3 ح 9،و ب 4 ح 5،8،9،و ب 7 ح 1.
6- ليس في«ب» و«ر».

دون هذه،فإنّها في طرف النقيض لتلك،فلتطرح،أو تحمل على التقية، أو تؤوّل ككلام القائل بها،و هو الإسكافي و الشيخ في الاستبصار (1)بما يؤُول إلى الأخبار الأوّلة:من أنّ المراد ببيت المال و إن أُضيف إلى المسلمين بيت مال الإمام عليه السّلام بقرينة الأخبار السابقة،و ما ذكره جماعة (2):

من شيوع إطلاق بيت المال و إرادة بيت مال الإمام عليه السّلام،و يشير إليه كلام الشيخ في الخلاف هنا،حيث قال:ميراث من لا وارث له ينتقل إلى بيت المال،فهو للإمام عليه السّلام خاصّة،و عند جميع الفقهاء ينتقل إلى بيت المال و يكون للمسلمين (3).

و من الأدلّة المتقدّمة فتوًى و روايةً يستفاد أنّ الإمام عليه السّلام لا يرث أحداً إلّا مع فقد كلّ وارث له حتى ضامن الجريرة،فلو وجد كان أحقّ بالإرث منه عليه السّلام عدا الزوجة،فإنّها تشاركه و تأخذ نصيبها الأعلى على الأصح الأشهر،كما مضى بيانه مفصّلاً.

و لا ريب أنّ مع وجوده أي الإمام عليه السّلام فالمال له،يصنع به ما شاء،و قد روى الشيخان في المقنعة و النهاية (4):أنّه كان علي عليه السّلام يعطيه فقراء بلده أي بلد الميت،و ضعفائهم،قالا كباقي الأصحاب -:إنّه كان ذلك منه تبرّعاً عليهم.

و أمّا مع غيبته فقيل (5):قال جماعة:يحفظ له بالوصاية،أو

ص:415


1- حكاه عن الإسكافي في المختلف:749،الاستبصار 4:196.
2- مجمع الفائدة و البرهان 11:464،روضة المتقين 11:377،الوسائل 26:249،الكفاية:306.
3- الخلاف 4:22،و فيه:لا ينقل إلى بيت المال،و هو للإمام خاصّة.
4- المقنعة:705،النهاية:671.
5- قاله الشهيدان في الدروس 2:377،و المسالك 2:338.

الدفن إلى حين ظهوره كسائر الحقوق،و في ظاهر الخلاف (1)الإجماع عليه،و هو أحوط،و إن كان الأظهر ما اختاره الماتن و جماعة من القدماء و المتأخّرين من أنّه يقسم في الفقراء و المساكين،إمّا مطلقا،كما هنا و في الشرائع و التحرير و القواعد و الإرشاد و الدروس و المسالك (2)و عن المفيد و الديلمي و ابن زهرة و الحلي و القاضي و الكيدري (3)،و بالجملة الأكثر،بل الأصحاب أجمع عدا الصدوق في الفقيه و الشيخ في الخلاف كما في النكت (4).

أو مقيداً بفقراء بلد الميت و مساكينه،كما في اللمعة في هذا الكتاب و الدروس في بحث الأنفال من كتاب الخُمس (5).

و ذلك لما مرّ (6)من النصوص الصحيحة الدالّة على أنّه من الأنفال، فدلّت على جواز صرفه فيهم،إن لم يدلّ على ما هو أعمّ من ذلك،بناءً على القول بتحليلهم الأنفال للشيعة في زمان الغيبة،كما هو المشهور،على ما صرّح به في الروضة (7).

مضافاً إلى ما نبّه عليه في الكفاية (8)بعد اختياره هذا القول،تبعاً

ص:416


1- الخلاف 4:23.
2- الشرائع 4:40،التحرير 2:171،القواعد 2:180،الإرشاد 2:126،الدروس 2:377،المسالك 2:339.
3- المفيد في المقنعة:706،الديلمي في المراسم:224 و حكاه عن ابن زهرة و ابن إدريس و الكيدري في غاية المراد 3:591،القاضي في المهذّب 2:154.
4- الفقيه 4:242،الخلاف 4:23،غاية المراد 3:591.
5- اللمعة(الروضة البهية 8):190،الدروس 1:264.
6- راجع ص:408.
7- الروضة 2:85.
8- الكفاية:307.

للمقدّس الأردبيلي (1)-(رحمه اللّه) من أنّ وجهه استغناء الإمام(عليه السّلام)و احتياج الفقراء،و الحفظ في المدّة المتطاولة تعريض للمال للتلف،فمعلوم رضا الإمام(عليه السّلام)بذلك،و أنّه لو كان حاضراً مستغنياً لفعل كذلك،هذا.

مع أنّي لم أجد الخلاف إلّا من الخلاف (2)،و هو بالإضافة إلى باقي الأصحاب شاذّ،و به يوهن ما في ظاهر كلامه من الإجماع،مع عدم صراحته فيه.

نعم في السرائر (3)ما يدل على موافقته له،إلّا أنّ المحكي عنه في النكت ما قدّمناه.

و ليس في هذه الأدلّة ما يدلّ على اعتبار القيد المشار إليه في اللمعة، بل هي مطلقة،و لا شاهد له إلّا ما مرّ في رواية الشيخين من فعل علي (عليه السّلام)،و هي مع ضعف سندها بالإرسال لا تدلّ على ثبوته في غيبته، و بذلك صرّح في الروضة (4).

نعم الأولى ذلك،كما في الكفاية (5)؛ حذراً من الشبهة الناشئة من خلاف اللمعة،لكنّها مشروطة بما إذا لم يُعارضها أولويّة من وجه آخر،كما إذا كان فقراء غير أهل البلد أحوج،و فيهم الأيتام،و الأرامل،و الضعفاء العاجزين عن التكسّب كالعجائز،و الشيوخ،و المرضى،و أصحاب العاهات.

و هنا قول ثالث بلزوم الدفع إلى همشاريجه مطلقاً،اختاره الصدوق

ص:417


1- مجمع الفائدة و البرهان 4:345.
2- الخلاف 4:23.
3- السرائر 3:229.
4- الروضة 8:190.
5- الكفاية:307.

في الفقيه (1)؛ لخبرين (2)قاصري السند مختصّ أحدهما بحال حضوره(عليه السّلام)، مع أنّه لا يقول به،بل يخصّ ذلك بحال الغيبة،كما هو محل البحث.

مع أنّ بعض المحدّثين (3)حكى عن بعض النسخ:همشيريجه بالياء بعد الشين بدل همشهريجه بالهاء بعد الشين و قال:المراد به:

الأخ الرضاعي.فلا دخل لهما بمحل البحث،مع شذوذهما على هذا التقدير،و إن دلّ على ما دلّا عليه بعض النصوص،كالخبر الضعيف بسهل:

ما تقول في رجل مات و ليس له وارث إلّا أخاً له من الرضاعة،يرثه؟قال:

«نعم» (4)الخبر.

و لا قائل بذلك من الأصحاب،كما صرّح به جدّي المجلسي-(رحمه اللّه) في شرحه على الفقيه،فقال:و لا خلاف في أنّ ولد الرضاعة ما يرث (5).

انتهى.

و مع ذلك لا بأس به إن كان الهمشهريج متعدّداً،و من جملة الفقراء، فإنّ فيه جمعاً بين الأقوال.

و اعلم أنّ إطلاق الفقير في عبائر الأصحاب يشمل الهاشمي و غيره من العوام،و الأولى بل لعلّه المعيّن عند الأحقر تخصيص الأوّل به؛ لما ورد من أنّ السادات عياله،يجب عليه جبر نفقتهم من حصّته في الخمس (6)، فصرف حقّه في ضرورة ما يلزمه أولى من صرفه إلى غيره،مضافاً إلى آية

ص:418


1- الفقيه 4:242.
2- الوسائل 26:252 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 4 ح 1،2،3،4.
3- و هو الحر العاملي في الوسائل 26:256.
4- الكافي 7:1/168،الوسائل 26:255 أبواب ولاء ضمان الجريرة ب 5 ح 1.
5- روضة المتقين 11:380.
6- انظر الوسائل 9:520 أبواب قسمة الخمس ب 3.

أُولي الأرحام (1)،المقتضية لتعيّنهم،و لو لا شبهة الإجماع بجواز الدفع إلى غيرهم اتّجه القول به،و ليس في فعل عليّ عليه السّلام و دفعه إيّاه إلى فقراء البلد منافاة لذلك،من حيث عدم معلوميّة كونهم من العوام،و على تقدير المعلوميّة كما هو الظاهر ليس فيه أنّه فعل ذلك مع حاجة السادة بذلك، بل الظاهر عدم حاجتهم مع وجوده عليه السّلام،و قلّتهم،و أين ذلك من كثرة السادة في أمثال الزمان،و شدّة حاجتهم،مع عدم وفاء حقّهم من الخمس بمؤونتهم.

و بالجملة عمل الفقير على ذلك،بل لعلّه عندي من اللوازم،و لعلّه لازم لكلّ من أوجب دفع حصّته عليه السّلام من الخمس في زمان الغيبة إليهم، كما يومئ إليه بعض تعليلاتهم،المتقدم إليه الإشارة.

نعم لو اتفق غناؤهم و لا يتفق إلّا أن يشاء اللّه تعالى صرف إلى غيرهم من فقراء الشيعة،الأحوج منهم فالأحوج.

و على كلّ حال لا يجوز أن يعطى الجائر إلّا مع الخوف المبيح للإعطاء،كأن يأخذه قهراً؛ لأنّه غير مستحقّ له عندنا،فلو دفعه إليه دافع اختياراً كان ضامناً،و لو أمكنه دفعه عنه ببعضه وجب،فإن لم يفعل ضمن ما يمكنه منعه منه.

ص:419


1- الأنفال:75،الأحزاب:6.

و أما اللواحق

الفصل الأوّل:في ميراث ابن الملاعنة

اشارة

و أما اللواحق فأربعة فصول:

الأوّل:في ميراث ابن الملاعنة قد تقرّر في كتاب اللعان أنّه سبب في التحريم المؤبّد،و زوال الفراش،و انتفاء الولد من الملاعن،و من لوازمه أنّه لا يرثه الولد،و لا يرثه هو و لا أحد من أقارب الأب؛ لانتفاء النسب بينهم شرعاً،فيبقى ميراثه لاُمّه و من يتقرّب بها من أخواله و أجداده من قِبلَها و ل ولده لأنّ نسبه لم ينتف عن الاُمّ،و لم يلزم من نفي الأب له كونه ولد زنا،إجماعاً، و سيأتي النصوص الدالّة على جميع ذلك.

فإن كان له ولد و أُمّه حيّة فللأُمّ السدس،و الباقي تمامه للولد و إن نزل،إن كان ذكراً،و إن كان أُنثى فله النصف،أو الثلثان،و الباقي ردّ عليهما إن اجتمع معها.

و لو انفردت عنه و عن الزوجين كان لها الثلث إجماعاً و لها الباقي أيضاً بالردّ عليها،على الأشهر الأقوى،بل لعلّه عليه عامّة متأخّري أصحابنا،و عن الخلاف (1)الإجماع عليه،و هو الحجة.

مضافاً إلى الأُصول المتقدّمة،الثابتة من الكتاب و السنّة،و خصوص النصوص المستفيضة التي كادت تبلغ التواتر،ففي بعضها:«أنّ ميراث ولد الملاعنة لأُمّه» (2).

ص:420


1- الخلاف 4:104.
2- الكافي 7:2/160،الفقيه 4:750/236،التهذيب 9:1218/338،الوسائل 26:259 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 1 ح 2.

و في جملة وافرة منها:عن ولد الملاعنة،من يرثه؟قال:«امّه» قلت:فإن ماتت امّه من يرثه؟قال:«أخواله» (1).

خلافاً للإسكافي و الشيخ في الاستبصار (2)،فخصا ذلك بما إذا كان هناك عصبة لها يعقلون عنه،و جعلا الردّ مع عدمهم على الإمام(عليه السّلام)،كما عليه الشيخ أو بيت مال المسلمين كما عن الإسكافي.

و للصدوق (3)،ففصّل بين غيبة الإمام(عليه السّلام)فالردّ عليها،و حضوره فالردّ عليه؛ جمعاً بين النصوص المتقدمة و الصحيحين:«ابن الملاعنة ترثه امّه الثلث،و الباقي لإمام المسلمين؛ لأنّ جنايته على الإمام(عليه السّلام) » (4).و لا شاهد عليه،مع إطلاق كلّ من نصوص الطرفين،و فقد التكافؤ؛ لكثرة الأخبار الأوّلة،مع اعتبار جملة منها،و انجبار باقيها بالشهرة العظيمة، و مخالفة العامّة كما سيأتي إليه الإشارة و حكاية الإجماع المتقدمة، و لا يعارض جميع ذلك بل و لا جملة منها مجرّد الصحة في الأخبار المقابلة.

و بالجملة هذا القول ضعيف غايته،و لا شاهد له كسابقه.

و منه يظهر أنّ الصحيحين من الروايات الشاذّة،لا عامل بإطلاقهما في الطائفة،و بذلك صرّح في التحرير (5)،و قد حملهما في التهذيب على التقية،بعد أن قال:إنّهما غير معمول عليهما (6)،مشعراً بدعوى الإجماع

ص:421


1- الوسائل 26:259 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 1.
2- حكاه عن الإسكافي في المختلف:743،الاستبصار 4:182.
3- الفقيه 4:236.
4- الفقيه 4:751/236،752،التهذيب 9:1230/342،1231،الإستبصار 4:683/182،684،الوسائل 26:265 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 3 ح 3،4.
5- التحرير 2:173.
6- التهذيب 9:343.

على طرحهما،و قوله في الاستبصار ليس بصريح،بل و لا ظاهر في الفتوى؛ لاحتمال إرادته به مجرّد الجمع بين الأخبار،و لكن فيه ما مرّ.

مضافاً إلى ما ذكره الحلي:من أنّه هدم و نقض لإجماعنا،و هو أنّ قرابات الاُمّ و كلالتها لا يعقلون،و لا يرثون من الدية شيئاً،بغير خلاف بيننا،و ذكر قبل هذا اعتراضاً أيضاً،و هو أنّه مصير إلى مذهب المخالفين، و عدول عن آية اولى الأرحام (1)،و أُصول المذهب،و رجوع إلى القول بالعصبة (2).

و لو انفرد الأولاد عن الاُمّ و الزوجين اقتسموه على حسب ما قرّر في ميراث الأولاد فلل بنت ال واحدة النصف بالفرض و كذا للاثنتين فصاعداً الثلثان به،و الباقي من النصف في الفرض الأوّل، و الثلث في الفرض الثاني لصاحبة الفرض بالردّ.

و للذكران إذا انفردوا عن البنات المال بينهم بالسوية،و لو اجتمعوا أي الذكور و الإناث فللذكر سهمان،و للأُنثى سهم و يرث الزوج و الزوجة نصيبهما الأعلى من النصف و الربع مع عدم الولد و إن نزل و الباقي للوارث الخاص من الاُمّ و نحوها إن كان،و إلّا فالباقي ردّ على الزوج،و على الإمام(عليه السّلام)مع الزوجة،كما تقدّمت إليه الإشارة (3) و لهما نصيبهما الأدنى من الربع و الثمن معهم أي مع الأولاد.

و لو عدم الولد يرثه من تقرب باُمّه من الأجداد و الجدّات و الإخوة

ص:422


1- الأنفال:75،الأحزاب:6.
2- السرائر 3:276.
3- راجع ص:411.

و الأخوات و الأعمام و العمّات و الأخوال و الخالات،و هكذا إلى سائر الطبقات و الدرجات مرتّبين الأقرب فالأقرب،الذكر و الأُنثى منهم سواء في النصيب؛ لتقرّبهم بالأُمّ،و قد مرّ أنّ نصيبهم ذلك.

و مع عدم الوارث مطلقاً حتى ضامن الجريرة يرثه الإمام (عليه السّلام) .و لا خلاف في شيء من ذلك؛ للعمومات من الكتاب و السنّة،خرج منها ابن الملاعنة في صورة خاصّة،و بقي الباقي مما قدّمناه تحتها مندرجة، و مع ذلك النصوص بجملة منها مستفيضة،تقدّم بعضها،و يأتي إلى جملة أُخرى منها الإشارة.

و يرث هو أي ابن الملاعنة اُمّه بلا خلاف فتوًى و روايةً و كذا من يتقرّب بها ممن قدّمناه مطلقا على الأظهر الأشهر بين أصحابنا،و ربما أشعر عبارة الماتن في الشرائع (1)بالإجماع عليه،و يعضده إطباق فتاوي من وقفت على كلامهم عليه؛ لثبوت نسبه و صحته بالنسبة إليهم،بلا خلاف،كما في السرائر (2).

و للصحيح:«ابن الملاعنة ينسب إلى امّه،و يكون أمره و شأنه كلّه إليها» (3)و من ثمّ ورثوه هم إجماعاً،كما في المسالك (4)،فيدخل فيما مرّ من العمومات.

و مع ذلك النصوص المستفيضة دالّة عليه بإطلاقها،فإنّ فيها:أ رأيت إن ماتت امّه،و ورثها الغلام،ثم مات الغلام،من يرثه؟قال:«عصبة أُمّه،

ص:423


1- الشرائع 4:43.
2- السرائر 3:276.
3- الفقيه 4:757/237،الوسائل 26:262 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 1 ح 8.
4- المسالك 2:339.

و هو يرث أخواله» (1).

و به أفتى في التهذيب،فقال:إنّ العمل على ثبوت الموارثة أحوط و أولى على ما يقتضيه شرع الإسلام (2).

خلافاً له في الاستبصار (3)،فخصّ ذلك بما إذا اعترف به الأب،و إلّا فلا يرث أخواله،جمعاً بين إطلاقي النصوص بالتوارث،كما تقدّم، و بالعدم،كالموثق:«يرثه أخواله،و لا يرثهم الولد» (4)بشهادة النصوص المفصّلة الدالّة عليه بالمفهوم،منها الصحيحان:«فإن لم يدعه أبوه فإنّ أخواله يرثونه،و لا يرثهم» (5).

أقول:و يعضده أنّ موارد تلك المستفيضة الحاكمة بالتوارث إنّما هو صورة تكذيب الوالد بعد اللعان نفسه،و الحكم فيها ذلك،كما في النصوص المفصّلة،فليس بينهما معارضة.

لكن روى الصدوق في الفقيه بسندين غير نقيين،بل أحدهما ضعيف،عن أبي عبد اللّه(عليه السّلام):في ابن الملاعنة،من يرثه؟قال:«ترثه امّه» قلت:أ رأيت إن ماتت امّه و ورثها،ثم مات هو،من يرثه؟قال:«عصبة

ص:424


1- الكافي 7:8/161،التهذيب 9:1222/339،الوسائل 26:261 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 1 ح 7.
2- التهذيب 9:341.
3- الاستبصار 4:181.
4- الكافي 7:9/161،التهذيب 9:1226/341،الإستبصار 4:679/180،الوسائل 26:267 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 4 ح 4.
5- أحدهما في:الكافي 7:10/160،التهذيب 9:1227/341،الإستبصار 4:680/180،الوسائل 26:268 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 4 ح 5. و الآخر في:الكافي 6:6/163،الفقيه 4:749/235،التهذيب 9:1229/342،الإستبصار 4:682/181،الوسائل 26:269 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 4 ح 7.

أُمّه،و هو يرث أخواله» (1).

و ليس فيه ما يوجب تقييد الإطلاق من نحو خصوصية المورد، و رجوع الضمير في الجواب إليه،كما اتفق في المستفيضة المتقدمة، و قصور السند منجبر بالشهرة العظيمة،و الموافقة للعمومات القطعيّة،مع أنّ القائل بالنصوص المفصّلة و إن صحّت،و جمعت بين الأخبار المختلفة غير معروف،عدا الشيخ في الاستبصار،و فتواه فيه غير متيقّنة و لا معلومة، كما مرّ التنبيه عليه مراراً،و مع ذلك فهو على تقديره متروك،كما ذكره الماتن في الشرائع (2)،و عضده ما قدّمناه،فالمشهور لعلّه أقوى.

و حيث قد تقرّر انتفاء نسب ولد الملاعنة عن أبيه ظهر أنّه لا يرث أباه،و لا من تقرّب به،و لا يرثونه من حيث النسب.

و لو اعترف به الأب بعد اللعان لحق به في الجملة و ورث هو أباه خاصّة دون العكس،فلا يرثه الأب.

بلا خلاف في شيء من ذلك،و النصوص به مع ذلك مستفيضة،ففي الصحيح:«فإن ادّعاه أبوه لحق به،و إن مات ورثه الابن،و لم يرثه الأب» (3).

و في آخر:«يردّ إليه ابنه،و لا يرثه» (4).

و في الخبر:إذا أقرّ به الأب هل يرث الأب؟قال:«نعم،و لا يرث الأب الابن» (5).

ص:425


1- الفقيه 4:756/237،الوسائل 26:266 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 4 ح 1.
2- الشرائع 4:43.
3- الكافي 7:3/160،التهذيب 9:1219/339،الوسائل 26:262 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 2 ح 1.
4- الكافي 7:7/161،الفقيه 4:755/237،الوسائل 26:263 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 2 ح 3.
5- الكافي 7:5/160،التهذيب 9:1221/339،الوسائل 26:263 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 2 ح 2.

و أمّا بعض النصوص (1)الدالّة على أنّه مع الاعتراف به بعد اللعان لا يردّ على الأب،فمع قصور سنده شاذّ،محمول على عدم اللحوق الكامل الموجب للتوارث من الطرفين.

و هل يرث الولد غيره أي غير الأب من ذوي قرابة أبيه و يرثونه،أم يرثهم و لا يرثونه،أم يستمرّ الأمران على النفي السابق؟أوجه، فالشيخ (2)و الأكثر،و منهم الماتن هنا و في الشرائع (3)على (4)الأخير؛ عملاً بالاستصحاب،و قصراً للإقرار على المقرّ،و على تقدير كونه شهادة فهي لا تسمع من الواحد.

و خيرة الحلبي و الفاضل (5)في بعض كتبه الأوّل؛ نظراً منهما إلى أنّ الإقرار كإقامة البيّنة الموجبة لثبوت النسب.

و فيه ما عرفته.

و فصّل الفاضل (6)في بعض كتبه بأنّهم إن صدّقوا الأب على اللعان لم يرثهم و لا يرثونه،و إن كذّبوه ورثهم و ورثوه.و المذهب الأوّل و لا عبرة بنسب الأب كما مرّ.

و يتفرّع عليه أنّه لو ترك ابن الملاعنة إخوة لأب و أُمّ مع أخ أو إخوة (7)لأُمّ،كانوا سواء في الحصّة (8)،و كذا لو ترك جدّاً لاُمّ مع أخ أو

ص:426


1- التهذيب 9:1223/340،الإستبصار 4:676/179،الوسائل 26:266 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 4 ح 3.
2- في«ح» و«ر»:ظاهر الشيخ.التهذيب 9:341،النهاية:679.
3- الشرائع 4:43.
4- ليس في«ح» و«ر».
5- الكافي في الفقه:375،المختلف:744.
6- القواعد 2:181.
7- في المطبوع من المختصر(273):أو أُخت.
8- في المطبوع من المختصر(273):المال.

أُخت أو إخوة أو أخوات من أب و أُمّ تساووا فيها؛ لكون انتسابهم إليه من جهة الأُمّ خاصّة،فيتساوون فيها،كما مرّ إليه الإشارة.

و اعلم أنّ في إطلاق الأب على الملاعن تجوّزاً؛ إذ ليس بأبٍ له ينسب إليه ظاهراً،و وجهه النظر إلى كونه أباه ابتداءً.

خاتمة تشتمل على مسائل سبع:
الاُولى:ولد الزنا لا ترثه امّه و لا غيرها من الأنساب

خاتمة تشتمل على مسائل سبع:

الاُولى:ولد الزنا لا يرثه الزاني،و لا اُمّه الزانية (1) و لا غيره م ا من الأنساب و لا يرثهم،بلا خلافٍ في قطع التوارث بينه و بين الزاني و أقربائه،بل عليه الإجماع في المختلف و الإيضاح و شرحي الشرائع للصيمري و شيخنا الشهيد الثاني (2)،و هو الحجة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة،ففي الصحيح:«أيّما رجل وقع على وليدة قوم حراماً،ثم اشتراها،فادعى ولدها،فإنّه لا يورث منه شيء، فإنّ رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)قال:الولد للفراش،و للعاهر الحجر،و لا يورث ولد الزنا إلّا رجل يدّعي ابن وليدته» (3)و نحوه بعينه الموثق (4)،و أخبار أُخر (5).

و في الصحيح:قلت:فإنّه مات،و له مال،من يرثه؟قال

ص:427


1- ليس في«ب» و«ر».
2- المختلف:754،الإيضاح 4:247،غاية المرام 4:193،المسالك 2:340.
3- التهذيب 9:1242/346،الإستبصار 4:693/185،الوسائل 26:274 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ح 1.
4- الكافي 7:1/163،الوسائل 26:274 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ذيل الحديث 1.
5- الوسائل 26:274 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8.

«الإمام(عليه السّلام) » (1).و في الخبر:عن رجل فجر بامرأة،ثم إنّه تزوّجها بعد الحمل، فجاءت بولد،هو أشبه خلق اللّه تعالى به؟فكتب بخطّه و خاتمه:«الولد لغية،لا يورث» (2).

و إطلاقهما كعموم التعليل في الأخير،و المستفيضة المتقدمة يدل على عموم الحكم و شموله لجميع ما في العبارة من منع التوارث بينه و بين الاُمّ و أقاربها أيضاً،كما هو الأظهر الأشهر بين أصحابنا،بل عليه عامّة متأخّريهم،بحيث كاد أن يكون ذلك إجماعاً منهم،و ربما أشعر به عبائر كثير،كالشيخ في الاستبصار و الماتن في الشرائع و شيخنا في شرحه و الفاضل في القواعد (3)،حيث قالوا على الرواية الآتية:أنّها شاذّة مطرحة، فلا ريب في المسألة.

و أمّا النصوص الدالّة على إرث الزاني منه إذا أقرّ به (4)،فشاذّة مطرحة،لا عمل عليها بين أصحابنا،مع قصور أسانيدها عن الصحة، فلتكن مطرحة،و إن كانت موثقة.

و لا خلاف في أنّه يرثه أي ولد الزنا ولده و إن نزل، و الزوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى مع عدم الولد،و الأدنى معه؛ للعمومات،مع عدم المانع من جهتهم.

ص:428


1- الفقيه 4:739/231،التهذيب 9:1234/343،الإستبصار 4:686/183،الوسائل 26:275 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ح 3.
2- الكافي 7:2/163،الفقيه 4:738/231،التهذيب 9:1233/343،الإستبصار 4:685/182،الوسائل 26:274 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ح 2.
3- الاستبصار 4:183،الشرائع 4:44،المسالك 2:340،القواعد 2:181.
4- الوسائل 26:276 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ح 5،7،8.

و لو لم يكن أحدهم أي الولد أو الزوجين،و لا وارث آخر و لو ضامن جريرة فميراثه للإمام (عليه السّلام)مطلقاً،و لو كان هناك الأبوان،أو أحد من ذوي قرابتهما،على الأشهر الأقوى،كما مضى.

و قيل كما عن الإسكافي و الصدوق و الحلبي (1):إنّه يرثه امّه و أقاربها مع عدمها كابن الملاعنة للخبرين،في أحدهما:«أنّ عليّاً(عليه السّلام) كان يقول:ولد الزنا،و ابن الملاعنة ترثه امّه،و إخوته لأُمّه،أو عصبتها» (2).

و في الثاني:«ميراثه لقرابته من قِبَل امّه على نحو ميراث ابن الملاعنة» (3).

و هما قاصرا السند بغياث بن كلوب و غيره في الأوّل،و الوقف إلى الراوي من دون نسبته إلى إمام في الثاني،فلا يعترض بهما الأدلّة المتقدّمة من وجوه عديدة،سيّما مع موافقتهما لمذهب العامّة،كما صرّح به في السرائر و الغنية (4)،فليحملا على التقية،أو على عدم كون الأُمّ زانية،فإنّها و أقاربها يرثونه حينئذٍ؛ لثبوت النسب الشرعي بينهم،فيكون كولد الملاعنة،و ما أجود هذا الحمل،و لم أر من تعرّض له إلّا قليلاً من متأخّري متأخّري الطائفة (5).

الثانية:الحمل يرث إن سقط حيّاً

الثانية:الحمل يرث إن سقط حيّاً إجماعاً،للصحاح المستفيضة،

ص:429


1- حكاه عن الإسكافي في المختلف:744،الفقيه 4:232،الكافي في الفقه:377.
2- التهذيب 9:1239/345،الإستبصار 4:690/184،الوسائل 26:278 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ح 9.
3- الكافي 7:/164 ذيل الحديث 4،التهذيب 9:1238/344،الإستبصار 4:689/183،الوسائل 26:276 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ح 6.
4- السرائر 3:276،الغنية(الجوامع الفقهية):608.
5- مجمع الفائدة 11:520،الوسائل 26:278.

و غيرها من المعتبرة،ففي الصحيحين و غيرهما:«إذا تحرّك تحرّكاً بيّناً ورث،فإنّه ربما كان أخرس» (1).

و في الصحيح:«إذا تحرّك ورث،إنّه ربما كان أخرس» (2).

و تعتبر حياته عند الأصحاب ب حركة الأحياء،كالاستهلال و الصياح،أو مجرّد الحركات البيّنة المعبّر عنها ب الحركات الإرادية دون غيرها من مثل التقلّص و القبض و البسط طبعاً لا اختياراً،فإنّ ذلك قد يحصل في اللحوم.

و الحركة المطلقة في الصحيحة الأخيرة مقيّدة بالبيّنة منها،بمقتضى الأخبار السابقة عليها،بل ورد في كثير من المعتبرة حصر ما يعتبر به في الاستهلال و الصياح خاصّة،ففي الصحيح:«لا يصلّى على المنفوس،و هو المولود الذي لم يستهلّ،و لم يصح،و لم يورث من الدية و لا غيرها،فإذا استهلّ فصلّ عليه،و ورّثه» (3).

و في الموثق:في ميراث المنفوس من الدية،قال:«لا يرث شيئاً حتى يصيح،و يسمع صوته» (4).و نحوه المرسل:«إنّ المنفوس لا يرث من الدية شيئاً حتى يستهلّ،و يسمع صوته» (5).

ص:430


1- الوسائل 26:304 أبواب ميراث الخنثى و ما أشبهه ب 7 ح 4،7،8.
2- الكافي 7:1/155،الوسائل 26:302 أبواب ميراث الخنثى و ما أشبهه ب 7 ح 3.
3- التهذيب 3:459/199،الوسائل 26:303 أبواب ميراث الخنثى و ما أشبهه ب 7 ح 5.
4- الكافي 7:5/156،التهذيب 9:1397/391،الإستبصار 4:745/198،الوسائل 26:302 أبواب ميراث الخنثى و ما أشبهه ب 7 ح 1.
5- الكافي 7:6/156،الوسائل 26:302 أبواب ميراث الخنثى ب 7 ح 2.

لكن أطبق الأصحاب على تركها،و العمل بالأخبار السابقة المصرّحة بالاكتفاء بالحركة،معلّلةً بأنّه ربما كان أخرس،و لعلّه لقوّة احتمال ورود هذه الأخبار مورد الغالب.

و ربما جمع بعض الأصحاب بينها و بين الأخبار المتقدّمة بالتخيير بين الأمرين،بمعنى الاكتفاء بأحدهما (1).

و لا بأس به،لكنّه ليس بجمع حقيقة،بل خروج عن ظاهر الأخيرة، و طرح لمفاهيمها بالكلّية.

و الأجود حملها على التقيّة،كما فعله جماعة،و منهم شيخ الطائفة، قال:لأنّ بعض العامّة يراعون في توريثه الاستهلال (2).

أقول:و يشير إليه الأمر بالصلاة عليه بعد استهلاله في الصحيحة الأُولى،و يستفاد من بعض الأخبار الصحيحة (3)كونه مذهب العامّة.

و أمّا الجمع بينها بتخصيص الأخيرة بالإرث من الدية،و الأوّلة بالإرث من غيرها،كما في المفاتيح (4).

فضعيف غايته؛ لعدم الشاهد عليه سوى إشعار المرسلة به،من حيث تخصيص الإرث بالدية باعتبار الاستهلال فيه،و اختصاص الموثقة السابقة عليها بها أيضاً،و لا يصلحان للشهادة،من حيث إنّ الاختصاص في الموثقة إنّما هو في كلام الراوي خاصّة،و الإشعار في المرسلة ليس بحجة إلّا على تقدير حجية مفهوم اللقب،و هو مع أنّه ليس بحجة باتفاق

ص:431


1- انظر الوسائل 26:302.
2- الاستبصار 4:199؛ و انظر الدروس 2:355.
3- الفقيه 4:818/226،التهذيب 9:1399/392،الإستبصار 4:744/198،الوسائل 26:304 أبواب ميراث الخنثى ب 7 ح 8.
4- المفاتيح 3:316.

الطائفة لا يعارض مفاهيم التعليلات في الأخبار المتقدّمة التي هي كالنص في عدم اعتبار الاستهلال بالكلّية،و لو في الإرث من الدية،و مع ذلك فهو منقوض بصريح الصحيحة المتقدّمة المسوّية بين الدية و غيرها في اعتبار الاستهلال خاصّة،و بالجملة فهذا الجمع ناشٍ عن قلّة التأمّل في الأخبار، و عدم التتبع لها كما هو.

و اعلم أنّ مقتضى إطلاق الروايات و الفتاوي و به صرّح الشهيدان و غيرهما (1)عدم اشتراط استقرار الحياة،بل وجودها مطلقاً.

خلافاً لظاهر الماتن في الشرائع (2)،فاعتبر استقرارها.و لا وجه له أصلاً،سيّما مع ورود بعض الصحاح في السقط أنّه إذا تحرّك تحرّكاً بيّناً يرث و يورث (3)،و الغالب فيه عدم استقرار الحياة.

و لا يشترط حياته عند موت المورّث،بمعنى حلول الحياة فيه عنده، بلا خلاف ظاهر،و قد صرّح به بعض الأصحاب (4)؛ لإطلاق النصوص بإرثه مع ولادته حيّاً،الشامل لما لو كان عند موت مورّثه نطفة.

نعم يشترط العلم بوجوده عند الموت؛ ليحكم بانتسابه إليه،و يعلم ذلك بأن تلده لما دون ستّة أشهر من حين موته مدّة يمكن تولّده منه،أو لأقصى الحمل إذا لم توطأ الاُمّ وطئاً يصلح استناد الولد معه إلى الواطئ.

ص:432


1- الدروس 2:355،المسالك 2:316،الروضة 8:209؛ و انظر كشف اللثام 2:287.
2- الشرائع 4:48.
3- الكافي 7:2/155،التهذيب 9:1394/391،الإستبصار 4:742/198،الوسائل 26:303 أبواب ميراث الخنثى ب 7 ح 4.
4- و هو الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:316.

و قد صرّح الفاضل في التحرير و الشهيد في الدروس و غيرهما (1)بأنّه لو خرج نصفه و تحرّك أو استهلّ ثم سقط ميّتاً لم يرث و لا يورث.

و لعلّه للأصل،و اختصاص النصوص بحكم التبادر بالساقط متحرّكاً بجميعه،و لا بأس به،و لم أجد الخلاف فيه،و إن أشعر به عبارة التحرير، و لعل المخالف من العامّة.

الثالثة يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطاً

الثالثة:قال الشيخ (2) و تبعه الأصحاب،من غير خلاف،كما صرّح به جماعة منهم (3):إنّه يوقف و يعزل للحمل نصيب ذكرين احتياطاً عن تولّده حياً،و تعدّده ذكراً،و إنّما لم يوقف له زيادة عن نصيبهما مع احتمال التولّد زائداً عنهما لندرته غالباً.

ثم على هذا التقدير لا يخلو من احتمالات عشرة:إمّا أن يولد ذكراً واحداً،أو أُنثى كذلك،أو خنثى،أو ذكرين،أو أُنثيين،أو خنثيين،أو ذكراً و أُنثى،أو ذكراً و خنثى،أو أُنثى و خنثى،أو يسقط ميّتاً،و أكثر هذه الاحتمالات نصيباً للحمل فرضه ذكرين،فلو اجتمع مع الحمل ذكر اعطي الثلث،و وقف للحمل الثلثان،و لو اجتمع معه أُنثى أُعطيت الخمس حتى يتبيّن الحمل،فإن ولد حيّاً كما فرض،و إلّا وزّع التركة بينهم على حسب ما يقتضيه حال الحمل،فإن ولد ميّتاً خصّ باقيها بالولد الموجود مطلقا، و إن ولد حيّاً وزّعت بينهم أنصافاً،أو أثلاثاً،أو نحو ذلك،بحسب ما يقتضيه حاله من ذكورته أو أُنوثته أو خنوثته،واحداً أو متعدّداً.

و لو كان هناك ذو فرض أُعطُوا النصيب الأدنى إن كانوا ممّن

ص:433


1- التحرير 2:174،الدروس 2:355؛ المسالك 2:316.
2- الخلاف 4:112.
3- منهم ابن فهد في المهذب البارع 4:415،و انظر المسالك 2:343.

يحجبهم الحمل على الأعلى،كالزوجين و الأبوين،أو أحدهما،مع عدم ولد هناك أصلاً،فإن ولد ميّتا أكملوا نصيبهم،و إن ولد حيّاً روعي حاله، و قسّم التركة على حسبها.

و الضابط:أنّه متى كان هناك حمل،و طلب الورثة القسمة،فمن كان محجوباً بالحمل كالإخوة لا يعطى شيئاً إلى أن يتبيّن الحال،و من كان له فرض لا يتغيّر بوجوده و عدمه كنصيب الزوجين و الأبوين إذا كان معه ولد يعطى كمال نصيبه،و من ينقصه و لو على بعض الوجوه يعطى أقل ما يصيبه على تقدير ولادته على وجه يقتضيه،كالأبوين إذا لم يكن هناك ولد غيره.

الرابعة:يرث دية الجنين

الرابعة:يرث دية الجنين و هو الولد في البطن مطلقاً،حلّ فيه الحياة أم لا،على ما يقتضيه إطلاق عبارة المتن و باقي أصحابنا أبواه، و من يتقرّب بهما أو بالأب خاصّة،مع عدمهما،بلا خلاف،إلّا من الشيخ في موضع من الخلاف (1)،فمنع المتقرّب بأحدهما مطلقاً.

و هو ضعيف،إلّا منعه المتقرب بالأُمّ خاصّة،كما مضى التحقيق فيه و في تنقيح الأقوال و الأدلّة في صور المسألة مستقصى في المسألة الثانية من المسائل الثلاث الملحقة ببحث مانعيّة القتل عن الإرث (2).

و إنّما أفردها الأصحاب هنا بالذكر مع استفادة حكمها من إطلاق الأدلّة المتقدّمة ثمّة فتوًى و روايةً لورود نصّ فيه بالخصوص:إنّ عليّاً(عليه السّلام) لما هزم طلحة و الزبير أقبل الناس منهزمين،فمرُّوا بامرأة حامل على الطريق،ففزعت منهم،فطرحت ما في بطنها حيّاً،فاضطرب حتى مات، ثم ماتت امّه من بعده،فمرّ بها عليّ(عليه السّلام)و أصحابه،و هي مطروحة على

ص:434


1- انظر الخلاف 5:178.
2- راجع ص:242.

الطريق فسألهم عن أمرها،فقالوا:إنّها كانت حبلى،ففزعت حين رأت القتال و الهزيمة،قال:فسألهم:أيّهما مات قبل صاحبه؟فقيل:إنّ ابنها مات قبلها،قال:فدعا زوجها أبا الغلام الميت،فورّثه ثلثي الدية،و ورّث امّه ثلث الدية،ثمّ ورّث الزوج من المرأة الميّتة نصف ثلث الدية التي ورثتها من ابنها (1)،الخبر.

و قصوره مجبور بالعمل،و برواية ابن محبوب المجمع على تصحيح رواياته عن موجبه،و قصور متنه عن إفادة تمام المطلب يجبر بعدم القائل بالفرق؛ مضافاً إلى ما مر من الإطلاقات.

اللّهمّ إلّا أن يدّعى عدم انصرافها بحكم التبادر إلى محل البحث، فتدبّر.

الخامسة:إذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا

الخامسة:إذا تعارفا أي اثنان غير معروفي النسب بما يقتضي الميراث بينهما من نسب،أو زوجيّة،أو ولاء توارثا،و لم يكلّف أحدهما البيّنة بإجماعنا في الجملة ظاهراً؛ لعموم إقرار العقلاء (2)؛ و للصحاح الصراح،و قد تقدّمت في كتاب الإقرار و بيّنّا ثمّة عدم تعدّي التوارث إلى غيرهما،مع جملة من الشرائط المتعلّقة بالمسألة (3).

و أمّا ما دلّ على عدم التوارث بالتعارف و احتياجه إلى البيّنة،كالخبر:

«لا يورث الحميل إلّا ببيّنة» (4)فمحمول على التقيّة،كما صرّح به جماعة،

ص:435


1- الكافي 7:1/138،الفقيه 4:719/226،التهذيب 9:1344/376،الوسائل 26:36 أبواب موانع الإرث ب 10 ح 3.
2- انظر الوسائل 23:184 أبواب الإقرار ب 3 ح 2.
3- راجع ج 13:281.
4- الفقيه 4:732/229،التهذيب 9:1250/348،الإستبصار 4:700/186،الوسائل 26:279 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 9 ح 3.

و منهم شيخ الطائفة،قال:لأنّه موافق لمذهب بعض العامّة (1).

أقول:و يشير إليه جملة من الصحاح المتقدمة،و ما في مجمع البحرين في تفسير الحميل من قوله:و منه قول عمر في الحميل:لا يورث إلّا ببيّنة (2).انتهى.مع كون الراوي له طلحة بن زيد العامي بنصّ الشيخ و النجاشي (3).

و الحميل هو الذي يحمل من بلده صغيراً إلى بلد الإسلام،كما صرّح به في الصحاح و النهاية الأثيرية (4)و لكن قال فيها:و قيل:هو المجهول النسب،و ذلك أن يقول الرجل للإنسان:هذا أخي،أو ابني،ليرث ميراثه عن مواليه،فلا يصدّق إلّا ببيّنة.

أقول:الأوّل هو المستفاد من بعض تلك الصحاح:عن الحميل؟ فقال:«و أيّ شيء الحميل؟» قلت:المرأة تسبى من أرضها،و معها الولد الصغير،فتقول:هو ابني،و الرجل يسبى،فيلقاه أخوه،فيقول:هو أخي، و يتعارفان،و ليس لهما على ذلك بيّنة إلّا قولهما،قال:فقال:«فما يقول من قِبَلَكم؟» قلت:لا يورّثونه؛ لأنّه لم يكن لهما على ذلك بيّنة،و إنّما كان ولادة في الشرك،فقال:«سبحان اللّه:إذا جاءت بابنها أو بنتها لم تزل مقرّة به،و إذا عرف أخاه و كان ذلك في صحة من عقولهما لا يزالان مقرّين بذلك،ورث بعضهم من بعض» (5).

ص:436


1- التهذيب 9:348،الإستبصار 4:187.
2- مجمع البحرين 5:356.
3- الفهرست:362/86،رجال النجاشي:550/207.
4- الصحاح 4:1678،النهاية 1:442.
5- الكافي 7:1/165،الفقيه 4:733/230،التهذيب 9:1247/347،الإستبصار 4:698/186،الوسائل 26:278 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 9 ح 1.

و عن معاني الأخبار:سمّي الحميل حميلاً لأنّه حمل من بلاده صغيراً،و لم يولد في الإسلام (1).

السادسة:المفقود الذي لا يعلم موته و لا حياته يُتربّص بماله

السادسة:المفقود الذي لا يعلم موته و لا حياته يُتربّص بماله اتفاقاً،فتوًى و نصّاً. و لكن في قدر التربّص روايات مختلفة، لأجلها اختلفت أقوال الطائفة.

فمنها:ما دلّ على أنّه أربع سنين و هو الموثقان،في أحدهما:

«المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين،فإن لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة» (2).

و نحوه الثاني (3)،لكنّه مطلق غير مقيّد بالطلب،و الجمع بينهما يقتضي التقييد به،سيّما مع عدم القائل بالإطلاق،بل كل من قال بمضمونهما قيّده بذلك،و هو الصدوق و المرتضى و ابن زهرة و الحلبي (4)، و نفى عنه البأس في المختلف (5)،و قوّاه الشهيدان في الدروس و المسالك و الروضة (6)،و مال إليه جملة من متأخّري المتأخّرين،كالمحدّث الكاشاني و صاحب الكفاية و غيرهما (7).

ص:437


1- معاني الأخبار:273.
2- الكافي 7:9/155،التهذيب 9:1386/388،الوسائل 26:300 أبواب ميراث الخنثى ب 6 ح 9.
3- الكافي 7:5/154،الفقيه 4:766/240،الوسائل 26:298 أبواب ميراث الخنثى ب 6 ح 5.
4- الصدوق في الفقيه 4:240،المرتضى في الانتصار:307،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):608،الحلبي في الكافي في الفقه:378.
5- المختلف:749.
6- الدروس 2:352،المسالك 2:343،الروضة 8:50.
7- المفاتيح 3:319،الكفاية:292؛ كشف اللثام 2:286.

و لعلّه الأقوى؛ لدعوى السيّدين عليه في الانتصار و الغنية إجماع الإمامية،مع اعتبار سند الرواية بعد التعدّد بالموثقية بإسحاق بن عمار المشترك بين الموثق و الثقة،و ربما ادّعى صحتها بعض الأجلّة (1).

مضافاً إلى التأيّد بفحوى الأدلّة الدالّة على ثبوت مثل الحكم في الزوجة،من اعتدادها بعد الفحص في المدّة المزبورة،و جواز تزويجها بعدها،فإنّ عصمة الفروج أشدّ و أقوى اتفاقاً،فتوًى و نصّاً،فليجر مثل حكمها في قسمة المال بين الورثة بطريق أولى.

و ردّ الأولويّة بوجود الفارق،و معارضتها بتضرّر المرأة بطول الغيبة، كما ذكره جماعة (2)حسن إن كان الضرر المثبت للحكم لها إرادتها النكاح و الاستمتاع،لا النفقة،مع أنّ المستفاد من النصوص الواردة في حكمها كونه من جهة النفقة خاصّة،و لذا حكمت بلزوم الصبر عليها مع وجود من ينفق عليها.

و حينئذٍ يتّجه الأولويّة؛ لاتحاد وجه الضرر بينها و بين سائر الورثة، سيّما الصغار منهم و العجزة،فتأمّل . و ممّا ذكرنا من اعتبار سند الرواية بالموثقية أو الصحة يظهر لك ما في قوله هنا و غيره (3):إنّه في سندها ضعف اللّهمّ إلّا أن يريد بالضعف غير المعنى المصطلح عليه بين المتأخّرين،أو يعدّ الموثق من أقسام الضعيف،كما هو طريقته في كثير من مواضع الكتاب.

ص:438


1- مجمع الفائدة 11:544.
2- التحرير 2:173،و انظر التنقيح الرائع 4:206،و كشف اللثام 2:286.
3- كما في الشرائع 4:49.

و كيف كان فقدح مثل هذا الضعف على تقديره في الحجية بمعزل عن التحقيق،مع ما عرفت من عدم انحصار الدليل في هذه الرواية؛ لحكاية الإجماعين المتقدم إليها الإشارة،و كل منهما كرواية صحيحة حجة مستقلّة.

و لو سلّم التنزّل باحتمال توجّه القدح إليهما،نظراً إلى ندرة القائل بهذا القول بين القدماء نقول:لا أقلّ من إفادتهما الشهرة بينهم،و هي جابرة لسند الرواية،أو عاضدة له،فيخصّص بها الأصل و لو اعتضد بالشهرة المتأخّرة؛ لأنّ الرواية خاصّة و الأصل عام،فلتكن عليه مقدّمة، و قلّة القائل بحسب اطّلاعنا لا يوجب قلّته واقعاً.

و بهذا يذبّ عن التسليم،و يرجع الإجماع إلى ما كان عليه و اقتضت الأدلّة من حجيته على الإطلاق،هذا.

مع أنّ الوهن بذلك يجبره أيضاً التعدّد في النقل؛ لبعد الخطأ معه.

و منها:ما دلّ على أنّه عشر سنين في الجملة،كالصحيح:

عن دارٍ كانت لامرأة و كان لها ابن،فغاب الابن في البحر،و ماتت المرأة، فادّعت ابنتها أنّ أُمّها صيّرت هذه الدار لها،و باعت أشقاصها (1)منها، و بقيت في الدار قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا،و هو يكره أن يشتريها؛ لغيبة الابن،و ما يتخوّف أن لا يحلّ شراؤها،و ليس يعرف للابن خبر،فقال:«و منذ كم غاب؟» قلت:منذ سنين كثيرة،قال:«ينتظر به غيبته عشر سنين،ثم تشترى» قلت:إذا انتظر به غيبته عشر سنين يحلّ شراؤها؟

ص:439


1- الأشقاص جمع الشقص،و هو:النصيب في العين المشتركة من كل شيء.النهاية لابن الأثير 2:490،مجمع البحرين 4:173.

قال:«نعم» (1).

و هي و إن كانت صحيحة،إلّا أنّها في حكم خاصّ واردة، ففي الاستدلال بها على الكلّية تعسّف،فإنّه لا يلزم من تسويغه(عليه السّلام)بيع القطعة من الدار بعد العشر الحكم بموته حينئذٍ،فإنّ الغائب يمكن للحاكم أن يبيع ماله للمصلحة،فكيف بالإمام(عليه السّلام)؟ .مع أنّ الرواية تضمّنت أنّ بائع الدار ادّعى كونها ملكاً له من دون منازع له في هذه المدّة الطويلة،فجاز كون تسويغ البيع لذلك،و إن بقي الغائب على حجته،و لا ينافيه الأمر بالتأخير إلى تلك المدّة؛ لاحتمال كونه من باب الاحتياط،كما صرّح به بعض الأجلّة (2)،هذا.

مع أنّها غير مكافئة لما قدّمناه من الأدلّة من وجوه عديدة،منها:ندرة القائل بها،إذ لم يحك إلّا عن المفيد (3)في قوله المشهور:من الانتظار إلى تلك المدّة في بيع عقاره خاصّة،و جواز اقتسام الورثة ما عداها من سائر أمواله بشرط الملاءة،و ضمانهم لها على تقدير ظهوره؛ مستنداً في الشقّ الأوّل:إلى الصحيحة المتقدمة.

و في الثاني:إلى ما في رواية ثالثة (4) من أنّه يقسمه أي المال الورثة إذا كانوا ملاء فإذا جاء ردّوه عليه و ليس فيها ضعف أيضاً كما ذكره الماتن،بل هي موثقة،و لكنّها لما قدمناه من الأدلّة غير

ص:440


1- الكافي 7:6/154،التهذيب 9:1391/390،الوسائل 26:299 أبواب ميراث الخنثى ب 6 ح 7،بتفاوت.
2- و هو الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:286.
3- المقنعة:706.
4- الكافي 7:8/155،الفقيه 4:768/241،التهذيب 9:1385/388،الوسائل 26:300 أبواب ميراث الخنثى ب 6 ح 8.

مكافئة من وجوه عديدة،فلتطرح،أو تؤوّل بما يؤول إلى الأوّل،بحملها على القسمة بعد الطلب في مدّة الأربع سنين،و رفع اليد عن مفهوم الشرط،أو يحمل على الاستحباب.

و قال الشيخ في المبسوط و الخلاف و تبعه القاضي و ابن حمزة و الحلي و الفاضلان و كثير من المتأخّرين (1)،بل ادّعى عليه الشهرة جماعة (2):إنّه لا يورث حتى يمضي له من حين ولادته مدّة لا يعيش مثله إليها عادة.

و لا ريب أنّ هذا هو ال أولى في الاحتياط،و أبعد من التهجّم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة المرجوحة بالإضافة إلى الأُصول القطعيّة التي منها أصالة بقاء الحياة السابقة،و عدم دخول التركة في ملك الورثة،و لا دليل لهم عليه سواها،كما صرّح به شيخنا الشهيد الثاني في الروضة،فقال:و ليس به رواية صريحة،و ما ادّعي له من النصوص ليس دالّاً عليه (3).

و لعل مراده من النصوص المدّعى دلالتها النصوص الواردة في مال مجهول المالك،كالصحيح:سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم(عليه السّلام)و أنا جالس،فقال:إنّه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأُجرة،ففقدناه،و بقي له

ص:441


1- المبسوط 4:125،الخلاف 4:119،القاضي في المهذّب 2:165،166،ابن حمزة في الوسيلة:400،الحلي في السرائر 3:298،المحقق في الشرائع 4:49،العلّامة في القواعد 2:167؛ الإيضاح 4:206،الدروس 2:351،المقتصر:368.
2- منهم الشهيد الثاني في الروضة 8:49،و الأردبيلي في مجمع الفائدة 11:538،و السبزواري في الكفاية:291.
3- الروضة 8:49.

من أجره شيء،فلا نعرف له وارثاً،قال:«فاطلبوه» قال:و قد طلبناه فلم نجده،قال:فقال:«مساكين» و حرّك يديه،قال:و أعاد،قال:«اطلب و اجهد،فإن قدرت عليه،و إلّا فهو كسبيل مالك،حتى يجيء له طالب، فإن حدث بك حدث فأوصِ به:إن جاء طالب أن يدفع إليه» (1)و نحوه غيره (2).

و المدّعي دلالتها عليه الفاضل في المختلف و ولده في الإيضاح و الفاضل المقداد في التنقيح (3)،و هو الظاهر من الكليني و الشيخ و غيرهما من المحدّثين (4)،حيث ساقوها في أخبار باب مال المفقود.

و وجه عدم دلالتها ما أشار إليه في الكفاية (5)،من اختصاصها بمن لا يعرف له وارث،و لا يشمل لمن له وارث،كما هو مفروض المسألة، و لذا لم يستدلّ بها أكثر أصحابنا،بل صرّح جمع و منهم شيخنا المتقدم ذكره بعدم دلالتها،و ربما كان الوجه في توهّم دلالتها ما ذكره المولى الأردبيلي-(رحمه اللّه) فقال بعد الاستدلال بها-:و هذه الأخبار و إن لم تكن في الميراث،إلّا أنّ الظاهر عدم الفرق بينه و بين غيره من الحقوق (6).

و هو كما ترى،فإنّ الظهور المدّعى إن كان مستنداً إلى الأصل فهو

ص:442


1- الكافي 7:1/153،التهذيب 9:1387/389،الإستبصار 4:739/197،الوسائل 26:296 أبواب ميراث الخنثى ب 6 ح 1.
2- الفقيه 4:767/241،الوسائل 26:301 أبواب ميراث الخنثى ب 6 ح 10.
3- المختلف:749،الإيضاح 4:206،التنقيح 4:207.
4- الكافي 7:153،الاستبصار 4:196،التهذيب 9:389،و انظر الوسائل 26:296.
5- الكفاية:291.
6- مجمع الفائدة 11:540.

الحجة دونها،و إن كان مستنداً إليها فضعفه أظهر من أن يخفى،سيّما مع اعترافه أوّلاً بعدم دلالتها.

ثم إنّ المرجوحية المدّعاة في العبارة كما يستفاد من سياقها المتضمن لتضعيف أسانيدها و دلالتها مرجوحية حقيقية ليس معها في الروايات حجة،و أمّا على المختار فليس المراد من المرجوحية ذلك،بل المرجوحية بحسب الاحتياط في العمل،و إلّا فقد عرفت اعتبار أسانيد ما دلّ عليه،مع الاعتضاد بالأولوية،و الإجماعين اللذين كاد أن يكونا كالأولوية حجة مستقلة،و ليس في كثير من المسائل الشرعية المثبتة بالظنون الاجتهادية أقوى من هذه الحجة،فيخصّص بها الأصل في المسألة،كما يخصّص بمثلها بل و بما دونها في تلك المسائل المزبورة.

و الشهرة المدّعاة في كلام الجماعة ليست بتلك الشهرة التي توجب مرجوحية هذه الحجة،و وهن الإجماعات المحكيّة،فإنّها شهرة متأخّرة، كما صرّح به جملة من النقلة لها في المسألة،و منهم صاحب الكفاية (1)، و هو كذلك؛ إذ لم نر من القدماء من أفتى بهذا القول،إلّا الشيخ و بعض من تبعه ممن تقدم إليه الإشارة (2)،و مجموعهم أربعة بعين عدد من قال بالمختار من القدماء،فإنّهم أيضاً كما عرفت أربعة،و يزيدون عليهم بدعوى جملة منهم على مختارهم إجماع الإمامية،و أقلّ ما يستفاد من هذه الدعوى سيّما مع التعدّد الشهرة القديمة،كما مرّ إليه الإشارة،و مع ذلك الشهرة المتأخّرة إنّما نشأت من الفاضلين و الشهيدين و جملة ممن تقدم

ص:443


1- الكفاية:291.
2- راجع ص:436.

إليهم الإشارة (1)،و ليس مثلها شهرة حقيقية،سيما مع قول جملة منهم أيضاً بالمختار،كالشهيدين و الفاضل في قولهم الثاني،كما عرفت (2).

و بالجملة فالمختار سبيله واضح،لا يكاد يحوم حوله شبهة الاشتباه و الإنكار،و إن كان مذهب الخلاف (3)أقرب إلى الاحتياط.

و هنا قول رابع للإسكافي (4)،شاذّ،غير واضح المستند،و هو:

التفصيل في المفقود بين من فقد في عسكر شهدت هزيمته و قتل من كان فيه أو أكثرهم فالمختار،و من لا يعرف مكانه في غيبته و لا خبر له فانتظار عشر سنين،لكنّه لم يصرّح بشرط الطلب و الفحص في شيء من الموضعين.

و على المشهور،فإذا مضت المدّة المعتبرة التي هي في زماننا مائة و عشرون سنة؛ لندرة الزائد عليها غاية الندرة،بل ربما اكتفى بما دونها إلى المائة في المسالك و الروضة (5)حكم بتوريث من هو موجود حال الحكم،و قد صرّح الشهيدان و غيرهما بأنّه لو مات له قريب في تلك المدّة عزل له نصيبه منه،و كان بحكم ماله (6).

خلافاً للفاضل في التحرير،فخصّ ذلك بما إذا علم حياته أو موته بعد مورّثه،قال:و إذا مضت المدّة و لم يعلم خبره ردّ إلى ورثة الأوّل؛ للشك في حياته حين موت مورّثه،فلا يورث مع الشك (7).

ص:444


1- راجع ص:436.
2- في ص:433.
3- راجع ص:436.
4- حكاه عنه في المختلف:749.
5- المسالك 2:315،الروضة 8:49.
6- الدروس 2:351،المسالك 2:315.
7- التحرير 2:173.

و فيه نظر؛ لاندفاع الشك بالأصل،و لو عورض بأصالة عدم الإرث لردّت بورودها أيضاً في جانب غيره من ورثة الأوّل،و بعد التساقط يبقى الأصل الأوّل على حاله سليماً عن المعارض،فالأصح ما أطلقه الجماعة.

السابعة:لو تبرّأ من جريرة ولده و ميراثه

السابعة:لو تبرّأ الوالد من جريرة ولده و جنايته و ميراثه، ففي رواية عمل بها الشيخ في النهاية و بعض من تبعه (1)أنّه يكون ميراثه للأقرب إلى أبيه دونه،كما فهمه أكثر الأصحاب.

و المراد بالرواية الجنس؛ لتعدّدها،منها:عن رجل تبرّأ عند السلطان من جريرة ابنه و ميراثه،ثم مات الابن و ترك مالاً،من يرثه؟قال:«ميراثه لأقرب الناس إلى أبيه» (2).

و منها:عن المخلوع يتبرّأ[منه أبوه (3)]عند السلطان،و من ميراثه و جريرته،لمن ميراثه؟قال:«فقال علي(عليه السّلام):هو لأقرب الناس إليه» (4)كما في التهذيب،أو«إلى أبيه» كما في الفقيه.

و ليس في شيء من سندي الرواية مع تعدّدها ضعف كما في ظاهر العبارة؛ لأنّ فيهما صفوان بن يحيى و ابن مسكان المجمع على تصحيح رواياتهما،فلا يضرّ جهالة الراوي الذي رويا عنه في الأُولى، و لا جهالة في الثانية و لا اشتراك،كما حقّق في محلّه مستقصى.

ص:445


1- النهاية:682،و تبعه القاضي في المهذب 2:167.
2- التهذيب 9:1252/348،الإستبصار 4:696/185،الوسائل 26:272 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 7 ح 2.
3- في النسخ:من ابنه،و الصواب ما أثبتناه من المصادر.
4- الفقيه 4:731/229،التهذيب 9:1253/349،الإستبصار 4:697/185،الوسائل 26:273 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 7 ح 3.

نعم فيها إضمار،و مع ذلك هي كسابقتها شاذّة في الظاهر،المصرّح به في كلام جماعة،كالماتن في الشرائع و الشهيدين في المسالك و اللمعة و الحلي في السرائر (1)،حاكياً له عن الشيخ في الحائريات أيضاً،مدّعياً هو كغيره بذلك رجوعه عمّا في النهاية،و مع ذلك ادّعى هو و الفاضل المقداد في التنقيح (2)على خلافها إجماع أصحابنا،بل المسلمين كافّة،و هو الحجة.

مضافاً إلى الأُصول القطعية من الكتاب و السنة،الدالّة بعمومها على إرث الوالد ولده.

و خصوص ما ورد في تعليل حرمان الزوجة من العقار بأنّ:«المرأة قد يجوز أن ينقطع ما بينها و بينه من العصمة،و يجوز تغييرها و تبديلها، و ليس الولد و الوالد كذلك؛ لأنّه لا يمكن التفصّي منهما،و المرأة يمكن الاستبدال بها» (3)الحديث.

و هو كما ترى كالنصّ في فساد التبرّي؛ إذ لو صح لأمكن به التفصّي عن الولد،و قد حكم(عليه السّلام)باستحالته،هذا.

مع أنّ الروايتين و إن اعتبرتا سنداً،إلّا أنّهما ليستا صريحتين،بل و لا ظاهرتين في ذلك ظهوراً تامّاً،كما صرّح به الفاضل في المختلف

ص:446


1- الشرائع 4:44،المسالك 2:340،اللمعة(الروضة البهية 8):213،السرائر 3:286،و انظر مقدّمة المسائل الحائرية(الرسائل العشر):288.
2- التنقيح 4:209.
3- الفقيه 4:808/251،التهذيب 9:1074/300،الاستبصار 4:579/153،عيون الأخبار 2:96،علل الشرائع:2/572،الوسائل 26:210 أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 14.

و شيخنا في الروضة و غيرهما (1)،أمّا الأُولى فلأنّه ليس فيها تصريح بموت الولد قبل الأب،و لعلّه مخصوص بموته بعده،و يكون التبرّي المذكور غير معتبر،كما مر.

و بنحوه يجاب عن الثانية على النسخة الثانية،و كذا على النسخة الاُولى مع أنّها عليها أضعف دلالة؛ لأنّها غير صريحة في نفي ميراث الأب، بل يمكن أن يكون المراد أنّ الميراث للأب؛ لأنّه أقرب الناس إليه،فإن لم يكن موجوداً فلأقرب الناس إليه.

و عن الشيخ أنّه قال عقيبهما:ليس في الخبرين أنّه نفى الولد بعد أن أقرّ به،و إلّا لم يلتفت إلى إنكاره،و لو قبل إنكاره لم يلحق ميراثه بعصبته؛ لعدم ثبوت النسب،قال:و لا يمتنع أن يكون الوالد من حيث تبرّأ من جريرة الولد و ضمانه حرم الميراث،و إن كان نسبه صحيحاً (2).

ص:447


1- المختلف:747،الروضة 8:213؛ المهذب البارع 4:422.
2- حكاه عنه في الوسائل 26:273،و هو في الاستبصار 4:185.

الفصل الثاني في ميراث الخنثى

الفصل الثاني في بيان ميراث الخنثى و شبهه و هو من له فرج الرجال و النساء اعلم أنّ الظاهر من الآيات القرآنية انحصار أنواع الإنسان في صنفي الذكر و الأُنثى،و يستحيل اجتماعهما،كقوله سبحانه خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى [1] (1)و قوله تعالى يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ [2] (2)إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على ذلك بمعونة المقامات، و على هذا فهو لا يخرج عنهما و يكون أحد فرجيه أصليّاً و الثاني زائداً، كسائر الزوائد في الخلقة من يدٍ و رجلٍ و نحوها،فإن أمكن استعلام الأصلي من الزائد فهو المعروف بين الأصحاب بالخنثى الواضح،و إلّا فهو المشكل.

و طريق استعلامه أنّه يعتبر بالبول فإن بال من فرج الرجال فهو رجل،و إن بال من فرج النساء فهي امرأة،و إن بال منهما اعتبر بالسبق فمن أيّهما سبق بوله يورث عليه ذكورة و أُنوثة،بلا خلاف،بل عليه الإجماع في كثير من كلمات الأصحاب،كالمفيد و المرتضى و الحلي و الفاضل في التحرير و ولده في الإيضاح و شيخنا في المسالك و الصيمري و غيرهم (3)،لكن الأوّلين لم يذكرا السبق،بل ذكرا كالديلمي (4)بدله الغلبة

ص:448


1- النجم:45.
2- الشورى:49.
3- المفيد في الإعلام(مصنفات المفيد 9):62،المرتضى في الانتصار:306،الحلي في السرائر 3:277،التحرير 2:174،الإيضاح 4:249،المسالك 2:340،غاية المرام 4:196؛ المهذب البارع 4:424.
4- انظر المراسم:225.

و الكثرة،و لعلّه ملازم لهما،كما يستفاد من صريح الفاضل المقداد في التنقيح (1)،و ظاهر الباقين المدّعين للإجماع من غير نقل خلاف عن هؤلاء.

و الأصل في جميع ذلك بعد الإجماعات المحكيّة النصوص المستفيضة،ففي الصحيح:عن مولود ولد،له قبل و ذكر،كيف يورث؟ قال:«إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر،و إن كان يبول من القُبل فله ميراث الأُنثى» (2)و نحوه المرسل كالموثق (3).

و في الخبر:«كان أمير المؤمنين(عليه السّلام)يورث الخنثى من حيث يبول» (4)و نحوه آخر مروي عن العيون (5).

و في ثالث مروي عن إبراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارات و فيه:«فانظروا إلى مسيل البول،فإن خرج من ذكره فله ميراث الرجل،و إن خرج من غير ذلك فورثوه مع النساء» (6)الحديث.

و في الصحيح:«يورث من حيث يبول،و من حيث سبق بوله،فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث،فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال و ميراث النساء» (7).

ص:449


1- التنقيح الرائع 4:210.
2- الكافي 7:1/156،التهذيب 9:1267/353،الوسائل 26:283 أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 1.
3- الكافي 7:4/157،الوسائل 26:284 أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 3.
4- الكافي 7:2/156،التهذيب 9:1268/353،الوسائل 26:283 أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 2.
5- عيون الأخبار 2:350/74،الوسائل 26:284 أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 5.
6- كتاب الغارات 1:193،الوسائل 26:284 أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 6.
7- الكافي 7:3/157،التهذيب 9:1269/354،الوسائل 26:285 أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 1.

و في الخبر:«الخنثى يورث من حيث يبول،فإن بال منهما جميعاً فمن أيّهما سبق البول ورث عليه،فإن مات و لم يبل فنصف عقل المرأة، و نصف عقل الرجل» (1)و نحوه آخر مروي عن قرب الاسناد (2).

و في المرسل المروي في الكافي:في المولود،له ما للرجال و ما للنساء،يبول منهما جميعاً،قال:«من أيّهما سبق» قيل:فإن خرج منهما جميعاً؟قال:«فمن أيّهما استدرّ» قيل:فإن استدرّا جميعاً؟قال:«فمن أبعدهما» (3).

فإن بدر منهما قال الشيخ و أكثر الأصحاب،كالمفيد و الديلمي و ابني حمزة و زهرة و الفاضلين و الشهيدين و غيرهما من المتأخّرين (4):إنّه يورث على الذي ينقطع منه أخيراً و اختاره الحلي (5)،نافياً الخلاف فيه،مشعراً بدعوى الإجماع عليه،و هو الحجة.

مضافاً إلى المرسلة الأخيرة،فإنّ الظاهر من الأبعديّة فيها الأبعديّة زماناً،و الضعف منجبر بالشهرة بين الأصحاب،و بالصحيحة الثانية المتضمّنة لقوله(عليه السّلام):«فمن حيث ينبعث» قال في القاموس:بعثه كمنعه أرسله فانبعث (6).و المراد أنّه ينظر أيّهما أشدّ استرسالاً و إدراراً،فيحكم

ص:450


1- الفقيه 4:759/237،التهذيب 9:1270/354،الوسائل 26:286 أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 2.
2- قرب الإسناد:517/144،الوسائل 26:289 أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 6.
3- الكافي 7:5/157،الوسائل 26:284 أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 4.
4- الشيخ في النهاية:677،المفيد في المقنعة:698،الديلمي في المراسم:225،ابن حمزة في الوسيلة:401،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):608،المحقق في الشرائع 4:44،العلّامة في القواعد 2:181،الشهيدين في اللمعة(الروضة البهية 8):192؛ كشف اللثام 2:303.
5- السرائر 3:277.
6- القاموس المحيط 1:168.

به،و الظاهر أنّ المنقطع أخيراً أشدّ إدراراً؛ لكون الخروج منه أكثر زماناً، فتأمّل جدّاً . و مما ذكرنا ظهر أنّه ليس فيه تردّد و إن ذكره الماتن،فهو ضعيف،و أضعف منه عدم اعتباره،كما عن الصدوق و الإسكافي و المرتضى (1)،و أضعف منهما مصير القاضي إلى اعتبار الأسبق انقطاعاً (2)؛ لعدم الشاهد عليه،مع قيام الدليل كما عرفت على خلافه.

فإن تساويا خروجاً و انقطاعاً قال الشيخ في الخلاف خاصّة:إنّه يعمل فيه بالقرعة مدّعياً عليه إجماع الفرقة و أخبارهم (3).

قيل:و عنى بها ما ورد عنهم(عليهم السّلام)من أنّها لكل أمر مشتبه،و هذا منه (4).

و هو شاذّ،و إجماعه موهون معارض بمثله و مثله كما يأتي، و لا اشتباه بعد ورود النص الصحيح بعدّ الأضلاع،أو إعطاء نصف النصيبين،كما يأتي.

و قال المفيد في كتاب إعلام الورى (5) و السيّد المرتضى علم الهدى في الانتصار (6)إنّه يُعدّ أضلاعه فإن اختلف أحد الجانبين فذكر،و إن تساويا عدداً فأُنثى،مدّعيين عليه الإجماع،و اختاره

ص:451


1- الصدوق في المقنع:176،حكاه عن الإسكافي في المختلف:745،المرتضى في الانتصار:306.
2- المهذّب 2:171.
3- الخلاف 4:106.
4- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:340.
5- الإعلام بما اتّفقت عليه الإمامية من الأحكام(مصنفات المفيد 9):62.
6- الانتصار:306.

الإسكافي و الحلي في السرائر (1)؛ لذلك؛ و للنص الذي ادعى تواتره،و هو ما رواه في التهذيب بسنده إلى ميسرة بن شريح،و هو طويل،و في جملته أنّه قال:قال أمير المؤمنين(عليه السّلام):«جرّدوها من ثيابها،و عدّوا أضلاع جنبيها» ففعلوا،ثم خرجوا إليه،فقالوا:عدد الجنب الأيمن اثنا عشر ضلعاً، و الجنب الأيسر أحد عشر ضلعاً،فقال(عليه السّلام):«اللّه أكبر،ايتوني بالحجام» فأخذ من شعرها،و أعطاها رداءً و حذاءً،و ألحقها بالرجال،قال:«لأنّ حوّاء خلقت من ضلع آدم،و أضلاع الرجال أقلّ من أضلاع النساء بضلع» (2)الحديث.

و طعن الأكثر في هذا الخبر بجهالة الراوي.

و فيه:أنّ الصدوق رواه في الفقيه عن عاصم بن حميد،عن محمّد ابن قيس،عن أبي جعفر(عليه السّلام) (3)،و طريقه إليه في المشيخة (4)صحيح، إلّا أنّ في روايته أنّ أضلاعها كانت سبعة عشر،تسعة في اليمين،و ثمانية في اليسار،و يعضده رواية المفيد و الإسكافي و العماني (5)،و هذا لا ينافي توافقها مع رواية التهذيب في أصل اعتبار العدّ،و كون متساوي الأضلاع امرأة،و مختلفها رجلاً.

و روى في الفقيه أيضاً عن السكوني،عن جعفر(عليه السّلام)،عن أبيه(عليه السّلام):

«أنّ عليّاً(عليه السّلام)كان يورّث الخنثى،فيعدّ أضلاعه،فإن كانت ناقصة عن

ص:452


1- حكاه عن الإسكافي في المختلف:745،السرائر 3:280.
2- التهذيب 9:1271/354،الوسائل 26:286 أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 3.
3- الفقيه 4:762/238.
4- المشيخة(الفقيه 4):108.
5- المفيد في الإرشاد 1:213،و حكاه عن الإسكافي و العماني في المختلف:745.

أضلاع النساء بضلع ورث ميراث الرجال؛ لأنّ الرجل تنقص أضلاعه عن ضلع المرأة بضلع؛ لأنّ حواء خلقت من ضلع آدم» (1)الحديث.

و روى المفيد الحديث الأوّل في إرشاده عن الحسن بن علي العبدي، عن سعد بن طَرِيف (2)،عن أصبغ بن نباتة،عن أمير المؤمنين(عليه السّلام) (3)نحو ما في الفقيه.

و قال الصدوقان و المفيد في المقنعة و الشيخ في النهاية و الإيجاز و المبسوط و الديلمي و القاضي و ابنا حمزة و زهرة (4):إنّه يعطى نصف ميراث رجل و نصف ميراث امرأة،و هو أشهر كما هنا و في القواعد و شرح الشرائع للصيمري و التنقيح و الدروس و الروضة (5)،و نسبه في المسالك إلى أكثر المتأخّرين (6).

أقول:بل عليه عامّتهم بحيث كاد أن يكون ذلك إجماعاً منهم؛ لجملة من النصوص المتقدّمة،منها الصحيح:«فإن كان سواء ورث ميراث الرجال و النساء» (7)و المراد به نصف الأمرين؛ لامتناع أن يراد مجموعهما.

ص:453


1- الفقيه 4:760/238،الوسائل 26:287 أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 4.
2- في النسخ:ظريف،و الصواب ما أثبتناه.لاحظ رجال البرقي:188/50،رجال النجاشي:468/178،رجال الطوسي:17/92،و 3/124،و 3/203.
3- إرشاد المفيد 1:213،الوسائل 26:288 أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 5.
4- الصدوق في المقنع:177،و حكاه عن والده في المختلف:745،المقنعة:698،النهاية:677،الإيجاز(الرسائل العشر):275،المبسوط 4:114،الديلمي في المراسم:225،القاضي في المهذّب 2:171،ابن حمزة في الوسيلة:402،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):608.
5- القواعد 2:181،غاية المرام 4:197،التنقيح 4:212،الدروس 2:379،الروضة 8:194.
6- المسالك 2:340.
7- المتقدم في ص:445.

و أصرح منه الخبران المذكوران بعده:«فإن مات و لم يبل فنصف عقل المرأة و نصف عقل الرجل» (1).

مضافاً إلى التأيّد بأنّ فيه مراعاة للحالتين؛ لتساويهما عقلاً،فيعمل بالمتيقّن،و يعطى ميراث الأُنثى،و يقسم ما زاد عليه من سهم المشكوك فيه و هو كونه ذكراً نصفين،كما وقع نظيره في الشرع عند اختلاف الدعويين مع عدم الحجة.

و لعلّ هذا أقوى؛ لقوّة الأدلّة عليه،و انجبار قصور الخبرين منها بالصحيح قبلهما،و الشهرة العظيمة بين المتأخّرين و القدماء ظاهرة و محكيّة حدّ الاستفاضة،كما عرفته.

و منها ينقدح الوهن في الإجماعين المتقدم إليهما الإشارة،فليس فيهما حجة،كما لا حجة في الأخبار الموافقة لهما،مع قصور أكثرها سنداً، و عدم جابر له جدّاً.

و دعوى الحلي التواتر (2)،غير جابرة بعد ظهور اتفاق أكثر الفتاوي على خلافها،فالتواتر على تقدير تسليمه إنّما هو في الرواية،و هو بمجرّده مع عدم الفتوى بها غير نافع،بل يوجب وهنها بلا شبهة،و مع ذلك فهي بأقسامها حتى الصحيح منها غير مقاومة للنصوص المقابلة المضاهية لها سنداً و عدداً؛ لرجحانها عليها بما قدّمناه من الشهرة العظيمة بين أصحابنا،التي كادت تكون إجماعاً،فتكون حجة مستقلّة برأسها،هذا.

و عن العماني أنّه قال:و قد روي عن بعض علماء الشيعة أنّه سئل عن الخنثى،فقال:روى بعض أصحابنا في وجه ضعيف لم يصح عندي أنّ

ص:454


1- المتقدم في ص:445.
2- السرائر 3:280.

حوّاء خلقت من ضلع آدم(عليه السّلام)،فصار للرجال من ناحية النساء ضلعاً أنقص،و للنساء ثمانية عشر ضلعاً من كل جانب تسعة،و للرجال سبعة عشر ضلعاً من جانب اليمين تسعة و من جانب اليسار ثمانية،ثم قال:

و هذه علامة واضحة إن صحّت عنهم(عليهم السّلام) (1).

و هو كما ترى ظاهر في عدم ثبوت الرواية و صحتها في الصدر الأوّل،فضلاً عن تواترها،فيدفع به دعوى الحلّي جدّا،كيف لا؟!و هو متأخّر عن زمان العماني بكثير،و يبعد غاية البعد حصول التواتر له دونه، مع أنّه أسبق زماناً،و أجدر بالاطلاع بالتواتر و أولى،و مع ذلك لم يدّعه أحد من أصحابنا.

نعم نسب الرواية في الخلاف إلى أصحابنا،فقال:روى أصحابنا (2).

و هو مع عدم كونه صريحاً في دعوى التواتر،بل و لا ظاهراً،و إن توهّمه منه الحلّي مضعّف باختياره فيه كما عرفت خلافها،و لا يكون ذلك إلّا لعدم تواترها،أو كون تواترها بحسب الرواية خاصّة لا الفتوى،و هو كما عرفت مما يوجب وهنها لا حجيتها.

و بالجملة فدعوى الحلّي و مختاره ضعيف،و أضعف منه ما تخيّله بعض المعاصرين:من القول بمختاره فيما إذا علم عدد أضلاعه قبل موته، و مختار المشهور إذا لم يعلم ذلك.

لكونه إحداث قول لا نجوّزه،و مع ذلك لا شاهد عليه،و لا منشأ له سوى دلالة الخبرين الأخيرين من نصوص المشهور بالمفهوم على عدم الحكم مع عدم الموت،و هو ضعيف؛ لكون الصحيح قبلهما مطلقاً،

ص:455


1- حكاه عنه في المختلف:745.
2- الخلاف 4:106.

و لا يمكن تقييده بمفهومهما؛ لعدم التكافؤ أصلاً،و عدم القائل بالفرق،كما مضى،و لكنه جمع حسن لولاهما.

و على المختار لو اجتمع مع الخنثى ذكر،أو أُنثى،أو ذكر و أُنثى معاً،فقد اختلف الأصحاب في كيفية القسمة على قولين:

ف قيل كما عن النهاية و الإيجاز و استحسنه الفاضل في التحرير (1):إنّه للذكر أربعة،و للخنثى ثلاثة في الفرض الأوّل،و كذا في الثاني لكن للأُنثى سهمان،و للذكر أربعة،و للخنثى ثلاثة،و للأُنثى سهمان في الثالث.

و توضيحه:أنّه يجعل للأُنثى أقلّ عدد يكون له نصف و هو اثنان، و للذكر ضعف ذلك،و للخنثى نصف كل منهما،فالفريضة على الفرض الأوّل من سبعة،و على الثاني من خمسة،و على الثالث من تسعة،حسب ما تقدم من التفصيل.

و قيل كما عن المبسوط (2):إنّه تقسم الفريضة مرّتين،فيفرض مرّة ذكراً و مرّة أُنثى و يعطى الخنثى و غيره نصف النصيبين،و هو أظهر عند الماتن هنا،و الأشهر كما صرّح به جمع ممّن تأخّر (3) مثاله:خنثى و ذكر،نفرضهما ذكرين تارة،و ذكراً و أُنثى اخرى،و نطلب أقلّ مال له نصف،و لنصفه نصف،و له ثلث،و لثلثه نصف حتى يصح منه فرض كونه ذكراً و كونه أُنثى،و أخذ نصف النصيبين منه أيضاً فيكون اثني عشر، فيحصل للخنثى خمسة،و للذكر سبعة

ص:456


1- النهاية:677،الإيجاز(الرسائل العشر):275،التحرير 2:174.
2- المبسوط 4:115.
3- تلخيص الخلاف 2:266،الروضة البهية 8:194،التنقيح الرائع 4:214.

و لو كان بدل الذكر أُنثى،حصل للخنثى سبعة،و للأُنثى خمسة بيانه:أنّك إذا قسّمت الفريضة على تقدير الذكورية،ثم قسّمتها مرّة أُخرى على تقدير الأُنوثية،نظرت إلى كل من الفريضتين،فإن تباينتا ضربت إحداهما في الأُخرى،و إن توافقتا ضربت إحداهما في وفق الأُخرى،و إن تماثلتا اجتزئت بإحداهما،و إن تناسبتا أخذت بالأكثر ثم تضرب ذلك في اثنين،فتعطي كل وارث من المجموع نصف ما حصل له من الفرضين.

فلو كان مع الخنثى ذكر فعلى تقدير فرض الخنثى ذكراً تكون الفريضة من اثنين،و على تقدير فرضه أُنثى تكون من ثلاث،و الفريضتان متباينتان فتضرب إحداهما في الأُخرى،ثم المجتمع في اثنين،تكون اثني عشر،للخنثى على تقدير الذكورية ستّة،و على تقدير الأُنوثية أربعة، فيؤخذ نصفهما،و هو خمسة من اثني عشر،و للذكر سبعة؛ لأنّها نصف ماله على تقدير ذكوريّة الخنثى و هو ستة،و ماله على تقدير أُنوثيّته و هو ثمانية.

و لو كان مع الخنثى أُنثى فالمسألة بحالها،إلّا أنّ للخنثى سبعة، و للأُنثى خمسة،فإنّه على تقدير فرض الخنثى ذكراً فالفريضة من ثلاثة، و على تقدير فرضه أُنثى فالفريضة من اثنين،فتضرب إحداهما في الأُخرى؛ لتباينهما،ثم تضرب المجتمع في اثنين يصير اثني عشر،للخنثى على تقدير الذكوريّة ثمانية،و على تقدير الأُنوثية ستّة،فيؤخذ نصفهما و هو سبعة،و للأُنثى على تقدير ذكوريّته أربعة،و على تقدير أُنوثيّته ستّة و مجموع النصف من كل منهما خمسة.

و لو اجتمع معه ذكر و أُنثى فعلى تقدير فرضه ذكراً تكون الفريضة من خمسة،و على تقدير فرضه أُنثى تكون من أربعة،و النسبة بين الفريضتين التباين،فتضرب إحداهما في الأُخرى تبلغ عشرين،ثم المجتمع في اثنين

ص:457

تبلغ أربعين،فللخنثى على تقدير الذكوريّة ستّة عشر،و على تقدير الأُنوثية عشرة،و مجموع نصفهما ثلاثة عشر،و للذكر على تقدير فرض ذكوريّة الخنثى ستّة عشر،و على تقدير الأُنوثية عشرون،و نصف ذلك ثمانية عشر، و للأُنثى على تقدير فرض الذكورية ثمانية،و على تقدير فرض الأُنوثية عشرة،و نصف ذلك تسعة،فقد تقرّر أنّ للخنثى حينئذٍ ثلاثة عشر من أربعين،و للذكر ثمانية عشر،و للأُنثى تسعة منها.

و اختلفت كيفية القسمة بين القولين في هذه الفروض:

أمّا على الفرض الأوّل:فبموجب القول الأوّل للخنثى ثلاثة أسباع التركة،و للذكر أربعة أسباعها،و بموجب القول الثاني ينقص نصيب الخنثى عن ثلاثة أسباع الاثني عشر أعني خمسة و سبعاً بسبع واحد،كما لا يخفى على المتأمّل.

و أمّا على الفرض الثاني:فبموجب القول الأوّل للخنثى ثلاثة أخماس التركة،و للأُنثى خمسان،و على القول الثاني ينقص عنه خمس واحد من اثني عشر،كما لا يخفى على المحاسب.

و أمّا على الفرض الثالث:فبمقتضى القول الأوّل للخنثى ثلث التركة ثلاثة من تسعة،و للذكر أربعة أتساع،و للأُنثى تُسعان،و على القول الثاني ينقص نصيب الخنثى بثلث واحد،كما يظهر بالنظر في ذلك.

و لو شاركهم زوج أو زوجة صحّحت فريضة الخناثى (1) و مشاركيه مع قطع النظر عن أحدهما ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة من الربع أو الثمن،و هو أربعة و ثمانية في الحاصل من تلك الفريضة،فما ارتفع منه فمنه تصح الفريضة.

فعلى الفرض الأوّل على القول الأوّل الذي فيه الفريضة سبعة

ص:458


1- في المطبوع من المختصر(275):الخنثى.

لو جامعهم زوج ضربتها في مخرج نصيبه أربعة،تحصل ثمانية و عشرون، فللزوج منها الربع سبعة،و من كان له منها شيء أخذه مضروباً في ثلاثة، و هو ما نقص من مضروب الأربعة عن نصيب الزوج،فللخنثى تسعة، و للذكر كراثنا عشر.

و لو جامعهم زوجة ضربت السبعة في مخرج نصيبها ثمانية تحصل ستة و خمسون فللزوجة منها ثُمنها سبعة.و من له منها شيء أخذه مضروباً في سبعة،و هو ما نقص من مضروب الثمانية عن نصيب الزوجة،فللخنثى أحد و عشرون،و للابن ثمانية و عشرون.

و على الفرض الأوّل على القول الثاني الذي فيه الفريضة اثنا عشر:لو جامعهم زوج ضربتها في مخرج نصيبه أربعة،تحصل ثمانية و أربعون، للزوج منها الربع اثنا عشر،و من كان له منها شيء أخذه مضروباً في ثلاثة، كما تقدم،فللخنثى خمسة عشر،و للابن أحد و عشرون.

و لو جامعهم زوجة ضربت الاثنا عشر في مخرج نصيبها ثمانية،تبلغ ستّة و تسعين،للزوجة اثنا عشر،و من كان له منها شيء أخذه مضروباً في سبعة،كما مرّ،فللخنثى خمسة و ثلاثون،و للابن تسعة و أربعون،و قس على هذا الفروض الباقية و غيرها على كل من القولين.

و من ليس له فرج النساء و لا فرج الرجال إمّا بأن تخرج الفضلة من دبره،أو يفقده و يكون له ثقبة بين المخرجين تخرج منه الفضلتان،أو البول مع وجود الدبر،أو بأن يتقيّأ ما يأكله،أو بأن يكون له لحمة رابية تخرج منه الفضلتان،كما نقل ذلك على ما ذكره الفاضل في التحرير و الشهيدان (1) يورث بالقرعة على الأظهر الأشهر بين الطائفة،

ص:459


1- التحرير 2:175،الدروس 2:380،المسالك 2:342،الروضة 8:205.

بل عليه المتأخّرون كافّة،و نفى عنه الخلاف في السرائر (1).

و المعتبرة به مع ذلك مستفيضة،منها الصحيح:عن مولود ليس له ما للرجال،و لا له ما للنساء؟قال:«يقرع الإمام أو المقرع،يكتب على سهم:عبد اللّه،و على سهم:أمة اللّه،ثم يقول الإمام أو المقرع:اللّهم أنت اللّه لا إله إلّا أنت،عالم الغيب و الشهادة،أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون،فبيّن لنا أمر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب،ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة،ثم يجال السهام،على ما خرج ورث عليه» (2).

و في القريب من الصحيح بصفوان بن يحيى و ابن مسكان المجمع على تصحيح رواياتهما،فلا يضرّ جهالة الذي عنه رويا:عن مولود ليس بذكر و لا أُنثى،ليس له إلّا دبر،كيف يورث؟قال:«يجلس الإمام و يجلس معه ناس،و يدعو اللّه تعالى،و يجيل بالسهام على أيّ ميراث يورث، ميراث الذكر،أم ميراث الأُنثى،فأيّ ذلك خرج ورثه عليه» ثم قال:«أيّ قضيّة أعدل من قضيّة يجال عليها السهام،إنّ اللّه تعالى يقول فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ [1] (3)» (4)و نحوه المرسل (5)،و قريب منهما

ص:460


1- السرائر 3:277.
2- الكافي 7:2/158،الفقيه 4:763/239،التهذيب 9:1273/356،الاستبصار 4:701/187،المحاسن:29/603،الوسائل 26:292 أبواب ميراث الخنثى ب 4 ح 2.
3- الصافّات:141.
4- الكافي 7:1/157،التهذيب 9:1274/356،الوسائل 26:291 أبواب ميراث الخنثى ب 4 ح 1.
5- الكافي 7:3/158،التهذيب 9:1275/357،الوسائل 26:293 أبواب ميراث الخنثى ب 4 ح 3.

الموثق (1).

خلافاً للإسكافي (2)،فاعتبره بالبول،قال:فإن نحاه عند خروجه عن مباله فهو ذكر،و إن بال على مباله فأُنثى؛ للمرسل كالموثق (3).

و هو شاذّ،و مستنده عن المكافأة لما مرّ قاصر.

و إطلاق العبارة و غيرها من عبائر الجماعة يقتضي عدم وجوب الدعاء،و به صرّح الشهيدان (4)،قال ثانيهما:لخلوّ باقي الأخبار عنه.

و فيه نظر؛ لتضمّن جميعها الأمر به و إن اختلف بحسب الإجمال أو الإطلاق،كما في الأخبار الأخيرة،و التفصيل،كما في الصحيحة.

فإن أراد بالدعاء المستحب عنده جنسه المناسب للقرعة فجميع الأخبار للأمر به متضمّنة،فكيف يقول:الأخبار عنه خالية؟ و إن أراد به الكيفيّة المرسومة في الصحيحة،فلا يقدح خلوّ باقي الأخبار عنها بعد تضمّنها الأمر بمطلق الدعاء،و الأصل يقتضي حملها عليها،و هو أرجح من الحمل على الاستحباب جدّاً،و لذا أمر به الحلّي(رحمه اللّه) في السرائر،و الماتن في الشرائع و الفاضل في القواعد و التحرير (5)،و إن اختلفت عبائرهم بحسب(الإطلاق و التقييد) (6)بنحو ما في الصحيح، و لا ريب أنّه أحوط،إن لم يكن أظهر.

ص:461


1- التهذيب 9:1276/357،الوسائل 26:294 أبواب ميراث الخنثى ب 4 ح 4.
2- حكاه عنه في المختلف:747.
3- الكافي 7:4/157،التهذيب 9:1277/357،الإستبصار 4:702/187،الوسائل 26:294 أبواب ميراث الخنثى ب 4 ح 5.
4- الدروس 2:381،المسالك 2:342،الروضة 8:206.
5- السرائر 3:277،الشرائع 4:47،القواعد 2:187،التحرير 2:175.
6- في«ر» و نسخة في«ح» و«ب»:الإجمال و التفصيل.

و من له رأسان أو بدنان على حَقْوٍ بفتح الحاء و سكون القاف معقد الإزار عند الخصر واحد سواء كان ما تحت الحَقْو ذكراً أو أُنثى أم غيره؛ لأنّ الكلام هنا في اتحاد ما فوق الحقو و تعدّده ليترتب عليه الإرث، و حكمه أن يوقظ أو يصاح به،فإن انتبه أحدهما فهما اثنان و إلّا فواحد،بلا خلاف؛ للنص المتضمّن لقضاء عليّ(عليه السّلام)بذلك (1).

و قصوره أو ضعفه مجبور بأنّه لا رادّ له،حتى أنّ منكر حجية أخبار الآحاد كالحلّي (2)قد قبله.

و على التقديرين يرثان إرث ذي الفرج الموجود،فيحكم بكونهما واحدة أو اثنتين،أو ذكراً واحداً أو ذكرين،و لو لم يكن له فرج أو كانا معاً حكم لهما بما مضى.

ص:462


1- انظر الوسائل 26:295 أبواب ميراث الخنثى ب 5.
2- السرائر 3:277.

الفصل الثالث في بيان ميراث الغرقى و المهدوم عليهم

الفصل الثالث في بيان ميراث الغرقى و المهدوم عليهم اعلم أنّ مقتضى الأصل و به صرّح (1)الأصحاب عدم الحكم بالتوارث إلّا مع تحقق سبق موت المورّث على الوارث،إلّا ما خرج بدليل، و هو مسألة هؤلاء فإنّهم يرث بعضهم بعضاً إجماعاً ظاهراً،و حكاه جماعة (2)مستفيضاً،بل و زائداً،و هو الحجّة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة،ففي الصحيحين:عن القوم يغرقون في السفينة،أو يقع عليهم البيت فيموتون، و لا يعلم أيّهم مات قبل صاحبه؟فقال:«يورث بعضهم من بعض،كذلك هو في كتاب عليّ(عليه السّلام) » (3).و في الصحيح:قلت له:رجل و امرأة سقط عليهما البيت فماتا،قال:

«يورث الرجل من المرأة و المرأة من الرجل» قال:قلت:فإنّ أبا حنيفة قد أدخل عليهم في هذا شيئاً،قال:«و أيّ شيء أدخل عليهم؟» قلت:رجلين أخوين أعجمين ليس لهما وارث إلّا مواليهما،أحدهما له مائة ألف درهم معروفة،و الآخر ليس له شيء،ركبا سفينة فغرقا،فأُخرجت المائة ألف، كيف يصنع بها؟قال:تدفع إلى مولى الذي ليس له شيء،فقال:«ما أنكر

ص:463


1- في«ب» زيادة:بعض.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:343،و السبزواري في الكفاية:307،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 3:319.
3- الكافي 7:1/136،الفقيه 4:713/225،الوسائل 26:307 أبواب ميراث الغرقى ب 1 ح 1.

ما أدخل فيها،صدق،هو هكذا» (1)الخبر،و نحوه آخر (2).

و يشترط الحكم فيهم بشروط ثلاثة،أشار إليها بقوله: إذا كان لهم أو لأحدهم مال و إلّا لانتفى التوارث من حيث عدم ما يورث،و ينتقل المال لأحدهما إلى من لا مال له،ثمّ إلى وارثه الحيّ،كما مرّ في الصحيحين و كانوا يتوارثون و التوارث دائر بينهم،بمعنى أنّ كل واحد منهم يرث من الآخر و لو بمشاركة غيره،فلو انتفى كما لو لم يكن استحقاق إرث بالكلّيّة،إمّا لعدم النسب،أو السبب،أو لوجود مانع من كفر،أو رقّ،أو وجود وارث حيّ لكل منهما أو لأحدهما حاجب للميت الآخر،لم يثبت الحكم،فلو غرق أخوان و لكلّ منهما ولد فإنّه لا توارث بينهما،بل كل منهما يحوز ميراثه ولده،و كذا لو كان الولد لأحدهما خاصّة دون الثاني،و ليس للثاني إلّا أخوه ذو الولد،فلا يرثه الأخ،و يختص الميراث بغيره،و إن كان أبعد؛ لعدم ثبوت بقائه بعد أخيه الذي هو شرط في الإرث،كما مر.

و كان اشتبه المتقدّم منهم في الموت بالمتأخّر فلو علم اقترانه فلا إرث،و لو علم المتقدّم ورثه المتأخّر من غير عكس،كما في الخبر:قضى علي(عليه السّلام)في رجل و امرأة ماتا جميعاً في الطاعون،ماتا على فراش واحد،و يد الرجل و رجله على المرأة،فجعل الميراث للرجل، و قال:إنّه مات بعدها (3).

ص:464


1- الكافي 7:3/137،التهذيب 9:1287/360،الوسائل 26:309 أبواب ميراث الغرقى ب 2 ح 2.
2- الكافي 7:2/137،التهذيب 9:1286/360،الوسائل 26:309 أبواب ميراث الغرقى ب 2 ح 1.
3- الكافي 7:6/138،التهذيب 9:1289/361،الوسائل 26:314 أبواب ميراث الغرقى ب 5 ح 3.

و يستفاد منه جواز الاكتفاء عن العلم بمثل تلك القرينة،و فيه مخالفة للأصل،و لا يمكن الخروج عنه بمثله؛ لقصور سنده بالرفع،و دلالته باحتمال حكمه(عليه السّلام)بعلمه.

و لا خلاف في شيء من ذلك،بل في ظاهر الغنية (1)الإجماع عليه، و هو الحجّة؛ مضافاً إلى الأصل المتقدّم إليه الإشارة،مع اختصاص النصوص المخرجة عنه بما اجتمع فيه الشرائط الثلاثة،و مع ذلك البداهة لصحة الشرط الأوّل شاهدة،كما أنّ الأُصول و العمومات و المرفوعة على الثالث دالّة.

و بما ذكرنا يظهر ما في الكفاية (2)من المناقشة في الحكم بعدم التوارث بين الأخوين ذي الولد و عديمه،و احتمال إلحاقهما بالأخوين ذي المال و عديمه.

و لذا أنّ المولى الأردبيلي(رحمه اللّه)الذي هو الأصل في المناقشة،قال بعدها:إلّا أن يقال:هذا الحكم مخالف للأصل و القاعدة،و إنّما الاستثناء للدليل،و قد وجد في صورة المال من جانب واحد لا غير،فتأمّل (3).انتهى.

و هنا شرط رابع ذكره في التحرير و القواعد (4)،و هو كون الموت بالسبب،فلو وقع بغيره كحتف الأنف لم يثبت التوارث بينهم،بل ينتقل الإرث من كل منهم إلى وارثه الحي،و هذا الشرط و إن لم يصرّح به هنا و في

ص:465


1- الغنية(الجوامع الفقهية):608.
2- الكفاية:308.
3- مجمع الفائدة و البرهان 11:529.
4- التحرير 2:175،القواعد 2:191.

كلام كثير إلّا أنّه يستفاد من حكمهم بعدم التوارث في الموت حتف الأنف، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و في ثبوت هذا الحكم يعني التوارث بين الأموات المشتبهين في الموت بحسب السبق و التقارن مع اجتماع ما مرّ من الشرائط فيما إذا كان الموت بغير سبب الغرق و الهدم من باقي الأسباب كالقتل و الحرق تردّد ينشأ:من الأصل المتقدّم مع اختصاص النصوص المخصّصة له بالغرقى و المهدوم عليهم،و من أنّ الظاهر أنّ العلّة في التوارث بينهم الاشتباه المستند إلى سبب،و هي موجودة في محل البحث.

و إلى الأوّل ذهب المفيد و الأكثر،على الظاهر المصرّح به في الروضة و المسالك (1)،و نسبه في الكفاية (2)إلى الأصحاب،مع أنّه كغيره نقل الثاني عن ظاهر الشيخ في النهاية و الإسكافي و الحلبي (3)،و نقله في الإيضاح أيضاً عن ظاهر المبسوط و صريح ابن حمزة (4)،و اختاره والده في القواعد (5)صريحاً،و قوّاه في المختلف أخيراً،بعد أن ضعّف ما ذكره لهم دليلاً بمنع التعليل بمطلق الاشتباه،قال:فجاز أن يكون الاشتباه المستند إلى أحدهما (6).

و لعل الوجه في التقوية مع تضعيفه الحجّة قوّة احتمال كون العلّة

ص:466


1- المفيد في المقنعة:699،الروضة 8:221،المسالك 2:343.
2- الكفاية:308.
3- النهاية:674،حكاه عن الإسكافي في المختلف:750،الحلبي في الكافي في الفقه:376.
4- الإيضاح 4:276،المبسوط 4:118،ابن حمزة في الوسيلة:400.
5- القواعد 2:191.
6- المختلف:750.

المحتج بها قطعيّة منقّحة بطريق الاعتبار،لا مستنبطة بطريق المظنّة لتلحق بالقياس المحرّم في الشريعة.

و يعضده وقوع التعدية عن مورد النصوص المخصّصة للقاعدة كثيراً لأخصّيّتها من المدّعى كذلك،كما لا يخفى،و الإجماع و إن كان هو المستند في ذلك،إلّا أنّه لا ينافي الاعتضاد.

و يشير إلى قوّة الاحتمال بل و تعيّنه فهم الراوي فيما تقدّم من الصحيحين الأخيرين من حكمه(عليه السّلام)في المهدوم عليهم ثبوته في الغرقى، و لذا بعد سماعه الحكم منه(عليه السّلام)في المهدوم عليهم اعترض على أبي حنيفة فيما حكم به في الغرقى من دون تربّص و تزلزل،بحيث يظهر منه أنّه فهم كون العلّة هو الاشتباه،و إلّا فلم يتقدّم للغرقى ذكر سابقاً لا سؤالاً و لا جواباً،و المعصوم(عليه السّلام)أقرّه على فهمه،غير معترض عليه بالقياس، و أنّك لِمَ استشعرت من حكمي في المهدوم الاعتراض على أبي حنيفة في الغرقى،فهذا القول في غاية القوّة و نهاية المتانة لولا الشهرة العظيمة التي كادت تكون من المتأخرين إجماعاً.

و ما في الإيضاح من أنّه قد روي:أنّ قتلى اليمامة و قتلى صفّين لم يرث بعضهم من بعض،بل ورثوا الأحياء (1)قال:فإن صحّت الرواية فهي حجة قويّة (2).

أقول:و يكفي لنا في الاحتجاج بها انجبارها بالشهرة و لو لم تكن بحسب السند صحيحة.

و يضعف الاعتضاد بوقوع التعدية بعدم وقوعها في الموت من غير

ص:467


1- المغني لابن قدامة 7:188،الشرح الكبير 7:157.
2- إيضاح الفوائد 4:277.

سبب،كما يأتي،و الإجماع و غيره،و إن كانا مستنديه،إلّا أنّهما دالّان على عدم كون العلّة الاشتباه المطلق،بل المقيّد بشيء،و هو كما يحتمل خصوصيّة الموت بالسبب مطلقاً كذا يحتمل خصوصيته به مقيّداً بالهدم و الغرق خاصة،و التقييد فيه و إن كان زائداً يوجب مرجوحيّته بالإضافة إلى الاحتمال الأوّل،إلّا أنّ المقصود من معارضة الاحتمال الأوّل به و ذكرهما بعد الإجماع على التقييد بعد دعوى تنقيح المناط القطعي؛ إذ هي على تقدير تسليمها إنّما تصح في الاشتباه المطلق و لو في الموت من غير سبب، فإنّه هو الذي يتراءى في الاعتبار و النظر كونه العلّة و المناط في مورد النص دون الاشتباه المقيّد.

و بالجملة:المسألة عند العبد محل توقف،و إن كان المصير إلى ما عليه الأكثر لا يخلو عن قرب.

و مع اجتماع الشرائط المتقدّمة يورث الأضعف و الأقلّ نصيباً أوّلاً،ثم يورث الأقوى منه،و الأكثر نصيباً،فيفرض موته أوّلاً و يرث الأضعف منه نصيبه،ثم يفرض موته و يرث الأقوى منه نصيبه؛ للمعتبرة،منها الخبران،أحدهما الصحيح:عن رجل سقط عليه و على امرأته بيت،فقال:«تورث المرأة من الرجل،ثم يورث الرجل من المرأة» (1)و بمعناهما الموثق كالصحيح (2).

و لا يورث الأقوى مما ورث الأضعف منه بل من صلب

ص:468


1- الصحيح في:التهذيب 9:1282/359،الوسائل 26:315 أبواب ميراث الغرقى ب 6 ذيل الحديث 2.الخبر الآخر في:التهذيب 9:1281/359،الوسائل 26:315 أبواب ميراث الغرقى ب 6 ح 2.
2- الفقيه 4:714/225،الوسائل 26:315 أبواب ميراث الغرقى ب 6 ح 1.

تركته فقط،على الأظهر الأشهر،بل عليه عامّة من تأخّر،و في ظاهر الغنية (1)الإجماع عليه،و هو الحجة.

مضافاً إلى الأصل،و اختصاص النصوص المتقدّمة و نحوها مما دلّ على توريث كل منهم من صاحبه بحكم التبادر بالتوارث من أصل التركة، و خصوص الصحيحين المتقدّم إليهما الإشارة (2)،الدالّين على توريث الأخ الذي لا مال له من أخيه ذي المال من دون عكس،و الخبر المنجبر ضعفه بالإرسال و غيره بعمل الأكثر:«لا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئاً، و لا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئاً» (3).

و في الصحيح:«تورث المرأة من الرجل،و يورث الرجل من المرأة» معناه:يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم،لا يورثون مما يورث بعضهم بعضاً شيئاً (4).و هو كما تقدّمه نصّ و حجة إن كان التفسير من الإمام(عليه السّلام)،و إلا فمعاضد إن كان من بعض الرواة.

و فيه قول آخر بالإرث ممّا ورث للمفيد و الديلمي (5)،و ما تقدّم حجة عليهما؛ مضافاً إلى ما ذكره جماعة (6)من استلزامه المحال عادة،و هو فرض الحياة بعد الموت؛ لأنّ التوريث من الثاني يقتضي فرض موته،فلو ورث ما انتقل عنه لكان حيّاً بعد انتقال المال عنه،و هو ممتنع عادةً.

ص:469


1- الغنية(الجوامع الفقهية):608.
2- في ص:458.
3- التهذيب 9:1294/362،الوسائل 26:311 أبواب ميراث الغرقى ب 3 ح 2.
4- الكافي 7:5/137،التهذيب 9:1288/361،الوسائل 26:310 أبواب ميراث الغرقى ب 3 ح 1.
5- المفيد في المقنعة:699،الديلمي في المراسم:226.
6- منهم العلّامة في المختلف:750،و ولده في الإيضاح 4:277،و الفاضل المقداد في التنقيح 4:218.

و استلزامه التسلسل،و عدم انقطاع القسمة.

و لكن فيهما مناقشة،فالثاني:بأنّ القائل بهذا القول لم يحكم بالإرث مما ورث منه لغير الثاني،كما صرّح به شيخنا في المسالك (1)،و يظهر من العبارة،و من تعليل القائل مذهبه بكون ما ورثه صار من جملة ماله قبل أن يحكم بموته و الإرث منه،بخلاف الأوّل،فإنّه يحكم بموته و الإرث منه قبل أن يحكم له بالإرث.

و الأوّل:لورود مثله في إرث الأوّل من الثاني.

و ما قيل في ردّه:من أنّا نقطع النظر عمّا فرض أوّلاً،و نجعل الأوّل كأنّه المتأخّر حياةً،بخلاف ما إذا ورثنا الأوّل من الثاني مما كان قد ورثة الثاني منه،فإنّه يلزم فرض موت الأوّل و حياته في حالة واحدة (2).

لا يخلو عن تكلّف،مستغنى عنه بعد قيام الدليل على هذا القول، و لكن الشأن فيه،فإنّا لم نقف عليه غير ما مرّ من التعليل.و هو في مقابلة ما قدّمنا من الدليل عليل.

و وجوب تقديم الأضعف في الإرث،و أنّه لا فائدة إلّا التوريث مما ورث منه.

و يضعّف بمنع كون التقديم على جهة الوجوب،بل على الاستحباب،على الأشبه وفاقاً للشيخ في الإيجاز و ابن زهرة في الغنية و الفاضل في ظاهر الإرشاد و صريح التحرير و الشهيد في الدروس (3)؛ للأصل،و خلوّ كثير من النصوص من لفظة«ثم» المفيدة للترتيب،مع كون

ص:470


1- المسالك 2:344.
2- قال به فخر المحقّقين في الإيضاح 4:277.
3- الإيجاز(الرسائل العشر):276،الغنية(الجوامع الفقهية):608،الإرشاد 2:130،التحرير 2:175،الدروس 2:353.

النصوص المتقدّمة المتضمّنة لها أخصّ من المدّعى بكثير؛ لورودها في خصوص الرجل و المرأة،و المدّعى أعمّ من وجوه عديدة،فيحمل الترتيب على الاستحباب.

و لو سلّم الوجوب كما هو الظاهر،وفاقاً للشيخين و الحلي و الشهيد في اللمعة و غيرهم (1)؛ لظهور النصوص المتضمّنة للترتيب في وجوبه، و بها تقيد إطلاقات النصوص الخالية عنه،و الأخصيّة من المدّعى مجبورة بعدم القائل بالفرق مطلقاً فيحتمل كونه تعبّداً محضاً لا لعلّة معقولة،فإنّ أكثر علل الشرع و المصالح في نظر الشارع عنا خفيّة تعجز عقولنا عن إدراكها بالكلّيّة،و ليكن منها وجوب الترتيب في المسألة،فالواجب اتّباع النص.

و لتخلّفه مع تساويهما في الاستحقاق،كأخوين لأب،فينتفي اعتبار التقديم و يصير مال كل منهما[لورثة (2)]الآخر،فلا يتم الاستناد إليه لإثبات المطلوب،فتأمّل جدّاً.

و على اعتبار التقديم مطلقاً فلو غرق أب و ابن واحد،أو أكثر و لم يبلغوا ستّة ورث الأب من ابنه بعد فرض موته أوّلاً نصيبه،ثم يفرض موت الأب و ورث الابن من أصل تركة أبيه،لا ممّا ورث منه كما تقدم ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه الخاص أو العام.

و لو كان لأحدهما وارث خاص دون الآخر اُعطي ما اجتمع

ص:471


1- المفيد في المقنعة:699،الطوسي في النهاية:674،الحلي في السرائر 3:300،اللمعة(الروضة البهية 8):219؛ و انظر التبصرة:185،و الجامع للشرائع:520.
2- في النسخ:لوارثه،و الصواب ما أثبتناه.

لذي الوارث الخاص لهم أي لورثته،جمع الضمير مراعاة للتعدّد المحتمل،و لو أفرده مراداً به الجنس كإرادته من المرجع تبعاً له كان أنسب و اُعطي ما اجتمع للآخر عديم الوارث الخاص للإمام (عليه السّلام) . و لو لم يكن لهما وارث خاص غير أنفس هما بأن انحصر الوارث الخاص لكل منهما في الآخر انتقل مال كل منهما إلى الآخر فرضاً ثم انتقل منهما إلى الإمام (عليه السّلام)بالفعل.

و إذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق و قدر النصيب،بأن تساويا فيه فرضاً،أو قرابة،أو بهما معاً سقط اعتبار التقديم قطعاً كأخوين لأب،أو لاُم،أو لهما معاً.

فإن كان ل كلّ منهما مال و لا مشارك لهما في الإرث انتقل مال كل منهما إلى صاحبه فرضا ثم انتقل منهما إلى ورثتهما الخاص محققاً.

و إن كان لأحدهما خاصّة مال دون الآخر صار و انتقل ماله لأخيه فرضاً و انتقل منه بعد ذلك إلى ورثته الخاص محقّقاً و لم يكن للآخر ذي المال شيء حتى ممّا ورثه منه عديم المال على المختار،و يرث منه نصيبه على غيره.

و لو لم يكن لهما وارث خاص أصلاً انتقل المال من كل منهما،أو من ذي المال خاصّة على المختار إلى الإمام (عليه السّلام)،كالسابق الذي كان بينهما تفاوت؛ لأنّه وارث من لا وارث له شرعاً كما هنا؛ لأنّ فرض تأخّر موت كل منهما عن صاحبه المقتضي لكونه وارثاً قد انقطع بالفرض الآخر المضادّ له،فكأنّه لا وارث لهما،سيّما مع إمكان تقارن موتهما.

ص:472

و لو ماتا حتف أنفهما على فراشهما،من غير قتل و لا ضرب و لا حرق و لا غرق،و خصّ الأنف لما يقال:إنّ روحه تخرج منه بتتابع نفسه لم يتوارثا،و كان ميراث كل منهما إن كان لورثته الخاص أو العام،بلا خلاف ظاهر،بل عليه الإجماع في الروضة و حكاه في المسالك (1)عن جماعة،و هو الحجة المعتضدة بما تقدّم (2)في عدم الموارثة بين القتلى و نحوهم من الأدلّة.

مضافاً إلى الرواية«ماتت أُمّ كلثوم بنت علي(عليه السّلام)و ابنها زيد بن عمر ابن الخطاب في ساعة واحدة،لا يدري أيّهما مات قبل،فلم يورث أحدهما من الآخر،و صلّى عليهما جميعاً» (3).

ص:473


1- الروضة 8:221،المسالك 2:344.
2- راجع ص:462.
3- التهذيب 9:1295/362،الوسائل 26:314 أبواب ميراث الغرقى ب 5 ح 1.

الفصل الرابع في بيان ميراث المجوس

الفصل الرابع في بيان ميراث المجوس إذا ترافعوا إلى حكّام الإسلام،أو اشترط عليهم التزامهم بأحكامه و قد اختلف الأصحاب فيه،فالمحكي عن يونس بن عبد الرحمن،و هو من أجلّاء قدماء الأصحاب و رواتهم،من رجال الكاظم و الرضا(عليهما السّلام) أنّه لا يورثهم إلّا بالصحيح من النسب و السبب دون فاسدهما (1)،و تبعه المفيد على نقل و التقي و الحلي و الفاضل في المختلف (2)،و نسبه المفيد في كتاب الإعلام إلى جمهور الإمامية (3)،و اختاره المرتضى في الموصليّات (4)،مدّعياً الإجماع عليه.

و عن الفضل بن شاذان النيشابوري،و هو أيضاً أحد أصحابنا الفضلاء العظماء المتكلمين،من رجال الهادي و العسكري(عليهما السّلام) أنّه يورثهم بالنسب صحيحه و فاسده،و بالسبب الصحيح خاصّة (5)،و تابعه ابن بابويه و العماني و المفيد-(رحمه اللّه)- على ما نقله جماعة (6).

و قال الشيخ في جملة من كتبه و ابن حمزة و الديلمي و القاضي،

ص:474


1- حكاه عنه في الكافي 7:145.
2- نقله عن المفيد في المختلف:748،التقي في الكافي في الفقه:376،الحلي في السرائر 3:287،288،المختلف:748.
3- الإعلام(مصنفات المفيد 9):66.
4- الموصليّات(رسائل السيد المرتضى 1):266.
5- حكاه عنه الشيخ في التهذيب 9:364.
6- منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز 2:483،و الفاضل المقداد في التنقيح 4:221،و حكاه عن العماني في المختلف:748،و انظر الفقيه 4:248،و المقنع:179،و الإعلام(مصنفات المفيد 9):66.

و الإسكافي كما حكاه عنه الفاضل المقداد و الصيمري (1):إنّهم يورثون بالصحيح و الفاسد فيهما و نسبه في التحرير إلى المشهور (2).

و جعله الإسكافي مشهوراً عن علي(عليه السّلام)؛ لما رواه السكوني في القوي به:«عن علي(عليه السّلام)أنّه كان يورث المجوس إذا تزوّج بأمّه و أخته و ابنته من جهة أنها أمّه و أنّها زوجته» (3)و قريب منه مروي عن قرب الاسناد (4).

و قول الصادق(عليه السّلام) في الصحيحين اللذين رواهما الشيخان لمن سبّ مجوسيّاً و قال:إنّه تزوّج باُمّه:«أما علمت أنّ ذلك عندهم هو النكاح» (5)بعد أن زبر السائل.

و قوله في الموثق:«كل قوم يعرفون النكاح عن السفاح،فنكاحهم جائز» (6).

و قوله(عليه السّلام)في غير واحد من الأخبار:«إنّ كلّ قوم دانوا بشيء يلزمهم

ص:475


1- الشيخ في النهاية:683،و المبسوط 4:120،ابن حمزة في الوسيلة:403،الديلمي في المراسم:224،القاضي في المهذّب 2:170،التنقيح 4:221،غاية المرام 4:206.
2- التحرير 2:176.
3- الفقيه 4:804/249،التهذيب 9:1299/364،الإستبصار 4:704/188،الوسائل 26:317 أبواب ميراث المجوس ب 1 ح 1.
4- قرب الإسناد:558/153،الوسائل 26:318 أبواب ميراث المجوس ب 1 ح 4.
5- أحدهما في:الكافي 5:1/574،التهذيب 7:1956/486،الوسائل 21:199 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 83 ح 1. و الآخر في:الكافي 7:3/240،التهذيب 10:288/75،الوسائل 28:173 أبواب حدّ القذف ب 1 ح 3.
6- التهذيب 7:1907/475،الوسائل 21:200 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 83 ح 3.

حكمه» (1).

و لعل هذا القول أظهر؛ لاعتبار سند الأحاديث الدالّة عليه،سيّما مع اعتضادها بالشهرة المحكية في الفتوى و الرواية،و لكن الإجماع المتقدّم في كلام المرتضى على القول الأوّل المعتضد بدعوى المفيد الشهرة عليه يوجب التوقف فيه،سيّما و أنّ اختيار الفضل الموافق له و لو في الجملة أشبه عند أكثر من تأخّر،كالفاضلين و الشهيدين و غيرهم (2)ممّن وقفت على كلامهم،و لعله لهذا نسبه جدّي المجلسي-(رحمه اللّه) في شرحه على الفقيه إلى الأكثر (3).

و استدلوا للتوارث بالنسب الصحيح و الفاسد بتوارث المسلمين بهما حيث يقع الشبعة،و هي موجودة فيهم.

و لعدمه بالسبب الفاسد بقوله تعالى وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ [1] (4)و قوله تعالى وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ [2] و إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [3] (5)و لا شيء من الفاسد بما أنزل اللّه تعالى،و لا بحقّ،و لا بقسط.

و بهذه الحجة احتجّ الحلّي (6)على نفي الفاسد منهما.

و قد عرفت فساده في فاسد النسب،و الظاهر لولا ما قدّمناه فساده في

ص:476


1- التهذيب 9:1301/365،الإستبصار 4:705/189،الوسائل 26:318 أبواب ميراث المجوس ب 1 ح 3.
2- المحقق في الشرائع 4:52،العلّامة في القواعد 2:190،الشهيدين في اللمعة(الروضة البهية 8):223؛ و انظر كشف اللثام 2:311.
3- روضة المتقين 11:403.
4- المائدة:49.
5- المائدة:42.
6- السرائر 3:288.

فساد السبب أيضاً بعد قيام ما قدّمناه من الأدلّة على صحته عندهم و لو كان فاسداً عندنا،و إقرارهم على دينهم مما أنزل اللّه تعالى،و هذا من لوازم ذلك،فتأمّل جدّاً.

و كيف كان ف لو خلّف المجوسي اُمّاً هي زوجة له،فلها نصيب الاُمّ دون الزوجة على مختار الفضل،و نصيبهما على مختار الشيخ،و على قول يونس إن كان امّه على نكاح صحيح فكذلك،و إلّا فلا شيء لها.

و لو خلّف جدّة هي أُخت له،و يتصوّر فيما إذا تزوّج أبوه بابنة بنته فأولده منها،فالبنت للصلب جدّته لاُمّه،و هي أُخته؛ لأن أباهما واحد ورثت بهما أي بالجديّة و الأُختية.

و لا كذا لو خلّف بنتاً هي أُخت له،و يتصوّر فيما إذا تزوّج امّه و أولدها بنتاً،فهي بنته لصلبه،و أُخته لاُمّه،فإنّها لا ترث بالبنتية و الأختية لأنّه لا ميراث للأُخت مع البنت بل ترث بالبنتية خاصّة.

و الحكم في هاتين المسألتين بالإرث بالنسب بقول مطلق إنّما هو على القولين الأخيرين،دون قول يونس،و أمّا عليه فيقيّد بصحة النسب.

ص:477

خاتمة في بيان حساب الفرائض

خاتمة في بيان حساب الفرائض الذي هو في هذا الباب من أعظم المهامّ؛ للاحتياج إليه في تصحيح المسائل أوّلاً،و قسمة التركة على الورثة ثانياً.

فنقول:كل عدد إذا نسب إلى آخر،فإمّا أن يكونا متساويين،كثلاثة و ثلاثة،و يقال لهما:المتماثلان أيضاً.

أو مختلفين،و حينئذٍ فإمّا أن يعدّ الأقل الأكثر و يفنيه بإسقاطه عنه مرّة بعد أُخرى،أو لا.فالأوّل:المتداخلان؛ لدخول أحدهما في الآخر كالثلاثة مع التسعة، و يقال لهما المتوافقان بالمعنى الأعمّ أيضاً.

و طريقة استعلام التداخل بين العددين أن يسقط أقلّهما من الأكثر مرّة بعد أُخرى،أو يزاد على الأقل مثله مرّة أو مراراً،فإن فني الأكثر أو ساوى الأقل الأكثر فهما متداخلان.

و الثاني:و هو ما لا يعدّ الأقل الأكثر،لا يخلو إمّا أن يعدّهما معاً عدد ثالث غير الواحد،بمعنى أن يفنيهما جميعاً بالإسقاط مرّة بعد أُخرى،أو لا يفنيهما إلّا الواحد،و الأوّل المتوافقان بالمعنى الأخصّ،كالعشرة و الستّة، فإنّه يفنيهما الاثنان،و الستّة و الثمانية كذلك،و التسعة و الستة يفنيهما الثلاثة،و العشرة و الخمسة عشر يفنيهما الخمسة.

و قد يتعدّد المفني لهما،كما في الاثني عشر و الثمانية عشر،فإنّه يفنيهما الستة و الثلاثة و الإثنان،فتوافقهما حينئذٍ بالسدس و الثلث و النصف،

ص:478

لكن المعتبر عندهم منها أقلها جزءاً؛ لأنّه أقل للفريضة و أسهل للحساب، و هو هنا السدس.و كالعشرين و الثلاثين فإنّه يفنيهما العشرة و الخمسة و الاثنان،فتوافقهما بالعشر و الخمس و النصف،و المعتبر العُشر؛ لما قلنا.

و الثاني:المتباينان،كثلاثة و خمسة،و ثلاثة و سبعة،و طريق استعلام التوافق و التباين بين العددين أن يسقط أقلّهما من الأكثر ما أمكن،فما بقي فأسقطه من الأقلّ،فإن بقي منه شيء فأسقطه ممّا بقي من الأكثر،و لا تزال تفعل ذلك حتى يفنى العدد المنقوص منه أخيراً،فإن فني بواحد فمتباينان، و إن فني بعدد فمتوافقان بجزء مأخوذ من ذلك العدد تكون نسبته إلى ذلك العدد كنسبة الواحد إليه،فإن فني باثنين فهما متوافقان بالنصف،أو بثلاث فبالثلث،أو بأربعة فبالربع،و هكذا.

و قد يترامى إلى جزء من أحد عشر فصاعداً،مثاله أحد و عشرون و تسعة و أربعون،تسقط الأقلّ من الأكثر مرّتين،تبقى سبعة،تسقطها من الأحد و العشرين تفنيها،فتوافقهما بالسبع.

و كعشرة و ستّة،تسقطها من العشرة،تبقى أربعة،تسقطها من الستة تبقى اثنان،تسقطهما من الأربعة مرّتين يفنيانها،فتوافقهما بالنصف.

و كمائة و عشرين و مائة و خمسة و ستّين،تسقط الأقل من الأكثر، تبقى خمسة و أربعون،تسقطها من الأقل تبقى ثلاثون،تسقطها من الخمسة و أربعين،تبقى خمسة عشر،تسقطها من الثلاثين مرّتين يفنيهما،فالتوافق بجزء من خمسة عشر.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ مخارج الفروض ستّة بل خمسة، لاجتماع الثلث و الثلثين في مخرج واحد،كما يأتي و نعني بالمخرج:أقلّ عدد يخرج منه ذلك الجزء المكسور صحيحاً ف مخرج النصف من

ص:479

اثنين،و الربع من أربعة،و الثمن من ثمانية،و الثلث و الثلثان من ثلاثة، و السدس من ستة و حينئذٍ فإمّا أن يقع في المسألة واحد منها،أو اثنان فصاعداً،أو لا يقع منها شيء فيها.

و على الأوّل:فالمخرج المأخوذ منه ذلك الكسر هو أصل المسألة، كما لو اجتمع الزوج مع أهل المرتبة الثانية ممّن ليس له فريضة،فإنّ أصل الفريضة اثنان هو مخرج النصف حصّة الزوج،فله واحد منها و الآخر للباقين،فإن انقسم عليهم من دون كسر،و إلّا عملت به ما يأتي إلى أن تصحح الفريضة من عدد ينتهي إليه الحساب،و هكذا لو اجتمع فيها نصفان.

و على الثاني:فإن كانا متماثلين،و خرج الكسران من مخرج واحد، فيجتزى بأحدهما،كالثلث و الثلثين فالثلاثة أصل المسألة.

و إن كانا مختلفي المخرج،فلا بدّ من النظر فيهما،فإن كانا متداخلين يجتزى بأكثرهما،كالثمانية مخرج الثمن فريضة الزوجة،و الاثنين مخرج النصف فريضة البنت الواحدة،فيما إذا اجتمعت مع الزوجة،أو الستّة مخرج السدس هو فريضة أحد الأبوين،و الاثنين مخرج النصف فريضة البنت الواحدة فيما إذا اجتمعت مع أحدهما،فأكثر المخرجين من الثمانية في الفرض الأوّل و الستّة في الفرض الثاني هو أصل المسألة.

و إن كانا متوافقين ضربنا وفق أحدهما في مجموع الآخر،كالستة مخرج فريضة الواحدة من كلالة الأُمّ،و الأربعة مخرج فريضة الزوجة، و التوافق بينهما بالنصف،و هو من الأربعة اثنان،و من الستة ثلاثة،تضرب أحد النصفين في مجموع الآخر يحصل اثنا عشر،هو أصل الفريضة.

ص:480

و لو اجتمع الثمن و السدس،كزوجة و أحد الأبوين مع ابن،فالثمن مخرجه الثمانية،و السدس مخرجه الستة و بينهما توافق بالنصف فتضرب نصف أحدهما في مجموع الآخر يحصل أربعة و عشرون،هي أصل الفريضة،و هكذا.

و إن كانا متباينين ضربنا أحدهما في الآخر،كأربعة و ثلاثة فيما إذا اجتمع زوجة لها الربع و أُمّ لها الثلث،و كثمانية و ثلاثة فيما إذا اجتمعت زوجة لها الثمن و بنتان لهما الثلثان.

ففي الفرض الأوّل:تضرب الأربعة في الثلاثة أو بالعكس يحصل اثنا عشر،هي الفريضة.

و في الثاني:تضرب ثمانية في ثلاثة أو بالعكس يحصل أربعة و عشرون،و على هذا القياس.

و على الثالث:يجعل المال على عدد الرؤوس مع التساوي في الذكورة و الأُنوثة،و مع الاختلاف فيهما يجعل سهمان للذكر و سهم للأُنثى، فما اجتمع فهو أصل الفريضة صحيحاً.

و بعد ما صححت الفريضة لا تخلو إمّا أن تكون بقدر السهام،أو أقلّ منها،أو أكثر،فما كان الفريضة فيه بقدرها فإن انقسم الفريضة عليها من غير كسر فلا بحث،كزوج و أُخت لأبوين أو لأب، فالمسألة من سهمين؛ لأنّ فيها نصفين و مخرجهما اثنان ينقسم عليهما من غير كسر.

و إلّا تنقسم عليها بغير كسر مع كونها مساوية لها،فإمّا أن تنكسر على فريق واحد،أو أكثر،ثم إمّا أن يكون بين عدد المنكسر عليه و سهامه

ص:481

وفق بالمعنى الأعم،أو لا،فالأقسام أربعة.

فإن انكسرت على فريق واحد فاضرب عدد من انكسر عليهم دون نصيبهم في أصل الفريضة إن عدم الوفق بين العدد و النصيب و كان بينهما تباين،مثل:زوج و أخوين لأب،للزوج النصف،فالفريضة من اثنين للزوج واحد،لا تنكسر عليه،يبقى واحد،و نصيب الأخوين،ينكسر عليهما،و النسبة بين الواحد نصيبهما و عددهما تباين؛ إذ لا توافق بينهما، تضرب عددهما اثنين في اثنين أصل الفريضة،يحصل أربعة،تصح منها المسألة،للزوج منها اثنان،و للأخوين اثنان،لكل منهما واحد.

و مثل:أبوين و خمس بنات أصل فريضتهم ستّة؛ لاشتمالها على السدس و مخرجه ستّة،نصيب الأبوين منها اثنان،لا ينكسر عليهما، و تنكسر الأربعة الباقية نصيب البنات على الخمسة عددهنّ فتضرب الخمسة تمام عددهنّ في أصل الفريضة ستّة فما اجتمع و هو ثلاثون فمنه تصح الفريضة فكلّ من حصل له شيء من أصل الفريضة أخذه مضروباً في خمسة،فللأبوين سدساها عشرة، و للبنات الخمس ثلثاها عشرون،ينقسم عليهنّ بالسوية أربعة أربعة.

و إنّما ضربنا الخمسة في أصل الفريضة لأنّه لا وفق بين نصيبهنّ الأربعة و عددهنّ الخمسة،بل بينهما تباين،و حكمه هنا ضرب العدد المباين دون النصيب في أصل الفريضة.

و لو كان بينهما وفق و لو بالمعنى الأعمّ ضربت الوفق من العدد المنكسر عليه الفريضة لا الوفق من النصيب في أصل الفريضة فما حصل منه تصح المسألة.

مثل:أبوين و ستّ بنات أصل الفريضة من ستّة؛ لعين ما مرّ في

ص:482

المسألة السابقة،للأبوين السدسان اثنان،و للبنات أربعة ينكسر عليهنّ و بين نصيبهنّ و هو الأربعة و عددهنّ و هو الستّة وفق،و هو النصف، فيضرب الوفق من العدد لا من النصيب و هو ثلاثة لأنّها نصف الستّة في أصل الفريضة و هو ستّة،فما اجتمع بعد الضرب،و هو ثمانية عشر صحت منه الفريضة،للأبوين السدسان ستة،لكل منهما ثلاثة،و للبنات الستّ اثنا عشر،لكل منهم اثنان اثنان.

و كذا لو كنّ بدل الستّ ثمانياً،ينكسر نصيبهنّ الأربعة عليهنّ،و بينها و بين عددهنّ توافق بالربع،تضرب ربع عددهنّ اثنان في ستّة أصل الفريضة،تبلغ اثني عشر،للأبوين السدسان أربعة،و للبنات الثلثان ثمانية بعددهنّ.

و إن انكسرت على أكثر من فريق،فإمّا أن يستوعب الكسر الجميع، أم لا،و على التقديرين فإمّا أن يكون بين نصيب كل فريق انكسر عليه و عدده وفق،أو تباين،أو التفريق.

فإن كان الأوّل:رددت كل فريق إلى جزء الوفق،ثم اعتبرت الأعداد بعد الردّ هل هي متماثلة،أو متداخلة،أو متوافقة،أو متباينة؟ فإن كانت متماثلة اجتزأت بواحد منها،و ضربته في أصل الفريضة، كست زوجات و ثمانية من كلالة الأُمّ و عشرة من كلالة الأب،للزوجات الربع من أربعة،و لكلالة الاُمّ الثلث من ثلاثة،و بين العددين تباين،تضرب أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر هي الفريضة،للزوجات منها ثلاثة يوافق عددهنّ بالثلث،و لكلالة الأُمّ أربعة يوافق عددهم بالربع،و لكلالة الأب خمسة يوافق عددهم بالخمس،فتردّ كل فريق إلى جزء وفقه،و هو في الجميع اثنان؛ لأنّهما ثلث باعتبار عدد الزوجات،و ربع باعتبار عدد كلالة

ص:483

الأُمّ،و خمس باعتبار الكلالة للأب،فأجزاء الأوفاق فيها متماثلة،فتضرب أحدها في أصل الفريضة تبلغ أربعاً و عشرين،للزوجات منها ستّة.و لكلالة الاُمّ منها ثمانية،و للأخوة للأب عشرة.

و إن كانت متداخلة اجتزأت بالأكثر،كالمثال المتقدّم مع جعل كلالة الأُمّ ستّة عشر،نصيبهم يوافق عددهم بالربع،فتردّهم إلى الأربعة،و بينها و بين الوفق المردود إليه كل من عدد الزوجات و كلالة الأب و هو الاثنان تداخل؛ لدخولهما فيها،فتجتزي بها،و تضربها في اثني عشر أصل الفريضة تبلغ ثمان و أربعين،للزوجات منها اثنا عشر،و لكلالة الأُمّ ستّة عشر عددهم،و الباقي و هو عشرون لكلالة الأب.

و إن كانت متوافقة ضربت وفق أحد المتوافقين في عدد الآخر،ثم المجتمع في أصل الفريضة،كالمثال المذكور مع جعل كلالة الأُمّ أربعة و عشرين و كلالة الأب عشرين،الفريضة من اثني عشر،كما مرّ،للزوجات ثلاثة يوافق عددهنّ بالثلث،و لكلالة الأُمّ أربعة يوافق عددهم بالربع، و لكلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس،فردّ كل فريق إلى جزء الوفق،و هو اثنان بالنسبة إلى الزوجات،و ستّة بالنسبة إلى كلالة الأُمّ، و أربعة بالنسبة إلى كلالة الأب،و بين كل من أعداد الوفق و ما فوقه موافقة بالنصف،فتضرب وفق الأربعة و هو الاثنان في ستة تبلغ اثني عشر،تضربها في مثلها أصل الفريضة تبلغ مائة و أربعة و أربعين،هي أصل الفريضة، و القسمة واضحة.

و إن كانت متباينة ضربت بعضها في بعض،ثم المجتمع في أصل الفريضة،كالمثال المزبور مع جعل كلالة الأُمّ اثني عشر و كلالة الأب خمسة و عشرين،الفريضة من اثني عشر،كما مرّ،فيرجع عددهم بعد الردّ إلى

ص:484

اثنين بالنسبة إلى الزوجات؛ لأنّهما جزء وفق عددهنّ،و ثلاثة بالنسبة إلى كلالة الأُمّ،و خمسة بالنسبة إلى كلالة الأب؛ لذلك،و النسبة بين هذه الأعداد التباين،تضرب الاثنين في ثلاثة تبلغ ستّة،و تضربها في خمسة تبلغ ثلاثين،تضربها في أصل الفريضة اثني عشر تبلغ ثلثمائة و ستّين، و القسمة بمراجعة ما مرّ ظاهرة.

و إن كان الثاني:نسبت أعداد كل فريق إلى الآخر،فإن تساوت اجتزأت بأحدهما و ضربته في أصل الفريضة،كثلاثة إخوة لاُمّ و ثلاثة لأب، أصل الفريضة من ثلاثة؛ لأنّها مخرج الثلث حصّة كلالة الأُمّ،فلها واحد ينكسر على عددهم،و لكلالة الأب اثنان ينكسر على عددهم أيضاً، و النسبة بين عدد الفريقين تساوٍ،تضرب أحدهما و هو ثلاثة في أصل الفريضة مثلها تبلغ تسعة،هي أصل الفريضة،لكلالة الأُمّ ثلثها ثلاثة،لكل منهم واحد،و لكلالة الأب ستّة،لكل منهم اثنان.

و إن تداخلت اجتزأت بالأكثر،و ضربته في أصل الفريضة،كالمثال مع جعل كلالة الأب تسعة،الفريضة أيضاً من ثلاثة،و النسبة بينها و بين التسعة تداخل،تجتزي بالتسعة،تضربها في ثلاثة أصل الفريضة تبلغ سبعاً و عشرين،ثلثها لكلالة الأُمّ تسعة،لكل ثلاثة أسهم،و الباقي لكلالة الأب ثمانية عشر،لكل سهمان.

و إن توافقت ضربت وفق أحدهما في مجموع الآخر،ثم المجتمع في أصل الفريضة،كأربع زوجات مع ستّة أولاد،فريضتهم ثمانية مخرج الثمن نصيب الزوجة،واحد للزوجات،و سبعة للأولاد،تنكسر على الفريقين، و لا وفق بين نصيبهما و عددهما،و بين عددهما توافق بالنصف،فتضرب اثنين في ستّة،ثم المرتفع في ثمانية تبلغ ستّة و تسعين،للزوجات اثنا

ص:485

عشر،لكل واحدة ثلاثة،و للأولاد أربعة و ثمانون،لكل واحد أربعة عشر.

و إن تباينت ضربت أحدهما في الآخر،ثم المرتفع في أصل الفريضة،كزوجتين و خمسة إخوة لاُمّ و سبعة لأب،أصل الفريضة من اثني عشر،مخرج الثلث و الربع؛ لأنّها المجتمع من ضرب أحدهما في الآخر؛ لتباينهما،فللزوجتين الربع ثلاثة،و لكلالة الأُمّ أربعة،و لكلالة الأب خمسة،و لا وفق بين نصيب كل و عدده،و الأعداد أيضاً متباينة،فتضرب أيّهما شئت في الأخر،ثم المرتفع في الباقي،ثم المجتمع في أصل الفريضة،فتضرب اثنين في خمسة،ثم المجتمع في سبعة تكون سبعين، تضربها في اثني عشر أصل الفريضة تبلغ ثمانمائة و أربعين،فكل من كان له سهم من اثني عشر أخذه مضروباً في سبعين.

و إن كان الثالث:رددت العدد الموافق لنصيبه إلى جزء وفقه،ثم نسبت الوفق إلى العدد الآخر الغير الموافق لنصيبه و اعتبرت النسبة بينهما.

فإن تماثلت اجتزأت بأحدهما و ضربته في أصل الفريضة،كزوجتين و ستّة إخوة لأب،فريضتهم أربعة مخرج الربع نصيب الزوجة،تنكسر على الفريقين،للزوجتين واحد يباين عددهما،و للإخوة ثلاثة توافق عددهم بالثلث اثنين،تردّ عددهم إليهما،و النسبة بينهما و بين عدد الزوجتين تساوٍ، فتجتزي بأحدهما اثنين،تضربهما في أصل الفريضة أربعة تحصل ثمانية، للزوجتين الربع اثنان،لكلّ منهما واحد،و للإخوة ستّة لكل منهم واحد.

و إن تداخلت اجتزأت بالأكثر و ضربته في أصل الفريضة،كأربع زوجات و ستّة إخوة لأب،الفريضة من أربعة،كما عرفته،للزوجات الأربع واحد ينكسر عليهنّ و يباين عددهنّ،و للإخوة الستّة ثلاثة تنكسر عليهم و يوافق عددهم بالثلث اثنين،تردّ عددهم إليهما،و بينهما و بين عدد

ص:486

الزوجات تداخل،فتجتزي بالأربعة عددهنّ تضربها في أصل الفريضة تبلغ ستّة عشر،للزوجات الربع أربعة،لكل منهنّ واحد،و للإخوة الستّة اثنا عشر،لكل منهم اثنان.

و إن توافقت ضربت الوفق من أحدهما من مجموع الآخر،ثم الحاصل في أصل الفريضة،كزوجتين و ستّة إخوة لأب و ستّة عشر لاُمّ، الفريضة من اثني عشر،للزوجتين الربع ثلاثة تنكسر عليهما،و بينها و بين عددهما تباين،و لكلالة الأب خمسة تنكسر عليهم،و بينها و بين عددهم تباين،و لكلالة الأُمّ أربعة تنكسر عليهم،و بينها و بين عددهم توافق بالربع، تردّ عددهم إليه،و هو أربعة،و بينها و بين عدد كلالة الأب توافق بالنصف فتضرب نصف أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر،تضربها في أصل الفريضة اثني عشر تبلغ مائة و أربعة و أربعين.

و لا يحتاج إلى النظر في عدد الزوجات؛ لأنّه إمّا متوافق بالنصف أيضاً للأربعة و هو موجب لاطراح نصفه و هو الواحد،أو متداخل لها فللزوجتين الربع ستّة و ثلاثون،تنقسم عليهما صحيحاً،لكل منهما ثمانية عشر،و لكلالة الاُمّ الثلث ثمانية و أربعون،لكل منهم ثلاثة،و الباقي و هو ستّون لكلالة الأب،لكل منهم عشرة.

و إن تباينت ضربت بعضها في بعض ثم المرتفع في أصل الفريضة، كزوجات أربع و سبعة إخوة لأب و ستّة إخوة لاُمّ،أصل الفريضة من اثني عشر،كما مرّ،للزوجات الأربع الربع ثلاثة تنكسر عليهنّ،و بينها و بين عددهنّ تباين،و لكلالة الأب خمسة تنكسر عليهم،و بينها و بين عددهم تباين،و لكلالة الاُمّ الثلث أربعة،و بينها و بين عددهم توافق بالنصف،تردّ عددهم إليه و هو ثلاثة،و بينها و بين كل من السبعة و الأربعة تباين،ضربت

ص:487

الأربعة في ثلاثة،ثم الحاصل في سبعة تبلغ أربعة و ثمانين،تضربها في أصل الفريضة يحصل ألف و ثمانية،للزوجات منها الربع مائتان و اثنتان و خمسون،لكل واحدة ثلاثة و ستّون،و لكلالة الاُمّ الثلث ثلثمائة و ستّة و ثلاثون،لكل واحد ستّة و خمسون،و لكلالة الأب الباقي أربعمائة و عشرون،لكل واحد ستّون.

و ما ذكرناه من الأمثلة الاثني عشرة في الأنواع الثلاثة المتقدّمة في المنكسر على أكثر من فريق إنّما هو في الانكسار المستوعب لجميع الفرق، و يأتي مثلها في غير المستوعب،و يسهل استخراجها بعد الاستعانة بمراجعة ما قدّمنا مثاله من الصورة الاُولى من النوع الثاني:ثلاث زوجات و ثلاثة إخوة لاُمّ و ثلاثة لأب،الفريضة اثنا عشر،مضروب مخرج الربع أربعة في الثلث ثلاثة،للزوجات منها ثلاثة تنقسم عليهنّ من دون كسر،و لكلالة الأُمّ أربعة،و لكلالة الأب خمسة تنكسر عليهم من الطرفين،و العدد و النصيب فيهما متباينة،و الأعداد متماثلة تجتزي بأحدها و هو ثلاثة،تضربها في أصل الفريضة تبلغ ستّة و ثلاثين،للزوجات منها الربع تسعة،لكلٍّ ثلاثة،و لكلالة الاُمّ الثلث اثنا عشر،لكلٍّ أربعة،و لكلالة الأب خمسة عشر،لكلٍّ خمسة، و باقي الأمثلة واضحة لمن راعى الضوابط المتقدمة.

و لو نقصت الفريضة عن السهام لزيادتها عليها بدخول الزوج أو الزوجة،فلا عول فيها عندنا،كما مضى الكلام فيه و في أنّه حينئذٍ يدخل النقص على البنت أو البنات من أهل المرتبة الأُولى إذا اجتمع أحدهما معهم أو على من تقرب إلى الميت بالأب و الأُمّ أو الأب من الأخوات من أهل المرتبة الثانية إذا اجتمعا معهم.

و ذلك من المرتبة الأُولى مثل:أبوين و زوج و بنت واحدة،

ص:488

الفريضة من اثني عشر،مضروب ستّة مخرج السدس فريضة كل من الأبوين في اثنين جزء وفق الأربعة مخرج الربع فريضة الزوج،أو بالعكس، بأن تضرب الأربعة في جزء وفق الستة ثلاثة،فالحاصل على كلا التقديرين اثنا عشر فللأبوين السدسان منها أربعة و للزوج الربع منها ثلاثة و الباقي منها للبنت و هو خمسة،فقد دخل النقص عليها بواحدة؛ لأنّ فريضتها النصف منها ستّة.

و كذا لو اجتمع أبوان أو أحدهما و بنت أو بنتان فصاعداً و زوج أو زوجة النقص يدخل على البنت أو البنات تضمّنت هذه العبارة أمثلة،منها:اجتماع الأبوين و الزوج و البنت الواحدة و هو تكرار؛ لتقدّمه سابقاً،فالأولى حذف«و بنت» منها.

و منها:اجتماع أبوين و بنتين و زوج،الفريضة اثنا عشر،كالمثال السابق من دون فرق بينهما،إلّا من حيث إنّ هنا بدل البنت بنتين.

و منها:اجتماع أحد الأبوين و بنتين و زوج،الفريضة كسابقها،إلّا أنّ هنا بدل الأبوين أحدهما،فتزاد البنتان نصيب أحد الأبوين المحذوف،و مع ذلك نقصتا بواحد؛ لأنّ فريضتهما الثلثان منها ثمانية و قد أعطيتا سبعة.

و منها:اجتماع أبوين و بنتين و زوجة،الفريضة من أربعة و عشرين، مضروب ستّة مخرج السدس في أربعة جزء وفق الثمانية مخرج الثمن فريضة الزوجة،أو بالعكس،تبلغ ذلك للأبوين ثمانية،و للزوجة ثلاثة، و للبنتين ثلاثة عشر،مع أنّ فريضتهما الثلثان ستّة عشر،فقد نقصتا بثلاثة.

و من المرتبة الثانية مثل ما لو اجتمع اثنان من ولد الاُمّ و أختان للأب و الأمّ أو للأب مع زوج أو زوجة يأخذ الزوج و كلالة الاُمّ كمال

ص:489

فريضتهما و يدخل النقص على من يتقرب بالأب و الأُمّ أو الأب خاصّة الفريضة في الأوّل من ستّة،مضروب مخرج الثلث فريضة كلالة الأُمّ و هو ثلاثة في مخرج النصف فريضة الزوج و هو اثنان؛ لتباينهما،للزوج النصف منها ثلاثة،و لكلالة الاُمّ الثلث اثنان،و لكلالة الأب واحد،نقصتا بثلاثة؛ لأنّ فريضتهما الثلثان أربعة.

و كذا لو كان بدل الأُختين أُخت واحدة،إلّا أنّها تنقص باثنين؛ لأنّ فريضتها النصف ثلاثة.

و في الثاني اثنا عشر،مضروب مخرج الثلث ثلاثة في الأربعة مخرج فريضة الزوجة؛ لتباينهما،للزوجة الربع ثلاثة،و لكلالة الأُمّ أربعة،و لكلالة الأب خمسة،نقصتا بثلاثة؛ لأنّ فريضتهما الثلثان ثمانية.

و بالجملة الضابط في صورة نقص الفريضة عن السهام إدخاله على من ذكرنا.

ثم إن انقسمت الفريضة على أرباب السهام على صحة من دون كسر فلا بحث،كما في المثال الأوّل من الأمثلة المتقدّمة،و هو اجتماع أبوين و زوج و بنت واحدة،و كما فيه لو بدّلت البنت الواحدة بخمس.

و إلّا تنقسم عليهم على صحة ضربت سهام من انكسر عليه النصيب،بل عدده في أصل الفريضة إذا عدم الوفق بين العدد و النصيب،و كان المنكسر عليه فريقاً واحداً،كالأمثلة المتأخّرة عنه.

ففي الأوّل و الخامس منها بين عدد البنتين و الأُختين و نصيبهما خمسة تباين،تضرب العدد اثنين في الفريضة اثني عشر تبلغ أربعة و عشرين، للأبوين أو كلالة الأُمّ ثمانية،و للزوج أو الزوجة ستّة،و للبنتين أو الأختين

ص:490

عشرة،لكل منهما خمسة.

و كذا في الثاني منها،إلّا أنّ للبنتين هنا أربعة عشر،لكل منهما سبعة، و لأحد الأبوين أربعة،و للزوج ستّة.

و كذا في الثالث،إلّا أنّ للبنتين ستّة و عشرين،لكل منهما ثلاثة عشر؛ لتضاعف الفريضة فيه بفريضة الزوجة.

و كذا في الرابع،و للأختين فيه اثنان،لكل منهما واحد.

و كما إذا اجتمع أبوان و زوج و ثلاث بنات،الفريضة من اثني عشر، كما مرّ،للأبوين أربعة،و للزوج ثلاثة،و للبنات خمسة تنكسر عليهنّ، و بينها و بين ثلاثة عددهنّ تباين،يؤخذ به و يضرب في أصل الفريضة تبلغ ستّة و ثلاثين،للأبوين الثلث اثنا عشر،و للزوج الربع تسعة،و للبنات خمسة عشر،لكلٍّ خمسة.

و هكذا لو كنّ أربعاً أو ستّاً إلى ما دون العشرة،فإنّ هذه الأعداد متباينة لنصيبهنّ،فالحكم فيها واحد.

و لو كنّ عشراً وافق عددهنّ نصيبهنّ بالخمس،و قد عرفت فيما تقدم فيما إذا انكسرت الفريضة على فريق واحد أنّه يضرب الوفق من عدد رؤوسهم لا من النصيب في الفريضة،و هي هنا اثنا عشر،تبلغ أربعاً و عشرين،للأبوين الثلث ثمانية،و للزوج الربع ستّة،و للبنات العشر عشرة.

و لو كنّ خمس عشرة فقد وافق عددهنّ نصيبهنّ بالخمس أيضاً، فتردّه إلى ثلاثة،و تضربها في أصل الفريضة تبلغ ستّاً و ثلاثين،و القسمة واضحة.

و لو زادت الفريضة عن السهام كان الردّ على ذوي السهام دون

ص:491

غيرهم،و لا تعصيب عندنا،كما مضى الكلام فيه و في أنّه لا يردّ على الزوج مع الوارث و لا الزوجة مطلقاً و لا على الاُمّ مع وجود من يحجبها من كلالة الأب،و لا على الكلالة المتقرّبة بها إذا اجتمعت مع الكلالة المتقربة بالأب أو بهما،على الأشهر الأقوى.

و صورة حجب الاُمّ عن الردّ و عدمه مثل اجتماع أبوين و بنت واحدة ف إنّه إذا لم يكن هناك حاجب للاُمّ من الإخوة للأب فالردّ يكون عليهم جميعاً أخماساً و إن كان لها حاجب ف للاُمّ السدس خاصّة،و يختصّ الردّ بالأب و البنت أرباعاً أصل الفريضة من ستّة مخرج السدس فريضة أحد الأبوين؛ لأنّ الاثنين مخرج النصف فريضة البنت الواحدة يداخل الستّة،فيكتفى بها؛ لأنّها الأكثر،للأبوين منها اثنان،و للبنت ثلاثة، يبقى واحد يردّ عليهم أخماساً أو أرباعاً ينكسر عليهم.

و تصحيحه أن تضرب مخرج سهام الردّ و الكسر و هو خمسة أو أربعة في أصل الفريضة ستة،تبلغ ثلاثين على الأوّل،و أربعة و عشرين على الثاني فما اجتمع بعد الضرب صحت منه الفريضة فعلى الأوّل للأبوين الخمسان اثنا عشر،ينقسم عليهما صحيحاً، و للبنت ثمانية عشر.

و على الثاني للأُمّ سدسها خاصّة أربعة،و الباقي و هو عشرون للأب ربعه خمسة،فريضته منها أربعة،و واحد من جهة الردّ،و للبنت خمسة عشر،فريضتها منها اثنا عشر،و ثلاثة حصتها من جهة الردّ.

و لو اجتمع أحد الأبوين و بنتان فصاعداً،فلأحد الأبوين السدس

ص:492

فريضة،و للبنتين فصاعداً الثلثان كذلك،و الباقي يردّ بنسبة السهام أخماساً.

بيانه:أنّ مخرج السدس ستّة،و مخرج الثلثين ثلاثة،و بينهما تداخل،فيكتفى بالأكثر و هو الستّة،لأحد الأبوين سدسها واحد،و للبنتين ثلثاها أربعة،و الواحد الباقي يردّ عليهم،كل بنسبة حصّته،و قد عرفت أنّهم اقتسموا في خمسة للبنتين أربعة أخماس،و لأحد الأبوين خمس،فيجب أن يكون الردّ أخماساً بنسبة الحصص،و قد انكسرت الفريضة عليهم في مخرج الخمس خمسة،فتضربها في أصل الفريضة ستّة،تبلغ ثلاثين، لأحد الأبوين خمسها ستّة،فرضه منها خمسة و ردّه واحد،و للبنتين أربعة و عشرون،فريضتهما منها عشرون و أربعة من جهة الردّ.

تتمة في بيان المناسخات

تتمة في بيان المناسخات جمع مناسخة،مفاعلة من النسخ،و هو النقل و التحويل.

و نعني به هنا أن يموت إنسان و لا تقسم تركته،ثم يموت أحد وراثه ف قد يتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد،فإن اتّحد الوارث و الاستحقاق كان كالفريضة الواحدة،و لا يحتاج إلى عمل آخر.

و نعني باتحاد الوارث كون وارث الميت الثاني هو وارث الميت الأوّل بعينه،و باتحاد الاستحقاق كون الجهة الموجبة لاستحقاق الميراث فيها واحداً،كالبنوّة و الأُخوة و الزوجية و نحوها،و ذلك كرجل توفّي و خلف أربعة إخوة و أُختين،و الجميع لأب و أُمّ أو لاُمّ،فمات أخوان منهم و أُخت، و ليس لهم وارث إلّا الإخوة الباقين،فإنّ المال ينقسم بين الأخوين و الأُخت

ص:493

الباقين أخماساً إن تقرّبوا بالأب،و بالسوية إن تقرّبوا بالأُمّ،و من مات منهم ينزل منزلة العدم،فكأنّ الميت لم يخلف إلّا هؤلاء الباقين.

و إن اختلف الوارث خاصّة،كما لو مات رجل و ترك ابنين، فمات أحدهما و ترك ابناً،فإنّ جهة الاستحقاق في الفريضتين واحدة،و هي البنوة،و الوارث مختلف؛ لكونه في الأُولى ابناً و في الثانية ابنه.

أو الاستحقاق خاصّة،كما لو مات رجل و ترك ثلاثة أولاد،ثم مات أحدهم و لم يخلف غير إخوته المذكورين،فإنّ جهة الاستحقاق في الفريضتين مختلفة؛ لأنّها في الأُولى البنوّة،و في الثانية الاُخوّة،و الوارث واحد.

أو هما معاً،كما لو مات رجل و خلف زوجة و ابناً و بنتاً،ثم مات الزوجة عن ابن و بنت،فإنّ جهة الاستحقاق في الأُولى الزوجية،و في الثانية البنوّة،و الوارث فيها الأولاد،و في الأُولى الزوجة و أولاده.

و نهض نصيب المتوفّى الثاني و فريضته من الفريضة الأُولى بعد تصحيحها بالقسمة على وارثه من دون كسر،كان أيضاً كالفريضة الواحدة،و ذلك كما في الأمثلة المزبورة.

أمّا الأوّل منها:فواضح؛ لأنّ فريضة الميت الثاني من الفريضة الأُولى النصف،و وارثه ولده الواحد،يرجع إليه من غير كسر.

و أمّا الثاني منها:فلأنّ الميت الثاني ينزل منزلة العدم،و يقسم ميراث الأوّل على هؤلاء الموجودين.

و ينبغي تقييد تنزيل الميت الثاني منزلة العدم في نحو صورة المثال بكون ميراث الباقين من الميت الثاني على حسب إرثهم من الأوّل،و إلّا كان من قبيل صورة اختلاف الوارث،كما لو ماتت امرأة عن أولاد من أب، و ولد آخر من أبٍ آخر،ثم مات أحد الأولاد الذين من أب،فإنّ ميراث

ص:494

الأولاد جميعهم من الأُمّ بالسويّة،ذكورية و أُنوثية،و ميراثهم بعد ذلك من أخيهم يختلف،فإنّ الأخ من الاُمّ له السدس خاصّة،و الباقي لإخوته من الأبوين.

و أمّا الثالث:فإنّ فريضة الميت الأوّل من أربعة و عشرين،مضروب مخرج الثمن نصيب الزوجة في مخرج الثلث و الثلثين نصيب الابن و البنت الوحدة،للزوجة منها ثلاثة،تنقسم على ابنها و بنتها صحيحة.

و إلّا ينهض نصيبه بالقسمة على الوارث له بغير كسر،فانظر النسبة بين نصيب الميت الثاني و سهام ورثته،و راعها بينهما بالتوافق و التباين،و بعد ذلك فاضرب الوفق من الفريضة الثانية التي هي السهام، لا الوفق من النصيب الذي هو فريضة الميت في أصل الفريضة الأُولى التي أُخذت منها فريضة الميت و نصيبه إن كان بين الفريضتين يعني نصيب الميت و سهام ورثته التي هي الفريضة الثانية وفق كأبوين و ابن ثم يموت الابن عن ابنين و بنتين،فالفريضة الاُولى من ستّة،مخرج نصيب أحد الأبوين،و نصيب الابن المتوفّى منها أربعة،و سهام ورثته ستّة، توافق نصيبهم بالنصف،فتضرب ثلاثة وفق الفريضة الثانية في أصل الفريضة الأُولى ستّة،تبلغ ثمانية عشر،منها تصح المسألة،لأبوي الميت الأوّل ثلثها ستّة،و للابن اثنا عشر تنقسم على ورثته،لابنيه منها ثمانية، و للبنتين أربعة.

و كأخوين لاُمّ و مثلهما لأب و زوج،مات الزوج عن ابن و بنتين، فالفريضة الأُولى اثنا عشر،مضروب مخرج النصف اثنين و الثلث؛ لتباينهما،ثم مضروب المرتفع منهما في اثنين؛ لانكسارها على فريق واحد و هو الأخوان للأب،و بين نصيب الزوج منها و هو ستّة و فريضة ورثته أربعة توافق بالنصف،فتضرب الوفق من الفريضة و هو اثنان في اثني عشر تبلغ

ص:495

أربعة و عشرين،و منها تصح المسألة،للأخوين للأُمّ ثلثها ثمانية،و للزوج نصفها اثنا عشر تنقسم على ورثته،للابن منها ستّة،و للبنتين ستّة،لكل واحدة ثلاثة،و للأخوين للأب أربعة،و كل من هؤلاء يأخذ نصيبه من الفريضة الأُولى مضروباً في اثنين،و هو ما ضربته في أصل الفريضة الأُولى.

و إن لم يكن بين نصيب الميت الثاني و سهام ورثته وفق،بل تباين فاضرب تمام الفريضة الثانية في أصل الفريضة الأُولى،فما بلغ صحت منه الفريضتان كما لو توفّيت المرأة عن زوج و أخوين لاُمّ و أخ لأب،ثم مات الزوج عن ابنين و بنت،فإنّ فريضة الميت الأوّل ستّة، كما عرفته،نصيب الزوج منها ثلاثة،و سهام ورثته خمسة فلا تنقسم فريضته عليها،و بينهما تباين،فتضرب الخمسة في ستّة أصل الفريضة تبلغ ثلاثين،منها تصح المسألة،للأخوين للأُمّ منها عشرة،و للزوج نصفها خمسة عشر،تنقسم على ورثته قسمة صحيحة،و كل من له من الفريضة الأُولى شيء أخذه مضروباً في خمسة.

و اعلم أنّه قد تقع المناسخات في أكثر من فريضتين،بأن مات بعض ورثة الميت الثاني قبل القسمة،أو بعض ورثة الأوّل،و حينئذٍ تنظر في الفريضة الثالثة،فإن انقسمت على ورثة الميت الثالث على صحة و إلّا عملت فيها مع ما حصل عندك من الفريضتين السابقتين بعد العمل فيهما على ما قدّمناه كما عملت في فريضة الثاني مع الأوّل،و هكذا لو مات رابع و خامس و ما زاد،و العمل واحد،و جميع ما تقدم فيما سبق من الأفراد آتٍ هنا أيضاً،و الحمد للّه تعالى..

ص:496

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.