ریاض المسائل فی تحقیق الاحکام بالدلایل المجلد 12

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الطباطبائي كربلائي، السید علي بن السيد محمد علي، 1161 - 1231ق.

عنوان واسم المؤلف:ریاض المسائل في تحقیق الاٴحکام بالدلائل المجلد 12/ تأليف السید علي بن السيد محمد علي الطباطبائي كربلائي؛ تحقیق موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث.

تفاصيل المنشور:قم: موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث، 1418ق.-= 1376-

مواصفات المظهر:16 ج.: نمونه.

الصقيع:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث؛ 204، 205، 206، 207، 212، 214.

ISBN: دوره: 964-319-088-9 ؛ 7500 ریال: ج. 9: 964-319-111-7 ؛ 8500 ریال: ج. 11: 964-319-273-3 ؛ 8500 ریال: ج. 12 964-319-274-1 : ؛ 8500 ریال: ج. 13 : 964-319-275-X ؛ ج. 15: 964-319-277-6 ؛ 9000 ریال: ج. 16: 964-319-278-4

حالة القائمة: الاستعانة بمصادر خارجية

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: هذا الكتاب تعليق على مختصرالنافع محقق حلي.

ملاحظة:ج.9 (الطبعة الأولى: 1419ق. = 1377).

ملاحظة:ج. 11 - 13 (مطبعة؟: 1421ق. = 1379).

ملاحظة:ج. 15و 16 (مطبعة؟: 1422ق. = 1380).

ملاحظة:فهرس.

عنوان:محقق حلي، جعفربن حسن، 672 - 602ق. المختصر النافع -- نقد و تفسیر

عنوان:فقه جعفري -- قرن 7ق.

المعرف المضاف:محقق حلي، جعفربن حسن، 676 - 602ق. المختصر النافع. شرح

المعرف المضاف:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث

ترتيب الكونجرس:BP182/م3م30216 1376

تصنيف ديوي:297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية:م 77-4774

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

تتمة كتاب النكاح

النظر الثاني في المهور

اشارة

النظر الثاني في المهور و فيه أطراف

الأول فيه فروع

كلّ ما يملكه المسلم يكون مهراً

الأول :فيما يصحّ الإمهار به.

فنقول: كلّ ما صحّ أن يملكه المسلم و إن قلّ بعد أن يكون متموّلاً جاز أن يكون مهراً،عيناً مشخّصاً كان،أو ديناً في الذمّة أو منفعة منفعة العقار،أو الحيوان،أو العبيد،أو الأجير،أجنبيّا كان أو زوجاً،بلا خلاف،إلّا فيما يأتي كتعليم الصنعة و السورة أو علم غير واجب،أو شيء من الحكم و الآداب،أو شعر،أو غيرها من الأعمال المحلّلة المقصودة.

و يستوي فيه أي التعليم الزوج و الأجنبي بلا خلاف في الأخير مطلقاً،و في الأول إذا لم يكن مراداً منه بنفسه مقدّراً بمدّة معيّنة،بل علّق بذمّته،أعمّ من أن يأتيه بنفسه أو بغيره،فيصحّ هنا قطعاً و وفاقاً،و قد

ص:5

حكاه جماعة (1).

أمّا لو جعلت الزوجة المهر استئجار الزوج لأن يعلّم أو يعمل هو بنفسه لها أو لوليّها مدّة معيّنة،كشهر أو شهرين أو سنة ف في الصحّة قولان،أشبههما و أشهرهما:الصحّة و الجواز للأصل،و عموم الآية لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ [1] (2)،و المعتبرة المستفيضة ب:أنّ المهر ما تراضيا عليه،منها الصحاح:« الصداق ما تراضيا عليه من قليل أو كثير» (3).

خلافاً للنهاية،فأبطله (4)؛ للصحيح:عن الرجل يتزوّج المرأة و شرط لأبيها إجارة شهرين،فقال:« إنّ موسى عليه السلام علم أنّه سيتمّ له شرطه،فكيف لهذا بأن يعلم بأنّه سيبقى حتى يفي؟!و قد كان الرجل على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتزوّج المرأة على السورة،و على الدرهم،و على القبضة من الحنطة» (5).

و ليس نصّاً في البطلان،فيحتمل الكراهة،مع عدم مكافأته لما مرّ، و أداء العمل به إلى فساد الإصداق بنحو تعليم سورة أو إجارة غيره؛ للاشتراك في العلّة المنصوصة فيه،مع أنّه تضمّن جواز جعل الأول مهراً، مع الإجماع عليه،و دلالة المعتبرة عليه

ص:6


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:534،نهاية المرام 1:362،انظر جامع المقاصد 13:334،الشرائع 2:272.
2- النساء:24.
3- الوسائل 21:239 أبواب المهور ب 1.
4- النهاية:469.
5- الكافي 5:1/414،التهذيب 7:1483/366،الوسائل 21:280 أبواب المهور ب 22 ح 1؛ بتفاوت يسير.

كالصحيح المتضمّن لتزويج النبيّ صلى الله عليه و آله امرأة من رجل على أن يعلّمها ما يحسن من القرآن (1).

و نحوه المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده -:عن رجل تزوّج امرأة على أن يعلّمها سورة من كتاب اللّه عزّ و جلّ،فقال:

« لا أُحبّ أن يدخل بها حتى يعلّمها السورة» (2).

و بالجملة:فمثل هذه الرواية كيف يعارض ما مرّ من الأدلّة؟!مع اعتضادها بالأصل،و عموم الآية الكريمة،و الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل إجماع في الحقيقة،فقد رجع عنه الشيخ في المبسوط و الخلاف مدّعياً فيه على جواز جعل الإجارة مهراً على الإطلاق الوفاق (3).

لا تقدير للمهر في القلّة و لا في الكثرة و لا بد من تعيينه

و لا تقدير للمهر في القلّة ما لم يقصر عن التقويم كحبّة حنطة بإجماع الطائفة،و عموم الآية،و المعتبرة المستفيضة المتقدّمة،و خصوص الرواية السابقة المنبئة عن تزويج المرأة في زمنه صلى الله عليه و آله بالقبضة من الحنطة.

و لا في الكثرة على الأشبه،بل يتقدّر بالتراضي بينهما،و هو الأشهر بين الطائفة،بل كاد أن يكون إجماعاً،بل إجماع في الحقيقة،و ربما أشعر بحكايته عبارة العلّامة (4)،و حكي صريحاً عن بعض الأجلّة (5).

ص:7


1- الكافي 5:5/380،التهذيب 7:1444/354،الوسائل 21:242 أبواب المهور ب 2 ح 1.
2- الكافي 5:4/380،التهذيب 7:1487/367،الوسائل 21:254 أبواب المهور ب 7 ح 2.
3- المبسوط 4:273،الخلاف 4:366.
4- في المختلف(541).منه رحمه الله.
5- انظر التنقيح الرائع 3:208 209.

للأصل،و ما مضى من الأدلّة،و خصوص الآية الشريفة وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً [1] (1)،و هو المال العظيم،و في القاموس:القِنطار بالكسر:

وزن أربعين أُوقيّة من ذهب أو فضة،أو ألف[و مائتا]دينار،أو ألف و مائتا أُوقيّة،أو سبعون ألف دينار،أو ثمانون ألف درهم،أو مائة رطل من ذهب أو فضّة،أو ملء مسْك ثور ذهباً أو فضّة (2).

و الصحيح:« لو أنّ رجلاً تزوّج امرأة و جعل مهرها عشرين ألفاً و لأبيها عشرة آلاف،كان المهر جائزاً،و الذي جعله لأبيها فاسداً» (3).

و حكى الشيخ في المبسوط:أنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام أصدق امرأة مائة جارية مع كلّ جارية ألف درهم،و أن عمر أصدق بنت أمير المؤمنين عليه السلام أربعين ألف درهم،و ذكر أنّ جماعة من الصحابة و التابعين أصدقوا نحو ذلك (4).

و منع المرتضى رضى الله عنه الزيادة على مهر السنّة (5)،و هو خمسمائة درهم كما في النصوص المستفيضة (6)؛ محتجّاً بإجماع الفرقة،و به رواية ضعيفة لا تصلح للحجّية (7)،سيّما في مقابلة ما مضى من الأدلّة.و الإجماع بمصير الأكثر بل الجميع إلى الخلاف موهون،و مع ذلك معارض بمثله،

ص:8


1- النساء:20.
2- القاموس 2:127،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
3- الكافي 5:1/384،التهذيب 7:1465/361،الإستبصار 3:811/224،الوسائل 21:263 أبواب المهور ب 9 ح 1.
4- المبسوط 4:272.
5- الانتصار:124.
6- الوسائل 21:244 أبواب المهور ب 4.
7- التهذيب 7:1464/361،الإستبصار 3:810/224،الوسائل 21:261 أبواب المهور ب 8 ح 14.

بل و أقوى كما لا يخفى،و جميع التفاسير للقنطار ترد عليه،و الخبر الصحيح حجّة بيّنة،مضافاً إلى عموم الآيات و المعتبرة المستفيضة.و دفعه على أصله (1)من عدم صيغة تخصّه كما في المسالك (2)غريب؛ لاختصاصه كما صرّح به بما عدا الشرع،و إلّا فقد صرّح بخلافه و وجود صيغة تخصّه فيه (3).

و بالجملة:فهو ضعيف جدّاً.

نعم،يستحبّ الاقتصار عليه؛ لذلك،و لإصداق النبيّ صلى الله عليه و آله به لأزواجه جُمع (4).

و لو احتيط مع إرادة الزيادة بجعل الصداق السنّة و ما زاد نحلة كان حسناً؛ تأسّياً بمولانا الجواد عليه السلام،حيث فعل ذلك بابنة المأمون،قال:

« و بذلت لها من الصداق ما بذله رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأزواجه،و هو اثنتا عشرة أُوقيّة و نَشّ،على تمام الخمسمائة،و قد نحلتها من مالي مائة ألف» (5).

و لا بُدّ من تعيينه إذا ذُكِر من متن العقد؛ ليخرج عن الجهالة الموجبة للغرر و الضرر المنهيّ عنهما في الشريعة.

و يتحقّق بالوصف المعيِّن له و لو في الجملة،و لا يعتبر فيه استقصاء الأوصاف المعتبرة في السَّلم.

أو بالإشارة ك:هذا الثوب،و هذه الدابّة،مثلاً.

ص:9


1- أي المرتضى.منه رحمه الله.
2- المسالك 1:535.
3- الذريعة إلى أُصول الشريعة 1:239.
4- انظر الوسائل 21:244 أبواب المهور ب 4.
5- مكارم الأخلاق:205،البحار 100:22/271،المستدرك 15:63 أبواب المهور ب 4 ح 4،بتفاوت يسير.

و تكفي فيه المشاهدة عن اعتبار كيله أو وزنه أو عدّه، كقطعة من ذهب مشاهدة لا يعلم وزنها،و قبّة من طعام لا يعلم كيلها؛ لارتفاع معظم الغرر بذلك،و اغتفار الباقي في النكاح؛ لأنّه ليس معاوضة محضة بحيث ينافيه ما زاد منه،كما قطع به الأصحاب.و عضده الأصل، و عموم الكتاب و السنّة المتقدّمة،سيّما الصحيح المتقدّم،المتضمّن لتزويجه صلى الله عليه و آله المرأة من الرجل بما يحسن من القرآن مع جهالته قطعاً (1)، و المتضمّن لإمهار النسوة في زمانه صلى الله عليه و آله بقبضة من حنطة مع جهالتها (2)؛ مضافاً إلى فحوى النصوص الدالّة بالاكتفاء بمثلها في عقد المتعة (3)مع اشتراطه في صحّته إجماعاً،فالاكتفاء بها هنا أولى؛ لعدم الاشتراط فيه قطعاً،فتأمّل جدّاً.

و يشكل الحكم لو تلف قبل التسليم أو بعده و قد طلّقها قبل الدخول ليرجع بنصفه.

و في الرجوع إلى الصلح مطلقاً،أو تضمينه مهر المثل في الأول، قولان.

الأشهر الأظهر:الأول.

و ضُعِّف الثاني بأنّ ضمان المهر عندنا ضمان يد،لا ضمان معاوضة، و من ثم كان التلف قبل القبض يوجب الرجوع إلى القيمة.نعم،هو مذهب بعض العامّة (4).

و يدفعه أيضاً أصالة البراءة لو علم زيادته عن المسمّى،

ص:10


1- راجع ص 6.
2- راجع ص 6.
3- انظر الوسائل 21:أبواب المتعة ب 21 ح 2،5.
4- انظر المسالك 1:536،نهاية المرام 1:367.

و الاستصحاب لو علم نقصه عنه،فتأمّل.

و حيث قد عرفت اشتراط صحّة المهر بالتعيين و لو في الجملة، تعيّن فساده مع عدمه بالمرّة و الرجوع إلى مهر المثل،بلا خلاف فيه كما حكي (1)،و مقتضاه اطّراد الحكم فيما لو تزوّجها على خادم و الحال أنّه لم يعيّن أصلاً،و عليه فتوى جماعة من المتأخّرين (2).

عملاً بالأصل.و لا دليل على كلّيته سوى الإجماع و ليس في محلّ النزاع و النهي عن الغرر المخصَّص في المقام بالإجماع،و بالدليل الذي مرّ،و مقتضاه الاكتفاء بما تراضيا عليه كائناً ما كان،خرج عنه ما لم يعيَّن أصلاً بالاتّفاق،و بقي الباقي.

و استضعافاً لأدلّة الخلاف.و سيأتي الجواب عنه.

و الأصحّ وفاقاً لأكثر القدماء،كالمبسوط و الخلاف و الغنية و المهذّب و الجامع (3)،و بعض من تأخّر،كالعلّامة في الإرشاد (4)ما اختاره الماتن هنا بقوله:

فلها الوسط،و كذا لو قال:دار،أو:بيت للأصل،و ضعف دليل الخلاف،و خصوص المعتبرة:

منها الخبر المعتبر بوجود ابن أبي عمير في سنده،فلا يضرّه ضعف

ص:11


1- المسالك 1:536،و قد حكاه عنه في الحدائق 24:438.
2- كفخر المحققين في الإيضاح 3:195،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:210،و الشهيد الثاني في المسالك 1:536،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:368.
3- المبسوط 4:290،الخلاف 4:191،الغنية(الجوامع الفقهية):610،المهذب 2:206،الجامع للشرائع:441.
4- الإرشاد 2:15.

راويه-:رجل تزوّج امرأة على خادم،قال:فقال لي:« وسط من الخدم»، قال:قلت:على بيت؟قال:« وسط من البيوت» (1)،و نحوه خبر آخر (2).

و المرسل كالصحيح على الأشهر الصحيح في الدار خاصّة (3).

و هي مع اعتبار سند أكثرها معتضدة بالشهرة القديمة المدّعى عليها الإجماع كما عن الخلاف (4)،المؤيّدة بما مرّ من الأدلّة،فلا وجه للقدح فيها من حيث السند.

كما لا وجه له فيها من حيث المتن باعتبار جهالة الوسط من حيث تعدّد أفراده؛ بناءً على ما عرفت من المنع عن إطلاق ضررها،مع استفاضة النصوص المعاضدة بعموم الكتاب بعدمه؛ مع أنّ هذه الجهالة قريبة من الجهالة بمقدار الصبرة المشاهدة،بل نحوها،مع اتّفاقهم على عدم ضررها.

و الأحوط المصير إلى ما ذكروه إن لم يُعقَد بمثل ذلك بأن يعيّن القيمة،و الرجوع إلى الصلح معه إن لم يحصل التراضي إلّا به.

و لو قال: أتزوّجك على السنّة مكتفياً به كان المهر خمسمائة درهم قطعاً لو قصداها عالمين بها،و مطلقاً على الأشهر الأظهر.

للخبر المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده، فلا يضرّ جهالة راويه،مع اعتضاده بالشهرة العظيمة التي كادت تكون

ص:12


1- الكافي 5:7/381،التهذيب 7:1485/366،الوسائل 21:283 أبواب المهور ب 25 ح 2؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 5:8/381،الوسائل 21:283 أبواب المهور ب 25 ح 1.
3- التهذيب 7:1520/375،الوسائل 21:284 أبواب المهور ب 25 ح 3.
4- الخلاف 4:371.

إجماعاً،بل إجماع في الحقيقة كما في الروضة (1)و عن غيره من الأجلّة (2)،و فيه:قلت له:رجل يتزوّج امرأة و لم يسمّ لها مهراً،و كان في الكلام:

أتزوّجك على كتاب اللّه و سنّه نبيّه صلى الله عليه و آله،فمات عنها أو أراد أن يدخل بها، فمالها من المهر؟قال:« مهر السنّة» قال:قلت:يقولون أهلها:مهور نسائها؟قال:فقال:« هو مهر السنّة» و كلّما قلت له شيئاً،قال:« مهر السنّة» (3).

و بهما يندفع الإشكال مع جهل الزوجين أو أحدهما بما جرت به السنّة منه،أو مع علمهما و عدم قصدهما إيّاه،و بقبوله الغرر في الجملة كما تقرّر و مرّ،فلا وجه لتوقّف بعض من تأخّر (4).

ثم مقتضى الحكم و المستند:ثبوت المهر بالعقد،كالمعيّن بالذكر فيه لا بالدخول كمهر السنّة الثابت به للمفوّضة على بعض الوجوه؛ و يدلّ عليه إثباته بالموت قبل الدخول،كما يظهر من الرواية.

و لو تزوّجها و سمّى لها مهراً معيّناً و لأبيها أو غيره واسطة أو أجنبيّ شيئاً خارجاً عنه،بحيث يكون المجموع في مقابلة البضع،لا عطيّة في البعض أو جعالة فيه؛ للّزوم في الثاني دون الأول قطعاً فيهما،و يعتبر فيه أيضاً الذكر بالتسمية خاصّة لا الاشتراط،و حينئذٍ لزم مهرها و سقط ما سمّى له إجماعاً كما عن الخلاف في الأول (5)،و الغنية

ص:13


1- الروضة 4:346.
2- انظر الحدائق 24:442،و هو في جامع المقاصد 13:344.
3- التهذيب 7:1470/363،الإستبصار 3:816/225،الوسائل 21:270 أبواب المهور ب 13 ح 1.
4- كالشهيد الثاني في المسالك 1:536،542.
5- الخلاف 4:387 388.

في الثاني (1).

و للصحيح:« لو أنّ رجلاً تزوّج امرأة و جعل مهرها عشرين ألفاً، و جعل لأبيها عشرة آلاف،كان المهر جائزاً،و الذي جعله لأبيها فاسداً» (2).

و يعضد السقوط:أنّ الساقط ليس من أركان النكاح و لا من العوض المعتبر فيه،فكان لغواً لا دليل على لزومه،سوى ذكره في العقد،و هو غير صالح له.

و نسبة الخلاف إلى الإسكافي هنا (3)بناءً على حكمه بالاحتياط بالوفاء بالمجعول للمجعول له ليس في محلّه؛ لظهور الاحتياط في الاستحباب،مع احتمال إرادته الجعالة بالمعنى المعروف،و ليس من محلّ الفرض في شيء؛ لتصويره في لزوم المجعول للمجعول له بمجرّد العقد لا بغيره،و الاحتمال ينافيه.

ثم إنّ إطلاق النصّ و الفتاوي يقتضي عدم الفرق بين أن يتسبّب تسمية الشيء للأب لتقليل المهر بزعمها لزومه بذكره في العقد،أم لا.و ربما يستشكل في الأول،و هو حسن،لولا النصّ الصحيح المعتضد بما مرّ.

و لو جُعِل المسمّى للأب جزءاً من المهر كأن أمهرها شيئاً،و شرط أن يعطي أباها منه شيئاً لزم الشرط لو كان على اختيار من دون شائبة إكراه و إجبار،وفاقاً للإسكافي و الإرشاد و الشهيد في النكت و شارح الكتاب (4)،

ص:14


1- الغنية(الجوامع الفقهية):610.
2- الكافي 5:1/384،التهذيب 7:1465/361،الإستبصار 3:811/224،الوسائل 21:263 أبواب المهور ب 9 ح 1.
3- حكاه عنه في التنقيح الرائع 3:211.
4- حكاه عن الإسكافي في التنقيح الرائع 3:211،انظر الإرشاد 2:15،حكاه عن الشهيد في جامع المقاصد 13:397،شارح الكتاب في نهاية المرام 1:369.

فإنّه شرط سائغ في عقد لازم،فيلزم؛ لعموم الأمر بالوفاء بالعقد (1)و بالشرط (2)مع خروجه عن النصّ.

و يعضده النبويّ (3)و المرتضويّ (4):« أحقّ الشروط ما نكحت به الفروج» .خلافاً للأكثر،فيصحّ المهر و يفسد الشرط خاصّة أيضاً كالسابق، و لا دليل عليه،و على تقديره معارَضٌ بما مرّ.

و على المختار:ارتجع بنصف المجموع بالطلاق،حتى نصف مأخوذ الأب.

و لو عقد الذمّيان أو غيرهما من الكفّار و إنّما خصّ بهما تبعاً للنصّ- على ما لا يملك في شرعنا،ك خمر أو خنزير،صحّ العقد و المهر بلا خلاف؛ لأنّهما يملكانه في شرعهما.

و لو أسلما أو أحدهما قبل القبض،فلها على الأشهر الأظهر القيمة عند مستحلّيه؛ لخروجه عن ملك المسلم عيناً كان أو مضموناً لأنّ المسمّى لم يفسد.و لهذا،لو كان قد أقبضها إيّاه قبل الإسلام برئ،و إنّما تعذّر الحكم به لمانع الإسلام،فوجب المصير إلى قيمته؛ لأنّها أقرب شيء إليه،كما لو جرى العقد على عين و تعذّر

ص:15


1- المائدة:1.
2- التهذيب 7:1503/371،الإستبصار 3:835/232،الوسائل 21:276 أبواب المهور ب 20 ح 4.
3- مسند أحمد 4:144،سنن أبي داود 2:2139/244،سنن الترمذي 2:1137/298،سنن البيهقي 7:248؛ بتفاوت يسير.
4- الفقيه 3:1201/252،الوسائل 21:267 أبواب المهور ب 11 ح 7؛ بتفاوت يسير.

تسليمها،و مثله:ما لو جعلا ثمناً لمبيع،أو عوضاً لصلح،أو غيرهما.

هذا،مضافاً إلى النصّ:النصراني يتزوّج النصرانيّة على ثلاثين دَنّاً من خمر و ثلاثين خنزيراً،ثم أسلما بعد ذلك و لم يكن دخل بها،قال:« ينظر كم قيمة الخمر و كم قيمة الخنزير،فيرسل بها إليها،ثم يدخل عليها و هما على نكاحهما الأول» (1).

و قيل (2):يجب مهر المثل؛ تنزيلاً لتعذّر تسليم العين منزلة الفساد.

و فيه:منع كما مرّ.

و لأنّ وجوب القيمة فرع وجوب دفع العين مع الإمكان،و هو هنا ممكن،و إنّما عرض عدم صلاحيّته للتملّك لهما.

و يضعّف بأنّ التعذّر الشرعي منزَّل منزلة الحسّي أو أقوى،هذا و مهر المثل قد يكون أزيد من المسمّى،فهي تعترف بعدم استحقاق الزائد،أو أنقص،فيعترف هو باستحقاق الزائد،و حيث لم يقع المسمّى فاسداً فكيف يرجع إلى غيره بعد استقراره؟! و ربما يستدلّ له بالخبر:« إذا أسلما حرم عليه أن يدفع إليها شيئاً من ذلك» أي الخمر و الخنزير الممهورة بهما« و لكن يعطيها صداقاً» (3).

و ليس نصّاً في المطلوب،فيحتمل القيمة،و على تقديره فلا يعارض ما مرّ،مع ضعف سنده و عدم مجبوريّته.

ص:16


1- الفقيه 3:1383/291،الوسائل 21:243 أبواب المهور ب 3 ح 2؛ بتفاوت يسير.و الدَّنّ:كهيئة الحُبّ إلّا أنّه أطول منه و أوسع رأساً،و الجمع دِنان.المصباح المنير:201.
2- انظر الروضة البهية 5:343.
3- الكافي 5:5/436،و ورد في التهذيب 7:1447/355،و الوسائل 21:243 أبواب المهور ب 3 ح 1؛ بتفاوت.

و لو كان الإسلام بعد قبض بعضه،سقط بقدر المقبوض،و وجب قيمة الباقي.و على الثاني (1):يجب بنسبته من مهر المثل.

و في ذكر المضمون في العبارة ردّ على بعض العامّة،حيث فرّق بينهما،و حكم في العين أنّها لا تستحقّ غيره،دون المضمون،فإنّها تستحقّ معه مهر المثل (2).و هو مقطوع بفساده.

لا يجوز عقد المسلم على الخمر

و لا يجوز عقد المسلم على الخمر و نحوها ممّا لا يملك إجماعاً، و لو عقد عليها فسد المهر إجماعاً و صحّ العقد على الأصحّ الأشهر،كما عن الإسكافي و الطوسي و الحلّي و ابن زهرة العلوي و ابن حمزة و العلّامة و ابن المفلح الصيمري و الشهيد (3)و أكثر المتأخّرين (4)،بل نفى عنه الخلاف في الغنية إلّا عن مالك و بعض الأصحاب (5).

لدخوله في عموم ما دلّ على وجوب الوفاء به (6).

و لا مخرج عنه سوى اشتراطه بالتراضي المفقود هنا؛ بناءً على وقوعه على الباطل المستلزم لعدمه بدونه.

و فيه:أنّ الشرط حصوله،و قد وُجِد،فثبت الصحّة المشروطة به،

ص:17


1- أي القول.منه رحمه الله.
2- الشرح الكبير 7:591.
3- حكاه عن الإسكافي في المختلف:541،الطوسي في المبسوط 4:272،الحلّي في السرائر 2:577،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):610،ابن حمزة في الوسيلة:296،العلّامة في التحرير 2:31،و القواعد 2:37،الشهيد في المسالك 1:534.
4- التنقيح الرائع 3:213،جامع المقاصد 13:373،كشف اللثام 2:80.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):610.
6- المائدة:1.

و بطلان المتعلّق غير ملازم لبطلانه (1)أوّلاً،فقد يكون الرضاء بالتزويج باقياً بعد المعرفة ببطلان المرضيّ به،و على تقديره فاللّازم منه ارتفاع الرضاء من حين المعرفة بالبطلان و عدمُ البقاء،و ليس شرطاً في الصحّة،بل الوجود،و قد حصل.

و دعوى استلزام بطلان المرضيّ به بطلان أصل الرضاء و عدم حصوله (2)،فاسدةٌ بالضرورة.

هذا،و يدلّ عليه فحوى ما دلّ على صحّة العقد المشتمل على الشروط الفاسدة (3)؛ لدلالتها على توقّف حصول الرضاء عليها،و انتفائه حين العقد عند انتفائها،فالصحّة فيه مستلزم لثبوتها هنا بطريق أولى كما لا يخفى؛ لعدم التصريح فيه بعدم الرضاء مع انتفاء المرضيّ به جدّاً.

و ممّا ذكر ظهر ضعف القول بالبطلان و دليله كما يأتي،و لكن الاحتياط لا يترك.

و على المختار،فهل لها مع الدخول بها مهر المثل مطلقاً كان للمسمّى قيمة أم لا؟كما في الشرائع و الإرشاد و التحرير و التلخيص و التبصرة و عن السرائر و الجامع و الوسيلة و موضع من الخلاف (4).

أو القيمة كذلك (5)،و لكن يقدّر ما لا قيمة له ذا قيمة،كالحرّ عبداً؟

ص:18


1- أي الرضاء.منه رحمه الله.
2- انظر نهاية المرام 1:371،المهذب البارع 3:390.
3- انظر الوسائل 21:275 أبواب المهور ب 20.
4- الشرائع 2:324،الإرشاد 2:14،التحرير 2:31،التلخيص(الينابيع الفقهية 38):479،التبصرة:141،السرائر 2:577،الجامع للشرائع:441،الوسيلة:296،الخلاف 4:363.
5- أي مطلقاً.منه رحمه الله.

كما عن المبسوط (1).

أو فيما له قيمة كالخمر،و أمّا ما لا قيمة له فالأول (2)؟كما عن بعض الأصحاب (3).

أقوال،أشهرها و أظهرها:الأول؛ لبطلان المسمّى بعدم الصلاحيّة للصداق بالضرورة،فيخلو العقد عنه،فتلحق بمفوّضة البضع،و لها مع الدخول مهر المثل؛ لأنّه عوض البضع حيث لا تسمية.

و لها المتعة لو طُلِّقت قبله،على قول حكاه في الروضة (4).

و أطلق العلّامة في جملة من كتبه ثبوت المثل و لو قبل الدخول (5)؛ و وُجِّه بوقوع العقد بالعوض فلا تفويض،و حيث تعذّر انتقل إلى البدل، و هو المثل (6).

و يضعّف بأنّ هذا العوض كالعدم،مع أنّ المثل إنّما يثبت بدليّته عن الوطء لا عن المهر الفاسد.

و أمّا احتجاج الثاني بأنّ قيمة المسمّى أقرب إليه عند التعذّر،و أنّهما عقدا على شخص باعتبار ماليّته،فمع تعذّره يجب المصير إلى الماليّة.

فضعيف؛ لأنّ الانتقال إلى القيمة فرع صحّة العقد على ذي القيمة؛ لأنّ القيمة لم يقع التراضي عليها،و تقدير الماليّة هنا ممتنع شرعاً،فيجب أن تُلغى كما الغي التعيين.

ص:19


1- المبسوط 4:290.
2- أي مهر المثل.منه رحمه الله.
3- كالشهيد الثاني في المسالك 1:535،و السبزواري في الكفاية:179.
4- الروضة 5:347.
5- انظر التحرير 2:31،و القواعد 2:36.
6- انظر المهذب البارع 3:390.

و لا ثمرة بعد الدخول مع توافق المثل و القيمة،و مع التخالف يرجع إلى الاحتياط.و لو قيل بالرجوع إلى الأقلّ كان وجهاً إن لم يكن إحداث قول؛ تمسّكاً بالأصل،مع عدم الدليل على الزائد؛ لفقد النصّ،و انتفاء الإجماع في محلّ النزاع.لكن اشتغال الذمّة بالمهر قطعاً يقتضي المصير إلى مراعاة الأكثر؛ تحصيلاً للبراءة القطعيّة،و كيف كان فهو أحوط.

و يأتي على القول بالقيمة مطلقاً أو في الجملة لزوم النصف مع الطلاق قبل الدخول،و يدفعه الأصل،لكن اللازم منه ثبوت المتعة،فليس مثله بحجّة.و لو قيل بأقلّ الأمرين كان وجهاً،فتأمّل جدّاً.

و قيل كما عن الشيخين و القاضي و التقي (1)-: يبطل العقد من أصله؛ استناداً إلى ما أجبنا عنه،و التفاتاً إلى أنّه عقد معاوضة،فيفسد بفساد العوض،و هو إعادة للمدّعى يدفعه الإجماع على عدم كونه كعقود المعاوضات المحضة المقصود بها مجرّد المعاوضة؛ و لذا صحّ مع عدم ذكر المهر في متنه،بل مع اشتراط عدمه فيه.

ثم إنّ هذا إذا علماه خمراً مثلاً.

و أمّا إذا عقدا عليه ظانّين حلّيته،صحّ العقد قولاً واحداً،كما يظهر منهم،و فيه تأييد لما قلناه؛ لاتّحاد طريق المسألتين.

و في ثبوت المثل مطلقاً،أو مع الدخول،أو عدمه و لزوم مثل الخمر من الخلّ،أو القيمة مطلقاً،أقوال،و الأشهر:الأول،كما مضى.

ص:20


1- المفيد في المقنعة:508،الطوسي في النهاية:469،القاضي في المهذب 2:200،التقي في الكافي في الفقه:293.

الطرف الثاني التفويض

اشارة

الطرف الثاني في التفويض و هو لغةً:ردّ الأمر إلى الغير ثم الإهمال.

و شرعاً:ردّ أمر المهر أو البضع إلى أحد الزوجين أو ثالث،أو إهمال ذكره في العقد.فهو قسمان:

الأول:ما أشار إليه الماتن بقوله:

لا يشترط في الصحّة ذكر المهر

و لا يشترط في الصحّة ذكر المهر،فلو عقد و أغفله،أو شرط أن لا مهر لها في الحال أو مطلقاً فالعقد صحيح بلا خلاف،بل إجماعاً،حكاه جماعة (1).

و يسمّى بتفويض البضع،و المرأة مفوّضة البضع،بكسر الواو و فتحها.

أمّا لو صرّح بنفيه في الحال و المآل على وجه يشمل ما بعد الدخول فسد العقد على الأشهر؛ لمنافاته مقتضاه،و هو وجوب المهر في الجملة.

و فيه منافاة لما ذكروه كما يأتي من عدم فساد العقد بفساد الشرط المخالف لمقتضى العقد،الملازم لعدم فساده بفساده هنا بطريق أولى؛ لعدم كونه بصورة الشرط قطعاً،فتأمّل جدّاً.

ص:21


1- منهم العلّامة في المختلف:544،و الشهيد الثاني في المسالك 1:541،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:83.

نعم،في المستفيضة منها الصحيحان (1)-:« لا تحلّ الهبة إلّا لرسول اللّه صلى الله عليه و آله،و أمّا غيره فلا يصلح له نكاح إلّا بمهر» و ربما دلّ نفي الصلاح على الفساد.

و أظهر منه الخبر:في امرأة وهبت نفسها لرجل من المسلمين،قال:

« إن عوّضها كان مستقيماً» (2)،فتأمّل.

و فيه قول بالصحّة؛ قياساً له بالنفي المطلق (3).

و ليس في محلّه؛ لوجود الفارق،و هو قبول المقيس عليه التخصيص دون المقيس.

و آخر بفساد التفويض دون العقد،فيجب مهر المثل،كما لو شرط في المهر ما يفسده؛ تمسّكاً بلزوم الوفاء بالعقد (4).

و هو الأوفق بالأُصول إن أُريد بثبوت المثل الثبوت بالدخول لولا ما مرّ من المستفيضة،إلّا أنّ المحكيّ عن القائل به الثبوت بنفس العقد (5)، و لا ريب في ضعفه إن تمّ.

و بالجملة:المسألة محلّ إشكال.

و المستند في أصل الحكم بعد الإجماع المتقدّم الآية الكريمة لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ [1] (6).و المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:عن رجل تزوّج امرأة،فدخل

ص:22


1- الكافي 5:2/384،3،الوسائل 20:265 أبواب عقد النكاح ب 2 ح 2،4.
2- الكافي 5:5/385،الوسائل 20:266 أبواب عقد النكاح ب 2 ح 5.
3- انظر نهاية المرام 1:375.
4- المبسوط 4:294.
5- انظر جامع المقاصد 13:417.
6- البقرة:236.

بها و لم يفرض لها مهراً،ثم طلّقها،فقال:« لها مثل مهور نسائها» (1).

ثمّ من أحكامه عندنا:عدم وجوب شيء لها متعةً كان،أو مهر مثل بمجرّد العقد؛ للأصل.

خلافاً لبعض الشافعيّة،فأوجب الثاني (2).

فلو مات أحدهما قبل الدخول و الطلاق و الفرض فلا شيء لها بلا خلاف في الظاهر،و قد حكي (3)؛ لما مرّ،مضافاً إلى الصحيح:في المتوفّى عنها زوجها قبل الدخول:« إن كان فرض لها زوجها مهراً فلها.

.و إن لم يكن فرض مهراً فلا مهر» (4)و نحوه غيره (5).

و لو طلّق المفوّضة فلها المتعة خاصّة إن كان الطلاق قبل الفرض و الدخول خاصّة؛ بالإجماع،و نصّ الآية السابقة، و المستفيضة:منها الحسن:في رجل طلّق امرأته قبل أن يدخل بها،قال:

« عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئاً،و إن لم يكن فرض فليمتّعها على نحو ممّا يتمتّع مثلها من النساء» (6)و نحوه خبران آخران (7).

ص:23


1- التهذيب 7:1468/362،الإستبصار 3:814/225،الوسائل 21:268 أبواب المهور ب 12 ح 1.
2- انظر الاُم 5:159.
3- انظر الروضة 5:353.
4- التهذيب 8:505/146،الإستبصار 3:1215/341،الوسائل 21:332 أبواب المهور ب 58 ح 22.
5- التهذيب 8:506/146،507،الإستبصار 3:1216/341،1217،الوسائل 21:332 أبواب المهور ب 58 ذيل حديث 22.
6- الكافي 6:3/106،التهذيب 8:493/142،الوسائل 21:314 أبواب المهور ب 51 ح 2؛ بتفاوت يسير.
7- الأول في:الكافي 6:1/106،التهذيب 8:494/142،الوسائل 21:313 أبواب المهور ب 51 ح 1.الثاني في:الكافي 6:3/83،الوسائل 21:314 أبواب المهور ب 51 ح 3.

و الرضوي:« كلّ من طلّق امرأته من قبل أن يدخل بها فلا عدّة عليها منه،فإن كان سمّى لها صداقاً فلها نصف الصداق،و إن لم يكن سمّى لها صداقاً يمتّعها بشيء قليل أو كثير على قدر يساره» (1).

و إن كان الطلاق بعد الفرض و قبل الدخول فنصفه؛ لقوله تعالى فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ [1] (2)مضافاً إلى الحسنة.

و لو لم يطلّق أو طلّق بعد الدخول فجميعه بعد الاتّفاق عليه، بلا خلاف إلّا في الأول و هو ما لو لم يطلّق لأنّ الحقّ فيه لهما،زاد عن مهر المثل أم لا،ساواه أم قصر،و ربما كان في الآية عليه دلالة كالصحيح السابق في المتوفّى عنها زوجها.

و مع الاختلاف في الفرض،قيل (3):للحاكم فرضه بمهر المثل،كما يعيّن النفقة للزوجة على الغائب،و من جرى مجراه.و يحتمل قويّاً إبقاء الحال إلى حصول أحد الأُمور (4)الموجبة للقدر أو المسقطة للحقّ؛ لأنّ ذلك لازم للتفويض الذي قد قدما عليه.

ثم إنّ في ثبوت المتعة بغير الطلاق من أقسام البينونة أقوال،ثالثها المحكيّ عن المبسوط (5)-:الثبوت بما يقع من قبله أو قبلهما،دون ما كان من قبلها خاصّة.

و الأقوى:العدم مطلقاً،وفاقاً للأكثر؛ تمسّكاً بالأصل،و التفاتاً إلى

ص:24


1- فقه الرضا عليه السلام:242،المستدرك 15:89 أبواب المهور ب 33 ح 5.
2- البقرة:237.
3- انظر الروضة 5:349.
4- كالدخول الموجب لمهر المثل و الطلاق قبله الموجب للمتعة و الموت و نحوه المسقط للحق.منه رحمه الله.
5- المبسوط 4:320.

اختصاص الآية و الحسنة بالطلاق،و التعدية قياس.

نعم،تستحبّ؛ خروجاً عن الشبهة،و التفاتاً إلى فحوى ما دلّ على رجحانها لكلّ مطلّقة و إن لم تكن مفوّضة،كالصحيح:عن رجل تزوّج امرأة،فدخل بها و لم يفرض لها مهراً،ثم طلّقها،فقال:« لها مثل مهور نسائها و يمتّعها» (1).

و لإضماره مع عدم صراحته في الوجوب حُمِل على الاستحباب، معتضداً بالأصل،و ظاهر الخبر:في الرجل يطلّق امرأته،أ يمتّعها؟قال:

« نعم،أما يحبّ أن يكون من المحسنين؟!أما يحبّ أن يكون من المتّقين؟! » (2).و بهما يُصرَف ما ظاهره الوجوب،كالصحيح:« متعة النساء واجبة، دخل بها أو لم يدخل،و يمتّع قبل أن يطلّق» (3).

و الصحيح و الموثّق:في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [1] (4)،قال:« متاعها بعد ما تنقضي عدّتها، على الموسع قدره و على المقتر قدره» و في ذيلها:« أنّ الحسن بن عليّ لم يطلّق امرأة إلّا متّعها» (5).

ص:25


1- التهذيب 7:1468/362،الإستبصار 3:814/225،الوسائل 21:268 أبواب المهور ب 12 ح 1.
2- الكافي 6:1/104،التهذيب 8:487/140،تفسير العياشي 1:396/124،الوسائل 21:306 أبواب المهور ب 48 ح 5.
3- الفقيه 3:1588/328،الوسائل 21:312 أبواب المهور ب 50 ح 1.
4- البقرة:241.
5- الصحيح في:الكافي 6:3/105،التهذيب 8:484/139،الوسائل 21:312 أبواب المهور ب 50 ح 2.الموثق في:الكافي 6:4/105،التهذيب 8:485/139،الوسائل 21:312 أبواب المهور ب 50 ح 3.

و قريب من الصحيح:« إنّ متعة المطلّقة فريضة» (1).

و يمكن حمله على المفوّضة،و صرف المطلّقة إلى المعهودة المذكورة في الآية،و لذا أطلق على الوجوب الفريضة.

و ربما احتمل الوجوب في المسالك في كلّ مطلّقة (2)؛ عملاً بظواهر هذه المعتبرة المخصّص بها الأصل؛ و الرواية المتقدّمة مع قصور سندهما غير صريحة في الاستحباب.

و هو حسن إن وجد به قائل،و لم أجده،بل المحتمِل مصرِّح بأنّ المذهب الاستحباب (3)،فهو متعيّن،مع أنّ الرواية ليست بقاصرة،بل حسنة أو صحيحة؛ لأنّ حسنها بإبراهيم،و لا ريب في ظهورها في الاستحباب،مع اعتضادها بكثير من المعتبرة الواردة في المقام،الدالّة على اشتراط المتعة بعدم الفرض (4)؛ مضافاً إلى الأخبار الكثيرة الدالّة على ثبوت نصف الصداق بالطلاق قبل الدخول و جميعه بعده (5)،من دون ذكر للمتعة بالمرّة،مع ورود أكثرها في مقام الحاجة،فلا وجه للقول بالوجوب بالمرّة.

هذا،مع عدم صراحة لفظ الوجوب في الصحيح المتقدّم في المعنى المصطلح،فيحتمل الاستحباب،و على تقدير الصراحة يحتمل المتعة فيها ما يعمّ مهر المثل و المتعة بالمعنى المتعارف.و أمّا باقي الروايات فليس

ص:26


1- التهذيب 8:490/141،الوسائل 21:306 أبواب المهور ب 48 ح 2.
2- المسالك 1:543.
3- انظر المسالك 1:543.
4- انظر الوسائل 21:307،308 أبواب المهور ب 48 الأحاديث 7،8،10،12.
5- الوسائل 21:313،319 أبواب المهور ب 51،54.

صريحةً في الوجوب و لا ظاهرة.

و أُلحق بالمفوّضة من فُرِض لها مهر فاسد،فإنّه في قوّة التفويض، و من فسخت في المهر قبل الدخول بوجه مجوّز (1).

و لا بأس به إن أُريد الاستحباب،و إلّا فالوجوب مشكل.

و يجب بعده أي الدخول و قبل الفرض لها مهر المثل إجماعاً؛ للمستفيضة،منها الصحيح المتقدّم (2)،و نحوه الموثّقان:

في رجل تزوّج امرأة و لم يفرض لها صداقاً،قال:« لا شيء لها من الصداق،فإن كان دخل بها فلها مهر نسائها» (3).

و إطلاقها كالعبارة و صريح بعض الأجلّة (4)ثبوت المثل مطلقاً و لو زاد على السنّة.

خلافاً للأكثر فيه،فيردّ إليها،بل عن فخر المحقّقين و ابن زهرة عليه الإجماع (5)،و هو ظاهر المحكيّ عن المبسوط (6)؛ و هو الحجّة فيه كالموثق:عن رجل تزوّج امرأة فوهم أن يسمّي صداقها حتى دخل بها، قال:« السنّة،و السنّة خمسمائة درهم» (7).

ص:27


1- الروضة 5:349.
2- في ص 25.
3- الكافي 5:10/381،التهذيب 7:1466/362،1467،الإستبصار 3:812/225،813،الوسائل 21:269 أبواب المهور ب 12 ح 3،2.
4- كصاحب المدارك في نهاية المرام 1:377.
5- حكاه عن فخر الدين في نهاية المرام 1:377،و هو في الإيضاح 3:217،و الغنية(الجوامع الفقهية):610.
6- المبسوط 4:297.
7- التهذيب 7:1469/362،الإستبصار 3:815/225،الوسائل 21:270 أبواب المهور ب 13 ح 2.

و ما ربما يقال على الأول بوجود الخلاف فلا حجّة فيه،و على الثاني بقصور السند أولاً،و ضعف الدلالة ثانياً،فإنّ النسيان غير التفويض (1).

مدفوع بعدم القدح في الحجّية بخروج معلوم النسب،بل و مجهوله على الأصحّ.و عدم القصور؛ لعدم اشتراك الراوي كما توهّم،و وثاقة باقي سلسلة السند و إن فسد المذهب.و الدلالة تامّة؛ إذ التفويض أعمّ من النسيان و عدمه كما فرضوه،و ساعده إطلاق النصوص.

نعم،ربما يتوجّه إليها القدح بأعمّيتها من المدّعى؛ لأنّه ثبوت السنّة مع زيادة مهر المثل عنها،و إلّا فهو الثابت دونها،ساواها أم نقص عنها.

و ربما يجبر بالتقييد بالإجماع و الجمع بين الروايات.

و ربما احتُمِل (2)العمل بالإطلاق هنا (3)؛ التفاتاً إلى موافقة المستفيضة للعامّة.

و هو مع مخالفته الإجماع الصريح مقدوح بأولويّة موافقة الأصحاب من الموافقة للتقيّة،فيترجّح جانب الرجحان دون المرجوحيّة.

و ربما يُستَدلّ للأصحاب في ردّ الزائد إلى السنّة بما مرّ من الخبر المثبت للسنّة فيمن تزوّج على السنّة مكتفياً به عن ذكر المهر بالمرّة (4).

و ليس بمعتمد؛ لظهوره في ثبوتها بمجرّد العقد دون الدخول،و ليس من حكم المفوّضة،و لذا فرضه الأصحاب مسألة على حدة،فليس الاستدلال به إلّا غفلة واضحة.

ص:28


1- نهاية المرام 1:377.
2- حكاه في المختلف عن بعض علمائنا:549.
3- أي في السنّة.منه رحمه الله.
4- راجع ص 12،و هو في التهذيب 7:1470/363،الإستبصار 3:816/225،الوسائل 21:270 أبواب المهور ب 13 ح 1.
يعتبر في مهر المثل حالها في الشرف و الجمال

و يعتبر في مهر المثل حالها في الشرف و الجمال و العقل، و الأدب،و البكارة،و صراحة النسب،و اليسار،و حسن التدبير،و كثرة العشائر،و عادة نسائها،و أمثال ذلك.

و المعتبر في أقاربها من الطرفين على الأشهر الأقوى،بل ظاهر المبسوط أنّ عليه الإجماع (1)؛ و هو الحجّة فيه،مع العموم المستفاد من إضافة النساء إليها في النصوص (2).

خلافاً للمهذّب و الجامع (3)،فخصّهنّ بالعصبات مع الإمكان،و إلّا فأطلق؛ لعدم اعتبار الاُمّ و من انتسب إليها في الفخر.و فيه نظر.

و يعتبر في الأقارب أن يكونوا من أهل بلدها أو بلد لا يخالف عادتها عادة بلدها على الأقوى؛ لاختلاف البلدان في العادات.

و يعتبر حاله خاصّة في المتعة بنصّ الآية (4)و الشهرة العظيمة،بل عليه الإجماع عن الغنية (5)،و هو ظاهر المستفيضة (6)،فالقول باعتبار حالها أيضاً ضعيف جدّاً.

ثم إنّ الأصل يقتضي المصير في متعة المتمتّع إلى العرف،و لا ريب في اقتضائه (7)انقسامها بالنظر إليه إلى ثلاثة:متعة يسار،و توسّط،و إعسار.

و به المرسل في الفقيه:أنّ« الغني يمتّع بدار أو خادم،و الوسط

ص:29


1- المبسوط 4:299.
2- انظر الوسائل 21:268 أبواب المهور ب 12.
3- المهذب 2:211،الجامع للشرائع:440.
4- البقرة:236.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):610.
6- انظر الوسائل 21:305 أبواب المهور ب 48.
7- أي العرف.منه رحمه الله.

بثوب،و الفقير بدرهم أو خاتم» (1).

و نحوه الرضوي« فالموسع يمتّع بخادم أو دابّة،و الوسط بثوب، و الفقير بدرهم و خاتم،كما قال اللّه تعالى وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ [1] » (2).و عليه الشهرة،بل الإجماع المحكيّ عن ابن زهرة (3)،و لا ينافيه الآية و المعتبرة؛ لدخول الواسطة بين الأمرين،و لذا أنّ الرضويّ مع استناده إلى الآية اشتمل على ذكر الثلاثة.

و عيّن الأصحاب لكلّ مرتبة ما يليق بها في العرف و العادة:

فالغني يمتّع بالدابّة؛ للرضوي،و هي الفرس،و المعتبر منه ما يقع عليه اسمها صغيرة كانت أم كبيرة،بِرذَوناً (4)كانت أم عتيقاً (5)،قاربت قيمته الثوب و العشرة الدنانير أم لا.و في الخبر المرويّ عن قرب الإسناد:« إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يمتّع بالراحلة» (6).

و رواه العيّاشي أيضاً بزيادة:يعني حملها الذي عليها (7).و ظاهره أنّ المتعة هو الحمل،إلّا أنّه يحتمل كونها من الراوي لا الإمام عليه السلام.

ص:30


1- الفقيه 3:1582/327،الوسائل 21:310 أبواب المهور ب 49 ح 3؛ بتفاوت يسير.
2- فقه الرضا عليه السلام:242،المستدرك 15:90 أبواب المهور ب 34 ح 5.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):610.
4- البِرذَون:التركي من الخيل،و خلافها العِراب.المغرب 1:36.
5- العِتاق من الخيل:النجائب.مجمع البحرين 5:210.
6- قرب الإسناد:637/174،الوسائل 21:310 أبواب المهور ب 49 ح 5.
7- تفسير العياشي 1:400/124.

أو بالثوب المرتفع عادةً،ناسبت قيمته قسيميه أم لا. أو عشرة دنانير فأزيد و هي المثاقيل الشرعية؛ و لم أجد عليها مستنداً سوى إطلاق النصّ،مع أنّ في المرسل السابق:« الدار و الخادم» و في المعتبرة منها الموثّقان (1)-:« العبد و الأمة» و ليس المذكور منها، و لعلّه للتمثيل.

و يمتّع الفقير بالخاتم ذهباً كان أو فضة معتدّاً به عادةً، و الدرهم كما في المرسل.

و في الصحيح:ما أدنى ذلك المتاع إذا كان معسراً؟قال:« الخمار و شبهه» (2).

و الموثّق:« المعسر (3)بالحنطة و الزبيب و الثوب و الدراهم» (4).

و اختلاف هذه المعتبرة منزل على العرف و العادة،أو التمثيل.

و يمتّع المتوسّط بينهما بما بينهما كخمسة دنانير، و الثوب المتوسّط،و نحو ذلك.

و بالجملة:المرجع في الأحوال الثلاثة إلى العرف بحسب زمانه و مكانه و شأنه.

و لو تزوّج بمهر مجهول،و لكن جعل الحكم و التعيين لأحدهما في تقدير المهر المذكور صحّ العقد و التفويض بإجماع

ص:31


1- الكافي 6:3/105،4،التهذيب 8:484/139،485،الوسائل 21:308 أبواب المهور ب 49 ح 1.
2- الكافي 6:5/105،التهذيب 8:486/140،تفسير العياشي 1:428/129،الوسائل 21:309 أبواب المهور ب 49 ح 2.
3- في جميع المصادر:المقتر.
4- تقدّمت مصادره في الهامش(1)أعلاه.

الطائفة.خلافاً للعامّة،فجعلوا المهر الواقع على هذا الوجه من قبيل المهر الفاسد،و أوجبوا به مهر المثل.

و هذا هو القسم الثاني من قسمي التفويض،و يسمّى ب:مفوّضة المهر؛ و النصوص بذلك مستفيضة.

ففي الصحيح:في رجل تزوّج امرأة على حكمها أو على حكمه، فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها،قال:« لها المتعة و الميراث و لا مهر لها» قلت:فإن طلّقها و قد تزوّجها على حكمها؟قال:« إذا طلّقها و قد تزوّجها على حكمها لم يتجاوز بحكمها عليه خمسمائة درهم» (1).

و ظاهره كغيره (2)كالعبارة و غيرها (3)هو التفويض إلى أحدهما، و أمّا غيره فلا،و صريح جماعة:اختصاص الحكم بالتفويض إلى أحدهما؛ لمخالفته الأصل قطعاً (4).و في جواز ما عداه كالتفويض إلى غيرهما،أو إليهما معاً وجهان:من الأصل و عدم النصّ،و أنّه كالنائب عنهما فلا بأس به لو رضياه.و الوقوف مع النصّ طريق اليقين.

و يحكم الزوج المفوّض إليه المهر بما شاء و إن قلّ و إن عكس الأمر و حكمت المرأة و فوّض إليها لم يجز لها أن تتجاوز مهر السنّة إجماعاً و نصّاً فيهما.

ص:32


1- الكافي 5:2/379،الفقيه 3:1249/262،التهذيب 7:1481/365،الإستبصار 3:830/230،الوسائل 21:279 أبواب المهور ب 21 ح 2؛ بتفاوت يسير.
2- الفقيه 3:1250/262،الوسائل 21:279 أبواب المهور ب 21 ح 3.
3- هو الشهيد في اللمعة(الروضة 5):350.
4- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:379،و السبزواري في الكفاية:181،و صاحب الحدائق 24:491.

ففي الخبر:عن رجل تزوّج امرأة على حكمها،قال:« لا يتجاوز بحكمها مهر نساء آل محمّد عليهم السلام،اثنتي عشرة أُوقيّة و نشّ،و هو وزن خمسمائة درهم من الفضّة» قلت:أ رأيت إن تزوّجها على حكمه و رضيت و حكّمته؟قال:« ما حكم من شيء فهو جائز،قليلاً كان أو كثيراً» قال:

قلت:كيف لم تُجز حكمها عليه و أجزت حكمه عليها؟قال:فقال:« لأنّه حكّمها فلم يكن لها أن تجوز ما سنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله و تزوّج عليه نساءه، فرددتها إلى السنّة،و لأنّها هي حكّمته و جعلت الأمر في المهر إليه و رضيت بحكمه في ذلك فعليها أن تقبل حكمه قليلاً كان أو كثيراً» (1).

و ليس في سنده سوى الحسن بن زرارة،و وصفه كاسمه على الأصحّ وفاقاً لجماعة (2)،مع أنّ في السند:الحسن بن محبوب،و هو ممّن حكي إجماع العصابة على تصحيح رواياتهم (3)،فالسند معتبر غاية الاعتبار،مع اعتضاده بالشهرة بين الأخيار،و هي إجماع كما حكاه جماعة (4)،فلا وجه للتأمّل في المسألة،مع أنّ الدليل غير منحصر فيه؛ لدلالة الأصل و الإطلاقات على الأول،و خصوص ما مضى من الصحيح على الثاني.

نعم،ربما يشكل الحكم في الأول؛ لظاهر الصحيح:عن الرجل يفوَّض إليه صداق امرأته فينقص عن صداق نسائها،قال:« يلحق بمهر

ص:33


1- الكافي 5:1/379،التهذيب 7:1480/365،الاستبصار 3:829/230،علل الشرائع:1/513،الوسائل 21:278 أبواب المهور ب 21 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- ملاذ الأخيار 12:247،الحدائق 24:489.
3- انظر رجال الكشي 2:830.
4- منهم الشيخ في الخلاف 4:381،المجلسي في مرآة العقول 20:106،و صاحب الحدائق 24:491.

نسائها» (1).

لكنّه شاذّ لا عامل به،مع عدم مقاومته لما مرّ،فليُحمَل على الندب، أو ما حمله الشيخ عليه،من التفويض إليه على أن يجعله مثل مهر نسائها (2).

ثم لو طلّق قبل الدخول الزم الحاكم بالحكم،و لها نصف ما يحكم به؛ لأنّ ذلك هو الفرض الذي ينتصف بالطلاق (3)،سواء وقع الحكم قبل الطلاق أم بعده.و كذا لو طلّقها بعد الدخول،لزم الحاكم الفرض و استقرّ في ذمّة الزوج،و لا خلاف في شيء من ذلك.

و لو مات الحاكم منهما قبل الدخول و قبل الحكم،فالمرويّ في الصحيح المشار إليه (4):أنّ لها المتعة دون المهر،و هو الأشهر الأظهر،كما عن النهاية و ابن البرّاج و ابن حمزة و المقنع و العلّامة و ولده، و الشهيد الأول في النكت و ظاهر اللمعة،و الثاني في المسالك و الروضة (5)، و جماعة (6).

و ما استُضعِف به دلالة الخبر ب:ظهور أنّ النشر على ترتيب اللفّ، فيكون الحكم بالمتعة فيما إذا مات المحكوم عليه خاصّة.و اختصاصِ

ص:34


1- التهذيب 7:1482/366،الإستبصار 3:831/230،الوسائل 21:279 أبواب المهور ب 21 ح 4.
2- قاله في التهذيب 7:366.
3- بدله في الأصل:به الطلاق،و الظاهر ما أثبتناه.
4- في ص 32.
5- النهاية:472،القاضي في المهذب 2:206،ابن حمزة في الوسيلة:296،المقنع:108،العلّامة في المختلف:545،و ولده في إيضاح الفوائد 3:220،اللمعة(الروضة البهية 5):351،المسالك 1:544،الروضة 5:351.
6- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:381،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:85،و صاحب الحدائق 24:493.

الجواب فيه بموت الزوج؛ إذ مع موتها ليس لها ميراث،و لا يتمّ المقايسة بإيجاب المتعة لها و الميراث له (1).

مندفع،فالأول:بفقد الوجه لثبوت المتعة بموت المحكوم خاصّة مع بقاء الحاكم مع أنّه انعقد النكاح بحكمه،فله الحكم مع بقائه كما يأتي، و لا أثر لموت المحكوم عليه،كيف؟!و قد نصّ في الخبر بعد ما ذكر على أنّ له الحكم مع الطلاق القاطع لعلاقة الزوجيّة بخلاف الموت،فثبوت الحكم له هنا ثابت بالأولويّة،فلا بدّ من الحمل على موت الحاكم،جمعاً بين طرفيه،و بينه و بين الأُصول.

و الثاني:بعدم الفارق بين الموتين.

و يؤيّد المذهب:أنّ مهر المثل لا يجب إلّا مع الدخول و لم يحصل، و لا مسمّى،و لا يجوز إخلاء النكاح عن مهر،فيجب المتعة؛ إذ لا رابع.

و عن الطوسي في الخلاف و الإسكافي و الحلّي:أنّه لا شيء لها أصلاً؛ لاشتراط المثل بالدخول،و المتعة بالطلاق،و لا شيء منهما هنا؛ مضافاً إلى الأصل (2).

و الصحيح حجّة على مَن عدا الحلّي،و مختاره متوجّه على مختاره، أو ثبوت عدم دلالة الصحيح و ظهوره.

و في القواعد و المختلف:يثبت لها مهر المثل (3)؛ لأنّه قيمة المعوَّض حيث لم يتعيّن غيره؛ و لأنّ المهر مذكور،غايته أنّه مجهول،فإذا تعذّرت معرفته وجب الرجوع إلى مهر المثل.

ص:35


1- حكاه في كشف اللثام 2:85.
2- الخلاف 4:378،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:545،الحلي في السرائر 2:593.
3- القواعد 2:41،المختلف:545،و فيه الحكم بالمتعة دون مهر المثل.

و هو مع أنّه غير مسموع في مقابلة النصّ الصحيح مُجاب، فالأول:بعدم تحقّق الدخول الموجب للعوض.و الثاني:بأنّه عين الدعوى،فكيف يجعل دليلاً (1)؟! و لا فرق مع موت الحاكم بين موت المحكوم عليه معه و عدمه؛ عملاً بإطلاق النصّ،مع عدم القائل بالفرق.

و لو مات المحكوم عليه وحده فللحاكم الحكم،بلا خلاف أجده؛ لإطلاق النصّ بثبوت الحكم له،مع عدم اشتراط حضور المحكوم عنده، و التفويض إليه قد لزم بالعقد بالضرورة فلا يبطل بموت المحكوم عليه البتّة؛ و لأصالة بقائه،و النصّ لا يعارضه.

و أمّا الصحيح:في رجل تزوّج امرأة بحكمها ثم مات قبل أن تحكم، قال:« ليس لها صداق،و هي ترث» (2).

فمع قطع النظر عمّا يلحق سنده من النظر،شاذّ لا يمكن التعويل عليه و لا العمل،سيّما في مقابلة ما مرّ.

و لو مات الحاكم قبل الحكم و بعد الدخول،ثبت مهر المثل؛ لأنّه الأصل حيث لم يمكن المهر،و به صرّح المفلح الصيمري من غير نقل خلاف (3)،و لم يتعرّض له الباقون.

و لو مات المحكوم حينئذ،الزم الحاكم بالحكم،فإن كانت المرأة لا تتجاوز السنّة،و إلّا فللزوج الحكم بما شاء؛ لما مضى (4).

ص:36


1- نهاية المرام 1:382.
2- الفقيه 3:1250/262،الوسائل 21:279 أبواب المهور ب 21 ح 3.
3- تلخيص الخلاف 2:360.
4- في ص 32.

الطرف الثالث في الأحكام

اشارة

الطرف الثالث في الأحكام المتعلّقة بالمهر و هي عشرة

الأول تملك المرأة المهر بالعقد

الأول:تملك المرأة المهر جميعه بالعقد و إن لم يستقرّ التملّك إلّا بعد الدخول،على الأظهر الأشهر،بل عن الحلّي:نفي الخلاف عنه (1).

لعموم وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ [1] (2).و الموثّق:في رجل ساق إلى زوجته غنماً و رقيقاً،فولدت عندها، و طلّقها قبل أن يدخل،فقال:« إن كنّ حملن عنده فله نصفها و نصف ولدها،و إن كنّ حملن عندها فلا شيء له من الأولاد» (3).

و لأنّه عوض البضع المملوك بالعقد.

و للنصوص الآتية في استحقاق المتوفّى عنها زوجها قبل الدخول جميع المهر (4)،و هي مستفيضة،لكنّها معارضة بمثلها.

خلافاً للإسكافي،فتملك نصفه به و النصف الآخر بالدخول (5)؛

ص:37


1- السرائر 2:585.
2- النساء:4.
3- الكافي 6:/107 ذيل حديث 4،التهذيب 7:1491/368،الوسائل 21:293 أبواب المهور ب 34 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- في ص 40.
5- حكاه عنه في المختلف:543.

للموثّق (1)و غيره (2):« لا يوجب المهر إلّا الوقاع في الفرج» .و حُمِل (3)على الاستقرار جمعاً و غلبةً في الاستعمال إن تمّ الدلالة، و إلّا فالوجوب أعمّ من التملّك،و لا دلالة للعامّ على الخاصّ،و على تقدير الصراحة فلا شيء منهما تقاوم ما مرّ من الأدلّة.

و بالأخير يجاب عن الصحيح:عن رجل تزوّج امرأة على بستان له معروف و له غلّة كثيرة،ثم مكث سنين لم يدخل بها ثم طلّقها،قال:« ينظر إلى ما صار إليه من غلّة البستان من يوم تزوّجها فيعطيها نصفه،و يعطيها نصف البستان،إلّا أن تعفو فتقبل منه و يصطلحا على شيء ترضى منه،فإنّه أقرب للتقوى» (4).

و مع ذلك،فقد أُجيب عنه بجواز كون الغلّة من زرعٍ يزرعه الزوج، و أن يكون البستان هو الصداق دون أشجاره.و على التقديرين،فليست الغلّة من نماء المهر،فتختصّ بالرجل،و الأمر بدفع النصف منها إليها محمول على الاستحباب،كما يرشد إليه قوله:« فإنّه أقرب للتقوى» و لعلّه عوض عن اجرة الأرض (5).

و لا بأس به؛ تفادياً عن الطرح.

و على المختار،لها التصرّف قبل القبض؛ للأصل،و لعموم ما دلّ

ص:38


1- التهذيب 7:1859/464،الإستبصار 3:817/226،الوسائل 21:320 أبواب المهور ب 54 ح 6.
2- الكافي 6:5/109،الوسائل 21:321 أبواب المهور ب 55 ح 1.
3- المختلف:547،المهذب البارع 3:396،المسالك 1:553.
4- الفقيه 3:1292/272،الوسائل 21:290 أبواب المهور ب 30 ح 1.
5- كشف اللثام 2:86.

على تسلّط الملّاك على أموالهم (1).

خلافاً للخلاف (2)؛ لعدم الدليل عليه،لعدم النصّ،و اختصاص الإجماع بما بعد القبض؛ و للنهي عن بيع ما لم يُقبَض (3).

و ضعفه ظاهر؛ لوجود الدليل،و لا أقلّ من الأصل كما قيل (4)، و اختصاص النهي بمن اشترى ثم باع؛ مع أنّه أخصّ من المدّعى.

و ينتصف بالطلاق بالنّص و الوفاق،و الأول متواتر (5)،معتضد بنصّ الكتاب وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ [1] (6). و يستقرّ الجميع بأحد أُمور أربعة:

بالدخول،و هو الوطء قبلاً أو دبراً إجماعاً،كما في الروضة (7)و كلام جماعة (8)،و النصوص به مستفيضة،مرّ بعضها.

و في الصحيح:« إذا أدخله وجب الغسل و المهر» (9)و نحوه في عدّة من المعتبرة (10).

ص:39


1- عوالي اللئلئ 1:99/222.
2- الخلاف 4:370.
3- انظر الوسائل 18:65 أبواب أحكام العقود ب 16.
4- نهاية المرام 1:385.
5- الوسائل 21:313 أبواب المهور ب 51.
6- البقرة:237.
7- الروضة 5:353،كشف اللثام 1:86.
8- كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:226،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:86،و السبزواري في الكفاية:181.
9- الكافي 6:6/109،الوسائل 21:319 أبواب المهور ب 54 ح 1.
10- الوسائل 21:319 أبواب المهور ب 54.

و بردّة الزوج عن فطرة،على الأشهر الأقوى؛ لثبوته بالعقد،فوجب الحكم باستمراره إلى ظهور المسقط،و ليس.و إلحاقه بالطلاق قياس باطل بالاتّفاق.

و بموت الزوج على الأشهر،بل عليه الإجماع عن الناصريّات (1)؛ للأصل،و مفهوم الكتاب (2)،و عموم وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ [1] (3).و المستفيضة،منها الصحيح:في المتوفّى عنها زوجها إذا لم يدخل بها:« إن كان فرض لها مهراً فلها مهرها الذي فرض لها،و لها الميراث» الخبر (4)،و نحوه الصحيح الآخر (5)،و الموثّقان (6)،و غيرهما (7).

خلافاً للمحكيّ عن صريح المقنع،فكالطلاق (8)،و هو ظاهر الكافي و الفقيه (9)،بل حكى عليه بعض المتأخّرين الشهرة بين قدماء الطائفة (10)،

ص:40


1- الناصريات(الجوامع الفقهية):212.
2- البقرة:237.
3- النساء:4.
4- التهذيب 8:505/146،الإستبصار 3:1215/341،الوسائل 21:332 أبواب المهور ب 58 ح 22.
5- التهذيب 8:503/145،الإستبصار 3:1213/340،الوسائل 21:332 أبواب المهور ب 58 ح 21.
6- أحدهما في:التهذيب 8:502/145،الإستبصار 3:1212/340،الوسائل 21:331 أبواب المهور ب 58 ح 20. و الآخر في:التهذيب 8:508/146،الإستبصار 3:1218/341،الوسائل 21:333 أبواب المهور ب 58 ح 24.
7- انظر الوسائل 21:326 أبواب المهور ب 58.
8- المقنع:105.
9- الكافي 6:118،الفقيه 3:326.
10- هو السبزواري في الكفاية:183.

و اختاره من المتأخّرين جماعة (1)؛ و عليه تدلّ المستفيضة الأُخر التي كادت تبلغ التواتر،بل لا يبعد أن تكون متواترة،و أكثرها معتبرة الأسانيد.

ففي الصحيح:في الرجل يموت و تحته امرأته لم يدخل بها،قال:

« لها نصف المهر» الخبر (2).

و الصحيح:« إن لم يكن دخل بها و قد فرض لها مهراً،فلها نصف ما فرض لها،و لها الميراث» (3).

و الصحيح:عن المرأة تموت قبل أن يدخل بها،أو يموت الزوج قبل أن يدخل بها،قال:« أيّهما مات فللمرأة نصف ما فرض لها» (4).

و ذكرها كملاً لا يناسب هذا المختصر.

فالقول بها لا يخلو عن قوّة؛ لأنّ المظنّة الحاصلة من هذه الكثرة أقوى من الحاصلة من الشهرة،سيّما مع اعتضادها بالشهرة بين القدماء و لو كانت محكيّة،و مخالفتها التقيّة كما صرّح به جماعة (5)،فيُخَصّ بها الأصل، و يُصَرف النصوص السابقة عن ظواهرها بالحمل على النصف؛ لأنّه مهرها و لو بَعُدَ في بعضها،و منه يظهر وجه رجحان لهذه النصوص و مرجوحيّة

ص:41


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:389،العلّامة المجلسي في مرآة العقول 21:203،و صاحب الحدائق 24:557.
2- الكافي 6:1/118،التهذيب 8:499/144،الإستبصار 3:1207/339،الوسائل 21:326 أبواب المهور ب 58 ح 1.
3- الكافي 6:4/118،التهذيب 8:501/144،الوسائل 21:328 أبواب المهور ب 58 ح 6.
4- الكافي 6:5/119،التهذيب 8:509/146،الإستبصار 3:1219/341،الوسائل 21:328 أبواب المهور ب 58 ح 7.
5- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:389،و العلّامة المجلسي في مرآة العقول 21:203،و صاحب الحدائق 24:557.

لتلك؛ لصراحة هذه دون الأوّلة.

و أمّا العموم،فبعد تسليمه فشموله لمثل المقام محلّ نظر،مع أنّه كالمفهوم نقول بهما،إلّا أنّ الخطاب فيهما للأحياء لا مطلقاً.

لكن المسألة بَعدُ محلّ إشكال،و الاحتياط فيها مطلوب على كلّ حال.

و بموت الزوجة على الأشهر أيضاً؛ لما عدا المستفيضة من الأدلّة المتقدّمة (1).

و فيها مضافاً إلى ما مرّ استفاضة المعتبرة بالتنصيف هنا من دون معارض أصلاً:

منها:الصحيح المتقدّم (2)،و الموثّق:عن رجل تزوّج امرأة و لم يدخل بها،فقال:« إن هلكت أو هلك أو طلّقها فلها نصف المهر،و عليها العدّة كاملة،و لها الميراث» (3).

و نحوه آخر:في امرأة توفّيت قبل أن يدخل بها زوجها،ما لها من المهر؟و كيف ميراثها؟فقال:« إذا كان قد مهرها صداقها فلها نصف المهر و هو يرثها،و إن لم يكن فرض لها صداقها فهي ترثه و لا صداق لها» (4)إلى غير ذلك من الأخبار (5).

ص:42


1- راجع ص 40.
2- آنفا في ص 41.
3- الكافي 6:2/118،التهذيب 8:500/144،الإستبصار 3:1208/339،الوسائل 21:327 أبواب المهور ب 58 ح 3.
4- التهذيب 8:510/147،الإستبصار 3:1220/341،الوسائل 21:328 أبواب المهور ب 58 ح 8؛ بتفاوت يسير.
5- انظر الوسائل 21:326 أبواب المهور ب 58.

و العمل بها متعيّن؛ لخلوّها عن المعارض،مع اعتضادها بما مرّ، و عمل جماعة من الأصحاب بها،كالطوسي و القاضي و الكيدري (1)و جماعة من المتأخّرين (2).

و لا يسقط شيء من المهر عاجلاً كان أم آجلاً معه أي الدخول لو لم تقبض على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع عن ظاهر الانتصار (3)؛ للأصل،و العمومات،و خصوص المعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:الرجل يتزوّج المرأة على الصداق المعلوم،فيدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً،فقال:« يقدّم إليها ما قلّ أو كثر،إلّا أن يكون له وفاء من عرض إن حدث به حدث ادّي عنه،فلا بأس» (4).

و الموثّق:عن الرجل يتزوّج المرأة فلا يكون عنده ما يعطيها فيدخل بها،قال:« لا بأس،إنّما هو دين عليه لها» (5)و نحوه الموثّق الآخر (6)، و المرسل كالصحيح (7)،و غيرهما (8).

ص:43


1- الطوسي في النهاية:471،القاضي في المهذب 2:204،و حكاه عن قطب الدين في المختلف:544.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:391،و السبزواري في الكفاية:183،و صاحب الحدائق 24:553.
3- حكاه عنه في كشف اللثام 2:86،و هو في الانتصار:122.
4- الكافي 5:2/413،التهذيب 7:1455/358،الإستبصار 3:801/221،الوسائل 21:255 أبواب المهور ب 8 ح 1.
5- الكافي 5:4/414،التهذيب 7:1456/358،الإستبصار 3:802/221،الوسائل 21:256 أبواب المهور ب 8 ح 2.
6- الكافي 5:1/413،التهذيب 7:1454/358،الإستبصار 3:800/221،الوسائل 21:259 أبواب المهور ب 8 ح 10.
7- الكافي 5:3/413،التهذيب 7:1453/357،الإستبصار 3:798/220،الوسائل 21:259 أبواب المهور ب 8 ح 9.
8- انظر الوسائل 21:255 أبواب المهور ب 8.

خلافاً للحلبي كما حكي،فأسقط بالدخول،سواء قبضت منه شيئاً أم لا،طالت مدّتها أم قصرت،طالبت به أم لم تطالب (1)؛ للصحاح المستفيضة (2)،و أُوّلت بتأويلات (3)غير بعيدة في مقام الجمع بين الأدلّة:

منها:حملها على ما إذا لم يكن قد سمّى مهراً معيّناً،و ساق إليها شيئاً،و دخل و لم تعترض،فيكون ذلك مهرها،كما يأتي.

و منها:حملها على قبول قول الزوج في براءته من المهر لو تنازعا.

و في المختلف جعل منشأ الحكم العادة بتقديم المهر كما كانت في السالف،قال:و العادة الآن بخلاف ذلك،فإن فرض أن كانت العادة في بعض الأزمان و الأصقاع كالعادة القديمة كان الحكم ما تقدّم،و إلّا كان القول قولها (4).

قيل:و يخطر بالبال أن يحمل سقوط مطلق الصداق على سقوط العاجل منه،حملاً للمطلق على المقيّد؛ يدلّ عليه ما في بعضها:« إذا دخل بها فقد هدم العاجل» (5)،فإنّهم كانوا يومئذٍ يجعلون بعضه عاجلاً و بعضه آجلاً،كما يستفاد من بعض الاخبار (6)،و كان معنى العاجل:ما كان دخوله مشروطاً على إعطائه إيّاها،فإذا دخل بها قبل الإعطاء فكأنّ المرأة أسقطت حقّها العاجل و رضيت بتركه،و لا سيّما إذا كان قد أخذت بعضه،و أمّا

ص:44


1- حكاه عنه في المختلف:548،و راجع الكافي في الفقه:294.
2- انظر الوسائل 21:255 أبواب المهور ب 8.
3- انظر التهذيب 7:360.
4- المختلف:543.
5- الكافي 5:2/383،التهذيب 7:1461/359،الإستبصار 3:807/222،الوسائل 21:256 أبواب المهور ب 8 ح 4.
6- انظر الوسائل 21:264 أبواب المهور ب 10.

الآجل فلا يسقط إلّا بالأداء (1).

و فيه نظر؛ لاشتراط التكافؤ في الحمل،و ليس؛ لصحّة المطلق، و قصور المقيّد بحسب السند؛ مع احتماله التقيّة كما صرّح به جماعة (2).

و مع ذلك،الخروج بمثل ذلك عن المستفيضة الأوّلة المعتضدة بالأصل،و العمومات،و الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل إجماع في الحقيقة جرأة عظيمة،مع كونه إحداث قول ثالث في المسألة البتّة.و مع ذلك،فلا يقبله بعض المستفيضة المسقطة،كما يظهر من التدبّر فيه و الملاحظة.

و بالجملة:الأخبار المذكورة و إن صحّ أسانيدها شاذّة لا يتأتّى المصير إليها.

و لا يستقرّ المهر بجميعه بمجرّد الخلوة بالمرأة و إرخاء الستر على وجه ينتفي معه المانع مطلقاً على الأظهر الأشهر للأصل،و قوله تعالى وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [1] (3)،فإنّ المراد بالمسّ هنا:الجماع؛ للإجماع على أنّ مطلق المسّ غير موجب للجميع،فينتفي إرادته،و هو منحصر في الأمرين إجماعاً؛ و النصوص المعتبرة به مستفيضة:

منها:الموثّقات المستفيضة المصرّحة ب:أنّه لا يوجب المهر إلّا الوقاع في الفرج،أصرحها الموثّق:عن رجل تزوّج امرأة،فأغلق باباً

ص:45


1- مفاتيح الشرائع 2:280.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:393،و المحدّث المجلسي في ملاذ الأخيار 12:238،و صاحب الحدائق 24:503.
3- البقرة:237.

و أرخى ستراً و لمس و قبّل،ثم طلّقها،أ يوجب عليه الصداق؟قال:

« لا يوجب الصداق إلّا الوقاع في الفرج» (1).

و منها الصحيح:عن رجل تزوّج جارية لم تدرك لا يجامع مثلها،أو تزوّج رتقاء،فأُدخلت عليه،فطلّقها ساعة أُدخلت عليه،فقال:« هاتان ينظر إليهنّ من يوثق به من النساء،فإن كنّ كما دخلن عليه فإنّ لها نصف الصداق الذي فرض لها» الخبر (2).

و يؤيّدها المعتبرة في العنن،الدالّة على أنّه ينظر سنة،فإن وقع بها، و إلّا فسخت نكاحه و لها نصف المهر (3)،مع تحقق الخلوة في السنة و غيرها من المقدّمات.

خلافاً للصدوق،فأوجب بها مطلقاً (4)؛ للنصوص المستفيضة و كلّها قاصرة الأسانيد أجودها الموثّق:عن المهر متى يجب؟قال:« إذا أُرخيت الستور و أُجيف الباب» و قال:« إنّي تزوّجت امرأة في حياة أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام،و إنّ نفسي تاقت إليها،فنهاني أبي فقال:لا تفعل يا بنيّ، لا تأتها في هذه الساعة،و إنّي أبيت إلّا أن أفعل،فلمّا دخلت عليها قذفت إليها بكساء كان عليّ و كرهتها،و ذهبت لأخرج،فقامت مولاة لها فأرخت الستر و أجافت الباب،فقلت:مه،قد وجب الذي تريدين» (5).

ص:46


1- الكافي 6:5/109،الوسائل 21:321 أبواب المهور ب 55 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 6:5/107،التهذيب 7:1866/465،الإستبصار 3:824/227،الوسائل 21:325 أبواب المهور ب 57 ح 1.
3- الكافي 5:7/411،التهذيب 7:1709/429،الإستبصار 3:899/251،الوسائل 21:233 أبواب العيوب و التدليس ب 15 ح 1.
4- انظر المقنع:109.
5- التهذيب 7:1867/465،الإستبصار 3:825/228،الوسائل 21:323 أبواب المهور ب 55 ح 6؛ بتفاوت يسير.

و هو مع قصور سنده،و مخالفته لأُصول المذهب معارض بمثله، الصريح في إيجاب أبيه عليه عليهما السلام في تلك القضيّة نصف المهر،و فيه:

« فلمّا رجعت إلى أبي و أخبرته كيف كان،فقال:إنّه ليس عليك إلّا النصف» يعني نصف المهر (1).

و مع ذلك فليس كالمتقدّمة عليه تعارض ما مرّ،سيّما مع احتمال الجميع الحمل على التقيّة،فروى العامّة عن عمر أنّه قال:من أرخى ستراً أو أغلق باباً فقد وجب عليه المهر (2)،و قد ذهب إليه أبو حنيفة (3)و كثير من العامّة (4)؛ لهذه الرواية.

و لجماعة من القدماء،فأوجبوا بها ظاهراً لا باطناً (5)؛ جمعاً بين النصوص،يعنون:إذا كانا متّهمين،يعني:يريد الرجل أن يدفع المهر عن نفسه،و المرأة تدفع العدّة عن نفسها،و لكن إذا علمت أنّه لم يمسّها فليس لها فيما بينها و بين اللّه تعالى إلّا النصف.

و ليس بشيء؛ لأنّه فرع التكافؤ و الشاهِد عليه،و ليسا؛ مع أنّ الموثّق المتقدّم لا يجري فيه التهمة الموجبة للعمل بالظاهر.

و للإسكافي قول آخر بإلحاق مقدّمات الوطء كإنزال الماء بغير

ص:47


1- الكافي 5:2/366،التهذيب 7:1868/466،الإستبصار 3:826/228،الوسائل 21:323 أبواب المهور ب 55 ح 7.
2- انظر الموطّأ 2:12/528 بتفاوت.
3- حكاه في بدائع الصنائع 2:289.
4- كابن قدامة في المغني 8:63،المحلّى لابن حزم 9:485،مغني المحتاج 3:225.
5- منهم الشيخ في النهاية:471،و القاضي في المهذّب 2:204،و حكاه في المختلف عن قطب الدين الكيدري:543.

جماع،و لمس العورة،و النظر إليها،و القبلة بشهوة به (1)؛ و ربما يستدلّ له بإطلاق المسّ في الآية (2).

و ليس في محلّه؛ للإجماع حتى منه على عدم اعتبار مطلقه في الاستقرار،و على تقدير التماميّة فلا يعارض شيئاً من الأدلّة الماضية،سيّما الموثّقة المتقدّمة (3)،النافية لما اعتبره صريحاً.

و بالجملة:فهو شاذّ لا وجه له بالمرّة.

الثاني قيل إذا لم يسمّ لها مهراً،و قدّم شيئاً قبل الدخول،كان ذلك مهرها

الثاني:قيل كما عن المقنعة و النهاية و المراسم و الجامع و الغنية و السرائر (4)،و حكى عليه الشهرة جماعة (5)،و في الأخيرين الإجماع-:إنّه إذا تزوّجها و لم يسمّ لها مهراً،و قدّم إليها شيئاً قبل الدخول، كان ذلك مهرها،ما لم يشترط قبل الدخول أنّ المهر غيره بكونه بعض المهر أو مبايناً له.

و حجّتهم عليه مع مخالفته الأُصول المقرّرة،و إطلاق المعتبرة المصرّحة بثبوت مهر المثل للمفوِّضة بعد المواقعة (6)غير واضحة،سوى حكاية الإجماع السابقة،المعتضدة بالشهرة العظيمة،و إطلاق النصوص المتقدّمة بسقوط المهر بعد المواقعة (7)،خرج عنها غير المرأة المزبورة

ص:48


1- كما حكاه عنه في المختلف:543.
2- البقرة:237.
3- في ص 45.
4- المقنعة:509،النهاية:470،المراسم:152،الجامع:441،الغنية(الجوامع الفقهية):610،السرائر 2:581.
5- منهم ابن فهد في المهذّب البارع 3:402،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:394،و السبزواري في الكفاية:181.
6- الوسائل 21:268 أبواب المهور ب 12.
7- راجع ص 44.

بالأدلّة،و بقيت هي فيها مندرجة،فيُخَصّ بذلك ما تقدّم من الأدلّة؛ مع إمكان التأمّل في شمول إطلاق المعتبرة السابقة لمثل هذه الصورة.

و توقّف فيه جماعة،مختلفين في حكمها:

فبين من جمد على الأُصول و أثبت مهر المثل،كما في المعتبرة (1).

و بين من فصّل بالعادة،و حكم بالسقوط بدفع الشيء قبل الدخول إن استقرّت على تقديم المهر عليه على ما في سابق الزمان،و عدمه إن استقرّت على العدم كما استقرّت عليه الآن (2).

كلّ ذا إذا لم يتّفقا على فرضه (3)مهراً،و إلّا فلا شيء لها قولاً واحداً جدّاً.

الثالث إذا طلّق قبل الدخول رجع بالنصف

الثالث:إذا طلّق الزوجة قبل الدخول و كان قد سمّى لها مهراً،برئ ذمّته من نصف المسمّى إن كان ديناً،و رجع بالنصف و استقرّ ملكه عليه،قلنا بتملّكها الجميع بالعقد أم النصف خاصّة،إجماعاً و نصّاً كما مضى إن كان عيناً دفعه إليها و طالبت مطلقاً بالنصف إن لم يكن أقبضها.

و لا يستعيد منها الزوج ما تجدّد من النماء بين العقد و الطلاق، متّصلاً كان كالسمن (4) على الأصحّ الأشهر.

خلافاً للمبسوط،فيستعيده هنا (5).

ص:49


1- المسالك 1:546،نهاية المرام 1:395،الكفاية:181.
2- المختلف:543،انظر كشف اللثام 2:85.
3- أي المدفوع إليها.منه رحمه الله.
4- في المختصر المطبوع:كاللبن.
5- المبسوط 4:278.

و يدفعه مضافاً إلى ظاهر الآية فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ [1] (1)بناءً على مغايرة العين الزائدة للمفروضة خصوص بعض المعتبرة:في الرجل يتزوّج المرأة على وصيف،فكبر عندها،و يريد أن يطلّقها قبل أن يدخل بها،قال:« عليها نصف قيمته يوم دفعه إليها،لا ينظر إلى زيادة أو نقصان» (2).

و قصور السند لو كان منجبر بالشهرة بين الأعيان.

أو منفصلاً،كالولد كلّ ذا بناءً على ما مرّ من تملّكها الجميع بنفس العقد،و بخصوصه الموثق المتقدّم ثمّة (3)،و لا يعارضه الصحيح المتقدّم (4)أيضاً؛ لما عرفت.

و في الخبر السابق تأييد لما ذكرنا،فتأمّل جدّاً.

فتوقّف بعض من تأخّر (5)ليس في محلّه قطعاً.

ثم إنّ ذا إذا وجده باقياً.

و إن وجده تالفاً،أو منتقلاً عن ملكها،فله نصف مثله إن كان مثليّا؛ أو قيمته على الأظهر،أو نصف قيمة المهر على الأشهر إن كان قيميّاً.

ثم إن اتّفقت القيمة،و إلّا فله الأقلّ من حين العقد إلى حين التسليم؛ لحدوث الزيادة في ملكها،فلا سبيل له عليها لو اختصّ النقص بحين

ص:50


1- البقرة:237.
2- الكافي 6:13/108،التهذيب 7:1494/369،الوسائل 21:293 أبواب المهور ب 34 ح 2.
3- في ص 37.
4- في ص 38.
5- هو المحقّق السبزواري في الكفاية:182.

العقد؛ و لضمانه الناقص منه قبل القبض،فلا يضمّنها ما هو من ضمانة لو انعكس (1).

و إن وجده معيباً،رجع في نصف العين مع الأرش على الأظهر.

خلافاً للأشهر،فيتخيّر الزوج بين الرجوع بنصف القيمة،و بين أخذ نصف العين من غير أرش.

و فيه قول آخر (2)مشارك له في الضعف،بل و أمرّ.

و لو نقصت القيمة للسوق،فله نصف العين خاصّة،كصورة الزيادة و هي باقية.

و لو زادت زيادة متّصلة عيناً كانت أو صفة تخيّرت بين دفع نصف العين الزائدة،و نصف قيمتها مجرّدة عن الزيادة،على أظهر الأقوال و أشهرها في المسألة.

و لو اختارت الأول،وجب على الزوج القبول في أظهر الوجهين.

و كذا لو تغيّرت في يدها بما أوجب زيادة القيمة،كصياغة الفضّة و خياطة الثوب،و يجبر على العين لو بذلتها في الأول؛ لقبول الفضّة ما يريده منها،دون الثوب،إلّا أن يكون مفصّلاً على ذلك الوجه قبل دفعه إليها،من دون تصرّفها فيه بما لا يتأتّى معه حصول مقصودة.

و لو كان النماء موجوداً حال العقد،رجع بنصفه أيضاً كالحمل مع دخوله في المهر بالشرط أو التبع مطلقاً،حصل الوضع بعد

ص:51


1- أي اختصّ النقص بحين التسليم.منه رحمه الله.
2- انظر المسالك 1:547.

الطلاق أم قبله،على الأصح؛ لإطلاق الموثّق برجوعه (1)إلى نصف الأولاد بعد حمل الأُمّهات بها عنده (2).

خلافاً لبعضهم،فخصّه بالأول على الثاني خاصّة دون الأول (3).

و لآخر،فخصّه به عليهما (4).

و جعله بعضهم احتمالاً (5).

و لهم على ذلك وجوه اعتباريّة لا تنهض حجّة في مقابلة الرواية.

و لو كان المهر تعليم صنعة،أو علم مثلاً و طلّقها قبل الدخول بعد أن علّمها إيّاهما كملاً رجع عليها بنصف أُجرته المثليّة؛ لتعذّر الرجوع بعين ما فرض،فيكون كالتالف في يدها.

و لو كان قبل التعليم،رجعت هي عليه في نصف الأُجرة في تعليم الصنعة قطعاً؛ لعدم إمكان تعليمها نصفها؛ لعدم وقوفه على حدّ،و هو الواجب لها بالطلاق خاصّة قطعاً.

و كذا في تعليم السورة أيضاً إن استلزم المحرّم شرعاً،و إلّا فعليه تعليم نصفها؛ لإمكان استيفاء عين الحقّ،مع عدم المانع منه حينئذٍ أصلاً.

و لو أبرأته من جميع الصداق المسمّى لها رجع عليها بنصفه لو طلّقها قبل الدخول،و كذا لو وهبته إيّاه مطلقاً،قبضته أم لا،إجماعاً في الأخير كما عن المبسوط و الخلاف (6).

ص:52


1- في الأصل:برجوعها،و الظاهر ما أثبتناه.
2- الكافي 6:4/106،الوسائل 21:293 أبواب المهور ب 34 ح 1.
3- راجع المسالك 1:548.
4- راجع المسالك 1:548.
5- انظر القواعد 2:42.
6- المبسوط 4:308،الخلاف 4:391.

و على الأظهر الأشهر فيهما،بل كاد أن يكون إجماعاً؛ لأنّها حين الإبراء كانت مالكة لجميع المهر ملكاً تامّاً،و ما يرجع إليه بالطلاق ملك جديد،و لهذا كان نماؤه لها،فإذا طلّقها رجع عليها بنصفه،كما لو صادفها قد أتلفته،فإنّ تصرّفها فيه بالإبراء بمنزلة الإتلاف،فيرجع بنصفه.

خلافاً للمبسوط و الجواهر و القواعد،فاحتملوا العدم (1)في صورة الإبراء؛ لأنّها لم تأخذ منه مالاً؛ و لا نقلت إليه الصداق،لأنّ الإبراء إسقاطٌ لا تمليك؛ و لا أتلفت عليه،كما لو رجع الشاهدان بدين شهدا عليه في ذمّة زيد لعمرو بعد حكم الحاكم عليه و قبل الاستيفاء،و كان قد أبرأ المشهود عليه،فإنّه لا يرجع على الشاهدين بشيء.و لو كان الإبراء إتلافاً على من في ذمّته لغرما له (2).

و رُدّ بوضوح الفرق،فإنّ حقّ المهر ثابت حال الإبراء في ذمّة الزوج ظاهراً و باطناً،فإسقاط الحقّ بعد ثبوته متحقّق،بخلاف مسألة الشاهد،فإنّ الحقّ لم يكن ثابتاً كذلك،فلم يصادف البراءة حقّا يسقط بالإبراء (3).

و فيه مع ذلك-:أنّه اجتهاد في مقابلة النصّ المعتبر.

ففي الموثّق:عن رجل تزوّج جارية أو تمتّع بها،ثم جعلته من صداقها في حلّ،أ يجوز له أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً؟قال:« نعم، إذا جعلته في حلّ فقد قبضته منه،و إن خلّاها قبل أن يدخل بها ردّت المرأة على الزوج نصف الصداق» (4).

ص:53


1- أي عدم الرجوع.منه رحمه الله.
2- استظهره من المبسوط و الجواهر في كشف اللثام 2:91؛ و هو في المبسوط 4:308،و جواهر الفقه:177،و القواعد 2:43.
3- المسالك 1:548.
4- التهذيب 7:1513/374،الوسائل 21:301 أبواب المهور ب 41 ح 2.

و في الصحيح:عن رجل تزوّج امرأة على ألف درهم،فبعث بها إليها،فردّتها عليه و قالت:أنا فيك أرغب منّي في هذه الألف،هي لك، فقبلها منها،ثم طلّقها قبل أن يدخل بها،قال:« لا شيء لها،و تردّ عليه خمسمائة درهم» (1).

و نحوه الموثّق (2)و الخبر (3)،بزيادة قوله:« الباقية؛ لأنّها إنّما كانت لها خمسمائة فوهبتها له،و هِبتها إيّاها له و لغيره سواء» .و فيهما الدلالة على الحكم في صورة الهبة؛ و ربما استدلّ بهما له في صورة الإبراء (4)،و يحتاج إلى النظر؛ لأنّهما في الأُولى أظهر.

و لو وهبته النصف مشاعاً،ثم طلّقها قبل الدخول،فله الباقي؛ صرفاً للهبة إلى حقّها منه،كما لو وهبته لغيره فإنّهما سواء،كما في الصحيح المتقدّم.

و فيه قول بالرجوع بنصفه و قيمة الربع (5)؛ بناءً على شيوع نصفيهما في تمام العين،و شيوع النصف الموهوب أيضاً،فتتعلّق الهبة بنصفي النصيبين،فالنصف الباقي بمنزلة التالف نصفه،و بقي نصفه.

و عن المبسوط:احتمال الرجوع بنصف الباقي خاصّة (6)؛ لأنّه لمّا تعلّقت الهبة بالنصف المشاع فقد تعلّقت بنصفي النصيبين،فإنّما ملك من نصيبها النصف و هو الربع و استعجل نصف نصيب نفسه،و إنّما بقي له

ص:54


1- التهذيب 7:1511/374،الوسائل 21:301 أبواب المهور ب 41 ح 1.
2- الكافي 6:9/107،التهذيب 7:1492/368،الوسائل 21:294 أبواب المهور ب 35 ح 1.
3- الكافي 6:9/107،التهذيب 7:1492/368،الوسائل 21:294 أبواب المهور ب 35 ح 1.
4- انظر نهاية المرام 1:399.
5- حكاه في التنقيح الرائع 3:239،و المسالك 1:551.
6- حكاه عنه في كشف اللثام 2:91،و انظر المبسوط 4:308.

النصف الآخر من نصيبه،و هو الربع.

الرابع لو أمهرها مدبّرة ثمّ طلّق صارت بينهما نصفين

الرابع:لو أمهرها أمة مدبّرة أو عبداً كذلك،و اقتصر عليها تبعاً للرواية ثمّ طلّق قبل الدخول صارت بينهما نصفين فيتناوبان في خدمتها،فيوم له و يوم لها،بلا خلاف في ذلك.

و لكن في بطلان التدبير،فتملك الزوجة رقبتها و لو بعد موت السيّد؛ أو العدم،فحرّة بعد السبب (1)،و إنّما ينصرف الإمهار إلى الخدمة خاصّة؛ قولان.

فعن النهاية و المهذّب:الثاني (2)لتوقّف البطلان على صريح الرجوع.

و فيه نظر.

و للخبر:عن رجل تزوّج امرأة على جارية له مدبّرة قد عرفتها المرأة و تقدّمت على ذلك،و طلّقها قبل أن يدخل بها؟قال:فقال:« للمرأة نصف خدمة المدبّرة،يكون للمرأة يوم في الخدمة،و يكون لسيّدها الذي دبّرها يوم في الخدمة» قيل له:إن ماتت المدبّرة قبل المرأة و السيّد،لمن يكون الميراث؟قال:« يكون نصف ما تركته للمرأة،و النصف الآخر لسيّدها الذي دبّرها» (3).

و ليس مع قصور السند نصّاً،و لا خلاف فيما تضمّنه من الأحكام.

نعم،ربما أشعر بعض عباراته ك:تقدّمت على ذلك،و ماتت المدبّرة به.

ص:55


1- و هو موت السيد.منه رحمه اللّه.
2- النهاية:473،المهذب 2:209.
3- الكافي 5:3/380،التهذيب 7:1486/367،الوسائل 21:282 أبواب المهور ب 23 ح 1.

و في الاستناد إلى مثله نظر،سيّما في مقابلة ما دلّ على أنّ التدبير وصيّة يبطل بنحو هذا التصرّف،كما هو الأشهر.

و لذا قيل كما عن الحلّي (1)،و تبعه الأكثر،بل عليه كافّة المتأخّرين-:إنّه يبطل التدبير بجعلها مهراً،و هو أشبه لما مرّ.

نعم،يتّجه الأول على القول بعدم تملّكها بالعقد جميع المهر، و إنّما لها منه النصف.مع احتمال الثاني حينئذٍ أيضاً؛ بناءً على وجود العقد الدالّ على الرجوع،كما لو وهب الموصى به قبل الإقباض، فتأمّل.

الخامس لو أعطاها عوض المهر متاعاً أو عبداً آبقاً و شيئاً،ثم طلّق رجع بنصف المسمّى

الخامس:لو أعطاها عوض المهر المسمّى متاعاً أو عبداً آبقاً و شيئاً،ثم طلّق قبل الدخول رجع بنصف مثل المسمّى أو قيمته دون نصف نفس المسمّى و العوض أمّا الأول:فلانتقاله إليه بالمعارضة الجديدة،فيكون بها كالعين التالفة أو الموهوبة له أو لغيره بمعاوضة أو غير معاوضة.

و أمّا الثاني:فلأنّ المستحقّ بالطلاق نصف المفروض،و العوض غيره،فليس له الرجوع في نصفه،أو إجباره عليه.

و للصحيح:عن رجل تزوّج امرأة بألف درهم،فأعطاها عبداً له آبقاً و برداً حبرة بألف درهم التي أصدقها،قال:« إذا رضيت بالعبد و كانت قد عرفته فلا بأس إذا هي قبضت الثوب و رضيت بالعبد» قلت:فإن طلّقها قبل

ص:56


1- السرائر 2:588.

أن يدخل بها؟قال:« لا مهر لها،و تردّ عليه خمسمائة درهم،و يكون العبد لها» (1).

السادس إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع فسد الشرط

السادس:إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع و لا يخلّ بمقصود النكاح و إن كان عرضاً مقصوداً في الجملة فسد الشرط اتّفاقاً، حكاه جماعة (2)؛ و هو الحجّة فيه كالحسنة:« من اشترط شرطاً سوى كتاب اللّه تعالى فلا يجوز ذلك له و لا عليه» (3)،مضافاً إلى النصوص الآتية.

لا ما قيل من مخالفته المشروع،و استلزام وجوب الوفاء به حرمة ما أباحه الشرع أو ندب إليه مثلاً (4).

لمنعها،بعد دلالة الشريعة بلزوم الوفاء بمطلق الشروط (5)،فتكون المخالفة أيضاً شرعيّة،فلا بأس بها بعد قيام الدلالة عليها.

دون العقد و المهر فيصحّان بلا خلاف يوجد هنا،و به صرّح جماعة من أصحابنا (6)،و يظهر من المبسوط أيضاً (7)؛ لنسبته صحّة المهر المستلزمة لصحّة العقد بطريق أولى إلينا،و لا ينافيه تصريحه في الكتاب المذكور بفساد العقد بشرطٍ ينافي المقصود منه (8)؛ لمغايرة مفروض كلامه

ص:57


1- الكافي 5:6/380،التهذيب 7:1484/366،الوسائل 21:282 أبواب المهور ب 24 ح 1.
2- كشف اللثام 2:81.
3- التهذيب 7:1508/373،الإستبصار 3:836/232،الوسائل 21:297 أبواب المهور ب 38 ح 2.
4- قال به الشهيد في الروضة 5:362.
5- عوالي اللئلئ 1:84/218.
6- انظر المسالك 1:549،كشف اللثام 2:81.
7- المبسوط 4:303.
8- المبسوط 4:303 304.

ما فرضناه هنا و ادّعى هو الوفاق فيه جدّاً،و إلّا لكان التناقض منه ظاهراً كما لا يخفى،فتوهّم الخلاف في المقام فاسد كما ترى،فالإجماع المحكيّ بل القطعي هو الحجّة في صحّتهما.

كما لو شرطت أن لا يتزوّج أو لا يتسرّى،و كذا لو شرطت تسليم المهر في أجل فإن تأخّر عنه فلا عقد مضافاً إلى المعتبرة في المثالين:

منها الصحيح:في رجل تزوّج امرأة،و شرط لها إن هو تزوّج عليها امرأة،أو هجرها،أو اتّخذ عليها سريّة،فهي طالق،فقضى في ذلك أنّ:

« شرط اللّه تعالى قبل شرطكم،فإن شاء وفى بما شرط،و إن شاء أمسك و اتّخذها عليها و نكح» (1)و نحوه غيره من المعتبرة (2).

و منها الصحيح:« في رجل تزوّج المرأة إلى أجل مسمّى،فإن جاء بصداقها إلى أجل مسمّى فهي امرأته،و إن لم يجيء بالصداق فليس له عليها سبيل،شرطوا بينهم حيث أنكحوا،فقضى أنّ بيد الرجل بضع امرأته، و أحبط شرطهم» (3).

و بهما مع الإجماع المركّب يُخَصّ القاعدة الحاكمة بفساد المشروط بفساد شرطه في المفروض (4)إن تمّت.

ص:58


1- التهذيب 7:1500/370،الإستبصار 3:832/231،الوسائل 21:296 أبواب المهور ب 38 ح 1.
2- التهذيب 7:1508/373،الإستبصار 3:836/232،الوسائل 21:297 أبواب المهور ب 38 ح 2.
3- الكافي 5:1/402،التهذيب 7:1498/370،الوسائل 21:265 أبواب المهور ب 10 ح 2 بتفاوت يسير.
4- و هو فساد الشرط الغير المنافي لمقتضى العقد.منه رحمه اللّه.

مضافاً إلى النصوص الأُخر الموافقة لما مرّ في نحو مورده، كالصحيح:« قضى عليّ عليه السلام في رجل تزوّج امرأة و أصدقها و اشترطت أنّ بيدها الجماع و الطلاق،قال:خالفت السنّة،و ولّت الحقّ مَن ليس بأهله» قال:« فقضى أنّ على الرجل النفقة،و بيده الجماع و الطلاق،و ذلك هو السنّة» (1).

و بإزاء هذه الأخبار أخبارٌ أُخر شاذّة قاصرة الأسانيد،و مع ذلك فهي مختلفة ما بين مصرّح بفساد النكاح،كالخبر:في رجل جعل أمر امرأته بيدها؟قال:فقال:« ولّى الأمر من ليس بأهله،خالف السنّة،و لم يجز النكاح» (2).

و مصحّح للشرط و ملزم للوفاء به،كالموثّق:فيمن تزوّج امرأة،ثم طلّقها فبانت منه،فأراد أن يراجعها فأبت عليه إلّا أن يجعل للّه عليه أن لا يطلّقها و لا يتزوّج عليها،فأعطاها ذلك،ثم بدا له في التزويج بعد ذلك، كيف يصنع؟قال:« بئس ما صنع،و ما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل و النهار،قل له:فليف للمرأة بشرطها،فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال:المؤمنون عند شروطهم» (3).

و حمل الأخيرة في الكتابين تارةً على الندب،و أُخرى على النذر و ينافيهما الاستشهاد بما دلّ على لزوم الوفاء بالشرط من حيث إنّه شرط و ثالثةً على التقيّة؛ لكونه مذهب العامّة (4)،و هو المعيّن،كما يستفاد من

ص:59


1- التهذيب 7:1497/369،الوسائل 21:289 أبواب المهور ب 29 ح 1.
2- الكافي 6:4/137،التهذيب 8:301/88،الإستبصار 3:1113/313،الوسائل 22:93 أبواب مقدمات الطلاق ب 41 ح 5.
3- التهذيب 7:1503/371،الإستبصار 3:835/232،الوسائل 21:276 أبواب المهور ب 20 ح 4؛ بتفاوت يسير.
4- التهذيب 7:371،الاستبصار 3:232.

المعتبرة.

و في المسألة وجهٌ بفساد المهر خاصّة؛ لأنّ الشرط كالعوض المضاف إلى الصداق،فهو في حكم المال،و الرجوع إلى قيمته متعذّر؛ للجهالة، فيجهل الصداق،فيرجع إلى مهر المثل،إلّا أن يزيد المسمّى و الشرط لها، أو ينقص و الشرط عليها،فيجب المسمّى.

أمّا لو شرطت أن لا يقتضّها أو لا يطأها صحّ كلّ من العقد و الشرط مطلقاً،وفاقاً للنهاية و الإرشاد و المسالك (1)؛ تمسّكاً بعمومي ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقد و الشرط،و التفاتاً إلى خصوص المعتبرة الناصّة في المتعة،و المطلقة فيها و في الدائمة.

فالأول:الصحيح:رجل جاء إلى امرأة فسألها أن تزوّجه نفسها متعة، فقالت:أُزوّجك نفسي على أن تلتمس منّي ما شئت من نظر و التماس، و تنال منّي ما ينال الرجل من أهله،إلّا أنّك لا تدخل فرجك في فرجي و تلذّذ بما شئت،فإنّي أخاف الفضيحة،قال:« لا بأس،ليس له إلّا ما اشترط» (2).

و الثاني:الموثّق:رجل تزوّج بجارية عاتق على أن لا يقتضّها،ثم أذنت له بعد ذلك،قال:« إذا أذنت له فلا بأس» (3).

و نحوه خبر آخر (4)،في سنده ابن فضّال،المجمع على تصحيح

ص:60


1- النهاية:474،الإرشاد 2:17،المسالك 1:550.
2- الكافي 5:9/467،التهذيب 7:1160/270،الوسائل 21:72 أبواب المتعة ب 36 ح 1؛ و ليس في الجميع لفظة:« متعة».
3- الفقيه 3:1413/297،التهذيب 7:1496/369،الوسائل 21:295 أبواب المهور ب 36 ح 2.
4- التهذيب 7:1510/374،الوسائل 21:298 أبواب المهور ب 39 ح 2.

رواياته،فلا يضرّ ضعف راويه.

و الأول منهما صريح في أنّه لو أذنت له في الوطء جاز و هو الأشهر.

و ربما قيل بالمنع أو استُشكِل فيه؛ لعدم حلّ الفرج بالإذن،بل بالعقد،و لم يثمر الحلّ هنا؛ لمكان الشرط (1).

و فيه مع أنّه اجتهاد في مقابلة النصّ-:أنّ السبب في الحلّ:العقد المتقدّم لا مجرّد الإذن،غاية الأمر أنّ الشرط مانع من عمل السبب عمله، و بالإذن يرتفع المانع.

و منهم من خصّ الجواز في كلّ من العقد و الشرط بالمتعة التفاتاً إلى منافاة الشرط مقتضى العقد؛ بناءً على أنّ من أهمّ مقتضياته حصول التناسل الموقوف على الوطء؛ مع منافاته للسنّة،كما يرشد إليه فحوى الصحيح السابق (2)،الدالّ على مخالفة اشتراط جعل أمر الجماع بيد الزوجة لها،فمخالفة اشتراط عدمه بالمرّة لها بطريق أولى،و معها يفسد، و فساده ملازم لفساد مشروطه بمقتضى القاعدة،خرج عنها الشرط في المسألة السابقة بالإجماع و النصّ المختصَّين بها،بقي ما نحن فيه داخلاً فيها،و لا مخرج له عنها سوى العمومين،و ليس يجريان هنا بعد فساد الشرط كما لا يخفى؛ لاستلزام العمل بهما الوفاء به،و لا يجوز؛ لإطلاق الحسن المتقدّم (3)بعدمه.

و أمّا الخبران،فليس فيهما سوى الإطلاق الغير المنصرف إلى المقام؛

ص:61


1- راجع القواعد 2:38،و الإيضاح 3:208.
2- في ص 59.
3- في ص 57.

لعدم تبادره منهما،و غلبة موردهما في المتعة،مع ظهور الثاني منهما فيها، فليس اللازم منهما سوى الجواز فيها،و نحن نقول به،فهذا القول أقوى، وفاقاً لكثير من الأصحاب (1).

و هنا قولان آخران:فساد الشرط و صحّة العقد إمّا مطلقاً في الدائم و المنقطع كما عن الحلّي (2)و جماعة (3)أو في الأول خاصّة و صحّتهما في الثاني،كما عن ابن حمزة (4).

و ربما نُسِب إلى العلّامة في المختلف القول بفسادهما مطلقاً (5).

و ضعف الجميع يظهر ممّا قدّمناه سيّما الأول و الأخير لو كان لاتّفاق النصوص المعتبرة بدفعهما.

السابع لو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم

السابع:لو شرط أن لا يخرجها من بلدها،لزم على الأصحّ الأشهر.

لأنّه شرط لا يخالف المشروع،فإنّ خصوصيّات الوطن أمر مطلوب للعقلاء بواسطة النشوء و الأهل و الأُنس و غيرها،فجاز شرطه توصّلاً إلى الغرض المباح.

و للصحيح:في الرجل يتزوّج امرأة،و يشترط لها أن لا يخرجها من بلدها،قال:« يفي لهذا بذلك» أو قال:« يلزمه ذلك» (6).

ص:62


1- كالشيخ في المبسوط 4:304،و العلّامة في المختلف:545،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:245.و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:404.
2- حكاه عنه في المختلف:545،و هو في السرائر 2:589.
3- منهم القاضي في المهذب 2:206،و الشهيد الثاني في الروضة 5:362.
4- حكاه عنه في المختلف:545،و هو في الوسيلة:297.
5- المختلف:545.
6- الكافي 5:2/402،التهذيب 7:1506/372،الوسائل 21:299 أبواب المهور ب 40 ح 1.

و الصحيح لابن أبي عمير:قال:قلت لجميل بن درّاج:رجل تزوّج امرأة،و شرط لها المقام بها في أهلها أو بلد معلوم فقال:قد روى أصحابنا عنهم عليهم السلام:« أنّ ذلك لها،و أنّه لا يخرجها إذا شرط ذلك لها» (1).

و لعموم:« المؤمنون عند شروطهم» .خلافاً للحلّي (2)و جماعة (3)،فأبطلوا الشرط و صحّحوا العقد؛ لأنّ الاستمتاع بالزوجة في الأزمنة و الأمكنة حقّ الزوج بأصل الشرع،و كذا السلطنة له عليها،فإذا شرط ما يخالفه كان باطلاً،و حملوا الرواية على الاستحباب.

و يشكل أولاً:بورود مثل ذلك في سائر الشروط السائغة،التي ليست بمقتضى العقد،كتأجيل المهر،فإنّ استحقاقها المطالبة به في كلّ زمان و مكان ثابتٌ بأصل الشرع أيضاً،فالتزام عدم ذلك في مدّة الأجل يكون مخالفاً.و كذا القول في كلّ تأجيل و نحوه من الشروط السائغة.و الحقّ:أنّ مثل ذلك لا يمنع،خصوصاً مع ورود النصّ الصحيح بجوازه بخصوصه، مع اعتضاده بما دلّ على الجواز بعمومه.

و ثانياً:باستلزام فساد الشرط على تقدير تسليمه فساد المشروط بمقتضى القاعدة،و لا مخرج عنها هنا كما في نظائرها،و عموم الأمر بالوفاء بالعقود مضى الجواب عنه،فمقتضاه فساد العقد أيضاً،و لو قيس بمحلّ الوفاق كان باطلاً.

ص:63


1- التهذيب 7:1509/373،الوسائل 21:300 أبواب المهور ب 40 ح 3.
2- السرائر 2:590.
3- منهم الشيخ في الخلاف 4:388،و فخر المحققين في الإيضاح 3:209،و المحقق الشيخ علي في جامع المقاصد 13:398.

و أمّا حمل الأمر المستفاد من الخبر الذي بمعناه على الاستحباب، فلا ريب أنّه خلاف الحقيقة،فلا يصار إليه،مع إمكان الحمل عليها،و هو ممكن.

فالقول بالجواز أوجه في مسألة النصّ المشهور.

و أمّا المنزل،فكذلك في أظهر الوجهين؛ لعموم الأدلّة،و اتّحاد طريق المسألتين؛ مع التصريح فيه في ثاني الصحيحين المتقدّمين،الظاهر في اشتهار ذلك و مقبوليّته في زمان الصادقين عليهم السلام.

فالقول بالمنع (1)معتذراً بالوقوف فيما خالف الأصل على موضع النصّ ليس في محلّه؛ لمنع مخالفة الأصل أولاً كما مضى بيانه مفصّلاً،ثم الجواب بعد تسليمها بوجوده في النصّ أيضاً.

و متى حكمنا بصحّته صحّ إسقاطه إجماعاً،حكاه فخر المحقّقين (2).

و قيل بالمنع؛ لأنّه حقّ يتجدّد في كلّ آن،فلا يعقل إسقاطه ما لم يوجد حكمه،و إن وجد سببه (3).

و هو مع أنّه استبعاد محض،و منقوض بوجود النظير،كهبة المدّة للمتمتّع بها غير مسموع في مقابلة الإجماع المحكيّ.

و لو تزوّجها بمائة،و لكن شرط لها بقاء استحقاقها ال مائة المزبورة إن خرجت معه إلى بلاده و انتقاص خمسين منها إن لم تخرج معه إليها، فإن أخرجها إلى بلده، و كان بلد الشرك،فلا شرط له عليها،و لم تجب إطاعته عليها في

ص:64


1- جامع المقاصد 13:399.
2- إيضاح الفوائد 3:209.
3- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:366.

الخروج إليه؛ حذراً من لزوم الضرر عليها في دينها غالباً،مع لزوم الهجرة عن بلاد الشرك جزماً.

و لزمته المائة التي عقدها عليها،و لا ينقص منها شيء لفقد شرطه الذي هو الامتناع المستند إلى شهوة نفسها؛ فإنّ الامتناع هنا شرعيّ لا استناد له إليها قطعاً،فيكون الأصل بقاء مهرها المضروب لها.

و إن أرادها إلى بلاد الإسلام،فله الشرط الذي اشترط،فإن طاوعته لزمته المائة،و إلّا فالخمسون؛ لوجود سبب النقص،و هو امتناعها بنفسها.

و هذا الحكم مشهور بين الأصحاب؛ عملاً بعموم لزوم الوفاء بالشروط من حيث عدم منافاته الشرع كما مرّ.

و التفاتاً إلى خصوص الحسن،بل الصحيح:عن رجل تزوّج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده،فإن لم تخرج معه فمهرها خمسون ديناراً،أ رأيت إن لم تخرج معه إلى بلاده؟قال:فقال:« إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك فلا شرط له عليها في ذلك،و لها مائة دينار التي أصدقها إيّاها،و إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين و دار الإسلام فله ما اشترط عليها،و المسلمون عند شروطهم،و ليس له أن يخرج بها إلى بلاده حتى يؤدّي إليها صداقها،أو ترضى من ذلك بما رضيت،و هو جائز له» (1).

و ليس فيه مخالفة للأُصول،التي منها:لزوم تعيين المهر،و قد تضمّن جهالته بالتردّد بين الزائد و الناقص.

ص:65


1- الكافي 5:9/404،التهذيب 7:1507/373،قرب الإسناد:1191/303،الوسائل 21:299 أبواب المهور ب 40 ح 2؛ بتفاوت يسير.

و منها:عدم استحقاقها الزائد بإخلالها بالشرط الذي هو الخروج معه إلى بلاده و قد تضمّن استحقاقها إيّاه لو أراد إخراجها إلى بلده،الذي هو بلد الشرك.

بناءً على ما قرّرنا من تعلّق الشرط بخصوص النقص،و وقوع العقد في الأصل على الزائد،فلا جهالة فيه من حيث التردّد أصلاً،و إنّما اللّازم من الشرط سقوط النصف منه على تقدير الامتناع من الخروج معه إلى بلده.

و كان استحقاقها الزائد حينئذٍ في محلّه في الصورة المفروض فيها ذلك؛ بناءً على عدم وجود ما يوجب النقص،و هو الامتناع من الخروج معه و إن حصل؛ لكونه بموافقته الشرع كعدمه،فكأنّها لم تمتنع،فلها المهر المضروب لها.

و أمّا إطلاق الحكم فيه بلزوم تسليم جميع المائة لو أراد خروجها إلى بلده،فمقيّد بصورة إرادة الخروج بها قبل الدخول مع امتناعها منه قبل التسليم؛ جمعاً بينه و بين ما دلّ على عدم الوجوب بعده إن امتنعت من التسليم قبل الاستيفاء،و مطلقاً إن لم تمتنع،كما يأتي.

فاندفع عنه ما يوجب التردّد في العمل به كما في الشرائع (1)أو ردّه،كما ارتضاه جماعة (2).

الثامن لو اختلف في أصل المهر فالقول قول الزوج بيمينه

الثامن:لو اختلف الزوجان في أصل المهر بأن ادّعته المرأة و أنكره الزوج، فالقول قول الزوج بيمينه إن كان الاختلاف قبل

ص:66


1- الشرائع 2:329.
2- منهم الشيخ في النهاية:475،و ابن حمزة في الوسيلة:297،و الشهيد الثاني في الروضة 5:363.

الدخول،بلا خلاف و لا إشكال؛ لأنّه منكر لما تدّعيه،و العقد بمجرّده لا يقتضي اشتغال ذمّة الزوج بالصداق؛ لاحتمال تجرّده عن ذكر المهر أو تسميته ما لم يثبت في ذمّة الزوج.

و كذا لو كان بعد الدخول على الأشهر،و هو الأظهر قطعاً مع ثبوت انتفاء التفويض باتّفاقهما عليه،أو البيّنة،أو ما في معناها؛ لجواز كون المسمّى ديناً في ذمّة الزوج،أو عيناً في يدها،فلا يكون العقد المشتمل على التسمية بمجرّده مقتضياً لاشتغال ذمّة الزوج بشيء من المهر.

و ظاهراً مع احتماله (1)أيضاً؛ لأصالة البراءة المرجّحة على أصالة عدم التسمية،مع أنّ فرض التساوي لا يوجب الحكم باشتغال الذمّة إلّا مع رجحان الأصالة الأخيرة،و ليس فليس.

و لو اتّفقا على التفويض،ترتّب عليه حكمه من ثبوت مهر المثل مع الدخول،و المتعة مع الطلاق قبله،من غير إشكال.

و لو ادّعى أحد الزوجين التفويض و الآخر التسمية،فالأظهر أنّ القول قول مدّعي التفويض؛ لأصالة عدم التسمية.لكن ليس للمرأة المطالبة بزيادةٍ على ما تدّعيه من مهر المثل أو التسمية.

و لو ثبت تسميته قدر معيّن إمّا بإقراره،أو البيّنة،أو الشياع،أو ما في معناه ممّا يفيد العلم ثم ادّعى تسليمه و لا بيّنة،كان القول قول الزوجة مع يمينها،على الأشهر الأظهر؛ لأنّه مدّعي التسليم و هي منكرة،فيقدّم قولها فيه.

و في المسألة أقوال منتشرة،أجودها ما سطرناه تبعاً لبعض الأجلّة (2).

ص:67


1- اي التفويض.
2- نهاية المرام 1:410.

و لو اختلفا في المقدار،فالمشهور بغير خلاف بل في المسالك دعوى الوفاق عليه (1)أنّ القول قول منكر الزيادة مطلقاً؛ للأصل، و الصحيح:في رجل تزوّج امرأة،فلم يدخل بها،فادّعت أنّ صداقها مائة دينار،و ادّعى الزوج أنّ صداقها خمسون ديناراً،و ليس لها بيّنة على ذلك، قال:« القول قول الزوج مع يمينه» (2).

خلافاً للقواعد،فقال:و ليس بعيداً من الصواب تقديم من يدّعي مهر المثل،فإن ادّعى النقصان و ادّعت الزيادة،تحالفا و ردّا إليه.و لو ادّعيا الزيادة المختلفة،احتمل تقديم قوله؛ لأنّه أكثر من مهر المثل.و لو ادّعيا النقصان،احتمل تقديم قولها و مهر المثل (3).

و فيه خروج عن النصّ الصحيح،المعتضد بالأصل،و الشهرة، و الإجماع المحكيّ.

و كذا لو خلا بها فادّعت المواقعة و أنكرها الزوج،كان القول قوله بيمينه،على الأشهر الأظهر؛ عملاً بالأصل.

و قيل بالعكس؛ ترجيحاً لظاهر الحال (4).و عليه نزّل ظواهر ما مرّ من الأخبار في استقرار المهر بالخلوة (5)،و هو كما ترى،و التحقيق فيه قد مضى.

التاسع يضمن الأب مهر ولده الصغير

التاسع:يضمن الأب مهر زوجة ولده الصغير الذي زوّجها

ص:68


1- المسالك 1:559.
2- الكافي 5:3/386،التهذيب 7:1476/364،الوسائل 21:274 أبواب المهور ب 18 ح 1.
3- القواعد 2:44.
4- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:378.
5- راجع ص 46.

منه إن لم يكن له أي للولد مال وقت العقد أو كان و لكن ضمن الأب عنه.

و لو كان له مال و لم يكن ضمن كان واجباً على الولد اتّفاقاً منّا،كما عن الخلاف و المبسوط و السرائر و التذكرة (1)،و المعتبرة به مستفيضة:

منها الصحيح:عن رجل كان له ولد،فزوّج منهم اثنين و فرض الصداق،ثم مات،من أين يحسب الصداق،من جملة المال؟أو من حصّتهما؟قال:« من المال،إنّما هو بمنزلة الدين» (2).

و هو كصحيحين آخرين (3)و إن شمل بحسب الإطلاق ضمان الأب للمهر في كلّ من صورتي يسار الولد و إعساره،إلّا أنّه مقيّد بالثاني؛ بالإجماع،و المعتبرة الأُخر:

منها الموثّق:عن الرجل يزوّج ابنه و هو صغير،قال:« إذا كان لابنه مال فعليه المهر،و إن لم يكن للابن مال فالأب ضامن للمهر،ضمن أو لم يضمن» (4).

و الخبر:فيمن زوّج ابنه الصغير،على من الصداق؟قال:« على الأب إن كان ضمنه لهم،فإن لم يكن ضمنه فهو على الغلام،إلّا أن لا يكون

ص:69


1- الخلاف 4:373،المبسوط 4:292،السرائر 2:569،التذكرة 2:608.
2- الكافي 5:3/400،التهذيب 7:1557/389،الوسائل 21:288 أبواب المهور ب 28 ح 3.
3- التهذيب 9:687/169،و 7:1493/368،الوسائل 21:288 أبواب المهور ب 28 ذيل ح 3.
4- الكافي 5:2/400،التهذيب 7:1558/389،الوسائل 21:287 أبواب المهور ب 28 ح 1.

للغلام مال فهو ضامن له و إن لم يكن ضمن» (1).

و نحوه الصحيحان،المرويّ أحدهما عن كتاب عليّ بن جعفر (2)، و الثاني عن كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى (3).

و يستفاد منها ما قدّمناه من ضمانه لمهر الولد مع يساره أيضاً إذا ضمنه،مع أنّي لا أعرف فيه خلافاً هنا.

و إطلاق النصّ و الفتوى يشملان ضمان الأب المهر مع إعسار الولد مطلقاً و لو تبرّأ عن ضمانه.

خلافاً للقواعد و التذكرة،فاستثنى منه صورة التبرّي (4)،و اختاره بعض المتأخّرين (5)؛ تمسّكاً بعموم:« المؤمنون عند شروطهم» .و فيه:أنّ ارتكاب التقييد فيه به ليس بأولى من العكس؛ لكون التعارض بينهما تعارض العمومين من وجه.بل العكس أولى؛ لاعتضاد الإطلاق هنا بفتوى الفقهاء،فيترجّع على العموم المزبور.لكن في شمول مثل هذا الإطلاق لنحو محلّ الفرض إشكال؛ لعدم التبادر منه،و انصرافه إلى غيره.

ثم مع ضمانه صريحاً،لو أدّى فهل يرجع به على الطفل؟الأصحّ:

لا.

ص:70


1- الكافي 5:1/400،التهذيب 7:1559/389،الوسائل 21:287 أبواب المهور ب 28 ح 2.
2- مسائل علي بن جعفر:418/197،الوسائل 21:288 أبواب المهور ب 28 ح 4.
3- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:349/135،الوسائل 21:289 أبواب المهور ب 28 ح 5.
4- القواعد 2:43،التذكرة 2:609.
5- هو صاحب المدارك في نهاية المراد 1:412.

و كذا لو أدّى تبرّعاً عن الموسر كالأجنبي.

و لو دفعه عنه،ثم بلغ الصبي،فطلّق قبل الدخول،استعاد الولد النصف دون الوالد،بلا خلاف كما حكي (1)؛ و هو الحجّة فيه لو تمّ،لا ما قيل من أنّ ذلك يجري مجرى الهبة له (2)،فإنّه مجرّد دعوى خالية عن الدليل.

و كذا لو أدّى عن الكبير تبرّعاً.

و ربما يستدلّ للحكم بإطلاق النصوص الحاكمة بتنصيف المهر بالطلاق و عوده إلى الزوج (3)،و في شموله للمقام نوع كلام.

و دفعه (4)بالإجماع على شموله له بالنظر إلى التنصيف،فيشمل العود أيضاً بقرينة السياق بعد تحقّق هذا الإجماع.

مدفوعٌ بتوقّف صحّته على انعقاد الإجماع على الشمول المذكور، و ليس بمعلوم،فيحتمل انعقاده على أصل التنصيف لا على استفادته من الإطلاق.

و أصالة عدم الانتقال إلى الأب بعد خروج النصف عن ملك الزوجة بالطلاق بالوفاق لو تمسّك بها لا توجب انتقاله إلى الولد إلّا بعد خلوّها عن المعارض،و ليس،فإنّها معارضة بمثلها،و هو أصالة عدم الانتقال إلى الولد،فترجيح أحدهما لا بدّ له من مرجّح،و ليس،فللتوقّف فيه وجه، كما صرّح به في الشرائع (5)،و تبعه قوم كما حكي (6).

ص:71


1- مفاتيح الشرائع 2:281.
2- قاله الشهيد الثاني في الروضة البهية 5:374،و صاحب المفاتيح 2:281.
3- قال صاحب الحدائق 24:576.
4- أي الكلام.
5- الشرائع 2:333.
6- انظر مفاتيح الشرائع 2:281.

و لو لم يكن دفعه قبل الطلاق،قيل:يبرأ ذمّة الأب عن النصف، و لزمه النصف للزوجة (1).

و قيل:بل يلزمه الكلّ مع إعسار الزوج،فيدفع النصف الآخر إليه؛ لأنّه ليس بهبة حينئذٍ ليحتاج إلى القبض (2).

العاشر للمرأة أن تمنع حتى تقبض مهرها

العاشر:للمرأة أن تمنع من تسليم نفسها إلى الزوج قبل الدخول بها حتى تقبض مهرها إن كان حالّا،عيناً كان أم منفعة،متعيّناً كان أم في الذمّة،موسراً كان الزوج أم معسراً.

إجماعاً فيما عدا الأخير،حكاه جماعة،منهم:شيخنا في المسالك و الروضة (3)؛ و هو الحجّة فيه،دون مفهوم بعض المعتبرة:

كالموثّق:عن رجل تزوّج جارية أو تمتّع بها،ثم جعلته في حلّ من صداقها يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً؟قال:« نعم،إذا جعلته في حلّ فقد قبضته منه» (4).

إذ اللازم منه بعد تسليم دلالته عدم جواز الدخول مع عدم إعطاء شيء،و ذلك مع مخالفة عمومه الإجماع غير ملازم لجواز امتناعها من التسليم معه،فقد لا يجوز لها مع حرمة دخول الزوج بها قبل الإعطاء، فتأمّل.

و على الأشهر في الأخير أيضاً،بل عن الغنية الإجماع ظاهراً (5)؛ بناءً على أنّ النكاح في معنى المعاوضة و إن لم تكن محضة،و من حكمها:أنّ

ص:72


1- قال به العلّامة في القواعد 2:44.
2- مفاتيح الشرائع 2:281.
3- المسالك 2:540،الروضة البهية 5:372.
4- التهذيب 7:1513/374،الوسائل 21:301 أبواب المهور ب 41 ح 2.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):610.

لكلّ من المتعاوضين الامتناع من التسليم إلى أن يسلّم إليه الآخر مطلقاً، و غاية الإعسار المنع من المطالبة،و هو لا يقتضي وجوب التسليم إليه قبل قبض العوض،فالقول بأنّ ليس لها الامتناع حينئذٍ لمنع مطالبته كما عن الحلّي (1)ضعيف،كذا قالوه.

و هو جيّد إن تمّ ما ادّعوه من الدليل على أنّ لها الامتناع،و هو كون النكاح في معنى المعاوضة،لكنّه محلّ تأمّل،كيف لا؟!و لم يقم عليه بحيث يشمل المقام دليل،بل على تقديم قيام الدلالة عليه ربما منع ممّا ادّعوه من حكمها.

فإذاً المصير إلى ما قاله الحلّي لا يخلو عن قوّة،وفاقاً لجماعة (2)؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل المدلول عليه بالأدلّة القطعيّة الدالّة على وجوب إطاعة الزوج على الزوجة على القدر المتّفق عليه،و هو ما قدّمناه.

لكن الظاهر انعقاد الإجماع هنا حتى من الحلّي؛ لاعتذاره في المخالفة بما ينبئ عن الموافقة لهم في الأصل المتقدّم من أنّها معاوضة يترتّب عليها الحكم السالف،و أنّ الداعي له عليها هو ما ذكره من الدلالة المردودة بما ذكره الجماعة،فالمصير إلى ما ذكروه أقوى.

و احترزنا بالحالّ عمّا لو كان مؤجّلاً،فإنّ تمكينها لا يتوقّف على قبضه إجماعاً كما حكاه جماعة (3)إذ لا يجب لها حينئذٍ شيء،فيبقى وجوب حقّه عليها بغير معارض.

و لو أقدمت على فعل المحرّم و امتنعت به أو بعذر شرعي كالمرض

ص:73


1- السرائر 2:591.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:414،و صاحب الكفاية:180.
3- المهذب البارع 3:416،انظر الكفاية:180.

و نحوه عن التسليم إلى أن حلّ الأجل،ففي جواز امتناعها إلى أن تقبضه تنزيلاً له منزلة الحالّ ابتداءً و عدمه بناءً على وجوب تمكينها قبل الحلول فيستصحب؛ و لأنّها لمّا رضيت بالتأجيل بنت أمرها على أن لا حقّ لها في الامتناع،فلا يثبت بعد ذلك لانتفاء المقتضي وجهان،أجودهما:

الثاني،سيّما على المختار من لزوم الاقتصار فيما خالف الأصل المتقدّم على ما انعقد عليه الإجماع،و ليس المقام منه؛ لتحقّق الخلاف.

و لو كان بعضه حالّا و بعضها مؤجّلاً،كان لكلّ واحد منهما حكم مماثله.

ثم على المشهور،إنّما يجب على الزوج تسليم المهر إذا كانت مهيّاة للاستمتاع،فلو كانت ممنوعة بعذر و إن كان شرعيّاً كالإحرام لم يلزم؛ لأنّ الواجب التسليم من الجانبين،فإذا تعذّر من أحدهما لم يجب من الآخر.

نعم،لو كانت صغيرة يحرم وطؤها،فالأقوى تبعاً لجماعة من أصحابنا (1)،سيّما على ما اخترنا وجوب دفع مهرها إذا طلبه الوليّ؛ لأنّه حقّ ثابت حالّ،طلبه من له حقّ الطلب،فيجب دفعه كغيره من الحقوق.

و عدم قبض العوض الآخر غير مانع؛ أمّا على المختار فواضح؛ و أمّا على غيره فلمجيئه من قبل الزوج حيث عقد عليها كذلك موجباً على نفسه عوضاً حالاً،و رضي بتأخير قبض العوض إلى محلّه،و هذا بخلاف النفقة؛ لأنّ سبب وجوبها التمكين التامّ دون العقد.و وجه عدم الوجوب قد علم ممّا سلف مع جوابه.

ص:74


1- منهم الشهيد الثاني في الروضة 5:371،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:414،و السبزواري في كفاية الأحكام:180.

و هل لها ذلك أي الامتناع- بعد الدخول بها؟ قولان،أشبههما و أشهرهما بل عن السرائر و الغنية الإجماع عليه (1)-: أنّه ليس لها ذلك لاستقرار المهر بالوطء،و قد حصل تسليمها نفسها برضاها،فانحصر حقّها في المطالبة دون الامتناع.

و لأنّ النكاح معاوضة،و متى سلّم أحد المتعاوضين العوض الذي من قبله باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه ليتسلّم العوض الآخر.

و لأنّ منعها قبل الدخول ثابت بالإجماع،و لا دليل عليه بعده،فينتفي بالأصل السالف،فإنّ التسليم حقّ عليها،و المهر حقّ عليه،و الأصل عدم تعلّق أحدهما بالآخر،فيتمسّك به إلى أن يثبت الناقل.

خلافاً للمفيد و المبسوط،فلها الامتناع (2)؛ لأنّ المقصود بعقد النكاح منافع البضع،فيكون المهر في مقابلها،و يكون تعلّق الوطء الأوّل به كتعلّق غيره.

و هو قويّ؛ للاستصحاب الذي لا يعارضه شيء ممّا ذكره الأصحاب.إلّا أنّ الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ربما أشكلت المصير إليه،سيّما مع دعوى الحلّي و العلوي على خلافه الإجماع كما حكي؛ فهو الحجّة فيه،مع الشهرة العظيمة الدافعة للقول المزبور،و للقول بتخصيص عدم جواز الامتناع بما إذا سلّمت نفسها اختياراً،و أمّا لو دخل بها مكرهاً فحقّ الامتناع بحاله؛ لأنّه قبض فاسد،فلا يترتّب عليه أثر الصحيح،كما عن ابن حمزة (3).

ص:75


1- السرائر 2:591،الغنية(الجوامع الفقهية):610.
2- المفيد في المقنعة:510،المبسوط 4:313.
3- الوسيلة:299.

النظر الثالث في القَسم و النشوز و الشقاق

اشارة

النظر الثالث في القَسم و النشوز و الشقاق

أمّا القَسم

اشارة

أمّا القَسم و هو بفتح القاف،مصدر:قسمت الشيء،و المراد به:

قسمة الليالي بين الأزواج.أمّا بالكسر فهو:الحظّ و النصيب.

و لا ريب و لا خلاف في وجوبه في الجملة؛ لما فيه من العدل بينهنّ، و تحصينهنّ،و المعاشرة بالمعروف المأمور بها في الآية (1).

قيل:و للتأسّي (2).و فيه نظر؛ لمنع وجوبه أوّلاً،ثم على تقدير تسليمه منعه هنا؛ لعدم وجوبه عليه في المشهور بين الخاصّة و العامّة، و لا يجب التأسّي إلّا فيما يفعله صلى الله عليه و آله وجوباً،أو ما لم يعلم عدم وجوبه.

و فيما مرّ كفاية لإثبات الوجوب؛ مضافاً إلى النصوص المستفيضة:

منها:« من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة و شقّه (3)مائل،أو ساقط» (4).

و هل يجب بنفس العقد و التمكين،

للزوجة الواحدة ليلة و للاثنتين ليلتان،و للثلاث ثلاث

ف يجب للزوجة الواحدة ليلة من أربع و للاثنتين ليلتان،و للثلاث ثلاث،و الفاضل من تمام

ص:76


1- النساء:19.
2- انظر الروضة البهية 5:411،و الحدائق 24:588.
3- الشقّ:من كلّ شيء نصفه القاموس المحيط 3:258.
4- عقاب الأعمال:331،الوسائل 21:341 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 3 ح 1؛ و انظر عوالي اللئلئ 1:90/272،المستدرك 15:109 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 12 ح 1؛ بتفاوت،و رواه البيهقي في سننه 7:297 بتفاوت.

الأربع ليالي يضعه حيث يشاء في الزوجات كما في المعتبرة (1)، و عليه الإجماع عن الخلاف و الغنية (2)أو غيرهنّ، و لو كُنّ أربعاً فلكلّ واحدة ليلة أم يتوقّف على الشروع في القسمة،فلا تجب إلّا للمتعدّدة خاصّة إلى أن ينقضي الدور فحلّ تركه؟قولان.

قيل:يبنيان على أنّ القسمة هل هي حقّ لهما ابتداءً؟أو للزوج خاصّة؟و المشهور:الأول؛ لاشتراك ثمرته و هي الاستئناس،و للصحيح (3)و غيره (4):في الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحبّ إليه من الأُخرى، قال:« له أن يأتيها ثلاث ليال و للأُخرى ليلة،فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلّ امرأة ليلة،فلذلك كان له أن يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً» .و المحقّق و الشهيد الثاني (5)على الثاني؛ لأنّه المتيقّن،و الأصل براءة الذمّة؛ و لأنّ حقّ الاستمتاع ليس للزوجات،و من ثمّة لم يجب على الزوج بذله إذا طلبته،و الجماع لا يجب إلّا في كلّ أربعة أشهر،و إنّما وجبت القسمة للمتعدّدة مع الشروع مراعاةً للعدل،و لظاهر فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [1] (6)؛ دلّت على أنّ الواحدة كالأمة -

ص:77


1- الوسائل 21:337 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 1.
2- الخلاف 4:413،الغنية(الجوامع الفقهية):610.
3- الفقيه 3:1283/270،الوسائل 21:338 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 1 ح 3.
4- التهذيب 7:1679/419،الاستبصار 3:866/242،علل الشرائع:1/503،الوسائل 21:337 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 1 ح 2.
5- المحقق في الشرائع 2:335،الشهيد الثاني في الروضة 5:411.
6- النساء:3.

لا حقّ لها في القسمة المعتبر فيها العدل،فلو وجبت لها ليلة من الأربع لساوت غيرها،و كلّ من قال بعدم الوجوب للواحدة قال بعدمه للأزيد أيضاً،إلّا مع الابتداء بواحدة فيجب التسوية (1).انتهى.

و في كلّ من البناء و دعوى تلازم القول بنفي الوجوب للواحدة و نفيه للأزيد نظر:

أمّا الأول:فلتصريح العلّامة في التحرير باشتراك الحقّ بينهما مع اختياره القول الثاني (2)،و نحوه الماتن في الشرائع و الشهيد الثاني في الروضة (3)،و ليس في مختارَيهم مناقضة،فقد يكون مرادهم من شركة الزوجة في القسمة استحقاقها لها بعد الشروع فيها لا مطلقاً.

و أمّا الثاني:فلتصريح ابن حمزة باشتراط وجوب القسمة بزيادة الزوجة على واحدة (4)،الظاهر في وجوبها للمتعدّدة دون الواحدة،و حكي أيضاً عن ظاهر جماعة،كالمقنعة و النهاية و المهذّب و الجامع (5).

فليس في الآية دلالة على نفي الوجوب للمتعدّدة.

و أصالة البراءة و غيرها ممّا ذكر لنفيه فيها أيضاً مدفوعة بإطلاق الصحيح و غيره بأنّ« لكلّ امرأة ليلة» الشامل لصورتي الشروع في القسمة و عدمه.و التقييد بالأُولى يحتاج إلى دليل،و ليس.

فالقول بوجوب القسمة للمتعدّدة غير بعيد.

ص:78


1- قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:291.
2- التحرير 2:40.
3- الشرائع 2:335،الروضة 5:404،411.
4- الوسيلة:312.
5- المقنعة:517،النهاية:483،المهذب 2:225،الجامع للشرائع:456،حكاه عنهم في كشف اللثام 2:94.

لكن يمكن المناقشة في الإطلاق باختصاصه بحكم التبادر و السياق،بل و الغلبة بما قُيِّد به من الصورة الأُولى دون الثانية، فلا يخصَّص بمثله أصالة البراءة.

و أمّا إطلاق الأمر بالقسمة في بعض المعتبرة (1)،فمع ما فيه من المناقشة المزبورة،قرائن الاستحباب فيه موجودة.

فالقول بمقالة الجماعة المتأخّرة في غاية القوّة.

كلّ ذا في المتعدّدة.

و أمّا الزوجة الواحدة،فينبغي القطع بعدم استحقاقها القسمة بالمرّة؛ لأصالة البراءة السالمة عن المعارض و لو نحو الإطلاقات السابقة،و دعوى.

الإجماع المركّب قد عرفت أنّها ممنوعة،مضافاً إلى ظاهر الآية السابقة.

و ممّا ذكرنا ظهر أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة:وجوب القسمة للواحدة و المتعدّدة مطلقاً شرع فيها أم لا،و اختصاصه بالمتعدّدة مطلقاً، و عدمه إلّا مع الشروع فيها.

ثم إن تعدّدن،ابتدأ بالقرعة،فإن كانتا اثنتين،و إلّا افتقر إلى قرعة أُخرى للثانية،و هكذا؛ لئلّا يرجّح بغير مرجّح.

و قيل:يتخيّر (2).قيل:و على قول الشيخ يتخيّر من غير قرعة (3).

و لعلّه لأنّه حقّه،فله التخيير في وضعه في أيّهنّ شاء.و لكنّه في المبسوط صرّح بلزوم القرعة (4).

و لا تجوز الزيادة في القسمة على ليلة بدون رضاهن،و هو أحد

ص:79


1- انظر الوسائل 21:339 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 2 ح 4.
2- المسالك 1:563،كفاية الأحكام:186.
3- انظر الروضة البهية 5:411.
4- المبسوط 4:326.

القولين و أشهرهما في المسألة؛ لأنّه الأصل المحقّق المعلوم من النصوص (1)و لئلاّ يلحق بعضهنّ ضرر بذلك،فقد يعرض ما يقطعه عن القسم للمتأخّرة.

و الآخر:جوازها مطلقاً (2)؛ للأصل.و يدفع بما مرّ.

و ربما قيل به مقيّداً بالضرر،كما لو كنّ في أماكن متباعدة يشقّ عليه الكون كلّ ليلة مع واحدة،و حينئذٍ يتقيّد بما يندفع به الضرر،و يتوقّف ما زاد على رضاهن (3).

و هو حسن إن لم يمكن دفع الضرر بنحو آخر،كرفع التباعد، و تقريب أماكنهن؛ و يشكل مع الإمكان.

لا يجوز الإخلال إلّا مع العذر أو الإذن

و لا يجوز الإخلال بالمبيت الواجب إلّا مع العذر كنشوزها إلى أن ترجع إلى الطاعة،و السفر مطلقاً أو الإذن منهنّ أو من بعضهنّ فيما يختصّ الإذن به.

الواجب المضاجعة بالليل

و الواجب في البيتوتة هو المضاجعة خاصّة،و هي:أن ينام معها قريباً منها عادةً،معطياً لها وجهه دائماً أو أكثريّاً،بحيث لا يعدّ هاجراً، و إن لم يتلاصق الجسمان.

و لا يعتبر فيها حصولها في جميع الليل،بل يكفي فيه ما يتحقّق معه المعاشرة بالمعروف.

و لا يجب فيها المواقعة لأنّها لا تجب إلّا في كلّ أربعة أشهر،كما مضى إليه الإشارة (4)؛ و بعدم وجوبها فيها صرّحت معتبرة إبراهيم الكرخي الآتية.

ص:80


1- انظر الوسائل 21:343 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 5 ح 2 و 3.
2- مع رضاهنّ أم لا.منه رحمه اللّه.
3- قاله الشهيد الثاني في الروضة 5:411.
4- في ص 77.

و لا خلاف في شيء من ذلك.

و يختصّ الوجوب بالليل على الأشهر الأظهر،فلا يجب النهار؛ تمسّكاً بالأصل،و ظواهر المعتبرة المصرّحة بالليلة (1)،الظاهرة في اختصاص الواجب بها؛ مع أنّ النهار وقت التردّد و الانتشار في الحوائج، قال اللّه تعالى وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً [1] (2)،فلا تجب القسمة فيه.

خلافاً للمحكيّ عن الإسكافي،فأوجب القيلولة في صبيحة تلك الليلة عند صاحبتها (3).

و للمبسوط،فأوجب الكون مع صاحبة الليلة نهاراً (4)،و وافقه في التحرير،لكنّه جعل النهار تابعاً للّيلة الماضية (5).

و لا دليل على شيء من ذلك،مع مخالفته لما قدّمناه من الأدلّة.

نعم،يمكن الاستدلال للمبسوط بالأخبار الآتية الدالّة على أنّ للحرّة يومين و للأمة يوم (6)،و الدالّة على تخصيص البكر و الثيّب بالأيّام (7)؛ بناءً على كون اليوم اسماً لمجموع الليلة و النهار.

لكنّها مع معارضتها بما مرّ معارضة بالمعتبرة الأُخر في المقامين، المصرّحة بدل اليوم بالليلة،فلا بدّ من التجوّز في أحد الطرفين،إمّا بأن

ص:81


1- الوسائل 21:أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 1،5،9.
2- النبإ:11.
3- حكاه عنه في المختلف:580.
4- المبسوط 4:327.
5- التحرير 2:40.
6- انظر الوسائل 20:509 510 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 46 الأحاديث 2،3،4.
7- الوسائل 21:339 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 2.

يراد من اليوم الليلة خاصّة تسميةً للجزء باسم كلّه،أو يراد من الليلة مجموع اليوم المشتمل على النهار تسميةً للكلّ باسم جزئه.و الترجيح للأول؛ لكثرة الأخبار الدالّة على الليلة،المعتضدة بما قدّمناه من الأدلّة؛ و مع ذلك فهي بحسب الأسانيد معتبرة،دون الأخبار المعارضة؛ لقصور سند ما يتعلّق بالقسم الأول طرّاً.

فالمصير إلى ما هو المشهور متعيّن جدّاً،و لكن الاحتياط معه،سيّما مع ما فيه من العدالة و حسن الإنصاف المرغب إليهما شرعاً.

و أمّا ما في رواية إبراهيم الكرخي الصحيحة إليه، المتضمّن لمن أجمع على تصحيح رواياته العصابة،فلا تضرّ الجهالة من أنّه: « إنّما عليه أن يكون عندها في ليلتها،و يظلّ عندها في صبيحتها و ليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك» (1).

فليس فيه دلالة على شيء من الأقوال المتقدّمة حتى الأول؛ لتصريحه بالقيلولة الغير الملازم للكون معها في صبيحة الليلة بالمرّة، فالاستدلال له به لا وجه له بالمرّة؛ و مع ذلك فلا تقاوم شيئاً ممّا قدّمناه من الأدلّة المعتضدة بالشهرة العظيمة،فحمله على الاستحباب متعيّن.

ثمّ ليس المراد من البيتوتة معها في الليلة القيام معها في جميعها،بل ما يعتاد منها،و هو بعد قضاء الوطر من الصلاة في المسجد،و مجالسة الضيف،و نحو ذلك؛ حملاً للإطلاق على المتعارف،مع عدم منافاته للمعاشرة بالمعروف المأمور بها في الآية.

نعم،ليس له الدخول في تلك الليلة على الضرّة إلّا للضرورة فيما

ص:82


1- الكافي 5:34/564،الفقيه 3:1282/270،التهذيب 7:1689/422،الوسائل 21:342 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 5 ح 1.

قطع به الأصحاب؛ لمنافاته المعاشرة المزبورة،و من الضرورة:عيادتها إذا كانت مريضة،و قيّده في المبسوط بثقل المرض و إلّا لم يجز،فإن مكث وجب قضاء زمانه ما لم يقصر بحيث لا يعدّ إقامة عرفاً،فيأثم خاصّة (1).

ثم إطلاق النصّ و الفتاوي بوجوب الليلة وارد مورد الغلبة،و هي ما يكون معاشه نهاراً،فلو انعكس كالوقّاد،و الحارس،و البزّار فعماد قسمته النهار خاصّة بلا خلاف؛ جمعاً بين الحقّين،و دفعاً للضرر،و التفاتاً إلى قوله تعالى جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً [1] (2)،فتأمّل.

و لو كان مسافراً معه زوجاته،فعماد القسمة في حقّه وقت النزول، قليلاً كان أم كثيراً،ليلاً أم نهاراً؛ لبعض ما مرّ.

إذا اجتمع مع الحرّة أمة بالعقد فللحرّة ليلتان،و للأمة ليلة

و إذا اجتمع مع الزوجة الحرّة أمة بالعقد الدائم حيث جوّزناه فللحرّة ليلتان،و للأمة ليلة على الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل عليه الإجماع عن الخلاف (3)و غيره (4)،و النصوص به مستفيضة.

ففي الصحيح:« إذا كانت تحته أمة مملوكة،فتزوّج عليها حرّة،قسم للحرّة مثلي ما يقسم للملوكة» (5)و نحوه الموثّق (6)و غيره (7).

ص:83


1- المبسوط 4:327 328.
2- الفرقان:62.
3- الخلاف 4:412.
4- انظر الغنية(الجوامع الفقهية):610،و إيضاح الفوائد 3:248،و مفاتيح الشرائع 2:292.
5- التهذيب 7:1686/421،الوسائل 21:346 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 8 ح 1.
6- التهذيب 7:1684/421،الوسائل 21:346 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 8 ح 2.
7- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:294/117،الوسائل 21:347 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 8 ح 4.

و خلاف المفيد حيث نفى القسمة للأمة (1)مع خلّوه عن المستند، شاذٌّ لا يلتفت إليه،سيّما في مقابلة ما مرّ من الأدلّة.

ثم إنّ التثليث و إن كان يتحقّق بتنصيف الليلة للأمة و تتميمها للحرّة فلهما ليلة و نصف من أربع ليال،و ليلتان و نصف له يضعها حيث يشاء إلّا أنّ المشهور تخصيصه بتثليث الليالي،فللأمة ليلة،و ضِعفها للحرّة، و يكون ذلك من ثمان؛ جمعاً بين حقّهما و حقّ الزوج،فيكون الذي له منها خمس يضعها حيث يشاء،و لهما ثلاث،و أكثر النصوص و إن خلت عن ذلك إلّا أنّ الباقي مصرّح به.

ففي القويّ:« فإن تزوّج الحرّة على الأمة فللحرّة يومان و للأمة يوم» (2)و نحوه خبران آخران (3).

و في الموثّق:« للحرّة ليلتان،و للأمة ليلة» (4)و نحوه غيره (5).

مضافاً إلى الإجماع عليه عن الخلاف و غيره.

و التأيّد بما ذكره جماعة من أنّ في تنصيف الليلة تنغيصاً (6)للعيش

ص:84


1- المقنعة:518.
2- الكافي 5:9/360،الوسائل 20:509 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 46 ح 3.
3- أحدهما في:الكافي 5:3/359،الوسائل 20:509 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 46 ح 2. و الآخر في:التهذيب 7:1409/344،الوسائل 20:510 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 46 ح 4.
4- الفقيه 3:1284/270،التهذيب 7:1685/421،الوسائل 21:346 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 8 ح 3.
5- دعائم الإسلام 2:924/245،المستدرك 15:104 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 6 ح 1.
6- نَغَّصَ اللّه عليه العيش تنغيصاً،أي كدّره الصحاح 3:1059.

و دفعاً للاستئناس،و أنّ أجزاء الليل يعسر ضبطها غالباً،فلا يكون مناطاً للأحكام الشرعيّة (1).

فتنظّر بعض الأصحاب فيما ذكروه من التثليث بحسب الليالي (2)بناءً على أنّ الأصل في دور القسمة أربع ليال،فالعدول إلى جعله من ثمان،كما هو اللازم عليه بمجرّد عدم صحّة القسمة،من دون ليلة كاملة،مشكل، سيّما مع إمكانها بالعوارضات الخارجة ليس في محلّه.

ثمّ إنّ إطلاق النصّ و الفتوى يقتضي جواز الجمع بين ليلتي الحرّة و التفريق بينهما.و لكن أوجب بعض الثاني مع عدم رضائها بالأول،ليقع لها من كلّ أربع واحدة (3)؛ و لعلّه ناظر إلى ثبوت الحقّ لها في كلّ أربع ليال واحدة،و لا يسقط ذلك باجتماعها مع الأمّة،و ليس في الإطلاقات ما ينافيه بوجهٍ بالمرّة.

و هو حسن،لكنّه على إطلاقه مشكل؛ لتوقّف ثبوت الحقّ المزبور على المشهور من ثبوت القسمة أول مرّة و لو لم يكن هناك زوجات متعدّدة،و أمّا على غيره فلا،إلّا مع التعدّد و الشروع في القسمة الموجبين لثبوت الحقّ المزبور لها،و هو اجتماعها مع الحرّة،و ليس اجتماعها مع الأمة بعد الشروع في القسمة لهما منه قطعاً،كيف لا؟!و ثبوته لها إلى هذا الحدّ يحتاج إلى دليل،و ليس؛ لعدم النصّ و الإجماع؛ لإطلاقهما بحقّها (4)من دون تصريح بالتفريق أو الجمع،و هو يقتضي جواز كلّ من الأمرين.

ص:85


1- انظر نهاية المرام 1:421،و الحدائق 24:600،و كشف اللثام 2:96.
2- كالشهيد الثاني في المسالك 1:564.
3- حكاه في نهاية المرام 1:421.
4- أي الحرّة.منه رحمه اللّه.

هذا،مع أنّ إطلاق الحكم بوجوب التفريق لتحصيل الحقّ ليس في محلّه،فقد يحصل مع الجمع،كما إذا شرع في قسمتها في الليلة الرابعة من ليالي القسمة ثم تلاها بالليلة الخامسة،فيحصل حينئذٍ من كلّ أربع واحدة.

و الكتابيّة الحرّة كالأمة المسلمة،فللحرّة المسلمة ليلتان و لها ليلة،بلا خلاف يُعبأ به بين الطائفة،بل عن الخلاف الإجماع (1)؛ و يدلّ عليه بعده عموم:أنّها بمنزلة الإماء،المستفاد من المعتبرة (2)،و خصوص الخبر المنجبر قصور سنده بالشهرة مع أنّه عدّ مثله في الصحيح جماعة (3)-:« للمسلمة الثلثان،و للأمة و النصرانيّة الثلث» (4).

فتوقّف بعض من تأخّر (5)ليس في محلّه.

و الكتابيّة الأمة لها ربع القسمة؛ لئلّا تساوي الأمة المسلمة،و للأصل مع عدم المخرج عنه،سوى إطلاق الخبر المتقدّم بالتنصيف للنصرانيّة، و ليس فيه حجّة لتخصيص الأصالة المزبورة؛ بناءً على أنّ المتبادر منها بحكم سياق العبارة،حيث جعلت في مقابلة الأمة كونها حرّة.

و من هنا يظهر دليل آخر للحكم في المسألة السابقة؛ بناءً على مخالفة وجوب القسمة لأصالة البراءة،فيكتفى في الخروج عنها بالإضافة إلى الكتابيّة الحرّة على ما هو المتيقّن من الأدلّة،و ليس إلّا كونها كالأمة؛ إذ

ص:86


1- الخلاف 4:411.
2- الكافي 5:11/358،الوسائل 20:545 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 8 ح 1.
3- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:422.
4- الكافي 5:5/359،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:300/118،الوسائل 20:544 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 7 ح 3.
5- كالشهيد الثاني في المسالك 1:564.

مساواتها للحرّة المسلمة لا دليل عليها،سوى إطلاق الأدلّة بأنّ للحرّة من أربع ليال ليلة،و ليس ينصرف إلى مثلها بالضرورة.

و من هنا ينقدح الوجه فيما قاله الماتن من أنّه لا قسمة للموطوءة بالملك مضافاً إلى الإجماع عليه.و في حكمها الموطوءة بالعقد المنقطع و التحليل؛ لعين ما مرّ من الأدلّة.

تختصّ البكر عند الدخول بثلاث ليال إلى سبع

و تختصّ البكر عند حدثان عرسها و الدخول عليها استحباباً لا وجوباً للأصل،مع انتفاء الصارف عنه من النصّ و كلام أكثر الأصحاب، من حيث عدم تضمّنهما ما يدلّ على الوجوب،سوى الأمر في بعض النصوص (1)،و لوروده في مقام جواب السؤال عن جواز التفضل لا دلالة له على الوجوب؛ لوروده في مقام توهّم الحظر- بثلاث ليال إلى سبع وفاقاً للشيخ في كتابي الأخبار (2).

جمعاً بين الأخبار المختلفة المصرحة بالأول،كالصحيح (3)و غيره (4):

« إذا تزوّج الرجل بكراً و عنده ثيّب فله أن يفضّل البكر ثلاثة أيّام» .و بالثاني،كالصحيح (5)و غيره (6):الرجل يكون عنده المرأة يتزوّج

ص:87


1- انظر الوسائل 21:340 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 2 ح 8.
2- الاستبصار 3:241،التهذيب 7:420.
3- التهذيب 7:1681/420،الإستبصار 3:865/242،الوسائل 21:340 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 2 ح 6.
4- التهذيب 7:1679/419،الإستبصار 3:866/242،الوسائل 21:340 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 2 ح 7.
5- الفقيه 3:1281/269،الوسائل 21:339 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 2 ح 1.
6- التهذيب 7:1682/420،الإستبصار 3:864/241،الوسائل 21:340 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 2 ح 5.

أُخرى،إله أن يفضّلها؟قال:« نعم،إن كانت بكراً فسبع،و إن كانت ثيّباً فثلاثة أيّام» .و صريح الشيخ في الكتابين أفضليّة الأول.

خلافاً للأكثر،فالثاني،و هو أظهر؛ لرجحان أخباره بالشهرة العظيمة، بل و إجماع الطائفة كما حكاه عن خلافه بعض الأجلّة (1).و من هنا يظهر عدم الخلاف في جواز التخصيص بالسبع،و حكى عليه الإجماع جماعة (2).

و هل هو على سبيل الاستحقاق خاصّة،فلا يقضي منها شيئاً لغيرها، كما هو ظاهر إطلاق النصّ و الفتوى؟أم لا تستحقّ منها سوى الثلاث،و أمّا البواقي فلا،بل غاية الأمر جواز تقديمها،و معه فيقضيها للباقيات؟قولان.

و لم يُنقَل الأخير إلّا عن الإسكافي (3)؛ و لا دليل عليه سوى ما قيل عنه من الجمع بين الروايات (4)،و هو جيّد مع وضوح الشاهد عليه،و ليس، فليس؛ مع أنّه قريب ممّا ذكرته العامّة و ما أوردوا فيه من الرواية.

كلّ ذا في البكر.

و أمّا الثيّب المضاهية لها في حدثان العرس فتختصّ عنده بثلاث بلا خلاف في أكثر النصوص و الفتاوي.

و ربما يوجد في بعض الأخبار و الفتاوي (5)التفضيل بالسبع،ففي العلل:إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله تزوّج زينب بنت جحش،فأولم و أطعم الناس

ص:88


1- حكاه عنه في كشف اللثام 1:97،و هو في الخلاف 4:414.
2- منهم الشيخ في الخلاف 4:414،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):610،و الشهيد الثاني في المسالك 1:565،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:97.
3- المسالك 1:565،مفاتيح الشرائع 2:292.
4- المسالك 1:565،مفاتيح الشرائع 2:292.
5- حكاه في كشف اللثام 2:97 عن الخلاف.

إلى أنّ قال: و لبث سبعة أيّام بلياليهنّ عند زينب،ثم تحوّل إلى بيت أُمّ سلمة،و كان ليلتها و صبيحة يومها من رسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم (1).

و هو مع قصور سنده،و شذوذه،و عدم مكافأته لما مرّ.من الأخبار يحتمل الحمل على اختصاصه به صلوات اللّه عليه و آله.

و عن الخلاف:أنّ للثيّب حقّ التخصيص بثلاثة خاصّة لها،أو بسبعة يقضيها للباقيات؛ مدّعياً عليه الإجماع و هو موهون بمصير الكلّ إلى الخلاف و الأخبار (2)،و لم نجدها،و ما تقدّم ليس منها كما لا يخفى.

نعم،في النبويّ كما حكي-:قال لأُمّ سلمة حين بنى بها:« ما بك على أهلك من هوان،إن شئتِ سَبَّعتُ عندك و سَبَّعتُ عندهن،و إن شئتِ ثلّثتُ عندك و دُرتُ» (3).

و ليس فيه مع قصور سنده،و عدم مكافأته لما مرّ حجّة؛ لاحتمال الاختصاص به صلى الله عليه و آله.

ثم المتبادر من إطلاق النصّ و الفتوى توالي الليالي و حرّية المرأتين، إلّا أنّ ظاهر الأصحاب الاتّفاق على الشمول للأمة،و لكن اختلفوا في المساواة في التقدير أو التنصيف لها كما هو القاعدة المطّردة على قولين،و الأشهر:الأول،و الأظهر:الثاني،وفاقاً للتحرير (4)؛ وقوفاً فيما خالف الأصل على المتيقّن،و ليس إلّا المجمع عليه،و هو ما ذكروا؛ التفاتاً

ص:89


1- علل الشرائع /64 3،الوسائل 21:339 أبواب القسم و النشوز و الشقاق باب 2 ج 2.
2- حكاه عنه في كشف اللثام 2:97،و هو في الخلاف 4:413.
3- الموطّأ 2:14/529،سنن البيهقي 7:300.
4- التحرير 2:41.

إلى ثبوته في أكثر الموارد،و الظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب.

و لا فرق في الثيّب بين الزائل بكارتها بالجماع و غيره،لا لشمول الإطلاق لهما،لانصرافه إلى الأُولى منهما قطعاً؛ بل للأصل،و عدم المخرج عنه،سوى إطلاق أخبار البكر الغير الصالح للشمول للثانية بمقتضى عدم تبادرها منه،كما لا تتبادر من الإطلاق الأول لندرتها،و لو لا الإجماع على ثبوت الثلاث لها مع فحوى ثبوته للأُولى لأمكن انتفاؤه عنها أيضاً؛ لما مضى.

يستحبّ التسوية بين الزوجات في الإنفاق،و إطلاق الوجه،و الجماع

و يستحبّ التسوية بين الزوجات في الإنفاق،و إطلاق الوجه، و الجماع استحباباً مؤكّداً؛ لما فيه من رعاية العدل و تمام الإنصاف.

و ليس بواجب بلا خلاف في الظاهر؛ للأصل،و قوله تعالى وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ [1] (1)،و مثل هذا مَيلٌ و ليس كلّ المَيل.و في الخبر:« يعني في المودّة» و قوله سبحانه فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً [2] (2)،« في النفقة» (3)و فيه قصور بحسب السند.

و للصحيح:عن الرجل يكون له امرأتان يريد أن يؤثر إحداهما بالكسوة و العطيّة،أ يصلح ذلك؟قال:« لا بأس،و أجهد في العدل» (4).

ص:90


1- النساء:129.
2- النساء:3.
3- الكافي 5:1/362،التهذيب 7:1683/420،تفسير القمي 1:155،الوسائل 21:345 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 7 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- التهذيب 7:1687/422،الإستبصار 3:861/241،الوسائل 21:341 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 3 ح 1.

و النهي عن التفضيل في الحرائر في الخبر (1)إمّا محمول على التفضيل في الواجب،أو الكراهة.

و أن يكون في صبيحة كلّ ليلة عند صاحبتها لما مرّ من الخبر المعتبر (2).و الأحوط الكون عندها في نهار الليلة؛ للشبهة الناشئة عمّا ذكرناه من الأدلّة و مخالفة العلّامة (3).

النشوز

و أمّا النشوز واصلة الارتفاع فهو هنا بل و ربما مطلق عليه في اللغة أيضاً-: ارتفاع أحد الزوجين و خروجه عن طاعة صاحبه فيما يجب له عليه؛ لأنّه بالخروج يتعالى عما أوجب اللّه تعالى عليه من الطاعة.

فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان بتقطيبها في وجهه و الضجر و السأم بحوائجه التي يجب عليها فعلها من مقدّمات الاستمتاع،بأن تمتنع أو تتثاقل إذا دعاها إليه،لا مطلق حوائجه؛ إذ لا يجب عليها قضاء حاجته التي لا تتعلّق بالاستمتاع.أو تغيّر عادتها في أدبها معه قولاً كأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين،أو غير مُقبِلة بوجهها بعد أن كانت تُقبل أو فعلاً،كأن يجد إعراضاً أو عبوساً بعد لطف و طلاقة و نحو ذلك.

وعظها أوّلا بلا هجر و لا ضرب،فلعلّها تبدي عذراً أو تتوب عمّا جرى منها من غير عذر.

و الوعظ كأن يقول:اتّقي اللّه تعالى في الحقّ الواجب لي عليك

ص:91


1- التهذيب 7:1688/422،الإستبصار 3:862/241،الوسائل 21:341 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 3 ح 2.
2- راجع ص 82.
3- راجع ص 81.

و احذري العقوبة.و يبيّن لها ما يترتّب على ذلك من عذاب اللّه تعالى في الآخرة،و سقوط النفقة و القسم في الدنيا.

فإن لم ينجع،هجرها في المضجِع بكسر الجيم، و صورته كما في القواعد و عن الصدوقين (1): أن يولّيها ظهره في الفراش و نسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا (2)،و رواه في مجمع البيان عن مولانا الباقر عليه السلام (3)،و صرّح به في الرضوي:« و الهجران:هو أن يحوّل إليها ظهره في المضجِع» (4).

خلافاً للمحكيّ عن المبسوط و السرائر،فأن يعتزل فراشها (5).

و للمفيد (6)و جماعة (7)،فخيّروا بينهما.و هو أقوى؛ لاندراجهما في الهجر عرفاً،فله الإتيان بأيّهما.إلّا أنّ الأول أحوط و أولى.

و لعليّ بن إبراهيم في تفسيره،فيسبّها (8).و لا دليل عليه أصلاً.

فإن لم ينجع،ضرَبَها،مقتصراً في الضرب على ما يؤمّل معه طاعتها فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به،و إلّا تدرّج إلى الأقوى فالأقوى ما لم يكن مدمياً و لا مبرِّحاً أي شديداً كثيراً.

ص:92


1- القواعد 2:48،الصدوق في المقنع:118،و حكاه عن والده في المختلف:596.
2- المبسوط 4:338.
3- مجمع البيان 2:44.
4- فقه الرضا عليه السلام:245.
5- المبسوط 4:338،السرائر 2:729.
6- المقنعة:518.
7- منهم يحيى بن سعيد في الجامع:478،و العلّامة في التحرير 2:42،و المحقق الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:301.
8- تفسير القمي 1:137.

و تفسير الضرب مشهور بين الأصحاب.إلّا أنّه روى في المجمع عن مولانا الباقر عليه السلام:« أنّه الضرب بالسواك» (1)و به صرّح في الرضوي:

« و الضرب بالسواك و نحوه ضرباً رقيقاً» (2)و هو أحوط و إن كان الأول أقوى؛ عملاً بظاهر اللفظ في الآية،المعتضد بعمل أصحابنا،المؤيّد بالاعتبار جدّاً.

و الأصل في المسألة:قوله سبحانه وَ اللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ [1] (3).و هل الأُمور الثلاثة على التخيير؟أو الجمع؟أو الترتيب بالتدرّج من الأخفّ إلى الأثقل كمراتب النهي عن المنكر؟و على التقادير،هل هي مع تحقّق النشوز؟أو ظهور أماراته قبل وقوعه؟أو معهما،بمعنى:أنّ الوعظ و الهجر مع الثاني،و الضرب مع الأول؟أقوال.

أقواها:الثالث في المقامين،و هو الترتيب بين الأُمور الثلاثة مع اختصاص أوّلَيها مرتّباً بينهما بظهور أمارة النشوز،و ثالثها بتحقّق النشوز،وفاقاً للمبسوط و للماتن في الشرائع و العلّامة في القواعد (4).

عملاً في جواز الأمرين الأولين مع ظهور أمارة النشوز بظاهر الآية، حيث عُلِّقا فيها على خوف النشوز الملازم لظهور أماراته.و حمله على العلم مجازٌ لا يصار إليه إلّا مع القرينة المفقودة في المقام،و استعماله فيه في بعض المواضع غير صالح للقرينة بالبديهة.

ص:93


1- مجمع البيان 2:44.
2- فقه الرضا عليه السلام:245.
3- النساء:34.
4- المبسوط 4:337،الشرائع 2:338،القواعد 2:48.

و في الترتيب بينهما بتقديم الوعظ و تأخير الهجر عنه بما ورد في الصحاح من الأمر بالبدأة بما بدأ اللّه تعالى (1)،و معه لا يمكن الجمع؛ إذ مع الوعظ إمّا تنجع و تطيع،فليس له عليها بعد ذلك سبيل بنصّ ذيل الآية و الإجماع و الاعتبار؛ و إمّا أن لا ينجع،فيجوز حينئذٍ الهجر،و هو عين الترتيب المتقدّم.

و في عدم الضرب إلّا مع تحقّق النشوز الإجماع (2)المحكيّ عن المبسوط و الخلاف (3)؛ و عُلِّل أيضاً بعدم جواز العقوبة إلّا على فعل محرّم، و ليس بدون تحقّق النشوز (4).و بهما و لا سيّما الأول يصرف الآية الظاهرة في ترتّب الضرب على ظهور أمارة النشوز عن ظاهرها.

و لا دليل يعتدّ به على شيء ممّا تقدّم من الأقوال،و الأصحّ ما قلناه، وفاقاً لمن ذكرنا.

لكن المحكيّ عنهم جواز الضرب ابتداءً بتحقّق النشوز من دون سبق الوعظ و الهجر (5)؛ و وُجِّه بدلالة ظاهر الآية على التخيير بينه و بينهما،أو الجمع من غير تقييد (6).و فيه نظر،و الأحوط مراعاة الترتيب هنا أيضاً.

و هنا قول آخر اختاره بعض الأفاضل تبعاً للتحرير (7)،و هو ما قاله

ص:94


1- التهذيب 1:252/97،الإستبصار 1:224/73،الوسائل 1:450 أبواب الوضوء ب 35 ح 1.
2- كذا في الأصل،و في« ح»:بالإجماع،و لعلّه الأنسب.
3- حكاه عنهما في كشف اللثام 2:100،و هو في المبسوط 4:337،الخلاف 4:416.
4- قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:100.
5- حكاه عنهم الشهيد في المسالك 1:571.
6- المسالك 1:571.
7- التحرير 2:42،و اختاره صاحب المدارك في نهاية المرام 1:426 427،مفاتيح الشرائع 2:301.

بعض العلماء في تفسير الآية وَ اللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ [1] ،فإن نشزن فاهجروهنّ في المضاجع،فإن أصررن فاضربوهن (1).و هو أحوط و أولى،و إن كان ما قدّمناه أقوى.

و لو كان النشوز منه أي الزوج بأن يتعدّى عليها بمنع بعض حقوقها الواجبة عليه،من نفقة و قسمة،أو إساءة خلق معها،أو أذيّة و ضرب لها بغير سبب فلها المطالبة بحقوقها التي أخلّ بها.

و لها وعظه،لا هجره و ضربه،فإن أصرّ على الامتناع رفعت أمرها إلى الحاكم.

و لو امتنع من الإنفاق،جاز للحاكم الإنفاق عليها من ماله و لو ببيع شيء من عقاره إذا توقّف الأمر عليه.

و لو لم يمنعها شيئاً من حقوقها الواجبة،و لا يؤذيها بضرب و لا بسبّ،و لكنّه يكره صحبتها لمرض أو كبر،فلا يدعوها إلى فراشه،أو يهمّ بطلاقها،فلا شيء عليه.

و لو تركت حينئذٍ بعض ما يجب لها عليه أو كلّه استمالةً له،جاز لها،و له القبول للأصل،و الكتاب،و السنّة،و الإجماع.

قال اللّه تعالى وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً [2] (2).و في الحسن في تفسيرها-:« هي المرأة التي تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها:إنّي أُريد أن أُطلّقك،فتقول له:لا تفعل،إنّي أكره أن يشمت بي،و لكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت،و ما كان سوى ذلك من شيء فهو لك،فدعني على حالي،فهو قوله فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ [3]

ص:95


1- قاله الشيخ أبو الفتوح الرازي في روح الجنان 1:761.
2- النساء:128.

يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً [1] و هو هذا الصلح» (1)و نحوه أخبار مستفيضة (2).

و ليس فيها كالآية المفسَّرة بها دلالة على عموم الحكم من جواز الصلح ببذل حقّها لما لو أخلّ الزوج ببعض حقوقها الواجبة أو كلّها؛ لظهور سياقها فيما قدّمناه (3).

نعم،جاز له القبول هنا لو بذلته بطيب نفسها لا مطلقاً؛ للأصل، و فقد الصارف عنه،و هذا هو ظاهر العبارة و الأكثر.

و ربما مُنِع من جوازه هنا؛ لما قدّمناه من اختصاص الآية و النصّ بالأول،و لقبح تركها الحقّ من دون عوض،بناءً على لزومه عليه من دونه (4).

و فيهما نظر؛ إذ اختصاص الكتاب و السنّة بما ذُكِر لا يوجب المنع عن جريان الحكم الذي فيه في غيره بعد قضاء الأصل به (5).

و القبح ممنوع حيث يرجى حصول الحقوق الواجبة التي أخلّ بها بالبذل،فتكون هي العوض الحاصل بالبذل،و لزومه عليه غير ملازم للزوم صدورها عنه حتى ينتفي العوض حين البذل.ثم على تقديره، يصحّ منع القبح أيضاً،كيف لا؟!و يجوز لها إبراء ذمّة زوجها عن حقوقها بعضاً أو كلّاً ابتداءً مطلقاً جدّاً.

و بالجملة:لا وجه لتعليل المنع من الجواز بنحو هذا بعد طيبة نفسها في بذلها.

ص:96


1- الكافي 6:/145 2،التهذيب 8:/103 348،تفسير العياشي 1:/279 284،الوسائل 21:349 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 11 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- الوسائل 21:349 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 11.
3- و هو بذلها لأجل كراهته لها مع عدم إخلال بشيء من حقها.منه رحمه اللّه.
4- نهاية المرام 1:429.
5- أي الجريان.منه رحمه اللّه.

و منه يظهر الجواز فيما لو بذلته بطيبة نفسها بعد إكراهها عليه،و إن أطلق الأصحاب المنع حينئذ،و يمكن حمل إطلاقهم على ما لو لم تطب نفسها بالبذل كما هو الغالب؛ مع أنّ فرض طيبة النفس حينئذٍ (1)لا يجامع الإكراه،فتأمّل جدّاً.

أمّا الشقاق فهو أن يكره كلّ منهما صاحبه

و أمّا الشقاق:فهو أن يكره كلّ منهما صاحبه سمّي به لكون كلّ منهما في شقّ غير شقّ الآخر.

فإذا خُشي الاستمرار على الشقاق.

و إنّما قُدر الاستمرار في الآية (2)مع خلّوها عنه لما قيل من أنّ ظهور النشوز منهما موجب لحصول الشقاق،فالمراد حينئذٍ:خوف استمراره (3).

و فيه نظر؛ لتوقفه على كون مطلق الكراهة بينهما شقاقاً،و ليس؛ لاحتمال أن يكون تمام الكراهة بينهما،فيكون المراد:أنّه إذا حصلت كراهة كلّ منهما لصاحبه،و خفتم حصول الشقاق بينهما،فابعثوا؛ مع أنّه (4)هو المتبادر منه (5)عند الإطلاق،و الأولى من الإضمار على تقدير مجازيّته.

نعم،على هذا التقدير يتردّد الأمر بين المجاز المزبور (6)و بين التجوّز

ص:97


1- أي مع الإكراه.منه رحمه اللّه.
2- النساء:35.
3- انظر المسالك 1:572،و الحدائق 24:626.
4- أي تمام الكراهة.منه رحمة اللّه.
5- أي من لفظ الشقاق.منه رحمه اللّه.
6- أي التجوّز في لفظ الشقاق.منه رحمه اللّه.

في الخشية بحملها على العلم و المعرفة و إبقاء الشقاق على حقيقته،التي هي مطلق الكراهة.

و كيف كان،مع خشية ذلك بعث وجوباً،وفاقاً للسرائر (1)؛ عملاً بظاهر الأمر.

خلافاً للتحرير،فاستحباباً (2)؛ للأصل،و التأمّل في دلالة الأمر على الوجوب؛ لكونه في الأُمور الدنيويّة.

و فيه نظر؛ لمنع كلّية السند (3)،سيّما فيما إذا توقّف الإصلاح عليه.

و المخاطب بالبعث كلّ منهما وفاقاً للصدوقين (4)؛ التفاتاً إلى ظواهر النصوص المستفيضة الدالّة على استئمار الحكمين الزوجين و اشتراطهما عليهما قبول ما يحكمان به.

ففي الموثق:أ رأيت إن استأذن الحكمان فقالا للرجل و المرأة:أ ليس قد جعلتما أمركما إلينا في الإصلاح و التفريق (5)؟و لو كان البعث من غيرهما لما كان لذلك وجه.

مضافاً إلى صريح الرضوي:« يختار الرجل رجلاً،و تختار المرأة رجلاً،و يجتمعان على فرقة» (6).

ص:98


1- السرائر 2:730.
2- التحرير 2:42.
3- و هو أنّ كلّ أمر يكون في الأُمور الدينية.منه رحمه اللّه.
4- الصدوق في المقنع:118،و حكاه عن والده في المختلف:596.
5- الكافي 6:4/146،التهذيب 8:351/104،مستطرفات السرائر:23/83،الوسائل 21:353 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 13 ح 1.
6- فقه الرضا عليه السلام:245،المستدرك 15:105 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 8 ح 1.

خلافاً للماتن في الشرائع و الفاضل في القواعد،بل الأكثر كما في المسالك،فالحاكم (1).

عملاً بظاهر الآية؛ بناءً على اختلاف ضميري المخاطب و الزوجين بالحضور و الغيبة فيها،و على الأول كان اللازم المساواة في الحضور و أن يقال:فابعثوا حكماً من أهلكما.

و للمرسل المحكيّ عن تفسير عليّ بن إبراهيم:« أتى عليّ بن أبي طالب عليه السلام رجل و امرأة على هذه الحال،فبعث حكماً من أهله و حكماً من أهلها» (2)و نحوه عن مجمع البيان (3).

و هو أظهر إن صحّت الشهرة،و إلّا فالأول؛ لضعف المرسلَين،و عدم مكافأتهما لما مرّ.و احتمال الالتفات في الآية و مثله شائع،و تخرج النصوص شاهدة عليه.

و لمن شذّ،فأهلهما (4).

و فيه بعد اندفاعه بما مضى ظهور الآية في خلافه قطعاً، فلا يلتفت إليه،و إن أشعر بعض الأخبار (5)به.

و يجب أن يكون المبعوث حَكَماً من أهله و أهلها،وفاقاً للسرائر (6)؛ عملاً بظاهر الآية،و ليس على حملها على الإرشاد أو الغالب

ص:99


1- الشرائع 2:339،القواعد 2:48،المسالك 1:572.
2- تفسير القمي 1:138،المستدرك 15:108 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 11 ح 2.
3- مجمع البيان 2:44.
4- انظر كشف اللثام 2:101.
5- انظر الوسائل 21:354 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 13 ح 6.
6- السرائر 2:730.

دلالة و لا قرينة.و على تقديرها،فجواز البعث من غير الأهل و مضيّ أحكام المبعوث منه عليهما يحتاج إلى دلالة،و هي مفقودة،فيجب الاقتصار فيما خالف الأصل على مورد الآية.

فالقول بجواز الحَكَم من غير الأهل كما يأتي هنا،و في الشرائع و عن المبسوط و الوسيلة (1)ضعيف.

و لو امتنع الزوجان،بَعَثهما الحاكم و لا دليل عليه سوى الجمع بين الروايات المتضمنة لبعثه و بعثهما كما مضى،بحمل الأولة على صورة الامتناع،و الثانية على العدم.و لا شاهد عليه.

و ربما عُلِّل الحكم هنا (2)بأنّ للحاكم الولاية العامّة،فله البعث.

و الأولى إجباره إيّاهما عليه حينئذ،وفاقاً للإسكافي،إلّا أنّه لم يقيّده بصورة الامتناع،بل قال:يأمرهما الحاكم بالبعث (3)،و أطلق.

و يجوز أن يكونا أي الحكمان- أجنبيّين إمّا مطلقاً كما هو ظاهر المتن،وفاقاً منه لمن مضى أو مقيّداً بعدم الأهل،كما هو الأقوى.

لكن مع ذلك،ليس لهما حكم المبعوث من أهلهما من إمضاء ما حكما عليهما؛ لمخالفته الأصل،فيقتصر فيه على مورد النصّ،و يكون حكمهما حينئذٍ الاقتصار على ما أذن به الزوجان و فيه وكّلا.

و ليس لهما من التحكيم الذي هو حكم الحكمين كما يأتي شيء جدّاً.

ص:100


1- الشرائع 2:339،المبسوط 4:340،الوسيلة:333.
2- أي مع الامتناع.منه رحمه الله.
3- حكاه عنه في المختلف:597.

و في حكم فقد الأهل توقّف الإصلاح على الأجنبيّين.

و بَعثهما تحكيمٌ لا توكيل على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع عن ظاهر المبسوط و صريح السرائر و فقه القرآن (1)؛ لظاهر الآية المشتملة على لفظ الحَكَم و نسبة الإصلاح إليهما،و للنصوص الظاهرة في أنّ لهما الإصلاح بما يريانه من غير استئذان،و أنّ ليس لهما التفريق إلّا بالإذن.

ففي الرضوي:« إن اجتمعا إلى إصلاح لم يحتج إلى مراجعة،و إن اجتمعا على الفرقة فلا بدّ لهما أن يستأمرا الزوج و الزوجة» (2)و قريب منه المعتبرة الأُخر الدالّة على اعتبار استئمارهما في الفراق لا مطلقاً (3).

خلافاً لمن شذّ،فتوكيل (4)؛ التفاتاً إلى بلوغ الزوجين و رشدهما، فلا ولاية لغيرهما عليهما؛ مع عدم اشتراط الفقه فيهما إجماعاً،فلا حكم لهما؛ إذ لا حكم لغير الفقيه اتّفاقاً.

و ليس في شيء ممّا ذكر حجّة في مقابلة ما مضى من الأدلّة كما ترى؛ مع أنّ المحكي عن القائل به الرجوع عنه معلّلاً بما ذكرنا (5)، فلا خلاف فيما ذكرنا.

فيصلحان أي الحكمان- إن اتّفقا من غير معاودة إلى الباعث مطلقاً (6)،و يمضي عليهما ما حكما،من غير خلاف يظهر حتى من

ص:101


1- المبسوط 4:340،السرائر 2:730،فقه القرآن 2:193.
2- فقه الرضا عليه السلام:245.
3- انظر الوسائل 21:أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 11،12،13.
4- قال به ابن البرّاج على ما نقله هو عن كتابه(الكامل في الفقه)في المهذب 2:266.
5- المهذب 2:266.
6- أي حاكماً كان أو غيرهما.منه رحمه اللّه.

القائل بالتوكيل؛ و لعلّه لرجوعه عنه،و إلّا فيأتي عليه لزوم الاستئذان و لو ابتداءً على جهة العموم.

و لا يفرّقان إلّا مع إذن الزوج في الطلاق و المرأة في البذل في المشهور،بل قيل:بلا خلاف (1).

للأصل،مع اختصاص الأدلّة من الكتاب و السنّة بغير الطلاق.

و النبويّ:« الطلاق بيد من أخذ بالساق» (2).

و المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:« ليس للحكمين أن يفرّقا حتى يستأمرا» (3)و نحوه الحسن (4)،و الرضوي المتقدّم،و غيره (5).

و لو اختلف الحَكَمان،لم يمض لهما عليهما حكم بلا إشكال؛ للأصل،و اختصاص الأدلّة باتّفاقهما،مع استحالة الترجيح من غير مرجّح،و هو واضح و الحمد للّه.

ص:102


1- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:101.
2- سنن ابن ماجة 1:2081/672 بتفاوت يسير.
3- الفقيه 3:1626/337،الوسائل 21:348 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 10 ح 1.
4- الكافي 6:2/146،التهذيب 8:350/103،الوسائل 21:348 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 10 ح 1.
5- انظر الوسائل 21:352 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 12 ح 1،و الباب 13 ح 2،3.

النظر الرابع في حكم الأولاد

اشارة

النظر الرابع في حكم الأولاد

ولد الزوجة الدائمة يُلحَق به مع الدخول

ولد الزوجة الدائمة التامّ خلقةً يُلحَق به أي الزوج الذي يمكن التولّد منه عادةً و لو احتمالاً- مع شروط ثلاثة:

أحدها: الدخول منه بها دخولاً يمكن فيه ذلك و لو احتمالاً بعيداً،قبلاً كان أم دبراً،إجماعاً،و في غيره إشكال،و إن حكي الإطلاق عن الأصحاب و احتمل الإجماع (1).

مع أنّ المحكيّ عن السرائر و التحرير عدم العبرة بالوطء دبراً (2)، و استوجهه من المتأخّرين جماعة (3).و هو حسن،إلّا مع الإمناء و احتمال السبق و عدم الشعور به،لا مطلقاً.

و ثانيها: مضيّ ستّة أشهر هلاليّة أو عدديّة من حين الوطء فلا عبرة بالأقلّ في الولد الكامل،إجماعاً من المسلمين كافّة؛ لنصّ الآية وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [1] (4)،مع قوله وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ [2] (5)،و هو أقل مدّة الحمل؛ للإجماع على عدم كونه أقصاه؛ و للنصوص الآتية.

ص:103


1- انظر الروضة البهيّة 5:432.
2- السرائر 2:658،التحرير 1:45.
3- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:432،انظر كفاية الأحكام:190.
4- الأحقاف:15.
5- لقمان:14.

و في غير الكامل ممّا تسقطه المرأة يرجع في إلحاقه بالزوج حيث يحتاج إليه ليجب عليه التكفين،و مئونة التجهيز،و نحو ذلك من الأحكام الغير المترتّبة على حياته إلى المعتاد لمثله من الأيّام و الأشهر و إن نقصت عن الستّة الأشهر،فإن أمكن عادة كونه منه لحقه حكمه و إن علم عادةً انتفاؤه عنه لغيبته عنه (1)مدّة تزيد عن تخلّقه عادةً انتفى عنه.

و ثالثها: وضعه لمدّة الحمل أو أقلّ منها،إجماعاً من المسلمين كافّة و هي تسعة أشهر في الأشهر،كما عن النهاية و المقنعة و الإسكافي و الديلمي و القاضي و المرتضى في أحد قوليه (2)و غيرهم (3)،بل ظاهر الإسكافي و الطوسي في المبسوط و الخلاف إجماعنا عليه (4)،و هو الأصحّ؛ للمعتبرة المستفيضة بعد الإجماعات المنقولة المترجّحة على معارضها الآتي و لو صحّ بالكثرة و الشهرة:

منها الخبر:عن غاية الحمل بالولد في بطن امّه،كم هو؟فإنّ الناس يقولون:ربّما بقي في بطنها سنتين،فقال:« كذبوا،أقصى الحمل تسعة أشهر،لا يزيد لحظة،و لو زاد ساعة لقتل امّه قبل أن يخرج» (5).

ص:104


1- كذا،و لعلّ الأنسب:عنها.
2- النهاية:505،المقنعة:539،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:579،الديلمي في المراسم:155،القاضي في المهذّب 2:341،المرتضى في رسالة الموصليات الثانية(رسائل الشريف المرتضى 1):192.
3- انظر الشرائع 2:34،و المسالك 1:574،و كشف اللثام 1:103.
4- حكاه عن الإسكافي في المختلف:579،المبسوط 5:204،الخلاف 5:88،المبسوط 8:305.
5- الكافي 6:3/52،التهذيب 8:578/166،الوسائل 21 380 أبواب أحكام الأولاد 17 ح 3.

و في آخر:« يعيش الولد لستّة أشهر،و لسبعة أشهر،و لتسعة أشهر، و لا يعيش لثمانية أشهر» (1).

و قصور سندهما كما يأتي منجبر بالشهرة.

و الدلالة في الأوّل صريحة،و في الثاني ظاهرة من حيث مفهوم العدد،الذي هو حجّة.

و ليس في الأوّل من حيث تضمّنه قتل الولد امّه بزيادة مكثه على التسعة أشهر بساعة ما ينافي حجيّته،إلّا دعوى الوجدان بعدم ذلك و البقاء إلى العشر بل و أزيد إلى سنة،و هي ممنوعة،فقد يكون وضع الحمل إلى ذينك الأجلين ابتداء الحمل فيه من التسعة،و يكون حبس الطمث قبله لريبة،كفساد الطمث،كما يستفاد من المعتبرة (2)و صرّح به المفيد في المقنعة (3)و جماعة (4).و ليس الوضع إلى ذينك الأجلين مع انسداد باب الاحتمال المتقدّم ظاهراً لنا بالوجدان و إنكاره مكابرة بالعيان.

و منه يظهر ضعف ما قيل من أنّ الأقصى عشرة كما عن المبسوط (5)،و اختاره المصنّف أيضاً بقوله: و هو حسن مع عدم الدليل من الأخبار عليه،و انتقاض تعليله المتقدّم لو صحّ بوجدان الوضع

ص:105


1- الكافي 6:2/52،التهذيب 8:398/115،الوسائل 21:380 أبواب أحكام الأولاد ب 17 ح 2.
2- الكافي 6:5/102،الوسائل 22:224 أبواب العدد ب 25 ح 5.
3- المقنعة:539.
4- منهم الحلبي في الكافي في الفقه:314،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):616،و العلّامة في المختلف:579.
5- حكاه عنه الفاضل المقداد في التنقيح 3:263،و كذا الشهيد الثاني في المسالك 1:574،و لكنه لم نعثر عليه في المبسوط.

إلى السنة كما حكاه في المسالك و سبطه في الشرح (1)و وقع في زماننا أيضاً،فقصره عليه دونه ليس في محلّه،و لا وجه لاختياره على الخصوص بالمرّة.

و يدلّ على المختار أيضاً مضافاً إلى ما سيأتي من الأخبار المعتبر المحتمل للصحّة،المروي في الكافي،في باب مبدأ النشوء،و فيه:

« و للرحم ثلاثة أقفال:قفل في أعلاها ممّا يلي أعلى الصرة من الجانب الأيمن،و القفل الآخر وسطها،و القفل الآخر أسفل من الرحم،فيوضع بعد تسعة أيّام في القفل الأعلى فيمكث فيه ثلاثة أشهر،فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس و التهوّع،ثم ينزل إلى القفل الأوسط فيمكث فيه ثلاثة أشهر» إلى أن قال:« ثم ينزل الى القفل الأسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فذلك تسعة أشهر،ثم تطلق المرأة» الحديث (2).

إلّا أنّ ظاهره زيادة تسعة أيّام على تسعة أشهر،لكن يمكن إدراجها في التسعة أشهر بضرب من التأويل،بحمل قوله في القفل الأوّل:« فيمكث ثلاثة أشهر» على ثلاثة أشهر التي التسعة الأيام منها؛ و الشاهد عليه ذيل الرواية و باقي المعتبرة الماضية و الآتية،مع أنّ إبقاءه على ظاهره مخالف للإجماع بالضرورة،فهو أقوى شاهد على صحّة الحمل الذي ذكرناه.

و منه يظهر فساد حمل ما ضاهاه على الغالب،مع ما في الخبر الأوّل ممّا هو ظاهر في نفيه من أنّ لو زاد ساعة لقتل امّه،و لا ريب أنّ الغالب ليس منحصراً في التسعة الحقيقيّة التي لا يزاد عليها و لو بساعة.

و بالجملة:أبواب المناقشات في أدلّة المشهور بما ذكرناه مسدودة،

ص:106


1- المسالك 1:574،و سبطه في نهاية المرام 1:434.
2- الكافي 6:5/15.

و الأقوال المقابلة له ضعيفة،حتى ما قيل من أن أقصاه سنة كما عن الانتصار و الجامع و المفيد في إعلام (1)الورى (2)،و اختاره من المتأخرين جماعة (3)؛ و لا دليل عليه سوى الإجماع المحكيّ عن الأوّل، و النصوص المتوهّم منها ذلك:

منها الصحيح:« إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حبلاً،انتظر تسعة أشهر،فإن ولدت،و إلّا اعتدّت ثلاثة أشهر،ثم قد بانت منه» (4).

و الخبر:« إنّما الحمل تسعة أشهر» قال:قلت فتتزوّج؟قال:« تحتاط ثلاثة أشهر» قال:قلت:فإنّها ارتابت بعد ثلاثة أشهر،قال:« ليس عليها ريبة،تزوّج» (5)و نحو غيره (6).

و في الجميع نظر،أمّا الأوّل:فلمعارضته لأكثر منه و أشهر،مع احتماله الإجماع على النفي عن الأزيد لا أنّه الأقصى،ردّاً على العامّة القائلين بالزيادة إلى سنتين،كما أفصح عنه الخبر الذي مرّ (7)،و حكايته عنهم بين الأصحاب قد اشتهر.

ص:107


1- كذا في النسخ،و لعلّ الصحيح:الإعلام،كما ذكره النجاشي في رجاله:400،و صاحب الذريعة 2:237.
2- الانتصار:154،الجامع للشرائع:461،الإعلام(مصنفات المفيد 9):41.
3- المسالك 1:574،نهاية المرام 1:433،كفاية الأحكام:191،مفاتيح الشرائع 2:359.
4- الكافي 6:1/101،الفقيه 3:1599/330،التهذيب 8:444/129،الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25 ح 1.
5- الكافي 6:2/101،التهذيب 8:445/129،الوسائل 22:224 أبواب العدد ب 25 ح 4.
6- الكافي 6:2/101،التهذيب 8:445/129،الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25 ح 2.
7- في ص 104.

و أمّا الثاني:فهو بالدلالة على المختار أوضح و أظهر،و لا سيّما الخبر الأوّل؛ لنصّ الجميع على أنّ الثلاثة أشهر للريبة،و به صرّح من الأصحاب جماعة،كالحلبي و ابني شهرآشوب و زهرة (1).

نعم،في المرسل:« أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر،و أكثر ما تحمل لسنة» (2).

و قريب منه مرسل آخر:في قول اللّه عزّ و جلّ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ [1] (3)قال:« الغيض:كلّ حمل دون تسعة أشهر،و ما تزداد:كلّ شيء يزداد على تسعة أشهر،فكلّما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنّها تزداد بعدد الأيّام التي رأت في حملها من الدم» (4).

و نحو الأول في الصراحة في الجملة،المرفوع المرويّ عن نوادر المعجزات للقطب الراوندي،عن سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام:أنّها ولدت الحسين عليه السلام عند تمام سنة من حملها به.

و هذه الروايات مع قصور أسانيدها بالإرسال لا تعارض شيئاً ممّا قدّمناه من الأخبار المعتضدة بالإجماعات المحكيّة و الاشتهار العظيم بين الأخيار؛ مضافاً إلى اختلاف نسخة الرواية الاُولى في لفظة« السنة» فيوجد في بعضها:« سنتين» بدلها،و هو موجب لوهن الاستدلال بها،و احتمالها به

ص:108


1- الحلبي في الكافي:314،ابن شهرآشوب لم نظفر على كتاب له في الفقه،و لم نعثر عليه في المناقب،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):616.
2- الفقيه 3:1600/330،الوسائل 21:384 أبواب أحكام الأولاد ب 17 ح 15.
3- الرعد:8.
4- الكافي 6:2/12،تفسير العياشي 2:204،الوسائل 21:381 أبواب أحكام الأولاد ب 17 ح 6.

الحمل على التقيّة جدّاً،فلا دليل يعتدّ به لهذا القول؛ مع إشعار قول المصنّف: و هو متروك بانعقاد الإجماع على خلافه.

و كيف كان ف يتفرّع على الخلاف في المسألة:ما لو اعتزلها، أو غاب عنها عشرة أشهر،فولدت بعدها،لم يلحق به على الأظهر، و كذا على القول بالعشر،و يلحق به على القول الآخر.

و مظهر ثمرة الخلاف بين القولين الأولين ما لو ولدته لعشر،فيلحق به على القول به،و لا على الأظهر.

و لو أنكر الزوج الدخول بها بعد احتماله،و ادّعته الزوجة فالقول قوله مع يمينه لإنكاره،مضافاً إلى الأصل،فتأمّل.

و لو اعترف به أي الدخول ثم أنكر الولد،لم ينتف عنه إلّا باللعان إجماعاً؛ للأصل،و عموم:« الولد للفراش،و للعاهر الحجر» (1).

لو اتّهمها بالفجور،أو شاهد زناها،لم يجز له نفيه و لم ينتف الا باللعان

و لو اتّهمها بالفجور،أو شاهد زناها،لم يجز له نفيه مع احتمال اللحوق به و لحق به إجماعاً؛ لما مضى و لو نفاه لم ينتف عنه إلّا باللعان بلا خلاف.و لا فرق في ذلك بين كون الولد يشبه الزاني و عدمه؛ عملاً بالعموم.

و لو وُطِئَت الزوجة شبهة،و أمكن تولّد الولد من الزوج و ذلك الواطئ،أُقرع بينهما؛ لأنّها فراش لهما،سواء وقع الوطئان في طهر واحد أو في طهرين و لو انتفى عن أحدهما بالآخر من غير قرعة.

و كذا يلحق به الولد و لا ينتفي عنه إلّا باللعان لو اختلفا في مدّة الولادة فادّعى ولادته لدون ستّة أشهر،أو لأزيد من أقصى الحمل؛ تغليباً

ص:109


1- الكافي 7:1/163،التهذيب 9:1242/346،الإستبصار 4:693/185،الوسائل 26:274 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 8 ح 1.

للفراش،و التفاتاً إلى أصالة عدم زيادة المدّة و تأخّر الدخول في الثاني.أمّا الأوّل فالأصل معه،فيحتمل قبول قوله،وفاقاً لجماعة (1)؛ عملاً بالأصل، و التفاتاً إلى أنّ مآله إلى النزاع في الدخول،فإنّه إذا قال:لم تنقض ستّة أشهر من حين الوطء،كان معناه:عدم وطئه لها منذ ستّة أشهر،و وقوعه فيما دونها.

و ربما فسّر بعضهم النزاع في المدّة الذي يترتّب عليه الحكم المزبور في العبارة بالمعنى الثاني خاصّة (2)ليوافق الأصل،و ليس ببعيد إن تحقّق في ذلك خلاف،إلّا أنّ كلام الأصحاب مطلق،لكن في الاكتفاء بمثله في الخروج عن مقتضى الأصل إشكال،إلّا أن يعتضد بعموم:« الولد للفراش» و لا ينتقض بصورة وقوع النزاع في الدخول؛ لعدم الفراش فيها بدون ثبوته، بخلاف المقام؛ لثبوته بثبوته باتّفاقهما عليه.

هذا،مع إمكان المناقشة في الأصل الذي ادّعي كونه مع الزوج،كيف لا؟!و هو معارض بأصالة عدم موجب للحمل لها غير دخوله،و بعد التعارض لا بدّ من المصير إلى الترجيح،و هو معها؛ للعموم المتقدّم، و لا ينقض بالصورة المتقدّم ذكرها؛ لانتفاء المرجّح المزبور فيها كما مضى، فهذا أقوى.

و حيث قدّمنا قولها،فالمتّجه عند جماعة منهم:شيخنا الشهيد في اللمعة (3)توجّه اليمين عليها؛ و ربما ظهر من كلام بعض الأصحاب كما

ص:110


1- منهم الشهيد الثاني في الروضة البهية 5:437،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:436،و صاحب الحدائق 25:16.
2- حكاه الشهيد الثاني في الروضة البهية 5:437.
3- اللمعة(الروضة البهية 5):436.

حكي (1)عدمه،و لا بأس به؛ نظراً إلى الأصل و انتفاء المخرج عنه؛ بناءً على أنّ تقديم قولها ليس لإنكارها حتى يتوجّه اليمين عليها،بل لتغليب جانب الفراش المستدلّ عليه بالعموم المتقدّم،و ليس فيه اعتبار اليمين، و لكن الأحوط اعتباره.

و لو زنى بامرأة،فأحبلها،لم يجز إلحاقه

و لو زنى بامرأة،فأحبلها،لم يجز إلحاقه بنفسه و إن تزوّج بها بعد ذلك.

و كذا لو أحبل أمة غيره زناءً ثم ملكها أو بعضها،و ألحقنا الولد به مع الشرط أو مطلقاً.

إجماعاً في المقامين على الظاهر،و التفاتاً إلى عدم ثبوت النسب بالزناء،و عدم اقتضاء الفراش إلحاق ما حكم بانتفائه عنه قطعاً.

و للصحيحين،في أحدهما:في رجل فجر بامرأة،ثم تزوّجها بعد الحمل،فجاءت بولد و هو أشبه خلق اللّه تعالى به،فكتب بخطّه و خاتمه:

« الولد لغَيّة لا يورث» (2).

و في الثاني:« أيّما رجل وقع على وليدة قوم حراماً ثم اشتراها فادّعى ولدها،فإنّه لا يورث منه شيء (3)فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

الولد للفراش و للعاهر الحجر» (4).

ص:111


1- حكاه في نهاية المرام 1:436.
2- الكافي 7:4/164،الفقيه 4:738/231،التهذيب 8:637/182،الإستبصار 4:685/182،الوسائل 21:498 أبواب أحكام الأولاد ب 101 ح 1؛ بتفاوت يسير.
3- كذا في الأصل و الكافي،و في غيره من المصادر لا يوجد،و لعلّ الأنسب:شيئاً.
4- الكافي 7:1/163،التهذيب 8:734/207،الوسائل 21:193 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 74 ح 1.

لو طلّق زوجته فاعتدّت و تزوّجت و أتت بولد لدون ستّة أشهر فهو للأوّل

و لو طلّق زوجته المدخول بها فاعتدّت و تزوّجت أو وُطئت لشبهة و أتت بولد فإن لم يمكن لحوقه بالثاني،و أمكن لحوقه بالأوّل، كما لو ولدته لدون ستّة أشهر من وطء الثاني،و لتمامها من غير أن يتجاوز أقصى الحمل من وطء الأوّل فهو للأوّل و تبيّن بطلان نكاح الثاني؛ لوقوعه في العدّة،و حرمت عليه مؤبداً؛ لوطئه لها فيها.

و لو انعكس الأمر،بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء الأوّل، و لأقل الحمل إلى الأقصى من وطء الثاني،لحق الثاني.

و إن لم يمكن لحوقه بأحدهما،بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء الأوّل،و لدون ستّة أشهر من وطء الثاني،انتفى عنهما قطعاً.

و إن أمكن إلحاقه بهما،كما لو كان ولادتها لستّة أشهر من وطء الثاني،و لسبعة فصاعداً إلى أقصى الحمل من وطء الأوّل فهو للأخير وفاقاً للنهاية (1)و جماعة (2)؛ لأصالة التأخّر،و المعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:في المرأة تزوّج في عدّتها،قال:« يفرّق بينهما، و تعتدّ عدّة واحدة منهما،فإن جاءت بولد لستّة أشهر أو أكثر« فهو للأخير، و إن جاءت بولد في أقلّ من ستة أشهر فهو للأوّل» (3).

و الصحيح:« إذا كان للرجل منكم الجارية يطؤها فيعتقها فاعتدّت و نكحت،فإن وضعت لخمسة أشهر فإنّه من مولاها الذي أعتقها،و إن

ص:112


1- النهاية:505.
2- منهم المحقق في الشرائع 2:341،و الشهيد الثاني في المسالك 1:575،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:438.
3- الفقيه 3:1441/301،التهذيب 8:584/168،الوسائل 21:383 أبواب أحكام الأولاد ب 17 ح 13.

وضعت بعد ما تزوّجت لستّة أشهر فإنّه لزوجها الأخير» (1)،و في معناهما خبران آخران (2).

خلافاً للمبسوط،فالقرعة (3)،مؤذناً بدعوى الإجماع عليه.

و هو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف كما حكي؛ و مع ذا فغايته أنّه خبر واحد صحيح،و لا يعارض المستفيض الذي فيه الصحيحان؛ و مع ذلك معتضد بالأصل المتقدّم ذكره.

و التعليل بثبوت الفراش لهما حين الوطء و إمكان الكون منهما مع غلبة الولادة للأقصى،في مقابل النصّ المستفيض المعتضد بالشهرة، عليل.

و لو لم تتزوّج و لم توطأ لشبهة بعد الطلاق،و مع ذلك ولدت فهو للأوّل،ما لم يتجاوز أقصى الحمل و لم ينقص عن أدناه، بلا خلاف؛ لأنّها بعد فراشه،و لم يلحقها فراش آخر يشاركه.

و كذا الحكم في الأمة لو باعها سيّدها بعد الوطء في جميع الصور المفروضة.لكن على تقدير ولادتها لدون ستّة أشهر من وطء الثاني و الحكم بلحوق الولد للبائع،يتبيّن فساد البيع؛ لأنّها أُمّ ولد.

و ولد الموطوءة بالملك يلحق بالمولى

و ولد الموطوءة بالملك يلحق بالمولى الواطئ لها إذا أتت به لستّة

ص:113


1- الكافي 5:1/491،التهذيب 8:586/168،الوسائل 21:380 أبواب أحكام الأولاد ب 17 ح 1.
2- أحدهما في:التهذيب 8:581/167،الوسائل 21:383 أبواب أحكام الأولاد ب 17 ح 11. و الآخر في:التهذيب 8:583/167،الوسائل 21:383 أبواب أحكام الأولاد ب 17 ح 12.
3- المبسوط 5:205.

أشهر فصاعداً إلى الأقصى،اتّفاقاً فتوًى و نصّاً.

ففي الصحيح:الجارية تكون للرجل يُطيف بها (1)،و هي تخرج في حوائجه فتعلق،قال:« يتّهمها الرجل أو يتّهمها أهله؟» قلت:أمّا ظاهرة فلا،قال:« إذن لزمه الولد» (2).

و فيه:كتبت إليه في هذا العصر:رجل وقع على جارية ثم شكّ في ولده،فكتب:« إن كان فيه مشابهة منه فهو ولده» (3)و نحوهما غيرهما (4).

و حينئذٍ يلزمه الإقرار به إذا لم يُعلم انتفاؤه عنه،و لم يكن هناك أمارة يغلب معها الظنّ بخلافه عند المصنّف و غيره كما يأتي.

لكن لو نفاه انتفى ظاهراً إجماعاً،كما في الإيضاح و الروضة و المسالك (5)و غيره (6)؛ و هو الحجّة فيه،لا الأصل كما قيل (7)؛ لاقتضاء الفراش الثابت هنا بالنصّ خلافه.

و ربما عُلّل بأنّ ذلك لا يعرف إلّا من قبله،فلو لم ينتف بنفيه - و الحال أنّه لا يثبت بينهما لعان كما يأتي في بحثه فينتفي به لزم كون ولد الأمة أقوى من ولد الحرّة؛ لانتفائه باللعان دونه (8).

ص:114


1- أطاف به:ألَمَّ به و قارَبَه القاموس المحيط 3:175.
2- الكافي 5:1/489،التهذيب 8:633/181،الإستبصار 3:1311/366،الوسائل 21:169 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 56 ح 2؛ بتفاوت يسير.
3- التهذيب 8:632/181،الإستبصار 3:1314/367،الوسائل 21:168 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 55 ح 5.
4- التهذيب 8:631/180،الإستبصار 3:1313/367،الوسائل 21:168 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 55 ح 4.
5- إيضاح الفوائد 3:261،إلّا أنّه لم نعثر على إجماع فيه،الروضة 5:438،المسالك 1:577.
6- انظر كشف اللثام 2:104.
7- انظر كشف اللثام 2:104.
8- نهاية المرام 1:439،الحدائق 25:20.

و لو اعترف به بعد النفي الحقَ به لعموم:« إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (1)و فحوى ما دلّ على ثبوت الحكم في ولد الملاعنة (2).

و مقتضى الأمرين أنّه يترتّب عليه من أحكام النسب ما عليه،دون ما له.فإن أُريد بإطلاق العبارة ذا،و إلّا فلا يصلحان لإثبات ما يستفاد من إطلاقها من تمام المدّعى،فإن كان إجماع،و إلّا فهو محلّ إشكال جدّاً.

و في حكمه أي ولد الأمة- ولد المتعة في الأحكام المذكورة من اللحوق به و لزوم الاعتراف به مع عدم العلم بانتفائه عنه، و انتفائه ظاهراً إذا نفاه من غير لعان،و اللحوق به بالاعتراف به بعد الإنكار.

و لا إشكال فيما عدا الثاني و لا خلاف؛ لعموم:« الولد للفراش» مضافاً إلى الإجماع و خصوص المعتبرة في الأوّل،و ما قدّمناه من عموم:

« إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» و الفحوى المتقدّمة في الثالث.

و أمّا الثاني:فعليه الإجماع في المسالك و موضع من الروضة (3)؛ و هو الحجّة فيه.و لا ينافيه دعوى الشهرة مع ذكر خلاف المرتضى في موضع آخر منها (4)؛ لإمكان أن يراد من الشهرة المعنى الأعم الشامل للمجمع عليه بالمعنى المصطلح،و ذكر الخلاف لا ينافيه؛ لمعلوميّة نسب المخالف.

نعم،ربما نافاه دعوى الوفاق في ولد الأمة قبله (5).

ص:115


1- عوالي اللئلئ 1:104/223،الوسائل 23:184 أبواب كتاب الإقرار ب 3 ح 2.
2- الكافي 7:3/160،التهذيب 9:1219/339،الوسائل 26:262 أبواب ميراث الملاعنة ب 2 ح 1.
3- المسالك 1:505،الروضة 5:296.
4- الروضة 5:438،439.
5- الروضة 5:438.

و يمكن دفعه بإرادته من الوفاق:اتفاق الكلّ الذي لم يقع فيه خلاف من أحد،و ذلك لا ينافي أن يراد من الشهرة:الإجماع بالمعنى المصطلح.

و بالجملة:فالأصل في حكاية الإجماع:الحجّية،إلى ظهور ما ينافيها،و ليس،فهي الحجّة،مضافاً إلى الإجماعات المحكيّة في ولد الأمة (1)،النافعة في المسألة،بعد ملاحظة عموم المعتبرة الدالّة على انّ المتعة بمنزلة الأمة (2).

هذا،مضافاً إلى الإجماع القطعيّ بعد ثبوت انتفاء اللعان في المتعة، كما يستفاد من المعتبرة،منها الصحيح:« لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتّع بها» (3)و نحوه الآخر (4)بزيادة:« الأمة و الذمّية» الشاهدة على اتّحاد المتعة معهما من حيث السياق بأقوى شهادة.

و لا يعارضها من الأدلّة سوى إطلاق الآية (5)و غيرها بجريان اللعان في الزوجة،و ليست شاملة للمتعة؛ لمجازيّتها بالإضافة إلى إطلاق الزوجة أو لكونها من الأفراد الغير المتبادرة،بل النادرة،الغير المنصرف إليها إطلاقها بالضرورة.

و لعلّ النكتة في الإجماع على انتفاء الولد فيها بعد ثبوت انتفاء اللعان

ص:116


1- المتقدّمة في ص 114.
2- انظر الوسائل 21:79 أبواب المتعة ب 46 ح 1.
3- الكافي 6:/166 17،التهذيب 8:/189 659،الوسائل 22:430 أبواب اللعان ب 10 ح 1.
4- الفقيه 3:1667/347،التهذيب 8:653/188،الإستبصار 3:1332/373،الوسائل 22:430 أبواب اللعان ب 10 ح 2.
5- النور:6.

عنها:ما تقدّم (1)في التعليل عليه في ولد الأمة من استلزام عدم الانتفاء كونه أقوى من ولد[الحرّة (2)]و ذلك فاسد البتّة.

و كلّ من أقرّ بولد ثم نفاه لم يُقبل نفيه إجماعاً؛ للأصل و المعتبرة المستفيضة،منها الصحاح،في أحدها:« إذا أقرّ الرجل بولد ثم نفاه لزمه» (3)و نحوه الآخران (4)،و روايات أُخر (5).

و لو وطئها المولى وطئاً يمكن لحوق الولد به و أجنبيّ آخر معه فجوراً لا شبهةً يمكن اللحوق في حقّه أيضاً حكم به للمولى مع عدم الأمارة التي يغلب معها الظنّ بالعدم إجماعاً حكاه جماعة (6)لعموم حكم الفراش المستفيض في المعتبرة (7)،و خصوص معتبرة أُخر:

كالصحيح:عن رجلين وقعا على جارية في طهر واحد،لمن يكون الولد؟قال:« للذي يكون عنده؛ لقول رسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم:الولد للفراش و للعاهر الحجر» (8).

ص:117


1- راجع ص 114.
2- بدل ما بين المعقوفين في النسخ:الأمة،إلّا أنه قد أُشير في هامش الأصل إلى نسخة بدل:الحرّة،و على كل ما أثبتناه هو الأنسب.
3- التهذيب 9:/346 1244،الوسائل 26:271 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 6 ح 2.
4- أحدهما في:الكافي 7:1/163،الفقيه 4:737/231،التهذيب 9:1242/346،الوسائل 26:270 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 6 ح 1. و الآخر في:التهذيب 9:1243/346،الوسائل 26:271 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 6 ذيل الحديث 1.
5- انظر الوسائل 26:271 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 6 ح 3،4.
6- المسالك 1:577،نهاية المرام 1:442،انظر الحدائق 25:30.
7- الوسائل 21:173 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 58.
8- الكافي 5:3/491،التهذيب 8:589/169،الإستبصار 3:1317/368،الوسائل 21:174 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 58 ح 4.

و الموثّق:عن رجل له جارية،فوثب عليها ابن له ففجر بها،قال:قد كان رجل عنده جارية و له زوجة،فأمرت ولدها أن يثب على جارية أبيه، ففجر بها،فسُئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن ذلك،فقال:« لا يحرّم ذلك على أبيه،إلّا أنّه لا ينبغي له أن يأتيها حتى يستبرئها للولد،فإن وقع بينهما ولد فالولد للأب إذا كانا جامعاها في يوم واحد و شهر واحد» (1).

فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظنّ أنّه ليس منه،لم يجز له إلحاقه به و لا نفيه عنه، بل يستحبّ له أن يوصي له بشيء و لا يورثه ميراث الأولاد وفاقاً للنهاية و ابن البرّاج و ابن حمزة (2)و جماعة (3)،بل ربّما ادّعى عليه الأكثريّة جماعة (4).

قالوا:للمستفيضة:

منها الصحيح:« إنّ رجلاً من الأنصار أتى أبي فقال:إنّي ابتليت بأمر عظيم،إنّ لي جارية كنت أطؤها،فوطئتها يوماً فخرجت في حاجة لي بعد ما اغتسلت منها،و نسيت نفقة لي فرجعت إلى المنزل لآخذها فوجدت غلامي على بطنها،فعددت لها من يومي ذلك تسعة أشهر فولدت جارية، قال:فقال له أبي عليه السلام:لا ينبغي لك أن تقربها و لا تبيعها،و لكن أنفق عليها من مالك ما دمت حيّاً،ثم أوص عند موتك أن ينفق عليها من مالك حتى

ص:118


1- التهذيب 8:627/179،الإستبصار 3:1306/364،الوسائل 21:167 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 55 ح 3.
2- النهاية:506،ابن البراج في المهذّب 2:340،ابن حمزة في الوسيلة:317.
3- منهم ابن سعيد في الجامع للشرائع:461،و المحدث المجلسي في ملاذ الأخبار 13:350.
4- منهم الشهيد في المسالك 1:577،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:364.

يجعل اللّه تعالى لها مخرجاً» (1)،و نحوه بعينه الخبر (2).

و في آخر:في رجل كان يطأ جارية له،و أنّه كان يبعثها في حوائجه، و أنّها حبلت،و أنّه بلغه عنها فساد،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام« أذن أمسك الولد و لا يبيعه و لا (3)يجعل له نصيباً في داره قال:فقيل له الرجل يطأ جارية له و أنّه لم يكن يبعثها في حوائجه،و أنّه اتّهمها و حبلت،فقال:« إذا هي ولدت أمسك الولد و لا يبيعه و يجعل له نصيباً في داره و ماله،و ليس هذه مثل تلك» (4).

و في آخر عن رجل كانت له جارية يطؤها و هي تخرج،فحبلت، فخشي أن لا يكون منه،كيف يصنع؟أ يبيع الجارية و الولد؟قال:« يبيع الجارية و لا يبيع الولد و لا يورثه من ميراثه شيئاً» (5).

و في الجميع نظر،أمّا إجمالاً:فلقصورها مع قصور سند أكثرها عن إفادة المدّعى،و هو ترتّب الحكم المذكور في العبارة على مظنّة انتفائه عنه؛ لظهورها في الترتّب على مجرّد التهمة بالزناء أو خشية انتفاء الولد عنه و إن لم تبلغ المظنّة،بل كانت في أدنى درجة الوهم،و لم يقولوا بذلك،فما

ص:119


1- الكافي 5:1/488،الفقيه 4:734/230،التهذيب 8:628/179،الإستبصار 3:1307/364،الوسائل 21:166 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 55 ح 1.
2- الكافي 5:2/488،التهذيب 8:629/180،الإستبصار 3:1308/365،الوسائل 21:167 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 55 ح 2.
3- في جميع المصادر لا توجد:لا.
4- الكافي 5:2/489،الفقيه 4:736/231،التهذيب 8:635/182،الإستبصار 3:1310/365،الوسائل 21:169 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 56 ح 3؛ بتفاوت يسير.
5- الكافي 5:3/489،التهذيب 8:630/180،الإستبصار 3:1309/365،الوسائل 21:170 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 56 ح 4.

دلّت عليه لم يقولوا به،و ما قالوا به لم تدلّ عليه.

و بمثله يجاب عمّا تقدّم من مفهوم الصحيحين (1)النافي للّحوق بالتهمة.

فتكون حينئذٍ مخالفة للإجماع و المعتبرة المستفيضة العامّة و الخاصّة، المصرّحة باللحوق و لو مع تحقق الزناء مشاهدة (2).

و أمّا مفصّلاً:فلإجمال الروايتين الأوّلتين؛ بناءً على إجمال مرجع الضمير فيهما،و احتماله الجارية المولودة و أُمّها،و لا يتمّ الاستدلال بهما إلّا بتقدير تعيين المرجع في الأُولى دون الثانية،و لا معيِّن صريحاً،فيحتمل الثانية،و معه فينعكس الدلالة،و قد صرّح بهما (3)في الاستبصار شيخ الطائفة (4).

و أمّا الروايتان الأخيرتان فلمنعهما عن أن يجعل له نصيباً في الدار كما في الأُولى،و عن إيراثه من الميراث شيئاً الشامل للقليل و الكثير،بوصيّة أو غيرها كما في الثانية،و هو ضدّ ما حكموا به من استحباب الإيصاء له بشيء.

نعم،الاُولى تضمّنت ذلك في صورة خاصّة لم يخصّوه بها،بل عمّموه لها و لما نفته الرواية عنه من الصورة الأُخرى التي تضمّنتها صدرها.

و بالجملة:الاستدلال بأمثال هذه الروايات ليس في محلّه كما لا يخفى.

ص:120


1- راجع ص 114.
2- انظر الوسائل 21:173 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 58.
3- أي بالاحتمال و الدلالة.منه رحمه الله.
4- الاستبصار 3:365.

نعم،ربما يتوهّم الاستدلال عليه بمفهوم الصحيح المتقدّم في صدر البحث،الدالّ على اشتراط مشابهة الولد له في اللحوق به (1).

و نحوه الخبر:عن ابن عمّ له كانت له جارية تخدمه و كان يطؤها، فدخل يوماً منزله فأصاب معها رجلاً تحدّثه،فاستراب بها فهدّد الجارية، فأقرّت أنّ الرجل فجر بها،ثم إنّها حبلت بولد،فكتب:« إنّ كان الولد لك أو فيه مشابهة منك فلا تبعهما،فإنّ ذلك لا يحلّ لك،و إن كان الابن ليس منك و لا فيه مشابهة منك فبعه و بع امّه» (2).

و فساد التوهّم أوضح من أن يخفى؛ لظهور الأول و صراحة الثاني في انتفاء الولد مع التهمة بمجرّد عدم الشباهة،و فيه مضافاً إلى المناقشات السابقة المخالفة للإجماع من وجه آخر،و هو اشتراط الشباهة في اللحوق،و لم يعتبره أحد بالمرّة،و مع ذلك في ردّه المعتبرة صريحة.

ففي الخبر:« إنّ رجلاً أتى بامرأته إلى عمر فقال:إنّ امرأتي هذه سوداء و أنا أسود،و إنّها ولدت غلاماً أبيض،فقال لمن بحضرته:ما ترون؟ فقالوا:نرى أن ترجمها:فإنّها سوداء و زوجها أسود،و ولدها أبيض» قال:

«فجاء أمير المؤمنين عليه السلام و قد وُجِّه بها لتُرجَم فقال:ما حالكما؟فحدّثاه، فقال للأسود:أ تتّهم امرأتك؟فقال:لا،قال:فأتيتها و هي طامث؟قال:قد قالت لي في ليلة من الليالي:إنّي طامث،فظننت أنّها تتّقي البرد،فوقعت عليها،فقال للمرأة:هل أتاك و أنت طامث؟قالت:نعم،سله قد حرّجت عليه و أبيت،قال:فانطلقا فإنّه ابنكما؛ إنّما غلب الدم النطفة فابيضّ،و لو

ص:121


1- راجع ص 114.
2- التهذيب 8:631/180،الإستبصار 3:1313/367،الوسائل 21:168 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 55 ح 4.

قد تحرّك اسودّ،فلمّا أيفع اسودّ» (1)و نحوه خبران آخران (2).

و لا يبعد حمل الخبرين الأوّلين على التقيّة،كما يظهر من الرواية الأُولى؛ و مع ذلك فليس فيهما شيء من الأحكام التي ذكروها،بل فيهما مخالفة لما ذكروه من عدم جواز النفي عنه؛ لظهورهما فيه مع عدم الشباهة.

و لعلّه لما ذكرنا تردّد الماتن في الشرائع و تبعه الفاضل (3)،و لكن الأوجه عدم التردّد،بل المصير إلى ثبوت الفراش لها مطلقاً،تبعاً لجماعة (4)؛ أخذاً بالنصوص الصحيحة العامّة و الخاصّة الواضحة الدلالة.

و لو وطئها البائع و المشتري فأتت بولد يمكن لحوقه بهما فالولد للمشتري بلا خلاف هنا في الظاهر؛ للصحيحين:

في أحدهما:عن رجل اشترى جارية ثم وقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها،قال:« بئس ما صنع،يستغفر اللّه تعالى و لا يعود» قلت:فإنّه باعها من آخر و لم يستبرئ رحمها،ثم باعها الثاني من رجل آخر فوقع عليها و لم يستبرئ رحمها،فاستبان حملها عند الثالث،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:« الولد للفراش و للعاهر الحجر» (5).

ص:122


1- الكافي 5:46/566،الوسائل 21:504 أبواب أحكام الأولاد ب 105 ح 2.أيفع الغلام:شبّ.المصباح المنير:681.
2- أحدهما في:الكافي 5:23/561،الوسائل 21:503 أبواب أحكام الأولاد ب 105 ح 1. و الآخر في:الجعفريات(قرب الإسناد):268،المستدرك 15:196 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 1.
3- الشرائع 2:342،الفاضل في التحرير 2:45.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:577،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:103،و السبزواري في الكفاية:191.
5- الكافي 5:2/491،الفقيه 3:1358/285،التهذيب 8:587/168،الإستبصار 3:1315/367،الوسائل 21:173 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 58 ح 2.

و نحوه الثاني،إلّا أنّ فيه:« الولد للّذي عنده الجارية،و ليصبر؛ لقول رسول اللّه صلى الله عليه و آله:الولد للفراش و للعاهر الحجر» (1)و نحوه بعينه الرضوي (2).

و يستفاد منها ثبوت الفراش للأمة،و هو مؤيّد للمختار في المسألة السابقة.

و هذه الأخبار و إن أطلقت الحكم باللحوق بالثاني إلّا أنّ اللازم أن يستثني منه ما إذا كان يقصر الزمان زمان مدّة الحمل- عن ستّة أشهر من وطئه فيلحق بالسابق إن لم يقصر و لم يتجاوز أقصى الحمل.و إن قصر فيه أيضاً أو تجاوز،انتفى عنه أيضاً بلا خلاف؛ عملاً بما دلّ على اعتبار الزمان (3)،المجمع عليه بين الأعيان؛ مع أنّ ظاهر الأسئلة في هذه المعتبرة إمكان اللحوق بالكلّ،فتأمّل جدّاً.

و لو وطئها المشتركون فعلوا حراماً قطعاً،و لو حبلت حينئذٍ فولدت و تداعوه فقال كلّ منهم:هو ولدي أُقرع بينهم،و أُلحق بمن يخرج اسمه للصحاح المستفيضة:

منها:« إذا وطئ رجلان أو ثلاثةُ جاريةً في طهر واحد فولدت و ادّعوه جميعاً،أقرع الوالي بينهم،فمن خرج كان الولد ولده،و يردّ الولد على صاحب الجارية» (4).

ص:123


1- التهذيب 8:588/169،الإستبصار 3:1316/368،الوسائل 21:173 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 58 ح 3.
2- فقه الرضا عليه السلام:262.
3- انظر الوسائل 21:380 أبواب أحكام الأولاد ب 17.
4- الفقيه 3:176/52،التهذيب 8:590/169،الإستبصار 3:1318/368،الوسائل 21:171 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 57 ح 1.

و منها:« قضى عليّ عليه السلام في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد، و ذلك في الجاهليّة قبل أن يظهر الإسلام،فأقرع بينهم،فجعل الولد لمن قرع،و جعل عليه ثلثي الدية للآخرين،فضحك رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى بدت نواجذه،قال:ما أعلم فيها شيئاً إلّا ما قضى عليّ عليه السلام» (1)و نحوهما غيرهما من الصّحاح و غيرها (2).

و يغرم الملحق به حصص الباقين من قيمته أي الولد يوم سقط حيّاً للصحيحين المتقدّمين،و عليه يحمل تضمين النصيب كما في الحسن بل الصحيح (3)و يحتمل الحمل على الأعمّ الشامل للنصيب منه و من الاُمّ.

و أمّا ارتكاب التخصيص فيه بتخصيص النصيب بنصيب الاُمّ لئلّا ينافي القاعدة من حيث إنّ كلّاً منهم بدعواه الولد معترف بعدم استحقاقه القيمة من نصيبه منه فحسن،لولا الصحيح الأول المعرب عن المراد بالنصيب فيه،أو المثبت للحكم المخالف للقاعدة،المعتضد مع الصحّة بإجماع الطائفة.

و يغرم أيضاً قيمة امّه لصيرورتها بالقرعة بظاهر الشريعة أُمّ ولده،و للرضوي:« و لو أنّ رجلين اشتريا جارية و واقعاها جميعاً فأتت بولد،لكان الحكم فيه أن يقرع بينهما،فمن أصابته القرعة الحق به الولد،

ص:124


1- التهذيب 8:591/169،الإستبصار 3:1319/368،الوسائل 21:171 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 57 ح 2.
2- انظر الوسائل 21:171 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 57،و ج 27:257 أبواب كيفية الحكم ب 13.
3- الكافي 5:2/491،الفقيه 3:183/54،التهذيب 8:592/170،الإستبصار 3:1320/369،الوسائل 21:172 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 57 ح 4.

و يغرم نصف قيمة الجارية لصاحبه،و على كلّ واحد منهما نصف الحدّ» (1).

و يظهر ممّا مرّ الحكم فيما لو لم يتداعوه أيضاً،و أنّه ليس لهم التداعي إلّا بالقرعة،فمن خرجت باسمه صحّت له الدعوى،و إلّا فلا.

لا يجوز نفي الولد لمكان العزل

و لا يجوز نفي الولد لمكان العزل (2) عن امّه مطلقاً،دائمة كانت الأُمّ أو متعة أو أمة،حصل العلم بعدم سبق المني فرجها أم لا.قيل:لإطلاق النصّ و الفتوى بلحوق الولد لفراش الواطئ؛ لصدقه مع العزل،و يمكن سبق الماء قبله (3).

و هو حسن مع الإمكان،و يستشكل مع العدم،و هو في محلّه؛ لعدم تبادر مثله من الإطلاق،و قد مرّ الإشارة إليه في أوّل النظر (4).

و الموطؤة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ بالشروط الثلاثة المتقدّمة،و عدم الزوج الحاضر الداخل بها بحيث يمكن إلحاقه به.

و المولى بحكم الزوج،لكن لو انتفى عن المولى و لحق الواطئ أُغرم قيمة الولد يوم سقط حيّاً لمولاها كما في الأخبار (5)لأنّه نماء مملوكته،فجمع بين الحقّين:حقّ تبعيّة الولد،و حق المولى مطلقاً من منفعة أمته التي فاتته بسبب تصرّف الغير فيها.

و المستند في أصل الحكم بعد الإجماع-:المعتبرة التي مضى بعضها،و منها الصحيح:قلت:فإن تزوّج امرأة ثم تزوّج أُمّها و هو لا يعلم

ص:125


1- فقه الرضا عليه السلام:262.
2- في المطبوع زيادة:و لا مع التهمة بالزناء.
3- قال به الشهيد الثاني في الروضة البهية 5:439 440.
4- راجع ص 103.
5- الوسائل 21:185 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67.

أنّها أُمّها؟قال:« قد وضع اللّه تعالى عنه بجهالته بذلك» ثم قال:« فإذا علم أنّها أُمّها فلا يقربها و لا يقرب الابنة حتى تنقضي عدّة الاُمّ منه،فإذا انقضت عدّة الاُمّ جاز له نكاح الابنة» قلت:فإن جاءت الاُمّ بولد؟قال:« هو ولده، و يكون ابنه و أخا امرأته» (1)إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة (2).

و أمّا مع حضور الزوج المتقدّم و إمكان اللحوق بهما،فهو للأخير؛ لما مرّ (3).

و لو تزوّج امرأة لظنّه خلوّها من الزوج و المولى فبانت محصنة ذات زوج أو مولى رُدَّت على الأول بعد الاعتداد من الثاني و لا رجوع عليها بمهر أو نفقة إن اشتركت معه في الظنّ.

و الأولاد للواطي الثاني مع الشرائط شرائط الإلحاق،من الولادة بعد مضيّ أقلّ المدّة إلى الأقصى،و عدم التجاوز عنها.

و ينبغي تقييد الحكم باعتقاد الزوج جواز التعويل على ذلك الظنّ ليصير الوطء شبهة،فلو كان الظنّ ممّا لا يجوز التعويل عليه و علم بذلك، فإنّ الوطء يكون زناءً و ينتفي الولد عن الواطئ قطعاً،و عن الموطوءة أيضاً إذا اشتركت معه في العلم بعدم جواز التعويل على مثل الظنّ،و إلّا فليلحق بها،كما يلحق بالواطي أيضاً إن اختصّ باعتقاد جواز التعويل.

و المستند في الأحكام المذكورة بعد عدم الخلاف في الظاهر النصوص في أكثرها.

ص:126


1- الكافي 5:/431 4،الفقيه 3:/264 1258،التهذيب 7:1204/285،الإستبصار 3:617/169،الوسائل 20:478 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 26 ح 1.
2- الوسائل 20:478 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 26،و راجع الحديث 6 من الباب 8،و كذا الباب 24.
3- في ص 112.

ففي الخبر:« إذا نعي الرجل إلى أهله،أو خبّروها أنّه طلّقها، فاعتدّت،ثم تزوّجت،فجاء زوجها الأول بعد،فإنّ الأول أحقّ بها من هذا الآخر،دخل بها الأول أو لم يدخل،و لها المهر من الأخير بما استحلّ من فرجها» (1).

يلحق بذلك أحكام الولادة،و سننها

اشارة

و يلحق بذلك أي بحكم الأولاد- أحكام الولادة،و سننها المراد بها الآداب العامّة للواجب و المندوب:

فالأول:

استبداد النساء بالمرأة

استبداد النساء و انفرادهنّ بالمرأة للإعانة لها عند المخاص وجوباً كفائيّاً،بلا خلاف فيه و في عدم جواز الرجال من عدا الزوج مطلقاً إلّا مع عدمهنّ فجاز إعانتهم،بل وجب؛ للضرورة.

و ربما يناقش في عدم جواز الرجال مطلقاً،و يقيّد بما يستلزم اطّلاعه على العورة،أمّا ما لا يستلزمه من مساعدتها فتحريمه على الرجال غير واضح (2).

و هو حسن إن أُريد من العورة ما يعمّ صوتها أو لم يعدّ منها،أمّا مع جعله منها و عدم إرادته منها فيشكل،بل و ربما يستشكل مع الأول (3)؛ لاستحيائها عن الصياح،فربما أضرّ بها و بالولد،و ربما تسبّب لهلاكها أو هلاكه.

و يرشد إليه ما أُطبق عليه من قبول شهادة النساء منفردات،فتأمّل.

و كيف كان لا بأس بالزوج مطلقاً و إن وجدن أي

ص:127


1- الكافي 6:1/149،الفقيه 3:1698/355،التهذيب 7:1961/488،الإستبصار 3:688/190،الوسائل 22:252 أبواب العدد ب 37 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- انظر الروضة 5:441.
3- و هو إرادة الصوت من العورة.منه رحمه الله.

النسوة و يتعيّن لو فقدت إن حصلت به المساعدة،و إلّا تعيّن الرجال المحارم،فإن تعذّروا فغيرهم.

و قدّم في القواعد الرجال الأقارب غير المحارم على الأجانب (1).

و مستنده غير واضح،بل قيل:لا أصل له في قواعد الشرع (2).

و الثاني:ما أشار إليه بقوله:

يستحبّ غُسل المولود و الأذان في اذنه اليمنى،و الإقامة في اليسرى و تحنيكه بتربة الحسين ع

و يستحبّ غُسل المولود بضمّ الغين،كما فهمه الأصحاب،حيث ذكروه في بحث الأغسال،و هو الظاهر من الأخبار (3)؛ لذلك (4).

و ربما احتُمل الفتح (5).و لا ريب في ضعفه.

و على الأول،ففي اعتبار الترتيب فيه وجهان.

ثم المتبادر من النصّ و كلام الأصحاب و المعمول عليه بين الناس:

كون وقته حين الولادة.

و أمّا الاستحباب فهو الأشهر الأظهر.

و قيل بالوجوب (6)؛ تمسّكاً بظاهر اللفظ في النصّ (7).و هو ضعيف، كما مضى تحقيقه في كتاب الطهارة (8).

و الأذان في اذنه اليمنى،و الإقامة في اليسرى

ص:128


1- القواعد 2:49.
2- قاله الشهيد الثاني في الروضة 5:441.
3- انظر الوسائل 3:303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3،وص 337 ب 27 منها.
4- أي لذكره فيها في بحث الأغسال.منه رحمه الله.
5- انظر كشف اللثام 2:102.
6- الوسيلة:54.
7- التهذيب 1:270/104،الوسائل 3:303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3.
8- راجع ج 1:498.

قيل:و ليكن ذلك قبل قطع سرّته (1).و ربما أشعر بعدم الاستحباب بعده.

و فيه نظر؛ لإطلاق أكثر النصوص (2)ككلام أكثر الأصحاب،و التقييد و إن وقع في بعضها (3)،إلّا أنّه ليس بالإضافة إلى الأذان و الإقامة خاصّة،بل مع دواءٍ وُصِف فيه،ثم ذكر الأمر بهما بعده؛ لأن لا يفزع أبداً و لا تصيبه أُمّ الصبيان (4).

و التقييد بالنسبة إلى جميع ذلك لا ينافي إطلاق استحبابهما منفرداً، حتى بعد قطع السرّة أيضاً،لا لما ذكر؛ بل لأمر آخر غيره،بل ربّما يستفاد من بعض الأخبار:أنّهم عليهم السلام أذّنوا و أقاموا في الأُذنين حين الولادة بعد قطع السرّة (5).

قيل:و قد ورد (6)فعلهما في السابع أيضاً،و قد ورد (7):أنّ القابلة أو من يليه يقيم في يمناه الصلاة فلا يصيبه لمم و لا تابعة أبداً (8).

و تحنيكه بتربة الحسين عليه السلام،و بماء الفرات و هو النهر المعروف؛ للنصوص (9).

ص:129


1- قاله الشهيد الثاني في الروضة 5:441.
2- الوسائل 21:405،407 أبواب أحكام الأولاد ب 35،36.
3- الوسائل 21:405 أبواب أحكام الأولاد ب 35.
4- أُمّ الصبيان:ريح تعرض لهم مجمع البحرين 1:260.
5- الوسائل 21:407 410 أبواب أحكام الأولاد ب 36 الأحاديث 4،5،7،10،15.
6- مكارم الأخلاق 1:1686/487.
7- الكافي 6:2/23،الوسائل 21:406 أبواب أحكام الأولاد ب 35 ح 3.
8- قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:102.
9- الوسائل 21:407 أبواب أحكام الأولاد ب 36.

قالوا:و المراد بالتحنيك:إدخال ذلك إلى حنكه،و هو أعلى داخل الفم.

قيل:و يكفي دلك بكلّ من الحنكين؛ للعموم،و إن كان المتبادر دلك الأعلى،و لذا اقتصر عليه جماعة من العامّة و الخاصّة (1).

و مع عدمه أي ماء الفرات- بماء فرات ،أي عذب.

و الأولى التحنيك بماء السماء مع تعذّر ماء الفرات،كما في النصّ (2).

و ما ذكروه من مطلق الماء الفرات بعد تعذّر ماء الفرات لم نقف لهم على نصّ،و لا بأس بمتابعتهم حيث يتعذّر ماء السماء فيحنّك به مسامحةً في أدلّة السنن.

قيل:و يمكن فهمه من بعض نصوص ماء الفرات؛ بناءً على احتمال إضافة العامّ إلى الخاصّ (3).و فيه نظر.

و إن لم يوجد الماء الفرات و لا غيره إلّا ماء ملح،خلط بالعسل أو التمر لورود الأمر بالتحنيك بكلّ منهما.

ففي الخبر:« حنّكوا أولادكم بالتمر،هكذا فعل النبيّ صلى الله عليه و آله بالحسن و الحسين عليهما السلام» (4).

و أمّا العسل فمحكيّ عن الرضوي (5)،مع أنّ فيه شفاء من كلّ داء.

ص:130


1- قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:102.
2- الكافي 6:4/24،التهذيب 7:1740/436،مكارم الأخلاق:1695/489،الوسائل 21:407 أبواب أحكام الأولاد ب 36 ح 3.
3- انظر كشف اللثام 2:102.
4- الكافي 6:5/24،التهذيب 5:1741/436،مكارم الأخلاق:229،الخصال:10/610،الوسائل 21:407 أبواب أحكام الأولاد ب 36 ح 1؛ بتفاوت يسير.
5- فقه الرضا عليه السلام:239،المستدرك 15:138 أبواب أحكام الأولاد ب 27 ح 1.

لكن شيء من ذلك لا يفيد استحباب التخليط بالماء المالح،إلّا أنّ الخطب سهل؛ حيث إنّ المقام مقام الاستحباب.

يستحب تسمية الأسماء المستحسنة

و تسمية الأسماء المستحسنة في الشريعة؛ ففي الخبر:« أول ما يبرّ الرجل ولده أن يسمّيه باسمٍ حسن،فليحسن أحدكم اسم ولده» (1).

و في آخر:« استحسنوا أسماءكم،فإنّكم تدعون بها يوم القيامة:قم يا فلان بن فلانة إلى نورك» (2).

و في ثالث:« أصدق الأسماء ما يسمّى بالعبوديّة للّه سبحانه،و أفضلها أسماء الأنبياء» (3).

و في رابع:« لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد اللّه أو فاطمة من النساء» (4).

و جعل الفاضلان أفضل الأسماء ما تضمّن العبوديّة للّه،و يليها في الفضل أسماء الأنبياء عليهم السلام (5).و لم نقف على مستنده،بل الموجود في بعض ما مرّ أفضليّة أسماء الأنبياء.و بمضمونه عبّر الشهيد رحمه الله في اللمعة (6).

ص:131


1- الكافي 6:3/18،التهذيب 7:1745/437،الوسائل 21:388 أبواب أحكام الأولاد ب 22 ح 1.
2- الكافي 6:10/19،الوسائل 21:389 أبواب أحكام الأولاد ب 22 ح 2،و فيهما:يا فلان بن فلان.
3- الكافي 6:1/18،التهذيب 7:1747/438،الوسائل 21:391 أبواب أحكام الأولاد ب 23 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- الكافي 6:8/19،التهذيب 8:1748/438،الوسائل 21:396 أبواب أحكام الأولاد ب 26 ح 1.
5- المحقق في الشرائع 2:343،العلّامة في التحرير 2:42.
6- اللمعة(الروضة البهية 5):443.

و الحلّي صرّح بأنّ الأفضل أسماء النبيّ صلى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام،و بعد ذلك العبوديّة للّه تعالى دون خلقه (1).

و أن يكنّيه مخافة النبز،كما في الخبر (2).

و يكره أن يكنّي محمّداً بأبي القاسم للنصّ:« نهى عن أربع كنى:

عن أبي عيسى،و عن أبي الحكم،و عن أبي المالك،و عن أبي القاسم إذا كان الاسم محمّداً» (3).

و أن يسمّي حَكَماً أو حكيماً أو خالداً أو حارثاً أو مالكاً أو ضراراً للخبرين فيما عدا الأخير (4)،و للمرويّ في الخصال فيه،و فيه:« إنّ شرّ الأسماء:ضرار و مرار و حرب و ظالم» (5)مع أنّه اسم الشيطان كما قيل (6).

يستحبّ حلق رأسه يوم السابع و التصدق بوزن شعره و ثقب أذنه و ختانه

و يستحبّ حلق رأسه يوم السابع من يوم ولد،و لو في آخر جزء من النهار؛ للنصوص (7)،و هي كثيرة،و إطلاقها كعبارات الأصحاب يشمل الذكر و الأُنثى؛ مع تأيّده بالمرويّ في العلل:« إنّ العلّة في الحلق

ص:132


1- السرائر 2:646.
2- الكافي 6:11/19،التهذيب 7:1750/438،الوسائل 21:397 أبواب أحكام الأولاد ب 27 ح 1.
3- الكافي 6:15/21،التهذيب 7:1752/439،الخصال:117/250،الوسائل 21:400 أبواب أحكام الأولاد ب 29 ح 2.
4- أحدهما في:الكافي 6:14/20،التهذيب 7:1751/439،الوسائل 21:398 أبواب أحكام الأولاد ب 28 ح 1. و الآخر في:الكافي 6:16/21،التهذيب 7:1753/439،الوسائل 21:398 أبواب أحكام الأولاد ب 28 ح 2.
5- الخصال:118/250،الوسائل 21:399 أبواب أحكام الأولاد ب 28 ح 5،و فيهما:مرّة،بدل:مرار.
6- حكاه في المسالك 1:578.
7- الوسائل 21:420 أبواب أحكام الأولاد ب 44.

التطهير من شعر الرحم» (1).

و في قرب الإسناد في الصحيح:عن العقيقة عن الغلام و الجارية، قال:« سواء،كبش بكبش،و يحلق رأسه،و يتصدّق بوزن شعره ذهباً أو ورقاً،فإن لم يجد رفع الشعر و عرف وزنه،فإذا أيسر تصدّق به» (2).

قالوا:و ينبغي أن يكون مقدّماً على العقيقة قيل (3):لظاهر الحسن:عن العقيقة و الحلق و التسمية بأيّها نبدأ؟فقال:« يصنع ذلك كلّه في ساعة واحدة،يحلق و يذبح و يسمّى» الخبر (4).و فيه نظر.

نعم،في الروضة (5):قال إسحاق بن عمّار للصادق عليه السلام:بأيّها نبدأ؟ قال:« تحلق رأسه،و تعقّ عنه،و تصدّق بوزن شعره فضّة،يكون ذلك في مكان واحد» (6).

و يستفاد منه كغيره التصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة ثم إنّ ظاهر بعض النصوص عدم استحباب الحلق بمضيّ السابع، ففي الصحيح:عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع،فقال:« إذا مضى سبعة أيّام فليس عليه حلق» (7).

و يكره القنازع للمستفيضة،و هو أن يحلق من الرأس موضعاً

ص:133


1- علل الشرائع:1/505،الوسائل 21:425 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 21.
2- قرب الإسناد:1170/297،الوسائل 21:411 أبواب أحكام الأولاد ب 36 ح 16،كذا في الأصل،و في المصدر:كبش كبش.
3- هو صاحب المدارك في نهاية المرام 1:450.
4- الكافي 6:4/33،الوسائل /21 420 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 2.
5- الروضة 5:446.
6- الكافي 6:2/27،التهذيب 7:1767/442،الوسائل 21:422 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 9.
7- الكافي 6:1/38،الفقيه 3:1533/316،التهذيب 7:1786/446،الوسائل 21:444 أبواب أحكام الأولاد ب 60 ح 1.

و يترك موضعاً في أيّ جانب كان،روي ذلك عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام (1).

و في خبر آخر عن مولانا الصادق عليه السلام:إنّه كره القنزع في رؤوس الصبيان،و ذكر أنّ القنزع:أن يحلق الرأس إلّا قليلاً وسط الرأس يسمّى القنزعة (2).

و يستحبّ ثقب اذنيه بإجماعنا،و به استفاض أخبارنا،ففي الصحيح:« ثقب اذن الغلام من السنّة» (3)و نحوه غيره (4).

و إطلاق أكثرها يقتضي الاكتفاء بالأُذن الواحدة،لكن في بعض المعتبرة الأمر بثقب الأُذنين،كما ورد في الخبرين الواردين في ثقب اذني الحسنين عليهما السلام (5)،فلعلّه آكد،أو يحمل المطلق على المقيّد،و الأول أنسب بمقام الاستحباب.

و يستفاد من أحد الخبرين في كيفيّة ثقب اذنيهما:ثقب الاُذن اليمنى في شحمتها،و اليسرى في أعلاها.

و كيف كان،فأخبارنا بأصل الاستحباب في الجملة مستفيضة،و سند

ص:134


1- الكافي 6:1/40،التهذيب 7:1790/447،الوسائل 21:450 أبواب أحكام الأولاد ب 66 ح 1.
2- الكافي 6:2/40،الوسائل 21:450 أبواب أحكام الأولاد ب 66 ح 3؛ و فيهما:القزع و القزعة،بدل:القنزع و القنزعة.
3- الكافي 6:5/36،الوسائل 21:433 أبواب أحكام الأولاد ب 51 ح 3.
4- الكافي 6:1/34،الوسائل 21:433 أبواب أحكام الأولاد ب 51 ح 1.
5- أحدهما في:الكافي 6:6/33،التهذيب 7:1776/444،الوسائل 21:432 أبواب أحكام الأولاد ب 51 ح 2. و الآخر في:الفقيه 3:1534/316،الوسائل 21:433 أبواب أحكام الأولاد ب 51 ح 4.

بعضها معتبر،و الباقي منجبر بإجماع الطائفة،كما حكاه جماعة (1).

خلافاً لبعض العامّة،فاختار الحرمة؛ لاشتماله على أذية لم يرد فيها رخصة (2).

و المناقشة فيه بعد ما عرفت من أخبارنا المرخّصة واضحة؛ مع إطباق الناس عليه عصراً بعد عصر من غير نكير و مضايقة.

و يستحبّ أيضاً ختانه فيه أي اليوم السابع بلا خلاف؛ للمستفيضة (3)، و لو أخّره عنه جاز في الجملة إجماعاً؛ للصحيح:

عن ختان الصبيّ لسبعة أيّام،هو من السنّة أو يؤخّر،فأيّهما أفضل؟قال:

« لسبعة أيّام من السنّة،و إن أُخّر فلا بأس» (4).

و في الصحيح:« السنّة» أي في الختان« يوم السابع،فلا تخالفوا السنن إن شاء اللّه تعالى» (5).

و لو بلغ غير مختون وجب عليه بنفسه الاختتان بإجماع علماء الإسلام،كما حكاه جماعة من الأعيان (6).

و في وجوبه على الوليّ قبل البلوغ،قولان،أشهرهما و أظهرهما

ص:135


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:578،و السبزواري في الكفاية:192،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:102.
2- حاشية ردّ المختار لابن عابدين 6:741.
3- الوسائل 21:433 أبواب أحكام الأولاد ب 52.
4- الكافي 6:7/36،التهذيب 7:1780/445،الوسائل 21:438 أبواب أحكام الأولاد ب 54 ح 1.
5- الكافي 6:3/35،الفقيه 3:1529/314،الوسائل 21:433 أبواب أحكام الأولاد ب 52 ح 1.
6- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:578،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:453،و صاحب الحدائق 25:49.

العدم؛ للأصل،و إطلاق الصحيح المتقدّم بجواز التأخير عن السابع.

خلافاً للتحرير،فيجب (1).و هو شاذّ،و مستنده غير واضح.

و أمّا الصحيح السابق الناهي عن التأخير عن السابع،فمع أنّه معارض بالصحيح الأول المعتضد بالأصل و الشهرة و الصراحة،مخالف للإجماع لو حمل على ظاهره بالضرورة،فليحمل على تأكّد السابع البتّة.

و يدخل فيمن بلغ غير مختون:الكافر إذا أسلم،بلا خلاف في الظاهر،و إن طعن في السنّ؛ للخبر:« إذا أسلم الكافر اختتن و لو بلغ ثمانين سنة» (2).

و يستحب خفض الجواري و العقيقة

و خفض الجواري و ختانهنّ مستحبّ شرعاً بلا خلاف؛ و هو الحجّة،مع المسامحة في أدلّة السنن،دون النصوص؛ لتصريحها بأنّه ليس من السنّة،ففي الصحيح:« ختان الغلام من السنّة،و خفض الجارية ليس من السنّة» (3).

و هو و إن احتمل نفي الوجوب،إلّا أنّ بعضها ظاهر في نفي السنّة بالمعنى المصطلح،ففي الخبر:« خفض النساء مكرمة ليست من السنّة، و لا شيئاً واجباً،و أيّ شيء أفضل من المكرمة؟!» (4)إلّا أنّ ذيله مشعر بالاستحباب في الجملة.و كيف كان،لا ريب في الاستحباب؛ لما مضى.

و أن يُعَقّ عنه أيضاً بِذَكَر إن كان ذَكَراً،و إلّا فأُنثى؛ للخبر (5).

ص:136


1- التحرير 1:43.
2- الكافي 6:10/37،التهذيب 7:1781/445،الوسائل 21:440 أبواب أحكام الأولاد ب 55 ح 1؛ بتفاوت يسير.
3- الكافي 6:2/37،الوسائل 21:441 أبواب أحكام الأولاد ب 56 ح 2.
4- الكافي 6:3/37،الوسائل 21:441 أبواب أحكام الأولاد ب 56 ح 3.
5- الكافي 6:4/27،التهذيب 7:1769/442،الوسائل 21:423 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 11.

و ليس المماثلة واجبة إجماعاً كما حكي (1)،و للنصوص المستفيضة، منها الصحيح:« العقيقة في الغلام و الجارية سواء» (2)فتأمّل.

و لا خلاف في رجحانه في الجملة،و النصوص به مستفيضة كاستفاضتها في توقيتها باليوم السابع فضلاً (3)،و إنّما الخلاف في الوجوب، و الأظهر الأشهر:العدم،بل كاد أن يكون إجماعاً،بل حكي صريحاً في الخلاف (4)؛ و هو الحجّة فيه بعد الأصل،مع فقد المعارض؛ إذ ليس إلّا الأوامر في النصوص (5)،و هي مع قصور أسانيدها متضمّنة لكثير من الأوامر المستحبّة الموهنة لدلالة الأوامر المزبورة على الوجوب.

و أمّا النصوص المتضمّنة لإطلاق ألفاظ الوجوب عليها (6)،فمع تضمّن أكثرها ما ذُكِر مع قصور السند،يزيد ضعف الاستناد عليها على ما تقدّم بضعف دلالة الوجوب على المعنى المصطلح،فلعلّ المراد به مطلق الثبوت المجامع للاستحباب.

و يقوى إرادته هنا بالشهرة و بالصحيح:« كلّ امرئ مرتهن يوم القيامة بعقيقة،و العقيقة أوجب من الأُضحيّة» (7)و الحال إنّ الأُضحيّة مستحبّة عند أكثر علمائنا،بل ربما ادّعي عليه الاتّفاق (8)،فتأمّل.

ص:137


1- انظر الخلاف 6:69.
2- الكافي 6:2/26،الوسائل 21:417 أبواب أحكام الأولاد ب 42 ح 1.
3- الوسائل 21:412 أبواب أحكام الأولاد ب 38.
4- الخلاف 6:70.
5- الوسائل 21:422 423 أبواب أحكام الأولاد ب 44 الأحاديث 7،8،11،12.
6- الوسائل 21:413 أبواب أحكام الأولاد ب 38 ح 3،4،5.
7- الكافي 6:3/25،الفقيه 3:1513/312،التهذيب 7:1763/441،الوسائل 21:412 أبواب أحكام الأولاد ب 38 ح 1؛ و في الجميع:بعقيقته.
8- كما في الحدائق 25:59.

و كيف كان،فخلاف المرتضى و الإسكافي الموجبين لها (1)ضعيف جدّاً،و الإجماع الذي ادّعاه الأول مع وهنه باشتهار خلافه معارض بإجماع الشيخ،الذي منه أقوى كما لا يخفى.

و أمّا الاستدلال (2)على الاستحباب بالموثّقين الدالّين على إجزاء الأُضحيّة عن العقيقة إذا لم يُعَقّ عنه (3)،فليس في محلّه؛ لاحتمال التداخل و إجزاء المستحبّ عن الواجب،كما وُجِد نظيره في كثير من الأحكام الشرعيّة،مثل:

ما قاله الصدوق من إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة للصائم الناسي لها (4)،مع استحباب الأول عنده،كما يظهر من كلامه في الفقيه (5)، و اعترف به المستدلّ هنا في جملة تحقيقاته ثمّة،حيث زيّف نسبة القول بالوجوب إليه هناك (6).

و ما قال به جماعة من إجزاء الغسل المستحبّ عن الأغسال الواجبة و إن لم يكن نواها (7)،و وردت به النصوص (8)أيضاً كالأول.

ص:138


1- المرتضى في الانتصار:191،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:577.
2- الحدائق 25:60.
3- أحدهما في:الكافي 6:3/39،التهذيب 7:1789/447،الوسائل 21:449 أبواب أحكام الأولاد ب 65 ح 1. و الآخر في:الفقيه 3:1517/312،الوسائل 21:449 أبواب أحكام الأولاد ب 65 ح 2.
4- الفقيه 2:74.
5- الفقيه 1:62.
6- انظر الحدائق 4:223.
7- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:16،و صاحب المدارك 2:173،و الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1:55.
8- انظر الوسائل 2:261 أبواب الجنابة ب 43.

و ما قاله أكثر الأصحاب من إجزاء صلاة الجمعة في زمان الغيبة عن الظهر،مع استحبابها و وجوب الثاني عندهم.و لا ينافي ذلك تسميتهم الأول بالواجب المخيّر،فإنّما هي مجاز بلا خلاف بينهم.

نعم،هما صالحان للتأييد،سيّما و إذا لم يقل بهما الموجبون،فتأمّل.

و لا تجزئ الصدقة بثمنها مطلقاً؛ للأصل،مع خروجه عن مسمّاها،و للخبرين:

أحدهما الحسن:ولد لأبي جعفر عليه السلام غلامان،فأمر زيد بن عليّ أن يشتري له جزورين،فاشترى له واحدة و عسرت عليه الأُخرى،فقال لأبي جعفر عليه السلام:قد عسرت عليّ الأُخرى،فيصدّق بثمنها؟فقال:

« لا،اطلبها حتى تقدر عليها،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ إهراق الدماء و إطعام الطعام» (1).

و يستفاد منه أنّه لو عجز عنها توقّع المكنة و إطلاقه يشمل استحبابها و عدم سقوط استحبابه و لو إلى ما بعد البلوغ.

مضافاً إلى خصوص بعض الأخبار:فقال عمر بن يزيد لمولانا الصادق عليه السلام:إنّي و اللّه ما أدري كان أبي عقّ عنّي أم لا،فأمره فعقّ عن نفسه و هو شيخ،و قال:« كلّ امرئ مرتهن بعقيقته،و العقيقة أوجب من الأُضحيّة» (2).

ص:139


1- الكافي 6:8/25،الوسائل 21:415 أبواب أحكام الأولاد ب 40 ح 2؛ بتفاوت يسير. و الآخر في:الكافي 6:6/25،التهذيب 7:1764/441،الوسائل 21:415 أبواب أحكام الأولاد ب 40 ح 2.
2- الكافي 6:3/25،الفقيه 3:1513/312،التهذيب 7:1763/441،الوسائل 21:414 أبواب أحكام الأولاد ب 39 ح 1؛ بتفاوت يسير.

و في المضمر:« إذا ضُحّي عنه أو قد ضحّى الولد عن نفسه أجزأه عن عقيقته» (1).

و أمّا الخبر:« إذا جازت سبعة أيّام فلا عقيقة له» (2)فمحمول على انتفاء الفضل الزماني دون الفعلي جمعاً.

يستحبّ في العقيقة شروط الأُضحيّة

و يستحبّ فيها شروط الأُضحيّة من كونها سليمة من العيوب سمينة؛ للخبر:« يذبح عنه كبش،فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزئ في الأُضحيّة،و إلّا فحَمَل أعظم ما يكون من حُملان السنة» (3).

و أمّا النصوص بأنّها ليست كالأُضحيّة و فيها الصحيح و غيره من المعتبرة (4)فمحمولة على حال الضرورة،أو نفي الوجوب و الشرطيّة، كما في الأُضحيّة،فليست لما مضى بمنافية.فمناقشة بعض الأجلّة في استحباب الشروط هنا كما في الأُضحيّة للأخبار المذكورة (5)، واهية.

و أن يخصّ القابلة بالرجل و الورك ،كما في النصوص (6)،و في بعضها:« تعطى الربع» (7)قيل:هو يوافق الرجل و الورك غالباً (8)،و في

ص:140


1- الكافي 6:3/39،التهذيب 7:1789/447،الوسائل 21:449 أبواب أحكام الأولاد ب 65 ح 1.
2- الكافي 6:2/38،التهذيب 7:1787/446،الوسائل 21:445 أبواب أحكام الأولاد ب 60 ح 2.
3- الفقيه 3:1517/312،الوسائل 21:416 أبواب أحكام الأولاد ب 41 ح 1.الحَمَل:ولد الضائنة في السنة الأُولى،و الجمع:حُملان.المصباح المنير:152.
4- الوسائل 21:425 أبواب أحكام الأولاد ب 45.
5- انظر الحدائق 25:63.
6- الوسائل 21:420 أبواب أحكام الأولاد ب 44.
7- الفقيه 3:1522/313،الوسائل 21:424 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 15.
8- قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:102.

آخر:« الثلث» (1)و الجمع بتفاوت مراتب الفضل ممكن،و إن كان الأخذ بما اشتهر بين الأصحاب و هو الأول أجود.

و لو كانت القابلة ذمّية لا تأكل ذبيحة المسلم أعطيت ثمن الربع للموثّق:« و إن كانت القابلة يهوديّة لا تأكل من ذبيحة المسلمين، أُعطيت قيمة ربع الكبش» (2)و خُصّت اليهوديّة بالذكر لأكل النصارى و كذا المجوس ذبائحنا.

و لو لم تكن ثمّة قابلة،تصدّقت به أي بالربع- الأُمّ إلى من شاءت من فقير أو غني؛ لعموم الموثّق:« و إن لم تكن قابلة فلأُمّه تعطيها من شاءت» (3).

و إذا لم يَعِقّ الوالد عنه استحبّ للولد أن يعقّ عن نفسه إذا بلغ و إن شاب،بلا خلاف؛ لمفهوم الموثّقين:

في أحدهما:« و إن لم يعقّ عنه حتى ضحّى فقد أجزأته الأُضحيّة» (4)و نحوه الثاني (5)،فتأمّل.

و الأجود الاستدلال عليه بفحوى الصحيح الدالّ على استحبابها للولد مع الشكّ في عقيقة الوالد عنه،و فيه:ما أدري كان أبي عقّ عنّي أم لا،

ص:141


1- الكافي 6:2/32،التهذيب 7:1775/444،الوسائل 21:428 أبواب أحكام الأولاد ب 47 ح 1.
2- الكافي 6:9/28،التهذيب 7:1771/443،الوسائل 21:421 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 4.
3- الفقيه 3:1522/313،الوسائل 21:424 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 15.
4- الفقيه 3:/312 1517،الوسائل 21:449 أبواب أحكام الأولاد ب 65 ح 2.
5- الكافي 6:3/39،التهذيب 7:1789/447،الوسائل 21:449 أبواب أحكام الأولاد ب 65 ح 1.

فأمرني فعققت عن نفسي و أنا شيخ كبير (1)،مضافاً إلى النصوص الدالّة بأنّ المرء مرتهن بعقيقته (2).

و لو مات الصبيّ ذكراً كان أو أُنثى في اليوم السابع قبل الزوال،سقط استحبابها و لو مات بعد الزوال لم يسقط الاستحباب بلا خلاف في الظاهر؛ للصحيح:عن مولود يولد فيموت يوم السابع،هل يعقَّ عنه؟فقال:« إن مات قبل الظهر لم يعقَّ عنه،و إن مات بعد الظهر عقَّ عنه» (3).

و يكره بل حكي قول بعدم الجواز (4)- أن يأكل منها الوالدان بل و من في عيالهما،و الكراهة في الأُمّ أشدّ؛ للنصوص:

منها:« لا يأكل هو و لا أحد من عياله من العقيقة» (5).

و في الرضوي:« و لا يأكل منه الأبوان» (6).

و في ذيل الأول ما يدلّ على جواز أكل من عدا الاُمّ و شدّة كراهته فيها،و نحوه في الأول (7)نصوص كثيرة:

منها الخبر:« إذا ولد لك غلام أو جارية فعقَّ عنه يوم السابع شاة أو

ص:142


1- الكافي 6:3/25،الفقيه 3:1515/312،التهذيب 7:1763/441،الوسائل 21:414 أبواب أحكام الأولاد ب 39 ح 1.
2- الوسائل 21:412 أبواب أحكام الأولاد ب 38.
3- الكافي 6:1/39،الفقيه 3:1525/314،التهذيب 7:1788/447،الوسائل 21:445 أبواب أحكام الأولاد ب 61 ح 1.
4- نقله الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:102.
5- الكافي 6:2/32،التهذيب 7:1775/444،الوسائل 21:428 أبواب أحكام الأولاد ب 47 ح 1.
6- فقه الرضا عليه السلام:239،المستدرك 15:147 أبواب أحكام الأولاد ب 34 ح 1.
7- أي في جواز أكل من عدا الاُمّ.

جزوراً،و كل منها و أطعم» (1).

و في آخر في عقيقة الرسول صلى الله عليه و آله عن الحسنين عليهما السلام قال:« و عقّ عنهما شاةً شاة،و بعثوا برجل إلى القابلة،و نظروا ما غيره فأكلوا منه» (2)و قريب منهما آخر (3).و بهما مع الأصل،و ضعف النصوص المانعة يدفع القول بالحرمة.

و نحوه في الثاني (4)الحسن:« لا تطعم الاُمّ منها شيئاً» (5).

و المرسل:« لا تأكل المرأة من عقيقة ولدها» (6).

و في الرضويّ« و لا يأكل منها الأبوان،و إن أكلت منه الاُمّ فلا ترضعه» (7)و يستفاد منه كراهة الإرضاع مع أكلها منها،و به صرّح الصدوق في الفقيه (8)،و لا بأس بها و إن لم يذكره غيره.

و أن يُكسَر شيء من عظامها،بل يفصل مفاصل (9) بلا خلاف؛ للنصوص:

منها:« و لا تكسر العظم» (10).

ص:143


1- الكافي 6:7/28،الوسائل 21:422 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 7.
2- الكافي 6:5/33،الوسائل 21:431 أبواب أحكام الأولاد ب 50 ح 4.
3- الكافي 6:7/28،الوسائل 21:422 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 7.
4- أي في شدّة كراهة الأكل في الأُمّ.
5- الكافي 6:3/32،الوسائل 21:428 أبواب أحكام الأولاد ب 47 ح 2.
6- الكافي 6:1/32،الوسائل 21:429 أبواب أحكام الأولاد ب 47 ح 3.
7- فقه الرضا عليه السلام:239،المستدرك 15:147 أبواب أحكام الأولاد ب 34 ح 1.
8- الفقيه 3:313.
9- في المطبوع زيادة:الأعضاء.
10- الكافي 6:11/29،التهذيب 7:1772/443،الوسائل 21:421 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 5.

و منها:« و اقطع العقيقة جداول،و ادع عليها رهطاً من المسلمين» (1).

و ليس بمحظور إجماعاً؛ للأصل،و ضعف النصوص المانعة، و صريح الموثّق بالجواز:عن العقيقة إذا ذبحت،هل يكسر عظمها؟قال:

« نعم» (2).

ثم إنّ ما اشتهر في أمثال زماننا بين الناس من استحباب دفن العظام، بل و لفّها في خرقة،فلم نقف في النصوص على كثرتها و كذا أقوال الفقهاء على ما يدلّ عليه،و لا بأس به ما لم يقصد الشرعيّة،و معه فيمكن التحريم و الإباحة؛ بناءً على احتمال دخوله في المعتبرة الدالّة على:أنّ من بلغه شيء من الثواب،إلى آخره (3)؛ و لكن المتّجه حينئذٍ الاستحباب،لكنّه مشكل،و اللّه العالم.

من التوابع الرضاع و الحضانة

اشارة

و من التوابع:

الرضاع بكسر الراء و فتحها،مصدر:رضع،كسمع و ضرب، كالرضاعة بالكسر و الفتح أيضاً،و هو امتصاص الثدي.

و الحضانة بالفتح،و هي ولاية عن الطفل و المجنون لفائدة تربيته و ما يتعلّق بها من مصلحته:من حفظه،و جعله في سريره و رفعه،و كَحله، و دهنه،و تنظيفه،و غسل خرقه و ثيابه،و نحوه.

الرضاع

و لا ريب و لا خلاف في أنّ أفضل ما يرضع به الولد لبن

ص:144


1- الكافي 6:1/27،التهذيب 7:1766/442،الوسائل 21:422 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 8.الجُدول جمع جدل،بالكسر و الفتح،و هو العضو.النهاية 1:248.
2- الفقيه 3:1524/314،الوسائل 21:424 أبواب أحكام الأولاد ب 44 ح 17.
3- الوسائل 1:80 أبواب مقدمة العبادات ب 18.

امّه لأوفقيّته بمزاجه،و أنسبيّته بطبيعته لتغذيته منه في بطن امّه،و للنّص:

« ما من لبن رضع به الصبيّ أعظم بركة عليه من لبن أُمّه» (1).

و المعروف من مذهب الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعاً بينهم أنّه لا تُجبَر الأُمّ الحرّة و كذا الأمة مملوكة الغير على إرضاع ولدها إلّا إذا لم يكن للولد مرضعة أُخرى سواها،أو كانت و لم يمكن؛ لعدم وجود الأب،أو إعساره و عدم تمكّنه منه،مع عدم مال للولد يمكن به إرضاعه من غيرها،فيجب عليها بلا خلاف،كوجوب إنفاقها عليه في هاتين الصورتين.

و أمّا عدم الوجوب في غيرهما فللأصل،و الخبر:« لا تُجبَر الحرّة على إرضاع الولد،و تُجبَر أُمّ الولد» (2).

مع التأيد بظاهر عموم لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها [1] (3)الشامل لمثل الإضرار بها فيه بالإجبار على إرضاعه.

و ظاهر قوله سبحانه فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [2] (4).و قوله وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى [3] (5).و في الاستدلال بهما نظر.

و بما مرّ يُصرَف ظاهر الطلب المطلق المنصرف إلى الوجوب في الظاهر على الأشهر الأظهر المستفاد من قوله سبحانه: وَ الْوالِداتُ [4]

ص:145


1- الكافي 6:1/40،الفقيه 3:1465/305،التهذيب 8:365/108،الوسائل 21:452 أبواب أحكام الأولاد ب 68 ح 2.
2- الكافي 6:4/40،الفقيه 3:1486/308،التهذيب 8:362/107،الوسائل 21:452 أبواب أحكام الأولاد ب 68 ح 1.
3- البقرة:233.
4- الطلاق:6.
5- الطلاق:6.

يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ [1] الآية (1)إلى الاستحباب؛ جمعاً بين الأدلّة.

و يمكن الجمع،بحمله إمّا على الصورتين الأُوليين،أو على أُمّ ولد المولى؛ و ذلك لعدم الخلاف في أنّه يجبر الأمة مولاها على إرضاع ولدها،بل مطلقاً؛ لما مضى من صريح الخبر،و لأنّها بجميع منافعها ملك له،فتُجبَر.

و بالجملة:لا إشكال في أصل الحكم مع استثناء الصورتين الماضيتين،و إنّما الإشكال في استثناء صورة ثالثة،و هي وجوب إرضاعها اللِّبَأ،و هو أوّل اللبن،فقيل:نعم،كما في القواعد و اللمعة؛ لأنّ الولد لا يعيش بدونه (2).

خلافاً للأكثر،فالعدم؛ لمخالفة التعليل الوجدان.

و هو أظهر،إلّا مع ثبوت الضرر،فيجب بلا إشكال و لا نظر.و يتقدّر المدّة حينئذٍ بمقدار اندفاعه،و ربما قُيّد بثلاثة أيّام (3)،و المحكيّ عن أهل اللغة أنّه أوّل الحلبة (4).

و عليه ففي لزوم الأجر قولان،و به صرّح الأكثر،و هو أظهر؛ لإطلاق فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [2] و لا قائل بالفرق بين المطلّقات و غيرهن؛ مع التأيّد بما قيل من أنّه في الحقيقة عوض عن اللبن، فيكون كمن عنده طعام اضطرّ إليه ذو نفس محترمة (5).

ص:146


1- البقرة:233.
2- القواعد 2:51،اللمعة(الروضة البهية 5):452.
3- حكاه في الروضة 5:452.
4- انظر نهاية المرام 1:460.
5- قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:105.

و قيل:لا؛ لأنّها كالعبادة الواجبة،لا يجوز أن يؤخذ عليها اجرة (1).

و المناقشة فيه واضحة،مع أنّه اجتهاد صرف في مقابلة إطلاق الآية المعتضدة بالشهرة.

و للحرّة المستأجرة للإرضاع بنفسها،أو بغيرها،أو على الإطلاق و لو أرضعته من الغير على الأشهر كما في المسالك (2)،و على إشكال لو تبادر من الإطلاق الإرضاع بنفسها و إلّا فحسن الأُجرة المضروبة على الأب الحيّ الموسر مطلقاً و إن كانت الحرّة امّاً و اختارت إرضاعه بعد استئجارها لذلك.

و كذا لو أرضعته خادمتها المملوكة لها،بلا إشكال و لا خلاف؛ لأنّها من جملة نفقته الواجبة له عليه،و لقوله تعالى وَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ [1] الآية (3)،فتأمّل.

و هل يجوز استئجار الاُمّ لذلك و هي في حبالته؟ المشهور:نعم؛ للأصل،و العمومات،و لقوله تعالى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ [2] الآية (4).

خلافاً للشيخ في موضع من المبسوط (5)،فقوّى المنع؛ لأنّه مالك للاستمتاع بها في كلّ وقت إلّا ما استثني من أوقات العبادات،فلا تقدر هي على إيفاء المانع المستأجرة.

و أمّا الآية فمسوقة للمطلّقات،و لا نزاع فيهن.

ص:147


1- قال به الفاضل المقداد في التنقيح 3:267.
2- المسالك 1:580.
3- البقرة:233.
4- الطلاق:6.
5- المبسوط 6:36 37.

و فيه نظر؛ لمجيء المانع من قبله،فإذا أسقطه سقط،و لمّا استأجرها فقد أسقط حقّه من الاستمتاع في الأوقات التي لا يمكنه مع الإرضاع،و هو أولى بالصحّة من أجير أذن له المؤجر في الإجارة من غيره في مدّة إجارته، كذا قيل (1).

و إنّما يتمّ إذا كان الأب هو المستأجر،و لا أظنّ الشيخ يمنع حينئذ، و أمّا إذا كان غيره فلا يجري فيه الجواب،فقوله لا يخلو عن قوّة،إلّا أنّ المحكيّ عنه هو الصورة الأُولى (2)،و هو عن مثله غريب.

و لو كان الأب ميّتاً أو معسراً فمن مال الرضيع بلا خلاف و لا إشكال في الأول؛ للنصوص:

منها المرسل كالصحيح:« إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قضى في رجل توفّى و ترك صبيّاً فاسترضع له:أنّ أجر رضاع الصبيّ ممّا يرث من أبيه و أُمّه» (3).

و قريب منه الصحيح:في رجل مات و ترك امرأته و معها منه ولد، فألقته على خادم لها فأرضعته،ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصيّ، فقال:« لها أجر مثلها،و ليس للوصيّ أن يخرجه من حجرها حتى يدرك و يدفع إليه ماله» (4).

و ربما ظهر من إطلاق العبارة وجوب الأُجرة على الأب و لو مع إعساره.

و استشكله جماعة؛ للأصل،مع عدم كون الولد حينئذٍ ممّن يجب

ص:148


1- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:105.
2- انظر الحدائق 25:74.
3- الكافي 6:5/41،التهذيب 7:1792/447،الوسائل 21:456 أبواب أحكام الأولاد ب 71 ح 2؛ بتفاوت يسير.
4- الكافي 6:7/41،التهذيب 8:356/106،الوسائل 21:456 أبواب أحكام الأولاد ب 71 ح 1.

عليه إنفاقه عليه (1).

و هو في محلّه،إلّا أنّ إطلاق الآيتين الموجبتين للأُجرة عليه ربما ينافي ذلك.

و كيف كان،فلا ريب أنّه أحوط إن أمكن باقتراض و نحوه،و إلّا فلا ريب في سقوطه،بل و لعلّه لا خلاف فيه حينئذ.

و نهاية مدّة الرضاع في الأصل حولان كاملان بلا خلاف؛ بنصّ الآية (2)و الرواية (3).

و يجوز الاقتصار على أحد و عشرين شهراً عندنا (4)،كما حكاه جماعة من أصحابنا (5)؛ لظاهر حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [1] (6)فإنّ الغالب في الحمل تسعة أشهر؛ و للنصوص:

أحدها الموثّق:« الرضاع أحد و عشرون شهراً،فما نقص فهو جور على الصبيّ» (7).

و الثاني الخبر:« الفرض في الرضاع أحد و عشرون شهراً،فما نقص عن أحد و عشرين شهراً فقد نقص الموضع،فإن أراد أن يتمّ الرضاعة له

ص:149


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:462،و صاحب الحدائق 25:74.
2- البقرة:233.
3- الكافي 5:3/443،التهذيب 7:1313/318،الإستبصار 3:716/198،الوسائل 20:385 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5 ح 5.
4- في حاشية« ص»:خ ل:باتّفاقنا.
5- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:580،و السبزواري في الكفاية:193،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:105.
6- الأحقاف:15.
7- الفقيه 3:1463/305،الوسائل 21:455 أبواب أحكام الأولاد ب 70 ح 5.

فحولين كاملين» (1).

و نحوهما الثالث المرويّ هو و الأول في الفقيه (2)،مع احتمال صحّة الأخير.

و مقتضاها أنّه لا يجوز أقلّ من ذلك،و هو المشهور بين الأصحاب،بل كاد أن يكون إجماعاً،بل حكي صريحاً (3)؛ و هو حجّة أُخرى في المسألة بعد هذه النصوص المعتبرة،المنجبر قصور أسانيدها على تقديره بالإجماع،و لا أقلّ من الشهرة العظيمة.

فمناقشة بعض الأجلّة في المسألة (4)و تجويزه النقص عن المدّة المزبورة أيضاً من غير ضرورة؛ للأصل،و ظاهر الآية فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَ تَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما [1] (5)واهية؛ لتخصيصهما بما مرّ من الأدلّة،مع إجمال الثانية،فتأمّل.

و بنحو ذلك يجاب عن الصحيح:« ليس للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها أكثر من حولين كاملين،فإن أرادا الفصال قبل ذلك عن تراضٍ منهما فحسن» (6).

و يجوز الزيادة عن الحولين بشهر أو شهرين لظاهر الصحيحين،الماضي أحدهما الآن،و أظهر منه الثاني:عن الصبيّ،هل يرضع أكثر من سنتين؟فقال:« عامين» قلت:فإن زاد على سنتين،هل

ص:150


1- التهذيب 8:358/106،الوسائل 21:454 أبواب أحكام الأولاد ب 70 ح 2.
2- لم نعثر عليه في الفقيه.
3- انظر كشف اللثام 2:105.
4- كصاحب المدارك في نهاية المرام 1:463.
5- البقرة:233.
6- التهذيب 8:355/105،الوسائل 21:454 أبواب أحكام الأولاد ب 70 ح 1.

على أبويه من ذلك شيء؟قال:

« لا» (1).و لكن ليس فيهما التقييد بالشهرين،بل إطلاقهما يشمل الزائد،و هو مقتضى الأصل،و إليه مال جماعة (2).

و لكن المشهور أنّه لا يجوز أكثر من المدّة المزبورة؛ و مستنده غير واضح،إلّا ما يقال من أنّ به رواية (3).و في الاعتماد على مثلها في تقييد ما مرّ من الأدلّة مناقشة،و إن كان ربما يتوهّم كونها مرسلة مجبوراً ضعفها بالشهرة،و أنّ مثلها ترجّح على الأدلّة الماضية؛ و ذلك لأنّ الرجحان بعد وضوح الدلالة،و ليس؛ إذ يحتمل التوهّم،لكن مراعاة الاحتياط مطلوبة بالبديهة.

و لا يلزم الوالد اجرة ما زاد على الحولين من رضاع الولد،مع عدم الضرورة إليه قطعاً و وفاقاً،فتوًى و نصّاً،و منه الصحيح الماضي قريباً (4):« ليس للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها» إلى آخره،و نحوهما الخبران (5)،أحدهما الصحيح أيضاً.

و ربما يستفاد من إطلاق هذه النصوص كالعبارة و كلام الجماعة عموم الحكم لصورة الضرورة.

و تأمَّل فيه جماعة؛ بناءً على أنّ ذلك للولد بمنزلة النفقة الضروريّة،

ص:151


1- الفقيه 3:1464/305،الوسائل 21:454 أبواب أحكام الأولاد ب 70 ح 4.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:580،و السبزواري في الكفاية:193،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:106.
3- السرائر 2:648.
4- في ص 150.
5- الكافي 6:3/103،تفسير العياشي 1:385/121،الوسائل 21:454 أبواب أحكام الأولاد ب 70 ح 3. و الآخر في:الفقيه 3:1594/329،الوسائل 21:455 أبواب أحكام الأولاد ب 70 ح 7.

فيجب على والده الأُجرة (1).

و فيه:أنّه اجتهاد في مقابلة إطلاق النصوص المعتبرة،المعتضدة بالأصل و الشهرة،بل و الاتّفاق،كما يظهر من عبارة بعض الأجلّة (2).

لكن ربما يجاب عن النصوص و عبارات الأصحاب بالورود مورد الغالب (3).و ربما لا يخلو عن مناقشة،إلّا أنّ الأحوط مراعاة الأُجرة.

و الأُمّ أحقّ بإرضاعه إذا تبرّعت أو قنعت بما تطلب غيرها إجماعاً،حكاه جماعة (4)؛ قيل (5):لظاهر الآية فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [1] (6).و الأجود الاستدلال عليه بالرواية:« المطلّقة الحبلى ينفق عليها حتى تضع حملها،و هي أحقّ بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أُخرى؛ يقول اللّه عزّ و جلّ لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ [2] (7)لا يضارّ الصبي و لا يضار به في رضاعه» الحديث (8)؛ مع التأيّد بالإشفاق و موافقة اللبن،كما يشعر بها ذيلها.

و ربما ظهر منها أنّها لو طلبت زيادة عمّا تقنع غيرها،فللأب

ص:152


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:581،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:464،و صاحب الحدائق 25:82 83.
2- في المسالك(1:581)منه رحمه الله.
3- انظر الحدائق 25:82.
4- انظر الحدائق 25:75.
5- قال به الشهيد الثاني في المسالك 1:581،انظر مفاتيح الشرائع 2:370.
6- الطلاق:6.
7- البقرة:233.
8- الفقيه 3:1594/329،الوسائل 21:455 أبواب أحكام الأولاد ب 70 ح 7؛ بتفاوت.

نزعه منها و استرضاع غيرها مطلقاً و إن لم تطالب أزيد من اجرة المثل،كما هو الأظهر الأشهر بين الأصحاب؛ لذلك،و لإطلاق قوله سبحانه وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى [1] (1)و الخبرين:

في أحدهما و يستفاد منه الحكم الأول أيضاً-:« إذا طلّق الرجل المرأة و هي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها،فإذا وضعته أعطاها أجرها،و لا يضارّها إلّا أن يجد من هو أرخص منها،فإن هي رضيت بذلك الأجر فهي أحقّ بابنها حتى تفطمه» (2).

و في الثاني:« فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلّقها:أنا أرضع ابني بما تجد من يرضعه،فهي أحقّ به» (3).

و قيل:بل هي أحقّ مطلقاً إذا لم تطلب أكثر من اجرة المثل (4).

و لا ريب في ضعفه،فإن هو إلّا اجتهاد في مقابلة النصوص المعتبرة بالشهرة،و الموافقة لإطلاق ظاهر الآية،السالمة عمّا يصلح للمعارضة من الأدلّة؛ مضافاً إلى أصالة عدم الأحقّية إلّا ما ساعدت بإخراجه الأدلّة.

الحضانة

و أمّا الحضانة:

فالأُم أحقّ بالولد و تربيته مدّة الرضاع مطلقاً،ذكراً كان أُم أُنثى أم غيرهما،إجماعاً فتوًى و نصّاً (5)فيما إذا أرضعته،و إلّا فقولان:

من الأصل،و ظاهر النصوص،أظهرها الموثّق:« فإن وجد الأب من

ص:153


1- الطلاق:6.
2- الكافي 6:2/45،التهذيب 8:360/106،الوسائل 21:471 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 2؛ بتفاوت يسير.
3- الكافي 6:1/44،التهذيب 8:353/105،الإستبصار 3:1140/320،الوسائل 21:471 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 3.
4- انظر السرائر 2:650 651.
5- الكافي 6:3/103،الوسائل 21:472 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 5.

يرضعه بأربعة دراهم،و قالت الاُمّ:لا أرضعه إلّا بخمسة دراهم،فإنّ له أن ينتزعه منها» (1).

و قريب منه ما مضى قُبَيل المقام من النصوص؛ لدلالتها بالمفهوم على عدم أحقّيتها مع عدم رضاها بإرضاعه.و ليست في الظهور كالأول؛ لاحتمالها سلب الأحقيّة من جهة الإرضاع الغير الملازم لسلبها من جهة الحضانة.

و من أنّ كلّاً من الحضانة و الرضاعة حقّان متغايران،فلا يلزم من سقوط أحدهما سقوط الآخر.

و هو جيّد إن قام دليل على استحقاقها الحضانة على الإطلاق، و ليس،إلّا ما سيأتي من أحقّيتها بالولد على الإطلاق (2)،و هو مع قصور سنده معارض بما دلّ على أحقّية الأب كذلك (3)،و ليس بعد التعارض سوى التساقط إن لم نقل برجحان الأخير،و معه فلا دلالة على إطلاق أحقّيتها بالحضانة.

فإذاً الأول أقوى؛ للأصل،مع النصوص الماضية،التي هي حجّة أُخرى في ردّ ما ذكر للثاني من الحجّة،و إلى ما صرنا إليه صار جماعة (4)؛ لما ذكر من الأدلّة،مضافاً إلى استلزام بقاء حقّ الحضانة مع انتفاء حقّ

ص:154


1- الكافي 6:4/45،الفقيه 3:1302/274،التهذيب 8:352/104،الإستبصار 3:1138/320،الوسائل 21:470 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 1.
2- انظر ص 156.
3- الكافي 6:1/44،التهذيب 8:353/105،الإستبصار 3:1140/320،الوسائل 21:471 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 3.
4- منهم المحقّق في الشرائع 2:345،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:466،و صاحب الحدائق 25:87.

الرضاعة العسر و الحرج و الضرر بتردّد المرضعة إلى الأُمّ في كلّ وقت يحتاج إلى الإرضاع،و هما منفيّان آيةً و رواية.

هذا،و أمّا القول باشتراك الحضانة بين الأبوين كما عن المهذّب مدّعياً عليه الإجماع (1)فضعيفٌ و إن دلّ عليه صدر الموثّق السابق:« ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسويّة» لوهن الإجماع بمصير الأكثر بل الكلّ إلى الخلاف،و معارضة صدر الرواية بذيلها،و قد مضى،و فيه تصريح بجواز اختصاص الأب بالحضانة مع عدم إقدام الأُمّ على الرضاعة؛ مضافاً إلى ضعف الدلالة،و عدم وضوح المراد بالسويّة،فقد يراد بها:

التسوية من جهة أنّ على الأُمّ الرضاعة و على الأب الأُجرة،كما ذكره بعض الأجلّة (2).

ثم حضانة الأُمّ حيثما ثبتت لها مشروطة بما إذا كانت حرّة مسلمة عاقلة غير مزوّجة،بلا خلاف في الأربعة.

فلا حضانة للأمة؛ لفحوى النصوص النافية للحضانة عن الأب العبد ما دام العبوديّة،ففي الصحيح:« أيّما امرأة حرّة تزوّجت عبداً فولدت منه أولاداً فهي أحقّ بولدها منه و هم أحرار،فإذا أُعتق الرجل فهو أحقّ بولده منها؛ لموضع الأب» (3)مع أنّ منافعها مملوكة لسيّدها،فهي مشغولة بخدمته عن الحضانة؛ و لأنّ الحضانة ولاية،و الأمة ليس لها أهليّة.

و لا للكافرة إذا كان الولد مسلماً؛ لأنّ الحضانة ولاية،و لا ولاية لها على المسلم،فتأمّل.

ص:155


1- المهذب البارع 3:426.
2- انظر التنقيح الرائع 3:273.
3- الفقيه 3:1304/275،الوسائل 21:459 أبواب أحكام الأولاد ب 73 ح 1.

و لا للمجنونة؛ لاحتياجها إلى الحضانة،فكيف يعقل حضانتها لغيرها؟! و في إلحاق المرض المزمن الذي لا يرجى زواله كالسلّ و الفالج بحيث تشغل بالألم عن كفالته و تدبير أمره،وجهان،و نحوه المرض المعدِّي.و إطلاق الأدلّة مع أصالة بقاء الولاية إذا كانت الأمراض حادثة بعدها يقتضي الإلحاق،و الضرر مندفع بالاستنابة،إلّا أنّ في شمول الإطلاق لمثلها نوع مناقشة.

و لا للمزوّجة؛ لإجماع الطائفة كما في الروضة (1)و للخبرين، أحدهما:عن الرجل يطلّق امرأته و بينهما ولد،أيّهما أحقّ بالولد؟قال:

« المرأة أحقّ بالولد ما لم تتزوّج» (2)و نحوه الثاني (3).

و لو طلّقت بائناً أو رجعيّاً انقضت عدّتها،ففي عود ولايتها وجهان، بل قولان،و الأصل يقتضي الثاني،كما عن الحلّي (4)،و الخبران العاميّان يقتضيان الأول (5).

و زيد هنا شرطان آخران (6)لا دليل عليهما.

و لا اختصاص للشروط بالأُمّ،فإنّ الأب شريك لها فيها حيث ثبتت

ص:156


1- الروضة البهية 5:463.
2- الكافي 6:3/45،الفقيه 3:1303/275،التهذيب 8:354/105،الإستبصار 3:1139/320،الوسائل 21:471 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 4.
3- درر اللئالي 1:457،المستدرك 15:164 أبواب أحكام الأولاد ب 58 ح 5.
4- السرائر 2:651.
5- أحدهما في:سنن أبي داود 2:2276/283،سنن البيهقي 8:4. و الآخر في:مسند أحمد 2:203.
6- انظر نهاية المرام 1:469.

له الحضانة إجماعاً،إلّا الشرط الرابع،فلا ينافيها في حقّه تزويجه بامرأة اخرى.

و إذا فصل الولد عن الرضاع فالحرّة أحقّ بالبنت إلى سبع سنين من حين الولادة،على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع عن السرائر و الغنية (1)؛ و هو الحجة فيه،مضافاً إلى إطلاق المعتبرة:

منها الصحيح:« المرأة أحقّ بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين،إلّا أن تشاء المرأة» (2).

و نحوه الخبر المرويّ في مستطرفات السرائر:رجل تزوّج امرأة فولدت منه ثم فارقها،متى يجب له أن يأخذ ولده؟فكتب:« إذا صار له سبع سنين فإن أخذه فله،و إن تركه فله» (3).

و قيل كما عن المقنعة و المراسم و المهذّب (4)-:أنّها أحقّ بها إلى تسع سنين و مستنده غير واضح،إلّا بعض الوجوه الاعتباريّة التي لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعيّة.

و الأب أحقّ بالابن بعد الفطام،على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع عن الغنية (5)؛ و هو الحجّة فيه كإطلاق بعض المعتبرة،مثل الموثّقة السابقة (6):« إذا فطم فالأب أحقّ به من الاُمّ» و هي و إن شملت الأُنثى، إلّا أنّها خُصَّت بالذكَر جمعاً بينها و بين ما مرّ ممّا أُطلق فيه السبع بحمله على

ص:157


1- السرائر 2:653،الغنية(الجوامع الفقهية):616.
2- الفقيه 3:1305/275،الوسائل 21:472 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 6.
3- مستطرفات السرائر:2/65،الوسائل 21:472 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 7.
4- المقنعة:531،المراسم:164،المهذب 2:352.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):616.
6- في ص 153.

الأُنثى جمعاً أيضاً.

و مستند الجمع هو الإجماع المحكيّ في المقامين،مع التأيّد بما ذكروه من المناسبة،فإنّ الذَّكَر أولى بالزوج من الزوجة،كأولويّتها منه بالأُنثى في الحضانة.و لولاهما (1)لكان القول بالتفصيل و إن اشتهر مشكلاً،و كان القول بإطلاق السبع مطلقاً متّجهاً.

و هنا قولان آخران:

أحدهما:إطلاق الحضانة للأُمّ ما لم تتزوّج،كما عن المقنع (2)؛ للخبرين اللذين مضيا في الشرائط،و فيهما:« المرأة أحقّ بالولد ما لم تتزوّج» (3).

و قصور سندهما مع عدم جابر لهما هنا مضافاً إلى عدم مكافأتهما لما مضى من النصّ و الفتوى الذي عليه الإجماع قد ادُّعي يمنع من العمل بهما؛ مع معارضتهما بما دلّ على أولويّة الأب بالحضانة مطلقاً (4)،و فيه ما هو بحسب السند أقوى.

و ثانيهما:كالأول منهما (5)بالإضافة إلى البنت،و أولويّتها بالصبيّ إلى السبع،كما عن الإسكافي و الخلاف مدّعياً عليه فيه الوفاق و الأخبار (6).

و الأول موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف،مع معارضته بما هو أقوى عدداً و اعتباراً (7).و الثاني لم نقف عليه.

ص:158


1- أي الإجماع المحكيّ و المؤيّد المزبور.منه رحمه الله.
2- حكاه عنه في المختلف:577.
3- راجع ص 156.
4- المتقدم في ص 153.
5- و هو أنّها أحقّ بالبنت ما لم تتزوّج.منه رحمه الله.
6- حكاه عن الإسكافي في المختلف:577،الخلاف 5:131.
7- من حيث الاعتضاد بالشهرة.منه رحمه الله.

فإذاً القول الأول من الأقوال في أصل المسألة أظهر و أقوى،كما مضى.

و لو مات الأب،فالأُمّ أحقّ به أي الولد مطلقاً،ذكراً كان أو أُنثى - من الوصيّ للأب أو الجدّ له أو غيره مطلقاً،انقطعت حضانتها عنه قبل موت الأب أم لا،إلى أن يبلغا؛ لأنّها أشفق و أرفق،وأُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه تعالى.

و للمرسل كالصحيح على الصحيح:عن رجل مات و ترك امرأة و معها منه ولد،فألقته على خادم لها فأرضعته،ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصيّ،فقال:« لها أجر مثلها،و ليس للوصيّ أن يخرجه من حجرها حتى يدرك و يدفع إليه ماله» (1).

و قريب منه فحوى الموثّق:« فإذا مات الأب فالأُمّ أحقّ به من العصبة» (2).

و إطلاقهما كالعبارة و الآية الشريفة يقتضي إطلاق الأحقيّة و لو كانت مزوّجة،و به صرّح جماعة،و منهم العلّامة (3)،و الخبران بالسقوط في المزوّجة (4)ظاهران في حياة الأب جدّاً،و الاشتغال بحقوق الزوج غير كافٍ للإسقاط قطعاً.

و لو كان الأب مملوكاً أو كافراً،كانت الأُمّ الحرّة المسلمة أحقّ

ص:159


1- التهذيب 8:356/106،الوسائل 21:456 أبواب أحكام الأولاد ب 71 ذيل الحديث 2.
2- الكافي 6:4/45،الفقيه 3:1302/274،التهذيب 8:352/104،الإستبصار 3:1138/320،الوسائل 21:407 أبواب أحكام الأولاد ب 81 ح 1.
3- انظر القواعد 2:51.
4- المتقدمان في ص 156.

به حضانةً و لو تزوّجت أو لم يكن لها ولاية مع حرّية الأب و إسلامه؛ لانتفاء الأهليّة عنهما،و لمنطوق الخبرين في الأول و فحواهما في الثاني:

في أحدهما الصحيح:« أيّما امرأة حرّة تزوّجت عبداً فولدت منه أولاداً،فهي أحقّ بولدها منه و هم أحرار،فإذا أُعتق الرجل فهو أحقّ بولده منها؛ لموضع الأب» (1).

و في الثاني:« ليس للعبد أن يأخذ منها ولدها و إن تزوّجت حتى يعتق،هي أحقّ بولدها منه ما دام مملوكاً،فإذا أُعتق فهو أحقّ بهم منها» (2).

و يستفاد منهما أيضاً أنّه لو أُعتق الأب فالحضانة له و ينبغي تقييدهما بما إذا كانت له الحضانة بأن كان العتق بعد الفطام في الذكر و بعد السبع في الأُنثى؛ و الوجه ظاهر.

فإنّ فُقِد الأبوان،فقيل:إنّ الحضانة لأب الأب؛ لأنّه أب في الجملة، فيكون أولى من غيره من الأقارب،و لأنّه أولى بالمال فيكون أولى بالحضانة؛ و بهذا جزم في القواعد،فقدّم الجدّ للأب على غيره من الأقارب.

و يشكل بأنّ ذلك (3)لو كان موجباً لتقديمه لاقتضى تقديم أُمّ الأُمّ عليه؛ لأنّها بمنزلة الأُمّ،و هي مقدّمة على الأب على ما فُصِّل.و ولاية المال لا مدخل لها في الحضانة،و إلّا لكان الأب أولى من الاُمّ،و كذا الجدّ له،

ص:160


1- الفقيه 3:1304/275،الوسائل 21:459 أبواب أحكام الأولاد ب 73 ح 1.
2- الكافي 6:5/45،التهذيب 8:361/107،الإستبصار 3:1142/321،الوسائل 21:459 أبواب أحكام الأولاد 73 ح 2.
3- أي كونه أباً في الجملة.منه رحمه الله.

و ليس كذلك إجماعاً،و النصوص خالية من غير الأبوين من الأقارب،و إنما استفيد حكمهم من آية اولي الأرحام (1)،و هي لا تدلّ على تقديمه على غيره من درجته،و بهذا جزم في المختلف،و هو أجود (2).

فإن فُقِد أبو الأب،أو لم نرجّحه،فللأقارب منهم إلى الولد فالأقرب منهم،على الأظهر الأشهر؛ لآية اولي الأرحام،فالجدّة لاُمّ كانت أم لأب و إن علت أولى من العمّة و الخالة،كما أنّهما أولى من بنات العمومة و الخؤولة،و كذلك الجدّة الدنيا و الخالة و العمّة أولى من العليا منهن،و كذا ذكور كلّ مرتبة.

ثم إن اتّحد الأقرب،فالحضانة مختصّة به،و إن تعدّد أُقرع بينهم؛ لما في اشتراكها من الإضرار بالولد.

و لو اجتمع ذكر و أُنثى،ففي تقديم الأُنثى قولٌ في التحرير مأخذه تقديم الاُمّ على الأب،و كون الأُنثى أوفق لتربية الولد و أقوم بمصالحه، سيّما الصغير و الأُنثى (3).

و إطلاق الدليل المستفاد من الآية يقتضي التسوية بينهما،كما يقتضي التسوية بين كثير النصيب و قليله،و من يمتّ بالأبوين و بالأُمّ خاصّة؛ لاشتراك الجميع في الإرث.

و قيل:أنّ الأُخت من الأبوين أو الأب أولى من الأُخت للأُمّ،و كذا أُمّ الأب أولى من أُمّ الأُمّ،و الجدّة أولى من الأخوات،و العمّة أولى من الخالة؛ نظراً إلى زيادة القرب،أو كثرة النصيب (4).

ص:161


1- الأنفال:75،الأحزاب:5.
2- الروضة 5:459.
3- التحرير 2:44.
4- انظر الروضة 5:462.

و فيه نظر بيّن؛ لأنّ المستند و هو الآية مشترك،و مجرّد ما ذكر لا يصلح دليلاً.

و قيل:لا حضانة لغير الأبوين؛ اقتصاراً على موضع النصّ (1).و عموم الآية يدفعه،و المناقشة فيه لا وجه لها بالمرّة.

ثم إذا بلغ الولد رشيداً سقطت الحضانة عنه بلا خلاف؛ لأنّها ولاية، و البالغ الرشيد لا ولاية عليه لأحد،سواء في ذلك الذكر و الأُنثى،البكر و الثيّب؛ لكن قيل:يستحبّ له أن لا يفارق امّه خصوصاً الأُنثى إلى أن تتزوّج (2).

و اعلم أنّه لا شبهة في كون الحضانة حقّا لمن ذكر،و لكن هل تجب عليه مع ذلك،أم له إسقاط حقّه منها؟ الأصل يقتضي ذلك،و هو الذي صرّح به الشهيد رحمه الله في قواعده، فقال:لو امتنعت الاُمّ من الحضانة صار الأب أولى به،و لو امتنعا معاً فالظاهر إجبار الأب (3).

و نُقِل عن بعض الأصحاب وجوبها (4).

و هو حسن،حيث يستلزم تركها تضييع الولد،إلّا أنّ حضانته حينئذٍ تجب كفايةً كغيره من المضطرّين؛ و في اختصاص الوجوب بذي الحقّ نظر.و ليس في الأخبار ما يدلّ على غير ثبوت أصل الاستحقاق،و هو لا يستلزم الوجوب.

ص:162


1- انظر الروضة 5:464.
2- الروضة 5:464.
3- القواعد و الفوائد 1:396.
4- انظر الروضة 5:464.

النظر الخامس في النفقات

اشارة

النظر الخامس في النفقات و أسبابها الموجبة لها ثلاثة:الزوجيّة،و القرابة،و الملك بإجماع الأُمّة كما حكاه جماعة (1).

و الأصل في الأول بعد ما مرّ الكتاب و السنّة المستفيضان:

قال عزّ من قائل لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللّهُ [1] (2).و قال وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [2] (3).و قال اَلرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ [3] (4).و في الصحيح في تفسير الآية الاُولى-:« إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة و إلّا فرّق بينهما» (5)و المعتبرة من الصحيح و غيره بمعناه مستفيضة (6).

ص:163


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:472،و صاحب الحدائق 25:97.
2- الطلاق:7.
3- النساء:19.
4- النساء:34.
5- الفقيه 3:1331/279،الوسائل 21:509 أبواب النفقات ب 1 ح 1.
6- الوسائل 21:509 أبواب النفقات ب 1.

أمّا الزوجة،فيشترط في وجوب نفقتها العقد الدائم و التمكين

أمّا الزوجة،فيشترط في وجوب نفقتها شرطان :

العقد الدائم بلا خلاف،بل إجماعاً كما حكاه جماعة (1)، فلا نفقة لمستمتع بها لما مرّ من الأصل،و المعتبرة الدالّة على أنّها مستأجرة،و لا خلاف في عدم استحقاق الأجير النفقة،ففي الخبر:« تزوّج منهنّ ألفاً،فإنّهنّ مستأجرات» (2).

و التمكين الكامل المعرّف في الشرائع (3)و غيره (4)بالتخلية بينها و بينه بحيث لا يختصّ موضعاً و لا زماناً،و الظاهر تحقّقه ببذلها نفسها في كلّ زمان و مكان يريد فيه الاستمتاع و حلّ له مع عدم مانع شرعي له أو لها، فلا يحتاج إلى اللفظ الدالّ عليه من قبلها.خلافاً للتحرير،فأوجب (5).

و لا دليل عليه،إلّا إذا توقّف معرفته عليه.

و اشتراط هذا الشرط مشهور بين الأصحاب،بل كاد أن يكون إجماعاً؛ مع أنّا لم نقف على مخالف فيه صريحاً،بل و لا ظاهراً،إلّا ما ربما يستفاد من تردّد المصنّف في الشرائع و استشكال الفاضل في القواعد (6)، و هو بمجرّده لا يوجب المخالفة مع تصريح الأول بأنّ اعتباره هو الأظهر بين الأصحاب بكلمة الجمع المعرّف،المفيد للعموم،الظاهر في الإجماع؛

ص:164


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:474،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:107،و انظر الحدائق 25:98.
2- الكافي 5:7/452،التهذيب 7:1120/258،الإستبصار 3:538/147،الوسائل 21:18 أبواب المتعة ب 4 ح 2.
3- الشرائع 2:347.
4- انظر الروضة 5:465،مفاتيح الشرائع 2:295.
5- التحرير 2:45.
6- الشرائع 2:347،القواعد 2:52.

و نحوه شيخنا الشهيد في المسالك (1).

و أظهر من كلامه ثمّة كلامه في الروضة،فاختار المصير إلى اعتباره بعد المناقشة في دليله،معتذراً بعدم ظهور مخالف فيه،و جعله وسيلة لاختياره (2).

و هو ينادي بإجماعيّته،فإنّ دأبه عدم جعل الشهرة بل و لا عدم ظهور الخلاف بمجرّده دليلاً و إن وجد له من الأخبار الغير الصحيحة شاهداً،فحكمه بتحتم المصير إليه لأجله قرينةٌ واضحة على بلوغه حدّ الإجماع و درجته.

و هو الحجّة فيه بعد الأصل المؤيّد بل المعتضد بظاهر الأمر بالمعاشرة بالمعروف،الظاهر في اختصاص الأمر بالإنفاق بما يقتضيه العادة،و ليس من مقتضياته الوجوب إلّا بعد التمكين،كما هو المشاهد من أهلها،فإنّهم ينكحون و يتزوّجون من دون إنفاق،إلى الزفاف،مع عدم اختلاف من الزوجات و أهلهنّ فيه مع الأزواج المستمرّين على ذلك و لا نفاق،و ربما يتّخذ ذلك من المسلمين إجماعاً و يجعل مثله وفاقاً،بل و ربما يلحق بالضرورة قطعاً.و قد جعل الأصحاب هذا من فروع التمكين، و مع ثبوت حكمه فيه يثبت في غيره من الفروع جدّاً؛ لعدم القائل بالفرق أصلاً،فتأمّل جدّاً.

و ممّا يؤيّد اعتباره أيضاً بل و لا يبعد جعله دليلاً ما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله:أنّه تزوّج و دخل بعد سنين و لم ينفق (3).

ص:165


1- المسالك 1:585.
2- الروضة 5:467 468.
3- المغني لابن قدامة 9:283،مغني المحتاج 3:435،انظر سنن النسائي 6:131.

و أمّا ما ربما يصير منشأً للتردّد و الإشكال في هذا المجال من إطلاق النصوص بالإنفاق من دون تقييد بالتمكين،فيمكن الجواب عنه أولاً بما مضى من الإجماع المحكيّ في الظاهر بل المقطوع به جدّاً و غيره.

و ثانياً بعدم عموم فيه يشمل المتنازع جدّاً؛ لعدم تبادره من الإطلاق ظاهراً،و غايته الإجمال.و لعلّه إلى ما ذكر نظر بعض الأبدال فادّعى عدم النصّ الظاهر في العموم في هذا المجال (1).

و بالجملة:فالقول بعدم اعتباره لو كان و لزوم النفقة بمجرّد العقد لا ريب في ضعفه.

و كيف كان فلا خلاف في أنّه لا نفقة لناشزة خارجة عن طاعة الزوج،و لو بالخروج من بيته بلا إذن،و منع لمس بلا عذر.

أمّا على اعتبار التمكين فواضح.

و أمّا على غيره فلأنّ النشوز مانع،و هو إجماع حكاه جماعة (2)، فيعود الخلاف المتوهّم أو الإشكال الواقع حينئذٍ إلى أنّ التمكين هل هو شرط،أو النشوز مانع؟و يختلف الأصل في وجوب الإنفاق فيهما،فيكون العدم في الأول و إن لم يكن نشوزٌ إلى التمكين،و الثبوت في الثاني إلى المانع الذي هو النشوز.

و يتفرّع عليهما فروع،منها:ما مرّ.

و منها:ما إذا اختلفا في التمكين و في وجوب النفقة الماضية،فعلى المشهور:القول قوله؛ عملاً بالأصل فيهما،و على الاحتمال:قولها؛ لأصالة

ص:166


1- نهاية المرام 1:474.
2- منهم فخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:267،و الشهيد الثاني في الروضة 5:467؛ و انظر كشف اللثام 2:111.

بقاء ما وجب،كما يقدّم قولها لو اختلفا في دفعها مع اتّفاقهما على الوجوب.

و منها:الإنفاق على الصغيرة التي لم تبلغ سنّاً يجوز الاستمتاع بها بالجماع،فلا يجب على المشهور في أشهر القولين؛ لفقد الشرط،و هو التمكين من الاستمتاع.

خلافاً للحلّي،فيجب (1)؛ لعموم وجوبها على الزوجة،فتخصيصه بالكبيرة الممكّنة يحتاج إلى دليل.

و هو حسن إن قلنا بعدم اشتراط التمكين،و إلّا كما اختاره فلا؛ لعدم الشرط.

إلّا أن يقول باختصاص اشتراطه بصورة إمكان حصوله،و ليس الصورة المفروضة منها:

لكنّه ربما يطالب بدليل العموم،فقد يمنع بما مرّ من فقد عموم و عدم انصراف الإطلاق إليها،فينحصر الموجب للإنفاق في الوفاق، و ليس،كيف؟!و قد اشتهر الخلاف.و هو أظهر و إن كان مختاره أحوط.

و لو انعكس الفرض،بأن كانت كبيرة ممكّنة و الزوج صغيراً،وجبت النفقة على الأشهر؛ لوجود المقتضي،و عدم المانع؛ لأنّ الصغر لا يصلح مانعاً،كما في نفقة الأقارب،فإنّها تجب على الصغير و الكبير.

خلافاً للشيخ (2)رحمه الله و جماعة (3)؛ محتجّاً بأصالة البراءة.

ص:167


1- السرائر 2:655.
2- الخلاف 5:113،المبسوط 6:13.
3- منهم ابن البرّاج في المهذب 2:347،و ابن سعيد في الجامع:489،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:475.

قيل:و هي مندفعة بما دلّ على نفقة الزوجة الممكّنة أو مطلقاً (1).

و المناقشة فيه بعد ما ذكرناه واضحة،بل و أعلامها هنا لائحة؛ لكون الدالّة عليها خطابات و تكاليف لا يمكن صرفها إلى الصغير،و صرفها إلى الوليّ مدفوع بالأصل،مع استلزامه إمّا حصرها فيه،أو استعمالها في متغايرين،فتأمّل.

فما ذكره الشيخ رحمه الله أجود،و إن كان ما ذكروه أحوط،إلّا إذا كان ذلك دون غيره معاشرة بالمعروف،فيتعيّن،فتأمّل.

و لو امتنعت عن الاستمتاع بها لعذر شرعيّ أو عقليّ ثابت بينهما بإقراره أو بيّنتها لا تسقط النفقة بلا خلاف؛ للأصل،و إطلاق النصوص،و الأمر بالمعاشرة بالمعروف،مع عدم صلاحيّة العذر للمنع؛ إذ لشرعيّته ليس بنشوز.

و هو كالمرض الغير المجامع لما تمتنع عنه.

و الحيض إذا أراد وطأها قبلاً،و كذا دبراً إن منعنا عنه في الحيض أو مطلقاً.

و نحوهما فعل الواجب المضيّق أو الموسّع إجماعاً و لو في الأخير إذا فعلته في آخر أوقاته.

و مطلقاً على الأشهر؛ لأصالتي عدم النشوز و تسلّط الزوج عليها هنا.

و تندفعان بإطلاق الأدلّة الموجبة عليها إطاعته،فيترجّح على إطلاق أدلّة الواجب هنا،كيف لا؟!و قد أجمعوا على ترجيح المضيّق على الموسّع إذا تعارضا،و عليه نهض الاعتبار شاهداً.

ص:168


1- الروضة 5:466.

فإذاً القول باعتبار الضيق و تحقّق النشوز بدونه كما عن الشيخ و العلّامة (1)أقوى جدّاً،و مقتضى ذلك عدم الفرق بالصلاة و غيرها،إلّا أنّه ادّعي الإجماع على عدم اعتبار الضيق في الأول (2)؛ و هو الحجّة فيه، لا ما قيل من الفروق (3).

أمّا الفعل المندوب فإن كان ممّا يتوقّف على إذن الزوج كالصوم و الحجّ- فإن فعلته بدون إذنه،فسد و لا تسقط النفقة؛ لأنّه بمجرّده غير مانع،إلّا إذا فرض منعها منه فيسقط؛ لذلك،لا لأجل التلبّس به،وفاقاً للأشهر.

خلافاً للشيخ،فأطلق السقوط بالتلبّس (4)؛ و مستنده غير واضح، إلّا ما ربما يتوهّم من تضمّن فعله في نحو الصوم القصد إلى منعه عن الاستمتاع (5).

و فيه نظر،فقد يكون ذلك في موضع تقطع بعدم إرادته الاستمتاع؛ مع أنّ حصول النشوز بمجرّد القصد غير معلوم،و الأصل العدم.

و إن كان ممّا لا يتوقّف عليه جاز لها فعله بغير إذنه،و ليس له منعها منه،إلّا أن يطلب منها الاستمتاع في ذلك الوقت،فيجب إطاعته عليها؛ لعدم معارضة المندوب للواجب.

و لو استمرّت و الحال هذه،قيل: سقطت نفقتها لتحقّق

ص:169


1- الشيخ في المبسوط 6:15،العلّامة في القواعد 2:54.
2- انظر نهاية المرام 1:477.
3- انظر المسالك 1:586.
4- المبسوط 6:14.
5- انظر نهاية المرام 1:477.

النشوز (1).

و قيل:بطل؛ للنهي عنه (2).و هو كذلك إن قلنا باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضدّ الخاصّ،بل ربما يمكن القول بالبطلان مطلقاً؛ لا لذلك، بل لعدم اجتماع مقتضي الصحّة مع الأمر بإطاعة الزوج المضيّق.و للفقير تحقيق في المقام بيّنته في شرح المفاتيح.

و تستحقّ الزوجة النفقة مطلقاً و لو كانت ذمّية،أو أمة أرسلها إليه مولاها ليلاً و نهاراً؛ لعموم الأدلّة.

بخلاف ما إذا لم يرسل إلّا في أحد الزمانين،فلا تستحقّ؛ لعدم التمكين التامّ المشترط في الاستحقاق؛ لأنّها لكونها أمة ليست أهلاً للاستقلال في التمكين؛ لملك المولى منافعها،إلّا ما ملكه منها الزوج، و هو الاستمتاع،فلا عبرة إلّا بتمكين المولى.

بخلاف ما إذا منع الأب أو غيره الحرّة البالغة عن زوجها،فإنّه لا عبرة به،و لا تسقط نفقتها إذا كانت ممكّنة؛ لأنّها مالكة لنفسها،فهي مستقلّة بالتمكين.

و يؤكّد ذلك أنّه لا نفقة للأمة إلّا من مال المولى،فإن أراد إسقاطها عن نفسه لزمه التسليم الكامل،فإذا لم يفعل لزمته النفقة.بخلاف الحرّة، فربما تنفق على نفسها من مالها.

و جواز منع المولى للأمة نهاراً لما تقدّم من حقّ الخدمة له لا يستلزم أن يكون التمكين التامّ بالنسبة إليها هو التمكين ليلاً ليلزم به النفقة،فإنّ الإجماع منعقد على أنّه لا نفقة لها بانتفاء التمكين التامّ،مع

ص:170


1- المبسوط 6:14،المفاتيح 2:296.
2- الحدائق 25:106.

تفسيره بالتمكين كلّ حين في كلّ مكان.

و لكن قد يقال:إنّما انعقد الإجماع على سقوط النفقة بالنشوز، و لا نشوز هنا؛ لوجوب إطاعة المولى،كما لا نشوز بالامتناع للحيض و نحوه.

و يدفع بأصالة البراءة،إلّا فيما أجمع فيه على الوجوب،و لا إجماع هنا،بخلاف الحائض و نحوها.

و كذا تستحقّها الزوجة المطلّقة الرجعيّة ما دامت هي في عدّتها إجماعاً،حكاه جماعة (1)؛ و للنصوص الآتية،مضافاً إلى الاستصحاب و بقاء حبس الزوج و سلطنته،و هما كعبارات الأصحاب مطلقان.

و ربما استثني آلة التنظيف؛ لأنّها لفائدة الاستمتاع،و قد انتفت بالطلاق (2).

و يدفعه بعد الإطلاقات ظاهر لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً [1] (3)المفسّر في المعتبرة بتزيّن الزوجة رجاء الرجعة.

ففي الموثّق:في المطلّقة:« تعتدّ في بيتها،و تظهر له زينتها،لعلّ اللّه يحدث أمراً» (4).

ص:171


1- نهاية المرام 1:478،و السبزواري في الكفاية:195،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:112،الحدائق 25:108 109.
2- مفاتيح الشرائع 2:296.
3- الطلاق:1.
4- الكافي 6:10/91،التهذيب 8:451/131،الوسائل 22:217 أبواب العدد ب 21 ح 1؛ بتفاوت يسير.

و في الخبر:« المطلّقة تشوّفت (1)لزوجها ما كان له عليها رجعة، و لا يستأذن عليها» (2)و المراد:تتزيّن بحيث يشتاق إليها.

و في آخر:« المطلّقة تكتحل،و تختضب،و تلبس ما شاءت من الثياب؛ لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً [1] لعلّها أن تقع في نفسه فيراجعها» (3)فتأمّل.

ثم إنّه لا تسقط نفقة المعتدّة إلّا بمسقطات نفقة الزوجيّة،و تستمرّ إلى انقضاء العدّة.

و لو ظهر حملٌ بعد الطلاق بالمرأة،فعليه الإنفاق عليها إلى الوضع و لو تجاوز العدّة؛ لما سيذكر.

و لو بان فقدُ الحمل بعد الإنفاق،ففي ارتجاع المدفوع إليها تردّد أظهره العدم؛ للأصل.إلّا إذا دلّست عليه الحمل،فيرتجع؛ للغرور.

و في التقييد بالرجعيّة إظهار اختصاص وجوب الإنفاق بها دون البائن،و المتوفّى عنها زوجها فإنّه لا يجب الإنفاق عليهما مع عدم الحمل،إجماعاً،حكاه جماعة (4)؛ و هو الحجّة في المقامين،كالمعتبرة المستفيضة في الأوّل:

منها الصحيح:« إذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرجعة،

ص:172


1- في الأصل ما يقرأ:تشوق،و ما أثبتناه من المصدر هو الأنسب،فقد ورد في لسان العرب 9:185:تشوّفت المرأة أي تزيّنت و أظهرت زينتها.
2- الكافي 6:7/91،الوسائل 22:218 أبواب العدد ب 21 ح 4.
3- الكافي 6:14/92،التهذيب 8:454/131،الإستبصار 3:1255/351،الوسائل 22:217 أبواب العدد ب 21 ح 2.
4- منهم الشيخ في الخلاف 5:119،و الشهيد الثاني في المسالك 1:587،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:112.

فقد بانت منه ساعة طلّقها،و ملكت نفسها،و لا سبيل له عليها،و تعتدّ حيث شاءت،و لا نفقة لها» (1).

و الصحيح:عن المطلّقة ثلاثاً،إلها النفقة و السكنى؟فقال:« أ حبلى هي؟» قلت:لا،قال:

« لا» (2).و نحوهما الموثّقان (3)و غيرهما (4)،و في بعضها:« إنّما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة» .و أمّا الصحيح المثبت للنفقة للمطلّقة ثلاثاً (5)،فمحمول على الحامل أو الاستحباب.

و عليهما يحمل المرويّ عن قرب الإسناد:عن المطلّقة،إلها نفقة على زوجها حتى تنقضي عدّتها؟قال:« نعم» (6)مع احتماله التقييد بالرجعيّة،بخلاف الصحيحة؛ لتصريحها بالبائنة.

و في حصر النفقة في الرواية السابقة للرجعيّة دلالة واضحة على سلبها عن المتوفّى عنها زوجها،مضافاً إلى فحوى النصوص النافية لها في

ص:173


1- الكافي 6:5/90،التهذيب 8:458/132،الوسائل 21:519 أبواب النفقات ب 8 ح 1.
2- التهذيب 8:462/133،الإستبصار 3:1191/334،الوسائل 21:521 أبواب النفقات ب 8 ح 7.
3- أحدهما في:الكافي 6:5/104،الوسائل 21:520 أبواب النفقات ب 8 ح 3. و الآخر في:الكافي 6:2/104،التهذيب 8:460/133،الإستبصار 3:1189/334،الوسائل 21:520 أبواب النفقات ب 8 ح 5.
4- الوسائل 21:519 أبواب النفقات ب 8 ح 2،4،6.
5- التهذيب 8:461/133،الإستبصار 3:1190/334،الوسائل 21:521 أبواب النفقات ب 8 ح 8.
6- قرب الإسناد:1002/254،الوسائل 21:522 أبواب النفقات ب 8 ح 11.

حقّه عنها مع حملها (1)،فانتفاؤها عنها مع عدمه بطريق أولى.

هذا،مضافاً إلى الصحيح:عن المتوفّى عنها زوجها،إلها نفقة؟قال:

« لا،ينفق عليها من مالها» (2).

و أمّا الصحيح:« المتوفّى عنها زوجها ينفق عليها من ماله» (3)فمع شذوذه إن حُمِل على ظاهره و عدم مكافأته لما مرّ،فمحمول على خلاف ظاهره بإرجاع الضمير المضاف إليه المال إلى الولد لا إلى الزوج، و لذا جعله الشيخ رحمه الله دليلاً فيما سيأتي (4).

و بالجملة:لا ريب و لا خلاف في الصورتين إلّا أن تكون كلّ منهما حاملاً،فيثبت نفقتها في الأُولى و هي المطلّقة ب الطلاق البائن- على الزوج خاصّة دون الولد مطلقاً (5)؛ للإجماع المحكيّ في كلام جماعة (6)،و إطلاق الآية وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [1] (7)الشامل للرجعيّة و البائنة.

مضافاً إلى إطلاق النصوص المستفيضة،منها الصحيح:في الرجل يطلّق امرأته و هي حبلى،قال:« أجلها أن تضع حملها،و عليه نفقتها

ص:174


1- الوسائل 21:522 أبواب النفقات ب 9.
2- التهذيب 8:527/152،الإستبصار 3:1234/346،الوسائل 21:523 أبواب النفقات ب 9 ح 6.
3- الكافي 6:4/120،التهذيب 8:525/151،الإستبصار 3:1232/345،الوسائل 21:523 أبواب النفقات ب 9 ح 4.
4- انظر ص 176.
5- كان له مال أم لا.منه رحمه الله.
6- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:587،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:112،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:479.
7- الطلاق:6.

حتى تضع حملها» (1).

و غاية ما يستفاد منها:الإنفاق عليها الأعمّ من كونه لها أو لولدها، و ليس في شيء منها تعيين أحدهما،و لذا اختلف فيه كلام أصحابنا،فبين معيِّن للأول،كما عن ابن حمزة (2)و جماعة (3)،و معيِّن للثاني،كما عن المبسوط (4)و آخرين (5)؛ و استند الجانبان إلى اعتبارات هيّنة ربما أشكل التمسّك بها في إثبات الأحكام الشرعيّة،لكن بعضها المتعلّق بالثاني قويّة معتضدة بالشهرة المحكيّة،فالمصير إليه لا يخلو عن قوّة.

و يتفرّع عليه فروع جليلة:

منها:ما إذا تزوّج الحرّ أمة مشترطاً مولاها في الولد الرقّية و قلنا بجواز هذا الشرط في الشريعة،أو تزوّج العبد إيّاها أو أمة مشترطاً في الولد الانفراد بالرقّية،فلا نفقة فيهما على الزوج على الأشهر؛ لأنّه (6)ملك لغيره في الأول،و لأنّ العبد لا تجب عليه نفقة أقاربه في الثاني.و على غيره (7)تجب؛ لفقد المانع،و تكون في الثاني في ذمّة المولى أو كسب العبد.

و منها:ما لو لم ينفق عليها حتى مضت المدّة أو بعضها،فلا يجب القضاء على الأشهر،و يجب على القول الآخر.

ص:175


1- الكافي 6:4/103،التهذيب 8:464/134،الوسائل 21:518 أبواب النفقات ب 7 ح 1.
2- الوسيلة:328.
3- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):616،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:479.
4- المبسوط 6:28.
5- منهم القاضي في المهذب 2:348،و العلّامة في المختلف:613.
6- أي الولد.منه رحمه الله.
7- أي الأشهر.منه رحمه الله.

و منها:ما لو أتلفها متلف بعد القبض من دون تفريط،فتسقط النفقة على الثاني دون الأول،و كذا لو ارتدّت بعد الطلاق.

و يثبت النفقة في الوفاة في (1)نصيب الحمل على إحدى الروايتين المعمول عليهما،عمل بها الصدوق و الشيخ (2)و جماعة (3)، و فيها:« المرأة المتوفّى عنها زوجها ينفق عليها من نصيب ولدها» (4).

و في سنده اشتراك،ففي وصفها بالصحّة مناقشة،و لذا مع مخالفتها الأصل أعرض عنها المتأخّرون،بل حكى عليه الشهرة المطلقة (5)جماعة (6)؛ و يشهد لهم المعتبرة المستفيضة،و منها الصحيح:قال في الحبلى المتوفّى عنها زوجها:« إنّها لا نفقة لها» (7).

و ربما جمع بينها و بين السابقة،بحمل هذه على النفي عن مال الميّت المجامع للثبوت في نصيب الولد.

و هو حسن مع التكافؤ،و ليس؛ لكثرة الأخيرة،و اعتضادها بالشهرة العظيمة الوجدانيّة و المحكيّة حكاية بالغة حدّ الاستفاضة؛ مع أنّ بعضها

ص:176


1- كذا في الأصل،و لعل الأنسب:مِن،كما في المطبوع.
2- الصدوق في الفقيه 3:330،الشيخ في النهاية:537.
3- منهم ابن حمزة في الوسيلة:329،و ابن البراج في المهذّب 2:319،و الحلبي في الكافي:313.
4- الكافي 6:10/115،الفقيه 3:1595/330،التهذيب 8:526/152،الإستبصار 3:1233/345،الوسائل 21:524 أبواب النفقات ب 10 ح 1؛ بتفاوت يسير.
5- أي بين القدماء و المتأخرين.منه رحمه اللّه.
6- منهم المحقق في الشرائع 2:349،و العلّامة في القواعد 2:55،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:280.
7- الكافي 6:3/114،التهذيب 8:522/151،الإستبصار 3:1229/345،الوسائل 21:522 أبواب النفقات ب 9 ح 1.

ربما لا يقبله،و هو الصحيح المتقدّم (1)،و فيه:« ينفق عليها من مالها» للتصريح فيه بالإنفاق عليها من مالها الغير المجامع للإنفاق عليها من نصيب ولدها،إلّا أنّه ليس فيه كونها حبلى،فيحتمل حملها على كونها حائلاً.

و كيف كان،فمذهب المتأخّرين أقوى.

و أمّا ما في الخبر من أنّ:« نفقة الحامل المتوفّى عنها زوجها من جميع المال حتى تضع» (2)فمع ضعفه و شذوذه و عدم مكافأته لما مرّ، يحتمل الحمل على ما ينطبق على القولين،و ربما يحمل على الاستحباب، و لا بأس به مع عدم المانع،كوجود صغير في الورثة و نحوه.

و في المسألة قولان آخران مفصّلان،تارةً بتوجّه الإنفاق من نصيب الوالد،إن قلنا بكونه له،و لا،إن قلنا بالعدم،ذكره في المختلف (3).

و أُخرى كما عن بعض متأخّري المتأخّرين (4)بتوجّهه مع إعسار الاُمّ، و لا،مع يسارها؛ و مستنده الجمع بين الأخبار،و ربما ساعده الاعتبار، إلّا أنّه لا شاهد عليه من الآثار،مع كونه خارقاً للمتّفق عليه بين الأخيار.

و نفقة الإنسان على نفسه مقدّمة على نفقة الزوجة و نفقتها مقدّمة على نفقة الأقارب الواجبي النفقة و تُقضى نفقتها لو فاتت دون نفقتهم،بلا خلاف في شيء من ذلك،بل حكى جماعة الإجماع عليه (5)؛ و هو الحجّة فيه مع النصّ الآتي في الأول (6)،مع تأمّل

ص:177


1- في ص 173.
2- الفقيه 3:1596/330،التهذيب 8:528/152،الإستبصار 3:1235/346،الوسائل 21:524 أبواب النفقات ب 10 ح 2.
3- المختلف:613.
4- قاله المجلسي في مرآة العقول 21:195.
5- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:483.
6- و هو الإنفاق على نفسه.منه رحمه الله.

يظهر وجهه.

و علّلوا الثاني:بأنّ وجوب النفقة فيه على وجه المعاوضة في مقابل الاستمتاع،بخلاف نفقة القريب،فإنّها إنّما وجبت للمواساة و دفع الخَلّة، و ما كان وجوبه على وجه المعاوضة أقوى ممّا وجب على وجه المواساة، و لهذا لم تسقط نفقة الزوجة بغناها و لا بإعساره و لا بمضيّ الزمان،بخلاف نفقة القريب.

و الثالث:بأنّ نفقة الزوجة في مقابلة الاستمتاع كما مرّ،فكانت كالعوض اللازم في المعاوضة،فلا تحصل منه البراءة إلّا بإيصالها إلى المستحقّ.بخلاف نفقة الأقارب؛ لما عرفت من أنّ وجوبها إنّما هو للمواساة و رفع الخَلّة،فلا يستقرّ في الذمّة،و لا يجب قضاؤها،كما لو أخلّ بقضاء حاجة المحتاج الواجب الإعانة.

و في النبويّ:إنّ رجلاً جاء إليه صلى الله عليه و آله فقال:معي دينار،فقال:« أنفقه على نفسك» فقال:معي آخر،فقال:« أنفقه على ولدك» فقال:معي آخر، فقال:« أنفقه على أهلك» (1).

و فيه دلالة على تقديم نفقة الولد على نفقة الزوجة،لكن بعد تسليم صحّته يحتمل الحمل على غير النفقة الواجبة؛ مع أنّ الرجل كان موسراً، كما يظهر من الكلمات المذكورة فيه أخيراً،و التقدّم المفروض في كلمة الأصحاب إنّما هو في شأن المعسر خاصّة لا مطلقاً.

هذا،و بعد تسليم ظهور دلالته صريحاً،فهو غير مكافئ لما قدّمناه من الدليل بل الأدلّة جدّاً.

ص:178


1- سنن البيهقي 7:466.

أمّا القرابة فالنفقة على الأبوين و الأولاد لازمة

و أمّا القرابة:فالنفقة على الأبوين و الأولاد لازمة بالشروط الآتية بإجماع الأُمّة،حكاه جماعة (1)،و النصوص بها مستفيضة،بل كادت تكون متواترة.

ففي الصحيح:مَن الذي أُجبر على نفقته؟قال:« الوالدان و الولد و الزوجة و الوارث الفقير» (2)و ليس في باقي النصوص مع صحّة كثير منها و اعتبار باقيها ذكر الأخير،و يأتي الكلام فيه (3).

و في دخول مَن علا من الآباء و الأُمّهات في الآباء تردّد من الأصل و الشكّ في صدق الإطلاق عليه،و من الإطلاق عليه كثيراً و إطباق الفقهاء عليه هنا ظاهراً،فإنّه لم يناقش فيه أحد سوى الماتن هنا و في الشرائع (4)مع تصريحه بمختارهم أخيراً و نحوه غيره ممّن شاركه في تردّده (5).

هذا،مع إشعار بعض العبارات بالإجماع عليه ظاهراً (6)،و كفى هو حجّة؛ و لذا قال: أشبهه اللزوم هذا،و في الخبر:في الزكاة:« يُعطى منها الأخ و الأُخت و العمّ و العمّة و الخال و الخالة،و لا يعطى الجدّ و الجدّة» (7)و قد استفاض النصوص و انعقد

ص:179


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:484،و المحقّق الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:378.
2- الفقيه 3:209/59،الوسائل 21:511 أبواب النفقات ب 1 ح 9؛ و فيهما:و الوارث الصغير.
3- في ص 180.
4- الشرائع 2:352.
5- انظر نهاية المرام 1:485.
6- كالمسالك 1:593،و الكفاية:196.
7- الكافي 3:6/552،التهذيب 4:151/56،الوسائل 9:241 أبواب المستحقين للزكاة ب 13 ح 3.

الإجماع على حرمتها على واجبي النفقة،فالمنع عن إعطاء الجدّ و الجدّة ليس إلّا لكونهما من واجبي النفقة،ففي الصحيح:« خمسة لا يُعطَون من الزكاة شيئاً:الأب و الأُمّ و الولد و المملوك و المرأة؛ و ذلك أنّهم عياله لازمون له» (1).

و سند الخبر و إن قصر إلّا أنّه بالشهرة من جميع الوجوه منجبر.

فالقول بمقالة الأصحاب أقوى و أظهر.

و يستفاد منه بمعونة ما ذكر،مضافاً إلى الأصل و ظواهر النصوص السابقة الواردة في بيان واجبي النفقة،الظاهرة لذلك في الحصر في المذكورين فيها أنّه لا يجب النفقة على غيرهم من الأقارب مضافاً إلى الإجماع عليه في الظاهر،و استفاضة النصوص بجواز إعطاء الزكاة للأقارب (2)،المنافي لوجوب الإنفاق عليهم كما مرّ.

بل يستحبّ بلا خلاف؛ لصلة الرحم.

و يتأكّد في الوارث لأنّه أقرب،و لقوله سبحانه وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ [1] (3)و النبويّ:« لا صدقة و ذو رحم محتاج» (4)و للصحيح المتقدّم (5)،و ظاهره الوجوب كالمرتضوي:« اتي بيتيم،فقال:خذوا بنفقته أقرب الناس منه في العشيرة كما يأكل ميراثه» (6).

ص:180


1- الكافي 3:5/552،التهذيب 4:150/56،الإستبصار 2:101/33،الوسائل 9:240 أبواب المستحقين للزكاة ب 13 ح 1.
2- الوسائل 9:245 أبواب المستحقين للزكاة ب 15.
3- البقرة:233.
4- الفقيه 2:166/38،الوسائل 9:412 أبواب الصدقة ب 20 ح 4.
5- في ص 178.
6- الكافي 4:2/13،التهذيب 6:814/293،الإستبصار 3:147/44،الوسائل 21:526 أبواب النفقات ب 11 ح 4.

و عن الشيخ في الخلاف احتماله للآية و الخبر الأول (1)،لكنّه قوّى المشهور و قال:إنّه الذي يقتضيه مذهبنا (2).و ظاهره الإجماع عليه،و حكي صريحاً عنه في المبسوط (3)؛ و هو الحجّة فيه،مضافاً إلى ما مرّ من الأصل و النصوص الحاصرة لواجبي النفقة في أُولئك الخمسة المذكورين في الصحيحة المتقدّمة،أو الثلاثة المنضمّ إليها باقي الخمسة لغيرها من الأدلّة، و ليس شيء ممّا ذكر بمكافئ لها البتّة.

فاحتمال الوجوب فاسد بالبديهة و إن صار إليه بعض متأخّري الطائفة (4)؛ جموداً على ظاهر الصحيحة،و ليت شعري كيف ألغى القواعد الممهّدة و الأُصول المقرّرة من لزوم مراعاة التكافؤ بين الأدلّة،و أنّه لا ينفع مع عدمه صحّة السند و لا وضوح الدلالة؟!مع أنّها باعترافه شاذّة لا قائل بها بالمرّة،و قد ورد النصوص المعتبرة بطرح مثلها،و تلقّاها بالقبول هو و سائر علماء الطائفة،و هي ليست من الشواذّ الخلافيّة،بل من الشواذّ الوفاقيّة،حيث أطبق الأصحاب بالفتوى على خلافها من دون تزلزل و لا ريبة.

و يشترط في الوجوب أي وجوب الإنفاق على القرابة دون الإنفاق على الزوجة- الفقر في المنفق عليه و عدم شيء يتقوّت به،أو عدم وفاء ماله بقوته،و اشتراطه كاشتراط اليسار في المنفق موضع وفاق،كما يظهر من كلام الجماعة،و به صرّح بعض الأجلّة (5)؛ و هو

ص:181


1- حكاه عنه في الإيضاح 3:283.
2- الخلاف 5:128.
3- المبسوط 6:35.
4- انظر نهاية المرام 1:485.
5- انظر كشف اللثام 2:115.

الحجّة فيه بعد الأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة؛ لعدم انصراف إطلاق أدلّة الوجوب إلى الصورتين بالضرورة.

قالوا:و المراد باليسار:هو أن يفضل عن قوته و قوت زوجته و خادمها ليوم و ليلة شيء.و في حكم القوت ما يحتاج إليه من الكسوة في ذلك الفضل،و غيرها.

و لو فضل عن قوته أو قوت زوجته شيء،ففي وجوب الإنفاق،أو جواز التزويج المانع عنه،وجهان،بل قولان،و الأشهر:الثاني،و لا ريب فيه إن اضطرّ إليه.

و في اشتراط العجز عن الاكتساب في المنفق عليه قولان، أشهرهما:ذلك؛ لأنّه معونة على سدّ الخَلّة،و المكتسب قادر،فهو كالغني،و لذا يمنع من الزكاة و الكفّارة المشروطة بالفقر،و حصول الحاجة بالفعل لا يوجب الاستحقاق.نعم،يعتبر لياقة الكسب بحاله.

و لا يشترط نقصان الخلقة بنحو الزمانة،و لا الحكم بنحو الصغر و الجنون،على الأشهر الأقوى،بل عن الخلاف:أنّه ادّعى في الظاهر عليه إجماعنا (1)؛ و هو الحجة فيه بعد إطلاق النصوص.و خلاف المبسوط باعتبارهما (2)شاذّ.

و لو بلغ الصغير حدّا يمكن أن يتعلّم حرفة أو يحمل على الاكتساب، قيل:للولي حمله عليه و الإنفاق عليه من كسبه،لكن لو هرب و ترك الاكتساب في بعض الأيّام فعلى الأب الإنفاق عليه،بخلاف المكلّف (3).

ص:182


1- حكاه عنه في كشف اللثام 2:115،و هو في الخلاف 5:124 125.
2- المبسوط 6:33.
3- قاله الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:379.

و لا يشترط عدالته و لا إسلامه،بل يجب و إن كان فاسقاً؛ للعموم.

قيل:يجب تقييد الكافر بكونه محقون الدم،فلو كان حربيّا لم يجب؛ لجواز إتلافه،فترك الإنفاق عليه لا يزيد عليه (1).و المستند في أصل عدم اشتراط الأمرين هو اتّفاقهم عليه ظاهراً،مع نقل بعضهم الإجماع صريحاً (2)،و إلّا فإثباته بالعموم في نحو الكافر مشكل جدّاً،كيف لا؟!و هو معارض بعموم النهي عن الموادّة إلى من نصب مع اللّه سبحانه المحادّة (3)،و مقتضى تعارض العمومين التساقط،و معه يرجع إلى الأصل النافي للوجوب،لكن اعتضاد العموم هنا بالعمل مع عدم خلاف فيه يظهر،بل و دعوى بعضهم بل جماعة الإجماع عليه كما مرّ أوجب ترجيحه و تخصيص ما خالفه.

و أمّا الحرّية،فهي شرط بالإجماع؛ للأصل،و فقد ما يدلّ على وجوب الإنفاق على القريب المملوك للغير؛ لعدم انصراف الإطلاقات إليه.و على تقديره،فمعارض فيه بما دلّ (4)على وجوب إنفاقه على غيره (5)،و ليس بعد التعارض سوى التساقط الموجب لتخليص الأصل عن المعارض.

و على تقدير عدم التساقط،فلا ريب أنّ الرجحان مع الأخير؛ إذ وجوب الإنفاق عليه على من يستوفي منافعه في عوضه أولى ممّن لا يستوفي،و يكون الإنفاق منه عليه لرفع حاجته و سدّ خلّته.

ص:183


1- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:474.
2- القائل هو الشهيد الثاني في الروضة 5:474.
3- المجادلة:22.
4- انظر الوسائل 21:528 أبواب النفقات ب 13.
5- و هو المولى.منه رحمه الله.

نعم،لو امتنع المولى عن الإنفاق عليه،أو كان معسراً،أمكن وجوبه على القريب؛ عملاً بالعموم.

و قيل (1):لا تجب مطلقاً،بل يُلزَم ببيعه أو الإنفاق عليه،كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.و هو حسن.

و لا تقدير للنفقة الواجبة بل يجب بذل الكفاية من الطعام و الكسوة و المسكن لإطلاق الأدلّة اللازم في مثله الرجوع إلى العرف و العادة،مع ما في الآية الكريمة وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً [1] (2)و نحوه بعض المعتبرة (3)من الإشارة إلى الرجوع إليها بالضرورة،مضافاً إلى عدم الخلاف فيه هنا (4)بين الطائفة،بل و صرّح بالإجماع عليه جماعة (5)؛ و هو الحجّة فيه،مضافاً إلى ما تقدّم من الأدلّة.

و مقتضاها انسحاب الحكم في نفقة الزوجة،و هو الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل ربما أشعر عبارة الحلّي بالإجماع عليه (6).

خلافاً للخلاف،فقدّر الطعام بمدّ مطلقاً،مدّعياً فيه الوفاق (7).

و هو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف،مع معارضته بالإجماع المتقدّم،الراجح عليه هنا بلا ارتياب،فهو ضعيف.

و أضعف منه المحكيّ عنه في المبسوط من التفصيل:بمدّين

ص:184


1- حكاه في الروضة البهية 5:474،و هو في التحرير 2:50.
2- لقمان:15.
3- الوسائل 21:509 أبواب النفقات ب 1.
4- أي نفقة الأقارب.منه رحمه الله.
5- انظر السرائر 2:655،و الحدائق 25:120.
6- السرائر 2:655.
7- الخلاف 5:112.

للموسر،و مدّ و نصف للمتوسّط،و مدّ للمعسر (1)و ذلك لعدم الدليل عليه بالمرّة.

ثم إنّ المعتبر من المسكن:الإمتاع،اتّفاقاً.

و من المئونة:التمليك في صبيحة كل يوم لا أزيد،اتّفاقاً،بشرط بقائها ممكّنة إلى آخره،فلو نشزت في الأثناء استحقّت بالنسبة.

و في الكسوة قولان،أشهرهما و أجودهما:أنّها كالأول؛ للأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة؛ لضعف دليل الملحق بالثاني،و هو الآية الكريمة عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ [1] (2)المعطوف فيها الكسوة على الرزق،المقتضي ذلك اشتراكها معه في الأحكام له،التي منها التمليك إجماعاً.

و وجه الضعف:اقتضاء العطف المشاركة في الحكم المثبت للمعطوف عليه في العبارة،لا الأحكام الخارجة عنها الثابتة له بغيرها من الأدلّة،و غاية ما يستفاد من الآية للمعطوف عليه:الوجوب،الأعمّ من التمليك و الإمتاع،و تعيّن الأول فيه من الخارج غير ملازم لتعيّنه في المعطوف بالبديهة،و لا دليل على كون التعيين مراداً من لفظ الآية،و إنّما غايته القيام بإثباته في الجملة،لا إثبات إرادته من نفس العبارة.

و أمّا الاستدلال بالنبويّ:« و لهنّ عليكم رزقهنّ و كسوتهنّ بالمعروف» (3)فمجاب بضعف السند،و بما مضى إن جُعل العطف فيها مستنداً،و بعدم كون اللام حقيقةً في الملكيّة خاصّة إن جُعل المستند إفادتها

ص:185


1- المبسوط 6:6.
2- البقرة:233.
3- تحف العقول:24،الوسائل 21:517 أبواب النفقات ب 6 ح 2؛ بتفاوت يسير.

الملكيّة،بل نقول:لها معانٍ أُخر كثيرة لا تلازم الملكيّة،تتوقّف إرادة كلّ منها على قرينة هي في المقام مفقودة،و مجرّد ثبوت الملكيّة في الرزق غير ملازم لثبوتها في الكسوة،إلّا على تقدير قيام الدلالة على إرادتها بالنسبة إليه من اللام المذكورة في الرواية،و هو محلّ مناقشة،كيف لا؟!و ليست إلّا الإجماع الذي حكاه جماعة (1)،و لا يستفاد منها سوى ثبوت الملكيّة له في الجملة المجامع لثبوتها له من غير الرواية.

و على المختار:ليس لها بيعها،و لا التصرّف فيها بغير اللبس من أنواع التصرّفات الخارجة عن العادة،و لا لبسها زيادةً على المعتاد كيفيّةً و كمّيةً،فإن فعلت فأبلَتها قبل المدّة التي تبلى فيها عادةً لم يجب عليه إبدالها؛ و كذا لو أبقتها زيادةً على المدّة.و له إبدالها بغيرها مطلقاً، و تحصيلها بالاستئجار و الإعارة و غيرهما من الوجوه التي هي للمنافع مبيحة.

و لو طلّقها،أو ماتت،أو مات،أو نشزت،استحقّ ما يجده منها مطلقاً.

و أمّا ما تحتاج إليه من الفرش و الآلات فهو في حكم الكسوة.

و نفقة الولد على الأب مع وجوده و يساره دون الاُمّ و إن شاركته في الوصفين إجماعاً،حكاه جماعةً (2)؛ لظاهر قوله سبحانه فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ [1] الآية (3)،مع ضميمة عدم القائل بالفرق،و استصحاب

ص:186


1- راجع التنقيح 3:288،و نهاية المرام 1:487،و الكفاية:195،و الحدائق 25:124.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:487،و السبزواري في الكفاية:197،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:116.
3- الطلاق:6.

الحالة السابقة،و عموم رواية هند المشهورة:« خذي ما يكفيك و ولدك» (1)المستفاد من ترك الاستفصال في مقام جواب السؤال،و هو مفيدٌ له عند الجماعة.

و مع عدمه أو فقره،فعلى أب الأب و إن علا بمائة درجة مرتّباً الأقرب فالأقرب،بالإجماع كما حكاه جماعة (2)؛ و هو الحجّة فيه،دون التعليل بصدق الأب؛ لمنع كونه على سبيل الحقيقة،التي هي المعتبرة مع عدم القرينة على ما عداها من المعاني المجازيّة.

و بعد التسليم،فغايتها الدلالة على الشركة،لا الترتيب الذي اعتبره الجماعة،و مع ذلك فهذه العلّة جارية في الآباء من جهة الأُمّ بالضرورة.

هذا،و ربما يناقش في حكاية الإجماع المتقدّمة بعبارة المبسوط، المعربة عن تقديم أُمّ الأب على أب الأب البعيد عنها بدرجة (3)،المشعرة بل الظاهرة بكون ذلك مذهب الطائفة،و خلافه ممّا ذكره الجماعة مذهب العامّة،فالمسألة مشكلة.

و يمكن دفعه (4)برجحان حكاية الإجماع المزبورة بالشهرة العظيمة و الاستفاضة في الحكاية و الصراحة،فلا يعارضها إشعار العبارة المتقدّمة بالإجماع بخلافه بالضرورة.

هذا،مع إمكان التأيّد بالعلّة المتقدّمة بدفع ما يرد عليها من المناقشات السابقة،فالأُولى:بالإجماع على إرادة الآباء و إن علوا من الأب

ص:187


1- سنن النسائي 8:246،سنن ابن ماجة 2:2293/769،سنن الدارمي 2:159.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:593،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:488،انظر الحدائق 25:132.
3- المبسوط 6:32.
4- أي الإشكال.منه رحمه الله.

هنا بالبديهة،مضافاً إلى ما قدّمناه من الرواية،على سبيل المجاز كانت الإرادة أو الحقيقة،فإنّ المناقشة على التقديرين مندفعة،فتأمّل.

و الثانية:بانقطاع الشركة و تعيّن الترتيب بإجماع الطائفة،مع ما للاعتبار عليه من الشهادة،و إمكان التأيّد بآية اولي الأرحام (1)،المستدلّ بها لأولويّة القرب في مواضع عديدة في كلام الجماعة.

و الثالثة:ببعض ما اندفع به الاُولى و الثانية،و هو هنا إجماع الطائفة على عدم مشاركة آباء الاُمّ مع آباء الأب في المسألة و إن تساووا في الدرجة.

لكن مآل اندفاعها إلى الإجماع.و كيف كان،فهو العمدة في الحجّية،لا العلّة بنفسها،و إن شاركته فيها بعد الضمائم المزبورة.

و مع عدمهم تجب النفقة على الأُمّ خاصة،إلّا مع فقدها أو إعسارها، و تكون حينئذٍ على آبائها و أُمّهاتها بالسويّة إن اشتركوا في الدرجة،و إلّا قدّم الأقرب فالأقرب إلى المنفق عليه؛ بالإجماع المستفاد من تتبّع كلمات الجماعة،مع التأيّد بالاعتبار و الآية السابقة.

و لم يتعرّض الماتن هنا و لا في الشرائع لحكم الآباء و الأُمّهات من قبل أُمّ الأب،إلّا أنّ المحكيّ عن الشيخ و سائر الجماعة:أنّ أُمّ الأب بمنزلة أُمّ الأُمّ،و آباءها و أُمّهاتها بمنزلة آبائها و أُمّهاتها،فيتشاركون مع التساوي في الدرجة بالسويّة،و يختصّ الأقرب من الطرفين إلى المحتاج بوجوب الإنفاق عليه (2).

كلّ ذا في الأُصول خاصّة.

ص:188


1- الأنفال:75.
2- حكاه عنهم في كفاية الأحكام:197،انظر نهاية المرام 1:488.

و أمّا الفروع،فلو وُجِدوا بشرائط الإنفاق دون الأُصول:فإن اتّحد تعيّن،و إن تعدّد في درجة واحدة وجب عليهم بالسويّة،و إن اختلفت درجاتهم وجب على الأقرب فالأقرب.

و لا فرق في ذلك كلّه بين الذكر و الأُنثى على الأشهر الأظهر.

خلافاً لشاذّ،فعلى حسب الميراث (1).و لآخر،فيختصّ بالذكر (2).

و ضعفهما ظاهر لمن تدبّر.

و لو اجتمع العمودان الأُصول و الفروع فمع وحدة الدرجة فهم شركاء في الإنفاق بالسويّة،كما في الأب و الابن،و مع اختلافهما وجب على الأقرب،كما في الأب و ابن الابن،فالأب متعيّن بلا شبهة.

و لو كان الفرع أُنثى،أو كان الأصل هي الأُمّ،ففيه احتمالات،و الذي استظهره جماعة استواء الابن و البنت،و كذا الاُمّ مع الولد مطلقاً (3).

ثم لو كان الأقرب معسراً،فأنفق الأبعد،ثم أيسر الأقرب،تعلّق به الوجوب حينئذ،و لا يرجع الأبعد عليه بما أنفق؛ للأصل.

و لو كان له ولدان و لم يقدر إلّا على نفقة أحدهما و له أب،وجب على الأب نفقة الآخر.و لو تشاحّا في اختيار أحدهما،استخرج بالقرعة.

كلّ ذا حكم المنفق.

و أمّا المنفق عليه،فمع التعدّد إن كانوا من جهة واحدة كالآباء و الأجداد وجب الإنفاق على الجميع مع السعة،و إلّا فالأقرب إليه فالأقرب.و لا فرق في كلّ مرتبة بين الذكر و الأُنثى،و لا بين المتقرّب بالأب

ص:189


1- انظر القواعد 2:58.
2- الروضة البهية 5:48.
3- منهم العلّامة في التحرير 2:50،و الشهيد الثاني في المسالك 1:595،و المحقق الكاشاني في المفاتيح 2:380.

من الأب و الأُمّ،و المتقرّب بالأُمّ كذلك.

و إن كانوا من الجهتين اعتبرت المراتب،فإن تساوت عدّة الدرجات فيهما اشتركوا،و إلّا اختصّ الأقرب.

و لو لم يسع ماله مَن في درجة واحدة لقلّته و كثرتهم،ففي الاقتسام و القرعة وجهان،أقواهما الثاني،وفاقاً لجماعة (1)؛ لمنافاة التشريك الغرض.و ربما احتُمِل ترجيح الأحوج لصغر أو مرض بدون القرعة (2)،و لا بأس به.

و لا تقضى نفقة الأقارب لو فاتت لما مضى في مسألة قضاء نفقة الزوجة (3)،و لا خلاف فيه،إلّا أنّه ذكر الجماعة وجوب القضاء فيما لو استدانه القريب بأمر الحاكم،لغيبة المنفق أو امتناعه،فإنّه يستقر الدين في ذمّته كسائر ديونه،و لذا وجب عليه قضاؤه.

أمّا المملوك فنفقته واجبة على مولاه

و أمّا المملوك:فنفقته واجبة على مولاه ذكراً أو أُنثى أو غيرهما و كذا الأمة بإجماع الأُمّة على ما حكاه بعض الأجلّة (4)،مضافاً إلى السنّة التي مضى بعضها في نفقة القرابة (5).و لا فرق فيهما بين الصغير و الكبير و القنّ و أُمّ الولد و المدبّر و المكاتب؛ لإطلاق النصّ و الفتوى،إلّا أنّ الأخير نفقته في كسبه إن وفى به،و إلّا أتمّه المولى،من دون فرق فيه بين كونه مشروطاً أو مطلقاً لم يؤدّ شيئاً.

ص:190


1- كالعلّامة في القواعد 2:58،و الشهيد الثاني في الروضة 5:479،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:117.
2- مفاتيح الشرائع 2:381.
3- راجع ص 177.
4- انظر نهاية المرام 1:489،كشف اللثام 2:117،الحدائق 25:139.
5- راجع ص 179.

ثم إن اتّحد المالك،و إلّا وزّعت النفقة عليهم بحسب الشركة قطعاً.

و حيث إنّه لا تقدير في الشريعة لجنس النفقة و كيفيّتها،وجب أن يرجع في قدر النفقة من الجهات المذكورة إلى عادة مماليك أمثال المولى من أهل بلده،بحسب شرفه وضعته و إعساره و يساره.

و لا يكفي ساتر العورة في اللباس ببلادنا،و إن اكتفي به في بلاد المماليك.

و لا فرق بين كون نفقة السيّد على نفسه دون الغالب في نفقة المملوك عادةً تقتيراً أو بخلاً أو رياضةً،و فوقه،فليس للمولى الاقتصار بالعبد على وجه نفقة نفسه في الأول (1).

و لا عبرة في الكمّية بالغالب في نفقة المملوك،بل تجب الكفاية لو قلّ الغالب عنها،كما لا يجب الزائد لو زاد عنها.

فإذاً المعتبر فيه (2)الكيفيّة خاصّة،دون المقدار و الكميّة.

فإذاً في إطلاق الحكم بالرجوع في القدر المتبادر منه الكميّة إلى العادة كما في العبارة نوع مناقشة،إلّا أن يخصّ القدر بما يخصّ الجنس و الكيفيّة خاصّة.

و عن المبسوط:اعتبار غالب قوت البلد و كسوته (3).و لعلّ المؤدّى واحد.

و يستحبّ أن يطعمه ممّا يأكله و يُلبِسه ممّا يلبسه؛ للنبويّ:« إخوانكم و خَوَلكم جعلهم اللّه تعالى تحت أيديكم،فمن كان أخوه تحت يده

ص:191


1- و هو كونه دون الغالب.منه رحمه الله.
2- أي الغالب.منه رحمه الله.
3- المبسوط 6:44.

فليطعمه ممّا يأكل و يُلبِسه ممّا يلبس» (1).

و في آخر:« إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه و قد كفاه حرّه و عمله فليقعده فليأكل معه،و إلّا فليناوله أكلةً من طعام» (2).

و نحوه آخر،و فيه بدل:« فليناوله»:إلى آخره،« فليروِّغ له اللقمة و اللقمتين» (3)و الترويغ:أن يروّيه من الدَّسم،كما عن المبسوط (4).

و المستفاد منهما استحباب المؤاكلة مع العبيد،و النصوص به مستفيضة (5).

و يجوز مخارجة المملوك على شيء أي ضرب خراج معلوم عليه يؤدّيه كلّ يوم أو مدّة ممّا يكتسبه فما فضل يكون له،فإن كفاه الفاضل لنفقته و إلّا أتمّه المولى و الأصل في جواز المخارجة بعد الإجماع الذي حكاه بعض الأجلّة (6)المعتبرة:

منها الصحيح:عن رجل أراد أن يعتق مملوكاً له و قد كان يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كلّ سنة و رضي بذلك المولى،فأصاب المملوك في تجارته مالاً سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة،فقال:« إذا أدّى إلى سيّده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك» (7).

ص:192


1- صحيح مسلم 3:40/1283.و الخَوَل:العبيد و الإماء و غيرهم من الحاشية.لسان العرب 11:224.
2- مسند أحمد 1:388،سنن أبي داود 3:3846/365،صحيح البخاري 7:106،سنن الدارمي 2:107.
3- سنن البيهقي 8:8 بتفاوت.
4- المبسوط 6:45.
5- الوسائل 23:30 أبواب العتق ب 14،المستدرك 15:456 أبواب العتق ب 13.
6- و هو الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:117.
7- الكافي 6:1/190،الفقيه 3:261/74،التهذيب 8:807/224،المقنع:161،الوسائل 18:255 أبواب بيع الحيوان ب 9 ح 1؛ بتفاوت يسير.

و في هذه الصحيحة دلالة على تملّكه فاضل الضريبة،و لذا قطع به جماعة (1)،منهم:المصنّف في بحث التجارة (2).

و في جواز إجبار السيّد عبده على المخارجة،قولان،ثانيهما:نعم، ما لم يتجاوز مجهوده،كما عن التحرير (3)،و هو أقوى؛ عملاً بعموم ما دلّ على لزوم إطاعة المملوك لسيّده (4)،خرج عنه ما دون المجهود بالضرورة، كيف لا؟!و لا عسر و لا حرج في الملّة السهلة السمحة،و يبقى الباقي مندرجاً في عموم الأدلّة.

و اعلم أنّ للسيّد الاستخدام فيما يقدر عليه المملوك،و لا يخرج عن وسعه عادةً،و الملازمة عليه،إلّا في أوقات اعتيد فيها الاستراحة.

و أمّا الأفعال الشديدة الشاقّة التي لا يمكن عليها المداومة في العادة، فله الأمر بها في بعض الأزمنة،و على المملوك بذل الوسع مهما أمكنه.

و ليس له تكليفه الخدمة ليلاً و نهاراً معاً؛ لأنّها فوق الوسع و الطاقة، بل إذا عمل في أحدهما أراحه في الآخر،و يريحه في الصيف وقت القيلولة.

و بالجملة:فالمتّبع العادة الغالبة.

و تجب النفقة على البهائم المملوكة مأكولة اللحم كانت أم غيرها،منتفعاً بها أم لا،بلا خلاف أعرفه بين أصحابنا.

و لا تقدير لها،بل عليه منها ما احتاجت إليه قطعاً من العلف و السقي حيث يفتقر إليهما،و المكان المناسب من مراح و إصطبل يليق بحالها

ص:193


1- منهم العلّامة في التحرير 2:50،و السبزواري في الكفاية:198،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:117.
2- المختصر النافع 1:132.
3- التحرير 2:50.
4- انظر الوسائل 21:113 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 23.

و منها دود القزّ،فيأثم بالتقصير في إيصاله قدر كفايته،و وضعه في مكان يقصر عن صلاحيّته له بحسب الزمان و ما يحتاج إليه البهيمة مطلقاً أيّ حيوان كان من الآلات حيث يستعملها،أو الجلّ لدفع البرد و غيره حيث يحتاج إليه.

و في النبويّ:« اطّلعت ليلة اسري بي،فرأيت امرأة تعذّب،فسألت عنها،فقيل:إنّها ربطت هرّة و لم تطعمها و لم تسقها و لم تدعها تأكل من حشاش الأرض حتى ماتت،فعذّبها اللّه تعالى بذلك» قال:« و اطّلعت على الجنّة،فرأيت امرأة زانية،فسألت عنها،فقيل:إنّها مرّت بكلب يلهث من العطش فأرسلت إزارها في بئر فعصرته في حلقه حتى رُوي،فغفر اللّه سبحانه لها» (1).

ثم إنّه يجبر على الإنفاق عليها،إلّا أن تجتزئ بالرعي،و ترد الماء بنفسها،فيجتزئ به مع إمكانه،و إلّا فإن امتنع مالكها اجبر على الإنفاق عليها،أو بيعها،أو ذبحها إن كانت مقصودة بالذبح للّحم أو الجلد، و إلّا اجبر على البيع أو الإنفاق؛ صوناً لها عن التلف.

فإن أصرّ،ناب الحاكم عنه في ذلك على ما يراه،ببيع شيء من ماله في الإنفاق،أو بيعها عليه،و إنّما يتخيّر مع إمكان الأفراد،و إلّا تعيّن الممكن منها.

ثم إن كان لها ولد،وفّر عليه من لبنها ما يكفيه وجوباً،و حلب ما يفضل عنه خاصّة،فإنّ ذلك نفقته،إلّا أن يقوم بكفايته من غير اللبن حيث يكتفي به.

و الحمد للّه.

ص:194


1- المبسوط 6:47،و أورد صدره في البحار 62:64،65.

كتاب الطلاق

اشارة

كتاب الطلاق و هو إزالة قيد النكاح بغير عوض،بصيغة« طالق» و ما في معناه حيث قلنا به مع الشرائط المعتبرة.

و النظر في أركانه،و أقسامه،و لواحقه.

الأركان

الركن الأوّل في المطلِّق

الركن الأوّل في بيان المطلِّق،و يعتبر فيه البلوغ و العقل و الاختيار و القصد إليه،بلا خلاف،بل إجماعاً فيما عدا الأوّل،و فيه في الجملة، و النّصوص بها مع ذلك مستفيضة سيأتي إليها الإشارة.

فلا اعتبار بطلاق الصبي الغير المميّز إجماعاً،و فيه أيضاً على الأشهر،بل عليه كافّة من تأخّر،و هو الأظهر؛ للأصل،و أدلّة الحجر عموماً في الأكثر،أو فحوًى في الجميع إن ادّعي اختصاصها بالمال؛ إذ المنع عن التصرّف في المال و لا سيّما قليله ملازم للمنع عنه في الطلاق بطريق أولى،كيف لا و لتعلّقه بأمر الفروج أمره أشدّ من أمر المال بمراتب شتّى جدّاً،وفاقاً،نصّاً و فتوى،هذا.

مضافاً إلى إطلاق خصوص المعتبرة المستفيضة،منها القريب سنده من الصحة:« ليس طلاق الصبي بشيء» (1)و نحوه (2)المنجبر قصور سنده

ص:195


1- الكافي 6:2/124،الوسائل 22:77 أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 1.
2- الكافي 6:3/124،الوسائل 22:77 أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 4.

بالشهرة.

و منها:« كل طلاق جائز إلّا طلاق المعتوه،أو الصبي،أو مُبَرسَم،أو مجنون،أو مكره» (1).

و منها المروي عن قرب الإسناد:« لا يجوز طلاق الغلام حتّى يحتلم» (2)هذا.

مع أنّ في الصحيح:عن الصبي يتزوّج الصبيّة؟قال:« إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم جائز،و لكن لهما الخيار إذا أدركا» (3).

و قد حمل الشيخ و غيره (4)الخيار فيه على الطلاق،فيدل حينئذٍ على اشتراطه بالإدراك الدالّ بمفهومه على العدم بعدمه.

و لكن ورد فيمن بلغ بحسب السن عشراً رواية المراد بها الجنس لتعدّدها بالجواز عمل بها النهاية (5)،و تبعه عليه جماعة كالقاضي و ابن حمزة (6)،أحدها الموثق:« يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين» (7)و نحوه المرسل كالصحيح (8).

ص:196


1- الكافي 6:6/126،الوسائل 22:77 أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 3.البرسام:علّة يهذي فيها صاحبها و هو المُبَرسَم.القاموس 4:79.
2- قرب الإسناد:352/104،الوسائل 22:79 أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 8.
3- التهذيب 7:1543/382،الإستبصار 3:854/236،الوسائل 20:277 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 8.
4- قاله في التهذيب 7:382،انظر الوسائل 20:278.
5- النهاية:518.
6- القاضي في المهذّب 2:288،ابن حمزة في الوسيلة:323.
7- التهذيب 8:254/75،الإستبصار 3:1072/302،الوسائل 22:78 أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 6.
8- الكافي 6:5/124،الوسائل 22:77 أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 2؛ بتفاوت.

و هي و إن لم يكن فيها ضعف بالمعنى المصطلح،إلّا أنّها قاصرة عن المقاومة لما مرّ من حيث الاستفاضة،و الاعتضاد بالأصل و العمومات و الشهرة العظيمة و الأولوية المتقدمة،فحمل تلك على هذه بالتقييد المناقشة فيه واضحة.

مع بُعد جريانه في بعضها ممّا جعل فيه غاية الجواز إلى الاحتلام؛ لكونه كالصريح في المنع عن طلاق ذي العشر لعدم كونه الغاية.

فالقول بهذه الرواية ضعيف البتّة،كالجواز المطلق في ذي التميز، كما عن الإسكافي و جماعة (1)،و إن وردت[به (2)]روايات بحسب الأسانيد معتبرة،كالموثقين:« يجوز طلاق الصبي إذا كان قد عقل،و وصيته و صدقته و إن لم يحتلم» (3)و نحوهما الرضوي:« إذا طلق للسنة فطلاقه جائز» (4).

لتطرّق النظر إليها بما مضى،مع لزوم تقييدها بالخبرين المقيّدين إن عملنا بهما،كتقييدهما بها.

و لو طلّق عنه الولي لم يقع مطلقاً،أبويه كان أم الحاكم؛ للأصل، و عموم:« الطلاق بيد من أخذ بالساق» (5)كما في المستفيضة.

مضافاً إلى الإجماع المحكي في كلام جماعة (6).

ص:197


1- حكاه عن الإسكافي في المختلف:589،و الصدوق في الفقيه 3:325،و حكاه عن علي بن بابويه في المختلف:589.
2- في الأصل:بها،و الأنسب ما أثبتناه.
3- الكافي 6:4/124،التهذيب 8:257/76،الإستبصار 3:1075/303،الوسائل 22:78 أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 5؛ بتفاوت يسير.
4- فقه الرضا عليه السلام:243،المستدرك 15:305 أبواب مقدمات الطلاق ب 24 ح 3.
5- عوالي اللئلئ 1:137/234،سنن ابن ماجة 1:2081/672.
6- منهم الشيخ في الخلاف 4:442،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:8،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:118.

و خصوص المعتبرة المستدل بها في الأوّلين بالمنطوق،و في الثالث بالأولوية،منها الصحيح و غيره:هل يجوز طلاق الأب؟قال:

« لا» (1).و الفرق بينه و بين المجنون حيث قلنا بجواز طلاقه عنه:ترقّب مدّة يمكن زوال المنع فيها و اندفاع الضرر به فيها،دون المجنون،كما لا يخفى.

مضافاً إلى استفاضة النصوص المخرجة عن الأصل فيه،دون الصبي، و لا مخرج عنه فيه منها قطعاً،و هي كافية في الفرق،و يخرج ما ذكرناه من الاعتبار شاهداً قطعاً.

إلّا أن يكون بلغ فاسد العقل فساداً لا يمكنه معه القصد إلى الطلاق أصلاً،فيجوز طلاق الولي عنه حينئذٍ مطلقاً،مطبقاً كان أو أدواريّاً لا يفيق حال الطلاق أبداً،على الأظهر الأشهر،بل في الإيضاح (2)الإجماع عليه،و هو الحجّة فيه،كالمستفيضة.

منها الصحيحان،في أحدهما:عن الأحمق الذاهب العقل أ يجوز طلاق وليّه عنه؟قال:« و لمَ لا يطلّق هو؟» قلت:لا يؤمن إن طلّق هو أن يقول غداً:لم أُطلّق،أو لا يحسن أن يطلّق،قال:« ما أرى وليّه إلّا بمنزلة السلطان» (3).

و نحوه الثاني (4)مبدلاً فيه السلطان بالإمام

ص:198


1- الكافي 5:1/400،الوسائل 22:80 أبواب مقدمات الطلاق ب 33 ح 1. و غيره في:الكافي 7:3/132،الوسائل 22:80 أبواب مقدمات الطلاق ب 33 ح 2.
2- إيضاح الفوائد 3:292.
3- الكافي 6:1/125،التهذيب 8:253/75،الإستبصار 3:1071/302،الوسائل 22:84 أبواب مقدمات الطلاق ب 35 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- الكافي 6:2/125،الفقيه 3:1578/326،الوسائل 22:81 أبواب مقدمات الطلاق ب 34 ح 1.

و إجمال المنزلة فيهما مبيَّن بسياقهما المعرب من حيث وجوب المطابقة بين السؤال و الجواب عن إرادة جواز الطلاق منها؛ و بالمعتبرة، منها:في طلاق المعتوه،قال:« يطلّق عنه وليّه فإنّي أراه بمنزلة الإمام» (1).

و قريب منه آخر:« المعتوه الذي لا يحسن أن يطلّق يطلّق عنه وليه» (2).

و قصور سندهما منجبر بالشهرة،مع احتمال الأوّل الصحة،كما عليه من المحقّقين جماعة (3).

خلافاً للخلاف (4)،مدّعياً على المنع الوفاق،و تبعه الحلي (5)؛ لعموم المستفيض.

و يخص بما مرّ،و الإجماع مع معارضته بأقوى منه موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف،و على تقدير صحته و خلوّه فغايته أنّه خبر صحيح، و لكنه واحد لا يعارض المستفيضة المتعدّد صحاحها،و المنجبر بالشهرة باقيها.

ثم ظاهر الحصر في العبارة انحصار جواز طلاق الولي في اتصال الجنون بالصغر،و هو مخالف للإجماع،و لإطلاق النصوص إن أُريد بالولي:المطلق،و للأخير خاصّة إن أُريد به من عدا الحاكم،كما هو الظاهر.

و لعلّه مبني على ما مضى (6)في بحث النكاح من انقطاع ولايته في

ص:199


1- الكافي 6:7/126،الوسائل 22:84 أبواب مقدمات الطلاق ب 35 ح 3.
2- الكافي 6:5/125،الوسائل 22:84 أبواب مقدمات الطلاق ب 35 ح 2.
3- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:2،و السبزواري في الكفاية:198،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:313.
4- الخلاف 4:442.
5- السرائر 2:673.
6- راجع ص 4892.

غير هذه الصورة.

لكنه معارض بمثله في جانب الحاكم،كما عرفت ثمة،مع اعتضاده بإطلاق أخبار المسألة،بل عمومها الناشئ عن ترك الاستفصال فيها،بل ربما كان أظهر أفرادها غير المفروض في العبارة،و لعلّه لذا أطلق الجواز جماعة (1)،و إن صرّح بما في العبارة شيخنا في الروضة (2).

ثمّ ليس في النصوص كالعبارة اشتراط الغبطة،لكنه مشهور بين الطائفة،فإن تمّ إجماع،و إلا فطريق المناقشة فيه غير منسدّة،كيف لا؟!و غاية ما يستفاد من الأدلة مراعاة عدم الضرر لا الغبطة،و أحدهما غير الآخر بالضرورة.

و لا يصح طلاق المجنون مطلقاً،عدا الأدواري حال إفاقته.

و لا السكران البالغ حدّا يصير نحو المجنون الذي لا ينتظم أُموره،و لا يتوجّه إلى أفعاله قصده،و في معناه المغمى عليه و النائم.

لانتفاء القصد المشترط في الصحة بالإجماع و المعتبرة الآتية (3).

و النصوص به مع ذلك مستفيضة مضى منها في الأوّل (4)،مضافاً إلى الصحيح فيه و في الثاني:عن طلاق السكران و عتقه؟فقال:« لا يجوز» و عن طلاق المعتوه؟قال:« و ما هو؟» قلت:الأحمق الذاهب العقل،قال:

« لا يجوز» (5).

و منها في الثاني المستفيضة،منها الصحيح:عن طلاق السكران؟

ص:200


1- منهم الشيخ في النهاية:509،و العلّامة في المختلف:582،و التبصرة:146.
2- الروضة البهية 6:18.
3- في ص 203،204.
4- راجع ص 196.
5- التهذيب 8:245/73،الوسائل 22:82 أبواب مقدمات الطلاق ب 34 ح 5.

فقال:« لا يجوز،و لا كرامة» (1).

و أمّا ما ورد في شواذّ الأخبار (2):من جواز طلاق المعتوه،فمحمول و إن صحّ سنده على الأدواري حال إفاقته،أو طلاق الولي عنه،فإنّه طلاقه،أو الناقص العقل الغير البالغ حدّ الجنون؛ لكونه أعم منهما،كما يستفاد من أخبار هذا الباب،بل و ربما كان حقيقة في المحمول عليه خاصّة،كما حكاه عن جماعة من أهل اللغة بعض الأصحاب (3).

و لا المكره عليه لفقد الاختيار المشترط في الصحة هنا و في سائر تصرفاته، عدا ما استثني بإجماع الأُمّة،كما حكاه بعض الأجلّة (4).

و النصوص المستفيضة،منها الصحيح:عن طلاق المكره و عتقه؟ فقال:« ليس طلاقه بطلاق،و لا عتقه بعتق» الخبر (5).

و يتحقق الإكراه بتوعّده بما يكون مضرّاً به في نفسه،أو من يجري مجراه من إخوانه،ففي الصحيح:أمرّ بالعشّار و معي مال فيستحلفني،فإن حلفت تركني،و إن لم أحلف فتّشني،فقال:« احلف له» قلت:فإنّه يستحلفني بالطلاق،فقال:« احلف له» فقلت:فإنّ المال لا يكون لي، قال:« فعن مال أخيك» الخبر (6).

ص:201


1- الكافي 6:1/126،الوسائل 22:85 أبواب مقدمات الطلاق ب 36 ح 1.
2- الفقيه 3:1577/326،التهذيب 8:252/75،الإستبصار 3:1070/302،الوسائل 22:83 أبواب مقدمات الطلاق ب 34 ح 8.
3- حكاه عنهم في الحدائق 25:158،و هو في تهذيب اللغة 1:139،و المصباح المنير:392،و القاموس المحيط 4:289.
4- نهاية المرام 2:11.
5- الكافي 6:2/127،الوسائل 22:86 أبواب مقدمات الطلاق ب 37 ح 1.
6- الكافي 6:5/128،الوسائل 22:45 أبواب مقدمات الطلاق ب 18 ح 5.

و يناط الضرر بحسب حاله مع قدرة المتوعّد على فعل ما توعّد به، و العلم أو الظن بفعله به مع عدم فعله المأمور به.

و لا فرق بين كون المتوعَّد به قتلاً،أو جرحاً،أو أخذ مال و إن قلّ، أو شتماً،أو ضرباً،أو حبساً.

و يستوي في الأولين جميع الناس،أمّا الأربعة فتختلف باختلاف الناس ضعةً و رفعةً،فقراً و غنى،فربما يؤثّر قليلها في الوجيه و الفقير اللذين ينقصهما ذلك،و قد يحتمل بعض الناس شيئاً لا يؤثّر في قدره و فقره، و الضابط فيه حصول الضرر عرفاً بوقوع المتوعَّد به.

و ربما يشرك الثالث مع الأوّلين في استواء الناس فيهما.

و لا وجه له بعد مشاهدة اختلاف الناس فيه،و عدم صدق الإكراه في بعض صوره في العرف المنوط به،إلّا ما ربما يتوهّم من إطلاق النصوص هنا بحصول الإكراه بالخوف على المال على الإطلاق،و لكن المتبادر منه ما ذكرناه.

و لو خيّره بين الطلاق أو غيره من أفعاله المنوطة صحتها باختياره، و رفعِ مال غير مستحق فهو إكراه،بلا خلاف،و ربما كان في الموثق (1)المتضمّن لإفساده عليه السلام الطلاق الذي خيّر الراوي فيه بينه و بين منع زوجته الأُخرى عنه ففعله دلالة عليه،فإنّ منع الزوجة غير مستحق عليه،و هذا بخلاف ما لو خيّر بينه و بين ما يستحقّه المخيِّر من مال و غيره و إن حتم أحدهما الغير المعيَّن عليه،فإنّه لا إكراه فيه بلا خلاف.

و في بعض النصوص دلالة عليه،كالخبر:إنّ امرأة عارفة أحدث

ص:202


1- الكافي 6:3/127،الوسائل 22:87 أبواب مقدمات الطلاق ب 38 ح 1.

زوجها،فهرب في البلاد،فتبع الزوج بعض أهل المرأة،فقال:إمّا طلّقت، و إمّا رددتك،فطلّقها،و مضى الرجل على وجهه،فما ترى للمرأة؟فكتب بخطّه:« تزوّجي يرحمك اللّه تعالى» (1)فتدبّر.

كما لا إكراه على طلاق معيّنة فطلّق غيرها،أو على طلقة فطلّق أزيد، أو على طلاق المعيّنة ففعله مرّة قاصداً إليه،بلا إشكال و لا اختلاف في الأوّل،و معهما في الآخرين،و إن كان الأقوى في الأخير ما ذكرناه؛ لحصول القصد و اللفظ المشترطين في الصحة،مع عدم المانع عنها سوى إطلاق النصوص بمنع الإكراه الغير المنصرف إلى مثل هذا؛ لانصرافه إلى ما لا يتضمّن القصد إلى الطلاق أصلاً.

و لا يبعد انسحابه في الأوّل إن تعدّد الطلقات في العبارة؛ لاختصاص الأخبار بالواحدة فيخلو عنه الطلقات الزائدة.

و لو أكرهه على طلاق إحدى الزوجتين مريداً بها المتشخّصة في الخارج فالأقوى أنّه إكراه؛ لعدم تحقق مقتضى أمره المشار إليه بدون إحداهما،بخلاف ما لو أكرهه على ذلك من دون إرادة المتشخّصة،كأن يقول:قل:إحداهما،طالق،فالأقوى عدم الإكراه في طلاق إحداهما المعيّنة؛ لعدم الإكراه عليه،و اندفاعه بما لم يأت به.

و لا المغضب مع ارتفاع القصد المشترط في صحة الطلاق،بل مطلق التصرفات،بالوفاق،كما حكاه جماعة (2)،و ساعده الاعتبار.

مع استفاضة النصوص به في المضمار،منها:« لإطلاق إلّا ما أُريد به

ص:203


1- الكافي 6:9/81،الوسائل 22:57 أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 4.
2- منهم الشهيد في المسالك 2:4،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:12،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:119.

الطلاق» (1).

و منها:« لا يقع الطلاق بإكراه،و لا إجبار،و لا على سُكر،و لا على غضب» (2).

و منها الرضوي:« و لا يقع إلّا على طهر من غير جماع،بشاهد عدلين،مريداً للطلاق» (3).

و نحو المغضب:الساهي،و النائم،و الغالط،و الهازل،و العجمي، و نحوه الملقَّن بالصيغة مع عدم معرفة المعنى.

الركن الثاني في المطلّقة

الركن الثاني في بيان المطلّقة و من يصح طلاقها في الشريعة.

و يشترط فيها الزوجية بالفعل،فلا يقع بالأمة،و لا الأجنبيّة و لو علقه بعقد المناكحة،بإجماع الطائفة،حكاه جماعة (4)؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقن جوازه من السنة النبويّة و ما جعله الشارع سبباً للبينونة، و ليس إلّا الطلاق في الزوجة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة،منها الصحيح:« لا طلاق إلّا بعد نكاح،و لا عتق إلّا بعد ملك» (5)و نحوه أخبار أُخر (6).

ص:204


1- الكافي 6:1/62،الوسائل 22:30 أبواب مقدمات الطلاق ب 11 ح 3.
2- الفقيه 3:321.
3- فقه الرضا عليه السلام:241،المستدرك 15:289 أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 5.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:6،و صاحب المفاتيح 2:312،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:120.
5- الفقيه 3:1558/321،الوسائل 22:31 أبواب مقدمات الطلاق ب 12 ح 1.
6- الوسائل 22:31 أبواب مقدمات الطلاق ب 12.

و ليس المراد بالنكاح فيها الوطء؛ إمّا لما مضى (1)من كونه حقيقة في العقد خاصة في الشريعة؛ أو لعدم تمامية الحصر على تقدير إرادة الوطء بإجماع الأُمّة؛ أو لظهور القرينة من بعض المعتبرة،كالموثق:« لا يكون طلاق حتى يملك عقد النكاح» (2).

و الدوام فلا يقع بمتمتّع بها،و لا المحلّلة،بلا خلاف؛ لما مضى هنا من الأصل،و النصوص الحاصرة للطلاق في النكاح المتبادر منه الدوام، مع عدمه بمعنييه في الأخيرة.

مضافاً إلى خصوص النصوص في الأُولى،منها الصحيح:و تبين بغير طلاق؟قال:« نعم» (3).

و الخبر:كيف يتزوج المتعة؟قال:« يقول:يا أمة اللّه أتزوّجك كذا و كذا يوماً،فإذا مضت تلك الأيّام كان طلاقها في شرطها» (4).

و الطهارة من دم الحيض و النفاس إذا كانت مدخولاً بها و حائلاً و زوجها معها حاضر فلا يجوز من دونها،بإجماع العلماء، حكاه بعض أصحابنا (5)،و لو طلّق و الحال هذه فسد بإجماعنا للأصل، و الصحاح المستفيضة التي كادت أن تكون هي مع غيرها من المعتبرة بحسب المعنى متواترة،كما صرّح به بعض الأجلّة (6).

ص:205


1- راجع ص 4828.
2- الكافي 6:2/63،الوسائل 22:33 أبواب مقدمات الطلاق ب 12 ح 5.
3- الكافي 5:2/459،التهذيب 7:1147/266،الإستبصار 3:553/151،الوسائل 21:58 أبواب المتعة ب 25 ح 1.
4- الكافي 5:5/455،الوسائل 21:44 أبواب المتعة ب 18 ح 3.
5- انظر المسالك 2:6،نهاية المرام 2:15.
6- نهاية المرام 2:22.

ففي الصحيح:الرجل يطلّق امرأته و هي حائض،قال:« الطلاق على غير السنّة باطل» (1).

و فيه:« إذا طلّق الرجل في دم نفاس،أو طلّقها بعد ما يمسّها فليس طلاقه إيّاها بطلاق» (2).

و فيه:كيف طلاق السنّة؟قال:« يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها،بشاهدين عدلين،كما قال اللّه تعالى في كتابه،فإن خالف ذلك ردّ إلى كتاب اللّه تعالى» (3).

و إطلاق هذه النصوص كغيرها و إن شملت المدخول بها و غيرها ممن لم يدخل بها أو غاب عنها زوجها و الحبلى،إلّا أنها قيّدت بمن عداها؛ لأخبار أُخر يأتي ذكر ما يتعلق منها بالثانية.

و أمّا المتعلّق بالأولى و الأخيرة فالمستفيضة،منها الصحيح:« خمس يطلّقهنّ أزواجهنّ متى شاؤوا:الحامل المستبين حملها،و الجارية التي لم تحض،و المرأة التي قعدت عن المحيض،و الغائب عنها زوجها،و التي لم يدخل بها» (4)و نحوه الصحيحان المروي أحدهما في الكافي (5)،و الآخر في الخصال (6)،و غيرهما (7).

ص:206


1- الكافي 6:58/3،التهذيب 8:144/47،الوسائل 22:20 أبواب مقدمات الطلاق ب 8 ح 3.
2- الكافي 6:11/60،التهذيب 8:147/47،الوسائل 22:20 أبواب مقدمات الطلاق ب 8 ح 5.
3- الكافي 6:6/67،التهذيب 8:152/49،الوسائل 22:26 أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 4.
4- التهذيب 8:230/70،الوسائل 22:55 أبواب مقدمات الطلاق ب 25 ح 4.
5- الكافي 6:2/79،الوسائل 22:55 أبواب مقدمات الطلاق ب 25 ح 3.
6- الخصال:81/303،الوسائل 22:55 أبواب مقدمات الطلاق ب 25 ح 5.
7- الفقيه 3:1615/334،الوسائل 22:54 أبواب مقدمات الطلاق ب 25 ح 1.

و منه يظهر الوجه في أنه لو كان المطلِّق حيث الطلاق غائباً صحّ طلاقه و لو صادف الحيض أو طهر المواقعة،مضافاً إلى الإجماع عليه في الجملة.

ثم إنّ إطلاق هذه الأخبار في استثناء الغائب و إن شمل الغائب العالم بحال زوجته،إلّا أنّ ظاهرهم الاتفاق على التقييد بالجاهل بها،و لعلّه للأصل،و عدم تبادر العالم من إطلاق النص،و كيف كان فلا خلاف في التقييد.

و لكن في تعيين قدر الغيبة المجوِّزة للطلاق المصحِّحة له و إن ظهر مصادفته الحيض اختلاف بين الأصحاب و اضطراب في أخبار الباب،فبين مطلِق للجواز من دون تقدير للمدّة بقدر،كما عن المفيد و والد الصدوق و العماني و الديلمي و الحلبي (1)؛ التفاتاً إلى عموم المستفيضة الماضية و نحوها من المعتبرة،كالصحيح:عن رجل يطلّق امرأته و هو غائب؟قال:« يجوز طلاقه على كلّ حال،و تعتدّ امرأته من يوم طلّقها» (2).

و الخبر:في الرجل يطلّق امرأته و هو غائب فيعلم أنه يوم طلّقها كانت طامثاً،قال:« يجوز» (3).

و الرضوي:« و اعلم أن خمساً يطلقَّن على كل حال،و لا يحتاج ينتظر طهرهنّ:الحامل،و الغائب عنها زوجها،و التي لم يدخل بها،و التي لم تبلغ

ص:207


1- المفيد في المقنعة:526،و حكاه عن والد الصدوق و العماني في المختلف:587،الديلمي في المراسم:161،الحلبي في الكافي:306.
2- الكافي 6:7/80،الوسائل 22:56 أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 1.
3- التهذيب 8:201/62،الإستبصار 3:1040/294،الوسائل 22:57 أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 6.

المحيض،و التي قد يئست من المحيض» (1).

و مقدِّرٍ لها بشهرٍ،كما عن النهاية و ابن حمزة (2)؛ لبعض المعتبرة المقيَّد به إطلاق المستفيضة،ففي الخبرين (3)،أحدهما الموثق:« الغائب إذا أراد أن يطلّقها تركها شهراً» .و قصور السند،و قلّة العدد،و المعارضة بما يأتي من الثلاثة أشهر الذي لراوي هذين الخبرين يمنع عن المكافأة لما مرّ.

و مقدِّرٍ لها بثلاثة أشهر،كما في المختلف و عن الإسكافي (4)؛ للصحيح:« الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلّق حتى يمضي ثلاثة أشهر» (5)و نحوه غيره (6).

و لأنها كالمسترابة في الجهالة.

و مقدِّرٍ لأدناها بالأول،و أوسطها بالثاني،و أقصاها بالخمسة أو الستة أشهر (7)؛ جمعاً بين ما مرّ و بين الموثق:الغائب الذي يطلّق كم غيبته؟قال:

« خمسة أشهر أو ستة أشهر» قلت:حدّ دون ذا،قال:« ثلاثة أشهر» (8).

ص:208


1- فقه الرضا عليه السلام:244،المستدرك 15:298 أبواب مقدمات الطلاق ب 19 ح 2.
2- النهاية:512،ابن حمزة في الوسيلة:320.
3- الموثق:الكافي 6:2/80،التهذيب 8:202/62،الإستبصار 3:1041/295،الوسائل 22:56 أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 3. و الخبر:الكافي 6:8/81،الوسائل 22:57 أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 5.
4- حكاه العلّامة عن ابن الجنيد في المختلف و اختاره أيضاً:587.
5- التهذيب 8:203/62،الوسائل 22:58 أبواب مقدّمات الطلاق ب 26 ح 7.
6- و لعلّه هو الموثق الآتي تحت رقم 8.
7- هو الصدوق في الفقيه 3:325.
8- الفقيه 3:1573/325،التهذيب 8:204/62،الإستبصار 3:1043/295،الوسائل 22:58 أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 8؛ بتفاوت.

و في هذا الجمع نظر،بل الجمع بالاستحباب أظهر؛ لشدّة الاختلاف فيما مرّ مع كون الجميع لراوٍ واحد،و يشير إليه الخبر الأخير؛ للتخيير أوّلاً بين العددين في الصدر،ثم التحديد بالثلاثة أشهر بعد سؤال الراوي.

و بالجملة:الظاهر بُعد ما مرّ من الجميع.

كالجمع المحكي عن أكثر من تأخّر (1)تبعاً للحلي و الطوسي (2)ممن تقدّم،و محصّله: التقدير بمدّة يعلم انتقالها فيها من طهر إلى آخر بحسب عادتها،و تحمل اختلاف النصوص على اختلاف عادات النساء في الحيض،فذو العادة شهراً مدّة طلاقها التقدير الأوّل،و ذو الثلاثة:

الثاني،و ذو الخمسة أو الستّة:الثالث.

و لا شاهد عليه سوى الشهرة المتأخّرة،و ليست بنفسها حجّة،مع استلزامه حمل أخبار الثلاثة و كذا الخمسة أو الستة على الفروض النادرة مع ورودها بعنوان القاعدة الكلّية.

و الذي يقتضيه التدبّر في النصوص قوّة القول الأول؛ لاستفاضتها،بل و عن العماني (3)دعوى تواترها،مع صحة أكثرها،و وضوح دلالتها على العموم،سيّما بملاحظة سياقها الذي كاد أن يلحقها بالخصوص.

و قصورِ الأخبار المقيِّدة سنداً في بعض،و دلالةً في آخر،و عدداً في الجميع،مع اختلافها في نفسها،و وضوح قرائن الاستحباب منها زيادةً على الاختلاف،فحملها على الاستحباب ليس بذلك البعيد؛ لرجحانه هنا لما مضى على التقييد.

ص:209


1- حكاه عنهم الشهيد في المسالك 2:6 و كذا صاحب الحدائق 25:187.
2- الحلي في السرائر 2:690،الشيخ في النهاية:517.
3- كما حكاه عنه في المختلف:587.

إلّا أنّ الأحوط المصير إلى اعتبار الثلاثة أشهر؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن استفادته من النص المعتبر،و ليس إلّا هذه المدّة؛ لما في الرواية الدالّة عليها من الصحة.

و على اعتبار المدّة فلا خلاف في الصحة لو طلّق مع استمرار الاشتباه،أو تبيّن الوقوع في حالة الحيض،أو طهر غير المواقعة؛ لاجتماع الشرائط النفس الأمرية في الصورة الأخيرة،و اتفاق النصوص و الفتاوي بالاغتفار في الثانية،و عدم مانعية الاشتباه بعد مراعاة المدّة المعتبرة التي هي الشرط خاصّة في الصحة في مفروض المسألة في الأُولى.

كما لا خلاف في البطلان لو طلّق قبلها مع تبيّن الوقوع في الحيض، أو طهر المواقعة؛ لفقد الشروط هنا قطعاً.

و إنّما الخلاف في مقامين:الأوّل:الصحة في الشقّ الأوّل مع تبيّن الوقوع في طهر المواقعة،فالأظهر الأشهر الصحة،كما في صورة السابقة؛ لحصول المدّة المشترطة،و الأولوية المستفادة من الحكم في الصورة الثانية؛ لاستلزام ثبوت الصحة فيها مع تضمّنها فقد الشرطين:الطهر، و طهر غير المواقعة ثبوتها هنا بطريق أولى،من حيث تضمّنه فقد الشرط الثاني خاصّة.

و قيل (1)بالبطلان؛ لفقد الشرط النفس الأمري،و كون اشتراط المدّة هنا مراعى بعدم ظهوره.

و فيه نظر؛ لمنع اشتراط الأوّل هنا،و منع التقييد الثاني،و إن هو إلّا تقييد للأدلّة من غير دلالة.

ص:210


1- رسالة طلاق الغائب(رسائل المحقق الكركي 2):212.

الثاني:البطلان في الشقّ الثاني مع تبيّن الوقوع في الطهر غير طهر المواقعة،ففيه وجهان:البطلان؛ من حيث فقد المدّة المشترطة في الصحة في المقام،و الصحة؛ لحصول الشرائط النفس الأمرية.

و هي غير بعيدة بالنظر إلى الجاهل باشتراط المدّة أو الوقوع قبلها، نظراً إلى الأولوية المستفادة من صحة مثل هذا الطلاق في الحاضر،فثبوتها في الغائب بطريق أولى؛ لأضعفيّة حكمه عن الأوّل قطعاً،نصاً و فتوى، فيكون اعتبار المدّة و اشتراطها في الصحة حينئذٍ مراعى،فتأمّل جدّاً.

و لا كذلك العالم بالاشتراط و الوقوع قبل المدّة،فإنّ البطلان فيه متوجّه جدّاً؛ لعدم إمكان القصد منه إليه حينئذٍ أصلاً.

و لو خرج إلى السفر في طهر لم يقربها فيه صحّ طلاقها من غير تربّص و انتظار للمدة المعتبرة و لو اتفق وقوعه في الحيض جهلاً منه بذلك،بلا إشكال على القول بعدم اعتبارها،و كذا على اعتبارها مع تبيّن الوقوع في الطهر؛ للأولوية الماضية المقيّدة بها إطلاق المعتبرة باعتبار المدّة.

و معه على القول الثاني مع تبيّن الوقوع في الحيض؛ لإطلاق كل من النصوص المشترطة للطهر من الحيض و المعتبرة للمدّة.

فإطلاق الحكم بالصحة و لو في هذه الصورة في العبارة،تبعاً لجماعة كالقاضي و الشيخ في النهاية (1)محل تردّد و مناقشة،و لا وجه له بالمرّة سوى ما في المسالك (2)من حصول شرط الصحة من الاستبراء بالانتقال من طهر إلى آخر،و أن الحيض بعد ذلك إنما هو مانع من صحة

ص:211


1- القاضي في المهذب 2:286،النهاية:512.
2- المسالك 2:7.

الطلاق،و لا يشترط في الحكم بصحة الفعل العلم بانتفاء موانعه،بل يكفي عدم العلم بوجودها.

و فيه نظر؛ لاستلزامه أوّلاً تقييد إطلاق ما دل على اعتبار المدّة من غير وجه يظهر،و ابتنائه ثانياً على انحصار الشرط في الاستبراء،و كون العلم بالحيض مانعاً،لا كون فقده شرطاً،و هو خلاف النصوص الماضية المعربة عن اشتراط الطلاق بفقد الحيض في نفس الأمر،لا بعدم العلم به، و أحدهما غير الآخر.

و المحبوس عن زوجته كالغائب فيطلّق مع الجهل بحالها مطلقاً، أو بعد المدّة المعتبرة،شهراً أو ثلاثة،على اختلاف الأقوال المتقدّمة و لو صادف الحيض أو طهر المواقعة على الأظهر الأشهر،بل عليه كافّة من تأخّر إلّا بعض من ندر.

للصحيح:عن رجل تزوّج امرأة سرّاً من أهلها،و هي في منزل أهلها،و قد أراد أن يطلّقها،و ليس يصل إليها ليعلم طمثها إذا طمثت، و لا يعلم بطهرها إذا طهرت؟قال:فقال:« هذا مثل الغائب عن أهله يطلّقها بالأهلّة و الشهور» قلت:أ رأيت إن كان يصل إليها الأحيان،و الأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها،كيف يطلّقها؟فقال:« إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه فيطلّقها إذا نظر إلى غرّة الشهر الآخر بشهود» الخبر (1).

خلافاً للحلي (2)،فكالحاضر؛ للأصل،و طعناً في الخبر بأنّه من الآحاد.و هو خروج عن طريقة السداد.

ص:212


1- الكافي 6:1/86،الفقيه 3:1614/333،التهذيب 8:229/69،الوسائل 22:60 أبواب مقدمات الطلاق ب 28 ح 1.
2- السرائر 2:686.

و حمل الرواية على العلم بمصادفة الطلاق لطهر غير المواقعة كما ارتكبه بعض الأجلّة (1)يأباه التشبيه بالغائب بالضرورة،و لا داعي إليه عدا عدم حجية الآحاد،و فيه ما مرّ.

أو عدمِ المقاومة لما دلّ على اشتراط الخلوّ من الحيض و الوقوع في الطهر غير المواقعة من حيث استفاضته و اعتضاده بالأصل دون هذا الخبر.

و فيه نظر،فإنّ الشهرة العظيمة أرجح من الأمرين؛ مضافاً إلى جواز تخصيص قطعي السند بمثله و لو من دونها،على الأقوى،فتخصيص مثل هذه المستفيضة بمثل هذه الرواية الصحيحة المعتضدة بالشهرة العظيمة أولى ثم أولى.

و في حكم الحاضر الغائب المطّلع،بلا خلاف،كما تقدّم مع وجهه.

و يشترط رابع،و هو أن يطلّقها في طهر لم يجامعها فيه بإجماعنا،حكاه جماعة من أصحابنا (2)،و به استفاض أخبارنا،بل و ربما احتمل تواترها (3)،و قد مضى شطر منها (4)،و نحوها غيرها،ففي الصحيح:

« المرأة إذا حاضت و طهرت من حيضها أشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقه» الحديث (5).

و يسقط اعتباره في الصغيرة التي لم تبلغ تسعاً و اليائسة التي

ص:213


1- و هو الفاضل المقداد في التنقيح 3:300.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:22،و السبزواري في الكفاية:199،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:123.
3- نهاية المرام 2:22.
4- راجع ص 206.
5- التهذيب 8:85/28،الإستبصار 3:960/270،الوسائل 22:112 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 7.

قعدت عن المحيض و الحامل المستبين حملها،إجماعاً،حكاه جماعة (1)؛ للنصوص المستفيضة الماضية،القائلة:إنّ خمساً يطلّقن على كل حال؟و عدّ منها الثلاثة (2).

و منها يظهر السقوط في الغائب عنها زوجها أيضاً؛ لعدّها منها،و إن أهملت العبارة ذكرها،و لعلّه غفلة،أو مصير إلى القول بالبطلان الذي مضى (3)في طلاق الغائب بعد المدّة مع تبيّن الوقوع في طهر المواقعة،أو من حيث اختياره اعتبار العلم بالانتقال من طهر إلى آخر،كما عليه أكثر من تأخّر،و الظاهر أنّه الوجه في الإهمال.

ثم إنّ تفسير الصغيرة بغير البالغة صريح النهاية (4)،و ظاهر الجماعة و بعض المعتبرة،كالصحيح المعبِّر عنها بالتي لم تبلغ المحيض (5)،و عليه يحمل إطلاق المستفيضة المعبِّرة عنها بالتي لم تحض (6)،التي هي أعمّ من الصغيرة و البالغة التي لم تحض مثلها عادةً،بل ربما كانت ظاهرة في الأُولى خاصّة،كما يكشف عنه التتبّع في أخبارهم عليهم السلام،و لا سيّما الواردة في العدّة.

ففي بعض المعتبرة الذي ليس في سنده سوى سهل الثقة عند جماعة (7)،و لا بأس بضعفه على المشهور بين الطائفة-:« ثلاث يتزوّجن

ص:214


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:23،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:123،و صاحب الحدائق 25:178.
2- راجع ص 206.
3- راجع ص 210.
4- النهاية:516.
5- الخصال:81/303،الوسائل 22:55 أبواب مقدمات الطلاق ب 25 ح 5.
6- الوسائل 22:54 أبواب مقدمات الطلاق ب 25.
7- رجال الشيخ:416،و الوسائل 30:389.

على كل حال:التي لم تحض و مثلها لا تحيض» قال:قلت:و ما حدّها؟ قال:« إذا أتى لها أقلّ من تسع سنين» الحديث (1).

و تحديدها بذلك كاشف عن عدم اختصاصها بالمورد.

خلافاً لبعض الأجلّة (2)،فاستوجه العمل بإطلاق المستفيضة.

و لا ريب في ضعفه،بل المقطوع به إلحاق البالغة بالمسترابة و لو لم تحض مثلها عادة.

و أمّا المسترابة بالحمل،و هي التي في سنّ من تحيض و لا تحيض،سواء كان لعارضٍ من رضاع أو مرض،أو خلقيّاً فإن أخّرت الحيضة لذلك مع كونه خلاف عادتها صبرت ثلاثة أشهر من حين المواقعة عنها ثم يطلّقها.

و لا يقع طلاقها قبله بالإجماع المحكي في كلام جماعة (3)، و المعتبرة،منها الصحيح:عن المسترابة كيف تطلّق؟قال:« تطلّق بالشهور،و أقلّ الشهور ثلاثة» (4).

و أظهر منه المرسل:عن المرأة تستراب بها و مثلها لا تحمل و لا تحيض و قد واقعها زوجها،كيف يطلّقها إذا أراد طلاقها؟قال:

« ليمسك عنها ثلاثة ثم ليطلّقها» (5)و قريب منه الخبر (6).و قصور سندهما

ص:215


1- الكافي 6:4/85،التهذيب 8:222/67،الإستبصار 3:1202/337،الوسائل 22:179 أبواب العدد ب 2 ح 4.
2- انظر نهاية المرام 2:23.
3- منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:123،انظر نهاية المرام 2:24،الكفاية:199،ملاذ الأخيار 13:139.
4- التهذيب 8:225/68،الوسائل 22:189 أبواب العدد ب 4 ح 17.
5- الكافي 6:1/97،التهذيب 8:228/69،الوسائل 22:91 أبواب مقدمات الطلاق ب 40 ح 1.
6- الكافي 6:1/97،الوسائل 22:61 أبواب مقدمات الطلاق ب 28 ح 2.

بالعمل منجبر.

و وجه التقييد بكون التأخير خلاف عادتها تفصّياً من احتمال من يكون ذلك عادتها،فإنّ حكم هذه غير الاُولى،بل يجب الصبر بها إلى أن تحيض و لو زاد عن ثلاثة أشهر؛ تمسّكاً بعموم ما دلّ على اعتبار الطهر غير المواقعة،و التفاتاً إلى عدم تبادرها من إطلاق المسترابة في هذه المعتبرة، مع كونها من الأفراد النادرة الغير الصالحة لأن يحمل عليها الإطلاق البتة، و بما ذكرنا صرح بعض الأجلّة (1).

و في اشتراط تعيين المطلّقة إن تعدّدت الزوجة،لفظاً أو نيّة تردّد ينشأ:

من أصالة بقاء النكاح،فلا يزول إلّا بسبب محقّق السببيّة،و أنّ الطلاق أمر معيّن فلا بد له من محلٍّ معيّن،و حيث لا محل فلا طلاق،و أنّ الأحكام من قبيل الأعراض فلا بد لها من محلٍّ تقوم به،و أنّ توابع الطلاق من العدّة و غيرها لا بد لها من محلٍّ معيّن.

و من أصالة عدم الاشتراط.و تعارض بالأُولى.

و من عموم مشروعية الطلاق،و محل المبهم جاز أن يكون مبهماً.

و هما ممنوعان.

و من أنّ إحداهما زوجة،و كل زوجة يصحّ طلاقها.و كلّية الكبرى ممنوعة،و لا دليل عليها سوى العموم المدّعى،و فيه بعد المنع المتقدّم أنّه ليس بنفسه دليلاً آخر قطعاً.

فإذاً القول الأوّل هو الأقوى و الأشهر بين أصحابنا المتأخّرين منهم

ص:216


1- الحدائق 25:413.

و القدماء،كما حكاه بعض الأجلّاء (1)،بل ادّعى عليه في الانتصار إجماعنا (2)،و يشهد له بعض المعتبرة الآتية في أوّل الركن الرابع،و هو الشهادة (3).

خلافاً للمبسوط و الفاضلين و الشهيد (4)في أحد قوليهم.

و عليه فهل الصيغة المبهمة هي بنفسها مؤثّرة في البينونة في الحال، أم لها صلاحية التأثير عند التعيين؟قولان.و يتفرّع على الخلاف حرمة الزوجات جُمَع إلى تعيين الواحدة،و تكون العدّة من حين الطلاق على الأوّل،و لا على الثاني.

و يتفرّع على هذا القول فروع كثيرة قد كفانا ضعفه مئونة الاشتغال بذكرها.

الركن الثالث في الصيغة

الركن الثالث في الصيغة القاطعة لعلاقة الزوجية مطلقاً أو في الجملة،و هي قسمان:صريحة و كناية.

و الأولى:هي ما لا يتوقّف فهم إنشاء الطلاق به على نيّة،أي على قرينة دالّة على إرادة الطلاق من العبارة.

و تقابلها الثانية:و هي المحتاجة إلى النية و القرينة الكاشفة عن إرادته

ص:217


1- و هو صاحب الحدائق 25:181.
2- الانتصار:139.
3- يأتي في ص 235.
4- المبسوط 5:78،المحقق في الشرائع 3:15،العلّامة في القواعد 2:61،الشهيد في شرح الإرشاد حكاه عنه في الروضة 6:28.

من الصيغة،و إلّا القصد إلى الطلاق مطلقاً لازم بالضرورة.

و ظاهر أصحابنا عدم الوقوع بالثانية بأقسامها عدا ما وقع فيه الخلاف، و يأتي إليه الإشارة.

و المشهور بينهم وجوب أن يقتصر على الاُولى،و هي أن يقول:أنتِ،أو هذه،أو فلانة و يذكر اسمها،أو ما يفيد التعيين أو زوجتي مثلاً طالق فلا يكفي أنتِ طلاق،و إن صحّ إطلاق المصدر على اسم الفاعل و قصده فصار بمعنى طالق تحصيلاً لموضع النص و الاتفاق و استصحاباً للزوجيّة،و لأنّ المصادر إنّما تستعمل في غير موضوعها مجازاً،و إن كان في اسم الفاعل شهيراً،و هو غير كافٍ في استعمالها في مثل الطلاق من الأُمور التوقيفيّة و إن انضمّ إليها القرينة المعربة عن النية؛ لعدم كفايته بمجرّده عند الطائفة إلّا في:أنتِ مُطلّقة،مع الضميمة المزبورة،فقد جوّز الوقوع بها شيخ الطائفة (1)في أحد قوليه.

و لا وجه له بعد الاعتراف بالمنع فيما مرّ،و أنتِ الطالق،أو من المطلّقات،مع وجود تلك الضميمة،و لذا اشتهر بين الطائفة عدم الوقوع بهذه الصيغة أيضاً؛ لأنّها ليست فيه صريحة،و لأنّها إخبار،و نقلها إلى الإنشاء على خلاف الأصل،فيقتصر فيه على موضع الوفاق،و هو صيغ العقود،و اطّراده في الطلاق قياس،و النص فيه دلّ على« طالق» و لم يدلّ على غيره،بل ربما دلّ على نفيه،كما ستقف عليه من حيث الحصر فيه في الخبر و غيره،فيقتصر عليه.

و منه يظهر وجه القدح فيما احتجّ الشيخ من كون صيغة الماضي في

ص:218


1- الخلاف 4:461.

غير الطلاق منقولة إلى الإنشاء.

و أنّه لا يقع ب نحو أنت خلية و برية و غيرهما من الكنايات،كالبتّة،و البتلة،و حرام،و بائن،و اعتدّي،و إن ضمّ إليها قرينة دالّة على النية،بلا خلاف بيننا فيما عدا الأخير،بل ادّعى إجماعنا عليه جماعة (1)،و أخبارنا به عموماً و خصوصاً مستفيضة،فمن الأوّل المعتبرة الآتية.

و من الثاني المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:عن رجل قال لامرأته:أنتِ منّي خلية،أو برية،أو بتّة،أو بائن،أو حرام؟فقال:« ليس بشيء» (2)و نحوه الحسن (3)و غيره (4).

خلافاً للعامة،فحكموا بالوقوع بمطلق الكناية مع النية (5).

و كذا لا يقع لو قال للزوجة: اعتدّي على الأشهر الأظهر،بل كاد أن يكون إجماعاً،بل حكاه في الانتصار (6)صريحاً؛ لما مرّ،و منه الحصر في الخبر المروي في المختلف عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في كتابه الجامع،عن محمّد بن سماعة،عن محمّد بن مسلم،

ص:219


1- منهم الشيخ في الخلاف 4:465،و الشهيد الثاني في المسالك 2:11،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:123.
2- الكافي 6:3/136،الفقيه 3:1702/356،الوسائل 22:37 أبواب مقدمات الطلاق ب 15 ح 1.
3- الكافي 6:1/69،التهذيب 8:108/36،الإستبصار 3:983/277،الوسائل 22:39 أبواب مقدمات الطلاق ب 15 ح 3.
4- انظر الوسائل 22:38،39 أبواب مقدمات الطلاق ب 15 ح 4،5.
5- كما في بداية المجتهد 2:76،المغني لابن قدامة 8:275.
6- الانتصار:129.

عن مولانا الباقر عليه السلام:في رجل قال لامرأته:أنتِ حرام،أو بائنة،أو بتّة، أو خليّة،أو بريّة،فقال:« هذا ليس بشيء،إنّما الطلاق أن يقول لها من قبل عدّتها[بعد ما تطهر من محيضها]قبل أن يجامعها:أنتِ طالق،و يشهد على ذلك رجلين عدلين» (1).

و الأصل في الحصر العموم،و جعله هنا إضافياً بالنسبة إلى المذكورات في الخبر غير معقول بعد ما تقرّر في الأُصول من أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المحل،و تلقّاه أيضاً الفحول بالقبول.

و لا داعي إليه سوى الصحيحين (2)،المماثل أحدهما للخبر في المتن و الحصر لكن بزيادة قوله:« اعتدّي» بعد قوله:« أنت طالق» و نحوها الآخر لكن مقتصراً على الحصر و ما بعده.

و ليسا مكافئين لما مرّ من حيث اعتضاده بالأصل و عمل الأكثر،مع احتمال الثاني التقية،مع عدم صراحتهما بوقوع الطلاق بالصيغة،فيحتملان الوقوع من حيث الدلالة على وقوع الطلاق قبلها،و تكون هي إخباراً عنه، لا إنشاءً لإيقاعه حينها،و عليه حملهما الشيخ و جماعة (3)،و هي و إن بَعد بالإضافة إلى سياقهما،إلّا أنه لا بأس به للجمع.

ص:220


1- المختلف:585،الوسائل 22:41 أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 3،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- الأول في:الكافي 6:1/69،التهذيب 8:108/36،الإستبصار 3:983/277،الوسائل 22:41 أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 3.الثاني في:الكافي 6:2/69،التهذيب 8:109/37،الإستبصار 3:984/277،الوسائل 22:42 أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 4.
3- الشيخ في التهذيب 8:37؛ المجلسي في ملاذ الأخيار 13:83،و مرآة العقول 21:117،و صاحب الحدائق 25:201.

و ربما يستأنس به بملاحظة بعض المعتبرة،كالصحيح لراويهما أيضاً:« الطلاق للعدّة أن يطلّق الرجل امرأته عند كل طهر،يرسل إليها:أن اعتدّي،فإنّ فلاناً قد طلّقك» الخبر (1).

و نحوه الموثق:« يرسل إليها،فيقول الرسول:اعتدّي فإنّ فلاناً قد فارقك» قال ابن سماعة و هو في سند الرواية-:و إنّما معنى قول الرسول:

اعتدّي فإنّ فلاناً قد فارقك،يعني:الطلاق،إنّه لا يكون فرقة إلّا بطلاق (2).

أقول:لعلّ تفسيره بذلك لما روى عنه في الكافي،قال:و قال الحسن:و ليس الطلاق إلّا كما روى بكير بن أعين،أن يقول لها،و هي طاهر من غير جماع:أنتِ طالق،و يشهد شاهدين عدلين،و كل ما سوى ذلك فهو ملغى (3).

و هو مؤيّد لما قدّمناه من الخبر المتضمن للحصر فيما عليه الأكثر.

فخلاف الإسكافي و بعض من تأخر (4)في عدم تجويز الوقوع ب:

« اعتدّي» شاذّ،ضعيف،لا يلتفت إليه،و في مصير الإسكافي تأييد للحمل على التقية،كما مرّ.

و يقع الطلاق لو قال أحد له: هل طلّقت فلانة؟فقال:

نعم قاصداً به الإنشاء،وفاقاً للنهاية و القاضي و ابن حمزة و الفاضلين هنا و في الشرائع و الإرشاد (5).

ص:221


1- الكافي 6:3/70،الوسائل 22:42 أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 5.
2- الكافي 6:4/70،الوسائل 22:41 أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 2.
3- الكافي 6:70 ذيل الحديث 4،الوسائل 22:41 أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 1.
4- حكاه عن الإسكافي في المختلف:585؛ و المسالك 2:13،و نهاية المرام 2:29.
5- النهاية:511،القاضي في المهذب 2:278،ابن حمزة في الوسيلة:324،الشرائع 3:17،الإرشاد 2:43.

للخبر:في الرجل يقال له:أطلقت امرأتك؟فيقول:نعم،قال:« قد طلّقها حينئذ» (1).

و لتضمنه السؤال:فتكون في قوّة:طلّقتُ فلانة،و هو ممّا يقع به الطلاق.

و في الخبر قصور بالجهالة و الضعف في المشهور،مع عدم صراحته في المطلوب فيحتمل الحكم عليه بالطلاق حينئذٍ من حيث الإخبار به اللازم منه الإقرار،و لا كلام فيه إلّا مع العلم بعدمه،و يكون المراد من:

« طلّقها حينئذٍ» إيجاده السبب الموجب للحكم به عليه و هو إقراره،لا وقوع الطلاق من حينه.

و في الثاني منع الوقوع بالأصل أوّلاً،ثم بعد تسليمه منع الوقوع بما في قوّته ثانياً،هذا.

مضافاً إلى عدم مكافأة الجميع لما مرّ من الأصل و الحصر الذي عليه ثمّة و هنا عمل الأكثر،بل عليه الإجماع في الانتصار (2).

و به يجاب عن الموثق القريب من الخبر الأوّل،بل قيل:لعله بحسب الدلالة أيضاً منه أظهر:في رجل طلّق امرأته ثلاثاً،فأراد رجل أن يتزوّجها، كيف يصنع؟قال:« يأتيه فيقول:قد طلّقتَ فلانة؟فإذا قال:نعم،تركها ثلاثة أشهر،ثم خطبها إلى نفسها» (3).

وجه الأظهرية عدم احتمال« نعم» فيه الإخبار؛ نظراً إلى خبرة الراوي

ص:222


1- التهذيب 8:111/38،الوسائل 22:42 أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 6.
2- الانتصار:129.
3- التهذيب 8:194/59،الإستبصار 3:1036/293،الوسائل 22:76 أبواب مقدمات الطلاق ب 31 ح 1.

بالوقوع قبله،فينحصر في الإنشاء.

و فيه نظر؛ إذ الظاهر من حال القائل:نعم،الإخبار،و لا ينافيه علم السائل بالوقوع في السابق،فليس فيه دلالة على الوقوع باللفظة،و على تقديرها تصير الرواية شاذّة؛ لما عرفت من ظهور إرادة الإخبار من اللفظة، لا الإنشاء كما فهمه بعض الأجلّة (1)حيث استدل بها،مع أنّها شاذّة من وجه آخر يأتي إليه الإشارة في المسألة الآتية،و لعله لذا ترك الأصحاب الاستدلال به و بأمثاله من المعتبرة المستفيضة التي أكثرها موثقة،و إلّا فكان الأولى الاستدلال بها في المسألة.

نعم يبقى الكلام في وجه الحكمة في أمر السائل بعد اعترافه بوقوع الطلاق منه بالسؤال عن طلاقه،و لا بدّ من التأمّل.

و قد تلخّص من جميع ما مرّ انحصار صيغة الطلاق في:أنتِ أو هذه و نحوهما طالق،و عليه فتوى الأكثر،و عمل كافّة من تأخّر،و ادّعى عليه الإجماع في الانتصار (2).

و منه يظهر اشتراط العربية،كما هو الأشهر بين الطائفة؛ لعين ما مرّ من الأدلّة.

خلافاً للنهاية و جماعة (3)؛ لرواية ضعيفة (4)راويها من أكذب البرية، و مع ذلك فهي غير صريحة،محتملة للحمل على الضرورة،و عليه في الظاهر اتفاق الطائفة.

ص:223


1- انظر الحدائق 25:210.
2- الانتصار:129.
3- النهاية:511؛ و انظر الوسيلة:324،و المهذَّب 2:275،و المسالك 2:11.
4- التهذيب 8:112/38،الوسائل 22:43 أبواب مقدمات الطلاق ب 17 ح 1.

و يشترط تجريده عن الشرط و هو ما أمكن وقوعه و عدمه، كقدوم المسافر،و دخولها الدار و الصفة و هو ما قطع بحصوله عادةً، كطلوع الشمس و زوالها.

و الأصل في المسألة بعد ما مرّ من الأصل،و الحصر في المعتبرة الإجماعات المحكيّة في كلام جماعة،كالإنتصار و السرائر و بعض شروح الكتاب و الروضة (1).

و يستثنى من الشرط ما كان معلوم الوقوع حالة الصيغة،كما لو قال:

أنتِ طالق إن كان الطلاق يقع بك،و هو يعلم وقوعه،و لا بأس به؛ لأنه حينئذٍ غير معلَّق،و إن كان الأحوط تركه؟خوفاً من مخالفة ما مرّ من الحصر،فتأمّل.

و لو فسّر الطلقة باثنين أو ثلاث كأن قال:أنتِ طالق طلقتين،أو ثلاثاً صحّت واحدة و بطل الزائد المعبّر عنه ب التفسير على الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل ربما أشعر بالإجماع عليه عبارة الناصرية (2)،و صرّح به في نهج الحق شيخنا العلّامة (3)،و هو الحجّة فيه المخصِّصة لما مرّ من الأدلّة.

مضافاً إلى وجود المقتضي،و هو الصيغة المشتملة على شرائط الصحة عدا اشتماله على الزائد،و هو غير صالح للمانعية،إلّا على تقدير ثبوت اشتراط قصد قيد الوحدة في صحة الطلقة الواحدة،و ليس بثابت من الأدلّة،كيف لا؟!و قُصاراها الدلالة على عدم وقوع الطلقات المتعدّدة في مجلس واحد بالصيغة مطلقاً،واحدة كانت أم متعدّدة،و هو غير ملازم

ص:224


1- الانتصار:127،السرائر 2:678،التنقيح الرائع 3:308،الروضة 6:16.
2- الناصرية(الجوامع الفقهية):213.
3- نهج الحق:529.

لاعتبار قيد الوحدة في النية،و أنه يتوقّف عليه الصحة،هذا.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة بالشهرة العظيمة، ففي الصحيح:عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد و هي طاهر؟ قال:« هي واحدة» (1)و نحوه باقي المستفيضة (2).

وجه الدلالة عمومها لكل من الطلقات الثلاث،المرسلة و المفصّلة، الناشئ عن ترك الاستفصال فيها،مع احتمال السؤالات فيها الأمرين البتة؛ لكونها مطرحاً بين الخاصة و العامة،و لذا حصل التردّد في حكمها لأصحاب الأئمة،كحصوله لعلماء الطائفة.

فحملها على خصوص الأخيرة (3)بدعوى تبادرها من العبارة ليس في محله،كيف لا؟!و اتفقت الخاصة و العامة على فهم الأوّلة أيضاً من العبارة، و لذا استدل بعض أصحابنا (4)القائل بالقول الثاني بالأخبار الآتية المشابهة أكثرها لهذه المعتبرة في تأدية الثلاث المرسلة بتلك العبارة،و لم يُجب عنها الأصحاب بتلك المناقشة،بل ردّوها بمناقشات أُخر يأتي إليها الإشارة.

و كلّ ذا أمارة واضحة و شهادة بيّنة على اتفاقهم على فهم الثلاث المرسلة من تلك العبارة،فالمناقشة المزبورة فاسدة البتة،كيف لا؟!و لا قرينة لنا على وضوح الدلالة أوضح و أصحّ من فهم علماء الطائفة،بل هو أقوى القرائن المعتبرة المتمسك بها في تعيين الدلالة بالضرورة،و وجهه ما ذكرناه من كون الثلاث المرسلة ممّا وقع التشاجر في حكمها بين الخاصة و العامة،و كثر الأسئلة فيها و الأجوبة،و بالجملة لا يخفى ما ذكرناه على ذي

ص:225


1- الكافي 6:1/70،الوسائل 22:61 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 2.
2- الوسائل 22:61 أبواب مقدمات الطلاق ب 29.
3- كما في الحدائق 25:239،و الكفاية:200.
4- منهم السيد في الانتصار:136،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:34.

فطنة و درية.

ثمّ لو فرضنا فقد هذه الروايات أو ثبوت عدم دلالتها لكفانا في الحكم بوقوع الواحدة من الثلاث المرسلة حكايات الإجماع المتقدّمة،فإنّها في حكم الصحيح الصريح،المعتضد بالشهرة العظيمة،و لا يقاومها شيء من الأخبار الآتية و لو كانت صريحة،و كذا الأُصول المتقدمة،مع ما ستعرفه في الأدلة من أنها ما بين ضعيف و قاصر الدلالة،هذا.

مع ما يظهر من تلك المستفيضة بعد ضمّ بعضها إلى بعض إرادة الثلاث المرسلة من تلك العبارة،أ لا ترى إلى الخبر:عن رجل طلّق ثلاثاً في مقعد واحد؟قال:فقال:« أمّا أنا فأراه قد لزمه،و أمّا أبي فكان يرى ذلك واحدة» (1)قد اتّقى عليه السلام فيه من العامة و حكم بلزوم الثلاث بتلك العبارة.

و يظهر من بعض المعتبرة الواردة عنه عليه السلام أنّ الذي كان يتّقي فيه العامة إنّما هو الثلاث المرسلة خاصة،ففي الخبر:« أنّ عليّاً عليه السلام كان يقول:إذا طلّق الرجل المرأة قبل أن يدخل بها ثلاثاً في كلمة واحدة فقد بانت منه،و لا ميراث بينهما،و لا رجعة،و لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره،و إن قال:هي طالق،هي طالق،هي طالق،فقد بانت منه بالأُولى، و هو خاطب من الخطّاب» الخبر (2).

و هو صريح في أنّ اتّقاءه عليه السلام إنّما هو في المرسلة خاصة،و أنّها التي

ص:226


1- التهذيب 8:174/53،الإستبصار 3:1013/286،الوسائل 22:65 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 14.
2- التهذيب 8:175/53،الإستبصار 3:1014/286،الوسائل 22:66 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 15.

عليها العامّة في تلك الأزمنة من الحكم بالبينونة،و إلّا لما كان التفصيل بين الصورتين إذا قالوا بعدمه في الثانية أيضاً،و اتحادهما في الحكم بالبينونة موافقاً للتقية،مع أنّ حملها عليها متّفق عليه بين الطائفة.

و بمعونة ذلك يظهر أنّ حكم أبيه عليه السلام بصحة الواحدة في الرواية السابقة إنّما هو في الثلاث المرسلة التي اتّقى فيها عليه السلام عن العامة،كما يظهر من هذه الرواية،و لا يضر قصور سندهما؛ لانجبارهما بالشهرة العظيمة،هذا.

و في الخبر عن مولانا الصادق عليه السلام في حديث قال فيه:فقلت:

فرجل قال لامرأته:أنتِ طالق ثلاثاً،فقال:« تردّ إلى كتاب اللّه تعالى و سنة نبيه صلى الله عليه و آله» (1).

و هو صريح في المرسلة،و مع ذلك لم يحكم عليه السلام بالبطلان،بل أوجب الردّ إلى السنّة،و المراد به الردّ إلى الواحدة لا البطلان،كما يفصح عنه بعض المعتبرة،ففي الصحيح عن مولانا الصادق عليه السلام في حديث قال:

قلت:فطلّقها ثلاثاً في مقعد،قال:« تردّ إلى السنّة،فإذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة» (2)و نحوه بعينه رواية أُخرى (3).

و في معناهما الصحيح:« طلّق عبد اللّه بن عمر امرأته ثلاثاً،فجعلها رسول اللّه صلى الله عليه و آله واحدة،فردّها إلى الكتاب و السنّة» (4).

ص:227


1- الكافي 1:6/348،الوسائل 22:62 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 5.
2- الكافي 6:5/125،الوسائل 22:62 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 4.
3- التهذيب 8:173/58،الإستبصار 3:1012/286،الوسائل 22:65 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 13.
4- التهذيب 8:180/55،الإستبصار 3:1019/288،الوسائل 22:67 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 18.

و هي صريحة الدلالة في أنّ المراد بالردّ إلى السنّة هو إمضاء الواحدة و إبطال الطلقات الزائدة،و بمعونتها يظهر أنّ المراد بالردّ إلى السنّة في الثلاث المرسلة في تلك الرواية إنّما هو الردّ إلى الواحدة،لا البطلان بالمرّة،فتأمّل.

هذا مع أنّه يظهر بما قدّمناه من الأخبار و غيرها شيوع استعمال تلك العبارة في المستفيضة في الثلاث المرسلة في زمن الأئمة عليهم السلام،و معه يتقوّى دلالة العموم الناشئ عن ترك الاستفصال على الحكم في المسألة، كيف لا؟!و شيوع الاستعمال الذي لا أقلّ منه يقوّي الاحتمال،و معه يلزم الاستفصال،فتركه مع ذلك أوضح شاهد على العموم في المقال.

و بجميع ما قدّمناه يندفع حذافير الإشكال الذي أورده بعض الأبدال (1)في هذا المجال.

و منه يظهر ضعف ما قيل من أنّه يبطل الطلاق رأساً و لا يقع منه شيء و لو واحداً،كما عن الانتصار و سلّار و العماني و ابن حمزة (2).

مع أنّ عبارة الأوّل في ذلك غير ظاهرة،بل المستفاد منها إنما هو الردّ على العامّة في الحكم بوقوع المتعدّدة،و أمّا الواحدة فليس فيها على نفيها دلالة،بل و لا إشارة،بل ربما أشعر سياقها بقبول الواحدة،مع تصريحه في مسألة فساد الطلقات الثلاث المتعاقبة من دون تخلّل رجعة بصحة الواحدة،بل ربما أشعر عبارته بكونه مجمعاً عليه بين الإمامية،بل

ص:228


1- و لعلّه هو الشهيد الأول في غاية المراد 3:227.
2- الانتصار:134،سلّار في المراسم:161،و حكاه عن العماني في المختلف:586،ابن حمزة في الوسيلة:322.

و ربما كانت العبارة في ذلك ظاهرة.

و كيف كان فلا ريب في ضعف هذا القول؛ لما مرّ،و ضعف حججهم،فإنّ منها الأصل،و يدفع بما مرّ.

و منها:أنّ المقصود و هو الواحدة المقيّدة[لا (1)]بقيد الوحدة غير واقع،و الصالح للوقوع غير مقصود؛ لأنّه غير مريد للواحدة المقيّدة بقيد الوحدة.

و هو مع أنّه اجتهاد في مقابلة النص غير مسموع مندفع بما مرّ من عدم الدليل على اعتبار قيد الوحدة في النية،بل غايته الدلالة على كون ما زاد عليها بدعة،و هو غير ملازم لاعتبار قيد الوحدة في النية،و هي حاصلة من الثلاث المرسلة،غاية الأمر أنّ الزائد عليها غير واقعة،و يحتمل أن تكون ضميمته مؤكّدة.

و منها:الأخبار،ففي الصحيح:« من طلّق ثلاثاً في مجلس واحد فليس بشيء،من خالف كتاب اللّه تعالى ردّ إلى كتاب اللّه» (2).

و المكاتبة روى أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلّق امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة على طهر بغير جماع بشاهدين:« أنّه يلزم تطليقة واحدة» فوقّع بخطّه:« أخطأوا على أبي عبد اللّه عليه السلام،لا يلزمه الطلاق، و يردّ إلى كتاب اللّه تعالى و السنّة (3).

ص:229


1- ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنى،راجع لمزيد التوضيح نهاية المرام 2:33،و الحدائق 25:239.
2- التهذيب 8:177/54،الإستبصار 3:1016/287،الوسائل 22:63 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 8.
3- التهذيب 8:182/56،الإستبصار 3:1021/289،الوسائل 22:67 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 19.

و فيهما نظر،أمّا أوّلاً:فلعدم مقاومتها لما مرّ.

و ثانياً:ضعف الدلالة في الأوّل؛ لاحتماله نفي الثلاث لا الواحدة،بل في الردّ إلى كتاب اللّه(و السنّة) (1)كما في ذيله إشعار بل دلالة على وقوعه بمعونة ما مرّ.

و قصور سند الثاني من وجوه،مع دلالة صدره على اشتهار الحكم بوقوع الواحدة في أصحاب زمانه.

و لا ينافيه الحكم منه بتخطئته؛ لاحتمال المصلحة فيه من حيث كونه مكاتبة،و هي غير منحصرة في التقية،بل محتملة لها و لغيرها من المصالح العامة،هذا.

مع أنّ بعض الأجلّة حمل الطلاق في كلامه عليه السلام على الثلاث لا الواحدة،و يؤيّده ما فيه من الردّ إلى الكتاب و السنّة بملاحظة ما قدّمناه من تفسيره بالردّ إلى الواحدة.

و لا ينافيه الحكم بالتخطئة بعد احتمال كونه لمصلحة خفية غير نفي الواحدة،المؤيّد بكون الرواية مكاتبة.

و الذي يسهّل الخطب في ارتكاب أمثال هذه التوجيهات و إن كانت بعيدة قوّة ما قدّمناه من الأدلّة،و بُعد خطاء اتفاق أصحاب الأئمة عليهم السلام على وقوع الواحدة،على ما تشهد به نفس الرواية.

و لقد تكلّف بعض المعاصرين (2)لنصرة هذا القول بأخبار هي ما بين قاصرة السند،و غير واضحة الدلالة،مع كون أكثرها شاذّة كما اعترف به جماعة (3).

ص:230


1- كذا في الأصل،و لكنه غير موجود في ذيل الخبر الأوّل.
2- و هو صاحب الحدائق 25:240.
3- منهم الشيخ في التهذيب 8:56،و انظر المختلف:587.

فمنها:المروي عن كتاب الخرائج عن هارون بن خارجة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت:إنّي ابتليت،فطلّقت أهلي ثلاثاً في دفعة، فسألت أصحابنا،فقالوا:ليس بشيء،و إنّ المرأة قالت:لا أرضى حتى تسأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال:« ارجع إلى أهلك فليس عليك شيء» (1).

و هو مع عدم وضوح سنده غير واضح دلالته؛ لاحتمال تعلّق نفي الشيئية في كلام الإمام و أصحابه إلى الطلقات المتعدّدة،و دفعِ الابتلاء الملازم بتقدير صحتها خاصّة،كما توهّم راوي الرواية،لا إلى الواحدة،بل ربما أشعر الرواية بوقوع الواحدة؛ لما أفصحت عنه الرواية السابقة من حال أصحاب الأئمة،و لما في لفظة الرجوع في كلام المعصوم عليه السلام التي تضمّنتها هذه الرواية،فأين الدلالة على بطلان الواحدة في الثلاث المرسلة كما هو ظاهر هذه الرواية؟! و منها:الأخبار القائلة بأنّ المطلّقات ثلاثاً ذوات أزواج،و الناهية لذلك عنهنّ،منها الصحيح:« إيّاكم و المطلّقات ثلاثاً،فإنّهنّ ذوات أزواج» (2).

و ضعفه أوضح من أن يخفى؛ لأنّها شاذّة لو حملت على الثلاث المرتّبة،كما ادّعى هذا الفاضل (3)و غيره ظهورها من عبارة:« طلّق ثلاثاً» في تلك المستفيضة؛ إذ لا قائل بها من الطائفة؛ لإجماعهم على وقوع الواحدة بالثلاث المرتّبة،كما ادّعاه جماعة (4)،و صرّحت به المعتبرة.

ص:231


1- الخرائج و الجرائح 2:49/642،الوسائل 22:71 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 29.
2- التهذيب 8:184/56،الإستبصار 3:1023/289،الوسائل 22:68 أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 21.
3- الحدائق 25:239 240.
4- منهم المرتضى في الناصريات(الجوامع الفقهية):213،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:316.

و كذا لو حملت على الثلاث المرسلة،بناءً على وجوب حمل الإطلاقات على الفروض الشائعة،و هي في هذه الروايات صدور الثلاث عن العامّة لا أصحابنا الإمامية،فإنّ وقوعها منهم إن أمكن نادر بالبديهة، و حينئذٍ تكون هذه الطلقات صحيحة إلزاماً لهم بمعتقدهم،كما تفصح عنه الأخبار الآتية،و عليه إجماع الإجماعية،كما حكاه جماعة (1)،هذا.

مع أنّ المستفاد من بعض المعتبرة كون النهي عن تزويجهنّ احتياطاً لا ناشئاً من فساد الواحدة،ففي الصحيح:رجل من مواليك يقرؤك السلام و قد أراد أن يتزوّج امرأة قد وافقته و أعجبه بعض شأنها،و قد كان لها زوج فطلّقها ثلاثاً على غير السنّة،فكره أن يقدم على تزويجها حتى يستأمرك فتكون أنت تأمره،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:« هو الفرج،و أمر الفرج شديد، و منه يكون الولد،و نحن نحتاط فلا يتزوّجها» (2).

و لعلّ وجه الاحتياط هو ما ذكره جماعة منهم شيخ الطائفة (3)عدم مبالاة العامة في وقوع الطلقات و المرأة غير طاهرة،و عليه حمل الأخبار السابقة مستشهداً ببعض المعتبرة الذي شهادته عليه واضحة.

فالاستدلال بأمثال هذه الأخبار مع ما هي عليه من الشذوذ و الندرة كيفما حملت غفلة واضحة.

و نحوه الاستدلال بما مضى من المعتبرة المستفيضة في وقوع الطلاق

ص:232


1- كالشهيد الثاني في المسالك 2:16،و الفيض في المفاتيح 2:316،و صاحب الحدائق 25:243.
2- الكافي 5:2/423،التهذيب 7:1885/470،الإستبصار 3:1037/293،الوسائل 20:258 أبواب مقدمات النكاح ب 157 ح 1.
3- الاستبصار 3:293،انظر ملاذ الأخيار 12:477.

ب« نعم» في جواب السؤال عنه (1)،و بالجملة لا إشكال في المسألة بحمد اللّه سبحانه.

و لو كان المطلِّق مخالفاً يعتقد الثلاث أو عدم اشتراط شيء ممّا مرّ في الطلاق فطلّق لزمه معتَقَده،و جاز لنا مناكحة مطلّقاته كذلك، بلا خلاف فيه يظهر بيننا،بل ادّعى عليه جماعة (2)اتفاقنا،و به عموماً و خصوصاً استفاض نصوصنا،فمن الأوّل:الموثق:عن الأحكام؟قال:

« يجوز على أهل كل ذي دين بما يستحلّون» (3).

و الموثق:« خذوا منهم ما يأخذون منكم في سنّتهم و قضائهم و أحكامهم» الخبر (4).

و من الثاني:المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح في المطلّق ثلاثاً:« إن كان ممّن لا يتولّانا و لا يقول بقولنا فاختلعها منه،فإنّه إنّما نوى الفراق بعينه» (5).

و الخبر:عن المطلّقة على غير السنّة أ يتزوّجها الرجل؟فقال:

« ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم،و تزوّجوهنّ،فلا بأس بذلك» (6).

ص:233


1- راجع ص 222.
2- منهم الشهيد في المسالك 2:16،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:34،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:316،و صاحب الحدائق 25:243.
3- التهذيب 9:1155/322،الإستبصار 4:554/148،الوسائل 26:319 أبواب ميراث المجوس ب 3 ح 1.
4- التهذيب 9:1153/321،الإستبصار 4:552/147،الوسائل 26:158 أبواب ميراث الإخوة و الأجداد ب 4 ح 2.
5- التهذيب 8:186/57،الإستبصار 3:1027/291،الوسائل 22:72 أبواب مقدمات الطلاق ب 30 ح 1.
6- التهذيب 8:190/58،الإستبصار 3:1031/292،الوسائل 22:73 أبواب مقدمات الطلاق ب 30 ح 5.

و مقتضى التعليلين كعموم الثاني اطّراد الحكم فيما ألحقناه بالمتن، مضافاً إلى الاتفاق عليه،و شمول الموثقين السابقين له.

و أمّا الأخبار المعارضة الناهية عن تزوج المطلّقات ثلاثاً لأنّهنّ ذوات أزواج فقد عرفت الجواب عنها.

ثم إنّ إطلاق النص و كلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في المطلّقة كذلك بين المخالفة و المؤمنة،و هو كذلك.

و احتمال الفرق و تخصيص الحكم بالأُولى كما يوجد في بعض العبارات (1)؛ جمعاً بين النصوص ضعيف،لا يلتفت إليه.

الركن الرابع في الإشهاد

الركن الرابع في الإشهاد،و لا بدّ في صحة الطلاق من شاهدين يسمعانه بإجماعنا،حكاه جماعة من أصحابنا (2)،و به استفاض أخبارنا،ففي الصحيح:« طلاق السنّة:يطلّقها تطليقة على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين» (3).

و فيه:« و إن طلّقها في استقبال عدّتها طاهراً من غير جماع،و لم يشهد على ذلك رجلين عدلين،فليس طلاقه إيّاها بطلاق» (4).

ص:234


1- انظر الحدائق 25:244.
2- منهم الشيخ في الخلاف 4:454،و الشهيد الثاني في المسالك 2:18،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:316.
3- الكافي 6:1/64،التهذيب 8:82/25،الوسائل 22:104 أبواب أقسام الطلاق ب 1 ح 2.
4- الكافي 6:11/60،التهذيب 8:147/47،الوسائل 22:26 أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 3.

و لا يشترط استدعاؤهما إلى السماع بل يكفي سماعهما على الإطلاق،بلا خلاف؛ لأنّه حكم الشهادة،و للمعتبرة،منها الصحيح:عن رجل كانت له امرأة طهرت من حيضها،فجاء إلى جماعة،فقال:فلانة طالق،أ يقع عليها الطلاق،و لم يقل:أشهدوا؟قال:« نعم» (1)و نحوه آخر (2).

و مقتضاهما الاكتفاء في الإشهاد بتعريف المطلّقة لهما،و لو بالاسم خاصة،أو الإشارة؛ لترك الاستفصال فيهما عن حال الجماعة،و أنّ علمهم بالمطلّقة هل هو بشخصها و عينها أم باسمها خاصة؟بل ربما كانا ظاهرين في الصورة الأخيرة،هذا.

مع إطلاقات المستفيضة المكتفية بشهادة الشاهدين للصيغة خاصة، من دون مراعاة للزائد عليها بالمرّة،و هي و إن اقتضت صحّة الطلاق مطلقاً، و لو من دون علمهما بالمطلّقة،و لو بالاسم أو الإشارة بالمرة،إلّا أنّ اللازم مراعاة المعرفة في الجملة بنحو من الاسم أو الإشارة؛ تحقيقاً لفائدة الشهادة،و التفاتاً إلى بعض المعتبرة:

كالخبر:إنّي تزوّجت نسوة لم أسأل عن أسمائهنّ،ثم أُريد طلاق إحداهنّ و تزويج امرأة أُخرى،فكتب عليه السلام:« انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنّ فتقول:اشهدوا أنّ فلانة التي لها علامة كذا و كذا هي طالق، ثم تزوّج الأُخرى إذا انقضت العدّة» (3).

ص:235


1- الكافي 6:3/72،التهذيب 8:154/49،الوسائل 22:50 أبواب مقدمات الطلاق ب 21 ح 1.
2- الكافي 6:4/72،التهذيب 8:155/49،الوسائل 22:50 أبواب مقدمات الطلاق ب 21 ح 2.
3- الكافي 5:31/563،التهذيب 7:1954/486،الوسائل 20:520 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 3 ح 3.

و به صرّح شيخنا في النهاية (1)،و لعلّ هذا أيضاً مراد بعض متأخّري الطائفة (2)من اعتباره في صحة الإشهاد علم الشاهدين بالمطلِّق و المطلَّقة، و لو أراد العلم بهما من جميع الوجوه لكان بعيداً غاية البُعد،بل فاسداً بالضرورة؛ لاستلزامه تقييد الأدلّة من غير دلالة،مع استلزام مراعاته الحرج المنفي عنه آيةً و روايةً،و مخالفته الطريقة المستمرة بين الطائفة.

مع اندفاعه بخصوص الصحيحين،في أحدهما:عن رجل تزوّج أربع نسوة في عقدة واحدة،أو قال:في مجلس واحد،و مهورهنّ مختلفة؟قال:« جائز له و لهنّ» قلت:أ رأيت إن خرج إلى بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع و أشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد،و هم لا يعرفون المرأة،ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة المطلّقة،ثم مات بعد ما دخل بها،كيف يقسّم ميراثه؟قال:« إن كان له ولد فإنّ للمرأة التي تزوّجها أخيراً من تلك البلاد ربع ثمن ما ترك» الخبر (3)،و نحوه الآخر (4).

و ربما أشعر بذلك عموم أخبار صحة طلاق الغائب؛ لكون الغالب في شهوده عدم المعرفة بالمطلَّقة،و سيّما إذا كان الغيبة إلى البلاد البعيدة.

و بالجملة:الظاهر من الأدلّة كفاية المعرفة بنحو من الاسم أو الإشارة، من دون لزوم مبالغة تامّة في المعرفة.

ص:236


1- النهاية:509.
2- كالسبزواري في الكفاية:201.
3- الكافي 7:1/131،التهذيب 8:319/93،الوسائل 26:217 أبواب ميراث الأزواج ب 9 ح 1.
4- التهذيب 9:1062/296،الوسائل 26:218 أبواب ميراث الأزواج ب 9 ذيل الحديث 1.

ثمّ إنّ ظاهر العبارة كالجماعة لزوم اجتماعهما معاً لسماع الصيغة، و أنّه لا يقع الطلاق مع التفرقة،و هو مقتضى الأصل،و الوقوف على المتبادر من إطلاق الأدلّة،و خصوص الصحيح عن رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع،و أشهد اليوم رجلاً،ثم مكث خمسة أيّام،ثم أشهد آخر؟ فقال:« إنّما أُمِرَ أن يشهدا جميعاً» (1).

و نحوه الصحيح الآخر (2)،إلّا أنّ في صدره ما ربما ينافي ذيله،لكنّه محمول على الأداء خاصة.

و يعتبر فيهما العدالة بإجماع الطائفة،كما في الانتصار (3)،و هو ظاهر الآية (4)،و النصوص المستفيضة،منها الصحيح:أنّ الطلاق الذي أمر اللّه تعالى به في كتابه و سنّة نبيه صلى الله عليه و آله أن إذا حاضت المرأة و طهرت من حيضها،أشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقه (5).

و الحسن:« و إن طلّقها للعدة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه بطلاق» (6).

و مقتضى هذه الأدلّة كالنصوص المستفيضة التي كادت تكون متواترة،الواردة في البيّنة أنّ العدالة شيء زائد على ظاهر الإسلام

ص:237


1- الكافي 6:1/71،التهذيب 8:157/50،الإستبصار 3:1005/285،الوسائل 22:49 أبواب مقدمات الطلاق ب 20 ح 1.
2- التهذيب 8:158/50،الإستبصار 3:1006/285،الوسائل 22:49 أبواب مقدمات الطلاق ب 20 ح 2.
3- الانتصار:127.
4- الطلاق:2.
5- التهذيب 8:85/28،الإستبصار 3:960/270،الوسائل 22:112 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 7.
6- الكافي 6:17/61،الوسائل 22:26 أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 2.

بالبديهة،و هو إمّا حُسن الظاهر،كما هو الأظهر.أو الملكة،كما عليه أكثر متأخّري الطائفة (1).و على القولين فلا يكتفى بظاهر الإسلام بالضرورة.

و منه يظهر ضعف ما يحكى عن بعض الأصحاب كالنهاية و الراوندي و جماعة (2)من القول بأنّه يكتفي بالإسلام في الشهادة، كضعف حججهم من الأخبار القاصرة السند،الضعيفة الدلالة،القابلة لتأويلات قريبة تجمع بها مع الأدلّة السابقة.

و ربما استدل لهم هنا بإطلاق أخبار الشهادة،و هو مقيّد بما مرّ من الأدلّة،و بالمعتبرين،أحدهما الصحيح:« كل من ولد على الفطرة و عرف بصلاح في نفسه جازت شهادته» (3).

و ثانيهما الحَسَن:« من ولد على الفطرة أُجيزت شهادته،بعد أن يعرف منه خيراً» (4).

و لأجلهما اختار هذا القول من المتأخرين بعض الأجلّة فقال:بأنّ الخير نكرة تفيد الإطلاق،فيتحقق بالصلاة و الصوم،و إن خالف في الاعتقاد الصحيح،قال:و في تصدير الخبر باشتراط العدالة ثم الاكتفاء بما ذكر تنبيه على أنّ العدالة هي الإسلام (5).

ص:238


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:19،و الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 2:351،و صاحب المعالم:230،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:41.
2- النهاية:510،الراوندي في فقه القرآن 2:165؛ و انظر المقنعة:725،و المهذّب 2:556.
3- الفقيه 3:83/28،التهذيب 6:783/284،الإستبصار 3:37/14،الوسائل 27:393 أبواب الشهادات ب 41 ح 5.
4- الكافي 6:6/67،التهذيب 8:152/49،الوسائل 22:26 أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 4،بتفاوت يسير.
5- حكاه السبزواري في الكفاية:201 عن المسالك،و هو في المسالك 2:19.

و فيه نظر،أمّا أوّلاً:فلأنّ القول المزبور الذي صار إليه ظاهره الاكتفاء بظاهر الإسلام من دون اشتراط أن يعرف منه الخبر،بل يكتفى بشهادة المسلم الغير المعروف منه ذلك أصلاً،و صريح الخبرين اشتراطه.

و ثانياً:أنّ ظاهرهما الاكتفاء بالإسلام بالمعنى الأعمّ،لا اشتراط المرادف للخاص،و لعلّه لم يقل به النهاية و من تبعه من الجماعة،و إن أوهمت عبارته ذلك في المسألة،إلّا أنّ عبارته في بحث الشهادة (1)صريحة في اعتبار الإيمان البتّة،مع تصريحه في التهذيب (2)بكفر الفرَق المخالفة للإمامية،فكيف يستدل له بأمثال المعتبرة.

و ثالثاً:أنّ المتبادر من الخير و الصلاح في الخبرين ما يعم الاعتقاد و زائداً عليه بالبديهة،و ليس المراد منهما مصداقهما و لو في الجملة،كما أفصح عنه عبارته المتقدّمة،كيف لا؟!و هو مخالف للإجماع و الضرورة؛ لاشتمالهما على ذلك التقدير على قبول شهادة الفاسق البتّة؛ إذ ليس من فاسق إلّا و يوجد فيه خير ما،أو صلاح من جهة و لو في الجملة،و لم يقل بذلك أحد،حتى هذا القائل و النهاية و غيره من الجماعة؛ لاتفاقهم على اشتراط عدم ظهور الفسق البتّة،و دلّت عليه مع ذلك النصوص المستفيضة، و مثل ذلك أوضح شاهد و أفصح قرينة على إرادة معنى خاصّ من الخير و الصلاح،و ليس بعد انتفاء إرادة مطلقهما إلّا ما عليه الجماعة من الإيمان و حسن الظاهر،أو الملكة،هذا.

مع أنّ المعتبرة مستفيضة،بل كادت تكون متواترة،بأنّه ليس في المخالف خير أصلاً و صلاح بالمرّة،و إن اشتغلوا بالعبادات الموظّفة و راعوا

ص:239


1- النهاية:325.
2- التهذيب 1:335.

الأُمور اللازمة،فقد ورد عن أهل العصمة سلام اللّه عليهم أنّهم ليسوا إلّا كالجدر المنصوبة،و أنّ عباداتهم بأسرها فاسدة (1).

و حينئذٍ فأيّ خيريّةٍ في أعمالٍ قد قام الدليل على بطلانها،و كونها في الظاهر بصورة العبادة لا يجدي نفعاً؛ لأنّ خيريّة الخير و شرّيّة الشر إنّما هو باعتبار ما يترتّب على كلّ منهما من النفع و الضرر،كما ينادي به النبوي:

« لا خير بخير بعده النار،و لا شر بشرٍّ بعده الجنّة» (2)هذا.

مع ما في بعض المعتبرة (3)من ردّ شهادة بعض الفرق المخالفة،كما حكاه بعض الأجلّة.

مضافاً إلى وقوع التصريح باشتراط الإيمان في بعض المعتبرة،ففي العيون عن مولانا الرضا عليه السلام:« قال علي عليه السلام في قوله تعالى مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ [1] (4)من ترضون دينه،و أمانته،و صلاحه،و عفّته، و تحصيله،و تمييزه،فما كلّ صالح مميّز،و لا كل محصل مميّز» (5).

و بالجملة:القول بقبول شهادة المخالف الذي عرف منه خير ما أو صلاح في الجملة فاسد بالبديهة،كالاكتفاء بظاهر الإيمان خاصّة،من دون اعتبار حسن الظاهر و لا الملكة،بل اللازم مراعاة الإيمان مع حسن الظاهر خاصّة،و إن كان اعتبار الملكة أحوط البتّة،إلّا أنّ الأدلّة ظاهرة في الأوّل،

ص:240


1- انظر الوسائل 1:118 أبواب مقدمة العبادات ب 29.
2- الروضة من الكافي 8:24،الفقيه 4:279،تحف العقول:65،بحار الأنوار 74:288.
3- الوسائل 27:377،أبواب الشهادات ب 32،انظر المستدرك 17:433 أبواب الشهادات ب 26.
4- البقرة:282.
5- تفسير الإمام العسكري عليه السلام:375/672،الوسائل 27:399 أبواب الشهادات ب 41 ح 23.

و بإثبات الثاني غير ناهضة.

و لو طلّق و لم يشهد العدلين على إنشاء الطلاق ثم أشهد هما بعد ذلك كان الطلاق الأوّل لغواً لعدم اشتماله على شرط الصحة، و صحّ الثاني إن اشتمل على شرائطها،و إلّا فلا،لعموم الأدلّة،و عليه يحمل إطلاق العبارة المشعرة بالصحة في الشهادة الثانية.

و كذا إطلاق الصحيح:عن رجل طلّق و لم يشهد،ثم أشهد بعد ذلك بأيّام،فمتى تعتدّ؟قال:« من اليوم الذي أشهد فيه على الطلاق» (1).

و لا تقبل شهادة النساء هنا مطلقاً،لا منفردات و لا منضمّات، بلا خلاف؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النصوص،الظاهرة بعضها،و الصريح باقيها في الذكور.

مضافاً إلى خصوص المستفيضة،منها الصحيح:فيمن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد و امرأتين،فقال:« لا يجوز شهادة النساء في الطلاق» الخبر (2).

ص:241


1- التهذيب 8:159/50،الوسائل 22:28 أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 10.
2- الكافي 6:6/67،التهذيب 8:152/49،الوسائل 22:26 أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 4.

النظر الثاني في أقسامه

اشارة

النظر الثاني في أقسامه و ينقسم إلى قسمين بدعة محرّمة و سنّة جائزة و لو بعنوان الوجوب أو الكراهة أو الاستحباب أو الإباحة.

الأول البدعة

فالبدعة على ما ذكره الأصحاب ثلاثة:

أحدها: طلاق الحائض مع الدخول و حضور الزوج أو غيبته دون المدّة المشترطة على تقدير اعتبارها،مع عدم حملها.

و ثانيها:طلاقها في طهرٍ قد قربها فيه مع عدم الغيبة،أو مطلقاً مع ثبوت الوقوع فيه،على الخلاف الذي مضى (1).

و ثالثها: الثلاث المرسلة مع اعتقاد وقوعها.

و كلّه أي البدعي بأقسامه لا يقع إلّا الأخير خاصّة فواحدة، كما سبق إليه و إلى مستند بدعية الجميع الإشارة (2).

و تقييد الثلاث بالمرسلة يفيد عدم بدعية المرتّبة و لو لم يتخلّلها رجعة،كما أنّ الحصر في الثلاثة يفيد عدم بدعية الطلقات الأُخر الفاسدة، كالواقع بغير إشهاد،أو معه من دون الصيغة المعتبرة.

و كلّ ذلك محل مناقشة إن أُريد بالبدعية:الباطلة،و لا إن كان ذا مجرّد اصطلاح،كيف لا؟!و ليس فيه مشاحّة،إلّا أنّه على هذا ليس القسمة

ص:242


1- راجع ص 210.
2- في ص 205،213،224.

حاصرة.

الثاني طلاق السنّة

و طلاق السنّة قسمان:

الأوّل:و هو المراد به هنا ما قابل البدعة،و يقال له:طلاق السنّة بالمعنى الأعم.

و الثاني:ما هو أخصّ منه،و هو أن يطلّق على الشرائط ثم يتركها حتى تخرج من العدّة الرجعية،لا البائنة،كما يستفاد من النصوص المستفيضة،منها الصحيح:« طلاق السنّة:يطلّقها تطليقة على طهر من غير جماعٍ بشهادة شاهدين،ثم يدعها حتى تمضي أقراؤها،فإذا مضت أقراؤها فقد بانت منه،و هو خاطب من الخطّاب،إن شاءت نكحته،و إن شاءت فلا» الخبر (1)،و نحوه غيره (2).

و ليس فيها كما ترى ما ذكره جماعة (3):من اعتبار التزويج بها ثانياً بعد الخروج من العدّة،بل غايتها الدلالة على اعتباره خاصّة.و ليس فيها الشمول للبائنة.

و كيف كان يقال لهذا القسم:طلاق السنّة بالمعنى الأخصّ.

و الأوّل على أقسام ثلاثة:بائن،و رجعي،و للعدّة،فالبائن:

ما لا يصحّ معه الرجعة بلا عقد.

إمّا لعدم العدّة بالمرّة و هو أقسام ثلاثة:

أحدها: اليائسة عن المحيض و مثلها لا تحيض على الأظهر

ص:243


1- الكافي 6:1/64،التهذيب 8:82/25،الوسائل 22:104 أبواب أقسام الطلاق ب 1 ح 2.
2- الوسائل 22:103 أبواب أقسام الطلاق ب 1.
3- انظر التنقيح 3:317،و المسالك 2:20.

الأشهر بين الطائفة،كما سيأتي إليه الإشارة.

و ثانيها: من لم يدخل بها مطلقاً.

و ثالثها الصغيرة و لو دخل بها،بلا خلاف في الأُولى، و على الأشهر في الثانية مع الدخول بها بين أصحابنا،و سيأتي إليه الإشارة أيضاً.

و إمّا لعدم إمكان الرجوع في العدّة ابتداءً و إن أمكن في الجملة و هو اثنان:طلاق المختلعة و المباراة ما لم ترجعا في البذل المعتبر فيهما.

أو مطلقاً و هو في المطلّقة ثلاثاً بينها رجعتان أو عقدتان، أو رجعة و عقد.

و الرجعي هو ما يصح معه الرجعة في العدّة و لو لم يرجع و يكون فيما عدا الأقسام الستّة المتقدّمة في البائن.

و على هذا و ما تقدّم فيه يكون طلاق المختلعة تارة من القسم الأوّل، و هو مع الشرط المتقدّم فيه،و أُخرى من هذا القسم مع عدمه.

و طلاق العدّة على ما فسّره بعض الأجلّة (1)وفاقاً لجماعة، كالعلّامة في التحرير و القواعد و الماتن في الشرائع (2)أن يطلّق على الشرائط،ثم يراجعها قبل خروجها من عدّتها و يواقعها،ثم يطلّقها في غير طهر المواقعة،ثم يراجعها و يواقعها،ثم يطلّقها في طهر آخر.

و هو المستفاد من المعتبرة،ففي الصحيح:« إذا أراد الرجل منكم أن يطلّق امرأته طلاق العدّة فلينتظر بها حتى تحيض و تخرج من حيضها،ثم

ص:244


1- انظر الحدائق 25:269.
2- التحرير 2:54،القواعد 2:64،الشرائع 3:24.

يطلّقها تطليقة من غير جماع و يشهد شاهدين عدلين،و يراجعها من يومه ذلك إن أحبّ أو بعد ذلك بأيّام قبل أن تحيض،و يشهد على رجعتها، و يواقعها حتى تحيض،فإذا حاضت و خرجت من حيضها طلّقها تطليقة أُخرى من غير جماع،و يشهد على ذلك،ثم يراجعها أيضاً متى شاء قبل أن تحيض،و يشهد على رجعتها و يواقعها،و تكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة،فإذا خرجت من حيضتها الثالثة طلّقها التطليقة الثالثة بغير جماع،و يشهد على ذلك،فإذا فعل ذلك فقد بانت منه،و لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره» الخبر (1)،و نحوه غيره (2)ممّا وقفت عليه.

و المستفاد من قوله في تفسيره: ما يرجع فيه و يواقع ثم يطلّق هو أنّ المعتبر فيه أن يطلّق ثانياً بعد الرجوع و المواقعة خاصّة.

و عن بعضهم (3)عدم اعتبار الطلاق ثانياً و الاقتصار على الرجعة.

و عن النهاية و جماعة (4)أنّ الطلاق الواقع بعد المراجعة و المواقعة يوصف بكونه عِدّيّاً و إن لم يقع بعده رجوع و وقاع،لكن الطلاق الثالث لا يوصف بكونه عِدّيّاً إلّا إذا وقع بعد الرجوع و الوقاع،قيل:و في بعض الروايات دلالة عليه (5).

و ظاهر القولين الأوّلين اتصاف الطلاقين الأوّلين بالعِدّي دون الثالث؛

ص:245


1- الكافي 6:2/65،التهذيب 8:83/26،الوسائل 22:108 أبواب أقسام الطلاق ب 2 ح 1.
2- الكافي 6:4/66،التهذيب 8:84/27،الإستبصار 3:959/268،الوسائل 22:109 أبواب أقسام الطلاق ب 2 ح 2.
3- حكاه عن العلّامة في القواعد في نهاية المرام 2:47،و هو في القواعد 2:64.
4- الحاكي هو صاحب المدارك في نهاية المرام 2:47.
5- نهاية المرام 2:47.

لحصول شرطه عليهما فيهما من المراجعة و المواقعة معاً،كما في القول الأوّل،أو الأوّل خاصة،كما في الثاني،و لا كذلك الطلاق الثالث؛ لفقد الشرط فيه على القولين،و ينعكس الأمر على القول الثالث،فيتّصف الأخير ان بالعِدّي دون الأوّل؛ لوقوعهما بعد المراجعة و المواقعة،دونه؛ لعدمهما قبله.

ثم إنّ إطلاق العِدّي عليه من حيث الرجوع في العدّة.

و جعله في العبارة قسيماً للأوّلين يعطي المغايرة بينه و بينهما بالضرورة،مع أنّه أخصّ من الأخير قطعاً،فإنّه من جملة أفراده،بل أظهرها جدّاً؛ لمكان الرجوع في العدّة،فلو جعله قسمين ثم قسّم الرجعي إليه و إلى غيره كان أجود.

نعم جعله قسيماً لهما متّجه على ما ذكرنا في تفسير العِدّي؛ لتوقّفه عليه على الطلقة الثالثة المتعقّبة عن الرجعتين،و هي بائنة بالضرورة، فيرجع الأمر إلى تركّب العِدّي من البائن و الرجعي،و لا ريب أنّ المركّب منهما مخالف لأحدهما،و لعلّه لهذا جعله قسيماً في الشرائع و التحرير (1)أيضاً كما هنا.

و به اندفع الاعتراض الذي أورده في المسالك (2)على الماتن،و هو الذي أشرنا إليه هنا،مع إمكان اندفاعه عنه هنا أيضاً و إن لم يفسَّر العِدّي بما ذكرنا،بناءً على مخالفة تفسير العِدّي كلّاً من تفسيري البائن و الرجعي؛ لامتيازه باشتراط الرجعة عن الأوّل،و باشتراط الطلقة بعدها و بعد المواقعة عن الثاني،بناءً على عدم اعتبار المواقعة و الطلقة الثانية في تفسيره؛

ص:246


1- الشرائع 3:23،التحرير 2:54.
2- المسالك 2:20.

للاكتفاء فيه بمجرّد الرجعة،و هو ظاهر في عدم اعتبار شيء آخر وراءها، فاعتباره ينافيه جدّاً.

و كيف كان فهذه أي المطلّقة للعدّة خاصّة تحرم في الطلقة التاسعة تحريماً مؤبّداً إذا كانت حرّة.

و ما عداها من أقسام الطلاق الصحيح و هو ما إذا رجع فيها و تجرّد عن الوطء،أو بعدها بعقدٍ جديدٍ و إن وطِئ تحرم المطلّقة في كل ثالثة للحرّة،و في كل ثانية للأمة حتى تنكح زوجاً غيره كحرمتها كذلك لو طلّقت للعدّة.

فالفارق بين الطلاق للعدّة و غيرها حصول التحريم المؤبّد بالتاسعة في الأوّل خاصّة،دون الثاني،فلا تحرم فيه أبداً و لو ارتفع إلى مائة بعد حصول المحلّل بعد كل ثلاثة،كما تقدّمت إليه الإشارة مع الأدلّة فيه و في المسألة السابقة،و هي الحرمة بالتاسعة في العِدّية في السبب الرابع بعد الثالث في المصاهرة.

مسائل خمس

اشارة

و هنا مسائل خمس

الاُولى لا يهدم استيفاء العدّة

الاُولى:لا يهدم استيفاء العدّة و انقضاؤها،و عدم رجوع الزوج فيها في كلّ مرّة تحريم الثالثة حتى تنكح زوجاً غيره،و كذا لو استوفت العدة في إحدى الطلقات خاصّة،بإجماع الطائفة،كما حكاه جماعة (1)،بل ربما ادّعى عليه بعض الأجلة الإجماع عليه من العلماء كافة (2).

ص:247


1- التنقيح الرائع 3:320،المهذب 2:465،و فيه،لم يختلف أحد من أصحابنا..،الكفاية:202،و فيه هو المعروف من مذهب الأصحاب،مرآة العقول 21:131،و فيه لم يقل به أحد من أصحابنا.
2- راجع المسالك 2:21.

و الأصل فيه بعد الإجماع عموم الكتاب و السنّة،منها الصحيح:

في امرأة طلّقها زوجها ثلاثاً قبل أن يدخل بها،قال:« لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره» (1).

مضافاً إلى خصوص الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة،منها الصحيح:في رجل طلّق امرأته،ثم تركها حتى انقضت عدّتها،ثم تزوّجها،ثم طلّقها من غير أن يدخل بها،حتى فعل ذلك ثلاثاً،قال:

« لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره» (2).

خلافاً لابن بكير؛ استناداً إلى رواية أسندها إلى زرارة:قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:« الطلاق الذي يحبّه اللّه تعالى،و الذي يطلّق الفقيه، و هو العدل بين المرأة و الرجل:أن يطلّقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين و إرادة من القلب،ثم يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء،فإذا رأت الدم في أوّل قطرة من الثالث،و هو آخر القرء لأنّ الأقراء هو الأطهار فقد بانت منه،و هي أملك بنفسها،فإن شاءت تزوّجته و حلّت له،فإن فعل هذا بها مائة مرّة هدم ما قبله و حلّت بلا زوج» الحديث (3).

و نحوه روايات أُخر (4)هي كهذه الرواية قاصرة الأسانيد،ظاهرة الدلالة على عدم صحة الإسناد في هذه الرواية إلى زرارة؛ لتضمّنها أنّه قال

ص:248


1- التهذيب 8:213/65،الإستبصار 3:1049/297،الوسائل 22:111 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 3.
2- التهذيب 8:214/65،الإستبصار 3:1050/297،الوسائل 22:111 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 4.
3- التهذيب 8:107/35،الإستبصار 3:982/276،الوسائل 22:116 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 16.
4- الوسائل 22:114 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 11،12.

حين ما سئل عنه:هذا ممّا رزق اللّه تعالى من الرأي.

و ليس مثل ذلك قدحاً فيه،و منافياً لدعوى إجماع العصابة على صحة ما صحّ عنه من الرواية،كما ذكره جماعة (1)؛ لاحتمال رؤيته المصلحة في ذلك لتشييد ما رآه و صحّحه بأدلّة هي مستند عنده،و حجة شرعيّة،بعد أن رأى أنّ قدماء الرواة و أصحابه في تلك الأزمنة لا يقبلون منه ذلك بالمرّة؛ لنسبة ذلك إلى رأيه،فالتجأ إلى اختراع تلك النسبة إلى زرارة إعلاءً لما هو المذهب عنده و الحجّة،و يكون ذلك عنده كذباً لمصلحة،و لعلّ مثل ذلك عنده لا ينافي العدالة.

و كيف كان فلا ريب في ضعف هذا القول،و إن ذهب إليه في الفقيه (2)،تبعاً للرضوي (3)،و أخباره تنادي بضعفه في الأزمنة السابقة؛ لدلالتها كما مضى على وقوع أصحاب القائل فيه في فتواه بالهدم باستيفاء العدّة.

الثانية يصح طلاق الحامل

الثانية:يصح طلاق الحامل المستبين حملها مطلقاً،مرّة، إجماعاً،حكاه جماعة (4)؛ للأدلّة الآتية منطوقاً و فحوى،و صاعداً أيضاً مطلقاً،و لو كان للسنّة بالمعنى الآتي كما يصح للعدّة بالمعنى المقابل له و غيره على الأشبه الأشهر في المقامين،بل عليه الإجماع في الشرائع و القواعد و الإيضاح (5)و شرح الأوّل للصيمري في الأخير في الجملة.

ص:249


1- من القائلين بالقدح الشهيد الثاني في المسالك 2:21،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:51،انظر ملاذ الأخيار 13:79.
2- الفقيه 3:320.
3- فقه الرضا عليه السلام:241،المستدرك 15:315 أبواب أقسام الطلاق ب 1 ح 2.
4- منهم ابن فهد في المهذب 3:467،و الفاضل المقداد في التنقيح 2:321،و الشهيد الثاني في المسالك 2:21،و السبزواري في الكفاية:202.
5- الشرائع 3:24،القواعد 2:65،إيضاح الفوائد 3:318.

و هو الحجة فيه،كعموم الكتاب و السنّة،و خصوص الموثقات الثلاث في المقامين،في إحداها:عن رجل طلّق امرأته و هي حامل،ثم راجعها،ثم طلّقها،ثم راجعها،ثم طلّقها الثالثة في يوم واحد،تبين منه؟ قال:« نعم» (1).

و هي كما ترى مطلقة بل عامة شاملة لطلاقي العدّة و السنّة.

مضافاً إلى خصوص الخبرين في العدّة،في أحدهما عن طلاق الحبلى؟قال:« يطلّقها واحدة للعدّة بالشهور و الشهود» قلت:فله أن يراجعها؟قال:« نعم،و هي امرأته» قلت:فإن راجعها و مسّها،ثم أراد أن يطلّقها تطليقة أُخرى؟قال:« لا يطلّقها حتى يمضي لها بعد ما مسّها شهر» قلت:فإن طلّقها ثانية و أشهد،ثم راجعها و أشهد على رجعتها،و مسّها،ثم طلّقها التطليقة الثالثة،و أشهد على طلاقها لكل غرّة (2)شهر،هل تبين منه كما تبين المطلّقة على العدّة التي لا تحلّ لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره؟ قال:« نعم» الخبر (3).

و في الثاني:في الرجل يكون له المرأة الحامل،و هو يريد أن يطلّقها،قال:« يطلّقها،فإذا أراد الطلاق بعينه يطلّقها بشهادة الشهود،فإن بدا له في يومه أو من بعد ذلك أن يراجعها و يريد الرجعة بعينه فليراجع و ليواقع،ثم يبدو له فيطلّق أيضاً،ثم يبدو له فيراجع كما راجع أوّلاً،ثم يبدو له فيطلّق،فهي التي لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره،إذا كان راجعها

ص:250


1- الوسائل 22:147،148 أبواب أقسام الطلاق ب 20،الأحاديث 6،8،10.
2- في المصادر:عدّة.
3- الكافي 6:12/82،التهذيب 8:240/72،الإستبصار 3:1062/300،الوسائل 22:148 أبواب أقسام الطلاق ب 20 ح 11.

يريد المواقعة و الإمساك و يواقع» (1).

و المناقشة بقصور سند هذه الأخبار سيّما الأخيرين،مدفوعة بالاعتضاد و الانجبار بالشهرة العظيمة،و الموافقة لعموم الكتاب و السنّة،مع ما في الأخيرين من الاعتضاد بالإجماعات المحكية.

خلافاً للصدوقين و بعض متأخّري الطائفة (2)،فمنعوا عن الزيادة على الواحدة في المقامين مطلقاً؛ لعموم الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة، الظاهرة في أنّ طلاقها واحد،مع تصريح بعضها بالنهي عن الزيادة على الإطلاق إلى الخروج عن العدّة التي هي هنا وضع الحمل،إمّا مطلقاً،كما هو الأظهر الأشهر بين الطائفة،أو بشرط عدم مضيّ الأشهر الثلاثة،و إلّا فهو العدّة خاصة،كما عن الصدوقين (3)القائلين بالمنع مطلقا في هذه المسألة.

و منه يظهر ما في نسبة القول بتقييد المنع بقبل الأشهر،و الجواز بعدها و لو قبل الوضع إليهما،فإنّ التقييد في كلامهما إنما هو لبيان محلّ جواز الرجعة،لا لتحديد محل الرخصة في الطلقة الزائدة بعد الرجعة.

و كيف كان فمن النصوص الأوّلة:الصحيح:« طلاق الحامل واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه» (4)و نحوه غيره (5).

ص:251


1- التهذيب 8:241/72،الإستبصار 3:1063/300،الوسائل 22:148 أبواب أقسام الطلاق ب 20 ح 9،بتفاوت يسير.
2- الصدوق في المقنع:116،و حكاه عن والده في المختلف:588؛ و انظر نهاية المرام 2:54.
3- حكاه عنهما في المختلف:588،و الصدوق في المقنع:116.
4- الكافي 6:5/81،التهذيب 8:234/70 بتفاوت يسير،الإستبصار 3:1056/298،الوسائل 22:145 أبواب أقسام الطلاق ب 20 ح 1.
5- التهذيب 8:236/71،الإستبصار 3:1058/298،الوسائل 22:146 أبواب أقسام الطلاق ب 20 ح 2.

و من الثانية:الخبران،أحدهما:« في الرجل يطلّق امرأته و هي حبلى،قال:« يطلّقها» قلت:فيراجعها؟قال:« نعم يراجعها» قلت:فإن بدا له بعد ما راجعها أن يطلّقها،قال:« لا حتى تضع» (1).

و ثانيهما الرضوي:« و أمّا طلاق الحامل فهو واحد،و أجلها أن تضع ما في بطنها،و هو أقرب الأجلين،فإذا وضعت أو أسقطت يوم طلّقها،أو بعده متى كان،فقد بانت منه و حلّت للأزواج،فإن مضى بها ثلاثة أشهر من قبل أن تضع فقد بانت منه و لا تحل للأزواج حتى تضع،فإن راجعها من قبل أن تضع ما في بطنها،أو يمضي ثلاثة أشهر ثم أراد طلاقها فليس له ذلك حتى تضع ما في بطنها و تطهر ثم يطلّقها» (2).

و فيها نظر؛ لعدم المقاومة لما مرّ،فلتحمل على الفضيلة،أو على الوحدة الصنفية،يعني:طلاقها صنف واحد،و هو ما عدا السنّة بالمعنى الأخصّ المتقدّم المستفاد من الأخبار،و هو و إن تعدّد صنفاً أيضاً من حيث شموله للعدّة بالمعنى المتقدّم و غيرها،إلّا أنّهما يجمعهما شيء واحد و هو كونهما للرجعة،و لعلّه لهذا قسّم الطلاق في الأخبار إلى قسمين خاصة:

السنّي و العدّي،فتأمّل.

و للنهاية و جماعة (3)في الأوّل بالمعنى الآتي،فمنعوا عنه،و جوّزوا العدّة المقابلة له خاصة؛ جمعاً بين النصوص الماضية،بحمل ما دلّ على الوحدة على السنّة بالمعنى المتقدّم خاصة،و تقييد ما دلّ على الزيادة

ص:252


1- الفقيه 3:1601/331،التهذيب 8:238/71،الإستبصار 3:1060/299،الوسائل 22:147 أبواب أقسام الطلاق ب 20 ح 7.
2- فقه الرضا عليه السلام:244،المستدرك 15:350 أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 1.
3- النهاية:517؛ و انظر الوسيلة:322،و المهذّب 2:285.

بالعدّية خاصة؛ للخبرين الماضيين (1)ذيل الموثقات؛ لتصريحهما بالعدّة.

و فيه نظر؛ لعدم استفادة التقييد من الأوّل؛ لأنّ غايته فرض الثبوت في المورد،و هو لا يلازم النفي عما عداه.

و الثاني و إن ظهر منه التقييد من حيث الأمر،إلّا أنّه مقطوع، و المنسوب إليه الحكم مجهول،فلا يصلح للتقييد للمعتبرة،مع ما هي عليه من المرجحات الكثيرة،المنصوصة و الاعتبارية،الموجبة لرجحانها على هذه الرواية،و لو كانت صحيحة السند واضحة الدلالة.

و أمّا المناقشة في هذا القول بعدم معلومية المراد من السنّة،هل هو الأعم،أو الأخصّ؟مع أنّ إرادة كل منهما هنا فاسدة:

أمّا الأوّل:فبتصريح الموثق الأوّل (2)بجواز التعدد الذي ليس بعدّي، و هو السنّي بهذا المعنى،مع أنّ العدي يتمشّى بهذا المعنى،و حمله على ما عدا العدي بعيد،و خلاف الظاهر،و خلاف ما يقتضيه الجمع.

و أمّا الثاني:فلشمول النصوص المجوّزة له و لغيره،مع عدم تحققه بهذا المعنى هنا إلّا بعد انقضاء العدّة،و هو وضع الحمل،و بعده لا تكون حاملاً،و الكلام في طلاقها.

و لا يمكن تمييزه بالنية،بمعنى أنّه إذا نوى أن يطلّقها و هي حامل فلا يراجعها إلى أن تضع،ثم يتزوّجها،فيصير حينئذٍ منهيّاً عنها.

لأنّ النية لا تؤثّر بنفسها في تحقق العدي و السنّي،بل يتوقّفان على شرط متأخّر عنها،و هو إمّا الرجعة في العدّة و الوطء،أو الصبر إلى انقضاء العدّة و تجديد العقد،و حينئذٍ لا تكون حاملاً،فلا يظهر النهي عن طلاق

ص:253


1- راجع ص 250.
2- راجع ص 249.

الحامل كذلك.

إلّا أن يقال:إنّ تحريم نكاحها بعد الوضع يكون كاشفاً عن جعل الطلاق السابق سنّياً،فيلحقه حينئذٍ النهي.

و هذا أيضاً في غاية البُعد؛ لأنّ خبري النهي إنّما دلّا عليه و هي حامل.

فمدفوعة بحذافيرها،بأنّ المراد بالسنّة هو الثاني،لا بالمعنى الذي يتعقّبه المناقشة،بل بالمعنى الذي يظهر من عبارة النهاية (1)بوجوه سياقية و اعتبارات خارجية،و صرّح به في باب أنّ المواقعة بعد الرجعة شرط لمريد الطلاق للعدّة،و هو أن يطلّقها بعد الرجوع من غير وقاع،و يقابله طلاق العدّة،و هو ما يكون بعد الرجعة و المواقعة،و بإرادته هنا ذلك صرّح جماعة (2).

و عليه اندفعت المناقشات السابقة،إلّا النقض بالموثقة الأوّلة،من حيث توهّم التصريح فيها بجواز الطلاق لغير العدّة.

و يدفعه فساد التوهّم؛ لعدم التصريح فيها إلّا بوقوع الطلقات في يوم واحد،و هو غير ملازم لعدم المواقعة بعد كلّ رجعة،إلّا على تقدير اشتراط طهر غير طهر المواقعة،و هو مع مخالفته لإجماع الطائفة مدفوع بالنصوص المستفيضة المتقدّمة.

و حينئذٍ فلا مانع من وقوع الطلقات الثلاث للعدّة بوقوع المواقعة بعد كلّ رجعة،و لا استحالة في وقوعه في يوم أو ليلة حتى يدّعى لأجلها

ص:254


1- النهاية:517.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:55،انظر المختلف:588،و الحدائق 25:291.

الصراحة.

نعم هو خلاف الظاهر،لكنّه غير الصراحة،و لا بأس بارتكابه إذا اقتضاه الجمع بين الأدلّة.

و أمّا ما يقال عليه أيضاً:من عدم التمامية؛ لدلالة بعض الروايات باشتراط طلاق العدة ثانياً بوقوعه بعد شهرٍ من حين المواقعة،و هو لا يلائم إطلاق القول بجوازها.

فمدفوع بأنّه كذلك لولا الموثقة المتقدّمة،المصرّحة بجواز وقوع الطلقات الثلاث في يوم واحد،و هي مع أوضحيتها سنداً من الرواية السابقة مصرِّحة بعدم اعتبار تلك المدّة،فليحمل اعتبارها فيها على الفضيلة،و الموثقة و إن لم تصرّح بكون الطلاق للعدّة،إلّا أنّه مقتضى الجمع بين الأدلّة،فتكون كالنص في العدّة.

و بالجملة:المناقشة في هذا الجمع بأمثال ما ذكر غير واضحة، و الأولى الجواب عنه بما قدّمناه من المناقشة.

و مع ذلك فقول النهاية ليس بذلك البعيد؛ لابتناء ما قدّمناه من المناقشة على عدم ظهور المقيِّد للموثقات المجوّزة؛ لضعف الخبرين عن الدلالة و المقاومة لها،إلّا أنّ هنا رواية معتبرة لراوي تلك الموثقات بعينه، ظاهرة الدلالة في ذلك،سيأتي إليها الإشارة في المسألة الآتية في الطلقات الثلاث في الطهر الواحد مع الرجعة من دون مواقعة،فقوله لا يخلو عن قوّة،و الاحتياط لا يترك البتّة.

و للإسكافي (1)في الثاني،فمنع عنه إلّا بعد شهرٍ؛ لما مضى من الخبر (2).

ص:255


1- حكاه عنه في المختلف:588.
2- في ص 250.

و هو مجاب بما مرّ،و حمله على الاستحباب أو شدّة الكراهة بدون الشهر أظهر،كما عليه كافّة من تأخّر.

الثالثة يصح أن يطلّق ثانية في الطهر الذي طلّق فيه و راجع فيه و لم يطأ

الثالثة:يصح أن يطلّق ثانية في الطهر الذي طلّق فيه و راجع فيه و لم يطأ و كذا في غير ذلك الطهر،على الأظهر الأشهر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر؛ لعموم الكتاب و السنّة بجواز طلاق الزوجة التي منها هذه المطلّقة؛ لحصول الزوجية بمجرّد الرجعة و لو من دون مواقعة،بإجماع الطائفة؛ مضافاً إلى الأدلّة الآتية.

و للموثق في الأوّل:رجل طلّق امرأته،ثم راجعها بشهود،ثم طلّقها، ثم بدا له فيراجعها بشهود،تبين منه؟قال:« نعم» قلت:كل ذلك في طهر واحد،قال:« تبين منه» قلت:فإنّه فعل ذلك بامرأة حامل أتبين منه؟قال:

« ليس هذا مثل هذا» (1).

و هو بالفحوى يدل على الثاني أيضاً؛ مضافاً إلى المعتبرة فيه بالخصوص،منها الصحيحان في أحدهما:عن رجل طلّق امرأته،و أشهد على الرجعة،و لم يجامع،ثم طلّق في طهر آخر على السنة،أ تثبت التطليقة الثانية من غير جماع؟قال:« نعم،إذا هو أشهد على الرجعة و لم يجامع كانت التطليقة الثانية ثابتة» (2)و نحوه الثاني (3)و الحسن (4).

ص:256


1- التهذيب 8:317/92،الإستبصار 3:1000/282،الوسائل 22:144 أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 5.
2- التهذيب 8:139/45،الإستبصار 3:997/281،الوسائل 22:143 أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 1.
3- التهذيب 8:140/45،الإستبصار 3:998/281،الوسائل 22:143 أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 2.
4- التهذيب 8:141/45،الإستبصار 3:999/281،الوسائل 22:144 أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 4.

خلافاً للعماني (1)،فاشترط في الطلاق بعد المراجعة:الوقاع؛ للمستفيضة،ففي الصحيح:في الرجل يطلّق امرأته إله أن يراجع؟قال:

« لا يطلِّقَن التطليقة الأُخرى حتى يمسّها» (2).

و فيه:« كلّ طلاق لا يكون على السنّة،أو على العدّة فليس بشيء» (3).

وجه الدلالة عدم دخول الطلاق في العدّة من دون وقاع في شيء من الأمرين؛ لتفسيرهما فيه بما قدّمناه.

و في الموثق:عن رجل يطلّق امرأته في طهر من غير جماع،ثم راجعها من يومه ذلك،ثم يطلّقها،أتبين منه بثلاث طلقات في طهر واحد؟ فقال:« خالف السنّة» قلت:فليس ينبغي له إذا هو راجعها أن يطلّقها إلّا في طهر آخر،قال:« نعم» قلت:حتى يجامع؟قال:« نعم» (4).

و في الخبر:« لا يقع الطلاق الثاني حتى يراجع،و يجامع» (5).

و في آخر:« المراجعة هي الجماع،و إلّا فإنّما هي واحدة» (6).

وجه الدلالة يظهر من ذيل الرواية المعرب عن أن المراد من

ص:257


1- نقله عنه في المختلف:592.
2- الكافي 6:2/73،التهذيب 8:134/44،الإستبصار 3:993/280،الوسائل 22:141 أبواب أقسام الطلاق ب 17 ح 2،بتفاوت يسير.
3- الكافي 6:2/65،التهذيب 8:83/26،الوسائل 22:103 أبواب أقسام الطلاق ب 1 ح 1.
4- الكافي 6:4/74،الوسائل 22:141 أبواب أقسام الطلاق ب 17 ح 3.
5- التهذيب 8:143/46،الإستبصار 3:1004/284،الوسائل 22:142 أبواب أقسام الطلاق ب 17 ح 5.
6- الكافي 6:1/73،التهذيب 8:135/44،الإستبصار 3:994/280،الوسائل 22:140 أبواب أقسام الطلاق ب 17 ح 1.

المراجعة التي حصرت في المجامعة المراجعة الخاصة التي يتعقّبها التطليقة الثانية،لا مطلق المراجعة،حتى يرد على نفيه المناقشة بمخالفة الإجماع و الأدلّة.

و كيف كان:فالجواب عنها أجمع بالقصور عن المقاومة لما مرّ،من حيث اعتضاده بعمومي الكتاب و السنّة،و الشهرة العظيمة،مع صراحة الدلالة،و ليس شيء منها في المستفيضة و لا ما يقابلها عدا الاستفاضة خاصّة،و ليست تقاوم شيئاً من المرجّحات المذكورة البتة،فلتحمل على الاستحباب و الأفضلية،و ربما أومأت إليه الموثقة المتقدّمة.

و لا ينافيه الأخبار المصرّحة بعدم الوقوع،أو أنّه ليس بشيءٍ؛ لقصور سند بعضها،و قبوله مع الباقي حمل المنفي وقوعه و شيئيّته على الفرد الكامل،كما في:« لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» (1).

و أمّا الجواب عن الأخبار الناهية بأنّ غايتها ثبوت الحرمة،لا البطلان الذي هو مفروض المسألة؛ لأنّ المنهي عنه ليس بعبادة.ليس في محلّه؛ لعدم القائل بالفرق بين الحكمين،فمن قال بالحرمة أثبت البطلان،و من قال بعدمه قال بنفي الحرمة.

و ربما أُجيب عنها بمحامل أُخر يجمع بينها و بين ما مضى،منها:

ما فعله الشيخ (2)،فحمل هذه على العِدِّى؛ للخبر:« الذي يطلّق،ثم يراجع،ثم يطلّق فلا يكون بين الطلاق و الطلاق جماع،فتلك تحلّ له قبل أن تتزوّج غيره،و الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره،هي التي تجامع

ص:258


1- التهذيب 1:244/92،الوسائل 5:194 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- انظر التهذيب 8:46،الاستبصار 3:282.

فيما بين الطلاق و الطلاق» (1).

و في الحسن:عن الطلاق الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره؟ فقال:« أُخبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي» فذكر أنّه طلّقها للعدّة ثلاثاً مع المواقعة في كلّ رجعة (2).

و فيهما مع قصور سندهما،سيّما الأوّل مخالفة لما اتفقوا عليه.

و منها:ما فعله بعض الأصحاب (3)،فحمل هذه على ما إذا كان غرضه من الرجعة الطلاق لحصول البينونة،و تلك على ما إذا كان الغرض أن تكون في حبالته،ثم بدا له أن يطلّقها.

قيل:و له شواهد من النصوص (4).

و فيه مع مخالفته الإجماع نظر،فإنّ من النصوص المانعة الصحيح،و هو طويل،و فيه:« فإن طلّقها على طهر،ثم راجعها،فانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت و طهرت،ثم طلّقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقاً،لأنّه طلّقها التطليقة الثانية في طهر الاُولى،و لا ينقضي الطهر إلّا بمواقعة بعد الرجعة» الخبر (5).

و هو كما ترى صريح في العموم للصورتين من حيث عموم التعليل، و هو منافٍ للتعليل الذي بنى عليه المنع في الجمع،و لا ينافي الحمل على

ص:259


1- التهذيب 8:142/46،الإستبصار 3:1003/284،الوسائل 22:144 أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 3.
2- الكافي 6:1/75،التهذيب 8:125/41،تفسير العياشي 1:370/118،الوسائل 22:119 أبواب أقسام الطلاق ب 4 ح 3؛ بتفاوت يسير.
3- كالفيض الكاشاني في المفاتيح 2:320.
4- انظر الحدائق 25:306.
5- الكافي 6:4/66،التهذيب 8:84/27،الإستبصار 3:959/268،الوسائل 22:109 أبواب أقسام الطلاق ب 2 ح 2؛ بتفاوت يسير.

الاستحباب،فتدبّر.

و بالجملة:الأصح الوقوع في المقامين لكن لا يقع للعدّة لاشتراطها بالمواقعة،بإجماع الطائفة،و المعتبرة.

الرابعة لو طلّق غائباً ثم حضر و دخل بها ثم ادّعى الطلاق لم تقبل دعواه

الرابعة:لو طلّق حال كونه غائباً بائناً أو رجعيّاً ثم حضر و دخل بها بعد البينونة ثم ادّعى الطلاق لم تقبل دعواه فيما يتعلّق بحق الزوجة خاصّة،دون حقّه؛ لأنّ:« إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (1).

و لا بيّنته التي أقامها بنفسه،دون غيره،فتقبل في الثاني لو ورّخت بما ينافي فعله،و يحكم عليه بالفرقة في مفروض المسألة،و هو الدخول بعد البينونة،و إلّا فيعدّ فعله رجعة.

و يتفرّع على عدم قبول قوله و بيّنته أنّه لو أولدها لحق به و الأصل في المسألة رواية في سندها جهالة،إلّا أنّها مجبورة بعمل الجماعة من غير خلاف بينهم أجده،مع ما في المجهول و هو إسماعيل ابن مرّار من قوة:عن رجل طلّق امرأته و هو غائب،و أشهد على طلاقها، ثم قدم فقام (2)مع المرأة أشهراً و لم يُعلِمها بطلاقها،ثم إنّ المرأة ادّعت الحبل،فقال الرجل:قد طلّقتك و أشهدت على طلاقك،قال:« يلزمه الولد،و لا يقبل قوله» (3).

و ليس فيها عدم قبول البيّنة،لكنّه مأخوذ من الإطلاق،و القاعدة، و هي:أنّها بفعله مكذوبة.

ص:260


1- عوالي اللئلئ 1:104/223،الوسائل 23:184 أبواب الإقرار ب 3 ح 2.
2- كذا و في المصدر:فأقام،و لعلّه الأنسب.
3- الكافي 6:5/80،الوسائل 22:138 أبواب أقسام الطلاق ب 15 ح 4.

و هو حسن إن لم يُظهر لفعله تأويلاً كنسيان أو جهالة،و إلّا فلا وجه له بالمرّة،مع عموم ما دلّ على لزوم قبول البيّنة.

الخامسة إذا طلّق الغائب و أراد العقد على أُختها،أو على خامسة تربّص تسعة أشهر

الخامسة:إذا طلّق الغائب زوجته و أراد العقد على أُختها،أو على خامسة و احتمل حمل المطلّقة تربّص تسعة أشهر من حين الطلاق،على المفهوم من العبارة هنا و كلام جماعة (1)،و به صرّح بعض الأجلة (2).

إلّا أنّ التعليل هنا و في كلام جماعة (3)بكونه احتياطاً عن احتمال الحمل ربما أشعر بكون مبدأ التسعة من حين المواقعة،و قد صرّح بإفادة التعليل ذلك بعض الأجلة (4).

إلّا أنّ الأحوط الأوّل؛ عملاً بظاهر الصحيحة التي هي المستند لإثبات الحكم في المسألة:في رجل له أربع نسوة،طلّق واحدة منهنّ و هو غائب عنهنّ،متى يجوز له أن يتزوّج؟قال:« بعد تسعة أشهر،و فيها أجلان:

فساد الحيض،و فساد الحمل» (5)إلّا أنّ التعليل ربما أشعر بالثاني.

و يكون الحكم في المسترابة بالحمل خاصة،و لذا قيّد به العبارة،تبعاً للجماعة،و التفاتاً فيما عداها إلى عموم المستفيضة القائلة:إنّ عدّتها ثلاثة أقراء أو أشهر ثلاثة.

مضافاً إلى خصوص الصحيحة:« إذا طلّق الرجل امرأته و هو غائب

ص:261


1- منهم الحلّي في السرائر:692،و العلّامة في المختلف:589،و السبزواري في الكفاية:202.
2- انظر نهاية المرام 2:60.
3- منهم العلّامة في المختلف:589،انظر المسالك 2:25،و الحدائق 25:311.
4- و هو الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:129.
5- الكافي 6:6/80،الوسائل 22:269 أبواب العدد ب 47 ح 1.

فليشهد عند ذلك،فإذا مضى ثلاثة أقراء فقد انقضى عدّتها» (1).

و هي و إن كانت مطلقة،إلّا أنّها كما عداها من المستفيضة محمولة على غير المسترابة بالحَبَل؛ جمعاً بينها و بين الصحيحة المتقدّمة،إمّا لظهورها فيها،كما يستشعر به من التعليل في ذيلها،أو لحمل إطلاقها عليها؛ جمعاً بين الإطلاقين،التفاتاً إلى النصوص المفصّلة في البين، كالموثق (2)و غيره (3).

و من هنا ينقدح الوجه في تعميم الماتن الحكم لما عدا مورد الرواية، و هو التزويج بالأُخت،و أنّه كالتزويج بالخامسة؛ لظهور أنّ العلّة في الأمر بالصبر إلى انقضاء التسعة إنّما هو الاسترابة بالحبل،كما أفصح عنها التعليل في الرواية،و ظهرت من النصوص المفصّلة،فلا يضرّ اختصاص المورد بالتزويج بالخامسة،فعدم الفرق أقوى،وفاقاً لأكثر أصحابنا.

خلافاً للحلي (4)،فخصّ الحكم بالمورد؛ لوجوه بما ذكرناه مدفوعة.

ثم هنا قول باعتبار السنة دون التسعة لقواعد العلّامة (5)،إمّا لكونها أقصى مدّة الحمل،أو للأمر بها في أخبار المسترابة.

و فيهما نظر،مع كونهما اجتهاداً في مقابلة صريح النص المعتبر، الذي عليه عمل أكثر الأصحاب قد استقر.

ص:262


1- الكافي 6:5/111،التهذيب 8:561/162،الإستبصار 3:1264/353،الوسائل 22:225 أبواب العدد ب 26 ح 1.
2- الكافي 6:2/101،التهذيب 8:445/129،الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25 ح 2.
3- الكافي 6:4/102،التهذيب 8:447/129،الوسائل 22:224 أبواب العدد ب 25 ح 4.
4- السرائر 2:692.
5- القواعد 2:65.

النظر الثالث في اللواحق

اشارة

النظر الثالث في اللواحق و فيه مقاصد أربعة:

الأوّل يكره الطلاق للمريض

الأوّل:يكره الطلاق للمريض على الأشهر،بل كاد أن يكون إجماعاً بين من تأخّر؛ للنهي عنه في المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:

« ليس للمريض أن يطلّق،و له أن يتزوّج» (1).

و حملت على الكراهة؛ للجمع بينها و بين ما دلّ على الوقوع من المعتبرة الأُخر المستفيضة الآتية.

و فيه نظر،فإنّ الوقوع لا ينافي الحرمة في نحو المسألة من حيث إنّها ليست بعبادة.

نعم في الصحيح:عن الرجل يحضره الموت فيطلّق امرأته،هل يجوز طلاقها؟قال:« نعم،و إن مات ورثته،و إن ماتت لم يرثها» (2)و هو كما ترى ظاهر في الجواز،إلّا أنّ القائل حمله على أنّ المراد به الوقوع لا نفي التحريم،لكنّه بعيد،و هو مع الشهرة العظيمة و أصالة الإباحة لعلّه كافٍ في نفي الحرمة،إلّا أنّ الأحوط المصير إليها،وفاقاً للمقنعة (3).

ص:263


1- الكافي 6:12/123،التهذيب 8:261/77،الإستبصار 3:1080/304،الوسائل 22:149 أبواب أقسام الطلاق ب 21 ح 1.
2- الكافي 6:11/123،التهذيب 8:268/79،الإستبصار 3:1081/304،الوسائل 22:151 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 2.
3- المقنعة:831.

و لكن يقع لو طلّق و الحال هذه،إجماعاً،حتى من القائل بها؛ لما مرّ،و يأتي إليه الإشارة من المستفيضة.

و يرث زوجته في العدّة الرجعية إجماعاً،كما حكاه جماعة (1)، و هو الحجة فيه،كعموم المستفيضة:

ففي الصحيح:« أيّما امرأة طلّقت،ثم تُوفّي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدّتها و لم تحرم عليه،فإنّها ترثه،و تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها،و إن توفّيت و هي في عدّتها و لم تحرم عليه،فإنّه يرثها» الخبر (2).

و فيه:« إذا طلّق الرجل امرأته توارثا ما كانت في العدّة،فإذا طلّقها التطليقة الثالثة فليس له عليها رجعة،و لا ميراث بينهما» (3).

و في الموثق:عن الرجل يطلّق المرأة؟قال:« ترثه و يرثها ما دام له عليها رجعة» (4).

و في الخبر:في رجل طلّق امرأته،ثم توفّي عنها و هي في عدّتها:

« إنّها ترثه،و تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها،و إن توفّيت و هي في عدّتها فإنّه يرثها» الحديث (5).

ص:264


1- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:323،و الشهيد الثاني في المسالك 2:25،و السبزواري في الكفاية:202.
2- الكافي 6:6/121،التهذيب 8:269/79،الإستبصار 3:1087/305،الوسائل 22:250 أبواب العدد ب 36 ح 3.
3- الفقيه 4:723/228،الوسائل 26:225 أبواب ميراث الأزواج ب 13 ح 10.
4- الكافي 7:2/134،التهذيب 9:1368/383،الإستبصار 3:1095/308،الوسائل 26:223 أبواب ميراث الأزواج ب 13 ح 4.
5- التهذيب 8:270/79،الإستبصار 3:1088/306،الوسائل 22:251 أبواب العدد ب 36 ح 7.

و هي كما ترى عامة،سيّما الأوّل و الأخير.

و لا ينافيها ما تقدّم من الصحيح النافي إرثه منها مطلقاً،و إن كان نصّاً في المريض؛ لاحتماله الحمل على الطلاق البائن،و لا ينافيه الحكم فيه باستيراث الزوجة فيه؛ لما ستقف عليه من اتفاق النص و الفتوى بذلك.

أو على نفي الاستيراث بعد انقضاء العدّة،صرّح به شيخ الطائفة (1).

و لا بأس به كالسابق؛ جمعاً بين الأدلّة،و لو لم يكن عليه شاهد و لا قرينة،بل و مع فرض الصراحة لا تضرّنا الرواية؛ لكونها على هذا التقدير شاذّة لا يترك لأجلها عموم المعتبرة المتقدّمة،المعتضدة بالشهرة العظيمة،و الإجماعات المحكية،و أصالة بقاء عصمة الزوجية الموجبة لتوارث الزوجين أحدهما من الآخر بالبديهة.

ثم إنّ ظاهر العبارة كعموم المعتبرة المستفيضة المتقدّمة،عدا الأخيرة اختصاص الحكم بإرثه منها بكونها في العدّة الرجعية،و هو الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل عليه الإجماع عن الخلاف (2)،و أشعر به أيضاً عبارة بعض الأجلّة (3).

خلافاً للنهاية و جماعة (4)،فأثبتوا الإرث له في العدّة البائنة كالرجعية؛ لعموم الرواية الأخيرة من المستفيضة.

و تخصّ بما تقدّمها من المعتبرة.

ص:265


1- التهذيب 8:79،الاستبصار 3:304.
2- الخلاف 4:484.
3- الكفاية:202.
4- النهاية:509،و المهذَّب 2:289،الوسيلة:324.

و لعموم خصوص الخبرين،في أحدهما:عن رجل طلّق امرأته آخر طلاقها؟قال:« نعم،يتوارثان في العدّة» (1).

و في الثاني:« المطلّقة ثلاثاً ترث و تورث،ما دامت في عدّتها» (2).

و هما مع قصور السند و النهوض لمقاومة ما مرّ ليسا نصّين في المريض،و إطلاقهما مخالف للإجماع،و إخراجهما عن المخالفة بالتقييد بالمريض يحتاج إلى دلالة هي في المقام مفقودة.

و مع ذلك ليسا نصّين في طلاق البينونة؛ لاحتمال آخر الطلاق في الأوّل:الآخر المتحقق منه في الخارج،و يجامع أوّل الطلقات و الثاني، و لا ينحصر في الثالث،فيقبل الحمل على الأوّلين.

و المطلّقة ثلاثاً في الثاني:المطلّقة كذلك مرسلة،و قد مرّ أنّها تقع واحدة،فيرجع عدّة الطلاقين في الروايتين إلى الرجعية،فتلائمان بذلك المعتبرة المتقدّمة،و بالجملة لا وجه لهذا القول بالمرّة.

و ترثه هي أي الزوجة في العدّة و بعدها و لو كان الطلاق بائناً لكن إلى سنة خاصة،فلا ترث بعدها و لو لحظة،بلا خلاف في ذلك، بل ادّعى عليه الإجماع جماعة (3).

و الأصل فيه المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:عن رجل طلّق

ص:266


1- التهذيب 8:272/80،الإستبصار 3:1091/307،الوسائل 22:155 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 12.
2- التهذيب 8:320/94،الإستبصار 3:1026/290،الوسائل 22:156 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 13.
3- منهم الشيخ في الخلاف 4:484،و ابن إدريس في السرائر 2:674،و الشهيد الثاني في الروضة 6:48،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:129.

امرأته و هو مريض؟قال:« ترثه في مرضه ما بينه و بين سنة إن مات في مرضه ذلك» الخبر،و في آخره:« و إن مات بعد ما يمضي سنة لم يكن لها ميراث» (1).

و الموثق:رجل طلّق امرأته و هو مريض تطليقة،و قد كان طلّقها قبل ذلك تطليقتين،قال:« فإنّها ترثه إذا كان في مرضه» قال:قلت:و ما حدّ المرض؟قال:« لا يزال مريضاً حتى يموت،و إن طال ذلك إلى سنة» (2).

و هما كغيرهما و إن عمّا صورتي تزويج المرأة بعد العدّة بغيره و عدمه،إلّا أنّه ينبغي تقييدهما ب ما إذا لم تتزوّج فلو تزوّجت حرمت الميراث؛ للإجماع،و المعتبرة،منها المرسل كالصحيح:في رجل طلّق امرأته و هو مريض،قال:« إن مات في مرضه و لم تتزوّج ورثته،و إن كانت تزوّجت فقد رضيت بالذي صنع،لا ميراث لها» (3)و نحوه غيره (4).

و هذه النصوص متّفقة الدلالة كفتوى الجماعة على تقييد الحكم بقيد آخر،و هو المشار إليه في العبارة بقوله: أو يبرأ من مرضه ذلك فلو برئ منه و مات بمرض غيره قبل مضيّ السنة حرمت الميراث و لو لم تتزوّج بغيره.

ص:267


1- الفقيه 3:1688/353،التهذيب 8:271/79،الإستبصار 3:1089/306،الوسائل 22:154 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 11.
2- الكافي 3:6/122،التهذيب 8:265/78،الإستبصار 3:1085/305،الوسائل 22:153 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 8.
3- الكافي 3:3/121،التهذيب 8:263/77،الإستبصار 3:1083/305،الوسائل 22:153 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 6.
4- الكافي 3:2/121،الفقيه 3:1690/353،التهذيب 8:262/77،الإستبصار 3:1082/304،الوسائل 22:152 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 5.

ثم إنّ إطلاق النصوص كالعبارة يقتضي عموم الحكم مع الشرطين لصورتي الطلاق بقصد الإضرار و عدمه،و هو الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل ربما أشعر عبارة الخلاف و المبسوط (1)بإجماعهم عليه،و هو الحجة فيه؛ مضافاً إلى إطلاق الأدلّة المعتضدة بالشهرة العظيمة.

خلافاً للفقيه و الاستبصار و المختلف و جماعة (2)،فخصّوه بالأُولى؛ حملاً للإطلاق عليها؛ نظراً إلى الغلبة،و التفاتاً إلى خصوص الموثقة:عن رجل طلّق امرأته و هو مريض،قال:« ترثه ما دامت في عدّتها،و إن طلّقها في حال إضرار فهي ترثه إلى سنة،فإن زاد على السنة يوم واحد لم ترثه» (3).

و لا يخلو عن قوّة،و تعضده الرواية:« لا ترث المختلعة و المبارئة و المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئاً،إذا كان ذلك منهنّ في مرض الزوج،و إن مات في مرضه؛ لأنّ العصمة قد انقطعت منهنّ و منه» (4)فتأمّل.

إلّا أنّ الخروج عن الإطلاقات المعتضدة بالشهرة و حكاية الإجماع المتقدّمة مشكل،سيّما مع احتمال العموم في أكثر النصوص؛ لترك الاستفصال المفيد له عند الفحول،و ليس كالمطلق يقبل الحمل على الغالب،فالاحتياط لا يترك مع الإمكان،و إلّا فالعمل على المشهور.

ص:268


1- الخلاف 4:486،المبسوط 5:69.
2- الفقيه 3:354،الاستبصار 3:306،المختلف:583؛ مفاتيح الشرائع 3:305،الوسائل 22:151،الحدائق 25:119.
3- الكافي 6:9/122،الفقيه 3:1694/354،التهذيب 8:267/78،الإستبصار 3:1090/307،الوسائل 22:152 أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 4.
4- التهذيب 8:335/100،الإستبصار 3:1096/308،الوسائل 22:290 أبواب الخلع و المباراة ب 5 ح 4.

المقصد الثاني في المحلِّل و يعتبر فيه البلوغ

المقصد الثاني في المحلِّل و يعتبر فيه البلوغ فلا تحليل بالصغير،إجماعاً منّا،كما حكاه جماعة (1)،و كذا المقارب للبلوغ المعبَّر عنه بالمراهق،على الأظهر الأشهر، بل عليه كافّة من تأخّر إلّا من ندر (2)للأصل،و صريح الخبر (3)،و ضعفه بالشهرة منجبر،و بظواهر أخبار العُسَيلة (4)معتضد.

خلافاً للإسكافي و أحد قولي الطوسي (5)؛ لإطلاق الزوج في الآية (6).

و يضعّف بعدم التبادر أوّلاً،و ظهور:« فإن طلّقها» في الذيل في غيره ثانياً،و بتقييده بما مرّ من الخبر ثالثاً.

و الوطء فلا تحليل بمجرّد العقد،إجماعاً من العلماء إلّا سعيد ابن المسيّب (7)للأصل،و النبوي المشهور من الجانبين:« لا،حتى تذوقي عُسَيلته و يذوق عُسَيلتك» (8)و هي:لذّة الجماع،أو الإنزال،و ليسا بدون

ص:269


1- منهم الشهيد الثاني في الروضة 6:46،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:246،انظر كشف اللثام 2:133.
2- انظر المسالك 2:27،و نهاية المرام 2:66.
3- الكافي 6:6/76،التهذيب 8:100/33،الإستبصار 3:975/274،الوسائل 22:130 أبواب أقسام الطلاق ب 8 ح 1.
4- الوسائل 22:129 أبواب أقسام الطلاق ب 7.
5- حكاه عن الإسكافي في المختلف:593،الطوسي في المبسوط 5:110.
6- البقرة:230.
7- حكاه عنه في الخلاف 4:502،و المبسوط 5:109.
8- سنن البيهقي 7:374،عوالي اللئلئ 2:403/144،المستدرك 15:328 أبواب أقسام الطلاق ب 7 ح 5.

الدخول قطعاً.

و يشترط أن يكون في القبل لظاهر الخبر،و لأنّه المعهود.

و أن يكون موجباً للغسل،و حدّه غيبوبة الحشفة؛ لأنّ ذلك مناط أحكام الوطء،و ظاهرهم الاتفاق على الاكتفاء به،و هو الحجة فيه إن تمّ، و إلّا فهو محلّ نظر؛ للأصل،و ظاهر الخبر المشترط لذوق العُسَيلة،الغير الحاصلة بمجرّد غيبوبة الحشفة ظاهراً إن فسّرت بلذّة الجماع،و قطعاً إن فسّرت بالإنزال؛ لعدم حصوله بذلك غالباً.

و أن يكون بالعقد الصحيح فلا عبرة بالوطء المجرّد عنه مطلقا، حراماً كان أو شبهةً،أو المشتمل على الفاسد منه؛ لأنّه كالعدم.

و الأصل فيه بعد الإجماع الأصل،و ظاهر قوله عزّ و جلّ:

زَوْجاً [1] الغير الصادق على مثل ذلك.

و منه يظهر عدم التحليل بالوطء بالملك،أو التحليل،إمّا لعدم العقد، أو لعدم صدق الزوج على الواطئ بهما.

مضافاً إلى الخبرين في الأوّل،في أحدهما:عن رجل زوّج عبده أمته،ثم طلّقها تطليقتين،أ يراجعها إن أراد مولاها؟قال:« لا» قلت:

أ فرأيت أن وطأها مولاها،أ يحلّ للعبد أن يراجعها؟قال:« لا،حتى تزوّج زوجاً غيره،و يدخل بها،فيكون نكاحاً مثل نكاح الأوّل» الخبر (1)،و نحوه الثاني (2).

ص:270


1- التهذيب 8:298/87،الإستبصار 3:1110/312،الوسائل 22:166 أبواب أقسام الطلاق ب 27 ح 2.
2- التهذيب 8:286/84،الإستبصار 3:1099/309،الوسائل 22:165 أبواب أقسام الطلاق ب 27 ح 1.

و حيث إنّ الزوج حقيقة في الدائم دون المتمتّع،أو يتبادر منه خاصة دونه،انقدح وجه تقييد العقد ب الدائم مضافاً إلى إشعار ذيل الآية بذلك.

مع أنّه نصّ المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً،ثم تمتّع منها رجل آخر،هل تحلّ للأوّل؟قال:« لا» (1)و نحوه الموثق (2)و غيره (3)،و فيهما زيادة على ما مرّ:« حتى تدخل فيما خرجت منه» .و من الزيادة يظهر عدم التحليل بالتحليل و ملك اليمين.

ثمّ إنّ إطلاق النص و الفتوى يشملان العبد أيضاً؛ مضافاً إلى خصوص بعض الأخبار:عن رجل طلّق امرأته طلاقاً لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره،فتزوّجها عبد،ثم طلّقها،هل يهدم الطلاق؟قال:« نعم؛ لقول اللّه عزّ و جلّ في كتابه حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [1] (4)و هو أحد الأزواج» (5).

و حينئذٍ يسهّل الخطب في تحصيل المحلّل إن خيف عدم طلاقه، أو إبطاؤه به،فيحتال بتزويجها من العبد،ثم نقله إلى ملكها،فإنّه

ص:271


1- الكافي 5:1/425،الوسائل 22:131 أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 2.
2- التهذيب 8:102/33،الإستبصار 3:977/274،الوسائل 22:131 أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 3.
3- الوسائل 22:131 أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 1،5.
4- البقرة:230.
5- الكافي 5:3/425،تفسير العياشي 1:375/119،الوسائل 22:133 أبواب أقسام الطلاق ب 12 ح 1.

كطلاقها.

و هل يهدم المحلِّل بشرائطه ما دون الثلاث فيكون معه كالعدم،أم لا،بل يحتسب من الثلاث،فإن (1)كان واحداً كانت عنده على ثنتين،و إن كان اثنين كانت عنده على واحدة فيه روايتان،أشهرهما:أنّه يهدم بل ربما أشعر كثير من العبارات بالإجماع عليه.

ففي الموثق:عن رجل طلّق امرأته حتى بانت منه،و انقضت عدّتها، ثم تزوّجت زوجاً آخر،فطلّقها أيضاً،ثم تزوّجت زوجها الأوّل،أ يهدم ذلك الطلاق الأوّل؟قال:« نعم» (2)و نحوه خبران آخران (3).

و في رابع:رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة فتبين منه،ثم تزوّجها آخر،فطلّقها على السنّة،ثم تزوّجها الأوّل،على كم هي عنده؟قال:« على غير شيء» ثم قال:« يا رفاعة:كيف إذا طلّقها ثلاثاً ثم تزوّجها ثانية استقبل الطلاق،و إن طلّقها واحدة كانت على ثنتين؟! » (4).و قصور هذه النصوص بالشهرة مجبور.

و مع ذلك مطابق لمقتضى الأصل،و لزوم الاقتصار في الثلاث المحرِّم

ص:272


1- بدله في الأصل:بأن،و الظاهر ما أثبتناه.
2- الكافي 6:3/77،التهذيب 8:88/30،الإستبصار 3:963/271،الوسائل 22:125 أبواب أقسام الطلاق ب 6 ح 1.
3- الأول في:نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:283/113،الوسائل 22:128 أبواب أقسام الطلاق ب 6 ح 13.الثاني في:التهذيب 8:106/34،الإستبصار 3:981/275،الوسائل 22:125 أبواب أقسام الطلاق ب 6 ح 3.
4- التهذيب 8:92/31،الإستبصار 3:967/272،الوسائل 22:126 أبواب أقسام الطلاق ب 6 ح 4.

على المتيقّن المتبادر من النص الدالّ عليه،و هو:الثلاث التي لم يتخلّلها المحلِّل.

و مع ذلك مخالف لما عليه أكثر العامة،كما حكاه بعض الأجلّة (1)، و إن حكي الهدم عن أبي حنيفة و جماعة (2)؛ لرجحان الكثرة على القلّة،مع التأيّد بصريح بعض المعتبرة (3)بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده من حيث الدلالة على كون الهدم مذهب علي عليه السلام،و عدمه مذهب عمر.

و أمّا ما دلّ على كون الثاني مذهب علي عليه السلام (4)،فغير ظاهر المنافاة؛ لضعف السند أوّلاً،و احتمال التقية في النسبة ثانياً،و ليس فيه أنّ مذهب عمر:الهدم.

و أمّا الرواية الثانية فهي الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة:

منها الصحيح:عن رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة،ثم تركها حتى مضت عدّتها،فتزوّجت زوجاً غيره،ثم مات الرجل،أو طلّقها،فراجعها زوجها الأوّل؟قال:« هي عنده على تطليقتين» (5).

ص:273


1- انظر الخلاف 4:488.
2- حكاه عنهم في الخلاف 4:489.
3- التهذيب 8:106/34،الإستبصار 3:981/275،الوسائل 22:125 أبواب أقسام الطلاق ب 6 ح 3.
4- التهذيب 8:96/32،الإستبصار 3:971/273،الوسائل 22:127 أبواب أقسام الطلاق ب 6 ح 10.
5- الكافي 5:5/426،التهذيب 8:93/31،الإستبصار 3:968/273،الوسائل 22:126 أبواب أقسام الطلاق ب 6 ح 6.

إلّا أنّها متروكة،كما هو الظاهر من جماعة (1)،و صرّح به بعض الأجلّة (2)،و مع ذلك فلا يعرف بها قائل من الطائفة،و إن نسب إلى قيل، و كلّ ذلك أمارة الشذوذ،و رجحان الأخبار الأوّلة.

و لو ادّعت أنّها تزوّجت المحلِّل و أنّه دخل بها و طلّق،فالمروي (3) صحيحاً: القبول إذا كانت ثقة إلّا أنّ المشهور القبول مع الإمكان مطلقاً،و حمل الرواية على الاستحباب؛ تمسّكاً بعموم المعتبرة المجوِّزة للتزويج بمن لا يعلم حالها، معللة بأنّها:« هي المصدَّقة على نفسها» كما في بعضٍ (4)،و:« إنّما عليك أن تصدِّقها في نفسها» كما في آخر (5).

المؤيّد بأنّها أخبرت عن أمرٍ ممكنٍ متعلّقٍ بها من غير منازع، و المستفاد من كلمة الأصحاب و كذا الأخبار القبول مطلقاً في نحو ذلك، ففي الخبر:عشرة كانوا جلوساً،و في وسطهم كيس فيه ألف درهم،فسأل بعضهم بعضاً:أ لكم هذا الكيس؟فقالوا كلّهم:لا،و قال واحد منهم:هو

ص:274


1- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:328،و الشهيد الثاني في المسالك 2:28،و المجلسي في مرآة العقول 21:130.
2- المفاتيح 2:246.
3- التهذيب 8:104/34،الإستبصار 3:979/275،الوسائل 22:133 أبواب أقسام الطلاق ب 10 ح 1.
4- الكافي 5:2/462،التهذيب 7:1526/377،الوسائل 20:أبواب عقد النكاح و أولياء العقد ب 3 ح 5.
5- رسالة المتعة(مصنفات الشيخ المفيد 6):37/14،المستدرك 14:458 أبواب المتعة ب 9 ح 1.

لي،فلمن هو؟قال:« هو للذي ادّعاه» (1).

مع أنّ عدم القبول ربما أوجب العسر و الحرج المنفيين آيةً و روايةً.

و إلى هذا التعليل يشير بعض الأخبار:« أ رأيت لو سألها البيّنة كان تجد من يشهد أن ليس لها زوج» (2).

و ربما يؤيّده النهي عن السؤال بعد التزويج بلا سؤال مع التهمة في كثير من النصوص (3).

و من هنا ينقدح عموم الحكم و انسحابه في كلّ امرأة كانت مزوّجة، و أُخبرت بموته و فراقه و انقضاء العدّة في وقت محتمل.

و لا فرق بين أن تعيّن الزوج و عدمه،و لا بين استعلامه و عدمه،و إن كان طريق الورع غير خفي بسؤال المعلوم،و التوقف مع ظنّ كذبها.

قيل:و المراد بالثقة من تسكن النفس إلى خبرها،و إن لم تكن متّصفة بالعدالة المعتبرة في الشهادة (4).

ص:275


1- الكافي 7:5/422،التهذيب 6:810/292،الوسائل 27:273 أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى ب 17 ح 1.
2- التهذيب 7:1094/253،الوسائل 21:32 أبواب المتعة ب 10 ح 5.
3- الوسائل 20:301 أبواب عقد النكاح ب 25،و ج 21:30 أبواب المتعة ب 10.
4- نهاية المرام 2:70.

المقصد الثالث في الرجعة

المقصد الثالث في الرجعة بالكسر و الفتح،و الثاني أفصح،و هي لغةً:المرّة من الرجوع،و شرعاً:ردّ المرأة إلى النكاح السابق من غير طلاق بائن في العدّة،و فسّرت به أيضاً في القاموس و الصحاح (1).

و الأصل في شرعيتها الكتاب (2)،و السنّة (3)،و إجماع العلماء،حكاه جماعة من أصحابنا (4).

و تصح بكل ما دل على قصد الرجوع في النكاح،بلا خلاف بين العلماء إذا كان نطقاً،كقوله:راجعت و رجعت،و ارتجعت،متّصلاً بضميرها،فيقول:راجعتكِ،و ارتَجعتكِ،و رجعتكِ.

و هذه الثلاثة صريحة غير محتاجة في بيان نية الرجعة إلى ضميمة، و لو مثل إليّ،أو إلى نكاحي،بلا خلافٍ،إلّا أنّه ينبغي إضافتهما و استحب،كما قيل (5)،و بها تصير أصرح.

و في معناها رددتكِ،و أمسكتكِ؛ لورودهما في القرآن في قوله تعالى وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ [1] (6)، فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ [2] (7)

ص:276


1- القاموس 3:29،الصحاح 3:1216،1217.
2- البقرة:228 230.
3- الوسائل 22:108 أبواب أقسام الطلاق ب 2.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:29،و السبزواري في الكفاية:203،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:321.
5- قاله الشهيد الثاني في الروضة 6:49.
6- البقرة:228.
7- البقرة:229.

،فلا يحتاج إلى نية الرجعة،أي قرينة معربة عنها،كما هو الشأن في الألفاظ الغير الصريحة.

و قيل:يفتقر إليها فيهما؛ لاحتمالهما غيرها،كالإمساك باليد،أو في البيت،و نحوه (1).و هو حسن.

و بينا إذا كان فعلاً،كالوطء و القُبلة و اللمس بشهوة مع قصد الرجعة،فلا عبرة بها سهواً و غفلةً،أو مع قصد عدم الرجعة،أو لا معه مع عدم قصد الرجعة،فإنّ ذلك لا يفيد الرجوع،و إن فعل حراماً في غير الأوّل؛ لانفساح النكاح بالطلاق،و إن كان رجعيّاً،و لو لا ذلك لم تبن بانقضاء العدّة،إلّا أنّه لا حدّ عليه،و إن استحق التعزير،إلّا مع الجهل بالتحريم.

و الأصل في حصول الرجعة بها بعد الإجماع،و الاندراج في العمومات،فإنّ المعتبر معنى الرجعة لا لفظها ما ورد في معتبر الأخبار، الصحيح إلى المجمع على تصحيح رواياته،الغير الضائر قصور السند بعده،مع انجباره بعمل الكلّ،و فيه:« من غشي امرأته بعد انقضاء العدّة جلد الحدّ،و إن غشيها قبل انقضاء العدّة كان غشيانه إيّاها رجعة» (2).

و إطلاقه و إن شمل الخالي عن قصد الرجعة،إلّا أنّ اللازم التقييد به؛ جمعاً بينه و بين ما دلّ على اعتباره من العقل و النقل.

نعم لا يبعد أخذه دليلاً على كون الأصل في الفعل الرجعة،كالألفاظ الصريحة،فلا يسمع دعوى عدمها إلّا مع البيّنة،فيرجع التقييد على هذا

ص:277


1- انظر نهاية المرام 2:71.
2- الفقيه 4:38/18،التهذيب 10:74/25،الوسائل 28:131 أبواب حد الزنا ب 29 ح 1.

إلى التقييد بعدم ظهور عدم قصد الرجعة،لا ظهور قصدها.

خلافاً للروضة،فقيّده بقصد الرجوع،لا بعدم قصد غيره (1).و هو حسن لولا إطلاق النص المعتبر.

و لو أنكر الطلاق كان رجعة بلا خلاف،بل عليه الوفاق في المسالك (2)؛ للصحيح:« إن كان أنكر الطلاق قبل انقضاء العدّة فإنّ إنكار الطلاق رجعة لها،و إن كان إنكار الطلاق بعد انقضاء العدّة فإنّ على الإمام أن يفرِّق بينهما بعد شهادة الشهود» (3)و نحوه الرضوي (4).

و لدلالته على ارتفاعه في الأزمنة الثلاثة،و دلالة الرجعة على رفعه في غير الماضي،فيكون أقوى.

و لا يقدح فيه كون الرجعة من توابع الطلاق،فينتفي حيث ينتفي المتبوع؛ لأنّ غايتها التزام ثبوت النكاح،و الإنكار يدل عليه،فيحصل المطلوب منها،و إن أنكر سبب شرعيتها.

ثم إنّ إطلاق النص و الفتوى يقتضي حصول الرجعة به مطلقاً،و لو مع ظهور أنّ الباعث عليه عدم التفطّن إلى وقوع المنكَر،و لو ذكره لم يرجع.

و هو مشكل؛ للقطع بعدم قصد الرجعة حينئذٍ،و هو معتبر إجماعاً، و تنزيلهما على ذلك بعيد؛ لبعد شمولهما لمثل ذلك،و غايتهما حينئذٍ إثبات أصالة الرجعة في الإنكار،كما في الألفاظ الصريحة،إلّا مع وجود الصارف عنها،كما فيها أيضاً،و لا كذلك الإنكار في غير الطلاق ممّا يجوز الرجوع،

ص:278


1- الروضة 6:50.
2- المسالك 2:30.
3- الكافي 6:1/74،التهذيب 8:129/42،الوسائل 22:136 أبواب أقسام الطلاق ب 14 ح 1.
4- فقه الرضا عليه السلام:242،المستدرك 15:331 أبواب أقسام الطلاق ب 12 ح 1.

فلا يحكم به فيه بمجرّده؛ لأعمّيته عنه،و احتماله ما ذكرنا من عدم التفطّن، إلى آخره.

و لا يجب في صحة الرجعة الإشهاد بلا خلاف،بل عليه إجماعنا في عبائر جماعة (1)،و هو الحجة فيه،كفحوى المعتبرة (2)بعدمه في النكاح،فهنا أولى؛ مضافاً إلى خصوص الآتية بل يستحب للمستفيضة،ففي الصحيح:« إنّ الطلاق لا يكون بغير شُهود،و إنّ الرجعة بغير شهود رجعة،و لكن ليشهد بعد فهو أفضل» (3).

و فيه:في الذي يراجع و لم يشهد،قال:« يشهد أحبّ إليَّ،و لا أرى بالذي صنع بأساً» (4).

و فيه:« إنّما جعل الشهود لمكان الميراث» (5).

و في الرضوي:« و إنّما تكره الرجعة بغير شهود من جهة الحدود و المواريث و السلطان» (6).

و رجعة الأخرس بالإشارة المفهمة،كسائر تصرّفاته،على المشهور بين الطائفة.

خلافاً للصدوقين (7)،فبإلقاء القناع عنها،عملاً بضدّ ما هو أمارة

ص:279


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:30،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:131،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:321.
2- انظر الوسائل 22:134 أبواب أقسام الطلاق ب 13.
3- الكافي 6:3/73،التهذيب 8:128/42،الوسائل 22:134 أبواب أقسام الطلاق ب 13 ح 3.
4- الكافي 6:1/72،التهذيب 8:126/42،الوسائل 22:134 أبواب أقسام الطلاق ب 13 ح 2؛ باختلاف يسير.
5- الكافي 6:5/73،الوسائل 22:134 أبواب أقسام الطلاق ب 13 ح 1.
6- فقه الرضا عليه السلام:243،المستدرك 15:330 أبواب أقسام الطلاق ب 11 ح 1.
7- الصدوق في المقنع:119،و حكاه عن والده في المختلف:591.

طلاقها،و هو وضعه عليها،كما في الخبر (1).

و هو شاذّ،و مستنده مزيّف.

و في قول الماتن: و في رواية:يأخذ القناع عنها،إشارة إلى وجود الرواية بصريحها فيه،و لم نقف عليها.

و لو ادّعت المطلّقة انقضاء العدّة في الزمان الممكن و يختلف أقلّه باختلاف أنواع العدّة.

فهو من المعتدّة بالأقراء ستّة و عشرون يوماً و لحظتان في الحرّة، و ثلاثة عشر يوماً و لحظتان في الأمة،و قد يتفق نادراً انقضاؤها في الحرّة بثلاثة و عشرين يوماً و ثلاث لحظات،و في الأمة بعشرة و ثلاث (2)،بأن يطلّقها بعد الوضع و قبل رؤية دم النفاس بلحظة،ثم تراه لحظة،ثم تطهر عشرة،ثم تحيض ثلاثة،ثم تطهر عشرة،ثم ترى الحيض لحظة،و النفاس معدود بحيضة،و منه يعلم حكم الأمة.

و من المعتدّة بالوضع تامّاً ستة أشهر و لحظتين من وقت النكاح، لحظة للوطء،و لحظة للولادة.

و سقطاً مصوّراً مائة و عشرون يوماً و لحظتان.

و مضغةً ثمانون يوماً و لحظتان.

و علقةً أربعون كذلك،كما في المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:

« تصل النطفة إلى الرحم فتردّد فيه أربعين يوماً،ثم تصير علقةً أربعين يوماً،ثم تصير مضغةً أربعين يوماً» الحديث (3).

ص:280


1- فقه الرضا عليه السلام:248،المستدرك 15:297 أبواب مقدمات الطلاق ب 17 ح 1.
2- في« ح» زيادة:لحظات.
3- الكافي 6:4/13.

و نحوه الموثق (1)و غيره (2)،بزيادة:« فإذا كمل أربعة أشهر بعث اللّه تعالى ملكين خلّاقين» الخبر،و في معناها النبوي (3).

و قيل في الثلاثة بالرجوع إلى الإمكان عادةً (4).

و لا ثمرة إلّا مع ظهور المخالفة،و هي غير معلومة،و على تقدير تحققها فالأظهر العمل بالمعتبرة.

و كيف كان لو ادّعت الانقضاء كذلك و لا منازع لها قبل دعواها من دون يمين،بلا خلاف يظهر فيه،و في دعوى الانقضاء بالأشهر؛ للصحيحين (5):« الحيض و العدّة إلى النساء» و زيد في أحدهما:« إذا ادّعت صدّقت» .و إطلاقهما ككلام أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين دعوى المعتاد و غيره.

خلافاً للّمعة في الثاني،فلا يقبل إلّا بشهادة أربع من النساء المطّلعات على أمرها؛ مسنداً ذلك إلى ظاهر الروايات (6).

و لم نقف عليها إلّا على رواية (7)هي مع قصور سندها غير

ص:281


1- الكافي 6:3/13.
2- الكافي 6:6/16.
3- سنن البيهقي 10:266.
4- قاله في المسالك 2:31.
5- الأول في:التهذيب 1:1243/398،الإستبصار 1:510/148،الوسائل 2:358 أبواب الحيض ب 47 ح 2.الثاني في:الكافي 6:1/101،التهذيب 8:575/165،الإستبصار 3:1276/356،الوسائل 2:358 أبواب الحيض ب 47 ح 1.
6- اللمعة(الروضة البهية 6):56.
7- الفقيه 1:207/55،التهذيب 1:1242/398،الإستبصار 1:511/148،الوسائل 2:358 أبواب الحيض ب 47 ح 3.

صريحة في المدّعى،و لا ريب أنّ العمل بها أحوط،سيّما مع التهمة.

و كذا الحكم لو كان لها منازع فيقبل قولها في انقضاء العدة بالحيض و الوضع،لكن مع اليمين،بلا خلاف.

و أمّا بالأشهر فقد قطع جماعة من الأصحاب منهم الماتن في الشرائع (1)بعدم قبول قولها،و تقديم قول الزوج المنكر؛ لرجوع النزاع إلى الاختلاف في وقت الطلاق،و الأصل عدم تقدّمه.

و منه يظهر الوجه في تقديم قولها مع اليمين هنا،لو انعكس الفرض فادّعت البقاء لطلب النفقة مثلاً،و لا ريب فيه،و يساعده إطلاق النص.

و يشكل في أصل الفرض؛ لما ذكر من الإطلاق الذي هو بالنظر إلى الأصل المتقدم كالخاص بالإضافة إلى العام،فالوجه تقديمه عليه،لا العكس.

مع أنّه لو تعيّن لا نسحب الحكم هنا و هو تقديم قول الزوج في الصورتين الأُوليين،و هما دعوى الانقضاء بالحيض أو بالوضع أيضاً،فإنّ الأصل عدم الانقضاء،و العمل بالإطلاق فيهما و تركه هنا لا أعرف وجهه أصلاً.

و بالجملة فإن عمل بالأصل عمل به في المقامين،و إن عمل بإطلاق الصحيحين فليكن كذلك،فالتفكيك لا وجه له في البين.

اللّهم إلّا أن يقال بأنّ النزاع هنا حقيقة ليس في العدّة ليقبل قولها، و إن توجّه إليها في الظاهر،بل هو في زمان وقوع الطلاق،و ليس مثله داخلاً في الإطلاق،فتدبّر.

فظهر أنّ المراد بالأصل هنا ليس أصالة عدم الانقضاء،بل المراد به أصالة عدم تقدّم الطلاق،فلا وجه للنقض أصلاً.

ص:282


1- الشرائع 3:31،المسالك 2:31،نهاية المرام 2:74.

المقصد الرابع في العِدد و النظر في فصول

اشارة

المقصد الرابع في العِدد جمع عدّة،و عرفت بأنّها اسم لمدّة معلومة يتربّص فيه المرأة لمعرفة براءة رحمها،أو للتعبّد،أو للتفجّع على الزوج،و شرّعت صيانةً للأنساب،و تحصيناً لها عن الاختلاف.

و النظر هنا في فصول

الأوّل لا عدّة على من لم يدخل بها

الأوّل:لا عدّة على من لم يدخل بها إجماعاً من العلماء،كما حكاه أصحابنا (1)،و هو نص الآية ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها [1] (2).و النصوص به مع ذلك مستفيضة،منها الصحيح:« إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس عليها عدّة،تزوّج من ساعتها،و تبينها تطليقة واحدة» (3).

عدا المتوفّى عنها زوجها فعليها العدّة مطلقاً؛ لما يأتي (4).

و نعني بالدخول الوطء قُبُلاً أو دُبُراً وطئاً موجباً للغسل، بلا خلافٍ يعرف،بل ظاهرهم الإجماع عليه؛ لإطلاق النصوص بإيجاب الدخول المهر و العدّة،منها الصحيح:« إذا أدخله وجب المهر و الغسل و العدّة» (5).

ص:283


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:76،و صاحب الحدائق 25:391.
2- الأحزاب:49.
3- الكافي 6:3/83،التهذيب 8:211/64،الإستبصار 3:1047/296،الوسائل 22:176 أبواب العدد ب 1 ح 4.
4- راجع في ص 307.
5- الكافي 6:6/109،الوسائل 21:319 أبواب المهور ب 54 ح 1.

و لو لا الوفاق لأمكن المناقشة بعدم تبادر مثل الدخول في الدُّبُر من الإطلاق.

و نحوه المناقشة في تعميم الداخل للكبير و الصغير الذي لم يبلغ سنّاً يمكن التولّد منه.

لكن المحكي عن جماعة (1)ذلك،و هو أحوط،كإلحاق دخول المني المحترم مع ظهور الحمل بالوطء،فتعتدّ بالوضع،و لكن لا عدّة قبل الظهور؛ لعدم الموجب له من دخول أو حبل.

و لا تجب بالخلوة من دون مواقعة،على الأشهر الأظهر بين الطائفة؛ للنصوص الماضية،المعتضدة بالأصل و الشهرة.

خلافاً للإسكافي (2)،فأوجب،و له بعض المعتبرة (3)المحتمل للتقية،و قد مضى الكلام في باب المهر (4)مستقصى،فلا وجه للإعادة.

و لا بوطء الخصيّ على رواية صحيحة:عن خصيٍّ تزوّج امرأة على ألف درهم،ثم طلّقها بعد ما دخل بها؟قال:« لها الألف الذي أخذت منه، و لا عدّة عليها» (5)لكنّها مع مخالفتها إطلاق النصوص المتقدّمة،القائلة:

إنّ بالدخول يجب المهر و الغسل و العدّة مطرحة عند الأصحاب،معارضة بصحيحة أُخرى أقوى منها بالاحتياط و الفتوى:عن خصيّ تزوّج امرأة و هي تعلم أنّه خصيّ؟فقال:« جائز» فقيل:فإنّه مكث معها ما شاء اللّه تعالى،ثم

ص:284


1- منهم السيد المرتضى في الانتصار:146،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):616،و الشهيد الثاني في المسالك 2:35.
2- على ما نقله عنه في المختلف:619.
3- الكافي 6:7/109،الوسائل 21:321 أبواب المهور ب 55 ح 2.
4- راجع ص 47،48.
5- التهذيب 7:1517/375،الوسائل 21:303 أبواب المهور ب 44 ح 1.

طلّقها،هل عليها عدّة؟قال:« نعم،أ ليس قد لذّ بها و لذّت منه» الحديث (1).

و الجمع بينهما بحمل هذه على الاستحباب كما فعله شاذّ من متأخري المتأخرين (2)شاذّ لا يلتفت إليه.

و لا بمباشرة المجبوب،و هو المقطوع الذكر،على الأشهر الأظهر؛ للأصل،مع عدم اندراجه تحت الإطلاق الذي مرّ.

خلافاً للمبسوط،فأوجب؛ لإمكان المساحقة (3).

و فيه:أنّه غير كافٍ؛ فإنّ المناط هو الدخول،لا ما ذكر؛ لعدم الدليل عليه.

نعم لو ظهر بها حمل لحقه الولد،و اعتدّت منه بوضعه،كما مرّ.

و نحوه الكلام في الممسوح الذي لم يبق له شيء،و لا يتصور منه دخول،إلّا أنّه يزيد عليه بعدم إلحاق الولد به و العدّة مع ظهور الحبل،كما عن أكثر الأصحاب (4).

خلافاً للمحكي عن بعضهم (5)،فحكمه حكم المجبوب،و هو بعيد، فتأمّل.

الثاني في المستقيمة الحيض

الثاني:في المستقيمة الحيض التي يأتيها حيضها في كل شهر مرّة على عادة النساء،و في معناها من كانت تعتاد الحيض فيما دون الثلاثة أشهر.

ص:285


1- الكافي 6:1/151،الوسائل 22:255 أبواب العدد ب 39 ح 1.
2- المفاتيح 2:343.
3- المبسوط 5:238.
4- انظر المسالك 2:35.
5- حكاه عنه في المسالك 2:35،و هو في المبسوط 5:238.

و قيل:إنّها التي تكون لها فيه عادة مضبوطة وقتاً،سواء انضبط عدداً أم لا (1).و ردّ بأنّ معتادة الحيض فيما زاد على ثلاثة أشهر لا تعتدّ بالأقراء، و إن كانت لها عادة وقتاً و عدداً (2).

و كيف كان هي تعتدّ من الطلاق،و الفسخ،و وطء الشبهة، بل الزناء وفاقاً لجماعة من أصحابنا (3)؛ لاشتراك المناط،و هو خوف اختلاط الأنساب.

و للنصوص،منها:قلت له:الرجل يفجر بالمرأة،ثم يبدو في تزويجها،هل تحلّ له ذلك؟قال:« نعم،إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور،فله أن يتزوّجها» الخبر (4).

و نحوه المروي في تحف العقول عن مولانا الجواد عليه السلام،أنّه سئل عن رجل نكح امرأة على زناء،أ يحلّ له أن يتزوّجها؟فقال:« يدعها حتى يستبرئها من نطفته و نطفة غيره؛ إذ لا يؤمن منها أن يكون قد أحدثت مع غيره حدثاً كما أحدثت معه،ثم يتزوّج بها إذا أراد» (5)فتأمّل.

خلافاً للمحكي عن الأكثر (6)،فلا يجب فيه؛ للأصل،و عدم حرمة للزناء.

ص:286


1- قاله الشهيد الثاني في الروضة 6:58.
2- كما في الكفاية:204.
3- منهم المحقق الكاشاني في المفاتيح 2:344،و صاحب الحدائق 25:397،و العلّامة في التحرير على ما حكاه عنه في المفاتيح.
4- الكافي 6:4/356،التهذيب 7:1346/327،الوسائل 22:265 أبواب العدد ب 44 ح 1.
5- تحف العقول:338،الوسائل 22:265 أبواب العدد ب 44 ح 2.
6- حكاه عنهم في مفاتيح الشرائع 2:344.

بثلاثة أطهار على الأظهر الأشهر بل لم نقف فيه على مخالف صريحاً،بل ظاهر الاستبصار و الحلّي و الطبرسي و جماعة و صريح الانتصار (1)الإجماع عليه،و هو الحجة فيه،كالنصوص المستفيضة التي كادت تكون متواترة،و أكثرها صحاح و معتبرة،ففي الصحيحين:« القرء ما بين الحيضتين» (2).

و في الحسن:« الأقراء هي الأطهار» (3).

و في عدّة من المعتبرة،كالصحاح و الموثقة:« أنّه أملك برجعتها ما لم تقع في الدم من الحيضة الثالثة» (4).

و بإزاء هذه الأخبار نصوص كثيرة (5)،و حملها الأصحاب على التقية، و المفيد (6)على ما إذا طلّقها في آخر طهرها،و حمل الأوّلة على ما إذا طلّقها في أوّله.

و الأوّل أولى؛ للصحيح:رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع

ص:287


1- الاستبصار 3:328،الحلي في السرائر 2:691،الطبرسي في مجمع البيان 4:364؛ و انظر المسالك 2:36،و الكفاية:204،و المفاتيح 2:344،و الانتصار:149.
2- الأول في:الكافي 6:2/89،التهذيب 8:423/122،الإستبصار 3:1173/330،الوسائل 22:201 أبواب العدد ب 14 ح 1.الثاني في:الكافي 6:3/89،التهذيب 8:424/123،الاستبصار 3:1174/330،تفسير العياشي 1:350/114،الوسائل 22:201 أبواب العدد ب 14 ح 2.
3- الكافي 6:4/89،تفسير العياشي 1:539/115،الوسائل 22:201 أبواب العدد ب 14 ح 3.
4- انظر الوسائل 22:204 أبواب العدد ب 15.
5- الوسائل 22:207 أبواب العدد ب 15 الأحاديث 12،13،14.
6- حكاه عنه في التهذيب 8:127.

بشهادة عدلين،فقال:« إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها، و حلّت للأزواج» قلت له:أصلحك اللّه تعالى،إنّ أهل العراق يروون عن علي عليه السلام يقول:هو أملك برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة،فقال:

« كذبوا» (1).

ثم إنّ اعتداد المطلّقة بالأقراء الثلاثة إنّما هو إذا كانت حرّة مطلقاً و إن كانت تحت عبد و أمّا إذا كانت أمة فعدّتها قرءان،و لو كانت تحت حرّ،بالنص و الإجماع،كما يأتي (2).

و تحتسب بالطهر الذي طلّقها فيه قرءاً واحداً و لو حاضت بعد الطلاق بلحظة لصدق الطهر على تلك اللحظة،و لا خلاف فيه.

و لو لم تطهر لحظة بعد الطلاق،بل اتصل خروج الدم بانتهاء الصيغة لم تحسب الطهر الذي طلّقت فيه قرء؛ لأنّ العبرة به بعد الطلاق لا حينه.

و تبين برؤية الدم الثالث قطعاً في ذات العادة الوقتية،و مطلقاً ظاهراً بناءً على الأشهر الأظهر من تحيّض النسوة مطلقاً،ذوات عادات كنّ أو مبتدءات أو مضطربات بمجرّد الرؤية.

خلافاً للماتن في الشرائع (3)،فخصّ الحكم بذات العادة المزبورة، بناءً على أصله.

و يدلّ على أصل الحكم في الجملة مع عدم الخلاف فيه بين الطائفة -

ص:288


1- الكافي 6:1/86،التهذيب 8:426/123،الإستبصار 3:1163/327،الوسائل 22:203 أبواب العدد ب 15 ح 1.
2- يأتي في ص 318.
3- الشرائع 3:34.

ما مضى من المعتبرة من أنّ:« الأقراء هي الأطهار» و بالدخول في الحيضة الثالثة مع تقدّم الطهر الحيضة الأُولى و لو لحظة يتحقق الأطهار الثلاثة.

مضافاً إلى صريح النصوص الأخيرة،القائلة:« إنّه أملك برجعتها ما لم تقع في الحيضة الثالثة» . و بما ذكرنا يظهر أنّ أقلّ ما تنقضي عدّتها ستّة و عشرون يوماً و لحظتان كما قدّمناه (1)؛ لاحتمال أن تطلّق و قد بقي من الطهر لحظة،ثم تنقضي أقلّ الحيض ثلاثة،ثم أقلّ الطهر عشرة،ثم تحيض و تطهر كذلك، ثم تطعن في الحيض لحظة و ليست هذه اللحظة الأخيرة جزءاً من العدّة،بل هي دالّة على الخروج عنها؛ لتصريح الآية و المعتبرة بأنّ العدّة هي بالإظهار خاصّة،من دون ضميمة حيضة،و لا تنافيهما المعتبرة المشترطة في البينونة الدخول في الحيضة الثالثة؛ لظهور أنّ الاشتراط من باب المقدّمة،و هذا هو الأشهر.

خلافاً للشيخ (2)،فجعله جزءاً؛ لأنّ الحكم بانقضاء العدّة إنّما يتحقق برؤية الدم من الحيضة الثالثة.

و هو أعم من المدّعى،فقد يكون توقف الحكم بالانقضاء على ذلك من باب المقدّمة،لا أنّه جزء من العدّة.

و يتفرع على القولين عدم جواز الرجعة أو التزويج بالغير في تلك اللحظة على الأوّل،دون الثاني.

الثالث في المسترابة

الثالث:في المسترابة بالحمل و هي التي لا تحيض و في سنّها من تحيض،و عدّتها إن كانت حرّة ثلاثة أشهر هلالية،إن طلّقت

ص:289


1- راجع ص 279.
2- المبسوط 5:236،الخلاف 5:56.

عند الهلال،و إلّا أكملت المنكسر خاصّة بثلاثين بعد الهلالين،على الأشهر الأظهر.

و الأصل في المسألة بعد الآية (1)و الإجماع المحكي في كلام جماعة (2)المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:« لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلّا بإذن زوجها،حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء،أو ثلاثة أشهر إن لم تحض» (3)مضافاً إلى النصوص الآتية.

و إطلاقها كالعبارة و صريح جماعة (4)يقتضي عدم الفرق في عدم الحيض بين أن يكون خلقيّاً،أو لعارض من حمل أو رضاع أو مرض.

خلافاً للقاضي و المفلح الصيمري (5)،فخصّا الحكم بما عدا الأخيرين،و قالا:إنّ عدّتها فيهما بالأقراء،و يظهر من الثاني تخصيص محلّ البحث بالأوّل.

و إطلاق النصوص،كأكثر الفتاوي،و صريح بعضها حجّة عليه، و لا حجّة له سوى إطلاق الأدلّة باعتداد المطلّقات بالأقراء،و هو مع الشك في شموله لمثل ما نحن فيه مقيّد بما هنا من الإطلاقات.

مضافاً إلى صريح الموثق،بل الصحيح:عن رجل طلّق امرأته بعد ما ولدت،و طهرت،و هي امرأة لا ترى دماً ما دامت ترضع،ما عدّتها؟قال

ص:290


1- الطلاق:4.
2- منهم الشيخ في الخلاف 5:58،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:345،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:137.
3- الكافي 6:1/89،التهذيب 8:402/116،الإستبصار 3:1184/333،الوسائل 22:198 أبواب العدد ب 12 ح 1.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:37،و السبزواري في الكفاية:204،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:345.
5- القاضي في المهذب 2:320،الصيمري في تلخيص الخلاف 3:90.

« ثلاثة أشهر» (1).

و هذه تراعي الشهور و الحيض،فتعتدّ بأسبقهما إلى الطلاق، فتعتدّ بالأشهر إن مرّت بها بعد الطلاق بلا فاصلة خالية من الحيض،كما أنّها تعتدّ بالأقراء إن مرّت بها كذلك،أمّا لو مرّت بها الأشهر البيض بعد أن رأت الحيض و لو مرّة بعد الطلاق اعتدّت بالأقراء.

و الأصل في ذلك بعد الاتفاق المستفاد من كلام جماعة (2)المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:« أمران أيّهما سبق بانت به المطلّقة المسترابة تستريب الحيض،إن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه، و إن مرّت ثلاث حَيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض» (3)و نحوه الموثّق (4)و غيره (5).

و إطلاقها و إن أوهم الاكتفاء بالثّلاثة الأشهر البيض مطلقا،و لو كانت بعد حيضة أو حيضتين،إلّا أنّ ظاهر الأصحاب الاتّفاق إلّا من شذّ ممّن تأخّر (6)على التقييد بالأشهر المتّصلة بالطلاق؛ للنصوص الآتية، المصرِّحة بأنّها لو رأت في الثلاثة المتّصلة بحين الطلاق تعتدّ بالثلاثة الأشهر بعد الصبر تسعة أشهر،أو ستّة،لتعلم أنّها ليست من ذوات الأقراء،فاكتفاء

ص:291


1- الكافي 6:7/99،الوسائل 22:185 أبواب العدد ب 4 ح 6.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:84،و السبزواري في الكفاية:204،و صاحب الحدائق 25:422.
3- الكافي 6:1/98،التهذيب 8:409/118،و فيهما:بانت به،و لعلّه هو الأنسب،الإستبصار 3:1154/324،الوسائل 22:185 أبواب العدد ب 4 ح 5.
4- الكافي 6:9/100،التهذيب 8:408/118،الإستبصار 3:1153/324،الوسائل 22:184 أبواب العدد ب 4 ح 3.
5- الخصال:51/47،الوسائل 22:188 أبواب العدد ب 4 ح 13.
6- المسالك 2:38،انظر الحدائق 25:422.

الشاذّ المتقدّم إليه الإشارة بالثلاثة الأشهر البيض المطلقة،و لو بعد حيضتين أو حيضة،ضعيف البتّة.

نعم على ما ذكرناه ربما يستشكل الحكم بلزوم اختلاف العدّة باختلاف وقت الطلاق الواقع بمجرّد الاختيار مع كون المرأة من ذوات العادة المستقرّة في الحيض،فلو كان عادتها أن تحيض في كل أربعة أشهر مثلاً مرّة فإنّه على تقدير طلاقها في أوّل الطهر أو ما قاربه بحيث يبقى له منه ثلاثة أشهر بعد الطلاق تنقضي عدّتها بالأشهر،كما تقرّر.

لكن لو فرض طلاقها في وقت لا يبقى من الطهر ثلاثة أشهر تامّة كان اللازم من ذلك اعتدادها بالأقراء،فربما صارت عدّتها سنة و أكثر،على تقدير وقوع الطلاق في وقت لا يتم بعده ثلاثة أشهر بيضاء،و الاجتزاء بالثلاثة على تقدير سلامتها.

و يمكن الذبّ عنه بأنّ غايته الاختلاف في العدّة على ذلك التقدير، و لا ضير فيه بعد تحقّق النظير،أ لا ترى إلى المطلّقة في آخر طُهرها بحيث يبقى بعده منه لحظة عدّتها أقلّ من المطلّقة في ابتدائه،و بالجملة هذا الاستبعاد مع اندفاعه بما مرّ من النظير غير ملتفت إليه بعد قيام الدليل عليه.

و بالجملة:إذا مضت بها بعد الطلاق بلا فاصلة الأشهر الثلاثة خالية عن الحيضة فقد انقضت العدّة.

أمّا لو رأت في الشهر الثالث حيضة أو حيضتين و تأخّر الثانية أو الثالثة إلى أن انقضت الأشهر انتظرت تمام الأقراء؛ لأنّها قد استرابت بالحيض غالباً،فإن تمّت الأقراء قبل أقصى الحمل انقضت عدّتها،و إلّا صبرت تسعة أشهر على أشهر القولين و أظهرهما لاحتمال الحمل غالباً،فإن وضعت ولداً،أو اجتمعت الأقراء الثلاثة

ص:292

فذاك هو المطلوب في انقضاء العدّة.

ثمّ إن لم يتفق أحد الأمرين اعتدّت حينئذٍ بالأشهُر و ليست الأشهر التسعة المتقدّمة من العدّة،بل إنّما اعتبرت لتعلم أنّها ليست من ذوات الأقراء.

و الأصل في المسألة بعد التأيّد بالشهرة العظيمة بعض المعتبرة المنجبرة بها،و بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سندها،فلا تضرّ جهالة راويها:« إن كانت شابّة مستقيمة الطمث فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلّا حيضة،ثم ارتفع طمثها،فلم تدر ما رفعها،فإنّها تتربّص تسعة أشهر من يوم طلّقها،ثم تعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر،ثم تتزوّج إن شاءت» (1).

و في رواية عمّار الموثقة (2) تصبر سنة ثم تعتدّ بثلاثة أشهر أفتى بها الشيخ في النهاية (3)،لكن مقيّداً لها بصورة تأخّر الحيضة الثالثة.

و لا دليل عليه،مع عدم مقاومة الرواية للرواية المتقدّمة من اعتضادها بالشهرة العظيمة،و غيرها من المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:« إذا طلّق الرجل امرأته،فادّعت حبلاً انتظر تسعة أشهر،فإن ولدت،و إلّا اعتدّت بثلاثة،ثم قد بانت منه» (4).

و الموثق:المرأة الشابّة تحيض مثلها يطلّقها زوجها،و يرتفع حيضها، كم عدّتها؟قال:« ثلاثة أشهر» قلت:فإنّها ادّعت الحَبل بعد التسعة أشهر،

ص:293


1- التهذيب 8:411/119،الإستبصار 3:1149/323،الوسائل 22:199 أبواب العدد ب 13 ح 2.
2- التهذيب 8:410/119،الإستبصار 3:1148/322،الوسائل 22:199 أبواب العدد ب 13 ح 1.
3- النهاية:533.
4- الكافي 6:1/101،الفقيه 3:1599/330،التهذيب 8:444/129،الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25 ح 1.

قال:« إنّما الحَبل تسعة أشهر» قلت:تتزوّج؟قال:« تحتاط بثلاثة أشهر» قلت:فإنّها ادّعت بعد ثلاثة أشهر،قال:« لا ريبة عليها،تزوّجت إن شاءت» (1)و نحوهما غيرهما (2).

و إطلاق النص و الفتوى يقتضي عدم الفرق بين استرابتها بالحبل و عدمه في وجوب التربّص تسعة أو سنة،ثم الاعتداد بعدها،حتى لو كان زوجها غائباً عنها،أو حاضراً و لم يقر بها مدّة مديدة فحكمها كذلك،و إن كان ظاهر الحكمة يقتضي اختصاصه بالمسترابة،كما تعرب عنها المعتبرة الأخيرة،لكن ليس فيها كالتعليل في العبارة ما يوجب تقييد الحكم بالمسترابة،كما توهّمه بعض من عاصرناه في هذه الأزمنة (3).

نعم عن الشهيد في بعض تحقيقاته الاكتفاء بالتسعة لزوجة الغائب؛ محتجّاً بحصول مسمّى العدّة،و هو الأشهر البيض الثلاثة المندرجة في الأشهر التسعة (4).

و هو مصادرة غير مسموعة،سيّما في مقابلة إطلاق الفتاوي و الرواية.

و هذه العدّة أطول عدّة تفرض،و الضابط:أنّ المعتدّة المذكورة إن مضى بها ثلاثة أقراء قبل ثلاثة أشهر انقضت عدّتها بها،و إن مضى عليها ثلاثة أشهر لم تر فيها دم حيضٍ أصلاً انقضت عدّتها بها و إن كان لها عادة مستقيمة فيما زاد عليها،بأن كانت ترى الدم في كل أربعة أشهر مرّة،أو

ص:294


1- الكافي 6:2/101،التهذيب 8:445/129،الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25 ح 2.
2- الكافي 6:4/102،التهذيب 8:447/129،الوسائل 22:224 أبواب العدد ب 25 ح 4.
3- هو صاحب الحدائق 25:424.
4- حكاه عنه الشهيد الثاني في الروضة 6:61.

ما زاد عليها و ما نقص،بحيث يزيد عن ثلاثة و لو بلحظة.

و متى رأت في الثلاثة دماً و لو قبل انقضائها بلحظة فحكمها ما فصّل سابقاً من انتظار أقرب الأمرين من تمام الأقراء و وضع الولد،فإن انتفيا اعتدّت بعد تسعة أشهر بثلاثة أشهر،إلّا أن يتمّ لها ثلاثة أقراء قبلها،و لو مبنيّة على ما سَبَق.

و لا فرق في ظاهر إطلاق النص و الفتوى بين أن يتجدّد لها دم آخر في الثلاثة أو قبلها،و عدمه.

خلافاً للمفلح الصيمري في الأوّل،فأبطل العدّة بها،و عيّن اعتدادها بالأقراء،قال:لأنّا بيّنّا أنّها من ذوات الأقراء،فيلزمها الاعتداد بها (1).

و عليه فهل يجب عليها ثلاثة أقراء غير الأقراء المتخلّلة بين الطلاق و غاية التربّص؟وجهان:

فعن المبسوط (2):الأوّل؛ مُعلّلاً بأنّ مدّة التربّص ليست من العدّة، فلا عبرة بها.

و عن الشهيد (3):الثاني،و قوّاه المفلح الصيمري،قال:لأنّها لمّا رأت الدم بعد انقطاعه ثبت أنّها من ذوات الأقراء،و عدّتهنّ ثلاثة أقراء من حين الطلاق،لا أزيد من ذلك (4).و هو حَسَن.

ثم قال:أمّا لو رأت دم الثالث قبل مضيّ مدّة التربّص و لو بيوم انقضت عدّتها،إجماعاً.

ص:295


1- انظر تلخيص الخلاف 3:90،91.
2- المبسوط 5:237.
3- حكاه عنه في تلخيص الخلاف 3:91.
4- تلخيص الخلاف 3:91.

أقول:و يدلُّ عليه الصحيح المفسِّر للأخذ بأسبق الأمرين:« ثم إنّه إن مرّت بها ثلاثة أشهر إلّا يوماً فحاضت،ثم مرّت بها ثلاثة أشهر إلّا يوماً فحاضت،فهذه تعتدّ بالحيض على هذا الوجه،و لا تعتدّ بالشهور،فإن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها بانت» (1)و نحوه غيره (2).

و لا عدّة على الصغيرة و هي التي لم تبلغ التسع سنين عند الجماعة،و قد مضى إليه الإشارة (3).

و لا اليائسة التي لم تحض و مثلها لا تحيض،مع عدم الدخول، إجماعاً،و كذا معه أيضاً على الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل ربما كان مجمعاً عليه بين متأخّريهم،كما تنادي به عبارة التهذيبين (4)؛ للأصل، و المعتبرة المستفيضة التي كادت تكون متواترة،منها الصحيح:عن التي قد يئست من المحيض و التي لا تحيض مثلها،قال:« ليس عليها عدّة» (5).

و هي مع استفاضتها،و اعتبار سند أكثرها،و انجبار باقيها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل إجماع في الحقيقة معتضدة بأصالة البراءة،و المخالفة للتقية،و فقد الحكمة الموجبة للعدّة.

خلافاً للسيدين (6)؛ لظاهر الآية (7).

ص:296


1- الكافي 6:1/98،الفقيه 3:1609/332،التهذيب 8:409/118،الإستبصار 3:1154/324،الوسائل 22:185 أبواب العدد ب 4 ح 5.
2- التهذيب 8:226/68،الخصال:51/47،الوسائل 22:188 أبواب العدد ب 4 ح 12،13.
3- راجع ص 213.
4- الاستبصار 3:338،التهذيب 8:138.
5- التهذيب 8:218/66،الوسائل 22:177 أبواب العدد ب 2 ح 1.
6- المرتضى في الانتصار:146،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):616.
7- الطلاق:4.

و هي غير واضحة الدلالة،بل ربما كانت بالخلاف واضحة المقالة، سيّما بملاحظة بعض المعتبرة (1)،و عبارة الكافي و الطوسي (2)المصرِّحة برجوع الريبة إلى حال النسوة،أمّا بالنظر إلى الحيض و عدمه،كما يستفاد من[الثاني (3)]أو اليأس و عدمه،كما يستفاد من[الأول (4)]فانهدم مبنى الاستدلال بها من رجوع الريبة إلى حكم عدّة اليائسة،مع ما فيه من مناقشة أُخرى واضحة.

و أضعف منه الاستدلال بالرواية:« عدّة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر،و التي قد قعدت من الحيض ثلاثة» (5)إذ مع ضعفها،و قطعها غير صريحة الدلالة،فتحتمل كبعض المعتبرة الآخر الحمل على المسترابة،و مع ذلك فهي موافقة لما عليه العامة العمياء،كما حكاه جماعة (6)،فلا اعتداد بمثلها و لو صريحة.

و في حدّ اليأس عن المحيض روايتان بل روايات، باختلافها اختلف الأصحاب،إلّا أنّ أشهرهما أنّه خمسون سنة ففي الصحيح أو ما يقرب منه:« حدّ التي قد يئست من المحيض

ص:297


1- الكافي 6:8/100،التهذيب 8:407/118،الإستبصار 3:1183/332،الوسائل 22:186 أبواب العدد ب 4 ح 7.
2- الكافي 6:86،الطوسي في التهذيب 8:68.
3- بدل ما بين المعقوفين في الأصل:الأوّل،و الظاهر ما أثبتناه.
4- في الأصل:الثاني،و الظاهر ما أثبتناه.
5- الكافي 6:/85 ذيل الحديث 5،التهذيب 8:223/67،الإستبصار 3:1205/338،الوسائل 22:179 أبواب العدد ب 2 ح 6.
6- منهم الشيخ في الخلاف 5:53،و صاحب الوسائل 22:180،و صاحب الحدائق 25:438.

خمسون سنة» (1).

و نحوه خبران (2)،في سندهما سهل،مع ما في الثاني منهما من الإرسال،إلّا أنّ الأوّل سهل،أو ثقة،كما عليه من المحققين جماعة (3)، و الثاني غير قادح بعد كون الراوي ممّن أجمعت على تصحيح رواياته العصابة، مع انجبار الجميع،أو اعتضاده بالشهرة المحكية في العبارة و كلام جماعة (4).

خلافاً لأحد قولي الماتن في الشرائع (5)،فستّون؛ للموثق (6).

و فيه قصور عن المقاومة لما مرّ،سيّما مع ندرة القول به على إطلاقه.

و لآخرين (7)،بل ادّعى عليه الشهرة المتأخّرة جماعة (8)،فالتفصيل

ص:298


1- الكافي 3:4/107،التهذيب 1:1237/397،الوسائل 2:335 أبواب الحيض ب 31 ح 1.
2- أحدهما في:الكافي 3:2/107،التهذيب 1:1235/397،الوسائل 2:335 أبواب الحيض ب 31 ح 3. و الآخر في:الكافي 6:4/85،التهذيب 8:478/137،الإستبصار 3:1202/337،الوسائل 2:336 أبواب الحيض ب 31 ح 6.
3- منهم الشيخ في الرجال في أصحاب الهادي عليه السلام:416،و صاحب الوسائل 30:389،و حكاه أيضاً عن بعض مشايخه المعاصرين،انظر الوجيزة:224.
4- منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:286،و الشهيد في المسالك 1:9،و المجلسي في مرآة العقول 21:145.
5- الشرائع 1:29.
6- التهذيب 7:1881/469،الوسائل 22:183 أبواب العدد ب 3 ح 5.
7- منهم الصدوق في الفقيه 1:51،و الشيخ في المبسوط 1:42،و صاحب الوسائل 22:181،و صاحب الحدائق 3:172.
8- منهم السبزواري في الذخيرة:62،الحواشي على شرح اللمعة:52،و صاحب الحدائق 3:171.

بين القرشية فالثاني و ألحق بها النبطية جماعة (1)؛ للرواية (2)و هي مرسلة و غيرها،أو غيرهما فالأوّل؛ جمعاً،و للمرسل كالصحيح:« إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة،إلّا أن تكون امرأة من قريش» (3)(4).و ردّ بقصور السند أوّلاً.و ليس كذلك.

و عدم الصراحة ثانياً.و فيه منع لو أُريد من حيث عدم التصريح بالستّين؛ لعدم القائل بالفرق.و تسليم إن أُريد من حيث عدم الحكم صريحاً بالحيضة،إلّا أنّ الظهور قائم،و هو كافٍ،فالقول به لا يخلو من قوّة.

مع اعتضاده بالعمومات الدالّة على تحيّض المرأة بمجرّد رؤية الدم، خرج منها ما زاد عن الخمسين فيما عدا القرشية أو النبطية أيضاً،و بالمعتبرة المتقدّمة،و بقيت هي أو هما في العمومات مندرجة.

و لا يردّ ذلك بعموم المعتبرة المتقدّمة بالخمسين الشاملة للقرشية أيضاً،فإن خصّصت العمومات بها فيمن عداها خصّصت بها فيها أيضاً.

لمنع العموم،و إنّما غايته الإطلاق المنصرف إلى الأفراد المتكثّرة الشائعة،دون النادرة،و لا ريب أنّ القرشيّة من الثانية،سيّما في أزمنة صدور المعتبرة.

و بالجملة:هذا القول قويّ غاية القوّة.

و غير بعيدٍ إلحاق النبطية؛ لعين ما عرفت في القرشية من العمومات،

ص:299


1- منهم العلّامة في المختلف:610،و الشهيد في الدروس 1:97.
2- المقنعة:532،الوسائل 2:337 أبواب الحيض ب 31 ح 9.
3- الكافي 3:3/107،التهذيب 1:1236/397،الوسائل 2:335 أبواب الحيض ب 31 ح 2.
4- نهاية المرام 2:93.

مع عدم انصراف إطلاقات المعتبرة إلى مثلها؛ لكونها من الأفراد النادرة.

نعم ربما ينافيه الحصر في الرواية الأخيرة.و يمكن الذبّ عنه بالورود مورد الغلبة.

و لو رأت المطلّقة الحيض مرّة ثم بلغت سنّ اليأس أكملت العدّة بشهرين بلا خلاف أجده،بل حكي صريحاً (1)؛ لصريح الخبر:في امرأة طلّقت و قد بلغت في السنّ،فحاضت حيضة واحدة،ثم ارتفع حيضها،قال:« تعتدّ بالحيضة و شهرين مستقبلين،فإنّها قد يئست من الحيض» (2).

و لا يضرّ قصور السند؛ للانجبار بالفتوى،مع تصريح جماعة بحسنه (3)،بل و صحّته (4).

و لو رأت حيضتين ثم بلغت اليأس ففي وجوب اعتدادها بشهر،أم لا،وجهان،أحوطهما:الأوّل،و أقواهما الثاني؛ للأصل،و عموم ما دلّ على نفي العدّة عن اليائسة،خرج عنه مورد الرواية المنجبرة بالشهرة، و يبقى المفروضة فيه مندرجة.

و لو كانت المطلّقة ذات عادة مستقيمة إلّا أنّها لا تحيض إلّا في خمسة أشهر أو في ستّة اعتدّت بالأشهر للصحيح:في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرّة،أو في ستّة أشهر،أو في سبعة أشهر..« أن عدّتها

ص:300


1- المفاتيح 2:347.
2- الكافي 6:11/100،التهذيب 8:416/121،الإستبصار 3:1156/325،الوسائل 22:191 أبواب العدد ب 6 ح 1،و في الجميع:طعنت،بدل:بلغت.
3- منهم المجلسي في ملاذ الأخيار 13:241.
4- روضة المتقين 9:109.

ثلاثة أشهر» (1).

و إطلاقه كالعبارة و إن اقتضى الاكتفاء بالأشهر الثلاثة مطلقاً،و لو تخلّلها حيضة،إلّا أنّه يجب تقييده بما مضى (2)من المعتبرة،المشترطة في الاعتداد بالأشهر خلوّها عن الحيض و لو مرّة.

و عليها يحمل إطلاق معتبرة أُخر،كالصحيح:في المرأة يطلّقها زوجها،و هي تحيض كل ثلاثة أشهر حيضة،فقال:« إذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدّتها،يحسب لها كل شهر حيضة» (3).

و في حكم المفروضة في العبارة من لا تحيض إلّا في سنتين،أو سنة،أو غيرهما،و يجمعه ما يزيد على الأشهر الثلاثة،و الفرض في العبارة على المثل و الإشارة،دون الحصر في الخمسة أو الستّة؛ لعموم الصحيحة، و غيرها من المعتبرة،كالحسن:عن التي لا تحيض إلّا في ثلاث سنين،أو أربع سنين،قال:« تعتدّ ثلاثة أشهر» (4).

لكن بإزاء هذه الصحيحة معتبرة أُخر دالّة على لزوم اعتداد من هي موردها بعادتها السابقة،و لو نقصت عن الأشهر الثلاثة (5).و لم أرَ عاملاً بها إلّا الشيخ في كتاب الحديث (6).

ص:301


1- الكافي 6:5/99،التهذيب 8:412/119،الإستبصار 3:1150/323،الوسائل 22:183 أبواب العدد ب 4 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- راجع ص 290.
3- الكافي 6:6/99،التهذيب 8:413/120،الإستبصار 3:1151/323،الوسائل 22:184 أبواب العدد ب 4 ح 2.
4- الفقيه 3:1607/332،التهذيب 8:417/121،الإستبصار 3:1162/326،الوسائل 22:187 أبواب العدد ب 4 ح 11.
5- انظر الوسائل 22:189 أبواب العدد ب 4 الأحاديث 14،15،19.
6- الاستبصار 3:327.

قيل (1):و هي مطرحة عند الأصحاب،فالعمل بها مشكل،و الجمع بحمل هذه على الغالب من التحيّض في كل شهر مرّة ممكن،فتكون عليه دالّة على الأشهر الثلاثة،كما في الرواية السابقة.

ثم إنّ ذكر حكم هذه في العبارة مع اندراجها في المسترابة المتقدّم حكمها في صدر الفصل وجهه غير واضح،إلّا بتخصيص السابقة باليائسة عن المحيض إلّا أنّ في سنّها من تحيض،دون هذه فإنّها غير يائسة،بل ذات عادة مستقيمة،لكن على خلاف العادة؛ لتحيّضها في كل أشهر مرّة.

الرابع في الحامل

الرابع:في الحامل،و عدّتها في الطلاق و ما في معناه كالفسخ و الوطء بشبهة،أو مطلقاً على قول بالوضع للحمل بتمامه،بشرط كونه من المطلّق و لو بعد الطلاق بلحظة بالكتاب (2)،و الإجماع،و السنّة المستفيضة التي كادت تكون متواترة،و أكثرها صحاح و معتبرة،ففي الصحيح:في الرجل يطلّق امرأته و هي حبلى،قال:« أجلها أن تضع حملها» (3).

و فيه:« فإن وضعت قبل أن يراجعها فقد بانت منه،و هو خاطب من الخطّاب» (4).

و إطلاقها،كالآية الكريمة،و صريح الجماعة يقتضي الاكتفاء بالوضع مطلقاً و لو لم يكن تاماً لكن مع تحقق كون -ه حملاً و مبدأً

ص:302


1- انظر الحدائق 25:416.
2- الطلاق:4.
3- الكافي 6:4/103،التهذيب 8:464/134،الوسائل 21:518 أبواب النفقات ب 7 ح 1.
4- التهذيب 8:236/71،الإستبصار 3:1058/298،الوسائل 22:146 أبواب أقسام الطلاق ب 20 ح 2.

لنشوء الآدمي قطعاً،و لا يكفي فيه مجرّد كونه نطفة،إجماعاً،كما صرّح به بعض (1).

و ينصّ على الإطلاق مضافاً إلى الإجماع الصحيح:« كل شيء وضعته يستبين أنّه حمل،تمّ أو لم يتمّ،فقد انقضت عدّتها،و إن كان مضغة» (2).

ثم إنّ ظاهر العبارة كالأدلّة انحصار العدّة في الوضع خاصة،مضى لها قبله أشهر ثلاثة أم لا،و هو الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل لعلّه المجمع عليه في أمثال هذه الأزمنة،و قد صرّح به بعض الأجلّة (3).

خلافاً للصدوق و ابن حمزة (4)في الأول،فجعلاه العدّة،لكن صرّحا بأن ليس لها التزويج إلّا بعد الوضع؛ للخبر:« طلاق الحامل واحدة، و عدّتها أقرب الأجلين» (5).

و في سنده اشتراك،و في دلالته نظر،فقد يكون المراد بأقرب الأجلين هو الوضع خاصّة،بمعنى:أنّه هو العدّة،و إن كان أقرب من الأطهار أو الأشهر،و يرجع المعنى حينئذٍ إلى أنّ عدّتها قد يكون بأقرب الأجلين،و هو:ما إذا كان هو الوضع،بخلاف عدة الوفاة،فإنّه لا يكون إلّا بأبعد الأجلين.

ص:303


1- كالشهيد الثاني في المسالك 2:41.
2- الكافي 6:9/82،الفقيه 3:1598/330،التهذيب 8:443/128،الوسائل 22:197 أبواب العدد ب 11 ح 1.
3- و هو الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:341.
4- الصدوق في الفقيه 3:329،ابن حمزة في الوسيلة:325.
5- الكافي 6:2/81،التهذيب 8:232/70،الإستبصار 3:1054/298،الوسائل 22:194 أبواب العدد ب 9 ح 3.

و هو وجه حسن في الجمع،بل لعلّ في بعض المعتبرة إشعاراً به، كالصحيحين:« و أجلها أن تضع حملها،و هو أقرب الأجلين» (1)فإنّهما مع تصريحهما بأنّ الأجل هو الوضع،المشعر بالحصر صرّحا بأنّه أقرب الأجلين،و لا وجه له إلّا ما ذكرناه،فتدبّر.

نعم في الرضوي (2)دلالة على هذا القول،و لعلّه يأبى عن قبول نحو هذا التأويل،إلّا أن قصوره عن المقاومة لما مرّ من الأدلّة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل إجماع في الحقيقة كفانا مئونة الاشتغال بتأويله،و لا حاجة لنا إليه بالمرّة.

و لو طلّقها فادّعت الحبل تربّص بها أقصى مدّة الحمل إجماعاً،و النصوص به مستفيضة،منها الصحيح:« إذا طلّق الرجل امرأته، فادّعت أنّها حبلى انتظر تسعة أشهر،فإن ولدت،و إلّا اعتدّت بثلاثة أشهر، ثم قد بانت منه» (3).

و ظاهره كجماعة،منهم الشيخ في النهاية (4)وجوب التربّص سنة، و لا ريب فيه على القول بكونها أقصى المدّة،و أمّا على القول بأنّها التسعة كما هو الأظهر،و مختار هؤلاء الجماعة فكذلك؛ لظاهر الرواية،فيرجع الأمر حينئذٍ إلى وجوب التربّص بعد الأقصى بأشهر ثلاثة.

ص:304


1- الكافي 6:6/82،8،التهذيب 8:441/128،الوسائل 22:193،195 أبواب العدد ب 9 ح 2،6.
2- فقه الرضا عليه السلام:244،المستدرك 15:350 أبواب العدد ب 9 ح 1.
3- الكافي 6:1/101،الفقيه 3:1599/330،التهذيب 8:444/129،الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25 ح 1.
4- النهاية:534.

خلافاً للحلّي و آخرين (1)،فجعلوه حينئذٍ أحوط؛ للمستفيضة،منها الحسن في المرتابة بالحبل أنّ:« عدّتها تسعة أشهر» قلت:فإنّها ارتابت بعد تسعة أشهر،قال:« إنّما الحمل تسعة أشهر» قلت:فتزوَّج؟قال:« تحتاط بثلاثة أشهر» الخبر (2)،و نحوه غيره (3).

و فيه نظر،فإنّها مع قصور السند ليس فيها سوى الأمر بالتربّص أقصى الحمل،و الأمر بالاحتياط بعده بثلاثة أشهر،و هو غير الاستحباب بالمعنى المصطلح،إلّا على تقدير ثبوت كون الاحتياط يراد به الاستحباب حيثما يطلق،و فيه نظر،فلا وجه لصرف الأمر بالاعتداد بالثلاثة الأشهر بعد الأقصى في الصحيح الذي مضى إلى الاستحباب،مع كونه كالأمر بالاحتياط في الحسن و غيره حقيقة في الوجوب،هذا.

مضافاً إلى اعتضاده بفحوى ما دلّ على وجوب التربّص بذلك في المسترابة،ففي المسألة من حيث إنّها فيها مدّعية أولى،فإذاً مختار الأوّلين أظهر و أقوى.

ثمّ ليس في الصحيح المتقدّم دلالة على كون أقصى الحمل هو السنة، بل هو ظاهر في التسعة،كما صرّحت به تلك المستفيضة،فإذاً الاستدلال به على السنة فاسد البتّة.

و لو وضعت توأماً بانت به كما عن النهاية و القاضي و ابن

ص:305


1- الحلي في السرائر 2:743؛ و الشهيد في المسالك 2:41،و والد المجلسي في روضة المتقين 9:108،و هو في ملاذ الأخيار 13:255.
2- الكافي 6:4/102،التهذيب 8:447/129،الوسائل 22:224 أبواب العدد ب 25 ح 4.
3- الكافي 6:2/101،التهذيب 8:445/129،الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25 ح 2.

حمزة (1)؛ للخبر:عن رجل طلّق امرأته و هي حبلى،و كان في بطنها اثنان، فوضعت واحداً و بقي واحد؟قال:« تبين بالأوّل،و لا تحلّ للأزواج حتى تضع ما في بطنها» (2).

و في سنده قصور و جهالة،مع مخالفته لإطلاق الآية (3)،و المعتبرة المصرّحة بأنّ العدّة وضع الحمل (4)،و لا يكون إلّا بوضع التوأمين فما زاد لو كان.

اللّهمّ إلّا أن يدّعى انجبار الرواية بفتوى هؤلاء الجماعة.

و هو محلّ ريبة،كيف لا؟!و الأشهر بين الطائفة بل ربما ادّعى عليه الشيخ في الخلاف إجماع العلماء إلّا من عكرمة (5)هو عدم الانقضاء إلّا بوضع الحمل أجمع،و لعلّه لهذا كان الحكم عند المصنف على تردّد و ليس في محلّه،بل الظاهر هو القول الآخر؛ لقوة أدلّته؛ مضافاً إلى الأصل،سيّما مع وهن القول الأوّل برجوع الشيخ الذي هو عمدة القائلين به عنه إلى الثاني،مع دعواه إجماع الكلّ عليه إلّا من ندر.

و كيف كان لم يجز لها أن تنكح زوجاً غيره إلى أن تضع الأخير بلا خلاف،بل عليه الإجماع قد حكي (6)،و به نص ما مرّ من الخبر؛ مضافاً إلى الأصل.

ص:306


1- النهاية:534،القاضي في المهذب 2:286،ابن حمزة في الوسيلة:322.
2- الكافي 6:10/82،التهذيب 8:243/73،الوسائل 22:196 أبواب العدد ب 10 ح 1.
3- الطلاق:4.
4- الوسائل 22:193 أبواب العدد ب 9.
5- الخلاف 5:60.
6- حكاه في المسالك 2:41،و هو في المبسوط 5:241،و الخلاف 5:60.

و ثمرة الاختلاف فيما مرّ حينئذٍ جواز الرجعة و وجوب النفقة،فيثبتان على المختار،و ينتفيان على غيره.

و لو طلّقها طلاقاً رجعيّاً ثم مات عنها استأنفت عدّة الوفاة أربعة أشهر و عشراً من حين الوفاة،بلا خلاف؛ لأنّها بحكم الزوجة،و النصوص به مع ذلك مستفيضة،منها الصحيح:« أيّما امرأة طلّقت،ثم توفّي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدّتها و لم تحرم عليه،فإنّها ترثه،ثم تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها» (1).

و يستفاد من مفهوم القيد بعدم التحريم عليه بناءً على أنّ الظاهر مغايرة المعطوف للمعطوف عليه،و أنّ العطف التفسيري خلاف الأصل أنّه لو كان طلّقها بائناً اقتصرت على إتمام عدّة الطلاق مضافاً إلى الأصل،و عدم الداعي إلى استئناف عدّة الوفاة للبينونة المطلقة، مع أنّه لا خلاف فيه.

ثم مقتضى الأصل،و اختصاص النصوص بحكم التبادر و الغلبة بغير عدّة المسترابة،اعتدادها بالأشهر الثلاثة بعد الصبر تسعة أشهر أو سنة، و لا إشكال فيه إذا بقي من المدّة ما يزيد على عدة الوفاة أو يساويها.

و يشكل في الناقص،كما إذا صبرت التسعة أو السنة ثم مات عنها؛ لما يظهر ممّا قدّمناه من أنّها بحكم الزوجة،و بعض المعتبرة من وجوب الحداد (2)و من (3)استئنافها عدّة الوفاة حينئذٍ،فتزيد على الثلاثة أشهر

ص:307


1- الكافي 6:6/121،التهذيب 8:269/79،الإستبصار 3:1087/305،الوسائل 22:250 أبواب العدد ب 36 ح 3.
2- الوسائل 22:233 أبواب العدد ب 29.
3- ليست في« ح».

أربعين يوماً ليتمّ لها عدّة الوفاة،و مرجع هذا إلى لزوم مراعاتها في هذه الصورة أبعد الأجلين مما بقي من العدّة و من عدة الوفاة.

و قيل فيه وجوه أُخر،و الأصح ما قلناه.

الخامس في عدّة الوفاة

الخامس:في عدّة الوفاة،تعتدّ الحرّة المنكوحة بالعقد الصحيح بأربعة أشهر و عشرة أيّام إذا كانت حائلاً بالكتاب،و السنّة،و الإجماع، قال اللّه سبحانه وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً [1] (1).و الصحاح بها مستفيضة،كغيرها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة،بل متواترة،و سيأتي إلى جملة منها الإشارة.

و إطلاقها كالآية الشريفة و صريح الإجماع عموم الحكم لكل امرأة صغيرةً كانت أو كبيرةً،دخل بها أو لم يدخل بها،بالغاً كان الزوج أو غيره.

مضافاً إلى صريح المستفيضة في غير المدخول بها،منها الصحيح:

في المتوفّى عنها زوجها إذا لم يدخل بها:« إن كان فرض لها مهراً فلها مهرها الذي فرض لها،و لها الميراث،و عدّتها أربعة أشهر و عشراً كعدّة التي دخل بها،و إن لم يكن فرض لها مهراً فلا مهر لها،و عليها العدّة،و لها الميراث» (2).

و أمّا الموثق:عن المتوفّى عنها زوجها من قبل أن يدخل بها؟قال

ص:308


1- البقرة:234.
2- التهذيب 8:505/146،الإستبصار 3:1215/341،الوسائل 21:332 أبواب المهور ب 58 ح 22.

« لا عدّة عليها» (1).

فمع قصوره سنداً و مكافأةً لما مرّ قطعاً،محتمل للتقية عن جماعة من العامّة،الذين لم يظهر قولهم بذلك في هذه الأزمنة أصلاً،كما صرّح به بعض أصحابنا (2)،و شهد به بعض أخبارنا،كالموثق:عن رجل طلّق امرأته قبل أن يدخل بها،أ عليها عدّة؟قال:« لا» قلت له:المتوفّى عنها زوجها قبل أن يدخل بها،أ عليها عدّة؟قال:« أمسك عن هذا» (3)فتدبّر.

و لا فرق أيضاً بين الدائمة و المتمتّع بها،على الأشهر الأقوى،كما مضى.

خلافاً للمفيد و المرتضى (4)،فكالأمة.و هو ضعيف جدّاً.

و يعتبر مدّة العدّة بالهلال ما أمكن،فإن مات الزوج في خلال الشهر الهلالي و كان الباقي أكثر من عشرة أيّام أُكمل ثلاثين يوماً و يضاف إليه ثلاثة أشهر بالأهلّة و عشرة أيّام،فإذا انتهت إلى الوقت الذي مات فيه الزوج يوم مات فقد انتهت العدّة،و إن كان الباقي عشرة أيّام،أو أقلّ منها،ضمّ إليها أربعة أشهر هلالية،و تمام العشرة في الثاني.

و في عدّ المنكسر ثلاثين أو الاكتفاء بإتمام ما فات خلاف،الأحوط الأوّل.

ص:309


1- التهذيب 8:497/144،الإستبصار 3:1210/339،الوسائل 22:248 أبواب العدد ب 35 ح 4.
2- الوسائل 22:249،ملاذ الأخيار 13:282.
3- التهذيب 8:498/144،الإستبصار 3:1211/339،الوسائل 22:248 أبواب العدد ب 35 ح 5.
4- المفيد في المقنعة:536،المرتضى حكاه عنه في المسالك 1:508.

و إطلاق الآية (1)و المستفيضة المتقدّمة و إن شمل المتوفّى عنها مطلقا،إلّا أنّ الإجماع منعقد باعتدادها بأبعد الأجلين من المدّة المزبورة و مدّة وضع الحمل إن كانت حاملاً مضافاً إلى النصوص المستفيضة،و فيها الصحيح و غيره.

خلافاً للعامة،فجعلوا عدّتها الوضع كالطلاق (2).

و هو مع مخالفته الآية (3)هنا،السليمة عن معارضة الآية الأُخرى في اعتداد الحامل بالوضع مطلقا،من حيث ظهورها في المطلّقات جدّاً أخبارنا بردّه منصوصة،ففي الصحيح عن المرأة الحُبلى المتوفّى عنها زوجها تضع و تزوّج قبل أن يخلو أربعة أشهر و عشراً؟قال:« إن كان زوجها الذي تزوّجها دخل بها فُرّق بينهما،و اعتدّت ما بقي من عدّتها الاُولى، و عدّة اخرى عن الأخير،و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما،و اعتدّت ما بقي من عدّتها،و هو خاطب من الخطّاب» (4)و نحوه غيره (5).

و يلزمها الحداد ما دامت هي في العدّة،بالنص و الإجماع،ففي المستفيضة و فيها الصحاح-:« المتوفّى عنها زوجها تعتدّ من يوم يأتيها الخبر؛ لأنّها تحدّ» (6).

ص:310


1- الطلاق:4.
2- انظر بداية المجتهد 2:96،و المغني لابن قدامة 9:153،و المحلّى لابن حزم 10:263.
3- البقرة:234.
4- الكافي 6:7/114،الوسائل 22:241 أبواب العدد ب 31 ح 6.
5- الوسائل 22:239 أبواب العدد ب 31.
6- الكافي 6:3/112،التهذيب 8:567/163،الإستبصار 3:1270/355،الوسائل 22:229 أبواب العدد ب 28 ح 3.

و في الموثق:عن المتوفّى عنها زوجها؟فقال:« لا تكتحل للزينة، و لا تطيِّب،و لا تلبس ثوباً مصبوغاً،و لا تبيت عن بيتها،و تقضي الحقوق، و تمتشط بغسلة (1)،و تحجّ و إن كانت في عدّتها» (2)و نحوه غيره (3)في النهي عن الاكتحال للزينة،و التطيّب،و لبس الثوب المصبوغ.

و هو كما يستفاد منها ترك الزينة للعدول فيها عن الأمر بالحداد إلى النهي عن الأُمور المزبورة،الملازمة للزينة غالباً في العرف و العادة.

و أوضح منها الخبر:« المتوفّى عنها زوجها ليس لها أن تطيِّب، و لا تزيِّن،إلّا أن تنقضي عدّتها أربعة أشهر و عشرة أيّام» (4)للعدول فيه عن الأمر بالحداد إلى النهي عن الزينة،هذا.

مع تفسيره بتركها في كلام جماعة من أهل اللغة (5)،فاللازم عليها ترك ما يعدّ زينة عرفاً من الثياب،و الادهان،و الكحل،و الحِنّاء،و الطيب، و غير ذلك.

و يختلف ذلك باختلاف العادات،فلو فرض عدم عدّ استعمال الأُمور المزبورة في بعض العادات زينة كان محلّلاً؛ تمسّكاً بالأصل،و التفاتاً إلى انصراف إطلاق النهي عن استعمالها في الروايات إلى العادة الجارية في

ص:311


1- الغِسلة:ما تجعله المرأة في شعرها عند الامتشاط.القاموس 4:25،مجمع البحرين 5:434.
2- الكافي 6:4/116،التهذيب 8:551/159،الوسائل 22:233 أبواب العدد ب 29 ح 2.
3- الوسائل 22:233 أبواب العدد ب 29.
4- الكافي 6:12/117،الوسائل 22:234 أبواب العدد ب 29 ح 4.
5- انظر لسان العرب 3:143،المصباح المنير:124،مجمع البحرين 3:35.

الأعصار الماضية من عدّ مثلها زينة.

و منه يظهر الوجه في عدم لزوم ترك التنظيف،و دخول الحمّام، و تسريح الشعر،و السواك،و قلم الأظفار،و السكنى في المساكن العالية، و استعمال الفرش الفاخرة،و غير ذلك ممّا لا يعدّ مثله في العرف و العادة زينة.

قالوا:و لا فرق في الحكم بين الصغيرة و الكبيرة،و المسلمة و الذميّة، و المجنونة،و ظاهرهم الاتّفاق عليه،و هو الحجّة فيه إن تمّ،دُون النصوص؛ لانصرافها إلى ما عدا الاُولى و الأخيرة،من حيث تضمّنها توجّه التكليف إلى نفس المرأة،لا وليّها،كما قالوه فيهما،مع أنّ تكليفه بذلك مدفوع بالأصل،مع أنّ المحكي عن الحلّي (1)العدم في الأُولى بعين ما مضى،و هو جارٍ في الأخيرة أيضاً.

ثمّ إنّ غاية ما يستفاد من الأدلّة إجماعاً و روايةً كون الحداد واجباً على حدةٍ،لا شرطاً في العدّة،فلو أخلّت به و لو عمداً إلى أن انقضت العدّة حلّت للأزواج،و لكن تكون آثمة خاصّة،و هو أصحّ القولين في المسألة.

خلافاً لنادر (2)في العمد،فأبطل به العدّة أيضاً.و هو لمخالفته الأصل و إطلاق الأدلّة ضعيف البتّة.

ثمّ إنّ الحكم مختصّ بالمتوفّى عنها خاصّة دون أقاربها، و المطلّقة مطلقا،رجعيّاً أو بائناً،بلا خلافٍ،بل عليه الإجماع في الانتصار (3)؛ للأصل،و المعتبرة:« المطلّقة تكتحل،و تختضب،و تطيِّب،

ص:312


1- السرائر 2:739.
2- انظر المسالك 2:45.
3- الانتصار:154.

و تلبس ما شاءت من الثياب؛ لأنّ اللّه تعالى يقول لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً [1] (1)» (2).و أمّا الخبر:« المطلّقة تحدّ كما تحدّ المتوفّى عنها زوجها،لا تكتحل، و لا تطيِّب،و لا تختضب،و لا تتمشّط» (3)فضعيف سنداً،غير مكافئ لما مرّ جدّاً،سيّما مع موافقته لمذهب أكثر العامّة و منهم أبو حنيفة- (4)في البائنة.

و أمّا حمله على البائنة فيستحب،كما فعله الشيخ في التهذيبين (5)فلا وجه له أصلاً.

و لا حداد على الأمة مطلقا،على الأظهر الأشهر بين الطّائفة، و منهم الشيخ في النهاية (6)؛ للأصل،و الصحيح:« إنّ الحرّة و الأمة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدّة،إلّا أنّ الحرّة تحدّ،و الأمة لا تحدّ» (7).

خلافاً للطوسي و الحلّي (8)،فتحدّ أيضاً؛ لإطلاق النبوي المرسل (9).

ص:313


1- الطلاق:1.
2- الكافي 6:14/92،التهذيب 8:454/131،الوسائل 22:217 أبواب العدد ب 21 ح 2.
3- التهذيب 8:555/160،الإستبصار 3:1256/351،الوسائل 22:218 أبواب العدد ب 21 ح 5.
4- حكاه عنه في بداية المجتهد 2:123.
5- الاستبصار 3:352،التهذيب 8:160.
6- النهاية:537.
7- الكافي 6:1/170،التهذيب 8:529/153،الإستبصار 3:1241/347،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 2.
8- الطوسي في المبسوط 5:265،الحلي في السرائر 2:745.
9- انظر سنن ابن ماجة 1:2086/674،سنن البيهقي 7:437،المستدرك 15:362 أبواب العدد ب 25 ح 9،عوالي اللئلئ 2:400/143.

و هو مع قصور السند،و عدم المكافأة لما مرّ،سيّما الخبر مقيّد به [لإطلاق النبوي و المرسل و هو مع قصور السند و عدم المكافأة لما مر سيما الخبر مقيد به؛] لإطلاقه،بل و منصرف إلى الحرّة؛ لكونها المتبادرة الغالبة،فلا معارضة بين الخبرين بالمرّة.

السّادس في المفقود

السّادس:في المفقود،لا خيار لزوجته إن عرف خبره حياته أو موته،بل عليها الصبر في الأوّل إلى مجيئه أو تحقّق فوته،و على الحاكم الإنفاق عليها من ماله إن أمكن الوصول إليه،و إلّا طالبه بالنفقة بالإرسال إليه أو إلى من يجبره عليه،و من بيت المال إن تعذّر الأمران مع عدم متبرّع.

و عليها عدّة الوفاة في الثاني،و حلّت للأزواج بعدها،و حلّ لكلّ من شاركها في العلم بالوفاة،أو اختصّ عنها بالجهل بها و بحالها أيضاً مع تعويله في الخلوّ عن الزوج بدعواها نكاحها.

أو جهل خبره و لكن كان له وليّ أو متبرّع ينفق عليها فلا خيار لها هنا أيضاً،بلا خلاف هنا و فيما مضى؛ للأُصول المعتمدة؛ مضافاً إلى النصوص الآتية.

ثمّ إن فقد الأمران فجهل خبره،و لم يوجد من ينفق عليها،فإن صبرت فلا بحث،و إن أبت فمقتضى الأُصول وجوب الصبر عليها إلى ثبوت الوفاة،إلّا أنّ ظاهر الأصحاب الاتفاق على أنّها إن لم تصبر و رفعت أمرها إلى الحاكم جاز لها و أجّلها أربع سنين من حين الرفع،على الأظهر الأشهر بين الأصحاب؛ لأكثر أخبار الباب (1).

و ما يستفاد منه التحديد من حين الفحص و لو قبل الرفع (2)فلا يعارضه بوجه أصلاً،مع عدم إبائه عن الانطباق عليه.

ص:314


1- الوسائل 20:506 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 44.
2- الكافي 6:3/148،الوسائل 22:158 أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 5.

و كيف كان يجب الفحص في تلك المدّة،كما يستفاد من أكثر المعتبرة (1)،لا بعدها،كما ربما يتوهّم من بعضها (2) فإن وجده كان له حكمه و إلّا بأن فقده و لم يعلم حاله أمرها بعدّة الوفاة ثم أباحها للنكاح قيل:بلا خلاف (3)؛ للموثق:عن المفقود؟فقال:« إن علمت بأنّه في أرض فهي منتظرة له أبداً حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاقه،و إن لم تعلم اين هو من الأرض كلّها أو لم يأتها منه كتاب و لا خبر فإنّها تأتي الإمام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين،فيطلب في الأرض،فإن لم يوجد له أثر حتى تمضي أربع سنين أمَرَها أن تعتدّ أربعة أشهر و عشراً ثم تحلّ للرجال،فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدّتها فليس عليها رجعة،و إن قدم و هي في عدّتها أربعة أشهر و عشراً فهو أملك برجعتها» (4).

و ظاهره كالعبارة و الشيخين و القاضي و الحلّي كما حكي (5)الاكتفاء في الاعتداد بالأمر به،و لو من دون طلاق.

خلافاً لجماعة من المتأخّرين (6)،تبعاً للصدوق و الإسكافي (7)،

ص:315


1- الوسائل 22:156 أبواب أقسام الطلاق ب 23.
2- الكافي 6:1/147،الوسائل 22:158 أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 4.
3- انظر الحدائق 25:484.
4- الكافي 6:4/148،التهذيب 7:1923/479،الوسائل 20:506 أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها ب 44 ح 4.
5- المفيد في المقنعة:537،الطوسي في المبسوط 5:278،القاضي في المهذب 2:338،الحلي في السرائر 2:736،و حكاه عنهم في المهذّب البارع 3:495.
6- منهم الفاضل المقداد في التنقيح 3:348،و الشهيد الثاني في الروضة 6:65،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:140.
7- الصدوق في المقنع:119،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:592.

فأوجبوه؛ لصريح المعتبرة،منها الصحيح:عن المفقود،كيف يصنع بامرأته؟فقال:« ما سكتت عنه و صبرت يخلّى عنها،فإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين،ثم يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه فيسأل عنه،فإن خبّر عنه بحياة صبرت،و إن لم يخبر عنه بشيء حتى تمضي الأربع سنين دعا وليّ الزوج المفقود،فقيل له:هل للمفقود مال؟فإن كان له مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته،و إن لم يكن له مال قيل للولي:أنفق عليها،فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوّج ما أنفق عليها،و إن لم ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلّق تطليقة في استقبال العدّة و هي طاهر،فيصير طلاق الولي (1)طلاق الزوج،فإن جاء زوجها من قبل أن تنقضي عدّتها من يوم طلّقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته،و هي عنده على تطليقتين،و إن انقضت العدّة قبل أن يجيء أو يراجع فقد حلّت للأزواج،فلا سبيل له عليها» (2)و نحو الصحيح (3)،و ما يقرب منه (4).

و هو الأصحّ،و عليها تحمل الموثقة؛ لعدم صراحتها في عدم الطلاق،فتقبل ذلك،كقبول هذه الروايات حمل العدّة فيها على عدّة الوفاة،كما صرّح بها في الموثقة؛ لعدم التصريح فيها بعدّة المطلّقة،و لذا اتفق الكلّ على اعتبار عدّة الوفاة.

و قصور الموثق سنداً و عدداً عن المقاومة للمعتبرة منجبر بالشهرة

ص:316


1- في الأصل:الوالي،و ما أثبتناه من المصدر،و هو الأنسب.
2- الكافي 6:2/147،الفقيه 3:1696/354،التهذيب 7:1922/479،الوسائل 22:156 أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 1.
3- الكافي 6:1/147،الوسائل 22:158 أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 4.
4- الكافي 6:3/148،الوسائل 22:158 أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 5.

العظيمة،بل وفاق الطائفة،كما حكاه بعض الأجلّة (1)،فمخالفة من ندر (2)في العدّة و اعتباره عدّة الطلاق دون الوفاة فاسدة البتة.

قيل:و تظهر الثمرة في المدّة و الحداد و النفقة (3)،فيجب الأخير على عدّة الطلاق دون الوفاة،بعكس الثاني،كما قيل (4).

و فيه نظر؛ لتصريح بعض من صرّح بعدّة الوفاة هنا بعدم لزوم الحداد (5)؛ للأصل،و اختص ما دلّ على لزومه بحكم التبادر بصورة تيقّن الموت لا مطلقاً،و هو الأظهر.

و انتفاء النفقة على تقدير الثاني حسن مع استمرار الجهل أو تحقق الموت،أمّا مع تحقق البقاء و حضوره قبل انقضاء العدّة ففيه إشكال:من كونها عدّة بينونة،فلا نفقة،و من كونها في حباله و لا نشوز منها النفقة، و هو الأولى،وفاقاً لبعض أصحابنا (6).

و كيف كان فإن جاء في العدّة فهو أملك بها و إن حكم بكونها عدّة وفاة بائنة،بلا خلاف؛ للأصل،و صريح ما مضى من المعتبرة.

و يستفاد منها أنّه لا يصير أحقّ بها إلّا مع الرجعة،فلو لم يرجع بانت منه،و وجهه أنّ ذلك لازم حكم الطلاق الصحيح.

ثم المستفاد منها أيضاً أنّها إن خرجت من العدّة و تزوّجت

ص:317


1- هو الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:141.
2- فمن المتقدمين الصدوق في المقنع:119،و ابن حمزة في الوسيلة:324،و من المتأخرين فخر المحققين في الإيضاح 3:354،و ابن فهد في المهذّب البارع 3:497.
3- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:46.
4- انظر كشف اللثام 2:141.
5- التنقيح الرائع 3:348.
6- كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:348.

فلا سبيل له عليها؛ مضافاً إلى الإجماع عليه،كما حكاه جماعة من أصحابنا (1).

و أمّا إن خرجت منها و لم تتزوّج فقولان،أظهرهما و أشهرهما: أنّه لا سبيل له عليها هنا أيضاً؛ للحكم ببينونتها شرعاً، فالسبيل حينئذٍ مخالف للأصل جدّاً،مع دلالة النصوص الماضية عليه صريحاً.

و القول الثاني للطوسي في النهاية (2)،مدّعياً هو كالماتن في الشرائع (3)أنّ به رواية.

و لم نقف عليها،و قد صرّح به جماعة (4)،فهو ضعيف،كضعف ما علّل به:من بطلان طنّ وفاته فبطل ما يترتّب عليه،أوّلاً:بأنّه يتّجه لو لم يوجب طلاقها بعد البحث،أمّا معه كما مضى فلا.

و ثانياً:بإمكان المناقشة فيه على تقدير عدم إيجابه و الاكتفاء بأمر الشارع بالاعتداد،فإنّه قائم مقام الطلاق،و لذا صحّ لها النكاح،و انتفى سبيله عنها بعده،بلا خلاف،هذا.

مع أنّه اجتهاد صرف في مقابلة النص،سيّما الموثّق؛ لتصريحه بالحكم المزبور مع ظهوره في الاكتفاء المذكور.

و من هنا يظهر وجه القدح في القول بالتفصيل بأنّها إن بانت بالطلاق

ص:318


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:46،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:141،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:351.
2- النهاية:538.
3- الشرائع 3:39.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:46،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:107،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:351،و صاحب الحدائق 25:493.

فالأوّل،و إن بانت بأمر الحاكم فالثاني (1).

السابع في عدّة الإماء و الاستبراء

السابع:في عدّة الإماء و الاستبراء هو لغةً:طلب البراءة، و شرعاً:التربّص بالمرأة مدّة بسبب ملك اليمين حدوثاً أو زوالاً؛ لبراءة الرحم،أو تعبّداً،هذا هو الأصل،و إلّا فقد يجب الاستبراء بغير ذلك،كأن وطئ أمة غيره شبهة.

و خصّ بهذا الاسم لأنّ التربّص مقدّر بما يدل على البراءة من غير تكرير و تعدّد فيه،بخلاف التربّص الواجب بسبب النكاح،فإنّه مأخوذ من العدد؛ لما يقع فيه من تعدّد الأقراء و الشهور،فخصّ باسم العدّة،و حكمه مضى في بحث التجارة.

بقي حكم العدّة،فنقول: عدّة الأمة في الطلاق و نحوه مع الدخول بنكاح أو شبهة،هذا القيد مستدرك،كيف لا؟!و لا عدّة على من لم يدخل بها مطلقاً،كما مضى (2).

و كيف كان عدّتها قرءان بالنص،و إجماع علماء الإسلام إلّا داود،فجعل عدّتها ثلاثة أقراء (3).و هو مسبوق بالإجماع و ملحوق به.

مضافاً إلى أنّها تكون على النصف ممّا عليه الحرّة في الأحكام، و القرء لا يتبعّض،و إنّما يظهر نصفه إذا ظهر كلّه بعود الدم.

و في النبوي:« يطلّق العبد تطليقتين،و تعتدّ الأمة بقرءين» (4)و نحوه الباقري المروي صحيحاً (5).

ص:319


1- قال به في المختلف:593.
2- في ص 282.
3- انظر بداية المجتهد 2:93.
4- سنن الترمذي 2:1193/327،سنن الدارقطني 4:104/38،107.
5- الكافي 6:1/167،التهذيب 8:466/134،الإستبصار 3:1192/335،الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40 ح 1.

و هما أي القرءان طهران،على الأشهر بين الأصحاب؛ لتفسير القرء بقول مطلق بما بين الحيضتين في الصحاح المستفيضة المتقدّم إليها الإشارة في عدّة الحرّة،و عليه يكون المراد بالقرءين في الخبرين:

الطهرين.

خلافاً للإسكافي و العماني على احتمال،فحيضتان (1)؛ لصريح الصحيحين و غيرهما:« طلاق الأمة تطليقتان،و عدّتها حيضتان» (2).

و حملت الحيضة الثانية على الدخول فيها،و لا بأس به،جمعاً بين الأدلّة،و إن كان المصير إلى هذا القول لولا الشهرة العظيمة بخلافه في غاية القوّة؛ لعدم معارض لتلك المعتبرة الصريحة صريحاً،إلّا ظواهر تلك المستفيضة المطلقة،القابلة للتقييد بالحرّة،و جعل الألف و اللام فيها إشارة إلى أقرائها المذكورة في الآية،و هذا الجمع أقوى ممّا ذكر بالبديهة، و الاحتياط العمل به البتّة.

كل ذا إذا كانت ذات عادة مستقيمة.

و أمّا لو كانت مسترابة بالحيض،فلا تحيض و هي في سنّ من تحيض ف -عدّتها خمسة و أربعون يوماً إن طلّقت في أثناء الشهر،أو في أوّله و كان الشهر تامّاً،و أمّا إذا فقد الأمران كأن طلّقت في الأوّل و نقص الشهر فأربعة و أربعون يوماً؛ نظراً إلى قاعدة التنصيف المستفادة من العمومات،و خصوص الصحيح هنا:« عدّة الأمة حيضتان، و إذا لم تكن تحيض فنصف عدّة الحرّة» (3).

ص:320


1- نقله عنهما في التنقيح الرائع 3:351،و نقله عن الإسكافي في المختلف:619.
2- الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40 الأحاديث 1،2،5.
3- الكافي 6:4/170،الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40 ح 3.

و الصحيح:« أجلها شهر و نصف» (1)و نحوهما غيرهما من المعتبرة (2).

و يحتمل قويّاً حمل إطلاق بعض الفتاوي كالعبارة و غيرها على ذلك، بورودها مورد الغالب،و هو:وقوع الطلاق في أواسط الشهر،أو أوّله مع غلبة تماميّته.

و نحوه الكلام فيما أُطلق فيه العدد في العبارة من المعتبرة،كالموثق:

« عدّة الأمة التي لا تحيض خمسة و أربعون يوماً» (3)مع قصوره عن المقاومة لما مرّ سنداً و عدداً،و لكنّه أحوط.

و أمّا الصحيح:عن الأمة إذا طلّقت ما عدّتها؟قال:« حيضتان،أو شهران» (4)فشاذّ لا عمل عليه،يمكن حمله على ما حمل عليه صدره، و لعلّه بمعونة الإجماع هنا قرينة واضحة على صحة الحمل في الصدر من إرادة الدخول في الحيضة الثانية،فيتقوّى القول المشهور في المسألة السابقة.

و لا ينافي الإجماع هنا احتياط الإسكافي بالشهرين (5)،كما حكي؛ لظهور الاحتياط في الاستحباب الغير المنافي لما عليه الأصحاب،و على تقدير المنافاة فلا قدح عليه أيضاً؛ لمعلومية نسبه.

و لو كانت مسترابة بالحمل كان عليها الصبر بأشهر تسعة،وفاقاً

ص:321


1- الكافي 6:1/169،الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40 ح 2.
2- الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40.
3- الفقيه 3:1680/351،الوسائل 22:258 أبواب العدد ب 40 ح 7.
4- الكافي 6:2/170،التهذيب 8:530/153،الإستبصار 3:1243/348،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 1.
5- كما حكاه عنه في المختلف:619.

لشيخنا العلّامة و بعض الأجلّة (1)؛ التفاتاً إلى ظواهر النصوص الآمرة به في الحرّة (2)،التي هي كالصريحة في أنّ الصبر في تلك المدّة لاستعلام البراءة، و لا يتفاوت فيه الحرّة و الأمة.

لكن ظاهرها أنّ الصبر تلك المدّة ليس للعدّة،بل إنّما هو لمعرفة البراءة،و أمّا العدّة فهي الأشهر الثلاثة التي بعدها،و بمقتضى ذلك يجب عليها الصبر هنا بعد التسعة بشهر و نصف البتة،إلّا أنّي لم أقف على مفتٍ بذلك،بل هم ما بين مفتٍ بتسعة،و مصرّحٍ بعدم وجوبها و الاكتفاء بأشهر ثلاثة (3)؛ التفاتاً إلى ظهور الحمل في هذه المدّة،و اختصاص الآمرة بالزيادة بالحرّة.

و المناقشة فيه بعد ما عرفت واضحة.

و أمّا لو كانت حاملاً فعدّتها كالحرّة بوضع الحمل،وفاقاً لجماعة (4)، بل حكي عليه الإجماع (5)؛ لعموم الآية وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [1] (6)و لا يتفاوت الحكم في جميع ذلك باختلاف الأزواج بالحرّية و الرقّية،بل يعمّ الصورتين.

و تحت عبدٍ كانت أو تحت حرٍّ بلا خلاف؛ لعموم الأدلّة، و مقتضاها أيضاً عموم الحكم لكلّ أمةٍ،قنّاً كانت أو مدبّرة أو مكاتبة أو أُمّ

ص:322


1- العلّامة في المختلف:619.
2- الوسائل 22:223 أبواب العدد ب 25.
3- حكاه عن ابن الجنيد في المختلف:619،و اختاره في التنقيح 3:352.
4- منهم العلّامة في القواعد 2:73،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:352،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:142.
5- كما في نهاية المرام 2:108.
6- الطلاق:4.

ولد زوّجها مولاها فطلّقها الزوج.

و أمّا المبعّضة فليست داخلة في عموم الأدلة؛ لعدم التبادر،و كونها من الأفراد النادرة،فتعتدّ عدّة الحرّة،لا لدخولها في أدلّتها؛ لعين ما مرّ من المناقشة،بل للاقتصار فيما خالف أصالة بقاء أحكام الزوجية التي منها حرمة النكاح من الغير على المتيقّن من العدّة،و هي:عدّة الحرّة بلا خلاف؛ مضافاً إلى إشعار بعض العبارات بالإجماع عليه (1).

و لو أُعتقت الأمة ثم طلّقت لزمها عدّة الحرة إجماعاً؛ لأنّها حينئذٍ حرّة.

و كذا لو طلّقها رجعيا ثم أُعتقت في أثناء العدّة أكملت عدّة الحرّة،و لو طلّقها بائناً أتمّت عدّة الأمة بلا خلاف بين الطائفة في المقامين؛ للصحيحين (2)المطلقين في العدّتين،لكن يجمعهما بعد الوفاق المفصّل،المعتبر سنداً بالعمل،و وجود المجمع على تصحيح روايته فيه،فلا يضرّ جهالة راويه:في أمةٍ تحت حرٍّ طلّقها على طهر بغير جماع تطليقة،ثم اعتقت بعد ما طلّقها بثلاثين يوماً و لم تنقض عدّتها، قال:« إذا أُعتقت قبل أن تنقضي عدّتها اعتدّت عدّة الحرّة من اليوم الذي طلّقها،و له عليها الرجعة قبل انقضاء العدّة،فإن طلّقها تطليقتين واحدة بعد واحدة،ثم اعتقت قبل انقضاء عدّتها،فلا رجعة له عليها،و عدّتها عدّة الأمة» (3).

ص:323


1- المسالك 2:48.
2- الأوّل في:التهذيب 8:469/135،الإستبصار 3:1195/335،الوسائل 22:273 أبواب العدد ب 50 ح 3.الثاني في:التهذيب 8:470/135،الإستبصار 3:1196/335،الوسائل 22:273 أبواب العدد ب 50 ح 4.
3- التهذيب 8:471/135،الوسائل 22:273 أبواب العدد ب 50 ح 2.

و هو و إن لم يدل على عموم الحكم في البائنة مطلقاً صريحاً،إلّا أنّه ربما يستشعر من صدره بل و ذيله اشتراط جواز الرجعة في ثبوت عدّة الحرة،و دورانه مداره،مع عدم القائل بالفصل في أنواع المطلقة البائنة.

و وجِّه التفصيل زيادةً على الرواية بأنّها في الأوّل في حكم الزوجة، و قد اعتقت،فيلزمها عدّة الحرّة،و في الثاني في حكم الأجنبية،فلا يقدح عتقها في العدّة في الحكم عليها بعدّة البائنة.

و عدّة الذمّية التي ليست بأمة كالحرّة المسلمة في كلّ من الطلاق و الوفاة،على الأشبه الأشهر بين الطائفة،بل ادّعى عليه الوفاق بعض الأجلة (1)،و هو الحجّة؛ مضافاً إلى عموم الكتاب و السنّة.

مضافاً إلى خصوص المعتبرة في العدّة الأخيرة،منها الصحيح:عن النصرانية مات عنها زوجها،و هو نصراني،ما عدّتها؟قال:« عدّة الحرّة المسلمة أربعة أشهر و عشراً» (2).

و نحوه الموثق (3)،إلّا أنّه صريح في أنّ عدّتها في الطلاق عدّة الإماء، معلِّلا بأنّهنّ مماليك الإمام،و لأجل هذا التعليل لا يمكن حمله على كون النصرانية المسئول عنها أمة لا مطلقا.

و هذا التعليل مستفيض في النصوص،لأجله تنهض بالدلالة على المستفادة من هذه الموثقة من أنّ عدّتها في الطلاق عدّة الأمة،مع تأيّده بمفهوم الخبرين،أحدهما الصحيح:في أُمّ ولد لنصراني أسلمت،

ص:324


1- الحدائق 25:507.
2- الكافي 6:3/175،التهذيب 8:311/91،الوسائل 22:267 أبواب العدد ب 45 ح 2.
3- الكافي 6:1/174،التهذيب 7:1918/478،الوسائل 22:266 أبواب العدد ب 45 ح 1.

أ يتزوّجها المسلم؟قال:« نعم،و عدّتها من النصراني إذا أسلمت عدّة الحرّة المطلّقة ثلاثة أشهر،أو ثلاثة قروء» الخبر (1).

و أظهر منه الثاني:« عدّة العِلجة (2)إذا أسلمت عدّة المطلّقة إذا أرادت أن تتزوّج غيره» (3).

إلّا أنّ فيه قطعاً و جهالةً،و في الصحيح و ما تقدّمه من الموثقة و التعليل المأثور في المستفيضة قصوراً عن المقاومة لما مرّ من عموم الكتاب و السنّة،المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل إجماع في الحقيقة،كما حكاه بعض الأجلّة،و مع ذلك مؤيّدة بأصالة بقاء حرمة الزوجية.

مضافاً إلى ندرة القائل بما في الموثّقة،بل لم نقف عليه بالمرّة،و قد صرّح بذلك جماعة (4)،و نصّ بعضهم بأنّها مطرحة (5)،و ما هذا شأنه لا سبيل للعمل به البتّة.

و تعتدّ الأمة غير ذات الولد من مولاها من الوفاة وفاة الزوج بشهرين و خمسة أيّام عند أكثر القدماء و المتأخّرين،بل لعلّه عليه عامتهم،إلّا من ندر من متأخّريهم (6)؛ لقاعدة التنصيف ممّا عليه الحرّة.

ص:325


1- الكافي 6:4/176،التهذيب 8:312/91،الوسائل 22:268 أبواب العدد ب 46 ح 1.
2- العِلج:الرجل من كفّار العجم و غيرهم.النهاية لابن الأثير 3:286،المصباح المنير:425 مجمع البحرين 2:319.
3- الكافي 6:2/175،الوسائل 22:268 أبواب العدد ب 46 ح 2.
4- منهم المحقق في الشرائع 3:41،و الشهيد الثاني في المسالك 2:48،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:143.
5- كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:352.
6- الجامع لابن سعيد:471،انظر زبدة البيان للمحقق الأردبيلي:598.

و للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة بنفسها في بعض، و بالشهرة العظيمة في آخر،ففي الصحيح:« الأمة إذا توفّي عنها زوجها فعدّتها شهران و خمسة أيام» (1).

خلافاً للصدوق و الحلّي و ظاهر الكليني (2)،فكالحرّة؛ للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة،إلّا أنّ بعضها مختصّ بذات الولد من المولى،و سيأتي إليه الإشارة (3).

و في الصحيح:« كلّ النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرّةً كانت، أو أمة،أو على أي وجهٍ كان النكاح منه متعة،أو تزويجاً،أو ملك يمين فالعدّة أربعة أشهر و عشراً» الخبر (4).

و فيه:« إنّ الحرّة و الأمة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة،إلّا أنّ الحرّة تحدّ،و الأمة لا تحدّ» (5).

و في القوي:« عدّة المملوكة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرة أيّام» (6).

ص:326


1- التهذيب 8:536/154،الإستبصار 3:1239/347،الوسائل 22:261 أبواب العدد ب 42 ح 9.
2- الصدوق في المقنع:121،الحلي في السرائر 2:735،الكليني في الكافي 6:170.
3- في ص 327.
4- الفقيه 3:1408/296،التهذيب 8:545/157،الإستبصار 3:1252/350،الوسائل 22:275 أبواب العدد ب 52 ح 2.
5- الكافي 6:1/170،التهذيب 8:529/153،الإستبصار 3:1241/347،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 2.
6- التهذيب 8:532/153،الإستبصار 3:1242/347،الوسائل 22:260 أبواب العدد ب 42 ح 5.

و حملت هذه الروايات في المشهور بين المتأخّرين بذات الولد من المولى،و الأخبار المتقدمة بغيرها؛ جمعاً،و التفاتاً إلى الصحيحين الآتيين (1)،الصريحين في اعتداد ذات الولد بعدّة الحرّة.

و فيه نظر؛ لأنّه فرع التكافؤ،و ليس؛ لمخالفة الأخبار الأوّلة لظاهر إطلاق الكتاب و موافقتها للتقية،كما حكاه خالي العلّامة (2)طاب ثراه.

و مع ذلك فإنّ بعض الروايات الأخيرة كالصريح في العموم لغير ذات الولد.

و مع ذلك فإنّ هذه الأخبار معتضدة بإطلاق كثير من المعتبرة باعتداد الزوجة على الإطلاق أربعة أشهر و عشراً (3)،الشاملة للحرّة و الأمة،و بما مضى من اعتداد المتعة في الوفاة بعدّة الحرّة (4)،الظاهر في الدلالة على الحكم في المسألة بضميمة صحيحة زرارة أنّ على المتعة ما على الأمة (5).

و مؤيّدة بما مضى في المسألة السابقة (6)من المعتبرة الصريحة في أنّ عدّة الذميّة في الوفاة كعدّة الحرّة،مع تصريح بعضها بالحكم في الأمة، و أنّها كذلك أيضاً،و بأنّ الذمّية أمة للإمام عليه السلام،كما صرّحت به المعتبرة الأُخر،فترجع دلالتها بمعونة التعليل إلى أنّ كلّ أمة حكمها في عدّة الوفاة كالذمّية التي هي أمة.

ص:327


1- في ص 327،328.
2- ملاذ الأخيار 13:298.
3- الوسائل 22:235 أبواب العدد ب 30.
4- راجع ص 308.
5- الفقيه 3:1408/296،التهذيب 8:545/157،الإستبصار 3:1252/350،الوسائل 22:275 أبواب العدد ب 52 ح 2.
6- راجع ص 323.

و ليس في الروايات الأوّلة من المرجّحات سوى الشهرة العظيمة في خلاف هذا القول،و لعلّها بمجرّدها غير مكافئة لما في هذه الروايات من المرجّحات المذكورة،المورثة للظنّ القويّ غاية القوّة،و مع ذلك فالاحتياط بمراعاتها البتّة،بل لا يجوز العدول عنه؛ تمسّكاً بأصالة الحرمة.

و أمّا الاستشهاد بالصحيحين على التفصيل فليس في محلّه؛ إذ غايتها إثبات الحكم في ذات الولد،و هو غير ملازم لنفيه عمّا عداها،إلّا بنوعٍ من التوجيه المتمشّى في أحدهما خاصة،قد قرّرناه في بحث عدّة المتعة، و لكنّه معارض بما في ذيله المنافي له،المشعر بالعموم،كما يأتي.

كلّ ذا إذا كانت حائلاً.

و لو كانت حاملاً اعتدّت مع ذلك و هو العدد:شهران و خمسة أيّام بالوضع بأن تجعل العدّة أبعدهما،إجماعاً،حكاه جماعة (1)؛ جمعاً بين عمومي الآية وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [1] (2)مع عدم مخصّصٍ لها صريحاً،و ما قدّمناه من المعتبرة باعتبار المدّة،بحملها على الحائل أو الحامل التي تضع في أقلّ من المدّة،و حمل الآية على غيرها.

كلّ ذا في الأمة غير ذات الولد من المولى.

و أمّا أُمّ الولد منه فتعتدّ من وفاة الزوج مطلقا،كانت ذات ولد منه أم لا،إجماعاً كالحرّة على الأظهر الأشهر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر؛ لعموم الأدلّة المتقدّمة من الكتاب و السنّة السليمة عن

ص:328


1- منهم الشهيد في المسالك 2:49،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:112،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:349.
2- الطلاق:4.

معارضة الأخبار المتقدّمة باعتدادها بالنصف ممّا على الحرّة؛ لاختصاصها بحكم التبادر و الغلبة بغير ذات الولد البتة.

مضافاً إلى الصحيحين،في أحدهما:عن رجل كانت له أُمّ ولد، فزوّجها من رجل،فأولدها غلاماً،ثم إنّ الرجل مات فرجعت إلى سيّدها، إله أن يطأها؟قال:« تعتدّ من الزوج أربعة أشهر و عشراً،ثم يطؤها بالملك من غير نكاح» (1).

و في الثاني:« إنّ علياً عليه السلام قال في أُمّهات الأولاد:لا يتزوّجن حتى يعتددن أربعة أشهر و عشراً،و هنّ إماء» (2).

و هما مع صحتهما و صراحتهما في المطلوب و اعتضادهما بالأُصول و العمومات معتضدان بالشهرة العظيمة المتأخّرة التي كادت تكون إجماعاً، و مع ذلك سليمان عمّا يصلح للمعارضة؛ لما مرّ إليه الإشارة،و ليس فيهما إشارة إلى التقييد بذات الولد المستلزم للنفي عمّا عداها.

نعم في الثاني ربما كان فيه دلالة عليه،من حيث وقوع السؤال في صدرها عن عدّة مطلق الأمة،و اختصاص الجواب المتضمّن لعدّة الحرّة بأُمّ الولد المشعر بذلك.

و فيه نظر؛ إذ هو حيث لا يمكن استفادة حكم مطلق الأمة منه، و ليس إلّا مع فقد قوله في الذيل:« و هنّ إماء» المشعر بالعموم،و ورود الحكم على مطلق الأمة،و كأنّه عليه السلام أراد بيان حكم مطلق الأمة بقضيّة

ص:329


1- الكافي 6:3/171،التهذيب 8:531/153،الإستبصار 3:1244/348،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 2.
2- الكافي 6:2/170،التهذيب 8:530/153،الإستبصار 3:1243/348،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 1.

علي عليه السلام في أُمّهات الولد،لكن لمّا كان ربما يتوهّم منه الاختصاص بهنّ ذكر عليه السلام أنّ حكمه عليهنّ كان في حال كونهنّ إماءً و لسن بحرائر،و هذه الحالة بعينها موجودة في فاقدة الولد.

و كيف كان فاعتداد ذات الولد بعدّة الحرّة ليس محلّ شبهة،و إن حكي عن أكثر القدماء المخالفة (1)،و الاعتداد بنصف ما على الحرّة،إلّا أنّها ضعيفة البتّة.

ثمّ ظاهر العبارة عدم اعتداد أُمّ الولد من المولى من موته بتلك المدّة، بل اعتدادها من موت الزوج خاصّة،و حكي عن الحلّي (2)صريحاً،مع حكمه بأنّ عليها الاستبراء خاصة،و نفى عنه البأس في المختلف (3)،و جزم به في موضع من التحرير (4)شيخنا العلّامة؛ للأصل،و اختصاص العدّة بالزوجة.

و فيه نظر؛ للمنع عنهما بعد ورود المعتبرة باعتداد الأمة من موت المولى عدّة الحرّة،منها الصحيح السابق في أُمّهات الأولاد:« لا يتزوّجن حتى يعتددن أربعة أشهر و عشراً» (5).

و هو نصّ في أُمّ الولد،و عام لموت الموالي و الأزواج،و لعلّه ظاهر في الأوّل،و يؤيّده الصحيح المتقدّم (6)،المعمِّم للحكم في كل زوجة و موطوءة و لو بالملك.

ص:330


1- حكاه عنهم الشهيد في المسالك 2:49.
2- السرائر 2:735.
3- المختلف:611.
4- التحرير 2:75.
5- المتقدم في ص 328.
6- في ص 325.

و الصحيح:يكون الرجل تحته السرية فيعتقها،فقال:« لا يصلح لها أن تنكح حتى تنقضي ثلاثة أشهر،و إن توفّي عنها مولاها فعدّتها أربعة أشهر و عشراً» (1).

و الموثق:عن الأمة يموت سيّدها؟فقال:« تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها» (2).

و في الخبر،بل الحسن:في الأمة إذا غشيها سيّدها،ثم أعتقها« فإنّ عدّتها ثلاث حيض،فإن مات عنها فأربعة أشهر و عشراً (3)» (4).و في الاستدلال بهذه الرواية مع قصور سندها و كذا بالصحيحة الثانية كما وقع عن جماعة (5)نظر؛ لظهورهما في الاعتداد بعدّة الحرّة بعد أن صارت معتقة،و ليستا حينئذٍ من محلّ البحث في شيء،بل لموردهما حكم على حدة،يأتي إليه الإشارة.

فانحصر الأدلّة في الصحيحين الأوّلين و الموثقة،و هي كافية في الحجّة،سيّما مع اعتضادها بالشهرة،كما يظهر من بعض الأجلّة (6)،

ص:331


1- الكافي 6:3/171،التهذيب 8:540/156،الإستبصار 3:1250/349،الوسائل 22:262 أبواب العدد ب 43 ح 1.
2- الكافي 6:2/171،التهذيب 8:539/155،الإستبصار 3:1249/349،الوسائل 22:260 أبواب العدد ب 42 ح 4.
3- كذا،و في الكافي و الوسائل:و عشر،و لعلّه الأنسب.
4- الكافي 6:1/171،التهذيب 8:538/155،الإستبصار 3:1248/349،الوسائل 22:263 أبواب العدد ب 43 ح 5.
5- منهم الشيخ في التهذيب 8:153،و الشهيد الثاني في المسالك 2:49،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:113،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:143.
6- كالشهيد الثاني في المسالك 2:49.

و حكي عن الطوسي و الحلبي و ابن حمزة و موضع من التحرير و شيخنا الشهيد في اللمعة (1)،و اختاره من المتأخّرين عنهم جماعة (2)،مدّعين كون تلك المعتبرة عن المعارض سليمة.

و ليس كذلك؛ فإنّ الرواية الأخيرة ظاهرة في اشتراط الغشيان ثم الإعتاق في الاعتداد بالمدّة المزبورة،و لازمه عدمه بعدم الإعتاق،و حيث لا قائل بعد ثبوت العدم بعدّة اخرى سوى الاستبراء استقرّ دلالتها بعدم الاعتداد مطلقا مع عدم الإعتاق،كما هو مفروض البحث،و سند الرواية ليس بذلك الضعيف،بل ربما يعدّ من الحسن،و مع ذلك معتضد بالأصل المتيقّن،و عمومات ما دلّ على أنّ على الأمة الاستبراء خاصّة،من دون تفصيل بين موت مواليهنّ و عدمه،و مؤيّد بموافقة فتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد،فالقول به لا يخلو عن قوّة.

إلّا أنّ الشهرة في جانب الأخبار السابقة ربما غلبت المرجّحات المزبورة،مع الاعتضاد بأصالة بقاء الحرمة،فهو الأقوى في المسألة.

إلّا أنّ منشأ القوّة إنّما هو الشهرة،فلندر مدارها،و إنّما هو ذات الولد خاصّة،و أمّا غيرها كالأمة المحضة الغير المتشبثة بذيل الحرّية فإنّ المشهور أنّ عليها الاستبراء خاصّة؛ عملاً بما قدّمناه من الأدلّة.

خلافاً للطوسي (3)،فساوى بينهما في العدّة؛ عملاً بإطلاق تلك المعتبرة.

ص:332


1- الطوسي في النهاية:536،الحلبي في الكافي:313،ابن حمزة في الوسيلة:328،التحرير 2:96،اللمعة(الروضة البهية 6):70.
2- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:354،و الشهيد الثاني في الروضة 6:70،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:143.
3- انظر الاستبصار 3:347،و التهذيب 8:155.

و هي مع عدم الشهرة غير مكافئة لأصالة البراءة،و العمومات السابقة، مع مفهوم الرواية المتقدّمة،المعتضد جميع ذلك هنا بالشهرة العظيمة فيخصّ بها عموم الصحيحة و الموثقة،و يجعل المراد منها أُمّهات الأولاد خاصّة.

و مفهوم الرواية السابقة و إن عمّت أُمّهات الأولاد،إلّا أنّها مخصّصة بغيرهنّ بعموم الصحيحة المتقدّمة فيهنّ،الشاملة لذوات الأزواج و غيرهنّ، فتأمّل.

و لعلّ هذا هو وجه الحكمة في عدم موافقة أحدٍ من الطائفة للشيخ في المسألة،و لا عجب فيه،كما ذكره بعض الأجلّة (1).

ثم كلّ ذا إذا لم تكن حين وفاته مزوّجة،و إلّا فلا عدّة عليها من وفاته،بإجماع الطائفة،كما حكاه جماعة (2)؛ للأصل،و اختصاص المثبتة من المعتبرة بحكم التبادر بغيرها بالضرورة.

ثم ظاهر اشتراط الغشيان في الرواية السابقة أنّه لا عدّة عليها مع عدمه،و نحوها المعتبر،بل الصحيح:في المدبّرة إذا مات مولاها:« إنّ عدّتها أربعة أشهر و عشراً (3)من يوم يموت سيّدها،إذا كان سيّدها يطؤها» الخبر (4).

و هو و إن كان مورده المدبّرة،إلّا أنّه بالفحوى يدل على الحكم في

ص:333


1- و هو الشهيد الثاني في المسالك 2:49.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:49،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:143،و صاحب الحدائق 25:514.
3- كذا،و في الكافي و الوسائل،و عشرٌ،و لعلّه الأنسب.
4- الكافي 6:8/172،التهذيب 8:542/156،الإستبصار 3:1247/349،الوسائل 22:264 أبواب العدد ب 43 ح 7.

المسألة،فإنّها مع حرّيتها إذا كانت لا تعتدّ بالأربعة أشهر و عشراً،فالأولى أن لا تعتدّ بها مع رقّيتها جدّاً،و هو ظاهر الفتاوي أيضاً؛ لاختصاصها بالمدخول بها دون غيرها،و بهما يقيّد إطلاق ما مضى من المعتبرة،مع أنّها المتبادرة منهما خاصّة،لكن هذا في العدّة عن وفاة المولى،و أمّا الزوج فالحكم عامّ للمدخول و غيرها قطعاً؛ لإطلاق النص و الفتوى،مع عدم معارض لهما أصلاً.

و يتفرع على ما ذكرناه من اعتداد الأمة ذات الولد من وفاة الزوج بعدّة الحرّة،و غيرها بعدّة الأمة أنّه لو طلّقها أي ذات الولد الزوج طلاقاً رجعيّاً،ثم مات و هي في العدّة استأنفت عدّة الحرّة لأنّها بمنزلة الزوجة،و يدلُّ عليه إطلاق أكثر المعتبرة بإثبات هذا الحكم في الحرّة المطلّقة المتوفّى عنها زوجها في عدّتها الرجعية.

و لازم ذلك أنّها لو لم تكن ذات ولد استأنفت عدّة الأمة للوفاة و أنّها لو طلّقت بائنة استمرّت على عدّتها السابقة؛ لعين ما ذكرناه في الحرّة المتوفّى عنها زوجها في العدّة البائنة من الأصل و غيره،سوى الرواية؛ لظهور اختصاصها بحكم السياق بالحرّة دون الأمة،و لكن فيما عداها كفاية،مع إمكان الاستدلال لها بفحواها،كما لا يخفى (1)،فتأمّل جدّاً.

و لو مات زوج الأمة غير ذات الولد ثم أعتقت في العدّة أتمّت عدة الحرّة تغليباً لجانب الحرّية و استصحاباً للحرمة السابقة،

ص:334


1- فإنّ الحرّة مع الاتفاق على وجوب عدّة الوفاة عليها و لو في الجملة إذا لم تجب عليها إذا توفي عنها زوجها في العدّة البائنة فلان لا تجب على الأمة التي اختلف في أصل وجوب هذه العدّة عليها أولى.(منه قدس سره).

و التفاتاً إلى عموم الأدلّة من الكتاب و السنّة باعتداد مطلق الزوجة حرّة كانت أو أمة بأربعة أشهر و عشراً،خرجت منه الأمة المحضة الغير المعتقة بالمرّة بأخبارها الماضية المختصّة على تقدير تسليمها بها من حيث التبادر جدّاً.

مضافاً إلى خصوص بعض النصوص هنا،كالصحيح:في أمة طلّقت ثم اعتقت قبل أن تنقضي عدّتها،فقال:« تعتدّ بثلاث حيض،فإن مات عنها زوجها،ثم اعتقت قبل أن تنقضي عدّتها،فإنّ عدّتها أربعة أشهر و عشراً» (1)و نحوه غيره (2).

و لو وطئ المولى أمته ثم أعتقها في حياته اعتدّت بثلاثة قروء إن كانت غير مسترابة،و تعتدّ هي بالأشهر الثلاثة على الأظهر الأشهر بين الطائفة؛ للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة،ففي الصحيح:في المدبّرة إذا مات مولاها:« إنّ عدّتها أربعة أشهر و عشراً من يوم يموت سيّدها،إذا كان سيّدها يطؤها» قيل له:فالرجل يعتق مملوكته قبل موته بساعة أو بيوم ثم يموت،فقال:« هذه تعتدّ بثلاث حيض أو ثلاثة قروء من يوم أعتقها سيّدها» (3)و بمعناه الخبران الآخران في اعتبار الاعتداد بالأقراء (4).

و في الصحيحين و غيرهما:« لا يصلح للسرية المعتقة أن تنكح حتى

ص:335


1- الفقيه 3:1685/352،الوسائل 22:272 أبواب العدد ب 50» ح 1.
2- الوسائل 22:272 أبواب العدد ب 50.
3- الكافي 6:8/172،التهذيب 8:542/156،الإستبصار 3:1247/349،الوسائل 22:264 أبواب العدد ب 43 ح 7.
4- الكافي 6:7/172،التهذيب 8:541/156،الإستبصار 3:1246/348،الوسائل 22:264 أبواب العدد ب 43 ح 6.

تنقضي عدّتها ثلاثة أشهر» (1).

خلافاً للحلّي (2)،فأوجب الاستبراء خاصّة؛ لما مضى من الأدلّة قريباً.

و هي مخصَّصة بهذه النصوص التي هي مع صحة أكثرها،و اعتبار باقيها معتضدة بالشهرة،و مؤيّدة بأصالة بقاء الحرمة،و لذا لم يوافقه أحد من الطائفة،فخلافه ضعيف،كضعف خلافه فيما يستفاد من الصحيحة الاُولى:من اعتداد المدبّرة الموطوءة من وفاة المولى بأربعة أشهر و عشراً، و هي مع صحة سندها،و اعتضادها بالشهرة المحكية،و تأيّدها بالأصالة المتقدّمة معتضدة بإطلاق كثير من المعتبرة،منها الصحيح:الرجل يكون تحته السرية فيعتقها،فقال:« لا يصلح لها أن تنكح حتى تنقضي عدّتها ثلاثة أشهر،و إن توفّي عنها مولاها فعدّتها أربعة أشهر و عشراً» (3).

و قيّده و غيره أكثر الأصحاب تبعاً للشيخ (4)بالتدبير.

و فيه نظر؛ لأنّه كالنص في العتق المنجّز.

و أصرح منه المرسل كالصحيح،إلّا أنّ فيه قطعاً:في رجل أعتق أُمّ ولده،ثم توفّي عنها قبل أن تنقضي عدّتها،قال:« تعتدّ بأربعة أشهر و عشراً،و إن كانت حبلى اعتدّت بأبعد الأجلين» (5)فتأمّل.

ص:336


1- انظر الوسائل 22:262 أبواب العدد ب 43 ح 1،8.
2- السرائر 2:744.
3- الكافي 6:3/171،التهذيب 8:540/156،الإستبصار 3:1250/349،الوسائل 22:262 أبواب العدد ب 43 ح 1.
4- الشيخ في الاستبصار 3:349،و النهاية:536،و تبعه ابن حمزة في الوسيلة:329،و الحلي في السرائر 2:744،و المحقق في الشرائع 3:41،و العلّامة في القواعد 2:73.
5- الكافي 6:6/172،الوسائل 22:264 أبواب العدد ب 43 ح 9.

و العمل بهما أحوط،سيّما مع تأيّدهما بإطلاق الخبرين،بل ظاهرهما،في أحدهما:في الأمة إذا غشيها سيّدها ثم أعتقها:« فإنّ عدّتها ثلاث حيض،فإن مات عنها فأربعة أشهر و عشراً» (1).

و في الثاني:عن رجل أعتق وليدته عند الموت؟فقال:« عدّتها عدّة الحرّة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر و عشراً» (2).

و لكن في تعيّن المصير إليهما نظر؛ لعدم مكافأتهما لما مرّ من الصحيح،المصرح بعدم الاعتداد بعدّة الوفاة مع تنجّز الإعتاق،المعتضد بفتوى أكثر الأصحاب،و إطلاق ما مرّ من النصوص من اعتداد الأمة المطلقة بالإعتاق بالأقراء أو الأشهر من دون تفصيل بين موت المولى و عدمه.

مضافاً إلى قصور الأخبار الأخيرة بالقطع في الأوّل،و الضعف على الأشهر في الثاني،و بلا خلاف في الثالث؛ مع ورود خبرين منها في أُمّ الولد،المحتمل قولهم بذلك فيها؛ و مخالفتها الاعتبار،من حيث إنّ الإعتاق كالطلاق البائن،و من حكمه كما مرّ عدم استئناف عدّة الوفاة لو تحقّق في عدّته.

إلّا أنّ المسألة بعد لا تخلو عن ريبة؛ لكثرة الروايات المقابلة للصحيحة،و بلوغها حدّ الاستفاضة،و هي مع ذلك ما بين صريحة و ظاهرة،و معتبر أسناد بعضها،مع اعتضادها أجمع بأصالة بقاء الحرمة، و فتوى جماعة كإطلاق عبارة الحلبي و ظاهر عبارة ابن حمزة (3)و يظهر من

ص:337


1- الكافي 6:1/171،التهذيب 8:538/155،الإستبصار 3:1248/349،الوسائل 22:263 أبواب العدد ب 43 ح 5.
2- الكافي 6:7/172،التهذيب 8:541/156،الإستبصار 3:1246/348،الوسائل 22:264 أبواب العدد ب 43 ح 6.
3- الحلبي في الكافي:313،ابن حمزة في الوسيلة:329.

المختلف (1)الميل إليها أو التردّد،فالاحتياط فيها لازم البتّة.

و لو كانت زوجة الحرّ أَمةً فابتاعها كلّاً أو بعضاً بطل نكاحه بلا خلاف،بل قيل:إجماعاً (2)؛ لصيرورتها بالشراء مملوكة،فيبطل النكاح رأساً؛ لأنّ التفصيل في الآية (3)قاطع للشركة جدّاً.

و الأجود الاستدلال عليه بالموثق،مع ضميمة عدم القول بالفصل:

عن رجلين بينهما أمة،فزوّجاها من رجل،ثم إنّ الرجل اشترى بعض السهمين؟فقال:« حرمت عليه» (4).

مضافاً إلى الاستئناس لذلك بالإجماع،و المعتبرة المستفيضة (5)ببطلان نكاح الحرّة إذا اشترت زوجها المملوك أو انتقل إليها مطلقا،مع ما في بعضها من التعليل الذي يناسب التعميم و الشمول لما نحن فيه،و هو الصحيح:عن امرأة حرّة تكون تحت المملوك،فتشتريه،هل يبطل نكاحه؟قال:« نعم؛ لأنّه عبد مملوك لا يقدر على شيء» (6).

و له وطؤها مع شرائها كلّاً من غير استبراء إجماعاً؛ لعموم الأدلّة بحلّ وطء المملوك الشاملة لمفروض المسألة؛ مضافاً إلى استصحاب الإباحة السابقة.

ص:338


1- المختلف:616.
2- نهاية المرام 2:115.
3- النساء:25،المؤمنون:6.
4- الكافي 5:6/484،الفقيه 3:1355/285،التهذيب 8:699/199،الوسائل 21:153 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 46 ح 1.
5- الوسائل 21:157 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 29.
6- الكافي 5:4/485،التهذيب 8:724/205،الوسائل 21:158 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 49 ح 2.

و منه يظهر عدم لزوم الاستبراء مع أصالة البراءة عن أصله،إلّا ما قام الدليل على إثباته فيه،و ليس ما نحن فيه منه؛ لاختصاص المثبت له بغيره، مع انتفاء حكمة أصل مشروعيّته من عدم اختلاط المياه و اضطراب الأنساب فيه،كيف لا؟!و الماء لواحدٍ،فلا اختلاط و لا اضطراب.

مضافاً إلى التأيّد بالنصوص المثبتة للحكم في نظير المسألة،و هو:

جواز تزويج الرجل بجاريته المعتقة من قبله من غير عدّة،منها الصحيح:

الرجل يعتق سرّيته،أ يصلح له أن ينكحها بغير عدّة؟قال:« نعم» قلت:

فغيره؟قال:« لا،حتى تعتدّ ثلاثة أشهر» (1)و نحوه غيره من المعتبرة (2)، فلا إشكال بحمد اللّه تعالى في المسألة.

و أمّا مع شرائها بعضاً فليس له وطؤها جدّاً؛ لما مضى (3)،إلّا مع تحليل الشريك إذا كان غيرها،على قول قد مضى في بحث النكاح (4)، خلافاً لأكثر أصحابنا.

و أمّا إذا كانت هي الشريك فلا يحلّ وطؤها بتحليلها إجماعاً،نصاً و فتوى.

تتمّة

تتمّة النفقة واجبة للرجعيّة في زمن العدّة،و كذا السكنى و الكسوة بالشرائط المعتبرة،و كذا للبائنة إذا كانت ذات حمل،أمّا بدونه فلا،و البحث في

ص:339


1- الكافي 5:4/476،الوسائل 22:263 أبواب العدد ب 43 ح 4.
2- الوسائل 22:262 أبواب العدد ب 43.
3- راجع ص 5155.
4- راجع ص 5156،5157.

جميع ذلك قد مضى.

و يتفرع عليه في الجملة أنّه لا يجوز لمن طلّق زوجته طلاقاً رجعيّاً أن يخرج الزوجة من بيته الذي طلّقت فيه،إذا كان مسكن أمثالها،و إن لم يكن مسكنها الأوّل،فإن كان دون حقّها فلها طلب المناسب و الخروج إليه،أو فوقه فله ذلك؛ اقتصاراً في المنع على المتيقّن المتبادر من الإطلاق،و يحتمل العموم فليس لهما ذلك في المقامين،و هو أحوط.

و لا فرق بين منزل الحضريّة و البدويّة،البرّية و البحريّة.

و الأصل فيه مضافاً إلى ما مرّ من وجوب الإسكان الكتاب، و السنّة،و الإجماع من علماء الإسلام،لكن دلالة الثاني على الحرمة قاصرة،إلّا أنّها بمعونة طرفيه متمّمة.

فلا ريب في الحرمة إلّا أن تأتي بفاحشة مبيِّنة،بنصّ الأدلّة الثلاثة.

و هو على ما يتبادر منه عند الإطلاق في العرف و العادة،و صرّح به جماعة (1) ما يجب به الحدّ فينبغي الاقتصار في الخروج عن المنع المتيقّن على القدر المقطوع به المسلّم.

مضافاً إلى المرسل في الفقيه:عن قول اللّه عزّ و جلّ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [1] (2)قال:

« إلّا أن تزني،فتخرج،و يقام عليها الحدّ» (3).

ص:340


1- منهم المفيد في المقنعة:533،و الطوسي في النهاية:534،و القاضي في المهذّب 2:318.
2- الطلاق:1.
3- الفقيه 3:1565/322،الوسائل 22:220 أبواب العدد ب 23 ح 3.

و قصور السند بالأصل المتقدّم مجبور،و ضعف الدلالة على العموم في مطلق ما يوجب الحدّ كما هو المطلوب متمَّم بالإجماع المركّب.

و قيل و هم الأكثر،بل في الروضة أنّه المشهور (1)،و عن الخلاف الإجماع عليه (2):إنّ أدناه أن تؤذي أهله بقول أو فعل؛ لعمومه لغةً لذلك،و هو مقدّم على العرف.مضافاً إلى المرسلين المفسِّرين للآية بذلك (3).

و في الأوّل منع،من حيث التقديم،مع أنّه على تقديره مخالف للإجماع من حيث شموله لفواحش أُخر،كترك الصلاة،و الصوم،و نحو ذلك،ممّا لا قائل بجواز الإخراج به.

و في الثاني قصور السند المانع عن العمل،سيّما مع معارضتهما بالمرسل المتقدّم،المعتضد بالأصل المتيقّن،إلّا أنّ الشهرة و الإجماع المتقدّم لعلّهما يجبران جميع ذلك،فلا بُعد في المصير إليه،و إن كان الأحوط الأوّل.

و كما لا يجوز له إخراجها لا يجوز لها أن تخرج هي بنفسها من دارها التي طلّقت فيها؛ لعين ما مضى من الأدلّة الثلاثة،بزيادة ظهور دلالة السنّة على الحرمة،من حيث تضمّنها الأوامر باعتداد المطلّقة في بيتها،التي هي في الوجوب و حرمة الترك ظاهرة،و هي مستفيضة:

ص:341


1- الروضة 6:77.
2- الخلاف 5:70.
3- أحدهما في:الكافي 6:1/97،التهذيب 8:455/131،الوسائل 22:220 أبواب العدد ب 23 ح 1. و الآخر في:الكافي 6:2/97،التهذيب 8:456/131،الوسائل 22:220 أبواب العدد ب 23 ح 2.

ففي موثّقات ثلاثة:عن المطلّقة أين تعتدّ؟قال:« في بيتها» (1)و زيد في أكثرها:« لا تخرج،و إن أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل، و لا تخرج نهاراً،و ليس لها أن تحجّ حتى تنقضي عدّتها» .و إطلاقها كالآية،و غيرها من المعتبرة،و ظاهر العبارة،و صريح جماعة (2)،بل ادّعى عليه الشهرة جماعة (3)عموم الحرمة لكل من صورتي الإذن من الزوج بالخروج و عدمه.

خلافاً للحلبي و جماعة (4)،فقيّدوها بالصورة الثانية،بل ظاهر عبارة الفضل المحكيّة في الكافي الإجماع عليه في الأزمنة السابقة،بل و ادّعى أنّها المفهومة من عبارة الآية في اللغة،قال:و إنّما الخروج و الإخراج أن تخرج مراغمة،أو يخرجها زوجها مراغمة،و على أنّها لا تريد العود إلى بيتها و إمساكها؛ لأنّ المستعمل في اللغة هذا الذي وصفناه،و هذا الذي نهى اللّه تعالى عنه (5).

و هو غير بعيد،و المعتبرة شاهدة به،ففي الصحيح (6)،و نحوه

ص:342


1- انظر الوسائل 22:213 أبواب العدد ب 18 ح 3،4،وص 215 ب 19 ح 1.
2- منهم الشهيد الثاني في الروضة 6:74،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:120،و صاحب الحدائق 25:525.
3- منهم المجلسي في ملاذ الأخيار 13:257،و صاحب الحدائق 25:525،انظر آيات الأحكام للفاضل الجواد 4:30،و الكفاية للفاضل الخراساني:208 و فيهما هذا القول منسوب إلى أكثر الأصحاب.
4- الحلبي في الكافي:312؛ و انظر الغنية(الجوامع الفقهية):616،و التحرير 2:75.
5- الكافي 6:95،96.
6- الكافي 6:1/89،التهذيب 8:402/116،الإستبصار 3:1184/333،الوسائل 22:212 أبواب العدد ب 18 ح 1.

المقطوع (1):« لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلّا بإذن زوجها حتى تنقضي عدّتها» الخبر.

و في الموثق:« المطلّقة تحجّ في عدّتها إن طابت نفس زوجها» (2)و لا قائل بالفرق.

و به يقيّد ما أُطلق فيه الإذن بالخروج إلى الحجّ و أداء الحقوق، كالصحيح المقطوع:« المطلّقة تحجّ،و تشهد الحقوق» (3).

و يحتمل الحمل على الواجب،فلها الخروج إليه،كالاستمرار به لو كانت قبل الطلاق خارجة له،بخلاف غيره،فيجب عليها العود إلى منزله، كما لو طلّقت و هي في غير مسكن.

و لا يتفاوت الحكم على هذا بين حالتي قبل الطلاق و بعده،و لعلّ الحكمة في التعرض للنهي عن الخروج و الإخراج في هذه الصورة احتمال توهّم انقطاع أحكام الزوجية،التي منها النهي عن الأمرين بعد الطلاق، فلا يجعل مثل هذا التعرض دليلاً أو شاهداً للأوّل،و لكنّه أحوط.

و عليه فلو كانت في سفر مباح أو مندوب ففي وجوب العود إن أمكن إدراكها جزءاً من العدّة،أو مطلقاً،أو تتخيّر بينه و بين الاعتداد في السفر، أوجه:

من إطلاق النهي عن الخروج من بيتها،فيجب عليها تحصيل الكون به.

ص:343


1- الكافي 6:11/91،الوسائل 22:214 أبواب العدد ب 18 ح 7.
2- الكافي 6:12/91،التهذيب 8:452/131،الإستبصار 3:1187/333،الوسائل 22:219 أبواب العدد ب 22 ح 2.
3- الكافي 6:13/92،التهذيب 8:453/131،الإستبصار 3:1186/333،الوسائل 22:219 أبواب العدد ب 22 ح 1.

و من عدم صدق النهي هنا؛ لأنّها غير مُستوطنة،و للمشقّة،و انتفاء الفائدة حيث لا تدرك جزءاً من العدّة.

و هذا أقوى؛ لاختصاص النهي المطلق في النص و الفتوى بحكم الوضع أو التبادر بغير محل الفرض جدّاً.

كلّ ذلك مع إمكان الرجوع،و عدم الضرورة إلى عدمه،و لا يجب العود معها قطعاً؛ لمكان الضرورة المبيحة لعدمه على تقدير وجوبه و للخروج أيضاً.

فإن اضطرّت خرجت إجماعاً،لكن بعد انتصاف الليل، و عادت قبل الفجر وجوباً،على الأشهر،بل لم أقف على مخالف إلّا من بعض من ندر ممّن تأخّر (1).

و الأصل فيه الموثّق الذي مرّ (2)،و لا قدح فيه من حيث الموثّقيّة و الإضمار،كما هو المقرّر،مع أنّه على تقديره فهو بالشهرة العظيمة منجبر،فهو أظهر إن ارتفع به و بغيره الضرر،و إلّا بأن كان الدفع بالغير منحصراً جاز قولاً واحداً.

و لا يلزم ذلك أي المنع عن كلّ من الخروج و الإخراج في الطلاق البائن مطلقاً،حائلاً كانت المطلّقة أو حاملاً.

و لا المتوفّى عنها زوجها مطلقاً كذلك بل تبيت كلّ منهما و تعتدّ حيث شاءت بلا خلاف في الظاهر في المقامين،بل عليه الإجماع في كلام جماعة (3)،و هو الحجة فيه.

ص:344


1- انظر المسالك 2:50،و كفاية الأحكام:208.
2- في ص 340.
3- منهم الشيخ في الخلاف 5:70 71،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):616،و الفاضل المقداد و في التنقيح الرائع 3:357 و انظر نهاية المرام 2:120،و مرآة العقول 21:154.

مضافاً إلى الأصل السالم عن معارضة ما دلّ على المنع؛ لاختصاص الآية (1)بحكم ما في آخرها من العلّة بالرجعيّة،و على تقدير الإطلاق يلزم تقييده كإطلاق الروايات في المطلّقة بها؛ للمعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:« إذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرجعة بانت منه ساعة طلّقها،و ملكت نفسها،و لا سبيل له عليها،و تعتدّ حيث شاءت،و لا نفقة لها» (2)و نحوه غيره (3).

و لا معارض لها من النصوص صريحاً،سوى الإطلاقات المقيّدة بها و بالإجماع جدّاً.

و في الصحيح:عن امرأة توفّي عنها زوجها أين تعتدّ،في بيت زوجها،أو حيث شاءت؟قال:« حيث شاءت» الخبر (4)،و نحوه غيره (5).

و لا معارض لها من إطلاقات الآية و الأخبار أصلاً.

نعم في كثير من المعتبرة النهي عن بيتوتتها عن بيتها (6)،و لم أر عاملاً بها،لأنّهم ما بين مصرّحٍ بحملها على الاستحباب،و رادٍّ لها من أصلها.

و ربما يوجد في المتأخّرين عامل بها،مدّعياً عدم التعارض بينها

ص:345


1- الطلاق:1.
2- الكافي 6:5/90،التهذيب 8:458/132،الوسائل 22:216 أبواب العدد ب 20 ح 1.
3- الوسائل 21:519 أبواب النفقات ب 8.
4- الكافي 6:2/115،التهذيب 8:558/191،الإستبصار 3:1258/352،الوسائل 21:523 أبواب النفقات ب 9 ح 5.
5- الوسائل 21:522 أبواب النفقات ب 9.
6- انظر الوسائل 22:241 أبواب العدد ب 32.

و بين ما تقدّمها؛ لتضمّنه التخيير و الرخصة في الاعتداد بالعدّة أينما شاءت، و ليس فيها التعرض للنهي عن البيتوتة عن مكان العدّة،و قد تضمّنته هذه المعتبرة،فالعمل بها غير ملازم لترك ما قابلها،بل فيه جمع بينهما (1).

و هو أحوط،و إن كان في تعيّنه نظر،من حيث عدم القائل بها،بل و ظهور اتفاقهم على ردّها،و ما هذا شأنه يلحق بالنادر الذي يجب ردّه أو تأويله.

ثم إنّ المطلّقة بائناً و إن جاز إخراجها و لو حاملاً،إلّا أنّه في الأخيرة ليس على إطلاقه جدّاً،بل ينبغي تقييده بما إذا أخرجها إلى مسكن آخر، لا مطلقاً،فإنّ لها النفقة و السكنى،كتاباً و سنّة و إجماعاً،فالفرق بينها و بين المطلّقة رجعيّة حينئذٍ هو عدم جواز إخراجها مطلقاً،و لو إلى مسكن آخر، دون هذه،فيجوز إخراجها إليه،فتأمّل جدّاً.

و تعتدّ المطلّقة من حين الطلاق مطلقاً حاضراً كان المطلِّق أو غائباً إجماعاً في الأوّل،و على الأظهر الأشهر في الثاني؛ للصحاح المستفيضة،و غيرها من المعتبرة،ففي الصحيح:في الغائب إذا طلّق امرأته:« أنّها تعتدّ من اليوم الذي طلّقها» (2).

و إطلاقه كغيره إمّا ظاهر فيما إذا عرفت الوقت الذي طلّقت فيه بالبيّنة الشرعية أو القرائن القطعية.

أو مقيّد به؛ للصحاح المصرِّحة بذلك،المعتضدة بفتوى الطائفة، منها الصحيح:عن المطلّقة يطلّقها[زوجها]فلم تعلم إلّا بعد سنة؟قال

ص:346


1- المفاتيح 2:354،مرآة العقول 21:197.
2- الكافي 6:2/110،التهذيب 8:560/191،الإستبصار 3:1263/353،الوسائل 22:226 أبواب العدد ب 26 ح 3.

« إن جاء شاهدا عدلٍ فلا تعتدّ،و إلّا فلتعتدّ من يوم يبلغها» (1).

و إطلاقه كالصحيحين الآخرين (2)يقتضي الاعتداد من يوم البلوغ مطلقاً،و لو حصل القطع بتقدّم الطلاق عليه يوماً أو أزيد.

و ربما يقيّد بصورة احتمال وقوع الطلاق فيه لقرب المسافة و نحوه، و أمّا مع انتفائه و تيقّن سبق الطلاق يوم البلوغ فتعتدّ بالمتيقّن سبقه و تتمّه بالملتحق به،و يكون المراد حينئذٍ من الاعتداد يوم البلوغ البناء عليه و لو باحتساب ما سبقه جزءاً من العدّة،و ليس المراد جعله ابتداءها.

و هو غير بعيد،إلّا أنّ المصير إلى الإطلاق أحوط،وفاقاً لظاهر الماتن في الشرائع (3).

و خلاف الحلبي (4)هنا بالمصير إلى لزوم الاعتداد من حين البلوغ كالوفاة بعد الثبوت شاذّ،و مستنده من أنّ العدّة عبادة فتفتقر إلى نيّة مع ما فيه من المنع،فيه اطراح للصحاح.

و تعتدّ الزوجة في الوفاة من حينه مع الحضور،و من حين يبلغها الخبر مع الغيبة،على الأظهر الأشهر بين الطائفة؛ للمعتبرة المستفيضة،منها الصحاح،أحدها:في الرجل يموت و تحته امرأة و هو

ص:347


1- الكافي 6:4/111،التهذيب 8:564/162،الإستبصار 3:1267/354،الوسائل 22:228 أبواب العدد ب 27 ح 3 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- أحدهما في:الكافي 6:1/112،التهذيب 8:568/163،الإستبصار 3:1271/355،الوسائل 22:228 أبواب العدد ب 28 ح 1. و الآخر في:الكافي 6:2/112،الوسائل 22:228 أبواب العدد ب 28 ح 2.
3- الشرائع 3:46.
4- الكافي في الفقه:313.

غائب،قال:« تعتدّ من يوم يبلغها وفاته» (1).

خلافاً للإسكافي (2)،فجعلها كالأُولى في الاعتداد من حين الوقوع بعد الثبوت،و لا قبله،بل من حين البلوغ؛ للخبرين،أحدهما الصحيح:

امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة،فقال:« إن كانت حبلى فأجلها أن تضع حملها،و إن كانت ليست بحبلى فقد مضت عدّتها إذا قامت له البيّنة أنّه مات في يوم كذا و كذا،و إن لم يكن لها بيّنة فلتعتدّ من يوم سمعت» (3).

و نحوه الثاني (4)،إلّا أنّه قاصر السند،و هو كالأوّل ضعيف المكافأة للمستفيضة المتقدّمة،من حيث الاعتضاد بالاستفاضة،و الشهرة العظيمة، و الاحتياط؛ لأصالة بقاء الحرمة،فليطرحا،أو يؤوّلا،أو يحملا على التقية، كما فعله بعض الأجلّة (5).

و حملها على الرخصة كما في المسالك (6)و ارتضاه جماعة (7)فرع المكافأة،و منافٍ للزوم العمل بالأخبار الراجحة و طرح المرجوحة.

و بالجملة:لا ريب في شذوذ هذا القول و ضعفه،كمختار التهذيب (8)المفصِّل بما في الصحيح:المرأة يموت زوجها،أو يطلّقها و هو غائب،

ص:348


1- الكافي 6:1/112،الوسائل 22:228 أبواب العدد ب 28 ح 1.
2- حكاه عنه في المختلف:614.
3- التهذيب 8:571/164،الإستبصار 3:1274/355،الوسائل 22:231 أبواب العدد ب 28 ح 10.
4- التهذيب 8:570/164،الإستبصار 3:1273/355،الوسائل 22:231 أبواب العدد ب 28 ح 9.
5- الوسائل 22:231،الحدائق 25:542.
6- المسالك 2:56.
7- منهم السبزواري في الكفاية:208،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:352.
8- التهذيب 8:165.

قال:« إن كان مسيرة أيّام فمن يوم يموت زوجها تعتدّ،و إن كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر؛ لأنّها لا بدّ أن تحدّ له» (1)لعين ما مضى،بل بطريق أولى.

ثمّ لا فرق في الزوجة بين الحرّة و الأمة في ظاهر العبارة،كأكثر النصوص و الفتاوي،و لا يعارضها التعليل في بعضها بلزوم الحداد عليها و هو مختصّ بالحرّة جدّاً؛ لغلبة أخصّيّة علل الشرع عن معلولاتها، فلا يجسر مع ذلك على تقييد أكثر النصوص و الفتاوي بها،فجمود الروضة (2)على العلّة و نفي العدّة عن الأمة،و جعلها كالمطلّقة،لعلّه ضعيف جدّاً،و لذا لم يمل إليه في المسالك (3)أصلاً.

و لا فرق أيضاً في الخبر الذي تعتدّ من يومه بين صدوره ممن يقبل قوله و يثبت الحكم بإخباره،أم لا،في ظاهر إطلاق أكثر النصوص و الفتاوي،بل صرّح به جماعة من أصحابنا (4).

لكن ربما ينافيهما بعض النصوص،كالخبر:« إن مات عنها» يعني:

و هو غائب« فقامت البيّنة على موته،فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر و عشراً» الحديث (5).

ص:349


1- التهذيب 8:572/165،الإستبصار 3:1275/356،الوسائل 22:232 أبواب العدد ب 28 ح 12.
2- الروضة 6:84.
3- المسالك 2:56.
4- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:358،و الشهيد الثاني في المسالك 2:56،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:352.
5- الكافي 6:6/112،التهذيب 8:566/163،الإستبصار 3:1269/354،الوسائل 22:233 أبواب العدد ب 29 ح 1.

إلّا أنّه ضعيف السند،قاصر عن المقاومة لما مرّ،فإذاً ما قالوه أظهر، لكن ليس لها بعد انقضاء العدّة بعد الخبر التزويج من دون ثبوتٍ شرعيّ، فلو تزوّجت فسد في الظاهر،و صح في الباطن مع الجهل بالتحريم إن تبيّن بعد ذلك موته و انقضاء عدّتها قبل العقد.

و أمّا مع العلم به فقيل:يجب القطع بالفساد؛ لانتفاء القصد إلى العقد الصحيح (1).

و فيه نظر؛ لعدم الملازمة هنا بين الحرمة و الفساد،فلا يلزم من العلم بها انتفاء القصد إلى ضدّه المستلزم له،فإلحاق هذه الصورة بالأُولى متّجه جدّاً؛ لعموم الأمر بالوفاء،مع عدم مانعٍ أصلاً،و به صرّح جماعة من أصحابنا (2).

ص:350


1- قاله صاحب المدارك في نهاية المرام 2:124.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:56،و السبزواري في الكفاية:208،و الحدائق 25:545.

كتاب الخلع و المبارأة

اشارة

كتاب الخلع الخُلع بالضمّ من الخَلع بالفتح،و هو النزع،كأنّ كلّاً منهما ينزع لباس الآخر هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ،وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ [1] (1). و المبارأة بالهمزة،و قد تقلب ألفاً،و هي المفارقة.

و كل منهما طلاق بعوض لازم لجهة الزوج،و يشترط فيهما ما يشترط في الطلاق،و زيادة شرط فيهما هو:رضاها بالبذل،و آخر في الخلع، و هو:كراهتها له،و آخرين في المبارأة هما:كراهة كل منهما لصاحبه، و عدم زيادة العوض على المهر،و لا خلاف في شيء من ذلك؛ للمعتبرة المستفيضة،إلّا ما يأتي في كون الخلع طلاقاً،و سيأتي إلى جميع ذلك مفصّلاً الإشارة.

و شرعيّتهما ثابتة بالكتاب،و الإجماع،و السنّة المستفيضة الآتية، قال اللّه سبحانه فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [2] (2).و ظاهره الوقوع عند الحاكم،و لعلّه لهذا حكي عن الإسكافي (3)اشتراطه،و له مضافاً إليه بعض النصوص بالخصوص:« و لا يكون ذلك إلّا عند سلطان» (4).

ص:351


1- البقرة:187.
2- البقرة:229.
3- نقله عنه في المختلف:595.
4- التهذيب 8:331/98،الإستبصار 3:1131/318،الوسائل 22:286 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 10.

و الأشهر خلافه،بل في التنقيح (1)الإجماع عليه؛ للأصل،و قصور الآية عن إفادة الاشتراط،مع احتمال ورودها مورد الغالب،و الرواية ضعيفة السند،و إن انجبرت بوجود المجمع على تصحيح ما يصح عنه من الرواية في سندها؛ لقصورها عن المقاومة للأصل المعتضد بالشهرة العظيمة،و حكاية الإجماع المزبورة،و إطلاقات الأخبار المستفيضة،فإذاً ما اختاروه أقوى،و إن كان الاحتياط ما ذكره جدّاً.

و و كيف كان الكلام في الكتاب يقع في العقد، و الشرائط،و اللواحق و لمّا كان كل منهما من العقود المفيدة لإبانة الزوجة بفدية مخصوصة لزم فيهما مراعاة الصيغة الصريحة،كسائر العقود اللازمة.

الخلع

العقد

و قد ذكر الأصحاب،و حكاه عنهم جماعة (2)أنّ صيغة الخلع الصريحة أن يقول الزوج: خلعتك أو خالعتك،أو أنت أو فلانة مختلعة على كذا و لا ريب في الأوّلتين،إلّا أنّ في الأخيرتين لجماعة (3)مناقشة لا جدوى في التعرّض لها بعد الاتفاق عليهما هنا.

و استظهر جماعة (4)وقوعه ب:أنتِ طالق على كذا،من دون لفظ الخلع أصلاً،بل ادّعى جماعة منهم (5)ظاهر الاتفاق عليه،و هو الحجّة فيه، مع أنّا لم نقف فيه على مخالفٍ،و لولاه لكان محلّ نظر،فإنّ مقتضى الأصل و الاقتصار على المتيقّن من النص العدم؛ نظراً إلى أنّ المتبادر منه

ص:352


1- التنقيح الرائع 3:360.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:127،و السبزواري في الكفاية:209.
3- الشرائع 3:17،التنقيح الرائع 3:303،المهذب 3:452،كفاية الأحكام:200.
4- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:127،و السبزواري في الكفاية:209،و صاحب الحدائق 25:557.
5- انظر المبسوط 4:344،و المفاتيح 2:323.

المتيقّن هو الوقوع بلفظه دون غيره،فالحكم بأحكامه التي من جملتها عدم الرجعة و البينونة بمجرّده مشكل؛ و الالتفات في إثباته إلى أنّه و إن تجرّد عن لفظ الخلع لكنّه عقد معاوضة،فيلزم؛ لعموم الأمر بمطلقه،غير جيّد مع الحكم بجواز رجوع المرآة في البذل.

نعم يمكن الاستدلال عليه بالصحيح:« إذا قالت المرآة لزوجها جملة:لا أُطيع لك أمراً،مفسّراً أو غير مفسّر،حلّ له أن يأخذ منها،و ليس له عليها رجعة» (1).

و هو كما ترى ظاهر في ترتّب الحكم بالبينونة على مجرّد البذل مع الكراهة،أعمّ من وقوعها بلفظ الخلع أو الطلاق.

و هو و إن أمكن دعوى ظهوره في الأوّل بملاحظة ما عداه من النصوص،إلّا أنّ فتوى الأصحاب مع حكاية جماعة (2)الإجماع عليه، و ظهور صدقه بعد التتبّع أوضح شاهد على العموم.

مضافاً إلى إشعار بعض النصوص (3)به أيضاً،فلا إشكال فيه بحمد اللّه تعالى،و إن كان الأحوط الإتيان بلفظ الخلع أيضاً.

قالوا:و لا بدّ من قبول المرأة عقيبه بلا فصل معتدّ به،أو تقدّم سؤالها قبله كذلك.

و لا ريب أنّه أحوط،و إن كان في استفادته كملاً من النصوص نظر، فإنّ غايتها الدلالة على اعتبار قبولها إمّا مطلقاً،كما يقتضيه إطلاق بعضها،

ص:353


1- الكافي 6:6/141،الفقيه 3:1633/339،التهذيب 8:328/97،الإستبصار 3:1127/316،الوسائل 22:279 أبواب الخلع و المباراة ب 1 ح 1.
2- راجع ص 351.
3- انظر الوسائل 22:279 أبواب الخلع و المباراة ب 1.

أو إذا كان مقدّماً،كما يقتضيه أكثرها،و أمّا لزوم المعاقبة من دون فصل معتدّ به فلم يظهر منها.

نعم لو تحقّق فصل بعيد بعد أن سألت،بحيث يحتمل رجوعها، أمكن اشتراط عدمه هنا،لا مطلقاً،و لكنّه غير ما يظهر من عبائرهم، و العمل على ما ذكروه.

و هل يقع الخلع بكلّ من الألفاظ المذكورة بمجرّده من دون إتباع بالطلاق؟ قال المرتضى علم الهدى و أكثر أصحابنا بل ادّعى عليه في الناصريات (1)إجماعنا-: نعم و الحجة بعده النصوص المستفيضة،منها الصحاح الصراح،في أحدها:عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين عدلين على طهر من غير جماع،هل تبين منه بذلك،أو هي امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟فقال:« تبين منه» إلى أن قال:

فقلت:إنّه قد روي لنا أنّها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق،قال:« ليس ذلك إذا خَلَعَ» (2)بفتح الثلاثة،كما ضبطه بعض مشايخنا (3)،و يكون« إذا» حينئذٍ شرطيّة.

و لعلّ المراد أنّه ليس الحكم الذي ذكره السائل من عدم البينونة إلّا بالاتباع بالطلاق في صورة ما إذا خلع،بل يختصّ ذلك بغيرها كالمباراة؛ لاشتراطه فيها،كما عليه أكثر أصحابنا،و سيأتي الكلام فيه (4)إن شاء اللّه تعالى.

ص:354


1- الناصريات(الجوامع الفقهية):214.
2- الكافي 6:7/143،التهذيب 8:332/98،الإستبصار 3:1132/318،الوسائل 22:286 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 9.
3- انظر المسالك 2:59.
4- في ص 368.

و أمّا إذا خلع فلا يشترط،بل يحصل البينونة بمجرده،و لذا سأل الراوي بعد ذلك:فقلت:تبين منه؟قال:« نعم» .و هذه النسخة أجود النسخ من قراءة الخلع بسكون اللام و ضمّ العين، أو خلعاً بفتحها،ليكون خبر ليس؛ لما فيها من الدلالة حينئذٍ على اشتراط الخلع بعدم الاتباع بالطلاق،و لا قائل به،بل مثله خلع،بل و أحسنه، إجماعاً،بل و لو تجرّد عن لفظ الخلع و اكتفى بلفظ الطلاق لكان خلعاً أيضاً بلا خلاف،بل قيل:إجماعاً (1)،كما مضى،مع ما في الاُولى من النسختين من حزازة بحسب العربية.

و كيف كان فالرواية كغيرها من المعتبرة الكثيرة في المطلوب صريحة،و بالشهرة العظيمة و الأعدليّة و الكثرة و حكاية الإجماع المزبورة معتضدة،بها تكون غالبة على بعض الروايات،و إن كان معتبراً بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده فلا يضرّ ضعفه،و فيه:« المختلعة يتبعها بالطلاق ما دامت في العدة» (2).

و هي مع ذلك متضمنة لما لا يقول به أحد من الطائفة؛ لاتفاقهم في الظاهر على اعتبار وقوع الطلاق بعد تلك الصيغة بلا فاصلة،و ما هذا شأنه يجب طرحه،و لم يبق لها من المرجّحات عدا المخالفة للعامة،و هي أحد المرجّحات المنصوصة،و ما قدّمناه أكثرها،كيف لا؟!و كما أمرونا بالأخذ بما خالفهم أمرونا بالأخذ بالأعدل و المشتهر،و يترجّحان على السابق عدداً و اعتباراً و لو كان كلّ عن الآخر منفرداً،فضلاً أن يكون مع الآخر مجتمعاً،مع ما هما عليه هنا من كثرة العدد،و الاعتضاد بالإجماع المحكي.

ص:355


1- في ص 351.
2- التهذيب 8:329/97،الإستبصار 3:1129/317،الوسائل 22:285 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 5.

فخلاف الشيخ (1)العامل به ضعيف،و إن اعتضد بفتوى جماعة من قدماء الرواة (2)،لكنّهم فاسدوا المذهب،معارض فتواهم بفتوى أجلّ الرواة القدماء،و هو جميل،كما في الكافي محكي (3).

و قول المصنف: و قال الشيخ:لا يقع حتى يتبع بالطلاق من دون ردٍّ له و لسابقه مشعر بالتردّد،و نحوه الشرائع و القواعد (4)،و ليس في محلّه،و إن كان أحوط؛ للأصل.

و لو تجرّد كان طلاقاً عند المرتضى (5) و عليه أكثر أصحابنا المتأخّرين و القدماء،و هو أظهر؛ للصحاح المستفيضة،منها:« خلعها طلاقها» (6).

و منها:« إذا قالت المرأة لزوجها ذلك حلّ له ما أخذ منها،و كانت عنده على تطليقتين» (7).

و منها:« و كانت تطليقة بغير طلاق يتبعها» (8).

ص:356


1- التهذيب 8:97،الإستبصار 3:317.
2- حكاه في الكافي 6:9/141،عن جعفر بن سماعة،و في التهذيب 8:97 عن جعفر بن سماعة و الحسن بن سماعة و علي بن رباط و ابن حذيفة،و هكذا في الاستبصار 3:317.
3- الكافي 6:9/141.
4- الشرائع 3:49،القواعد 2:77.
5- الناصريات(الجوامع الفقهية):214.
6- الفقيه 3:1631/338،الوسائل 22:285 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 4.
7- الكافي 6:1/139،التهذيب 8:322/95،الإستبصار 3:1121/315،الوسائل 22:284 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 2.
8- الكافي 6:3/140،التهذيب 8:324/95،الإستبصار 3:1123/315،الوسائل 22:284 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 3.

و منها:« الخلع و المباراة تطليقة بائن،و هو خاطب من الخطّاب» (1).

و فسخاً عند الشيخ (2)،لو قال بوقوعه مجرّداً لوجوه مدخولة:

هي مع ذلك اجتهاد صرف في مقابلة النصوص المعتبرة التي هي مع ذلك مستفيضة،و بالشهرة العظيمة معتضدة.

و مظهر الثمرة عدّه من الطلقات الثلاث المحرّمة،فيعدّ منها على الأوّل و لا على الثاني،و صرّح بهذا بعض الصحاح المتقدّمة.

و ما صحّ أن يكون مهراً صحّ أن يكون فدية في الخلع إجماعاً؛ للآية (3)و النصوص (4)،إطلاقاً و عموماً.

و يستفاد منها من جهة أنّه لا تقدير فيه أي في المجعول فدية في طرفي النقصان و الزيادة بعد أن يكون متموّلاً بل يجوز أن يأخذ منها ما تبذله برضاها و لو كان زائداً ممّا وصل إليها منه مضافاً إلى الأصل،و الإجماع،و النص الصحيح في المبارأة:« يؤخذ منها دون الصداق،و المختلعة يؤخذ منها ما شئت،و ما تراضيا عليه من صداق قلّ أو كثر،و إنّما صارت المبارئة يؤخذ منها دون المهر،و المختلعة يؤخذ منها ما شاء؛ لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام» (5)و نحوه غيره من المعتبرة (6).

ص:357


1- الكافي 6:7/141،الوسائل 22:289 أبواب الخلع و المباراة ب 5 ح 2.
2- الخلاف 4:422 424.
3- البقرة:229.
4- الوسائل 22:287 أبواب الخلع و المباراة ب 4.
5- الكافي 6:2/142،التهذيب 8:340/101،الوسائل 22:287 أبواب الخلع و المباراة ب 4 ح 1.
6- الوسائل 22:287 أبواب الخلع و المباراة ب 4.

و حيث إنّ الخلع معاوضة لا بدّ فيه من تعيين الفدية وصفاً يحصل به التعيين،سواء كانت عيناً شخصيّة أو كلّية أو إشارة كهذا الثوب،و هذا العبد،و هذه الصبرة من الحنطة مثلاً،بلا خلافٍ في الظاهر؛ دفعاً للغرر،و اقتصاراً في الخلع المخالف للأصل على القدر المتيقّن بالإجماع و النصّ،و ليس فيه سوى ما يقع عليه التراضي،و لا يكون في الأغلب إلّا مع التعيين بأحد الأمرين.

و إطلاق العبارة كغيرها يقتضي أنّه لا يعتبر في الوصف كونه رافعاً للجهالة،بل يكفي عنه ما يحصل به التعيين،و على هذا فلو بذلت ما لها في ذمّته من المهر جاز و إن لم يعلما قدره؛ لتعيّنه في نفسه،و إن لم يكن معلوماً لهما.

و اعتبر الماتن في الشرائع (1)في الغائب ذكر جنسه و وصفه و قدره، مع أنّه اكتفى في الحاضر بالمشاهدة،و إن لم يكن معلوم القدر.

و هو أحوط،و إن كان في وجه الفرق نظر.

و يتفرّع على هذا الشرط فساد الخلع لو وقع على ألف غير معيّن بأحد ما مرّ،و هو إجماع مع عدم قصدهما أو أحدهما إلى معيّن،و محتمل على قول معه أيضاً.

خلافاً للأكثر،فيصح حينئذٍ،و علّل بأنّ المقصود أن يكون العوض معلوماً عند المتعاقدين،فإذا توافقا على شيء بالنيّة كان كما لو توافقا بالنظر.

ص:358


1- الشرائع 3:50.

و هو أظهر؛ لعموم النص بصحّة الخلع مع التراضي بالفدية،و ما نحن فيه من أفرادها الّتي يقع عليها التراضي بالنيّة،إلّا أنّ الأحوط:الأوّل.

و

الشرائط

أمّا الشرائط:فيعتبر في الخالع البلوغ،و كمال العقل،و الاختيار، و القصد فلا خلع لفاقد أحد الأوصاف إجماعاً،حتى من القائل بكونه فسخاً؛ لعموم الأدلّة على عدم الاعتبار بالعقود و الإيقاعات الصادرة من فاقد الأوصاف المزبورة،و يزيد عليها على المختار:من أنّها طلاق،في الدلالة على اعتبار الأوصاف في الخالع ما دلّ على اعتبارها في الطلاق.

و يستفاد منه شرطه في المختلعة إذا كان خلعها مع الدخول بها،و هو: الطهر الذي لم يجامعها فيه،إذا كان زوجها حاضراً،و كان مثلها تحيض مع أنّه إجماع أيضاً؛ لعموم النصوص المستفيضة،منها الصحيح:« لا طلاق،و لا خلع،و لا مباراة،إلّا على طهر من غير جماع» (1).

و الصحيح:عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشاهدين على طهر من غير جماع،هل تبين منه؟فقال:« إذا كان ذلك على ما ذكرت فنعم» (2).

و من الشرائط في المختلعة أن تكون الكراهة منها خاصة صريحاً بإجماع الطائفة،و الصحاح المستفيضة،منها الصحيح:« المختلعة لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها:و اللّه لا أبرّ لك قسماً،و لا أطيع لك أمراً،و لا أغتسل لك من جنابة،و لأُوطئنّ فراشك،و لأُوذننّ عليك بغير

ص:359


1- الكافي 6:10/143،الوسائل 22:291 أبواب الخلع و المباراة ب 6 ح 3.
2- الكافي 6:7/143،الوسائل 22:286 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 9.

إذنك،و قد كان الناس يرخّصون فيما دون هذا،و إذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما أخذ منها،و كانت عنده على تطليقتين باقيتين،و كان الخلع تطليقة» قال:« و يكون الكلام من عندها» (1)يعني من غير أن تعلّم.

و يستفاد منه كغيره عدم الاكتفاء بكراهتها،بل لا بدّ من الوصُول إلى هذا الحدّ الذي فيها،و هو تعدّيها في الكلام بما يدل على خوف وقوعها مع عدم الطلاق في الحرام،و هو ظاهر الآية لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخافا أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ [1] (2)1.و بمضمونها أفتى الشيخ (3)و غيره (4)،حتى قال الحلّي في السرائر:إنّ إجماع أصحابنا منعقد على أنّه لا يجوز الخلع إلّا بعد أن يسمع منها ما لا يحلّ ذكره،من قولها:لا أغتسل لك من جنابة،و لا أُقيم لك حدّا، و لأُوطئنّ فراشك من تكرهه،أو يعلم ذلك منها فعلاً (5).و نحوه في الخلاف.و هو أحوط،بل أولى و أظهر.

خلافاً لإطلاق العبارة و الأكثر،فالكراهة المطلقة.

و لا وجه له؛ لما عرفت من النصوص التي هي في خلافه ظاهرة،بل ربما دلّ بعضها على أنّ الاكتفاء بأقلّ من ذلك قول العامّة،و ربما أشعر أكثرها على اعتبار عبارات مخصوصة و ألفاظ فيها مرسومة،إلّا أنّ إطلاق الآية و إجماع الطائفة مع اختلاف تلك الألفاظ المرسومة قرينة واضحة على

ص:360


1- الكافي 6:1/139،التهذيب 8:322/95،الوسائل 22:284 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 2.
2- البقرة:229.
3- النهاية:529،الخلاف 4:422.
4- انظر الجامع للشرائع:475،و الوسيلة:331،و الكافي في الفقه:307.
5- السرائر 2:724.

استحباب ما هي عليها من الهيئة،و أنّها على الفضيلة.

مضافاً إلى صريح بعض المعتبرة،كالصحيح:« إذا قالت المرأة جملة:

لا أُطيع لك أمراً،مفسّراً أو غير مفسّر حلّ له ما أخذ منها» (1)و نحوه غيره (2).

و بالجملة:المستفاد من النصوص جملةً هو اعتبار تعديتها في الكلام خاصّة تعديةً يوهم وقوعها في الأُمور المحرّمة لولا البينونة،و أمّا أنّ ذلك بعبارة مخصوصة فلا البتة،فاعتبارها كما وجدناه في عبارة بعض من عاصرناه (3)فاسد بالضرورة.

و يتفرّع على هذا الشرط فساد الخلع مع عدمه مطلقاً،و لو أتبع بالطلاق جدّاً،فإنّه حينئذٍ يكون رجعيّاً لا بائناً.

و لا يجب الخلع لو قالت:لأُدخلن عليك من تكرهه على الأظهر الأشهر،بل لعلّه عليه عامة من تأخّر؛ للأصل السالم عن المعارض.

خلافاً للشيخ و جماعة (4)،فيجب لو قالت ذلك،أو خيف عليها الوقوع في المعصية؛ لكون ذلك منها منكراً و دفعها واجب،و لا يتم إلّا بالخلع.

و فيه منع،مع عدم انحصاره فيه،و إمكانه بالفراق المطلق،فلا يجب

ص:361


1- الكافي 6:6/141،الفقيه 3:1633/339،التهذيب 8:328/97،الإستبصار 3:1127/316،الوسائل 22:279 أبواب الخلع و المباراة ب 1 ح 1.
2- التهذيب 8:327/96،الإستبصار 3:1126/316،الوسائل 22:279 أبواب الخلع و المباراة ب 1 ح 2.
3- انظر الحدائق 25:598،599.
4- الشيخ في النهاية:529،و الخلاف 4:421،الحلبي في الكافي:307،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):614،ابن حمزة في الوسيلة:331.

بل يستحب في المشهور،و مستنده من النصوص غير واضح؛ لأنّ غايتها الدلالة على الإباحة،لا الاستحباب و الفضيلة.

نعم هو متوجّه من حيث المسامحة في أدلّة الكراهة،و الاكتفاء في الحكم بها بمجرّد الخروج عن الشبهة.

و ربما قيل (1)باستحباب مطلق الفرقة،لا الخلع خاصّة.

و قيل (2)بنفي الاستحبابين،و الاقتصار على الإباحة؛ اقتصاراً على النصوص؛ لعدم تجويزه المسامحة في دليل الكراهة كسائر الأحكام الشرعية.

و يصحّ خلع الحامل مع رؤيتها الدم و لو قيل:إنّها تحيض لصحة طلاقها معه إجماعاً،كما مضى (3)،و هو طلاق أيضاً،كما في المستفيضة المتقدّمة (4)،فيصح معه جزماً.

و قيل (5)بالعدم؛ لعموم ما تقدّم في اشتراط الوقوع في الطهر (6).

و فيه منع؛ لعدم تبادر المقام منه للندرة،مع ظهور سياقه في اتحادها مع المطلّقة،و لذا ذكرت معها في الحكم في المسألة،فقال:« لا طلاق، و لا خلع،و لا مباراة،إلّا على طهر من غير جماع» (7)و الأوّل هو الأظهر، و مختار الأكثر،بل عليه عامّة من تأخّر.

و يعتبر في العقد حضور شاهدين عدلين إجماعاً؛ لأنّه كما مضى

ص:362


1- قاله الشهيد الثاني في المسالك 2:66.
2- كما في نهاية المرام 2:137.
3- راجع ص 249.
4- في ص 355.
5- لم نعثر عليه و لعله مجهول القائل كما أشار إليه في نهاية المرام 2:137.
6- راجع ص 358.
7- راجع ص 358.

طلاق،و من حكمه ذلك،و أمّا على القول بأنّه فسخ فللمعتبرة،منها الصحيح المتقدّم في اعتبار الطهر (1).

و يعتبر أيضاً تجريده عن الشرط و ما في معناه،إجماعاً؛ لاعتباره في الطلاق فليعتبر هنا أيضاً إن قلنا بكونه طلاقاً،و كذا إن قلنا بالعدم،لا لذلك،بل للأصل،و لزوم الاقتصار على المستفاد من النص، و ليس إلّا الخلع المنجّز.

و لا بأس بشرط يقتضيه العقد،كما لو شرط الرجوع إن رجعت و وجهه ظاهر،مع أنّه لا خلاف فيه.

أمّا اللواحق فمسائل

اشارة

و أمّا اللواحق فمسائل أربع:

الاُولى لو خالعها و الأخلاق ملتئمة لم يصحّ

الاُولى:لو خالعها و الأخلاق ملتئمة لم يصحّ الخلع المفيد للبينونة بالضرورة؛ لفقد شرطه الذي هو كراهة الزوجة بالإجماع و المستفيضة المتقدّمة (2)؛ مضافاً إلى الإجماع عليه في خصوص المسألة.

و يتفرع عليه أنّه لم يملك الفدية لاشتراطه بصحة الخلع المتوقفة على كراهة المرأة التي هي كما عرفت منتفية؛ مضافاً إلى الإجماع عليه،مع إطلاق الآية (3)و المستفيضة (4)بعدم حلّ أخذها منها إلّا بعد الكراهة.

و في وقوع الطلاق رجعيا حينئذٍ لو اتبع الخلع،أو اكتفي به عن

ص:363


1- راجع ص 358.
2- راجع ص 358.
3- البقرة:229.
4- الوسائل 22:279،282 أبواب الخلع و المباراة ب 1،2.

الخلع أم لا،وجهان،ظاهر الماتن في الشرائع و الفاضل في القواعد و جماعة (1):نعم.

و هو حسن إن عرف المطلّق فساد البذل و عدم لزومه بطلاقه،و إلّا فهو مشكل؛ لانتفاء النص،مع اقتضاء الأصل و القاعدة ذلك،من حيث عدم تحقق القصد إلى الطلاق المجرّد عن البذل،و إنّما المقصود الطلاق المعلّق عليه المشروط به المستلزم فساده لفساده،بخلاف الصورة المستحسنة،من حيث انتفاء هذه الشبهة فيه من حيث المعرفة،فإنّه بها قاصد إلى الطلاق المنجّز البتّة؛ لعلمه بعدم حلّ الفدية بالمرّة.

إلّا أن يقال في الصورة الأُولى:بكون البذل الفاسد سبباً لوقوع الطلاق المجرّد و داعياً إليه،و هو غير ملازم لكونه شرطاً فيه يفسد بفساده.

و هذا أقوى.

ثمّ من النظر في المسألة ينقدح كون الطلاق بالعوض من أقسام الخلع،و أنّه يشترط فيه كراهة الزوجة ليحصل به حلّ الفدية و البينونة كالمختلعة.

فما في المسالك و الروضة (2)من عدم الاشتراط بها فيه،و صحة البذل و حصول البينونة بدونها غير جيّد؛ لما فيه من المنافاة لما دلّ على اشتراط حلّ البذل بالكراهة من الكتاب و الإجماع و السنّة.

و مع ذلك فإفادته البينونة مخالفة للأُصول الممهّدة،فإنّ الأصل في الطلاق بنفسه عدمها،بل الرجعة،و الخروج عنها يحتاج إلى دلالة،و هي مع كراهة الزوجة ثابتة؛ لما عرفت من إجماع الطائفة،لا النصوص؛

ص:364


1- الشرائع 3:55،القواعد 2:77؛ و انظر الجامع للشرائع:476،و الروضة 6:100.
2- المسالك 2:67،انظر الروضة 6:100.

لاختصاصها بالمخالعة دون الطلاق بفدية،و أمّا مع عدمها فلا؛ لعدم الإجماع و النص هنا بطريق أولى؛ لظهور فتاوي أصحابنا و النصوص في خلافه جدّاً،بحيث يظنّ إجماعهم عليه ظاهراً،مع أنّه صرّح بعض الأجلّة (1)بعدم الموافقة له أصلاً.

الثانية لا رجعة للخالع

الثانية: إذا صحّ العقد مع الفدية كان بائناً إجماعاً،ف لا رجعة للخالع مطلقاً،طلاقاً كان الخلع أو فسخاً،بلا خلاف؛ للمعتبرة المستفيضة المتقدم بعضها (2)،و سيأتي بعض آخر أيضاً (3).

نعم لو رجعت في البذل رجع إن شاء بلا خلاف؛ للمعتبرة، منها الصحيح:« إن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت» (4).

و الموثق:« المختلعة إن رجعت في شيء من الصلح يقول:لأرجعنّ في بضعك» (5).

و ظاهره جواز رجوعها مطلقاً،كما هو الأشهر الأقوى.

خلافاً لابن حمزة (6)،فاشترط في جوازه الاشتراط أو الرضاء؛ لأنّه عقد معاوضة فيعتبر في فسخه رضاهما،و نفى عنه البأس في المختلف (7).

و هو اجتهاد في مقابلة النص.

نعم المعتبر إمكان رجوعه في صحة رجوعها،و إن لم يعتبر رضاه؛

ص:365


1- و هو صاحب المدارك في نهاية المرام 2:139.
2- في ص 352.
3- في ص 365.
4- الكافي 6:7/143،التهذيب 8:332/98،الإستبصار 3:1132/318،الوسائل 22:286 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 9.
5- التهذيب 8:337/100،الوسائل 22:293 أبواب الخلع و المباراة ب 7 ح 3.
6- الوسيلة:332.
7- المختلف:595.

لأنّ ظاهر الرواية تلازم الحكمين،و لا دليل على رجوعها مطلقاً،مع مخالفته الأصل جدّاً،مع أنّه في الجملة إجماع ظاهراً،و لذا قال:

و يشترط رجوعها في العدّة،ثم لا رجوع لكن إطلاق العبارة يقتضي جواز الرجوع في العدّة البائنة،و هو مشكل؛ لما عرفت من الدلالة على اعتبار إمكان الرجوع مطلقاً،مع أنّه المشهور بين الطائفة،كما في الروضة (1).

و على هذا فلو كانت المطلّقة بائنة أو رجعيّة و كانت عدّتها منقضية لم يجز لها الرجوع البتّة؛ لعدم إمكان رجوعه في البضع.

و لو رجعت مع الإمكان إلّا أنّها ما أعلمت الزوج حتى انقضت العدة فالأقرب وفاقاً لجماعة (2)عدم الصحة؛ قصراً للرجعة المخالفة للأصل على مورد النص،و ليس محل الفرض.

ثم إنّه حيث ترجع المرأة في البذل تصير العدّة رجعيّة،سواء رجع أم لا،لكن في ترتّب أحكام العدّة الرجعية عليها مطلقاً،كوجوب النفقة و الإسكان و غير ذلك وجهان.

و العدّة بائنة قبل رجوعها إجماعاً،فيصح له التزويج بأخت المختلعة و الرابعة.

مضافاً إلى الأصل،و صريح الصحيح في الأوّل خاصّة:عن رجل اختلعت منه امرأته،أ يحلّ له أن يخطب أختها من قبل أن تنقضي عدّة المختلعة؟قال:« نعم،قد برئت عصمتها،و ليس له عليها رجعة» (3)

ص:366


1- الروضة 6:106.
2- منهم المحقق السبزواري في الكفاية:210،و ابن حمزة في الوسيلة:332،على ما فهم من عبارته الشهيد في غاية المراد 3:260.
3- الكافي 6:9/144،التهذيب 8:477/137،الوسائل 22:300 أبواب الخلع و المباراة ب 12 ح 1.

و التعليل ظاهر في انسحاب الحكم في البائنة مع عدم القول بالفرق.

و متى تزوّج بها امتنع رجوعها؛ لاشتراط إمكان رجوعه كما عرفت، و ليس بممكن هنا إجماعاً،إلّا إذا طلّقها بائناً في العدّة،فيجوز له الرجوع حينئذٍ؛ لزوال المانع.

الثالثة لو أراد مراجعتها و لم ترجع

الثالثة:لو أراد مراجعتها و لم ترجع هي في البذل افتقر تزويجها إلى عقد جديد في العدّة كان أو بعدها بلا خلاف؛ للمعتبرة،منها الصحيح:« كانت بائناً بذلك،و كان خاطباً من الخطّاب» (1).

الرابعة لا توارث بين المختلعين و لو مات أحدهما في العدّة

الرابعة:لا توارث بين المختلعين و لو مات أحدهما في العدّة بلا خلاف؛ للأصل،و عدم المقتضي له لانقطاع العصمة بينهما الموجبة لذلك.

مضافاً إلى صريح الخبر،و فيه:« و أمّا الخلع و المباراة فإنّه يلزمها» إلى أن قال:« و لا ميراث بينهما في العدّة» (2).

و نحوه الموثق في المبارأة:« المبارئة تبين من ساعتها من غير طلاق، و لا ميراث بينهما؛ لأنّ العصمة بينهما قد بانت من ساعة كان ذلك منها و من الزوج» (3)و نحوه الحسن الآتي (4)،و التعليل موجب للتعدية.

ص:367


1- الكافي 6:3/140،التهذيب 8:324/95،الإستبصار 3:1123/315،الوسائل 22:284 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 3.
2- التهذيب 8:334/99،الوسائل 22:291 أبواب الخلع و المباراة ب 6 ح 4.
3- التهذيب 8:345/102،الإستبصار 3:1136/319،الوسائل 22:296 أبواب الخلع و المباراة ب 9 ح 3،و في الجميع:لأن العصمة فيما..
4- في ص 368.

المبارأة

المبارأة و أصلها المفارقة،قال الجوهري:تقول:بارئت شريكي إذا فارقته، و بارأ الرجل امرأته (1).

و هي طلاق بعوض مترتّب على كراهة كلّ من الزوجين صاحبه،كما يأتي.

و الكلام في صيغتها كما في الخلع من الافتقار إلى استدعاء المرأة مع الكراهة،أو القبول كذلك،و اللفظ الدال عليه من قبل الزوج،و هو أن يقول:بارأتك بالهمزة على كذا فأنتِ طالق.

و لو قال بدلاً من بارأتك:فاسختكِ،أو أبنتكِ،أو غيره من الألفاظ متبعاً لها بالطلاق صحّ؛ إذ المقتضي للفرقة التلفّظ به لا بها،بل لو تجرّد عنها و قال:أنتِ طالق على كذا صحّ،و كان مباراة؛ إذ هي كما عرفت عبارة عن الطلاق بعوض مع منافاة بين الزوجين،و ليس الطلاق بالعوض إيقاعاً خارجاً عن الخلع و المباراة،بل هو إمّا خلع أو مبارأة،فإن قصد به الخلع و جمع شروطه وقع خلعاً،كوقوعه مباراة لو قصدها مع اجتماع شرائطها، و يجوز انصرافه إلى أحدهما مع اجتماع شرائطهما،و لو جمع شروط أحدهما انصرف إليه،و لو انتفت شروط كل منهما وقع باطلاً أو رجعيا؛ لما مضى (2)من انحصار الطلاق البائن بالعوض في الأمرين.

ص:368


1- انظر الصحاح 1:36.
2- في ص 363.

خلافاً لمن شذّ و قد مر (1)فاستوجه الصحة مع البينونة حيث لم يقصد به أحدهما؛ لعموم الأدلّة الدالّة على جواز الطلاق مطلقاً،و عدم وجود ما ينافي ذلك في خصوص البائن.

و قد مر (2)وجه ضعفه من اتفاق الطائفة و استفاضة المعتبرة بفساد البذل مع عدم كراهة المرأة،و فساده بذلك كما هو الفرض هنا إمّا مستلزم لفساد الطلاق المترتّب عليه أيضاً،كما قيل (3)،أو موجب لعدم البينونة و إن صحّ الطلاق؛ لخروجه عن الأمرين المنحصر فيهما الطلاق البائن بالبذل بمقتضى المستفيضة،كما قاله الأكثر،و عموم الأدلّة لا يستفاد منه سوى الصحة دون البينونة،اللهم إلّا أن يقول بمجرّد الصحة دون البينونة،لكن فيه منافاة لما قدّمنا عنه.

و كيف كان هي أي المبارأة تمتاز عن الخلع بأنّها تترتّب صحتها على كراهة الزوجين كل منهما صاحبه بلا خلاف، بل عليه الإجماع كما حكاه جماعة (4)،و به ظاهر بعض المعتبرة،المنجبر قصور سنده مع حجّيته في نفسه بالشهرة،كاعتضاد الدلالة بها،فلا ضير إن لم تكن صريحة،و هو الموثق:عن المبارأة كيف هي؟قال:« يكون للمرأة على زوجها شيء من صداقها أو من غيره،و يكون قد أعطاها بعضه، و يكره كلّ واحد منهما صاحبه،فتقول المرأة:ما أخذت منك فهو لي،

ص:369


1- في ص 364.
2- في ص 363.
3- انظر نهاية المرام 2:142.
4- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):614،و انظر نهاية المرام 2:142،و الكفاية:211،و الحدائق 25:623.

و ما بقي عليك فهو لك،و أبارئك،فيقول لها الرجل:فإن رجعت فيما تركت فأنا أحقّ ببضعك» (1).

و يستفاد منه كغيره اعتبار صدور القول المذكور من الزوج،و هو أحوط،و إن لم يذكره من الأصحاب أحد،و لذا حمله على الاستحباب،أو إرادة بيان التنبيه للمرأة على عدم جواز ارتجاعها البذل إلّا مع إمكان رجوع الزوج في البضع،متّجه.

و يشترط إتباعها بالطلاق على قول الأكثر بل لم نقف فيه على مخالف صريحاً،و بالإجماع صرّح جماعة (2)،و هو الحجة فيه خاصّة، لا النصوص،فإنّها في عدم الاشتراط ظاهرة،بل صريحة،كالحسن (3):

« المبارئة تبين من ساعتها من غير طلاق،و لا ميراث بينهما؛ لأنّ العصمة منهما قد بانت ساعة كان ذلك منها و من الزوج» (4).

لكنّها شاذّة،و الظاهرة منها لعدم الصراحة للتأويل بالحمل على المبارأة الشرعية المستجمعة للشرائط التي منها الإتباع بالطلاق قابلة، و الصريحة عن المقاومة للأصل و الإجماعات المحكية المستفيضة بحسب

ص:370


1- الكافي 6:1/142،التهذيب 8:342/101،الوسائل 22:294 أبواب الخلع و المباراة ب 8 ح 3.
2- منهم الشيخ في المبسوط 4:373،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):614،و المحقق في الشرائع 3:58،و العلّامة في القواعد 2:83،و الشهيد الثاني في المسالك 2:74.
3- كذا،و لا يخفى أنّه رحمه اللّه قد عبّر عنه آنفاً في ص 366 بالموثق.
4- التهذيب 8:345/102،الإستبصار 3:1136/319،الوسائل 22:296 أبواب الخلع و المباراة ب 9 ح 3.

السند قاصرة،فليس عمّا ذكره الأصحاب مندوحة،و إن لم يوجد لما ذكروه من الأخبار شاهد و لا قرينة،كما اعترف به جماعة (1).

و الذي يختلج بالفكر الكليل و الفهم العليل إمكان الاستناد لما ذكروه إلى الصحيح:عن المرأة تباري زوجها أو تنخلع (2)منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع،هل تبين منه بذلك،أو هي امرأته ما لم يتبعها بالطلاق؟فقال:« تبين منه» إلى أن قال:قلت:إنّه قد روي أنّها لا تبين حتى يتبعها بالطلاق،قال:« ليس ذلك إذا خلع» الخبر (3).

لما مرّ (4)من ظهور« إذا» في الشرطية،و« خلع» في فعلها،فعلى هذا يفهم منه أنّ عدم اشتراط الإتباع بالطلاق المشار إليه بذلك مخصوص بالخلع،و يلزم منه ثبوته في المبارأة المسئول عنها أيضاً،و إلّا لما كان لتخصيص النفي بالخلع وجه أصلاً.

نعم ربما نافاه الحكم بالبينونة من دون الإتباع فيها في صدر الرواية، و لكن يمكن تخصيصه بالخلع خاصّة،بمعنى عدم توجّه الحكم المزبور إلى المبارأة لضرب من المصلحة،و لا بُعد في ارتكاب مثل ذلك بعد قيام القرينة في ذيل الرواية؛ مضافاً إلى إجماع الطائفة،فلا إشكال في المسألة بحمد اللّه سبحانه.

ص:371


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:143،و السبزواري في الكفاية:211،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:323،و صاحب الحدائق 25:625.
2- كذا في الأصل،و في المصدر:تختلع،و لعله الأنسب.
3- الكافي 6:7/143،التهذيب 8:332/98،الإستبصار 3:1132/318،الوسائل 22:286 أبواب الخلع و المباراة ب 3 ح 9.
4- في ص 353.

و الشرائط المعتبرة في كلّ من الخالع و المختلعة مشترطة هنا بالإجماع،و المعتبرة الدالّة على أنّ المبارأة طلقة بائنة (1)،فيعتبر فيها و في المباري ما يعتبر في المطلِّق و المطلَّقة كما في الخلع.

مضافاً إلى صريح الصحيح:« لا طلاق و لا خلع،و لا مباراة، و لا خيار،إلّا على طهر من غير جماع» (2).

و في آخر ما يدل على أنّه يعتبر في المبارأة حضور شاهدين (3)،إلى غير ذلك من الأخبار.

و كذا يثبت أحكام الخلع هنا،إلّا ما وقع عليه الاستثناء.

و منها:أنّها طلقة بائنة لا رجوع للزوج إلّا أن ترجع الزوجة في البذل و لا رجوع لها فيه إلّا مع إمكان رجوعه في البضع.

فإذا خرجت من العدّة فلا رجوع لها لما مضى هنا و في الخلع أيضاً (4).

قيل:إلّا أنّ الأولى هنا اشتراط الرجوع في البضع لو رجعت؛ للموثق المتقدّم (5)؛ مضافاً إلى الصحيح:« المبارأة أن تقول المرأة لزوجها:لك ما عليك،و اتركني،فيتركها،إلّا أنّه يقول لها:فإن ارتجعت في شيء منه

ص:372


1- التهذيب 8:334/99،الوسائل 22:291 أبواب الخلع و المباراة ب 6 ح 4.
2- الكافي 6:10/143،الوسائل 22:291 أبواب الخلع و المباراة ب 6 ح 3.
3- الوسائل 22:290 أبواب الخلع و المباراة ب 6.
4- راجع ص 364.
5- في ص 368.

فأنا أملك ببضعك» (1)و لا معارض لهما في البين (2).انتهى.

و ليس فيهما سوى اشتراط الزوج رجوعه في البضع لو رجعت في البذل،و هو غير اشتراطها الرجوع في البذل،فلا يكون فيهما حجّة على المشهور المجوّزين لرجوعها من دون اشتراطها الرجوع مطلقاً،و إن لم يرض الزوج،بل ظاهرهما جواز رجوعها مطلقاً،و لو مع عدم شرطها و رضاءٍ من الزوج أصلاً،فإذاً ما هو الأشهر أقوى،فتأمّل.

ثم إنّ إطلاق العبارة باعتبار شروط المختلعة في المبارئة حسن على طريقة الأصحاب،حيث لم يشترطوا فيها في المختلعة عدا مجرّد الكراهة و إن لم تكن شديدة،و مشكل على ما قدّمناه من اعتبار الشدّة،بل ينبغي استثناؤها هنا و الاكتفاء بمجرّد الكراهة؛ للأصل،و الإطلاق،و خصوص الصحيح:« المبارئة يؤخذ منها دون الصداق،و المختلعة يؤخذ منها ما شاء؛ لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام،و تتكلّم بما لا يحلّ لها» (3).

و يجوز أن يفاديها بقدر ما وصل إليها منه من تمام المهر فما دون على الأشهر الأظهر؛ للأصل،و الصحيح:« لا يجوز أن يأخذ منها إلّا المهر فما دونه» (4).

ص:373


1- الكافي 6:5/143،الوسائل 22:294 أبواب الخلع و المباراة ب 8 ح 1.
2- انظر نهاية المرام 2:146.
3- الكافي 6:2/142،التهذيب 8:340/101،الوسائل 22:287 أبواب الخلع و المباراة ب 4 ح 1.
4- الكافي 6:5/143،التهذيب 8:339/100،الوسائل 22:287 أبواب الخلع و المباراة ب 4 ح 2.

و ليس في سنده اشتراك كما ظنّ (1)،و على تقديره بالأصل و الشهرة منجبر،و مترجّح بذلك على الصحيح المتقدّم قريباً،و إن عمل به الصدوقان و العماني كما حكي (2)،مع أنّه حسن في المشهور،فلا يعارض الضعيف المنجبر بما مرّ،مع ظهور احتمال كونه من الصحيح.

و أمّا القدح فيه بالقطع فليس على ما ينبغي؛ لاستناده إلى أبي جعفر عليه السلام في الكافي،و هو أضبط من التهذيب الذي قطع فيه (3).

و كيف كان هما نصّ في أنّه لا يحلّ له ما زاد عنه مع أنّه أيضاً إجماعي،و هو أحد الفوارق بين المقام و الخلع.

ص:374


1- نهاية المرام 2:147.
2- الصدوق في المقنع:117،و حكاه عن والده و عن العماني في المختلف:595.
3- لا يخفى عدم وجود قطع في التهذيب الذي يكون بأيدينا،فلاحظ.

كتاب الظهار

اشارة

كتاب الظهار و هو فِعال من الظهر،اختصّ به الاشتقاق لأنّه محلّ الركوب في المركوب،و المرأة مركوب الزوج،و المراد به هنا تشبيه المكلّف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه أبداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة أيضاً،و هو محرّم،و إن تترتّب عليه الأحكام؛ لقوله سبحانه وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً [1] (1).لكن قيل:إنّه لا عقاب فيه؛ لتعقّبه بالعفو (2).

و يضعّف بأنّه وصف مطلق،فلا يتعيّن كونه عن هذا الذنب المعيّن، لكن المستفاد من بعض المعتبرة (3)تعلّقه به،إلّا أنّه بالنظر إلى المظاهر الذي نزلت الآية في شأنه.

الظهار و صيغته

اشارة

و ينعقد بقوله:أنت عليّ كظهر أمّي قاصداً إليه،إجماعاً، و النصوص به مستفيضة (4)،لكنّها متّفقة بذكر هذه العبارة التي لم تختلف فيها حروف الصلة،لكن ظاهر الأصحاب الاتفاق على الانعقاد و إن اختلفت حروف الصلة بأن بدّلت« أنتِ» بهذه،أو زوجتي،أو فلانة، و« علي» بمنّي،أو عندي،أو معي،بل صرّح بالإجماع بعضهم (5)،و هو

ص:375


1- المجادلة:2.
2- القائل هو الفاضل المقداد في كنز العرفان 2:290.
3- انظر الوسائل 22:303 أبواب الظهار ب 1.
4- الوسائل 22:303 أبواب الظهار ب 1 و ب 2 ح 2 و ب 4 ح 2 و 3.
5- كالشيخ في المبسوط 5:149.

الحجة فيه،مع إمكان التمسّك بإطلاق الآية.

و به يصحّ ما عن الأكثر (1)من الانعقاد و لو مع حذف الصلة،كأن يقول:أنتِ كظهر أمّي.

خلافاً للتحرير (2)،فاستشكل فيه؛ لعدم الصراحة،و احتمال إرادة التحريم على غيره.

و ردّ بالبُعد،و كفاية الظهور (3).

و هو حسن إن قام دلالة على الكفاية،و إلّا فأصالة الإباحة تنافيها،بل تحوج إلى الصراحة كما في الطلاق،و لا ريب أنّ ما ذكروه أحوط.

و كذا يقع لو شبّهها بظهر امرأة ذي رحم مطلقاً نسباً كان أو رضاعاً على الأشهر الأقوى،بل ربما أشعر عبارة الطوسي و المهذّب (4)بالإجماع عليه منّا،و هو الحجّة.

مضافاً إلى الصحيحين،في أحدهما:عن الظهار؟فقال:« هو عن كل ذي محرم أُمّ،أو أُخت،أو عمّة،أو خالة،و لا يكون الظهار في يمين» قلت:فكيف؟قال:« يقول الرجل لامرأته و هي طاهرة في غير جماع:

أنتِ عليّ حرام مثل ظهر أُمّي أو أُختي،و هو يريد بذلك الظهار» (5).

و في الثاني:الرجل يقول لامرأته:أنتِ عليّ كظهر عمّته أو خالته،

ص:376


1- حكاه عن الأكثر في نهاية المرام 2:151.
2- التحرير 2:61.
3- نهاية المرام 2:151.
4- الطوسي في المبسوط 5:149،المهذب 2:298.
5- الكافي 6:3/153،الفقيه 3:1640/340،التهذيب 8:26/9،الوسائل 22:309 أبواب الظهار ب 4 ح 1.

قال:« هو الظهار» (1).

و عموم الأوّل يشمل المحرّمات الأبديّة و لو بالمصاهرة،و به أفتى في المختلف (2)،و وافقه جماعة (3)،و لا يخلو عن قوّة.

خلافاً للحلّي (4)فيمن عدا الأُمّ النسبي مطلقاً،فنفاه؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد الكتاب و ما أجمع عليه الأصحاب.

و هو حسن على أصله،مدفوع على غيره؛ لمكان الصحيحين.

نعم في الصحيح:يقول الرجل لامرأته:أنتِ عليّ كظهر أختي،أو عمّتي،أو خالتي،فقال:« إنّما ذكر اللّه تعالى الأُمّهات،و إنّ هذا لحرام» (5).

و ردّ بأنّه لا دلالة فيه على نفيه،مع أنّه أجاب بالتحريم.

و فيه نظر؛ فإنّ ظهوره فيما ذكره لا يمكن أن ينكر،نعم ما ذكره محتمل،فليست الدلالة صريحة،و معه قصرت الرواية عن المقاومة للخبرين مع تعدّدهما،و اعتضادهما بالفتوى،و بالإجماع الذي مضى.

و وافقه غيره (6)،لكن عمّم الاُمّ للرضاعيّة،إمّا لصدق الاُمّ عليها حقيقة،أو لحديث:« يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (7)و فيهما

ص:377


1- الكافي 6:10/155،التهذيب 9:28/8،الوسائل 22:310 أبواب الظهار ب 4 ح 2.
2- المختلف:598.
3- منهم الفاضل المقداد في التنقيح 3:370،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:153،و السبزواري في الكفاية:211،و صاحب الحدائق 25:637.
4- السرائر 2:709.
5- الكافي 6:18/157،التهذيب 8:30/10،الوسائل 22:310 أبواب الظهار ب 4 ح 3.
6- انظر المسالك 2:74.
7- الكافي 5:2/437،التهذيب 7:1223/291،الوسائل 20:371 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 1 ح 3.

نظر،سيّما الأوّل.

و وافقه القاضي (1)في تخصيص الاُمّ بالنسبية،كما حكي،إلّا أنّه عدّى الحكم إلى من عدا الأُمّ النسبية من ذوات الأرحام نسباً؛ تمسّكاً في التخصيص،بالنسب إلى ما مرّ من الأصل،و في التعميم إلى من عدا الاُمّ بالصحيحين،زاعماً عدم عمومٍ فيهما يوجب التعدية إلى المحرّمات رضاعاً؛ لتبادر المحرم النسبي من ذي محرم و عمّة و أُخت.

و فيه نظر؛ لعدم الحكم للتبادر مع العموم اللغوي و ما في حكمه، فهو ضعيف،كموافقة الأكثر له في عدم التعدية إلى المحرّمات بالمصاهرة؛ لعموم كل ذي محرم لها؛ مضافاً إلى الاشتراك في العلّة،و هي كونه منكراً و زوراً،كذا ذكره شيخنا العلّامة (2)،و لعلّه لا يخلو عن مناقشة.

و لو شبّهها بكلّها،كأنتِ مثل أُمّي،أو بغير الظهر من أعضائها، كما لو قال أنتِ كشعر أُمّي أو يدها أو شبّه عضواً منها بكلّها،كأن يقول:يدكِ كأُمّي،أو بأحد أعضائها لم يقع على الأصحّ،وفاقاً للأكثر، بل في الانتصار (3)الإجماع عليه؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على محلّ الوفاق و النصّ المعتبر.

مضافاً إلى النظر إلى الاشتقاق،و ظهور الصحيح المتقدّم في الحصر في التشبيه بالظهر،حيث سئل عن الظهار و أنّه كيف هو؟فأجاب بأنتِ حرام مثل ظهر أُمّي (4).

ص:378


1- المهذّب 2:299.
2- المختلف:598.
3- الانتصار:142.
4- راجع ص 374.

و قيل (1):يقع لاعتبارات قياسية غير مسموعة في نحو المسألة، نعم للمصير إلى الوقوع في الثاني خاصّة وجه ب سبب رواية سدير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:قلت له:الرجل يقول لامرأته:أنتِ عليّ كشعر أُمّي،أو كبطنها،أو كرجلها قال:« ما عنى؟إن أراد به الظهار فهو الظهار» (2)و نحوها اخرى (3).

لكن فيها كالثانية ضعف و مع ذلك موافقة للعامة،كما في الانتصار (4)،فلا يخرج بهما عن الأصل،سيّما مع اعتضاده بالشهرة و الإجماع المتقدّم،و يعارض به الإجماع المدّعى في الخلاف (5)على الوقوع في الثاني لو تمسك به،مع أنّه موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف.

لكن الأحوط ذلك،بل الوقوع مطلقاً،سيّما لو شبّهها بكلّها؛ لاحتمال الوقوع فيه بالفحوى،و إن كان لا يخلو عن نظر جدّاً.

و يشترط أن يسمع نطقه شاهدا عدل

و يشترط فيه ما يشترط في الطلاق،فيعتبر أن يسمع نطقه شاهدا عدل بلا خلاف،بل في الانتصار و عن الحلي (6)عليه الإجماع، و هو الحجة،كالمعتبرة المستفيضة العامة و الخاصة،فمن الأوّل:الصحيح المتقدّم:« لا يكون الظهار إلّا على موضع الطلاق» (7)و نحوه غيره (8).

ص:379


1- قاله الشيخ في الخلاف 4:530.
2- التهذيب 8:29/10،الوسائل 22:317 أبواب الظهار ب 9 ح 2.
3- الكافي 6:36/161،الوسائل 22:316 أبواب الظهار ب 9 ح 1.
4- الانتصار:142.
5- الخلاف 4:530.
6- الانتصار:141،السرائر 2:710.
7- الكافي 6:5/154،التهذيب 8:44/13،الإستبصار 3:935/261،الوسائل 22:307 أبواب الظهار ب 2 ح 3.
8- الفقيه 3:1639/340،الوسائل 22:307 أبواب الظهار ب 2 ح 3.

و من الثانية:الصحيح و غيره:« لا يكون ظهار إلّا على طهر بغير جماع،بشهادة شاهدين مسلمين» (1).

و ظاهره الاكتفاء في الشهود بالإسلام،إلّا أنّ ظاهر الأوّل و صريح الأصحاب اعتبار العدالة كاعتبارها في شهود الطلاق،و عليه يحمل إطلاق الثاني؛ مضافاً إلى الاستقراء الكاشف عن اعتبارها في الشهود مطلقاً، فلا وجه لنظر بعض من تأخّر (2)فيما ذكر.

و في صحته مع التعليق على الشرط كأن يقول:أنت كظهر أمّي إن فعلت كذا،غير قاصد للزجر أو البعث؛ فإنّه مع القصد إليهما يمين لم يقع بإجماعنا،فتوًى و نصّاً،كما يأتي (3) روايتان باختلافهما اختلف الأصحاب.

إلّا أنّ أشهرهما كما هنا و في المسالك (4)بين متأخّري أصحابنا:

الصحة بعد تحقق الشرط،و اختاره من المتقدّمين الصدوق و الطوسي و جماعة (5).

و هو مع ذلك صحيح السند،متكثّر العدد،ففي الصحيح:« الظهار على ضربين،أحدهما الكفّارة فيه قبل المواقعة،و الآخر بعدها،و الذي يكفّر قبل الشروع فهو الذي يقول:أنت عليّ كظهر أمّي،و لا يقول:إن

ص:380


1- الفقيه 3:1657/345،التهذيب 8:33/10،الإستبصار 3:923/258،الوسائل 22:308 أبواب الظهار ب 2 ح 4.
2- الشهيد في المسالك 2:76.
3- في ص 381.
4- المسالك 2:76.
5- الصدوق في المقنع:107،118،الطوسي في النهاية:525،و المبسوط 5:150،و الخلاف 4:536؛ و انظر الوسيلة:334.

فعلت بك كذا و كذا،و الذي يكفّر بعد المواقعة هو الذي يقول:أنتِ عليّ كظهر أمّي إن قربتك» (1).

و نحوه صحيحان آخران (2)،معتضدان كالأوّل بإطلاق الآية (3)و النصوص.

و ثانيهما:عدم الصحّة،اختاره المرتضى في الانتصار (4)مدّعياً عليه الإجماع،و نسب الأوّل إلى باقي الفقهاء،و اختاره ابن زهرة و الحلّي و جماعة (5)،و من المتأخّرين منهم الماتن في الشرائع و المقداد في التنقيح (6).

و هو الأقوى؛ للأصل،و ضعف إطلاق الآية و النصّ؛ إذ لا يقال للمظاهر بشرط:إنّه مظاهر،و على تقديره فليس بمتبادر،و يؤيّده ملاحظة شأن نزول الآية.

و للإجماع المحكي،و المعتبرة المستفيضة بالعموم و الخصوص، فمن الأول:الصحيح المتقدم:« لا يكون الظهار إلّا على موضع الطلاق»

ص:381


1- الكافي 6:32/160،التهذيب 8:40/12،الإستبصار 3:930/260،الوسائل 22:332 أبواب الظهار ب 16 ح 1.
2- أحدهما في:التهذيب 8:39/12،الإستبصار 3:929/259،الوسائل 22:334 أبواب الظهار ب 16 ح 7. و الآخر في:التهذيب 8:41/13،الإستبصار 3:931/260،الوسائل 22:334 أبواب الظهار ب 16 ح 8.
3- المجادلة:2.
4- الانتصار:141.
5- ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):613،الحلي في السرائر 2:709؛ و انظر المهذّب 2:298،و الكافي في الفقه:303،و المراسم:160.
6- الشرائع 3:61،التنقيح الرائع 3:371.

و نحوه غيره (1)،و لا طلاق بشرط إجماعاً.

و من الثاني:الخبران،المعتبر أحدهما بوجود جملة من المجمع على تصحيح رواياته في سنده،فلا يضر إرساله:قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:

إنّي قلت لامرأتي:أنتِ كظهر أمّي إن خرجتِ من باب الحجرة،فخرجت، فقال:« ليس عليك شيء» الخبر (2).

و الثاني (3)و إن ضعف،إلّا أنّه كالأوّل لو كان كذلك بالشهرة العظيمة بين القدماء كما يفهم من الحلّي،بل و المتأخّرين أيضاً كما يفهم من الشرائع،و الإجماع المتقدّم،و مخالفة العامة العمياء،معتضد.

مضافاً إلى الأصل القطعي الذي لا مخرج عنه سوى الصحاح المتقدّمة،و حملها على التقية لما عرفت من كلام المرتضى متعيّن.

و دعوى اعتضادها بالشهرة المتأخّرة،و إطلاقات الكتاب و السنّة بما عرفت مدفوعة،هذا.

مع أنّ الإطلاقات لو كانت تنهض هنا حجة للزم الصحة بالتعليق على الصفة و المدّة،و لم يقل به أكثرهم،و إن خالفهم المبسوط (4)،فتأمّل هذا.

و لا ريب أنّ ما ذكروه أحوط،و إن كان ما قدّمناه أقوى و أظهر.

و لا يقع في يمين أي إذا جعل جزاءً على فعل أو ترك قصداً للزجر أو البعث،و هو الفارق بينه و بين الشرط،فإنّ المقصود منه مجرّد

ص:382


1- راجع ص 377.
2- الكافي 6:4/154،الفقيه 3:1650/344،التهذيب 8:43/13،الإستبصار 3:934/261،الوسائل 22:332 أبواب الظهار ب 16 ح 3.
3- الكافي 6:24/158،التهذيب 8:42/13،الإستبصار 3:933/260،الوسائل 22:333 أبواب الظهار ب 16 ح 4.
4- انظر المبسوط 5:156.

التعليق لا أحد الأمرين.و ربما يفرق أيضاً بعدم تعلّق اليمين بفعل غير المكلف قطّ،بخلاف الشرط،فقد يتعلّق.

و الأصل في عدم الوقوع بعد الأصل الإجماع المستفيض النقل (1)، و المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:« لا يكون في يمين» (2).

و علّل أيضاً بالنهي عن اليمين بغير اللّه سبحانه (3).

و فيه نظر،فإنّ تعلّق النهي بمثله لا يستلزم الفساد،كيف لا؟!و الظهار من أصله منهي عنه إجماعاً،و مع ذلك فهو في الجملة صحيح اتفاقاً.

و كذا لا يقع إذا قصد به إضرار الزوجة،وفاقاً للنهاية و العلّامة و جماعة (4)،بل ادّعى عليه الشهرة في الكفاية (5).

و لا يخلو عن قوّة؛ للأصل،و بعض المعتبرة،المنجبر قصور سنده بالجهالة بأنّ فيه من أجمعت على تصحيح ما يصح عنه العصابة،و فيه:

« لا يكون ظهار في يمين،و لا في إضرار،و لا غضب» (6).

خلافاً لظاهر المفيد و الإسكافي و الحلّي (7)،فأطلقوا الوقوع و لم

ص:383


1- منهم المرتضى في الانتصار:141،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:163،و صاحب الحدائق 25:649.
2- الكافي 6:3/153،الوسائل 22:314 أبواب الظهار ب 6 ح 8.
3- الحدائق 25:650.
4- النهاية:526،العلّامة في القواعد 2:85،و التحرير 2:61؛ و انظر الوسيلة:334،و المهذب 2:300،و التنقيح 3:372.
5- الكفاية:212.
6- الفقيه 3:1657/345،التهذيب 8:33/10،الإستبصار 3:923/258،الوسائل 22:315 أبواب الظهار ب 7 ح 2.
7- المفيد في المقنعة:523،و الإسكافي لم نعثر على الحاكي عنه،الحلي في السرائر 2:707.

يقيّدوا؛ للعموم.

و هو أوجه،إلّا أن تصح الشهرة،فتعضد به الرواية،و تصلح للعموم مخصِّصة،و إلّا فمجرّد اعتبار السند مع عدم الصحة غير معلوم الصلاحية لتخصيص مثل عموم الآية،و السنّة المقطوع بها،المخصّص بهما الأصالة المتمسك بها في المسألة.و لا ريب أنّ الوقوع أحوط إن لم يكن أقرب.

و كذا لا يقع في حال غضب مطلقا،و إن لم يرتفع معه القصد أصلاً و لا سكر بلا خلاف في الظاهر فيهما،و هو حجة فيهما، كالأدلّة القاطعة في الثاني،و الصحيح في الأوّل:« الظهار لا يقع على غضب» (1)مضافاً إلى المعتبر المتقدّم،و بذلك يخصّ العموم.

يعتبر في المظاهر البلوغ،و كمال العقل،و الاختيار،و القصد

و يعتبر في المظاهر البلوغ،و كمال العقل،و الاختيار،و القصد بلا خلاف في الأربعة؛ لعموم الأدلّة،و خصوص ما دلّ على أنّ الظهار كالطلاق،لا يقع إلّا حيثما يقع (2)،و قد مرّ ما دلّ على اعتبارها في الطلاق (3).

مضافاً إلى خصوص المستفيضة في الرابع،ففي الصحيح في بيان الظهار:« يقول الرجل لامرأته و هي طاهر في غير جماع:أنتِ عليَّ حرام مثل ظهر أُمّي أو أُختي،و هو يريد بذلك الظهار» (4)و نحوه في الموثّق (5)

ص:384


1- الكافي 6:25/158،التهذيب 8:31/10،الوسائل 22:315 أبواب الظهار ب 7 ح 1.
2- راجع ص:5579.
3- في ص:5414.
4- الكافي 6:3/153،الفقيه 3:1640/340،التهذيب 8:26/9،الإستبصار 3:924/258،الوسائل 22:307 أبواب الظهار ب 2 ح 2.
5- الكافي 6:5/154،الفقيه 3:1639/340،التهذيب 8:44/13،الإستبصار 3:935/261،الوسائل 22:309 أبواب الظهار ب 3 ح 2.

و غيره (1).

فلا إشكال في شيء من ذلك،إلّا على القول بجواز طلاق المراهق، فالمتّجه عليه صحة الظهار أيضاً،إلّا أنّه لا خلاف في العدم هنا،و لعلّه لكون مورده آيةً و روايةً إنّما هو المكلّف،و لذا وصف بالمنكر و الزور (2)، و وجب لأجلهما الكفّارة،و ليس شيء منهما جارياً في الصبي أصلاً.

ثمّ في اقتصار الماتن كغيره في الشرائط هنا على الأربعة إشعار بل دلالة على عدم اعتبار الحريّة و الإسلام،و صحته من العبد و الكافر،و هو إجماع في الأوّل؛ للعموم،و مع ذلك منصوص في الصحيح و غيره:عن المملوك أ عليه ظهار؟قال:« نصف ما على الحرّ من الصوم،و ليس عليه كفّارة صدقة و لا عتق» (3).

و مذهب الأكثر في الثاني؛ للعمومات،مع انتفاء المانع؛ إذ ليس عبادة يمتنع وقوعها منه.

خلافاً للشيخ (4)،فاستقرب المنع؛ لأنّه لا يقرّ بالشرع،و الظهار حكم شرعي؛ و لأنّه لا يصحّ منه الكفّارة؛ لاشتراط نيّة القربة فيها فيمتنع منه الفئة،و هي من لوازم وقوعه.

و يضعّف بأنّه من قبيل الأسباب،و هي لا تتوقّف على اعتقادها.

و التمكن من التكفير متحقّق بتقديمه الإسلام؛ لأنّه قادر عليه،و لو لم يقدر على العبادات لامتنع تكليفه بها عندنا،و إنّما تقع منه باطلة لفقد شرط مقدور.

ص:385


1- الوسائل 22:307 أبواب الظهار ب 2.
2- المجادلة:2.
3- الكافي 6:13/156،الفقيه 3:1661/346،التهذيب 8:79/24،الوسائل 22:323 أبواب الظهار ب 12 ح 1.
4- المبسوط 5:145،الخلاف 4:526.

مضافاً إلى اختصاص ما ذكر بصورة استمرار كفره،أمّا لو أسلم بعد الظهار فليس ذلك بجارٍ فيه.

في المظاهرة طهر لم يجامعها فيه و الدخول

و يعتبر في المظاهرة وقوعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان زوجها حاضراً أو في حكمه و مثلها تحيض بلا خلاف،بل عليه الإجماع في كلام جماعة (1)،و هو الحجّة.

مضافاً إلى الأصل،و المعتبرة المتقدّمة (2)،المنزِّلة للظهار منزلة الطلاق المعتبر فيه ذلك اتفاقاً،فتوًى و نصّاً.

و خصوص الصحيح:عن الظهار؟فقال:« يقول الرجل لامرأته و هي طاهر في غير جماع:أنتِ عليَّ حرام مثل ظهر أمّي» الخبر،و قد مرّ (3)، و نحوه آخر (4).

و في اشتراط الدخول بها تردّد من العمومات كتاباً و سنّةً، المقتضية للعدم.

و من أنّ المروي في الصحيحين الاشتراط ففي أحدهما:في المرأة التي لم يدخل بها زوجها.قال:« لا يقع عليها إيلاء و لا ظهار» (5).

و في الثاني:عن مملك ظاهر من امرأته؟قال:« لا يلزمه شيء، و لا يكون ظهار و لا إيلاء حتى يدخل بها» (6).

ص:386


1- منهم الشهيد في المسالك 2:78،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:157،و الفيض في المفاتيح 2:328.
2- في ص 379.
3- راجع ص 382.
4- الكافي 6:/153ذيل الحديث 1،تفسير القمي 2:354،الوسائل 22:307 أبواب الظهار ب 2 ح 1.
5- التهذيب 8:65/21،الوسائل 22:316 أبواب الظهار ب 8 ح 2.
6- الكافي 6:21/158،الفقيه 3:1638/340،التهذيب 8:66/21،الوسائل 22:316 أبواب الظهار ب 8 ح 1.

و بهما يخصّ العموم القطعي إن جوّزنا تخصيصه بمثلهما،و إلّا فالعدم أقوى،كما هو مختار الحلّي و المرتضى (1)؛ لأنّ ذلك أصلهما،إلّا أنّ الأوّل أقوى وفاقاً لأكثر أصحابنا هنا و في الأصل أيضاً،و قد حقّق الكلام في تحقيقه في الأُصول مستقصى،و أنّه يجوز العمل به مطلقاً،و إن لم يشتهر المخصّص بين أصحابنا،و مع اشتهار العمل به كما هنا يجوز العمل به بطريق أولى،بل لا محيص عنه جدّاً،كيف لا؟!و عدمه حينئذٍ مستلزم لعدم جواز تخصيص عموم الكتاب و نحوه بشيء من الآحاد أصلاً إلّا ما أجمع عليه أو حفّت به القرائن القطعية،و الاقتصار عليه كاد أن يلحق بالفساد جدّاً،فإذاً مختار الأكثر هنا أقوى ثم أقوى.

و أمّا ما ربما يتوهّم هنا:من التأييد للخلاف بما مضى من المعتبرة المنزِّلة للظهار منزلة الطلاق،و لا يشترط فيه ذلك اتفاقاً و نصّاً،فينبغي أن يكون الظهار كذلك أيضاً.

فوهنه أظهر من أن يخفى،فإنّ مقتضاها ليس إلّا أنّ الظهار لا يقع إلّا حيثما يقع الطلاق،و ليس فيه دلالة على أنّه حيثما يقع الطلاق يقع الظهار، و هو ظاهر،كما لا يخفى.

و في وقوعه بالمتمتع بها قولان مضى ذكرهما في بحث التمتع (2)،و أنّ أشبههما و أشهرهما الوقوع و كذا القولان في وقوعه ب الموطوءة بالملك و أشهرهما بين المتأخّرين أنّه كالأوّل،و هو أظهر؛ للعمومات،و خصوص المعتبرة

ص:387


1- الحلّي في السرائر 2:710،المرتضى في المسائل الموصليّات(رسائل الشريف المرتضى 1):241.
2- راجع ص 5119.

المستفيضة منها الصحيح:في رجل كان له عشر جوار،فظاهر منهنّ كلّهنّ جميعاً بكلام واحد،فقال:« عليه عشر كفّارات» (1).

و الموثق،بل الصحيح:عن الرجل يظاهر من جاريته؟فقال:« الحرّة و الأمة في هذا سواء» (2)و نحوه الحسن كالصحيح (3).

و قريب منها الصحيح:عن الظهار على الحرّة و الأمة؟قال:« نعم» (4).

خلافاً لجماعة من القدماء (5)،فاختاروا العدم؛ للأصل.و يضعّف بما مرّ.

و لأنّ المفهوم من النساء الزوجة.و فيه منع.

و لورود السبب فيها.و فيه أنّه لا يخصِّص.

و للخبر فيمن ظاهر عن أمته،قال:« يأتيها،و ليس عليه شيء» (6)و فيه قصور سنداً عن المكافأة لما مرّ جدّاً و إن اعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده،فلا يضرّ جهالة رواية مضافاً إلى قصوره عن ذلك عدداً،و مخالفةً للعمومات و الشهرة العظيمة و إن كانت متأخّرة،مع

ص:388


1- الكافي 6:16/157،التهذيب 8:67/21،الإستبصار 3:943/263،الوسائل 22:326 أبواب الظهار ب 14 ح 1.
2- الكافي 6:11/156،الفقيه 3:1660/346،التهذيب 8:76/24،الإستبصار 3:945/264،الوسائل 22:321 أبواب الظهار ب 11 ح 1.
3- التهذيب 8:77/24،الإستبصار 3:946/264،الوسائل 22:322 أبواب الظهار ب 11 ح 4.
4- الكافي 6:12/156،التهذيب 8:53/17،الإستبصار 3:947/264،الوسائل 22:321 أبواب الظهار ب 11 ح 2.
5- منهم المفيد في المقنعة،و الحلبي في الكافي:304،و الديلمي في المراسم:160،و القاضي في المهذّب 2:298،و الحلّي في السرائر 2:709.
6- الفقيه 3:1652/345،التهذيب 8:32/10،الوسائل 22:314 أبواب الظهار ب 6 ح 9.

احتماله للتقية.

و لأنّ الظهار كان في الجاهلية طلاقاً،و هو لا يقع بها.و فيه أنّ فعل الجاهلية لا حجّة فيه،مع أنّه قد نقل أنّهم كانوا يظاهرون من الأمة أيضاً.

و لو استدلّوا بعموم المعتبرة القائلة:إنّه كالطلاق،كان أجود،إلّا أنّه مخصَّص أو مؤوَّل بما مرّ؛ لكونه في الرجحان أظهر.

و في اكتفائه بقوله: و المروي:أنّها كالحرّة سيّما بعد الحكم بالوقوع صريحاً في السابق نوع إشعار بالتردّد،و ليس في محلّه.

مسائل

اشارة

و هنا مسائل سبع:

الأُولى الكفّارة تجب بالعود

الاُولى:الكفّارة تجب بالعود لا بمجرّد الظهار،بالكتاب، و السنّة،و إجماع العلماء،كما حكاه بعض أصحابنا (1).

و هو إرادة الوطء على الأظهر الأشهر؛ للآية (2)،فإنّ الظاهر في معنى العود فيها إرادة استباحة الوطء الذي حرّمه الظهار،كما صرّح به المرتضى و جماعة،حكاه عنهم بعض الأجلّة (3).

و للصحيحين،في أحدهما:عن الظهار،متى يقع على صاحبه فيه الكفّارة؟فقال:« إذا أراد أن يواقع امرأته» قلت:فإن طلّقها قبل أن يواقعها، أ عليه كفّارة؟قال:« لا،سقطت الكفّارة» (4).

ص:389


1- انظر نهاية المرام 2:161،و الحدائق 25:670.
2- المجادلة:3.
3- المرتضى في الناصريات(الجوامع الفقهية):215،و العلّامة في القواعد 2:86،و السيوري في التنقيح 3:374،و القاضي في المهذّب 3:532،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:161،و حكاه عنهم في كشف اللثام 2:165.
4- الكافي 6:10/155،الفقيه 3:1647/343،التهذيب 8:28/9،الوسائل 22:318 أبواب الظهار ب 10 ح 4.

و في الثاني:عن الرجل يظاهر من امرأته،ثم يريد أن يتمّ على طلاقها،قال:« ليس عليه كفّارة» قلت:فإن أراد أن يمسّها؟قال:« لا يمسّها حتى يكفّر» قلت:فإن فعل عليه شيء؟قال:« أي و اللّه إنّه لآثم ظالم» قلت:عليه كفّارة غير الاُولى؟قال:« نعم،يعتق أيضاً رقبة» (1).

خلافاً للإسكافي فيما إذا قام على إمساكها بعد الظهار بالعقد الأوّل زماناً و إن قلّ،فأوجب به الكفّارة و إن لم يرد الوطء،قال:لأنّ العود إنّما هو المخالفة،و هي متحقّقة بذلك (2).

و أُجيب بأنّ بقاءها في عصمته لا ينافي تحريمها عليه،و إنّما ينافيه إرادة الاستمتاع أو نفسه،و الثاني غير مراد بإجماعنا،و لقوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا [1] (3)فيتعيّن الأول (4)،هذا.

و في الحسن و غيره تفسير العود بغير ما عليه الأصحاب من إرادة الوطء،كما عليه المشهور،أو المخالفة،كما عليه الإسكافي،و هو أنّ قوله تعالى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا [2] « يعني به ما قال الرجل الأوّل لامرأته:

أنتِ عليَّ كظهر أُمّي،فمن قالها بعد ما عفا اللّه تعالى و غفر للرجل الأوّل فإنّ عليه فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [3] الآية» (5).

إلّا أنّه يستفاد من بعض الروايات ما قدّمناه،كالمرسل:في رجل ظاهر،قال:« سقطت عنه الكفّارة إذا طلّق قبل أن يعاود المجامعة»

ص:390


1- التهذيب 8:56/18،الإستبصار 3:949/265،الوسائل 22:320 أبواب الظهار ب 10 ح 8.
2- حكاه عنه في المختلف:600.
3- المجادلة:3،4.
4- المسالك 2:79.
5- الكافي 6:1/152،الوسائل 22:304 أبواب الظهار ب 1 ح 2،و الآية في المجادلة:3.

الخبر (1)،فتأمّل.

و كيف كان لا مخالفة فيه للمشهور من حيث الثمرة الثابتة بالصحيحين.

و يستفاد من صريحهما مضافاً إلى الأصل ما هو الأشهر الأقرب:أنّه لا استقرار لوجوبها بمجرّد الإرادة بحيث تلزمه مع انتفائها،بل وجوبها شرطي بمعنى تحريم الوطء حتى يكفّر.

خلافاً للتحرير،فقال بالاستقرار؛ لترتّبه في الآية على العود بمجرّده، بناءً على التفسير المشهور (2).

و أُجيب بأنّ المفهوم منه إنّما هو توقّف التماسّ عليها،مع أنّها مقيّدة بقبليّة التماسّ التي هي من الأُمور المتضايفة التي لا تتحقّق إلّا بالمتضايفين (3).

ثمّ في إضافة الإرادة في العبارة إلى الوطء خاصّة إشارة بل دلالة على عدم ترتّب الكفّارة بإرادة مقدّماته من اللمس و القبلة،و هو أصحّ القولين و أشهرهما في المسألة،بل عن الحلّي (4)نفي الخلاف عنه،بناءً على الأصل،و تفسير المسيس هنا بل مطلقاً بالوطء خاصّة في المعتبرة،منها الخبران المفسِّران للعود بما قدّمناه،فإنّ فيهما:« فإنّ عليه فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا [1] يعني:مجامعتها» (5).

ص:391


1- الكافي 6:28/159،الوسائل 22:319 أبواب الظهار ب 10 ح 6.
2- التحرير 2:62.
3- انظر المفاتيح 2:329.
4- السرائر 2:711.
5- الكافي 6:1/152،تفسير القمي 2:353،الوسائل 22:304،305 أبواب الظهار ب 1 ح 2،و ذيله.

و منها الصحيح الأوّل (1)من الصحيحين المشترط في وجوب الكفّارة إرادة المواقعة،التي هي الجماع بالضرورة،الدالّ بمفهومه على عدم الكفّارة عند عدمها،هذا.

مع استفاضة المعتبرة بترتّب الكفّارة على المواقعة الظاهرة في الحصر،و لا يبعد كونها متواترة،هذا،مع أنّ المتبادر منه عرفاً و عادةً ذلك البتّة.

و منه يظهر ضعف القول بترتّب الكفّارة على مطلق المسيس،و لو كان نحو قبلة،كما عن المبسوط و الخلاف (2)،و حجّته من عموم المسيس لغةً لذلك.

و أمّا الاستناد له إلى تنزيلها منزلة المحرّمة مؤبّداً فهو مصادرة،مع استلزامه حرمة النظر بلذّة،و ليس في الآية دلالة عليها بوجه،مع عدم مصير المخالف إليه أيضاً.

و اعلم أنّه إنّما يحرم الوطء عليه بالظهار،و لا عليها،إلّا إذا تضمّن الإعانة على الإثم،فيحرم لذلك لا للظهار،فلو تشبّهت عليه على وجه لا تحرم عليه،أو استدخلته و هو نائم مثلاً لم يحرم عليها؛ لثبوت الحلّ لها قبله،و الأصل بقاؤه.

الثانية لو طلّقها و راجع في العدّة لم تحلّ

الثانية:لو طلّقها و راجع في العدّة لم تحلّ مجامعتها حتى يكفّر إجماعاً،حكاه جماعة (3)؛لإطلاق الآية (4)،و صريح بعض المعتبرة

ص:392


1- المتقدم في ص 387.
2- المبسوط 5:155،الخلاف 4:539.
3- منهم الشهيد في المسالك 2:80،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:163،و السبزواري في الكفاية:212،و المجلسي في مرآة العقول 21:263،و صاحب الحدائق 25:681.
4- المجادلة:3.

الآتية،و ما ينافيه بإطلاقه ممّا يأتي محمول على الصورة الثانية بما مرّ و المعتبرة المفصِّلة.

و أمّا لو طلّقها بائناً أو رجعيّاً و قد خرجت من العدّة فاستأنف النكاح فإنّه فيه روايتان،أشهرهما و أظهرهما أنّه لا كفّارة عليه.

ففي الصحيح:عن رجل ظاهر من امرأته،ثم طلّقها قبل أن يواقعها، فبانت منه،أ عليه كفارة؟قال:

« لا» (1).و فيه كالخبر،بل الحسن-:عن رجل ظاهر من امرأته،ثم طلّقها تطليقة؟فقال:« إذا هو طلّقها تطلقة فقد بطل الظهار،و هدم الطلاق الظهار» قيل له:فله أن يراجعها؟قال:« نعم،هي امرأته،فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسّا» قلت:فإن تركها حتى يخلو أجلها و تملك نفسها،ثم تزوّجها بعد ذلك هل يلزمه الظهار من قبل أن يمسّها؟قال:« لا،قد بانت منه،و ملكت نفسها» (2).

و عليهما يحمل إطلاق الصحيحين في المظاهر إذا طلّق سقطت عنه الكفّارة (3).

و الرواية الأُخرى الحسنة:عن رجل ظاهر من امرأته،ثم طلّقها بعد ذلك بشهر أو شهرين،فتزوّجت،ثم طلّقها الذي تزوّجها،فراجعها الأوّل، هل عليه الكفّارة للظهار الأوّل؟قال:« نعم» الخبر (4).

ص:393


1- الكافي 6:35/161،الوسائل 22:318 أبواب الظهار ب 10 ح 3.
2- الكافي 6:34/161،الفقيه 3:1643/342،التهذيب 8:51/16،الوسائل 22:318 أبواب الظهار ب 10 ح 2.
3- راجع ص 387،388.
4- التهذيب 8:52/17،الوسائل 22:320 أبواب الظهار ب 10 ح 9.

و قد عمل به الديلمي و الحلبي (1)،و فيه قصور سنداً و عدداً عن المقاومة لما مرّ جدّاً،و مع ذلك محتمل للتقية،و بها أجاب عنه الشيخ، قائلاً:إنّه مذهب جماعة من العامّة (2).

و الأجود حمله على الاستحباب،كما ذكره جماعة (3)،أو على صورة إرادته الفرار بالطلاق من الكفّارة؛ للخبر:« إن كان إنّما طلّقها لإسقاط الكفّارة عنه ثم راجعها فالكفّارة لازمة له أبداً إذا عاود المجامعة،و إن كان طلّقها و هو لا ينوي شيئاً من ذلك فلا بأس،و لا كفّارة عليه» (4).

إلّا أنّه مع قصور سنده بالإرسال،و ضعفه عن المقاومة لما مرّ شاذّ،لا يلتفت إليه،و مع ذلك فإطلاق نفي الكفّارة فيه بعد الرجوع مع عدم قصد الفرار مخالف للإجماع بالضرورة،إلّا أنّه يمكن تقييده بصورة تحقّق البينونة.

الثالثة لو ظاهر من أربع بلفظ واحد لزمه أربع كفّارات

الثالثة:لو ظاهر من أربع نسوة بلفظ واحد و كلمة واحدة، فقال:أنتنّ عليّ كظهر أُمّي لزمه أربع كفّارات على الأظهر الأشهر بين الطائفة؛ لإطلاق الآية (5)و السنّة،و خصوص المعتبرة،أصرحها الصحيح:

في رجل كان له عشر جوارٍ فظاهر منهنّ كلّهنّ جميعاً بكلام واحدة،فقال:

« عليه عشر كفّارات» (6).

ص:394


1- الديلمي في المراسم:160،الحلبي في الكافي:304.
2- التهذيب 8:17.
3- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:376،و الشهيد الثاني في المسالك 2:81،و السبزواري في الكفاية:212.
4- الكافي 6:28/159،الوسائل 22:319 أبواب الظهار ب 10 ح 6.
5- المجادلة:3،4.
6- الكافي 6:16/157،التهذيب 8:67/21،الإستبصار 3:943/263،الوسائل 22:321 أبواب الظهار ب 11 ح 3.

و في رواية موثّقة (1)أنّ عليه كفّارة واحدة عمل بها الإسكافي (2)،و لقصورها سنداً و عدداً عن المقاومة لما مرّ جدّاً حملها الشيخ على الوحدة الجنسيّة (3)،و لا بأس به و إن بعد؛ جمعاً بين الأدلّة.

و كذا البحث لو كرّر ظهار المرأة الواحدة يلزمه بكلّ مرّة كفّارة على حدةٍ؛ لبعض ما مرّ،و للمستفيضة،منها الصحاح،في أحدها:

عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرّات أو أكثر؟قال:« قال عليّ عليه السلام:عليه مكان كلّ مرّة كفّارة» (4)و نحوه الباقي (5).

و إطلاقها كالعبارة يقتضي عدم الفرق في الحكم بين تراخي أحدهما عن الآخر أو تواليهما،بقصد التأكيد أم لا،تعدّد المشبّه بها كالأُمّ و الأُخت أم لا،تخلّل التكفير بينهما أم لا،اختلف المجلس أم تعدّد،و هو الأظهر الأشهر بين الطائفة.

خلافاً للطوسي في المتواليين مع قصد التأكيد،فواحدة مطلقاً (6).

و للإسكافي فيما إذا اتّحد المشبّه بها مع عدم تخلّل التكفير مطلقاً (7).

و لغيرهما فيما إذا اتّحد المجلس،فكذلك مطلقاً (8).

ص:395


1- الفقيه 3:1655/345،التهذيب 8:68/21،الإستبصار 3:944/263،الوسائل 22:327 أبواب الظهار ب 14 ح 3.
2- كما حكاه عنه في المختلف:602.
3- الاستبصار 3:264،التهذيب 8:22.
4- الكافي 6:12/156،التهذيب 8:53/17،الإستبصار 3:938/262،الوسائل 22:324 أبواب الظهار ب 13 ح 1.
5- الوسائل 22:324 أبواب الظهار ب 13.
6- المبسوط 5:152.
7- نقله عنه في المختلف:601.
8- لم نعثر عليه،و لعلّ القائل من العامة كما أشار إليه في المسالك 2:82،راجع المغني لابن قدامة 8:624.

و لم أقف لهم على حجّة سوى عدم الخلاف الذي ادّعاه الأوّل، و الصحيح الذي احتجّ به للثالث:في رجل ظاهر عن امرأته أربع مرّات في مجلس واحد،قال:« عليه كفّارة واحدة» (1).

و هو كالأوّل قاصر عن المكافأة لما مرّ،فليطرحا،أو يؤوّلا إلى ما يؤولا به إلى الأوّل،هذا.

و في الأوّل وهن؛ لمصير الأكثر إلى خلافه،و في سند الثاني ركاكة و اشتراك عند جماعة (2)،و قد حمله الشيخ (3)على ما حمل عليه الرواية السابقة من إرادة الوحدة الجنسية،لا الشخصيّة.

الرابعة يحرم الوطء قبل التكفير

الرابعة:يحرم الوطء قبل التكفير اتفاقاً،فتوًى و نصّاً،كتاباً و سنّةً.

فلو وطئ عامداً لزمه كفّارتان إحداهما للظهار،و الأُخرى للمواقعة،بلا خلاف بين الطائفة،إلّا من الإسكافي (4)،فلا تجب بالمرّة الأُولى أصلاً،و أمّا الثانية فكذلك إلّا مع القدرة على العتق و الصيام،و أمّا الإطعام فلا تجب في الثانية أيضاً.و لم نقف له على شاهد.

نعم في الصحيح و غيره:قلت:إن واقع قبل أن يكفّر؟قال:

« يستغفر اللّه تعالى و يمسك حتى يكفّر» (5).

ص:396


1- التهذيب 8:73/23،الإستبصار 3:942/263،الوسائل 22:326 أبواب الظهار ب 13 ح 6.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:168،و انظر الكفاية:213.
3- الاستبصار 3:263،التهذيب 8:23.
4- حكاه عنه في المختلف:602.
5- الصحيح:الكافي 6:14/156،الفقيه 3:1645/343،التهذيب 8:59/18،الإستبصار 3:952/265،الوسائل 22:328 أبواب الظهار ب 15 ح 2. و غيره:الكافي 6:31/160،الفقيه 3:1644/342،الوسائل 22:328 أبواب الظهار ب 15 ح 3.

و هما مع قصور سند الثاني ليسا نصّين في المطلوب،بل و لا ظاهرين،و على تقدير الظهور فليس فيهما التفصيل المذكور،فإذاً هما شاذّان.

و مع ذلك معارضان بالمعتبرة المستفيضة،المعتضدة بالشهرة العظيمة،منها الصحيحان،في أحدهما:« لا يمسّها حتى يكفّر» قلت:فإن فعل فعليه شيء؟قال:« إي و اللّه،إنّه لآثم ظالم» قلت:عليه كفّارة غير الاُولى؟قال:« نعم،يعتق أيضاً رقبة» (1).

و في الثاني:« إذا واقع المرّة الثانية قبل أن يكفّر فعليه كفّارة أُخرى، ليس في هذا اختلاف» (2).

و نحوهما الثالث (3)،و هو و إن قصر سنده بجهالة الراوي،إلّا أنّ فيه المجمع على تصحيح رواياته،مع انجباره بالشهرة،و مفهوم الصحيح:

« ليس له أن يواقعها حتى يكفّر،فإن جهل و فعل فإنّما عليه كفّارة واحدة» (4).

ص:397


1- التهذيب 8:56/18،الإستبصار 3:949/265،الوسائل 22:329 أبواب الظهار ب 15 ح 4.
2- الكافي 6:17/157،التهذيب 8:58/18،الإستبصار 3:951/265،الوسائل 22:328 أبواب الظهار ب 15 ح 1.
3- التهذيب 8:57/18،الإستبصار 3:937/262،الوسائل 22:329 أبواب الظهار ب 15 ح 5.
4- التهذيب 8:37/11،الإستبصار 3:927/259،الوسائل 22:331 أبواب الظهار ب 15 ح 8.

و صريحه كجماعة (1)و ظاهر العبارة اغتفار التعدّد في الجاهل،و يدلُّ عليه الأصل أيضاً،مع انتفاء المانع؛ لاختصاص المعتبرة المتقدّمة بحكم السياق في بعض و التبادر في آخر بالعامد.

و منه يظهر وجه انسحاب الحكم في الناسي،و إن اختصّ الصحيح بالجاهل؛ مضافاً إلى الاعتبار،و الإجماع المركّب،مع احتمال التعدّي منه إليه بالفحوى،فتأمّل جدّاً،هذا.

و في تفريع الماتن تعدد الكفّارة على الحرمة مناقشة؛ لعدم التلازم بينها و بين الكفّارة،فالأجود إبدال الفاء بالواو.

و لو كرّر الوطء لزمه لكلّ وطء كفّارة مطلقاً،كفّر عن الأوّل أم لا،على الأشهر الأقوى؛ لإطلاق ما مضى.

خلافاً لابن حمزة في الثاني،فاكتفى فيه بالواحدة (2).و النص حجّة عليه.

الخامسة إذا أطلق الظهار حرمت مجامعتها حتى يكفّر

الخامسة:إذا أطلق الظهار حرمت مجامعتها حتى،يكفّر إجماعاً؛ لما مضى.

و لو علّقه بشرط من غير وجه يمين لم تحرم حتى يحصل الشرط فتحرم حينئذٍ إن قلنا به،و تجب الكفّارة لو أراد الوطء ثانياً،وفاقاً للأكثر؛ للأصل،و صريح ما دلّ على تحقق التحريم به،و هو الصحيح:

« الظهار ضربان:أحدهما الكفّارة فيه قبل المواقعة،و الآخر بعدها،فالذي يكفّر قبل المواقعة هو الذي يقول:أنتِ عليَّ كظهر أمّي،و لا يقول:إن فعلت بك كذا و كذا،و الذي يكفّر بعد المواقعة هو الذي يقول:أنتِ عليّ

ص:398


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:169،و السبزواري في الكفاية:212،و الفيض في المفاتيح 2:330.
2- الوسيلة:335.

كظهر أُمّي إن قربتك» (1).

و قال بعض الأصحاب و هو الشيخ في النهاية (2):و الضرب الثاني لا تجب فيه الكفّارة إلّا بعد أن يفعل ما شرط أنّه لا يفعل أو يواقع ها، و هو بعيد إذ لا وجه له،مع مخالفته ما مرّ؛ لعدم ترتّب الظهار عليه.

و يقرب إذا كان الوطء هو الشرط كما في الصحيح المتقدّم، و لكن حمل عبارته عليه تحكّم.

ثم إن كان هو الوطء تحقّق بالنزع،فتحرم المعاودة قبلها،و لا تجب قبله،و إن طالت مدّته،على أصحّ القولين؛ حملاً على المتعارف.

خلافاً للشيخ (3)،فأوجبها بأوّل آن من صدق الوطء،بناءً على أنّ الاستمرار وطء ثانٍ.و يضعّف بما مرّ.

السادسة إذا عجز عن الكفّارة يحرم وطؤها حتى يكفّر

السادسة:إذا عجز عن الكفّارة و خصالها الثلاث و أبدالها إن قلنا بها سوى الاستغفار قيل: و هو مذهب الأكثر،و قد صرّح به جماعة (4) يحرم وطؤها حتى يكفّر أخذاً بظاهر الكتاب و السنّة،و التفاتاً إلى صريح الصحيح:« كلّ من عجز عن الكفّارة التي تجب عليه من عتق، أو صوم،أو صدقة،في يمين،أو نذر،أو قتل،أو غير ذلك ممّا يجب على صاحبه فيه الكفّارة،فإنّ الاستغفار له كفّارة ما خلا يمين الظهار،فإنّه إذا لم يجد ما يكفّر به حرمت عليه أن يجامعها،و فرّق بينهما،إلّا أن ترضى المرأة أن يكون معها و لا يجامعها» (5).

ص:399


1- الكافي 6:32/160،التهذيب 8:40/12،الإستبصار 3:930/260،الوسائل 22:332 أبواب الظهار ب 16 ح 1.
2- النهاية:525.
3- النهاية:525.
4- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:171،و المجلسي في ملاذ الأخيار 13:39.
5- الكافي 7:5/461،التهذيب 8:50/16،الإستبصار 4:195/56،الوسائل 22:367 أبواب الكفارات ب 6 ح 1.

و قيل: كما عن الحلّي (1) يجتزئ بالاستغفار،و هو أشبه و تبعهما الفاضل في المختلف (2)،تمسكاً بأصالة البراءة،و أنّ إيجاب الكفّارة مع العجز عنها تكليف بغير مقدور،فيكون مدفوعاً.

و الموثّق،بل الصحيح:« إنّ الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفّارة فليستغفر ربه،و لينوِ أن لا يعود قبل أن يواقع،ثم ليواقع،و قد أجزأ ذلك عنه من الكفّارة،فإذا وجد السبيل إلى ما يكفّر به يوماً من الأيّام فليكفّر» (3).

و في الجميع نظر؛ لانقطاع الأوّل بأدلّة الظهار المثبتة لما يضادّه، فالأصل يقتضي بقاءه.

و اندفاع الثاني بعدم التكليف بالكفّارة نفسها ابتداءً،بل هو بعد إرادة الوقاع،و مع عدمها لا تكليف بها أصلاً،كما مضى.

اللّهم إلّا أن يقال:بتعلّق التكليف بها إذا أتى زمان يجب على المظاهر فيه المواقعة،و الأمر بها يستلزم الأمر بالكفّارة و لو من باب المتقدّمة،فلو لم يجتزأ بالاستغفار مكانها لزم ما تقدّم من الملازمة،و هو التكليف بغير المقدور البتّة.

لكن فيه:منع التكليف بالمواقعة في هذه الصورة،من حيث كونها بفقد الكفّارة غير مقدورة،و على تقدير التنزّل عن ظهور المنع نقول:

لا أقلّ من احتماله.

ص:400


1- السرائر 2:713.
2- المختلف:602.
3- الكافي 7:6/461،التهذيب 8:1190/320،الإستبصار 4:196/56،الوسائل 22:368 أبواب الكفارات ب 6 ح 4.

و عدم القدرة على الكفّارة كما يمكن صيرورته قرينةً للاجتزاء بالاستغفار،كذا يمكن خروجه شاهداً على عدم التكليف بذي المقدّمة، و حينئذٍ ترجيح الأوّل على الثاني موقوف على دلالة هي في المقام مفقودة،هذا.

مع عدم جريان ذلك في التي لم يجب على المظاهر وطؤها،كالأمة، و المتمتع بها،على القول بوقوع مظاهرتهما،كما هو مذهب الخصم، و الأشهر الأقوى كما مضى (1)،و الدليل أخصّ من المدّعى.

و أمّا الخبر ف مع قصور سنده؛ لعدم معلوميّة صحته معارض بالصحيح المتقدّم،و هو أقوى منه بمراتب؛ لظهور صحته،نظراً إلى ثبوت عدم اشتراك رواية بين الثقة و من ينظر في وثاقته،مع اعتضاده بظاهر ما مرّ من الكتاب و السنّة،و فتوى الأكثر التي هي أقوى المرجّحات،كما مرّ غير مرّة و تقرّر،فإذاً هو أظهر و مع ذلك فهو أحوط.

السابعة مدّة التربّص ثلاثة أشهر من حين المرافعة

السابعة: إن لم يرد الوقاع و صبرت المظاهرة عليه فلم ترافعه إلى الحاكم فلا اعتراض لأحدٍ في ذلك؛ لأنّ الحقّ لها،فجاز إسقاطها له جزماً، مضافاً إلى الأصل.و كذا لو لم تكن ذات حقٍ،كالموطوءة بالملك و المتمتّع بها،و إن طالبتاه جدّاً.

و أمّا إذا كانت ذات حقّ و لم تصبر،فرافعته إلى الحاكم،خيّره بين العود و التكفير و بين الطلاق،فإنّ أبى عنهما كان مدّة التربّص التي ينظر فيها لينظر في أمره ثلاثة أشهر من حين المرافعة،و عند انقضائها مع عدم اختياره أحد الأمرين يحبس و يضيّق عليه في المطعم و المشرب، بأن يمنع عمّا زاد على سدّ الرمق حتى يفيء أو يطلّق و يختار أحد

ص:401


1- في ص 385.

الأمرين،و لا يجبر على أحدهما،بل يخيّر بينهما.

و لا خلاف في شيء من ذلك،بل ظاهر جماعة (1)الإجماع عليه، و هو الحجّة فيه،دون الموثق:عن رجل ظاهر عن امرأته؟قال:« إن أتاها فعليه عتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكيناً،و إلّا ترك ثلاثة أشهر،فإن فاء،و إلّا أُوقف حتى يُسأل:أ لك حاجة في امرأتك أو تطلّقها؟فإن فاء فليس عليه شيء،و هي امرأته،و إن طلّقها واحدة فهو أملك برجعتها» (2).

لقصوره عن إفادة المدّعى بتمامه؛ مضافاً إلى قصور سنده،فلا يصلح حجّةً للكلّ،مع تضمّنه بكثير ممّا لم يقل به أحد،و تطرّق الإشكال إلى العمل بإطلاقه،من حيث شموله لغير ذات حقّ،و لصاحبته مع عدم فوت شيء من حقوقها،كما إذا رافعته عقيب الظهار بلا فصل بحيث لا يفوت لها الواجب من الوطء بعد المدّة المضروبة،فإنّ سائر الحقوق غير منافٍ للظهار.

لكنّه كما مرّ مدفوع بالوفاق،و عكوف الكلّ على العمل عليه، و لعلّ مستندهم في الحبس و التضييق عليه في المطعم و المشرب الخبران المتضمّنان لذلك في المُؤلي،كما يأتي (3)،مع عدم تعقّل الفرق بينه و بين المظاهر،مضافاً إلى شهادة الاعتبار،فتأمّل جدّاً.

و الحمد للّه أوّلاً و آخراً.

ص:402


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:172،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:331،و السبزواري في الكفاية:213،و المجلسي في ملاذ الأخيار 13:57.
2- التهذيب 8:11/6،الإستبصار 3:914/255،الوسائل 22:337 أبواب الظهار ب 18 ح 1.
3- في ص 410.

كتاب الإيلاء

اشارة

كتاب الإيلاء و هو مصدر آلى يُؤلي إذا حلف مطلقاً،كذا لغةً.

و أمّا شرعاً:فهو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة المدخول بها، قُبُلاً أو مطلقاً،أبداً أو مطلقاً من غير تقييد بزمان،أو به مع زيادته على أربعة أشهر،للإضرار بها،فهو جزئي من جزئيات الإيلاء الكلّي،أُطلق عليه.

و الحلف فيه كالجنس يشمل الإيلاء الشرعي و غيره،و المراد الحلف باللّه سبحانه،كما سيأتي (1).

و تقييده بترك وطء الزوجة يخرج اليمين على غيره،كترك المضاجعة و التقبيل و نحوهما،فإنّه لا يلحقه أحكام الإيلاء المختصّة به،بل يترتّب عليه حكم مطلق اليمين.

و إطلاق الزوجة يشمل الحرّة،و الأمة المسلمة،و الكافرة؛ لعموم الأدلّة.

و خرج بها الحلف على ترك وطء الأمة الموطوءة بالملك.

و بتقييدها بالدائمة:المتمتّع بها،فإنّ الحلف على ترك وطئها لا يعدّ إيلاءً،بل يميناً مطلقاً،على الأشهر الأقوى،كما سيأتي (2)،فيتبع الأولى في الدين و الدنيا،فإن تساويا انعقد يميناً يلزمه حكمه.

ص:403


1- في ص 403.
2- في ص 407.

و كذا الحلف على ترك وطء الدائمة مدّة لا تزيد على أربعة أشهر.

و زدنا في التعريف قيد الدخول بها؛ لما هو المشهور بين أصحابنا من اشتراطه من غير نقل خلاف فيه،و يأتي الكلام فيه مع دليله (1).

و قيد:القُبل أو مطلقاً،احتراز عمّا لو حلف على ترك وطئها دُبراً؛ فإنّه لا ينعقد إيلاءً،بل يميناً مطلقاً،و يلحقه حكمه،و لا يحصل به الفئة أيضاً؛ لأنّ الجماع على هذا الوجه لا حقّ للزوجة فيه،بل هو إحسان إليها لا إضرار،هذا.

مع ما في الإيلاء و أحكامه من المخالفة للأصل،فيقتصر فيه على محلّ الوفاق و النص،و ليس إلّا الحلف على ترك الوطء مطلقاً أو قبلاً؛ لعدم تبادر غيره منه جدّاً.

و اعلم أنّ كل موضع لا ينعقد إيلاء مع اجتماع شرائط اليمين يكون يميناً.

و الفرق بينه و بين الإيلاء مع اشتراكهما في الحلف و الكفّارة الخاصّة جواز مخالفة اليمين في الإيلاء،بل وجوبها على وجه و لو تخييراً مع الكفّارة،دون اليمين المطلقة.

و عدم اشتراط انعقاده مع تعلّقه بالمباح بأولويّته ديناً أو دنيا أو تساوي طرفيه،بخلاف مطلق اليمين،فيشترط فيها ذلك.

و اشتراطه بالإضرار بالزوجة،كما علم من تعريفه،و سيأتي دليله (2)، بخلاف مطلق اليمين،فلا يشترط فيها ذلك.

و اشتراطه بدوام عقد الزوجة،كما مضت إليه الإشارة،و سنعيده مع

ص:404


1- في ص 5603.
2- في ص 5601.

الأدلّة (1)،بخلاف اليمين المطلقة.

و انحلال اليمين على ترك وطئها بالوطء دُبُراً مع الكفّارة دون الإيلاء، إلى غير ذلك من الأحكام المختصّة بالإيلاء،المذكورة في بابه.

و الأصل فيه الكتاب،قال اللّه سبحانه لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [1] (2).مضافاً إلى الإجماع،و السنّة المستفيضة،و سيأتي إلى بعضها الإشارة.

الصيغة

و لا ينعقد إلّا باسم اللّه سبحانه المختصّ به،أو الغالب فيه، كاليمين المطلقة؛ لعموم أدلّتها،و خصوص المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:« الإيلاء أن يقول:و اللّه لا أُجامعكِ كذا و كذا» الخبر (3)،و نحوه غيره (4).

مضافاً إلى عدم الخلاف فيه،و أصالة البراءة عن أحكامه التي منها الكفّارة بالمخالفة.

و يتفرع عليه أنّه لو حلف على ترك وطئها بالطلاق أو العتاق لم يصحّ بلا خلاف بيننا،و وافقنا عليه كثير ممّن خالفنا (5)،و قال بعضهم (6):لا يختص به،بل لو قال:إن وطئتكِ فعبدي حرّ،أو قال

ص:405


1- في ص 407.
2- البقرة:226،227.
3- الكافي 6:2/130،الفقيه 3:1634/339،التهذيب 8:1/2،الإستبصار 3:904/252،الوسائل 22:347 أبواب الإيلاء ب 8 ح 1.
4- الكافي 6:9/132،التهذيب 8:4/3،الإستبصار 3:905/253،الوسائل 22:349 أبواب الإيلاء ب 9 ج 1.
5- انظر المغني 8:505،و زاد المعاد 4:92،و بداية المجتهد 2:101.
6- حكاه عن مالك في بداية المجتهد 2:101.

صدقة،أو حلائلي محرّمات،كان مؤلياً،فيلزمه مع الوطء كفّارة الإيلاء أو الوفاء بالملتزم.

و مثله ما لو قال:إن أصبتكِ فعليّ كذا،بل أولى بعدم الوقوع؛ لأنّه كناية لا يقع به عندنا و إن ذكر اسم اللّه تعالى.

و لا ينعقد إلّا في إضرار بلا خلاف؛ للخبرين،أحدهما الصحيح:« إن تركها من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل» (1).

و ثانيهما الخبر،بل القوى:« ليس في الإصلاح إيلاء» (2)و يتمّ بعدم القول بالفصل.و ضعف السند بالشهرة منجبر.

و بهما يخصّ عموم الأدلّة،مع عدم انصراف أكثرها إلى هذه الصورة.

فلو حلف للصلاح لم ينعقد،كما لو حلف لاستضرارها بالوطء أو لصلاح اللبن.

و لا ينعقد أيضاً حتى يكون مطلقاً غير مقيد بزمان أو مقيّداً به مع كونه أزيد من أربعة أشهر للأصل،و توقّف أحكامه من الإيقاف للفئة أو الطلاق عليه؛ مضافاً إلى الإجماع عليه في كلام جماعة (3).

و به صريح بعض المعتبرة،و ليس في سنده سوى القاسم بن عروة، و قد حسّنه بعض الأجلّة (4)،بل ربما قيل بوثاقته (5)،و هو مع ذلك معتضد بعمل الطائفة،و قد جعله فخر المحققين مذهب الإمامية و الشافعية و مالك

ص:406


1- الكافي 6:12/133،الوسائل 22:341 أبواب الإيلاء ب 1 ح 2.
2- الكافي 6:6/132،التهذيب 8:18/7،الوسائل 22:344 أبواب الإيلاء ب 4 ح 1.
3- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:178،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:168،و انظر الكفاية:213،و ملاذ الأخيار 13:18.
4- راجع مجمع الفائدة 2:255،و 3:205،و 12:62.
5- المسائل الصاغانية(مصنّفات المفيد 3):71،72.

و أبي حنيفة (1)،و فيه:رجل آلى أن لا يقرب امرأته ثلاثة أشهر،قال:فقال:

« لا يكون إيلاء حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر» (2).

ما يعتبر في المؤلي و الزوجة

و يعتبر في المؤلي البلوغ،و كمال العقل،و الاختيار،و القصد إلى مدلول اللفظ،فلا يقع من الصبي،و المجنون،و المكره،و الساهي، و النائم،و العابث به،و نحوهم ممّن لا يقصد الإيلاء،و لا خلاف في شيء من ذلك؛ لكونه من اليمين المعتبر فيها ذلك،كما يأتي.

و يعتبر في المرأة الزوجية فلا يقع بالأجنبيّة،و الموطؤة بالملك؛ للأصل،و اختصاص الكتاب و السنّة بما عدا الأجنبيّة،بل الثانية أيضاً؛ لمنافاة الإيلاء،بهما أحكامه المرتسمة فيهما من لزوم الفئة أو الطلاق الغير الجاري في شيء منهما قطعاً،و في القريب من الصحة،بل قرّبها فيه جماعة (3):« لا يقع الإيلاء إلّا على امرأة قد دخل بها زوجها» (4).

و منه يستفاد اعتبار الدخول بها أيضاً،و نحوه في اشتراطه معتبرة أُخر مستفيضة (5)،فيها الصحيح و غيره،معتضدة بعمل الطائفة كافّة، كما يعطيه كلام جماعة (6).

ص:407


1- إيضاح الفوائد 3:423.
2- التهذيب 8:12/6،الإستبصار 3:907/253،الوسائل 22:345 أبواب الإيلاء ب 5 ح 2.
3- منهم الشيخ محمّد تقي المجلسي في روضة المتقين 9:150،فإنّه قال:في القوي كالصحيح..
4- الكافي 6:1/133،التهذيب 8:16/7،الوسائل 22:345 أبواب الإيلاء ب 6 ح 1.
5- انظر الوسائل 22:345 أبواب الإيلاء ب 6،و كذا ص 316 أبواب الظهار ب 8.
6- منهم الشهيد الثاني في الروضة 6:146،و المحقق الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:333،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:167.

و في وقوعه بالمتمتّع بها قولان من عموم الآية و السنّة،و من الأصل،و اختصاصهما بحكم التبادر و السياق المتضمن للإجبار على الفئة أو الطلاق بغيرها.

و مع ذلك: المروي في خصوص الصحيح (1) أنّه لا يقع و هذا أشهر و أقوى.

خلافاً للقاضي (2)،فيقع؛ لما مرّ من العموم.و يضعّف بما مرّ.

و أمّا ما يجاب عن السياق بضعفه من حيث عدم ثبوت تخصيص العام بالضمير المتعقّب له الراجع إلى بعض أفراده.

مدفوع بثبوت ذلك،كما تقرّر في محلّه،و مع التنزّل فلا أقلّ من التوقف فيه،فإنّ ضعف القول بعدم التخصيص و لزوم ارتكاب التجوّز في الضمير ممّا لا يدانيه شوب الشك و الريبة،و حينئذٍ فلا بدّ من الرجوع إلى حكم الأصل،و هو ما قدّمناه بلا شبهة،و حيث لم يقع انعقد يميناً إن اجتمع شرائطها،كما مضى.

و اعلم أنّه حيثما وقع الإيلاء فإن صبرت فلا بحث و إن مضت المدّة فصاعداً؛ لأنّ الحقّ لها بعد مضيّها،فلها إسقاطه،و لا حقّ لها قبله،بل هو له،فله تركه،و ليس لأحد حتى الزوجة مطالبته.

مضافاً إلى الأصل،و الصحيح في المقامين،و فيه:« إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته فليس لها قول،و لا حقّ في الأربعة أشهر،و لا إثم عليه في

ص:408


1- التهذيب 8:22/8.
2- في هامش الأصل:للتقي،خ ل.انظر الكافي في الفقه:302،و الموجود في المهذّب خلاف ما نسب إليه،قال فيه(2:302):و إذا كانت المرأة متمتعاً بها لم يقع بها إيلاء.

كفّه عنها في الأربعة أشهر،فإن مضت الأربعة أشهر قبل أن يمسّها فسكتت و رضيت فهو في حلّ و سعة،فإن رفعت أمرها إلى الحاكم قيل له:إمّا أن تفيء،و إمّا أن تطلّق» الخبر (1).

و له وطؤها في المدّة و بعدها،بلا خلاف فيه و في ثبوت الكفّارة في الأوّل،بل حكى الإجماع عليه جماعة (2)،و هو الحجة فيه،كعموم الأدلّة المثبتة لها في الحنث لكل يمين.

و منه ينقدح الوجه في ثبوتها في الثاني أيضاً،كما هو الأشهر،بل عن الخلاف (3)عليه الإجماع،و هو الأظهر؛ لذلك.

مضافاً إلى الخبر الذي قصور سنده بقاسم بن عروة،و متنه بما على خلافه الأكثر،بالشهرة منجبر،و فيه:عن رجل آلى من امرأته فمرّت به أربعة أشهر،قال:« يوقف،فإن عزم الطلاق بانت منه،و عليها عدّة المطلقة،و إلّا كفّر يمينه،و أمسكها» (4).

خلافاً للشيخ (5)،فلا كفّارة.

و هو مع مخالفته ما مرّ غير واضح المستند.

و ربما وجّه بأنّ المحلوف عليه إذا كان تركه أرجح لم يجب الكفّارة بالحنث (6).

ص:409


1- الكافي 6:4/131،الوسائل 22:342 أبواب الإيلاء ب 2 ح 1.
2- منهم الشيخ في الخلاف 4:520،و المحقق في الشرائع 3:87،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:180،و المجلسي في ملاذ الأخيار 13:21.
3- الخلاف 4:520.
4- الفقيه 3:1637/340،التهذيب 8:21/8،الاستبصار 3:910/254،تفسير العياشي 1:345/113،الوسائل 22:355 أبواب الإيلاء ب 12 ح 3.
5- المبسوط 5:135.
6- نهاية المرام 2:181.

و يضعّف بأنّ يمين الإيلاء يخالف غيره من الأيمان في هذا المعنى، و من ثم انعقد ابتداءً و إن كان تركه أرجح،أو كان واجباً،كما لو آلى في وقت يجب فيه الوطء.

و إذا لم يطأها رافعته إلى الشرع أنظره الحاكم أربعة أشهر من حين الإيلاء؛ للمعتبرة المستفيضة (1) فإن فاء بعد الإنظار فلا بحث،و إن أصرّ على الامتناع ثم رافعته بعد المدّة خيّره الحاكم بين الفئة و الطلاق بلا خلاف؛ للمعتبرة المستفيضة،المتقدّمة بعضها (2).

و نحوه غيره من الصحيح،و غيره القريب منه صحّة،قال:« الإيلاء أن يقول الرجل لامرأته:و اللّه لأغيظنّكِ،و لأسوءنّكِ،ثم يهجرها، و لا يجامعها حتى تمضي أربعة أشهر،فإذا مضت أربعة أشهر فقد وقع الإيلاء،و ينبغي للإمام أن يجبره على أن يفيء،أو يطلّق» (3).

و ظاهرها كالعبارة و صريح الجماعة عدم جواز الإجبار على أحد الأمرين على التعيين،و ينبغي تقييده بما إذا حصل أحد الأمرين على التعيين بتخيّر الحاكم له،و إلّا فلو امتنع من أحدهما كالفئة مثلاً أمكن إجباره على الطلاق؛ للصحيح:« يتربّص بها أربعة أشهر،ثم يؤخذ،فيوقف بعد الأربعة أشهر،فإن فاء و هو أن يصالح أهله فإنّ اللّه غفور رحيم،و إن لم يفيء جبر على أن يطلّق» (4).

ص:410


1- الوسائل 22:347 أبواب الإيلاء ب 8.
2- راجع ص 408.
3- الصحيح في:الكافي:7/132،الوسائل 22:350 أبواب الإيلاء ب 9 ح 3. و الآخر في:التهذيب 8:24/8،الإستبصار 3:911/254،الوسائل 22:350 أبواب الإيلاء ب 9 ح 4.
4- الكافي 6:9/132،التهذيب 8:4/3،الإستبصار 3:906/253،الوسائل 22:349 أبواب الإيلاء ب 9 ح 1.

و ما يقال من أنّ الإجبار عليه مستلزم للإكراه المنافي مدفوع بأنّه إجبار بحقّ،مع ورود ذلك في الإجبار على أحدهما،فتأمّل.

ثم الفئة تتحقق في القادر على الوطء به و لو بمسمّاه،بأن يغيب الحشفة و إن لم ينزل،و في العاجز عنه بإظهار العزم عليه في أوّل أوقات الإمكان.

فإن امتنع عن الأمرين حبسه الحاكم و ضيّق عليه في المطعم و المشرب حتى يكفّر و يفيء،أو يطلّق بلا خلاف فيه إلّا في الكفّارة؛ لوقوع الخلاف فيها،كما مضت إليه الإشارة (1)،و مستندهم هنا الأخبار،و منها:« كان أمير المؤمنين عليه السلام يجعل له حظيرة من قصب، و يجعله فيها،و يمنعه من الطعام و الشارب حتى يطلّق» (2)و المراد من منعه عنهما المنع عن تمامهما.

و الآخر:« إذا أبى المؤلي أن يطلّق جعل له حظيرة من قصب،و أعطاه ربع قوته حتّى يطلّق» (3).

و قصور سندهما بالعمل مجبور؛ مضافاً إلى الاعتبار الشاهد بصحتهما.

و في الخبر في المؤلي:« إمّا أن يفيء،أو يطلّق،فإن فعل،و إلّا ضربت عنقه» (4)و هو مع ضعف السند بالإرسال شاذّ مخالف للإجماع.

ص:411


1- راجع ص 408.
2- الكافي 6:10/133،التهذيب 8:13/6،الإستبصار 3:920/257،الوسائل 22:353 أبواب الإيلاء ب 11 ح 1.
3- الكافي 6:13/133،التهذيب 8:15/6،الإستبصار 3:921/257،الوسائل 22:354 أبواب الإيلاء ب 11 ح 3.
4- الكافي 6:11/133،التهذيب 8:14/6،الإستبصار 3:922/257،الوسائل 22:353 أبواب الإيلاء ب 11 ح 2.

و إذا طلّق وقع رجعيّاً حيث لا سبب للبينونة و عليها العدّة (1) [من يوم طلاقها] إجماعاً فيها،نصّاً و فتوى،و وفاقاً للأكثر في الأوّل؛ للعمومات،و خصوص المعتبرة،منها الصحيحان:« هو أحق برجعتها ما لم تمض الثلاثة الأقراء» (2).

و في غيرهما:« فإن عزم الطلاق فهي واحدة،و هو أملك برجعتها» (3).

و قيل (4):يقع بائناً مطلقا؛ للصحيح (5)و غيره (6).و هو شاذّ،و مستنده لعدم مكافأته لما مرّ مطروح،أو مؤوّل بحصول سبب البينونة،ككونها عنده على طلقة واحدة،أو حمل البينونة فيهما على مجرّد الفرقة و إن لم تكن قاطعة لعلاقة الزوجيّة،ذكره بعض الأجلّة (7)،و لا بأس به كالأوّل؛ جمعاً بين الأدلّة.

و ربما يشهد للأوّل ما رواه في الكافي في الصحيح:عن منصور بن حازم قال:« إنّ المؤلي يجبر على أن يطلّق تطليقة بائنةً و عن غير منصور

ص:412


1- في المطبوع زيادة:من يوم طلّقها.
2- أحدهما في:الكافي 6:1/130،التهذيب 8:3/3،الإستبصار 3:915/255،الوسائل 22:351 أبواب الإيلاء ب 10 ح 1. و الآخر في:الكافي 6:4/131،الوسائل 22:342 أبواب الإيلاء ب 2 ح 1.
3- الكافي 6:8/132،التهذيب 8:8/5،الإستبصار 3:916/256،الوسائل 22:351 أبواب الإيلاء ب 10 ح 2.
4- حكاه في المسالك 2:104،و نهاية المرام 2:181،و لم نعثر على القائل بعينه،كما اعترف به صاحب الجواهر 33:314.
5- الكافي 6:5/131،التهذيب 8:5/3،الإستبصار 3:918/256،الوسائل 22:352 أبواب الإيلاء ب 1 ح 3.
6- الوسائل 22:351 أبواب الإيلاء ب 10.
7- نهاية المرام 2:182.

«أنّه يطلّق تطليقة يملك الرجعة» فقال له بعض أصحابه:إنّ هذا منتقض، فقال:لا،التي تشكو فتقول:يجبرني،و يضرّني،و يمنعني من الزوج، يجبر على أن يطلّقها تطليقة بائنة،و التي تسكت،و لا تشكو شيئاً،إن شاء يطلّقها تطليقة يملك الرجعة (1).فتأمّل.

و لو اختلفا،ف ادّعى المؤلي الفئة و أنكرت هي فالقول قوله مع يمينه بلا خلاف أجده،و لعلّه الحجّة،و إن خالف القاعدة المتقرّرة،و لعلّ وجه المخالفة تعذّر البيّنة،و خصوص بعض المعتبرة، كالموثّق:عن المرأة تزعم أنّ زوجها لا يمسّها،و يزعم أنّه يمسّها؟قال:

« يحلف و يترك» (2).

و هل يشترط في ضرب المدّة المرافعة فلا تحسب إلّا من حينها؟ قال الشيخ (3) و أكثر الأصحاب: نعم لأنّه حكم شرعي يتوقّف على حكم الحاكم،و لأصالة عدم التسلّط على الزوج بحبسٍ و غيره قبل تحقق السبب،و لأنّه حقّها فيتوقّف على مطالبتها.

و الأصحّ أنّه من حين الإيلاء،وفاقاً للقديمين و المختلف و جماعة (4)؛ لظاهر الآية (5)،حيث رتّب التربّص عليه من غير تعرّض للمرافعة.

و كذا الروايات فإنّها مطلقة غير مقيّدة بالمراجعة،ففي

ص:413


1- الكافي 6:5/131،الوسائل 22:352 أبواب الإيلاء ب 10 ح 3.
2- التهذيب 8:25/8،الوسائل 22:356 أبواب الإيلاء ب 13 ح 1.
3- المبسوط 5:137.
4- المختلف:605 و قد حكاه فيه عن العماني و ابن الجنيد؛ الإيضاح 3:432،نهاية المرام 2:183،مفاتيح الشرائع 2:334.
5- البقرة:226.

الصحيح:« و الإيلاء أن يقول:و اللّه لا أُجامعكِ كذا و كذا،و اللّه لأغيظنّكِ، ثم يغاضبها،فإنّها تربّص به أربعة أشهر،ثم يؤخذ بعد الأربعة أشهر فيوقف» الخبر (1).

و فيه:« إذا آلى الرجل أن لا يقارب امرأته،و لا يمسّها،و لا يجامع رأسه و رأسها،فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر،فإذا مضت الأربعة أشهر وقف» الحديث (2).

و نحوهما غيرهما من الصحيح و غيره (3).

و لا يعارضها ما ذكر من الأدلّة؛ إذ نمنع احتياج المدّة إلى الضرب،بل هو مقتضى الحكم الثابت بالنص،و لا دليل على توقّفه على المرافعة.

و الأصالة المذكورة بالإيلاء المقتضي للتسلّط بالنصّ و الإجماع منقطعة.

و توقّف الحقّ على المطالبة لا يقتضي ضرب المدّة من حين المرافعة،بل بعد انقضائها من حين الإيلاء يثبت لها الحقّ،فإذا طالبته وجب الوفاء به لها من حين المطالبة،لا الصبر به إلى انقضاء المدّة من حين المرافعة.

و على المختار فلو لم ترافعه حتى انقضت المدّة أمره بأحد الأمرين منجّزاً.

ص:414


1- الكافي 6:2/130،الفقيه 3:1634/339،التهذيب 8:1/2،الإستبصار 3:904/252،الوسائل 22:347 أبواب الإيلاء ب 8 ح 1،بتفاوت يسير.
2- الكافي 6:1/130،التهذيب 8:3/3،الاستبصار 3:915/255،تفسير العياشي 1:342/113،الوسائل 22:351 أبواب الإيلاء ب 10 ح 1.
3- الوسائل 22:351 أبواب الإيلاء ب 10.

لنتبع ذلك بذكر الكفّارات و فيه مقصدان

اشارة

و لنتبع ذلك: أي بحث الإيلاء و الظهار بذكر الكفّارات من حيث تضمّنهما الكفّارة،و لذا اكتفى عن بيان كفّارتهما بذكر مطلق الكفّارات؛ لتضمّنها لها.

و فيه مقصدان:

المقصد

الأوّل في حصرها

اشارة

الأوّل في حصرها و بيان أقسامها و تنقسم إلى مرتّبة،و مخيّرة،و ما يجتمع فيه الأمران،و كفّارة الجمع فأقسامها أربعة.

المرتّبة

ف الأوّل و هو المرتّبة:كفّارة الظهار،و هي عتق رقبة،فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين،فإن لم يستطع فإطعام ستّين مسكيناً و الأصل فيها بعد الإجماع المستفيض الحكاية في كلام جماعة (1)نص الآية،فقال سبحانه وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [1] إلى أن قال فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [2] (2).مضافاً إلى الاستئناس له ببعض المعتبرة و إن لم تكن صريحة،ففي الموثق:« جاء رجل إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال:يا رسول اللّه،ظاهرتُ من امرأتي،فقال:اذهب فأعتق رقبة،فقال:ليس عندي،فقال:فاذهب فصم

ص:415


1- منهم العلّامة في القواعد 2:144،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:185،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:241.
2- المجادلة:3،4.

شهرين متتابعين،قال:لا أقوى،قال:فاذهب فأطعم ستّين مسكيناً،قال:

ليس عندي» الخبر (1).

و في المرسل كالصحيح على الصحيح:في رجل صام من كفّارة الظهار،ثم وجد نسمة،قال:« يعتقها،و لا يعتدّ بالصوم» (2)و لا قائل بالفرق،فتأمّل.

و أمّا ما يستفاد من المعتبرة المستفيضة (3)و فيها الصحاح و الموثّقة من كونها مخيّرة،فشاذّ،لا عمل عليه إن حملت على ظاهرها؛ لمخالفتها الكتاب و السنّة،و إجماع الأصحاب،و ما مرّ من روايات الباب،و الاعتبار؛ فإنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية،و هي بمراعاة الترتيب حاصلة و بدونها مشكوكة،و لا ينقض اليقين بالشك أبداً،كما في المعتبرة المستفيضة (4)،فلتطرح،أو تؤوّل إلى ما يؤول إلى الأوّل،كأن يحمل على أنّ المراد بها بيان ماهية الخصال الثلاث خاصّة،لا كونها مخيّرة.

و مثلها في الخصال الثلاث و ترتيبها كفّارة قتل الخطأ على الأشهر الأقوى،بل عن المبسوط نفي الخلاف عنه (5)،و كذا في المسالك في كتاب الديات (6)؛ لقوله تعالى وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [1]

ص:416


1- الكافي 6:9/155،الفقيه 3:1649/344،التهذيب 8:48/15،الوسائل 22:360 أبواب الكفارات ب 1 ح 2.
2- التهذيب 8:54/17،الإستبصار 3:958/268،الوسائل 22:366 أبواب الكفارات ب 5 ح 2.
3- الوسائل 22:359 أبواب الكفارات ب 1.
4- انظر الوسائل 1:245 أبواب نواقض الوضوء ب 1.
5- المبسوط 5:155.
6- المسالك 2:511.

إلى قوله فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ [1] (1).قيل (2):و في معناه النصوص المستفيضة،منها الصحيح:« إذا قتل خطأً أدّى ديته إلى أوليائه،ثم أعتق رقبة،و إن لم يجد فصيام شهرين متتابعين،فإن لم يستطع أطعم ستّين مسكيناً» (3).

خلافاً للمفيد و الديلمي (4)،فجعلاها مخيّرة.و لم أقف على مستندهما،و على تقديره فلم يبلغ قوّة المعارضة لما قدّمناه جدّاً؛ لوجوه شتّى.

و مثلهما كفّارة الجماع في الاعتكاف الواجب عند الصدوق و جماعة (5)؛ للصحيح:عن المعتكف يجامع أهله؟قال:« إذا فعل فعليه ما على المظاهر» (6)و نحوه الصحيح الآخر (7).

خلافاً للأكثر،فالتخيير بين الخصال الثلاث؛ للموثقين:عن معتكف واقع أهله:« هو بمنزلة من أفطر يوماً من شهر رمضان» (8)و زيد في

ص:417


1- النساء:92.
2- قاله في المفاتيح 1:261.
3- التهذيب 8:1196/322،الوسائل 22:374 أبواب الكفّارات ب 10 ح 1.
4- المفيد في المقنعة:570،الديلمي في المراسم:187.
5- الصدوق في الفقيه 2:122؛ و انظر المختلف:254،التنقيح الرائع 1:408،مفاتيح الشرائع 1:261.
6- الكافي 4:1/179،الفقيه 2:532/122،التهذيب 4:887/291،الإستبصار 2:424/13،الوسائل 10:546 أبواب الاعتكاف ب 6 ح 1.
7- الكافي 4:1/177،الفقيه 2:524/121،التهذيب 4:887/289،الإستبصار 2:422/130،الوسائل 10:548 أبواب الاعتكاف ب 6 ح 6.
8- الكافي 4:2/179،الفقيه 2:534/123،التهذيب 4:886/291،الإستبصار 2:423/130،الوسائل 10:547 أبواب الاعتكاف ب 6 ح 2.

ثانيهما:« متعمّداً،عتق رقبة،أو صوم شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكيناً» (1).

و الجمع بينهما بحمل كلّ منهما على الآخر ممكن،إلّا أنّ الشهرة التي هي أقوى المرجّحات النصّية و الاعتبارية ترجّح الثاني،و لكن الاحتياط يقتضي المصير إلى الأوّل.

و مثلها كفّارة من حلف بالبراءة،على قولٍ يأتي ذكره (2).

و مثلها في الترتيب خاصّة دون الخصال الثلاث المتقدّمة كفّارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال فإنّها إطعام عشرة مساكين،فإن لم يجد صام ثلاثة أيام على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع في الانتصار (3)؛ لصريح الخبر الذي قصور سنده للجهالة بالشهرة، و التضمّن لمن أجمع على تصحيح ما يصحّ عنه العصابة،منجبر،و فيه:« إن كان أتى أهله» يعني القاضي لرمضان« قبل الزوال فلا شيء عليه إلّا يوماً مكان يوم،و إن كان أتى أهله بعد الزوال فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين،فإن لم يقدر صام يوماً مكان يوم،و صام ثلاثة أيّام كفّارة لما صنع» (4).

و يمكن الاستدلال عليه أيضاً بالصحيح في القاضي لرمضان:« إن كان

ص:418


1- التهذيب 4:888/292،الإستبصار 2:425/130،الوسائل 10:547 أبواب الاعتكاف ب 6 ح 5.
2- في ص 427.
3- الانتصار:68.
4- الكافي 4:5/122،الفقيه 2:430/96،التهذيب 4:844/278،الاستبصار 2:391/120،المقنع:63،الوسائل 10:347 أبواب أحكام شهر رمضان ب 29 ح 1.

وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شيء عليه،و يصوم يوماً بدل يوم،و إن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين،فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيّام كفّارة لذلك» (1).

لما ذكره الشيخ:من أنّه إذا كان وقت الصلاتين عند زوال الشمس إلّا أنّ الظهر قبل العصر جاز أن يعبّر عمّا قبل الزوال بأنّه قبل العصر؛ لقرب ما بين الوقتين،و يعبّر عمّا بعد العصر بأنّه بعد الزوال؛ لمثل ذلك (2).

أقول:و يخرج الشهرة بل الإجماع و المعتبرة السابقة شاهداً لما ذكره.

خلافاً للحلبي (3)،فخيّر بينهما،و كذا ابن زهرة (4)،مدّعياً عليه إجماعنا.

و للقاضي (5)،فجعلها كفّارة يمين.

و هما مع مخالفتهما لما مضى لم نقف على مستندهما.

و للعماني (6)،فأسقطها؛ للموثّق عن القاضي لرمضان،المفطر بعد ما زالت الشمس،قال:« قد أساء،و ليس عليه شيء إلّا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه» (7).

ص:419


1- التهذيب 4:845/279،الإستبصار 2:392/120،الوسائل 10:347 أبواب أحكام شهر رمضان ب 29 ح 2.
2- الاستبصار 2:121.
3- الكافي في الفقه:184.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):571.
5- المهذّب 1:203.
6- حكاه عنه في المختلف:247.
7- التهذيب 4:747/280،الإستبصار 2:394/121،الوسائل 10:348 أبواب أحكام شهر رمضان ب 29 ح 4.

و هو و إن اعتبر سنداً،و اعتضد بالأصل جدّاً،إلّا أنّه غير مكافئ لما مرّ قطعاً؛ لوجوه شتّى،منها:موافقته للعامة العمياء،كما صرّح به في المنتهي (1)،مدّعياً على خلافه إجماعنا من عدا العماني.

و للصدوقين (2)،فجعلاها كفّارة شهر رمضان؛ للموثّق:عن رجل قضى من شهر رمضان،فأتى النساء؟قال:« عليه من الكفّارة ما على الذي أصاب في رمضان؛ لأنّ ذلك اليوم عند اللّه تعالى من أيّام رمضان» (3).

و فيه مضافاً إلى ما مرّ في سابقه المخالفة للأصل،و عدم التقييد فيه بما قبل الزوال،بل ظاهر التعليل العموم له جدّاً،و لم أرَ بذلك قولاً حتى منهما،فليطرح،أو يحمل على الاستحباب.

و هنا أقوال أُخر شاذّة،تبلغ هي مع ما مرّ ثمانية،على ما حكاه بعض الأجلّة (4).

المخيّرة

و المخيّرة:كفّارة من أفطر في شهر رمضان مع وجوب صومه عليه بما يوجبها و هي:عتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكيناً مطلقاً،على الأشهر،بل في الانتصار و الغنية (5)عليه الإجماع،و هو الأظهر؛ للأصل،و الصحيح:عن رجل أفطر في شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذر،قال:« يعتق نسمة» أو يصوم

ص:420


1- المنتهي 2:605.
2- حكاه عنهما في المختلف:246،و هو في المقنع:63.
3- التهذيب 4:846/279،الإستبصار 2:393/121،الوسائل 10:348 أبواب أحكام شهر رمضان ب 29 ح 3.
4- انظر المفاتيح 1:263،و التنقيح 3:392.
5- الانتصار:69،الغنية(الجوامع الفقهية):571.

شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكيناً» (1).

خلافاً للعماني (2)،فجعلها مرتّبة كالظهار،و وافقه الشيخ (3)في أحد قوليه،لكن في الإفطار بالجماع خاصّة؛ لخبر الأعرابي (4)المشهور.

و هو مع ضعف سنده ليس نصّاً في الترتيب،بل و لا ظاهراً،مع أنّه روي بسند آخر بعبارة أُخرى قد بدئ فيها بالتصدق،و في آخره:قال الراوي:فلمّا رجعنا قال أصحابنا:إنّه بدأ بالعتق،قال:« أعتق،أو صم،أو تصدّق» (5)و هذا أيضاً يدل على التخيير،هذا.

و لو دلّ على الترتيب لنزّلناه على الاستحباب جمعاً،و يحتمل التقية؛ لكونه مذهب أبي حنيفة و أصحابه و الشافعي،كما في الانتصار (6).

و للصدوق (7)في الإفطار بالمحرّم،فجعله من القسم الرابع؛ للخبر:

« متى جامع الرجل حراماً،أو أفطر على حرام في شهر رمضان،فعليه ثلاث كفّارات:عتق رقبة،و صيام شهرين متتابعين،و إطعام ستّين مسكيناً، و قضاء ذلك اليوم،و إن كان نكح حلالاً،أو أفطر على حلال،فعليه كفّارة

ص:421


1- الكافي 4:1/101،الفقيه 2:308/72،التهذيب 4:594/205،الإستبصار 2:310/95،الوسائل 10:44 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 1.
2- حكاه عنه في المختلف:225.
3- الخلاف 2:186.
4- الفقيه 2:309/72،معاني الأخبار:1/336،الوسائل 10:46 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 5.
5- الكافي 4:2/102،التهذيب 4:595/206،الإستبصار 2:245/8،الوسائل 10:45 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 2.
6- الانتصار:70.
7- الفقيه 2:74.

واحدة» (1).

و عليه تحمل الأخبار المعارضة،الحاكم بعضها بالتخيير،كما مرّ (2)، و آخر بالجمع،كالموثّق:عن رجل أتى أهله في شهر رمضان؟قال:« عليه عتق رقبة،و إطعام ستّين مسكيناً،و صيام شهرين متتابعين،و قضاء ذلك اليوم،و أنّى له بمثل ذلك اليوم» (3).

لكن في سند الأوّل جهالة،و في الثاني كالأوّل قصور عن المكافأة لما مرّ،مع اعتضاده بالأصل و الشهرة العظيمة.

و غاية ما قيل في سند الرواية المفصّلة من القوّة و الصحّة،كما عن التحرير (4)،بعد تسليمه لا يوجب حصول المكافأة،بل غايته كونها رواية صحيحة،و هي لا تكافئ الرواية الضعيفة المعتضدة بالشهرة خاصّة،فضلاً عن الصحيحة المتعيّنة (5)الصحة،المعتضدة بأصالة البراءة،فإذاً الأشهر أظهر،فليحمل الرواية كالموثقة على الفضيلة؛ جمعاً بين الأدلّة،و لكن الاحتياط فيما دلّت عليه البتّة،فلا يترك مهما أمكن.

و مثلها في الخصال و التخيير كفّارة من أفطر يوماً منذوراً على التعيين من غير عذر،على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع في الانتصار (6)؛ لعموم ما سيأتي.

ص:422


1- الفقيه 3:1128/238،التهذيب 4:605/209،الاستبصار 2:316/97،عيون الأخبار 1:88/244،الوسائل 10:53 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 10 ح 1.
2- في ص 419.
3- التهذيب 4:604/208،الإستبصار 2:315/97،الوسائل 10:54 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 10 ح 2.
4- حكاه عنه في نهاية المرام 2:190.
5- في الأصل:المتعيّن،و الظاهر ما أثبتناه.
6- الانتصار:68.

لكن لا يمكن أن يكون مستنداً للماتن هنا،كيف لا؟!و معه قد جعل الكفّارة في مطلق النذر غير المقام صغيرة،بل الظاهر استناده فيه إلى خصوص بعض المعتبرة،منها المكاتبة الصحيحة:رجل نذر أن يصوم فوقع ذلك اليوم على أهله،ما عليه من الكفارة؟فكتب:« يصوم يوماً بدل يوم،و تحرير رقبة مؤمنة» (1).

لكنها مع كونها مكاتبة معارضة بمثلها لراويها في الناذر صوم كلّ يوم سبت:« إن كنت أفطرت فيه من غير علّة فتصدّق بعدد كل يوم لسبعة مساكين» الخبر (2).

و مع ذلك قاصرة عن إفادة تمام الخصال،و ظاهرها تعيّن الرقبة،فإذاً المستند حقيقةً عموم ما سيأتي من الأدلّة،و إن كان يمكن الجواب عن المناقشات المزبورة في الرواية:

أمّا عن كونها مكاتبة:فلا بأس بها هنا؛ لمكان الشهرة،و لأنّ منشأ القدح بها خوف الفتوى بطريق العامّة،و هو غير جارٍ في المسألة؛ لعدم إيجابهم هذه الكفّارة،كما في الانتصار (3)،مع أنّ فتواهم و رواياتهم تفيد أنّها صغيرة.

و أمّا عن المعارضة بالمثل:فبعدم معارضته لها مع شذوذه؛ لعدم القائل بمضمونه من التصدّق لكلّ يوم لسبعة.

ص:423


1- الكافي 7:12/456،التهذيب 8:1135/305،الوسائل 22:392 أبواب الكفارات ب 23 ب 2.
2- الكافي 7:10/456،التهذيب 8:1134/305،الإستبصار 2:408/125،الوسائل 10:379 أبواب بقية الصوم الواجب ب 7 ح 4.
3- الانتصار:69.

نعم عن الصدوق روايته له مبدّلاً للسبعة بالعشرة (1)،لكن على هذا لما عرفت يحتمل الحمل على التقية،سيّما مع كونه مكاتبة،مع تأيّد الاُولى بمكاتبة أُخرى:رجل نذر أن يصوم يوماً للّه فوقع في ذلك اليوم على أهله،ما عليه من الكفّارة؟فأجابه:« يصوم يوماً بدل يوم،و تحرير رقبة مؤمنة» (2).

و أمّا عن المناقشة في الدلالة:فبعدم القول بالفرق بين الطائفة،فإنّ كلّ من أوجب العتق خيّر بينه و بين الخصلتين الباقيتين،لكن على هذا لا وجه لجعلها دليلاً على كون الكفّارة كبيرة لا صغيرة،بل يحتمل العكس؛ لتضمّنها لعتق الرقبة أيضاً،كما سيأتي إليه الإشارة.

و حينئذٍ فلم يبق مستند للحكم في هذه الصورة سوى ما سيأتي من عموم الأدلّة،فلا وجه لجزم الماتن به فيها بالمرّة،إلّا أن يدّعى عدم جزمه و إرجاع التردّد إليها أيضاً،لكن مع ذلك إفراده إيّاها عن كفّارة مطلق النذر عداها بالتردّد لا يخلو عن نظر،و كيف كان الحكم فيها كما مرّ؛ لما سيأتي.

و مثلها في الأمرين كفّارة خلف العهد على التردّد الناشئ:

من الخبرين،في أحدهما:« من جعل عليه عهد اللّه تعالى و ميثاقه في أمرٍ للّه طاعة فحنث فعليه عتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكيناً» (3)و بدّل في الثاني (4)ب:« أو يتصدّق» المطلق المحمول على الأوّل.

ص:424


1- الفقيه 3:1095/232.
2- التهذيب 4:865/286،الإستبصار 2:406/125،الوسائل 10:378 أبواب بقية الصوم الواجب ب 7 ح 3.
3- التهذيب 8:1170/315،الإستبصار 4:187/54،الوسائل 22:395 أبواب الكفارات ب 24 ح 2.
4- التهذيب 8:1148/309،الإستبصار 4:189/55،الوسائل 22:395 أبواب الكفارات ب 24 ح 1.

و من الأصل،و قصور سند الخبرين بجهالة بعض رواتهما،فيلزم الاقتصار على القدر المتيقّن،و هو كفّارة اليمين.

و الأصحّ الأوّل،وفاقاً للأكثر،بل في الغنية (1)الإجماع عليه،و هو الحجّة الجابرة كالشهرة للجهالة،و يصحّ الخبران من هذه الجهة، و يكونان كالجهة موجبين للخروج عن الأصالة المتقدّمة،فالتردّد ضعيف.

و أضعف منه الحكم بالثاني،كما عن الماتن في الشرائع في كتاب النذر و العهود (2)،و العلّامة في جملة من كتبه (3)،و يؤيّدهما أدلّة كفّارة النذر الآتية؛ لأنّ العهد في معناه،كالعكس،كما سيأتي عن الجماعة إليه الإشارة.

و أمّا كفّارة خلف النذر ففيه أقوال كثيرة،و لكن قولان منها مشهوران،أشهرهما:أنّها ككفّارة الإفطار في شهر رمضان،بل عليه في الانتصار و الغنية (4)الإجماع،و هو الأظهر؛ لأنّ النذر كالعهد في المعنى،كما ذكره عن الجماعة بعض أصحابنا (5)،و كفّارته كذلك،كما مضى،فتأتي أدلّته هنا.

مضافاً إلى خصوص الإجماعين،و بعض الروايات المنجبر قصور سنده بهما،و بالشهرة العظيمة،و المخالفة للعامة،كما سيأتي إليه الإشارة في البين،مع أنّه صحيح عند جماعة (6)،و حسن عند آخرين (7)،و فيه:من

ص:425


1- الغنية(الجوامع الفقهية):571.
2- الشرائع 3:193.
3- انظر القواعد 2:144،و الإرشاد 2:96.
4- الانتصار:162،الغنية(الجوامع الفقهية):562.
5- نهاية المرام 2:193.
6- منهم العلّامة في المختلف:669،و فخر المحقّقين في الإيضاح 4:78،و السيوري في التنقيح 3:555.
7- روضة المتقين 8:31،ملاذ الأخيار 14:89،و انظر المسالك 2:87.

جعل للّه أن لا يركب محرّماً فركبه،قال:و لا أعلم إلّا قال:« فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين متتابعين،أو ليطعم ستّين مسكيناً» (1).

و أشبههما عند الماتن هنا و الفاضل في التحرير و جماعة (2)وفاقاً للصدوق (3) أنّها كفّارة صغيرة أي كفّارة يمين؛ لما مرّ في العهد؛ و للخبرين،أحدهما الصحيح:« فإن قلت:للّه عليّ فكفارة يمين» (4)و الخبر:« كفّارة النذر كفارة اليمين» (5).

و في الجميع نظر؛ لاندفاع الأوّل بما مرّ،و قصور الخبرين و إن صحّ سند الأوّل عن المقاومة لما مرّ من الإجماعين و الخبر المنجبر بعمل الأكثر،مضافاً إلى اشتمال سند الثاني لعدّة من الضعفاء،و موافقته صدراً و ذيلاً لما روته العامّة العمياء،كما حكاه خالي العلّامة المجلسي (6)طاب ثراه و لأجل ذلك حمله و ما في معناه على التقيّة.

و ربما حمله جماعة (7)تبعاً لشيخ الطائفة (8)على صورة العجز عن

ص:426


1- التهذيب 8:1165/314،الإستبصار 4:188/54،الوسائل 22:394 أبواب الكفارات ب 23 ح 7.
2- منهم السبزواري في الكفاية:214،و المحدّث الكاشاني في المفاتيح 1:262،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:232.
3- الفقيه 3:230.
4- الكافي 7:9/456،الفقيه 3:1087/230،التهذيب 8:1136/306،الإستبصار 4:193/55،الوسائل 22:392 أبواب الكفارات ب 23 ح 1.
5- الكافي 7:13/457،التهذيب 8:1141/307،الوسائل 22:393 أبواب الكفارات ب 23 ح 4.
6- لم نعثر عليه.
7- منهم القاضي في المهذب 2:421،و صاحب الوسائل 22:394.
8- التهذيب 8:306،الاستبصار 4:56.

الكبيرة؛ للصحيح:« كلّ من عجز عن نذره فكفّارته كفّارة يمين» (1).

و ليس فيه دلالة،بل ظاهره شاذّ لا عمل عليه بالمرّة.

نعم ظاهر الانتصار (2)،بل صريحه الإجماع عليه،لكنّه معارض بإطلاق إجماع الغنية (3)،و إطلاق سائر الأدلّة المتقدّمة،المعتضدة بالشهرة، الموهنة له هنا البتّة،فالقول به ضعيف.

كالمحكي عن موصليّات السيّد (4)من الجمع بين الأخبار بحمل ما مرّ على نذر الصوم،و ما هنا على نذر غيره؛ للمناسبة.

و هي لعدم الشاهد غير قابلة للتقييد و الجمع بين الأدلّة،و إن ارتضاه في الإرشاد (5)شيخنا العلّامة.

و أضعف من الجميع جعلها ككفّارة قتل الخطأ،كما عن المفيد و الديلمي (6)؛ إذ لا وجه له أصلاً،و إن كان أحوط جدّاً.

ما فيه الأمران

و أمّا ما فيه الأمران التخيير و الترتيب ف كفّارة اليمين، و هي:عتق رقبة،أو إطعام عشرة مساكين،أو كسوتهم،فإن لم يجد شيئاً من ذلك صام ثلاثة أيّام متتابعات بإجماع علماء الإسلام،حكاه بعض الأعلام (7)؛ لنصّ القرآن الكريم بذلك،قال عزّ من قائل: لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ [1]

ص:427


1- الكافي 7:17/457،التهذيب 8:1137/306،الإستبصار 4:192/55،الوسائل 22:393 أبواب الكفارات ب 23 ح 5.
2- الانتصار:162.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):572.
4- الموصليات(رسائل المرتضى 1):246.
5- الإرشاد 2:97.
6- المفيد في المقنعة:569،الديلمي في المراسم:187.
7- الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:241.

عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ [1] (1).و النصوص به مع ذلك مستفيضة،منها الصحيح:في كفّارة اليمين:

« يطعم عشرة مساكين،لكل مسكين مدُّ من حنطة،أو مدّ من دقيق و حَفنة، أو كسوتهم لكل إنسان ثوبان،أو عتق رقبة،و هو في ذلك بالخيار،أيّ الثلاثة صنع،فإن لم يقدر على واحد من الثلاثة فالصيام عليه ثلاثة أيّام» (2).

و مثلها كفّارة خدش المرأة وجهها حتى أدمت،و نتفها شعر رأسها في المصائب،على المشهور،كما يأتي (3).

كفّارة الجمع

و أمّا كفّارة الجمع بين خصالها الثلاث الآتية ف لقتل المؤمن عمداً عدواناً،و هي:عتق رقبة،و صيام شهرين متتابعين،و إطعام ستّين مسكيناً بالإجماع،و المعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:سئل:

المؤمن يقتل المؤمن متعمّداً،إله توبة؟فقال:« إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له،و إن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه،و إن لم يكن علم به أحد انطلق إلى أولياء المقتول،فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية،و أعتق نسمة،و صام شهرين متتابعين،و أطعم ستّين مسكيناً» (4).

و مثلها كفّارة من أفطر على محرّم في شهر رمضان،على قول تقدّم

ص:428


1- المائدة:89.
2- الكافي 7:1/451،التهذيب 8:1091/295،الإستبصار 4:174/51،الوسائل 22:375 أبواب الكفارات ب 12 ح 1.
3- في ص 437.
4- الكافي 7:2/276،الفقيه 4:208/69،التهذيب 10:659/165،الوسائل 29:30 أبواب القصاص في النفس ب 9 ح 1.

ذكره.خلافاً للأكثر،فالتخيير،و مرّ أنّه أظهر (1).

و يلحق بالمقام

مسائل ثلاث
اشارة

مسائل ثلاث

الاُولى قيل من حلف بالبراءة لزمه كفارة ظهار

الاُولى:قيل كما عن الشيخين و جماعة من القدماء (2): من حلف بالبراءة من اللّه تعالى و رسوله و الأئمّة الميامين من آله سلام اللّه عليهم،على الاجتماع أو الانفراد لزمته كفّارة ظهار فإن عجز فكفّارة يمين،إمّا بمجرّده،كما عن الطوسي و القاضي (3)،بل في الغنية الإجماع عليه و على أصل الوجوب (4)،أو بعد الحنث،كما عن المفيد و الديلمي (5)، و وافقهم ابن حمزة (6)في أصل الكفّارة،إلّا أنّه جعلها كفّارة نذر.

و لم أقف لهم على نص في ثبوتها رأساً،فضلاً عمّا يدل على أنّها مرتّبة أو مخيّرة،و مع ذلك لا دليل عليه من الأُصول،و لا الإجماع المقطوع به؛ لشدّة الاختلاف،و لا المحكي سوى ما تقدّم،و هو مع وهنه بالاختلاف الشديد،و مصير أكثر المتأخّرين (7)إلى العدم معارَض بمثله من الشيخ في الخلاف (8)،فإنّه ادّعى إجماع الإمامية و أخبارهم على العدم -

ص:429


1- راجع ص 421.
2- المقنعة:558،النهاية:570؛ و انظر المهذّب 2:421،و الغنية(الجوامع الفقهية):617.
3- النهاية:570،المهذب 2:421.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):617.
5- المقنعة:558،المراسم:185.
6- الوسيلة:353.
7- منهم المحقّق في الشرائع 3:181،و العلّامة في القواعد 2:144،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:242.
8- الخلاف 6:112.

و منه يظهر رجوع الشيخ في الكتاب،بل و ادّعى الحلّي رجوعه في المبسوط أيضاً (1).

و مع تعارضهما لا بدّ من المصير إلى حكم الأصل،و هو النفي مطلقاً، مع تأيّده بخلوّ الأخبار عنها بل و دلالة المستفيضة منها على عدم انعقاد اليمين بغير اللّه تعالى،و لعلّها المراد من الأخبار التي ادّعاها الشيخ رحمه الله و إلّا فلم نقف على ما سواها ممّا يدل على النفي صريحاً،بل و لا ظاهراً، إلّا أنّها تدفع القول الثاني،و هو ترتّبها على الحنث،لا مطلقاً فالمصير إلى العدم مطلقا أقوى،وفاقاً للحلّي و أكثر متأخّري أصحابنا.

و هنا قولان آخران:أحدهما للصدوق (2)،فأوجب الكفّارة،لكن غير ما مرّ،بل الصيام ثلاثة أيّام،و التصدق على عشرة مساكين.و لم نقف على مستنده.

و ثانيهما لشيخنا في التحرير و المختلف (3)،و تبعه من المتأخّرين بعض الأجلّة (4)،و هو:التكفير بإطعام عشرة مساكين،لكلّ مسكين مدّ، و يستغفر اللّه تعالى؛ للصحيح (5).

لكنّه مكاتبة،و مع ذلك فهو شاذّ،كما صرّح به بعض الأجلّة (6)، و لكنّه أحوط،و أحوط منه المصير إلى الأوّل،هذا.

ص:430


1- السرائر 3:39،و هو في المبسوط 6:194.
2- المقنع:136.
3- التحرير 2:109،المختلف:649.
4- و هو صاحب المدارك في نهاية المرام 2:195.
5- الكافي 7:7/461،الفقيه 3:1127/237،التهذيب 8:1108/299،الوسائل 22:390 أبواب الكفارات ب 20 ح 1.
6- نكت النهاية 3:65.

و لا خلاف في تحريمه،بل و يحتمل الكفر في بعض صوره و ادّعي على ذلك الإجماع (1)،و يدلُّ عليه بعض المعتبرة،كالمرسل كالصحيح على الصحيح:سمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله رجلاً يقول:أنا بريء من دين محمّد صلى الله عليه و آله،فقال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله:« ويلك إذا برئت من دين محمّد صلى الله عليه و آله فعلى دين من تكون»؟قال:فما كلّمه رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى مات (2).فتأمّل.

و أصرح منه آخر:« لا تحلف بالبراءة منّا،فإنّه من حلف بالبراءة صادقاً أو كاذباً فقد بريء منّا» (3).

و من وطئ المرأة في الحيض عامداً لزمه دينار في أوّله، و نصف في وسطه،و ربع في آخره على قول مشهور بين متقدّمي الأصحاب،مستفيض نقل الإجماع عليه في كلام جماعة (4)،و لهم صريح بعض المعتبرة (5)،بل ظواهر كثير منها بعد حمل مطلقها على مقيّدها،و هو أحوط لو لم يكن أقوى.

خلافاً لكثير من متأخّري أصحابنا (6)،فالاستحباب،و البحث هنا في

ص:431


1- الإيضاح 4:81.
2- الكافي 7:1/438،الفقيه 3:1107/234،التهذيب 8:1041/284،الوسائل 23:212 أبواب الأيمان ب 7 ح 1.
3- الكافي 7:2/438،الفقيه 3:1114/236،التهذيب 8:1042/284،الوسائل 23:213 أبواب الأيمان ب 7 ح 2.
4- منهم السيّد المرتضى في الانتصار:33،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):550،و انظر الخلاف 1:225.
5- الوسائل 22:391 أبواب الكفارات ب 22.
6- منهم المحقق في المعتبر 1:232،و العلّامة في المختلف:35،و السبزواري في الكفاية:215.

بحث أحكام الحيض قد مضى مستقصى.

و من تزوّج امرأة في عدّتها فارقها،و كفّر بخمسة أصواع (1) وجوباً،وفاقاً لظاهر الشيخين،و صريح ابن حمزة و العلّامة في المختلف و القواعد،و ولده في شرحه،و هو ظاهره في التحرير،و ظاهر الشهيد في الدروس (2)،و غيرهم (3)؛ للمعتبرة،منها المرسل كالصحيح على الصحيح:

في الرجل يتزوّج المرأة و لها زوج فقال:« إذا لم ترفع إلى الإمام فعليه أن يتصدّق بخمسة أصوع دقيقاً» (4).

و منها الخبر:عن امرأة تزوّجها رجل فوجد لها زوجاً؟قال:« عليه الحدّ،و عليها الرجم؛ لأنّه قد تقدّم بعلم،و تقدّمت هي بعلم،و كفّارته إن لم يقدّم إلى الإمام أن يتصدّق بخمسة أصوع دقيقاً» (5).

و ليس في سنده كالأوّل اشتراك كما ظنّ (6)،نعم في بعض رواته جهالة،إلّا أنّ فيه قوّة،كما قرّر في محلّه،و صرّح به بعض (7)وفاقاً لجماعة،و مع ذلك منجبرة هي كالإرسال في الأوّل،و الاشتراك فيهما لو كان بفتوى الجماعة.

ص:432


1- في« ح» و المطبوع زيادة:من دقيق.
2- المقنعة:572،النهاية:572،ابن حمزة في الوسيلة:354،المختلف:665،القواعد 2:144،إيضاح الفوائد 4:83،التحرير 2:109،الدروس 2:178.
3- انظر المهذّب 2:423.
4- الفقيه 3:1440/301،التهذيب 7:1934/481،الوسائل 22:404 أبواب الكفارات ب 36 ح 1.
5- الكافي 7:3/193،التهذيب 10:62/21،الإستبصار 4:781/209،الوسائل 28:127 أبواب حد الزنا ب 27 ح 5،بتفاوت.
6- المسالك 2:88.
7- روضة المتقين 10:15.

و ليس فيهما قصور بحسب الدلالة؛ للفظة« على» الظاهرة في الوجوب،بل الصريحة فيه في الأوّل،و ظاهر الجملة الخبرية الراجعة إلى الإنشاء المفيد له في الثاني.

و عمومهما من حيث ترك الاستفصال يشمل ذات البعل و المعتدّة بالعدّة الرجعيّة،و التعدية إلى المعتدّة بالعدّة البائنة ناشئة من عدم القائل بالفرق بين الطائفة،و قد صرّح به بعض الأجلّة (1).

و من جميع ذلك يظهر الوجه في عدم الفرق بين الجاهل و العالم، و لا ينافيه التعليل في الرواية الثانية المشعر باختصاص الحكم فيها بالثاني، و نحوه لفظ التكفير فيها،فإنّ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.

فاندفع بما مرّ وجوه القدح في الروايتين و لزوم الرجوع إلى حكم الأصل،فإنّه يجب الخروج عنه بعدهما،و إن ذهب إليه الحلّي (2)،و تبعه كثير من متأخّري أصحابنا (3).

نعم ربما يتطرّق إليهما القدح بدلالتهما على اختصاص التكفير بصورة عدم الرفع إلى الإمام،و عدمه معه،و لا قائل به،و دفع ذلك بصرف الشرط عن ظاهره بمعونة الإجماع و إن أمكن،إلّا أنّه ليس بأولى من صرف ما ظاهره الوجوب فيهما إلى الاستحباب،لكن لا بدّ من الأوّل هنا أيضاً، ففيه مجازان،دون الأوّل ففيه مجاز واحد،و هو أولى من ارتكابهما قطعاً.

لكن الأصل،و الشهرة المتأخّرة المقطوع بها،و خلوّ أخبار التزويج

ص:433


1- الإيضاح 4:83،المهذّب 3:563.
2- السرائر 3:77.
3- منهم المحقّق في الشرائع 3:68،و الشهيد في الروضة 3:18،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:196.

في العدّة عنها،مع كون راوي بعضها بعينه المعتبرة ربما يؤيّد المصير إلى الثاني،فالإنصاف عدم خلوّ الوجوب عن الإشكال،و لذا توقّف فيه في اللمعة (1)،و هو في محلّه،إلّا أنّ المصير إليه أحوط.

و الدقيق في ظاهر النصّ و الفتوى مطلق،و ربما خصّ بنوع يجوز إخراجه كفّارةً،و هو دقيق الشعير و الحنطة،و لا دليل عليه سوى التبادر، و الغلبة،و لزوم تفريغ الذمّة عمّا اشتغلت به البتّة،و لا بأس به.

و في جواز القيمة أم لا قولان،و عن المرتضى التكفير بخمسة دراهم،و ادّعى عليه في الانتصار الإجماع (2)،و حمل على القيمة،و لا دليل عليها من أصلها فضلاً أن يكون دراهم خمسة،فالأجود الاقتصار على الدقيق،و إن كان الأحوط المصير إلى القيمة مع الضرورة.

و من نام عن صلاة عشاء الآخرة حتى جاوز وقتها،و هو نصف الليل قضاها و أصبح صائماً كما في المرسل كالموثق (3)،بل الصحيح عند جماعة (4)؛ لعدم ثبوت الوقف في رواية،مع تصريح جماعة كالخلاصة و النجاشي (5)بتوثيقه على الإطلاق،فتأمّل،و هو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه،كما صرّح به الكشي (6)،فلا يضرّ الإرسال بعده،و لذا عدّ كالموثق،بل و مع ذلك معتضد بصريح فتوى

ص:434


1- اللمعة(الروضة البهية 3):17.
2- الانتصار:166.
3- الكافي 3:11/295،الوسائل 4:216 أبواب المواقيت ب 29 ح 8.
4- منهم صاحب الحدائق 6:187.
5- رجال العلّامة:109،النجاشي:215.
6- رجال الكشي 2:830.

جماعة من القدماء (1)،و ظاهر باقيهم؛ لأمرهم به الظاهر في الوجوب،بل عدّه في الانتصار (2)ممّا انفردت به الإمامية،و نحوه ابن زهرة (3)،و هو حجة أُخرى مستقلّة،و يجب الخروج بها و بالرواية عن أصالة البراءة،فلا إشكال في المسألة.

خلافاً لأكثر المتأخّرين (4)تبعاً للحلّي (5)،فالاستحباب؛ تمسكاً بالأصالة المزبورة،و طعناً في الإجماع بعدم المعلوميّة،فإنّ غاية الأصحاب الأمر به،و ليس نصّاً في الوجوب،و في الرواية بأنّها مقطوعة.

و الأجوبة عن جميع ذلك بملاحظة ما مرّ واضحة،فالقول بالوجوب لا يخلو عن قوّة.

و منه مع ما مرّ في المسائل السابقة يظهر ضعف القول ب الاستحباب في الكلّ و إن كان في البعض أشبه لما مرّ.

ثم لا فرق بين النائم كذلك عمداً أو سهواً؛ لإطلاق النصّ و الفتوى.

و لا يلحق ناسي غير العشاء بناسيها قطعاً.و في إلحاق السكران بالنائم قول ضعيف،و كذا المتعمّد لتركها و الناسي لها من غير نوم؛ للأصل، و اختصاص النصّ بغيرهما،و إن أمكن إلحاق الأوّل به للفحوى،لكنّه هنا بملاحظة نظائره ضعيف جدّاً.

ص:435


1- كالشيخ في النهاية:572،و القاضي في المهذّب 2:423،و الديلمي في المراسم:187.
2- الانتصار:165.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):571.
4- منهم العلّامة في القواعد 2:144،و ابن فهد في المهذّب البارع 3:564،و الشهيد في الروضة 3:19.
5- السرائر 3:76.

و لو أفطر ذلك اليوم ففي وجوب الكفّارة من حيث تعيّنه على القول بوجوبه،أولا بناءً على الأصل،و أنّه كفّارة و لا كفّارة في تركها،وجهان، أجودهما:الثاني.

و لو سافر فيه لضرورة أو غيرها مطلقاً أفطره و لا قضاء؛ للأصل،و قيل بوجوبه (1).و لا أعرف مستنده.

نعم يجب ترك السفر في غير الضرورة؛ تحصيلاً للواجب،و لكن مخالفته غير ملازم لوجوب القضاء جدّاً.

و كذا لو مرض،أو حاضت المرأة،أو وافق العيد أو أيّام التشريق، بل احتمال سقوطه هنا أظهر و أولى.

و لو صادف يوماً متعيّناً تداخلا،و إن كان من أصله خلاف الأصل؛ لموافقته له هنا،فاحتمال القضاء ضعيف جدّاً.

الثانية في جزّ المرأة شعر رأسها في المصاب كفّارة شهر رمضان

الثانية:في جزّ المرأة شعر رأسها في المصاب كفّارة شهر رمضان مخيّرة،وفاقاً للشيخ و جماعة (2)؛ للخبر:« إذا خدشت المرأة وجهها،أو جزّت شعرها،أو نتفته،ففي جزّ الشعر عتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكيناً» (3)و في سندها ضعف.

و قيل كما عن الديلمي و الحلّي (4):إنّها كفّارة ظهار مرتّبة بل ادّعى الثاني كالمرتضى في الانتصار (5)الإجماع عليه،لكن

ص:436


1- قال به الشهيد الثاني في الروضة 3:19.
2- الشيخ في النهاية:573؛ و المرتضى في الانتصار:166،و الديلمي في المراسم:187،و القاضي في المهذّب 2:424،و ابن حمزة في الوسيلة:353.
3- التهذيب 8:1207/325،الوسائل 22:402 أبواب الكفارات ب 31 ح 1.
4- المراسم:187،السرائر 3:78.
5- الانتصار:166.

عبارة الأخير ذيلها ظاهرة في التخيير و إن حكم في صدرها بأنّها كفّارة ظهار،و نحوه كلام الشيخ،كما حكاه في التحرير (1)،لكن الصدر أصرح، فليحمل الذيل كالرواية بمعونة فتوى الجماعة على بيان الجنس على التفصيل لا كونها مخيّرة،كما ذكره بعض الأجلّة (2).

فتكون الرواية حينئذٍ حجّة في المسألة؛ لانجبار ضعفها بالشهرة العظيمة،و حكاية الإجماعين المتقدّمة.

مع أنّها بنفسها حجة مستقلّة،مؤيّدة بظاهر العبارة كغيرها،المشعرة بل الدالّة على عدم الخلاف في أصل وجوب هذه الكفّارة،بل لم نقف على منكره،و لا على من نسب القول به إلى أحدٍ،عدا الماتن في الشرائع و الفاضل في الإرشاد و القواعد (3)،و قد اعترف جماعة كالشهيد في النكت (4)بعدم الظفر بقائله.

و هو ضعيف و إن صار إليه من المتأخّرين جماعة (5)؛ للأصل، و قصور سند الرواية.لضعف الأصل بما مرّ،و اعتبار السند بعمل الأكثر،بل الكلّ،كما مرّ،مع عدم انحصار الحجّة فيها؛ لما مرّ من الإجماعين اللذين هما كما عرفت حجّة مستقلّة برأسها،مع عدم ما يوجب وهنهما هنا أصلاً، مع تأيّدهما بدعوى ابن زهرة في الغنية (6)الإجماع على وجوب الصوم هنا،

ص:437


1- التحرير 2:109،و هو في النهاية:573.
2- كالفاضل المقداد في التنقيح 3:399.
3- الشرائع 3:68،الإرشاد 2:97،القواعد 2:144.
4- غاية المراد 3:464.
5- منهم فخر المحققين في إيضاح الفوائد 4:82،و الشهيد الثاني في الروضة 3:15،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:242.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):571.

فتحاشي هؤلاء عن العمل بهما مع اعترافهم بحجيّة الإجماع المنقول غريب،سيّما مع اعتضاده بعدم الخلاف أو شذوذه،و تأيّده بالرواية و لو في الجملة،بل مطلقاً،كما مرّت إليه الإشارة،فالقول بالوجوب في غاية القوّة.

و ليس في الرواية ككلام المرتضى التقييد بالمصاب،و إن كان ظاهر السياق في الأوّل،و الغلبة التي توجب صرف المطلقات المخالفة للأصل عن الأفراد النادرة فيهما،يوجب المصير إلى التقييد.

و إن كان العموم نظراً إلى إطلاق عبارة المرتضى البعيد حمله على التقييد أحوط،مع احتمال الأولوية،و إن كانت هنا ضعيفة؛ لأنّ في جزّ الشعر في المصيبة إشعاراً بعدم الرضا بقضاء اللّه سبحانه.

و لا فرق في المصاب إن اشترطناه بين القريب و البعيد؛ للإطلاق.

و هل يفرق بين كلّ الشعر و بعضه؟ظاهر إطلاق الرواية العدم، و استقر به في الدروس (1)،قال:لصدق جزّ الشعر و شعرها عرفاً بالبعض.

و هو أحوط،بل لعلّه أقرب؛ لكون جزّ الكل نادراً،فيبعد أن يحمل النص عليه.

و في إلحاق الحلق و الإحراق بالجزّ إشكال،و الأصل يقتضي العدم، لكن الإلحاق غير بعيدٍ،وفاقاً للدروس (2)؛ للأولوية،فتأمّل.

و في نتفه و هو قلعه،بخلاف الجزّ فإنّه قرضه في المصاب كفّارة يمين،و كذا في خدش ها وجهها و كذا في شقّ الرجل ثوبه لموت ولده أو زوجته على الأظهر الأشهر،بل لم ينقل الخلاف فيه أحد ممّن تقدّم و تأخّر،بل صرّح شيخنا

ص:438


1- الدروس 2:178.
2- الدروس 2:178.

في الروضة و غيره (1)بعدم الخلاف في المسألة.

نعم بعض من ندر ممّن تأخّر (2)نسب القول بالاستحباب إلى الحلّي.

و هو ضعيف؛ فإنّه و إن صرّح به في أوّل كلامه منزّلاً للرواية الآتية عليه بعد تسليمها،إلّا أنّه استدرك ذلك فقال:إلّا أنّ أصحابنا مجمعون عليها في تصانيفهم و فتاويهم،فصار الإجماع هو الحجة بها،و بهذا افتي (3)،انتهى.

و هو كما ترى صريح في الموافقة للأصحاب في القول بالإيجاب مدّعياً عليه الإجماع،كالمرتضى في الانتصار (4)،و هو الحجة في المضمار.

مضافاً إلى بعض المعتبرة بالانجبار،و فيه:« إذا شقّ زوج على امرأته،أو والد على ولده فكفّارته كفّارة حنث يمين،و لا صلاة لهما حتى يكفّرا،أو يتوبا من ذلك،و إذا خدشت المرأة وجههاً،أو جزّت شعرها،أو نتفت ففي جزّ الشعر» إلى أن قال:« و في الخدش إذا دميت،و في النتف كفّارة حنث يمين،و لا شيء في اللطم على الخدود سوى الاستغفار و التوبة» (5).

فلا إشكال في المسألة،و إن استشكلها،بل ربما مال إلى الاستحباب بعض متأخّري متأخّري الطائفة (6)؛ للأصل،و قصور سند الرواية.و ضعفهما ظاهر بعد ما عرفت.

و الرواية كعبارة الانتصار (7)هنا في الخدش مطلقة غير مقيّدة

ص:439


1- الروضة 3:16؛ و انظر التنقيح 3:566.
2- الدروس 2:178.
3- السرائر 3:78.
4- الانتصار:166.
5- التهذيب 8:1207/325،الوسائل 22:402 أبواب الكفارات ب 31 ح 1.
6- انظر نهاية المرام 2:198.
7- الانتصار:166.

بالمصاب،فالأمر فيه كما مضى.

و فيهما تقييد الخدش بالإدماء،خلافاً لإطلاق العبارة و غيرها،و هو أحوط،و إن كان الأوّل أقوى،وفاقاً لجماعة من أصحابنا (1).

و المعتبر منه مسمّاه،فلا يشترط استيعاب الوجه،و لا شقّ جميع الجلد،و لا يلحق به خدش غير الوجه و إن ادمي،و لا لطمه مجرّداً؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النص و الفتوى،نعم في الأخير الاستغفار، كما في ذيل الرواية المتقدّمة.

و يعتبر في الثوب مسمّاه عرفاً،قيل:و لا فرق فيه بين الملبوس و غيره،و لا بين شقّه ملبوساً و منزوعاً،و لا بين استيعابه بالشقّ و عدمه (2)؛ للإطلاق.

و لعلّ في شموله للآخرين من الشقّين الأوّلين نوع تأمّل،و إن كان الأحوط بل الأولى التعميم.

و لا فرق بين الولد للصلب و ولد الولد و إن نزل،ذكراً و أُنثى لذكر.

و في ولد الأُنثى قولان،أجودهما:عدم اللحوق؛ للأصل،و عدم صدق الولد عليه حقيقة،أو كونه غير متبادر منه عند الإطلاق،و هو و إن جرى في ولد الذكر أيضاً،إلّا أنّ التعميم بالإضافة إليه لعلّه مستفاد من الاستقراء،فتأمّل جدّاً.

و لا ريب أنّ الأحوط التعميم مطلقاً،بل لا يبعد الحكم به للفحوى.

ثمّ المتبادر من الزوجة في النصّ و الفتوى هو الزوجة الدائمة قطعاً، فيرجع في المتمتّع بها إلى الأصل جدّاً.

ص:440


1- منهم الشهيد في الروضة 3:17،و الفيض في المفاتيح 1:262،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:242.
2- قاله الشهيد الثاني في الروضة 3:17.

خلافاً لجماعة من أصحابنا (1)،فألحقوها بالأُولى.فإن كان إجماع، و إلّا فيأتي فيه ما مضى؛ مضافاً إلى احتمال كون الصدق عليها مجازاً،بل هو الظاهر من الأُصول،كما مرّ مراراً،إلّا أن يستدل عليه بالفحوى.

و منه يظهر الوجه في عدم إلحاق الأمة الموطوءة بالملك بها مطلقاً، و إن كانت سُرِّيّةً أو أمّ ولد،بل بطريق أولى،إلّا أن يتمسّك في الإلحاق بالفحوى،لكن المنع هنا هو المفتي به قولاً واحداً.

ثمّ مقتضى الأصل المستفاد من الأدلّة القاطعة حرمة شقّ الثوب مطلقاً و لو على الأب و الأخ؛ لما فيه من إضاعة المال المحترم المحرّمة جدّاً.

خلافاً لجماعة (2)،فأجازوه فيهما؛ لما ينقل من شقّ بعض الأنبياء و الأئمة عليهم السلام فيهما (3)،و الأحوط تركه جدّاً.

ثم لا كفّارة في شقّ المرأة على الميت مطلقاً،زوجاً كان أو ولداً،و إن حرم،قولاً واحداً؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النصّ و الفتوى، مع حرمة القياس عندنا.

الثالثة من نذر صوم يوم فعجز عنه تصدّق بإطعام مسكينٍ مدّين من طعام

الثالثة:من نذر صوم يوم معيّن فعجز عنه تصدّق بإطعام مسكينٍ مدّين من طعام وفاقاً للشيخ في النهاية (4)؛ للخبر:في رجل يجعل عليه صياماً في نذر و لا يقوى،قال:« يعطي من يصوم عنه كل يوم مدّين» (5).

ص:441


1- منهم العلّامة في التحرير 2:109،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:400،و الشهيد الثاني في الروضة 3:16.
2- منهم الشيخ في النهاية:573،و الحلّي في السرائر 3:78،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:400.
3- انظر الوسائل 3:273 275 أبواب الدفن ب 84 الأحاديث 3 9،و كذا الوسائل 22:402 أبواب الكفارات ب 31.
4- النهاية:571.
5- الكافي 7:15/457،الفقيه 3:1111/235،التهذيب 8:1138/306،الوسائل 23:312 أبواب النذر و العهد ب 12 ح 1.

و في سنده جهالة،و في المتن شذوذ بحسب الدلالة،و مع ذلك مخالف للقواعد المقرّرة من عدم لزوم النذر مع العجز المستلزم لعدم الكفّارة.

و منه يظهر الجواب عن رواية أُخرى في المسألة:عن رجل نذر صياماً:فثقل عليه الصوم؟قال:« تصدّق عن كل يوم بمدٍّ من حنطة» (1).

و يأتي فيها أيضاً ما في السابقة من الضعف و الشذوذ،و لو من غير تلك الجهة.

و نحوهما في الشذوذ ما مرّ من الصحيح،أنّ« من عجز عن نذر نذره فعليه كفّارة يمين» (2)مع أنّ الأصحاب حملوه على خلاف ظاهره كما عرفت،فإذاً الأقوى عدم وجوب هذه الكفّارة،بل هي مستحبّة،وفاقاً لجماعة (3).

و على تقدير الوجوب فإن عجز عنها أيضاً تصدّق بما استطاع فإنّ الميسور لا يسقط بالمعسور فإن عجز أصلاً استغفر اللّه تعالى،و لم أقف على مستنده،مع كون الإفطار عن عجز مرخّص، و لا معنى للزوم الاستغفار حينئذٍ،فهو غريب.

و أغرب منه ما يوجد في بعض الحواشي المنسوبة إلى المحقّق الشيخ علي من الأمر به ثلاثاً،و لعلّ لهم مستنداً في ذلك لم نظفر به،و كيف كان فالاستحباب لا بأس به.

ص:442


1- الفقيه 3:1105/234،الوسائل 23:312 أبواب النذر و العهد ب 12 ح 2.
2- راجع ص 425.
3- منهم ابن فهد في المهذب البارع 3:570،و الفاضل المقداد في التنقيح 3:401،و الشهيد الثاني في المسالك 2:89.

المقصد الثاني في خصال الكفّارة

اشارة

المقصد الثاني في بيان خصال الكفّارة و أحكامها.

و هي كثيرة،إلّا أنّ المهم الذي يجب التعرض لذكره في المقام هو الخصال الأربع المشهورة العتق،و الإطعام،و الكسوة،و الصيام فنقول:

العتق

أمّا العتق:فيتعيّن على الواجد في المرتّبة دون المخيّرة و يتحقّق ذلك الوجدان المعلّق عليه بالأصل و مفهوم الآية (1) بملك الرقبة مع عدم الاحتياج إليها لضرورة كالخدمة أو الثمن كذلك مع إمكان الابتياع لصدق الوجدان بذلك لغةً و عرفاً،بخلاف حال الضرورة، أمّا لانتفاء الصدق فيها،أو لاستثنائها معها في الدين الذي هو حق الناس المستلزم للاستثناء هنا بطريق أولى.

و لا بدّ من كونها مؤمنة أو مسلمة إذا كانت كفّارة عن القتل مطلقا،و لو كان عمداً،إجماعاً،كما حكاه جماعة (2)مستفيضاً،و هو الحجّة فيه،مع الاحتياط اللازم المراعاة في نحو المقام.

مضافاً إلى الآية الكريمة (3)،و إن وردت في الخطأ خاصّة،إلّا أنّهم حملوا عليه العمد من غير خلاف،بل حكي عليه الإجماع (4)؛ لاتحاد جنس السبب،مع احتمال الأولوية.

ص:443


1- النساء:92.
2- منهم المحقق في الشرائع 3:69،و العلّامة في التحرير 2:110،و الشهيد الثاني في المسالك 2:89.
3- النساء:92.
4- كما في نهاية المرام 2:200.

و إطلاق النصوص،منها الصحيحان،و المرسل كالصحيح على الصحيح؛ لكون الإرسال بالرجال الظاهر وجود ثقة فيهم و لو واحداً في ظاهر الحال،و في اثنين منها:« كلّ العتق يجوز له المولود إلّا في كفّارة القتل،فإنّ اللّه تعالى قال فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [1] (1)يعني بذلك:مقرّة قد بلغت الحَنث» (2)فتأمّل.

و في الثالث،و هو صحيح:« لا يجوز في القتل إلّا رجل،و يجوز في الظهار و كفّارة اليمين صبي» (3).

و الأكثر على اشتراط الإسلام في سائر الكفّارات أيضاً،بل في الانتصار و كشف الصدق (4)للفاضل الإجماع عليه؛ حملاً للمطلق على المقيّد و إن لم يتّحد السبب.و فيه نظر.

و للخبر:أ يجوز للمسلم أن يعتق مملوكاً مشركاً؟قال:

« لا» (5)و أُجيب (6)بضعف السند،و القصور عن تمام المدّعى،و المعارضة بالمثل، و فيه:« إنّ عليّاً عليه السلام أعتق عبداً له نصرانيّاً،ثم أسلم حين أعتقه» (7).

ص:444


1- النساء:92.
2- الكافي 7:15/462،التهذيب 8:1187/320،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:139/67،تفسير العياشي 1:219/263،الوسائل 22:370 أبواب الكفارات ب 7 ح 6.و الحَنث:الإثم و الذنب،و بلغ الغلام الحنث أي المعصية و الطاعة.الصحاح 1:280.
3- الفقيه 3:1121/237،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:127/62،الوسائل 22:370 أبواب الكفارات ب 7 ح 4.
4- الانتصار:169،كشف الصدق:لم نعثر عليه.
5- الفقيه 3:310/85،التهذيب 8:782/218،الإستبصار 4:1/2،الوسائل 23:35 أبواب العتق ب 17 ح 5.
6- انظر المسالك 2:89.
7- الكافي 6:1/182،التهذيب 8:783/219،الإستبصار 4:2/2،الوسائل 23:34 أبواب العتق ب 17 ح 2.

و لقوله سبحانه وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ [1] (1).و أُجيب (2)بمنع صدق الإنفاق على التكفير؛ مضافاً إلى خروجه عن محلّ النزاع بملاحظة ما ذكره فيه أهل التفسير (3).

و في الجميع نظر؛ لأنّ ضعف الأوّل بالشهرة منجبر،كانجبار قصور الدلالة بها،و بعدم القائل بالفرق فيمن تقدّم و تأخّر.

و منه يظهر ضعف المعارضة بتلك الرواية؛ لقصورها و لو كانت صحيحة،مع أنّها ضعيفة بالبديهة عن المقاومة له و هو بهذه المثابة.

و أمّا الجواب عن الآية فمدفوع بقسميه بأنّ فيها نوع تعليق للحكم على الوصف المشعر بالعليّة،و الظاهر أنّها الخباثة من حيث هي هي مطلقا، كانت لرداءة المال و قلّته أو لفساد العقيدة،بل ربما كانت الخباثة من هذه الجهة أولى بالعليّة في نحو المسألة،المعتبر فيها قصد القربة بالإجماع و المعتبرة،و أيّ قربة في عتق رقبة محادّة لجنابة سبحانه؟!فإنّه موادّة صرفة منعت عنها الآية الشريفة (4)،إلّا أنّها في المشرك خاصّة؛ لتصريح الآية الأُخرى (5)بالجواز في أهل الذمّة،المؤيّدة هنا بفعل عليّ عليه السلام،كما تضمّنته الرواية.

لكن يمكن الذبّ عن الاختصاص بعدم القائل بالفرق،فإنّ كل من منع عن المشرك منع عن غيره أيضاً.

و المعارضة بالمثل هنا و إن أمكن،إلّا أنّ دفعها ممكن هنا جدّاً بعد

ص:445


1- البقرة:267.
2- كما في المسالك 2:89.
3- مجمع البيان 1:381،الصافي 1:257،الكشّاف 1:314.
4- المجادلة:22،الممتحنة:1.
5- الممتحنة:7.

اشتهار الأخذ بالآية الأُولى،و هذا من أقوى المرجّحات نصّاً و اعتباراً،هذا.

و يدلُّ على اعتبار الإسلام في كفّارة الظهار صريحاً الصحيح الوارد فيه،و فيه:« و الرقبة يجزئ عنه صبي ممّن ولد في الإسلام» (1)و لو لا اعتباره لكان التقييد بمن ولد في الإسلام لغواً،و لا قائل بالفرق جدّاً.

مضافاً إلى الخبر المعتبر الوارد في كفّارة الإفطار في رمضان،و فيه:

« من أفطر يوماً من شهر رمضان فعليه عتق رقبة مؤمنة» (2).

و المعتبرين المتقدّمين في كفّارة المفطر يوماً نذره على التعيين من غير عذر،و فيهما:« و تحرير رقبة مؤمنة» (3).

فإذاً القول بالاشتراط أقوى؛ مضافاً إلى التأيّد بلزوم تحصيل البراءة اليقينيّة في نحو المسألة،و بما في الانتصار من أنّ في جعل الكافر حرّا تسليطاً له على مكاره أهل الدين و الإيمان،قال:و ذلك لا يجوز (4).

خلافاً للخلاف و المبسوط و الإسكافي (5)،فلا يشترط؛ للأصل و الإطلاق.و يندفعان بما مر.

كما يندفع به ما مرّ من النصوص في صدر البحث (6)،و إن استدل بها؛ لخروجها عن محلّه،فإنّ غايتها إجزاء المولود فيما عدا القتل،و هو

ص:446


1- الكافي 6:22/158،التهذيب 8:49/15،الوسائل 22:369 أبواب الكفارات ب 7 ح 1.
2- التهذيب 4:600/207،الإستبصار 2:311/96،الوسائل 10:49 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 11.
3- راجع ص 421،422.
4- الانتصار:169.
5- الخلاف 4:543،المبسوط 6:212،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:667.
6- راجع ص 443.

غير إجزاء عتق الكافر،فقد يكون المراد به المتولّد من المسلِميَن،أو أحدهما،و هو مجزٍ فيما عدا القتل قولاً واحداً في الظاهر؛ لتلك النصوص، و مطلقا على الأشهر.

خلافاً للإسكافي (1)فيه،فالبالغ؛ لظاهرها،و يظهر من جماعة الميل إليه (2).

و لا ريب أنّه أحوط،بل و لا يبعد كونه أقرب؛ للاحتياط،و اعتبار سند النصوص و استفاضتها،ففي الخبر زيادة على ما مرّ في قول اللّه عزّ و جلّ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [1] (3)قال:« يعني مقرّة» (4)المؤيد بظاهر الكتاب؛ فإنّ المؤمن حقيقة فيمن صدر عنه الإيمان بنفسه،لا من حكم بإيمانه للتبعيّة،فالمصير إليه لا بدّ له من القرينة،و هي في المقام مفقودة، سوى الشهرة،و لعلّها بمجرّدها لذلك غير كافية.

و لم نقف للمشهور على دلالة سوى ما في الخلاف من إطلاق الإيمان عليه؛ لأنّه محكوم بإيمانه (5).

و هو كما ترى،فإنّ أقلّ ما فيه أنّ غايته الاستعمال،و هو أعمّ من الحقيقة جدّاً،مع أنّه اجتهاد في مقابلة النصّ المعتبر،فلا عبرة به أصلا.

نعم في الخبر:الرجل يجب عليه عتق رقبة مؤمنة فلا يجد،كيف

ص:447


1- على ما نقله عنه في المختلف:667.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:89،و السبزواري في الكفاية:215،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:201.
3- النساء:92.
4- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:126/62،الوسائل 22:371 أبواب الكفارات ب 7 ح 10.
5- الخلاف 4:544.

يصنع؟فقال:« عليكم بالأطفال فأعتقوهم،فإن خرجت مؤمنة فذاك،و إلّا فليس عليكم شيء» (1).

و في سنده ضعف،و في الدلالة قصور؛ لاختصاصه بحال الضرورة، و مع ذلك قاصر عن المقاومة لما مرّ،لكن لجبر جميع ذلك بالشهرة وجه؛ مضافاً إلى عدم القائل بالفرق بين حالتي الاختيار و الضرورة،و ليس في الرواية نفي الجواز في غيرها،و الأحوط ما ذكرناه.

ثم من النهي عن إنفاق الخبيث يظهر اشتراط الإيمان بالمعنى الأخصّ هنا،و قوّاه في القواعد (2)،و ولده في شرحه حاكياً ذلك عن الحلّي و علم الهدى (3)،و خطّأه في الحكاية الفاضل الصيمري مدّعياً الإجماع على عدم الاشتراط،و أنّ فتواهما باعتبار الإيمان إنّما هو لكفر المخالف عندهما بالكفر المقابل للإسلام،مؤيّداً ذلك بشهادة سياق عبارتهما به.

و هو حسن،إلّا أنّ لفخر الإسلام كالفاضل المقداد (4)المشارك له في الحكاية الاعتراض باستفادتها من الدليل الذي أثبتا به اشتراط الإيمان و لو بالمعنى الذي عندهما،و هو النهي عن إنفاق الخبيث و الاحتياط، و لا ريب في جريانه هنا و لو قالا بإسلامه؛ لخبثه إجماعاً،و تحقق الاحتياط بحصول الشبهة فيه من الخلاف أو الأدلّة و الأمارات جدّاً،فلا اعتراض له عليهما أصلاً،و لذا صار اعتباره قويّاً و إن كان خلاف ما عليه أكثر أصحابنا، إلّا أن يتمّ ما ادّعي من الإجماع.

ص:448


1- الفقيه 3:348/93،الوسائل 22:369 أبواب الكفارات ب 7 ح 3.
2- القواعد 2:145.
3- إيضاح الفوائد 4:85،و هو في السرائر 3:73،و انظر الانتصار:169.
4- التنقيح الرائع 3:401.

نعم في الصحيح:الرقبة تعتق من المستضعفين؟قال:« نعم» (1)لكنه غير صريح في المستضعف من العامة،فيحتمل كونه من الشيعة خاصّة، و لا في كونها في الكفّارة،فيحتمل العتق المطلق.

و كيف كان فلا ريب أنّ ما ذكرناه أحوط،إن لم يكن أقوى.

و ممّا ذكر يظهر عدم إجزاء عتق المسبيّ من أطفال الكفّار،و إن انفرد به السابي المسلم عن أبويه،وفاقاً للتحرير (2)،و في المسالك أنّه المشهور (3)،خلافاً للشهيد و جماعة (4)،بناءً على حكمهم بإسلامه بالتبعية، كحكمهم بإسلام ولد الزناء بها.

و فيه بعد تسليمه أنّه لا يلازم جواز التكفير؛ لاعتبار الإيمان فيه حقيقةً لا تبعاً،كما مضى،خرج عنه صبيّ المسلم بما مرّ،و يبقى الباقي.

مضافاً إلى الصحيح المتقدّم في الظهار (5)،المعتَبر في عتق الولد الولادة في الإسلام،و هي غير حاصلة في أولاد الكفّار.

كلّ ذا فيما عدا الحمل،و أمّا فيه فلا يجوز مطلقا قولاً واحداً؛ لعدم إطلاق المولود و الصبي عليه جدّاً،فيقتصر فيما خالف الأصل على المتيقن.

و يعتبر أن تكون سليمة من العيوب التي تعتق بها و هي

ص:449


1- الكافي 6:3/182،التهذيب 8:781/218،الوسائل 23:33 أبواب العتق ب 17 ح 1.
2- التحرير 2:110.
3- المسالك 2:90.
4- الدروس 2:182؛ و انظر المبسوط 2:23،و 6:212،حكاه عنهما في المسالك 2:90.
5- راجع ص 445.

العمى،و الإقعاد و الجذام،و التنكيل الصادر من المولى،بلا خلاف،و به صرّح في المبسوط و الخلاف (1)في العمى.

و لا شبهة فيه؛ لانعتاقه بمجرّد حصول هذه الأسباب،على المشهور، فلا يتصوّر إيقاع العتق عليه ثانياً.

و للخبر،بل الموثق:« لا يجزئ الأعمى في الرقبة،و يجزئ ما كان منه مثل الأقطع،و الأشلّ،و الأعرج،و الأعور،و لا يجزئ المقعد» (2)و نحوه آخر (3)في سنده وهب بن وهب.و يلحق الباقي بعدم القائل بالفرق.

و يستفاد منهما و من العبارة كغيرها ظاهراً عدم اشتراط السلامة من غيرها من العيوب،فيجزئ الأعور،و الأعرج،و الأقرع،و الخصيّ، و الأصمّ،و مقطوع إحدى الأُذنين و اليدين،و لو مع إحدى الرجلين، و المريض و إن مات في مرضه،و هو المشهور،بل في المبسوط و الخلاف (4)في الأعور عليه الإجماع صريحاً،و في المسالك (5)كالأوّل في المجموع ظاهراً،إلّا أنّ الشيخ في الكتاب المزبور نفي الخلاف عن المنع أوّلاً،و لذا عدّ منه الاختلاف المزبور غريباً (6)،و ليس في محلّه؛ لتصريحه أخيراً بأنّ نفي الخلاف الذي ادّعاه سابقاً إنّما هو بين الناس

ص:450


1- المبسوط 6:212،الخلاف 4:551.
2- التهذيب 8:1186/319،الوسائل 22:397 أبواب الكفارات ب 27 ح 2.
3- الكافي 6:11/196،الفقيه 3:311/85،التهذيب 8:832/230،قرب الإسناد:579/158،المقنع:162،الوسائل 22:397 أبواب الكفارات ب 27 ح 1.
4- المبسوط 6:212،الخلاف 4:551.
5- المسالك 2:90.
6- نهاية المرام 2:202.

لا عندنا.

و كيف كان فالجواز مطلقا هو المذهب؛ لما مرّ من الإطلاق.

خلافاً للإسكافي (1)في الناقص في الخلقة (2)ببطلان الجارحة إذا لم تكن في البدن سواها،كالخصي و الأصمّ و الأخرس،دون الأشلّ من يد واحدة،و الأقطع منها.و هو شاذّ،و مستنده غير واضح،هذا.

و في المسالك الإجماع على الجواز إن لم تنقص ماليّته و لا تخلّ باكتسابه،كقطع بعض أنامله،و نقصان إصبع من أصابعه،و نحو ذلك (3).

و هل يجزئ المدبّر؟قال الشيخ في النهاية:لا (4) للصحيح:

في رجل جعل لعبده العتق إن حدث به حدث،و على الرجل تحرير رقبة في كفّارة يمين أو ظهار،أ يجزئ عنه أن يعتق عبده ذلك في تلك الرقبة الواجبة عليه؟قال:« لا» (5)و نحوه الموثق،إلّا أنّ فيه بدل أ يجزئ عنه« أ له أن يعتق عبده» الخبر (6).

و قال في غيرها و هو المبسوط (7)،و ربما أشعرت العبارة بجميع كتبه،و هو ظاهر في الرجوع عن المنع إلى القول بالجواز،و هو أشبه و أشهر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر؛ للإطلاق،مع عدم المانع

ص:451


1- كما نقله عنه في المختلف:670.
2- في الأصل زيادة:و،و الأنسب ما أثبتناه من المصدر.
3- المسالك 2:90.
4- النهاية:569.
5- التهذيب 8:81/25،الوسائل 22:373 أبواب الكفارات ب 9 ح 2.
6- الفقيه 3:252/72،التهذيب 8:967/265،الوسائل 23:131 أبواب التدبير ب 12 ح 1.
7- المبسوط 6:213.

صريحاً؛ لاحتمال الخبرين المتقدمين الإعتاق عنه بعد الموت،و لا خلاف حينئذٍ؛ للصحيح:عن رجل جعل لعبده العتق إن حدث لسيّده حدث الموت،فمات السيّد و عليه تحرير رقبة واجبة في كفّارة،أ يجزئ عن الميت عتق العبد الذي كان السيّد جعل له العتق بعد موته في تحرير الرقبة التي كانت على الميت؟قال:« لا» (1)هذا.

مع استفاضة المعتبرة بكون التدبير وصيّة يجوز التصرف فيها بنحو البيع و العتق،ففي الصحيحين« هو مملوكه،إن شاء باعه،و إن شاء أمسكه حتى يموت،فإذا مات السيد فحرٌّ من ثلثه» (2)و هما نصّ في المطلوب.

و في الانتصار الإجماع على جواز بيعه (3)،و عليه يدل الخبران أيضاً و كثير من المعتبرة،و بفحوى ذلك يستدل على جواز الإعتاق بالأولوية، كيف لا؟!و هو إحسان محض،بخلاف البيع.

كلّ ذا مع عدم نقض التدبير أوّلاً،و أمّا بعده فله الإعتاق قولاً واحداً.

و من بعض ما مرّ ينقدح الوجه فيما عليه الأكثر من إلحاق المكاتب المشروط قبل الإيفاء،و المطلق الذي لم يؤدّ شيئاً،بالمدبّر.

خلافاً للخلاف (4)فجعل المنع أظهر.و مستنده بعدُ لم يظهر،سوى

ص:452


1- الكافي 6:3/194،التهذيب 8:737/231،الوسائل 22:372 أبواب الكفارات ب 9 ح 1.
2- الأول في:الكافي 6:9/185،التهذيب 8:943/259،الإستبصار 4:90/27،الوسائل 23:115 أبواب التدبير ب 1 ح 1. و الآخر في:الكافي 6:7/184،التهذيب 8:942/259،الإستبصار 4:102/30،الوسائل 23:126 أبواب التدبير ب 8 ح 3.
3- الانتصار:172.
4- الخلاف 4:544.

ما ذكر له الماتن في الشرائع (1)من نقصان الرقّ.و ضعفه أظهر من أن يسطر،فالأوّل أظهر.

أمّا المطلق المؤدّي لوجه الكتابة و لو بعضاً فلا يجوز قولاً واحداً.

و كذا يجزئ الآبق ما لم يعلم موته وفاقاً للنهاية (2)،و تبعه الأكثر،بل عن الحلّي الإجماع عليه (3)؛ للصحيح:عن رجل أبق منه مملوكه،يجوز له أن يعتقه في كفّارة الظهار؟قال:« لا بأس به ما لم يعرف منه موتاً» (4).

و في الاستدلال به نظر؛ لوجود:« ما علم أنّه حيّ مرزوق» بدل « ما لم يعرف» في لفظ آخر مروي في الكافي (5)،و هو أضبط،إلّا أن يرجّح الأوّل بالشهرة و ما ذكره الحلّي تبعاً للشيخ من أنّه يدل على ذلك أخبار أصحابنا المتواترة.مع أنّه بنفسه حجّة مستقلّة.

و يمكن الاستدلال عليه بأصالة البقاء،و لذا يجري عليه و على أمثاله أحكام الأحياء،و هو و إن أمكن فيه المناقشة بالمعارضة بأصالة بقاء شغل الذمّة،لكنّها بالإضافة إلى الأصالة الاُولى مرجوحة من حيث اعتضاد تلك بالشهرة،مع أنّها مجمع عليها و لو في الجملة.

خلافاً للخلاف (6)،فقيّد الجواز بالعلم بالحياة.و حجّته من الأصل

ص:453


1- الشرائع 3:71.
2- النهاية:569.
3- السرائر 2:718.
4- الكافي 6:3/199،الفقيه 3:314/86،التهذيب 8:890/247،الوسائل 23:83 أبواب العتق ب 48 ح 1.
5- لم نعثر على هذا اللفظ الآخر في الكافي،نعم قد أُشير في هامش الوسائل إلى أنّه يوجد في هامش المخطوط:في نسخة:« ما علم أنّه حيّ مرزوق».
6- الخلاف 4:547.

و الصحيحة بتقدير النسخة الثانية بما ذكرناه مردودة.

و لثالث،ففصّل بين صورتي الظن بالبقاء فالأوّل،و الشك فيه فالثاني،اختاره الفاضل المقداد في التنقيح (1)،تبعاً لشيخنا في المختلف (2).

و يأتي فيه ما مرّ في طرف الشك و زيادة في طرف الظن؛ إذ لا دليل على اعتباره في نحو المقام من الموضوعات،فلا وجه لتخصيص أدلّة المنع و الجواز مع عمومها للصورتين.

و كذا أُمّ الولد مطلقا،مات ولدها أم لا،إجماعاً في الأوّل، و بلا خلاف إلّا من الإسكافي (3)في الثاني؛ للخبر:« أُمّ الولد تجزئ في الظهار» (4)و لا قائل بالفصل.

و لبقاء الملك و إن امتنع البيع على بعض الوجوه،و هو غير ملازم لانتفائه رأساً،و لذا صحّ بيعها في وجه إجماعاً،و عتقها تبرّعاً كذلك،كما حكي (5).

و كذا ولد الزناء بعد بلوغه و إسلامه،وفاقاً للأكثر،بل إجماعاً،كما عن الشيخ في المختلف (6)،و هو الحجّة فيه.

مضافاً إلى الخبر:« لا بأس أن يعتق ولد الزناء» (7)و هو عام في

ص:454


1- التنقيح 3:404.
2- المختلف:604.
3- حكاه عنه في التنقيح 3:404.
4- الفقيه 3:1662/346،الوسائل 22:369 أبواب الكفارات ب 7 ح 2 و فيه:الولد يجزئ..
5- انظر المسالك 2:91.
6- المختلف:669،و انظر الخلاف 4:552.
7- الكافي 6:2/182،الفقيه 3:315/86،التهذيب 8:780/218،الوسائل 23:32 أبواب العتق ب 16 ح 1.

الكفّارات و غيرها.

خلافاً للإسكافي و السيّد (1)؛ للإجماع.و هو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف،و معارض بالإجماع المتقدّم الذي هو أرجح منه بلا ارتياب.

و للنهي عن إنفاق الخبيث.و هو حسن إن سلّم الخباثة،لكنّها بعد الإسلام محلّ مناقشة.

الصيام

و أمّا الصيام:فيتعيّن مع العجز عن الرقبة و لو أدناها في المرتّبة و يتحقق بفقد ما مرّ من أسباب القدرة،و منه الاحتياج إلى الثمن للنفقة و الكسوة له و لعياله الواجبي النفقة،و وفاء دينه و إن لم يطالب به.

و هل المعتبر في النفقة الكفاية على الدوام،بأن يملك ما يحصل من نمائه ما يقوم بكفايته في كلّ سنة،أو قوت السنة،أو اليوم و الليلة فاضلاً عمّا يحتاج إليه في الوقت الحاضر من الكسوة و الأمتعة؟أوجه.

و استوجه الأخير جماعة (2)،وفاقاً للدروس (3)،و لعلّه لصدق الوجدان لغةً.

و يعارض بعدم الصدق عرفاً و عادةً،و هو الأرجح حيثما حصل بينهما معارضة،مع التأيّد بأصالة البراءة،و الأولوية المستفادة من نفي الزكاة التي هي أعظم الفرائض بعد الصلاة عن مثله بالإجماع و الأدلّة.

مع منافاة الوجوب حينئذٍ للملّة السهلة السمحة،و استلزامه العسر و الحرج في الشريعة المحمّديّة،على المتصدّع بها ألف صلاة و سلام

ص:455


1- حكاه عن الإسكافي في المختلف:670،السيد في الانتصار:166.
2- منهم الشهيد في المسالك 2:96،و صاحب المدارك في نهاية المرام 2:205،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:266.
3- الدروس 2:180.

و تحيّة،فالقول بذلك بعيد غايته،كالقول الأوّل.

فإذاً الأوسط أوجه،و إن كان الأخير أحوط؛ للاتفاق في الظاهر على صحة العتق من المتكلّف العادم إلّا في بعض الوجوه المستلزم للنهي عنه، المفسد له لكونه عبادة،و مثّل (1)بما إذا كان له دين طولب به،و هو حسن إن وجد نهي عن العتق من الخارج،و إلّا فالمطالبة بمجرّدها و إن أُمر بها غير صالحة للنهي عنه؛ لما تقرّر من أنّ الأمر بالشيء لا يستلزم النهي عن ضدّه، و الممثِّل معترف به.

و لا تباع ثياب البدن و لا المسكن في الكفّارة إذا كان كل منهما قدر الكفاية اللائقة بحاله و كذا لا تباع الخادم إذا كان كذلك،بلا خلاف أجده،و هو الحجّة فيه،مع بعض ما مرّ.

مضافاً إلى الأولوية المستفادة من استثنائها في الدين بلا خلاف،فإنّ ثبوته فيه مع كونه حقّ الناس الذي هو أعظم من حقّ اللّه سبحانه مستلزم لثبوته في حقه تعالى كما هنا بطريق أولى،كما هو واضح لا يخفى.

مضافاً إلى التأيّد بالصحيح:عن الرجل له دار أو خادم أو عبد،يقبل الزكاة؟قال:« نعم،إنّ الدار و الخادم ليسا بمال» (2)فتدبّر.

و يلزم الحرّ في كفّارة قتل الخطاء و الظهار بعد العجز عن العتق صوم شهرين متتابعين بلا خلاف،بل عليه الإجماع كما في كلام جماعة (3)،و هو الحجّة؛ مضافاً إلى صريح الكتاب و السنّة.

ص:456


1- انظر المسالك 2:96.
2- الكافي 3:7/561،الفقيه 2:56/17،التهذيب 4:133/51،الوسائل 9:235 أبواب المستحقين للزكاة ب 9 ح 2.
3- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:96،و السبزواري في الكفاية:216،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:246.

ثم إن ابتدأ في الصوم من الهلال اعتبر الشهر الهلالي و إن نقص، بلا خلاف؛ لأنّه المراد شرعاً،بل و عرفاً عند الإطلاق،إلّا أن يمنع مانع من حمله عليه.

و إن شرع فيه في الأثناء أتمّ العدد ثلاثين يوماً؛ لعدم إمكان حمله على الهلالي،فلو وجب عليه شهران و شرع في الأثناء احتسب الثاني بالهلال،و أكمل الأوّل من الثالث ثلاثين يوماً.

و قيل:بل يكمله منه بقدر ما فات من أوّله؛ لإمكان اعتبار الهلال فيه (1).

و قيل:مع انكسار الأوّل ينكسر الجميع،و يبطل اعتبار الأهلّة؛ لأنّ الثاني لا يدخل حتى يكمل الأوّل (2).و هو أحوط،و إن كان الأوّل أشهر، و الثاني أظهر؛ لظواهر النصوص.

و مظهر الثمرة ما لو صام من آخر رجب يوماً و هو ناقص،ثم أتبعه بشعبان و هو كذلك،فيقضي تسعة و عشرين على الأوّل،و ناقصاً منه بواحد على الثاني،و ينتفي التتابع على الثالث في محلّ الفرض؛ لكون الذي صامه ثلاثين،و هو نصف ما عليه،و في غيره بأن لم يكن بعد الشهرين رمضان صحّ التتابع إن صام بعد العدد يوماً،و لكن يصوم معه ثلاثين،و ذلك واضح.

و أمّا المملوك فالأشهر الأظهر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر أنّ عليه صوم شهر التفاتاً إلى الأصل،و قاعدة التنصيف الثابتة بالاستقراء،و استناداً إلى المعتبرة في الظهار،مع عدم القائل بالفرق،منها

ص:457


1- المبسوط 5:173.
2- حكاه في المختلف:616 عن بعض الشافعية.

الصحيح:« الحرّ و المملوك سواء،غير أنّ على المملوك نصف ما على الحرّ من الكفّارة،و ليس عليه صدقة و لا عتق،إنّما عليه صيام شهر» (1).

و نحوه بعينه خبران آخران (2)،إلّا أنّ في سند أحدهما محمّد بن حمران،و في الآخر سهل بن زياد،و الأوّل و إن اشترك بين الثقة و الضعيف، إلّا أنّ الراوي عنه في سند الفقيه ابن أبي عمير،و الثاني و إن ضعف على المشهور،إلّا أنّه سهل،مع أنّه عند جمع من المحققين ثقة (3).

و مع ذلك قصورهما بالشهرة و ما قدّمناه من الأصلين منجبر،فيخصّ بهما مع الصحيح المتقدّم عموم الكتاب لو كان،مع أنّه محلّ نظر عند جمع من الأعيان (4)،و هو ظاهر لا يحتاج إلى بيان.

و من هنا يظهر ضعف المحكي عن الحلبي و ابن زهرة و الحلّي (5)من اتحاده مع الحرّ،و حجّتهم.

ثم إنّ التتابع هنا ليس المراد منه معناه المفهوم منه لغةً و عرفاً فإذا صام الحرّ شهراً و من الثاني شيئاً و لو يوماً أتمّ إجماعاً منّا،حكاه جماعة

ص:458


1- الكافي 6:10/155،الفقيه 3:1647/343،التهذيب 8:28/9،الوسائل 22:323 أبواب كتاب الظهار ب 12 ح 2.
2- أحدهما في:الكافي 6:13/156،الفقيه 3:1661/346،التهذيب 8:79/24،الوسائل 22:323 أبواب كتاب الظهار ب 12 ح 1. و الآخر في:الكافي 6:15/156،الوسائل 22:324 أبواب كتاب الظهار ب 12 ح 3.
3- كالشيخ في رجاله:416؛ و انظر الوسائل 30:389.
4- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 2:207،و صاحب الكفاية:216.
5- الحلبي في الكافي:304،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):613،الحلي في السرائر 3:74.

من أصحابنا (1)،للصحاح،منها:« التتابع أن يصوم شهراً و يصوم من الآخر أيّاماً أو شيئاً منه،فإن عرض له شيء يفطر منه أفطر،ثم قضى ما بقي عليه، و إن صام شهراً ثم عرض له شيء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئاً فلم يتابع فليُعِد الصوم كلّه» الخبر (2).

و الأكثر على جواز التفريق بعد ذلك اختياراً من دون إثم؛ للأصل، و ظاهر الصحيح المعرب عن كون التتابع المأمور به هو ذلك.

خلافاً للمفيد و الحلّي و ابن زهرة في الغنية و المرتضى في الانتصار (3)،مدّعيين عليه الإجماع،و حكي عن الحلبي (4)،فيأثم،و لعلّهم نظروا إلى اشتراط عروض الشيء في الرخصة في الإفطار في الصحيح المزبور،الكاشف عن كون المراد من التتابع المعرَّف فيه بصوم شهر و يوم من الثاني:التتابع المجزئ،و هو غير ملازم لجواز التفريق بعده،و إلّا لما كان لاشتراط العروض في رخصة الإفطار وجه.

و أظهر منه الموثّق كالصحيح:الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرّق بين الأيّام؟فقال:« إذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس،فإن كان أقلّ من شهر أو شهراً فعليه أن يعيد

ص:459


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:96،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:247،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:266.
2- الكافي 4:2/138،التهذيب 4:856/283،الوسائل 10:373 أبواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح 9.
3- المفيد في المقنعة:569،الحلّي في السرائر 3:76،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):572،المرتضى في الانتصار:167.
4- الكافي في الفقه:189.

الصيام» (1).

و يمكن الجواب بأنّ الظاهر من العارضة فيهما ما لم يبلغ حدّ الضرورة المرخّصة لترك الواجب،و إلّا فلا فرق بين صورتي الإفطار قبل التتابع بالمعنى المتقدّم و بعده معها،إجماعاً و نصّاً،و الحال أنّهما فرّقا بينهما.

فعلى هذا يجب حمل البأس المستفاد من مفهومهما على الكراهة، أو استحباب المتابعة،مع أنّ البأس المفهوم في الثانية أعمّ من الحرمة، فيرجع في مثله إلى أصالة البراءة النافية لها،فما عليه الأكثر أقوى لولا ما مرّ من الإجماعين المتقدّمين المعتضدين بفتاوى كثير من القدماء.

و كيف كان الاحتياط لا يخفى،سيّما لمن لا يرى العمل بأخبار الآحاد؛ لظهور الآية (2)في الأمر بالمتابعة العرفية الظاهر في الوجوب،و لا معارض سوى الإجماع على إجزاء التتابع بالمعنى المتقدّم،و هو غير ملازم للرخصة في ترك المتابعة المأمور بها في الآية،و لعلّ ذلك هو المنشأ لفتوى الحلّي بالوجوب (3)،و هو حسن على أصله الغير الحسن.

و في تحقّق التتابع بخمسة عشر يوماً في الشهر الواحد كفرض العبد و الناذر قولان،أشهرهما ذلك؛ لخبرين وردا في الأخير،ففي أحدهما:في رجل جعل على نفسه صوم شهر فصام خمسة عشر يوماً ثم عرض له أمر، فقال:« جائز له أن يقضي ما بقي عليه،و إن كان أقلّ من خمسة عشر يوماً

ص:460


1- الكافي 4:3/138،التهذيب 4:855/282،الوسائل 10:373 أبواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح 5.
2- النساء:92،المجادلة:4.
3- السرائر 3:76.

لم يجزه حتى يصوم شهراً تامّاً» (1)و نحوه الثاني (2).

و قصور السند بموسى بن بكر بالشهرة منجبر،مع أنّه قيل بحسنه (3)، و روى عنه في الأوّل فضالة،و قد حكي على تصحيح ما يصح عنه إجماع العصابة (4)،و منشأ التعدية إلى فرض العبد عدم القول بالفرق.

و ربما قيل بالمنع؛ للأصل،و ضعف الروايتين (5).و يجابان بما مرّ، فإذاً ما عليه الأكثر أظهر،و إن كان العدم أحوط.

و يستفاد من هذه المعتبرة أنّه لو أفطر قبل ذلك و لو بعد تمام الشهر الأوّل،و اليوم الرابع عشر في الفرض الأخير أعاد و لا خلاف فيه على الظاهر،المصرّح به في السرائر (6)،و في الغنية و الخلاف و التحرير عليه الإجماع (7)،و عن المنتهي أنّه قول علماء الإسلام (8)،و لا شبهة يعتريه؛ لعدم الامتثال،مضافاً إلى الإجماع و ما مرّ من الأخبار الواضحة المنار.

و في حكمه الأخذ في الصيام في الزمان الذي لا يحصل معه التتابع

ص:461


1- التهذيب 4:864/285،الوسائل 10:376 أبواب بقية الصوم الواجب ب 5 ذيل حديث 1.
2- الكافي 4:6/139،الفقيه 2:436/97،التهذيب 4:863/285،الوسائل 10:376 أبواب بقية الصوم الواجب ب 5 ح 1.
3- انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال:347،و فيه:فيما ذكر شهادة واضحة على وثاقته و جلالته.
4- رجال الكشي 2:830.
5- انظر المدارك 6:252.
6- انظر السرائر 3:76،فإنّه لم يصرّح فيه بنفي الخلاف.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):572،الخلاف 4:553،التحرير 2:112.
8- المنتهى 2:621.

و لو كان صائماً بعده،بلا خلاف،و للصحيح:في رجل صام في ظهارٍ شعبان ثم أدركه شهر رمضان،قال:« يصوم شهر رمضان و يستأنف الصوم، فإن صام في الظهار فزاد في النصف يوماً قضى بقيته» (1).

و لا فرق في الإفطار بين المستند إلى الاختيار و المأمور به من جهة الشرع بسبب،كالعيد،و أيّام التشريق،فلا يجوز له أن يبتدئ زماناً لا يسلم فيه.

إلّا إذا كان عدم السلامة لعذرٍ،كالحيض،و النفاس،و الإغماء، و المرض،و الجنون فيجزئ حينئذٍ،بلا خلاف؛ للصحاح،منها:عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين،فصام شهراً و مرض؟قال:« يبني عليه، اللّه حبسه» قلت:امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين،فصامت فأفطرت أيّام حيضها؟قال:« تقضيها» قلت:فإنّها تقضيها ثم يئست من المحيض؟ قال:« لا تعيدها،قد أجزأها ذلك» (2).

و في رواية:« هذا ممّا غلب اللّه تعالى عليه،و ليس على ما غلب اللّه تعالى عليه شيء» (3).

و يستفاد من التعليلين انسحاب الحكم فيما عدا المذكورات من الأعذار التي لم يعلم عروضها في الأثناء،كالسفر الضروري.

و إنّما اعتبرنا عدم العلم بالعروض؛ لأنّه معه يكون في ترك التتابع

ص:462


1- الكافي 4:5/139،الفقيه 3:437/97،التهذيب 4:857/283،الوسائل 10:375 أبواب بقية الصوم الواجب ب 4 ح 1.
2- التهذيب 4:859/284،الإستبصار 2:402/124،الوسائل 10:374 أبواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح 10.
3- التهذيب 4:858/284،الإستبصار 2:401/124،الوسائل 10:374 أبواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح 12.

كالمختار؛ لتمكّنه من الإتيان في زمان يحصل فيه.

و ليس ذلك شرطاً في الحيض؛ للزومه في الطبيعة عادة،و الصبر إلى سنّ اليأس تعزير بالواجب و إضرار بالمكلّف،نعم يمكن اعتباره فيه فيما إذا اعتادته فيما زاد على شهرين،مع احتمال العدم؛ لإطلاق النصوص كالعبارات بعدم الضرر في عروضه،إلّا أنّ في شموله لمحل الفرض إشكالاً؛ لندرته المانع عن حمل الإطلاق عليه،فتدبّر.

و منه يظهر الوجه في اعتبار ما مرّ في النفاس،فلا يجوز للمرأة الابتداء في زمان تقطع بعدم السلامة فيه،بل احتماله هنا أقوى؛ لعدم الإطلاق المتقدّم فيه و إن أطلقت العبارات،مع احتمال أن يراد منها صورة ما إذا ابتدأت بالصوم في زمان لا تعلم بحدوثه فيه و إن احتمل؛ لعدم ضرره؛ لأصالة التأخّر و العدم.

ثمّ إنّ الأصحّ وجوب المبادرة بعد زوال العذر؛ وقوفاً فيما خالف الأصل الدال على لزوم التتابع على محلّ العذر.

خلافاً للدروس،فلا يجب الفور (1).و هو ضعيف.

و المراد بالوجوب هنا هو الشرطي،بمعنى توقّف التتابع عليه،و إلّا فالشرعي لا دليل عليه،عدا ما ربما يقال من أنّ الإخلال به ملازم لفساد العبادة المنهي عنه في الآية.

و فيه نظر،فإنّ العبادة هي الصوم،لا تتابعه،و الإخلال مفسد له دون الصوم،فتدبّر.

الإطعام

و أمّا الإطعام:فيتعيّن في المرتّبة مع العجز عن الصيام بالمرض

ص:463


1- الدروس 1:277.

المانع منه،و ما حصل به مشقّة شديدة و إن رجا برءه،و ما خاف به عن زيادته،و نحو ذلك،لا السفر إلّا مع تعذّر الإقامة،و حيث انتقل الفرض إليه يتخيّر فيه بين التسليم إلى المستحق،و بين أن يطعمه،بلا خلاف أجده.

و على الأوّل:ففي مقدار ما يجب إطعام العدد به أقوال، أظهرها و أشهرها سيّما بين المتأخّرين أنّه يعطى لكلّ واحد مدّ اقتصاراً فيما خالف الأصل على أقلّ ما يتحقّق به الامتثال،و هو ذلك غالباً.

و هو و إن تحقق بالأقلّ،إلّا أنّه مندفع بالإجماع؛ مضافاً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة (1)المماثل لها في الاستفاضة،لكن أكثرها مروي في كفّارة اليمين،و يتعدّى الحكم منه إلى كفّارة رمضان و قتل الخطأ بالإجماع.

مضافاً إلى الصحيح في الأوّل:« عليه خمسة عشر صاعاً،لكلّ مسكين مدّ» (2)و نحوه غيره،كحديث الأعرابي المشهور المروي فيه (3).

و الصحيح في الثاني:« فإن لم يستطع أطعم ستّين مسكيناً مدّاً مدّاً» (4).

و من الأخبار الأوّلة الصحيح:« يطعم عشرة مساكين،لكلّ مسكين مدّ» (5).

ص:464


1- الوسائل 10:44 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8.و ج 22:380 أبواب الكفارات ب 14.
2- التهذيب 4:599/207،الإستبصار 2:312/96،الوسائل 10:48 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 10.
3- الفقيه 2:309/72،المقنع:61،معاني الأخبار:336،الوسائل 10:46 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 5.
4- التهذيب 8:1196/332،الوسائل 22:374 أبواب الكفارات ب 10 ح 1.
5- الكافي 7:1/451،التهذيب 8:1091/295،الإستبصار 4:174/51،الوسائل 22:375 أبواب الكفارات ب 12 ح 1.

و الصحيح:عمّن قال:و اللّه،ثم لم يفِ؟فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:

« كفّارته إطعام عشرة مساكين مدّاً مدّاً» (1)و نحوهما صحيحان آخران (2)، مرويان هما كالأوّلين و باقي المعتبرة المستفيضة في الكافي و غيره.

مضافاً إلى روايات ثلاث،مروية في تفسير العيّاشي،كما حكي منها:« يجزئ لكلّ إنسان مدّ» (3).

و لا معارض لهذه الأخبار،مع كثرتها،و استفاضة كلّ من الصحيح و المعتبرة منها،مع اعتضادها بالأُصول و الشهرة العظيمة،فيجب المصير إليها البتّة.

خلافاً للخلاف (4)،فمدّان؛ للإجماع،و الاحتياط.

و هما ممنوعان في مقابلة ما مرّ،و لا شاهد له من الأخبار سوى الصحيح الوارد في الظهار (5)،و حمله على الاستحباب متعيّن.

و احتمال العمل به مع تخصيصه بمورده كما وقع لبعض المتأخّرين- (6)مع كونه خرقاً للإجماع ضعيف،كضعف حمله على صورة الاختيار و ما مرّ على صورة الاضطرار جمعاً؛ لعدم الشاهد عليه،و إن حكي القول بذلك عن النهاية و المبسوط (7)،و تبعه ابن حمزة (8)،و إليه أشار

ص:465


1- الكافي 7:8/453،الفقيه 3:1082/229،الوسائل 22:376 أبواب الكفارات ب 12 ح 4.
2- الكافي 7:451،الوسائل 22:375 أبواب الكفارات ب 12 ح 2،5.
3- تفسير العياشي 1:167/336،الوسائل 22:382 أبواب الكفارات ب 14 ح 7.
4- الخلاف 4:560.
5- التهذيب 8:75/23،الوسائل 22:382 أبواب الكفارات ب 14 ح 6.
6- كصاحب الكفاية:216.
7- النهاية:569،المبسوط 5:177 و 1:271.
8- الوسيلة:353.

بقوله: و قيل:مدّان مع القدرة و واحد مع الضرورة.

نعم يستحبّ أن يزيد على المدّ حفنةً لمئونة نحو طحنه و خبزه إن توقف على ذلك،كما في الصحيح (1)و غيره المروي عن تفسير العيّاشي (2).

و أوجبه الإسكافي (3)؛ لظاهرهما.و يندفع بالأصل،و صدق الامتثال، و ما مرّ من الأخبار؛ لخلوّها عنه مع ورودها في مقام الحاجة.

و على الثاني:قُدّر في المشهور بالإشباع و لو مرّةً،كأن يطعموا ضحى أو عشيّة؛ للأصل،و صدق الامتثال،و فحوى ما مرّ من الأخبار،و خصوص الصحيح:« يشبعهم مرّة واحدة» (4).

خلافاً للمفيد و الديلمي و القاضي (5)فقدّروه بإشباع يوم،و هو ظاهر في المرّتين،و به صرّح الإسكافي (6).و لا دليل عليه.

و اعلم أنّه لا خلاف في أنّه لا يجوز إعطاؤه لما دون العدد لتعلّق الأمر بذلك،فكما لا يحصل الامتثال في الدفع إلى غير المساكين كذا لا يحصل بالدفع إلى ما دون الستّين.

و لا يجوز التكرار في الكفّارة الواحدة مع التمكّن لتبادر الغير؛ إذ لا يسمّى المسكين الواحد المُطعَم ستّين مرّة ستّين مسكيناً،و هو واضح،

ص:466


1- الكافي 7:9/453،التهذيب 8:1099/297،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:122/61،الوسائل 22:381 أبواب الكفارات ب 14 ح 4.
2- تفسير العياشي 1:174/338،الوسائل 22:383 أبواب الكفارات ب 14 ح 10.
3- حكاه عنه في المختلف:666.
4- الكافي 7:14/454،التهذيب 8:1095/296،الإستبصار 4:178/52،الوسائل 22:381 أبواب الكفارات ب 14 ح 5.
5- المفيد في المقنعة:568،الديلمي في المراسم:186،القاضي في المهذّب 2:415.
6- حكاه عنه في المختلف:666.

و لا خلاف فيه بيننا،و به صريح بعض المعتبرة من أخبارنا كالموثّق:عن إطعام عشرة مساكين،أو إطعام ستّين مسكيناً،أ يجمع ذلك لإنسان واحد يعطاه؟قال:« لا،و لكن يعطى إنساناً إنساناً كما قال اللّه تعالى» (1)و قريب منه الخبر الآتي مفهوماً.

و هل يجوز مع العذر لفقد العدد في البلد،مع تعذّر الإيصال إليه من غيره؟قولان،أظهرهما و أشهرهما ذلك،بل لم نقف على مخالف هنا،و به اعترف جماعة من أصحابنا (2)؛ للخبر،بل القوي:« إن لم يوجد في الكفّارة إلّا الرجل و الرجلين فيكرّر عليهم حتى يستكمل العشرة، يعطيهم اليوم ثم يعطيهم غداً» (3).

و قصور السند منجبر بالشهرة العظيمة.

و احتمال التقية بوروده موافقاً لمذهب أبي حنيفة،مع كون الراوي من قضاة العامة مدفوع بأنّ مذهبه الإطلاق،و فيه اشتراط الحكم بالضرورة.و كون الراوي من قضاتهم محلّ مناقشة لجماعة،و ادّعوا كونه من الإماميّة (4)،فاللازم أن يقيّد به الأُصول،و الرواية السابقة،بحملها على حالة التمكّن دون الضرورة،مع كونها من الأفراد النادرة فلا تحمل عليها

ص:467


1- التهذيب 8:1103/298،الاستبصار 4:185/53،تفسير العياشي 1:166/336،الوسائل 22:386 أبواب الكفارات ب 16 ح 2.
2- منهم الشيخ في الخلاف 4:559،و الشهيد الثاني في المسالك 2:98،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:248.
3- الكافي 7:10/453،التهذيب 8:1102/298،الوسائل 22:386 أبواب الكفارات ب 16 ح 1.
4- كالمولى محمد تقي المجلسي في روضة المتقين 14:59،و السيّد بحر العلوم في رجاله 2:121.

إطلاق الرواية.

فاندفع بذلك حجج من ظن وجوب المصير إلى التمكّن من العدد.

و احترز بالواحدة عن المتعدّدة؛ لجواز التكرار فيها بقدرها،و به صرّح في الدروس (1)،و لعلّه لا خلاف فيه.

و الواجب في الجنس أن يطعم ما يغلب على قوته وفاقاً للمبسوط و جماعة (2)؛ حملاً للإطلاق عليه.

خلافاً للخلاف (3)،فكلّ ما يسمّى طعاماً،مدّعياً عليه الوفاق.

و لا بأس به؛ لموافقته للّغة المترجّح هنا على العرف و العادة؛ لحكاية الإجماع المزبورة،مع أنّه لم يثبت منه الحكم بكون إطلاق الطعام على غير الغالب بعنوان المجازية دون الحقيقة،و الإجماع المزبور هو المستند في التعميم،حتى في كفّارة اليمين.

خلافاً للحلّي (4)فيها خاصّة،فأوجب فيها الإطعام من أوسط ما يطعم به الأهل؛ تمسّكاً بظاهر الآية مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ [1] (5).و هو محمول على الاستحباب؛ لما مرّ من الإجماع المحكي في الباب،المعتضد بالشهرة بين الأصحاب،مع احتماله الورود مورد الغالب، فلا تعارض بينه و بين الإطلاق.

و استقرب في المختلف إيجاب الحنطة،و الشعير،و الدقيق،

ص:468


1- الدروس 2:187.
2- المبسوط 5:177؛ و انظر الوسيلة:353،و المسالك 2:98،و المفاتيح 1:271.
3- الخلاف 4:563.
4- السرائر 3:70.
5- المائدة:89.

و الخبز (1).و جزم الشهيدان بإجزاء التمر و الزبيب (2).و الأولى الاقتصار على إطعام المدّ من الحنطة و الدقيق،كما في الصحيح و غيره (3).

و يستحب أن يضمّ إليه إداماً و لا يجب،وفاقاً للأكثر،بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر؛ للأصل،و صدق الامتثال بدونه،و خلوّ أخبار المدّ و المدّين عنه،و لصريح الصحيح:« و إن شئت جعلت لهم أُدُماً» (4).

خلافاً للمفيد و الديلمي كما حكي (5)،فيجب؛ للخبرين،أحدهما الصحيح:عن أوسط ما تطعمون أهليكم،فقال:« ما تقوتون به من عيالكم من أوسط ذلك» قلت:و ما أوسط ذلك؟فقال:« الخلّ و الزيت و التمر و الزبيب» الحديث (6)،و نحوه الخبر (7).

لكنّه مع قصور السند قاصر هو كالأوّل عن إفادة الوجوب صريحاً،و مع ذلك مفسِّران للأوسط المأمور به بالإدام الخاص،المشعر بل الظاهر في عدم إجزاء غيره،و لم يقولا به؛ مضافاً الى عدم مكافأتهما لما مرّ،و ظهور الأمر فيهما في الاستحباب؛ لما ظهر.

و المراد بالإدام ما جرت العادة بأكله مع الخبز،مائعاً كان كالزيت

ص:469


1- المختلف:669.
2- الأول في الدروس 2:186،و الثاني في المسالك 2:98.
3- الوسائل 22:376 أبواب الكفارات ب 12 ح 1،4.
4- الكافي 7:7/453،التهذيب 8:1098/297،الإستبصار 4:183/53،الوسائل 22:381 أبواب الكفارات ب 14 ح 3.
5- حكاه عنهما في الدروس 2:186،و هو في المقنعة:568،و المراسم:186.
6- الكافي 7:14/454،التهذيب 8:1095/296،الإستبصار 4:178/52،الوسائل 22:381 أبواب الكفارات ب 14 ح 5.
7- الكافي 7:5/452،التهذيب 8:1097/296،الإستبصار 4:179/52،الوسائل 22:380 أبواب الكفارات ب 14 ح 2.

و الدبس،أو جامداً كالجبن و اللحم،و هو بحسب الجنس مختلف نفاسةً و رداءةً و أعلاه اللحم و أوسطه الخلّ و الزيت و أدناه الملح للصحيح:« و الأُدُم أدناه ملح،و أوسطه الخلّ و الزيت،و أرفعه اللحم» (1).

و في الخبر:« و الوسط الخلّ و الزيت،و أرفعه الخبز و اللحم» (2).

و اعلم أنّه لا يجزئ إطعام الصغار إذا كانوا منفردين بعدد الستّين،بلا خلاف أجده إلّا من بعض المتأخّرين،فقال بالإجزاء؛ للإطلاق (3).و هو كما ترى؛ لعدم انصرافه إليهم عند الإطلاق.

نعم ربما يستفاد من بعض المعتبرة الآتية الإجزاء فيما عدا كفّارة اليمين،لكنّها مع قصور أسانيدها غير صريحة في الانفراد،فيحتمل الانضمام.

و قد حكم الماتن تبعاً للشيخ في النهاية (4)بأنّه يجوز إطعامهم إذا كانوا منضمّين مع الكبار،و احتسابهم من العدد بلا زيادة، لكنّهم لم يفرقوا بين كفّارة اليمين و غيرها،و نفى عنه في المبسوط و الخلاف (5)الخلاف،و هو الحجّة فيه إن تمّ،لا الصحيح:أ يعطي الصغار و الكبار سواء،و الرجال و النساء،أو يفضّل الكبار على الصغار،و الرجال على النساء؟فقال:« كلّهم سواء» (6)لأنّه ظاهر في صورة التسليم

ص:470


1- الكافي 7:7/453،التهذيب 8:1098/297،الإستبصار 4:183/53،الوسائل 22:381 أبواب الكفارات ب 14 ح 3.
2- الكافي 7:5/452،التهذيب 8:1097/296،الإستبصار 4:179/52،الوسائل 22:380 أبواب الكفارات ب 14 ح 2.
3- انظر المفاتيح 1:270.
4- النهاية:569.
5- المبسوط 5:178،الخلاف 4:564.
6- التهذيب 8:1101/297،و فيه:أ يطعم الصغار..،الإستبصار 4:181/53،الوسائل 22:387 أبواب الكفارات ب 17 ح 3.

لا الإشباع،و لا خلاف فيه كما في المسالك (1)،و هو ظاهر غيره (2).

نعم في الصحيح:« يكون في البيت من يأكل أكثر من المدّ،و منهم من يأكل أقلّ من المدّ،فبيّن ذلك بقوله تعالى مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ [1] » (3)و هو ظاهر فيما ذكروه و إن ردّ بأنّ الاختلاف في الأكل يتحقق في الكبار أيضاً- (4)لكفاية الإطلاق،مع كون الاختلاف بالصغر و الكبر من أظهر الأفراد.

لكن في الموثق:« لا يجوز إطعام الصغير في كفّارة اليمين،و لكن صغيرين بكبير» (5)و هو مطلق لصورتي الانفراد و الاجتماع،بل أظهر في الثاني جدّاً،و أظهر منه القوي الآتي،إلّا أنّهم حملوه على الاُولى،فقالوا:

و لو انفردوا احتسب الاثنين بواحد جمعاً بينه و بين الصحيح المتقدّم الظاهر في الثاني.

و هو حسن،إلّا أنّ العمل بإطلاق الموثق أحوط و أولى،فيعدّ الصغيران بكبير مطلقاً و لو مجتمعاً،وفاقاً لابن حمزة (6)،و هو ظاهر إطلاق الإسكافي و الصدوق (7)في المقنع،لكن في كفّارة اليمين خاصّة،و ظاهرهما جواز إطعام الصغار فيما عداها،و أنّهم كالرجال؛ لمفهوم الموثقة المزبورة

ص:471


1- المسالك 2:98.
2- انظر المفاتيح 1:270.
3- الكافي 7:7/453،التهذيب 8:1098/297،الإستبصار 4:183/53،الوسائل 22:381 أبواب الكفارات ب 14 ح 3.
4- كما في المسالك 2:98.
5- الكافي 7:12/454،التهذيب 8:1100/297،الإستبصار 4:182/53،الوسائل 22:387 أبواب الكفارات ب 17 ح 1،و في الجميع:لا يجزئ.
6- الوسيلة:353.
7- حكاه عن الإسكافي في المختلف:668،الصدوق في المقنع:136.

و غيرها من المعتبرة،كالقوي:« من أطعم في كفّارة اليمين صغاراً و كباراً،فليزوّد الصغير بقدر ما أكل الكبير» (1)فتدبّر،لكن الأحوط الإطلاق.

و من جميع ما مرّ يظهر اشتهار جواز إطعام الصغير في الكفّارة و لو في الجملة،بل مرّ عن المبسوط و الخلاف نفي الخلاف عنه.

خلافاً للمفيد (2)،فمنع عن إطعامهم مطلقاً،منفردين كانوا أو مجتمعين،عدّ واحد منهم باثنين أم لا.

و هو شاذّ،و إن كان أحوط،و لكن ليس بذلك اللازم،بل هو ما قدّمناه من عدّ اثنين منهم بكبير في كلّ من صورتي الانفراد و الاجتماع، سيّما في كفّارة اليمين،و إن كان المصير إلى ما عليه الأكثر غير بعيد.

مسائل

اشارة

مسائل:

الأُولى كسوة الفقير ثوبان مع القدرة

الاُولى: مرّ أنّ كفّارة اليمين مخيّرة ابتداءً بين أُمور ثلاثة:العتق، و الإطعام،و الكسوة،و مرّ ما يتعلق بالأوّلين.

و أمّا الثالث:ف كسوة الفقير ثوبان مع القدرة و واحد مع الضرورة،وفاقاً للشيخ و القاضي و الحلبي (3)،و اختاره الفاضل في القواعد و ولده في شرحه (4)؛ جمعاً بين النصوص المطلقة في الأمرين.

و لا شاهد له،بل ظاهر نصوص التعدّد يدفعه،فلا بُدّ من المصير إمّا

ص:472


1- التهذيب 8:1113/300،الوسائل 22:387 أبواب الكفارات ب 17 ح 2.
2- المقنعة:568.
3- الشيخ في النهاية:570،القاضي في المهذّب 2:415،الحلبي في الكافي:227.
4- القواعد 2:148،الإيضاح 4:107.

إلى الأوّل،كما عن المفيد و الديلمي و الصدوق (1)،و في المعتبرة دلالة عليه،منها الصحيح:« أو كسوتهم،لكلّ إنسان منهم ثوبان» (2)و نحوه الخبران:« و الكسوة ثوبان» (3)لكنّهما ضعيفان،إلّا أنّ في أحدهما المجمع على تصحيح رواياته.

و إمّا إلى الثاني كما عن الحلّي و والد الصدوق (4)،و اختاره المحقّق و أكثر من تأخّر عنه،كالفاضل في قوله الثاني،و الشهيدين و الفاضل المقداد في شرح الكتاب؛ كالسيّد فيه،و المفلح الصيمري و كثير من المتأخّرين (5)؛ للأصل،و الإطلاق.

و ما في رواية صحيحة،بل روايات مستفيضة:من أنّه يجزئ الثوب الواحد منها الصحيحان،في أحدهما:قلت:كسوتهم؟ قال:« ثوب واحد» (6)و في الثاني:قلنا:فمن وجد الكسوة؟قال:« ثوب

ص:473


1- المفيد في المقنعة:568،الديلمي في المراسم:186،الصدوق في المقنع:137.
2- تفسير العياشي 1:174/338،الوسائل 22:383 أبواب الكفارات ب 14 ح 10.
3- أحدهما في:تفسير العياشي 1:173/338،الوسائل 22:382 أبواب الكفارات ب 14 ح 9. و الآخر في:الكافي 7:5/452،التهذيب 8:1097/296،الإستبصار 4:179/52،الوسائل 22:380 أبواب الكفارات ب 14 ح 2.
4- الحلّي في السرائر 3:70،و حكاه عن والد الصدوق في المختلف:666.
5- المحقق في الشرائع 3:77،و الفاضل في المختلف:666،و الشهيدان في اللمعة و الروضة 3:29،و الفاضل المقداد في التنقيح 3:411،و السيد صاحب المدارك في نهاية المرام 2:215،و السبزواري في الكفاية:217.
6- الكافي 7:14/454،التهذيب 8:1095/296،الإستبصار 4:178/52،الوسائل 22:38 أبواب الكفارات ب 14 ح 5.

يواري عورته» (1).

و نحوه الخبر (2)المحتمل للصحة؛ لوجود مَعمر بن يحيى،بدل:ابن عثمان في بعض النسخ،و مع ذلك في سنده كالثاني المجمع على تصحيح رواياته،كابن أبي نصر و ابن محبوب.

و لا اشتراك في راوي الصحيحين كما ظنّ (3)،مع وجود القرينة على الثقة في أحدهما،و المجمع على تصحيح رواياته في الثاني،فإذاً الأسانيد في غاية الاعتماد،معتضدة بما مرّ،مع الشهرة المتأخّرة، و لذا كان هذا القول هو الأشبه و إن كان الأوّل أحوط.

و احتاط الإسكافي (4)بدرع و خمار للمرأة،و ثوب واحد ممّا يجزئ فيه الصلاة للرجل؛ حملاً على عرف الشرع في الصلاة،و جمعاً بين النصوص.و لا شاهد له.

و الأجود الجمع بحمل الأوّلة على الفضيلة،أو ما إذا لم يحصل بالواحد ستر العورة،و لذا قيّد بالستر في أكثر ما مرّ من المعتبرة،بخلاف الأخبار الأوّلة،و هذا أولى.

فيكون المعيار في الكسوة ما يحصل به ستر العورة مع صدق الكسوة

ص:474


1- الكافي 7:4/452،التهذيب 8:1093/295،الإستبصار 4:176/51،الوسائل 22:380 أبواب الكفارات ب 14 ح 1.
2- الكافي 7:6/453،التهذيب 8:1094/295،الاستبصار 4:177/51،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:123/61،الوسائل 22:384 أبواب الكفارات ب 15 ح 2.
3- راجع المسالك 2:99.
4- حكاه عنه في المختلف:666.

عرفاً و عادةً،كالجبّة،و القميص،و السراويل،دون الخفّ و القلنسوة.

بلا خلاف و لا إشكال في شيء من ذلك،إلّا في الأخير،ففيه إشكال و قول بالعدم،كما عن المبسوط (1)؛ لعدم صدق الكسوة عليه عرفاً،و هو متّجه،إلّا مع إعطاء قميص أو جبّة معه؛ لصدق الكسوة حينئذٍ جزماً.

و من هنا يظهر الحكم في نحو الإزار و الرداء و إن جزم بهما كالأوّل الشهيدان و غيرهما (2).

و ظاهر الأصحاب هنا جواز إعطاء الكسوة للصغار مطلقاً،و النصوص خالية عن ذكر ذلك،بل المتبادر منها كالآية الكبار،لكن اتفاق الفتاوى على العموم هنا كافٍ في الخروج عن العهدة.

و يستحب الجديد،بلا خلاف،خاماً كان أو مقصوراً،و يجزئ غيره إذا لم يكن منخرقاً و لا منسحقاً،و هما لا يجزئان؛ للأصل،و عدم انصراف الإطلاق إليهما.

و جنسه ما اعتيد لبسه،كالقطن،و الكتّان،و الصوف و الحرير الممتزج و المحض للنساء و الصغار دون الخناثى و الكبار،و الفرو و الجلد المعتادين،و القنَّب (3)و الشعر إن اعتيد لبسهما.

و كفّارة الإيلاء مثل كفّارة اليمين بلا خلاف؛ تمسّكاً بالإطلاق؛ لأنّه يمين خاصّ فيترتّب عليه أحكامه.

ص:475


1- المبسوط 6:212.
2- الأول في:الدروس 2:188،الثاني في:الروضة 3:29؛ و انظر التنقيح الرائع 3:411.
3- نبات يؤخذ لحاؤه ثمّ يفتّل حبالا.المصباح المنير:517،مجمع البحرين 2:150.
الثانية من عجز عن العتق فدخل في الصيام ثمّ تمكّن من العتق لم يلزمه العود

الثانية:من عجز عن العتق فدخل في الصيام ثمّ تمكّن من العتق لم يلزمه العود مطلقا و إن كان أفضل على الأشهر الأقوى؛ للصحيح المروي في التهذيب بسندين صحيحين،أكثر رواة أحدهما المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه،و فيه:« و إن صام و أصاب مالاً فليمض الذي ابتدأ فيه» (1).

خلافاً للإسكافي (2)فيما إذا لم يتجاوز النصف،فأوجب العتق؛ للمرسل كالصحيح:في رجل صام شهراً من كفّارة الظهار،ثمّ وجد نسمة، قال:« يعتقها،و لا يعتدّ بالصوم» (3).

و لقصوره عن المقاومة لما مرّ سنداً و عدداً و اشتهاراً حمله الأصحاب على الاستحباب،و لا ريب فيه،مع اعتضاده في جانب نفي الوجوب بصدق الفاقد عند الشروع،و سقوط الأعلى،و تحقّق البدليّة،فيستصحب.

و هو و إن أمكن فيه المعارضة باستصحاب شغل الذمّة،إلّا أنّ اعتضاد الأوّل بالشهرة يقتضي المصير إليه البتّة.

و منه يظهر الوجه في انسحاب الحكم إلى الأخذ في الإطعام للعجز عن الصيام القادر عليه بعد ذلك؛ مضافاً إلى عدم الخلاف فيه،و فقد المعارض للأصل من جهة النص،و إن خلا عنه من أصله.

ص:476


1- الكافي 6:12/156،الفقيه 3:1648/343،التهذيب 8:53/17 و 1193/322،الاستبصار 3:957/267،الوسائل 22:364 أبواب الكفارات ب 4 ح 1.
2- حكاه عنه في المسالك 2:100.
3- التهذيب 8:54/17،الإستبصار 3:958/268،الوسائل 22:366 أبواب الكفارات ب 5 ح 2.

ثم إنّه يتحقق الشروع بصوم جزء من اليوم في الصوم و لو لحظةً، و بتسليم مدّ أو أخذ في أكل الطعام في الإطعام؛ لإطلاق الدليل.

الثالثة كلّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين

الثالثة:كلّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين في نذر أو كفّارة مطلقاً،مرتّبةً كانت أو مخيّرةً،كما يقتضيه عموم العبارة فعجز عنهما صام ثمانية عشر يوماً،فإن لم يقدر تصدّق عن كل يوم بمدٍّ من الطعام،فإن لم يستطع استغفر اللّه سبحانه كما عن الشيخ و جماعة (1)،بل ادّعى في المسالك (2)الشهرة في كلّ من الأحكام الثلاثة،و لم نقف على ما يدل عليها من آية،أو أصل،أو رواية.

و الأجود التفصيل بين الظهار و رمضان و النذر،فيرتضى الحكم الأوّل في الأوّلين،لكن بعد العجز عن الخصال الثلاث،وفاقاً للنهاية و القاضي و ابن حمزة (3)في الأوّل،و للمفيد و المرتضى و الحلّي (4)في الثاني؛ للموثق في الأوّل:عن رجل ظاهر من امرأته،فلم يجد ما يعتق،و لا ما يتصدّق، و لا يقوى على الصيام؟قال:« يصوم ثمانية عشر يوماً» (5).

و للخبر المنجبر ضعفه بالشهرة في الثاني أيضاً:عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين،فلم يقدر على الصيام،و لم يقدر على العتق،

ص:477


1- الشيخ في النهاية:570؛ و انظر القواعد 2:149،و اللمعة و الروضة 3:30،و كشف اللثام 2:250.
2- المسالك 2:102.
3- النهاية:527،القاضي في المهذّب 2:300،ابن حمزة في الوسيلة:354.
4- المفيد في المقنعة:346،المرتضى في جمل العلم و العمل(رسائل المرتضى 3):55،الحلّي في السرائر 1:413.
5- التهذيب 8:74/23،الوسائل 22:372 أبواب الكفارات ب 8 ح 1.

و لم يقدر على الصدقة،قال:« فليصم ثمانية عشر يوماً عن كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام» (1)على إشكال فيه دون الأوّل؛ لخلوصه عن المعارض دون هذا؛ لما يأتي.

خلافاً للمفيد و الإسكافي (2)في الأوّل،فلم يجعلا له بعد الخصال بدلاً؛ تمسّكاً بالأصل.و يندفع بما مرّ.

و للصدوقين (3)فيه أيضاً،فجعلا البدل التصدّق بما يطيق.و لا شاهد لهما سوى التمسك بما يأتي من النص أو القاعدة،و لكن الأوّل قياس، و الثاني حسن لولا ما مرّ من الموثّقة المعتضدة بالشهرة.

و لهما و لجماعة من المتأخّرين (4)في الثاني،فجعلوا البدل هو التصدّق بما يطيق؛ للصحيحين:في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذرٍ،قال:« يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستّين مسكيناً،فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق» (5).

و هو ظاهر الكليني؛ لاقتصاره بنقل أحدهما،و التهذيبين (6)؛ للفتوى بهما صريحاً،مع ذكره رواية الثمانية عشر بلفظة« روي» في الاستبصار،

ص:478


1- التهذيب 4:944/312،الإستبصار 2:314/97،الوسائل 10:381 أبواب بقية الصوم الواجب ب 9 ح 1.
2- المفيد في المقنعة:524،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:602.
3- الصدوق في الهداية:71،و نقله عن والده في المختلف:602.
4- الصدوق في المقنع:61،و حكاه عن والده في المختلف:226؛ و انظر نهاية المرام 2:218،و مجمع الفائدة و البرهان 5:75،و الذخيرة:535.
5- الكافي 4:1/101،الفقيه 2:308/72،التهذيب 4:594/205 و 984/321،الاستبصار 2:310/95،الوسائل 10:44 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 1.
6- الاستبصار 2:96،التهذيب 4:205،207.

و لفظة« قيل» في التهذيب،المشعرتين بالتمريض.

و لا يخلو عن قوة؛ لذلك،و لموافقة قاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور في الجملة (1)،بملاحظة أنّ الواجب عليه أحد الأُمور الثلاثة التي منها التصدّق و الإطعام،فإذا اختاره و لم يمكنه التمام اجتزأ بالممكن منه؛ للقاعدة.

و للدروس تبعاً للفاضل في المختلف (2)فيه أيضاً،فخيّرا بين الأمرين؛ جمعاً،و التفاتاً إلى ثبوت التخيير بين نوعيهما في المبدل فكذا في البدل.

و للثاني في قوله الآخر مطلقاً،فأوجب الإتيان بالممكن من الصوم و الصدقة إن تجاوز الثمانية عشر؛ لعموم:« إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (3)حتى لو أمكن الشهران متفرّقين وجب مقدّماً على الثمانية عشر (4).

و هو حسن فيما عدا مورد ما مرّ من النص المعتبر،و هو النذر الذي هو القسم الثالث،و منه يظهر دفع الحكم الأوّل فيه،و الرواية المتقدمة بالثمانية عشر مشعرة بحكم السياق صدراً و ذيلاً باختصاص الحكم بصيامها بصورة العجز عن الخصال الثلاث التي هي في الكفّارة خاصّة،فهذا القسم

ص:479


1- هذا القيد تنبيه على أنّ القاعدة لا تدلّ على وجوب المصير إلى الصدقة،بل غايتها الدلالة على جواز التصدّق بما يطيق،لا تعيّنه،فلو صام ما يطيق لأجزأ بمقتضاها،فموافقة هذا القول للقاعدة إنما هي موافقة في الجملة.منه عفي عنه.
2- الدروس 1:277،المختلف:226.
3- عوالي اللئلئ 4:206/58.
4- قاله في التحرير 1:80.

خارج عن موردها البتّة،فيذبّ عن هذا الحكم فيه.

كما يذبّ عن الحكمين الأخيرين فيه و في صوم رمضان و في كفّارة الظهار؛ لعدم الدليل عليهما فيها،مع تصريح بعض المعتبرة (1)المعتضدة بالشهرة،كما مرّت إليه الإشارة- (2)بنفي الثالث في الثالث،و إن عورض بالموثق؛ لضعفه بما مرّ (3).

و عن أوّلهما فيما عداها أيضاً؛ لما مرّ،و يرتضى ثانيهما فيه؛ للمعتبر الذي مرّ في بحث الظهار،النافي له فيها من دون معارض له هنا.

مضافاً إلى الاتفاق عليه في الظاهر،و الموثق في كفّارة اليمين:قلت:

فإن عجز عن ذلك؟قال:« فليستغفر اللّه عزّ و جلّ،و لا يعود» (4).

و المعتبرة منه مرّة واحدة بالنيّة عن الكفّارة،مضافاً إلى اللفظ الدالّ على الندم على ما فعل،و العزم على عدم العود إن كان عن ذنب.

و في وجوب الكفّارة مع تجدّد القدرة وجهان،و في الموثّق في المظاهر أنّه يستغفر و يطأ،فإذا وجد الكفّارة كفّر (5).

و عمل به الشيخ في التهذيبين.

ثمّ في وجوب التتابع في الثمانية عشر حيث قلنا بوجوبه قولان، و الأحوط ذلك؛ لخبر:« الميسور لا يسقط بالمعسور» (6)و إن كان النص

ص:480


1- 397،398.
2- 397،398.
3- 397،398.
4- الكافي 7:11/453،التهذيب 8:1104/298،الإستبصار 4:180/52،الوسائل 22:376 أبواب الكفارات ب 12 ح 6.
5- الكافي 7:6/461،التهذيب 8:1190/320،الإستبصار 4:196/56،الوسائل 22:368 أبواب الكفارات ب 6 ح 4.
6- عوالي اللئلئ 4:205/58.

الدال عليه مطلقاً.

و هل المراد بالأيّام التي يتصدّق عنها بمدٍّ بعد العجز عن الصيام ثمانية عشر هي أو الستّون؟وجهان،و الأحوط الثاني،و إن كان الأصل يقتضي الأوّل.

الرابعة يشترط في المكفِّر البلوغ،و كمال العقل

الرابعة:يشترط في المكفِّر البلوغ،و كمال العقل لارتفاع التكليف عن فاقدهما،المقتضي لعدم توجّه الخطاب إليه.

و الإيمان لأنّ التكفير عبادة و من شرطها الإيمان إجماعاً في المقدّمتين،حكاه بعض الأجلّة (1)،و هو الحجّة فيهما؛ مضافاً إلى النصوص الكثيرة المتضمّنة لبطلان عبادة المخالف في الأخيرة.

و نيّة القربة في جميع الخصال،و لو كان إطعاماً أو كسوةً، بلا خلاف؛ لأنّها عبادة،فيشملها عموم الأدلّة على اعتبارها فيها،و مضى الوجوه المفسَّرة بها القربة في مباحث الوضوء،و منها قصد الامتثال و موافقة الأمر.

و من هنا ينقدح دليل آخر لاعتبار الإسلام في المكفِّر،بناءً على عدم تأتّي نيّة القربة بالمعنى المزبور من الكافر،كيف لا؟!و هو لا يعتقد بموجِب الكفّارة،و لا يكون الخصال مكفّرةً له مأموراً بها لذلك؛ لكونه إمّا منكراً له سبحانه كالدهريّة،و بعض عبّاد الأصنام،أو جاحداً للنبي صلى الله عليه و آله المبيّن لذلك الأمر به عنه سبحانه،فإذا صام بعد الظهار مثلاً لا يمكنه قصد الامتثال بذلك،و العزم على أنّ الصيام كفّارة لما وقع منه،فإنّه لا يعتقد

ص:481


1- نهاية المرام 2:219.

تحقّق الحرمة بالموجِب فضلاً عن كون الصيام مكفِّراً لها،بل يجعلها حراماً و بدعةً بقصد التشريع في شرعه.

و لعلّ هذا هو السرّ و الحكمة في حكم الأصحاب بفساد عبادة الكفّار؛ لعدم تحقّق قصد القربة بهذا المعنى منهم،و العجب من شيخنا في المسالك،حيث اعترضهم في ذلك،و جوّز صدور نيّة القربة بهذا المعنى عنهم (1)،فياللّه:كيف يقصد الكافر بما يأتي به من هيئة صلاتنا أنّه عبادة مقرّبة إلى جنابه سبحانه مع اعتقاده كون مثل ذلك بدعة و ضلالة؟فإتيانه بذلك على تقديره يكون على طريق الاستهزاء و السخرية،و ما أرى مثل هذه الدعوى عن نحو هذا الفاضل إلّا غفلة واضحة.

نعم قد تحصل له نيّة القربة في بعض الخصال إذا كانت عنده و في شرعه مقرّبة،و لكن مثل هذه القربة غير كافية،بل لا بدّ من نيّة القربة التي هي القصد إلى امتثال أمر الكفّارة،و لذا أنّ أحدنا لو صام ندباً من دون نيّة التكفير لم يجز عنه إجماعاً،فتأمّل.

و التعيين للسبب الذي يكفّر عنه،سواء تعدّدت الكفّارة في ذمّته أم لا،و سواء تغاير الجنس أم لا،كما يقتضيه الإطلاق،و صرّح به في الدروس (2)،و أطلق في اللمعة (3)كالعبارة،و وجهه أنّ الكفّارة اسم مشترك بين أفراد مختلفة،و المأمور به إنّما يتخصّص بمميّزاته عن غيره ممّا يشاركه.

ص:482


1- المسالك 2:93.
2- الدروس 2:184.
3- اللمعة(الروضة البهية 3):24.

قيل:و يشكل بأنّه مع اتحادها في ذمّته لا اشتراك،فتجزئ نيّته عمّا في ذمّته من الكفّارة؛ لأنّ غيره ليس مأموراً به،بل و لا يتصوّر وقوعه منه في تلك الحالة شرعاً،فلا وجه للاحتراز عنه،كالقصر و التمام في غير موضع التخيير (1)،انتهى.

و ربما يتأمّل فيه،و إن كان الحكم المترتّب عليه غير بعيد؛ للإجماع في الخلاف (2)على عدم الاعتبار في المتعدّد مع اتحاد جنس السبب، المستلزم له هنا بطريق أولى،بل ظاهره في المبسوط (3)عدم اعتبار التعيين مطلقاً عندنا،لكنّه مخالف لما اختاره في الأوّل كالأكثر من الاعتبار فيما عدا محلّ الإجماع،و العدم فيه،و هو الأقوى.

فلو تعدّد ما في ذمّته مع اتحاد نوع سببه،كإفطار يومين من شهر رمضان،و خلف نذرين،كان حكمة كالمتحّد؛ للإجماع المتقدّم ذكره.

و لو اختلف أسبابه توجّه ذلك ليحصل التمييز و إن اتّفق مقدار الكفّارة (4).

و في المسألة أقوال أُخر،و الأصحّ ما قدّمناه.

و عليه لو أطلق برئت ذمّته من واحدة لا بعينها،فيتعيّن في الباقي الإطلاق،سواء كان بعتق أم غيره،من الخصال المخيّرة أو المرتّبة على

ص:483


1- قال به الشهيد الثاني في الروضة 3:25.
2- الخلاف 4:549.
3- المبسوط 6:209.
4- خلافاً للعلّامة في المختلف(667)في المتّفق فلم يعتبر التعيين فيه.منه رحمه اللّه.

تقدير العجز.

و لو شك في نوع ما في ذمّته أجزأه الإطلاق عن الكفّارة على القولين، كما يجزئه العتق عمّا في ذمته لو شك بين كفّارة و نذر،و لا يجزئ ذلك في الأوّل،فإنّه لا بدّ فيه من نيّة التكفير،كما لا يجزئ العتق مطلقاً بدون قصد ما في الذمّة؛ لاحتماله التطوّع،بل و ظهوره فيه،و لا بنيّة الوجوب؛ لأنّه قد يكون في كفّارة،فلا بد من نيّة التكفير.

ص:484

كتاب اللعان

اشارة

كتاب اللعان هو لغةً:المباهلة المطلقة،أو فعال من اللعن،أو جمع له،و هو الطرد و الإبعاد من الخير،و الاسم اللعنة.

و شرعاً:المباهلة بين الزوجين بكلمة مخصوصة في إزالة حدّ،أو نفي ولد عند الحاكم.

و الأصل فيه بعد الإجماع الكتاب،و السنّة،قال اللّه سبحانه وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ. وَ الْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ. وَ الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ [1] (1).و أمّا السنّة فمستفيضة،سيأتي إليها الإشارة.

و النظر فيه في أُمور أربعة.

الأوّل السبب

اشارة

الأوّل:السبب،و هو أمران،

الأوّل قذف الزوجة بالزناء

الأوّل:قذف الزوجة المحصنة، أي:رميها بالزناء و لو دبراً،على الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل عليه

ص:485


1- النور:6 9.

الإجماع في الانتصار و الغنية (1)،و هو الحجّة فيه بعد عموم الآية،و مع ذلك النصوص به مستفيضة.

خلافاً للصدوق في المقنع (2)،فحصر السبب في الثاني؛ للخبرين، أحدهما الموثّق:« لا يكون إلّا في نفي الولد» (3).

و هو شاذّ،و مستنده سنداً و عدداً قاصر عن المكافأة لما مرّ جدّاً،مع تضمّن ذيل أحدهما ما هو صريح في المختار.

و عليه لا يكون إلّا مع دعوى المشاهدة،و عدم البيّنة على الأظهر الأشهر بين الطائفة،بل في الانتصار على الأوّل الإجماع (4)،و في الغنية على الثاني (5)،و هو الحجّة فيهما.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة في الأوّل،منها الصحيح:« إذا قذف الرجل امرأته فإنّه لا يلاعنها حتّى يقول:رأيت بين رجليها رجلاً يزني بها» (6)و مثله آخران (7).

و في رواية:« إذا قال:إنّه لم يره،قيل له:أقم البيّنة،و إلّا كان بمنزلة

ص:486


1- الانتصار:144،الغنية(الجوامع الفقهية):615.
2- المقنع:120.
3- الكافي 6:16/166،التهذيب 8:645/185،الإستبصار 3:1323/371،الوسائل 22:429 أبواب اللعان ب 9 ح 1.
4- الانتصار:144.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):615.
6- الكافي 6:6/163،التهذيب 8:650/187،الإستبصار 3:1327/327،الوسائل 22:417 أبواب اللعان ب 4 ح 4.
7- أحدهما في:الكافي 6:15/166،التهذيب 8:648/186،الإستبصار 3:1326/372،الوسائل 22:416 أبواب اللعان ب 4 ح 2. و الثاني في:الكافي 6:21/167،التهذيب 8:647/186،الإستبصار 3:1325/327،الوسائل 22:416 أبواب اللعان ب 4 ح 3.

غيره» (1)جلد الحدّ.

و الأصل المؤيّد بمفهوم الآية وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاّ أَنْفُسُهُمْ [1] (2)في الثاني.

خلافاً لشيخنا الشهيد الثاني (3)في الأوّل،فلم يعتبر المشاهدة،بل اكتفى عنها بما إذا حصل له العلم بالقرائن.و الأصل و النصوص حجّة عليه.

و للخلاف و المختلف (4)في الثاني،فلم يعتبرا العجز عن البينة؛ للأصل؛ و ضعف مفهوم الوصف،و لعلّه بني على الغالب،أو الواقع.

و هو كما ترى،فإنّ الأصل هنا يقتضي المختار؛ لكون اللعان وظيفة شرعية،نظراً إلى إسقاطه الحدّ من الطرفين،المخالف للأُصول،فكيف يدّعى الأصل على خلافه،و هو عدم الاشتراط،و حينئذٍ فما قدّمناه من الأصل كافٍ في الإثبات،و لم نحتج إلى المفهوم،مع أنّه صالح للتأييد إن لم يكن دليلاً.

نعم النصوص مطلقة،إلّا أنّ في شمولها لصورة القدرة على البيّنة نظراً؛ لغلبة عدمها،كما ادّعاه الخصم في مفهوم الآية،حيث لم يعتبره؛ للورود مورد الغلبة،و هذه الدعوى لا تجامع الاستدلال للعموم بالإطلاقات.

و من هنا انقدح وجه التعجب عن العلّامة،حيث استند للعموم بإطلاق النصوص،و أجاب عن المفهوم بعدم العموم؛ للغلبة،و ليت شعري

ص:487


1- الكافي 7:6/403،الفقيه 3:1670/348،التهذيب 8:670/192،المحاسن:11/302،الوسائل 22:417،418 أبواب اللعان ب 4 ح 5،6.
2- النور:6.
3- المسالك 2:110.
4- الخلاف 5:8،المختلف:608.

كيف غفل عن أنّ قدح الغلبة في المفهوم الذي هو لغةً للعموم ملازم للقدح في الإطلاق الذي ليس له فيها بطريق أولى؟! .و بالجملة:الظاهر ورود إطلاق النصوص مورد الغالب،و هو عدم القدرة على البيّنة،و يشير إليه حكمها بالحدّ بمجرّد النكول الغير المجامع للبيّنة،فيبقى اللعان المخالف للأُصول في محلّ النزاع خالياً عن الدليل، فالواجب فيه الاقتصار على القدر الثابت منه بالدليل،هذا.

مع أنّ في التمسك بمثل هذا الإطلاق نظراً؛ لوروده لبيان حكم آخر، و من شرائط رجوعه إلى العموم عدم ذلك،كما قرر في محلّه.

و أمّا الرواية العامية فغير واضحة الدلالة على العموم؛ مضافاً إلى قصور سندها،و معارضتها بمثلها.

و ممّا قدّمناه من الأصل يظهر الوجه في الحكم بأنّه لا يثبت اللعان لو قذفها في عدّة بائنة لاختصاص الأدلّة من الإجماع و الكتاب و السنّة بالزوجة و من بحكمها،و ليست أحدهما بالضرورة و يثبت لو قذفها في عدّة رجعية لكونها حينئذ زوجة؛ للإجماع،و ثبوت أكثر أحكام الزوجة بالفعل لها بالاستقراء،مضافاً إلى خصوص الإجماع هنا في الغنية (1).

الثاني إنكار من وُلد على فراشه

الثاني:إنكار من وُلد على فراشه ممّن يلحق به مطلقاً شرعاً، لولا لعانه،كأن يولد لستّة أشهر فصاعداً من وطئه من زوجة موطوءة بالعقد الدائم،ما لم يتجاوز أقصى الحمل،و كذا لو أنكره بعد فراقها ما لم تتزوّج،أو بعد أن تزوّجت و ولدت لأقلّ من ستّة أشهر منذ دخل الثاني،

ص:488


1- الغنية(الجوامع الفقهية):615.

فإذا ولد بدون الشرائط انتفي بغير لعان،و النفي المحتاج إليه إنّما هو بالولادة معها،و لا يجوز له النفي به إلّا مع العلم بانتفائه عنه؛ لأنّ الولد للفراش،و مع عدمه يجب إلحاقه بنفسه،كما أنّه يجب نفيه عنه مع العلم به،و لا خلاف في شيء من ذلك.

الثاني في الشرائط

اشارة

الثاني:في الشرائط لصحة اللعان

يعتبر في الملاعن البلوغ،و العقل

و يعتبر في الملاعن البلوغ، و العقل فلا عبرة بلعان الصبي،و المجنون،إجماعاً؛ لعدم العبرة بكلامهما،مع رفع القلم عنهما،مضافاً إلى الأصل المتقدّم و اختصاص الأدلّة سياقاً بالمكلّفين.

و في اعتبار الإسلام فيه و في الملاعنة،فلا يصحّ لعان الكافر و الكافرة قولان،أشبههما و أشهرهما: الجواز لعموم الأدلّة المعتبرة الآتية المصرّحة بجواز لعان الذمّية و النصرانية،الدالّة على الحكم في المسألة؛ لعدم القائل بالفرق بين الملاعن و الملاعنة،فإنّ كلّ من اعتبر الإسلام في الأوّل اعتبر في الثانية أيضاً،و من نفاه فيه نفاه فيها جدّاً،و هي و إن عورضت بأخبار أُخر مانعة عنه في الذمّيين،لكنّها قاصرة عن المقاومة لتلك،كما سيأتي إليه الإشارة.

و ممّن حكي عنه اعتباره الإسلام فيهما الإسكافي مطلقاً (1)،و الحلّي إذا كان للقذف خاصة (2)،و مستندهما إن كان ما تقدّم من الروايات،كما يظهر من الماتن في الشرائع و غيره (3)،ففيه ما تقدّم،و إن كان ما قيل (4)من

ص:489


1- حكاه عنه في المختلف:606.
2- السرائر 2:697.
3- الشرائع 3:96؛ و انظر التنقيح 3:418.
4- قاله الشهيد الثاني في الروضة 6:188.

أنّه شهادات،كما يظهر من قوله سبحانه فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ [1] (1)و هما ليسا من أهلها،فمع عدم إفادته القول الثاني بتمامه بل مناقضتة له و لو في الجملة،قد منع منه بجواز كونه أيماناً؛ لافتقاره إلى ذكر اسم اللّه تعالى، و اليمين يستوي فيه العدل و الفاسق،و الحرّ و العبد،و المسلم و الكافر، و الذكر و الأُنثى؛ و للخبر:« مكان كلّ شاهد يمين» (2).

و فيه:أنّه ملازم لكون الاستثناء في الآية منقطعاً؛ إذ ليس المراد بالشهداء المستثنى منهم الحلفاء،بل الشهود بالمعنى المتعارف جدّاً.

مع ما سيأتي في لعان المملوكة من بعض الروايات المانع عنه،معلِّلاً بقوله تعالى وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً [2] (3)و فيه إيماء بل ظهور إلى أنّ اللعان شهادة،فيعارض به ما مرّ من الخبر.

و الأجود الجواب عنه بما قدّمناه من المعتبرة،مع ما ذيلّناها به من الضميمة،مضافاً إلى معارضة ما ذكر بوقوعه من الفاسق بإجماع الطائفة،مع أنّ شهادته غير مسموعة.

و كذا الأشبه الأشهر،بل ادّعى عدم الخلاف فيه جمع ممن تأخّر (4)،عدم اشتراط الحرّية في الملاعن،فيصحّ لعان المملوك مطلقاً،و لو كان تحته حرّة؛ لما مرّ،مضافاً إلى خصوص الصحاح،في أحدها:عن عبد قذف امرأته،قال:« يتلاعنان كما يتلاعن الأحرار» (5).

و في الثاني:عن الحرّ،بينه و بين المملوكة لعان؟فقال:« نعم،و بين

ص:490


1- النور:6.
2- علل الشرائع:1/545،الوسائل 22:418 أبواب اللعان ب 4 ح 6.
3- النور:4.
4- كالشهيد الثاني في المسالك 2:115،و سبطه في نهاية المرام 2:225.
5- الكافي 6:14/165،التهذيب 8:651/188،الإستبصار 3:1330/373،الوسائل 22:419 أبواب اللعان ب 5 ح 3.

المملوك و الحرّة،و بين العبد و الأمة» (1)و نحوهما الثالث (2).

خلافاً للمفيد و الديلمي،فاشترطاها مطلقاً (3)،و للحلّي،ففصّل بما مضى (4)و حجتهم مع الجواب كما تقدّم؛ مضافاً إلى الصحاح المتقدّمة الخالية هنا عمّا يصلح للمعارضة.

و العجب عن شيخنا في المسالك و سبطه في شرح الكتاب حيث ادّعيا عدم الخلاف هنا (5)،مع ما عرفت من خلاف العظماء،و قد حكاه عنهم جماعة من الأجلّاء،كالفاضل المقداد في شرح الكتاب (6)،و المفلح الصيمري في شرح الشرائع،و غيرهما (7).

و يعتبر

يعتبر في الملاعنة،البلوغ،و العقل و السلامة من الصمم،و الخرس و العقد الدائم

في الملاعنة،البلوغ،و العقل لما مرّ في الملاعن و السلامة من الصمم،و الخرس،و لو قذفها مع أحدهما بما يوجب اللعان من رميها بالزناء،مع دعوى المشاهدة،و عدم البيّنة حرمت عليه مؤبّداً من دون لعان،بلا خلاف و لا إشكال في قذفها مع الأمرين، أو الثاني،و كذا الأول على الأقوى،بل عليه الإجماع في كلام جماعة من أصحابنا (8)،و التحقيق في جميع ذلك قد مضى (9).

ص:491


1- الكافي 6:7/164،التهذيب 8:652/188،الإستبصار 3:1330/373،الوسائل 22:419 أبواب اللعان ب 5 ح 2.
2- الكافي 6:6/165،التهذيب 8:650/187،الإستبصار 3:1329/373،الوسائل 22:419 أبواب اللعان ب 5 ح 1.
3- المقنعة:542،المراسم:164.
4- السرائر 2:697.
5- راجع ص 488.
6- التنقيح 3:419.
7- المختلف:605.
8- منهم السيد في الانتصار:144،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):615،و الشهيد الثاني في المسالك 2:115.
9- في ص 5051،5052.

و أن يكون عقدها دائماً فلا يجوز لعان المتمتع بها مطلقاً،على الأشهر الأقوى،بل عليه الإجماع في نفي الولد،كما في كلام جماعة (1)، بل مطلقاً،كما في الغنية (2).

خلافاً للمفيد و المرتضى في القذف خاصة (3)،و تمام التحقيق مضى في بحث المتعة (4).

و في اعتبار الدخول بها في لعانها و لو دبراً قولان،و المرويُّ في المستقيضة أنّه لا يقع قبله مطلقاً،ففي الموثّق:« لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بأهله» (5).

و الخبر:« لا يلاعن إلّا بعد الدخول» (6).

و نحوهما آخر مروي بسندين (7)في أحدهما جعفر بن بشير و أبان، الملحقان للسند بالصحيح،أو ما يقرب منه،فقد قيل في الأوّل:يروي عن الثقات،و يروون عنه (8)،و في الثاني:إنّه ممن أجمعت العصابة على

ص:492


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:115،و السبزواري في الكفاية:218،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:339.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):615.
3- المقنعة:542.
4- راجع ص 5119.
5- الكافي 6:1/162،التهذيب 8:671/192،الوسائل 22:412 أبواب اللعان ب 2 ح 2.
6- الكافي 6:2/162،الوسائل 22:413 أبواب اللعان ب 2 ح 5.
7- أحدهما في:التهذيب 8:692/197،الوسائل 22:414 أبواب اللعان ب 2 ح 8. و الآخر في:الفقيه 3:1663/346،التهذيب 8:646/185،الإستبصار 3:1324/371،الوسائل 22:413 أبواب اللعان ب 2 ح 6.
8- انظر رجال النجاشي:119.

تصحيح ما يصح عنه (1).

و مع ذلك هما كالأوّلين منجبران بحسب السند بفتوى الأكثر،بل عليه في الخلاف و الغنية الإجماع (2)،و هو حجة أخرى،بعد المعتبرة.

مضافاً إلى الأصل المتقدم ذكره غير مرّة،الخالي هو كالإجماع و المعتبرة عمّا يصلح للمعارضة؛ فإنّ عموم الآية و السنّة يحتمل قريباً الانصراف بحسب السياق و الغلبة إلى المدخول بها خاصة،ثم على تقديره و عدم قرب الاحتمال فيه،فلا أقلّ من جوازه و مساواته لغيره،فيجب التخصيص فيه بالمستفيضة المعتضدة بالشهرة،و حكاية الإجماعين المزبورة،فهذا القول قوي غاية القوة.

خلافاً لشيخنا العلّامة في القواعد،فلم يعتبره مطلقاً (3)،تبعاً للمحكي عن المفيد.

و مستند مع الجواب يظهر ممّا تقدم؛ مضافاً إلى الإجماع على انتفاء الولد مع عدم الدخول بمجرد النفي،من دون احتياج إلى لعان،بناءً على أنّ القول قول الزوج مع اليمين حينئذ،فلا يتم القول بإطلاق عدم الاشتراط.

و ربما أنكر هذا القول جماعة،مستبعدين ذلك عن قائله إن وجد (4)، و هو كما ترى؛ لأنّه صريح القواعد،حيث جعله فيه مقابلاً للقول بالتفصيل،و محكي عن المفيد في شرح الشرائع للمفلح الصيمري،و نقل

ص:493


1- راجع اختيار معرفة الرجال 2:673.
2- الخلاف 5:49،الغنية(الجوامع الفقهية):615.
3- القواعد 2:92.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:115،و الفاضل المقداد في التنقيح 3:420.

حكايته قولاً عن الحلّي (1)،و أمّا الاستبعاد فهو في محلّه لما عرفت.

و قال ثالث و هو الحلّي (2) بثبوته أي اللعان بدون الدخول بالقذف،دون نفي الولد و تبعه كثير من المتأخرين (3)؛ للعمومات، و قصور سند الروايات،أو عدم حجّيتها؛ لكونها أخبار آحاد.

و الكلّ ممنوع،مع عدم انحصار الحجّة فيها؛ لوجود الإجماعين المحكيين اللذين هما في حكم خبرين صحيحين كادا أن يكفياننا الاشتغال بالاستدلال بالروايات في البين.

و العجب من الحلّي؛ حيث جعل قوله جامعاً بين القولين الأوّلين، و الأدلّة من الطرفين،مع تصريح جماعة منهم بالإطلاق (4)،كبعض الروايات،و هو الخبر الأخير،فإنّ فيه:« لا يكون ملاعناً حتى يدخل[بها ]يضرب حدّا،و هي امرأته،و يكون قاذفاً» (5).

و صرّح بما ذكرناه جماعة (6)،بل قال شيخنا الشهيد في النكت بعد حكاية الجمع عنه:و لنعم ما قال،و فيه نظر؛ لأنّ انتفاء اللعان هنا أي في نفي الولد مع عدم الدخول مقطوع به؛ لإجماعهم على انتفاء الولد عند عدم شرائط اللحوق،فالخلاف في الحقيقة،إنّما هو في الرمي بالزناء (7).

ص:494


1- نهاية المرام 2:227.
2- السرائر 2:698.
3- منهم العلّامة في المختلف:607،و فخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:444،و السبزواري في الكفاية:218.
4- منهم الشيخ في النهاية:522،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):615،و القاضي في المهذّب 2:309.
5- المتقدم في ص 490.
6- منهم فخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:444،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:420.
7- غاية المراد 3:304.

لكن فيه ما قدّمناه،من وجود القول بعدم الاشتراط في نفي الولد أيضاً.

و يثبت اللعان بين الحرّ و زوجته المملوكة و الكافرة، على الأشهر بين الطائفة،و هو الأظهر؛ لعموم الكتاب و السنّة،مضافاً إلى الصّحاح المتقدّمة (1)المصرِّحة بعدم اعتبار الحرّية في الملاعن بالجارية في المسألة؛ لعدم القائل بالفرق في اعتبارها بينه و بين الملاعنة؛ إذ كلّ من لم يعتبرها فيه لم يعتبرها فيها.

و مع ذلك الصحاح به مستفيضة منها:عن الحرّ بينه و بين المملوكة لعان؟قال:« نعم» (2).

و منها:«بين الحرّ و الأمة و المسلم و الذمّية لعان» (3).

و منها:عن الحرّ تكون تحته المملوكة يقذفها زوجها؟قال:

« يلاعنها» (4).و المملوكة في بعض هذه الأخبار و إن كانت تشمل الموطوءة بالملك،إلّا أنّها خارجة بالإجماع،و مفهوم الصحيح:عن الحرّ،يلاعن المملوكة؟قال:« نعم،إذا كان مولاها الذي زوّجها إياه» (5)فتأمّل.

و فيه رواية بالمنع بل فيهما روايات،منها الصحيح:« لا يلاعن

ص:495


1- راجع ص 488.
2- الكافي 6:7/164،التهذيب 8:652/188،الإستبصار 3:1331/373،الوسائل 22:419 أبواب اللعان ب 5 ح 2.
3- التهذيب:655/189،الإستبصار 3:1334/374،الوسائل 22:420 أبواب اللعان ب 5 ح 6.
4- التهذيب 8:657/189،الإستبصار 3:1336/374،الوسائل 22:421 أبواب اللعان ب 5 ح 10.
5- الفقيه 3:1666/347،التهذيب 8:654/188،الإستبصار 3:1333/373،الوسائل 22:420 أبواب اللعان ب 5 ح 5.

الحرّ الأمة،و لا الذمّية،و لا التي يتمتع بها» (1).

و الخبران،في أحدهما:عن رجل مسلم تحته يهودية،أو نصرانية، أو أمة،فأولدها و قذفها،هل عليه لعان؟قال:

« لا» (2).و في الثاني:« ليس بين خمسة نساء و بين أزواجهنّ ملاعنة:اليهوديّة تكون تحت المسلم فيقذفها،و النصرانية،و الأمة تكون تحت الحرّ فيقذفها،و الحرّة تكون تحت العبد فيقذفها،و المجلود في الفرية» (3).

و اختارها المفيد و الديلمي (4).و هو ضعيف؛ لاحتمال الصحيح منها، كالخبر الأوّل؛ لإطلاقهما الحملَ على الموطوءة بالملك،و إن بعد؛ للصحيح المفصِّل،و قد تقدّم.

مضافاً إلى قصور الثاني كالثالث بجهالة الراوي،مع عدم جابر في السند و لا غيره.

مضافاً إلى تطرق الوهن إليهما و إلى الصحيح باحتمال التقية،كما ذكره شيخ الطائفة (5)،و يشير إليه في الجملة بعض المعتبرة،كالمرسل:

قلت له:مملوك كانت تحته حرّة،فقذفها،فقال:« ما يقول فيها أهل الكوفة؟» قلت:يقولون يجلد،قال« لا،و لكن يلاعنها كما يلاعن الحرّة» (6)

ص:496


1- الفقيه 3:1667/347،التهذيب 8:653/188،الإستبصار 3:1332/373،الوسائل 22:420 أبواب اللعان ب 5 ح 4.
2- التهذيب 8:658/189،الإستبصار 3:1337/374،الوسائل 22:421 أبواب اللعان ب 5 ب 11.
3- التهذيب 8:693/197،الاستبصار 3:1338/375،الخصال:83/304،الوسائل 22:422 أبواب اللعان ب 5 ح 12.
4- المقنعة:542،المراسم:164.
5- التهذيب 8:189.
6- التهذيب 8:656/189،الإستبصار 3:1335/374،الوسائل 22:421 أبواب اللعان ب 5 ح 9.

فتأمّل.لكنّه بعيد في الصحيحة.و مع ذلك جميعها قاصرة عن المكافأة لما مرّ من وجوه عديدة،فهذا القول ضعيف غايته.

و أضعف منه التفصيل بين لعن القذف فالثاني،و نفي الولد فالأوّل كما عن الحلّي (1)،و إليه أشار بقوله: و قول ثالث بالفرق و هو عكس ما تقدّم منه من الفرق.

و لا مستند له سوى الأصل،و اختصاص أدلّة الكتاب و السنّة بصورة ما إذا حصل بالقذف حدّ يسقطه اللعان،و لا حدّ على قاذف المملوكة الذمّية،بل التعزير،و لم تفد الأدلة إسقاط اللعان له،فيجب فيه المصير إلى الأصل.

و هو حسن لولا ما قدّمناه من صريح المستفيضة،فتكون هي المثبتة لإسقاط اللعان في المسألة.

ثمّ لا يمكن الجمع بهذا القول بين الأخبار المختلفة كما عن فخر المحقّقين (2)،بحمل الأوّلة على صورة اللعان لنفي الولد،و الثانية على الصورة الأُخرى؛ لفقد الشاهد عليه مع إباء بعض الأخبار الأوّلة عنه؛ للتصريح فيه باللعان في صورة القذف.

و العجب من شيخنا العلّامة في المختلف (3)،حيث طعن على الحلّي بالأخذ بهذه الرواية سنداً للتفصيل،مع أنّه ليس فيها عليه دلالة؛ مضافاً إلى أنّها من الآحاد،و أيّ آحاد؟!حيث إنّه من الضعاف منها.

بل الظاهر اعتماده على ما قدّمناه من الأُصول المعتمدة كما حكى عنه

ص:497


1- السرائر 2:697.
2- إيضاح الفوائد 3:445.
3- المختلف:606.

الجماعة (1)،و هو في غاية القوة على أصله،بل و على أصلنا أيضاً لولا تلك المعتبرة المستفيضة المعتضدة بالشهرة.

و يصّح لعان الحامل في القذف مطلقاً،و في نفي الولد بشرط تحقق الحمل على الأشهر الأقوى لكن لا يقام عليها الحدّ اللازم بالنكول،أو الإقرار حتى تضع للعمومات،و خصوص الصحيح المرويّ مستفيضاً:عن رجل لاعن امرأته و هي حبلى قد استبان حملها و أنكر ما في بطنها،فلمّا ولدت ادّعاه و أقرّ به و زعم أنّه منه،قال:« يردّ عليه ولده،و يرثه،و لا يجلد؛ لأنّ اللعان قد مضى» (2).

خلافاً للمفيد و الديلمي و الحلبي (3)فلا تلاعن حتى تضع؛ للخبر:

« يلاعن على كل حال،إلّا أن تكون حاملاً» (4).

و لضعف سنده و قصوره عن المقاومة لما مرّ يطرح،أو يؤوّل بعدم إقامة الحدّ،و لا خلاف فيه؛ للموثّق:« إذا كانت المرأة حبلى لم ترجم» (5).

و ربما حمل عليه عبارة المخالف،أو على تخصيصها بنفي الولد مع

ص:498


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 2:115،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:421.
2- الكافي 6:13/165،التهذيب 8:660/190،الإستبصار 3:1339/375،الوسائل 22:425 أبواب اللعان ب 6 ح 4.
3- المفيد في المقنعة:542،الديلمي في المراسم:164،الحلبي في الكافي:310.
4- التهذيب 8:661/190،الإستبصار 3:1340/375،الوسائل 22:434 أبواب اللعان ب 13 ح 3.
5- التهذيب 8:662/190،الإستبصار 3:1341/376،الوسائل 22:433 أبواب اللعان ب 13 ح 2.

الاشتباه في الحمل.و لا بأس به.

الثالث الكيفية

اشارة

الثالث في الكيفية و الكلام الذي يتحقق به اللعان.

و هو أن يشهد الرجل أوّلاً أربعاً باللّه إنّه لمن الصادقين فيما رماها به متلفظاً بما رمى به،فيقول:أشهد باللّه إنّي لمن الصادقين فيما رميتها به من الزناء،و إن نفى الولد زاد:و إنّ هذا الولد من زناء و ليس منّي، كذا عبّر في التحرير (1)،و زاد:أنّه لو اقتصر على أحدهما لم يجز.

و يشكل فيما لو كان اللعان لنفي الولد خاصة من غير قذف،فإنّه لا يلزم استناده إلى الزناء؛ لجواز الشبهة،فينبغي حينئذ أن يكتفي بقوله:إنّه لمن الصادقين في نفي الولد المعيّن.

ثمّ يقول بعد شهادته أربعاً كذلك: إنّ لعنة اللّه عليه مبدلاً لضمير الغائب بياء المتكلم، إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزناء أو نفي الولد،كما ذكر في الشهادات.

ثمّ تشهد المرأة بعد فراغه من الشهادة و اللعنة أربعاً إنّه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزناء.

ثمّ تقول:إنّ غضب اللّه عليها،إن كان من الصادقين فيه، مقتصراً على ذلك في كلّ من القذف و نفي الولد،و لا يحتاج إلى انضمام أمر آخر،كما في الزوج إن نفى الولد.

و الأصل في ذلك بعد الإجماع و صريح الكتاب السنّة و فيها الصحيح (2).

ص:499


1- التحرير 2:67.
2- الوسائل 22:407 أبواب اللعان ب 1.

و حيث إنّ اللعان وظيفة شرعية كالعبادة لا مجال للعقل فيه بالمرّة كان

الواجب فيه النطق بالشهادة و أن يبدأ الرجل

الواجب فيه الاقتصار على ما ورد به الكتاب و السنّة،و هو النطق بالشهادة على الوجه المذكور فيهما،فلو أبدلها بمعناها، كأحلف،أو أُقسم،أو شهدت،أو أبدل الجلالة بغيرها من أسمائه سبحانه، أو أبدل اللعن و الغضب و الصدق و الكذب بمرادفها،أو حذف لام التأكيد، أو علّقه على غير مِن،كقوله:إنّي لصادق،و نحو ذلك من التعبيرات لم يصحّ.

و أن يبدأ الرجل بالتلفظ ثمّ المرأة على الترتيب المذكور،فلو تقدّمت المرأة لم يصحّ؛ لما مر،مضافاً إلى أنّ لعانها لإسقاط الحدّ الذي وجب عليها بلعان زوجها.

و أن يعيّنها و يميّزها عن غيرها تمييزاً يمنع المشاركة،إمّا بالذكر لاسمها،أو برفع نسبها بما يميّزها،أو يصفها بما يميّزها عن غيرها،أو بالإشارة إليها إن كانت حاضرة.

و أن يكون الإيراد لجميع ما ذكر باللفظ العربي الصحيح مع القدرة و إلّا فيجتزأ بمقدورهما منه،فإن تعذّر تلفّظهما أصلاً أجزأ غيرها من اللغات من غير ترجيح،و ظاهرهم الاتّفاق على إجزاء الأمرين مع العجز،و لعلّه الحجّة،و إلّا فالأصل يقتضي المصير حينئذ إلى انتفاء اللعان، و لزوم الحدّ.

و تجب البدأة من الرجل بالشهادة،ثمّ الختم باللعن كما ذكر،و كذا المرأة،إلّا أنّها تبدل اللعن بالغضب.

كما يجب الترتيب المذكور،تجب الموالاة بين كلماتها،فلو تراخي بما يعدّ فصلاً،أو تكلّم في خلاله بطل.

و أن يكون كلّ منهما قائماً عند إيراد الشهادة و اللعن،على الأظهر

ص:500

الأشهر،كما في التنقيح و الروضة (1)؛ للمعتبرين (2)أحدهما الصحيح.

خلافاً للصدوق (3)،فأوجب قيام كلّ عند تلفظه و إن جلس الآخر؛ للخبر (4)،و تبعه الطوسي و الحلّي و الماتن في الشرائع (5).

ما يستحب فيه

و يستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة و يقيمهما مستقبلين، بحذائه كما في الصحيح (6).

و أن يقف الرجل عن يمينه،و المرأة عن شماله كما في آخر (7).

و أن يحضر من يسمع اللعان و لو أربعة عدد شهود الزناء من أعيان البلد و صلحائه؛ لأنّه أعظم للأمر،و للتأسّي،فقد حضر اللعان الواقع في حضرة النبي صلى الله عليه و آله جماعة من الصحابة.

و وعظ الرجل بعد الشهادة قبل اللعن،و كذا المرأة قبل ذكر الغضب و يخوّفهما اللّه،فيقول لهما:إنّ عذاب الآخرة أشدّ من عذاب الدنيا،و يقرأ عليهما إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً [1] (8)إلى آخر الآية.و أنّ اللعن و الغضب للنفس توجبان ذلك لو كانا

ص:501


1- التنقيح الرائع 3:423،الروضة 6:205.
2- الأول:الكافي 6:4/163،الوسائل 22:407 أبواب اللعان ب 1 ح 1،الثاني:الكافي 6:10/165،الوسائل 22:409 أبواب اللعان ب 1 ح 4.
3- المقنع:120.
4- الفقيه 3:1665/347،الوسائل 22:408 أبواب اللعان ب 1 ح 3.
5- الطوسي في المبسوط 5:198،الحلّي في السرائر 2:699،الشرائع 3:98.
6- الكافي 6:10/165،الوسائل 22:409 أبواب اللعان ب 1 ح 4.
7- الكافي 6:11/165،التهذيب 8:667/191،الوسائل 22:409 أبواب اللعان ب 1 ح 5.
8- آل عمران:77.

كاذبين،كلّ ذلك للتأسّي،و للصحيح (1)المتضمّن لكيفيّة اللعان الواقع بمحضر منه صلى الله عليه و آله.

ثمّ مقتضى الأصل و اختصاص أدلّة اللعان كتاباً و سنّةً بحكم السياق أو التبادر بوقوعه بين يدي الإمام:اشتراطه،و عليه الأكثر،و ألحقوا به النائب الخاصّ و العامّ.

خلافاً للمبسوط،فعند ما يتراضى به الزوجان (2)،و هو ظاهر الماتن في الشرائع (3)،و مال إليه بعض المتأخّرين (4)؛ لعموم الأدلّة،و المناقشة فيه بعد ما عرفت واضحة.

الرابع:في الأحكام

اشارة

الرابع:في الأحكام،و هي أربعة.

الأول يتعلّق بالقذف وجوب الحدّ على الزوج و بلعانه سقوطه عنه

الأول:يتعلّق بالقذف وجوب الحدّ على الزوج كالأجنبي و بلعانه سقوطه عنه و به يفترق عن الأجنبي و ثبوت الرجم على المرأة مطلقاً،سواء لها إن اعترفت بالزناء أو نكلت لأنّ لعانه حجّة شرعية و مع لعانها يترتب سقوطه أي الحدّ عنها و انتفاء الولد عن الرجل دونها إن كان اللعان لنفيه،لا مطلقا، و تحريمها عليه مؤبّداً مطلقاً.

و الأصل في ذلك بعد الكتاب في الجملة،و الإجماع المحكي في

ص:502


1- الكافي 6:4/163،الفقيه 3:1671/349،التهذيب 8:644/184،الإستبصار 3:1322/370،الوسائل 22:408 أبواب اللعان ب 1 ح 1.
2- المبسوط 5:223.
3- الشرائع 3:98.
4- كالشهيد الثاني في الروضة 6:200.

كلام جماعة- (1)المعتبرة منها الصحيح:عن رجل يقذف امرأته؟قال:

« يلاعنها،ثمّ يفرّق بينهما،و لا تحلّ له أبداً» (2)و سيأتي إلى بعض آخر منها الإشارة.

و لو نكل الزوج عن اللعان أو اعترف بالكذب حدّ للقذف إن كان اللعان له،لا مطلقاً،و لم ينتف عنه الولد مطلقاً،بلا خلاف؛ لإيجاب القذف الحدّ،و الفراش لحوق النسب،و لا ينتفيان إلّا باللعان،و قد أبى عنه في المقام.

مضافاً إلى الخبرين،أحدهما الصحيح في الملاعن:« إن أكذب نفسه قبل اللعان ردّت إليه امرأته،و ضرب الحدّ» (3)و نحوه الثاني (4).

الثاني:لو اعترف بالولد في أثناء اللعان،لحق به و توارثا

الثاني:لو اعترف بالولد في أثناء اللعان،لحق به و توارثا لأصالة بقاء حكم الفراش،مع عدم المسقط له.

و منه يظهر الوجه في انسحاب الحكم إلى صورة النكول عن إكمال 2 اللعان.

و عليه أي على الأب الحدّ إن كان اللعان لإسقاطه،و أمّا لو كان لنفي الولد مجرّداً عن القذف بتجويزه الشبهة،فلا حدّ بلا خلاف

ص:503


1- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):615،و السبزواري في الكفاية:218،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:340.
2- الكافي 6:6/163،التهذيب 8:650/187 الوسائل 22:415 أبواب اللعان ب 3 ح 2.
3- الكافي 7:3/160،التهذيب 9:1219/339،الوسائل 26:262 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 2 ح 1.
4- الكافي 7:6/212،التهذيب 8:668/191،الوسائل 22:414 أبواب اللعان ب 3 ح 1.

و لا إشكال،و على ذلك يحمل إطلاق الصحيحين (1)،في أحدهما:عن رجل لاعن امرأته،فحلف أربع شهاداتٍ باللّه،ثمّ نكل الخامسة،قال:« إن نكل عن الخامسة فهي امرأته و جلد،و إن نكلت المرأة عن ذلك إذا كان اليمين عليها فعليها مثل ذلك» . و لو كان الاعتراف بعد اللعان منهما لا يعود الحلّ؛ للحكم بالتّحريم شرعاً،و اعترافه لا يصلح لإزالته،و للمعتبرة،منها الصحيح:عن الملاعنة التي يرميها زوجها،و ينتفي من ولدها،و يلاعنها و يفارقها،ثمّ يقول بعد ذلك:الولد ولدي،و يكذّب نفسه،فقال:« أمّا المرأة فلا ترجع إليه أبداً،و أمّا الولد فأنا أردّه إليه و لا أدع ولده،و ليس له ميراث،و يرث الابن الأب،و لا يرث الأب الابن،و يكون ميراثه لأخواله،فإن لم يدّعه أبوه فإنّ أخواله يرثونه،و لا يرثهم،و إن دعاه أحد ابن الزّانية جلد الحدّ» (2).

و يستفاد منه ما ذكره المصنّف من أنّه بالاعتراف بعده لحق به الولد و ورثه الولد،و لا يرثه الأب،و لا من يتقرّب به،و ترثه الاُمّ،و من يتقرّب بها و علّل الحكم بإرث الولد أباه دون العكس؛ بأنّ اعترافه إقرار في حقّ نفسه بإرثه منه،و دعوى ولادته قد انتفت باللعان شرعاً،فيثبت إقراره على نفسه،و لا يثبت دعواه على غيره،و لذا لا يرث الابن أقرباء الأب،و لا يرثونه،إلّا مع تصديقهم على نسبه في قولٍ؛ لأنّ الإقرار

ص:504


1- الأول في:الكافي 6:12/165،قرب الإسناد:1012/256،الوسائل 22:415 أبواب اللعان ب 3 ح 3. و الثاني في:الكافي 7:3/160،التهذيب 9:1219/339،الوسائل 26:262 أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 2 ح 1.
2- الكافي 6:6/163،التهذيب 8:650/187،الإستبصار 3:1344/376،الوسائل 22:423 أبواب اللعان ب 6 ح 1.

لا يتعدّى المقر،و تمام الكلام في ذلك يأتي في كتاب الفرائض إن شاء اللّه تعالى.

و في سقوط الحدّ هنا روايتان،أشهرهما و أظهرهما السقوط و هو الصحيحان،في أحدهما:في رجل لاعن امرأته و هي حبلى،ثم ادّعى ولدها بعد ما ولدت،و زعم أنّه منه،قال:« يردّ إليه الولد،و لا يجلد؛ لأنّه قد مضى التّلاعن» (1)و نحوه الثاني (2).

و الرواية الثانية لمحمّد بن الفضيل،المشترك بين الضعيف و الثقة:

عن رجل لاعن امرأته،و انتفى من ولدها،ثمّ أكذب نفسه:« جلد الحدّ، و ردّ عليه ابنه و لا ترجع عليه امرأته» (3).

و إليها ذهب المفيد و العمّاني و الفاضل في القواعد و ولده في شرحه (4)؛ لوجوه اعتباريّة مدفوعة هي كالرواية؛ مع قصور سندها بما قدّمناه من الصحيحين الصريحين المعلّلين المعتضدين بالشهرة المحكيّة في العبارة،و الاستصحاب،و إطلاق الأدلّة الدالّة على درء الحدّ عنه بالملاعنة.

مضافاً إلى مفهوم الصحيحين الآخرين،في أحدهما:« فإذا أقرّ على نفسه قبل الملاعنة جلد حدّا،و هي امرأته» (5).

ص:505


1- الكافي 6:8/164،الفقيه 3:1668/348،التهذيب 8:672/192،الوسائل 22:424 أبواب اللعان ب 6 ح 2.
2- الكافي 6:13/165،الفقيه 4:755/237،التهذيب 8:660/190،الإستبصار 3:1339/375،الوسائل 22:425 أبواب اللعان ب 6 ح 6.
3- التهذيب 8:681/194،الإستبصار 3:1342/376،الوسائل 22:426 أبواب اللعان ب 6 ح 6.
4- المفيد في المقنعة:542،و حكاه عن العماني في إيضاح الفوائد 3:453،القواعد 2:94،الإيضاح 3:453.
5- الكافي 6:6/163،التهذيب 8:650/187،الوسائل 22:415 أبواب اللعان ب 3 ح 2.

و في الثاني:« إن نكل في الخامسة فهي امرأته و جلد الحد» (1)و نحوهما غيرهما (2).

و فيهما زيادةً على المفهوم،الدّلالة من وجه آخر،و هو التعرّض للأحكام المترتّبة على التكذيب من دون تعرّض لذكر الحدّ أصلاً،مع كون المقام فيهما مقام الحاجة جدّاً.

و نحوهما في الدّلالة من هذا الوجه غيرهما،و منه الرواية لراوي الثانية،فلا شبهة في المسألة أصلاً،و على تقديرها تدرأ الحدّ بها اتّفاقاً نصّاً و فتوى.

نعم في الانتصار الإجماع على ثبوت الحدّ (3)،الّا أنّه لا يكافئ ما قدّمناه من الأدلّة؛ مع أنّ غايته حصول الشّبهة،و تقدّم إلى حالها الإشارة.

و لو اعترفت تقلّل المرأة بالزناء بعد اللعان،لم يثبت الحدّ بمجرّده إجماعاً إلّا أن تقرّ أربعاً فيجب عند الأكثر على تردّد من الماتن هنا و في الشرائع و الفاضل في القواعد (4)،ينشأ:من عموم ما دلّ على ثبوت الحدّ بذلك.

و من الأُصول المتقدّمة مع النصوص؛ لمكان التعليل فيها بمضي اللعان،الظّاهر في العموم لغير موردهما،مع خلوّها عن التّعارض هنا،و بها يخرج عن العموم الأوّل لو كان،مع عدم انصرافه إلى نحو المقام من تعقّب الإقرار للّعان.

ص:506


1- الكافي 6:12/165،التهذيب 8:665/191،قرب الإسناد:1012/256،الوسائل 22:415 أبواب اللعان ب 3 ح 3.
2- الوسائل 22:414 أبواب اللعان ب 3.
3- الانتصار:145.
4- الشرائع 3:101،القواعد 2:94.

و هذه الشبهة و إن كانت ممكنة السريان في العمومات الدالّة على سقوط الحدّ باللعان؛ من حيث إنّ المتبادر منها عدم التعقب له بالاستمرار، و كونها مستمرّة على الإنكار،إلّا أنّ موجَب ذلك فقد العمومين المستلزم هو مع الأصل عدم الحدّ في البين.

و على تقدير ثبوت العموم من الطرفين بنحو يشمل المقام،فاللازم فيه الرجوع إلى الأصل؛ لفقد المرجّح لأحدهما عدا الشهرة في الأوّل،و هي معارضة بمفهوم التعليل في النصوص في الثاني،الذي هو بنفسه حجّة مستقلة دون الشهرة؛ إذ غايتها كونها مرجّحة،فهذا القول في غاية القوّة، و لو لم يكن كذلك فلا أقلّ من الشبهة،و هي كما عرفت للحدّ دارئة؛ و لذا اختار هذا القول فخر المحقّقين (1).

الثالث لو طلق فادّعت الحمل منه و أنكر

الثالث:لو طلق الرجل امرأته فادّعت الحمل منه و أنكر فإن كان بعد اتفاقهما على الدخول،لحق به الولد،و لم ينتف إلّا باللعان إجماعاً،و إن كان بعد الاتفاق على العدم انتفي بغير لعان.

و إن كان بعد الاختلاف فيه،فادّعته الزوجة و أنكره الزوج فإن أقامت بيّنة على أنّه أرخى عليها الستر،لاعنها و بانت منه،و عليه المهر كملاً وفاقاً للنهاية، (2)عملاً بالرواية الصحيحة و هي رواية علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام (3)،و التفاتاً إلى ظاهر الحال الناشئ من خلوة الشابّ بها،مع ظهور حملها،و أصالة الصحة في فعلها؛ لإسلامها.

ص:507


1- إيضاح الفوائد 3:454.
2- النهاية:523.
3- الكافي 6:12/165،التهذيب 8:677/193،قرب الإسناد:1003/254،مسائل علي بن جعفر:132/134،الوسائل 22:412 أبواب اللعان ب 2 ح 1.

خلافاً لأكثر من تأخّر،وفاقاً للحلّي (1)،فصاروا إلى مقتضى الأُصول، و هو توجه اليمين إلى الزوج،و انتفاء الولد عنه بها،و لزوم نصف المهر لها.

و الرواية و إن صحّ سندها؛ إلّا أنّها مخالفة للأُصول الثابتة بالأخبار الصحيحة في كلّ من مسألتي اشتراط اللعان بالدخول الذي هو حقيقة في الوطء خاصة،دون الخلوة،و عدمِ لزوم تمام المهر بها،كما في بحثه قد مضى (2).فحملها لذلك على التقية متوجه جدّاً،سيّما بملاحظة كونها عن مولانا الكاظم عليه السلام؛ لاشتدادها في زمانه،فمع جميع ذلك،كيف ينفع صحة الرواية؟! .و من هنا يفضي العجب من شيخنا في المسالك و العلّامة في المختلف (3)،حيث إنّهما بعد تزييفهما القول بمضمون الرواية،استشكلا ردّها بصحة سندها،و ليت شعري،أ فلا يرون إلى أنّ الأخبار الدالة على خلاف مضمونها صحيحة أيضاً،و مع ذلك عديدة،بل مستفيضة،معتضدة بسائر ما قدّمناه من الأدلّة.

و أمّا الوجه الاعتباري بعد تسليمه فغير صالح لتخصيص الأصل، كما هو الشأن في مواضع عديدة،مع أنّه اجتهاد في مقابلة النصوص المعتبرة و غيرها من الأدلّة،فهذا القول قوي غاية القوّة.

و قال في النهاية (4) بعد ذلك و إن لم تقم بيّنة،لزمه نصف

ص:508


1- السرائر 2:702؛ و انظر المسالك 2:113،و التنقيح الرائع 3:426.
2- راجع ص 45.
3- المسالك 2:113،المختلف:607.
4- النهاية:523.

المهر،و ضربت مائة سوط و لإشكال في الأوّل؛ لما مضى،مضافاً إلى مفهوم الرواية.

و لكن في إيجاب الحدّ الذي ذكره إشكال للأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة؛ لعدم دلالة الرواية عليه؛ و فساد ما علّل به من اعترافها بالوطء و الحبل،و عدم ثبوت السبب المحلّل الذي ادّعته؛ لعدم استلزام ذلك كونه عن زناء،و لا يلزم من انتفاء السبب الخاص انتفاء غيره من الأسباب.

مع أنّ انتفاء الخاص غير معلوم أيضاً،فإنّ عدم البيّنة غير ملازم له، بل مجامع لحصوله في نفس الأمر.

و على تقدير تسليم جميع ذلك لا وجه لإطلاق ثبوت الحدّ بمجرّد الاعتراف،بل لا بدّ من اشتراط الإقرار أربعاً.

الرابع إذا قذفها فماتت قبل اللعان فله الميراث و عليه الحدّ للوارث

الرابع:إذا قذفها فماتت قبل صدور اللعان منهما فله الميراث لبقاء الزوجية الموجبة له و عليه الحدّ للوارث بسبب القذف الغير المصادف للمسقط،و إليه ذهب الأكثر (1)،وفاقاً للحلّي (2)،و هو أظهر.

و في جواز اللعان حينئذ لإسقاط الحدّ قولان؛ للمنع كما عليه شارح الكتاب كالسيّد تبعاً للفاضل المقداد- (3)أنّه وظيفة شرعية موقوفة على النقل،و لم ينقل صحته عن الزوج بعد موت الزوجة.

ص:509


1- كالمحقق في الشرائع 3:101،و العلّامة في القواعد 2:94،و الشهيد في اللمعة(الروضة البهية 6):214.
2- السرائر 2:703.
3- السيد في نهاية المرام 2:239،الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:427.

و للجواز كما عليه الأكثر كالماتن في الشرائع و الفاضل و ولده في القواعد و شرحه و الشهيدين في اللمعتين- (1)أنّه إمّا أيمان أو شهادات، و كلاهما لا يتوقف على حياة المشهود عليه و المحلوف لأجله،و لعموم الآية،و قد تقدّم أنّ لعانه يسقط عنه الحدّ و يوجبه عليها،و لعانهما يوجب أحكاماً أربعة،فإذا انتفى الثاني بموتها بقي الأوّل خاصة فيسقط،و لعلّه أظهر.

كلّ ذا إذا ماتت قبل لعانه.

و أمّا لو ماتت بعده،فينبغي القطع بسقوط الحدّ عنه به،للأصل.

و في رواية أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:« إن قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه فلا ميراث له،و إن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها،أخذ الميراث» (2).

و نحوها رواية أخرى (3).و عمل بهما القاضي و ابن حمزة تبعاً للشيخ في النهاية (4).

و ضعفهما لإرسال الاُولى و تزيّد رواة الثانية- (5)يمنع عن العمل بهما.

ص:510


1- الشرائع 3:101،القواعد 2:94،إيضاح الفوائد 3:455،اللمعة و الروضة البهية 6:214.
2- التهذيب 8:664/190،الوسائل 22:435 أبواب اللعان ب 15 ح 1.
3- الفقيه 3:1669/348،التهذيب 8:679/194،الوسائل 22:435 أبواب اللعان ب 15 ح 2.
4- المهذب 2:310،الوسيلة:337،النهاية:523.
5- قد وقع في طريقها:أبو الجوزاء و حسين بن علوان و عمرو بن خالد،و كلّهم من الزيدية،الاستبصار 1:196/65،المسالك 2:121.

مضافاً إلى مخالفتهما الأصل؛ من حيث إنّ اللعان شرّع بين الزوجين، فلا يتعدّى إلى غيرهما،و إنّ لعان الوارث متعذّر؛ لأنّه إن أُريد مجرّد حضوره فليس بلعان حقيقي،و إن أُريد إيقاع الصيغ المعهودة من الزوجة فبعيد؛ لتعذّر القطع من الوارث على نفي فعل غيره غالباً،و إيقاعه على نفي العلم تغيير للصورة المنقولة شرعاً؛ و لأنّ الإرث قد استقرّ بالموت، فلا وجه لإسقاط اللعان المتجدد له.

و لذا قيل:لا يسقط الإرث بهذا اللعان و إن جوّزناه لإسقاط الحدّ، لاستقراره بالموت فلا يرفعه اللعان المتجدّد.

و الحمد للّه رب العالمين

ص:511

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.