ریاض المسائل فی تحقیق الاحکام بالدلایل المجلد 11

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الطباطبائي كربلائي، السید علي بن السيد محمد علي، 1161 - 1231ق.

عنوان واسم المؤلف:ریاض المسائل في تحقیق الاٴحکام بالدلائل المجلد 11/ تأليف السید علي بن السيد محمد علي الطباطبائي كربلائي؛ تحقیق موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث.

تفاصيل المنشور:قم: موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث، 1418ق.-= 1376-

مواصفات المظهر:16 ج.: نمونه.

الصقيع:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث؛ 204، 205، 206، 207، 212، 214.

ISBN: دوره: 964-319-088-9 ؛ 7500 ریال: ج. 9: 964-319-111-7 ؛ 8500 ریال: ج. 11: 964-319-273-3 ؛ 8500 ریال: ج. 12 964-319-274-1 : ؛ 8500 ریال: ج. 13 : 964-319-275-X ؛ ج. 15: 964-319-277-6 ؛ 9000 ریال: ج. 16: 964-319-278-4

حالة القائمة: الاستعانة بمصادر خارجية

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: هذا الكتاب تعليق على مختصرالنافع محقق حلي.

ملاحظة:ج.9 (الطبعة الأولى: 1419ق. = 1377).

ملاحظة:ج. 11 - 13 (مطبعة؟: 1421ق. = 1379).

ملاحظة:ج. 15و 16 (مطبعة؟: 1422ق. = 1380).

ملاحظة:فهرس.

عنوان:محقق حلي، جعفربن حسن، 672 - 602ق. المختصر النافع -- نقد و تفسیر

عنوان:فقه جعفري -- قرن 7ق.

المعرف المضاف:محقق حلي، جعفربن حسن، 676 - 602ق. المختصر النافع. شرح

المعرف المضاف:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث

ترتيب الكونجرس:BP182/م3م30216 1376

تصنيف ديوي:297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية:م 77-4774

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

بسم الله الرحمن الرحيم و به ثقتي و عليه توكّلي الحمد للّه ربّ العالمين،و صلّى اللّه على محمّدٍ و آله الطاهرين.

ص:5

ص:6

كتاب النكاح

اشارة

كتاب النكاح هو في اللغة:الوطء،على الأشهر كما نُقل (1)،بل عليه الإجماع في المختلف (2)(3)،و هو الظاهر من الجوهري (4)كغيره من أهلها (5)،إلّا أنّ المحكيّ عن الراغب استحالته (6).

و عن أبي القاسم الزجّاج:اشتراكه بينه و بين العقد (7).و هو الظاهر من غيره أيضاً (8).

و ربما قيل بمجازيّته فيهما؛ لأخذهما من الضمّ و الاختلاط

ص:7


1- نقله في كشف اللثام 2:6.
2- المختلف:523.
3- و عن الإيضاح 3:3.منه رحمه الله.
4- كما في الصحاح 1:413.
5- الفيروزآبادي في القاموس المحيط 1:263،الطريحي في مجمع البحرين 2:421.
6- راجع المفردات:505.
7- نقله عنه في المغرب 2:228.
8- تهذيب اللغة 4:103،المغرب 2:228.

و الغلبة (1).

و ردّ بعدم منافاة التجوّز باعتبار أصله الحقيقة فيهما،أو في أحدهما في عرف اللغة (2).

مضافاً إلى كون إطلاقه على الوطء باعتبار وجود أحد المعاني فيه، و هو لا ينافي الحقيقة.

و يتوجّه على الأول:أنّ عدم المنافاة فرع وجود الدليل على الدعوى، و ليس،فالأصل عدم النقل.

و على الثاني:أنّه يتوقّف صحّته على إرادة ما ذكر من حاقّ اللفظ و الخصوصيّة من الخارج،و ليس الكلام فيه،بل هو في استعماله في المركّب منهما،و هو غير الأصل،فيكون مجازاً.

و في الشرع:العقد خاصّة،على الأشهر كما حكي (3)،بل عن الشيخ و الحلّي و الإيضاح دعوى الإجماع عليه (4)،و هي الحجّة فيه،مع أصالة عدم النقل إن قلنا باتحاد اللغة معه،و غلبة استعماله في الشرع كذلك،حتى قيل:

إنّه لم يرد في القرآن بذلك إلّا قوله تعالى حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [1] (5)لاشتراط الوطء في المحلّل (6).و فيه نظر.

ص:8


1- قال به الفيومي في المصباح المنير:624.
2- كشف اللثام 2:6.
3- حكاه في كشف اللثام 2:6.
4- عدّة الأُصول 1:170،السرائر 2:524،الإيضاح 3:2،إلّا أنّه ليس في العدّة و الإيضاح دعوى الإجماع عليه.
5- البقرة:230.
6- حكاه في إيضاح الفوائد 3:3،جامع المقاصد 12:7،الحدائق 23:19،المسالك 1:430.

و هي (1)أمارة الحقيقة؛ لإيراثها التبادر،لا لصحّة النفي في مثل:«هذا سفاحٌ و ليس بنكاح» ؛ لاحتمال الاعتماد على القرينة كما فيه.

و قيل بالعكس؛ للأصل،بناءً على كونه لغةً كذلك (2).

و قيل بالاشتراك بينهما؛ للاستعمال و الأصل فيه الحقيقة و لقوله تعالى وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ [1] (3)لدخول الأمرين فيه (4).

و يضعّف الأول بعد تسليم الثبوت لغة كذلك-:بتخصيص الأصل بما مرّ.

و الثاني:بأعميّة الاستعمال،و عدم الدليل على إرادتهما معاً من الآية.

و تساويهما في الحكم على تقدير تسليمه غير ملازم لذلك.هذا على القول بجواز استعمال المشترك في معنييه،و إلّا فهو باطلٌ من أصله.

و أقسامه أي الكتاب ثلاثة و إنّما قلنا ذلك للزوم أن يلغو الظرف في قوله:«الأول:في الدائم» على تقدير رجوع الضمير إلى النكاح.

الأول في الدائم

اشارة

الأول:في النكاح الدائم.

و هو يستدعي فصولاً:

ص:9


1- أي الغلبة.
2- كما حكاه عنه في كشف اللثام 2:6.
3- النساء:22.
4- حكاه في كشف اللثام 2:6.

الأول في صيغة العقد،و أحكامه و آدابه

اشارة

الأول:

في صيغة العقد،و أحكامه و آدابه

الصيغة

أمّا الصيغة التي لا بُدّ هنا منها بإجماع علماء الإسلام ف هي:

الإيجاب و القبول و يشترط في الأول: النطق بأحد الألفاظ الثلاثة التي هي:

زوّجتك،و أنكحتك،و متّعتك و الاكتفاء بأحد الأوّلَين مجمعٌ عليه،كما في الروضة و عن التذكرة (1)و غيرهما (2)،و ورد بهما القرآن العزيز (3).

و بالثالث مختلفٌ فيه،فالأكثر و منهم الإسكافي و المرتضى و أبو الصلاح و ابن حمزة و الحلّي (4)كما حُكي (5)على المنع؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن،و التفاتاً إلى عدم ورود التعبير به في الدائم في شيء من الأخبار؛ لانحصار التعبير عنه فيها في الأوّلَين.

خلافاً للمتن و الشرائع و الإرشاد و النهاية (6)؛ لعدم النصّ على حصر لفظه في شيء،مع دلالته على المقصود،و كونهِ (7)من ألفاظ النكاح؛ لكونه

ص:10


1- الروضة 5:108،التذكرة 2:581.
2- انظر كشف اللثام 2:12،و التنقيح الرائع 3:7.
3- القصص:27 الأحزاب:37.
4- نقله عن الإسكافي في المختلف:533،المرتضى في الناصريات(الجوامع الفقهية):210،أبو الصلاح في الكافي:293،ابن حمزة في الوسيلة:291،الحلي في السرائر 2:550.
5- و عن ظاهر السيد في الطبريات(نقله عن كشف اللثام 2:12)الإجماع عليه.منه رحمه الله.
6- الشرائع 2:273،الإرشاد 2:6،النهاية:450.
7- أي لفظ المتعة.

حقيقةً في المنقطع منه و إن توقّف معه (1)على الأجل،كما لو عبّر بأحد الأولَين فيه و ميّزه به،فأصل اللفظ صالح للنوعين،فيكون حقيقةً في القدر المشترك بينهما،و يتميّزان بذكر الأجل و عدمه.

و حكمِ (2)جماعةٍ (3)تبعاً لروايةٍ بأنّه لو تزوّج متعةً و نسي ذكر الأجل انقلب دائماً (4)،و ذلك فرع صلاحيّة الصيغة له.

و في الجميع نظر؛ لعدم الاكتفاء في مثله بعدم النصّ على الحصر و مجرّد الدلالة على المقصود،و إلّا لاكتُفي بالإشارة المعربة عنه،و هو باطل إجماعاً.

و استلزام كونه حقيقةً في المنقطع مجازيّته في غيره مطلقاً (5)بمعونة أصالة عدم الاشتراك،فلا اشتراك معنويّاً.

و على تقدير كونه حقيقةً في القدر المشترك يستلزم مجازيّته في خصوص أحد الطرفين،و منه الدائم.

و دعوى إرادة الخصوصيّة من القرينة و هي عدم ذكر الأجل ممنوعة؛ لعدم الملازمة بينه و بين الدوام،كيف لا؟!و هو أوّل الكلام، فلا يكفي حينئذ؛ إذ لا يكفي ما يدلّ بالمجاز حذراً من عدم الانحصار.

و النقض بالأوّلين مدفوع بالوفاق،مع احتمال كون الاشتراك فيهما لفظيّاً،أو كونهما حقيقةً في الدائم مجازاً في المنقطع،فلا محذور.

هذا،بعد تسليم كونه (6)حقيقةً في القدر المشترك،و إلّا فالظاهر كونه

ص:11


1- أي مع المنقطع.
2- عطف على قوله:عدم النص.منه رحمه الله.
3- منهم الشيخ في النهاية:450،القاضي في المهذب 2:241،الحلبي في الكافي:298.
4- الوسائل 21:47 أبواب المتعة ب 20.
5- أي سواء كان الدائم أم القدر المشترك.منه رحمه الله.
6- أي لفظ المتعة.منه رحمه الله.

حقيقةً في المنقطع خاصّة؛ للتبادر،و صحّة السلب عن الدائم، و منع القول المحكيّ لضعف دليله و القبول هو اللفظ الدالّ صريحاً على الرضا بالإيجاب مطلقاً وافقه لفظاً أم خالفه مع الموافقة له معنىً،اقتصر على لفظه أم اتبع بالإيجاب عندنا.

خلافاً لبعض من خالفنا في الاقتصار (1).و هو ضعيف.

و هل يشترط وقوع تلك الألفاظ المعتبرة في الأمرين بلفظ الماضي؟الأحوط على بعض الوجوه،بل الأظهر الأشهر مطلقاً كما نُقل (2) نعم إمّا لأنّه صريحٌ في الإنشاء عرفاً عامّاً أو خاصّاً؛ لورود التعبير به شرعاً مجرّداً عن قرينة زائدة على قرينة التخاطب لا غير،فلا ينافيها (3)كونها للإخبار لغةً.

أو للاتّفاق على الوقوع به،فلا يعارَض بمثله ممّا هو بمعنى الإخبار؛ لبطلان القياس،و لزوم الاقتصار في المخالف على محلّ الوفاق.

خلافاً لمن سيأتي.

و لو أتى بلفظ الأمر قاصداً به الإنشاء المعتبر هنا،المعبّر عنه بالرضاء الباطني بالنكاح بالفعل كقوله أي الزوج و من في حكمه لها أو للولي و من في حكمه:زوِّجيني نفسك،أو زَوّجنيها،فقال:

زوّجتك،قيل:يصحّ القائل:الشيخ،و ابنا زهرة و حمزة،و الماتن في غير الكتاب (4).

ص:12


1- كالشافعي على ما حكاه عنه في المغني و الشرح الكبير 7:428.
2- نقله الشهيد الثاني في المسالك 1:442،و السبزواري في الكفاية:154.
3- أي الصراحة.
4- الشيخ في المبسوط 4:194،و الخلاف 4:291،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):609،ابن حمزة في الوسيلة:291،الماتن في الشرائع 2:273.

كما في قضيّة سهل الساعدي المشهورة،المرويّة بطرق من الخاصّة و العامّة،و فيها الصحيح:إنّ رجلاً سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تزويج امرأة،فقال:زَوّجنِيها،فسأله عمّا يصدقها به إلى أن قال:

«زوّجتك بما معك من القرآن» (1).و ليس فيها في شيء من الطرق إعادة القبول،مع أنّ الأصل عدمها.

و الأقوى:المنع،وفاقاً للأكثر،و منهم:السرائر و الجامع و المختلف و ابن سعيد (2)و اللمعة و الروضة (3)؛ عملاً بأصالة الحرمة،و استضعافاً للرواية بعدم الصراحة و الظهور التامّ،الذي هو المناط لتخصيص مثلها (4).

و اختصاصها بالقبول مع وقوع التصريح فيها بالماضي في الإيجاب، و هو و إن كان يندفع بالإجماع،إلّا أنّه لا يرفع الوهن الحاصل فيها به، المعتبر مثله في التعارض،الموجب لمرجوحيّة المشتمل عليه.

و قصورها عن المقاومة للأصالة المزبورة؛ لاشتهار العمل بها بين الطائفة،و اعتضادها بالاحتياط المأمور به في الشريعة.

نعم،قد لا يجامعها الاحتياط،بل يخالفها فيما إذا وقع العقد بما في الرواية،و لا ريب أنّه خلاف الاحتياط الحكم حينئذٍ بعدم الزوجيّة؛ لاحتمالها بالبديهة.

ص:13


1- قال في المسالك 2:443 كما ورد في خبر سهل الساعدي المشهور بين العامة و الخاصة،و رواه كل منهما في الصحيح.إلّا أنّا لم نقف عليه بهذا المتن في مصادر حديثنا.نعم،ورد بتفاوتٍ في عوالي اللئلئ 2:8/263،المستدرك 14:313 أبواب عقد النكاح ب 1 ح 4.
2- كذا في النسخ،و لعلّه تكرار لسبق ذكر الجامع.
3- السرائر 2:574،الجامع للشرائع:437،المختلف:533،الروضة البهية 5:109.
4- أي مثل أصالة الحرمة.

و ممّا ذُكِرَ ظهر وجه تقييد الاحتياط في المتن ببعض الوجوه،و ينبغي مراعاته حينئذٍ أيضاً بعقد جديد بلفظ الماضي مع بقاء التراضي،و إجراء الطلاق مع العدم.

و لو أتى بلفظ المستقبل قاصداً به الإنشاء كقوله:أتَزوَّجُكِ و قالت:زَوَّجتُكَ نفسي قيل:يجوز القائل:العماني و الماتن في غير الكتاب (1)،و جماعة (2).

للروايات المستفيضة في تجويز مثله في عقد المتعة:

منها الموثّق:قال:«لا بُدّ أن يقول فيه هذه الشروط:أتَزَوَّجُكِ متعةً على كذا و كذا» الحديث (3).

و مثله الحسن:قال:«تقول:أتَزَوَّجُكِ متعةً على كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيّه صلى الله عليه و آله» الخبر (4).

و مثلهما رواية أبان بن تغلب،المشار إليها بقوله: كما في خبر أبان عن مولانا الصادق عليه السلام في المتعة:«أتَزَوَّجُكِ متعةً..فإذا قالت:

نعم..فهي امرأتك (5) و كذا غيرها (6)المشترك معها في ضعف الإسناد،و الأوّلان و إن اعتبرا

ص:14


1- نقله عن العماني في الحدائق 23:163،الماتن في الشرائع 2:273.
2- منهم السبزواري في الكفاية:154،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:12،و صاحب الحدائق 23:164.
3- الكافي 5:2/455،التهذيب 7:1138/263،الوسائل 21:44 أبواب المتعة ب 18 ح 4.
4- الكافي 5:/455 4،التهذيب 7:/263 1137،الوسائل 21:43 أبواب المتعة ب 18 ح 2.
5- الكافي 5:3/455،التهذيب 7:1145/265،الإستبصار 3:551/150،الوسائل 21:43 أبواب المتعة ب 18 ح 1.
6- الكافي 5:5/455،الوسائل 21:44 أبواب المتعة ب 18 ح 3.

بحَسَبه إلّا أنّهما بالقطع،و عدم النسبة إلى إمام مشاركان لها فيه ايضاً، فلا يمكن الاستناد إليها في الجواز.

مضافاً إلى اختصاصها بالمتعة،و لا بُدّ من الدليل في التعدية إلى ما حكم به الجماعة،و فقده واضح بالبديهة.

فإذاً القول بالمنع في غاية القوّة؛ بالنظر إلى أصالة الحرمة،و عدم الدليل على الإباحة بهذه العبارة،وفاقاً للمختلف و ابني سعيد و حمزة و الشهيدين في اللمعة و الروضة (1).

نعم،مراعاة الاحتياط المتقدّم في الصورة المزبورة في سابق هذه المسألة محمودة في الشريعة.و القول بعدم الجواز في هذه المسألة أقوى منه في المسألة السابقة.

و لو قال مستفهمٌ للوليّ: زوَّجتَ بنتك من فلان؟فقال:نعم بقصد إعادة اللفظ تقديراً،و إقامة«نعم» مقامه للإنشاء لا بقصد جواب الاستفهام فقال الزوج:قَبِلتُ،صحّ عند المصنّف هنا،و في الشرائع على تردّد (2)،وفاقاً للشيخ و ابن حمزة،و العلّامة في الإرشاد قطعاً،و في القواعد مستشكلاً (3).

لأنّه يتضمّن السؤال و جارٍ مجراه اتّفاقاً،فكأنّه قال:زوَّجْتُها منه، و ربما يرشد إليه خبر أبان المتقدّم و غيره.

و التردّد و الاستشكال لضعف الرواية و اختصاصها بالمتعة،و التأمّل في

ص:15


1- المختلف:533،ابن سعيد في الجامع للشرائع:437،ابن حمزة في الوسيلة:291،الروضة البهية 5:109.
2- الشرائع 2:273.
3- الشيخ في المبسوط 4:193،ابن حمزة في الوسيلة:291،الإرشاد 2:6،القواعد 2:4.

أنّ حكمَ الصّريح في الشيء حكمهُ شرعاً.

مضافاً إلى أنّ مقتضى تضمّنه السؤال إفادته الإخبار الخالي عن الإنشاء،بناءً على تضمّن السؤال الاستخبار عن وقوع المسئول في الماضي،و مراعاة التطبيق بينه و بين الجواب يستلزم كونه إخباراً عن الوقوع،لا إنشاءً للتزويج،فلو صرّح به فيه لارتفع التطابق اللازم المراعاة، و من هنا يمكن أن يقال بعدم وقوع التزويج لو أبدل«نعم» بالصريح (1).

فالأقوى:المنع،تبعاً للأكثر كما في المسالك (2)؛ عملاً بالأصل الخالي عن المعارض.

و لا يشترط تقديم الإيجاب على القبول في المشهور،بل عليه الإجماع عن المبسوط و السرائر (3)؛ و هو الحجّة في تخصيص الأصل.

لا التعليل بأنّ العقد هو الإيجاب و القبول،و أنّ الترتيب كيف اتفق غير مخلٍّ بالمقصود.

و أنّه يزيد النكاح على غيره بأنّ الإيجاب من المرأة،و هي تستحيي غالباً من الابتداء به،فاغتُفِرَ هنا و إن خولف في غيره؛ لعدم الدليل على الاغتفار.

لعدم ما يدلّ على كفاية الاستحياء،مع أنّه أخصّ.

و كون الأوّل مصادرة،إلّا على تقدير عمومٍ دالٍّ على كفاية حصول المقصود باللفظين بأيّ وجهٍ اتفق،و فقده ظاهر.و لذا رجعوا إلى الأصل في كل ما اختُلِفَ في صحّته مع عدم قيام دليلٍ عليها،و على تقدير وجوده لزم أن يكون الأمر بالعكس،فتدبّر.

ص:16


1- أي زوَّجتُ.
2- المسالك 1:444.
3- المبسوط 4:194،السرائر 2:574.

ثم إنّه يعتبر حيثما قدّم القبول كونه بغير:قبلتُ و رضيتُ،ك:

نكحتُ و تزوّجتُ،و هو حينئذٍ بمعنى الإيجاب؛ و ذلك لعدم صدق المعنى بذلك.

و يجب إيقاع الركنين بالعربيّة و لا تجزي الترجمة عنهما أو أحدهما بمثل الفارسيّة مع القدرة على النطق على الأشهر الأظهر،بل اتّفاقاً منّا كما عن المبسوط و التذكرة (1).

لتوقيفيّة العقود،و لزوم تلقّيها من الشارع،و ليس ما وصل إلّا ما ذُكِر، مع الأصل و الاحتياط في الفروج.

و احتمالُ كون اقتصاره بذلك لكونه عرفه و اصطلاحه فلا يمنع عن جواز غيره،حسنٌ مع قيام دليلٍ على صحّته عموماً أو خصوصاً،و فقدهما ظاهر،فإجازة ابن حمزة ذلك ضعيفة،لكن مع استحباب العربيّة (2).

و تجزئ كما قطع به الأصحاب كما حكي (3) مع العذر كالمشقّة الكثيرة في التعلّم،أو فوات بعض الأغراض المقصودة كالأعجم و لا فرق في ذلك بين العجز عن الركنين أو أحدهما،و لكن تختصّ الرخصة في الأخير بالعاجز،و يُلزَم بالعربيّة غيره،و يصحّ حينئذٍ أيضاً كما في اختلاف الترجمتين،بشرط فهم كلّ منهما كلام الآخر،و لو بمترجمين عدلين،أو عدل واحد في وجهٍ قوي،و ذلك مع عدم حصول القطع بإخباره،و معه فلا ريب في كفايته.

و الأصل في المسألة بعد حكاية الإجماع فحوى اجتزاء الأخرس

ص:17


1- المبسوط 4:194،التذكرة 2:582.
2- ابن حمزة في الوسيلة:291.
3- الحاكي هو الفاضل الهندي في شرح القواعد(كشف اللثام 2:12).منه رحمه الله.

بالإشارة في الطلاق،مع لزوم الحرج في الاقتصار بالعربيّة و لو في الجملة، فلا وجه لإيجاب التوكيل،و لا سيّما في مقابلة الأصل بالمرّة (1).

و كذا تجزئ الإشارة المفهمة للآخر المراد للأخرس مطلقاً،موجِباً كان أو قابلاً أو هما معاً،أصليّاً كان أو طارئاً؛ لقطع الأصحاب به هنا أيضاً كما حكي (2)،و للضرورة،مع أصالة عدم لزوم التوكيل،مضافاً إلى عدم تعارفه،و التأيّد بالاكتفاء بها في الطلاق.

أمّا الأحكام،فمسائل
اشارة

و أمّا الأحكام،فمسائل أربع:

الاُولى لا حكم لعبارة الصبي

الاُولى:لا حكم لعبارة الصبي و الصبيّة مطلقاً (3) و لا المجنون و المجنونة كذلك و إن كان أدواريّاً،بشرط عدم الإفاقة حين العقد.

للأصل،مع عدم الدليل على اعتبارها،مضافاً إلى فقد القصد الباطني المشترط في الصحّة إجماعاً في بعض الصور.

و لا السكران مطلقاً،موجباً كان أو قابلاً،أجاز بعد الإفاقة أم لا،على أصحّ القولين و أشهرهما؛ لعين ما ذُكِر.

و ليس في صورة الإجازة من الفضولي فيلحق به لعموم أدلّة جوازه؛ لاختصاصه بالصحيح لا الفاسد من أصله.و على تقدير كونه منه يمنع الإلحاق بمنع العموم؛ لاختصاص المصحّح له بما ذكرنا،فلا يقيّد الأصل إلّا بدليل.

ص:18


1- و في الكفاية(155)نقل الاتّفاق ظاهراً على عدم وجوب التوكيل.منه عفي عنه و عن والديه.
2- الحاكي هو الفاضل الهندي في شرح القواعد(كشف اللثام 2:12).منه رحمه الله.
3- أي مميّزاً كان أم غيره،و خصّهما الولي في إجراء الصيغة أم لا،أجاز بعده أم لا.منه رحمه الله.

و لكن ورد في رواية صحيحة عمل بها الشيخ في النهاية و تبعه ابن البرّاج (1):أنّه إذا زوّجت السَّكرى نفسها،ثم أفاقت فرضيت، أو دخل بها فأفاقت و أقرّته،كان ماضياً (2) إلّا أنّها لمخالفتها الأُصول القطعيّة،المعتضدة في خصوص المقام بالشهرة العظيمة،لا يجوز التعويل عليها في مقابلتها و تخصيصها بها؛ مع أنّ المذكور فيها الإنكار بعد الإفاقة،الملازم لعدم الرضاء بالصحّة،نعم تضمّنت الإقامة معه بعده لمظنّة اللزوم،إلّا أنّها مع عدم معلوميّة كونها الرضاء المعتبر غير نافعة بعد الإنكار.

فلا يمكن الإلحاق بالفضولي من هذا الوجه أيضاً،فطرحها رأساً أو حملها على ما في المختلف (3)و غيره (4)و إن بَعُدَ متعيّن.

الثانية لا يشترط حضور شاهدين

الثانية:لا يشترط في صحّة العقد حضور شاهدين عدلين مطلقاً،دائماً كان أو منقطعاً،تحليلاً أو ملكاً؛ لعموم بعض النصوص (5)، مع الإجماع فيما عدا الأوّل.و لا ينافيه اختصاص الباقي أو التخصيص فيها بالأوّل؛ لوروده في مقام الردّ على جمهور الجمهور المعتبرين له فيه، فلا عبرة بمفهومه لو كان.

و هذا الحكم مشهور بين الأصحاب،بل كاد أن يكون إجماعاً،بل

ص:19


1- النهاية:468،ابن البراج في المهذب 2:196.
2- الفقيه 3:1230/259،التهذيب 7:1571/392،الوسائل 20:294 أبواب عقد النكاح ب 14 ح 1.
3- المختلف:538.
4- انظر السرائر 2:571.
5- التهذيب 7:1635/409،الوسائل 20:99 أبواب مقدمات النكاح ب 43 ح 6.

حكي صريحاً عن الانتصار و الناصريات و الخلاف و الغنية و السرائر و التذكرة (1)(2)،و النصوص به مستفيضة (3)،منها:الحسان بل الصحاح على الصحيح و الموثّقان.

ففي الحسن:في الرجل يتزوّج بغير بيّنة،قال:«لا بأس» (4).

خلافاً للحَسَن (5)،فاشترطه؛ للخبر:«التزويج الدائم لا يكون إلّا بوليّ و شاهدين» (6).

و هو مع ضعفه سنداً،و قصوره عن المقاومة لما تقدّم عدداً و اعتباراً محمولٌ على التقيّة،و يؤيّده كونه مكاتبة؛ مع إشعار متنه بذلك أيضاً، كتصريح غيره به،كالموثّق (7)و غيره (8).

نعم،يستحبّ ذلك؛ لدفع التهمة و تحقّق النسب و الميراث و القسم و النفقات،و به بعض المعتبرة (9).

و لا حضور وليّ مطلقاً إذا كانت الزوجة بالغةً رشيدةً،على

ص:20


1- حكاه عنهم في كشف اللثام 2:7،و هو في الانتصار:118،الناصريات(الجوامع الفقهية):210،الخلاف 4:261،الغنية(الجوامع الفقهية):610،السرائر 2:550،التذكرة 2:571.
2- و التنقيح(3:12)،و المسالك(1:431).منه رحمه الله.
3- الوسائل 20:97 أبواب مقدمات النكاح ب 43.
4- الكافي 5:3/387،الوسائل 20:98 أبواب مقدمات النكاح ب 43 ح 4.
5- و هو ابن أبي عقيل،على ما حكاه عنه في المختلف:535.
6- التهذيب 7:1101/255،الإستبصار 3:529/146،الوسائل 21:34 أبواب المتعة ب 11 ح 11.
7- التهذيب 6:774/281،الإستبصار 3:81/26،الوسائل 27:360 أبواب الشهادات ب 24 ح 35.
8- الوسائل 20:97 أبواب مقدمات النكاح ب 43.
9- الوسائل 20:97 أبواب مقدمات النكاح ب 43 الأحاديث 1،2،3،6،8.

الأصحّ الأشهر،كما يأتي.

الثالثة لو ادّعى زوجيّة امرأة،و ادّعت أُختها زوجيّته فالحكم لبيّنة الرجل

الثالثة:لو ادّعى رجل زوجيّة امرأة،و ادّعت أُختها زوجيّته : فمع عدم البيّنة منهما و الدخول بالمدّعية،الحكم له في قطع دعواها مع اليمين،و كذلك معه (1)على الأظهر؛ لترجيح الأصل على الظاهر.

و لها مع الردّ،فتحلف على الدعوى،و على نفي العلم بما ادّعى.

و كذا الحكم له مع اختصاص البيّنة به،فيحلف معها.و قيل بعدم لزومه (2).و هو مشكل.و لا فرق فيه بين الدخول و العدم،كما تقدّم.

و مع اختصاصها بها فالحكم لها مع الحلف على نفي العلم.

و معها لهما مطلقاً (3)، فالحكم لبيّنة الرجل قيل:لرجحانها على بيّنتها؛ لإنكارها فعله الذي لا يعلم إلّا من قبله، فلعلّه عقد على الاُولى قبل العقد عليها (4).

و فيه نظر،مضافاً إلى اختصاصه بصورة إطلاق البيّنتين،أمّا مع تأرّخهما بتاريخين متساويين فلا.

فالأصل في المسألة الخبر الذي ضعفه و لو من وجوه،بالشهرة بل و عدم الخلاف و الإجماع المحكيّ (5)قد انجبر-:في رجل ادّعى على امرأة أنّه تزوّجها بوليّ و شهود،و أنكرت المرأة ذلك،و أقامت أُخت هذه المرأة على هذا الرجل البينة أنّه تزوّجها بوليّ و شهود و لم توقّت وقتاً:«أنّ البيّنة

ص:21


1- أي مع الدخول.
2- الروضة 5:132.
3- أي سواء كانت البيِّنتان مطلقتين أو مؤرّختين بتأريخين متساويين.منه رحمه الله.
4- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:14.
5- المسالك 1:446.

بيّنة الزوج،و لا تقبل بيّنة المرأة؛ لأنّ الزوج قد استحقّ بضع هذه المرأة، و تريد أُختها فساد هذا النكاح،و لا تصدّق (1)و لا تقبل بيّنتها إلّا بوقت قبل وقتها أو دخول بها» (2).

و إشكال بعضهم فيه بأنّ الزوج منكر فلا وجه لتقديم بيّنته (3)؛ مدفوعٌ بصراحته بإنكار الاُولى زوجيّته،فاعتبار بيّنته بالإضافة إليها لكونه مدّعياً في مقابلها.

و أمّا التقديم فلعلّه للرجحان المتقدّم،مع أنّه لا يمكن الجمع بين قضيّتهما؛ للتنافي،كذا قيل (4).

و هو حسن،إلّا في وجه التقديم،و فيه النظر السابق.

نعم،يتوجّه عليه حينئذٍ:أنّ الإشكال في التقديم إنّما هو من حيث ارتكابه بلا مرجّح لا من حيث إنّه منكر فلا وجه لتقديم بيّنته،ففيه المخالفة للقاعدة من هذه الجهة؛ و لذا يستشكل في انسحاب الحكم في مثل البنت و الأُمّ:من التساوي،و الخروج عن النصّ،و هو الأقوى،لا لما ذكره.

نعم،الإشكال من تلك الجهة أيضاً متوجّه على إطلاق (5)عبائر الأصحاب،إلّا أن يُخَصَّ بما في النص.

و ظاهر إطلاقه كإطلاق كلام الأكثر الاكتفاء في التقديم بالبيّنة من

ص:22


1- ليست في«ص».
2- الكافي 5:26/562،التهذيب 7:1729/433،الوسائل 20:299 أبواب عقد النكاح ب 22 ح 1.
3- كما في المسالك 1:446.
4- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:14.
5- المشتمل لما إذا لم تكن المرأة الأُولى منكرة.منه رحمه الله.

دون يمين،و إلّا للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.

و ربما قيل بعدمه و لزوم ضمّها إليها؛ جمعاً بينه و بين القاعدة، فيحلف الرجل؛ من حيث إنّ بيّنته إنّما هي لإثبات ما ادّعاه على المرأة الأُولى،و بينه و بين أُختها دعوى اخرى،و هو منكر بالنسبة إليها،فلا بُدّ من اليمين لقطع دعواها،و لا يضرّ إقامتها البيّنة؛ لإمكان سبق العقد على الاُولى (1).و هو أحوط،فتقدّم بيّنته معها.

إلّا أن يكون مع بيّنة المرأة المدّعية ترجيحٌ على بيّنة الرجل من دخول،أو سبق تاريخ فيحكم لها حينئذٍ مطلقاً،كما في ظاهر الخبر.

و ربما يشترط في المرجّح الأول حلفها على نفي العلم بما ادّعى؛ لاحتمال تقدّم العقد على الاُولى،و لتعارض البيّنتين في أنفسهما بالنظر إلى المرأتين و إن كانت مدّعية خاصّة،و الدخول غايته رفع مرجّح بيّنته،فيبقى التعارض إلى أن تحلف.و ليس في ذلك خروجٌ عن النصّ؛ إذ غايته ترجيح البيّنة،و هو لا ينافي إيجاب اليمين،و هو كالسابق و إن خالف ظاهر الخبر،إلّا أنّه أحوط.

و لو عقد على امرأة،و ادّعى آخر زوجيّتها،لم يلتفت إلى دعواه، إلّا مع البيّنة فتقبل دعواه حينئذٍ لا مطلقاً،بلا خلاف؛ للنصوص:

منها الحسن:إنّ أخي مات و تزوّجت امرأته،فجاء عمّي فادّعى أنّه كان تزوّجها سرّاً،فسألتها عن ذلك فأنكرت أشدّ الإنكار،فقالت:ما كان بيني و بينه شيء قطّ،فقال:«يلزمك إقرارها و يلزمه إنكارها» (2).

ص:23


1- انظر كشف اللثام 2:14.
2- الكافي 5:27/563،الفقيه 3:1452/303،الوسائل 20:299 أبواب عقد النكاح ب 23 ح 1.

و الخبر:عن رجل تزوّج امرأة في بلد من البلدان،فسألها:أ لك زوج؟فقالت:لا،فتزوَّجَها،ثم إنّ رجلاً أتاه فقال:هي امرأتي،فأنكرت المرأة ذلك،ما يلزم الزوج؟فقال:«هي امرأته،إلّا أن يقيم البيّنة» (1).

و أمّا الموثّق الناهي عن القرب منها إن كان المدّعى ثقة (2)،فشاذّ، فحمله على الاستحباب متعيّن.

ثم إنّ مقتضى الأصل كإطلاق العبارة و النصوص الماضية انقطاع الدعوى بعدم البيّنة مطلقاً و لو لم تحلف المرأة،و لا خلاف فيه بالإضافة إلى نفي الزوجيّة للمدّعي.

و أمّا بالإضافة إلى ما يترتّب عليه فكذلك؛ لما مرّ من الأصل و إطلاق النصّ.

خلافاً لجماعة،فأوجبوا اليمين عليها بالإضافة إلى هذا (3)؛ تمسّكاً بعموم:«اليمين على من أنكر» (4)فيخصّ به الأصل و إطلاق ما مرّ.

و فيه نظر؛ لعدم عمومٍ فيه يشمل ما نحن فيه؛ نظراً إلى أنّ المتبادر منه لزوم الحلف لقطع أصل الدعوى لا لوازمه،و العمدة في التعدية هو الإجماع،و ليس؛ لظهور إطلاق عبائر الأكثر فيما مرّ.و لكن الأحوط:

اليمين.

ثم ظاهر الحصر في العبارة:انحصار انقطاع الدعوى بالبيّنة، فلا يتحقّق بإقرار المرأة،و به صرّح جماعة (5)؛ و لعلّ الوجه فيه مع خلوّ

ص:24


1- التهذيب 7:1874/468،الوسائل 20:300 أبواب عقد النكاح ب 23 ح 3.
2- التهذيب 7:1845/461،الوسائل 20:300 أبواب عقد النكاح ب 23 ح 2.
3- منهم الشهيد الثاني في الروضة 5:124،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:14.
4- غوالي اللئلئ 2:10/258،ج 3:22/523.
5- منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:14،و البحراني في الحدائق 23:188.

النصوص الماضية عنه الأصل،و أنّه إقرارٌ في حقّ الغير،فلا يسمع.

الرابعة لو كان لرجل عدّة بنات فزوّج واحدة و لم يُسَمِّها

الرابعة :يشترط تعيين الزوج و الزوجة بالاسم،أو الإشارة،أو الوصف القاطع للشركة،إجماعاً؛ للأصل،و لزوم الضرر و الغرر بعدمه، المنفيّين بالأدلّة القطعيّة،و للصحيح الآتي في الجملة.

و يتفرّع عليه ما لو كان لرجل عدّة بنات فزوّج واحدة منهنّ و لم يُسَمِّها و لا ميّزها بغيره،فإن لم يقصد معيّنة بطل النكاح مطلقاً (1)، كبطلانه بقصده مع عدم قصد الزوج،أو قَصْده الخلاف؛ لعدم التعيين في شيء من ذلك.

و إن قصدا معيّنة ثم اختلفا في المعقود عليها بعد الاتّفاق على صحّة العقد،المستلزم لورود الطرفين على واحدة بالنيّة المتّفق عليها بينهما فيبطل أيضاً مطلقاً عند الحلّي و المسالك و الروضة (2)؛ لعين ما ذكر في الصور السابقة.

و يصحّ على الأظهر،وفاقاً للأكثر كما في المسالك (3)،و منهم:النهاية و القاضي و الفاضلان و اللمعة (4)،و غيرهم (5).لكن بشرط يأتي ذكره، لا مطلقاً.

فالقول قول الأب،و عليه أن يسلّم إليه التي قصدها في العقد إن

ص:25


1- أعمّ من أن يكون الزوج قصد إحداهنّ أم لا.منه رحمه الله.
2- الحلي في السرائر 2:573،المسالك 1:446،الروضة 5:113.
3- المسالك 1:445.
4- النهاية:468،القاضي في المهذب 2:196،المحقق في الشرائع 2:275،العلاّمة في التحرير 2:5،و القواعد 2:4،و التذكرة 2:584،اللمعة(الروضة)5:113.
5- الكفاية:155.

كان الزوج رَآهُنّ هذا شرط للتقديم،لا وجوب التسليم،و هو المراد بما وعدناه.

و إن لم يكن رَآهُنّ فالعقد باطل كما في الصحيح (1)،و عليه العمل؛ لصحّة سنده،مع عمل الأكثر بمضمونه،فتُخصَّص به القاعدة؛ لمخالفته لها بدلالته على صحّة العقد مع عدم التسمية مع الرؤية،و عدمها مع العدم.و مقتضاها البطلان مطلقاً مع الرؤية و عدمها.

و لا يتصوّر الفارق بينهما إلّا ما قيل من ظهور رضاء الزوج بتعيين الأب،و تفويضه ذلك إليه مع الرؤية،و عدمه مع عدمها فيبطل (2).

و هو مشكل؛ لأعمّية الرؤية من التفويض المدّعى،كأعمّية عدمها من عدمه.

و دعوى ظهورها فيه كدعوى ظهور عدمها في عدمه ممنوعة.

فالاعتذار بالتعبّدية أولى من ارتكاب التوجيه في الفَرْق بمثل ذلك.

و للمخالفة المزبورة طَرَحَه (3)الحلّي رأساً (4)؛ بناءً على أصله لكونه من الآحاد.

و لا وجه لطرحه سوى ذلك،فمتابعة شيخنا في المسالك (5)له فيه لا وجه لها،مع عدم موافقته له على أصله.

ص:26


1- الكافي 5:1/412،الفقيه 3:1268/267،التهذيب 7:1574/393.
2- قال به المحقّق الثاني في جامع المقاصد 12:81.
3- أي الصحيح منه رحمه الله.
4- السرائر 2:573.
5- المسالك 1:446.
أمّا الآداب
اشارة

و أمّا الآداب.

فقسمان:

الأول آداب العقد

الأول:آداب العقد.

و هي أُمور:

منها:أنّه يُستحَبّ أن يتخيّر من النساء البكر للنصوص،منها:النبويّ:«تزوّجوا الأبكار،فإنّهنّ أطيبُ شيءٍ أفواهاً،و أدرُّ شيءٍ أخلافاً» بالفاء«و أحسنُ شيءٍ أخلاقاً،و أفْتَخُ (1)شيءٍ أرحاماً» (2).

و لأنّه أحرى بالموافقة و الائتلاف.

العفيفة فرجاً و غيره؛ للنصوص (3)،و حفظ النسب.

قيل:و لأنّ الإعراض عن الفاسقة ضربٌ من إنكار المنكر (4).و فيه نظر.

الكريمة الأصل الغير الناشئة هي و آباؤها و أُمّهاتها عن زناء و حيض و شبهه،البعيدة هي كوالدتها عن الألسن؛ للنصوص:

منها:النبويّ:«تخيّروا لنطفكم،و لا تضعوها في غير الأكفاء» (5).

ص:27


1- بالخاء المعجمة،أي:ألين و أنعم،كما عن السرائر 2:560.منه رحمه الله.
2- الكافي 5:1/334،التهذيب 7:1598/400،التوحيد:10/395،الوسائل 20:55 أبواب مقدمات النكاح ب 17 ح 1،2 بتفاوت.
3- الكافي 5:1/324،الفقيه 3:1167/246،التهذيب 7:1597/400،الوسائل 20:28 أبواب مقدمات النكاح ب 6 ح 2.
4- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:6.
5- سنن الدارقطني 3:198/299 إلّا أنّ فيه:لا تضعوها إلّا في الأكفاء.

و في آخر:«إيّاكم و خضراء الدِّمَن» قيل:و ما خضراء الدِّمَن؟قال:

«هي المرأة الحسناء في منبت السوء» (1).

و منها: أن يقصد السنّة و يراعي الأصل و العفّة،و لا يقصر على الجمال و المال و الثروة فربما حرمهما كما عن مولانا الصادق عليه السلام:«إذا تزوّج الرجل المرأة لجمالها أو مالها وُكِّل إلى ذلك،و إذا تزوّجها لدينها رزقه اللّه تعالى الجمال و المال» (2).

و منها:أن يصلّي مُريد التزويج قبل تعيين المرأة ركعتين و يحمد اللّه تعالى بعدهما و يسأل اللّه تعالى أن يرزقه من النساء أعفّهنّ فرجاً و أحفظهنّ له ما عليها نفساً و مالا و أوسعهنّ رزقاً،و أعظمهنّ بركة في نفسها و ولدها.

كما عن مولانا الصادق عليه السلام:«إذا همَّ بذلك فليصلّ ركعتين، و يحمد اللّه تعالى و يقول:اللّهمّ إنّي أُريد أن أتزوّج،فقدّر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً،و أحفظهنّ لي في نفسها و في مالي،و أوسعهنّ رزقاً، و أعظمهنّ بركة،و قدّر لي منها ولداً طيّباً تجعله خَلَفاً صالحاً في حياتي و بعد موتي» (3).

و يستحبّ الإشهاد و الإعلان في العقد،و لا يجب كما مرّ قريباً (4).

و الخُطبة بضمّ الخاء أمام العقد ؛ للتأسّي،و أقلّها:الحمد للّه،

ص:28


1- معاني الأخبار:1/316،الوسائل 20:35 أبواب مقدمات النكاح ب 7 ح 7.
2- الكافي 5:3/333،الفقيه 3:1180/248،التهذيب 7:1609/403،الوسائل 20:49 أبواب مقدمات النكاح ب 14 ح 1.
3- الكافي 5:3/501،الفقيه 3:1187/249،التهذيب 7:1627/407،الوسائل 20:113 أبواب مقدمات النكاح ب 53 ح 1.
4- في ص:19.

كما في بعض الأخبار (1)،و أكملها الخطب المرويّة عنهم عليهم السلام،و هي كثيرة (2).

و إيقاعه ليلاً فعن مولانا الرضا عليه السلام:«من السنّة:التزويج بالليل؛ لأنّ اللّه تعالى جعل الليل سكناً،و النساء إنّما هنّ سكن» (3).

و يكره إيقاعه و القمر في برج العقرب ؛ لقول الصادق عليه السلام:

«مَن تزوّج و القمر في العقرب لم يرَ الحُسنى» (4).

و أن يتزوّج العقيم التي لم تلد،بل تستحبّ الولود،التي من شأنها ذلك بعدم يأسها و لا صغرها و لا عقمها.

قال عليه السلام:«تزوّجوا بكراً ولوداً،و لا تزوّجوا حسناء جميلة عاقراً، فإنّي أُباهي بكم الأُمم يوم القيامة حتى بالسقط يظلّ مُحْبَنِْطئاً (5)على باب الجنّة،فيقول اللّه عزّ و جلّ:أدخل الجنّة،فيقول:لا،حتى يدخل أبواي قبلي،فيقول اللّه تبارك و تعالى لمَلَكٍ من الملائكة:ائتني بأبويه،فيأمر بهما إلى الجنّة،فيقول:هذا بفضل رحمتي لك» (6).

ص:29


1- الكافي 5:2/368،التهذيب 7:1630/408،الوسائل 20:96 أبواب مقدمات النكاح ب 41 ح 2.
2- الوسائل 20:97 أبواب مقدمات النكاح ب 42،المستدرك 14:201 أبواب مقدمات النكاح ب 33.
3- الكافي 5:1/366،التهذيب 7:1675/418،الوسائل 20:91 أبواب مقدمات النكاح ب 37 ح 3.
4- الفقيه 3:1188/250،التهذيب 7:1628/407،المقنعة:514(بتفاوت يسير)،الوسائل 20:114 أبواب مقدمات النكاح ب 54 ح 1.
5- المُحْبَنْطِئ:الممتلئ غضباً،و قيل:المغضِّب المستبطئ للشيء،و قيل:هو الممتنع امتناع طلب لا امتناع إباء انظر لسان العرب 7:271،272.
6- الوسائل 20:54 أبواب مقدمات النكاح ب 16 ح 1،و 55 ب 17 ح 1 و 2.
القسم الثاني في آداب الخلوة

القسم الثاني في آداب الخلوة و الدخول بالمرأة و هي أيضاً أُمورٌ أشار إليها بقوله:

المستحبات من آداب الخلوة

يستحبّ صلاة ركعتين إذا أراد الدخول،و الدعاء بعدهما،بعد أن يمجّد اللّه تعالى،و يصلّي على النبيّ صلى الله عليه و آله،بقوله:«اللّهمّ ارزقني إلفها و ودّها و رضاها،و أرضني بها،و اجمع بيننا بأحسن اجتماع و آنس ائتلاف، فإنّك تحبّ الحلال و تكره الحرام» أو غيره من الدعاء.

و أن يأمرها بذلك عند الانتقال فتصلّي ركعتين بعد الطهارة، و تدعو اللّه تعالى بمعنى ما دعا.

كلّ ذلك للصحيح (1).

و أن يجعل يده على ناصيتها و هي:ما بين النزعتين من مقدم الرأس عند دخولها عليه،مستقبل القبلة و يكونا على طهر و يقول:

«اللهمّ على كتابك تزوّجتُها،و في أمانتك أخذتها،و بكلماتك استحللتُ فرجها،فإن قضيتَ لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سويّاً،و لا تجعله شرك الشيطان» كما في الخبر (2)،و قريبٌ منه الحسن (3)و غيره (4).

ص:30


1- الكافي 5:1/500،التهذيب 7:1636/409،الوسائل 20:115 أبواب مقدمات النكاح ب 55 ح 1.
2- الكافي 5:3/501،الفقيه 3:1187/249،التهذيب 7:1627/407،الوسائل 20:113 أبواب مقدمات النكاح ب 53 ح 1.
3- الكافي 5:2/500،الفقيه 3:1205/254،الوسائل 20:116 أبواب مقدمات النكاح ب 55 ح 2.
4- الكافي 5:4/501،الوسائل 20:116 أبواب مقدمات النكاح ب 55 ح 3.

و أن يكون الدخول ليلاً و قد تقدّم من الأخبار ما يدلّ عليه (1).

و في الخبر:«زفّوا عرائسكم ليلاً،و أطعموا ضحى» (2).

و يناسبه الحياء،فيستحبّ إضافة الستر المكاني و القولي إلى الستر الزماني؛ لإشعار النبويِّين بذلك (3).

و أن يسمّي عند الجماع و يتعوّذ باللّه من الشيطان؛ كما في المعتبر،بل الصحيح (4)على الصحيح.

و أفضلها ما في المرتضوي:«إذا جامع أحدكم فليقل:بسم اللّه و باللّه، اللّهمّ جنّبني الشيطان،و جنّب الشيطان ما رزقتني،قال:فإن قضى اللّه تعالى بينهما ولداً لا يضرّه الشيطان بشيء أبداً» (5).

و أن يسأل اللّه تعالى أن يرزقه ولداً ذَكَراً فعن مولانا الباقر عليه السلام:«إذا أردت الجماع فقل:اللهمّ ارزقني ولداً، و اجعله تقيّاً زكيّاً،ليس في خلقته زيادة و لا نقصان،و اجعل عاقبته إلى خير» (6).

المكروهات من الآداب

و يكره الجماع ليلة الخسوف و يوم الكسوف للصحيح:«يكره في الليلة التي ينكسف فيها القمر،و اليوم الذي

ص:31


1- راجع ص:29.
2- الكافي 2/366،الفقيه 3:1203/254،التهذيب 7:1676/418،الوسائل 20:91 أبواب مقدمات النكاح ب 37 ح 2.
3- الأول:سنن البيهقي 7:194،صحيح مسلم 2:123/1060،124.الثاني:سنن البيهقي 7:194.
4- الكافي 5:1/502،الوسائل 20:135 أبواب مقدمات النكاح ب 68 ح 1.
5- الكافي 5:3/503،الوسائل 20:136 أبواب مقدمات النكاح ب 68 ح 3.
6- التهذيب 7:1641/411،الوسائل 20:117 أبواب مقدمات النكاح ب 55 ح 5.

تنكسف فيه الشمس،و فيما بين غروب الشمس إلى مغيب الشفق،و من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،و في الريح السوداء و الصفراء و الزلزلة، و لقد بات رسول اللّه صلى الله عليه و آله عند بعض نسائه فانكسف القمر في تلك الليلة، فلم يكن منه فيها شيء،فقالت له زوجته:يا رسول اللّه بأبي أنت و أمّي كلّ هذا البغض،فقال:و يحك هذا الحادث من السماء،فكرهت أن أتلذّذ فأدخل في شيء،و قد عَيَّر اللّه تعالى قوماً،فقال عزّ و جلّ وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ [1] (1)و أيم اللّه لا يجامع [أحد (2)]في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعه ولداً و قد سمع بهذا الحديث فيرى ما يحبّ» (3).

و عند الزوال كما في وصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله لعليٍّ عليه السلام،معلّلاً فيها بأنّه:«إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول،و الشيطان يفرح بالحول في الإنسان» .إلّا زوال يوم الخميس كما فيها،فقال عليه السلام:«و إن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عند كبد السماء فقضي بينكما ولد،فإنّ الشيطان لا يقربه حتى يشيب و يكون قيماً (4)،يرزقه اللّه عزّ و جلّ السلامة في الدين و الدنيا» رواها الصدوق في الفقيه في نوادر النكاح (5).

ص:32


1- الطور:44.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر،لاستقامة المتن.
3- الفقيه 3:1207/255،التهذيب 7:1642/411،الوسائل 20:126 أبواب مقدمات النكاح ب 62 ح 2 بتفاوت يسير.
4- أي بأُمور الناس للّه.روضة المتقين 9:231.
5- الفقيه 3:1712/358،الوسائل 20:251 أبواب مقدمات النكاح ب 149 ح 1.

و عند الغروب حتى يذهب الشفق للصحيح المتقدّم.

و في المحاق و هو:الثلاثة أيّام من آخر الشهر؛ للخبر:«من أتى أهله في محاق الشهر فليسلّم لسقط الولد» (1).

و تتأكّد الكراهة في الليلة الأخيرة منه؛ للنهي عنه بخصوصه في بعض الأخبار (2).

و بعد الفجر حتى تطلع الشمس للصحيح المتقدّم (3).

و في أوّل ليلة من كلّ شهر،إلّا شهر رمضان،و في ليلة النصف منه و آخره،عطف على«أوّل» لا على المستثنى.

ففي الوصيّة:«يا عليّ،لا تجامع امرأتك في أوّل الشهر و وسطه و آخره؛ فإنّ الجنون و الجذام و الخبل يسرع إليها و إلى ولدها» (4).

و عن مولانا الصادق عليه السلام:«يكره للرجل أن يجامع في أوّل ليلة من الشهر و في وسطه و آخره؛ فإنّه من فعل ذلك خرج الولد مجنوناً،أ لا ترى أنّ المجنون أكثر ما يصرع في أوّل الشهر و وسطه و آخره؟!» (5).

و روى الصدوق عن علي عليه السلام أنّه قال:«يستحبّ للرجل أن يأتي

ص:33


1- الكافي 5:2/499،الفقيه 3:1206/254،التهذيب 7:1643/411،الوسائل 20:127 أبواب مقدمات النكاح ب 63 ح 1.
2- الوسائل 20:128 أبواب مقدمات النكاح ب 64.
3- في ص:32.
4- الفقيه 3:1712/358،أمالي الصدوق:1/454،علل الشرائع:5/514،الوسائل 20:129 أبواب مقدمات النكاح ب 64 ح 5.
5- علل الشرائع:4/514 و فيه:..عن أبيه جعفر،عن أبيه عليهم السلام،عيون الأخبار 1:35/225،الوسائل 20:129 أبواب مقدمات النكاح ب 64 ح 6 و فيه:..عن علي بن محمد العسكري،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام.

أهله أول ليلة من شهر رمضان؛ لقول اللّه عزّ و جلّ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [1] (1)» (2). و في السفر إذا لم يكن معه ماءٌ للغسل للنهي عنه عن مولانا الكاظم عليه السلام في الموثّق (3)،مستثنياً منه خوفه على نفسه.

و عند الزلزلة،و الريح الصفراء و السوداء للصحيح المتقدّم (4).

و تعليل الكراهة في الخوف فيه مشعرٌ بها في كلّ آية،كما عن سلّار و ابن سعيد (5).

و مستقبل القبلة و مستدبرها للنهي عنه في الرواية (6).و لضعفها بجهالة راويها،مع معارضة الأصل لها حملت على الكراهة، فالقول بالحرمة كما عن بعض (7)فيه ما فيه.

و قيل:و خوفاً من فقر الولد (8).

و في السفينة للنهي عنه في الرواية (9).و قيل:إنّ النطفة لا تستقرّ فيها (10).

ص:34


1- البقرة:187.
2- الفقيه 3:1455/303،الوسائل 20:129 أبواب مقدمات النكاح ب 64 ح 4.
3- التهذيب 1:1269/405،الوسائل 3:390 أبواب التيمم ب 27 ح 1.
4- في ص:32.
5- سلّار في المراسم:151،ابن سعيد في الجامع للشرائع:453.
6- الفقيه 3:1210/255،التهذيب 7:1646/412،الوسائل 20:137 أبواب مقدمات النكاح ب 69 ح 1.
7- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:20.
8- حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:8.
9- الفقيه 3:1211/255،التهذيب 7:1646/412،الوسائل 20:138 أبواب مقدمات النكاح ب 69 ح 2.
10- حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:8.

و عارياً للنهي عنه فيها (1).

و عقيب الاحتلام قبل الغُسل أو الوضوء للنبوي:«يكره أن يغشى الرجل المرأة إن احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى،فإن فعل ذلك و خرج الولد مجنوناً فلا يلومنّ إلّا نفسه» (2).

و ليس فيها الاجتزاء بالوضوء عن الغسل في رفع الكراهة،كما هنا و في القواعد و اللمعة،و عن النهاية و المهذّب و الوسيلة (3).و دليله غير واضح؛ و لذا اقتصر الحلّي على الغُسل (4)،و هو أحوط.و قيّده ابن سعيد بتعذّر الغُسل (5).

و لا تكره معاودة الجماع بغير غُسل؛ للأصل،و فعل النبيّ صلى الله عليه و آله (6)؛ مع اختصاص الرواية و الفتوى بالاحتلام،و القياس حرام.

و لا ينافيه ما عن الرسالة الذهبية المنسوبة إلى مولانا الرضا عليه السلام:

«الجماع بعد الجماع من غير فصلٍ بينهما بغسلٍ يورث الولد الجنون» (7).

لاحتمال فتح الغين دون ضمّها،فغايته استحباب غَسل الفرج،و نفى عنه الخلاف في المبسوط،لكن مع ضمّ وضوء الصلاة (8).

ص:35


1- و قد تقدمت الإشارة إليها في ص 34 الهامش 6.
2- الفقيه 3:1212/256،التهذيب 7:1646/412،علل الشرائع:3/514،المحاسن:321،الوسائل 20:139 أبواب مقدمات النكاح ب 70 ح 1.
3- القواعد 2:2،اللمعة(الروضة البهية)5:94،النهاية:482،المهذب 2:222،الوسيلة:314.
4- السرائر 2:606.
5- الجامع للشرائع:453.
6- سنن البيهقي 7:191 192.
7- الرسالة الذهبية للرضا(عليه السلام):28 بتفاوت يسير،المستدرك 20:308 أبواب مقدمات النكاح ب 118 ح 19.
8- المبسوط 4:243.

و روى الوشّاء الوضوء عن الرضا عليه السلام (1)،كابن أبي نجران مرسلاً عن الصادق عليه السلام في الجارية يأتيها ثم يريد إتيان أُخرى (2).

هذا،و المسامحة في أدلّة الكراهة تقتضي الاكتفاء في الإلحاق بالاحتلام بمجرّد احتمال الضمّ،مضافاً إلى كونه الظاهر،فتأمل.

و يكره أيضاً الجماع،و عنده من ينظر إليه بحيث لا ينظر إلى عورته،و إلّا فيحرم.

قال صلى الله عليه و آله:«و الذي نفسي بيده،لو أنّ رجلاً غشي امرأته و في البيت [صبيٌّ]مستيقظ،يراهما و يسمع كلامهما و نَفَسَهما،ما أفلح أبداً،إن كان غلاماً كان زانياً،و إن كانت جارية كانت زانية» (3).

و عن مولانا الصادق عليه السلام قال:«لا يجامع الرجل امرأته و لا جاريته و في البيت صبيّ،فإنّ ذلك ممّا يورث الزناء» (4).

و إطلاقهما كإطلاق كلام أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين المميّز و غيره،مع ما عن بعض الكتب عن الصادق عليه السلام:«نهى أن توطأ المرأة،و الصبي في المهد ينظر إليهما» (5)فالتخصيص بالمميّز لا وجه له.

ص:36


1- كشف الغمة 2:302،الوسائل 1:385 أبواب الوضوء ب 13 ح 2.
2- التهذيب 7:1837/459،الوسائل 20:257 أبواب مقدمات النكاح ب 155 ح 1 و فيه:عن عثمان بن عيسى عمّن ذكره،و هو سهو،و في التهذيب:عن ابن أبي نجران عمَّن رواه..و أمّا عثمان بن عيسى فقد روى خبر آخر مرسلاً في التهذيب قبل هذه الرواية،و لعلّ هذا كان منشأً للسهو.
3- الكافي 5:2/500،الوسائل 20:133 أبواب مقدمات النكاح ب 67 ح 2 و ما بين المعقوفين من المصدر.
4- الكافي 5:1/499،التهذيب 7:1655/414،المحاسن:42/317،الوسائل 20:132 أبواب مقدمات النكاح ب 67 ح 1.
5- الجعفريات:96،المستدرك 14:228 أبواب مقدمات النكاح ب 51 ح 1.

نعم،عن النعمان بن عليّ بن جابر،عن الباقر عليه السلام:«إيّاك و الجماع حيث يراك صبيٌّ يحسن أن يصف حالك» قال:قلت:يا ابن رسول اللّه، كراهة الشنْعَة (1)؟قال:«لا،فإنّك إن رُزِقت ولداً كان شهرةً و علماً في الفسق و الفجور» (2).

فيمكن أن يراد بالتميّز ما تضمّنه الخبر،و لكن الإطلاق أولى.

و النظر إلى فرج المرأة مطلقاً؛ لإطلاق النهي عنه في وصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام (3).

و حال الجماع أشدّ كراهةً؛ لإيراثه العمى كما في الموثّق (4).

و إلى الباطن أقوى؛ لوروده في بعض الأخبار (5).

و ضعف الجميع،و التصريح بنفي البأس في الموثّق المزبور كغيره (6)المعتضد بالأصل،و الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً في الحقيقة، كما صرّح به في الخلاف (7)أوجب الجواز،لكن مع الكراهة؛

ص:37


1- الشنْعَة:القباحة و الفضاعة مجمع البحرين 4:355.
2- طب الأئمة:133،الوسائل 20:134 أبواب مقدمات النكاح ب 67 ح 8،البحار 100:40/293؛ و في الجميع:النعمان بن يعلى،عن جابر.و لم نقف في معاجم الرجال المتوفرة لدينا على من يسمى بالنعمان بن يعلى،و لا بالنعمان بن علي بن جابر.
3- الفقيه 3:1712/358،أمالي الصدوق:1/454،علل الشرائع:5/514،الوسائل 20:121 أبواب مقدمات النكاح ب 59 ح 5.
4- التهذيب 7:1656/414،الوسائل 20:121 أبواب مقدمات النكاح ب 59 ح 3.
5- الخصال:637(ضمن حديث الأربعمائة)،الوسائل 20:124 أبواب مقدمات النكاح ب 60 ح 4.
6- انظر الوسائل 20:120 أبواب مقدمات النكاح ب 59.
7- الخلاف 4:249.

للمسامحة.فظهر ضعف قول ابن حمزة بالحرمة (1).

و الكلام عند الجماع بغير ذكر اللّه تعالى فعن مولانا الصادق عليه السلام:

«اتّقوا الكلام عند ملتقى الختانين،فإنّه يورث الخرس» (2).

و من الرجل مع كثرته آكد،ففي وصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله:«يا علي لا تتكلّم عند الجماع كثيراً؛ فإنّه إن قضي بينكما ولدٌ لا يؤمن أن يكون أخرس» (3).

و تعليل المنع بذلك كالتعليلات السابقة يشعر باختصاصه بصورة احتمال تكوّن الولد لا مطلقاً،فلا كراهة في الحامل و اليائسة،إلّا أنّ متابعة الأصحاب أولى؛ للمسامحة في أدلّة الكراهة.

مسائل
اشارة

مسائل سبع:

الاُولى يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها و كفّيها

الاُولى:يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها و كفّيها ظاهرهما و باطنهما،من رؤوس الأصابع إلى المعصم (4)،مرّةً أو مراراً،و إن لم يستأذنها؛ بالإجماع،و النصوص المستفيضة،كالحسن أو الصحيح:

«لا بأس بأن ينظر إلى وجهها و معاصمها إذا أراد أن يتزوّجها» (5).

و الصحيح:«لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوّجها، ينظر إلى خلفها و إلى وجهها» (6).

ص:38


1- الوسيلة:314.
2- الكافي 5:7/498،التهذيب 7:1653/413،الوسائل 20:123 أبواب مقدمات النكاح ب 60 ح 1.
3- المتقدم ذكرها أعلاه الهامش(3).
4- كمنبَر،موضع السوار،أو اليد.القاموس 4:153.
5- الكافي 5:2/365،الوسائل 20:88 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 2.
6- الكافي 5:3/365،الوسائل 20:88 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 3.

و في الحسن:عن الرجل يريد أن يتزوّج[المرأة]أ ينظر إليها؟قال:

«نعم،إنّما يشتريها بأغلى الثمن» (1).

و نحوه الموثّق المرويّ في العلل:الرجل يريد أن يتزوّج المرأة، يجوز له أن ينظر إليها؟قال:«نعم،و ترقّق له الثياب؛[لأنّه]يريد أن يشتريها بأغلى الثمن» (2).

و يشترط العلم بصلاحيّتها:بخلوّها من البعل،و العدّة،و التحريم، و تجويز إجابتها،و مباشرة المريد بنفسه،فلا تجوز الاستنابة فيه و إن كان أعمى.و لا ينافيه إطلاق النصوص؛ حملاً له على المتبادر منه،و اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن.

و منه يظهر اشتراط الاستفادة بالنظر ما لا يعرف قبله،كما عن بعض الأصحاب (3)،فردّه بالإطلاق غير جيّد،إلّا إذا نسي ما استفاده،أو احتمل تغيّرها قبله.

و في اشتراط عدم الريبة و التلذّذ نظر،أقربه:العدم،إلّا مع خوف الفتنة قبل العقد،وفاقاً للتذكرة (4)؛ عملاً بالإطلاق،مع عدم الصارف.

و الرواية الآتية المشترطة له لضعفها متروكة،مع أنّها فيما (5)عدا مفروض (6)المسألة خاصّة.

ص:39


1- الكافي 5:1/365،الوسائل 20:87 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 1 و ما بين المعقوفين من المصدر.
2- علل الشرائع:1/500،الوسائل 20:90 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 11 و ما بين المعقوفين من المصدر.
3- كالشهيد الثاني في الروضة 5:98،و السبزواري في الكفاية:153.
4- التذكرة 2:573.
5- هو الشعر و المحاسن.منه رحمه الله.
6- هو الوجه و اليدان.منه رحمه الله.

و ليس في النصوص غير نفي البأس (1)،فلا وجه للاستحباب كما في اللمعة (2).و على تقدير تضمّنها الأمر أو ورود روايةٍ به،فدلالتها على الاستحباب غير واضحة؛ لورودها في مقام توهّم الحظر،و لا يفيد سوى الإباحة كما برهن في محلّه.و لكن لا بأس به؛ بناءً على المسامحة في أدلّة الندب و الكراهة.

و هذه النصوص مع كثرتها مختصّة بالرجل،و إلحاق المرأة به قياس،و الأولويّة ممنوعة،و العلّة المدّعاة مستنبطة،و المنصوصة بالرجل مختصّة،بل الحكمة تقتضي العدم؛ لاحتمال ابتلائها به و لا يمكنها التزويج بعدم رغبته فيها،فمراعاة الأصل لازمة.

ثم إنّ المشهور اختصاص الجواز بالموضعين.

و لكن في رواية مرسلة:عن الرجل ينظر إلى المرأة يريد تزويجها،فينظر إلى شعرها و محاسنها ،قال:«لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذّذاً» (3)و مثلها الموثّق في المحاسن خاصّة (4)،و الضعيفة بجهالة الراوي (5)في الشعر خاصّة (6).

و العمل بمضمونها متّجه،وفاقاً للمشايخ الثلاثة (7)،و لا سيّما

ص:40


1- الوسائل 20:87 أبواب مقدمات النكاح ب 36.
2- اللمعة(الروضة البهية)5:97.
3- الكافي 5:5/365،الوسائل 20:88 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 5.
4- التهذيب 7:1735/435،الوسائل 20:89 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 8.
5- هو الحكم بن مسكين.منه رحمه الله.
6- الفقيه 3:1239/260،التهذيب 7:1734/435،الوسائل 20:89 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 7.
7- المفيد في المقنعة:520،الصدوق في الفقيه 3:260،الطوسي في النهاية:484،و الخلاف 4:247.

القديمَين (1)،و جمع من الأصحاب (2)،لا لها؛ للضعف بالإرسال و غيره.

بل لعدم دليل على المنع يشمل المقام؛ لفقد الإجماع مع الخلاف، و انصراف المطلق من أدلّته إلى غيره،بناءً على عدم تبادره،فالأصل:

الإباحة،مضافاً إلى إشعار تعليله الوارد في الأخبار من خوف الوقوع في الفتنة (3)،و أنّه سهم من سهام إبليس (4)بعدم العموم لمثله.

و للموثّق المتقدّم و إن اختصّ بالمحاسن.

و إلحاق الشعر بها إمّا بناءً على عموم المحاسن؛ لتفسيرها بمواضع الزينة،أو ما خلا العورة،أو الشعر منها بالبديهة.و أمّا بعدم القائل بالفرق.

مضافاً إلى الصحيح فيه (5)المرويّ في الفقيه (6)،مع تأيّدهما بالضعيفين (7)،و إطلاق الحسن المتقدّم و الموثّق بعده (8)،مع عموم التعليل المنصوص المبيح للنظر في الموضعين،و اعتضادهما بخصوص ما دلّ على الوجه و الكفين (9)؛ بناءً على ندرة تحقّقهما و لا سيّما الأول بدون المحاسن و الشعر،و لزوم الاقتصار عليهما طرح البحث كالأخبار من أصله،إلّا في صورة نادرة لا يمكن حمل الإطلاق عليها.إلّا أنّ مراعاة

ص:41


1- لم نعثر عليه.
2- منهم الحلبي في الكافي:296،العلّامة في القواعد 2:2،الشهيد في الروضة 5:97.
3- الكافي 5:5/521،الوسائل 20:192 أبواب مقدمات النكاح ب 104 ح 4.
4- التهذيب 7:1736/435،الوسائل 20:89 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 9.
5- أي الشعر.منه رحمه الله.
6- الفقيه 3:1239/260،الوسائل 20:89 أبواب مقدمات النكاح ب 36 ح 7.
7- أي المرسلة و الضعيفة المتقدمتين أعلاه.
8- راجع ص 38 39.
9- الوسائل 20:200 أبواب مقدمات النكاح ب 109.

المشهور و الاحتياط أولى.

و كذا يجوز النظر إلى وجه أمة يريد شراءها و كفّيها، اتّفاقاً كما حكاه جماعة (1).

للمستفيضة المنجبر ضعفها بالشهرة،منها:عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها،قال:«لا بأس أن ينظر إلى محاسنها و يمسّها،ما لم ينظر إلى ما ينبغي النظر إليه» (2).

و فيه الدلالة على جوازه في الشعر و المحاسن،بل ما عدا العورة كما عن التذكرة (3)؛ له،و للحاجة،و تضمّن التعريض للبيع الإذن فيه.

و فيه نظر؛ لضعف الخبر،و عدم جابر له في محلّ البحث،مع طروّ الإجمال له بالاستثناء؛ بناءً على إجمال المستثنى،و احتماله ما عدا الوجه و الكفّين،و عدم تعيّنه للعورة،فتأمّل.

و تندفع الحاجة بالردّ بالعيب أو بالخيار.

و الإذن في ضمن التعريض غير معلوم،و لا كلام معه.

و لعلّه لذا اقتصر المفيد على الوجه و الشعر (4)،و الشيخ ظاهراً عليهما و على اليدين (5)،و هو المحكيّ عن ظاهر التحرير (6).

نعم،في المسالك دعوى الوفاق في الشعر و المحاسن (7)؛ و هو

ص:42


1- منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:8،الشهيد الثاني في المسالك 1:435.
2- التهذيب 7:321/75،الوسائل 18:273 أبواب بيع الحيوان ب 20 ح 1.
3- التذكرة 2:573.
4- المقنعة:520.
5- راجع النهاية:484،المبسوط 2:129.
6- التحرير 2:3.
7- المسالك 1:435.

الحجّة فيهما،مع ما مرّ من جواز النظر إليهما في الزوجة (1)،فهنا بطريق أولى.

و الاقتصار عليهما مع الوجه و الكفّين أولى،و إن كان ما في التذكرة من إباحة النظر إلى ما عدا العورة ليس بذلك البعيد،لا لما مرّ؛ بل للأصل،مع انتفاء المُخرِج عنه؛ لفقد الإجماع،و انصراف إطلاق أخبار المنع (2)إلى ما عداهن،أو إليهنّ في غير محلّ البحث.

بل المستفاد من بعض الأخبار:الجواز مطلقاً (3)مع الكراهة:

منها:«لا أُحبّ للرجل أن يقلب جارية إلّا جارية يريد شراءها» (4).

و في آخر:إنّي اعترضت جواريَ المدينة،فأمذيت،فقال:«أمّا لمن تريد الشراء فلا بأس،و أمّا لمن لا تريد أن تشتري فإنّي أكرهه» (5).

و يؤيّد ما اختاره (6)في المقام:الخبر المرويّ في قرب الإسناد:«إنّ عليّاً عليه السلام كان إذا أراد أن يشتري الجارية يكشف عن ساقيها فينظر إليها» (7).

و كذا يجوز النظر إلى أهل الذمّة و شعورهنّ،على الأشهر الأظهر؛ للأصل،مع فقد الصارف عنه من إجماع و غيره.

ص:43


1- في ص 40.
2- المتقدمة في ص 41.
3- حتى في صورة عدم الشراء.منه رحمه الله.
4- التهذيب 7:1030/236،الوسائل 18:274 أبواب بيع الحيوان ب 20 ح 3 و فيه بتفاوت يسير.
5- التهذيب 7:1029/236،الوسائل 18:273 أبواب بيع الحيوان ب 20 ح 2.
6- أي التذكرة.منه رحمه الله.
7- قرب الإسناد:344/103،الوسائل 18:274 أبواب بيع الحيوان ب 20 ح 4.

و خصوص الخبر،بل الصحيح أو القويّ:«لا حرمة لنساء أهل الذمّة أن ينظر إلى شعورهنّ و أيديهنّ» (1).

و مثله الآخر:«لا بأس بالنظر إلى أهل تِهَامة (2)و الأعراب و أهل البوادي من أهل الذمّة و العُلُوج (3)؛ لأنّهنّ لا ينتهين إذا نُهين» (4)و ضعفه كالأول لو كان منجبرٌ بالأصل و الشهرة.

خلافاً للحلّي و المختلف (5)؛ لإطلاق الآية قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ [1] (6).قلت:بل هي مجملة،و على تقدير الإطلاق فهو مقيّد بما تقدّم، و الحسن المتضمّن لأنّهنّ مماليك الإمام (7)،فَيَكنّ بمنزلة الإماء اللاتي يجوز النظر إليهنّ و إلى شعورهنّ مطلقاً في المشهور كما حكي (8)؛ للروايات المتقدّمة.و ضعفها بالشهرة المحكيّة مع أصالة الإباحة منجبر.

و لا يخفى عليك منافاة هذا التعليل المقتضي لجواز النظر إليهنّ على

ص:44


1- الكافي 5:1/524،الوسائل 20:205 أبواب مقدمات النكاح ب 112 ح 1.
2- تِهَامة:اسم لكلّ ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز.قيل:هي مشتقة من:تَهمَ الحرُّ،اشتدّ مع ركود الريح لشدة حرّها.و في المجمع:هي مشتقة من التهَم و هي الحرّ و سكون الريح؛ و هي أرض أولها ذات عِرْق من قِبَل نجد إلى مكّة و ما وراها بمرحلتين أو أكثر،و تأخذ إلى البحر مجمع البحرين 6:24.
3- العِلج:الرجل من كفّار العجم،و الأُنثى عِلْجة لسان العرب 2:326.
4- الكافي 5:1/524،الفقيه 3:1438/300،علل الشرائع:1/565 بتفاوت يسير،الوسائل 20:206 أبواب مقدمات النكاح ب 113 ح 1.
5- الحلي في السرائر 2:610،المختلف:534.
6- النور:30.
7- الكافي 5:11/358،التهذيب 7:1797/449،الوسائل 20:545 أبواب ما يحرم بالكفر ب 8 ح 1.
8- حكاه السبزواري في الكفاية:153.

العموم تقييدَه سابقاً بإرادة الشراء،و لا بُدّ في دفعها من تكلّف.

و كيف كان،فالأقوى الجواز مطلقاً ما لم يكن لتلذّذ و لا ريبة، و معهما فلا؛ حسماً لمادّة الفساد،و حذراً من وقوع النفس في التهلكة.

و يجوز أن ينظر الرجل و السيّد إلى جسد زوجته مطلقاً، و أمته الغير المزوّجة من الغير مطلقاً كالعكس باطناً و ظاهراً إجماعاً؛ للأصل،و فحوى جواز الجماع،و ما تقدّم من الأخبار النافية للبأس عن النظر إلى سَوءة الزوجة (1).

و المرسل كالصحيح:في الرجل ينظر إلى امرأته و هي عريانة،قال:

«لا بأس بذلك،و هل اللذّة إلّا ذاك» (2).

و إلى محارمه و هنّ هنا:اللاتي يحرم نكاحهنّ مؤبّداً،بنسب أو رضاع أو مصاهرة،فيما قطع به الأصحاب ما خلا العورة التي هنا هي الدبر و القبل.

و الحكم بذلك مع عدم التلذّذ و الريبة مشهور بين الأصحاب،بل قيل:مقطوع به بينهم (3)،مشعراً بدعوى الوفاق،بل صرّح به بعض الأصحاب (4).

و المستند فيه بعده الأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة،و الآية الكريمة وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ [1] الآية (5)،و الزينة تعمّ الظاهرة

ص:45


1- راجع ص 37.
2- الكافي 5:6/497،التهذيب 7:1652/413،الوسائل 20:120 أبواب مقدمات النكاح ب 59 ح 1.
3- نهاية المرام 1:55.
4- كالفاضل الهندي في كشف اللثام 2:9.
5- النور:31.

و الباطنة،و منها:الذراعان و مستور الخمار كما في الصحيح (1).

و في صحيحة منصور دلالة على جواز تغسيل المحارم،كالزوجة دائمة كانت أو منقطعة مجرّدات،إلّا أن يلقي على عورتهنّ خرقة (2).

و الأخبار الدالّة على الأمر به من وراء الثياب (3)محمولٌ على الاستحباب عند جماعة من الأصحاب (4)،و يؤيّده ورود مثله في الزوجة (5)،مع كونه للاستحباب بالبديهة.

و إذا ثبت جواز النظر حال الموت فكذلك حال الحياة؛ لعدم الفارق، مع ما ورد من أنّ حرمة المؤمن ميّتاً كحرمته حيّاً (6).

و في الخبر القوي على القوي نفي البأس عن النظر إلى شعورهن (7).

و قيل بالمنع فيما عدا الوجه و الكفّين و القدمين؛ لكونهنّ عورة، خرجت الأُمور المتّفق عليها و بقي الباقي (8).

و فيه:منع كلّية الكبرى؛ لجواز النظر إليهنّ فيما عدا المتّفق عليه

ص:46


1- الكافي 5:1/520،الوسائل 20:200 أبواب مقدمات النكاح ب 109 ح 1.
2- الكافي 3:8/158،التهذيب 1:1418/439،الإستبصار 1:699/199،الوسائل 2:516 أبواب غسل الميت ب 20 ح 1.
3- الوسائل 2:516 أبواب غسل الميت ب 20.
4- منهم الشهيد في الذكرى:39،المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:360،السبزواري في الكفاية:6.
5- الفقيه 1:433/94،الوسائل 2:516 أبواب غسل الميت ب 20 ح 2.
6- التهذيب 1:1324/419،المقنع:11،الوسائل 3:219 أبواب غسل الميت ب 51 ح 1.
7- الفقيه 3:1461/304،الوسائل 20:193 أبواب مقدمات النكاح ب 104 ح 7.
8- انظر إيضاح الفوائد 3:9،التنقيح الرائع 3:22.

أيضاً،كإباحة النظر إلى الأُمور المسلّمة،مع كونها بالإجماع من العورة، فلا تلازم بين العورة و حرمة النظر لجميع الأشخاص بالكلّية،بل تلازمها في الجملة.و لا ينافي ذلك صدق العورة عليها؛ لاحتمال كونه بالنظر إلى غير المحارم.

و ربما خُصّت الإباحة بالمحاسن خاصّة،و هي مواضع الزينة؛ جمعاً بين الآية المتقدّمة (1)،و الأُخرى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا [1] الآية (2).

و هو أحوط؛ لأخصّية الآية الأُولى عن تمام المدّعى،مع ما في الخبر المرويّ في تفسير عليّ بن إبراهيم في تفسير الزينة في الآية المزبورة:

«فهي الثياب و الكحل و الخاتم و خضاب الكفّ و السوار،و الزينة ثلاث:

زينة للناس،و زينة للمَحرَم،و زينة للزوج،فأمّا زينة الناس فقد ذكرناه، و أمّا زينة المَحرَم:فموضع القلادة فما فوقها و الدُّمْلُج (3)و ما دونه و الخلخال و ما أسفل منه،و أمّا زينة الزوج:فالجسد كلّه» (4)انتهى.

و فيه دلالة و لو بضميمة (5)على جواز النظر إلى الوجه و الكفّين من الأجنبيّة مطلقاً (6)كما هو أحد الأقوال في المسألة استناداً إليها،مع الأصل،و الآية وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ [2] (7).بناءً على تفسير الزينة الظاهرة بأُمور أربعة لا يمكن إرادة بعضها

ص:47


1- في ص 45.
2- النور:30.
3- الدُّمْلُج:المِعْضَد من الحُليِّ لسان العرب 2:276.
4- تفسير القمي 2:101،المستدرك 14:275 أبواب مقدمات النكاح ب 85 ح 3.
5- من الإجماع المركب.منه رحمه الله.
6- أي مرّة أو مراراً.منه رحمه الله.
7- النور:31.

كالثياب لعدم الدليل عليه،بل و قيام الدليل على خلافة من العموم المستفاد من لفظة: ما الموضوعة له،فلا وجه لتخصيصها بها،فتعيَّن إرادة البواقي:

أحدها:الكحل و الخاتم و الخضاب في الكفّ،كما قيل (1)؛ للخبر المتقدّم،و غيره بنقص الأخير،كرواية زرارة (2)،و ليس في سندها مَن يُتوقّف فيه،سوى قاسم بن عروة،و قد قيل بحسنه (3)،و نحوهما خبر آخر (4)،لكن بزيادة:«المَسَكة» (5)بدل:الكحل و الخضاب.

و ثانيها:الوجه و الكفّان،و ربما أشعر به الخبر المجوّز لرؤيتهما (6).

و ثالثها:الكفّ و الأصابع.

و ذَكَرَ الأوّلَين قولاً الطبرسيُّ في جامع الجوامع (7)،و روى الثالث عنهم عليهم السلام (8).

و الأخبار و إن ضعف سندها إلّا أنّ العرف المحكَّم في الألفاظ يؤيّدها.

ص:48


1- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:9.
2- الكافي 5:3/521،الوسائل 20:201 أبواب مقدمات النكاح ب 109 ح 3.
3- حكاه ابن داود عن الكشي في رجاله 1:153.
4- الكافي 5:4/521،الوسائل 20:201 أبواب مقدمات النكاح ب 109 ح 4.
5- المَسَكُ:أسورة من ذَبْلٍ أو عاج،و الذبْل:شيءٌ كالعاج مجمع البحرين 5:288.
6- الآتي في الهامش(2)من ص 49.
7- قال في الذريعة 5:48 لكن الصحيح:جوامع الجامع،و كذا ذكره في ص:248.
8- جامع الجوامع:314 315.

و على هذه التفاسير يثبت المطلوب.أمّا على الثاني فواضح،و كذا الأول و الثالث،لكن بعد ضمّ الإجماع،و يدلّ عليه مضافاً إلى المتقدّم الصحيح المرويّ في الكفاية عن قرب الإسناد،و فيه:عمّا تُظهِر المرأة من زينتها؟قال:«الوجه و الكفّان» (1).

و المرسل:ما يحلّ للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن مَحرَماً؟ قال:«الوجه و الكفّان و القدمان» (2).

و الإرسال غير قادح؛ لاعتضاده بالأصل،و فتوى جماعة به،كالكليني و الشيخ في النهاية و التبيان و كتابي الحديث و ظاهر المسالك و سبطه في الشرح (3)،و جماعة من متأخّري المتأخّرين (4)مطلقاً،و المحقّق الثاني كما حكي،و المصنّف في الشرائع و العلّامة في جملة من كتبه،و اللمعة و الروضة (5)في الجملة،و نسبه الصيمري في شرح الشرائع إلى الأكثر.

فلا يقدح فيه الاشتمال على القدمين،المجمع على عدم جواز النظر إليهما،و إن هو إلّا كالعامّ المخصَّص،مضافاً إلى عدم ذكر الشارح المزبور لهما،فيقوى احتمال الزيادة.

و الخبر الذي لا تبعد صحّته كما قيل (6)-:عن الرجل ما يصلح له

ص:49


1- الكفاية:153،و هو في قرب الإسناد:270/82،البحار 101:7/33.
2- الخصال:78/302،الوسائل 20:201 أبواب مقدمات النكاح ب 109 ح 2.
3- الكليني في الكافي 5:521،النهاية:484،التبيان 7:428،التهذيب و الاستبصار:لم نعثر عليه فيهما،المسالك 1:436،نهاية المرام 1:55.
4- منهم السبزواري في الكفاية:153،الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:9،صاحب الحدائق 23:55.
5- المحقّق الثاني في جامع المقاصد 12:28،الشرائع 2:269،العلاّمة في القواعد 2:3،و التذكرة 2:573 و التحرير 2:3،الروضة 5:99.
6- قال به السبزواري في الكفاية:154.

أن ينظر إليه من المرأة التي لا تحلّ له؟قال:«الوجه و الكفّان و موضع السوار» (1).

و احتمال إرادة المَحرَم من المرأة في السؤال بعيد،مع دلالة حصر المحلَّل منها في الثلاثة على إرادة غيرها من الأجانب؛ للإجماع على عدم الحصر فيها،مع أنّ العموم الناشئ عن ترك الاستفصال كافٍ في الاستدلال.و لا تقدح في الحجّية زيادة السوار؛ لما تقدّم.

و ممّا ذُكِر ظهر وجه اندفاع المناقشات في هذه الأدلّة،سيّما مع اعتضادها بالشهرة في الجملة،الظاهرة و المحكيّة،و بحجّةٍ أُخرى في غاية القوّة بحيث كادت تُعدّ من الأدلّة القطعيّة و هي فحاوى كثير من الأخبار الواردة في أبواب النظر إلى النسوة،المتواترة معنىً،المتضمّنة لحكمه منعاً و جوازاً،سؤالاً و جواباً و بياناً؛ لدلالتها على الجواز من حيث كون محطّ الحكم فيها بطرفيه في كلّ من السؤال و الجواب و البيان هو خصوص الشعر و اليدين و الرأس و الذراعين و غيرهما،و بالجملة:ما عدا الوجه و الكفّين، مع أنّهما أولى بالسؤال عن حكمهما و بيانه بحسب النظر بشدّة الابتلاء به، و غلبته و سهولته،من حيث عدم احتياجه إلى كشف ساتر من خمار و مقنعة،دون الرأس و الشعر؛ لندرة الابتلاء بالنظر إليهما و عسره؛ للاحتياج إلى كشف الستور عنهما غالباً.

فالسكوت عن حكمهما (2)مطلقاً سؤالاً و بياناً كاشف عن وضوح حكمهما جوازاً لا عكساً،و إلّا لكان حكم النظر إليهما (3)منعاً أخفى من

ص:50


1- قرب الإسناد:890/227،البحار 101:11/34.
2- أي:الوجه و الكفّين.
3- أي الرأس و الشعر.

حكم النظر إلى الوجه و الكفّين كذلك (1)جدّاً،و هو مخالف للبديهة قطعاً؛ لاتّفاق المسلمين على ثبوت المنع في النظر إليهما مطلقاً،و خفاؤه في النظر إلى الوجه و الكفّين،بحيث ذهب الأكثر إلى حِلّه في الجملة أو مطلقاً.

و يدلّ على أوضحيّة حكم النظر منعاً منه كذلك في الوجه و الكفّين أيضاً:تجويزهم النظر إليهما لمريد التزويج المتمكّن منه،و اختلافهم في تجويزه إلى الشعر كما مضى (2)،و ليس هذا إلّا لما ذكرنا كما لا يخفى.

و لو لم يكن في المسألة دليل على الجواز غير فحاوى هذه الأخبار لكفانا؛ لحصول الظنّ القويّ القريب من القطع بكون الحكم فيها الجواز، فلا ينبغي أن يرتاب فيه،و إن كان الأحوط:الترك مهما أمكن،من باب التسامح في أدلّة السنن.

هذا،مضافاً إلى النصوص الواردة في كتاب الحجّ في باب:ما يجوز أن تلبسه المحرمة من الثياب،و هي كثيرة:

منها الصحيح:«مرّ أبو جعفر عليه السلام بامرأة متنقّبة و هي محرمة،فقال:

أحرمي و أسفري و أرخِ ثوبكِ من فوق رأسك،فإنّك إن تنقّبتِ لم يتغيّر لونك،فقال رجل:إلى أين ترخيه؟فقال:تغطّي عينيها» الحديث (3).

و الصحيح:«تسدل الثوب على وجهها» قلت:حدّ ذلك إلى أين؟ قال:«إلى طرف الأنف قدر ما تبصر» (4).

ص:51


1- أي منعاً.منه رحمه الله.
2- راجع ص 40.
3- الكافي 4:3/344،التهذيب 5:245/74،الوسائل 12:494 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 3.
4- الكافي 4:1/344،التهذيب 5:243/73،الوسائل 12:493 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 2.

و الخبر الضعيف بسهل الذي ضعفه سهل-:«مرّ أبو جعفر عليه السلام بامرأة محرمة قد استترت بمِرْوَحَة،فأماط المروحة بنفسه عن وجهها» (1).

و الأمر بالإرخاء في الأوّل و السدل في الثاني للرخصة؛ لعدم القائل بوجوب ستر قدر ما أُمر فيهما بستره قطعاً.

و هذه النصوص سيّما الأخير،و الأوّل من حيث التعليل ظاهرة في عدم تستّر تلك النسوة بشيء آخر غير ما تستّرن به من كجاوة (2)و نحوها، و هذا أيضاً ممّا يدلّ على ما قدّمناه من أشدّية حكم الشعر منعاً من حكم الوجه جدّاً كما لا يخفى.

و الاستدلال للجواز بإطباق الناس على خروج النسوة سافرات،غير موجّه،كالاستدلال للمنع باتفاقهم من منع خروجهنّ غير متستّرات.

لمخالفتهما الوجدان؛ لاختلاف الناس في الزمان،فبين من يجري على الأول،و من يحذو حذو الثاني.

و تزيد الحجّة على الثاني باحتمال استناده إلى الغيرة و الاحتجاب من الناظر بشهوة،الغير الحاصل إلّا به مطلقاً.

و يشاركه في الضعف باقي أدلّته،كعمومي لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ [1] (3)و يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ [2] (4)لتخصيصهما بما ظهر من الأدلّة؛ مع إجمال الثانية،مع عدم المبيّن لها،سوى الإجماع المنحصر بيانه

ص:52


1- الكافي 4:9/346،الفقيه 2:1010/219،قرب الإسناد 1300/363،الوسائل 12:494 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 4.
2- كجاوة:كلمة فارسية تعني:الهَوْدَج؛ و هو من مراكب النساء مقبّب و غير مقبّب لسان العرب 2:389.
3- النور:31.
4- النور:30.

في القدر المتّفق عليه،و لا كلام فيه.

و حديث (1)الخَثْعَمية (2)؛ إذ لا دلالة فيه عليه،لو لم يدلّ على الجواز.

و كذا غير ما ذكر من الأدلّة التي أجبنا عنها في رسالة مفردة في المسألة.

مضافاً إلى ندرة القول بالمنع مطلقاً؛ لعدم نقله إلّا عن التذكرة و فخر الدين (3)،و إن مال إليه بعض من تأخّر عنهما (4).

و قيل بالجواز مرّة و الحرمة ثانية (5)؛ لأخبار (6)أكثرها ضعيفة السند، قاصرة الدلالة كالمعتبر منها،و قد أوضحنا جميع ذلك في الرسالة،من أراد التحقيق فليرجع إليها.

نعم،هو أحوط،و أحوط منه الأول.

و تتّحد المرأة مع الرجل،فتُمنَع في محلّ المنع و لا في غيره إجماعاً؛ و يشير إليه المقطوع المرويّ في الكافي،الآمر لعائشة و حفصة بدخولهما البيت بعد دخول الأعمى عليهما (7).

و يستثنى من الحكم مطلقاً (8)إجماعاً:محلّ الضرورة،و القواعد من

ص:53


1- البحار 96:3/351،المستدرك 14:269 أبواب مقدمات النكاح ب 81 ح 7.
2- خَثْعَم:أبو قبيلة،و هو خثعَم بن أنمار من اليمن،و يقال:هم من معدّ،و صاروا باليمن.الصحاح 5:1909،مجمع البحرين 6:55.
3- التذكرة 2:573،فخر الدين في إيضاح الفوائد 3:6.
4- كالشهيد الثاني في الروضة 5:99.
5- قال به الشهيد في اللمعة(الروضة البهية)5:99.
6- الوسائل 20:190 أبواب مقدمات النكاح ب 104.
7- الكافي 5:2/534،الوسائل 20:232 أبواب مقدمات النكاح ب 129 ح 1.
8- أي في الرجل كان أو المرأة،في محلّ الوفاق أو الخلاف.منه رحمه الله.

النسوة،و الصغير غير المميّز،و الصغيرة،فيجوز النظر منهنّ مطلقاً،و إليهنّ كذلك،على الأقوى؛ للأصل،مع فقد الصارف،و اختصاص أدلّة المنع على تقدير ثبوتها بغيرهم بمقتضى التبادر.

مضافاً إلى الآيتين في القواعد (1)و الصغير (2)بالنسبة إلى المرأة،مع الصحاح في القواعد (3).

و في جواز نظر المميّز إلى المرأة إن لم يكن محلّ ثوران تشوّق و شهوة قولان،أحوطهما:المنع،فيمنعه الوليّ له عنه.

و في جواز نظر المرأة إلى الخصيّ المملوك لها و العكس خلافٌ بين الأصحاب،ينشأ من الأصل،و عموم وَ لا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ [1] (4)الشامل لمحلّ النزاع،كالمستفيضة (5)التي فيها الصحيح و الموثّق و غيرهما، المجوّزة لرؤية المملوك مالكته مطلقاً في بعض،و مخصّصاً بالشعر في آخر.و خروج غيره (6)منها لشبهة الإجماع غير قادح.

مضافاً إلى عموم اَلتّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ [2] (7)المفسّر بما يشمله.

و خصوص الصحيح:عن قناع الحرائر من الخصيان،قال:«كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن عليه السلام و لا يتقنّعن» قلت:فكانوا أحراراً؟

ص:54


1- النور:60.
2- النور:31.
3- الوسائل 20:202 أبواب مقدمات النكاح ب 110.
4- الأحزاب:55،و في«ح» أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ النور:31.
5- الوسائل 20:223 أبواب مقدمات النكاح ب 124.
6- أي الخصي.منه رحمه الله.
7- النور:31.

قال:«لا» قلت:فالأحرار تتقنّع منهم؟قال:«لا» (1).

و من (2)الاستصحاب،و ما قيل في الجواب عن الآية الاُولى من اختصاص ملك اليمين فيها بالإماء (3)؛ جمعاً بينه و بين الأمر بغضّ البصر و حفظ الفرج مطلقاً.

و لا يرد دخولهنّ في نسائهن؛ لاختصاصهنّ بالمسلمات،و عموم ملك اليمين للكافرات.

و للخبرين،في أحدهما:قال:قلت:يكون للرجل الخصيُّ يدخل على نسائه فيناولهنّ الوَضوء فيرى شعورهنّ،فقال:«لا» (4).

و في الآخر:عن أُمّ الولد هل يصلح لها أن ينظر إليها خصيُّ مولاها و هي تغتسل؟قال:«لا يحلّ ذلك» (5).

و هما أرجح من الصحيح السابق؛ لموافقته لما عليه سلاطين العامّة، كما صرّح به شيخ الطائفة (6)،فيترجّحان عليه و إن صحّ سنده لمقبولة عمر بن حنظلة (7).

ص:55


1- الكافي 5:3/532،الوسائل 20:225 أبواب مقدمات النكاح ب 125 ح 3،و في التهذيب 7:1926/480،و الاستبصار 3:903/252،و عيون الأخبار 2:44/17 صدر الحديث.
2- إشارة إلى المنشإ الآخر للخلاف.
3- انظر السرائر 2:610،مجمع البيان 4:138،التبيان 7:430.
4- الكافي 5:2/532،الفقيه 3:1434/300،التهذيب 7:1925/480،الإستبصار 3:902/252،الوسائل 20:226 أبواب مقدمات النكاح ب 125 ح 2.و الوضوء بفتح الواو اسم الماء الذي يُتَوضّأ به مجمع البحرين 1:440.
5- الكافي 5:1/532،الوسائل 20:225 أبواب مقدمات النكاح ب 125 ح 1.
6- التهذيب 7:480،الاستبصار 3:252.
7- الكافي 7:5/412،الفقيه 3:18/5،التهذيب 6:845/301،الاحتجاج:355،الوسائل 27:106 أبواب صفات القاضي ب 9 ح 1.

و هذا هو الأشهر،بل عن الخلاف:عليه الإجماع (1)،و هو أحوط، و إن كان في تعيّنه نظر؛ للنظر في تخصيص ملك اليمين بالإماء من دون دليل،و مجرّد الجمع غير كافٍ بلا دليل،مع حصوله بتقييد الثانية بالأُولى بعد تسليم إطلاقها و وضوح دلالتها.

و مثله تخصيص نسائهنّ بالمسلمات،مضافاً إلى كونه خلاف المشهور.

و الخبران مع قصور إسنادهما خارجان عن محلّ البحث، فلا ينفعهما الجبر بالشهرة بالنسبة إليه،كمخالفتهما العامّة،مضافاً إلى معارضتها (2)بموافقة الكتاب في مقامين في المستفيضة.

و الشهرة في محلّ البحث من غير دليل غير كافية.

مضافاً إلى المرجّحات الأُخر،كصحّة السند،و الاستفاضة في معاضدها،و بها تترجّح عليهما.

و التساوي بعد تسليمه يوجب التساقط،فتعيّن المصير معه إلى الأصل.فالمصير إلى الجواز في غاية القوّة،لولا الإجماع المنقول المعتضد بالشهرة،و إن أمكن الجواب عنه أيضاً،إلّا أنّ الأحوط و الأولى:

المشهور.

و مثله الكلام في نظر المملوك إلى مالكته،و الخصيّ إلى غير مالكته، إلّا أنّ المنع في الأول أقوى منه في السابق.

و ليس للرجل مطلقاً حتى الأعمى سماع صوت الأجنبيّة بتلذّذ أو خوف فتنة،إجماعاً،و بدونهما أيضاً،كما في القواعد و الشرائع،و عن

ص:56


1- الخلاف 4:249.
2- أي معارضة المخالفة.

التحرير و الإرشاد و التلخيص (1).

للحسن (2)و غيره (3):«النساء عِيٌّ (4)،فاستروا العورات بالبيوت، و العِيّ بالسكوت» .و هو معارَض بالأصل و مثله:«كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يسلّم على النساء و يرددن عليه،و كان أمير المؤمنين عليه السلام يسلّم على النساء،و كان يكره أن يسلّم على الشابة منهن،و يقول:أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ أكثر ممّا طلبت من الأجر» (5).

و الأخبار المانعة عن ابتدائها بالسلام (6)قاصرةٌ بحسب الإسناد، فلا تعارض الحسن المزبور.

مع اعتضاده بما تواتر من سؤالهنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام بمحضر الناس،مع عدم منعهم لهن،بل و تقريرهنّ على ذلك.

و ما روي من خطبة سيّدة النساء بمحضر من جماعة من الصحابة في نهاية البلاغة و الفصاحة،و هي الآن موجودة مرويّة في الكتب المعروفة،ككشف الغمّة (7).

ص:57


1- القواعد 2:3،الشرائع 2:269،التحرير 2:3،الإرشاد 2:5،نقله عن التلخيص الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:9.
2- أمالي الطوسي:674،البحار 100:50/252.
3- الكافي 5:1/534،الوسائل 20:234 أبواب مقدمات النكاح ب 131 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- العِيّ:ضدّ البلاغة جمهرة اللغة 1:158.
5- الكافي 5:3/535،الفقيه 3:1436/300،الوسائل 20:234 أبواب مقدمات النكاح ب 131 ح 3.
6- الوسائل 20:234 أبواب مقدمات النكاح ب 131.
7- كشف الغمة 1:480.

مضافاً إلى لزوم المنع منه العسر و الحرج،المنفيّين عقلاً و نقلاً،كتاباً و سنّةً.

فالجواز أقوى،وفاقاً لمقطوع التذكرة (1)،و ظاهر جماعة كشيخنا في المسالك (2)و نُسب إلى جدّي العلّامة المجلسي طاب ثراه (3).

لكن الأحوط ترك ما زاد على خمس كلمات؛ لنهي النبيّ صلى الله عليه و آله، المرويّ في الفقيه في حديث المناهي،قال:«و نهى أن تتكلّم المرأة عند غير زوجها أو غير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات ممّا لا بدّ لها منه» (4).

و ضعف السند مع الاشتمال على كثير من النواهي المستعملة في الكراهة يوهن حمل النهي فيه على الحرمة.

مضافاً إلى مخالفته لما عليه الأُمّة من جواز سماع صوتهنّ مطلقاً و لو زائداً على المقدار المذكور مع الضرورة،فمنعها عمّا زاد معها مخالفٌ للبديهة.

و لعلّ جميع ذلك أمارة الكراهة،و أحوط منه الترك بالمرّة،إلّا أن تدعو إليه حاجة أو ضرورة.

الثانية في الوطء في الدُّبُر

الثانية في الوطء في الدُّبُر مطلقاً لزوجة كان أو أمة خلافٌ بين الأصحاب.

و فيه روايتان،أشهرهما بل المجمع عليه كما في التذكرة و عن

ص:58


1- التذكرة 2:573.
2- المسالك 1:438.
3- لم نعثر عليه.
4- الفقيه 4:1/2،الوسائل 20:211 أبواب مقدمات النكاح ب 117 ح 5.

الانتصار و الخلاف و الغنية و السرائر (1) الجواز على كراهية و هي مستفيضة من الطرفين،و فيها من طرقنا:الصحيح و كالصحيح و الموثّقان، و غيرها من الروايات.

ففي الأول:الرجل يأتي امرأته في دبرها،قال:«ذلك له» قال:قلت:

فأنت تفعل ذلك؟قال:«أنا لا أفعل» (2).

و في الثاني:عن رجل يأتي أهله من خلفها،قال:«هو أحد المأتيّين،فيه الغسل» (3).

و في الثالث،في أحدهما:عن الرجل يأتي المرأة في دبرها،قال:

«لا بأس به» (4).

و هي مع ذلك معتضدة بالأصل،و الإجماعات المنقولة،و المخالفة لما عليه جميع العامّة إلّا مالكاً (5)،و العمومات،منها نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ [1] (6)بناءً على كون الظرف بمعنى:من أين كما قيل- (7)فيعمّ المقام.

ص:59


1- التذكرة 2:576،الانتصار:125،الخلاف 4:336،الغنية(الجوامع الفقهية):612،السرائر 2:606.
2- الكافي 5:2/540،التهذيب 7:1663/415،الوسائل 20:145 أبواب مقدمات النكاح ب 73 ح 1.
3- التهذيب 7:1658/414،الإستبصار 3:868/243،الوسائل 20:147 أبواب مقدمات النكاح ب 73 ح 7.
4- التهذيب 7:1662/415،الوسائل 20:147 أبواب مقدمات النكاح ب 73 ح 5.
5- كما نقله عنه في التفسير الكبير 6:76.
6- البقرة:223.
7- قال به المحقّق الثاني في جامع المقاصد 12:498،الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:54.

و لا ينافيه الصحيح الدالّ على وروده ردّاً على اليهود القائلين:إنّ الرجل إذا أتى أهله من خلفها خرج ولده أحول (1)؛ لعدم المنافاة بينه و بين ثبوت الحكم على العموم،مع إشعار سياقه بكون المنع للتقيّة،فتأمّل.

مضافاً إلى أنّه استدلّ به للجواز في المضمار في بعض الأخبار المنجبر ضعفه بالشهرة بين الأخبار،و فيه:عن الرجل يأتي المرأة في دبرها،قال:«لا بأس إذا رضيت» قلت:فأين قول اللّه تعالى فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ [1] (2)؟فقال:«هذا في طلب الولد،فاطلبوا الولد من حيث أمركم،إنّ اللّه تعالى يقول نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ [2] » (3).و منه يظهر فساد الاستدلال للمنع بالآيتين،مع ضعفه من وجوه أُخر،فتأمّل.

و ربّما أُيّد الجواز بقوله سبحانه هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ [3] (4)فإنّهم كانوا يشتهون الأدبار.

و هو حسن؛ لأصالة البقاء،و إشعار بعض المعتبرة المنجبرة بالشهرة:

عن إتيان الرجل[المرأة]من خلفها،فقال:«أحلّتها آية من كتاب اللّه تعالى، قول لوط على نبيّنا و آله و عليه السلام هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ [4] و قد علم أنّهم لا يريدون الفرج» (5).

ص:60


1- التهذيب 7:1660/415،تفسير العياشي 1:333/111،الوسائل 20:141 أبواب مقدمات النكاح ب 72 ح 1.
2- البقرة:222.
3- التهذيب 7:1657/414،الوسائل 20:146 أبواب مقدمات النكاح ب 73 ح 2.
4- هود:78.
5- التهذيب 7:1659/414،الوسائل 20:146 أبواب مقدمات النكاح ب 73 ح 3؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.

فالقول بالجواز قويّ مع الكراهة الشديدة؛ لإشعار الصحيح المتقدّم (1)،مع التصريح بها في المرفوع:عن إتيان النساء في أعجازهنّ، فقال:«ليس به بأس،و ما أحبّ أن تفعله» (2).

و عليها يحمل ما في الخبر:«محاشّ النساء على أُمّتي حرام» (3)و كذا الآخر الناهي عنه (4)؛ لضعفهما،و موافقتهما التقيّة لما عرفت.

و به يشعر بعض المعتبرة،كالموثّق:أخبرني من سأله عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع و في البيت جماعة فقال لي و رفع صوته:

«قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله:من كلّف مملوكه ما لا يطيق فليبعه» ثم نظر في وجوه أهل البيت،ثم أصغى إليّ و قال:«لا بأس به» (5).

فالقول بالتحريم كما عن القميين و ابن حمزة (6)و جماعة (7)ضعيف جدّاً.

الثالثة حكم العزل عن الحرّة بغير إذنها

الثالثة :اختلف الأصحاب في جواز العزل و إفراغ المني خارج الفرج بعد المجامعة عن الحرّة بغير إذنها و لو بالشرط حال العقد

ص:61


1- في ص 59.
2- التهذيب 7:1666/416،الوسائل 20:147 أبواب مقدمات النكاح ب 73 ح 6.
3- التهذيب 7:1664/416،الوسائل 20:142 أبواب مقدمات النكاح ب 72 ح 2؛ المحاشّ:جمع محشّة،و هي الدبر،فكني بها عن الأدبار كما يكنى بالحَشُوش عن مواضع الغائط مجمع البحرين 4:134.
4- الفقيه 3:1430/299،الوسائل 20:143 أبواب مقدمات النكاح ب 72 ح 5.
5- التهذيب 7:1661/415،الوسائل 20:146 أبواب مقدمات النكاح ب 73 ح 4 بتفاوت يسير.
6- الصدوق في الفقيه 3:299،ابن حمزة في الوسيلة:313.
7- منهم أبو الفتوح الرازي،و الراوندي في اللباب،و السيّد أبو المكارم صاحب البلابل القلاقل،نقله عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:54.

اختياراً،بعد اتّفاقهم عليه في الأُمة مطلقاً (1)،و الحرّة مع الإذن مطلقاً أو الاضطرار؛ للأصل،و فحوى الصحاح الآتية.

ف قيل: هو محرّم و هو المحكيّ عن المبسوط و الخلاف و ظاهر المقنعة (2)،مدّعياً الشيخ عليه الوفاق في الثاني كما قيل (3).

للنبويّين العاميّين،في أحدهما:«إنّه صلى الله عليه و آله نهى أن يعزل عن الحرّة إلّا بإذنها» (4)(5).و عدم حصول الحكمة في النكاح من الاستيلاد معه غالباً.

و ضعفه ظاهر؛ لوهن الإجماع بمصير المعظم إلى الخلاف،مع أنّه صحيحٌ لا يقاوم الصحاح.هذا،مع أنّ ظاهر عبارته المحكيّة في المختلف (6)في كتاب الديات أنّ دعوى الإجماع المزبور إنّما هو على استحباب تركه لا تحريمه (7).

ص:62


1- زوجة كانت أم ملك يمين أم محلّلة.منه رحمه الله.
2- المبسوط 4:267،الخلاف 4:359،المقنعة:516.
3- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:54.
4- دعائم الإسلام 2:777/212،المستدرك 14:233 أبواب مقدمات النكاح ب 57 ح 1.
5- و في الثاني ما أشار إليه صاحب الجواهر 29:111 عنه صلى الله عليه و آله من أنّه«الوأد الخفي» أي قتل الولد.سنن البيهقي 7:231.
6- المختلف:814 و 815.
7- فإنّه قال:العزل عن الحرّة لا يجوز إلّا برضاها،فمتى عزل بغير رضاها أثم و كان عليه عشر دية الجنين عشرة دنانير،و للشافعي فيه وجهان،أحدهما:أنّه محظور مثل ما قلنا،غير أنّه لا يوجب الدية،و المذهب أنّه مستحب و ليس بمحظور؛ دليلنا:إجماع الفرقة و أخبارهم و طريقة الاحتياط.(الخلاف 4:359)و هو كما ترى كالصريح في دعوى الإجماع على الاستحباب،و لا ينافيه الاستدلال بطريقة الاحتياط؛ لإمكان جعلها حجة على الاستحباب و الكراهة،التي إحدى الأدلّة على المسامحة في أدلّة السنن و الكراهة منه عفي عنه و عن والديه.

و قصور سند الأوّلين.

و عدم النصّ بالحكمة،مع عدم وجوب مراعاتها فيما عدا محلّ البحث إجماعاً.هذا،مع أنّه أخصّ من المدّعى؛ لعدم جريانه في اليائسة.

مضافاً إلى معارضة الجميع بما سيأتي مع عدم مكافأته له بالمرّة.

و على المنع مطلقاً حتى الكراهة،هل يجب به دية النطفة أعني: عشرة دنانير ؟قيل:نعم (1)؛ للصحيح الموجب لها على المفرغ،الغير المجامع، الموجب للعزل (2).و اختصاصه بغير المتنازع غير قادح بعد ظهور أنّ المنشأ هو التفويت المطلق،المشترك بينه و بين المتنازع.

و فيه نظر؛ لمنع الظهور أوّلاً،و منع العمل بمثله مع عدم النصّ أو الاعتبار القاطع عليه بعد تسليمه ثانياً،و ثبوت الفارق بين جناية الوالد و الأجنبي ثالثاً،فإن هو إلّا قياس مع الفارق.

مع معارضته على تقدير تسليمه بظواهر النصوص الآتية المجوّزة للعزل،المصرّحة:بأنّه ماؤه يضعه حيث يشاء،الدالّة لذلك على أنّه لا حقّ للمرأة على الرجل في مائه،فلا وجه لاستحقاقها الدية.

و بمثل هذا يجاب عن دعوى الخلاف على الوجوب الوفاق،فإنّ غايته أنّه خبر صحيح لا يعارض الصحاح كما مرّ،سيّما مع معارضته بما يظهر من الحلّي من شذوذ القول بالوجوب،حيث نسب الرواية الدالّة عليه بعد الإشارة إليها إلى الشذوذ (3)،الذي هو بالاتّفاق عبارة عن عدم القائل

ص:63


1- قال به الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:25.
2- الكافي 7:1/342،الفقيه 4:194/54،التهذيب 10:1107/285،الوسائل 29:312 أبواب ديات الأعضاء ب 19 ح 1.
3- السرائر 3:418.

به أو ندرته.

فالأقوى:العدم،وفاقاً للمعظم،كالحلّي و الفاضل في المختلف و المحقّق الثاني كما حكي و شيخنا في المسالك و الروضة (1)و كثير ممّن تبعه (2).

و ربما يظهر من النهاية و المقنعة التردّد في الوجوب؛ حيث نسباه إلى الرواية (3)،اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن،سيّما على القول بالكراهة المشار إليه بقوله:

و قيل و هو الأكثر-:إنّه مكروه (4) غير محرّم؛ للأصل، و الموثّقين،و الصحاح المستفيضة:

منها:«ذاك» أي المني«إلى الرجل يصرفه حيث شاء» (5).

و منها:«لا بأس بالعزل عن المرأة الحرّة» (6).

و البأس المنفيّ فيه محمولٌ على الحرمة،جمعاً بين ما هنا و ما تقدّم من الأدلّة؛ بناءً على المسامحة في أدلّة الكراهة،سيّما مع فتوى الجماعة، و إيماءً إلى المرجوحيّة في الجملة في بعض المستفيضة،كالصحيح:عن العزل،فقال:«أمّا الأمة فلا بأس،و أمّا الحرّة فإنّي أكره ذلك،إلّا أن يشترط

ص:64


1- الحلي في السرائر 2:607،3:419،المختلف:815،المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:503،المسالك 1:439،الروضة 5:102.
2- كالسبزواري في الكفاية:154،الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:288.
3- النهاية:779،المقنعة:763.
4- في المختصر المطبوع زيادة:و هو أشبه.
5- الكافي 5:3/504،الفقيه 3:1295/273،التهذيب 7:1669/417،الوسائل 20:149 أبواب مقدمات النكاح ب 75 ح 1.
6- الكافي 5:2/504،التهذيب 7:1668/417،الوسائل 20:150 أبواب مقدمات النكاح ب 75 ح 4.

عليها حين تزوّجها» (1).

و رخّص عليه السلام في هذا الخبر العزل في الإماء مضافاً إلى الخبر الآخر«لا بأس بالعزل في ستّة وجوه:المرأة إذا أيقنت أنّها لا تلد،و المرأة المسنّة،و المرأة السَّلِيطة (2)،و البذيّة،و المرأة التي لا ترضع ولدها،و الأمة» (3).

و كذا يكره لها العزل بدون إذنه.

و هل يحرم عليها لو قلنا به منه؟مقتضى الدليل الثاني أي الحكمة ذلك.و كذا القول في دية النطفة له،كذا قيل،و الأخبار خالية عنه.

الرابعة لا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين

الرابعة: لا يجوز أن يدخل الرجل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين هلالية إجماعاً؛ للنصوص المستفيضة:

منها الصحيح:«إذا تزوّج الرجل الجارية و هي صغيرة فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين» (4).

و بالتنبيه منه يستفاد حكم غير الزوج مع إطلاق البواقي.

و لو دخل بها الزوج قبل ذلك لم تحرم المرأة مؤبّداً على الأصحّ الأشهر،بل عليه عامّة من تقدّم و تأخّر،عدا من سيذكر،مع التأمّل في مخالفته كما سيظهر.

للأصل،و الاقتصار فيما خالفه على القدر المتيقّن المتّفق عليه من

ص:65


1- التهذيب 7:1671/417،الوسائل 20:151 أبواب مقدمات النكاح ب 76 ح 1.
2- السّلاَطَة:حدّة اللسان،يقال:رجل سَليط؟أي صخّاب بذي اللسان،و امرأة سليطة كذلك،مجمع البحرين 4:255.
3- الفقيه 3:1340/281،التهذيب 7:1972/491،الخصال:22/328،الوسائل 20:152 أبواب مقدمات النكاح ب 76 ح 4.
4- الكافي 5:2/398،الوسائل 20:101 أبواب مقدمات النكاح ب 45 ح 1.

النصّ الآتي،و إطلاقه بعد ضعفه،و عدم جابر له في محلّ البحث غير نافع.

خلافاً لظاهر النهاية (1)،حيث حكم بالتحريم بالدخول من دون تقييد بالإفضاء (2)،و حكي عن السرائر (3).

لإطلاق المرسل:«إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرّق بينهما و لم تحلّ له أبداً» (4)و فيه ما مرّ.

و نفي الخلاف عنه في الأخير كما حكي مع عدم صراحته في الإجماع موهونٌ بمصير الأكثر على الخلاف،حتى الشيخ؛ لرجوعه عن الإطلاق في النهاية إلى التقييد في الاستبصار،كما صرّح به في المهذّب (5).

و مع ذلك،حكمه بالإطلاق في النهاية أيضاً محلّ نظر،فقد قال في المختلف بعد نقله عنه-:و الظاهر أنّ مراده ذلك (6).مشيراً به إلى إناطة التحريم بالإفضاء.

هذا،و مصير الحلّي إلى الخلاف غير معلوم،فقد حكي عنه في التنقيح صريحاً موافقة الأصحاب (7)،و هو ظاهر جماعة،كالمختلف

ص:66


1- النهاية:453.
2- أفضى إلى امرأته:باشرها و جامعها،و أفضاها:جعل مسلكيها بالافتضاض واحداً،و قيل:جعل سبيل الحيض و الغائط واحداً فهي مُفْضَاة المصباح المنير:476.
3- السرائر 2:530.
4- الكافي 5:12/429،التهذيب 7:1292/311،الإستبصار 4:1111/295،الوسائل 20:494 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 34 ح 2.
5- المهذّب البارع 3:210 211،و هو في الاستبصار 4:294.
6- المختلف:525.
7- التنقيح الرائع 3:26.

و المهذّب و المسالك و مفاتيح الشرائع،حيث نسبوا الخلاف إلى ظاهر إطلاق النهاية خاصّة (1)،مع تصريح جماعة منهم بأنّ الباقين على التقييد بالإفضاء (2)،فلا إشكال،بل و لعلّه لا خلاف في المسألة،و الاحتياط واضح.

الخامسة لا يجوز للرجل ترك وطء المرأة أكثر من أربعة أشهر

الخامسة: لا يجوز للرجل الحاضر المتمكّن من الوطء ترك وطء المرأة المعقودة له بالدوام على الأصحّ مطلقاً أكثر من أربعة أشهر على المعروف من مذهب الأصحاب،و عليه الإجماع في المسالك (3).

للصحيح:عن الرجل يكون عنده المرأة الشابّة،فيمسك عنها الأشهر و السنة لا يقربها،ليس يريد الإضرار بها،يكون لهم مصيبة،يكون بذلك آثماً؟قال:«إذا تركها أربعة أشهر يكون آثماً» (4).

و بضميمة الإجماع يتمّ المطلوب،مضافاً إلى ما دلّ على كونها المدّة المضروبة في الإيلاء،و لا اختصاص لذلك ثمّة بالشابّة إجماعاً (5).

و يؤيّده ما قيل:إنّ عمر سألهنّ عما يصبرن فيه،فأخبرن بفناء صبرهنّ إذا مضت أربعة أشهر،فتأمّل،فتأمّلُ بعض المتأخّرين في التعميم إلى غير الشابة (6)،ليس في محلّه.

ص:67


1- المختلف:525،المهذب البارع 3:210،المسالك 1:439،المفاتيح 2:247.
2- كما في مفاتيح الشرائع 2:247،المهذب البارع 3:210،كشف الرموز 2:108.
3- المسالك 1:439.
4- الفقيه 3:1215/256،التهذيب 7:1647/412،الوسائل 20:140 أبواب مقدمات النكاح ب 71 ح 1.
5- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:54.
6- كصاحب الحدائق 23:90.
السادسة يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلاً

السادسة: يكره للمسافر أن يطرق أهله أي يدخل إليهم من سفره ليلاً مطلقاً،و قيّده بعضهم بعدم الإعلام بالحال،و إلّا لم يكره (1).

و النصّ مطلق،روى عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام أنّه قال:

«يكره للرجل إذا قدم من سفره أن يطرق أهله ليلاً حتى يصبح» (2).

و في تعلّق الحكم بمجموع الليل،أو اختصاصه بما بعد المبيت و غلق الأبواب،نظر،منشؤه دلالة كلام أهل اللغة على الأمرين،ففي الصحاح:

الأوّل (3)،و النهاية الأثيريّة:الثاني (4)،و الأول أوفق بمقتضى المسامحة في أدلّة السنن.

و ظاهر إطلاق النصّ و الفتاوى عدم الفرق في الأهل بين الزوجة و غيرها،و إن كان الحكم فيها آكد،و بباب النكاح أنسب.

السابعة إذا دخل بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها

السابعة:إذا دخل الزوج بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها بالوطء،بأن صيّر مسلك الحيض و البول واحداً كما هو الغالب المشهور في تفسيره فإنّه الإيصال،و قيل:أو مسلك الحيض و الغائط (5)،و الأصل في المطلق يقتضي المصير إلى الأول؛ بناءً على كونه الغالب،و لعلّ إلحاق الأخير به من باب فحوى الخطاب،و عموم تعليل بعض الأحكام المترتّبة عليه من التعطيل للأزواج له،و لا قائل بالفرق،فتأمّل جدّاً.

ص:68


1- كابن سعيد في الجامع للشرائع:453.
2- الكافي 5:4/499،التهذيب 7:1645/412،الوسائل 20:131 أبواب مقدمات النكاح ب 65 ح 1.
3- الصحاح 4:1515.
4- النهاية 3:121.
5- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:104،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:39.

حَرُمَ عليه مؤبّداً وطؤها مطلقاً (1)،بل مطلق الاستمتاع في قولٍ أحوط في المشهور بين الأصحاب،بل قيل:بلا خلاف (2)،و عن صريح الإيضاح (3)و ظاهر غيره (4)الإجماع عليه.

للمرسل المتقدّم (5)،المعتضد ضعفه هنا بالشهرة،و لا يقدح فيه عدم ذكر الإفضاء فيه بعد عمومه له،بل و ظهوره فيه؛ للغلبة.فالقول بالحِلّ كما عن النزهة (6)محلّ المناقشة.

و لكن لم تخرج من حباله بل زوجته على الأظهر،وفاقاً لجماعة،كما في الشرائع و الروضة و السرائر و الجامع (7).

للأصل،و ظاهر الخبرين،في أحدهما:رجل اقتضّ جارية فأفضاها، قال:«عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين» قال:«فإن أمسكها و لم يطلّقها فلا شيء عليه،إن شاء أمسك و إن شاء طلّق» (8).

و في الثاني و هو صحيح-:عن رجل تزوّج جارية بكراً لم تدرك، فلمّا دخل بها اقتضّها فأفضاها،قال:«إن كان دخل بها حين دخل بها و لها تسع سنين فلا شيء عليه،و إن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان أقلّ من

ص:69


1- أي قبلاً أو دبراً.منه رحمه الله.
2- قال به البحراني في الحدائق 23:91.
3- إيضاح الفوائد 3:76.
4- انظر التنقيح الرائع 3:26،السرائر 2:531.
5- في ص 66.
6- نزهة الناظر:96.
7- الشرائع 2:270،الروضة 5:104،السرائر 2:531،الجامع للشرائع:428.
8- الكافي 7:18/314،التهذيب 10:984/249،الإستبصار 4:1109/294،الوسائل 29:281 أبواب موجبات الضمان ب 44 ح 1؛ و اقتضّ الجارية:افترعها و أزال بكارتها،و الافتضاض بالفاء بمعناه مجمع البحرين 4:228.

ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضّها فإنّه قد أفسدها و عطّلها على الأزواج، فعلى الإمام أن يغرمه ديتها،و إن أمسكها و لم يطلّقها حتى تموت فلا شيء عليه» (1).

و قيل بالخروج (2)؛ لظاهر المرسل المتقدّم (3).و يحتمل التفريق فيه:

الكناية عن الطلاق و الإرشاد إليه؛ خوفاً من الوقوع في المحرّم،فلا يعارض شيئاً ممّا قدّمناه.

و على المختار:تحرم الأُخت و الخامسة مع عدم الطلاق،أو الخروج عن العدّة إن قلنا بها.

و عليه الإنفاق عليها في الجملة إجماعاً؛ للصحيح:عن رجل تزوّج جارية فوقع بها فأفضاها،قال:«عليه الإجراء عليها ما دامت حيّة» (4).

و لإطلاقه يتّجه إطلاق القول بوجوبه حتى مع الطلاق و لو بائناً،بل و لو تزوّجت بغيره في وجه،و في آخر:العدم؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على الفرد المتبادر من المستند.

و لكن الاستصحاب يؤيّد الأول،فهو الأحوط لو لم يكن أولى، و أولى منه بالوجوب لو طلّقها الثاني بائناً أو رجعيّاً و تمّ عدّتها،و كذا لو تعذّر إنفاقه عليها لغيبة أو فقر.

قيل:و لا فرق في الحكم بين الدائم و المتمتّع بها (5).

ص:70


1- الفقيه 3:1294/272،الوسائل 20:103 أبواب مقدمات النكاح ب 45 ح 9.
2- قال به فخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:78.
3- في ص 66.
4- الفقيه 4:338/101،التهذيب 10:985/249،الإستبصار 4:1110/294،الوسائل 29:282 أبواب موجبات الضمان ب 44 ح 2،الإجراء أي النفقة و الكسوة و ما يلزمه.روضة المتقين 10:397.
5- كما قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:105.

و فيه لو لم يكن عليه إجماع نظر؛ لمخالفته الأصل،فيقتصر على المتبادر من النصّ الدالّ عليه.و عموم التعليل بالإفساد و التعطيل عن الأزواج في الصحيح (1)مختصٌّ بمعلوله،و هو وجوب الدية،و لا كلام فيه.

و منه ينقدح قوّة القول باختصاص الحكم بالزوجة دون الأجنبيّة،بل هو أقوى؛ لعدم شمول النصّ لها بالمرّة،و لا أولويّة إلّا على تقدير كون الأحكام للعقوبة،و هي ممنوعة.و على تقديرها فلعلّه لا ينفع في الأجنبي؛ لزيادة إثمه و فحش فعله،كذا قيل (2)،فتأمّل.

و التحقيق أن يقال:إنّ العمدة في ثبوت الأحكام المخالفة للأصل هو الإجماع؛ لضعف الرواية،و هو فيما نحن فيه مفقود؛ للاختلاف،و الأولويّة لعلّها لا تجري فيما مستند أصله الإجماع،فتأمّل.مضافاً إلى اختصاصها بالزناء،فلا يعمّ الشبهة.

و لا ريب أنّ التعميم أحوط و أولى في التحريم،بل و الإنفاق،و إن قيل بعدم لزومه و لو مع القول بسابقه،كما عن الخلاف و السرائر في الزناء (3).

و في الأمة:الوجهان،و أولى بالتحريم،و يقوى الإشكال في الإنفاق لو أعتقها.

و لو أفضى الزوجة بعد التسع،ففي تحريمها الوجهان،أوجههما:

العدم؛ للصحيح المتقدّم (4)كسابقه.و أولى بالعدم:إفضاء الأجنبي

ص:71


1- المتقدم في ص 69.
2- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:39.
3- حكاه عنهما في كشف اللثام 2:39،و هو في الخلاف 5:257،و السرائر 2:605.
4- في ص 69.

كذلك (1).

و في تعدّي الحكم في الإفضاء بغير الوطء وجهان،أجودهما:

العدم؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن،و إن وجبت الدية في الجميع،و اللّه أعلم (2).

ص:72


1- أي بعد التسع.منه رحمه الله.
2- لم يتعرض الشارح رحمه الله.لهذه العبارة من المختصر:و لم يُفْضِها لم يحرم على الأصحّ؛ و لعلّه لم يكن موجوداً في النسخة الموجودة لديه،و اللّه أعلم.

الفصل الثاني في أولياء العقد

اشارة

الفصل الثاني:

في أولياء العقد المتصرّفين فيه بدون إذن الزوج أو الزوجة

لا ولاية في النكاح لغير الأب،و الجد للأب و إن علا،و الوصيّ،و المولى،و الحاكم

لا ولاية في النكاح لغير الأب،و الجد للأب و إن علا،و الوصيّ، و المولى،و الحاكم إجماعاً منّا فيما عدا الاُمّ و أبيها؛ للأصل،و النصوص الحاصرة لها في الأب خاصّة:

كالصحيح:«يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب» (1)و نحوه الموثّقان (2).

و لا مخصّص معتبراً لها فيما عدا المذكورين.

مضافاً إلى النصوص في نفي الولاية عن الأخ و العمّ بالخصوص:

كالضعيف بسهل الذي ضعفه سهل في المشهور،بل قيل بوثاقته (3)،فصحيح-:في رجل زوّج أُخته،قال:«يؤامرها،فإن سكتت فهو إقرارها،و إن أبت لم يُزوِّجها» (4)و نحوه الصحيح أو الحسن (5).

ص:73


1- الكافي 5:2/393،التهذيب 7:1537/380،الإستبصار 3:849/235،الوسائل 20:272 أبواب عقد النكاح ب 4 ح 3.
2- الأول في:الكافي 5:5/394،الوسائل 20:269 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 6.الثاني في:التهذيب 7:1533/379،الإستبصار 3:847/235،الوسائل 20:273 أبواب عقد النكاح ب 4 ح 5.
3- قال به الطوسي في رجاله:416.
4- الكافي 5:3/393،الفقيه 3:1196/251،التهذيب 7:1550/386،الإستبصار 3:856/239،الوسائل 20:268 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 3.
5- الكافي 5:1/396،التهذيب 7:1552/386،الإستبصار 3:859/240،الوسائل 20:280 أبواب عقد النكاح ب 7 ح 2.

و ما ربما يتوهّم منه ثبوت الولاية له كالخبرين (1)فمع ضعفه سنداً قاصرٌ دلالةً؛ لاحتمال إرادة أولويّة عدم مخالفته،مع احتماله الحمل على التقيّة،فتأمّل.

و الصحيح:في صبيّة زوّجها عمّها،فلمّا كبرت أبت التزويج، فكتب عليه السلام بخطّه:«لا تكره على ذلك،و الأمر أمرها» (2).

و على الأشهر الأظهر في الأُمّ و أبيها؛ للأصل،و النصوص المتقدّمة، بل عليه الإجماع في التذكرة (3)،و صرّح به بعض فضلاء الأصحاب أيضاً (4).

و الخبر:عن رجل زوّجته امّه و هو غائب،قال:«النكاح جائز،إن شاء المتزوّج قبل،و إن شاء ترك» الحديث (5).

و لعمومه الناشئ عن ترك الاستفصال من وقوع تزويجها حال البلوغ أو عدمه شاملٌ لمحلّ النزاع.

و إذا انتفى ولاية الأُمّ انتفى ولاية أبيها بطريق أولى،مضافاً إلى عدم القول بالفصل.

ص:74


1- الأول:التهذيب 7:1573/393،الوسائل 20:283 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 4.الثاني:التهذيب 7:1575/393،الإستبصار 3:860/240،الوسائل 20:283 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 6.
2- الكافي 5:7/393،التهذيب 7:1551/386،الإستبصار 3:857/239،الوسائل 20:276 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 2.
3- التذكرة 2:586.
4- كالفاضل الهندي في كشف اللثام 2:15.
5- الكافي 5:2/401،التهذيب 7:1523/376،الوسائل 20:280 أبواب عقد النكاح ب 7 ح 3.

و قصور السند معتضد بالأصل،و الشهرة،و عموم النصوص المتقدّمة.

و مفهوم الصحيحين في تزويج الصبي للصبيّة-:«إن كان أبواهما اللّذان زوّجاهما فنعم جائز» (1).

و الخبر:عن الذي بيده عقدة النكاح،قال:«هو الأب،و الأخ، و الرجل يوصى إليه،و الذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها و يشتري، فأيّ هؤلاء عفا جاز» (2)فتأمّل.

و منه يظهر الجواب عمّا دلّ على ولاية الجدّ بقول مطلق،كالنصوص الدالّة على تقديمه على الأب (3)بعد التعارض،مضافاً إلى عدم تبادر جدّ الاُمّ منها،سيّما مع مراعاة سياقها،فتدبّر.

خلافاً للإسكافي (4)؛ لأمر النبيّ صلى الله عليه و آله نعيم بن نجاح بأن يستأمر أُمّ ابنته في أمرها (5)،و هو مع ضعفه ليس نصّاً في الولاية كالخبر:«إذا كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر» (6).

أ لا ترى إلى الصحيح:«لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها،ليس لها مع الأب أمر» و قال:«يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب» (7).

ص:75


1- الأول:التهذيب 7:1543/382،الإستبصار 3:854/236،الوسائل 20:277 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 8.الثاني:التهذيب 7:1556/388،الوسائل 20:292 أبواب عقد النكاح ب 12 ح 1.
2- التهذيب 7:1573/393،الوسائل 20:283 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 4.
3- الوسائل 20:289 أبواب عقد النكاح ب 11.
4- كما حكاه عنه في المختلف:536.
5- مسند أحمد 2:97 و فيه:نعيم بن النحام.
6- التهذيب 7:1536/380،الإستبصار 3:848/235،الوسائل 20:284 أبواب عقد النكاح ب 9 ح 3.
7- الكافي 5:2/393،التهذيب 7:1537/380،الإستبصار 3:849/235،الوسائل 20:273 أبواب عقد النكاح ب 4 ح 3.

و لبعض العامّة في جميع من ذكر و غيرهم من ذوي الأنساب،فأثبت الولاية لهم كما حكي (1).

و أمّا ولاية الأب و الجدّ ف ثابتة على الصغير و الصغيرة و لو ذهبت بكارتها بزناء أو غيره إجماعاً في الأول،و على الأشهر الأظهر في الثاني.خلافاً للعماني،فلم يذكره (2).

و المعتبرة المستفيضة المشتملة على الصحيح و الموثّق و غيره في ترجيح الجدّ على الأب مع التعارض (3)حجّة عليه،و لاعتضادها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً بل إجماع في الحقيقة كما في التذكرة و عن الناصريّات (4)،و عن السرائر:أنّه نفي الخلاف عنه (5)ترجّحت على النصوص الحاصرة للولاية في الأب خاصّة (6)،فتُخصَّص بها بالبديهة، سيّما مع قوّة احتمال إرادة الجدّ منه.

ثم إنّ الظاهر المتبادر من الجدّ في الأخبار ليس جدّ أُمّ الأب،و لذا عن التذكرة:إنّ جدّ أُمّ الأب لا ولاية له مع جدّ الأب،و مع انفراده نظر (7).

و لعلّ وجهه ما مرّ (8).

و تعميم الصغيرة للباكرة و الثيّبة مطلقاً (9)مستندٌ إلى ظاهر الأخبار

ص:76


1- انظر كشف اللثام 2:15.
2- كما حكاه عنه في المختلف:535.
3- الوسائل 20:289 أبواب عقد النكاح ب 11.
4- التذكرة 2:587،الناصريات(الجوامع الفقهية):211.
5- السرائر 2:561.
6- الوسائل 20:275 أبواب عقد النكاح ب 6.
7- التذكرة 2:587.
8- في ص 74.
9- أي بزناء أو غيره.منه رحمه الله.

المثبتة لولايتهما عليها و على الجارية (1)،الشاملتين بإطلاقهما الأمرين، و ليس فيما دلّ من الأخبار على نفيها عنهما في الثيّب (2)منافاةٌ لها،بعد تبادر البالغة المنكوحة بالعقد الصحيح منها،و لذا علّق النفي (3)عليها في بعض الأخبار (4).

لا يشترط في ولاية الجدّ بقاء الأب

و لا يشترط في ولاية الجدّ بقاء الأب على الأظهر الأشهر؛ لاستصحاب الولاية،و الصحيح:«إنّ الذي بيده عقدة النكاح وليّ أمرها» (5)بعد الإجماع على ثبوت الولاية له فيما عدا محلّ البحث.

و يؤيّده كونه أقوى من الأب؛ لتقديمه عليه بعد التعارض كما يأتي (6)،و أنّه له الولاية على الأب،و فوت الأضعف لا يؤثّر في فوت الأقوى.

و قيل و هو:الصدوق و الشيخ و التقي و سلّار و بنو جنيد و برّاج و زهرة و حمزة (7)-: يشترط عكس العامّة؛ لاشتراطهم في ولايته فقده.

و في المستند و هو رواية الفضل بن عبد الملك،عن مولانا

ص:77


1- الوسائل 20:275 أبواب عقد النكاح ب 6.
2- الوسائل 20:267 أبواب عقد النكاح ب 3.
3- أي نفي ولاية الأبوين.منه رحمه الله.
4- الكافي 5:5/392،الوسائل 20:269 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 4.
5- التهذيب 7:1570/392،الوسائل 20:282 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 2.
6- في ص 81.
7- الصدوق في الفقيه 3:251،و الهداية:68،الشيخ في الخلاف 4:265،و النهاية:466،التقي في الكافي:292،سلار في المراسم:148،و حكاه عن ابن الجنيد في المختلف:535،ابن البراج في المهذب 2:197،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):609،ابن حمزة في الوسيلة:299.

الصادق عليه السلام قال:«إنّ الجدّ إذا زوّج ابنة ابنه،و كان أبوها حيّاً،و كان الجدّ مرضيّاً،جاز» (1). ضعفٌ بحسب الدلالة،و إن كان مفهوم الشرط حجّة؛ لقوّة احتمال كون الوجه فيه التنبيه على الفرد الأخفى أعني عقد الجدّ مع وجود الأب ردّاً على العامّة،كما عرفت.

مضافاً إلى عدم مقاومته للصحيح المتقدّم،المعتضد بالشهرة، و الاستصحاب،و المؤيّدات.

و في تقييد الضعف بالدلالة تنبيهٌ على عدمه في السند؛ إذ ليس فيه سوى جعفر بن محمّد بن سماعة،و الحسن بن محمّد بن سماعة،و هما و إن كانا واقفيّين إلّا أنّهما ثقتان،كما نصّ عليه النجاشي و شيخنا العلّامة في الخلاصة (2)،فيعدّ موثّقاً و ليس بضعيف اصطلاحاً.

و لا خيار للصبيّة مع البلوغ لو زوّجها الولي قبله إجماعاً،حكاه جماعة (3)؛ للأصل،و الصحاح المستفيضة:

منها:عن الجارية الصغيرة يُزوّجها أبوها،إلها أمر إذا بلغت؟قال:

«لا» (4).

و منها:إذا بلغت الجارية فلم ترض فما حالها؟قال:«لا بأس إذا رضي أبوها أو وليّها» (5).

ص:78


1- الكافي 5:5/396،التهذيب 7:1564/391،الوسائل 20:290 أبواب عقد النكاح ب 11 ح 4.
2- رجال النجاشي:305/119،84/40،الخلاصة:209،212.
3- منهم الشيخ في الخلاف(4:266)و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية:609)منه رحمه الله.
4- الكافي 5:6/394،التهذيب 7:1540/381،الإستبصار 3:851/236،الوسائل 20:276 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 3.
5- التهذيب 7:1542/381،الإستبصار 3:853/236،الوسائل 20:277 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 7.

و منها:عن الصبيّة يُزوّجها أبوها،ثم يموت و هي صغيرة،ثم تكبر قبل أن يدخل بها زوجها،أ يجوز عليها التزويج،أم الأمر إليها؟قال:

«يجوز عليها تزويج أبيها» (1).

و لا يعارضها ما يخالفها مع شذوذه.

و في الصبي قولان،أظهرهما و أشهرهما أنّه كذلك لأصالة بقاء الصحّة،و الصحيح المرويّ في الكافي في باب تزويج الصبيان، المتضمّن ذيله لقوله عليه السلام:«و يجوز عليها تزويج الأب،و يجوز على الغلام،و المهر على الأب للجارية» (2).

و لا ينافيه صدره المثبت لهما الخيار بعد الإدراك مع تزويج الوليّ لهما لاحتمال الوليّ فيه المعنى العرفي أو العامّي،فيكون ردّاً عليهم،مع عدم القائل به لو حمل على الوليّ الشرعي،فتأمّل.

و يؤيّده إطلاق ما دلّ على توارثهما مع تزويج الوليّ لهما قبل الإدراك،المنافي ذلك لإلحاقه بالفضولي،ففي الصحيح:الصبي يتزوّج الصبية،يتوارثان؟قال:«إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم» الحديث (3)،فتأمّل.

خلافاً للشيخ (4)و جماعة (5)،فأثبتوا له الخيار بعد الإدراك؛ للخبر

ص:79


1- الكافي 5:9/394،الفقيه 3:1191/250،التهذيب 7:1541/381،الاستبصار 3:852/236،عيون الأخبار 2:44/17،الوسائل 20:275 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 1.
2- الكافي 5:4/401،الوسائل 26:219 أبواب ميراث الأزواج ب 11 ح 1.
3- التهذيب 7:1556/388،الوسائل 20:292 أبواب عقد النكاح ب 12 ح 1.
4- النهاية:467.
5- منهم القاضي في المهذّب 2:197،ابن حمزة في الوسيلة:300،الحلّي في السرائر 2:568.

المُعدّ من الحسن،و هو طويل،في آخره:«إنّ الغلام إذا زوّجه أبوه و لم يدرك كان له الخيار إذا أدرك و بلغ خمس عشرة سنة،أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك» الحديث (1).

و هو مع ضعفه عند جمع (2)بجهالة الراوي (3)و إن عُدّ حسناً مشتملٌ على أحكام مخالفة للأصل و الإجماع،كاشتراط التجاوز عن التسع في ولاية الأب على الجارية،و ثبوت الخيار لها بعد الإدراك،و صحّة طلاق الصبي مع الدخول و عدمه بدونه.و لا قائل بها كذلك،فلا يعارَض بمثله الأدلّة المتقدّمة.

و أمّا ما في الصحيح:عن الصبي يتزوّج الصبيّة،قال:«إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم جائز،و لكن لهما الخيار إذا أدركا،فإن رضيا بعد فإنّ المهر على الأب» الحديث (4).

فلا قائل به،و مثله لا يقبل التخصيص؛ للنصوصيّة،و ليس إلّا مثل:

أكرم زيداً و عمرواً،لا تكرم عمرواً.و لذا حمل على محامل أُخر غير بعيدة في مقام الجمع بين الأدلّة؛ تفادياً من الطرح بالكلّية.

و لو كان الجدّ و الأب زوّجاها من رجلين و اختلفا زماناً فالعقد للسابق منهما و إن كان أباً،عَلما بعقد الآخر أم جهلا،إجماعاً منّا كما عن السرائر و الغنية و في التذكرة (5).

ص:80


1- التهذيب 7:1544/382،الإستبصار 3:855/237،الوسائل 20:278 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 9.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:458،الفاضل الهندي 2:21.
3- هو يزيد الكناسي.منه رحمه الله.
4- التهذيب 7:1543/382،الإستبصار 3:854/236،الوسائل 20:277 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 8.
5- حكاه عن السرائر و الغنية في كشف اللثام 2:16،و هو في السرائر 2:561،الغنية(الجوامع الفقهية):609،التذكرة 2:594.

للصحيح:«إذا زوّج الأب و الجدّ كان التزويج للأوّل،فإن كانا جميعاً في حال واحدة فالجدّ أولى» (1).

و الموثّق:الجارية يريد أبوها أن يُزوّجها من رجل،و يريد جدّها أن يُزوّجها من رجل آخر،فقال:«الجدّ أولى بذلك ما لم يكن مضارّاً،إن لم يكن الأب زوّجها قبله» الحديث (2).

و فيه و في الصحيح:قلت:فإن هوى أبوها رجلاً و جدّها رجلاً، فقال:«الجدّ أولى بنكاحها» (3)دلالةٌ على تقديم اختيار الجدّ على الأب مع التشاحّ،و هو المشهور بين الأصحاب،بل عليه الإجماع في التذكرة و عن الانتصار و الخلاف و المبسوط و السرائر (4).

و إن اقترنا ثبت عقد الجدّ إجماعاً،كما في التذكرة و الروضة و عن الانتصار و الخلاف و المبسوط و السرائر و الغنية (5)؛ للنصوص المستفيضة الدالّة على أولويّته (6)،و خصوص الصحيح الأول.

و عُلّلا مع ما مرّ بأنّ ولاية الجدّ أقوى؛ لثبوت ولايته على الأب

ص:81


1- الكافي 5:4/395،الفقيه 3:1193/250،التهذيب 7:1562/390،الوسائل 20:289 أبواب عقد النكاح ب 11 ح 3.
2- الكافي 5:1/395،الفقيه 3:1192/250،التهذيب 7:1560/390،الوسائل 20:289 أبواب عقد النكاح ب 11 ح 2.
3- الكافي 5:2/395،التهذيب 7:1561/390،الوسائل 20:289 أبواب عقد النكاح ب 11 ح 1.
4- التذكرة 2:594،الانتصار:122،الخلاف 4:269،المبسوط 4:176،السرائر 2:561.
5- التذكرة 2:594،الروضة 5:149،الانتصار:121،الخلاف 4:269،المبسوط 4:176،السرائر 2:561،الغنية(الجوامع الفقهية):609.
6- الوسائل 20:289 أبواب عقد النكاح ب 11.

على تقدير نقصه بجنون و نحوه،بخلاف العكس.

و في صلوح مثل هذه القوّة مرجّحاً يستدلّ به على الترجيح تأمّل.

و في تعدّي الحكم إلى الجدّ مع جدّ الأب و هكذا صاعداً وجه؛ نظراً إلى العلّة،و الأقوى:العدم،وفاقاً للروضة؛ لخروجه عن مورد النص، و استوائهما في إطلاق الجدّ حقيقةً و الأب كذلك،أو مجازاً (1).فلا وجه للترجيح إلّا العلّة،و عرفت أنّها له غير صالحة.

و تثبت ولايتهما أي الجدّ و الأب على البالغ مع فساد عقله بسفه أو جنون مطلقاً ذكراً كان أو أُنثى إجماعاً فيما إذا اتّصل الفساد بالصغر؛ لاستصحاب الولاية.

و في المتجدّد أيضاً على قول قوي،كما في التذكرة (2)،و ظاهره الإجماع عليه،و عن التحرير (3)،و هو ظاهر المتن كما يأتي؛ لذاتية ولايتهما،و إناطتها بإشفاقهما،و تضرّرهما بما يتضرّر به الولد.و مرجعه إلى أولويّة ولايتهما على ولاية الحاكم.

و قيل:بل وليّه الحاكم؛ لزوال ولايتهما،و لا دليل على عودها (4).

و مرجعه إلى أصالة بقاء انقطاع الولاية.

و يعارَض بمثله في ولاية الحاكم،فهما من جهة الأصل متساويان، و يترجّحان عليه بما ذكرناه.

و الأحوط:موافقة الحاكم لهما،و موافقتهما له.

ص:82


1- الروضة 5:150.
2- التذكرة 2:600.
3- التحرير 2:8.
4- قال به البحراني في الحدائق 23:236.

و حيث ثبتت الولاية عليه ف لا خيار له لو أفاق إجماعاً،كما في المسالك (1)؛ للأصل.

و الثيّب المنكوحة بالتزويج تزوّج نفسها باختيارها و لا ولاية عليها للأب و لا لغيره مطلقاً،إجماعاً منّا،كما في الانتصار و التذكرة (2)؛ للأصل،و العمومات،و الصحاح المستفيضة:

منها الصحيحان:«هي أملك بنفسها،تولّي أمرها من شاءت إذا كان كُفواً،بعد أن تكون قد نكحت رجلاً قبله» (3).

و منها الصحيح:«الثيّب أمرها إليها» (4).

فالقول بثبوت الولاية عليها كالبكر كما في ظاهر العماني (5)ضعيف،مع أنّه لا مستند له.

نعم،يستحبّ لها موافقة وليّها،كما سيأتي.

و يتفرّع عليه ما لو زوّجها أبوها أو جدّها من غير إذنها فإنّه وقف على المختار على إجازتها فهو فضولي.

و

البكر البالغة الرشيدة أمرها بيدها

أمّا البكر البالغة الرشيدة فأمرها بيدها إجماعاً إذا لم يكن لها الوليّان،أو كانا غير مستجمعين لشرائط الولاية،حكاه جماعة (6).

ص:83


1- المسالك 1:452.
2- الانتصار:119،التذكرة 2:586.
3- الأول:الفقيه 3:1195/251،الوسائل 20:268 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 2.الثاني:التهذيب 7:1545/384،الوسائل 20:271 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 12.
4- الكافي 5:8/394،قرب الإسناد:1292/361،الوسائل 20:274 أبواب عقد النكاح ب 5 ح 1.
5- نقله عنه في المختلف:540.
6- كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 12:123،و الشهيد الثاني في المسالك 1:452،و صاحب الحدائق 23:210.

و في المشهور مطلقاً (1) و لو كان أبوها حيّاً أو جدّها مطلقاً،دائماً كان التزويج أم متعةً،رضي به الأبوان أم كرها،بل عليه الإجماع في الانتصار و عن الناصريّات (2)،و بخصوص المتعة عن بعض الأصحاب (3).

للنصوص المستفيضة،الخاصّية و العاميّة،المنجبر قصور أسانيد بعضها بالشهرة العظيمة،و لا سيّما في المتعة،و هي ما بين عامّة لنوعي التزويج،و مختصّة بالمتعة،المستنبط منها حكم الدوام منه بالأولويّة.

فمن القسم الأول:الصحيح:«المرأة التي ملكت نفسها،غير السفيهة و لا المولّى عليها،أنّ تزويجها بغير وليٍّ جائز» (4).

و الاستثناء أمارة العموم اللغوي في المستثنى منه،كما حقّقناه في الأُصول،مضافاً إلى إفادته بنفسه العموم العرفي.

و القول-:بأنّ التقييد بعدم كونها مولّى عليها يمنع احتمال إرادة من لم يكن لها وليٌّ شرعي من المالكة نفسها،و احتمال كونها مولّى عليها في التزويج،فلا يشملها القيد (5)الموجب للحكم (6)فرع كون المراد من الولاية فيه:الولاية في التزويج،أو الأعمّ منه و من التصرّف في المال.

و هو مقطوع بفساده جزماً؛ لحزازة العبارة على هذا التقدير؛ إذ ليس الحاصل منه إلّا أنّ التي لا وليّ لها في التزويج و يجوز تزويجها بغير ولي

ص:84


1- و ادّعى في السرائر(2:561)أنّه مذهب أكثر الأصحاب.منه رحمه الله.
2- الانتصار:119،الناصريات(الجوامع الفقهية):210.
3- و هو الحلي في السرائر(2:562).منه رحمه الله.
4- الكافي 5:1/391،الفقيه 3:1197/251،التهذيب 7:1525/377،الإستبصار 3:837/232،الوسائل 20:267 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 1.
5- أي غير المولّى عليها.منه رحمه الله.
6- أي التزويج بغير إذن الأب.منه رحمه الله.

يجوز تزويجها بغير ولي؛ و منزّه عن مثله كلام الإمام،الذي هو إمام الكلام، فتأمّل جدّاً.

و منه الصحيح:«تُستأمر البكر و غيرها،و لا تُنكَح إلّا بأمرها» (1).

و النهي هنا مستلزم للاشتراط،بضميمة عدم القائل بالتحريم مع الصحّة،و بشهادة السياق المسوّي بين البكر و بين الثيّب،و بها تندفع الأجوبة الأُخر التي أُوردت على الخبر،كحمل النهي في حقّها على الفضيلة؛ و عدم دلالتها على الاستقلال،بناءً على أنّ غايتها اعتبار إذنها في الجملة،مضافاً إلى أنّ الأصل مع عدم دليل على الشركة كما ستقف عليه (2)كافٍ في إثبات الاستقلال،و أصالة بقاء الولاية منقطعة بثبوت الولاية للبالغة و لو في الجملة،و ليست عبارة تقبل الدخول و الخروج بالضرورة.

هذا،مضافاً إلى أنّ قوله عليه السلام في آخر الخبر:«و لا تُنكَح إلّا بأمرها» ظاهرٌ في استقلالها بالإذن؛ لمكان الحصر،و إرجاعه إلى غير البكر لا وجه له،سيّما مع كون أصل العنوان في كلامه عليه السلام إنّما هو البكر،و إنّما ذكر غيرها تبعاً لها كما لا يخفى،فتأمّل جدّاً.

و منه الصحيح:«الذي بيده عقدة النكاح هو وليّ أمرها» (3).

و المراد بوليّ الأمر هنا:وليّها في المال،كما يستفاد من المعتبرة (4)، مع أنّه على غيره يستلزم حزازة العبارة بنحو ما مرّ إليه الإشارة،و ليس الأب

ص:85


1- التهذيب 7:1535/380،الوسائل 20:271 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 10.
2- راجع ص 89.
3- التهذيب 7:1570/392،الوسائل 20:282 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 2.
4- الوسائل 21:315 أبواب المهور ب 52.

وليّ أمرها،بل هي الوليّ إجماعاً،فتكون عقدة النكاح بيدها.

و منه الخبر:«إذا كانت المرأة مالكة أمرها،تبيع و تشتري،و تعتق، و تشهد،و تعطي من مالها ما شاءت،فإنّ أمرها جائز،تزوج إن شاءت بغير إذن وليّها» الحديث (1).

و ظاهر الجُمَل كونها مفسِّرة،و لا داعي لجعلها خبراً ثانياً،مع أنّه على هذا التقدير يستلزم الحزازة المتقدّمة؛ إذ مقتضاها على ذلك:أنّه إذا كانت المرأة مالكة أمرها أي تتزوّج من شاءت فإنّ أمرها في التزويج جائز، فتأمّل.

مضافاً إلى لزوم إلغاء الجُمَل على هذا التقدير؛ لتوقّف مالكيّة أمرها عليها،فمقتضاها داخل في مالكيّة الأمر،فتكرارها لغو خالٍ عن الفائدة، فلا يمكن حمله على الثيّبة،فيقتضي حينئذٍ دوران ولاية التزويج مدار ولاية التصرّف في المال،كما فهمه الأصحاب،و أفصح عنه الخبر المتقدّم.

و حيث ظهر دلالتها على المراد بمالكه الأمر،و أنّه من حيث التصرّف في المال لا غير،ظهر بمعونته وجه دلالة الخبرين:

في أحدهما:«الجارية[البكر]التي لها أب لا تتزوّج إلّا بإذن أبيها» و قال:«إذا كانت مالكة لأمرها تزوّجت من شاءت» (2)و لا ينافيه صدره؛ لإطلاقه،فيجب حمله على الصغيرة،فهو كالعام المخصّص.

و في الثاني و هو موثّق-:«تتزوّج المرأة من شاءت إذا كانت مالكة

ص:86


1- التهذيب 7:1530/378،الإستبصار 3:842/234،الوسائل 20:285 أبواب عقد النكاح ب 9 ح 6.
2- الكافي 5:2/391،الوسائل 20:270 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 7 و ما بين المعقوفين من المصدر.

لأمرها،فإن شاءت جعلت وليّاً» (1).

و منه الخبر:«لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبيها» (2)و هو نصّ في المطلوب،و قصور السند بجهالة الراوي بما قدّمناه منجبر.

و منه العامّي:«الأيِّم أحقّ بنفسها من وليّها،و البكر تستأذن في نفسها،و إذنها صُماتُها» (3).

و الأحقّيّة و اعتبار الاستئذان مع ما قدّمناه من الدليل القاطع للشركة يدفع عنه المناقشة بعدم الدلالة على استقلال البكر البالغة.

و نحوه الآخر:إنّ جارية بكراً جاءت إليه صلى الله عليه و آله،فقالت:إنّ أبي زوّجني من ابن أخٍ له ليرفع خسيسته،و أنا له كارهة،فقال صلى الله عليه و آله:«أجيزي ما صنع أبوك» فقالت:لا رغبة لي فيما صنع أبي،قال:«فاذهبي فانكحي من شئت» فقالت:لا رغبة لي عمّا صنع أبي،و لكن أردت أن اعلم الناس أن ليس للآباء في أُمور بناتهم شيء» (4).

[و هو ترك الاستفصال لعموم البنات في كلام الجارية مع تقريره لها عام للثيب و البكر] و أمرها [فأمرها] بنكاحها من شاءت صريح في الاستقلال،و قصور السند فيه كغيره المضاهي له فيه منجبرٌ بالشهرة العظيمة و المؤيّدات القويّة التي ذكرناها مع غيرها من الأدلّة في رسالة مفردة في المسألة.

و من القسم الثاني:الأخبار الكثيرة المستفيضة جدّاً.

فمنها:الخبر بعد أن سُئل عليه السلام عن المتعة بالبكر مع أبويها قال

ص:87


1- الكافي 5:3/392،الوسائل 20:270 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 8.
2- التهذيب 7:1538/380،الإستبصار 3:850/236،الوسائل 20:285 أبواب عقد النكاح ب 9 ح 4.
3- صحيح مسلم 2:66/1037،سنن النسائي 6:84،الموطّأ 2:4/524،و الأيّم:الذي لا زوج له من الرجال و النساء مجمع البحرين 6:15.
4- سنن البيهقي 7:118،بتفاوت.

«لا بأس،و لا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب» (1).

و لا تعارض بمثل الصحيح:«العذراء التي لها أب لا تتزوّج متعةً إلّا بإذن أبيها» (2).

لعدم مكافأته للمستفيضة عدداً و دلالة،و قبول الأصحاب لها فتوًى و عملاً،فيحمل النهي على الكراهة،كما يشعر به بعض تلك المستفيضة، مع وقوع التصريح بها في بعضها (3)،المشعر بل الظاهر في الكراهة الاصطلاحيّة،بضميمة تعليلها فيه بالعار على الأهل،لا النهي عنه في الشريعة.

هذا،مضافاً إلى دلالته بمفهوم القيد المعتبر عرفاً،فيعتبر شرعاً على عدم المنع عن التزويج دائماً،و هو مع أنّه لا يقول به الخصم نافعٌ أيضاً،و تمام الأدلّة في الرسالة.

و لذا قيل و هم المشهور كما عرفت-:إنّ لها الانفراد بالعقد مطلقاً دائماً كان أو منقطعاً و قيل و هو الحلبيان (4)-:أمر العقد مشترك بينها و بين الأب مطلقاً و الجدّ.

ص:88


1- التهذيب 7:1097/254،الإستبصار 3:525/145،الوسائل 21:33 أبواب المتعة ب 11 ح 6،القَشبِ:و هو من لا خير فيه من الرجال مجمع البحرين 2:143.
2- الفقيه 3:1394/293،التهذيب 7:1099/254،الإستبصار 3:527/145،الوسائل 21:35 أبواب المتعة ب 11 ح 12.
3- الكافي 5:1/462،التهذيب 7:1102/255،الإستبصار 3:530/146،الوسائل 21:34 أبواب المتعة ب 11 ح 10.
4- أبو الصلاح في الكافي:292،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):609.

للجمع بين ما تقدّم و ما يأتي من الأخبار.

و الموثّق:استشار عبد الرحمن الكاظم عليه السلام في تزويج ابنته لابن أخيه،فقال:«افعل،و يكون ذلك برضاها،فإنّ لها في نفسها نصيباً» و استشاره عليه السلام خالد بن داود في تزويج ابنته عليَّ بن جعفر،فقال:«افعل، و يكون ذلك برضاها،فإنّ لها في نفسها حظّا» (1).

و لو لا أنّ له فعلاً لاستحال أمره به،و لو لا ثبوت حقّها لم يعتبر إذنها.

مضافاً إلى دلالة لفظي الحظّ و النصيب بالمنطوق على ثبوت الولاية لها،و بالمفهوم على ثبوتها له؛ إذ لا قائل بغيره،فلا يمكن حملها على الصغيرة أو الثيّب؛ للاتّفاق على عدم المشاركة فيهما،فتعيّن المدّعى.

و في الجميع نظر؛ لعدم قبول بعض أخبار الطرفين المصرح باستقلال أحد الشخصين الجمع [للجمع] المزبور.

مضافاً إلى عدم الشاهد عليه،و كونه فرع التكافؤ و عدم المرجّح لأحد الطرفين.و كلاهما ممنوع؛ لفقد الشاهد.و الموثّق على تقدير تماميّته دليلٌ آخر لا شاهد.و وجود المرجّح من الصراحة،و الاعتضاد بالشهرة العظيمة،و الإجماعات المنقولة،و إطلاقات الكتاب و السنّة في تزويج النسوة و الاعتبار بعقودهن،و غير ذلك ممّا ذكر في الرسالة في الأخبار الأوّلة.

هذا،مضافاً إلى اقتضاء الجمع المصير إلى الشركة بينها و بين الأب خاصّة كما نقل قولاً سادساً في المسألة،و نسب إلى المفيد رحمه الله (2)-

ص:89


1- التهذيب 7:1534/379،الوسائل 20:284 أبواب عقد النكاح ب 9 ح 2؛ بتفاوت يسير.
2- نسبه إليه في المسالك 1:449.

و ذلك لاختصاص ما دلّ على اعتبار إذن الولي بالأب خاصّة (1).

كذا اعترض عليه بعض الأصحاب (2).

و يمكن دفعه باستلزام دلالتها على ثبوت ولاية الأب دلالتها على ثبوت ولاية الجدّ بفحوى الخطاب؛ بناءً على أضعفيّة ولاية الأب،كما يستفاد من الأخبار المجمع عليها (3)،المرجّحة لاختيار الجدّ على اختيار الأب،و المقدِّمة لعقده على عقده مع المقارنة؛ مضافاً إلى أصالة بقاء الولاية،الخالية عن المعارض،بعد الجمع بين أخبار المسألة.

و منه يظهر ضعف القول السادس و دليله و إن قيل بمتانته نظراً إلى الجمع بين الأدلّة (4).

و الموثّق و إن كان حجّة إلّا أنّه لا يعارض الصحيح،فضلاً عن الصحاح،مع اعتضادها بظواهر غيرها و ما مرّ من المعاضدات،مع ضعف الدلالة على الوجه الأول؛ لحسن الأمر بتزويج الثيّب،و الحال أنّه ليس له معها فعل.

و كذا على الثاني؛ لدلالته بالمفهوم الضعيف،و على تقديره يحتمل الحظّ و النصيب الندبي لا الوجوبي،و لتأكّده مع الباكرة جعل مع الثيّب كالعدم.

و هذا القول و إن ضعف باعتبارٍ إلّا أنّ اعتباره أحوط فلا ينفرد أحدهما به بل يستأمر كلّ منهما الآخر.

ص:90


1- الوسائل 20:275 أبواب عقد النكاح ب 6.
2- المسالك 1:449،الحدائق 23:212.
3- الوسائل 20:289 أبواب عقد النكاح ب 11.
4- المسالك 1:452.

و قيل و هو الصدوق و الشيخ في النهاية (1)و جماعة (2)-:إنّ أمرها إلى الأب و الجدّ بالانفراد و ليس لها معه أمر للأصلين:بقاء الولاية و بقاء الحرمة،و الصحاح المستفيضة و غيرها.

ففي الصحيح:«لا تنكح ذوات الآباء من الأبكار إلّا بإذن آبائهنّ» (3).

و فيه أوّلاً:عدم الصراحة باحتمال الندب،أو الإخبار عن المتعارف، أو الحرمة في الصور الغالبة المستلزمة للمهالك العظيمة التي يجب حمل إطلاقه عليها.و ليس فيه إحداث قول سابع؛ لتخصيص المنع بها دون النادرة،فلو فرض عدم ترتّب المفاسد على التزويج بغير إذن الوليّ حلّ و صحّ،و الكلّ متّفقون عليه،كالآية (4)،و الأخبار الناهية عن إلقاء النفس في التهلكة (5)،المعتضدة بالاعتبار.

و مثل هذا الجواب جارٍ في غيره من الأخبار المانعة عن تزويجهنّ بغير الولي (6).

و ثانياً:باحتمال تبعيضيّة«من» المنافية للاستدلال؛ لاحتمال الحمل حينئذٍ على الصغيرة الباكرة.

و لزوم إلغاء القيد بالأبكار بناءً على ثبوت حكمه لغيره،كالثيّب

ص:91


1- الصدوق في الهداية:68،النهاية:465.
2- منهم:ابن أبي عقيل على ما حكاه عنه في المختلف:534،القاضي في المهذّب 2:193،صاحب الحدائق 23:211.
3- الكافي 5:1/393،الفقيه 3:1190/250،التهذيب 7:1531/379،الإستبصار 3:845/235،الوسائل 20:277 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 5.
4- البقرة:195.
5- الوسائل 16:203،220 أبواب الأمر و النهي و ما يناسبهما ب 24،27.
6- الوسائل 20:275 أبواب عقد النكاح ب 6.

الصغيرة مدفوعٌ بوروده مورد الغالب،فلا عبرة بمفهومه،كسائر المفاهيم التي هي حجّة.

مضافاً إلى ثبوت النقض بها،بل و بالبالغة الثيّبة إذا كانت مجنونة أو سفيهة،على تقدير البيانيّة أيضاً،فما هو الجواب عنه هنا فهو الجواب عنه هناك.

و في الصحيح:عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء،إلها مع أبيها أمر؟ قال:«ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثيب» (1).

و بمعناه أخبار كثيرة (2)،و لكن ليست صريحة في الحرمة،فضلاً عن الشرطية،فتحمل على ما قدّمناه من الاستحباب،أو الحرمة في الصورة المذكورة.

و مثل الجواب يجري في الصحيح:«لا تُستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها،ليس لها مع الأب أمر،و قد يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب» (3).

و يزيد الضعف فيه باحتمال الحمل على التقيّة كما قيل (4)أو حمل الجارية فيه على الصغيرة،و لا ينافيه الحكم باستئمار الأجانب لها عدا الأب بناءً على أنّها ليست محلّه؛ و ذلك للمنع من أنّها ليست محلّه مطلقاً،بل عدم كونها محلّه مخصوصٌ بحال الصغر،و ذلك لا ينافي استئمارها بمعنى

ص:92


1- الكافي 5:6/394،التهذيب 7:1540/381،الإستبصار 3:851/236،الوسائل 20:271 أبواب عقد النكاح ب 3 ح 11.
2- الوسائل 14:267 أبواب عقد النكاح ب 3.
3- الكافي 5:2/393،التهذيب 7:1537/381،الإستبصار 3:849/235،الوسائل 20:273 أبواب عقد النكاح ب 4 ح 3؛ و فيها:و قال،بدل:و قد.
4- قال به في روضة المتقين 8:134.

الصبر إلى حين بلوغها.

و الحاصل:أنّ المراد أنّه يجب على كلّ أحد استئمار الصغيرة و لو بالصبر إلى بلوغ الرتبة،دون الأب،فلا يجب عليه هذا الاستئمار،بل يُزوّجها حين الصغر من دون صبر إلى البلوغ.

و في الصحيح:«لا ينقض النكاح غير الأب» (1).

و هو مع احتمال كون النقض فيه بمعنى المنع،فيحمل على الاستحباب محمولٌ على التقيّة كما قيل (2)أو على الصغيرة كما هو الأقرب و لا عموم فيه فضلاً عن الخصوص الشامل للبالغة،بل عمومه لا قائل به منّا؛ لارتفاع الولاية عن الثيّبة عندنا،خلافاً لمن خالفنا.

و مثله الكلام في الحسن في الجارية يُزوّجها أبوها بغير رضاء منها، قال:«ليس لها مع أبيها أمر،إذا أنكحها جاز نكاحه و إن كانت كارهة» (3)لاحتمال الجارية:الصغيرة،مع احتماله المحامل المتقدّمة.

و من العجب استدلال بعض الأصحاب (4)لهذا القول بالصحيح المانع من تزويج العذراء متعة (5)،الدالّ بمفهومه المعتبر كما تقدّم على جواز تزويجها بالدوام،و إن هو إلّا غفلة واضحة،مضافاً إلى ما عرفت من كونه

ص:93


1- الكافي 5:8/392،التهذيب 7:1532/379،الإستبصار 3:846/235،الوسائل 20:272 أبواب عقد النكاح ب 4 ح 1.
2- انظر روضة المتقين 8:134.
3- الكافي 5:4/393،التهذيب 7:1539/381،الوسائل 20:285 أبواب عقد النكاح ب 9 ح 7.
4- الاستبصار 3:145.
5- الفقيه 3:1394/293،التهذيب 7:1099/254،الإستبصار 3:527/145،الوسائل 21:35 أبواب المتعة ب 11 ح 12.

من أوضح الأدلّة لاستقلال الباكرة البالغة بعد ثبوت أنّ النهي فيه عن المتعة للكراهة.

و تمام أدلّة هذا القول مع الأجوبة مذكورٌ في الرسالة،فعليك بالمراجعة.

و من الأصحاب من أذن لها في تزويج المتعة دون الدائم و هو شيخنا في التهذيبين،و ظاهر شيخنا في المقنعة (1)؛ عملاً بأخبار المتعة، و أخبار استقلال البالغة في الجملة (2)،و منع الدوام من حيث كونه أشدّ، و من الجمع بين تلك الأخبار بحملها على المتعة،و مقابلها ممّا دلّ على استقلال الأب خاصّة بحمله على الدوام.و ضعف الجميع ظاهر بالضرورة؛ لفساد الجمع بعدم الشاهد عليه بالمرّة،مع إباء أخبار المتعة عنه؛ لما عرفت من الأولوية؛ بناءً على ما في المتعة من الغضاضة و الشناعة الغير اللائقة بأرباب المروءة،و لذا كره أو نهي عنه في المعتبرة (3).و لا كذلك الدوام.

و منعها بأنّ الدائم لكثرة توابعه من النفقة و الميراث و غيرهما أهمّ من المتعة غير جيّد؛ لعدم مقاومة مثل ذلك للغضاضة و العار،مع جريان مثله في المتعة أيضاً مع الاشتراط على قول جماعة (4).

و بالجملة:الأولويّة واضحة،و إنكارها مكابرة.

ص:94


1- التهذيب 7:381،الإستبصار 3:236،المقنعة:510.
2- الوسائل 21:32 أبواب المتعة ب 11.
3- الوسائل 21:22 أبواب المتعة ب 5.
4- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:452،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:127،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:18.

و منهم من عكس فجوّز الدوام دون المتعة جمعاً،مضافاً إلى الصحيح المتقدّم (1)المانع عن تزويجهنّ متعةً،الدالّ بمفهومه المعتبر عرفاً و شرعاً على جوازه دائماً.

و هذا القول مع مجهوليّة قائله؛ إذ لم ينقله إلّا المصنّف،و قد سُئل عنه فلم يجبه ضعيفٌ بأخبار المتعة الصريحة،المنجبر قصور أسانيدها بالشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة،سيّما في خصوص جواز المتعة.

و لا يعارض شيئاً من ذلك الصحيح،مع ما عرفت من حمل النهي فيه على الكراهة.

و حيث ظهر لك مقدوحيّة أدلّة الأقوال الأربعة أو الخمسة،ظهر لك أنّ القول الأول أولى و إن كان الأحوط المصير إلى التشريك إن لم يكن في ارتكابه خلاف الاحتياط،و هو الهادي إلى مسلك النجاة.

و كلّ ذلك إذا أراد الوليّ تزويجها من كفو.

و أمّا لو عضلها الوليّ و منعها عن ذلك أو مطلقاً مع رغبتها فيه سقط اعتبار رضاه إجماعاً منّا،حكاه جماعة من أصحابنا (2)؛ و هو الحجّة فيه،مع الأدلّة القاطعة النافية للعسر و الحرج عن الملّة السهلة السمحة.

و منه يظهر أنّ في حكمه الغيبة المنقطعة،التي يحصل معها المشقّة العظيمة (3)،على ما حكي عن الخلاف (4)،و ارتضاه كثير من الأصحاب (5).

ص:95


1- في ص 88.
2- منهم الشيخ في الخلاف 4:279،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):609،و العلاّمة في القواعد 2:6،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:265.
3- و في نسخة:الشديدة.
4- الخلاف 4:278.
5- كالعلامة في التذكرة 2:601،و السبزواري في الكفاية:156،و البحراني في الحدائق 23:232.
لو زوّج الصغيرة غيرُ الأب و الجدّ،توقّف على رضاها عند البلوغ

و لو زوّج الصغيرة غيرُ الأب و الجدّ،توقّف على رضاها عند البلوغ إجماعاً؛ لعدم الولاية له،فيلحق بالفضولي.و سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى (1).

و في الصحيح المقطوع:رجل مات و ترك أخوين و ابنة،و البنت صغيرة،فعمد أحد الأخوين الوصيّ فزوّج الابنة من ابنه،ثم مات أبو الابن المزوّج،فلمّا أن مات قال الآخر:أخي لم يزوّج ابنه،فزوّج الجارية من ابنه،فقيل للجارية:أيّ الزوجين أحبّ إليك،الأول أو الآخر؟قالت:

الآخر،ثم إنّ الأخ الثاني مات و للأخ الأول ابنٌ أكبر من الابن المزوّج،فقال للجارية:اختاري أيّهما أحبّ إليك،الزوج الأول أو الزوج الآخر،فقال:

«الرواية فيها أنّها للزوج الأخير؛ و ذلك أنّها قد كانت أدركت حين زوّجها، و ليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها» (2).

و هو كما ترى نصّ في الباب.

و كذا الحكم في الصغير لعموم الدليل،و عدم القائل بالفرق.

للمولى أن يزوِّج المملوكة له و كذا العبد

و للمولى أن يزوِّج المملوكة له،صغيرة كانت أو كبيرة،بكراً كانت أو ثيّباً،عاقلةً كانت أو مجنونةً،و لا خيرة لها،و كذا الكلام في العبد المملوك له؛ لأنّه المالك لمنافعهما.

إجماعاً،فتوًى و دليلاً،كتاباً و سنّةً،قال عزّ و جلّ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ [1] (3).و قال عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ [2] (4).

ص:96


1- في ص 119.
2- الكافي 5:3/397،التهذيب 7:1554/387،الوسائل 20:282 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 1.
3- النساء:25.
4- النحل:75.

و النصوص بهما مستفيضة،بل متواترة.

ففي الحسن:عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّدة،فقال:«ذلك إلى سيّده،إن شاء أجازه،و إن شاء فرّق بينهما» (1).

و النصوص المعتبرة بمعناه مستفيضة،يأتي ذكرها في تضاعيف الباب.

و في الخبرين:عن الأمة تتزوّج بغير إذن أهلها،قال:«يحرم ذلك عليها،و هو زناء» (2).

و ليس له الولاية على المبعّض بمعنى إجباره عليه،و إن كانت له عليه بمعنى عدم استقلاله به بدون إذنه،إجماعاً كما في التذكرة (3).

و للوليّ تزويج أمة المولّى عليه و عبده مطلقاً (4)،إذا كانت فيه مصلحة؛ لفحوى الخطاب،خلافاً لبعض العامّة (5).و لا يكون له فسخه بعد الكمال،كسائر تصرّفاته في أمواله.

لا ولاية للوصيّ في التزويج و كذا الحاكم

و لا يزوّج الوصيّ للأب أو الجدّ صغيري الموصي مطلقاً،على الأشهر كما في المسالك (6)،و هو الأظهر؛ لأصالتي عدم الولاية و عدم

ص:97


1- الكافي 5:3/478،الفقيه 3:1675/350،التهذيب 7:1432/351،الوسائل 21:114 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 24 ح 1.
2- الأول:الكافي 5:1/479،الوسائل 21:120 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 29 ح 2.الثاني:الكافي 5:2/479،الوسائل 21:120 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 29 ح 3.
3- التذكرة 2:590.
4- أي صبياً كان المولّى عليه أم بنتاً.منه رحمه الله.
5- المجموع 16:147.
6- المسالك 1:453.

انتقالها مع انقطاعها بموت الموصي،و النصوص الحاصرة لها في الأب خاصّة (1).

و مفهوم الصحيحين في تزويج الصبي للصبية-:«إن كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم جائز» (2).

و خصوص الصحيح المتقدّم (3)،و إن قصر بالإرسال؛ لانجباره بالشهرة بين الأصحاب.

و قيل:نعم مطلقاً،كما في المختلف و عن المبسوط (4)؛ للصحاح:

في الذي بيده عقدة النكاح:«هو الأب و الأخ و الموصى إليه» (5)و زيد في جملة منها:«و الذي يجوز أمره في مال المرأة يبتاع و يشتري» .و لاشتمالها على الأخ،و عدم دلالتها على الجدّ،و ندرة القائل بإطلاقها،بل و عدمه؛ لتنزيل كلامه على القول الثالث في كلام بعض الأصحاب (6)،قصرت عن المقاومة لما قدّمنا من الأُصول المعتضدة بالشهرة المحكيّة و الصحاح المستفيضة بالعموميّة و الخصوصيّة،فيحمل الموصى إليه فيها على الجدّ أو الإمام،أو تحمل على استحباب إطاعتها له، كحملها عليه بالإضافة إلى الأخ.

ص:98


1- الوسائل 20:282 أبواب عقد النكاح ب 8.
2- الأول:التهذيب 7:1543/382،الإستبصار 3:854/236،الوسائل 20:277 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 8.الثاني التهذيب 7:1556/388،الوسائل 20:292 أبواب عقد النكاح ب 12 ح 1.
3- في ص 96.
4- المختلف:540،المبسوط 4:60.
5- الوسائل 20:282 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 3،4.
6- البحراني في الحدائق 23:244.

و التحقيق أن يقال:إنّ لكلّ من هذه الصحاح و الصحاح المتقدّمة وجه رجحان و مرجوحيّة،بقوة الدلالة،و مخالفة الشهرة،و الاشتمال على ما لا يقول بها الطائفة،في هذه؛ و بمقابل الأُمور المزبورة في السابقة، و حيث لا مرجّح فليتوقّف،و مقتضاه المصير إلى القول الأول؛ التفاتاً إلى الأُصول المتقدّمة.

و منه ينقدح وجه القدح في القول بالتفصيل:باختيار الأول مع إطلاق الوصيّة من دون تنصيص بالولاية في التزويج،و اختيار الثاني مع عدمه و التنصيص،كما عن الخلاف (1).

و يزيد القدح فيه بعدم الدليل عليه في البين،و استلزامه الخروج عن إطلاق أخبار الطرفين،و الجمع بينهما بذلك فرع وجود شاهد عليه،و عموم فَمَنْ بَدَّلَهُ [1] الآية (2)،مخصوص بمورده،و هو التوصية للوالدين و الأقربين لمن ترك خيراً؛ لاشتماله على الضمير الموجب له.

و بالجملة:لا ريب في ضعف هذا القول،كاستثناء صورة خاصّة من إطلاق المنع،أشار إليها بقوله: إلّا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة لضعف ما قيل (3)في توجيهه من الضرورة،مع عدم توقّع زوال العذر،و خوف المرض،أو الوقوع في الزناء،و لذا ثبت الولاية عليه للحاكم مع عدم ثبوتها له على الصغير؛ لاندفاع جميع ما ذكر بولاية الحاكم، كاندفاعه بولايته فيمن بلغ صحيح العقل ثم فسد.

ص:99


1- الخلاف 4:254.
2- البقرة:181.
3- انظر كشف اللثام 2:15.

نعم،ربما أمكن ذلك مع عدم إمكان الوصول إليه،و لكن لا يستلزم ذلك ثبوت الولاية للوصيّ على الإطلاق.

و كذا الحاكم أي الإمام العادل،أو منصوبة خصوصاً أو عموماً، و منه:الفقيه الجامع لشرائط الفتوى،فلا يزوّج الصغيرين مطلقاً (1)في المشهور،و البالغَين فاسدَي العقل مع وجود الجدّ و الأب إجماعاً؛ لما تقدّم من الأدلّة؛ لإطلاق المنع في الوصي.

و يزوّجهما مع فقدهما مع الغبطة إجماعاً؛ لأنّه وليّهما في المال فيتولّى نكاحهما.

و للصحيح:« اَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ [1] هو وليّ أمرها» (2)و لا قائل بالفرق.

و النبويّ:«السلطان وليّ من لا وليّ له» (3)و يلحق به نوّابه؛ لعموم أدلّة النيابة.

مضافاً إلى مسيس الحاجة إلى ولايته،و هو كالخبرين يتناول الصغيرين،فمنع ولايته عنهما في المشهور غير واضح،إلّا أن يكون إجماع،و فيه نظر.

و ظاهر تشبيه المتن الحاكم بالوصيّ بقولٍ مطلق حصرُ ولايته فيمن بلغ فاسد العقل،لا غير،و منه (4):البالغ رشيداً،و الفاسد عقله طارئاً، فلا ولاية له عليه أبداً،و هو و إن خالف المشهور في صورة وجود الأولين

ص:100


1- وجد الأب و الجدّ أم لا.منه رحمه الله.
2- التهذيب 7:1570/392،الوسائل 20:282 أبواب عقد النكاح ب 8 ح 2.
3- سنن أبي داود 2:2083/229،سنن ابن ماجة 1:1879/605،سنن الدارمي 2:137.
4- أي و من الغير.

أو أحدهما،و الإجماع في صورة فقدهما،إلّا أنّه المختار في الصورة الأُولى كما تقدّم سابقاً (1).

يلحق بهذا الباب مسائل
اشارة

و يلحق بهذا الباب مسائل:

الأُولى الوكيل في النكاح لا يزوّجها من نفسه

الاُولى :لكلّ من الأب و الجدّ له كغيرهما من الأولياء و الوكلاء، إلّا من سيأتي على الأشهر الأظهر-تولّي طرفي العقد،و لا بُدَّ في الأب لأحد الطرفين أن يكون وكيلاً للآخر أو وليّه؛ لعموم أدلّتي الولاية و الوكالة، و كفاية المغايرة الاعتباريّة؛ لعدم الدليل على اعتبار الحقيقيّة،بل عن الخلاف الاتّفاق على عدمها عندنا (2).

إلّا الوكيل في النكاح عنها أو عن وليّها ف لا يزوّجها من نفسه مع تنصيصها أو من في حكمها بتعيين الزوج،إجماعاً.

و للصحيح:في امرأة ولّت أمرها رجلاً،فقالت:زوّجني فلاناً، فزوّجها من نفسه،و كرهته المرأة،فقالت:لا و لا كرامة،و ما أمري إلّا بيدي،و ما ولّيتك أمري إلّا حياءً من الكلام،قال:«تنزع منه و يوجّع رأسه» (3).

و كذا مع الإطلاق على الأشهر الأظهر؛ للأصل،و عدم انصرافه إليه، خلافاً للتذكرة (4).

و كذا مع العموم ك:زوّجني ممّن شئت على الأحوط،بل الأظهر؛

ص:101


1- في ص 82.
2- حكاه عنه في كشف اللثام 2:22.
3- الكافي 5:1/397،الفقيه 3:171/50،التهذيب 7:1565/391،الوسائل 20:287 أبواب عقد النكاح ب 10 ح 1 بتفاوت.
4- التذكرة 2:603.

لظهور العموم بالإضافة إلى غيره لا إليه،و لا أقلّ من الشكّ،فالمصير إلى مقتضى الأصل متعيّن،و نحوه الظنّ؛ لعدم دليل معتدّ به على اعتباره في مثله؛ لانحصار ما دلّ على حجّيته في غيره،و عدم اعتباره في أمثاله غير عزيز،و هو المطابق للأصل.فالقول بالجواز حينئذٍ مشكل.

مضافاً إلى عدم الفرق بينه و بين الإطلاق في الشمول و إن كان فيه أقوى،و القوّة غير فارقة بينهما بالنظر إلى أصل الشمول،الذي هو المناط في الإذن،فتأمّل.

و لو أذنت له في ذلك أي التزويج منه بالخصوص،أو الإطلاق و العموم المحفوفين بما يدلّ على دخوله قطعاً فالأشبه الأشهر كما عن الإسكافي و في الشرائع و القواعد و المختلف و التذكرة و اللمعة و الروضة و المسالك و شرح الكتاب لسبطه (1)و غيرهم (2) الجواز و لو لزم تولية طرفي العقد؛ للأصل المستفاد من عمومات التوكيل المتيقّنة، المعتضدة في المقام أيضاً بالشهرة.

و قيل:لا لرواية قاصرة السند و هي رواية عمّار بن موسى الساباطي الموثّقة:سأل أبا الحسن عليه السلام عن امرأة تكون في أهل بيت، فتكره أن يعلم بها أهلها،يحلّ لها أن توكّل رجلاً يريد أن يتزوّجها،تقول له:قد وكّلتك فاشهد على تزويجي؟قال:«لا» قال:قلت:و إن كانت أيّماً؟قال:«و إن كانت أيّماً» قلت:فإن وكّلت غيره بتزويجها منه،قال

ص:102


1- حكاه عن الإسكافي في المختلف:541،الشرائع 2:277،القواعد 2:7،المختلف:541،التذكرة 2:601،603،الروضة 5:122،المسالك 1:454،نهاية المرام 1:82.
2- كفخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:26،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:146.

«نعم» (1).

فالقول بالمنع ضعيف،و لكنّ الأحوط مراعاتها؛ لاعتبار سندها، و ظهور دلالتها،و اعتضادها بأصالة بقاء الحرمة بحالها،و لو لا الشهرة لتعيّن المصير إليها.

و كيف كان،ينبغي تخصيص المنع بموردها؛ لانتفاء المانع في غيره من جهتها،فيجوز الوكالة من الطرفين لشخص واحد،فيتولّى طرفي العقد بنفسه؛ لعموم أدلّة التوكيل،و انتفاء المانع هنا من جهة غيرها؛ لكفاية المغايرة الاعتباريّة؛ لعدم دليل على اعتبار الحقيقيّة،مع الإجماع المحكيّ كما تقدّم (2)على عدم اعتبارها عندنا.

الثانية النكاح يقف على الإجازة

الثانية:النكاح الفضولي صحيح،و لكن يقف على الإجازة من وليّ العقد،فإن أجاز لزم،و إلّا بطل على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع عن المرتضى مطلقاً (3) في الحرّ و العبد و عن الحلّي في الأول خاصة (4)،و عن الخلاف في الثاني كذلك (5).

للنصوص المستفيضة،التي كادت تكون متواترة،يقف عليها المتتبّع لأخبار النكاح في غير مسألة.

منها:النبويّ المتقدّم في البكر التي زوّجها أبوها فأتته صلى الله عليه و آله تستعدي-:«أجيزي ما صنع أبوك» (6).

ص:103


1- التهذيب 7:1529/378،الإستبصار 3:841/233،الوسائل 20:288 أبواب عقد النكاح ب 10 ح 4.
2- في ص 101.
3- الناصريات(الجوامع الفقهية):211.
4- السرائر 2:564.
5- الخلاف 4:266.
6- في ص 87.

و الصحيح المتقدّم أيضاً في تزويج غير الأبوين الصغيرين،المصرّح بالصحّة و الوقوف على الإجازة (1).

و نحوه الخبر المتقدّم في أول الفصل في تزويج الاُمّ ولدها (2).

و الحسن:عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده،فقال:«ذاك إلى سيّده، إن شاء أجازه،و إن شاء فرّق بينهما»،قال:فقلت:أصلحك اللّه،إنّ الحكم ابن عيينة و إبراهيم النخعي و أصحابهما يقولون:إنّ أصل النكاح فاسد، فلا تحلّ إجازة السيّد له،فقال عليه السلام:«إنّه لم يعص اللّه تعالى،إنّما عصى سيّده،فإذا أجازه فهو له جائز» (3).

و الخبر المرويّ بعدّة طرق فيها الصحيح،و فيه:جاء رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السلام،فقال:إنّي كنت مملوكاً لقوم،و إنّي تزوّجت امرأة حرّة بغير إذن مولاي،ثم أعتقوني بعد ذلك،فأجدّد نكاحي إيّاها حين اعتقت؟ فقال له:«أ كانوا علموا أنّك تزوّجت امرأة و أنت مملوك لهم؟» فقال:نعم و سكتوا عنّي و لم يعيّروا عليّ،فقال:«سكوتهم عنك بعد علمهم إقرارهم، اثبت على نكاحك الأول» (4).

و من هذه الأخبار و إن اختصّ مواردها بالنكاح يستفاد جواز الفضولي في سائر العقود بفحوى الخطاب؛ للاتّفاق فتوًى و روايةً على شدّة أمر النكاح،و عدم جواز المسامحة فيه بما ربما يتسامح في غيره،فإذا جاز

ص:104


1- راجع ص 96.
2- في ص 74.
3- الكافي 5:3/478،الفقيه 3:1675/350،التهذيب 7:1432/351،الوسائل 21:114 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 24 ح 1.
4- الكافي 5:4/478،و في التهذيب 8:719/204،و الوسائل 21:117 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 26 ح 1،و فيه:يغيّروا بالغين المعجمة بدل:يعيّروا.

الفضولي في مثله جاز في غيره بطريق أولى،كما لا يخفى على أولي البصيرة و النهى.

خلافاً لأحد قولي الشيخ في الخلاف و المبسوط،فأفسد الفضولي هنا من أصله (1)،و لفخر الدين،فأطلق الفساد (2).

للأصل،و توقيفيّة العقود الناقلة،فلا تصحّ إلّا بدليل،و الأخبار الناطقة بفساد النكاح بغير إذن الوليّ أو المولى:

منها:الأخبار العاميّة النافية للولاية عن البكر البالغة،المرويّة عن أبي هريرة و عائشة (3).

و منها:الرواية الخاصّية الحاكمة بفساد تزويج الأمة بدون إذن سيّدها (4).

و في الجميع نظر؛ لتخصيص الأصل بما تقدّم،و معه لا يصلح دعوى عدم الدليل.

و الأخبار العاميّة المناقشة فيها واضحة؛ حيث إنّ راويها عائشة و أبو هريرة،اللذان هما أكذب البريّة؛ مع أنّه أنكرها المحقّقون من العامّة، كما في المسالك و التذكرة (5).

و الخاصّية مع ضعفها سنداً غير صريحة الدلالة،فيحتمل أنّ الفساد بدوام عدم الإذن الغير المنافي ذلك للصحّة مع الإذن في الجملة،و مع ذلك غير صالحة هي كما تقدّمها من الأدلّة للمعارضة لما مرّ من الأدلّة بالمرّة

ص:105


1- الخلاف 4:257،المبسوط 4:163.
2- إيضاح الفوائد 3:27.
3- سنن البيهقي 7:125،سنن الدارقطني 3:10/221 و فيهما:عن عائشة.
4- الوسائل 21:119 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 29.
5- المسالك 1:450،التذكرة 2:585.

من وجوهٍ عديدة.

و دعوى الشيخ الإجماع على الفساد في الخلاف موهونة بمصير معظم الأصحاب بل عداه كافّة،سوى فخر الدين إلى المخالفة له في المسألة.

و يكفي في الإجازة سكوت البكر عند عرضه عليها،إن كانت هي المعقود عليها،كما يكفي في الإذن ابتداءً،على الأشهر الأظهر،بل لم يُنقل فيه خلاف إلّا عن الحلّي (1)،و هو محجوج بالنصّ الجلي،كالصحيح:«في المرأة البكر إذنها صُماتها،الثيّب أمرها إليها» (2).

و نحوه:في الرجل يريد أن يُزوّج أخته،قال:«يؤامرها،فإن سكتت فهو إقرارها،و إن أبت فلا يزوّجها» (3)و نحوه الخبر (4).

و في النبويّ:«لا تُنكح الأيِّم حتى تُستأمر،و لا تُنكح البكر حتى تُستأذن،و أنّ سكوتها إذنها» (5).

و لعلّ الحكمة فيه:أنّها تستحيي من الجواب باللفظ في ذلك،فاكتفي منها بالسكوت.

و مقتضاها كالأصل و الصحيح الأوّل أنّه(يعتبر في)إجازة

ص:106


1- السرائر 2:574.
2- الكافي 5:8/394،قرب الإسناد:159 بتفاوت يسير،الوسائل 20:274 أبواب عقد النكاح ب 5 ح 1.
3- الكافي 5:4/393،الوسائل 20:273 أبواب عقد النكاح ب 4 ح 4.
4- الكافي 5:3/393،التهذيب 7:1550/386،الإستبصار 3:856/239،الوسائل 20:274 أبواب عقد النكاح ب 5 ح 2.
5- غوالي اللآلي 3:180/321،سنن ابن ماجة 1:1871/601 و فيه:و إذنها الصموت.

الثيّب و إذنها كغير الباكرة مطلقاً النطق به.

و لا ريب في ذلك مع حصول الثيبوبة بالوطء مطلقاً (1)،و أمّا مع حصولها بغيره من أسباب زوال البكارة فإشكال،و الأصحّ أنّه كالأوّل، لا لإطلاق النصّ في الثيّب؛ لعدم تبادر مثلها منه،بل للشكّ في صدق كلّ من البكارة و الثيبوبة عليها؛ لكونها غير متبادرة منهما عند الإطلاق، فلا يمكن دعوى دخولها في أحدهما،فيتعيّن المصير في مثلها إلى حكم الأصل،و هو يقتضي إلحاقها بالثيّب في اعتبار النطق بالإذن.

و منه يظهر حكم الموطوءة دبراً و إنْ لم تصدق عليها الثيّب؛ للشكّ في دخولها في البكر المطلق،فتلحق بالثيّب؛ للأصل.

و بالجملة:حيث كان الاكتفاء بالسكوت عن التصريح بالإذن مخالفاً للأُصول و لذا أنكره الحلّي رأساً يجب الاقتصار فيه على القدر المجمع عليه و المتيقّن دخوله في النصّ،و الرجوع في غيره إلى الإذن الصريح، و ليس ما ذكر منه.

ثم إنّ الاكتفاء بالسكوت حيث يكتفى به مشروط بالتجرّد عن القرينة المعربة عن عدم الرضاء،و أنّ محلّه إنّما هو صورة الشكّ في رضاها و عدمه،لا مطلقاً.هذا ما يقتضيه القواعد المرعية.

و لكن المستفاد من بعض المعتبرة الاكتفاء في الإجازة بالسكوت و لو في غير الباكرة،كالصحيح المتقدّم في الفضولي (2)،المتضمّن لصحّة عقد العبد بدون إذن مواليه بسكوتهم،و أنّ سكوتهم إقرارهم.

و نحوه خبر آخر قريب منه في عدم اعتبار النطق بالإجازة فيه:«أنّه

ص:107


1- أي صحيحاً كان الوطء أو شبهةً أو زناءً.منه رحمه الله.
2- راجع ص 104.

أتاه رجل بعبده،فقال:إنّ عبدي تزوّج بغير إذني،فقال عليّ عليه السلام لسيّده:

فرّق بينهما،فقال السيّد لعبده:يا عدوّ اللّه طلّق،فقال عليه السلام:كيف قلت له؟فقال:قلت له:طلّق،فقال عليّ عليه السلام للعبد:أمّا الآن فإن شئت فطلّق، و إن شئت فأمسك،فقال السيّد:يا أمير المؤمنين،أمرٌ كان بيدي فجعلته بيد غيري!!قال:ذلك لأنّك حيث قلت له:طلّق،أقررت بالنكاح» (1).

و حيث إنّهما لم يُرَ مفتياً بمضمونهما،يشكل التعويل على ظاهرهما في تخصيص الأصل المتيقّن،مع إمكان حملهما على وجود قرينة دالّة على الرضاء سوى السكوت و الأمر بالطلاق.

الثالثة لا تُنكح الأمة إلّا بإذن المولى

الثالثة:لا تُنكح الأمة إلّا بإذن المولى،رجلاً كان المولى أو امرأة دائماً كان النكاح أو متعةً،إجماعاً في الأول،و على الأشهر الأظهر في الثاني مطلقاً،بل عن الحلّي بلا خلاف (2)؛ لرجوع الشيخ المفتي بالرواية الآتية في النهاية (3)عنها في غيرها.

للأدلّة القطعيّة،كالعقل،و الكتاب (4)،و السنّة المستفيضة،بل المتواترة.

منها الصحيح:هل يجوز للرجل أن يتمتّع من المملوكة بإذن أهلها و له امرأة حرّة؟قال:«نعم،إذا كان بإذن أهلها» الحديث (5).

ص:108


1- التهذيب 7:1433/352،الوسائل 21:118 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 27 ح 1.
2- السرائر 2:565.
3- النهاية:490.
4- النحل:75.
5- التهذيب 7:1112/257،الإستبصار 3:533/146،الوسائل 21:41 أبواب المتعة ب 16 ح 1.

و نحوه آخر:في رجل تزوّج امرأة حرّة،فوجدها أمة دلّست نفسها له،قال:«إن كان الذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح باطل» (1)فتأمّل.

و الموثّق:الرجل يتزوّج الأمة بغير إذن أهلها،قال:«هو زناء،إنّ اللّه تعالى يقول فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ [1] (2)» (3). و خلاف الشيخ في النهاية،بمصيره إلى العمل بما في رواية سيف بن عميرة الصحيحة،المتضمّنة ل:أنّه يجوز نكاح أمة المرأة من غير إذنها متعةً ضعيف؛ لأنّها مع اضطرابها سنداً؛ لروايتها عن مولانا الصادق عليه السلام بلا واسطة تارة (4)،و بواسطة عليّ بن المغيرة تارة (5)،و داود بن فرقد اخرى (6)،مع عدم الوفاق على وثاقة الراوي،و اشتراك عليّ بن الحكم في سندها،و إن كان الظاهر الوثاقة و عدم الاشتراك،إلّا أنّ مثل ذلك لا يقاوم ما خلا عنه.

مضافاً إلى عدم توافق متنها المرويّ في الطرق الثلاثة،فذكر في الأخير:«يتزوّج» و لا قائل بعمومه إجماعاً،سيّما مع ظهور التزويج في

ص:109


1- الكافي 5:1/404،التهذيب 7:1426/349،الإستبصار 3:787/216،الوسائل 21:185 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 1.
2- النساء:25.
3- التهذيب 7:1424/348،الاستبصار 3:794/219،تفسير العياشي 1:91/234،الوسائل 21:119 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 29 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- التهذيب 7:1116/258،الإستبصار 3:797/219،الوسائل 21:39 أبواب المتعة ب 14 ح 1.
5- التهذيب 7:1114/257،الوسائل 21:39 أبواب المتعة ب 14 ح 2.
6- التهذيب 7:1115/258،الإستبصار 3:896/219،الوسائل 21:39 أبواب المتعة ب 14 ح 3.

الدائم.و حمله على التمتّع بقرينة الطريقين الآخرين،حمل المطلق على المقيّد فرع استفادة نفي جواز الدوام منهما،و هو كما ترى،فتأمّل.

و في الآخرين:«يتمتّع» و هو يحتمل بالبيع و غيره،و يكون الغرض جوازه من دون استبراء في أمة المرأة دون الرجل،فيحتاج فيه إليه،أو إلى إخباره،و هو غير بعيد،و لا سيّما في مقام الجمع،و أولى من طرحها بناءً على شذوذها؛ لرجوع الشيخ كما مرّ (1)عن مضمونها.

و مع ذلك هي منافية للأصل المتيقّن بالأدلّة السابقة،من تحريم التصرّف في ملك الغير مطلقاً بدون إذنه.

الرابعة إذا زوّج الأبوان الصغيرين،صحّ

الرابعة:إذا زوّج الأبوان أي الأب و الجدّ الصغيرين،صحّ التزويج؛ لما مرّ (2) و توارثا قيل:بلا خلاف يعرف،حتى ممّن خيّر الصبيّ عند الإدراك؛ لتصريحه به مع ذلك (3).

و عن الماتن في النكت:أنّ الخيار عند البلوغ لا ينافي التوارث (4).

و وجهه:أنّه عقد صحيح شرعاً،يصيران به زوجة و زوجاً،فيثبت لهما التوارث؛ لإطلاق الأدلّة بتوارث المتزاوجين (5)،و الأصل بقاء الصحّة إلى طروّ المعارض،و هو اختيار الفسخ عند البلوغ،و هو هنا ممتنع.

و يدلّ عليه مع ذلك الصحيحان:في الصبي يزوّج الصبيّة،

ص:110


1- في ص 108.
2- في ص 76.
3- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:22.
4- نكت النهاية 2:315.
5- الوسائل 26:219 أبواب ميراث الأزواج ب 11.

يتوارثان؟قال:«إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم» (1).

و لا خيار لهما عند البلوغ كما مرّ (2).

و لو زوّجهما غير الأبوين مطلقاً (3)،كان فضوليّاً،و وقف على إجازتهما بعد الإدراك.

فلو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة بطل العقد مطلقاً،أجاز الثاني أم لا. و لو بلغ أحدهما فأجاز لزم العقد من جهته من تحريم المصاهرة،فيحرم عليه إن كان زوجاً-:الأُخت،و الخامسة،و كلّ من الاُمّ و البنت،إلّا إذا فسخت،فلا حرمة،على إشكال في الأُمّ،من أنّ الفسخ كاشف عن الفساد،أو رافع له من حينه،و الأصحّ:الأوّل؛ فإنّ الإجازة إمّا جزء أو شرط،و أيّهما كان فلا يصحّ النكاح بدونها.مضافاً إلى عدم تبادر هذه الصورة ممّا دلّ على حرمة الأُمّ بمجرّد العقد على البنت.

و إنْ كان زوجة لم يحلّ لها نكاح غيره مطلقاً،إلّا إذا فسخ.

و هل لها حينئذٍ نكاح أبيه أو ابنه؟فيه الوجهان في إباحة الاُمّ بالفسخ.

كلّ هذا إذا كان المجيز حيّاً.

و أمّا إن أجاز ثم مات،عزل من تركته نصيب الآخر الباقي

ص:111


1- الأول:التهذيب 7:1543/382،الإستبصار 3:854/236،الوسائل 20:277 أبواب عقد النكاح ب 6 ح 8.الثاني التهذيب:7:1556/388،الوسائل 20:292 أبواب عقد النكاح ب 12 ح 1.
2- في ص 78 79.
3- وليّاً كان لهما في المال أم لا.منه رحمه الله.

إلى أن يبلغ، فإذا بلغ و لم يجز بطل العقد، و إنْ أجاز أُحلف أنّه لم يجز للرغبة في استيراث التركة و أُعطي نصيبه منها.

و اعتبر الحلف رفعاً للتهمة في أكثر موارد المسألة،و أمّا الباقي المنتفية فيه ككون الباقي الزوج،و المهر بقدر الميراث أو أزيد فالأجود وفاقاً للروضة (1)عدم الحلف إن لم يتعلّق غرض بإثبات أعيان التركة بحيث يترجّح على ما ثبت عليه من الدين،أو يخاف امتناعه من أدائه،أو هربه،و نحو ذلك ممّا يوجب التهمة.

و مع ذلك فالموجود في الرواية:موت الزوج و إجازة الزوجة خاصّة، و أنّها تحلف باللّه تعالى ما دعاها إلى أخذ التركة سوى الرضاء بالتزويج.

فهي لما ذكرنا غير منافية،و لكن فتوى الأصحاب مطلقة في إثبات الحلف لأخذ التركة،فإن كان إجماع،و إلّا فالمسألة محلّ مناقشة.

و المستند في هذا التفصيل:صحيحة أبي عبيدة،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن غلام و جارية زوّجهما وليّان لهما و هما غير مدركين، فقال:«النكاح جائز،و أيّهما أدرك كان على الخيار،و إن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر،إلّا أن يكونا قد أدركا و رضيا» قلت:فإن أدرك أحدهما قبل الآخر؟قال:« يجوز ذلك عليه إن هو رضي» قلت:فإن كان الرجل أدرك قبل الجارية و رضي بالنكاح،ثم مات قبل أن تدرك الجارية، أ ترثه؟قال:« نعم،يعزل ميراثها منه حتى تدرك،فتحلف باللّه ما دعاها إلى أخذ الميراث إلّا رضاها بالتزويج،ثم يدفع إليها الميراث و نصف المهر» قلت:فإن كان أبوها هو الذي زوّجها قبل أن تدرك؟قال:«يجوز عليها

ص:112


1- الروضة 5:148.

تزويج الأب،و يجوز على الغلام،و المهر على الأب للجارية» (1).

و المراد بالوليّين في الصدر بقرينة الذيل من عدا الأبوين،كالوصيّ الوليّ في المال،و نحوه.

و يستفاد منه بفحوى الخطاب حكم ما لو زوّج أحدَ الصغيرين الوليّ،أو كان أحدهما بالغاً رشيداً و زوّج الآخر الفضولي،فمات الأوّل، فإنّه يعزل للثاني نصيبه،و يحلف بعد بلوغه كذلك (2)،و إن مات بطل العقد؛ للزوم (3)العقد هنا من الطرف الآخر،فهو أقرب إلى الثبوت ممّا هو جائز من الطرفين كما في الصغيرين وفاقاً للقواعد و المسالك و الروضة (4)و غيرهم (5).

نعم،لو كانا كبيرين و زوّجهما الفضولي،ففي تعدية الحكم إليهما إشكال:

من مساواته للمنصوص في كونه فضوليّاً من الجانبين،و لا مدخل للصغر و الكبر في ذلك.

و من ثبوت الحكم في الصغيرين على خلاف الأصل،من حيث توقّف الإرث على الحلف،و ظهور التهمة في الإجازة،فيحكم فيما خرج عن المنصوص ببطلان العقد متى مات أحد المعقود عليهما بعد إجازته

ص:113


1- الكافي 7:1/131،التهذيب 7:1555/388،الوسائل 26:219 أبواب ميراث الأزواج ب 11 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- أي على أنّه لم يحلف للرغبة في التركة.منه رحمه الله.
3- بيان لفحوى الخطاب.منه رحمه الله.
4- القواعد 2:7،المسالك 1:459،الروضة 5:145.
5- كفاية الأحكام:157،كشف اللثام 2:22.

و قبل إجازة الآخر.و هو أوجه،وفاقاً للقواعد (1)و جماعة (2).

و الأولويّة المدّعاة لتصحيح الأول للفقير غير مفهومة.

و في ثبوت المهر على الزوج إذا كان هو الباقي خاصّة بمجرّد الإجازة من دون الحلف،وجهان:

من أنّه حقّ مترتّب على ثبوت النكاح،و لم يثبت بدونهما (3).

و من أنّ الإجازة كالإقرار في حقّ نفسه بالنسبة إلى ما يتعلّق به، كالمهر؛ و إنّما يتوقّف الإرث على اليمين لقيام التهمة و عود النفع إليه محضاً،فيثبت ما يعود عليه دون ماله،و لا بُعدَ في تبعّض الحكم و إن تنافي الأصلان الموجبان لهذين الحكمين أي الزوجيّة و عدمها و له نظائر كثيرة في الشريعة،منها:ما لو اختلفا في تحقّق النكاح،فإنّ مدّعيه يحكم عليه بلوازم الزوجيّة دون المنكر،و لا يثبت النكاح ظاهراً،و إطلاق النصّ بتوقّف الإرث على حلفه لا ينافي ثبوت المهر عليه بدليل آخر.

و هذا هو الأقوى،و عليه ففي إرثه منه (4)إشكال:من توقّف الإرث على اليمين،و من أنّ الإقرار لا يوجب المؤاخذة إلّا بنصف المهر،فإنّ غاية ما يلزم:تحقّق الزوجيّة في طرفه،و هو لا يستلزم إلّا ثبوت نصف المهر، و لا دليل على الزائد.و هذا أوجه،وفاقاً لفخر الإسلام (5)و جماعة (6).

ص:114


1- القواعد 2:7.
2- منهم الشهيد الثاني في الروضة 5:146،و فخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:29،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:23.
3- أي الإجازة و اليمين.منه رحمه الله.
4- أي المهر.منه رحمه الله.
5- راجع إيضاح الفوائد 3:29.
6- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:458،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:23.

ثم إن مات الباقي بعد الإجازة و قبل اليمين،ففي استحقاقه التركة إشكال:من تمام الزوجيّة،و من توقّف الإرث على اليمين.و هو الوجه، وفاقاً لفخر الإسلام (1)؛ لمنع تمام الزوجيّة،فإنّه بالإجازة الخالية عن التهمة.

و أمّا لو جنّ قبل الأمرين أو أحدهما،عزل نصيبه من العين إن أمكن،و إلّا فمن المثل أو القيمة إلى الإفاقة مطلقاً،أو مع عدم خوف الضرر على الوارث أو المال،فيدفع إليه معه (2)،و يضمن للمجنون إن أفاق و أجاز و حلف؛ لعدم معلوميّة استحقاقه الآن،و الأصل عدمه؛ مضافاً إلى انتفاء الضرر و الإضرار في الشريعة.

الخامسة إذا زوّجها الأخوان

الخامسة:إذا زوّجها الأخوان مطلقاً (3)أو أجنبيّان برجلين، فإن تبرّعا و لم يوكَّلا فالعقدان فضوليّان اختارت أيّهما شاءت و فسخت الآخر،أو فسختهما مطلقاً،اقترنا زماناً أو اختلفا،و لكن ينبغي لها اختيار من عقد عليه أكبر الأخوين مع تساوي المعقود عليهما في الرجحان،و إلّا فمن ترجّح و لو كان من عقد عليه الأصغر.

كلّ ذا إذا لم تَدْخل بأحدهما،و معه قبل الإجازة بلفظ و نحوه ثبت عقد من دخلت به و بطل الآخر؛ لأنّه أقوى الإجازات.

و إن اختصّ التبرّع بأحدهما كان العقد للوكيل مطلقاً،مع الاقتران أو الاختلاف،كان المتبرّع أو الوكيل الأخ الأكبر أم الأصغر أم غيرهما.

و إن كانا معاً وكيلين و سبق أحدهما بالنكاح فالعقد له مطلقاً على الأشهر الأظهر خلافاً للشيخ في بعض الصور كما سيظهر -

ص:115


1- إيضاح الفوائد 3:28 29.
2- أي مع خوف الضرر.منه رحمه الله.
3- أي سواء اتّحدا سنّاً أم تغايرا بالكبر و الصغر.منه رحمه الله.

و بطل المتأخّر مطلقاً،دخل بها من عقد عليه أم لا؛ لوقوع الأول صحيحاً؛ لاستجماعه الشرائط،و الثاني باطلاً؛ لوقوعه عليها و هي في عصمة الأول، و تسلَّم إليه مع عدم الدخول.

و لو دخلت بالأخير فهو زناء منهما إن علما بالحال،فلا مهر و لا لحوق ولد،و منها خاصّة إن علمت هي دونه،فينتفي الأول دون الثاني ف لحق به الولد و منه إن علم،فينعكس،فلها المهر و لا لحوق به.

و وطء شبهة إن جهلا،فيلحق به الولد و أُعيدت إلى الأوّل بعد انقضاء العدّة من الثاني،عدّة الطلاق لوطء الشبهة هنا،و في الصورة الثانية (1)للشبهة الموجبة للعدّة، و لها المهر هنا دونها للشبهة و هل المراد به المثل؟كما عن المبسوط و التحرير (2)و غيرهما (3)؛ بناءً على فساد العقد الموجب لفساد التسمية.

أو المسمّى؟كما عن محتمل التذكرة (4)؛ لإقدامهما بالرضاء به.

وجهان،أوجههما:الأول؛ لإناطة الرضاء بالصحّة لا مطلقاً.

نعم،في الحسن أو الصحيح:«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قضى في امرأة أنكحها أخوها رجلاً،ثم أنكحتها أمّها رجلاً بعد ذلك،فدخل بها، فحبلت،فاحتقّا فيها،فأقام الأول الشهود،فألحقها بالأول،و جعل لها الصداقين جميعاً،و منع زوجها الذي حقّت له أن يدخل بها حتى تضع حملها،ثم ألحق الولد[بأبيه ]» (5).

ص:116


1- أي جهل الواطئ خاصّة.منه رحمه الله.
2- المبسوط 4:182،التحرير 2:8.
3- انظر كشف اللثام 2:24.
4- التذكرة 2:597.
5- الكافي 5:1/396،التهذيب 7:1552/386،الإستبصار 3:859/240،الوسائل 20:280 أبواب عقد النكاح ب 7 ح 2؛ بتفاوت،و بدل ما بين المعقوفين في«ص» و«ح»:به،و ما أثبتناه من المصدر.

و ظاهره:الثاني،بعد حمله على ثبوت وكالة العاقدين فيه،و لكن ليس نصّاً،و هو أحوط.

و إن اتّفقا زماناً باقترانهما في القبول بطلا معاً،إجماعاً فيما عدا الأخوين،و فيهما أيضاً على الأشهر الأظهر؛ لامتناع الحكم بصحّتهما؛ للتباين (1)،و بصحّة أحدهما دون الآخر؛ لأنّه ترجيح من غير مرجّح.

و قيل:العقد عقد الأكبر مطلقاً (2)،إلّا مع دخول من عقد عليه الأصغر،فيكون له حينئذ،إلّا مع سبق عقد الأكبر،كما عن النهاية و القاضي (3)؛ أو مع الاتّفاق زماناً خاصّة (4)،بشرط أن لا يدخل من عقد عليه الأصغر،كما عن التهذيبين و المختلف و ابن سعيد و ابن حمزة (5)، إلّا أنّه لم يذكر الشرط.

للخبر:عن جارية كان لها أخَوان،زوّجها الأكبر بالكوفة،و زوّجها الأصغر بأرض أُخرى،قال:«الأول بها أولى،إلّا أن يكون الأخير قد دخل بها،فهي امرأته،و نكاحه جائز» (6).

ص:117


1- في هامش الأصل زيادة:بعبارة أُخرى:لاستلزام الحكم بصحتهما الجمع بين المتباينين،و بأحدهما الترجيح من غير مرجّح.
2- اقترن العقدان أم اختلفا.منه رحمه الله.
3- النهاية:466،القاضي في المهذب 2:195.
4- فلو سبق الأصغر على الأكبر قدّم عقده على عقده و إن لم يكن دخول،بخلاف القول الأول،فإنّه يقدّم فيه الأكبر على الأصغر مطلقاً،حتى هنا.منه رحمه الله.
5- التهذيب 7:387،الاستبصار 3:240،المختلف:537،ابن سعيد في الجامع للشرائع:437،ابن حمزة في الوسيلة:300.
6- الكافي 5:2/396،التهذيب 7:1553/387،الإستبصار 3:858/239،الوسائل 20:281 أبواب عقد النكاح ب 7 ح 4.

و هو مع قصور سنده بجهالة الراوي و إن اعتضد برواية صفوان عنه لا دلالة فيه على شيء من القولين؛ لإطلاق تقديم عقد من دخل من دون اشتراط فيه لعدم سبق عقد الأكبر،كما في الأول (1)؛ و عدم تصريح فيه بالاقتران فضلاً عن اشتراطه لتقديم الأكبر،كما في الثاني،مضافاً إلى ظهوره بالغلبة في مورده في خلافه.

و مع ذلك كلّه،فمبنى الاستدلال فيه شيئان:

أحدهما:كون المراد من:«الأول» فيه:الأخ الأكبر،و لا نصّ بل و لا ظهور فيه عليه،فيحتمل كون المراد منه:السابق في العقد،و هو الأوفق بالأُصول،و إن خالفها مع ذلك بترجيح التالي عليه بمجرّد الدخول الغير الصالح هنا لذلك،و لكن مع ذلك أولى من إرادة الأخ الأكبر منه؛ لمخالفته لها حينئذٍ من وجهين.

و الثاني:كون الأخوين فيه وكيلين،و لا إشعار فيه بذلك،فيحتمل كونهما فضوليّين كما يقتضيه إطلاقه (2)،مع أنّ الأصل و ظاهر الحال يقتضي عدم التوكيل،و يصحّ حينئذٍ الحكم بتقديم من حصل في حقّه دخول؛ لكونه إجازةً لعقده كما مرّ (3).

و يرفع الإشكال في تقديم الأكبر أو السابق مع عدم الدخول حينئذٍ بالحمل على الاستحباب،بمعنى:أنّه يستحبّ لها تقديم عقد الأكبر أو السابق ما لم يكن دخول،و إلّا تعيّن تقديم الداخل؛ لتحقّق الإجازة به كما مرّ،فيزول معنى التخيير.

ص:118


1- أي القول الأول.منه رحمه الله.
2- أي الخبر.منه رحمه الله.
3- في ص 115.

و هذا أولى ما ينزّل عليه الرواية،و أوفق بأُصول المذهب.و بهذا التنزيل صرّح جماعة (1)،فسقط كلام الشيخ و من تبعه في القولين.

ثم إنّ جميع ما ذكر مع معلوميّة السبق و الاقتران،و أمّا مع جهلهما مطلقاً و لو كان طارئاً ففي إيقاف النكاح إلى الاستبانة كما عن المبسوط و التحرير (2)بناءً على أنّه إشكالٌ يرجى زواله،نظر؛ لاستلزامه الإضرار بالمرأة،المنفيّ بالأدلّة القطعيّة،فالأجود عدمه وفاقاً لجماعة (3).

و هل يصار حينئذٍ إلى القرعة؛ بناءً على أنّها لكلّ أمر مشكل،مع أمر من وقعت له بتجديد النكاح،و من لم تقع له بالطلاق؛ احتياطاً في الفروج؛ لعدم إفادة القرعة العلم بالزوجيّة،مع أصالة عدمها؟ أو إجبار كلّ منهما بالطلاق؛ لرفع الضرر عن المرأة،و هو إجبارٌ بحقّ،فلا ينافي صحّته؟ أو فسخ الحاكم النكاح بالنسبة إلى كلّ منهما؛ لما فيه من اندفاع الضرر،مع السلامة من ارتكاب الإجبار على الطلاق و القرعة التي لا مجال لها في الأُمور التي هي مناط الاحتياط التامّ و هي الأنكحة التي يترتّب عليها الأنساب و التوارث و المحرميّة؟ احتمالات،أقواها:الأول؛ لعموم أدلّته (4).و عزله عن المقام لكونه مناطاً للاحتياط التام،و لا مجال له فيه اجتهادٌ في مقابلة الدليل العامّ.

ص:119


1- منهم العلّامة في القواعد 2:8،الشهيد الأول في اللمعة(الروضة البهية 5):151،المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:165.
2- المبسوط 4:180،التحرير 2:8.
3- منهم العلّامة في القواعد 2:8،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:25،و البحراني في الحدائق 23:303.
4- الوسائل 27:257 أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى ب 13.
السادسة لا ولاية للأُمّ

السادسة :تقدّم في أوّل الفصل أنّه: لا ولاية للأُمّ و أبيها على الولد مطلقاً فلو زوّجت الولد فأجاز صحّ مطلقاً،ذكراً كان أو أُنثى،وقع التزويج في الصغر أو الكبر؛ لكونه فضوليّاً،فيشمله عموم أدلّته.

و لو أنكر بطل العقد مطلقاً إجماعاً،و تبعه المهر كذلك (1)فيما لو كان المعقود عليه فضولاً أُنثى،و على الأشهر الأظهر فيما عداه أيضاً.

و قيل و هو الشيخ في النهاية: يلزمها أي الأُمّ المهر للمعقود عليها تماماً (2).

للخبر:عن رجل زوّجته امّه و هو غائب،قال:«النكاح جائز،إن شاء المتزوّج قبل،و إن شاء ترك،فإن ترك المتزوّج تزويجه فالمهر لازم لأُمّه» (3).

و ليس فيه مع ضعفه كما ترى دلالة عليه،بل يدلّ على خلافه؛ للتصريح فيه بأنّ المهر لازم لاُمّه،و هو غير لزومه عليها،فالمعنى حينئذٍ:

أنّه لا مهر عليها،بل لها استعادته مع الدفع،و الامتناع منه مع عدمه،فعلى أيّ تقديرٍ هو لها لا عليها.

و يفهم منه عدم لزومه لها مع الإجازة،بل عليها؛ و لعلّه لبذلها إيّاه لها من نفسها،فتكون كمن ضمنه عن الزوج لها.

و لا يحتاج حينئذٍ إلى حمله على ادّعاء الوكالة الموجب للمهر؛ لتضمّنه التغرير الموجب للضمان،مع عدم إشعار الخبر به.

مضافاً إلى التأمّل في صحّته،بناءً على أنّ البضع إنّما يضمن

ص:120


1- أي إجماعاً.منه رحمه الله.
2- النهاية:468.
3- الكافي 5:2/401،الوسائل 20:281 أبواب عقد النكاح ب 7 ح 3.

بالاستيفاء على بعض الوجوه لا مطلقاً،و العقد الموجب له لم يثبت فلم يثبت موجَبُه،و على تقدير ضمانه مطلقاً فالمثل لا المسمّى المتوقّف على صحّة العقد،و ضرر الغرر يندفع بالأول،إلّا أن يحمل المهر في العبارة عليه،و فيه تكلّف.

و قيل بلزوم المهر مع دعوى الوكالة منتصفاً؛ لوقوع الفرقة قبل الدخول (1).

و فيه:منع استلزامها التنصيف مطلقاً،بل الأصل يقتضي لزومه كَملاً، إلّا في الطلاق أو الموت على الاختلاف فيه،فينتصف فيهما،و لم يقعا، فلا وجه للقول بالانتصاف هنا،بل اللازم الجميع،كما هو ظاهر المتن و الشرائع و القواعد (2)،و هو الأقوى على تقدير صحّة دعوى أنّ ادّعاء الوكالة بمجرّده يوجب المهر،و إلّا فالبحث فيه ساقط من أصله كما ترى.

و ظاهر كلام المصنّف-: و يمكن حمله على دعوى الاُمّ الوكالة إرجاع الحمل إلى القول،و لا ضرورة إليه،بل قد لا يمكن،مع تصريح القائل بخلافه.و لعلّ المراد:حمل المستند أي الرواية و إن لم تساعده العبارة.

و يستحبّ للمرأة أن تستأذن أباها و جدّها مطلقاً بكراً كانت أو ثيّباً ؛ لما تقدّم من الأخبار المحمولة عليه (3)؛ إذ هو أقلّ مراتبها،و لأنّ الأب في الأغلب أخبرُ بمن هو من الرجال أنسب.

و لا فرق فيه بين البكر و الثيّب و إن كان في الأوّل آكد؛ للشبهة في نفي

ص:121


1- قال به الشهيد في اللمعة(الروضة البهية 5):151 152.
2- الشرائع 2:280،القواعد 2:8.
3- في ص 92.

استقلالها دونها،مع أنّ العلّة في جانبها بعدم الاطّلاع على أحوال الرجال أقوى.

و أن توكِّل أو تستأذن أخاها إذا لم يكن لها أب و لا جدّ أو كانا و تعسّر استئذانهما بعضل أو غَيبة منقطعة أو طويلة؛ لعدّه في جملة مَن بيده عقدة النكاح فيما تقدّم من الأخبار (1)،مضافاً إلى جريان العلّة في الأبوين هنا أيضاً.

و أن تعوّل مع التعدّد على الأكبر،و أن تختار خيرته من الأزواج بشرط التساوي في الرجحان،أو رجحان رأي الأكبر،و إلّا فرأي من ترجّح كما مرّ (2).

ص:122


1- في ص 75.
2- في ص 115.

الفصل الثالث في أسباب التحريم

اشارة

الفصل الثالث:

في بيان أسباب التحريم و موجباته و هي ستة :

الأول النسب

الأول:النسب،و يحرم به على الذكر سبع نسوة مذكورات في الآية الشريفة (1):

الاُمّ و إن علت و هي كلّ امرأة ولدَته أو انتهى نسبه إليها من العلوّ بالولادة،لأب كانت أو لاُمّ.

و البنت و إن سفلت و تشمل السافلات:بنت البنت و بنت الابن، و ضابطهما من ينتهي إليه نسبه بالتولّد و لو بوسائط.

و الأُخت و بناتها و إن سفلن و هي كلّ امرأة ولدَها أبواه أو أحدهما،أو انتهى نسبها إليهما أو إلى أحدهما بالتولّد.

و العمّة و إن ارتفعت و هي كلّ أُنثى أُخت ذكر ولدَه بواسطة أو غيرها،من جهة الأب أو الأُمّ أو منهما (2).

و كذا الخالة تحرم و إن ارتفعت،و هي كلّ أُنثى هي أُخت أُنثى ولدَته بواسطة أو غيرها،و قد تكون من جهة الأب،كأُخت أُمّ الأب.

و المراد بالمرتفع فيهما:عمّة الأب و الأُمّ و خالتهما،و عمّة الجدّ و الجدّة و خالتهما،و هكذا،لا عمّة العمّة و خالة الخالة؛ فإنّهما قد لا تكونان محرّمتين،كما لو كانت العمّة القريبة عمّة للأُمّ خاصّة أي أُخت أبيه من

ص:123


1- النساء:23.
2- أي سواء كانت أُخت الذكر أُخته من جهة الأب فقط أو الأُم كذلك أو من جهتهما.منه رحمه الله.

امّه فإنّ عمّتها حينئذٍ تكون أُخت زوج جدّته أُمّ أبيه،و أُخت زوج الاُمّ لا تحرم،فأُخت زوج الجدّة أولى.

و كما لو كانت الخالة القريبة خالة لأب خاصّة أي أُخت امّه من أبيها فإنّ خالتها تكون أُخت امرأة الجدّ،و أُخت امرأة الأب لا تحرم،فأُخت امرأة الجدّ أولى.

و بنات الأخ لأب أو لاُمّ أو لهما و إن هبطن و ضابطها كلّ امرأة ولدَها أخوه مطلقاً،بواسطة أو بغيرها.

و حرمة المذكورات على قريبهنّ الذكر يستلزم العكس،و لذا اكتفي بتحريمهنّ عليه في الآية،فهي على الأمرين واضحة الدلالة.

ثم إنّها ليست ناهضة لإثبات تحريمهنّ جميعاً،إلّا على تقدير كون السافلات و المرتفعات يصدق عليهنّ حقيقةً ألفاظ المذكورات،أو جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي و المجازي،و كلاهما خلاف التحقيق.

و على تقدير الثاني و صحّته نقول:مشروط بالقرينة،و إلّا فالحقيقة خاصّة،و ليس في الآية إيماء إليها و لا إشارة،فإذاً الحجّة التامّة هي إجماع الأُمّة.

و يجمعهنّ مع من حرمن عليه عبارةٌ مختصرة ذكرها العلّامة كبعض العامّة (1)و هي أنّه يحرم على الإنسان أُصوله،و فصوله،و فصول أول أُصوله،و أول فصل من كلّ أصل بعد أول الأُصول (2).

و يدخل في الأول:الآباء و الأُمّهات،و في الثاني:البنون و البنات، و في الثالث:الإخوة و الأخوات و أولادهم سافلين و سافلات،و في الرابع

ص:124


1- المجموع 16:215.
2- انظر التذكرة 2:613،و التحرير 2:8،و القواعد 2:9.

الأعمام و العمّات و الأخوال و الخالات دون أولادهم من بنين أو بنات.

و أخصر منها قولهم:يحرم على الإنسان كلّ قريب عدا أولاد العمومة و الخُؤولة.

و إنّما يثبت النسب بالوطء الصحيح بنكاح أو تحليل و لو عرضه التحريم بوقوعه في حيض و شبهه و بالوطء لشبهة،كأن يكون غير مستحقّ في الواقع،مع عدم العلم بالتحريم أو بمتعلّقه.و يختصّ النسب هنا بمن اختصّت به.

و أمّا الزناء فلا،إجماعاً،إلّا في التحريم المتعلّق بالنسب،فإنّ ظاهر أصحابنا ثبوته به،بل عليه الإجماع عن التذكرة و غيره (1)؛ و هو الحجّة.

دون صدق النسبة في العرف و اللغة؛ لعدم الاكتفاء بها بمجرّدها في الشريعة،مع استلزامها ثبوت الأحكام الباقية،كحلّ النظر،و الانعتاق بملك الفرع أو الأصل،و الشهادة على الأب إن قبلت منه على غيره،و القود به من الأب،و تحريم الحليلة،و غير ذلك من توابع النسب.

و قد استشكل فيه بعض؛ لذلك (2)،و لانتفاء النسب معه شرعاً (3)، و صرّح بعدمه بعض؛ للأخير (4)،و هو ظاهر جمع (5)،فلو كان ذلك الحجّة لما استشكل و صرّح بالعدم،و لعلّه الأقوى و إن كان الاحتياط فيما يتعلّق بالدماء و النكاح أولى للأصل (6)،مع الشكّ في المسبّب بالشكّ في شمول

ص:125


1- التذكرة 2:613 إيضاح الفوائد 3:42،جامع المقاصد 12:190.
2- أي:و قد استشكل في ثبوت التحريم بالزناء بعض؛ لصدق النسبة في العرف و اللغة..
3- كالفاضل الهندي في كشف اللثام 2:26.
4- حكاه في المسالك 1:463 عن الشافعيّة.
5- انظر التحرير 2:8 و المفاتيح 2:234.
6- أي أصالة عدم ترتّب الأحكام.منه رحمه الله.

أدلّتها (1)لمثله.و لو احتيط في الجميع كان أولى.

و لو اجتمع السببان الأوّلان (2)مع انقطاع الفراش بنحو الطلاق،يثبت النسب لمن أمكن في حقّه دون غيره.

و مع الإمكان فيهما كما لو كان الولادة لستّة أشهر من وطء الثاني للشبهة،و لأقلّ من أقصى مدّة الحمل من وطء الأول للنكاح قيل بالقرعة، محكيّ عن المبسوط (3)،مشعراً بالإجماع.

و الأشهر الأظهر:إلحاقه بالثاني؛ لأصالة التأخّر،و رجحانه بالفراش الثابت؛ قيل:و للأخبار (4).و لم أقف عليها (5).

و الإجماع على تقدير تماميّة دعواه موهونٌ بمصير معظم الأصحاب إلى الخلاف.

و تمام الكلام في صور تعارض السببين يأتي إن شاء اللّه تعالى في أحكام الأولاد.

الثاني الرضاع
و شروطه أربعة

الثاني:الرضاع،و يحرم منه ما يحرم من النسب بإجماع الأُمّة، و النصوص المستفيضة.

ففي النبويّ:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (6).

و في الصحيح:عن امرأة أرضعت غلاماً مملوكاً لها من لبنها حتى فطمته،هل يحلّ لها بيعه؟قال:فقال:«لا،هو ابنها من الرضاع،و حرم

ص:126


1- أي أدلّة الأحكام الباقية.
2- أي الوطء بالنكاح و الوطء بالشبهة.منه رحمه الله.
3- حكاه عنه في كشف اللثام 2:26.
4- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:26.
5- وقف صاحب الجواهر على تلك الأخبار و استدل بها.راجع الجواهر 29:260.
6- الفقيه 3:1467/305،الوسائل 20:371 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 1 ح 1.

عليها بيعه و أكل ثمنه» قال:«أ ليس قد قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله:يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟! » (1).و نحوه الحسن:«يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة» (2)،إلى غير ذلك من الأخبار (3).

و يستفاد من العبارة:أنّ كلّ موضع ثبتت فيه من جهة النسب المحرميّة ثبتت من جهة الرضاع بمثل تلك القرابة،فتصير المرضعة بمنزلة الأُمّ،و فحلها بمنزلة الأب،و على هذا القياس.

و هذه قاعدة كلّية من راعاها حقّ المراعاة ظهر عليه الحكم، و لا حاجة إلى استثناء شيء منها غير ما يأتي كما وقع في التذكرة (4)فإنّ المحارم كلّهنّ داخلات،و غيرهنّ خارجات.

و الآية (5)و إن اختصّت بالأُمّ و الأُخت و من لزمهما دون الفحل و توابعه، إلّا أنّ ذلك جاء من قِبَل الشريعة،فالمحرّمات من الرضاع أيضاً سبعة.

فالاُمّ من الرضاعة هي كلّ امرأة أرضعتك،أو رجع نسب من أرضعتك أو صاحب اللبن إليها،أو أرضعت من يرجع نسبك إليه من ذكر أو أُنثى و إن علا،كمرضعة أحد أبويك أو أجدادك أو جدّاتك.و أُختها خالتك من الرضاعة و أخوها خالك،و أبوها جدّك،كما أنّ ابن مرضعتك أخ،و بنتها أُخت،إلى آخر أحكام النسب.

ص:127


1- الكافي 5:16/446،الوسائل 20:405 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 17 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 5:1/437،التهذيب 7:1222/291،الوسائل 20:371 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 1 ح 2.
3- الوسائل 20:371 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 1.
4- التذكرة 2:622.
5- النساء:23.

و البنت من الرضاعة:كلّ أُنثى رضعت من لبنك أو لبن من ولدْته،أو أرضعتها امرأة ولدْتها،و كذا بناتها من النسب و الرضاع.

و العمّات و الخالات:أخوات الفحل و المرضعة،و أخوات من ولدهما من النسب و الرضاع،و كذا كلّ امرأة أرضعتها واحدة من جدّاتك،أو أُرضعت بلبن واحد من أجدادك من النسب و الرضاع.

و بنات الأخ و بنات الأُخت بنات أولاد المرضعة و الفحل من الرضاع و النسب،و كذا كلّ أُنثى أرضعتها أُختك و بنت أخيك،و بنات كلّ ذكر أرضعته أُمّك أو أرتضع بلبن أبيك.

و كما يمنع الرضاع من النكاح سابقاً كذا يبطله لاحقاً،فلو تزوّج رضيعة فأرضعتها من يفسد نكاح الصغيرة بإرضاعها كأُمّه و أُخته،و زوجة الأب و الأخ إذا كان اللبن منهما فسد النكاح؛ للعمومات (1)،و خصوص النصوص المستفيضة،و سيأتي بعض منها.

و إنّما يحرم الرضاع بشروط أشار إليها بقوله: و شروطه أربعة:

الأوّل أن يكون اللبن عن نكاح

الأوّل:أن يكون اللبن عن نكاح أي وطء صحيح إجماعاً و إن كان شبهة،كما هو المشهور؛ للعمومات (2)،و إلحاقها بالعقد في النسب.

و تردّد فيه الحلّي (3)؛ و لعلّه للأصل،و منع العموم في الرضاع المطلق في الآية (4)و الأخبار (5)،المنصرف إلى غير الشبهة؛ لندرتها،و اختصاص الملحق لها بالنسب من الإجماع بغير محلّ الخلاف،و لا نصّ عامّاً يدلّ عليه (6).

ص:128


1- الوسائل 20:399 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 10.
2- الوسائل 20:388 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 6.
3- السرائر 2:552.
4- النساء:23.
5- الوسائل 20:371 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 1.
6- أي الإلحاق.منه رحمه الله.

مضافاً إلى ما سيأتي من أدلّتهم لنفي النشر عن لبن الزناء من مفهوم الصحيح و غيره (1)،و مال إليه بعض المتأخّرين (2)؛ لذلك.

و لا يبعد جعل الشهرة العظيمة كاشتراكها مع المنكوحة بالمناكحة الصحيحة في أغلب الأحكام الشرعيّة قرينةً لإدخالها في إطلاق الأدلّة.

و يمكن نقض أدلّته بمثلها في جانب الحرمة،بمعارضة أصالة الإباحة بأصالة الحرمة السابقة على المناكحة.و منع العموم فيما دلّ على إباحة نكاح النسوة؛ لانصرافه إلى غير الشبهة؛ لندرتها.و بعد التعارض يرجع إلى الترجيح،و لا ريب أنّه من جهة الشهرة مع أصالة الحرمة،و بعد تسليم التساوي الموجب للتساقط تحتاج الإباحة إلى دلالة،فتأمّل جدّاً.

و سيأتي الجواب عن الصحيح و غيره (3).

و كيف كان،فالعمل على المشهور إن أمكن (4)،و إلّا فيحتاط بالطلاق و نحوه.

و على تقدير الأشهر،يختصّ النشر بمن اختصّت به،فلا نشر في الآخر؛ لإلحاقه بالزناء الغير الناشر.

و يعتبر مع صحّة النكاح صدور اللبن عن ذات حمل أو ولد بالنكاح المزبور، فلو درّ اللبن من الخالية منهما لم يعتبر و إن كانت منكوحة نكاحاً صحيحاً؛ للأصل،و عدم شمول أدلّة النشر لمثله،مع دعوى الإجماع صريحاً (5)و عدم الخلاف فيه ظاهراً.

ص:129


1- انظر ص 130.
2- نهاية المرام 1:100،الكفاية:158.
3- انظر ص 130.
4- كما إذا لم يكن العقد واقعاً.منه رحمه الله.
5- في التذكرة(2:615)،و السرائر(2:520)،و شرح القواعد للفاضل الهندي(كشف اللثام 2:27).منه رحمه الله.

و خصوص الموثّق:عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة،فأرضعت جارية و غلاماً بذلك اللبن،هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاعة؟ قال:

«لا» (1).و منه يظهر وجه عدم اعتبار الدرّ من دون نكاح،فإنّه بطريق أولى.

أو معه و لكن كان من زناء فإنّه لم ينشر حرمة،مع دعوى الإجماع هنا أيضاً (2)،بل لعلّه ظاهر.

و ربما استدلّ له بالصحيح:عن لبن الفحل،قال:«ما أرضعت امرأتك من لبنك و لبن ولدك وَلَدَ امرأة أُخرى فهو حرام» (3).

و فيه نظر؛ لاحتمال الورود مورد الغالب،مع عدم اشتراط كون المرضعة زوجة لصاحب اللبن،بل يكفي كونها مملوكة أو موطوءة شبهة أو متعة،مع عدم صدق:«امرأتك» المتبادر منها الزوجة الدائمة على المذكورات.فالعمدة هو الإجماع.

و في اشتراط الولادة،أم الاكتفاء بالحمل،قولان،أصحّهما و أشهرهما كما قيل (4)-:الأوّل،وفاقاً للتحرير و التذكرة و النهاية و حكي عن السرائر و الخلاف و الغنية مدّعين الإجماع عليه (5)؛ و هو الحجّة،مع الأصل،و فقد المخصِّص؛ لعدم انصراف الإطلاق إليه؛ للندرة،و خصوص

ص:130


1- الكافي 5:12/446،الفقيه 3:1484/308،الوسائل 20:398 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 9 ح 1.
2- كشف اللثام 2:27.
3- الكافي 5:1/440،التهذيب 7:1316/319،الإستبصار 3:719/199،الوسائل 20:389 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 6 ح 4.
4- جامع المقاصد 12:204،و فيه التعبير بالأصحيّة فقط.
5- التحرير 2:9،التذكرة 2:617،النهاية:461،السرائر 2:520،الخلاف 5:108،الغنية(الجوامع الفقهية):609،حكاه عنهم في كشف اللثام 2:27.

الموثّق المتقدّم.

و نحوه الخبر:عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة،فأرضعت ذكراناً و أُناثاً،أ يحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع؟فقال:

«لا» (1).خلافاً للقواعد و المسالك و ظاهر الروضة و المحكيّ عن المصنّف و موضع من المبسوط فالثاني (2)؛ للعموم،و هو ضعيف.

و لا يشترط البقاء على الحبالة،فلو طلّقها أو مات عنها و هي حامل أو مرضع،فأرضعت ولداً رضعةً ناشرةً للحرمة،نَشَرَ الحرمة كما لو كانت في حبالته،و إن تزوّجت بغيره مطلقاً،حملت منه أم لا،بقي اللبن بحاله أم زاد بعد انقطاع؛ للعموم،مع دعوى الإجماع عليه.

إلّا أن تلد منه و ترضع بلبنها المستمرّ إلى الولادة،فلا تنشر الحرمة في حقّ من خرجت من حبالته،و في التذكرة:الإجماع عليه من الكلّ (3).

و كذا لو حبلت منه و انقطع اللبن انقطاعاً بيّناً،ثم يعود من وقت يمكن أن يكون للثاني،فلا ينشر حرمةً في الأول،كما نُسِبَ إلى الأصحاب (4).و في نشره لها في الثاني الخلاف المتقدّم،و الأصحّ:

العدم،كما تقدّم.

و يعتبر في النشر حياة المرضعة وفاقاً،كما يظهر من التذكرة (5)و الصيمري،فلو ماتت في أثناء الرضاع فأكمل النصب ميتةً لم ينشر حرمة

ص:131


1- التهذيب 7:1339/325،الوسائل 20:399 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 9 ح 2.
2- القواعد 2:9،المسالك 1:464،الروضة 5:156،و حكاه عن المصنّف في كشف اللثام 2:27،المبسوط 5:310.
3- التذكرة 2:616.
4- انظر المسالك 1:465،الكفاية:158.
5- التذكرة 2:615.

و إن تناوله إطلاق العبارة (1)و صَدَق عليه اسم الرضاع؛ حملاً له كإطلاق الأدلّة على الأفراد المعهودة المتعارفة و هو إرضاع الحيّة و دلالةِ الأدلّة اللفظيّة على الإرضاع بالاختيار،كقوله سبحانه وَ أُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ [1] (2)مع أصالة الإباحة.

الثاني الكميّة

الثاني:الكميّة معتبرة بإجماع الطائفة خلافاً للمحكيّ عن مالك و أبي حنيفة (3)فالرضعة الحاصلة بأقلّ المسمّى غير كافية.

و هي تعتبر على الأشهر الأظهر بأُمور ثلاثة:

إمّا ما أنبت اللحم و شدّ العظم و هو تقدير بالأثر المترتّب عليه، و لا خلاف في اعتباره بين الطائفة،بل صرّح بالإجماع عليه جماعة (4)؛ للنصوص المستفيضة:منها الصحيح:قلت:ما يحرم من الرضاع؟قال:

«ما أنبت اللحم و شدّ العظم» قلت:فيحرم عشر رضعات؟قال:«لا؛ لأنّه لا ينبت اللحم و لا يشدّ العظم» (5).

و المستفاد منه كغيره اعتبار الأمرين معاً،و هو ظاهر الأكثر.

و في اللمعة:الاكتفاء بأحدهما (6)؛ و لعلّه للصحيحين:«لا يحرم من الرضاع إلّا ما أنبت اللحم و الدم» (7).

ص:132


1- أي عبارة المتن.منه رحمه الله.
2- النساء:23.
3- حكاه عنهما في التذكرة 2:619.
4- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):609،و العلّامة في التذكرة 2:621.و صاحب الحدائق 23:330.
5- التهذيب 7:1298/313،الإستبصار 3:704/195،الوسائل 20:374 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 2؛ بتفاوت يسير.
6- اللمعة(الروضة البهية 5):156.
7- الأول في:الكافي 5:5/438،التهذيب 7:1294/312،الإستبصار 3:699/193،الوسائل 20:382 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 3 ح 1.الثاني في:الكافي 5:9/439،التهذيب 7:1296/313،الإستبصار 3:701/194،الوسائل 20:379 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 18.

و هو قويّ إن لم يتلازما،و إلّا فلا ثمرة للخلاف.

و المرجع فيهما بناءً على كونهما أصلين برأسهما إلى أهل الخبرة، و لا ريب في اشتراط عدالة المخبر.و في اشتراط التعدّد إشكال،و في عدمه احتمال قوي،إلّا أنّ الأشهر الأول (1).

ثم إنّ حصر التحريم بالرضاع في الأخبار في الأمرين،مع التعليل لعدم النشر بالعشر بعدمهما في الصحيح الأول،يعرب عن كونهما الأصل في ثبوت النشر،و كون الأمرين الآتيين علامتين لهما،كما هو أظهر الأقوال،محكيّ عن جدّي المجلسي،و اختاره الفاضل الهندي طاب ثراهما و هو ظاهر الإستبصار (2).

و قيل:إنّهما و الأمرين الآتيين كلّ منها أُصول (3).و قيل:الأصل هو العدد،و إنّما يعتبر الآخران عند عدم الانضباط بالعدد،كما عن المبسوط (4).و لا دليل عليهما.

أو رضاع يوم و ليلة بحيث يشرب كلّما أراد حتى يروي و يصدر، مطلقاً كما عن المشهور (5)أو بشرط عدم انضباط العدد كما عن

ص:133


1- و هو الأظهر.منه رحمه الله.
2- المجلسي في روضة المتقين 8:569،الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:28،الاستبصار 3:194.
3- المسالك 1:466،467.
4- حكاه عنه في جامع المقاصد 12:214،و هو في المبسوط 5:292.
5- انظر ملاذ الأخيار 12:143،مرآة العقول 20:205.

المبسوط و التذكرة (1)كما تقدّم.

و تظهر الثمرة بنقصان العدد في اليوم و الليلة،كأن رضع فيهما سبعة أو ثمانية،فينشر على الأول،و لا على الثاني.

و يدفعه إطلاق المستند،و هو الموثّق:«لا يحرم الرضاع أقلّ من رضاع يوم و ليلة،أو خمس عشرة رضعة متوالية من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها» الحديث (2).

و لا يقدح قصور السند عن الصحّة،بعد اعتباره بالموثّقية،و الاعتضاد بعمل الطائفة و الإجماعات المنقولة.

ثم إنّه لا فرق بين اليوم الطويل و غيره؛ لانجباره بالليلة أبداً.

و في الاكتفاء بالملفّق منهما لو ابتدأ في أثناء أحدهما،إشكالٌ:من الشكّ في صدق الشرط،و من تحقّق المعنى،و لعلّ الأول أظهر؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن،فتأمّل جدّاً.

أو (3)خمس عشرة رضعة متوالية على الأصحّ،كما يأتي (4).

و لا حكم لما دون العشر رضعات،إجماعاً في الرضعة القاصرة، و على الأشهر الأظهر مطلقاً؛ للنصوص المتقدّمة و الآتية (5)،المعتضدة بعمل الطائفة.

خلافاً للإسكافي،فاكتفى بالرضعة الكاملة (6)؛ للعموم،و الصحيح

ص:134


1- حكاه عنهما في كشف اللثام 2:28،و هو في المبسوط 5:292،و التذكرة 2:620.
2- التهذيب 7:1304/315،الإستبصار 3:696/192،الوسائل 20:374 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 1.
3- عطف على قوله:ما أنبت اللحم و شدّ العظم،أو رضاع يوم و ليلة.
4- في ص 139.
5- المتقدمة في ص 132،و الآتية في ص 136.
6- حكاه عنه في المختلف:518.

المتضمّن للمكاتبة إلى أبي الحسن عليه السلام:يسأله عمّا يحرم من الرضاع؟ فكتب:«قليله و كثيرة حرام» (1).

و نحوه الخبر الذي رواته من العامّة (2).

و هو ضعيف؛ لتخصيص العموم بما تقدّم،و عدم مكافأة الصحيح له، فضلاً عن غيره،مع متروكيّة ظاهره؛ لصدق القليل على الرضعة الغير الكاملة،و لا يقول بها.

و لا يبعد حملهما على التقيّة من مذهب مالك و أبي حنيفة (3)،بل نسبه الشيخ إلى جميع العامّة (4)،و يؤيّده كون الأول مكاتبة،و رواة الثاني من العامّة،فلا يترك بمثلهما شيءٌ ممّا تقدّم من المستفيضة،المعتضدة بعمل الطائفة،كما لا يترك بما دلّ على اعتبار الحولين كالصحيحين و نحوهما (5)و السنة كالصحيح (6)لشذوذ الجميع،و احتمال الموافقة للعامّة،فتطرح،أو تؤوّل بما يؤول إلى الأول.

و على تقدير عدم الشذوذ و وجود القائل بها كما نسب إلى الصدوق في الفقيه (7)فهي للمستفيضة غير مكافئة؛ لاعتضادها بالشهرة،و مخالفة العامّة،و موافقة الكتاب في الجملة دونها،فلا وجه للتأمّل في المسألة

ص:135


1- التهذيب 7:1308/316،الإستبصار 3:711/196،الوسائل 20:377 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 10.
2- التهذيب 7:1309/317،الإستبصار 3:712/197،الوسائل 20:378 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 12.
3- حكاه عنهما في المغني لابن قدامة 9:193.
4- راجع الخلاف 5:96.
5- الوسائل 20:384 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5.
6- الفقيه 3:1475/307،التهذيب 7:1315/318،الإستبصار 3:718/198،الوسائل 20:378 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 13.
7- الفقيه 3:307.

بمثلها،كما صدر عن صاحب الكفاية (1)،و إن هو إلّا غفلة واضحة.

و صحّة النسبة إلى الصدوق غير معلومة؛ لنقله المتضمّن للحولين و المتضمّن للسنة،و المعارضة بينهما واضحة،فلا يعلم منه المصير إلى أيّهما من دون قرينة،و غايته حينئذٍ التردّد،فلا يصحّ معه النسبة.

و في ثبوت النشر ب العشر روايتان،أشهرهما بين المتأخّرين أنّها لا تنشر ،و إليه ذهب الشيخ في كتابي الأخبار و النهاية و المبسوط و العلّامة في أكثر كتبه و المحقّق الثاني و المسالك و الروضة (2)،و غيرهم من سائر المتأخّرين (3)،و هو الأظهر؛ للأصل،و المعتبرة المستفيضة:

منها الموثّقة المتقدّمة في رضاع يوم و ليلة،و فيها زيادةً على العبارة المتقدّمة-:«و لو أنّ امرأة أرضعت غلاماً أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد،و أرضعتها امرأة أُخرى من لبن فحل آخر عشر رضعات، لم يحرم نكاحها» (4).

و هي ناصّة على نفي النشر عن العشر،كالصحيح المتقدّم في الأمر الأول (5)،و الموثّقين:«عشر رضعات لا يحرّمن شيئاً» (6)مضافاً إلى

ص:136


1- الكفاية:159.
2- التهذيب 7:314،الإستبصار 3:195،النهاية:261،المبسوط 5:292،العلّامة في القواعد 2:10،و التحرير 2:9،و المختلف:518،المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:217،المسالك 1:466،الروضة 5:160.
3- منهم المحقق في الشرائع 2:282 و السيوري في التنقيح 3:46 و الكاشاني في المفاتيح 2:237.
4- التهذيب 7:1304/315،الإستبصار 3:696/192،الوسائل 20:374 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 1 و فيه:و أرضعتهما،بدل:و أرضعتها.
5- في ص 132.
6- الأول في:التهذيب 7:1299/313،الإستبصار 3:705/195،الوسائل 20:374 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 3.الثاني في:التهذيب 7:1300/313،الإستبصار 3:706/195،الوسائل 20:375 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 4.

الصحيح الآتي.

خلافاً لأكثر المتقدّمين (1)؛ اقتصاراً في الخروج عن العموم المستفاد من الكتاب و السنّة على المتيقّن (2)؛ لضعف قول الإسكافي كما مرّ.

و التفاتاً إلى المستفيضة الدالّة على النشر باشتداد العظم و إنبات اللحم (3)؛ بناءً على حصولهما بالعشر؛ للصحيح:و ما الذي ينبت اللحم و الدم؟فقال:«كان يقال:عشر رضعات» (4)،و نحوه غيره (5).

و استناداً إلى الموثّق:في الغلام يرضع الرضعة و الثنتين،فقال:

«لا يحرم» فعددت عليه حتى أكملت عشر رضعات،قال:«إذا كانت متفرّقة فلا» (6)،و هو يدلّ بمفهومه على التحريم مع عدم التفريق.و نحوه غيره (7).

ص:137


1- كالمفيد في المقنعة:502،الديلمي في المراسم:149،القاضي في المهذّب 2:190،الحلبي في الكافي:285.
2- و هو ما عدا العشر.منه رحمه الله.
3- الوسائل 20:382 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 3.
4- الكافي 5:9/439،التهذيب 7:1296/313،الإستبصار 3:701/194،الوسائل 20:379 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 18.
5- الكافي 5:2/438،الوسائل 20:380 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 21.
6- الكافي 5:8/439،التهذيب 7:1302/314،الإستبصار 3:703/194،الوسائل 20:375 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 5.
7- الكافي 5:10/439،التهذيب 7:1297/313،الإستبصار 3:702/194،الوسائل 20:380 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 19؛ بتفاوتٍ في السند.

و يدلّ عليه أيضاً الخبر:«لا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلّا المجبور» (1)قال:قلت:و ما المجبور؟قال:«أُمٌّ تربّي أو ظئرٌ (2)تستأجر أو أمةٌ تُشترى،ثم ترضع عشر رضعات تروي الصبي و ينام» (3).

و في الجميع نظر؛ لتخصيص العموم بما تقدّم،كتخصيصه بما عدا العشر المتيقّن.

و منعِ حصول الإنباتين بالعشر،و الصحيح غير دالّ عليه؛ لنسبته عليه السلام ذلك إلى القيل،المشعر بالتمريض.مع ما في آخره ممّا هو في قوّة التصريح بعدم النشر به،فإنّ السائل لمّا فهم منه عليه السلام عدم إرادته قال له:

يحرم عشر رضعات؟فقال:«دع هذا» و قال:«يحرم من النسب ما يحرم من الرضاع» .فلو كان حكم العشر حقّا لما نسبه عليه السلام إلى غيره،بل كان يحكم به من غير نسبة،و مع ذلك أعرض عنه ثانياً مجيباً بما لا دخل له بالمقام،ففيه أقوى دلالة بورود ما دلّ على النشر بالعشر مورد التقيّة،أو غيرها من المصالح الخفيّة.

هذا،مع معارضته للصحيح المتقدّم في الأمر الأول (4)،الناصّ بعدم

ص:138


1- قال الطريحي في مجمع البحرين 3:243(جبر):قال في شرح الشرائع:المَجْبُور وجدتها مضبوطة بخط الصدوق بالجيم و الباء في كتابه المقنع،فإنّه عندي بخطه.و قال في ج 3:257(حبر):و قد اضطربت النسخ في ذلك..
2- قال في مجمع البحرين 3:386:سمّيت المرضعة ظِئراً لأنّها تعطف على الرضيع.
3- التهذيب 7:1305/315،الإستبصار 3:709/196،الوسائل 20:377 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 11،بتفاوت.
4- في ص 132.

الإنبات بالعشر،و اختصاصه به مع زيادة عليه بنصفه (1).

و نحوه الموثّقان المتقدّمان (2)،المصرّحان بعدم النشر به،المستلزم لعدم الإنبات.

و الموثّق المتأخّر (3)كمضاهيه (4)و إن دلّ على النشر به بالمفهوم، إلّا أنّه لا يعارض ما دلّ على العدم سنداً و عدداً و دلالةً،مع احتمال كون الحكم فيه تقيةً.

و نحوه الجواب عن الخبر الأخير،مضافاً إلى ضعفه بمحمّد بن سنان على الأشهر و إن قيل بوثاقته (5)لعدم مقاومته ما خلا عن مثله،سيّما مع مخالفته الإجماع من وجهين (6)،و اضطرابه باختلاف ألفاظه؛ لروايته تارةً كما تقدّم،و تارةً بغيره،و أُخرى صحيحة بعبارة خالية عن العدد مرويّة في الفقيه (7)،الذي هو أضبط.

و لو رضع خمس عشرة رضعة نشر الحرمة إجماعاً،كما في المسالك و السرائر (8)،خلافاً لشاذّ منّا،فخمسة عشر يوماً متوالية بلياليها (9)؛ و النصوص المتقدّمة حجّة عليه،مضافاً إلى عدم دليل يدلّ عليه،مع مخالفته لعموم الكتاب و السنّة المستفيضة.

ص:139


1- أي و اختصاص الإنبات بالعشر مع زيادة على العشر بنصف العشر.
2- في ص 137.
3- المتقدم في ص 137.
4- المتقدم في ص 137.
5- قال به المفيد في الإرشاد:304.
6- الحصر و اعتبار النوم.منه رحمه الله.
7- الفقيه 3:1474/307،الوسائل 20:376 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 7.
8- المسالك 1:466،السرائر 2:551.
9- كما في الهداية:70 و حكاه في المختلف:518 عن المقنع.

و يعتبر في الرضعات العدديّة و الزمانيّة قيود ثلاثة:

كمال الرضعة التفاتاً إلى الأصل،و حملاً لإطلاق الرضاع في الآية (1)و الأخبار عليه؛ للتبادر،مع التصريح به في المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بعمل الطائفة:

كالمرسل كالموثّق لابن أبي عمير:«الرضاع الذي ينبت اللحم و الدم هو الذي يرضع حتى يتضلّع و يتملّى و ينهي نفسه» (2)،و نحوه آخر (3).

و بهما فسّر الكمال بعض الأصحاب (4)،و اعتمد الباقون فيه على العرف،و لعلّهما متقاربان،فلا عبرة بالناقصة مطلقاً،واحدة كانت أم متعدّدة،إلّا مع حصول الإنبات بها،فتعتبر من جهته.

و تحسب الرضعات المتخلّل بينها لفظ الثديين للتنفّس،أو الملاعبة،أو المنع من المرضعة مع المعاودة و حصول الكماليّة بها،رضعة واحدة إن لم يطل الفصل،و إلّا احتسب الجميع كالآحاد رضعة ناقصة، فلا تنشر حرمة.

و امتصاصها من الثدي لعين ما تقدّم،بل لا يحصل مسمّى الرضاع و الإرضاع و الارتضاع إلّا بذلك،و اعتباره مطلقاً (5)هو المعروف من مذهب الأصحاب.

ص:140


1- النساء:23.
2- الكافي 5:7/445،التهذيب 7:1306/316،الإستبصار 3:707/195،الوسائل 20:383 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 4 ح 2.
3- التهذيب 7:1307/316،الإستبصار 3:708/195،الوسائل 20:283 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 4 ح 1.
4- انظر الخلاف 5:100.
5- أي حتى في إنبات اللحم و اشتداد العظم.منه رحمه الله.

خلافاً للإسكافي (1)،فاكتفى بالوَجُور (2)؛ لأنّ الغاية المطلوبة إنّما هو إنبات اللحم و اشتداد العظم،كما هو ظاهر الفحاوى و صريح الخبر:«وَجُور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع» (3).

و فيه:منع كون الغاية هو الإنبات من حيث هو هو خاصّة؛ لاحتمال كون الرضاع و المصّ من الثدي له مدخليّة في نشر الحرمة،كما أنّ للولادة أو الحمل مدخليّة بالإجماع و المعتبرة،و إنكاره مكابرة.و ليست العلّة بنفس الإنبات منصوصة،و غاية ما يستفاد من المعتبرة نشر الإنبات الحاصل من ارتضاع الثدي خاصّة.

نعم،ذلك يناسب القياس المستنبط العلّة،الذي هو حجّة عند الإسكافي،و فاسد بالضرورة من مذهب الشيعة.

و الخبر مع ضعفه بالإرسال محمولٌ على التقيّة؛ لنسبته في المسالك إلى جماعة من العامّة (4)،معارَض بصريح الصحيحة:«لا يحرم من الرضاع إلّا ما ارتضع من ثدي واحد سنة» (5).

و لا ينافيه التقييد بالسنة،إلّا بتقدير عدم احتمال جريان ما قيل من التوجيه و إن بَعُدَ من قراءة:«سنّه» بتشديد النون و الإضافة إلى ضمير راجع إلى الإرضاع،و المراد:الحولين.

ص:141


1- كما حكاه عنه في المختلف:518.
2- الوَجُور:الدواء يصبّ في الحلق المصباح المنير:648.
3- الفقيه 3:1485/308،الوسائل 20:394 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 7 ح 3.
4- المسالك 1:468.
5- الفقيه 3:1475/307،التهذيب 7:1315/318،الإستبصار 3:718/198،الوسائل 20:378 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 2 ح 13.

و نحوه الكلام في الصحيحين (1)،و نحوهما (2):«لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين» بجعل الحولين ظرفاً للرضاع لا المدّة المرعيّة،مع أنّ خروج بعض القيود بالدليل لا يوجب خروج الباقي.

و يعضد ما ذكرنا الحسنان،بل الصحيحان المرويّان في الكافي.

في أحدهما:«جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام،فقال:يا أمير المؤمنين،إنّ امرأتي حلبت من لبنها في مَكُّوك (3)فأسقته جاريتي،فقال:

أوجِعْ امرأتك،و عليك بجاريتك» (4).

و في الثاني:عن امرأة حلبت من لبنها فأسقت زوجها لتحرم عليه، قال:«أمسَكَها و أوجَع ظهرها» (5).

و هما بترك الاستفصال عامّان للرجل و الجارية الصغيرين دون الحولين.و لو نشر الوَجُور لخصّ بقاء الزوجيّة فيهما بما إذا وقع الوَجُور بعدهما،فتأمّل.

و أن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة و المأكول و المشروب في الزمانية خاصّة (6)،دون العدديّة،فيمنع فيها الفصل برضاع

ص:142


1- التهذيب 7:1310/317،الاستبصار 3:713/197،الفقيه 3:1476/307،الوسائل 20:386 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5 ح 8.
2- الفقيه 3:1477/307،الوسائل 20:387 أبواب الرضاع ب 5 ح 10.
3- المَكُّوك:طاسٌ يشرب به،و في المحكم:أعلاه ضيّق و وسطه واسع تهذيب اللغة 9:468،لسان العرب 10:491.
4- الكافي 5:5/445،الوسائل 20:393 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 7 ح 1.
5- الكافي 5:4/443،الوسائل 20:394 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 7 ح 2.
6- بلا خلاف فيه أجده،و صرّح باعتبار عدم الفصل بالمأكول و المشروب أيضاً في الزمانية شيخنا في المسالك(1:468)و سبطه في شرح الكتاب(نهاية المرام 1:112)و غيرهما من الأصحاب من غير نقل خلاف،بل بعدمه صرّح في المفاتيح(2:237)فتأمّل منه عفي عنه و عن والديه.

غير المرضعة خاصّة.

كلّ ذلك للأصل،و التبادر،مع التصريح بعدم الفصل بالرضاع في العدديّة في الموثّقة المتقدّمة (1)في رضاع اليوم و الليلة،و إطلاقها يقتضي حصول الفصل بمسمّاه و لو قلّ.إلّا أنّ حمله على الفرد الأكمل للتبادر و السياق يقتضي العدم،وفاقاً للتذكرة (2)،و خلافاً للقواعد و المسالك و الروضة (3).

و هل يشترط في التوالي اتّحاد المرضعة أم يكفي اتّحاد الفحل؟ ظاهر الموثّقة و الصحاح المتقدّمة قريباً:الأول،و عليه الإجماع عن الغنية و الخلاف و التذكرة (4)،فلو ارتضع من امرأة خمساً كاملة مثلاً ثم ارتضع من الأُخرى،ثم أكمل منها أو من الأُولى أو ثالثة تمام العدد أو الزمان،لم ينشر الحرمة،خلافاً للعامّة.

الثالث أن يكون في الحولين

الثالث:أن يكون الرضاع الناشر مطلقاً (5)بتمامه في الحولين اللذين ابتداؤهما من انفصال تمام الولد إلى الجزء الأخير من الشهر الرابع و العشرين،إن ابتدأ في أول الهلال،و إلّا يحسب الثلاثة و العشرون هلاليّة، و يتمّ المنكسر من الشهر الخامس و العشرين،كما في سائر الآجال.

ص:143


1- في ص 134.
2- التذكرة 2:620.
3- القواعد 2:10،المسالك 1:468،الروضة البهية 5:163.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):609،الخلاف 5:100،التذكرة 2:62.
5- أي أيّ الأقسام الثلاثة كان.منه رحمه الله.

و يكفي في حصول الشرط تمام الجزء الأخير من الرضاع بتمام مثله من الحولين،فالمراد:عدم وقوع شيء من الرضاع بعد تمامهما،و اعتباره مقطوع به في كلام الأصحاب،مدّعى عليه الإجماع كما يأتي؛ للنصوص:

منها الخبر:«لإرضاع بعد فطام» قال:قلت:و ما الفطام؟قال:

«الحولين اللذين قال اللّه عزّ و جلّ» (1)(2).

و ضعفه بسهل على الأشهر سهل،بل صحيح على الأظهر عند بعض (3)،و مع ذلك بالإجماع معتضد.

و يستفاد منه حصول التحريم بالرضاع في الحولين مطلقاً و لو فطم قبلهما،و عدمه به بعدهما مطلقاً و لو لم يفطم؛ لتفسيره الفطام الذي لم ينشر معه الرضاع بمضيّ الحولين،فلا عبرة بما عداه إن حصل،كما لا عبرة بالرضاع بعده و لو لم يحصل الفطام اللغوي؛ لحصول الشرعي، الذي هو المعيار.

و الأمران مقطوع بهما في كلامهم بل عن الشهيد الإجماع على الثاني (4)عدا العماني في الأول (5)؛ لإطلاقه عدم الرضاع بعد الفطام، الشامل لمثل هذا الفطام (6)؛ تبعاً للأخبار:كالحسن:«لإرضاع بعد فطام» (7).

و الخبر المصحّح في كلام بعض (8):«الرضاع قبل الحولين قبل أن

ص:144


1- البقرة:233.
2- الكافي 5:3/443 بتفاوت يسير،التهذيب 7:1313/318،الإستبصار 3:716/198،الوسائل 20:385 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5 ح 5.
3- كما في رجال الشيخ:416.
4- على ما حكاه عنه في الكفاية:159.
5- كما حكاه عنه في المختلف:519.
6- أي قبل الحولين.منه رحمه الله.
7- الكافي 5:1/443،الوسائل 20:385 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5 ح 2.
8- نهاية المرام 1:112.

يفطم» (1).

و هو ضعيف؛ لحمل إطلاقهما على الخبر المتقدّم المفسّر لهما، فيحمل:«قبل أن يفطم» في الرواية الثانية على كونه تأكيداً لقبل الحولين، مفسّراً له،و لا مانع من حمل كلامه عليه،فلا خلاف.

و الإسكافي في الثاني (2)،فصرّح بالنشر بالرضاع بعدهما بلا فطام يفصلهما (3)؛ لإطلاق مفهوم نحو الحسن المتقدّم.

و خصوص الموثّق:«الرضاع بعد الحولين قبل أن يفطم يحرّم» (4).

و ضعف الأول ظاهر بعد ما تقدّم.

و الموثّق غير مكافئ له بوجه،مع حمله في كلام شيخ الطائفة على التقية (5)،مع احتماله لمحامل غير بعيدة منافية للدلالة،كتخصيص الحولين بولد المرضعة و الفطام بالمرتضع،أي الرضاع بعد حولي ولد المرضعة قبل أن يفطم المرتضع و يتمّ حولاه ينشر الحرمة،كما عليه مشهور الطائفة، و سيأتي إليه الإشارة (6).

و هو أي الرضاع قبل الحولين- يراعى في المرتضع بمعنى:

وقوعه قبل حولية،إجماعاً كما في القواعد و المسالك (7)،و عن جماعة عن

ص:145


1- الكافي 5:2/443،التهذيب 7:1312/318،الوسائل 20:385 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5 ح 4.
2- كما نقله عنه في المختلف:519.
3- أي الحولين و الرضاع.منه رحمه الله.
4- الفقيه 3:1469/306،التهذيب 7:1314/318،الإستبصار 3:717/198،الوسائل 20:386 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5 ح 7.
5- التهذيب 7:318.
6- في ص 146.
7- القواعد 2:10،المسالك 1:469.

الخلاف و الغنية (1)؛ للنصوص المتقدّمة.

دون ولد المرضعة فينشر الحرمة و لو وقع الرضاع قبل حولي المرتضع بعد حولية على الأصحّ الأشهر،وفاقاً للحلّي و الفاضلين و الشهيدين (2)،و كثير من المتأخّرين (3)،بل عليه الإجماع عن بعض (4).

لعموم الأدلّة على نشر الرضاع للحرمة من الكتاب و السنّة،الشاملة لمثل المسألة،المؤيّدة بأصالة بقاء الحرمة السابقة على المناكحة،و لا قاطع مخرج عنها من الأدلّة؛ للشكّ في دخول مثلها في النصوص المتقدّمة لو لم يدّع عدمه للتبادر و السياق كما وقع في كلام جماعة (5).

و على تقدير تسليم الظهور بالعموم لو كان فهو غير كافٍ في تخصيص عموم الأدلّة القطعيّة؛ إذ المناط فيه قوة الدلالة،بل قطعيّتها،كما يشعر بها كلام جماعة،و هي في النصوص منتفية بالضرورة،فتخصيصها به جرأة عظيمة.

نعم،في الموثّق الموقوف إلى ابن بكير:سأله ابن فضّال في المسجد،فقال:ما تقولون في امرأة أرضعت غلاماً سنتين،ثم أرضعت صبيّة لها أقلّ من سنتين حتى تمّت السنتان،أ يفسد ذلك بينهما؟فقال

ص:146


1- الخلاف 5:100،الغنية(الجوامع الفقهية):609.
2- الحلّي في السرائر 2:519،المحقق في الشرائع 2:283،العلّامة في القواعد 2:10،الشهيدان في اللمعة و الروضة 5:163.
3- كفخر المحققين في الإيضاح 3:48،الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:50،السبزواري في الكفاية:159.
4- راجع السرائر 2:519.
5- منهم المحقق و الشهيد الثانيان في جامع المقاصد 12:222،و المسالك 1:469.

لا يفسد ذلك بينهما؛ لأنّه لإرضاع بعد فطام،و إنّما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله:

«لإرضاع بعد فطام» أي أنّه إذا تمّ للغلام سنتان أو الجارية فقد خرج من حدّ اللبن،و لا يفسد بينه و بين مَن شرب من لبنه (1).

و هو و إن كان نصّاً،إلّا أنّ مرجعه إلى اجتهاد ابن بكير المردود بما قدّمناه،و معارضتِه بتفسير الكليني و الصدوق:ل«لإرضاع بعد فطام» بما يوافق المشهور (2)،و ترجيحهما على مثله ظاهر.

فظهر ضعف اعتباره في ولد المرضعة أيضاً،كما عن جماعة،منهم:

ابن زهرة (3).و دعواه الإجماع عليه بمصير معظم الأصحاب على خلافه موهونة،مع معارضتها بحكاية الإجماع على خلافه،المتقدّمة،المعتضدة بالشهرة.

الرابع أن يكون اللبن لفحل واحد

الرابع:أن يكون اللبن الناشر لفحل واحد و لاعتبار هذا الشرط وجهان:

أحدهما و هو المناسب للمقام و سائر الشروط المتقدّمة-:اعتباره لثبوت أصل التحريم بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن،و لا خلاف فيه بيننا،بل عليه الإجماع منّا في التذكرة (4)؛ و عليه دلّت الموثّقة (5)في رضاع اليوم و الليلة.

فلو ارتضع من امرأة بعض العدد من لبن فحل،و منها بعينها تمامه

ص:147


1- التهذيب 7:1311/317،الإستبصار 3:714/197،الوسائل 20:385 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 5 ح 6.
2- الكليني في الكافي 5:444،الصدوق في الفقيه 3:306.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):609.
4- التذكرة 2:621.
5- المتقدمة في ص 134.

من لبن فحل آخر بعد تزويجها منه و مفارقتها الأول،لم ينشر حرمة أصلاً، فتحلّ له المرضعة و صاحبا اللبن إن كان أُنثى.و يفرض المثال لو استقلّ الولد بالمأكول أو اللبن المَوجُور في فيه و لو منها على ما تقدّم في المدّة المتخلّلة بين الرضاعين،بحيث لا يفصل بينهما برضاع أجنبيّة.و لا قَدْحَ بمثله (1)في حصول التحريم بالرضعات كما مرّ.

و الثاني و هو المقصود من العبارة و المتداول في كلام الطائفة،الذي صار محلّ النزاع و المشاجرة بين الخاصّة و العامّة-:اعتباره لحرمة أحد المرتضعين على الآخر،بعد حصولها لأحدهما مع المرضعة و صاحب لبنه.

فيحرم الصبيّان أحدهما على الآخر كحرمتهما على المرضعة و الفحل إذا كانا يرتضعان بلبن فحل واحد بلا كلام و لو اختلف المرضعتان.

و لا يحرم أحدهما على الآخر على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع في التذكرة و عن الحلّي (2)و ظاهر غيرهما (3) لو رضع كلّ واحد من لبن فحل غير فحل الآخر و إن اتّحدت المرضعة فيكفي الاُخوة من جهة الأُبوّة،و لا يكفي من جهة الأُمومة.

للمعتبرة،كالصحيح:عن الرجل يرضع من امرأة و هو غلام،أ يحلّ له أن يتزوّج أُختها لأُمّها من الرضاعة؟فقال:«إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحلّ،و إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس» (4).

ص:148


1- أي بمثل استقلال الولد.
2- التذكرة 2:621،الحلي في السرائر 2:553.
3- انظر جامع المقاصد 12:223 و المسالك 1:469.
4- الكافي 5:11/443،التهذيب 7:1323/321،الإستبصار 3:726/201،الوسائل 20:389 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 6 ح 3.

و الموثّق:عن غلام رضع من امرأة،أ يحلّ له أن يتزوّج أُختها لأبيها من الرضاعة؟فقال:«لا،قد رضعا جميعاً من لبن فحل واحد» قال:قلت:

فيتزوّج أُختها لأُمّها من الرضاعة؟قال:«لا بأس بذلك،إنّ أُختها التي لم ترضعه كان فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام،فاختلف الفحلان، فلا بأس» (1).

و هما مع اعتبار سندهما يستلزمان المدّعى (2)و صريحان فيه،و مع ذلك معتضدان بالشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة و المخالفة للعامّة،كما يظهر من الحلّي و المسالك و التذكرة (3)،و بما دلّ (4)على اعتبار اتّحاد الفحل بالمعنى الأول (5)؛ بناءً على دلالته على عدم حصول البنوّة من جهة الأُمومة خاصّة،فعدم حصول الاُخوّة من جهتها بطريق أولى.و لا بُعدَ في جعله دليلاً،كما يوجد في كلام جماعة.و نحوه ما دلّ على عدم اعتبار ما خلا عن نكاح.

و بالصحيح بل هو دليل آخر برأسه على الصحيح-:عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً [1] (6)فقال:«إنّ اللّه تعالى خلق آدم من الماء العذب،و خلق زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه،فجرى بذلك الضلع سبب و نسب،ثم زوّجها

ص:149


1- الكافي 5:10/442،التهذيب 7:1321/320،الإستبصار 3:724/200،الوسائل 20:388 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 6 ح 2.
2- من حرمة أحد المرتضعين على الآخر.منه رحمه الله.
3- الحلّي في السرائر 2:553،المسالك 1:469،التذكرة 2:621.
4- كالموثقة المتقدمة في ص 134.
5- أي اعتباره لثبوت أصل التحريم بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن.
6- الفرقان:54.

إيّاه،فجرى بسبب ذلك بينهما صِهر،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ نَسَباً وَ صِهْراً [1] فالنسب يا أخا بني عجل ما كان بسبب الرجال،و الصهر ما كان من سبب النساء» قال:قلت له:أ رأيت قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟» فسِّر لي ذلك،فقال:«كلّ امرأة أرضعت من لبن فحلها وَلَد امرأة أُخرى من جارية أو غلام فذلك الرضاع الذي قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله،و كلّ امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحداً بعد واحد من جارية أو غلام،فإنّ ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله:يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب،و إنّما هو من سبب ناحية الصهر رضاعٌ و لا يحرّم شيئاً،و ليس هو سبب رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرّم» (1).

و هو كما ترى ظاهرٌ في المختار،بناءً على كون الظاهر كون:

«واحداً بعد واحد» مفعولاً ل:«أرضعت» و:«من غلام أو جارية»،بياناً لهما،و لا يحتمل الحاليّة عن الفحلين؛ لأمرين:

أحدهما:أنّه لا يستفاد منه حينئذٍ شيء زائد عمّا استفيد قبله،فيكون تأكيداً،و ما ذكرناه تأسيس،فهو أولى.

و ثانيهما:استلزام ذلك إمّا تقدير المفعول،و هو خلاف الأصل،أو جعله مدخول الجار،و هو خلاف الظاهر،أو جعله (2)زائداً،و هو كالأول (3)،فتعيّن ما ذكرناه.

ص:150


1- الكافي 5:9/442،و أورد ذيله في الوسائل 20:388 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 6 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- أي:الجار.
3- أي خلاف الأصل.منه رحمه الله.

و لا ينافيه وقوعه تفسيراً للرضاع المحرّم؛ بناءً على تصريحه بعدم النشر مع تعدّد الفحل،الظاهر في عدمه مطلقاً،حتى بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن؛ لاحتمال كونه تفسيراً للرضاع المحرّم كلّياً تحريماً عامّاً، حتى لأحد الرضيعين على الآخر،لا أصل التحريم و لو كان جزئياً حتى ينافي ذلك.

فيكون المراد:أنّ الرضاع الذي قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله أي الذي يحرم تحريم النسب من الجانبين مطلقاً،حتى بين المرتضعين هو الرضاع الذي يتّحد مع الفحل،و أمّا إذا تعدّد فلا يحرم ذلك التحريم العام،و إن حرم الجزئي بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن بقدر ما وجد فيه من علّة التحريم،أعني:ما يستفاد من الصدر و الذيل،و هو الشباهة بالنسب، الناشئة من جهة الفحل خاصّة دون المرضعة؛ لبعدها عنها،و قربها من الشباهة بالمصاهرة.

ثم على تقدير تسليم ما ذكر من الاحتمال (1)،فهو يدلّ على المختار أيضاً؛ بفحوى الخطاب الذي تقدّمت إليه الإشارة (2)،و عموم التعليل في الذيل لما ذكر لما نحن فيه؛ لصدق كون الاُخوّة إنّما هي من ناحية المصاهرة لا النسبيّة،التي جُعلت مناطاً لنشر الرضاع للحرمة.

و بهذه الأدلّة يخصَّص عموم الكتاب و السنّة إن كان دلالتها على الشمول لمثل المقام واضحة.

فخلاف الطبرسي (3)ضعيف،و ليس عليه دلالة في الخبر:قال مولانا

ص:151


1- من كون المراد إثبات اتّحاد الفحل بالمعنى الأول.منه رحمه الله.
2- في ص 149.
3- كما في مجمع البيان 2:28.

الرضا عليه السلام:«ما يقول أصحابك في الرضاع؟» قال:قلت:كانوا يقولون:

اللبن للفحل،حتى جاءتهم الرواية عنك:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» فرجعوا إلى قولك،قال:فقال لي:«و ذلك أنّ أمير المؤمنين سألني عنها،فقال:اشرح لي:اللبن للفحل،و أنا أكره الكلام،فقال لي:كما أنت حتى أسألك عنها،ما قلتَ في رجل كانت له أُمّهات أولاد شتّى،فأرضعت واحدة منهن بلبنها غلاماً غريباً،أ ليس كلّ شيء من ولد ذلك الرجل من أُمّهات الأولاد الشتّى محرّم على ذلك الغلام؟» قال:«قلت:بلى» فقال لي أبو الحسن عليه السلام«ما بال الرضاع يحرّم من قبل الفحل و لا يحرّم من قبل الأُمّهات؟!و إنّما حرّم اللّه تعالى من قبل الأُمّهات و إن كان لبن الفحل أيضاً يحرّم» (1).

إذا هو مع قصور سنده بجهالة الراوي لا يستفاد منه سوى تحريم أولاد المرضعة نسباً على المرتضع،و ليس من محلّ البحث في شيء، و على تقدير كونه منه فحمله على التقيّة كما صرّح به جماعة (2)متعيّن.

فالعجب كلّ العجب ممّن جعل الحمل منعكساً،فحمل ما تقدّم على التقيّة (3).و لو احتيط كان أجود.

و يستحب للمسترضع المختار أن يتخيّر للرضاع:المسلمة فيكره الكافرة مطلقاً،حتى الكتابيّة.

لفحوى الحسنة:«إنّ اليهوديّة و النصرانيّة و المجوسيّة أحبّ إليّ من

ص:152


1- الكافي 5:7/441،التهذيب 7:1322/320،الإستبصار 3:725/200،الوسائل 20:391 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 6 ح 9؛ بتفاوت يسير.
2- منهم المجلسي في ملاذ الأخيار 12:163 و صاحب الوسائل 20:391.
3- كالفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:236.

ولد الزناء» (1).

و لما علم من المعتبرة كالتجربة أنّ الرضاع يؤثّر في الطباع و الحال،ففي الموثّق:«انظروا مَن ترضع أولادكم،فإنّ الولد يشبّ عليه» (2).

الوضيئة ؛ لما تقدّم،و الصحيح:«عليكم بالوضّاء من الظؤورة، فإنّ اللبن يعدي» (3).

و نحوه القوي:«استرضع لولدك بلبن الحِسان،و إيّاك و القباح،فإنّ اللبن قد يعدي» (4).

العفيفة الكريمة الأصل؛ لما ذكر من استحباب اختيارهما في النكاح (5)،فكذا هنا.

للمرويّ في قرب الإسناد:«إنّ عليّاً عليه السلام كان يقول:تخيّروا للرضاع كما تخيّرون للنكاح،فإنّ الرضاع يغيّر الطباع» (6).

العاقلة ؛ للحسن أو الصحيح:«لا تسترضعوا الحمقاء،فإنّ اللبن يعدي،و إنّ الغلام ينزع إلى اللبن» يعني إلى الظئر«في الرعونة و الحمق» (7)

ص:153


1- الكافي 6:5/43،التهذيب 8:371/109،الإستبصار 3:1147/322،الوسائل 21:464 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 2؛ بتفاوت.
2- الكافي 6:10/44،الوسائل 21:466 أبواب أحكام الأولاد ب 78 ح 1.
3- الكافي 6:13/44،الفقيه 3:1479/307،التهذيب 8:377/110،الوسائل 21:468 أبواب أحكام الأولاد ب 79 ح 2.
4- الكافي 6:12/44،التهذيب 8:376/110،الوسائل 21:468 أبواب أحكام الأولاد ب 79 ح 1.
5- الوسائل 20:47 أبواب مقدمات النكاح ب 13.
6- قرب الإسناد:312/93،الوسائل 21:468 أبواب أحكام الأولاد ب 78 ح 6.
7- الكافي 6:8/43،الفقيه 3:1481/307،التهذيب 8:375/110،الوسائل 21:467 أبواب أحكام الأولاد ب 78 ح 2،الرعونة:الحمق.الصحاح 5:2124.

و نحوه غيره،كالمرويّ في العلل مثله (1)،بزيادة:«العمشاء» (2).

و لو اضطرّ إلى إحداهنّ و لو كانت الكافرة،استرضع الذميّةّ و انتفت حينئذٍ الكراهة؛ للمعتبرة،منها:الحسن المتقدّم،و الموثّق:هل يصلح للرجل أن ترضع له اليهوديّة و النصرانية و المشركة؟قال:

«لا بأس» (3).

و لكن لا يسترضع المجوسيّة،بل استرضع الكتابيّة؛ للحسنة:عن مظاءرة المجوسيّة،فقال:«لا،و لكن أهل الكتاب» (4)و نحوها الصحيحان الآتيان.

و يمنعها مع الاسترضاع من شرب الخمر و لحم الخنزير للصحيح:«لا يسترضع الصبي المجوسيّة،و يسترضع اليهوديّة و النصرانية،و لا يشربن الخمر،و يمنعن من ذلك» (5)،و نحوه الموثّق (6)و غيره (7).

ص:154


1- لم نعثر عليه في العلل و هو مروي في عيون الأخبار 2:67/33،الوسائل 21:467 أبواب أحكام الأولاد ب 78 ح 4.
2- العَمَش في العين:ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها مجمع البحرين 4:143.
3- الكافي 6:4/43،التهذيب 8:373/109،الوسائل 21:465 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 5.
4- الكافي 6:2/42،التهذيب 8:372/109،الوسائل 21:464 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 3 بتفاوت يسير.
5- الكافي 6:14/44،بتفاوت يسير،التهذيب 8:374/110،الوسائل 21:464 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 1.
6- الكافي 6:4/43،التهذيب 8:373/109،الوسائل 21:465 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 5.
7- قرب الإسناد:275،1097،الوسائل 21:465 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 7.

ثمّ ليس في هذه الأخبار أكثر من جواز استرضاع الكافرة،و لا ينافي ذلك الكراهة الثابتة بما قدّمناه من الأدلّة،فالتأمّل فيها لإطلاق نفي البأس عن استرضاع ما عدا المجوسيّة غير جيّد.

و يكره تمكينها من حَمْل الولد إلى منزلها للصحيح:عن رجل دفع ولده إلى ضئرٍ يهوديّة أو مجوسيّة،ترضعه في بيتها،أو ترضعه في بيته؟قال:«ترضعه لك اليهوديّة و النصرانيّة، و تمنعها من شرب الخمر و ما لا يحلّ،مثل:لحم الخنزير،و لا يذهبن بولدك إلى بيوتهن،و الزانية لا ترضع ولدك،فإنّه لا يحلّ لك،و المجوسيّة لا ترضع ولدك إلّا أن تضطرّ إليها» (1).

و منه يظهر أنّه يكره استرضاع المجوسيّة أشدّ كراهية، إلّا عند الضرورة،بل ظاهره كغيره التحريم،و لو لا الأصل المعتضد باتّفاقهم لكان متعيّناً.

و نحوه استرضاع مَن لبنها عن زناء بل مرّ في الحسن (2)أشدّيّته من الأول.

و لكن في رواية مرويّة بعدّة طرق معتبرة:أنّه إذا أحلّها مولاها طاب لبنها و زال بذلك كراهة استرضاعها،كالحسن:في المرأة تكون لها الخادمة قد فجرت تحتاج إلى لبنها،قال:«مرها فلتحلّلها يطيب اللبن» (3).

ص:155


1- الفقيه 3:1482/308،التهذيب 8:401/116،الوسائل 21:465 أبواب أحكام الأولاد ب 76 ح 6.
2- راجع ص 153.
3- الكافي 6:7/43،التهذيب 8:370/109،الوسائل 21:463 أبواب أحكام الأولاد ب 75 ح 3.

و قد نسبها المصنّف في الشرائع إلى الشذوذ (1)،و علّل في الشرح بإعراض الأصحاب عنها؛ لمنافاتها القاعدة؛ لأنّ إحلال ما مضى من الزناء لا يرفع إثمه و لا يدفع حكمه،فكيف يطيب لبنه؟!و اعترضه بأنّه استبعاد محض في مقابلة النصوص الكثيرة الخالية عن المعارض (2).

و هو حسن،إلّا أنّ دعواه إعراض الأصحاب عنها المشعرة بالإجماع تلحقها بالشواذّ و إن خلت عن المعارض،فيجب طرحها،أو حملها على ما إذا كانت الأمة قد تزوّجت بدون إذن مولاها،فإنّ الأولى له إجازة العقد ليطيب اللبن،كما فعله بعض الأصحاب (3).و هو و إن بَعُد غايته إلّا أنّه أولى من طرحها.

مسائل

و هنا مسائل ثلاث:

الأُولى إذا أُكملت الشرائط صارت المرضعة أُماً و صاحب اللبن أباً و أُختها خالة و بنتها أختا

الأُولى:إذا أُكملت الشرائط المعتبرة في تحريم الرضاع صارت المرضعة أُمّا للرضيع و صاحب اللبن أباً له،و آباؤهما مطلقاً (4)أجداداً و جدّات.

و كذا أُختها كأُخت الوالدات للفحل و لها خالة و إخوتها كإخوة الوالدات لهما أخوالاً،و إخوة صاحب اللبن و أخواته كإخوة آبائه و آبائها و أخواتهما أعماماً و عمّات.

و بنتها و ابنها كابن الفحل و ابنته أُختاً و إخوة.

فيحرم الرضيع و فروعه خاصّة على الجميع مطلقاً و لو انتسبوا إلى

ص:156


1- الشرائع 2:284.
2- المسالك 1:470.
3- انظر كشف اللثام 2:28.
4- أي من نسبٍ أو رضاع.منه رحمه الله.

المرضعة و بعلها بالرضاع،بشرط اتّحاد فحلهم و فحلهما، و يأتي على قول الطبرسي التحريم مطلقاً (1)فالأعمام و العمّات،كالأخوال و الخالات مثلاً للأبوين الرضاعيين،يحرمون على الرضيع و لو انتسبوا إليهما من غير نسب،مع الشرط المتقدّم أو مطلقاً.

خلافاً للقواعد و المحقّق الثاني،فنفيا التحريم في المنتسبات إليهما بالرضاع مطلقاً (2)؛ لعدم اتّحاد الفحل بين الرضيع و النسوة المزبورات (3).

و فيه نظر؛ إذ اشتراط اتّحاد الفحل إنّما هو في حصول البنوّة و الأُخوّة لا مطلقاً،كما دلّت عليه الروايات المتقدّمة (4)،المعتبرة،الصريحة في حرمة الخالة الرضاعيّة للمرضعة من طرف الفحل؛ معلّلاً بحصول اتّحاده لها و للخالة.

و لو كان المراد من الاتّحاد ما ذكراه لما كان للتعليل كالحكم بسببه وجه؛ لعدم اتّحاد فحلي الرضيع و الخالة الرضاعيّة،و إن هي إلّا غفلة واضحة تردّها الأخبار المزبورة،كإطلاقات كلام الأصحاب،بل صريحهم في المسألة.

و كما يحرم عليهم مطلقاً كذا يحرم الجميع،و منهم: أولاد صاحب اللبن مطلقاً ولادةً و رضاعاً على المرتضع و فروعه.

و كذا أولاد المرضِعة ولادةً إجماعاً لا رضاعاً على الأشهر الأظهر،إلّا على قول الطبرسي الذي مرّ،فيحرم عليه أولادها مطلقاً.

ص:157


1- كما في مجمع البيان 2:28.
2- أي مع الشرط و عدمه.منه رحمه الله.
3- القواعد 2:13،جامع المقاصد 12:258.
4- في ص 148 149.
الثانية لا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن

الثانية :المستفاد من النصوص المعتبرة بعد أن ضُمّ إليها أصالة الإباحة أنّه لا يحرم من الرضاع إلّا ما يحرم من جهة النسب،و ليس المحرّم من جهته إلّا من صدق عليه عنوانات النسوة السبع المذكورات في الآية (1)،كالاُمومة و البنتيّة و الأُختيّة و نحوها.

لا أُمّ الأخ و الأُخت،و لا أُمّ ولد الولد،و لا جدّة الولد،و لا أُخت الولد،فلا يحرمن في الرضاع إذا كنّ أجنبيّات و إن حرمن في النسب تارةً و بالمصاهرة اخرى؛ لعدم صدق العنوانات في الآية عليهنّ حينئذ،فهنّ عن القاعدة خارجات،لا داخلات يحتاج إلى استثنائهن،كما عن التذكرة (2).

و نحو هذه الصور ما لو أرضعت زوجتك ولد ولدها ذكراً كان الولد أو أُنثى فإنّ هذا الرضيع يصير ولدك بالرضاع بعد أن كان ولد ولدك بالنسب،فتصير زوجتك المرضعة جدّة ولدك،و جدّة الولد محرّمة عليك للنسب أو المصاهرة،و لكن هنا لا تحرم الزوجة؛ لأنّ تحريم جدّة الولد ليس منحصراً في النسب،و لا من حيث إنّها جدّة.

و كذا لو أرضعت ولد ولدها من غيرك،فإنّ الرضيع يصير ولدك بالرضاع و إن لم يكن له إليك انتساب قبله،و تصير زوجتك جدّة ولدك، و لا تحرم بذلك كما قرّرنا.

و ممّا ذُكِر ينقدح وجه القدح في المحكيّ عن شذوذٍ من الأصحاب من القول بالنشر في نحو هذه الصور (3)؛ بناءً على حرمة المذكورات بالنسب في بعض الفروض،فيشملهنّ عموم:«يحرم من الرضاع ما يحرم

ص:158


1- النساء:23.
2- التذكرة 2:614.
3- كما في كفاية الأحكام:161.

من النسب» (1).

إذا المراد بالمحرّمات من النسب النسوة السبع المعدودات في الآية، و ليست النسوة المفروضات في الصور نظراء إحداهن؛ لعدم صدق عنوانهنّ عليهنّ،و حرمتهنّ بالنسب في بعض الفروض ليس إلّا لصدق الأُمومة و البنتية مثلاً عليهنّ،فيدور التحريم مدار صدق العنوانات المزبورة عليهنّ،المفقود فيهنّ في الصور المزبورة.

مضافاً إلى استلزام ما ذُكِر حرمة أُخت الرضاعيّة على أخيه؛ لحرمتها بالنسب في الجملة.و لا ريب في فساده بالبديهة؛ لدلالة المعتبرة (2)و اتّفاق الطائفة على عدم حرمتها من النسب عليه،فعدمها من الرضاع أولى؛ مضافاً إلى ورود النصّ بالعدم فيه أيضاً (3).

و ربما يتوهّم الاستدلال لهذا القول بالتعليل لتحريم أولاد المرضعة على أبي المرتضع ب:« أنّ ولدها صارت بمنزلة ولدك» الآتي في بعض الصحاح (4)في هذه المسألة.قيل:و هو يعطي التعميم،و يوجب تحريم من تصير بمنزلة محرم (5).

و هو مع معارضته بالمعتبرة المتقدّمة (6)،الحاصرة للمحرّمات الرضاعيّة في نظائر السبع المعدودات في الآية فيه:أنّه ليس المستفاد من التعليل إلّا كون منزلة الولديّة ضارّة،و ليس فيه ما يوجب التخطّي إلى تحريم من هو بمنزلة الأخ و الولد مثلاً إلّا بطريق القياس المستنبط العلّة،

ص:159


1- الوسائل 20:371 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 1.
2- راجع الوسائل 20:368 أبواب ما يحرم بالنسب ب 6.
3- راجع الوسائل 20:368 أبواب ما يحرم بالنسب ب 6.
4- انظر ص 160.
5- قال به المحقق الداماد في ضوابط الرضاع(كلمات المحققين):13.
6- في ص 126 127.

التي ليس فيها حجّة.

و لذا أنّ أكثر الأصحاب كالفاضلين و الشهيدين (1)،و غيرهم (2)، و المحكيّ عن الشيخ في كتبه و ابن حمزة و الحلّي (3)خصّوا التعليل بمورده بعد أن عملوا به،فقالوا:

لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادةً و رضاعاً و أولاد المرضعة ولادةً لا رضاعاً؛ لأنّهم صاروا في حكم ولده للصحيح في الأول:عن امرأة أرضعت لي صبيّاً،هل يحلّ لي أن أتزوّج ابنة زوجها؟فقال لي:«ما أجود ما سألت،من هنا يؤتى أن يقول الناس:حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل،هذا لبن الفحل لا غير» فقلت له:الجارية ليست ابنة المرأة التي أرضعته لي،هي ابنة غيرها،فقال:

«لو كنّ عشراً متفرّقات ما حلّ لك شيء منهن» (4).

و الصحيحين في الثاني،في أحدهما:امرأة أرضعت بعض ولدي، هل يجوز لي أن أتزوّج بعض ولدها؟فكتب:«لا يجوز ذلك؛ لأنّ ولدها صارت بمنزلة ولدك» (5).

ص:160


1- المحقق في الشرائع 2:285،العلّامة في التحرير 2:10،الشهيدان في اللمعة و الروضة 5:169.
2- انظر المفاتيح 3:236 و الكفاية:160.
3- حكاه عن الشيخ في التنقيح الرائع 3:51،ابن حمزة في الوسيلة:302،الحلّي في السرائر 2:554.
4- الكافي 5:8/441،التهذيب 7:1320/320،الإستبصار 3:723/199،الوسائل 20:391 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 6 ح 10.
5- الأول في:الفقيه 3:1470/306،التهذيب 7:1324/321،الإستبصار 3:727/201،الوسائل 20:404 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 16 ح 1.الثاني في:الكافي 5:18/447،الفقيه 3:1471/306،الوسائل 20:404 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 16 ح 2.

و مع ذلك ردّه جمع من الأصحاب كالشيخ في المبسوط و القاضي (1)تمسّكاً بأصالة الإباحة،و عملاً بالقاعدة المتقدّمة.

و هو قوي،لولا هذه الأخبار الصحيحة،المعتضدة بالشهرة العظيمة و مراعاة الاحتياط المطلوبة في الشريعة،سيّما في أمثال المسألة.و تعارض أصالة الإباحة بأصالة الحرمة السابقة.

و القاعدة المتقدّمة النافية للحرمة عن أمثال هذه المسألة إنّما هو بضميمة أصالة الإباحة،و إلّا فلا يثبت من المعتبرة سوى حرمة ما يحرم من النسب في الرضاع،و هو لا ينافي ثبوتها به في غيره (2).

فليس بين هذه الصحاح و تلك المعتبرة معارضة.نعم،تعارض أصالة الإباحة،و مراعاتها في مقابلة الصحاح المعتضدة بالشهرة غير خالصة عن شوب المناقشة.و كيف كان،الاحتياط لا يترك في المسألة.

و يتفرّع على الخلاف في هذه المسألة ما لو أرضعت ولد إنسان جدّته لاُمّه،سواء كان بلبن جدّه أو غيره،أو أرضعته إحدى نسوة جدّه بلبن جدّه الرضاع المعتبر،فإنّ أُمّ الرضيع تحرم على زوجها أبي المرتضع على القول بالتحريم؛ لأنّها من جملة أولاد المرضعة على التقدير الأول،و من جملة أولاد صاحب اللبن على التقدير الثاني.

ثم من القاعدة يعلم أيضاً عدم حرمة المرضعة على أبي المرتضع؛ إذا

ص:161


1- المبسوط 5:305،القاضي في المهذّب 2:191.
2- أي لا ينافي ثبوت الحرمة بالرضاع في غير ما يحرم من النسب.

لا مقتضي له،فإنّ أُمّ الولد من النسب ليست حراماً،فالأولى أن لا تحرم من الرضاع.

و كذا لا تحرم على أخي المرتضع؛ لأنّ أُمّ الأخ من النسب إنّما حرمت على الأخ لكونها أُمّا أو منكوحة الأب،و انتفاء هذين المانعين هنا ظاهر.

و هل تنكح أولاده أي أولاد أبي المرتضع الذين لم يرتضعوا من لبن الفحل في أولاد هذا الفحل مطلقاً،نسباً و رضاعاً،و أولاد المرضعة نسباً،إذا لم يرتضعوا من لبنها أصلاً؟ قال الشيخ في النهاية و الخلاف:لا يجوز (1)؛ لدلالة تعليل التحريم على أبي المرتضع في المسألة السابقة بأنّهنّ بمنزلة ولده عليه (2).و لأنّ أُخت الأخ من النسب محرّم،فكذا من الرضاع.

و يضعّف الأول:بمنع وجود العلّة هنا؛ لأنّ كونهنّ بمنزلة أولاد أبي المرتضع غير موجود هنا،و إن وجد ما يجري مجراها،و هو أنّها أُخت الأخ.

و الثاني:بأنّ أُخت الأخ من حيث كونها أُختاً للأخ لا تحرم على الأخ،و إنّما تحرم من حيث كونها أُختاً له؛ لأنّ الإنسان لو كان له أخ من أبيه و أُخت من امّه جاز لأخيه المذكور نكاح أُخته؛ إذ لا نسب بينهما يحرّم،و إنّما تحرم أُخت الأخ إذا كانت أُختاً لمن يحرم من الأب أو من الاُمّ.

و هو حسن،إلّا أنّه في الأول كلام،فإنّه متى ثبت كون أولاد صاحب

ص:162


1- النهاية:462،الخلاف 5:93.
2- راجع ص 160.

اللبن بمنزلة أولاد أبي المرتضع صاروا بمنزلة الإخوة لأولاده،إلّا أن تمنع الملازمة بين الأمرين،و لا بُدَّ من التأمّل؛ مع أنّ كونهم بمنزلة الولد يقتضي أن يثبت لهم جميع الأحكام الثابتة للولد من حيث الولديّة؛ لعدم تخصيص في المنزلة،و من جملة أحكام الولد:تحريم أولاد الأب عليه.

و الوجه:الجواز عند الأكثر،و منهم:الحلّي و القاضي و الفاضلان و الشهيدان (1)،و هو الأظهر؛ للأصل المستفاد من عمومات الحلّ،و إنّما المحرّم طارٍ لا بدّ من ثبوته،فحيث لم يثبت لم تحرم.

مضافاً إلى القاعدة السابقة من أنّه لا يحرم من الرضاع إلّا ما يحرم من النسب،و ليس أُخت الأخ منه بحرام كما عرفت،فعدمه هنا أولى.

مضافاً إلى الموثّق:في رجل تزوج أُخت أخيه من الرضاعة،فقال:

«ما أُحبّ أن أتزوّج أُخت أخي من الرضاعة» (2).

و هو ظاهر في الكراهة؛ لعدم تأدية الحرمة بمثل هذه العبارة،مع ورودها في أُخت الأخ النسبيّة (3)،و المراد بها بالإضافة إليها الكراهة بإجماع الطائفة،و الراوي للخبرين واحد،و قصور السند لو كان منجبر بالشهرة بين الأصحاب.

و بذلك يُخَصّ عموم المنزلة المتقدّمة،و يقال:إنّ المراد كونهنّ بمنزلة أولاده في خصوص الحرمة عليه،لا انتشارها إلى الإخوة.

بل لا يبعد الإبقاء على العموم و الحمل على الكراهة مطلقاً؛ لهذه

ص:163


1- الحلّي في السرائر 2:557،القاضي في المهذّب 2:191،المحقق في الشرائع 2:285،العلّامة في القواعد 2:11،الشهيدان في اللمعة و الروضة 5:171.
2- الكافي 5:2/444،الوسائل 20:368 أبواب ما يحرم بالنسب ب 6 ح 2.
3- التهذيب 7:1893/472،الوسائل 20:369 أبواب ما يحرم بالنسب ب 6 ح 4.

الموثّقة الظاهرة فيها في بعض أفراد عموم المنزلة،و لا يبعد الحمل عليها في الباقي؛ لاتّحاد العبارة.

فظهر نوع من التأمّل في الحرمة في المسألة السابقة،و لكن الاحتياط لا يترك هنا و ثمّة،و إن كان الأظهر الجواز هنا و في تزويج أبي المرتضع بأُمّ المرضعة نسباً فضلاً أن يكون رضاعاً،فإنّ غايتها أن تنزل منزلة أُمّ الزوجة، و هي لا تحرم إلّا بالمصاهرة،و عن المبسوط التصريح به (1)،و وافقه ابن حمزة (2)و أكثر المتأخّرين (3).

خلافاً للحلّي،فحرّم (4)؛ لزعمه أنّه من التحريم بالنسب؛ نظراً إلى الأُمومة،و وافقه في المختلف (5)؛ لما تقدّم من التعليل لتحريم أُخت الولد الرضاعيّة بأنّها في منزلة الولد،و لا ريب أنّها تحرم بالمصاهرة،فدلّ على إفادة الرضاع الحرمة بالمصاهرة.

و فيه نظر (6)،و الأولى الاقتصار في الحرمة على ما تضمّنته الرواية المعلّلة (7).

و نحوه الكلام في تزويج الفحل في أخوات المرتضع،فلا بأس به على الأشهر الأظهر؛ تمسّكاً بالأصل و القاعدة.و تحريم أولاده على

ص:164


1- المبسوط 5:305.
2- الوسيلة:302.
3- منهم العلّامة في التحرير 2:5،و القواعد 2:12،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:243،و السبزواري في الكفاية:161.
4- السرائر 2:555.
5- المختلف:520.
6- لاحتمال كون المصاهرة المحرّمة المصاهرة الخاصة التي تضمّنها التعليل لا مطلقاً.منه رحمه الله.
7- المتقدمة في ص 160.

أبي المرتضع بناءً على كونهم بمنزلة أولاده لا يستلزم العكس،و هو أنّ أولاد أبي المرتضع بمنزلة أولاد الفحل،فظهر ضعف القول بالمنع هنا و مستندِه،و إن حكي عن الخلاف و النهاية و الحلّي (1).

و بالجملة:فهذه المسائل الثلاث،الأظهر فيها الجواز،وفاقاً للأشهر بين الأصحاب،بل لا يبعد في الأُولى أيضاً و إن كان الاحتياط فيها لازماً.

و أمّا ما عدا هذه المسائل الأربع،فلا خلاف يعتدّ به بين الأصحاب في لزوم الاقتصار فيها على القاعدة،و عدم الحكم بالحرمة إلّا بصدق نحو الأُمومة و البنتيّة و الأُختيّة،و نحو ذلك من العنوانات المذكورة في الآية (2).

و أمّا عموم المنزلة الذي تقدّم إليه الإشارة (3)فلم نقف على ما يدلّ عليه بشيء من الكتاب و السنّة،بل هي مع الأصل في ردّه واضحة الدلالة،و قد مرّ الموهم له مع جوابه في صدر المسألة (4).

الثالثة لو تزوّج رضيعة،فأرضعتها امرأته حرمتا

الثالثة :لا خلاف في أنّه كما يمنع الرضاع[النكاح (5)]سابقاً كذلك يبطله لاحقاً؛ للعمومات،و خصوص المعتبرة المستفيضة الآتية (6)، و فيهما الدلالة مضافاً إلى اتّفاق الطائفة على تعلّق المصاهرة بالرضاع كتعلّقها بالنسب،بمعنى:أنّ كلّ من حرم من جهة النسب في المصاهرة حرم من جهة الرضاع أيضاً،فكما تحرم بها أُمّ الزوجة النسبية و ابن الزوج النسبي،كذا يحرم بها نظيرهما من جهة الرضاع.

ص:165


1- الخلاف 4:302،النهاية:462،الحلّي في السرائر 2:555.
2- النساء:23.
3- في ص 159.
4- راجع ص 159.
5- ما بين المعقوفين أضفناه لاقتضاء المعنى.
6- في ص 171.

و أمّا ما ذكروه من المصاهرة التي لا يتعدّى إليها التحريم بالرضاع، فهي المصاهرة الحاصلة بالرضاع نظير المصاهرة الحاصلة بالنكاح،كما إذا حصل بجعل مرضعة الولد بمنزلة الزوجة لأبي المرتضع،و أُمّها بمنزلة أُمّ الزوجة،و أُختها بمنزلة أُختها،و هكذا،فمثلها لا يتعدّى إليه التحريم.

بخلاف المصاهرة في الأول،فإنّها ليست ناشئة عن الرضاع،بل عن النكاح الصحيح،و إنّما الناشئ عن الرضاع هو البنوّة مثلاً،فلمّا تحقّقت لزم حكم الناشئ عن النكاح،و هو كون منكوحته حليلة الابن،و هكذا.

و الضابط:تنزيل المنتسب بالرضاع منزلة المنتسب بالنسب،فيلحقه أحكامه.و لا يتعدّى الحكم إلى ما يناسبها،بل يراعى نفس الوصف الموجب للتحريم.

إذا تمهّد هذا فاعلم:أنّه لو تزوّج رضيعة،فأرضعتها امرأته بلبنه حرمتا عليه مؤبّداً مطلقاً.و كذا لو أرضعتها بلبن غيره،كانت في حبالته كما إذا استمرّ لبن الأول إلى أن تزوّجت به أم لا إن كان دخل بالمرضِعة على الأشهر الأظهر فيهما من تحريم الاُمّ بمجرّد العقد على البنت،كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و على القول الآخر يختصّ التحريم بالرضيعة؛ لكونها إمّا بنته كما في الأول أو بنت الزوجة المدخول بها،كما في الثاني.

قيل (1):و في بعض المعتبرة دلالة عليه،كالحسن:في رجل تزوّج جارية صغيرة،فأرضعتها امرأته و أُمّ ولده،قال:«تحرم عليه» (2)و نحوه في

ص:166


1- انظر الكفاية:162.
2- الكافي 5:6/445،الوسائل 20:399 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 10 ح 2.

آخر (1)كالموثّق (2)،إلّا أنّ فيهما بدل«تحرم عليه» :«فسد نكاحه» .و فيه نظر.

و كيف كان،فلا ريب في دلالتها على الحرمة في الجملة.

و إلّا يكن دخل بها حرمت المرضعة حَسْبُ فلا تحرم الرضيعة؛ لأنّها ربيبة لم يدخل بأُمّها،بل و لا الأُمّ أيضاً على القول الآخر، من اعتبار الدخول بالبنت في حرمة الأُمّ.و لكنّه ضعيف.

و كيف كان،ينفسخ نكاح الجميع مطلقاً هنا و في الصورتين السابقتين،أمّا فيهما فواضح؛ لحرمة كلتيهما جمعاً و انفراداً،و أمّا هنا فلامتناع الجمع بينهما،فكالعقدين المتقارنين زماناً،فيبطلان؛ لعدم إمكان الترجيح،فيجدّد نكاح الرضيعة لو أراد.و لا خلاف في الظاهر بينهم في ذلك،و عليه الإجماع في الإيضاح (3).

و يشكل بأنّ أصالة بقاء صحّة نكاح الصغيرة يقتضي ترجيحها، و المانع إنّما طرأ في نكاح المرضعة،و فساده بطروّ المانع بالنسبة إليها لا يستلزم فساد ما خلا عنه،و قياسهما على العقدين المتقارنين قياسٌ مع الفارق،فتأمّل جدّاً.

و ربما احتمل القرعة مطلقاً (4)،فمن أخرجتها القرعة صحّ نكاحها و فسد نكاح الأُخرى.

و ما قيل في توجيه الفسخ مطلقاً من امتناع الاجتماع بين الاُمّ و البنت

ص:167


1- الكافي 5:4/444،الوسائل 20:399 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 10 ح 1.
2- التهذيب 7:1231/293،الوسائل 20:399 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 10 ح 1.
3- إيضاح الفوائد 3:51.
4- أي حتى في الصورتين السابقتين.منه رحمه الله.

في النكاح (1)لا يساعد عليه؛ إذ ذلك لا يقتضي إلّا تحريم أحدهما،و هو و إن جهل و لا يمكن الترجيح إلّا بمرجّح إلّا أنّه يستخرج بالقرعة،فتكون هي المرجّحة.

و يدفعها المعتبرة المتقدّمة،الدالّة على الحرمة و فساد النكاح و لو في الجملة،من دون أمر فيها بالقرعة.

مضافاً إلى أنّ الرضاع فاسخ للنكاح من حينه،لا كاشف عن فساد العقد من أصله،و معه يثبت لكلّ من النكاحين حكمه،من تحريم الربيبة و أُمّ الزوجة مطلقاً،سبقا أم لحقا،فإذا حصل الرضاع حرم الجمع بينهما و الانفراد بأحدهما؛ لكونها إمّا بنت زوجة صحّ زوجيّتها،أو أُمّ زوجة صحّت زوجيّتها،و يثبت الحرمة على كلّ تقدير.

نعم،لو كان الرضاع كاشفاً عن الفساد أمكن احتمال القرعة.و لكنّه ضعيف.

و لو كان له زوجتان كبيرتان فأرضعتها أي الزوجة الصغيرة - واحدة من الكبيرتين حرمتا أي الرضيعة و المرضعة بالتفصيل المتقدّم،و لا كلام فيه،بل عليه الإجماع في الإيضاح (2).

و إنّما الإشكال فيما لو أرضعتها الكبيرة الأُخرى بعد حصول التحريم بإرضاع الاُولى، ف فيه قولان،أشبههما عند المصنّف هنا صريحاً و في الشرائع ظاهراً (3)،و الحلّي و أكثر المتأخّرين كما

ص:168


1- انظر الكفاية:162.
2- إيضاح الفوائد 3:52.
3- الشرائع 2:286.

حكي (1) أنّها تحرم أيضاً لصيرورتها أُمّ من كانت زوجته،فيصدق عليها أُمّ الزوجة؛ بناءً على عدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق.

و فيه ضعف؛ لضعف المبنيّ عليه؛ للتوقّف فيه أوّلاً.

و عدم صدق الزوجة بعد الفسخ لغة و عرفاً كما إذا طلّقت،ثانياً.

و عدم وجود لفظ الزوجة في الأدلّة المحرِّمة لاُمّ الزوجة،و إنّما الموجود فيها لفظ النساء و نحوه ممّا هو جامد لا اشتقاق فيه،ثالثاً.

فلا مخرج قطعيّاً عمّا دلّ على أصالة الإباحة و استصحاب الحلّية السابقة.

مضافاً إلى اعتضادها بالرواية:«حرمت عليه الجارية و امرأته التي أرضعتها أولاً،أمّا الأخيرة لم تحرم عليه؛ لأنّها أرضعت ابنته» (2)و فيها تخطئة ابن شبرمة في فتواه بالخلاف.

و ليس في سندها من يتوقّف فيه،عدا صالح بن أبي حمّاد،و هو و إن ضعف في المشهور،إلّا أنّ القرائن على مدحه كثيرة.و توهّم الإرسال فيها ضعيف.

فإذاً القول بالحلّ أقوى،وفاقاً لظاهر الكليني و الشيخ و الإسكافي و السيّد في شرح الكتاب (3)،و جماعة من الأصحاب (4).

ص:169


1- انظر المسالك 1:475 و مرآة العقول 20:222 و الحدائق 23:421.
2- الكافي 5:13/446،التهذيب 7:1232/293،الوسائل 20:402 أبواب ما يحرم بالرضاع ب 14 ح 1؛ بتفاوت يسير.
3- الكليني في الكافي 5:446،الشيخ في النهاية:456،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:521،السيّد صاحب المدارك في نهاية المرام 1:129.
4- منهم المجلسي في مرآة العقول 20:222،و صاحب الحدائق 23:421.

و لو تزوّج رضيعتين،فأرضعتهما امرأته بلبنه حرمن كلّهن مطلقاً،اجتمعتا في الارتضاع أم تعاقبتا،دخل بالمرضعة أم لا؛ لانتسابهما بالبنوّة إليه،و صيرورة المرضِعة أُمّ زوجةٍ تحرم مطلقاً،على الأظهر الأشهر كما مرّ،و يأتي عدم حرمتها على القول الآخر،و كذا لو أرضعتهما بلبن الغير.

إن كان دخل بالمرضعة و اجتمع الرضعتان،بلا كلام؛ لصيرورتهما بنتي الزوجة المدخول بها،و صيرورتها أُمّهما،فتحرم على ما مرّ،و لا على القول الآخر.

و إلّا يكن دخل بها حرمت المرضعة خاصّة دونهما؛ لما مرّ.

و لو دخل بها،و تعاقب الرضعتان،حرمن كلّهنّ أيضاً على اختيار المصنّف سابقاً،و يقتضيه إطلاق عبارته هنا أيضاً،و يأتي على المختار حرمة المرضعة و الرضيعة السابقة،و بقاء الثانية على أصالة الإباحة.

السبب الثالث في المصاهرة و النظر في الوطء و النظر و اللمس
اشارة

السبب الثالث:في المصاهرة.

و هي:علاقة تحدث بين الزوجين و أقرباء كلّ منهما بسبب النكاح، توجب الحرمة.

و يلحق بالنكاح [بالنظر في النكاح] : النظر في الوطء و النظر و اللمس على وجه مخصوص.

هذا هو المعنى المعروف من معناها لغة و عرفاً،فلا يحتاج إلى إضافة وطء الأمة و الشبهة و الزناء و نحوه إليها و إن أوجب حرمةً على بعض الوجوه؛ إذ ذاك ليس من حيث المصاهرة،بل من جهة ذلك الوطء،و إن جرت العادة بإلحاقه بها في بابها.

ص:170

و الكلام هنا يقع في مقامين:

أمّا الأول ففيه أحكام
من وطئ امرأة بالعقد أو الملك،حرمت عليه أُمّ الموطوءة و بناتها

أمّا الأول:ف في العقد و الوطء.

من وطئ امرأة بالعقد مطلقاً (1) أو الملك،حرمت عليه أُمّ الموطوءة و إن علت من الطرفين و بناتها و إن سفلن مطلقاً سواء كنّ قبل الوطء أو وجدن بعده كنّ في حجره و حضانته أم لا،و التقييد في الآية (2)خرج مخرج الغلبة،و صرّح بالتعميم و عدم اعتباره بعض المعتبرة (3).

حرمت الموطوءة على أبي الواطئ و أولاده

و حرمت الموطوءة كالمعقود عليها على أبي الواطئ و إن علا، و أولاده و إن نزلوا كلّ ذلك بالكتاب،و السنّة،و الإجماع من المسلمين كافّة،حكاه جماعة (4)،و هو العمدة في إثبات أكثر الأحكام المتقدّمة؛ لقصور الأوّلَين عن إفادتها طرّاً؛ لعدم اشتمالهما المرتفعين و المرتفعات و السافلين و السافلات،مع أنّ السنّة في ملك اليمين مختلفة.

ففي الخبر:رجل كانت له جارية،فوطئها،فباعها أو ماتت،ثم وجد ابنتها،أ يطؤها؟قال:«نعم،إنّما حرّم اللّه تعالى هذا من الحرائر،فأمّا الإماء

ص:171


1- دائماً كان أم متعة.منه رحمه الله.
2- المراد بها قوله تعالى: وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ النساء:23.
3- انظر الوسائل 20:458،459 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 18 الأحاديث 3،4،6.
4- منهم المحقق الكركي في جامع المقاصد 12:283،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:130.

فلا بأس» (1).

و نحوه خبران آخران (2)،مشتركان له في ضعف السند،و الشذوذ، و مخالفة القرآن الكريم.و خصوص المعتبرة المستفيضة،كالصحيح:عن رجل كانت له جارية،فأُعتقت و تزوّجت،فولدت،أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوّج ابنتها؟قال:«لا،هي عليه حرام،و هي ابنته،و الحرّة و المملوكة في هذا سواء» (3)و نحوه الموثّقات (4).

و بالجملة:الإجماع كفانا مئونة الاشتغال بالاستدلال لهذه الأحكام في المجال.

و لو تجرّد العقد على البنت عن الوطء،حرمت أُمّها عليه عيناً فلا يجدي فراقها لاستحلال الاُم جدّاً على الأصحّ الأشهر،بل كاد أن

ص:172


1- التهذيب 7:1181/278،الإستبصار 3:584/161،الوسائل 20:469 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 21 ح 16 و فيه بتفاوت.
2- الأول في:التهذيب 7:1184/279،الإستبصار 3:587/161،الوسائل 20:469 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 21 ح 15.الثاني في:التهذيب 7:1182/278،الإستبصار 3:585/161،الوسائل 20:469 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 21 ح 16.
3- التهذيب 7:1176/277،الإستبصار 3:579/160،الوسائل 20:367 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 21 ذ.ح 6.
4- الاُولى في:التهذيب 7:1177/277،الإستبصار 3:580/160،الوسائل 20:468 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 21 ح 12.الثانية في:التهذيب 7:1178/277،الإستبصار 3:581/160،الوسائل 20:468 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 21 ح 13.الثالثة في:التهذيب 7:1179/278،الإستبصار 3:582/160،الوسائل 20:467 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 21 ح 6.

يكون إجماعاً كما في الروضة (1)،بل إجماع في الحقيقة كما عن الناصريّات و الغنية (2)،و صرّحت به الصحيحة الآتية (3).

لعموم الآية الكريمة (4)،المستفاد من إضافة الجمع إلى الضمير من دون تقدّم معهودة،و تعيّن تعلّق الاستثناء بالجملة الأخيرة؛ لأصالة بقاء الاُولى على الحقيقة.

و هي و إن كانت محلّ مناقشة في نحو الآية لبعض علماء الطائفة (5)لعدم الدليل عليها بالكلّية.و دعوى الإجماع عليها مع وقوع النزاع في أمثال الآية ممنوعة،كيف لا؟!و هي فيها محلّ نزاع و مشاجرة،فمقتضى الأصل الرجوع فيها إلى القاعدة،بأن ترجع القيود إلى الجملة الأوّلة،إذا كان إطلاق الحكم أو عمومه فيها منافياً لنحو أصالة البراءة،لا لأصالة الحقيقة في الرجوع إليها كما عن الشافعيّة (6)بل لأصالة البراءة،و الشكّ في [التخصيص باحتمال الرجوع إلى الأوّلة] @(الاختصاص بالأخيرة) (7).

@ و ينعكس الحكم بعكس القضيّة،فترجع القيود إلى الأخيرة خاصّة، و تبقى الأوّلة على عمومها،لا لأصالة الرجوع إليها كما عن أبي حنيفة (8)بل لموافقتها أصالة البراءة،كما هو مفروض القضيّة،و احتمال الرجوع إليها في التخصيص غير كافٍ بالبديهة.

ص:173


1- الروضة 5:177.
2- الناصريات(الجوامع الفقهية):209،الغنية(الجوامع الفقهية):609.
3- في ص 177.
4- النساء:23.
5- انظر الحدائق 23:449.
6- الإبهاج في شرح المنهاج 2:153.
7- بدل ما بين القوسين في حاشية الأصل:التخصيص باحتمال الرجوع إلى الأوّلة.
8- أُصول السرخسي 2:44.

و هو و إن كان في غاية القوّة.إلّا أنّه غير آتٍ في هذه الآية؛ لتعيّن الرجوع فيها إلى الأخيرة؛ من جهة كون:«من» مع الأُولى بيانيّة،و مع الثانية ابتدائيّة،و المشترك لا يستعمل في معنييه معاً،كما صرّح به من أرباب الأُصول جماعة (1).

مع أنّ الخبرين إذا اختلفا لم يتّحد نعتهما،و صرّح به أيضاً طائفة، كالزّجاج (2)و غيره (3)من أهل العربية،مع نقلهم ذلك عن النحاة كافّة.

مضافاً إلى دلالة المعتبرة هنا على الرجوع إلى الأخيرة،و ظاهرها كونه قاعدة كلّية جارية في مضاهيات الآية.

فروى العيّاشي في تفسيره عن أبي حمزة،عن مولانا الباقر عليه السلام:أنّه سأله عن رجل تزوّج امرأة و طلّقها قبل أن يدخل بها،أ تحلّ له ابنتها؟قال:

فقال:«قد قضى في هذا أمير المؤمنين عليه السلام،لا بأس به،إنّ اللّه تعالى يقول وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ [1] (4)و لكنّه لو تزوّج الابنة ثم طلّقها قبل أن يدخل بها لم تحلّ له أُمّها» قال:قلت:أ ليس هما سواء؟ قال:فقال:«لا،ليس هذه مثل هذه،إنّ اللّه تعالى يقول: وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ [2] (5)لم يستثن في هذه كما اشترط في تلك،هذه هنا مبهمة،ليس فيها شرط،و تلك فيها شرط» (6).

ص:174


1- منهم العلّامة الحلّي في مبادئ الوصول إلى علم الأُصول:76،و صاحب المعالم:38.
2- معاني القرآن و إعرابه 2:34.
3- انظر الجامع لأحكام القرآن 5:107.
4- النساء:23.
5- النساء:23.
6- تفسير العياشي 1:74/230،الوسائل 20:465 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 20 ح 7.

و ناهيك هذه الرواية المعتضدة بالشهرة العظيمة في إثبات القاعدة الكلّية،فضلاً عن خصوص المسألة.و نحوها في إثبات المسألة و الإشعار بثبوت القاعدة الكلّية غيرها من المعتبرة:

كالموثّق:عن رجل تزوّج امرأة،ثم طلّقها قبل أن يدخل بها،فقال:

«تحلّ له ابنتها،و لا تحلّ له أُمّها» (1)و نحوه غيره (2).

و أظهر منهما الخبر الآخر:«إنّ عليّاً عليه السلام كان يقول:الربائب عليكم حرام مع الأُمّهات اللّاتي قد دخلتم بهن،في الحجور و غير الحجور سواء، و الأُمّهات مبهمات،دخل بالبنات أم لم يدخل،فحرّموا و أبهموا ما أبهم اللّه تعالى» (3).

و قصور الأسانيد مع اعتبار بعضها منجبرٌ بالشهرة العظيمة و الإجماع المحكيّ في المسألة (4)؛ مع إشعار بعض الصحاح الآتية (5)بل و دلالته باشتهار الحكم بين الشيعة و افتخارهم به؛ لصدوره عن مولاهم أمير المؤمنين عليه السلام في هذه القضيّة،و بورود خلافه مورد التقيّة،فلا شبهة في المسألة.

خلافاً للعماني،فجعل البنت للاُمّ متساوية في اشتراط الدخول بها

ص:175


1- التهذيب 7:1167/273،الإستبصار 3:571/157،الوسائل 20:459 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 18 ج 5.
2- التهذيب 7:1166/273،الإستبصار 3:570/157،الوسائل 20:459 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 18 ح 4.
3- التهذيب 7:1165/273،الإستبصار 3:569/156،الوسائل 20:458 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 18 ح 3،و أورد ذيله في ص:463 ب 20 ح 2.
4- مرت إليه الإشارة في ص 172.
5- في ص 177.

للحرمة العينيّة (1).

استناداً إلى أصالة الإباحة،المردودة بما قدّمناه من الأدلّة.

و التفاتاً إلى الآية الشريفة؛ بناءً على قول الشافعيّة من تعيّن الرجوع إلى مجموع الجمل السابقة و اللاحقة (2).و المناقشة فيه بعد ما تقدّم،سيّما في مثل هذه الآية واضحة.

و تمسّكاً بالصحاح:

منها:قال:قلت له:رجل تزوّج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها، تحلّ له أُمّها؟قال:«و ما الذي يحرم عليه منها و لم يدخل بها» (3)؟! و هو مقطوع لا يصلح الاستناد إليه.

و منها:قال:«الاُمّ و الابنة سواء إذا لم يدخل بها» يعني:إذا تزوّج المرأة،ثم طلّقها قبل أن يدخل بها،فإنّه إن شاء تزوّج أُمّها،و إن شاء تزوّج ابنتها (4).

و لا دلالة فيه إلّا بمعونة التفسير المذكور؛ لاحتمال أن يكون المعنى فيه:أنّه إذا تزوّج الاُمّ و لم يدخل بها فالاُمّ و البنت سواء في أصل الإباحة، فإن شاء دخل بالأُمّ،و إن شاء فارقها و تزوّج البنت؛ و يؤيّده إفراد الضمير الراجع إلى الأُمّ في ظاهر السياق.

ص:176


1- نقله عن العماني في المختلف:522.
2- راجع ص 173.
3- التهذيب 7:1170/275،الإستبصار 3:574/158،الوسائل 20:464 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 20 ح 5.
4- الكافي 5:1/421،التهذيب 7:1168/273،الاستبصار 3:572/157،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:239/99 و فيه:«الاُمّ و الإبنة سواء إذا لم يدخل بها،فإنّه إن شاء تزوّج ابنتها و إن شاء أُمّها»،الوسائل 20:463 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 20 ح 3.

أو أن يكون المعنى:إذا تزوّج الأُمّ أو البنت و لم يدخل بهما فهما سواء في التحريم جمعاً لا عيناً.

نعم،الاحتمالان منتفيان بالتفسير [في التفسير] المذكور،إلّا أنّه من الإمام غير معلوم؛ لاحتمال كونه من الراوي،و يؤيّده نقل بعض المشايخ له عن بعض الأُصول عارياً من التفسير المزبور (1).

نعم،رواه في الفقيه كذلك،لكن بتبديل العبارة المفسّرة بقوله بعد «سواء»:«إذا لم يدخل بأحدهما حلّت له الأُخرى» (2)،و يحتمل قريباً كونه منه.

و منه يظهر اضطراب متنه؛ لروايته تارةً من التفسير خالية،و أُخرى بالعبارة الاُولى مفسّرة،و أُخرى بالثانية.

مع أنّ الأصل فيه جميل و حمّاد،و هما يرويان تارةً عن مولانا الصادق عليه السلام بلا واسطة،و أُخرى بواسطة الحلبي عنه،و ثالثةً بواسطة بعض الأصحاب عن أحدهما عليهما السلام،و ما هذا شأنه لا يجوز التعويل عليه.

و الصحيح لمنصور بن حازم:قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام،فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوّج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها،أ يتزوّج بأُمّها؟ فقال عليه السلام:«قد فعله رجل منّا فلم نر به بأساً» فقلت:جعلت فداك، ما يفخر الشيعة إلّا بقضاء عليّ عليه السلام في هذه الشمخيّة (3)التي أفتى بها ابن

ص:177


1- الوسائل 20:464،أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 20 ح 6.
2- الفقيه 3:1247/262،الوسائل 20:464 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 20 ح 6.
3- في نسخة من التهذيب:السجية،و في المطبوع:السمجية.و قد ورد في هامش الوسائل المحظوظ ما نصّه:السجية:الخلق و الطبيعة.و الشمخصية:أي المسألة العالية،تدبّر.و ورد أيضاً:الشمخية:نقل أنّه بخط الشيخ.و في القاموس المحيط(1:262):شمخ بن فَزارَة بطن،و صحّف الجوهري(الصحاح 1:325)فذكره بالجيم،فلعلّها قضية في امرأة من تلك القبيلة.منه قدس سره.راجع الوسائل 20:462.قال العلّامة المجلسي قدس سره في ملاذ الأخيار(12:77):و قال الوالد العلّامة نوّر اللّه ضريحه:كذا في الكافي و الاستبصار بالخاء المعجمة؛ و إنّما صارت موسومة بالشمخية:إمّا بالنسبة إلى عبد اللّه بن مسعود بنسبته إلى الجد،فإنه ابن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ؛ أو لتكبّر ابن مسعود فيها عن متابعة أمير المؤمنين عليه السلام،يقال:شمخ بأنفه أي تكبّر و ارتفع،و التقية ظاهرة من الخبر.انتهى.و يحتمل أن يكون التسمية بالشمخية لافتخار الشيعة بها من قضاياه عليه السلام.

مسعود:أنّه لا بأس بذلك،ثم أتى عليّاً عليه السلام،فقال له عليّ عليه السلام:«من أين أخدتها»؟فقال:من قول اللّه عزّ و جلّ وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ [1] (1)قال عليّ عليه السلام:«إنّ هذه مستثناة،و هذه مرسلة:و أُمّهات نسائكم فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أما تسمع ما يروي هذا عن عليّ عليه السلام؟! » فلمّا قمت ندمت و قلت:أيّ شيء صنعت؟!يقول هو:«قد فعله رجل منّا فلم نر به بأساً» و أقول أنا:قضى عليّ عليه السلام،و لقيته بعد ذلك فقلت:جعلت فداك،مسألة الرجل إنّما كان الذي كنت تقول،كان زلّة منّي،فما تقول؟ فقال:«يا شيخ،تخبرني:أنّ عليّاً عليه السلام قضى فيها،و تسألني:فما تقول فيها؟! » (2).و هو بالدلالة على الخلاف أشبه؛ فإنّ عدوله عليه السلام عن الجواب الصريح بالجواز إلى قوله:«قد فعله رجل منّا فلم نر به بأساً» مشعرٌ بعدم الرضاء به واقعاً.

و لعلّ عدم رؤيتهم البأس كان لنوع من التقيّة عن رأي ابن مسعود،

ص:178


1- النساء:23.
2- الكافي 5:4/422،التهذيب 7:1169/274،الإستبصار 3:573/157،الوسائل 20:462 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 20 ح 1؛ بتفاوت.

كما صرّحت به الرواية.

و يؤيّده نقل الراوي قضيّة عليّ عليه السلام و دعواه مع ذلك افتخار الشيعة بها،مع عدم تكذيبه عليه السلام له،بل و تقريره له بذلك و رضائه به،كما يظهر من ذيل الرواية.

فنظم هذه الرواية في أدلّة المشهور أولى.

و منها ينقدح وجه حمل الخبرين السابقين لو تمّ دلالتهما على التقيّة عن رأي ابن مسعود،و حكاه في التذكرة عن مجاهد و أنس بن مالك و بشر المريسي و داود الأصفهاني (1).

و تحرم بنتها أي المعقود عليها من دون وطء عليه جمعاً بينهما لا عيناً إجماعاً، فلو فارق الاُمّ حلّت البنت ؛ و قد ظهر مستنده من الكتاب و السنّة المستفيضة في المسألة المتقدّمة.

لا تحرم مملوكة الابن على الأب بالملك و تحرم بالوطء و كذا مملوكة الأب

و لا تحرم مملوكة الابن على الأب ب مجرّد الملك بالإجماع؛ للأصل و النصوص المستفيضة،بل المتواترة الآتي بعضها.

و تحرم بالوطء إجماعاً؛ لعموم وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ [1] (2)و النصوص،كالخبر:«إذا أتى الجارية و هي حلال،فلا تحلّ بذلك الجارية أبداً لابنه و لا لأبيه» الحديث (3).

بل مقتضى الصحاح الآتية التحريم بمجرّد المباشرة (4)،فثبوته بالوطء أولى.

ص:179


1- التذكرة 2:630 و فيه:..و مالك بن أنس و..
2- النساء:23.
3- الكافي 5:7/419،الوسائل 20:418 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 3 ح 5؛ بتفاوت.
4- في ص 202 203.

و كذلك مملوكة الأب إجماعاً؛ لعين ما تقدّم من الأدلّة.

و لا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخر ما لم يكن عقدٌ أو تحليل إجماعاً؛ لقبح التصرّف في ملك الغير،و لفحوى النصوص الآتية قريباً.

نعم،يجوز أن يقوّم الأب مملوكة ابنه الصغير و ابنته الصغيرة على نفسه بقيمة عادلة ثم يطؤها بلا خلاف في الظاهر.

للنصوص،منها الصحيح:في الرجل يكون لبعض ولده جارية، و ولده صغار،هل يصلح أن يطأها؟فقال:«يقوّمها قيمة عدل،ثم يأخذها، و يكون لولده عليه ثمنها» (1).

و إطلاقه كغيره يقتضي عدم الفرق في وجود مصلحة أم لا،كما ذهب إليه جماعة (2)،خلافاً لآخرين،فاشترطوها (3).و الأوّل أقوى؛ تمسّكاً بالإطلاق.

نعم،يشترط عدم المفسدة إجماعاً.

و في تعدية الحكم إلى الجدّ إشكال:من اختصاص النصوص بالأب، و من اتّحاد المعنى،و هو أقوى؛ لاشتراكهما في أغلب الأحكام،بل يستفاد في بعض المواضع أولويّته عليه.

و من توابع هذا الفصل تحريم أُخت الزوجة جمعاً لا عيناً و كذا بنت أُخت الزوجة و بنت أخيها

و من توابع هذا الفصل:تحريم أُخت الزوجة لأب،أم لاُمّ،أم لهما جمعاً لا عيناً بإجماع علماء الإسلام كافّة،و صريح الآية وَ أَنْ [1]

ص:180


1- الكافي 5:2/471،التهذيب 7:1163/271،الإستبصار 3:563/154،الوسائل 21:140 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 40 ح 1.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:478،صاحب الحدائق 23:463 و حكاه في ملاذ الأخيار 12:71 عن والده.
3- منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:37.

تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [1] (1)و النصوص المستفيضة،المصرّحة بعدم الفرق بين الدائم و المنقطع و الوطء بملك اليمين.

ففي الصحيح أو الحسن:في رجل طلّق امرأته أو اختلعت أو بانت، إله أن يتزوّج بأُختها؟قال:فقال:«إذا برئت عصمتها و لم يكن له عليها رجعة فله أن يخطب أُختها» قال:و سُئل عن رجل كانت عنده اختان مملوكتان،فوطئ إحداهما ثم وطئ الأُخرى،قال:«إذا وطئ الأُخرى فقد حرمت عليه الاُولى حتى تموت الأُخرى» الحديث (2).

و في الصحيح:الرجل يتزوّج المرأة متعة إلى أجل مسمّى،فينقضي الأجل بينهما،هل له أن ينكح أُختها قبل أن تنقضي عدّتها؟فكتب:

«لا يحلّ له أن يتزوّجها حتى تنقضي عدّتها» (3).

و كذا تحرم جمعاً لا عيناً بنت أُخت الزوجة و بنت أخيها و إن نزلتا، فإن أذنت إحداهما أي الخالة أو العمّة- صحّ على الأصحّ الأشهر،بل المجمع عليه،كما عن الانتصار و الناصريّات و الخلاف و الغنية و في الروضة و التذكرة و نهج الحق للعلّامة رحمه الله- (4)،و حكاه الشهيد رحمه الله - (5)

ص:181


1- النساء:23.
2- التهذيب 7:1206/286،الإستبصار 3:619/169،الوسائل 22:270 أبواب العدد ب 48 ح 2،و أورد ذيله في الكافي 5:7/432،التهذيب 7:1217/290،الوسائل 20:485 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 9؛ بتفاوت.
3- الكافي 5:5/431،التهذيب 7:1209/287،الإستبصار 3:622/170،الوسائل 20:480 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 27 ح 1.
4- الانتصار:116،لم نعثر عليه في الناصريات و لكن حكاه عنه في كشف اللثام 2:35 و هو موجود في جوابات المسائل الموصليّة الثانية(رسائل الشريف المرتضى 1):238،الخلاف 4:296،لم نعثر عليه في الغنية و لكنه حكاه عنه أيضاً في كشف اللثام 2:35،الروضة 5:181،التذكرة 2:638،نهج الحق:522.
5- لم نعثر عليه و لا على الحاكي عنه.

و غيره (1)أيضاً.

للنصوص المستفيضة،مضافاً إلى الآية في طرف الجواز مع الإذن.

ففي الموثّقين:«لا يتزوّج على الخالة و العمّة ابنة الأخ و ابنة الأُخت بغير إذنهما» (2).

و في الصحيح المرويّ في نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى:«لا تنكح الجارية على عمّتها و لا على خالتها إلّا بإذن العمّة و الخالة،و لا بأس أن تنكح العمّة و الخالة على بنت أخيها و بنت أُختها» (3).

و المرويّ في علل الصدوق رحمه الله-:«إنّما نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن تزويج المرأة على عمّتها و خالتها؛ إجلالاً للعمّة و الخالة،فإذا أذنت في ذلك فلا بأس» (4).

و نحوها خبران يأتيان قريباً.

و هي كالصحاح الآتية حجّة على القديمَين المجوِّزين له مطلقاً (5).

و حجّتهما.من الأصل،و عموم الآية وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ [1] (6)

ص:182


1- انظر التنقيح الرائع 3:59،المهذب البارع 3:251،كشف اللثام 2:35.
2- الأول:رواه في الاستبصار 3:641/177؛ و أمّا الثاني:فلم نعثر عليه بهذا النص،و ما وجدناه هكذا:«لا تزوّج ابنة الأخ و لا ابنة الأخت على العمّة و لا على الخالة إلّا بإذنهما» الحديث.انظر الكافي 5:1/424،الفقيه 3:1238/260 بتفاوت يسير،الوسائل 20:487 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 30 ح 1.
3- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:257/105،الوسائل 20:490 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 30 ح 13.
4- علل الشرائع:1/499،الوسائل 20:489 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 30 ح 10.
5- كما حكاه عنهما في المختلف:527.
6- النساء:24.

مخصّصة بها.

و على المقنع المحرِّم (1)كذلك.و حجّته من الصحاح المطلقة للتحريم إمّا مقيّدة بها،أو محمولة على التقيّة؛ لكونه مجمعاً عليه بين علماء الإسلام كافّة عدا الإماميّة.

و في اختصاص الحكم بتحريم الجمع بينهما بالزوجيّة،فلا يحرم الجمع بالوطء بملك اليمين؛ أو العموم له.وجهان الأشهر:الأول؛ للأصل،و العمومات،و اختصاص المانعة عن الجمع بالأول.

و منه يظهر وجه عدم اعتبار استئذان العمّة و الخالة الحرّتين في إدخال البنتين المملوكتين عليهما بالملك.

و دعوى الأولويّة هنا ممنوعة؛ بناءً على عدم استحقاقهما الاستمتاع.

و أولى من ذلك عدم اعتبار استئذانهما في صورة العكس،فتأمّل.

و لا كذا لو أدخل العمّة أو الخالة على بنت الأخ أو الأُخت فيحلّ الجمع هنا مطلقاً و إن كرهتهما البنتان،على الأظهر الأشهر،بل عن التذكرة الإجماع عليه (2)؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى الأصل و عموم الكتاب.

و للخبرين مضافاً إلى ما تقدّم في أحدهما:«لا تزوّج ابنة الأُخت على خالتها إلّا بإذنها،و تزوّج الخالة على ابنة الأُخت بغير إذنها» (3).

و في الثاني:عن امرأة تزوّج على عمّتها و خالتها،قال:«لا بأس» و قال:«تزوّج العمّة و الخالة على ابنة الأخ و ابنة الأُخت،و لا تزوّج بنت الأخ

ص:183


1- المقنع:110.
2- التذكرة 2:638.
3- التهذيب 7:1365/332،الإستبصار 3:642/177،الوسائل 20:488 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 30 ح 6.

و الأُخت على العمّة و الخالة إلّا برضاء منهما،فمن فعل فنكاحه باطل» (1).

و قصور السند منجبر بالأصل و موافقة الكتاب و الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً.

خلافاً للمحكيّ عن المقنع،فأطلق المنع هنا أيضاً (2).

و هو ضعيف جدّاً،و يدفعه صريحاً مضافاً إلى ما تقدّم الصحيح:

«لأتزوّج المرأة على خالتها،و تزوّج الخالة على ابنة أُختها» (3)و لا قائل بالفرق.

و نحوه الصحيح المرويّ عن نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى:

«لا تنكح ابنة الأُخت على خالتها،و تنكح الخالة على ابنة أُختها،و لا تنكح ابنة الأخ على عمّتها،و تنكح العمّة على ابنة أخيها» (4).

و لا فرق في الجواز بين علم الداخلة بكون المدخول عليها بنت أخ أو أُخت،أم لا،وفاقاً للأكثر؛ للأصل،و إطلاق النصوص.

و عن العلّامة:اشتراط العلم (5).

و مستنده غير واضح،و النصوص باعتبار إذنهما مختصّة بالصورة الأُولى.

ص:184


1- التهذيب 7:1368/333،الإستبصار 3:645/177،الوسائل 20:487 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 30 ح 3.
2- كما حكاه عنه في المختلف:528 و هو في المقنع:110.
3- الفقيه 3:1237/260،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:260/106،الوسائل 20:489 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 30 ح 9.
4- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:256/105،الوسائل 20:490 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 30 ح 12.
5- القواعد 2:17.

و لو كان عنده العمّة أو الخالة،فبادر بالعقد على بنت الأخ أو الأُخت بدون إذنهما كان العقد باطلاً إذا لم يأذنا إجماعاً،و كذا مع الإذن عند المصنّف و غيره (1).

إمّا للنهي عنه،المقتضي للفساد.و فيه منع.

أو للحكم بالبطلان في الخبر المتقدّم.

و هو مع الضعف يحتمل البطلان بدوام عدم الإذن كما هو الغالب، فيحمل إطلاق الخبر عليه،و لا ينافي الصحّة بطروّه،و قد ورد الحكم بالبطلان في تزويج العبد بدون إذن السيّد،مع التصريح بالصحّة مع الإذن.

أو لاحتياج الحكم بصحّة مثل هذا العقد المنهيّ عنه إلى دليل،من خصوص أو عموم،و ليس؛ إذ لا نصّ و لا إجماع.

و فيه منع؛ لوجود العموم من الأمر بالوفاء بالعقود (2)،التي هذا منها.

و توهّم التناقض بين الأمر بالوفاء به و النهي عنه،مدفوعٌ بتغاير المحلّ فيهما،فهو في الأول استمرار العقد،و في الثاني إيقاعه،و لا تلازم بينهما، مضافاً إلى كثرة نظائره في الشريعة،كالنهي عن العقد الذي يترتّب عليه المفاسد،مع الإجماع على الصحّة و لزوم الوفاء به بعد الوقوع.

نعم،ربما يستدلّ عليه بأنّه في عقده عاصٍ للّه سبحانه فيفسد عقده؛ لما ورد في بعض المعتبرة كالصحيح أو الحسن (3)و نحوه (4)في تزويج

ص:185


1- المصنف هنا و في الشرائع 2:288،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:143.
2- المائدة:1.
3- الكافي 5:3/478،الفقيه 3:1675/350،التهذيب 7:1432/351،الوسائل 21:114 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 24 ح 1.
4- الكافي 5:2/478،الفقيه 3:1349/283،التهذيب 7:1431/351،الوسائل 21:115 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 24 ح 2.

العبد بدون إذن سيّده،حيث حكم بصحّته بعد رضاء السيّد؛ معلّلاً بعدم معصيته للّه سبحانه،و فيه دلالة على الفساد حيث يقع في معصية اللّه سبحانه.

و المراد بالمعصية:عدم امتثال ما تعلّق به النهي عنه بخصوصه أو عمومه،لا ما يلازمها،كتزويج العبد بدون إذن السيّد،فإنّه لم يقع عنه النهي بخصوصه،إلّا أنّه يلازم عصيان الأمر بامتثاله له عقلاً،فليس في نكاحه معصية اللّه سبحانه بالمعنى المتقدّم،نعم،يلازم المعصية،التي هي الخروج عن الأمر بالإطاعة،و لم يجعل عليه السلام مثل هذه المعصية مناطاً لفساد التزويج،بل الأوّل،و ما نحن فيه منه؛ لحصول المعصية بنفس العقد؛ للنهي عنه بخصوصه،فيفسد لحصول مناطه.

و قال عليه السلام في بعضها بعد التعليل المتقدّم:«إنّ ذلك» أي تزويج العبد بلا إذن«ليس كإتيان ما حرّم اللّه عليه من نكاح في عدّة و أشباهه» و لا ريب أنّ ما نحن فيه منها في تعلّق النهي بنفسها،و حصول المعصية بعدم امتثاله فيها،التي هي مناط الفساد.

و من هنا يظهر فساد ما قيل:تتخيّر العمّة و الخالة بين الفسخ لعقد نفسهما و الإمضاء له و لعقد البنتين أو إمضاء عقد أنفسهما خاصّة و فسخ عقدها أي البنت خاصّة (1).

مضافاً إلى ضعف دليله؛ لمنافاة تخيّرهما في فسخ عقد نفسهما للأصل اللازم الاتّباع.و رفع الجمع المنهي عنه بلا رضا يحصل بفساد الطارئ في نفسه أو فسخهما له.

ص:186


1- قال به الشيخان في المقنعة:505 و النهاية:459،و سلّار في المراسم:150.

و أضعف منه القول بفساد الطارئ و تزلزل الأول (1)؛ لاستلزام فساده عدم الوجه في تزلزله؛ إذ المقتضي له و ثبوت الفسخ لهما هو الجمع المرتفع بفساد الثاني.و ربما قيل بتزلزله و لزوم الأوّل (2)؛ للأصل فيه، و إلحاق الأول (3)بالفضولي.

و بما قرّرنا يظهر الجواب عنه.

و مراعاة الاحتياط في أمثال المقام أولى؛ لإمكان تطرّق القدح إلى ما قدّمناه في وجه الاستدلال بالمعتبرة (4)من توجيه المعصية بعدم امتثال النهي؛ لوجود مثلها في العبد،لورود النهي عن تزويجه بخصوصه في الصحيح،فكيف يقال:إنّه ما عصى اللّه تعالى؟! فظهر أنّ المراد من المعصية غير ما ذكر،و الظاهر أنّ المراد بها هنا:

مخالفة الإذن في نفس العقد من حيث هو هو،فيصحّ إطلاق عدم معصية العبد للّه سبحانه في تزويجه بدون إذن سيّده؛ لكونه بنفسه مأذوناً فيه له منه تعالى و لغيره،غاية الأمر توقّفه على إذن السيّد،و حيث لم يتحقّق يصدق عليه أنّه عصاه،أي خالف إذنه.

و حينئذٍ تكون تلك المعتبرة بالدلالة على الصحّة هنا أقرب،من حيث مشابهته لتزويج العبد في عدم مخالفته (5)لإذنه سبحانه؛ إذ تزويج ابنة الأخ مثلاً مأذون فيه من حيث إنّه تزويج،كما أنّ تزويج العبد من حيث إنّه تزويج مأذون فيه منه سبحانه،و لكن المانع و هو اعتبار إذن السيّد

ص:187


1- انظر السرائر 2:545.
2- قال به الشهيد الثاني في المسالك 1:480.
3- أي الثاني.منه رحمه اللّه.
4- راجع ص 185.
5- أي التزويج.منه رحمه الله.

و المرأة طارٍ،و ذلك لا ينافي حصول الإذن في نفس التزويج من حيث هو منه سبحانه.

و لا كذلك تزويج المرأة في العدّة؛ لعدم الإذن منه فيه بنفسه بالمرّة، فالمراد ب:«أشباهه» ما لم يأذن اللّه في أصله.

و حينئذ،فالزوج هنا ليس بعاصٍ له تعالى،و إنّما خالف إذن الزوجة، فهو عاصٍ لها من حيث عدم وقوع التزويج بإذنها،و الرجل مأمور بإطاعتها في ذلك،و قد جعل عليه السلام عدم معصية اللّه تعالى بالمعنى المزبور مع انتفاء المانع وجهاً للحكم بالصحّة،و قد حصلا هنا،فيصحّ.هذا،مضافاً إلى عموم الأمر بالوفاء بالعقود.

فالقول الأخير في غاية القوّة،و لكن مراعاة الاحتياط أولى بالنكاح مرّة أُخرى بعد الرضاء من الطرفين،و الطلاق إن لم ترض به البنتان؛ احتياطاً في الفروج،و إن لم يمكن فالعمل على الأخير؛ لقوّة أدلّته.

في تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردّد

و في تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردّد،أشبهه:أنّه لا تحرم وفاقاً للحلّي (1)؛ للأصل،و العمومات من الآيات و الروايات،و اختصاص المحرّم منهما بالنكاح الصحيح.

خلافاً للأكثر،بل عن المبسوط:عدم الخلاف فيه (2)،و في التذكرة:

الإجماع عليه،و فيه:عن ابن المنذر نسبته إلى علماء الأمصار،و عدّ منهم أصحاب النصّ،و هم الإماميّة (3).

و هو الأظهر؛ إذ الإجماع المحكيّ في حكم الخبر الصحيح،و هو

ص:188


1- السرائر 2:535.
2- المبسوط 4:208.
3- التذكرة 2:631.

حجّة،سيّما مع اعتضاده بفتوى الأكثر،بل و دعوى عدم الخلاف،و مشاركة الشبهة للصحيح في أغلب الأحكام المورثة للمظنّة القويّة.

و الأصل معارَض بمثلها في جانب الحرمة،و العمومات مخصّصة بذلك.

و ربما يستدلّ للمختار أيضاً بعموم قوله سبحانه وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ [1] (1)بناءً على كون النكاح حقيقة لغويّة في الوطء،على الأشهر الأظهر،كما مرّ،فيستصحب إلى ثبوت الناقل،و لم يثبت إلّا في المتشرّعة؛ لاختصاص ما تقدّم من الإجماعات المنقولة في صدر الكتاب (2)بها،فالأصل يقتضي حمله في الآية على الوطء،فتأمّل.

ثم لو قلنا بحصول النشر بالزناء وجب القطع بحصوله هنا؛ لكونه بطريق أولى.

الزناء لا تحرم الزانية لا الزوجة

أمّا الزناء فلا تحرم الزانية على الزاني بها و غيره بعد التوبة إجماعاً،و قبلها أيضاً مع كراهة على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع عن الخلاف و المبسوط في خصوص الحلّ على الزاني بها،و نسب توقّفه على التوبة إلى أحمد و قتادة (3).

للأصل،و عموم الكتاب و السنّة،و التعليل بأنّه لا يحرّم الحرام الحلال في الصحاح المستفيضة و غيرها (4)و خصوص المستفيضة،منها الخبران

ص:189


1- النساء:22.
2- راجع ص 7.
3- الخلاف 4:300،المبسوط 4:202.
4- الوسائل 20:423 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6.

أحدهما:الصحيح:«أيّما رجل فجر بامرأة ثم بدا له أن يتزوّجها حلالاً،قال:«أوّله سفاح و آخره نكاح،فمثله كمثل النخلة،أصاب الرجل من ثمرها حراماً،ثم اشتراها بعد،فكانت له حلالاً» (1).

و الصحيح المروي في قرب الإسناد:عن المرأة الفاجرة يتزوّجها الرجل المسلم،قال:«نعم،و ما يمنعه؟!و لكن إذا فعل فليحصن بابه» (2).

و الخبران،في أحدهما:«نساء أهل المدينة فواسق» قلت:فأتزوّج منهن؟قال:«نعم» (3).

و في الآخر:عن الرجل يتزوّج الفاجرة متعة،قال:«نعم،لا بأس، و إن كان التزويج الآخر فليحصن بابه» (4).

و في آخر:عن رجل أعجبته امرأة،فسأل عنها،فإذا الثناء (5)عليها بشيء من الفجور،فقال:«لا بأس بأن يتزوّجها و يحصنها» (6).

ص:190


1- الكافي 5:2/356،التهذيب 7:1345/327،الوسائل 20:434 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 11 ح 3؛ بتفاوت يسير.
2- قرب الإسناد:609/166،الوسائل 20:438 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 12 ح 6.
3- التهذيب 7:1091/252،الإستبصار 3:517/143،الوسائل 20:437 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 12 ح 3؛ و في الجميع:نساء أهل المدينة،قال:فواسق..
4- التهذيب 7:1090/253،الإستبصار 3:516/143،الوسائل 20:437 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 12 ح 4.
5- قال المجلسي رحمه الله في ملاذ الأخيار 12:183:الثناء و الثنية وصف بمدح أو ذم،أو هو خاص بالمدح،كذا في القاموس(4:311).أقول:و على الثاني يكون على التهكّم،أو المراد في أثناء الثناء.و في بعض النسخ«الثناء» بتقديم النون على الثاء،و ذكر اللغويون قاطبة أنّه مثل الثناء،إلّا أنّه في الخير و الشر جميعاً.انتهى.
6- التهذيب 7:1363/331،الإستبصار 3:616/168،الوسائل 20:436 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 12 ح 2.

و قصور الأسانيد منجبر بالشهرة.خلافاً للحلبي،فمنع منه مطلقاً (1)؛ لظاهر حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [1] (2).و رُدّ بالنسخ بقوله وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ [2] (3)تارةً،و بالحمل على الكراهة أُخرى (4)،و هو أقوى؛ للإجماع على عدم حرمة تزويج الزاني مع تحريمه في الآية،فهو قرينة على إرادته تعالى منه الكراهة،و وحدة السياق توجب جريانها في الزانية؛ مع أنّ المستفاد من المعتبرة ورود الآية في المشهورات بالزناء لا مطلق الزانية.

ففي الصحيح:عن قول اللّه عزّ و جلّ اَلزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً [3] (5)فقال:«كنّ نسوة مشهورات بالزناء و رجال مشهورون بالزناء قد عرفوا بذلك،و الناس اليوم بتلك المنزلة،فمن أُقيم عليه حدّ زناء أو شهر به لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة» (6).

و نحوه خبران آخران (7)،إلّا أنّ في أحدهما بدل:«لم ينبغ»

ص:191


1- انظر الكافي في الفقه:286.
2- النور:3.
3- النور:32.
4- لم نعثر عليه و لكن حكاه في المفاتيح 2:254،و كشف اللثام 2:38.
5- النور:3.
6- الكافي 5:3/354،الوسائل 20:439 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 13 ح 2؛ بتفاوت.
7- الأول في:الكافي 5:1/354،الفقيه 3:1217/256،التهذيب 7:1625/406،الوسائل 20:439 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 13 ح 2.الثاني في:الكافي 5:3/355،الوسائل 20:439 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 13 ح 3.

«لا تزوّجوه» و لذا قيل باختصاص التحريم بالمشهورات (1).

و هو ضعيف؛ لشهادة هذه الأخبار بالكراهة من وجهين:لفظة:

«لم ينبغ» الظاهرة فيها،و التصريح فيها،و التصريح فيها باتّحاد حكم الزانية و الزاني؛ مع أنّه فيه الكراهة بالإجماع،فكذا فيها.

و نحوها في هذه القرينة الصحيح:«لا تتزوّج المرأة المعلنة بالزناء، و لا يزوّج الرجل المعلن بالزناء،إلّا أن يعرف منهما التوبة» (2).

و لذا صحّ الحمل على الكراهة في الصحيح:عن المرأة الحسناء الفاجرة،هل تحلّ للرجل أن يتمتّع منها؟فقال:«إذا كانت مشهورة بالزناء فلا يتمتّع منها و لا ينكحها» (3).

و الصحيح المضمر:عن رجل فجر بامرأة،ثم أراد بَعدُ أن يتزوّجها، فقال:«إذا تابت حلّ له نكاحها» قلت:كيف يعرف توبتها؟قال:«يدعوها إلى ما كانا عليه من الحرام،فإذا امتنعت و استغفرت ربّها عرف توبتها» (4)و نحو الموثّق (5).

و بمضمونهما أفتى الشيخان (6).

ص:192


1- المفاتيح 2:255.
2- الفقيه 3:1216/356،التهذيب 7:1347/327،الإستبصار 3:613/168،الوسائل 20:438 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 13 ح 1.
3- الكافي 5:6/454،التهذيب 7:1087/252،الإستبصار 3:513/142،الوسائل 21:28 أبواب المتعة ب 8 ح 4؛ بتفاوت.
4- الفقيه 3:1257/264،التهذيب 7:1348/327،الإستبصار 3:614/168،الوسائل 20:435 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 11 ح 7.
5- التهذيب 7:1346/327،الوسائل 20:434 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 11 ح 4.
6- المفيد في المقنعة:504،الطوسي في النهاية:458.

و لا ريب أنّ مراعاة التوبة مطلقاً أحوط،و إن كان القول بإطلاق الجواز مع الكراهة الشديدة في المشهورات أظهر،إلّا أنّه يجب تحصينهنّ قطعاً،و في بعض الأخبار المتقدّمة دلالة عليه،و فيها الصحيح (1).

و كذا لا تحرم الزوجة الزانية و إن أصرّت على الأشبه وفاقاً للمشهور؛ للأصل،و النصوص،منها ما مرّ (2).

و منها الموثّق:«لا بأس أن يمسك الرجل امرأته إن رآها تزني إذا كانت تزني و إن لم يقم عليها الحدّ فليس عليه من إثمها شيء» (3).

خلافاً للمفيد و الديلمي،فتحرم مع الإصرار؛ لفوات فائدة التناسل معه؛ لاختلاط النسب (4).

و رُدّ بأنّ النسب لاحقٌ بالفراش،و الزاني لا نسب له،و لا حرمة لمائه (5).

و هو حسن،مع أنّه لو تمّ لوجب اطّراد الحكم في مطلق الزناء من دون تخصيص بالإصرار.

و على القولين،فالزوجيّة باقية إجماعاً،كما عن المبسوط (6).

و هل ينشر حرمة المصاهرة فتحرم المزني بها على أبي الزاني و أولاده،و أُمّها و ابنتها عيناً و أُختها جمعاً؟

ص:193


1- راجع ص 189.
2- في ص 189 190.
3- التهذيب 7:1362/331،الوسائل 20:436 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 12 ح 1.
4- المفيد في المقنعة:504،الديلمي في المراسم:149.
5- جامع المقاصد 12:316.
6- المبسوط 4:202.

قيل:نعم هو الشيخ و القاضي و ابن زهرة و ابن حمزة (1).

لصدق أُمّ النساء و الربائب على أُمّها و ابنتها؛ لصدق الإضافة بأدنى الملابسة.

و فيه:أنّ غايته صحّة الاستعمال،و هو أعمّ من الحقيقة،و العبرة بها لا بمطلقه.

و للصحاح المستفيضة:

كالصحيح:في رجل كان بينه و بين امرأة فجور،هل يتزوّج ابنتها؟ قال:«إن كان قبلة أو شبهها فليتزوّج ابنتها،و إن كان جماع فلا يتزوّج ابنتها،و ليتزوّج هي» (2).

و الصحيح:عن الرجل يفجر بالمرأة،يتزوّج ابنتها؟قال:«لا،و لكن إن كانت عنده امرأة ثم فجر بأمّها لم تحرم عليه التي عنده» (3).

و الصحيح:عن رجل باشر امرأة و قبّل،غير أنّه لم يفض إليها،ثم تزوّج ابنتها،فقال:«إذا لم يكن أفضى إلى الأُمّ فلا بأس،و إن كان أفضى إليها فلا يتزوّج ابنتها» (4).

ص:194


1- الشيخ في المبسوط 4:202،القاضي في المهذّب 2:183،و حكاه عن ابن زهرة في المختلف:522،ابن حمزة في الوسيلة:293.
2- الكافي 5:5/416،التهذيب 7:1357/330،الإستبصار 3:608/167،الوسائل 20:424 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 3؛ بتفاوت.
3- التهذيب 7:1352/329 و فيه:ثم فجر بابنتها أو أُختها،الاستبصار 3:603/165 و فيه:ثم فجر بأُمّها أو أُختها،الوسائل 20:430 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8 ح 7 و فيه:ثم فجر بابنتها أو أُختها.
4- الكافي 5:2/415،التهذيب 7:1356/330،الإستبصار 3:607/166،الوسائل 20:424 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 2.

و نحوها الصحيحان (1)،لكن في الأُمّ و البنت الرضاعيّين للمزني بها.

و ليست نصّاً في الحرمة،فيحتمل الكراهة،أو الحمل على التقيّة؛ لكونه المشهور بين العامّة كما يفهم من التذكرة (2)و منهم:أصحاب أبي حنيفة، المشتهر رأيه في الأزمنة السابقة.

و بالأخير يجاب عمّا هو صريح في التحريم،كالصحيح (3).

و الخبر،و فيه محمّد بن الفضيل المشترك بين الثقة و غيره،و فيه مع ذلك الاشتمال على ما ظاهر أكثر الأصحاب الاتّفاق على خلافه؛ و نحوه في قصور السند رواية أُخرى لعليّ بن جعفر.

و في الأوّل:«إذا فجر الرجل بالمرأة لم يحلّ له ابنتها» (4).

و في الثاني:عن رجل زنى بامرأة،هل يحل لابنه أن يتزوجها؟قال:

«لا» (5).

و نحوه الكلام في الحسن الآمر بالتفريق (6)،مع ما فيه من تكذيبه عليه السلام

ص:195


1- الأول في:الكافي 5:8/416،التهذيب 7:1360/331،الإستبصار 3:611/167،الوسائل 20:427 أبواب ما يحرم المصاهرة ب 7 ح 1.الثاني في:الكافي 5:/416ذ ح 8،التهذيب 7:1361/331،الإستبصار 3:612/167،الوسائل 20:427 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 7 ح 2.
2- التذكرة 2:633.
3- التهذيب 7:1194/282،الإستبصار 3:593/163،الوسائل 20:430 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 9 ح 1.
4- التهذيب 7:1353/329،الإستبصار 3:604/166،الوسائل 20:430 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8 ح 8.
5- التهذيب 7:1195/282،الاستبصار 3:594/163،قرب الإسناد:108،الوسائل 20:431 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 9 ح 2.
6- الكافي 5:9/416،الوسائل 20:424 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 5.

مَن ادّعى عدم الزناء بل مجرّد التقبيل.

و بالأول أيضاً يجاب عن الحسن:عن رجل اشترى جارية و لم يمسّها،فأمرت امرأته ابنه و هو ابن عشرين سنة أن يقع عليها، فوقع عليها،فما ترى فيه؟فقال:«أثم الغلام،و أثمت امّه،و لا أرى للأب إذا قربها الابن أن يقع عليها» (1).

مع معارضته كالخبر:في الرجل يكون له الجارية،فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجدّ،أو الرجل يزني بالمرأة،فهل يحلّ لابنه أن يتزوّجها؟قال:«لا،إنّما ذلك إذا تزوّجها الرجل فوطئها ثم زنى بها ابنه لم يضرّه؛ لأنّ الحرام لا يفسد الحلال؛ و كذلك الجارية» (2)بما سيأتي.

و بالجملة:تخصيص ما سيأتي من الأدلّة بمثل هذه الأخبار لعلّه لا يخلو عن مناقشة،و صحّة دعوى الشهرة على ذلك غير معلومة.

كلّ ذلك إن كان الزناء سابقاً على العقد و لا ينشر إذا كان لاحقاً للعقد و الدخول إجماعاً؛ للأصل،و اختصاص المحرّم على تقديره بالسبق،و للنصوص المستفيضة،منها:بعض الصحاح المتقدّمة (3).

و الصحيح:في رجل تزوّج جارية،فدخل بها،ثم ابتلي ففجر بأمّها،

ص:196


1- الكافي 5:4/418،الوسائل 20:419 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 4 ح 2 و فيهما:و هو ابن عشر سنين..
2- الكافي 5:9/420،التهذيب 7:1196/282،الإستبصار 3:597/164،الوسائل 20:420 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 4 ح 3؛ بتفاوت.
3- راجع ص 194.

أ تحرم عليه امرأته؟قال:«لا؛ لأنّه لا يحرّم الحلال الحرام» (1).

و الصحيح:في رجل زنى بأمّ امرأته أو بنتها أو أُختها،فقال:

«لا يحرّم ذلك عليه امرأته» ثم قال:«ما حرّم حرامٌ قط حلالاً» (2).

و الحسن:الرجل يصيب من أُخت امرأته حراماً،أ يحرّم ذلك عليه امرأته؟فقال:«إنّ الحرام لا يفسد الحلال،[و الحلال]يصلح به الحرام» (3).

و نحوها أخبار كثيرة،متضمّنة للحكم مع التعليل المذكور (4)، و مقتضاه كإطلاق أكثرها عدم الفرق بين الدخول بالزوجة و عدمه،كما هو الأشهر الأظهر.

خلافاً للإسكافي،فخصّ عدم النشر بالأوّل (5)؛ لظاهر الخبر:«إذا فجر الرجل بالمرأة لم تحلّ له ابنتها؛ و إن كان قد تزوّج ابنتها قبل ذلك و لم يدخل بها فقد بطل تزويجه،و إن هو تزوّج ابنتها و دخل بها ثم فجر بأُمّها بعد ما دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بأُمّها نكاح ابنتها إذا هو دخل بها،و هو قوله:لا يفسد الحرام الحلال إذا كان هكذا» (6).

و هو ضعيف؛ لشذوذه،و قد ادّعى جماعة من الأصحاب الإجماع

ص:197


1- الكافي 5:3/415،التهذيب 7:1358/330،الإستبصار 3:609/167،الوسائل 20:428 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8 ح 2؛ بتفاوتٍ يسير.
2- الكافي 5:4/416،التهذيب 7:1359/330،الإستبصار 3:610/167،الوسائل 20:428 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8 ح 3.
3- الفقيه 3:1255/263،الوسائل 20:429 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8 ح 5؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.
4- الوسائل 20:428 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8.
5- كما حكاه عنه في المختلف:524.
6- التهذيب 7:1353/329،الإستبصار 3:604/166،الوسائل 20:430 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8 ح 8.

على خلافه (1)،و هو الأصحّ.

بل و لا يبعد أن يكون الوجه:أنّه لا ينشر مطلقاً،حتى إذا كان سابقاً،وفاقاً لشيخنا المفيد و المرتضى و الصدوق في المقنع و الشيخ في التبيان في خصوص تحريم أُمّ المزني بها و ابنتها و سلّار و العلّامة في الإرشاد (2).

بل ظاهر التذكرة:كون القول به مشهوراً بين الأصحاب،فإنّه نسب الأول إلى البعض،و هذا إلى جماعة (3).

و عن صريح المرتضى في الطبريّات:الإجماع عليه (4)،و هو ظاهر السرائر في حرمة الأُمّ و البنت و إن خصّ موردها؛ لكون العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل.و أمّا في حرمة المزني بها على أبي الزاني و ابنه، فظاهره كونه مذهب الأكثر،و أنّ المخالف هو الشيخ في كتبه [و ان خص موردها لكون العبره بعموم اللفظ لا خصوص المحل] (5).و في التذكرة:نَسبَته العامّة إلى عليّ عليه السلام و ابن عبّاس (6).

و يدلّ عليه مضافاً الى التعليل بأنّ الحرام لا يحرّم الحلال في الصحاح المستفيضة و غيرها المتقدّمة (7)العمومات من الكتاب و السنّة، و استصحاب حلّية العقد السابقة،و خصوص المعتبرة المستفيضة،منها

ص:198


1- منهم الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:241.
2- المفيد في المقنعة:504،المرتضى في الناصريات(الجوامع الفقهية):209،المقنع:108،التبيان 3:160،سلّار في المراسم:149،الإرشاد 2:21.
3- التذكرة 2:631.
4- لم نعثر عليه في الطبريات،و لكن ظاهر الناصريات(الجوامع الفقهية):209 دعوى الإجماع عليه.
5- السرائر 2:523 524.
6- التذكرة 2:632.
7- في ص 189.

الصحاح المستفيضة.

في أحدها:رجل فجر بامرأة،يتزوّج بابنتها؟قال:«نعم يا سعيد،إنّ الحرام لا يفسد الحلال» (1).

و في الثاني:عن رجل يفجر بالمرأة[و هي]جارية قوم آخرين،ثم اشترى ابنتها،أ يحلّ له ذلك؟قال:«لا يحرّم الحرام الحلال» و رجل فجر بامرأة حراماً،أ يتزوّج ابنتها؟قال:«لا يحرّم الحرام الحلال» (2).

و في الثالث:عن امرأة أمرت ابنها أن يقع على جارية لأبيه،فوقع، فقال:«أثمت و أثم ابنها،و قد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة فقلت له:أمسكها،فإنّ الحلال لا يفسده الحرام» (3).

و في الرابع:رجل فجر بامرأة،أ تحلّ له ابنتها؟قال:«نعم» (4).

و نحوها الصحيح إلى ابن أبي عمير،عن هشام بن عيسى (5).

ص:199


1- التهذيب 7:1354/329،الإستبصار 3:605/166،الوسائل 20:425 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 6.
2- التهذيب 7:1889/471،الوسائل 20:427 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 12؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.
3- الكافي 5:8/419،التهذيب 7:1197/283،الإستبصار 3:598/164،الوسائل 20:420 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 4 ح 4.
4- التهذيب 7:1350/328،الإستبصار 3:601/165،الوسائل 20:426 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 10.
5- لن نعثر عليها بهذا السند،بل لم نَرَ في معاجم الرجال راوياً قد روى عنه ابن أبي عمير بهذا الاسم.نعم،وجدناها مروية في نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:220/93،المستدرك 14:381 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 1 عن النضر و أحمد بن محمد و عبد الكريم جميعاً،عن محمد بن أبي حمزة،عن سعيد بن يسار..

و منها:الموثّقان (1)،في أحدهما:عن رجل تزوّج امرأة سفاحاً،هل تحلّ له ابنتها؟قال:«نعم،إنّ الحرام لا يحرّم الحلال» .و منها:الأخبار المنجبر قصور أسانيدها بالأُصول،و العمومات، و فتوى معظم الأخيار،و مخالفة ما عليه أكثر الفجّار.

في أحدها:عن الرجل يأتي المرأة حراماً،أ يتزوّجها؟قال:«نعم، و أُمّها و ابنتها» (2).

و الجواب عنها تارةً بحمل الفجور و الإتيان فيها على نحو القبلة و اللمس دون الدخول (3).و أُخرى بحمل المسئول على حلّيتهنّ على زوجات له قبل الدخول بأمّهاتهنّ مثلاً (4).

مدفوعٌ أوّلاً:بمخالفتهما الظاهر،و لا سيّما الأول،و قد وقع مثله في أكثر الأخبار المتقدّمة و فهموا منه الدخول؛ مع منافاة الثاني لأكثرها المتضمّن للفظ التزويج،الظاهر في المستقبل.

و ثانياً:بمنافاتهما التعليل المصرّح به فيها،مع تأيّده بالحصر المستفاد من بعض الأخبار،كرواية زرارة الضعيفة بموسى بن بكر على الأشهر،

ص:200


1- الأول في:التهذيب 7:1351/328،الإستبصار 3:602/165،الوسائل 20:426 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 11.الثاني في:قرب الإسناد:328/97،الوسائل 20:426 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ذح 11.
2- التهذيب 7:1343/326،الإستبصار 3:600/165،الوسائل 20:425 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 7.
3- التهذيب 7:329،الاستبصار 3:166،المختلف:523.
4- التهذيب 7:328،الاستبصار 3:165.

و الحسنة عند بعض (1)قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«إن زنى رجل بامرأة أبيه،أو جارية أبيه،فإنّ ذلك لا يحرّمها على زوجها،و لا يحرّم الجارية على سيّدها،إنّما يحرم ذلك منه إذا أتى الجارية و هي حلال،فلا تحلّ بذلك الجارية أبداً لابنه و لا لأبيه،و إذا تزوّج رجل امرأة تزويجاً حلالاً فلا تحلّ تلك المرأة لأبيه و لا لابنه» (2)و الضعف لو كان لانجبر بما تقدّم.

و بالجملة:العدول عن ظواهر هذه الأخبار المعتضدة بالأصل، و العمومات من الكتاب و السنّة،و عمل أكثر القدماء الذين هم أساطين العلماء،و الإجماع المنقول،و مخالفة العامّة بمثل ظواهر الأخبار المتقدّمة مشكل.

مع أنّ تلك الأخبار صحاحها غير ناصٍ على التحريم،و الناصّة منها ليست بصحاح،عدا واحد منها (3)،و لا يكافئ ما قدّمناه من الصحاح و غيرها.

و دعوى الانجبار بالشهرة في الضعاف مدفوعةٌ بما عرفت من أنّ الشهرة عن القدماء في الخلاف،و الشهرة المتأخّرة على تقديرها لا تعارضها.

مع أنّ عمدة من نسب إليه القول الأول هو الشيخ في النهاية و الخلاف (4)،و قد صرّح ابن إدريس برجوعه عنه في التبيان (5).

ص:201


1- انظر ضوابط الرضاع للمحقق الداماد(كلمات المحققين):52.
2- الكافي 5:7/419،التهذيب 7:1189/281،الإستبصار 3:565/155،الوسائل 20:419 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 4 ح 1؛ بتفاوتٍ يسير.
3- تقدمت الإشارة إليه في ص 195.
4- النهاية:452،الخلاف 4:306.
5- انظر السرائر 2:523.

هذا،و العمل على القول الأوّل؛ احتياطاً في الفروج.

لو زنى بالعمّة و الخالة حرمت عليه بناتهما

و على المختار يستثني منه ما لو زنى بالعمّة و الخالة له،فإنّه حرمت عليه بناتهما في المشهور بين الأصحاب،بل عليه الإجماع في التذكرة و عن المرتضى (1)؛ و هو الحجّة.

لا الخبران،أحدهما:الحسن:عن رجل نال من خالته في شبابه،ثم ارتدع،أ يتزوّج ابنتها؟فقال:«لا» فقال:إنّه لم يكن أفضى إليها شيئاً،إنّما كان شيءٌ دون شيء،فقال:«لا يصدّق،و لا كرامة» (2)و نحوه الموثّق (3).

لاختصاصه بالخالة،و ما في متنه من الرداءة؛ لتصريح السائل بعدم المواقعة،و ردّه عليه السلام بأنّه:«لا يصدّق و لا كرامة» و مثله غير لائق بالأئمّة عليهم السلام.و لعلّه لذا توقّف فيه في المختلف العلّامة تبعاً للحلّي (4)؛ و لكن استناده إلى عموم أدلّة الإباحة.

اللمس و النظر

و أمّا اللمس و النظر بشهوة بما لا يجوز لغير المالك لمسه و النظر إليه،فقد اختلف الأصحاب فيه: فمنهم من ينشر به الحرمة على أبي اللامس و الناظر و ولده كالشيخ و القاضي و ابن حمزة (5)و جماعة (6)،

ص:202


1- التذكرة 2:633،المرتضى في الانتصار:108.
2- الكافي 5:10/417،الوسائل 20:432 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 10 ح 1؛ بتفاوت يسير.
3- التهذيب 7:1291/311،الوسائل 20:432 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 10 ح 2.
4- المختلف:524،الحلّي في السرائر 2:529.
5- الشيخ في النهاية:451 496،القاضي في المهذّب 2:182 و 246،ابن حمزة في الوسيلة:293.
6- منهم العلّامة في المختلف:524،الشهيد الثاني في الروضة 5:184،صاحب الحدائق 23:510.

و نسبه في التذكرة إلى الشهرة (1)؛ استناداً إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح:عن الرجل تكون له الجارية،فيقبّلها،هل تحلّ لولده؟فقال:«بشهوة؟» قلت:نعم،فقال:«ما ترك شيئاً إذا قبّلها بشهوة» ثم قال ابتداءً منه:«إن جرّدها فنظر إليها بشهوة حرمت على ابنه و أبيه» قلت:

إذا نظر إلى جسدها،فقال:«إذا نظر إلى فرجها و جسدها بشهوة حرمت عليه» (2).

و الصحيح:في الرجل تكون عنده الجارية،يجرّدها و ينظر إلى جسدها نظر شهوة،و نظر منها إلى ما يحرم على غيره،هل تحلّ لأبيه؟و إن فعل ذلك أبوه فهل تحلّ لابنه؟قال:«إذا نظر إليها نظر شهوة و نظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحلّ لابنه،و إن فعل ذلك الابن لم تحلّ لأبيه» (3).

و بهما يقيّد إطلاق المعتبرة،كالصحيح:عن أدنى ما إذا ما فعله الرجل بالمرأة لم تحلّ لأبيه و لا لابنه،قال:«الحدّ في ذلك المباشرة ظاهرة أو باطنة ما يشبه مسّ الفرجين» (4)و نحوه الصحيح الآتي

ص:203


1- التذكرة 2:633.
2- الكافي 5:2/418،التهذيب 7:1192/281،عيون الأخبار 2:44/17،الوسائل 20:417 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 3 ح 1.
3- الفقيه 3:1235/260،التهذيب 8:758/212،الإستبصار 3:769/212،الوسائل 20:418 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 3 ح 6؛ بتفاوت.
4- ما وجدناه في التهذيب 7:1877/468،الوسائل 20:421 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 4 ح 6 مرويٌّ عن الصفار،عن محمد بن عيسى،عن يونس،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و في الاستبصار 3:770/212 عن الصفار،عن محمد ابن عيسى،عن يونس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،فتأمّل.

و الموثّقان (1)و الخبر (2).مضافاً إلى ظهور إطلاقاتها في القيد؛ للغلبة.

و بهذه الأخبار يخصّص عموم أدلّة القول الثالث.

و منهم من خصّ التحريم بمنظورة الأب دون الابن،كالمفيد و سلّار و الشهيد في اللمعة (3)؛ و لا دليل عليه،بل الأخبار المتقدّمة حجّة عليه.

و ليس في الصحيح:«إذا جرّد الرجل الجارية و وضع يده عليها فلا تحلّ لابنه» (4)دلالة على الاختصاص،إلّا بالمفهوم الضعيف في نفسه أوّلاً،و غير صالح لمقاومة صريح الأخبار المتقدّمة ثانياً،فالقول به ضعيف جدّاً.

و الوجه عند المصنّف و الفاضل في القواعد تبعاً للحلّي (5) الكراهة في ذلك كلّه للأصل،و عموم الكتاب و السنّة،و خصوص

ص:204


1- الأول في:التهذيب 8:740/208،الإستبصار 3:766/211،الوسائل 21:195 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 77 ح 2.الثاني في:التهذيب 8:741/209،الإستبصار 3:768/212،الوسائل 21:195 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 77 ح 3.
2- التهذيب 8:742/209،الإستبصار 3:767/212،الوسائل 21:196 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 77 ح 4.
3- المفيد في المقنعة:502،543،سلّار في المراسم:149،اللمعة(الروضة البهية 5):183.
4- الكافي 5:5/419،التهذيب 7:1193/282،الوسائل 20:418 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 3 ح 4.
5- القواعد 2:14،الحلّي في السرائر 2:528.

الموثّقة:عن الرجل يقبّل الجارية و يباشرها من غير جماع داخل أو خارج، أ تحلّ لابنه أو لأبيه؟قال:«لا بأس» (1).

و الحسنة:عن رجل تكون له جارية،فيضع أبوه يده عليها من شهوة،أو ينظر منها إلى محرّم من شهوة،فكره أن يمسّها ابنه (2).

و في الجميع نظر؛ لتخصيص الأصل كالعمومات و الموثّقة على بُعدٍ فيها بما تقدّم (3)؛ مضافاً إلى عدم مكافأتها كالحسنة مع عدم ظهور الكراهة فيها في الاصطلاحيّة لما تقدّم من النصوص المستفيضة، المعتضدة بالشهرة العظيمة،التي هي أقوى المرجّحات المنصوصة و العقليّة.

و على المختار لا يتعدّى التحريم إلى أُمّ الملموسة و المنظورة و لا بنيتهما من دون فرق بين المملوكة و أُمّ الزوجة،على المشهور بين الطائفة،حكاه جماعة (4).

لعموم أدلّة الإباحة،و صريح الآية في الثانية (5)،و اختصاص الأدلّة بما عدا المسألة.

مضافاً إلى الصحيح في الثانية:عن رجل باشر[امرأة]و قبّل،غير أنّه لم يفض إليها،ثم تزوّج ابنتها،قال:«إن لم يكن أفضى إلى الأُمّ

ص:205


1- التهذيب 8:741/209،الإستبصار 3:768/212،الوسائل 21:195 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 77 ح 3.
2- الكافي 5:4/418،الوسائل 20:417 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 3 ح 2.
3- أي إذا لم يكن بشهوة.منه رحمه اللّه.
4- منهم صاحب الحدائق 23:512.
5- النساء:23.

فلا بأس» (1).

و بفحواه يستدلّ للجواز إذا باشر أُمّ المملوكة.

خلافاً للخلاف،مدّعياً فيه الوفاق،فحرّم الاُمّ و البنت و إن علت و سفلت (2)؛ لذلك،و للاحتياط،و أخبار فيها الصحيح و غيره (3)محمولة على الكراهة جمعاً؛ مع اختصاص ما عدا النبويّين (4)منها بحرمة ابنة الزوجة خاصّة كما عن الإسكافي (5)،و الاحتياط ليس بدليل كدعوى الوفاق،بعد مصير المعظم إلى الخلاف.

يلحق بهذا الفصل مسائل

و يلحق بهذا الفصل مسائل سبع:

الاُولى لو ملك أُختين،فوطئ واحدة حرمت الأُخرى

الاُولى:لو ملك أُختين،فوطئ واحدة منهما حرمت عليه وطء الأُخرى بالكتاب،و السنّة،و الإجماع،إلى أن يخرج الاُولى عن ملكه،ببيع،أو هبة،أو نحوهما من نواقل الملك،فإذا أخرج حلّت

ص:206


1- الكافي 5:2/415،التهذيب 7:1356/330،الإستبصار 3:607/166،الوسائل 20:424 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 6 ح 2؛ بدل ما بين المعقوفين في«ص» و«ح»:امرأته،و ما أثبتناه من المصدر.
2- الخلاف 4:308.
3- انظر الوسائل 20:460 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 19.
4- الأول في:غوالي اللئلئ 3:222/333،المستدرك 14:399 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 18 ح 8.الثاني في:عوالي اللئلئ 3:223/333،المستدرك 14:401 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 20 ح 6.
5- على ما نقله عنه في المختلف:525.

إجماعاً؛ للنصوص:

منها الصحيح:«إذا كانت عند الرجل الأُختان المملوكتان،فنكح إحداهما،ثم بدا له في الثانية فنكحها،فليس ينبغي له أن ينكح الأُخرى حتى يخرج الاُولى من ملكه،يهبها أو يبيعها،و إن وهبها لولده جاز» (1).

و الموثّق:«لا يقربها حتى تخرج تلك عن ملكه» (2).

و هل يكفي مطلق العقد الناقل للملك؟أم يشترط لزومه،فلا يكفي البيع بخيارٍ و الهبة التي يجوز الرجوع فيها؟وجهان:من إطلاق النصّ اشتراط الخروج الحاصل بمطلقه،و من أنّها مع تسلّطه على فسخه بحكم المملوكة.

و ضعّف بأنّ غاية التحريم إذا علّقت على مطلق الخروج لم يشترط معها أمرٌ آخر؛ لئلّا يلزم جعل ما جعله الشارع غايةً ليس بغاية.و قدرته على ردّها إلى ملكه لا تصلح للمنع؛ لأنّه بعد الإخراج اللازم متمكّنٌ منه دائماً على بعض الوجوه بالشراء و الاتّهاب و غيرها من العقود (3).

و هو حسن إن علم جعل مطلق الخروج غايةً[للتحريم (4)]و هو محلّ

ص:207


1- التهذيب 7:1212/288،الإستبصار 3:625/171،الوسائل 20:482 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 1؛ بتفاوتٍ يسير.
2- التهذيب 7:1213/288،الإستبصار 3:626/172،الوسائل 20:482 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 2.
3- جامع المقاصد 12:351 و الروضة 5:188.
4- بدل ما بين المعقوفين في الأصل:للحلّ،و الظاهر ما أثبتناه.

تأمّل؛ بناءً على تبادر اللازم منه،فيقتصر في غيره على أصالة بقاء الحرمة؛ مع أنّ الشكّ في الدخول كافٍ في عدم الجسارة في تخصيص الأصالة المزبورة.

هذا،مع ما في النقض باللازم من النظر؛ إذ قدرته على ردّها إلى الملك فيه ليس بنفسه،دون الجائز؛ لقدرته بنفسه عليه،فجعلهما واحداً ضعيفٌ جدّاً.و الاحتياط في مراعاة اللزوم.

و في الاكتفاء بفعل ما يقتضي تحريمها عليه كالتزويج و الرهن و الكتابة وجهان،منشؤهما:حصول الغرض و هو تحريم الوطء،و انتفاء النقل الذي هو مورد النصّ،و هو الأحوط لو لم يكن أقوى.

و لا فرق في تحريم الثانية بين وطء الاُولى في القبل و الدبر.

و في مقدّماته من اللمس و القبلة و النظر بشهوة نظر:من قيامها مقام الوطء كما سلف و من عدم صدق الوطء بها،و الأول أحوط،و إن كان الثاني أقوى.

و لو وطئ الثانية أثِم إجماعاً و لم تحرم عليه الاُولى وفقاً للطوسي في المبسوط و الحلّي و اللمعة (1)،و أكثر المتأخّرين كما في المسالك (2)؛ لأنّ الحرام لا يحرّم الحلال،و التحريم إنّما تعلّق بوطء الثانية، فيستصحب؛ و لأصالة الإباحة.و على هذا،فمتى أخرج إحداهما عن ملكه

ص:208


1- المبسوط 4:207،الحلّي في السرائر 2:538،اللمعة(الروضة البهية 5):190.
2- المسالك 1:483.

حلّت الأُخرى،سواء أخرجها للعود إليها أم لا،و إن لم يخرج إحداهما فالثانية محرّمة دون الاُولى.

و لكن اضطربت الرواية في المسألة،بعد اتّفاقها على تحريم الاُولى مع العلم بتحريم الثانية،و تحليلها بإخراج الثانية من ملكه لا بنيّة العود إلى الأُولى.

ففي بعضها:تحرم عليه الاُولى حتى تخرج الثانية عن ملكه لا للعود إلى الأُولى.

ففي الصحيحين:عن رجل عنده مملوكتان،فوطئ إحداهما، ثم وطئ الأُخرى،قال:«إذا وطئ الأُخرى فقد حرمت عليه الاُولى حتى تموت الأُخرى» قلت:أ رأيت إن باعها،أ تحلّ له الاُولى؟قال:

«إن كان باعها لحاجة و لا يخطر على باله منها شيء فلا أرى بذلك بأساً،و إن كان يبيعها ليرجع إلى الاُولى فلا،و لا كرامة» (1)،و نحوهما غيرهما (2).

و في رواية اُخرى:إن كان جاهلاً لم تحرم الاُولى و إن كان عالماً حَرُمَتا معاً

ص:209


1- الأول في:الفقيه 3:1/284،الوسائل 20:485 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 9؛ بتفاوت.الثاني في:الكافي 5:7/432،التهذيب 7:1217/290،الوسائل 20:485 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 9؛ بتفاوت.
2- الكافي 5:6/431،التهذيب 7:1216/290،الوسائل 20:485 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 5؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.

هي صحيحة عليّ بن رئاب،عن الحلبي،عن مولانا الصادق عليه السلام:

قال:قلت له:الرجل يشتري الأُختين،فيطأ إحداهما،ثم يطأ الأُخرى، قال:«إذا وطئ الأُخرى بجهالة لم تحرم عليه الاُولى،و إن وطئ الأخيرة [و هو]يعلم أنّها تحرم عليه حرمتا جميعاً» (1)و نحوها الموثّق (2).

و وجه الاضطراب فيها واضح؛ و ذلك لأنّ ظاهر الأخبار الأوّلة، تحريم الأُولى خاصّة إلى موت الثانية،أو إخراجها عن الملك لا للعود إلى الأوّلة،فإن حملت على صورة وقوع الوطء بجهالة،حصل المنافاة بينها و بين الأخيرين صريحاً؛ للتصريح فيهما بعدم حرمة الأولة في هذه الصورة، و إن حملت على صورة وقوع الوطء مع العلم بالحرمة،وقع التنافي بينهما أيضاً؛ إذ المستفاد من الأوّلة:تحريم الأُولى خاصّة،و منهما:تحريمهما معاً.

و يمكن الجمع،بحمل الأوّلة على الصورة الثانية،و حكمه عليه السلام بتحريم الاُولى لا يقتضي حلّ الثانية،و ربما كان الوجه في تخصيصها بالذكر وضوح حرمة الثانية بالنظر إلى أصالة الحرمة،و أمّا الاُولى فلمّا كان وطؤها مباحاً احتيج إلى ذكر حكمها بعد وطء الثانية،و هو الحرمة إلى خروجها عن الملك لا بنيّة العود إلى الأُولى.

و المسألة مشكلة،لكن تحريم الاُولى مع العلم بحرمة الثانية إلى خروجها عن الملك لا بنيّة العود إلى الاُولى ليس محلّ ريبة؛ لدلالة

ص:210


1- الكافي 5:14/433،الفقيه 3:1353/284،التهذيب 7:1219/290،الوسائل 20:483 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 5؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.
2- التهذيب 7:1220/291،الوسائل 20:484 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 6.

الأخبار بأسرها على ذلك.

و إنّما الريبة في حلّ الاُولى في صورة الجهل بحرمة الثانية،و تحريم الثانية في صورة العلم مع بقائهما على الملكيّة،و لا يبعد المصير إليه؛ لما مرّ،وفاقاً لجماعة،منهم:شيخنا في الروضة،و حكي عن ابن حمزة (1).

و محصّله:أنّه متى وطئ الثانية عالماً بالحرمة حَرُمَتا عليه معاً،إلى موت الأخيرة،أو خروجها عن الملك لا لغرض العود إلى الأُولى،فإن اتّفق إخراجها لا لذلك حلّت له الاُولى،و إن أخرجها للرجوع إليها فالتحريم باق.و إن وطئ الثانية جاهلاً بالتحريم لم تحرم عليه الاُولى،بقيت الثانية في ملكه أم لا.و بالأخبار المزبورة تخصّ الأدلّة المتقدّمة؛ لصحّتها،و وضوح الجمع بينهما و هنا أقوال منتشرة غير واضحة الأدلّة.

نعم،في الموثّق:في رجل كانت عنده اختان،فوطئ إحداهما،ثم أراد أن يطأ الأُخرى،قال:«يخرجها من ملكه» قلت:إلى من؟قال:«إلى بعض أهله» قلت:فإن جهل ذلك حتى وطئها؟قال:«حرمتا عليه كلتاهما» (2).

و هو ظاهر المنافاة للخبرين الأخيرين؛ للتصريح فيهما بحلّ الاُولى في صورة الجهل،و حرمتهما معاً مع العلم،و تصريحه بحرمتها فيها؛ و لذا أنّ الشيخ في النهاية حكم بحرمتها فيها أيضاً (3)،مشترطاً في حلّها إخراج

ص:211


1- الروضة 5:190،ابن حمزة في الوسيلة:294.
2- التهذيب 7:1220/291،الوسائل 20:484 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 6.
3- النهاية:455.

الثانية عن الملك مطلقاً (1).

و هو مشكل،كيف لا؟!و لم يبق حينئذٍ فرق بين صورتي العلم و الجهل في حرمة الأُولى،إلّا مع إخراج الثانية عن الملك،و الحال أنّه صرّح في الخبرين بالفرق:بحلّ الاُولى مع الجهل و حرمتهما مع العلم.

و الجمع بينهما و بين الموثّق غير ممكن؛ إذ غايته حمل حلّ الاُولى في صورة الجهل في الخبرين بصورة إخراج الثانية عن الملك،و حرمتها فيها في الموثّق بخلاف الصورة.و نحوه جارٍ في صورة العلم،فإنّه تحلّ الاُولى فيها أيضاً بالشرط المذكور،و تحرم بعدمه،فالفرق على هذا في الخبرين غير واضح.

نعم،لو لم تحلّ الاُولى في صورة العلم بالشرط المتقدّم أمكن الفرق،و لا يقول به،فتدبّر.

فلا بُدّ من اطراح أحد الطرفين له،إمّا الخبرين،و هو مشكل؛ لكونهما بالتعدّد و صحّة أحدهما أقوى من الموثّق.و إمّا هو كما هو متعيّن فلا وجه للحكم بحرمة الاُولى.

و أمّا الموثّق الآخر:عن رجل كانت عنده جاريتان أُختان،فوطئ إحداهما،ثم بدا له في الأُخرى،قال:«يعتزل هذه و يطأ الأُخرى» قال:

قلت:فإنّه تنبعث نفسه إلى الأُولى،قال:«لا يقربها حتى تخرج تلك عن ملكه» (2).

ففيه إشكال؛ لتضمّنه الفرق بين الاُولى و الثانية بالاكتفاء بالاعتزال

ص:212


1- أي و لو بنيّة العود.منه رحمه الله.
2- التهذيب 7:1213/288،الإستبصار 3:626/172،الوسائل 20:482 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 29 ح 2.

لحل الثانية دون الأُولى.إلّا أن يحمل الاعتزال على الإخراج عن الملك، و لكنّه حينئذٍ لا يقاوم ما قدّمناه من الأخبار،فتدبّر.

الثانية يكره أن يعقد الحرّ على الأمة

الثانية:يكره أن يعقد الحرّ على الأمة مطلقاً،على الأشهر بين الطائفة كما في الشرائع و اللمعة (1)،بل عليه الإجماع في الغنية (2)،و هو الأظهر في المسألة.

لعموم الكتاب و السنّة،ك فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ [1] (3)و لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ [2] (4)و قد صرّح الطوسي و الطبرسي في تفسيرهما بدلالتها على الجواز مع الطَّول و السعة،و حملا الآية الآتية على التنزيه (5)، و هو يرجع إلى الكراهة.

و الصحيح:يتمتّع الرجل بالأمة بإذن أهلها؟قال:«نعم،إنّ اللّه تعالى يقول فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ [3] » (6).و الآخر:عن الرجل يتمتّع بأمة رجل بإذنه،قال:«نعم» (7)و لا قائل بالفرق.

و بالكراهة ظاهر المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بالعمومات و الشهرة مع أنّ فيها المرسل كالموثّق:«لا ينبغي أن يتزوّج الرجل الحرّ

ص:213


1- الشرائع 2:291،اللمعة(الروضة البهية 5):195.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):611.
3- النساء:25.
4- البقرة:221.
5- الطوسي في التبيان 2:218،الطبرسي في مجمع البيان 1:318.
6- التهذيب 7:1110/257،الاستبصار 3:531/146،تفسير العياشي 1:89/234،الوسائل 21:40 أبواب المتعة ب 15 ح 3.
7- التهذيب 7:1111/257،الإستبصار 3:532/146،الوسائل 21:40 أبواب المتعة ب 15 ح 4.

المملوكة اليوم،إنّما كان ذلك حيث قال اللّه عزّ و جلّ وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً [1] (1)و الطَّول:المهر،و مهر الحرّة اليوم مثل مهر الأمة أو أقلّ» (2).

و يؤيّده النهي عن تزويجها على الحرّة في الصحاح و غيرها الآتية (3)؛ لإشعارها بالجواز في غير موردها من وجهين:

أحدهما:تخصيص النهي بتزويجها على الحرّة،فلو عمّ النهي لخلا التقييد ب:«على الحرّة» عن الفائدة.

و الثاني:دلالتها على جواز تزويجها و لو في الجملة،و هو ينصرف إلى العموم حيث لا صارف له عنه،و ما نحن فيه منه كما ستعرف.

و قيل:يحرم،إلّا أن يعدم الطَّول و هو:القدرة على المهر كما فهم من المرسلة.و زيد:و على النفقة و لو بالقوّة (4)؛ و لا دليل عليه، إلّا ظاهر إطلاق الطَّول،و لكنّ الرواية المعتبرة فسّرته بذلك.

و يخشى العنت و هو:مشقّة الترك،و فُسِّر بالزناء و خوف الوقوع فيه.و الظاهر أنّ خوف المشقّة الشديدة و الضرر العظيم بتركه كذلك؛ للحرج و الضرر المنفيّين،و أصالة عدم النقل،فتأمّل.

و هذا القول محكيّ عن الخلاف و المبسوط و القاضي و الإسكافي

ص:214


1- النساء:25.
2- الكافي 5:7/360،التهذيب 7:1372/334،الوسائل 20:508 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 45 ح 5.
3- في ص 218.
4- المبسوط 4:214،جامع المقاصد 12:371،المسالك 1:484،الحدائق 23:559.

و العماني (1)؛ لظاهر مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ [1] الآية (2)، لتعليق الجواز فيها على الشرطين.

و فيه نظر،أمّا أوّلاً:فلاحتمال كون الشرط مبنيّاً على الغالب، فلا يكون المفهوم معتبراً.

و أمّا ثانياً:فلاحتمال كون المشروط رجحان النكاح لا الجواز، و بتقديره فظواهر المعتبرة المتقدّمة تخصّه بالخالي عن المرجوحيّة،و المفاد حينئذٍ نفي الجواز المزبور عند فقد أحد الشرطين،و لا ينافي ثبوت الجواز المصاحب للمرجوحيّة عند ذلك.

و بتقدير التنزّل،فغايته الظهور الضعيف دون النصّيّة،التي هي المناط في صرف العمومات و الإطلاقات القطعيّة عن ظواهرها.

و دعوى ورودها في بيان الحلّ و الحرمة (3)محلّ مناقشة،مع أنّ المستفاد من رواية خصال الآتية (4)كون تحريمها من جهة السنّة لا من جهة الكتاب،كما يفهم من سياقها،حيث ذكر المحرّمات بكلّ منهما على حدة، و جعل المقام من الأُمور المحرّمة بالسنّة.

و بالجملة:ليست الآية ناصّة على التحريم،فلا يجسر في تخصيص الأُصول القطعيّة بمثلها،مع ما في المعتبرة من الظهور التامّ في الكراهة، و لأجلها يحمل النهي المطلق في بعض الأخبار عليها،كالرواية:عن الرجل

ص:215


1- الخلاف 4:313،المبسوط 4:214،و حكاه عن القاضي و الإسكافي و العماني في المختلف:565.
2- النساء:25.
3- المسالك 1:484.
4- في ص 215.

يتزوّج الأمة؟قال:«لا،إلّا أن يضطرّ إلى ذلك» (1)مع قصور سنده من دون جابر؛ للشهرة على خلافه.

و أمّا الأخبار النافية للبأس عنه مع الاضطرار،كالصحيح:عن الرجل يتزوّج المملوكة؟قال:«إذا اضطرّ إليها فلا بأس» (2)فليس المستفاد منها إلّا ثبوت البأس عند عدمه،و هو أعمّ من الحرمة.و دعوى إرادتها منه يحتاج إلى دلالة واضحة،هي في المقام مفقودة.

نعم،لو ظهرت الحرمة من الآية أمكن حمله عليها،جمعاً بين الأدلّة،إلّا أنّك قد عرفت ما فيه من المناقشة،مع أنّها كيف كانت ليست بنفسها أدلّة،فالاستدلال بها للحرمة مجازفة.

و ليس حمل المعتبرة المتقدّمة على التقيّة بأولى من حمل الأخيرة عليها؛ لوجود القولين في العامّة.

و ليس في كلام العماني-:و قد ذهب قوم من العامّة إلى الجواز (3)دلالة على اتّفاقهم كافّة،بل ربما أشعر بالعدم،فتأمّل.

هذا،و لكنّ الاحتياط في مثل المقام لازم لا يترك؛ للتصريح بالحرمة لكن من جهة السنّة في المرويّ في الخصال،بسنده عن إبراهيم بن عبد الرحمن،عن مولانا الكاظم عليه السلام (4).و لضعفه بجهالة الراوي من دون جابر؛ لاشتهار خلافه لا يجوز الاعتماد عليه.

ص:216


1- الكافي 5:6/360،الوسائل 20:507 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 45 ح 1.
2- التهذيب 7:1686/421،الوسائل 21:346 أبواب القسم و النشوز و الشقاق ب 8 ح 1.
3- حكاه عنه في المختلف:565.
4- الخصال:10/532.

و نحوه الجواب عن المرويّ في تفسير العيّاشي،عن البزنطي:قال:

سألت الرضا عليه السلام:يتمتّع بالأمة بدون إذن أهلها؟قال:«إنّ اللّه تعالى يقول فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ [1] (1)» (2).و قال محمّد بن صدقة البصري:سألته عن المتعة،أ ليس هذا بمنزلة الإماء؟قال:«نعم،أما تقرأ قول اللّه عزّ و جل وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ [2] إلى قوله وَ لا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ [3] ؟!فكما لا يسع الرجل أن يتزوّج الأمة و هو يستطيع أن يتزوّج الحرّة،فكذلك لا يسع الرجل أن يتمتّع بالأمة و هو يستطيع أن يتزوّج بالحرّة» (3).

و محمّد بن صدقة غال.

و القول بأنّ اشتهار الحرمة بين متقدّمي الطائفة أوضح قرينة على صحّة الرواية.لا يخلو عن مناقشة؛ إذ هو حيث لا تعارضه الشهرة المتأخّرة،و أمّا مع المعارضة بها فلا،مضافاً إلى الشكّ في الشهرة.

و لكنّ الإنصاف أنّ القول بالحرمة لا يخلو عن قوّة؛ لاستفاضة نقل الشهرة بين قدماء الطائفة،و هي أقوى من الشهرة المتأخّرة؛ مع تأيّده بأصالة الحرمة السابقة،و الظهور المستفاد من الآية في الجملة.

ثم إنّ ظاهر إطلاق عبائر الأصحاب و الآية و صريح المسالك (4)و الخبر الأخير عدم الفرق في المنع على القول به بين الدائم و المنقطع.

خلافاً لبعض المتأخّرين،فخصّه بالدائم (5)؛ لتبادره من التزويج في الأخبار المانعة.

ص:217


1- النساء:25.
2- تفسير العياشي 1:89/234.
3- تفسير العياشي 1:90/234.
4- المسالك 1:484.
5- انظر ملاذ الأخيار 12:190.

و فيه:أنّ الأدلّة على المنع غير منحصرة فيها؛ إذ منها الخبر المتقدّم، الصريح،المنجبر ضعفه بإطلاق الفتاوي.

و ليس في الصحيح الدالّ على جواز متعة المملوكة بإذن أهلها لمن عنده حرّة بإذنها (1)،كالصحيح الدالّ على جواز تحليل الزوجة جاريتها لزوجها (2)،دلالةٌ على اختصاص المنع بالدائم و جواز التمتّع مطلقاً،كيف لا؟!و ظاهر الأوّل المنع منه بدون الإذن.

مع أنّ في الصحيح:عن الرجل يتزوّج الأمة على الحرّة متعةً؟قال:

«لا» (3)فتأمّل.

هذا،مع أنّهم صرّحوا بجوازه كالدائم بالإذن،بل حكي عليه الإجماع كما يأتي (4)،فلا خلاف في مضمون الخبرين،و لا دخل لهما في محلّ النزاع (5).

ثم على المنع،ففي بطلان العقد،و الصحّة مع حصول الإثم،قولان، و حكي الأول عن ظاهر الأكثر (6)،و الثاني عن المفيد و جماعة (7)،و هو

ص:218


1- الكافي 5:3/463،التهذيب 7:1112/257،الاستبصار 3:533/146،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:202/88،الوسائل 21:41 أبواب المتعة ب 16 ح 1.
2- الفقيه 3:1376/289،الوسائل 21:128 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 32 ح 1.
3- التهذيب 7:1113/257،الإستبصار 3:534/146،الوسائل 21:41 أبواب المتعة ب 16 ح 3.
4- في ص 220.
5- و هو تزويج الأمة متعة ابتداءً من دون أن يكون على حرّة.منه رحمه اللّه.
6- قال في الحدائق 23:560 بعد نقل القول بصحة العقد و حصول الإثم عن المفيد و ابن البراج-:و ظاهر الباقين البطلان.
7- حكاه في المسالك 1:484،انظر المقنعة:506 و المهذب 2:215.

الأوفق بالأُصول.

و أمّا التحليل فلا يتعدّى الحكم إليه؛ لعدم انصراف إطلاق الأدلّة إليه، مع أنّه في حكم ملك اليمين.

الثالثة لا يجوز للعبد أن يتزوّج أكثر من الحرّتين،أو حرّة و أمتين،أو أربع إماء

الثالثة:لا يجوز للعبد أن يتزوّج دائماً أكثر من الحرّتين،أو حرّة و أمتين،أو أربع إماء بإجماعنا،كما حكاه جماعة من أصحابنا (1)، و استفاض به أخبارنا.

ففي الصحيح:عن المملوك يتزوج أربع حرائر؟قال:«لا يتزوّج إلّا حرّتين إن شاء،أو أربع إماء» (2)،و نحوه غيره (3).

و عليه يحمل إطلاق المعتبرة كالصحيحين (4)و الموثّق (5)بأنّه:

لا يجمع المملوك من النساء أكثر من امرأتين؛ مع أنّ المتبادر منهما الحرّتان.و يحتمل الحمل على التقيّة؛ بناءً على مصير بعضهم إلى أنّه

ص:219


1- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):610،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:382،و الشهيد الثاني في الروضة 5:206،و السبزواري في الكفاية:166.
2- الكافي 5:1/476،التهذيب 7:1242/296،الإستبصار 3:775/213،الوسائل 20:525 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 8 ح 1.
3- الكافي 5:2/477،التهذيب 7:1239/296،الوسائل 20:526 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 8 ح 2.
4- الأول في:التهذيب 8:751/211،الإستبصار 3:773/213،الوسائل 21:111 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 22 ح 5.الثاني في:التهذيب 7:1240/296،الوسائل 20:526 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 8 ح 4.
5- التهذيب 8:752/211،الوسائل 21:112 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 22 ح 6.

لا يتجاوز الاثنتين مطلقاً (1).

الرابعة لا يجوز نكاح الأمة على الحرّة إلّا بإذنها

الرابعة:لا يجوز نكاح الأمة على الحرّة إلّا بإذنها بإجماعنا، حكاه جماعة من أصحابنا،كالمبسوط و السرائر و الغنية و الروضة (2)، و غيرهم (3).

و الاخبار به مستفيضة،كالحسن بل الصحيح-:«تزوّج الحرّة على الأمة،و لا تزوّج الأمة على الحرّة،و من تزوّج أمة على حرّة فنكاحه باطل» (4).

و لا فرق فيه بين الدائم و المنقطع؛ للصحيح (5)،و فحوى المانع عن التمتّع بها مع القدرة على الحرّة كما مرّ (6).

و ليس في إطلاقها الدلالة على المنع عن التزويج بها مطلقاً و لو مع الإذن؛ لانصرافه إلى الغالب،و ليس فيه الإذن،فيقتصر في تخصيص الأُصول و العمومات القطعيّة على الإباحة على القدر المتيقّن من الإطلاق.

مضافاً إلى التصريح بالجواز مع الإذن في التمتّع في الصحيح

ص:220


1- حكاه عن أحمد و عطاء و الحسن و غيرهم في المغني 7:437،و به قال الشافعي في الأُم 5:41.
2- المبسوط 4:214،السرائر 2:545،لم نعثر عليه في الغنية،الروضة 5:192.
3- انظر التذكرة 2:641.
4- الكافي 5:2/359،التهذيب 7:1408/344،الوسائل 20:509 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 46 ح 1.
5- الكافي 5:3/463،التهذيب 7:1113/257،الاستبصار 3:534/146،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:202/88،الوسائل 22:41 أبواب المتعة ب 16 ح 1.
6- في ص 212.

المتقدّم (1)،و لا قائل بالفرق،مع إشعار المرويّ في تفسير العيّاشي (2)باتّحاده مع الدائم.

و لذا قطع الأصحاب بالجواز حينئذ،بل في التبيان و السرائر و التذكرة و المسالك الإجماع على صحّة العقد مع الإذن (3)،و هو ظاهر في الإجماع على الحلّ،فتأمّل.فلا وجه لتعميم المنع،كما يوجد في كلام بعض المتأخّرين (4).

و لو بادر فعقد عليها من دون إذن الحرّة كان العقد باطلاً أذنت بعد ذلك أم لا،على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع في المبسوط و ظاهر التبيان و السرائر (5)؛ و هو الحجّة فيه،لا الأخبار الحاكمة به كالحسن المتقدّم لعدم العموم فيها،و إنّما غايتها الإطلاق المنصرف إلى ما عرفت من الغالب،و هو عدم الإذن،و لا ريب في بطلانه حينئذ،نعم،هي صالحة للتأييد.

و يتقوّى البطلان على القول بالمنع عن نكاحه الأمة مطلقاً بناءً على ما تقدّم تحقيقه في نكاح ابنتي الأخ و الأخت على العمّة و الخالة من أنّ كلّ ما فيه معصية اللّه سبحانه بمعنى:عدم الرخصة فيه منه تعالى فهو باطل (6)،كما استفيد من الأخبار المشار إليها ثمّة (7).و ما نحن فيه منه؛ بناءً على عدم الرخصة فيه؛ لاشتراطها في الآية و الأخبار بما لا وجود له في

ص:221


1- في ص 216.
2- تقدّم في ص 215.
3- التبيان 3:170،السرائر 2:546،التذكرة 2:641،المسالك 1:485.
4- انظر الحدائق 23:570.
5- المبسوط 4:215،التبيان 3:170،السرائر 2:546.
6- راجع ص 185.
7- راجع ص 185.

محلّ الفرض.

و قيل:كان للحرّة الخيرة بين إجازته أي عقد الأمة و فسخه نسب إلى الشيخين و ابن البرّاج و سلّار و ابن حمزة (1)،و اختاره الشهيدان في المسالك و اللمعة (2).إلحاقاً له بالفضولي؛ لعموم بعض أدلّته،و ليس مثله قياساً.

إلّا أنّه يضعّف بما قدّمناه من الأدلّة،و لولاها لكان القول به في غاية الجودة،كما اخترناه في نكاح ابنتي الأخ و الأُخت على العمّة و الخالة.

و في رواية سماعة عن مولانا الصادق عليه السلام:في رجل تزوّج أمة على حرّة،فقال:«إن شاءت الحرّة أن تقيم مع الأمة أقامت،و إن شاءت ذهبت إلى أهلها» (3)و مقتضاها:أنّ الحرّة لها أن تفسخ عقد نفسها دون عقد الأمة ضدّ القول الثاني.

و أجاب عنها الماتن:بأنّ في الرواية ضعف و ليس كذلك؛ إذ ليس في سندها من يتوقّف فيه،إلّا سماعة،و هو موثّق،بل قيل بوثاقته (4)،و مع ذلك روى عنه الحسن بن محبوب بوساطة يحيى اللَّحّام الثقة،كما عن النجاشي و الخلاصة (5)و هو ممّن حكى الكشّي على صحّة رواياتهم إجماع العصابة (6)،فالسند في غاية الاعتبار

ص:222


1- المفيد في المقنعة:506،الطوسي في النهاية:459 ابن البرّاج في المهذب 2:188،الديلمي في المراسم:150،ابن حمزة في الوسيلة:294.
2- المسالك 1:485،اللمعة(الروضة البهية 5):192.
3- الكافي 5:4/359،التهذيب 7:1412/345،الوسائل 20:511 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 47 ح 3.
4- انظر رجال النجاشي:517/193.
5- النجاشي:1202/445،الخلاصة:182.
6- رجال الكشي 2:1050/830.

و القوّة.

و الأولى الجواب عنها بعدم معارضتها لما تقدّم من الأدلّة،و منها الأخبار المتقدّمة؛ لدلالتها على البطلان و لو في الجملة،إذ ظاهر الموثّقة إطلاق صحّة نكاح الأمة.

هذا،مع مخالفته الأُصول المقتضية لبقاء لزوم عقد الحرّة و حرمة وطء الأمة قبل العقد عليها،و ما هذا شأنه لا يمكن الاعتماد إليه،و إن نسب إلى المتقدّم ذكرهم في بيان القيل.

كلّ ذا إذا تزوّج الأمة على الحرّة.

و لو انعكس الفرض ف أدخل الحرّة على الأمة جاز و لزم،مع علم الحرّة بأنّ تحته أمة؛ إجماعاً و نصوصاً (1).

و لكن للحرّة الخيار في فسخ عقد نفسها و إمضائه إن لم تعلم بذلك؛ إجماعاً،و للخبر الآتي.

دون عقد الأمة،على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع في الخلاف (2)،و عدم الخلاف في السرائر (3)؛ لأصالة بقاء اللزوم،و اندفاع الضرر بتخيّرها في فسخ عقد نفسها.

و للخبر:عن رجل كانت عنده امرأة وليدة،فتزوّج حرّة و لم يُعلمها أنّ له امرأة وليدة،فقال:«إن شاءت الحرّة أقامت،و إن شاءت لم تقم» الحديث (4)؛ لإشعاره باختصاص اختيارها بين الإقامة و عدمها بالنسبة إلى

ص:223


1- الوسائل 20:509 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 46.
2- الخلاف 4:318.
3- السرائر 2:546.
4- التهذيب 7:1413/345،الوسائل 20:511 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 47 ح 1.

عقد نفسها لا مطلقاً.

فظهر ضعف القول المحكيّ عن التبيان بتخيّرها في فسخ عقد الأمة أيضاً (1).

و ضعف الخبر لو كان بالشهرة و الأصل منجبر،مع أنّه بطريق موثّق عن سماعة في البحار مرويّ (2).

و لو جمع بينهما في العقد كأن زوّجه رجل ابنته و أمته في عقد واحد،أو يزوّجه ابنته و أمة غيره بالوكالة كذلك،أو بالعكس،أو يزوّجهما منه بها كذلك صحّ عقد الحرّة و الأمة إذا علمت بها و رضيت، و مع عدمهما اختصّ الصحّة بعقد الحرّة دون الأمة و ظاهر العبارة البطلان مطلقاً،وفاقاً لجماعة من الأعيان (3).

للصحيح:عن رجل تزوّج امرأة حرّة و أمتين مملوكتين في عقد واحد،قال:«أمّا الحرة فنكاحها جائز،و إن كان سمّى لها مهراً فهو لها؛ و أمّا المملوكتان فنكاحهما في عقد مع الحرّة باطل،يفرّق بينهما» (4).

و للنظر فيه مجال؛ لاحتمال الورود مورد الغالب،الذي لا يتحقّق فيه إذن.و لعلّه لذا اختار شيخنا في المسالك إلحاق عقد الأمة بالفضولي و جعله أقوى (5)،مع تصريحه بالخبر،إلّا أنّه لم يُجب عنه،فلعلّه ناظر إلى

ص:224


1- حكاه عنه في كشف اللثام 2:42 و هو في التبيان 3:170.
2- بحار الأنوار 100:28/343.
3- منهم الشيخ في النهاية:459،القاضي في المهذب 2:188،الحلّي في السرائر 2:547.
4- الفقيه 3:1264/266،التهذيب 7:1414/345،الوسائل 20:512 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 48 ح 1.
5- المسالك 1:485.

ما قلناه.

و زاد في المختلف فألحق عقد الحرّة بالفضولي أيضاً؛ معلّلاً بأنّ العقد واحد،و هو متزلزل،و لا أولويّة (1).و ليس في النصّ حجّة عليه؛ لأنّ غاية ما يستفاد منه صحّة عقد الحرّة،و ذلك لا ينافي التزلزل.لكن الإنصاف تبادر اللزوم منه.

و لا ريب في البطلان على القول بالمنع مطلقاً؛ لما قدّمناه من عدم الرخصة الموجب للبطلان (2).

الخامسة لا يحلّ العقد على ذات البعل

الخامسة:لا يحلّ العقد على ذات البعل إجماعاً.

لاستلزام تحريم التعريض بالخطبة في العدّة الرجعيّة كما يأتي تحريمه بطريق أولى.

و لقوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ [1] (3)ففي الحديث:«هنّ ذوات الأزواج» (4).

إلّا بعد مفارقته و انقضاء العدّة إن كانت ذات عدّة،رجعيّة كانت،أو بائنة،أو عدّة وفاة؛ بالإجماع و النصوص.

و لكن لا تحرم به مؤبداً مع الجهل و عدم الدخول إجماعاً؛ للأصل السالم عن المعارض،عدا ما سيأتي من إطلاق بعض الأخبار الآتية (5)المقيّد بما عداهما إجماعاً،و التفاتاً إلى عدم التحريم معهما بالعقد

ص:225


1- المختلف:529.
2- راجع ص 220.
3- النساء:24.
4- تفسير العياشي 1:81/232،الوسائل 21:151 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 45 ح 9.
5- في ص 225.

في العدّة المستلزم لعدمه معهما هنا؛ بناءً على اتّحاد طريق المسألتين:

و أمّا مع عدم أحدهما فإشكال،و المحكيّ عن الأكثر العدم هنا أيضاً؛ للأصل،و اختصاص المحرّم بذات العدّة،فلا يتعدّى إليه.

و فيه:استلزامه الثبوت هنا بطريق أولى؛ لأنّ علاقة الزوجيّة من علاقة الاعتداد أقوى.

و الاستشكال فيه بتوقّف الأولويّة على ثبوت علّيّة الزوجيّة،و هي غير ثابتة؛ لاحتمال اختصاص المعتدّة بمزيد علّة اقتضت الحرمة (1).مدفوعٌ بمخالفة الاحتمال للظاهر،مع جريانه في كلّ أولويّة.

هذا،مضافاً إلى إطلاق المعتبرة المستفيضة،كالموثّق:«التي تتزوّج و لها زوج،يفرّق بينهما ثم لا يتعاودان» (2).

و الرضوي:«و من تزوّج امرأة لها زوج،دخل بها أو لم يدخل بها، أو زنى بها،لم تحلّ له أبداً» (3).

و هما و إن عمّا صورتي الجهل و العلم،إلّا أنّهما مقيّدان بالثاني؛ للإجماع،و ما تقدّم،و ظاهر الصحيح:من تزوّج امرأة و لها زوج و هو لا يعلم،فطلّقها الأول أو مات عنها،ثم علم الآخر،أ يراجعها؟قال:

«لا،حتى ينقضي عدّتها» (4).

و نحوه المرفوع:«إنّ الرجل إذا تزوّج امرأة و علم أنّ لها زوجاً،فرّق

ص:226


1- نهاية المرام 1:167.
2- التهذيب 7:1271/305،الوسائل 20:446 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 1.
3- فقه الرضا عليه السلام:243،المستدرك 14:393،أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 1.
4- التهذيب 7:1915/477،الإستبصار 3:684/188،الوسائل 20:446 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 3؛ بتفاوت يسير.

بينهما و لم تحلّ له أبداً» (1)بناءً على ظهور كون قوله عليه السلام:«و علم» إلى آخره،جزء الشرط،المستلزم فقده عدم التحريم.

و هما و إن عمّا بحسب المفهوم في الحلّ مع الجهل صورتي الدخول و عدمه،إلّا أنّه خصّ منه الأول؛ للموثق:في امرأة فقدت زوجها أو نعي إليها،فتزوّجت،ثم قدم زوجها بعد ذلك فطلّقها،قال:«تعتدّ منهما جميعاً ثلاثة أشهر عدّة واحدة،و ليس للآخر أن يتزوّجها أبداً» (2).

و نحوه خبر آخر،بزيادة قوله:«و لها المهر بما استحلّ من فرجها» (3).

و أمّا مع عدمهما و هو صورة العلم و الدخول فلا خلاف في التحريم المؤبّد،و إليه أشار بقوله:

نعم،لو زنى بها حرمت،و كذا لو زنى بها في العدّة الرجعيّة خلاف يعرف،كما صرّح به جماعة (4)،بل عليه الإجماع منّا في الانتصار و الغنية،و عن الحلّي و فخر المحقّقين (5).

للرضوي الصريح فيه كما مرّ،و في موضع آخر منه أيضاً:«و من زنى بذات بعل،محصناً كان أو غير محصن،ثم طلّقها زوجها أو مات عنها،

ص:227


1- الكافي 5:11/429،التهذيب 7:1270/305،الوسائل 20:446 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 10.
2- التهذيب 7:1279/308،الإستبصار 3:682/188،الوسائل 20:446 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 2.
3- الفقيه 3:1698/355،التهذيب 7:1961/488،الإستبصار 3:688/190،الوسائل 20:447 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 6.
4- منهم الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:244 و صاحب الحدائق 23:580.
5- الانتصار:107 لم نعثر عليه في الغنية،الحلّي في السرائر 2:525،راجع إيضاح الفوائد 3:71.

و أراد الذي زنى بها أن يتزوجها،لم تحلّ له أبداً» (1).

و عن بعض متأخري الأصحاب أنّه قال:روي:أنّ من زنى بامرأة لها بعل أو في عدّة رجعية،حرمت عليه و لم تحلّ له أبداً (2).

و هو ينادي بوجود الرواية فيه بخصوصه،كما هو ظاهر الانتصار (3)و جماعة من الأصحاب (4).

هذا،مضافاً إلى جريان ما تقدّم من الأدلّة هنا،بل بطريق أولى، فلا وجه لتردّد بعض من تأخّر تبعاً للماتن في الشرائع (5)في المسألة (6).

و لا يلحق به الزناء بذات العدّة البائنة و عدّة الوفاة،و لا بذات البعل:

الموطوءة بشبهة،و لا الموطوءة بالملك؛ للأصل في غير موضع الوفاق،مع عدم الصارف عنه في المذكورات؛ لاختصاصه بغيرهن (7).

و فيه نظر؛ لجريان بعض ما تقدّم هنا،كالأولويّة الواضحة الدلالة في ذات العِدد المزبورة (8)؛ بناءً على ما يأتي من حصول التحريم بالعقد عليها فيها.

ص:228


1- فقه الرضا عليه السلام:278،المستدرك 14:387 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 11 ح 8.
2- لم نعثر عليه.
3- الانتصار:107.
4- جامع المقاصد 12:314،السبزواري في الكفاية:166.
5- الشرائع 2:292.
6- كالعلّامة في القواعد 2:15.
7- و إلى ما ذكرنا يشير كلام الفاضل في التحرير(2:14)فإنّه قال:و لو زنى بذات عدّة بائنة ذو عدّة وفاة،فالوجه أنّه لا تحرم عليه؛ عملاً بالأصل.و ليس لأصحابنا في ذلك نصّ،و على ما قلناه من التنبيه يحتمل التحريم مع العلم؛ لأنّا قد بيّنا ثبوته مع العقد،فمع التجرّد عنه أولى،و هو الأقرب،انتهى.و هو كما ترى نصٌّ فيما ذكرنا،و مع ذلك فقد اختاره أيضاً.منه رحمه الله.
8- أي الوفاة و البائن و وطء الشبهة.منه رحمه اللّه.
السادسة من تزوّج امرأة في عدّتها فالعقد فاسد

السادسة:من تزوّج امرأة دائماً أو منقطعاً في عدّتها بائنة كانت أو رجعيّة،أو عدّة وفاة،أو عدّة شبهة،فيما قطع به الأصحاب؛ لإطلاق الأدلّة جاهلاً بالعدّة،أو التحريم،أو بهما معاً؛ للصحيح الآتي و غيره (1). فالعقد فاسد بالضرورة،و صرّحت به بعض الأخبار الآتية.

و لكن لا تحرم عليه إلّا فيما لو دخل بها قبلاً كان أو دبراً، في العدّة أم خارجها؛ لإطلاق الأخبار كالنصوص،و ربما اشترط في الدخول وقوعه في العدّة،و هو ضعيف في الجملة،فإنّها حينئذٍ حرمت عليه مؤبّداً إجماعاً فيهما.

للمعتبرة،منها الصحيح:«إذا تزوّج الرجل المرأة في عدّتها و دخل بها،لم تحلّ له أبداً،عالماً كان أو جاهلاً،و إن لم يدخل بها حلّت للجاهل و لم تحلّ للآخر» (2).

و الصحيح:عن الرجل يتزوّج المرأة في عدّتها بجهالة،أ هي ممّا لا تحلّ له أبداً؟فقال:«لا،أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعد ما تنقضي عدّتها،و قد يُعذَر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك» فقلت:بأيّ الجهالتين أعذر:بجهالته أنّ ذلك محرّم عليه؟أم بجهالته أنّها في عدّة؟ فقال:«إحدى الجهالتين أهون من الأُخرى،الجهالة بأنّ اللّه تعالى حرّم ذلك عليه،و ذلك أنّه لا يقدر على الاحتياط معها» فقلت:فهو في الأُخرى معذور؟قال:«نعم،إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوّجها» فقلت:

فإن كان أحدهما متعمّداً و الآخر بجهالة؟فقال:«الذي تعمّد لا يحلّ له أن

ص:229


1- انظر الوسائل 20:449 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17.
2- الكافي 5:2/426،التهذيب 7:1276/307،الإستبصار 3:679/187،الوسائل 20:450 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 2.

يرجع إلى صاحبه أبداً» (1).

و إطلاقه الحلّ مع الجهالة مقيّدٌ بعدم الدخول،كما استفيد من سابقه.

و لحق به الولد مع الإمكان بلا إشكال؛ لأنّه وطء شبهة يلحق به النسب،مع إمكان كونه منه بأن تأتي به لأقلّ الحمل فما زاد إلى أقصاه من حين الوطء.

و به صرّح في الخبر:في المرأة تتزوّج في عدّتها،قال:«يفرّق بينهما،و تعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً،فإن جاءت بولد لستّة أشهر أو أكثر فهو للأخير،و إن جاءت بولد لأقلّ من ستّة أشهر فهو للأول» (2).

و لها المهر إن جهلت بوطء الشبهة الموجب له.

و للخبرين (3)،أحدهما الموثّق:عن رجل تزوّج امرأة في عدّتها، قال:«يفرّق بينهما،فإن كان دخل بها فلها المهر بما استحلّ من فرجها، و يفرّق بينهما،و لا تحلّ له أبداً،و إن لم يكن دخل بها فلا شيء لها من مهرها» .و هو كفتوى الأصحاب صريحٌ في اشتراط الدخول في استحقاق المهر،و في رواية:عدم الاشتراط و استحقاقها النصف (4)،و هو شاذّ لا يُعبَأ به.

ص:230


1- الكافي 5:3/427،التهذيب 7:1274/306،الإستبصار 3:676/186،الوسائل 20:450 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 4.
2- الفقيه 3:1441/301،التهذيب 7:1283/309،الوسائل 20:454 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 14.
3- الأوّل في:الكافي 5:6/427،التهذيب 7:1281/308،الوسائل 20:452 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 7.الثاني في:الكافي 5:9/428،الوسائل 20:452 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 8.
4- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:267/108،الوسائل 20:456 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 21.

و هل المراد به المسمّى،أم المثل؟ قولان،أقواهما:الثاني؛ لتوقّف الأول على صحّة العقد المنفيّة هنا، فتعيّن المثل؛ لأنّه عوض البضع.و ربما كان في الموثّق المتقدّم إشعارٌ بالأول،فتأمّل.

و يجب عليها أن تُتِمّ العدّة للأول،و تستأنف عدّة أُخرى للثاني في قول مشهور،بل عليه الوفاق كما عن بعض الأصحاب (1).

لتعدّد السبب،المقتضي لتعدّد المسبّب.

و للمعتبرة المستفيضة،منها الموثّق:المرأة الحبلى يتوفّى عنها زوجها،فتضع و تتزوّج قبل أن تعتدّ أربعة أشهر و عشراً،فقال:«إن كان الذي يتزوّجها دخل بها فُرّق بينهما،و لم تحلّ له أبداً،و اعتدّت بما بقي عليها من عدّة الأول،و استقبلت عدّة اخرى من الآخر ثلاثة قروء،و إن لم يكن دخل بها،فرّق بينهما،و أتمّت ما بقي من عدّتها،و هو خاطب من الخطّاب» (2).

و نحوه الموثّق الآخر (3)،و الحسن (4)،و ما يقرب من الصحيح المرويّ في كتاب عليّ بن جعفر (5).

ص:231


1- قال صاحب المدارك في نهاية المرام 1:171 بعد نسبة هذا القول إلى الأكثر:و قيل:يجزئ عدة واحدة..و لم نعرف قائله.
2- الكافي 5:5/427،التهذيب 7:1277/307،الإستبصار 3:680/187،الوسائل 20:450 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 2.
3- الكافي 5:8/428،الوسائل 20:452 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 9.
4- الكافي 5:4/427،التهذيب 7:1273/306،الإستبصار 3:675/186،الوسائل 20:451 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 6.
5- قرب الإسناد:986/249،الوسائل 20:456 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 20.

و قيل: و هو الإسكافي كما حكي (1) تجزئ عدّة واحدة منهما.

للمعتبرة،منها الصحيح:في امرأة تزوّجت قبل أن تنقضي عدّتها، قال:«يفرّق بينهما،و تعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً» (2).

و حملها على عدم الدخول بها بعيدٌ عن سياقها،كحملها على صورة الدخول و العلم؛ بناءً على أنّه لا عدّة للزناء.و يمكن الحمل على الوحدة في المقدار،لا الاكتفاء بالواحدة.

و لو لا الشهرة المرجّحة لحُمِلَت الأخبار المتقدّمة على التقيّة؛ للخبرين:

في أحدهما:قال زرارة:و ذلك أنّ الناس قالوا:تعتدّ عدّتين،من كلّ واحد عدّة،فأبى ذلك أبو جعفر عليه السلام و قال:«تعتدّ ثلاثة قروء و تحلّ للرجال» (3).

و في الثاني:في امرأة نعي إليها زوجها،فتزوّجت،ثم قدم الزوج الأول فطلّقها،و طلّقها الآخر،قال:فقال:إبراهيم النخعي:عليها أن تعتدّ عدّتين،فحملها زرارة إلى أبي جعفر عليه السلام،فقال:«عليها عدّة واحدة» (4).

و لكنّهما ضعيفان؛ لوجود موسى بن بكر في الأول،و الإرسال مع القطع في الثاني.

ص:232


1- حكاه عنه في المختلف:619،و المهذب البارع 3:285.
2- التهذيب 7:1278/308،الإستبصار 3:681/188،الوسائل 20:453 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 11.
3- الكافي 6:1/150،الفقيه 3:1701/356،التهذيب 7:1963/489،الوسائل 20:448 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 7؛ بتفاوت يسير.
4- الكافي 6:2/151،الوسائل 22:254 أبواب العدد ب 38 ح 2.

و لا ريب أنّ الأول أحوط،بل ربما حُمِلَ الأخبار الأخيرة على التقيّة.

و لو كان في تزويجها عالماً بالأمرين معاً حرمت عليه ب مجرّد العقد و لو خلا عن الدخول إجماعاً و نصوصاً،منها:

الصحيحان المتقدّمان (1)و غيرهما (2).

و لا يلحق به الولد؛ إذ لا حرمة لمائه.

و ليس لها مهر مع علمها مطلقاً (3)،و إلّا فلها المثل مع الدخول؛ لما مرّ.

و في إلحاق مدّة الاستبراء بالعدّة،فتحرم بوطئها فيها،وجهان، أجودهما:العدم؛ للأصل،و عدم تبادرها من العدّة المطلقة في الأخبار.

و كذا الوجهان في العقد عليها مع الوفاة المجهولة ظاهراً للمرأة خاصّة قبل العدّة،مع وقوعه بعد الوفاة في نفس الأمر،أو الدخول مع الجهل.

قيل:و الأقوى عدم التحريم؛ لانتفاء المقتضي له و هو كونها معتدّة، أو مزوّجة سواء كانت المدّة المتخلّلة بين الوفاة و العدّة بقدرها،أم أزيد، أم أنقص،و سواء وقع العقد أو الدخول في المدّة الزائدة عنها،أم لا؛ لأنّ العدّة إنّما تكون بعد العلم بالوفاة أو ما في معناه،و إن طال الزمان (4).

و فيه مناقشة؛ لأنّه لو تزوّجها بعد هذا الزمان في زمان العدّة لاقتضى التحريم البتّة،ففيه أولى؛ لأنّه أقرب إلى زمان الزوجيّة.

و المناقشة في هذه الأولويّة كما في سابقتها ممنوعة،فالتحريم لا يخلو عن قوّة،مع أنّه أحوط البتّة.

ص:233


1- في ص 227 228.
2- انظر الوسائل 20:449 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17.
3- أي دخل بها أم لم يدخل.منه رحمه الله.
4- قال به الشهيد الثاني في الروضة البهية 5:199.

و لو تزوّج حال كونه مُحرِماً بفرض أو نفل،بحجّ أو عمرة، بعد إفساده أو قبله،له أو لغيره عالماً بالحرمة حرمت المعقود عليها أبداً مطلقاً و إن لم يدخل بها،إجماعاً كما في المسالك،و عن الانتصار و الخلاف و الغنية و المنتهى و التذكرة (1).

لإطلاق الخبرين (2)أحدهما موثّق-:«إنّ المحرم إذا تزوّج و هو محرم فرّق بينهما،ثم لا يتعاودان أبداً» و خصوص المفصّل الآتي،المقيَّد به إطلاقهما.

و لو كان جاهلاً بها فسد العقد،إجماعاً؛ للصحاح المستفيضة:

في أحدها:عن محرم تزوّج،قال:«نكاحه باطل» (3).

و في آخر:«ليس للمحرم أن يتزوّج[و لا يزوِّج]،فإن تزوّج أو زوّج مُحلّاً فتزويجه باطل» (4).

و لكن لم تحرم عليه مطلقاً و لو دخل بها،على الأشهر

ص:234


1- المسالك 1:487،الانتصار:97،الخلاف 2:317،الغنية(الجوامع الفقهية):575،المنتهي 2:808،التذكرة 1:342.
2- الأول في:الكافي 4:3/372،التهذيب 5:1133/329،الوسائل 12:439 أبواب تروك الإحرام ب 15 ح 1.الثاني في:التهذيب 5:1132/329،الوسائل 12:440 أبواب تروك الإحرام ب 15 ح 2.
3- التهذيب 5:1129/328،الإستبصار 2:648/193،الوسائل 12:437 أبواب تروك الإحرام ب 14 ح 3.
4- الفقيه 2:1096/230،التهذيب 5:1128/328،الإستبصار 2:647/193،الوسائل 12:436 أبواب تروك الإحرام ب 14 ح 1؛ و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

الأظهر،بل عليه الإجماع في التذكرة و المنتهى (1).

للأصل،و مفهوم الخبر:«و المحرم إذا تزوّج و هو يعلم أنّه حرام عليه لا تحلّ له أبداً» (2).

و ليس في سنده سوى المثنّى،و قد روى عنه ابن أبي نصر،و هو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه،فلا ضير في اشتراكه.

مضافاً إلى اعتضاده بالأصل،و الشهرة،و الإجماعات المنقولة، و نحوها من الرواية المرويّة عن الحسين بن سعيد في كتابه.

خلافاً للمحكيّ عن المقنع و سلّار،فحكما بالتحريم هنا أيضاً مطلقاً (3)؛ لإطلاق الخبرين المتقدّمين،و هما مع قصور سنديهما مقيّدان بالخبرين المفصّلين.

و للخلاف و الكافي و الغنية و السرائر و الوسيلة و الإيضاح،فحرّموها مع الدخول هنا (4)لا مطلقاً (5)؛ و مستنده غير واضح،سوى الإلحاق بذات العدّة،و هو قياس لا نقول به؛ و دعوى الإجماع عليه في الخلاف بمصير الأكثر،و دعوى الإجماع على الخلاف موهونة.

ثم المعتبر في العقد المحرِّم صحّته لولا الإحرام،فلا عبرة بالفاسد؛ للأصل،و انصراف إطلاق الأدلّة إلى الأول.

ص:235


1- التذكرة 1:343،المنتهى 2:809.
2- الكافي 5:1/426،التهذيب 7:1272/305،الإستبصار 3:674/185،الوسائل 20:491 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 31 ح 1.
3- المقنع:109،سلّار في المراسم:149.
4- أي في صورة الجهل.منه رحمه الله.
5- الخلاف 2:317،الكافي في الفقه:286،الغنية(الجوامع الفقهية):575،السرائر 1:547،الوسيلة:293،الإيضاح 3:73.

خلافاً للمحكيّ عن التحرير،فاعتبره مع اعتقاد صحّته (1)؛ و مستنده غير واضح.

و لو انعكس فرض المسألة،فتزوّج المُحلّ المحرمة،فالأصل الإباحة،و لا معارض لها من الأدلّة،و هو المشهور بين الطائفة.

و ربما حكي القول بالحرمة عن الخلاف،مدّعياً فيه الوفاق؛ مستدلّاً به،و بالاحتياط،و الأخبار (2).و لم نقف عليها،و دعوى الوفاق غير واضحة،و الاحتياط ليس بحجّة.

و لا تحرم الزوجة بوطئها في الإحرام مطلقاً إجماعاً؛ للأصل، و لا معارض؛ مع أنّ الحرام لا يُفسِد الحلال كما في المستفيضة (3).

السابعة من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أُمّ الغلام و بنته و أخته

السابعة:من لاط بغلام أو رجل فأوقبه و لو بإدخال بعض الحشفة؛ لصدق الإيقاب عليه،مع تأمّل في انصرافه إليه،إلّا أنّ الاتّفاق في الظاهر واقع عليه حرمت عليه أُمّ الغلام و الرجل و إن علت و بنته و إن نزلت،من ذكر و أُنثى،من النسب اتّفاقاً،و من الرضاع على الأقوى.

و مستند تحريم العاليات و السافلات هو الاتّفاق كما في المسالك (4)، مضافاً إلى الاستقراء.

و أُخته دون بناتها اتّفاقاً؛ لعدم صدق الاسم عليها.

و أصل الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب،مدّعى عليه الإجماع في كلام جماعة منهم،كالإنتصار و الخلاف و الغنية و التذكرة و المسالك و شرح

ص:236


1- التحرير 2:14.
2- الخلاف 4:322.
3- انظر الوسائل 20:428،430 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 8،9.
4- المسالك 1:487.

الكتاب للسيّد (1)و غيرهم (2).

و عليه دلّت المعتبرة.

ففي المرسل كالصحيح:في الرجل يعبث بالغلام،قال:«إذا أوقب حرمت عليه أُخته و ابنته» (3).

و نحوه المرسل كالحسن،بل الصحيح (4)،و الضعيف المنجبر بالعمل في الأُخت خاصّة (5).

و في الموثّق في رجل لعب بغلام،هل تحلّ له امّه؟قال:«إن كان ثقب فلا» (6).

و ليس في سنده سوى الحسن بن فضّال،و هو موثّق،و إبراهيم بن عمر،و هو ثقة على الأظهر،و تضعيف ابن الغضائري له (7)ضعيفٌ معارَضٌ بتوثيق النجاشي له (8)،المقدّم عليه عند التعارض،مع أنّه روى هنا حمّاد ابن عيسى،و هو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه فلا وجه لتضعيف الخبر.

و هذه الأخبار كما ترى نصٌّ في بلوغ الواطئ؛ للفظ:«الرجل»

ص:237


1- الانتصار:107،الخلاف 4:308،لم نعثر عليه في الغنية،التذكرة 2:633،المسالك 1:487،نهاية المرام 1:173.
2- انظر مفاتيح الشرائع 2:242،و الحدائق 23:442.
3- التهذيب 7:1286/310،الوسائل 20:445 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 15 ح 6.
4- الكافي 5:2/417،الوسائل 20:444 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 15 ح 1.
5- الكافي 5:1/417،الوسائل 20:445 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 15 ح 4.
6- التهذيب 7:1287/310،الوسائل 20:445 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 15 ح 7.
7- رجال العلّامة:15/6.
8- النجاشي:26/20.

مضافاً إلى أنّه الأغلب فيه و المتبادر،كتبادر حياة المفعول و غلبتها،فيقتصر في الخروج عن الأصل المقتضي للإباحة على القدر المتبادر منها،فلا وجه لإلحاق الواطئ الصغير و الموطوء الميّت بالبالغ و الحي.نعم،الأحوط ذلك.

قيل (1):و إنّما تحرم المذكورات مع سبق الوطء على العقد عليهن، فلو انعكس لم تحرم؛ للأصل،و عموم:«إنّ الحرام لا يحرّم الحلال» (2)فيحمل إطلاق الأخبار عليه،مع تبادره منه دون غيره.

نعم،في المرسل كالحسن،بل كالصحيح على الصحيح:في رجل يأتي أخا امرأته،فقال:«إذا أوقبه حرمت عليه» (3).

لكنّه لا يعارض الأصل المتّفق عليه،فليحمل بما يؤول إليه.

لكن عن ابن سعيد في الجامع:انفساخ نكاح المرأة بالإيقاب (4).

و هو ظاهر في عموم التحريم،كإطلاق المتن،و المقنعة (5)،و جماعة (6)، و صريح النهاية،قال:و من فجر بغلام فأوقب،حرم عليه العقد على امّه و أُخته و بنته على جميع الأحوال (7).

و عن الإسكافي:التصريح بالتحريم هنا بعد العقد قبل الوطء.

ص:238


1- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:203.
2- المتقدم في ص 236.
3- الكافي 5:4/418،الوسائل 20:444 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 15 ح 2.
4- الجامع للشرائع:428.
5- المقنعة:501.
6- منهم العلّامة في القواعد 2:15،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 12:317،و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:87.
7- النهاية:453.

فالمسألة محلّ إشكال؛ لظاهر الخبر المعتبر سنداً،المعتضد بإطلاق الأخبار المتقدّمة جدّاً؛ للتأمّل في عدم تبادر المقام منه،و يتوجّه حينئذٍ تخصيص الأصل و العموم بهما،مع تخصيصهما بهما في الجملة إجماعاً، فالاحتياط فيه لازم.

و على عدم التحريم،قيل:الظاهر عدم الفرق بين مفارقة من سبق عقدها بعد الفعل و عدمه،فيجوز له تجديد نكاحها بعده،مع احتمال عدمه؛ لصدق سبق الفعل بالنسبة إلى العقد الجديد (1).انتهى.

و الاحتمال قوي،يساعده الإطلاقات المخصَّص بها الأصل و العموم المتقدّم،فوجه الظهور غير واضح،إلّا ما ربما يتوهّم من عدم تبادر مثله من الإطلاق،و فيه نظر.

ثم إنّه لا يحرم على المفعول بسببه شيءٌ عندنا؛ للأصل،و العموم المتقدّم (2)،و ظهور عدم شمول النصوص له.

و حكى الشيخ عن بعض الأصحاب تعدّي التحريم إليه أيضاً (3)؛ و لعلّه لاحتمال الضمير لكلّ من الفاعل و المفعول،و لذا كان التجنّب أحوط،و إن كان في تعيّنه نظر؛ لضعف الاحتمال،و دعوى الإجماع على العدم في صريح التذكرة و ظاهر الروضة (4).

ص:239


1- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:203.
2- أي عموم قولهم:«إنّ الحرام لا يحرّم الحلال» منه رحمه الله.
3- لم نعثر عليه،نعم حكى السيّد صاحب المدارك عن بعض الأصحاب في نهاية المرام 1:173.
4- التذكرة 2:633،الروضة 5:204.
السبب الرابع استيفاء العدد

السبب الرابع من أسباب التحريم استيفاء العدد عَدَد الزوجات،و عَدَد الطلاق.

أمّا الأول:ف إذا استكمل الحرّ أربعاً: من النسوة بالغبطة أي الدوام،من قولهم:أغبَطَتْ عليه الحمّى،أي دامت،و أغبَطَت السماء:إذا دام مطرها- حرم عليه ما زاد عليهن،إجماعاً من المسلمين كافّة،كما حكاه جماعة (1).

للنصوص المستفيضة،بل المتواترة الآتي بعضها.ففي الصحيح:

«لا يجمع ماءه في خمس» (2).

و في الحسن:في رجل تزوّج خمساً في عقد واحد،قال:«يخلّي سبيل أيّهنّ شاء،و يمسك الأربع» (3).

و في العيون فيما كتبه مولانا الرضا عليه السلام إلى المأمون-:«لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع حرائر» (4)،و روى في الخصال عن الأعمش،عن مولانا الصادق عليه السلام مثله (5)،و روى في تحف العقول مرسلاً (6).

و في المرويّ في تفسير العيّاشي،عن منصور بن حازم،عنه عليه السلام

ص:240


1- منهم العلّامة في التذكرة 2:638،و الشهيد الثاني في المسالك 1:488،و صاحب الحدائق 23:617.
2- الكافي 5:1/429،التهذيب 7:1233/294،الوسائل 20:518 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 2 ح 1.
3- الكافي 5:5/430،الفقيه 3:1260/265،التهذيب 7:1237/295،الوسائل 20:522 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 4 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- عيون الأخبار 2:1/120،الوسائل 20:518 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 2 ح 3.
5- الخصال:9/603.
6- تحف العقول:314.

«لا يحلّ لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر» (1)، و نحوه مرسلاً في مجمع البيان (2).

مضافاً إلى الآية الكريمة (3)؛ بناءً على كون الواو فيها بمعنى:«أو» هنا؛ بإجماع الأُمّة،و هو القرينة على استفادة تحريم ما زاد على الأربع منها،و إلّا ففي دلالتها على المنع بنفسها مناقشة.

هذا في الحرائر.

و أمّا غيرهن ف يحرم عليه من الإماء ما زاد على اثنتين مطلقاً،كنّ معهما حرائر أم لا،بإجماعنا،حكاه جماعة من أصحابنا (4).

للصحيح:عن رجل له امرأة نصرانيّة،له أن يتزوّج عليها يهوديّة؟ فقال:«إنّ أهل الكتاب مماليك للإمام،و ذلك موسّع منّا عليكم خاصّة، فلا بأس أن يتزوّج» قلت:فإنّه يتزوّج عليها أمة،قال:«لا يصلح أن يتزوّج ثلاث إماء» الخبر (5).

و في دلالته على التحريم نظرٌ لولا الإجماع.

و تُحسَبان من الأربع،فتحلّ له معهما حرّتان خاصّة،أو ثلاث مع

ص:241


1- تفسير العياشي 1:218،الوسائل 20:519 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 2 ح 4.
2- مجمع البيان 2:6،الوسائل 20:518 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 1 ح 3.
3- النساء:3.
4- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):610،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:246،و البحراني في الحدائق 23:619.
5- الكافي 5:11/358،التهذيب 7:1797/449،الوسائل 20:أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 2 ح 2 بتفاوت.

إحداهما دونهما،و ظاهرهم الإجماع عليه؛ و لعلّه لإطلاق المانع عن الزائد على الأربع من الكتاب و السنّة.و تقييدها في بعضها بالحرائر مع وروده مورد الغالب إنّما هو بالإضافة إلى ملك اليمين لا مطلقاً.

و إذا استكمل العبد حرّتين،أو أربعاً من الإماء خاصّة،أو حرّة و أمتين حرم عليه ما زاد على ذلك مطلقاً (1)؛ بإجماعنا و أخبارنا كما مرّ.

قيل:و المُعتَق بعضه كالحرّ في حقّ الإماء فلا يتجاوز اثنتين و كالعبد في حقّ الحرائر فلا يتجاوز حرّتين كما أنّ المُعتَق بعضها كالحرّة في حقّ العبد فلا ينكح أكثر من اثنتين و كالأمة في حقّ الحرّ، فلا يتجاوزهما (2).

و لعلّ ذلك تغليباً للحرمة،كما يستفاد من بعض المعتبرة:«ما اجتمع الحلال و الحرام إلّا و قد غلب الحرام الحلال» (3)فتأمّل.

و لكلّ منهما أن يضيف إلى ذلك تزويج النسوة و وطأهنّ بالعقد المنقطع و ملك اليمين ما شاء إجماعاً و نصّاً،كتاباً (4)و سنّة (5)،في الثاني.إلّا أنّه في العبد مبنيّ على القول بتملّكه،أو جواز تحليل السيّد له إماءه؛ و في المعتبرة دلالة على جواز وطئه لإماء سيّده بإذنه.

ففي الصحيح:عن المملوك كم تحلّ له من النساء؟فقال:«لا تحلّ له

ص:242


1- أي من الإماء و الحرائر.منه رحمه الله.
2- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:206.
3- غوالي اللئلئ 3:17/466،سنن البيهقي 7:169.
4- النساء:24.
5- الوسائل 20:527 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 9.

إلّا اثنتان،و يتسرّى (1)ما شاء إذا أذن له مولاه» (2).

و نحوه في الخبرين (3)،في أحدهما:«لا بأس أن يأذن له مولاه، فيتسرّى من ماله إن كان له مال جاريةً أو جواري يطأهن،و رقيقه له حلال» .و سنده معتبر؛ لوجود صفوان فيه،فلا يضرّ جهالة راويه.

و على الأظهر الأشهر في الأوّل،بل عليه الإجماع عن الانتصار و الطبريّات و السرائر (4)،و في التذكرة:إنّه قول كلّ من أباح نكاح التمتّع (5)؛ و النصوص به مع ذلك و عموم الآية (6)مستفيضة.

ففي الصحيح:عن المتعة أ هي من الأربع؟فقال:

«لا» (7).و في آخرَين:«هي بمنزلة الإماء» (8)كما في أحدهما.

ص:243


1- قال ابن منظور في لسان العرب(4:358):و قال بعضهم:استسرَّ الرجل جاريته بمعنى تسرّاها،أي اتخذها سُرِّيَّة.و السرِّيَّة:الأمة التي بَوَّأتَها بيتاً،و هي فُعْلِيَّة،منسوبة إلى السرّ،و هو الجماع و الإخفاء.
2- التهذيب 8:749/211،الإستبصار 3:771/213،الوسائل 20:528 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 9 ح 4.
3- الأول في:التهذيب 8:755/211،الإستبصار 3:778/214،الوسائل 21:112 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 22 ح 8؛ بتفاوت يسير.الثاني في:الكافي 5:2/477،الوسائل 20:527 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 9 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- الانتصار:125،السرائر 2:539.
5- التذكرة 2:639.
6- النساء:24.
7- الكافي 5:2/451،التهذيب 7:1117/258،الاستبصار 3:535/147،قرب الإسناد:21،الوسائل 21:18 أبواب المتعة ب 4 ح 1.
8- الكافي 5:1/451،الوسائل 21:19 أبواب المتعة ب 4 ح 6؛ بتفاوت يسير.

و في الثاني:ما يحلّ من المتعة؟قال:«كم شئت» (1).

و في الخبر:عن المتعة أ هي من الأربع؟قال:«لا،و لا من السبعين» (2)و في آخر:«تزوّج منهنّ ألفاً،فإنّهنّ مستأجرات» (3).

و علّل في بعضها ب:«أنّها لا تطلّق و لا ترث» (4).

و ضعف هذه الأخبار غير قادح بعد الانجبار بما مرّ،فيقيّد به إطلاق الأدلّة المانعة عن الزيادة عن الأربع،مع عدم تبادر الانقطاع منها.

و ربما نسب إلى ابن حمزة المنع عنها هنا أيضاً (5)،تمسّكاً بالإطلاق المزبور.و قد عرفت ضعفه.

و المعتبرة،كالصحيح:«هي من الأربع» (6)و الموثّق:«هي أحد الأربعة» (7).

و هما مع قصورهما عن المقاومة لما مرّ من وجوه عديدة محمولان على الاستحباب،أو الاتّقاء على الشيعة،ليتأتّى لهم الاحتيال

ص:244


1- الكافي 5:3/451،التهذيب 7:118/358،الإستبصار 3:536/147،الوسائل 21:18 أبواب المتعة ب 4 ح 3.
2- الكافي 5:/451 4،الفقيه 3:/294 1395،التهذيب 7:/258 1119،الإستبصار 3:/147 537،الوسائل 21:19 أبواب المتعة ب 4 ح 7.
3- الكافي 5:7/452،التهذيب 7:1120/258،الإستبصار 3:538/147،الوسائل 21:18 أبواب المتعة ب 4 ح 2.
4- الكافي 5:5/451،الوسائل 21:18 أبواب المتعة ب 4 ح 4.
5- الوسيلة:295.
6- قرب الإسناد:1313/366،الوسائل 21:21 أبواب المتعة ب 4 ح 13.
7- التهذيب 7:1122/259،الإستبصار 3:540/147،الوسائل 21:20 أبواب المتعة ب 4 ح 10.

بالاقتصار على الأربع على التفصّي عن شنعة العامّة،و لو زيد عليها لما أمكن هذه الحيلة.

و لعلّه المراد من الاحتياط في الصحيح:«اجعلوهنّ من الأربع،فقال له صفوان بن يحيى:على الاحتياط؟قال:نعم» (1).

فالقول بذلك في غاية الضعف،و مع ذلك عبارة القائل به غير صريحة في المنع،فلا احتياط يعتدّ به في المسألة كما توهّم.

و إذا طلّق واحدة من الأربع حرم عليه ما زاد غبطةً و دواماً حتى تخرج المطلّقة من العدّة الرجعيّة،بلا خلاف،و صرّح به في التذكرة (2)؛ لكونها بحكم الزوجة،مضافاً إلى النصوص المستفيضة:

منها الصحيح:«إذا جمع الرجل أربعاً فطلّق إحداهنّ فلا يتزوّج الخامسة حتى تنقضي عدّة المرأة التي طلّق» و قال:«لا يجمع ماءه في خمس» (3).

و باقيها مشتركة في قصور السند المنجبر بالعمل.

أو تكون المطلّقة بائنة فيتزوّج و إن لم تنقض عدّتها إن كانت ذات عدّة كالمختلعة مثلاً على الأشهر.

لخروجها مع البينونة عن عصمة النكاح،فصارت كالأجنبيّة.

مع استفاضة الروايات بجواز نكاح الأُخت مع بينونة الأُخت الأُخرى

ص:245


1- التهذيب 7:1124/259،الإستبصار 3:542/148،الوسائل 21:20 أبواب المتعة ب 4 ح 9.
2- التذكرة 2:639.
3- الكافي 5:1/429،التهذيب 7:1233/294،الوسائل 20:518 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 2 ح 1.

قبل انقضاء عدّتها (1)،فالخامسة أولى.

و فيهما نظر.

لكن المستفاد من التذكرة عدم القول بالفرق بين المسألتين (2)،و به صرّح بعض الأصحاب (3).

و فيه منع؛ لإطلاق المفيد في المقنعة المنع هنا (4)،مع تصريحه باختصاصه بالعدّة الرجعيّة ثمّة (5)،فلا يصحّ دعوى عدم الخلاف مع مصيره إليه،و ظاهر النصوص في المقامين إطلاقاً هنا و تقييداً ثمّة معه،فقوله لا يخلو عن قوّة.

و يمكن الاستدلال للمشهور بأصالة الجواز،مع عدم ما ينافيها،سوى الأخبار المانعة عن الجمع بين ما زاد على الأربع،و ليست البائنة منها؛ لصيرورتها أجنبيّة،فلا يصدق الجمع.

و إطلاق المستفيضة و إن منع عن الخامسة في العدّة البائنة،إلّا أنّ ما عدا الصحيح المتقدّم منها قاصرُ السند،من دون جابر له فيه،سيّما مع اشتهار خلافة.

و الصحيح و إن أُطلق فيه أيضاً،إلّا أنّ إردافه بجملة:«لا يجمع ماءه في خمس» كالتعليل للحكم المتقدّم،المشعر باختصاصه بالعدّة الرجعيّة؛ إذ هي التي يتصوّر فيها مقتضاه دون البائنة،و لكن بعْدُ لا يخلو عن شبهة

ص:246


1- الوسائل 22:270 أبواب العدد ب 48.
2- التذكرة 2:639.
3- كالمحقق في الشرائع 2:293،و السبزواري في الكفاية:166،و صاحب الحدائق 23:627.
4- المقنعة:536،إلّا أنّه لم يطلق المنع بل فصّل كغيره بين الرجعية و غيرها.
5- أي في الجمع بين الأُختين(المقنعة:536).منه رحمه الله.

قويّة؛ و لعلّه لأجلها حكم بالكراهة الشديدة جماعة (1).

فالاجتناب مهما أمكن أولى،سيّما مع اعتبار بعض تلك الأخبار، الذي لا يحتاج معه إلى جابر،كالمرويّ في الفقيه (2)عن الحسن بن محبوب و هو ثقة،و ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه عن سعد بن أبي خلف و هو ثقة عن سنان بن ظريف و هو ممدوح كما ذكره جماعة (3)فالحديث حسن،و على تقدير الجهالة فرواية الحسن لها جابرة.

و نحو المروي (4)بطريق فيه سهل الثقة عند بعض (5)،و ضعفه سهل عند جمع (6).

فيقوى الإشكال في المسألة غاية القوّة،إلّا أن يقيّد إطلاق المعتبرة بإشعار الصحيحة المتقدّمة (7)باختصاص الحكم بالعدّة الرجعيّة؛ بناءً على أنّ أخبارهم عليهم السلام يكشف بعضها عن بعض.

و كيف كان،فالتجنّب مهما أمكن أحوط و أولى.

و في صدر هذه الرواية (8)تصريح بالجواز في البائن مع عدم العدّة،

ص:247


1- منهم الشهيد في اللمعة و الروضة 5:210،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:43،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:247.
2- الفقيه 3:1262/265،الوسائل 20:521 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 3 ح 6.
3- رجال الكشي 2:710،نقد الرجال:163،رجال ابن داود:106.
4- الكافي 5:3/430،التهذيب 7:1235/294،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:323/126،الوسائل 20:519 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 3 ح 1.
5- كالشيخ في رجاله:416.
6- منهم الشيخ في الفهرست:80،النجاشي في رجاله:185.
7- في ص 243.
8- أي:المروية في الفقيه.

كغير المدخول بها،و ليس محلّ خلاف.

و كذا لو طلّق امرأة و أراد نكاح أُختها ليس له ذلك حتى تخرج المطلّقة من العدّة،أو تكون طلقتها بائنة مطلقاً (1)هنا؛ إجماعاً منّا،كما في كلام جماعة من أصحابنا (2).

و به استفاض نصوصنا،كالصحيحين:في رجل طلّق امرأته أو اختلعت عنه أو بارأت،أ يجوز أن يتزوّج بأُختها؟قال:فقال:«إذا برئت عصمتها،و لم يكن له عليها رجعة،فله أن يخطب أُختها» (3).

و نحوه المرويّ في كتاب الحسين بن سعيد في الصحيح (4).

و بها يقيّد ما أُطلق فيها المنع بحيث يشمل ذات العدّة البائنة كالخبرين:عن رجل طلّق امرأته،أ يتزوّج أُختها؟قال:«لا،حتى تنقضي عدّتها» (5).

ص:248


1- كانت ذات عدّة أم لا.منه رحمه الله.
2- منهم ابن فهد في المهذب البارع 3:290،البحراني في الحدائق 23:629،العلّامة في المختلف:526.
3- الأول في:الكافي 5:7/432،التهذيب 7:1206/286،الإستبصار 3:619/169،الوسائل 22:270 أبواب العدد ب 48 ح 2.الثاني في:الكافي 6:9/144،التهذيب 8:477/137،الوسائل 22:270 أبواب العدد ب 48 ح 1.
4- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:311/122،الوسائل 22:271 أبواب العدد ب 48 ح 5.
5- الأول في:الكافي 5:9/432،التهذيب 7:1210/287،الإستبصار 3:623/171،الوسائل 22:270 أبواب العدد ب 48 ح 3.الثاني في:الكافي 5:8/432،التهذيب 7:1208/286،الإستبصار 3:621/170،الوسائل 20:481 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 28 ح 2.

مضافاً إلى قصور سندهما.

و لإطلاقهما قيل بالكراهة في العدّة البائنة. (1)و لو لا المسامحة في أدلّة الكراهة لكان محلّ مناقشة.

ثم إنّ فتوى الأكثر إلحاق عدّة المتعة بالعدّة البائنة؛ لفحوى الصحاح المتقدّمة،مضافاً إلى تعليل الجواز فيها في بعضها بانقطاع العصمة الحاصل هنا.

خلافاً للمقنع،فألحقها بالرجعيّة (2)؛ لروايات قاصرة الأسناد،عدا واحد منها صحيح،و فيه:قرأت في كتاب رجل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام:

جُعِلتُ فداك،الرجل يتزوّج المرأة متعةً إلى أجل مسمّى،فينقضي الأجل بينهما،هل يحلّ له أن ينكح أُختها قبل أن تنقضي عدّتها؟فكتب:«لا يحلّ له أن يتزوّجها حتى تنقضي عدّتها» (3).

و هو مع عدم مكافأته لما تقدّم يتطرّق إليه القدح بعدم القطع بكون الحكم عنه عليه السلام؛ إذ غايته وجدانه في الكتاب عنه عليه السلام،و ليس كلّما يوجد في الكتب يكون صحيحاً،كما صرّح به الشيخ (4)،فتأمّل.و الاحتياط لا يترك.

ص:249


1- قال به الشهيد الثاني في المسالك 1:488.
2- المقنع:114.
3- الكافي 5:5/431،الفقيه 3:1404/295،التهذيب 7:1209/287،الإستبصار 3:622/170،الوسائل 20:480 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 27 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- انظر الاستبصار 3:171.

و لو تزوّجهما أي الأُختين في ال عقد الواحد أو المتعدّد مع التقارن بطل من أصله على الأشهر؛ لاستصحاب الحرمة،و للنهي عنه من حيث تضمّنه الجمع بينهما المقتضي للفساد هنا إجماعاً،و استحالة الترجيح.

مضافاً إلى فقد المقتضي لصحّة المتّحد؛ إذا ليس إلّا الأمر بالوفاء، و لا يمكن توجّهه إليه إجماعاً؛ لاشتماله على الفاسد بالاتّفاق،و ليس إلّا شيئاً واحداً و إن تعدّد متعلّقه،و هو لا يوجب تعدّده (1)ليتوجّه توجّه الأمر بالوفاء إلى أحدهما دون الآخر،و الوفاء به بالإضافة إلى بعض متعلّقه ليس وفاءً به بنفسه،و الذي توجّه إليه الأمر بالوفاء الذي هو المقتضي للصحّة هو الثاني لا الأوّل.

و ظهر بذلك ضعف ما قيل به من الصحّة في الجملة، ف يتخيّر إحداهما و يخلّي سبيل الأُخرى،كما عن النهاية و الإسكافي و القاضي (2)؛ الرواية به مقطوعة أي مرسلة في التهذيب و الكافي (3).

نعم،مرويّة في الفقيه في الصحيح:في رجل تزوّج أُختين في عقد واحد،قال:«هو بالخيار،يمسك أيّتهما شاء،و يخلّي سبيل الأُخرى» (4).

ص:250


1- أي العقد.منه رحمه الله.
2- النهاية:454،و نقله عن الإسكافي في المختلف:526،القاضي في المهذب 2:184.
3- الكافي 5:3/431،التهذيب 7:1203/285،الوسائل 20:478 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 25 ح 2.
4- الفقيه 3:1260/265،الوسائل 20:478 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 25 ح 1؛ بتفاوت يسير.

إلّا أنّها مع مخالفتها الأُصول المعتضدة بالشهرة غير واضحة الدلالة؛ لإمكان إرادة الإمساك بعقد جديد.

و يقوّيه ورود مثله في العقد عليهما مرتّباً في الصحيح (1)،مع ورود النصّ الصحيح ببطلان المتأخّر (2)،المعمول به عند الأكثر بل عليه الوفاق في شرح الكتاب للسيّد (3)،و الإجماع في التذكرة (4)و منهم أكثر القائلين هنا،و الموافق للأُصول القطعيّة،و هو قرينة واضحة على إرادة ما ذكر منه؛ لبعد شذوذه و فساده من أصله.

فيتقوّى بهذا احتمال إرادة مثله في الصحيح هنا،مع احتمالهما (5)التقيّة بمصير الإسكافي إليهما؛ بناءً على غلبة توافق رأيه لرأي العامّة و إن نسب الأول هنا إليهم كافّة في التذكرة (6)لاحتمال وجود قائل بذلك منهم في سابق الزمان،و إن اتّفقت آراؤهم في هذه الأزمان.

و لو كان معه ثلاث نسوة دائمات فتزوّج اثنتين في عقد،فإن سبق بأحدهما صحّ دون عقد اللاحقة اتّفاقاً.

و إن قرن بينهما بطلا على الأظهر الأشهر بين الطائفة،كما عن

ص:251


1- الكافي 5:2/431،التهذيب 7:1205/285،الاستبصار 3:618/169،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:316/124،الوسائل 20:479 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 26 ح 2.
2- الكافي 5:4/431،الفقيه 3:1258/264،التهذيب 7:1204/285،الإستبصار 3:617/169،الوسائل 20:478 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 26 ح 1.
3- نهاية المرام 1:182.
4- التذكرة 2:635.
5- أي الصحيح هنا و ثمّة.منه رحمه الله.
6- التذكرة 2:635.

السرائر و الإرشاد و التحرير (1)؛ للأُصول المتقدّمة،السليمة عن المعارض هنا؛ لما ستعرف.

و قيل هو النهاية و المهذّب و الجامع و الوسيلة (2): يتخيّر أيّتهما شاء.

و لا شاهد له سوى القياس بما في رواية جميل الحسنة، المتضمّنة ل:أنّه لو تزوّج خمساً في عقد،يتخيّر أربعاً،و يخلّي باقيهن (3) لكن الظاهر عدم القول بالفرق بين المسألتين،و به صرّح بعض شرّاح الشرائع (4).

لكن يردّ بضعف الدلالة بما مرّ،و باحتمال عدم وقوع التزويج حال الإسلام،و لا كلام في التخيير فيه.

نعم،في الشرائع نسبه إلى الرواية،و لم نقف عليها،و مع ذلك صرّح بضعفها (5)،فلا حجّة فيها،مع معارضتها ببعض المعتبرة:عن رجل كنّ له ثلاث نسوة،فيتزوّج عليهنّ امرأتين في عقد واحد،فدخل بواحدة منهما، ثم مات،قال:«إن كان دخل بالتي بدأ باسمها و ذكرها عند عقدة النكاح فإنّ نكاحه جائز،و عليها العدّة،و لها الميراث،و إن كان دخل بالمرأة التي سُمّيَتْ و ذُكِرَت بعد ذكر المرأة الأُولى فإنّ نكاحه باطل،و لا ميراث لها،

ص:252


1- السرائر 2:539،الإرشاد 2:26،التحرير 2:15.
2- النهاية:455،المهذب 2:184،الجامع للشرائع:430،الوسيلة:294.
3- الكافي 5:5/430،التهذيب 7:1237/295،الوسائل 20:522 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 4 ح 1.
4- كالشهيد الثاني في المسالك 1:488.
5- الشرائع 2:293.

و عليها العدّة» (1).

و هو ظاهر في بطلان العقد مع الدخول بالمتأخّر ذكرها،فمع العدم أولى.إلّا أنّه لا قائل به مع قصور سنده عن الصحّة؛ لوجود عنبسة في السند،و إن جبر ضعفه برواية ابن أبي عمير عنه،لكن مع ذلك لا تبلغ درجة الصحّة.

و لا يترك الاحتياط هنا و في السابق بالعقد مجدّداً على المختارة،أو الاختيار ثم الطلاق و إعطاء مهر المختارة،إن بدا له في نكاحهما.

ثم المتبادر من إطلاق النصوص و كلام الأصحاب في المقامين اختصاص الحكم نفياً و إثباتاً بالجاهل بحرمة الجمع،دون العالم، و وجهه واضح؛ لعدم القصد المعتبر،مع العلم بالفساد،فتأمّل.

و إذا استكملت الحرّة طلقات ثلاثاً يتخلّلها رجعتان بأيّ أنواع الطلاق كان حرمت على زوجها حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً محلّلاً مطلقاً و لو كانت تحت عبد بالكتاب (2)،و السنّة (3)،و الإجماع.

و إذا استكملت الأمة طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره كذلك و لو كانت تحت حرّ لأنّ الاعتبار في عدد الطلقات بالزوجة؛ بإجماعنا المستفيض نقله في كلام جماعة من أصحابنا (4)،و قد استفاض به أخبارنا

ص:253


1- الكافي 5:4/430،الفقيه 3:1263/266،التهذيب 7:1236/295،الوسائل 20:523 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 5 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- البقرة:229،230.
3- الوسائل 22:118 أبواب أقسام الطلاق ب 4.
4- منهم العلّامة في التذكرة 2:643،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:246،و البحراني في الحدائق 23:633.

منها الصحاح المستفيضة:«طلاق المرأة إذا كانت عند مملوك ثلاث تطليقات،و إن كانت مملوكة تحت حرّ تطليقتان» (1).

خلافاً للعامّة،فعكسوا القضيّة،فجعلوا الاعتبار في عددها بالزوج (2).

و المطلّقة تسعاً للعدّة ينكحها بينها رجلان،بأن طُلِّقت بالشرائط، ثم ارتُجِعَت في العدّة فوطئِت،ثم طُلِّقت كذلك،ثم ارتُجِعت فوُطِئت،ثم طُلِّقت فنكحت زوجاً غيره بعد انقضاء العدّة فوطِئت،ثم طُلِّقت فتزوّجها الأول بعد انقضاء العدّة،ثم طُلِّقت كذلك حتى استكملت تسعاً تحرم على المطلِّق أبداً إجماعاً منّا خلافاً للعامّة و النصوص به مستفيضة:

كالموثّق في تعداد المحرّمات بالأبد-:قال:«و الذي يطلِّق الطلاق الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره ثلاث مرّات،و تزوّج ثلاث مرّات، لا تحلّ له أبداً» (3).

و إطلاقه كغيره و إن شمل المطلّقة ثلاثاً بالسنّة بالمعنى الأخصّ، و هي التي تزوّجها المطلِّق بعد انقضاء العدّة،إلّا أنّه مقيّد بالإجماع كما حكاه جماعة (4)و مفهومِ القيد المعتبر في المرويّ في الخصال في تعداد المحرّمات بالسنّة،قال:«و تزويج الرجل امرأة قد طلّقها للعدّة تسع تطليقات» (5).

ص:254


1- انظر الوسائل 22:159 و 161 أبواب أقسام الطلاق و أحكامه ب 24،25.
2- انظر بداية المجتهد 2:62،المغني لابن قدامة 8:444،المجموع 17:278.
3- الكافي 5:1/426،التهذيب 7:1272/305،الإستبصار 3:674/185،الوسائل 22:120 أبواب أقسام الطلاق و أحكامه ب 4 ح 4.
4- منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:94،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:39،و صاحب الحدائق 23:634.
5- الخصال:10/532،الوسائل 20:409 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 1 ح 1.

و مفهومِ الشرط في الرضوي،حيث قال:«و أمّا طلاق العدّة:فهو أن يطلّق الرجل امرأته على طهر من غير جماع،ثم يراجعها من يوم أو غد أو متى ما يريد من قبل أن تستوفي قرءها،و أدنى المراجعة أن يقبّلها،أو ينكر الطلاق،فيكون إنكار الطلاق مراجعة،فإذا أراد أن يطلّقها ثانيةً لم يجز ذلك إلّا بعد الدخول بها،و إذا أراد طلاقها تربّص بها حتى تحيض و تطهر،فيطلّقها،فإذا أراد راجعها،فإن طلّقها الثالثة فقد بانت منه ساعة طلّقها،فلا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره،فإذا انقضت عدّتها منه، فتزوّجها رجل آخر،و طلّقها أو مات عنها،فإذا أراد الأول أن يتزوّجها فعل،فإن طلّقها ثلاثاً،واحدة بعد واحدة على ما وصفناه لك فقد بانت منه (1)،و لا تحلّ له [حتى تنكح زوجا غيره و إذا طلقها أو مات عنها فأراد الأول أن يتزوجها فعل فإن طلقها ثلاث تطليقات على ما وصفت واحدة بعد واحدة فقد بانت منه و لا تحل له] بعد تسع تطليقات أبداً.و اعلم أنّ كلّ من طلّق تسع تطليقات على ما وصفت لم تحلّ له أبداً» (2).

مضافاً إلى دلالته بوجه آخر،و هو ذكر السنّة فيه أيضاً،مع عدم الإشارة فيها إلى تحريم التسع للمطلقّة بها بالأبد،بل خصّ بالعدّة.

و يدلّ عليه أيضاً صريحاً خصوص المعتبرين بوجود ابن أبي عمير و عبد اللّه بن مغيرة اللذين هما ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهما من الرواية في سندهما،فلا يضرّ ضعف الراوي لو كان.

ففي أحدهما:عن رجل طلّق امرأته،ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض،ثم تزوّجها،ثم طلّقها،فتركها حتى حاضت ثلاث حيض،

ص:255


1- هنا زيادة في الأصل لم توجد في المصدر،و لعلّها تكرار،و هي:و لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره،و إذا طلقها أو مات عنها فأراد الأوّل أن يتزوّجها فعل،فإن طلّقها ثلاث تطليقات على ما و صفته واحدة بعد واحدة فقد بانت منه..
2- فقه الرضا عليه السلام:242،المستدرك 15:320 أبواب أقسام الطلاق و أحكامه ب 2 ح 3؛ بتفاوت.

ثم تزوّجها،ثم طلّقها،فتركها حتى حاضت ثلاث حيض من غير أن يراجعها يعني:يمسّها قال:«له أن يتزوّجها أبداً ما لم يراجع و يمسّ» (1).

و لفظ التأبيد صريح في العموم لما لو طُلِّقت كذلك طلقات عديدة و لو تجاوزت التسع،و أنّها لا تحرم بذلك إلى حصول الأمرين من الرجوع و الوقاع.

و ليس نصّاً في مختار ابن بكير (2)،فيطرح؛ لقبوله التقييد بحصول التحليل بعد كلّ ثلاث،و مقتضاه حينئذٍ:أنّه يتزوّجها أبداً بعد حصول المحلِّل،لا مطلقاً.

و أصرح منهما الموثّق عن مولانا الصادق عليه السلام:«فإن فعل هذا بها» مشيراً إلى المطلّقة بالسنّة«مائة مرّة هدم ما قبله،و حلّت بلا زوج» (3).

و خروج الذيل عن الحجّية بالإجماع و المعتبرة غير ملازم لخروج الجميع عنها،فقد يكون من إلحاق ابن بكير الذي في سنده به و كلامه؛ لاجتهاده.و يؤيّده تصريحه بعدم سماعه عدم اعتبار المحلّل من أحد،كما في الموثّق (4)

ص:256


1- الأول في:الكافي 6:1/77 بتفاوت،التهذيب 8:87/29،الإستبصار 3:962/270،الوسائل 22:115 أبواب أقسام الطلاق و أحكامه ب 3 ح 13.الثاني في:الكافي 6:2/77،الوسائل 22:115 أبواب أقسام الطلاق و أحكامه ب 3 ح 13.
2- و هو العدم بمحض انقضاء العدّة بدون محلّل.مرآة العقول 21:130.
3- التهذيب 8:107/35،الإستبصار 3:982/276،الوسائل 22:116 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 16.
4- الكافي 6:3/77،التهذيب 8:88/30،الإستبصار 3:963/271،الوسائل 22:114 أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 11.

و يعضد حقّيّة الصدر تصريح ابن بكير به،مع أنّه لم يردّه ابن سماعة و غيره ممّن وقع فيه (1)برأيه في عدم اعتبار المحلّل في طلاق السنّة في ذلك،و إنّما اقتصروا في الردّ على رأيه الفاسد.

هذا،مضافاً إلى دلالة الأخبار كفتوى الأخيار على الفرق بين العدّة و السنّة،و لا يُتصور إجماعاً إلّا بأمرين لا يمكن المصير إلى أحدهما:من عدم احتياج الثلاث من الثانية إلى المحلّل دونها من الأُولى؛ للإجماع كالأخبار باحتياجهما إليه،فانحصر الفارق في حصول التحريم بالتسع في الأولى دون الثانية.

و يؤيّده إطلاق الأخبار الدالّة على هدم التزويج للطلاق (2)كائناً ما كان (3)،سنّيةً أم عدّيةً،خرجت منه الثانية على التسع،بقيت الاُولى.

نعم،في بعض المعتبرة تصريح بالتحريم المؤبّد بالتسع في السنّة، كالصحيح:«إذا طلّق الرجل المرأة،فتزوّجت،ثم طلّقها زوجها الأول،ثم طلّقها،فتزوّجت رجلاً،ثم طلّقها،فتزوّجها الأول،ثم طلّقها هكذا ثلاثاً، لم تحلّ له أبداً» (4).

لكنّه شاذّ غير معارض لما تقدّم،فاستشكال بعض متأخّري الأصحاب في اختصاص تأبّد التحريم بالتسع الطلقات العدّية؛ بناءً على عدم الدليل عليه (5)،لا وجه له،و الصحيح المتقدّم قد اعترف بشذوذه،

ص:257


1- أي في سند الموثق الثاني.
2- انظر الوسائل 22:125 أبواب أقسام الطلاق ب 6.
3- واحداً أم متعدّداً.منه رحمه اللّه.
4- الكافي 5:7/428،التهذيب 7:1290/311،الوسائل 20:529 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 11 ح 2؛ بتفاوت يسير.
5- كالشهيد الثاني في المسالك 1:488.

فلا يصلح وجهاً للاستشكال.

ثم إنّ إطلاق العدّة على التسع المرتّبة مجاز؛ لأنّ الثالثة من كلّ ثلاث ليست للعدّة،فإطلاقه عليها إمّا إطلاق لاسم الأكثر على الأقلّ،أو باعتبار المجاورة.

قيل:و حيث كانت النصوص و الفتاوي مطلقة في اعتبار التسع للعدّة في التحريم المؤبّد،كان أعمّ من كونها متوالية و متفرّقة،فلو اتّفق في كلّ ثلاث واحدة للعدّة اعتبر فيه إكمال التسع كذلك (1).انتهى.

و للنظر فيه مجال:

أمّا في الأول:فلتعليق التحريم المؤبّد فيه على وقوعها بحيث يحتاج كلّ ثلاث منها إلى محلّل،أ لا ترى إلى الموثّق المصرّح ب:أنّ«الذي يطلّق الطلاق الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره ثلاث مرات و يزوّج ثلاث مرات،لا تحلّ له أبداً» (2)!؟و لا شيء من الطلقات الثلاث العدّيّات المتفرّق كلّ منها في ثلاث يحتاج إلى محلّل.

و قد اعترف به (3)في توجيهه احتمال اغتفار الثالثة من كلّ ثلاث وقع فيها عدّية واحدة،ب:أنّه المعتبر عند التوالي،و أنّ الثالثة لم يتحقّق اعتبار كونها للعدّة،و إنّما استفيد من النصّ التحريم بالستّ الواقعة لها، فيستصحب الحكم مع عدم التوالي (4).

فبعد الاعتراف بكون المستفاد من النصّ:التحريم بالستّ الواقعة لها

ص:258


1- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:213.
2- تقدّم ذكره في ص 252.
3- أي باختصاص النص.منه رحمه الله.
4- الروضة البهية 5:216.

المنحصرة هي في التوالي،كيف يمكن دعوى شموله للتسع المتفرّقة؟! و اعترف به أيضاً في توجيه احتمال عدم الاغتفار،الذي قوّاه بثبوته مع التوالي على خلاف الأصل،و إذا لم يحصل اعتبرت الحقيقة،خصوصاً مع كون طلقة العدّة هي الأُولى خاصّة،فإنّ علاقتي المجاز منتفيتان عن الثالثة؛ إذ لا مجاورة للعدّيّة و لا أكثريّة لها،بخلاف ما لو كانت العدّيّة هي الثانية،فإنّ علاقة المجاورة موجودة (1).

أقول:و لا ريب أنّ ثبوت الاغتفار مع التوالي إنّما هو من النصّ،و لو صحّ إطلاقه كما ادّعاه لثبت في غيره.

و أمّا في الثاني:فلتصريح عليّ بن إبراهيم في المحكي عنه بعين ما في الرضوي (2)،مصرّحاً في آخره ب:أنّ هذه هي التي لا تحلّ لزوجها الأول أبداً (3)،الظاهر في الحصر الحقيقي،و المجازي خلاف الأصل.

و نحوه الصدوق في الفقيه (4)،بل ظاهرهما كالرضوي اشتراط الترتيب في تأبّد التحريم؛ لتصريحه كالفقيه بأنّه الطلاقات التسع،التي كلّ ثلاث منها لا بُدّ أن يكون كلّ واحد منها واحداً بعد واحد،المتبادر منه ذلك.

و بالجملة:فالحكم بالتحريم بالتسع المتفرّقة محلّ إشكال إن لم يكن إجماع،و على تقديره يقتصر على مورده؛ وقوفاً عليه في الخروج عن مقتضى الأصل.

ص:259


1- الروضة البهية 5:217.
2- المتقدم في ص 252.
3- حكاه عنه في الحدائق 23:640،و هو في تفسيره 1:79.
4- الفقيه 3:322 323.

و الظاهر عدمه في الأمة طرّاً،حتى لو طُلِّقت للعدّة تسعاً يتخلّلها أربعة رجال،كما يستفاد من المتعرّضين لحكمها هنا،حيث احتملوا العدم فيها مطلقاً،و لو ثبت الإجماع لم يحتمل كما لا يحتمل (1)في الحرّة، فالاقتصار فيها على الأصل أقوى.

و يشكل الحكم بتأبّد التحريم مع التفريق مطلقاً أيضاً مضافاً الى ما تقدّم بأنّ طلاق العدّة حينئذٍ (2)لا يتحقّق إلّا بالرجعة بعده و الوطء،فإذا توقّف التحريم على تحقّق التسع كذلك لزم تحريمها بعد الدخول في الخامسة و العشرين إن كان العدّية هي الاُولى من كلّ ثلاث،أو السادسة و العشرين إن كان الثانية منها،بغير طلاق.و هو بعيد.

و لو توقّف على طلاق آخر بعده و لم يكن ثالثاً كما في الأول لزم جعل ما ليس بمحرّم محرّماً،و الحكم بالتحريم بدون طلاق موقوف على التحليل،و كلاهما بعيد.

و ذلك أمارة لزوم الاقتصار على مورد النصّ،إلّا أنّ الاحتياط سبيله واضح.

السبب الخامس اللعان

السبب الخامس من أسباب التحريم: اللعان و يثبت به التحريم المؤبّد بالنصّ (3)و الإجماع،و سيأتي إن شاء اللّه تعالى الكلام في تحقيق حكمها و شرائطها.

و كذا يحرم بالأبد لو قذف الزوج امرأته الصمّاء أو الخرساء بما يوجب اللعان لولا الآفة.برميها بالزناء،مع دعوى المشاهدة و عدم

ص:260


1- العدم مطلقاً.منه رحمه اللّه.
2- أي اعتبار التسع طلقات الحقيقية.منه رحمه اللّه.
3- الوسائل 22:407 أبواب اللعان ب 1.

البيّنة،فلا حرمة مع عدمهما،و إن حُدَّ مع انتفاء الأول دون الثاني.

و لو لا الإجماع المحكيّ على القيد (1)لكان إطلاق التحريم متّجهاً؛ تبعاً لإطلاق النصوص،كالصحيح:عن رجل قذف امرأته بالزناء و هي خرساء صمّاء لا تسمع ما قال،فقال:«إن كان لها بيّنة تشهد لها عند الإمام جُلِدَ الحدّ،و فُرِّق بينه و بينها،و لا تحلّ له أبداً؛ و إن لم يكن لها بيّنة فهي حرام عليه ما قام معها،و لا إثم عليها منه» (2).

و مقتضاه ككلام جماعة (3)تعلّق الحكم بالمتّصفة بالأمرين،إلّا أنّ في بعض النسخ الاكتفاء بأحدهما،كما في المتن و عن الأكثر (4)،بل عليه الإجماع عن الغنية و السرائر (5)،و هو الحجّة فيه دون النسخة؛ لضعفها أولاً بناءً على أنّ الراوي لها رواها في موضع آخر كالأُولى و معارضتها لها ثانياً.

نعم،يؤيّده الاكتفاء بالأخير في الخبرين أحدهما الحسن-:في رجل قذف امرأته و هي خرساء،قال:«يُفرَّق بينهما،و لا تحلّ له أبداً» (6).

و يُدفَع أخصّية المورد بعدم القائل بالفرق،و لا ينافيه استشكال

ص:261


1- الحدائق 23:641،المفاتيح 2:245.
2- الكافي 6:18/166،الفقيه 4:112/36،التهذيب 7:1288/310،الوسائل 22:427 أبواب اللعان ب 8 ح 2؛ بتفاوت يسير.
3- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:489،و السبزواري في الكفاية:166،و البحراني في الحدائق 23:641.
4- انظر الروضة 5:225.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):615،السرائر 2:698.
6- الأول في:الكافي 6:9/164،التهذيب 8:673/193،الوسائل 22:427 أبواب اللعان ب 8 ح 1.الثاني في:الكافي 6:20/167،التهذيب 8:676/193،الوسائل 22:428 أبواب اللعان ب 8 ح 4.

التحرير في التحريم بالأول خاصّة،مع فتواه به في الثاني،سيّما مع استقرابه فيه أيضاً التحريم (1).

و في إلحاق نفي الولد هنا على وجه يثبت به اللعان لولا الآفة بالقذف وجهان،أوجههما:العدم؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد الوفاق و النصّ.

و ليس في الإجماع المحكيّ عن الشيخ على نفي اللعان في الخرساء و الصمّاء (2)دلالة عليه؛ لاختصاصه بالقذف،و مع ذلك فلا تلازم بين السقوط و ثبوت التحريم،فتأمّل.

و إطلاق (3)النصّ كفتوى الأصحاب و صريح البعض (4)عدم الفرق في ثبوت الحكم بين المدخول بها و غيرها،و عليه فمتى حرمت قبل الدخول فالأجود ثبوت جميع المهر؛ لثبوته بالعقد،فيستصحب.و تنصّفه في بعض الموارد لا يوجب التعدية إلى هنا.

و ألحق الصدوق في الفقيه بذلك قذف المرأة زوجها الأصمّ،فحكم بتحريمها عليه مؤبّداً (5).

للمرسل كالصحيح لكون المرسِل ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه،كما حكاه الكشي (6)-:في امرأة قذفت زوجها الأصمّ،قال:«يُفرَّق بينها و بينه،و لا تحلّ له أبداً» (7).

ص:262


1- التحرير 2:15.
2- كما في الخلاف 5:13.
3- كذا في«ص» و«ح»،و لعل الأنسب:و مقتضى إطلاق..
4- كالشهيد الثاني في المسالك 1:489،و السبزواري في الكفاية:166،و صاحب الحدائق 23:643.
5- الفقيه 4:36.
6- رجال الكشي 2:830.
7- الكافي 6:19/166،التهذيب 8:674/193،الوسائل 22:428 أبواب اللعان ب 8 ح 3.

إلّا أنّ الأصل المعتضد بالشهرة العظيمة بين الأصحاب،التي كادت تكون إجماعاً أوجب المصير إلى طرحه.

مضافاً إلى أنّ الموجب لاعتبار السند هو إجماع العصابة المحكيّ، و فيه وهن بالنظر إلى المقام؛ لمصير المعظم إلى الخلاف،إلّا أنّ العمل به أحوط،و فيه تأييد لثبوت الحكم بقذف الزوجة الصمّاء بطريق أولى.

السبب السادس الكفر
اشارة

السبب السادس:الكفر و لا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابيّة ابتداءً و استدامةً مطلقاً إجماعاً منّا؛ بالكتاب (1)و السنّة (2).

و في جواز نكاح الكتابية ابتداءً أقوالٌ منتشرة:

ما بين محرِّم مطلقاً،كما عن المرتضى و الحلّي و أحد قولي الشيخين (3).

و مجوّز له كذلك،كما عن الصدوقين و العماني (4).

و مفصّل تارةً بالدوام فالأول،و متعة و ملك يمين فالثاني،كما عن أبي الصلاح و سلّار (5)و أكثر المتأخّرين (6).

و أُخرى بالاختيار فالتحريم،و الاضطرار فالجواز إمّا في العقدين،

ص:263


1- البقرة:221.
2- الوسائل 20:533 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 1.
3- المرتضى في الانتصار:117،الحلي في السرائر 2:541،المفيد في المقنعة:500،الطوسي في التهذيب 7:296،و الاستبصار 3:178.
4- الصدوق في المقنع:102،و حكاه عن والده و العماني في المختلف:530.
5- أبي الصلاح في الكافي:299،سلّار في المراسم:148.
6- كالمحقق في الشرائع 2:294،و الشهيد الثاني في المسالك 1:489،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:249.

و أمّا ملك اليمين فالجواز مطلقاً،كما عن الإسكافي (1).

و إمّا في الدوام خاصّة،و أمّا المتعة فالجواز مطلقاً،كما عن النهاية و ابن حمزة و القاضي (2).

و لكن المشهور منها قولان :الأول،و الثالث و هو أشهرهما و مختار المصنّف؛ لقوله أظهرهما:أنّه لا يجوز غبطةً أي دواماً مطلقاً، حتى في المجوسيّة و يجوز متعةً و بالملك في اليهودية و النصرانية خاصّة مطلقاً (3)في الجانبين (4).

أمّا الأول (5):فللإجماع عليه عن المرتضى و الغنية صريحاً،و سلّار و التبيان و مجمع البيان و السرائر ظاهراً (6).

و استلزام الزوجيّة المودّة بنصّ الآية (7)و شهادة العادة،و هي منهي عنها في الشريعة.

و خصوص الآيات المانعة عن التمسّك بعِصَم الكوافر (8)و نكاح المشركات (9)،الشاملتين للمقام بالعموم،و تفسير أهل الخصوص صلوات اللّه عليهم.

ص:264


1- على ما نقله عنه في المختلف:530.
2- النهاية:457،ابن حمزة في الوسيلة:290،القاضي في المهذب 2:241.
3- اي اختياراً و اضطراراً.منه رحمه اللّه.
4- أي المنع و الجواز.منه رحمه اللّه.
5- أي منع الدوام مطلقاً.منه رحمه اللّه.
6- المرتضى في الانتصار:117،الغنية(الجوامع الفقهية):612،سلّار في المراسم:148،التبيان 9:585،مجمع البيان 5:274،السرائر 2:541.
7- الروم:21.
8- الممتحنة:10.
9- البقرة:221.

ففي الصحيح:عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [1] (1)فقال:«هذه منسوخة بقوله وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [2] (2).

و نحوه في تحقّق النَّسخ الخبر المرويّ في تفسير العيّاشي (3).

و في الخبر المعتبر بوجود من اجتمعت العصابة في سنده:«لا ينبغي نكاح أهل الكتاب» قلت:جعلت فداك،و أين تحريمه؟قال:«قوله وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ» [3] (4).

و نحوه المرويّ في نوادر الراوندي في تفسير هذه الآية:«إنّ من كانت عنده كافرة على غير ملّة الإسلام،و هو على ملّة الإسلام،فيعرض عليها الإسلام،فإن قبلت فهي امرأته،و إلّا فهي بريئة منه،فنهى اللّه تعالى أن يمسك بعصمهم» (5).

و في الموثّق:«ما تقول يا أبا محمّد في رجل تزوّج نصرانيّة على مسلمة؟» قلت:جعلت فداك،و ما قولي بين يديك؟!قال:«لتقولنّ،فإن ذلك تعلم به قولي» قلت:لا يجوز تزويج النصرانيّة على المسلمة و لا غير المسلمة،قال:«لِمَ»؟قلت:لقول اللّه تعالى وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ [4]

ص:265


1- المائدة:5.
2- الكافي 5:8/358،التهذيب 7:1245/298،الإستبصار 3:649/179،الوسائل 20:533 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 1 ح 1.
3- تفسير العياشي 1:38/296،المستدرك 14:433 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 1 ح 1.
4- الكافي 5:7/358،التهذيب 7:1244/297،الإستبصار 3:648/178،الوسائل 20:534 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 1 ح 4.
5- لم نعثر عليه في نوادر الراوندي،و لكن رواه الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسيره 2:363،الوسائل 20:542 أبواب ما يحرم بالكفر ب 5 ح 7.

حَتّى يُؤْمِنَّ [1] قال:«فما تقول في هذه الآية وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ؟ [2] » فقلت:قوله وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ [3] نسخت هذه الآية،فتبسّم ثم سكت (1).

مضافاً إلى السنّة المستفيضة عن أهل العصمة صلوات اللّه عليهم (2)، المخالفة لجميع العامّة،المشتهرة بين قدماء الشيعة كما يستفاد من الخلاف و المبسوط (3)و كذا متأخّريهم،كما استفاض نقله في كلام جماعة (4).

المؤيّدة بالأخبار الناهية عن نكاح الأمة على الحرّة (5)أو مطلقاً؛ إمّا بناءً على أنّهنّ بمنزلتها كما يستفاد من المعتبرة (6)أو بناءً على شمول تلك الأخبار للمسلمة،فيتعدّى المنع إليهنّ بالأولويّة.

المعتضدة بظاهر مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ [4] (7)المفسّرة في المرويّ في نوادر الراوندي:قال:«قال عليّ عليه السلام:لا يجوز للمسلم التزويج بالأمة اليهوديّة و لا النصرانيّة؛ لأنّ اللّه تعالى قال مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ [5] » الحديث (8).

ص:266


1- الكافي 5:6/357،التهذيب 7:1243/297،الإستبصار 3:647/178،الوسائل 20:534 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 1 ح 3.
2- الوسائل 20:533 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 1.
3- الخلاف 4:311،المبسوط 4:209.
4- منهم العلّامة في التذكرة 2:645،و الفاضل المقداد في التنقيح 3:97،و فخر المحققين في إيضاح الفوائد 3:22.
5- الوسائل 20:509 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 46.
6- الكافي 5:1/451،الوسائل 20:529 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 10 ح 2.
7- النساء:25.
8- نوادر الراوندي:48،بحار الأنوار 100:20/380.

المؤكّدة بظاهر الآية لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ [1] (1)لأعميّة الاستواء منه من بعض الوجوه و من جميع الوجوه، و لا يصحّ نفي العامّ إلّا بنفي جميع جزئيّاته،فإذا انتفى التساوي في جميع الأحكام التي من جملتها المناكحة لزم اندراجها تحت التحريم.

فلا مخلص عن حمل ما ظاهره الجواز مطلقاً،أو في الجملة على الاتّقاء،أو التقيّة.

مضافاً إلى قصور أسانيد أكثرها عن الصحّة،و متونها عن وضوح الدلالة،زيادة على ما يأتي من احتمال الحمل على المتعة.

و الصحيح منها غير صالح للمكافأة لما تقدّم من الأدلة،مع تصريحه عليه السلام فيه ب:أنّ عليه في نكاحهنّ غضاضة (2)،أي:ذلّة و منقصة.

مع احتماله كالباقي الحمل على المتعة؛ لعدم صراحتها في الغبطة.و هو أوضح طريق في الجمع بين الأدلّة،دون الحمل على الكراهة،أو الجواز مع الضرورة،مع اندفاعها بالعقد عليهنّ متعةً غالباً.

أمّا الثاني (3):فالمستند فيه بعد الإجماع المصرّح به في الخلاف و التبيان و مجمع البيان و الغنية (4)،و خصوص إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [2] (5)السنّة المستفيضة.

ص:267


1- الحشر:20.
2- الكافي 5:1/356،الفقيه 3:1222/257،التهذيب 7:1248/298،الوسائل 20:536 أبواب ما يحرم بالكفر ب 2 ح 1.
3- أي جواز المتعة.منه رحمه اللّه.
4- الخلاف 4:312،التبيان 3:446،مجمع البيان 2:162،الغنية(الجوامع الفقهية):612.
5- المائدة:5.

ففي الموثّق:عن الرجل يتمتّع من اليهوديّة و النصرانيّة،قال:«لا أرى بذلك بأساً» الخبر (1).

و نحوه المرسل كالموثّق (2)،و الخبر الصحيح (3)في قول،و إن ضعف في المشهور؛ لأنّه بالشهرة العظيمة المدّعى عليه الإجماع مجبور.

و لا يعارضها ما وقع فيه التصريح بالمنع فيها (4)أيضاً؛ لعدم المكافأة،فليطرح،أو يحمل على الكراهة،و يفصح عنها الخبر:أ يتمتّع من اليهوديّة و النصرانيّة؟فقال:«يتمتّع من الحرّة المؤمنة أحبّ إليّ» (5).

و له ظهور في الجواز أيضاً،و به كالباقي يخصّ أدلّة المنع،مع أنّ المتبادر من النكاح و التزويج في أكثرها الدوام،دون التمتّع و ملك اليمين.

و أمّا الثالث (6):فبعد الإجماع عليه في التبيان و مجمع البيان (7)، فعموم فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [1] (8)من دون معارض،و فحوى

ص:268


1- التهذيب 7:1105/256،الإستبصار 3:520/144،الوسائل 21:37 أبواب المتعة ب 13 ح 1.
2- التهذيب 7:1103/256،الإستبصار 3:518/144،الوسائل 21:37 أبواب المتعة ب 13 ح 2.
3- التهذيب 7:1104/256،الإستبصار 3:519/144،الوسائل 21:37 أبواب المتعة ب 13 ح 3.
4- الفقيه 3:1389/293،الوسائل 21:38 أبواب المتعة ب 13 ح 7.
5- الفقيه 3:1390/293،التهذيب 7:1109/256،الإستبصار 3:524/145،الوسائل 21:38 أبواب المتعة ب 13 ح 6.
6- و هو الجواز بملك اليمين.منه رحمه اللّه.
7- التبيان 3:446،مجمع البيان 2:162.
8- النساء:25.

أخبار جواز التمتّع و وطء المجوسيّة بملك اليمين،كما يأتي.

و ممّا ذكر ظهر الجواب عن دليل الجواز مطلقاً،آيةً و روايةً.

و ما يقال من عدم ثبوت النسخ بالخبر الواحد،فلم يقم عليه دليل صالح،و الإجماع عليه غير معلوم،و معه يحمل آية الحلّ (1)على التمتّع؛ جمعاً بين الأدلّة،و هو من باب حمل العموم على الخصوص، فيكون تخصيصاً في تخصيص (2)،و هو شائع يجب المصير إليه بعد قيام الدليل عليه،و هو ما قدّمناه.

و في جواز الأمرين (3)ب المجوسيّة قولان،أشبههما: عند المصنّف تبعاً للنهاية (4) الجواز على كراهة شديدة؛ لخبرين قاصري السند:

في أحدهما:«لا بأس بالرجل أن يتمتّع بالمجوسيّة» (5).

و في الثاني:عن نكاح اليهوديّة و النصرانيّة،فقال:«لا بأس» فقلت:

المجوسيّة؟فقال:«لا بأس» يعني متعة (6).

و الأقوى المنع عن العقد مطلقاً؛ لما تقدّم من الأدلّة المطلقة من

ص:269


1- المائدة:5.
2- التخصيص الثاني هو تخصيص ما دلّ على منع نكاح المشركات بآية حلّ نكاح المحصنات من الذمّيات،و الأول تخصيص هذه الآية بالمتمتّعات منهنّ دون الدائمات؛ للروايات منه عفي عنه و والديه.
3- أي التمتع و ملك اليمين.منه رحمه اللّه.
4- النهاية:457.
5- التهذيب 7:1107/256،الإستبصار 3:522/144،الوسائل 21:38 أبواب المتعة ب 13 ح 5.
6- التهذيب 7:1106/256،الإستبصار 3:521/144،الوسائل 21:38 أبواب المتعة ب 13 ح 4.

الكتاب و السنّة،الخالية عمّا يخصّصها هنا من الأدلّة؛ لضعف الخبرين،مع انتفاء جابر لهما في البين.

مضافاً إلى معارضتهما المعتبرة،أحدها الصحيح كالصريح في المنع عن مطلق العقد-:عن الرجل المسلم يتزوّج المجوسيّة،قال:«لا،و لكن إذا كان له أمة مجوسيّة فلا بأس أن يطأها،و يعزل عنها،و لا يطلب ولدها» (1).

و أصرح منه الآخر:عن الرجل يتمتّع باليهوديّة و النصرانيّة،قال:

«لا أرى بذلك بأساً» قلت:فالمجوسيّة؟قال:«أمّا المجوسيّة فلا» (2).

و قريب منهما إطلاق الرضوي:«و لا يجوز تزويج المجوسيّة» (3).

هذا مضافاً إلى دعوى التبيان كالسرائر فيه (4)الإجماع (5).

و في هذه الأخبار دلالة على مغايرة المجوس لأهل الكتاب،و عدم إرادتهم منهم عند الإطلاق،كما هو المشهور بين الأصحاب،فلا يشملهم أدلّة إباحة التمتّع بهم.

لو ارتدّ أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال

و لو ارتدّ أحد الزوجين أو هما دفعةً عن الإسلام قبل الدخول بالزوجة وقع الفسخ في الحال مطلقاً،فطريّاً كان الارتداد أم ملّياً،

ص:270


1- الكافي 5:3/357،الفقيه 3:1223/258،التهذيب 8:757/212،الوسائل 20:543 أبواب ما يحرم بالكفر ب 6 ح 1.
2- التهذيب 7:1105/256،الإستبصار 3:520/144،الوسائل 21:37 أبواب المتعة ب 13 ح 1.
3- فقه الرضا عليه السلام:235،المستدرك 14:434 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 1 ح 4.
4- أي إطلاق المنع.منه رحمه اللّه.
5- التبيان 2:218،السرائر 2:542.

بالإجماع من أهل العلم كافّة في الأول (1)،و منّا في الثاني (2)،حكاهما في التذكرة (3).

لإطلاق بعض ما تقدّم من الأدلّة في المنع عن نكاح الكتابيّة (4).

و المعتبرة في المرتدّ الفطري (5)،الشاملة لصورتي الدخول و عدمه، كما يأتي.

و الخبر:في الملّي«المرتدّ تعزل عنه امرأته،و لا تؤكل ذبيحته، و يستتاب ثلاثة أيّام،فإن تاب و إلّا قتل» (6).

و هي كما ترى خاصّة بارتداد الرجل خاصّة،إلّا أنّ ارتداد المرأة ملحق به؛ للإجماع المركّب.

و يجب على الزوج نصف المهر إن كان الارتداد من الزوج؛ لمجيء الفسخ من جهته،فأشبه الطلاق.ثمّ إن كانت التسمية صحيحةً فنصف المسمّى،و إلّا فنصف المثل،و مع عدم التسمية بالمرّة فالمتعة.

و قيل:يجب جميع المهر؛ لوجوبه بالعقد،و لم يثبت تشطيره إلّا بالطلاق و نحوه إن قيل به فيه،فلا يتعدّى إلى غيره،و لا يخصّص الأصل القطعي بالقياس به (7).و هو أقوى.

ص:271


1- أي ارتداد أحد الزوجين.منه رحمه اللّه.
2- أي ارتدادهما.منه رحمه اللّه.
3- التذكرة 2:647.
4- راجع ص 262 263.
5- انظر الوسائل 28:323 أبواب حد المرتد ب 1 ح 2،3.
6- الكافي 7:17/258،الفقيه 3:334/89،التهذيب 10:546/138،الإستبصار 4:961/254،الوسائل 28:328 أبواب حد المرتد ب 3 ح 5؛ بتفاوت.
7- جامع المقاصد 12:410،المسالك 1:490.

و لو كان الارتداد منها فلا مهر لها؛ لمجيء الفسخ من قبلها،كذا عُلِّل (1)،و فيه إيماء إلى مسلّميّته بينهم.

و لعلّه للخبر:في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها،قال:«يُفرَّق بينهما،و لا صداق لها؛ لأنّ الحدث كان من قبلها» (2)و قصور السند (3)منجبر بالعمل بالتعليل،فتأمّل.

و يدلّ عليه أيضاً فحوى ما سيأتي من المعتبرة الدالّة على سقوط مهر النصرانيّة بإسلامها (4)،المستلزم للسقوط هنا بطريق أولى.

و لو كان الارتداد بعد الدخول،وقف انفساخ النكاح على انقضاء العدّة عدّة الطلاق،إن كان الارتداد من الزوجة مطلقاً،أو من الزوج من غير فطرة،فإن رجع المرتدّ قبل انقضائها،و إلّا انفسخ.

و ظاهر الأصحاب الاتّفاق على الحكم و مقدار العدّة؛ بل صرّح به جماعة (5)؛ و هو الحجّة فيه،دون النصوص؛ لعدم استفادة شيء منهما منها.

بل ربما دلّ بعض المعتبرة على البينونة بمجرّد الردّة،من دون توقّف على انقضاء العدّة،كالحسن:«إذا ارتدّ الرجل عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلّقة ثلاثاً،و تعتدّ منه كما تعتدّ المطلّقة،فإن رجع إلى الإسلام و تاب قبل التزويج فهو خاطب من الخطّاب،و لا عدّة عليها منه،و تعتدّ منه

ص:272


1- الروضة البهية 5:229،جامع المقاصد 12:410.
2- التهذيب 10:126/36،الوسائل 28:78 أبواب حد الزنا ب 7 ح 8.
3- ببنان.منه رحمه اللّه.
4- في ص 272.
5- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:490،و السبزواري في الكفاية:167،و صاحب الحدائق 24:27.

لغيره،و إن مات أو قتل قبل العدّة اعتدّت منه عدّة المتوفّى عنها زوجها، و هي ترثه في العدّة،و لا يرثها إن ماتت و هو مرتدّ عن الإسلام» (1).

و لكنّه شاذّ محتمل للتقيّة؛ لحكاية ذلك عن بعض العامّة (2).

و يمكن الاستدلال عليه بفحوى المعتبرة الدالّة على اعتبار انقضاء العدّة في البينونة المحضة في إسلام أحد الوثنيّين (3)؛ لأضعفيّة الكفر الارتدادي عن الأصلي؛ لبقاء حرمة الإسلام فيه دونه،فثبوت الحكم في الأقوى ملازم لثبوته في الأضعف بطريق أولى،فتأمّل.فلا ريب في الأحكام المذكورة.

إلّا أن يكون المرتدّ هو الزوج و كان مولوداً على الفطرة، فإنّه لا يقبل عوده،و تعتدّ زوجته عدّة الوفاة إجماعاً،و للمعتبرة:

منها الموثّق:«كلّ مسلم بين مسلمين ارتدّ عن الإسلام و جحد [محمداً صلى الله عليه و آله]نبوّته و كذّبه فإنّ دمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه،و امرأته بائنة منه يوم ارتدّ،فلا تقربه،و يقسّم ماله على ورثته،و تعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها،و على الإمام أن يقتله و لا يستتيبه» (4).

و لا يسقط من المهر هنا و في السابق شيء؛ لاستقراره بالدخول المستمرّ بالأصل السالم عن المعارض.

ص:273


1- الكافي 7:4/153،التهذيب 9:1333/373،الوسائل:26:27 أبواب موانع الإرث ب 6 ح 5.
2- كابن قدامة في المغني و الشرح الكبير 7:565.
3- الوسائل 20:546 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه ب 9.
4- الكافي 7:11/257،الفقيه 3:333/89،التهذيب 10:541/136،الإستبصار 4:957/253،الوسائل 28:324 أبواب حد المرتد ب 1 ح 3؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.
إذا أسلم زوج الكتابيّة فهو على نكاحه و لو أسلمت زوجته دونه انفسخ

و إذا أسلم زوج الكتابيّة دونها فهو على نكاحه،سواء كان قبل الدخول أو بعده دائماً كان التزويج أو منقطعاً،كتابيّاً كان الزوج أو وثنيّاً، جوّزنا نكاحها للمسلم ابتداءً أم لا،إجماعاً.

للخبرين الآتيين فيمن أسلم عن خمس،الدالّين على بقاء نكاح الأربع،و انفساخ الزائد خاصّة.

و لإطلاق الصحيحين:عن رجل هاجر و ترك امرأته في المشركين، ثم لحقت بعد ذلك،أ يمسكها بالنكاح الأول؟قال:«بل يمسكها و هي امرأته» (1)،و ينبغي تقييدهما بالكتابيّة؛ للمعتبرة الآتية (2).

و لو أسلمت زوجته أي الكافر دونه،انفسخ النكاح في الحال،إن كان الإسلام قبل الدخول لعدم العدّة،و امتناع كون الكافر زوجاً للمسلمة.

و لا مهر لها؛ لمجيء الفرقة من قبلها،و للصحيح:في نصراني تزوّج نصرانيّة،فأسلمت قبل أن يدخل بها،قال:«قد انقطعت عصمتها،و لا مهر لها،و لا عدّة عليها منه» (3).

و الخبر المثبت للمهر (4)مع قصور سنده،و عدم مكافأته لما تقدّم

ص:274


1- أحدهما في:الكافي 5:2/435،الوسائل 20:541 أبواب ما يحرم بالكفر ب 5 ح 1. و الآخر في:الكافي 5:/435 1،التهذيب 7:/300 1253،الإستبصار 3:/181 657،الوسائل 20:540 أبواب ما يحرم بالكفر ب 5 ح 1؛ بتفاوت.
2- في ص 275.
3- الكافي 5:4/436،الوسائل 20:547 أبواب ما يحرم بالكفر ب 9 ح 6.
4- الكافي 5:6/436،التهذيب 8:315/92،الوسائل 20:548 أبواب ما يحرم بالكفر ب 9 ح 7.

شاذّ لا تعويل عليه.و بفحواه يستدلّ لحكم الوثني.

و وقف الفسخ على انقضاء العدّة عدّة الطلاق كما ذكروه من حين الإسلام إن كان بعده أي الدخول،فإن انقضت و لم يسلم تبيّن بينونتها منه حين الإسلام كما ذكروه،و إن أسلم قبل انقضائها تبيّن بقاء النكاح.

و جميع ذلك موضع وفاق في الوثني؛ مدلول عليه في الخبرين، الآتي أحدهما في الوثنيّين المسلم أحدهما (1).

و في الثاني:عن رجل مجوسي أو مشرك من غير أهل الكتاب،كانت تحته امرأة،فأسلم أو أسلمت،قال:«ينظر بذلك انقضاء عدّتها،فإن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدّتها فهما على نكاحهما الأول،و إن هو لم يسلم حتى تنقضي العدّة فقد بانت منه» (2).

و مشهور بين الأصحاب في الكتابي،بل في الخلاف:الوفاق على انفساخ النكاح بخروجها من العدّة (3).

و يدلّ عليه عموم وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [1] (4).و الصحيح:عن الرجل يكون له الزوجة النصرانيّة فتسلم،هل يحلّ لها أن تقيم معه؟قال:«إذا أسلمت لم تحلّ له» قلت:جعلت فداك،فإنّ

ص:275


1- انظر ص 276.
2- الكافي 5:3/435،التهذيب 7:1258/301،الإستبصار 3:662/182،الوسائل 20:546 أبواب ما يحرم بالكفر ب 9 ح 3؛ بتفاوت.
3- الخلاف 4:325.
4- النساء:141.

الزوج أسلم بعد ذلك،أ يكونان على النكاح؟قال:«لا،يتزوّج بجديد» (1).

و الصحيح:«إذا أسلمت امرأة و زوجها على غير الإسلام فرِّق بينهما» (2).

و المراد بإطلاق التفريق فيه كعدم الحلّ في الأول هما بعد انقضاء العدّة؛ إجماعاً.

و للخبر المعتبر (3):«إنّ امرأة مجوسيّة أسلمت قبل زوجها،فقال له عليّ عليه السلام:أسلم،فقال:لا،ففرّق بينهما،ثم قال:إن أسلمْتَ قبل انقضاء عدّتها فهي امرأتك،و إن انقضت عدّتها قبل أن تسلم ثم أسلَمْتَ فأنت خاطب من الخطّاب» (4).

و قيل هو الشيخ في النهاية و التهذيبين (5)-:لم ينفسخ النكاح بانقضاء العدّة مطلقاً،بل إن كان الزوج ذمّيا قائماً، بشرائط الذمّة،كان نكاحه صحيحاً باقياً بحاله و لكن لا يمكَّن من الدخول عليها ليلاً،و لا من الخلوة بها نهاراً و لا من إخراجها إلى دار الحرب.

لأخبار قاصرة الأسانيد،ضعيفة التكافؤ للمعارض،أجودها المرسل كالصحيح:«إنّ أهل الكتاب و جميع من له ذمّة،إذا أسلم أحد الزوجين

ص:276


1- التهذيب 7:1255/300،الاستبصار 3:659/181،قرب الإسناد:1335/378،الوسائل 20:542 أبواب ما يحرم بالكفر ب 5 ح 5؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 5:2/435،الوسائل 20:547 أبواب ما يحرم بالكفر ب 9 ح 4.
3- بوجود من أجمعت العصابة في سنده الجابر الضعفة لو كان،مع أنّه قيل(جامع المقاصد 12:408)بصحته.منه رحمه اللّه.
4- التهذيب 7:1257/301،الإستبصار 3:661/182،الوسائل 20:546 أبواب ما يحرم بالكفر ب 9 ح 2 و فيه:فقال علي عليه السلام:لا يفرّق بينهما.
5- النهاية:457،الاستبصار 3:183،التهذيب 7:302.

فهما على نكاحهما،و ليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها، و لا يبيت معها،و لكنه يأتيها بالنهار» (1).

مع احتمال بعضها الحمل على عدم البينونة في العدّة لا مطلقاً، فلا ينافيها ثبوتها بعدها.

و مع ذلك فظاهر الشيخ الرجوع عنها في الخلاف؛ لدعواه فيه على خلافها الوفاق (2).

فلا عبرة بها و إن كانت أخصّ من المعارض،و ليس كلّ خاصّ يقدّم على العام،و مع ذلك فبعض ما تقدّم خاصّ أيضاً (3)،كالصحيح (4)في انفساخ النكاح بالإسلام قبل الدخول.

و دعوى اختصاص هذا القول بصورة الدخول،فلا مدخل للصحيح في المتنازع (5).

مدفوعة بتصريح المسالك بعمومه لصورتي الدخول و عدمه (6)،كما يفصح عنه إطلاق عبارته (7)و عموم دليله.

فلا وجه لتردّد بعض من تأخّر (8)،و مصير آخر إليه (9).

ص:277


1- الكافي 5:9/358،التهذيب 7:1259/302،الإستبصار 3:663/183،الوسائل 20:541 أبواب ما يحرم بالكفر ب 5 ح 2.
2- الخلاف 4:326.
3- لتصريحه بذمّية الزوج.منه رحمه اللّه.
4- المتقدم في ص 272.
5- البحراني في الحدائق 24:37.
6- المسالك 1:490.
7- أي القائل.منه رحمه اللّه.
8- المختلف:532.
9- التنقيح الرائع 3:102.

و لو أسلما معاً ثبت النكاح؛ لانتفاء المقتضي للفسخ.

و للخبرين،في أحدهما:النصراني يتزوّج النصرانيّة على ثلاثين دَنّاً (1)من خمر و ثلاثين خنزيراً،ثم أسلما بعد ذلك،و لم يكن دخل بها،قال:

«ينظر كَم قيمة الخمر و كَم قيمة الخنازير،فيرسل بها إليها،ثم يدخل عليها،و هما على نكاحهما الأول» (2).

و لو أسلم أحد الزوجين الوثنيّين معاً،المنسوبين إلى عبادة الوثن و هو الصنم و كذا من بحكمهما من الكفّار غير الكتابيّين و كان الإسلام قبل الدخول،بطل النكاح مطلقاً؛ لأنّ المسلم إن كان هو الزوج استحال بقاؤه على نكاح الكافرة غير الكتابيّة؛ لتحريمه ابتداءً و استدامةً إجماعاً.و إن كان الزوجة فأظهر؛ إذ لا سبيل للكافر عليها.

و يجب نصف المهر أو الجميع لما تقدّم من عدم ثبوت التشطير إلّا بالطلاق بإسلام الزوج،دون إسلامها،فيسقط؛ لما مرّ (3).

و بعد الدخول يقف الفسخ على انقضاء العدّة بإسلام أيّهما اتّفق فإن انقضت و لم يسلم الآخر تبيّن انفساخه من حين الإسلام،و إن

ص:278


1- الدَّنّ:ما عظم من الرواقيد،و هو كهيئة الحُبّ،إلّا أنّه أطول،مستوي الصنعة في أسفله كهيئة قَوْنَس البيضة،و الجمع الدِّنان،و هي الحِباب؛ و قيل الدَّنُّ أصغر من الحُبّ،له عُسْعُس فلا يقعد إلّا أن يُحفَر له لسان العرب 13:159.
2- الأول في:الكافي 5:9/437،الفقيه 3:1383/291،التهذيب 7:1448/356،الوسائل 21:243 أبواب المهور ب 3 ح 2؛ بتفاوت يسير.الثاني في:الكافي 5:5/436 بتفاوت في السند،التهذيب 7:1447/355،الوسائل 21:243 أبواب المهور ب 3 ح 1.
3- من التعليل بمجيء الفسخ من قبلها،في ص 272.

أسلم فيها استمرّ النكاح.

كلّ ذلك بلا خلاف،بل حكي عليه الإجماع (1).

للخبرين في الثاني (2)،تقدّم أحدهما في إسلام زوجة الوثني و توقّف الفسخ فيه على انقضاء العدّة (3).

و ثانيهما المرسل كالصحيح:«و أمّا المشركون مثل:مشركي العرب و غيرهم فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدّة،فإن أسلمت المرأة،ثم أسلم الرجل قبل انقضاء عدّتها،فهي امرأته،فإن لم يسلم إلّا بعد انقضاء العدّة فقد بانت منه،و لا سبيل له عليها،و كذلك جميع من لا ذمّة له» الخبر (4).

و لو أسلم الذمّي و عنده أكثر من أربع فما دون تخير أربع

و لو أسلم الوثني و من في حكمه،أو الذمّي و عنده أربع فما دون كتابيّات مطلقاً أو وثنيّات أسلمن معه لم يتخيّر للأصل،و انتفاء المقتضي له من حرمة الجمع.

و لو كان عنده أكثر من أربع نسوة مذكورات تخيّر أربعاً منهنّ من دون تجديد عقد،بشرط جواز نكاحهنّ في شريعة الإسلام،و فارق سائرهنّ من دون طلاق،إن كان حرّا و هنّ حرائر،و إلّا اختار ما عُيِّن له سابقاً من حرّتين و أمتين،أو أمة و ثلاث حرائر.و العبد يختار حرّتين،أو أربع إماء،أو حرّة و أمتين،ثم تتخيّر الحرّة في فسخ عقد الأمة و إجازته إن

ص:279


1- كما حكاه في التذكرة 2:652.
2- أي صورة بعد الدخول.منه رحمه اللّه.
3- راجع ص 273.
4- الكافي 5:9/358،التهذيب 7:1259/302،الإستبصار 3:663/183،الوسائل 20:547،أبواب ما يحرم بالكفر ب 9 ح 5.

قلنا به،و إلّا بطل عقد الأمة خاصّة كما مرّ (1).

قيل:و لو شرطنا في نكاح الأمة الشرطين (2)توجّه انفساخ نكاحها هنا إذا جامعت حرّة تحصل حاجته منها؛ لقدرته عليها،المنافية لنكاح الأمة (3).

و فيه منع؛ لأنّ المحكيّ عن المبسوط و التذكرة:الإجماع على اختصاص المنع بصورة الابتداء دون الاستدامة (4).و هو الأوفق بظواهر الأدلّة؛ لعدم تبادر الاستدامة من الأدلّة المانعة،فيرجع فيها إلى أصالة الإباحة.

و على المنع مطلقاً (5)،لو تعدّدت الحرائر اعتبر رضاهنّ جُمَع،ما لم يزدن على أربع،فيعتبر رضاء من يختارهنّ من النصاب.

و لا فرق في التخيير بين من ترتّب عقدهنّ و اقترن،و لا بين اختيار الأوائل و الأواخر،و لا بين من دخل بهنّ و غيرهنّ.

و لو أسلم معه أربع و بقي أربع،فالأقوى بقاء التخيير؛ لإطلاق النصّ.

و فيه نظر.

و قيل بتعيّن المسلمات؛ لشرف الإسلام (6).و هو أحوط.

و حكي على أصل الحكم الإجماع عن ظاهر المبسوط و التذكرة (7)؛ و هو المستند فيه كالخبر:في مجوسيّ أسلم و له سبع نسوة و أسلمن معه،

ص:280


1- في ص 218.
2- المذكورين في ص 213.
3- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:233.
4- المبسوط 4:220،التذكرة 2:652.
5- أي استدامةً و ابتداءً.منه رحمه اللّه.
6- قال به صاحب الحدائق 24:40.
7- المبسوط 4:230،التذكرة 2:652.

كيف يصنع؟قال:«يمسك أربعاً و يطلق ثلاثاً» (1).

و ضعف الدلالة مع الأخصّية غير قادح في الحجّيّة بعد انجبارهما بفتوى الطائفة،كعدم القدح فيها ب«يطلق ثلاثاً» نظراً إلى مخالفته المتّفق عليه بينهم من حصول الفسخ بالاختيار خاصّة بلا طلاق؛ لاحتماله الإطلاق دون التطليق،و معه ينتفي المناقشة كانتفائها مع عدمه؛ بناءً على أنّ خروج بعض الحديث عن الحجيّة لا ينافيها بالإضافة إلى الباقي.

و نحوه النبوي (2)،بل و أظهر منه،من حيث عمومه للمسلمات و غيرهن،بل ظهوره في الأخيرة خاصّة.

و المستند في القيود المتقدّمة عموم ما تقدّم فيها من الأدلّة،و إن احتمل بعضها نوعاً من المناقشة،لكن كفانا مئونة الاشتغال بدفعها إجماع الطائفة،كما عن ظاهر المبسوط و التذكرة (3).

و روى عمّار في الموثّق عن مولانا أبي عبد اللّه عليه السلام:أنّ إباق العبد بمنزلة الارتداد،فإن رجع و الزوجة في العدّة فهو أحقّ بها،و إن خرجت من العدّة فلا سبيل له عليها (4)و ليس في هذه الرواية ضعف بالمعنى المصطلح؛ لوثاقة عمّار و إن كان فطحيّاً،مضافاً إلى أنّ قبله مَن أجمع العصابة على تصحيح

ص:281


1- الكافي 5:7/436،التهذيب 7:1238/295،الوسائل 20:524 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 6 ح 1.
2- غوالي اللئلئ 1:123/228،المستدرك 14:428 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 4 ح 3؛ و انظر مسند أحمد 2:83.
3- المبسوط 4:230،التذكرة 2:652.
4- الفقيه 3:1372/288،التهذيب 8:731/207،الوسائل 21:192 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 73 ح 1.

ما يصحّ عنه،و لعلّه لذا عمل به جماعة،كالصدوق و الشيخ في النهاية (1)، و ابن حمزة،إلّا أنّه خصّ الحكم بتزويج العبد أمة غير سيّده (2)،و الرواية مطلقة.

خلافاً للأكثر،بل كاد أن يكون إجماعاً،و هو الأظهر؛ للأصل،و ظاهر عموم ما دلّ على اعتبار الطلاق في تحقّق الفراق.و لاعتضادهما بالشهرة لا تقاومهما الموثّقة المزبورة،و إن كانت بحسب السند معتبرة،مع إمكان تطرّق القدح إليه من جهته،من حيث ابتناء اعتباره بالأمرين على حصول المظنّة منهما بصدق الرواية،و مع اشتهار الخلاف ترتفع المظنّة.

أمّا من الأول:فلأنّ الظنّ الحاصل من توثيقه أضعف هنا من الظنّ الحاصل من شهرة خلافه.

و أمّا من الثاني:فلابتناء حصول المظنّة منه على الإجماع (3)،و هو منفيّ مع شهرة الخلاف.

فإذاً الأجود:بقاء الزوجيّة إلى وقوع البينونة بطلاقٍ و نحوه من الأُمور المسلّمة.

مسائل سبع
اشارة

هنا مسائل سبع:

الاُولى فيها فروع
التساوي في الإسلام شرط في صحّة العقد

الاُولى:التساوي بين الزوجين،المعبّر عنه بالكفاءة في الإسلام بالمعنى العام،و هو الإقرار بالشهادتين من دون إنكار ما يلحق منكره بالكفّار شرط في صحّة العقد فلا يجوز للمسلمة التزويج بالكافر مطلقاً،نصّاً (4)و إجماعاً،

ص:282


1- الصدوق في الفقيه 3:288،الشيخ في النهاية:479.
2- الوسيلة:307.
3- أي إجماع العصابة.منه رحمه اللّه.
4- انظر الوسائل 20:549 أبواب ما يحرم بالكفر ب 10.

و لا للمسلم التزويج بالوثنيّة مطلقاً (1)،و الكتابيّة دائماً ابتداءً،على الأصحّ كما مرّ (2)؛ و يجوز له تزويجها متعةً و بملك اليمين و استدامةً مطلقاً،إجماعاً في الأخير،و على الأقرب في الأوّلَين.

و هل يشترط التساوي في الإيمان الخاصّ؟المراد منه:الإقرار بالأئمّة الاثني عشر بالشرط المتقدّم (3).

فيه أقوال،ثالثها:اختصاصه بالزوج دون الزوجة،و هو المشهور بين الطائفة،بل حكي على الأول الإجماعات المستفيضة عن الخلاف و المبسوط و السرائر و سلّار و الغنية (4)؛ و هي الحجّة فيه،كالنصوص المستفيضة:

منها الصحيح:«تزوّجوا في الشكّاك و لا تزوّجوهم؛ لأنّ المرأة تأخذ من أدب زوجها،و يقرّها على دينه» (5).

و في معناه المعتبرة (6)المنجبر قصور أسانيدها بالشهرة و الإجماعات المستفيضة.

و الدلالة واضحة؛ لاستلزام المنع من تزويج الشكّاك منع التزويج من غيرهم من المعتقدين لخلاف ما عليه الفرقة المحقّة بالأولويّة المؤكّدة بالعلة

ص:283


1- أي ابتداءً و استدامةً،دائماً و منقطعاً.منه رحمه اللّه.
2- و هو عدم إنكار ضروريّ المُلِحق له بالكفار.منه رحمه اللّه.
3- في ص 262.
4- الخلاف 4:271،المبسوط 4:178،السرائر 2:557،سلّار في المراسم:148،الغنية(الجوامع الفقهية):609.
5- الكافي 5:5/349،الفقيه 3:1226/258،التهذيب 7:1266/304،الاستبصار 3:670/184،علل الشرائع:1/502،الوسائل 20:555 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11 ح 2.
6- انظر الوسائل 20:554 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11.

المذكورة،و هي الوجه في دلالة الصحيح:«و لا يتزوّج المستضعف مؤمنة» (1).

و منها:المستفيضة المشترطة للدين المرضيّ في الأمر بالمناكحة (2)، الظاهر في الإباحة،دون الندبيّة،حتى يقال:غاية الشرطيّة انتفاؤها بانتفاء الشرط،لا الإباحة.

و ليس في إدراج الخلق مع الدين في بعضها كالصحيح:«إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه، إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ» [1] (3)قرينةٌ على الندبيّة بالإضافة إلى الدين،بناءً على اتحاد سياق العبارة مع الإجماع عليها بالنسبة إليه؛ لتوقّفه على كون المراد منه السجيّة و الطبيعة،و ليس بمتعيّن؛ لاستعماله في الملّة كما عن أهل اللغة (4)، فيحتمل إرادتها منه هنا،فلا قرينة فيه بالمرّة.

و منها المرسل كالموثّق بل الموثّق؛ لإرساله عن غير واحد،الملحق مثله عند جماعة بالمسند (5)،مع كون المرسِل من المجمع على تصحيح رواياته-:«إنّ العارفة لا توضع إلّا عند العارف» (6).

و منها المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده:إنّ لامرأتي أُختا عارفة على رأينا،و ليس على رأينا بالبصرة إلّا قليل،فأزوّجها ممّن لا يرى رأيها؟قال:«لا،و لا نعمة،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول

ص:284


1- الكافي 5:8/349،التهذيب 7:1261/302،الإستبصار 3:665/183،الوسائل 20:557 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11 ح 6.
2- انظر الوسائل 20:76 أبواب مقدمات النكاح ب 28.
3- الكافي 5:3/347،التهذيب 7:1584/396،الوسائل 20:77 أبواب مقدمات النكاح ب 28 ح 2.
4- انظر القاموس المحيط 3:236،و مجمع البحرين 5:156.
5- منهم البحراني في الحدائق 24:59،السبزواري في الكفاية:168.
6- الكافي 5:11/350،الوسائل 20:550 أبواب ما يحرم بالكفر ب 10 ح 5.

فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [1] (1)» (2).و ما يقال:بأنّ قصاراها الدلالة على النهي (3)الغير الملازم للفساد المترتّب عليه الشرطيّة.

مدفوعٌ بالإجماع على التلازم هنا؛ بناءً على عدم القول بالتحريم المجرّد عن الفساد،بل كلّ من حرّم أفسد،و كلّ من أحلّ صحّح.

هذا،مضافاً إلى إشعار التعليل في ذيل الأخير بالكفريّة؛ من حيث إطلاق الكفر عليهم،المستلزم إمّا لكفرهم حقيقةً كما عليه جماعة (4)أو اشتراكهم مع المتّصف به في الأحكام،التي منها حرمة النكاح و فساده،إن قلنا بالمجازيّة كما عليه جمهور الطائفة،و استفيد من النصوص الآتية لوجوب الحمل على أقرب المجازات إذا تعذّر الحقيقة.

و من هنا ينقدح وجه الاستدلال بالنصوص المطلقة عليهم الكفر (5)، و هي كادت تكون متواترة.

و هذه الأخبار عدا ما ابتني فيه وجه الدلالة على إطلاق الكفر عليهم مشتركة في اختصاص المنع فيها بتزويج المخالف بالمؤمنة،بل صرّح بعضها بتزويج المؤمن بالشكّاك (6)،و أشعر تعليل المنع في بعضها بأخذ المرأة من أدب زوجها (7)،بالجواز هنا؛ لمطلوبيّته فيه قطعاً،و قريب منه

ص:285


1- الممتحنة:10.
2- الكافي 5:6/349،الوسائل 20:550 أبواب ما يحرم بالكفر ب 10 ح 4.
3- انظر نهاية المرام 1:202.
4- منهم البحراني في الحدائق 24:54،61.
5- انظر الوسائل 20:533 أبواب ما يحرم بالكفر ب 1.
6- الوسائل 20:554 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11.
7- الكافي 5:5/349،الفقيه 3:1226/258،التهذيب 7:1266/304،الاستبصار 3:670/184،علل الشرائع:1/502،الوسائل 20:555 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11 ح 2.

إشعار تخصيص المنع بالزوج؛ فتدبّر.

مع أنّ النصوص بجواز تزويجه بالبله منهنّ و المستضعفات مستفيضة.

ففي الصحيح:«عليك بالبله من النساء اللاتي لا تنصب، و المستضعفات» (1).

و الصحيح:«ما يمنعك من البله من النساء؟!قلت:و ما البله؟قال:

«هنّ المستضعفات اللاتي لا ينصبن و لا يعرفن ما أنتم عليه» (2)،و نحوهما الموثّقان (3)و غيرهما (4).

و لا خلاف في مواردها بين الطائفة،و كذلك ما عداه على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع عن التذكرة (5)،و صرّح بعدم الخلاف بعض الأجلّة (6)؛ و هو الحجّة فيه بعد ما تقدّم (7)،و عموم النصوص الآتية المصرّحة ب:أنّ بالإسلام تحلّ المناكحة.

ص:286


1- التهذيب 7:1268/304،الإستبصار 3:672/185،الوسائل 20:559 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11 ح 10.
2- الكافي 5:7/349،التهذيب 7:1269/305،الإستبصار 3:673/185،الوسائل 20:556 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11 ح 3؛ بتفاوت في السند.
3- أحدهما في:الكافي 5:/349 9،الفقيه 3:/258 1227،الوسائل 20:557 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11 ح 7،8.الآخر في:الكافي 5:/350 12،الوسائل 20:557 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11 ح 9.
4- انظر الوسائل 20:554 أبواب ما يحرم بالكفر ب 11.
5- التذكرة 2:605.
6- كصاحب الحدائق 24:52.
7- من الإشعارات.منه رحمه اللّه.

خلافاً لسلّار،فمنع عمّا عدا البله و المستضعفات (1)،بل ظاهره الإجماع عليه.و لا ريب في ضعفه جدّاً.

و بهذه الأدلّة يقيّد ما أطلق فيه عليهم الكفر.

و الأظهر عند المصنّف تبعاً للمفيد و ابن سعيد (2)أنّه لا يشترط الإيمان في الزوج أيضاً لكنّه يستحبّ مطلقاً و يتأكّد الاستحباب في المؤمنة أمّا الاستحباب فلشبهة أدلّة المنع؛ و أمّا الجواز فللأصل،و العمومات،و خصوص النصوص المستفيضة:

منها الصحيح:عن جمهور الناس،فقال:«هم اليوم أهل هدنة،تُردّ ضالّتهم،و تؤدّى أماناتهم،و تُحقَن دماؤهم،و تجوز مناكحتهم و موارثتهم» (3).

و منها الحسن:«الإسلام:ما عليه المناكح و المواريث و حقن الدماء» (4).

و الخبران،في أحدهما:«الإسلام:شهادة أن لا إله إلّا اللّه،و التصديق برسول اللّه صلى الله عليه و آله،و به حقنت الدماء،و عليه جرت المناكحة و المواريث، و على ظاهره عامّة الناس» (5)و نحوه الثاني (6).

و ليس فيها كما ترى مع قصور أسانيد أكثرها صريحٌ بجواز تزويج المؤمنة بالمخالف،و غايتها العموم القابل للتخصيص بالعكس؛ لتصريح

ص:287


1- انظر المراسم:148.
2- المفيد في المقنعة:512،ابن سعيد في الجامع للشرائع:439.
3- الفقيه 3:1448/302،الوسائل 20:561 أبواب ما يحرم بالكفر ب 12 ح 1.
4- الكافي 2:3/26.
5- الكافي 2:1/25.
6- الكافي 2:5/26.

الأخبار المتقدّمة بالمنع من الأول،فتعارض الأخبار تعارض العموم و الخصوص،و اللازم حمل الأول على الثاني.

نعم،في الصحيح:بِمَ يكون الرجل مسلماً تحلّ مناكحته و موارثته؟ و بِمَ يحرم دمه؟فقال:«يحرم دمه بالإسلام إذا أظهر،و تحلّ مناكحته و موارثته» (1).

و هو غير قابل للتخصيص من هذا الوجه،إلّا أنّ«الإسلام» فيه و في الحسن السابق يحتمل المعنى الأخصّ،المرادف للإيمان بالمعنى المصطلح.

و يحتملان كباقي الروايات الضرورة من تقيّة و غيره،كما أشعر بها الصحيح السابق.

أو أنّ المراد ب:«جواز مناكحتهم» مناكحة بعضهم في بعض.

و مع جريان هذه الاحتمالات فيها،كيف يمكن صرف ظواهر المستفيضة المتقدّمة،المعتضدة بالشهرة العظيمة،و الإجماعات المنقولة، و قوّة الدلالة من وجوه عديدة،الناشئ بعضها عن التعليلات الواردة فيها، الموافقة للاعتبارات العقليّة؟! و حيث إنّ المصنّف اكتفى بالإسلام،الذي هو الإقرار بالشهادتين، و ربما كان يتوهّم شموله لمطلق من صدر عنه الإقرار بهما،أراد إخراج من أجمع على كفره و إن صدر عنه ذلك،فقال: نعم،لا يصحّ نكاح الناصب و لا الناصبة لعداوة أهل البيت عليهم السلام لكفرهم إجماعاً؛ لإنكارهم الضروريّ من الدين،فيشملهما عموم أدلّة المنع من مناكحة الكفّار.

ص:288


1- التهذيب 7:1265/303،الإستبصار 3:669/184،الوسائل 20:554 أبواب ما يحرم بالكفر ب 10 ح 17.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة،كالصحيح:«لا يتزوّج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك» (1)و نحوه الصحيح في منع المؤمنة عن التزويج بالناصب (2).

و لا يشترط تمكّن الزوج من النفقة

و لا يشترط في صحّة النكاح تمكّن الزوج من المهر بالفعل بإجماعنا حكاه جماعة من أصحابنا (3)و كذا من النفقة فعلاً أو قوّةً على الأشهر الأظهر،و إليه ذهب الفاضلان و الشهيدان و ابن حمزة و ابن البرّاج و الإسكافي و الفاضل الصيمري و الهندي (4)،و كافّة المتأخّرين.

للأصل،و عموم الكتاب و السنّة،و خصوص الآية الكريمة إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ [1] (5).و النصوص المستفيضة الآمرة لذوي الحاجة بالمناكحة:

منها الصحيح:«جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه و آله،فشكا إليه الحاجة،فقال:

تزوّج،فتزوّج فوُسِّع عليه» (6).

و عُلِّل في بعضها بأنّ:«الرزق مع النساء و العيال» (7).

ص:289


1- الكافي 5:3/348،التهذيب 7:1260/302،الإستبصار 3:664/183،الوسائل 20:549 أبواب ما يحرم بالكفر ب 10 ح 1.
2- التهذيب 7:1261/302،الإستبصار 3:665/183،الوسائل 20:550 أبواب ما يحرم بالكفر ب 10 ح 3.
3- منهم العلّامة في المختلف:576،و الشهيد الثاني في المسالك 1:497،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:254.
4- العلّامة في المختلف:576،المحقق في الشرائع 2:299،الشهيدان في اللمعة و الروضة البهية 5:237،ابن حمزة في الوسيلة:290،ابن البراج في المهذّب 2:179،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:576،الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:20.
5- النور:32.
6- الكافي 5:2/330،الوسائل 20:43 أبواب مقدمات النكاح ب 11 ح 1.
7- الكافي 5:4/330،الوسائل 20:44 أبواب مقدمات النكاح ب 11 ح 4.

و في الخبرين:«من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء باللّه الظنّ» (1).

و في المرسل:في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً [1] (2)قال:«يتزوّجوا حتى يغنيهم اللّه من فضله» (3).

مضافاً إلى عموم أكثر الأخبار المتقدّمة،المكتفية بالإيمان خاصّة في الكفاءة،مع ورود بعضها في بيانها.

و الأخبار الآمرة بالتزويج بالفقراء و ذوي المسكنة:

منها الصحيح الطويل،المتضمّن لأمر النبيّ صلى الله عليه و آله زيادَ بن لبيد تزويج ابنته الذَّلفاء (4)من جويبر،و كان رجلاً قصيراً،دميماً، محتاجاً،عارياً،و كان من قباح السودان،فضمّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله لحال غربته و عُريه،و كان يجري عليه طعامه صاعاً من تمر بالصاع الأول،و كساه شَمْلَتين (5)(6).و منها الرضوي:«إن خطب إليك رجل رضيت دينه و خلقه فزوّجه و لا يمنعك فقره و فاقته،قال اللّه تعالى وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ [2]

ص:290


1- أحدهما في:الكافي 5:1/330،الفقيه 3:1153/243،الوسائل 20:42 أبواب مقدمات النكاح ب 10 ح 1. و الآخر في:الكافي 5:5/330،الفقيه 3:1153/243،الوسائل 20:42 أبواب مقدمات النكاح ب 10 ح 2.
2- النور:33.
3- الكافي 5:7/331،الوسائل 20:43 أبواب مقدمات النكاح ب 11 ح 2.
4- الذَّلفُ بالتحريك:صِغر الأنف و استواء الأرنبة الصحاح 4:1362.
5- الشَّمْلَةُ:كساءٌ صغير يؤتزر به المصباح المنير:323.
6- الكافي 5:1/339،الوسائل 20:67 أبواب مقدمات النكاح ب 25 ح 1.

سَعَتِهِ [1] (1)و قال إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [2] » (2).و يؤيّده ما في المعتبرة الآتية من تعليل تزويج النبيّ صلى الله عليه و آله ابنة عمّه من مقداد بن الأسود باتّضاع النكاح (3)،فافهم.

و استلزام التزامه العسر و الحرج المنفيّين بالإجماع و الكتاب و السنّة، مضافاً إلى الإجماع المحكيّ في كلام جماعة (4)على الصحّة مع علم المرأة المنافي لذلك (5).

خلافاً للمقنعة و المبسوط و الخلاف و ابن زهرة و التذكرة (6)،و ظاهره كالشيخ في الكتابين و سلّار (7)كونه الأشهر،بل ظاهر الشيخ و سلّار و الغنية الإجماع عليه.

للمرسل:«الكفو:أن يكون عفيفاً و عنده يسار» (8).

و للخبر:إنّ معاوية خطب فاطمة بنت قيس،فقال له النبيّ صلى الله عليه و آله:«إنّه صُعلوك (9)لا مال له» (10).

ص:291


1- النساء:130.
2- فقه الرضا عليه السلام:237،المستدرك 14:188 أبواب مقدّمات النكاح ب 24 ح 3.
3- انظر الوسائل 20:69 71 أبواب مقدّمات النكاح ب 26 الأحاديث 1،2،5.
4- منهم العلّامة في المختلف:576،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:20.
5- أي الاشتراط المطلق.منه رحمة اللّه.
6- المقنعة:512،المبسوط 4:178،الخلاف 4:271،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):611،التذكرة 2:604.
7- سلّار في المراسم:154.
8- الكافي 5:1/347،الفقيه 3:1186/249،الوسائل 20:78 أبواب مقدمات النكاح ب 28 ح 4.
9- الصعلوك:الفقير الذي لا مال له.مجمع البحرين 5:279.
10- صحيح مسلم 2:36/1114،سنن البيهقي 7:135؛ بتفاوت.

و لأنّ الإعسار مضرّ بها جدّاً.

و لعدّه نقصاً عرفاً؛ لتفاضل الناس في اليسار تفاضلهم في النسب.

و لأنّ بالنفقة قوام النكاح و دوام الازدواج.

و في الجميع نظر؛ لقصور الخبرين سنداً:بالإرسال في الأول، و العاميّة في الثاني؛ و دلالةً:باشتمال الأول على المستحبّ إجماعاً،و الثاني بعدم التصريح بالاشتراط.

و ضعف الوجوه الاعتباريّة،مع أخصّية الأُولى عن المدّعى الشامل لصورة الرضاء،و عدم الدليل على الكلّية (1)في الثاني.

و مع ذلك،فهي اجتهادات صرفة في مقابلة ما قدّمناه من الأدلّة القويّة،بل القطعيّة.

و دعوى الشهرة كالإجماع مع عدم الصراحة في الثاني (2)معارضةٌ بمثلهما.

و على المختار،فهل للجاهلة بالفقر المعقود عليها الخيار بعد العلم؟ وجهان،من لزوم التضرّر ببقائها معه كذلك المنفي آيةً و روايةً.

و من أنّ النكاح عقد لازم،و الأصل البقاء؛ و لقوله تعالى وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ [1] (3)و هو عامّ،و الضرر يندفع بالإجبار على الطلاق.و هو الأجود،وفاقاً لجماعة،منهم:شيخنا في الروضة (4)،بل قيل:إنّه الأشهر (5).

ص:292


1- و هو أنّ كلّ ما يعدّ نقصاً عرفاً مانعٌ من التزويج.منه رحمه اللّه.
2- أي الدعوى الثانية.منه رحمه اللّه.
3- البقرة:280.
4- الروضة 5:238،كشف اللثام 2:20،الكفاية:168.
5- كما قال به الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:254.

خلافاً للحلّي و ابن سعيد و العلّامة في المختلف (1)؛ و ربما نزّل عليه القول بالاشتراط المطلق،و ظاهر جماعة الإجماع على أنّه المراد منه، كالعلّامة في المختلف و التذكرة و الشيخ المفلح الصيمري في شرح الشرائع (2).

فيقوى المصير إلى الاشتراط حينئذ؛ لما تقدّم من الشهرة المحكيّة في التذكرة،و الإجماعات في كتابي الشيخ و كلام سلّار و ابن زهرة،بعد التنزيل المزبور.

إلّا أنّ اشتهار إطلاق العدم بين المتأخّرين مضافاً إلى دعوى الشهرة على عدم الاشتراط بهذا المعنى أيضاً بخصوصه ربما أوهن الإجماعات المنقولة عليه كالشهرة المحكيّة في التذكرة.

مضافاً إلى وهن آخر فيهما،من حيث عدم إرادة ظاهرهما،بل ظاهر جماعة بقاؤهما على ظاهرهما،و إرادة الاشتراط المطلق منهما (3)؛ و لذا عُدَّ قولاً في المسألة في مقابلة الاشتراط بالمعنى المنزّل عليه،فلا اعتماد حينئذٍ عليهما جدّاً،و دليله معارَض بأقوى منه كما عرفت.

و لا تتخيّر الزوجة لو تجدّد العجز من الزوج عن الإنفاق عليها في فسخ العقد إن دخلت عليه و هو معسر،إجماعاً؛ لإدخالها الضرر على نفسها.

ص:293


1- الحلّي في السرائر 2:557،ابن سعيد في الجامع للشرائع:439،المختلف:576.
2- المختلف:576،التذكرة 2:604.
3- راجع ص 289.

و كذا لو تزوّجت به و هو غني،على الأشهر الأظهر؛ تمسّكاً بالأصل، و ظاهر الخبر:«إنّ امرأة استعدت على زوجها أنّه لا ينفق عليها،و كان زوجها معسراً،فأبى أمير المؤمنين عليه السلام أن يحبسه،و قال:إنّ مع العسر يسرا» (1)و لو كان لها الفسخ لفرّقها به.

و احتمال اختصاصه برضائها بالإعسار ثم الاستعداء مدفوعٌ بالأصل، و ظاهر العموم الناشئ عن ترك الاستفصال،المؤيّد بعموم التعليل فيه.

و ضعف السند بالشهرة مجبور.

خلافاً للإسكافي،فخيّرها (2)؛ لقوله سبحانه فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ [1] (3)و الإمساك بدون النفقة إمساكٌ بغير معروف.و فيه منع، و لو سلّم لم يثبت التسلّط على الفسخ.

و للضرورة.و تندفع بالإجبار بالطلاق،مع أعمّيتها من المدّعى؛ لاشتمالها صورة الليّ عن الإنفاق مع الغناء،و لا قائل بالفسخ هنا.

و للصحيحين،في أحدهما:«من كانت عنده امرأة،فلم يكسها ما يواري عورتها و يطعمها ما يقيم صلبها،كان حقّا على الإمام أن يفرّق بينهما» (4).

و في الثاني:«إن أنفق عليها ما يقيم على ظهرها مع كسوة،و إلّا فرّق بينهما» (5).

ص:294


1- التهذيب 6:837/299،الوسائل 18:418 أبواب كتاب الحجر ب 7 ح 2.
2- كما نقله عنه في المختلف:582.
3- البقرة:229.
4- الفقيه 3:1330/279،الوسائل 21:509 أبواب النفقات ب 1 ح 2.
5- الفقيه 3:1331/279،التهذيب 7:1853/462،الوسائل 21:509 أبواب النفقات ب 1 ح 1؛ بتفاوت يسير.

و ليس فيهما الدلالة على تسلّطها على الفسخ بخصوصه قبل التفريق، بل ظاهرهما العدم،و توقّف التفريق على مفرّق دونها (1)،إمّا الحاكم كما في الأول أو مطلقاً كما في الثاني و لا يقول به؛ مع احتمال التفريق فيهما للطلاق،أو حبس الزوجة عنه إلى الإنفاق.

و يؤيّد الأول صحيحة ابن أبي عمير و جميل،اللذين حكي إجماع العصابة على تصحيح رواياتهما (2)،و فيها:روى عنبسة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا كساها ما يواري عورتها و يطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه،و إلّا طلّقها» (3).

و ربما حكي القول باختيار الفسخ للحاكم عن بعض (4)،و صار إليه بعض (5)؛ عملاً بظاهر الأول،و حملاً للثاني عليه؛ لصحّة السند.

و لكنّهما قاصران عن المكافأة لما مرّ؛ للشهرة،و الاعتضاد بالأصل و الآية؛ و مع ذلك فلا قائل بعمومهما الشامل لتجدّد الإعسار مع الرضاء به و عدمه،و لعدم التجدّد العام لصورتي سبق الفقر و الغناء و الرضاء بالفقر إن كان و عدم الرضاء،و ليس محلّ النزاع إلّا الثاني (6)،و أمّا البواقي فلا قائل بثبوت الفسخ لها أو للحاكم.

و ارتكاب التخصيص إلى أن يبقى المتنازع فيه مبنيٌّ على جوازه إلى

ص:295


1- أي الزوجة.منه رحمه اللّه.
2- انظر رجال الكشي 2:830.
3- الكافي 5:8/512،التهذيب 6:816/294،الإستبصار 3:146/44،الوسائل 21:510 أبواب النفقات ب 1 ح 4.
4- راجع إيضاح الفوائد 3:24.
5- كشف اللثام 2:20.
6- أي تجدّد الإعسار مع عدم الرضاء به.

هذا الحدّ،و هو قول مرغوب عنه،خلاف التحقيق.

و ظاهر إطلاق العبارة كغيرها انفرد المسألة عن سابقتها،و ربما بُني الخلاف فيها على المختار ثمّة،و ادّعي عدم الخلاف فيها و الاتّفاق على الخيار لها على غيره،فإن كان إجماع و إلّا فلا تلازم؛ لاحتمال الشرطيّة للابتداء دون الاستدامة،كسائر العيوب الموجبة للفسخ ابتداءً،و الساقط حكمها مع التجدّد،كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

يجوز نكاح الحرّة بالعبد،و الهاشميّة بغير الهاشمي،و العربية بالعجميّ،و بالعكس

و يجوز نكاح الحرّة بالعبد،و الهاشميّة بغير الهاشمي،و العربية بالعجميّ،و بالعكس اتّفاقاً،إلّا من الإسكافي،فاعتبر فيمن يحرم عليهم الصدقة ألّا يتزوّج فيهم إلّا منهم (1)؛ لرواية (2)قاصرة السند،ضعيفة الدلالة، بل هي على خلافه واضحة المقالة،و مع ذلك معارضة للنصوص الكثيرة العامّة و الخاصّة.

ففي الصحيح:«إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله زوّج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب» ثم قال:«إنّما زوّجها المقداد لتّتضع المناكح، و ليتأسّوا برسول اللّه صلى الله عليه و آله،و ليعلموا أنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم،و كان الزبير أخا عبد اللّه و أبي طالب لأبيهما و أُمّهما» (3).

و إذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب على من بيده عقدة

ص:296


1- حكاه عنه في التنقيح الرائع 3:109،المختلف:576.
2- الكافي 5:5/345،و أورد صدرها في الوسائل 20:70 أبواب مقدمات النكاح ب 26 ح 3.
3- الكافي 5:2/344،الوسائل 20:70 أبواب مقدمات النكاح ب 26 ح 2،و لكنه مرسل،لأنّه مروي عن هشام بن سالم،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و لعلّ المراد ما ذكره في نهاية المرام 1:206 من أنه رواه الكليني في الصحيح،عن هشام ابن سالم،عن رجل..أي أنّه صحيح في نفسه مع قطع النظر عن الإرسال.

النكاح إجابته و إن كان أخفض نسباً،و إن منعه الوليّ كان عاصياً في ظاهر الأصحاب.

عملاً بظاهر الأمر بالتزويج ممّن ارتُضي دينه و خلقه في النصوص، كالصحيح:«إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه، إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ» [1] (1).

و هو أعمّ من المدّعى؛ إذ ليس فيه التقييد بالقدرة على النفقة.و لعلّ المستند فيه ما قيل من أنّ الصبر على الفقر ضرر عظيم في الجملة،فينبغي جبره بعدم وجوب إجابته (2).

و هو حسن لولا المعارضة بالفتنة و الفساد الكبير المترتّب على ترك مطلق التزويج،كما أفصح عنه التعليل في الخبر.

نعم،روى الحلّي في سرائره أنّه:«إذا خطب المؤمن إلى غيره بنته، و كان عنده يسار بقدر نفقتها،و كان ممّن ترضى فعاله و أمانته،و لا يكون مرتكباً لشيء يدخل[به]في جملة الفسّاق،و إن كان حقيراً في نسبه،قليلاً في ماله،فلا يزوّجه إيّاها،كان عاصياً للّه سبحانه،مخالفاً لسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله» (3).

و إرساله غير قادح،بعد انجباره بموافقة الفتاوي له،و يقيَّد به ما تقدّمه،و به يتقوى دلالة الأمر على الوجوب في النصوص المتقدّمة،مع اعتضاده بالتعليل المصرّح به فيها،و بفتوى الأصحاب الذين على فهمهم

ص:297


1- الكافي 5:3/347،التهذيب 7:1584/396،الوسائل 20:77 أبواب مقدمات النكاح ب 28 ح 2.
2- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:239.
3- السرائر 2:558،ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

المدار في جميع الأبواب.

فلا وجه لتأمّل بعض من تأخّر في أصل الحكم،و لا لتقييده و حصر المعصية بالترك تبعاً للحلّي (1)فيما إذا لم يزوّجه لما هو عليه من الفقر، و الأنفة منه لذلك،و اعتقاده أنّ ذلك ليس بكفء في الشرع.و أمّا إن ردّه و لم يزوّجه لا لذلك،بل لأمر آخر أو غرض غير ذلك من مصالح دنياه، فلا حرج عليه،و لا يكون عاصياً (2).

و إن هو إلّا تقييد للنصّ من غير دليل،كتقييد بعض الأصحاب ذلك بعدم قصد العدول إلى الأعلى مع وجوده بالفعل أو القوّة (3).

نعم،إنّما يكون عاصياً مع الامتناع إذا لم يكن هناك طالب آخر مكافئ و إن كان أدون منه،و إلّا جاز العدول إليه،و كان وجوب الإجابة حينئذٍ تخييريّاً.

و يدخل فيمن بيده عقدة النكاح كما قدّمناه المخطوبة الثيّبة،أو البكر البالغة الرشيدة على المختار،أو التي ليس لها أب،فيجب عليها الإجابة على الأصحّ،و إن اختصّ الأخبار بالوليّ،تبعاً للتعليل العامّ الشامل للمقام.فلا وجه للتردّد و احتمال اختصاص الحكم بالأب.

و هل يعتبر في وجوب الإجابة بلوغ المرأة،أم يجب الإجابة على الولي و إن كانت صغيرة؟وجهان،من إطلاق الأمر؛ و انتفاء الحاجة،و هو الأصحّ؛ للأصل،و عدم تبادر المقام من إطلاق النصوص.و التعليل مع ذلك غير معلوم الشمول.

ص:298


1- السرائر 2:558.
2- المختلف:576.
3- كالشهيد الثاني في المسالك 1:498.
يكره أن تتزوّج المؤمنة الفاسق و تتأكّد في شارب الخمر

و يكره أن تتزوّج المؤمنة الفاسق مطلقاً؛ لأنّ المرأة تأخذ من أدب زوجها،و مفهوم النصوص المتقدّمة:تزويج من ارتُضي خلقه و دينه (1)،فتأمّل.

بل ربما قيل بالمنع (2)؛ لظاهر أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ [1] (3).و فيه نظر.

و تتأكّد الكراهة في تزويج شارب الخمر للنصوص، منها:«من زوّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها» (4).

و لا خلاف في شيء من ذلك.

و أن تتزوّج المؤمنة بالمخالف عند المصنّف،و يحرم كما مرّ.

و لا بأس بالمستضعف و المستضعفة و من لا يُعرَف بعناد على كراهة غير مؤكّدة و بالغة حدّ تلك الكراهة.

كلّ ذلك للنصوص المتقدّمة في اعتبار الإيمان في الكفاءة (5).

الثانية:إذا انتسب إلى قبيلة،فبان من غيرها ينفسخ النكاح

الثانية:إذا انتسب الزوج إلى قبيلة،فبان من غيرها ف هل العقد باطل من أصله مطلقاً،كما عن الإسكافي و الطوسي في النهاية و ابن حمزة (6)؟أم لا كذلك،كما عن المبسوط و الأكثر (7)؟أم الأول إذا بان أدنى

ص:299


1- راجع ص 295.
2- كما قاله به البحراني في الحدائق 24:83.
3- السجدة:18.
4- الكافي 5:1/347،التهذيب 7:1590/398،الوسائل 20:79 أبواب مقدّمات النكاح ب 29 ح 1.
5- راجع ص 281.
6- حكاه عن الإسكافي في التنقيح الرائع 3:111،و المختلف:555،النهاية:489،ابن حمزة في الوسيلة:311.
7- المبسوط 4:188؛ و انظر القواعد 2:7،و المسالك 1:498.

من القبيلة التي انتسب إليها بحيث لا يلائم شرفها شرفه؟أقوال.

و ما في رواية الحلبي الصحيحة-:في رجل يتزوّج المرأة،فيقول لها:أنا من بني فلان،فلا يكون كذلك من أنّه ينفسخ النكاح (1) كما حكاه المصنّف و في نسخ التهذيب:«تفسخ» أو:«تردّ» يساعد الأول.

لكن الأصل،و العمومات الآمرة بالوفاء،و خصوص العمومات المستفادة من مفاهيم الأخبار الحاصرة لردّ النكاح فيما عدا المقام كالصحيح:

«إنّما يردّ النكاح من البرص و الجذام و الجنون و العَفَل» (2)يساعد الثاني.

مضافاً الى الشهرة المحكيّة (3)،و فحوى الأخبار المتقدّمة الآمرة بالتزويج من المرضيّ خلقه و دينه (4)،الموجبة له،الشاملة لما لو كان من أدنى القبائل،فإذا وجب التزويج منه مع عدم الدخول تحت شيء من العمومات الآمرة بالوفاء،وجب معه بطريق أولى.

فلا يعارض الروايةُ شيئاً من ذلك،مع كونها مقطوعة،و نُسخها مختلفة،أشهرها لا يلائم القول بإطلاق البطلان؛ لظهوره في ثبوت الخيار، لا البطلان المطلق كما ادّعاه هؤلاء الأخيار.

و مع ذلك،محتملة للتقيّة،كما يظهر من المبسوط،حيث نسب القول بذلك إلى بعض العامّة،و يؤيّده مصير الإسكافي إليه.

و يضعّفها رجوع من هو العمدة في المصير إليها و هو الشيخ في

ص:300


1- التهذيب 7:1724/432،الوسائل 21:235 أبواب العيوب و التدليس ب 16 ح 1.
2- التهذيب 7:1693/424،الإستبصار 3:880/246،الوسائل 21:210 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 10.
3- كما في الحدائق 24:88.
4- راجع ص 295.

النهاية عنها في المبسوط فينبغي طرحها،أو حملها على صورة اشتراط ذلك في ضمن العقد؛ إذ لا ريب في ثبوت الفسخ حينئذ؛ بناءً على استلزام انتفاء الشرط انتفاء المشروط،و قد صرّح بذلك جماعة (1)،و حكي عن فخر المحقّقين (2).

و هذا أجود من حملها على ظهوره من أدنى القبائل التي انتمى إليها؛ لعدم الدليل عليه،بل قيام الدليل على خلافه،و لا يترك الاحتياط على حال.

و على القول بالرواية،ينبغي الاقتصار عليها،فلا يتعدّى إلى الزوج إذا انتسبت الزوجة إلى قبيلة ليست منها،و لا إلى الانتساب إلى الصنعة و غيرها ممّا خرج عن مورد الرواية؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن،و التفاتاً إلى بطلان القياس.

خلافاً للإسكافي (3)؛ و لعلّه بناءً على أصله من حجّيته،إلّا أنّه محكيّ عن ابن حمزة (4)،و مستنده غير واضح.

الثالثة إذا تزوّج امرأة،ثم علم أنها كانت زنت فليس له الفسخ،و لا الرجوع بالمهر

الثالثة:إذا تزوّج امرأة،ثم علم أنها كانت زنت قبل العقد فليس له الفسخ،و لا الرجوع على الوليّ بالمهر اختاره المتأخّرون،كما في المسالك (5)؛ للأصل فيهما،و النصوص الحاصرة عيوب الردّ فيما عدا الزناء

ص:301


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:498،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:21.
2- إيضاح الفوائد 3:192.
3- على ما حكاه عنه في المختلف:555.
4- حكاه عنه في المختلف:555،و هو في الوسيلة:311.
5- المسالك 1:527.

كالصحيح:«إنّما يردّ النكاح من البرص و الجذام و الجنون و العَفَل» (1).

و خصوص المعتبر:عن المحدود و المحدودة،هل يردّ من النكاح؟ قال:

«لا» (2).و ليس في سنده سوى سهل الثقة عند جمع (3)،و ضعفه سهل عند الآخرين (4)،و معتضد بالشهرة،مع أنّه مرويّ صحيحاً عن كتاب الحسين بن سعيد (5).

خلافاً للمقنع في الأوّل (6)،فأوجب الفسخ و نفى الصداق (7).

للخبرين،أحدهما الموثّق:عن رجل تزوّج امرأة،فلم يدخل بها، فزنت،قال:«يفرّق،و تحدّ الحدّ» (8).

و ليس في سند الآخر سوى السكوني،و هو ثقة عند بعض (9)،قال

ص:302


1- المتقدم في ص 298.
2- الكافي 5:9/407،التهذيب 7:1697/424،الإستبصار 3:878/245،الوسائل 21:217 أبواب العيوب و التدليس ب 5 ح 2.
3- رجال الطوسي:416،الوسائل 30:389.
4- رجال النجاشي:490/185،الفهرست:329/80،رجال ابن داود:229/249،رجال المجلسي:224.
5- البحار 100:22/365.
6- و هو عدم ثبوت الخيار.منه رحمه اللّه.
7- المقنع:109.
8- الفقيه 3:1254/263،التهذيب 7:1969/490،الوسائل 21:218 أبواب العيوب و التدليس ب 6 ح 2؛ و فيها:«..قال:يفرّق بينهما و تحدّ الحد و لا صداق لها».
9- انظر عدة الأُصول:380.

«يفرّق بينهما،و لا صداق لها؛ لأنّ الحدث كان من قبلها» (1).

و لكنّهما لا تقاومان ما مرّ سنداً،و عدداً،و اعتباراً،و اعتضاداً بالأصل و الشهرة،مع قصورهما عن المدّعى.إلّا أن يستدلّ بهما عليه بالفحوى، مع أنّ ظاهر الثاني التقييد بقبل الدخول،الظاهر في اللزوم بعده،و عبارته المنقولة في ثبوت الفسخ مطلقة،و مع ذلك ظاهرهما لزوم التفريق المنافي لما مرّ من النصوص المعتبرة بجواز إمساك الزوجة المصرّة بالزناء (2).

و وافقه المفيد (3)و جماعة (4)في المحدودة خاصّة.

و تردّه صريحاً المعتبرة المتقدّمة،مع عدم الدليل عليه بالمرّة،سوى ما قيل من اشتماله على العار فكان موجباً للفسخ (5).و هو مع جريانه في غير المحدودة مطلقاً،أو في الجملة،كما إذا كانت بالزناء مشهورة مضعّفٌ بارتفاع العار بالطلاق.

و للشيخ و الحلّي في الثاني (6)،فجوّزا الرجوع بالمهر على الولي مطلقاً (7)،كما عن ظاهر الأول،و يستفاد من الخبر القاصر السند بالاشتراك، الذي أشار إليه المصنّف بقوله: و في رواية:«لها الصداق بما استحلّ من

ص:303


1- الكافي 5:45/566،الفقيه 3:1253/263،التهذيب 7:1968/490،علل الشرائع:1/502،الوسائل 21:218 أبواب العيوب و التدليس ب 6 ح 3.
2- راجع ص 189 190.
3- المقنعة:504.
4- منهم المحقق في الشرائع 2:292،و العلّامة في القواعد 2:15،و الشهيد الثاني في الروضة 5:202.
5- قال به صاحب الحدائق 24:367.
6- و هو عدم الرجوع بالمهر على الولي.منه رحمه اللّه.
7- الشيخ في النهاية:486،الحلّي في السرائر 2:613.

فرجها» و يرجع به على الوليّ«و إن شاء تركها» (1) نعم رواها الكليني (2)و حسين بن سعيد في كتابه (3)صحيحاً.

إلّا أنّه ينبغي تقييده وفاقاً للثاني بعلم الولي بالزناء؛ للصحيح:عن المرأة تلد من الزناء،و لا يعلم بذلك أحد إلّا وليّها،أ يصحّ له أن يزوّجها و يسكت على ذلك إذا كان قد رأى منها توبةً و معروفاً؟فقال:«إن لم يذكر ذلك لزوجها،ثم علم بذلك،فشاء أن يأخذ صداقها من وليّها بما دلّس عليه،كان له ذلك على وليّها،و كان الصداق الذي أخذت لها،لا سبيل له عليها فيه بما استحلّ من فرجها،و إن شاء زوجها أن يمسكها فلا بأس» (4).

و التقييد مستفاد من تعليق الحكم فيه على التدليس،المشعر بالتعليل.

مضافاً إلى إطلاق الصحيح النافي للضمان عن الولي مع جهله بالعيب-:في رجل ولّته امرأة أمرها،أو ذات قرابة،أو جارة له،لا يعرف دخيلة أمرها،فوجدها قد دلّست عيباً هو بها،قال:«يؤخذ المهر منها، و لا يكون على الذي زوّجها شيء» (5).

و في المعتبر:«في امرأة زوّجها وليّها و هي برصاء،أنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها،و أنّ المهر على الذي زوّجها؛ و إنّما صار المهر عليه لأنّه دلّسها،و لو أنّ رجلاً تزوّج امرأة،و زوّجها رجل لا يعرف دخيلة أمرها،

ص:304


1- التهذيب 7:1698/425،الوسائل 21:219 أبواب العيوب و التدليس 6 ح 4.
2- الكافي 5:4/355.
3- البحار 100:23/365.
4- الكافي 5:15/408،الوسائل 21:217 أبواب العيوب و التدليس ب 6 ح 1؛ بتفاوت يسير.
5- الكافي 5:10/407،الفقيه 3:171/50،الوسائل 21:212 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 4.

لم يكن عليه شيء،و كان المهر يأخذه منها» (1).

و يستفاد منهما الرجوع إليها مع جهل الولي،و هو حسن؛ لصحّة الأول،و اعتبار الثاني؛ إذ ليس فيه إلّا سهل،إلّا أنّه ينبغي التقييد بما قبل الدخول؛ لئلّا يخلو البضع المحترم عن العوض.

و لا بأس بالمصير إلى هذه الأخبار،وفاقاً لجماعة من المتأخّرين (2)؛ لوضوح سندها،و اعتضادها بعموم ما دلّ على الرجوع إلى الولي مع علمه بالعيب.

و لكن الكبرى استشكله شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد تبعاً للعلّامة في المختلف (3)بأنّ التضمين إنّما هو باعتبار تدليس العيب على الزوج،فإذا كان عيباً كان له الفسخ،و إن لم يكن فلا.

و كلّية الكبرى ممنوعة،و صريح الشيخ في التهذيبين عدم استلزام أخذ الصداق من الولي جواز الردّ (4).

فالقول بعدم الفسخ و ثبوت الرجوع بالمهر على المدلِّس متعيّن.

الرابعة لا يجوز التعريض بالخِطبة

الرابعة:لا يجوز التعريض بالخِطبة بالكسر،و هو الإتيان بلفظ يحتمل الرغبة في النكاح و غيرها مع ظهور إرادتها،ك:ربّ راغب فيكِ و حريص عليكِ؛ أو:أنّي راغب فيكِ؛ أو:أنت عليّ كريمة،أو عزيزة؛

ص:305


1- الكافي 5:9/407،التهذيب 7:1697/424،الاستبصار 3:878/245،مستطرفات السرائر:53/36،الوسائل 21:212 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 2؛ بتفاوت يسير.
2- منهم البحراني في الحدائق 24:375.
3- المختلف:553.
4- الاستبصار 3:246،التهذيب 7:425.

أو:إنّ اللّه تعالى لسائقٌ إليك خيراً،أو رزقاً؛ أو نحو ذلك لذات البعل؛ إجماعاً كما في الروضة (1)،و لما فيه من الفساد.

و لذات العدّة الرجعيّة إجماعاً في الظاهر؛ لأنّها في حكم الزّوجة.

إلّا من الزوج خاصّة،فيجوز له التعريض كالتصريح.

و يجوز التعريض له و لغيره في عدّةٍ غيرها كالعدّة البائنة.

مطلقاً في الأخير،حرمت مؤبّداً على الزوج أم لا،على الأشهر الأظهر؛ لما يأتي (2).

خلافاً للمحكيّ عن الشيخ من التردّد في نحو المختلعة (3)،من ذلك (4)،و من أنّها بعدُ في قيد عصمة الزوجيّة؛ لجواز رجوع الزوج و لو في الجملة.

و هو حسن لو قام دليل على الكلّية في دليل المنع،و هو مفقود، و توهّم الإجماع ممنوع.

و مقيّداً بعدم التحريم عليه مؤبّداً في الأول إجماعاً،فلا يجوز له التعريض فيه.

و يجوز كالتصريح في غيره إجماعاً،فيما إذا حلّت له بعد العدّة من دون احتياج إلى محلِّل،و إن توقّف الحلّ على الرجوع في البذل.

و على الأظهر الأشهر فيما لو احتاج الحلّ إلى المحلِّل أيضاً،و لكن في التعريض خاصّة؛ للأصل،و فقد المانع الذي هو الإجماع مع عموم

ص:306


1- الروضة 5:239.
2- من الأصل و إطلاق دليل الجواز.منه رحمه الله.
3- المبسوط 4:217.
4- أي من الأصل و إطلاق دليل الجواز.

الأدلّة للجواز من الكتاب و السنّة.

قال اللّه سبحانه وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً [1] (1).و في المعتبرة المستفيضة:هو التعريض للخطبة (2)،فتأمّل.

خلافاً لبعض المتأخّرين،فحرّمه حينئذٍ (3)كالتصريح (4)؛ لامتناع نكاحه لها قبل المحلِّل.

و فيه منع؛ لعدم الدليل على التلازم الكلّي.

و يحرم التصريح بها و هو الإتيان بلفظ لا يحتمل إلّا النكاح،ك:

أُريد أن أتزوّجك بعد عدّتك،و نحوه- في الحالين أي في كلّ من العدّة الرجعيّة و البائنة بأنواعه مطلقاً في غير الزوج،و مقيّداً فيه بحصول الحرمة مطلقاً (5)أو في الجملة بالبينونة،فيحرم عليه التصريح بالخِطبة في هاتين الصورتين خاصّة،كالتعريض في الأُولى (6)منهما.و يجوز له فيما عداهما،كالرجعيّة و البائنة التي عنده على تطليقتين أو تطليقة.

و الضابط في جميع ما ذكر:أنّ التصريح بالخِطبة للمعتدّة حرام مطلقاً،إلّا من الزوج في العدّة التي يجوز له نكاحها بعدها،بحيث لا تكون محرّمة.

ص:307


1- البقرة:235.
2- الوسائل 20:497 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 37.
3- أي ما إذا توقف الحلّ على المحلِّل.منه رحمه اللّه.
4- كالشهيدين في اللمعة و الروضة البهية 5:239،240.
5- أي أبداً.منه رحمه اللّه.
6- و هو الحرمة مطلقاً،أي مؤبّداً.منه رحمه اللّه.

و التعريض جائز من كلّ من يجوز له تزويجها بعد العدّة،و من الزوج و إن لم يجز له تزويجها حينئذ ما لم تكن محرّمة عليه مؤبّداً.

و كلّ من حرمت عليه المرأة مؤبّداً تحرم عليه الخطبة لنفسه تصريحاً و تلويحاً.

و اعلم إنّ الإجابة تابعة للخِطبة حلّاً و حرمة،كذا قالوا؛ و لعلّه لما فيه من الإعانة على الإثم.و لو صرّح بها في محل المنع لم يحرم نكاحها إجماعاً في الظاهر؛ للأصل.

الخامسة إذا خطب فأجابته كره لغيره خطبتها

الخامسة:إذا خطب فأجابته هي أو وكيلها أو وليّها كره لغيره خطبتها إجماعاً؛ لما يأتي.و لقصوره عن إثبات التحريم حمل عليها و لذا لا يحرم على أصحّ القولين؛ للأصل.

خلافاً للشيخ و الشهيد في اللمعة،فيحرم (1)؛ للنبوي:«لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه» (2)فإنّ النهي ظاهر فيه.

و هو حسن لو صحّ السند،و ليس كذلك،و لا جابر،و مع ذلك لا قائل بعمومه أو إطلاقه.

و لما فيه من إيذاء المؤمن و إثارة الشحناء المحرَّم،فيحرم ما كان وسيلة إليه.

و هو أخصّ من المدّعى،و لا بأس بالتحريم حيث حصلا،وفاقاً لبعض متأخّري الأصحاب (3)،و النصّ صالح للحمل عليه.

ص:308


1- الشيخ في المبسوط 4:218،اللمعة(الروضة البهية 5):241.
2- سنن البيهقي 7:179.
3- كالشهيد الثاني في الروضة 5:241.

و لو رُدّ لم يحرم إجماعاً.

و لو انتفى الأمران (1)،فظاهر إطلاق النصّ التحريم أيضاً،لكن لم نقف على قائل به،و بالكراهة هنا صرّح بعض الأصحاب (2)،و لا بأس بها؛ للمسامحة من إطلاق الرواية،و إن كانت بحسب السند قاصرة.

هذا كلّه في الخاطب المسلم.

أمّا الذمّي إذا خطب الذميّة،لم تحرم خطبة المسلم لها قطعاً؛ للأصل، و عدم دخوله في النهي؛ بناءً على اختصاص مورده بخطبة الأخ المسلم.

و حيث يحرم،فلو خالف و خطب و عقد صحّ و إن فعل محرّماً؛ إذ لا منافاة بين حرمة الخطبة و صحّة العقد،و لو قلنا باقتضاء النهي الفساد في المعاملات.

السادسة نكاح الشِّغار باطل

السادسة:نكاح الشِّغار حرام و باطل بالنصّ و الإجماع و هو كما في النصّ: أن تتزوّج امرأتان برجلين،على أن يكون مهر كلّ واحدة نكاح الأُخرى (3) و هو بكسر الشين و الغين المعجمتين من الشغر،بمعنى:الرفع؛ لرفع المهر فيه،أو خلّوه عنه،أو كأنّه شرط أن لا يرفع رجل ابنته حتى يرفع هو رجل الأُخرى.

و لعلّ المنع فيه إمّا من جهة تعليق عقد[على عقد (4)]على وجه الدور،أو شرط عقد في عقد،أو تشريك البضع بين كونه مهراً للزوجة

ص:309


1- أي الإجابة و الرد.منه رحمه اللّه.
2- كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:114،و السبزواري في الكفاية:169،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:257.
3- الكافي 5:2/361،التهذيب 7:1445/355،معاني الأخبار:1/274،الوسائل 20:303 أبواب عقد النكاح ب 27 ح 2.
4- ما بين المعقوفين أضفناه من«ح» لاستقامة العبارة.

و ملكاً للزوج.

قيل:و لو خلا المهر من أحد الجانبين بطل خاصّة.و لو شرط كلّ منهما تزوّج الأُخرى بمهر معلوم صحّ العقدان و بطل المسمّى؛ لأنّه شرط معه تزويج،و هو غير لازم،و النكاح لا يقبل الخيار،فيثبت مهر المثل.

و كذا لو زوّجه بمهر و شرط أن يزوّجه و لم يذكر مهراً (1).

و ظاهره صحّة العقد مع فساد الشرط،فإن كان إجماع و إلّا ففيها معه نظر،كيف لا؟!و انتفاء الشرط يقتضي انتفاء المشروط.

و في الشرائع التردّد فيما مرّ (2)؛ و لعلّه لما ذكر،أو للتأمّل في إطلاق الحكم بفساد الشرط؛ للزوم الوفاء به مع الإمكان؛ لكونه سائغاً،فإفساد المسمّى و الرجوع إلى المهر مطلقاً لا وجه له.

و هو متّجه في المقامين،و لكن في الأول إذا كان الشرط شرطاً في أصل التزويج دون ما إذا كان شرطاً في المهر إذ غايته حينئذ انتفاؤه الغير الملازم لفساد العقد؛ لعدم ركنيّته فيه بالإجماع فيصحّ العقد و يثبت مهر المثل.

السابعة يكره العقد على القابلة المربيّة و بنتها

السابعة:يكره العقد على القابلة المربيّة و بنتها : للنهي عنه في الخبرين،في أحدهما:«لا يتزوّج المرأة التي قبلته و لا ابنتها» (3).

و لقصور سندهما و مخالفتهما الأصل و العمومات حُمِلا على الكراهة في المشهور بين الطائفة.

ص:310


1- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:244.
2- الشرائع 2:301.
3- التهذيب 7:1822/455،الإستبصار 3:638/176،الوسائل 20:502 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 39 ح 8.

مضافاً إلى معارضتهما للصحيح النافي للتحريم عنه مطلقاً،و فيه:

«سبحان اللّه ما حرّم اللّه من ذلك» (1).

و الموثِّق الآتي النافي لمطلق البأس الشامل له عن غير المربيّة، و الصريح في الكراهة فيها.

فالقول بالتحريم كما عن المقنع (2)ضعيف جدّاً.

و ظاهر الخبرين الكراهة مطلقاً،و لكن خصّهما الشيخ (3)و المصنّف و جماعة (4)بالمربّية؛ للموثّق:عن القابلة تقبل الرجل،إله أن يتزوّجها؟ قال:«إن كانت قبلت المرّة و المرّتين و الثالث فلا بأس،و إن كانت قبلته و ربّته و كفلته فإنّي أنهى نفسي عنها و ولدي» (5)،و في رواية أُخرى:

«و صديقي» (6)و هو صريح في الكراهة،كما مرّت إليه الإشارة.

و أن يزوّج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها : للنهي عنه في الصحيح؛ معلّلاً بأنّ أباه لها بمنزلة الأب (7)،و مقتضاه تعدية الحكم إلى ابنة مطلق المنكوحة،و عكس فرض العبارة كتزويج ابنته من ابن المنكوحة،فلا يقدح فيها أخصّية مورد الرواية؛ إذ العبرة بعموم

ص:311


1- التهذيب 7:1821/455،الإستبصار 3:637/176،الوسائل 20:502 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 39 ح 6؛ بتفاوت يسير.
2- المقنع:109.
3- كما في النهاية:460.
4- اللمعة و الروضة 5:242،التنقيح الرائع 3:115.
5- التهذيب 7:1824/455،الإستبصار 3:640/176،الوسائل 20:502 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 39 ح 7.
6- التهذيب 7:1825/456،الاستبصار 3:/176ذيل حديث 640،الوسائل 20:502 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 39 ذيل حديث 7.
7- التهذيب 7:1812/453،الإستبصار 3:635/175،الوسائل 20:474 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 23 ح 5.

العلّة لا خصوص المورد بالضرورة.

و إنّما حمل النهي على الكراهة للأصل،و العمومات،و خصوص الصحيح:عن الرجل يطلّق امرأته،ثم خلف عليها رجل بعده،ثم ولدت للآخر،هل يحلّ ولدها من الآخر لولد الأول من غيرها؟قال:«نعم» قال:

و سألته عن رجل أعتق سريّته،ثم خلف عليها رجل بعده،هل يحلّ ولدها لولد الذي أعتقها؟قال:«نعم» (1).

أمّا لو ولدتها قبل تزويجه فلا كراهة؛ لعدم النهي،و انتفاء العلّة، و للخبر:عن الرجل يتزوّج المرأة و يزوّج ابنه ابنتها،فقال:«إن كانت لابنه لها قبل أن يتزوّج بها فلا بأس» (2).

و أن يتزوّج بمن كانت ضَرَّة لاُمّه مع غير أبيه للصحيح:«ما أُحبّ للرجل المسلم أن يتزوّج ضَرَّة كانت لاُمّه مع غير أبيه» (3).

و هو شامل لما إذا كان تزوّج ذلك الغير قبل أبيه و بعده،فلا وجه لتخصيص الكراهة بالأول،كما في الشرائع (4)،فتدبّر.

و تكره الزانية قبل أن تتوب مطلقاً،على الأشهر الأظهر كما مرّ مع الخلاف فيها فيما سبق (5).

ص:312


1- الكافي 5:1/399،التهذيب 7:1808/451،الإستبصار 3:630/173،الوسائل 20:473 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 23 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 5:4/400،الفقيه 3:1291/272،التهذيب 7:1811/452،الإستبصار 3:634/174،الوسائل 20:474 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 23 ح 4.
3- الفقيه 3:1229/259،التهذيب 7:1895/472،الوسائل 20:504 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 42 ح 1،و الضرَائر جمع ضرَّة:هنّ زوجات الرجل لأنّ كلّ واحدة تضرّ بالأُخرى بالغيرة و القسم مجمع البحرين 3:374.
4- الشرائع 2:301.
5- راجع ص 189.

القسم الثاني في النكاح المنقطع

اشارة

القسم الثاني في النكاح المنقطع و هو نكاح المتعة،و لا خلاف بين المسلمين كافّة في ثبوت شرعيّته في الجملة،و نطقت به الآية الكريمة (1)و السنّة المتواترة من طرق الخاصّة و العامّة، و على بقائها إلى يوم القيامة إجماع أهل العصمة عليهم السلام و شيعتهم الإماميّة، و أخبارهم بذلك متواترة،كما ستقف عليها في تضاعيف المباحث الآتية.

و النظر في أركانه و أحكامه

أركانه أربعة

اشارة

و أركانه أربعة :

الأول الصيغة

الأول:الصيغة،و هو أي النكاح المنقطع- ينعقد بإحدى الألفاظ الثلاثة :أنكحتك،و زوّجتك،و متّعتك،بلا خلاف،كما حكاه جماعة (2).و ينبغي الاقتصار عليها خاصّة في المشهور بين الطائفة، فلا ينعقد بالتمليك و الهبة و الإجارة و البيع و الإباحة؛ وقوفاً فيما خالف الأصل على المتيقّن.

و قال علم الهدى رضى الله عنه-: ينعقد في التمتّع ب الإماء بلفظ الإباحة و التحليل (3) و لم يثبت،فهو ضعيف كضعف المحكيّ عنه في الطبريّات من جواز العقد بالإجارة (4)؛ لعدم ثبوته،مع مخالفته الأصل المتيقّن.

ص:313


1- النساء:24.
2- منهم:الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:118،و الشهيد الثاني في المسالك 1:500،و صاحب الحدائق 24:122.
3- انظر الناصريات(الجوامع الفقهية):210.
4- حكاه عنه في كشف اللثام 2:54.

و يعتبر فيها جميع ما اعتبر في صيغة الدوام،عدا كون الإيجاب و القبول بصيغة الماضي،فيجوز الاستقبال مع قصد الإنشاء هنا،وفاقاً لجماعة (1)؛ للمستفيضة:

منها الصحيح:قال:«تقول:أتزوّجك متعةً على كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيّه صلى الله عليه و آله» الحديث (2).

و باقي الروايات (3)و إن قصر أسانيدها إلّا أنّها اعتضدت به و بالكثرة البالغة حدّ الاستفاضة،المورثة للمظنّة القويّة،إلّا أنّ في بلوغها حدّ المعارضة للأصل المعتضد بالشهرة نوع مناقشة.

فإذاً الأحوط الاقتصار على ما اعتبروه من الماضويّة في كلّ من طرفي الصيغة.

الثاني الزوجة

الثاني:الزوجة المتمتّع بها، و يشترط كونها مسلمة أو كتابيّة فلا يجوز بالوثنيّة و المجوسيّة،و يجوز بالكتابيّة مطلقاً،على أصحّ الأقوال المتقدّمة.

و يتفرّع على اشتراط الإسلام:أنّه لا يصحّ التمتّع بالمشركة و الناصبيّة لكفرهما.

و نحو الأخير:الخارجيّة،بل هي من أعظم أقسامها.

أمّا المستضعفة و المخالفة غير الناصبيّة،فيجوز للمؤمن التمتّع بهما؛

ص:314


1- منهم ابن أبي عقيل كما حكاه عنه في المختلف:561،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:54،و السبزواري في الكفاية:170.
2- الكافي 5:4/455،التهذيب 7:1137/263،الوسائل 21:43 أبواب المتعة ب 18 ح 2.
3- الوسائل 21:43 أبواب المتعة ب 18.

لفحوى ما سبق من جواز تزويجهما بالدوام (1)،فبالانقطاع أولى.

و لكن يستحبّ اختيار المؤمنة العارفة؛ للخبرين:

في أحدهما:«تمتّع من المرأة المؤمنة أحبّ إليّ» (2).

و في الثاني:«نعم،إذا كانت عارفة» (3).

و المرسل الناهي من التمتّع بها (4)محمول على ما إذا كانت يلحقها العار و الذلّ بذلك.

و اختيار العفيفة للخبر:عن المتعة،فقال لي:«حلال،و لا تزوّج إلّا عفيفة،إنّ اللّه تعالى يقول وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [1] (5)و لا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك» (6).

و النهي فيه للكراهة؛ لفحوى ما مرّ من جواز العقد دائماً بالزانية و لو كانت مشهورة (7).

مضافاً إلى الخبرين المرخّصين للتمتّع منها،ففي أحدهما:عن الرجل يتزوّج الفاجرة متعة،قال:«لا بأس،و إن كان التزويج الآخر

ص:315


1- راجع ص 284.
2- الفقيه 3:1390/293،التهذيب 7:1109/256،الإستبصار 3:524/145،الوسائل 21:26 أبواب المتعة ب 7 ح 3؛ بتفاوت يسير.
3- الكافي 5:5/454،التهذيب 7:1088/252،الوسائل 21:25 أبواب المتعة ب 7 ح 1.
4- التهذيب 7:1089/253،الإستبصار 3:515/143،الوسائل 21:26 أبواب المتعة ب 7 ح 4.
5- المؤمنون:5.
6- الكافي 5:2/453،التهذيب 7:1086/252،الإستبصار 3:512/142،الوسائل 21:24 أبواب المتعة ب 6 ح 2.
7- راجع ص 189 190.

فليحصن بابه» (1).

و في الثاني:نساء أهل المدينة،[قال:]«فواسق» قلت:فأتزوّج منهنّ؟قال:«نعم» (2)فتأمّل.

و يستحبّ أن يسألها بل غيرها عن حالها هل هي ذات بعل و عفيفة أم لا مع التهمة بالبعل و عدم العفة.

للموثّق:عن المتعة،فقال:«إنّ المتعة اليوم ليس كما كانت قبل اليوم،إنّهنّ كنّ يومئذٍ يؤمَنّ» بفتح الميم على الظاهر«و اليوم لا يؤمَنّ، فاسألوا عنهنّ» (3).

و ليس السؤال شرطاً في الجواز إجماعاً،بل و لا واجباً؛ للأصل، و حمل تصرّف المسلم على الصحّة،و النصوص المستفيضة الحاكمة بكون المرأة في نفسها مصدّقة و لو مع التهمة:

منها:ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد،فأقول لها:هل لك زوج؟فتقول:لا،فأتزوّجها؟قال:«نعم،هي المصدّقة على نفسها» (4).

و اشتراك الراوي مجبور برواية فضالة عنه.

و منها:«ليس هذا عليك،إنّما عليك أن تصدّقها في نفسها» (5).

ص:316


1- التهذيب 7:1090/253،الإستبصار 3:516/143،الوسائل 21:29 أبواب المتعة ب 9 ح 1.
2- التهذيب 7:1091/253،الإستبصار 3:517/143،الوسائل 21:29 أبواب المتعة ب 9 ح 2.و ما بين المعقوفين أضفناه من«ر» و المصدر لاستقامة المتن.
3- الكافي 5:1/453،الفقيه 3:1386/292،التهذيب 7:1084/251،الوسائل 21:23 أبواب المتعة ب 6 ح 1.
4- الكافي 5:2/462،التهذيب 7:1526/377،الوسائل 21:30 أبواب المتعة ب 10 ح 1.
5- رسالة المتعة(مصنّفات الشيخ المفيد 6):14،المستدرك 14:458 أبواب المتعة ب 9 ح 1.

بل ربما يستفاد من بعضها كراهة السؤال عنها،ففي الخبر:إنّي تزوّجت امرأة متعة،فوقع في نفسي أنّ لها زوجاً،ففتّشت عن ذلك، فوجدت لها زوجاً،قال:«و لِمَ فتّشت؟! » (1).و في آخر:«إنّ فلاناً تزوّج امرأة متعة،فقيل:إنّ لها زوجاً،فسألها، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«و لِمَ سألها؟!» (2)،و نحوهما غيرهما (3).

و يحتمل الجمع،بحمل هذه الأخبار على كراهة السؤال بعد وقوع التزويج،و ما سبق على استحبابه مع التهمة قبله.

و يكره التمتّع بالزانية كما سبق و ليس شرطاً و لا حراماً؛ لما مرّ.

خلافاً للصدوق،فمنع منه مطلقاً (4)،و لابن البرّاج،إلّا إذا منعها من الفجور (5)؛ لأخبار (6)،طريق الجمع بينها و بين غيرها الحمل على الكراهة، وفاقاً للأشهر بين الطائفة.

بل ربما قال المانع من الدوام بالجواز هنا؛ للموثّق المجوّز للتمتّع بالمعروفة بالفجور،و فيه:«لو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شيء، إنّما يخرجها من حرام إلى حلال» (7).

أقول:و نحوه المرويّ عن كشف الغمّة (8)،و غيره (9)،متضمّناً

ص:317


1- التهذيب 7:1092/253،الوسائل 21:31 أبواب المتعة ب 10 ح 3.
2- التهذيب 7:1093/253،الوسائل 21:31 أبواب المتعة ب 10 ح 4.
3- انظر التهذيب 7:1094/253،الوسائل 21:32 أبواب المتعة ب 10 ح 5.
4- انظر المقنع:113.
5- المهذب 2:241.
6- انظر الوسائل 21:27 أبواب المتعة ب 8.
7- التهذيب 7:1949/485،الوسائل 21:29 أبواب المتعة ب 9 ح 3.
8- كشف الغمة 2:423،الوسائل 21:29 أبواب المتعة باب 9 ج 4.
9- لم نعثر على خبر آخر غيرهما مشتمل على التعليل المذكور.

للتعليل المزبور،و يستفاد منه الجواز في الدائم،لكن مع تحقّق مضمونه.

و أن يستمتع ببكر مطلقاً،كان لها أب أم ليس لها أب للصحيح:في الرجل يتزوّج البكر متعة،قال:«يُكرَه؛ للعيب على أهلها» (1).

و الأحوط اعتبار الإذن من الأب؛ للصحيحين،في أحدهما:«العذراء التي لها أب لا تتزوّج متعةً إلّا بإذن أبيها» (2).

و ليس في سنده في الفقيه عدا أبان الثقة عند جمع (3)،الموثّق عند آخرين (4)،و عدّه صحيحاً بناءً على الأول.

و في الثاني:«البكر لا تتزوّج متعة إلّا بإذن أبيها» (5).

و النهي فيهما للكراهة،لا الحرمة،على الأظهر الأشهر بين الطائفة؛ تمسّكاً في الجواز بعموم الأدلّة القطعيّة من الكتاب (6)و السنّة العامّة [للعيب على أهلها و الأحوط اعتبار الإذن من الأب للصحيحين في أحدهما العذراء التي لها أب لا تتزوج متعة] و الخاصّة،كالصحيحة المتقدّمة و الآتية،و نحوهما الخبر المعتبر المنجبر جهالة راويه بالشهرة،و وجود من أجمعت العصابة في سنده-:عن الجارية يتمتّع منها الرجل؟قال:«نعم،إلّا أن تكون صبيّة تخدع» الخبر (7).

ص:318


1- الكافي 5:1/462،الفقيه 3:1393/293،التهذيب 7:1102/255،الإستبصار 3:530/146،الوسائل 21:34 أبواب المتعة ب 11 ح 10.
2- الفقيه 3:1394/293،التهذيب 7:1099/254،الإستبصار 3:527/145،الوسائل 21:35 أبواب المتعة ب 11 ح 12.
3- و هو أبان بن عثمان الأحمر البجلي الراوي عن أبي مريم(راجع معجم الرجال 1:157)فقد وثّقه العلّامة في الخلاصة:21،و التفريشي في نقد الرجال:5.
4- رجال ابن داود:30.
5- قرب الإسناد:1294/362،الوسائل 21:33 أبواب المتعة ب 11 ح 5.
6- النساء:24.
7- الفقيه 3:1392/293،التهذيب 7:1100/255،الإستبصار 3:528/145،الوسائل 21:36 أبواب المتعة ب 12 ح 4.

و خصوص المعتبرة المستفيضة،كالصحيح في الظاهر:عن التمتّع من البكر إذا كانت بين أبويها،قال:«لا بأس،ما لم يقتضّ ما هناك لتعفف بذلك» (1).

و الخبر المنجبر ضعفه بما مرّ من الشهرة:عن التمتّع من الأبكار اللواتي بين الأبوين،فقال:«لا بأس،و لا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب» (2).

و نحوه غيره،كالمرسل:«لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبويها» (3).

و الخبر:جارية بكر بين أبويها،تدعوني إلى نفسها سرّاً من أبويها، أ فأفعل ذلك؟قال:«نعم،و اتّق موضع الفرج» الخبر (4).

و مضى تمام التحقيق في المسألة في البحث عن الولاية (5).

فإن فعل فلا يقتضّها لما مرّ و ليس محرّماً جدّاً؛ للأصل، و ظاهر الصحيح:«لا بأس بأن يتمتّع بالبكر ما لم يفض إليها؛ كراهة العيب على أهلها» (6).

مضافاً إلى إطلاق النصوص بالجواز،المعتضد بعمل الأصحاب.

ص:319


1- التهذيب 7:1098/254،الإستبصار 3:526/145،الوسائل 21:34 أبواب المتعة ب 11 ح 9؛ بتفاوت.
2- التهذيب 7:1097/254،الإستبصار 3:525/145،الوسائل 21:33 أبواب المتعة ب 11 ح 6؛ و الأقشاب جمع قَشِب،و هو من لا خير فيه من الرجال مجمع البحرين 2:143.
3- التهذيب 7:1095/254،الوسائل 21:34 أبواب المتعة ب 11 ح 8.
4- التهذيب 7:1096/254،الوسائل 21:33 أبواب المتعة ب 11 ح 7.
5- راجع ص 84.
6- الكافي 5:2/462،الوسائل 21:32 أبواب المتعة ب 11 ح 1.

خلافاً للنهاية،فحرّم ذلك إذا كان العقد عليها بدون إذن الأب (1)؛ عملاً بظاهر النهي.

و هو جيّد لو استلزم الفساد،و إلّا فهو أحوط.

و لا حصر في عددهنّ فله التمتّع بما شاء منهن،كما مضى (2).

و يحرم أن يتمتّع أمة على حرّة مطلقاً،متمتّع بها أو مزوجة دائماً كما قيل (3)إجماعاً و نصوصاً،كما مرّ (4).

إلّا بإذنها فيصحّ على الصحيح؛ للصحيح:هل للرجل أن يتمتّع من المملوكة بإذن أهلها و له امرأة حرّة؟قال:«نعم،إذا رضيت الحرّة» قلت:فإن أذنت الحرّة يتمتّع منها؟قال:«نعم» (5)بل مرّ عدم الخلاف فيه (6).

و حكي هنا قول بالمنع مطلقاً (7).و هو ضعيف جدّاً.

و أن يُدخِلَ على المرأة بنت أخيها أو أُختها ما لم تأذن كما هو مقطوع به في كلامهم؛ و عُلِّل بإطلاق النصوص (8)،و فيه ضعف.

نعم،في بعض ما مرّ منها التعليل بالإجلال (9)،الظاهر في العموم في

ص:320


1- النهاية:490.
2- راجع ص 240.
3- كما قال به الشهيد في اللمعة(الروضة البهية 5):192.
4- راجع ص 218.
5- الكافي 5:3/463،التهذيب 7:1112/257،الإستبصار 3:533/146،الوسائل 21:41 أبواب المتعة ب 16 ح 1.
6- راجع ص 218.
7- التنقيح الرائع 3:80.
8- راجع ص 181.
9- في ص 182.

الداخلة (1)و المدخول عليها.

الثالث المهر و ذكره شرط

الثالث:المهر،و ذكره في ضمن العقد شرط في الصحّة؛ بالإجماع،و المستفيضة:

منها الصحيح:عن المتعة،فقال:«هو مهر معلوم إلى أجل معلوم» (2).

و أصرح منه الآخر:«لا يكون متعة إلّا بأمرين:بأجل مسمّى،و مهر مسمّى» (3)،و نحوه في الصراحة غيره (4).

فيبطل العقد بالإخلال به مطلقاً،عمداً كان أو سهواً.

بخلاف الدائم،فليس ركناً فيه إجماعاً،و هو الفارق،مع النصوص الموجّهة بأنّ الغرض الأصلي من الدوام التناسل،و من المنقطع قضاء الشهوة و الاستمتاع (5)،فنكاحُه شديد الشباهة بالمعاوضات،و لذا سمّيت متعة و مستأجرة،و مهرها في الغالب اجرة.

و يشترط فيه الملكيّة و العلم بالمقدار إجماعاً،و يكفي فيه المشاهدة حتى فيما لا يكتفى بها فيه من المعاوضات الصرفة بشرط الحضور،و مع الغيبة فلا بُدَّ من الوصف بما يرفع الجهالة،و ظاهرهم القطع بذلك،و إن تردّد فيه بعض الأجلة (6).

ص:321


1- بالإضافة إلى المتمتع بها و الدائمة.منه رحمه الله.
2- التهذيب 7:1135/262،الوسائل 21:42 أبواب المتعة ب 17 ح 3.
3- الكافي 5:1/455،التهذيب 7:1133/262،الوسائل 21:42 أبواب المتعة ب 17 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- الكافي 5:2/455،التهذيب 7:1138/263،الوسائل 21:44 أبواب المتعة ب 18 ح 4.
5- انظر الوسائل 21:72 أبواب المتعة ب 36.
6- نهاية المرام 1:231 و الحدائق 24:157.

و يتقدّر بالتراضي بكلّ ما يقع عليه ممّا يتموّل و لو بكفّ من بُرّ على الأشهر الأظهر؛ للأصل،و الإطلاقات،و خصوص النصوص الدالّة عليه بالعموم و الخصوص.

و هي في الأول مستفيضة،ففي الصحاح (1):«المهر ما تراضى عليه الناس» و زيد في بعضها:«من قليل أو كثير» .و كذلك في الثاني،منها الصحيح:كم المهر يعني في المتعة؟ قال:«ما تراضيا عليه إلى ما شاءا من الأجل» (2).

و الحسن:عن أدنى ما يتزوّج به الرجل متعة،قال:«كفّين من بُرّ» (3).

و في المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بما مرّ مع الشهرة التقدير بكفّ من بُرّ كما في بعضها (4)،أو دقيق أو سويق أو تمر،كما في غيره (5).

خلافاً للمحكيّ عن الصدوق،فالدرهم فما زاد (6)؛ للصحيح:«أنّه يجزي فيه الدرهم فما فوقه» (7).

و ليس نصّاً فيه،بل و لا ظاهراً؛ إذ الحكم بإجزاء الدرهم غير منافٍ

ص:322


1- الوسائل 21:239 أبواب المهور ب 1.
2- الكافي 5:1/457،التهذيب 7:1127/260،الإستبصار 3:547/149،الوسائل 21:49 أبواب المتعة ب 21 ح 3.
3- الفقيه 3:1398/294،التهذيب 7:1136/263،المقنع:114،الوسائل 21:44 أبواب المتعة ب 18 ح 5.
4- الكافي 5:2/457،التهذيب 7:1125/260،الوسائل 21:49 أبواب المتعة ب 21 ح 2.
5- الكافي 5:4/457،الوسائل 21:50 أبواب المتعة ب 21 ح 5.
6- المقنع:113.
7- الكافي 5:3/457،التهذيب 7:1126/260،الوسائل 21:48 أبواب المتعة ب 21 ح 1.

لإجزاء الأقلّ،إلّا بالمفهوم المردود عند الكلّ،الغير المكافئ لشيء ممّا مرّ، فضلاً عن الجميع.

و لو لم يدخل بها و وهبها ما بقي من المدّة المضروبة كملاً فلها النصف من المسمّى،فتأخذه منه مع عدم الأداء و يرجع الزوج بالنصف لو كان دفع المهر إليها،فيما قطع به الأصحاب،بل عن الحلّي و المحقّق الشيخ عليّ عليه الإجماع (1)؛ و هو الحجّة فيه،و الموثّق:

«و إن خلّاها قبل أن يدخل بها ردّت المرأة على الرجل نصف الصداق» (2).

و لمخالفة الحكم للأصل يجب الاقتصار فيه على محلّ الوفاق و المتبادر من النصّ،فلا ردّ مطلقاً و لو مقسّطاً في هبة البعض و إبقاء الباقي.

و من هنا يظهر جواز هبة المدّة مطلقاً (3)،و هي بمعنى إبراء الذمّة، فلا يحتاج إلى القبول ظاهراً؛ و النصوص فيه بعد ما مرّ من الإجماع و النصّ مستفيضة.

ففي الصحيح عن رجل تمتّع بامرأة،ثم وهب لها أيّامها قبل أن يفضي إليها،أو وهب لها أيّامها بعد ما أفضى إليها،هل له أن يرجع فيما وهب لها من ذلك؟فوقّع عليه السلام:«لا يرجع» (4).

فلا وجه للشكّ في الجواز من حيث التجدّد شيئاً فشيئاً،و أنّ الثابت في الذمّة حال البراءة ليس هو الحقّ المتجدّد (5)؛ لأنّه اجتهاد في مقابلة الأدلّة القويّة.و مع ذلك فربما اقتضته الحكمة الربّانية،فإنّه لا يقع هنا

ص:323


1- الحلّي في السرائر 2:622،الشيخ علي في جامع المقاصد 13:23.
2- التهذيب 7:1130/261،الوسائل 21:63 أبواب المتعة ب 30 ح 1.
3- أي قبل الدخول و بعده.و منه رحمه الله.
4- الفقيه 3:1391/293،الوسائل 21:63 أبواب المتعة ب 29 ح 1.
5- انظر المسالك 1:502.

طلاق بالوفاق،فربما أُريد قبل انقضاء الأجل الفراق،فلولا صحّة الهبة لما وقع بوجه،و هو حرج عظيم،كما لا يخفى على البصير المداقّ.

ثم ما مرّ إذا لم يدخل.

و أمّا إذا دخل بها استقرّ المهر في ذمّته كملاً،بشرط الوفاء بكمال المدّة،أو هبته لها؛ للأصل،و الوفاق.

و أمّا مع فقد الشرطين،كما لو أخلّت بشيء من المدّة من دون هبة اختياراً قاصّها من المهر بنسبة ما أخلّت به من المدّة،بأن يبسط المهر على جميعها،و يسقط منه بحسابه،حتى لو أخلّت بها أجمع سقط عنه المهر.و يتصوّر ذلك بالإخلال بها قبل الدخول.

و لا فرق في الحكم المذكور بينه و بين بعده؛ للإجماع عليه في الظاهر مطلقاً،و إطلاق النصوص،كالصحيح أو الحسن:أتزوّج المرأة شهراً أو شهرين،فتريد منّي المهر كملاً و أتخوّف أن تخلفني،فقال:«يجوز أن تحبس ما قدرت عليه،فإن هي أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك فيه» (1).

و في آخر مثله كذلك،و فيه:«خذ منها بقدر ما تخلفك،إن كان نصف شهر فالنصف،و إن كان ثلثاً فالثلث» (2).

و يستثنى منه أيّام الطمث؛ للموثّق:«ينظر ما قطعت من الشرط، فيحبس عنها من مهرها بمقدار ما لم تف له،ما خلا أيّام الطمث فإنّها لها، [فلا يكون له]إلّا ما أحلّ له فرجها» (3).

ص:324


1- الكافي 5:1/460 و فيه:لا يجوز،الوسائل 21:61 أبواب المتعة ب 27 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 5:3/461،التهذيب 7:1128/260،الوسائل 21:61 أبواب المتعة ب 27 ح 2.
3- الكافي 5:4/461،الوسائل 21:61 أبواب المتعة ب 27 ح 3؛ بتفاوت يسير،و ما بين المعقوفين أضفناه من الكافي.

و في إلحاق ما عداه من الأعذار كالمرض،و الخوف من ظالم وجهان،أوجههما:العدم؛ تمسّكاً بالأصل،و التفاتاً إلى اختصاص النصّ بالحيض،من دون إشعارٍ فضلاً عن ظهور بالعموم.

و تعليل الإلحاق بالمشاركة في المعنى لعدم القطع به،و لا الدليل عليه سوى الاستنباط قياسٌ باطل بلا التباس.

و يستفاد من النصّ الأول و الثالث و غيرهما (1)جواز تأخير المهر، و عدم وجوب المبادرة بدفعه بعد العقد؛ و هو الأوفق بمقتضى الأصل.

خلافاً لجماعة كما عن المفيد و المرتضى و المهذب (2)فأوجبوا المبادرة؛ و لعلّه لوجود:«لا يجوز» بدل:«يجوز» في أكثر نسخ الرواية الأُولى (3)،المؤيّدة بتفريع جملة:«فإن هي أخلفتك فخذ منها» على السابق؛ إذ لا معنى للأخذ منها بعد حبس المهر عنها.

و هو أحوط،إلّا أنّ في تعيّنه نظراً؛ لظهور الموثّق المزبور بجواز الحبس،المعتضد بالأصل و الشباهيّة بالإجارة الجائز فيها ذلك،و هو بحسب السند أولى منه،مع اختلاف نسخة،فتأمّل.

و لو بان فساد العقد إمّا بظهور زوج،أو عدّة،أو كونها محرّمة عليه جمعاً أو عيناً،أو غير ذلك من المفسدات فلا مهر لها إن لم يدخل بها مطلقاً،إجماعاً؛ للأصل.

و لو دخل فلها ما أخذت منه،و تمنع ما بقي مطلقاً فيهما،قليلاً كانا أو كثيراً،كانا بقدر ما مضى من المدّة و ما بقي منها أم لا،لكن بشرط

ص:325


1- الفقيه 3:1397/294،الوسائل 21:62 أبواب المتعة ب 27 ح 4.
2- المفيد في المقنعة:509،المرتضى في الانتصار:111،المهذب 2:241.
3- انظر الكافي 5:1/460.

جهلها بالفساد لا مطلقاً على الأصحّ،وفاقاً للمحكيّ عن المقنعة و النهاية و المهذّب (1).

للحسن بل الصحيح على الصحيح-:«إذا بقي عليه شيء من المهر،و علم أنّ لها زوجاً،فما أخذته فلها بما استحلّ من فرجها،و يحبس عنها ما بقي عنده» (2).

و إطلاقه كإطلاق كلام الجماعة محمولٌ على الشرط المتقدّم؛ للأدلّة القطعيّة على عدم المهر للزانية.

مضافاً إلى خصوص الرواية:الرجل يتزوّج المرأة متعةً بمهر إلى أجل معلوم،و أعطاها بعض مهرها و أخّرته بالباقي،ثم دخل بها،و علم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنّها زوّجته نفسها و لها زوج مقيم معها،أ يجوز له حبس باقي مهرها أم لا؟فكتب:«لا يعطيها شيئاً؛ لأنّها عصت اللّه عزّ و جلّ» (3).

فلا إشكال في العمل بالخبر مع صحّته من جهة عمومه لصورتي الجهل و عدمه،كيف لا؟!و العامّ بعد التخصيص حجّة في الباقي،مع احتمال وروده على ظاهر الصحّة في فعل كلّ مسلم و مسلمة،فيخصّ به بالنظر إلى مورده عموم ما سيأتي من القاعدة:من ثبوت مهر المثل بفساد المناكحة و وطء الشبهة،و يعمل بها فيما عداه،كما إذا أخذت الجميع،أو لم تأخذ شيئاً مطلقاً.

ص:326


1- المقنعة:519،النهاية:491،المهذب 2:242.
2- الكافي 5:2/461،التهذيب 7:1129/261،الوسائل 21:62 أبواب المتعة ب 28 ح 1.
3- الكافي 5:5/461،الوسائل 21:62 أبواب المتعة ب 28 ح 2.

و هنا أقوال أُخر:

منها:أنّ الوجه أنّها تستوفيه جميعاً مع جهالتها مطلقاً، انقضت المدّة بكمالها أم لا،أخذت منه شيئاً أم لا.و هو ضعيف جدّاً،كيف لا؟!و لزوم المسمّى إنّما هو بالعقد الصحيح لا مطلقاً،و مجرّد التراضي غير مقتضٍ له أصلاً.و على تقدير الاقتضاء، فلا ريب في اشتراط الرضاء،و توقّفه على انقضاء المدّة كملاً لا مطلقاً، فلا وجه للإطلاق قطعاً.

و أمّا أنّه يستعاد منها مع الأخذ،و لا تُعطي شيئاً مع العدم مع علمها فلا ريب فيه قطعاً؛ لما مضى.

و منها:ما اختاره المصنّف هنا بقوله: و لو قيل بمهر المثل مع الدخول و جهلها و عدم المهر مع الدخول و العلم منها مطلقاً (1) كان حسناً أمّا الثاني فلما مضى.

و أمّا الأول فلأنّه الأصل في كلّ عقد فاسد و وطء شبهة قطعاً.

و الحُسن في محلّه فيما عدا مورد النصّ المتقدّم؛ لخلوّه عن المعارض،و أمّا فيه فلا؛ لتعيّن تخصيص الأصل به،مع اعتبار سنده، و وضوح دلالته،و عمل جماعة به (2).و حمله على كون المقبوض بقدر المثل ليوافق الأصل كما في الروضة- (3)ليس بأولى من تخصيصه به،بل هو أولى؛ لأخصّيته بالإضافة إليه،فلا يضرّه الإطلاق قطعاً،و التعارض

ص:327


1- أي لا المثل و لا المسمّى.منه رحمه الله.
2- راجع ص 323.
3- الروضة البهية 5:288.

بينهما تعارض العموم و الخصوص مطلقاً،فيتعيّن المصير إلى التخصيص، لا إلى الحمل المتقدّم،مع عدم الداعي إليه.

ثم إن قلنا بالمثل مطلقاً،أو حيث أوجبناه،فهل المراد به مهر المثل لتلك المدّة،أو مهر المثل للنكاح الدائم؟قولان:

من أنّ عوض بضع الموطوءة شبهةً هو الثاني جدّاً،و لذا لو وُطِئت هذه المنكوحة بالعقد الفاسد بدونه شبهةً لزمه ذلك قطعاً،و العقد الفاسد كالعدم جدّاً.

و من أنّ الشبهة إنّما هي للعقد المخصوص،فيجب مهر المثل به.

و ضعفه يظهر بما قرّرنا،فإذاً الثاني أقوى.

و لو قيل بلزوم أقلّ الأمرين تمسّكاً بأصالة البراءة عن الزائد لم يكن بعيداً؛ التفاتاً إلى عدم دليل على ثبوت مهر المثل للدائم للموطوءة شبهة مطلقاً،حتى في المقام؛ إذ ليس إلّا الإجماع،و ليس؛ للخلاف،أو عدم خلوّ البضع عن العوض،و هو يحصل بأقلّ الأمرين جدّاً، فلا مخصّص لأصالة البراءة هنا،فتأمّل.

و هنا قول رابع في أصل المسألة،نافٍ للمهر مطلقاً مع علمها كما في الأقوال السابقة موجبٌ مع جهلها للأقلّ من المثل أو المسمّى؛ لموافقة الأصل المتقدّم (1)مع أقلّية المثل عن المسمّى،و إقدامها بالأقلّ مع العكس (2).

و يضعّف بوقوعه على وجه مخصوص و هو كونها زوجة لا مطلقاً،فلا يلزم الإقدام و الرضاء بالمسمّى على غيره قطعاً.

ص:328


1- و هو كون المثل عوض البضع حيث تبيّن فساد العقد.منه رحمه الله.
2- أي كون المسمّى أقلّ من المثل.منه رحمه الله.
الرابع الأجل و هو شرط في العقد

الرابع:الأجل،و هو أي ذكره- شرط في صحّة العقد بالإجماع و النصوص،و قد مرّت في المهر (1).

و لا تقدير له شرعاً،بل يتقدّر بتراضيهما عليه كائناً ما كان كاليوم و السنة و الشهر و الشهرين.

و إطلاق النصّ و كلام الأصحاب و به صرّح جماعة (2)يقتضي عدم الفرق في الزمان الطويل بين صورتي العلم بإمكان البقاء إلى الغاية و عدمه، و عُلِّل بعدم المانع؛ لأنّ الموت قبله غير قادح (3).و لم ينقَل فيه خلاف، و ظاهرهم الإجماع عليه،و لولاه لأُشكِل و احتاج إلى تأمّل.

و في الزمان القصير بين صورتي إمكان الجماع فيه و عدمه؛ لعدم انحصار الغاية فيه.

خلافاً للمحكيّ عن ابن حمزة،فقدّرة هنا بما بين طلوع الشمس و نصف النهار (4)؛ و لا دليل عليه،و لعلّه أراد المَثَل.

و لا بُدَّ من تعيينه بأن يكون محروساً من الزيادة و النقصان كغيره؛ دفعاً للغرر و الضرر،و التفاتاً إلى الصحيح:الرجل يتزوّج متعةً سنةً و أقلّ و أكثر،قال:«إذا كان شيء معلوم إلى أجل معلوم» (5).

و في اعتبار اتصال المدّة المضروبة بالعقد،أو جواز الانفصال،قولان.

ص:329


1- الوسائل 21:42 أبواب المتعة ب 17.
2- منهم الشهيدان في اللمعة و الروضة 5:285،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:239،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:55،و صاحب الحدائق 24:138.
3- المسالك 1:503.
4- الوسيلة:310.
5- الكافي 5:2/459،التهذيب 7:1147/266،الإستبصار 3:553/151،الوسائل 21:58 أبواب المتعة ب 25 ح 1؛ بتفاوت يسير.

قيل:أحوطهما الأول؛ لأنّ الوظائف الشرعيّة إنّما تثبت بالتوقيف، و لم ينقل تجويزه كذلك،و إنّما المنقول في النصوص بحكم التبادر صورة الاتّصال،فيجب القول بنفي ما عداه إلى ثبوت دليل الجواز (1)؛ تمسّكاً بأصالة الحرمة.

و قيل بالثاني (2)؛ لوجود المقتضي،و هو العقد المشتمل على الأجل المضبوط،فيلزم الوفاء به؛ لعموم الأمر به (3)،و هو كافٍ في ثبوت التوقيف،كيف لا؟!و اشتراط التوقيف بعنوان الخصوص غير لازم،و لذا يتمسّك به فيما لم يرد بشرعيّته دليل بالخصوص.

و هذا أجود،وفاقاً للمحكيّ عن الحلّي و الماتن في النكت و صرّح به في الشرائع و المسالك و القواعد (4)،و عن إطلاق الأكثر (5).

و هو ظاهر الخبر:الرجل يلقى المرأة فيقول لها:زوّجيني نفسك شهراً،و لا يسمّي الشهر بعينه،ثم يمضي فيلقاها بعد سنين،فقال:«له شهره إن كان سمّاه،و إن لم يكن سمّاه فلا سبيل له عليها» (6)فإنّ الظاهر كون الشهر المسمّى بعد سنين.

و قصور السند معتضد بما مرّ من القاعدة،و فتوى الجماعة،و الشهرة المحكيّة في كلام جماعة (7).

ص:330


1- قال به صاحب المدارك في نهاية المرام 1:240.
2- كما قال به الفاضل الهندي 2:56.
3- المائدة:1.
4- الحلّي في السرائر 2:623،النهاية و نكتها 2:379،الشرائع 2:305،المسالك 1:503،القواعد 2:26.
5- حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:56.
6- الكافي 5:4/466،الفقيه 3:1410/297،التهذيب 7:1150/267،الوسائل 21:72 أبواب المتعة ب 35 ح 1.
7- منهم المجلسي في مرآة العقول 20:255،و صاحب الحدائق 24:148.

و الاحتياط مشترك بين القولين،فلا يترك مراعاته على حال.

و على المختار،ففي جواز العقد عليها في المدّة المتخلّلة بين العقد و مبدأ المدّة المشروطة،أم العدم،قولان:

أجودهما:الأول،إذا وفت المدّة المتخلّلة بالأجل المعقود عليه ثانياً، و العدّة بالنسبة إليه؛ للأصل،و منع صدق ذات البعل عليها في هذه المدّة.

و على تقديره،فاندراجها في إطلاق النصوص المانعة عن العقد على ذات البعل غير معلوم؛ بناءً على اختصاصه بحكم التبادر بغير محلّ الفرض، و هو ذات البعل بالفعل،و هو كافٍ في عدم الخروج عن الأصل،و الاحتياط سبيله واضح.

ثم كلّ ذا مع تعيين المبدأ،و مع الإطلاق ينصرف إلى الاتّصال على الأصحّ الأشهر؛ لقضاء العرف به.

خلافاً للحلّي (1)؛ للجهالة (2)، و ترتفع بما مرّ و للخبر الذي مرّ، و هو لا يدلّ إلّا على البطلان مع عدم التسمية لكونه بعد سنين،و نحن نقول به.

و لا يصحّ ذكر المرّة و المرّات مجرّدة عن زمان مقدّر لهما،على الأشهر الأظهر؛ لفقد التعيين في الأجل المشترط بما مرّ؛ بناءً على وقوعهما في الزمن الطويل و القصير.

خلافاً للشيخ في النهاية و التهذيب،فيصحّ و ينقلب دائماً (3)؛ للخبر:

أتزوّج المرأة متعة مرّة مبهمة؟فقال:«ذلك أشدّ عليك،ترثها و ترثك،

ص:331


1- السرائر 2:623.
2- أي في الأجل.منه رحمه الله.
3- النهاية:491،التهذيب 7:267.

و لا يجوز لك أن تطلّقها إلّا على طُهر و شاهدين» (1).

و فيه مع ضعف السند و عدم المكافأة لما مرّ بوجه ما سيأتي في انقلاب العقد المجرّد عن الأجل دائماً.

و فيه رواية بالجواز بل روايات و فيها ضعف و قصور من حيث السند،أجودها الموثّق:هل يجوز أن يتمتّع الرجل من المرأة ساعة و ساعتين؟فقال:«الساعة و الساعتين لا يوقف على حدّهما،و لكن العَرْد و العَرْدين،و اليوم و اليومين،و الليلة،و أشباه ذلك» (2).

و سنده و إن اعتبر إلّا أنّه شاذّ،و العامل به غير معروف،غير مكافئ لما مرّ؛ لصحّة السند،و الكثرة،و الاعتضاد بما هو الأشهر،و مع ذلك فظاهره المنع عن نحو الساعة و الساعتين،و لا قائل به،مع إمكان تحديدهما و تعيينهما.

و حمله على اشتراطهما بهذه العبارة أي الساعتين و الساعة فيصحّ المنع؛ للجهالة،كما تصدّى له بعض الأجلّة (3).

محلّ مناقشة،يظهر وجهها بالتعليل فيه بعدم الوقوف على حدّ، و لم يعلَّل بما مرّ (4)،و لو صحّ كان التعليل به أولى.مضافاً إلى تجويزه اليوم و اليومين،و هي بعين العبارة المتقدّمة.

ص:332


1- التهذيب 7:1151/267،الإستبصار 3:556/152،الوسائل 21:48 أبواب المتعة ب 20 ح 3.
2- الكافي 5:3/459،التهذيب 7:1148/266،الإستبصار 3:554/151،الوسائل 21:58 أبواب المتعة ب 25 ح 2.و المراد بالعَرد:المرّة الواحدة من المواقعة.مجمع البحرين 3:101.
3- الوسائل 21:58.
4- أي الجهالة.منه رحمه الله.

فظهر أنّ الوجه في المنع ما عُلِّل فيه،دون ما مرّ من الجهالة.

و بالجملة:فالإعراض عنه لازم.

و يمكن حمله على صورة ذكرهما مع تقدير الزمان الظرف لهما، و الأجل للعقد،زاد عليهما أم لا،و لا كلام فيه؛ لعموم:«المؤمنون عند شروطهم» (1)فلا يجوز له الزيادة عن العدد المشروط بغير إذنها،و لا يتعيّن عليه فعله؛ إذ الوطء غير واجب.

و لا تخرج عن الزوجيّة إلّا بانقضاء الأجل،فيجوز له الاستمتاع منها بعد استيفاء العدد المشترط بغير الوطء إن زاد الأجل على العدد.

و في جواز الوطء بها حينئذٍ مع الإذن قولان،أجودهما:الأول،وفاقاً للأشهر؛ للأصل،و فقد الدليل المحرِّم هنا،و صريح الموثّق أو الحسن:

رجل تزوّج بجارية عاتق (2)على أن لا يقتضّها،ثم أذنت له بعد ذلك، قال:«إذا أذنت له فلا بأس» (3)؛ فتدبّر.

أمّا الأحكام فمسائل

اشارة

أمّا الأحكام فمسائل سبع:

الأُولى الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد

الاُولى:الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل المشترطين في صحّة العقد يبطل العقد بالنصّ و الإجماع،كما في المختلف و المسالك (4)، فلا ينقلب دائماً هنا إجماعاً.

و أمّا لو عكس ف ذكر المهر من دون الأجل ففيه أقوال،

ص:333


1- غوالي اللئلئ 1:84/218.
2- أي الجارية أول ما أدركت و التي لم تتزوّج.منه رحمه الله.
3- الفقيه 3:1413/297،الوسائل 21:33 أبواب المتعة ب 11 ح 3.
4- المختلف:559،المسالك 1:505.

أشهرها:أنّه يقلبه دائماً لصلاحيّة العقد لكلّ منهما،و إنّما يتمحّض للمتعة بذكر الأجل،و للدوام بعدمه،فمع انتفاء الأول يثبت الثاني؛ لأنّ الأصل في العقد الصحّة.

و للنصوص،منها الموثّق:«إن سمّى الأجل فهو متعة،و إن لم يسمّ الأجل فهو نكاح باتّ (1)» (2).و قيل:لا؛ لأنّ المتعة شرطها الأجل إجماعاً،و المشروط عدمٌ عند عدم شرطه،و للصحيح (3)و غيره (4):«لا يكون متعة إلّا بأمرين:بأجل مسمّى و مهر مسمّى»،و أنّ الدوام لم يقصد،و العقود تابعة للقصود، و صلاحيّة الإيجاب لهما لا توجب حمل المشترك على أحد المعنيين مع إرادة المعنى الآخر المباين له (5).

هذا،مع التأمّل في صلاحيّة مطلق الإيجاب لهما،و إنّما هي في خصوص لفظ النكاح و التزويج دون التمتّع؛ لما مضى في عقد الدوام (6).

و هذا هو الأقوى،سيّما إذا وقع العقد بلفظ التمتّع و كان ترك الأجل

ص:334


1- قال في مرآة العقول(20:239):قوله عليه السلام:«باتّ» قال العلّامة رحمه الله:أي دائم بحسب الواقع كما فهمه الأصحاب،أو يحكم عليه ظاهراً كما في سائر الأقارير و لا يقع واقعاً،لأنّ ما قصده لم يقع و ما وقع لم يقصد.
2- الكافي 5:1/456،التهذيب 7:1134/262،الوسائل 21:47 أبواب المتعة ب 20 ح 1.
3- الكافي 5:1/455،التهذيب 7:1133/262،الوسائل 21:42 أبواب المتعة ب 17 ح 1.
4- المتعة(مصنفات المفيد 6):47،المستدرك 14:460 أبواب المتعة ب 13 ح 1.
5- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:287.
6- راجع ص 10.

نسياناً،وفاقاً للعلّامة و والده و ولده و الروضة و سبطه (1)و جماعة (2).

و الرواية مع اختلاف نسخها ففي بعضها بدل باتّ:«بان» (3)و هذه صريحة في البطلان ليس فيها تصريح بأنّهما أرادا المتعة و أخلّا بالأجل، بل مضمونها:أنّ النكاح مع الأجل متعة،و بدونه دوام،و لا نزاع فيه.

نعم،في رواية قاصرة السند:إنّي أستحيي ذكر شرط الأيّام،قال:

«هو أضرّ عليك»،قلت:و كيف؟قال:«إنّك إن لم تشترط كان تزويج مقام،و لزمتك النفقة في العدّة،و كانت وارثة،لم تقدر على أن تطلّقها إلّا طلاق السنّة» (4).

و ذكر شيخنا الشهيد في النكت عدم قابليّتها للتأويل.

و ليس كذلك؛ لإمكان أن يكون المراد:إثبات الأضرّية بالإضافة إلى ظاهر الشريعة،بمعنى:أنّ المرأة لو ادّعت الدوام،و أثبتت ذكر الألفاظ بدون الأجل،أُخذ الرجل في ظاهر الشرع بأحكام الدائمة،من النفقة و الكسوة و سائر أحكام الدائمة.و لا يلازم ذلك ثبوت الزوجيّة الدائمة بمجرّد الألفاظ المجرّدة عن بيان المدّة فيما بينه و بين اللّه تعالى،حتى يجوز له التمتّع منها في نفس الأمر.

مع احتمال أن يكون المراد من الاستحياء من ذكر الأجل:الحياء من التمتّع بها و إيجابه العدول إلى الدوام،فكأنّه قال:أتزوّج دائماً لا متعة؛

ص:335


1- العلّامة و والده في المختلف:559،و ولده في إيضاح الفوائد 3:128،الروضة البهية 5:287،و نهاية المرام 1:244.
2- منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 13:26،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:55،و صاحب الحدائق 24:142.
3- لم نعثر عليها في مصادر الحديث.نعم أشار إليها في ملاذ الأخيار 12:54.
4- الكافي 5:3/455،التهذيب 7:1145/265،الإستبصار 3:551/150،الوسائل 21:47 أبواب المتعة ب 20 ح 2.

لحيائي منها.

و مع احتمال جميع ذلك،كيف يُجسَر في تخصيص الأدلّة القطعيّة بها (1)؟!سيّما في صورة النسيان؛ للزوم الانقلاب دواماً فيها التكاليف الشاقّة المخالفة للأُصول بمجرّد النسيان،و لم يُعهَد في الشريعة ثبوت التكاليف بمجرّده؛ مع أنّه مخالف للأدلّة العقليّة.

و أمّا القول:بأنّ العقد إن وقع بلفظ التزويج أو النكاح انقلب دائماً، أو بلفظ التمتّع بطل كما عن الحلّي (2)و لعلّه نظر إلى ما قدّمناه في منع صلاحيّة عقد المتعة مطلقاً للدوام.

أو بأنّ ترك الأجل إن كان جهلاً منهما أو أحدهما أو نسياناً كذلك (3)بطل،و إن كان عمداً بالدوام انقلب،كما حُكي قولاً (4).

فقد ظهر ضعفه ممّا ذكرناه،مع عدم وضوح الدليل على الثاني.

فالقول بالبطلان مطلقاً مع قصد التمتّع الذي هو موضع النزاع أوجه،و لكن الاحتياط لا يُترَك،فيعقد للدوام ثانياً إن أرادها،و إلّا فليطلّقها و يعطي نصف المهر،أو تعفو عنه.

الثانية لا حكم للشروط قبل العقد

الثانية:لا حكم للشروط إذا كانت قبل العقد مطلقاً سائغةً كانت أم لا إجماعاً؛ للنصوص المستفيضة:

منها الموثّق:«ما كان من شرطٍ قبل النكاح هدمه النكاح،و ما كان بعد النكاح فهو جائز» (5).

ص:336


1- أي بالرواية.منه رحمه الله.
2- السرائر 2:620.
3- أي منهما أو من أحدهما.منه رحمه الله.
4- حكاه في الروضة البهية 5:287.
5- الكافي 5:1/456،التهذيب 7:1134/262،الوسائل 21:46 أبواب المتعة ب 19 ح 2.

و نحوه الآخر:«إنّما الشرط بعد النكاح» (1).

و بها يُخَصّ عموم ما دلّ على لزوم الوفاء بالشروط (2).

مضافاً إلى الإجماع على عدم لزوم الوفاء بما يشترط لا في عقد و أنّه بمنزلة الوعد كما حكاه بعض الأصحاب (3)و مقتضاه عدم لزوم الوفاء بالشروط المتأخّرة كالسابقة،و ظاهرهم الاتّفاق عليه بخصوصه،و به يُخَصّ العموم المتقدّم،و تُصرَف النصوص عن ظواهرها،بحمل النكاح اللازم ما يشترط بعده فيها على أحد طرفي العقد،كما يشعر به بعضها،و فيه:«إن اشترطت على المرأة شروط المتعة فرضيت بها و أوجبت عليها التزويج فاردد عليها شرطك الأول بعد النكاح،فإن أجازته جاز،و إن لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من الشروط قبل النكاح» (4).

و أظهر منه الرضوي بل صريح فيه و فيه:«و كلّ شرط قبل النكاح فاسد،و إنّما ينعقد الأمر بالقول الثاني،فإذا قالت في الثاني:نعم،دفع إليها المهر أو ما حضر[منه]» الخبر (5)،و نحوه المرويّ في البحار من خبر المفضّل الوارد في الغَيبة (6).

و تدلّ حينئذٍ على أنّها تلزم لو كانت سائغة و ذكرت فيه أي متن العقد و عليه الإجماع أيضاً كما حكي (7).

ص:337


1- الكافي 5:4/456،الوسائل 21:47 أبواب المتعة ب 19 ح 4.
2- غوالي اللئلئ 1:84/218.
3- كالفاضل الهندي في كشف اللثام 2:56.
4- الكافي 5:3/456،التهذيب 7:1139/263،الوسائل 21:45 أبواب المتعة ب 19 ح 1.
5- فقه الرضا(عليه السلام):232،المستدرك 14:461 أبواب المتعة ب 14 ح 2،بدل ما بين المعقوفين في النسخ:ما حضرته،و ما أثبتناه من المصدر.
6- البحار 53:26 32،المستدرك 14:474 أبواب المتعة ب 32 ح 1.
7- حكاه صاحب المدارك في نهاية المرام 1:246،و السبزواري في الكفاية:171.

و الأشهر الأظهر الاكتفاء بذكرها فيه في اللزوم؛ لكونها من جملة العقد المأمور بالوفاء به،و الإعادة منفيّة بالأصل.

خلافاً للنهاية،فأوجبها (1)؛ لظواهر ما مرّ من المستفيضة.

و في صحّة النسبة مناقشة؛ لظهور سياق عبارته فيها فيما حملنا عليه المستفيضة.

و على تقديرها،فليس في المستفيضة بعد الإبقاء على ظواهرها دلالة على اعتبار الإعادة،و إنّما ظاهرها الاكتفاء بالشروط اللاحقة و إن لم يقع فيها إعادة بعدم ذكرها في العقد بالمرّة،و لم يقل بلزوم الوفاء بمثلها أحد،حتى هو في النهاية؛ لاعتباره فيها ذكر الشروط في العقد البتّة،و إنّما أوجب ذكرها بعد العقد ثانية،و لم يكتف بذكرها خاصّة،و هذا قرينة واضحة على عدم مخالفته للمشهور في المسألة،و به صرّح بعض الأجلة (2).

الثالثة يجوز اشتراط إتيانها ليلاً أو نهاراً

الثالثة:يجوز له و لها اشتراط إتيانها ليلاً أو نهاراً أو وقتاً دون آخر،أو تمتّعاً دون آخر،إجماعاً في الظاهر.

للأصل،و يلزم؛ لعموم الأمر بالوفاء بالشرط،مع كونه من جملة العقد اللازم الوفاء،فلا يتعدّاه.

و للصحيح:عن امرأة زوّجت نفسها من رجل على أن يلتمس منها ما شاء إلّا الدخول،فقال عليه السلام:«لا بأس،ليس له إلّا ما شرط» (3). و هو

ص:338


1- النهاية:493.
2- قال في نهاية المرام 1:247:و الظاهر أن ذلك مراد الشيخ في النهاية حيث اعتبر فيها وقوع الشرط بعد العقد،فلا يتحقق الخلاف في المسألة.و هكذا قال في كشف اللثام 2:56.
3- الكافي 5:9/467،التهذيب 7:1160/270،الوسائل 21:72 أبواب المتعة ب 36 ح 1؛ بتفاوت.

نصّ في جواز اشتراط أن لا يطأها في الفرج مضافاً إلى ما مرّ.

و هل يجوز إتيانها في الوقت المستثنى مع الرضا؟ قيل:لا (1)؛ التفاتاً إلى لزوم الوفاء بالشرط مطلقاً حتى هنا.

و الأجود:نعم،وفاقاً لجماعة من أصحابنا (2)؛ لصريح الموثّق:تزوّج بجارية على أن لا يقتضّها،ثم أذنت له بعد ذلك،فقال:«إذا أذنت له فلا بأس» (3).

و لعلّ الوجه فيه (4)ما قيل:إنّ العقد مسوّغ للوطء مطلقاً،و الامتناع منه لَحقّ الزوجة إذا اشترطت عليه ذلك،فإذا رضيت جاز (5).

و به يظهر الجواب عن توجيه المنع مطلقاً؛ و لذا اختار المصنّف الجواز بقوله: و لو رضيت به أي الوطء بعد العقد جاز و لعلّه الأشهر بين الأصحاب.

و يجوز العزل عنها هنا و لو من دون إذنها إجماعاً؛ للأصل،و فحوى ما دلّ على جوازه في الدائم (6)كما اخترناه فهنا أولى، و لأنّ الغرض الأصلي هنا الاستمتاع دون النسل بخلاف الدوام،و للصحيح لكنّه مقطوع-:«الماء ماء الرجل يضعه حيث شاء،إلّا أنّه إن جاء بولد

ص:339


1- في المختلف(564).منه رحمه الله.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:248،و السبزواري في الكفاية:171،و صاحب الحدائق 24:154.
3- الفقيه 3:1413/297،الوسائل 21:33 أبواب المتعة ب 11 ح 3.
4- أي في تصريح الموثق بالجواز.منه رحمه الله.
5- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:56.
6- انظر الوسائل 20:149 أبواب مقدمات النكاح ب 75.

لم ينكره» الخبر (1).

و لكن الأحوط الاشتراط؛ لوروده في النصّ في بيان شروط المتعة المذكورة ضمن العقد،و فيه:«يقول لها:زوّجيني نفسك متعة على كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله نكاحاً غير سفاح،على أن لا أرثك و لا ترثيني،و لا أطلب ولدك،إلى أجل مسمّى،فإن بدا لي زدتك و زدتيني» (2).

و الصحيح نصّ في أنّه يلحق به الولد و إن عزل و نحوه الصحيح:عن الرجل يتزوّج المرأة متعة و يشترط ألّا يطلب ولدها،فتأتي بعد ذلك بولد فينكر الولد،فشدّد في ذلك و قال:«يجحد! و كيف يجحد؟!» عظاماً لذلك،الخبر (3).

و يعضده عموم ما دلّ على لحوق الولد به،كالصحيح:أ رأيت إن حبلت؟قال:«هو ولد» (4)و كذا في كلّ وطء صحيح،فإنّ المني سبّاق، و الولد للفراش،و ظاهرهم الوفاق عليه بشرط الإمكان.

و لكن لو نفاه انتفى و لم يحتج إلى لعان هنا مطلقاً و لو لم يعزل بالإجماع كما حكي (5)،بخلاف الدوام،فيحتاج النفي فيه إلى

ص:340


1- الكافي 5:2/464،التهذيب 7:1155/269،الإستبصار 3:558/152،الوسائل 21:70 أبواب المتعة ب 33 ح 5.
2- الفقيه 3:1398/294،التهذيب 7:1136/263،الوسائل 21:44 أبواب المتعة ب 18 ح 5.
3- التهذيب 7:1157/269،الإستبصار 3:560/153،الوسائل 21:69 أبواب المتعة ب 33 ح 2.
4- الكافي 5:1/464،التهذيب 7:1154/269،الإستبصار 3:557/152،الوسائل 21:69 أبواب المتعة ب 33 ح 1.
5- حكاه الشهيد الثاني في المسالك 1:505.

لعان،و ليس له النفي إلّا مع العلم بالانتفاء و إن عزل أو اتهمها أو ظنّ الانتفاء.

و المستند في عدم احتياج النفي إلى لعان مضافاً إلى الإجماع المتقدّم ما سيأتي من النصوص في نفي اللعان فيها مطلقاً؛ إذ مقتضاه انتفاء الولد مطلقاً،و إلّا لانسدّ باب نفيه،و لزم كونه أقوى من ولد الزوجة الدائمة،و هو معلوم البطلان.

الرابعة لا يقع بالمتعة طلاق إجماعاً

الرابعة:لا يقع بالمتعة طلاق إجماعاً ،حكاه جماعة (1)،بل تبين بهبة المدّة للمستفيضة المتقدّمة أو بانقضائها؛ للصحيحين:

في أحدهما:في المتعة تبين بغير طلاق؟قال:«نعم» (2).

و في الثاني:«فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق» (3).

و لا لعان على الأظهر الأشهر في القذف؛ للصحيحين:

في أحدهما:«لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتّع بها» (4).

و في الثاني:«لا يلاعن الحرُّ الأمة،و لا الذميّة،و لا التي يتمتّع بها» (5).

مضافاً إلى الإجماع عليه في الغنية (6).

ص:341


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:505،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:249،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:57.
2- الكافي 5:2/459،التهذيب 7:1147/266،الإستبصار 3:553/151،الوسائل 21:58 أبواب المتعة ب 25 ح 1؛ بتفاوت يسير.
3- الكافي 5:6/451،الوسائل 21:77 أبواب المتعة ب 43 ح 2.
4- الكافي 6:17/166،التهذيب 7:1892/472،الوسائل 22:430 أبواب اللعان ب 10 ح 1.
5- الفقيه 3:1667/347،التهذيب 8:653/188،الإستبصار 3:1332/373،الوسائل 22:430 أبواب اللعان ب 10 ح 2.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):611.

خلافاً للمفيد و المرتضى،فأثبتاه فيها (1)؛ لعموم الآية (2)،و النصوص المستفيضة في وقوعها في مطلق الزوجة (3).

و فيه أولاً:منع صدق الزوجة عليها حقيقةً؛ لاختصاصها بحكم التبادر بالدائمة جدّاً.

و على تقديره،فالتخصيص بالصحيحين الصريحين المعتضدين بالشهرة العظيمة لازمٌ جدّاً.

و إطلاق الخبرين بل العموم يشمل اللعان لنفي الولد،و عليه حكي الإجماع كما مرّ.

خلافاً للمحكيّ عن ابن سعيد في الجامع،فأثبته هنا أيضاً (4).و هو ضعيف جدّاً.

و يقع الظهار بها على الأشهر الأظهر،و على تردّد من الماتن هنا دون بحثه،فحكم بالوقوع ثمّة بدونه.

لعموم الآية (5)المستفاد من إضافة الجمع و هو النساء الشاملة لنحو المتعة بالحقيقة بالضرورة،و ليس نحو الزوجة المتبادر منها الدائمة.

مضافاً إلى فحوى النصوص المعتبرة المعتضدة بالشهرة،المخالفة للعامّة في وقوع الظهار بالأمة المملوكة للمظاهر (6).

ص:342


1- المفيد في العزّية على ما حكاه عنه في كشف الرموز 2:156 و في جامع المقاصد 13:35؛ و المرتضى في الانتصار:115.
2- المؤمنون:5.
3- انظر الوسائل 22:407 أبواب اللعان ب 1.
4- الجامع للشرائع:452.
5- المجادلة:3.
6- انظر الوسائل 22:321 أبواب الظهار ب 11.

و بجميع ذلك تُخَصّ أصالة الإباحة و البقاء على الحلّية.

و تندفع الوجوه الاعتباريّة،مثل:أنّ المظاهِر يُلزَم بالفئة أو الطلاق، و ليس في المتعة،و الإلزام بالفئة خاصّة بعيدٌ بالضرورة،و إقامة الهبة للمدّة مقام الطلاق يحتاج إلى دلالة معتمدة،و ليس إلّا القياس الباطل عند الإماميّة،و أنّ المتمتَّع بها لا حقّ لها في الوطء،فلا يقع منها المرافعة.

بناءً (1)على أنّ الإلزام بالأُمور المزبورة لا يوجب التخصيص في الأدلّة؛ لجواز اختصاصها بمن يمكن معه أحدها (2)،و هو الزوجة الدائمة؛ مع أنّ مثل ذلك جارٍ في نحو الأمة،و قد عرفت أنّ الجواز فيها صريح ما مرّ من المعتبرة،فليس ذلك إلّا اجتهاد محض في مقابلة الأدلّة.

فالقول بالمنع كما عن الإسكافي و الصدوق و الحلّي (3)ضعيف جدّاً.

و أمّا المرسل المشبّه للظهار بالطلاق (4)،فمع ضعفه و قصور سنده، غير مكافئ لما مرّ،مع التأمّل في وضوح دلالته،فلعلّ المراد:أنّ الظهار حيث يقع مثل الطلاق في الشرائط،لا أنّه مثله في الوقوع و عدمه، فتأمّل.

الخامسة لا يثبت بالمتعة ميراث

الخامسة:لا يثبت بالمتعة ميراث بينهما مطلقاً،اشترط الثبوت

ص:343


1- علّة الاندفاع.منه رحمه الله.
2- أي الأُمور.منه رحمه الله.
3- حكاه عن الإسكافي في المختلف:599،الصدوق في الهداية:71،الحلّي في السرائر 2:624.
4- الكافي 6:5/154،الفقيه 3:1639/340،التهذيب 8:44/13،الإستبصار 3:935/261،الوسائل 22:307 أبواب كتاب الظهار ب 2 ح 3.

أو العدم أم لا،كما عن الحلبي و الحلّي و العلّامة في أحد قوليه و ولده و المحقّق الشيخ عليّ (1)،و نُسِبَ إلى أكثر المتأخّرين (2).

للأصل،و لأنّ الإرث حكم شرعيّ يتوقّف ثبوته على توظيف الشارع،و لم يثبت،بل الثابت خلافه،ففي الخبر المعتبر بوجود المجمع (3)على تصحيح رواياته،و من (4)لا يروي إلّا عن ثقة في سنده -:«من حدودها يعني المتعة إلّا ترثك و لا ترثها» (5)و بمعناه أخبار كثيرة:

منها الحسن:«ليس بينهما ميراث،اشترطا أو لم يشترطا» (6).

و منها المرسل كالحسن المرويّ عن كتاب الحسين بن سعيد أو ابن بكير في حديث في المتعة،قال:«فإن حدث به حدث لم يكن لها ميراث» (7).

و منها الرضوي:«و الوجه الثاني:نكاح بغير شهود و لا ميراث،و هو نكاح المتعة بشروطها» إلى آخره (8).

و بالجملة:الأخبار النافية للإرث عن المتعة كثيرة (9)،بل قيل

ص:344


1- الحلبي في الكافي:298،الحلّي في السرائر 2:624،العلّامة في المختلف:561،و ولده في إيضاح الفوائد 3:132،المحقق في جامع المقاصد 13:37.
2- نهاية المرام 1:252،مرآة العقول 20:240،الحدائق 24:176.
3- هو حمّاد بن عثمان.منه رحمه الله.
4- جعفر بن بشير.منه رحمه الله.
5- التهذيب 7:1143/265،الإستبصار 3:549/150،الوسائل 21:68 أبواب المتعة ب 32 ح 8.
6- التهذيب 7:1142/264،الإستبصار 3:548/149،الوسائل 21:67 أبواب المتعة ب 32 ح 7؛ بتفاوت يسير.
7- الكافي 5:5/466،الوسائل 21:67 أبواب المتعة ب 32 ح 3.
8- فقه الرضا(عليه السلام):232،المستدرك 14:461 أبواب المتعة ب 14 ح 2.
9- الوسائل 21:66 أبواب المتعة ب 32.

متواترة،إلّا أنّ دلالتها على العموم لصورة اشتراط الميراث غير واضحة، حتى الحسن الأول المتقدّم؛ لاحتمال كون متعلّق الاشتراط هو النفي لا الإثبات المؤيَّد إرادته بتعارف اشتراطه دونه في نكاح الانقطاع في الزمن السابق،كما يفصح عنه المستفيضة المتضمّنة لعدّ اشتراطه في شروط المتعة المذكورة في متن العبارة المنعقد بها عقد المتعة (1)،و قد صرّح بذلك بعض الأجلّة (2)و إن كان (3)من دون ملاحظة ما ذكر بعيداً عن سياق عبارة الرواية،و لكن لا محيص عن بعد وجود الأدلّة الآتية على ثبوت التوارث بالاشتراط البتّة،و بها يُخَصّ الأصل و القاعدة المتقدّمتان.

نعم،ما مرّ معها صريح في ردّ القول بالعكس (4)و أنّها كالدائم،كما عن القاضي (5)و غيره (6)؛ و مستنده من عموم آيات التوريث و أخباره بعد تسليمه بما مرّ مخصَّص.

و منه يظهر الجواب عمّا قال به المرتضى من أنّه يثبت التوريث لهما ما لم يشترطا السقوط (7) مستنداً إلى الجمع بين ما مرّ من أدلّة إطلاق الثبوت و العدم.

و هو مع عدم موافقته للأصل الذي صار إليه غير ممكن المصير إليه،لكون التعارض بين المثبِت على تقدير عمومه و النافي تعارض

ص:345


1- الوسائل 21:43 أبواب المتعة باب 18.
2- كصاحب الحدائق 24:180.
3- أي الاحتمال المزبور.منه رحمه الله.
4- و هو التوارث مطلقاً.منه رحمه الله.
5- المهذب 2:240.
6- انظر المهذّب البارع 3:320.
7- الانتصار:114.

العموم و الخصوص المطلق،و مقتضى الأصل المسلّم عنده أيضاً حمل الأول على الثاني،و هو يوجب نفي التوارث هنا مطلقاً،خرج منه ما إذا اشترط كما يأتي فيبقى الباقي.

و قوله يلازم اطراح الأخبار النافية للموارثة،أو تخصيصها بصورة اشتراط انتفائها من دون مخصِّص،و كلاهما كما ترى،و جعله (1):

«المؤمنون عند شروطهم» حَسَنٌ حيث يستفاد منه الثبوت مع عدم الاشتراط،و ليس كذلك.

فانحصر الأمر في اطراح الروايات،و التمسّك بذيل الآيات، و تخصيصها بما مرّ (2)في صورة اشتراط الانتفاء،و هو لا يلائم طريقتنا، و لذا لَزِمَنا المصيرُ إلى ما قدّمناه.

نعم،في الموثّق:في الرجل يتزوّج المرأة متعة«إنّهما يتوارثان إذا لم يشترطا» (3).

و لا يمكنه الاستناد إليه على أصله،و كذا على غيره (4)؛ لعدم مكافأته لما مرّ من الأخبار الكثيرة،المعتضدة بالشهرة التي كادت تكون إجماعاً، و لما سيأتي من الصحيحين المصرّحين بخلافه من عدم الثبوت إلّا مع الاشتراط.

نعم،ربما أشعرت المستفيضة بذكر اشتراط نفي الميراث في صيغة

ص:346


1- أي و جعل المخصِّص.
2- من:«المؤمنون عند شروطهم».منه رحمه الله.
3- الكافي 5:1/465،التهذيب 7:1144/265،الإستبصار 3:550/150،الوسائل 21:66 أبواب المتعة ب 32 ح 2.
4- من حجيّة أخبار الآحاد.منه رحمه الله.

عقد المتعة (1)بالتوارث بدون الذكر،و إلّا لَلَغا عن الفائدة،لكنّها قاصرة السند،و مع ذلك كالموثّقة غير واضحة المكافأة للنصوص السابقة؛ مع احتمال الذكر فيها لتأكيد ما يستفاد من العقد؛ تنبيهاً للنسوة بنفي التوارث الثابت في الدوام في المتعة؛ لئلّا يغتررن بثبوته فيها فيتمتّعن،و لذا أنّ بعض تلك النصوص كالرضوي و غيره (2)صرّح بنفي التوارث هنا على الإطلاق و مع ذلك اشترط فيهما الانتفاء،مع أنّهما كغيرهما اشترط فيهما ما لو لا الاشتراط كان كصورة الاشتراط،كاشتراط العزل و نحوه،كالعدّة،فافهم.

و بالجملة:القول بإطلاق التوارث ضعيف جدّاً.

نعم،لو شرطا الميراث بينهما لزم و يتوارثان.

لعموم:«المؤمنون عند شروطهم» (3).

و للصحيحين،في أحدهما:«إن اشترطا الميراث فهما على شرطهما» (4).

و نحوه في الثاني بزيادة التعبير عن المفهوم بالمنطوق (5)،و نحوه الصحيح الآخر المرويّ في قرب الإسناد (6)؛ و بهما يُخَصّ كلّ من عمومي التوارث و عدمه.

ص:347


1- انظر الوسائل 21:43 أبواب المتعة ب 18.
2- المتقدم ذكرها في ص 342.
3- غوالي اللئلئ 1:84/218.
4- التهذيب 7:1141/264،الإستبصار 3:547/149،الوسائل 21:67 أبواب المتعة ب 32 ح 5.
5- الكافي 5:2/465،التهذيب 7:1140/264،الإستبصار 3:546/149،الوسائل 21:66 أبواب المتعة ب 32 ح 1.
6- قرب الإسناد:1295/362،الوسائل 21:66 أبواب المتعة ب 32 ح 1.

و إليه ذهب كثير من الأصحاب (1)،حتى كاد أن يكون مشهوراً بينهم، و صرّح به الماتن في الشرائع (2)،و به يضعّف إسناد الشهرة إلى القول الأول،فلا وجه لترجيح أدلّته بها على أدلّة هذا القول،و على تقدير صحّته (3)ففي ترجيح الظنّ الحاصل منه على الحاصل من فتوى المعظم مع قوّة أدلّتهم،و رجحانه في حدّ ذاته على أدلّة القول الأول تأمّلٌ واضح.

فإذاً القول بهذا الأخير أقرب.

و ليس في الخبر الأول (4)للقول بنفي التوارث مطلقاً دلالةٌ عليه من حيث ظهوره في كون النفي حدّا من حدود العقد،المستلزم كون اشتراطه الثبوت معه اشتراطاً لما ينافي مقتضي العقد فيبطل لاحتمال أنّ المراد مقتضاه ذلك من دون اشتراط الخلاف،و أمّا معه فلا.و حاصله:أنّ ذلك مقتضى العقد بنفسه من دون شرط نفي التوارث،و ذلك لا ينافي ثبوته بالاشتراط،مع قيام الدليل عليه.

هذا،و ربما يقال:إنّ المستفاد من الخبر:عدم اقتضاء العقد الإرث، لا اقتضاؤه العدم.و فيه نظر.

ثم إنّ شَرَطاه لهما فعلى ما شرطاه؛ أو لأحدهما خاصّة احتمل كونه كذلك؛ عملاً بالشرط،و بإطلاق الصحيحين سيّما الأخير و بطلانه؛ لمخالفته لمقتضاه؛ لأنّ الزوجيّة إن اقتضت الإرث و انتفت موانعه ثبت من الجانبين

ص:348


1- كالشيخ في النهاية:492،و الشهيدين في اللمعة و الروضة البهية 5:296.
2- الشرائع 2:307.
3- أي صحة إسناد الشهرة إلى القول الأول.
4- المتقدم في ص 342.

و إلّا انتفى منهما.

و الأوّل أقوى،و التوجيه في الثاني استبعادٌ محض،مدفوعٌ بوجود النظير،كإرث مسلم من الكافر دون العكس،و ولد الملاعن المقرّ به بعده منه دون العكس؛ مع أنّ ذلك مبنيّ على كون الإرث ناشئاً من الزوجيّة، و فيه منع؛ لاحتمال مجيئه من الاشتراط خاصّة.

السادسة إذا انقضى أجلها فالعدّة حيضتان

السادسة:إذا انقضى أجلها أو وهب،و كانت مدخولاً بها غير يائسة،وجب عليها العدّة منه لغيره دونه،حرّة كانت أو أمة،إجماعاً.

و قد اختلف في مقدارها بعد الاتّفاق ظاهراً على اتّحادها فيهما هنا على أقوال أربعة:

منها:ما أشار إليه بقوله: فالعدّة من انقضاء الأجل أو هبته دون الوفاة حيضتان كاملتان على الأشهر كما هنا،و حكاها (1)جماعة (2).

لأصالة بقاء الحرمة،و النصوص المستفيضة:

منها:الصحيح:«و إذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق،و يعطيها الشيء اليسير،و عدّتها حيضتان،و إن كانت لا تحيض فخمسة و أربعون يوماً» (3).

و نحوه الصحيح المرويّ في البحار عن كتاب الحسين بن سعيد، و فيه:«فلا تحلّ لغيرك حتى تنقضي عدّتها،و عدّتها حيضتان» (4).

ص:349


1- أي الشهرة.منه رحمه الله.
2- منهم الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:350،و قال الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:57.عليه الشيخ و من بعده.
3- الكافي 5:6/451،الوسائل 21:19 أبواب المتعة ب 4 ح 8.
4- البحار 100:20/315.

و به صرّح في المرويّ في تفسير العيّاشي (1).

و منها الصحيح:«و عدّة المطلّقة ثلاثة أشهر،و الأمة المطلّقة عليها نصف ما على الحرّة،و كذلك المتمتّعة عليها ما على الأمة» (2).

دلّ بعمومه على اتّحاد عدّتها مع عدّه الأمة،و هي فيها حيضتان؛ للنصوص المعتبرة:

منها الصحيحان:«عدّة الأمة و أجلها حيضتان» (3).

و ربما يناقش في دلالة الخبر على اتّحاد عدّتيهما في الحيضة؛ لظهوره بحسب السياق في الأشهُر (4).

و هو ضعيف جدّاً؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المحلّ قطعاً، و يعضد العموم ما ورد في النصوص المعتبرة من أنّهنّ بمنزلة الإماء (5)، و عموم المنزلة لُغويّة يشمل الحكم في هذه الصورة و غيرها.

خلافاً للعماني،فحيضة (6)؛ للمستفيضة الأُخر:

منها الصحيحان،أحدهما مرويّ عن قرب الإسناد:«عدّة المتعة

ص:350


1- تفسير العياشي 1:86/233،الوسائل 21:56 أبواب المتعة ب 23 ح 6.
2- الفقيه 3:1408/296،التهذيب 8:545/157،الإستبصار 3:1252/350،الوسائل 22:275 أبواب العدد ب 52 ح 2.
3- ورد أحدهما في:الكافي 6:1/169،الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40 ح 2؛ بتفاوت يسير. و الآخر في:الكافي 6:4/170،الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40 ح 3؛ بتفاوت يسير.
4- نهاية المرام 1:256.
5- الوسائل 21:18 أبواب المتعة ب 4.
6- كما حكاه عنه في المختلف:562.

حيضة» (1)كما فيه،و في الثاني كذلك بزيادة:«إن كانت تحيض» (2).

و منها الخبر:«عدّتها خمسة و أربعون يوماً،أو حيضة مستقيمة» (3).

و منها المرويّ في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان عليه السلام،مشيراً إلى عدّتها:ب:«أنّ أقلّ العدّة حيضة و طهرة تامّة» (4).

و منها المرويّ في البحار من خبر المفضّل الوارد في الغَيبة،و فيه في ذكر الشرائط:«و عليك الاستبراء خمسة و أربعون يوماً أو حيضاً واحداً» (5)و نحوه المقطوع (6).

و هي و إن استفاضت إلّا أنّ ما عدا الصحيحين منها قاصرة الأسانيد، ضعيفة التكافؤ كالصحيحين لما مرّ؛ لاعتضاده بالشهرة و الأصل،و أوفقيّته بما سيأتي من القولين،فإطراحها أو التأويل بما تؤول إليه لازمٌ في البين.

و للمقنع،فحيضة و نصف (7)؛ للصحيح:«و إذا انقضت أيّامها و هي حيّ فحيضة و نصف مثل ما يجب على الأمة» (8).

و الجواب السابق ثمّة جارٍ هنا بطريق أولى،مع أنّ مقتضاه كون ذلك عدّة الأمة،و قد عرفت النصوص الصحيحة و المعتبرة المعتضدة بالشهرة

ص:351


1- قرب الإسناد:1293/361،الوسائل 21:53 أبواب المتعة ب 22 ح 6.
2- الكافي 5:1/458،التهذيب 8:573/165،الوسائل 21:51 أبواب المتعة ب 22 ح 1.
3- التهذيب 7:1143/265،الإستبصار 3:549/150،الوسائل 21:52 أبواب المتعة ب 22 ح 4.
4- الاحتجاج:488،489،الوسائل 21:53 أبواب المتعة ب 22 ح 7.
5- البحار 53:30.
6- الكافي 5:3/458،الوسائل 21:52 أبواب المتعة ب 22 ح 3.
7- المقنع:114.
8- الفقيه 3:1407/296،الوسائل 21:52 أبواب المتعة ب 22 ح 5.

و غيرها المصرّحة بالحيضتين فيها،و ليس يقاوم واحداً منها فضلاً عن الجميع.و هذا القول مّما لا يُرتاب في فساده جدّاً.

و للمفيد و الحلّي و المختلف،فقرءان (1)أي طُهران للصحيح في الأمة:«طلاقها تطليقتان،و عدّتها قرءان» (2)مع ما مرّ من الصحيح المشبِّه للمتعة بها في العدّة،و سيأتي في اعتداد الدائمة المطلّقة بالأقراء أنّ المراد منها:الأطهار.

و فيه أولاً:أنّ القرء أعمّ لغةً من الطهر و الحيض،و مشترك لفظاً بينهما،و إرادة الأول منه ثمّة غير ملازم لإرادته هنا.

و ثانياً:إفصاح ما قدّمناه من الصحاح و غيرها عن إرادة الثاني هنا، و إلّا لوقوع التعارض،و الأصل العدم،و على تقديره فلا ريب أنّ الرجحان معها جدّاً؛ لوجوه لا تخفى.

و ربما استُدلّ لهذا القول بأخبار الحيضة الواحدة بوجهِ ظاهر الفساد (3).

فإذاً المصير إلى القول الأوّل أقوى.

و إن كانت ممّن تحيض عادةً و لكن لم تحض لآفة ف عدّتها حرّة كانت أو أمة- خمسة و أربعون يوماً إجماعاً نصّاً و فتوى.

و لو مات عنها و هي حرّة حائل ففي مقدار العدّة فيها روايتان،أشبههما و أشهرهما كما حكاه جماعة من أصحابنا (4)أنّها

ص:352


1- المفيد في المقنعة:536،الحلّي في السرائر 2:625،المختلف:562.
2- الكافي 6:1/167،التهذيب 8:466/134،الإستبصار 3:1192/335،الوسائل 22:256 أبواب العدد ب 40 ح 1.
3- انظر الوسائل 21:51 أبواب المتعة ب 22.
4- منهم الشهيد في المسالك 1:507،و السبزواري في الكفاية:171،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:57.

أربعة أشهر و عشرة أيّام مطلقاً،سواء كانت مدخولاً بها أم لا؛ لعدم الفرق بينهما إجماعاً.

للأصل،و الصحيحين:في أحدهما:ما عدّة المتعة إذا مات الذي يتمتّع بها؟قال:«أربعة أشهر و عشراً» (1).

و في الثاني:عن المرأة يتزوّجها الرجل متعة ثم يتوفّى عنها،أ هَل عليها العدّة؟قال:«تعتدّ أربعة أشهر و عشراً» (2).

و أُيّدا بعموم الآية وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً [1] الآية (3).

و ليس فيها دلالة؛ بناءً على عدم صدق الزوجة عليها أولاً،و إنّما هي مستأجرة.و عدم العموم فيها؛ بناءً على عدم إفادة الجمع المنكَّر إيّاه ثانياً.

خلافاً للمفيد و المرتضى و العماني و سلّار،فشهران و خمسة أيّام (4).

بناءً على أنّها عدّة الأمة،فتثبت هنا بالإضافة إلى الصحيح المتقدّم (5)المسوّي بينهما.

و للمرسل:عن رجل تزوّج امرأة متعة،ثم مات عنها،ما عدّتها؟ قال:«خمسة و ستون يوماً» (6).

ص:353


1- الفقيه 3:1408/296،التهذيب 8:545/157،الإستبصار 3:1252/350،الوسائل 22:275 أبواب العدد ب 52 ح 2.
2- الفقيه 3:1407/296،التهذيب 8:544/157،الإستبصار 3:1251/350،الوسائل 22:275 أبواب العدد ب 52 ح 1.
3- البقرة:234.
4- المفيد في المقنعة:536،المرتضى في الانتصار:114،و حكاه عن العماني في المختلف:562،سلّار في المراسم:165.
5- في ص 347.
6- التهذيب 8:547/158،الإستبصار 3:1254/351،الوسائل 22:276 أبواب العدد ب 52 ح 4.

و في الجميع نظر؛ لمنع إطلاق كون ذلك عدّة الأمة،بل مختصّ بغير ذات الولد؛ مع احتمال المنع مطلقاً،و إن كان الأشهر الثبوت كذلك (1).

و منع التسوية بينهما هنا على تقدير الثبوت في الأمة مطلقاً،إمّا لظهور سياق الصحيح في التسوية في عدّة الطلاق خاصّة،بل صريح فيه؛ للتصريح فيه بالتسوية بينهما و بين الدائمة في عدّة الوفاة،و أنّه أربعة أشهر و عشراً مطلقاً.

أو لزوم التخصيص بالصحيحين،و إطلاق الأخبار الكثيرة ب:أنّ الأمة على النصف من الحرّة (2)،الشامل للمقام.

و الخبر لضعفه،و إرساله،و عدم مكافأته لما مرّ غير صالح للاستناد إليه،و لذا حمله الشيخ (3)و جماعة (4)على الأمة المتمتّع بها،بناءً على أنّ ذلك عدّتها،إمّا مطلقاً،كما عن المشهور بين متقدّمي الأصحاب (5).أو مقيّداً بغير ذات الولد،كما عن الشيخ (6)و كثير من الأصحاب (7)،حتى ادّعى بعضهم بل جمع عليه الشهرة المتأخّرة (8)،بل و المتقدّمة.

و لا بأس به؛ جمعاً بين المستفيضة المثبتة لذلك (9)فيها مطلقاً،

ص:354


1- أي مطلقاً.منه رحمه الله.
2- انظر الوسائل 22:أبواب العدد ب 40 ح 3،و الباب 42 منها ح 10،و الباب 47 منها ح 2.
3- التهذيب 8:158 و الاستبصار 3:203.
4- كالشهيدين في اللمعة و الروضة البهية 5:303،304،و السبزواري في الكفاية:171.
5- المفاتيح 2:348.
6- كما في التهذيب 8:158،و الاستبصار 3:203.
7- حكاه عنهم في الحدائق 25:510.
8- الحدائق 25:510.
9- أي شهران و خمسة أيام.منه رحمه الله.

كالصحيح:«الأمة إذا توفّي عنها زوجها فعدّتها شهران و خمسة أيّام» (1).

و المثبتة لعدّة الدائمة فيها كذلك (2)كالصحيح:«إنّ الأمة و الحرّة كلتيهما إذا مات عنها زوجها سواء في العدّة،إلّا أنّ الحرّة تحدّ،و الأمة لا تحدّ» (3).

لشهادة الصحيحين بذلك (4):

في أحدهما:عن الأمة إذا طلّقت،ما عدّتها؟قال:«حيضتان أو شهران»[قلت:]فإن توفّي عنها زوجها؟فقال:«إنّ عليّاً عليه السلام قال في أُمّهات الأولاد:لا يتزوّجن حتى يعتددن أربعة أشهر و عشراً،و هنّ إماء» (5).

و في الثاني:عن رجل كانت له أُمّ ولد،فزوّجها من رجل،فأولدها غلاماً،ثم إنّ الرجل مات فرجعت إلى سيّدها،إله أن يطأها؟قال:«تعتدّ من الزوج أربعة أشهر و عشراً» الحديث (6).

و لكن ليس فيهما التقييد بذلك حتى يقيّد بهما إطلاق الأخيرة،و لذا رجّح القول بمضمونها جماعة (7)؛ حملاً للأوّلة على التقيّة و إن اشتهرت بين

ص:355


1- التهذيب 8:536/154،الإستبصار 3:1239/347،الوسائل 22:261 أبواب العدد ب 42 ح 9.
2- أي مطلقاً.منه رحمه الله.
3- الكافي 6:1/170،التهذيب 8:529/153،الإستبصار 3:1241/347،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 2.
4- أي الجمع المزبور.منه رحمه الله.
5- الكافي 6:2/170،التهذيب 8:530/153،الإستبصار 3:1243/348،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 1؛ و ما بين المعقوفين من المصادر.
6- الكافي 6:10/172،التهذيب 8:531/153،الإستبصار 3:1244/348،الوسائل 22:259 أبواب العدد ب 42 ح 3.
7- منهم الحلّي في السرائر 2:625،و العلّامة في المختلف:563.

متقدّمي الطائفة.

و هو و إن كان محلّ مناقشة،إلّا أنّ أصالة بقاء الحرمة و التأيّد بظاهر إطلاق الآية (1)و الاحتياط في الفروج يقتضي المصير إلى ما ذكروه البتّة، سيّما في أُمّهات الأولاد،بل للقطع بذلك فيهنّ مجال بالضرورة؛ لاشتهار الحكم فيهنّ بين متأخّري الأصحاب قطعاً.

مع إشعار الصحيح الأول من الصحيحين بل ظهوره في اختصاصه بهنّ،من حيث وقوع السؤال عن مطلق الأمة المتوفّى عنها زوجها، و تخصيص الجواب بالحكم المذكور بهنّ،و لو عمّ الحكم لَما كان له مع لزوم مراعاة مطابقة السؤال للجواب وجه،سوى ما ذكرنا البتّة،فتدبّر.

فدلالته على التفصيل واضحة،و سلسلة السند صحيحة،معتضدة بالشهرة المتأخّرة صريحاً و المتقدّمة في الجملة،كاعتضادها بالأُصول المسلّمة،و ظاهر الآية كذلك.فالقول بالتفصيل غير بعيد جدّاً.

و يأتي تمام التحقيق في بحث العِدد إن شاء اللّه تعالى.

و إذا كانت حاملاً فأبعد الأجلين من [المدة المضروبة في الطلاق و] انقضاء الأجل (2)من الأربعة أشهر و عشراً أو النصف منه على الاختلاف،و منها إلى وضع الحمل؛ بالإجماع في الظاهر،و عموم الآية وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [1] (3)المؤيَّد بأصالة بقاء الحرمة و عمل الطائفة،فيُخَصّ بها أو يقيَّد إطلاق الآية الأُولى (4)في صورة (5)؛ و يُعكَس في أُخرى (6).

ص:356


1- البقرة:234.
2- إن كانت متعة مطلقاً.منه رحمه الله.
3- الطلاق:4.
4- البقرة:234.
5- و هي ما إذا كان الوضع أبعد الأجلين.منه رحمه الله.
6- و هي ما إذا كان المدة أبعد من وضع الحمل.منه رحمه الله.
السابعة لا يصحّ تجديد العقد قبل انقضاء الأجل

السابعة:لا يصحّ تجديد العقد عليها مطلقاً دائماً أو منقطعاً - قبل انقضاء الأجل على الأشهر الأظهر،كما عن الطوسي و القاضي و الحلّي (1).

لمفهوم الصحيح:«لا بأس بأن تزيدك و تزيدها إذا انقضى الأجل فيما بينكما» (2).

و صريح الخبر:يتزوّج المرأة متعة،فيتزوّجها على شهر،ثم إنّها تقع في قلبه فيحبّ أن يكون شرطه أكثر من شهر،فهل يجوز أن يزيدها في أجرها و يزداد في الأيّام قبل أن تنقضي أيّامه التي شرط عليها؟فقال:

«لا يجوز شرطان في شرط»،قلت:فكيف يصنع؟قال:«يتصدّق عليها بما بقي من الأيّام،ثم يستأنف شرطاً جديداً» (3).

خلافاً لصريح ابن حمزة (4)و ظاهر العماني و المختلف (5)،فجوّزاه (6)قبل الأجل.

للأصل السالم عن معارضة شغلها بعقد غيره.

و كونها مشغولة بعقده لا يمنع من العقد عليها مدّة أُخرى،كما لو كانت مشغولة بعدّته.

و الأصل يجب الخروج عنه بما مرّ.

ص:357


1- الطوسي في النهاية:492،القاضي في المهذب 2:243،الحلّي في السرائر 2:625.
2- الكافي 5:1/458،التهذيب 7:1152/268،الوسائل 21:54 أبواب المتعة ب 23 ح 2.
3- الكافي 5:2/458،التهذيب 7:1153/268،الوسائل 21:57 أبواب المتعة ب 24 ح 1.
4- الوسيلة:310.
5- المختلف:564،و حكاه فيه عن العماني.
6- كذا و لعلّ الأنسب:فجوّزوه.

و الثاني اجتهاد في مقابلته،و هو غير جائز،إلّا على تقدير عدم حجّية المفهوم و عدم جابر للخبر،و هما في محلّ المنع.

و ليس في الخبرين منافاة للقول بجواز العقد منفصلاً؛ لاحتمال كون المنع فيهما من حيث الجمع لا مطلقاً،و ربّما أفصح عنه التعليل في الأخير، فالقدح بهما عليه ليس في محلّه ظاهراً.

و مقتضاهما أنّه لو أراد العقد عليها مطلقاً وهبها المدّة و استأنف العقد و لا عدّة عليها منه.

و عليه دلّت النصوص الأُخر،كالصحيحين:«فإذا مضت تلك الأيّام كان طلاقها في شرطها و لا عدّة لها عليك» (1).

و نحوهما المرسل لمن أجمع على تصحيح ما يصحّ عنه:«إنّ الرجل إذا تزوّج المرأة متعة كان عليها عدّة لغيره،فإذا أراد هو أن يتزوّجها لم يكن عليها منه عدّة،يتزوّجها إذا شاء» (2).

و ظاهرهم الإجماع عليه،و هو مقتضى الأصل مع انتفاء المانع.

ص:358


1- الأول في:الكافي 5:5/455،الوسائل 21:44 أبواب المتعة ب 18 ح 3.الثاني في:التهذيب 7:1151/267،الإستبصار 3:556/152،الوسائل 21:48 أبواب المتعة ب 20 ح 3.
2- الكافي 5:3/459،الوسائل 21:54 أبواب المتعة ب 23 ح 3.

القسم الثالث في نكاح الإماء و النظر إمّا في العقد،و إمّا في الملك

اشارة

القسم الثالث في بيان نكاح الإماء و العبيد و النظر فيه: إمّا في العقد،و إمّا في الملك.

النظر في العقد

ليس للعبد و لا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحاً ما لم يأذن المولى

أمّا العقد:فليس للعبد و لا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحاً ما لم يأذن المولى إجماعاً؛ للنصوص المستفيضة الآتية،مع أنّهما ملك له،فلا يتصرّفان في ملكه بغير إذنه؛ لقبحه.

و لو بادر أحدهما فعقد لنفسه بدون إذنه ففي وقوفه على الإجازة و صحّته معها،و عدمها مع العدم قولان،و وقوفه على الإجازة أشبه و أشهر؛ لما مضى في الدوام من الإجماع عن الانتصار مطلقاً (1)، و الخلاف هنا (2)،و النصوص المستفيضة:

منها الصحيح:عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده،فقال:«ذلك إلى سيّده،إن شاء أجازه،و إن شاء فرّق بينهما» (3).

و منها الصحيح:إنّي كنت مملوكاً لقوم،و إنّي تزوّجت امرأة حرّة بغير إذن مواليّ،ثم أعتقوني بعد ذلك،أ فأُجدّد نكاحي إيّاها حين اعتقت؟فقال له:«أ كانوا علموا أنّك تزوّجت امرأة و أنت مملوك لهم؟» فقال:نعم، و سكتوا عنّي و لم يعيّروا عليّ،قال:«فسكوتهم عنك بعد علمهم إقرارٌ

ص:359


1- في ص 103.
2- الخلاف 4:266.
3- الكافي 5:3/478،التهذيب 7:1432/351،الوسائل 21:114 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 24 ح 1.

منهم،اثبت على نكاحك الأول» (1).

و على هذا تكون الإجازة كاشفة عن الصحّة من حين إيقاع الصيغة كغيره من العقود الفضوليّة.

خلافاً للنهاية،فهي كصيغة مستأنفة (2)؛ و ربما أُوِّل بما يؤول إلى الأول (3)،فلا مخالفة.

و لجماعة،فحكموا بالبطلان:

إمّا مطلقاً (4)؛ بناءً على بطلان عقد الفضولي،إمّا مطلقاً،أو النكاح منه خاصّة،أو بطلان هذا خاصّة.

نظراً إلى أنّه منهيّ عنه؛ لقبح التصرّف في ملك الغير،و للنصوص (5)، فيكون فاسداً.

و لما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله:«أيّما مملوك تزوّج بغير إذن مولاه فنكاحه باطل» (6).

و كلّية الكبرى و السند ممنوعان؛ مع أنّهما لما مضى غير مكافئين، فتُخَصّ به الاُولى،و يُرفع اليد عن الثاني،أو يؤوّل إلى البطلان في صورة دوام عدم الإذن أو النهي عنه ابتداءً.

ص:360


1- الكافي 5:4/478،التهذيب 8:719/204،الوسائل 21:117 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 26 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- النهاية:476.
3- المسالك 1:508.
4- منهم الشيخ في المبسوط 4:163،و فخر المحققين في الإيضاح 3:27.
5- الوسائل 21:113 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 23.
6- انظر سنن البيهقي 7:127،مسند أحمد 3:377،سنن ابن ماجة 1:630؛ بتفاوت.

و إمّا (1)في الأمة خاصّة،كما عن ابن حمزة،فخصّ الإجازة بعقد العبد دون الأمة (2)؛ عملاً بظواهر النصوص المتقدّمة المثبتة للإجازة فيه خاصّة،و رجوعاً في غيره (3)إلى النهي المفيد للبطلان.

و الثاني ممنوع،و النصوص و إن اختصّ أكثرها به،إلّا أنّ الصحيح الأول منها ظاهره العموم لها،إمّا لإطلاق لفظ المملوك فيه الصالح لهما،أو لما في ذيله من تعليل الحكم بالصحّة مع الإجازة ردّاً لجمع من العامّة الحاكمين بالبطلان بالمرّة (4)ب:«إنّه لم يعص اللّه،بل عصى سيّده» و هو آتٍ هنا.

نعم،في الخبر:«إن كان الذي يزوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح فاسد» (5).

و هو مع عدم وضوح سنده غير صريح في الدلالة على البطلان و لو مع الإجازة،فيحتمل الاختصاص بصورة عدمها.و لا ينافيه الحكم بالفساد ابتداءً على الإطلاق،أ لا ترى إلى الصحيح الحاكم بفساد تزويج المكاتب بدون إذن سيّده بقوله:«و نكاحه فاسد مردود» و مع ذلك حكم بالصحّة مع الإجازة،فقال بعد ذلك بعد أن قيل له:فإنّ سيّده علم بنكاحه و لم يقل شيئاً،قال:«إذا صمت حين يعلم ذلك فقد أقرّ» إلى آخره (6)،

ص:361


1- عطف على قوله:مطلقاً،بعد قوله:حكموا بالبطلان.منه رحمه الله.
2- الوسيلة:303.
3- و هو الأمة.منه رحمه الله.
4- منهم ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير 7:410.
5- الكافي 5:1/404،التهذيب 7:1426/349،الإستبصار 3:787/216،الوسائل 21:185 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 1.
6- الكافي 5:6/478،الفقيه 3:271/76،التهذيب 8:978/269،الوسائل 21:117 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 26 ح 2.

فتأمّل.

هذا،مضافاً إلى إجماعي الانتصار و الخلاف كما مضى (1).

فإذاً القول بالتفصيل ضعيف جدّاً.

و يستفاد من الأخير كالصحيح الثاني (2)و غيرهما (3)الاكتفاء في الإجازة بالسكوت،كما عن الإسكافي (4)،و صرّح به جماعة (5)،و لا بأس به،إلّا أنّ مراعاة الألفاظ الصريحة فيها أولى.

و لو أذن المولى ابتداءً أو أخيراً يثبت في ذمّة مولى العبد المهر و النفقة على الأشهر الأظهر.

للخبر المعتبر دلالةً و سنداً؛ لأنّ فيه من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه-:في رجل يزوّج مملوكاً له امرأة حرّة على مائة درهم،ثم إنّه باعه قبل أن يدخل عليها،فقال:«يعطيها سيّده من ثمنه نصف ما فرض لها؛ إنّما هو بمنزلة دين استدانه بإذن سيّده» (6).

و عدم القول بالفرق بين النفقة و المهر،و الإذن السابق و اللاحق، و التعليل العامّ لهما يوجبان العموم،سيّما الأخير؛ لظهوره في أنّ الإذن صار

ص:362


1- في ص 357.
2- المتقدّم في ص 357.
3- التهذيب 7:1406/343،الوسائل 21:118 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 26 ح 3.
4- حكاه عنه في المختلف:569.
5- منهم العلّامة في المختلف:569،و السبزواري في الكفاية:172،و صاحب الحدائق 24:205.
6- الفقيه 3:1375/289،التهذيب 8:745/210،الوسائل 21:336 أبواب المهور ب 60 ح 1؛ بتفاوت يسير.

منشأ لتعلّق دين العبد مطلقاً بذمّة المولى،و هو حاصل هنا.

قيل:و قريب منه آخر:عن رجل تزوّج عبده بغير إذنه،فدخل بها، ثم اطّلع على ذلك مولاه،قال:«ذلك إلى مولاه،إن شاء فرّق بينهما،و إن شاء أجاز نكاحهما،فإن فرّق بينهما فللمرأة ما أصدقها،إلّا أن يكون اعتدى فأصدقها صداقاً كثيراً» الخبر (1)؛ لظهوره في تعلّق الصداق بذمّة المولى؛ إذ لولاه لما كان لاشتراط عدم الزيادة و الكثرة وجه (2).و فيه نظر ظاهر،فتأمّل.

و عُلِّل الحكم أيضاً ب:أنّ الإذن في النكاح إذنٌ في توابعه و لوازمه (3)، كما لو أذن له في الإحرام بالحجّ،فإنّه يكون إذناً في توابعه من الأفعال و إن لم يذكر،و حيث كان المهر و النفقة لازمين للنكاح،و العبد لا يملك شيئاً، و كسبه من جملة أموال المولى،كان الإذن فيه موجباً لالتزام ذلك،من غير أن يتقيّد بنوع خاصّ من ماله،كباقي ديونه فيتخيّر بين بذله من ماله و من كسب العبد إن وفى به،و إلّا وجب عليه الإكمال.

خلافاً لأحد قولي الشيخ،فعلّقه بكسب العبد (4).

و عن العلّامة احتمال تعلّقه برقبته (5).

و هما ضعيفان كضعف عللهما؛ مع أنّهما اجتهاد في مقابلة الخبر

ص:363


1- الكافي 5:2/478،الفقيه 3:1349/283،التهذيب 7:1431/351،الوسائل 21:115 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 24 ح 2.
2- انظر الحدائق 24:206 207.
3- جامع المقاصد 13:61.
4- المبسوط 4:167.
5- القواعد 2:27.

المنجبر قصوره بالشهرة بين الأصحاب،مع اعتباره في نفسه؛ لما مرّ.

و يعضده الموثّق:عن رجل أذن لغلامه في امرأة حرّة فتزوّجها،ثم إنّ العبد أبق من مواليه،فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد، فقال:«ليس لها على مولى العبد نفقة و قد بانت عصمتها؛ لأنّ إباق العبد طلاق امرأته» الخبر (1).

بناءً على أنّ قوله عليه السلام:«و قد بانت» إلى آخره،في حكم التعليل لنفي النفقة عن المولى،المشعر بثبوتها مع عدم حصول مقتضاه،مع إشعاره من وجه آخر،و هو ظهوره في شيوع مطالبة الموالي بنفقة زوجات العبيد، فتدبّر.

و يثبت لمولى الأمة المهر لأنّها و منافعها له،و لا خلاف فيه.

و لو تزوّج عبد بأمة غير مولاه و لم يأذنا أو إذنا معاً فوطئها جاهلين بالفساد و حصل ولد فالولد لهما بينهما نصفين؛ لأنّه نماء ملكهما،و لا مزيّة لأحدهما على الآخر،و النسب لاحق بهما،بخلاف باقي الحيوانات،فإنّ النسب غير معتبر،و النموّ و التبعيّة فيه لاحق بالأُمّ خاصّة؛ كذا فُرِّق.و فيه خفاء.

و هذا الحكم مشهور بين الأصحاب.

خلافاً للمحكيّ عن الحلبي،فألحقه بمولى الاُمّ (2)؛ قياساً بالحيوانات.و فيه نظر؛ لمخالفته الأصل،و عدم دليل على الترجيح، و القياس بمجرّده غير كاف.

ص:364


1- الفقيه 3:1372/288،التهذيب 8:731/207،الوسائل 21:192 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 73 ح 1؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي في الفقه:296.

و لو أذن أحدهما كان للآخر الذي لم يأذن في ظاهر الأصحاب، بل في المسالك ظاهرهم الاتّفاق عليه (1)؛ و هو الحجّة فيه لو تمّ.دون النصّ المدّعى؛ لعدم الوقوف عليه.و لا التعليل بأنّ الآذِن قد أقدم على فوات الولد منه فإنّ المأذون قد يتزوّج مَن ليس برقّ فينعقد الولد حرّا، بخلاف مَن لم يأذن،فيكون الولد له خاصّة ؛ لما في الفَرق من الإشكال فيما لو انحصر إذن الآذِن في وطء المملوكة،فإنّه لم يضيّع الولد حينئذ.

و يشكل الحكم فيما لو اشترك أحد الزوجين بين اثنين،فأذِنَ مولى المختصّ و أحدُ الشريكين دون الآخر،أو تعدّد مولى كلّ منهما،فإنّه خارج عن موضع النصّ المدّعى و الفتوى،فيحتمل كونه كذلك،فيُخَصّ الولد بمن لم يأذن،اتّحد أم تعدّد؛ و اشتراكه بين الجميع على الأصل حيث لا نصّ،و هو أقوى هنا قطعاً،بل لا بأس به فيما مضى؛ لعدم القطع بالنصّ و الإجماع.

و دعوى ظهور الوفاق مع عدم الجزم عليها غير صالحة للخروج عن مقتضى الأصل المتيقّن،إلّا أنّ الاحتياط لا يترك؛ فإنّ المسألة محلّ إشكال،و لذا تردّد بعض متأخّري الأصحاب في هذا المجال (2).

و ولد المملوكين رقّ لمولاهما لما مضى.

و لو كانا لاثنين ف قد عرفت أنّ الولد بينهما بالسويّة لكن لا مطلقاً،بل ما دام لم يشترط أحدهما الانفراد بالولد أو بأكثره؛ إذ

ص:365


1- المسالك 1:512.
2- كصاحب المدارك في نهاية المرام 1:265،و السبزواري في الكفاية:172،و صاحب الحدائق 24:241.

لو اشترطه صحّ و لزم؛ لعموم:«المؤمنون عند شروطهم» (1)مع عدم منافاته النكاح.

و إذا كان أحد الأبوين الزوج أو الزوجة حرّا فالولد حرّ مطلقاً (2)على الأشهر الأظهر،بل كاد أن يكون إجماعاً،مع كونه من السرائر ظاهراً (3).

للنصوص المستفيضة:

منها الصحيح:عن رجل تزوّج بأمة فجاءت بولد،قال:«يلحق الولد بأبيه» قلت:فعبدٌ تزوّج حرّة؟قال:«يلحق الولد باُمّه» (4).

و الصحيح:في العبد تكون تحته الحرّة،قال:«ولده أحرار،فإن أُعتق المملوك لحق بأبيه» (5).

و المرسل كالصحيح:عن الرجل الحرّ يتزوّج بأمة قوم،الولد مماليك أو أحرار؟قال:«إذا كان أحد أبويه حرّا فالولد أحرار» (6).

و النصوص به كادت تبلغ التواتر (7)،و مع ذلك فسند بعضها معتبر، و الباقي بالشهرة منجبر،و الجميع معتضد بالأُصول منها:النافي لتكاليف العبيد و ثبوت الحجر و العمومات الدالّة على صحّة المعاملات و وجوب

ص:366


1- غوالي اللئلئ 1:84/218.
2- أي في العقد و التحليل.منه رحمه الله.
3- السرائر 2:595.
4- الفقيه 3:1382/291،الوسائل 21:121 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 2.
5- الكافي 5:6/493،الوسائل 21:121 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 3.
6- الكافي 5:7/493،التهذيب 7:1376/336،الإستبصار 3:733/203،الوسائل 21:122 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 5.
7- انظر الوسائل 21:121 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30.

الوفاء بها،و الدالّة على جواز العقد على أربع حرائر و أنّه نماء الحرّ في الجملة (1)،و حقّ الحريّة مقدّم؛ لأنّها أقوى،و لذا بُني العتق على التغليب و السراية.

و مقتضى إطلاق المرسل كالصحيح و غيره مع عموم الأُصول عدم الفرق بين ولد المعقودة و المحلَّلة،مضافاً إلى خصوص المعتبرة في الثاني (2)،و سيأتي الكلام فيه في باب التحليل.

خلافاً للمحكيّ عن الإسكافي فيما إذا كان الزوج خاصّة حرّا أو مطلقاً (3)،على اختلاف الحكايتين.

للمستفيضة الأُخر،منها الخبران:

في أحدهما:«لو أنّ رجلاً دبّر جارية،ثم يزوّجها من رجل، فوطئها،كانت جاريته و ولده منه مدبّرين،كما لو أنّ رجلاً أتى قوماً فتزوّج إليهم مملوكتهم كان ما أولد لهم مماليك» (4).

و في الثاني:أمة كان مولاها يقع عليها،ثم بدا له فزوّجها،ما منزلة ولدها؟قال:«منزلتها،إلّا أن يشترط زوجها» (5).

ص:367


1- الوسائل 20:517 أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 1.
2- انظر الوسائل 21:135 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37.
3- حكاه عنه في المختلف:568.
4- التهذيب 7:1378/336،الإستبصار 3:735/203،الوسائل 21:123 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 10؛ بتفاوت.
5- التهذيب 8:763/214،الإستبصار 3:736/203،الوسائل 21:124 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 12.

و هما قاصران سنداً،فلا يعارضان ما مرّ جدّاً.

نعم،في الصحيحين (1)ما يوافقهما،إلّا أنّهما كالأول ليسا نصّين في حريّة الزوج،و إنّما غايتهما الإطلاق،فليُحمَل على العبد و إن بَعُدَ جمعاً،و الأولى حملهما على التقيّة كما فعله جماعة (2)،فقد صرّح الشيخ في الاستبصار بأنّ ذلك مذهب بعض العامّة (3)،و يؤيّده مصير الإسكافي إليه،مع انفراده به كما تقدّم غير مرّة.

و بالجملة:كثرة النصوص الأُوَل و اعتضادها بالشهرة العظيمة و حكاية الإجماع المتقدّمة و الأُصول المقرّرة توجب المصير إلى حذف الروايتين،أو تأويلهما و إن صحّ سندهما إلى ما يؤول إليها.

و لا ينبغي أن يستراب في المسألة بمجرّدهما كما وقع لبعض أصحابنا (4)بل الأجود الحكم صريحاً بلحوق الولد بالحرّ من الأبوين إلّا أن يشترط المولى على الحرّ رقّيّته فيجوز و يصير رقّاً على قول مشهور بين الأصحاب،ضعيف المأخذ؛ لأنّه رواية (5)متزلزلة بحسب السند،فتارة مسندة و أُخرى مقطوعة مرويّة،و مع ذلك ففيه أبو سعيد

ص:368


1- الأول في:التهذيب 8:756/212،الإستبصار 3:737/204،الوسائل 1:124 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 11.الثاني في:الفقيه 3:231/68،التهذيب 8:809/225،الوسائل 21:124 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 13.
2- منهم صاحب الحدائق 24:212.
3- الاستبصار 3:203.
4- كالسبزواري في الكفاية:172،و صاحب الحدائق 24:212.
5- التهذيب 7:1378/336،الإستبصار 3:735/203،الوسائل 21:123 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 10.

المكاري،و هو ضعيف البتّة،و مع ذلك فليس فيها دلالة؛ إذ غايتها الدلالة على أنّ ولد الحرّ مملوك لمولى المملوكة من دون تصريح فيها بالشرط و لا إشارة،و إنّما حملوها على ما إذا شرط المولى الرقّية؛ مضافاً إلى ما مرّ فيها من المناقشة (1).

و مثل هذه الرواية لا تصلح مؤسِّسة لهذا الحكم المخالف للأصل؛ فإنّ الولد إذا كان مع الإطلاق ينعقد حرّا فلا تأثير في رقّيّته للشرط؛ لأنّه ليس ملكاً لأبيه حتى يؤثّر شرطه فيه،كما لا يصحّ اشتراط رقّيّة مَن وُلِدَ حرّا، سيّما مع ورود الأخبار الكثيرة المتقدّمة (2)الحاكمة بحريّة مَن أحد أبويه حرّ،من دون استفصال عن وقوع اشتراط الرقّية أم لا بالمرّة؛ مع ورودها في مقام جواب السؤال،و ذلك كما قُرِّر في الأُصول يقتضي العموم في المقال.

مع أنّ في بعضها:«ليس يسترقّ الولد إذا كان أحد أبويه حرّا» الخبر (3)،و ليس في سنده سوى الحكم بن مسكين،و قد روى عنه ابن أبي نصر،و هو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه.

و لعلّه لذا تردّد المصنّف في الشرائع كاللمعة ظاهراً (4)،و هنا صريحاً.

ثم على تقدير اشتراط رقّيّته في العقد أو التحليل،و قلنا بعدم صحّة الشرط،هل يحكم بفساد العقد لعدم وقوع التراضي بدون الشرط الفاسد،

ص:369


1- من عدم الدلالة على حرّية الزوج.منه رحمه الله.
2- في ص 364.
3- الكافي 5:4/492،الوسائل 21:123 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30 ح 8.
4- الشرائع 2:309،اللمعة(الروضة البهية 5):313.

كما في غيره من العقود المشتملة على الشروط الفاسدة أم يصحّ و يبطل الشرط خاصّة؟ يُحتمَل الأول؛ لأنّ العقد يتبع القصد،و لم يحصل إلّا بالشرط، و لم يحصل.

و الثاني؛ لأنّ عقد النكاح كثيراً ما يصحّ بدون الشرط الفاسد و إن لم يصحّ غيره من العقود.

و في الأول قوّة،و صحّته في بعض الموارد لدليلٍ خارج لا يقتضي عمومها في جميع الموارد.

و أولى بعدم الصحّة لو كان تحليلاً؛ لتردّده بين العقد و الإذن كما سيأتي،و لا يلزم من ثبوت الحكم في العقد ثبوته في الإذن المجرّد،بل يبقى على الأصل.

و على هذا،لو دخل مع فساد الشرط،و حكمنا بفساد العقد،كان زانياً مع علمه بالفساد،و انعقد الولد رقّاً كنظائره.نعم،لو جهل الفساد كان حرّا؛ للشبهة.

و إن قلنا بصحّة الشرط لزم العقد به و لم يسقط بالإسقاط بعد العقد؛ لأنّ ذلك (1)مقتضى الوفاء به (2)،مع احتماله (3)؛ تغليباً للحرّية،و كما لو أسقط حقّ التحجير و نحوه،و لا يخلو عن قوّة.

لو تزوّج الحرّ أمة من غير إذن مالكها،فإن وطئها قبل الإجازة عالماً فهو زانٍ

و لو تزوّج الحرّ أمة من غير إذن مالكها،فإن وطئها قبل الإجازة عالماً بالحرمة و لا شبهة فهو زانٍ بالضرورة؛ و عليه دلّت المعتبرة:عن

ص:370


1- أي عدم السقوط.منه رحمه الله.
2- أي الشرط.منه رحمه الله.
3- أي السقوط.منه رحمه الله.

الأمة تتزوّج بغير إذن مواليها؟قال:«يحرم ذلك عليها،و هو زناء» (1)فتأمّل.

و الولد رقّ للمولى مطلقاً،جهلت الأمة أم لا؛ لأنّه نماء ملكه فيتبعه.

و للصحيح:في رجل أقرّ على نفسه أنّه غصب جارية،فولدت الجارية من الغاصب،قال:«تُرَدّ الجارية و الولد على المغصوب إذا أقرّ بذلك الغاصب أو كانت عليه بيّنة» (2).

مضافاً إلى فحوى النصوص الدالّة عليه في صورة جهله بأنّها أمة الغير،كما يأتي.

و عليه الحدّ بموجب الزناء،كما أنّ عليها ذلك لو علمت بالحرمة من دون شبهة.

و كذا عليه المهر اتّفاقاً في الظاهر إن كانت جاهلة بالحكم أو موضوعه،و على إطلاق العبارة و ظاهر جماعة مطلقاً و لو كانت عالمة (3)؛ لأنّه عوض البضع،و لا مدخل للعلم و الجهل.

و ربما استُدِلّ (4)عليه بفحوى الصحيح:قلت:أ رأيت إن أحلّ له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فاقتضّها؟قال:«لا ينبغي له ذلك» قلت:فإن فعل أ يكون زانياً؟قال:«لا،و يكون خائناً،و يغرم لصاحبها عُشْر قيمتها إن

ص:371


1- الكافي 5:2/479،الوسائل 21:120 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 29 ح 3.
2- التهذيب 7:1936/482،الوسائل 21:177 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 61 ح 1.
3- انظر المسالك 1:509،نهاية المرام 1:269.
4- نهاية المرام 1:269.

كانت بكراً،و إن لم تكن فنصف عُشْر قيمتها» (1).

فإنّ ثبوت العوض هنا يقتضي ثبوته في الزناء المحض بطريق أولى، و هو حسن لو كان نصّاً في زناء الأمة،و ليس فيه على ذلك دلالة.و فيه نظر.

و الأجود الاستدلال عليه بفحوى الصحيح الآخر الآتي (2)في الأمة المدلّسة نفسه بدعوى الحرّية،لتصريحه ب:أنّ عليه لمواليها العُشْر و نصف العُشْر.

و لكن الأولويّة لا تقتضي أزيد من ثبوت نصف العُشْر مع الثيبوبة و العُشْر مع البكارة،و هو غير ثبوت مهر المثل أو المسمّى،فليس فيهما دلالة عليهما،كالتعليل السابق؛ لعدم الدليل على الكلّية (3)فيه،مع ما على العدم من أصالة البراءة القطعيّة،و لذا اختاره جماعة (4).

و ربما علّله بعضهم بأنّها حينئذٍ بغيّ،و لا مهر لبغيّ (5)؛ و ظاهر لفظ المهر كاللام المفيدة للملكيّة أو الاختصاص أو الاستحقاق المنفيّ جميع ذلك عن الأمة قرينة واضحة على اختصاص النصّ المتضمّن لذلك (6)بالحرّة.

و الأجود القول بمضمون الصحيحين و الحكم بالعُشْر مع البكارة

ص:372


1- الكافي 5:1/468،الفقيه 3:1377/289،التهذيب 7:1064/244،الوسائل 21:132 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 35 ح 1.
2- في ص 373.
3- أي كلّ عوض بضع لا بُدّ له من مهر.منه رحمه الله.
4- منهم المحقق في الشرائع 2:310 و فخر المحققين في الإيضاح 3:141؛ و السيوري في التنقيح 3:140.
5- انظر جامع المقاصد 13:75 و نهاية المرام 1:269.
6- أي ل:«أنّه لا مهر لبغيّ» سنن البيهقي 6:6.منه رحمه الله.

و نصفه مع عدمها،لا مهر المثل أو المسمّى،تبعاً للمحكيّ عن بن حمزة (1)؛ لصحّتهما،و عدم تعقّل الفرق بين المقام و موردهما؛ مع ما فيه من استلزام الثبوت فيه الثبوت هنا بطريق أولى.

و يسقط الحدّ عنه لو كان جاهلاً بالحكم أو الموضوع؛ للشبهة الدارئة.و لا تُحَدّ الأمة لو كانت كذلك؛ لذلك.

دون المهر فيثبت مع جهلها اتّفاقاً في الظاهر،و به صرّح بعضهم (2).

و هل هو المسمّى،أو المثل،أو العُشْر و نصف العُشْر؟أقوال.

و الأول ضعيف جدّاً،و الثاني قويّ لولا النصوص المثبتة للثالث و إن اختصّت بمدّعية الحرّية و الجارية المحلَّلة؛ لعدم تعقّل الفرق بالضرورة.

و كذا يثبت المهر مع علمها في المشهور ظاهراً؛ و ربما قيل بالعدم هنا (3)كما تقدّم،و الكلام كما سبق.

و يلحقه الولد إجماعاً في الظاهر؛ عملاً بإطلاق النصوص الماضية (4)بلحوق الولد الحرّ من الأبوين،مضافاً إلى الأُصول المتقدّمة ثمة (5)،و النصوص الآتية (6)الحاكمة بحرّية الولد في تزويج الحرّ الأمة المدّعية للحرّية إن قلنا بها،و يشكل إن لم نقل بها؛ للنصوص الأُخر (7)،مع

ص:373


1- الوسيلة:303.
2- كالسبزواري في الكفاية:172.
3- الشرائع 2:310.
4- في ص 364.
5- في ص 365.
6- في ص 375.
7- الآتية في ص 374.

عدم تعقّل الفرق،فتأمّل.

و لكن عليه قيمته يوم سقط حيّاً للمولى؛ لأنّه نماء ملكه، و للنصّ الآتي (1)في المسألة الآتية.

هذا كلّه مع عدم إجازة المولى العقد،أو معها و قلنا بأنّها مصحّحة للعقد من حينها.

أمّا لو قلنا بأنّها كاشفة عن الصحّة من حين العقد كما هو الأصحّ الأشهر فيلحق به الولد مطلقاً و يسقط عنه الحدّ و إن كان قد وطئ محرّماً في صورة العلم فيلزم التعزير و يلزمه المهر المسمّى.

و كذا يسقط عنه الحدّ،و لزمه المهر،و لحق به الولد مع قيمته يوم سقط حيّاً، لو ادّعت الحرّية فتزوّجها على ذلك مع جهله بالحال؛ إمّا لدعواها الحرّية الأصلية بانياً على الظاهر،أو لحصول المظنّة بصدقها و توهّم جواز التعويل على مجرّدها مع علمه بكونها مملوكة فيما مضى.

و لا ريب في سقوط الحدّ عنه و كذا عنها إن كانت جاهلة؛ للشبهة الدارئة.

و أمّا لزوم المهر فهو ظاهر إطلاق الأصحاب،بل ادّعى بعضهم إجماع المسلمين (2)،و صرّح بالإجماع ابن المفلح الصيمري،و لم يفرّقوا بين كونها عالمة أو جاهلة.

و اختلفوا في تقديره على أقوال:

أحدها:المسمّى،كما عن الأكثر (3)،و هو ظاهر المتن.

ص:374


1- في ص 377.
2- الإيضاح 3:142.
3- المسالك 1:510،الكفاية:172.

و ثانيها:المثل،كما عن المبسوط (1)،و هو الأقوى لولا النصّ بالعُشْر و نصف العُشْر.

و ثالثها:القول بمضمونه،و هو مختار جماعة (2)،وفاقاً للمقنع و النهاية و القاضي و ابن حمزة (3).

ففي الصحيح:في رجل تزوّج امرأة فوجدها أمة دلّست نفسها،قال:

«إن كان الذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح فاسد» قلت:كيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟قال:«إن وجد ممّا أعطاها شيئاً فليأخذه،و إن لم يجد شيئاً فلا شيء له عليها،و إن كان زوّجها إيّاه وليّ لها ارتجع على وليّها بما أخذته منه،و لمواليها عُشْر قيمتها إن كانت بكراً،و إن كانت غير بكر فنصف عُشْر قيمتها،بما استحلّ من فرجها» قلت:فإن جاءت منه بولد؟قال:«أولادها منه أحرار إذا كان النكاح بغير إذن الوليّ» (4)و نحوه الصحيح السابق (5)،إلّا أنّه في الجارية المحلَّلة.

و هو الأجود؛ لصحّة الرواية،و خلوّها عن المعارض،و إليها أشار بقوله:

و في رواية:يلزمه بالوطء عُشْر القيمة إن كانت بكراً،و نصف

ص:375


1- حكاه عنه في الإيضاح 3:142.
2- منهم الشهيد في المسالك 1:510،و السبزواري في الكفاية:172،و صاحب الحدائق 24:222.
3- المقنع:104،النهاية:477،القاضي في المهذب 2:217،ابن حمزة في الوسيلة:303.
4- الكافي 5:1/404،التهذيب 7:1426/349،الإستبصار 3:787/216،الوسائل 21:185 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 1؛ بتفاوت.
5- راجع ص 369.

العُشْر إن كانت ثيّباً و حملها على ما إذا طابق أحد الأمرين (1)المثل بعيد جدّاً،لا داعي إليه قطعاً سوى القاعدة،و الرواية بالإضافة إليها خاصّة،ينبغي العمل عليها و تخصيصها بها البتّة.

و ظاهر التشبيه في العبارة:حرّية الولد تبعاً لأبيه كما في المسألة السابقة،لكنّه في الشرائع وافق الصدوق في المقنع و الشيخ في النهاية (2)و جماعة (3)، بل حُكي عليه الشهرة (4)فحكم برقّيّة الولد (5)؛ للمعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:في رجل ظنّ أهله أنّه قد مات أو قُتِل،فنكحت امرأته و تزوّجت سريّته،فولدت كلّ واحدة منهما من زوجها،ثم جاء الزوج الأول و جاء مولى السريّة،فقضى في ذلك أن يأخذ الأول امرأته فهو أحقّ بها،و يأخذ السيّد سريّته و ولدها،إلّا أن يأخذ رضاءً من الثمن ثمن الولد (6).

و منها الموثّق:«قضى عليّ عليه السلام في امرأة أتت قوماً فخبّرتهم أنّها حرّة،فتزوّجها أحدهم و أصدقها صداق الحرّة،ثم جاء سيّدها،فقال:تردّ إليه،و ولدها عبيد» (7).

ص:376


1- أي العشر و نصف العشر.منه رحمه الله.
2- المقنع:104،النهاية:477.
3- منهم العلّامة في القواعد 2:28؛ و السبزواري في الكفاية:172.
4- الحدائق 24:224.
5- الشرائع 2:310.
6- التهذيب 7:1430/350،الإستبصار 3:791/218،الوسائل 21:188 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 6،بتفاوت يسير.
7- التهذيب 7:1425/349،الإستبصار 3:786/216،الوسائل 21:187 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 4.

و نحوه الموثّق:«قضى عليّ عليه السلام في وليدة باعها ابن سيّدها و أبوه غائب،فاشتراها رجل،فولدت منه غلاماً،ثم قدم سيّدها الأول،فخاصم سيدها الآخر فقال:هذه وليدتي باعها ابني بغير إذني،فقال:خذ وليدتك و ابنها» الحديث (1)،و غير ذلك ممّا سيأتي.

لكنّها معارضة بما مضى من الأُصول و إطلاق بعض النصوص في تبعيّة الولد للحرّ من الأبوين أباً كان أو امّاً،و خصوص الصحيح المتقدّم في تقدير المهر بالعُشر و نصف العُشر،و المعتبرين:

أحدهما الموثّق:عن مملوكة قوم أتت غير قبيلتها،فأخبرتهم أنّها حرّة،فتزوّجها رجل منهم،فولدت له،قال:«ولده مملوكون،إلّا أن يقيم لهم البيّنة أنّها شهد لها شاهدان أنّها حرة،فلا يملك ولده و يكونون أحراراً» (2).

و نحوه الثاني المرويّ حسناً (3)تارةً و ضعيفاً (4)اخرى.

و فيهما كما ترى تصريح بالحرّية مع قيام البيّنة عليها حين المناكحة،و هما و إن دلّا على الرقّية مع عدمها لكنّهما ليسا نصّين في تحقّق الشبهة حينئذ،فيحتملان كباقي الروايات المتقدّمة الحمل على صورة

ص:377


1- الكافي 5:12/211،الفقيه 3:615/140،التهذيب 7:1960/488،الإستبصار 3:739/205،الوسائل 21:203 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 88 ح 1؛ بتفاوت.
2- الكافي 5:2/405،التهذيب 7:1427/349،الإستبصار 3:788/217،الوسائل 21:186 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 2.
3- التهذيب 7:1428/350،الإستبصار 3:789/217،الوسائل 21:187 أبواب نكاح البعيد و الإماء ب 67 ح 3.
4- الكافي 5:3/405،الوسائل 21:187 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 3.

عدمها.

و منه يظهر فساد الاستدلال بهما للقول الأول،فلا بأس بالمصير إلى الحرّية وفاقاً لجماعة (1)،منهم ظاهر الماتن هنا.إلّا أنّ المسألة بعد لا تخلو عن ريبة،لكن الذي يقتضيه الجمع بين الروايات هو حرّية الولد مع قيام البيّنة على حرّية الأمة و صحّة دعواها،و رقّيته مع عدمها،و بذلك صرّح الشيخ في النهاية و ابن البرّاج و ابن حمزة (2)،و به صرّحت الروايتان الأخيرتان،و يجمع بهما بين إطلاق كلّ من الروايات الحاكمة بالحرّية و الرقّية على الإطلاق.

و مرجع هذا القول إلى رقّية الولد لو تزوّج بمجرّد دعواها كما هو فرض المسألة،و لذا نسب إلى الشيخ و الجماعة القول به على الإطلاق (3)بناءً على فرض المسألة؛ إذ التزويج بدعواها مع البيّنة على صدقها خارج عن فرض المسألة.

و كيف كان،فلا خلاف في الظاهر بل عليه الوفاق في المسالك (4)،و الإجماع في شرح ابن المفلح أنّه لو أولدها أولاداً وجب عليه فكّهم بالقيمة يوم سقوطهم حيّاً،و وجب على مولى الجارية قبول القيمة و دفع الولد بها.

للصحيح:في رجل تزوّج جارية رجل على أنّها حرّة،ثم جاء رجل

ص:378


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:510،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:274،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:61.
2- النهاية:477،ابن البراج في المهذب 2:217،ابن حمزة في الوسيلة:303.
3- نسبه إليهم في المسالك 1:510.
4- المسالك 1:510.

فأقام البيّنة على أنّها جاريته،قال:«يأخذها و يأخذ قيمة ولدها» (1).

و في الصحيح السابق (2)دلالة بجواز الفكّ بالقيمة،و نحوه الموثّق الآتي.

و لا تظهر ثمرة الخلاف في ذلك،بل فيما لو لم يدفع القيمة لفقر و غيره،فعلى القول بالحرّية تبقى ديناً في ذمّته و الولد حرّ،و على القول الآخر تتوقّف الحرّية على دفع القيمة.

و لو عجز عن القيمة استسعى في قيمتهم وجوباً،بلا خلاف بين القائلين بالرقّية كما قيل (3)،و كذا عند بعض ما قال بالحرّية.

لموثّقة سماعة:عن مملوكة أتت قوماً و زعمت أنّها حرّة،فتزوّجها رجل منهم و أولدها ولداً،ثم إنّ مولاها أتاهم فأقام البيّنة أنّها مملوكة، و أقرّت الجارية بذلك،فقال:«تدفع إلى مولاها هي و ولدها،و على مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه» قلت:فإن لم يكن لأبيه مال يأخذ ابنه؟قال:«يستسعى أبوه في ثمنه حتى يوفيه و يأخذ ولده» قلت:

فإن أبى الأب أن يسعى في ثمن ابنه؟قال«فعلى الإمام أن يفتديه و لا يُملك ولدٌ حرّ» (4).

و العمل بها متّجه على القول بالرقّية،و مشكل على القول الآخر؛

ص:379


1- الفقيه 3:1246/262،الوسائل 21:188 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 8.
2- المتقدم في ص 376.
3- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:61.
4- التهذيب 7:1429/350،الإستبصار 3:790/217،الوسائل 21:187 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 5؛ بتفاوت يسير.

لتضمّنها ما لا يوافقه،بل و على الأول أيضاً؛ لمعارضتها لإطلاق الآية وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ [1] (1)مع أصالة براءة الذمّة.إلّا أنّ التقييد متّجه على القول الأول؛ لاعتبار سند الرواية بالموثّقيّة و عمل جماعة (2)،مضافاً إلى الشهرة المحكيّة.و الحمل على الاستحباب بعيد، غير مطابق للأُصول المرعيّة.

و يستفاد منها فيما لو أبى الأب عن الاستسعاء ما قيل من أنّه يفتديهم الإمام كما عن النهاية و ابن حمزة (3).

و أجاب عنها المصنّف تبعاً لجماعة (4)بأنّه في المستند ضعف بسماعة.

و ليس كذلك،بل هو موثّق على المشهور،و قيل:ثقة (5)،فالعمل بها متّجه؛ مع أنّ ضعفها كما يمنع من العمل بها هنا،كذا يمنع من العمل بها في وجوب الاستسعاء؛ إذ لا دليل عليه سواها لا من إجماع و لا سنّة غيرها، فالحكم هناك قطعاً و التردّد هنا مع اتّحاد المستند لا وجه له جدّاً.

و ليس فيها الدلالة على ما يفكّ به الإمام هل هو من سهام الرقاب؟ كما عن الشيخ و ابن حمزة (6)،أو من بيت المال؟كما اختاره العلّامة (7)،

ص:380


1- البقرة:280.
2- منهم الشيخ في النهاية:477،و القاضي في المهذّب 2:216،و ابن برّاج في الوسيلة:303،و العلّامة في القواعد 2:28.
3- النهاية:477،ابن حمزة في الوسيلة:303.
4- منهم الشهيد في المسالك 1:511،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:275،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:61.
5- رجال النجاشي:193.
6- الشيخ في النهاية:477،ابن حمزة في الوسيلة:303.
7- المختلف:566.

و لكنّه أوفق بالأُصول المقرّرة على تقدير القول بحرّية الولد؛ لكونه معدّاً لمصالح المسلمين،و المقام منها.

و الأول أوفق على القول بالرقّية،كما هو مختار القائل،لكنّه يتوقّف إمّا على عدم اعتبار كون العبد تحت الشدّة أو وجودها،أو عدم وجود المستحقّ أصلاً،و أمّا على القول باعتباره مع ترفّه الولد و وجود المستحقّ فمشكل قطعاً.و لا بأس بالمصير إلى الثاني حينئذٍ إن لم يكن إحداث قول.

لو تزوّجت الحرّة عبداً مع العلم فلا مهر لها

و لو تزوّجت الحرّة عبداً مع العلم منها بالرقّية و الحرمة مع عدم الإذن و الإجازة فلا مهر لها مع عدم الدخول قطعاً،و كذا معه؛ إذ لا مهر لبغيّ،و للخبر«أيّما امرأة حرّة زوّجت نفسها عبداً بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها و لا صداق لها» (1).

و ولدها رقّ لمولى العبد؛ إذ لا نسب مع الزناء.

و في ثبوت الحدّ وجهان.

و مع الجهل منها بالأمرين أو بأحدهما يكون الولد حرّا تبعاً لأشرف الأبوين،مع عدم المانع من جهة الجهل كما مضى.

و لا يلزمها قيمة الولد للأصل،و اختصاص المثبت من النصّ و الفتوى بصورة العكس.

و يلزم العبد مع الدخول في مقابل البضع المحترم مهرها المثل دون المسمّى إن لم يكن مأذوناً من المولى؛ لفساد العقد فيتبع به إذا أُعتق و مع الإجازة فالمسمّى قطعاً هنا،و في السابق أيضاً.

ص:381


1- الكافي 5:7/479،الفقيه 3:1356/285،التهذيب 7:1435/352،الوسائل 21:115 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 24 ح 3.

و في سقوط الحدّ إن أوجبناه فيه و لحوق الولد معها،وجهان،مبنيان على أنّها هل هي كاشفة عن الصحة؟كما هو الأشهر الأظهر،أم ناقلة من حينها؟ و الحكم بحريّة الولد هنا هو المشهور بين الأصحاب.

خلافاً للمحكيّ عن المفيد،فحكم بالرقّية مطلقاً (1)و لو هنا (2)؛ للخبر:في رجل دبّر غلاماً له،فأبِق الغلام،فمضى إلى قوم فتزوّج منهم و لم يعلمهم أنه عبد،فوُلد له أولاد و كسب مالاً و مات مولاه الذي دبّره، فجاء ورثة الميّت الذي دبّر العبد فطالبوا العبد فما ترى؟فقال:«العبد و ولده لورثة الميّت» قلت:أ ليس قد دبّر العبد؟قال:«إنّه لمّا أبَق هدم تدبيره و رجع رقّاً» (3).

و في سنده جهالة،فليس فيه حجّة،مضافاً إلى معارضته لما مرّ من إطلاق المستفيضة الدالّة على تبعيّة الولد للحرّية في أب كانت أم أُمّ (4)بالضرورة،المعتضدة بالشهرة هنا و ثمّة،المؤيّدة بفحوى المعتبرة الدالّة على حرّية الولد في صورة عكس المسألة (5)،فتأمّل.

و مع ذلك،فليس نصّاً في حرّية الزوجة،فيحتمل الحمل على تزويجه بالأمة،و يكون تخصيص الأولاد فيه بمولى العبد دون مولى الأمة مبنيّاً على ما مضى من اختصاصهم بمن لم يأذن و حرمان الآذن (6)،فتأمّل.

ص:382


1- المقنعة:507.
2- أي في صورة جهل الحرّة.منه رحمه الله.
3- التهذيب 7:1437/353،الوسائل 21:119 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 28 ح 1.
4- راجع ص 364.
5- انظر الوسائل 21:121 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 30.
6- راجع ص 362.
لو تسافح المملوكان فلا مهر

و لو تسافح المملوكان فلا مهر للأصل،و انتفاء المخرج عنه هنا؛ لاختصاصه بغيره،و انتفاء ما يوجب التعدية.

و الولد رقّ لمولى الأمة اتّفاقاً هنا كما حكي (1)؛ لأنّه نماؤها مع انتفاء النسب عن الزاني،مضافاً إلى إطلاق المستفيضة المتقدّمة (2)الناصّة بالحكم في تزويج الأمة المدّعية للحرّية أو فحواها إن اختصّت بتزويجها من الحرّ كما هو المتبادر منها،لكن الاستناد إليها هنا يتوقّف عليه ثمّة.

و كذا الحكم لو زنى بها أي بالأمة المملوكة للغير- الحرّ من دون إشكال.إلّا في نفي المهر،فقد قيل بثبوت العُقر (3)هنا (4)؛ لفحوى الصحيح المتقدّم في إثبات العُشر أو نصفه على مَن وطئ المحلّلة له في وجوه الاستمتاعات دون الوطء (5)؛ إذ ثبوت أحد الأمرين ثمّة مستلزم لثبوته هنا بطريق أولى.

و فيه ما مرّ من الإشكال من عدم التصريح فيه بعلم الأمة بالحرمة (6)، فلعلّ العُقْر للجهالة.

و الأجود الاستدلال عليه بفحوى ما مرّ من الصحيح الصريح في ثبوت العُقْر على متزوّج الأمة المدّعية للحرّية (7)،الظاهر في جهل الزوج و علم

ص:383


1- قال صاحب المدارك في نهاية المرام 1:277:أمّا أنّ الوَلد رقّ لمولى الأمة فمقطوع به في كلام الأصحاب و ظاهرهم أنه لا خلاف فيه.
2- راجع ص 374.
3- العُقر:و هو دية فرج المرأة إذا غصبت على نفسها،ثم كثر ذلك حتى استعمل في المهر مجمع البحرين 3:410.
4- قال به صاحب المدارك في نهاية المرام 1:278.
5- راجع ص 369.
6- انظر ص 369.
7- راجع ص 373.

الأمة،و ثبوت المهر ثمّة يستلزم ثبوته هنا بطريق أولى كما لا يخفى، فالأحوط إعطاء العُقْر أو استرضاء مولى الأمة بصلح و نحوه.

لو اشترى الحرّ نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده

و لو اشترى الحرّ المتزوّج بأمة بين شريكين بإذنهما نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده لامتناع عقد الإنسان على أمته لنفسه مطلقاً ابتداءً و استدامةً،الملازم لبطلان العقد بالإضافة إلى حصّته المنتقلة إليه بالشراء،و يلزمه البطلان بالإضافة إلى الجميع؛ لعدم تبعّض العقد،و انتفاء الكلّ بانتفاء الجزء.

و للموثّق:عن رجلين بينهما أمة،فزوّجاها من رجل،ثم إنّ الرجل اشترى بعض السهمين،قال:«حرمت عليه باشترائه إيّاها؛ و ذلك أنّ بيعها طلاقها،إلّا أن يشتريها جميعاً» (1).

و مع بطلان العقد رأساً يحرم الوطء مطلقاً جدّاً؛ لاستلزامه التصرّف في ملك الغير بدون إذنه،و هو محرّم قطعاً.

و لو حصل الإذن بأن أمضى الشريك الآخر المالك العقد لم يحلّ على الأشهر الأظهر أيضاً؛ لأنّ العقد إن كان بطل بالشراء كما هو الظاهر فكيف يصير بالرضاء صحيحاً؟!و إن لم يبطل فلا وجه لاعتبار رضاه؛ لوقوعه أولاً به و لم يتجدّد له ملك فلا يقف على إجازته،و مع ذلك يعضده إطلاق النصّ السابق.

فخلاف الطوسي و القاضي هنا حيث حكما بالحلّ مع الإمضاء (2)ضعيف جدّاً،لا وجه له أصلاً،و لذا حُمِل عبارتهما على ما يؤول إلى

ص:384


1- الفقيه 3:1355/285،الوسائل 21:153 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 46 ح 2.
2- الطوسي في النهاية:480،القاضي في المهذب 2:219.

المختار (1)تفادياً من فتواهما بما لا وجه له رأساً،و هو حسن و إن كان بالإضافة إلى عبارتهما بعيداً.

كلّ ذا إذا وقع الرضاء بالوطء بإمضاء العقد السابق.

و أمّا مع وقوعه بالتحليل المتجدّد فقولان،أشهرهما كما حكي (2)التسوية بينه و بين ما مضى في المنع.

للموثّق السابق،الحاصر لوجه الحلّ بعد بطلان العقد المحكوم به فيه في شرائها جميعاً.

و لأصالة عصمة الفروج،إلّا مع ثبوت الحلّ بوجه شرعي،و ليس إلّا الانفراد بأحد أمرين:العقد أو [و] الملك،لا الملفق منهما؛ إمّا (3)لظهور الآية إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ [1] (4)في منع الجمع،أو لاحتمالها له و لمنع الخلوّ؛ إذ مع الأول الآية ناصّة في التحريم هنا،و على الثاني و إن لم تكن ناصّة و لا ظاهرة إلّا أنّها ليست ناهضة لتخصيص أصالة الحرمة؛ لاحتمال إرادة المنع من الجمع بالضرورة،و ليست ظاهرة في إرادة المنع من الخلوّ ليصحّ التخصيص.

فأصالة الحرمة باقية بحالها،سليمة عمّا يصلح للمعارضة؛ إذ ليس إلّا الآية،و قد عرفت ما فيها من المناقشة؛ أو استصحاب الحلّية السابقة،و هي منقطعة بالشراء بإجماع الطائفة،و إلّا لما احتيج إلى إمضاء أو تحليل بالمرّة.

فالقول بالتسوية و المنع مطلقاً متّجه لولا ورود رواية مرويّة في الكتب الثلاثة صحيحة صريحة في الإباحة بالتحليل:عن جارية بين رجلين

ص:385


1- انظر النهاية و نكتها 2:350.
2- نسبه إلى المشهور في ملاذ الأخيار 13:398،و إلى الأكثر في المسالك 1:512 و نهاية المرام 1:280.
3- علّة لنفي الملفّق.منه رحمه الله.
4- المؤمنون:6.

دبّراها،ثم أحلّ أحدهما فرجها لشريكه،قال:«هي له حلال» (1).

و هي و إن اختصّ موردها بغير المقام،إلّا أنّ في ذيلها تعليل الحكم بما ظاهره العموم له،مع أنّ الظاهر عدم القائل بالفرق بينهما.

و ليس فيها ضعف كما ذكره المصنّف و جماعة (2)؛ إذ ليس في سندها غير الحسن بن محبوب،و هو ثقة مجمع على تصحيح رواياته،عن عليّ بن رئاب،عن محمّد بن قيس،و كلاهما ثقتان.

نعم،رواها الشيخ في أول كتاب النكاح عن محمّد بن مسلم (3)، بطريق فيه عليّ بن الحسن بن فضّال،و ليس فيه ضعف،بل هو موثّق، و لكن المصنّف دأبه عدّ مثله ضعيفاً كما مرّ مراراً،فليس في شيء من طرقها ضعف بالمعنى المصطلح.

فالقول بمضمونها متّجه جدّاً،يُخَصّ بها ما تقدّم من الأصل و الإطلاق ظاهراً،وفاقاً للحلّي (4)و جماعة،منهم:شيخنا الشهيد في اللمعة (5).

إلّا أنّ اعتضادهما بالشهرة يوجب عدم مكافأة النصّ لهما، فالاحتياط:المنع،و إن كان في تعيّنه نظر؛ نظراً إلى ظهور أنّ الباعث

ص:386


1- الكافي 5:3/482،الفقيه 3:1380/290،التهذيب 8:717/203،الوسائل 21:142 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 41 ح 1.
2- منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز 2:165،و الفاضل المقداد في التنقيح 3:144،و ابن فهد في المهذب 3:336.
3- التهذيب 8:1067/245،الوسائل 21:142 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 41 ح 1.
4- السرائر 2:603.
5- اللمعة(الروضة البهية 5):321.

للمشهور توهّمهم ضعف الرواية،كما يفصح عنهم عباراتهم المشعرة بأنّه مع الصحة يصار إليه و أنّ المانع إنّما هو الضعف،فتأمّل.

و عُلِّل الجواز مضافاً إلى الرواية بأنّها قبل التحليل محرّمة،و إنّما حلّت به،فالسبب واحد (1).

و فيه:أنّه حينئذٍ يكون تمام السبب لا السبب التامّ في الإباحة؛ ضرورة أنّ التحليل مختصّ بحصّة الشريك لا بالجميع،و تحقّق المسبَّب عند تمام السبب لا يوجب كون الجزء الأخير سبباً تامّاً.اللهم إلّا أن يريد من اتّحاد السبب الاتّحاد بحسب الملكيّة و إن اختلف جهتاها،من حيث إنّ إحداهما ناشئة من الملكيّة الحقيقيّة،و الأُخرى من التحليل و الإباحة التي بمنزلتها لأنّها تمليك منفعة،فيكون حلّ جميعها بالملك،فهو أحد الأمرين المعتبر في إباحة الوطء انفراد أحدهما كما مضى.لكنّه متوقّف على عدم كون التحليل عقداً،و ما مضى في وجه الاستدلال بأصالة الحرمة مبنيّ على خلافه،و سيأتي الكلام فيه في بحثه إن شاء اللّه تعالى.

و كذا يحرم عليه وطؤها لو كان بعضها أي الأمة المملوك نصفها لزوجها أو غيره- حرّا لأنّ الجزء لا يستباح بملك البعض و لا بالعقد الدائم اتّفاقاً؛ لتبعّض السبب،و لا بالمنقطع؛ لذلك،و لا بالتحليل؛ لأنّ المرأة ليس لها تحليل نفسها إجماعاً،و إنّما يقع من المولى خاصّة.

و للصحيح الصريح في ذلك،و قد مضى صدره،و فيه بعد ذلك -:«و أيّهما مات قبل صاحبه فقد صار نصفها حرّا من قبل الذي مات و نصفها

ص:387


1- انظر الروضة 5:323.

مدبّراً» قلت:أ رأيت الثاني منهما أن يمسّها،إله ذلك؟قال:«لا،إلّا أن يثبت عتقها و يتزوّجها برضاء منها متى ما أراد» قلت له:أ ليس صار نصفها حرّا و قد ملكت نصف رقبتها و النصف الآخر للباقي منهما؟قال:«بلى» قلت:فإن هي جعلت مولاها في حلّ من فرجها؟قال:«لا يجوز ذلك له» قلت:لِمَ لا يجوز لها ذلك؟و كيف أجزت للّذي له نصفها حين أحلّ فرجها لشريكه فيها؟قال:«لأنّ الحرّة لا تهب فرجها و لا تعيره و لا تحلّه، و لكن لها من نفسها يوم و للّذي دبرها يوم،فإن أحبّ أن يتزوّجها متعة بشيء في ذلك اليوم الذي تملك فيه نفسها فليتمتّع منها بشيء قلّ أو كثر» (1).

و لو هايأها مولاها،ففي جواز العقد منه عليها متعةً في زمانها تردّدٌ ينشأ من صريح ما مضى من الصحيح،و من لزوم تبعيض السبب، فإنّها لم تخرج بالمهاياة عن كون المولى مالكاً للبعض،على أنّ منافع البضع لا يتعلّق بها المهايأة،و إلّا يحلّ لها المتعة بغيره في أيّامها،و هو باطل اتّفاقاً،كما حكي في كلام المسالك و سبطه (2)؛ و منشأه واضح.

و لكن ذلك اجتهاد في مقابلة النصّ الصحيح الصريح.

فالقول بالجواز متعيّن،وفاقاً للطوسي و القاضي (3)و جماعة (4).

ص:388


1- الكافي 5:3/482،الوسائل 21:142 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 41 ح 1؛ بتفاوتٍ يسير.
2- المسالك 1:513،و سبطه في نهاية المرام 1:283.
3- الطوسي في النهاية:494،القاضي في المهذب 2:219.
4- منهم السبزواري في الكفاية:172،و صاحب الحدائق 24:246،و مال إليه في نهاية المرام 1:283.

فقول المصنّف: أشبهه المنع في حيّز المنع و إن كان أشهر لابتنائه على ضعف الخبر،و لا وجه له كما مرّ،و لكن الاحتياط لا يترك على حال.

و مقتضى الأصل المتقدّم،كالاتّفاق المحكيّ،و اختصاص النصّ بجواز التمتّع في أيّامها بالمولى خاصّة:اختصاص الجواز به،و إجراء المنع في غيره من دون تردّد؛ لانتفاء مقتضيه،فلا وجه لإطلاق التردّد في جواز العقد عليها،حتى ما إذا كان العاقد غير المولى كما هو ظاهر العبارة،إلّا أن تُخصّ به.

يستحبّ لمن زوّج عبده أمته أن يعطيها شيئاً

و يستحبّ على الأشهر لمن زوّج عبده أمته أن يعطيها شيئاً من ماله أو مال العبد،ليكون بصورة المهر؛ جبراً لقلبها،و رفعاً لمنزلة العبد عندها.

و للصحيحين:عن الرجل كيف ينكح عبده أمته؟قال:«يجزئه أن يقول:قد أنكحتك فلانة،و يعطيها شيئاً من قبله أو من مولاه،و لا بُدّ من طعام أو درهم أو نحو ذلك» (1).

خلافاً للشيخين و الحلبي و القاضي و ابن حمزة،فأوجبوا الإعطاء (2)؛ عملاً بظاهر الأمر،و لئلاّ يلزم خلوّ النكاح عن المهر في العقد و الدخول

ص:389


1- الأول في:الفقيه 3:1354/284،الوسائل 21:146 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 43 ح 1.الثاني في:الكافي 5:1/479،التهذيب 7:1415/345،الوسائل 21:146 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 43 ح 2؛ بتفاوت يسير.
2- المفيد في المقنعة:507،الطوسي في النهاية:478،الحلبي في الكافي:297،القاضي في المهذب 2:218،ابن حمزة في الوسيلة:306.

معاً.

و ضُعّف بأنّ المهر يستحقّه المولى؛ إذ هو عوض البضع المملوك له، و لا يُعقل استحقاقه شيئاً على نفسه و إن كان الدفع من العبد على ما تضمّنته الرواية؛ لأنّ ما بيده ملك للمولى (1).

و يمكن تطرّق القدح إليه أولاً:بابتنائه على كون ذلك مهراً،و من المحتمل بل الظاهر المعترف به جماعة (2)،و منهم المضعّف كونه عطيّة محضة مندوباً إليها؛ جبراً لقلب الأمة،و رفعاً للعبد عندها منزلةً،فيكون الأمر به تعبّداً محضاً يلزم المصير إليه بعد ورود النصّ المعتبر به جدّاً.

و ثانياً:بابتنائه على عدم مالكيّة المملوك،و هو محلّ كلام،و إن كان أقوى.

و ثالثاً:بكونه اجتهاداً صرفاً في مقابلة النصّ،فتأمّل.

و كيف كان،فلا ريب أنّه أحوط.

ثم المستفاد من النصّ أنّه يكفي في تزويج عبده لأمته مجرّد اللفظ الدالّ على الإذن فيه،و لا يشترط قبول العبد و لا المولى لفظاً.

و لا يقدح تسميته فيه كغيره نكاحاً،و هو يتوقّف على العقد.

و إيجابُه إعطاءَ شيء و هو ينافي الإباحة،كالصحيح الصريح في منع تحليل السيّد لعبده أمته (3).

لأنّ قوله:«يجزئه» ظاهر في الاكتفاء بالإيجاب،و أظهر منه الصحيح

ص:390


1- الروضة 5:317.
2- منهم الفاضل المقداد في التنقيح 3:146،و المجلسي في ملاذ الأخيار 12:209،و صاحب الحدائق 24:239.
3- التهذيب 7:1062/243،الإستبصار 3:495/137،الوسائل 21:130 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 33 ح 2.

عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [1] (1)قال:«هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته،فيقول له:اعتزل امرأتك و لا تقربها،ثم يحبسها عنه حتى تحيض،ثم يمسّها،فإذا حاضت بعد مسّه إيّاها ردّها عليه بغير نكاح» (2).

و نحوه الموثّق:في المملوك يكون لمولاه أو مولاته أمة،فيريد أن يجمع بينهما،أ ينكحه نكاحاً أو يجزئه أن يقول:قد أنكحتك فلاناً و يعطي من قبله شيئا[أ]و من قبل العبد؟قال:«نعم،و لو مدّ،و قد رأيته يعطي الدراهم» (3).

و الإعطاء إمّا على التعبّد أو الاستحباب.

هذا،مضافاً إلى أنّ رفعه بيد المولى،و النكاح الحقيقي ليس كذلك؛ إذ رفعه بيد الزوج.

و أنّ العبد ليس له أهليّة الملك،فلا وجه لقبوله،و المولى بيده الإيجاب،و الجهتان (4)ملكه،فلا ثمرة لتعليقه ملكاً بملك،نعم،يعتبر رضاه بالفعل،و هو يحصل بالإباحة الحاصلة بالإيجاب المدلول عليه بالرواية.

و الصحيح محمول على التقيّة،كما يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.

لكن الاحتياط بل اللازم عدم العدول في الإيجاب عمّا في النصّ

ص:391


1- النساء:24.
2- الكافي 5:2/481،التهذيب 7:1417/346،الوسائل 21:149 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 45 ح 1.
3- الكافي 5:2/480،التهذيب 7:1416/346،الوسائل 21:146 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 43 ح 3،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
4- أي الإيجاب و القبول.منه رحمه اللّه.

من لفظ«أنكحتك» وفاقاً للعلّامة (1)،و خلافاً للحلبي،فاكتفى بكلّ ما يدلّ على الإباحة (2).

و قيل:يعتبر القبول من العبد؛ إمّا لأنّه عقد،أو لأنّ الإباحة منحصرة في العقد أو التمليك،و كلاهما يتوقّف على القبول (3).

و ربما قيل:يعتبر قبول المولى؛ لأنّه الوليّ،كما يعتبر منه الإيجاب (4).

و اعتبارهما أولى و أحوط؛ لاشتهار كون ذلك عقداً بين أصحابنا، و اعتضدته الأُصول المرعيّة في الفروج و إن خالفتها ظواهر النصوص السابقة.

و لو مات المولى كان للورثة الخيار في الإجازة و الفسخ

و لو مات المولى المزوِّج أحدهما من الآخر كان للورثة الخيار في الإجازة و الفسخ لانتقالهما إليهم،فيكون أمرهما بيدهم كالمورِّث، و لثبوت ذلك لكلّ من يتلقّى الملك و إن لم يكن وارثاً،فالوارث أولى.

و لا خيار للأمة و لا للعبد قطعاً؛ لفقد المقتضي،مع أنّه لا خلاف فيه كالسابق.

و في الصحيح:في رجل زوّج أُمّ ولد له عبداً له،ثم مات السيّد، قال:«لا خيار لها على العبد،هي مملوكة للورثة» (5).

الطوارئ ثلاثة
اشارة

ثم الكلام في الطوارئ و مفسدات نكاح المماليك،و هي

ص:392


1- لم نعثر عليه.
2- السرائر 2:600.
3- قال به فخر المحققين في الإيضاح 3:146.
4- انظر النهاية و نكتها 2:346.
5- التهذيب 8:728/206،الوسائل 21:192 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 72 ح 1؛ بتفاوت يسير.

ثلاثة:العتق،و البيع،و الطلاق:

العتق

أمّا العتق:فإذا أُعتقت الأمة التي قد زوّجها مولاها قبل العتق كملاً تخيّرت في فسخ نكاحها مطلقاً كان العتق قبل الدخول أم بعده إذا كانت تحت عبد،إجماعاً من المسلمين كما حكاه جماعة (1)، و النصوص به من الطرفين مستفيضة:

منها الصحيح:عن المملوكة تكون تحت العبد ثم تُعتَق،فقال:

«تخيّر،فإن شاءت قامت على زوجها،و إن شاءت فارقته» (2).

و كذا لها الفسخ إن كان زوجها حرّا على الأظهر الأشهر، سيّما إذا كانت مكرهة و استمرّ.

لإطلاق الخبر بل الصحيح كما اشتهر-:«أيّما امرأة أُعتقت فأمرها بيدها،إن شاءت أقامت معه،و إن شاءت فارقته» (3).

و خصوص المعتبرة،منها المرسل كالموثّق:في رجل حرّ نكح أمة مملوكة،ثم اعتقت قبل أن يطلّقها،قال:«هي أملك ببضعها» (4).

و في معناه خبران آخران (5)قصور سندهما كالأول إن كان منجبر

ص:393


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:513،و انظر جامع المقاصد 13:101،و نهاية المرام 1:284.
2- الفقيه 3:1686/352،التهذيب 7:1402/343،الوسائل 21:163 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 52 ح 7.
3- التهذيب 7:1394/341،الوسائل 21:163 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 52 ح 8.
4- التهذيب 7:1399/342،الوسائل 21:164 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 52 ح 11.
5- الأول في:التهذيب 7:1400/342،الوسائل 21:164 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 52 ح 12.الثاني في:التهذيب 7:1401/342،الوسائل 21:164 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 52 ح 13.

بعمل الأعيان،مع عدم معارض لها في المقام،عدا الأصل،الذي يجب الخروج عنه بهذه الأخبار في المضمار.

فما في الشرائع و عن المبسوط و الخلاف من نفي الخيار (1)ضعيف جدّاً.

و ظاهر إطلاق الأخبار كأصالة بقاء الخيار عدم الفوريّة،إلّا أنّها متّفق عليها بين الجماعة كما حكاه طائفة (2)؛ و هو الحجّة فيه إن تمّ، لا ما قيل من الاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن (3)،كيف؟!و فوريّة الخيار على خلاف الأصل،و أصالة بقاء الزوجيّة و لزوم المناكحة بالعتق منقطعة،فينعكس الأصل و يصير مقتضياً لبقاء الخيار و عدم الفوريّة.

و ربما استُدِلّ (4)عليها ببعض الروايات العاميّة (5)،من حيث اشتمالها على تعليق الخيار على العتق بالفاء المفيدة للتعقيب بلا مهلة.

و المناقشة فيه مع ضعفه واضحة،لكن لا خروج عمّا عليه الأصحاب.

ص:394


1- الشرائع 2:311،المبسوط 4:258،الخلاف 4:354،و قد حكاه عنهما في التنقيح 3:147.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:286،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:62،و صاحب الحدائق 24:250.
3- قال به الشهيد الثاني في المسالك 1:513،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:286.
4- التنقيح الرائع 3:149،جامع المقاصد 13:102.
5- سنن البيهقي 7:221،222.

و لو أخّرت الفسخ لجهلها بالعتق أو الخيار،فالظاهر عدم سقوطه كما قطع به الأصحاب؛ للأصل.

و في الجهل بالفوريّة وجهان،و لعلّ الأقرب عدم السقوط؛ لما مرّ.

و كذا لو نسيت أحدها.

و الظاهر أنّه يُقبَل دعواها الجهل أو النسيان مع اليمين بشرط الإمكان في حقّها؛ لأنّ ذلك لا يعرف إلّا من قبلها،و أصالة الجهل مستصحبة جدّاً، فتأمّل.

و لو أُعتق بعض الأمة فلا خيار؛ لتعلّق الحكم في النصّ بحكم التبادر على كمال العتق،فيقتصر فيما خالف الأصل على مورده.

و لو كانت صغيرة أو مجنونة ثبت لها الخيار عند الكمال،و ليس للمولى هنا تولّي الاختيار.و للزوج الوطء قبله؛ لبقاء الزوجيّة ما لم تفسخ،و كذا القول قبل اختيارها و هي كاملة،حيث لا ينافي الفوريّة، كما لو لم تعلم بالعتق.

و استثنى جماعة (1)تبعاً للعلّامة (2)صورة واحدة،و هي ما إذا كانت لشخص جارية قيمتها ثلث ماله،و هو يملك ثلثاً آخر،فزوّجها بثلث آخر، ثم أعتقها في مرض الموت قبل الدخول،فإنّه حينئذٍ لا يثبت لها خيار؛ لأنّ الفسخ من جانب الزوجة قبل الدخول مسقط للمهر،فإذا سقط انحصرت التركة فيها و في الثلث الآخر،فلم ينفذ العتق في جميعها،بل يبطل فيما زاد على ثلث التركة،و حينئذٍ يبطل خيارها؛ لأنّ الخيار إنّما هو مع عتقها كملاً

ص:395


1- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:514،و استحسنه في نهاية المرام 1:287 و الكفاية:173.
2- القواعد 2:28.

كما مضى،فيكون ثبوته مؤدّياً إلى عدم ثبوته،و هو دور،فتعيّن الحكم بانتفاء الخيار حينئذ.

و هو حسن إن أوصى بالعتق أو نجّزه و قلنا إنّ المنجّزات كالوصايا تحسب من الثلث،كما هو الأشهر.

و ما ربما يستفاد من ظاهر العلّامة من اشتراط وقوع التزويج في المرض كالعتق في الاستثناء غير ظاهر الوجه أصلاً كما لا يخفى،و بعدم الفرق بينه و بين الوقوع في الصحّة صرّح جماعة من أصحابنا (1).

و لا خيرة للعبد إذا أُعتق للأصل،و اختصاص النصّ المثبت لها بالأمة المعتقة،دون العكس.

و قياسه على الأول مع فساده عندنا غير صحيح هنا؛ لثبوت الفارق بثبوت تخلّص العبد بالطلاق،دون الأمة،فليس لها دفع الضرر و التخلّص منه إلّا بالفسخ و الفراق،فتأمّل.

فالقول المحكيّ عن الإسكافي بثبوت الخيار له مطلقاً قياساً على الأمة (2)ضعيف جدّاً،كضعف المحكيّ عن ابن حمزة من الموافقة له في صورة وقوع التزويج من العبد على الكراهة (3)،و ربما أشعر باختياره عبارة العلّامة (4)،و لعلّه لا يخلو عن قوّة بشرط استمرار الكراهة إلى حال الاختيار،و لعلّه مراد ابن حمزة و العلّامة.

و كذا لا خيار لزوجته مطلقاً و إن كانت حرّة لما

ص:396


1- كالمحقّق و الشهيد الثانيين في جامع المقاصد 13:103 و المسالك 1:514،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:63.
2- حكاه عنه في المختلف:569.
3- الوسيلة:305 306.
4- المختلف:569.

مضى.

و للصحيح:قلت:فللحرّة الخيار عليه إذا أُعتق؟قال:«[لا]قد رضيت به و هو مملوك،فهو على نكاحه الأول» (1).

و لأنّها قد رضيته عبداً فبأن ترضاه حرّا أولى،و به وقع التصريح في بعض أخبارنا:في رجل زوّج أُمّ ولد له من عبد،فأُعتق العبد بعد ما دخل بها،يكون لها الخيار؟قال:«لا،قد تزوّجته عبداً و رضيت به،فهو حين صار حرّا أحقّ أن ترضى به» (2).

و كما تتخيّر الأمة بعتقها فيما مضى كذا تتخيّر الأمة لو كانا أي هي و زوجها- لمالك واحد أو مالكين مطلقاً بالتشريك كان أم لا- فأُعتقا معاً،مقارناً كان عتقهما أم لا،بشرط عدم ما ينافي الفوريّة قطعاً، أو أُعتقت هي خاصّة دونه،بلا خلاف فيهما.

مضافاً إلى الصحيح في الثاني:عن الرجل ينكح عبده أمته ثم أعتقها، تخيّر فيه أم لا؟قال:«نعم،تخيّر فيه إذا أُعتقت» (3)و ما مضى من الإطلاقات أو العموم فيهما.

و لا ريب في الحكم في الأول (4)مطلقاً على المختار.و الصحيح الدالّ بانقطاع نكاح المملوكين لمعتقهما بالعتق (5)،شاذٌّ نادر.

ص:397


1- الكافي 5:1/487،التهذيب 8:726/206،الوسائل 21:165 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 54 ح 1؛ و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- التهذيب 7:1405/343،الوسائل 21:166 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 54 ح 2.
3- الكافي 5:3/486،التهذيب 7:1404/343،الوسائل 21:161 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 52 ح 1.
4- و هو صورة عتقهما معاً.منه رحمه اللّه.
5- و قد تقدمت مصادره في الهامش(1)أعلاه.

و يشكل على القول باختصاص الخيرة لها بصورة ما إذا كانت تحت عبد لا مطلقاً،فيما إذا أُعتقا معاً متقارنين أو أُعتق العبد أولاً؛ لاستلزام ثبوت الخيار لها هنا ثبوته للأمة و هي تحت حرّ،و هو خلاف ما مضى،فالجمع بين الحكمين ثمّة و هنا كما فعله الماتن في الشرائع،و حكي عن الفاضل في التحرير (1)غريب جدّاً.

و اعلم أنّه من الأُصول المسلّمة:أنّه لا يجوز تزويج الرجل بأمته بمهر مطلقاً،إلّا في صورة واحدة،و هي أن يتزوّجها،و يجعل العتق منه لمجموعها صداقها فيقول:قد تزوّجتك و أعتقتك،و جعلت مهرك عتقك.

و المستند في الاستثناء:إجماع أصحابنا،و به استفاض أخبارنا (2)،بل ربما ادُّعي تواترها (3)؛ و بهما يظهر الجواب عمّا قيل:إنّه كيف يتزوّج جاريته،و كيف يتحقّق الإيجاب و القبول و هي مملوكة (4)؟! و ما قيل من أنّ المهر يجب أن يكون متحقّقاً قبل العقد،و ليس كذلك مع تقديم التزويج كما هو المشهور،و أنّه يلوح منه الدور،فإنّ العقد لا يتحقّق إلّا بالمهر الذي هو العتق،و العتق لا يتحقّق إلّا بعد العقد (5).

مندفع بمنع اعتبار تقديمه،بل يكفي مقارنته للعقد،و هو هنا كذلك؛ و بمنع توقّف العقد على المهر و إن استلزمه،و إذا جاز العقد على الأمة و هي صالحة لأنّ تكون مهراً لغيرها جاز جعلها أو فكّ ملكها مهراً

ص:398


1- الشرائع 2:311،التحرير 2:24.
2- الوسائل 21:96 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 11.
3- جامع المقاصد 13:118.
4- النهاية و نكتها 2:393.
5- النهاية و نكتها 2:393.

لنفسها؛ مع أنّ ذلك كلّه في مقابلة النصّ الصحيح،فلا يسمع،و حيث اختصّ بنا أنكره مخالفونا،و جعلوه من خصائص نبيّنا سلام اللّه عليه.

و يشترط في صحة هذا التزويج على الأشهر تقديم لفظ التزويج في العقد على العتق كما عبرنا في المثال.

لئلّا تعتق،فلا تصلح لجعل عتقها مهراً.

و لأنّها بالعتق لو قُدّم تملك أمرها،فلا يصحّ تزويجها بدون رضاها.

و للخبرين،أحدهما الصحيح:عن رجل قال لأمته:أعتقتك و جعلت مهرك عتقك،فقال:«عتقت و هي بالخيار،إن شاءت تزوّجته،و إن شاءت فلا،فإن تزوّجته فليعطها شيئاً،فإن قال:قد تزوّجتك و جعلت مهرك عتقك،فإنّ النكاح واقع بينهما و لا يعطيها شيئاً» (1)،و هو مرويّ في قرب الإسناد كذلك،إلّا أنّه بدل.النكاح واقع:«كان النكاح واجباً» (2).

و في الجميع نظر،أمّا فيما عدا الخبر فبعدم لزوم العتق و مالكيّة الأمر إلّا بعد انقضاء تمام الصيغة المشتملة على الأمرين،و بعده كما يلزم العتق و مالكيّة الأمر كذا يلزم الموجب لهما و هو النكاح؛ لمساواتهما في الاندراج تحت الصيغة التي يترتّب على تمامها لزوم الأول.

و أمّا فيه فلاحتمال استناد المنع فيه إلى عدم التصريح بلفظ التزويج المعتبر التصريح به عند الكلّ كما قيل (3)لا تقديم العتق،و هو غير المتنازع؛ مع معارضتهما لما سيأتي من الأخبار.

ص:399


1- التهذيب 8:709/201،710،الإستبصار 3:759/210،760،الوسائل 21:98،99 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 12 ح 1،2.
2- قرب الإسناد:993/251.
3- انظر روضة المتقين 8:246 و الوسائل 21:99.

و قيل: هو الشيخان (1)- يشترط تقديم العتق على التزويج، فيقول:أعتقتك و تزوّجتك و جعلت صداقك عتقك؛ استناداً إلى بطلان تزويج المولى بأمته.

و يضعّف بما مرّ في الجواب عمّا عدا الخبر في القول الأشهر،و بأنّه يستلزم عدم جواز جعل العتق مهراً؛ لأنّه لو حكم بوقوعه بأول الصيغة امتنع اعتباره في التزويج المتأخّر؛ مع أنّ ذيل الصحيحة المتقدّم صريح في الجواز.

فإذاً الأظهر جواز الأمرين وفاقاً لأكثر المتأخّرين؛ أمّا البدأة بالتزويج فللصحيح المتقدّم؛ و أمّا العكس فللعمومات،و ظواهر المعتبرة المستفيضة، منها الحسن:«إذا قال الرجل لأمته:أعتقتك و أتزوجك و جُعِل صداقك عتقك،فهو جائز» (2)و نحوه الحسن الآخر (3)و الموثّق (4)و الخبر (5).

و لو احتيط بالأشهر كان أجود؛ لقوّة الشبهة فيه؛ لاعتضاد خلاف الاحتمال المتقدّم في الصحيح المبنيّ عليه الاستدلال للمشهور بفهمهم، و إن لم يكن له في نفسه ظهور،إلّا بمعونة المفهوم في الذيل،المضعَّف اعتباره فيه باحتمال تعلّقه بخصوص التزويج؛ بناءً على الاحتمال المتقدّم،

ص:400


1- المفيد في المقنعة:549،الطوسي في الخلاف 4:268.
2- الكافي 5:3/476،الوسائل 21:96 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 11 ح 1؛ بتفاوت يسير.
3- الكافي 5:1/475،الوسائل 21:97 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 11 ح 3.
4- التهذيب 8:707/201،الإستبصار 3:757/209،الوسائل 21:97 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 11 ح 6.
5- الكافي 5:2/476،التهذيب 8:715/202،الإستبصار 3:764/211،الوسائل 21:97 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 11 ح 4.

الموجب لظهور السياق منطوقاً و مفهوماً في الحكم لخصوص التزويج نفياً و إثباتاً.

و في وجوب قبول الأمة بعد تمام الصيغة أم العدم،قولان،ناشئان من اشتمال الصيغة على عقد النكاح المركّب شرعاً من الإيجاب و القبول، و لا يمنع منه كونها حال الصيغة رقيقة؛ لأنّها بمنزلة الحرّة حيث تصير حرّة بتمامه،فرقّيّتها غير مستقرّة،و لو لا ذلك امتنع تزويجها.

و من أنّ مستند شرعيّة هذه الصيغة هو النقل المستفيض عنهم عليهم السلام، و ليس في شيء منه ما يدلّ على اعتبار القبول،و لو وقع لنُقِل؛ لأنّه ممّا يعمّ به البلوى.و أنّ حِلَّ الوطء مملوك له،فهو بمنزلة التزويج،فإذا أعتقها على هذا الوجه كان في معنى استثناء بقاء الحلّ من مقتضيات العتق.و أنّ القبول إنّما يعتبر من الزوج لا من المرأة،و إنّما وظيفتها الإيجاب و لم يقع منها.

و هذا أشهر و أقوى،لا لما ذكر لتطرّق الوهن إلى جملتها،كتطرّقه إلى الوجه للقول الذي مضى بل لما مضى من الصحيح الصريح في نفي مشيّتها و اختيارها عن الزوجيّة (1)،و لزومها بما ذكر في ذيلها من الصيغة، سيّما على النسخة الأخيرة.و لو شرط القبول في الصحّة لانتفت بانتفائه، فلم يكن النكاح بمجرّد تلك الصيغة واجباً و لازماً،و هو خلاف نصّه.

نعم،الأحوط ذلك؛ لأصالة بقاء أحكام الأمتية،و عدم ترتّب أحكام الزوجيّة،و ظاهر الموثّقة:عن رجل له[زوجة و]سريّة،يبدو له أن يعتق سريّته و يتزوّجها،قال:«إن شاء شرط عليها أنّ عتقها صداقها،فإنّ ذلك

ص:401


1- راجع ص 396.

حلال،أو يشترط عليها إن شاء قسم لها،و إن شاء لم يقسم،و إن شاء فضّل الحرّة،فإن رضيت بذلك فلا بأس» (1)فتأمّل.

ثم إنّ ظاهر إطلاق أكثر النصوص و الفتاوي الاكتفاء في العتق الممهورة به بذكره في الصيغة بغير لفظ الإعتاق،كقوله:جعلت عتقك صداقك؛ و ربما استدلّ له بالصحيح (2).فإن قال:قد تزوّجتك و جعلت مهرك هذا الثوب،فإنّها تملكه بتمام العقد،من غير احتياج إلى صيغة تمليك،فكذا إذا جعل مهراً،فإنّها تملك نفسها،و لا حاجة للعتق إلى صيغة أُخرى.و قولهم:تملك نفسها،مجاز،من حيث حصول غاية الملك،فلا يرد عليه:أنّ الملك إضافة فلا بُدَّ فيها من تغاير المضافين بالذات.

خلافاً للمحكيّ عن ظاهر المفيد و الحلبي،فاعتبرا لفظ الإعتاق و نحوه من الألفاظ الصريحة في العتق (3)؛ لعدم وقوعه إلّا بها.و هو أحوط.

و ربما كان فيما قدّمناه من المعتبرة لتجويز تقديم لفظ العتق على التزويج (4)عليه دلالة؛ إذ مفهوم ما مضى من الحسن اشتراط ذكر لفظ الإعتاق في جواز الصيغة و نفوذ حكمها،مضافاً إلى ظهور كثير من أخبار الباب فيه.

ففي الموثّق:«أيّما رجل شاء أن يعتق جاريته و يتزوّجها و يجعل

ص:402


1- الكافي 5:5/476،الوسائل 21:101 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 14 ح 1؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.
2- المتقدم في ص 396.
3- حكاه عنهما في التنقيح 3:151،و جامع المقاصد 13:121.
4- راجع ص 397 398.

صداقها عتقها فعل» (1).

و في الخبر:«إن شاء الرجل أعتق وليدته و جعل عتقها مهرها» (2).

و بهذه الظواهر مضافاً إلى الأصل يقيّد إطلاق ما مرّ من النصوص، مع احتمال الاتّكال فيها و الحوالة إلى الظهور،و هو أحوط لو لم يكن أقوى.

و حيث كان الحكم في هذه الصورة مخالفاً للأُصول المقرّرة،وجب الاقتصار فيها على القدر المتيقّن و المتبادر من النصوص الواردة فيها،و ليس إلّا عتق الجميع،فالتعدّي إلى عتق البعض للإطلاق ضعيف جدّاً.

و أُمّ الولد للمولى رقّ إجماعاً؛ للأصل،و انتفاء ما يوجب العتق عليه أو على الولد و لكن إن كان ولدها باقياً تشبّثت بذيل الحرّية في الجملة.

و لو مات الولد في حياة أبيه جاز بيعها لعودها إلى الرقّية المحضة.

و تنعتق بموت المولى من نصيب ولدها :من نفسها إن وفى بها، أو منها و من غيرها من التركة إن كان مع عدم الوفاء؛ لانعتاق المملوك له منها عليه كلّاً أو بعضها؛ لعموم ما دلّ على انعتاق الوالدين على الولد إذا ملكهما (3).و أمّا انعتاق المتخلّف الزائد عن نصيبه منها من نصيبه من

ص:403


1- التهذيب 8:706/201،الإستبصار 3:756/209،الوسائل 21:97 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 11 ح 5.
2- التهذيب 8:708/201،الوسائل 21:98 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 11 ح 7؛ بتفاوت يسير.
3- الوسائل 23:18 أبواب العتق ب 7.

التركة فلعموم النصوص بانعتاقها من نصيب ولدها (1)،الشامل لنصيبه منها و من أصل التركة.

و لو عجز النصيب له منها و من أصل التركة عن فكّها كملاً سعت هي خاصّة في الأشهر في فكّ المتخلّف منها.

و لا يلزم الولد شراؤه و فكّه من ماله من غير التركة،خلافاً للمبسوط،فأوجبه (2).

و لا السعي في فكّه مع عدم المال على الأشبه الأشهر هنا و في السابق،خلافاً لابن حمزة هنا،فأوجب السعي (3).

و مستندهما غير واضح كما صرّح به جماعة (4)،مع مخالفتهما للأصل،و لظواهر النصوص الحاكمة بانعتاقها عليه من نصيبه،المشعرة باختصاص ذلك بالنصيب،و إلّا لعبّر بانعتاقها عليه من ماله،فتدبّر.

مضافاً إلى صريح الخبر:«و إن كانت بين شركاء فقد عُتِقت من نصيب ولدها،و تستسعى في بقيّة ثمنها» (5).

نعم،ذكر ابن المفلح بعد نسبة الأخير إليهما-:الرواية يونس بن يعقوب (6).و لم أقف عليها،و لا على ما يحتمل الدلالة عليه،سوى الخبر

ص:404


1- انظر الوسائل 23:175 أبواب الاستيلاد ب 6.
2- المبسوط 6:185.
3- الوسيلة:343.
4- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:293،و السبزواري في الكفاية:173،و صاحب الحدائق 24:269.
5- الكافي 6:6/193،التهذيب 8:863/239،الوسائل 23:173 أبواب الاستيلاد ب 5 ح 3.
6- و كذا قد استدل بها السيوري في تنقيح الرائع 3:155،و الظاهر أنّ المراد منها ما ذكره الصدوق في الفقيه 3:28/261،و الشيخ في التهذيب 7:1939/482،و لا يخلو عن وجه.

المشار إليه؛ بناءً على احتمال تبديل التاء الاُولى في:«تستسعى» بالياء، لكنّه مضبوط كما ذكرنا من دون تبديل.

و تمام الكلام يأتي في بحث الاستيلاد إن شاء اللّه تعالى؛ و إنّما ذكر ذلك هنا ليتفرّع عليه بعض ما سيجيء (1)،فإنّه من مسائل النكاح.

و تباع مع وجود الولد في ثَمن رقبتها إذا لم يكن غيرها بلا خلاف عندنا مع وفاة المولى،بل مطلقاً على الأظهر الأشهر بين أصحابنا.

لإطلاق الخبر:عن أُمّ الولد تباع في الدين؟قال:«نعم في ثَمن رقبتها» (2)و قصور السند بالشهرة انجبر.

و للصحيح:«أيّما رجل اشترى جارية،فأولدها،ثم لم يؤدّ ثمنها، و لم يدع من المال ما يؤدّى عنه،أُخذ ولدها منها و بيعت و أُدّي ثمنها» قلت:فيُبَعن فيما سوى ذلك من دين؟قال:

«لا» (3).و في شموله لحياة المولى إشكال؛ لظهور قوله فيه:«و لم يدع من المال ما يؤدّى عنه» في البيع بعد الموت،فلا يتمّ الاستدلال به على الجواز مطلقاً،و لذا قيل:إنّ القول بالمنع هنا لا يخلو عن قوّة و إن كان في غاية الندرة (4).

و ربما يمكن أن يوجّه بمنع انحصار وجه البيع و الأداء عنه في

ص:405


1- من قوله:و لو اشترى الأمة نسيئة،إلى آخره.منه رحمه اللّه.
2- الكافي 6:2/192،التهذيب 8:859/238،الوسائل 18:278 أبواب بيع الحيوان ب 24 ح 2.
3- الكافي 6:5/193،التهذيب 8:862/238،الوسائل 18:278 أبواب بيع الحيوان ب 24 ح 1.
4- نهاية المرام 1:294.

الموت؛ إذ غايته الدلالة على عدم مباشرته لهما،و السبب فيه أعمّ منه، فلعلّه الغيبة أو الممانعة و الليّ عن أداء المال بالمرّة،فيتولّاهما (1)حاكم الشرع البتّة؛ و ربما يؤيّد العموم سؤال الراوي عمّا سوى الثمن من الديون، و لم يسأل عنه في حال حياة السيّد و أنّه هل تباع فيها كحال الموت أم لا،و هو مشعر بفهمه العموم من الكلام،بحيث يشمل حال الموت و الحياة، فتأمّل.

و يأتي تمام التحقيق فيه في بحثه بعون اللّه و توفيقه.

و لو اشترى الأمة نسيئة،فأعتقها و تزوجها،و جعل عتقها مهرها، فحملت،ثم مات و لم يترك ما يقوم بثمنها،فالأشبه الأشهر سيّما بين المتأخّرين أنّ العتق لا يبطل و كذا التزويج؛ لوقوعهما من أهلهما في محلّهما.

و لا يرقّ الولد لنشوئه بين حرّين،فيتبعهما إجماعاً.

و قيل: هو الإسكافي و الطوسي و القاضي (2)-: تباع في ثمنها، و يكون حملها كهيئتها في الرقيّة.

لرواية هشام بن سالم الصحيحة،المرويّة في الكافي و موضع من التهذيب عنه عن مولانا الصادق عليه السلام (3)،و في موضع آخر منه عنه،عن أبي بصير عنه عليه السلام (4)،فهي مضطربة عند مشهور الطائفة،و فيها:عن رجل

ص:406


1- أي البيع و الأداء.منه رحمه اللّه.
2- حكاه عن الإسكافي في التنقيح 3:156،الطوسي في النهاية:498،القاضي في المهذب 2:248.
3- الكافي 6:1/193،التهذيب 8:838/231،الوسائل 23:50 أبواب العتق ب 25 ح 1.
4- التهذيب 8:714/202،الوسائل 21:191 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 71 ح 1.

باع جارية بكراً إلى سنة،فلمّا قبضها المشتري أعتقها من الغد،و تزوّجها، و جعل مهرها عتقها،ثم مات بعد ذلك بشهر،فقال عليه السلام:«إن كان للّذي اشتراها إلى سنة مال،أو عقدة (1)تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها،كان عتقها و نكاحها جائزاً،و إن لم يملك ما يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها كان عتقه و نكاحه باطلاً؛ لأنّه أعتق ما لا يملك،و أرى أنّها رقّ لمولاها الأول» قيل له:فإن كان علقت من الذي أعتقها و تزوّجها، ما حال الذي في بطنها؟قال:«الذي في بطنها مع أُمّه كهيئتها» .و هي و إن صحّت سندها إلّا أنّ باضطرابها و مخالفتها الأُصول القطعيّة المجمع عليها،المعتضدة بالشهرة هنا لا يجسر في تخصيصها بها،و قد ورد في رواياتنا:أنّهم عليهم السلام أمرونا بعرض ما يرد علينا من أخبارهم بسائر أحكامهم،ثم قبول ما وافقها و طرح ما خالفها (2)،و الأمر هنا كذلك جدّاً، و لذا تفادياً من طرحها تأوّلها جماعة من أصحابنا (3)بتأويلات بعيدة جمعاً بينها و بين الأُصول المرعيّة لكن لا يلائم شيء منها الرواية،و لذا أنّ المصنّف تبعاً للحلّي (4)أطرحها رأساً،و تبعهما جماعة (5).

البيع

و أمّا البيع:فإذا بيعت الأمة ذات البعل حرّا كان أو عبداً،كانا لمالك أو مالكين،بالتشريك بينهما أو الانفراد تخيّر المشتري واحداً

ص:407


1- العقدة بالضم الضيعة و العقار.القاموس المحيط 1:327.
2- الوسائل 27:106 أبواب صفات القاضي ب 9.
3- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:515،و السبزواري في الكفاية:173،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:64.
4- السرائر 2:639،و 3:14.
5- منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز 2:169،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:297.

كان أم متعدّداً في الإجازة إجازة النكاح السابق و الفسخ مطلقاً كان البيع قبل الدخول أم بعده إجماعاً،حكاه جماعة (1)،و للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة:

منها الصحيح:عن رجل يزوّج أمته من رجل حرّ أو عبد لقوم آخرين،إله أن ينزعها منه؟قال:«لا،إلّا أن يبيعها،فإن باعها فشاء الذي اشتراها أن يفرّق بينهما فرّق بينهما» (2).

تخيّراً على الفور بلا خلاف في الظاهر،و ظاهرهم الإجماع عليه؛ للخبر:«إذا بيعت الأمة و لها زوج،فالذي اشتراها بالخيار،فإن شاء فرّق بينهما،و إن شاء تركها معه،فإن هو تركها معه فليس له أن يفرّق بينهما بعد التراضي» (3)،فتأمّل.

و يؤيّده ما مرّ مراراً من النصوص في:أنّ سكوت الموالي بعد بلوغ تزويج العبد إليهم إجازة له (4)،فافهم.

إلّا مع الجهل بالخيار،فله ذلك بعد العلم على الفور بلا خلاف؛ للأصل،و عدم تبادر مثله من النصّ.

و في إلحاق الجهل بالفوريّة به،وجهان و قولان،مقتضى الأصل (5):

الأول،و إطلاق النصّ مع ما قيل من لزوم الاقتصار فيما خالف الأصل

ص:408


1- منهم المحقّق الثاني في جامع المقاصد 13:140،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:297،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:65.
2- التهذيب 7:1388/339،الإستبصار 3:745/206،الوسائل 21:181 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 64 ح 5.
3- الفقيه 3:1682/351،الوسائل 21:156 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 48 ح 1.
4- راجع ص 104.
5- أي أصالة بقاء الخيار.منه رحمه اللّه.

على المتيقّن (1)-:الثاني،إلّا أنّ ثاني الوجهين له مضى ما فيه من أنّ الأصل الذي قدّمناه أخصّ منه.نعم،التمسّك بإطلاق النصّ حسن إن حصل الجابر له هنا،فتأمّل جدّاً.

و كذا لو بيع العبد و تحته أمة فللمشتري الخيار في فسخ النكاح و إبقائه،بلا خلاف كما حكي (2)؛ للصحيح:«طلاق الأمة بيعها أو بيع زوجها» (3).

و اختلفوا في ثبوت الحكم كذا لك لو كانت تحته حرّة، فالحلّي (4)و جماعة (5)إلى العدم؛ للأصل،و اختصاص المثبت للحكم بغير محلّ الفرض،مع حرمة القياس.

و قيل كما عن الطوسي و القاضي و ابن حمزة و العلّامة (6)،بل حكى الشهرة عليه جماعة (7)بثبوت الحكم كذلك لو كان تحته حرّة؛ لرواية فيها ضعف منجبر بالشهرة:«إذا تزوّج المملوك حرّة فللمولى أن يفرّق بينهما،فإن زوّجه المولى حرّة فله أن يفرّق بينهما» (8)،و ليس

ص:409


1- قال به السبزواري في الكفاية:174،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:65.
2- حكاه في الكفاية:174،و الحدائق 24:277.
3- الكافي 5:4/483،التهذيب 7:1382/337،الإستبصار 3:752/208،الوسائل 21:154 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 47 ح 1.
4- السرائر 2:598.
5- كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع 3:161،و الشهيد الثاني في المسالك 1:517،و سبطه في نهاية المرام 1:300.
6- حكاه عنهم في الإيضاح 3:160،و هو في النهاية:477،و المهذّب 2:219،و الوسيلة:306،و المختلف:567.
7- منهم ابن فهد الحلّي في المهذب البارع 3:349،و السبزواري في الكفاية:174،و صاحب الحدائق 24:278،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:65.
8- التهذيب 7:1387/339،الوسائل 21:181 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 64 ح 4.

التفريق بغير البيع إجماعاً،فانحصر في البيع.

و الأجود الاستدلال عليه بالتعليل في الخبرين:

في أحدهما المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده،فلا يضرّه اشتراك راويه-:عن رجل اشترى جارية يطؤها فبلغه أنّ لها زوجاً،قال:«يطؤها،إنّ بيعها طلاقها؛ و ذلك أنّهما لا يقدران على شيء من أمرهما إذا بيعا» (1).

و في الثاني:عن امرأة حرّة تكون تحت المملوك فتشتريه،هل يبطل نكاحه؟قال:«نعم؛ لأنّه عبد مملوك لا يقدر على شيء» (2).

مضافاً إلى إطلاق بعض الأخبار المنجبر قصور سنده بالاشتهار -:«و إن بيع العبد،فإن شاء مولاه الذي اشتراه أن يصنع مثل الذي صنع صاحب الجارية فذلك[له]،و إن سلّم فليس له أن يفرّق بينهما بعد ما سلّم» (3).

و يؤيّد الإطلاق و يقرّبه إلى المطلوب تشبيه مشتري العبد بمشتري الجارية،و أنّ له أن يصنع بنكاح العبد مطلقاً ما لمشتري الأمة مطلقاً أن يصنع بنكاحها ما شاء،و لا خلاف في ثبوت الحكم فيها لو كانت تحت حرّ،فينبغي إجراء الحكم هنا كذلك،و الاحتياط لا يترك.

ثم إنّ ظاهر الحكم بالخيار للمشتري في العبد و الأمة إذا كان الآخر رقّاً يقتضي اختصاص الخيار بالمشتري،فليس لمولى الآخر اعتراض مع

ص:410


1- الكافي 5:1/483،الوسائل 21:154 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 47 ح 2.
2- الكافي 5:4/485،التهذيب 8:724/205،الوسائل 21:158 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 49 ح 2.
3- الفقيه 3:1682/351،الوسائل 21:156 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 48 ح 1؛ و ما بين المعقوفين من المصدر.

إجازة المشتري،و هو أحد القولين في المسألة و أشهرهما و أظهرهما؛ للأصل،و انتفاء المخرج عنه؛ لاختصاصه بالمشتري،و الإلحاق قياس لا نقول به.

خلافاً للطوسي و القاضي و المختلف (1).و هو ضعيف.

و لو كانا أي المملوكان المزوّج أحدهما من الآخر- لمالك واحد فباعهما لاثنين بالتشريك أو الانفراد فلكلّ منهما الخيار بلا خلاف؛ للإطلاق.فإن اتّفقا على الإبقاء لزم،و لو فسخا أو أحدُهما انفسخ؛ و وجهه واضح.

و كذا لو باع المالك الواحد لهما أحدهما لم يثبت العقد ،بل متزلزل ما لم يرض بالنكاح كلّ واحد منهما أمّا المشتري فواضح؛ لإطلاق النصوص (2).

و أمّا البائع فعُلِّل (3)بإطلاقها بأنّ البيع طلاق؛ إذ معناه:ثبوت التسلّط على فسخ العقد المتناول لهما.

و باشتراكهما في المعنى المقتضي لجواز الفسخ فإنّ المشتري كما يتضرّر بتزويج مملوكه لغير مملوكه كذلك البائع،و حينئذٍ يتوقّف عقدهما على رضاء المتبايعين معاً.

و ربما يضعّف الأول بمنع كون البيع طلاقاً بالمعنى المتقدّم مطلقاً،بل ظاهر النصوص اختصاصه بالإضافة إلى المشتري،أ لا ترى إلى الحسن (4)

ص:411


1- الطوسي في النهاية:479،القاضي في المهذب 2:218،المختلف:568.
2- الوسائل 21:154 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 47.
3- انظر المسالك 1:517.
4- الكافي 5:3/483،التهذيب 8:700/199،الإستبصار 3:751/208،الوسائل 21:154 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 47 ح 4.

المفرّع قوله عليه السلام:«فإن شاء المشتري فرّق بينهما،و إن شاء تركهما على نكاحهما» على قوله:«من اشترى مملوكة لها زوج فإنّ بيعها طلاقها»؟! و الثاني:بأنّه استنباط من غير نصّ،و هو قياس لا نقول به.

و يمكن المناقشة في الأول:بأنّ التفريع لا يوجب التخصيص،فقد يكون أحد آثار المفرّع عليه،فافهم.

و الأجود الاستدلال على ذلك في مفروض (1)العبارة بأصالة بقاء الخيار للبائع؛ إذ هو قبل بيع أحدهما كان له فسخ نكاحهما من دون طلاق إجماعاً و نصّاً كما يأتي (2)فكذا بعده؛ للأصل،فعدم ثبوت الخيار يحتاج إلى دليل؛ لمخالفته الأصل هنا.

نعم،لو كان مالك الآخر الذي لم يُبَع غير البائع اتّجه القول بمنع الخيار؛ لمخالفته الأصل،فيحتاج ثبوته إلى دليل.

فظهر الفرق بين المقامين،و هو ظاهر المتن و حكي عن جماعة (3)؛ و لعلّ وجهه ما ذكرنا إن لم يكن الاستناد إلى إطلاق النص،و إلّا فالوجه عدم الفرق و ثبوت الخيار في المقامين؛ التفاتاً إلى تخصيص الأصل المتقدّم به.

و كيف كان،فالقول بثبوت الخيار للبائع المالك للآخر الذي لم يُبَع مشهورٌ و متوجّه قطعاً،بل القول بإطلاق الثبوت غير بعيد جدّاً.

و لو حصل منهما أولاد كانوا لمواليّ الأبوين على الأشهر الأظهر.

خلافاً للقاضي،فلمولى الأمّ خاصّة (4).و هو ضعيف.

ص:412


1- و هو كون مالك الذي لم يُبَع هو البائع.منه رحمه اللّه.
2- في ص 417.
3- حكاه عنهم السبزواري في الكفاية:174.
4- المهذب 2:218.

و يملك المولى للأمة المهر لها بالعقد لمقابلته للبضع المملوك له. فإن دخل الزوج استقرّ،و لا يسقط لو باع بعده مطلقاً أجاز المشتري أم لا لاستقراره به في الحرّة و الأمة لحصول مقصود المعاوضة،حتى لو طلّق الزوج و الحال هذه لم يسقط منه شيء بلا خلاف، فعدم السقوط بالبيع أولى،و لا خلاف فيه كالسابق على الظاهر.

و الوجه واضح في النكاح الدائم،و يشكل في المنقطع؛ لتوزّع المهر على البضع،و توقّف استحقاقها أو المولى منه على استيفاء القدر المقابل له،و مقتضاه كونه بإزاء البضع شيئاً فشيئاً،فاستحقاق المولى تمام المهر لا وجه له مطلقاً مع عدم استيفاء البضع بفسخ المشتري أو معه بعدمه و إمضائه،بل ينبغي أن لا يكون له إلّا ما قابل البضع المستوفى في ملكه، و أمّا الباقي فينبغي أن لا يستحقّه أحد أصلاً على الأول (1)،أو يأخذه المشتري خاصّة على الثاني (2).و لعلّ مرادهم الدائم،فتأمّل.

أمّا لو باع قبل الدخول،سقط المهر إن لم يجز المشتري؛ لأنّه بمنزلة الفسخ و قد جاء من قبل المستحقّ له و هو المولى فلا شيء له منه قطعاً،قبض منه شيئاً أم لا.و يستردّه منه الزوج على الأول في المشهور بين الأصحاب.

خلافاً للمحكيّ عن المبسوط،حيث أطلق أنّه إن قبض المهر كان له النصف و ردّ النصف (3)؛ لأنّ البيع طلاق كما في النصوص (4)،و هو موجب

ص:413


1- أي مع فسخ المشتري.منه رحمه اللّه.
2- أي عدم فسخه و إمضائه.منه رحمه اللّه.
3- المبسوط 4:198.
4- الوسائل 21:154 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 47.

للتنصيف قبل الدخول.

و ربما يضعف بمجازيّة إطلاق الطلاق على البيع،و هو أعمّ من الحقيقة،و الأصل المجازيّة؛ لضعف الاشتراك،فإطلاقه عليه استعارة أو تشبيه يقتضيان الشركة مع المستعار منه أو المشبّه به فيما هو المتبادر من أحكامهما،و ليس التنصيف بمتبادر منها في سياق النصوص جدّاً،بل الظاهر من سياقها ثبوت أصل التفريق و تزلزل النكاح به،و لذا فرّع عليه في بعضها ثبوت الخيار للمشتري،فتأمّل جدّاً.

مع أنّه لا قائل بكونه كالطلاق في أحكامه،بل مجمع على فساده؛ لاتّفاقهم على عدم اشتراطه بشرائطه و تعلّق باقي أحكامه به،فعموم المنزلة لو سلّم هنا لكان موهوناً بخروج الأكثر،المانع عن العمل به على الأصحّ الأشهر.

و إن أجاز المشتري كان المهر له في الأشهر بين متأخّري الأصحاب؛ لأنّ الإجازة كالعقد المستأنف؛ لانقطاع العقد الأول بالبيع؛ لأنّه طلاق كما مرّ.

و فيه ما مرّ؛ مع أنّ ظاهر النصوص صحّة الأول بالإجازة،مضافاً إلى أنّ اللازم من هذا تنصيف المهر بالبيع كالطلاق كما عن المبسوط (1)لا سقوط الجميع عن البائع و ثبوته للمشتري خاصّة.

و عُلِّل أيضاً بانتقال البضع إلى المشتري و تعذّر تسليمه على البائع، فانتفى العوض من قبله،و إذا انتفى العوض من قبله وجب أن يسقط استحقاقه له،و يصير للثاني مع الإجازة؛ لصيرورة العوض حقّا له (2).

ص:414


1- المبسوط 4:198.
2- انظر جامع المقاصد 13:146.

و يضعّف بأنّ انتفاء العوض إنّما يتحقّق بفسخ المشتري،و معه لا ريب في سقوطه و نفي استحقاقه عنه؛ لمجيء الفرقة من قبله.و أمّا مع عدمه و إمضائه و تسليمه للمعوّض بالفعل فلا.

قيل:و يحتمل قويّاً القول بكون المهر للأول مع إجازة الثاني؛ لدخوله في ملكه بالعقد،و الإجازة تقرير له،و ليست عقداً مستأنفاً؛ و يؤيّده الأصل و اتّفاق الأصحاب ظاهراً و قد حكاه جماعة على أنّ الأمة المزوّجة إذا أُعتقت قبل الدخول فأجازت العقد يكون المهر للسيّد،و الحكم في إجازة الأمة بعد العتق أو إجازة المشتري واحد.و ربما فُرِّق بينهما بأن البيع معاوضة يقتضي تمليك المنافع تبعاً للعين،فتصير منافع البضع مملوكة للمشتري.بخلاف العتق،فإنّه لا يقتضي تمليكاً،و إنّما هو فك ملك، ففي الأمة المعتقة تكون المنافع كالمستثناة للسيّد،و في البيع ينتقل إلى المشتري.و في الفرق نظر يعلم ممّا قرّرناه (1).

و في المسألة أقوال أُخر ضعيفة،و الاحتياط لا يترك فيها البتّة.

الطلاق

و أمّا الطلاق:فإذا كانت زوجة العبد التي تزوّجها بإذن سيّده ابتداءً أو استدامةً حرّة أو أمة لغير مولاه،فالطلاق بيده،و ليس لمولاه إجباره عليه على الأشهر الأظهر.

للنبوي العامّ:«الطلاق بيد من أخذ بالساق» (2).

و للمعتبرة المستفيضة،منها الصحيح:عن الرجل يأذن لعبده أن يتزوّج الحرّة أو أمة قوم،الطلاق إلى السيد أو إلى العبد؟قال:«الطلاق إلى

ص:415


1- قال به صاحب المدارك في نهاية المرام 1:303.
2- سنن البيهقي 7:360؛ و انظر درر اللئلئ 2:2،المستدرك 15:306 أبواب مقدمات الطلاق ب 25 ح 3.

العبد» (1).

و نحوه الصحيحان المرويّان عن كتاب عليّ بن جعفر (2).

و نحوها الموثّقات الثلاث (3)و غيرها (4)،المعتضدة بالشهرة العظيمة و صراحة الدلالة.

و ليست مخالفةً للكتاب عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ [1] (5)فقد ورد في بعض الأخبار أنّه في طلاق العبد أمة مولاه التي زوّجها إيّاه، ففيه:عن العبد هل يجوز طلاقه؟فقال:«إن كانت أمتك فلا؛ إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ [2] ،و إن كانت أمة قوم آخرين أو حرّة جاز طلاقه» (6).

و ليس في سنده سوى المفضّل بن صالح،و قد روى عنه ابن فضّال المجمع على تصحيح رواياته،فيُجبر به مضافاً إلى الشهرة ضعفه،و هو مع ذلك ظاهر في المدّعى،بل صريح فيه،بعد ضمّ الإجماع إليه؛ بناءً على دلالته على جواز طلاق العبد،و هو ملازم لعدم جوازه من المولى؛ لعدم القول بالتشريك بينهما؛ إذ الأقوال في المسألة ثلاثة:

أحدهما [أحدها] :ما مرّ،و هو المشتهر بين الطائفة.

و الثاني:عدم اختياره أصلاً،و ثبوته للمولى خاصّة،كما عن

ص:416


1- الكافي 6:3/168،الوسائل 22:99 أبواب مقدمات الطلاق ب 43 ح 3.
2- مسائل علي بن جعفر:196 417/197،419،الوسائل 21:157 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 48 ح 2.
3- انظر الوسائل 22:98 أبواب مقدمات الطلاق ب 43.
4- انظر الوسائل 22:98 أبواب مقدمات الطلاق ب 43.
5- النحل:75.
6- الكافي 6:2/168،التهذيب 7:1423/348،الإستبصار 3:785/216،الوسائل 22:99 أبواب مقدمات الطلاق ب 43 ح 2.

الإسكافي و العماني (1).

للصحاح المستفيضة،منها:«المملوك لا يجوز طلاقه و لا نكاحه إلّا بإذن سيّده» قلت:فإنّ السيّد كان زوّجه،بيد مَن الطلاق؟قال:«بيد السيّد ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ [1] (2).و ليست ناصّة في المطلوب،بل غايتها العموم المحتمل لأن يراد منه طلاقه لأمة مولاه،و لا خلاف فيه كما سيأتي،بخلاف ما مرّ،فإنّها ناصّة بالتفصيل.و مقتضى الأُصول المسلّمة بناءً على حصول التكافؤ بينهما؛ لاعتضاد الأولة بالكثرة و الشهرة العظيمة الجمع بينهما بالتخصيص،و صحّة السند مشترك بينهما و إن تُوهِّم عدم وجود صحيح في الأولة (3)،و مع ذلك فالشهرة العظيمة لا يقاومها شيء من المرجّحات المنصوصة و الاعتباريّة، إلّا على الندرة،فلا يعارضها ظاهر الآية؛ مع ما عرفت ممّا ورد في تفسيرها من الرواية المعتبرة الصريحة في المراد منها.

و ليس في المرويّ في تفسير العيّاشي بسنده فيه عن الحسين بن زيد،أنّ عليّ بن جعفر بن محمّد بن عليّ عليهم السلام قال:كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول:« ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً [2] الآية،يقول:للعبد لا طلاق و لا نكاح، ذلك إلى سيّده،و الناس يروون خلاف ذلك إذا أذن السيّد لعبده،لا يرون له أنّ يفرّق بينهما» (4).

ص:417


1- حكاه عنهما في المختلف:569،و التنقيح الرائع 3:164.
2- الفقيه 3:1673/350،التهذيب 7:1419/347،الإستبصار 3:780/214،الوسائل 22:101 أبواب مقدمات الطلاق ب 45 ح 1.
3- انظر المسالك 1:518.
4- تفسير العياشي 2:54/266 و فيه:عن الحسين بن زيد بن علي،عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهم السلام،قال..،المستدرك 15:15 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 17 ح 3،و فيه:عن الحسين بن زيد بن علي،عن جعفر بن محمد عليهما السلام،قال..

دلالة على شمول الآية لطلاق العبد زوجته التي ليست أمة مولاه،بل هو مطلق يحتمل التقييد بغيره،كما أفصح عنه الخبر المتقدّم،و معه لا دلالة على كون اختيار الطلاق إلى العبد مطلقاً مذهب العامّة؛ لاحتمال اختصاصه بالصورة المتّفق عليها بيننا،و هي التي استند عليه السلام فيها إلى الآية المخصَّصة بها فيما قدّمناه من الخبر.و أخبارهم عليهم السلام يكشف بعضها عن بعض، فتأمّل.

و على التسليم،فلا يعارض الشهرة المخالفة للتقيّة إن تمّت إذ لم يذكرها أحد،سوى نادر من الأجلّة (1)؛ لتوهّمه إيّاها من الرواية المتقدّمة بناءً على رجحان الموافقة للشهرة عليها؛ لثبوت اعتبارها بالنصّ و الاعتبار،دون مخالفة التقيّة؛ لاختصاص المثبت لاعتبارها في الأول، و بعد تعارض معتبرهما منه و التساقط يبقى الاعتبار المثبت لها سليماً عن المعارض.و تمام التحقيق موكول إلى محلّه.

و مع ذلك،ما عدا الصحيح المتقدّم منها غير واضحة الدلالة؛ إذ قصاراها الحكم بتوقّف طلاق العبد على إذن السيّد،لا أنّ طلاقه بيده،و ربما جمع بين الأخبار بذلك،فقيل بوجوب استئذان العبد مولاه في الطلاق (2).

و هو مع أنّه يأباه بعض النصوص إحداث قول،و لعلّه أحوط.

فإذاً القول بذلك ضعيف كضعف الثالث المحكيّ عن الحلبي،من الموافقة للمشهور في إثبات الطلاق للعبد،و المخالفة لهم في عدم تجويز

ص:418


1- انظر الحدائق 24:294.
2- قال به السبزواري في الكفاية:174.

إجبار السيّد له فيه؛ حيث جوّز ذلك مستنداً إلى لزوم الإطاعة (1).

و الكلّية ممنوعة،و إلّا لانتقضت بطلاق الولد لو أمره أحد أبويه، و لم يقل به أحد،و مع ذلك تردّه النصوص المتقدّمة،سيّما الخبر بل الحسن كما قيل (2)-:«إنّ علياً عليه السلام أتاه رجل بعبده،فقال:إنّ عبدي تزوّج بغير إذني،فقال عليّ عليه السلام لسيّده:فرّق بينهما،فقال السيّد لعبده:يا عدوّ اللّه طلّق،فقال عليّ عليه السلام:كيف قلت له؟قال:قلت:طلّق،فقال عليّ عليه السلام للعبد:الآن فإن شئت فطلّق،و إن شئت فأمسك» الخبر (3).

أ لا ترى إلى إثباته عليه السلام المشيّة له في الطلاق بعد أمر السيّد له بذلك؟! و لو صحّ الإجبار و وجب كما ادّعاه لكان اللّازم إيجاب الطلاق عليه، لا تخييره فيه.

و لو كانت زوجة العبد أمة لمولاه المزوّج إيّاها منه كان التفريق إلى المولى إجماعاً حكاه جماعة (4)للنصوص المستفيضة مضافاً إلى ما مر.

منها الصحيح:عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [1] (5)قال:«هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته،فيقول:

اعتزل امرأتك و لا تقربها،ثم يحبسها عنه حتى تحيض،ثم يمسّها،فإذا

ص:419


1- حكاه عنه في المختلف:569،و هو في الكافي:297.
2- قال به العلّامة في المختلف:569.
3- التهذيب 7:1433/352،الوسائل 21:118 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 27 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- منهم صاحب المدارك في نهارية المرام 1:307،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:310،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:66.
5- النساء:24.

حاضت بعد مسّه إيّاها ردّها عليه بغير نكاح» (1).

و الحسين:«إذا زوّج الرجل عبده أمته ثم اشتهاها،قال له:اعتزلها، فإذا طمثت وطِئها،ثم يردّها عليه إن شاء» (2).

و يستفاد منها سيّما الخبرين المذكورين و كذا من الأصحاب حتى القائلين بكون تزويجه نكاحاً أنّه لا يشترط في الفراق لفظ الطلاق بل يكفي فيه كلّ ما دلّ عليه من الأمر بالاعتزال و الافتراق.

و هو على ما اخترناه فيما مضى من أنّ تزويج السيّد عبده أمته ليس عقداً،بل هو إمّا إباحة محضة يكتفى فيها بكلّ لفظ دلّ عليها،كما عن الحلّي (3)؛ أو لا بدّ فيها من صيغة مضى إليها الإشارة في النصوص المتقدّمة (4)،كما اختاره العلّامة (5)و جماعة (6)واضح؛ لارتفاع الإباحة بكلّ لفظ دالّ على الرجوع عنها.

و أمّا على القول بكونه عقداً،فلأنّ مقتضى النصوص كون رفع هذا العقد بيد المولى،فلا يقدح في ارتفاعه بغير الطلاق،كما يرتفع النكاح بالفسخ و نحوه في مواضع كثيرة.

و لو أتى بلفظ الطلاق انفسخ النكاح؛ لدلالته على إرادة التفريق

ص:420


1- الكافي 5:2/481،التهذيب 7:1417/346،الوسائل 21:149 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 45 ح 1.
2- الكافي 5:1/481،الوسائل 21:149 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 45 ح 2.
3- السرائر 2:600.
4- راجع ص 388.
5- لم نعثر عليه كما أشرنا إليه في ص 389.
6- منهم المحقق و الشهيد الثانيان في جامع المقاصد 13:87 و المسالك 1:519،و صاحب الحدائق 24:295.

بينهما،لكنّه لا يعدّ طلاقاً شرعيّاً،و لا يلحقه أحكامه ظاهراً مطلقاً على المختار.

و قيل:إنّ الفسخ الواقع من المولى طلاق مطلقاً،و يعدّ من الطلقات (1).

و قيل:إنّه كذلك إن وقع بلفظ الطلاق،فيبطل باختلال شيء من شرائطه لا مطلقاً (2).

و هما مع مخالفتهما الأصل،سيّما الأول لا دليل عليهما يعتدّ به، لكن في الروضة:و لو أوقع لفظ الطلاق مع كون السابق عقداً فظاهر الأصحاب لحوق أحكامه و اشتراطه بشرائطه؛ عملاً بالعموم (3).

و ظاهره الإجماع،لكنّه ينافيه احتماله العدم فيما بعد؛ معلّلاً بأنّه إباحة و إن وقع بعقد.و الاحتياط سبيله واضح.

النظر الثاني في الملك و هو نوعان

اشارة

النظر الثاني في جواز استباحة الرجل بضع المرأة ب [الملك (4)].و هو نوعان :

الأول ملك الرقبة

الأول:ملك الرقبة و هو موضع وفاق؛ مدلول عليه بالكتاب (5)و السنّة المتواترة من طرق الخاصّة و العامّة.

ص:421


1- انظر التنقيح الرائع 3:167 و المسالك 1:519.
2- انظر التنقيح الرائع 3:167 و المسالك 1:519.
3- الروضة البهية 5:334.
4- بدل ما بين المعقوفين في«ص»:ب ملك الرقبة،و في«ح»: بملك الرقبة،و ما أثبتناه من المطبوع هو الأنسب.
5- النساء:25.

و لا حصر في عددهنّ ب النكاح به بالإجماع و النصوص،و قد مرّ شطر منها دليلاً لعدم انحصار المتعة في عدد؛ معلّلاً بأنّهنّ بمنزلة الإماء (1)،فله نكاح ما شاء من النسوة به.

و في تخصيص الاستباحة به بالرجل إشارةٌ إلى عدمها للمرأة؛ للإجماع و النصّ المستفيض.

ففي الصحيح:«قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة مكّنت من نفسها عبداً لها أن يباع بصغر منها،و يحرم على كلّ مسلم أن يبيعها عبداً مدركاً بعد ذلك» (2).

و روى أيضاً بزيادة:«أنّها تضرب مائة سوط،و يضرب العبد خمسين جلدة» (3).

و إذا زوّج أمته من عبده أو غيره حرمت وجوه الاستمتاع منها عليه:وطئاً و لمساً و نظراً إليها بشهوة مطلقاً،و بدونها فيما عدا الوجه و الكفّين ما دامت في العقد أو العدّة،كما أطلقه جماعة منهم العلّامة (4)و ربما ادّعى عليه بعض المتأخّرين الإجماع (5).

و النصوص في حرمة الوطء مستفيضة.

ص:422


1- راجع ص 244.
2- الفقيه 3:1373/289،الوسائل 21:160 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 51 ح 1.
3- الكافي 5:1/493،التهذيب 8:727/206.
4- القواعد 2:30.
5- انظر كشف اللثام 2:66.

ففي الخبرين:«عشر لا يحلّ نكاحهنّ و لا غشيانهن» إلى أن قال:

«و أمتك و لها زوج» (1).

و ربما استفيد من سياقهما اتّحادها في الحكم مع المحرّمات المعدودات اللواتي هنّ أجنبيات،و جارٍ فيهنّ الأحكام (2)المذكورات في العبارة.

و عُلِّل أيضاً بأنّ الاستمتاع بالمرأة الواحدة لا يكون مملوكاً بتمامه لرجلين معاً،و قد ملكه الزوج (3).و فيه نظر.

و الإجماع على الإطلاق إن تمّ كان هو الحجّة،و الظاهر التماميّة بالإضافة إلى الأولين (4)،و للنظر إلى العورة مطلقاً (5)،و إلى ما عدا الوجه و الكفّين إذا كان بشهوة.

مضافاً إلى بعض المعتبرة في الأول مطلقاً و في الثاني في الجملة، المرويّة في قرب الإسناد:«إذا زوّج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها، و العورة ما بين الركبة و السرّة» (6).

ص:423


1- الأول في:التهذيب 8:696/198،الوسائل 21:106 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 19 ح 2.الثاني في:الفقيه 3:1360/286،التهذيب 8:695/198،الخصال:27/438،الوسائل 21:106 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 19 ح 1.
2- من حرمة الوطء و اللمس و النظر إليهنّ بشهوة.منه رحمه الله.
3- كشف اللثام 2:66.
4- و هما الوطء و اللمس.منه رحمه الله.
5- بشهوة كان أم لا.منه رحمه الله.
6- قرب الإسناد:345/103،الوسائل 21:148 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 44 ح 7.

و لكن يستفاد منه جواز النظر إلى ما عدا العورة بالمعنى المفسّرة به فيه مطلقاً (1)،مضافاً إلى أصالتي الإباحة و بقاء حلّية النظر السابقة.

و المستفاد من تخصيص العبارة التحريم بالوطء و اللمس و النظر بشهوة:

2 إباحة النظر إلى جميع جسدها حتى العورة بغير شهوة.

ففي تماميّة الإجماع مناقشة،إلّا أنّ الشهرة متيقّنة،و تكون هي الجابرة للمعتبرة المتقدّمة،مضافاً إلى التأيّد بحكاية الإجماع اللازم الحجّية؛ لعدم القدح بخروج المعلوم النسب النادر بالضرورة،فيخصّ بها الأصلان المتقدّمان.

هذا،مضافاً إلى الصحيح:عن الرجل يزوّج مملوكته عبده،أ تقوم كما كانت تقوم فتراه منكشفاً أو يراها على تلك الحال؟فكره ذلك،و قال:

«قد منعني أبي أن أُزوّج بعض غلماني أمتي لذلك» (2).

و الموثّق:في الرجل يزوّج جاريته،هل ينبغي له أن ترى عورته؟ قال:

«لا» (3).و لكنّهما ليسا نصّاً في المطلوب.

و العمدة هو ما قدّمناه،و لكن في ثبوت الحكم فيما عدا ما ذكرناه و هو النظر إلى ما عدا العورة و ما في معناها بغير شهوة إشكال،و الإجماع

ص:424


1- أي بشهوة كان أم لا.منه رحمه الله.
2- الكافي 5:3/480،التهذيب 8:698/199،الوسائل 21:147 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 44 ح 1؛ بتفاوت يسير.
3- التهذيب 8:736/208،الوسائل 21:148 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 44 ح 4.

المحكيّ موهون هنا قطعاً؛ لمصير جماعة إلى العدم (1)،و الأصلان المشار إليهما يقتضيانه.إلّا أنّ الأحوط الاجتناب جدّاً.

قيل:و في معنى الأمة المزوّجة:المحلَّل وطؤها للغير،و لو حُلّل منها ما دون الوطء ففي تحريمها بذلك على المالك نظر (2).و مقتضى الأصلين العدم.

ثم إنّ غاية التحريم في المقامين خروجها من النكاح و العدّة،سواء كانت بائنة أم رجعيّة.

و ليس للمولى انتزاعها منه إذا لم يكن عبده مطلقاً،بلا خلاف في الظاهر،و حكي صريحاً؛ للنصوص المستفيضة:

منها الصحيح:عن رجل يزوّج أمته من حرّ أو عبد لقوم آخرين،إله أن ينزعها؟قال:«لا،إلّا أن يبيعها» الخبر (3).

و الصحيح:«و إن كان زوّجها حرّا فإن طلاقها صفقتها» (4).

و الموثّق:في الرجل يزوّج أمته من حرّ،قال:«ليس له أن ينزعها» (5).

ص:425


1- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:310،و انظر الكفاية:174.
2- قال به صاحب المدارك في نهاية المرام 1:310.
3- التهذيب 7:1388/339،الإستبصار 3:745/206،الوسائل 21:181 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 64 ح 5.
4- التهذيب 7:1392/340،الإستبصار 3:749/207،الوسائل 21:182 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 64 ح 8.
5- التهذيب 7:1380/337،الوسائل 21:180 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 64 ح 1.

و ما ورد بخلافها من المستفيضة (1)فمع شذوذها و عدم صراحة دلالتها محمولة على الانتزاع بالبيع لا الطلاق،و ما وقع فيه منها التصريح به محمول عليه؛ لشيوع التعبير به عنه في كثير من النصوص الماضية (2)في بيع الأمة و أنّه طلاقها.

و لو باعها تخيّر المشتري للإطلاقات دونه للأصل،و قد مضى مفصّلاً (3).

و لا يحلّ لأحد الشريكين وطء الأمة المشتركة بينهما، إلّا بتحليل أحدهما للآخر على الأصح،كما مضى.

و يجوز ابتياع ذوات الأزواج اللواتي هنّ من أهل الحرب و الكفّار الغير القائمين بشرائط الذمّة و أبنائهم من أزواجهنّ و آبائهنّ، و غيرهم من أهل الضلال السابين لهم بلا خلاف؛ لأنّهنّ كآبائهنّ و أزواجهنّ فيءٌ للمسلمين يجوز التوصّل إلى أخذهم بكلّ وجه من ابتياع أو غيره و مع حصوله يدخلون في ملك المستولي عليهم،و يترتّب عليه أحكامه،التي من جملتها:حلّ الوطء المقصود بالمقام؛ و النصوص به مستفيضة.

ففي الخبر:عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته فيتّخذها أي للوطء قال:«لا بأس» (4).

ص:426


1- انظر الوسائل 21:181،182 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 64 ح 3،6،و الوسائل 22:101 أبواب مقدمات الطلاق ب 44 ح 3.
2- راجع ص 407.
3- ما بين القوسين ليس في«ص».
4- التهذيب 8:705/200،الإستبصار 3:281/83،الوسائل 21:190 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 69 ح 2؛ بتفاوت يسير.

و في آخر:عن الرجل يشتري امرأة رجل من أهل الشرك يتّخذها، قال:«لا بأس» (1).

و إطلاقه يشمل الشراء منهم و من غيرهم من أهل الضلال السابين لهم.

مضافاً إلى النصّ:عن سبي الأكراد إذا حاربوا[و]من حارب من المشركين،هل يحلّ نكاحهم و شراؤهم؟قال:«نعم» (2).

إلى غير ذلك من النصوص الصريحة في إذنهم عليهم السلام لنا في ذلك و إن كان الجميع أو البعض لهم عليهم السلام (3).

و لو ملك الأمة بأحد الوجوه المملّكة لها،وجب عليه الاستبراء مع عدم العلم بعدم الوطء المحترم مطلقاً،كان عالماً به أم لا،إلّا في صور مضى أكثرها في بحث البيع،بقي منها:ما لو ملكها فأعتقها فظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف بل عليه الوفاق في المسالك (4)أنّه بذلك حلّ للمعتق وطؤها بالعقد و التزويج بعده و إن لم يستبرئ للنصوص المستفيضة،منها الصحيح:في رجل يشتري الجارية فيعتقها ثم يتزوّجها،هل يقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها؟قال:«يستبرئ رحمها بحيضة» قلت:فإن وقع عليها؟قال:«لا بأس» (5).

ص:427


1- التهذيب 8:702/200،الإستبصار 3:280/83،الوسائل 21:189 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 69 ح 1.
2- التهذيب 6:292/161،الوسائل 15:129 أبواب جهاد العدو و ما يناسبه ب 50 ح 1.
3- الوسائل 9:543 أبواب الأنفال ب 4.
4- المسالك 1:522.
5- التهذيب 8:612/175،الإستبصار 3:1295/361،الوسائل 21:103 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 16 ح 1.

و إطلاقها كالعبارة و كلام أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين العلم بالوطء المحترم لها و عدمه،و قيّده جماعة منهم العلّامة (1)بما عدا الأول،موجبين للاستبراء فيه؛ تمسّكاً بوجود المقتضي حينئذ.بخلاف ما لو جهل الحال،فإنّ الأصل عدم الوطء،إلّا ما دلّ الدليل على وجوب الاستبراء فيه و لو مع الجهل،و ذلك في المملوكة،فيبقى غيرها على الأصل.

و هو حسن إن تمّ المقتضي بالتنصيص به،و ليس،و إنّما هو مستنبط، و مع ذلك لا بأس به احتياطاً،و تمسّكاً بأصالة الوجوب و استصحابه،مع عدم المقتضي لتخصيصها،سوى إطلاق النصوص،و شمولها لمثل الصورة غير معلوم.

مضافاً إلى أنّ الاستنباط هنا ليس ناشئاً عن محض الاعتبار،بل مستفاد من تتبّع الأخبار،و لذا اشتهر بين الأخيار عدم اختصاص وجوب الاستبراء بمورد الأخبار الدالّة عليه،و هو الشراء.

ثم مقتضى إطلاق النصوص هنا عموم الحكم لصورتي دخوله بها و عدمه،مضافاً إلى الصحيح في الأول:عن رجل يعتق سريّته،أ يصلح له أن يتزوّجها بغير عدّة؟قال:«نعم» قلت:فغيره؟قال:«لا،حتى تعتدّ ثلاثة أشهر» (2).

و يستفاد من الصحيح السابق و غيره (3)أفضليّة الاستبراء مطلقاً،و عليه

ص:428


1- القواعد 2:31.
2- الكافي 5:4/476،التهذيب 8:610/174 بسند آخر،الوسائل 21:99 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 13 ح 1.
3- الوسائل 21:103 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 16.

فتوى الأصحاب.

و لكن لا تحلّ لغيره لو زوّجها منه حتى تعتدّ كالحرّة للمعتبرة المستفيضة،منها الصحيحان،مضى أحدهما،و في الثاني عن رجل أعتق سريّته،له أن يتزوّجها بغير عدّة؟قال:«نعم»،قلت:فغيره؟ قال:«لا،حتى تعتدّ ثلاثة أشهر» (1).

و إطلاقهما كالعبارة يقتضي عدم الفرق بين العلم بوطء المولى لها أم لا.و لا ريب في الأول قطعاً،و نحوه صورة الجهل به أيضاً.

و يشكل في الثالثة،و هي العلم بعدم وطئه لها بالمرّة،و قد حكم جماعة بأن ليس لها عدّة؛ لعدم المقتضي،و إن هو حينئذٍ إلّا كالمولى، و ليس في الصحيحين عموم لها؛ لإطلاقهما و انصرافه إلى ما عداها.

و هو حسن مع العلم بعدم وطء المولى لها،و كذا مَن انتقلت منه إليه أصلاً.و يشكل فيما عداه،و هو العلم بوطء الثاني لها مع عدم الاستبراء أو احتماله؛ لما تقدّم من المقتضي له،الثابت بتتبّع الأخبار،الموجب له هنا في المولى،ففي الغير بطريق أولى (2).إلّا أنّ مقتضى ذلك ثبوت الاستبراء،و هو غير العدّة قطعاً،و كيف كان فالعمل بإطلاق العبارة و الصحيحين أولى.

و يملك الأب مطلقاً (3) موطوءة ابنه كذلك (4) و إن حرم عليه

ص:429


1- التهذيب 8:611/175،الوسائل 21:99 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 13 ذيل حديث 1.
2- منشأ الأولوية إطلاق ما سبق من الأخبار بعدم الاستبراء على المولى و الأخبار هنا بثبوت العدّة على غيرها مطلقاً.منه رحمه الله.
3- سببيّاً كان أم رضاعيا.منه رحمه الله.
4- أي مطلقاً.منه رحمه الله.

وطؤها،و كذا الكلام في الابن إجماعاً و نصّاً،و الكلام فيه و في أمثاله قد مضى (1)

النوع الثاني ملك المنفعة

النوع الثاني من نوعي جواز النكاح بالملك:النكاح ب ملك المنفعة بتحليل الأمة دون الهبة و العارية،و لا ريب فيه؛ لإجماع الطائفة، و الصحاح المستفيضة و نحوها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة،بل صرّح بذلك جماعة (2).

ففي الصحيح:في الرجل يحلّ لأخيه فرج جاريته و هي تخرج في حوائجه قال:«لا بأس» (3).

و القول بالمنع المحكيّ في المبسوط (4)شاذّ،و مستنده ضعيف؛ بناءً على أنّ مثله عقد أو تمليك،فليس من ارتكبه مرتكباً عدواناً.و على تقدير خروجه عنهما فآية فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ [1] (5)بما قدّمناه من الأدلّة مخصَّصة.

و الصحيح:عن الرجل يحلّ فرج جاريته؟قال:«لا أُحبّ ذلك» (6)ظاهرٌ في الكراهة،و على تقدير الظهور أو الصراحة في الحرمة محمولٌ على التقيّة بالضرورة.

ص:430


1- في بحث المصاهرة.منه رحمه الله.
2- منهم الحلّي في السرائر 2:627،و المحقق الكركي في جامع المقاصد 13:178،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:314.
3- الفقيه 3:1378/290،التهذيب 7:1074/248،الإستبصار 3:503/140،الوسائل 21:135 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 1؛ بتفاوت.
4- المبسوط 4:246.
5- المؤمنون:7.
6- التهذيب 7:1059/243،الإستبصار 3:492/137،الوسائل 21:126 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 31 ح 7.

و بالجملة:ليست المسألة محلّ شبهة،و لكنّها مشروطة بشرائط:كون التحليل من المالك،و لمن يجوز له التزويج بها،و قد تقدّمت شرائطه،التي من جملتها:كونه مؤمناً في المؤمنة،و مسلماً في المسلمة،و كونها كتابيّة لو كانت كافرة،و غير ذلك من أحكام النسب و المصاهرة و غيرهما.

و لا خلاف في اعتبار صيغته لعدم حلّ الفروج بمجرّد التراضي إجماعاً،و تمسّكاً بالأصل،و فحوى ما دلّ على المنع من العارية (1)،مع إفصاحها عنه لفظاً،فالمنع مع عدمه أولى.

و هي قسمان:وفاقيّة كما حكاه جماعة (2)و خلافيّة،فالأول أن يقول:أحللت وطأها،أو جعلتك في حِلّ من وطئها و ذلك لتضمّنها النصوص (3)بالخصوص،فيخصَّص بها الأُصول قطعاً،و لا مخصِّص لها فيما عداه و لذا لم يتعدّهما الشيخ (4) و أتباعه (5)،و المرتضى و العلّامة في أحد قوليه (6)،و أكثر الأصحاب كما حكاه جماعة منهم (7).

و لكن اتّسع آخرون بجوازه بلفظ الإباحة و هو الثاني، كما في الشرائع و عن المبسوط و السرائر (8)،و اختاره من المتأخّرين

ص:431


1- انظر الوسائل 21:131 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 34.
2- منهم الشهيد في المسالك 1:522،و الروضة 5:334،و السبزواري في الكفاية:175،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:67.
3- الوسائل 21:أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 31،و الإماء ب 31،و الباب 37 ح 5،6.
4- النهاية:494.
5- كابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):612.
6- المرتضى في الانتصار:118،العلّامة في الإرشاد 2:14.
7- منهم المحقق الكركي في جامع المقاصد 13:182 183،و الشهيد الثاني في المسالك 1:523،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:67.
8- الشرائع 2:316،المبسوط 3:57،السرائر 2:633.

جماعة (1)؛ للتساوي مع الأول في المعنى،فيكون كالمرادف الذي يجوز إقامته مقام رديفه.

و رُدّ بمنع المرادفة أولاً.ثم بمنع الاكتفاء بالمرادف مطلقاً ثانياً؛ فإنّ كثيراً من أحكام النكاح توقيفيّة،و فيه شائبة العبادة،و الاحتياط فيه مهم (2).

و هو في محلّه بالنظر إلى كيفيّة الاستدلال،و ليس لو غُيِّرت بما ذكره بعض الأفاضل و لنِعمَ ما ذكر-:إنّ الوجه فيه عموم الأخبار؛ لتضمّنها التحليل،و هو أعمّ من أن يكون بلفظه أو مرادفه؛ إذ كلاهما تحليل (3).

و يعضده الخبر المعتبر،المجبور قصور سنده بجهالة راويه بوجود المجمع على تصحيح رواياته فيه،و فيه:قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:

«يا محمّد،خذ هذه الجارية تخدمك و تصيب منها،فإذا خرجت فاردُدها إلينا» (4).

و لقائل أن يقول:إنّ التحليل و إن كان مطلقاً إلّا أنّ الخروج بمجرّده بالإضافة إلى بعض أفراده مع شهرة خلافه مشكل جدّاً،و مع ذلك ربما دلّ ما سيأتي من النصّ في المنع عن التحليل بالعارية على إرادة المعنى الأخصّ منه هنا،حيث إنّه بعد المنع عنها قال:«لكن لا بأس أن يحلّ الرجل جاريته لأخيه» (5)فلولا أنّ المراد منه ما (6)مرّ لكان العارية منه

ص:432


1- منهم العلّامة في القواعد 2:31،و صاحب الحدائق 24:316.
2- الروضة 5:335.
3- كشف اللثام 2:67.
4- التهذيب 7:1055/242،الإستبصار 3:488/136،الوسائل 21:126 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 31 ح 6.
5- الكافي 5:16/47،التهذيب 7:1063/244،الوسائل 21:131 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 34 ح 1.
6- أي المعنى الأخصّ.منه رحمه الله.

بالمعنى الأعمّ،فهي قسم منه بهذا المعنى،و قد جُعِلت في الخبر قسيماً له، فتدبّر.

و أمّا الخبر،فمع قصور سنده ضعيف الدلالة؛ لاحتمال إرادة الخدمة و نحوها ممّا ليس متعلّقاً للتحليل المعنيّ هنا من متعلّق الإصابة،دون حلّ الوطء و اللمس و القبلة و النظر بشهوة.و على تقدير تسليم الدلالة،فليس لسنده جابر بالمرّة بحيث يعارض الأُصول المعتضدة بالشهرة،و الاعتبار في الجملة غير كافٍ في تخصيصها.

فالقول بالمنع أقوى،و على غيره (1)قيل:كفى:أذنتُ،و سوّغتُ، و ملّكتُ،و وهبتُ،و نحوها (2).

و منع الجميع فيه إيذان بالإجماع،و هو محكيّ صريحاً عن الانتصار و في كشف الحقّ و نهج الصدق (3) لفظ العارية للخبر المعتبر إذ ليس في سنده سوى قاسم بن عروة،و قد حسّنه جماعة،و جهالته المشهورة مجبورة بالشهرة العظيمة و رواية ابن أبي عمير عنه،و هو ممّن أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنه العصابة-:عن عارية الفرج،فقال:«حرام» ثم مكث قليلاً و قال:«لكن لا بأس بأن يحلّ الرجل جاريته لأخيه» (4).

و لكن في معتبر آخر بالسبب (5)الذي مرّ:عن عارية الفرج،فقال

ص:433


1- و هو الاكتفاء بالإباحة.منه رحمه الله.
2- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:335.
3- الانتصار:118،نهج الحق و كشف الصدق:522.
4- تقدّمت مصادره في ص 429.
5- و هو وجود من وقع إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه في سنده منه رحمه الله.

«لا بأس به» (1).

و لكن لا يقاوم ما قابلة بوجه و إن تساويا في السند؛ لاعتضاد الأول بالأصل و الإجماع المحكيّ بل القطعي و الشهرة العظيمة،فمخالفة الحلّي (2)ضعيفة شاذّة.

و هل هو أي التحليل- إباحة محضة و تمليك منفعة؟كما عليه مشهور الطائفة، أو عقد متعة؟كما قال به علم الهدى (3) قولان،أصحّهما:الأول؛ لانحصار العقد في الدائم و المتعة،و كلاهما منتفيان.

لتوقّف رفع الأول على الطلاق في غير الفسخ بأُمور محصورة ليس هذا منها،و لزوم المهر فيه بالدخول،و غير ذلك من لوازمه،و انتفاء اللازم يدلّ على انتفاء الملزوم،مضافاً إلى مسلّميّته عند الخصم.

و توقّف الثاني و هو كونه عقد متعة على المهر و الأجل المنتفيين هنا أيضاً بالأصل و تسليم الخصم على الظاهر.خلافاً للمحكيّ عن المبسوط في الثاني،فاعتبره (4)،و لا ريب في ضعفه.

و لأنّ عقد النكاح لازم،و لا شيء من التحليل كذلك.

و إذا انتفى كونه عقداً ثبت الملك؛ لانحصار حلّ النكاح فيهما بمقتضى القولين،فيصرف ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [1] عمّا هو ظاهر فيه بالتبادر و هو ملك الرقبة إلى ما يعمّه و ملك المنفعة؛ هرباً ممّا هو أشدّ

ص:434


1- التهذيب 7:1069/246،الإستبصار 3:498/138،الوسائل 21:135 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 2.
2- السرائر 2:633.
3- الانتصار:118.
4- حكاه عنه في كشف اللثام 2:68،و هو في المبسوط 4:246.

محذوراً،أو يبقى على ظاهره،و يُخَصّ عموم فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ [1] بما عدا التحليل،و هو شائع،بل و أظهر من الأول إن لم يكن مخالفاً للإجماع؛ بناءً على المختار من رجحانه على المجاز حيث تعارضا،و به صرّح بعض متأخّري الأصحاب (1).فسقط حجّة المرتضى،و تعيّن المصير إلى ما عليه باقي أصحابنا.

و على القولين،لا بُدّ من القبول؛ لتوقّف الملك عليه،كذا قيل (2)، و ظاهرهم الوفاق عليه،و النصوص خالية من اعتباره.

و مع ذلك،ذكر المفلح الصيمري عن إطلاق الأكثر:عدم اعتباره، و حكى عن الحلّي ما يدلّ على تفرّع ذلك (3)على كلام المرتضى.فالوجه العدم،و مراعاة الاحتياط أولى.

و قيل:إنّ الفائدة بين القولين تظهر فيما لو أباح أمته لعبده،فإن قلنا:

إنّه عقد أو تمليك و أنّ العبد يملك،حلّت،و إلّا فلا.و فيه نظر؛ لأنّ الملك فيه ليس على حدّه الملك المحض،بحيث لا يكون العبد أهلاً له،بل المراد به الاستحقاق،كما يقال:يملك زيد إحضار مجلس الحكم، و نحوه،و مثله يستوي فيه الحرّ و العبد،فصحّة التحليل في حقّه على القول (4)متّجهة إن جوّزناه في حقّه (5).

و قيل (6):مُظهرها اعتبار إذن الحرّة أو العمّة و الخالة إذا كانتا عنده

ص:435


1- مبادئ الأُصول للعلّامة الحلّي:83.
2- انظر الروضة 5:336.
3- أي وجوب القبول.منه رحمه الله.
4- بأن العبد لا يملك.منه رحمه الله.
5- حكاه في الروضة 5:336 337.
6- انظر المهذب البارع 3:355 356.

على قول المرتضى،و لا على غيره،و عدم جواز نظر السيّد إليها و لمسها و تقبيلها بشهوة و غير شهوة على الأول،دون الثاني.

و الأخير ينافي ما حكيناه عن بعض الأصحاب فيما مضى قريباً من اتّحاد الأمة المزوّجة و المحلّلة في حرمة الأُمور المزبورة على مولاهما (1).

و في تحليل أمته لمملوكه أو مملوك غيره بإذنه تردّد ينشأ:

من الصحيح:عن المملوك يحلّ له أن يطأ الأمة من غير تزويج إذا أحلّ له مولاه؟قال:«لا تحلّ له» (2).

و من المعتبر كالصحيح بوجود ابن أبي عمير في سنده،فلا يقدح جهالة راويه-:لمولاي في يدي مال،فسألته أن يحلّ لي ما أشتري من الجواري؟فقال:إن كان يحلّ لي أن أُحلّ فهو لك حلال،فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك،فقال:«إن أحلّ لك جارية بعينها فهي لك حلال» الخبر (3).

و يعضده الصحيح:عن قوله تعالى وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [1] (4)«هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته،فيقول له:

اعتزل امرأتك و لا تقربها،ثم يحبسها عنه حتى تحيض،ثم يمسكها،فإذا حاضت بعد مسّه إيّاها ردّها عليه بغير نكاح» (5)و ظاهره كما ترى كونه

ص:436


1- راجع ص 422.
2- التهذيب 7:1062/243،الإستبصار 3:495/137،الوسائل 21:130 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 33 ح 2.
3- التهذيب 7:1040/238،الإستبصار 3:496/138،الوسائل 21:130 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 33 ح 1.
4- النساء:24.
5- الكافي 5:2/481،التهذيب 7:1417/346،الوسائل 21:149 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 45 ح 1؛ بتفاوت يسير.

عقداً كما ذهب إليه المرتضى (1)،فتأمّل.

و المعتبرة المستفيضة الدالّة على جواز تسرّي العبد الجواري بإذن مولاه،كالصحيح:«لا بأس أن يأذن الرجل لمملوكه أن يشتري من ماله إن كان له جارية أو جواري يطؤهنّ و رقيقه له حلال» الحديث (2)،و في معناه غيره (3).

و لا يخفى عليك قوّة هذه الأدلّة،و عدم معارضة الصحيح المتقدّم لها بالمرّة،مع ظهور حمله على التقيّة؛ لاتّفاق العامّة على المنع من التحليل مطلقاً،و يعضده كون الراوي وزير الخليفة،و المرويّ عنه ممّن اشتدّت في زمانه التقيّة.

و لذا يكون مساواته أي العبد للأجنبي في جواز تحليل المولى أمته له أشبه وفاقاً للحلّي (4)و جماعة (5).و خلافاً للشيخ (6) و آخرين (7)،و هو ضعيف جدّاً.و إن كان الاقتصار في تزويج المولى عبده أمته على نحو قوله:أنكحتك لفلانة،و إعطائها شيئاً من قبله،أولى

ص:437


1- انظر الانتصار:118.
2- التهذيب 8:755/211،الإستبصار 3:778/214،الوسائل 21:112 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 22 ح 8.
3- التهذيب 8:747/210،الإستبصار 3:776/213،الوسائل 21:110 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 22 ح 1.
4- السرائر 2:633.
5- منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 13:189،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:68،و صاحب الحدائق 24:321.
6- النهاية:494.
7- كالعلّامة في المختلف:571،و فخر المحققين في الإيضاح 3:167،و الفاضل المقداد في التنقيح 3:175.

و أحوط.

و لو ملك بعض الأمة التي هي في البعض الآخر حرّة فأحلّت نفسها له لم يصحّ ؛ لعدم تبعّض البضع،و للصحيح و قد مضى (1).

و في تحليل الشريك حصّته منها لشريكه تردّد مضى وجهه (2)، و أنّ الوجه الجواز،خلافاً للمصنّف تبعاً للأكثر فاستوجه المنع و هو أحوط.

و حيث كان الانتفاع بأمة الغير بدون إذنه محرّماً مطلقاً قطعاً، وجب الاقتصار فيه على ما يتناوله اللفظ المتضمّن له عرفاً،فلا يستبيح إلّا ما يتناوله اللفظ كذلك (3) فلو أحلّ له بعض مقدّمات الوطء ك التقبيل و النظر اقتصر عليه و لم يحلّ له الوطء و لا الآخر.

و كذا لو أحلّ اللمس وجب الاقتصار عليه.

و كذا لو أحلّه بعضها في عضو مخصوص اختصّ به.

و لكن لو أحلّ له الوطء حلّ له ما دونه من المقدّمات؛ لشهادة الحال،و لعدم انفكاكه عنها غالباً و لا موقع له بدونها،و لأنّ تحليل الأقوى يدلّ على الأضعف بطريق أولى؛ بخلاف المساوي و العكس.

هذا،مضافاً إلى النصوص المعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:«ليس له إلّا ما أحلّ له منها،و لو أحلّ له قبلة منها لم يحلّ له سوى ذلك» (4).

ص:438


1- راجع ص 385.
2- راجع ص 383.
3- أي عرفاً.منه رحمه الله.
4- الكافي 5:1/468،الفقيه 3:1377/289،التهذيب 7:1064/244،الوسائل 21:132 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 35 ح 1.

و الصحيح:في الرجل يقول لامرأته:أحلّي لي جاريتك فإنّي أكره أن تراني منكشفاً،فتحلّها له،فقال: لا يحلّ له منها إلّا ذلك،و ليس له أن يمسّها و لا أن يطأها» ثم قال:«لا تحلّ له إلّا الذي قالت له» (1).

و الخبر:«إذا أحلّ الرجل من جاريته قبلة لم يحلّ له غيرها،و إن أحلّ له منها دون الفرج لم يحلّ له غيره،و إن أحلّ له الفرج حلّ له جميعها» (2).

و لو أحلّ القبلة فهل يدخل فيه اللمس بشهوة؟نظر،من الأولويّة المتقدّمة في الجملة،و من أن اللازم دخول لمس ما استلزمته القبلة لا مطلقاً،فلا يدخل إلّا ما يتوقّف عليه خاصّة،و هو أحوط لو لم يكن أقوى.

و لو أحلّ الخدمة منها لم يتعرّض للوطء و لا يستبيحه بذلك و كذا لا يستبيح الخدمة بتحليل المولى له الوطء بها خاصّة؛ لعدم التلازم بين الأمرين في المقامين.

و ولد المحلّلة من العبد إن جوّزنا التحليل له رقّ إجماعاً،و من الحرّ حرّ مع اشتراط الحرّية كذلك،و مع العدم رقّ مع اشتراط الرقّية إن قلنا بصحّته،و إلّا فهو كالإطلاق،و فيه الخلاف،و الأصحّ الأشهر و اختاره المرتضى و الحلّي (3)أنّه كالأول؛ لعموم أكثر النصوص و ظواهر الأُصول الماضية في ولد الأمة المزوّجة (4).

ص:439


1- الكافي 5:7/469،التهذيب 7:1065/245،الوسائل 21:133 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 35 ح 4؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 5:15/470،التهذيب 7:1066/245،الوسائل 21:134 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 36 ح 1.
3- المرتضى في مسألة تخطئة العامل بخبر الواحد(رسائل الشريف المرتضى 3):271،الحلّي في السرائر 2:628.
4- تعرّض إليهما في ص 364.

مضافاً إلى خصوص المعتبرة المستفيضة هنا.

ففي الصحيحين:الرجل يحلّ لأخيه جاريته،قال:«لا بأس به» قال:

قلت:فإنّها جاءت بولد،قال:«ليضمّ إليه ولده و تردّ الجارية إلى صاحبها» قلت:إنّه لم يأذن له في ذلك،قال:«إنّه قد أذن،و هو لا يأمن أن يكون ذلك» (1).

و الحسن بل الصحيح-:الرجل يحلّ جاريته لأخيه،أو حرّة حلّلت جاريتها لأخيها،قال:«يحلّ له من ذلك ما أُحلّ له» قلت:فجاءت بولد؟قال:«يلحق بالحرّ من أبويه» (2).

و الخبر:عن الرجل يقول لأخيه:جاريتي لك حلال،قال:«قد حلّت له» قلت:فإنّها ولدت،قال:«الولد له و الأُمّ للمولى» الحديث (3).

و هي مع استفاضتها و اعتبار سند أكثرها،و اعتضادها بالشهرة العظيمة و الإطلاقات مع الأُصول المتقدّمة،و فتوى من لا يرى العمل إلّا بالأخبار المتواترة أو المحفوفة بالقرائن القطعيّة،كالحلّي و نحوه واضحة الدلالة

ص:440


1- الكافي 5:6/469،الفقيه 3:1379/290،التهذيب 7:1073/247،الإستبصار 3:502/139،الوسائل 21:136 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ذيل ح 4. و الآخر في:الكافي 5:5/469،الوسائل 21:136 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 4.
2- التهذيب 7:1071/247،الإستبصار 3:500/139،الوسائل 21:137 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 7.
3- التهذيب 7:1072/247،الإستبصار 3:501/139،الوسائل 21:137 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 6.

خلافاً للفقيه و الطوسي (1)و جماعة (2)،فقالوا بالرقّية إلّا مع الفكّ بالقيمة؛ للصحيح:الرجل يحلّ لأخيه فرج جاريته،قال:«هو له حلال» قلت:فإن جاءت بولد منه؟قال:«هو لمولى الجارية،إلّا أن يكون اشترط على مولى الجارية حين أحلّها إن جاءت بولد فهو حرّ» (3).

و نحوه خبران آخران (4)قاصرا السند،هما كالصحيح ضعيفا التكافؤ،فلا يعترض بمثلها الأخبار المتقدّمة المعتضدة بالأُمور المزبورة، و كذا لا تؤول إليها بما في الفقيه و إن تبعه جماعة من حملها على الحرّية بعد أداء القيمة،و إن هو إلّا تقييد لها من غير مقيّد صالح له،فيجب طرحه، أو تأويله إلى ما يؤول إليها،سيّما مع إباء التعليل في بعضها كالصحيح الأولين عن قبول هذا القيد.

فإن شرط الأب في العقد الحرّية،فلا سبيل لمولى الجارية على الأب من جهة القيمة بإجماع الطائفة.

و إن لم يشترط ذلك ففي إلزامه قيمة الولد روايتان،أشبههما

ص:441


1- الفقيه 3:290،الطوسي في النهاية:494.
2- كالمحقق في الشرائع 2:317،و الشهيد الثاني في الروضة 5:339،و السبزواري في الكفاية:176.
3- التهذيب 7:1068/246،الإستبصار 3:497/138،الوسائل 21:135 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 1؛ بتفاوت يسير.
4- الأول في:التهذيب 7:1069/246،الإستبصار 3:498/138،الوسائل 21:135 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 2.الثاني في:التهذيب 7:1075/248،الإستبصار 3:504/140،الوسائل 21:137 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 37 ح 5.

و أشهرهما: أنّها لا تلزم كما عرفت من المستفيضة الواردة في مقام الحاجة (1)،الخالية عن ذكر القيمة بالمرّة،مع اشتمال الصحيحين منها على التعليل الذي هو كالصريح في عدم لزومها،و قد عرفت عدم مقاومة شيء ممّا عارضها لها بالمرّة،و لكن العمل به أحوط.

و مقتضى العبارة هنا ظاهراً و في الشرائع صريحاً عدم الخلاف في حرّية الولد هنا (2)،و انحصاره في لزوم القيمة (3).و ليس كذلك؛ لاتّفاق القائلين بالحرّية بعدم لزوم القيمة،و اختصاص القول به بالقائل بالرقّية.

و لا بأس بأن يطأ الأمة و في البيت غيره للصحيح:في الرجل ينكح الجارية من جواريه و في البيت من يرى ذلك و يسمع،قال:

«لا بأس» (4).

و ربما قيل بالكراهة هنا في الجملة أو مطلقاً (5).و لا بأس به؛ للمسامحة،و للخبر:«لا يجامع الرجل امرأته و لا جاريته و في البيت صبي» (6)و هو و إن قصر بقصور السند عن المكافأة لما مرّ،إلّا أنّه أوفق بالحياء،فليحمل ذلك على نفي الحرمة.

و لا بأس أيضاً أن ينام بين أمتين للخبر فعلاً:كان أبو الحسن عليه السلام ينام بين جاريتين (7).

ص:442


1- المتقدمة في ص 437.
2- أي في التحليل.منه رحمه الله.
3- الشرائع 2:317.
4- التهذيب 8:735/208،الوسائل 21:194 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 75 ح 1.
5- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:69.
6- الكافي 5:1/499،التهذيب 7:1655/414،الوسائل 20:132 أبواب مقدمات النكاح ب 67 ح 1.
7- التهذيب 7:1838/459،الوسائل 21:201 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 84 ح 3؛ بتفاوت يسير.

و نحوه آخر قولاً:«لا بأس أن ينام الرجل بين أمتين و الحرّتين» (1).

و يكره كلّ من الأمرين في الحرائر أمّا الأول:فلما مضى و غيره.

و أمّا الثاني:فقد عُلِّل بتضمّنه الامتهان الغير اللائق بالحرائر (2).

و هو كما ترى،مضافاً إلى ما مرّ من الخبر الظاهر في عدم البأس.

و العمدة في الكراهة:فتوى الأصحاب،مع المسامحة في أدلّة السنن،كما مرّ غير مرّة.

و يكره وطء الأمة الفاجرة الزانية؛ لما فيه من العار،و خوف اختلاط الأنساب.

و في الخبر:عن الخبيثة يتزوّجها الرجل؟قال:«لا» و قال:«إن كان له أمة فإن شاء وطئها و لا يتّخذها أُمّ ولد» (3).

و يكره وطء مَن ولدت من الزناء للحسن:عن الرجل يكون له الخادم ولد زناء،عليه جناح أن يطأها؟قال:«لا،و إن تنزّه عن ذلك فهو أحبّ» (4).

و يأتي على مختار الحلّي من كفرها الحرمة (5)،و قد حكيت عنه صريحاً (6)؛ و النصّ حجّة عليه،كالصحيح:ولد الزناء ينكح؟قال:«نعم،

ص:443


1- الكافي 5:16/560،التهذيب 7:1953/486،الوسائل 21:200 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 84 ح 1.
2- انظر المسالك 1:524.
3- الكافي 5:4/353،التهذيب 8:733/207،الوسائل 21:176 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 60 ح 1.
4- الكافي 5:5/353،الوسائل 21:176 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 60 ح 3.
5- السرائر 2:526.
6- حكاه عنه في كشف اللثام 2:68.

و لا يطلب ولدها» (1).

يلحق بالنكاح النظر في أُمور خمسة

اشارة

و يلحق بالنكاح النظر في أُمور خمسة:

الأول في العيوب و البحث في أقسامها و أحكامها

اشارة

الأول:في العيوب المجوّزة للفسخ لأحد الزوجين إذا حصل منها في الآخر.

و البحث يقع في أقسامها و أحكامها : أمّا الأول:فهي على قسمين:مشترك بينهما،و مختصّ بأحدهما.

و يعرف كلّ منهما بالكلام فيها،فنقول:

أقسام العيوب

عيوب الرجل المسلّطة لزوجته على فسخ نكاحه أربعة :الأول: الجنون المطبق مطلقاً،أو الأدواري الذي لا يعقل معه أوقات الصلاة إجماعاً،كما يظهر من جماعة (2).

و كذا الذي يعقلها معه مطلقاً،كان قبل العقد أو تجدّد بعده مطلقاً.

على الأشهر الأظهر في الأول،بل كاد أن يكون إجماعاً،بل صرّح به بعض الأجلّة (3).

خلافاً لابن حمزة،فأطلق اشتراط عدم التعقّل (4)؛ للمرسل:«إن بلغ بالجنون مبلغاً لا يعرف أوقات الصلاة فرّق بينهما،و إن عرف أوقات الصلاة

ص:444


1- الكافي 5:3/353،الوسائل 20:441 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 14 ح 1.
2- منهم الشيخ في الخلاف 2:182،و الفاضل المقداد في التنقيح 3:178،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 13:219.
3- انظر المهذب البارع 3:365،نهاية المرام 1:336.
4- الوسيلة:311.

فلتصبر المرأة،فقد ابتُليت» (1).و ضعف سنده يمنع من العمل به،مع معارضته بالخبر الآتي،المعتضد بالشهرة و مفهوم الرضوي،و بهما يخُصّ المرسل و الأصل لو تمسّك به.

و على قولٍ في الأخير (2).خلافاً لأكثر القدماء،و هو الأصحّ؛ للرضوي:«إذا تزوّج رجل،فأصابه بعد ذلك جنون،فبلغ منه مبلغاً حتى لا يعرف أوقات الصلاة،فرّق بينهما،فإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة،فقد ابتُليت» (3).

و قصور السند منجبر بالشهرة،مع اعتباره و حجّيته في نفسه،مضافاً إلى موافقته الأصل،فلا يعارض شيئاً ممّا ذكر إطلاقُ الخبر أو عمومه:عن المرأة يكون لها زوج و قد أُصيب في عقله بعد ما تزوّجها أو عرض له جنون،فقال:

«لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت» (4)؛ لقصور سنده أولاً،مع عدم الجابر له في المقام جدّاً؛ و ضعف دلالته ثانياً،فليقيّد أو يخصّص،فسقط حجّة القول الأول.

و يظهر من بعض المتأخّرين المناقشة في أصل الحكم؛ لعدم ما يدلّ عليه ممّا يعتمد عليه؛ لضعف الأخبار،و أخصّية أكثرها عن المدّعى؛ لاختصاصه بالمتجدّد (5).

و يجبر الأول الشهرة،بل و الإجماع في الجملة،و الثاني عدم القول بالفرق بين الطائفة،مع إطلاق المرسلة المنجبر قصورها في أصل الحكم

ص:445


1- الفقيه 3:1629/338،الوسائل 21:226 أبواب العيوب و التدليس ب 12 ح 3؛ بتفاوت يسير.
2- قاله في المختلف:554.
3- فقه الرضا عليه السلام:237،المستدرك 15:53 أبواب العيوب و التدليس ب 11 ح 1.
4- الفقيه 3:1628/338،التهذيب 7:1708/428،الوسائل 21:225 أبواب العيوب و التدليس ب 12 ح 1.
5- انظر الحدائق 24:338.

بالشهرة،و فحوى ما دلّ على أنّه عيب في المرأة من النصوص المستفيضة (1)؛ بناءً على أنّ الرجل له التخلّص بالطلاق لو وجد فيها، فثبوت الخيار له مع ذلك ملازم لثبوته لها لو وجد فيه بطريق أولى؛ لعدم إمكان تخلّصها بدونه أصلاً.

و توقّفه (2)على ثبوت التعليل في الأصل ليستحقّ الأولويّة،و ليس بثابت؛ المناقشة فيه واضحة؛ إذ المستند في اعتباره فهم العرف لا ثبوت التعليل،كيف لا؟!و قد دلّ آية حرمة التأفيف (3)على حرمة الأقوى من أنواع الأذى،و مسلّم الدلالة عند العلماء؛ مع أنّه لا إشعار فيها بالتعليل فضلاً عن الظهور،و هو هنا ثابت،فمتابعته واجب.

و يومئ إلى ما ذكرنا من استناد حجّية الفحوى إلى فهم العرف لا إلى ثبوت التعليل تقسيم العلماء القياس الحجّة إلى:الأولوية،و المنصوص العلّة؛ فلو توقّف حجّية الأول على ثبوت العلّة لكان من الثاني،فلا وجه للتقسيم و جعل قسم الشيء قسيمه،فتأمّل جدّاً.

و بالجملة:لا ريب في فساد ما ذكر قطعاً.

و الثاني: الخِصاء بكسر الخاء مع المدّ،و هو:سلّ الأُنثيين و إخراجهما و إن أمكن الوطء،على الأظهر الأشهر بين الأصحاب؛ للمعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة دخل بها فوجدته خصيّاً،قال:«يفرّق بينهما،و يوجّع ظهره،و يكون لها المهر بدخوله

ص:446


1- الوسائل 21:207 أبواب العيوب و التدليس ب 1.
2- أي الفحوى المشار إليه.
3- الإسراء:23.

عليها» (1)،و نحوه الموثّقان (2).

خلافاً للمبسوط و الخلاف؛ محتجّاً بأنّه يولج و يبالغ أكثر من الفحل و إن لم ينزل،و عدم الإنزال ليس بعيب (3).

و هو اجتهاد صرف في مقابلة النصّ المعتضد بالشهرة،مع حجّيته في نفسه،فيخصّ به الأصل لو تمسّك به،و يقتصر فيه بمورده،و هو سبق العيب العقد؛ لظاهر لفظ التدليس فيه،و هو أصحّ الأقوال.

و ربما قيل بإطلاق ثبوت الخيار و لو تجدّد بعد الدخول (4).

و ربما فُصِّل،فاُثبت في المتجدّد قبله،و نُفي في المتجدّد بعده (5).

و لا يساعدهما النصوص،مع معارضتهما بالأصل السالم عن المعارض.

و في حكم الخصاء:الوِجاء،بالكسر و المدّ،و هو:رضّ الأُنثيين،بل قيل:إنّه من أفراده،و حكي عن بعض أهل اللغة (6).و هو حسن إن تمّ

ص:447


1- التهذيب 7:1722/432،الوسائل 21:227 أبواب العيوب و التدليس ب 13 ح 3.
2- ورد أحدهما في:الكافي 5:3/410،التهذيب 7:1720/432،الوسائل 21:226 أبواب العيوب و التدليس ب 13 ح 1. و الآخر في:الكافي 5:6/411،نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:164/76،الوسائل 21:227 أبواب العيوب و التدليس ب 13 ح 2.
3- المبسوط 4:250،الخلاف 4:348.
4- قاله في المهذب 2:235.
5- الحلّي في السرائر 2:612.
6- الكفاية:176.

القول (1)،و إلّا فللنظر فيه مجال،و الاقتصار على الأصل لازم.

و الثالث: العنن و هو على ما عرّفه الأصحاب كما حكي -:مرض يعجز معه عن الإيلاج؛ لضعف الذكر عن الانتشار.من دون تقييد بعدم إرادة النساء،و ربما يوجد في كلام بعض أهل اللغة (2)اعتباره.

و ثبوت الفسخ به في الجملة محلّ وفاق بين الطائفة،حكاه جماعة (3)؛ للمعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:«العنّين يتربّص به سنة،ثم إن شاءت امرأته تزوّجت، و إن شاءت أقامت» (4).

و الصحيح:عن امرأة ابتلى زوجها،فلم يقدر على الجماع،أ تفارقه؟ قال:«نعم،إن شاءت» (5)و نحوه بعينه غيره (6).

و مقتضاهما كغيرهما من حيث العموم الناشئ عن ترك الاستفصال تعليق الحكم على غير القادر على الجماع مطلقاً،أراد النساء أم لا،فيكون هو المراد بالعنّين المطلق في الصحيح الأول و غيره حقيقةً كان فيه كما هو ظاهر الأصحاب،أو مجازاً إن اعتبرنا القيد الماضي فيه و ذلك لأنّ أخبارهم عليهم السلام يكشف بعضها عن بعض.

ص:448


1- بأنه من أفراد الخصاء.منه رحمه الله.
2- كالقاموس(4:251)و المصباح المنير(433).منه رحمه الله.
3- منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 13:229،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:327،و صاحب الحدائق 24:343.
4- التهذيب 7:1716/431،الإستبصار 3:891/249،الوسائل 21:231 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 5.
5- الكافي 5:5/411،الوسائل 21:229 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 1.
6- التهذيب 7:1717/431،الإستبصار 3:892/249،الوسائل 21:231 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 6.

ثم المستفاد ممّا مضى من النصوص و غيرها:إطلاق الخيار،الشامل لصور تقدّم العيب قبل العقد و تجدّده بعده،كان قبل الدخول أو بعده، و على الاُولى الإجماع،و على الثانية و الثالثة الشهرة بين الطائفة،و يأتي تمام التحقيق في المسألة السادسة.

و الرابع: الجَبّ ،و هو:قطع الذكر كلّاً،أو بعضاً لا يبقى معه قدر الحشفة،و لو بقي فلا خيار إجماعاً.و ثبوت الخيار به مشهور بين الأصحاب،بل كاد أن يكون إجماعاً،و عن المبسوط و الخلاف نفي الخلاف عنه (1)؛ و هو الحجّة فيه.

مضافاً إلى فحوى ما دلّ على ثبوته بالخصاء و العنن،فإنّه أقوى عيباً منهما؛ لقدرة الخصي على الجماع في الجملة،و إمكان برء العنن،بخلاف المجبوب الذي لم يبق له ما يمكنه الوطء،فثبوت الخيار فيهما ملازم له فيه بطريق أولى.

و يعضده عموم ما مرّ من الصحيح و غيره:عن امرأة ابتلى زوجها، فلم يقدر على الجماع،أ تفارقه؟قال:«نعم،إن شاءت» (2).

فتردّد الماتن في الشرائع (3)لا وجه له،و النصّ بالخصوص غير لازم،و الأصل بما مضى مخصَّص.

و حيث كان من المتمسَّك به في إثبات الحكم هنا عموم الصحيح و غيره،وجب القول بثبوت الخيار على الإطلاق،سبق العيب العقد أو تأخّر

ص:449


1- حكاه عنهما كشف اللثام 2:70.
2- المتقدم في ص 445.
3- الشرائع 2:319.

عنه،لحق الوطء أو تقدّمه،كما عن الطوسي و القاضي (1)و جماعة (2)، و لعلّه الأشهر،بل حكي عن الأول الإجماع عليه صريحاً (3)،و إن حكي عنه في موضع آخر ما أشعر بانعقاد الإجماع على اختصاصه بالأول (4)؛ لعدم معارضة الظاهر الصريح.

و ربما قيل باختصاصه بالأول (5)؛ تمسّكاً بالأصل،و عدم المخرج عنه؛ لفقد الإجماع بالتعارض (6)،و انتفاء الفحوى فيما عداه؛ لاختصاص الخيار في الخصاء بسبقه العقد كما مرّ (7).

و يضعّف بثبوت المخرج؛ لكون الإجماع على العموم أقوى كما مضى،و عدم انحصار الفحوى في الخصاء؛ لثبوته في العنن الثابت به الخيار مع التجدّد بعد العقد،مع عدم انحصار المخرج فيما ذكر بعد إطلاق النصّ الدافع لذلك (8)،و للقول باختصاصه بغير المتجدّد بعد الوطء (9)؛ المستند إلى ثبوت الحكم هنا بفحوى ثبوته في العنن،المقتضي للاشتراك معه في عدم الخيار بعد الوطء كاشتراكه معه في ثبوته قبله؛ المضعّف بضعف المستند؛ إذ غايته إثبات الشركة في الثبوت لا العدم،فلا ينافي ثبوت الخيار

ص:450


1- الطوسي في المبسوط 4:263،القاضي في المهذب 2:233.
2- الإيضاح 3:175،التنقيح 3:180،المهذب البارع 3:368،مفاتيح الشرائع 3:306،كشف اللثام 2:70.
3- حكاه عنه في الإيضاح 3:175،و هو في المبسوط 4:264.
4- حكاه عنه في المسالك 1:525،و هو في المبسوط 4:252.
5- انظر كشف اللثام 2:70.
6- أي بتعارض الإجماعين في كلامي الشيخ.منه رحمه الله.
7- في ص 444.
8- أي هذا القول.منه رحمه الله.
9- انظر السرائر 2:612،الشرائع 2:319،المختلف:554.

في الفرع (1)بالنصّ في محلٍّ ينتفي فيه في الأصل (2)،و هو ما بعد الوطء.

و بالجملة:القول الأول أجود،و إن كان الاحتياط ممّا لا ينبغي أن يترك؛ لاحتمال حصول الشكّ في النصّ بعدم تبادر محلّ الفرض منه، و الإجماع بما مضى (3)،و إن كان بالإضافة إلى ما قابلة أقوى؛ بناءً على ضعف هذه القوّة الزائدة عن تخصيص الأصالة القطعيّة.

و كيف كان،فاتّحاده مع العنن ممّا لا ينبغي أن يستراب فيه،و يبقى الكلام في زيادته عليه،و الاحتياط لازم في مثله.

ثم إنّ حصر العيوب في الأربعة هو الأشهر بين الطائفة؛ للأصل، و الخبر المعتبر بوجود جمع مجمع على تصحيح رواياتهم في سنده كصفوان و أبان فلا يضرّ جهالة راويه،و فيه:«و الرجل لا يردّ من عيب» (4).

خلافاً للقاضي،فردّ بالجذام و البرص و العمى (5)،و للإسكافي،فردّ بها و بالعرج و الزناء (6).

و وافقهما شيخنا الشهيد الثاني في الأولين (7)؛ لعموم الصحيح:«إنّما يردّ النكاح من البرص و الجنون و الجذام و العفل» (8)فإنّه عامّ في الرجل

ص:451


1- و هو الجبّ.منه رحمه الله.
2- و هو العنن.منه رحمه الله.
3- من التعارض.منه رحمه الله.
4- الكافي 5:4/410،الفقيه 3:1707/357،التهذيب 7:1714/430،الإستبصار 3:896/250،الوسائل 21:229 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 2.
5- المهذب 2:231.
6- حكاه عنه في المختلف:552.
7- المسالك 1:524.
8- الكافي 5:6/406،الفقيه 3:1299/273،التهذيب 7:1701/426،الإستبصار 3:886/247،الوسائل 21:209 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 6.

و المرأة إلّا ما أخرجه الدليل.

و لأدائه إلى الضرر المنفيّ،فإنّه من الأمراض المعدّية باتّفاق الأطبّاء، و قد روي أنّه صلى الله عليه و آله و سلم قال:«فرّ من المجذوم فرارك من الأسد» (1)فلا بُدّ من طريق إلى التخلّص،و لا طريق للمرأة إلّا الخيار.

و النصّ و الفتوى الدالّان على كونهما عيباً في المرأة مع وجود وسيلة الرجل إلى الفرقة بالطلاق قد يقتضيه في الرجل بطريق أولى.

و في الجميع نظر؛ لمنع العموم في الصحيح؛ لاختصاصه بحكم التبادر و السياق بعيوب المرأة،فلا تعدية.

و منع حصر طريق التخلّص في الخيار،فقد يمكن بإجبار الحاكم بالطلاق،أو انتزاعها منه إلى حصول العلاج.و فيه مع ذلك استلزامه طرد الحكم في كلّ مرض معدّ،و لا أراه يلتزمه،مع مخالفته الإجماع.

و الأولويّة جيّدة،لولا الرواية المعتبرة في نفسها،المنجبرة هنا بالشهرة،و عدم القول بعمومها غير قادح في حجّيتها،كيف لا؟!و العامّ المخصَّص و لو بإجماع العلماء حجّة في الباقي حيث يبقى الأكثر كما هنا عند أصحابنا.

فالقول الأول لذلك،مع اعتضاده بالأصل المقطوع به أقوى.

و أمّا ما عدا الأمرين،فحجّة القائلين بالفسخ فيه غير واضح في البين، إلّا على القول بثبوت الخيار به في المرأة؛ للأولويّة المتقدّمة،و لكن يأتي فيها ما في سابقتها،و مع ذلك يتوقّف استناد القائلين إليها على قولهم بذلك.

ص:452


1- الفقيه 4:824/258،الوسائل 12:49 أبواب أحكام العشرة ب 28 ح 2.

هذا،مع ما في الأولويّة هنا من المناقشة الواضحة.

نعم،وردت الأخبار المستفيضة بالأمر بالتفريق بين الرجل و المرأة بزناه بعد العقد.

ففي الصحيح:عن رجل تزوّج بامرأة،فلم يدخل بها فزنى، ما عليه؟قال:«عليه الحدّ،و يحلق رأسه،و يفرّق بينه و بين أهله» (1).

و هي مع عدم ظهورها في الخيار و إنّما ظاهرها لزوم التفريق و لا قائل به معارضة بالأصل،و الصحيح:عن الرجل يزني قبل أن يدخل بأهله،أ يرجم؟قال:«لا» قلت:يفرّق بينهما إذا زنى قبل أن يدخل بها؟ قال:«لا» (2)و هما معتضدان بعمل الأصحاب،فلا يعارضهما شيء ممّا مضى.

و أمّا عيوب المرأة فهي سبعة وفاقيّة و خلافيّة.

فمن الأول: الجنون و هو:فساد العقل المستقرّ الغير المستند إلى السهو السريع الزوال أو الإغماء العارض مع غلبة المِرّة؛ لعدم صدق الإطلاق (3)مع الاستناد إلى أحد الأمرين عرفاً،و على تقديره فليس بمتبادر من إطلاق النصوص جدّاً،فلا يُخصّ الأصل باحتمال إرادة نحوه منها قطعاً.

و الجُذام بضمّ الجيم،و هو:مرض يظهر معه يبس الأعضاء و تناثر اللحم،بشرط التحقّق بظهوره على البدن،أو شهادة عدلين،أو

ص:453


1- الفقيه 3:1251/262،التهذيب 7:1966/489،قرب الإسناد:975/247،الوسائل 21:236 أبواب العيوب و التدليس ب 17 ح 2؛ بتفاوت يسير.
2- الكافي 7:8/179،الفقيه 4:77/29،الوسائل 21:236 أبواب العيوب و التدليس ب 17 ح 1.
3- أي إطلاق الجنون.منه رحمه الله.

تصادقهما عليه.لا مجرّد ظهور أماراته،من تعجّر (1)الوجه و إحمراره أو اسوداده،و استدارة العين و كمودتها إلى حمرة،و ضيق النفس،و بحّة الصوت،و نتن العرق،و تساقط الشعر.فإنّها قد تعرض من غيره، فلا يُخصّ بها الأصل المقطوع به.

نعم،مجموع هذه العلامات قد يفيد أهل الخبرة به حصوله،و العمدة على تحقّقه كيف كان.

و البرص و هو:البياض أو السواد الظاهران على صفحة البدن لغلبة البلغم أو السوداء،و يعتبر منه المتحقّق دون المشتبه بالبَهَق (2)و غيره؛ لما مرّ.

و القرن بسكون الراء و فتحها،قيل:هو عظم كالسنّ في الفرج يمنع الوطء،و لو كان لحماً فهو العَفَل (3)بالتحريك و في اتّحادهما أو تغايرهما خلاف بين اللغويين و الفقهاء،و أكثر الفريقين على الاتّحاد،و هو المرويّ في الخبرين:

أحدهما الصحيح:«المرأة تردّ من أربعة أشياء:من البرص، و الجذام،و الجنون،و القرن و هو العفل،ما لم يقع،فإذا وقع عليها فلا» (4)و نحوه الثاني (5).

ص:454


1- تعجّر بطنه أي تعكّن،و العُكنة:الطيّ الذي في البطن من السمن.راجع الصحاح 2:737 و 5:2165.
2- البَهَق:بياض يعتري الجلد يخالف لونه،ليس من البرص.الصحاح 4:1453.
3- قال به الشهيد الثاني في الروضة 5:390.
4- الكافي 5:16/409،الفقيه 3:1296/273،التهذيب 7:1703/427،الإستبصار 3:889/248،الوسائل 21:207 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 1.
5- الكافي 5:12/407،التهذيب 7:1702/427،الإستبصار 3:888/248،الوسائل 21:215 أبواب العيوب و التدليس ب 3 ح 2.

و يشهد له المعتبرة المكتفية بأحدهما عن الآخر،و هي مستفيضة في الاكتفاء بالعفل عن القرن.

منها الصحيحان:«يردّ النكاح من البرص و الجذام و الجنون و العفل» (1).

و ممّا اكتفي فيه بالقرن عنه الصحيح:عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرناً،قال:«هذه لا تحبل،و لا يقدر زوجها على مجامعتها،يردّها إلى أهلها صاغرة و لا مهر لها» قلت:فإن كان دخل بها؟قال:«إن علم بها قبل أن يجامعها ثم جامعها فقد رضي،و إن لم يعلم بها إلّا بعد ما جامعها فإن شاء أمسكها،و إن شاء سرّحها إلى أهلها،و لها ما أخذت منه بما استحلّ من فرجها» (2).

و الرضوي:«و إن تزوّج بامرأة فوجدها قرناء أو مجنونة إذا كان بها ظاهراً كان له أن يردّها على أهلها بغير طلاق» (3)و نحوه غيره (4).

و يستفاد من الصحيح السابق عليهما بمقتضى تعليل الردّ بعدم إمكان الوطء،أو عسره كما يظهر من ذيله دوران الحكم مدارهما حيث تحقّقا، في قرن أو عفل أو رتق،فلا ثمرة للاتّحاد و التغاير في الباب،و به صرّح بعض الأصحاب (5).

ص:455


1- تقدم أحدهما في ص:448،و الآخر في:التهذيب 7:1693/424،الإستبصار 3:880/246،الوسائل 21:210 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 10.
2- الكافي 5:18/409،التهذيب 7:1704/427،الإستبصار 3:890/249،الوسائل 21:208 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 4،بتفاوت يسير ينشأ ظاهراً من الخلط بين هذه الرواية و رواية حسن بن صالح.
3- فقه الرضا(عليه السلام):237،المستدرك 15:46 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 8.
4- المقنع:103،المستدرك 15:46 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 9.
5- نهاية المرام 1:331.

ثم المستفاد منه أيضاً كغيره (1)صريحاً مضافاً إلى إطلاق النصوص ثبوت الخيار بعسر الوطء أيضاً من دون اشتراط عدم الإمكان،و إليه مال جماعة (2)،تبعاً للماتن في الشرائع (3).

خلافاً للأكثر،بل لم ينقل فيه خلاف،و ربما احتمل كونه إجماعاً (4)، فإن صحّ و علمناه من غير جهة النقل أمكن المصير إليه،و إلّا فالمصير إلى الأول أولى؛ إمّا لعدم حجّية عدم ظهور الخلاف أصلاً،أو لأنّه لا يستفاد منه مع الحجّية سوى المظنّة المعارضة بمضاهيها،الحاصل من الأخبار المعتبرة المعمول بها عند جميع الطائفة،و هي أقوى قطعاً،فيُخصّ به الأصل، و يطرح المعارض (5).

هذا،مع ظهور الخلاف لنا من الماتن و جماعة من أصحابنا.

و كيف كان،فلا ريب أنّ مراعاتهم أحوط و أولى.

و الإفضاء و قد مضى تفسيره و الاختلاف فيه (6).

و النصوص بثبوت الخيار بهذه العيوب الخمسة مستفيضة،و قد مرّ ما يتعلّق بالأربعة الأُوَل،بقي المتعلّق بالأخير؛ و يدلّ عليه الصحيح:في الرجل تزوّج امرأة من وليّها،فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها،قال:فقال:«إذا دلّست العفلاء نفسها و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة

ص:456


1- الوسائل 21:214 أبواب العيوب و التدليس ب 3.
2- نهاية المرام 1:332،الكفاية:176،الحدائق 24:362.
3- الشرائع 2:320.
4- الكفاية:176،المسالك 1:526.
5- و هو الظن الحاصل من عدم ظهور الخلاف.منه رحمه الله.
6- راجع ص 68.

ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق» (1).

و صريحه كالخبرين المتقدّمين في الاكتفاء بالقرن عن العفل في التعبير جواز الفسخ و لو علم بالعيوب بعد الدخول،مع أنّه لا خلاف فيه يعتدّ به،و به صرّح بعض (2)،و استفيد من إطلاق النصوص الأُخر و الفتاوى.

نعم،ربما أشعر بعضها باختصاص الجواز بقبل الدخول،كالصحيح الدالّ على اتّحاد القرن و العفل،و قريب منه خبران آخران:

أحدهما:في الرجل إذا تزوّج المرأة فوجد بها قرناً و هو العفل أو بياضاً أو جذاماً«أنّه يردّها ما لم يدخل بها» (3)و نحوه الثاني (4).

و لكن ظاهرهما مع قصور السند العلم بالعيب قبل الدخول،و لا كلام فيه.

و الصحيح لا يعارض ما مرّ،مع احتمال حمل إطلاقه على صورة العلم بالعيب قبل الدخول.

ثم مقتضى الأصل و انتفاء المخرج عنه بالإضافة إلى حدوث هذه العيوب و ما سيأتي بعد العقد أو الدخول اختصاص الخيار بما عداهما، مع عدم الخلاف في نفيه في الثاني كما حكي (5)،و إن حكي عن المبسوط

ص:457


1- الكافي 5:14/408،التهذيب 7:1699/425،الإستبصار 3:885/247،الوسائل 21:211 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 1.
2- كالفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 2:307.
3- الكافي 5:12/407،التهذيب 7:1702/427،الإستبصار 3:888/248،الوسائل 21:215 أبواب العيوب و التدليس ب 3 ح 2.
4- الكافي 5:16/409،الفقيه 3:1296/273،التهذيب 7:1703/427،الإستبصار 3:889/248،الوسائل 21:207 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 1.
5- قاله في الحدائق 24:369.

و ظاهر الخلاف طرد الحكم فيه و في الأول (1)؛ تبعاً لإطلاق النصوص.

و لكن الأشهر خلافه؛ تمسّكاً بما مضى،و استضعافاً له باختصاصه بحكم التبادر و الفرض في أكثرها بغير محلّ البحث،و لا كلام فيه.

و من الثاني (2): العمى و الإقعاد و ثبوت الخيار و لو بعد الدخول بتقدّمهما العقد مشهور بين الأصحاب،بل عليه الإجماع عن المرتضى و ابن زهرة في الأول (3)؛ و هو الحجّة فيه،كالصحيح:الرجل يتزوّج المرأة،فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء،قال:«تردّ على وليّها، و يكون له المهر على وليّها،و إن كان بها زمانة لا يراها الرجل أُجيز شهادة النساء عليها» (4).

و الموثّق:«تردّ البرصاء و العمياء و العرجاء» (5).

و يستفاد منه (6)و من الصحيح المتقدّم في الإفضاء الحكم في الثاني؛ لتضمّنهما الفسخ بالزمانة الظاهرة،و هو منها و إن كانت مطلق العاهة،كما عن بعض أهل اللغة (7).

ص:458


1- حكاه عنهما في المسالك 1:528،و هو في المبسوط 4:252،الخلاف 4:349.
2- أي العيوب الخلافية.منه رحمه الله.
3- المرتضى في الناصريات(الجوامع الفقهية):212،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):611.
4- التهذيب 7:1694/424،الإستبصار 3:884/246،الوسائل 21:213 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 6،و في الجمع:و يكون لها المهر..
5- التهذيب 7:1696/424،الإستبصار 3:883/246،الوسائل 21:210 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 12.
6- أي من هذا الصحيح،لا الموثق.
7- القاموس 4:233،مجمع البحرين 6:260.

هذا،مضافاً إلى فحوى الخبرين هنا،لاستلزام الفسخ بالعرج الذي دلّا عليه،و هو أشهر و أقوى كما يأتي إيّاه هنا بطريق أولى كما لا يخفى.

و يُخصّ بالنصوص هنا و في الإفضاء الأصل و مفهوما الحصر و العدد فيما مرّ من المعتبرة.

فخلاف الشيخ في الخلاف و المبسوط (1)في الأول (2)ضعيف جدّاً، كخلاف غيره كما حكي (3)في الثاني (4).

و في ثبوت الخيار ب الرتق بالتحريك،و هو كما حكي عن أهل اللغة (5)و به صرّح العلّامة في القواعد (6)و جماعة (7):التحام الفرج بحيث لم يكن للذكر فيه مدخل.و عرّفه في التحرير:باللحم النابت في الفرج المانع عن الوطء (8)،فيرادف حينئذٍ العفل- تردّد ينشأ:

من الأصل و مفهومي الحصر و العدد فيما مرّ من الأخبار،مع عدم النصّ فيه.

و من تعليل الردّ بالقرن بمنعه الوطء في الصحيح و غيره كما مضى (9)الظاهر في دوران الحكم مداره حيث ما تحقّق و فحوى ما دلّ على

ص:459


1- الخلاف 4:346،المبسوط 4:249.
2- أي العمى.منه رحمه الله.
3- حكاه في المختلف عن الحلّي:553،و هو في السرائر 2:613.
4- أي الإقعاد.منه رحمه الله.
5- قاله الجوهري في الصحاح 4:1480،حكاه عنه في الكفاية:177.
6- القواعد 2:33.
7- جامع المقاصد 13:244،المسالك 1:527،نهاية المرام 1:333،التنقيح 3:181،الكفاية:177،الحدائق 24:366.
8- التحرير 2:28.
9- راجع ص 452.

الحكم في القرن و العفل مع إمكان الوطء معهما،فثبوت الحكم هنا بطريق أولى.هذا إن قلنا بتغايره لهما،و إلّا فهو داخل في مستندهما.

و هذا هو الأقوى كما حكي عن أكثر أصحابنا (1)،و ادّعى الإجماع عليه جماعة (2)،و اختاره المصنّف هنا و في الشرائع (3)بقوله: أشبهه:

ثبوته عيباً؛ لأنّه يمنع الوطء فيعمّه التعليل المثبت للحكم في القرن و العفل،و بأدلّته يُخصّ ما مضى من أدلّة المنع.

و يمنع دعوى عدم النصّ إن أراد ما يعمّ ذلك،و يجاب بعدم لزوم النصّ بالخصوص إن أراده منه،بل يكتفى بكلّ ما دلّ خصوصاً أو عموماً.

و لا تُرَدّ المرأة و لا الرجل بالعور مطلقاً (4)،بلا خلاف في الظاهر؛ للأصل،و مفهومي الحصر و العدد الماضيين،و خصوص الصحيح:

في الرجل يتزوّج إلى قوم و إذا امرأته عوراء و لم يبيّنوا له،قال:«لا تردّ» (5)مع عدم المعارض.

و لا بالزناء مطلقاً و لو حُدَّت فيه خلافاً للإسكافي،فردّ به مطلقاً،في الرجل و المرأة،سبق العقد أم لحق،حصل معه الحد أم لا (6).

ص:460


1- انظر كشف اللثام 2:72.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):611،جامع المقاصد 13:244،نهاية المرام 1:334.
3- الشرائع 2:320.
4- سبق العقد أم لحقه.منه رحمه الله.
5- الكافي 5:6/406،الفقيه 3:1299/273،التهذيب 7:1701/426،الإستبصار 3:886/247،الوسائل 21:209 أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 6.
6- حكاه عنه في المختلف:553.

و للصدوق،فردّ به في المرأة خاصّة مع لحوق العقد مطلقاً (1).

و لأكثر القدماء في المحدودة خاصّة (2).

و قد مضى الكلام فيه في بحث الكفّارة،و أنّ الأصحّ مختار الماتن و أكثر المتأخّرين.

و لا بالعَرَج على الأشبه وفاقاً للمقنع و ظاهر المبسوط و الخلاف و القاضي (3)؛ لما مضى.

خلافاً للأكثر،بل عن الغنية الإجماع عليه (4)،و هو الأظهر؛ للمعتبرين اللذين مضيا في الإقعاد و العمى (5)،و ليس فيهما التقييد بالبيّن إن أُريد به ما يزيد على مفهوم العرج كما عن الحلّي و المختلف و التحرير (6)و لا البلوغ حدّ الإقعاد كما في الشرائع و القواعد و الإرشاد (7)فلا وجه لهما.

و ليس في عدّ الزمانة عيباً في الصحيحين (8)ما يوجب التقييد بالأخير، فالأقوى عدّ مطلق العرج عيباً بعد تحقّقه؛ تمسّكاً بظاهر المعتبرين،و يُخصّ بهما ما مضى من أدلّة المنع في البين.

ص:461


1- المقنع:109.
2- انظر الوسيلة:311،و الغنية(الجوامع الفقهية):611،و المهذَّب 2:231،و المبسوط 4:239.
3- المقنع:104،المبسوط 4:249،الخلاف 4:346،القاضي في المهذب 2:231.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):611.
5- راجع ص 455.
6- الحلّي في السرائر 2:613،المختلف:553،التحرير 2:29.
7- الشرائع 2:320،القواعد 2:33،الإرشاد 2:28.
8- المتقدمين في ص 453 455.
أمّا الأحكام فمسائل سبع
اشارة

و أمّا الأحكام المتعلّقة بالعيوب فمسائل سبع

الاُولى لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدّد بعد الدخول :

الاُولى:لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدّد بعد الدخول مطلقاً، في امرأة كان أو رجل.

و في العيب المتجدّد بعد العقد تردّد،عدا العنن فلا تردّد له فيه كما يأتي.

و قيل:تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة و إن (1)تجدّد بعد العقد مطلقاً،و مضى تفصيل الكلام في ذلك ذيل كلّ عيب، و يظهر منه أنّ إطلاق العبارة ليس في محلّه،بل الأجود ما قدّمناه.

الثانية الخيار على الفور

الثانية:الخيار على الفور بلا خلاف،بل عليه الإجماع كما حكاه جماعة (2)؛ و هو الحجّة فيه،لا الاقتصار في الخروج عن أصالة اللزوم على القدر المتيقّن؛ لانعكاس الأصل بثبوت الخيار و اقتضائه بقاءه، مع اعتضاده بإطلاق النصوص،نعم في بعضها ما يدلّ على السقوط بالدخول (3)،و لكنّه غير الفوريّة،فتدبّر.

و كيف كان،فلو أخّر مَن إليه الفسخ مختاراً مع علمه بها،بطل خياره،سواء الرجل و المرأة.

و لو جهل الخيار أو الفوريّة،فالأقوى أنّه عذر؛ للأصل،و الإطلاقات، مع انتفاء المخصِّص لهما؛ بناءً على اختصاص الإجماع الذي هو العمدة

ص:462


1- القائل هو الشيخ في المبسوط 4:252،و الخلاف 4:349،و القاضي في المهذب 2:235.
2- جامع المقاصد 13:249،المسالك 1:528،الروضة 5:392،نهاية المرام 1:338،الكفاية:177،مفاتيح الشرائع 2:309،كشف اللثام 2:72،الحدائق 24:372.
3- الوسائل 21:أبواب العيوب و التدليس ب 1 ح 14،و ب 3 ح 2.

في التخصيص بغيره،فيختار بعد العلم على الفور.

و كذا لو نسيهما،أو مُنِع منه بالقبض على فيه،أو التهديد على وجهٍ يعدّ إكراهاً،فالخيار بحاله إلى زوال المانع؛ ثم يعتبر الفوريّة حينئذ.

الثالثة الفسخ فيه ليس طلاقاً

الثالثة:الفسخ فيه أي العيب بأنواعه ليس طلاقاً شرعيّاً إجماعاً و نصّاً؛ لوقوع التصريح به في الصحيح (1)و غيره (2)،فلا يعتبر فيه ما يعتبر في الطلاق،و لا يعدّ في الثلاث و لا يطّرد معه تنصيف المهر و إن ثبت في بعض موارده كما يأتي.

الرابعة لا يفتقر الفسخ بالعيوب إلى الحاكم

الرابعة:لا يفتقر الفسخ بالعيوب الثابتة عندهما في أيّهما كانت - إلى الحاكم على الأظهر الأشهر،بل كاد أن يكون إجماعاً؛ للأصل، و إطلاق النصوص،مع انتفاء المخرج عنهما.

خلافاً للإسكافي و الطوسي (3)؛ و هو شاذّ.

و لكن يفتقر إليه في العنن لضرب الأجل و تعيينه، لا فسخها (4)بعده،بل تستقلّ به حينئذ.

الخامسة إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر

الخامسة:إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر عليه للزوجة إجماعاً؛ للأصل،و النصوص:

منها الصحيح:«و إن لم يكن دخل بها فلا عدّة لها و لا مهر لها» (5)، و نحوه الصحيح الآتي.

ص:463


1- الوسائل 21:211 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 1.
2- الوسائل 21:212 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 2.
3- حكاه عن الإسكافي في المختلف:557،الطوسي في المبسوط 4:253.
4- أي المرأة.منه رحمه الله.
5- الكافي 5:14/408،التهذيب 7:1699/425،الإستبصار 3:885/247،الوسائل 21:211 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 1.

و في الخبر:«و لو أنّ رجلاً تزوّج امرأة،أو زوّجها رجل لا يعرف دخيلة أمرها،لم يكن عليه شيء،و كان المهر يأخذه منها» (1).

و أمّا لو فسخ بعده،فلها المسمّى على الأشهر الأظهر؛ لإطلاق النصوص:

منها الصحيح:في رجل تزوّج امرأة من وليّها،فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها،قال:فقال:«إذا دلّست العفلاء و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق،و يأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها،فإن لم يكن وليّها علم بشيء من ذلك فلا شيء عليه و تردّ إلى أهلها» قال:«و إن أصاب الزوج شيئاً ممّا أخذت منه فهو له،و إن لم يصب شيئاً فلا شيء له» الخبر (2).

و الصحيح:«من زوّج امرأة فيها عيب دلّسته فلم يبيّن ذلك لزوجها، فإنّه يكون لها الصداق بما استحلّ من فرجها،و يكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوّجها» (3)و نحوهما غيرهما (4).

خلافاً للشيخ،فخصّه بالفسخ بالمتجدّد بعد الدخول،و حكم بالمثل في المتجدّد قبله مطلقاً (5).و هو شاذّ،و مستنده ضعيف و اجتهاد في مقابلة

ص:464


1- الكافي 5:9/407،التهذيب 7:1697/424،الإستبصار 3:878/245،الوسائل 21:212 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 2؛ بتفاوت يسير.
2- تقدمت مصادره في الهامش(5)من الصفحة السابقة.
3- التهذيب 7:1723/432،الوسائل 21:214 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 7؛ بتفاوت يسير.
4- الفقيه 3:1299/273،التهذيب 7:1701/426،الإستبصار 3:884/246،الوسائل 21:213 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 5.
5- المبسوط 4:253.

النصوص.

و يستفاد منها أنّه يرجع به أي المهر الزوج على المدلِّس و به أفتى جماعة (1)مطلقاً،وليّاً كان أم غيره،حتى لو كان المدلِّس هو المرأة رجع به عليها أيضاً.

و يدلّ على الأخير بالخصوص الصحيح:في رجل ولّته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها،فوجدها قد دلّست عيباً هو بها،قال:«يؤخذ المهر منها،و لا يكون على الذي زوّجها شيء» (2)و قريب منه الخبر الذي مرّ قريباً.

و يستفاد منهما الرجوع بالمهر إليها مطلقاً من دون استثناء شيء مطلقاً،و به صرّح جماعة (3)،و هو أقوى.

خلافاً للمحكيّ عن الأكثر،فاستثنوا منه شيئاً،أمّا مهر أمثالها كما عن الإسكافي (4)،أو أقلّ ما يتموّل كما عن الأكثر (5)؛ لئلّا يخلو البضع عن العوض،و هو الأحوط و إن كان في تعيينه نظر.

و عليه،فالأصل و لزوم الاقتصار في مخالفة النصوص الحاكمة بالرجوع إلى الجميع على القدر الذي يندفع به الضرر يقتضي المصير إلى

ص:465


1- منهم المحقق في الشرائع 2:321،و السبزواري في الكفاية:177،و صاحب الحدائق 24:377.
2- الكافي 5:10/407،الفقيه 3:171/50،الوسائل 21:212 أبواب العيوب و التدليس ب 2 ح 4.
3- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:529،و سبطه في نهاية المرام 1:341،و صاحب الحدائق 24:378.
4- فقد حكاه عنه في المختلف:557.
5- جامع المقاصد 13:258،نهاية المرام 1:341.

ما قدّره الأكثر،و تعليل الاستثناء يقتضي المصير إلى ما قدّره الإسكافي، و هو الأحوط.

ثم إنّ إطلاق إثبات المهر لها و الحكم بالرجوع به إلى المدلِّس يقتضي ثبوته حيث لا مدلِّس،و هو كذلك؛ و ربما دلّت عليه النصوص المتقدّمة الحاكمة بأنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها (1)،و هي كالمنصوص العلّة في الحكم كما لا يخفى،و مقتضاها ثبوت المسمّى لا المثل ظاهراً.

و إذا فسخت الزوجة قبل الدخول بها فلا مهر لها بلا خلاف؛ لمجيء الفسخ من قبلها إلّا في العَنَن فلها ذلك على الأشهر الأقوى كما يأتي.

و لو كان الفسخ بعده أي الدخول- فلها المسمّى إجماعاً؛ لاستقراره بالدخول،و لا صارف عنه إلّا الفسخ،و هو غير معلوم الصلوح لذلك.

و لو فسخت الزوجة النكاح بالخصاء فالأشهر الأقوى أنّه يثبت لها المهر كملاً مع الخلوة بها و الدخول؛ لما مضى من النصوص فيه (2)،و إطلاقها كإطلاق العبارة يقتضي ثبوت الجميع بمجرّد الخلوة و إن لم يدخل بها.

و في الرضوي:«و إن تزوّجها خصي و قد دلّس نفسه لها و هي لا تعلم فرّق بينهما،و يوجّع ظهره كما دلّس نفسه،و عليه نصف الصداق،و لا عدّة عليها منه» (3)و إطلاقه يقتضي التنصيف مطلقاً.

ص:466


1- راجع ص 461.
2- راجع ص 443 444.
3- فقه الرضا(عليه السلام):237،المستدرك 15:53 أبواب العيوب و التدليس ب 12 ح 2.

و ربما يجمع بينهما بحمل الأول على صورة الدخول،و الثاني على العدم.و هو حسن؛ للصحيح المفصِّل المرويّ عن قرب الإسناد:عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة،ما عليه؟قال:«يوجع ظهره و يفرّق بينهما و عليه المهر كاملاً إن دخل بها،و إن لم يدخل بها فعليه نصف المهر» (1).

لكن القول به غير معروف؛ لأنّهم ما بين مصرّح بثبوت الجميع بالخلوة مطلقاً كما عن الشيخ (2)و أكثر الأصحاب (3)و مثبت للنصف خاصّة كذلك كما عن الصدوقين (4)عملاً بإطلاق الرضوي المتقدّم، و نافٍ للحكم من أصله كما عن الحلّي (5)للأصل.فالقول به مشكل.

و ينبغي القطع بثبوت الجميع بالدخول؛ لاستقراره به،مع عدم الخلاف فيه في الظاهر،و النصف مع عدمه إن خلا بها؛ للوفاق من العاملين بالنصوص عليه حينئذ،و يبقى الشكّ في النصف الآخر،و الاحتياط فيه لا يترك.

و قد ظهر من النصوص الدلالة على أنّه يعزَّر ؛ لمكان التدليس.

السادسة لو ادّعت عنَنَه فأنكر،فالقول قوله مع يمينه

السادسة:لو ادّعت عنَنَه أو غيره فأنكر،فالقول قوله مع يمينه للأُصول السليمة عن المعارض،فإن حلف استقرّ النكاح،و إن نكل

ص:467


1- قرب الإسناد:982/248،الوسائل 21:228 أبواب العيوب و التدليس ب 13 ح 5.
2- النهاية:488.
3- انظر نهاية المرام 1:343.
4- حكاه عنهما العلّامة في المختلف:556.و لكن الموجود في المقنع:104:فُرّق بينهما و تأخذ منه صداقها.
5- السرائر 2:617.

عنه و عن ردّه إليها ثبت العيب لو حُكِم به،و إلّا رُدَّت اليمين على المرأة، فإن حلفت ثبت العيب.و ليس لها ذلك إلّا مع العلم به بممارستها له،على وجه يحصل لها ذلك بتعاضد القرائن الموجبة له.

و أمّا اختباره (1)بجلوسه في الماء البارد،فإن استرخى ذكره فهو عنّين،و إن تشنّج فليس به كما عن ابني بابويه و ابن حمزة (2)،و ذكره الأطبّاء،و به رواية مرسلة في الفقيه (3)و الرضوي (4)فلم يعتبره المتأخّرون؛ زعماً منهم عدم النصّ لذلك،و ليس كذلك.

و في المرسل:أنّه يختبر بإطعامه السمك الطريّ ثلاثة أيّام،ثم يقال له:بُل على الرماد،فإن ثقب بوله الرماد فليس بعنّين،و إن لم يثقب بوله الرماد فهو عنّين (5).و ظاهر الفقيه العمل به؛ لروايته له فيه.

و مع ثبوته أي العنن- يثبت لها الخيار فيما إذا سبق العقد إجماعاً.

و كذا لو كان متجدّداً بعده:

مطلقاً على قول المفيد (6)و جماعة (7)؛ لإطلاق النصوص.

و مقيّداً بقبليّة الدخول،كما عن الأكثر (8)،بل عن ابن زهرة عليه

ص:468


1- أي العنن.منه رحمه الله.
2- الصدوق في المقنع:107،و حكاه عن والده في المختلف:556،ابن حمزة في الوسيلة:311.
3- الفقيه 3:1705/357،الوسائل 21:234 أبواب العيوب و التدليس ب 15 ح 4.
4- فقه الرضا(عليه السلام):237،المستدرك 15:56 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 1.
5- الفقيه 3:1706/357،الوسائل 21:234 أبواب العيوب و التدليس ب 15 ح 5.
6- المقنعة:520.
7- انظر المقنع:105،و التنقيح الرائع 3:195.
8- حكاه عنهم في نهاية المرام 1:344،و في الحدائق 24:384.

الإجماع (1)،و هو الأظهر؛ للأصل،و اختصاص النصوص بحكم التبادر بغير محلّ الفرض،و الخبرين:

أحدهما الموثّق:«إذا تزوّج الرجل امرأة،فوقع عليها مرّة ثم أعرض عنها،فليس لها الخيار،فلتصبر فقد ابتُليت،و ليس لأُمّهات الأولاد و لا للإماء ما لم يمسّها من الدهر إلّا مرّة واحدة خيار» (2).

و نحوه الثاني (3)،و ضعفه كقصور الأول منجبر بالأصل و الشهرة و الإجماع المحكي،فلا وجه للتوقّف في المسألة.

ثم مقتضى الأصل،و اختصاص العنّين المطلق في الأخبار بحكم التبادر بالعاجز عن النساء مطلقاً،توقُف الخيار على ما إذا عجز عن وطئها قبلاً و دبراً،و عن وطء غيرها و هو الأشهر بين أصحابنا؛ و ينصّ عليه الخبر:في العنّين«إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما» (4)و نحوه آخر (5)،و قصور السندين بالشهرة قد انجبر،مضافاً إلى ما مرّ.

خلافاً للمحكيّ عن المفيد،فلم يشترط العجز عن غيرها،و اكتفى بالعجز عنها (6)؛ لظاهر الصحيح:«إذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الإمام أن

ص:469


1- الغنية(الجوامع الفقهية):611.
2- التهذيب 7:1715/430،الإستبصار 3:897/250،الوسائل 21:231 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 8.
3- الكافي 5:10/412،الفقيه 3:1709/358،التهذيب 7:1712/430،الإستبصار 3:895/250،الوسائل 21:230 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 4.
4- الكافي 5:4/410،الفقيه 3:1707/357،التهذيب 7:1714/430،الإستبصار 3:896/250،الوسائل 21:229 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 2.
5- قرب الإسناد:983/249،الوسائل 21:232 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 13.
6- المقنعة:520.

يؤجّله سنة،فإن وصل إليها،و إلّا فرّق بينهما» (1)إذ مقتضاه الاكتفاء في الفسخ بعجزه عن وطئها و إن لم يعلم عجزه عن وطء غيرها،و فيه نظر.

و لو ادّعى الوطء قبلاً أو دبراً منها أو من غيرها فأنكرت ذلك فالقول قوله مع يمينه مطلقاً كان الدعوى قبل ثبوت العُنَّة،أو بعده على الأشهر.

و هو الأظهر في الأول؛ لرجوع الدعوى إلى إنكار العُنَّة،و للصحيح:

«إذا تزوّج الرجل المرأة التي قد تزوّجت زوجاً غيره،فزعمت أنّه لم يقربها منذ دخل بها،فإنّ القول في ذلك قول الرجل،و عليه أن يحلف باللّه لقد جامعها؛ لأنّها المدّعية» قال:«فإن تزوّجها و هي بكر،فزعمت أنّه لم يصل إليها،فإنّ مثل هذا يعرف النساء،فلينظر إليها من يوثق به منهن،فإذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الإمام أن يؤجّله[سنة]،فإن وصل إليها،و إلّا فرّق بينهما،و أُعطيت نصف الصداق،و لا عدّة عليها» (2).

و الرضوي:«و إذا ادّعت أنّه لا يجامعها عنّيناً كان أو غير عنّين فيقول الرجل:إنّه قد جامعها،فعليه اليمين،و عليها البيّنة؛ لأنّها المدّعية» (3).

و مشكل في الثاني؛ لكونه فيه مدّعياً زوال ما ثبت،فلا يلائم قبول قوله،و عُلِّل بأحد أمرين:

إمّا لعدم معلوميّة الفعل إلّا من قَبله،فيقبل قوله فيه،كدعوى المرأة

ص:470


1- الكافي 5:7/411،التهذيب 7:1709/429،الإستبصار 3:899/251،الوسائل 21:233 أبواب العيوب و التدليس ب 15 ح 1،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- الكافي 5:7/411،التهذيب 7:1709/429،الإستبصار 3:899/251،الوسائل 21:233 أبواب العيوب و التدليس ب 15 ح 1،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
3- فقه الرضا(عليه السلام):237،المستدرك 15:56 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 1.

انقضاء عدّتها بالأقراء.

و إمّا لعدم ثبوت العُنَّة قبل مضيّ السنة،و إنّما الثابت العجز الذي يمكن معه العُنَّة و عدمها،و لذا يؤجّل سنة،لينظر أ يقدر على الوطء أم لا،فإن قدر فلا عُنَّة،و إلّا ثبت فيرجع دعواه إلى إنكارها،فيصير كالأول (1).

و هو حسن إن تمّ كلّية الكبرى بإجماعٍ و نحوه في الأول،و صحّ دعوى كون التأجيل سنة لأجل إثبات العُنَّة.و لا بُدّ من التأمّل فيهما،سيّما الأخير.

و ربما احتجّ (2)له أيضاً بإطلاق الصحيح،و التبادر مع التعليل فيه يقتضيان اختصاص الحكم بالأول.

ثم إنّ مقتضاه اختصاص الحكم بالثيّبة،و لزوم العمل بشهادة النساء في الباكرة،و هو ينافي إطلاق الأكثر،كالعبارة و عبارة الرضوي المتقدّمة.

و ينبغي العمل عليه فيما لو ادّعى وطء قبلها و لا فيما عداه،بل ينبغي حينئذٍ قبول قوله مع اليمين؛ لموافقته الأصل،و عدم الوطء في القبل على تقدير ثبوت البكارة لا يستلزم العنن؛ لإمكان وطئه الدبر أو قبل غيرها، و معه لا عُنَّة على الأشهر الأقوى كما مضى (3).

و بهذا (4)صرّح بعض الأصحاب (5)،و هو حسن لولا الرضوي المطلق المعتضد بعمل الأصحاب،فلا يعارضه ذيل الصحيح.

ص:471


1- كذا فهمه صاحب الحدائق(24:389 400)من كلام المحقق الشيخ علي في جامع المقاصد 13:261،264.
2- انظر المختلف:555،التنقيح الرائع 3:195.
3- راجع ص 466.
4- أي باختصاص الحكم بالثيّب أو الباكر التي لم يدّع وطء قبلها.منه رحمه الله.
5- انظر الكفاية:177.

نعم،عليه جماعة من قدماء الأصحاب،لكن في البكر خاصّة (1).

و حكموا في الثيّب مع دعواه الوطء في قبلها بحشو الخَلُوق (2)في قبلها،ثم أمره بوطئها،فإن خرج على ذكره صدق،و إلّا فلا؛ للإجماع المحكيّ في الخلاف (3).و هو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف.

و الخبرين،أحدهما المرسل:عن رجل تدّعي عليه امرأته أنّه عنّين، و ينكر الرجل،قال:«تحشوها القابلة بالخَلُوق و لا يعلم الرجل،و يدخل عليها الرجل،فإن خرج و على ذكره الخَلُوق صدق و كذبت،و إلّا صدقت و كذب» (4)و نحوه الثاني (5).

و هما مع قصور سندهما زيادة على الإرسال في الأول ضعيفا الدلالة؛ لظهورهما في الحكم مع عدم ثبوت العُنَّة،و الجماعة كما حكي عنهم خصّوه ببعد الثبوت،و ظاهر الحكاية موافقة الجماعة للأكثر في تقديم قول الرجل مع اليمين مع عدم ثبوت العُنَّة؛ و مع ذلك فليسا كالإجماع المتقدّم يعارضان المعتبرين اللذين مضيا،فتأمّل جدّاً.

السابعة إن صبرت مع العنن فلا بحث

السابعة:إن صبرت الزوجة مع العنن بعد ثبوته بإحدى الطرق السابقة من دون مرافعة إلى الحاكم فلا بحث في لزوم العقد؛

ص:472


1- منهم الصدوق في المقنع:104.
2- الخَلُوق:طيب مركب يتخذ من الزعفران و غيره من أنواع الطيب و الغالب عليه الصفرة أو الحمرة.مجمع البحرين 5:157.
3- الخلاف 4:357.
4- الكافي 5:8/411،الفقيه 3:1704/357،التهذيب 7:1710/429،الإستبصار 3:900/251،الوسائل 21:233 أبواب العيوب و التدليس ب 15 ح 2.
5- الكافي 5:11/412،التهذيب 7:1713/430،الإستبصار 3:901/251،الوسائل 21:234 أبواب العيوب و التدليس ب 15 ح 3.

لفوريّة المرافعة،كما صرّح به الشيخ (1)و جماعة (2).

و إن لم تصبر،بل رفعت أمرها إلى الحاكم،أجّلها سنة ابتداؤها من حين الترافع بلا خلاف؛ للمرويّ في قرب الإسناد عن عليّ عليه السلام:

«أنّه كان يقضي في العنّين أنّه يؤجّل سنة من يوم مرافعة المرأة» (3).

فإن عجز عنها مطلقاً و عن غيرها كذلك فلها الفسخ و نصف المهر على الأشهر الأظهر مطلقاً؛ للصحيح المتقدّم (4)،و فيه التأجيل و تنصيف المهر،و نحوه في الأول الآخر:«العنّين يتربّص به سنة،ثم إن شاءت امرأته تزوّجت،و إن شاءت أقامت» (5)مضافاً إلى الإجماعات المحكيّة في كلام جماعة (6)فيه (7).

خلافاً للإسكافي في الموضعين،فنفى التأجيل و أجاز الفسخ من دونه إذا سبق العنن العقد (8)؛ للخبرين:

في أحدهما:«إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما» (9).

ص:473


1- المبسوط 4:264.
2- منهم القاضي في المهذب 2:236،و الشهيد الثاني في المسالك 1:530،العلّامة في التحرير 2:29،نهاية المرام 1:349.
3- قرب الإسناد:357/105،الوسائل 21:232 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 12.
4- في ص 467.
5- التهذيب 7:1716/431،الإستبصار 3:891/249،الوسائل 21:231 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 5.
6- انظر جامع المقاصد 13:266،و المسالك 1:530.
7- أي في الأول.منه رحمه الله.
8- حكاه عنه في المختلف:555.
9- الكافي 5:4/410،الفقيه 3:1707/357،التهذيب 7:1714/430،الإستبصار 3:896/250،الوسائل 21:229 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 2.

و في الثاني:عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع،تفارقه؟ قال:«نعم،إن شاءت» (1).

و ليس فيهما مع قصور السند و عدم التكافؤ لما مرّ مخالفة له،إلّا من جهة الإطلاق،و اللازم حمله عليه؛ لوجوب حمل المطلق على المقيّد.مع أنّه ليس فيهما التفصيل الذي ذكر،بل الثاني ظاهر في التجدّد،المحتاج إلى التأجيل بلا خلاف.

و أوجب المهر كملاً إذا خلا بها و إن لم يدخل بها (2)؛ عملاً على أصله الغير الأصيل كما سيأتي،مع معارضته بخصوص ما مرّ من الصحيح المنصّف له،و نحوه الرضوي:«عليها أن تصبر حتى يعالج نفسه سنة،فإن صلح فهي امرأته على النكاح الأول،و إن لم يصلح فرّق بينهما و لها نصف الصداق و لا عدّة عليها منه،فإن رضيت لا يفرّق بينهما،و ليس لها خيار بعد ذلك» (3).

نعم،في المرويّ في قرب الإسناد:عن عنّين دلّس نفسه لامرأة، ما حاله؟قال:«عليه المهر و يفرّق بينهما إذا علم أنه لا يأتي النساء» (4)و هو مع قصور السند،و عدم المقاومة لما مرّ ليس فيه التقييد بالخلوة كما ذكر.

ص:474


1- الكافي 5:5/411،الوسائل 21:229 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 1.
2- حكاه عنه أيضاً في المختلف:555.
3- فقه الرضا(عليه السلام):237،المستدرك 15:55 أبواب العيوب و التدليس ب 13 ح 4؛ بتفاوت يسير.
4- قرب الإسناد:983/249،الوسائل 21:232 أبواب العيوب و التدليس ب 14 ح 13.
تتمّة
اشارة

تتمّة مشتملة على أحكام التدليس و يتحقّق بأحد أمرين:

إمّا السكوت عن العيب مع العلم به.

أو دعوى صفة كمال من الزوجة أو من بحكمها للمتزوّج أو من بحكمه مع عدمها.

و المراد به هنا الثاني.و من فروعه:

ما

لو تزوّج على أنّها حرّة فبانت أمة فله الفسخ

لو تزوّج امرأة على أنّها حرّة أي شرط ذلك في متن العقد فبانت كلّاً أو بعضاً أمة صحّ العقد على الأشهر الأظهر،بل عن السرائر الإجماع عليه (1)؛ للأصل،و عموم الأمر بالوفاء بالعقد (2).

خلافاً للمبسوط و الخلاف،فأبطل (3)؛ و مستنده غير واضح،سوى لزوم الوفاء بالشرط،و يندفع بمنع العموم،و اختصاصه بغير المستحقّ،و إلّا فله الإسقاط؛ لكونه من حقوقه،فله رفع اليد عنه.

و ربما بُني البطلان على بطلان نكاح الأمة بغير إذن المولى (4).

و هو بعد تسليم المبنيّ عليه يقتضي اختصاصه بصورة عدم إذن المولى،و المفروض أعمّ منه.و مع ذلك،البطلان حينئذٍ ليس باعتبار التدليس،بل باعتبار عدم إذن المولى،و ليس ممّا نحن فيه.

ص:475


1- السرائر 2:614.
2- المائدة:1.
3- المبسوط 4:254،الخلاف 4:352.
4- المسالك 1:530.

و على الأول: فله الفسخ و إن دخل بها؛ عملاً بمقتضى الشرط، و له الإمضاء أيضاً؛ بناءً على صحّة العقد كما مضى.لكن إذا كان الزوج ممّن يجوز له نكاح الأمة،و وقع بإذن مواليها أو مباشرته،و إلّا بطل في الأول على القول به،و وقع موقوفاً على إجازته في الثاني على الأقوى كما مضى.

و لو لم يشترط الحرّية في متن العقد،بل تزوّجها على أنّها حرّة، و أخبرته بها قبله أو أخبره مخبر،ففي إلحاقه بما لو شرط نظر:

من ظهور التدليس الموجب للخيار.

و عدم الاعتبار بما تقدّم العقد من الشروط كما مضى في النصوص (1)،مع الأصل و عموم الأمر بالوفاء بالعقود.

و هذا أقوى،وفاقاً للمبسوط و المسالك (2)؛ لقوّة أدلّته،و منع كلّية (3)دليل خلافه.

خلافاً لظاهر عبارة المتن و الأكثر.

و ربما احتجّ (4)للحكم في الصورتين بالصحيح:في رجل تزوّج امرأة حرّة،فوجدها أمة قد دلّست نفسها،قال:«إن كان الذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح فاسد» قلت:فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال:«إن وجد ممّا أعطاها شيئاً فليأخذه،و إن لم يجد شيئاً فلا شيء له عليها،و إن كان زوّجها إيّاه وليّ لها ارتجع على وليّها بما أخذت منه،

ص:476


1- راجع ص 334.
2- المبسوط 4:254،المسالك 1:531.
3- و هي أنّ كلّ تدليس يوجب الخيار.منه رحمه الله.
4- انظر الكفاية:178،كشف اللثام 2:74 75.

و لمواليها عُشر قيمتها إن كانت بكراً،و إن كانت غير بكر فنصف عُشر قيمتها،بما استحلّ من فرجها» (1)و ليس فيه دلالة،كما صرّح به جماعة (2).

و لا مهر لها مطلقاً مع الفسخ لو لم يدخل بلا خلاف في الظاهر؛ و عُلِّل بمجيئه بشيء هو من قبلها (3).

و لو فسخ بعد ما دخل بها و كان التزويج بإذن المولى فلها المهر المسمّى على الأشبه الأشهر؛ لاستقراره بالدخول.

و قيل بالمثل (4)،و يدفعه كون الفسخ رفعاً للنكاح من حينه لا من أصله.

و يرجع به أي المهر حيث غرمه على المدلِّس بلا خلاف في الظاهر،و إن كان هو المرأة،إلّا أنّه إنّما يرجع عليها على تقدير عتقها و يسارها.

و في لزوم استثناء أقلّ ما يتموّل كما هو الأشهر أو مهر المثل كما عن الإسكافي أو العدم مطلقاً كما هو الأظهر خلافٌ قد مضى (5).

و لو كان المدلِّس مولاها،اعتبر عدم تلفّظه بما يقتضي العتق،و إلّا حكم بحريّتها ظاهراً،و صحّ العقد،و كان المهر لها مع رضاها سابقاً أو إجازتها لاحقاً.

ص:477


1- الكافي 5:1/404،التهذيب 7:1426/349،الإستبصار 3:787/216،الوسائل 21:185 أبواب نكاح العبيد و الإماء ب 67 ح 1.
2- منهم صاحب المدارك في نهاية المرام 1:352،و صاحب الحدائق 24:395.
3- راجع جامع المقاصد 13:260،كشف اللثام 2:74.
4- حكاه في الإيضاح 3:183،و كشف اللثام 2:74 عن ابن الجنيد.
5- في ص 462.

و قيل كما عن الصدوق و النهاية (1)و غيرهما (2):إنّ لمولاها العُشر إن لم يكن مدلِّساً للصحيح المتقدّم،و لا يخلو عن قوّة هنا و فيما إذا تزوّجها بغير إذن مولاها كما مضى.

هذا،إذا لم تكن عالمة بالتحريم،و إلّا جاء فيه الخلاف أيضاً في مهر البغيّ إذا كان مملوكاً،و الأصحّ عدم الفرق كما مضى (3).

و كذا تفسخ الحرّة لو بان زوجها الذي تزوّجته على أنّه حرّ سواء كان بالشرط في متن العقد أو قبله؛ لإطلاق الصحيح الآتي،بل عمومه- مملوكاً تزوّج بإذن مولاه.

و لا مهر لها لو فسخت قبل الدخول بها قطعاً؛ لمجيء الفسخ من قبلها.

و لها المهر المسمّى لو فسخت بعده على المولى لو تزوّج بإذنه،و إلّا فعليه،يتبع به بعد العتق.

و لا خلاف في شيء من ذلك؛ و هو الحجّة فيها،كالصحيح:عن امرأة حرّة تزوّجت مملوكاً على أنّه حرّ،فعلمت بعد أنّه مملوك،قال:«هي أملك بنفسها،إن شاءت أقرّت معه،و إن شاءت فلا،فإن كان دخل بها فلها الصداق،و إن لم يكن دخل بها فليس لها شيء،و إن هو دخل بها بعد ما علمت أنّه مملوك و أقرّت ذلك فهو أملك بها» (4).

و في الصحيح:«قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة حرّة دلّس لها عبدٌ

ص:478


1- الصدوق في المقنع:104،النهاية:477.
2- انظر الحدائق 24:397،نهاية المرام 1:352.
3- راجع ص 369.
4- الكافي 5:2/410،الفقيه 3:1369/287،التهذيب 7:1707/428،الوسائل 21:224 أبواب العيوب و التدليس ب 11 ح 1.

فنكحها و لم تعلم إلّا أنّه حرّ،قال:يفرّق بينهما إن شاءت المرأة» (1).

و لو اشترط كونها بنت مَهِيرة فبانت بنت أمة،فله الفسخ

و لو تزوّج امرأة و اشترط عليها أو على وليّها كونها بنت مَهِيرة بفتح الميم و كسر الهاء،فَعِيلة بمعنى:مفعولة،أي بنت حرّة تنكح بمهر و إن كانت معتقة في أظهر الوجهين،خلاف الأمة،فإنّها قد توطأ بالملك- فبانت بنت أمة،فله الفسخ إجماعاً في الظاهر،و صرّح به بعض الأصحاب أيضاً (2)؛ عملاً بمقتضى الشرط إن فسخ،و التفاتاً إلى لزوم الوفاء بالعقد إن لم يفسخ،و أنّ الشرط حقّ من حقوقه فله رفع اليد عنه.

و تقييد الحكم بالشرط هنا مشهور بين متأخّري الأصحاب؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن.

خلافاً لأكثر متقدّميهم كالنهاية و المهذّب و السرائر و الوسيلة (3)و غيرهم (4)فأطلقوا كالسابق،و لا دليل عليه.

و لا مهر لها لو فسخ قبل الدخول بها على الزوج إجماعاً، و كذا على الوليّ إن زوّجها على الأشهر الأظهر؛ للأصل،مع انتفاء المقتضي له.

خلافاً للشيخ في النهاية،فأثبت عليه (5)المهر (6)؛ و علّله الأصحاب بالرواية،و لم نقف عليها إلّا في المسألة الثانية،فإن أُريدت هي منها فلا وجه للتعدية،و هل هو إلّا قياس فاسد عند الإماميّة،بل و عند العامّة

ص:479


1- الكافي 5:1/410،الوسائل 21:224 أبواب العيوب و التدليس ب 11 ح 2.
2- انظر الغنية(الجوامع الفقهية):611.
3- النهاية:458،المهذب 2:237،السرائر 2:614،الوسيلة:311.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):611.
5- أي على الوليّ.
6- النهاية:485.

هنا؛ لكونه مع الفارق بالضرورة.و إن أُريد غيرها فهي مرسلة غير صالحة لتخصيص الأصل البتة،سيّما مع مخالفتها الشهرة العظيمة.

و يثبت المسمّى لو فسخ بعد ما دخل بها؛ للأصل،مع استقراره بالدخول.و يرجع الزوج به على من دلّسها،أباً كان أم غيره،حتى لو كانت هي المدلِّسة،فلا شيء لها على الأقوى،و يأتي فيه القولان اللذان مضيا (1).و لا خلاف في شيء من ذلك.

و لو تزوّج بنت المَهِيرة،فأُدخلت عليه بنت الأمة حرم عليه وطؤها بعد معرفتها،و لزمه ردّها لأنّها ليست زوجته و لها مع جهلها المهر مع الوطء بها بإجماع الطائفة في الجملة للشبهة و المعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:عن الرجل يخطب إلى الرجل ابنته من مَهِيرة،فأتاه بغيرها،قال:«تردّ إليه التي سمّيت له بمهر آخر من عند أبيها،و المهر الأول للّتي دخل بها» (2).

و نحوه الموثّق (3)،و الصحيح المرويّ كذلك (4)عن نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى (5)،و مرسلاً عن المقنع (6)،و المرسل المرويّ عن ابن

ص:480


1- في ص 474.
2- الكافي 5:5/406،التهذيب 7:1691/423،الوسائل 21:220 أبواب العيوب و التدليس ب 8 ح 1.
3- الكافي 5:4/406،التهذيب 7:1692/423،الوسائل 21:221 أبواب العيوب و التدليس ب 8 ح 2.
4- أي صحيحاً.منه رحمه الله.
5- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:177/80،الوسائل 21:221 أبواب العيوب و التدليس ب 8 ح 3.
6- المقنع:105،الوسائل 21:221 أبواب العيوب و التدليس ب 8 ح 2.

شهرآشوب في كتاب المناقب (1).

و مقتضاها لزوم المسمّى في عقد الأُولى للثانية،و عليه نصّ الطوسي و القاضي (2).

خلافاً للأكثر،فالمثل؛ عملاً بالقاعدة الكلّية في كلّ وطء للشبهة، و يمكن حمل المعتبرة على كون المسمّى مهر المثل لابنة الأمة،جمعاً بين الأدلّة.

و كيف كان يرجع الزوج به أي المهر الذي غرمه للثانية على من ساقها إليه لأنّه غرّه و أضرّه فعليه الغرامة و له زوجته و عليه دون الأب على الأشهر الأقوى مهرها المسمّى؛ لتعلّقه بالعقد بذمّته، فعليه تحصيل البراءة منه.

خلافاً للقاضي و الطوسي،فأبرأ ذمّته بتسليمه المسمّى إلى الثانية، و ألزما الأب به للأُولى (3)؛ عملاً بظواهر المعتبرة المتقدّمة،و يمكن إرجاعها إلى القاعدة.

ثم لا اختصاص لما مضى هنا به،بل جارٍ في كلّ موضع ادخل على الزوج غير زوجته بمقتضى القواعد الشرعيّة.

لو تزوّج اثنان فاُدخِل امرأة كلّ منهما على الآخر كان لكلّ موطوءة مهر المثل على الواطئ

و لو تزوّج اثنان امرأتين فاُدخِل امرأة كلّ منهما على الآخر،كان لكلّ موطوءة مع جهلها بالحكم أو الحال مهر المثل على الواطئ؛

ص:481


1- مناقب ابن شهرآشوب 2:376،بحار الأنوار 100:3/361،المستدرك 15:50 أبواب العيوب و التدليس ب 7 ح 1.
2- الطوسي في النهاية:485،القاضي في المهذب 2:238.
3- القاضي في المهذب 2:238،الطوسي في النهاية:485.

للشبهة الموجبة لذلك حيثما حصلت،و يرجع به على الغارّ لو كان هناك، حتى لو كانت هي الغارّ رجع به إليها،و لا مهر لها مطلقاً هنا قطعاً و اتّفاقاً حتى من مثبتي المثل أو أقلّ ما يتموّل فيما سبق (1)و ذلك لأنّها هنا بغيّ لا تستحقّ شيئاً أصلاً.

و عليها أي الموطوءة العدّة،و تعاد كلّ من المرأتين إلى زوجها،و عليه مهرها الأصلي المسمّى في متن العقد.

و لو مات أحد الزوجين ورثه الآخر،سواء كانت المرأة في عدّة الشبهة أم لا.بلا خلاف في شيء من ذلك؛ للأُصول،و الصحيح:في أُختين أُهديتا لأخوين،فأُدخلت امرأة هذا على هذا،و امرأة هذا على هذا،قال:«لكلّ واحدة منهما الصداق بالغشيان،و إن كان وليّهما تعمّد ذلك أغرم الصداق، و لا يقرب واحد منهما امرأته حتى تنقضي العدّة،فإذا انقضى العدّة صارت كلّ امرأة منهما إلى زوجها بالنكاح الأول» قيل له:فإن ماتتا قبل انقضاء العدّة؟قال:«يرجع الرجل بنصف الصداق على ورثتهما و يرثانهما الرجلان» قيل:فإن مات الزوجان و هما في العدّة؟قال:«ترثانهما،و لهما نصف المهر،و عليهما العدّة بعد ما تفرغان من العدّة الأُولى،تعتدّان عدّة المتوفّى عنها زوجها» (2).

ص:482


1- راجع ص 462.
2- الكافي 5:11/407،الفقيه 3:1269/267،التهذيب 7:1730/434،المقنع:105،الوسائل 20:513 أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 49 ح 2؛ بتفاوت يسير.

و لا بأس باشتماله على تنصيف المهر بالموت؛ إمّا للقول به كما يأتي (1)،أو لعدم خروج الخبر عن الحجّية بمثله بعد سلامة باقية عن مثله على الأشهر الأقوى،كما حُقّق في الأُصول مستقصى.

و يعضده في الجملة الصحيح:عن رجلين نكحا امرأتين،فأتى هذا بامرأة هذا،و هذا بامرأة هذا،قال:«تعتدّ هذه من هذا،و هذه من هذا،ثم ترجع كلّ واحدة إلى زوجها» (2).

لو تزوّجها بكراً فوجدها ثيّباً فلا ردّ

و لو تزوّجها ظانّاً كونها بكراً أو مخبراً به،أو مشترطاً إيّاه فوجدها ثيّباً مع عدم العلم بسبقها العقد و احتمال التجدّد فلا ردّ قطعاً،و وفاقاً للأصل،و ظاهر الصحيح:في الرجل يتزوّج المرأة على أنّها بكر فيجدها ثيّباً،أ يجوز له أن يقيم عليها؟قال:فقال:«قد تفتق البكر من المركب و من النزوة» (3)فتأمّل جدّاً.

و لو تزوّجها مشترطاً بكارتها،فوجدها ثيّباً قبل العقد بإقرارها،أو البيّنة،أو القرائن المفيدة للقطع به،فالأصحّ وفاقاً لأكثر المتأخّرين أنّ له الفسخ؛ عملاً بمقتضى الشرط اللازم الوفاء به.

خلافاً للمحكيّ عن الأكثر،فلا فسخ (4)؛ للأصل.و يندفع بما مرّ.

ثم إنّ فسخ قبل الدخول فلا مهر لها؛ لما مرّ،و بعده يجب المسمّى،

ص:483


1- في أحكام المهر.
2- التهذيب 7:1724/432،الوسائل 21:222 أبواب العيوب و التدليس ب 9 ح 2.
3- الكافي 5:1/413،التهذيب 7:1705/428،الوسائل 21:223 أبواب العيوب و التدليس ب 10 ح 1.
4- كشف اللثام 2:75.

و يرجع به على المدلِّس،و هو العاقد كذلك العالم بحالها،و إلّا فعليها إن دلّست،من دون استثناء شيء،أو استثناء مهر المثل،أو أقلّ ما يتموّل، كما قيل في نظائره (1).

و حيث لم يفسخ إمّا لعدمه،أو لاختياره البقاء ففي ثبوت نقص المهر،أو العدم،قولان،الأشهر الأظهر:الأول و ذلك لما في رواية صحيحة:أنّها ينقص مهرها (2) و عن القاضي و الحلبي:الثاني (3)؛ للأصل.و يجب الخروج عنه بما مرّ.

و على الأول،ففي تقديره خلاف بين الأصحاب:

فبين مطلِق«شيئاً» و لم يعيِّن؛ تبعاً لإطلاق النصّ،كما عن الطوسي (4).

و مقدِّر له،إمّا بالسدس؛ بناءً على أنّ«الشيء» سدس في الوصيّة به، كما عن الراوندي (5).

أو بنسبة ما بين مهر البكر و الثيّب،لا مجموع تفاوت ما بينهما؛ لئلّا يسقط جميع المسمّى في بعض المفروض،كما عن الحلّي (6)و جماعة (7).

ص:484


1- راجع ص 426.
2- الكافي 5:2/413،التهذيب 7:1472/363،الوسائل 21:223 أبواب العيوب و التدليس ب 10 ح 2.
3- القاضي في المهذب 2:213،الحلبي في الكافي:296.
4- النهاية:475.
5- حكاه عن كتابه«شرح مشكل النهاية» في جامع المقاصد 13:304.
6- حكاه عنه في المختلف:546.
7- منهم المحقق في الشرائع 2:322،و العلّامة في التحرير 2:30،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2:75.

أو بما يعيّنه الحاكم،كما نسب إلى الماتن (1)،و استقربه من المتأخّرين جماعة (2).

و لعلّ الثالث أقرب،فتدبّر.

و أمّا الثاني،فغلّطه الماتن في الشرائع (3)،و هو في محلّه؛ لأنّه قياس على ما لا يطّرد،مع أنّ الشيء من كلام الشيخ رحمه الله قطعاً للإبهام،تبعاً للرواية المتضمّنة للنقص المطلق.

ص:485


1- نسبه إليه في المهذب البارع 3:380،و هو في نكت النهاية 2:362.
2- منهم الشهيد الثاني في المسالك:532،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 13:305،و صاحب المدارك في نهاية المرام 1:358.
3- الشرائع 2:322.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.