ریاض المسائل فی تحقیق الاحکام بالدلایل المجلد 6

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الطباطبائي كربلائي، السید علي بن السيد محمد علي، 1161 - 1231ق.

عنوان واسم المؤلف:ریاض المسائل في تحقیق الاٴحکام بالدلائل المجلد 6/ تأليف السید علي بن السيد محمد علي الطباطبائي كربلائي؛ تحقیق موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث.

تفاصيل المنشور:قم: موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث، 1418ق.-= 1376-

مواصفات المظهر:16 ج.: نمونه.

الصقيع:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث؛ 204، 205، 206، 207، 212، 214.

ISBN: دوره: 964-319-088-9 ؛ 7500 ریال: ج. 9: 964-319-111-7 ؛ 8500 ریال: ج. 11: 964-319-273-3 ؛ 8500 ریال: ج. 12 964-319-274-1 : ؛ 8500 ریال: ج. 13 : 964-319-275-X ؛ ج. 15: 964-319-277-6 ؛ 9000 ریال: ج. 16: 964-319-278-4

حالة القائمة: الاستعانة بمصادر خارجية

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: هذا الكتاب تعليق على مختصرالنافع محقق حلي.

ملاحظة:ج.9 (الطبعة الأولى: 1419ق. = 1377).

ملاحظة:ج. 11 - 13 (مطبعة؟: 1421ق. = 1379).

ملاحظة:ج. 15و 16 (مطبعة؟: 1422ق. = 1380).

ملاحظة:فهرس.

عنوان:محقق حلي، جعفربن حسن، 672 - 602ق. المختصر النافع -- نقد و تفسیر

عنوان:فقه جعفري -- قرن 7ق.

المعرف المضاف:محقق حلي، جعفربن حسن، 676 - 602ق. المختصر النافع. شرح

المعرف المضاف:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث

ترتيب الكونجرس:BP182/م3م30216 1376

تصنيف ديوي:297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية:م 77-4774

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

بسم اللّه الرحمن الرحيم و به نستعين و به ثقتي و عليه توكّلي الحمد للّه رب العالمين و صلى اللّه على محمد و آله الطاهرين

ص:5

ص:6

كتاب الحج

اشارة

كتاب الحج و تتبعه العمرة،أو تدخل فيه؛ لما ورد أنّها الحجّ الأصغر (1).

و أُدخلت فيه الزيارة حثّا عليها،و تنبيهاً على نقصه بدونها،كما ورد في الأثر (2).

و النظر في الكتاب يقع تارةً في المقدمات و أُخرى في المقاصد.

ص:7


1- الوسائل 14:295 أبواب العمرة ب 1.
2- علل الشرائع:/459 1،عيون الأخبار 2:/265 28،الوسائل 14:324 أبواب المزار و ما يناسبه ب 2 ح 7.

ص:8

المقدمات

المقدمة الاُولى في بيان حقيقة الحجّ

المقدمة الاُولى في بيان حقيقته و حكمه اعلم أنّ الحجّ بالفتح في لغة،و بالكسر في أُخرى.و قيل:بالأول مصدر،و بالثاني اسم (1).يأتي في اللغة لمعان كما في القاموس (2)،أشهرها:

القصد،أو المكرّر منه خاصّة،حتى أن جماعة لم يذكروا غيرهما (3).

و في الشرع اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة عند الماتن و جماعة؛ للتبادر،و كذلك عند المتشرعة.

و عند الشيخ و جملة ممن تبعه (4):القصد إلى مكّة شرّفها اللّه تعالى لأدائها عندها،متعلقة بزمان مخصوص.و ربما قيل:مطلقاً (5).

و قد أُورد على كلٍّ من الفريقين إيرادات لا فائدة مهمة للتعرض لها، بل ينبغي صرف الهمّة بعون اللّه سبحانه إلى ما هو أهمّ منها و أولى.

فنقول و هو فرض على المستطيع للسبيل إليه من الرجال و الخناثي مطلقاً و النساء ؛ بالكتاب (6)،و السنّة (7)،و الإجماع.

ص:9


1- قال به الفيومي في المصباح المنير:121.
2- القاموس المحيط 1:188.
3- لسان العرب 2:226،النهاية لابن الأثير 1:340.
4- الشيخ في المبسوط 1:196،و تبعه الحلبي في الكافي:190،و ابن حمزة في الوسيلة:155.
5- انظر الدروس 1:306،و المسالك 1:86.
6- آل عمران:97.
7- الوسائل 11:16 أبواب وجوب الحج ب 2.

و إنّما يجب بأصل الشرع أي من غير جهة المكلّف مرة واحدة في مدة العمر؛ للأصل،و النصوص المستفيضة من طرق العامة و الخاصة (1).

و لا خلاف فيه أجده،إلّا من الصدوق في العلل (2)،فأوجبه على المستطيع في كلّ عام،كما في المستفيضة المتضمنة للصحيح و غيرها (3).

لكنها كقوله شاذة،مخالفة لإجماع المسلمين كافّة،كما صرّح به الشيخ في التهذيبين و الفاضلان في المعتبر و المنتهى (4)،فلتكن مطرحة،أو محمولة على الاستحباب،أو على أن المراد بكلّ عام يعني على البدل،كما ذكرهما الشيخ و الفاضل في التذكرة (5).

و زاد جماعة،فاحتملوا حملها على إرادة الوجوب كفايةً (6)،بمعنى لزوم أن لا يخلو بيت اللّه تعالى عن طائف أبداً،كما يستفاد من النصوص المستفيضة،المتضمنة للصحيحة و غيرها (7).

و خير المحامل أوسطها؛ لمنافاة ما عداه لما في بعض تلك الأخبار من التنصيص بأن اللّه تعالى فرض الحج على أهل الجِدَة في كلّ عام،و أن

ص:10


1- الوسائل 11:19 أبواب وجوب الحج ب 3؛ و انظر مسند أحمد 1:352،و سنن ابن ماجة 2:/963 2886،و سنن أبي داود 2:/139 1721.
2- علل الشرائع:405.
3- الوسائل 11:16 أبواب وجوب الحج ب 2.
4- التهذيب 5:16،الاستبصار 2:148،المحقق في المعتبر 2:747،العلامة في المنتهى 2:643.
5- التذكرة 1:296.
6- منهم:السبزواري في الذخيرة:549،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:275.
7- الوسائل 11:20 أبواب وجوب الحج ب 4.

ذلك قول اللّه عز و جل: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [1] الآية (1)فإنّ مفاد الآية الوجوب عيناً إجماعاً.

و الثاني بالخصوص لما في بعض النصوص الشاهدة عليه من تعميم ذلك للغني و الفقير،و ذكر مثل ذلك في زيارة النبي صلّى الله عليه و آله (2)،مع أنّ ظاهر تلك النصوص الاختصاص بأهل الجِدَة،و لم أر قائلاً بالوجوب مطلقاً فيهما،و يمكن جعله دليلاً على إرادة الاستحباب فيما عداه.

و يجب وجوباً مضيّقاً بأخبارنا و إجماعنا،كما صرّح به جماعة منّا مستفيضاً،كالناصريات و الخلاف و المنتهى و الروضة (3)،و غيرها (4).

و المراد بالفورية:وجوب المبادرة إليه في أول عام الاستطاعة مع الإمكان،و إلّا ففيما يليه،و هكذا.

و لو توقف على مقدّماتٍ من سفرٍ و غيره وجب الفور بها على وجهٍ يدركه كذلك.

و لو تعدّدت الرفقة في العام الواحد قيل:وجب السير مع أولها،فإن أخّر عنها و أدركه مع التالية،و إلّا كان كمؤخّره عمداً في استقراره،و اختاره في الروضة (5).

ص:11


1- الكافي 4:/265 5،التهذيب 5:/16 48،الإستبصار 2:/149 488،الوسائل 11:16 أبواب وجوب الحج ب 2 ح 1.
2- الكافي 4:/272 1،الفقيه 2:/259 1259،التهذيب 5:/411 1532،الوسائل 11:24 أبواب وجوب الحج ب 5 ح 2.
3- الناصريات(الجوامع الفقهية):208،الخلاف 2:257،المنتهى 2:642،الروضة 2:161.
4- إيضاح الفوائد 1:259،مجمع الفائدة 6:5.
5- الروضة 2:161.

و في إطلاقه نظر،و لذا خصّه الشهيد في الدروس بما إذا لم يثق بسفر الثانية (1)،و فيه أيضاً إشكال.

و الأوفق بالأصل جواز التأخير بمجرّد احتمال سفرها،كما احتمله بعض،قال:لانتفاء الدليل على فورية السير بهذا المعنى (2).انتهى.

و هو حسن،إلّا أنّ الأول ثم الثاني أحوط.

ثم إنّ هذا بالإضافة إلى أصل وجوب المبادرة إلى الخروج،بحيث يكون بالترك آثماً.

و أمّا بالإضافة إلى ثبوت الاستقرار الموجب للقضاء فما ذكره في الروضة متعيّن جدّاً؛ لعموم ما دلّ على وجوبه السليم عن المعارض أصلاً.

و قد يجب بالنذر و شبهه من العهد و اليمين و بالاستيجار للنيابة،وجب على المنوب عنه أم لا و الإفساد و لو للمندوب؛ بناءً على وجوبه و لو بالشروع.

و يستحب لفاقد الشرائط للوجوب مطلقاً كالفقير أي الذي لم يستطع و لو كان غنياً و المملوك مع إذن مولاه لعموم الترغيب فيه عموماً و خصوصاً،كما ستقف عليه.إن شاء اللّه تعالى.

ص:12


1- الدروس 1:314.
2- المدارك 7:18.

المقدمة الثانية في شرائط حجة الإسلام

اشارة

المقدمة الثانية في بيان شرائط حجة الإسلام و وجوبها.

و هي ستة:البلوغ،و العقل،و الحرّية و الاستطاعة،بلا خلاف في هذه الأربعة،بل عليها إجماع علماء الإسلام،كما في عبائر جماعة (1)، و النصوص بها مضافة إلى الكتاب العزيز في الأخير- (2)عموماً و خصوصاً مستفيضة (3).

و المراد بالاستطاعة عندنا: الزاد و الراحلة إن لم يكن من أهل مكة،و لا بها،بالإجماع كما في الناصريات و الخلاف و الغنية و المنتهى و التذكرة و السرائر (4)،بل فيه إجماع المسلمين عدا مالك،ثم فيه:و لو لا إجماع المسلمين على إبطال قوله لكان..إلى آخره.

و هو الحجة؛ مضافاً إلى النصوص المستفيضة:

منها الموثق (5)و الصحيح (6)المروي عن توحيد الصدوق في تفسير

ص:13


1- منهم:ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):573،و العلامة في المنتهى 2:648،650،652،و الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 6:51،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:296،و صاحب الحدائق 14:59،80.
2- آل عمران:97.
3- الوسائل 11:أبواب وجوب الحج الأبواب 12،15،19.
4- الناصريات(الجوامع الفقهية):207،الخلاف 2:245،الغنية(الجوامع الفقهية):573،المنتهى 2:652،التذكرة 1:301،السرائر 1:508.
5- الكافي 4:/267 2،التهذيب 5:/3 2،الإستبصار 2:/139 454،الوسائل 11:34 أبواب وجوب الحج ب 8 ح 4.
6- التوحيد:/350 14،الوسائل 11:35 أبواب وجوب الحج ب 8 ح 7.

الآية: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [1] ما يعني بذلك؟قال:« من كان صحيحاً في بدنه،مخلّى سَرْبه،له زاد و راحلة،فهو ممن يستطيع الحَج» .و نحوهما المروي عن تفسير العيّاشي (1).

و عن خبران آخران،في أحدهما أنها:« الصحة في بدنه و القدرة في ماله» (2).

و الثاني:« القوة في البدن و اليسار في المال» (3).

و منها:« إنما يعني بالاستطاعة الزاد و الراحلة،ليس استطاعة البدن» (4).

و منها:المروي عن العلل:« إنّ السبيل الزاد و الراحلة،مع الصحة» (5).

و قصور السند أو ضعفه حيث كان مجبور بعمل الأصحاب و ظاهر الكتاب،بناءً على عدم انصراف إطلاق الأمر إلّا إلى المستطيع ببدنه، فاعتبار الاستطاعة بعده ليس إلّا لاعتبار شيء آخر وراءه و ليس إلّا الزاد و الراحلة بإجماع الأُمة،و حمله على التأكيد خلاف الظاهر،بل الظاهر التأسيس.

ص:14


1- تفسير العياشي 1:/192 111،الوسائل 11:36 أبواب وجوب الحج ب 8 ح 10.
2- تفسير العياشي 1:/193 117،الوسائل 11:36 أبواب وجوب الحج ب 8 ح 12.
3- تفسير العياشي 1:/193 118،الوسائل 11:36 أبواب وجوب الحج ب 8 ح 13.
4- الكافي 4:/268 5،الوسائل 11:34 أبواب وجوب الحج ب 8 ح 5.
5- عيون الأخبار 2:/122 ضمن الحديث 1،الوسائل 11:35 أبواب وجوب الحج ب 8 ح 6.

و ما ورد في الصحاح و غيرها من الوجوب على من أطاق المشي من المسلمين (1)فلشذوذها و ندرتها محمولة على من استقرّ عليه فأخّره،أو التقية عن رأي مالك القائل به (2)كما مرّت إليه الإشارة أو الاستحباب، كما ذكره شيخ الطائفة (3)،و لا يخلو عن مناقشة.

و الجمع بين هذه النصوص و السابقة،بحملها على الغالب من توقف الاستطاعة على الزاد و الراحلة،دون هذه،فتحمل على المتمكن و لو من دونهما كما اتّفق لبعض المتأخّرين- (4)و إن كان في حدّ ذاته حسناً،إلّا أنّه فرع التكافؤ المفقود بما عرفت من شذوذ الأخبار الأخيرة،و مخالفتها الإجماعات المحكية حدّ الاستفاضة،المعتضدة بالأصل،و الشهرة العظيمة بين الخاصة و العامة،و ظاهر الآية الكريمة على ما عرفته.

نعم،يجب الاقتصار فيما خالف الأخبار الأخيرة على قدر ما اجتمعت فيه المرجحات المزبورة،و هو البعيد المحتاج في قطع المسافة إلى راحلة خاصة،و أما غيره من القريب و المكّي الغير المحتاجين إليها،فينبغي العمل فيهما بما تضمنته الأخبار الأخيرة،و به أفتى أيضاً جماعة و منهم الشيخ في المبسوط و الفاضل في المنتهى و التذكرة (5)كما قيل (6).

و يمكن تنزيلها كإطلاق الأكثر عليه أيضاً،زيادةً على ما عرفته، جمعاً.

ص:15


1- الوسائل 11:43 أبواب وجوب الحج ب 11.
2- بداية المجتهد 1:231.
3- انظر التهذيب 5:11.
4- المدارك 7:37.
5- المبسوط 1:298،المنتهى 2:652،التذكرة 1:301.
6- المدارك 7:36.

و يستفاد من الأخبار المتقدمة اعتبار الشرط السادس: و هو التمكن من المسير.و يدخل فيه الصحة من المرض المانع من الركوب و السفر و إمكان الركوب،و تخلية السرب بفتح السين المهملة و إسكان الراء أي:الطريق،و سعة الوقت.

مع أن في المنتهى إجماعنا عليه (1)،بل عن المعتبر:إنّ عليه إجماع العلماء (2).

و يدلُّ عليه و على أكثر الشروط المتقدمة بل كلّها عدم صدق الاستطاعة في العرف بدونها غالباً.

و نحو الصحيح:« من مات و لم يحجّ حجة الإسلام لم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به،أو مرض لا يطيق فيه الحج،أو سلطان يمنعه،فليمت يهودياً أو نصرانياً» (3).

و هل يعتبر الاستطاعة من البلد،كما عن شيخنا الشهيد الثاني (4)،أو يكفي حصولها في أيّ موضع اتّفق و لو قبل التلبس بالإحرام،كما هو خيرة جماعة (5)؟قولان:

ظاهر إطلاق الأدلة،بل عمومها:الثاني.

ص:16


1- المنتهى 2:654.
2- المعتبر 2:754.
3- الكافي 4:/268 1،الفقيه 2:/273 1333،التهذيب 5:/17 49،المقنعة:386،المحاسن:/88 31،عقاب الأعمال:/281 2،الوسائل 11:29 أبواب وجوب الحج ب 7 ح 1.
4- كما في المسالك 1:102.
5- منهم:صاحب المدارك 7:41،و السبزواري في الذخيرة:559،و صاحب الحدائق 14:87.

و نحوها الصحيح:في الرجل يمرّ مجتازاً يريد اليمن أو غيرها من البلدان و طريقه بمكة،فيدرك الناس و هم يخرجون إلى الحج،فيخرج معهم إلى المشاهد،أ يجزيه ذلك عن حجة الإسلام؟قال:« نعم» (1).

و حيث قد ثبت هذه الشروط و أعلم أنّها لا يجب على الصبي مطلقاً و لا على المجنون.

و يصح الإحرام من الصبي المميّز بإذن الولي بإجماعنا،كما عن ظاهر الخلاف (2)،بل قيل (3):بالإجماع و الصحاح (4)،و في ظاهر المنتهى و التذكرة،كما في المدارك و الذخيرة (5)أنه لا خلاف فيه بين العلماء.مع أنه قد حكي عن أبي حنيفة أنّه قد أبطله (6).

و في اشتراط إذن الولي وجهان،أوجههما نعم،كما عليه الأكثر كالفاضلين و الشهيدين و من تأخّر عنهما (7)،تبعاً للمحكي عن ظاهر المبسوط و الخلاف (8).

لا لما ذكروه من تضمّنه غرامة مال،و لا يجوز له التصرف في ماله بدون إذن الولي؛ فإنّه لا يخلو عن نظر،بل ورود المنع عليه ظاهر،كما

ص:17


1- الكافي 4:/275 6،الفقيه 2:/264 1283،الوسائل 11:58 أبواب وجوب الحج ب 22 ح 2.
2- الخلاف 2:378.
3- المفاتيح 1:296.
4- انظر الوسائل 11:286 أبواب أقسام الحج ب 17.
5- المنتهى 2:648،التذكرة 1:297،المدارك 7:23،الذخيرة:558.
6- حكاه عنه في بداية المجتهد 1:319.
7- المحقق في المعتبر 2:747،العلامة في التحرير 1:90،الشهيد الأول في الدروس 1:306،الشهيد الثاني في الروضة 2:163؛ و انظر الذخيرة:558،و كشف اللثام 1:276.
8- المبسوط 1:328،الخلاف 2:432.

صرّح به بعض من تأخّر (1).

بل للاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن من مورد الفتوى و النص،و هو الصبي المأذون؛ و ذلك لأنّ الإحرام عبادة متلقّاة من الشرع، يجب الاقتصار فيها على النص،و ليس إلّا من مرّ.

مضافاً إلى أنّ الصحة هنا بمعنى ترتب الكفارات عليه أو على الولي، و الهدي أو بدله،و لم يجز له التصرف بشيء من ذلك في المال،إلّا بإذن الولي،أو لورود نصّ من الشرع بذلك جليّ،و ليس،كما مرّ.

و لعلّ هذا مراد القوم مما مرّ من الدليل،و إن قصرت عبارتهم عن التعبير،و إلّا فلو ورد النص الجليّ بلزوم الكفارات عليه في ماله بإحرامه و لو من غير إذن الولي كيف يمكنهم المنع عنه بمثل ذلك الدليل؟! و بالجملة:فالظاهر أنّ مقصودهم وجوب الاقتصار فيما خالف الأصل على مورد الدليل،و ليس فيه كما عرفت تعميم.

و كذا يصح الإحرام بالصبي غير المميز بأن يجعله الولي مُحرماً و يأتي بالمناسك عنه،قيل:بلا خلاف (2)؛ للصحاح (3).

قالوا: و كذا يصح الإحرام بالمجنون قيل:لأنّه ليس أخفض منه (4).و هو قياس مع الفارق.

و لو حُجّ بهما لم يجزئهما عن الفرض بل يجب عليهما مع الكمال و تحقق باقي الشروط الاستئناف،بلا خلاف،بل في ظاهر المنتهى

ص:18


1- المدارك 7:23.
2- أشار إليه في الحدائق 14:64،و انظر المفاتيح 1:296.
3- الوسائل 11:286 أبواب أقسام الحج ب 17.
4- قال به العلامة في المنتهى 2:649،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:296.

و صريح غيره (1)الإجماع؛ للأصل،و النصوص:

منها،الموثق كالصحيح:عن ابن عشر سنين يحجّ،قال:« عليه حجة الإسلام إذا احتلم،و كذلك الجارية إذا طمثت» (2)و نحوه الخبر (3).

و يستفاد منهما استحباب الحجّ بالصبية أو حجها كالصبي،و به قطع بعض الأصحاب،فقال:و لا ريب أنّ الصبية في معناه،مع أنّه اعترف بأنّ ما وقفت عليه في هذه المسألة و أشار بها إلى المسألة السابقة مختص بالصبي (4).

و لعلّه غفل عن هذه الروايات،مع أنّه قُبَيل ذلك رواها في هذه المسألة،أو أراد اختصاص الروايات بالحجّ بالصبي لا حجّه،و ليس في هذه الروايات إشعار بأحد الأمرين،بل ظاهرها الثاني.

و يصح الحجّ من العبد بل المملوك مطلقاً مع إذن المولى و إن لم يجب عليه لما مضى لكن لا يجزئه عن الفرض يعني حجّة الإسلام بعد انعتاقه و استكماله الشرائط،بل يجب عليه إعادتها.

إلّا أن يدرك أحد الموقفين معتقاً فيجزئه عنها.

بلا خلاف في شيء من ذلك بيننا أجده،بل على جميعه الإجماع في عبائر جماعة،كالخلاف و المنتهى و غيرهما (5)،بل على الصحّة و عدم

ص:19


1- المنتهى 2:649؛ المفاتيح 1:296.
2- الفقيه 2:/266 1296،الوسائل 11:44 أبواب وجوب الحج ب 12 ح 1.
3- الكافي 4:/276 8،التهذيب 5:/6 14،الإستبصار 2:/146 476،الوسائل 11:45 أبواب وجوب الحج ب 12 ح 2.
4- المدارك 7:26.
5- الخلاف 2:379،المنتهى 2:650؛ و انظر مجمع الفائدة 6:51،و المدارك 7:30،و كشف اللثام 1:287 288.

الاجزاء قبل إدراك الموقفين معتقاً إجماع العلماء في المنتهى.

كلّ ذلك للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح:« المملوك إن حجّ و هو مملوك أجزأه إذا مات قبل[أن يعتق]فإن أعتق فعليه الحجّ» (1).

و فيه:مملوك أُعتق يوم عرفة،قال:« إذا أدرك أحد الوقوفين فقد أدرك الحجّ» (2).

و أمّا الموثق أو الصحيح:« أيّما عبد حجّ به مواليه فقد قضى حجّة الإسلام» (3)فمحمول على ما إذا أدرك الموقف،أو على أنّ المراد إدراك ثواب حجّة الإسلام ما دام مملوكاً،كما ربّما يستأنس له بملاحظة الصحيح السابق و غيره،و فيه:« الصبي إذا حجّ به فقد قضى حجّة الإسلام حتى يكبر،و العبد إذا حجّ به فقد قضى حجّة الإسلام حتّى يعتق» (4).

و هل يشترط في الإجزاء حيث ثبت تقّدم الاستطاعة و بقاؤها؟ قال الشهيدان نعم (5)،و لكن استشكله ثانيهما إن أحلنا ملكه.

و لذا اعترض الأول جماعة بناءً على إحالة ملكه (6).و هو حسن لو انحصرت الاستطاعة في ملكية المال من الزاد و الراحلة،حيث إنّه

ص:20


1- الفقيه 2:/264 1287،الوسائل 11:49 أبواب وجوب الحجّ ب 16 ح 1،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدرين.
2- الفقيه 2:/265 1290،التهذيب 5:/5 13،الإستبصار 2:/148 485،الوسائل 11:52 أبواب وجوب الحج ب 17 ح 2.
3- التهذيب 5:/5 11،الإستبصار 2:/147 483،الوسائل 11:50 أبواب وجوب الحج ب 16 ح 7.
4- الفقيه 2:/267 1298،الوسائل 11:49 أبواب وجوب الحج ب 16 ح 2.
5- الشهيد الأول في الدروس 1:309،الشهيد الثاني في الروضة 2:165.
6- منهم:صاحب المدارك 7:31،و السبزواري في الذخيرة:558.

لا يملكهما،و أمّا مع عدمه بحصولها بالقدرة على المشي،كما مرّ في القريب و المكّي،فاعتبارها حسن.

و حيث إنّ الإتمام هنا لمّا جامع الاستطاعة التي للمكّي غالباً،و كانت كافية للوجوب هنا و إن كانا نائيين كما قيل (1)،و يقتضيه إطلاق الآية و النصوص لم يشترطها النصوص و الأكثر،التفاتاً إلى الأغلب.

و الشهيد؛ لم يلتفت إليه،و تعرّض لشقوق المسألة في نفس الأمر، لكن اعتباره سبق الاستطاعة ربّما كان فيه إيماء إلى الاستطاعة المالية،كما فهمه الجماعة.

و ممّن صرّح بالوجوب هنا بالتمكن من الحجّ و لو لم يستطع سابقاً الفاضل في التحرير،فقال:و لو أُعتق قبل الوقوف أو في وقته،و أمكنه الإتيان بالحج عليه ذلك (2).

و نحوه عنه في التذكرة،بزيادة إلحاقه الصبي إذا بلغ،معلّلاً به أصل الحكم فيهما بأنّ الحجّ واجب على الفور،فلا يجوز لهما تأخيره مع إمكانه،كالبالغ الحرّ.

إلى أن قال خلافاً للشافعي.و متى لم يفعلا الحجّ مع إمكانه فقد استقرّ الوجوب عليهما،سواء كانا موسرين أو معسرين؛ لأنّ ذلك وجب عليهما بإمكانه في موضعه،فلم يسقط بفوات القدرة بعده (3)انتهى.

و ما ذكرنا ظهر ضعف ما في المدارك و الذخيرة (4)من عدم اعتبار

ص:21


1- كشف اللثام 1:286.
2- التحرير 1:91.
3- التذكرة 1:299.
4- المدارك 7:31،الذخيرة:558.

الاستطاعة مطلقاً،لإطلاق النص؛ و ذلك لأن الإطلاق لا عموم فيه، فينصرف إلى الغالب،و هو حصول الاستطاعة البدنية المعتبرة في نحو المسألة،كما عرفته،فلا يشمل ما لو لم يكن هناك استطاعة بالكلية فتكلّف الحجّ بجهد و مشقة،فكيف يمكن الحكم بالإجزاء عن حجّة الإسلام لو استطاع بعده؟ ثم لو سلّم الإطلاق أو العموم لكان معارضاً بعموم ما دلّ على شرطية الاستطاعة من الكتاب و السنّة.

و التعارض بينهما تعارض العموم و الخصوص من وجه،فلا بدّ لترجيح هذا الإطلاق من دلالة،و هي مفقودة.و لو وجدت من نحو أصل البراءة لكانت هي الحجّة،دون الإطلاق،مع أنّ العمل به مشروط بتكافؤ المتعارضين و تقاومهما.

و لا ريب أنّ عموم الشرطية أقوى سنداً و متناً و دلالة،بل ربما يظهر من بعضهم كونها مجمعاً عليها (1)،فإذاً عدم الإجزاء حيث لم يستطع مطلقاً لعلّه أقوى.

ثمّ إنّ ما مرّ عن التذكرة من إلحاق الصبي بالعبد في إجزاء حجّه عن حجة الإسلام بكماله عند أحد الموقفين محكي عن المبسوط و الخلاف و الوسيلة (2)،بل هو المشهور بن الأصحاب،كما صرّح به جماعة (3)و زادوا المجنون أيضاً،مع أن إلمحكي عن الكبت المزبورة الصبي خاصة.

و كيف كان،فلم نقف له على حجّة يعتدّ بها،عدا ما يحكي عن

ص:22


1- الحدائق 14:80.
2- المبسوط 1:297،الخلاف 2:378،الوسيلة:195.
3- منهم الشهيد في المسالك 1:87،و صاحب الحدائق 14:60؛ و نسبه في الكفاية:56 إلى الأكثر.

التذكرة و الخلاف من الإجماع،و عليه اعتمد في المسالك،قائلاً:إنّه لا مخالف على وجه يقدح (1)و لا بأس به،سيّما مع اعتضاد النقل بالشهرة الظاهرة،و المحكية حدّ الاستفاضة،و بسائر ما ذكروه من الأدلة،و إن كان في بلوغها حدّ الحجيّة مناقشة.

هذا،و لا ريب أنّ الأحوط الإعادة بعد الاستطاعة.

و من لا راحلة له و لا زاد حيث يشترطان في حقه لو حجّ كان ندباً و لو قدر على المشي و تحصيل الزاد بقرض و نحوه.

و يعيد لو استطاع بلا خلاف،بل عليه الإجماع في صريح الخلاف و المنتهى (2)،و غيرهما (3)،إلاّ أنّ فيهما التعبير عن الإجماع ب:

عندنا،الظاهر فيه،و ليس نصاً؛ و هو الحجّة،مضافاً إلى ما مرّ من الأدلة على شرطية الاستطاعة.

فيكون الحجّ مع فقدها كالصلاة قبل وقت الفريضة،و أداء الزكاة قبل وقت وجوبها.

و كذا الحكم في فاقد باقي شروط الوجوب،كما هو صريح جماعة (4)،و حكي عن المشهور.

خلافاً لمحتمل العبارة و صريح الدروس،ففرّق بين فاقد الزاد و الراحلة فلا يجزي،و غيره كالمريض،و الممنوع بالعدوّ و تضيق الوقت

ص:23


1- المسالك 1:87.
2- الخلاف 2:246 247،المنتهى 2:652.
3- انظر كشف اللثام 1:290.
4- منهم:العلّامة في المنتهى 2:659،و الأردبيلي في مجمع الفائدة 6:50،و الفيض في المفاتيح 1:296.

و المغصوب،فيجزئ،قال:لأنّ ذلك من باب تحصيل الشرط،فإنّه لا يجب،و لو حصّله أجزأ (1).

و فيه نظر،فإنّ الحاصل بالتكلّف،الحجّ،أو السير إليه،لا الصحة و أمن الطريق اللذان هما الشرط.

فإذاً المتجه عدم الفرق.

و لو بُذل له الزاد و الراحلة و نفقة له و لعياله لذهابه و عوده صار بذلك مستطيعاً مع استكمال الشروط الباقية إجماعاً،كما في صريح الخلاف و ظاهر المنتهى (2)،و عن صريح الغنية و ظاهر التذكرة (3)؛ و لصدق الاستطاعة بذلك،و خصوص الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح:فإن عرض عليه الحجّ فاستحيى،قال:« هو ممّن يستطيع الحج،و لِمَ يستحي و لو على حمار أجدع،فإن كان يستطيع أن يمشي بعضاً و يركب بعضاً فليفعل» (4)و في معناه غيره (5).

و إطلاقها يقضي عدم الفرق،بين تمليك المبذول و عدمه،و لا بين وجوب الذل بنذر و شبهه و عدمه،و لا بين وثوق بالباذل و عدمه.

خلافاً للحلّي فاشترط الأول (6)،و للمحكي عن التذكرة فالثاني (7)،

ص:24


1- الدروس 1:314.
2- الخلاف 2:251،المنتهى 2:652.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):583،التذكرة 1:302.
4- التهذيب 5:/3 4،الإستبصار 2:/140 456،الوسائل 11:39 أبواب وجوب الحج ب 10 ح 1.
5- الكافي 4:/266 1،التهذيب 5:/3 3،الإستبصار 2:/140 455،الوسائل 11:40 أبواب وجوب الحج ب 10 ح 5.
6- السرائر 1:517.
7- التذكرة 1:302،و حكاه عنه في المدارك 7:46،و الذخيرة:560.

و للدروس فأحدهما (1)،و للمدارك و الذخيرة (2)و غيرهما (3)فالثالث.

و لا دليل على شيء من هذه،عدا الأخير فيتوجه،دفعاً للعسر و الحرج اللازمين لعدم الوثوق،المنفيين إجماعاً،كتاباً و سنّةً و فتوى،و بها يقيّد إطلاق النصوص المتقدمة،عدم معلومية انصرافه إلى مفروضنا، لاختصاصه بحكم التبادر بغيره.

و لو وهب له مال و أُطلق لم يجب القبول على المشهور؛ لأنه اكتساب،و هو غير واجب له،بخلاف البذل،لأنّه إباحة،فيكفي فيها الإيقاع،و بذلك يتّضح الفرق بينهما.

و لو قيّدت بشرط أن يصرفه في الحجّ،فهل هو كالهبة المطلقة فلا يجب بذلك الحجّ،أم كالبذل فيجب؟ وجهان:أحوطهما الثاني وفاقاً لشيخنا الشهيد الثاني (4).

خلافاً للشهيد الأول فاختار الأول (5)،و لعلّه الأظهر؛ لأن اشتراط الصرف في الحجّ لا يخرجه عن الهبة المحتاجة إلى القبول الملحق لها بالاكتساب الغير الواجب بلا خلاف،و دخولها في إطلاق النصوص غير واضح.

و لو حجّ به بعض إخوانه بأن استصحبه معه منفقاً عليه،أو أرسله إلى الحجّ فحجّ أجزأه عن الفرض فلا يحتاج إلى إعادته لو

ص:25


1- الدروس 1:310.
2- المدارك 7:46،الذخيرة:560.
3- انظر كشف اللثام 1:289.
4- الروضة 2:166.
5- الدروس 1:310.

استطاع فيما بعد،وفاقاً للأكثر كما في المدارك (1)،بل المشهور كما في الذخيرة (2)،بل في غيرهما:إنّ عليه فتوى علمائنا (3).

للصحيح:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل لم يكن له مال فحجّ به رجل من إخوانه،هل يجزي ذلك عنه عن حجّة الإسلام،أو هي ناقصة؟قال:« بل هي حجّة تامّة» (4).

مضافاً إلى الأصل،و اتفاق من عدا الصدوق (5)على أنّ الحجّ إنّما يجب مرة بأصل الشرع.

خلافاً للإستبصار فيعيد مع اليسار؛ للخبر:عن رجل لم يكن له مال، فحجّ به أُناس من أصحابه،أ قضى حجة الإسلام؟:قال:« نعم،و إن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحجّ» قلت هل تكون حجّة تامة أم ناقصة إذا لم يكن حجّ من ماله؟قال:« نعم قضي عنه حجّة الإسلام،و تكون تامة و ليست بناقصة،و إن أيسر فليحجّ» (6).

و نحوه آخر:« لو أنّ رجلاً أحجّه رجل،كانت له حجّة،فإن أيسر بعد ذلك كان عليه الحجّ،و كذلك الناصب» (7).

ص:26


1- المدارك 7:47.
2- الذخيرة:561.
3- كشف اللثام 1:289.
4- التهذيب 5:/7 17،الإستبصار 2:/143 468،الوسائل 11:40 أبواب وجوب الحج ب 10 ح 2.
5- انظر علل الشرائع:405.
6- الكافي 4:/274 2،التهذيب 5:/7 18،الإستبصار 2:/143 467،الوسائل 11:41 أبواب وجوب الحج ب 10 ح 6.
7- الكافي 4:/273 1،الفقيه 2:/26 1265،التهذيب 5:/9 22،الإستبصار 2:/144 470،الوسائل 11:57 أبواب وجوب الحج ب 21 ح 5.

و فيهما ضعف من حيث السند و إن قرب الأول من الموثق و إجمال في الدلالة؛ لتدافع ظهور الأمر في الوجوب فيهما و قضاء حجّة الإسلام في الأول،و إلحاق الناصب بمحل الفرض في الثاني في العدم،بل الثاني أقوى قرينة على إرادة الاستحباب؛ للإجماع على عدم وجوب الإعادة على الناصب بعد الاستبصار.

فلا يخرج بمثل هذين الخبرين مع ما هما عليه ممّا عرفت في البين عما اقتضته الأدلّة السابقة،من عدم وجوب الإعادة بعد الاستطاعة.

و إن أمكن المناقشة في دلالة الصحيحة عليه؛ لابتنائها على كون المراد من قوله:« حجّة تامة» ذلك،و ليس بواضح و إن كان مما اتّفق عليه أكثر الأصحاب لقرب احتمال ما ذكره في الاستبصار في معناه،من أنّ المعنى فيه:الحجّة التي ندب إليها،فإنّ ذلك يعبّر عنها بأنّها حجّة الإسلام،من حيث كانت أول الحجّة،قال:و ليس في الخبر:أنّه إذا أيسر لم يلزمه الحجّ (1).

أقول:و يعضده كثرة وروده في الأخبار بهذا المعنى،و منها صحيحة أُخرى لراوي الصحيحة واردة في المعسر يحجّ عن غيره،و فيها:عن رجل حجّ عن غيره،أ يجزيه ذلك عن حجّة الإسلام؟قال:« نعم» إلى أنّ قال:

قلت حجّة الأجير تامة أو ناقصة؟قال:« تامة» (2).

و المراد بالتمامية فيها:المعنى المزبور،بلا خلاف،كما في كثير من العبارات (3)،بل في جملة أُخرى دعوى الإجماع.

ص:27


1- الاستبصار 2:144.
2- الكافي 4:/274 3،الفقيه 2:/260 1264،التهذيب 5:/8 19،الإستبصار 2:/144 471،الوسائل 11:56 أبواب وجوب الحجّ 21 ح 4.
3- راجع الذخيرة:561.

و بذلك تضعف الصحيحة؛ عن النهوض لإفادة المطلوب صريحاً، بل و لا ظهور يطمئن إليه إن لم ينضم إليه فهم المشهور.

و كيف كان،ما ذكرناه من الأُصول المعتضدة بفتوى المشهور.مع صلوح الخبرين سنداً و دلالةً لمعارضتها لعلّها كافية لإفادته،سيّما مع ندرة المخالف العامل بهما،و رجوعه عمّا في الاستبصار في المبسوط إلى المختار (1).

فليحملا على الاستحباب،كما عليه عامة متأخري الأصحاب،تبعاً للتهذيب و النهاية و المهذّب و الجامع و المعتبر (2)،و غيرها كما حكي (3).أو على من حجّ عن غيره.

و لا بدّ من فاضل عن الزاد و الراحلة بقدر ما يمون به عياله الواجبي النفقة من الكسوة و غيرها حتى يرجع بالنص و الإجماع،و في المنتهى لا نعرف فيه خلافاً (4)،يعني به بين العلماء ظاهراً.

و لو استطاع للحج مالاً فمنعه كِبَر أو مرض أو عدوّ وجبت عليه الاستنابة مع اليأس و استقرار الوجوب،إجماعاً،كما في المسالك و الروضة (5)،و غيرهما (6)،و إلّا ففي وجوب الاستنابة قولان المروي في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة أنّه يستنيب.

ص:28


1- راجع الذخيرة:561.
2- التهذيب 5:7،النهاية:204،المهذّب 1:268،الجامع للشرائع:174،المعتبر 2:752،753.
3- انظر المدارك 7:47،و مفاتيح الشرائع 1:300.
4- المنتهى 2:653.
5- المسالك 1:90،الروضة 2:167.
6- انظر الكفاية:56،و المفاتيح 1:298.

ففي الصحيح (1)و غيره (2)« إن كان موسراً و حال بينه و بين الحجّ مرض،أو حصر،أو أمر يعذره اللّه تعالى فيه فإنّ عليه ان يحجّ عنه من ماله صرورة لا مال له».

و فيه« إن عليّاً عليه السلام رأى شيخاً لم يحجّ قطّ،و لم يطلق الحجّ من كبَره،فأمره أن يجهّز رجلاً فيحجّ عنه» (3)و نحوه آخر (4).

و في رابع:« لو أنّ رجلاً أراد الحجّ،فعرض له مرض،أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج،فليجهّز رجلاً من ماله،ثمّ ليبعثه مكانه (5).

و إليه ذهب الشيخ في التهذيب و الخلاف (6)،مدّعياً عليه الإجماع، و حكي عنه في النهاية و المبسوط أيضاً (7)،و عن الإسكافي و العماني و الحلبي و القاضي (8)،و اختاره الفاضل في التحرير (9)،و كثير من

ص:29


1- الكافي 4:/273 5،الفقيه 2:/26 1262،التهذيب 5:/403 1405،الوسائل 11:63 أبواب وجوب الحج ب 24 ح 2.
2- الكافي 4:/273 3،التهذيب 5:/14 39،الوسائل 11:65 أبواب وجوب الحج ب 24 ح 2.
3- التهذيب 5:/14 38،الوسائل 11:63 أبواب وجوب الحج ب 24 ح 1.
4- الكافي 4:/273 2،الفقيه 2:/260 1263،التهذيب 5:/460 1601،الوسائل 11:65،أبواب وجوب الحجّ ب 24 ح 6.
5- الكافي 4:/273 4،التهذيب 5:/14 40،الوسائل 11:64 أبواب وجوب الحجّ ب 24 ح 5.
6- التهذيب 5:14،الخلاف 2:248.
7- حكاه عنهما في المختلف:257،و هو في النهاية:203،و المبسوط 1:299،القاضي في المهذّب 1:267.
8- نقله عن الإسكافي و العماني في المختلف:257،الحلبي في الكافي:219،القاضي في المهذب 1:267.
9- التحرير 1:92.

المتأخرين (1)و ادّعى بعضهم كونه مذهب الأكثر بقول مطلق (2).

و القول الثاني:للحلّي و المفيد و الجامع كما حكي (3)،و الفاضل في القواعد و الإرشاد و المختلف (4)،و ولده في الإيضاح (5)؛ للأصل،و فقد الاستطاعة المشترطة في الوجوب،فينتفي بانتفائها.

و يضعّف الأول بلزوم تخصيصه بما مرّ.

و الثاني بأنها شرط الوجوب مباشرةً،لا استنابة.

و ظاهر العبارة هنا و في الشرائع التردد (6)كما عن صريح التذكرة (7).

و لعلّه للأصل مع قصور النصوص عن إفادة الوجوب في المفروض.

أمّا الأول منها فلتعلّق الأمر فيه بالصرورة،و لم يقولوا بوجوب استنابته،و حمله بالإضافة إليه على الاستحباب أو الإباحة أو [و] الأعم منهما و من الوجوب،ينافي حمله بالإضافة إلى أصل الاستنابة على الوجوب،إلاّ على القول بجواز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته و مجازه في آنٍ واحد، و هو خلاف التحقيق.

و أمّا الخبران بعده فهما قضيّة في واقعة لا عموم لها،فيحتملان الاختصاص بمحل الوفاق،و هو صورة اليأس بعد استقرار الوجوب.

و يعضده الخبر الوارد في نحو هذه القضية،و الظاهر اتحادهما،و فيه

ص:30


1- منهم الشهيد الثاني في الروضة 2:167،و المسالك 1:90،و صاحب المدارك 7:55،و صاحب الحدائق 14:129.
2- كالفيض الكاشاني في المفاتيح 1:298.
3- الحلي في السرائر 1:516،المقنعة:442 الجامع للشرائع:173.
4- القواعد 1:75،الإرشاد 1:311،المختلف:257.
5- إيضاح الفوائد 1:271.
6- الشرائع 1:227.
7- التذكرة 1:303.

« إنّ رجلاً أتى علياً عليه السلام و لم يحجّ قطّ،قال إني كنت كثير المال و فرّطت في الحجّ حتى كبر سنيّ،فقال:تستطيع الحجّ؟فقال:لا،فقال له علي عليه السلام:إن شئت فجهّز رجلاً ثم ابعثه يحجّ عنك» (1).و نحوه آخر (2).

و أمّا الرابع فلا قائل بإطلاقه؛ لشموله لصورة عدم اليأس،و لا خلاف في عدم الوجوب حينئذٍ،إلّا من الدروس (3)،و على خلافه الإجماع في المنتهى (4)،فلا بد من تقييده،و هو هنا ليس بأولى من حمل الأمر على الاستحباب،بناءً على انَّ التقييد بصورة اليأس من البرء يستلزم تخصيص المرض و غيره من الأعذار بالفرد النادر؛ إذ الغالب منها ما يُرجى زوالها جدّاً.

و مثل هذا التقييد ليس بأولى من الاستحباب؛ لغلبة في الأمر و ما في معناه،و لا كذلك حمل الإطلاق على الفرد النادر،لندرته،و لولاها لكان التقييد أولى.

و بالجملة فاحتمال التقييد معارض باحتمال الاستحباب المساوي له هنا،إن لم نقل برجحان الاستحباب،و حيث تساويا يدفع التكليف الزائد من التقييد بالأصل،و ذلك واضح كما لا يخفى.

سلّمنا،لكن الأمر فيه و كذا في سائر الأخبار يحتمل الورود مورد التقية،لكونه مذهب أكثر العامة،و منه أبو حنيفة (5)أو مورد توّهم حرمة

ص:31


1- التهذيب 5:/460 1599،الوسائل 11:64 أبواب وجوب الحجّ ب 24 ح 3.
2- الكافي 4:/272 1،الوسائل 11:65 أبواب وجوب الحجّ ب 24 ح 8.
3- الدروس 1:312.
4- المنتهى 1:656.
5- حكاه عن أبي حنيفة في بدائع الصنائع 2:121،و نقله عنه و عن مالك و الشافعي في بداية المجتهد 1:331،و مغني المحتاج 3:166،167.

الاستنابة،كما حكيت في الخلاف و المنتهى (1)عن بعض العامة،فلا يفيد سوى الإباحة.

و يقوّي احتمال الورود في هذا المورد،ما مرّ من الخبر المتقدّم، المتضمّن لتعليق الأمر بالمشيّة،و هو عين الإباحة و لو بالمعنى الأعمّ الشامل للاستحباب.

و خبر آخر مروي في الخلاف،و فيه:إنّ امرأة من خثعم سألت رسول اللّه صلى الله علهى و آله فقالت:إن فريضة اللّه تعالى على العباد أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة،فهل ترى أن يحجّ عنه؟فقال صلّى الله عليه و آله:«نعم» (2)و ذلك لتوارد السؤال و الجواب عن أصل الجواز.

و من هنا يتوجّه الجواب أيضاً عن الإجماع المنقول في الخلاف؛ لاحتمال رجوعه إلى أصل الجواز في مقابلة من يدّعي المنع من هؤلاء الأقشاب،الا إلى أصل الوجوب،سيّما و قد روي عن مولانا الأمير عليه السلام ما هو ظاهر في التخيير.

مع احتمال اختصاصه بالمجمع عليه،من صورة استقرار الوجوب، كما يستأنس له ببعض أدلّته،من قوله إنه إذا فعل ما قلناه برئت ذمته بيقين،و إذا لم يفعل فليس على براءة ذمته دليل (3).

و ذلك فإنّ وجوب تحصيل البراءة اليقينية إنّما هو حيث يتيقن اشتغال الذمة،و هو في الصورة المجمع عليها خاصة،و إلّا ففي محلّ المشاجرة

ص:32


1- الخلاف 2:249،المنتهى 2:655.
2- الخلاف 2:249.
3- الخلاف 2:249.

الكلام في أصل اشتغال الذمة لا براءتها،لكن بعض عباراته كالصريح في صورة عدم الاستقرار.

و بالجملة:بعد ملاحظة جميع ما ذكر لم يظهر من الأخبار و لا من الإجماع المنقول ما يتّضح به وجه الحكم بالوجوب،فيشكل الخروج عن مقتضى الأصل المقطوع،و إن كان أحوط،هذا.

و ربّما يتردّد في الوجوب مع الاستقرار أيضاً؛ لخلوّ عبارة المتن و كثير عن هذا التفصيل،و إنّما هو في عبارة ناقل الإجماع على الوجوب فيه (1)، و قليل (2)،فيشكل الاعتماد على نحو هذا الإجماع و التعويل،سيّما و قد مرّ من النص بالتخيير ما هو ظاهر في صورة الاستقرار،بل صريح.

و بمثل ذلك يستشكل في التفصيل على تقدير الوجوب بين صورتي اليأس و عدمه؛ لخلو أكثر النصوص عنه و (3)الفتاوي.

نعم يمكن أن يقال في الأول:إنّ ظاهر مساق أكثر العبارات،بل كلّها،الحاكمة بالوجوب و المستشكلة فيه،هو خصوص صورة عدم الاستقرار.

لكن ذلك لا يفيد اتّفاقهم على الوجوب في صورة الاستقرار، فيستفاد التفصيل،إلّا أنّ يستنبط من اتّفاقهم عليه مضافاً إلى النصوص بعد الموت،فحين الحياة مع اليأس أولى بناءً على جواز الاستنابة حياً اتفاقاً،فتوًى و نصاً.

و هو وجه حسن،إلّا أنّ مقتضاه عدم وجوب الإعادة مع زوال العذر؛

ص:33


1- المسالك 1:90.
2- مجمع الفائدة 6:79.
3- في« ح» زيادة:أكثر.

إذ مع وجوبها وجوب الاستنابة بعد الموت لا يفيد وجوبها قبله بطريق أولى،لقيام الفارق،و هو القطع بعدم وجوب الإعادة في الأصل،و عدمه في الفرع،لاحتمال زوال العذر فتجب،كما هو الفرض.

و بالجملة:فاستفادة وجوب الاستنابة من الأولوية إنّما تتمّ على تقدير الحكم بعدم وجوب الإعادة بعد زوال العذر.

و هذا خلاف ما أطلقه الجماعة (1)بقوله: و لو زال العذر يحجّ ثانياً من غير خلاف صريح بينهم أجده،بل قيل كاد أن يكون إجماعاً (2)،بل عن ظاهر التذكرة أنّه لا خلاف فيه بين علمائنا (3)؛ لإطلاق الأمر بالحجّ،و ما فعله كان واجباً في ماله،و هذا يلزم في نفسه.

و نقل جماعة (4)منهم احتمال العدم عن بعضهم؛ لأنّه أدّى حجّة الإسلام بأمر الشارع،و لا يجب الحجّ بأصل الشرع إلّا مرّة واحدة،و ضعّفوه بما عرفته.و لم يفصّلوا في حكمهم ذلك بين صورتي الاستقرار و عدمه، حتى من فصّل منهم بن الصورتين فيما سبق.

و يمكن أن يقال:إنّ مساق عبارة من لم يفصّل و هم الأكثرون هو الصورة الثانية،فحكمهم بوجوب الإعادة يتعلق بها خاصة،فلا بعد في قولهم بعدمها في الصورة الأُولى،كما تقتضيه الأولوية المتقدمة،و لا قادح

ص:34


1- منهم:الشيخ في النهاية 203،و المبسوط 1:299،و ابن سعيد في الجامع للشرائع:173،و الشهيد الثاني في الروضة 2:168،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:299.
2- مفاتيح الشرائع 1:299
3- التذكرة 1:303.
4- منهم:العلّامة في التذكرة 1:304،و صاحب المدارك 7:58،و صاحب الحدائق 14:134.

قطعياً لها،و لا حجّة في إطلاق المفصّل الحكم هنا على غيره،مع احتمال إرادته به الصورة الثانية خاصة؛ لعدم صراحة كلامه هنا في الإطلاق جدّاً.

و حينئذٍ فلا يبعد قبول دعوى الاتفاق على وجوب الاستنابة في صورة الاستقرار،و الحكم به لكن المتوجه حينئذٍ في صورة زوال العذر عدم وجوب الإعادة،كما في الموت،و إلّا فاحتمال وجوبها هنا يهدم بنيان قبول الدعوى و المدّعى.

و كيف كان،فالحكم بوجوب الاستنابة في الصورتين لا يخلو عن إشكال،و إن كان الأقرب ذلك في الصورة الأولى؛ لنقل الإجماع عليه في عبائر الجماعة (1)،مؤيداً بما عرفته من الأولوية،و خصوص الصحيحين الذين مرّ كونهما قضية في واقعة،لكون هذه الصورة داخلة فيهما قطعاً مطابقةً.أو التزاماً،مع تأملٍ ما فيهما،لما مضى.

و العدم في الصورة الثانية؛ لما عرفته.

و على تقدير القول بالوجوب فيها فاستناب يجب عليه الإعادة بعد زوال العذر؛ لما عرفته،و لا كذلك الصورة الأولى فإنّ الحكم فيها بوجوب الإعادة مشكل جدّاً.

و لما مات مع استمرار العذر أجزأته النيابة في الصورتين قطعاً،أمّا الأولى:فواضح،و أمّا الثانية:فلعدم داعٍ إلى عدم الاجزاء بعد تحقق الامتثال بالاستنابة.

و في اشتراط الرجوع إلى صنعة أو بضاعة أو نحوهما ممّا يكون فيه الكفاية عادةً،بحيث لا يُحوجه صرف المال في الحجّ إلى سؤال،كما

ص:35


1- راجع ص:2709.

يشعر به بعض الروايات الآتية في الوجوب بالاستطاعة،زيادة على ما مرّ قولان،أشبههما عند الماتن و أكثر المتأخرين على الظاهر،المصرح به في المسالك (1)،بل عن المعتبر و التذكرة (2)الأكثر بقول مطلق أنه لا يشترط.

وفاقاً لظاهر المرتضى في الجمل (3)و صريح الحلّي (4)و عن الإسكافي و العماني (5)؛ لعموم الكتاب (6)،و خصوص النصوص بتفسير الاستطاعة بأن يكون عنده ما يحجّ به،كما في جملة من الصحاح (7)،و بالزاد و الراحلة، كما في غيرها (8).

خلافاً للشيخين و الحلبي و القاضي و بني زهرة و حمزة و سعيد (9)و جماعة كما حكي (10)و في المسالك:أنّه مذهب أكثر المتقدمين (11)، بل في الروضة:أنّه المشهور بينهم (12)،و في المختلف

ص:36


1- المسالك 1:92.
2- المعتبر 2:756،التذكرة 1:302.
3- جمل العلم و العمل(رسائل الشريف المرتضى 3):62.
4- السرائر 1:508.
5- نقله عنهما في المختلف:256.
6- آل عمران:97.
7- الوسائل 11:33 أبواب وجوب الحجّ ب 8 الأحاديث 1،2،3.
8- الوسائل 11:34،35 أبواب وجوب الحجّ ب 8 الأحاديث 4،5،6،7.
9- المفيد في المقنعة:384،الطوسي في النهاية:و المبسوط 1:296،الحلبي في الكافي:192،القاضي في شرح جمل العلم:205،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):573،ابن حمزة في الوسيلة:155،ابن سعيد في الجامع للشرائع:173.
10- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:290.
11- المسالك 1:92.
12- الروضة 2:168.

و المسالك (1)نقله المرتضى عن الأكثر،و في الخلاف و الغنية (2):أنّ عليه إجماع الإمامية،بل في الأخير:دعوى الإجماع عليه من كلّ من اعتبر الكفاية له و لعياله ذهاباً و إياباً.

و هو الحجّة،المعتضدة بالشهرة القديمة الظاهرة و المحكيّة،مضافاً إلى المعتبرة و لو بالشهرة.

منها:المرسلة المروية في المجمع عن أئمتنا عليهم السلام في تفسير الاستطاعة:أنها وجود الزاد و الراحلة،و نفقة من يلزم نفقته،و الرجوع إلى كفاية،إمّا من مال أو ضياع أو حرفة،مع الصحة في النفس و تخلية السرب من الموانع،و إمكان السير (3).

و نحوه المروي عن الخصال،و فيه أنّها:« الزاد و الراحلة مع صحة البدن،و أن يكون للإنسان ما يخلفه على عياله،و ما يرجع إليه من حجّة» (4).

و قريب منهما المروي في المقنعة:« هلك الناس إذا كان من له زاد و راحلة و لا يملك غيرهما،أو مقدار ذلك ممّا يقوت به عياله،و يستغني به عن الناس فقد وجب عليه أن يحجّ بذلك،ثم يرجع فيسأل الناس بكفه، لقد هلك إذاً» فقيل له عليه السلام:فما السبيل عندك؟فقال:« السعة في المال،و هو أن يكون معه ما يحجّ ببعضه و يبقى بعض يقوت به نفسه

ص:37


1- المختلف:256،المسالك 1:92.
2- الخلاف 2:245،الغنية(الجوامع الفقهية):573.
3- مجمع البيان 1:478،الوسائل 11:39 أبواب وجوب الحجّ ب 9 ح 5 و فيهما بتفاوت يسير.
4- الخصال:/606 9،الوسائل 11:38 أبواب وجوب الحج ب 9 ح 4.

و عياله» (1).

و الدلالة فيه واضحة،كما اعترف به جماعة،و منهم الفاضل في المختلف،قال:فقوله عليه السلام:« ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفه» فيه تنبيه على اشتراط الكفاية من مال أو صنعة،ثم قوله:« و يبقى البعض يقوت به نفسه و عياله» يعني وقت رجوعه،و إلّا فكيف يقوت نفسه بذلك البعض مع أنّه قد خرج إلى الحجّ (2).انتهى.

فالمناقشة فيها واهية،و كذا المناقشة بضعف السند مطلقاً؛ لانجباره بالشهرة،و حكاية الإجماعين المتقدمين،و الأوفقية بالملّة السهلة السمحة.

أ لا ترى أنّه تعالى لم يوجب الزكاة إلّا على من يملك مائتي درهم، و لم يوجب عليه إلّا خمسة،تخفيفاً منه سبحانه و رحمة،و إليه وقع الإشارة في الرواية الأخيرة على رواية شيخ الطائفة.فإنّ فيها بعد تفسير السبيل بأنّه السعة في المال إذا كان يحجّ ببعض و يبقى بعضاً لقوت عياله:« أ ليس قد فرض اللّه تعالى الزكاة فلم يجعلها إلّا على من يملك مائتي درهم» (3).

و لعلّه إلى هذا نظر كلّ من استدل بهذه الرواية،و هو في غاية المتانة، و مرجعه إلى تفسير الاستطاعة بما يكون فيه سهولة و ارتفاع مشقة.

و لا ريب أن ذلك هو المفهوم منها عرفاً،بل و لغةً،كما أشار إليه المرتضى في المسائل الناصرية.

فقال:و الاستطاعة في عرف الشرع و عهد اللغة عبارة عن تسهّل الأمر

ص:38


1- المقنعة:384،الوسائل 11:37 أبواب وجوب الحج ب 9 ح 1،2.
2- المختلف:256.
3- التهذيب 5:/2 1،الإستبصار 2:/139 453،الوسائل 11:37 أبواب وجوب الحجّ ب 9 ح 1.

و ارتفاع المشقة،و ليست بعبارة عن مجرد القدرة،الا ترى أنّهم يقولون ما أستطيع النظر إلى فلان،إذا كان يبغضه و يمقته و يثقل عليه النظر إليه و إن كان معه قدرة على ذلك،و كذا يقولون:لا أستطيع شرب هذا الدواء، يريدون إنّني أنفر منه و يثقل عليّ،و قال اللّه تعالى إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً [1] (1)و إنّما أراد هذا المعنى لا محالة (2).

و نحوه عبارة ابن زهرة في الغنية،إلّا أنّه أثبت بذلك النفقة ذهاباً و إياباً،و ألحق مفروض المسألة بها بالإجماع المركب،فقال:و إذا ثبت ذلك ثبت اعتبار العود إلى كفاية؛ لأنّ أحداً من الأُمة لم يفرّق بين الأمرين (3).

و فيه إشعار بل ظهور بصدق الاستطاعة مع عدم الرجوع إلى كفاية.

و هو عند الأحقر محل مناقشة؛ لعدم صدقها عرفاً و عادةً بلا شبهة،بل و لغة،كما عرفته من كلام المرتضى،و حينئذٍ فظاهر الآية مع القدماء،لا عليهم.

سلّمنا،لكنها كالنصوص مقيّدة بما مرّ من الأدلّة،سيّما و أنّ النصوص لم يقل بإطلاقها أحد من علمائنا؛ لخلوّها من اعتبار النفقة رأساً،بل اكتفت بما يحجّ به و الزاد و الراحلة،كما عليه العامّة يومئذ (4)على ما يستفاد من الرواية الأخيرة برواية الشيخين،و لأجل ذلك يتقوى احتمال ورودها للتقية.

و بالجملة:فما ذكره القدماء لا يخلو عن قوة و اختاره خالي العلّامة -

ص:39


1- الكهف:67،72،75.
2- الناصرية(الجوامع الفقهية):208.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):573،574.
4- راجع بدائع الصنائع 2:121،و المغني و الشرح الكبير 3:165،167.

أدام اللّه سبحانه بقاءه- (1)و حكى عن بعض مقاربي العصر (2)،لكن قال:

أمّا لو كان بيت مال يعطى منه،أو كان ممن يتيسر له الزكاة و العطايا عادةً ممن لا يتحرز من ذلك،فلا يشترط في حقه.انتهى.

و هو حسن،و يمكن إدخاله في عبائر الجماعة بتعميم الكفاية لمثله، فإنّها تختلف باختلاف الأشخاص عادةً، و على هذا يمكن أيضاً تنزيل ما نقضهم به الحلّي (3)،من إطلاقهم الحكم بالوجوب بالبذل،من غير اشتراط لهذا الشرط بلا خلاف،و إجزاء حجّ من أدرك أحد الموقفين معتقاً،فتأمل جدّاً.

هذا،و لا ريب أن خيرة المتأخرين أحوط.

و لا يشترط في وجوب الحجّ على المرأة وجود محرم لها، ممّن يحرم عليه نكاحها مؤبداً بنسب،أو رضاع،أو مصاهرة و يكفي ظنّ السلامة بغير خلاف أجد،مصرّح به في الذخيرة (4)و في ظاهر المنتهى و غيره (5):إنّ عليه إجماع الإمامية؛ لعموم الكتاب و السنة،و خصوص الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة:

ففي الصحيح:عن المرأة تخرج إلى مكة بغير ولي،فقال:« لا بأس تخرج مع قوم ثقات» (6).

ص:40


1- الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح و هو مخطوط،و كتاب الحجّ منه غير موجود عندنا.
2- هو الشيخ علي بن سليمان البحراني على ما حكاه عنه في الحدائق 14:124.
3- السرائر 1:513.
4- الذخيرة:564.
5- المنتهى 1:658؛ و انظر مجمع الفائدة و البرهان 6:106.
6- الكافي 4:/282 5،الفقيه 2:/268 1308 و فيهما بتفاوت يسير،الوسائل 11:153 أبواب وجوب الحج ب 58 ح 3.

و إنّما اعتبروا ظنّ السلامة مع إطلاق جملة من الأدلة؛ أخذاً بظاهر نحو هذه الصحيحة الآمرة بالخروج مع الثقة،الذي هو غالباً محل المظنّة، و التفاتاً إلى استلزام التكليف بالحجّ مع عدمها العسر و الحرج المنفيين اتفاقاً،كتاباً و سنّة.

و لو لم يحصل إلا بالمحرم اعتبر وجوده،و يشترط سفره معها في الوجوب عليها،و لا تجب عليه إجابتها تبرعا،و لا بأُجرة و نفقة،و له طلبهما،و تكون حينئذٍ جزءاً من استطاعتها.

و مع اجتماع الشرائط المتقدمة لو حجّ ماشياً أو في نفقة غيره أجزأه قطعاً،بل قيل:لا خلاف فيه بن العلماء (1)؛ لحصول الامتثال، و عدم وجوب صرف المال في الحجّ إلّا مقدمةً،فيجب حيث يتوقف الواجب عليه،لا مطلقاً.

و الحجّ مطلقاً و لو مندوباً ماشياً أفضل منه راكباً؛ للنصوص المستفيضة المتضمنة للصحيح و غيره (2)،عموماً و خصوصاً،المؤيدة بالاعتبار جدّاً.

إذا لم يضعفه عن العبادة كمّاً و كيفاً،فالركوب حينئذٍ أفضل؛ للصحيح:« تركبون أحبّ إليّ،فإنّ ذلك أقوى على الدعاء و العبادة» (3).

و قريب منه الحسن أو الموثق:أيّما أفضل نركب إلى مكة فنعجّل فنقيم بها إلى أن يقدم الماشي،أو نمشي؟فقال:« الركوب أفضل» (4).

ص:41


1- المدارك 7:79.
2- الوسائل 11:78 أبواب وجوب الحجّ ب 32.
3- الكافي 4:/456 2،التهذيب 5:/12 32،الاستبصار 2:/142 464،علل الشرائع:/447 4،الوسائل 11:83 أبواب وجوب الحجّ ب 33 ح 5.
4- التهذيب 5:/13 34،الإستبصار 2:/143 466،الوسائل 11:82 أبواب وجوب الحجّ ب 33 ح 3.

و بهما يجمع بين النصوص المتقدمة المطلقة لأفضلية المشي،و مثلها المطلقة لأفضلية الركوب.

و ربما يجمع بينها تارةً بحمل الأولة على ما إذا سيق معه ما إذا أعيا ركبه،و الأخيرة على ما إذا لم يسقه معه؛ للموثق (1)و غيره (2)« لا تمشوا و اركبوا» فقلت:أصلحك اللّه تعالى إنّه بلغنا أنّ الحسن بن علي عليه السلام حجّ عشرين حجّة ماشياً،فقال:« إنّه عليه السلام كان يمشي و تساق معه محامله و رحاله» .و أخرى بحمل الأولى على ما إذا قصد بالمشي مشقة العبادة، و الأخيرة على ما إذا قصد توفير المال،كما في الخبرين (3)،أحدهما الصحيح المروي عن مستطرفات السرائر،و فيهما:« إذا كان الرجل مؤسراً فمشى ليكون أفضل لنفقته فالركوب أفضل» .و الكل حسن،إلّا أنّ الأول أشهر،كما صرّح به جمع ممن تأخر (4)، و أطلق الفاضل في التحرير أفضلية المشي (5)،و عن خالي العلّامة احتمال

ص:42


1- الكافي 4:/455 1،التهذيب 5:/12 33،الاستبصار 2:/142 465،قرب الإسناد:/170 624،الوسائل 11:83 أبواب وجوب الحجّ ب 33 ح 6.
2- علل الشرائع:/447 6،الوسائل 11:84 أبواب وجوب الحجّ ب 33 ح 7.
3- الأول: مستطرفات السرائر:/35 46،الوسائل 11:85 أبواب وجوب الحجّ ب 33 ح 11.الثاني: الكافي 4:/456 3،الفقيه 2:/141 610،علل الشرائع:/447 5،الوسائل 11:85 أبواب وجوب الحجّ ب 33 ح 10.
4- كالشهيد الثاني في المسالك 1:92،و صاحب المدارك 7:79،و صاحب الحدائق 14:174.
5- التحرير 1:89.

حمل الأولة على التقية (1)،قال:كما يظهر من بعض الأخبار،و لم أقف عليه.

و إذا استقرّ الحجّ في ذمته،بأن اجتمعت له شرائط الوجوب و مضى عليه مدة يمكنه فيها استيفاء جميع أفعال الحجّ،كما عن الأكثر (2)أو الأركان منها خاصة،كما احتمله جماعة (3)حاكين له عن التذكرة، و يضعّف بأن الموجود فيها احتمال الاكتفاء بمضي زمان يمكنه فيه الإحرام و دخول الحرم (4)،كما احتملوه أيضاً وفاقاً له فأهمل،قضي عنه وجوباً من أصل تركته مقدماً على وصاياه،بإجماعنا الظاهر،المصرّح به في الخلاف و التذكرة و المنتهى (5)و غيرها (6)،و الصحاح به مع ذلك مستفيضة جدّاً،معتضدة بغيرها.

و أمّا ما في نحو الصحيح:« من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام،و لم يترك إلّا بقدر نفقة الحجّ،فورثته أحق بما ترك،إن شاؤوا حجّوا عنه،و إن شاؤوا أكلوا» (7)فمحمول على صورة عدم الاستطاعة.

و لو لم يخلف سوى الأُجرة لقضاء الحجّ قضي عنه من أقرب الأماكن إلى الميقات و كذا لو خلف الزيادة (8)وفاقاً للأكثر على

ص:43


1- هو الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح،و هو غير موجود عندنا.
2- على ما نقله في الذخيرة:563.
3- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:91،و السبزواري في الذخيرة:563،و نقل عن التذكرة في المدارك 7:68.
4- التذكرة 1:308.
5- الخلاف 2:253،التذكرة 1:307،المنتهى 2:871.
6- انظر المسالك 1:92.
7- الكافي 4:/305 1،الوسائل 11:67 أبواب وجوب الحجّ ب 25 ح 4؛ بتفاوت يسير.
8- ما بين القوسين ليست في« ك».

الظاهر،المصرّح به في عبائر جمع (1)،و في الغنية الإجماع (2)للأصل، و عدم اشتراط الحجّ بالمسير إلّا بالعقل،فهو على تقدير وجوبه واجب آخر لا دليل على وجوب قضائه،كيف و لو سار إلى الميقات لا بنيّة الحجّ ثم أراده فأحرم صحّ،و كذا لو استطاع في غير بلده لم يجب عليه قصد بلده و إنشاء الحجّ منه،بلا خلاف،كما في المختلف (3).

و يؤيده الصحيح:عن رجل أعطى رجلاً حجّة يحجّ عنه من الكوفة، فحجّ عنه من البصرة،قال:« لا بأس،إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه» (4).

و ربما استدل عليه بنحو الصحيح:عن رجل أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام،فلم يبلغ جميع ما ترك إلّا خمسين درهماً،قال:« يحجّ عنه من بعض الأوقات التي وقّت رسول للّه 9 من قرب» (5).

بناءً على ترك الاستفصال عن إمكان الحجّ بذلك من البلد،أو غيره

ص:44


1- منهم:الشيخ في المبسوط 1:301،و الخلاف 2:255،ابن حمزة في الوسيلة:157،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):582،و الفاضلان في كتبهم(المحقق في المعتبر 2:760،العلّامة في التذكرة 1:307)،و شيخنا في المسالك 1:92،و الروضة 2:173،و سبطه في المدارك 7:84،و صاحبا المفاتيح 2:177،و الذخيرة:542،و عن ابن فهد(المهذب البارع 2:125)،و غيرهم.(منه رحمه اللّه).
2- انظر الغنية(الجوامع الفقهية):582.
3- المختلف:257.
4- الكافي 4:/307 2،الفقيه 2:/261 1271،التهذيب 5:/415 1445،الوسائل 11:181 أبواب النيابة في الحجّ ب 11 ح 1.
5- الكافي 4:/308 4،التهذيب 5:/405 1411،الاستبصار 2:/318 1128،قرب الإسناد /166 606،الوسائل 11:166 أبواب النيابة في الحجّ ب 2 ح 1 و فيه و في التهذيب و الاستبصار:من بعض المواقيت.

ممّا هو أقرب إلى الميقات.

و ضعّف بجواز كون عدم إمكان الحجّ بذلك من غير الميقات معلوماً بحسب متعارف ذلك الزمان.

و قيل: يقضى من بلده مع السعة في تركته،و إلّا فمن الميقات،و القائل الشيخ في النهاية (1)،و الحلي و القاضي (2)،و الصدوق في المقنع و يحيى بن سعيد في الجامع (3)كما حكي (4)،و هو خيرة المحقّق الثاني و الشهيد في صريح الدروس و ظاهر اللمعة (5).

و وجهه غير واضح،عدا ما في السرائر من أنّه لو كان حياً كان يجب عليه في ماله نفقة الطريق من بلده،فاستقرّ هذا الحق في ماله؛ و أنّه به تواترت أخبارنا و روايات أصحابنا (6).

و في الأول ما مرّ؛ و في الثاني ما في المعتبر و المختلف (7)،من أنّا لم نقف بذلك على خبر شاذّ،فكيف دعوى التواتر؟! و لعلّه لذا لم يستند إليهما الشهيد رحمه اللّه بل قال:لظاهر الرواية (8).

ص:45


1- النهاية:203.
2- الحلّي في السرائر 1:516،القاضي في المهذّب 1:267.
3- الموجود في المقنع:164 هكذا:و إن لم يكن ماله يبلغ ما يحجّ عنه من بلده حجّ عنه من حيث تهيّأ.الجامع:174.
4- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:293.
5- المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:136،الدروس 1:316،اللمعة(الروضة)2:172.
6- السرائر 1:516.
7- المعتبر 2:760،المختلف:257.
8- الروضة 2:172.

و الأولى أن يراد بها الجنس،كما في الروضة،قال:لأنّ ذلك ظاهر أربع روايات في الكافي (1)،أظهرها دلالةً رواية أحمد بن محمد بن أبي نصير عن محمد بن عبد اللّه،قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يموت فيوصي بالحجّ من أين يحجّ عنه؟قال:« على قدر مال،ان وسعه ماله فمن منزله،و إن لم يسعه ماله فمن الكوفة،فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة».

و إنّما جعله ظاهر الرواية لإمكان أن يراد ب« ماله» ما عيّنه اجرة للحجّ بالوصية،فإنّه يتعيّن الوفاء به مع خروج ما زاد عن أُجرته من الميقات من الثلث إجماعاً.

و إنّما الخلاف فيما لو أطلق الوصيّة،أو علم أنّ عليه حجّة الإسلام و لم يوص به،فالأقوى القضاء[عنه]من الميقات خاصة؛ لأصالة البراءة.

إلى أن قال:و الأولى حمل هذه الأخبار على ما لو عيّن قدراً،و يمكن حمل غير هذا الخبر منها على أمر آخر،مع ضعف سندها،و اشتراك محمد بن عبد اللّه في سند هذا الخبر بين الثقة و الضعيف و المجهول.

ثمّ قال:لو صحّ هذا الخبر لكان حمله على إطلاقه أولى؛ لأنّ« ماله» المضاف إليه يشمل جميع ما يملكه،و إنّما حملناه لمعارضته للأدلة الدالة على خلافه،مع عدم صحة سنده (2)انتهى.

و هو حسن،إلّا أنّ هنا أخباراً معتبرة يفهم منها أيضاً وجوب الإخراج من البلد عند إطلاق الوصية.

منها الصحيح:« و إن أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام،و لم يبلغ ماله

ص:46


1- الكافي 4:/308 1 4،الوسائل 11:166 أبواب النيابة في الحج ب 2.
2- الروضة 2:172.

ذلك،فليحجّ عنه من بعض المواقيت» (1).

و قريب منه الصحيح المتقدم فيمن أوصى أن يحجّ عنه و لم يبلغ جميع ما ترك إلّا خمسين.

و الموثق:عن رجل أوصى بماله في الحجّ،فكان لا يبلغ ما يحجّ به من بلاده،قال« فيعطي في الموضع الذي يحجّ عنه» (2).

بناءً على ظهورهما في فهم الرواة وجوب القضاء من البلد مع الوفاء، و أنّ إشكالهم إنّما هو مع عدمه،و قررهم الإمام عليهم السلام على ذلك.

و أظهر من الجميع المروي في مستطرفات السرائر،و فيه:إن رجلاً؛ مات في الطريق،و أوصى بحجة،و ما بقي فهو لك،فاختلف أصحابنا، فقال بعضهم:يحجّ من الوقت،فهو أوفر للشيء أن يبقى عليه،و قال بعضهم:يحجّ عنه من حيث مات،فقال عليه السلام:« يحجّ عنه من حيث مات» (3).

لكن شيء منها ليس بصريح في ذلك،مع أنّ موردها كما سبق - الوصية بالحجّ،و لعلّ القرائن الحالية يومئذٍ كانت دالّة على إرادة الحجّ من البلد،كما هو الظاهر عند إطلاق الوصية في زماننا هذا،فلا يلزم مثله مع انتفاء الوصيّة،و بهذا أجاب عنها جماعة (4).

هذا،و المسألة بعدُ لا تخلو عن شبهة،و لا ريب أن هذا القول مع رضاء الورثة أحوط.

ص:47


1- التهذيب 5:405 ذيل الحديث 1410؛ و الظاهر أنّه من كلام الشيخ،و لذا لم ينقله صاحبا الوسائل و الوافي.
2- التهذيب 9:/227 892،الوسائل 11:166 أبواب النيابة في الحج ب 2 ح 2.
3- مستطرفات السرائر:/66 3،الوسائل 11:169 أبواب النيابة في الحج ب 2 ح 9.
4- منهم:صاحب المدارك 7:86،و السبزواري في الذخيرة:563،و صاحب الحدائق 14:177.

ثمّ إنّ الموجود في كلام الأكثر من الأقوال في المسألة ما مرّ،و حكي الماتن في الشرائع ثالثاً بالإخراج من البلد مطلقاً (1)و مقتضاه سقوط الحجّ مع عدم وفاء المال به من البلد،و لم نعرف قائله،و به صرّح جمع (2)،بل نفاه بعضهم من أصله (3).

و من وجب عليه الحجّ مطلقاً و لو بنذر و شبهه فوراً،أو مطلقاً على ما يقتضيه و إطلاق العبارة و نحوها لا يجوز له أن يحجّ تطوعاً بغير خلاف أجده.

و لا إشكال في الفور،للتنافي.

و يشكل في غيره،كمن نذر الحجّ ناصّاً على التوسعة،أو استنيب كذلك؛ لعدم دليل عليه،عدا ثبوت مثل الحكم في الصلاة،و هو قياس،إلّا أن يستند بعموم ما في بعض الصحاح الواردة ثمّة،و هو قوله عليه السلام:

« أ رأيت لو كان عليك من شهر رمضان كان لك أن تتطوع حتى تقضيه»؟ قلت:لا،قال:« فكذلك الصلاة» الخبر (4)فتأمل.

أما ناذر الحجّ في القابل،و النائب كذلك،فليس الآن ممن عليه الحجّ.

و لو تطوّع حيث لا يجوز له،ففي فساده رأسا،كما عليه الحلّي (5)، و من تأخّر عنه (6)؛ أو صحته تطوعاً،كما في الخلاف (7)؛ أو عن حجّة

ص:48


1- الشرائع 1:299.
2- منهم:صاحب المدارك 7:87،و السبزواري في الذخيرة:563.
3- انظر كشف اللثام 1:293.
4- دعائم الإسلام 1:140،المستدرك 6:433 أبواب قضاء الصلوات ب 2 ح 5.
5- السرائر 1:519.
6- كالعلّامة في المختلف:259.
7- الخلاف 2:256.

الإسلام،كما في المبسوط (1)،أقوال:

أوفقها بالأصل في الفوري الأول،لا لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه،بل لمنافاته الأمر بالضد،فينتفي الصحة؛ لانحصار مقتضيها في العبادة في الأمر خاصة.

هذا في الفوري،و يشكل في غيره،و الوجه الصحة،و لعلّ الأول خاصّة مراد الجماعة.

و كذا لا يجوز أن تحجّ المرأة ندباً إلّا بإذن زوجها بلا خلاف أجده،و به صرّح في الذخيرة (2)،بل في ظاهر المدارك و عن التذكرة (3)الإجماع عليه.

و في المنتهى (4):لا نعلم فيه خلافاً؛ لأنّ حق الزوج واجب،و ليس لها تفويته؛ و يؤيده الموثق:عن المرأة الموسرة قد حجّت حجّة الإسلام، فتقول:أحجّني مرة أُخرى إله أن يمنعها؟قال :« نعم،يقول لها:حقّي عليك أعظم من حقّك عليّ[في]هذا» (5).

و يضعّفان بأخصّية الأول من المدّعى،و دلالة الثاني بدلالته على ان للزوج المنع،لا التوقف على الإذن.

و الأجود الاستدلال عليه بعد الإجماع بفحوى ما دلّ على منع المعتدّة عدّة رجعية عنه من الأخبار (6).

و لا يشترط إذنه في الحجّ الواجب مطلقاً،بلا خلاف أجده،و به

ص:49


1- المبسوط 1:302.
2- الذخيرة:564.
3- المدارك 7:91،التذكرة 1:306.
4- المنتهى 2:659.
5- الفقيه 2:/268 1307،التهذيب 5:/400 1392،الوسائل 11:156 أبواب وجوب الحج ب 59 ح 2 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.
6- الوسائل 11:158 أبواب وجوب الحجّ ب 60،و ج 22:219 أبواب العدد ب 22.

صرّح في الذخيرة (1)،و النصوص به مع ذلك مستفيضة،و فيها الصحاح و غيرها :

ففي الصحيحين (2)و غيرهما (3):« لا طاعة له عليها في حجّة الإسلام،فلتحجّ إن شاءت» .و هل يعتبر الضيق في عدم اعتبار الإذن،أم لا فلا يعتبر أيضاً مع السعة؟وجهان،اختار ثانيهما في المدارك و الذخيرة (4)،معلّلاً في الأوّل بأصالة عدم سلطته عليها.

و كذا لا يجوز لها أن تحجّ ندباً إلّا بإذنه،و يجوز لها الحجّ واجباً مطلقاً بدونه في العدّة الرجعية بلا خلاف أجده؛ للخبر:عن المطلّقة تحجّ في عدّتها؟قال« إن كانت صرورة حجّت في عدّتها،و إن كانت حجّت فلا تحجّ حتى تنقضي عدّتها» (5).

و ضعف السند منجبر بالعمل،و به يجمع بين الصحيحين المجوّز أحدهما مطلقاً (6)،و المانع ثانيهما كذلك (7).

ص:50


1- الذخيرة 564.
2- الأوّل: التهذيب 5:/400 1391،الإستبصار /318 1126،الوسائل 11:155 أبواب وجوب الحج ب 59 ح 1.الثاني: التهذيب 5:/474 1671،الوسائل 11:156 أبواب وجوب الحج ب 59 ح 3.
3- الكافي 4:/282 1،الوسائل 11:156 أبواب وجوب الحج ب 59 ذيل حديث 3.
4- المدارك 7:92،الذخيرة:565.
5- التهذيب 5:/402 1399،الإستبصار 2:/318 1125،الوسائل 11:158 أبواب وجوب الحجّ ب 60 ح 2.
6- الفقيه 2:/269 1311،التهذيب 5:/402 1398،الإستبصار 2:/317 1124،الوسائل 11:158 أبواب وجوب الحجّ ب 60 ح 1.
7- التهذيب 5:/401 1396،الإستبصار 2:/317 1122،الوسائل 11:158 أبواب وجوب الحجّ ب 60 ح 3.

و ليس في شيء منها التقييد بالرجعية،كما في كلام الجماعة،بل شاملة بإطلاقها بل عمومها للبائنة،لكنها نادرة،فيشكل صرف الإطلاق إليها سيّما مع الاتّفاق على انقطاع عصمة الزوجية عنها،فلا وجه لتوقف حجّها على إذن زوجها مطلقاً.

و الظاهر أنّ إطلاق المنع في الخبر محمول على صورة عدم الإذن؛ لآخر:« المطلّقة تحجّ في عدّتها إن طابت نفس زوجها» (1)و نحوه الحسن (2)كما قيل (3).

و يجوز لها الحجّ و لو ندباً في عدّة الوفاة؛ للمعتبرة المستفيضة،منها الموثقان (4):عن المتوفى عنها زوجها تحجّ؟قال:« نعم» .

مسائل
اشارة

مسائل ثلاث:

الأُولى إذا نذر غير حجّة الإسلام لم يتداخلا

الأُولى: إذا نذر حجّة الإسلام انعقد على الأصح،فتجب الكفارة بالترك،و لا يجب عليه غيرها اتّفاقاً،و لا تحصيل الاستطاعة،إلّا إذا قصد بنذرها تحصيلها فيجب أيضاً.

و إذا نذر غير حجّة الإسلام لم يتداخلا اتّفاقاً،كما في التحرير

ص:51


1- الكافي 6:/91 12،التهذيب 8:/131 452،الإستبصار 3:/333 1187،الوسائل 22:219 أبواب وجوب الحجّ ب 22 ح 2.
2- الكافي 6:/89 1،التهذيب 8:/116 402،الإستبصار 3:/333 1184،الوسائل 22:212 أبواب وجوب الحجّ ب 18 ح 1.
3- قاله به صاحب المدارك 7:92.
4- الأول:التهذيب 5:/402 1401،الوسائل 11:159 أبواب وجوب الحج ب 61 ح 2.الثاني:قرب الإسناد:/168 617،الوسائل 11:159 أبواب وجوب الحجّ ب 61 ح 3.

و المختلف و المسالك (1)و غيرها (2)،بل يجبان عليه معاً إن كان حال النذر مستطيعاً و كان حجّة النذر مطلقة أو مقيدة بسنة غير الاستطاعة.

و يجب عليه حينئذ تقديم حجّة الإسلام؛ لفوريتها،وسعه مقابلها.

و إن كانت مقيّدة بسنتها لغا النذر إن قصدها مع بقاء الاستطاعة،و إن قصدها مع زوالها صحّ،و وجب الوفاء عند زوالها.و إن خلا عن القصدين فوجهان.

و إن لم يكن حال النذر مستطيعاً وجب المنذورة خاصة بشرط القدرة،دون الاستطاعة الشرعية،فإنّها شرط في حجّة الإسلام خاصة.

خلافاً للدروس فتشترط أيضاً (3)و لا وجه له.

و إن حصلت الاستطاعة الشرعية قبل الإتيان بالمنذورة،فإن كانت مطلقة أو مقيدة بزمان متأخر عن سنة الاستطاعة خصوصاً،أو عموماً، وجب تقديم حجّة الإسلام؛ لما مرّ،وفاقاً لجماعة (4).

خلافاً للدروس،فقدّم المنذورة (5)،و لم نعرف وجهه.

و إن كانت مقيدة بسنة الاستطاعة،ففي تقديم المنذورة أو الفريضة، وجهان،أجودهما الأول كما قطع به جماعة (6).

قال في المدارك:لعدم تحقق الاستطاعة في تلك السنة؛ لأن المانع

ص:52


1- التحرير 1:128،المختلف:322،المسالك 1:93.
2- انظر المدارك 7:99.
3- الدروس 1:318.
4- منهم:ابن سعيد في الجامع للشرائع:175،و صاحب المدارك 7:99،و الشهيد الثاني في المسالك 1:93.
5- الدروس 1:318.
6- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:93،و صاحب المدارك 7:100.

الشرعي كالمانع العقلي،و على هذا فيعتبر في وجوب حجّ الإسلام بقاء الاستطاعة إلى السنة الثانية (1).

و لو نذر حجّا مطلقاً أي خالياً عن قيدي حجّة الإسلام و غيرها قيل:يجزي إن حجّ بنية النذر عن حجّة الإسلام،و لا يجزي إن نوى حجّة الإسلام عن النذر و القائل:الشيخ في النهاية و التهذيب و الاقتصاد (2)،كما حكي،و حكاه في المسالك أيضاً عن جماعة (3).

و لا يخلو عن قوة؛ استناداً في الحكم الثاني إلى الأصل الآتي.

و في الأول إلى الصحيحين:عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه الحرام فمشى،هل يجزيه عن حجّة الإسلام؟قال:« نعم» (4).

و في أحدهما:قلت:أ رأيت إنّ حجّ عن غيره و لم يكن له مال،و قد نذر أن يحجّ ماشياً،أ يجزيه عنه ذلك من مشيه؟قال:« نعم» (5).

و الظاهر أن المراد بنذر المشي نذر الحجّ ماشياً،كما فهمه الأصحاب،حتى أرباب القول الثاني،حيث لم يجيبوا عنهما إلّا بالحمل على ما إذا نذر حجّة الإسلام ماشياً،و يدلُّ عليه السؤال الثاني في أحدهما.

و هذا القدر من الظهور كافٍ،و إن احتمل السؤال فيهما غيره،من كون المسئول أنّ هذا المشي إذا تعقبه حجّة الإسلام فهل يجزي،أم لا بدّ من المشي ثانياً؟أو أنّه إذا نذر المشي مطلقاً،أو في حجّ،أو في حجّة الإسلام فمشى،فهل يجزيه أم لا بدّ من الركوب فيها؟أو أنه إذا نذر حجّة

ص:53


1- المدارك 7:100.
2- النهاية:205،التهذيب 5:406،الاقتصاد:298.
3- المسالك 1:93.
4- التهذيب 5:/459 1595،الوسائل 11:70 أبواب وجوب الحجّ ب 27 ح 1.
5- التهذيب 5:/406 1415،الوسائل 11:70 أبواب وجوب الحجّ ب 27 ح 3.

الإسلام فنوى المنذور دون حجّة الإسلام فهل يجزي عنها؟.

لبُعد جميع ذلك،سيّما في مقابلة فهم الأصحاب.و ارتكابها فيهما كلّاً أو بعضاً للجميع تبرّعاً يتوقف على وجود المعارض الأقوى،و ليس، سوى الأصل الآتي،و التعارض بينهما و بينه على تقدير تسليمه تعارض العموم و الخصوص مطلقاً و الخاص مقدّم اتّفاقاً.

و قيل:لا يجزي أحدهما عن الآخر و القائل الأكثر على الظاهر، المصرّح به في كلام جمع،و منهم:الشيخ في الخلاف و الحلّي في السرائر و السيّدان في الغنية و الناصرية (1)،و في ظاهرها الإجماع،و الفاضلان و الشهيدان (2)،و غيرهم من متأخّري الأصحاب (3).

لاقتضاء اختلاف السبب اختلاف المسبّب.

و فيه بعد تسليمه أنّه عام فيحصّص بما مرّ.

إلّا أن يجاب بقوة العام بعمل الأكثر،و عدم صراحة الخاص بما مرّ.

مضافاً إلى معارضته بالإجماع المنقول و إن كان بلفظة« عندنا» فإنّ ظهورها في نقله ليس بأضعف من دلالة الصحيحين على خلافه.

و ببعض الأخبار المشار إليه في الخلاف،حيث إنه بعد نسبة ما ذكره في النهاية إلى بعض الروايات قال:و في بعض الأخبار أنه لا يجزي

ص:54


1- الخلاف 2:256،السرائر 1:518،الغنية(الجوامع الفقهية):582،الناصرية(الجوامع الفقهية):209.
2- المحقق في المعتبر 2:762،و الشرائع 1:231،و العلّامة في القواعد 1:77،و التحرير 1:128،و المنتهى 2:875،الشهيدان في اللمعة و الروضة 2:178.
3- كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 3:141،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:296.

عنه،و هو الأقوى عندنا،إلى آخر ما قال (1).و الإرسال غير قادح بعد الانجبار بعمل الأصحاب.

و المسألة محل إشكال و إن كان مختار الأكثر لعلّه أظهر؛ للأصل المعتضد بالإجماع المنقول،و المرسل الصريح الملحق لفتوى الأكثر بالصحيح،و مع ذلك فهو أحوط.

و يحكى عن الشيخ قول ثالث بإجزاء أحدهما عن الآخر مطلقاً (2)و مال إليه في الذخيرة (3)؛ لصدق الامتثال.

و فيه مناقشة،سيّما بعد ما عرفت من الأدلة على عدم الإجزاء مطلقاً، أو في الجملة.

الثانية إذا نذر ان يحجّ ماشياً وجب

الثانية: إذا نذر ان يحجّ ماشياً وجب مع إمكانه،على المعروف من مذهب الأصحاب،كما في المدارك و الذخيرة (4)،و فيهم عن المعتبر أنّ عليه اتّفاق العلماء (5).

و الصحاح و غيرها به مع ذلك مستفيضة جدّاً (6)،معتضدة بالعمومات.

و أمّا الصحيح:عن رجل نذر أن يمشي إلى مكة حافياً،فقال:«إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله خرج حاجّاً فنظر إلى امرأة تمشي بين الإبل،فقال:من هذه؟فقالوا:

أُخت عقبة بن عامر،نذرت أن تمشي إلى مكة حافية،فقال صلى الله عليه و آله:يا عقبة، انطلق إلى أُختك فمرها فلتركب،فإنّ اللّه تعالى غنيّ عن مشيها و حفاها» (7).

ص:55


1- الخلاف 2:256 و فيه:و هو الأقوى عندي.
2- التهذيب 5:406 ذيل الحديث 1414.
3- الذخيرة:566.
4- المدارك 7:102،الذخيرة:566.
5- المعتبر 2:763.
6- الوسائل 11:86 أبواب وجوب الحج ب 34.
7- التهذيب 5:/13 37،الإستبصار 2:/15 491،الوسائل 11:86 أبواب وجوب الحج ب 34 ح 4.

فشاذّ محمول على العجز،أو النسخ،أو فوت ستر ما يجب ستره من المرأة،أو غير ذلك من المحامل،إلّا أنّ أقربها الأول.

و حمله على عدم انعقاد نذر المشي حافياً مع غاية بعده عن السياق لا وجه له،بعد اقتضاء الأدلة انعقاده من العموم و الخصوص،كالمعتبرين المرويين في الوسائل عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى،أحدهما الموثق:عن رجل نذر أن يمشي حافياً إلى بيت اللّه تعالى،قال:« فليمشِ، فإذا تعب فليركب» (1)فتأمل.

ثم إنّ إطلاق الأخبار،بل عمومها،يقتضي وجوب المشي مطلقاً، سواء كان أرجح من الركوب أم لا،و به أفتى جماعة صريحاً (2).

خلافاً للفاضل و ولده (3)في الثاني فلم يوجباه،بل أوجبا الحجّ خاصة،و ادّعى الثاني على انعقاد أصل النذر الإجماع.

و فيه مضافاً إلى مخالفته ما مرّ أنّه لا يعتبر في المنذور كونه أفضل من جميع ما عداه،بل المعتبر رجحانه،و لا ريب في ثبوته و إن كان مرجوحاً بالإضافة إلى غيره.

و الأقوى في المبدأ و المنتهى الرجوع إلى عرف الناذر إن كان معلوماً، و إلّا فإلى مقتضى اللفظة لغةً،و هو في لفظة« أحجّ ماشياً» في المبدأ أول الأفعال،لدلالة الحال عليه،و في المنتهى آخر أفعاله الواجبة،و هي رمي

ص:56


1- نوادر أحمد بن محمد بن عيسى:/47 80،81،الوسائل 11:88 أبواب وجوب الحجّ ب 34 ح 9،10.
2- منهم:الشهيد الثاني في الروضة 2:181،و السبزواري في الذخيرة:566،و صاحب الحدائق 14:223.
3- العلّامة في القواعد 2:132،و ولده في إيضاح الفوائد 4:66.

الجمار،و المعتبرة به أيضاً مستفيضة (1).

و ما ورد بأنّه إذا أفاض من عرفات (2)،فشاذّ؛ لأنّ الأصحاب بين قائل بما قلنا،كشيخنا الشهيد الثاني و سبطه و جماعة (3)،و قائلٍ بأنّه طواف النساء،كالفاضل في التحرير و الشهيد في الدروس (4)،و عزاه في الروضة إلى المشهور (5)،فليحمل على ما إذا أفاض و رمى،أو كون المشي تطوعاً لا نذراً.

و يقوم في موضع العبور لو اضطر إلى عبوره وجوباً،على ما يظهر من العبارة و نحوها،و به صرّح جماعة (6)،استناداً إلى رواية (7)هي لضعف سندها بالسكوني و صاحبه عن إثباته قاصرة؛ و لذا أفتى بالاستحباب جماعة كالفاضلين في المعتبر و التحرير و المنتهى و التذكرة (8)و الشهيدين في الدروس و الروضة (9)و غيرهم (10).

و لا بأس به،خروجاً من خلاف من أوجبه،و تساهلاً في أدلة

ص:57


1- الوسائل 11:89 أبواب وجوب الحجّ ب 35.
2- قرب الإسناد:/162 588،الوسائل 11:90 أبواب وجوب الحجّ ب 35 ح 6.
3- الشهيد الثاني في المسالك 1:94،و سبطه في المدارك 7:103 و انظر الذخيرة:566 و الحدائق 14:235.
4- التحرير 1:129،الدروس 1:319.
5- الروضة 2:181.
6- منهم الشيخ في النهاية:205،و العلّامة في القواعد 1:77،و الشهيد الأوّل في اللمعة(الروضة 2):181.
7- الفقيه 3:/235 1113،التهذيب 5:/478 1693،الإستبصار 4:/50 171،الوسائل 11:92 أبواب وجوب الحجّ ب 37 ح 1.
8- المعتبر 2:763،التحرير 1:128،المنتهى 2:875،التذكرة 1:308.
9- الدروس 1:319،الروضة 2:182.
10- انظر المسالك 1:94 و استجوده في المدارك 7:104.

السنن.

و مع ذلك فالوجوب لعلّه لا يخلو عن قوة؛ لقوة السند في نفسه، و اعتضاده بفتوى الأكثر بمضمونه.

و حيث وجب عليه المشي فإن ركب في طريقه أجمع قضى الحجّ ماشياً أي فعله قضاءً إن كان موقتاً و قد انقضى،و إلّا فأداءً،قيل:وفاقاً لإطلاق الأكثر (1)؛ لأنّه لم يأت بالمنذور على وجهه، لانتفاء المركب بانتفاء أحد أجزائه.

و فيه أنّ هذا دليل على عدم حصول المنذور،لا على وجوب قضائه حيث يفوت وقته.

و ربما يعلّل بأنّ حجّة وقع فاسداً،و فساد الحجّ يقتضي الإعادة.

و فيه:أنّ الفساد الموجب لها ما كان لإخلال بجزء أو صفة أو شرط مثلاً،و هو غير حاصل هنا؛ إذ المقصود بالفساد هنا عدم وقوعه عن النذر، لعدم المطابقة،و لا عن غيره لانتفاء النية،و هو غير الفساد الموجب للإعادة.

و لذا احتمل الفاضلان في المعتبر و المنتهى و التحرير و المختلف- (2)سقوط قضاء المعيّن،قالا:و إنّما عليه الكفارة؛ لإخلاله بالمشي.

و هو في غاية القوة؛ عملاً بأصالة البراءة السليمة عمّا يصلح للمعارضة،كما عرفته.

و أمّا غير المعيّن فلا ريب في وجوب الإعادة؛ تحصيلاً للواجب بقدر الإمكان،و لا كفارة.

ص:58


1- كشف اللثام 1:259.
2- المعتبر 2:764،المنتهى 2:876،التحرير 1:129،المختلف:323.

و كذا المعيّن إن طاف و سعى راكباً فيمكن بطلانهما و بطلان الحجّ إن تناول النذر المشي فيهما.و لعلّ هذه الصورة خاصة مراد من أطلق وجوب القضاء،و يشهد له سوق العبارة،فتأمل.

و لو ركب بعضاً من الطريق قضى الحجّ و مشى ما ركب قاله الشيخ في النهاية (1)،و تبعه الشهيد في الدروس (2)؛ و حكي عن المفيد و جماعة (3)؛ و حُجّتهم غير واضحة،عدا ما في المسالك من أن به أثراً لا يبلغ حدّ العمل به (4).

و فيه مضافاً إلى ما ذكره-:أنّا لم نقف عليه،و لم يشر إليه غيره، و لا نقله.

و ما في المختلف،من أن الواجب عليه قطع المسافة ماشياً،و قد حصل بالتلفيق،فيخرج عن العهدة (5).

و فيه:ما أجاب عنه من المنع من حصوله مع التلفيق؛ إذ لا يصدق عليه أنّه حجّ ماشياً.

و لذا قيل:يقضي ماشياً،لإخلاله بالصفة المشترطة، و القائل الحلّي (6)،و أكثر المتأخرين (7)،حتى الشهيد فقد رجع عنه في اللمعة (8)،

ص:59


1- النهاية:565.
2- الدروس 1:319.
3- حكاه عنهم جميعاً في كشف اللثام 1:295 و هو في المقنعة:565.
4- المسالك 1:94.
5- المختلف 323.
6- السرائر 3:62.
7- منهم:المحقق في المعتبر 2:764،و العلّامة في المنتهى 2:875،و ولده في الإيضاح 1:276.
8- اللمعة(الروضة البهية 2):182.

و هو في غاية القوة.

و لو عجز عن المشي قيل في حجّ النهاية و غيره (1) يركب،و يسوق بدنة للصحيحين:عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه تعالى و عجز أن يمشي،قال:« فليركب و ليسق بدنة» (2)كما في أحدهما.

و في الثاني:عن رجل حلف ليحجّن ماشياً،فعجز عن ذلك فلم يطقه،قال« فليركب و ليسق الهدي» (3).

و قيل في المقنعة و غيرها (4) يركب و لا يسوق.

للصحيح:رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه تعالى،قال:« فليمش» قلت:فإنّه تعب،قال:« إذا تعب ركب» (5)و السكوت عن سياق الهدي في مقام البيان يقضي عدم الوجوب.

و فيه:أنّ غايته الظهور،فلا يعارض الأمر الذي هو في الدلالة على الوجوب أظهر منه على العدم،فليقيّد به.

و للخبر المصرّح بالعدم (6).

و هو حسن إن صحّ السند،و ليس إلّا أن يجبر بموافقة الأصل،و ظاهر

ص:60


1- النهاية:205؛ و انظر الوسيلة:156.
2- التهذيب 5:/403 1403،الإستبصار 2:/149 490،الوسائل 11:86 أبواب وجوب الحجّ ب 34 ح 2.
3- التهذيب 5:/403 1403،الإستبصار 2:/149 490،الوسائل 11:86 أبواب وجوب الحجّ ب 34 ح 2.
4- المقنعة:441؛ و حكاه عنه الإسكافي في المختلف:659.
5- التهذيب 5:/403 1402،الإستبصار 2:/150 492،الوسائل 11:86 أبواب وجوب الحجّ ب 34 ح 1.
6- مستطرفات السرائر:/33 39،الوسائل 11:87 أبواب وجوب الحجّ ب 34 ح 6.

الصحيح السابق،و لا يخلو عن نظر.

و قيل في السرائر،و غيره (1) إن كان النذر مطلقاً توقّع المكنة لوجوب تحصيل الواجب بقدر الإمكان و إن كان معيّناً بسنة و قد حصل العجز فيها سقط الحجّ لعجزه المستتبع لسقوطه.

و هو قويّ متين،لولا النصوص المتقدمة الآمرة بالركوب عند العجز مطلقاً،و أقلّها الجواز إن لم نقل بالوجوب.

و يعضدها بالإضافة إلى النذر المطلق أنّ الأمر بتوقع المكنة بعد طريان العجز ربّما يوجب العسر و الحرج المنفيين آيةً و روايةً،سيّما و أنّ يكون بعد التلبس بالإحرام،فيعضده حينئذ مع ذلك الأمر بإكمال الحجّ و العمرة.

و لذا قال بعض المتأخرين بمقتضى النصوص،من وجوب الإكمال في هذه الصورة و قال بمقالة الحلّي في صورة العجز قبل التلبس (2).

و فيه:أنّ النصوص المزبورة شاملة بإطلاقها أيضاً لهذه الصورة،بل العمل بها مطلقاً متوجه.

لكن يستفاد عن فخر الإسلام و غيره (3)أنّ الخلاف إنّما هو في النذر المعيّن،و أما المطلق فلا خلاف فيه في وجوب توقّع المكنة.

فإنّ تم إجماعاً،و إلّا كما هو الظاهر المستفاد من نحو العبارة فالأخذ بمقتضى النصوص أجود؛ لأنها بالإضافة إلى الأُصول المقتضية للقول الأخير بشقّيه أخص،فلتكن بالتقديم أجدر،سيّما بعد الاعتضاد بما

ص:61


1- السرائر 3:61؛ و أُنظر الإرشاد 1:312 و الإيضاح 1:276.
2- المدارك 7:108.
3- فخر الإسلام في إيضاح الفوائد 1:276؛ و انظر الذخيرة:566.

مرّ.

و يبقى الإشكال في حكم السياق،أ هو على الوجوب أو الاستحباب، و الأوفق بالأُصول:الأول،و إن كان الثاني لا يخلو عن وجه،و مع ذلك فهو أحوط.

و لشيخنا في المسالك و الروضة (1)تفصيل،لم أقف عليه في كلام أحد من الجماعة.

و للمختلف و التنقيح (2)تفصيل آخر،و هو كالحلي إلا في النذر المعيّن،فيركب عند العجز.

و هو كما عدا القولين الأولين خارج عن النصوص،بل الأُصول، ما عدا الأول منها؛ لموافقته الأُصول و إن خالفت النصوص،و لولاها لكان المصير إليه متعيّناً.

بل يمكن المصير إليه معها أيضاً،بناءً على صراحتها في نذر الحجّ ماشياً يعني نذر الحجّ مع المشي مشروطاً أحدهما بالآخر كما هو ظاهر فرضنا؛ لأنّ مورد الصحيحين منها نذر المشي إلى بيت اللّه،و هو لا يستلزم نذر الحجّ،فلعلّ إيجابه إنّما هو لوجوبه عليه مضيقاً سابقاً بالاستطاعة و نحوها.

و ما عداهما و إن ورد بلفظ الفرض إلّا أنّه مع ضعف بعضها يحتمل أن يكون المراد منها نذر المشي خاصة،منضمّاً إلى الحجّ الواجب مضيقاً سابقاً،كما هو مورد الصحيحين.

و حينئذ فلا تعلّق له بمسألتنا إلّا من حيث الإطلاق،أو العموم،و في

ص:62


1- المسالك 1:94،الروضة 2:182.
2- المختلف:323،التنقيح الرائع 1:423.

تخصيص الأُصول بمجردهما إشكال،مع إمكان العكس بصرفهما إلى نذر المشي خاصة في سنة الوجوب مضيقاً.

و حيث أمكن الجمع بإرجاع إحداهما إلى الأُخرى كان صرف النصوص إلى الأُصول أولى،لكونها مقطوعاً بها،بخلاف النصوص، لكونها آحاداً.فتأمل جدّاً.

الثالثة المخالف إذا لم يخلّ بركن لم يُعده

الثالثة: المخالف إذا حجّ و لم يخلّ بركن من أركانه لم يُعده وجوباً لو استبصر على الأظهر الأشهر،بل عليه عامة من تأخر، وفاقاً للشيخ و الحلّي (1)؛ للصحاح الصراح. (2)

خلافاً للإسكافي و القاضي (3)،فيعيد؛ للخبرين (4).و حملا على الاستحباب جمعاً،مضافاً إلى ضعف السند،و وقوع التصريح به في تلك الصحاح:« و لو حجّ أحبّ إليّ» و إن أخلّ بركن أعاد وجوباً بلا خلاف،و إن اختلف في المراد بالركن عندنا،كما ذكره الفاضلان في المعتبر و التحرير و المنتهي (5)، و تبعهما الشهيد رحمه اللّه في الدروس (6).أو عنده،كما هو ظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك و الروضة و سبطه (7)،و جماعة ممّن تأخّر عنهما (8).

ص:63


1- الشيخ في النهاية:205،الحلي في السرائر 1:518.
2- الوسائل:11:61 أبواب وجوب الحج ب 23.
3- حكاه عنهما في المختلف:258،و هو في المهذّب 1:268.
4- الكافي 4:/273 1،/275 5،التهذيب 5:/9 22،/10 24،الإستبصار 2:/145 474،473،الوسائل 11:62 أبواب وجوب الحجّ ب 23 ح 5،6.
5- المعتبر 2:765،التحرير 1:125،المنتهى 2:859 860.
6- الدروس 1:315.
7- المسالك 1:91،92،الروضة 2:177،و سبطه في المدارك 7:74.
8- كالأردبيلي في مجمع الفائدة 6:98،و السبزواري في الذخيرة:564،و صاحب الحدائق 14:162.

و النصوص خالية من القيد مطلقاً،إلّا أن موردها« من حجّ» و ظاهره الحجّ الصحيح عنده،لا عندنا،فإذا حجّ فاسداً عنده لم يدخل في موردها، فتجب عليه الإعادة حينئذ؛ عملاً بالعمومات السليمة عن المعارض هنا.

و أمّا إذا حجّ صحيحاً عنده،كان داخلاً في مورد النصوص النافية للإعادة قطعاً.

و على هذا فالقول الثاني أقوى،مع أن عليه مدار أُولئك الفضلاء في الصلاة و نحوها،و وجه الفرق غير واضح.

و ما ذكره بعض من أنّه هنا إن أخلّ بركن عندنا لم يأت بالحجّ حينئذٍ مع بقاء وقت إبرائه،بخلاف الصلاة،لخروج وقتها،و لا يجب القضاء إلّا بأمر جديد (1).

فهو كما ترى،فإنّ الصلاة فاسدة عندنا يجب قضاؤها خارج الوقت إجماعاً؛ لعموم:« من فاتته فريضة فليقضها» و هم لا يقولون بوجوب قضائها إذا كانت عنده صحيحة،فسقوط القضاء ثمّة ليس إلّا لنحو الصحاح المتقدمة،و هي جارية هنا بعينها.

و بالجملة:بقاء الوقت و خروجه لا يصلح فارقاً بعد ورود الأمر الجديد الملحق للقضاء بالأداء،سيّما و هم قد قالوا به هناك لو أتى بها فاسدة عنده.

و لا فرق بين من حكم بكفره كالحروري و الناصبي و غيره في ظاهر العبارة و نحوها،و الصحاح بل صريح بعضها،لتضمنه من قدّمناه.

خلافاً لمحتمل المختلف و غيره (2)،ففرّقا بينهما،و أوجبا الإعادة

ص:64


1- كشف اللثام 1:294.
2- المختلف:259؛ و انظر كشف اللثام 1:256،

على الأول.و هو ضعيف جدّاً.

و هل الحكم بعدم الإعادة لصحة العبادة في نفسها،بناءً على عدم اشتراط الإيمان فيهما،كما هو صريح الفاضلين و جماعة ممّن تأخّر عنهما (1)،أم إسقاط للواجب في الذمة من قبيل إسلام الكافر،كما هو ظاهر الإسكافي و القاضي (2)و شيخنا الشهيد الثاني و سبطه و من تأخر عنهما (3)؟ قولان:أجودهما الثاني؛ لدلالة النصوص الكثيرة عليه جدّاً.

و لا ثمرة لهذا الاختلاف،إلّا ما مرّ من الاختلاف في تفسير الركن، فيراد منه عندنا على القول الأول هنا،و عنده على الثاني،على ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني (4)،حيث بنى الاختلاف ثمّة على الاختلاف هنا.

و هو متوجه لولا حكم المفسّر للركن هنا بعندنا في الصلاة بكون الاعتبار بفعلها صحيحة عنده لا عندنا.

القول في النيابة
اشارة

القول في النيابة و يشترط فيه أي في النائب المدلول عليه بالسياق الإسلام، و العقل،و أن لا يكون عليه حجّ واجب مطلقاً،كما يقتضيه إطلاق نحو العبارة،أو إذا كان ذلك الواجب مضيّقاً في ذلك العام مع التمكن منه و لو

ص:65


1- المحقق في المعتبر 2:765،العلّامة في المختلف:259 و الشهيد الأول في الدروس 1:315،و الفاضل المقداد في التنقيح 1:424.
2- قد مرّ أنّهما يقولان بوجوب الإعادة،و المسألة متفرّعة على عدم وجوبها.
3- الشهيد الثاني في الروضة 2:177،و سبطه في المدارك 7:75؛ و أُنظر المفاتيح 1:300 و الحدائق 14:168.
4- المسالك 1:91.

مشياً حيث لا يشترط فيه الاستطاعة،كالمستقر من حجّ الإسلام ثمّ يذهب المال،كما صرّح به جماعة (1).

فلا يصحّ نيابة الكافر مطلقاً؛ للإجماع على فساد عباداته،لعدم تأتّي نيّة القربة منه.

و لا نيابة المسلم عنه لأنّه لا يستحق الثواب؛ و لأنّ فعل النائب تابع لفعل المنوب عنه في الصحة،لقيامه مقامه،فكما لا يصحّ منه لا يصحّ من نائبه.

و لا يصحّ نيابة المسلم عن مخالف للحق.

أمّا الناصبي فلا خلاف فيه؛ لكفره الحقيقي،و للصحيح الآتي، و الخبر:« لا يحجّ عن الناصب،و لا يحجّ به» (2).

و أمّا غيره فعليه الأكثر على الظاهر،المصرّح به في كلام جمع (3)،بل في المسالك:إنّه المشهور (4)،و يفهم من الحلي الإجماع (5)حيث عزا الصحيح المستثني للأب إلى الشذوذ،و لعلّه لذا حكي عنه الفضلان الإجماع (6)كما يأتي،و إن غفل عنه كثير.

و هو الأظهر؛ لفحوى ما دلّ على عدم انتفاعهم بعباداتهم (7)،فبعادات غيرهم أولى.

ص:66


1- منهم:صاحب المدارك 7:109،و السبزواري في الذخيرة:567،و صاحب الحدائق 14:241.
2- الكافي 4:/309 2،الوسائل 11:192 أبواب النيابة في الحجّ ب 20 ح 2.
3- انظر المفاتيح 1:303.
4- المسالك 1:94.
5- السرائر 1:632.
6- المحقق في المعتبر 2:766،العلّامة في المنتهى 2:863.
7- الوسائل 1:118 أبواب مقدمة العبادات ب 29.

مضافاً إلى مخالفة النيابة للأصل المقتضي لوجوب المباشرة،فيقتصر فيها على المتيقن المقطوع به فتوًى و روايةً،و ليس إلّا المنوب عنه المسلم خاصّة،و أمّا غيره فلا يدخل في إطلاق أخبار النيابة؛ لوروده لبيان أحكام غير مفروض المسألة،فهي بالنسبة إليه مجملة.

هذا مع احتمال إدخاله في الخبرين؛ إمّا لأنّه ناصب حقيقي كما قيل (1)،و يشهد له من الأخبار كثير (2)؛ أو لإطلاق الناصب عليه فيها،بل الكفر ايضاً،و الأصل الشركة في الجميع.

خلافاً للفاضلين و الشهيد في المعتبر و المنتهى و المختلف و الدروس (3)،فخصّوا المنع بالناصب؛ بناءً على ما ذهبوا إليه من صحة عبادة المخالف غيره،و قد مرّ ما فيه،مع أنّ من عدا المعتبر قد رجع عنه، فالفاضل في المختلف أخيراً و الشهيد في اللمعة (4)،فكادت تصير المسألة إجماعية،فلا شبهة فيها.

إلّا أن يكون النيابة عن الأب فتصحّ هنا على الأشهر الأقوى؛ للصحيح:أ يحجّ الرجل عن الناصب؟فقال:« لا» قلت:فإن كان أبي؟قال:« إن كان أباك فنعم» (5).

و في لفظ آخر« إن كان أباك فحجّ عنه» (6).

ص:67


1- انظر الحدائق 14:244.
2- الوسائل 11:192 أبواب النيابة في الحجّ ب 20.
3- المعتبر 2:766،المنتهى 2:863،المختلف:312،الدروس 1:319.
4- المختلف:312،اللمعة(الروضة البهية 2):185.
5- الكافي 4:/309 1،التهذيب 5:/414 1441،الوسائل 11:192 أبواب النيابة في الحجّ ب 20 ح 1.
6- الفقيه 2:/262 1273.

خلافاً للحلّي و القاضي (1)،فمنعا عنه؛ لدعوى شذوذ الرواية.

و فيها:أنّها مشهورة،كما اعترف به الماتن،فقال:إنه مقبول عند الجماعة،قال و هو يتضمن الحكمين معاً،فقبول أحدهما و ردّ الآخر و دعوى الإجماع على مثله تحكّمات يرغب عنها (2).

و فيه نظر؛ لأنّه لم يظهر من الحلّي الاستناد في المنع إلى الرواية، حتى يتوجّه عليه ما ذكره،من أنّه عمل ببعض الخبر و ردّ بعضه،فيحتمل استناده إلى ما قدّمناه من الأدلة،و لو لا صحة الرواية و اشتهارها بين الجماعة لكان خيرته في غاية القوّة و المتانة.

ثم إنّه في المختلف استشكل على مختاره من المنع عن النيابة عن الناصبي،لكفره الحقيقي في الفرق بين الأب منه و غيره الوارد في الرواية، قال:فإنّ هذه الرواية فصّلت بين الأب و غيره،فنقول:المراد بالناصب إن كان هو المخالف مطلقاً ثبت ما قاله الشيخ،و إن كان هو المعلن بالعداوة و الشنآن لم يبق فرق بن الأب و غيره،و لو قيل بقول الشيخ كان قوياً (3).

أقول:و ربما يظهر منه الاتفاق في الناصبي على فساد النيابة عنه مطلقاً.

و فيه نظر،و قد صرّح بالجواز في الدروس (4)و هو غير بعيد؛ لاحتمال صحة ما يقال في وجه الفرق (5):من أنّه لتعلّق الحجّ بماله فيجب الإخراج عنه،أو الحجّ:بنفسه،و لفظ الخبر لا يأبى الشمول لهما.

ص:68


1- الحلي في السرائر 1:632،القاضي في المهذّب 1:269.
2- المعتبر 2:766.
3- المختلف:312.
4- الدروس 1:319.
5- كما في كشف اللثام 1:296.

و بالجملة:فليس لإثابة المنوب عنه،و يمكن أن يكون سبباً لخفّة عقابه،و إنّما خصّ الأب به مراعاةً لحقه.

و في الموثق أو الصحيح:عن الرجل يحجّ فيجعل حجّته و عمرته أو بعض طوافه لبعض أهله،و هو عنه غائب ببلد آخر،ينقض ذلك من آجره؟قال:« لا،هي له و لصاحبه،و له أجر سوى ذلك بما وصل» قلت:

و هو ميت هل يدخل ذلك عليه؟قال:« نعم،حتى يكون مسخوطاً عليه فيغفر له،أو يكون مضيّقاً عليه فيوسّع عليه» قلت:فيعلم و هو في مكانه أن عمل ذلك لحقه؟قال:« نعم» قلت:و إن كان ناصباً ينفعه ذلك قال:« نعم يخفّف عنه» (1).

و لا يصحّ نيابة المجنون و الصبي غير المميّز بلا خلاف و لا إشكال.

و في المميّز قولان،أجودهما و أشهرهما:لا؛ للأصل المتقدم، المعتضد بما قيل (2):من خروج عباداته عن الشرعية،و إنّما هي تمرينيّة، فلا تجزي عمن تجب عليه أو يندب إليها،لأن التمرينيّة ليست بواجبة و لا مندوبة،لاختصاصهما بالمكلّف،مع أنه لا ثقة بقوله إذا أخبر عن الأفعال أو نيّاتها،نعم إن حجّ عن غيره استحقّا الثواب عليه.

و حكي في الشرائع و التذكرة (3)كما قيل- (4)قول بالصحة،لصحة عباداته.و فيه ما عرفته.

ص:69


1- الكافي 4:/315 4،الوسائل 11:197 أبواب النيابة في الحج ب 25 ح 5.
2- كشف اللثام 1:296.
3- الشرائع 1:231،التذكرة 1:309.
4- كشف اللثام 1:296.

و لا بدّ من نية النيابة بأن يقصد كونه نائباً،و لمّا كان ذلك أعمّ من تعيين المنوب عنه نبّه على اعتباره بقوله و تعيين المنوب عنه قصداً في المواطن كلّها.

قيل:و لو اقتصر في النية على تعيين المنوب عنه،بأن ينوي أنّه عن فلان أجزأ عنه؛ لأن ذلك يستلزم النيابة عنه (1).

و هذا الحكم مقطوع به في كلامهم على الظاهر،المصرح به في عبائرهم،و منها الذخيرة (2)،و فيها:لكن روى الشيخ عن ابن ابي عمير في الصحيح،عن ابن أبي حمزة و الحسين،عن أبي عبد اللّه 7:في رجل أعطى رجلاً مالاً يحجّ عنه فحجّ عن نفسه،فقال:« هي عن صاحب المال» (3).

أقول:و نحو المرفوع المروي في الكافي (4).

و ضعف سندهما بالرفع و الاشتراك يمنع عن العمل بهما،مضافاً إلى مخالفتهما الأُصول،فإن الأعمال بالنيات،و لكلّ امرئ ما نوى،و الإجماع الظاهر و المنقول (5).

نعم في الدروس:أنه لو أحرم عن المنوب،ثم عدل إلى نفسه لغا العدول،و إذا أتمّ الأفعال أجزأ عن المنوب عند الشيخ (6).

و في غيره أيضاً عنه ذلك في الخلاف و المبسوط (7).

ص:70


1- المسالك 1:95.
2- الذخيرة:567.
3- التهذيب 5:/461 1605،الوسائل 11:193 أبواب النيابة في الحج ب 22 ح 1.
4- الكافي 4:/311 2،الفقيه 2:/262 1276،الوسائل 11:194 أبواب النيابة في الحجّ ب 22 ح 2.
5- انظر المدارك 7:113،و الحدائق 14:250.
6- الدروس 1:321.
7- الخلاف 2:252،المبسوط 1:323.

و كذا عن الجواهر و الجامع و المعتبر و المنتهى و التحرير (1).

و يمكن حمل الخبرين على ذلك إن صحّ المصير إليه.لكن لا دليل عليه،عدا ما قيل:من أن الأفعال استحقّت للمنوب عنه بالإحرام عنه،فلا يؤثر العدول،كما لا يؤثر فيه نية الإخلال،بل تبعت الإحرام (2).

و هو مجرّد دعوى خالية عن الدليل،و لهذا قال الفاضلان في الشرائع و القواعد و غيرهما (3)بعدم الإجزاء عن أحدهما،و هو قوي.

و لا يجب تسمية اسمه،بل يستحب كما يأتي.

و لا ينوب من وجب عليه الحجّ في عام الاستنابة مع التمكن منه بلا خلاف؛ للنهي عن ضده،أو عدم الأمر به،الموجبين للفساد.

و الصحاح،منها:عن الرجل الصرورة يحجّ عن الميت؟قال:« نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه،فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزي عنه حتى يحجّ من ماله،و هي تجزى عن الميت إن كان للصرورة مال و إن لم يكن له مال» (4)و نحوه آخر (5).

و منها:في رجل صرورة مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و له مال،قال:

« يحجّ عنه صرورة لا مال له» (6).

ص:71


1- جواهر الفقه:39،الجامع للشرائع:226،المعتبر 2:777،المنتهى 2:869،التحرير 1:127.
2- قال به المحقق في المعتبر 2:777 و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:300.
3- الشرائع 1:235،القواعد 1:77؛ و انظر إرشاد الأذهان 1:313.
4- الكافي 4:/305 2،التهذيب /410 1427،الوسائل 11:172 أبواب النيابة في الحج ب 5 ح 1.
5- الفقيه 2:/261 1270،الوسائل 11:172 أبواب النيابة في الحجّ ب 5 ح 3.
6- الكافي 4:/306 3،التهذيب 5:/411 1428،الإستبصار 2:/320 1132،الوسائل 11:172 أبواب النيابة في الحجّ ب 5 ح 2.

و لو لم يجب عليه حجّ أصلاً،أو وجب مطلقاً،أو في غير عام الاستنابة،أو فيه،و لم يتمكن منه،سواء كان قبل الاستقرار أو بعده جاز.

بلا خلاف أجده في جميع الصور،إلا من إطلاق نحو العبارة، و صريح الحلي (1)فيمن استقرّ عليه حجّ،فيبطل النيابة.و لم أعرف وجهه، مع اقتضاء الأصل و الإطلاقات السليمة عن المعارض خلافه.

نعم يعتبر في المستقرضين الوقت بحيث لا يحتمل تجدّد الاستطاعة، إلّا أنّ يكون الاستنابة مشروطة بعدم تجدّدها.

ثم الحكم بجواز الاستنابة مطلق و إن لم يكن النائب حجّ و يعبّر عنه بالصرورة،بلا خلاف فيه بيننا إذا كان ذكراً،و الصحاح به مستفيضة جدّاً (2)،و منها الصحاح المتقدمة قريباً.

و عن جماعة كونه مجمعاً عليه بيننا،و منهم الماتن في المعتبر و شيخنا في المسالك و غيرهما (3).

و الخبران الواردان بخلاف ذلك (4)مع ضعف سندهما شاذان محمولان على التقية،أو الإنكار،أو عدم معرفة الصرورة بأفعال الحجّ،أو

ص:72


1- السرائر 1:626.
2- الوسائل 11:173 أبواب النيابة في الحج ب 6.
3- المعتبر 2:767،المسالك 1:95؛ و انظر المدارك 7:115.
4- الأوّل: التهذيب 5:/411 1430،الإستبصار 2:/320 1134،الوسائل 11:173 أبواب النيابة في الحجّ ب 6 ح 3.الثاني: التهذيب 5:/412 1433،الإستبصار 2:/321 1137،الوسائل 11:174 أبواب النيابة في الحجّ ب 6 ح 4.

الكراهة كما عن المعتبر (1).

و يصحّ نيابة المرأة عن المرأة و الرجل و لو كانت صرورة،بلا خلاف إلّا من الشيخ و القاضي،فمنعا عن نيابتها مطلقاً إذا كانت صرور،في النهاية و التهذيب و المهذّب و المبسوط (2)و فيه التصريح بعموم المنع عن نيابتها عن الرجل و المرأة.

و كذا أطلق في الاستبصار على الظاهر،المصرح به في المختلف (3).

و قيل:خصّه بنيابتها عن الرجل كما عنون به الباب (4).

و فيه:أن الإطلاق يستفاد من السياق.

و كيف كان،فلا ريب أنّ مذهبه المنع على الإطلاق؛ للخبرين (5).

و هما مع ضعف سندهما معارضان بعد الأصل و الإطلاقات بالنصوص المستفيضة،بل المتواترة كما عن الحلّي- (6)و فيها الصحاح و الموثق و غيرهما،منها:« يحجّ الرجل عن المرأة،و المرأة عن الرجل، و المرأة عن المرأة» (7).

و ما يقال من أن هذه مطلقة و الخبران مقيّدان فيجب تقييدها بهما،

ص:73


1- المعتبر 2:767.
2- النهاية:280،التهذيب 5:413،المهذّب 1:269،المبسوط 1:326.
3- المختلف:312،و انظر الاستبصار 2:322.
4- المدارك 7:116.
5- الأوّل:التهذيب 5:/414 1439،الإستبصار 2:/323 1143،الوسائل 11:178 أبواب النيابة في الحجّ ب 9 ح 1.الثاني:التهذيب 5:/413 1436،الإستبصار 2:/322 1142،الوسائل 11:177 أبواب النيابة في الحجّ ب 8 ح 7.
6- السرائر 1:630.
7- التهذيب 9:/229 900،الوسائل 11:177 أبواب النيابة في الحجّ ب 8 ح 6.

فحسن بشرط الحجية و التكافؤ،و هما مفقودان.

فيجب صرف التأويل إليهما:بحملهما على الكراهة،كما فعله الجماعة،و يشعر به رواية:عن امرأة صرورة حجّت عن امرأة صرورة، فقال:« لا ينبغي» (1).

أو على ما إذا كانت غير عالمة بمسائل الحج و لا بأحكامه،كما هو الغالب في النسوة في جميع الأزمنة.

و أما الموثق:عن الرجل الصرورة يوصي أن يحجّ عنه،هل يجزي عنه امرأة؟قال:« لا،كيف تجزي امرأة و شهادته شهادتان» قال:« إنما ينبغي أن تحجّ المرأة عن المرأة و الرجل عن الرجل» و قال:« لا بأس أن يحجّ الرجل عن المرأة» (2).فشاذّ لا قائل به منّا،فليحمل على التقية كما قيل،أو على الكراهة.

و في رواية إنّ والدتي توفّيت و لم تحجّ،قال:« يحجّ عنها رجل أو امرأة» قال،قلت:أيّهما أحبّ إليك؟قال:« رجل أحبّ إليّ» (3).

و لو مات النائب بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ حجّة ممن حجّ عنه،بلا خلاف أجده على الظاهر،المصرّح به في عبائر (4)،بل في المسالك و عن المنتهى (5)الإجماع عليه.

ص:74


1- التهذيب 5:/414 1440،الإستبصار 2:/323 1144،الوسائل 11:179 أبواب النيابة في الحجّ ب 9 ح 3.
2- التهذيب 9:/229 899،الوسائل 11:179 أبواب النيابة في الحجّ ب 9 ح 2.
3- الفقيه 2:/27 1319،الوسائل 11:178 أبواب النيابة في الحج ب 8 ح 8.
4- التنقيح الرائع 1:426،الحدائق 14:254،كشف اللثام 1:297.
5- المسالك 1:95،المنتهى 2:863.

قيل:لثبوته في المنوب عنه بالإجماع و الصحيحين (1)،فكذا في النائب؛ لأنّ فعله فعله (2).

و للموثق:عن الرجل يموت فيوصي بحجّه،فيعطى رجل دراهم ليحجّ بها عنه فيموت قبل أنّ يحجّ،قال:« إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي عن الأول» (3).

و فيهما نظر:

أما الأول فواضح.

و أما الثاني فلمخالفة إطلاقه الإجماع؛ إذ ليس فيه تقييد الموت بكونه بعد الإحرام و دخول الحرم.

و نحوه في ذلك أخبار أُخر ضعيفة السند،فلا اعتبار بها لولا الإجماع المقيّد لها بذلك،لمخالفتها الأُصول المقتضية لوجوب الإتيان بجميع ما في العبادة من الشرائط و الأركان،لكن ترك العمل بالمجمع عليه،و بقي الباقي، و لذا اشترط الأكثر دخول الحرم.

خلافاً للخلاف و السرائر (4)،فاكتفيا بالموت بعد الإحرام مطلقاً حتى في الحاجّ لنفسه.

و مستندهما غير واضح،عدا إطلاق الموثق السابق.و فيه مضافاً إلى ما مرّ أنّه معارض بظاهر الصحيحين:

أحدهما:في رجل خرج حاجّاً حجّة الإسلام فمات في الطريق،

ص:75


1- الآتيين في ص:2748.
2- المدارك 7:118.
3- الكافي 4:/306 4،التهذيب 5:/417 1450،الوسائل 11:185 أبواب النيابة في الحجّ ب 15 ح 1.
4- الخلاف 2:390،السرائر 1:628.

فقال« إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الإسلام،و إن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليّه حجّة الإسلام» (1).

و نحوه الثاني:« إن كان صرورة ثم مات في الحرم أجزأ عنه حجّة الإسلام،و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم جعل حمله و زاده و نفقته و ما معه في حجة الإسلام» الخبر (2).

لكن ذيله ربما أفهم القول الثاني،لكنه معارض بمفهوم الصدر المعاضد بالصحيح السابق الظاهر في الأول صدراً و ذيلاً.

و نحوه المرسلة المروية في المختلف عن المفيد في المقنعة (3)، و فيه:و هذا الشيخ[ثقة]يقبل مراسيله كما يقبل مسنده (4).

هذا مع احتمال الأجرام فيه و في كلام الخلاف كما قيل دخول الحرم،فقد جاء بمعناه،كالإتهام و الاتجار.و ربما يعضده السياق و ما في الخلاف من أن الحكم منصوص للأصحاب لا يختلفون فيه.

فلولا أن المراد من الإحرام في كلامه ما ذكرناه لتوجّه النظر إلى ما ذكره من نفي الخلاف،كيف لا و الخلاف مشهور لو أُريد منه غيره.

و كيف كان،فالمذهب ما عليه الأصحاب في المقامين.

و مقتضى الإجزاء أنه لا يستفاد من تركته من الأُجرة شيء،و عن الغنية أنه لا خلاف فيه (5)،و عن الخلاف إجماع أصحابنا على أنه منصوص

ص:76


1- الكافي 4:/276 10،الفقيه 2:/269 1313،الوسائل 11:68 أبواب وجوب الحجّ ب 26 ح 1.
2- الكافي 4:/276 11،الفقيه 2:/269 1314،التهذيب 5:/407 1416،الوسائل 11:68 أبواب وجوب الحج ب 26 ح 2.
3- المقنعة:445،الوسائل 11:69 أبواب وجوب الحجّ ب 26 ح 4.
4- المختلف:258.و ما بين المعقوفين من المصدر.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):583.

لا يختلفون فيه (1).و عن المعتبر أنه المشهور بينهم (2).

فإن ثبت عليه نصّ أو إجماع،و إلّا توجه استعادة ما بإزاء الباقي من الأُجرة إن استوجر على الأفعال المخصوصة،دون المبرئ للذمة.

و احترز بالشرطية عما لو مات قبل ذلك و لو كان قد أحرم فإنه لا يجزي.و لو قبض الأُجرة استعيد منها بنسبة ما بقي من العمل المستأجر عليه.

فإن كان الاستيجار على فعل الحج خاصة أو مطلقاً و كان موته بعد الإحرام استحقّ بنسبته إلى بقية أفعاله.

و إن كان عليه و على الذهاب استحق اجرة الذهاب و الإحرام و استعيد الباقي.

و إن كان عليهما و على العود فبنسبته الى الجميع.

و إن كان موته قبل الإحرام ففي الأولين لا يستحق شيئاً،و في الأخيرين بنسبة ما قطع من المسافة إلى ما بقي منه من المستأجر عليه.

هذا ما يقتضيه الأُصول،و به صرّح جماعة قاطعين به،وفاقاً للمحكي عن السرائر و الإصباج و المبسوط (3).

خلافاً للفاضلين في الشرائع و القواعد و غيرهما (4)فقالوا بأنه يستحقّ مع الإطلاق بنسبة ما فعل من الذهاب إلى المجموع منه و من أفعال الحج و العود،كما عن النهاية و الكافي و المهذّب و الغنية و المقنعة (5)من غير ذكر

ص:77


1- الخلاف 2:390.
2- المعتبر 2:768.
3- السرائر 2:628،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:297،المبسوط 1:323.
4- الشرائع 1:232،القواعد 1:77؛ و انظر الإرشاد 1:312.
5- النهاية:278،الكافي في الفقه:220،المهذّب 1:268،الغنية(الجوامع الفقهية):583،المقنعة:443.

العود.

و هو في غاية الضعف؛ لأن مفهوم الحج لا يتناول غير المجموع المركب من أفعاله الخاصة،دون الذهاب إليه و إن جعلناه مقدمة للواجب، و العود الذي لا مدخل له في الحقيقة و لا ما يتوقف عليه بوجه.

هذا،و يمكن تنزيل إطلاقهم على ما إذا شهدت قرائن العرف و العادة بدخول قطع المسافة في الإجارة و إن لم يذكر في صيغتها،فيكون اللفظ متناولاً له بالالتزام،كما هو المتعارف في هذا العصر،بل جميع الأعصار، و لهذا يعطى الأجير من الأُجرة الكثيرة ما لا يعطى مَن يحجّ مِن الميقات.

و يأتي النائب بالنوع المشترط عليه من أنواع الحجّ ضمن العقد من تمتّع أو قران أو إفراد،و لا يجوز له العدول إلى غيره،بلا خلاف في الأفضل إلى غيره،و في العكس خلاف.

فبين مَن جعله كالأول مطلقاً،كالمتن و الجامع (1)و التلخيص كما حكي (2)؛ عملاً بقاعدة الإجارة من وجوب الإتيان بما تعلّقت به،دون غيره،لعدم الأمر بالوفاء به.

أو إذا كان المشترط فريضة المنوب،فيجوز في المندوب،و الواجب المخيّر،و المنذور المطلق،مطلقاً كما في عبائر (3)،أو بشرط العلم بقصد المستنيب التخيير و الأفضل،و أنّ ما ذكر في العقد إنما هو للرخصة في الأدنى،كما في أُخرى (4).

ص:78


1- الجامع للشرائع 226.
2- حكاه عنه في كشف اللثام 1:299.
3- كما في المعتبر 1:769،و المختلف:323.
4- كما في المنتهى 2:867.

و هذا هو الأقوى لكن في القيد خروج عن مفروض المتن،و هو العدول عن المشترط؛ إذ فرض العلم بقصد التخيير ينافي اشتراط الفرد الأدنى،لظهوره في عدم الرضا بتركه،إلا أن يراد من الاشتراط مجرد الذكر في متن العقد كما هو مورد النص و أكثر الفتاوي في المسألة و إن خالفهما التعبير في نحو العبارة.

و كيف كان،فلا ينبغي أن يجعل هذا محل نزاع و لا إشكال؛ لأن الشرط بهذا المعنى لا ينفي جواز العدول بعد فرض العلم برضا المستنيب به،لأن ذلك في حكم المأذون.

و إنما الإشكال في جوازه مع فرض فقد القيد.فالذي يقتضيه القاعدة المنع،مضافاً إلى تأيدها برواية مقطوعة:عن رجل أعطى رجلاً دراهم يحجّ بها حجّة مفردة،قال:« ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج،لا يخالف صاحب الدراهم» (1).

و لكن في الموثق بل الصحيح كما قيل (2)في رجل أعطى رجلاً حجّة مفردة،فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟قال:« نعم،إنما خالف إلى الفضل» الخبر (3).

و ظاهره الجواز كما عليه معظم الأصحاب،و إنما قيّدوه بما مرّ عملاً بما فيه من ظاهر التعليل،فإن الإتيان بغير فريضة المنوب ليس فيه فضل فضلاً أن يكون أفضل.

ص:79


1- التهذيب 5:/416 1447،الإستبصار 2:/323 1146،الوسائل 11:182 أبواب النيابة في الحج ب 12 ح 2.
2- مجمع الفائدة و البرهان 6:140.
3- الكافي 4:/307 1،الفقيه 2:/261 1272،التهذيب 5:/415 1446،الإستبصار 2:/323 1145،الوسائل 11:182 أبواب النيابة في الحج ب 12 ح 1.

و هنا يظهر ضعف القول بجواز العدول إلى التمتع على الإطلاق المشار إليه بقوله:

و قيل:يجوز أن يعدل إلى التمتع و لا يعدل عنه و القائل الشيخ في النهاية و الخلاف و المبسوط و القاضي و الإسكافي (1).

و ذلك لعدم دليل عليه حتى من النص؛ لما مرّ،مضافاً إلى مخالفته القاعدة و الاعتبار.

هذا،و الذي ينبغي تحقيقه أن مراد هؤلاء ليس الإطلاق،بل مع الشرط المتقدم،كما يفهم من عبارة الشيخ في كتابي الحديث (2).

مضافاً إلى ما ذكره الحلّي بعد نقل ذلك عنهم بقوله:هذا رواية أصحابنا و فتياهم،و تحقيق ذلك أن من كان فرضه التمتع فحجّ عنه قارناً أو مفرداً فإنه لا يجزيه،و من كان فرضه القرآن أو الإفراد فحجّ عنه متمتعاً فإنه لا يجزيه،إلّا أن يكون ق حجّ المستنيب حجة الإسلام فحينئذ يصحّ إطلاق القول و العمل بالرواية.

قال:و يدلُّ على هذا التحرير قولهم:لأنه يعدل إلى ما هو الأفضل.

فلو لم يكن قد حجّ حجة الإسلام بحسب حاله و فرضه و تكليفه لما كان التمتع أفضل،بل كان إن كان فرضه التمتع فهو الواجب،و ليس لدخول أفضل معنى،لأن أفعل لا يدخل إلّا في أمرين يشتركان ثم يزيد أحدهما على الآخر،و كذا لو كان فرضه القرآن أو الإفراد لما كان التمتع أفضل،بل لا يجوز له التمتع،فكيف يقال:أفضل.فيخصّ إطلاق القول و الأخبار بالأدلة،لأن العموم قد يخصّ بالأدلة إجماعاً (3).انتهى.

ص:80


1- النهاية:278،الخلاف 2:390،المبسوط 1:324،القاضي في المهذّب 1:268،و نقله الإسكافي في المختلف:313.
2- التهذيب 5:416،الاستبصار 2:323.
3- السرائر 1:627.

و في عبارته إشعار بل ظهور في انعقاد الإجماع على الرواية،سيّما مع فتواه بها مع مخالفتها القاعدة كما مضى،فإذاً لا مسرح و لا مندوحة عنها و إن كان عدم العدول مطلقاً أحوط و أولى.

و متى جاز العدول استحق الأجير تمام الأُجرة،أما مع امتناعه فلا و إن وقع عن المنوب عنه.

و كما يجب الإتيان بالمشترط من نوع الحج مع تعلّق الفرض به،كذا يجب الطريق المشترط معه؛ عملاً بقاعدة الإجارة.

و عليه أكثر المتأخرين (1)،بل المشهور كما قيل (2)،و زاد بعضهم فقال:بل الأظهر عدم جواز العدول إلّا مع العلم بانتفاء الغرض في ذلك الطريق و أنّ هو و غيره سواء عند المستأجر،و مع ذلك فالأولى وجوب الوفاء بالشرط مطلقاً (3).

و قيل:لو شرط عليه الحج على طريق جاز له الحج بغيرها للصحيح:عن رجل أعطى رجلاً حجة يحجّ عنه من الكوفة فحجّ عنه من البصرة،قال:« لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجه» (4).

و القائل:الشيخان و القاضي و الحلّي و الفاضل في الإرشاد (5)،و عن

ص:81


1- منهم:المحقق في الشرائع 1:233،و الأردبيلي في مجمع الفائدة 6:138،و صاحب المدارك 7:123.
2- الحدائق 14:270.
3- المدارك 7:123.
4- الكافي 4:/307 2،الفقيه 2:/261 1271،التهذيب 5:/415 1445،الوسائل 11:181 أبواب النيابة في الحج ب 11 ح 1.
5- المفيد في المقنعة:443،الطوسي في النهاية:278،القاضي في المهذّب 1:268،الحلي في السرائر 1:627،الإرشاد 1:313.

الجامع نفي البأس عنه (1).

و لعلّه لصحة الرواية،مع عمل الجماعة،و لا سيّما نحو الحلّي، و وضوح الدلالة و إن ناقش فيها المتأخرون باحتمال أن يكون قوله« من الكوفة» صفة لرجل،لا صلة للحج كما في كلام بعضهم (2).

أو الحمل على وقوع الشرط خارج العقد،بناءً على عدم الاعتبار بمثله عند الفقهاء كما في كلام آخر (3).

أو تأويلها بما إذا لم يتعلق بطريق الكوفة مصلحة دينية و لا دنيوية؛ لأن أغلب الأوقات و الأحوال عدم تعلّق الغرض إلّا بالإتيان بمناسك الحج، و ربما كان في قوله 7:« إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجه» إشعار به،كما في ثالث (4).

أو أن الدفع وقع على وجه الرزق،لا الإجارة،و هو الذي تضمنه الخبر،كما في رابع (5).

أو كون المراد حصول الإجزاء،لا جواز ذلك للأجير،كما في خامس (6).

و ظني بُعد الكل،إلّا أن اجتماعها مع الشهرة على خلاف الرواية ربما أوجب التردد في الخروج بمثلها عن قواعد الإجارة،و لا ريب أن الاحتياط في الوقوف على مقتضاها.

ص:82


1- الجامع للشرائع:226.
2- المدارك 7:123.
3- الحدائق 14:271.
4- الحدائق 14:271.
5- منتقى الجمان 3:84.
6- الذخيرة:569.

ثم إنه على تقدير العمل بالرواية لا ريب في صحة الحج مع المخالفة،و استحقاق الأُجرة.

و أما على غيره فالذي قطع به جماعة (1)صحته أيضاً و إن تعلّق الغرض بالطريق المعيّن؛ لأنه بعض العمل المستأجر عليه،و قد امتثل بفعله.

و يضعّف:بأن المستأجر عليه الحج المخصوص،و هو الواقع عقيب قطع المسافة المعيّنة،و لم يحصل الإتيان به.نعم لو تعلّق الاستيجار بمجموع الأمرين من غير ارتباط لأحدهما بالآخر اتّجه ما ذكروه (2).

و لا يجوز للنائب الاستنابة،إلّا مع الإذن له فيها صريحاً ممّن يجوز له الإذن فيها،كالمستأجر عن نفسه،أو الوصي و الوكيل مع إذن الموكل له فيه،أو إيقاع العقد مقيداً بالإطلاق،لا إيقاعه مطلقاً،فإنه يقتضي المباشرة بنفسه.

و المراد بتقييده بالإطلاق أن يستأجره ليحج عنه مطلقاً،بنفسه أو بغيره،أو بما يدل عليه،كأن يستأجره لتحصيل الحج عن المنوب عنه.

و بإيقاعه مطلقاً أن يستأجره ليحج عنه،فإنّ هذا الإطلاق يقتضي مباشرته،لا استنابته فيه.

كلّ ذلك للأُصول المقررة،و بها أفتى جماعة،كالحلّي في السرائر و الشهيدين في الدروس و اللمعتين (3)،بل قيل:لا خلاف فيه.

ص:83


1- منهم:المحقق في المعتبر 2:770،و العلامة في التذكرة 1:313،و الشهيد الثاني في الروضة 2:191.
2- كما في المدارك 7:123.
3- السرائر 1:627،الدروس 1:325،اللمعة(الروضة البهية 2):191.

مع أن الشيخ قال في التهذيب:و لا بأس أن يأخذ الرجل حجة فيعطيها لغيره،و أطلق؛ للخبر الذي رواه:في الرجل يعطى الحجة فيدفعها إلى غيره قال:« لا بأس» و رواه الكليني أيضاً (1).

و ضعف سنده يمنع عن العمل به قطعاً،فضلاً أن يقيّد به الأُصول المتقدمة،بل ينبغي صرف التوجيه إليه بحمله على صورة الإذن كما في الدروس (2)،أو عدم تعلق الغرض بالنائب الأول كما في غيره (3).

و لا يجوز للنائب أن يوجر نفسه لغير المستأجر في السنة التي استوجر لها قطعاً؛ لاستحقاق الأول منافعه تلك السنة لأجل الحج،فلا يجوز صرفها إلى غيره.

و يجوز لغيرها بشرط عدم فورية الحج،أو تعذر التعجيل؛ لعدم المنافاة بين الإجارتين.

و لو أطلقت الأُولى ففي جواز الثانية مطلقاً،أو العدم كذلك،أو الجواز في غير السنة الأُولى و العدم فيها،أوجه و أقوال.أوسطها أشهرها؛ بناءً على اقتضاء الإطلاق التعجيل عند المشهور،كما في المسالك و غيره (4)، بل عن المقدّس الأردبيلي لعلّه لا خلاف فيه (5)،فيكون كالمعيّن الفوري.

و مستنده غير واضح إن لم يكن إجماع عدا ما عن المقدّس الأردبيلي من فورية الحج،و اقتضاء مطلق الإجارة اتصال زمان مدة يستأجر

ص:84


1- الكافي 4:/309 2،التهذيب 5:/417 1449،الوسائل 11:184 أبواب النيابة في الحج ب 14 ح 1.
2- الدروس 1:325.
3- انظر المعتبر 2:770.
4- المسالك 1:96؛ و انظر الحدائق 14:272.
5- مجمع الفائدة و البرهان 6:145.

له بزمان العقد،و هو يقتضي عدم جواز التأخير عن العام الأول.

و يضعّف الثاني:بأنه مصادرة.و الأول:بأنه أخصّ من المدّعى،فقد يكون الحج مندوباً أو واجباً مطلقاً،و مع ذلك فالفورية إنما هي بالنسبة إلى المستأجر لا الموجر،و لا تلازم بينهما،فتأمل جدّاً.

هذا،و لا ريب أن المنع مطلقاً أحوط و أولى.

و لو صدّ قبل الإكمال أي إكمال العمل المستأجر عليه مطلقاً استعيد منه من الأُجرة بنسبة المتخلّف منه إن كانت الإجارة مقيدة بسنة الصدّ؛ لانفساخها بفوات الزمان الذي تعلّقت به.

و لا يلزم المستأجر إجابته لو التمس عدم الاستعادة و ضمن الحج من قابل على الأشبه لعدم تناول العقد لغير تلك السنة.

خلافاً لظاهر السرائر و النهاية و المبسوط و المقنعة و المهذّب و الحلبي (1)كما حكي،فيلزم.

و مستنده غير واضح،مع احتمال أن يكون مرادهم الجواز برضا المستأجر،و لا كلام فيه حينئذ.

و لا فرق بين أن يقع الصدّ قبل الإحرام و دخول الحرم،أو بعدهما، أو بينهما؛ لعموم الأدلة.

و إلحاقه بالموت قياس فاسد في الشريعة،مع كونه مع الفارق؛ لما قيل:من الاتفاق على عدم الإجزاء مع الصدّ إذا حجّ عن نفسه،فكيف عن غيره (2).

ص:85


1- السرائر 1:629،النهاية:278،المبسوط 1:323،المقنعة:443،المهذّب 1:268،الحلبي في الكافي في الفقه:220.
2- كشف اللثام 1:297.

خلافاً لظاهر الماتن في الشرائع و المحكي عن الخلاف (1)،فألحقاه بالموت.و لا وجه له،مضافاً إلى ما عرفته.

نعم،عن الخلاف أنه نظمه مع الموت في سلك،و استدل بإجماع الفرقة على أن هذه المسألة منصوص لهم لا يختلفون فيها.

قال الناقل:و ظنّي أن ذكر الإحصار من سهو قلمه أو غيره (2).

و إن كانت الإجارة مطلقة وجب على الأجير الإتيان بالحج بعد الصد؛ لعدم انفساخها به.

و هل للمستأجر أو الأجير الفسخ؟قال الشهيد:ملكاه في وجه قوي (3).

و على تقديره له اجرة ما فعل،و استعيد بنسبة ما تخلّف.

و متى انفسخت الإجارة استوجر من موضع الصدّ مع الإمكان،إلّا أن يكون بين مكة و الميقات فمن الميقات؛ لوجوب إنشاء الإحرام منه.

و لا يجوز له أن يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة للأصل،و المعتبرة،منها:الرجل يطوف عن الرجل و هو مقيم بمكة،قال:

« لا» (4).

و لكن يطاف به (حيث لا يمكنه الطواف بنفسه) (5)كما في الصحاح المستفيضة،منها:« المريض المغلوب أو المغمى عليه يرمى عنه

ص:86


1- الشرائع 1:233،الخلاف 2:390.
2- كشف اللثام 1:297.
3- الدروس 1:323.
4- الكافي 4:/422 5،الوسائل 13:397 أبواب الطواف ب 51 ح 1.
5- ما بين القوسين ليست في« ق» و« ك».

و يطاف به» (1).

و يطاف عمّن لم يجمع الوصفين بأن كان غائباً،أو غير متمكن من استمساك الطهارة،كما في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة، و سيأتي إن شاء اللّه تعالى ما يتعلق منها بالغائب في بحث الطواف.

و أما ما يتعلق منها بالمريض فصحيح مستفيض،منها:« المريض المغلوب و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف عنه» (2).

و منها:« المبطون و الكبير يطاف عنهما و يُرمى عنهما» (3).

و لا خلاف في شيء من الأحكام المزبورة أجده،و به صرّح جماعة (4)،بل قيل في الأولين:كأنه اتفاقي (5).

قيل:و إنما يطاف عن المريض و مثله بشرط اليأس عن البرء أو ضيق الوقت (6)،كما في الخبرين (7)الآتي أحدهما قريباً،و هو أحوط،و بالأصل أوفق،فيجبر به ضعف سند النص،و يقيّد به إطلاق ما مرّ من الأخبار.

و ليس الحيض من الأعذار المسوّغة للاستنابة في طواف العمة؛ لما

ص:87


1- التهذيب 5:/123 400،الإستبصار 2:/225 776،الوسائل 13:393 أبواب الطواف ب 49 ح 1.
2- التهذيب 5:/123 403،الإستبصار 2:/226 779،الوسائل 13:389 أبواب الطواف ب 47 ح 1.
3- التهذيب 5:/124 404،الإستبصار 2:/226 780،الوسائل 13:393 أبواب الطواف ب 49 ح 3 و في الجميع:الكسير،بدل:الكبير.
4- منهم العلامة في المنتهى 2:701،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:364،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:299.
5- كشف اللثام 1:299.
6- كشف اللثام 1:299.
7- الأول:التهذيب 5:/124 406،الإستبصار 2:/226 782،الوسائل 13:387 أبواب الطواف ب 45 ح 3.الثاني:سيأتي تخريجه في الصفحة:2759.

سيأتي إن شاء اللّه تعالى من إمكان عدولها إلى حجّ الإفراد،للروايات،إلّا في طواف الحج و النساء مع الضرورة الشديدة اللازمة بانقطاعها من أهلها في البلاد البعيدة،فيجوز لها الاستنابة،كما عن الشيخ (1)،و قوّاه جماعة كالفاضل المقداد في التنقيح و شيخنا في المسالك و سبطه في المدارك (2)و غيرهم من المتأخرين (3).

للصحيح:إنّ معنا امرأة حائضاً و لم تطوف النساء و أبي الجمّال أن يقيم عليها،قال:فأطرق و هو يقول:« لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها و لا يقيم عليها جمّالها» ثم رفع رأسه إليه فقال:« تمضي فقد تمّ حجها» (4).

بحمله على الاستنابة؛ لعدم قائل بعدمها و عدم وجوب المباشرة.

و يعضده الخبر المعلّل الوارد في المريض:« هذا ما غلب اللّه تعالى عليه،فلا بأس أن يؤخر الطواف يوماً أو يومين،فإن خلته العلّة عاد فطاف أُسبوعاً،و إن طالت علّته أمر من يطوف عنه أُسبوعاً» الخبر (5).و ليس في سنده سوى سهل،و ضعفه كما قيل (6)سهل.

و لو حمل إنساناً فطاف به احتسب لكل منهما طوافه لو نويا،كما

ص:88


1- انظر المبسوط 1:331.
2- التنقيح الرائع 1:430،المسالك 1:97،المدارك 7:130.
3- راجع مفاتيح الشرائع 1:364.
4- الفقيه 2:/245 1176،الوسائل 13:453 أبواب الطواف ب 84 ح 13.
5- الكافي 4:/414 5،التهذيب 5:/124 407،الإستبصار 2:/226 783،الوسائل 13:386 أبواب الطواف ب 45 ح 2.
6- لم نعثر على هذا اللفظ،و لكن قال المجلسي في الوجيزة:224:و عندي لا يضر ضعفه لكونه من مشايخ الإجازة،و استقرب توثيقه الحر العاملي في الوسائل 30:389،و لمزيد الاطلاع انظر تعليقات الوحيد البهبهاني على منهج المقال:176،177.

عن النهاية و المبسوط و الوسيلة و في الشرائع و غيرها (1).

أما عن المحمول فبالاتفاق كما في الإيضاح (2)،و للصحيح:في المرأة تطوف بالصبي و تسعى به،هل يجزي ذلك عنها و عن الصبي؟قال:

« نعم» (3).

و أما عن الحامل فله،و للصحاح الأُخر الواردة في الطائف بزوجته حول البيت و هي مريضة محتسباً بذلك لنفسه،و فيها:هل يجزيني؟قال:

« نعم» (4).

و لانتفاء المانع،فإنهما شخصان متخالفان ينوي كل بحركته طوافه.

و لا يفتقر المحمول إلى نية الحامل طوافه و إن لم يكن المتحرك حقيقة و بالذات إلّا الحامل،كراكب البهيمة.

و لا فرق في إطلاق النصوص و نحو العبارة بين ما لو كان الحمل تبرعاً أو بأُجرة.

خلافاً للإسكافي (5)و جماعة (6)،فمنعوا عن الاحتساب في الثاني، قالوا:لأن هذه الحركة مستحقة عليه لغيره،فلا يجوز له صرفها إلى نفسه،

ص:89


1- النهاية:240،المبسوط 1:358،الوسيلة:174،الشرائع 1:233؛ و انظر الروضة 2:193،و المدارك 7:130،و كشف اللثام 1:299.
2- إيضاح الفوائد 1:278.
3- الكافي 4:/429 13،التهذيب 5:/125 411،الوسائل 13:395 أبواب الطواف ب 50 ح 3.
4- الفقيه 2:/309 1534،التهذيب 5:/125 410،الوسائل 13:395 أبواب الطواف ب 50 ح 2.
5- نقله عنه في المختلف:288.
6- منهم.فخر المحققين في الإيضاح 1:279،و الشهيد الثاني في الروضة 2:194،و صاحب المدارك 7:131.

كما إذا استوجر للحج.

و في المختلف:التحقيق أنه إن استوجر للحمل في الطواف أجزأ عنهما،و إن استوجر للطواف لم يُجز عن الحامل (1).

قيل:و الفرق طاهر؛ لأنه على الثاني كالاستيجار للحج.و لكن الظاهر انحصاره في الطواف بالصبي أو المغمى عليه؛ فإن الطواف بغيرهما إنما هو بمعنى الحمل،نعم إن استأجره غيرهما للحمل في غير طوافه لم يجز الاحتساب (2).

لو حجّ عن ميت تبرعاً جاز و برئ الميت إذا كان الحج عليه واجباً؛ إجماعاً،كما في صريح عبارة جماعة (3)،و ظاهر آخرين (4)، و للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة،أجودها دلالةً في الواجب:

الموثق:قلت لأبي عبد اللّه 7:إنسان هلك و لم يحجّ و لم يوص بالحج، فأحجّ عنه بعض أهله رجلاً أو امرأة،هل يجزي ذلك و يكن قضاءً عنه و يكون الحج لمن حجّ و يوجر من أحجّ عنه؟فقال:« إن كان الحاج غير ضرورة أجزأ عنهما جميعاً و أجزأ الذي أحجه» (5).

و الخبر:قلت له 7:بلغني عنك أنك قلت:« لو أنّ رجلاً مات و لم يحجّ حجة الإسلام فأحجّ عنه بعض أهله أجزأ ذلك عنه» فقال:« أشهد

ص:90


1- المختلف:289.
2- كشف اللثام 1:300.
3- كالفيض الكاشاني في المفاتيح 1:301،و انظر كشف اللثام 1:301.
4- كالعلامة في التذكرة 1:310،و صاحب المدارك 7:131،و صاحب الحدائق 14:287.
5- الكافي 4:/277 14،الوسائل 11:176 أبواب النيابة في الحج ب 8 ح 3،في« ق» و« ك» و الكافي:و أُجر الذي أحجّه.

على أبي أنه حدّثني عن رسول اللّه 9 أنه أتاه رجل فقال:يا رسول اللّه، إنّ أبي مات و لم يحجّ حجة الإسلام فقال:حجّ عنه فإن ذلك يجزي عنه» (1).

و يلحق الحي بالميت إذا كان الحج تطوعاً؛ إجماعاً على الظاهر، المصرّح به في عبائر (2)؛ و للنصوص المستفيضة القريبة من التواتر،بل لعلّها متواترة،ففي الصحيح:إنّ أبي قد حجّ،و والدتي قد حجّت،و إنّ أخويّ قد حجّا،و قد أردت أن أُدخلهم في حجّتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي،فقال:« اجعلهم معك،فإنّ اللّه عزّ و جلّ جاعل لهم حجاً، و لك حجاً،و لك أجراً بصلتك إياهم» (3).

و في إلحاقه به في الحج الواجب مع العذر المسوَّغ للاستنابة وجهان.

أما مع عدمه فلا يلحق به قطعاً،فإنّ الواجب على المستطيع إيقاع الحج مباشرةً،فلا يجوز فيه الاستنابة إلّا ما قام عليه الأدلة،و ليس منه مفروض المسألة.

و يلزم الأجير كفارة جنايته في إحرامه في ماله لأنها عقوبة جناية صدرت عنه،أو ضمان في مقابلة إتلاف وقع منه،و عن الغنية الإجماع عليه (4)،و في غيرها:لا نعرف فيه خلافاً (5).

و يستحب للنائب أن يذكر المنوب عنه باسمه في

ص:91


1- الكافي 4:/277 13،التهذيب 5:/404 1407،الوسائل 11:77 أبواب وجوب الحج ب 31 ح 2.
2- كالمدارك 7:132،و مفاتيح الشرائع 1:301،و الحدائق 14:289.
3- الفقيه 2:1369،الوسائل 11:203 أبواب النيابة في الحج ب 28 ح 6.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):583.
5- كشف اللثام 1:300.

المواطن و عند كلّ فعل من أفعال الحج و العمرة بلا خلاف،كما في المنتهى و غيره (1)؛ للصحيح:ما يجب على الذي يحجّ عن الرجل؟قال:

« يسمّيه في المواطن و المواقف» (2).

و ليس بواجب و إن أوهمه؛ للاتفاق،كما قيل (3)؛ و للصحيح:عن الرجل يحجّ عن الرجل يسمّيه باسمه؟قال:« إن اللّه لا يخفى عليه خافية» (4).

و في رواية:« إن شاء فعل و إن شاء لم يفعل،اللّه تعالى يعلم أنه قد حجّ عنه و لكن يذكره عند الأُضحية» (5).

و في الصحيح:هل يتكلم بشيء؟قال:« نعم يقول بعد ما يُحرم:

اللّهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو شعث فأجر فلاناً فيه و أجرني في قضائي عنه» (6).

و أن يعيد فاضل الأُجرة بعد الحج على المشهور كما قيل (7)، قيل:ليكون قصده بالحج القربة،لا الأُجرة (8).

ص:92


1- المنتهى 2:871؛ و انظر مفاتيح الشرائع 1:303.
2- الكافي 4:/310 2،التهذيب 5:/418 1453،الإستبصار 2:/324 1148،الوسائل 11:187 أبواب النيابة في الحج ب 16 ح 1.
3- كشف اللثام 1:297.
4- الفقيه 2:/279 1367،الوسائل 11:188 أبواب النيابة في الحج ب 16 ح 5.
5- الفقيه 2:/279 1368،التهذيب 5:/419 1454،الإستبصار 1:/324 1149،الوسائل 11:188 أبواب النيابة في الحج ب 16 ح 4.
6- الكافي 4:/310 1،التهذيب 5:/418 1452،الإستبصار 2:/324 1147،الوسائل 11:187 أبواب النيابة في الحج ب 16 ح 2.
7- المدارك 7:139.
8- المعتبر 2:773.

و ربما يفهم من بعض المعتبرة في الجملة،فيه:أعطيت الرجل دراهم يحجّ بها عنّي،ففضل منها شيء فلم يردّه عليّ،فقال:« هو له،لعلّه ضيّق على نفسه في النفقة لحاجته إلى النفقة» (1).

و عن المقنعة:و قد جاءت رواية أنه إن فضل ممّا أخذه فإنه يردّه إن كانت نفقته واسعة،و إن كان قتّر على نفسه لم يردّه،قال:و العمل على الأول،و هو أفقه (2).

و لعلّه أراد بالرواية ما عرفته،و لكن دلالتها على ذلك ضعيفة،و مع ذلك فتردّه مضافاً إلى الأُصول المعتبرة،منها الموثق:عن الرجل يأخذ الدراهم يحجّ بها،هل يجوز أن ينفق منها في غير الحج؟قال:« إذا ضمن الحجّة فالدراهم له يصنع بها ما أحبّ و عليه حجّة» (3).

و أن يُتَمّ بصيغة المجهول،و الفاعل:المستنيب له أي للنائب ما أعوزه كما عن النهاية و المبسوط و المنتهى و غيرها (4)،و في غيرها:

لكونه برّاً و مساعدةً على الخير و التقوى (5).

و أن يعيد المخالف حجّته إذا استبصر و لو كانت مجزئة كما مرّ (6).

ص:93


1- التهذيب 5:/414 1442،الوسائل 11:179 أبواب النيابة في الحج ب 10 ح 1.
2- المقنعة:442.
3- الكافي 4:/313 2،التهذيب 5:/415 1444،الوسائل 11:180 أبواب النيابة في الحج ب 10 ح 3.
4- النهاية:279،المبسوط 1:322،المنتهى 2:869؛ و انظر المعتبر 2:773،و جامع المقاصد 3:143.
5- كما في كشف اللثام 1:297.
6- كما في كشف اللثام 1:297.

و يكره أن تنوب المرأة الصرورة عن الرجل،بل مطلقاً؛ للنهي عن استنابتها،و لذا قيل بالتحريم،و هو ضعيف،لما مضى مفصّلاً (1).

و هنا

مسائل خمس

مسائل خمس:

الاُولى من أوصى بحجّة و لم يعيِّن انصرف إلى أُجرة المثل

الاُولى:من أوصى بحجّة و لم يعيِّن الأُجرة انصرف ذلك إلى أُجرة المثل لأن الواجب العمل بالوصية مع الاحتياط للوارث، فيكون ما جرت به العادة كالمنطوق به،و هو المراد من اجرة المثل.

و لو وجد من يأخذ بأقلّ من المثل اتفاقاً مع استجماعه لشرائط النيابة وجب الاقتصار عليه؛ احتياطاً للوارث.و الظاهر أنه لا يجب تكلّف تحصيله،كما صرّح به شيخنا الشهيد الثاني (2).

و يعتبر ذلك من البلد أو الميقات على الخلاف.

الثانية إذا أوصى أن يحجّ عنه و لم يعيّن فإن عرف التكرار حجّ عنه حتى يستوفي ثلثه

الثانية: إذا أوصى أن يحجّ عنه ندباً و لم يعيّن العدد فإن عرف التكرار منه حجّ عنه حتى يستوفي ثلثه إذا علم إرادة التكرار على هذا الوجه،و إلّا فيحسب ما علم منه و إلّا يعلم منه التكرار مطلقاً اقتصر على المرة الواحدة.

بلا خلاف في شيء من ذلك أجده إلّا في الأخير،فظاهر التهذيب التكرار هنا أيضاً (3)،كما عن جماعة (4)؛ للخبرين (5).

و ضعف سندهما مع مخالفتهما الأصل يمنع عن العمل بهما؛ و لذا

ص:94


1- راجع ص 2746.
2- انظر المسالك 1:98.
3- التهذيب 5:408.
4- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:301.
5- التهذيب 5:/408 1419،1420،الإستبصار 2:/319 1129،1130،الوسائل 11:171 أبواب النيابة في الحج ب 4 ح 1،2.

حملهما متأخّرو الأصحاب على صورة ظهور قصد التكرار (1)،و لا بأس به، و ما اختاروه خيرة الحلّي (2).

الثالثة لو أوصى أن يحجّ عنه في كل سنة بمال معيّن فقصر جمع ما يمكن به الاستيجار

الثالثة: لو أوصى أن يحجّ عنه في كل سنة بمال معيّن مفصّلاً كعشرين ديناراً،أو مجملاً كغلّة بستان فقصر ما لكل سنة عن حجّيتها جمع ما يزيد عن المعيّن في السنة مطلقاً ما يمكن به الاستيجار لحجة فصاعداً و لو كان ما جمع نصيب أكثر من سنة فيما قطع به الأصحاب على الظاهر،المصرَّح به في كلام جماعة حدّ الاستفاضة (3).

للمكاتبتين (4)المنجبر ضعفهما لعدم وضوح وثاقة الراوي (5)،و إن صرّح بها بعضهم،و يشهد له بعض القرائن بعمل الأصحاب كافة.

مضافاً إلى التأيد بما ذكره جماعة (6)من الاعتبار،و هو خروج الأقدار عن الميراث و وجوب صرفها في الحج بالوصية،و وجوب العمل بها بقدر الإمكان،و كأنّ الوصية وصية بأمرين:الحج،و صرف القدر المخصوص فيه،فإذا تعذّر الثاني لم يسقط الأول،و مرجعه إلى قاعدة« الميسور لا يسقط بالمعسور» المأثورة في المعتبرة،و لولاها لكان هذا الاعتبار محل

ص:95


1- المنتهى 2:874،جامع المقاصد 3:149،المدارك 4:143.
2- السرائر 1:650.
3- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:99،و صاحب المدارك 7:144،و صاحب الحدائق 14:296.
4- الكافي 4:/310 1،2،الفقيه 2:/272 1326،1327،التهذيب 5:/408 1418،/226 890،الوسائل 11:169 أبواب النيابة في الحج ب 3 ح 1،2.
5- و هو إبراهيم بن مهزيار،و قال العلامة المجلسي في وجيزته(ص 3):إنه ثقة من السفر.
6- منهم:صاحب المدارك 7:144،و السبزواري في الذخيرة:571،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:301.

مناقشة،وفاقاً لبعض متأخري الطائفة (1).

الرابعة لو حصل بيد إنسان مال لميت،و عليه حجة مستقرة و علم أن الورّاث لا يؤدّون جاز أن يقطع قدر اجرة الحج

الرابعة:لو حصل بيد إنسان مال وديعة لميت،و عليه أي على ذلك الميت حجة الإسلام مستقرة في ذمته و علم ذلك الإنسان أو ظن أن الورّاث إذا علموا بالمال لا يؤدّون عنه الحجة جاز له أن يقطع (2) من ذلك المال قدر اجرة المثل لذلك الحج الواجب عليه،بعد استئذان الحاكم،و عدم خوف ضرر،بلا خلاف؛ للصحيح:عن رجل استودعني مالاً فهلك و ليس لولده شيء و لم يحجّ حجة الإسلام،قال:« حجّ عنه و ما فضل فأعطهم» (3).

قيل:و لخروج هذا المقدار من الميراث فلا يجب تسليمه الوارث (4).

و هذا الدليل يعمّ الحكم لغير حجة الإسلام،كما في إطلاق المتن و غيره،بل غير الحج من الحقوق المالية،كالديون و الزكاة و غيرها كما قيل (5).

و المراد بالجواز و مرادفه في العبارة و غيرها الأعم المجامع للوجوب، كما صرّح به آخرون (6)؛ للأمر بذلك في الصحيح؛ و تضمّن خلافه تضييع حق واجب على الميت و تضييع حق المستحق للمال؛ و لانحصار حق المستحق لذلك القدر من المال فيما بيده مع العلم بتقصير الوارث،فيجب

ص:96


1- انظر المدارك 7:144.
2- في المختصر المطبوع:يقتطع.
3- الكافي 4:/272 6،الفقيه 2:/272 1328،التهذيب 5:/416 1448،الوسائل 11:183 أبواب النيابة في الحج ب 13 ح 1.
4- كشف اللثام 1:301.
5- راجع كشف اللثام 1:301.
6- الشهيد في المسالك 1:99،و صاحب المدارك 7:146،و الفاضل الهندي كشف اللثام 1:301،و صاحب الحدائق 14:281.

تسليمه إليه،دون غيره،و يضمن إن خالف و امتنع الوارث كما قيل (1).

و إنما قيّدوا الصحيح بعلم منع الوارث أو ظنّه مع عمومه لهما و لغيرهما؛ لعدم انحصار حق غير الوارث فيه بدونه،لجواز أداء الوارث له من غيره،فلا يجب عليه الأداء؛ و مساواة الوارث صاحب الحق في التعلّق بما عنده،فلا يجوز له الأداء منه بدون إذنه،و ربما يومئ إليه قوله« و ليس لولده شيء» .و إنما اشترطتُ استئذان الحاكم و ما بعده وفاقاً للتذكرة (2)؛ قصراً لما خالف الأصل على المتفق عليه فتوًى و روايةً.

و ما قيل من أنها مطلقة (3)،فمضعّف بتضمّنها أمر الإمام عليه السلام للراوي بالحج عمن له عنده الوديعة،و هو إذن و زيادة،كذا قيل (4).و لعلّه لا يخلو عن مناقشة.

و لا ريب أن الاستئذان من الحاكم مهما أمكن أحوط و أولى.

و مقتضى النص حج الودعي بنفسه،و جوّز له الأصحاب الاستئجار عنه،قيل:و ربما كان أولى،خصوصاً إذا كان الأجير أنسب لذلك من الودعي (5).و لا بأس به،سيّما مع إمكان دعوى تنقيح المناط القطعي.

و به يمكن إلحاق غير الوديعة من الحقوق المالية حتى الغصب و الدين بها و إن كانت مورد النص خاصة وفاقاً للمتن و غيره (6)،خلافاً

ص:97


1- كشف اللثام 1:301.
2- التذكرة 1:308.
3- الحدائق 14:279.
4- راجع المدارك 7:146.
5- المدارك 7:146.
6- كالمسالك 1:99

لجماعة فجمدوا على الوديعة (1).

الخامسة من مات و عليه حجة الإسلام و أُخرى منذورة أُخرجت حجة الإسلام من الأصل و المنذورة من الثلث

الخامسة:من مات و عليه حجة الإسلام و أُخرى منذورة أُخرجت حجة الإسلام من الأصل بلا خلاف و المنذورة من الثلث وفاقاً للإسكافي و الصدوق و النهاية و التهذيب و المبسوط و المعتبر و الجامع (2)؛ للصحاح:

منها:عن رجل عليه حجة الإسلام نذر نذراً في شكر ليحجّنّ رجلاً إلى مكة،فمات الذي نذر قبل أن يحجّ حجة الإسلام و من قبل أن يفي بنذره الذي نذر،قال:« إن ترك مالاً يحجّ عنه حجة الإسلام من جميع المال،و أُخرج من ثلثه ما يحجّ به رجل لنذره و قد وفى بالنذر،و إن لم يكن ترك مالاً إلّا بقدر ما يحجّ به حجة الإسلام حجّ عنه بما ترك،و يحجّ عنه وليه حجة النذر،إنما هو مثل دين عليه» (3)و نحوه الباقي.

و يضعّف:بأنّ موردها من نذر أن يُحجّ رجلاً،أي يبذل له ما يحجّ به،و هو خلاف نذر الحج الذي كلامنا فيه.

و ما يقال:من أن الاستدلال بها إنما هو بفحواها،بناءً على أن إحجاج الغير الذي هو موردها ليس إلّا بذل المال لحجّة،فهو دين مالي محض بلا شبهة،و به وقع التصريح في الرواية،فإذا لم يجب إلّا من الثلث

ص:98


1- منهم:المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:149؛ و انظر مجمع الفائدة و البرهان 6:152.
2- نقله عن الإسكافي في المختلف:321،الصدوق في الفقيه 2:263،النهاية:283،التهذيب 5:406،المبسوط 1:306،المعتبر 2:774،الجامع للشرائع:176.
3- الفقيه 2:/263 1280،التهذيب 5:/406 1413،الوسائل 11:74 أبواب وجوب الحج ب 29 ح 1.

فحج نفسه أولى.

فحسن إن كان حكم الأصل مسلّماً،و عن المعارض سالماً.و ليس كذلك؛ إذ لم أربحكم الأصل مُفتياً،و أرى ما دلّ على وجوب إخراج الحق المالي المحض من الأصل له معارضاً.

و لعلّه لذا أعرض عنها متأخّرو الأصحاب،و نزولها تارةً على وقوع النذر في مرض الموت،كما في المختلف (1).

و أُخرى على وقوعه التزاماً بغير صيغته كما في غيره.

و ثالثةً على ما إذا قصد الناذر تنفيذ الحج المنذور بنفسه فلم يتّفق بالموت،فلا يتعلق بماله حج واجب بالنذر،و يكون الأمر بإخراج الحج المنذور وارداً على الاستحباب للوارث،و كونه من الثلث رعايةً لجانبه،كما في المنتهى (2).

و فيه أي و في المقام وجه آخر و هو خروج المنذور من الأصل كحجة الإسلام،اختاره الحلّي (3)و أكثر المتأخرين (4).

و وجهه غير واضح،عدا توهّم أنه دين كحجة الإسلام.

و فيه منع ظاهر؛ فإنّ الحج ليس واجباً مالياً،بل هو بدني و إن توقف على المال مع الحاجة إليه،كما يتوقف الصلاة عليه كذلك،و إنما وجب قضاء حجة الإسلام بالنصوص الصحيحة و الإجماع،و إلحاق النذر به من غير دليل قياس.

ص:99


1- المختلف:321.
2- منتقى الجمان 3:74.
3- السرائر 1:649.
4- منهم المحقق في الشرائع 1:235،و العلّامة في المنتهى 2:872،و الشهيد الأول في الدروس 1:318،و الفاضل المقداد في التنقيح 1:434.

هذا،و لو لا اتّفاق القولين على وجوب القضاء من الثلث أو الأصل بحيث كاد أن يكون إجماعاً لكان الحكم به من أصله مشكلاً؛ للأصل، و عدم اقتضاء النذر سوى وجوب الأداء،و القضاء عنه يحتاج إلى أمر جديد.

ص:100

المقدمة الثالثة في أنواع الحج

اشارة

المقدمة الثالثة:

في بيان أنواع الحج و هي ثلاثة بإجماع العلماء،كما في كلام جماعة (1)،و النصوص المستفيضة (2) تمتّع و قران و إفراد

التمتع
اشارة

فالتمتع و هو أفضلها بالنص و الإجماع،و الصحاح به مستفيضة (3)، و هو الذي يقدّم عمرته أمام حجّه،ناوياً بها التمتع،ثم ينشئ إحراماً بالحج من مكة و ترتبط به،و تجزي عن العمرة المفروضة كما في النصوص (4)،و تسمى العمرة المتمتع بها إلى الحج،و ما سواها تسمّى بالعمرة المفردة؛ لأفرادها عنه.

و أصل التمتع:التلذذ،و سمّي هذا النوع به لما يتخلّل بين عمرته و حجه من التحلّل الموجب لجواز الانتفاع و التلذّذ بما كان قد حرّمه الإحرام،مع ارتباط عمرته بحجّه حتى أنهما كالشيء الواحد شرعاً،فإذا حصل بينهما ذلك فكأنه حصل في الحج.

و هذا فرض مَن ليس بحاضري مكة بل كان نائياً عنها؛ بإجماعنا الظاهر،المصرَّح به في الانتصار و الخلاف و الغنية و المنتهى و التذكرة و ظاهر المعتبر كما نقل (5)؛ و أخبارنا المستفيضة القريبة من التواتر.

ص:101


1- المدارك 7:55،المفاتيح 1:304،مرآة العقول 17:187،كشف اللثام 1:276.
2- الوسائل 11:211 أبواب أقسام الحج ب 1.
3- الوسائل 11:246 أبواب أقسام الحج ب 4.
4- الوسائل 14:305 أبواب العمرة ب 5.
5- الانتصار:93،الخلاف 2:272،الغنية(الجوامع الفقهية):573،المنتهى 2:659،التذكرة 1:317،المعتبر 2:783.

و حدّه مَن بُعد عنها أي عن مكّة شرّفها اللّه تعالى بثمانية و أربعين ميلاً من كلّ جانب وفاقاً للمحكي عن القمي في تفسيره و الشيخ في النهاية و الصدوقين و الماتن هنا و في المعتبر (1)،و الفاضل في المختلف و التذكرة و المنتهى و التحرير (2)،و الشهيدين في المسالك و الدروس و اللمعتين (3)،و غيرهم من المتأخرين (4).

للمعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح:« كل من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلاً:ذات عِرق و عُسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية،و كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة» (5).

و في خبر آخر:ثمانية و أربعون ميلاً من جميع نواحي مكة من دون عُسفان و دون ذات عِرق» (6).

و في الصحيح:« ليس لأهل مكة و لا لأهل مَرّ و لا لأهل سَرِف متعة» (7)و نحوه غيره (8).

ص:102


1- تفسير القمي 1:69،النهاية:206،الصدوق في المقنع:67،ننقله عن والد الصدوق في المختلف:260،المعتب 2:784.
2- المختلف:260،التذكرة 1:317،318،المنتهى 2:661،التحرير 1:93.
3- المسالك 1:101،الدروس 1:330،اللمعة(الروضة البهية 2):204.
4- كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 3:110،الفاضل المقداد في التنقيح 1:436.
5- التهذيب 5:/33 98،الإستبصار 2:/157 516،الوسائل 11:259 أبواب أقسام الحج ب 6 ح 3.
6- التهذيب 5:/492 1766،الوسائل 11:260 أبواب أقسام الحج ب 6 ح 7.
7- التهذيب 5:/32 96،الإستبصار 2:/157 514،الوسائل 11:258 أبواب أقسام الحج ب 6 ح 1.مَرَّ وزان فَلس موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحلة.مجمع البحرين 3:481،سَرِف مثال كتف موضع قريب من التنعيم و هو من مكة على عشرة أميال،و قيل أقل أو أكثر.مجمع البحرين 5:70.
8- الكافي 4:/299 1،التهذيب 5:/492 1765،الوسائل 11:260 أبواب أقسام الحج ب 6 ح 6.

قال الماتن:إن هذه المواضع أكثر من اثني عشر ميلاً (1).

و في الصحيح:في حاضري المسجد الحرام،قال:« دون الأوقات إلى مكة» (2)و نحوه غيره (3).

و قد ذكر العلّامة فيما حكي عنه في موضع من التذكرة:أن أقرب المواقيت ذات عِرق،و هي مرحلتان من مكة (4).

و في موضع آخر:إنّ قرن المنازل و يلملم و العقيق على مسافة واحدة بينها و بين مكة ليلتان قاصدتان (5).

و قيل مَن بعد عنها باثني عشر ميلاً فصاعداً من كلّ جانب القائل بذلك الشيخ في المبسوط و الاقتصاد و التبيان،و الحلّي في السرائر،و الفاضلان في الشرائع و الإرشاد و القواعد،و عُزي إلى مجمع البيان و فقه القرآن و روض الجنان و الجمل و العقود و الغنية و الكافي و الوسيلة الجامع و الإصباح و الإشارة (6).

و حجتهم غير واضحة،عدا ما قيل من نصّ الآية على أنه فرض من

ص:103


1- المعتبر 2:785.
2- التهذيب 5:/476 1683،الوسائل 11:260 أبواب أقسام الحج ب 6 ح 5.
3- التهذيب 5:/33 99،الإستبصار 2:/158 517،الوسائل 11:260 أبواب أقسام الحج ب 6 ح 4.
4- التذكرة 1:322.
5- التذكرة 1:320.
6- المبسوط 1:306،الاقتصاد:298،التبيان 2:158،السرائر 1:519،الشرائع 1:237،الإرشاد 1:309،القواعد 1:72،مجمع البيان 1:291،فقه القرآن:266،روض الجنان(المشتهر بتفسير أبي الفتوح)3:90،الجمل و العقود(الرسائل العشر):224،الغنية(الجوامع الفقهية):573،الكافي:191،الوسيلة:157،الجامع للشرائع:177،إشارة و السبق:124.

لم يكن حاضري المسجد الحرام،و مقابل الحاضر هو المسافر،و حدّ المسافر أربعة فراسخ (1).

و فيه نظر واضح،سيّما بعد ما مرّ من النصّ الصحيح الواضح المؤيد بغيره.

و توزيع الثمانية و الأربعين ميلاً الواردة فيه على الأربع جوانب، فيوافق هذا القول،كما يظهر من الحلّي و غيره (2)،فمع شدة مخالفته الظاهر لا يلائم ما تضمّن منها عسفان،فإنها من مكة على مرحلتين كما عن القاموس و في غيره (3).

فإذاً ما اختاره الماتن هنا أقوى.

و أما ما في الصحيح من التحديد بثمانية عشرة من كلّ جانب (4)، فشاذّ على الظاهر،المصرح به في بعض العبائر (5).و ربما يحمل على التخيير (6)،و هو ضعيف.

و لا يجوز لهؤلاء العدول عن التمتع إلى الإفراد و القران إلّا مع الضرورة أمّا الأول فلما مرّ من أن فرضهم التمتع فلا يجزيهم غيره؛ لإخلالهم بما فرض عليهم.

و أما الثاني فلما يأتي فيمن دخل مكة بمتعة و خشي ضيق الوقت،

ص:104


1- كشف اللثام 1:276.
2- الحلي في السرائر 1:519؛ و انظر المبسوط 1:306.
3- القاموس 3:181؛ مجمع البحرين 5:100.
4- الكافي 4:/300 3،الوسائل 11:261 أبواب أقسام الحج ب 6 ح 10.
5- مفاتيح الشرائع 1:305.
6- المدارك 7:162،الذخيرة:551.

و الحائض و النفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل و إنشاء الإحرام بالحج، من جواز نقلهم إلى الإفراد (1).

شروطه

و شروطه أي التمتع أربعة:النية بلا خلاف و لا إشكال إن أُريد به الخلوص و القربة كما في كل عبادة.

أو نية كل من العمرة و الحج و كل من أفعالهما المتفرقة من الإحرام و الطواف و السعي و نحوها،كما يأتي تفصيلها في مواضعها إن شاء اللّه تعالى،كما قيل (2).

أو نية الإحرام خاصة،كما في الدروس (3)،إلّا أنه حينئذ كالمستغنى عنه،فإنه من جملة الأفعال،و كما يجب النية له كذا يجب لغيره.

و يشكل لو أُريد بها نية المجموع جملةً غير ما لكلّ،كما استظهره في المسالك عن الأصحاب (4)؛ لعدم دليل على شرطيتها و وجوبها بهذا المعنى، و الأخبار خالية عن ذلك كلّه.

و يمكن أن يراد بها نية خصوص التمتع حين الإحرام.و في وجوبها بين الأصحاب اختلاف،فالشيخ في المبسوط على أنها أفضل،و إن فاتت جاز تجديدها إلى وقت التحلّل (5).

و في المختلف:إنه مشكل؛ لأن الواجب عليه تعيين أحد النسكين، و إنما يتميّز عن الآخر بالنية،و أجاب عن قضية إهلال علي ع بما أهلّ به

ص:105


1- انظر ص:2777،2780.
2- كشف اللثام 1:279.
3- الدروس 1:339.
4- المسالك 1:100.
5- المبسوط 1:307.

النبي صلى الله عليه و آله بالمنع عن كونه عليه السلام لم يعلم بإهلاله صلى الله عليه و آله (1).

أقول:و مرجعه إلى أنه قضية في واقعة،فلا عموم لها،فإذاً الوجوب أقوى.

و وقوعه في أشهر الحج بالكتاب و السنّة و الإجماع و هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة وفاقاً للإسكافي و الصدوق و الشيخ في النهاية (2)، و عليه المتأخرون كافة؛ لظاهر الكتاب (3)،بناءً على أن أقلّ الجمع ثلاثة، و الشهر حقيقة في المجموع و الجملة،و المعتبرة به مع ذلك مستفيضة،ففي الصحيح:« إن اللّه تعالى يقول: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ [1] و هي شوال و ذو الحجة و ذو القعدة» (4).

و قيل هو الشهران الأولان و عشرة من ذي الحجة و القائل المرتضى و العماني و الديلمي.

قيل لأن أفعال الحج تنتهي بانتهاء العاشر و إن رخّص في تأخير بعضها؛ و خروج ما بعده من الرمي و المبيت عنها،و لذا لا يفسد بالإخلال بها؛ و للخبر عن أبي جعفر عليه السلام كما في التبيان و روض الجنان (5)، و ظاهرهما اتفاقنا عليه (6).

أقول:و روى الكليني عن علي بن إبراهيم بإسناده،قال:« أشهر

ص:106


1- المختلف:264.
2- المختلف:264.
3- البقرة:197.
4- التهذيب 5:/445 1550،الوسائل 11:271 أبواب أقسام الحج ب 11 ح 1.
5- التبيان 2:162،روض الجنان(المشتهر بتفسير أبي الفتوح)3:106.
6- كشف اللثام 1:279.

الحج شوّال و ذو القعدة و عشرة من ذي الحجة» (1).

و فيه قطع،و في الأول إرسال،و في نقل الإجماع على تقدير وضوحه وهن،و في الجميع مع ذلك عن المقاومة لما مرّ قصور.

و قيل: بدل العشرة تسعة و القائل الشيخ في الاقتصاد و الجمل و العقود،و القاضي في المهذّب فيما حكي (2)،قيل:لأن اختياري الوقوف بعرفات في التاسع (3).

و هنا أقوال أُخر لا ثمرة بينها و بين غيرها يظهر بعد الاتفاق الظاهر، المحكي في عبائر (4)على أن الإحرام بالحج لا يتأتّى بعد عاشر ذي الحجة، و كذا عمرة التمتع،و على إجزاء الهدي و بدل طول ذي الحجة،و أفعال أيام منى و لياليها،فيكون النزاع لفظياً،كما اعترف به جماعة من المتأخرين (5)، بل عامّتهم كما في ظاهر المسالك.

نعم فيه:و قد يظهر فائدة الخلاف فيما لو نذر الصدقة أو غيرها من العبادات في الأشهر المعلومات أو في أشهر الحج،فإنّ جواز تأخيره إلى ما بعد التاسع يبنى على الخلاف (6).

و إلى لظية النزاع يشير قول الماتن:

و حاصل الخلاف و محلّه الذي يجتمع عليه الأقوال أنّ إنشاء

ص:107


1- الكافي 4:/290 3،الوسائل 11:273 أبواب أقسام الحج ب 11 ح 6.
2- الاقتصاد:300،الجمل و العقود(الرسائل العشر):226،المهذب 1:213.
3- كشف اللثام 1:279.
4- المنتهى 1:665،المختلف:260،المدارك 7:167،الحدائق 14:354.
5- منهم:العلامة في المختلف:260،و ابن فهد في المهذّب البارع 2:148،و الشهيد الثاني في الروضة 2:208،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:279.
6- المسالك 1:100.

الحج يجب أن يكون في الزمان الذي يعلم إدراك المناسك فيه،و ما زاد على ذلك الزمان يصح أن يقع فيه بعض أفعال الحج،كالطواف و السعي و الذبح و الأمران مجمع عليهما كما مضى.

و أن يأتي بالعمرة و الحج في عام واحد بلا خلاف بين العلماء، كما في المدارك (1)،و في غيره بالاخلاف (2)،و عن التذكرة الاتفاق عليه (3).

و هو الحجة،المعتضدة بالأخبار الدالّة على دخول العمرة في الحج إلى يوم القيامة (4)،و الناصّة على ارتباط عمرة التمتع بحجّه و أنه لا يجوز له الخروج من مكة حتى يقضي حجه (5).

و إنما جعلت معاضدة،لا حجة مستقلة،بناءً على عدم وضوح دلالتها على اعتبار كونهما في سنة كما هو المفروض في نحو العبارة،فإنّ ما دلّت عليه إنما هو ارتباط أحدهما بالآخر و وجوب وقوعهما في أشهر الحج،لكن كونها من سنة واحدة لم يظهر منها.

و عليه فيتوجه ما ذكره الشهيد رحمه اللّه من أنه لو بقي على إحرامه بالعمرة من غير إتمام الأفعال إلى القابل احتمل الإجزاء (6).

اللهم إلّا أن يقال:إن المتبادر منها اتحاد السنة،سيّما مع ندرة بقاء إحرام العمرة إلى السنة المستقبلة.

و يمكن أن يقال:إنّ غاية التبادر تشخيص المورد،لا اشتراطه،

ص:108


1- المدارك 7:168.
2- مفاتيح الشرائع 1:306.
3- حكاه عنه في كشف اللثام 1:280.
4- الوسائل 11:236 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 33،و الباب 3 ح 2،12.
5- انظر الوسائل 11:301 أبواب أقسام الحج ب 22.
6- راجع الدروس 1:339.

بحيث يستفاد منه نفي الحكم عمّا عداه،كما هو المطلوب.

و بالجملة:فإثبات الاشتراط بالروايات مشكل،فما ذكره من الإجزاء محتمل،إلّا أن يدفع بقاعدة توقيفية العبادة،و توقف صحتها على دلالة، و هي في المقام مفقودة؛ لأنّ غاية الأدلة الإطلاق،و في انصرافه إلى محل الفرض لما عرفت إشكال،فتأمل.

و كيف كان،فلا ريب في أن الإتيان بهما في سنة واحدة أحوط.

و أن يُحرم بالحج له أي للتمتع من بطن مكة شرّفها اللّه سبحانه،بإجماع العلماء كافة،كما في المدارك و غيره (1)،و نقل الإجماع المطلق مستفيض في عبائر جمع (2)،و سيأتي من النصوص ما يدلّ عليه.

و المراد بمكة كما صرّح به جماعة (3)ما دخل في شيء من بنائها، و أقلّه سورها،فيجوز الإحرام من داخله مطلقاً.

و لكن أفضلها المسجد اتفاقاً كما في المدارك و غيره (4)؛ لكونه أشرف أماكنها،و لاستحباب الإحرام عقيب الصلاة،و هي في المسجد أفضل.

و أفضله مقام إبراهيم ع كما عن النهاية و المبسوط و المصباح و مختصره و المهذّب و السرائر و الشرائع (5)؛ للخبر:« إذا كان يوم التروية

ص:109


1- المدارك 7:169؛ الحدائق 14:359.
2- مفاتيح الشرائع 1:306،كشف اللثام 1:280.
3- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:100،و الروضة 2:208،صاحب المدارك 7:169.
4- المدارك 7:169؛ و انظر الحدائق 14:359.
5- النهاية:248،المبسوط 1:364،مصباح المتهجد:627،المهذّب 1:244،السرائر 1:583،الشرائع 1:237.

فاصنع كما صنعت بالشجرة،ثم صلّ ركعتين خلف المقام،ثم أهلّ بالحج، فإن كنت ماشياً فلبّ عند المقام،و إن كنت راكباً فإذا نهض بعيرك» (1).

و قول الماتن هنا: أو تحت الميزاب يفيد التخيير بينهما،كما عن الكافي و الغنية و الجامع و التحرير و المنتهى و التذكرة و الدروس (2).

و عن الهداية و المقنع و الفقيه (3):التخيير بين المقام و الحِجر،كما في الصحيح:« إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه تعالى فاغتسل،ثم البس ثوبيك و ادخل المسجد حافياً و عليك بالسكينة و الوقار،ثم صلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم أو في الحِجر،ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلِّ المكتوبة،ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين إحرامك من الشجرة،و أحرم بالحج» (4).

و لا يتعيّن شيء من ذلك اتفاقاً،كما عن التذكرة في المسجد (5)،و في غيرها في غيره (6)؛ و للنصوص،منها الصحيح:من أين أُهلّ بالحج؟فقال:

« إن شئت من رحلك،و إن شئت من الكعبة،و إن شئت من الطريق» (7)و في بعض الألفاظ مكان من الكعبة:من المسجد (8).

ص:110


1- التهذيب 5:/169 561،الإستبصار 2:/252 886،الوسائل 12:397 أبواب الإحرام ب 46 ح 2.
2- الكافي:212،الغنية(الجوامع الفقهية):579،الجامع للشرائع:204،التحرير 1:94 و 101،المنتهى 2:668،التذكرة 1:370،الدروس 1:341.
3- الهداية:60،المقنع:85،الفقيه 2:207.حكاه عنهم في كشف اللثام 1:280.
4- الكافي 4:/454 1،التهذيب 5:/167 557،الوسائل 12:408 أبواب الإحرام ب 52 ح 1.
5- التذكرة 1:370.
6- انظر المنتهى 2:714،و التحرير 1:101،و كشف اللثام 1:280.
7- الكافي 4:/455 4،الوسائل 11:339 أبواب المواقيت ب 21 ح 2.
8- التهذيب 5:/477 1684.

و منها الموثق:من أيّ المسجد أُحرم يوم التروية؟فقال:« من أيّ المسجد شئت» (1).

و لو أحرم بحج التمتع اختياراً من غير مكة لم يجزئه و يستأنفه بها لتوقف الواجب عليه،و لا يكفي دخولها محرماً،بل لا بدّ من الاستئناف منها،على المعروف من مذهب الأصحاب،كما في المدارك و الذخيرة غيرهما،و فيهما أسنده الفاضل في التذكرة و المنتهى إلى علمائنا (2)،مؤذناً بدعوى الإجماع و عليه.

و عبارة الشرائع تشعر بوجود الخلاف (3)،و لعلّه من الجمهور كما قيل (4)،و على تقدير كونه منّا فهو ضعيف.

و لو نسي الإحرام منها و تعذّر العود و لو بضيق الوقت أحرم من موضعه و لو كان بعرفة على ما صرّح به جماعة (5)؛ للصحيح:عن رجل نسي الإحرام بالحج فذكره و هو بعرفات ما حاله؟ قال،يقول:« اللهم على كتابك و سنّة نبيك فقد تمّ إحرامه» (6).

و مورده النسيان خاصّة كما في العبارة،و ألحق به جماعة الجهل (7)،

ص:111


1- الكافي 4:/455 4،التهذيب 5:/166 556،الوسائل 11:340 أبواب المواقيت ب 21 ح 3.
2- المدارك 7:171،الذخيرة:572؛ و انظر الحدائق 14:360،و التذكرة 1:320،و المنتهى 2:667.
3- الشرائع 1:237.
4- قال به الشهيد الثاني في المسالك 1:100.
5- الشرائع 1:237،المسالك 1:101،كشف اللثام 1:280،الحدائق 14:360.
6- التهذيب 5:/175 586،الوسائل 11:30 أبواب المواقيت ب 14 ح 8.
7- المدارك 7:172،المفاتيح 1:306،كشف اللثام 1:280،الحدائق 14:361.

و لعلّه لما قيل من تظافر الأخبار بكونه عذراً (1).

و لا فرق في ذلك بين ما لو ترك الإحرام من أصله أو تركه من مكة مع إتيانه به من غيرها.

خلافاً للشيخ فاجتزأ بالإحرام من غيرها مع تعذر العود إليها في المبسوط و الخلاف (2)،و تبعه بعض متأخري الأصحاب،قال:للأصل، و مساواة ما فعله لما يستأنفه في الكون من غير مكة،و في العذر،لأن النسيان عذر،قال:و هو خيرة التذكرة (3).

و فيهما ما ترى؛ فإن الأصل معارض بالقاعدة الموجبة للاستئناف، تحصيلاً للبراءة اليقينية.و تاليه قياس؛ لأن المصحِّح للإحرام المستأنف إنما هو الإجماع على الصحة معه،و ليس النسيان مصححاً له حتى يتعدّى به إلى غيره،و إنما هو مع العذر عذر في عدم وجوب العود،و هو لا يوجب الاجتزاء بالإحرام معه حيثما وقع،بل يجب الرجوع فيه إلى الدليل،و ليس هنا سوى الاتفاق،و لم ينعقد إلّا على الإحرام المستأنف،و أما السابق فلا دليل عليه،فتأمل جدّاً.

و لو دخل مكة بمتعة و خشي ضيق الوقت عن إدراك الوقوفين جاز نقلها إلى الإفراد و يعتمر عمرة مفردة بعده بلا خلاف فيه على الظاهر، المصرَّح به في بعض العبائر (4)،و عن المعتبر الاتفاق عليه (5)،و هو الحجة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة،و لكنها اختلفت في حدّ الضيق،

ص:112


1- كشف اللثام 1:280.
2- المبسوط 1:309،الخلاف 2:265.
3- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:280.
4- كالمدارك 7:176،و الحدائق 14:328.
5- انظر المعتبر 2:783 و 808.

و لأجله اختلف أقوال الطائفة.

فبين محدّدٍ له بزوال الشمس يوم التروية قبل الإحلال من العمرة، كالمفيد في نقلٍ (1)؛ و له الصحيح (2).

و محدّدٍ له بغروبها يوم التروية،كالصدوق في المقنع و المفيد في المقنعة (3)،و به أخبار كثيرة تضمّنت الصحيح و غيره (4).

و محدّدٍ له بزوالها من يوم عرفة،كالشيخ و القاضي و ابن حمزة في المبسوط و النهاية و المهذّب و الوسيلة (5)؛ و لهم الصحيح (6)،و علّله الشيخ في كتابي الأخبار بأنه لا يدرك الموقفين بعده (7)،كما في المعتبرة التي تضمّنت الصحيح و غيره (8).

و محدّدٍ له بخوف فوت الوقوف مطلقاً من غير تحديد له بزمان، حتى لو لم يخف منه لم يجز العدول و لو كان بعد زوال الشمس من يوم عرفة،كما عن الحلبيين و ابني إدريس و سعيد و عليه الفاضل (9).

ص:113


1- حكاه عنه في السرائر 1:582.
2- التهذيب 5:/391 1366،الإستبصار 2:/311 1107،الوسائل 11:299 أبواب أقسام الحج ب 21 ح 14.
3- المقنع:85،المقنعة:431.
4- الوسائل 11:291 أبواب أقسام الحج ب 20.
5- المبسوط 1:364،النهاية:247،المهذب 1:243،الوسيلة:176.
6- التهذيب 5:/171 569،الإستبصار 2:/247 864،الوسائل 11:295 أبواب أقسام الحج ب 20 ح 15.
7- التهذيب 5:170 174،الاستبصار 2:250.
8- الوسائل 11:297 أبواب أقسام الحج ب 21 ح 6،7.
9- أبو الصلاح في الكافي:194،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):577،ابن إدريس في السرائر 1:581،ابن سعيد في الجامع للشرائع:204،الفاضل في المختلف:295.

و لعلّه الأقوى؛ للأصل،و صدق الامتثال،و خصوص النصوص، منها:« لا بأس للمتمتع إن لم يحرم ليلة التروية متى ما تيسّر له ما لم يخف فوت الموقفين» (1).

و النصوص المحدّدة مع تعارض بعضها مع بعض يمكن تنزيلها على اختلاف إمكان وصول الحاج إلى عرفات يومئذ،كما صرّح به بعض المحدّثين من المتأخرين (2).

و ظنّي أن هذا أولى من التنزيل الذي ارتكبه الشيخ في التهذيب (3)و إن تلقّاه جملة من المتأخرين بالقبول (4)،لتضمنه بعض القيود التي لا يفهم منها طرّاً.

و يُحكى عن الخال العلّامة المجلسي طاب ثراه على الظاهر حمل أكثرها على الاتقاء،و ذلك لأن في التخلف عن المضي مع الناس إلى عرفات مظنة الاطّلاع عليه بحج التمتع الذي ينكره الجمهور،حتى إن التقية إذا رفعت من الناس كان مناط الفوات هو فوات الموقفين (5).انتهى.و هو جيّد.

ثم على المختار هل العبرة بخوف فوت اضطراري عرفة،كما عن ظاهر الحلّي و محتمل الحلبي (6)،أو اختياريها،كما عن الغنية و المختلف

ص:114


1- الكافي 4:/444 4،التهذيب 5:/171 568،الإستبصار 2:/247 863،الوسائل 11:292 أبواب أقسام الحج ب 20 ح 5.
2- انظر الحدائق 14:339.
3- التهذيب 5:170.
4- المدارك 7:178،مفاتيح الشرائع 1:308،منتقى الجمان 3:338.
5- لم نعثر عليه.
6- الحلي في السرائر 1:582،الحلبي في الكافي في الفقه:194.

و الدروس (1)؟ وجهان،أجودهما الثاني؛ للصحيح:عن الرجل يكون في يوم عرفة بينه و بين مكة ثلاثة أميال و هو متمتع بالعمرة إلى الحج،فقال:« يقطع التلبية،و يُهلّ بالحج بالتلبية إذا صلّى الفجر،و يمضي إلى عرفات فيقف مع الناس،و يقضي جميع المناسك،و يقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم، و لا شيء عليه» (2).

و قريب منه جملة من المعتبرة،منها الصحيح:« المتمتع يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ما أدرك الناس بمنى» (3).و نحوه آخر (4)، و المرسل كالموثق (5).

بناءً على أن ظاهرها إدراكهم بمنى قبل المضي إلى عرفات،فتدبر.

و احتمال أن يكون المراد إدراكهم بمنى يوم العيد،بأن يدرك اضطراري المشعر مع بُعده مخالف للإجماع على الظاهر،المصرَّح به في بعض العبائر (6)،إلّا أن يحمل على إدراك الاضطراريين،لكنه بعيد لا يظهر من الأخبار.

ص:115


1- الغنية(الجوامع الفقهية):577،المختلف:294،الدروس 1:335.
2- التهذيب 5:/174 585،الإستبصار 2:/250 880،الوسائل 11:298 أبواب أقسام الحج ب 21 ح 7.
3- التهذيب 5:/170 565،الإستبصار 2:/246 860،الوسائل 11:294 أبواب أقسام الحج ب 20 ح 14.
4- التهذيب 5:/171 567،الإستبصار 2:/246 862،الوسائل 11:294 أبواب أقسام الحج ب 20 ح 14.
5- الكافي 4:/443 3،التهذيب 5:/170 566،الإستبصار 2:/246 861،الوسائل 11:293 أبواب أقسام الحج ب 20 ح 6.
6- ملاذ الأخيار 7:509.

و كذا الحائض و النفساء لو منعهما عذرهما عن التحلّل و إنشاء الإحرام بالحج لضيق الوقت عن التربّص إلى الطهر تعدلان إلى الإفراد على المشهور،كما في عبائر جماعة حدّ الاستفاضة (1)،بل في ظاهر المدارك و غيره الاتفاق على جوازه (2)،و فيهما و في غيرهما الإجماع عليه عن المعتبر و التذكرة و المنتهى (3)،و به صرّح في الخلاف (4)؛ و هو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة،منها الصحيح:عن المرأة تدخل متمتعة فتحيض قبل أن تحلّ،متى تذهب متعتها؟فقال:« كان أبو جعفر ع يقول:زوال الشمس من يوم التروية،و كان موسى 7 يقول:صلاة الصبح من يوم التروية» فقلت:جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية و يطوفون و يسعون ثم يحرمون بالحج،فقال:« زوال الشمس» فذكرت له رواية عجلان أبي صالح،فقال:« لا،إذا زالت الشمس ذهبت المتعة» فقلت:هي على إحرامها أو تجدد إحراماً للحج؟فقال:« لا هي على إحرامها» فقلت:

فعليها هدي؟فقال:« لا،إلّا أن تحبّ أن تطوّع» ثم قال:« أمّا نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل أن نحرم فاتتنا المتعة» (5)و قريب منه آخر (6)،و الموثق (7).

ص:116


1- منهم:الشهيد الثاني في الروضة:209،و السبزواري في الذخيرة:553،و صاحب الحدائق 14:340.
2- المدارك 7:181؛ و انظر مفاتيح الشرائع 1:308.
3- المعتبر 2:789،التذكرة 1:399،المنتهى 2:685.
4- الخلاف 2:261.
5- التهذيب 5:/391 1366،الإستبصار 2:/311 1107،الوسائل 11:299 أبواب أقسام الحج ب 21 ح 14.
6- الفقيه 2:/240 1146،التهذيب 5:/390 1363،الوسائل 11:296 أبواب أقسام الحج ب 21 ح 2.
7- الفقيه 2:/240 1147،التهذيب 5:/390 1365،الإستبصار 2:/310 1106،الوسائل 11:299 أبواب أقسام الحج ب 21 ح 13.

قال في المنتهى بعد نقل الخبر:و هذا الحديث كما يدل على سقوط وجوب الدم يدل على الاجتزاء بالإحرام الأول.و أمّا اختلاف الإمامين عليهما السلام في فوات المتعة فالضابط فيه ما تقدّم من أنه إذا أدرك أحد الموقفين صحّت متعتها إذا كانت قد طافت و سعت،و إلّا فلا (1).انتهى.و هو جيّد.

لكن في الموثق بعد حكمه عليه السلام بصيرورة حجها مفردة:قلت:عليها شيء؟قال:« دم تهريقه و هي أُضحيّتها».

و حملها الشيخ على الاستحباب،قال:لأنه إذا فاتتها المتعة صارت حجتها مفردة،و ليس على المفرد هدي على ما بيّنّاه،ثم قال:و يدلّ عليه ما رواه،و ساق الصحيح المتقدم (2).

و هو حسن،و يعضده نفس الموثق من حيث العدول فيه عن التعبير بالهدي إلى الأُضحيّة؛ فإنّ فيه إشعاراً بذلك.

خلافاً للمحكي عن الحلبيّين و جماعة (3)،فقالوا:بل تكملها بلا طواف و تحرم بالحج ثم تقضى طواف العمره مع طواف الحج للأخبار المستفيضة.و هي في ضعف السند مشتركة،عدا رواية منها،فإنها بطريق صحيح على الظاهر في الكافي مروية،و فيها:« المرأة المتمتّعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها و بين التروية،فإن طهرت طافت بالبيت و سعت بين الصفا و المروة،و إن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت و احتشت ثم سعت بين الصفا و المروة ثم خرجت إلى منى،فإذا قضت المناسك و زارت البيت طافت بالبيت طوافاً لعمرتها ثم طافت طوافاً للحج،ثم خرجت فسعت،فإذا فعلت ذلك فقد أحلّت من كل شيء يحلّ منه

ص:117


1- المنتهي 2:856.
2- الاستبصار 2:310.
3- أبو الصلاح في الكافي:218،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):582،و حكاه عن ابن جنيد و ابن بابويه في الدروس 1:406.

المحرم،إلّا فراش زوجها،فإذا طافت طوافاً آخر حلّ لها فراش زوجها» (1).

و عن الغنية:الإجماع عليه.

و هذه الأدلة معارضة بأقوى منها سنداً و اشتهاراً،فلتحمل على ما إذا طافت أربعة أشواط قبل الحيض جمعاً.و هو أولى من الجمع بين الأخبار بالتخيير؛ لفقد التكافؤ المشترط فيه،مع ندرة القائل به،إذ لم يُحكَ إلّا عن الإسكافي (2).

ثم على تقدير صحته فلا ريب أن العدول أولى؛ لاتفاق الأخبار على جوازه على هذا التقدير،هذا.

و في رواية:« إنها إذا أحرمت و هي طاهرة ثم حاضت قبل أن تقضي متعتها سعت و لم تطف حتى تطهر،ثم تقضي طوافها و قد قضت عمرتها، و إن هي أحرمت و هي حائض لم تسع و لم تطف حتى تطهر» (3).

قيل:و هو جمع آخر بين الأخبار حسن (4).

و فيه نظر؛ فإنّ الصحيح المتقدم ظاهر بل صريح في إحرامها طاهرة و مع ذلك حكم لها بالعدول،خلافاً لما في هذه الرواية،و مع ذلك فهي ضعيفة شاذة،لا عامل بها.

و حملها الشيخ على ما حملنا عليه الأخبار السابقة من طمثها بعد طوافها أربعة أشواط طاهرة وفاقاً له،بل استشهد بها عليه في تلك،فقال بعد الحمل:و يدلُّ عليه ما رواه،ثم ساق الرواية.

ص:118


1- الكافي 4:/445 1،الوسائل 13:448 أبواب الطواف ب 84 ح 1.
2- حكاه عنه في المختلف:316.
3- الكافي 4:/447 5،التهذيب 5:/394 1375،الإستبصار 2:/315 1116،الوسائل 13:450 أبواب الطواف ب 84 ح 5.
4- المفاتيح 1:308.

و قال بعدها:فبيّن 7 في هذا الخبر صحة ما ذكرنا؛ لأنه قال:« إن هي أحرمت و هي طاهرة» إلى أن قال:فلولا أن المراد به ما ذكرنا لم يكن بين الحالين فرق، و إنما كان الفرق لأنها إذا أحرمت و هي طاهرة جاز أن يكون حيضها بعد الفراغ من الطواف أو بعد مضيها في النصف منه،فحينئذ جاز لها تقديم السعي و قضاء ما بقي عليها من الطواف،فإذا أحرمت و هي حائض لم يكن لها سبيل إلى شيء من الطواف فامتنع لأجل ذلك السعي،و هذا بيّن (1).

و حكي في المسألة قول بأنها تستنيب من يطوف عنها (2).و لم أعرف قائله و لا مستنده،فهو ضعيف غايته.

و لو تجدّد عذرهما في الأثناء ففي صحة متعتهما مطلقاً،أو العدم كذلك،أو الأول إذا كان بعد أربعة أشواط و إلّا فالثاني،أقوال،ثالثها أشهرها كما في عبائر جماعة (3).و لا يخلو عن قوة؛ لصريح الخبرين (4)و طاهر الآخرين (5)و الرضوي (6).

خلافاً للحلّي فالثاني (7)،و تبعه بعض المتأخرين (8)؛ للأصل،

ص:119


1- التهذيب 5:395،الاستبصار 2:315.
2- حكاه في كشف اللثام 1:279.
3- انظر المدارك 7:181،و المفاتيح 1:308،و الحدائق 14:347.
4- الفقيه 2:/241 1155،التهذيب 5:/393 1371،الإستبصار 2:/313 1111،الوسائل 3:456 و 456 أبواب الطواف ب 85،86 ح 4،1.
5- الكافي 4:/449 4،التهذيب 5:/393 1370،الإستبصار 2:/313 1111،الوسائل 13:456 أبواب الطواف ب 86 ح 2.
6- فقه الرضا(7):230،المستدرك 9:423 أبواب الطواف ب 58 ح 1.
7- السرائر 1:623.
8- كصاحب المدارك 7:182.

و الصحيح الماضي،مع ضعف النصوص المقيدة لهما.

و فيه:أنه مجبور بالشهرة و الكثرة.

و للصدوق في الفقيه فالأول (1)؛ للصحيح:عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقلّ من ذلك ثم رأت دماً،قال:« تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت نقيّة و اعتدّت بما مضى» (2).

و ليس نصّاً في الفريضة،فليحمل على النافلة،كما فعله شيخ الطائفة جمعاً بين الأدلة (3)

النوع الثاني الإفراد
اشارة

و النوع الثاني الإفراد و هو أن يحرم بالحج أولا قبل العمرة من ميقاته الآتي بيانه، ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها،ثم يمضي إلى المشعر فيقف بها ثم يأتي منى ف يقضي مناسكه ثم يطوف بالبيت و يصلّي ركعتيه و عليه عمرة مفردة إن وجبت عليه بعد ذلك أي بعد الحج و الإحلال منه.

بلا خلاف في شيء من هذه الأحكام،بل في المنتهى:إنما مذهب الإمامية (4)،و في غيره الإجماع على وجوب تأخير العمرة (5)؛ و يدلُّ على جملة منها أخبار صحيحة سيأتي إلى بعضها الإشارة.

و هذا القسم يعني الإفراد و القِران فرض حاضري مكة و مَن في حكمهم إجماعاً؛ لما مضى.

ص:120


1- الفقيه 2:241.
2- الفقيه 2:/241 1153،التهذيب 5:/397 1380،الإستبصار 2:/317 1121،الوسائل 13:454 أبواب الطواف ب 85 ح 3.
3- الاستبصار 2:317.
4- المنتهى 2:661.
5- انظر مفاتيح الشرائع 1:306.

و لو عدل هؤلاء إلى التمتع اختياراً ففي جوازه قولان للشيخ، أحدهما الجواز،كما عنه في المبسوط و الخلاف (1)،و حكي عن الجامع أيضاً (2)؛ لوجوه ضعيفة،أجودها الصحيح:عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار،ثم رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقّت رسول اللّه صلى الله عليه و آله،له أن يتمتّع؟فقال:« ما أزعم أن ذلك ليس له،و الإهلال بالحج أحبّ إليّ» (3).

و ليس نصاً في حجة الإسلام،فيحتمل الحمل على التطوع،سيّما مع بُعد بقاء المكي بغيرها إلى أن يخرج من مكة و يرجع إليها عادةً،مع أن له تتمة ربما تشعر بوروده في التطوع دون الفرض،كما أشار إليه بعض (4).

نعم،ربما كان في قوله:« الإهلال بالحج أحبّ إليّ» إشعار بإرادة الفرض،بناءً على أفضلية التمتع في التطوع مطلقاً إجماعاً.

و لعلّه لذا أفتى بمضمونه جماعة،كالشيخ في كتابي الحديث و النهاية و المبسوط (5)،و الفاضل في التحرير و المنتهى (6)،و عنه و عن الماتن في المعتبر و التذكرة (7)أيضاً،لكن خصّوه بمورده و هو ما إذا خرج أهلها إلى بعض الأمصار ثم رجعوا فمرّوا ببعض المواقيت،و حينئذ فليس فيه حجة على الجواز مطلقاً،كما هو المدّعى،هذا.

ص:121


1- المبسوط 1:306،الخلاف 2:272.
2- الجامع للشرائع:179.
3- التهذيب 5:/33 100،الإستبصار 2:/158 518،الوسائل 11:262 أبواب أقسام الحج ب 7 ح 1.
4- الفاضل المقداد في التنقيح 1:440.
5- التهذيب 5:30 و 31،الاستبصار 2:159،النهاية:206،المبسوط 1:308.
6- التحرير 2:93،المنتهى 2:664.
7- المعتبر 2:798،التذكرة 1:319.

مع أن في موافقة الجماعة إشكالاً؛ لقصور الرواية عن الصراحة في الفريضة،بل ظهور بعض ما فيها على إرادة النافلة.

و يجاب عن القرينة المقابلة:باحتمال أن يكون وجه أحبّية الإهلال بالحج التقية،كما أشار إليه بعض الأجلّة،و قال:بل يجوز أن يُهلّ بالحج و ينوي العمري (1)،كما في الصحيح:« ينوي العمرة و يُهلّ بالحج» (2)إلى غيره من الأخبار.

أقول:و كيف كان،فلا ريب أن عدم العدول و الإهلال بالحج أولى، كما صرّحت به الرواية.و فيه خروج عن شبهة القول بالمنع مطلقاً حتى في الصورة التي وافق فيها الشيخ الجماعة،كما هو صريح العماني كما حكي (3)،و ظاهر الفاضل في المختلف و المقداد في الشرح (4)،بل كلّ من جعل أشبههما المنع مطلقاً،من غير تفصيل بين الصورة المفروضة و غيرها.

و ممّا ذكرنا ظهر وجه أشبهية المنع كذلك،و أنه يجب القطع به في غير الصورة المزبورة.و يستظهر فيها أيضاً،بناءً على عدم صراحة الرواية في الفريضة.و القرينة المشعرة بإرادتها مع ضعفها معارضة بمثلها،بل أظهر منها.

و حينئذ فيكون التعارض بينها و بين الأدلة المانعة تعارض العموم و الخصوص من وجه،يمكن تخصيص كلّ منهما بالآخرة،و الترجيح

ص:122


1- كشف اللثام 1:278.
2- التهذيب 5:/80 264،الإستبصار 2:/168 554،الوسائل 12:348 أبواب الإحرام ب 21 ح 2.
3- حكاه عنه في المختلف:261.
4- المختلف:261،التنقيح الرائع 1:439.

للمانعة بموافقة الكتاب و الكثرة.

و على تقدير التساوي يجب الرجوع إلى الأصل،و مقتضاه وجوب تحصيل البراءة اليقينية،و لا يتحقق أولا بما عدا المتعة،للاتفاق على جوازه فتوًى و روايةً دونها،فتركه هنا أولى،و قد صرّحت به الرواية أيضاً كما مضى.

و علم أن شيخنا في المسالك و الروضة (1)صرّح بأن لمذهب الشيخ رواية،بل روايات.

فإن أراد بها نحو الصحيحة،و إلّا فلم نقف على شيء منها،و لا أشار إليه أحد من الطائفة.

نعم،وردت روايات بأن للمفرد بعد دخول مكة العدول إلى المتعة، إلّا أن ظاهر الأصحاب أنها مسألة على حدة،و فرق بينها و بين هذه المسألة، حيث منعوا عن العدول عنا مطلقاً أو في الجملة،و أباحوه ثمّة من غير خلاف،بل نقل فيها الإجماع جماعة،كما ستعرفه.

و لعلّ وجه الفرق ما أشار إليه الفاضل المقداد بأن تلك في العدول بعد الشروع،و هذه فيه قبله (2).

أو ما يظهر من جماعة من أنها فيما إذا لم يتعيّن عليه الإفراد كالتطوّع و المنذور كذلك (3).و لعلّ هذا أظهر فتوًى،لما سيأتي إليه الإشارة ثمّة إن شاء اللّه سبحانه.

ص:123


1- المسالك 1:101،الروضة 2:206.
2- التنقيح الرائع 1:442.
3- منهم:صاحب المدارك 7:203،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:305،و صاحب الحدائق 14:404.

و هو أي العدول مع الاضطرار المتحقق بخوف الحيض المتأخر عن النفر مع عدم إمكان تأخير العمرة إلى أن تطهر،و خوف عدوّ بعده،و فوت الصحبة كذلك جائز على المعروف من مذهب الأصحاب من غير ظهور مخالف على الظاهر،المصرَّح به في المدارك (1)،و في غيره الاتفاق عليه (2).

قيل:للعمومات،و فحوى ما دلّ على جواز العدول عن التمتع إليهما معه فالعدول إلى الأفضل أولى منه إلى المفضول (3).

و لعلّ المراد بالعمومات إطلاق نحو الصحيح:عن رجل لبّى بالحج مفرداً،ثم دخل مكة فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة،قال:« فليحلّ متعة،إلّا أن يكون ساق الهدي فلا يستطيع أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه» (4).

قيل:و في الكل نظر،و ظاهر التبيان و الاقتصاد و الغنية و السرائر العدم.و لو قيل بتقديم العمرة على الحج للضرورة مع إفرادهما،و الإحرام بالحج من المنزل،أو الميقات إن تمكّن منه كان أولى؛ إذ لا نعرف دليلاً على وجوب تأخيرهم العمرة.و في الخبر:عن رجل خرج في أشهر الحج معتمراً،ثم خرج إلى بلاده،قال:« لا بأس،و إن حج من عامة ذلك و أفراد الحج فليس عليه دم» (5)و ظاهره الإتيان بعمرة مفردة ثم حج مفرداً (6).انتهى.

ص:124


1- المدارك 7:189.
2- انظر المفاتيح 1:305،و الحدائق 14:371.
3- المدارك 7:189.
4- التهذيب 5:/89 293،الإستبصار 2:/174 575،الوسائل 12:352 أبواب الإحرام ب 22 ح 5.
5- الكافي 4:/535 3،الوسائل 14:310 أبواب العمرة ب 7 ح 2.
6- كشف اللثام 1:278.

و لعلّ وجه النظر في الصحيح ظهور سياقه في الفرق بين حجّي القران و الإفراد في جواز العدول و عدمه مع أنهم لم يفرّقوا بينهما.

و في الفحوى بابتنائها على ما هو المعروف بينهم من وجوب تأخير العمرة عن الحج،و لا دليل عليه كما ذكره،و هو حسن.

إلّا أن ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تأخيرها،و قد مضى عن المنتهى و غيره كونه مجمعاً عليه بيننا (1)،فيشكل المصير إلى جواز تقديمها و إن أومأت إليه الرواية التي ذكرها،و نحوها اخرى:« أُمرتم بالحج و العمرة فلا تبالوا بأيّهما بدأتم» (2)لقصورهما سنداً،بل و دلالةً كما لا يخفى.

و شروطه

و شروطه أي الإفراد ثلاثة: النية كما مرّ في المتعة.

و أن يقع في أشهر الحج بلا خلاف بين الأصحاب أجده،و به صرّح في الذخيرة (3)،معرباً عن دعوى إجماعهم عليه،كما هو أيضاً ظاهر جماعة،بل فيها و في المدارك (4)عن المعتبر أن عليه اتفاق العلماء كافة.

للعمومات كتاباً و سنّةً،و خصوص نحو الصحيح في قول اللّه عزّ و جلّ: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ [1] (5):

« و الفرض التلبية و الإشعار و التقليد،فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحج،و لا يفرض الحج إلّا في هذه الشهور التي قال اللّه عزّ و جل: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ [2] و هو شوّال و ذو القعدة و ذو الحجة» الحديث (6).

ص:125


1- راجع ص 2784.
2- الفقيه 2:/310 1542،الوسائل 14:296 أبواب العمرة ب 1 ح 6.
3- الذخيرة:573.
4- المدارك 7:191.
5- البقرة:197.
6- الكافي 4:/289 2،الوسائل 11:271 أبواب أقسام الحج ب 11 ح 2.

و في المنتهى و غيره (1):خلافاً لأبي حنيفة و أحمد و الثوري،فأجازوا الإحرام به قبلها.

و أن يعقد إحرامه من الميقات و هو أحد الستّة الآتية و ما في حكمها أو من دويرة أهله إن كانت أقرب من الميقات إلى عرفات كما هنا و في اللمعة و عن المعتبر (2)،أو إلى مكة كما عليه جماعة (3)، تبعا لما في النصوص كما سيأتي إليه الإشارة و لا خلاف في هذا الشرط أيضا على الظاهر المصرح به في كلام جماعة و عن التذكرة الإجماع على أن أهل مكة يحرمون من منزلهم (4)، و في الذخيرة:إنه المعروف من مذهب الأصحاب (5)،و سيأتي من الأخبار ما يدلّ عليه.

و القارن كالمفرد إلّا أنه يضمّ إلى إحرامه سياق الهدي

و القارن كالمفرد في كيفيته و شروطه إلّا أنه يضمّ إلى إحرامه سياق الهدي على الأظهر الأشهر،بل عليه عامة من تأخر؛ للصحاح المستفيضة،منها:« القارن الذي يسوق الهدي عليه طوافان بالبيت،و سعى واحد بين الصفا و المروة،و ينبغي له أن يشترط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة» (6).

و منها:« لا يكون قِران إلّا بسياق الهدي،و عليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام،و سعى بين الصفا و المروة،و طواف بعد

ص:126


1- المنتهى 2:665؛ و انظر التذكرة 1:319،و كشف اللثام 1:281.
2- اللمعة(الروضة البهية 2):210،المعتبر 2:786.
3- منهم:صاحب المدارك 7:192 و السبزواري في الذخيرة:573،و الفاضل الهندي في كشف اللثام.
4- التذكرة 1:322.
5- الذخيرة:573.
6- التهذيب 5:/43 125،الوسائل 11:213 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 3.

الحج و هو طواف النساء» (1).

و نحوه آخر،بزيادة قوله:« كما يفعل المفرد،و ليس أفضل من المفرد إلّا بسياق الهدي» (2).

و التقريب فيها حصر أفعال القِران فيما ذكر فيها،فيكون أفعال العمرة خارجة عنه،و جعل امتياز القِران عن الإفراد بسياق الهدي خاصة،فلا يكون غيره معتبراً.

و ظاهر التذكرة و المنتهى (3)أنه لا خلاف فيه بيننا،إلّا من العماني، وفاقاً لجمهور العامة،فزعم أن القارن يعتمر أوّلاً،و لا يحلّ منها حتى يحلّ من الحج،مع أنه في غيرهما عُزي إلى الجعفي و الشيخ في الخلاف أيضاً (4).

و حجتهم عليه غير واضحة،عدا روايات استدلّ لهم بها (5).و هي غير ظاهرة الدلالة،كما اعترف به جماعة (6).

نعم قيل بعد نقل القول من العماني:و نزّل عليه أخبار حجّ النبي صلى الله عليه و آله، فإنه قدم مكة و طاف و صلّى ركعتيه و سعى،و كذا الصحابة،و لم يحلّ،و أمرهم بالإحلال و قال:« لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم و لكني سقت الهدي،و ليس لسائق الهدي أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه،و شبّك أصابعه بعضها إلى بعض،و قال:دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» (7).

ص:127


1- التهذيب 5:/41 122،الوسائل 11:212 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 1.
2- الكافي 4:/295 1،التهذيب 5:/42 123،الوسائل 11:220 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 10.
3- التذكرة 1:318،المنتهى 2:661.
4- حكاه عنهما في الدروس 1:330،و هو في الخلاف 2:282.
5- منها:صحيحة الحلبي،انظر الوسائل 11:254 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 2.
6- منهم صاحبا المدارك 7:194،و الحدائق 14:374.
7- التهذيب 5:/25 74،75،الاستبصار 2:/150 493،علل الشرائع:/413 2،الوسائل 11:239 أبواب أقسام الحج ب 3 ح 1،2.

و المعظم نزّلوها على أنه صلى الله عليه و آله إنما طاف طواف الحج و سعى سعيه مقدّماً على الوقوفين،و أمر الأصحاب بالعدول إلى العمرة و قال:دخلت العمرة في الحج أي حج التمتع،و فقهه أن الناس لم يكونوا يعتمرون في أيام الحج،و الأخبار الناطقة بأنه صلى الله عليه و آله أحرم بالحج وحده كثيرة.

أقول:و جملة منها صحيحة.

ثم في كلام القيل:و ممّا يصرّح بجميع ذلك:الخبر المروي في علل الصدوق،و فيه:عن اختلاف الناس في الحج،فبعضهم يقول:خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله مُهلّاً بالحج،و قال بعضهم:مُهلّاً بالعمرة،و قال بعضهم:

خرج قارناً،و قال بعضهم:خرج ينتظر أمر اللّه عز و جل،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:« علم اللّه عز و جل أنها حجة لا يحجّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بعدها أبداً،فجمع اللّه عزّ و جلّ له ذلك كلّه في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنّة لأُمته،فلمّا طاف بالبيت و بالصفا و المروة أمره جبرئيل عليه السلام أن يجعلها عمرة إلّا من كان معه هدي،فهو محبوس على هديه لا يحلّ،لقوله عزّ و جل: حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [1] فجمعت له العمرة الحج،و كان خرج على خروج العرب الأول،لأن العرب كانت لا تعرف إلّا الحج،و هو في ذلك ينتظر أمر اللّه عز و جل و هو عليه السلام يقول:الناس على أمر جاهليتهم إلّا ما غيّره الإسلام،و كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج،[فشقّ على أصحابه حين قال:اجعلوها عمرة،لأنهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحج،] و هذا الكلام من رسول اللّه صلى الله عليه و آله إنما كان في الوقت الذي أمرهم بفسخ الحج،فقال:دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة و شبّك بين أصابعه» يعني في أشهر الحج،قال الراوي:قلت له:أ فيعتدّ بشيء من الجاهلية؟ فقال:« إن أهل الجاهلية ضيّعوا كل شيء من دين إبراهيم عليه السلام إلّا الختان

ص:128

و التزويج و الحج،فإنهم تمسّكوا بها و لم يضيّعوها» (1).

و في الصحيح:« أنه صلى الله عليه و آله أهلّ بالحج و ساق مائة بدنة و أحرم الناس كلّهم بالحج لا يريدون العمرة و لا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكة طاف بالبيت و طاف الناس معه،ثم صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام و استلم الحجر،ثم أتى زمزم فشرب منها،و قال:لو لا أن أشقّ على أُمتي لاستقيت منها ذَنوباً أو ذَنوبين،ثم قال:ابدءوا بما بدأ اللّه عزّ و جل به فأتى الصفا ثم بدأ به،ثم طاف بين الصفا و المروة سبعاً،فلمّا قضى طوافه عند المروة قام فخطب أصحابه و أمرهم أن يحلّوا و يجعلوها عمرة،و هو شيء أمر اللّه عزّ و جلّ به،فأحلّ الناس و قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله:

لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم» الخبر (2).

و عن الإسكافي يجمع بين النسكين بنية واحدة،فإن ساق الهدي طاف و سعى قبل الخروج إلى عرفات و لا يتحلل،و إن لم يسق جدّد الإحرام بعد الطوف و لا يحلّ له النساء و إن قصّر.و كأنه نزّل عليه نحو الصحيح:« أيّما رجل قرن بين الحج و العمرة فلا يصلح،إلّا أن يسوق الهدي قد أشعره و قلّده،و الإشعار أن يطعن في سنامها بحديدة حتى يدميها،و إن لم يسق الهدي فليجعلها متعة» (3).

و نزّله الشيخ في التهذيب على قوله:إن لم يكن حجّة فعمرة،قال:

و يكون الفرق بينه و بين المتمتع أن المتمتع يقول هذا القول و ينوي العمرة

ص:129


1- علل الشرائع:/414 3،ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- الكافي 4:/248 6،علل الشرائع:/412 1،الوسائل 11:222 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 14.
3- التهذيب 5:/42 124،الوسائل 11:254 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 2.

قبل الحج،ثم يحلّ بعد ذلك و يحرم بالحج فيكون متمتعاً،و السائق يقول هذا القول و ينوي الحج،فإن لم يتم له الحج فيجعله عمرة مقبولة.و بُعده ظاهر.

و الأظهر في معناه أن القِران لا يكون إلّا بالسياق،أو أنه عليه السلام نهى عن الجمع بين الحج و العمرة و قال:إنه لا يصلح،و أن قوله« إلّا أن يسوق» استثناء من مقدّر،كأنه قال:ليس القران إلّا أن يسوق،فإن لم يسق فليجعلها متعة،فإنها أفضل من الإفراد،و يدلُّ عليه قوله عليه السلام أول الخبر متصلاً بما ذكر:إنما نسك الذي يقرن بين الصفا و المروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه إلّا بسياق الهدي،و عليه طواف بالبيت و صلاة ركعتين خلف المقام و سعي واحد بين الصفا و المروة و طواف بالبيت بعد الحج» .و لعلّ قوله صلى الله عليه و آله« بين الصفا و المروة» متعلق بالنسك،أي إنما نسك القارن أي سعيه بين الصفا و المروة،أو سعيه و طوافه؛ لأن الكعبة محاذية لما بينهما،كنسك المفرد بينهما،و إنما عليه طوافان بالبيت و سعى واحد، كلّ ذلك بعد الحج أي الوقوفين،أو الطواف الثاني و هو طواف النساء بعده،ثم صرّح عليه السلام بأنه لا قران بلا سياق،أو بأن القران بين النسكين غير صالح (1).انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه.و إنما نقلناه بطوله لتكفّله لتحقيق البحث كما هو،و جودة محصوله.

و اعلم أن إحرام القارن ينعقد بالتلبية و الإشعار و التقليد على الأظهر الأشهر كما سيذكر.

و ذكر جماعة من الأصحاب من غير خلاف (2)،و ربما قيل (3)

ص:130


1- كشف اللثام 1:277.
2- انظر المفاتيح 1:313.
3- المدارك 7:195،الذخيرة:579.

المشهور أنه إذا لبّى و عقد إحرامه بها استحب له إشعار ما يسوقه من البُدن و لعلّه لإطلاق الأمر بهما في النصوص،و إلّا فلم نقف في ذلك على أمر بالخصوص.

و هو على ما ذكره الأصحاب كما في المدارك و الذخيرة (1)أن يشقّ سنامه من الجانب الأيمن و يلطّخ صفحته بالدم و الصحاح به مستفيضة،إلّا أنها خالية عن الأمر بلطخ الصفحة بالدم، منها:عن البدنة كيف يشعرها؟ قال:« يشعرها و هي باركة،و تنحرها و هي قائمة،و تشعرها من الجانب الأيمن ثم تحرم إذا قلّدت أو أشعرت» (2)هذا إذا كان معه بدنة واحدة.

و لو كانت معه بدناً كثيرة دخل بينها و أشعرها يميناً و شمالاً من غير أن يرتبها ترتيباً يوجب الإشعار في اليمين،كما في الصحيح (3)و غيره (4).

و كما يستحب إشعارها كذا يستحب التقليد لها كما يستفاد من المعتبرة،منها الصحيح:« البدنة يشعرها من جانبها الأيمن ثم يقلّدها بنعل قد صلّى فيها» (5).

و في القويّ:ما بال البدنة تقلّد النعل و تشعر؟فقال:« أما النعل فتعرف أنها بدنه و يعرفها صاحبها بنعله،و أما الإشعار فإنه يحرم ظهرها

ص:131


1- المدارك 7:195،الذخيرة:579.
2- الكافي 4:/297 4 بتفاوت،الوسائل 11:275 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 1.
3- الكافي 4:/297 5،الوسائل 11:276 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 7.
4- التهذيب 5:/43 128، الوسائل 11:279 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 19.
5- التهذيب 5:/43 126،الوسائل 11:278 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 17.

على صاحبها من حيث أشعرها،فلا يستطيع الشيطان أن يمسّها» (1).

و هو على ما يستفاد منهما و من غيرهما أن يعلِّق في رقبته نعلاً قد صلى فيها السائق نفسه كما هو ظاهرهما،و لا سيّما الثاني،و أظهر منهما الصحيح:« تقلّدها نعلاً خلقاً قد صلّيت فيها» (2).

هذا حال البُدن.

و أما الغنم و كذا البقر ف يقلّد لا غير فيما ذكره الأصحاب،قالوا:لضعفهما عن الإشعار (3)،و في الصحيح:« كان الناس يقلّدون الغنم و البقر،و إنما تركه الناس حديثاً و يقلّدون بخيط و سَيْر» (4).

و إنما حكم الأصحاب باستحباب التقليد و الإشعار مع إفادة الأمر بهما الوارد في النصوص الوجوب؛ للأصل،و الصحيح:في رجل ساق هدياً و لم يقلّده و لم يشعره،قال:« قد أجزأ عنه،ما أكثر ما لا يقلّد و لا يشعر و لا يجلّل» (5).

و يجوز للقارن و المفرد الطواف إذا دخلا مكة قبل المضي إلى عرفات واجباً و مندوباً،على الأشهر الأقوى في الأول،و يأتي الكلام فيه في أحكام الطواف مفصّلاً.

و لا خلاف في الثاني على الظاهر،المصرَّح به في جملة من العبائر (6)،

ص:132


1- التهذيب 5:/238 804،علل الشرائع:/434 1،الوسائل 11:279 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 22.
2- الفقيه 2:/209 956،الوسائل 11:277 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 11.
3- كما في المدارك 7:196 و المفاتيح 1:317.
4- الفقيه 2:/209 952،الوسائل 11:277 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 9.السَّيْر:ما يُقَدّ من المجلد،و الجمع:السُّيُور.لسان العرب 4:390.
5- الفقيه 2:/209 953،الوسائل 11:277 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 10.
6- كالتنقيح 1:440،و الحدائق 14:376.

بل قيل:اتفاقاً كما في الإيضاح (1).

و في معناه الواجب بنذر و شبهه غير طواف الحج؛ للأصل،و العموم، السالمين عن المعارض.

لكن يجدّد ان التلبية عند كلّ طواف عقيب صلاته لئلّا يحلاّ كما يستفاد من الصحيح:إني أُريد الجوار بمكة فكيف أصنع؟قال:« إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج إلى الجَعرانة (2)فأحرم منها بالحج» فقلت له:كيف أصنع إذا دخلت مكة،أُقيم إلى التروية و لا أطوف بالبيت؟ قال:« تقيم عشراً لا تأتي الكعبة،إنّ عشراً لكثير،إنّ البيت ليس بمهجور، و لكن إذا دخلت مكة فطف بالبيت و اسع بين الصفا و المروة»[فقلت له:

]أ ليس كل من طاف و سعى فقد أحلّ؟فقال:« إنك تعقد بالتلبية» ثم قال:

« كلّما طفت طوافاً و صلّيت ركعتين فاعقد بالتلبية» (3).

و نحوه آخر:عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟قال:« نعم ما شاء و يجدّد التلبية بعد الركعتين،و القارن بتلك المنزلة،يعقدان ما أحلّا من الطواف بالتلبية» (4)و الظاهر ما ذكره الشيخ من الطواف مندوباً بعد طواف الفريضة مقدّماً على الوقوف (5).

ص:133


1- قال به في كشف اللثام 1:282،و هو في الإيضاح 1:262.
2- الجَعرانة:هي بتسكين العين و التخفيف،و قد تكسر و تشدد الراء:موضع بين مكة و الطائف على سبعة أميال من مكة.مجمع البحرين 3:247.
3- الكافي 4:/300 5،التهذيب 5:/45 137،الوسائل 11:285 أبواب أقسام الحج ب 16 ح 1.بدل ما بين المعقوفين في النسخ:فقال،و ما أثبتناه من المصدر.
4- الكافي 4:/298 1،التهذيب 5:/44 131،الوسائل 11:286 أبواب أقسام الحج ب 16 ح 2.
5- التهذيب 5:44.

و نحو منهما ثالث (1).

و الموثق:« من طاف بالبيت و بالصفا و المروة أحلّ،أحبّ أو كره» (2).

و أصرح منها ما رواه الفضل عن مولانا الرضا 7 في العلل:من أنّهم أُمروا بالتمتع إلى الحج لأنه تخفيف،إلى قوله:« و أن لا يكون الطواف محظوراً،لأن المحرم إذا طاف بالبيت أحلّ إلّا لعلّة،فلولا التمتع لم يكن للحاجّ أن يطوف،لأنه إن طاف أحلّ و أفسد إحرامه و خرج منه قبل أداء الحج» (3).

و عليه الشيخ في المبسوط و النهاية و الخلاف (4)،و عن الشهيد أنّ الفتوى به مشهورة،و به صرّح في اللمعة و شيخنا في الشرح و اختاراه فيهما و في المسالك (5)،و نفى عنه البأس في التنقيح و ذهب إليه المحقّق الثاني (6).

و قيل:إنما يحلّ المفرد بذلك خاصة،القائل به الشيخ في التهذيب (7)؛ للنصوص المستفيضة،منها زيادةً على ما قد عرفته ممّا دلّ على أن السائق لا يحلّ ما لم يبلغ الهدي محلّه خصوص جملة من المعتبرة،منها الصحيح:إنّ رجلاً جاء إلى أبي جعفر 7 و هو خلف المقام قال:إني قرنت بين حج و عمرة،فقال له:« هل طفت بالبيت؟ »

ص:134


1- التهذيب 5:/446 1554،الوسائل 11:266 أبواب أقسام الحج ب 9 ح 4.
2- الكافي 4:/299 2،الفقيه 2:/203 927،التهذيب 5:/44 132،الوسائل 11:255 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 5.
3- علل الشرائع:/299 9،عيون الأخبار 2:/118 1،الوسائل 11:232 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 27.
4- المبسوط 1:311،النهاية:208،انظر الخلاف 2:282.
5- اللمعة(الروضة البهية 2):214،المسالك 1:102.
6- التنقيح الرائع 1:441،المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:115.
7- التهذيب 5:44.

فقال:نعم،قال:« هل سقت الهدي؟» فقال:لا،فأخذ 7 بشعره،ثم قال:« أحللت و اللّه» (1).

و منها الموثق:« من طاف بالبيت و بالصفا والمروة أحلّ،أحبّ أو كره،إلّا من اعتمر في عامه ذلك أوساق الهدي و أشعره و قلّده» (2).

و منها الموثق:رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة،ثم يبدو له أن يجعلها عمرة،فقال:« إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له» (3).

و منها المرسل:« ما طاف بين هذين الحجرين الصفا و المروة أحد إلّا أحلّ،إلّا سائق الهدي» (4).

و بهذه النصوص يقيد ما أطلق من الأخبار المتقدمة.

و أمّا ما صرّح فيه بتحلّل القارن كالمفرد فيمكن حمله على القارن بغير معنى السائق (5)،كما وقع التصريح به في الصحيح من هذه المستفيضة.و مع ذلك فهو قاصر عن المكافأة لها؛ لكثرتها،و اعتضادها بغيرها،دونه:و مع ذلك فهي أوفق بمقتضى الأصل الدالّ على بقاء عدم التحلل من الاستصحاب.

فهذا القول لا يخلو عن قوة،و استظهره أيضاً في الذخيرة (6).

ص:135


1- الفقيه 2:/203 928،الوسائل 11:256 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 7.
2- الفقيه 2:/203 927،الوسائل 11:255 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 5.
3- الفقيه 2:/204 931،التهذيب 5:/90 295،الوسائل 11:256 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 9.
4- الكافي 4:/299 3،التهذيب 5:/44 133،الوسائل 11:256 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 6.
5- و هو القارن بين الحج و العمرة في النية.
6- الذخيرة:555.

و قيل:لا يحلّ أحدهما إلّا بالنية،و لكن الأولى تجديد التلبية القائل الحلّي (1)،و تبعه الفاضل و ولده (2)؛ للأصل،و الاتفاق على أن القارن لا يمكنه العدول إلى التمتع و الإحلال ما لم يبلغ الهدي محلّه،و تظافر الأخبار به كما مرّ إليها الإشارة.

و لأن الإحرام عبادة لا تنفسخ إلّا بعد الإتيان بأفعال ما أُحرم له أو ما عدل إليه و إن نوى الانفساخ،كالمعتمر لا يحلّ ما لم يأت بطواف العمرة و سعيه،و الحاجّ ما لم يأت بالوقوفين و الطوافين للحج،و إنما الأعمال بالنيات،فلا ينصرف الطواف المندوب إلى طواف الحج،و لا ينقلب الحج عمرة بلا نية،بل حج القارن لا ينقلب عمرة مع النية أيضاً.

و في الجميع نظر؛ لوجوب تخصيص الأصل بما مرّ.و الثاني نقول بموجَبه.و الثالث اجتهاد في مقابلة النص،و تخصيصه بالمفروض من الطوافين في العمرة أو في الحج بعد الوقوفين غير ظاهر الوجه،مع أني أجد بين الأصحاب قائلاً بالفرق بينه و بين الندب،بل صريح التهذيب ثبوت الإحلال بالطواف من غير تلبية في الفرض (3).

و هنا قول آخر بالتفصيل بين المفرد و القارن،عكس الأول،حكاه في التنقيح عن المرتضى و المفيد (4).و لكن الموجود في غيره (5)عنهما أنهما و كذا الديلمي و القاضي (6)أوجبوا تجديد التلبية على القارن دون المفرد،

ص:136


1- السرائر 1:525.
2- الفاضل في المختلف:262،و التذكرة 1:360،و القواعد 1:73،و ولده في إيضاح الفوائد 1:262.
3- التهذيب 5:44.
4- التنقيح الرائع 1:441.
5- المختلف:262،و كشف اللثام 1:282.
6- الديلمي في المراسم:103،القاضي في المهذب 1:210.

و لم يصرّحوا بالتحلل بدونها.

و مستندهم غير واضح،و به صرّح في التنقيح.

قيل:و كأنهم استندوا إلى أن انقلاب حج المفرد إلى العمرة جائز، دون حج القارن؛و أن الطواف المندوب قبل الموقفين يوجب الإحلال إن لم يجدّد التلبية بعده،فالمفرد لا بأس عليه إن لم يجدّدها،فإنّ غاية أمره انقلاب حجته عمرة،و هو جائز،خلاف القارن،فإنه إن لم يجدّدها لزم انقلاب حجه عمرة و لا يجوز (1).انتهى.

و هو مبني على القول الأول من تحلل القارن و المفرد بترك التلبية، و أما على المختار من عدم تحلّل القارن بذلك فينبغي أن لا يجب عليه التلبية،و لا على المفرد أيضاً حيث لا يتعيّن عليه الإفراد.و ما يحكى عن الشيخ و غيره (2)من وجوب التلبية لعلّه مخصوص بالصورة الأُولى،و إلّا فلم أعرف للوجوب وجهاً.

و ربما يظهر من عبارة القيل عدم خلاف بينهم في أن بالتحلل ينقلب الحج عمرة،كما نقل التصريح به عن المبسوط و النهاية (3)،و في المسالك عن جماعة (4)،و في المدارك إنه ليس في الروايات عليه دلالة (5)،و هو كذلك.

ص:137


1- كشف اللثام 1:283.
2- الشيخ في النهاية:208،المفيد في المقنعة:391،سلّار في المراسم:103؛ و حكاه عنهم في المهذب البارع 2:154.
3- المبسوط 1:311،النهاية:208.
4- المسالك 1:102.
5- المدارك 7:201.

نعم،في الموثق السابق:« إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له» و مفهومه أنه إن لم يكن لبّى له متعة.و هو نصّ في أن له المتعة مع النية،أما بدونها بحيث يحصل الانقلاب إلى العمرة قهراً كما هو ظاهر الجماعة فغير مفهوم من الرواية.

و يجوز للمفرد إذا دخل مكة العدول بالحج إلى المتعة إذا لم يتعيّن عليه،بلا خلاف بيننا أجده،بل عليه إجماعنا في ظاهر عبائر جماعة (1)،و صريح الخلاف و المعتبر و المنتهى (2)؛ للمعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:عن رجل لبّى بالحج مفرداً ثم دخل مكة و طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة،قال:« فليحلّ و ليجعلها متعة،إلّا أن يكون ساق الهدي فلا يستطيع أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه» (3).

و إطلاقه كغيره يقتضي عدم الفرق بين ما لو كان في نيته العدول حين الإحرام و عدمه،و الثاني ظاهر الصحيح و غيره،و الأول صريح الموثق و الصحيح المروي في الكشّي عن عبد اللّه بن زرارة،و فيه:« و عليك بالحج أن تهلّ بالإفراد و تنوي الفسخ إذا قدمت مكة و طفت و سعيت فسخت ما أهللت به،و قلّبت الحج عمرة،و أحللت إلى يوم التروية،ثم استأنف الإهلال بالحج مفرداً إلى منى» إلى أن قال:« فكذلك حجّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله و هكذا أمر أصحابه أن يفعلوا أن يفسخوا ما أهلّوا به و يقلّبوا الحج عمرة»

ص:138


1- منهم:صاحب المدارك 7:203،و السبزواري في الذخيرة:554،و صاحب الحدائق 14:399،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:283.
2- الخلاف 2:269،المعتبر 2:797،المنتهى 2:663.
3- التهذيب 5:/89 293،الإستبصار 2:/174 575،الوسائل 12:352 أبواب الإحرام ب 22 ح 5.

الحديث (1).

و منه يظهر فساد ما عن الإسكافي من اشتراط العدول بالجهل بوجوب العمرة (2).

و قريب منه ما في المدارك من تخصيص الحكم بما إذا لم يكن في نيّته العدول حين الإحرام (3).

و يستفاد من قوله عليه السلام :« و كذلك حجّ رسول صلى الله و عليه و آله » جواز الاستناد لإثبات هذا الحكم بالأخبار المتظافرة بأمر النبي صلى الله و عليه و آله أصحابه بالعدول،كما فعله جماعة (4).

و لكن أُورد عليه بأنها ليست من محل البحث في شيء؛ فإن الظاهر منها أن هذا العدول على سبيل الوجوب،حيث أنه نزل جبرئيل عليه السلام بوجوب التمتع على أهل الآفاق،و مبدأ النزول كان فراغه من السعي، و نزلت الآية في ذلك المقام بذلك،فأمرهم بجعل ما طافوا و سعوا عمرة حيث إن جملة من كان معه من أهل الآفاق و أن يحلّوا و يتمتعوا بها إلى الحج،فهو ليس ممّا نحن فيه من جواز العدول و عدمه في شيء (5).

و يمكن الجواب عنه بأن أمره صلى الله و عليه و آله جميع أصحابه بذلك أوضح دليل على ذلك؛ للقطع بأن منهم من أدّى الواجب عليه من فريضة حج الإسلام

ص:139


1- رجال الكشي 1:/349 221،الوسائل 11:257 أبواب أقسام الحج ب 5 ح 11.
2- نقله عنه في الدروس 1:333.
3- المدارك 7:205.
4- منهم:الفاضل المقداد في التنقيح 1:443،و الشهيد الثاني في المسالك 1:102،و صاحب المدارك 7:204.
5- الحدائق 14:402.

قبل ذلك العام،فيكون حجّه فيه مندوباً،فعدوله المأمور به من محل البحث و إن كان فيهم أيضاً من وجب عليه الحج في ذلك العام؛فإنّ دخوله فيها غير قادح بعد شمولها لما هو من محل البحث.

و حيث قد عرفت شمولها لمن وجب عليه حجّ الإفراد اتّضح وجه ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني من أن تخصيص الحكم بمن لم يتعيّن عليه الإفراد بعيد عن ظاهر النص (1)،و ذلك فإنّ ممن صحبه عليه السلام ذلك العام كان قد وجب عليه حج الإفراد فأحرم له،كما هو الفرض،و قد أُمر بالعدول، و لا يكاد يظهر فرق بينه و بين سائر من وجب عليه من أهل مكة و غيرهم، لاشتراكهم قبل نزول التمتع في كون الواجب عليهم حج الإفراد.

اللهم إلّا أن يقال:إن الأخبار الدالة على أن فرض أهل مكة الإفراد تعمّ محل النزاع،فيشكل الخروج عنها بمجرّد أخبار المسألة:

أمّا المعتبرة المستفيضة منها فلأنها أيضاً عامة،و التعارض بينها و بين تلك الأخبار تعارض العموم و الخصوص من وجه،يمكن تخصيص كلّ منهما بالأُخرى،و حيث لا ترجيح فالأخذ بالمتيقن واجب.

و أما الأخبار بأمر النبي صلى الله عليه و آله فلأنها لا عموم لها تشمل محل البحث صريحاً؛ لأنها قضية في واقعة،فيجب الأخذ بالمتيقن منها،و ليس إلّا من وجب عليه الحج و هو ناءٍ،و هو غير من وجب عليه و هو حاضر،و عدم ظهور الفرق غير ظهور عدم الفرق،و هو المعتبر دون الأول.

فإذاً الأولى و الأحوط الاقتصار في العدول على من لم يتعيّن عليه الإفراد بنذر و شبهه،كما عليه جماعة.

ص:140


1- المسالك 1:102.

ثم إن إطلاق الأخبار بجواز العدول يشمل ما لو كان لبّى بعد طوافه و سعيه أم لا لكن الأحوط و الأولى أن لا يلبّي بعد طوافه و سعيه،و ذلك لتصريح جماعة كالتهذيب و النهاية و المبسوط و الوسيلة و المهذّب و الجامع و الشرائع و القواعد (1)و غيرهم (2)بأنه لو لبّى بعد أحدهما بطلت متعته و بقي على حجه اعتماداً على رواية موثقة تقدّم ذكرها قبيل المسألة متصلة بها (3)،مؤيدة بالأمر بالتلبية إذا طاف قبل عرفات لعقد الإحرام كما قيل (4).

خلافاً للمحكي عن الحلّي فقال:إنما الاعتبار بالقصد و النية،لا التلبية (5)؛ لحديث« الأعمال بالنيات» (6)مع ضعف الخبر و وحدته.

و إليه ميل الماتن هنا؛ لنسبة الأول إلى رواية،و به أفتى فخر الإسلام مع حكمه بصحة الخبر،و قال:و هو اختيار والدي (7).

والأقرب الأول؛ لاعتبار سند الخبر،و عدم ضير في وحدته على الأظهر الأشهر،سيّما مع اعتضاده بعمل جمع،فيخصَّص به عموم الحديث السابق،مع أخصّيته من المدّعى،فإنه إنما يتمّ في العدول قبل الطواف، فإنّ العبرة بالنية في الأعمال،فإذا عدل فطاف و سعى ناوياً بهما عمرة التمتع

ص:141


1- التهذيب 5:44،النهاية:208،المبسوط 1:311،الوسيلة:162،المهذّب 1:217،الجامع للشرائع:179،الشرائع 1:247،القواعد 1:81.
2- انظر المدارك 7:284.
3- راجع ص 2798.
4- كشف اللثام 1:320.
5- السرائر 1:536.
6- التهذيب 4:/186 518،الوسائل 1:48 أبواب مقدمة العبادات ب 5 ح 6.
7- إيضاح الفوائد 1:290.

لم يضرّ التلبية بعدهما شيئاً،و المدّعى أعم منه و من العدول بعدهما.بل قيل:إن كلامهم فيه،و لا يعمل حينئذ عملاً يقرنه هذه النية،و لا دليل على اعتبار هذه النية بلا عمل،إلّا أن يتمسكوا بأمر النبي صلى الله عليه و آله الصحابة بالعدول بعد الفراغ من السعي من غير تفصيل (1).

و هو حسن لولا الخبر المفصِّل المعتبر.

و اعلم أن التلبية بعد الطواف و السعي إنما تمنع من العدول إذا كان بعدهما.إلا إذا كان قبلهما فالظاهر أنه متمتع لبّى في غير وقتها،و لا يضرّ ذلك بعدوله،و لا تقلب عمرته المعدول إليها حجة مفردة؛ اقتصاراً فيما خالف العمومات الدالة على جواز العدول من غير تقييد بعدم التلبية على مورد الرواية التي هي الأصل في تقييدها به،و عزاه بعض الأصحاب إلى الأكثر،قال:خلافاً لظاهر التحرير و المنتهى (2).و تردّد الشهيد (3).

و لا يجوز العدول للقارن بالنص و الإجماع الظاهر،المصرَّح به في جملة من العبائر (4)،و لا فرق فيه بين من تعيّن القرآن عليه قبل الإحرام أم لا؛ لتعيّنه عليه بالسياق.

و إذا عطب هديه قبل مكة لم يجب عليه الإبدال.فهل يصير كالمفرد في جواز العدول؟احتمال؛ لتعليل المنع عنه في الأخبار بأنه لا يُحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه.

و المكّي إذا بَعُد ثم حجّ على ميقات من المواقيت الخمسة التي

ص:142


1- كشف اللثام 1:320.
2- كشف اللثام 1:320؛ و انظر التحرير 1:93،و المنتهى 2:663.
3- الدروس 1:332.
4- المنتهى 2:663،التنقيح 1:442،كشف اللثام 1:283.

للآفاق أحرم منه وجوباً بغير خلاف ظاهر،مصرّح به في جملة من العبائر (1)،و سيأتي من النصوص ما يدل عليه.

و ليس في العبارة و ما ضاهاها دلالة على تعيين النوع الذي يحرم به من الميقات،و الظاهر أنه فرضه،و اختلف في جواز التمتع له،و قد سبق الكلام فيه.

و النائي: المجاور بمكة لا يخرج بمجرد المجاورة عن فرضه المستقرّ عليه قبلها مطلقاً قطعاً،و كذا بعدها إذا لم يقم مدة توجب انتقال الفريضة إلى غيرها.

بل إذا أراد حجة الإسلام خرج إلى ميقاته فأحرم منه للتمتع وجوباً،بلا خلاف أجده،بل قيل:إجماعاً فتوًى و نصّاً،و إن اختلفا في تعيين الميقات الذي يخرج إليه،أنه هل هو ميقات أهله،كما هو ظاهر العبارة و الخلاف و المقنعة و الكافي و الجامع و المعتبر و التحرير و المنتهى و التذكرة و موضع من النهاية (2)كما حكي؛ للخبر:عن المجاور إله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟قال:« نعم،يخرج إلى مُهَلّ أرضه فيلبّي إن شاء» (3).

معتضداً بالصحاح الواردة في ناسي الإحرام أو جاهلة أنه يرجع إلى ميقات أهل أرضه (4)،بناءً على عدم تعقل خصوصية للناسي و تاليه،بل

ص:143


1- كالمدارك 7:205،و الذخيرة:555،و الحدائق 14:406.
2- الخلاف 2:285،المقنعة:396،الكافي:202،الجامع للشرائع:178،المعتبر 2:799،التحرير 1:95،المنتهى 2:671،التذكرة 1:319،النهاية:211.
3- الكافي 4:/302 7،التهذيب 5:/59 188،الوسائل 11:264 أبواب أقسام الحج ب 8 ح 1.
4- الوسائل 11:328 أبواب المواقيت ب 14.

لكون الميقات للنائي مُهَلّ أرضه،كما يفصح عنه العمومات الواردة بالمواقيت.

أو أيّ ميقات كان،كما يقتضيه إطلاق الشرائع و القواعد و الإرشاد و النهاية و المبسوط و المقنع (1)كما حكي،و صرّح به شيخنا الشهيد الثاني (2)؛ للمرسل:« ليس له أن يحرم من مكة و لكن يخرج إلى الوقت» الخبر (3).

مؤيداً بعدم خلاف في أن من مرّ على ميقات أحرم منه و إن لم يكن من أهله.

أو أدنى ألحّ،كما عن الحلبي (4)؛ للصحيح (5)و غيره (6):قلت:من أين؟قال:« يخرجون من الحرم» .و في الجميع نظر؛ لضعف الخبر الأول سنداً بمعلّى،و دلالةً بقوله « إن شاء» منع احتمال كون المراد الاحتراز عن مكة.

و بنحوه يجاب عن الصحاح،مع أن التعدّي عنها قياس،و عدم تعقّل الفرق غير تعقّل عدم الفرق،و هو المعتبر فيه دون الآخر.

و شمول أخبار المواقيت لنحو ما نحن فيه محل مناقشة؛ لعدم تبادره

ص:144


1- الشرائع 1:240،القواعد 1:79،الإرشاد 1:315،النهاية:211،المبسوط 1:213،المقنع:85.
2- انظر المسالك 1:105.
3- الكافي 4:/302 8،التهذيب 5:/60 189،الوسائل 11:269 أبواب أقسام الحج ب 9 ح 9.
4- الكافي في الفقه:202.
5- التهذيب 5:/35 103،الوسائل 11:267 أبواب أقسام الحج ب 9 ح 3.
6- الكافي 4:/300 4،الوسائل 11:268 أبواب أقسام الحج ب 9 ح 7.

منها بلا شبهة.

و المرسل كالخبر في الضعف سنداً،بل و دلالةً؛ لإجمال الوقت فيه المحتمل لإرادة مهلّ أهل الأرض؛ باحتمال اللام للعهد.

و عدم الخلاف في إجزاء الإحرام من غيره بعد المرور به غير المفروض من حكم المروي.

و الصحيح و غيره نادران،مع أن خارج الحرم فيهما مطلق يحتمل التقييد بمهلّ أهل الأرض،أو مطلق الوقت،أو صورة تعذّر المصير إليهما؛ للاتفاق على الجواز حينئذ كما يأتي،فيتعيّن،حملاً للمطلق على المقيّد و لو قصر السند،للانجبار هنا بالعمل،لاتفاق من عدا الحلبي (1)على اعتبار الوقت و إن اختلفوا في إطلاقه و تقييده.

و أما الصحيح:« من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من جعرانة أو الحديبية أو ما أشبههما» (2)فمحمول على العمرة المفردة كما وردت به المستفيضة (3).

مع أنه معارض بصريح الموثق في المجاور،و فيه:« فإن هو أحبّ أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج حتى يجاوز ذات عرق و يجاوز عسفان فيدخل متمتعاً بعمرة إلى الحج،فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبّي منها» (4)فتدبر.

و حيث ظهر ضعف أدلة الأقوال وجب الرجوع في المسألة إلى

ص:145


1- في« ك» و« ح»:الحلّي؛ انظر السرائر 1:529.
2- الفقيه 2:/276 1350،الوسائل 11:341 أبواب المواقيت ب 22 ح 1.
3- انظر الوسائل 11:341 أبواب المواقيت ب 22 ح 2،و ج 14:298 أبواب العمرة ب 2 ح 3،6.
4- الفقيه 2:/274 1335،الوسائل 11:270 أبواب أقسام الحج ب 10 ح 2.

مقتضى الأصل الشرعية،و هو هنا البراءة عن تعيين ميقات عليه إن اتّفق على الصحة مع المخالفة لما يوجب عليه،و وجوب الأخذ بالمبرئ للذمة منها يقيناً إن كان ما يوجب عليه شرطاً.

فالذي ينبغي تحصيله تشخيص محل النزاع من تعيين الوقت،أ هو أمر شرطي،أم تكليفي خاصة؟ و الظاهر:الثاني؛ لما مرّ من عدم الخلاف في صحة الإحرام من كل وقت يتفق المرور عليه،و تصريح بعض من صار إلى اعتبار أدنى الحلّ بجوازه و صحة إحرامه من غيره من المواقيت البعيدة (1).

و عليه فيعود النزاع إلى وجوب الخروج إلى مهلّ أهل الأرض،أم لا، بل يجوز الخروج إلى أيّ وقت كان و لو أدنى الحلّ.

و الحقّ:الثاني،إلّا بالنسبة إلى أدنى الحلّ،فلا يجوز الخروج إليه اختياراً؛ لدلالة الروايات المعتبرة و لو بالشهرة على وجوب الخروج إلى غيره فيتعيّن.

و أما وجوب الخروج إلى مهلّ الأرض فالأصل عدمه بعد ما عرفت من ضعف دليله و إن كان أحوط؛ للاتفاق على جوازه.

و لو تعذّر الخروج إليه خرج إلى أدنى الحلّ فأحرم منه كغيره.

و لو تعذّر أحرم من مكة بلا خلاف أجده فيهما،و قد مرّ ما يصلح أن يكون مستنداً في الأول،و أمّا الثاني فيدل عليه ما دلّ على ثبوت الحكم في ما نحن فيه.

ص:146


1- الكافي في الفقه :202.

و لو أقام بها سنتين كاملتين انتقل فرضه في الثالثة إلى الإفراد و القِران لا يجوز له غيرهما.

وفاقاً للشيخ في كتابي الأخبار و الفاضلين و الشهيدين و غيرهما (1)،بل في المسالك و غيره (2):إنه المشهور بين الأصحاب،و ربما عزي إلى علمائنا من عدا الشيخ (3).

للصحيحين (4)،في أحدهما:« من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له،فقلت له 7:أ رأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكة،قال:

« فلينظر أيّهما الغالب عليه فهو من أهله» .خلافاً للمحكي عن الإسكافي و النهاية و المبسوط و الحلّي (5)، فاشترطوا ثلاث سنين؛ للأصل.و يخصَّص بما مرّ.

و ما ورد من الصحاح و غيرها بأقلّ من ذلك كالسنة و الستة أشهر (6)شاذّ مطروح،أو مؤوّل.

ص:147


1- التهذيب 5:34،الاستبصار 2:159،المحقق في المعتبر 2:799،و الشرائع 1:240،و العلامة في التحرير 1:93،و المنتهى 2:664،و المختلف:261،الشهيد الأول في الدروس 1:331،و الشهيد الثاني في الروضة البهية 2:217؛ و انظر المدارك 7:207.
2- المسالك 1:102؛ و انظر الذخيرة:556،و الحدائق 14:425.
3- انظر المنتهى 2:664.
4- الأول:التهذيب 5:/34 101،الإستبصار 2:/159 519،الوسائل 11:265 أبواب أقسام الحج ب 9 ح 1.الثاني:التهذيب 5:/34 102،الوسائل 11:266 أبواب أقسام الحج ب 9 ح 2.
5- حكاه عن الإسكافي في المختلف:261،النهاية:206،المبسوط 1:308،الحلي في السرائر 1:522.
6- الوسائل 11:264 أبواب أقسام الحج ب 8 ح 3،4؛ و ب 9 ح 7،8،9.

و حمله على التخيير ضعيف؛ لفقد التكافؤ بالشذوذ.

و أضعف منه الميل إلى العمل بها،و صَرف التوجيه إلى ما قابلها، بحمله على أن المراد الدخول في الثنية؛ إذ لا داعي له سوى الكثرة،و هي مضمحلة في جنب الشذوذ و الندرة.

مع أن الصحيح الثاني لا يقبله على نسخة،و فيها:« فإذا جاوز سنتين كان قاطناً و ليس له أن يتمتع» .و المجاوزة صريحة في اعتبار تمام الثانية بل و زيادة،و لذا جعل على هذه النسخة دليلاً للنهاية،و لكنه محل مناقشة.

لكن النسخة المشهورة كما قيل (1)بدل جاوز بالزاء المعجمة جاور بالراء المهملة،و هو يقبل الحمل الذي ذكره.

و مقتضى إطلاق النص و الفتوى عدم الفرق عدم الفرق في الإقامة الموجبة لانتقال الفرض بين كونها بنية الدوام أو المفارقة،كما ذكره جماعة، و منهم شيخنا في المسالك و سبطه و غيرهما (2).

و ربما قيّد بالثاني؛ و لعلّه لإطلاق ما دلّ على أن أهل مكة فرضهم الإفراد و القران،بناءً على صدق العنوان على من جاوز بنية الدوام بمجرد النية،و به صرّح في المسالك.

و في كلّ من القولين نظر؛ لأن بين إطلاقيهما عموماً و خصوصاً من وجه؛ لتواردهما في المجاور سنتين بنية الدوام،و افتراق الأول عن الثاني في المجاور سنتين بغير النية،و العكس فيما نحن فيه.فترجيح أحدهما

ص:148


1- انظر الوافي 12:451.
2- المسالك 1:102،سبطه في المدارك 7:210؛ و انظر الذخيرة:556،و الحدائق 14:429.

على الآخر و جعله المقيّد له غير ظاهر الوجه،و لكن مقتضى الأصل و هو استصحاب عدم انتقال الفرض يرجح الأول (1).

و لو انعكس الفرض فأقام المكي في الآفاق لم ينتقل فرضه و لو أقام سنتين فصاعداً؛ عملاً بالأصل،مع اختصاص النص بالانتقال مع إقامتهما بصورة العكس،و حرمة القياس.معم،لو أقام بنية الدوام اتّجه انتقال فرضه إلى التمتع مطلقاً؛ لصدق النائي عليه حينئذ حقيقةً عرفاً،بل و لغةً،مع خلوه عن المعارض.

و لو كان له منزلان أحدهما بمكة و ما في معناها و الآخر بمحلّ ناء عنها اعتبر في تعيين الفرض أغلبهما عليه إقامةً، فيتعين عليه فرضه،و لو تساويا تخيّر في التمتع و غيره،بلا خلاف في المقامين ظاهراً.

استناداً في الثاني إلى عدم إمكان الترجيح من غير مرجّح،و انتفاء التكليف بالحج المتعدد بالعسر المنفي؛ مضافاً إلى قوة احتمال الإجماع على نفيه.

و في الأول إلى الصحيح المتقدم.و يجب تقييده وفاقاً لجماعة (2)بما إذا لم يكن إقامة بمكة سنتين متواليتين،فإنه حينئذ يلزمه حكم أهل

ص:149


1- مع أنه يمكن أن يقال:مقتضى أخبار المسألة اشتراط الإقامة سنتين في صدق إطلاق الكون من أهل مكة،و حينئذ فلا يكون المقيم أقلّ من سنتين من أَهل مكة،و لا يشمله إطلاق أخبار تلك المسألة و موضوعها أهل مكة،و لا يصدق على من لم يمض عليه السنتان مقتضى أخبار المسألة.و ذلك واضح بحمد اللّه سبحانه.(منه رحمه اللّه).
2- منهم:المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 6:34،و صاحب المدارك 7:211،و السبزواري في الذخيرة:555.

مكة و إن كانت إقامته في النائي أكثر؛ لما مرّ من أن إقامة السنتين توجب انتقال حكم النائي الذي ليس له بمكة منزل أصلاً،فمن له مسكن أولى.

و منع الأولوية كما اتّفق لبعض المعاصرين (1)لم أعرف له وجهاً.

و اعلم أنه لا يجب على المفرد و القارن هدي التمتع و إن استحب لهما الأُضحيّة،بل يختص الوجوب بالتمتع بالكتاب و السنّة و الإجماع.و سيأتي الكلام مفصّلاً في المقامين إن شاء اللّه تعالى.

و لا يجوز القران بين الحج و العمرة بنية واحدة بمعنى أن يكتفي بها لهما و لم يحتج إلى إحرام آخر،بل و لا إحلال في البين،سواء في ذلك القران و غيره،على المشهور،بل عن الخلاف أنّ عليه الإجماع (2).

قيل:لأنهما عبادتان متباينتان لا يجوز الإتيان بإحداهما إلّا مع الفراغ من الأُخرى،و لا بدّ في النية من مقارنتها المنوي،فهو كنية صلاتي الظهر و العصر دفعة (3).

و فيه:أن مقتضاه الفساد،لا التحريم،كما هو محل البحث في ظاهر العبارة و غيرها،بل صريح بعضها،إلّا أن ينضم إلى النية قصد التشريع فيحرم من جهته،فلا بدّ من ذكر هذا القيد في الدليل.

ثم إن ما أفاده الدليل من الفساد هو ظاهر كل من منع من الأصحاب على ما يظهر من المختلف و صرّح به (4)،و كذا الشهيدان في الدروس و اللمعتين (5)،و علّله ثانيهما بالنهي المفسد للعبادة،و غيره بفساد النية،

ص:150


1- الحدائق 14:431.
2- الخلاف 2:261.
3- كشف اللثام 1:284.
4- المختلف:261.
5- الدروس 1:334،اللمعة(الروضة البهية 2):219.

لكونها غير مشروعة،و هو يستلزم فساد العمل،و خصوصاً الإحرام الذي عمدته النية (1).

لكنه فصلّ فقال:و التحقيق أنه إن جمع في النية على أنه محرم بهما الآن و أن ما يفعله من الأفعال أفعال لهما،أو على أنه محرم بهما الآن و لكن الأفعال متمايزة إلّا أنه لا يحلّ إلّا بعد إتمام مناسكهما جميعاً،أو على أنه محرم بالعمرة أوّلاً مثلاً ثم بالحج بعد إتمام أفعالها من غير إحلال في البين، فهو فاسد،مع احتمال صحة الأخير،بناءً على أن عدم تخلل التحلل غير مبطل،بل يقلّب العمرة حجّا.

و إن جمع بمعنى أن قصد من أول الأمر الإتيان بالعمرة،ثم الإحلال، ثم بالحج،أو بالعكس،فلا شبهة في صحة النية و أوّل النسكين،إلّا من جهة مقارنة النية للتلبية إن كانت كتكبيرة الإحرام في الصلاة،فإن جدّد للنسك الآخر نيّةً صحّ أيضاً و إلّا فلا.

ثم قال:و في الخلاف:إذا قرن بين العمرة و الحج في إحرامه لم ينعقد إحرامه إلّا بالحج،فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم،و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يحل و يجعلها متعة جاز ذلك و يلزمه الدم.

و بمعناه ما في المبسوط من أنه متى أحرم بهما يمضي في أيّهما شاء.

و ما في الجامع من أنه إن كان فرضه المتعة قضى العمرة ثم حجّ و عليه دم،و إن كان فرضه الحج فعله و لا دم عليه.

و كأنهما أرادا المعنى الأخير،و أنّ قصده إلى ثاني النسكين عزم لا نية،

ص:151


1- كشف اللثام 1:284.

و لا ينافي صحة الأول و نيته.

و إن أرادا أحد المعنيين الأوّلين بناءً على أن الإحرام بهما إحرام بأحدهما و زيادة،فغاية الأمر إلغاء الزائد لا إبطالهما جميعاً،فيرد عليهما أنه نوى عبادةً مبتدعةً،كما إذا نوى ركعة من صلاته أنها من صلاتي الظهر و العصر جميعاً.

و إن أرادا المعنى الباقي احتمل البطلان؛ لأن الذي قصده من عدم التحلل في البين مخالف للشرع،و الصحة؛ بناءً على أنه أمر خارج عن النسك،و الواجب إنما هو نيته،و لا ينافيها نية خارج مخالف للشرع،بل غايتها اللغو؛ مع أن عدم التحلل في البين مشروع في الجملة،لأنه لا يبطل العمرة بل يقلّبها حجة (1).انتهى.

و مرجعه إلى تحقيق موضوع المسألة،و أن المراد بالقِران ما هو؟ و الظاهر من كلمة القوم أنه المعنيان الأوّلان،لا الأخيران،مع أن النية فيهما بالإضافة إلى النسك الثاني عزم لا نية،و قد أشار هو إليه أيضاً،فلا يرتبطان بموضع مسألتنا،فرجع حاصل البحث إلى الفساد كما أطلقه القوم.

و لعلّ المقصود من هذا التحقيق الإشارة إلى عدم القطع بمخالفة الشيخ في الفساد في محل البحث،لاحتمال إرادته المعنيين الأخيرين الخارجين عنه.

و اعلم أنه يستفاد من بعض الأصحاب اتّحاد هذه المسألة مع المتقدمة في الفرق بين القارن و المفرد،حيث لم يشبع الكلام هنا بل أحال إلى ما مضى (2).

ص:152


1- كشف اللثام 1:284.
2- و هو صاحب المدارك 7:212.

و هو كما ترى؛ فإنّ مورد هذه المسألة حرمة القِران أو جوازه كما عليه الإسكافي و العماني (1)،و تلك إن الفارق بين المفرد و القارن ما هو،من غير نظر إلى جواز القران بهذا المعنى و عدمه.

و لا إدخال أحدهما على الآخر بأن ينويه قبل الإحلال من الآخر و إتمام أفعاله،أتمّ الأفعال بعد ذلك أولا؛ لأنه بدعة و إن جاز نقل النية من أحدهما إلى الآخر اضطراراً،أو مطلقاً،و حكمنا بانقلاب العمرة حجة مفردة إن أحرم بالحج قبل التقصير.

و كأنّ الحكم إجماعي كما ذكره جماعة (2)،و حكاه بعضهم عن الخلاف و السرائر (3)،و هو الحجة المعتضدة بعد ما مرّ بالصحيح الوارد في الفاعل ذلك ناسياً أنه يستغفر اللّه تعالى (4).

ص:153


1- حكاه عن الإسكافي في الدروس 1:329،و عن العماني في المختلف:259.
2- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:103،و صاحب المدارك 7:212،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:284.
3- حكاه عنهما في كشف اللثام 1:284.
4- الكافي 4:/440 2،التهذيب 5:/91 299،الإستبصار 2:/175 579،الوسائل 12:411 أبواب الإحرام ب 54 ح 3.

المقدمة الرابعة في المواقيت

اشارة

المقدمة الرابعة:

في تعيين المواقيت أي الأمكنة المحدودة شرعاً للإحرام،بحيث لا يجوز لأهلها من غيرها اختياراً،إلّا إذا لم يؤدّ الطريق إليها.

و هي ستة في المشهور بين الأصحاب،كما في المسالك (1)، و لكن اختلفت عبائرهم في التعبير عن السادس بعد الاتفاق على الخمسة الأُول،و هي إلى قَرن المنازل،فجعل في عبارة دويرة الأهل (2)،و في اخرى بدلها مكة لحج التمتع (3)،و في ثالثة ذكرا معاً (4).

فتصير المجموع سبعة مع أنها فُرضت ستة،فيحتمل كون الزائد عليها منها دويرة الأهل كما يفهم من بعض،قال:لأن المنزل الأقرب غير محدود (5).

و يفهم من الشرائع كونه الآخر حيث عدّ من الستة الدويرة بدله (6).

و ربما حُصرت في عشرة،و هي مجموع السبعة و محاذاة الميقات لمن لم يمرّ به و حاذاه،و أدنى الحلّ أو مساواة أقرب المواقيت إلى مكة لمن لم يحاذ،و فَخّ لإحرام الصبي (7).

ص:154


1- المسالك 1:103.
2- كما في النهاية:211،و السرائر 1:529.
3- الروضة البهيّة 2:225.
4- راجع القواعد 1:79،و مفاتيح الشرائع 1:310.
5- كشف اللثام 1:304.
6- الشرائع 1:241.
7- كما في الدروس 1:340.

و في المنتهى و التحرير (1)اقتصر على الخمسة،و هو المستفاد من جملة من الصحاح:

منها:« الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللّه صلى الله عليه و آله،لا ينبغي لحاجّ و لا معتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها،وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة يصلي فيه و يفرض الحج،و وقّت لأهل الشام الجحفة و وقّت لأهل نجد العقيق،و وقّت لأهل الطائف قَرن المنازل،و وقّت لأهل اليمن يلملم» الخبر (2).

و قريب منه آخر،و فيه:« و من تمام الحج و العمرة أن يحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلى الله عليه و آله،لا تجاوزها إلّا و أنت محرم،فإنه وقّت لأهل العراق و لم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق،و وقّت لأهل اليمن يلملم،و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل، و وقّت لأهل المغرب الجحفة و هي مَهْيَعة،و وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، و من كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله» (3)فتدبر.

و هي أي الخمسة بل الستة مجمع عليها بين الطائفة،كما صرّح به جماعة (4)،بل العلماء كافة،إلّا مجاهد في دويرة الأهل فجعل بدلها مكة، و أحمد في إحدى الروايتين في مكة لحج التمتع،فقال:بدله يخرج من

ص:155


1- المنتهى 2:665،التحرير 1:94.
2- الكافي 4:/319 2،الفقيه 2:/198 903،التهذيب 5:/55 167،الوسائل 11:308 أبواب المواقيت ب 1 ح 3.
3- الكافي 4:/318 1،التهذيب 5:/54 166،علل الشرائع:/434 2،الوسائل 11:307 أبواب المواقيت ب 1 ح 2.
4- منهم:العلامة في التذكرة 1:320،و صاحب المدارك 7:215،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:304.

الميقات فيحرم منه،كما في المنتهى (1)،و لم ينقل خلافاً من أحد في شيء من الخمسة،بل قال بعد عدّها:و هو قول علماء الإسلام،و لكن اختلفوا في وجه ثبوته،أمّا الأربعة الأُول و أشار بها إلى ما عدا العقيق فقد اتفقوا [أهل العلم]على أنها منصوصة عن الرسول صلى الله عليه و آله و أنها مأخوذة بالتوقيف عنه صلى الله عليه و آله (2).

أقول:و النصوص من طرقنا بالجميع زيادةً على ما مرّ مستفيضة، سيأتي إلى جملة منها الإشارة.

ف لأهل العراق العقيق و هو في اللغة كلّ وادٍ عقّه السيل،أي شقّه،فأنهره و وسّعه،و سمّي به أربعة أودية في بلاد العرب،أحدها الميقات،و هو واد يندفق [يتدفق] سيله في غوريّ تِهامة،كما عن تهذيب اللغة (3).

و المشهور أن أفضله المسلح (4) و ليس في ضبطه شيء يعتمد عليه،و في التنقيح و عن فخر الإسلام (5)أنه بالسين و الحاء المهملتين،واحد المسالح،و هي المواضع العالية.و قيل:بالخاء المعجمة، لنزع الثياب (6).

و أنه يليه في الفضل أوسطه غَمرة بالغين المعجمة و الراء المهملة و الميم الساكنة،منهلة من مناهل طريق مكة،و هي فصل ما بين

ص:156


1- المنتهى 2:667،و نقله عن مجاهد و أحمد في المغني و الشرح الكبير 3:217،219.
2- المنتهى 2:665.
3- تهذيب اللغة 1:59.
4- في« ك»:المسلخ.
5- التنقيح الرائع 1:446،و نقله عن فخر الإسلام في كشف اللثام 1:304.
6- كما حكاه في المسالك 1:103.

نجد و تهامة،كما عن الأزهري (1).و في التنقيح و عن فخر الإسلام (2)أنها سمّيت بها لزحمة الناس فيها.

و أن آخره ذات عرق بعين مهملة مكسورة فراء مهملة ساكنة، و هو الجبل الصغير،و به سميت،كما عن النهاية الأثيرية (3).و في التنقيح و عن فخر الإسلام (4)أنها سمّيت بذلك لأنها كان بها عِرق من الماء،أي قليل.

و يجوز الإحرام منها عندهم اختياراً؛ للخبرين،في أحدهما:« حدّ العقيق أوّله المسلخ و آخره ذات عِرق» (5).

و في الثاني:« وقّت رسول 9 لأهل العراق العقيق،و أوله المسلخ، و أوسطه غمرة،و آخره ذات عرق،و أوّله أفضله» (6).

و نحوه الرضوي إلّا أن بعده بأسطر:« و لا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات،و لا يجوز تأخيره عن الميقات إلّا لعليل أو تقية[فإذا كان الرجل عليلاً أو اتّقى،فلا بأس بأن يؤخّر الإحرام إلى ذات عرق]» (7).

و بظاهره أخذ والد الصدوق كما في المختلف (8)،و تبعه الشهيد في الدروس و زاد الشيخَ في النهاية (9)،و عزاه بعض متأخري الأصحاب إلى

ص:157


1- تهذيب اللغة 8:129.
2- التنقيح الرائع 1:446،و نقله عن فخر الإسلام في كشف اللثام 1:305.
3- النهاية 3:219.
4- التنقيح 1:447،و نقله عن فخر الإسلام في كشف اللثام 1:305.
5- التهذيب 5:/56 171،الوسائل 11:313 أبواب المواقيت ب 2 ح 7.
6- الفقيه 2:/199 907،الوسائل 11:313 أبواب المواقيت ب 2 ح 9.
7- فقه الرضا(7):216،المستدرك 8:104 أبواب المواقيت ب 3 ح 1.أضفنا ما بين المعقوفين من المصدر.
8- المختلف:262.
9- الدروس 1:340 و 341،النهاية:210.

الصدوق أيضاً في المقنع و الهداية (1).

و استدل لهم بالصحيح:« وقّت رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأهل المشرق العقيق نحواً من بريدين،ما بين بريد البعث إلى غَمرة،و وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة،و لأهل نجد قرن المنازل،و لأهل الشام الجحفة،و لأهل اليمن يلملم» (2).

و الصحيح:« أول العقيق بريد البعث،و هو دون المسلخ بستة أميال ممّا يلي العراق،و بينه و بين غمرة أربعة و عشرون ميلاً بريدان» (3).

و الخبر:« حدّ العقيق ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة» (4).

و ربما يميل إليه بعض متأخري المتأخرين،قال:و لا يبعد عندي حمل الخبرين المشار إليهما على التقية (5)؛ للصحيح المروي في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان عليه السلام:عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء و يكون متصلاً بهم،يحجّ و يأخذ عن الجادة.و لا يحرم هؤلاء من المسلخ،فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه إلى ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف من الشهرة،أم لا يجوز أن يحرم إلّا من المسلخ؟فكتب إليه في الجواب:

« يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب و يلبّي في نفسه،فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهره» (6).

ص:158


1- كشف اللثام 1:305؛ و انظر المقنع:69،و الهداية:55.
2- التهذيب 5:/56 170،الوسائل 11:309 أبواب المواقيت ب 1 ح 6.
3- الكافي 4:/321 10،التهذيب 5:/57 175،الوسائل 11:312 أبواب المواقيت ب 2 ح 2.
4- الكافي 4:/320 5،الوسائل 11:312 أبواب المواقيت ب 2 ح 5.
5- الحدائق 14:440.
6- الاحتجاج:484،الوسائل 11:313 أبواب المواقيت ب 2 ح 10.

و فيه نظر،أمّا أوّلاً فلفقد التكافؤ بين الأخبار؛ لاشتهار الخبرين بين الأصحاب بحيث كاد أن يكون إجماعاً،كما يشعر به كلمات جملة من الأصحاب،حيث إنهم لم ينقلوا الخلاف مع أن ديدنهم نقله حيث كان.

و آخرون منهم عزوا مضمونهما إلى الأصحاب و المعروف بينهم (1)، مشعرين بدعوى الإجماع عليه،كما في صريح الناصرية و الخلاف و الغنية (2)،فتشذّ الروايات المقابلة.

مع ظهورها أجمع في خروج غمرة أيضاً،كذات عرق،و لم يقل به أحد من الطائفة.

مضافاً إلى قصور دلالة الصحيح الثاني منها على الخروج مطلقاً، و عدم دلالته عليه بالكلية،و تضمنه أن أول العقيق دون المسلخ،و هو خلاف ما اتّفقت عليه كلمة الأصحاب و الأخبار؛ و ضعف سند الرواية بعده.

و ثانياً:بأن أحد الخبرين و الروضي مصرِّحان بأن العقيق من المواقيت المنصوصة عن رسول اللّه 9،و أن أفضله المسلخ،و هما مخالفان لمذهب العامة (3)،و من متفردات الإمامية.

و حينئذ فيتعيّن الجمع بينهما بحمل هذا الروايات على أن المراد أن ذات عرق و إن كانت من العقيق إلّا أنها لمّا كانت ميقات العامة،و كان الفضل إنما هو فيما قبلها،فالتأخير إليها و ترك الفضل إنما يكون لعذر من علّة أو تقية.

و يشير إليه كلام الحلّي في السرائر،فإنه قال:و وقّت رسول اللّه صلى الله عليه و آله

ص:159


1- الناصرية(الجوامع الفقهية):208،الخلاف 2:283،الغنية(الجوامع الفقهية):574.
2- انظر المغني و الشرح الكبير 3:214.
3- انظر المغني و الشرح الكبير 3:214.

لأهل كل صُقع و لمن حجّ على طريقهم ميقاتاً،فوقّت لأهل العراق العقيق، فمن أيّ جهاته و بقاعه أحرم ينعقد الإحرام منها،إلّا أن له ثلاثة أوقاتٍ، أولها المسلخ،و هو أفضلها عند ارتفاع التقية،و أوسطها غمرة،و هي تلي المسلخ في الفضل مع ارتفاع التقية،و آخرها ذات عرق،،و هي دونها في الفضل،إلّا عند التقية و الشناعة و الخوف فذات عرق هي أفضلها في هذه الحال،و لا يتجاوز ذات عرق إلّا محرماً (1).انتهى.

و يحتمل ذلك كلام المخالفين في المسألة،و لعلّه لذا لم يجعلهم الفاضل و الشهيد مخالفين صريحاً،بل قال الأول:و كلام علي بن بابويه يشعر (2).و الثاني:و ظاهر علي بن بابويه و الشيخ في النهاية (3).

هذا،و لا ريب أن الأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق،بل و لا إلى غمرة؛ لما عرفته من دلالة بعض الصحاح على خروجها من العقيق أيضاً، و لمّا لم يوجد قائل به كان الإحرام منها أفضل من الإحرام من ذات عرق، و هي دونها في الفضل،لوجود قائل بخروجها أو عدم جواز الإحرام منها اختياراً،و لعلّه الوجه في أفضلية غمرة من ذات عرق؛ مضافاً إلى ما فيه من المشقة اللازمة لزيادة الأجر و المثوبة،و إلّا فلم نجد من النصوص ما يدل عليها،لدلالتها على أفضليتة المسلخ خاصة.

و لأهل المدينة مسجد الشجرة كما هنا و في الشرائع و الإرشاد و القواعد و المقنعة و الناصرية (4)،و عن جمل العلم و العمل و الكافي

ص:160


1- السرائر 1:528.
2- الفاضل في المختلف:262.
3- الشهيد في الدروس 1:340.
4- الشرائع 1:241،الإرشاد 1:315،القواعد 1:79،المقنعة:394،الناصرية(الجوامع الفقهية):208.

و الإشارة (1)،و فيها أنه ذو الحليفة.

و في الغنية و السرائر و المنتهى و التحرير (2)،و عن المعتبر و المهذّب و كتب الشيخ و الصدوق و القاضي و الديلمي و التذكرة (3):أن ميقاتهم ذو الحليفة،و أنه مسجد الشجرة،كما في بعض الصحاح المتقدّمة (4).

و نحوه الآخر المروي عن قرب الإسناد،و فيه:« وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و هي الشجرة» (5).

و الخبر المروى عنه أيضا و لأهل المدينة و من يليها الشجرة (6)و يعضدها المرسل المروي عن العلل:قلت لأبي عبد اللّه:لأي علة أحرم رسول اللّه صلى الله عليه و آله من مسجد الشجرة و لم يحرم من موضع دونه؟ فقال:« لأنه لما اسري به إلى السماء و صار بحذاء الشجرة نودي:يا محمّد، قال صلى الله عليه و آله :لبيك،قال:أ لم أجدك يتيماً فآويتك،و وجدتك ضالّاً فهديتك،فقال النبي صلى الله عليه و آله :إن الحمد و النعمة لك لا شريك لك،فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلّها» (7).

و في اللمعة و عن الوسيلة (8)أن الميقات ذو الحليفة،و لم يزيدا عليه ..

ص:161


1- جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):64،الكافي في الفقه:202،إشارة السبق:125.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):574،السرائر 1:528،المنتهى 2:665،التحرير 1:94.
3- المعتبر 2:802،المهذّب 1:213،الشيخ في النهاية:210،و المبسوط 1:312،و الاقتصاد:300،الصدوق في المقنع:69،و الهداية:55،و الفقيه 2:198،القاضي في شرح الجمل:213،الديلمي في المراسم:107،التذكرة 1:320.
4- في ص:2816.
5- قرب الإسناد:/164 599،الوسائل 11:309 أبواب المواقيت ب 1 ح 7.
6- قرب الإسناد:/244 970،الوسائل 11:310 أبواب المواقيت ب 1 ح 9.
7- علل الشرائع:/433 1،الوسائل 11:311 أبواب المواقيت ب 1 ح 13.
8- اللمعة(الروضة البهية 2):224،الوسيلة:160.

شيئاً،كما في الصحاح المستفيضة (1).

و مقتضى الجمع بينها و بين السابقة تعيّن الإحرام من المسجد.

خلافاً للشهيدين و المحقّق الثاني (2)فجعلوه أفضل و أحوط،و صرّح الأخير بأن جواز الإحرام من الموضع كلّه مما لا يكاد يدفع.

و فيه بعد ما عرفت من توافق الأخبار على خلافه نظر،سيّما مع اعتضاده بعمل الأكثر،بل في ظاهر الناصرية و الغنية بعد التعبير بما مرّ الإجماع،فتأمل.

و بالصحيح مضافاً إلى ما مرّ-:« من أقام بالمدينة شهراً و هو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل مدينة الذي يأخذونه،فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء» (3).

و أما الصحيح:« وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة كان يصلي فيه و يفرض الحج،فإذا خرج من المسجد و سار و استوت به البيداء حين يحاذي الميل الأول أحر» (4)فليس فيه دلالة على جواز الإحرام من خارج المسجد،كما ربما يفهم من الذخيرة (5)،إلّا على تقدير أن يراد من الإحرام فيه معناه الحقيقي،و ليس قطعاً،لمنافاته لصدره (6)،بل المراد

ص:162


1- الوسائل 11:307 أبواب المواقيت ب 1.
2- الشهيد الأول في الدروس 1:340،الشهيد الثاني في الروضة 2:224،المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:158.
3- الكافي 4:/321 9،التهذيب 5:/57 178،الوسائل 11:317 أبواب المواقيت ب 7 ح 1.
4- الفقيه 2:/198 903،الوسائل 11:308 أبواب المواقيت ب 1 ح 4.
5- الذخيرة:576.
6- و هو:قوله:« كان يفرض فيه الحج» و تفسير ذي الحليفة الذي هو الميقات إجماعاً فتوًى و نصّاً بمسجد الشجرة.(منه رحمه اللّه).

به إمّا التلبية نفسها كما قيل (1)،أو الإجهار بها كما عن المتأخرين.

و حيث قد تعيّن الإحرام من المسجد فلو كان المحرم جنباً أو حائضاً أحرما به مجتازين؛ لحرمة اللبث.

و إن تعذّر فهل يحرمان من خارجه،كما صرّح به جماعة (2)،من غير مخالف لهم أجده،أم يؤخرانه إلى الجحفة؟إشكال،من وجوب قطع المسافة من المسجد إلى مكة محرماً،و من كون العذر ضرورة مبيحة للتأخير إلى الجحفة.

و الأحوط الإحرام منهما و إن كان ما ذكره الجماعة لا يخلو عن قوة؛ لمنع عموم الضرورة في الفتوى و الرواية لمثل هذا،سيّما مع التصريح في جملة منها في بيانها بمثل المرض و المشقة الحاصلة من نحو البرد و الحرّ.

هذا ميقاتهم اختياراً.

و عند الضرورة المفسَّر بما عرفته الجُحفة بجيم مضمومة فحاء مهملة ففاء،على سبع مراحل من المدينة و ثلاث من مكة،كما عن بعض أهل اللغة (3)،و عنه:أن بينها و بين البحر نحو ستة أميال،و عن غيره ميلان،قيل:و لا تناقض،لاختلاف البحر باختلاف الأزمنة (4).

و في القاموس:كانت قرية جامعة على اثنين و ثلاثين ميلاً من مكة (5).

و في المصباح المنير:منزل بين مكة و المدينة قريب من رابع بين بدر

ص:163


1- انظر الوافي 12:481.
2- منهم صاحب المدارك 7:219،السبزواري في الذخيرة:576،صاحب الحدائق 14:443.
3- نقله في كشف اللثام 1:305 عن تحرير النووي و تهذيبه.
4- كشف اللثام 1:305.
5- القاموس المحيط 3:125.

و خُلَيص (1).

و الأصل في الحكم بعد عدم خلاف فيه أجده و به صرّح في الذخيرة (2)،بل الإجماع كما في المدارك (3)المعتبرة المستفيضة (4).

و ليس في شيء منها التقييد بحال الضرورة،كما فعله الأصحاب بغير خلاف ظاهر و لا محكي،إلّا من ظاهر الوسيلة و الجعفي (5)فأطلقاها،كما هو ظاهر الصحاح منها.

نعم،ربما أشعر به الحسن:« و قد رخّص رسول اللّه صلى الله عليه و آله لمن كان مريضاً أو ضعيفاً أن يحرم من الجحفة» (6).

و قريب منه الموثق (7).

لكن في تقييد الصحاح بهما إشكال؛ لعدم الصراحة التي هي مناط التخصيص و التقييد.

إلّا أن يقال:دلالة الصحاح على العموم ليت بذلك الوضوح أيضاً، فيشكل الخروج به عن الأدلة الدالة على تأقيت ذي الحليفة من الفتوى و الرواية و الإجماعات المنقولة،الظاهرة في عدم جواز العدول عنها مطلقاً و لو مع الضرورة،لكنها خرجت اتفاقاً،فتوًى و روايةً،و بقي حال الاختيار تحتها مندرجة.

ص:164


1- المصباح المنير:91.
2- الذخيرة:576.
3- المدارك 7:219.
4- الوسائل 11:316 أبواب المواقيت ب 6.
5- الوسيلة:160،و حكاه عن الجعفي في الدروس 1:493.
6- الكافي 4:/324 3،الوسائل 11:317 أبواب المواقيت ب 6 ح 5.
7- التهذيب 5:/57 176،الوسائل 11:317 أبواب المواقيت ب 6 ح 4.

فإذاً الأحوط مراعاة الضرورة،سيّما مع اشتهارها بين الأصحاب شهرة عظيمة.

و هل التقييد بالضرورة مطلق،فلا يجوز سلوك طريق لا يؤديه إلى ذي الحليفة اختياراً،كما احتمله بعض (1)؛ لإطلاق الأخبار بكونه ميقاتاً،مع النهي عن الرغبة عن مواقيته 7.أو مقيّد بما إذا مرّ به،كما في الدروس و المدارك و غيرهما (2)؟وجهان.

و لعلّ الثاني أقوى؛ للأصل،و عموم جواز الإحرام من أيّ ميقات يتّفق المرور عليه و لو لغير أهله،مع اختصاص الإطلاق المتقدم بحكم التبادر و غيره بصورة القيد.

ثم على التقييد السابق لا ريب في حصول الإثم بالتأخير اختياراً.و هل يصحّ الإحرام حينئذ؟وجهان،قطع بأوّلهما في المدارك تبعاً للدروس (3)، و تأمل فيه بعض (4).و لا يخلو عن وجه.

و هي أي الجحفة ميقات أهل الشام اختياراً كما في الصحاح المستفيضة (5)،و في جملة منها:إنها ميقات أهل المغرب و مصر أيضاً (6)، و به أفتى جماعة (7).

ص:165


1- انظر كشف اللثام 1:306.
2- الدروس 1:341،المدارك 7:220؛و انظر كشف اللثام 1:306.
3- المدارك 7:220،الدروس 1:341.
4- انظر مجمع الفائدة 6:183 و الحدائق 14:446.
5- انظر الوسائل 11:308،309 أبواب المواقيت ب 1 الأحاديث 3،5 12.
6- الوسائل 11:307 و 309 أبواب المواقيت ب 1 الأحاديث 1،2،5.
7- منهم:صاحب المدارك 7:221،و السبزواري في الذخيرة:576،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:306.

و ل أهل اليمن جبل يقال له: يَلَملَم و ألملَم،هو على مرحلتين من مكة،كما في القاموس و غيره (1).

و لأهل الطائف قرن المنازل بفتح القاف و سكون الراء.

قيل:خلافاً للجوهري فإنه فتحها،و زعم أن أُويساً القَرَني بفتح الراء منسوب إليه،و اتّفق العلماء على تغليطه فيهما،و إنما أُويس من بني قرن بطن من مراد يقال له:قرن الثعالب،و قرن بلا إضافة،و هو جبل مشرف على عرفات على مرحلتين من مكة.و قيل:إن قرن الثعالب غيره،و إنه جبل مشرف على أسفل منى،بينه و بين مسجدها ألف و خمسمائة ذراع، و القرن:الجبل الصغير،أو قطعة مفردة من الجبل،و في القاموس:إنه قرية من الطائف أو اسم الوادي كلّه و قيل:القرن بالإسكان:الوادي،و بالفتح:

الطريق (2).

و من لم يعرف أحد هذه المواقيت أجزأه أن يسأل الناس و الأعراب عنها،كما في الصحيح الوارد في العقيق (3).

و ميقات المتمتع لحجّة مكة إجماعاً فتوًى و روايةً،كما تقدّم إليه الإشارة.

و كلّ من كان منزله أقرب من الميقات إلى مكة كما في النصوص المستفيضة المتقدم إلى بعضها الإشارة،و فيها الصحيح و غيره فميقاته منزله و اعتبار القرب إلى مكة كما فيها محكي عن النهاية و المبسوط

ص:166


1- القاموس 4:179؛ و انظر المصباح المنير:19.
2- كشف اللثام 1:306.
3- كشف اللثام 1:306.

و المهذّب و الجمل و العقود و السرائر و شرح القاضي لجمل العلم و العمل (1)، و اختاره جماعة من المتأخرين و متأخريهم (2).و هو الأقرب.

خلافاً للمحكي عن الماتن في موضع من المعتبر فإلى عرفة و أطلق (3)،و تبعه في اللمعة في الحج و قطع (4)،و استوجهه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك و الروضة لولا النصوص مصرّحاً باعتبارها في العمرة، قال:لأن الحج بعد الإهلال به من الميقات لا يتعلق الغرض فيه بغير عرفات،بخلاف العمرة،فإن مقصدها بعد الإحرام مكة،،فينبغي اعتبار القرب فيها إلى مكة (5).انتهى.

ثم إن أهل مكة على هذا القول يحرمون من منازلهم؛ لأنها أقرب إلى عرفات من الميقات،كما ذكره جماعة (6).

و يشكل على المختار؛ إذ لا دليل عليه من الأخبار،لأن الأقربية لا تتم،لاقتضائها المغايرة.و لكنه مشهور بين الأصحاب،كما ذكره جماعة (7)،بل زاد بعضهم فنفى الخلاف فيه بينهم (8)،مشعراً بدعوى

ص:167


1- النهاية:211،المبسوط 1:313،المهذب 1:214،الجمل و العقود(الرسائل العشر):226،السرائر 1:529،شرح جمل العلم و العمل:214.
2- منهم:المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:159،و الشهيد الثاني في المسالك 1:104،و صاحب المدارك 7:223،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:306،و صاحب الحدائق 14:450.
3- المعتبر 2:786.
4- اللمعة(الروضة البهية 2):210.
5- المسالك 1:104،الروضة 2:211.
6- منهم:الشهيد الثاني في الروضة 2:211،و صاحب المدارك 7:223،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:306.
7- منهم:الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:310،و السبزواري في الذخيرة:576.
8- الحدائق 14:450.

الإجماع،كما حكاه في الذخيرة عن التذكرة (1).

قيل (2):و يؤيده ما روي عن النبي 9 من قوله:« فمن كان دونهن فمهلّه من أهله» (3).

أقول:و نحوه أو قريب منه المرسل المروي في الفقيه:عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟قال:« من منزله» (4).

لكن في الصحيحين الواردين في المجاور أمره بالإحرام بالحج من الجعرانة (5)،سواء انتقل فرضه إلى فرض أهله أم لا،إلّا أن يقيد بالأخير، أو يجعل ذلك من خصائص المجاور كما قيل (6).

و كل من حج أو اعتمر على طريق كالشامي يمرّ بذي الحليفة فميقاته ميقات أهله بغير خلاف أجده،و به صرّح في الذخيرة (7)،مشعراً بدعوى الإجماع عليه،كما في عبائر جماعة (8)،بل في المنتهى إنه لا يعرف فيه خلافاً (9)،مشعراً بدعوى الإجماع عليه من الخاصة و العامة.

للنبوي:« هنّ لهنّ و لمن أتى عليهنّ من غير أهلهن» (10)و بمعناه

ص:168


1- الذخيرة:572.
2- كشف اللثام 1:306.
3- سنن البيهقي 5:29.
4- الفقيه 1:/199 911،الوسائل 11:335 أبواب المواقيت ب 17 ح 6.
5- الكافي 4:/300 5،و /302 9،الوسائل 11:267 أبواب أقسام الحج ب 9 ح 5،6.
6- انظر الحدائق 14:540.
7- الذخيرة:576.
8- منهم:صاحبا المدارك 7:226،و الحدائق 14:455.
9- المنتهى 2:667.
10- سنن البيهقي 5:29.

الصحيح (1)و غيره (2).

و لانتفاء العسر و الحرج في الشريعة.

و لو حج إلى طريق لا يفضي إلى أحد المواقيت كالبحر مثلاً أحرم عند محاذاة أقربها إلى طريقه؛ لأصالة البراءة من المسير إلى الميقات، و اختصاص نصوص المواقيت في غير أهلها بمن أتاها.

و للصحيح في المدني:« يخرج في غير طريق المدينة،فإن كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها» (3).

و لكن في الكافي بعد نقله:و في رواية:« يحرم من الشجرة ثم يأخذ أيّ طريق شاء» (4).

لكنها مرسلة،فلا تعارض الرواية الصحيحة،سيّما مع اعتضادها بالأصل،و نفي الحرج في الشريعة،و الشهرة العظيمة في الجملة،إذ لم نجد مخالفاً في المسألة عدا الماتن في ظاهر الشرائع،حيث عزا الحكم إلى القيل (5)،مشعراً بتمريضه أو توقفه فيه،و تبعه فيه جماعة من المتأخرين (6).و لا وجه له بعد ما عرفته.

كما لا وجه لاعتبار الأقرب إلى مكة،كما في القواعد و غيره (7).و لا

ص:169


1- الكافي 4:/323 2،الوسائل 11:331 أبواب المواقيت ب 15 ح 1.
2- التهذيب 5:/57 179،الوسائل 11:332 أبواب المواقيت ب 15 ح 2.
3- الفقيه 2:/200 913،الوسائل 11:318 أبواب المواقيت ب 7 ح 3.
4- الكافي 4:/321 9،الوسائل 11:318 أبواب المواقيت ب 7 ح 2.
5- الشرائع 1:241.
6- منهم:صاحب المدارك 7:223،و السبزواري في الذخيرة:577،و صاحب الحدائق 14:453.
7- القواعد 1:79؛ و انظر الروضة 2:227.

للتخيير بين المحاذاة لأيّ ميقات كان،كما عن الحلّي و الإسكافي (1).

و يكفي الظن بالمحاذاة،كما عن المبسوط و الجامع و التحرير و المنتهى و التذكرة و الدروس (2)؛ للحرج،و الأصل.

فإن ظهر التقدّم أعاد،كما في الأخير؛ قيل:لعدم جوازه مطلقاً (3).

و إن ظهر التأخّر قيل:فالأظهر الإجزاء كما في غير الأولين؛ للحرج، و أصل البراءة،لأنه كلّف باتّباع ظنه.

و إن لم يكن له طريق إلى علم أو ظن قيل:أحرم من بُعد بحيث يعلم أنه لم يجاوز الميقات إلّا محرماً،كذا في التحرير و المنتهى.و فيه نظر ظاهر (4).

و لو لم يحاذِ شيئاً منها قيل:يحرم من مساواة أقربها إلى مكة،و هو مرحلتان تقريباً؛ لأنّ هذه المسافة لا يجوز لأحد قطعها إلّا محرماً (5).

و قيل:من أدنى الحلّ؛ لأصالة البراءة من وجوب الزائد (6).

و ربما يستبعد الفرض بأن المواقيت محيطة بالحرم،فذو الحليفة شامية،و يلملم يمانية،و قَرن شرقية،و العقيق غريبة،فلا طريق لا تؤدي إلى الميقات و لا إلى المحاذاة،إلّا أن يراد الجهل بالمحاذاة.

و يجرّد الصبيان من فَخّ بفتح الفاء و تشديد الخاء،و هو بئر

ص:170


1- الحلي في السرائر 1:529،و نقله عن الإسكافي في المختلف 263.
2- المبسوط 1:313،الجامع للشرائع:181،التحرير 1:95،المنتهى 1:671،التذكرة 1:322،الدروس 1:341.
3- كشف اللثام 1:307.
4- كشف اللثام 1:307.
5- المسالك 1:104.
6- استحسنه صاحب المدارك 7:224.

معروف على نحو فرسخ من مكة،على ما ذكره جماعة (1)،و عن القاموس أنه موضع بمكة،و النهاية الأثيرية موضع عندها (2).

و لا خلاف في الحكم؛ للصحيحين (3)و إن اختلفوا في المراد بالتجريد،أ هو الإحرام كما عن صريح الماتن في المعتبر (4)،و قريب منه الفاضل في التحرير و المنتهى (5)،و أفتى به في الدروس (6)،و قوّاه في المسالك و إن جعل الإحرام بهم من الميقات أولى (7)،و تبعه في الجواز جملة من المتأخرين (8)،و عزاه بعضهم إلى الأكثر (9)،و يظهر آخر عدم الخلاف فيه (10).

أو نزع الثياب خاصة و لكن يحرم بهم من الميقات،كما عن السرائر (11)،و به أفتى المحقق الثاني (12)،و جعله مراد الماتن في التنقيح (13)؟

ص:171


1- كالفاضل المقداد في التنقيح 1:448،و صاحب المدارك 7:227،و السبزواري في الذخيرة:583،و المجلسي في ملاذ الأخيار 8:404.
2- انظر النهاية 3:418.
3- الأول:الفقيه 2:/265 1292،الوسائل 11:336 أبواب المواقيت ب 18 ح 1.الثاني:التهذيب 5:/409 1422،الوسائل 11:336 أبواب المواقيت ب 18 ذيل الحديث 1.
4- المعتبر 2:804.
5- التحرير 1:94،المنتهى 2:667.
6- الدروس 1:342.
7- المسالك 1:104.
8- منهم صاحب المدارك 7:227.
9- كالمجلسي في مرآة العقول 17:210،و صاحب الحدائق 14:457.
10- مفاتيح الشرائع 1:310.
11- السرائر 1:537.
12- جامع المقاصد 3:160.
13- السرائر 1:537.

و تردّد بينهما بعض المتأخرين،قال:من عموم نصوص المواقيت، و النهي عن تأخير الإحرام عنها،و عدم تضمن الصحيحين سوى التجريد، فالتأخير تشريع.

و من عموم لزوم الكفارة على الولي إذا لم يجتنبوا ما يوجبها و منه لبس المخيط (1)؛ و الصحيح:« قدّموا من معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مَرّ،ثم يصنع بهم ما يصنع بالمحرم» (2)و أن الإحرام بهم مندوب فلا يلزم من الميقات،لطول المسافة،و صعوبة تجنبهم عن المحرّمات، كما لا يلزم من أصله (3).

و في الأدلة من الطرفين نظر،و لا سيّما الصحيح المستدل به على الوجه الثاني و إن استدل به الشهيدان في الدروس و المسالك (4)عليه

ص:172


1- في هذا الدليل نوع غموض،و لعلّ المراد أنه لو كان الإحرام بهم من الميقات لازماً على ما هو مقتضى الوجه المقابل،للزم منه تخصيص العمومات الدالة على لزوم الكفارة بلبس المخيط،بناءً على جوازه للصبيان قبل فخّ بالنصّ و الإجماع،و إذا جاز تأخير الإحرام بهم من فخّ كانت العمومات المزبورة باقية على حالها،و لا ريب أن الأصل بقاء العموم على حاله إلى أن يظهر الصارف،و ليس بصارف. و فيه نظر واضح،إذ التخصيص على كل تقدير لازم بناءً على ما سيأتي في المتن من أن التأخير إلى فخّ إنما هو على وجه الجواز لا الوجوب و أنه لا خلاف في جواز الإحرام بهم من الميقات،و حينئذ فلو أُحرموا بهم منه و البسوا المخيط لم يلزم الكفارة للرخصة فيه،فلا يستعقب كفارة،فقد خصّصت أدلة وجوبها هنا أيضاً على هذا التقدير أيضاً.(منه رحمه اللّه).
2- الكافي 4:/304 4،الفقيه 2:/266 1294،التهذيب 5:/409 1423،الوسائل 11:287 أبواب أقسام الحج ب 17 ح 3،مَرَّ وزان فلس موضع بقرب مكة من جهة الشام الشام نحو مرحلة.
3- انظر كشف اللثام 1:306.
4- الدورس 1:342،المسالك 1:104.

أيضاً،فإنه على خلافه أظهر،و لذا استدل به جماعة على أفضلية الإحرام بهم من الميقات بعد أن حكوها عن الشيخ و غيره،و استدلوا على جواز إحرامهم من فَخّ بعد نقلهم له عنهما بالصحيحين،زعماً منهم ظهور التجريد في الإحرام (1).

و المسألة قوية الإشكال،و حيث إن المستفاد من جماعة عدم إشكال في جواز الإحرام بهم من الميقات،بل و أفضليته،و أن التأخير إلى فَخّ إنما هو على سبيل الجواز،كان الإحرام بهم من الميقات أولى و أحوط.

أحكام المواقيت
اشارة

و أحكام المواقيت تشتمل على مسائل ثلاث:

الاُولى لا يصح الإحرام قبل الميقات

الاُولى:لا يصح الإحرام قبل الميقات بإجماعنا الظاهر،المنقول في جملة من العبائر (2)؛ للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة (3).

إلّا لناذر له قبله فيصح بشرط أن يقع في أشهر الحج لو كان لحج أو لعمرة متمتع بها،و إلّا فيصح مطلقاً على الأقوى.

وفاقاً للشيخ في النهاية و المبسوط و الخلاف و التهذيبين و الديلمي و القاضي و ابن حمزة (4)،و المفيد كما حكي (5)،و عليه أكثر المتأخرين على ما أجده،أو مطلقاً على ما يستفاد من الذخيرة و غيرها (6)،و في المسالك

ص:173


1- المدارك 7:227،الذخيرة:583،الحدائق 14:457.
2- كالخلاف 2:286،و المنتهى 2:668،و المفاتيح 1:311.
3- الوسائل 11:322 أبواب المواقيت ب 11.
4- النهاية:209،المبسوط 1:311،الخلاف 2:286،الاستبصار 2:164،التهذيب 5:53،الديلمي في المراسم:108،القاضي في المهذّب 1:214،ابن حمزة في الوسيلة:159.
5- حكاه عنه في كشف اللثام 1:307.
6- الذخيرة:574؛ و انظر كشف اللثام 1:307.

و غيره (1):أنه المشهور بين الأصحاب.

للمعتبرة المتضمنة للصحيح (2)على ما صرّح به جماعة (3)،و إن تأمل فيها بعض الأجلة (4)و الموثق و غيرهما (5).

خلافاً للحلّي و الفاضل في المختلف (6)،فمنعا عن هذا الاستثناء؛ لانه نذر غير مشروع،كنذر الصلاة في غير وقتها،و إيقاع المناسك في غير مواضعها؛ و ضعف النصوص،و ظهور احتمالها ما يأتي في بحث المصدود من بعث الرجل من منزله الهدي و اجتنابه ما يجتنبه المحرم،أو المسير للإحرام من الكوفة أو خراسان.

و لا يخفى عليك ما في هذين الاحتمالين من البعد و مخالفة فهم الأصحاب.

و ضعف النصوص أوّلاً ممنوع،و ثانياً على تقديره فهو بالشهرة الظاهرة و المنقولة مجبور،فيمنع بها الأصل المتمسك به للمنع،و نظيره في الصوم موجود.

هذا،و طريق الاحتياط واضح بالجمع بين الإحرام من المحل المنذور و من الميقات،كما عن المراسم و الراوندي (7).

ص:174


1- المسالك 1:104؛ و انظر الحدائق 14:461.
2- التهذيب 5:/53 162،الإستبصار 2:/163 534،الوسائل 11:326 أبواب المواقيت ب 13 ح 1.
3- منهم:العلّامة في المنتهى 2:669،و المحقق الكركي في جامع المقاصد 3:161،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:311.
4- منتقى الجمان 3:138،الذخيرة:574.
5- الوسائل 11:326 أبواب المواقيت ب 13 ح 2،3.
6- الحلي في السرائر 1:527،المختلف:263.
7- المراسم:108،حكاه عن الراوندي في الدروس 1:341.

و عن غيرهما إن نذر إحراماً واجباً وجب تجديده من الميقات،و إلّا استحب (1).

و يستثنى من كلية المنع صورة أُخرى أشار إليها بقوله:

أو للعمرة المفردة في رجب لمن خشي تقضيه بتأخير الإحرام إلى الوقت،بلا خلاف أجده،كما في الذخيرة (2)،و في ظاهر المعتبر و المنتهى (3):إن عليه اتفاق علمائنا،و في شرح القواعد للمحقق الثاني إن عليه إجماعنا (4)؛ للصحيحين (5).

قيل:و لم يتعرض له كثير من الأصحاب،و الاحتياط تجديد الإحرام من الميقات (6).

الثانية لا يجاوز الميقات إلّا محرماً

الثانية:لا يجاوز من أراد النسك من الميقات إلّا محرماً في حال الاختيار،بالنص و إجماع العلماء،كما عن المعتبر و المنتهى (7)،و في التحرير و غيره (8):الإجماع مطلقاً؛ لأن ذلك مقتضى التوقيت،مضافاً إلى وقوع التصريح به في جملة من الصحاح

ص:175


1- انظر كشف اللثام 1:307.
2- الذخيرة:574.
3- المعتبر 2:806،المنتهى 2:669.
4- جامع المقاصد 3:161.
5- الأول:الكافي 4:/323 8،التهذيب 5:/53 161،الإستبصار 2:/163 533،الوسائل 11:325 أبواب المواقيت ب 12 ح 1.الثاني:الكافي 4:/323 9،التهذيب 5:/53 160،الإستبصار 2:/162 532،الوسائل 11:326 أبواب المواقيت ب 12 ح 2.
6- كشف اللثام 1:308.
7- المعتبر 2:808،المنتهى 2:669.
8- التحرير 1:94؛ و انظر كشف اللثام 1:308.

منها:« من تمام الحج و العمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه 9 لا تجاوزها إلّا و أنت محرم» (1).

و منها:« لا تجاوز الجحفة إلّا محرماً» (2).

و منها:« لا ينبغي لحاجّ و لا معتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها» (3).

و يجوز لعذر من نحو حرّ أو برد عند الشيخ (4)؛ لانتفاء العسر و الحرج.

و للصحيح:« فلا يجاوز الميقات إلّا من علة» (5).

و أظهر منه المرسل:« إذا خاف الرجل على نفسه أخّر إحرامه إلى الحرم» (6).

خلافاً للحلّي حيث حمل فتوى الشيخ على تأخير الصورة الظاهرة للإحرام من التعرّي و لبس الثوبين،دون غيرها،فإن المرض و التقية و نحوهما لا تمنع النية و التلبية،و إن منعت التلبية كان كالأخرس،و إن أُغمي عليه لم يكن هو المؤخّر،قال:و إن أراد و قصد شيخنا غير ذلك فهذا يكون قد ترك الإحرام متعمداً من موضعه،فيؤدّي إلى إبطال حجه بغير خلاف (7).

و ارتضاه الفاضل في المختلف و التحرير و المنتهى (8)،و يميل إليه

ص:176


1- الكافي 4:/318 1،التهذيب 5:/54 166،علل الشرائع:/434 2،الوسائل 11:307 أبواب المواقيت ب 1 ح 2.
2- التهذيب 5:/57 177،الوسائل 11:316 أبواب المواقيت ب 6 ح 3.
3- الكافي 4:/319 2،الفقيه 2:/98 903،التهذيب 5:/55 167،الوسائل 11:308 أبواب المواقيت ب 1 ح 3.
4- كما في المبسوط 1:311.
5- الكافي 4:/323 2،الوسائل 11:331 أبواب المواقيت ب 15 ح 1.
6- التهذيب 5:/58 182،الوسائل 11:333 أبواب المواقيت ب 16 ح 3.
7- السرائر 1:527.
8- المختلف:263،التحرير 1:94،المنتهى 2:671.

الماتن في المعتبر و غيره (1).

و لعلّه لحديث:« الميسور لا يسقط بالمعسور» (2).

و يؤيده الحديث المتقدم فيمن مرّ على المسلخ مع العامة و لم يمكنه إظهار الإحرام تقية،المتضمن لأنه:« يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب و يلبّي في نفسه و إذا بلغ ميقاتهم أظهره» (3).

و لا بأس به؛ لقوة دليله،مع قصور الخبرين بعد إرسال أحدهما على التصريح بخلافه.

و يرجع إليه أي إلى الميقات لو لم يحرم منه عمداً أو سهواً، أو جهلاً بالحكم أو بالوقت،بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهى (4).

أما في العمد فلتوقف الواجب عليه.

و أما في غيره فللصحاح و غيرها،منها في الناسي:« يخرج إلى ميقات أهل أرضه،فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه،فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج من الحرم» (5).

و منها في الجاهل:« إن كان عليها مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه،فإن لم يكن عليها وقت فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما يخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحج فتحرم» (6).

ص:177


1- المعتبر 2:809؛ و انظر المدارك 7:231.
2- عوالي اللئلئ 4:/58 205.
3- راجع ص:2820.
4- المنتهى 2:669.
5- الكافي 4:/323 1،التهذيب 5:/283 965،الوسائل 11:328 أبواب المواقيت ب 14 ح 1؛ بتفاوت يسير.
6- الكافي 4:/325 10،التهذيب 5:/389 1362،الوسائل 11:329 أبواب المواقيت ب 14 ح 4.

و منها:عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم،فقال:« يرجع إلى ميقات بلاده الذي يحرمون منه فيحرم،فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه،فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج» (1).

و نحوه غيره المروي عن قرب الإسناد (2).

و أما ما في جملة من المعتبرة في الجاهل من الأمر بالخروج إلى خارج الحرم بقول مطلق كما في الصحيح (3)،أو بالإحرام من مكانه من مكة أو من المسجد كذلك كما في الموثق (4)،و نحوه عبارة الغنية (5)فمحمول على صورة عدم التمكن من الخروج إلى الميقات،كما هو الغالب،فيحمل الإطلاق عليه،حملاً للمطلق على المقيد،و اقتصاراً في الإطلاق على المتيقن.

لكن في بعض الأخبار المنقولة عن قرب الإسناد الواردة في الجاهل:

« إن كان جاهلاً فليبن من مكانه[ليقضي]فإن ذلك يجزيه إن شاء اللّه،و إن رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنه أفضل» (6).

و هو كالصريح،بل صريح في جواز الإحرام من غير الميقات مع التمكن من الرجوع إليه،إلّا أن سنده غير واضح،و مع ذلك فلندوره و عدم مكافأته لما مرّ من وجوه عن المعارضة له قاصر.

و ربما يستفاد من العبارة وجوب الرجوع على من لا يريد النسك ثم

ص:178


1- التهذيب 5:/58 180،الوسائل 11:330 أبواب المواقيت ب 14 ح 7.
2- قرب الإسناد:/241 955،الوسائل 11:331 أبواب المواقيت ب 14 ح 9.
3- الكافي 4:/325 7،التهذيب 5:/284 966،الوسائل 11:329 أبواب المواقيت ب 14 ح 3.
4- الكافي 4:/326 12،الوسائل 11:329 أبواب المواقيت ب 14 ح 5.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):574.
6- قرب الإسناد:/242 956،الوسائل 11:331 أبواب المواقيت ب 14 ح 10،و أضفنا ما بين المعقوفين من المصدر.

أراده.و هو مقطوع به بين الأصحاب على الظاهر،المصرَّح به في عبائر جماعة كالمدارك و الذخيرة و غيرهما (1)،مشعرين بعدم خلاف فيه،كما صرّح به في المفاتيح (2)،بل ظاهر المنتهى أنه لا خلاف فيه بين العلماء إلّا من بعض العامة العمياء (3)؛ و هو الحجة.

مضافاً إلى إطلاق بعض الصحاح المتقدمة المعتضد بما في المعتبر و المنتهى (4)بأنه متمكن من الإتيان بالنسك على الوجه المأمور به فيكون واجباً.و مرجعه إلى ما في المدارك من إطلاق النهي عن مجاوزة الميقات لكل حاجّ و معتمر (5).و لا يخلو عن نظر.

ثم إن هذا مع إمكان الرجوع.

فإن لم يتمكن منه فلا حج له إن كان المتجاوز عن الميقات بغير إحرام عامداً كما عن النهاية و الاقتصاد و الوسيلة و السرائر و الجامع و كتب الماتن و المهذّب و الغنية (6)،و في المنتهى و التحرير و الدروس و اللمعتين و المسالك (7)،و بالجملة:الأكثر،كما في الذخيرة (8)،و ربما يفهم

ص:179


1- المدارك 7:234،الذخيرة:574.
2- مفاتيح الشرائع 1:311.
3- المنتهى 2:670؛ و انظر المغني و الشرح الكبير 3:221.
4- المعتبر 2:808،المنتهى 2:670.
5- المدارك 7:234.
6- النهاية:210،الاقتصاد:300،الوسيلة:159،السرائر 1:527،الجامع للشرائع:178،الماتن في المعتبر 2:808،و الشرائع 1:242،المهذب 1:214،الغنية(الجوامع الفقهية):574.
7- المنتهى 2:669،التحرير 1:94،الدروس 1:340،اللمعة(الروضة البهية 2):223،المسالك 1:105.
8- الذخيرة:575.

من المنتهى و غيره (1)عدم خلاف فيه بيننا.

لأن الإحرام من غير الميقات خلاف ما أمر به الشارع فلا يصح إلا فيما أذن فيه،و لا إذن هنا؛ لاختصاص النصوص الآذنة بمن عدا العامد.

و إطلاق بعض الصحاح المتقدمة غير معلومة الانصراف إلى مفروض المسألة،كما صرّح به في الذخيرة بالإضافة إلى الجاهل (2)،فما ظنّك بالعامد؟! مع أنه معارض بإطلاق جملة من المعتبرة:

منها الصحيح:« من أحرم دون الميقات فلا إحرام له» (3).

و منها المروي في العيون عن مولانا الرضا 7 أنه كتب إلى المأمون في كتاب:« و لا يجوز الإحرام دون الميقات،قال اللّه سبحانه: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ [1] (4).

فإنه إذا لم يجز كان فاسداً؛ لأنه عبادة منهي عنها.و إرجاعها إلى الأول بتقييد أو صرف ظاهر ليس بأولى من العكس،بل هو أولى من وجوه لا تخفى.

فظهر ضعف القول بإلحاقه بالناسي إذا وجب الحج عليه مضيقاً،كما قوّاه جماعة من متأخري المتأخرين (5)،و يحتمله إطلاق المبسوط و المصباح و مختصره كما حكي (6)،و يأتي فيه ما فيه سابقه.

ص:180


1- المنتهى 2:669؛ و انظر التذكرة 1:321.
2- الذخيرة:574.
3- الكافي 4:/322 4،التهذيب 5:/52 157،الإستبصار 2:/162 529،الوسائل 11:320 أبواب المواقيت ب 9 ح 3.
4- عيون الأخبار 2:/120 1،الوسائل 11:320 أبواب المواقيت ب 9 ح 4.
5- منهم صاحب المدارك 7:235،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:309،و انظر الحدائق 14:474.
6- حكاه في كشف اللثام 1:309.

و اعلم أن إطلاق نفي الإحرام و جوازه في الخبرين يعمّ الإحرام للعمرة المفردة،و عليه فلا يباح له دخول مكة حتى يحرم من الميقات، كما حكي التصريح به عن بعض الأصحاب (1).

و ردّ بأنه ليس بجيّد و لا موافق لكلام الأصحاب،فإنهم إنما صرّحوا ببطلان الحج أو وجوب إعادته،إلّا الفاضل في القواعد و الإرشاد (2)، و الماتن في الشرائع (3)،ففي كلامهما:لا يصح له الإحرام إلّا من الميقات، و الشهيد في الدروس ففيه بطلان النسك (4)،و اللمعة ففيها بطلان الإحرام (5)،و الكل يحتمل ما صرّح به غيرهم،أي من أن المراد بطلان الحج خاصة،لا العمرة المفردة،فإن أدنى الحلّ ميقات اختياري لها،غاية الأمر إثمه بتركه مما مرّ عليه من المواقيت.

و يحرم من موضعه أينما كان إذا كان لم يدخل الحرم إن كان ناسياً أو جاهلاً أو لا يريد النسك و يندرج فيه من لا يكون قاصداً دخول مكة عند مروره على الميقات ثم تجدّد له قصده،و من لا يجب عليه الإحرام لدخولها، كالمتكرر،و من دخلها لقتال إذا لم يكن مريداً للنسك ثم تجدّد له إرادته.

أما من مرّ على الميقات قاصداً دخول مكة و كان ممن يلزمه الإحرام لدخولها لكنه لم يرد النسك فهو في معنى متعمد ترك الإحرام،بل أولى.

و لو دخل أحد هؤلاء مكة أو الحرم خرج إلى الميقات مع الإمكان و أحرم منه كما مرّ و مع التعذر ف من أدنى الحلّ،و مع

ص:181


1- حكاه عنه في كشف اللثام 1:309.
2- القواعد 1:79،الإرشاد 1:314.
3- الشرائع 1:242.
4- الدروس 1:341.
5- اللمعة(الروضة البهية 2):223.

التعذر يحرم من موضعه مكة أو الحرم.

بلا خلاف في شيء من ذلك أجده،و به صرّح بعض الصحاح المستفيضة،المتقدمة إلى جملة منها الإشارة،بعد حمل مطلقها على مقيدها هنا أيضاً على نحو ما مضى،و هي و إن اختصت بالناسي و الجاهل إلّا أن الأخير ملحق بهما بلا خلاف.

قيل:أما في وجوب خروجه إلى الميقات إذا أمكن و أراد الحج أو عمرة التمتع فظاهر،و أطلق الشافعي إحرامه من موضعه.و أما إجزاء إحرامه من موضعه أو أدنى الحلّ إذا لم يمكن فلأن مجاوزته الميقات بلا إحرام كانت تجوز له إذا لم يكن يريد النسك،أمّا نحو الحطّاب فظاهر،و أما غيره ممن لا يريد الحرم فللأصل،و مروره 9 بذي الحليفة مرّتين لغزوتي بدر محلّاً هو و أصحابه،و كأنه لا خلاف فيه (1).

و اعلم أن إطلاق العبارة و نحوها بجواز الإحرام من أدنى الحلّ أو موضعه حيث يتعذر العود إلى الميقات يقتضي عدم وجوب العود إلى ما أمكن من الطريق،و هو مقتضى إطلاق أكثر النصوص،إلّا أن بعض الصحاح المتقدّمة منها يقتضي وجوبه،و يعضده حديث:« الميسور لا يسقط بالمعسور» و هو فتوى الشهيد كما قيل (2).

الثالثة لو نسي الإحرام أو جهله حتى أكمل مناسكه فالمروي أنه لا قضاء

الثالثة: لو نسي الإحرام أو جهله حتى أكمل مناسكه فالمروي في الصحيح (3)و المرسل الجميل أنه لا قضاء عليه على تقدير وجوبه إذا كان قد نوى ذلك كما في الثاني،و فيه ذكر الناسي،و يرجع إليه الأول

ص:182


1- كشف اللثام 1:308.
2- كشف اللثام 1:309،و انظر الدروس 1:341.
3- التهذيب 5:/476 1678،الوسائل 11:338 أبواب المواقيت ب 20 ح 2.

فيهما بالتقييد و حمل الجاهل فيه على معنى يعمّ الناسي،بل يفهم من بعض أنه معناه الحقيقي (1)،مضافاً إلى الأولوية المصرَّح بها في كلام جماعة (2).

و لكن لبعض فيها مناقشة،و أراد بها الصحيحة،بناءً على ان موردها الجاهل خاصة،و هو غير مفروض المسألة في كلام الجماعة،قال:مع أنها مخصوصة بإحرام الحج دون العمرة؛ و ردّ المرسلة بضعف السند (3).

و يضعّف بانجبار ضعف السند بعمل الأكثر،كالشيخ في كتابي الحديث و النهاية و المبسوط و الجمل و العقود و الاقتصاد (4)،و ابن حمزة في الوسيلة و القاضي في المهذّب و الماتن في المعتبر و ابن عمّه في الجامع (5)و الفاضل في القواعد و التحرير و المنتهى (6)،و الفاضل المقداد في التنقيح و الشهيدين في النكت و المسالك (7)،و فيه:أنه فتوى المعظم،و في الدروس:أنه فتوى الأصحاب عدا الحلّي (8).و لعلّه كذلك؛ إذ لم نقف على مخالف صريح عداه،و المناقش المتقدم قد وافق الأصحاب.

و يستفاد من المرسل أن الإحرام المنسي هو التلبية دون النية،فيفسد بتركها الحج،كما صرّح به الشيخ في المبسوط في فصل فرائض الحج (9)،

ص:183


1- انظر كشف اللثام 1:309.
2- منهم:الشهيدان في غاية المراد 1:392،و المسالك 1:105،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:309.
3- المدارك 7:238.
4- لم نعثر عليه في الاستبصار،التهذيب 5:60،النهاية:211،المبسوط 1:314،الجمل و العقود(الرسائل العشر):233،الاقتصاد:305.
5- الوسيلة:159،المهذّب 1:243،المعتبر 2:810،الجامع للشرائع:180.
6- القواعد 1:79،التحرير 1:97،المنتهى 2:684.
7- التنقيح الرائع 1:451،غاية المراد 1:391،المسالك 1:105.
8- الدروس 1:350؛ و هو في السرائر 1:529.
9- المبسوط 1:382.

و اشترط النية في النهاية و فصلِ ذكر كيفية الإحرام من المبسوط (1)،كالمرسل.

و لا يخلو من وجه؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل الآتي بيانه على المتيقن من الفتوى و النص،و هو ما عدا النية و إن أُطلق الإحرام في الصحيح،بناءً على ما يستفاد من المرسلة و غيرها من الأخبار الصحيحة من أن المراد بالإحرام هو التلبية،و سيأتي في بحثها إليها الإشارة.

و لئن تنزلنا عن كون الإحرام حقيقة فيها نقول:لا ريب في جهالة حقيقته بحسب الفتوى و الرواية،إذ لم يستفد منها خلاف ذلك،و كذا من الفتوى،لاختلافها في بيانها:

فبين قائلٍ بأنها مركبة من النية و التلبية و لبس الثوبين،كالفاضل في المختلف (2).

و قائلٍ بأنها الأولان خاصة،كالحلّي (3).

و قائلٍ بأنها الأول خاصة،كما عن الجمل و المبسوط (4)،و فيه ما عرفته.و قريب منه ما عن الشهيد من أنها توطين النفس على ترك المنهيات المعهودة إلى أن يأتي بالمناسك،و التلبية هي الرابطة لذلك التوطين،فنسبتها إليه كنسبة التحريمة إلى الصلاة،و الأفعال هي المزيلة لذلك الربط،و يتحقق زواله بالكلية بآخرها،أعني التقصير و طواف النساء بالنسبة إلى النسكين (5).

و قائلٍ بغير ذلك (6).

و عليه فيكون الإحرام مجملاً يجب فيه الأخذ بالاحتياط،و هو العمل

ص:184


1- النهاية:211،المبسوط 1:314.
2- المختلف:263.
3- السرائر 1:532.
4- الجمل و العقود(الرسائل العشر):226،المبسوط 1:365.
5- غاية المراد 1:389.
6- انظر جامع المقاصد 3:162،و كشف اللثام 1:309.

بمتقضى الفساد بترك كل ما يحتمل كونه إحراماً،خرج منه ما عدا النية فتوًى و روايةً، لاتفاقهما على الصحة في[تركه،فيبقى تركها (1)]تحت الأصل مندرجاً.

و فيه نظر،أما أولاً:فلمنع الإجمال بإمكان ترجيح الأول من الأقوال بالتبادر عند المتشرعة،فيكون مراداً من الصحيحة و لو على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية،لوجود القرينة،و هي اتفاق الطائفة.

و أما ثانياً:فلدخول النية الإحرام على جميع الأقوال و إن اختلف في الزيادة،بل ظاهر جملة منها أنها الإحرام خاصة،فتركها يدخل في الصحيحة.

و أما ثالثاً:فلأن الإجمال يقتضي الرجوع في المشتبه إلى مقتضى الأصل،و هو هنا البراءة؛ لأن الإحرام المأمور به عموماً فتوًى و روايةً،و المصرَّح في الصحيح بعدم البأس بتركه جهلاً،إما ما أفادته الأخبار من خصوص التلبية فلا دليل على وجوب غيرها مطلقاً،لا مجملاً و لا مبيّناً،أو ما ذكره الأصحاب و هو يشمل النية فتركها يدخل في الصحيحة.و تقييدها بالمرسلة فرع حجيتها،و هي هنا ممنوعة؛ لخلو فتوى الأكثر الجابرة لها عن التقييد بما إذا نوى،و إنما هو شيء مذكور في عبارة الشيخ،هذا،مع نوع إجمال فيها.

فالإطلاق كما عليه الأكثر لعلّه أقوى.

و المناقشة باختصاص الصحيحة بالجاهل فلا يتعدّى إلى الناسي الذي هو مفروض المسألة،مدفوعة بما عرفته من الأولوية إن لم نقل بعمومه لهما لغة،و إلّا فالصحيحة مطلقة.

و منع الأولوية محل مناقشة،كيف و قد فهمها الجماعة،و اتّضح في الناسي وجه الحكمة،و هو ما استدل به جماعة (2)من أن السهو و النسيان

ص:185


1- بدل ما بين المعقوفين في النسخ:تركها خاصة،فيبقى ما عداها..،و المعنى معه غير مستقيم كما يظهر بالتأمّل،و قد راجعنا للتصحيح إلى جواهر الكلام 18:135.
2- كالفاضل المقداد في التنقيح 1:451،و المهذب البارع 2:158.

كالطبيعة الثانية للإنسان،فلو أوجبا القضاء للزم العسر و الحرج المنفيان شرعاً،و لا كذلك الجاهل،فإنّ هذه الحكمة غير موجودة فيه أصلاً.

و فيه وجه بالقضاء للحلّي مخرَّج من أن الأعمال بالنيات، قال:فكيف تصح بلا نية،و ردّ به كلام شيخ الطائفة (1).

و يضعّف:بأنه لا عمل هنا بلا نية كما في المختلف و المنتهى (2)، و استغرب فيه كلامه و قال:إنه لا يوجبه فيه البتة،و الظاهر أنه قد وهم في ذلك؛ لأن الشيخ قد اجتزأ بالنية عن الفعل فتوهّم أنه قد اجتزأ بالفعل بغير نية،و هذا الغلط من باب إبهام العكس.انتهى.

و في المعتبر:و لست أدري كيف يحلّ له هذا الاستدلال و لا كيف يوجّهه،فإن كان يقول:إن الإخلال بالإحرام إخلال بالنية في بقية المناسك فنحن نتكلم على تقدير وقوع نية كل منسك على وجهه ظاناً أنه أحرم أو جاهلاً بالإحرام،فالنية حاصلة مع إيقاع كل منسك،فلا وجه لما قاله (3).

و هو حسن،و بناؤه كالفاضل على أن المراد بالإحرام المنسي في كلام الشيخ إنما هو ما عدا النية،كما عرفته من مذهبه المتقدم إليه الإشارة، فلا يرد ما ذكره الشهيد من أن نسيان نية الإحرام يبطل سائر المناسك؛ لعدم صحة نياتها مُحلّاً (4).

و الأولى في توجيه مذهبه حيث لا يذهب إلى حجية الآحاد التمسك بأصالة وجوب الإتيان بالمأمور به على وجهه،و لم يحصل،و غاية النسيان رفع المؤاخذة،لا صحة العبادة.و هو متين لولا الرواية المنجبرة بفتوى الأصحاب.

ص:186


1- السرائر 1:529.
2- المختلف:264،المنتهى 2:685.
3- المعتبر 2:81.
4- غاية المراد 1:391.

المقاصد

المقصد الأول في أفعال الحج

اشارة

المقصد الأول:

في بيان أفعال الحج و هي:الإحرام،و الوقوف بعرفات و المشعر،و الذبح بمنى، و الطواف و ركعتاه،و السعي بين الصفا و المروة و طواف النساء و ركعتاه لما سيأتي من الأدلة لكل في مبحثه.

و في وجوب الرمي،و الحلق أو التقصير تردّد و اختلاف بين الأصحاب،خصوصاً في الرمي،فقد حكي الخلاف فيه في المختلف و الدروس (1)عن الشيخ و القاضي و ظاهر المفيد و الإسكافي.

و أما الثاني فلم يحلك الخلاف فيه في الأول،و حكي في الثاني عن التبيان خاصة،قال:و هو نادر (2).

و كذا في المنتهى،و فيه زيادة على ذلك:إن الوجوب مذهب علمائنا

ص:187


1- المختلف:302،الدروس 1:433.
2- الدروس 1:452.

اجمع (1).مؤذناً بدعوى الإجماع،كما صرّح به بعض الأصحاب (2).

و نحوهما في دعوى الشذوذ غيرهما.

و بالجملة:دعوى شذوذ الخلاف و ندوره هنا مستفيضة في كلام الجماعة.

و أما ما نقله في التنقيح عن الحلّي (3)فضعيف،فإنّ الموجود في السرائر خلافه و إن وجد في صدر عبارته ما يوهمه من قوله:يستحب أن يحلق رأسه بعد الذبح؛ لظهور عبارته بعد ذلك في الوجوب،و رجوع الاستحباب إلى الترتيب بينه و بين الذبح (4).

و كيف كان،فلا وجه للتردّد هنا؛ لمكان الإجماع الظاهر،و المحكي في عبائر هؤلاء؛ مضافاً إلى ما سيأتي.

بل و لا في الأوّل أيضاً؛ لنفي الحلّي الخلاف فيه بين أصحابنا،بل قال:و لا أظن من المسلمين مخالفاً (5).و نحوه في التذكرة و المنتهى (6).

و لا يقدح فيه مخالفة من مرّ من العظماء؛ لعدم معلومية مخالفتهم صريحاً، إذ الموجود في عبائرهم نحو لفظ« السنّة» المحتمل قريباً في كلامهم جمله على كون المراد بها ما ثبت وجوبه بالسنّة،في مقابلة الفريضة الإلهيّة،لا المعنى المصطلح عليه بين المتشرعة؛ و لذا قطع الحلّي بعدم المخالفة،طاعناً به على من توهّمها من عبارتهم،آتياً بقرائن من عبارة الشيخ و فتاواه ما يستأنس به لهذا الحمل.

و كيف كان أشبهه الوجوب لتظافر الأخبار بالأمر بهما،بل

ص:188


1- المنتهي 2:762.
2- كصاحب المدارك 8:88،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:360.
3- التنقيح الرائع 1:453.
4- السرائر 1:600.
5- السرائر 1:606.
6- التذكرة 1:376،المنتهى 2:771.

تواترها،كما صرّح به الحلّي،و زاد على هذا الدليل فقال و لنعم ما قال -:ثم فعل الرسول و الأئمة عليهم السلام يدل على ما اخترناه و شرحناه؛ لأن الحج في القرآن مجمل،و فعله عليه السلام إذا كان بياناً للمجمل جرى مجرى قوله،و البيان في حكم المبيّن،و لا خلاف أنه عليه السلام رمى الجمار،و قال:«خذوا عني مناسككم» (1)فقد أمرنا بالأخذ،و الأمر يقتضي الوجوب عندنا إلى أن قال-:و أيضاً دليل الاحتياط يقتضيه؛ لأنه لا خلاف بين الأُمة أن مَن رمى الجمار برئت ذمته من جميع أفعال الحج،و الخلاف حاصل إذا لم يرم الجمار (2).انتهى.

و لا معارض لهذه الأدلة سوى الأصل إن جوّزنا جريانه في نحو المقام،و هو مخصَّص بالأوامر،و إلّا فليس بمعارض أيضاً.

و أما التشكيك في دلالتها على الوجوب في أخبارنا في الذخيرة (3)، فممّا لا ينبغي الإصغاء إليه،و لا العروج في مقام التحقيق عليه؛ لضعفه من أصله كما بيّن في الأُصول مستقصى،و لا سيّما هنا،لفهم الأصحاب إياه منها،و هو أقوى قرينة عليه،كما صرّح به نفسه مراراً و منها المقام،و لكن في موضع منها،و لكن رجع عنه أخيراً.

و نحوه في الضعف تشكيكه في وجوب التأسّي،و تخصيصه بما إذا علم وجهه لا مطلقاً،فإنه مسلّم في غير ما وقع بياناً للمجمل،و أما فيه فلا، و خصوصاً في الوضوء و الصلاة و الحج،لورود الأمر به فيها،زيادةً على الدليل الاعتباري المبيَّن في الأُصول مفصّلاً.

و أما القدح في دلالة النص هنا على الوجوب بأنه يدل على وجوب

ص:189


1- عوالي اللئلئ 4:/34 118،المستدرك 9:420 أبواب الطواف ب 54 ح 4.
2- السرائر 1:607.
3- الذخيرة:680.

الأخذ عنه،لا على وجوب كلّ ما أُخذ عنه،و إلّا لكان المندوب المأخوذ و أجابا،و هو باطل.

فهو كما ترى؛ لظهوره في الثاني،كما فهمه الأصحاب كافةً قديماً و حديثاً،و لا ينافيه خروج المندوب بالإجماع و غيره،فإنّ العام المخصَّص حجّة في الباقي،و جعله قرينة على الاستحباب أو المعنى الأول دون التخصيص خلاف التحقيق،فإنه أولى من المجاز حيثما تعارضا.

و بالجملة:فلا إشكال في وجوبهما.

و يستحب الصدقة أما التوجه إلى السفر مطلقاً،فيخرج و لا يبالي و لو في يوم مكروه،كما في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة:

منها:« افتتح سفرك بالصدقة و اخرج إذا بدا لك» (1).

و منها:« من تصدّق بصدقة إذا أصبح دفع اللّه تعالى عنه نحس ذلك اليوم» (2).

و يستحب أن يكون عند وضع الرِّجل في الركاب،كما في الخبر،بل الصحيح كما قيل-:« كان علي بن الحسين 7 إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من اللّه عزّ و جلّ بما تيسّر له،و يكون ذلك إذا وضع رجليه في الركاب» (3).

و صلاة ركعتين أو أربع ركعات،ففي النبوي الخاصي:« ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين إذا أراد الخروج إلى

ص:190


1- الفقيه 2:/175 782،الوسائل 11:375 أبواب آداب السفر إلى الحج ب 15 ح 2.
2- الفقيه 2:/176 784،المحاسن:/349 27،الوسائل 11:377 أبواب آداب السفر إلى الحج ب 15 ح 6.
3- الفقيه 2:/176 785،المحاسن:/348 25،الوسائل 11:376 أبواب آداب السفر إلى الحج ب 15 ح 5.

سفر و يقول:اللّهم إني أستودعك نفسي و أهلي و مالي و ذريتي و دنياي و آخرتي و أمانتي و خاتمة عملي،إلّا أعطاه اللّه عزّ و جلّ ما سأل» (1).

و في آخر مروي عن أمان الأخطار:« ما استخلف عبد في أهله من خليفة إذا هو شدّ ثياب سفره خيراً من أربع ركعات يصلّيهن في بيته،يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد و يقول:اللّهم إني أتقرب إليك بهنّ فاجعلهنّ خليفتي في أهلي و مالي» (2).

و أن يقف على باب داره و إن كان في مفازة فمن حيث يريد السفر منه و يدعو بالمأثور و ذلك بعد أن يقرأ فاتحة الكتاب أمامه،و عن يمينه و شماله،و آية الكرسي كذلك.

ففي الخبر أو الصحيح:« لو أن رجلاً منكم إذا أراد السفر أقام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقرأ الحمد أمامه و عن يمينه و عن شماله،و آية الكرسي أمامه و عن يمينه و عن شماله،ثم قال:اللّهم احفظني و احفظ ما معي،و سلّمني و سلم ما معي،و بلّغني و بلّغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل،لحفظه اللّه تعالى و حفظ ما معه و بلّغه و بلّغ ما معه» (3)و زيد في بعض النسخ المعوّذتان و التوحيد كذلك قبل آية الكرسي.

و أن يدعو بكلمات الفرج ففي الصحيح:« إذا خرجت من بيتك تريد الحج و العمرة إن شاء اللّه تعالى فادع دعاء الفرج،و هو:لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم،لا إله إلّا اللّه العليّ العظيم،سبحان اللّه ربّ السموات السبع

ص:191


1- الكافي 4:/283 1،الفقيه 2:/177 789،التهذيب 5:/49 152،الوسائل 11:379 أبواب آداب السفر إلى الحج ب 18 ح 1.
2- أمان الأخطار:44،الوسائل 11:381 أبواب آداب السفر إلى الحج ب 18 ح 3.
3- الكافي 2:/543 11 و ج 4:/283 1،الفقيه 2:/177 790،التهذيب 5:/49 153،المحاسن:/350 31،الوسائل 11:381 أبواب آداب السفر إلى الحج ب 19 ح 1.

و ربّ الأرضين السبع و ربّ العرش العظيم،و الحمد للّه رب العالمين» (1).

و بالأدعية المأثورة و هي كثيرة:

منها:المروي في الصحيح السابق بعد كلمات الفرج،ففيه:« ثم قل:

اللّهم كن لي جاراً من كلّ جبّار عنيد و من كلّ شيطان مريد،بسم اللّه دخلت و بسم اللّه خرجت و في سبيل اللّه،اللّهم إني أُقدّم بين يدي نسياني و عجلتي بسم اللّه ما شاء اللّه في سفري هذا،ذكرته أو نسيته،اللّهم أنت المستعان على الأُمور كلّها و أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل،اللّهم هوّن علينا سفرنا،و اطوِ لنا الأرض،و سيّرنا فيها بطاعتك و طاعة رسولك،اللّهم أصلح لنا ظهرنا،و بارك لنا فيما رزقتنا،و قنا عذاب النار،اللّهم إني أعوذ بك من وَعثاء السفر و كآبة المنقلب و سوء المنظر في الأهل و المال و الولد، اللّهم أنت عضدي و ناصري،بك أحلّ و بك أسير،اللّهم إني أسألك في سفري هذا السرور و العمل بما يرضيك عني،اللّهم اقطع عنّي بُعده و مشقته،و اصحبني فيه و اخلفني في أهلي بخير،و لا حول و لا قوة إلّا باللّه العليّ العظيم،اللّهم إني عبدك،و هذا حُملانك،و الوجه وجهك،و السفر إليك،و قد اطلعت على ما لم يطلع عليه أحد،فاجعل سفري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي،و كون عوناً لي عليه،و اكفني وَعَثه و مشقته،و لقّني من القول و العمل رضاك فإنما أنا عبدك و بك و لك» .

القول في الإحرام
اشارة

القول في بيان الإحرام و النظر فيه في مقدماته و كيفيته و أحكامه و اعلم أن

مقدمات الإحرام

مقدماته كلّها مستحبة على اختلاف في بعضها يأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى.

ص:192


1- الكافي 4:/284 2،التهذيب 5:/5 154،الوسائل 11:383 أبواب آداب السفر إلى الحج ب 19 ح 5.

و هي توفير شعر الرأس بل اللحية أيضاً،كما في عبائر جماعة (1)و إن اقتصر آخرون على ما في العبارة (2)؛ لوروده في المعتبرة (3) من أول ذي القعدة إذا أراد التمتع بل مطلق الحجّ على الأقوى،وفاقاً لجمهور محقّقي متأخري أصحابنا (4)؛ لإطلاق الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

و ظاهرها الوجوب،كما عليه الشيخان في المقنعة و الاستبصار و النهاية (5).

خلافاً لمن عداهما،و لا سيّما المتأخرين (6)،فحملوها على الاستحباب؛ جمعاً بينها و بين المعتبرة المصرِّحة بالجواز،ففي الصحيح:

« يجزي الحاج أن يوفّر شعره شهراً» (7).

و في آخر مروي عن كتاب علي بن جعفر أنه سأل أخاه:عن الرجل إذا همّ بالحجّ يأخذ من شعر رأسه و لحيته و شاربه ما لم يحرم،قال:« لا بأس» (8).

و الموثق:عن الحجامة و حلق القفا في أشهر الحجّ،فقال:« لا بأس

ص:193


1- النهاية:206،المهذب 1:215،الجامع للشرائع:181،التحرير 1:95.
2- الوسيلة:160،القواعد 1:79،جامع المقاصد 3:163،المدارك 7:245.
3- الوسائل 12:4 أبواب الإحرام ب 2.
4- كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 3:163،و صاحب المدارك 7:246،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:310.
5- المقنعة:391،الإستبصار 2:161،النهاية:206.
6- كالمحقق في الشرائع 1:144،و العلامة في القواعد 1:79،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:163.
7- الفقيه 2:/197 900،الوسائل 12:316 أبواب الإحرام ب 2 ح 3.
8- مسائل علي بن جعفر:/176 319،الوسائل 12:320 أبواب الإحرام ب 4 ح 6.

به،و السواك و النورة» (1).

و في الخبر:« أمّا أنا فآخذ من شعري حين أُريد الخروج يعني إلى مكّة للإحرام» (2).

و لا بأس به و إن كان الوجوب أحوط؛ لإمكان الجمع بين النصوص بوجه آخر أوضح من هذا الجمع،إلّا أنه لما اعتضد بالأصل و الشهرة القريبة من الإجماع كان أظهر.

و يتأكد الاستحباب إذا أهلّ ذو الحجة قيل:للصحيح:عن متمتع حلق رأسه بمكّة،قال:« إن كان جاهلاً فليس عليه شيء،و إن تعمّد ذلك في أول الشهور للحجّ بثلاثين يوماً فليس عليه شيء،و إن تعمّد بعد الثلاثين التي يوفّر فيها الشعر للحجّ فإن عليه دماً يهريقه» (3).و يحتمل اختصاصه بتمتع دخل مكّة و هو حينئذ محرم.و ألزمه المفيد الدم بالحلق بعد هلال ذي القعدة،و هو الذي أوجب نسبة وجوب التوفير اليه،مع أن ابن سعيد وافقه فيه مع أنه قال:ينبغي لمن أراد الحجّ توفير شعر رأسه و لحيته (4).انتهى.

و في كل من الاستدلال و الاحتمال نظر.

و تنظيف الجسد عن الأوساخ على ما يقتضيه نحو العبارة؛ لعطف قوله: و قصّ أظفاره،و الأخذ من شاربه،و إزالة شعره عن جسده

ص:194


1- الفقيه 2:/198 902،التهذيب 5:/47 145،الإستبصار 2:/160 522،الوسائل 12:319 أبواب الإحرام ب 4 ح 3.
2- التهذيب 5:/48 147،الإستبصار 2:/161 525،الوسائل 12:320 أبواب الإحرام ب 4 ح 5.
3- الكافي 4:/441 7،الفقيه 2 /238 1137،التهذيب 5:/48 149،الوسائل 12:321 أبواب الإحرام ب 5 ح 1.
4- كشف اللثام 1:310؛ و انظر المقنعة:391،و الجامع للشرائع:181.

و إبطيه بالنورة عليه،فإن العطف يقتضي المغايرة.

و في اللمعة بدّل الواو بالباء (1)،مؤذناً بالاتحاد،و لعلّه لخلو الأول عن النص،و أن المنصوص في الصحاح المستفيضة هو ما عداه (2).

و يمكن الاستدلال بها عليه أيضاً؛ للتلازم بينه و بين ما عداه غالباً عادةً،فتأمل جدّاً.

و استدل عليه أيضاً بعموم استحباب الطهور،و اختصاص الإحرام باستحباب الغسل له المرشد اليه،و منعه منه مدّة طويلة (3).

أقول:و من العموم تعليل استحباب الاطلاء بالنورة بأنه طهور الوارد في جملة من النصوص (4)،و منها الوارد في الإحرام بالخصوص، كالصحيح:عن التهيؤ للإحرام،فقال:« أطل بالمدينة فإنه طهور» (5).

و في الخبر:« أطليا» قالا:فعلنا منذ ثلاثة أيّام،فقال:« أعيدا فإن الاطلاء طهور» (6)و نحوه آخر (7).

و يستفاد منها أجمع استحباب التنور مطلقاً و لو قبل مضي خمسة عشر يوماً،و به صرّح جماعة من المتأخرين (8)،تبعاً للمحكي عن النهاية

ص:195


1- اللمعة(الروضة البهية 2):228.
2- الوسائل 12:322 أبواب الإحرام ب 6.
3- كما في كشف اللثام 1:310.
4- الوسائل 2:64 أبواب آداب الحمام ب 28.
5- التهذيب 5:/64 203،الوسائل 9:10 أبواب الإحرام ب 7 ح 3.
6- الكافي 4:/327 6،التهذيب 5:/62 199،الوسائل 2:69 أبواب آداب الحمام ب 32 ح 5.
7- الكافي 6:/498 9،الوسائل 2:69 أبواب آداب الحمام ب 32 ح 3.
8- منهم:العلامة في المنتهى 2:672،و الشهيد في الدروس 1:343،و صاحب المدارك 7:248.

و المبسوط و المنتهى (1).

و لا ينافيه قوله: و لو كان مطلياً أجزأ ما لم يمض خمسة عشر يوماً كما قيل (2)،بل ربما يؤكده؛ لمكان لفظ« الإجزاء» المستعمل عرفاً في أقل الواجب أو المستحب،و إنما المقصود من ذكر المدة بيان تأكد الاستحباب بعدها للخبر:إذا أطليت للإحرام الأول كيف أصنع للطلية الأخيرة،و كم بينهما؟قال:«إذا كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوماً فأطل» (3).

و الغسل كما مرّ في كتاب الطهارة.

و لو أكل أو لبس بعد الغسل ما لا يجوز له أعاد غسله استحباباً للصحيحين (4)و غيرهما (5)،و زيد في أحدهما التطيب،كما أفتى به في التهذيب و الدروس و غيرهما (6).

و لا يحلق بالمذكورات غيرها من تروك الإحرام؛ للأصل السالم عن المعارض،المؤيد بصريح الصحيح في الادّهان قبله و بعده و معه:« ليس به بأس» (7).و المرسل في قصّ الأظفار و تقليمها،و فيه:« لا يعيد الغسل بل

ص:196


1- النهاية:211،المبسوط 1:314،المنتهى 2:672.
2- المدارك 7:248.
3- الكافي 4:/326 3،الفقيه 2:/201 917،التهذيب 5:/62 198،الوسائل 12:325 أبواب الإحرام ب 7 ح 4.
4- التهذيب 5:/71 232،231،الوسائل 12:332 أبواب الإحرام ب 13،2.
5- الكافي 4:/329 8،التهذيب 5:/65 210،الوسائل 12:331 أبواب الإحرام ب 11 ح 2.
6- التهذيب 5:70،الدروس 1:343؛ و انظر الذخيرة:586،و كشف اللثام 1:311،و الحدائق 15:12.
7- الفقيه 2:/201 918،التهذيب 5:/303 1034،الإستبصار 2:/182 605،الوسائل 12:461 أبواب تروك الإحرام ب 30 ح 6.

يمسحها بالماء» (1).

و اعلم أن المتبادر من النص و الفتوى أنّ مكان الغسل هو الميقات،أو ما يكون قريباً منه،كما صرّح به في الروضة شيخنا (2)،و مقتضى ذلك عدم جواز تقديمه عليه مطلقاً.

و قيل:يجوز تقديم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء، و يعيد في الميقات لو وجده فيه،و القائل الشيخ و أتباعه (3)،كما في التنقيح (4)،و عليه عامة المتأخرين،بل لا خلاف فيه أجده،و به صرّح في الذخيرة (5)،مشعراً بدعوى الإجماع،كما صرّح به في المدارك بالنسبة إلى جواز التقديم لخائف عوز الماء (6)؛ للصحاح و غيرها (7).

بل ظاهر جملة منها جواز التقديم مطلقاً و لو لم يخف عوز الماء، و قوّاه جماعة من متأخري أصحابنا (8)،إلّا أن في التنقيح أنه لم يقل به قائل،مؤذناً بدعوى الإجماع،و جعله السبب في التقييد.

و مما ذكرنا ظهر الإجماع المنقول على كلّ من جواز التقديم مع خوف عوز الماء،و عدمه مع عدمه.

ص:197


1- الكافي 4:/328 6،الفقيه 2:/202 924،التهذيب 5:/66 211،الوسائل 12:331 أبواب الإحرام ب 12 ح 2.
2- الروضة البهية 2:229.
3- المبسوط 1:314.
4- التنقيح الرائع 1:454.
5- الذخيرة:586.
6- المدارك 7:251.
7- الوسائل 12:326 أبواب الإحرام ب 8.
8- منهم:صاحب المدارك 7:251،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:311،و صاحب الحدائق 15:13.

و هو معتضد في الأوّل بعدم ظهور الخلاف فيه،إلّا من العبارة؛ لنسبتها إياه إلى القيل،المشعرة بالتوقف فيه أو التمرض.و لا وجه له بعد استفادته من الصحاح و غيرها،المعتضدة بعمل الأصحاب كافّة عداه.

مع احتمال رجوع تردّده و لو على بُعد إلى تقييد الجواز بخوف عوز الماء؛ لإطلاق الأخبار،حتى ما ذكر فيه خوف عوز الماء (1)،فإن غاية ذلك الاختصاص،لا التخصيص،فلا ينافي الإطلاق.

و مرجعه إلى احتمال جواز التقديم على الإطلاق،كما عليه جماعة من المتأخرين.و هو حسن،لولا الإجماع المنقول الموجب للتقييد،مع نود تردّد في شمول الإطلاق لصورة عدم خوف عوز الماء.

و يحتمل رجوع التردّد إلى الحكم الأخير؛ لعدم دليل واضح عليه.

و ما استدل به جماعة من المتأخرين من قوله عليه السلام في بعض الصحاح بعد رخصة التقديم لخوف عوز الماء:« و لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم» أي الماء« إذا بلغتم ذا الخليفة» (2)غير واضح الدلالة؛ فإنّ نفي البأس غير الاستحباب.

و فيه مناقشة؛ فإنه إذا لم يكن به بأس كان راجحاً،لكونه عبادة.

و ممّا ذكر ظهور عدم وجه للتردّد في شيء من الأحكام الثلاثة.

و يجزئ غسل النهار ليومه،و كذا غسل الليل لليلته،بلا خلاف أجده؛ للنصوص المستفيضة،و فيها الصحيح و الموثق و غيرهما.

بل في الصحيح:« غسل يومك يجزيك لليلتك،و غسل ليلتك

ص:198


1- الكافي 4:/328 7،الفقيه 2:/201 918،التهذيب 5:/63 202،الوسائل 12:326 أبواب الإحرام ب 8 ح 1.
2- الفقيه 2:/201 918،الوسائل 12:326 أبواب الإحرام ب 8 ح 2.

يجزيك ليومك» (1).

و به أفتى جماعة من متأخري المتأخرين (2)،تبعاً للمحكي عن المقنع (3).و لا بأس به.

و لكن الأفضل الإعادة؛ لصريح بعض الأخبار السابقة،المؤيد بلفظ الإجزاء في هذه الرواية.

و ذلك ما لم ينم و إلّا فيستحب الإعادة،وفاقاً للأكثر؛ للصحيح:

عن الرجل يغتسل للإحرام ثم ينام قبل أن يحرم،قال:« عليه إعادة الغسل» (4)و نحوه غيره (5).

مؤيدين بما يدل على مثله لمن اغتسل لدخول مكّة أو الطواف، كالصحيح:عن الرجل يغتسل لدخول مكّة ثمّ ينام فيتوضأ قبل أن يدخل، أ يجزيه ذلك أو يعيد؟قال:« لا يجزيه،لأنه إنما دخل بوضوء» (6).

و يفهم منه نقض الغسل بالنوم،و مشاركة باقي الأحداث له في ذلك.

و صرّح بالأخير الشهيدان في الدروس و المسالك (7)،مستنداً ثانيهما

ص:199


1- الفقيه 2:/202 923،الوسائل 12:328 أبواب الإحرام ب 9 ح 1.
2- منهم:صاحب المدارك 7:252،و السبزواري في الذخيرة:586،و صاحب الحدائق 15:15.
3- المقنع:70.
4- الكافي 4:328،3،التهذيب 5:206/65،الإستبصار 2:537/164،الوسائل 12:329 أبواب الإحرام ب 10 ح 1.
5- الكافي 4:/328 5،التهذيب 5:/65 207،الإستبصار 2:/164 538،الوسائل 12:330 أبواب الإحرام ب 10 ح 2.
6- الكافي 4:/400 8،التهذيب 5:/99 335،الوسائل 13:201 أبواب مقدمات الطواف ب 6 ح 1.
7- الدروس 1:343،المسالك 1:106.

بالفحوى؛ للاتفاق على ناقضية الحدث غيره مطلقاً،و الخلاف فيه على بعض الوجوه.

و هو مبني على كون الإعادة للنقض لا تعبّداً،كما قدّمنا؛ و يدلُّ عليه الموثق صريحاً،و فيه:عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار و يزور بالليل بغسل واحد،قال:« يجزيه إن لم يحدث فإن أحدث ما يوجب وضوءاً فليعد غسله» (1).

خلافاً لسبطه و بعض من تأخر عنه (2)،فجعلاها تعبداً،و لم يستحباها لباقي الأحداث.

و خلاف الحلّي بعدم استحباب الإعادة و لو في النوم (3)مبني على الأصل،و عدم حجيّة الآحاد.و هو ضعيف.

نعم،في الصحيح:عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة و يلبس ثوبين ثم ينام قبل أن يحرم،قال:« ليس عليه غسل» (4).

و هو قاصر عن المقاومة لما مرّ بعد صراحته و تعدّده و اعتضاده بالعمل،فيحمل على نفي الوجوب كما هو ظاهره من وجه،و عليه الشيخ (5)،أو على نفي تأكد الاستحباب كما هو ظاهره من آخَر،و عليه جماعة ممن تأخر (6).و لعلّه أظهر.

ص:200


1- التهذيب 5:/251 850،الوسائل 14:248 أبواب زيارة البيت ب 3 ح 2.
2- المدارك 7:253،و انظر الذخيرة:586،و كشف اللثام 1:311.
3- السرائر 1:530 و 602.
4- الفقيه 2:/202 925،التهذيب 5:/65 208،الإستبصار 2:/164 539،الوسائل 12:330 أبواب الإحرام ب 10 ح 3.
5- التهذيب 5:65،الإستبصار 2:164.
6- كالمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 6:254،و صاحب الإحرام 7:253،و العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار 7:314.

و لو أحرم بغير غسل أو بغير صلاة أعاد الإحرام بعد تداركهما استحباباً،على الأظهر الأشهر،كما عن المسالك،و فيه:و قيل بوجوبها (1).

أقول:و لعلّه لظاهر الأمر بها في الصحيح:رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلاً أو عالماً،ما عليه في ذلك؟و كيف ينبغي له أن يصنع؟ فكتب:« يعيد» (2).

و يضعف بظهور السؤال في الاستحباب،فيطابقه الجواب؛ مضافاً إلى فحوى ما دلّ على استحباب أصل الغسل و الصلاة؛ مع أن القول بالوجوب لم ينقل في كلام أكثر الأصحاب،و إنما المنقول القول بنفي الاستحباب.

نعم،عبارة النهاية المحكية ظاهرة في الوجوب (3)،لكنه رجع عنه في المبسوط (4)،و كذا عبارة الإسكافي المحكية و إن كانت أيضاً ظاهرة في الوجوب بل صريحة (5)،إلّا أن المستفاد منها أنه لوجوب أصلهما،لا الإعادة،كما هو مفروض المسألة.

و يكف كان فلا ريب في الاستحباب.

خلافاً للحلّي،فأنكره إن أُريد من الإحرام ما يشمل النية،قال:فإنه إذا نواه انعقد (6)،و لم يمكنه الإخلال إلّا بالإتمام أو ما يقوم ما يقوم مقامه إذا صدّ أو أُحصر.

ص:201


1- المسالك 1:106.
2- الكافي 4:/327 4،التهذيب 5:/78 360،الوسائل 12:347 أبواب الإحرام ب 20 ح 1.
3- النهاية:213.
4- المبسوط 1:314.
5- نقله عنه في المختلف:264.
6- السرائر 1:532.

قيل:و ليس كالصلاة التي تبطل بمنافياتها و بالنية،فلا يتوجه ما في المختلف من أنه كالصلاة التي يستحبّ إعادتها إذا نسي الأذان و الإقامة.

و الجواب:أن الإعادة لا تفتقر إلى الإبطال،لمَ لا يجوز أن يستحب تجديد النية و تأكيدها للرواية،و قد ينزل عليه ما في المختلف (1).انتهى.

و هو حسن إن تمّ منع افتقار الإعادة إلى الإبطال.و فيه نظر؛ لتبادره منها عرفاً،و قد صُرّح في الأُصول بأنها عبارة عن الإتيان بالشيء ثانياً بعد الإتيان به أوّلاً لوقوعه على نوع خلل،قالوا:كتجرّده عن شرط معتبر،أو اقترانه بأمر مبطل،فتدبر.

و لعلّه لذا لم يُجب عن الحلّي أحد من المتأخرين إلّا بابتناء مذهبه هنا على مذهبه في أخبار الآحاد من عدم حجيتها،و هو ضعيف.

و على هذا فالمعتبر من الإحرامين ثانيهما،كما هو ظاهر المختلف و المنتهى و غيرهما (2).

خلافاً للشهيدين فأولهما (3).قال ثانيهما:إذ لا وجه لإبطال الإحرام بعد انعقاده (4)،فلا وجه لاستئناف النية،بل ينبغي أن يكون المُعاد هو التلبية و اللبس خاصة.انتهى.

و فيه ما عرفته من ظهور النص في الإبطال،من جهة لفظ الإعادة، المفهوم منه ذلك عرفاً و عادةً.

هذا،مضافاً إلى ما ذكره بعض المحدّثين في الجواب عنه:بأن النية الأُولى إنما كانت معتبرة بمقارنة اللبس أو التلبية،مثل نية الصلاة المقارنة

ص:202


1- كشف اللثام 1:311.
2- المختلف:264،المنتهى 2:673؛ و انظر الذخيرة:586.
3- الشهيد الأول في الدروس 1:344،الشهيد الثاني في المسالك 1:106.
4- إلى هنا عبارة المسالك،و ما بعد عبارة المدارك 7:254.

للتكبيرة،فاذا أبطل تكبيرة الإحرام بطلت النية الأُولى،فكذا هنا.

و تظهر ثمرة الخلاف في وجوب الكفارة للتخلل بين الإحرامين، و احتساب الشهر بين العمرتين،و العدول إلى عمرة التمتع لو وقع الثاني في أشهر الحجّ.

لكن ظاهر القواعد خروج الأول من البين،و وجوب الكفارة على القولين (1).فإن تمّ إجماعاً،و إلّا فهو منفي على المختار قطعاً،و كذا مع التردد بينه و بين مقابله،عملاً بالأصل السالم عن المعارض،إلّا أن يمنع باستصحاب بقاء الإحرام الأول الموجب للكفارة بالجناية فيه،و الإعادة لا تقطعه بناءً على الفرض،و فيه نظر.

و أن يحرم عقيب الصلاة بلا خلاف؛ للصحاح المستفيضة (2).

و لا يجب؛ للأصل المعتضد بعدم الخلاف فيه إلّا من الإسكافي (3)،و هو نادر.

و أن يكون فريضة الظهر فقد فعله النبي صلى الله عليه و آله،كما في الصحيح (4)،و في آخر:إنه أفضل (5).

و ما دلّ على التسوية لنا،و أن فعله صلى الله عليه و آله كان لضرورة فقد الماء (6)، محمول على التسوية في غير الفضيلة،يعني الإجزاء؛ لما عرفت من

ص:203


1- القواعد 1:80.
2- الوسائل 12:344 أبواب الإحرام ب 18.
3- نقله عنه في المختلف:264.
4- التهذيب 5:/78 255،الإستبصار 2:/167 549،الوسائل 12:339 أبواب الإحرام ب 15 ح 3.
5- الكافي 4:/331 1،التهذيب 5:/78 256،الوسائل 12:338 أبواب الإحرام ب 15 ح 1.و فيه:« إنّ أفضل ذلك عند زوال الشمس».
6- الكافي 4:/332 4،الفقيه 2:/207 940،الوسائل 12:339 أبواب الإحرام ب 15 ح 5.

تصريح الصحيحة بالأفضلية.

أو عقيب فريضة مكتوبة؛ لظاهر إطلاق الصحيحين (1)،و صريح الخبرين الآمرين بتأخير الإحرام عما بعد العصر إلى المغرب (2).و هما مختصان بها،و ما قبلهما بالمكتوبة،و ظاهرها الفرائض الخمس اليومية المؤدّاة خاصة.خلافاً لإطلاق نحو العبارة فعمّمت لها و للمقضيّة و للكسوف و نحوها،و به صرّح الشهيدان في المسالك و الدروس (3).

و لو لم يتّفق فريضة فعقيب ستة ركعات لرواية ضعف سندها بعمل الأصحاب مجبورة،مضافاً إلى أدلة المسامحة،و فيها:« تصلّي للإحرام ستّ ركعات تحرم في دبرها» (4).

و ظاهرها استحباب هذه الستّ مطلقاً و لو أحرم عقيب الفريضة،كما هو ظاهر أكثر الأصحاب و إن اختلفوا في استحباب تقديمها على الفريضة و الإحرام في دبرها،كما يعزى إلى المشهور (5)،و منهم:المفيد في المقنعة، و الشيخ في المبسوط و النهاية،و الحلّي و الشهيدان (6)،غيرهما (7)؛ لصريح

ص:204


1- الكافي 4:/331 2 و /334 14،الفقيه 2:/206 939،التهذيب 5:/77 253،/78 8،،الإستبصار 2:/166 548،الوسائل 12:340 أبواب الإحرام ب 16 ح 1،وص 344 ب 18 ح 1.
2- الفقيه 2:/208 945،التهذيب 5:/78 259،الوسائل 12:346 أبواب الإحرام ب 19 ح 3،4.
3- المسالك 1:106،الدروس 1:343.
4- التهذيب 5:/78 257،الإستبصار 2:/166 545،الوسائل 12:345 أبواب الإحرام ب 18 ح 4.
5- كشف اللثام 1:311.
6- المقنعة:396،المبسوط 1:315،النهاية:213،الحلّي في السرائر 1:531،الشهيد الأول في الدروس 1:343،الشهيد الثاني في المسالك 1:106.
7- كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 3:164،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:311.

الرضوي:« فإن كان وقت فريضة فصلِّ هذه الركعات قبل الفريضة ثمّ صلِّ الفريضة» (1).

أو العكس،كما عن الجمل و العقود و المهذّب و الإشارة و الغنية و الوسيلة (2).

و هو أحوط،عملاً بعموم:« لا نافلة في وقت فريضة» و إن كان الأول لا يخلو عن وجه؛ لصراحة المستند،و انجبار قصور السند بفتوى الأكثر.

و يعضده بالإضافة إلى الحكم بتأخير الفريضة و إيقاع الإحرام دبرها أنّ فيه الأخذ بظاهر الأخبار الصحيحة الحاكمة باستحباب الإحرام في دبر الفريضة؛ إذ المتبادر منها التعقيب بغير فاصلة،كما أشار إليه في الرضوي أيضاً،فإن فيه بعد ما مرّ:« أنّ أفضل ما يحرم الإنسان في دبر الصلاة الفريضة،ثمّ أحرم في دبرها ليكون أفضل» .نعم،ينافيه ظاهر الرواية؛ فإن المتبادر منها أيضاً التعقيب للإحرام عقيب النافلة بغير فاصلة،إلّا أن صرفها إلى المعنى الأعم ممكن،و هو أولى من العكس،لضعف سند هذه و وحدتها،و لا كذلك ما دلّ على التعقيب للفريضة،فإنها بطرف الضد من الأُمور المزبورة،مضافاً إلى الشهرة.

و أقلّه أي المندوب من الصلاة التي يحرم عقيبها إن لم يتفق في وقت الفريضة ركعتان للصحيح و إن كانت نافلة صلّيت ركعتين و أحرمت دبرها (3).

ص:205


1- فقه الرضا(عليه السلام):216،المستدرك 9:170 أبواب الإحرام ب 13 ج 2.
2- الجمل و العقود(الرسائل العشر):227،المهذّب 1:215،إشارة السبق:126 و 127،الغنية(الجوامع الفقهية):565،الوسيلة:161.
3- تقدّم مصدره في ص 2860 الهامش(2).

و في رواية:أربع (1)،و عمل بها بعض (2).و لا بأس به؛ للمسامحة في أدلة السنن،مع استحباب أصل الصلاة مطلقاً.

و يستحب أن يقرأ في الاُولى من هاتين الركعتين الحمد و الصمد،و في الثانية:الحمد و الجحد كما في كلام جماعة (3)،و بالعكس في كلام آخرين (4).

و في الصحيح:« لا تدع أن تقرأ بقل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون في سبعة مواطن:في الركعتين قبل الفجر،و ركعتي الزوال،و ركعتين بعد المغرب،و ركعتين من أول صلاة الليل،و ركعتي الإحرام،و الفجر إذا أصبحت بها[و ركعتي الطواف]» (5).

و ليس فيه دلالة إلّا على استحباب السورتين،دون الترتيب بينهما مطلقاً،إلّا أن يراعى الترتيب الذكري فيدل على الأول.

و يدلّ عليه صريحاً المرسل في الكافي و التهذيب و الشرائع،فإن في الأولين بعد نقل الرواية:و في رواية اخرى أنه:« يبدأ في هذا كلّه بقل هو اللّه أحد،و في الركعة الثانية بقل يا أيها الكافرون،إلّا في الركعتين قبل الفجر فإنه يبدأ بقل يا أيها الكافرون ثم يقرأ في الركعة الثانية بقل هو اللّه أحد» (6).

ص:206


1- تقدّم مصدره في ص 2860 الهامش(3).
2- كالشهيد في الدروس 1:343.
3- منهم الشيخ في النهاية:213،و الحلي في السرائر 1:532،و العلامة في التذكرة 1:325.
4- منهم:الشيخ في المبسوط 1:315،و المحقق في الشرائع 1:244،و العلامة في التحرير 1:95.
5- الكافي 3:/316 22،التهذيب 2:/74 273،الخصال:/347 20،الوسائل 6:65 أبواب القراءة في الصلاة ب 15 ح 1،ما بين المعقوفين من المصادر.
6- الكافي 3:316 ذيل حديث 22،التهذيب 2:/74 274،الوسائل 6:65 أبواب القراءة في الصلاة ب 15 ح 2.

و في الثالث بعد الفتوى بعكس ما في المتن:و فيه رواية أُخرى (1).

و لعلّها المرسلة.

و في المسالك:إن الكل مستحب (2).و لا بأس به؛ لإطلاق الصحيح و إن كان ما في المرسل أفضل.

و اعلم أنه يجوز أن تصلّى نافلة الإحرام و لو في وقت الفريضة ما لم يتضيق فتقدّم؛ لما عرفته،مضافاً إلى ظاهر الخبرين بتأخيرها إلى المغرب (3)،و نحو النصوص الدالّة على أنها من الصلاة التي تصلّى في كلّ وقت،أظهرها دلالةً الخبر:« خمس صلوات تصلّيهن في كلّ وقت:صلاة الكسوف،و الصلاة على الميت،و صلاة الإحرام،و الصلاة التي تفوت، و صلاة الطواف،من الفجر إلى طلوع الشمس،و بعد العصر إلى الليل» (4).

و هو صريح في جواز الإتيان بها في الأوقات المكروهة.و لا ينافيه الأخبار الناهية عن فعلها بعد العصر؛ لتصريحها بعد النهي بأنه لمكان الشهرة (5).

أما الكيفية فيشمل الواجب و المندوب.

و أما الكيفية.

فيشمل على الواجب و الندب.

الواجب ثلاثة

فالواجب ثلاثة.

الأول النية

الأول: النية،و هو أن يقصد بقلبه إلى إيقاع المنوي مع

ص:207


1- الشرائع 1:244.
2- المسالك 1:106.
3- المتقدمين في ص:2860.
4- الكافي 3:/287 1،التهذيب 2:/171 682،الوسائل 4:241 أبواب المواقيت ب 39 ح 5.
5- الوسائل 12:346 أبواب الإحرام ب 19 ح 3،4.

مشخصاته الأربعة من الجنس من الحجّ أو العمرة،و النوع من التمتع أو غيره القرآن و الإفراد و الصفة من واجب أو غيره،و حجّة الإسلام أو غيرها متقرباً إلى اللّه تعالى،كما في كل عبادة.

و لا خلاف و لا إشكال في اعتبار القربة،و كذا في الباقي حيث يتوقف عليه التعيين؛ لتوقف الامتثال عليه مطلقاً؛ و ظواهر الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة هنا،ففي الصحيح:« ينوي العمرة و يحرم بالحجّ» (1).

و فيه:« و لا تسمِّ حجاً و لا عمرة،و أضمر في نفسك المتعة،فإن أدركت متمتعاً،و إلّا كنت حاجّاً» (2).

و فيه (3)« انو المتعة» (4).

و غير ذلك من الأخبار الكثيرة الآمرة بتشخيص المنوي و تعيينه، المعتضدة بأخبار الدعاء المتضمنة لتعيينه (5)،و بأنه لو جاز الإهمال كان هو الأحوط لئلّا يفتقر إلى العدول إذا اضطرّ اليه،و لما احتاج إلى اشتراط:إن لم يكن حجة فعمرة.

خلافاً للمحكي عن المبسوط و المهذّب و الوسيلة (6)،فيصحّ الإحرام من غير نية كونه لحجّ أو عمرة،و ينصرف إلى العمرة المفردة إن كان في

ص:208


1- التهذيب 5:/80 264 بتفاوت،الإستبصار 2:/168 554،الوسائل 12:348 أبواب الإحرام ب 21 ح 2.
2- التهذيب 5:/86 286،الإستبصار 2:/172 568،الوسائل 12:349 أبواب الإحرام ب 21 ح 4.
3- كذا في النسخ،و الظاهر أن الخبر موثّق لأن راويه إسحاق بن عمّار.
4- الكافي 4:/333 5،التهذيب 5:/80 265،الإستبصار 2:/168 555،الوسائل 12:348 أبواب الإحرام ب 21 ح 1.
5- الوسائل 12:34 أبواب الإحرام ب 16.
6- المبسوط 1:316،المهذب 1:219،الوسيلة:161.

غير أشهر الحج،و يتخير بينهما إن كان فيها.

قيل:و هو خيرة التذكرة و المنتهى.و لعلّه أقوى؛ لأن النسكين في الحقيقة غايتان للإحرام غير داخلين في حقيقته،و لا يختلف حقيقة الإحرام نوعاً و لا صنفاً باختلاف غاياته،فالأصل عدم وجوب التعيين،و أخباره مبنية على الغالب أو الفضل،و كذا العدول و الاشتراط (1).انتهى.

و فيه نظر كسائر ما استدل به لهذا القول.

و أما اعتبار نية الوجه ففيه حيثما لا يتوقّف عليه التعيين الكلام المعروف المتقدم في كتاب الطهارة.

و لو نوى نوعاً مثلاً و نطق بغيره عمداً أو سهواً فالمعتبر النية أي المنوي؛ كما في بعض الصحاح المتقدّمة (2)؛ مضافاً إلى (3)أن النية أمر قلبي فلا اعتبار بالنطق،فيصحّ الإحرام بمجرد النية و لو من دونه.

و عليه يدل نحو الصحيح:إني أُريد التمتع بالعمرة إلى الحجّ،فكيف أقول؟فقال:« تقول:اللّهمّ إني أُريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك و سنّة نبيك،و إن شئت أضمرت الذي تريد» (4).

الثاني التلبيات الأربع

الثاني:التلبيات الأربع الآتي بيان صورتها.

و لا ينعقد الإحرام للمفرد و المتمتع إلّا بها بإجماع علمائنا، كما في الانتصار و الغنية و الخلاف و التذكرة و المنتهى (5)،عن

ص:209


1- كشف اللثام 1:312.
2- الوسائل 12:354 أبواب الإحرام ب 22 ح 8.
3- في« ق» و« ك» زيادة:ما دلّ على.
4- الكافي 4:/332 3،الفقيه 2:/207 941،التهذيب 5:/79 261،الإستبصار 2:/167 551،الوسائل 12:342 أبواب الإحرام ب 17 ح 1.
5- الانتصار:102،الغنية(الجوامع الفقهية):574،الخلاف 2:289،التذكرة 1:327،المنتهى 2:676.

و غيرها (1)،و النصوص مستفيضة جدّاً كما سيأتي إليها الإشارة أيضاً.

و هل يعتبر مقارنة النية لها،كما في صريح السرائر و اللمعة و المنتهى و التنقيح (2)،و عن غيرها صريحاً و ظاهراً (3)،أم لا،كما عن جملة من القدماء (4)،و ذهب إليه جماعة من متأخري المتأخرين أيضاً (5)،و عزاه في الروضة إلى المشهور؟إشكال:

من استفاضة الصحاح و غيرها برجحان تأخيرها لمن حجّ من طريق المدينة من المسجد إلى أن تعلو راحلته البيداء،ففي الصحيح بعد ذكر الدعاء المستحب عند الإحرام:« و يجزيك أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم،ثم قم فامش هنيئة،فإذا استوت بك الأرض ماشياً أو راكباً فلبِّ» (6).

و ظاهره و إن أفاد الوجوب كغيره إلّا أنه محمول على الفضيلة،كما يستفاد من آخر:« إن أحرمت من غمرة أو بريد البعث صلّيت و قلت ما يقول المحرم في دبر صلاتك،و إن شئت لبّيت من موضعك،و الفضل أن تمشي قليلاً ثم تلبّي» (7).

ص:210


1- جواهر الفقه:41،الذخيرة:578،الحدائق 15:40.
2- السرائر 1:536،اللمعة(الروضة البهية 2):229،المنتهى 2:676،التنقيح الرائع 1:459.
3- الدروس 1:347،المسالك 1:106،و حكاه فيه عن المحقق الثاني أيضاً.
4- منهم:الشيخ في المبسوط 1:316،و التهذيب 5:84،و ابن حمزة في الوسيلة:161.
5- منهم:السبزواري في الذخيرة:578،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:313،و صاحب الحدائق 15:41.
6- الكافي 4:/331 2،الفقيه 2:/206 939،التهذيب 5:/77 253،الوسائل 12:34 أبواب الإحرام ب 16 ح 1.
7- الفقيه 2:/208 944،الوسائل 12:373 أبواب الإحرام ب 35 ح 1.

و نحوه غيره ممّا يأتي.

و من استفاضة النصوص أيضاً بعدم جواز المرور عن الميقات إلّا محرماً كما مضى (1).

و الجمع بينهما ممكن بأحد وجهين:

إما بجمل الأوّلة على أن المراد بها استحباب رفع الصوت بالتلبية، و إلّا فلا بد من المقارنة،عملاً بالأخبار الأخيرة.

و يستأنس لهذا الجمع ملاحظة الصحيح:« إن كنت ماشياً فاجهر بإحرامك و تلبيتك من المسجد،و إن كانت راكباً فاذا علت راحلتك البيداء» (2).

و الخبر:هل يجوز للمتمتع بالعمرة إلى الحج أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة؟فقال:« نعم» الحديث (3).

و ذلك لأن المأمور به فيهما الإجهار بالتلبية،لا نفسها،و فيهما إشعار لذلك و لا سيّما الثاني بأن التلبية لا بدّ منها.

أو بحمل الثانية على أن المراد بالإحرام فيها الذي لا يجوز المرور عن الميقات إلّا به إنما هو نيته و ليس الثوبين خاصة،لا التلبية.

و يستأنس لهذا الجمع بأنّ في الصحاح السابقة ما لا يقبل الجمع الأول إلاّ بتكلّف بعيد،كالصحيح:إنه عليه السلام صلّى ركعتين و عقد في مسجد

ص:211


1- في ص:2833.
2- التهذيب 5:/85 281،الإستبصار 2:/17 563،الوسائل 12:369 أبواب الإحرام ب 34 ح 1.
3- الكافي 4:/334 12،التهذيب 5:/84 280،الإستبصار 2:/17 562،الوسائل 12:372 أبواب الإحرام ب 35 ح 2.

الشجرة ثم خرج فأتى بخَبيص (1)فيه زعفران،فأكل قبل أن يلبّي منه (2).

و قريب منه النصوص الآتية.

و ثانياً ملاحظة كلام الشيخ في التهذيب بعد نقل هذه الأخبار الأخيرة حيث قال.

و المعنى في هذه الأحاديث أن من اغتسل للإحرام و صلّى و قال ما أراد من القول بعد الصلاة لم يكن في الحقيقة محرماً،و إنما يكون عاقداً للحجّ و العمرة،و إنما يدخل في أن يكون محرماً إذا لبّى،و الذي يدل على هذا المعنى ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمار، و غير معاوية ممن روي عنه صفوان هذه الأحاديث،يعني هذه الأحاديث المتقدّمة،و قال:هي عندنا مستفيضة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا:« إذا صلّى الرجل ركعتين و قال الذي يريد أن يقول من حجّ أو عمرة في مقامه ذلك فإنه إنما فرض على نفسه الحج و عقد عقد الحجّ» و قالا:« إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حيث صلّى في مسجد الشجرة صلّى و عقد الحجّ» و لم يقولا:صلّى و عقد الإحرام،فلذلك صار عندنا أن لا يكون عليه فيما أكل ممّا يحرم على المحرم.و لأنه قد جاء في الرجل يأكل الصيد قبل أن يلبّي و قد صلّى و قد قال الذي يريد أن يقول و لكن لم يلبِّ،و قالوا:قال أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:يأكل الصيد و غيره فإنما فرض على نفسه الذي قال،فليس له عندنا أن يرجع حتى يتم إحرامه،فإنما فرضه عندنا عزيمة حين فعل ما فعل،لا يكون له أن يرجع إلى أهله حتى

ص:212


1- الخَبيص:طعام معمول من التمر و الزبيب و السمن.مجمع البحرين 4:167.
2- الفقيه 2:/208 948،التهذيب 5:/82 275،الإستبصار 2:/188 633،الوسائل 12:333 أبواب الإحرام ب 14 ح 3.

يمضي،و هو مباح له قبل ذلك،و له أن يرجع متى ما شاء،و إذا فرض على نفسه الحج ثم أتمّ بالتلبية فقد حرم عليه الصيد و غيره،و وجب عليه في فعله ما يجب على المحرم؛ لأنه قد يوجب الإحرام ثلاثة أشياء:الإشعار و التلبية و التقليد،فاذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم،و إذا فعل الوجه الآخر قبل أن يلبّي فقد فرض (1).انتهى.

و لعلّ الترجيح لهذه الجمع؛ لوضوح الشاهد عليه من النصوص المعتبرة المفتى بها عند شيخ الطائفة.

إلّا أن يقال:إن ظاهرها انعقاد الإحرام بالنية من غير تلبية من جهة، و عدمه من جهة أُخرى.

و هذا التفصيل لم يظهر به قائل من الفقهاء،بل ظاهرهم أنه إن انعقد بها من دون التلبية انعقد مطلقاً،فيحرم عليه الصيد أيضاً،و إلّا فلا كذلك، فيجوز له الرجوع و المضي إلى أهله.و فتوى الشيخ غير معلومة؛ لاحتمال ذكره ذلك احتمالاً و جمعاً.لكنه خلاف الظاهر،و عدم ظهور قائل بخلاف ذلك أو ظهور كلام الأكثر فيه ليس إجماعاً،سيّما مع فتواهم بجواز المحرّمات بعد النية قبل التلبية من غير تصريح بوجوب إعادتها عند التلبية كما يأتي،فيكون النصّ الشاهد عن المعارض سليماً،فيتعيّن العمل به جدّاً.

و على هذا فمعنى عدم الانعقاد إلّا بها أنه ما لم يلبِّ كان له ارتكاب المحرّمات على المحرم،و لا كفارة عليه و إن لم يجز له فسخ النية.و لكن الأحوط مراعاة المقارنة،خروجاً عن شبهة الخلاف فتوًى و روايةً.

أمّا القارن فله أن يعقده أي الإحرام بها أي بالتلبية أو

ص:213


1- التهذيب 5:83.

بالإشعار أو التقليد على الأظهر الأشهر،بل عليه عامة من تأخر،و في ظاهر الخلاف و الغنية بل المنتهى و المختلف الإجماع عليه (1)؛ للصحاح المستفيضة الصريحة،و غيرها من المعتبرة:

منها زيادةً على ما مرّ هنا قريباً،و في بحث امتياز القرآن عن الإفراد سابقاً (2)الصحيح:« يوجب الإحرام ثلاثة أشياء:التلبية أو الإشعار أو التقليد،فاذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم» (3)و بمعناه كثير.

و منها الصحيح (4)و غيره (5):هما بمنزلة التلبية.

خلافاً للمرتضى و الحلّي (6)،فاقتصرا على التلبية؛ لأدلة لا وقع لها في مقابلة ما سمعته،إلّا على تقدير عدم الاعتماد على الآحاد و لو كانت صحيحة،كما هو أصلهما فيها.

و فيه:أنها محفوفة بالقرينة،و هي عمل الأصحاب كافة،بل المرتضى مخالفته غير معلومة،كما أشار إليه في المختلف،فقال بعد نقل أدلته على وجوب التلبية:و الظاهر أنه ذكرها مبطلة لاعتقاد مالك و الشافعي و أحمد من استحباب التلبية مطلقاً،فتوهّم ابن إدريس أن ذلك في حق القارن أيضاً (7).

انتهى.

ص:214


1- الخلاف 2:289،الغنية(الجوامع الفقهية):574،المنتهى 2:676،المختلف:265.
2- في ص 2789.
3- التهذيب 5:/43 129،الوسائل 11:279 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 20.
4- الفقيه 2:/209 956،الوسائل 11:277 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 11.
5- الكافي 4:/297 5،الوسائل 11:276 أبواب أقسام الحج ب 12 ح 7.
6- المرتضى في الانتصار:102،الحلي في السرائر 1:532.
7- المختلف:265.

و هو حسن،و يعضده أنه في المنتهى و الشيخ و ابن زهرة في كتابيهما المتقدم إليهما الإشارة قد ذكروا أدلة السيّد على وجوب التلبية،مع أنهم ادّعوا الإجماع في عنوان المسألة على وجوبها أو ما يقوم مقامها من الإشعار و التقليد.

و مع ذلك فمذهبهما في الآحاد ضعيف،كما حقّق في الأُصول.

و يحكى عن الشيخ في الجمل و المبسوط و ابني حمزة و البّراج (1)اشتراط الانعقاد بهما بالعجز عن التلبية؛ و كأنهم جمعوا بين هذه الأخبار و عمومات الأمر بالتلبية.

و فيه:أنه ليس أولى من تخصيص الأخيرة بمن عدا القارن،بل هو أولى كما لا يخفى.

و صورتها كما هنا و في الشرائع و عن المقنعة في نقل (2)،و يميل اليه الفاضل في المنتهى و التحرير (3) لبّيك،اللهم لبّيك،لبّيك لا شريك لك لبّيك و اختاره شيخنا في المسالك،و سبطه (4)،و جماعة ممن تأخر عنهما (5).

للصحيح:« التلبية أن تقول:لبّيك،اللهم لبّيك،لبّيك لا شريك لك

ص:215


1- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:314،و انظر الجمل و العقود(الرسائل العشر):226،و المبسوط 1:308،و الوسيلة:158،و المهذَّب 1:215.
2- الشرائع 1:246،و حكاه عن المقنعة في كشف اللثام 1:313 و هو في المقنعة:397 على نسخة أُشير إليها في الهامش.
3- المنتهى 2:677،التحرير 1:96.
4- المسالك 1:107،و سبطه في المدارك 7:268.
5- منهم:السبزواري في الذخيرة:578،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:313،و صاحب الحدائق 15:60.

لبّيك،إن الحمد و النعمة لك و الملك،لا شريك لك،لبيك ذا المعارج لبيك» إلى أن قال عليه السلام:« و اعلم أنه لا بدّ من التلبيات الأربع التي كنّ أول الكلام،و هي الفريضة،و هي التوحيد،و بها لبّى المرسلون» (1).

فإنه إنما أوجب التلبيات الأربع،و هي تتم بلفظ« لبيك» الرابع.

و قيل:و يضيف إلى ذلك:إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك و القائل جماعة من أعيان القدماء كالقديمين و الصدوقين و المقنعة على نقل (2)،و غيرهم (3)؛ لوروده في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة (4).

و لا ينافيها الصحيحة السابقة؛ لاحتمال رجوع الإشارة إلى ما قبل الخامسة،كما هو ظاهر المختلف (5)،و الرضوي،و فيه:« تقول:لبيك، اللهم لبيك،لبيك لا شريك لك لبيك،إن الحمد و النعمة لك،لا شريك لك،هذه الأربعة مفروضات» (6)و نحوه المروي في الخصال (7).

و هو أحوط و إن كان في تعيّنه نظر؛ لضعف الأحمال في الصحيح، و قصور الخبرين سنداً عن تقويته،مع معارضتهما بصريح الصحيح

ص:216


1- الكافي 4:/335 3،التهذيب 5:/91 300،الوسائل 12:382 أبواب الإحرام ب 40 ح 2.
2- نقله عن العماني و الإسكافي و والد الصدوق في المختلف:265،الصدوق في المقنع:69،المقنعة:397.
3- كالمراسم:108.
4- الوسائل 12:382 أبواب الإحرام ب 40.
5- المختلف:265.
6- فقه الرضا(عليه السلام):216،المستدرك 9:176 أبواب الإحرام ب 23 ح 2.
7- الخصال:/603 9،الوسائل 11:233 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 29.

المتضمن لحذفه،و فيه:« تقول:لبيك،اللهم لبيك،لبيك لا شريك لك لبيك،لبيك ذا المعارج لبيك،لبيك بحجة تمامها عليك» الحديث (1).

فمختار المتن أقوى،إلّا أن يضعف بعدم ظهور قائل به من القدماء و لا المتأخرين عدا الماتن و جملة ممن تأخر عنه،و قولهم بالإضافة إلى الباقين نادر،كاد أن يقطع بمخالفتهم؛ لاتفاقهم،فإن كلماتهم مطبقة على اعتبار هذه الزيادة و إن اختلفت في محلّها:

فبين من جعلها بعد ما في العبارة،كمن تقدّم إليهم الإشارة.

و بين من جعله بعد لبيك الثالثة،و هم أكثر المتأخرين كما في المدارك (2)،بل القدماء أيضاً،فقد حكي عن جمل السيّد و شرحه و المبسوط و السرائر و الغنية و الكافي و الوسيلة و المهذّب و النهاية و الإصباح (3)،و به أفتى الفاضل في القواعد و التحرير و المنتهى (4)أوّلاً.

فمخالفتهم مشكل،سيّما مع موافقة الصحاح المستفيضة و غيرها لهم من غير معارض صريح،عدا الصحيح الأخير.و صرف التوجيه اليه باحتمال سقوط الزيادة من القلم أسهل،سيّما مع تضمنه الزيادة المستحبة اتفاقاً،و هذه الزيادة راجحة إجماعاً،فكيف لا تتضمنها؟! و يكف كان فمراعاة وجوب الإضافة لعلّه أولى.

ص:217


1- التهذيب 5:/92 301،الوسائل 12:383 أبواب الإحرام ب 40 ح 3.
2- المدارك 7:268.
3- جمل العلم و العمل(رسائل الشريف المرتضى 3):67،شرح جمل العلم و العمل:224،المبسوط 1:316،السرائر 1:536،الغنية(الجوامع الفقهية):574،الكافي في الفقه:193،الوسيلة:161،المهذب 1:215،النهاية:215.
4- القواعد 1:80،التحرير 1:96،المنتهى 2:676.

و أمّا محلّها فهو ما عليه الطائفة الأُولى؛ لكونه الوارد في الصحاح و غيرها.و أما ما عليه الأُخرى فلم أجد لهم مستنداً،و به صرّح جمع من متأخري أصحابنا (1)،و تعجّبوا عن الشهيد في الدروس حيث جعل ما هم عليه أتمّها،و ما اخترناه حسناً،و ما في المتن مجزياً (2).

و ما زاد على ذلك من التلبيات الواردة في الصحيح و غيره مستحب و ليس بواجب،بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر،و المصرَّح به في جملة من العبائر،بل عن التذكرة و في المنتهى (3)الإجماع،و في الأخير:إن على عدم الوجوب إجماع العلماء.

و قد مرّ من النصوص ما يصلح لأن يكون لكل من الاستحباب و عدم الوجوب مستنداً.

و يتفرع على عدم انعقاد الإحرام إلّا بأحد الأُمور الثلاثة أنه لو عقد الإحرام أي نواه و لبس الثوبين و لم يلبِّ و لم يشعر و لم يقلّد لم يلزمه كفارة بما يفعله مما يوجبها في الإحرام.و بالإجماع هنا بالخصوص صرّح جماعة (4)،و الصحاح به مع ذلك بالخصوص مستفيضة، مضافاً إلى غيرها من المعتبرة،و قد مرّ إلى جملة منها الإشارة (5)،و منها زيادةً عليه الصحيح:« لا بأس أن يصلّي الرجل في مسجد الشجرة و يقول

ص:218


1- منهم:صاحب المدارك 7:270،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:313،و صاحب الحدائق 15:60.
2- الدروس 1:347.
3- التذكرة 1:327،المنتهى 2:677.
4- منهم السيّد المرتضى في الانتصار:96،و صاحب المدارك 7:273،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:313.
5- في ص 2866.

الذي يريد أن يقوله و لا يلبّي،ثم يخرج فيصيب من الصيد و غيره و ليس عليه شيء» (1).

و الصحيح:في الرجل يقع على أهله بعد ما يقعد الإحرام و لم يلبِّ، قال:« ليس عليه شيء» (2).

و ما يخالف ذلك من بعض الصحاح (3)مع قطعه شاذ،و حمله الشيخ تارة على ما إذا أسرّ بالتلبية (4)،و أُخرى على الاستحباب (5).

و هل يلزمه تجديد النية بعد ذلك؟ظاهر جملة من الروايات،و لا سيّما ما تقدم:العدم.

لكن في المرسل:رجل يدخل مسجد الشجرة فصلّى و أحرم و خرج من المسجد،فبدا له قبل أن يلبّي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء،أ له ذلك؟فكتب:« نعم» أو:« لا بأس به» (6).

و فيه إشعار باللزوم؛ لمكان لفظ النقض في السؤال،مع التقرير له منه عليه السلام،و به صرّح في الانتصار،فقال:و يجب على هذا إذا أراد الإحرام أن يستأنفه و يلبّي؛ فإن الإحرام الأول قد رجع عنه (7).

ص:219


1- التهذيب 5:/82 272،الإستبصار 2:/188 631،الوسائل 12:333 أبواب الإحرام ب 14 ح 1.
2- التهذيب 5:/82 274،الإستبصار 2:/188 632،الوسائل 12:333 أبواب الإحرام ب 14 ح 2.
3- التهذيب 5:/317 1091،الإستبصار 2:/19 638،الوسائل 12:337 أبواب الإحرام ب 14 ح 14.
4- التهذيب 5:317.
5- الاستبصار 2:190.
6- الكافي 4:/331 9،الفقيه 2:/208 950،الوسائل 12:337 أبواب الإحرام ب 14 ح 12.
7- الانتصار:96.

و هو أولى و أحوط،وفاقاً لجمع ممن تأخر (1).

و لا ريب في لزومه على القول باعتبار المقارنة و ثبوته،و عليه فلا بدّ من تجديد النية في الميقات مع فعل المنافي قبل التلبية بعد تجاوزه مع إمكانه.

قيل:و على تقدير لزوم التجديد يكون المنوي عند عقد الإحرام اجتناب ما يجب على المحرم اجتنابه من حين التلبية (2).

و الأخرس يجزئه تحريك لسانه و الإشارة بيده أي بإصبعه،كما في القوي:« تلبية الأخرس و تشهده و قراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه و إشارته بإصبعه» (3).

و ليكن مع عقد قلبه بها،كما في الشرائع و غيره (4)؛ لأنها بدونه لأ يكون إشارة إليها،و لذا لم يصرّح به الأكثر،و لا ذكر في الخبر،و تعرّض له الإسكافي و لم يتعرض للإشارة،بل قال:يجزئه تحريك لسانه مع عقده إياها بقلبه،ثم قال:و يلبّى عن الصبي و الأخرس و المغمى عليه (5).

قيل:استناداً إلى خبر زرارة:إن رجلاً قدم حاجّاً لا يحسن أن يلبّي، فاستفتي له أبو عبد اللّه عليه السلام،فأمر أن يلبّي عنه (6).و لأن أفعال الحجّ و العمرة

ص:220


1- منهم:صاحب المدارك 7:273،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:313.
2- المدارك 7:273.
3- الكافي 4:/335 2،التهذيب 5:/93 305،الوسائل 12:381 أبواب الإحرام ب 39 ح 1.
4- الشرائع 1:245،القواعد 1:80،الدروس 1:347،و المدارك 7:266،كشف اللثام 1:314.
5- نقله عن الإسكافي في المختلف:266.
6- الكافي 4:/504 13،التهذيب 5:/244 828،الوسائل 12:381 أبواب الإحرام ب 39 ح 2.

تقبل النيابة،و لا تبرأ الذمة عنها بيقين ما لم يواقعها بنفسه أو بنائبه،و كما يجب تحريك اللسان للتلبية يجب التلفظ بها ليوقع الأول بنفسه و الثاني بنابه،و لا دلالة لكلامه و لا للخبر على الاجتزاء بالتلبية عنه و عدم وجوب الإشارة ليخالف الخبر الأول و عمل الأصحاب به،بل الأولى الجمع بين الأمرين.و لا ينافيه قوله أوّلاً:يجزئه تحريك لسانه إلى آخره،فلعلّه أراد أنه يجزئه فيما يلزمه مباشرته،فلا يرد عليه ما في المختلف من أنه يشعر بعدم وجوب التلبية عليه،و أنه يجزئه النيابة مع أنه متمكن من الإتيان بها على الهيئة الواجبة عليه مباشرة،فكيف يجوز له فيها الاستنابة (1).انتهى.

و فيما ذكر جملة مناقشة:

أما الرواية فمع عدم وضوح سندها و مخالفتها لما عليه الأصحاب هنا غير واضحة الدلالة؛ لكونها قضية في واقعة،فيحتمل الورود في غير مفروض المسألة،بل لعلّه الظاهر،فإن الظاهر ممن لا يحسن نحو الأعجمي الغير القادر على التكلم بالعربية،دون الأخرس،فإنه غير قادر على التلبية،لا غير محسن لها.

و يميل إلى هذه الرواية في الأعجمي الشهيد حيث قال:و لو تعذر عليه التلبية ففي ترجمتها نظر،و روى أن غيره يلبّي عنه (2).

و الظاهر أن مراده من الرواية هذه،و إلّا فلم نجد غيرها وارداً في خصوص الأعجمي،و هو مؤيد لما ذكرنا من أنه المفهوم من الرواية،و مع ذلك فتحتمل هي و كلام الإسكافي الاختصاص بالأخرس الذي لا يتمكن من الإشارة،كالأصمّ الأبكم الذي لم يسمع التلبية و لا يمكن تعريفها له

ص:221


1- كشف اللثام 1:314.
2- الدروس 1:347.

بالكلية.

و أما قبول أفعال الحجّ النيابة فعلى تقدير تسليمه كليّةً إنما هو مع العجز عن المباشرة،و لا عجز عنها بعد ورود النص المعتبر المتفق عليه بكفاية تلبيته بتحريك اللسان و الإشارة.

و إلحاق التلفظ بها بتحريك اللسان فيجب الإتيان به و لو نيابةً قياس؛ لأن وجوب الأصل إنما هو للنص عليه بالخصوص أو العموم،و لا شيء منهما في الفرع بموجود،لفقد الخصوص،بناءً على ما مرّ من ضعف دلالة الخبر على الحكم في محل البحث،و كذا العموم،لأنه حديث الميسور (1)، و المراد به جزء المامور به الذى الأصل فيه المباشره عرفا و لغه و تلفظ الغير ليس بجزء حتى يكون ميسوراً من المأمور به،و إنما الميسور منه هنا تحريك اللسان و عقد القلب خاصة.

و دعوى عدم المنافاة بين الخبرين و الكلامين مكابرة،بل المنافاة سيّما بين الخبرين؛ لظهور كلّ منهما و لا سيّما الأول بإجزاء ما فيه عن الفرض مطلقاً.

و كيف كان،فما عليه الأصحاب أقوى و إن كان الجمع بين الأمرين أحوط و أولى.

الثالث لبس ثوبي الإحرام

الثالث:لبس ثوبي الإحرام،و هما واجبان بغير خلاف أجده، و به صرّح جماعة (2)،مؤذنين بدعوى الإجماع عليه،كما في صريح التحرير و غيره (3)،بل في المنتهى:لا نعلم فيه خلافاً (4).

ص:222


1- عوالي اللئالي 4:/58 205.
2- منهم:السبزواري في الكفاية:58،و الذخيرة:580.
3- التحرير 1:96؛ و المفاتيح 1:313.
4- المنتهى 2:681.

و الأصل فيه بعده التأسي،و الصحاح المستفيضة المتضمنة للأمر به (1).و ضعف دلالته على الوجوب فيها لكونه من الأئمّة عليهم السلام،و وروده في سياق الأوامر المستحبة مجبور بالإجماع عموماً و خصوصاً كما عرفته.

و ما يقال على الأول من أن اللبس من العادات التي لم يثبت كونه من العبادات،فيه ما فيه؛ فإن الاستمرار على مثل هذا النوع من اللبس، و التجرد من المخيط في الوقت،ممّا يقطع بكونه من العبادات،فتأمل.

و هل هو شرط في صحة الإحرام حتى لو أحرم عارياً أو لابساً مخيطاً لم ينعقد،كما عن ظاهر الإسكافي (2)؛ أم لا،بل يترتب عليه الإثم خاصة، كما صرّح به من المتأخرين جماعة (3)؟ ظاهر الأصحاب كما ذكره الشهيد العدم (4)،قال:لأنهم قالوا:لو أحرم و عليه قميص نزعه و لا يشقه،و لو لبسه بعد الإحرام وجب شقه و إخراجه من تحت،كما هو مروي (5).

و يضعف:بأن كلامهم هذا قد يدل على عدم الانعقاد،فإن الشق و الإخراج من تحت للتحرز عن ستر الرأس،فلعلّهم لم يوجبوه في الأول لعدم الانعقاد.

و فيه نظر؛ لبعد الاحتمال،إذ لو كان لعدم الانعقاد للزمهم التصريح

ص:223


1- الوسائل 12:408 أبواب الإحرام ب 52.
2- نقله عنه في المختلف:264.
3- منهم:الشهيد الثاني في الروضة البهيّة 2:232،و صاحب المدارك 7:274،و السبزواري في الذخيرة:580.
4- الدروس 1:345.
5- الكافي 4:/348 1،التهذيب 5:/72 238،الوسائل 12:488 أبواب تروك الإحرام ب 45 ح 2.

كي لا يتوهم الخلاف،سيّما و أنه ظاهر جملة من النصوص الدالّة على هذا الحكم:

منها:الخبر فيمن أحرم في قميصه و هو ينتف شعره و يضرب وجهه بعد ما لامه الناس و قالوا له:عليك بدنة و الحجّ من قابل و حجك فاسد،فدنا من مولانا الصادق عليه السلام،فقال له عليه السلام:« اسكن يا عبد اللّه،ما تقول؟» قال:

كنت رجلاً أعمل بيدي،فاجتمعت لي نفقة فجئت أحجّ لم أسأل أحداً عن شيء،فأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي و أنزعه من قبل رجلي و أن حجي فاسد و أن عليّ بدنة،فقال عليه السلام:« متى لبست قميصك،أبعد ما لبّيت أم قبل؟» قال:قبل أن أُلبّي،قال:« فأخرجه من رأسك فإنه ليس عليك بدنة، و ليس عليك حجّ من قابل،أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه، طُف بالبيت سبعاً،و صلّ عند مقام إبراهيم،و اسعَ بين الصفا و المروة، و قصّر من شعرك،فاذا كان يوم التروية فاغتسل و أهلّ بالحجّ و اصنع كما يصنع الناس» (1).

و قريب منه آخر (2).

و فرقهما بين الجهل و العمد الظاهر أنه إنما هو بالإضافة إلى نفي الكفارة،و إلّا فالجهل ليس عذراً لصحة العبادة مع المخالفة و عدم المطابقة، فتأمل.

هذا،و يؤيد عدم الاشتراط إطلاق ما مرّ من الصحاح من أن الإحرام ينعقد بالتلبية و ما في معناه،و أنه عبارة عنها،فتدبر.

و المراد بالثوبين الإزار و الرداء بلا إشكال فيه،و لا في كون المعتبر من

ص:224


1- التهذيب 5:/72 239،الوسائل 12:488 أبواب تروك الإحرام ب 45 ح 3.
2- الكافي 4:/348 2،الوسائل 12:489 أبواب تروك الإحرام ب 45 ح 4.

الأول ما يستر العورة و ما بين الركبتين إلى السرّة،و من الثاني ما يوضع على المنكبين،كما في صريح المسالك و ظاهر غيره (1)،و يستفاد من النصوص.

ففي الصحيح:« و التجرد في إزار و رداء أو إزار و عمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء» (2).

و في التوقيع المروي في الاحتجاج،عن مولانا صاحب الزمان عجل اللّه تعالى فرجه:« جائز أن يتّزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثاً بمقراض و لا إبرة يخرجه عن حدّ المئزر و غرزه غرزاً (3)،و لم يعقده و لم يشدّ بعضه ببعض،و إذا غطّى السرة و الركبتين كليهما،فإن السنّة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرّة و الركبتين،و الأحب إلينا و الأكمل لكل أحد شدّه على السبيل المألوفة المعروفة[للناس]جميعاً إن شاء اللّه تعالى» (4).

و ما فيه من النهي عن عقد الإزار الأحوط مراعاته،فقد ورد في غيره كالقولي،أو الصحيح كما قيل-:نهى عن عقده في عنقه (5).

و المروي في قرب الإسناد:« المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته،و لكن يثنّيه على عنقه و لا يعقده» (6).

و حكي عن الفاضل و الشهيد في الدروس و غيرهما (7).

ص:225


1- المسالك 1:107؛ و انظر الروضة 2:233 و المدارك 7:274.
2- الكافي 4:/249 7،الوسائل 11:223 أبواب أقسام الحجّ ب 2 ح 15.
3- غَرَز الإبرة في الشيء:أدخلها.لسان العرب 5:386.
4- الاحتجاج:485،الوسائل 12:502 أبواب تروك الإحرام ب 53 ح 3 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
5- الفقيه 2:/221 1023،الوسائل 12:502 أبواب تروك الإحرام ب 53 ح 1.
6- قرب الإسناد:/241 953،الوسائل 12:503 أبواب تروك الإحرام ب 53 ح 5.
7- حكاه عنهم السبزواري في الذخيرة:580.

و لم أقف في كيفية لبس الرداء على نصّ،و ظاهر الأصحاب عدم الخلاف في جواز الارتداء به (1)،و زاد جمع جواز التوشح (2)،كشيخنا في المسالك،نافياً الإشكال عنه (3)،و لا بأس به،عملاً بالإطلاق.

و الظاهر أنه لا يجب استدامة اللبس،كما صرّح به جماعة (4)؛ لصدق الامتثال،و عدم دليل على وجوب الاستمرار.

و المعتبر منهما ما يصح الصلاة فيه للرجل كما هنا و في الشرائع و التحرير و المنتهى و القواعد و اللمعتين و المسالك (5)،و عن المبسوط و النهاية و المصباح و مختصره و الاقتصاد و الكافي و الغنية و المراسم (6)،و في الكفاية:إنه المعروف بين الأصحاب (7)،معرباً عن عدم خلاف فيه،كما صرّح به في المفاتيح (8)،و هو ظاهر المنتهى و غيره (9)ممن ديدنهم نقل الخلاف حيث كان،و لم ينقلوه هنا.

فإن تمّ إجماعاً،و إلّا فمستنده من النصّ غير واضح،عدا الصحيح

ص:226


1- أي جَعْله على المنكبين.
2- أي جَعْله على منكب واحد كما عن الشهيد في بعض حواشيه.و عن جماعة من أهل اللغة أنه إدخاله تحت اليد اليمنى و إلقاؤه على المنكب الأيسر.(منه رحمه الله).
3- المسالك 1:107.
4- منهم:صاحب المدارك 7:274،و السبزواري في الذخيرة:580،و الكفاية:580.
5- الشرائع 1:246،التحرير 1:06،المنتهى 2:681،القواعد 1:80،اللمعة(الروضة البهية 2):231،المسالك 1:107.
6- المبسوط 1:319،النهاية:217،مصباح المتهجد:618،الاقتصاد:301،الكافي في الفقه:207،الغنية(الجوامع الفقهية):574،المراسم:108.
7- كفاية الأحكام:58.
8- مفاتيح الشرائع 1:317.
9- المنتهى 2:681؛ و انظر الذخيرة:581،و كشف اللثام 1:315،و الحدائق 15:81.

« كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه» (1).

و هو بعد تسليمه لا يدل على الحرمة صريحاً؛ لأعمية البأس المفهوم منها و من الكراهة،لو سلّم فلم يفهم منه العموم،و خصوصاً إن الجلود لا تدخل في الثوب عرفاً فلا يجوز الإحرام فيها مطلقاً.

نعم،لا شبهة في حرمة لبس المغصوب و الميتة مطلقاً،و الحرير للرجل.و يحتمل حرمة النجس؛ لفحوى الصحيح:عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة،قال:« لا يلبسه حتى يغسله،و إحرامه تامّ» (2).

و أما سائر ما يشترط في ثوب الصلاة من عدم كونه مما لا يؤكل لحمه و لا شافاً فلا أعرف عليه دليلاً سوى الاتفاق المستشعر مما مرّ،مع أن المحكي عن كثير من الأصحاب أنهم لم يتعرضوا لذلك كالشيخ في الجمل و ابني إدريس و سعيد،و لم يذكر المرتضى في الجمل سوى الحرير،فقال:

و لا يحرم في إبريسم (3).و ابن حمزة سوى النجس (4).و قال المفيد:و لا يحرم في ديباج و لا حرير و لا خزّ مغشوش بوبر الأرانب و الثعالب (5).

فالتعدي مشكل،سيّما بعد الأصل و إن كان أحوط.

و اعلم أنه يحرم على المحرم لبس المخيط كما سيأتي،و عليه الإجماع في المنتهى هنا (6).

ص:227


1- الكافي 4:/339 3،الفقيه 2:/215 976،التهذيب 5:/66 212،الوسائل 12:359 أبواب الإحرام ب 27 ح 1.
2- الفقيه 2:/219 1006،الوسائل 12:476 أبواب تروك الإحرام ب 37 ح 1.
3- رسائل المرتضى 3):66.
4- الوسيلة:163.
5- المقنعة:396.
6- المنتهى 2:681.

و عليه فلا يجوز له أن يلبس القباء إلّا مع عدمهما أي ثوبي الإحرام مقلوباً بلا خلاف فيه في الجملة،و على الظاهر، المصرح به في عبائر جماعة (1)،بل قيل:بالإجماع (2)،و المعتبرة المستفيضة:

منها الصحيح:« إذا اضطر المحرم إلى القباء و لم يجد ثوباً غيره فيلبسه مقلوباً و لا يدخل يديه في يدي القباء» (3).

و الصحيح:« و إن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباءه بعد أن ينكسه» (4).

و الصحيح المروي في آخر السرائر عن جامع البزنطي:« من اضطرّ إلى ثوب و هو محرم و ليس له إلّا قباء فلينكّسه و يجعل أعلاه أسفله و ليلبسه» (5)و نحوه الحسن (6).

و يستفاد من هذه الأخبار عدا الأول أن المراد من القلب هو النكس، و به صرّح جمع،و منهم الحلّي مبالغاً فيه (7).

خلافاً لظاهر إطلاق المتن،و المحكي عن النهاية و المبسوط و المهذّب و الوسيلة و غيرها (8)،فالتخيير بينه و بين قلب ظهره لباطنه،و به

ص:228


1- منهم:المجلسي في مرآة العقول 17:295،و صاحب الحدائق 15:91.
2- المفاتيح 1:318.
3- التهذيب 5:/70 228،الوسائل 12:486 أبواب تروك الإحرام ب 44 ح 1.
4- التهذيب 5:/70 229 بتفاوت،الوسائل 12:486 أبواب تروك الإحرام ب 44 ح 2.
5- مستطرفات السرائر:34/33،الوسائل 12:487 أبواب تروك الإحرام ب 44 ح 8.
6- الكافي 4:/347 5،الوسائل 12:486 أبواب تروك الإحرام ب 44 ح 3.
7- السرائر 1:543.
8- النهاية:218،المبسوط 1:320،المهذب 1:212،الوسيلة:162؛ و انظر الإرشاد 1:316.

صرّح من المتأخرين كثير،و منهم الفاضل في المنتهى و المختلف (1)؛ جمعاً بينها و بين ظاهر الأول و غيره،و صريح الخبر،بل الصحيح كما قيل (2)-:« و يلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء و يقلب ظهره لباطنه» (3).

و ليس بذلك البعيد و إن كان الأول أولى و أحوط؛ لكثرة ما دلّ عليه و صحته و صراحته،مضافاً إلى نقل الإجماع في المسالك على إجزائه (4).

و الجمع بينهما أكمل،كما صرّح به جمع (5).

و ظاهر أكثر النصوص اشتراط فقد الثوبين معاً،كما هو صريح المتن و كثير،حتى جعل مشهوراً بين القدماء،بل الفتاوي كلّها،عدا الشهيدين، فاكتفيا بفقد الرداء خاصّة؛ للصحيح الثاني و الأخير،و زاد ثانيهما فقال:أو أحدهما (6).و لم نجد له مستنداً،و ما عليه الأكثر أحوط و أولى.

و في اشتراط الاضطرار كما في أكثر النصوص،أو العدم كما في الباقي،وجهان.أحوطهما الأول؛ اقتصاراً في الرخصة على المتيقن،مضافاً إلى التأيد بالشرط و إن لم يصلح سنداً،لاحتمال وروده كالإطلاق مورد الغالب،و هو الاضطرار،فلا ينصرفان إلى غيره.

ثم ظاهر النصوص و الفتاوي أنه ليس بذلك فداء،إلّا إذا أدخل اليدين في الكمّين فكما إذا لبس مخيطاً.و به صرّح جماعة من أصحابنا،كالفاضل

ص:229


1- المنتهى 2:683،المختلف:268.
2- الحدائق 15:92.
3- الفقيه 2:/218 997،الوسائل 12:487 أبواب تروك الإحرام ب 44 ح 7.
4- المسالك 1:107.
5- منهم الفاضل المقداد في التنقيح 1:461،و الشهيد الثاني في المسالك 1:107،و الروضة البهية 2:233،و الأردبيلي في مجمع الفائدة 6:221.
6- اللمعة و(الروضة البهية 2):232،و المسالك 1:107.

في التحرير و التذكرة و المنتهى (1)،و الفاضل المقداد في التنقيح (2)، و غيرهما (3)،و نفي الخلاف عنه إذا توشّح به في الخلاف (4).

و في جواز لبس الحرير المحض للمرأة روايتان،أشهرهما المنع و هو مستفيض:

منها الصحيح:« المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القُفّازَين» (5).

و الصحيح المروي عن جامع البزنطي:عن المتمتع كم يجزيه؟قال:

« شاة» و عن المرأة تلبس الحرير؟قال :« لا» (6).

و عليه الشيخ و الصدوق (7)،و يوافقه إطلاق عبارتي المفيد و المرتضى المتقدّمتين (8).

خلافاً للمفيد في كتاب أحكام النساء و الحلّي و أكثر المتأخرين (9)،

ص:230


1- التحرير 1:96،التذكرة 1:326،المنتهى 2:683.
2- التنقيح الرائع 1:461.
3- انظر جامع المقاصد 3:168 و الروضة البهية 2:233،و كشف اللثام 1:315.
4- الخلاف 2:298.
5- الكافي 4:/344 1،التهذيب 5:/73 243،الإستبصار 2:/308 1099،الوسائل 12:368 أبواب الإحرام ب 33 ح 9.القفاز بالضم و التشديد شيء يعمل لليدين و يمشي بقطن و تكون له أزرار تلبسه المرأة من نساء العرب تتوقى به من البرد.مجمع البحرين 4:31.
6- مستطرفات السرائر:/33 36،37،الوسائل 12:368 أبواب الإحرام ب 33 ح 8.
7- الشيخ في النهاية:218،الصدوق في المقنع:72.
8- في ص:2881.
9- أحكام النساء(مصنّفات الشيخ المفيد 9):350،الحلي في السرائر 1:531؛ و من المتأخرين:العلامة في المختلف:266 و الإرشاد 1:316،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:168،و السبزواري في الذخيرة:581.

فالجواز مع الكراهة؛ أخذاً بالأصل،و الرواية الثانية،و هي الصحيح:المرأة تلبس القميص تزرّه عليها و تلبس الحرير و الخزّ و الديباج؟فقال:« نعم لا بأس به» (1).

و الخبر:عن المحرمة أيّ شيء تلبس من الثياب؟قال:« تلبس الثياب كلّها إلّا المصبوغة بالزعفران و الورَس،و لا تلبس القُفّازَين» (2).

و الأول مخصِّص بما مرّ من الأدلة.و الصحيحة غير صريحة في المحرمة.و الخبر ضعيف السند و الدلالة؛ لقبوله التخصيص بما عدا الحرير،كما وقع التصريح به في آخر،و فيه:ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة؟فقال:« الثياب كلّها ما خلا القفّازَين و البرقع و الحرير» الحديث (3).

و هو أولى من الجمع بالكراهة حيثما حصل بينهما معارضة،كما مرّ غير مرة.

و أما الاستدلال على الجواز بالصحيحة المتقدّمة (4):« كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه» و الأخبار المعتبرة (5)المتضمنة للفظ« لا يصلح» أو« لا ينبغي» أو الكراهة الظاهرة فيها بالمعنى المصطلح عليه الآن،ففيه ما فيه:

ص:231


1- التهذيب 5:/74 246،الإستبصار 2:/309 1100،الوسائل 12:366 أبواب الإحرام ب 33 ح 1.
2- الكافي 4:/344 2،التهذيب 5:/74 244،الوسائل 12:366 أبواب الإحرام ب 33 ح 2.الوَرس:صبغ يتخذ منه الحمرة للوجه،و هو نبات كالسمسم ليس إلّا باليمن.مجمع البحرين 4:121.
3- الكافي 4:/345 6،التهذيب 5:/75 247،الإستبصار 2:/309 1101،الوسائل 12:367 أبواب الإحرام ب 33 ح 3.
4- في ص:2880.
5- انظر الوسائل 4:367 أبواب لباس المصلي ب 11.

لأن الخطاب في الصحيح إلى الرجل حتماً أو احتمالاً متساوياً،و هو غير ما نحن فيه.هذا على القول بجواز صلاة المرأة في الحرير،و إلّا فالاستدلال ساقط من أصله.

و الألفاظ المزبورة كثيرة الورود في الأخبار للحرمة،و لذا كانت فيها أعم منها و من الكراهة.

لكن الإنصاف أن الصحيحة الأُولى ظاهرة الورود في المحرمة،لا يقصر ظهورها عن ظهور النهي في الحرمة.فالمسألة محل إشكال و شبهة، و لكن المنع أحوط بلا شبهة.

و يجوز أن يلبس أكثر من ثوبين إن شاء يتّقي بها الحر و البرد، كما في الصحيح (1)،و في آخر:« لا بأس إذا كانت طاهرة» (2).

و أن يبدّل ثياب إحرامه كما في الصحيحين (3)و غيرهما (4).

و لكن لا يطوف إلّا فيهما كما في أحدهما،و ظاهر الأمر فيه الوجوب،قيل:و قد يوهمه عبارات الشيخ و جماعة (5)،إلّا أن ظاهر المتأخرين الاتفاق على كون ذلك استحباباً قيل:للأصل،و عدم نصوصية الخبر في الوجوب (6).و فيه لولا الاتفاق نظر.

و لا خلاف أجده في شيء من هذه الأحكام،و به صرّح في الأول

ص:232


1- الكافي 4:/341 10،التهذيب 5:/70 230،الوسائل 12:362 أبواب الإحرام ب 30 ح 1.
2- الكافي 4:/340 9،الوسائل 12:363 أبواب الإحرام ب 30 ح 2.
3- الكافي 4:/341 11،الفقيه 2:/218 1000،التهذيب 5:/71 233،الوسائل 12:363 أبواب الإحرام ب 31 ح 1،2.
4- الوسائل 12:364 أبواب الإحرام ب 31 ح 4.
5- كشف اللثام 1:315.
6- كشف اللثام 1:315.

بعض الأصحاب (1).

الندب

و الندب:رفع الصوت بالتلبية للرجل إذا عَلَت راحلته البيداء و هو على ميل من ذي الحليفة،على ما في التحرير و المنتهى (2)،و عن السرائر و التذكرة (3) إن حجّ على طريق المدينة،و إن كان راجلاً فحيث يحرم كما هنا و في الشرائع و القواعد و التحرير و المنتهى و الروضة و المسالك (4)،و غيرها (5)،و عن الشيخ و ابن حمزة (6)،لكنهما لم يذكرا الجهر،بل نفس التلبية.

للصحيح (7).و به جمع الشيخ (8)بين الأخبار الآمرة بالتأخير إلى البيداء بقول مطلق،و ما دلّ على جواز التلبية من المسجد كذلك من الموثق و غيره (9)،بحمل الأوّلة على الراكب،و الأخيرين على غيره.

و فيه:أن من جملة الأوّلة ما صرّح بالعموم،كالصحيح:«صلّ المكتوبة ثمّ أحرم بالحجّ أو بالمتعة[و اخرج]بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك،فاذا استوت بك الأرض راكباً كنت أو ماشياً فلبِّ» (10).

ص:233


1- المفاتيح 1:317.
2- التحرير 1:96،المنتهى 2:679.
3- السرائر 1:535،التذكرة 1:327.
4- الشرائع 1:248،القواعد 1:80،التحرير 1:96،المنتهى 2:679،الروضة 2:233،المسالك 1:108.
5- انظر التذكرة 1:327.
6- الشيخ في التهذيب 5:85،ابن حمزة في الوسيلة:161.
7- التهذيب 5:/85 281،الإستبصار 2:/170 563،الوسائل 12:369 أبواب الإحرام ب 34 ح 1.
8- التهذيب 5:85،الاستبصار 2:170.
9- الوسائل 12:369 أبواب الإحرام ب 34،وص 372 ب 35 من تلك الأبواب.
10- الكافي 4:/334 14،الوسائل 12:370 أبواب الإحرام ب 34 ح 6 ما بين المعقوفين في النسخ:أحرم،و ما أثبتناه من المصادر.

و حكي العمل بها عن جملة من القدماء،كالشيخ في أحد قوليه و القاضي و الصدوق و الحلّي (1).

لكن القاضي لم يذكر الجهر،بل نفس التلبية،أخذاً بظاهر الأخبار المطلقة.

و الصدوق و الحلّي استحبّا الإسرار بها قبل البيداء و الجهر فيها،و هو ظاهر العبارة و ما ضاهاها.

و الظاهر أنه لاعتبار المقارنة عندهم؛ أخذاً بما دلّ على عدم جواز التجاوز عن الوقت بغير إحرام،فحملوا الأخبار على الإجهار.

و بذلك صرّح في المنتهى هنا،حيث قال بعد الحكم باستحباب الإجهار:و هذا يكون بعد التلبية سرّاً في الميقات الذي هو ذو الحليفة؛ لأن الإحرام لا ينعقد إلّا بالتلبية،و لا يجوز مجاوزة الميقات إلّا محرماً (2).

و نحو الفاضل المقداد في التنقيح (3).

و رجّحه في المسالك،قال:فتكون هذه التلبية غير التي يعقد بها الإحرام في المسجد (4).

أقول:و لا ريب أنه أحوط و إن كان في تعيّنه نظر؛ فإن من الصحاح ما لا يقبل الحمل على الجهر إلاّ بتكلّف بعيد كما مرّ.

و لو حجّ من غير طريق المدينة لبّى من موضعه إن شاء،و إن مشى

ص:234


1- الشيخ في المبسوط 1:316،القاضي في المهذب 1:216،الصدوق في الهداية:55،الحلي في السرائر 1:535.
2- المنتهى 2:679.
3- التنقيح 1:459.
4- المسالك 1:108.

خطوات ثم لبّى كان أفضل،كما في التحرير و المنتهى و المسالك (1)، و غيرها (2)؛ للصحاح المتضمنة للأمر بالتلبية بعد المشي خطوات (3).

و حملت على الأفضلية؛ جمعاً بينها و بين ما دلّ على الجواز حيث شاء.

و لو أحرم من مكّة رفع بها صوته إذا أشرف على الأبطح للصحيح:« فأحرم بالحجّ،و عليك السكينة و الوقار،فاذا انتهيت إلى الرَّقطاء دون الرَّدم فلبِّ،فاذا انتهيت إلى الرَّدم و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى» (4).

و حمل على الفضل؛ للآخر:« و إن أهللت من المسجد الحرام بالحجّ فإن شئت لبّيت خلف المقام،و أفضل ذلك أن تمشي حتى تأتي الرَّقطاء و تلبّي قبل أن تصير إلى الأبطح» (5).

و إطلاقهما كالعبارة و نحوها يقتضي عدم الفرق في ذلك بين الراكب و الماشي.

خلافاً للشيخ فيلبّي الماشي من الموضع الذي يصلّي فيه،و الراكب يلبّي عند الرَّقطاء و عند شعب الدب (6)؛ للخبر (7).و فيه ضعف سنداً

ص:235


1- التحرير 1:96،المنتهى 2:679،المسالك 1:107.
2- انظر السرائر 1:536،و الجامع للشرائع:183،و جامع المقاصد 3:170.
3- الوسائل 12:372 أبواب الإحرام ب 35.
4- الكافي 4:/454 1،التهذيب 5:/167 557،الوسائل 12:408 أبواب الإحرام ب 52 ح 1.الرَّدم بمكّة و هو حاجز يمنع السيل عن البيت المحرم،و الرقطاء موضع دون الردم و يسمى المدعى.راجع مجمع البحرين 4:249،6:71.
5- الفقيه 2:/207 943،الوسائل 12:396 أبواب الإحرام ب 46 ح 1.
6- انظر التهذيب 5:168.
7- التهذيب 5:/169 561،الإستبصار 2:/252 886،الوسائل 12:397 أبواب الإحرام ب 46 ح 2.

و دلالةً.

ثم المستفاد من الرواية الأُولى تأخير التلبية إلى الرقطاء دون الرَّدم فيلبّي سراً،ثم إذا أشرف على الأبطح جهر بها،و هو نصّ في عدم اعتبار المقارنة.

و حكي التصريح بمضمونها بعينه عن الصدوق في الهداية (1)،مع أنه نقل عنه سابقاً اعتبار المقارنة.و هو مناقضة،إلّا أن يكون لم يعتبرها هنا و اعتبرها ثمة،كما هو ظاهر المحكي عن السرائر و المنتهى و التذكرة (2)، حيث إنهم عبّروا عن المستحب هنا بما حكي عن المبسوط و النهاية و الجامع و الوسيلة (3)من أنه إن كان ماشياً لبّى من موضعه الذي صلّى فيه، و إن كان راكباً لبّى إذا نهض به بعيره،فاذا انتهى إلى الرَّدم و أشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية،و حينئذ فينبغي القطع بعدم اعتبارها هنا.

خلافاً لشيخنا في المسالك،حيث قال:و الكلام في التلبية التي يعقد بها الإحرام كما مرّ،فيلبّي سرّاً بعد النية و يؤخر الجهر إلى الأبطح (4).

و اعلم أن استحباب الإجهار للرجل دون وجوبه هو المشهور على الظاهر،المصرَّح به في كلام جمع (5)؛ للأصل السليم عما يصلح للمعارضة.

خلافاً للشيخ في التهذيب فيجب بقدر الإمكان (6)،قال:للصحيح

ص:236


1- الهداية:60.
2- السرائر 1:584،المنتهى 2:585،التذكرة 1:327.
3- المبسوط 1:365،النهاية:248،الجامع للشرائع:204،الوسيلة:177.
4- المسالك 1:108.
5- منهم:العلامة في المختلف:265،و السبزواري في الذخيرة:584،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:316.
6- التهذيب 5:92.

« و اجهر بها كلّما ركبت،و كلّما نزلت،و كلّما هبطت وادياً،أو علوت أَكَمَة، أو لقيت راكباً و بالأسحار» (1).

و هو نادر،مع أنه رجع عنه في الخلاف،قائلاً:لم أجد من ذكر كونه فرضاً (2)،و مع ذلك ففتواه بالوجوب بالمعنى المصطلح غير معلوم،و في المدارك:و لعلّ مراده تأكد الاستحباب (3).و لذا ادّعى بعض الإجماع على خلافه،قال:كما هو الظاهر (4).

و الأمر في الصحيح للاستحباب بلا خلاف،و لذا قال في المنتهى في الجواب عنه:انه قد يكون للندب،خصوصاً مع القرينة،و هي حاصلة هنا في قوله:« كلّما ركبت» الحديث؛ إذ ذلك ليس بواجب (5).

أقول:و قريب منه باقي الأخبار المتضمنة للأمر به،حتى المرسل القريب من الصحيح:« لمّا أحرم رسول اللّه صلى الله عليه و آله أتاه جبرئيل عليه السلام فأمره بالعَجّ و الثجّ،و العَجّ:رفع الصوت بالتلبية،و الثجّ:نحر البدن» فإن في آخره:قال جابر بن عبد اللّه:فما مشى الرَّوحاء حتى بَحَّتْ أصواتنا (6).

فإن ظاهره الإجهار بالتلبية المكررة،فحالها حال الصحيحة السابقة.

ص:237


1- التهذيب 5:/92 301،الوسائل 12:383 أبواب الإحرام ب 40 ح 3.
2- الخلاف 2:291.
3- المدارك 7:294.
4- كشف اللثام 1:316.
5- المنتهى 2:677.
6- الكافي 4:/336 5،الفقيه 2:/210 960،التهذيب 5:/92 302،الوسائل 12:378 أبواب الإحرام ب 37 ح 1.الرَّوْحاء كحمراء:بلد من عمل الفُرع على نحو أربعين يوماً و الفُرع:قرية من نواحي المدينة بينها و بين المدينة ثمانية بُرُد على طريق مكّة.معجم البلدان 3:76 و 4:252.بَحَّتْ أصواتنا أي:خشنت.انظر القاموس 1:222.

و احترز بالرجل عن المرأة فليس عليها إجهار بلا خلاف؛ للمستفيضة:منها:« وضع عن النساء أربعاً:الجهر بالتلبية،و السعي بين الصفا و المروة،و الاستلام،و دخول الكعبة» (1)و المراد بالسعي الهرولة،كما وقع التصريح به في رواية عن الفقيه مروية (2).

و تكرارها للمعتبرة المتقدم بعضها قريباً.

و حدّها: إلى يوم عرفة عند الزوال للحاجّ فيقطعها بعده بلا خلاف أجده،و الصحاح و غيرها به مستفيضة (3)،و ظاهر الأمر فيها الوجوب،كما حكي التصريح به عن والد الصدوق و الخلاف و الوسيلة (4).

و المعتمر بالمتعة يكررها ندباً حتى يشاهد بيوت مكّة فيقطعها وجوباً؛ بالإجماع،كما في الخلاف (5)؛ و للصحاح المستفيضة و غيرها (6).

و أما الموثق:« إذا دخل البيوت،بيوت مكّة،لا بيوت الأبطح» (7)فمع قصور السند و عدم مقاومته لباقي الأخبار المصرّحة بالنظر إليها لا الدخول يحتمل الحمل على الإشراف،كما في الصحيح:« إذا دخلت مكّة و أنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكّة فاقطع التلبية» (8).

ص:238


1- التهذيب 5:/93 303،الوسائل 12:379 أبواب الإحرام ب 38 ح 1.
2- الفقيه 2:/210 961،الوسائل 12:380 أبواب الإحرام ب 38 ح 2.
3- انظر الوسائل 12:391 أبواب الإحرام ب 44.
4- حكاه عن والد الصدوق في الدروس 1:348،الخلاف 2:292،الوسيلة:177.
5- الخلاف 2:293 و 331.
6- الوسائل 12:388 أبواب الإحرام ب 43.
7- التهذيب 5:/468 1638،الوسائل 12:39 أبواب الإحرام ب 43 ح 7.
8- الكافي 4:/399 1،التهذيب 5:/94 309،الإستبصار 2:/176 583،الوسائل 12:388 أبواب الإحرام ب 43 ح 1.

و أما الخبر:عن تلبية المتمتع متى تقطع؟قال:« حين يدخل الحرم» (1)فهو مع ضعف السند يحتمل الجواز كما في (2)الفقيه و الاستبصار (3)،بمعنى أنه إذا دخله لم يتأكد استحبابها،كهي قبله.

و حدّ بيوت مكّة على ما في شرح القواعد للمحقّق الثاني و المسالك و الروضة (4)عقبة المدنيّين إن دخلها من أعلاها،و عقبة ذي طوى من أسفلها.

و في الصحيح:« و حدّ بيوت مكّة بيوت التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيّين،فإن الناس قد أحدثوا بمكّة ما لم يكن،فاقطع التلبية،و عليك بالتكبير و التهليل و التحميد و الثناء على اللّه عزّ و جلّ بما استطعت» (5).

و فسّر عقبة المدنيّين في الخبر،بل الصحيح كما قيل (6)بحيال القصّارين (7).

و في آخر:عن المتمتع متى يقطع التلبية؟قال:« إذا نظر إلى عراش مكّة ذي طوى» قال:قلت:بيوت مكّة؟قال:« نعم» (8).

ص:239


1- التهذيب 5:312/95،الإستبصار 2:585/177،الوسائل 12:391 أبواب الإحرام ب 43 ح 9.
2- في« ك»:عن.
3- حكاه عنهما في كشف اللثام 1:316؛ و انظر الفقيه 2:277،الاستبصار 2:177.
4- جامع المقاصد 3:169،المسالك 1:108،الروضة 2:234.
5- تقدّم مصدره في ص:2890 الهامش(8).
6- ملاذ الأخيار 7:369.
7- الفقيه 2:/277 1353،التهذيب 5:/96 316،الإستبصار 2:/177 589،الوسائل 12:395 أبواب الإحرام ب 45 ح 11.
8- الكافي 4:/399 4،التهذيب 5:/94 310،الإستبصار 2:/176 584،الوسائل 12:389 أبواب الإحرام ب 43 ح 4.

قيل:و جمع السيّد و الشيخ بينهما بأن الأول أتى على طريق المدينة، و الثاني لطريق العراق،و تبعهما الديلمي و الحلّي.و جمع الصدوقان و المفيد بتخصيص الثاني بطريق المدينة،قال في المختلف:و لم نقف لأحدهم على دليل.و في الغنية و المهذّب:حدّها من عقبة المدنيّين إلى عقبة ذي طوى.و عن العماني:حدّها عقبة المدنيّين و الأبطح.و ذو طوى على ما في المصباح المنير:وادٍ بقرب مكّة على نحو فرسخ في طريق التنعيم،و يعرف الآن بالزاهر.و نحو منه في تهذيب الأسماء،إلّا أنه قال:موضع بأسفل مكّة،و لم يحدّد ما بينهما بفرسخ أو غيرها (1).انتهى.

أقول:و مذهب العماني مخالف لظاهر الموثقة،المؤذنة بتغاير بيوت الأبطح لبيوت مكّة،فكيف تدخل في بيوتها كما ذكره؟!فتدبر.

و المعتمر ب العمرة المفردة يكرّرها حتى يدخل الحرم إن كان أحرم من بعض المواقيت من خارجه،و حتى يشاهد الكعبة إن أحرم من الحرم فيقطعها على المشهور في الظاهر،المصرح به في بعض العبائر (2)؛ للصحيح:« من خرج من مكّة يريد العمرة ثم دخل معتمراً لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة» (3).

و مرسل المفيد:أنه عليه السلام سئل عن الملبّي بالعمرة المفردة بعد فراغه من الحج متى يقطع التلبية؟قال:« إذا رأى البيت» (4).

و بهما يقيّد إطلاق المعتبرة بقطع التلبية عند دخول الحرم كالصحيح

ص:240


1- كشف اللثام 1:316.
2- كشف اللثام 1:316.
3- الفقيه 2:/276 1350،التهذيب 5:/95 315،الإستبصار 2:/177 588،الوسائل 12:395 أبواب الإحرام ب 45 ح 8.
4- المقنعة:449،الوسائل 12:396 أبواب الإحرام ب 45 ح 13.

« يقطع صاحب العمرة المفردة التلبية إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم» (1)و بمعناه الموثق (2)و غيره (3)،بحملها على ما إذا لم يخرج من مكّة.

لكن هنا أخبار أُخر مختلفة،ففي الصحيح:« من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد» (4).

و في الخبر،بل الموثق كما قيل (5):عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، من أين يقطع التلبية؟قال:« إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية» (6).

و في آخر:عمن أحرم من حوالي مكّة من الجَعرانة و الشجرة،من أين يقطع التلبية؟قال:« يقطع التلبية عند عروش مكّة،و عروش مكّة ذو طوى» (7).

لكنه يحتمل عمرة التمتع،كالخبر:عمن دخل بعمرة فأين يقطع التلبية؟فقال:« حيال العقبة،عقبة المدنيّين»[فقلت]أين عقبة المدنيين؟ قال:« حيال القصّارين» (8).

لكن الصدوق حمله على المفردة،و جمع بينه و بين ما تقدّم

ص:241


1- الكافي 4:/537 1،الفقيه 2:/277 1355،الوسائل 12:394 أبواب الإحرام ب 45 ح 6.
2- التهذيب 5:/94 309،الإستبصار 2:/176 583،الوسائل 12:393 أبواب الإحرام ب 45 ح 1.
3- التهذيب 5:/95 313،الإستبصار 2:/177 586،الوسائل 12:394 أبواب الإحرام ب 45 ح 2.
4- الكافي 4:/537 3،الوسائل 12:394 أبواب الإحرام ب 45 ح 4.
5- المدارك 7:296.
6- الفقيه 2:/277 1354،التهذيب 5:/95 314،الإستبصار 2:/177 587،الوسائل 12:394 أبواب الإحرام ب 45 ح 3.
7- التهذيب 5:/94 311،الوسائل 12:391 أبواب الإحرام ب 43 ح 8.
8- تقدم مصدره في ص:2891 الهامش(4).

بالتخيير (1)،و هو القول المشار إليه بقوله:

و قيل بالتخيير،و هو أشبه عند الماتن هنا و في الشرائع و الفاضل المقداد في التنقيح (2)،قيل:و لا بدّ منه،للجمع بين خبر المسجد و غيره (3).

و ظاهر الشيخ في التهذيب و الاستبصار (4)أنه إن خرج من مكّة ليعتمر قطعها إذا رأى الكعبة،و إلّا فان جاء من العراق فعند ذي طوى،و إن جاء من المدينة فعند عقبة المدنيين،و إلّا فعند دخول الحرم.

و قصد بذلك الجمع بين الأخبار.

و حكي عنه في الجمل و الاقتصاد و المصباح و مختصره أنه أطلق قطعها عند دخول الحرم (5)،لكن ظاهر سياق كلامه في الأخيرين في غير من خرج من مكّة (6).

و عن الحلبي أنه أطلق قطعه إذا عاين البيت (7).

و العمل بما عليه الأكثر أحوط؛ لعدم منافاته القول بالتخيير،و ضعف ما عداه من الأقوال و لا سيما الأخير.

و التلفظ بما يعزم عليه من حجّ أو عمرة؛ للصحاح المستفيضة، منها:« تقول:لبيك» إلى قوله:« بحجة تمامها عليك» (8).

ص:242


1- انظر الفقيه 2:277.
2- الشرائع 1:248،التنقيح الرائع 1:463.
3- كشف اللثام 1:316.
4- التهذيب 5:96،الاستبصار 2:178.
5- كما في كشف اللثام 1:316.
6- مصباح المتهجد:620.
7- الكافي في الفقه:193.
8- التهذيب 5:/92 301،الوسائل 12:383 أبواب الإحرام ب 40 ح 3.

و منها:« تقول:لبيك،اللّهمّ لبيك» إلى قوله:« لبيك بمتعة بعمرة إلى الحج» (1).

قيل:و هذا الذي ذكره ابن حمزة،لكنه زاد بعد ذلك:لبيك (2).

و منها:كيف ترى أن أُهلّ؟فقال:« إن شئت سمّيت و إن شئت لم تسمّ شيئاً» فقلت:كيف تصنع أنت:فقال:« أجمعهما فأقول:لبيك بحجة و عمرة معاً» (3).

قيل:و هذا الذي ذكره القاضي،و نهى عنه الحلبيّان و المختلف،لأن الإحرام لا يتعلق بهما،و هو الوجه إن أُريد ذلك،و إن أُريد التمتع بالعمرة إلى الحجّ جاز (4).

أقول:ما ذكره في الصورة المفروضة قد صرّح به جماعة،بل زادوا فجعلوه أفضل (5)،تبعاً للمحكي عن المبسوط و النهاية و الفاضل في المنتهى و التذكرة (6).

و لا يجب،وفاقاً لظاهر أكثر من وقفت على كلامه من الأصحاب،بل لم ينقل أحد منهم فيه خلافاً،معربين عن الإجماع.

للأصل،و خلوّ أكثر الأخبار عنه،و الصحيح الماضي،بل في آخر

ص:243


1- التهذيب 5:/84 277،الإستبصار 2:/169 559،الوسائل 12:382 أبواب الإحرام ب 40 ح 1.
2- كشف اللثام ب 1:317.
3- التهذيب 5:/88 291،الإستبصار 2:/173 573،الوسائل 12:343 أبواب الإحرام ب 17 ح 3.
4- كشف اللثام 1:317.
5- منهم:صاحب المدارك 7:299،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1:314.
6- المبسوط 1:316،النهاية:215،المنتهى 2:676،التذكرة 1:327.

أمرنا أبو عبد اللّه عليه السلام أن نلبّي و لا نسمّي شيئاً،و قال:« أصحاب الإضمار أحبّ إليّ» (1).

و في ثالث:« لا تسمّ حجّا و لا عمرة،و أضمر في نفسك المتعة،فإن أدركت متمتعاً و إلّا كنت حاجّاً» (2).

و ظاهرهما و لا سيّما الأول رجحان الإضمار.

و قد حملهما جماعة على حال التقية (3).

و حمل (4)عليها أيضاً المعتبرة الآمرة للمتمتع بالإهلال بالحجّ ثم الإهلال بالعمرة،كالصحيح:كيف أتمتع؟قال:« تأتي الوقت فتلبّي بالحج، فاذا دخلت مكّة طفت بالبيت و صلّيت ركعتين خلف المقام و سعيت بين الصفا و المروة و قصّرت و أحللت من كل شيء،و ليس لك أن تخرج من مكّة حتى تحجّ» (5).

و الموثق:لبّ بالحج فاذا دخلت مكة طف بالبيت و صلّيت و أحللت» (6).

ص:244


1- الكافي 4:/333 8،التهذيب 5:/87 287،الإستبصار 2:/172 569،الوسائل 12:344 أبواب الإحرام ب 17 ح 5.
2- التهذيب 5:/86 286،الإستبصار 2:/172 568،الوسائل 12:349 أبواب الإحرام ب 21 ح 4.
3- منهم:الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:314،و صاحب الحدائق 15:36.
4- الحامل هو الفاضل في المنتهى،فإنه قال بعد الحكم باستحباب التلفظ بما يحرم به:فإن لم يمكنه للتقية أو غيرها فاقتصر على ذكره الحج،فاذا دخل مكة طاف و سعى و قصّر و جعلها عمرة كانت أيضاً جائزاً،لما رواه الشيخ،ثم ساق بنحو الخبرين،فتأمل.منه رحمه الله.
5- التهذيب 5:/86 284،الإستبصار 2:/171 566،الوسائل 12:352 أبواب الإحرام ب 22 ح 3.
6- التهذيب 5:/86 283،الإستبصار 2:/171 565،الوسائل 12:352 أبواب الإحرام ب 22 ح 2.

و لكن ظاهر بعض الأصحاب العمل بها من غير اشتراط التقية (1).و لا بأس به،و لكن ينوي به المتعة،كما في الصحيح:« لبّ بالحجّ و انو المتعة، فإذا دخلت مكة فطف و صلِّ ركعتين خلف المقام و سعيت بين الصفا و المروة و قصّرت فنسختها و جعلتها متعة» (2).

و قال الشهيد في الدروس بعد أن ذكر أن في بعض الروايات الإهلال بعمرة التمتع،و في بعضها الإهلال بالحجّ،و في ثالث بهما -:و ليس ببعيد إجزاء الجميع؛ إذ الحج المنوي هو الذي دخلت فيه العمرة، فهو دالّ عليها بالتضمن؛ و نيتهما معاً باعتبار دخول الحج فيها (3).

و هو مصير إلى ما اخترناه،و يعضده أيضاً فحوى ما مرّ من جواز عدول المفرد إذا دخل مكة إلى المتعة.

و الاشتراط على ربه سبحانه ب أن يحلّه حيث حبسه،و إن لم تكن حجّة فعمرة بلا خلاف فيه بيننا أجده،و به صرّح في الذخيرة (4)، مشعراً بالإجماع،كما في صريح كلام جماعة حدّ الاستفاضة (5)،و الصحاح به مع ذلك مستفيضة (6).

و يتأدى بكل لفظ أفاد المراد،عملاً بالإطلاق،و به صرّح في

ص:245


1- انظر المدارك 7:300.
2- التهذيب 5:/86 285،الإستبصار 2:/172 567،الوسائل 12:352 أبواب الإحرام ب 22 ح 4.
3- الدروس 1:346.
4- الذخيرة:584.
5- منهم العلامة في المختلف:267،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:312 و صاحب الحدائق 15:100.
6- الوسائل 12:354 أبواب الإحرام ب 23.

المنتهى (1)و إن كان الإتيان باللفظ المنقول أولى:

و هو في الصحيح:« اللّهم إني أُريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك و سنّة نبيّك صلى الله عليه و آله،فإن عرض لي شيء يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ،اللّهمّ إن لم تكن حجة فعمرة،أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي من النساء و الطيب،أبتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة» (2).

و لو نوى الاشتراط و لم يتلفظ به ففي الاعتداد به أم العدم وجهان، و جعل ثانيهما أوجه و أحق في التحرير و المنتهى (3).

و أن يحرم في الثياب القطن فيما قطع به الأصحاب على الظاهر، المصرَّح به في بعض العبائر (4)؛ للتأسي،فقد روي لبسه في الإحرام عن النبي صلى الله عليه و آله (5).

و في الصحيح:« كان ثوبا رسول اللّه صلى الله عليه و آله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري و أظفار» (6).

ص:246


1- المنتهى 2:680.
2- الكافي 4:/331 2،الفقيه 2:/206 939،التهذيب 5:/77 253،الوسائل 12:340 أبواب الإحرام ب 16 ح 1.
3- التحرير 1:96،المنتهى 2:680.
4- كما في كشف اللثام 1:317.
5- الكافي 4:/339 1،الفقيه 2:/155 669،التهذيب 5:/66 213،الوسائل 12:359 أبواب الإحرام ب 27 ح 3.
6- الكافي 4:/239 2،الفقيه 2:/214 975،الوسائل 12:359 أبواب الإحرام ب 27 ح 2،عبر بالكبير ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العَرب و قبيلة.القاموس 2:86 و ظفار بالفتح مبني على الكسر كقطام بلد باليمن لحميَر قرب صنعاء.إليه ينسب الجزع الضفاري.مجمع البحرين 3:387.و ما في النسخ و الفقيه و الوسائل من قوله:أظفار،لعلّه تصحيف،كما أشير إليه في هامش الكافي و في مجمع البحرين.

و قد ورد الأمر بلبس القطن مطلقاً في جملة من النصوص،و في بعضها:« إنه لباس رسول اللّه صلى الله عليه و آله» (1).

و زيد في آخر:« هو لباسنا،و لم يكن الشعر و الصوف إلّا من علّة» (2).

و أفضله البيض لتظافر الأخبار بالأمر بلبسها و كونها خير الثياب و أحسنها و أطهرها و أطيبها (3).

و لا بأس بما عداه من الألوان؛ للنصوص (4).عدا السود فيكره؛ للنهي عنه في بعض الأخبار (5)،المحمول على الكراهة،لضعفه،مضافاً إلى الأصل،و عموم الصحيح:« كل ثوب يصلى فيه فلا بأس بأن يحرم فيه» (6)بناءً على الإجماع على جواز الصلاة في الثياب السود.

و منه يظهر ضعف القول بالمنع المحكي عن النهاية و المبسوط و الخلاف و المقنعة و الوسيلة (7)،و حمله الحلّي على الكراهة،لما عرفته (8).

أحكام الإحرام

و أما أحكامه فمسائل ثلاث:

الاُولى المتمتع إذا طاف و سعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسياً مضى في حجه

الأُولى:المتمتع إذا طاف و سعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسياً مضى في حجه فإنه صحيح،بلا خلاف أجده،و به صرّح في الذخيرة

ص:247


1- الكافي 6:/446 4،الوسائل 5:28 أبواب أحكام الملابس ب 15 ح 1.
2- الخصال:/610 10،الوسائل 5:35 أبواب أحكام الملابس ب 19 ح 4.
3- انظر الوسائل 5:26 أبواب أحكام الملابس ب 14.
4- الوسائل 5:29 أبواب أحكام الملابس ب 17.
5- الوسائل 4:382 أبواب لباس المصلي ب 19.
6- الكافي 4:/339 3،الفقيه 2:/215 976،التهذيب 5:/66 212،الوسائل 12:359 أبواب الإحرام ب 27 ح 1.
7- النهاية:217،المبسوط 1:319،الخلاف 2:298،المقنعة:396،الوسيلة:163.
8- السرائر 1:542.

و الكفاية و غيرهما (1)،بل نفى عنه في التنقيح الخلاف (2)،مؤذناً بالإجماع، كما في صريح كلام الفاضل في المختلف (3)،مع أنه في التحرير و المنتهى (4)حكى قولاً بالبطلان عن بعض الأصحاب.

و لا ريب في ضعفه؛ فإن الصحاح مضافاً إلى الإجماع المنقول صريحة في ردّه،ففي الصحيح:عن رجل أهلّ بالعمرة و نسي أن يقصّر حتى دخل في الحج،قال:« يستغفر اللّه و لا شيء عليه و تمّت عمرته» (5).

و في آخر:« لا بأس به يبني على العمرة و طوافها و طواف الحجّ على أثره» (6).

و في ثالث:« يستغفر اللّه» (7).

و لا معارض لها عدا رواية أبي بصير الآتية،و لكنها لقصورها عن المقاومة لها من وجوه شتّى مطروحة،أو محمولة على العامد جمعاً.

و يستفاد منها و لا سيّما الصحيحة الاُولى:أنه لا شيء عليه كما عن الحلّي و الديلمي و أكثر المتأخرين (8).

ص:248


1- الذخيرة:649،الكفاية:68؛ و انظر كشف اللثام 1:350.
2- التنقيح الرائع 1:463.
3- المختلف:267.
4- التحرير 1:97،المنتهى 2:686.
5- الكافي 4:/440 2،التهذيب 5:/91 299،الإستبصار 2:/175 579،الوسائل 12:411 أبواب الإحرام ب 54 ح 3.
6- الكافي 4:/440 3،التهذيب 5:/90 298،الإستبصار 2:/175 578،الوسائل 12:411 أبواب الإحرام ب 54 ح 2.
7- الكافي 4:/440 1،الفقيه 2:/237 1129،التهذيب 5:/90 297،الإستبصار 2:/175 577،الوسائل 12:410 أبواب الإحرام ب 54 ح 1.
8- الحلي في السرائر 1:58،الديلمي في المراسم:124؛ و انظر القواعد 1:85،و المدارك 7:280،و الحدائق 15:117.

و لكن في رواية موثقة كالصحيحة أنه عليه دم (1) و ظاهره الوجوب،كما عن الشيخ في كتبه و بني زهرة و البّراج و حمزة (2)، و عليه الفاضل في الإرشاد (3).

و لا يخلو عن قوة بناءً على حجيّة الموثقة؛ لأنها خاصة،و الصحاح عامة،فينبغي حملها عليها.

و هو أولى من الجمع بينها بحمل الموثقة على الاستحباب،فإنه مجاز،و التخصيص منه أولى حيثما حصل بينهما معارضة،إلّا أن يرجح الاستحباب بالشهرة العظيمة بين الأصحاب،لكنها متأخرة،فالترجيح بها لا يخلو عن نوع مناقشة،و مع ذلك فلا ريب أن الوجوب أحوط.

و لو أحرم قبل التقصير عامداً بطلت متعته و صارت حجة مفردة فيكلمها،ثم يعتمر بعدها عمرة مفردة على ما يقتضيه إطلاق رواية أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام الموثقة،بل الصحيحة،كما في المنتهى و المختلف و المسالك و الروضة (4)،و فيها:« المتمتع إذا طاف و سعى ثم لبّى قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر و ليس له متعة» (5).

و رواية أُخرى ضعيفة على المشهور:عن رجل متمتع طاف ثمّ أهلّ

ص:249


1- الفقيه 2:/237 1128،التهذيب 5:/158 527،الإستبصار 2:/242 844،الوسائل 12:412 أبواب الإحرام ب 54 ح 6.
2- الشيخ في المبسوط 1:363،و النهاية:246،و الاقتصاد:305،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):579،ابن البراج في المهذب 1:242،ابن حمزة في الوسيلة:168.
3- الإرشاد 1:328.
4- المنتهى 2:710،المختلف:267،المسالك 1:107،الروضة 2:220.
5- التهذيب 5:/159 529،الإستبصار 2:/243 946،الوسائل 12:412 أبواب الإحرام ب 54 ح 5.

بالحج قبل أن يقصّر،قال:« بطلت متعته و هي حجة مبتولة» (1).

و إنما قيّدنا بالعامد جمعاً بينهما و بين ما مضى من الصحيح بالصحة في الناسي.

و عمل بها الشيخ و جماعة (2)حتى أن الشهيدين في الدروس و المسالك (3)ادعيا عليها الشهرة،فهي جابرة لقصور الرواية على تقديره، مع أنها ليست بقاصرة عند جماعة كما عرفته،و مؤيدة بالرواية الأُخرى، فالعمل بها أقوى.

خلافاً للحلّي فيبطل الإحرام الثاني و يبقى على عمرته (4)،و يميل إليه جماعة من المتأخرين و منهم الماتن،حيث عزا الحكم إلى الرواية،مشعراً بتوقفه فيه.

و لعلّه من حيث النهي عنه،و وقوع خلاف ما نواه إن أدخل حج التمتع،و عدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره،فبطلانه أنسب.

و الرواية قاصرة السند،فيشكل التعويل عليها في حكم مخالف للأصل؛ مع أنها ليست صريحة في ذلك،لاحتمالها الحمل على متمتع عدل عن الإفراد ثم لبّى بعد السعي،كما ذكره الشهيد قال:لأنه روي التصريح بذلك في رواية أُخرى (5).

ص:250


1- التهذيب 5:/90 296،الإستبصار 2:/175 580،الوسائل 12:412 أبواب الإحرام ب 54 ح 4.
2- الشيخ في الاستبصار 2:243،و التهذيب 5:159؛ و انظر كشف الرموز 1:354،و المنتهى 2:710،و المختلف:267.
3- الدروس 1:333،و المسالك 1:107.
4- السرائر 1:581.
5- الدروس 1:333.

أقول:لعلّها الموثق:رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ثم يبدر له أن يجعلها عمرة،فقال:« إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له» (1)و قد مرّ في بحث جواز الطواف للمفرد و القارن قبل المضيّ إلى عرفات» .و فيه نظر،فإن مورد رواية المسألة المتمتع،و هو حقيقة فيمن حصل فيه مبدأ الاشتقاق حالاً أو ماضياً،و العادل عن الإفراد إلى التمتع متمتع مجازاً،و الأصل في الاستعمال الحقيقة.و التصريح بذلك في الموثقة الأخيرة مع ورودها في المجازي لا يستلزم ورود رواية المسألة فيه؛ إذ لا تلازم و لا داعي،فالرواية بعد الأصل اللفظي صريحة الورود فيما نحن فيه، و مخالفتها الأُصول لا ريب فيه.لكن لا مانع من تقييدها بها بعد اعتبار السند،و التأيد بالخبر الآخر،و الانجبار و الاعتضاد (2)بعمل الأكثر،بل المشهور كما حكي.

و على المختار فهل يجزي عن فرضه أم لا؟وجهان،من أنه عدول اختياري و لم يأت بالمأمور به على وجهه،و من خلوّ النص (3)عن الأمر بالإعادة مع وروده في بيان الحاجة.

و الأصل يقتضي المصير إلى الأول،كما اختاره شيخنا الشهيد الثاني قاطعاً به (4)،و سبطه لكن محتملاً الثاني (5)[في المسالك و الروضة] .

ص:251


1- الفقيه 2:/204 931،التهذيب 5:/90 295،الوسائل 11:290 أبواب أقسام الحج ب 19 ح 1.
2- في« ق»:أو الاعتضاد.
3- في« ك»:النصوص.
4- كما في المسالك 1:107.
5- المدارك 7:283.

و الجاهل عامد؛ لإطلاق النص؛ و اختصاص المقيّد له بالناسي،و به صرّح شيخنا الشهيد الثاني (1).

الثانية إذا أحرم الولي بالصبي فعل به ما يلزم المحرم

الثانية:إذا أحرم الولي بالصبي الغير المميز فعل به ما يلزم المحرم فعله من حضور المواقف من المطاف و السعى و عرفة و غيرها و جنبه ما يجتنبه المحرم من لبس المخيط و الصيد و نحوهما.

و أما المميز فيأمره بفعل ما يمكنه منها. و كلّ ما يعجز عنه يتولّاه الولي بلا خلاف في شيء من ذلك بيننا أجده،و الصحاح بها مع ذلك مستفيضة:

منها:« انظروا من كان معكم من الصبيان،فقدّموه إلى الجحفة أو إلى بطن مَرّ (2)،و يصنع بهم ما يصنع بالمحرم،و يطاف بهم و يرمى عنهم،و من لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليّه» (3).

و منها:« إذا حج الرجل بابنه و هو صغير فإنه يأمره أن يلبّي و يفرض الحج،فإن لم يحسن أن يلبّي لبّوا عنه و يطاف به و يصلّى عنه» قلت:ليس لهم ما يذبحون،قال:« يذبح عن الصغار،و يصوم الكبار،و يتقي ما يتقي المحرم من الثياب و الطيب،فإن قتل صيداً فعلى أبيه» (4).

و يستفاد منه أنه لو فعل ما يوجب الكفارة على المكلّف لو فعله ضمن عنه الولي،لكن لا مطلقاً كما يقتضيه إطلاق العبارة و نحوها،بل خصوص ما يوجبها عمداً و سهواً،و أما غيره فيجب الرجوع

ص:252


1- المسالك 1:107.
2- مَرَّ وزان فلس موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحلة مجمع البحرين 3:481.
3- الكافي 4:/304 4،الفقيه 2:/266 1294،التهذيب 5:/409 1423 بتفاوت،الوسائل 11:287 أبواب أقسام الحج ب 17 ح 3.
4- الكافي 4:/303 1،الفقيه 2:/265 1291،التهذيب 5:/409 1424،الوسائل 11:288 أبواب أقسام الحج ب 17 ح 5.

فيه إلى الأصل؛ لخروجه عن مورد النص.

و حكي هذا عن الأكثر (1)،و ظاهر المتن عن النهاية و الحلبي (2).

و مستنده غير ظاهر،عدا ما قيل (3)من عموم أدلة وجوب الكفارة،و إنما تعلّق بمال الوليّ دون المولّى عليه؛ لأنه غرم أدخله عليه بإذنه،أو الإحرام به.

و في العموم منع؛ لاختصاص ما دلّ على وجوبها بحكم التبادر و الخطاب بمن باشر موجبها من المكلّف خاصة،و إنما أوجبت على الوليّ فيما يوجبها عمداً و سهواً للنص،و هو مختص به،فلا يعمّ ما يوجبها عمداً خاصة،و عمد الصبي خطأ إجماعاً.

فهذا القول ضعيف،كالقول بعدم وجوبها مطلقاً حتى في الأوّل،كما عن الحلّي (4)؛ لابتنائه على أصله من عدم حجية الآحاد،فلا يخصَّص بها الأصل،و هو ضعيف كما برهن عليه في محلّه.

و هنا أقوال أُخر ضعيفة المستند و المأخذ،سيّما في مقابلة النص المعتبر.

و يجب على الوليّ في حج التمتع الهدي في ماله،كما ذكره جماعة (5)؛ قالوا:لأنه غرم أدخله على الصبي،كالنفقة الزائدة،فتكون في ماله.

ص:253


1- كما في المدارك 7:286.
2- حكاه عنهما في كشف اللثام 1:286.
3- كشف اللثام 1:286 و هو في النهاية:216 و الكافي:205.
4- السرائر 1:636.
5- منهم:المحقق في الشرائع 1:247،و العلّامة في القواعد 1:74،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:286.

و في الموثق:« قال لهم يغتسلون ثم يحرمون،و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم» (1).

و في آخر:عن رجل أمر غلمانه أن يتمتعوا،قال:« عليه أن يضحّي عنهم» قلت:فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحّى و بعضهم أمسك الدراهم و صام،قال:« قد أجزأ عنهم،و هو بالخيار إن شاء تركها» قال« و لو أنه ارمهم فصاموا كان قد أجزأ عنهم» (2).

و ربما كان فيهما دلالة على ذلك و لكن الثاني يدل على أنه لو كان الصبي مميزاً جاز للوليّ إلزامه بالصوم عن الهدي و لا يلزمه أن يذبح عنه.

و قريب منه الصحيح الثاني المتقدم،بناءً على أن الظاهر أن المراد من الكبار فيه المميزون.

و لا بأس به و إن كان يظهر من الماتن في الشرائع التردد فيه لنسبته إياه إلى الرواية (3)؛ لاعتبار سندها و تعدّدها.

فبها يصرف ظاهر الأمر بصوم الوليّ عنه إلى التخيير بينه و بين مفادها،أو يقيّد بصورة عجز الصبي عن الصوم؛ فإن الحكم فيها ذلك،كما أشار إليه بقوله: و لو عجز الصبي عن الصوم صام الوليّ عنه قطعاً؛ للأمر به في الصحاح.

منها زيادةً على ما مضى الصحيح:« إذا لم يكن الهدي فليصم عنه

ص:254


1- الكافي 4:/304 6،الوسائل 11:287 أبواب أقسام الحج ب 17 ح 2.
2- الكافي 4:/305 9،الفقيه 2:/266 1295،الوسائل 14:86 أبواب الذبح ب 2 ح 8.
3- الشرائع 1:247.

وليّه إذا[كان]متمتعاً» (1)خرج منها صورة تمكن الصبي من الصوم بما مرّ و بقي غيرها.

و لا ريب أن العمل بمقتضى هذه مطلقاً أحوط و أولى؛ لصحتها و صراحتها، بخلاف الرواية؛ فإنّ صحيحها غير صريح،و صريحها غير صحيح،فتأمل.

الثالثة لو اشترط في إحرامه ثم حصل المانع تحلّل

الثالثة:لو اشترط في إحرامه بأن يحلّه حيث حبسه عند عروض مانع من حصر أو صدّ ثم حصل المانع تحلّل إن شاء و لا يسقط عنه هدي التحلّل بالشرط،بل فائدته جواز التحلل للمحصور و هو الممنوع بالمرض من غير تربّص إلى بلوغ الهدي محلّه،وفاقاً للشيخ و الإسكافي و جماعة (2).

أما جواز التحلل مع نيته فلعلّه لا إشكال فيه،بل و لا خلاف،كما يستفاد من ظاهر المختلف (3)،و صريح غيره.

و أما كونه من غير تربّص فلظاهر الصحاح و غيرها من المعتبرة، أظهرها دلالةً الصحيح:عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج و أحصر بعد ما أحرم،كيف يصنع؟قال:فقال:« أومأ أشترط على ربه قبل أن يحرم أن يحلّه من إحرامه عند عارض عرض له من أمر اللّه تعالى؟» فقلت:بلى قد اشترط ذلك،قال:« فليرجع إلى أهله حلاّ لا إحرام عليه،إنّ اللّه تعالى أحقّ

ص:255


1- ليست هذه عبارة الرواية،بل من كلام الشيخ في التهذيب 5:410 بعد نقل صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج.و قال بعده:روى ذلك محمّد بن القاسم عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:يصوم عن الصبي وليّه إذا لم يجد هدياً و كان متمتعاً.
2- الشيخ في الخلاف 2:431 و نقله عن الإسكافي في المختلف:267؛ و انظر الشرائع 1:247،و المنتهى 2:680 و المختلف:267 و المسالك 1:107.
3- المختلف:267.

من وفى ما اشترط عليه» فقلت:أ فعليه الحج من قابل؟قال:

« لا» (1).و أما عدم سقوط الهدي فللعمومات،و ظاهر الصحيح (2):« إن الحسين بن علي عليهما السلام خرج معتمراً،فمرض في الطريق،فبلغ عليّاً عليه السلام و هو بالمدينة،فخرج في طلبه فأدركه بالسميّا و هو مريض،فقال:يا بنيّ ما تشتكي؟فقال:أشتكي رأسي،فدعا عليه السلام ببدنة فنحرها و حلق رأسه و ردّه إلى المدينة» (3).

و نحوه آخر،إلّا أن فيه:إنه كان ساق بدنة فنحرها (4).

و عليه فلا دخل له،بل و لا للأول أيضاً بالمسألة؛ لأن موضوعها من عدا القارن،و أما هو فلا يسقط الهدي عنه،بل يبعث بهديه،كما في الصحيح (5)، و نفي الخلاف عنه (6)،بل عن فخر الإسلام دعوى إجماع الأُمة عليه (7)،و كأنه لم يعتن بالصدوق في الفقيه و قد عبّر في الفقيه بمضمون الصحيح بعينه غير أنه بدّل قوله عليه السلام« يبعث بهديه» ب« لا يبعث بهديه» (8)لكنه ضعيف.

ص:256


1- التهذيب 5:/81 270،الإستبصار 2:/169 558،الوسائل 12:356 أبواب الإحرام ب 24 ح 3.
2- بناءً على أن الظاهر أن الحسين عليه السلام كان اشترط في إحرامه أن يحلّه حيث حبسه،لإجماعنا فتوًى و نصّاً على استحبابه،و يبعد غاية البعد أن لا يكون قد اشترط مع أنه قد أمر به،فيكون الداخل تحت قوله تعالى «أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ» فتأمّل.(منه رحمه اللّه).
3- الكافي 4:/369 3،التهذيب 5:/421 1465،الوسائل 13:178 أبواب الإحصار و الصد ب 1 ح 3.السقيا بالضم موضع يقرب من المدينة،و قيل:هي على يومين منها.مجمع البحرين 1:221.
4- الفقيه 2:/305 1515،الوسائل 13:186 أبواب الإحصار و الصد ب 6 ح 2.
5- الكافي 4:/371 7،الوسائل 13:185 أبواب الإحصار و الصد ب 4 ح 2.
6- كشف اللثام 1:320.
7- إيضاح الفوائد 1:327.
8- الفقيه 2:306.

و عليه فلا دخل للصحيحين بالمقام؛ لورودهما في القارن،كما صرّح به في أحدهما،و يرجع إليه إطلاق الآخر.

و العمومات من الكتاب و السنّة غير واضحة الشمول لمفروض المسألة،سيّما و أن مفادها وجوب الصبر إلى بلوغ الهدي محلّه،و قد نفته ظواهر الصحاح المتقدم إلى أوضحها دلالةً الإشارة،و ظاهره أيضاً عدم وجوب الهدي،لدلالته على التحلّل بمجرد الإحصار من غير تعرّض له مع وروده في مقام الحاجة،و به صرّح جماعة (1).

و عليه فيتقوّى القول بأن فائدته السقوط كما عليه جماعة،و منهم المرتضى و الحلّي (2)،مدّعيين الإجماع عليه،و هو حجة أُخرى مضافة إلى الأصل و ما مرّ.

و من هنا يظهر ضعف القول بأنه لا فائدة لهذا الشرط،و أنه إنما هو تعبّد بَحت و دعاء مستحب،كما عليه شيخنا الشهيد الثاني في كتابيه (3)، و أكثر العامة،بل عامتهم،كما في الانتصار (4).

مع عدم وضوح مستنده،سوى العمومات و قد مرّ الجواب عنها و الخبرين،أحدهما الصحيح:«و هو حلّ إذا حبسه،أ تشرط أو لم يشترط» (5).

و هما مع ضعف ثانيهما سنداً غير واضحين دلالةً،كما صرّح به

ص:257


1- منهم:صاحبا المدارك 7:289،و الحدائق 15:102.
2- المرتضى في الانتصار:105،الحلي في السرائر 1:533.
3- الروضة 2:369،المسالك 1:108.
4- الانتصار:105.
5- الكافي 4:/333 7،التهذيب 5:/80 267،الوسائل 12:357 أبواب الإحرام ب 25 ح 1. و الخبر الآخر:الكافي 4:/333 6،الفقيه 2:/207 942،التهذيب 5:/80 266،الوسائل 12:357 أبواب الإحرام ب 25 ح 2.

جماعة (1)؛ إذ غايتهما الدلالة على ثبوت التحلّل مع الحبس في الحالين، و نحن نقول به،و لا يلزم من ذلك تساويهما من كل وجه،فيجوز افتراقهما بسقوط الدم مع الشرط،و لزومه بدونه.و لو سلّم فهما محمولان على التقية،لما عرفته.

و مثله القول بأن فائدته جواز التحلّل أصالةً،و بدون الشرط رخصةً، كما عليه الفاضل المقداد و فخر الإسلام (2)؛ لعدم ظهور أثرها في محل البحث و إن ظهر في نحو النذر.

و هنا قول آخر في فائدة هذا الشرط،اختاره الشيخ في التهذيب، و هو سقوط قضاء الحج لمتمتع فاته الموقفان؛ للصحيح:عن رجل خرج متمتعاً بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلّا يوم النحر،فقال:« يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حتى يدخل مكة (3)،فيطوف و يسعى بين الصفا و المروة و يحلق رأسه و ينصرف إلى أهله إذا شاء» و قال:« هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه،فإن لم يكن اشترط فإنّ عليه الحج من قابل» (4).

و ردّه من تأخر عنه بأنه لا يسقط عنه الحج لو كان واجباً مستقراً في الذمة بمجرّد الشرط بلا خلاف،كما في التنقيح (5)،بل بالإجماع،كما في التحرير (6)،و في المنتهى:لا نعلم فيه خلافاً (7).و لعلّ نفي الخلاف

ص:258


1- منهم صاحب المدارك 7:292 و الحدائق 15:108.
2- التنقيح 1:466،الإيضاح 1:292.
3- في الفقيه:حين يدخل الحرم.
4- الفقيه 2:/243 1160،التهذيب 5:/295 1001،الإستبصار 2:/308 1098،الوسائل 14:49 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 2.
5- التنقيح 1:465.
6- التحرير 1:96.
7- المنتهى 2:680.

لرجوع الشيخ عن ذلك في الاستبصار (1).

و إن كان مندوباً لم يجب بترك الاشتراط بلا خلاف،كما في التنقيح (2)،و حملوا الصحيحة المتقدمة و نحوها من الصحاح على الاستحباب،جمعاً بينها و بين الصحاح المعارضة لها.

منها:عن الرجل يشترط في الحج أن يحلّه حيث حبسه،أ عليه الحج من قابل؟قال:« نعم» (3).

و نحوه آخر (4)،و الحسن كالصحيح (5).

و يشهد لهذا الجمع مضافاً إلى الإجماعات المنقولة و الأُصول المقررة المروي عن ابن سعيد في الجامع أنه روى عن كتاب المشيخة لابن محبوب خبراً عن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة،عن مولانا الصادق عليه السلام:في رجل خرج معتمراً فاعتلّ في بعض الطريق و هو محرم،قال:

« ينحر بدنة و يحلق رأسه و يرجع إلى رحله و لا يقرب النساء،فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً،فإذا برئ من وجعه اعتمر إن كان لم يشترط على ربه في إحرامه،و إن كان قد اشترط فليس عليه أن يعتمر إلّا أن يشاء فيعتمر» و يجب أن يعود للحج الواجب المستقر و للأداء إن استمرّت الاستطاعة في قابل،و العمرة الواجبة كذلك في الشهر الداخل،و إن كانا

ص:259


1- الاستبصار 2:169.
2- التنقيح 1:466.
3- التهذيب 5:/80 268،الإستبصار 2:/168 556،الوسائل 13:190 أبواب الإحصار و الصد ب 8 ح 4.
4- الفقيه 2:/306 1516،الوسائل 13:189 أبواب الإحصار و الصد ب 8 ح 3.
5- التهذيب 5:/81 269،الإستبصار 2:/169 557،الوسائل 12:356 أبواب الإحرام ب 24 ح 2.

متطوعين فهما بالخيار (1).

و قصور السند مجبور في محل البحث بما مرّ،و أما في غيره و هو وجوب الهدي و عدم سقوطه بالشرط كما هو ظاهره فلم يظهر له جابر، و لكن العمل به أحوط،بل لا ينبغي أن يترك.

و اعلم أن ما اختاره الماتن من الفائدة في المحصور قد اختارها أيضاً في المصدود،كما يأتي إن شاء اللّه تعالى في بحثه،فلا وجه لتخصيصه بالذكر.و قد يوجّه بأن المراد أنه لا يحتاج إلى التربص حتى يذبح الهدي في موضع الصدّ.و هو بعيد (2).

اللواحق

و من اللواحق:التروك،و هي محرّمات و مكروهات.

المحرّمات

فالمحرّمات أُمور ذكر الماتن منها أربعة عشر

صيد البرّ

:منها: صيد البرّ أي مصيدة،اصطياداً أي حيازةً و إمساكاً و أكلاً و لو صاده محلّ بلا أمر منه و لا دلالة و لا إعانة و إشارةً لصائده إليه و دلالةً له عليه بلفظ و كتابة و غيرهما و إغلاقاً لباب عليه حتى يموت و ذبحاً كلّ ذلك بالكتاب (3)و إجماعنا الظاهر،المصرَّح به في جملة من العبائر (4)،بل عن المنتهى إجماع أهل العلم (5)،و في غيره إجماع المسلمين في الأوّل،و إجماعنا في البواقي (6).

ص:260


1- الجامع للشرائع:222.
2- في« ق»:حَسَن.
3- المائدة:95،96.
4- منهم:صاحب المدارك 7:304،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:319،و صاحب الحدائق 15:135.
5- المنتهى 2:802.
6- انظر كشف اللثام 1:322.

خلافاً للثوري و إسحاق في الأكل مطلقاً (1).

و لأبي حنيفة إذا ذبحه و صاده المحلّ (2).

و السنّة من طرقنا مضافاً إلى عموم الكتاب بردّ هؤلاء،و إثبات تحريم الصيد مطلقاً مستفيضة،بل متواترة.

ففي الصحيح:« لا تستحلّنّ شيئاً من الصيد و أنت حرام،و لا تدلّنّ عليه محلا و لا محرماً فيصطاده،و لا تشر إليه فيستحلّ من أجلك،فإن فيه فداءً لمن تعمّده» (3).

و فيه:« و اجتنب في إحرامك صيد البرّ كلّه،و لا تأكل ممّا صاده غيرك،و لا تشر إليه فيصيده» (4).

و فيه:« و لا تأكل من الصيد و أنت حرام و إن كان أصابه محلّ» (5).

إلى غير ذلك من الصحاح و غيرها.

و هل يحرم الإشارة و الدلالة لمن يرى الصيد بحيث لا يفيده ذلك شيئاً؟الوجه العدم،وفاقاً لجمع (6)؛ للأصل،و اختصاص النص بحكم التبادر و غيره بما تسبّب للصيد،و الدلالة عرفاً بما لا يعلمه المدلول بنفسه.

و إن ضحك،أو تطلّع عليه ففطن غيره فصاده،فإن تعمّد ذلك للدلالة عليه أثم،و إلّا فلا.

ص:261


1- كما نقله عنهما في المغني و الشرح الكبير 3:292.
2- على ما حكاه عنه في المغني 3:292.
3- الكافي 4:/381 1،الوسائل 12:415 أبواب تروك الإحرام ب 1 ح 1.
4- التهذيب 5:/300 1021،الوسائل 12:416 أبواب تروك الإحرام ب 1 ح 5.
5- الكافي 4:/381 3،التهذيب 5:/315 1085،الوسائل 13:68 أبواب كفارات الصيد ب 31 ح 1.
6- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:108،و صاحب المدارك 7:306،و السبزواري في الذخيرة:589،و صاحب الحدائق 15::139.

و كما يحرم الصيد يحرم فرخه و بيضه بلا خلاف يعرف،كما في الذخيرة،قال:و نقل المصنف في التذكرة الإجماع عليه،و يدلُّ عليه الروايات المتضمنة لثبوت الكفارة فيه (1).و سيأتي ذكرها،و تحقيق معنى الصيد،و الخلاف الواقع فيه،في بحث الكفّارات إن شاء اللّه تعالى.

و لو ذبحه المحرم كان ميتة كما في الشرائع و الإرشاد و القواعد و غيرها (2)،و عن الخلاف و السرائر و المهذّب و الجامع (3)،و فيه:

أنه كذبيحة المجوسي.

للحسن أو الموثق:« إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محرم و لا مُحلّ» (4).

و عن التذكرة و المنتهى (5)الإجماع عليه.

و عن النهاية و المبسوط و التهذيب و الوسيلة و الجواهر (6)أنه كالميتة، و في الأخير الإجماع عليه؛ للخبر (7).و مرجعه هنا إلى شيء واحد،و هو كونه حراماً على المحلّ و المحرم و إن اختلفا في نحو النذر.

و لا ريب في شهرة هذا الحكم كما اعترف به جماعة من

ص:262


1- الذخيرة:589.
2- الشرائع 1:249،الإرشاد 1:317،القواعد 1:81؛ و انظر التحرير 1:112.
3- الخلاف 2:404،المهذب 1:230،السرائر 1:546 و 569 و قال فيه:كان حكمه حكم الميتة سواء،الجامع للشرائع:183.
4- التهذيب 5:/377 1316،الإستبصار /214 734،الوسائل 12:432 أبواب تروك الإحرام ب 10 ح 5.
5- التذكرة 1:329،المنتهى 2:803.
6- النهاية:230،المبسوط 1:319،التهذيب 5:377،الوسيلة:163،جواهر الفقه:46.
7- التهذيب 5:/377 1315،الإستبصار 2:/214 733،الوسائل 12:432 أبواب تروك الإحرام ب 10 ح 4.

المتأخرين (1)،بل ظاهر جماعة ممن دأبهم نقل الخلاف حيث كان عدم الخلاف فيه؛ لعدم نقلهم له هنا (2)،و قد مرّ نقل الإجماع عليه صريحاً.

و بجميع ذلك يجبر قصور الخبرين سنداً،مع اعتباره في أحدهما، و تأيدهما بالأخبار الآمرة بدفنه:

منها المرسل كالصحيح:قلت له:المحرم يصيد فيفديه،أ يطعمه أو يطرحه؟قال:« إذاً يكون عليه فداء آخر» قلت:فما يصنع به؟ قال:« يدفنه» (3)و قريب منه الخبر (4).

و أخبارِ تعارض الميتة و الصيد للمحرم المضطرّ (5)،سيّما ما رجّح منها الميتة على الصيد و إن كان العكس لعلّه أظهر،فتدبّر و تأمّل.

خلافاً للمحكي عن الصدوق في المقنع و الفقيه و الإسكافي و المفيد و المرتضى (6)،فلا يحرم مذبوح المحرم في غير الحرم على المحلّ؛ للأصل،و الصحاح المستفيضة،أظهرها دلالةً قول الصادق عليه السلام في أحدها:

« إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه،و يتصدّق بالصيد على مسكين» (7).

ص:263


1- منهم:صاحب المدارك 7:306 و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:320،و صاحب الحدائق 15:143.
2- كالعلّامة في المنتهى 2:308.
3- الفقيه 2:/235 1120،التهذيب 5:/378 1320،الإستبصار 2:/215 740،الوسائل 12:432 أبواب تروك الإحرام ب 10 ح 3.
4- الكافي 4:/233 8،التهذيب 5:/378 1319،الإستبصار 2:/215 739،الوسائل 12:431 أبواب تروك 10
5- 11
6- المقنع:79،الفقيه 2:235،و نقله عن الإسكافي في المختلف:279،المفيد في المقنعة:438،المرتضى في الجمل(رسائل الشريف المرتضى 3):72.
7- التهذيب 5:/377 1317،الإستبصار 2:/214 735،الوسائل 12:432 أبواب تروك الإحرام ب 10 ح 6.

و قوله عليه السلام في آخر:« إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم و هو محرم فإنه ينبغي له أن يدفنه و لا يأكله أحد،و إذا أصابه في الحلّ فإنّ الحلال يأكله و عليه هو الفداء» (1).

و الإصابة في ذيله و إن احتمل ما عدا القتل كما في باقي الصحاح،إلّا أن المراد بها في صدره خصوصه بقرينة الدفن،فيتعدّى إلى الذيل بشهادة السياق.

و المسألة محل إشكال و إن كان الأوّل أرجح؛ للشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة المرجحة لأخباره و إن ضعفت،على أخبار الثاني و إن صحّت،مع قصور أكرهها دلالةً،لما عرفته،و الباقي سنداً عند الأكثر،لكونه من الحسن عندهم بإبراهيم،بل و دلالةً،لاحتمال الباء في« بالصيد» في الخبر الأوّل للسببية،و الصيد المصدرية،و ضعف القرينة في الثاني بعد اختلاف النسخة كما قيل (2)في« يدفنه» فإن بدلها« يفديه» في أُخرى.

و حملهما الشيخان على ما إذا قتله برميه إياه،و لم يكن ذبحه، جمعاً (3).و لا بأس به.

و منها:

النساء

النساء وطئاً و تقبيلاً و لمساً و نظراً بشهوة لا بدونها و عقداً عليهم مطلقاً له أي للمحرم نفسه أو لغيره،و شهادةً له على العقد عليهن.

بلا خلاف يظهر للعبد فيما عدا النظر،بل عليه الإجماع في عبائر

ص:264


1- الكافي 4:/382 6،التهذيب 5:/378 1318،الإستبصار 2:/215 736،الوسائل 12:420 أبواب تروك الإحرام ب 3 ح 2.
2- قال به الحرّ العاملي في الوسائل 12:420.
3- المفيد في المقنعة:438،الطوسي في التهذيب 5:378.

جماعة،كالتحرير في الأوّل (1)،و المدارك صريحاً و غيره ظاهراً فيه و في العقد (2)،و الخلاف و الغنية و المنتهى و التذكرة (3)كما حكي في العقد، و صريح المحكي عن الخلاف و ظاهر غيره في الأخير (4)؛ و فيه الحجة.

مضافاً إلى الكتاب في الأوّل؛ لنفي الرفث فيه في الحج (5)،بناءً على تفسيره بالوطء في الصحيحين (6).

و الصحاحِ المستفيضة و غيرها من المعتبرة القريبة من التواتر،بل المتواترة في الجميع،و سيأتي إلى جملة منها الإشارة في بحث الكفّارات إن شاء اللّه تعالى.

و أما النظر بشهوة فقيل فيه أيضاً أنه لعلّه لا خلاف فيه (7)،بل زيد في بعض العبارات فادّعى الإجماع عليه (8)،مع أنه صرّح الصدوق في الفقيه بأنه لا شيء عليه (9).

و يعضده الأصل،مع عدم دليل على تحريمه من حيث الإحرام عدا النصوص الدالة على لزوم الكفارة به مع الإمناء،كالصحيح:في المحرم

ص:265


1- التحرير 1:112.
2- المدارك 7:310؛ و انظر الذخيرة:589.
3- الخلاف 2:317،الغنية(الجوامع الفقهية):575،المنتهى 2:808،التذكرة 1:342.
4- الخلاف 2:317؛ و انظر الغنية(الجوامع الفقهية):575،و حكاه عنهما في كشف اللثام 1:323.
5- البقرة:197.
6- الفقيه 2:/23 1096،1097،التهذيب 5:/328 1128،الإستبصار 2:/193 647،الوسائل 12:436 أبواب تروك الإحرام ب 14 ح 1،2.
7- الحدائق 15:344.
8- كما في مفاتيح الشرائع 1:327.
9- الفقيه 2:213.

ينظر إلى امرأته و ينزلها بشهوة حتى ينزل،قال:« عليه بدنه» (1).

و الحسن:« و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور،و إن مسّ امرأته و لازمها من غير شهوة فلا شيء عليه» (2).

و هي مخصوصة بصورة الإمناء،فلعلّ الكفارة لأجله،لا للنظر،بل هو المفهوم من الخبر الثاني.

و أما الموثق الموجب للكفارة في هذه الصورة،معلّلاً ب« إني لم أجعلها عليه لأنه أمنى،إنما جعلتها عليه لأنه نظر إلى ما لا يحلّ له» (3)فهو و إن كان ظاهراً في لزوم الكفارة بالنظر خاصة،لكنه ليس نصّاً في النظر مطلقاً حتى إلى المحلّلة،فلعلّه النظر إلى الأجنبية خاصة،كما ربما يفهم من التعليل،و يرشد إليه تنكير المرأة في الرواية،و فهم الشيخ لها منها،فذكرها في حرمة النظر إليها،و أردفها بالصحيح:في محرم نظر إلى غير أهله فأمنى،قال:« عليه دم،لأنه نظر إلى غير ما يحلّ له،و إن لم يكن أنزل فليتّق اللّه و لا يعد،و ليس عليه شيء» (4).

و يستفاد منه أن للإمناء مدخلاً في لزوم الكفارة مع تضمنه التعليل المذكور في الموثقة،و عليه فيزيد ضعف دلالتها على خلاف ما قلناه، و يتأتى فيها الاحتمال الذي ذكرناه في الخبرين السابقين عليها،و حينئذٍ

ص:266


1- الكافي 4:/375 1،الوسائل 13:135 أبواب كفارات الاستمتاع ب 17 ح 1.
2- الكافي 4:/376 4،التهذيب 5:/326 1121،الإستبصار 2:/191 641،الوسائل 13:136 أبواب كفارات الاستمتاع ب 17 ح 3.
3- الكافي 4:/377 7 بتفاوت،الفقيه 2:/213 971،التهذيب 5:/325 1115،علل الشرائع:/458 1،المقنع:76،الوسائل 13:133 أبواب كفارات الاستمتاع ب 16 ح 2.
4- الكافي 4:/377 8،الوسائل 13:135 أبواب كفارات الاستمتاع ب 16 ح 5.

فالجواز أقوى إن لم يكن خلافه إجماعاً.

و اعلم أن الظاهر رجوع القيد في العبارة إلى مجموع الأُمور الثلاثة، فلا تحرم بدون الشهوة،وفاقاً لجماعة (1)؛ للأصل،و المعتبرة،منها الصحيح:عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته،قال:« نعم يصلح عليها خمارها،و يصلح عليها ثوبها و يحملها» (2)قال:أ فيمسّها و هي محرمة؟قال:« نعم» قال:المحرم يضع يده بشهوة،قال:« يهريق دم شاة» (3).

و الحسن:« من مسّ امرأته و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة،و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور،و إن مسّ امرأته و لازمها من غير شهوة فلا شيء عليه» (4).

إلى غير ذلك من النصوص المتقدم بعضها أيضاً،و هي صريحة في الحكمين،و عليه يحمل ما أُطلق فيه المنع من الأخبار،حملَ المطلق على المقيّد،مع كونه الغالب،فيحمل عليه أيضاً ما أُطلق فيه من الفتاوى المحكية عن جمل العلم و العمل و السرائر و الكافي (5)،و يحتمله الكتاب فيما عدا النظر.

ص:267


1- منهم:السبزواري في الذخيرة:590،و صاحب الحدائق 15:345،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:322 و 323.
2- في المصدر:محملها.
3- الكافي 4:/375 2،الوسائل 13:136 أبواب كفارات الاستمتاع ب 17 ح 2.
4- الكافي 4:/376 4،التهذيب 5:/326 1121،الإستبصار 2:/191 641،الوسائل 13:136 أبواب كفارات الاستمتاع ب 17 ح 3.
5- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:322،و هو في الجمل(رسائل الشريف المرتضى 3):70،و السرائر 1:552،و الكافي في الفقه:203.

و لا فرق في حرمة الشهادة على العقد بين كونه لمحلّ أو محرم،كما صرّح به جمع (1)؛ لإطلاق المرسل:« المحرم لا يَنكَح و لا يُنِكح و لا يشهد» (2).

و صريح آخر في الأوّل:في المحرم يشهد على نكاح محلّين،قال:

« لا يشهد» (3).

و بفحواه يستدل على الثاني،و ضعف السند مجبور بالعمل،بل الإجماع كما مرّ.

و الشهادة هو الحضور لغةً،فيحتمل حرمته و إن لم يحضر للشهادة عليه،كما عن الجامع (4).

و لم يذكر الماتن حرمة إقامة الشهادة عليه هنا،مع أنه ذكرها في الشرائع (5)،تبعاً للمبسوط و السرائر (6)،و عزيت إلى المشهور (7).

و استشكل فيها في القواعد (8)،و لعلّه من احتمال دخولها في عموم الشهادة المنهية في الخبرين و الفتاوي؛ و من عموم أدلة النهي عن الكتمان،

ص:268


1- منهم:العلّامة في المنتهى 2:809،و صاحب المدارك 7:311،و السبزواري في الذخيرة:590،و صاحب الحدائق 15:348.
2- الكافي 4:/372 1،التهذيب 5:/33 1136،الوسائل 12:438 أبواب تروك الإحرام ب 14 ح 7.
3- الفقيه 2:/23 1095،التهذيب 5:/315 1087،الإستبصار 2:/188 630،الوسائل 12:417 أبواب تروك الإحرام ب 1 ح 8.
4- الجامع للشرائع:184.
5- الشرائع 1:249.
6- المبسوط 1:317،السرائر 1:547 و 553.
7- كما في المدارك 7:312 و المفاتيح 1:327 و الذخيرة:590.
8- القواعد 1:81.

و توقف ثبوت النكاح شرعاً عليها،و وقوع مفاسد عظيمة إن لم يثبت، بخلاف إيقاعه،إذ لا يتوقف عليه عندنا.

قيل:و لأنها إخبار لا إنشاء،و الخبر إذا صدق و لم يستلزم ضرراً لم يحسن تحريمه،و لأنها أولى بالإباحة من الرجعة،فإنها إيجاد النكاح في الخارج،و إقامة الشهادة إيجاد له في الذهن (1).

و لعلّ هذا أولى؛ لقوة أدلته،مضافاً إلى الأصل،و عدم ثبوت المنع باحتمال الدخول في الخبرين،مضافاً إلى ضعفهما و عدم وضوح جابر معتدّ به لهما هنا.

و بالجواز مع ترتب الضرر على تركها قطع بعض الأصحاب (2).

و المنع على القول به ثابت مطلقاً و لو تحمّلها محلا،على الأشهر، كما قيل.

خلافاً للشيخ فيما إذا تحمّلها محلا (3)،و للتذكرة فخصّه بما إذا وقع بين محرمين،أو محرم و محلّ (4).

و منها:

الاستمناء

الاستمناء باليد أو التخيّل أو الملاعبة،بلا خلاف على الظاهر،المصرَّح به في بعض العبائر (5)؛ للصحاح المستفيضة المتقدم إلى بعضها قريباً الإشارة،و يأتي آخر منها في بحث الكفّارة إن شاء اللّه تعالى.

الطيب

و منها: الطيب بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر،

ص:269


1- إيضاح الفوائد 1:292.
2- المدارك 7:312.
3- كما في المبسوط 1:317.
4- التذكرة 1:343.
5- مفاتيح الشرائع 1:327.

المصرَّح به في عبائر جماعة (1)؛ للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و لكن اختلفوا كالنصوص في عموم تحريمه أو تخصيصه بما يأتي،و الأكثر فتوًى و نصاً على الأوّل.

و قيل:لا يحرم منه إلّا أربع:المِسك و العنبر و الزعفران و الوَرْس (2) و القائل الصدوق في المقنع في نقل (3)،و ابن سعيد كما قيل (4)،و الشيخ في التهذيب (5)؛ للصحيح:« إنما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء» و عدّها كما في العبارة (6).

و في آخر:« الطيب:المسك» و عدّها إلى آخرها (7).

و نحوه ثالث،لكن مبدّلاً فيه الورس بالعود (8).

و فيه:و خلوق الكعبة لا بأس به (9).

و الظاهر أن المراد من هذه الأخبار حصر الطيب الذي يحرم على

ص:270


1- منهم:المجلسي في مرآة العقول 17:307،و السبزواري في الذخيرة:590،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:335.
2- الوَرس صبغ يتخذ منه الحمرة للوجه،و هو نبات كالسمسم ليس إلّا باليمن.مجمع البحرين 4:121.
3- المقنع:73.
4- ابن سعيد في الجامع للشرائع:183،و حكاه عنه في كشف اللثام 1:324.
5- التهذيب 5:299.
6- التهذيب 5:/304 1039،الوسائل 12:444 أبواب تروك الإحرام ب 18 ح 8.
7- التهذيب 5:/299 1015،الإستبصار 2:/18 598،الوسائل 12:446 أبواب تروك الإحرام ب 18 ح 16.
8- التهذيب 5:/299 1014،الإستبصار 2:/179 597،الوسائل 12:446 أبواب تروك الإحرام ب 18 ح 16.
9- هذا من كلام الشيخ في التهذيب 5:299 ذيل الحديث 1015؛ نعم،هناك روايات تدلّ على المطلوب.انظر الوسائل 12:449 أبواب تروك الإحرام ب 21.

المحرم،كما يدل عليه الزيادة في الأخير،و بها و بنحوها يقيّد ما عمّم فيه الطيب أو أُطلق،أو يحمل على الاستحباب،كما يفصح عنهما نفس الصحيح الأوّل،حيث تضمّن صدره المنع عنه بالعموم بقوله:« لا تمسّ شيئاً من الطيب و أنت محرم و لا من الدهن،و اتّق الطيب،و أمسك على أنفك من الريح الطيبة،و لا تمسك عليها من الريح المنتنة» و قال بعده:

« فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذّذ بريح طيبة» إلى أن قال:« و إنما يحرم عليك» .فهذا القول في غاية القوة،لولا ما سيأتي مع ندوره و رجوع الشيخ عنه إلى العموم كما حكي عنه في المبسوط (1).

و أضاف الشيخ في الخلاف إلى الأربعة الكافور و العود ناقلاً الإجماع على نفي الكفارة فيما عدا الستة (2)،و نحوه من غير نقل الإجماع النهاية و ابن حمزة في الوسيلة و ابن زهرة في الغنية (3)،لكنه أسقط الوَرس من الستّة،نافياً الخلاف عن الخمسة الباقية،و حكي الحصر فيها عن الجمل و العقود و المهذّب و الإصباح و الإشارة (4).

و هو ضعيف في الغاية؛ لوجود أخبار صحيحة بالورس،و هي أرجح من أخبار العود من وجوه و إن كان لا بأس بإضافته و إضافة الكافور، للإجماع المنقول في الغنية فيهما.

مضافاً في الكافور إلى فحوى ما دلّ على منع الميت المحرم منه

ص:271


1- حكاه عنه في كشف اللثام 1:324؛ و انظر المبسوط 1:319.
2- الخلاف 2:302.
3- النهاية:219،الوسيلة:162،الغنية(الجوامع الفقهية):575.
4- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:324،و هو في الجمل و العقود(الرسائل العشر):228،المهذب 1:220،إشارة السبق:127.

فالحي أولى؛ و في العود إلى ما ورد فيه من النصوص.

و لا ينافيها،و لا ما دلّ على إضافة الكافور،الحصر في باقي الأخبار في الأربعة التي ليسا منها؛ لقوة احتمال كونه لقلّة استعمال الأحياء للكافور؛ و جواز كون ترك العود لاختصاصه غالباً بالتجمير مع ورود الأخبار الحاصرة فيما عداه فيما يستعمل بنفسه.

و ممّا ذكرنا ظهر قوة ما في الخلاف و إن كان الأحوط المصير إلى ما عليه أكثر الأصحاب،سيّما مع(احتمال) (1)تطرّق الوهن إلى الصحيح الذي هو الأصل في التخصيص،بتضمنه في الكفّارة ما هو خلاف المجمع عليه بين الطائفة فتوًى و روايةً،و لزوم صرف الحصر عن ظاهره كما مرّ بالإضافة إلى الكافور و الورس أو العود،بجعله إضافياً،أي بالنسبة إلى ما يستعمله الأحياء بنفسه لا تجميراً.

و هو ليس بأولى من إبقاء العموم على حاله،و حمله على ما هو أغلظ تحريماً،كما فعله جماعة من أصحابنا (2)،بل لعلّه أولى و إن كان التخصيص بالترجيح أحرى من المجاز حيثما تعارضا؛ فإنّ ذلك حيث لا يلزم إلّا أحدهما،و أما إذا لزم المجاز على كل تقدير فلا ريب أن اختيار فرد منه يجامع العموم أولى من الذي يلزم معه التخصيص أيضاً،كما لا يخفى.

مضافاً إلى أولويته هنا بالشهرة العظيمة بين أصحابنا،و بها يوهن إجماع الخلاف على نفي الكفّارة فيما عدا الستّة،فلا يصلح أيضاً مخصّصاً لعموم الأدلّة.

لبس المخيط للرجال

و منها: لبس المخيط للرجال بلا خلاف،كما عن الغنية (3)،

ص:272


1- ليست في« ق».
2- منهم صاحب المدارك 7:322.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):575.

و في التحرير و التنقيح و موضع من المنتهى (1)،و ظاهره نفيه بين العلماء، مؤذناً بإجماعهم كافة،كما صرح به في موضع آخر منه و التذكرة (2)؛ للصحاح المستفيضة.

منها:« لا تلبس و أنت تريد الإحرام ثوباً تزرّه و لا تدرّعه،و لا تلبس سراويل إلّا أن لا يكون لك إزار،و لا الخفين إلّا أن لا يكون لك نعلان» (3)و في معناه غيره (4).

لكن ليس فيها إلّا النهي عن القميص و القباء و السراويل و الثوب المزرّر و المدرّع،لا مطلق المخيط.

و عن التذكرة أنه قال:ألحق أهل العلم بما نصّ به النبي صلى الله عليه و آله ما في معناه،فالجبّة و الدرّاعة (5)و شبههما ملحق بالقميص،و التبّان و الران (6)و شبههما ملحق بالسراويل،و القلنسوة و شبهها مساوٍ للبرنس،و الساعدان و القفّازان و شبههما مساوٍ للخفّين،قال:إذا عرفت هذا فيحرم لبس[الثياب]المخيطة و غيرها إذا شابهها كالدرع المنسوج و المعقود،كجبة اللبد و الملصق بعضه ببعض،حملاً على المخيط؛ لمشابهته إياه في المعنى من الترفه و التنعم (7).انتهى.

ص:273


1- التحرير 1:114، التنقيح الرائع 1:469،المنتهى 2:781.
2- المنتهى 2:781،التذكرة 1:332.
3- التهذيب 5:/69 227،الوسائل 12:473 أبواب تروك الإحرام ب 35 ح 2.
4- الكافي 4:/24 9،الفقيه 2:/218 998،الوسائل 12:473 أبواب تروك الإحرام ب 35 ح 1.
5- الدُّرّاغة و المِدرع:ضرب من الثياب التي تلبس،و قيل:جُبّة مشقوقة المقدّم.لسان العرب 8:82.
6- التبّان كرُمّان:سراويل صغير يستر العورة المغلّظة.الران:كالخفّ إلّا أنه لا قدم له و هو أطول من الخفّ.القاموس 4:207،232.
7- التذكرة 1:332.

و فيه نظر.

و الأولى الاستدلال عليه بعموم النص؛ إذ ليس فيه اشتراط الخياطة إلّا فيما له أزرار،إلّا أن يمنع انصرافه بحكم التبادر و الغلبة إلى غير المخيط، فيرجع فيه لو لا الإجماع على الإلحاق إلى حكم الأصل،و هو عدم المنع.

و في الدروس:يجب ترك المخيط على الرجال و إن قلّت الخياطة في ظاهر كلام الأصحاب،و لا يشترط الإحاطة،و يظهر من كلام الإسكافي اشتراطها،حيث قيّده بالضامّ للبدن،فعلى الأوّل يحرم التوشح بالمخيط و التدثر (1).انتهى.

و لا يتم الاستدلال على ما يظهر من كلام الأصحاب بالمنع مما له أزار؛ لجواز كونه للضم،كما يستفاد من الصحيح في الطيلسان المزرّر:

« إنما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل،فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه» (2).

و في آخر:« يلبس كل ثوب إلّا ثوباً يتدرّعه» (3).

و في جواز لبس النساء له قولان،أصحّهما الجواز وفاقاً لأكثر الأصحاب،بل عامتهم عدا النادر على الظاهر،المصرَّح به في كلام جماعة (4)،مشعرين بدعوى الإجماع،كما في صريح السرائر و المنتهى و التذكرة (5)،و عن المختلف و التنقيح (6)،بل ظاهر ما عدا

ص:274


1- الدروس 1:376.
2- الكافي 4:/340 8،الفقيه 2:/217 995،علل الشرائع:/408 1،الوسائل 12:475 أبواب تروك الإحرام ب 36 ح 3.
3- الفقيه 2:/218 999،الوسائل 12:475 أبواب تروك الإحرام ب 36 ح 5.
4- منهم:الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:331.و قال في المدارك 7:331 و الحدائق 15:88 و الذخيرة:582:إنه المعروف من مذهب الأصحاب.
5- السرائر 1:544،المنتهى 2:/2 783،التذكرة 1:333.
6- المختلف:266،التنقيح 1:469.

الأخيرين كونه مجمعاً عليه بين العلماء؛ و هو الحجّة.

مضافاً إلى الأصل،مع اختصاص الأدلة المانعة فتوًى و روايةً بالرجل خاصة دون المرأة،و المعتبرة بها مع ذلك مستفيضة،و فيها الصحاح،منها:

« المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القُفّازَين» (1).

خلافاً للنهاية فمنع عما عدا السراويل و الغِلالة (2)،و حجته مع شذوذه،و رجوعه عنه في المبسوط (3)،بل و عدم وضوح عبارته في الكتاب في المنع على بعض النسخ غير واضحة.

عدا ما قيل له من عموم المحرم في خبر النهي لهنّ،و الخطاب لكل من يصلح (4).و هو ممنوع؛ لاختصاص الخطاب حقيقة بالذكر،و التغليب مجاز،و القرينة مفقودة،بل على الجواز كما عرفت موجودة.

نعم لا بأس بالمنع عن القُفّازين؛ للنصوص،منها زيادةً على ما مرّ خبران آخران (5)،مجبور ضعف سندهما بالإجماع المحكي في صريح الخلاف و الغنية (6)،و عن ظاهر المنتهى و التذكرة (7).

ص:275


1- الكافي 4:/344 1،التهذيب 5:/73 243،الإستبصار 2:/308 1099،الوسائل 12:368 أبواب الإحرام ب 33 ح 9.
2- النهاية:218.
3- المبسوط 1:331.
4- كشف اللثام 1:329.
5- الأوّل: الكافي 4:/344 2،التهذيب 5:/74 244،الوسائل 12:366 أبواب الإحرام ب 33 ح 2.الثاني: الكافي 4:/345 6،التهذيب 5:/75 247،الإستبصار 2:/309 1101،الوسائل 12:367 أبواب الإحرام ب 33 ح 3.
6- الخلاف 2:294،الغنية(الجوامع الفقهية):575.
7- المنتهى 2:783،التذكرة 1:333.

خلافاً لبعض متأخري المتأخرين،فأحتمل الإباحة،قال:لأنهما على أحد التفسيرين داخلان في جنس الثياب،و قد دلّ الدليل على جواز لبسها، و على الآخر داخلان في جنس الحُليّ،فيتحد حكمهما معه،و هو جواز اللبس لغير زينة.

و أشار بالتفسير الأوّل إلى ما في السرائر و مجمع البحرين (1)،و حكي عن الصحاح و المنتهى و التذكرة (2)من أنهما شيء يعمل لليدين يحشى بقطن و يكون له أزرار تزرّ على الساعدين من البرد،و تلبسه المرأة في يديها.

و بالثاني إلى ما حكاه و الأوّل عن القاموس من أنهما ضرب من الحُليّ لليدين أو للرجلين (3).و نحوه عن جماعة من أهل اللغة (4).

و فيه:أن ما ذكره من أدلة الجواز على التقديرين عامة،و المانعة خاصة،فلتكن عليها مقدمة.

و الجمع بالكراهة مرجوح بالإضافة إلى التخصيص كما مرّ غير مرّة، و لفظ الكراهة بدل النهي في بعض الأخبار لا يصلح قرينة عليها بالمعنى المصطلح؛ لكونه في الأخبار أعم منها و من الحرمة،و العام ليس فيه على الخاص دلالة.

هذا مع قطع النظر عن الإجماعات المنقولة،و إلّا فهي على المنع و ترجيحه أقوى حجة.

ص:276


1- السرائر 1:544،مجمع البحرين 4:31.
2- الصحاح 3:892،المنتهى 2:783،التذكرة 1:333.
3- القاموس 2:194.
4- منهم:ابن منظور في لسان العرب 5:395،و ابن فارس في معجم مقاييس اللغة 5:6.

و لا بأس بالغلالة بكسر الغين المعجمة،و هي ثوب رقيق تلبس تحت الثياب للحائض تتقي بها عن الدم على القولين أي حتى قول الشيخ في النهاية،فإنه مع منعه عن لبس المخيط لهن قال:و يجوز للحائض أن تلبس تحت ثيابها غلالة تتقى ثيابها من النجاسات.

و بالإجماع الظاهر من العبارة صرّح الفاضلان في الشرائع و المنتهى و التذكرة (1)و غيرهما (2).

و الأصل فيه بعده و بعد الأصل و العمومات المتقدمة خصوص الصحيح:« تلبس المرأة الحائض تحت ثيابها غلالة» (3).

و يجوز أن يلبس الرجل السروال إذا لم يجد إزاراً بغير خلاف أجده،و به صرّح في الذخيرة (4)،مشعراً بدعوى الإجماع عليه،كما عن ظاهر المنتهى و صريح التذكرة (5)،ففيها:بإجماع العلماء،و في الأوّل:

لا نعلم فيه خلافاً؛ للصحيحين (6).

و ليس فيه و الحال هذه فدية على ما صرّح به جماعة،و منهم الفاضل في المنتهى و التذكرة،و فيها:عند علمائنا،و في الأوّل:اتّفق عليه العلماء إلّا مالكاً و أبا حنيفة.

قيل:فإن ثبت الإجماع،و إلّا عمّه دليل الوجوب الآتي في بحث

ص:277


1- الشرائع 1:249،المنتهى 2:783،التذكرة 1:333.
2- انظر المدارك 7:333.
3- الفقيه 2:/219 1011،التهذيب 5:/76 251،الوسائل 12:501 أبواب تروك الإحرام ب 52 ح 1.
4- الذخيرة:601.
5- المنتهى 2:782،التذكرة 1:332.
6- المتقدمين في ص:2918.

الكفارة (1).

و في الغنية و عن الإصباح (2):أنه عند قوم من أصحابنا لا يلبس حتى يفتق و يجعل كالمئزر،و أنه أحوط.

و في الخلاف:لا يلزمه الفتق؛ للأصل،و خلوّ النص (3).

و هو حسن،مع أنه على اعتبار الفتق يخرج عن المخيط،و لا يتقيّد بالضرورة.

و لا بأس ب لبس الطيلَسان و إن كان له أزرار و لكن لا يزرّه عليه كما في الصحاح (4).

و إطلاقها يشمل حالتي الضرورة و الاختيار،و هو ظاهر الكتاب و الشرائع و القواعد و التحرير و الدروس و المحكي عن الفقيه و في المقنع و المبسوط و التذكرة (5).

خلافاً لظاهر الإرشاد فخصّه بالضرورة (6)،و هو كما قيل (7)شاذّ، و دليله غير معروف.

و هو كما في مجمع البحرين واحد الطيالسة،و هو ثوب محيط بالبدن ينسج للّبس،خالٍ عن التفصيل و الخياطة،و هو من لباس العجم،و الهاء

ص:278


1- كما قاله في كشف اللثام 1:329.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):575،و حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:329.
3- الخلاف 2:297.
4- الوسائل 12:474 أبواب تروك الإحرام ب 36.
5- الشرائع 1:250،القواعد 1:82،التحرير 1:96،الدروس 1:376،حكاه عن الفقيه في كشف اللثام 1:329،و هو في الفقيه 2:217،المقنع:71،المبسوط 1:320،التذكرة 1:326.
6- الإرشاد 1:318.
7- قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:331.

في الجمع للعجمة،لأنه فارسي معرّب تالشان (1).

و نحوه عن شيخنا الشهيد الثاني (2).

و عن المطرزي أنه من لباس العجم مدوّر أسود (3).

و لبس ما يستر ظهر القدم

و منها: لبس ما يستر ظهر القدم كالخفّين و النعل السندي فيما قطع به المتأخرون على الظاهر،المصرَّح به في الذخيرة (4)،بل في المدارك الأصحاب كافة (5)،و نفى عنه الخلاف في الغنية (6)،مؤذناً بدعوى إجماع العلماء كافة.

للمعتبرة المستفيضة،و فيها الصحاح:

منها:« و لا خفّين إلّا أن لا يكون لك نعلان» (7).

و منها:« أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفّين إذا اضطرّ إلى ذلك،و الجوربين يلبسهما إذا اضطرّ إلى لبسهما» (8).

و منها:عن المحرم يلبس الجوربين؟قال:« نعم،و الخفّين إذا اضطرّ إليهما» (9).

لكنها مختصة بالخفّ و الجورب.قيل:و عليهما اقتصر في المقنع

ص:279


1- مجمع البحرين 4:82.
2- المسالك 1:110.
3- راجع المغرب 2:16.
4- الذخيرة:594.
5- المدارك 7:337.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):575.
7- التهذيب 5:/69 227،الوسائل 12:500 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 1.1
8- التهذيب 5:/384 1341،الوسائل 12:500 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 2.
9- الكافي 4:/437 2،الفقيه 2:/217 996،الوسائل 12:501 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 4.

و التهذيب،و على الخفّ في النهاية،و عليه و على الشُّمِشك في المبسوط و الخلاف و الجامع،و لم يتعرض لشيء من ذلك في المصباح و مختصره، و لا في الكافي و لا في جمل العلم و العمل و لا في المقنعة و لا في المراسم و لا في الغنية (1).

و الظاهر كفاية نفي الخلاف في الغنية مع سابقيه اللذين أقلّهما الشهرة العظيمة في التعدية.و يحتمل قوياً خروج الخف و الجورب في الفتوى و النص على مجرى الغالب.

و لا يحرم إلّا ستر ظَهر القدم بتمامه باللبس،لا ستر بعضه،و لا الستر بغير اللبس،كالجلوس،و إلقاء طرف الإزار،و الجعل تحت الثوب عند النوم،و غيره.

كلّ ذلك للأصل،و الخروج عن مورد الفتوى و النص،و هو نص جمع (2)،بل قيل:عندنا (3)،مشعراً بدعوى إجماعنا.

و من ذلك يظهر(قوة) (4)اختصاص المنع بالرجل،دون المرأة،كما هو خيرة جماعة و منهم الشهيد،ناقلاً له عن العماني (5)،مؤيداً بالصحيح:

« تلبس ما شاءت من الثياب» (6)إن دخل نحو الخفّ فيها،و النصوص بأن إحرامها في وجهها (7).

ص:280


1- كشف اللثام 1:329.
2- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:110،و صاحب المدارك 7:337،و صاحب الذخيرة:594.
3- كشف اللثام 1:329.
4- ليست في« ش».
5- انظر الدروس 1:377.
6- تقدم مصدره في ص:2920.
7- انظر الوسائل 12:493 أبواب تروك الإحرام ب 48.

و إن اضطرّ إلى اللبس جاز إجماعاً،كما في السرائر و المختلف (1)،و في المنتهى:لا نعلم فيه خلافاً (2)؛ للأصل،و الصحاح السابقة،مضافاً إلى الخبر،بل الصحيح كما قيل (3):في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل؟قال:« نعم لكن يشقّ ظهر القدم» (4)و نحوه آخر (5).

و لأجلهما قل:يشقّ عن ظهر القدم و القائل الشيخ و أتباعه كما قيل (6).

و ظاهر المتن و التحرير (7)التردد فيه؛ و لعلّه لقصور سند الخبرين،بل ضعف ثانيهما جدّاً،و قوة احتمال ورودهما مورد التقية،لموافقتهما لمذهب أكثر العامة و منهم أبو حنيفة على ما في الخلاف و غيره (8)،فلا يصلحان لتخصيص الأصل و إطلاق ما مرّ من الصحاح،سيّما مع ورودها في مقام البيان.

فالأقوى عدم وجوب الشق،بل عدم جوازه؛ فإن فيه إتلافاً للمال المحترم،فتأمّل.

و عليه جماعة من الأصحاب،و منهم الحلّي،مدعياً الإجماع عليه (9)،

ص:281


1- السرائر 1:543،المختلف:270.
2- المنتهى 2:782.
3- مجمع الفائدة و البرهان 6:304،الذخيرة:594.
4- الفقيه 2:/218 997،الوسائل 12:501 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 5.
5- الكافي 4:/346 1،الوسائل 12:501 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 3.
6- الذخيرة:594،الحدائق 15:443.
7- التحرير 1:114.
8- الخلاف 2:295؛ و انظر السرائر 1:543،و المنتهى 2:782،و التذكرة 1:332.
9- السرائر 1:250.

و يشعر به أيضاً عبارة الشرائع (1).

و هل يجب الفدية؟قيل:نعم (2).و في المسالك:لا،عند علمائنا، قال:نصّ عليه في التذكرة (3).

الفسوق

و منها: الفسوق بالكتاب (4)و السّنة (5)و الإجماع،و هو محرّم على كل حال،و إنما عدّ من محرّمات الإحرام لخصوص نهي المحرم عنه في الثلاثة،و لذا كان فيه آكد،كما ذكره جماعة (6).

و هو الكذب مطلقاً كما عليه الأكثر،بل لا خلاف فيه يظهر إلّا من الغنية (7)،و المحكي عن المهذّب و المصباح و الإشارة (8)،حيث خصّوه بالكذب على اللّه تعالى و رسوله صلى الله عليه و آله أو أحد من الأئمة عليهم السلام.

و عن الجمل و العقود،فجعله الكذب على اللّه سبحانه خاصة (9).

و حجتهم غير واضحة،عدا ظاهر دعوى الإجماع في الغنية،و هو مع وهنه بمصير معظم الأصحاب على خلافه معارض بأجود منه،و هو المعتبرة المستفيضة و إن اختلفت من وجه آخر،و هو الاقتصار على الكذب المطلق

ص:282


1- الشرائع 1:250.
2- كشف اللثام 1:329.
3- المسالك 1:110.
4- البقرة:197.
5- الوسائل 12:463 أبواب تروك الإحرام ب 32.
6- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:110.
7- الغنية(الجامع الفقهية):575.
8- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:327 و فيه بدل المصباح:الإصباح،و هو في المهذب 1:221،و الإشارة:128.
9- الجمل و العقود(الرسائل العشر):228.

كما عليه جماعة (1)،و هي النصوص المروية في معاني الأخبار و تفسير العياشي (2)(و عن التبيان) (3)و مجمع البيان و روض الجنان (4):أنه رواية الأصحاب،مشعرين بدعوى الإجماع،فينجبر به ضعف السند أو قصوره حيث كان.

أو زيادة السباب كما في الصحيح (5)،و عليه المرتضى و الإسكافي و جماعة من المتأخرين (6)،و لكن جعل في رواية المعاني من جملة الجدال.

أو المفاخرة بدله،كما في آخر (7).

و جمع بينهما في المختلف بأن المفاخرة لا تنفك عن السباب؛ لأنها إنما تتم بذكر فضائل له و سلبها عن خصمه،أو سلب رذائل عن نفسه و إثباتها لخصمه (8).

و فيه:أنها جعلت في الصحيح لراوي الأوّل مأموراً بها على حدة بعد تفسير الفسوق بالكذب و السباب خاصة (9)،مشعراً بالتغاير بينهما.

ص:283


1- منهم الشيخ في المبسوط 1:320 و المحقق في الشرائع 1:250 و العلّامة في الإرشاد 1:317.
2- معاني الأخبار:/294 1،تفسير العياشي 1:/95 256،الوسائل 12:467 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 8،9.
3- ما بين القوسين ليست في« ح» و« ك».
4- التبيان 2:164،مجمع البيان 1:294،روض الجنان(تفسير أبي الفتوح)1:322.
5- التهذيب 5:/296 1003،الوسائل 12:463 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 1.
6- المرتضى في الجمل(رسائل الشريف المرتضى 3):65،و حكاه عن الإسكافي في المختلف:270؛ و انظر الدروس 1:387،و المفاتيح 1:341.
7- التهذيب 5:/297 1005،الوسائل 12:465 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 4.
8- المختلف:270.
9- الكافي 4:/337 3،الوسائل 12:465 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 5.

و التفسير بها خاصة مع عدم ظهور قائله و عدم معلوميته و إن حكاه الشهيد في بعض حواشيه كما قيل (1)لا ريب في ضعفه.

و نحوه في الضعف تفسيره بالكذب و البذاء و اللفظ القبيح (2)؛ لجعل القبيح في الصحيح المزبور من جملة التفث،لا الفسوق،بعد أن فسّر بالكذب و السباب خاصة.

و عن التبيان الأولى حمله على جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها (3).قيل:و تبعه الراوندي (4).

و لا ثمرة معنوية هنا بعد القطع بحرمة الجميع و عدم وجوب الكفارة فيه سوى الاستغفار كما في الصحيح (5).

نعم ربما تظهر في نحو النذر،أو إذا قلنا بإفساده الإحرام كما عن المفيدة (6)و لكنهما نادران و إن كان ربما يستأنس للمفيد بملاحظة الصحيح:

عن قول اللّه عزّ و جل: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ [1] قال:« إتمامها أن لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج» (7)و نحوه آخر (8)،فتأمّل.

الجدال

و منها: الجدال بالأدلة الثلاثة المتقدمة.

و هو قول:لا و اللّه،و بلى و اللّه،خاصة عند الأكثر،و في الغنية الإجماع عليه (9).و لكن يحتمل رجوعه إلى تفسير الجدال بالخصومة

ص:284


1- الذخيرة:593.
2- نقله عن العماني في المختلف:270.
3- التبيان 2:164.
4- كما في كشف اللثام 1:327.
5- الكافي 4:/337 1،الوسائل 13:148 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 2 ح 2.
6- المقنعة:432.
7- الكافي 4:/337 2،الوسائل 12:466 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 6.
8- التهذيب 5:/296 3.1،الوسائل 12:463 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 1.
9- الغنية(الجوامع الفقهية):575.

المؤكدة باليمين بمثل الصيغتين،لا إليهما،و نقل عن المرتضى الإجماع عليه أيضاً (1).

و بمثل ذلك يمكن الجواب عن الصحاح المستفيضة و غيرها المفسِّرة للجدال بهما (2)،بإرادة الردّ بذلك على من جعل الجدال مطلق الخصومة، لا الخصومة المؤكدة باليمين و لو مطلقها.

و ربما يستفاد ذلك من الصحيح:عن المحرم يريد العمل فيقول له صاحبه:و اللّه لا تعمله،فيقول:و اللّه لأعملنّه،فيحالفه مراراً،يلزم ما يلزم الجدال؟قال:« لا،إنما أراد بهذا إكرام أخيه،إنما كان ذلك ما كان فيه معصية» (3).

فإن تعليل نفي الجدال بذلك دون فقد الصيغتين أوضح شاهد على أنه لولا إرادة الإكرام لثبت الجدال بمطلق« و اللّه» كما هو فرض السؤال.

و على هذا فيقوّى القول بأنه مطلق الحلف باللّه تعالى و ما يسمى يميناً كما عليه الماتن هنا و الشهيد في الدروس (4)،وفاقاً للانتصار و جمل العلم و العمل على ما نقل (5).

و أما الاستدلال لهذا القول بالصحيح:« إذا حلف الرجل بثلاثة أيمان ولاءً في مقام واحد و هو محرم فقد جادل و عليه دم يهريقه و يتصدّق به،

ص:285


1- حكاه عنه في كشف اللثام 1:327 و هو في الانتصار:95.
2- انظر الوسائل 12:463 أبواب تروك الإحرام ب 32.
3- الكافي 4:/338 5،الفقيه 2:/214 973،علل الشرائع:/457 1،مستطرفات السرائر:/32 30،الوسائل 12:466 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 7.
4- الدروس 1:386.
5- الانتصار:95،جمل العلم و العمل(رسائل الشريف المرتضى 3):66،نقله عنهما في كشف اللثام 1:328.

و إذا حلف يميناً واحدة كاذبة فقد جادل و عليه دم يهريقه و يتصدّق به» (1).

ففيه أنه مطلق يحتمل التقييد بما في الصحاح،و إنما أُطلق لأن المقصود فيه بيان ما يوجب الكفارة منها و الفصل بين الصادقة و الكاذبة.

بل الأجود الاستدلال بما عرفته من الصحيح.

و ربما يستأنس به لما يحكى عن الإسكافي من العفو عن اليمين في طاعة اللّه تعالى و صلة الرحم ما لم يدأب في ذلك (2)،و حكاه في الدروس عن الفاضل و الجعفي (3)،و لا بأس به.

و في جواز دفع الدعوى الكاذبة بالصيغتين أو الحلف مطلقاً قول قوي،وفاقاً للشهيدين و غيرهما من المتأخرين (4)؛ عملاً بأدلة نفي الضرر، و حملاً لعموم الآية و الأخبار على صورة الاختيار دون الاضطرار.

و على الجواز ففي سقوط الكفارة أو ثبوتها إشكال.و الأوّل لعلّه أقوى،وفاقاً للشهيدين و سبط ثانيهما (5).

قتل هوامّ الجسد

و منها: قتل هوامّ الجسد بالتشديد جمع هامّة،و هي دوابّه كالقمل.و المنع عن قتلها مطلقاً في الثوب كانت أو في البدن مشهور بين الأصحاب،كما صرَّح به جمع (6)؛ للصحيح:« يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل

ص:286


1- الكافي 4:/337 3،الوسائل 13:146 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 1 ح 3.
2- نقله عن الإسكافي في المختلف:271.
3- الدروس 1:387.
4- الشهيد الأوّل في الدروس 1:387،الشهيد الثاني في المسالك 1:110؛ و انظر المدارك 7:342.
5- المدارك 7:342.
6- منهم:صاحب المدارك 7:343،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1:340،و صاحب الحدائق 15:505.

دابة» (1).

و قريب منه آخر:« إذا أحرمت فاتّق قتل الدواب كلّها إلّا الأفعى و العقرب و الفأرة» (2).

و هما و إن لم ينصّا على العنوان إلّا أنه داخل في عمومها،و لم أعرف عليه نصّاً بالخصوص،فالتعبير بما فيهما كما عن جماعة من القدماء أولى (3).

و عن الأكثر التنصيص على خصوص القمل؛ لورود النصوص الكثيرة المتضمنة للصحاح و غيرها فيها بالخصوص (4).

إلّا أن الصريح منها في حرمة قتله للتعبير فيه عنها بعد أن سئل عنه ب « بئس ما صنع» (5)ضعيف السند،معارض بالصحيح:في محرم قتل قملة، قال:« لا شيء عليه في القملة،و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها» (6)و لفظة «لا ينبغي» و عموم الشيء المنفي و شموله للعقاب ظاهران في عدم التحريم (7).

و نحوه في العموم الصحيح:« لا بأس بقتل القمل في الحرم و غيره» (8).

ص:287


1- الكافي 4:/366 7،الفقيه 2:/230 1092،المقنع:75،الوسائل 12:534 أبواب تروك الإحرام ب 73 ح 4.
2- التهذيب 5:/1273 365،الوسائل 12:545 أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 2.
3- منهم:الصدوق في المقنع:77،و الشيخ في النهاية:219.
4- الوسائل 12:539 أبواب تروك الإحرام ب 78.
5- الكافي 4:/362 1،الوسائل 12:539 أبواب تروك الإحرام ب 78 ح 1.
6- الكافي 4:/362 2،الوسائل 12:539 أبواب تروك الإحرام ب 78 ح 2.
7- إلّا أن الخبر السابق نصّ بالإضافة إليهما،فيحملان عليه بحمل لفظة« لا ينبغي» على التحريم،كما شاع استعمالها فيه في الأخبار،و تخصيص الشيء بالكفارة لاستحبابها على الأقوى و إن قلنا بتحريم إلقاء النملة و قتلها.(منه رحمه اللّه).
8- الفقيه 2:/172 761،الوسائل 12:551 أبواب تروك الإحرام.ب 84 ح 3.

و المرسل:« لا بأس بقتل البرغوث و القملة و البقة في الحرم» (1)و هما يعمّان المحرم و غيره (2).

و ما عداه من الصحاح لم تنصّ بتحريم القتل،بل هي ما بين مانعة عن النزع و عن الإلقاء،و موجبة للكفارة بهما،و هما غير المدّعى و إن قيل يستفاد من الأوّل بطريق أولى (3)؛ لعدم وضوحه،سيّما و قد حكي عن ابن حمزة أنه حكم بحرمة الإلقاء و جواز القتل على البدن (4)،و عن جماعة من القدماء (5)أنهم لم يذكروا إلّا الإزالة عن نفسه و الإلقاء دون قتله.

و على تقدير وضوحه يعارض ما دلّ منها على حرمة الإلقاء بما دلّ من الصحاح المتقدمة و غيرها من جواز قتله؛ لاستلزامه جواز الإلقاء بطريق أولى.

مضافاً إلى صريح بعض الأخبار:عن المحرم يلقي القملة،فقال:

« ألقوها أبعدها اللّه تعالى غير محمودة و لا مفقودة» (6).

و ما دلّ منها على وجوب الكفارة بمثلها ممّا دلّ على عدم وجوبها (7)، و الجمع بينها يقتضي استحبابها،كما عليه جماعة من المحققين (8).

ص:288


1- الكافي 4:/364 11،الوسائل 12:551 أبواب تروك الإحرام ب 84 ح 4.
2- لكن الخبر السابق نصّ في المحرم،فينبغي حملهما على غيره،جمعاً و حملاً للعام على الخاص(منه رحمه اللّه).
3- كشف اللثام 1:328.
4- حكاه عنه في كشف اللثام 1:328،و هو في الوسيلة:162 و 163.
5- منهم:الشيخ في الاقتصار:302،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):575،القاضي في المهذب 1:221.
6- التهذيب 5:/337 1164،الإستبصار 2:/197 662،الوسائل 12:540 أبواب تروك الإحرام ب 78 ح 6.
7- الوسائل 13:168 أبواب بقية الكفارات ب 15.
8- منهم:المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 6:301،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:328.

و بالجملة:التمسك بهذه النصوص لإثبات حرمة قتل القملة فضلاً عن غيرها من هوامّ الجسد لا وجه له،سيّما و الأخبار المجوّزة مع موافقتها للأصل مخالفة للعامة كما قيل (1)،بخلاف المانعة.

بل العمدة في إثبات الحرمة ما قدّمناه من الصحيحين.

مع إمكان التأمل في ثانيهما بظهور الاستثناء فيه في كون الدواب الممنوع عن قتلها من قبيل المستثنى،كما صرَّح به بعض المحدّثين، و يعضده ورود النصوص بالرخصة في قتل البقّ و البرغوث.

و كونِ المتبادر من الدابة في أوّلهما خصوص القملة لا غير،فيعارضه أيضاً ما دلّ على جواز قتلها،و لذا صرّح بعض المحدّثين بالكراهة في القملة قتلاً و إلقاءً،بل و غيرها،لكن فيها أشدّ كراهة.

و لا يخلو عن قوة لولا اتّفاق الأصحاب ظاهراً على حرمة إلقاء القملة،و عن ابن زهرة أنه نفى الخلاف عنه في الغنية (2).و أما قتلها فهو و إن قال به ابن حمزة، لكنه شرط وقوعه على البدن،لا مطلقاً (3)،كما هو ظاهر الأخبار المجوزة،فهي إذاً شاذة لا عامل بها،و بشذوذ قول ابن حمزة أيضاً صرَّح بعض أصحابنا (4).

و حينئذٍ فيتعين في القملة القول بالحرمة قتلاً و إلقاءً،و يشكل في غيرها من سائر هوامّ الجسد،خصوصاً الإلقاء.بل الظاهر جوازه؛ لما سيأتي من النص الصحيح بجوازه عموماً في الدواب،و خصوصاً في بعضها،و أما القتل فالأحوط التجنب عنه.

و يجوز نقله من مكان إلى آخر من الجسد بلا خلاف؛ للصحيح

ص:289


1- الحدائق 15:508.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):575.
3- انظر الوسيلة:163.
4- الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:340.

« المحرم يلقي عنه الدواب كلّها إلّا القملة فإنها من جسده،فإذا أراد أن يحوّله من مكان إلى مكان فلا يضرّه» (1).

و إطلاقه كالفتوى يقتضي عدم اشتراط كون المنقول إليه مساوياً أو أحرز.فالقول به كما يحكى عن بعضهم (2)تقييد للنصّ من غير وجه، إلّا أن يريد به عدم كونه معرضاً للسقوط قطعاً أو غالباً،فلا بأس به فإنه في معنى الإلقاء.

و لا بأس بإلقاء القُراد و الحَلَم بفتح الحاء و اللام جمع حَلَمة كذلك،و هي القُراد العظيم كما عن الجوهري (3)،بلا خلاف إذا كان عن نفسه؛ للصحيح الآتي.

و كذا عن بعيره في القُراد،و في الحملة عنه قولان،أجودهما المنع، وفاقاً للتهذيب و جمع (4)؛ للصحيحين (5)و غيرهما (6)،المصرّحة بالفرق بينها

ص:290


1- الفقيه 2:/230 1091،التهذيب 5:/336 1161،الوسائل 12:540 أبواب تروك الإحرام ب 78 ح 5.
2- اختاره في المسالك 1:110.
3- الصحاح 5:1903.و القرُاد:ما يتعلّق بالبعير و نحوه،و هو كالقمل للإنسان.المصباح المنير:496.
4- التهذيب 5:338؛ و انظر المدارك 7:345،و مفاتيح الشرائع 1:341،و الوسائل 12:542 الباب 80،و كشف اللثام 1:328.
5- الأوّل: الفقيه 2:/232 1106،التهذيب 5:/338 1167،الوسائل 12:542 أبواب تروك الإحرام ب 80 ح 1.الثاني: الكافي 4:/364 8،الفقيه 2:/232 1107،الوسائل 12:543 أبواب تروك الإحرام ب 80 ح 2.
6- التهذيب 5:/338 1168،الوسائل 12:543 أبواب تروك الإحرام ب 80 ح 4.

و بين القُراد في حقه.

خلافاً للمحكي عن الأثر فالجواز (1)،و مستندهم غير واضح عدا ما يقال من الصحيح:أ رأيت إن وجدت عليّ قُراداً أو حَلَمة أطرحهما؟قال:

« نعم و صغار لهما،إنهما رقيا في غير مرقاهما» (2).

و هو كما ترى؛ فإن مورده النفس،بل ظاهر التعليل يدل على المنع في البعير،فتدبر.

و ربما يستفاد منه المنع عن إلقاء كل ما يرقى في الجسد من نحو البرغوث،و لعلّه المراد من هوامّ الجسد من نحو المتن،فيتّضح له المستند.و لا يضرّ تخالف المتن و النصّ في الاطراح و القتل؛ لاحتمال التعدي من أحدهما إلى الآخر بفحوى الخطاب،كما صرّح به جمع (3).

و لكنه على تقدير وضوحه معارض بصريح ما دلّ من النصوص على جواز قتل المحرم البقّ و البرغوث،منها زيادة على ما مرّ الصحيح المروي في آخر السرائر:عن المحرم يقتل البقة و البرغوث إذا أذاه قال:

« نعم» (4).

و نحوه الخبر مبدلاً فيه الشرط ب« إذا رآه» في نسخة،و ب« إذا أراده» في أُخرى (5).

ص:291


1- كما في المدارك 7:344.
2- الكافي 4:/362 4،الفقيه 2:/229 1085،التهذيب 5:/337 1162،المقنع:57،علل الشرائع:/457 1،الوسائل 12:541 أبواب تروك الإحرام ب 79 ح 1.
3- منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:328.
4- مستطرفات السرائر:/32 33،الوسائل 12:540 أبواب تروك الإحرام ب 78 ح 7.
5- الكافي 4:/364 6،الوسائل 12:542 أبواب تروك الإحرام ب 79 ح 3.

و هو أحد القولين و أجودهما،وفاقاً لجماعة (1)،خلافاً لآخرين فالمنع (2)،و هو أحوطهما.

استعمال دهن فيه طيب

و يحرم عليه استعمال دهن فيه طيب بلا خلاف ظاهر و لا محكي إلّا عن الشيخ في الجمل فكرهه (3).و هو نادر،بل على خلافه الإجماع في صريح التحرير (4)،و في المنتهى:إنه قول عامة أهل العلم (5).

و تجب به الفدية إجماعاً؛ و هو الحجة،مضافاً إلى الأخبار المستفيضة عموماً و خصوصاً.

ففي الصحيح (6)و غيره (7):« لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك و لا عنبر،من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم و ادّهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم،فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحلّ» .و مقتضاهما حرمة استعماله قبل الإحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى

ص:292


1- منهم:القاضي في المهذب 1:221،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):575،و الشهيد الثاني في المسالك 1:110.
2- منهم:الشيخ في المبسوط 1:320،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:193 و صاحب المدارك 7:343.
3- الموجود في الجمل وجوب الاجتناب عن الأدهان الطيّبة،نعم قال بكراهة استعمالها قبل الإحرام إذا كانت رائحتها تبقى إلى وقت الإحرام.راجع(الرسائل العشر):228،229.
4- التحرير 1:115.
5- المنتهى 2:787.
6- الكافي 4:/329 2،التهذيب 5:/303 1032،الاستبصار 2:/181 603،علل الشرائع:/451 1،الوسائل 12:458 أبواب تروك الإحرام ب 29 ح 1.
7- الفقيه 2:/202 921،الوسائل 12:458 أبواب تروك الإحرام ب 29 ذيل الحديث 1.

وقت الإحرام،و جواز الدهن بغير المطيب قبله.

و لا خلاف في الثاني،بل عن التذكرة و المنتهى (1)الإجماع عليه، و الصحاح به مع ذلك مستفيضة (2).

و ليس في شيء منها اشتراط عدم بقاء عينه بعد الإحرام،مع مخالفته الأصل.

و قيل باشتراطه (3)،و لا وجه له.

نعم،في الصحيح:« لا بأس بأن يدهن الرجل قبل أن يغتسل للإحرام و بعده،و كان يكره الدهن الخاثر الذي يبقى» (4).

و مراعاته أحوط و إن كان في دلالته على التحريم نظر.

و أما الأوّل فعليه الأكثر،و به أخبار أُخر بعضها أيضاً صحيح السند (5).

خلافاً للمحكي عن ابن حمزة و جماعة فالكراهة (6)؛ للأصل، و إطلاق جملة من الصحاح بجواز الادّهان قبل الإحرام (7).

و يجب الخروج عنهما بما مرّ،بحملها على الادّهان بما ليس بمطيب،أو صورة عدم بقاء الأثر،حملَ المطلق على المقيد.

و لا بأس ب استعمال ما ليس بطيب عند الضرورة بالنص

ص:293


1- التذكرة 1:335،المنتهى 2:787.
2- الوسائل 12:460 أبواب تروك الإحرام ب 30.
3- المسالك 1:110.
4- الكافي 4:/329 4،الوسائل 12:460 أبواب تروك الإحرام ب 30 ح 3.
5- الوسائل 12:458 أبواب تروك الإحرام ب 29.
6- حكاه عن ابن حمزة في المدارك 7:348،و هو في الوسيلة:164؛ و انظر الجمل و العقود(الرسائل العشر):229،و المهذب 1:221.
7- انظر الوسائل 12:460 أبواب تروك الإحرام ب 30.

و الإجماع الظاهر،المصرَّح به في عبائر جماعة (1).

و فيه بدونها خلاف،و ظاهر المتن المنع،و عليه الأكثر.و هو الأظهر؛ للصحيح المتقدم،و نحوه آخر:« لا تمسّ شيئاً من الطيب و لا من الدهن في إحرامك (2).

و المراد بالمسّ فيه الادّهان،لا مطلقة؛ لجوازه في نحو الأكل إجماعاً كما في الروضة (3)،و عن التذكرة و عن الخلاف و الدروس (4)نفي الخلاف عنه.

خلافاً للمحكي عن صريح المفيد و ظاهر جماعة (5)،فجوّزوه على كراهية؛ جمعاً بين الأخبار المانعة و الناصّة على جواز الادّهان بعد الغسل قبل الإحرام،فإن الظاهر بقاؤه عليه إلى الإحرام،و تساوي الابتداء و الاستدامة.

و فيهما منع.و على تقديرهما فالمانعة أوضح دلالةً على المنع من هذه على الجواز.

و أما الاستدلال لهم بالأخبار المرخّصة لاستعماله حال الضرورة فليس

ص:294


1- منهم:العلّامة في المنتهى 2:787،و صاحب المدارك 7:350.
2- التهذيب 5:/297 1006،الإستبصار 2:/178 590،الوسائل 12:459 أبواب تروك الإحرام ب 29 ح 3.
3- الروضة 2:240.
4- التذكرة 1:335،الخلاف 1:303،الدروس 1:375،و حكاه عنهم في كشف اللثام 1:326.
5- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:326؛ و انظر المقنعة:397،و الجمل و العقود(الرسائل العشر):228،و الكافي في المقنعة:203.

في محلّه،لخروجها عن مفروض المسألة.

إزالة الشعر

و يحرم أيضاً إزالة الشعر قليله و كثيره عن الرأس و اللحية و سائر البدن،بحلق أو نتف أو غيرهما مع الاختيار،بإجماع العلماء،كما عن التذكرة و المنتهى (1)،و في غيرهما إجماعاً (2).

للآية (3)؛ و الصحاح المستفيضة،منها:« من حلق أو نتف إبطه ناسياً أو ساهياً أو جاهلاً فلا شيء عليه،و من فعله متعمداً فعليه دم» (4)و قصورها عن إفادة تمام المدّعى مجبور بفهم العلماء.

و الرواية ناصّة بأنه لا شيء على الجاهل و لناسي،كما في الدروس،و فيه عن الفاضل أنه أوجب الكفارة على الناسي في الحلق و القلم؛ لأن[الإتلاف (5)] يتساوى فيه العمد و الخطأ كالمال.قال:و هو بعيد؛ لصحيح زرارة،ثم ساق الرواية و قال بعدها:و نقلِ الشيخ الإجماع على عدم وجوب الفدية على الناسي، و القياس عندنا باطل،خصوصاً مع معارضة النص.انتهى.و هو جيد.

و لا بأس به مع الضرورة كما لو آذاه القمل أو القروح،أو نبت الشعر في عينه،أو نزل شعر حاجبه فغطّى عينه،أو احتاج إلى الحجامة المفتقرة إلى الإزالة،بإجماع العلماء كما في المدارك (6)،و في غيره

ص:295


1- التذكرة 1:338،المنتهى 2:793.
2- كما في مفاتيح الشرائع 1:338.
3- البقرة:196.
4- الكافي 4:/361 8،التهذيب 5:/339 1174،الإستبصار 2:/199 672،الوسائل 13:159 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 10 ح 1.
5- في النسخ و الدروس 1:383:الإطلاق.و الصحيح:الإتلاف،كما في التذكرة 1:338 و الدروس المطبوع بالطبع الحجري:109.
6- المدارك 7:351.

إجماعاً (1)؛ للآية (2)،و للصحيح في سبب نزولها (3).

و لكن لا يسقط بشيء من ذلك الفدية؛ للنصوص (4)،إلّا في الشعر النابت في العين و الحاجب الذي طال فغطّى العين،ففي المنتهى و التحرير التذكرة (5):أنه لا فدية فيهما،لأن الضرر بنفس الشعر فهو كالصيد الصائل.

و فيه نظر،بل المتّجه لزوم الفدية إذا كانت الإزالة بسبب المرض أو الأذى الحاصل في الرأس؛ لإطلاق الآية.دون ما عداه؛ لأن الضرورة مسوّغة للإزالة،و الفدية بالأصل منتفية،كذا في المدارك (6).و هو حسن.

و أما ما يقال عليه من أن مورد الأخبار الموجبة لجواز الحلق مع الضرورة إنما هو التضرر بالقمل أو الصداع كما في رواية المحصَر (7)،و عليه يحمل إطلاق الآية،و يبقى ما عداه خارجاً عن محل البحث (8).

ففيه نظر؛ لأن أخصية المورد لا توجب تقييد المطلق،لعدم التعارض بينهما بوجه.

نعم،يمكن الجواب عن الإطلاق بعدم عموم فيه يشمل غير المورد، لعدم انصرافه بحكم الغلبة إليه،فتدبّر.

ص:296


1- كما في المفاتيح 1:338 و الذخيرة:595.
2- البقرة:196.
3- الكافي 4:/358 2 مرسلاً،التهذيب 5:/333 1147،الاستبصار 2:/195 656،المقنع:75،الوسائل 13:165 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 14 ح 1.
4- الوسائل 13:165 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 14.
5- المنتهى 2:793،التحرير 1:114،التذكرة 1:338.
6- المدارك 7:353.
7- الوسائل 13:185 أبواب الإحصار و الصدّ ب 5.
8- الحدائق 15:518.

و اعلم أن هذا و ما سبقه أحد التروك المشار إليها في صدر البحث، فالأولى عطفهما على ما سبقهما و حذف« يحرم» فيهما،كما فعل في قوله:

تغطية الرأس للرجل

و تغطية الرأس للرجل دون المرأة بإجماع العلماء،كما عن المنتهى و التذكرة (1)،و في غيرهما بالإجماع (2)؛ و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

و يستفاد من جملة منها عدم الفرق بين الكل و البعض،كما صرّح به جمع (3)،ففي الصحيح:ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟فقال عليه السلام:« لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك» (4).

و فيه:عن المحرم يجد البرد في أُذنيه،يغطّيهما؟قال:« لا» (5).

و يستفاد منه كون الأُذنين[يحرم (6)]سترهما.و هو الأظهر،وفاقاً لجمع و منهم الفاضل في التحرير (7)،خلافاً له في التذكرة و المنتهى (8)، فتردّد في ذلك.و لا وجه له بعد ذلك.

و رخّص في عصابتي القِربة و الصداع؛ للصحيحين (9)،قيل:و عمل

ص:297


1- المنتهى 2:789،التذكرة 1:336.
2- كما في المفاتيح 1:332.
3- منهم:العلّامة في التحرير 1:114،و الشهيد الأوّل في الدروس 1:379،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:330.
4- الفقيه 2:/227 1068،الوسائل 12:525 أبواب تروك الإحرام ب 67 ح 4.
5- الكافي 4:/349 4،الوسائل 12:505 أبواب تروك الإحرام ب 55 ح 1.
6- في النسخ:يجب.و هو سهو.
7- التحرير 1:114،و انظر المدارك 7:355.
8- التذكرة 1:337،المنتهى 2:789.
9- الأوّل:الفقيه 2:/221 1024،الوسائل 12:508،أبواب تروك الإحرام ب 57 ح 1.الثاني:الكافي 4:/359 10،التهذيب 5:/308 1056،الوسائل 12:530 أبواب تروك الإحرام ب 70 ح 4.

بهما الأصحاب (1).

و كذا ستره بيده و بعض أعضائه على الأظهر،وفاقاً للمنتهى و جمع (2)؛ للأصل،و ما سيأتي من الصحيح على جواز الحكّ،و الصحيح:

« لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» (3).

أما الوجه فالأشهر الأظهر جواز تغطيته له اختياراً؛ للأصل،و الصحاح المستفيضة،منها:الرجل المحرم يريد أن ينام،يغطّي وجهه من الذباب؟ قال:« نعم،و لا يخمّر رأسه» (4)».مضافاً إلى نقل الإجماع عليه عن الخلاف و المنتهى و التذكرة (5).

خلافاً للمحكي عن العماني،فأوجب به إطعام مسكين في يده (6)؛ للصحيح (7)،و وافقه في التهذيب على إيجاب الكفارة،لكن جوّزه اختياراً مع نيتها (8).

و حمل الكفارة على الاستحباب كما عليه الأكثر لعلّه أولى،جمعاً بين النصوص،إذ لو وجبت لذكرت في مقام البيان في سائرها،فهي لذلك

ص:298


1- كشف اللثام 1:330.
2- المنتهى 2:790؛ و انظر المدارك 7:354،و الروضة 2:242،و المفاتيح 1:334.
3- التهذيب 5:/308 1055،الوسائل 12:524 أبواب تروك الإحرام ب 67 ح 3.
4- الكافي 4:/349 1،التهذيب 5:/307 1051،الإستبصار 2:/184 614،الوسائل 12:510 أبواب تروك الإحرام ب 59 ح 1.
5- الخلاف 2:298،المنتهى 2:790،التذكرة 1:337.
6- كما حكاه عنه في الدروس 1:380.
7- التهذيب 5:/308 1054،الوسائل 12:505 أبواب تروك الإحرام ب 55 ح 4.
8- التهذيب 5:308.

ظاهرة في عدم الوجوب،و للرجحان بالشهرة قدّمت على الصحيح، و لولاها لكان الجمع بالوجوب مقتضى الأُصول،و هو مع ذلك أحوط.

و في معناه الارتماس و إدخال الرأس في الماء؛ بالإجماع و الصحاح (1).دون غسله و إفاضة الماء عليه،فيجوز بالإجماع،كما عن صريح التذكرة و ظاهر المنتهى (2)؛ للصحاح،منها:هل يحكّ رأسه أو يغتسل بالماء؟فقال:« يحكّ رأسه ما لم يتعمد قتل دابة،و لا بأس بأن يغتسل بالماء و يصبّ على رأسه ما لم يكن ملبِّداً،فإن كان ملبِّداً فلا يفيض على رأسه الماء إلّا من احتلام» (3).

قيل:و مضمونه فتوى المقنع و الدروس،قلت:و لعلّ منع الملبِّد من الصبّ للاحتراز عن سقوط الشعر،و لا يدل الخبر على جواز التلبيد مطلقاً، فضلاً عنه اختياراً،و في التذكرة و الدروس القطع بجواز التوسد،لأنه يصدق عرفاً أنه مكشوف الرأس (4).انتهى.

و هو جيّد.

و هل التغطية محرّمة بأيّ شيء كان حتى ينحو من الطين و الحِنّاء و حمل الطبق و المتاع و نحو ذلك،أم يختص بالمعتاد،كالستر بالثوب و وضع القناع؟إشكال،إلّا أن الأصل مع اختصاص النواهي بالثاني يقتضيه و إن كان الأوّل أحوط؛ لإطلاق نحو الصحيح:« إحرام المرأة في وجهها،

ص:299


1- الوسائل 12:508 أبواب تروك الإحرام ب 58.
2- التذكرة 1:336،المنتهى 2:790.
3- الكافي 4:/366 7،الفقيه 2:/23 1092،المقنع:75،الوسائل 12:534 أبواب تروك الإحرام ب 73 ح 4.
4- كشف اللثام 1:330.

و إحرام الرجل في رأسه» (1)مؤيداً بأخبار الارتماس،سيّما و ظاهر بعض الأفاضل أنه لا خلاف فيه إلّا من العامة (2)،و عن المبسوط أن من خضب رأسه أو طيّنه لزمه الفداء كمن غطّاه بثوب بلا خلاف (3)(4).

و لو غطّى ناسياً ألقاه أي الغطاء المدلول عليه بالمقام وجوباً اتفاقاً على الظاهر،المصرَّح به في بعض العبائر (5) و جدّد التلبية للصحيحين (6)في الحكمين،إلّا أن ظاهرهما وجوب التجديد؛ للأمر به فيهما.

فقوله: استحباباً لا وجه له،إلّا ما في كلام جماعة (7)من الأصل و عدم قائل بالوجوب.

و فيه نظر؛ لوجوب الخروج عن الأصل بالأمر،و منع عدم القائل،فقد

ص:300


1- الكافي 4:/345 7،الفقيه 2:/219 1009،الوسائل 12:505 أبواب تروك الإحرام ب 55 ح 2.
2- كشف اللثام 1:330.
3- المبسوط 1:351 و فيه:أو طيّبه.
4- و يعضده ما ورد في بعض الأخبار من منع المرأة من ستر الوجه بالمروحة،بعد ملاحظة ما ورد من أن الإحرام للرجل في رأسه و المرأة في وجهها،فيكون منعها من المروحة إنما هو لمنافاة الستر بها للإحرام،فينبغي أن يكون ستر الرأس بها في الرجل كذلك.فتدبّر.(منه رحمه اللّه).
5- كشف اللثام 1:330.
6- الأوّل:الفقيه 2:/227 1071،التهذيب 5:/307 1050،الإستبصار 2:/184 613،الوسائل 12:505 أبواب تروك الإحرام ب 55 ح 3.الثاني:الفقيه 2:/227 1070،الوسائل 12:506 أبواب تروك الإحرام ب 55 ح 6.
7- منهم:صاحب المدارك 7:359،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:332،و السبزواري في الذخيرة:599،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:330.

حكي عن ظاهر الشيخ و ابني حمزة و سعيد (1)،و مع ذلك فالوجوب أحوط.

و تسفر المرأة عن وجهها فلا تغطيّه وجوباً بإجماعنا الظاهر، المصرَّح به في جملة من العبائر (2)،بل عن المنتهى أنه قول علماء الأمصار (3)،و به استفاض أيضاً الأخبار (4).

و الكلام في عموم تحريم التغطية للثوب و غيره كما مرّ في الرأس،إلّا أن في بعض الأخبار هنا المنع عن التغطية بمثل المروحة (5).

و يجوز لها أن تسدل أي ترسل خمارها و قناعها من رأسها إلى طرف أنفها عند علمائنا أجمع كما عن التذكرة،و فيه:

أنه قول عامة أهل العلم (6).و عن المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافاً (7).

و الصحاح به مع ذلك مستفيضة و إن اختلفت في التحديد بما في العبارة كما في الصحيحين منها (8)،و إلى النحر كما في آخرين،مطلقاً في أحدهما (9)،و مقيداً بما إذا كانت راكبة في ثانيهما (10)،و إلى الذقن في

ص:301


1- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:330.
2- انظر المدارك 7:359،و المفاتيح 1:333،و كشف اللثام 1:331.
3- المنتهى 2:790.
4- انظر الوسائل 12:493 أبواب تروك الإحرام ب 48.
5- الكافي 4:/346 9،الفقيه 2:/219 1010،قرب الإسناد:/363 1300،الوسائل 12:494 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 4.
6- التذكرة 1:337.
7- المنتهى 2:791.
8- الأوّل:الكافي 4:/344 1،التهذيب 5:/73 243،الوسائل 12:493 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 2.الثاني:الكافي 4:/344 3،التهذيب 5:/74 245،الوسائل 12:494 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 3.
9- الفقيه 2:/227 1074،الوسائل 12:495 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 7.
10- الفقيه 2:/219 1008،الوسائل 12:495 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 8.

آخر (1).

و ظاهرها عدم اعتبار مجافاة الثوب عن الوجه،و به قطع في المنتهى (2)؛ لأنّ سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الإصابة،فلو كان شرطاً لبيّن؛ لأنه في موضع الحاجة.

و لكنه في القواعد اشترط في جواز السدل عدم الإصابة (3)،كما عن المبسوط و الجامع (4)،حيث أوجبا المجافاة بخشبة و نحوها لئلّا يصيب البشرة،و حكم الشيخ بلزوم الدم إذا أصابها و لم تزله بسرعة.

و لم أعرف له مستنداً في إيجاب الدم أصلاً،و كذا في إيجاب المجافاة،إلّا أن يقال:لعلّ المستند فيه الجمع بين الصحاح المتقدمة المبيحة للسدل،و المانعة عن التغطية،بحمل هذه على ما إذا أصاب البشرة و المبيحة على غير صورة الإصابة.

و له وجه،غير انه يمكن الجميع بغير ذلك بتقييد المانعة بالنقاب خاصة،بل قيل:لا يستفاد من الأخبار أزيد منه،أو التغطية بغير السدل (5).

هذا،و لا ريب أن ما ذكره الشيخ أحوط.

تظليل المحرم سائراً

و يحرم تظليل المحرم سائراً بأن يجلس في محمل أو كنيسة أو عمارية مظلّلة أو شبهها اختياراً،بلا خلاف ظاهر و لا محكي،إلّا من الإسكافي فاستحب تركه (6)،و عبارته المحكية غير واضحة الدلالة على

ص:302


1- الفقيه 2:/219 1007،الوسائل 12:495 أبواب تروك الإحرام ب 48 ح 6.
2- المنتهى 2:791.
3- القواعد 1:82.
4- المبسوط 1:320،الجامع للشرائع:187.
5- المدارك 7:361.
6- نقله عنه في المختلف:270.

ذلك،و لذا تردّد في مخالفته في المختلف و غيره (1)،و مع ذلك فهو شاذ على الظاهر،المصرّح به في بعض العبائر (2)،مشعراً بدعوى الإجماع على خلافه كما في الانتصار (3)،و عن الخلاف و المنتهى و التذكرة (4).

و الصحاح به مع ذلك مستفيضة كغيرها من المعتبرة (5)،و الصحاح الموهمة للخلاف (6)قابلة للحمل على الحرمة،و مع ذلك محتمل للحمل على التقية،كما صرّح به جماعة (7)،و يستفاد من جملة من روايات المسألة (8).

هذا إذا استظل فوق رأسه.

و أما لو استظل بثوب ينصبه لا على رأسه فعن الخلاف و المنتهى (9)جوازه بلا خلاف؛ و لعلّه للأصل،و اختصاص أكثر الأخبار بالجلوس في القبة و الكنيسة و نحوهما؛ و خصوص الصحيح:سمعته عليه السلام يقول لأبي و قد شكا إليه حرّ الشمس و هو محرم و هو يتأذى به،فقال:ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟قال:« لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك» (10).

ص:303


1- انظر كشف اللثام 1:331.
2- كما في مفاتيح الشرائع 1:335.
3- الانتصار:97.
4- الخلاف 2:318،المنتهى 2:791،التذكرة 1:337.
5- الوسائل 12:515،أبواب تروك الإحرام ب 64.
6- انظر الوسائل 12:517 أبواب تروك الإحرام ب 64 ح 5،10؛ و ج 13:97 أبواب كفارات الصيد ب 49 ح 6.
7- منهم:صاحب الوسائل 15:518،و صاحب الحدائق 15:478.
8- انظر الوسائل 12:520 أبواب تروك الإحرام ب 26.
9- الخلاف 2:318،المنتهى 2:792.
10- الفقيه 2:/227 1068،الوسائل 12:525 أبواب تروك الإحرام.

لكن جملة منها عامة،و فيها الصحاح و غيرها،ففي الصحيح:أُظلّل و أنا محرم؟قال:« لا» قلت:أ فأظلّل و أُكفّر؟قال:« لا» قلت:فإن مرضت؟قال:« ظلّل و كفّر» الخبر (1).

و فيه:هل يستتر المحرم من الشمس؟فقال:« لا إلّا أن يكون شيخاً كبيراً» أو قال:« ذا علّة» (2).

و فيه أو القوي:عن المحرم يستتر من الشمس بعود و بيده؟قال:« لا إلّا من علّة» (3).

إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة و الموثقة و غيرهما،و مراعاتها أحوط و أولى و إن كان جواز المشي تحت الظلال أقوى،وفاقاً لجماعة (4)، للصحيح:«هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظلّ المحمل؟فكتب:«نعم» (5).

و الخبر:أ يجوز للمحرم أن يظلّل عليه محمله؟فقال عليه السلام:« لا يجوز ذلك مع الاختيار» فقيل له:أ فيجوز أن يمشي تحت الظلال مختاراً؟فقال عليه السلام:« نعم» (6).

ص:304


1- الفقيه 2:/225 1059،التهذيب 5:/313 1075،الاستبصار 2:/187 627،علل الشرائع:/452 1،الوسائل 12:516 أبواب تروك الإحرام ب 64 ح 3.
2- الكافي 4:/351 8،التهذيب 5:/310 1062،الاستبصار 2:/186 622،قرب الإسناد:/125 440 بتفاوت،الوسائل 12:517 أبواب تروك الإحرام ب 64 ح 9.
3- الفقيه 2:/227 1069،الوسائل 12:525 أبواب تروك الإحرام ب 67 ح 5.
4- منهم:الشيخ في المبسوط 1:321،و الشهيد الثاني في المسالك 1:11،و صاحب المدارك 7:364.
5- الكافي 4:/351 5،الوسائل 12:524 أبواب تروك الإحرام ب 67 ح 1.
6- الاحتجاج:394،إرشاد المفيد:298،الوسائل 12:523 أبواب تروك الإحرام ب 66 ح 6.

و كذا يجوز له التستر عن الشمس ببعض جسده و إن منع عنه بعض الأخبار السابقة؛ لمعارضته بأقوى منها سنداً و عدداً و دلالةً،ففي الصحيح:

« لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس،و لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» (1).

و نحوه خبران آخران (2).

و احترز بقوله:سائراً،عما لو كان نازلاً،فإنه يجوز له إجماعاً كما يأتي.

و لا بأس به للمرأة إجماعاً على الظاهر،المصرَّح به في جملة من العبائر (3)و للنصوص المستفيضة،و فيها الصحاح و غيرها (4).

و للرجل نازلاً للأصل؛ و النصوص المستفيضة (5)؛ و الإجماع الظاهر،المصرَّح به في عبائر جماعة (6)،و بهذه الأدلة يقيد إطلاق ما مرّ من الأدلة.

و كذا لو اضطر إلى التظليل سائراً جاز مع الفداء إجماعاً على الظاهر،المصرَّح به في عبائر (7)؛ للصحاح المستفيضة و غيرها من

ص:305


1- التهذيب 5:/308 1055،الوسائل 12:524 أبواب تروك الإحرام ب 67 ح 3.
2- الأوّل:الكافي 4:/352 11،الوسائل 12:524 أبواب تروك الإحرام ب 67 ح 2.الثاني:الكافي 4:/35 1،التهذيب 5:/309 1061،الوسائل 12:520 أبواب تروك الإحرام ب 66 ح 1.
3- كالروضة 2:245،و المدارك 7:364،و مرآة العقول 17:301.
4- الوسائل 12:519 أبواب تروك الإحرام ب 65.
5- انظر الوسائل 12:520 أبواب تروك الإحرام ب 66.
6- منهم:العلّامة في التذكرة 1:337،الشهيد الثاني في الروضة 2:244،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:335.
7- كشف اللثام 1:331 و انظر مرآة العقول 17:301.

المعتبرة و إن اختلفت في التعبير عن الضرورة بمطلق نحو أذية حرّ الشمس و المطر،كالصحيح:عن المحرم يظلّل على نفسه،فقال:« أمن علة»؟ فقال:يؤذيه حرّ الشمس و هو محرم،فقال:« هو علة[يظلل]و يفدي» (1)و نحوه غيره (2).

و بها أفتى في الذخيرة (3).

أو بالتضرر بهما لعلة،أو كبر،أو ضعف،أو شدة حرّ أو برد، كالصحيح:عن المحرم إذا أصابته الشمس شقّ عليه و صدع فيستتر منها، فقال:« هو أعلم بنفسه،إذا علم أنه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظل منها» (4).

و الموثق:إن علي بن شهاب يشكو رأسه و البرد شديد و يريد أن يحرم،فقال:« إن كان كما زعموا فليظلل» (5).

و بها أفتى في الروضة (6)،و تبعه بعض المتأخرين (7)،حاكياً له عن الشيخين و الحلّي.و هو أقوى؛ لوقوع التصريح بالمنع عن التظليل بمطلق الحرّ و البرد في الصحيح و غيره (8)،و بها يقيد إطلاق ما تقدمها.

ص:306


1- التهذيب 5:/310 1064،الإستبصار 2:/186 624،الوسائل 13:154 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 6 ح 4 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.
2- الكافي 4:/351 9،التهذيب 5:/311 1066،الإستبصار 2:/187 626،الوسائل 13:155 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 6 ح 5.
3- الذخيرة:598.
4- التهذيب 5:/309 1059،الإستبصار 2:/186 620،الوسائل 12:517 أبواب تروك الإحرام ب 64 ح 6.
5- الكافي 4:/351 7،الوسائل 12:519 أبواب تروك الإحرام ب 64 ح 13.
6- الروضة 2:245.
7- الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:331.
8- لم نعثر إلّا على خبر زرارة راجع الوسائل 12:519 أبواب تروك الإحرام ب 64 ح 14.

و هل يجوز التظليل اختياراً مع الفداء؟الأقوى لا،وفاقاً للتهذيبين و التذكرة و المنتهى كما نقل (1)؛ للصحيح:أُظلّل و أنا محرم؟قال:« لا» قال:

أ فأظلّل و أكفّر؟قال:«لا»قال:فإن مرضت؟قال:«ظلّل و كفّر» (2).

خلافاً للمحكي عن المقنع فقال:لا بأس أن يضرب على المحرم الظلال و يتصدق بمدّ لكل يوم (3).و مستنده غير واضح.

نعم في الدروس:و روى علي بن جعفر جوازه مطلقاً و يكفّر (4).

و قيل:إن أراد روايته أنه سأل أخاه:أُظلّل و أنا محرم؟فقال:« نعم و عليك الكفارة» (5)فيحتمل الضرورة (6).

و لو زامل الصحيح عليلاً أو امرأة اختصّا بالظلال دونه بغير خلاف أعرفه،و به صرّح جماعة (7)؛ للعمومات،و خصوص رواية صريحة (8).و لا يعارضها المرسلة (9)؛ لضعفها عن المقاومة لها سنداً و دلالةً

ص:307


1- نقله عنهم في كشف اللثام 1:331.
2- الفقيه 2:/225 1059،التهذيب 5:/313 1075،الاستبصار 2:/187 627،علل الشرائع:/452 1،الوسائل 12:516 أبواب تروك الإحرام ب 64 ح 3.
3- المقنع:74،و حكاه عنه في كشف اللثام 1:331.
4- الدروس 1:377.
5- التهذيب 5:1150/334،الوسائل 13:154 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 6 ح 2.
6- كشف اللثام 1:331.
7- منهم:السبزواري في الذخيرة:598،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:331،و صاحب الحدائق 15:483.
8- الكافي 4:/352 12،الفقيه 2:/226 1061،التهذيب 5:/311 1068،الإستبصار 2:/185 616،الوسائل 12:526 أبواب تروك الإحرام ب 68 ح 1.
9- التهذيب 5:/311 1069،الإستبصار 2:/185 617،الوسائل 12:526 أبواب تروك الإحرام ب 68 ح 2.

و اعتباراً.

قصّ الأظفار

و يحرم قصّ الأظفار بإجماع علماء الأمصار،كما في المنتهى و التذكرة (1)،و في غيرهما بالإجماع (2).

و المعتبرة المستفيضة،منها:الصحيح:« من قلم أظافيره ناسياً أو ساهياً أو جاهلا فلا شيء عليه،و من فعله متعمداً فعليه دم» (3).

و منها:عن المحرم يطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه،قال:« لا يقصّ شيئاً منها إن استطاع،و إن كانت تؤذيه فليقصّها،و ليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام» (4).

و المراد بالقصّ فيه معناه الأعم،و هو مطلق الإزالة و القطع،المعبّر عنه في غيره بالقلم (5)،لا الأخص الذي هو القصّ بالمِقصّ،كما صرَّح به جمع (6).

و يستفاد منه جواز الإزالة مع الضرورة،و نفى الفاضل عنه الخلاف بين العلماء في المنتهى و التذكرة (7)،و لكن استشكل فيهما في الفدية،و لا وجه له بعد الأمر بها في الرواية الصحيحة.

ص:308


1- المنتهى 2:794،التذكرة 1:339.
2- انظر مفاتيح الشرائع:339.
3- التهذيب 5:/333 1145،الإستبصار 2:/195 655،الوسائل 13:16 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 10 ح 5.
4- الكافي 4:/360 3،الفقيه 2:/228 1077،التهذيب 5:/314 1083،الوسائل 13:163 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 12 ح 4.
5- انظر الوسائل 13:أبواب بقية كفارات الإحرام ب 12 الأحاديث 1،2،3،5،6.
6- منهم:الشهيد الثاني في الروضة البهية 2:240،و صاحب المدارك 7:368،و السبزواري في الذخيرة:596.
7- المنتهى 2:795،التذكرة 1:339.

و يستفاد منها أيضاً عدم الفرق في المنع بين الكل و البعض،و به صرّح جمع (1)و أخبار أُخر (2).

قطع الشجر و الحشيش

و قطع الشجر و الحشيش النابتين في الحرم،بإجماع العلماء،كما في الكتابين و غيرهما (3)؛ للصحاح المستفيضة (4).

قيل:و لا خلاف في جواز قطعهما في الحلّ للمحرم و غيره،و لا في عموم حرمة قطعهما في الحرم لهما،و النصوص ناطقة بالأمرين،و القطع يعمّ القلع و قطع الغصن و الورق و الثمر،و الأمر كذلك (5)؛ لعموم نحو الصحيح:« كل شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين» (6).

و الخبر أو الصحيح:المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟قال:

« نعم» قال:فمن الحرم؟قال:« لا» (7)و نحوه آخر (8).

و عمومها يشمل الرطب و اليابس،خلافاً لجماعة فقيّدوها باليابس فلم يمنعوا قطعه (9).

و وجهه غير واضح،عدا اختصاص بعض الأخبار،و هو قوله صلى الله عليه و آله

ص:309


1- منهم العلّامة في التذكرة 1:339،و الشهيدان في الدروس 1:381،و المسالك 1:111.
2- الوسائل 13:162 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 12.
3- التذكرة 1:340،المنتهى 2:797؛ و انظر المدارك 7:369.
4- انظر الوسائل 12:أبواب تروك الإحرام ب 85،86.
5- كشف اللثام 1:327.
6- الكافي 4:/230 2،الوسائل 12:552 أبواب تروك الإحرام ب 86 ح 1.
7- الفقيه 2:/166 721،الوسائل 12:552 أبواب تروك الإحرام ب 85 ح 2.
8- الكافي 4:/365 2،الوسائل 12:552 أبواب تروك الإحرام ب 85 ح 1.
9- منهم العلّامة في التذكرة 1:340،و التحرير 1:115،و الشهيدان في الدروس 1:335،و المسالك 1:111.

« لا يُختلى خَلاها و لا يُعضد شجرها» (1)به،و هو لا يفيد التقييد.

هذا مع أن المحكي عن الجوهري أن الخَلى مقصوراً الحشيش اليابس (2).فيفيد الضد،و لكن المحكي عن النهاية و القاموس (3)خلافه.

ثم التحريم في الصحيح يعمّ القطع و الانتفاع مطلقاً،فلو انكسر غصن أو سقط ورق لم يجز الانتفاع به،سواء كان ذلك بفعل آدمي أو غيره،إلّا أن المحكي عن التذكرة و المنتهى (4)دعوى الإجماع على جوازه في الثاني، و استقرابه في الأول،و لعلّه لمنع عموم الصحيح للانتفاع،باحتمال اختصاصه بحكم التبادر و غيره بالقطع دون غيره.

ثم المحرّم كل شجر و حشيش في الحرم إلّا أن ينبت في ملكه كما في عبارة جماعة (5)؛ للخبر،أو القوي،بل الصحيح كما قيل (6)و وجهه غير واضح-:عن الرجل قلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم،فقال:« إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو يتخذ المِضرب فليس له أن يقلعها،و إن كانت طرأ عليه فله قلعها» (7).

ص:310


1- الكافي 4:/225 3،الوسائل 12:557 أبواب تروك الإحرام ب 88 ح 1.اختلاه:جزّه و قطعه و نزعه.عضد الشجر:قطعه.لسان العرب 3:294 و 14:243.
2- حكاه عنه في الذخيرة:596.
3- النهاية 2:75،القاموس 4:327.
4- حكاه عنهما في كشف اللثام 1:327،و هو في التذكرة 1:341،و المنتهى 2:798.
5- منهم:الشيخ في المبسوط 1:354،و المحقق في الشرائع 1:251،و العلّامة في القواعد 1:82.
6- كشف اللثام 1:327.
7- التهذيب 5:/380 1326،الوسائل 12:554 أبواب تروك الإحرام ب 87،ح 2.

و نحوه آخر لراويه:في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم، فقال:« إن بنى المنزل و الشجرة فيه فليس له أن يقلعها،و إن كانت نبتت في منزله و هو له فله قلعها» (1).

و فيهما ضعف سنداً بالجهالة،و دلالةً بالأخصية من المدّعى؛لاختصاصهما بالشجرة و الدار،كما وقع التعبير بها في عبائر جماعة (2)،و المنزل كما في عبائر آخرين (3)،و دعوى عدم القول بالفصل (4)لما عرفت غير مسموعة.

فإذاً الأجود الاقتصار على موردهما إن عملنا بهما بزعم انجبار ضعف سندهما بفتوى الجماعة،و إلّا فيشكل هذا الاستثناء.

نعم،لا بأس باستثناء ما غرسه الإنسان و أنبته،سواء كان في ملكه أو غيره؛ للصحيح:« إلّا ما أنبتّه أنت أو غرسته» (5).

و حكي الفتوى بإطلاقه كما اخترناه عن النهاية و المبسوط و السرائر و النزهة و المنتهى و التذكرة (6)،خلافاً للمحكي عن ابني براج و زهرة و الكندري (7)،فقيدوه بملكه،و لم نقف على دليله.

ص:311


1- التهذيب 5:/38 1327،الوسائل 12:554 أبواب تروك الإحرام ب 87 ح 3.
2- منهم:الشيخ في النهاية:234،و القاضي في المهذب 1:220،و ابن سعيد في الجامع للشرائع:185.
3- منهم:الشيخ في التهذيب 5:380،و العلّامة في التحرير 1:115.
4- كما في المدارك 7:370 و الذخيرة:596.
5- الفقيه 2:/166 718،التهذيب 5:/380 1325،الوسائل 12:552 أبواب تروك الإحرام ب 86 ح 4.
6- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:327،و هو في النهاية:234،و المبسوط 1:354،و السرائر 1:554،و النزهة:61،و المنتهى 2:797 و 798 و التذكرة 1:341.
7- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:327 و هو في المهذب 1:220،الغنية(الجوامع الفقهية):575.

و يجوز قطع الإذخر (1) بغير خلاف أجده،و به صرّح في الذخيرة (2)،بل عليه الإجماع في المنتهى و التذكرة (3)؛ للمعتبرة (4).

و شجر الفواكه و النخل سواء أنبته اللّه تعالى أو الآدميون فيما قطع به الأصحاب،كما في المدارك و الذخيرة (5)،و فيهما:أن ظاهر المنتهى كونه موضع وفاق بينهم،و في غيرهما عن صريح الخلاف الإجماع (6)؛ للموثق (7).

و قد استثنى جماعة عودَي المَحالة (8)بفتح الميم،البَكَرة العظيمة (9)؛ لرواية في سندها إرسال و جهالة (10)،و لعلّه لذا لم يستثنها الماتن و جماعة (11).

الاكتحال بالسواد،و النظر في المرآة،و لبس الخاتم للزينة،و لبس المرأة ما لم تعتده من الحليّ و الحجامة و دلك الجسد و لبس السلاح

و في جواز الاكتحال بالسواد،و النظر في المرآة،و لبس الخاتم للزينة،و لبس المرأة ما لم تعتده من الحليّ لا للزينة و الحجامة بل مطلق إخراج الدم بالفصد أو الحك و السواك إلّا للضرورة،و دلك الجسد،

ص:312


1- الإذخر بكسر الهمزة و الخاء:نبات معروف عريض الأوراق طيب الرائحة يسقف به البيوت..مجمع البحرين 3:306.
2- الذخيرة:596.
3- المنتهى 2:798،التذكرة 1:341.
4- الوسائل 12:554 أبواب تروك الإحرام ب 87.
5- المدارك 7:370،الذخيرة:596.
6- انظر كشف اللثام 1:327.
7- الفقيه 2:/166 720،التهذيب 5:/379 1324،الوسائل 12:554 أبواب تروك الإحرام ب 87 ح 1.
8- منهم:الشيخ في التهذيب 5:381،و الشهيد الأوّل في الدروس 1:389،و صاحب المدارك 7:371 و السبزواري في الذخيرة:596.
9- البكَرَة:التي يستقى عليها،و هي خشبة مستديرة في وسطها محزّ للحبل و في جوفها محور تدور عليه.لسان العرب.4:80.
10- التهذيب 5:/381 1330،الوسائل 12:555 أبواب تروك الإحرام ب 87 ح 5.
11- منهم:الشيخ في المبسوط 1:354،و العلّامة في الإرشاد 1:322،و الشهيد الأوّل في الدروس 1:389.

و لبس السلاح إلّا مع الضرورة قولان،أشبههما:الكراهة في الدلك قطعاً و إن ورد النهي عنه في الصحيحين (1)و غيرهما (2)؛ لوجوب حمله على الكراهة،أو صورة مظنة الإدماء،أو سقوط الشعر،لعدم ظهور القائل بتحريمه مطلقاً، و لا نقله صريحاً و لا ظاهراً إلّا في العبارة،و لم نعثر على قائله،فهو نادر.

مضافاً إلى ورود الرخصة بحكّ الرأس و اللحية ما لم يُدْمِ في المعتبرة (3)،و فيها الصحيح و غيره،و هو في معنى الدلك،و لعلّه لذا قال في التنقيح بالتفصيل بين إدمائه فالتحريم،و إلّا فالكراهة (4).

و التحريم كذلك في لبس الخاتم للزينة؛ لفحوى الصحاح المحرِّمة للأوّلين،معلّلة بأنهما من الزينة (5).

مضافاً إلى النهي عنه في رواية (6)منجبر قصور سندها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً،بل لا خلاف فيها يظهر،كما صرّح به جمع ممن تأخر (7).

مع سلامتها عن المعارض سوى الأصل و إطلاق الخبر:« لا بأس

ص:313


1- الأوّل:الفقيه 2:/228 1081،التهذيب 5:/314 1081،الإستبصار 2:/184 611،الوسائل 12:537 أبواب تروك الإحرام ب 76 ح 1.الثاني:الفقيه 2:/23 1093،التهذيب 5:/313 1079،الوسائل 12:535 أبواب تروك الإحرام ب 75 ح 1.
2- انظر الوسائل 12:537 أبواب تروك الإحرام ب 76.
3- الوسائل 12:533 أبواب تروك الإحرام ب 73.
4- التنقيح الرائع 1:475.
5- الوسائل 12:469 أبواب تروك الإحرام ب 33 ح 4،وص 472 ب 34 ح 3.
6- التهذيب 5:/73 242،الإستبصار 2:/165 544،الوسائل 12:490 أبواب تروك الإحرام ب 46 ح 4.
7- منهم:الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 1:474،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:331،و السبزواري في الذخيرة:594.

بلبس الخاتم للمحرم» (1)و يجب تخصيصهما بها،مع ضعف الرواية.

و أما ما عداهما فالمنع فيه أشهر و أقوى؛ للصحاح المستفيضة في الأولين (2)،و ندرة القول بالجواز فيهما،إذ لم يحك إلّا عن الشيخ في الخلاف (3)و قد رجع عنه في المبسوط (4)،نعم حكي عن الغنية فيهما (5)، و عن الوسيلة و المهذّب في الثاني (6)،و صرّح بالشذوذ فيهما بعض الأصحاب (7).

و لا مستند للجواز فيهما سوى الأصل المخصَّص بما مرّ،و إطلاق جملة من النصوص و فيها الصحيح بجواز الاكتحال بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه،كما فيه (8)،و بكحل فارسي لا كحل فيه زعفران،ما في غيره (9)، و يجب تقييدها بما يرجع إلى المختار ترجيحاً لأدلته عليها من وجوه شتّى.

و مفهوم الصحيح في الرابع:« إذا كان للمرأة حليّ لم تحدثه للإحرام لم تنزع حليّها» (10).

ص:314


1- الكافي 4:/343 22،التهذيب 5:/73 240،الإستبصار 2:/165 542،الوسائل 12:490 أبواب تروك الإحرام ب 46 ح 1.
2- انظر الهامش(5)من نفس الصفحة.
3- حكاه عنه في التنقيح الرائع 1:473 و كشف اللثام 1:326،و هو في الخلاف 2:313.
4- المبسوط 1:321.
5- حكاه عنه في كشف اللثام 1:326،و هو في الغنية(الجوامع الفقهية):577.
6- كما حكاه عنهما في كشف اللثام 1:326،و هو في الوسيلة:164،و المهذّب 1:221.
7- الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1:338.
8- التهذيب 5:/302 1028،الوسائل 12:468 أبواب تروك الإحرام ب 33 ح 1.
9- التهذيب 5:/301 1027،الوسائل 12:469 أبواب تروك الإحرام ب 33 ح 6.
10- الفقيه 2:/220 1021،الوسائل 12:469 أبواب تروك الإحرام ب 33 ح 6.

و إطلاق الصحيح المحمول عليه:« المحرمة لا تلبس الحليّ و لا المصبغات إلّا صبغاً لا يردع» (1)مع احتماله بإطلاقه الحمل على الكراهة، كما يعرب عنه النهي عن المصبغات.

و القول الثاني فيه محكي عن الاقتصاد و التهذيب و الاستبصار و الجمل و العقود و الجامع (2).

و لا مستند له سوى الأصل و إطلاق جملة من الصحاح و غيرها بجواز لبسها الحُليّ كلّها إلّا حُليّا مشهوراً للزينة كما في بعضها (3)،و لبسها المَسَك و الخلخالين مطلقاً كما في غيره (4)،أو الحُلي كلّه إلّا القِراط و القلادة المشهورة (5).

و ينبغي تقييدها بما عرفته و إن احتمل الجمع بالكراهة؛ لرجحان ما ذكرناه بالأُصول و الشهرة العظيمة حتى أن في التنقيح قال:لم أقف فيه على خلاف لأحكيه (6).و لكن فيه ما فيه.

و الصحاح المستفيضة في الخامس:

منها:عن المحرم يحتجم؟قال:« لا،إلّا أن لا يجد بدّاً فليحتجم و لا

ص:315


1- الكافي 4:/344 3،التهذيب 5:/74 245،الوسائل 12:496 أبواب تروك الإحرام ب 49 ح 2.
2- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:330،و هو في الاقتصاد:302،و التهذيب 5:75،و الاستبصار 2:309،و الجمل و العقود(الرسائل العشر):229،و الجامع للشرائع:185.
3- الفقيه 2:/220 1016،التهذيب 5:/75 249،الإستبصار 2:/310 1105،الوسائل 12:497 أبواب تروك الإحرام ب 49 ح 4.
4- الوسائل 12:498 أبواب تروك الإحرام ب 49 ح 4.
5- الفقيه 2:/220 1014،الوسائل 12:497 أبواب تروك الإحرام ب 49 ح 6.
6- التنقيح الرائع 1:474.

يحلق مكان المحاجم» (1).

و نحوه أخبار مستفيضة (2).

و منها:عن المحرم كيف يحكّ رأسه؟قال:« بأظافيره ما لم يدمِ أو يقطع الشعر» (3).

و منها:عن المحرم يستاك؟قال:« نعم و لا يدمي» (4).

و القول الثاني فيه للخلاف و جماعة (5)؛ للأصل،و الصحيح:« لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر» (6).

و يجب تقييدهما بحال الضرورة لما مرّ و إن احتمل الجمع بالكراهة؛ لرجحان الأول بنحو ما عرفته.

نعم في الصحيح:المحرم يستاك؟قال:« نعم» قال:فإن أدمى يستاك؟قال:« نعم هو السنّة» (7).

و الخبر:عن المحرم يحتجم؟قال:« لا أُحبّه» (8).

ص:316


1- الكافي 4:/360 1،الوسائل 12:512 أبواب تروك الإحرام ب 62 ح 1.
2- انظر الوسائل 12:512 أبواب تروك الإحرام ب 62.
3- الفقيه 2:/229 1078،التهذيب 5:/313 1076،الوسائل 12:531 أبواب تروك الإحرام ب 71 ح 1.
4- التهذيب 5:/313 1078،الوسائل 12:534 أبواب تروك الإحرام ب 73 ح 3.
5- الخلاف 2:315؛ حكاه عن ابن حمزة في المختلف:269،و اختاره في المدارك 7:367،و الذخيرة:595.
6- الفقيه 2:/222 1033،التهذيب 5:/306 1046،الإستبصار 2:/183 610،الوسائل 12:513 أبواب تروك الإحرام ب 62 ح 5.
7- الكافي 4:/366 6،الفقيه 2:/222 1032،علل الشرائع:/408 1،الوسائل 12:561 أبواب تروك الإحرام ب 92 ح 1.
8- التهذيب 5:/306 1045،الإستبصار 2:/183 609،الوسائل 12:513 أبواب تروك الإحرام ب 62 ح 4.

و هما و إن كانا ظاهرين في الكراهة،إلّا أن الأخير ضعيف السند بالجهالة،مع عدم وضوح كامل في الدلالة ك« لا ينبغي» في بعض الصحاح.و الأوّل متروك الظاهر؛ لدلالته على أنه السنّة مطلقاً حتى في الصورة المفروضة،و لا قائل بها،للإجماع على الكراهة،فينبغي طرحه أو حمله على صورة عدم العلم بالإدماء.

و مفهوم الصحاح و غيرها في لبس السلاح (1).

و القول الثاني لم أعرف قائله و إن حكاه الماتن هنا و الفاضل في المختلف،و لكن لم يصرّح به (2).

و مع ذلك فلا مستند له سوى الأصل،المخصَّص بما مرّ،و تضعيفه بأنه مفهوم.و هو ضعيف،لحجية هذا المفهوم.

لكن ربما يقال:إنه إنما يعتبر إذا لم يظهر للتعليق وجه سوى نفي الحكم عمّا عدا محل الشرط،و هنا ليس كذلك،إذ لا يبعد أن يكون التعليق باعتبار عدم الاحتياج إلى لبس السلاح عند انتفاء الخوف.و فيه نظر.

مكروهات الإحرام

و المكروهات أُمور:

منها:

الإحرام في غير البياض

الإحرام في غير البياض على المشهور،و المستند على العموم غير معلوم،بل المستفاد من جملة من النصوص عدم البأس بالمصبوغ بالعصفر و غيره،و المصبوغ بمشق و غيره،إلّا ما فيه شهرة بين الناس (3)،

ص:317


1- الوسائل 12:504 أبواب تروك الإحرام ب 54.
2- المختلف:270.
3- الوسائل 12:479،482 أبواب تروك الإحرام ب 40،42.

و حكي الفتوى به عن المنتهى،عازياً له إلى علمائنا (1)،و لعلّه الأقوى و إن كان اختيار البياض أولى.

و يتأكد الكراهة في الإحرام في السود حتى إن الشيخ ظاهره المنع عنه في المبسوط و النهاية (2)،و تبعه ابن حمزة (3)؛ للنهي عنه في الموثق:« لا يحرم في الثوب الأسود و لا يكفّن به الميت» (4).

و حمله الأكثر على الكراهة؛ لإشعار النهي عن التكفين به،فإنه فيه لها قطعاً؛ و جمعاً بينه و بين الصحيح المجوّز للتكفين في كلّ ما تجوز فيه الصلاة (5)،بناءً على جواز الصلاة فيه قطعاً و إن أمكن الجمع بينهما بالتقييد، بل هو أولى.لكن صحة السند و الاعتضاد بالعمل و مهجورية الموثق الآن، بل عند الشيخ أيضاً حيث نزّل الحلّي منعه عنه على الكراهة (6)،و جَعَل الجمع بالكراهة أولى.

و في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة؛ للصحيح،و فيه:« و لا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحلّ و إن توسّخ إلّا أن تصيبه جنابة أو شيء فيغسله» (7).

ص:318


1- المنتهى 2:682.
2- المبسوط 1:319،النهاية:217.
3- الوسيلة:163.
4- الكافي 4:/341 13،الفقيه 2:/215 983،التهذيب 5:/66 214،الوسائل 12:358 أبواب الإحرام ب 26 ح 1.
5- الفقيه 1:/89 413،التهذيب 1:/292 852،الوسائل 3:15 أبواب التكفين ب 4 ح 1.
6- السرائر 1:542 و هو في المبسوط 1:319.
7- الكافي 4:/341 14،الفقيه 2:/215 980،التهذيب 5:/71 234،الوسائل 12:476 أبواب تروك الإحرام ب 38 ح 1.

و ظاهره المنع عن الغسل إذا توسّخ في الأثناء،كما هو ظاهر الدروس (1)، و يحتمل كلامه الكراهة،كما صرَّح به الحلّي و شيخنا في الروضة (2).

و في الثياب المُعلَمة بالبناء للمجهول،قيل:هي المشتملة على لون يخالف لونها حال عملها،كالثوب المحوك من لونين،أو بعده بالطرز و الصبغ (3)؛ للصحيح:« لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلَم و تركه أحب إليّ إذا قدر على غيره» (4).

و لكن في جملة من النصوص نفي البأس عنها على الإطلاق،بل في بعضها بعده:« إنما يكره المُلحَم» (5)(6).و قوله:

الحِنّاء للزينة

و الحِنّاء عطف على قوله:الإحرام،أي و من المكروهات الحنّاء و استعماله للزينة على المشهور كما في كلام جماعة (7).

أما الجواز فللأصل و الصحيح:عن الحِنّاء،فقال:« إنّ المحرم ليمسّه و يداوي به بعيره،و ما هو بطيب،و ما به بأس» (8).

و أما الكراهة فللشبهة الناشئة من احتمال الحرمة فتوًى و روايةً،

ص:319


1- الدروس 1:388.
2- الحلي في السرائر 1:542،الروضة البهية 2:235.
3- الروضة البهية 2:235 و المسالك 1:111.
4- الفقيه 2:/216 986،التهذيب 5:/71 235،الوسائل 12:479 أبواب تروك الإحرام ب 39 ح 3.
5- المُلحَم:جنس من الثياب و هو ما كان سداه إبريسم أي حرير أبيض،و لُحمته غير إبريسم.المنجد:716.
6- الكافي 4:/342 16،الفقيه 2:/216 987،الوسائل 12:478 أبواب تروك الإحرام ب 39 ح 1 و فيه:إنما يحرم..
7- منهم:العلّامة في المختلف:269،و الشهيد الثاني في الروضة البهية 2:243،و صاحب الحدائق 15:560.
8- الكافي 4:/356 18،الفقيه 2:/224 1052،التهذيب 5:/300 1019،الإستبصار 2:/181 600،الوسائل 12:451 أبواب تروك الإحرام ب 23 ح 1.

و لكالصحيح:عن امرأة خافت الشقاق و أرادت أن تحرم،هل تخضب يدها بالحِنّاء قبل ذلك؟قال:« ما يعجبني أن تفعل ذلك» (1).

و هو نصّ في الكراهة قبل الإحرام،و يلحق به بعده؛ للأولوية.

خلافاً لجماعة،فاستوجهوا القول بالحرمة (2)؛ استناداً إلى جملة من الصحاح لتحريم جملة من المحرّمات إلى أنها زينة (3)،و العلّة هنا موجودة.

و لا معارض لها سوى الأصل،و يجب تخصيصه بها.و الحديثين السابقين، و لا يصلحان للمعارضة؛ لخروجهما عن محل البحث،و هو استعمال المحرم الحِنّاء بعد الإحرام للزينة،كما هو ظاهر نحو العبارة:

أما الأول فلاختصاصه باستعماله للتداوي خاصة،كما يظهر من سياقه،دون الزينة.

و أما الثاني فلاختصاصه مع قصور سنده بالاستعمال من المرأة قبل الإحرام في حال الضرورة،و لا كلام في شيء منهما.

فإذاً القول بالحرمة لا يخلو عن قوة،وفاقاً لجماعة.

و هل يختص الحكم مطلقاً بما إذا قصد الزينة،أم يعمّه و ما إذا قصد السنّة؟وجهان،أحوطهما الثاني.

ثم هل يختص بالاستعمال بعد الإحرام،أم يعمّه و قبله إذا بقي أثره بعده؟قولان،أحوطهما الثاني إن لم يكن أجودهما.

النقاب للمرأة

و النقاب للمرأة و الأصح التحريم،بل قيل:لا أعلم خلافاً فيه (4)؛

ص:320


1- الفقيه 2:/223 1042،التهذيب 5:/300 1020،الإستبصار 2:/181 601،الوسائل 12:451 أبواب تروك الإحرام ب 23 ح 2.
2- منهم:العلامة في المختلف:269،و الشهيد الثاني في المسالك 1:111،و صاحب المدارك 7:377.
3- انظر الوسائل 12:468 أبواب تروك الإحرام ب 33 ح 34.
4- المدارك 7:378.

لما مرّ من حرمة تغطية وجهها (1).ففي الحكم هنا منافاة لما مضى،إلّا أن يحمل النقاب على السدل الجائز،لكن إثبات كراهته لا يخلو عن إشكال، إذ لا أعرف له مستنداً إلّا إذا أصاب الوجه،فلا يخلو عن وجه.

دخول الحمّام

و دخول الحمّام للنهي عنه في الخبر (2)، المحمول على الكراهة،جمعاً بينه و بين الصحيح (3)و غيره (4)،النافيين للبأس عنه،و فيهما«و لكن لا يتدلّك» .و بكراهة التدلّك فيه أفتى جماعة (5)،و زاد بعضهم فحكم بكراهته مطلقاً (6).و لا بأس به؛ للصحيح:عن المحرم يغتسل؟فقال:« نعم،يفيض الماء على رأسه و لا يدلكه» (7).

تلبية المنادي

و تلبية المنادي بأن يقول له:لبيك،على المشهور؛ للنصّ.

و علّل بأنه في مقام التلبية للّه تعالى فلا يشرك غيره فيها (8)،و في الصحيح بعد النهي عنها أنه يقول:« يا سعد» (9).

ص:321


1- راجع ص 2939.
2- التهذيب 5:/386 1349،الإستبصار 2:/184 612،الوسائل 12:537 أبواب تروك الإحرام ب 76 ح 2.
3- الفقيه 2:/228 1081،التهذيب 5:/314 1081،الإستبصار 2:/184 611،الوسائل 12:537 أبواب تروك الإحرام ب 76 ح 1.
4- الكافي 4:/366 3،الوسائل 12:537 أبواب تروك الإحرام ب 76 ح 3.
5- منهم:الحلي في السرائر 1:547،و المحقق في الشرائع 1:252،و العلّامة في التذكرة 1:340،و صاحب الحدائق 15:562.
6- منهم الشهيد في المسالك 1:112،و صاحب المدارك 7:379،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:339.
7- الفقيه 2:/230 1093،التهذيب 5:/313 1079،الوسائل 12:535 أبواب تروك الإحرام ب 75 ح 1.
8- كما في المسالك 1:112،و الروضة 2:235،و المدارك 7:380.
9- الكافي 4:/366 4،التهذيب 5:/386 1348،الوسائل 12:561 أبواب تروك الإحرام ب 91 ح 1.

و ظاهره التحريم،كما في ظاهر التهذيب.لكن ينبغي حمله على شدة الكراهة؛ لعدم القول بالتحريم كما قيل (1)؛ مضافاً إلى الأصل و المروي عن الصدوق،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:«لا بأس أن يلبّي المجيب» (2).

استعمال الرياحين

و استعمال الرياحين وفاقاً للنهاية و الحلّي و الإسكافي كما حكي (3)،و جماعة من المتأخرين (4)؛ للنهي عنه في الصحيحين (5)،في أحدهما:« لا يمسّ المحرم شيئاً من الطيب و لا من الريحان و لا يتلذذ به» .و إنما حمل على الكراهة جمعاً بينهما و بين الصحيح:« لا بأس أن تشمّ الإذخِر (6)و القَيصوم (7)و الخُزامي (8)و الشِّيح (9)و أشباهه و أنت محرم» (10).

ص:322


1- مجمع الفائدة 6:356.
2- الفقيه 2:/211 963،الوسائل 12:388 أبواب تروك الإحرام ب 42 ح 2؛ إلّا أن فيهما:الجنب.
3- النهاية:219،نقله عن الحلّي و الإسكافي في المختلف:268،و لكن الموجود في السرائر 1:545 الحكم بالحرمة.
4- منهم:المحقق في الشرائع 1:252،و العلّامة في الإرشاد 1:318،و السبزواري في الذخيرة:603.
5- الأول:التهذيب 5:/297 1007،الإستبصار 2:/178 591،الوسائل 12:445 أبواب تروك الإحرام ب 18 ح 11.الثاني:الكافي 4:/355 12،التهذيب 5:/307 1048،الوسائل 12:445 أبواب تروك الإحرام ب 18 ح 10.
6- تقدّم معناه في ص:2947.
7- القيصوم:نبات طيب الرائحة من رياحين البرّ،ورقه هدب و له نورة صفراء،و هي تنهض على ساق و تطول.لسان العرب 12:486.
8- الخزامى:بقلة طيبة الرائحة طويلة العيدان صغيرة الورق حمراء الزهرة،و هي من أطيب الأزهار.لسان العرب 12:176.
9- الشيح:نبات سهلي،له رائحة طيبة و طعم مرّ.لسان العرب 2:502.
10- الكافي 4:/355 14،الفقيه 2:/225 1057،التهذيب 5:/305 1041،الوسائل 12:453 أبواب تروك الإحرام ب 25 ح 1.

خلافاً للمفيد و جماعة (1)فحرّموه،و لعلّه الأظهر؛ عملاً بظاهر النهي، مع سلامته عن المعارض،سوى الأصل المخصَّص به لكونه خاصاً، و أخبار قصر الطيب في أربعة (2)،و الصحيح الأخير،و فيهما نظر:

فالأول بتوقفه على كون المنع عنه من جهة الطيب،و ليس كذلك،بل من جهة النهي عنه بالخصوص.

و الثاني بعدم نفي البأس فيه عن مطلق الريحان حتى يتحقق التعارض بينه و بين المانع تعارضاً كلياً،فيكون صريحاً في الجواز،فيقدّم على النهي الظاهر في التحريم،تقدّمَ النص على الظاهر.و إنما غايته نفي البأس عن أُمور معدودة يمكن استثناؤها عن أخبار المنع على تقدير تسليم صدق الريحان عليها حقيقةً،و لا مانع من ذلك.

و لا موجب للجمع بالكراهة سوى تضمنه لفظ« أشباهه» و هو كما يحتمل المشابهة في إطلاق اسم الريحان عليه،كذا يحتمل ما هو أخص ممّا يشبهه من نبت البراري،و يكون استثناؤه لكونه كما قال في المختلف من نبت الحرم فيعسر الاحتراز عنه (3)،و معه لا يمكن صرف النهي عن ظاهره.

مضافاً إلى عدم إمكانه من وجه آخر،و هو:أن النهي عن مسّ الريحان في الصحيح الماضي إنما هو بلفظ النهي عن الطيب بعينه،و هو للتحريم قطعاً،فلا يمكن حمله بالإضافة إلى الريحان على الكراهة،للزوم

ص:323


1- المفيد في المقنعة:432؛ و انظر المختلف:268،و جامع المقاصد 3:179،و المدارك 7:380.
2- انظر الوسائل 12:442 أبواب تروك الإحرام ب 18.
3- المختلف:268.

استعمال اللفظة الواحدة في الاستعمال الواحد في المجاز و الحقيقة،و هو خلاف التحقيق،و صرفه إلى المجاز الأعم يعني مطلق المرجوحية بعيد جدّاً.

و لا بأس بحكّ الجسد و السواك ما لم يُدمِ أو يقطع الشعر،كما في المعتبرة المستفيضة (1).

و هنا

مسألتان

مسألتان

الاُولى لا يجوز لأحد أن يدخل مكة إلّا محرماً

الاُولى:لا يجوز لأحد أن يدخل مكة شرّفها اللّه تعالى إلّا محرماً بحجّ أو عمرة بالنص و الإجماع إلّا المريض و من به بَطَن،كما في الصحيح:هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام؟قال:« لا إلّا مريضاً أو من به بَطَن» (2).

و نحوه آخران، (3)إلّا أن في السؤال فيهما:هل يدخل الرجل الحرم؟ و بهما أفتى أيضاً جمع (4).

و ظاهر هذه الأخبار كالمتن و جمع سقوط الإحرام عن المريض.

و ربما يعارضها الصحيح:عن رجل به بَطَن و وجع شديد يدخل مكة

ص:324


1- الوسائل 12:533 أبواب تروك الإحرام ب 73.
2- الفقيه 2:/239 1140،التهذيب 5:/448 1564،الوسائل 12:403 أبواب الإحرام ب 50 ح 4.
3- الأول:الإستبصار 2:/245 856،الوسائل 12:403 أبواب الإحرام ب 50 ح 2.الثاني:التهذيب 5:/165 550،الإستبصار 2:/245 855،الوسائل 12:402 أبواب الإحرام ب 50 ح 1.
4- منهم:المحقق في الشرائع 1:252،و العلامة في المنتهى 2:688،و صاحب المدارك 7:380.

حلالاً؟قال:« لا يدخلها إلّا محرماً» و قال:« يحرمون عنه» (1).

و حمله الشيخ على الاستحباب (2).و لا بأس به جميعاً.

قيل:و الظاهر أن الإحرام عنه إنما يثبت مع المرض المزيل للعقل، و هو محمول على الاستحباب أيضاً.

و إنما يجب الإحرام للدخول إذا كان الدخول إليها من خارج الحرم، فلو خرج أحد من مكة و لم يصل إلى خارج الحرم ثم عاد إليها عاد بغير إحرام (3).

و متى أخلّ الداخل بالإحرام أثم و لم يجب قضاؤه.

و استثنى الشيخ و جماعة (4)من ذلك العبيد،فجوّزوا لهم الدخول بغير إحرام.قيل:لأن السيّد لم يأذن لهم بالتشاغل بالنسك عن خدمته،فإذا لم يجب عليهم حجة الإسلام لهذا المعنى فعدم وجوب الإحرام لذلك أولى (5).

أو من يتكرر دخوله كل شهر،بحيث يدخل في الشهر الذي خرج كما قيل (6)،أو مطلقاً؛ للعسر و الحرج،و للصحيح:« إن الحطّابة و المجتلبين أتوا النبي صلى الله عليه و آله فسألوه،فأذن لهم أن يدخلوا حلالاً» (7).

ص:325


1- التهذيب 5:/165 552،الإستبصار 2:/245 857،الوسائل 12:403 أبواب الإحرام ب 50 ح 3.
2- التهذيب 5:165.
3- المدارك 7:381.
4- الشيخ في المبسوط 1:327؛ و انظر جامع المقاصد 3:171،و المسالك 1:112،و المدارك 7:382،و الحدائق 15:125.
5- المنتهى 2:689.
6- انظر كشف اللثام 1:319.
7- التهذيب 5:/165 552،الإستبصار 2:/245 857،الوسائل 12:407 أبواب الإحرام ب 51 ح 2.

و يدخل في المجتلبة ناقل الحشيش و الحنطة و غير ذلك.

و مقتضى عبارة المتن و غيره استثناء مطلق من يتكرر دخوله و إن لم يدخل في اسم المجتلبة.و هو غير بعيد؛ للدليل الأول و إن كان الاقتصار على مورد النصّ أحوط.

و لو خرج من مكة من وجب عليه الإحرام للدخول فيها بعد إحرامه السابق الذي أحلّ منه ثم عاد في شهر خروجه أجزأه الإحرام الأول عن الإحرام الثاني للدخول.

و إن عاد في غيره أي غير شهر خروجه أحرم ثانياً للدخول فيها بلا خلاف ظاهر.

و لا إشكال في الحكمين إن كان المراد من شهر خروجه هو الشهر الذي أحرم فيه للتمتع مثلاً،و من غيره غيره،بمعنى عوده بعد مضي ثلاثين يوماً من إحرامه المتقدم إلى يوم دخوله مكة؛ للمعتبرة،منها الموثق:

« يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي يتمتع فيه،لأن لكلّ شهر عمرة و هو مرتهن بالحج» (1).

و ظاهره اعتبار مضي الشهر من حين الإحلال ليتحقق تخلل الشهر بين العمرتين،و به أفتى الأكثر.

خلافاً لظاهر المتن و النهاية و المقنعة و غيرهما (2)،فلم يعتبروا ذلك؛ لإطلاق المعتبرين،أحدهما الصحيح أو الحسن في المتمتع:فإن جهل

ص:326


1- الكافي 4:/442 2،التهذيب 5:/164 549،الوسائل 11:303 أبواب أقسام الحج ب 22 ح 8.
2- النهاية:247،لم نعثر عليه في المقنعة،و هو موجودٌ في التهذيب 5:163،و انظر المدارك 7:383.

و خرج إلى المدينة أو نحوها بغير إحرام ثم رجع في إبّان الحج في أشهر الحج يريد الحج،أ يدخلها محرماً أو بغير إحرام؟فقال:« إن رجع في شهره دخل بغير إحرام،و إن دخل في غير الشهر دخل محرماً» (1).

و أصرح منه الآخر المرسل (2).لكنه ضعيف السند،و يحتمل كالأول تقييد شهر الخروج بشهر الإحرام المتقدم،و غيره بغيره على النهج الذي سبق.

مضافاً في الأول إلى أن ضمير« شهره» يحتمل الرجوع إلى الإحرام السابق،فيحتمل الحمل السابق من هذا الوجه.

هذا مع أن إطلاقهما يشمل صورة ما إذا كان شهر الخروج بعد الإحرام المتقدم بأزيد من شهر،و لا أظنّهم يقولون به،و لا صرَّح به أحد.

و إنما ثمرة النزاع تظهر على ما صرّح به بعضهم في صورة العكس،و هي ما لو خرج آخر شهر و دخل أول آخر فيدخل محرماً على هذا القول،و لا حتى يمضي ثلاثون يوماً على قول الأكثر،و لعلّه الأظهر.

و اعلم أن المستفاد من العبارة و غيرها من الفتاوي عدم الفرق في الإحرام السابق بين كونه لعمرة أو حج مع أن المستفاد من الأخبار إنما هو الأول.

و لذا قيل:إنّ الذي دلّت عليه الدلائل جواز الدخول محلّاً مع سبق الإحرام بعمرة قبل مضيّ شهر،فالصواب القصر عليه كما في الجامع،فلو

ص:327


1- الكافي 4:/441 1،التهذيب 5:/163 546،الوسائل 11:302 أبواب أقسام الحج ب 22 ح 6.
2- التهذيب 5:/166 554،الإستبصار 2:/246 859،الوسائل 12:407 أبواب الإحرام ب 51 ح 4.

كان سبق إحرامه بحجّ لم يدخل إلّا محرماً بعمرة مفردة و إن لم يمض شهر،ففي الأخبار العمرة بعد الحج إذا أمكن الموسى من الرأس (1).انتهى (2).و هو حسن.

و يعضده عموم أخبار النهي عن الدخول محلّاً (3)،مع سلامته عن المعارض كما مرّ.

الثانية إحرام المرأة كإحرام الرجل

الثانية:إحرام المرأة كإحرام الرجل في جميع الأحكام إلّا ما استثني سابقاً من تغطية الرأس،و لبس المخيط،و التظليل سائراً،و عدم استحباب رفع الصوت بالتلبية لها،و لبس الحرير على الخلاف؛ بلا خلاف ظاهر و لا محكي؛ و للصحيح الآتي:« تصنع كما يصنع المحرم و لا تصلِّ» . و لا يمنعها الحيض و ما في معناه من الإحرام لكن لا تصلّي له للصحاح و غيرها:

منها:عن الحائض تحرم و هي حائض؟قال:« نعم،تغتسل و تحتشي و تصنع كما يصنع المحرم و لا تصلِّ» (4).

و مقتضاه كغيره أنها كالطاهر غير أنها لا تصلّي ستّة الإحرام،فتغتسل أيضاً.خلافاً لبعضهم فيه (5)،و هو ضعيف.

و لو كان الميقات مسجد الشجرة أحرمت منه اجتيازاً،فإن تعذّر أحرمت من خارجه.و عليه يحمل النهي عن دخولها المسجد في الموثق (6)،

ص:328


1- انظر الوسائل 14:315 أبواب العمرة ب 8.
2- كشف اللثام 1:319.
3- الوسائل 12:402 أبواب الإحرام ب 50.
4- التهذيب 5:/388 1358،الوسائل 12:400 أبواب الإحرام ب 48 ح 4.
5- قال به الشهيد الثاني في مناسك الحج على ما نقله عنه في المدارك 7:386.
6- الكافي 4:/444 1،التهذيب 5:/388 1355،الوسائل 12:399 أبواب الإحرام ب 48 ح 2.

أو على الدخول مع اللبث،أو على الكراهة كما قيل (1).

و لو تركته أي الإحرام من الميقات ظنا أي لظنها أنه لا يجوز لها الإحرام حتى جاوزت الميقات رجعت إلى الميقات وجوباً و أحرمت منه مع الإمكان؛ لتوقف الواجب عليه فيجب مقدمةً؛ و للصحيح:« فإن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت و لتحرم منه» (2).

و لو دخلت مكة فكذلك ترجع إلى الميقات أيضاً مع الإمكان فإن تعذّر الرجوع أحرمت من أدنى الحلّ،و لو تعذّر إحرامها منه أحرمت من موضعها للضرورة،و نفي الحرج،و خصوص الصحيح:عن امرأة كانت مع قوم فطمثت،فسألتهم فقالوا:ما ندري عليك إحرام أم لا و أنت حائض، فتركوها حتى دخلت الحرم،فقال:« إن كانت عليها مهلة فلترجع إلى الوقت و لتحرم منه،و إن لم يكن عليها وقت فلتخرج إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها» (3).

مضافاً إلى ما مرّ في بحث المواقيت،و مرّ ثمة أن ما اقتضته هذه الرواية من وجوب العود إلى ما أمكن من الطريق حيث يتعذر العود إلى الميقات فتوى الشهيد (4)،و يعضده حديث:«الميسور لا يسقط بالمعسور» (5).

ص:329


1- الوسائل 12:400 ذيل الحديث 2.
2- الكافي 4:/325 10،التهذيب 5:/389 1362،الوسائل 11:329 أبواب المواقيت ب 14 ح 4.
3- الكافي 4:/325 10،التهذيب 5:/389 1362،الوسائل 11:329 أبواب المواقيت ب 14 ح 4.
4- راجع ص 2839.
5- عوالي اللئلئ 4:/58 205.

قيل:و يمكن حملها على الاستحباب؛ لعدم وجوب ذلك على الناسي و الجاهل مع الاشتراك في العذر،و للموثق:عن أُناس من أصحابنا حجوا بامرأة معهم،فقدموا إلى الوقت و هي لا تصلّي،فجهلوا أن مثلها ينبغي أن يحرم،فمضوا بها كما هي حتى قدموا مكة و هي طامث حلال، فسألوا الناس فقالوا:تخرج إلى بعض المواقيت فتحرم منه و كانت إذا فعلت لم تدرك الحج،فسألوا أبا جعفر عليه السلام فقال:« تحرم من مكانها قد علم اللّه نيتها» (1)انتهى (2).

و الأول أحوط إن لم يتعين؛ لإمكان تقييد الموثقة بصورة عدم الإمكان،و هو أولى من الحمل على الاستحباب،سيّما مع صحة سند المقيِّد دون الموثق.

ص:330


1- الكافي 4:/324 5،الوسائل 11:330 أبواب المواقيت ب 14 ح 6.
2- المدارك 7:387.
القول في الوقوف بعرفات
اشارة

القول في الوقوف بعرفات و النظر فيه في المقدمة و الكيفية و اللواحق

المقدمة

أما المقدمة فتشتمل على مندوبات خمسة أحدها:

الخروج إلى منى بعد صلاة الظهرين يوم التروية عند جماعة (1)؛ للصحيح:« إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه تعالى فاغتسل،ثم البس ثوبيك و ادخل المسجد حافياً و عليك السكينة و الوقار،ثم صلِّ الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحِجر،ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلِّ المكتوبة،ثم قل في دبر صلاتك» الحديث (2).

و ليس فيه التصريح بالظهرين،و غايته المكتوبة،و ظاهره الظهر خاصة،كما عليه جماعة (3)،و يعضده عموم الأخبار باستحباب إيقاع الإحرام عقيب فريضة (4).

خلافاً لآخرين (5)،فاستحبوا الخروج إلى منى قبل صلاة الظهرين؛

ص:331


1- منهم:الشيخ في المبسوط 1:364 و المحقق في الشرائع 1:252،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:353.
2- الكافي 4:/454 1،التهذيب 5:/167 557،الوسائل 12:408 أبواب الإحرام ب 52 ح 1.
3- منهم:الشيخ في النهاية:249،و العلامة في قواعد الأحكام 1:85،و الشهيد في اللمعة(الروضة)2:269.
4- انظر الوسائل 12:344 أبواب الإحرام ب 18.
5- كالمفيد في المقنعة:408،و السيد في جمل العلم و العمل(رسائل المرتضى 3):68،و صاحب المدارك 7:388.

للصحيح الآخر:« إذا انتهيت إلى منى فقال» إلى أن قال:« ثم تصلي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر،و الإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلّا ذلك،و موسّع لك أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر» (1).

و قريب منه آخر:عن الوقت الذي يتقدم فيه إلى المنى الذي ليس له وقت أول منه،فقال:« إذا زالت الشمس» (2).

و جمع بين الأخبار جماعة من المتأخرين بالتخيير لمن عدا الإمام، و استحبوا فيه الأخذ بالقول الثاني (3).

و هو حسن بالإضافة إلى ما اختاروه للإمام؛ لما يأتي.و أما بالإضافة إلى غيره فله وجه غير أن اختيار الأول أحوط؛ لقوة احتمال ورود الأخبار الأخيرة للتقية،فقد نقل القول بمضمونها عن العامة (4)؛ مضافاً إلى اعتضاد الأول بما مرّ،و بما استدل به له في المختلف بأن المسجد الحرام أفضل من غيره فاستحب إيقاع الفريضتين فيه (5).

ثم إن ظاهر الرواية الأخيرة أنه لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال كما صرّح به الشيخ إلّا لمن يضعف عن الزحام كالمريض و الشيخ الكبير و المرأة التي تخاف ضغاط الناس،و غيرهم من ذوي الأعذار،قال

ص:332


1- الكافي 4:/461 1،التهذيب 5:/177 596،الوسائل 13:524 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 4 ح 5.
2- التهذيب 5:/175 587،الإستبصار 2:/252 887،الوسائل 13:520 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 2 ح 1.
3- منهم:صاحب المدارك 7:388،و السبزواري في الذخيرة:650،و صاحب الحدائق 16:351.
4- انظر مغني المحتاج 1:496،و المغني و الشرح الكبير 3:431،و عمدة القارئ 10:5.
5- المختلف:296.

فلا بأس أن يتقدمه بثلاثة أيام،فأما ما زاد عليه فلا يجوز على كل حال (1).

أقول:و له بكلا الأمرين الموثق (2)،و هو أحوط و إن ذكر الفاضل في المنتهى أن مراد الشيخ بلا يجوز شدة الاستحباب،مشعراً بدعوى الإجماع عليه (3).

و الإمام يعني أمير الحاج،كما صرّح به جماعة من الأصحاب (4) يتقدم في خروجه ليصلّي الظهرين (5)بمنى للصحاح المستفيضة (6)و إن اختلفت في التعبير ب« لا يسعه إلّا ذلك» المفيد للزوم،كما هو ظاهر الشيخ في التهذيب (7)،أو ب« لا ينبغي» الظاهر في الاستحباب كما عليه الأصحاب،و أجرى الحمل السابق في كلام الشيخ في كلامه هنا أيضاً الفاضل في المنتهى (8).

و هذه الصحاح حجة على من أطلق استحباب الخروج بعد الفريضة من الأصحاب.

و كما يستحب الخروج في هذا اليوم يستحب إيقاع الإحرام فيه،و في

ص:333


1- التهذيب 5:175.
2- الكافي 4:/460 1،التهذيب 5:/176 589،الإستبصار 2:/253 889،الوسائل 13:522 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 3 ح 1.
3- المنتهى 2:715.
4- منهم:صاحب المدارك 7:388،و السبزواري في الذخيرة:650،و صاحب الحدائق 16:354.
5- في المختصر المطبوع:الظهر.
6- الوسائل 13:523 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 4.
7- التهذيب 5:175.
8- المنتهى 2:715.

المنتهى إنه لا يعلم فيه خلافاً (1).و عن التذكرة الإجماع عليه (2).

خلافاً لابن حمزة فأوجب الإحرام فيه (3)،قيل:و لعلّه لورود الأمر به في الصحيح الماضي (4).و يندفع بالأصل،مع كون أكثر أوامر الخبر للندب.

و ثانيها: المبيت بها أي بمنى للإمام و غيره حتى يطلع الفجر من يوم عرفة؛ لبعض الصحاح المتقدمة.

و ثالثها:أن لا يجوز وادي محسِّر بكسر السين،و هو حدّ منى إلى جهة عرفة حتى تطلع الشمس على الأشهر،بل قيل بتحريمه (5)؛ للنهي عنه في الصحيح (6)،و هو أحوط.

و يُكْرَه الخروج من منى للإمام و غيره قبل الفجر في المشهور،قيل:للأمر بصلاته فيها في الصحيح المتقدم (7)؛ و للصحيح:هل صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله الظهر بمنى يوم التروية؟قال:« نعم،و الغداة بمنى يوم عرفة» (8).

و فيهما نظر،و لذا قيل:يمكن المناقشة في الكراهة؛ لعدم الظفر بما

ص:334


1- المنتهى 2:714.
2- التذكرة 1:370.
3- الوسيلة:176.
4- الذخيرة:650 و كشف اللثام 1:350.
5- كما قال به في المبسوط 1:366،و المهذّب 1:251 و جعله في المدارك 7:391.أحوط.
6- التهذيب 5:/178 597،الوسائل 13:528 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 7 ح 4.
7- كشف اللثام 1:352.
8- الفقيه 2:/28 1374،التهذيب 5:/177 594،الوسائل 13:524 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 4 ح 4.

يتضمن النهي عن ذلك،نعم لا ريب أنه خلاف الأولى (1).

و الأجود الاستدلال عليه بالنهي عن الجواز عن وادي محسِّر قبل طلوع الشمس،فإنه بإطلاقه يشمل محل البحث،و لعلّه لذا قيل بتحريمه هنا كما فيما سبق (2)،فالمسألة من متفرعات الخلاف السابق،فتأمل.

و الكراهة ثابتة لكل أحد إلّا للمضطر و ذوي الأعذار كالخائف و المريض فإن الضرورات تبيح المحظورات،فضلاً عن المكروهات، قيل (3):و للصحيح:إنّا مشاة فكيف نصنع؟فقال عليه السلام:« أما أصحاب الرجال فكانوا يصلّون الغداة بمنى،و أما أنتم فامضوا حتى تصلّوا في الطريق» (4).

و يستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس استحباباً مؤكداً؛ للصحاح (5).

و في التحرير:إن الأفضل لغير الإمام ذلك أيضاً،و لو خرج قبل طلوعها جاز،لكن لا يجوز وادي محسِّر حتى تطلع الشمس،و الإمام لا يخرج حتى تطلع الشمس (6).

و فيه نوع إشعار بوجوب ذلك على الإمام،و أكثر النصوص ظاهرة في

ص:335


1- المدارك 7:392.
2- قال به الشيخ في النهاية:250،و الحلبي في الكافي:213،و ابن البراج في المهذب 1:251.
3- التذكرة 1:370.
4- الكافي 4:/461 2،التهذيب 5:/179 599،الوسائل 13:527 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 7 ح 1.
5- الوسائل 13:523 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 4.
6- التحرير 1:101.

الاستحباب،و في المرسل:« إن السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع الشمس» (1).

و في الصحيح في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس قال:

« لا بأس به» الحديث (2).فتدبر.

و رابعها و خامسها: الدعاء عند التوجه إليها و نزولها و عند الخروج منها بالمأثور،ففي الصحيح:« إذا توجهت إلى منى فقل:

اللهم إياك أرجو و إياك أدعو،فبلّغني أملي و أصلح لي عملي» (3).

و فيه:« إذا انتهيت إلى منى فقل:اللهم هذه منى،و هذه ممّا مننت بها علينا من المناسك،فأسألك أن تمن عليّ بما مننت به على أنبيائك فإنما أنا عبدك و في قبضتك» (4).

و فيه:« إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجه إليها:اللهم إليك صمدت،و إياك اعتمدت،و وجهك أردت،فأسألك أن تبارك لي في رحلتي،و تقضي لي حاجتي،و أن تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل مني» (5).

ص:336


1- الكافي 4:/461 1،التهذيب 5:/178 598،الوسائل 13:527 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 7 ح 2.
2- التهذيب 5:/193 643،الإستبصار 2:/256 903،الوسائل 13:528 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 7 ح 3.
3- الكافي 4:/460 4،التهذيب 5:/177 595،الوسائل 13:526 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 6 ح 1.
4- الكافي 4:/461 1،التهذيب 5:/177 596،الوسائل 13:526 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 6 ح 2.
5- الكافي 4:/461 3،التهذيب 5:/179 600،الوسائل 13:528 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 8 ح 1.
الكيفية

و أما الكيفية

الواجب

فالواجب فيها النية المشتملة على قصد الفعل المخصوص متقرباً خاصةً على الأظهر،على ما مرّ في الطهارة؛ أو مع الوجوب،كما في التحرير و المنتهى (1)؛ أو مع الكون لحج التمتع أو غيره، حجّ الإسلام أو غيره،كما عن التذكرة (2)،و هما أحوط.

و عنها و عن السرائر (3)الإجماع على وجوبها عندنا،خلافاً للعامة فلم يوجبوها (4)،و الأدلة العامة عليهم حجة.

قيل:و وقتها بعد الزوال،سواء وجب الوقوف منه إلى الغروب،أو كفى لمسمّى،و يجب على الأول المبادرة إليها بعد تحقّقه،فلو أخّر أثم و أجزأ كما في الدروس (5).

و أشار بقوله:سواء وجب الوقوف..إلى الخلاف الآتي.

و الكون بها أي بعرفات اختياراً إلى الغروب المعتبر عندنا (6)بزوال الحمرة المشرقية على ما عرفته،فلا يجوز التأخير عنه إجماعاً،كما في كلام جماعة (7)،و للمعتبرة (8)،و فيها الصحيح و غيره.

قيل:و ما في الخلاف و المبسوط من أن وقت الوقوف فجر يوم العيد فهو مجموع الاختياري و الاضطراري،فلا يرد عليه ما في السرائر من

ص:337


1- التحرير 1:101،المنتهى 2:716.
2- التذكرة 1:371.
3- السرائر 1:586.
4- كما في المغني و الشرح الكبير 3:442.
5- كشف اللثام 1:353.
6- في« ك»:هنا.
7- منهم:العلامة في المنتهى 2:716،و صاحب المدارك 7:394،و الحدائق 16:380.
8- انظر الوسائل 13:556 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 22.

مخالفته الإجماع (1).

و مبدؤه من زوال الشمس يوم التاسع،بمعنى عدم جواز تقديمه عليه بإجماع من عدا أحمد،فإنه جعله من طلوع فجره كما في المنتهى و غيره (2)،و هو الظاهر من أخبارنا فعلاً و قولاً،و على هذا فوقته الاختياري من الزوال إلى الغروب.

و هل يجب الاستيعاب حتى إن أخلّ به في جزء منه أثم و إن تم حجّه كما هو ظاهر الشهيدين في الدروس و اللمعة و شرحها (3)،بل صريح ثانيهما (4)؛ أم يكفي المسمّى و لو قليلاً كما عن السرائر (5)،و عن التذكرة إنما الواجب اسم الحضور في جزء من أجزاء عرفة و لو مجتازاً مع النية (6)، و ربما يفهم هذا أيضاً عن المنتهى (7)؟إشكال.

و ينبغي القطع بفساد القول الأول؛ لمخالفته لما يحكى عن ظاهر الأكثر (8)،و المعتبرة المستفيضة بأن الوقوف بعد الغسل و صلاة الظهرين، ففي الصحيح الوارد في صفة حج النبي صلى الله عليه و آله أنه صلى الله عليه و آله« انتهى إلى نَمِرَة، فضرب قبّته و ضرب الناس أخبيتهم عندها،فلمّا زالت الشمس خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله و معه فرسه و قد اغتسل و قطع التلبية حتى وقف بالمسجد

ص:338


1- قال به في كشف اللثام 1:353.
2- المنتهى 2:720؛ و انظر التذكرة 1:372.
3- الدروس 1:419،اللمعة(الروضة البهية 2):269.
4- الروضة البهية 2:269.
5- السرائر 1:587.
6- التذكرة 1:372.
7- المنتهى 2:719.
8- حكاه عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:353.

فوعظ الناس و أمرهم و نهاهم،ثم صلّى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين ثم مضى إلى الموقف و وقف فيه» (1).

و فيه:« فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بنَمِرَة و هي بطن عُرنَة دون الموقف و دون عرفة،فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلِّ الظهر و العصر بأذان و إقامتين،و إنما يعجّل العصر و يجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة» الحديث (2).

و في الموثق كما في كلام جماعة (3)،بل الصحيح كما في المنتهى (4):

« إنما يعجّل الصلاة و يجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة،ثم يأتي الموقف و عليه السكينة الحديث» (5).

إلى غير ذلك من النصوص.

و الأحوط العمل بمقتضاها و إن كان القول بكفاية مسمى الوقوف لا يخلو عن قرب؛ للأصل النافي للزائد بعد الاتفاق على كفاية المسمّى في حصول الركن منه،و عدم اشتراط شيء زائد منه فيه مع سلامته عن المعارض سوى الأخبار المزبورة،و دلالتها على الوجوب غير واضحة.

أما ما تضمّن منها الأمر بإتيان الموقف بعد الصلاتين فلا تفيد

ص:339


1- الكافي 4:/245 4،التهذيب 5:/454 1588،الوسائل 11:213 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4.
2- الكافي 4:/461 3،التهذيب 5:/179 600،الوسائل 13:529 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 9 ح 1.
3- منهم:السبزواري في الذخيرة:652،و المجلسي في ملاذ الأخيار 7:531.
4- المنتهى 2:718.
5- التهذيب 5:/182 611،الوسائل 13:538 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 14 ح 1.

الفورية،و مع ذلك منساق في سياق الأوامر المستحبة.

و أما ما تضمن منها فعله صلى الله عليه و آله فكذلك؛ بناءً على عدم وجوب التأسي،و على تقدير وجوبه في العبادة فإنما غايته الوجوب الشرطي لا الشرعي،و كلامنا فيه لا في سابقه؛ للاتفاق كما عرفت على عدمه.

و من لم يتمكن من الوقوف بها نهاراً أجزأه الوقوف بها ليلاً قليلاً و لو قبل الفجر متصلاً به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس،بلا خلاف فيه على الظاهر،المصرَّح به في كلام جماعة (1)،و في المنتهي:إنه قول علماء الإسلام كافة (2).

أقول:و الصحاح به مع ذلك مستفيضة.

منها:في رجل أدرك الإمام بجَمْع،فقال له:« إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلاً ثم يدرك جمعاً قبل طلوع الشمس فليأتها،و إن ظنّ أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها و قد تمّ حجه» (3)و نحوه غيره (4).

و في المنتهى:و جاز له أن يدفع من عرفات أيّ وقت شاء بلا خلاف،و لا دم عليه إجماعاً (5).

أقول:و هو ظاهر ما مرّ من الصحاح.

و لو أفاض و ذهب من عرفات قبل الغروب عامداً عالماً بالتحريم أثم و لم يبطل حجّه إجماعاً على الظاهر،المصرَّح به في

ص:340


1- منهم:العلّامة في التذكرة 1:372،و السبزواري في الذخيرة:653.
2- المنتهى 2:721.
3- الكافي 4:/476 2،الفقيه 2:/284 1394،الوسائل 14:35 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 1.
4- التهذيب 5:/289 982،الإستبصار 2:/301 1077،الوسائل 14:36 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 3.
5- المنتهى 2:721.

بعض العبائر (1)،و في المنتهى:إنه و وجوب جبره بدم قول عامة أهل العلم ما عدا مالك (2)؛ و هو الحجة.

مضافاً إلى الصحيح:عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس،قال:« عليه بدنة ينحرها يوم النحر،فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في الطريق» (3).

و نحوه في إيجاب البدنة و بدلها آخر (4)،و الخبر (5).

و من هذه الأخبار يستفاد الوجه في قوله: و جبره ببدنة و عليه المشهور،بل عن الغنية الإجماع عليه (6).

خلافاً للصدوقين فبدم شاة (7)،و لم أعرف مستنده،و لكن عن الجامع و روى شاة (8).

و عن الخلاف أن عليه دماً (9)؛ للإجماع،و الاحتياط،و النبوي:« من ترك نسكاً فعليه دم» (10).

ص:341


1- المدارك 7:398.
2- المنتهى 2:720.
3- الكافي 4:/467 4،التهذيب 5:/186 620،الوسائل 13:558 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 23 ح 3.
4- التهذيب 5:/187 621،الوسائل 13:558 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 23 ح 1.
5- التهذيب 5:/480 1702،الوسائل 13:558 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 23 ح 2.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):580.
7- الصدوق في المقنع:86،و نقله عن والده في المختلف:299.
8- الجامع للشرائع:207.
9- الخلاف 2:338.
10- سنن الدارقطني 2:/244 37،39 و فيه بتفاوت.

قيل:و لو لم يكن في المسألة إلّا هذا الخبر كان مؤيداً لقولهما،مع أصل البراءة من الزائد،بل انصراف إطلاقه إلى الشاة (1).انتهى.

و هو حسن لكن لا محيص عن المشهور بعد أن دلّت عليه ما مرّ من النصوص؛ و هي الحجّة في قوله: و لو عجز عنها صام ثمانية عشر يوماً و يستفاد من الرواية الأُولى جواز صوم هذه الأيام في السفر،و عدم وجوب المتابعة فيها،تصريحاً في الأول،و إطلاقاً في الثاني،كما فيما عداها.و الأمرين صرّح جماعة (2)،خلافاً للدروس فأوجب المتابعة (3)، و هو أحوط و إن لم أعرف مستنده.

ثم إن كلّ ذا إذا لم يَعد قبل الغروب،و إلّا فالأقوى سقوطها و إن أثم؛ للأصل،و اختصاص النصوص المتقدمة المثبتة لها بحكم التبادر و غيره بصورة عدم الرجوع قبل الغروب.

و لو رجع بعد الغروب لم تسقط قطعاً؛ لأصالة البقاء.

و لا شيء عليه لو كان في إفاضته قبل الغروب جاهلاً أو ناسياً بلا خلاف أجده،بل عليه في ظاهر جماعة الإجماع (4)،و عن ظاهر المنتهى و التذكرة أنه موضع وفاق بين العلماء كافة (5)؛ و هو الحجّة.

ص:342


1- كشف اللثام 1:354.
2- منهم:الشهيد الثاني في الروضة البهية 2:271،و صاحب المدارك 7:399،و السبزواري في الذخيرة:653.
3- الدروس 1:419.
4- منهم:صاحب المدارك 7:400،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:344،و السبزواري في الذخيرة:653.
5- المنتهى 2:719،التذكرة 1:373.

مضافاً إلى الصحيح في الجاهل:« إن كان جاهلاً فلا شيء عليه،و إن كان متعمداً فعليه بدنة» (1).

و به يقيد إطلاق ما مرّ من المعتبرة.

و لو علم الجاهل أو ذكر الناسي قبل الغروب وجب عليه العود مع الإمكان،فإن أخلّ به قيل:كان كالعامد (2).

و نَمِرَة بفتح النون و كسر الميم و فتح الراء قيل:و يجوز إسكان ميمها،و هي الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف،كذا في تحرير النووي و القاموس و غيرهما (3).

و في الأخبار أنها بطن عُرَنة (4).

و ثَوِيَّة بفتح المثلّثة و كسر الواو و تشديد الياء المثنّاة من تحت المفتوحة كما في كلام جماعة (5).

قيل بعد الضبط المذكور مع السكوت عن حال الواو مطلقاً:كما في السرائر،و لم أظفر لها في كتب اللغة بمميز (6).

و ذو المجاز قيل:و هو سوق كانت على فرسخ من عرفة بناحية كبكب (7).

ص:343


1- التهذيب 5:/187 621،الوسائل 13:558 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 23 ح 1.
2- المسالك 1:112.
3- كشف اللثام 1:353.
4- الكافي 4:/461 3،التهذيب 5:/179 600،الوسائل 13:529 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 9 ح 1.
5- منهم:الشهيد الثاني في الروضة 2:270،و صاحب المدارك 7:396،و صاحب الحدائق 16:377.
6- كشف اللثام 1:353.
7- كشف اللثام 1:353.

و عُرَنَة بضم العين المهملة و فتح الراء و النون.

قيل:و في لغة بضمتين،قال المطرزي:وادٍ بحذاء عرفات، و بتصغيرها سمّيت عرينة،و هي قبيلة ينسب إليها العرنيون و قال السمعاني:

إنها وادٍ بين عرفات و منى (1).

و الأراك بفتح الهمزة كسحاب،قيل:هو موضع بعرفة قريب نَمِرَة،قاله في القاموس (2).

حدود لعرفة لا يجزئ الوقوف بها بلا خلاف أجده،و به صرّح في الذخيرة (3)،بل عليه الإجماع في عبائر جماعة (4)،و في المنتهى:

إنه مذهب الجمهور كافة إلّا ما حكي عن مالك أنه لو وقف ببطن عرنة أجزأه و لزم الدم (5).

و المعتبرة به مع ذلك مستفيضة،ففي الصحيح:« و حدّ عرفة من بطن عُرَنَة و ثَوِيَّة و نَمِرَة إلى ذي المجاز،و خلف الجبل موقف» (6).

و في الموثق:« و اتقّ الأراك،و نَمِرَة و هي بطن عُرَنَة،و ثَويّة،و ذا المجاز،فإنه ليس من عرفة فلا تقف فيه» (7).

ص:344


1- كشف اللثام 1:353.
2- القاموس 3:301.
3- الذخيرة:655.
4- منهم:ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):580،و صاحب المدارك 7:395،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:344.
5- المنتهى 2:722.
6- الكافي 4:/461 3،التهذيب 5:/179 600،الوسائل 13:531 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 10 ح 1.
7- الفقيه 2:/281 1377،التهذيب 5:/180 604،الوسائل 13:532 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 10 ح 6.

و في الصحيحين:« حدّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف» (1)كما عن العماني و الحلبي (2)،لكن أسقطا لفظ« الأقصى» .و كذا عن الإسكافي إلّا أنه بدّل قوله« إلى الموقف» بقوله« إلى الجبل» (3).

و في المختلف:و لا تنافي بين القولين يعني ما في الكتاب و أحد هذين القولين لأن ذلك كلّه حدود عرفة لكن من جهات متعددة (4).

المندوب

و المندوب:أن يضرب خباءه بنَمِرَة للصحيحين،فعلاً في أحدهما (5)،و أمراً في الآخر (6).

و أن يقف في السفح أي سفح الجبل،أي أسفله،كما عن الجوهري (7)؛ للخبر (8)؛ و في الموثق:عن الوقوف بعرفات فوق الجبل

ص:345


1- الأول:الكافي 4:/462 6،التهذيب 5:/179 601،الوسائل 13:531 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 10 ح 2.الثاني:الفقيه 2:/280 1375،الوسائل 13 533 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 10 ح 8.
2- نقله عن العماني في المختلف:298،الحلبي في الكافي:196.
3- كما حكاه عنه في المختلف:298.
4- المختلف:298.
5- الكافي 4:/245 4،التهذيب 5:/454 1588،الوسائل 11:213 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4.
6- الكافي 4:/461 3،التهذيب 5:/179 600،الوسائل 13:529 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 9 ح 1.
7- الصحاح 1:375.
8- الكافي 4:/463 1،الوسائل 13:534 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 11 ح 2.

أحبّ إليك أم على الأرض؟فقال:« على الأرض» (1).

مع ميسرة الجبل للصحيح (2).

و الظاهر على ما ذكره جماعة (3)أن المراد ميسرة القادم إليه من مكة، و حكى بعضهم قولاً بميسرة المستقبل للقبلة،قال:و لا دليل عليه (4).

قال الشهيد:و يكفي في القيام بوظيفة الميسرة لحظة و لو في مروره (5).

في السهل دون الحَزْن،قيل:لتيسر الاجتماع و التضامّ المستحب كما يأتي،و غير السهل لا يتيسر فيه ذلك إلّا بتكلّف (6).

و أن يجمع رحله و يضمّ أمتعته بعضها إلى بعض ليأمن عليها الذهاب و يتوجه بقلبه إلى الدعاء.

و يسدّ الخَلَل و الفُرَج الكائنة على الأرض به أي برحله و بنفسه و أهله بأن لا يدع بينه و بين أصحابه فرجة؛ للصحيح (7)و غيره (8).

ص:346


1- التهذيب 5:/180 603،الوسائل 13:532 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 10 ح 5.
2- الكافي 4:/463 4،الوسائل 13:534 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 11 ح 1.
3- منهم:صاحب المدارك 7:409،و السبزواري في الذخيرة:653،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:353.
4- كشف اللثام 1:353.
5- انظر الدروس 1:418.
6- المدارك 7:414.
7- الكافي 4:/463 4،الفقيه 2:/281 1377،الوسائل 13:537 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 13 ح 2.
8- التهذيب 5:/180 604،الوسائل 13:537 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 13 ذيل الحديث 2.

و أن يصرف زمان الوقوف كلّه في الذكر و الدعاء كما يستفاد من الأخبار (1)،و عن الحلبي القول بوجوبه (2)،و هو نادر،و في المنتهى بعد الحكم بالاستحباب و عدم الوجوب:و لا نعلم في ذلك خلافاً (3).

و أن يكون حال الدعاء قائماً كما هنا و في الشرائع و القواعد و غيرها (4)،و علّل تارة بأنه إلى الأدب أقرب (5)،و فيه نظر.

و أُخرى بأنه أفضل أفراد الكون الواجب؛ لكونه أشقّ،و أفضل الأعمال أحمزها (6).

و عن ظاهر التذكرة الاتفاق على أن الوقوف راكباً أو قاعداً مكروهان، و أنه يستحب قائماً داعياً (7).

و استثنى جماعة ما لو نافى ذلك الخشوع،لشدة التعب و نحوه، فيستحب جالساً (8).و لا بأس به.

و يكره الوقوف في أعلى الجبل لما مرّ،و قيل بالمنع (9)،و فيه نظر و إن كان أحوط،إلّا لضرورة فلا كراهة و لا تحريم إجماعاً،كما عن التذكرة (10)؛

ص:347


1- الوسائل 13:538 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 14.
2- الكافي في الفقه:197.
3- المنتهى 2:719.
4- الشرائع 1:255،القواعد 1:86؛ و انظر المدارك 7:415،و الذخيرة:655.
5- كما في كشف اللثام 1:354.
6- انظر المدارك 7:415.
7- التذكرة 1:371.
8- منهم:صاحب المدارك 7:415،و السبزواري في الذخيرة:655،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:346.
9- قال به القاضي في المهذّب 1:251،و ابن إدريس في السرائر 1:587.
10- انظر التذكرة 1:372.

و للموثق:فإذا كان بالموقف و كثروا كيف يصنعون؟قال:« يرتفعون الجبل» (1).

و قاعداً و راكباً لما مضى.

اللواحق

و أما اللواحق فمسائل ثلاث:

الاُولى الوقوف ركن

الاُولى: مسمى الوقوف بعرفة ركن،فإن تركه عامداً بطل حجه إجماعاً،كما في كلام جماعة (2)،و عن التذكرة و في المنتهى و غيره (3)أنه قول علماء الإسلام؛ لفحوى الأخبار بأنه لا حج لأصحاب الأراك و أن الحج عرفة (4).و ما ورد بخلافه (5)شاذّ مؤول.

و إطلاق العبارة و نحوها،بل ظاهرها يقتضي عدم الفرق في الحكم بالبطلان بترك الوقوف عمداً بين قسميه الاختياري و الاضطراري،حتى لو ترك الاختياري عمداً بطل الحج مطلقاً و إن أتى بالاضطراري،و كذا لو ترك الاضطراري عمداً حيث يفوته الاختياري مطلقاً.

و هو الموافق للأُصول؛ لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه.و ليس فيما يدل على كفاية الاضطراري عموم يشمل نحو ما نحن فيه؛ لاختصاصه

ص:348


1- التهذيب 5:/180 604،الوسائل 13:535 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 11 ح 4؛ بتفاوت يسير.
2- منهم:صاحب المدارك 7:399،و السبزواري في الذخيرة:653،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:345.
3- التذكرة 1:373،المنتهى 2:719؛ و انظر الحدائق 16:402.
4- الوسائل 13:533 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 10 ح 11.
5- الفقيه 2:/206 937،التهذيب 5:/287 977،الإستبصار 2:/302 1080،الوسائل 13:552 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 19 ح 14.

بغيره كما يأتي.

نعم،في القواعد قصر الحكم على الاختياري،فقال:الوقوف الاختياري بعرفة ركن،من تركه عمداً بطل حجه (1).

و هو مشعر بأن الاضطراري ليس كذلك،فلو تركه حيث يتعين عليه عمداً لم يبطل حجه،و لا دليل عليه؛ و لذا قيل:إنما اقتصر عليه ليعلم أنه لا يجزئ الاقتصار على الاضطراري عمدا،بل من ترك الاختياري عمدا بطل حجه و إن أتى بالاضطراري (2).و هو حسن.

و إن كان تركه ناسياً تداركه ليلاً و لو إلى الفجر متصلاً به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس؛ لما مرّ من الإجماع و الصحاح فيمن لا يتمكن من الوقوف نهاراً أجزأه ليلاً (3).و هي و إن قصرت عن التصريح بالناسي إلّا أنه مستفاد من التعليل في بعضها بأن اللّه تعالى أعذر لعبده [للنسيان] (4)،فإنّ النسيان من أقوى الأعذار.

بل قيل:يمكن الاستدلال به على عذر الجاهل،كما هو ظاهر اختيار الدروس.

و يدلُّ عليه عموم قول النبي صلى الله عليه و آله:« من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج» (5).

و قول الصادق عليه السلام:« من أدرك جَمْعاً فقد أدرك الحج» (6)(7).

ص:349


1- القواعد 1:86.
2- كشف اللثام 1:354.
3- راجع ص 2969.
4- التهذيب 5:/289 981،الإستبصار 2:/301 1076،الوسائل 14:36 أبوا الوقوف بالمشعر ب 22 ح 2.
5- سنن البيهقي 5:173 بتفاوت يسير.
6- الفقيه 2:/284 1394،التهذيب 5:/294 998،الإستبصار 2:/307 1095،الوسائل 14:45 أبواب الوقوف بالمشعر ب 25 ح 2.
7- قال به في المدارك 7:402،و انظر الدروس 1:421.

و هو (1)حسن حيث يكون الجهل عذراً،بأن يكون ساذجاً لم يشبه تقصيراً أصلاً،و إلّا فمشكل.

و لعلّ في اشتراط العبارة النسيان إشعاراً باختصاص الحكم به.و لا ينافيه اشتراط التعمد في البطلان سابقاً؛ لاحتمال كون الجهل المشوب بالتقصير عند المصنف عمداً.

ثم إن وجوب التدارك ليلاً إنما هو مع الإمكان،و يتحقق بعلمه بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس لو وقف بها كما قدّمنا،و كذا لو ظنّ ذلك كما في صريح الأخبار (2)،و ينتفي بظن الخلاف كما فيها (3).

و في تحققه باحتمال الأمرين على السواء إشكال،بل قولان،و مفهوم اشتراط الظن في الأخبار متعارضة،فلم يبق فيها ما يدل على شيء من القولين و إن توهّم لأحدهما،و هو نفي الإمكان بذلك و الاجتزاء بالمشعر (4).

نعم،في بعض الأخبار ما يرشد إليه،و فيه:« إن ظن أن يدرك الناس بجَمْع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات،و إن خشي أن لا يدرك جمعاً فليقف بجمع ثم ليفض مع الناس فقد تمّ حجه» (5)و إطلاقه صدراً و ذيلاً، مفهوماً و منطوقاً دالّ على ذلك،إلّا أنه قاصر سنداً،لكن لا بأس به،و اللّه سبحانه أعلم.

و لو فاته التدارك ليلاً أيضاً اجتزأ بالوقوف بالمشعر

ص:350


1- قال به في المدارك 7:402،و انظر الدروس 1:421.
2- الوسائل 14:36،37 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 3،4.
3- انظر الوسائل 14:35،37 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 1،4.
4- كما في الحدائق 16:407.
5- التهذيب 5:/289 982،الإستبصار 2:/301 1087،الوسائل 14:36 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 3.

إجماعاً بسيطاً،كما في كلام جماعة،و عن الانتصار و الخلاف و الغنية و الجواهر (1)،و مركّباً،كما في المنتهى (2)،و عن الانتصار أيضاً (3)؛ فإنّ من أوجب الوقوف بالمشعر أجمع على الاجتزاء باختياريته إذا فات الوقوف بعرفة لعذر؛ و هو الحجّة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة المتقدم إليها الإشارة.

الثانية لو فاته الوقوف الاختياري و خشي طلوع الشمس لو رجع اقتصر على المشعر

الثانية :قد ظهر مما سبق أنه لو فاته الوقوف الاختياري بعرفة لعذر مطلقاً و خشي طلوع الشمس من يوم النحر لو رجع و الأولى:وقف،أو أتى،و نحوهما،إلى عرفات ليتدارك الوقوف ليلاً اقتصر على الوقوف ب المشعر ليدركه قبل طلوع الشمس،و كذا لو نسي الوقوف بعرفات أصلاً أي نهاراً و ليلاً اجتزأ بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس.

و لو أدرك عرفات قبل الغروب و لم يتفق له المشعر حتى طلعت الشمس من يوم النحر أجزأه الوقوف به أي بالمشعر و لو قبل الزوال من يومه،بغير خلاف أجده،بل عليه الإجماع في المنتهى و عن التذكرة (4)،و في التنقيح و غيره (5)بلا خلاف.

للصحيح أو ما يقرب منه:في رجل أفاض من عرفات إلى منى، قال:« فليرجع فليأت جمعاً فيقف بها و إن كان الناس أفاضوا من جمع» (6)

ص:351


1- الانتصار:90،الخلاف 2:342،الغنية(الجوامع الفقهية):580،جواهر الفقه:43.
2- المنتهى 2:720.
3- الانتصار:90.
4- المنتهى 2:727،التذكرة 1:375.
5- التنقيح الرائع 1:480؛ و انظر الذخيرة:658.
6- الكافي 4:/472 3،الوسائل 14:35 أبواب الوقوف بالمشعر ب 21 ح 2.

و نحوه الموثق (1).

و كذا لو عكس فأدرك اختياري المشعر و اضطراري عرفة أجزأه بلا خلاف،كما في التنقيح و غيره (2)،مشعرين بالإجماع،كما في صريح المنتهى (3)،و عن الانتصار و الخلاف و الجواهر و التذكرة (4)؛ و عموم أخبار:

« من أدرك المشعر فقد أُدرك الحج» و هي صحاح مستفيضة (5)،و سيأتي إلى جملة منها الإشارة؛ و خصوص الصحاح المستفيضة المتقدمة فيمن لم يتمكن من الوقوف بعرفة نهاراً أجزأه الوقوف بها ليلاً،و هي صريحة في إجزاء اختياري المشعر وحده،و عليه الإجماع في كلام جماعة (6).

و في إجزاء اختياري عرفة وحده إشكال،ذكره الفاضل في المنتهى و التحرير (7)،و حكي عنه في التذكرة (8).

قيل:من عموم الصحيح:« إذا فاتك المزدلفة فقد فاتك الحج» (9)و في المرسل:« الوقوف بالمشعر فريضة،و الوقوف بعرفة سنّة» (10)و الخبر

ص:352


1- التهذيب 5:/288 978،الوسائل 14:34 أبواب الوقوف بالمشعر ب 21 ح 1.
2- التنقيح الرائع 1:480؛ و انظر الحدائق 16:408.
3- المنتهى 2:720.
4- الانتصار:90،الخلاف 2:342،جواهر الفقه:43،التذكرة 1:375.
5- الوسائل 14:37 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23.
6- منهم:صاحب المدارك 7:404 و الذخيرة:658 و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:355.
7- المنتهى 2:728،التحرير 1:103.
8- التذكرة 1:375.
9- التهذيب 5:/292 991،الإستبصار 2:/305 1089،الوسائل 14:38 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 2.
10- الفقيه 2:/206 937،التهذيب 5:/287 977،الإستبصار 2:/302 1080،الوسائل 13:552 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 19 ح 14.

« و إن لم يأت جمعاً حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة و لا حج له» (1).

و ممّا اشتهر من النبوي:« الحج عرفة» (2)لكن لم نره مسنداً من طريقنا،و الحسن:« الحج الأكبر الموقف بعرفة و رمي الجمار» (3)و الأخبار فيمن جهل فلم يقف بالمشعر حتى فاته إنه لا بأس (4)،و فيمن تركه متعمداً إنّ عليه بدنة (5)،و هي خيرة الجامع و الإرشاد و التبصرة و الدروس و اللمعة (6).

أقول:بل المشهور كما في كلام جماعة (7)،و عزاه إلى الأصحاب في الذخيرة (8)،مشعراً بعدم الخلاف فيه،كما هو ظاهر المختلف و الدروس (9)أيضاً،و صرّح به جماعة (10).

و لا ينافيه تردّد العلّامة؛ فإنه و إن تردّد أوّلاً إلّا أنه فيما وقفت عليه من الكتابين الأوّلين صرّح بما عليه الجماعة ثانياً،فقال:و لو نسي الوقوف

ص:353


1- التهذيب 5:/291 987،الإستبصار 2:/304 1085،الوسائل 14:38 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 3.
2- عوالي اللئلئ 2:/93 247،سنن ابن ماجه 2:/1003 3015،سنن البيهقي 5:173.
3- الكافي 4:/264 1،الوسائل 13:550 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 19 ح 9.
4- التهذيب 5:/292 992،الإستبصار 2:/305 1090،الوسائل 14:46 أبواب الوقوف بالمشعر ب 25 ح 5.
5- الكافي 4:/473 6 بتفاوت يسير،الفقيه 2:/283 1388،التهذيب 5:/294 996،الوسائل 14:48 أبواب الوقوف بالمشعر ب 26 ح 1.
6- راجع كشف اللثام 1:358.
7- منهم:ابن فهد في المهذب البارع 2:189،و صاحب الحدائق 16:408.
8- الذخيرة:656.
9- المختلف:300،الدروس 1:421.
10- التنقيح الرائع 1:480،و المسالك 1:113،و المفاتيح 1:348.

بالمشعر فإن كان قد وقف بعرفة صحّ حجه و إلّا بطل (1).

و عليه فلا إشكال في المسألة،سيّما و أن في الأخبار الأوّلة التي أتى بها وجهاً للمنع مناقشة؛ لقصور أسانيدها جملةً حتى الرواية الأُولى التي وصفها بالصحة؛ فإنّ في سندها على ما وقفت عليه قاسم بن عروة،و حاله بالجهالة معروفة.

نعم منطوقها مفهوم من أخبار صحيحة،منها:« من أدرك جمعاً فقد أدرك الحج» (2).

لكن دلالتها كمنطوق الرواية بالعموم كما ذكره،فيحتمل التخصيص بما إذا لم يدرك اختياري عرفة،و يتعيّن جمعاً بين الأدلة.

و حيث كفى اختياري أحدهما في صحة الحج فاختياريهما معاً أولى.

فهذه صور خمس،لا خلاف يعتدّ به و لا إشكال في إدراك الحج بكل منها:اختياريهما،و اختياري أحدهما،مع اضطراري الآخر و بدونه.

و بقي ثلاث صور أُخر:اضطراريهما معاً،و اضطراري أحدهما.

أما اضطراري عرفة وحده فلا يجزئ بلا خلاف أجده إلّا من إطلاق عبارة الإسكافي خاصة (3)،و لكن قيل:مراده اضطراري المشعر خاصة (4)، و لعلّه لذا ادّعى على عدم الكفاية الإجماع جماعة (5).

و أما الصورتان الأُخريان ففيهما خلاف أشار إليه في إحداهما بقوله:

ص:354


1- انظر المنتهى 2:728،و التحرير 1:103.
2- الفقيه 2:/284 1394،التهذيب 5:/294 998،الإستبصار 2:/307 1095،الوسائل 14:45 أبواب الوقوف بالمشعر ب 25 ح 2.
3- حكاه عنه في المختلف:301.
4- المختلف:301.
5- انظر الدروس 1:426،و التنقيح الرائع 1:481،و مرآة العقول 18:139.
الثالثة لو لم يدرك عرفات نهاراً و أدركها ليلاً و لم يدرك المشعر حتى طلعت الشمس فقد فاته الحج

الثالثة:لو لم يدرك عرفات نهاراً و أدركها ليلاً و لم يدرك المشعر الحرام حتى طلعت الشمس فقد فاته الحج وفاقاً للمحكي عن ظاهر النهاية و المبسوط (1)؛ للنصوص المستفيضة القائلة إنّ من لم يدرك الناس بمشعر قبل طلوع الشمس من يوم النحر فلا حج له (2)،فإنها بعمومها تشمل محل النزاع،بل و ما إذا أدرك اختياري عرفات أيضاً،لكنه خرج بالإجماع،و بقي الباقي.

لكنها معارَضة بالصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة القائلة إنّ من أدرك المشعر قبل زوال الشمس من يوم النحر فقد أدرك الحج (3).و تقييدها بمن أدرك اختياري عرفة خاصة ليس بأولى من تقييد تلك بصورة عدم إدراك عرفة مطلقاً و لو اضطراريها.بل هذا أولى؛ لرجحان المعارَضة بالكثرة و الشهرة و اعتبار الأسانيد جملة،مع كون صحاحها مستفيضة،بخلاف تلك،لضعف أسانيدها جملة عدا صحيحة واحدة.و هي و إن صحّ سندها لكنها ظاهرة في عدم إدراك عرفات بالكلية؛ فإنّ فيها:عن رجل فاته الموقفان جميعاً،فقال:« له إلى طلوع الشمس يوم النحر،فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج و يجعلها عمرة و عليه الحج من قابل» (4)و نحن نقول بها في هذه الصورة كما ستعرفه،هذا.

مضافاً إلى خصوص الصحيح الصريح:« إذا أدرك الحاج عرفات قبل

ص:355


1- النهاية:273،المبسوط 1:383.
2- انظر الوسائل 14:37 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 الأحاديث 1،3،4،5،20.
3- كما في الوسائل 14:39 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 الأحاديث 6،8،9،11.
4- التهذيب 5:/291 986،الإستبصار 2:/304 1084،الوسائل 14:37 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 1.

طلوع الفجر فأقبل من عرفات و لم يدرك الناس بجمع و وجدهم قد أفاضوا فليقف بالمشعر قليلاً،و ليلحق الناس بمنى،و لا شيء عليه» (1).

و حينئذ فالأصح ما قيل بأنه يصح حجه :مطلقاً و لو أدركه أي المشعر قبل الزوال من يوم النحر،و القائل الأكثر،و منهم:

الصدوق و الإسكافي و المرتضى و الحلبيّان (2)فيما حكي،و أكثر المتأخرين، بل عامّتهم.

و ظاهر الأوّلين و جملة من الآخرين كفاية إدراك اضطراري المشعر خاصة؛ لعموم الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة المتقدم إليها الإشارة،بل خصوص بعضها،و هو الصحيح فيمن قال:إني لم أُدرك الناس بالموقفين جميعاً،فقال:« إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج» (3).

لكنه ليس بصريح،بل قيل:ظاهر في إدراك عرفات أو مجمل فيه (4)،فسبيله كما عداه.

و مع ذلك معارض بالصحيحة السابقة المضاهية لهذه الصحيحة فيما يوجب الخصوص من التعبير في السؤال بمن فاته الموقفان جميعاً،و تعلّق

ص:356


1- التهذيب 5:/292 990،الإستبصار 2:/305 1088،الوسائل 14:44 أبواب الوقوف بالمشعر ب 24 ح 1.
2- حكاه عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:358؛ و هو في الفقيه 2:282 ذيل الحديث 1383 و جمل العلم و العمل(رسائل الشريف المرتضى 3):68،و الكافي في الفقه:197،و الغنية(الجوامع الفقهية):580.
3- التهذيب 5:/291 989،الإستبصار 2:/304 1086،الوسائل 14:39 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 6.
4- التهذيب 5:292،الاستبصار 2:304.

الجواب بأنه لا حج له إذا أدرك اضطراري المشعر خاصة.

مضافاً إلى صحيحة أُخرى أظهر من هذه الصحيحة،بل لعلّها صريحة فيما تضمنته:عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات،فقال:« إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليله فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا،فلا يتم حجّه حتى يأتي عرفات،و إن قدم و فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام،فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده،و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فيجعلها عمرة مفردة،و عليه الحج من قابل» (1).

فلم يبق إلّا عموم ما عداه،و هو معارض بعموم النصوص المقابلة في المسألة السابقة القائلة إنّ من لم يدرك المشعر قبل طلوع الشمس فلا حج له (2)،لكنّها ضعيفة الأسانيد كما عرفت.و مع ذلك ظاهر عمومها مخالف للإجماع؛ لشموله ما إذا أدرك اختياري عرفة.و لا كذلك عموم الصحاح؛ لموافقتها بعمومها لما عرفت من فتوى هؤلاء الجماعة،و لا ريب أن هذا العموم أولى من العموم السابق،سيّما مع الأولوية عدداً و سنداً كما مضى، فيترجح ما عليه هؤلاء.

خلافاً للأكثر،فمنعوا عن ذلك؛ و لعلّه لخصوص الصحيحة الأخيرة، فإنها أوضح دلالة من الصحاح المقابلة،فلتحمل على ما إذا أدرك اختياري عرفة أو اضطراريها،حمل المطلق على المقيد أو[العام على الخاص (3)].

ص:357


1- التهذيب 5:/289 981،الإستبصار 2:/301 1076،الوسائل 14:36 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 2.
2- راجع ص 2978.
3- في النسخ:الخاص على العام.

هذا مضافاً إلى الشهرة الجابرة للنصوص المقابلة في مفروض المسألة،المعاضدة لهذه الصحيحة الصريحة،و بذلك تترجح هذه النصوص على ما عارضها من الصحاح.مع أن في العمل بعمومها اطراحاً لتلك النصوص طرّاً،و لا كذلك العكس،فإنّ غايته تقييد الصحاح بمن أدرك عرفات،و هو أهون بالإضافة إلى طرح النص.و لا يقدح عمومها لما أدرك عرفات مطلقاً بعد وجود الدليل على تخصيصها بما إذا لم يدركها أصلاً، كما هو ظاهر الصحيح منها.

فما عليه الأكثر أظهر،سيّما و في صريح المختلف و التنقيح و المنتهى (1)كما حكي الوفاق عليه،و هو حجة أُخرى عليه جامعة كالصحيحة المتقدمة بين الأخبار المتعارضة،بتقييد الصحاح منها بمن أدرك عرفات مطلقاً و لو اضطراريها،و الضعيفة بما إذا لم يدركها كذلك.

و قد تلخّص مما ذكرنا أن أقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري و الاضطراري ثمانية،و كلّها مجزئة إلّا الاضطراري الواحد منها،كما عليه جماعة،و منهم الشهيد في الدروس و اللمعة (2).

ص:358


1- المختلف:301،التنقيح الرائع 1:482،المنتهى 2:727.
2- الدروس 1:426،اللمعة 2:278.
القول في الوقوف بالمشعر
اشارة

القول في الوقوف بالمشعر و النظر في مقدمته و كيفيته و لواحقه

المقدمة

فالمقدمة تشتمل على مندوبات خمسة:

الاقتصاد و التوسط في السير إلى المشعر بسكينة و وقار،كما في الصحيح (1)؛ سائلاً العتق من النار،كما فيه؛ مستغفراً،كما فيه و في الآية (2).

و الدعاء عند الكثيب (3)الأحمر عن يمين الطريق بقوله:« اللهم ارحم موقفي،و زد في عملي،و سلم لي ديني،و تقبّل مناسكي» كما في الصحيح (4).

و تأخير المغرب و العشاء إلى المزدلفة و لو صار ربع الليل بل ثلثه كما في الصحيح (5)،و في المنتهى و عن التذكرة (6):إنّ عليه إجماع أهل العلم كافة.

و لعلّ الاقتصار على الربع كما هنا و في الشرائع و عن الهداية و المقنعة و المراسم و الجمل و العقود و الخلاف (7)نظراً إلى أخبار توقيت المغرب إليه،

ص:359


1- التهذيب 5:/187 623،الوسائل 14:5 أبواب الوقوف بالمشعر ب 1 ح 1.
2- البقرة:199.
3- الكثيب:الرمل المستطيل المحدودب.مجمع البحرين 2:156.
4- المتقدّم مصدره في الهامش(1).
5- التهذيب 5:/188 625،الإستبصار 2:/254 895،الوسائل 14:12 أبواب الوقوف بالمشعر ب 5 ح 1.
6- المنتهى 2:723،التذكرة 1:374.
7- الشرائع 1:255،الهداية:61،المقنعة:416،المراسم:112،الجمل و العقود(الرسائل العشر):234،الخلاف 2:340.

و حمل الثلث على أن يكون الفراغ من العشاء عنده.

و في الموثق:« و إن مضى من الليل ما مضى» (1)و لعلّه بمعنى:و إن مضى منه ما مضى بشرط بقاء وقت الأداء،و قد يكون ممّا أشار إليه الشيخ فيما حكي عنه في الخلاف بقوله:و روى إلى نصف الليل (2).

و يقرب منه قول ابن زهرة:لا يجوز أن يصلي العشاءين إلّا في المشعر،إلّا أن يخاف فوتهما بخروج وقت المضطر (3).

و يجوز تنزيل الموثق على الغالب من ذهاب ربع الليل أو ثلثه.

و ظاهر ابن زهرة وجوب التأخير،كما عن الشيخ و العماني (4)أيضاً، و هو ظاهر النهي في المعتبرين السابقين.و إنما حمله الأصحاب على الكراهة جمعاً بينهما و بين الصحيحين المتضمن أحدهما لنفي البأس أن يصلّي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة (5)،و ثانيهما ما يقرب من الأول فعلاً (6).

و في المختلف:الظاهر أن قصد الشيخ الكراهة دون التحريم،و كثيراً ما يطلق على المكروه أنه لا يجوز (7).

ص:360


1- التهذيب 5:/188 624،الإستبصار 2:/254 894،الوسائل 14:12 أبواب الوقوف بالمشعر ب 5 ح 2.
2- الخلاف 2:340.
3- انظر الغنية(الجوامع الفقهية):581.
4- الشيخ في المبسوط 1:367،و نقله عن العماني في المختلف:299.
5- التهذيب 5:/189 629،الإستبصار 2:/255 898،الوسائل 14:12 أبواب الوقوف بالمشعر ب 5 ح 3.
6- التهذيب 5:/189 628،الإستبصار 2:/255 897،الوسائل 14:12 أبواب الوقوف بالمشعر ب 5 ح 4.
7- المختلف:299.

و الجمع بينهما أي بين صلاتي المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين بإجماعنا،كما هو ظاهر التذكرة و الخلاف (1)،و في المنتهى و غيرها (2)؛ للصحاح و غيرها (3).

و على هذا فيستحب تأخير نوافل المغرب عن وقتها حتى يصلي العشاء فيصليها قضاءً،فإنه مع تقديمها ينتفي الجمع المستحب؛ هذا مضافاً إلى بعض المعتبرة:عن الركعات التي بعد المغرب ليلة المزدلفة،فقال:« صلّها بعد العشاء الآخرة أربع ركعات» (4)و نحوه آخر بمعناه (5).

ص:361


1- التذكرة 1:374،الخلاف 2:339.
2- المنتهى 2:723؛ و انظر المدارك 7:420،و كشف اللثام 1:357.
3- الوسائل 14:14 أبواب الوقوف بالمشعر ب 6.
4- الكافي 4:/469 2،الوسائل 14:14 أبواب الوقوف بالمشعر ب 6 ح 2.
5- التهذيب 5:/190 631،الإستبصار 2:/255 900،الوسائل 14:15 أبواب الوقوف بالمشعر ب 6 ح 4.
الكيفية واجبات و مندوبات

و في الكيفية واجبات و مندوبات

الواجبات

فالواجبات:النية كما مرّ في عرفة و كلّ عبادة،و لينوي أن وقوفه لحجة الإسلام أو غيرها كما عن التذكرة (1).

و هل تجب مقارنتها اختياراً لطلوع الفجر،و استدامة حكمها إلى طلوع الشمس،أم يجوز إيقاعها في أيّ جزء من هذا الزمان أُريد،و قطعها متى أُريد؟وجهان مبنيان على وجوب استيعاب هذا الزمان اختياراً بالوقوف و عدمه.

قيل:و الوجه العدم كما في السرائر؛ للأصل من غير معارض،بل استحباب تأخيره من الصلاة كما سيأتي،و سيأتي استحباب الإفاضة قبل طلوع الشمس،و جواز وادي محسِّر قبله،و ظاهر الفخرية و الدروس الأول،و تبعهما عليه جماعة،و ليس بجيّد (2).انتهى.

و إلى ما استوجهه يميل في الذخيرة (3)،لكن احتاط بما ذكره الجماعة،و هو حسن.

و عليه فيكون حال الوقوف هنا كما مرّ في عرفة من أن الواجب فيه المسمّى.

ثم إن كان الوقوف ليلاً فهل يجب استئناف النية بعد الفجر؟وجهان، قيل:مبنيّان على كون الوقوف بالليل اختيارياً و عدمه (4).و في الدروس إن

ص:362


1- التذكرة 1:374.
2- كشف اللثام 1:355.
3- الذخيرة:656.
4- كشف اللثام 1:356.

الأولى الاستئناف (1)،و كذا في الروضة (2).

و الوقوف به أي بالمشعر.

و حدّه ما بين المَأزمين إلى الحياض إلى وادي محسِّر بغير خلاف ظاهر،مصرِّح به في الذخيرة (3)،و في غيرها الإجماع (4)،بل في المنتهى:

لا نعلم فيه خلافا (5)؛ للصحيح (6)و المرسل (7)،و يوافقهما معتبرة أُخر (8).

و في الصحيح:« حدّها» يعني المزدلفة« ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسِّر» (9).

قيل:و كان الجبل من الحدود الداخلة،و المأزمان بكسر الزاي و الهمزة،و يجوز التخفيف بالقلب ألفاً:الجبلان بين عرفات و المشعر، و المأزم في الأصل:المضيّق بين الجبلين (10).

و عليه فلو وقف بغير المشعر اختياراً أو اضطراراً لم يجز و لكن يجوز الارتفاع إلى الجبل مع الزحام بلا خلاف على الظاهر،المصرَّح به في جملة من العبائر،و في الغنية و غيرها (11)الإجماع؛ للموثق:فإذا

ص:363


1- الدروس 1:423.
2- الروضة 2:275.
3- الذخيرة:657.
4- انظر التذكرة 1:375،و المدارك 7:421.
5- المنتهى 2:726.
6- التهذيب 5:/190 633،الوسائل 14:17 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 1.
7- الفقيه 2:/280 1376،الوسائل 14:18 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 6.
8- الوسائل 14:18 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 3،4،5.
9- التهذيب 5:/190 634،الوسائل 14:17 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 2.
10- كشف اللثام 1:355.
11- الغنية(الجوامع الفقهية):580؛ و انظر مفاتيح الشرائع 1:347.

كثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟قال:« يرتفعون إلى المأزمين» قلت:فإذا كانوا بالموقف و كثروا و ضاق عليهم كيف يصنعون؟فقال:

« يرتفعون إلى الجبل» الخبر (1).

و لعلّ السياق مضافاً إلى فهم الأصحاب قرينة على كون« إلى» هنا بمعنى« على» فيكون استثناءً للمأزمين و الجبل،و إرشاداً إلى دخولهما فيما يوقف عليه و لكن ضرورة.

و يكره لا معه كما هنا و في ظاهر المختلف و صريح الدروس و غيره (2)،بل عزي إلى المشهور (3)،مع أن ظاهر الأكثر عدم الجواز كما في صريح الغنية و عن القاضي (4)،و لعلّه للصحيحة المتقدمة،حيث جعل فيها الجبل من حدود المشعر الخارجة عن المحدود،خرج حال الضرورة و بقي حال الاختيار،فتأمل.

و لا ريب أن عدم الجواز إلّا مع الضرورة أحوط،سيّما و في الغنية الإجماع عليه.

و وقت الوقوف بالمشعر للمختار واحد،و هو على المشهور ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من يوم النحر.

و للمضطر اثنان،أحدهما على الأشهر من طلوع الشمس إلى الزوال و الثاني من أول ليلة النحر إلى الفجر،و قد يعبّر عنهما بواحد فيقال:من أول ليلة النحر إلى الزوال كما عن المنتهى (5).

ص:364


1- الكافي 4:/471 7،التهذيب 5:/180 604،الوسائل 14:19 أبواب الوقوف بالمشعر ب 9 ح 1،2.
2- المختلف:298،الدروس 1:423؛ و انظر المدارك 7:422.
3- انظر المسالك 1:113.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):580،القاضي في المهذب 1:254.
5- المنتهى 2:728.

و يقابل الأشهر في الأول ما قيل من أنه من أول ليلة النحر إلى طلوع الشمس،إلّا أن على مقدِّمه على الفجر دم شاة.

و في الثاني ما عن السيّد من امتداد الاضطراري إلى غروب الشمس يوم النحر (1).

و هذان القولان نادران،بل على خلافهما الإجماع في المدارك و غيره (2).

قيل بعد نقل نحو ما قلنا:و المحصَّل أنه لا خلاف في أنه من الفجر إلى طلوع الشمس اختياري،و أن ما بعد طلوع الشمس اضطراري،و إنما الكلام فيما قبل الفجر.ففي الدروس إنه اختياري؛ لإطلاق الصحيح في المتقدم من مزدلفة إلى منى:يرمون الجمار و يصلّون في منازلهم:« لا بأس» (3).

و إطلاق الحسن:« و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» (4)مع السكوت عن أمره بالرجوع.

و إطلاق الأخبار بأن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس أدرك الحج (5).

ص:365


1- حكاه عنه في السرائر 1:619،و هو في الانتصار:90.
2- المدارك 7:431؛ و انظر المختلف:300،و الحدائق 16:435.
3- التهذيب 5:/193 643،الإستبصار 2:/256 903،الوسائل 14:30 أبواب الوقوف بالمشعر ب 17 ح 8.
4- الكافي 4:/473 1،التهذيب 5:/193 642،الإستبصار 2:/256 902،الوسائل 14:27 أبواب الوقوف بالمشعر ب 16 ح 1.
5- انظر الوسائل 14:37 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 الأحاديث 3،4،13،20.

و هو ظاهر الأكثر؛ لحكمهم بجبره بشاة فقط،حتى إن في المنتهى:

اتّفاق من عدا الحلّي على صحة الحج مع الإفاضة من المشعر قبل الفجر عمداً اختياراً،و فيه مع ذلك و في الكافي:إنه اضطراري،و قد يستظهر من جمل العلم و العمل.و ما سمعته من المنتهى قرينة على أنه إنما أراد بالاضطراري ما يأثم باختياره و إن أجزأه،و يحتمله الجمل و الكافي،و لكن الشيخ في الخلاف و الحلّي لم يجتزئا به للمختار،و نصّ الحلّي على بطلان حجه بناءً على أن الوقوف بعد الفجر ركن فيبطل بتركه الحج،و منعه في المختلف و المنتهى،و قيّد المحقّق اجتزاء المختار به بما إذا أدرك عرفات، و هو يعطي الاضطرارية،و يجوز أن يكون إشارة إلى تقييد كلام الأصحاب و الأخبار،و ليس بعيداً (1).

أقول:و أشار بتقييد المحقّق اجتزاء المختار به إلى آخره بما ذكره هنا و في الشرائع (2)من قوله:

و لو أفاض قبل الفجر عامداً عالماً جبره بشاة و لم يبطل حجه إن كان وقف بعرفات اختياراً.

ثم في كلام القيل:بقي الكلام في أن آخر الاضطراري زوال يوم النحر،أو غروبه؟فالمشهور الأول،و في المختلف الإجماع عليه، و الأخبار ناطقة به (3)،و في السرائر عن انتصار السيّد الثاني،و يوافقه المنتهى في نقله عن السيّد،و ليس في الانتصار إلّا أن من فاته الوقوف بعرفة فأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحج،و ليس نصاً و لا ظاهراً في

ص:366


1- كشف اللثام 1:355.
2- الشرائع 1:256.
3- الوسائل 14:39 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 6،8،9،11.

ذلك،و لذا ذكر في المختلف أن النقل غير سديد.قلت:و على القول به فلعلّ دليله الأخبار المطلقة،نحو:« من أدرك المشعر فقد أدرك الحج» (1)و ضعفه ظاهر؛ فإنّ الكلام في إدراك المشعر،فإنه بمعنى إدراك الوقوف به أي ما يكون وقوفاً به شرعاً،مع المعارضة بالأخبار المقيّدة (2).

انتهى كلامه عليه الرحمة و إنما نقلناه بطوله لجودة مفاده و حسن محصوله،مع تكفّله لشرح ما في المتن هنا و سابقاً بتمامه.لكن هنا قول آخر للغنية لم يتعرض له،و هو أن الاختياري ليلة النحر،و الاضطراري من طلوع فجره إلى شمسه (3)،و هو غريب.

و اعلم أن ليس في المتن دلالة على وجوب المبيت بالمشعر،و عن ظاهر الأكثر وجوبه (4)،و عن التذكرة العدم (5).و الأول أحوط إن لم يكن أظهر؛ للتأسي،و الصحيح:« لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة» (6).

و على القولين لا يجوز الإفاضة من المشعر ليلاً إلّا للمرأة مطلقاً و الخائف و كلّ ذي عذر فيجوز.

أما الأول فللإخلال بالواجب من الوقوف بعد الفجر.

و أما الثاني فللإجماع الظاهر،المصرَّح به في عبائر جماعة (7)؛ مضافاً

ص:367


1- الوسائل 14:41 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 13،14؛ و ب 27 ح 1.
2- كشف اللثام 1:355.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):580.
4- الذخيرة:656.
5- التذكرة 1:375.
6- الكافي 4:/468 1،الوسائل 14:18 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 3.
7- منهم:صاحب المدارك 7:427،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:356،و السبزواري في الذخيرة:657.

إلى الصحاح المستفيضة و غيرها (1)؛ و انتفاء الحرج شرعاً،و في المنتهى:إنه قول كلّ من يحفظ عنه العلم (2).

و لا يحتاج إلى جبرٍ بلا خلاف.

قيل:و لا بدّ لهم من الوقوف و لو قليلاً كما نصّت عليه الأخبار، فعليهم النية.و الأولى أن لا يفيضوا إلّا بعد انتصاف الليل إن أمكنهم كما في الصحيح (3).انتهى (4).و لا بأس به.

المندوب

و الندب:صلاة الغداة قبل الوقوف الواجب نيته كما هنا و في الشرائع و عن المقنع و الهداية و الكافي و المراسم و جمل العلم و العمل (5)؛ للصحيح:« أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر،فقف إن شئت قريباً من الجبل و إن شئت حيث تبيت» (6).

قيل:و المراد بالوقوف هنا القيام للدعاء و الذكر،و أما الوقوف المتعارف بمعنى الكون فهو واجب من أول الفجر،فلا يجوز تأخيره بنيته إلى أن يصلّي (7).

ص:368


1- الوسائل 14:28 أبواب الوقوف بالمشعر ب 17.
2- المنتهى 2:726.
3- الكافي 4:/474 6،الفقيه 2:/283 1392،الوسائل 14:30 أبواب الوقوف بالمشعر ب 17 ح 7.
4- كشف اللثام 1:356.
5- الشرائع 1:256،المقنع:87،الهداية:61،الكافي في الفقه:214،المراسم:112،جمل العلم و العمل(رسائل المرتضى 3):68.
6- الكافي 4:/469 4،التهذيب 5:/191 635،الوسائل 14:20 أبواب الوقوف بالمشعر ب 11 ح 1.في الكافي و الوسائل:« و إن شئت حيث شئت»
7- المسالك 1:114.

و فيه نظر؛ لمخالفته لظاهر نحو العبارة،بل صريح جملة كعبارة المنتهى،فإنه قال:و يستحب أن يقف بعد أن يصلّي الفجر،و لو وقف قبل الصلاة إذا كان قد طلع الفجر أجزأه (1).و نحوه عن التذكرة (2).و في التحرير:و لو وقف قبل الصلاة جاز إذا كان الفجر طالعاً (3).

هذا مع عدم وضوح دلالة الأخبار و كلام كثير على ما ذكره من وجوب الوقوف بنيته عند الفجر،و قد سبق إليه الإشارة.

و الدعاء بنحو ما في الصحيح:« فإذا وقفت فاحمد اللّه عزّ و جلّ و أثن عليه،و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه،و صلِّ على النبي صلى الله عليه و آله، ثم ليكن من قولك:اللهم ربّ المشعر الحرام،فكّ رقبتي من النار،و أوسع عليّ من رزقك الحلال،و ادرأ عني شرّ فسقة الجن و الإنس،اللهم أنت خير مطلوب إليه و خير مدعوّ و خير مسؤول و لكل وافد جائزة،فاجعل لي جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي،و تقبل معذرتي،و أن تجاوز عن خطيئتي،ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي» (4)و غير ذلك من الدعاء المرسوم.

و أن يطأ الصرورة أي الذي لم يحجّ بعد المشعر برجله كما في الخبر (5)،و في الصحيح:« و أنزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريباً

ص:369


1- المنتهى 2:724.
2- التذكرة 1:374.
3- التحرير 1:102.
4- تقدّم مصدره في ص 2991 الهامش(7).
5- الكافي 4:/469 3،التهذيب 5:/191 636،الوسائل 14:16 أبواب الوقوف بالمشعر ب 7 ح 2.

من المشعر،و يستحب للصرورة أن يقف على المشعر أو يطأه برجله» (1)كما عن التهذيب و المصباح و مختصره (2).

و ظاهر أن المراد بالمشعر هنا ما هو أخص من المزدلفة،و فسّر بجبل قُزَح في المبسوط و الوسيلة و الكشّاف و المغرب و غيرها على ما حكاه عنهم بعض الأجلّة (3)،قال:و هو ظاهر الآية و الأخبار و الأصحاب،فإن وطء المزدلفة واجب،و ظاهر الوقوف عليه غير الوقوف به،و لا اختصاص للوقوف بالمزدلفة بالصرورة،و بطن الوادي من المزدلفة،فلو كانت هي المشعر الحرام لم يكن للقرب منه معنى،و كان الذكر فيه لا عنده.

و في الدروس عن الإسكافي أنه يطأ برجله أو بعيره المشعر الحرام قرب المنارة،قال:و الظاهر أنه المسجد الموجود الآن (4).

و ضعّف بأنه لو أُريد المسجد كان الأظهر الوقوف به أو دخوله،لا وطأه و الوقوف عليه.

قيل:و يمكن حمل كلام الإسكافي عليه أي على جبل قُزَح كما يحتمل كلام من قيّد برجله استحباب الوقوف بالمزدلفة راجلاً،بل حافياً، لكن ظاهرهم متابعة الصحيح،و هو كما عرفت ظاهر في الجبل (5).انتهى.

ص:370


1- الكافي 4:/468 1،التهذيب 5:/188 626،الوسائل 14:16 أبواب الوقوف بالمشعر ب 7 ح 1،و في الجميع:و يطأه..
2- التهذيب 5:191،مصباح المتهجد:641،و حكاه عن مختصر المصباح في كشف اللثام 1:356.
3- المبسوط 1:368،الوسيلة:179،الكشاف 1:246،المغرب 1:283؛ و انظر القاموس المحيط 1:252،و مجمع البحرين 2:404،و الصحاح 1:396،حكاه عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:356.
4- الدروس 1:422.
5- كشف اللثام 1:356.

و هو حسن إلّا أن المستفاد من بعض الصحاح و كلام أهل اللغة كما قيل أن المشعر هو مزدلفة و جمع (1)،و لذا قيل:الظاهر اشتراك المشعر بين المعنيين (2).و لكن الظاهر أن المراد به هنا هو المعنى الأول؛ لما مرّ.

و قيل:يستحب الصعود على قُزَح زيادةً على مسمى وطئه و ذكر اللّه تعالى عليه للنبويين العاميين (3)،و لضعفهما نسبه إلى القيل مشعراً بتمريضه،و القائل:الشيخ في المبسوط (4)،و تبعه الفاضل في جملة من كتبه (5)،و لا بأس به.

ثم كلام الماتن هنا و في الشرائع و الفاضل في الإرشاد و القواعد و غيرهما (6)نصّ في مغايرة الصعود على قُزَح لوطء المشعر،و هو ظاهر عبارة المبسوط المحكية (7)،بل صريحها أيضاً،و عن ظاهر الحلبي و الدروس (8)اتحاد المسألتين.

و يستحب لمن عدا الإمام الإفاضة من المشعر قبل طلوع الشمس بقليل كما في الشرائع و القواعد و التحرير و عن النهاية و المبسوط (9)؛

ص:371


1- الذخيرة:658.
2- كشف اللثام 1:356.
3- سنن البيهقي 5:122.
4- المبسوط 1:368.
5- التذكرة 1:374،التحرير 1:102،المنتهى 2:725.
6- الشرائع 1:256،الإرشاد 1:329،القواعد 1:86؛ و انظر السرائر 1:589،و الذخيرة:657،و كشف اللثام 1:356.
7- المبسوط 1:368.
8- الحلبي في الكافي:214،الدروس 1:422.
9- الشرائع 1:258،القواعد 1:87،التحرير 1:102،النهاية:252،المبسوط 1:368.

للخبرين (1)،أحدهما الموثق:أيّ ساعة أحب إليك الإفاضة من جمع؟ فقال:« قبل أن تطلع الشمس بقليل فهي أحبّ الساعات إليّ» قالا:فإن مكثنا حتى تطلع الشمس،فقال:« ليس به بأس» .و في المنتهى:لا نعلم خلافاً فيه (2).و إطلاقهما و إن شمل الإمام أيضاً لكنه مستثنى بما يأتي.

و أن لا يتجاوز محسِّراً حتى تطلع الشمس؛ للنهي عنه في الصحيح (3)،و ظاهره التحريم،كما عن صريح القاضي و ظاهر الأكثر (4).

و هو أحوط.

خلافاً لصريح العبارة و المختلف و المنتهى و التذكرة كما حكي (5)، ف [و] يستحب،و بمعناه يكره أن يجوزه إلّا بعدَه كما عن السرائر (6)،قيل:

للأصل و احتمال النهي في الخبر الكراهة (7).و فيه نظر.

و الهرولة و هي الإسراع في المشي للماشي،و تحريك الدابة

ص:372


1- الأول:الكافي 4:/470 5،التهذيب 5:/192 639،الإستبصار 2:/257 908،الوسائل 14:25 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 1.الثاني:التهذيب 5:/192 638،الإستبصار 2:/257 907،الوسائل 14:25 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 3.
2- المنتهى 2:726.
3- التهذيب 5:/178 597،الوسائل 13:528 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 7 ح 4.
4- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:359،و هو في المهذب 1:254.
5- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:359،و هو في المختلف:300،و المنتهى 2:729،و التذكرة 1:475.
6- السرائر 1:589.
7- كشف اللثام 1:359.

للراكب في الوادي أي وادي محسِّر؛ للصحاح و غيرها (1)،و في المنتهى و التذكرة (2)كما حكي لا نعلم فيه خلافاً،و في غيرهما بإجماع العلماء (3).

مائة خطوة،كما في الصحيح (4)،و مائة ذراع،كما في غيره (5).

داعياً بالمرسوم في الصحيح فيقول:« اللهم سلّم لي عهدي، و اقبل توبتي،و أجب دعوتي،و اخلفني بخير فيما تركت بعدي» (6).

و لو نسي الهرولة حتى تعدّى الوادي رجع فتداركها للصحيح (7)و غيره (8).و ليس فيهما تقييد الترك بالنسيان،بل مطلق الترك و لو جهلاً،بل و عمداً،فتركه كما في عبائر جمع أولى (9).

و الإمام يتأخّر بجمع فلا يفيض منها حتى تطلع الشمس للمرسل: ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس،و سائر الناس إن شاؤوا عجّلوا و إن شاؤوا أخّروا (10).

ص:373


1- الوسائل 14:22 و 24 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13،14.
2- المنتهى 2:729،التذكرة 1:375.
3- المدارك 7:445.
4- الكافي 4:/471 4،الفقيه 2:/282 1385،الوسائل 14:23 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13 ح 3.
5- الفقيه 2:/282 1386،الوسائل 14:23 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13 ح 4.
6- الفقيه 2:/282 1384،التهذيب 5:/192 637،الوسائل 14:22 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13 ح 1.
7- الكافي 4:/470 1،الوسائل 14:24 أبواب الوقوف بالمشعر ب 14 ح 1.
8- الكافي 4:/470 2،الفقيه 2:/282 1387،التهذيب 5:/195 649،الوسائل 14:24 أبواب الوقوف بالمشعر ب 14 ح 2.
9- منهم:العلامة في التذكرة 1:375،و السبزواري في الذخيرة:662،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:359.
10- التهذيب 5:/193 641،الإستبصار 2:/258 909،الوسائل 14:26 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 4.

و ظاهره الاستحباب،كما هو الظاهر،و عن صريح السرائر و التذكرة و المنتهى و التحرير و الدروس (1).

قيل:و صريح النهاية و المبسوط و الوسيلة و المهذّب و الاقتصاد الوجوب (2)،و هو ظاهر الجمل و العقود و الغنية و الجامع (3).

و أوجبه الصدوقان و المفيد و سلّار و الحلبي (4)مطلقاً،من غير فرق بين الإمام و غيره،و استحبه الحلّي و الشيخ في المصباح (5)مطلقاً؛ لإطلاق الحسن:« ثم أفض حين يشرق لك ثَبير و ترى الإبل مواضع أخفافها» (6).

و يجوز أن يراد بالخبر و بكلامهم تأخير الخروج من المشعر و هو جواز وادي محسِّر وجوباً أو استحباباً.

و أوجب الصدوقان شاة على من قدّم الإضافة على طلوع الشمس (7).

أقول:و هذه الأقوال بظاهرها خلاف ما يظهر من الجمع بين الأخبار و لا سيّما القول بالوجوب منها في الجملة أو مطلقاً.

ص:374


1- السرائر 1:586،التذكرة 1:375،المنتهى 2:726،التحرير 1:102،الدروس 1:424.
2- كشف اللثام 1:359.
3- الجمل و العقود(الرسائل العشر):234،الغنية(الجوامع الفقهية):581،الجامع للشرائع:209.
4- الصدوق في الفقيه 2:327،و نقله عن والده في المختلف:300،المفيد في المقنعة:417،سلّار في المراسم:113،الحلبي في الكافي في الفقه:197.
5- الحلبي في السرائر 1:586،مصباح المتهجد:641.
6- التهذيب 5:/192 637،الوسائل 14:26 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 5.الثبير كأمير جبل بمكة كأنه من الثبرة و هي الأرض السهلة.مجمع البحرين 3:235.
7- الصدوق في الفقيه:2:327،و قد نقله عن والده في المختلف:300.

و عن التذكرة و المنتهى (1):الإجماع على أنه لو دفع قبل الإسفار بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس لم يكن مأثوماً إجماعاً.

اللواحق

و اللواحق أُمور ثلاثة:

الأول الوقوف بالمشعر ركن

الأول:الوقوف بالمشعر الحرام ركن عندنا فمن لم يقف به ليلاً و لا بعد الفجر عامداً بطل حجّه بإجماعنا و أخبارنا،منها:« إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج» (2).

بل هو أعظم من الوقوف بعرفة؛ لثبوته في نصّ الكتاب (3)،كما في المرسل كالموثق:« الوقوف بالمشعر فريضة و الوقوف بعرفة سنّة» (4).

خلافاً للمحكي عن أكثر العامة (5).

و عن الإسكافي و التهذيب (6):أنه إن تعمّد ترك الوقوف به فعليه بدنة.

و في المختلف:و هذا الكلام يحتمل أمرين:

أحدهما:أن من ترك الوقوف بالمشعر الذي حدّه ما بين المأزمين إلى الحياض و إلى وادي محسِّر وجب عليه بدنة.

ص:375


1- التذكرة 1:375،المنتهى 2:726.
2- التهذيب 5:/292 991،الإستبصار 2:/305 1089،الوسائل 14:38 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 2.
3- البقرة:198.
4- الفقيه 2:/206 937،التهذيب 5:/287 977،الإستبصار 2:/302 1080،الوسائل 13:552 أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة ب 19 ح 14.
5- حكاه عنهم في المنتهى 2:725،و هو في مغني المحتاج:499،و بدائع الصنائع 2:135.
6- نقله عن الإسكافي في المختلف:300،التهذيب 5:294.

و الثاني:من ترك الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل فإنه يستحب الوقوف عليه عند أصحابنا وجب عليه بدنة.

و كلا الاحتمالين خلاف لما ذكره علماؤنا؛ فإن أحداً من علمائنا لم يقل بصحة الحج مع ترك الوقوف بالمشعر عمداً مختاراً؛ و لم يقل أحد منهم بوجوب الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل و إن تأكد استحباب الوقوف به.

قال:و حمل كلامه على الثاني أولى؛ لدلالة سياق كلامه عليه.

قال:و يحتمل ثالث و هو:أن يكون قد دخل المشعر الذي هو الجبل ثم ارتحل متعمداً قبل أن يقف مع الناس مستخفاً (1)؛ للصحيح:« من أفاض من عرفات فلم يلبث معهم بجمع و مضى إلى منى متعمداً أو مستخفاً فعليه بدنة» (2).

و يضعّف:بأن المناسب للخبر أن يكون دخل جمعاً لا الجبل.

و الأولى حمل الخبر و كلامهما على إدراك مسمّى الوقوف ليلاً و الإفاضة قبل وقته إلى طلوع الفجر،و قد تقدّم أن عليه شاة و لم يبطل حجه،و لهذا قيّد الماتن البطلان بما إذا لم يقف به ليلاً مؤذناً بصحة الحج مع الوقوف به ليلاً كما مضى،و لكن يشكل إيجاب البدنة،و الأظهر الأشهر الشاة كما قدّمنا (3).

و لا يبطل الحج بتركه لو كان ناسياً إذا كان وقف بعرفات

ص:376


1- المختلف:300.
2- الكافي 4:/473 6،الفقيه 2:/283 1388،التهذيب 5:/294 996،الوسائل 14:48 أبواب الوقوف بالمشعر ب 26 ح 1.
3- راجع ص 2988.

اختياراً،على الأشهر الأقوى كما قدّمنا،و إذا وقف بها اضطراراً لم يصحّ حجه إجماعاً كما مضى.

و إطلاق العبارة و نحوها يقتضي عدم الفرق في بطلان الحج بتعمد ترك الوقوف بالمشعر بين العالم و الجاهل،و به صرّح بعض (1)،وفاقاً للشيخ في التهذيب (2)؛ لإطلاق ما مرّ من النص؛ مضافاً إلى الأصل،لعدم الإتيان بالمأثور به على وجهه فيبطل.

و هو حسن لولا الصحيح:في رجل لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتى أتى منى،فقال:« أ لم ير الناس» إلى أن قال:قلت:فإنه جهل ذلك، قال:« يرجع» قلت:إنّ ذلك قد فاته،قال:« لا بأس» (3)و نحوه المرسل (4).

إلّا أن الشيخ رحمه الله حملهما على تارك كمال الوقوف جهلاً و قد أتى باليسير منه،و استشهد عليه بخبرين ضعيفي السند قاصري الدلالة.

و لو فاته الموقفان جميعاً بطل الحج و لو كان الفوت ناسياً بالنص و إجماع العلماء على ما حكاه بعض أصحابنا (5)؛ مضافاً إلى الأصل الذي مضى الإشارة إليه قريباً.

الثاني من فاته الحج سقطت عنه أفعاله

الثاني:من فاته الحج سقطت عنه بقية أفعاله من الهدي و الرمي و المبيت بمنى و الحلق أو التقصير فيها،و له المضي من حينه إلى مكة و الإتيان بأفعال العمرة و التحلل.

ص:377


1- كالعلامة في التحرير 1:103،و صاحب المدارك 7:432.
2- التهذيب 5:292.
3- الكافي 4:/473 5،التهذيب 5:/293 993،الوسائل 14:45 أبواب الوقوف بالمشعر ب 25 ح 6.
4- التهذيب 5:/292 992،الإستبصار 2:/305 1090،الوسائل 14:46 أبواب الوقوف بالمشعر ب 25 ح 5.
5- كصاحب المدارك 7:434،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1:348.

و لكن يستحب له الإقامة بمنى إلى انقضاء أيام التشريق كما في الصحيح (1) ثم يتحلل بعمرة مفردة كما فيه و في الصحاح المستفيضة،منها:« أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم و قد فاته الحج فليجعلها عمرة و عليه الحج من قابل» (2).

و عن التذكرة و المنتهى و في غيرهما (3)الإجماع عليه،و لذا قطع الفاضل في التحرير و غيره (4)بأنه لو أراد البقاء على إحرامه إلى القابل ليحج به لم يجزه،قيل:و استظهره في التذكرة و المنتهى،و جعله الشهيد أشبه (5).

و هل عليه نية الاعتمار،أم ينقلب الإحرام إليه قهراً حتى لو أتى بأفعالها من غير نية الاعتمار لكفى؟قيل:قطع بالأول في التحرير و التذكرة و المنتهى، و أسند فيهما خلافه إلى بعض العامة،و يدلُّ عليه الاستصحاب،و أن الأعمال بالنيات،و ظاهر الأمر« يجعلها عمرة» في الصحاح،و جعله الشهيد أحوط (6).

و احتمل الثاني؛ للأصل،و ظاهر قولهم عليهم السلام في جملة من الأخبار المتضمنة للصحيح و غيره« فهي عمرة مفردة» كما في الثاني (7)،أو« يطوف و يسعى بين الصفا و المروة» كما في الأول (8)،و وافقه في الذخيرة،مجيباً

ص:378


1- التهذيب 5:/295 999،الإستبصار 2:/307 1096،الوسائل 14:50 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 3.
2- الكافي 4:/476 2،الفقيه 2:/284 1394،التهذيب 5:/294 998،الإستبصار 2:/307 1095،الوسائل 14:48 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 1.
3- التذكرة 1:398،المنتهى 2:852؛ و انظر كشف اللثام 1:358.
4- التحرير 1:124؛ و انظر الدروس 1:427،و الحدائق 16:471.
5- كشف اللثام 1:358.
6- انظر كشف اللثام 1:358.
7- قرب الإسناد:174،الوسائل 14:51 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 6.
8- الفقيه 2:/243 1160،التهذيب 5:/295 1001،الإستبصار 2:/308 1098،الوسائل 14:49 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 2.

عن الأمر بجعلها عمرة بأن المفهوم من هذا الأمر الإتيان ببقية أفعال العمرة، لا الإتيان بالنية (1).

و هو حسن،لكن دلالة أخبار المقابلة على عدم اعتبار النية أيضاً غير واضحة،فإذاً المسألة لا تخلو عن ريبة،و الأصل يقتضي اعتبارها بلا شبهة.

ثم يقضي الحج في القابل واجباً إن كان واجباً عليه وجوباً مستقراً مستمراً،و إلّا فندباً،بلا خلاف أجده في المقامين،و به صرّح في الثاني في الذخيرة (2)،و غيرها،و بالإجماع في الأول صُرِّح في كلام جماعة (3)؛ و هو الحجة.

مضافاً إلى الأصل في الثاني،و الصحاح المشار إليها في الأول،لكنها مطلقة بأن عليه الحج من قابل،و لكن قيّدها الأصحاب بالمقام الأول، مدّعين الإجماع عليه.

و أما الخبر أو الصحيح كما قيل (4)في قوم قدموا يوم النحر و قد فاتهم الحج أنه:« يهريق كل واحد منهم دم شاة و يحلّون و عليهم الحج من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم،و إن أقاموا حتى يمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا إلى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا و اعتمروا فليس عليهم الحج من قابل» (5).

ص:379


1- الذخيرة:660.
2- الذخيرة:660.
3- منهم:الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:385،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:358.
4- كشف اللثام 1:358.
5- الكافي 4:/475 1،الفقيه 2:/284 1395،التهذيب 5:/295 1000،الإستبصار 2:/307 1097،الوسائل 14:50 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 5.

فقال الشيخ:يحتمل أن يكون مختصاً بمن اشترط حال الإحرام،فإنه إذا كان اشترط لم يلزمه الحج من قابل،و إن لم يكن قد اشترط لزمه ذلك في العام المقبل (1).

و استشهد له بالصحيح:عن رجل خرج متمتعاً بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلى يوم النحر،فقال:« يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حين يدخل مكة،فيطوف و يسعى بين الصفا و المروة و يحلق رأسه و ينصرف إلى أهله إن شاء» و قال:« هذا لمن اشترط على ربّه عند إحرامه،فإن لم يكن اشتراط فإنّ عليه الحجّ من قابل» (2).

و فيه ما في كلام جماعة،من أن الفائت إن كان مستحباً لم يجب القضاء و إن لم يشترط،و كذا إن لم يستقر و لا استمر وجوبه،و إن كان واجباً وجوباً مستقراً أو مستمراً وجب و إن اشترط،فالوجه حمل هذا الخبر بعد الإغماض عن سنده على شدة استحباب القضاء إذا لم يشترط و كان مندوباً أو غير مستقرّ الوجوب و لا مستمرّة.

ثم مقتضى الأصل و ظاهر الصحاح و غيرها الواردة في بيان الحاجة الساكتة عن إيجاب الهدي عدمه،كما هو ظاهر الأكثر،بل المشهور.

خلافاً للمحكي عن نادر فأوجبه (3)؛ لما مرّ من الخبر،و لأنه حلّ قبل تمام إحرامه كالمحصر.

و ضعفه ظاهر؛ فإنه يتمّ الأفعال لكنه يعدل،و الخبر محمول على

ص:380


1- التهذيب 5:295.
2- التهذيب 5:/295 1001،الإستبصار 2:/308 1098،الوسائل 14:49 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 2.
3- حكاه الشيخ في الخلاف 2:374 عن بعض أصحابنا.

الندب؛ لما مر؛ مع ما في الراوي من الكلام.

نعم،روى الصدوق في الصحيح نحو ما فيه،إلّا أنه عليه السلام قال فيه:

« يقيم بمكة على إحرامه و يقطع التلبية حين يدخل الحرم،فيطوف بالبيت و يسعى و يحلق رأسه و يذبح شاته ثم ينصرف إلى أهله» ثم قال:« هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحلّه حيث حبسه،فإن لم يشترط فإن عليه الحج و العمرة من قابل» (1).

إلّا أن لفظ« شاته» بالإضافة مشعر بأنه كان معه شاة عيّنها للهدي،و يحتمل أن يكون فُتياً بعينه و قد يكون نذر الشاة للهدي، و يحتمل الاستحباب،مع أن ظاهره هو جواز الإحلال و الرجوع لهم بمجرّد الحلق و ذبح الشاة من غيره حاجة إلى عمرة التحلل،و هو خلاف الإجماع.

قيل:و الأولى حمل هذا الخبر على التقية (2)؛ لأن المشهور بين العامّة هو أن من فاته الحج لم يجب عليه العمرة،بل يبقى على إحرامه السابق، و يتحلل بطواف و سعى و حلاق،و كذلك وجوب الهدي عليه هو القول المنصور بينهم الذي إليه أهل الشوكة منهم و أهل الجاه و الاعتبار.

الثالث يستحب التقاط الحصى من جمع

الثالث:يستحب التقاط الحصى من جمع إجماعاً،كما عن ظاهر المنتهى و التذكرة و صريح غيرهما (3)،و للصحيحن (4):« خذ حصى

ص:381


1- الفقيه 2:/243 1160،الوسائل 14:49 أبواب الوقوف بالمشعر ب 27 ح 2.
2- الحدائق 16:468.
3- المنتهى 2:728،التذكرة 1:375؛ و انظر المدارك 7:439،و مفاتيح الشرائع 1:329.
4- الكافي 4:/477 1،3،التهذيب 5:/195 650،الوسائل 14:31 أبواب الوقوف بالمشعر ب 18 ح 1.

الجمار من جمع،و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك» . و هو سبعون حصاة ذَكَر الضمير لعوده إلى الملقوط المدلول عليه بالالتقاط،و هذا العدد هو الواجب،و لو التقط أزيد منه احتياطاً حذراً من سقوط بعضها أو عدم إصابة فلا بأس.

و يجوز الالتقاط من غير جمع؛ للأصل و الصحيحين،لكن لا يجوز إلّا من الحرم؛ للصحيح:« حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك،و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك» (1).

و يجوز الالتقاط من أي جهات الحرم شاء عدا المساجد مطلقاً كما هنا و في الشرائع و القواعد و عن الجامع (2)قيل:للنهي عن إخراج حصى المساجد و هو يقتضي الفساد،كذا في الرمي المختلف (3).

و الذي تقدّم في الصلاة كراهية الإخراج،و إن سلّم الحرمة فالرمي غير منهي عنه،إلّا أن يثبت وجوب المبادرة إلى الإعادة فيقال:الرمي منهي عنه،لكونه ضدها.

و يمكن حمل الجواز على الإباحة بالمعنى الأخص فينافيه الكراهة، و الفساد على فساد الإخراج،بمعنى الرغبة عنه شرعاً.

أو يقال:يجب إعادتها إليها أو إلى غيرها من المساجد،و عند الرمي يلتبس بغيرها،فلا يمتاز ما من المسجد من غيره.

و فيه:أنه يمكن أعلامها بعلامة تميزها.

و في الموثق:« يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلّا من

ص:382


1- الكافي 4:/477 2،الوسائل 14:31 أبواب الوقوف بالمشعر ب 18 ح 2.
2- الشرائع 1:257،القواعد 1:87،الجامع للشرائع:209.
3- المختلف:303.

المسجد الحرام و مسجد الخيف» (1).

و لذا اقتصر عليهما الأكثر،و إلى قولهم أشار بقوله:

و قيل:عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف و ليس في التهذيب المسجد الحرام (2)،و لذا اقتصر عليه الشيخ في مصباحه (3)،و لعلّه لبُعد الالتقاط من المسجد الحرام.

و في بعض القيود أنه لا يجوز الأخذ من وادي محسِّر (4).

و في المنتهى:لو رمى بحصاة محسِّر كره له ذلك،و هل يكون مجزئاً أم لا،فيه تردّد،أقربه الإجزاء؛ للعموم (5).

و يشترط أن يكون أحجاراً و لا يجوز بغيرها كالمدر و الآجر و الكحل و الزرنيخ و غير ذلك من الذهب و الفضة،بإجماعنا الظاهر، المحكي عن صريح الانتصار و ظاهر التذكرة و المنتهى (6)،بل في المنتهى و التحرير عن الأكثر تعيّن الحَصى (7).و هو الأقوى؛ للتأسي و الاحتياط، لورود النصوص بلفظ الحصى و الحصيات،مع أن في الصحيح منها:« لا ترم الجمار إلّا بالحصى» (8).

ص:383


1- الكافي /478 8،التهذيب 5:/196 652،الوسائل 14:32 أبواب الوقوف بالمشعر 19 ح 2.
2- لا يخفى أنها موجودة في النسخة التي كانت بأيدينا من التهذيب.
3- مصباح المتهجد:642.
4- المنتهى 2:730،و فيه بدل كلمة محسّر:نجسة.
5- 7
6- الانتصار:105،التذكرة 1:376،المنتهى 2:729.
7- المنتهى 2:730،التحرير 1:103.
8- الكافي 4:/477 5،التهذيب 5:/196 654،الوسائل 14:59 أبواب رمي جمرة العقبة ب 4 ح 1.

خلافاً للخلاف،ففيه جواز الرمي بالحجر و ما كان من جنسه من البرام و الجواهر و أنواع الحجارة (1).

و لا دليل عليه سوى ما يحكى عنه من دعواه الإجماع،و فيها مع وهنها معارضتها بأقوى،و هي الأدلة التي قدّمناها.

أو ما يفهم كلامه المتقدّم من دخول الجميع في الحجر،و هو الحَصى،بناءً على أن الحصى هي الحجارة الصغيرة كما عن القاموس (2)، و عليه فلا خلاف.

لكن يمنع الدخول أوّلاً،ثم يستشكل في تفسير الحصى بالحجارة، لمنافاته العرف و العادة،و لذا أن جماعة من متأخري (3)قالوا بعد نحو ما في العبارة:بل الأجود تعيّن الرمي بما يسمى حصاة.و هو الأقرب.

و أن يكون من الحرم للصحيح:« حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك،و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك» (4).

و في المرسل:« لا تأخذه من موضعين:من خارج الحرم،و من حصى الجمار» (5).

و به قطع الأكثر.

قيل:خلافاً للخلاف و القاضي (6)،و مستندهما غير واضح سوى

ص:384


1- الخلاف 2:342.
2- القاموس المحيط 4:319.
3- منهم صاحب المدارك 7:440،و السبزواري في الذخيرة:661،و صاحب الحدائق 16:475.
4- تقدّم مصدره في الهامش 3.
5- الكافي 4:/478 9،التهذيب 5:/196 653،الوسائل 14:60 أبواب رمي جمرة العقبة ب 5 ح 1.
6- كشف اللثام 1:360،و لكن نقل فيه عن الخلاف و ابن حمزة.

الأصل المخصّص بما مرّ.

و أن يكون أبكاراً غير مرمي بها رمياً صحيحاً،بالنص المتقدم و غيره (1)،و الإجماع الظاهر،المحكي عن صريح الخلاف و الغنية و الجواهر (2)،و المصرّح به في المدارك و غيره (3).

و يستحب أن تكون رخوة غير صلبة بُرْشاً بقدر الأنملة بفتح الهمزة و ضم الميم رأس الإصبع.

ملتقطة بأن يكون كل واحدة منها مأخوذة من الأرض،منفصلة.

و احترز بها عن المكسّرة من حجر فإنها مكروهة كما سيأتي.

منقّطة كُحلية.

كلّ ذلك للمعتبرة (4).

قيل:و المشهور في معنى البَرش أن يكون في الشيء نقط تخالف لونه،و قصره ابن فارس على ما فيه نقط بيض (5).

و عليه فيكون هذا الوصف مغنياً عن كونها منقّطة،و لعلّه لذا تكلّف شيخنا في الروضة فحمل مثل كلام الماتن على اختلاف ألوان الحصى بعضها لبعض (6)،و مكانه من البعد غير خفي.

و اقتصر الصدوق على المنقطة (7)،و الشيخ في التهذيب و النهاية

ص:385


1- انظر الوسائل 14:60 أبواب رمي جمرة العقبة ب 5.
2- الخلاف 2:343،الغنية(الجوامع الفقهية):581،جواهر الفقه:43.
3- المدارك 7:441؛ و انظر كشف اللثام 1:360،و الذخيرة:661،و الحدائق 16:474.
4- انظر الوسائل 14:33 أبواب الوقوف بالمشعر ب 20.
5- كشف اللثام 1:360.
6- الروضة البهية 2:284.
7- كما في الهداية:61.

و الجمل (1)على البُرش.

لكن في النهاية الأثيرية:أن البُرشة لون مختلط حمرةً و بياضاً و غيرهما (2)،و في المحيط:إنه لون مختلط بحمرة (3)و في تهذيب اللغة عن الليث:إن الأبرش الذي فيه ألوان و خلط (4).و حينئذ يكون أعم من المنقّطة.

و في الكافي:إن الأفضل البُرش ثم البيض و الحمر،و يكره السود (5).

و يكره الصلبة للصحيح (6).

و المكسّرة للخبر:« التقط الحصى،و لا تكسرنّ منه شيئاً» (7).

و السواد و البيضاء و الحمراء؛ للنهي عنها أجمع في بعض الأخبار (8)، و فيه:« خذها كحلية منقّطة».

ص:386


1- التهذيب 5:196،النهاية:253،الجمل و العقود(الرسائل العشر):234.
2- النهاية 1:118.
3- محيط اللغة 7:331.
4- تهذيب اللغة 11:360.
5- الكافي في الفقه:198.
6- الكافي 4:/477 6،التهذيب 5:/197 655،الوسائل 14:33 أبواب الوقوف بالمشعر ب 20 ح 1.
7- الكافي 4:/477 4،التهذيب 5:/197 657،الوسائل 14:34 أبواب الوقوف بالمشعر ب 20 ح 3.
8- الكافي 4:/478 7،التهذيب 5:/197 656،قرب الإسناد:/359 1284،الوسائل 14:33 أبواب الوقوف بالمشعر ب 20 ح 2.
القول في مناسك منى
اشارة

القول في مناسك منى جمع منسك،واصلة موضع النسك،و هو العبادة،ثم أُطلق اسم الحمل على الحالّ،و لو عبّر بالنسك كان هو الحقيقة.

و منى بكسر الميم:اسم مذكر منصرف كما قيل (1)،و جوّز تأنيثه، سمّي به المكان المخصوص لقول جبرئيل عليه السلام لإبراهيم عليه السلام:« تمنّ،على ربك ما شئت» (2).

و قيل:لقوله علي السلام لآدم عليه السلام:« تمنّ،فقال:أتمنى الجنة فسميت به لأُمنية آدم» (3).

و مناسكها يوم النحر ثلاثة:

و هي رمي جمرة العقبة التي هي أقرب الجمرات الثلاث إلى مكة،و هي حدّها من تلك الجهة.

ثم الذبح،ثم الحلق مرتباً كما ذكر،فلو عكس أثم و أجزأ على خلاف في الأول سيذكر.

أما وجوب الأخيرين فسيأتي الكلام فيه.

و أما وجوب الأول ففي التذكرة و المنتهي (4):إنه لا نعلم فيه خلافاً، ثم في المنتهى:و قد يوجد في بعض العبارات أنه سنة،و ذلك في بعض

ص:387


1- المسالك 1:114.
2- علل الشرائع:/435 2.
3- نقله في القاموس المحيط 4:394 عن ابن عباس.
4- التذكرة 1:376،المنتهى 2:729.

أحاديث الأئمة عليه السلام (1)،و في لفظ الشيخ في الجمل و العقود،و هو محمول على الثابت بالسنّة لا أنه مستحب (2).

و في السرائر:لا خلاف عندنا في وجوبه،و لا أظن أن أحداً من المسلمين يخالف فيه (3).

و يدلُّ على وجوبه التأسي،و الأمر به في الأخبار الكثيرة،بل المتواترة كما في السرائر ففي الصحيح:« ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة،فارمها من وجهها» (4).

و في الذخيرة:الأمر و إن كان دلالته على الوجوب من أخبارنا غير واضح إلّا أن عمل الأصحاب و فهمهم يعين على فهم الوجوب منه،مضافاً إلى توقف يقين البراءة من التكليف الثابت عليه (5).

و يجب عليه في كل من الثلاثة أُمور.

الرمي
الواجب في الرمي

أمّا الرمي فالواجب فيه النية و هي قصد الفعل طاعة للّه عزّ و جل، و الأحوط ملاحظة الوجه و تعيين نوع الحج و التعرض للأداء و إن كان لزوم التعرض لذلك غير معلوم.

و يجب مقارنتها الأول الرمي و استدامة حكمها إلى الفراغ،كما في نظائره.

و العدد،و هو سبع حصيات للتأسي؛ و النصوص،و إجماع علماء الإسلام،كما في ظاهر المنتهى و صريح غيره (6).

ص:388


1- دعائم الإسلام 1:323،المستدرك 10:67 أبواب رمي جمرة العقبة ب 1 ح 2.
2- المنتهى 2:771.
3- السرائر 1:606.
4- الكافي 4:/478 1،التهذيب 5:/198 661،الوسائل 14:58 أبواب رمي جمرة العقبة ب 3 ح 1.
5- الذخيرة:662.
6- المنتهى 2:731؛ و انظر المدارك 8:7،و مفاتيح الشرائع 1:35،و الحدائق 17:11.

و إلقاؤها بما يسمى رمياً لوقوع الأمر به،و هو للوجوب، و الامتثال إنما يتحقق بإيجاد الماهيّة التي تعلّق بها الأمر،فلو وضعها بكفّه لم يجز إجماعاً،و كذا لو طرحها طرحاً لا يصدق عليها اسم الرمي.

و حكى في المنتهى خلافاً في الطرح،ثم قال:و الحاصل أن الخلاف وقع باعتبار الخلاف في صدق الاسم،فإن سمّي رمياً أجزأ بلا خلاف،و إلّا لم يجز إجماعاً (1).و نحوه عن التذكرة (2).

و يعتبر تلاحق الحصيات،فلو رمى بها دفعة فالمحسوب واحدة.

و المعتبر تلاحق الرمي،لا الإصابة،فلو أصابت المتلاحقة دفعة أجزأت،و لو رمى بها دفعة فتلاحقت في الإصابة لم يجز.

و إصابة الجمرة بفعله فلا خلاف بين العلماء،كما في صريح المدارك و غيره (3)؛ للتأسي،و الصحيح:« إن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها» (4).

فلو قصرت عن الإصابة و تمّمها حركة غيره أي الرامي من حيوان أو إنسان لم يجز بخلاف ما لو وقعت على شيء و انحدرت على الجمرة فإنها تجزي،و الفرق تحقق الإصابة بفعله هنا،دون الأوّل، لتحقّقها فيه بالشركة،و في الصحيح:« و إن أصابت إنساناً أو جملاً ثم وقعت على الجمار أجزأت» (5).

ص:389


1- المنتهى 2:731.
2- التذكرة 1:376.
3- المدارك 8:8؛ و انظر الذخيرة:662،و الحدائق 17:13.
4- الكافي 4:/483 5،الفقيه 2:/285 1399،التهذيب 5:/266 907،الوسائل 14:60 أبواب رمي جمرة العقبة ب 6 ح 1.
5- الكافي 4:/483 5،الفقيه 2:/285 1399،التهذيب 5:/266 907،الوسائل 14:60 أبواب رمي جمرة العقبة ب 6 ح 1.
المستحب في الرمي

و يستحب الطهارة من الحدث حال الرمي؛ للصحيح (1)و غيره (2):

« لا ترم الجمار إلّا و أنت على طهر» .و ظاهرهما الوجوب،كما عن ظاهر المفيد و المرتضى و الإسكافي (3).

و لكن الأظهر الأشهر الاستحباب حتى أن في ظاهر الغنية الإجماع (4)، و في المنتهى:لا نعلم فيه خلافاً (5)،جمعاً بين ما مرّ و بين الصحاح و غيره، ففي الصحيح« و يستحب أن ترمي الجمار على طهر» (6).

و فيه« لا بأس أن تقضي المناسك كلّها على غير وضوء،إلّا الطواف فإنّ فيه صلاة،و الوضوء أفضل» (7).

و في الخبر:عن رمي الجمار على غير طهور،قال:« الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان،إن طفت بينهما على غير طهور أجزأك،و الطهر أحبّ إليّ،فلا تدعه و أنت قادر عليه» (8).

و يمكن المناقشة في هذا الجمع؛ إذا الرواية الأخيرة الصريحة ضعيفة

ص:390


1- الكافي 4:/482 10،التهذيب 5:/197 659،الإستبصار 2:/258 911،الوسائل 14:56 أبواب رمي جمرة العقبة ب 6 ح 1.
2- قرب الإسناد:/393 1379،الوسائل 14:57 أبواب رمي جمرة العقبة ب 2 ح 6.
3- المفيد في المقنعة:417،المرتضى في جمل العلم و العمل(رسائل الشريف المرتضى 3):68،و نقله عن الإسكافي في المختلف:302.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):581.
5- المنتهى 2:732.
6- الكافي 4:/478 1،التهذيب 5:/198 661،الوسائل 14:56 أبواب رمي جمرة العقبة ب 2 ح 3.
7- الفقيه 2:/250 1201،الوسائل 13:374 أبواب الطواف ب 38 ح 1.
8- التهذيب 5:/198 660،الإستبصار 2:/258 912 الوسائل 14:57 أبواب رمي جمرة العقبة ب 2 ح 5.

لأسند بالجهالة و ما قبلها من الأخبار الصحيحة غير صريحة،لعدم وضوح « يستحب» فيما يجوز تركه،كما هو المصطلح عليه الآن،فلعلّ المراد به المعنى الأعم المجامع للوجوب؛ و الصحيحة الثانية دلالتها في المسائل إنما هي بالعموم فتقبل التخصيص برواية الوجوب،فإنها نصّ فيها.

و لعلّه إلى هذا نظر شيخنا في الروضة،حيث إنه بعد أن نقل الاستدلال من الشهيد على الاستحباب بالجمع بين صحيحة الوجوب و الرواية الأخيرة قال:و فيه نظر،لأن المجوّزة مجهولة الراوي فكيف يؤوّل الصحيح لأجلها (1).

و عليه فيضّعف ما يورد عليه من أن دليل الاستحباب غير منحصر في الرواية الأخيرة (2)؛ و ذلك لوضوح الانحصار بعد ما عرفت من ضعف الدلالة فيما عداها من الأخبار الصحيحة،و لعلّه لهذا لم يستدل بها الشهيدان مع الصحة.

و الأقرب في الجواب عما في الروضة بانجبار الرواية بالشهرة و ما عرفت من الإجماعات المنقولة.

مضافاً إلى أن الصحيحة الثانية النافية للوجوب في المسألة و إن كانت عامة لكن ما فيها من التعليل يجعلها في قوة الرواية الخاصة.

هذا مع أن العام المعتضد بالشهرة أقوى من الرواية الخاصة التي ليست معتضدة بالشهرة.

هذا مع أن في المختلف و غيره (3)بعد نقل القول بالوجوب عن هؤلاء

ص:391


1- الروضة البهية 2:285.
2- المدارك 8:11.
3- المختلف:302؛ و انظر الحدائق 17:16.

الجماعة:و كان قصدهم تأكد الاستحباب فلا خلاف.

و الدعاء بما في الصحيح قال:« تقول و الحصى في يدك:اللّهم هؤلاء حصياتي فأحصهنّ لي و ارفعهنّ في عملي،ثم ترمي و تقول مع كل حصاة:أ.أكبر،اللّهم ادحر (1)عنّي الشيطان،اللّهم تصديقاً بكتابك و على سنّة نبيّك صلى الله عليه و آله،اللّهم اجعله حجاً مبروراً و عملاً مقبولاً و سعياً مشكوراً و ذنباً مغفوراً» (2).

و أن لا تباعد بما يزيد عن خمسة عشر ذراعاً كما في الصحيح:« و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع،أو قدر خمسة عشر ذراعاً» (3).

و أن يرمي خذفاً على الأشهر الأقوى؛ للصحيح في قرب الإسناد، الضعيف في الكافي و التهذيب:« تخذفها خذفاً و تضعها على الإبهام و تدفعها بظفر السبّابة» (4).

خلافاً للمرتضى فأوجبه،مستدلاً بالإجماع و بالأمر به في أكثر الأخبار (5)،و تبعه الحلّي (6).

و أجيب في المختلف بأن الإجماع إنما هو على الرجحان و أن الأمر هنا للندب (7).

ص:392


1- أي أبعده عنّي مجمع البحرين 3:300.
2- الكافي 4:/478 1،التهذيب 5:/198 661،الوسائل 14:58 أبواب رمي الجمرة العقبة ب 3 ح 1
3- الكافي 4:/478 1،التهذيب 5:/198 661،الوسائل 14:58 أبواب رمي الجمرة العقبة ب 3 ح 1
4- الكافي 4:/478 7،التهذيب 5:/197 656،قرب الاسناد:/359 1284،الوسائل 14:61 أبواب رمي جمرة العقبة ب 7 ح 1.
5- الانتصار:105.
6- السرائر 1:590.
7- المختلف:302.

و لعلّه أشار بقوله:هنا،إلى قيام القرينة في المقام على الندب، و لعلّها الشهرة العظيمة عليه حتى أنه جعل السيّد متفرّداً بالوجوب،مشعراً ببلوغها الإجماع.

و هو كذلك؛ إذ لم نقف على مخالف عداه و الحلّي،و هما نادران، مع ان الأصل و الإطلاقات المعتضدة بالشهرة أقوى من الرواية الآمرة،سيّما و أن سياق الرواية المتقدمة مشعر بالاستحباب،لتضمّنه كثيراً من الأوامر و النواهي التي ليست على حقيقتها من الوجوب و التحريم.

ثم الخذف بإعجام الحروف:الرمي بها بالأصابع،كما عن الصحاح و الديوان و غيرهما (1)،و عن الحلّي:أنه المعروف عند أهل اللسان (2).

و عن الخلاص:بأطراف الأصابع (3)،و الظاهر الاتحاد.

و عن الجمل و المفصّل:أنه الرمي من بين إصبعين (4).

و عن العين و المحيط و المقاييس و الغريبين و النهاية الأثيرية و غيرها (5):من بين السبّابتين.

و عن المبسوط و السرائر و النهاية و المصباح و مختصره و المقنعة و المراسم و الكافي و المهذّب و الجامع و التحرير و التذكرة و المنتهي (6)،

ص:393


1- الصحاح 4:1347،ديوان الأدب 2:171؛ و انظر أساس البلاغة:105.
2- السرائر 1:590.
3- نقله عنه في كشف اللثام 1:360.
4- مجمل اللغة 2:169،نقل عن المفصّل في كشف اللثام 1:360.
5- العين 4:245،القاموس المحيط 3:135،معجم مقاييس اللغة 2:165،نقل عن الغريبين في كشف اللثام 1:360،النهاية 2:16.
6- المبسوط 1:369،السرائر 1:590،النهاية:254،مصباح المتهجد:642،المقنعة:417،المراسم:113،الكافي في الفقه:215،المهذّب 1:255،الجامع للشرائع:210،التحرير 1:104،التذكرة 1:377،المنتهى 2:732.

و بالجملة المشهور كما في المختلف و الروضة و مجمع البحرين (1):أن يضعها على باطن الإبهام و يرميها بظفر السبّابة،كما في الخبر المتقدم،لكن من غير تقييد للإبهام بالبطن.

و عن القاضي:أنه حكى قولاً بأنه يضعها على ظهر إبهامه و يدفعها بالمسبحة (2).

و عن الانتصار:أنه يضعها على بطن الإبهام و يدفعها بظفر الوسطى (3).

أقول:و متابعة المشهور أولى.

و الدعاء مع كل حصاة بما مرّ في الصحيح.

و يستقبل جمرة العقبة بأن يكون مقابلاً،لا عالياً عليها كما ذكره جماعة،قالوا:إذ ليس لها وجه خاص يتحقّق به الاستقبال (4).و فيه نظر.

بل المستفاد من الشيخ في المبسوط،و الحلّي في السرائر،و العلّامة في جملة من كتبه كالتحرير و المنتهى و المختلف (5)أن المراد بالاستقبال غير ذلك،و ذلك فإنهم ذكروا استحباب الرمي من قبل وجهها لا عالياً مسألة، و استحباب استقبالها و استدبار القبلة مسألة أُخرى.

و لما ذكرنا تنبّه في الذخيرة و قال:و كأنّ المراد باستقبالها التوجه إلى وجهها،و هو ما كان إلى جانب القبلة و يستلزم الرمي من قبل وجهها

ص:394


1- المختلف 302،الروضة 2:286،مجمع البحرين 5:42.
2- المهذّب 1:255.
3- الانتصار:105.
4- كما في المسالك 1:115،و المدارك 8:14،و الذخيرة:663.
5- المبسوط 1:369،السرائر 1:590،التحرير 1:104،المنتهى 2:731،المختلف:303.

حينئذ أن يستدبر القبلة (1) فتلخص في المقام مسألتان:استحباب رميها من قبل وجهها لا من أعلاها،و استحباب استدبار القبلة.

و يدلُّ على الأمرين الصحيح:« ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة،فارمها من قبل وجهها و لا ترمها من أعلاها» (2).

و هو نصّ في الأول و ظاهر في الثانية،بناءً على أن المراد بوجهها ما قدّمنا.

و يدلُّ على الحكم فيها صريحاً النبوي الفعلي:صلى الله عليه و آله رماها مستدبر القبلة لا مستقبلها (3).

لكن يعارضه عموم ما دلّ على استحباب استقبالها،و خصوص المحكي من الرضوي هنا (4)،و يحكي قول بهذا أيضاً،إلّا أن الأول أشهر، فيكون أولى.

و في غيرها أي غير جمرة العقبة يستقبل الجمرة و القبلة معاً كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى،و إنما ذكره هنا استطراداً.

الذبح

و أما الذبح ف الكلام فيه يقع في أطراف:

الطرف الأول في الهدي

الأول:في الهدي،و هو واجب على المتمتع بالكتاب (5)

ص:395


1- الذخيرة:663.
2- تقدّم مصدره في ص:3007.
3- انظر المبسوط 1:369 و المنتهى 2:731،و لم نعثر عليه في المصادر الحديثية.
4- فقه الرضا عليه السلام:225،المستدرك 10:69 أبواب رمي جمرة العقبة ب 3 ح 1.
5- البقرة:196.

و السنة (1)و إجماع المسلمين كما في المنتهى (2)،و في التحرير و غيره (3):

الإجماع على الإطلاق.

و احترز بقوله: خاصة من غير المتمتع،فإنه لا يجب عليه،كما يأتي قريباً.

و لا فرق في وجوبه على المتمتع بين كونه مفترضاً أو متنفلاً و لا بين كونه مكياً أو غيره،و إليه أشار بقوله: و لو كان مكيّاً على أشهر الأقوال و أقواها؛ لإطلاق الأدلة.

خلافاً للمبسوط و الخلاف (4)،فلم يوجبه على المكي،قطعاً في الأوّل،و احتمالاً في الثاني لقوله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [1] (5).

قال في الخلاف:و يجب أن يكون قوله ذلِكَ [2] راجعاً إلى الهدي، لا إلى التمتع؛ لأنه يجري مجرى قول القائل:مَن دخل داري فله درهم ذلك لمن لم يكن عاصياً،في أن ذلك يرجع إلى الجزاء دون الشرط،قال:

و لو قلنا إنه راجع إليهما و أنه لا يصح منهم التمتع أصلاً كان قوياً.انتهى.

و قوّاه الفاضل في التحرير و المنتهى (6)،مع أنه أجاب في المختلف عن دليله هذا بأن عود الإشارة هنا إلى الأبعد أولى؛ لما عرفت من أن النحاة فصّلوا بين الرجوع إلى القريب و العيد و الأبعد في الإشارة،فقالوا في الأول

ص:396


1- انظر الوسائل 14:79 أبواب الذبح ب 1.
2- المنتهى 2:734.
3- التحرير 1:104؛ و انظر مفاتيح الشرائع 1:351.
4- المبسوط 1:308،الخلاف 2:272.
5- البقرة:196.
6- التحرير 1:104،المنتهى 2:734.

ذا،و في الثاني:ذاك،و في الثالث:ذلك،قال مع أن الأئمة عليه السلام استدلوا على أن أهل مكّة ليس لهم متعة بقوله تعالى ذلِكَ [1] الآية،و الحجة في قولهم (1).و هو جيّد.

و في موضع من الشرائع عدم الوجوب إذا عدل المكي عن فرضه إلى التمتع اختياراً (2)،و في موضع آخر:لو تمتع المكي وجب عليه الهدي (3).

قيل:و جمع بينهما بأن الأول في حجّ الإسلام،و الثاني في غيره (4).و قريب منه ما في الدروس من احتمال وجوبه على المكّي إن كان لغيره حجّة الإسلام (5).و لعلّه لاختصاص الآية بحجّ الإسلام،و هو متّجه لو سلّم دلالة الآية على سقوط المكي،و لكن قد عرفت ما فيها.

و عن الماتن هنا قول آخر بوجوبه عليه إن تمتع ابتداءً،لا إذا عدل إلى التمتع (6).و لم أعرف له مستنداً.

و لا يجب الهدي على غير المتمتع معتمراً أو حاجّاً،مفترضاً أو متنفّلاً،بإجماعنا،كما عن صريح التذكرة و في ظاهر المنتهى و صريح غيرهما (7)؛ للأصل،و النصوص،منها الصحيح في المفرد:« ليس عليه هدي و لا أُضحيّة» (8).

ص:397


1- المختلف:261.
2- الشرائع 1:239.
3- الشرائع 1:259.
4- كشف اللثام 1:361.
5- الدروس 1:436.
6- نقله عن المحقق في الدروس 1:436.
7- التذكرة 1:379،المنتهى 2:734؛ و انظر مدارك الأحكام 8:15،مفاتيح الشرائع 1:.351
8- التهذيب 5:/41 122،الوسائل 14:80 أبواب الذبح ب 1 ح 4.

و أما الصحيح:فيمن اعتمر في رجب فقال:« ان أقام بمكة حتى يخرج منها حاجّاً فقد وجب عليه هدي،فإن خرج من مكة حتى يحرم من غيرها فليس عليه هدي» (1).

فحمله الشيخ تارة على الاستحباب،و أُخرى على من أقام بها حتى يتمتع بعمرة أُخرى إلى الحج في أشهره (2).و لا بأس به جمعاً.

و لو تمتع المملوك بإذن مولاه كان إلزامه بالصوم أو أن يهدي عنه بإجماعنا،كما عن التذكرة و في ظاهر المنتهى (3)،و في غيرهما:بلا خلاف (4)أو إجماعاً (5)للمعتبرة المستفيضة:

منها الصحيحان:« إن شئت فاذبح عنه،و إن شئت فمره فليصم» (6).

و أما الصحيح:عن المتمتع المملوك،فقال:« عليه مثل ما على الحرّ، إما أُضحيّة و إما صوم» (7).

فقد حمله الشيخ تارة على من أدرك أحد الموقفين معتقاً.

و أُخرى على أن المراد المساواة في الكميّة لئلاّ يظن أن عليه نصف ما على الحرّ كالظهار و نحوه.

ص:398


1- التهذيب 5:/199 663،الإستبصار 2:/259 914،الوسائل 14:79 أبواب الذبح ب 1 ح 2.
2- كما في التهذيب 5:200.
3- التذكرة 1:379،المنتهى 2:737.
4- كما في الذخيرة:663.
5- كما في المدارك 8:17،و الحدائق 17:30.
6- التهذيب 5:/200 666،الإستبصار 2:/262 924،الوسائل 14:83 أبواب الذبح ب 2 ح 2.
7- التهذيب 5:/201 668،الإستبصار 2:/262 926،الوسائل 14:85 أبواب الذبح ب 2 ح 5.

و ثالثةً على أن المولى إذا لم يأمر عبده بالصوم إلى النفر الأخير فإنه يلزمه أن يذبح عنه،و لا يجزيه الصوم (1)؛ مستدلاً عليه برواية ضعيفة السند (2)،حمله على تأكد الاستحباب كما في التحرير- (3)طريق الجمع بينها و بين ما مرّ من الاخبار النافية للوجوب عن المولى على الإطلاق، و نحوها الموثق (4)،و عن صريح التذكرة الإجماع عليه،و على نفيه عن العبد (5).

و أما الموثق:إنّ لنا مماليك قد تمتّعوا،علينا أن نذبح عنهم؟قال، فقال:« المملوك لا حجّ له و لا عمرة و لا شيء» (6)فمحمول على مملوك حجّ بغير إذن مولاه.

و لو أدرك أحد الموقفين حال كونه معتقاً لزمه الهدي مع القدرة،و الصوم مع التعذر بلا خلاف أجده،و في المنتهى:لا نعلم فيه خلافاً (7)؛ لأنه إذا أدركه معتقاً يكون حجة مجزياً عن حج الإسلام فيساوي غيره من الأحرار في وجوب الهدي عليه مع القدرة،و الصوم مع التعذر.

و لم يعتبر الفاضل في القواعد كون العتق قبل الموقف أو بعده،بل

ص:399


1- في الاستبصار 2:262.
2- الكافي 4:/304 8،التهذيب 5:/201 669،الإستبصار 2:/263 927،الوسائل 14:84 أبواب الذبح ب 2 ح 4.
3- التحرير 1:104.
4- التهذيب 5:/200 665،الإستبصار 2:/262 923،الوسائل 14:84 أبواب الذبح ب 2 ح 3.
5- التذكرة 1:379.
6- التهذيب 5:/482 1715،الوسائل 11:48 أبواب وجوب الحج و شرائطه ب 15 ح 3.
7- المنتهى 2:737.

اعتبر قبل الصوم،فقال:إن أُعتق قبل الصوم تعيّن عليه الهدي (1).

و وافقه بعض الأصحاب قال:لارتفاع المانع،و تحقق الشرط.

و اختصاص الآية بحج الإسلام دعوى بلا بيّنة (2).

أقول:و في ردّ دعوى الاختصاص مناقشة حتى أنه هو الذي ادّعاه سابقاً على هذه العبارة بأقل من ورقة.

و يشترط في الذبح و بمعناه النحر النية المشتملة على القربية و تعيين الجنس من ذبح و نحر،و كونه هدياً أو نذراً أو كفارة،و إن عيّن الوجه من وجوب أو ندب كان أولى كما في كل عبادة.

و يجوز أن يتولاه أي الذبح بنفسه و بغيره بلا خلاف أجده، و في المدارك و الذخيرة (3):إنه مقطوع به في كلامهم.قالوا:لأنه فعل تدخله النيابة،فتدخل في شرطه كغيره من الأفعال.

و في الصحيح:عن الضحيّة يخطئ الذي يذبحها،فيسمي غير صاحبها،أ تجزي عن صاحب الضحيّة؟فقال:« نعم،إنما له ما نوى» (4).

و يجب ذبحه بمنى بإجماعنا الظاهر،المستظهر من جملة من العبائر كالمنتهى و التذكرة و المدارك و الذخيرة (5)؛ للتأسي،و المعتبرة المستفيضة (6).

ص:400


1- القواعد 1:87.
2- كشف اللثام 1:362.
3- المدارك 8:18،الذخيرة:664.
4- الفقيه 2:/296 1469،التهذيب 5:/222 748،قرب الاسناد:/239 942،الوسائل 14:138 أبواب الذبح ب 29 ح 1.
5- المنتهى 2:738،التذكرة 1:380،المدارك 8:19،الذخيرة:664.
6- الوسائل 14:88 أبواب الذبح ب 4.

و أما الصحيح:« مكّة كلّه منحر» (1)فمحمول على هدي التطوع كما ذكره الشيخ و جماعة (2)أو على سياق العمرة كما في الذخيرة (3)،قال:

و يؤيّده الموثق:« موسّع على من نحر الهدي بمكّة في منزله إذا كان معتمراً» (4).

و أما الحسن:« إذا دخل بهديه في العشر فإن كان قد أشعره و قلّده فلا ينحره إلّا يوم النحر،و إن كان لم يشعره و لم يقلّده فلينحر بمكّة إذا أقدم في العشر» (5)فيمكن حمله على الهدي المندوب.

و لا يجزئ الهدي الواحد إلّا عن واحد في الحج الواجب لو بالشروع فيه مطلقاً و لو عند الضرورة على أصح الأقوال في المسألة أشهرهما،كما في ظاهر كلام جماعة (6)،و في الخلاف الإجماع (7)؛ للصحاح:

منها عن النفر تجزيهم البقرة،فقال:« أما في الهدي فلا،و أما في الأُضحيّة فنعم» (8).

ص:401


1- الكافي 4:/488 6،التهذيب 5:/202 671،الإستبصار 2:/263 929،الوسائل 14:88 أبواب الذبح ب 4 ح 2.
2- الشيخ في التهذيب 5:202؛ و انظر المدارك 8:20،و المفاتيح 1:352 و مرآة العقول 18:160.
3- الذخيرة:665.
4- التهذيب 5:/374 1302،الوسائل 13:99 أبواب كفارات الصيد ب 52 ح 1.
5- التهذيب 5:/237 799،الوسائل 14:89 أبواب الذبح ب 4 ح 5.
6- انظر المدارك 8:20،و الذخيرة:665،و الحدائق 17:34.
7- الخلاف(الطبع القديم)2:535.
8- الفقيه 2:/297 1472،التهذيب 5:/210 705،الإستبصار 2:/268 950 الوسائل 14:117 أبواب الذبح ب 18 ح 3.

و قيل:يجزئ عن سبعة و عن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان الواحد و لم أجد القائل بهذا القول،فنعم قال به الشيخ في النهاية و المبسوط و الاقتصاد و الجمل و العقود (1)،لكن زاد الخمسة،و لم يذكر قوله:لأهل خوان واحد،و تبعه كثير (2).

و عن المفيد:أنه تجزئ البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت (3).

و نحوه عن الصدوق (4).

و عن الديلمي:تجزئ البقرة عن خمسة (5)و أطلق،فلم يقيّده بضرورة و لا إجماع على خوان واحد.

لأخبار كثيرة (6)أكثرها قاصر السند و الدلالة أو ضعيفة،و باقيها ما بين قاصرة سنداً أو دلالةً.

مضافاً إلى اختلافها من وجوه عديدة،و لذا أن الشيخ رحمه الله بعد نقل جملة منها و من الصحاح المتقدّمة قال:فالكلام على هذه الأخبار مع اختلاف ألفاظها و تنافي معانيها من وجهين.

أحدهما:أنه ليس في شيء منها أنه يجزئ عن سبعة و عن خمسة و عن سبعين على حسب اختلاف ألفاظها في الهدي الواجب أو التطوع،

ص:402


1- النهاية:258،المبسوط 1:372،الاقتصاد:307،الجمل و العقود(الرسائل العشر):235.
2- كالمهذّب 1:257،و المختلف:305،و الحدائق 17:38.
3- المقنعة:418.
4- الهداية:62.
5- المراسم:114.
6- الوسائل 14:117 أبواب الذبح ب 18.

فاذا لم يكن فيها صريح بذلك حملناها على أن المراد بها ما ليس بواجب، دون ما هو فرض؛ لأن الواجب لا يجزئ فيه إلّا واحد عن واحد حسبما ذكرنا،و الذي يدل على هذا التأويل ما رواه الحسين بن سعيد،ثم ساق الصحيحة التي قدمناها.

و قال بعدها:و الوجه الآخر:أن يكون ذلك إنما ساغ في حال الضرورة دون حال الاختيار،و استشهد عليه بالصحيح:عن قوم غلت عليهم الأضاحي و هم متمتّعون،و هم مترافقون ليسوا بأهل بيت واحد،و قد اجتمعوا في مسيرهم،و مضربهم واحد،أ لهم أن يذبحوا بقرة؟قال :« لا أُحب ذلك إلّا من ضرورة» (1)انتهى (2).

و نحوه في الذخيرة حيث قال:و يمكن الجمع بين الأخبار بوجهين (3)،ثم ساقهما كما ذكره الشيخ،لكن رجّح ثانيهما قائلاً على أوّلهما أنه لا يجزي في صحيحة عبد الرحمن،و أشار بها إلى الصحيحة الأخيرة المذكورة في كلام الشيخ؛ و لعلّ منشأه التصريح فيها بأنهم متمتّعون.

و فيه:أنه معارض بالتصريح فيها بلفظ الأضاحي الظاهر في غير الهدي، كما يشهد له الصحيحة المتقدّمة،و لذا أن خالي العلّامة المجلسي رحمه الله فيما نقل عنه حمل هذه الصحيحة على المستحبّة،قال:و ليس في قوله « و هم يتمتّعون» صراحة أن السؤال عن الهدي لكن الظاهر ذلك (4).

أقول:نعم،و لكنه معارض بظهور لفظ الأضاحي في المندوب، فيتحقق الإجمال في الرواية،بل و يمكن ترجيح ظهور الثاني بجوابه عليه السلام

ص:403


1- الكافي 4:/496 2،التهذيب 5:/210 706،الإستبصار 2:/268 951 الوسائل 14:119 أبواب الذبح ب 18 ح 10.
2- التهذيب 5:210.
3- الذخيرة:665.
4- ملاذ الأخيار 8:28.

« لا أُحبّ ذلك إلّا من ضرورة الظاهر في جواز الشركة في حال الاختيار، و هو مختص عندهم بالأُضحيّة.

و بالجملة:المسألة محل إشكال،إلّا أن الأظهر المصير إلى المنع، كما عليه الأكثر،لأظهريّة الجمع الأول في النظر،مضافاً إلى ظاهر الآية:

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ [1] الآية (1)،المؤيد بالإجماع المنقول كما مرّ،و عليه فالانتقال إلى الصوم هو الفرض.

و لا بأس به أي بإجزاء الهدي الواحد عن أكثر في الندب قالوا:و هو الأُضحيّة،و المبعوث من الآفاق،و المتبرع بسياقه إذا لم يتعيّن بالإشعار أو التقليد.

و لا يجوز أن يكون المراد به الهدي في الحج المندوب؛ لأنه يجب بالشروع فيه،فيكون فيه الهدي واجباً كما يجب في الواجب بأصل الشرع.

و قد نقل الفاضل في المنتهى الإجماع على إجزاء الهدي الواحد في التطوع عن سبعة نفر سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم (2)،و قال في التذكرة:أمَّا التطوع فيجزي الواحد عن سبعة و عن سبعين في حال الاختيار، سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم إجماعاً (3).

أقول:و قد عرفت المستند فيما مضى.

و لا يجب أن يباع ثياب التجمل في الهدي فيما قطع به الأصحاب،كما صرّح به جماعة (4)،مشعرين بدعوى الإجماع.

ص:404


1- البقرة:196.
2- المنتهى 2:748.
3- التذكرة 1:384.
4- منهم:العلّامة في التذكرة 1:380،و صاحب المدارك 8:23،و السبزواري في الذخيرة:666.

و لا ريب فيه مع الحاجة إليها و الضرورة؛ لاستثنائها في الديون و نحوها من حقوق الناس فهنا أولى.

و أما مع الحاجة فكذلك؛ لإطلاق النصّ و الفتوى،ففي المرسل:عن رجل يتمتع بالعمرة إلى الحج و في عيبته ثياب،إله أن يبيع من ثيابه شيئاً و يشتري به؟قال:« لا،هذا ممّا يتزيّن به المؤمن،يصوم و لا يأخذ من ثيابه شيئاً» (1).

و ضعف السند مجبور بالعمل و بفتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد كالحلي في السرائر (2).

مع أن في الصحيح:عن المتمتع يكون له فضل من الكسوة بعد الذي يحتاج إليه،فتسوى تلك الفضول مائة درهم،هل يكون ممن يجب عليه، فقال:« له بدّ من كراء و نفقة»[فقلت:]له كراء و ما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة،فقال:« و أيّ شيء كسوة بمائة درهم،هذا ممّن قال اللّه تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ [1] (3)» (4).

و لو باعها و اشتراه أجزأه،وفاقاً لجماعة (5)؛ بناءً على أن الظاهر من الأمر هنا وروده للرخصة.خلافاً لبعضهم فناقش بأنه إتيان بغير الفرض (6).

و لا ريب أن الصوم أحوط.

ص:405


1- الكافي 4:/508 5،التهذيب 5:/238 802،الوسائل 14:202 أبواب الذبح ب 57 ح 2.
2- السرائر 1:50.
3- البقرة:196.
4- التهذيب 5:/486 1735،قرب الإسناد:/388 1364،الوسائل 14:201 أبواب الذبح ب 57 ح 1 بدل ما بين المعقوفين في النسخ:فقال.
5- منهم المحقق و الشهيد الثاني في جامع المقاصد 3:240 و المسالك 1:115.
6- المدارك 8:23.

و لو ضلّ الهدي فذبحه غير صاحبه لم يُجزئ عنه مطلقاً كما عليه الماتن هنا و في الشرائع (1)،و تبعه الفاضل في الإرشاد و القواعد (2)،مع أنه في التحرير و المنتهى (3)أفتى بالإجزاء إن ذبحه عن مالكه بمنى و إلّا فلا.و هو الأقوى،بل عزاه إلى المشهور بعض أصحابنا (4)؛ للصحيح:« إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه،و إن كان نحره في غير منى لم يجزئ عن صاحبه» (5).

و ليعرّفه قبل ذلك ثلاثة أيام يوم النحر و اليومين بعده؛ للصحيح:« إذا وجد الرجل هدياً ضالّاً فليعرّفه يوم النحر و اليوم الثاني و الثالث،ثم ليذبحه عن صاحبه عشيّة الثالث» (6).

و الظاهر الوجوب؛ للأمر بلا معارض،و للتحرز عن النيابة بلا ضرورة و لا استنابة خصوصاً عن غير معيّن،و عن إطلاق الذبح عما في الذمة إطلاقاً محتملاً للوجوب و الندب،و للهدي و غيره،و للمتمتع و غيره،حج الإسلام و غيره،و لعلّه لذا منع عنه الماتن،و تبعه الفاضل في بعض كتبه.

ثم إن القول بالإجزاء مشروط بما إذا ذبحه الواجد عن صاحبه،و إلّا فلا يجزئ عنه و لا عن صاحبه،سواء نواه عن نفسه أو لا،و بذلك صرّح

ص:406


1- الشرائع 1:260.
2- الإرشاد 1:332،القواعد 1:88.
3- التحرير 1:106،المنتهى 2:751.
4- كشف اللثام 1:368.
5- الكافي 4:/495 8،الفقيه 2:/297 1475،التهذيب 5:/219 739،الإستبصار 2:/272 963 الوسائل 14:137 أبواب الذبح ب 28 ح 2.
6- الكافي 4:/494 5،التهذيب 5:/217 731،الوسائل 14:137 أبواب الذبح ب 28 ح 1.

في التحرير و المنتهى (1)،قال:أما عن الذابح فلأنه نهي عنه،و أما عن صاحبه فلعدم النية.انتهى.

و هو حسن لولا إطلاق النص بالإجزاء عن صاحبه.

و لكن ظاهرهم الإطباق على المنع هنا؛ و لعلّهم حملوا إطلاق النص على الأصل في فعل المسلم من الصحة،فلا يتصور فيه الذبح بغير النيّة عن صاحبه.

قيل:و لو قلنا بجواز الذبح قبل التعريف لم يبعد وجوبه بعده ليعلم المالك فيترك الذبح (2).

و متى جاز الذبح فالظاهر وجوب الصدقة به و الإهداء،و يسقط وجوب الأكل قطعاً.

و لا يخرج الحاج شيئاً من لحم الهدي الذي يذبحه عن منى،و يجب صرفه في وجهه الآتي بيانه،كما هنا و في الشرائع و الإرشاد (3)،لكن فيهما:لا يجوز إخراج شيء مما يذبح من منى.و في الذخيرة بعد نقله:هذا هو المشهور (4)،و قيل:إنه مذهب الأصحاب.

أقول:و القائل صاحب المدارك (5)،و زاد بعض متابعيه فقال:بلا خلاف (6)،لكن بدّل لا يجوز بلا ينبغي.

و في دعوى كل من الشهرة و عدم الخلاف على عموم المنع تحريماً

ص:407


1- التحرير 1:106،المنتهى 2:751.
2- المدارك 8:24.
3- الشرائع 1:260،الإرشاد 1:332.
4- الذخيرة:666.
5- المدارك 8:25.
6- مفاتيح الشرائع 1:356.

أو كراهة بحيث يشمل ما عدا اللحم من الجلود،و ما عدا الهدي من الأُضحية إشكال؛ لتصريح الفاضلين و غيرهما (1)بالكراهية في الأُضحية، و آخرين بالجواز معها في نحو جلود الهدي (2).

و التحقيق اختصاص المنع بلحوم الهدي دون غيرها،أما المنع فيها فللصحيح من غير معارض:« لا يخرجنّ شيئاً من لحم الهدي» (3).

و أما الجواز في نحو جلود الهدي فللصحيح الآخر أو الموثق :عن الهدي أ يخرج بشيء منه عن الحرم؟فقال:« بالجلد و السنام و الشيء ينتفع به» قلت:إنه بلغنا عن أبيك أنه قال:لا يخرج من الهدي المضمون شيئاً، قال:« بل يخرج بالشيء ينتفع به» و زاد فيه أحمد:و لا يخرج بشيء من اللحم من الحرم (4).

و فيه دلالة على المنع عن إخراج اللحوم أيضاً.

و يؤيّده أيضاً إطلاق الصحيح أو عمومه:عن اللحم أ يخرج من الحرم؟ فقال:« لا يخرج منه إلّا السنام» (5).

و لا يعارضه نحو الصحيح:عن إخراج لحوم الأضاحي من منى،

ص:408


1- المحقق الشرائع 1:264،العلّامة في التحرير 1:108 و المنتهى 2:760؛ و انظر جامع المقاصد 3:254.
2- كابن سعيد في الجامع للشرائع:215.
3- التهذيب 5:/226 766،الإستبصار 2:/275 975،الوسائل 14:171 أبواب الذبح ب 42 ح 2.
4- التهذيب 5:/228 772،الإستبصار 2:/276 981،الوسائل 14:174 أبواب الذبح ب 43 ح 6.
5- التهذيب 5:/226 765،الإستبصار 2:/274 974،الوسائل 14:171 أبواب الذبح ب 42 ح 1.

فقال:« كنّا نقول:لا يخرج شيء لحاجة الناس إليه،فأما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه» (1)لاختصاصه بالأضاحي،و نحن نقول بالجواز و لو مع الكراهة فيها كما يأتي.

و حمله الشيخ على من اشترى اللحم،لا من ذبح؛ للخبر:« و لا بأس أن يشتري الحاج من لحم مني و يتزوّده» (2).

و لا بأس به،اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن،و هو منع الذابح،دون غيره.

و يذبح الهدي أو ينحر يوم النحر وجوباً فلا يجوز التقديم عليه اتفاقاً كما قيل (3).

و في الذخيرة بعد نقل ما في العبارة:و لا أعلم فيه خلافاً بين أصحابنا،و قيل:إنه قول علمائنا و أكثر العامة،و مستنده أن النبي صلى الله عليه و آله نحر في هذا اليوم و قال:« خذوا عني مناسككم» (4)(5). مقدّماً على الحلق وجوباً أو استحباباً على الخلاف،و سيأتي الكلام فيه و في أنه لو قدّم الحلق أجزأ مطلقاً و لو كان عامداً.

و كذا يجزئ لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة قيل:قطع به الأصحاب من غير فرق بين الجاهل و العالم،و العامد و الناسي،و لا بين المختار و المضطر،بل في النهاية و الغنية و السرائر

ص:409


1- الكافي 4:/500 7،التهذيب 5:/227 768،الإستبصار 2:/275 977،الوسائل 14:172 أبواب الذبح ب 42 ح 5.
2- التهذيب 5:/227 769،الإستبصار 2:/275 978،الوسائل 14:172 أبواب الذبح ب 42 ح 4.
3- كشف اللثام 1:372.
4- عوالي اللئلئ 4:/34 118،المستدرك 9:420 أبواب الطواف ب 54 ح 4؛ و انظر مسند أحمد 3:318.
5- الذخيرة:664.

الجواز،و في المصباح و مختصره:إن الهدي الواجب يجوز ذبحه و نحره طول ذي الحجّة،و يوم النحر أفضل.و ظاهر المهذّب يوهم جواز التأخير عن ذي الحجّة،و لعلّه لم يُرده.إلّا أن في المبسوط أنه بعد أيام التشريق قضاء،و اختار ابن إدريس أنه أداء.

و دليل الإجزاء الأصل و إطلاق الآية (1)و الصحيح:في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكّة ثم ذبح،قال:« لا بأس قد أجزأ عنه» (2).

و الحسن أقول:بل الصحيح-:فيمن يجد الثمن و لا يجد الغنم، قال:« يخلف الثمن عند بعض أهل مكّة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزئ عنه،فإن مضى ذو الحجّة آخر ذلك إلى قابل من ذي الحجّة» (3).و نحو منه الخبر (4).لكنها لا تعمّ المختار.أقول:لكن في ظاهر الغنية الإجماع على الإطلاق (5).

و دليل كونه قضاءً بعد أيام التشريق لعلّه الصحيح:عن الأضحى كم هو بمنى؟قال:« أربعة أيام» (6).و مثله الموثّق (7).

ص:410


1- البقرة:196.
2- الكافي 4:/505 4،الفقيه 2:/301 1497،الوسائل 14:156 أبواب الذبح ب 39 ح 5.
3- الكافي 4:/508 6،التهذيب 5:/37 109،الإستبصار 2:/260 916،الوسائل 14:176 أبواب الذبح ب 44 ح 1.
4- فقه الرضا عليه السلام:224 225،المستدرك 10:117 أبواب الذبح ب 39 ح 1.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):582.
6- التهذيب 5:/202 673،الإستبصار 2:/264 930،الوسائل 14:91 أبواب الذبح ب 6 ح 1.
7- الفقيه 2:/291 1439،التهذيب 5:/203 674،الإستبصار 2:/264 931،الوسائل 14:92 أبواب الذبح ب 6 ح 2،3.

و يجوز كون الغرض حرمة الصوم،كما في الصحيح:« النحر بمنى ثلاثة أيام،فمن أراد الصوم لم يصم حتى يمضي الثلاثة الأيام،و النحر بالأمصار يوم،فمن أراد أن يصوم صام من الغد» (1)(2).أقول:و يحتمل اختصاصهما بالأضحية؛ لثبوت ذلك فيها كما ستعرفه،لكن الظاهر من جماعة من الأصحاب عمومهما لها و لمفروض المسألة.

و أما الموثق:عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة،أ يذبح أو يصوم؟قال:(بل يصوم،فإن أيام الذبح قد مضت» (3).

فقد حمله الشيخ على من صام ثلاثة فمضى أيامه بمعنى مضيّ زمان أُسقط عنه للصوم فيه (4).و غيره على يوم النفر من مكّة و قد كان بعد ذي الحجّة (5).

الثاني في صفته

الثاني:في صفته أي الهدي:

و يشترط أن يكون من النعم أي الإبل و البقر و الغنم؛ بلا خلاف بين العلماء،كما في صريح المدارك و ظاهر المنتهى (6)،و في كلام جماعة

ص:411


1- الفقيه 2:/291 1441،التهذيب 5:/203 678،الإستبصار 2:/265 935،الوسائل 14:93 أبواب الذبح ب 6 ح 5.
2- كشف اللثام 1:372.
3- التهذيب 5:/37 111،الإستبصار 2:/260 918،الوسائل 14:177 أبواب الذبح ب 44 ح 3.
4- كما في التهذيب 5:38،و الاستبصار 2:260.
5- انظر كشف اللثام 1:372.
6- المدارك 8:28،المنتهى 2:740.

إجماعاً (1)؛ و للنصوص،منها الصحيح في المتمتع:« عليه الهدي» قلت:

و ما الهدي؟فقال:« أفضله بدنة،و أوسطه البقرة،و أخسّه شاة» (2).

و أن يكون ثنيّاً إلّا من الضأن،بلا خلاف أجده على الظاهر، المصرح به في الذخيرة (3)و في المدارك و غيره (4):إنه مذهب الأصحاب، مؤذنين بدعوى الإجماع،كما صرّح به بعض الأصحاب (5)؛ و هو الحجّة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة،منها المرتضوي:« الثنيّة من الإبل، و الثنيّة من البقر،و الثنيّة من المعز،و الجذَع من الضأن» (6).

و أما اشتراط كونه غير مهزول فسيأتي ما يدل عليه.

و يجزئ من الضأن خاصة الجذَع بلا خلاف،بل قيل:

بالإجماع (7)؛ للصحيحة المتقدمة و غيرها،كالصحيح:« يجزئ من الضأن الجذع،و لا يجزئ من المعز غير الثني» (8)و قريب منه آخر (9).

و سنّ الجذع قد تقدّم الكلام في تحقيقه في كتاب الزكاة.قيل:

و الذي في كتب الصدوق و الشيخين و سلّار و ابني حمزة و سعيد نحو قوله:

لسنة و معناه ما في الغنية و المهذّب و الإشارة:أنه الذي لم يدخل في

ص:412


1- منهم:الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:353،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:365،و صاحب الحدائق 17:86.
2- التهذيب 5:/36 107،الوسائل 14:101 أبواب الذبح ب 10 ح 5.
3- الذخيرة:666.
4- المدارك 8:28؛ و انظر كشف اللثام 1:365،و الحدائق 17:88.
5- مفاتيح الشرائع 1:353.
6- التهذيب 5:/206 688،الوسائل 14:103 أبواب الذبح ب 11 ح 1.
7- كشف اللثام 1:365.
8- التهذيب 5:/206 689،الوسائل 14:103 أبواب الذبح ب 11 ح 2.
9- الكافي 4:/490 9،الوسائل 14:104 أبواب الذبح ب 11 ح 6.

الثانية (1).

و أن يكون تامّاً،فلا تجزئ العوراء البيّن عورها و لا العرجاء البيّن عرجها،و لا المريضة البيّن مرضها،و لا الكسيرة التي لا تنقي،بلا خلاف فيه على الظاهر،المصرَّح به في عبائر جماعة (2)،مؤذنين بدعوى الإجماع،كما صرّح به بعضهم،بل في المدارك:إنه مجمع عليه بين العلماء (3).

و في المنتهى:و قد وقع الاتفاق من العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع،روى البراء بن عازب قال:قام فينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله خطيباً فقال:« أربع لا تجوز في الأضحى:العوراء البيّن عورها،و المريضة البيّن مرضها،و العرجاء البيّن عرجها،و الكسيرة التي لا تنقي» (4).

و معنى البيّن عورها:التي انخسف عينها و ذهبت،فإن ذلك ينقصها؛ لأن شحمة العين عضو يستطاب أكله.

و العرجاء:البيّن عرجها التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم و مشاركتهن في العلف و الرعي فتهزل.

و التي لا تنقي:التي لا مخّ لها لهزالها؛ لأن النقي بالنون المكسورة و القاف المسكّنة:المخّ.

و المريضة قيل:هي الجرباء؛ لأن الجرب يفسد اللحم و الأقرب اعتبار كل مرض يؤثر في هزالها و فساد لحمها.

ص:413


1- كشف اللثام 1:366.
2- منهم:الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:366.
3- المدارك 8:30.
4- انظر سنن البيهقي 5:242.

ثم فيه:العوراء لو لم تنخسف عينها و كان على عينها بياض ظاهر فالوجه المنع من الاجزاء؛ لعموم الخبر،و الانخساف ليس معتبراً (1).

و نحوه قال في التحرير (2)و حكي عنه في التذكرة (3)،إلا فيما جعله الوجه فيه فاحتمله فيها،و هو مؤذن بالتردّد.

و لعلّه من إطلاق الصحيح بل عمومه:عن الرجل يشتري الأُضحية عوراء فلا يعلم إلّا بعد شرائها،هل تجزئ عنه؟قال:« نعم،إلّا أن يكون هدياً واجباً فإنه لا يجوز أن يكون ناقصاً» (4).

و من التقييد بالبيّن في النبوي المتقدم و القوي:« لا يضحّي بالعرجاء بيّن عرجها،و لا بالعوراء بيّن عورها،و لا بالعجفاء (5)،و لا بالخرماء (6)،و لا بالجدعاء (7)،و لا بالعضباء» (8)(9).لكن عدم وضوح سندهما يقتضي المصير إلى ما جعله وجهاً أو احتمالاً،سيّما و قد عزاه في المدارك إلى إطلاق كلام الأصحاب (10)،مؤذناً

ص:414


1- انظر المنتهى 2:740.
2- التحرير 1:105.
3- التذكرة 1:381.
4- الفقيه 2:/295 1463،التهذيب 5:/213 719،الاستبصار 2:/268 952،قرب الإسناد:/239 941،الوسائل 14:125 أبواب الذبح ب 21 ح 1.
5- العجفاء،مؤنث أعجف:المهزول مجمع البحرين 5:92.
6- الخرماء:هي التي تقطع وترة أنفها أو طرف أنفها قطعاً لا يبلغ الجذع مجمع البحرين 6:56.
7- الجدعاء:المقطوعة الأُذن مجمع البحرين 4:309.
8- العضباء:مكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الأُذن مجمع البحرين 4:123.
9- الفقيه 2:/293 1450،التهذيب 5:/213 716،الوسائل 14:126 أبواب الذبح 21 ح 3.
10- المدارك 8:31.

بالاتفاق عليه،لكن في الغنية التقييد صريحاً (1).

ثم ظاهر المصنّف المنع عن العرجاء مطلقاً،و به صرّح بعض المتأخرين (2)؛ لإطلاق الصحيح.

لكن الأصحاب قيّدوه بالبيّن كما قيل (3)،و لا بأس به؛ للنبويين المتقدمين المنجبرين هنا بعملهم،مضافاً إلى الأصل و إطلاق نحو فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [1] (4)خرج منه المجمع عليه فيبقى الباقي،و هذه الأدلة لعلّها تترجّح على الإطلاق الصحيح،فيقيّد بها.

و لا العضباء و هي التي ذهب قرنها كما في التحرير (5)،و في غيره:أنها المكسورة القرن الداخل (6)،و لعلّهما واحد.

و لا ما نقص منها شيء كالخصي و مقطوعة الاُذن.

لدخولها في عموم النقص و خصوص القوي المتقدم في الأول، مضافاً فيه إلى مفهوم الصحيح في المقطوع القرن أو المكسور القرن:« إذا كان القرن الداخل صحيحاً فلا بأس و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعاً» (7).

و منطوقه مجمع عليه بيننا كما في المنتهى (8)،و يعضده الصحيح الآخر أيضاً:في الأُضحية يكسر فرنها،قال:« إذا كان القرن الداخل صحيحاً فهو

ص:415


1- الغنية(الجوامع الفقهية):582.
2- مفاتيح الشرائع 1:353.
3- المدارك 8:32.
4- البقرة:196.
5- التحرير 1:105.
6- انظر الإرشاد 1:332،و المدارك 8:31،و الذخيرة:667.
7- التهذيب 5:/213 717،الوسائل 14:128 أبواب الذبح ب 22 ح 03
8- المنتهى 2:741.

يجزي» (1).

و المراد بالقرن الداخل هو الأبيض الذي في وسط الخارج،كما في الذخيرة (2).

و الصحاح في الخصيّ،منها:عن الرجل يشتري الهدي،فلمّا ذبحه إذاً هو خصيّ مجبوب،و لم يكن يعلم أن الخصيّ لا يجوز في الهدي،هل يجزيه أم يعيده؟قال:« لا يجزيه إلّا أن يكون لا قوّة به عليه» (3).

مضافاً فيه إلى الإجماع،كما في ظاهر المنتهى و عن التذكرة أيضاً (4).

لكن عن العماني كراهية التضحية به (5).و هو بعد تسليم مخالفته نادر.

و مفهوم الصحيح في مقطوع الاُذن:عن الأضاحي إذا كان الاُذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة،فقال:« ما لم يكن منها مقطوعاً فلا بأس» (6)و فيه نظر.

قيل:و قد قطع الأصحاب بإجزاء الجمّاء،و هي التي لم يخلق لها قرن،و الصماء،و هي الفاقدة الاُذن في خلقه؛ لأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصاً في قيمة الشاة و لا في لحمها.و استقرب العلّامة في المنتهى إجزاء البتراء أيضاً،و هي المقطوعة الذنب،و لا بأس به (7).انتهى.

ص:416


1- الكافي 4:/491 13،الفقيه 2:/296 1466،الوسائل 14:128 أبواب الذبح ب 22 ح 1.
2- الذخيرة:667.
3- التهذيب 5:/211 708،الوسائل 14:106 أبواب الذبح ب 12 ح 3.
4- المنتهى 2:741،التذكرة 1:381.
5- حكاه عنه في المختلف:306.
6- التهذيب 5:/213 718،الوسائل 14:129 أبواب الذبح ب 23 ح 1.
7- المدارك 8:33 و الحدائق 17:98.

و في كل من التعليل لاجزاء نحو الجمّاء و الحكم بإجزاء البتراء نظر:

أمّا التعليل فلأن الموجود فيما مرّ من الصحيح النقص في نفس الهدي، سواء أوجب النقص في القيمة أم لا،لا ما يوجب النقص في القيمة خاصة.

و أما إجزاء البتراء فلمخالفته عموم الصحيح المانع عن الناقص،و لا ريب أن فقد الذنب نقص،فالوجه المنع عنه،وفاقاً لشيخنا في الروضة (1).

و كذا عن ساقط الأسنان لكبر و غيره؛ لعموم الدليل،وفاقاً له فيها.

قال:أما شقّ الاُذن من غير أن يذهب منها شيء و ثقبها و وسمها،و كسر القرن الظاهر،و فقد القرن و الأُذن خلقة،و رضّ الخصيتين فليس بنقص و إن كره الأخير.انتهى.

و لا بأس به.

قيل:و لو لم يجد إلّا الخصيّ فالأظهر إجزاؤه كما اختاره في الدروس (2)؛ للخبر:الخصيّ يضحي به،قال:« لا إلّا أن لا يكون غيره» (3).

و في الصحيح:« اشتر فحلاً سميناً للمتعة،فإن لم تجد فموجوءاً (4)، فمن فحولة المعز،فإن لم تجد فنعجة،فإن لم تجد فما استيسر من الهدي» (5).

و في آخر:« فإن لم تجد فما تيسّر عليك» (6).

ص:417


1- الروضة البهية 2:289.
2- المدارك 8:34،الذخيرة:667.
3- الكافي 4:/490 5،الوسائل 14:108 أبواب الذبح ب 12 ح 8.
4- الوجاء بالكسر و المدّ-:رضّ عروق البيضتين حتى تنفضخ فيكون شبيهاً بالخصاء.صحاح اللغة 1:80.
5- الكافي 4:/490 9 الوسائل 14:107 أبواب الذبح ب 12 ح 7.
6- التهذيب 5:/204 679،الوسائل 14:95 أبواب الذبح ب 8 ح 1.

أقول:و نحوها الصحيح المتقدم:« لا يجزيه إلّا أن يكون لا قوة به عليه».

و يجزئ المشقوقة الأُذن للأصل،و إطلاق فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [1] و منطوق الصحيح المتقدم،مع عدم كونه نقصاً.

و أما الصحيح:عن الأُضحية تكون مشقوقة الاُذن،فقال:« إن كان شقّها وسماً فلا بأس،و إن كان شقّاً فلا يصلح» (1)فمحمول على الكراهة كما يشعر به اللفظة.

و أن لا تكون مهزولة بلا خلاف أجده؛ للصحاح المستفيضة (2).

و فسّر في المشهور بأن يكون بحيث لا يكون على كليتيها شحم كما في الخبر (3)المنجبر بالعمل،بل الاخبار كما في السرائر (4).

لكن لو اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة أجزأته للصحاح، منها:« إن اشترى الرجل هدياً و هو يرى أنه سمين أجزأ عنه و إن لم يجده سميناً،و من اشترى هدياً و هو يرى أنه مهزول فوجده سميناً أجزأ عنه، و إن اشتراه و هو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه» (5).

و لا ريب و لا خلاف في الحكم إذا ظهر كونها مهزولة بعد الذبح.

و فيما قبله إشكال،من إطلاق الفتوى و النص،و من قوّة احتمال اختصاصها بحكم التبادر بما بعد الذبح فيرجع إلى إطلاق ما دلّ على المنع عن المهزولة.

ص:418


1- الكافي 4:/491 11،الوسائل 14:129 أبواب الذبح ب 23 ح 2.
2- انظر الوسائل 14:109،113 أبواب الذبح ب 13،16.
3- الكافي 4:/492 16،التهذيب 5:/212 714،الوسائل 14:113 أبواب الذبح ب 16 ح 3.
4- السرائر 1:597.
5- التهذيب 5:/211 712،الوسائل 14:113 أبواب الذبح ب 16 ح 2.

و هذا أحوط و إن كان في تعيّنه نظر؛ لعدم وضوح التبادر،و منع إطلاق ينفع، و على تقديره فهو مقيّد بمفهوم الشرط في نحو الصحيح المتقدم:« و إن اشتراه و هو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه» مضافاً إلى إطلاق الصدر.

و في الصحيحة المتقدّمة و نحوها دلالة على انسحاب الحكم في صورة العكس أيضاً،و هو أن يشتريها على الهزال فتظهر سمينة،و عليه الأكثر مطلقاً.

خلافاً للعماني،فلم يجتزئ بها فيما إذا ظهر بعد الذبح؛ لعدم الامتثال عند الذبح و عدم التقرب عنده،لعلمه بعدم الاجزاء فلا يمكنه التقرب به (1).

و يضعف:بأنه إنما يتم في العالم بالحكم القاطع بالهزال،فلعلّه يذبحها متقرباً لعلّها تخرج سمينة،و هو معنى قوله في المختلف:و الجواب المنع من الصغرى،فإن عدم الإجزاء ليس معللاً بشراء المهزول مطلقاً،بل منع خروجه كذلك،و أما مع خروجه سميناً فلا.

و اعلم أن هذا الحكم مختص بالهزال دون النقص؛ إذ لو اشتراه على أنه تام فبان ناقصاً لم يجزئ بلا خلاف فيه في الجملة،سواء كان قبل الذبح أو بعده و إن اختلفوا في عموم الحكم لما إذا نقد الثمن أم لا.فالأكثر على العموم؛ لإطلاق الصحيح المتقدم في الشرط السابق (2).

خلافاً للشيخ في التهذيب،فخصّه بما إذا لم ينقد الثمن؛ للصحيح:

« من اشترى هدياً و لم يعلم أنَّ به عيباً حتى نقد ثمنه ثم علم به فقد تمّ» (3)

ص:419


1- على ما حكاه عنه في المختلف:306.
2- راجع ص 3029.
3- التهذيب 5:/214 720،الإستبصار 2:/269 953،الوسائل 14:130 أبواب الذبح ب 24 ح 3.

و نحوه صحيح آخر في الكافي (1).

و الحقّ أن بينهما تعارض العموم و الخصوص من وجه،يمكن تخصيص الأول بما ذا نقد الثمن و إبقاء الثاني على عمومه في الهدي بحيث يشمل و الواجب و الندب،و العكس فيخصّص الثاني بالهدي المندوب، و يبقى الأول على عمومه في المنع بحيث يشمل نقد الثمن و غيره،و لعلّ هذا هو الوجه؛ عملاً بالأصل المقتضي لوجوب تحصيل البراءة اليقينيّة، مضافاً إلى الشهرة حتى قيل:إن الشيخ لم يوافقه أحد في المسألة.

و أقول:مع أنه في الإستبصار المتأخر ردّد في الجمع بين المتعارضين بين أحد الوجهين المتقدّمين و لم يرجّح شيئاً منهما في البين (2).

و اعلم انه إذا لم يوجد إلّا فاقد الشرائط ففي الإجزاء أو الانتقال إلى الصوم قولان،أصحّهما الأول،وفاقاً لجمع (3)؛ لما مرّ في الخصيّ.

و الثني من الإبل ما دخل في السنة السادسة بغير خلاف على الظاهر،المصرّح به في بعض العبائر (4).

و من البقر و الغنم (5)ما دخل في السنة الثانية على الأشهر بين الطائفة حتى أن عليه الإجماع في ظاهر الغنية (6)،قيل:و قطع به

ص:420


1- الكافي 4:/49 9،التهذيب 5:/214 721،الإستبصار 2:/269 954،الوسائل 14:130 أبواب الذبح ب 24 ح 1.
2- الاستبصار 2:269.
3- منهم:الشهيدان في اللمعة(الروضة البهية 2):294،و السبزواري في الذخيرة:668،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:354.
4- كما في المفاتيح 1:353.
5- في المختصر المطبوع:المعز.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):582.

الأصحاب و روى في بعض الكتب عن مولانا الرضا عليه السلام (1).

أقول:و قد مرّ الكلام فيه في بحث الزكاة.

و يستحب أن تكون سمينة قيل:بالإجماع و الأخبار و الاعتبار (2).

و تكون بحيث تنظر في سواد و تمشي في سواد و تبرك في مثله أي في سواد،كما في الاقتصاد و السرائر و المصباح و مختصره و الشرائع و الكتاب و الجامع (3)لكن فيه وصف فحل من الغنم بذلك،كما في الأربعة الأُول وصف الكبش به،و في الاقتصاد اشتراطه به.

و في المبسوط:ينبغي إن كان من الغنم أن يكون فحلاً أقرن ينظر في سواد و يمشي في سواد (4).و نحوه النهاية لكن في الأُضحية (5)و يوافقه الصحيح:« كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يضحّي بكبش أقرن فحل ينظر في سواد و يمشي في سواد» (6).

و زاد ابن حمرة و يرتع في سواد (7)،و يجوز فهمه من الصحيح:«إن رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم فحل يأكل في سواد و ينظر في سواد» (8).

و الصحيح:عن كبش إبراهيم عليه السلام ما كان لونه و أين نزل؟قال« أملح»

ص:421


1- كشف اللثام 1:365.
2- كشف اللثام 1:367.
3- الاقتصاد:307،السرائر 1:596،مصباح المتهجد:643،الشرائع 1:261،الجامع للشرائع 213.
4- المبسوط:373.
5- التهذيب 5:/205 685،الوسائل 14:109 أبواب الذبح ب 13 ح 1.
6- التهذيب 5:/205 685،الوسائل 14:109 أبواب الذبح ب 13 ح 1.
7- الوسيلة:185.
8- التهذيب 5:/205 686،الوسائل 14:109 أبواب الذبح ب 13 ح 2.

قال:« و كان أقرن،و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، و كان يمشي في سواد و يأكل في سواد و ينظر و يبعر و يبول في سواد» (1).

و أما البروك ففي كلام جماعة أنهم لم يظفروا عليه بنصّ (2)و روى في المبسوط و التذكرة و المنتهى:أنه صلى الله عليه و آله أمر بكبش أقرن يطأ في سواد و ينظر في سواد و يبرك في سواد،فاُتي به فضحّى به (3).

و اختلف في معنى ما في هذه الأخبار،فقيل:معناه السمن حتى يكون لها ظلّ عظيم تأكل فيه و تمشي فيه و تنظر فيه (4)،و هو يستلزم البروك فيه و قيل: معناه أن يكون هذه المواضع منها و هي العين و القوائم و البطن و المبعر سوداً و القائل به الحلّي في السرائر (5).

قيل:و قد يتأيد بالمرسل:« ضحّ بكبش أسود أقرن فحل،فإن لم تجد أسود فأقرن فحل يأكل في سواد و يشرب في سواد و ينظر في سواد» (6)و المشي في السواد بهذا المعنى يستلزم البروك في السواد فإنه على الأرجل و الصدر و البطن،و قد يراد به سواد الأرجل فقط (7).

و قيل:معناه رتع في مرتع كثير النبات شديد الاخضرار به،و هذا قد يتضمن البروك فيه (8).

ص:422


1- الكافي 4:/209 10،الوسائل 14:110 أبواب الذبح ب 13 ح 6.
2- منهم:الفاضل الآبي في كشف الرموز 1:368،و صاحب الحدائق 17:110؛ و انظر الذخيرة:669.
3- المبسوط 1:387 التذكرة 1:386 المنتهى 2:755.
4- استقربه العلّامة في المختلف:306،و جعله الأولى الفاضل المقداد في التنقيح 1:490.
5- السرائر 1:596.
6- الكافي 4:/489 4،الوسائل 14:110 أبواب الذبح ب 13 ح 5.
7- انظر كشف اللثام 1:367.
8- انظر كشف اللثام 1:367.

و عن الراوندي:أن التفاسير الثلاثة مروية عن أهل البيت عليه السلام (1).

و أن يكون مما عرّف به أي أُحضر عشية عرفة بعرفات،كما عن المهذّب و التذكرة و المنتهى (2)،و أُطلق الإحضار في غيرها (3)؛ للصحيح :« لا يضحّى إلّا بما قد عرّف به» (4)و نحوه آخر أو الموثق (5).

و ظاهرهما الوجوب،كما في ظاهر التهذيبين و الغنية و عن النهاية و المبسوط و الإصباح و المهذب (6).

و لكن الأشهر الاستحباب،بل في المنتهى و غيره عليه الإجماع (7)، و في المنتهى بعد نقل الوجوب عن الشيخ:الظاهر أنه أراد به تأكيد الاستحباب.

و هو الأظهر؛ للخبر المروي في التهذيبين ضعيفاً في الفقيه موثقاً، و فيه:عمّن اشترى شاة لم يعرّف بها،قال:« لا بأس بها،عرّف بها أو لم يعرّف» (8).

و به يحمل النهي في الخبرين على الكراهة جمعاً.

ص:423


1- حكاه عنه في الدروس 1:439.
2- المهذب 1:257،التذكرة 1:382،المنتهى 2:742.
3- انظر النهاية:258،و الغنية(الجوامع الفقهية):582.
4- التهذيب 5:/207 692،الإستبصار 2:/265 937،الوسائل 14:115 أبواب الذبح ب 17 ح 1.
5- التهذيب 5:/206 691،الإستبصار 2:/265 936،الوسائل 14:116 أبواب الذبح ب 17 ح 2.
6- الاستبصار 2:265،التهذيب 5:206،الغنية(الجوامع الفقهية):582،النهاية:258،المبسوط 1:373،المهذّب 1:257.
7- المنتهى 2:742؛ و انظر التذكرة 1:382،و المدارك 8:39.
8- الفقيه 2:/297 1473،التهذيب 5:/207 693،الإستبصار 2:/265 938،الوسائل 14:116 أبواب الذبح ب 17 ح 4.

و هو أولى من جمع الشيخ بحمل النهي على ما إذا لم يخبر البائع بأنه عرّف،و المرخِّص بما إذا أخبر بأنه عرّف؛ إذ ليس فيما استدل به لهذا الخبر و هو الصحيح:إنا نشتري الغنم بمنى و لسنا ندري عرّف بها أم لا،فقال:« إنهم لا يكذّبون لا عليك ضحّ بها» (1)دلالة عليه كما لا يخفى، فالأوّل أولى سيّما مع اعتضاده بالأصل و الشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة.

و أن يكون إناثاً من الإبل أو البقر كما في الصحاح المستفيضة (2) و ذكراناً من الضأن و المعز كما في الصحيح،و فيه:« تجزي الذكورة من البدن» (3).

و في آخر« الإناث و الذكور من الإبل و البقر تجزئ» (4).

و في المنتهى:لا نعلم خلافاً في جواز العكس في البابين إلّا ما روي عن ابن عمر انه قال:ما رأيت أحداً فاعلاً ذلك و إن نحر أُنثى أحبّ إليّ، و هذا يدل على موافقتنا،لانه لم يصرّح بالمنع عن الذكران (5).قيل:و نحو التذكرة (6).

و في النهاية:لا يجوز التضحية بثور و لا جمل بمنى و لا بأس بهما في البلاد،مع قوله قُبَيله:و أفضل الهدي و الأضاحي من البدن و البقر ذوات

ص:424


1- التهذيب 5:/207 694،الإستبصار 2:/265 939،الوسائل 14:116 أبواب الذبح ب 17 ح 3.
2- الوسائل 14:98 أبواب الذبح ب 9.
3- التهذيب 5:/204 680،المقنعة:451،الوسائل 14:98 أبواب الذبح ب 9 ح 1.
4- التهذيب 5:/205 686،الوسائل 14:98 أبواب الذبح ب 9 ح 3.
5- المنتهى 2:742.
6- التذكرة 1:382.

الأرحام و من الغنم الفحولة (1).فهو قرينة على إرادة التأكيد.

و في الاقتصاد:إن من شرطه إن كان من البدن أو البقر أن يكون أنثى، و إن كان من الغنم أن يكون فحلاً من الضأن،فإن لم يجد من الضأن جاز التيْس من المعز (2).

و في المهذّب:إن كان من الإبل فيجب أن يكون ثنياً من الإناث،و إن كان من البقر فيكون ثنياً من الإناث (3).

و لعلّهما أكّدا الاستحباب.

و أن ينحر الإبل قائمة للآية الشريفة (4)و المعتبرة (5)،قيل:و في التذكرة و المنتهى (6):لا نعلم في عدم وجوبه خلافاً،فإن خاف أن تنفر أناخها.

و في الخبر:عن البدنة كيف ينحرها،قائمة أو باركة؟قال:« يعقلها، و إن شاء قائمة و إن شاء باركة» (7).

مربوطة بين الخفّ و الركبة للصحيح (8)،و في غيره:« و أما البعير فشدّ أخفافه إلى آباطه و أطلق رجليه» (9)و هو الذي يأتي في الصيد

ص:425


1- النهاية:257.
2- الاقتصاد:307.
3- المهذّب 1:257.
4- الحج:36.
5- انظر الوسائل 14:148 أبواب الذبح ب 35.
6- التذكرة 1:380،المنتهي 2:738.
7- قرب الإسناد:/135 921،الوسائل 14:15 أبواب الذبح ب 35 ح 5.
8- الكافي 4:/497 1،الفقيه 2:/299 1487،التهذيب 5:/220 743،الوسائل 14:148 أبواب الذبح ب 35 ح 1.
9- الكافي 6:/229 4،التهذيب 9:/55 227،الوسائل 24:10 أبواب الذبائح ب 3 ح 2.

و الذبائح،فيجوز التخيّر و افتراق الهدي و غيره.

ثم الخبران نصّان في جمع اليدين بالربط من الخف إلى الركبة أو الإبط.

و عن أبي خديجة:إنّه رأى الصادق عليه السلام و هو ينحر بدنة معقولة يدها اليسرى (1).و روت العامة نحوه (2).و اختاره الحلبيان (3)،فالظاهر جواز الأمرين.

أقول:لكن الأول أرجح؛ لصحة السند و غيره.

و أن يطعنها في لبّتها من الجانب الأيمن لها؛ للصحيح أو القريب منه« ينحرها و هي قائمة من قبل اليمين» (4).

و الخبر:رأى الصادق عليه السلام إذا نحر بدنته قام من جانب يدها اليمنى (5) و أن يتولاّه أي الذبح بنفسه إن أحسنه؛ للتأسي،فقد باشر النحر النبي صلى الله عليه و آله كما في الخبرين (6)،و في الصحيح:« إن كان امرأة فلتذبح لنفسها» (7).

ص:426


1- الكافي 4:/498 8،التهذيب 5:/221 745 بتفاوت يسير،الوسائل 14:149 أبواب الذبح ب 35 ح 3.
2- سنن البيهقي 5:237.
3- أبو الصلاح في الكافي:215،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):582.
4- الكافي 4:/497 2،الفقيه 2:/299 1488،التهذيب 5:/221 744،الوسائل 14:149 أبواب الذبح ب 35 ح 2.
5- الكافي 4:/498 8،التهذيب 5:/221 745،الوسائل 14:149 أبواب الذبح ب 35 ح 3.
6- الأوّل:الكافي 4:/25 8،الوسائل 14:151 أبواب الذبح ب 36 ح 3.الثاني:الفقيه 2:/153 665،الوسائل 14:152 أبواب الذبح ب 36 ح 6.
7- الكافي 4:/497 4،الفقيه 2:/299 1486،الوسائل 14:150 أبواب الذبح ب 36 ح 1.

و إلّا أي و إن لم يتولّ بنفسه جعل يده مع يد الذابح للصحيح:« كان علي بن الحسين عليه السلام يضع السكّين في يد الصبي ثم يقبض على يده الرجل فيذبح» (1).

و إن لم يفعل ذلك كفاه الحضور عند الذبح،كما عن الوسيلة و الجامع (2)؛ لما في المحاسن عن النبي صلى الله عليه و آله في خبر بشير بن زيد لفاطمة عليها السلام:« اشهدي ذبح ذبيحتك،فإنّ أول قطرة منها يغفر اللّه تعالى بها كل ذنب عليك و كل خطيئة عليك» قال:« و هذا للمسلمين عامة» (3).

و الدعاء عند الذبح بالمأثور في الصحيح:« إذا اشتريت هديك فاستقبل[به]القبلة و انحره أو اذبحه،و قل: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً [1] مسلماً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [2] ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ [3] و أنا من المسلمين،اللهم منك و لك بسم اللّه و اللّه أكبر،اللهم تقبّل مني.ثم أمرّ السكّين و لا تنخعها حتى تموت» (4).

و في الخبر سمعته يقول:« بسم اللّه و باللّه و اللّه أكبر،اللهم هذا منك و لك اللهم تقبله مني.ثم يطعن في لبّتها» (5).

ص:427


1- الكافي 4:/497 5،الوسائل 14:151 أبواب الذبح ب 36 ح 2.
2- الوسيلة:184،الجامع للشرائع:214.
3- المحاسن:/67 127،الوسائل 14:151 أبواب الذبح ب 36 ح 4؛ بتفاوت يسير.
4- الكافي 4:/498 6،الفقيه 2:/299 1489،التهذيب 5:/221 746،الوسائل 14:152 أبواب الذبح ب 37 ح 1،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.
5- الكافي 4:/498 8،التهذيب 5:/221 745،الوسائل 14:148 أبواب الذبح ب 35 ح 3.

و قسمته أثلاثاً:يأكل ثلثه،و يُهدي ثلثه،و يعطي القانع و المعترّ ثلثه قيل:على وفق ظاهر الأكثر و صريح كثير.أما عدم الوجوب فللأصل،و أما الفضل فللنصوص من الكتاب (1)و السنة (2)و أما هذا التثليث فعليه الأكثر،و قد يؤيده الموثق:سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟قال:

« بمكة» قال:أيّ شيء أُعطي منها؟قال:« كل ثلثاً و أهدِ ثلثاً و تصدّق بثلث» (3).

و في القريب من الصحيح عن لحوم الأضاحي[فقال:]« كان علي بن الحسين و أبو جعفر عليهما السلام يتصدّقان بثلث على جيرانهم و ثلث على السؤال و ثلث يمسكانه لأهل البيت» (4).

و يجوز أن يكون التصدّق على الجيران هو الإهداء الذي في الموثق، فالأولى اعتبار استحقاق من يُهدي إليه أقول:و لكن حكي عن الأصحاب عدمه.

و في الصحيح الوارد فيمن ساق هدياً:« أطعم أهلك ثلثا،و أطعم القانع و المعترّ ثلثاً،و أطعم المساكين ثلثاً» قلت له:المساكين هم السؤال؟ قال:« نعم» و قال:« القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها،

ص:428


1- الحج:36.
2- انظر الوسائل 14:159 أبواب الذبح ب 40.
3- الكافي 4:/488 5،التهذيب 5:/202 672،الوسائل 14:165 أبواب الذبح ب 40 ح 18.
4- الكافي 4:/499 3،الفقيه 2:/294 1457،المقنع:88،علل الشرائع:/ 3 438،الوسائل 14:163 أبواب الذبح ب 40 ح 13 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

و المعترّ ينبغي له أكثر من ذلك،هو أغنى من القانع يعتريك فلا يسألك (1) ».فإن كان إطعام القانع و المعترّ هو الإهداء وافق الأول،و أشعر أيضاً باستحقاق من يُهدى إليه،و دلّ مجموع الآيتين، (2)على التثليث المشهور، و لكن في التبيان:عندنا يطعم ثلثه،و يعطي ثلثه القانع و المعترّ،و يهدي الثلث و نحوه المجمع عنهم عليهم السلام (3).

أقول:و ظاهرهما الإجماع و النص على ذلك،و هما كافيان في إثباته، و عزاه في السرائر إلى رواية الأصحاب لكن في الأُضحية خاصة،و قال في هدي المتمتع و القارن:فالواجب أن يأكل منه و لو قليلاً و يتصدق على القانع و المعتر و لو قليلاً؛ لقوله تعالى فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ [1] و الأمر عندنا يقتضي الوجوب (4).انتهى.

و لم يذكر الإهداء اقتصاراً على منطوق الآيتين لإغفالهما إياه و اتحاد مضمونهما إلّا في المتصدّق عليه.

قيل:علّته أن التأسيس أولى من التأكيد،خصوصاً و قد تأيّد هنا بالخبر الصحيح (5).

و فيه نظر؛ فإن الصحيح تضمّن الأمر بإطعام الأهل ثلثاً و لم يقولوا به مطلقاً،مع أنه ليس فيه التصريح بالإهداء و إنما احتمل كون إطعام القانع

ص:429


1- التهذيب 5:/223 753،معاني الأخبار:/208 2،الوسائل 14:160 أبواب الذبح ب 40 ح 3.
2- الحج:28،36.
3- كشف اللثام 1:367،و هو في التبيان 7:319،مجمع البيان 4:86.
4- السرائر 1:598.
5- كشف اللثام 1:367.

و المعترّ فيه كناية عن الإهداء.

و يمكن الجواب عن الأول:بالمنع من عدم قول الأصحاب برجحان إطعام الأهل الثلث،و ذلك فإنه و إن لم يصرّحوا باستحبابه بالخصوص، لكن صرّحوا باستحباب أكل الثلث،و هو و إن كان ظاهراً في أكل الذابح نفسه إلّا انَّ المراد لعلّه مع أهله و إلّا فيتعسّر أو يتعذر غالباً أكله الثلث وحده،إلّا في مدة مديدة لا يمكن أكله الثلث فيها إلّا بإخراجه من منى، و قد منعوا عنه كما مضى،فلا يجامع حكمهم ذلك حكمهم باستحباب أكله بنفسه الثلث هنا.

و من هنا يظهر ان أكل الثلث بنفسه ليس واجب قطعاً،بل و لا خلاف فيه أيضاً،و إنما اختلفوا في وجوبه في الجملة و لو قليلاً،فالشيخ و جماعة على الاستحباب (1)،و عزاه في الدروس إلى الأصحاب (2).و لعلّه الأقوى؛ للأصل السليم عمّا يصلح للمعارضة،عدا ما ستعرفه مع الجواب عنه.

و قيل:يجب الأكل منه و هو الحلّي كما عرفت،و تبعه من المتأخرين جماعة (3)؛ لما ذكره من الأمر به في الآية الشريفة،مضافاً إلى الأمر به في الصحيح أو الموثق:« إذا ذبحت أو نحرت فكل و أطعم كما قال اللّه تعالى: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ [1] و قال:« القانع:الذي يقنع بما أعطيته،و المعتر:الذي يعتريك،و السائل:الذي يسألك في

ص:430


1- الشيخ في النهاية:261،الحلبي في الكافي:200،القاضي في المهذّب 1:259.
2- الدروس 1:439.
3- منهم:العلّامة في المختلف:306،و صاحب المدارك 8:43،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:368.

يديه،و البائس:الفقير» (1).

و يضعّف:بمنع إفادة الأمر الوجوب هنا،أمّا أولاً فلوروده مورد توهّم الحظر،كما ربما يستفاد من تتبع الأخبار،و صرّح به جمع،منهم الفاضل المقداد في كنز العرفان (2)،و حكاه بعض عن صاحب الكشّاف (3)، فقالا:كانت الأُمم قبل شرعنا يمتنعون من أكل نسائكهم،فرفع اللّه الحرج عنهم من أكلها.فلا يفيد سوى الإباحة،كما قرّر في محلّه.

و أما ثانياً فلأن مورد النزاع إنما هو هدي التمتع خاصة،كما صرّح به في المدارك (4)،و يظهر من غيره أيضاً كما ستعرفه،و لا اختصاص للآية الشريفة و كذا الرواية بل تعمّه و هدي القرآن و التضحية،و شمولها لهدي القرآن صريح الفاضل في المنتهى و ابن زهرة (5)،حيث استدل لجواز أكل هدي القرآن و المتعة بعد الإجماع بالآية،و ساقها إلى قوله تعالى ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [1] (6)و قال في وجه الاستدلال:و الذي يترتب عليه قضاء التفث هو هدي التمتع و القران.

و ليس الأكل من الأُضحية و لا من هدي القرآن واجباً اتفاقا،كما صرح به الفاضل المقداد في الكنز و العلّامة في المنتهى (7)،حيث قال:هدي التطوع يستحب الأكل منه بلا خلاف؛ لقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْها [2] الآية،

ص:431


1- التهذيب 5:/223 751،الوسائل 14:159 أبواب الذبح ب 40 ح 1.
2- كنز العرفان 1:313.
3- الكشاف 3:153.
4- المدارك 8:43.
5- المنتهى 2:752،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):582.
6- الحج:29.
7- كنز العرفان 1:313،المنتهى 2:752.

و أقل مراتب الأمر الاستحباب إلى أن قال-:لو لم يأكل من التطوع لم يكن به بأس بلا خلاف.و مراده بهدي التطوع هدي القرآن،كما صرّح به في موضع آخر منه (1).

و حينئذ فلا بدّ من صرف الآية و الرواية عن ظاهرهما،فإما إلى الاستحباب،أو التخصيص بهدي التمتع دون غيره،و الثاني و إن كان أولى إلّا أن الشهرة مع ما قدّمناه من الجواب الأول يرجّحان الأول،أو يساويانه مع الثاني،فليرجع إلى حكم الأصل،و هو البراءة من الوجوب.

و العجب من العلّامة في المنتهى حيث قال فيه بوجوب الأكل مستدلاً بالآية الشريفة،و مع ذلك أنه استدل لاستحباب الأكل من هدي التطوع بالآية المزبورة،مع أنه ليس فيها إلا أمر واحد،و لا يمكن حمله في استعمال واحد على معنييه الحقيقي و المجازي،فإما الوجوب أو الاستحباب،لا سبيل إلى الأول بعد تصريحة لشمول الآية لهدي القرآن المستحب فيه الأكل بلا خلاف كما ذكره،فتعيّن الثاني.

و بالجملة:الذي يقتضيه النظر و تتبع الأخبار و الفتاوي رجحان القول بالاستحباب و إن كان الأحوط القول بالإيجاب.

و يكره التضحية بالثور و الجاموس كما في الشرائع و الإرشاد و القواعد و التحرير و المنتهى (2)من غير نقل خلاف فيه أصلاً،قال:لما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال سألته عن الأضاحي،قال:« أفضل الأضاحي في الحج الإبل و البقر ذوات الأرحام،و لا يضحّى بثور و لا جمل» (3).

ص:432


1- المنتهى 2:749.
2- الشرائع 1:261،الإرشاد 1:333،القواعد 1:88،التحرير 1:105،المنتهى 2:742.
3- التهذيب 5:/204 682،الوسائل 14:99 أبواب الذبح ب 9 ح 4.

و ليس فيه مع إضماره ذكر الجاموس،إلّا أن يستدل على كراهيته بالفحوى.

و يدلُّ على جواز التضحية به صريحاً الصحيح:عن الجاموس عن كم يجزئ في التضحية،فجاء في الجواب« إن كان ذكراً فعن واحد،و إن كان أُنثى فعن سبعة» (1).

و حينئذ فلا يحتاج في إثبات أجزائه إلى البناء على انَّه مع البقر جنس،كما تقرّر في كتاب الزكاة فيناقش فيه بأن المستفاد من كلام بعض أهل اللغة خلافه.

و الموجوء و هو مرضوض الخصيتين حتى تفسدا،كما في الكتب المتقدمة عدا التحرير و المنتهى ففيهما:الموجوء خير من النعجة، و النعجة خير من المعز.

و التعبير بالمأثور في النصوص أولى،منها الصحيح:« الفحل من الضأن خير من الموجوء،و الموجوء خير من النعجة،و النعجة خير من المعز» (2).

و في آخر:« اشتر فحلاً سميناً للمتعة،فإن لم تجد فموجوءاً،فإن لم تجد فمن فحولة المعز،[فإن لم تجد فنعجة]فإن لم تجد فما استيسر من الهدي» (3).

و ليس في الروايتين تصريح بالكراهة،و إنّما المستفاد منهما أن الفحل من الضأن أفضل من الموجوء،و أنَّ الموجوء خير من المعز،و بذلك صرّح

ص:433


1- التهذيب 5:/209 701،الإستبصار 2:/267 946،الوسائل 14:112 أبواب الذبح ب 15 ح 1.
2- التهذيب 5:/205 686،الوسائل 14:111 أبواب الذبح ب 14 ح 1.
3- الكافي 4:/490 9،الوسائل 14:107 أبواب الذبح ب 12 ح 7 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

في المدارك و الذخيرة (1)،لكن قالا بعد نقل الحكم بالكراهة:قد قطع بها الأصحاب،و احتمل في الذخيرة كون مرادهم منها ترك الاولى،لا المعنى المصطلح عليه الآن.

الثالث في البدل

الثالث:في البدل و اعلم أنه لو فقد فقد الهدي و وجد ثمنه و هو يريد الرجوع استناب ثقة في شرائه و ذبحه طول ذي الحجة فإن لم يوجد فيه ففي العام المقبل في ذي الحجة،على الأظهر الأشهر،بل عليه عامة من تأخر،و في ظاهر الغنية الإجماع عليه (2)؛ و هو الحجة،مضافاً إلى الصحيح الصريح في ذلك (3).

و ربما استدل له ايضاً ببعض المعتبرة:عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج،فوجب عليه النسك،فطلبه فلم يجده و هو موسر حسن الحال و هو يضعف عن الصيام،فما ينبغي له أن يصنع؟قال:« يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه عنه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله،و ليذبح عنه في ذي الحجة»[فقلت:]فإنه دفعه إلى من يذبح عنه،فلم يصب في ذي الحجة نسكاً و أصابه بعد ذلك،قال:« لا يذبح عنه إلا في ذي الحجة و لو أخره إلى قابل» (4).

ص:434


1- المدارك 8:45،الذخيرة:671.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):582.
3- الكافي 4:/508 6،التهذيب 5:/37 109،الإستبصار 2:/260 916،الوسائل 14:176 أبواب الذبح ب 44 ح 1.
4- التهذيب 5:/37 110،الإستبصار 2:/260 917،الوسائل 14:176 أبواب الذبح ب 44 ح 2،بدل ما بين المعقوفين في النسخ« قال».

و يضعّف:بأنه لمّا ذكر السائل أنه يضعف عن الصيام لم يصح الاستدلال به على وجوب أن يخلف الثمن مع القدرة عليه كما في كلام جمع.

و قيل بل ينتقل فرضه إلى الصوم و القائل:الحلّي (1)،و تبعه الماتن في الشرائع (2)،و ربما يعزى الى العماني (3)،و فيه نظر.

و استدل عليه بصدق أنه يصدق أنه غير واجد للهدي،فينقل الفرض إلى الصوم.

و بالموثق:عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة،أ يذبح أو يصوم؟قال:« بل يصوم،فإن أيام الذبح قد مضت» (4).

و يضعّف الأولّ:بمنعه؛ فإنّ تيسّر الهدي و وجدانه يعمّان العين و الثمن،و إلّا لم يجب الشراء مع الوجود يوم النحر و إمكانه إن خصّص الوجود به عنده،و إلّا فهو أعم منه عنده و عند غيره في أيّ جزء كان من أجزاء الزمان الذي يجزئ فيه.

لا يقال:إذا لم يجده بنفسه ما كان هناك شمله « فَمَنْ لَمْ يَجِدْ» [1] .

لأنا نقول:وجدان النائب كوجدانه؛ لأنه مما يقبل النائب كما عرفته.

و الثاني:بقصور سنده و عدم مكافأته لمقابله سنداً و اعتباراً؛ مضافاً إلى ظهوره فيمن قدر على الذبح بمنى،و هو غير ما نحن فيه،و لا يوجبان

ص:435


1- السرائر 1:592.
2- الشرائع 1:261.
3- حكاه عنه في المختلف:304.
4- الكافي 4:/509 9،التهذيب 5:/37 111،الإستبصار 2:/260 918،الوسائل 14:177 أبواب الذبح ب 44 ح 3.

الصوم فيه،و لعلّه لذا حمله الشيخ على من صام ثلاثة أيّام قبل الوجدان (1)، كما في الخبر:عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هدياً يوم خرج من منى،قال:« أجزأه صيامه» (2).

و غيره على ما مرّ في بحث وجوب كون الذبح يوم النحر (3).

و للإسكافي هنا قول ثالث مخيّر بين القولين الأوّلين و بين الصدقة بالوسطى من قيمة الهدي في تلك السنة (4).

قيل:جمعاً بين ما مرّ و نحو خبر عبد اللّه بن عمر (5)،قال:كنّا بمكة فأصابنا غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار،ثم بدينارين،ثم بلغت سبعة، ثم لم يوجد بقليل و لا كثير،فوقّع هشام المكاري رقعة الى أبي الحسن عليه السلام، فأخبره بما اشترينا و أنّا لم نجد بعد،فوقّع عليه السلام إليه:« انظروا إلى الثمن الأول و الثاني و الثالث فاجمعوا،ثم تصدّقوا بمثل ثلثه» (6).

و يضعّف:بأن الجمع بذلك فرع التكافؤ و الشاهد المفقودين في المقام،مع ظهور الثالث بعد تسليمه كما قيل- (7)في الندب،مضافاً إلى انَّ إنفاق الثمن بدل الهدي مخالف للكتاب.

و مع فقد الثمن أيضاً يلزمه الصوم قولاً واحداً و هو ثلاثة

ص:436


1- انظر التهذيب 5:37.
2- الكافي 4:/509 11،التهذيب 5:/38 112،الإستبصار 2:/260 919،الوسائل 14:178 أبواب الذبح ب 45 ح 1.
3- راجع ص:3027.
4- حكاه عنه في المختلف:304.
5- كشف اللثام 1:363.
6- الكافي 4:/544 22،الفقيه 2:/296 1467،التهذيب 5:/238 805،الوسائل 14:203 أبواب الذبح ب 58 ح 1.
7- كشف اللثام 1:363.

أيام في الحج متواليات و سبعة في أهله بالكتاب (1)و السنة (2)و الإجماع، و في المنتهى:لا خلاف فيه بين العلماء (3).

و ليس في الكتاب ما يدل على اعتبار التوالي بين الثلاثة لكن جاء ذلك من قبل إجماعنا الظاهر،المصرّح به في المنتهى (4)و غيره،و السنة.

ففي الموثق:« لا يصوم الثلاثة الأيام متفرقة» (5)و نحوه الصحيح المروي عن قرب الاسناد (6).

و قريب منهما الصحاح و غيرها الآمرة بصوم يوم قبل التروية و صومها و صوم عرفة (7)،لكنها محمولة على الاستحباب عند الأصحاب،و في ظاهر المنتهى و عن ظاهر التذكرة:الإجماع عليه (8).

و يستثنى من اعتبار التوالي ما إذا صام يومي التروية و عرفة فيؤخر العيد إلى آخر أيام التشريق،كما مرّ في كتاب الصوم.

و المراد بقوله « فِي الْحَجِّ» [1] أي في سفره قبل رجوعه إلى أهله، و شهره،و هو هنا ذو الحجة عندنا،كما في ظاهر المنتهى و غيره (9)، و سيأتي ما يدل عليه.

ص:437


1- البقرة:192.
2- انظر الوسائل 14:178 أبواب الذبح ب 46.
3- المنتهى 2:743.
4- المنتهى 2:743.
5- التهذيب 5:/232 784،الإستبصار 2:/28 994،الوسائل 14:198 أبواب الذبح ب 53 ح 1.
6- التهذيب 5:/231 782،الاستبصار 2:/279 993،قرب الإسناد:/394 1381،الوسائل 14:196 أبواب الذبح ب 52 ح 4.
7- انظر الوسائل 14:178،195 أبواب الذبح ب 46،52.
8- المنتهى 2:743،التذكرة 1:382.
9- المنتهى 2:745؛ و انظر كشف اللثام 1:363.

و المعتبر من القدرة على الثمن القدرة عليه في موضعه لا في بلده، و في المنتهى:إنه لا يعلم فيه خلافاً (1).

و لو تمكن من الاستدانة ففي وجوبها وجهان،قيل:و قرّب الشهيد الوجوب (2).

أقول:و عليه الشهيد الثاني أيضاً (3).

و يجوز تقديم صوم الثلاثة من أول ذي الحجة كما في كلام جماعة (4)،و ادّعى في التنقيح عليه الشهرة (5).و لا يخلو عن قوة؛ لإطلاق الآية الشريفة و تفسيرها في الصحيح بذي الحجة (6)؛ و خصوص الموثق:

« من لم يجد هدياً واجب ان يصوم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس بذلك» (7).

قيل:و نصّ ابن سعيد على أنه رخّص في ذلك لغير علّة،و في السرائر و ظاهر التبيان:الإجماع على وجوب كون الصوم في الثلاثة المتصلة بالنحر،و في الخلاف:نفي الخلاف عن وجوبه اختياراً،لكن يحتمل نفي الخلاف عن تقديمها على الإحرام بالحج،و فيه و في النهاية و التهذيب و المبسوط و المهذّب:ذكر الرخصة في صومها أول العشر،لكن في

ص:438


1- المنتهى 2:743.
2- حكاه عنه في الذخيرة:672 و هو في الدروس 1:441.
3- المسالك 1:116.
4- منهم:الشهيد الأول في الدروس 1:440،و صاحب المدارك 8:52،و الحدائق 17:137.
5- التنقيح الرائع 1:493.
6- الكافي 4:/506 1،التهذيب 5:/38 114،الوسائل 14:178 أبواب الذبح ب 46 ح 1.
7- الكافي 4:/507 2،الوسائل 14:179 أبواب الذبح ب 46 ح 2.

الأخيرين أن التأخير إلى السابع أحوط،و في التهذيب:أنه أولى،و ظاهر الخلاف اختصاص الرخصة بالمضطر! (1).و لا يجوز صومها إلّا بعد التلبس بالمتعة،إلّا في رواية عن أحمد،قال في المنتهى:و هو خطأ؛ لأنه تقديم للواجب على وقته و سببه، و مع ذلك فهو خلاف قول العلماء (2).و نحوه عن التذكرة (3).

و يكفي التلبس بعمرتها،كما في الشرائع و التحرير و المنتهى و الإرشاد و القواعد (4)،و عن الخلاف و التذكرة (5)؛ لإطلاق الآية،و الاتفاق فتوًى و روايةً (6)على أن الراجح صومها من السابع مع استحباب كون الإحرام بالحج في الثامن،و لم يحك خلاف فيه إلّا عن الشافعي و بعض العامة (7).

و اشترط الشهيد في الدروس و اللمعة و كذا شارحها (8)التلبس بالحج كما عليه الماتن هنا.

و وجهه غير واضح،عدا ما في التنقيح من كونه تقديماً للواجب على

ص:439


1- كشف اللثام 1:364،و هو في الجامع:211،و السرائر 1:593،و التبيان 2:160،و الخلاف 2:278،و النهاية:255،و التهذيب 5:235،و المبسوط 1:370،و المهذب 1:258،و التهذيب:258،و التهذيب 5:258.
2- المنتهى 2:745.
3- التذكرة 1:383.
4- الشرائع 1:262،التحرير 1:105،المنتهى 2:745،الإرشاد 1:333،القواعد 1:88.
5- الخلاف 2:275،التذكرة 1:382.
6- الوسائل 14:178 أبواب الذبح ب 46.
7- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:364،و هو في الأُم 2:189،المغني و الشرح الكبير 3:508.
8- الدروس 1:440،اللمعة(الروضة البهية 2):295.

وقته،فهو تقديم للمسبّب على سببه (1).و هو اجتهاد في مقابلة ما قدّمناه من الدليل.

و لعلّه عليه اعتماد من وافقناه على الاكتفاء بالتلبس بالعمرة و بناؤه، و به استدل عليه في المنتهى (2)و غيره.

لا على ما في الدروس من أنه بناءً على وجوبه بها (3).و الظاهر أن مرجع الضمير الأول هو الهدي كما في الذخيرة (4)،أو الصوم كما في التنقيح (5)،لا الحج كما ذكره شيخنا الشهيد الثاني و سبطه (6).

و على التقادير فالمرجع واحد،و هو دفع وجه الإشكال المتقدم،و لا يحتاج إلى ذلك،بل الدافع له ما عرفت من الدليل،فتأمل.

و لا يجوز تقديمها قبل ذي الحجة مطلقاً؛ لما عرفته.

و يجوز صومها طول ذي الحجة عند علمائنا و أكثر العامة كما قيل (7)؛ لأكثر ما مرّ،و الصحيح:« من لم يجد ثمن الهدى و أحبّ أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس (8).

و ظاهر إطلاق الأدلة كجملة من الفتاوي جوازه اختياراً.

قيل:و ظاهر الأكثر و منهم الفاضل في جملة من كتبه وجوب المبادرة

ص:440


1- التنقيح الرائع 1:494.
2- المنتهى 2:745.
3- الدروس 1:440.
4- الذخيرة:673.
5- التنقيح الرائع 1:494.
6- الشهيد الثاني في المسالك 1:116،و سبطه في المدارك 8:53.
7- قال به في المدارك 8:53.
8- الفقيه 2:/303 1508،الوسائل 14:182 أبواب الذبح ب 46 ح 13.

بعد التشريق،فإن فات فليصم بعد ذلك إلى آخر الشهر.و هو أحوط؛ لاختصاص أكثر الأخبار بذلك (1).و من ذهب إلى كونه قضاءً بعد التشريق لم يجز عنده التأخير إليه اختياراً قطعاً،و هو مذهب الشيخ في المبسوط على ما في المختلف.و الحقّ أنه أداء،كما في الخلاف و السرائر و الجامع و المختلف و المنتهى و التذكرة و التحرير و فيما عندنا من نسخ المبسوط؛ إذ لا دليل على خروج الوقت،بل العدم ظاهر ما مرّ،و غاية الأمر وجوب المبادرة (2).

و لو خرج ذو الحجّة و لم يصم الثلاثة بكمالها سقط عنه الصوم و تعيّن عليه الهدي في القابل بمنى عند علمائنا و أكثر العامة كما في المدارك (3)،و في غيره الإجماع كما عن صريح الخلاف (4)،بل قيل:

نقله جماعة؛ و هو الحجة.

مضافاً إلى الصحيح:« من لم يصم في ذي الحجة حتى هلّ هلال المحرّم فعليه دم شاة و ليس له صوم،و يذبحه بمنى» (5).

و إطلاقه بل عمومه يعمّ الهدي و الكفارة و احتمال اختصاصه بالثاني لا وجه له سيّما مع استدلال الأصحاب به فيما نحن فيه.

ص:441


1- الوسائل 14:أبواب الذبح ب 46،52،53،54.
2- قال به في كشف اللثام 1:364،و هو في المختلف:305،و الخلاف 2:278،و السرائر 1:594،و الجامع:211،و المختلف:305،و المنتهى 2:746،و التذكرة 1:383،و التحرير 1:105.
3- المدارك 8:55.
4- الخلاف 2:278.
5- الكافي 4:/509 10،التهذيب 5:/39 116،الإستبصار 2:/278 989،الوسائل 14:185 أبواب الذبح ب 7 ح 1.

و الصحيح:عمن نسي الثلاثة الأيام حتى قدم أهله،قال:« يبعث بدم» (1).

لكنه معارض بالصحاح المستفيضة على أن من فاته صومها بمكة لعائق أو نسيان فليصمها في الطريق إن شاء،و إن شاء إذا رجع إلى أهله (2)، من غير تقييد ببقاء الشهر و عدم خروجه،بل هي مطلقة شاملة له و لغيره، و بها أفتى الشيخ رحمه الله في التهذيب (3)،و نقل عن المفيد أيضاً (4)،لكنه رجع عنه في الخلاف كما عرفت.

و في الاستبصار جمع بينها و بين الصحيحة بحملها على صورة خروج الشهر،و حمل هذه الأخبار على بقائه (5).

و استبعده في الذخيرة،و استحسن الجمع بينهما بتقييد الصحيحة بالناسي دون غيرها (6).

و جمع الشيخ أولى؛ لاعتضاده بعد الشهرة و الإجماعات المنقولة بظاهر الكتاب و السنة و الإجماع الموقِّتة لهذا الصوم بذي الحجة، و مقتضاها سقوطه بخروجه.و تقييدها بحال التمكن و الاختيار من إتيانه في مكة ليس بأولى من تقييد الصحاح بها،بحملها على بقاء ذي الحجة،بل هذا أولى من وجوه شتّى،و منها بعد ما ما مضى-:

قطعية الكتاب و السنّة التي بمعناها دون هذه،فإنها آحاد

ص:442


1- الفقيه 2:/304 1511،التهذيب 5:/235 792،الإستبصار 2:/279 990،الوسائل 14:186 أبواب الذبح ب 47 ح 3.
2- انظر الوسائل 14:أبواب الذبح ب 46،47،52.
3- التهذيب 5:233.
4- المقنعة:450.
5- الاستبصار 2:279.
6- الذخيرة:674.

و إن كانت صحاحاً.

و هل يجب مع دم الهدي دم آخر كفارة،كما في صريح المنتهى و عن ظاهر المبسوط و الجامع (1)،أم لا،كما هو ظاهر المتن و غيره من عبائر الأكثر؟الأحوط الأول.

و استدل عليه في المنتهى بأنه ترك نسكاً،و قال صلى الله عليه و آله:« من ترك نسكاً فعليه دم» (2)و بأنه صوم موقّت وجب بدلاً فوجب بتأخيره كفارة، كقضاء رمضان.

و هو كما ترى،و سند الخبر لم يتّضح لنا،فعدم الوجوب للأصل لعلّه أقوى.

و لو صام الثلاثة في الحج لفقد الهدي و ثمنه ثم وجد الهدي لم يجب عليه على الأشهر الأظهر،و عن الخلاف الإجماع عليه (3)؛ للأصل، و ظاهر الآية،و صريح الخبر (4)المنجبر ضعفه بالعمل.

لكنه أفضل بلا خلاف يظهر،و بنفيه صرّح بعض خروجاً عن شبهة القول بالوجوب مطلقاً كما عن المهذّب (5)،أو إذا وجده قبل التلبس بالسبعة في وقت الذبح كما عن القواعد (6).

و للخبر:عن رجل تمتّع و ليس معه ما يشتري به هدياً،فلمّا أن صام

ص:443


1- المنتهى 2:746،المبسوط 1:370،الجامع للشرائع:210.
2- سنن البيهقي 5:152.
3- الخلاف 2:277.
4- الكافي 4:/509 11،التهذيب 5:/38 112،الإستبصار 2:/260 919،الوسائل 14:178 أبواب الذبح ب 45 ح 1.
5- المهذب 1:259.
6- القواعد 1:88.

ثلاثة أيام في الحج أيسر،أ يشتري هدياً فينحره،أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله؟قال:« يشتري هدياً فينحره،و يكون صيامه الذي صامه نافلة» (1).

و إنما حمل على الفضل جمعاً و لضعف السند.

و ظاهر العبارة و نحوها وجوب الهدي لو لم يصم الثلاثة بكمالها،كما عن الأكثر (2).

خلافاً للمحكي عن الخلاف و الحلّي و الفاضل في جملة من كتبه (3)، فاكتفوا في سقوط الهدي بمجرد التلبس بالصوم،و عليه المقداد في كنز العرفان (4).و استدل عليه في المنتهى بإطلاق الآية وجوب الصوم على من لم يجد الهدي،قال:لا يقال:هذا يقتضي عدم الاجتزاء بالهدي و إن لم يدخل في الصوم،لأنا نقول:لو خلّينا و الظاهر لحكمنا بذلك لكن الوفاق وقع على خلافه،فيبقى ما عداه على الأصل (5).انتهى.

و المسألة محل إشكال،و الاحتياط يقتضي المصير إلى الأول.

و لا يشترط في صوم السبعة التتابع على الأشهر الأقوى،بل في المنتهى و عن التذكرة (6):أنه لا يعرف فيه خلافاً.للأصل،و إطلاق الأمر،

ص:444


1- الكافي 4:/510 14،التهذيب 5:/38 113،الإستبصار 2:/261 920،الوسائل 14:178 أبواب الذبح ب 45 ح 2.
2- انظر المدارك 8:56.
3- الخلاف 2:277،الحلي في السرائر 1:594،العلامة في التذكرة 1:383،و المختلف:304.
4- كنز العرفان 1:297.
5- المنتهى 2:747.
6- المنتهى 2:744،التذكرة 1:383.

و صريح الخبر (1)المنجبر بالعمل.

خلافاً للمحكي في المختلف عن العماني و الحلبي (2)،و في التنقيح عن المفيد و ابن زهرة العلوي،فاشترطوه (3)،و قوّاه في المختلف لآخَر، و ربّما عدّ من الصحيح-:عن صوم ثلاثة أيام في الحج و سبعة،أ يصومها متوالية أو يفرّق بينها؟قال:« يصوم الثلاثة الأيام لا يفرّق بينها،و السبعة لا يفرّق بينها» (4).

و أيّد بالحسن:« السبعة الأيام و الثلاثة الأيام في الحج لا تفرّق أبداً، إنما هي بمنزلة الثلاثة الأيام في اليمين» (5).

و ليسا نصّاً،فيحتملان الحمل على الكراهة توفيقاً بين الأدلة،المؤيدة بعموم الصحيح:« كلّ صوم يفرّق إلّا ثلاثة أيام في كفارة اليمين» (6)و مع ذلك فلا ريب أن التتابع مهما أمكن أحوط.

و لو أقام من وجب عليه صوم السبعة بدل الهدي بمكة شرّفها اللّه سبحانه انتظر بصيامها مضيّ أقلّ الأمرين من مدّة وصوله إلى أهله و مضيّ شهر بلا خلاف فيه أجده في الجملة،و به مطلقاً صرّح في الذخيرة (7)،و في غيرها:إنه مقطوع به في كلامهم؛

ص:445


1- التهذيب 5:/233 787،الإستبصار 2:/281 998،الوسائل 14:200 أبواب الذبح ب 55 ح 1.
2- المختلف:238.
3- التنقيح الرائع 1:494.
4- التهذيب 4:/315 957،الإستبصار 2:/281 999،الوسائل 14:200 أبواب الذبح ب 55 ح 2.
5- الكافي 4:/140 3،الوسائل 10:382 أبواب بقية الصوم الواجب ب 10 ح 2.
6- الكافي 4:/140 1،الوسائل 10:382 أبواب بقية الصوم الواجب ب 10 ح 1.
7- الذخيرة:674.

للصحيح:« و إن كان له مقام بمكة و أراد أن يصوم السبعة،ترك الصيام بقدر مصيره إلى أهله أو شهراً،ثم صام» (1).

قيل:و أوجب القاضي و الحلبيّون الانتظار إلى الوصول و لم يعتبروا الشهر،و حكى ابن زهرة الإجماع،و رواه المفيد عن الصادق عليه السلام (2)، و يوافقها مضمر أبي بصير في الكافي و الفقيه (3)(4).أقول:و نحوه الصحيح:في المقيم إذا صام الثلاثة الأيام ثم يجاور، ينظر مقدم أهل بلده،فإذا ظنّ أنهم قد دخلوا فليصم السبعة الأيام (5).

لكنه مقطوع،كما أن الأول مرسل،فيضعف الخبران بهما عن المقاومة لما مرّ من الصحيح،مع أنه مفصِّل،فالعمل به أقوى من العمل بالمطلق،بل ينبغي تقييده.

ثم قصر الماتن الحكم على المقيم بمكة ظاهر جمع،و منهم الصدوق و الشيخ و القاضي و ابنا سعيد و إدريس فيما حكاه بعض الأفاضل،قال:

و عمّمه الحلبيّان لمن صدّ عن وطنه،و ابن أبي مجد (6)للمقيم بأحد الحرمين،و الفاضل في التحرير لمن أقام بمكة أو الطريق،و أطلق في التذكرة من أقام لكنه استدل بالصحيح المتقدم.و الوجه قصر الشهر على

ص:446


1- الفقيه 2:/303 1507،التهذيب 5:/234 790،الإستبصار 2:/282 1002،الوسائل 14:190 أبواب الذبح ب 50 ذيل الحديث 2.
2- المقنعة:452،الوسائل 14:191 أبواب الذبح ب 50 ح 5.
3- الكافي 4:/509 8،الفقيه 2:/303 1506،الوسائل 14:190 أبواب الذبح ب 50 ح 3.
4- كشف اللثام 1:365.
5- التهذيب 5:/41 121،الوسائل 14:189 أبواب الذبح ب 50 ح 1.
6- هو الشيخ الفقيه،المتكلم النبيه،علاء الدين،أبو الحسن،علي بن أبي الفضل بن الحسن بن أبي المجد الحلبي صاحب كتاب إشارة السبق إلى معرفة الحق.

المنصوص؛ للأمر في الآية بالتأخير إلى الرجوع،غاية الأمر تعميمه ما في حكمه و إلّا لم يصمها من لا يرجع (1).انتهى.

و بما استوجهه صرّح شيخنا الشهيد الثاني (2)،و تبعه سبطه في المدارك و صاحب الذخيرة (3)،لكن لم يعتبرا الرجوع الحكمي،بناءً على أن ظاهر الآية الرجوع الحقيقي.و هو حسن،إلّا أن مقتضاه عدم لزوم صومها لمن يريد الإقامة بها أبداً،و لعلّه خلاف الإجماع،و إلى هذا أشار الفاضل المتقدم بقوله:و إلّا لم يصمها من لا يرجع،في تعليل تعميم الرجوع للحكمي مطلقاً.

و بناءً على أن المراد بالإقامة في الفتوى و الرواية المجاورة الأبدية،لا مطلق المجاورة.

و في تعيّنه إشكال؛ لصدق الإقامة بغير ذلك مثل المجاورة سنةً لغةً و عرفاً؛ مضافاً إلى وقوع التصريح بذلك في رواية أبي بصير المتقدمة،فإنّ فيها:عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام،فلما قضى نسكه بدا له أن يقيم بمكة سنة،قال:« فلينتظر منها أهل بلده،فإذا ظنّ أنهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيام» و هي و إن كانت مرسلة لكنها معتضدة بإطلاق لفظة الإقامة لغةً و عرفاً.

و حينئذ فيتّجه ما ذكراه من اعتبار الرجوع الحقيقي حيث يتوقع و يمكن.و لعلّ هذه الصورة مرادهما،أو يتأملان في وجوب السبعة لمن لا يريد الرجوع ابداً لاشتراطه بالرجوع المفقود هنا،و لكنه بعيد جدّاً.

ص:447


1- كشف اللثام 1:365.
2- المسالك 1:116.
3- المدارك 8:59،الذخيرة:674.

ثم إنه ليس في الصحيحة المتقدمة و كلام الأكثر تعيين مبدأ الشهر أ هو بعد انقضاء أيام التشريق كما عن جماعة (1)،أو يوم يدخل مكة كما احتمله آخرون (2)،أو يوم يعزم على الإقامة كما احتمله في الذخيرة،و فيها:إن الرواية لا تخلو عن إشعار به (3).و هو كذلك.

و لو مات من وجب عليه الصوم بدل الهدى و لم يصم فإن لم يكن قد تمكّن من صيام شيء من العشرة سقط الصوم و لا يجب على وليّه القضاء عنه و لا الصدقة عنه،لما (4)مرّ في كتاب الصوم.

و في المنتهى هنا:ذهب إليه علماؤنا و أكثر الجمهور (5).و قريب منه ظاهر الصيمري،فادّعى إطباق الفتاوي على اعتبار التمكن،و جعله المقيّد للنص الآتي بإطلاق القضاء عنه،و ردّ بذلك على بعض من حكي عنه عدم اعتباره إياه.و هو حسن.

و إن تمكّن من فعل الجميع و لم يفعل قال الشيخ رحمه الله-: صام الولي عنه الثلاثة الأيام وجوباً،دون السبعة (6) و تبعة الماتن هنا و جماعة كما قيل (7)؛ للصحيح:عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحج و لم يكن له هدي،فصام ثلاثة أيام في ذي الحجّة،ثم مات بعد أن رجع إلى أهله قبل أن

ص:448


1- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:116،و صاحب المدارك 8:59،و صاحب الحدائق 17:149.
2- منهم:السبزواري في الكفاية:71،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:365.
3- الذخيرة:674.
4- في« ق»:كما.
5- المنتهى 2:746.
6- المبسوط 1:370.
7- المدارك 8:61.

يصوم السبعة الأيام،أعلى وليّه أن يقضي عنه؟قال:« ما أرى عليه قضاء» (1).

و فيه:أن ظاهر نفي القضاء مطلقاً،كما عليه الصدوق في الفقيه، و لكنه استحبه (2)؛ و ذلك فإن العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل.

خلافاً للحلّي و أكثر المتأخرين (3)،بل المشهور كما قيل (4)،فيجب عليه قضاء السبعة أيضاً؛ للصحيح:« من مات و لم يكن له هدي لمتعة فليصم عنه وليّه» (5).

و فيه:أن هذا ظاهر و ما مرّ نصّ،فليقدّم عليه و يحمل على الاستحباب،كما صرّح به الصدوق في الفقيه.

لكن شهرة العمل بهذا،و اعتضاده بعموم نحو الصحيح:في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام،قال:« يقضي عنه أولي الناس بميراثه» (6)المعتضد بدعوى الإجماع عليه في السرائر و المختلف (7)،و به استدلا على الوجوب هنا ربما يوجب المصير إليه،و صرف التأويل في الصحيح الأول بما في المنتهى من حمله على ما إذا لم يتمكن من القضاء (8).

ص:449


1- الكافي 4:/509 13،التهذيب 5:/40 118،الإستبصار 2:/261 922،الوسائل 14:188 أبواب الذبح ب 48 ح 2.
2- الفقيه 2:303.
3- الحلي في السرائر 1:592،العلامة في التحرير 1:106،صاحب المدارك 8:60،صاحب الحدائق 17:158.
4- الذخيرة:674.
5- الكافي 4:/509 12،التهذيب 5:/40 117،الاستبصار 2:/261 921،المقنع:91،الوسائل 14:187 أبواب الذبح ب 48 ح 1.
6- الكافي 4:/123 1،الوسائل 10:330 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 5.
7- السرائر 1:593،المختلف:305.
8- المنتهى 2:746.

إلّا أن يقال:إن الشهرة ليست بتلك الشهرة الموجبة لصرف الأدلّة عن ظواهرها بمقتضى القواعد الأُصوليّة،و عموم نحو الصحيحة و شمولها لمفروض المسألة غير واضح كما صرَّح به في الذخيرة (1)،و دعوى الإجماع في محل النزاع المصرَّح به في كلام الناقل له ربما تكون ممنوعة،مع أن عبارة السرائر في الوجوب غير صريحة،فإنه قال:و الأولى و الأحوط أنه يلزمه القضاء عنه،فتأمل.

و كيف كان،فلا ريب أن الوجوب أحوط،بل لا يترك،سيّما في الثلاثة. و من وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر و عجز عنها و لم يكن على بدلها نصّ بخصوصها كفداء النعامة أجزأه سبع شياه كما هنا و في الشرائع و السرائر و التهذيب و القواعد و المنتهى و التحرير (2)،و عن النهاية و المبسوط (3)،و في المنتهى ما ربما يشعر بإجماعنا عليه (4)،قال:للنبوي فيمن أتاه عليه السلام فقال:إنّ عليّ بدنه و أنا موسر لها و لا أجدها فأشتريها، فأمره عليه السلام أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن (5).

و الخاصي الصحيح على قول قوي،أو القريب منه على آخر:في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء،قال:« إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في منزله» (6).

ص:450


1- الذخيرة:674.
2- الشرائع 1:262،السرائر 1:599،التهذيب 5:237،القواعد 1:88،المنتهى 2:748،التحرير 1:106.
3- النهاية 262،المبسوط 1:375.
4- المنتهى 2:748.
5- مسند أحمد 1:311،سنن ابن ماجة 2:/1048 3136.
6- التهذيب 5:/237 800،الوسائل 14:201 أبواب الذبح ب 56 ح 1.

قيل:و لاختصاصه بالفداء اقتصر عليه ابن سعيد،و اقتصر الصدوق في الفقيه و المقنع على الكفّارة،و هي أعم من الفداء (1).

أقول:و لكن النبوي عام و قصور السند أو ضعفه مجبور بعمل الأصحاب سيّما الحلّي،كما انجبر به ضعف الخاصي إن كان،و بذيله أفتى الشيخ في كتبه المتقدمة و الفاضل في التحرير و المنتهى أيضاً.

و لو وجب عليه سبع شياه لم يجزه البدنة و إن كانت السبعة بدلاً عنها؛ لفقد النص.

و في إجزاء البدنة عن البقرة وجهان،أظهرهما العدم،خلافاً للتحرير و المنتهى (2)فاستقرب الإجزاء،قال:لأنها أكثر،و هو كما ترى.

و لو تعيّن عليه الهدي و مات قبله أُخرج من أصل تركته لأنه دين مالي و جزء من الحج الذي يخرج كلّه منه.

و لو قصرت التركة عنه و عن الديون وزّعت التركة على الجميع بالحصص.

و إن لم تف حصّته بأقلّ هدي ففي وجوب إخراج جزء من الهدي مع الإمكان و مع عدمه فيعود ميراثاً،أو العود ميراثاً مطلقاً،أو الصدقة به عنه كذلك،أوجه و أقوال،و القول بوجوب إخراج الجزء من الهدي مع الإمكان و الصدقة به مع عدمه لا يخلو من رجحان.

الرابع في هدي القارن

الرابع:في هدي القران.

و يجب ذبحه أو نحره بمنى إن كان قرنه بالحج،و بمكّة إن

ص:451


1- كشف اللثام 1:365.
2- التحرير 1:106،المنتهى 2:748.

قرنه بالعمرة بغير خلاف فيهما أجده،و به صرّح في الذخيرة (1)،و في غيرها نفيه صريحاً،مؤذناً بدعوى الإجماع عليهما،كما في صريح المدارك و غيره (2)،و عن صريح الخلاف أيضاً (3)؛ للحسن أو الموثّق في الأول :« لا هدي إلّا من الإبل،و لا ذبح إلّا بمنى» (4).

و للموثّق في الثاني فيمن سئل عمّن ساق في العمرة بدنة،أين ينحرها؟قال:« بمكّة» (5).

و أفضل مكّة فناء الكعبة بالمدّ:سعة أمامها،و قيل (6):ما امتدّ من جوانبها دوراً،و هو حريمها خارج المملوك بالحَزْوَرة قيل (7):هي كقَسْوَرة في اللغة:التلّ الصغير،و الجمع الحَزاور،و قد يقال بفتح الزاء و شدّ الواو.

للصحيح:« من ساق هدياً و هو معتمر نحو هديه في المنحر و هو بين الصفا و المروة و هي الحزورة» (8).

و بظاهره أخذ في القواعد فلم يحكم بالأفضليّة بل ذكر فناء الكعبة بدل مكة (9).

ص:452


1- الذخيرة:675.
2- المدارك 8:65؛ و انظر مفاتيح الشرائع 1:358 و مرآة العقول 18:159.
3- الخلاف 2:373.
4- التهذيب 5:/214 722،الوسائل 14:90 أبواب الذبح ب 4 ح 6.
5- الكافي 4:/488 5،التهذيب 5:/202 672،الوسائل 14:88 أبواب الذبح ب 4 ح 3.
6- الصحاح 6:2457،مجمع البحرين 1:332.
7- كشف اللثام 1:372.
8- الكافي 4:/539 5،الفقيه 2:/275 1343،الوسائل 14:89 أبواب الذبح ب 4 ح 4.
9- القواعد 1:89.

و في الدروس عبّر بالأفضليّة (1)كما في العبارة؛ و لعلّه للجمع بين هذه الرواية و الموثّقة السابقة بإبقائها على إطلاقها و حمل هذه على الفضيلة.

و الجمع بالتقييد أولى إن لم يكن على خلافه الإجماع.

و لو هلك قبل الذبح أو النحر لم يُقم بدله.

و لو كان مضموناً أي واجباً بالأصالة لا بالسباق،وجوباً مطلقاً لا مخصوصاً بفرد كالكفارة و النذر لزمه البدل بلا خلاف أجده،و به صرّح بعض (2).

للأصل من غير معارض في الأول؛ و للصحاح و غيرها (3)فيه و في الثاني،ففي الصحيح:عن الهدي الذي يقلّد أو يشعر ثم يعطب،قال:

« إن كان تطوعاً فليس عليه غيره،و إن كان جزاءً أو نذراً فعليه بدله» (4).

و صريحه كغيره (5)،كظاهر الماتن و غيره و صريح الدروس و التذكرة كما في الذخيرة (6):أن هدي السياق لا يشترط فيه أن يكون متبرعاً به ابتداءً،بل لو كان مستحقاً كالنذر و الكفارة تأدّت به وظيفة السياق.

قيل:و عبارة الأصحاب كالصريحة في ذلك (7)،فلا ضرورة إلى التأويل في العبارة بجعل الضمير المستكن في« كان» عائداً إلى مطلق

ص:453


1- الدروس 1:443.
2- مفاتيح الشرائع 1:358،الحدائق 17:168.
3- في« ح» زيادة:مستفيضة.
4- التهذيب 5:/215 724،الإستبصار 2:/269 955،الوسائل 14:131 أبواب الذبح ب 25 ح 1.
5- التهذيب 5:/215 725،الإستبصار 2:/269 956،الوسائل 14:131 أبواب الذبح ب 25 ح 2.
6- الذخيرة:675.
7- المدارك 8:66.

الهدي،و كون إدخاله في باب هدي القرآن من باب الاستطراد،مع أن الظاهر المتبادر منها عود الضمير إلى هدي السياق.

و أما ما ينافي الحكم الثاني كالمرسل:« كل شيء إذا دخل الحرم فعطب فلا يدل على صاحبه تطوعاً أو غيره» (1)فلضعف سنده و عدم ظهور قائل به محمول على العجز عن البدل،أو عطب غير الموت كالكسر،أو تعلّق الوجوب بالعين فإنه لا بدل فيه كما صرّح بعض المحدّثين.

فقال في شرح الحديث المتقدم بعد قوله:« إن كان جزاءً أو نذراً»:

ينبغي حمل النذر فيه على النذر المطلق؛ فإنه إذا تلف هنا رجع إلى الذمة.

أما لو كان نذراً معيّناً بهذه البدنة يكون حينئذ قد زال ملكه عنها و تكون في يده أمانه للمساكين كالوديعة لا تضمن إلّا بالتعدي و التفريط،و هذان القسمان على ما حرّرنا مما ادّعي عليهما الإجماع.انتهى.

و هو حسن،و به صرّح جمع.

و لو عجز عن الوصول إلى محلّه الذي يجب ذبحه فيه نحره أو ذبحه و صرفه في وجوهه في موضع عجزه.

و لو لم يوجد فيه مستحق أعلمه علامة التذكية و الصدقة بأن يغمس نعله في دمه و يضرب بها صفحة سنامه،أو يكتب رقعة و يضعها عنده تؤذن بأنه هدي،و يجوز التعويل عليها هنا في الحكم بالتذكية و الإباحة بلا خلاف أجده؛ للمعتبرة المستفيضة:

ففي الصحيح:رجل ساق الهدي،فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه و لا يعلم أن هدي،قال:« ينحره و يكتب كتاباً أنه هدي

ص:454


1- الكافي 4:/493 1،الوسائل 14:133 أبواب الذبح ب 25 ح 6.

و يضعه عليه ليعلم من مرّ به أنه صدقة» (1).

و فيه:« أيّ رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها أو عرض لها موت أو هلاك فلينحرها إن قدر على ذلك،ثم ليطلخ نعلها الذي قلّدت به بدمه حتى يعلم من يمرّ بها أنها قد ذكّيت فيأكل من لحمها إن أراد» (2).

و ظاهرها عدم وجوب الإقامة عنده إلى أن يوجد المستحق و إن أمكنت،و به صرّح جماعة (3).

و لو أصابه كسر يمنع وصوله جاز بيعه كما عن النهاية و المبسوط و غيرهما (4).

قيل:لخروجه بذلك عن صفة الهدي مع بقائه على الملك؛ و للحسن أقول:بل الصحيح على الصحيح-:عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب،أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه على هدي آخر؟قال:« يبيعه و يتصدق بثمنه،و يُهدي هدياً آخر» (5).

و إذا باعه فيستحب الصدقة بثمنه أو إقامة بدله به لهذا الخبر و قول ابن عباس:إذا أهديت هدياً واجباً فعطب فانحره مكانه إن شئت، و أهده إن شئت،و بعه إن شئت،و تقوّ به إن شئت (6).

ص:455


1- الفقيه 2:/297 1477،الوسائل 14:141 أبواب الذبح ب 31 ح 1.
2- علل الشرائع:/435 3،الوسائل 14:142 أبواب الذبح ب 31 ح 4.
3- منهم:صاحب المدارك 8:69،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:369،و السبزواري في الذخيرة:676.
4- النهاية:259،المبسوط 1:373؛ و أُنظر المدارك 8:69.
5- الكافي 4:/494 4،التهذيب 5:/217 730،الوسائل 14:136 أبواب الذبح ب 27 ح 1.
6- انظر المغني و الشرح الكبير 3:576.

و لاستحبابهما مطلقاً،و الخبر يفيد استحبابهما جميعاً.

أقول:كما في التحرير (1).

ثم قيل أيضاً:و لا يجب شيء منهما و إن كان ظاهر الخبر؛ للأصل من غير معارض،فإنّ السياف إنما يوجب ذبح المسوق أو نحوه،و الخبر يحتمل الندب و الواجب مطلقاً لا بالسياق،بل في نذر أو كفارة،بل هو الظاهر،و وجوب بدله ظاهر،و عليه حمل في التذكرة و المنتهى،و فيهما:

أن الأولى به ذبحه و ذبح ما في ذمته معاً.و إن باعه تصدّق بثمنه؛ للصحيح:

عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب،أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه في هدي؟قال:« لا يبيعه،فإن باعه فليتصدّق بثمنه و ليهد هدياً آخر» (2)و لتعيّن حق الفقراء فيه بتعيينه،و لذا أوجب أحمد في رواية ذبحه،قال:

و الأولى حمل ما تلوناه من الرواية على الاستحباب.قلت:لأصالة البراءة من هديين و الحرج و العسر (3).انتهى.

و هو حسن،إلّا أنه بعد الاعتراف يكون مورد النص بجواز البيع هو الواجب مطلقاً لا بالسياق يشكل الحكم بجواز البيع في محل البحث، لخلوّه عن النص على هذا التقدير،بل مقتضى الصحيحة المتقدمة في المسألة الأُولى المصرّحة بالذبح و التعليم على هذا الوجه مع الكسر وجوبه كالعطب من غير فرق بينهما.

و هو أيضاً ظاهر باقي الروايات المتقدمة ثمة،بناءً على وقوع الحكم

ص:456


1- التحرير 1:107.
2- الفقيه 2:/298 1482،التهذيب 5:/217 731،الوسائل 14:136 أبواب الذبح ب 27 ح 2.
3- كشف اللثام 1:369.

فيها منوطاً بالعطب،و هو يتناول الكسر و غيره،بل قيل:ظاهر كلام أهل اللغة اختصاصه بالكسر (1).

و بالجملة:مقتضى النصوص المزبورة عدم الفرق بين المسألتين.

و منه يظهر ضعف ما قيل من أن الفارق بينهما هو النص (2)،فإنه إن أراد من النص ما تقدّم في المسألة الأُولى فقد عرفت تصريح بعضها بعموم الحكم و عموم باقيها للمسألتين أو ظهورها في الثانية،و كذا إن أراد من النص ما مرّ في هذه المسألة؛ للتصريح فيه أيضاً بالعموم،مع أن موردها الهدي الواجب مطلقاً لا بالسياق كما عرفت.

و بالجملة:الأصح عدم الفرق بين المسألتين في وجوب الذبح وفاقاً لجماعة من متأخري المتأخرين (3).

و لا يتعيّن هدي السياق في حج أو عمرة للصدقة إلّا بالنذر و ما في معناه؛ لما مرّ من المعتبرة الآمرة بتثليثه في الأكل و الهدية و الصدقة.

لكن مقتضاه وجوبه كما عن الحلّي،و الموجود في السرائر ما قدّمناه في هدي التمتع (4)،نعم التثليث ظاهر الدروس بل صريحه و تبعه جماعة (5).

و مقتضى العبارة و ما شاكله أن الواجب فيه هو النحر أو الذبح خاصة، فإذا فعل ذلك صنع به ما شاء إن لم يكن منذوراً للصدقة؛ و لعلّ وجهه الأصل مع ما قدّمناه ثمّة من صرف الأوامر بالتثليث في الآية و المعتبرة إلى الاستحباب،كما هو المشهور هنا و ثمة،و هو الأقوى.

ص:457


1- المدارك 8:70.
2- انظر المسالك 1:118.
3- منهم:صاحب المدارك 8:70،و السبزواري في الذخيرة:676.
4- السرائر 1:598؛ و راجع ص 3042.
5- الدروس 1:444؛ و أُنظر المسالك 1:118،و الحدائق 17:177.

و نبّه بقوله: و إن أشعره أو قلّده إلى أنّ بهما لا يتعين للصدقة، و إنما الواجب بهما نحره أو ذبحه خاصة.

و أما قبلهما فله التصرف فيه بما شاء و إبداله؛ فإنه ماله،كما في الصحيح:« إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها و إن شاء باعها، و إن كان أشعرها نحرها» (1).

و لو ضلّ فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه إن ذبحه في منى،و إن ذبحه في غيره لم يجزئ كما في الصحيح (2)،لكن ليس فيه التقييد بكون الذبح عن صاحبه كما في المتن و كلام جمع (3)؛ و لعلّهم أخذوه من المرسل:في رجل اشترى هدياً فنحره،و مرّ به رجل آخر فعرفه فقال:هذه بدنتي ضلّت مني بالأمس،و شهد له رجلان بذلك،فقال:« له لحمها و لا تجزئ عن واحد منهما» ثم قال:« و لذلك جرت السنّة بإشعارها أو تقليدها إذا عرفت» (4).

مع وقوع الأمر بالذبح عنه في الصحيح:« إذا وجد الرجل هدياً ضالّاً فليعرّفه يوم النحر و الثاني و الثالث،ثم ليذبحها عن صاحبها عشيّة الثالث» (5)و في المنتهى:إن ذبحه عن نفسه لم يجزئ عن واحد منهما،أما

ص:458


1- التهذيب 5:/219 738،الإستبصار 2:/271 962،الوسائل 14:143 أبواب الذبح ب 32 ح 1.
2- الكافي 4:/495 8،الفقيه 2:/297 1475،التهذيب 5:/219 739،الإستبصار 2:/272 963،الوسائل 14:137 أبواب الذبح ب 28 ح 2.
3- منهم السبزواري في الذخيرة:677.
4- الكافي 4:/495 9،التهذيب 5:/220 740،الإستبصار 2:/272 964،الوسائل 14:145 أبواب الذبح ب 33 ح 1.
5- الكافي 4:/494 5،التهذيب 5:/217 731،الوسائل 14:137 أبواب الذبح ب 28 ح 1.

عن الذابح فلأنه نهي عنه،و أما عن صاحبه فلعدم النية (1).

و إطلاق النص و المتن يقتضي عدم الفرق في الحكم بين أن يكون الهدي الذي تعلّق به السياق متبرعاً به أو واجباً بنذر أو كفارة،و به صرّح جماعة (2).

خلافاً لبعضهم في الواجب (3)،و هو مدفوع بإطلاق النص.

و لو ضلّ فأقام بدله ثم وجده ذبحه و لا يجب ذبح الأخير؛ لأنه لم يتعين له بالإقامة،و للموثق أو الصحيح:عمن اشترى كبشاً فهلك منه، فقال:« يشتري مكانه آخر»[قلت:]فإن كان اشترى مكانه آخر ثم وجد الأول،فقال:« إن كان جميعاً قائمين فليذبح الأول و ليبع الأخير و إن شاء ذبحه،و إن كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه» (4).

فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول للأمر به في الخبر المتقدم.

و لكن ظاهره الوجوب،إلّا أنه لا قائل بإطلاقه فليحمل على الاستحباب كذلك،كما هو ظاهر المتن و غيره (5)،أو يقيّد بما إذا لم يتعيّن بالنذر كما في الشرائع و القواعد و غيرهما (6)،أو الإشعار و التقليد أيضاً كما في المنتهى تبعاً للمحكي في المختلف عن الشيخ (7).و هو الأظهر؛

ص:459


1- المنتهى 2:751.
2- منهم:الشهيد الثاني في المسالك 1:118،و صاحب المدارك 8:73،و السبزواري في الذخيرة:677.
3- جامع المقاصد 3:250.
4- الكافي 4:/494 7،الفقيه 2:/298 148،التهذيب 5:/218 737،الإستبصار 2:/271 961،الوسائل 14:144 أبواب الذبح ب 32 ح 2.
5- انظر المختلف:307،و الدروس 1:444،و الحدائق 17:187.
6- الشرائع 1:263،القواعد 1:88؛ و أُنظر المدارك 8:75،و كشف اللثام 1:369.
7- المنتهى 2:750،المختلف:307.

للصحيح:عن الرجل يشتري البدنة،ثم تضلّ قبل أن يشعرها و يقلّدها،فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر و يجد هديه،فقال عليه السلام:« إن لم يكن قد أشعرها فهو من ماله،إن شاء نحرها و إن شاء باعها،و إن كان أشعرها نحرها» (1).

خلافاً لظاهر المتن و نحوه فلم يوجبوا الذبح و لو مع الإشعار،و به صرّح في المختلف،قال:لأنه امتثل المأمور به فيخرج عن العهدة،نعم لو عيّنه بالنذر كان قول الشيخ جيّداً (2).

و فيه:أنه اجتهاد في مقابلة النص فلا يعتبر.

و يجوز ركوبه و شرب لبنه ما لم يضرّ به أو بولده بلا خلاف في الهدي المتبرع به،بل عليه الوفاق في المدارك (3)،و في غيره الإجماع مطلقاً إلّا من الإسكافي في الواجب (4).

أقول:و تبعه الفاضل في المختلف و غيره (5)،و عن المنتهى الإجماع على المستثنى (6).فإن تمّ و إلّا كما هو الظاهر،لإطلاق المتن و كلام كثير فالوجه عدم الفرق في الحكم بين الواجب و المتبرع به؛ لإطلاق النص كالصحيح:« إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لم يضرّ بولدها ثم انحرهما جميعاً» قلت:أشرب من لبنها و أسقي؟قال:« نعم» و قال:« إنّ علياً عليه السلام

ص:460


1- التهذيب 5:/219 738،الإستبصار 2:/271 962،الوسائل 14:143 أبواب الذبح ب 32 ح 1.
2- المختلف:307.
3- المدارك 8:75.
4- المفاتيح 1:359.
5- المختلف:307؛ و انظر المسالك 1:118.
6- المنتهى 2:751.

كان إذا رأى ناساً يمشون و قد جهدهم المشي حملهم على بُدنِه و قال:إن ضلّت راحلة الرجل أو هلكت و معه هدي فليركب على هديه» (1).

و نحوه أخبار أُخر صحيحة (2).

نعم،يمكن القول بذلك في الواجب المعيّن؛ لخروجه عن الملك فيتبعه النماء،مع عدم معلومية انصراف إطلاق النصوص إليه مع احتماله أيضاً فيشكل.

أما الواجب المطلق كدم التمتع و جزاء الصيد و النذر الغير المعيّن فالأجود فيه العمل بالإطلاق و إن كان الأحوط فيه و في النذر المعيّن المنع، فإن فعل غرم قيمة ما يشرب من لبنها لمساكين الحرم.

و أما الخبر:ما بال البدنة تقلّد النعل و تشعر؟فقال عليه السلام:« أما النعل فيعرف أنها بدنة و يعرفها صاحبها بنعله،و أما الإشعار فيحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها فلا يستطيع الشيطان أن يتسنّمها» (3)فمحمول على الكراهة.

قيل:أو الجواز على الضرورة أو غير المتعين (4).

و في قوله:أو بولده،إشارة إلى أن الهدي إذا نتجت فالولد هدي، كما عن النهاية و المبسوط و التهذيب و السرائر و الجامع (5)،و نصّ عليه ما مرّ

ص:461


1- الكافي 4:/493 2،التهذيب 5:/220 741،الوسائل 14:147 أبواب الذبح ب 34 ح 6.
2- انظر الوسائل 14:146 أبواب الذبح ب 34 ح 5،7.
3- التهذيب 5:/238 804،علل الشرائع:/434 1،الوسائل 14:148 أبواب الذبح ب 34 ح 8.
4- كشف اللثام 1:369.
5- النهاية:260،المبسوط 1:374،التهذيب 5:220،السرائر 1:598،الجامع للشرائع:214.

من الأخبار.

و يؤيده الاعتبار إذا كان موجوداً حال السياق مقصوداً بالسوق أو متجدداً بعده مطلقاً.

أما لو كان موجوداً حال السياق و لم يقصد بالسوق لم يجب ذبحه قطعاً،كذا قيل (1)،و لكن النص مطلق إلّا أن يمنع انصرافه إلى الأخير.

و لا معطي الجزّار من الهدي الواجب كالكفّارات و النذور شيئاً و لا يأخذ الناذر من جلودها و ظاهر المتن التحريم في المقامين.

خلافاً للمحكي عن الشيخ في النهاية و المبسوط فقال:يستحب أن لا يأخذ شيئاً من جلود الهدي و الأضاحي بل يتصدّق بها كلّها،و لا يجوز أن يعطيها الجزّار،فإن أراد أن يخرج شيئاً لحاجته إلى ذلك تصدّق بثمنه (2).

قيل:و إنما حرّم الثاني دون الأول؛ للنهي عنه من غير معارض، بخلاف الأوّل (3).

ففي الصحيح:عن الإهاب،فقال:« تصدّق به أو تجعله مصلّى ينتفع به في البيت و لا تعطي الجزّارين» و قال:نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يعطي جلالها و جلودها و قلائدها الجزّارين و أمر أن يتصدّق بها» (4).

و في الحسن:« نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يعطى الجزّار من جلود الهدي و جلالها» (5).

ص:462


1- انظر كشف اللثام 1:370 و الحدائق 17:198.
2- النهاية:261،المبسوط 1:374.
3- كشف اللثام 1:370.
4- التهذيب 5:/228 771،الإستبصار 2:/276 980،الوسائل 14:174 أبواب الذبح ب 43 ح 5.
5- الكافي 4:/501 1،الوسائل 14:173 أبواب الذبح ب 43 ح 1.

قال الكليني:و في رواية معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

« ينتفع بجلد الأُضحية و يشتري به المتاع،و إن تصدّق به فهو أفضل» (1).

أقول:دعوى فقد المعارض ممنوعة،فقد أرسل الصدوق في الفقيه عنهم عليهم السلام« إنما يجوز للرجل أن يدفع الأضحية إلى من يسلخها بجلدها، لأن اللّه عز و جل قال: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا [1] (2)و الجلد لا يؤكل و لا يطعم» (3).

و أسنده في العلل عن مولانا الكاظم عليه السلام:الرجل يعطي الأُضحية من يسلخها بجلدها،قال:لا بأس به،قال اللّه عز و جل: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا [2] و الجلد لا يؤكل و لا يطعم» (4).

و هما و إن وردا في الأُضحية لكن ذكر الآية العامة للهدي أو الخاصة به ظاهر بل صريح في العموم،مع أن الشيخ عمّم المنع للأُضحية.

و لعلّه لهذا أفتى الحلّي بكراهة الثاني أيضاً كما حكي عنه (5)،و بها يشعر عبارة الفاضل في المنتهى و التحرير (6)حيث عبّر عن المنع بلفظة « لا ينبغي» الظاهرة فيها.

و حكيت أيضاً عن جماعة.

و لا تخلو عن قوة لولا قصور سند الأخيار الأخيرة،و صحة الأخبار الأوّلة،فالأخذ بظاهرها من التحريم أحوط و أولى.

ص:463


1- الكافي 4:/501 2،الوسائل 14:173 أبواب الذبح ب 43 ح 2.
2- الحج:28،36.
3- الفقيه 2:/129 550،الوسائل 14:175 أبواب الذبح ب 43 ح 7.
4- علل الشرائع:/439 1،الوسائل 14:175 أبواب الذبح ب 43 ح 8.
5- السرائر 1:600.
6- المنتهى 2:754،التحرير 1:108.

ثم إن المنع فيها مطلق ليس مقيداً بالإعطاء أجراً،إلّا أن جماعة من الأصحاب قيّدوه بذلك،و قالوا بجوازه على وجه الصدقة،كما عن الحلبي و الاصباح و الغنية (1)،لكن باقي الفتاوي مطلقة.

و لا يجوز أن يأكل منها،فإن أخذ و أكل ضمنه أي المأخوذ و المأكول،بغير خلاف أجده،و به صرّح في الذخيرة،بل فيها الإجماع عن المنتهى و التذكرة (2)؛ و هو الحجة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة،و فيها الصحيح و غيره من المعتبرة:

ففي الصحيح:عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه؟فقال:« يأكل من أُضحيته و يتصدّق بالفداء» (3).

و فيه:« إنّ الهدي المضمون لا يأكل منه إذا عطب،فإن أكل منه غرم» (4).

لكن بإزائها روايات أُخر دالة على جواز الأكل من الواجب و غيره، منها الحسن:« يؤكل من الهدي كلّه مضموناً كان أو غير مضمون» (5).

و حملها الشيخ على حال الضرورة،قال:للخبر:« إن أكل الرجل من الهدي تطوّعاً فلا شيء عليه،و إن كان واجباً فعليه قيمة ما أكل» (6).

ص:464


1- الحلبي في الكافي:200،الغنية(الجوامع الفقهية):582،الإصباح:حكاه عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:370.
2- الذخيرة:678،و هو في المنتهى 1:752،و التذكرة 1:385.
3- الكافي 4:/500 5،التهذيب 5:/224 757،الإستبصار 2:/273 966،الوسائل 14:164 أبواب الذبح ب 40 ح 15.
4- الفقيه 2:/299 1483،الوسائل 14:167 أبواب الذبح ب 40 ح 26.
5- التهذيب 5:/225 759،الإستبصار 2:/273 968،الوسائل 14:161 أبواب الذبح ب 40 ح 6.
6- التهذيب 5:/225 761،الإستبصار 2:/273 970،الوسائل 14:161 أبواب الذبح ب 40 ح 5.

و فيه نظر،لكن لا بأس به صوناً للروايات عن الطرح.

قيل:و يستثنى من هذه الكلية هدي التمتع،فإنه هدي واجب [و الأكل منه واجب (1)]أو مستحب،و لا يستثنى من ذلك هدي السياق المتبرع به فإنه غير واجب و إن تعيّن ذبحه بالسياق،لأن المراد بالواجب ما وجب ذبحه بغير السياق (2).انتهى.

و هو حسن و قد مرّ ما يدل عليه.

و من نذر بدنة فإن عيّن موضع النحر تعيّن بلا إشكال،و إلّا نحرها بمكة مطلقاً سواء كان المنذور هدياً و في طريق الحج أم لا،على ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا و في الشرائع و القواعد و عن النهاية و المبسوط و السرائر (3)،و الخبر:عن رجل جعل للّه تعالى بدنة ينحرها[بالكوفة في شكر،فقال لي:عليه أن ينحرها]حيث جعل للّه تعالى عليه،و إن لم يكن سمّى بلداً فإنه ينحرها قبالة الكعبة منحر البُدن» (4)و في سنده جهالة.

و مقتضى الأُصول جواز النحر حيث شاء،كما أستوجهه بعض متأخري الأصحاب (5).

لكن قيل:إن الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.

فإن تمّ إجماعاً كما عن الخلاف (6)،أو شهرةً جابرةً،و إلّا فالأخذ

ص:465


1- أضفناه من المصدر.
2- المدارك 8:77.
3- الشرائع 1:263،القواعد 1:89،النهاية:262،المبسوط 1:375،السرائر 1:599.
4- التهذيب 5:/239 806،الوسائل 14:204 أبواب الذبح ب 59 ح 1،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
5- كصاحب المدارك 8:79.
6- الخلاف 2:438.

بمقتضى الأُصول أقوى،و تقييد الرواية و نحو العبارة بما إذا نذر في طريق الحج كما عن جماعة،أو نذر الهدي خاصة كما عن ابن زهرة أن عبّر به مدّعياً على الحكم الإجماع (1).

و ينبغي أن يقيّد الحكم بما إذا لم يكن هناك فرد ينصرف إليه الإطلاق،و إلّا فلا يجب النحر بمكة حيث لا يكون هو الفرد المنصرف إليه الإطلاق بلا إشكال.

الخامس الأُضحيَّة

الخامس:الأُضحيَّة بضم الهمزة و كسرها و تشديد الياء المفتوحة و هي مستحبة عند علمائنا و أكثر العامة كما في كلام جماعة (2)،مؤذنين بدعوى الإجماع.

أما رجحانه فبالكتاب (3)و السنّة المستفيضة (4)،بل المتواترة بعد إجماع الأُمة.

و أما عدم الوجوب فللأصل بعد الإجماع المنقول و النبوي:« كتب عليّ النحر و لم يكتب عليكم» (5)و قصور السند بعمل الأصحاب مجبور.

خلافاً للإسكافي فأوجبه (6)؛ للخبر أو الصحيح:« الأُضحيّة واجبة على من وجد من صغير أو كبير،و هي سنّة» (7).

ص:466


1- الغنية(الجوامع الفقهية):581.
2- منهم:العلّامة في المنتهى 2:755،و صاحب المدارك 8:81،و السبزواري في الذخيرة:678،و صاحب الحدائق 17:200.
3- الكوثر:2.
4- الوسائل 14:204،210 أبواب الذبح ب 60،64.
5- الجامع الصغير 2:/269 6223 و فيه:كتب عليَّ الأضحى..،مسند أحمد 1:317،سنن الدارقطني 4:/282 42.
6- نقله عنه في المختلف:307.
7- الفقيه 2:/292 1445،الوسائل 14:205 أبواب الذبح ب 60 ح 3.

و يضعّف بشيوع إطلاق الوجوب على الاستحباب المؤكد في الأخبار،مع أنه معارض بلفظ السنّة.

قيل:و مع ذلك فهو صريح في الوجوب على الصغير،و المراد به حيث يقابل به الكبير غير البالغ،و لا ريب أن التكليف في حقّه متوجه إلى الوليّ،مع أنه نفى الوجوب عنه في الصحيح:عن الأضحى أ واجب على من وجد لنفسه و عياله؟فقال:« أمّا لنفسه فلا يدعه،و أمّا لعياله إن شاء تركه» (1)و نحوه آخر أو الخبر (2).

و فيه نظر؛ لأن نفى الوجوب عن العيال أعم من نفي الوجوب عن وليّ الصغير،إذ لا ملازمة بينهما،إلّا على تقدير أن يكون في العيال المسئول عنهم في الرواية صغير واجد،و ليس فيها تصريح به و إن كان السؤال يعمّه،لكن الصحيح المتقدم الموجب بالنسبة إليه خاص فليقدّم عليه،و التخصيص راجح على المجاز حيثما تعارضا،خصوصاً و ارتكاب المجاز في الواجب بحمله على المستحب يوجب مساواة الصغير و الكبير فيه و الحال أن مجموع الأخبار في الكبير مشتركة في إفادة الوجوب،فلا يمكن صرفه بالإضافة إلى الصغير خاصة إلى الاستحباب،للزوم استعمال اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد في معنييه الحقيقي و المجازي،و هو خلاف التحقيق،فالأظهر في الجواب ما قدّمناه.

و أمّا قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ [1] (3)فإن كان بهذا المعنى فإنما توجّه إلى النبي صلى الله عليه و آله،و قد قيل:إنّ وجوبه من خواصّه (4)،و دلّ عليه ما مرّ

ص:467


1- الكافي 4:/487 2،الوسائل 14:204 أبواب الذبح ب 60 ح 1.
2- الفقيه 2:/292 1446،الوسائل 14:205 أبواب الذبح ب 60 ح 5.
3- الكوثر:2.
4- كشف اللثام 1:368.

من النص النبوي.

و وقتها بمنى أربعة أيام: يوم النحر و ثلاثة بعده،و في سائر الأمصار ثلاثة: يوم النحر و يومان بعده بإجماعنا الظاهر،و المصرَّح به في ظاهر الغنية المنتهى و صريح غيرهما (1)؛ للصحيح:عن الأضحى كم هو بمنى؟فقال:« أربعة أيام» و عنه في غيره،فقال:« ثلاثة أيام» قال:فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين،إله أن يضحّي في اليوم الثالث؟فقال:« نعم» (2).

و نحوه الموثق (3).

و يحمل نحو الصحيح:الأضحى يومان بعد يوم النحر،و يوم واحد بالأمصار» (4)على مريد الصوم،و اليومان إذا نفر في الثامن عشر،و حملهما جماعة على الأفضلية (5).

و الخبر:« الأضحى ثلاثة أيام،أفضلها أوّلها» (6)على غير منى.

و يحتمل الحمل على التقية كما في الذخيرة،قال:لأنه مذهب مالك

ص:468


1- الغنية(الجوامع الفقهية):582،المنتهى 2:755؛ و أُنظر الذخيرة:678،و الحدائق 17:209.
2- التهذيب 5:/202 673،الاستبصار 2:/264 930،قرب الإسناد:106،الوسائل 14:91 أبواب الذبح ب 6 ح 1.
3- التهذيب 5:/203 674،الإستبصار 2:/264 931،الوسائل 14:92 أبواب الذبح ب 6 ح 2.
4- الكافي 4:/486 2،التهذيب 5:/203 677،الإستبصار 2:/264 934،الوسائل 14:93 أبواب الذبح ب 6 ح 7.
5- منهم:صاحب المدارك 8:84،و السبزواري في الذخيرة:679.
6- الفقيه 2:/292 1442،التهذيب 5:/203 675،الإستبصار 2:/264 932،الوسائل 14:92 أبواب الذبح ب 6 ح 4.

و الثوري و أبي حنيفة (1)،و بأنّ ذلك مذهبهم صرّح في المنتهى (2).

و يكره أن يخرج شيئاً من أُضحيّته عن منى،و لا بأس ب إخراج السنام كما في الإستبصار و الشرائع و التحرير و القواعد (3)و غيرها (4)؛ للخبر:« لا يتزوّد الحاج من أُضحيّته،و له أن يأكل منها أيامها،إلّا السنام فإنه دواء» (5).

و ظاهر النهي التحريم،كما عن النهاية و المبسوط و التهذيب (6).لكن ضعف سنده يمنع عن العمل.

مع أن في الصحيح:عن إخراج لحوم الأضاحي عن منى،فقال:« كنّا نقول لا يخرج منها بشيء لحاجة الناس إليه،فأمّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه» (7).

و هو نصّ في عدم التحريم،فوجب حمل النهي السابق على الكراهة جمعاً،و خصوصاً مع صحة سند المجوّز،و اعتضاده بالأصل و الشهرة بين الأصحاب كما في الذخيرة (8).

مع أن الشيخ في التهذيب و إن عبّر بلفظ« لا يجوز» الظاهر في

ص:469


1- الذخيرة:679.
2- المنتهى 2:755.
3- الاستبصار 2:274،الشرائع 1:264،التحرير 1:108،القواعد 1:89.
4- انظر المنتهى 2:76،و المدارك 8:85،و الذخيرة:679.
5- التهذيب 5:/227 769،الإستبصار 2:/275 978،الوسائل 14:172 أبواب الذبح ب 42 ح 4.
6- النهاية:261،المبسوط 1:394،التهذيب 5:226.
7- الكافي 4:/500 7،التهذيب 5:/227 768،الإستبصار 2:/275 977،الوسائل 14:172 أبواب الذبح ب 42 ح 5.
8- الذخيرة:679.

التحريم،لكن الظاهر أن مراده منه الكراهة،كما صرّح بها في الاستبصار (1)،مع أنه قُبيل ذلك قال:و لا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد الثلاثة أيام و ادّخارها،و استدل عليه بأخبار بعضها معتبرة.

و لا ريب أن الادّخار بعد ثلاثة لا يكون غالباً إلّا بعد الخروج من منى؛ لأنه بعد الثلاث لا يبقى فيه أحد،فلولا أن المراد ب« لا يجوز» الكراهة لحصل التنافي بين كلاميه،فتأمل.

و لا بأس بأن يخرج ممّا يضحيه غيره للأصل،و اختصاص النهي السابق بأضحيته،و عليه حمل الشيخ الصحيحة المتقدمة،مستشهداً بخبر الحسين بن سعيد،عن أحمد بن محمّد أنه قال:« لا بأس أن يشتري الحاج من لحم منى و يتزوّده» (2).

و فيه بُعد،و في الخبر الذي استشهد به قطع.

و يجزئ هدي التمتع عن الأُضحيّة للصحيحين:« يجزئ الهدي عن الأُضحية» كما في أحدهما (3).

و في الثاني:« يجزئه في الأُضحيّة هديه» (4).

و في لفظ الإجزاء ظهور في أن الجمع بينهما أفضل و ربما علّل بأن فيه فعل المعروف و نفع المساكين (5).

و فيه لو لا النص نظر؛ فإن المفروض استحباب الأُضحيّة من حيث

ص:470


1- الاستبصار 2:274.
2- التهذيب 5:/227 769،الإستبصار 2:/275 978،الوسائل 14:172 أبواب الذبح ب 42 ح 4.
3- الفقيه 2:/297 1472،الوسائل 14:117 أبواب الذبح ب 18 ح 3.
4- التهذيب 5:/238 803،الوسائل 14:80 أبواب الذبح ب 1 ح 3.
5- المدارك 8:86.

إنها أُضحيّة،لا من حيث إنه نفع المساكين و فعل للمعروف،و أحدهما غير الآخر.و لكن الأمر بعد وضوح المأخذ سهل.

ثم إن الموجود في النص هو الهدي بقول مطلق،كما عن النهاية و الوسيلة و التحرير و المنتهى و التذكرة (1).

خلافاً للقاضي،فقيّده بهدي التمتع كما عن التلخيص و التبصرة (2).

و للقواعد و الشرائع و الإرشاد و الدروس (3)،فقيّدوه بالواجب.

و لعلّه لانصراف الإطلاق إليه.

قيل:و لعلّ ذلك نص على الأخفى (4).

أقول:و فيه نظر.

و من لم يجد الأُضحيّة مع القدرة على ثمنها تصدّق بثمنها.

و لو اختلف أثمانها جمع الأول و الثاني و الثالث و تصدّق بثلثها كما في كلام جماعة (5)من غير خلاف بينهم أجده؛ للخبر:كنّا بالمدينة فأصابنا غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار،ثم بدينارين،ثم بلغت سبعة، ثم لم يوجد بقليل و لا كثير،فرفع هشام المكاري إلى أبي الحسن عليه السلام، فأخبره بما اشترينا و أنّا لم نجد بعدُ،فوقّع عليه السلام:« انظروا إلى الثمن الأول

ص:471


1- النهاية:262،الوسيلة:186،التحرير 1:107،المنتهى 2:755،التذكرة 1:386.
2- القاضي في المهذب 1:209،و حكاه عن التلخيص في كشف اللثام 1:370،التبصرة:74.
3- القواعد 1:89،الشرائع 1:264،الإرشاد 1:334،الدروس 1:447.
4- كشف اللثام 1:370.
5- منهم:العلّامة في المنتهى 2:760،و السبزواري في الذخيرة:679،و صاحب الحدائق 17:212.

و الثاني و الثالث،فاجمعوا ثم تصدّقوا بمثل ثلثه» (1).

و الظاهر ما في الدروس و كلام جماعة (2)من التصدق بقيمة منسوبة إلى القيم،فمن اثنتين النصف،و من أربع الربع و هكذا،و أن اقتصار الأصحاب على الثلث تبعاً للرواية.

و يكره التضحية بما يربّيه للخبرين (3).

و أخذ شيء من جلودها و إعطاؤها الجزّار اُجرة أو مطلقاً،بل يستحب الصدقة بها؛ لما مرّ.و مرّ عن الشيخ المنع.

قيل:و في المبسوط:لا يجوز بيع جلدها،سواء كانت واجبة أو تطوعاً،كما لا يجوز بيع لحمها،فإن خالف تصدّق بثمنه.

و في الخلاف:إنه لا يجوز بيع جلودها،سواء كانت تطوعاً أو نذراً، إلّا إذا تصدّق بثمنها على المساكين.و قال أبو حنيفة:أو يبيعها بآلة البيت على أن يعيرها كالقدر و الفأس و المُنخُل و الميزان.و قال الشافعي:لا يجوز بيعها على كل حال.و قال عطاء:يجوز بيعها على كل حال.و قال الأوزاعي:يجوز بيعها بآلة البيت.

قال الشيخ دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم،و أيضاً فالجلد إذا كان للمساكين فلا فرق بين أن يعطيهم إياه أو ثمنه (4).

ص:472


1- الكافي 4:/544 22،الفقيه 2:/296 1467،التهذيب 5:/238 805،الوسائل 14:203 أبواب الذبح ب 58 ح 1.
2- الدروس 1:449؛ و أُنظر المدارك 8:87،و كشف اللثام 1:370.
3- الأول:الكافي 4:/544 20،التهذيب 5:/452 1578،الوسائل 14:208 أبواب الذبح ب 61 ح 1.الثاني:الفقيه 2:/296 1468،الوسائل 14:208 أبواب الذبح ب 61 ح 2.
4- كشف اللثام 1:370.
الحلق

و أما الحلق و في معناه التقصير ف هو واجب على الحاج بالإجماع و النصوص (1).

و القول باستحبابه كما عن الشيخ في التبيان في نقل (2)،و في النهاية في آخر (3)شاذّ مردود،كما في كلام جمع (4)،مشعرين بدعوى الإجماع، كما صرّح به بعضهم (5).

و هو مخيّر بينه و بين التقصير مطلقاً و لو كان صرورة لم تحجّ بعد أو ملبِّداً و هو من يجعل في رأسه عسلاً أو صمغاً لئلّا يتّسخ أو يقمل على الأظهر عند الماتن و الأكثر كما في كلام جمع (6).

و مستندهم غير واضح،عدا الأصل،و إطلاق قوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ [1] (7)و قوله صلى الله عليه و آله:« و للمقصِّرين» (8).

و ضعفهما في غاية الظهور،سيّما في مقابلة ما سيأتي من النصوص.

و الأظهر تعيّن الحلق عليهما،كما عن النهاية و المبسوط و الوسيلة (9)، و عن المقنع و التهذيب و الجامع (10)مع المعقوص،و عن المقنعة و الاقتصاد

ص:473


1- انظر الوسائل 14:211 أبواب الحلق و التقصير ب 1.
2- نقله عن العلامة في المنتهى 2:762،و هو في التبيان 2:154.
3- النهاية:262.
4- منهم الشهيد في الدروس 1:452،و صاحب المدارك 8:88،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:373.
5- المفاتيح 1:360.
6- منهم:المحقق الثاني في جامع المقاصد 3:255،و صاحب المدارك 8:89،و صاحب الحدائق 17:222.
7- الفتح:27.
8- التهذيب 5:/243 822،الوسائل 14:223 أبواب الحلق و التقصير ب 7 ح 6.
9- النهاية:262،المبسوط 1:376،الوسيلة:186.
10- المقنع:89،التهذيب 5:243،الجامع للشرائع:216.

و المصباح و مختصره و الكافي (1)في الصرورة.

للنصوص المستفيضة،و فيها الصحاح و غيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح:« إذا عقص الرجل رأسه أو لبّده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق» (2).

و فيه:« إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق،و ليس لك التقصير،و إن أنت لم تفعل فمخيّر لك التقصير و الحلق في الحج،و ليس في المتعة إلّا التقصير» (3).

و فيه:« ينبغي للصرورة أن يحلق،و إن كان قد حجّ فإن شاء قصّر و إن شاء حلق،فإذا لبّد شعره أو عقصه فإنّ عليه الحلق و ليس له التقصير» (4).

و هذه الأخبار صريحة في الوجوب على الملبِّد و المعقوص،كالخبر:

« ليس للصرورة أن يقصّر» (5)و آخر:« إن لم يكن حجّ فلا بدّ له من الحلق» (6)في الوجوب على الصرورة.

لكن لفظة« ينبغي» في الصحيحة الأخيرة ربما تعطي الاستحباب فيه، إلّا أن الظاهر منها أن المراد بها الوجوب،بقرينة قوله:« و إن كان قد حجّ فإن شاء» إلى آخره،فإنّ مفهومه نفي المشيئة عن الذي لم يحجّ و هو

ص:474


1- المقنعة:419،الاقتصاد:308،المصباح:644،الكافي في الفقه:201،حكاه عن مختصر المصباح في كشف اللثام 1:373.
2- التهذيب 5:/484 1724،الوسائل 14:222 أبواب الحلق و التقصير ب 7 ح 2.
3- التهذيب 5:/160 533،الوسائل 14:224 أبواب الحلق و التقصير ب 7 ح 8.
4- الكافي 4:/502 6،التهذيب 5:/243 821،الوسائل 14:221 أبواب الحلق و التقصير ب 7 ح 1.
5- التهذيب 5:/243 820،الوسائل 14:224 أبواب الحلق و التقصير ب 7 ح 10.
6- التهذيب 5:/485 1730،الوسائل 14:222 أبواب الحلق و التقصير ب 7 ح 4.

الصرورة،و هو نصّ في الوجوب،فإنّ الاستحباب لا يجامع نفي المشيئة.

و يعضده الروايتان الأخيرتان المنجبر ضعف إسنادهما بفتوى هؤلاء العظماء من القدماء.

و حيثما تخيّر ف الحلق أفضل إجماعاً كما عن التذكرة (1)، و في المنتهى:لا نعلم فيه خلافاً (2)؛ للصحاح و غيرها (3).

و التقصير متعيّن على المرأة (4) كما في المختلف و غيره (5)،و في التحرير و المنتهى (6):ليس عليها الحلق إجماعاً؛ للنبوي:« ليس على النساء حلق،إنما على النساء التقصير» (7).

و المرتضوي:« نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن تحلق المرأة رأسها» (8).

و يجزئ المرأة في التقصير أخذ قدر الأنملة كما في كلام جماعة (9)؛ للمرسل كالصحيح:« تقصر المرأة لعمرتها مقدار الأنملة» (10).

ص:475


1- التذكرة 1:390.
2- المنتهى 2:763.
3- الوسائل 14:221 أبواب الحلق و التقصير ب 7.
4- في« ح» و« ق» زيادة:إجماعاً.
5- المختلف:308؛ و أُنظر المدارك 8:91،و الحدائق 17:226.
6- التحرير 1:108،المنتهى 2:763.
7- الفقيه 4:/263 ضمن حديث 821،الوسائل 14:227 أبواب الحلق و التقصير ب 8 ح 4،عوالي اللئلئ 1:/180 237،المستدرك 10:136 أبواب الحلق و التقصير ب 7 ح 3.
8- كنز العمال 5:/276 12873.
9- منهم:صاحب المدارك 8:92،و السبزواري في الذخيرة:681،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:373.
10- الكافي 4:/503 11،التهذيب 5:/244 824،الوسائل 13:508 أبواب التقصير ب 3 ح 3.

و لكن في الصحيح:« إن لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن و يقصرن من أظفارهن» (1)فالأولى الجمع.

و عن الإسكافي أنها يجزئها قدر القبضة (2).قيل:و هو على الندب (3).

ثم قيل:المراد بقدر الأنملة أقلّ المسمّى،و هو المحكي عن ظاهر التذكرة و المنتهى،قال:لأن الزائد لم يثبت،و الأصل براءة الذمة (4).

ثم إطلاق الماتن هنا و في غيره كالقواعد- (5)يعطي إجزاء ذلك للرجل؛ و لعلّه لإطلاق النصوص،إلّا أن مقتضاه المسمّى،كما احتمل في المرأة أيضاً.

و المحلّ لهما بمنى،و عليه ف لو رحل قبله و لو جاهلاً أو ناسياً عاد إليه للحلق أو التقصير مع الإمكان فيما قطع به الأصحاب كما في المدارك (6)،و فيه:بل ظاهر التذكرة و المنتهى أنه موضع وفاق (7).

أقول:و به صرّح بعض الأصحاب (8)،و آخر بنفي الخلاف (9).

ص:476


1- الكافي 4:/474 7،التهذيب 5:/195 647،الوسائل 14:226 أبواب الحلق و التقصير ب 8 ح 1.
2- حكاه عنه في المختلف:308.
3- الدروس 1:453.
4- كشف اللثام 1:373،و هو في التذكرة 1:390 و المنتهى 2:763.
5- القواعد 1:89.
6- المدارك 8:95.
7- التذكرة 1:390،المنتهى 2:764.
8- المفاتيح 1:361.
9- الذخيرة:682.

للصحيح:عن رجل نسي أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى،قال:« يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها» (1).

و نحوه الخبر فيمن جهل أن يأتي بأحدهما حتى ارتحل من منى (2).

و أما الحسن،بل الصحيح:عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر حتى نفر،قال:« يحلق في الطريق أو أين كان» (3)فمحمول على ما لو تعذّر العود،فإنه إذا كان كذلك حلق أو قصّر حيث كان وجوباً بلا إشكال كما في المدارك (4)،و في غيره بلا خلاف (5).

و بعث بشعره إلى منى ليدفن بها استحباباً مطلقاً؛ للأمر به في الصحيح (6)و غيره (7)كذلك.

و إنما حمل على الاستحباب جمعاً بينهما و بين الصحيح:عن الرجل ينسى أن يحلق رأسه حتى ارتحل من منى،فقال:« ما يعجبني أن يلقي شعره إلّا بمنى و لم يجعل عليه شيئاً» (8).

ص:477


1- التهذيب 5:/241 812،الإستبصار 2:/285 1011،الوسائل 14:217 أبواب الحلق و التقصير ب 5 ح 1.
2- الكافي 4:/502 5،التهذيب 5:/241 813،الإستبصار 2:/285 1012،الوسائل 14:218 أبواب الحلق و التقصير ب 5 ح 4.
3- التهذيب 5:/241 814،الإستبصار 2:/285 1013،الوسائل 14:218 أبواب الذبح ب 5 ح 2.
4- المدارك 8:96.
5- الذخيرة:682.
6- الفقيه 2:/300 1495،الوسائل 14:220 أبواب الحلق و التقصير ب 6 ح 4.
7- انظر الوسائل 14:219 أبواب الحلق و التقصير ب 6.
8- التهذيب 5:/242 818،الإستبصار 2:/286 1017،الوسائل 14:221 أبواب الحلق و التقصير ب 6 ح 6.

خلافاً لجماعة فأوجبوا البعث مطلقاً (1)،و قيّده الفاضل في المختلف بصورة العمد (2)،و لا دليل على تفصيله.

و متى تعذّر البعث سقط و لم يكن عليه شيء إجماعاً كما قيل (3).

أما دفن الشعر بمنى فقيل:قد قطع الأكثر باستحبابه،و أوجبه الحلبي (4).

و الأصحّ الاستحباب؛ للصحيح:« كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يدفن شعره في فسطاطه بمنى و يقول:كانوا يستحبون ذلك» قال:و كان أبو عبد اللّه عليه السلام يكره أن يخرج الشعر من منى و يقول:« من أخرجه فعليه أن يردّه» (5).

و يستفاد منه أنه لا يختص استحباب الدفن بمن حلق في غير منى و بعث شعره إليها كما قد يوهمه ظاهر العبارة،بل يستحب للجميع (6).

و من ليس على رأسه شعر خلقة أو لحلقه في إحرام العمرة يجزئه إمرار الموسى عليه كما في الخبر (7).

و ظاهر الإجزاء فيه و في العبارة عدم وجوب التقصير و لو مع إمكانه مطلقاً.و هو مشكل حيثما يتخير الحاج بينه و بين الحلق؛ لأن تعذّر الحلق

ص:478


1- منهم:الشيخ في النهاية:263،و المحقق في الشرائع 1:265،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:361.
2- المختلف:308.
3- المدارك 8:97.
4- في« ك» و« ح»:الحلي(السرائر 1:601).
5- التهذيب 5:/242 815،الإستبصار 2:/286 1014،الوسائل 14:220 أبواب الحلق و التقصير ب 6 ح 5.
6- المدارك 8:97.
7- الكافي 4:/504 13،التهذيب 5:/244 828،الوسائل 14:230 أبواب الحلق و التقصير ب 11 ح 3.

بفقد الشعر يعيّن الفرض الآخر.

و الخبر ضعيف السند،مضافاً إلى قوة احتمال أن يكون المراد بالإجزاء الإجزاء عن الحلق الحقيقي الذي هو إزالة الشعر،لا الإجزاء عن مطلق الفرض.

فالوجه وفاقاً لجماعة (1)تعيّن التقصير من اللحية أو غيرها،مع استحباب إمرار الموسى،كما عليه الأكثر،و منهم الشيخ في الخلاف مدّعياً عليه الإجماع (2).

نعم،إن لم يكن له ما يقصّر منه،أو كان صرورة،أو ملبِّداً،أو معقوصاً،و قلنا بتعيّن الحلق عليهم اتّجه وجوب الإمرار حينئذ؛ عملاً بحديث:« الميسور لا يسقط بالمعسور» (3)و:« ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (4)المؤيد بالخبر المتقدم،فإنّ ظاهره الورود في الصرورة،فتدبّر.

و عليه يحمل إطلاق الخبر الآخر:عن المتمتع أراد أن يقصّر فحلق رأسه،قال:« عليه دم يهريقه،فإذا كان يوم النحر أمرّ الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق» (5)بحمله على الصرورة،أو يحمل الأمر فيه على الاستحباب.

و البدأة برمي جمرة العقبة ثم بالذبح ثم بالحلق واجب،فلو خالف

ص:479


1- منهم:الحلبي في الكافي:201،و العلّامة في المنتهى 2:763،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:374.
2- الخلاف 2:331.
3- عوالي اللئلئ 4:/58 205.
4- عوالي اللئلئ 4:/58 207.
5- التهذيب 5:/158 525،الإستبصار 2:/242 842،الوسائل 14:229 أبواب الحلق و التقصير ب 11 ح 1.

أثم و لم يعد أما عدم وجوب الإعادة على تقدير المخالفة فالأصحاب قاطعون به على الظاهر،المصرّح به في المدارك (1)،و أسنده في المنتهى إلى علمائنا (2)، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه؛ و هو الحجة،مضافاً إلى صريح الصحيح (3)و غيره (4).

و أما وجوب الترتيب فعليه الشيخ في أحد قوليه و أكثر المتأخرين كما قيل (5)،و عزاه في المنتهى إلى الأكثر بقول مطلق (6)؛ للتأسي،مع قوله عليه السلام:« خذوا عنّي مناسككم» (7)و ظاهر النصوص،منها:« إذا ذبحت أُضحيّتك فاحلق رأسك» (8)و الفاء للترتيب.

و منها:« لا يحلق رأسه و لا يزور البيت حتى يضحّي فيحلق رأسه و يزور متى شاء» (9).

خلافاً للمحكي عن الخلاف و السرائر و الكافي و ظاهر المهذّب (10)،

ص:480


1- المدارك 8:101.
2- المنتهى 2:765.
3- الكافي 4:/504 1،الفقيه 2:/301 1496،التهذيب 5:/2306 797،الإستبصار 2:/285 1009،الوسائل 14:155 أبواب الذبح ب 39 ح 4.
4- الكافي 4:/504 2،التهذيب 5:/236 796،الإستبصار 2:/284 1008،الوسائل 14:156 أبواب الذبح ب 39 ح 6.
5- المدارك 8:99.
6- المنتهى 2:764.
7- عوالي اللئلئ 4:/34 118،مسند أحمد 3:366 بتفاوت يسير.
8- التهذيب 5:/24 808،الوسائل 14:1211
9- التهذيب 5:/236 795،الإستبصار 2:/284 1006،الوسائل 14:158 أبواب الذبح ب 39 ح 9.
10- الخلاف 2:345،السرائر 1:602،الكافي في الفقه:200،المهذب 1:260.

و عزاه في الدروس إلى المشهور (1)،فلا يجب،و في الأولين استحبابه، و عليه الفاضل في المختلف (2).

للأصل؛ و الصحيح:« إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أتاه الناس يوم النحر،فقال بعضهم:يا رسول اللّه حلقت قبل أن أذبح،و قال بعضهم:حلقت قبل أن أرمي،فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي لهم أن يقدّموه إلّا أخّروه،و لا شيئاً كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلّا قدّموه،فقال:لا حرج» (3)و نحوه الخبر (4).

و ظاهر نفي الحرج الإباحة مطلقاً،سيّما مع قوله عليه السلام« ينبغي» الظاهر في الاستحباب،فحمله على الإجزاء أو الجهل أو النسيان أو الضرورة أو نفي الفداء بعيد،بل حمل الأوامر الواردة بالترتيب على تقدير سلامة سندها على الاستحباب أولى.و التأسّي إنما يجب لو لم يظهر الاستحباب من الخارج و قد ظهر.

هذا مضافاً إلى الأصل و مصير أكثر العامة كما في المنتهى إلى الوجوب (5)،فليترجّح بهما الاستحباب و إن تساويا الجمعان.

و ربما استدل على الوجوب بالصحيح:عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحّي،قال:« لا بأس،و ليس عليه شيء و لا يعودنّ» (6)فإن النهي عن

ص:481


1- الدروس 1:452.
2- المختلف:307.
3- الكافي 4:/504 1،التهذيب 5:/236 797،الإستبصار 2:/285 1009،الوسائل 14:155 أبواب الذبح ب 39 ح 4.
4- الكافي 4:/504 2،التهذيب 5:/236 796،الإستبصار 2:/284 1008،الوسائل 14:156 أبواب الذبح ب 39 ح 6.
5- المنتهى 2:764.
6- التهذيب 5:/237 798،الإستبصار 2:/285 1010،الوسائل 14:158 أبواب الذبح ب 39 ح 10.

العود يقتضي التحريم،فيكون الترتيب واجباً.

و فيه نظر؛ فإن النهي عن العود و إن كان ظاهراً في التحريم إلّا أن نفي البأس ظاهر في جواز الترك،و صرفه إلى الإجزاء ليس بأولى من حمل النهي على الكراهة،بل لعلّه أولى،و لعلّه لذا استدل به الفاضل في المختلف على الاستحباب (1)،و هو أقرب.

و لا يجوز أن يزور البيت لطواف الحج إلّا بعد الحلق أو التقصير بغير خلاف ظاهر،مصرّح به في جملة من العبائر (2)،فإن تمّ إجماعاً،و إلّا فظاهر الصحيح المتقدم و غيره المتضمنين للفظتي« لا حرج» و« ينبغي» كالصحيح الآتي المتضمن للفظة«لا ينبغي» أيضاً خلافه،و لا ينافيه إيجاب الدم في الأخير؛ لإمكان الحمل على الاستحباب.لكن لا خروج عمّا عليه الأصحاب.

و عليه فلو طاف قبل ذلك عمداً لزمه دم شاة فيما قطع به الأصحاب كما قيل (3)،و عزاه في الدروس إلى الشيخ و الأتباع (4)؛ للصحيح:

في رجل زار البيت قبل أن يحلق،فقال:« إن كان زار البيت قبل أن يحلق و هو عالم أنّ ذلك لا ينبغي فإنّ عليه دم شاة» (5).

و ظاهره كالمتن و غيره من عبائر الأكثر على الظاهر،المصرَّح به في عبارة بعض (6)،أنه لا يجب إعادة الطواف،و به صرّح الصيمري،و عزاه في

ص:482


1- المختلف:307.
2- انظر المنتهى 2:766،و الذخيرة:681.
3- المدارك 8:92،الذخيرة:681.
4- الدروس:454.
5- الكافي 4:/505 3،التهذيب 5:/240 809،الوسائل 14:215 أبواب الحلق و التقصير ب 2 ح 1.
6- كصاحب الذخيرة:681.

الدروس إلى الشيخ و الأتباع (1).

خلافاً لجماعة من متأخري المتأخرين فأوجبوا إعادته (2)،و منهم شيخنا في الروضة،مدّعياً عليه الوفاق (3)،و يعضده الأصل و القاعدة،فإن الطواف المأتي به قبل التقصير منهي عنه فيكون فاسداً،و لا يتحقق به الامتثال.

و الصحيح ليس نصّاً في عدم الوجوب،فيحتمل حمله على مفاد القاعدة.

مع أنه معارض بصحيح آخر:عن المرأة رمت و ذبحت و لم تقصّر حتى زارت البيت،فطافت و سعت من الليل،ما حالها؟و ما حال الرجل إذا فعل ذلك؟قال:« لا بأس به،يقصّر و يطوف للحج،ثم يطوف للزيارة،ثم قد أحلّ من كلّ شيء» (4).

و تنزيل هذا على ما يؤول إلى الأول بحمله على غير العامد و إبقاء الأول على ظاهره من عدم وجوب الإعادة ليس بأولى من العكس،و إبقاءِ هذا على عمومه و حمل الأول على خلاف ظاهره.

و بالجملة:التعارض بينهما كتعارض العموم و الخصوص من وجه، يمكن صرف كلّ منهما إلى الآخر،و حيث لا مرجّح ينبغي الرجوع إلى مقتضى الأصل،و هو وجوب الإعادة كما مرّ.

و لو كان ناسياً لم يلزمه شيء و أعاد طوافه على المعروف من

ص:483


1- الدروس 1:454.
2- منهم:الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:374،و صاحب الحدائق 17:248.
3- الروضة 2:309.
4- التهذيب 5:/241 811،الوسائل 14:217 أبواب الحلق و التقصير ب 4 ح 1.

مذهب الأصحاب،كما في المدارك (1)،مشعراً بدعوى الوفاق.

مع أن ظاهر عبارة الماتن في الشرائع و الفاضل في المختلف و الصيمري (2)وجود الخلاف من الصدوق في الفقيه في وجوب إعادة الطواف؛ لروايته الصحيح:عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق،قال:« لا ينبغي إلّا أن يكون ناسياً» (3).

لكنه غير صريح في عدم وجوب الإعادة،مع أنه معارض بالصحيحة الثانية المتقدمة،فإنها بإطلاقها شاملة لمفروض المسألة،بل و للجاهل أيضاً كما عليه جماعة (4)،و هي أقوى دلالة،فالمصير إليها أقوى مع كونها أشهر جدّاً.

و يدلُّ على وجوب الدم عليه و على الجاهل ظاهر المفهوم المعتبر في الصحيح الأول.

و هل يجب إعادة السعي حيث يجب إعادة الطواف؟قولان أجودهما (5)الأول،عملاً بما مرّ من القاعدة و الأصل.

و يُحلّ من كلّ شيء أحرم منه عند فراغ مناسكه بمنى عدا الطيب و النساء كما عن الإسكافي و الخلاف و المختلف (6)،و في الكتاب

ص:484


1- المدارك 8:93.
2- الشرائع 1:265،المختلف:308.
3- الكافي 4:/504 1،التهذيب 5:/236 797،الإستبصار 2:/285 1009،الوسائل 14:155 أبواب الذبح ب 39 ح 4.
4- منهم:صاحب المدارك 8:94،و السبزواري في الذخيرة:682،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:374.
5- في« ك»:أحوطهما.
6- حكاه عن الإسكافي في المختلف:308،الخلاف 2:348،المختلف:309.

و في الشرائع و القواعد (1)،و عن الشيخ في جملة من كتبه و الوسيلة و السرائر و الجامع (2)إذا حلق أو قصّر أحلّ من كل شيء إلّا الطيب و النساء؛ للخبر:

« إذا حلقت رأسك فقد حلّ لك كل شيء إلّا النساء و الطيب» (3).

و المروي في السرائر صحيحاً عن نوادر البزنطي:المتمتع ما يحلّ له إذا حلق رأسه؟قال:« كلّ شيء إلّا النساء و الطيب» (4).

و قد يكون الأول هو المراد بالخبرين و كلام هؤلاء،حملاً للحلق على الواقع على أصله.

و يؤيده الأصل و الاحتياط و الصحيح:« إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحلّ من كل شيء أحرم منه إلّا النساء و الطيب» (5).

و عن المقنع و التحرير و التذكرة و المنتهى:أنه بعد الرمي و الحلق (6).

و لعلّ المراد ما سبقه،و لم يذكر الذبح؛ لاحتمال الصوم بدله،و اكتفاءً بالأول و الآخر.

و عن الصدوقين:أنهما قالا بهذا التحلل بالرمي وحده (7).

و حجتهما غير واضحة سيّما في مقابلة نحو الأخبار المتقدمة.

ص:485


1- الشرائع 1:265،القواعد 1:89.
2- الشيخ في المبسوط 1:376،و النهاية:262،الوسيلة:187،السرائر 1:601،الجامع للشرائع:216.
3- التهذيب 5:/245 831،الإستبصار 2:/287 1020،الوسائل 14:233 أبواب الحلق و التقصير ب 13:ح 4.
4- مستطرفات السرائر:/32 31،الوسائل 14:238 أبواب الحلق و التقصير ب 14 ح 4.
5- الفقيه 2:/302 1501،الوسائل 14:232 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 1.
6- المقنع:90،التحرير 1:109،التذكرة 1:391،المنتهى 2:766.
7- الصدوق في الفقيه 2:328،و نقله عن والده في المختلف:308.

نعم،في الخبر المروي عن قرب الإسناد:« إذا رميت جمرة العقبة فقد أحلّ لك كلّ شيء حرم عليك إلّا النساء» (1).

و أما الصيد فهو أيضاً باق على تحريمه كما هنا و في الشرائع و غيرهما (2)،بل قيل:إنه مذهب الأكثر (3).

و فيه نظر؛ لإطلاق أكثر الأصحاب أنه يحلّ من كل شيء إلّا النساء و الطيب،و كذلك الأخبار حتى الصحيح:« إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحلّ من كل شيء أحرم منه إلّا النساء و الطيب،فإذا زار البيت و طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلّا النساء،فإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلّا الصيد» (4)فإنّ المراد بالصيد هنا الصيد الحرمي لا الإحرامي،كما صرّح به جماعة من الأصحاب (5).

و لعلّه المراد أيضاً من نحو العبارة،و إلّا فلم نجد على بقاء حرمة الصيد الإحرامي بعد الحلق أو التقصير دلالة،سوى الأصل المخصَّص بما عرفت،و ظاهر قوله سبحانه: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ [1] (6)بناءً على أن الإحرام يتحقق بتحريم الطيب و النساء.و هو حسن لولا ظواهر الأخبار التي لم يستثن فيها سوى الطيب و النساء.

و ربما علّل بأنه في الحرم؛ و لذا ذكر والد الصدوق و القاضي أنه لا

ص:486


1- قرب الإسناد:/108 370،الوسائل 14:235 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 11.
2- الشرائع 1:265؛ و انظر المنتهى 2:765،و الذخيرة:682.
3- المدارك 8:102.
4- الفقيه 2:/302 1501،الوسائل 14:232 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 1.
5- منهم:صاحب المدارك 8:102،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1:362.
6- المائدة:95.

يحلّ بعد طواف النساء أيضاً،لكونه في الحرم (1).

و فيه:أنه لا ينافي التحلّل منه نظراً إلى الإحرام،و تظهر الفائدة في أكله لحم الصيد كما عن الخلاف أنه نصّ على حلّه (2)،و مضاعفة الكفّارة، و غير ذلك.

و اعلم أن هذا التحلل هو التحلل الأول للمتمتع،أما غيره فيحلّ له بالحلق أو التقصير الطيب أيضاً،كما في القواعد (3)،و عن الشيخ في جملة من كتبه و الوسيلة و السرائر و الجامع (4)؛ للخبر:عن الحاج غير المتمتع يوم النحر ما يحلّ له؟قال:« كل شيء إلّا النساء» و عن المتمتع ما يحلّ له يوم النحر؟قال:« كل شيء إلّا النساء و الطيب» (5).

و نحوه المروي في السرائر صحيحاً عن نوادر البزنطي (6).

و للجمع بين نحو الصحيح:عن رجل رمى و حلق،أ يأكل شيئاً فيه صفرة؟قال:« لا حتى يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة» (7)و الصحيح الآخر المجوِّز للطيب على الإطلاق (8)،من غير تقييد بغير المتمتع،بحمل

ص:487


1- حكاه عن والد الصدوق في المختلف:308،القاضي في المهذب 1:261.
2- الخلاف 1:348.
3- القواعد 1:89.
4- الشيخ في المبسوط 1:377،و النهاية:263،الوسيلة:187،السرائر 1:602،الجامع للشرائع:216.
5- التهذيب 5:/247 835،الإستبصار 2:/289 1024،الوسائل 14:236 أبواب الحلق و التقصير ب 14 ح 1.
6- تقدم مصدره في ص:3093.
7- التهذيب 5:/245 829،الإستبصار 2:/287 1018،الوسائل 14:232 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 2.
8- الكافي 4:/505 1،التهذيب 5:/245 832،الإستبصار 2:/287 1021،الوسائل 14:234 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 7.

الأول على المتمتع،و الثاني على غيره.

خلافاً لظاهر المتن و الشرائع و المحكي عن الخلاف (1)،فلم يفرّقا في تحريم الطيب بينهما.

و هو حسن لولا الخبران المفصلان المعتضدان بعمل جماعة من الأعيان.

و للعماني كما حكي،فأحلّ الطيب للمتمتع أيضاً (2)؛ للصحيح:عن المتمتع،قال:« إذا حلق رأسه يطليه بالحنّاء و حلّ له الثياب و الطيب و كلّ شيء إلّا النساء» ردّدها على مرتين أو ثلاثاً،قال:و سألت أبا الحسن عليه السلام عنها،قال:« نعم الحنّاء و الثياب و الطيب و كلّ شيء إلّا النساء» (3)و نحوه آخر أو الموثق (4).

و الصحيح:رأيت أبا الحسن عليه السلام بعد ما ذبح حلق ثم ضمد رأسه بمسك و زار البيت و عليه قميص و كان متمتعاً (5).

و أجاب الشيخ عن الأول بالحمل على من طاف و سعى (6).

و فيه بُعد،مع أنه مروي في الكافي هكذا:عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور فيطليه بالحناء،قال:« نعم الحناء و الثياب و الطيب» إلى آخر ما مرّ،و هذا لا يقبل ما ذكره من الحمل.

و أجاب عنه الشهيد كما قيل (7)بأنه متروك،مؤذناً بشذوذه و مخالفة الإجماع.

ص:488


1- الشرائع 1:265،الخلاف 2:348.
2- حكاه عنه في المختلف:308.
3- المذكور أعلاه في الهامش(3).
4- الكافي 4:/506 5،الوسائل 14:234 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 8.
5- الكافي 4:/505 3،الوسائل 14:235 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 10.
6- التهذيب 5:246.
7- كشف اللثام 1:375،و هو في الدروس 1:455.

أقول:و يمكن حمل هذه الأخبار على التقية؛ لموافقتها لما عليه أكثر العامة كما يفهم من المنتهى (1)،و منهم الشافعي و أحمد و أبو حنيفة.

فإذا طاف المتمتع لحجّة حلّ له الطيب أيضاً كما عن النهاية و المبسوط و المصباح و مختصره و الانتصار و الاستبصار و الوسيلة و السرائر (2)،و في الشرائع و القواعد و المنتهى (3)؛ للخبرين في أحدهما:« إذا كنت متمتعاً فلا تقربنّ شيئاً فيه صفرة حتى تطوف بالبيت» (4).

و لا يتوقف على صلاة الطواف؛ لإطلاق النص و الفتوى.

و إن قدّم الطواف على الوقوف أو مناسك منى للضرورة فالظاهر عدم التحلّل؛ للأصل،و صريح الخبر الثاني المروي عن بصائر الدرجات،فإنّ فيه:« إذا أردت المتعة في الحج» إلى أن قال:« ثم أحرمت بين الركن و المقام بالحج فلا تزال محرماً حتى تقف بالمواقف،ثم ترمي و تذبح و تغتسل،ثم تزور البيت،فإذا أنت فعلت فقد أحللت» (5)و انصراف إطلاق الخبر الأول و الفتاوي إلى المؤخّر بل الأكثر ظاهر فيه.

قيل:و قيل بالتحلّل (6).

ص:489


1- المنتهى 2:765.
2- النهاية:263،المبسوط 1:377،المصباح:646،حكاه عن مختصره في كشف اللثام 1:375،الانتصار:103،الاستبصار 2:290،الوسيلة:187،السرائر 1:601.
3- الشرائع 1:265،القواعد 1:89،المنتهى 2:766.
4- التهذيب 5:/298 1009،الوسائل 12:445 أبواب تروك الإحرام ب 18 ح 12.
5- بصائر الدرجات:533 ضمن حديث طويل،الوسائل 11:234 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 30.
6- كشف اللثام 1:375.

و المشهور توقف حلّ الطيب على السعي.

و هو الأقوى،و هو خيرة الخلاف و المختلف (1)؛ للأصل،و الصحيح:

« فإذا زار البيت و طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلّا النساء» (2).

و الخبر بل الصحيح كما قيل (3)-:عن رجل رمى و حلق أ يأكل شيئاً فيه صفرة؟قال:« لا حتى يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة،ثم قد حلّ له كلّ شيء إلّا النساء» (4).

و ضعف الخبرين السابقين،مع إمكان تعميم زيارة البيت فيهما له.

و إذا طاف طواف النساء حللن له قيل:اتفاقاً،صلّى له أم لا؛ لإطلاق النصوص و الفتاوي،إلّا فتوى الهداية و الاقتصاد،و أما الصحيح:

« ثم ارجع إلى البيت و طف أُسبوعاً آخر،ثم تصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام،ثم قد أحللت من كل شيء و فرغت من حجك كلّه و كلّ شيء أحرمت منه» (5)فيجوز أن يكون لتوقف الفراغ عليها (6).

و لا يحلّ النساء للرجال إلّا به بالنص و الإجماع،إلّا من العماني كما في المختلف و غيره (7).

ص:490


1- الخلاف 2:348،المختلف:309.
2- الفقيه 2:/302 1501،الوسائل 14:232 أبواب الحلق و التقصير ب 13 ح 1.
3- كشف اللثام 1:375.
4- تقدّم مصدره في ص:3095.
5- الكافي 4:/511 4،التهذيب 5:/251 853،الوسائل 14:249 أبواب زيارة البيت ب 4 ح 1.
6- كشف اللثام 1:375.
7- المختلف:309؛ و انظر المدارك 8:106 و فيه:هذا الحكم إجماعي.

و يحرم على المرأة الرجال لو تركته،كما صرّح به جماعة (1)،و ربما استشكل فيه الفاضل في المختلف و القواعد (2).

قيل:من الأصل،للإجماع و الأخبار على حرمة الرجال عليها بالإحرام،و النصوص و الفتاوي على كونها كالرجل في المناسك إلّا فيما استثني و منها طواف النساء،و قد نصّ عليه لها في الأخبار و الفتاوى (3)، و لا يفيدها ظاهراً إلّا حلّهم لها.و من انتفاء النص عليه بخصوصه (4).

أقول:النص بالخصوص موجود،و هو الصحيح:« المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها و بين التروية،فإن طهرت طافت بالبيت و سعت بين الصفا و المروة،و إن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت و احتشت ثم سعت بين الصفا و المروة ثم خرجت إلى منى،فإذا قضت المناسك و زارت البيت طافت بالبيت طوافاً لعمرتها،ثم طافت طوافاً للحج،ثم خرجت فسعت،فإذا فعلت ذلك فقد أحلّت من كلّ شيء يحلّ منه المحرم إلّا فراش زوجها،فإذا طافت طوافاً آخر حلّ لها فراش زوجها» (5).

و نحوه خبر آخر (6)،إلّا أنه ليس فيه:« فإذا طافت طوافاً آخر حلّ لها فراش زوجها» .

ص:491


1- منهم:ابن بابويه على نقله عنه في المختلف:309،و صاحب المدارك 8:107،و السبزواري في الذخيرة:684.
2- المختلف:309،القواعد 1:89.
3- الوسائل 13:298 أبواب الطواف ب 2.
4- كشف اللثام 1:375.
5- الكافي 4:/445 1،الوسائل 13:448 أبواب الطواف ب 84 ح 1.
6- الكافي 4:/446 2،التهذيب 5:/391 1368،الوسائل 13:449 أبواب الطواف ب 84 ح 2.

و يمكن الاستدلال عليه أيضاً بعموم قوله تعالى: فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ [1] (1)و الرفث هو الجماع بالنص (2)(3)،و الحج إنما يتمّ بطواف النساء،فتأمل (4).

و يكره لبس المخيط و التقنّع حتى يطوف للحج و يسعى بين الصفا و المروة و الطيب حتى طواف النساء للصحاح المستفيضة المتضمنة للنهي عن ذلك (5).و هو محمول على الكراهة؛ جمعاً بينهما و بين ما مرّ من الأدلّة الدالة على التحلل بالطوافين عن ذلك،مع ظهور بعضها في الكراهة.

لكن موردها أجمع المتمتع خاصة،بل في بعضها التصريح بعدم المنع في غيره،و هو الصحيح:عن رجل رمى الجمار و ذبح و حلق رأسه، أ يلبس قميصاً و قلنسوة قبل أن يزور البيت؟فقال:« إن كان متمتعاً فلا،و إن كان مفرداً للحج فنعم» (6).و نحوه الخبر المروي في قرب الإسناد (7).

لكن ظاهر المتن و غيره الإطلاق،و لم أقف على وجهه.

ثم أي بعد قضاء مناسكه بمنى من الرمي و الذبح و الحلق أو

ص:492


1- البقرة:197.
2- التهذيب 5:/296 1003،الوسائل 12:463 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 1.
3- في« ق» زيادة:الصحيح.
4- وجهه سيأتي إن شاء اللّه في بحث ترك طواف النساء عمداً أنه لا بأس به،بمعنى أنه لا يبطل به الحج لخروجه عنه؛ بمقتضى الصحيحين.و بالجملة هذان الصحيحان كما سيأتي ظاهران في خروج النساء عن الحج و أن الحج تامّ بدونه.(منه رحمه الله).
5- انظر الوسائل 14:232،240 أبواب الحلق و التقصير ب 13،18.
6- الفقيه 2:/302 1502،الوسائل 14:241 أبواب الحلق و التقصير ب 18 ح 4.
7- قرب الإسناد:/126 443،الوسائل 14:242 أبواب الحلق و التقصير ب 18 ح 6.

التقصير يمضي إلى مكة شرّفها اللّه تعالى للطوافين،و السعي بينهما اتفاقاً،نصّاً و فتوى.

و الأفضل إيقاع ذلك ليومه أي يوم النحر؛ للأخبار (1)، و استحباب المسارعة إلى الخيرات،و التحرز عن العوائق و الأعراض.

و لا يجب؛ للأصل،و الصحيح:« لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر،إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الأحداث و المعاريض» (2).

و في الصحيح:« لا تؤخر أن تزور من يومك،فإنه يكره للمتمتع أن يؤخر» (3).

و عن النهاية و المبسوط و الوسيلة و الجامع (4)لا يؤخر عنه إلّا لعذر.

قيل:و يجوز أن يريدوا التأكيد (5).

أو من الغد مع تعذر يوم النحر اتفاقاً،كما قيل (6)؛ للصحيح:

« فإن شغلت فلا يضرّك أن تزور البيت من الغد» (7).

و يتأكد ذلك للمتمتع لما مرّ،مضافاً إلى الصحيح:« ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته و لا يؤخر ذلك اليوم» (8).

ص:493


1- انظر الوسائل 14:243 أبواب زيارة البيت ب 1.
2- الفقيه 2:/245 1171،التهذيب 5:/250 846،الإستبصار 2:/291 1034،الوسائل 14:245 أبواب زيارة البيت ب 1 ح 9.
3- الكافي 4:/511 4،التهذيب 5:/251 853،الإستبصار 2:/292 1037،الوسائل 14:243 أبواب زيارة البيت ب 1 ح 1.
4- النهاية:264،المبسوط 1:377،الوسيلة:187،الجامع للشرائع:217.
5- و 6)كشف اللثام 1:376.
6- كشف اللثام 1:376.
7- تقدم مصدره في الهامش(2).
8- الكافي 4:/511 3،التهذيب 5:/249 843،الإستبصار 2:/291 1032،الوسائل 14:245 أبواب زيارة البيت ب 1 ح 7.

و الصحيح:عن المتمتع متى يزور البيت؟قال:« يوم النحر أو من الغد و لا يؤخر،و المفرد و القارن ليس بسواء موسّع عليهما» (1).

و يستفاد منه أنه لو أخّر المتمتع أثم كما عن المفيد و المرتضى و الديلمي (2)،و عليه جماعة من المتأخرين (3)،و عن التذكرة و المنتهى أنه عزاه إلى علمائنا (4).و لعلّه الأقوى.

خلافاً لآخرين و منهم الحلّي و سائر المتأخرين كما قيل (5)؛ للأصل، و إطلاق الآية: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) [1] (6)فإنّ الشهر كلّه من أشهره، و الصحاح المستفيضة:

منها زيادة على ما مرّ الصحيح المروي في السرائر عن نوادر البزنطي:عن رجل أخّر الزيارة إلى يوم النفر،قال:« لا بأس» (7).

و في الجميع نظر؛ لوجوب الخروج على الأوّلين بما مرّ،كوجوب تقييد الصحاح بمن عدا المتمتع به حملَ المطلق على المقيّد.و هو أولى من الجمع بينهما بالاستحباب و إن وقع التصريح بلفظه و ما في معناه من لفظ « يكره» و« ينبغي» فإنّ هذه الألفاظ الثلاثة إنما هو بالنسبة إلى يوم النحر،

ص:494


1- التهذيب 5:/249 844،الإستبصار 2:/291 1036،الوسائل 14:245 أبواب زيارة البيت ب 1 ح 8.
2- المفيد في المقنعة:420،المرتضى في الجمل(رسائل الشريف المرتضى 3):69،الديلمي في المراسم:114.
3- منهم:صاحب المدارك 8:109،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:376،و صاحب الحدائق 17:272.
4- التذكرة 1:391،المنتهى 2:767.
5- السرائر 1:602،و المدارك 8:110.
6- البقرة:197.
7- مستطرفات السرائر:/35 48،الوسائل 14:246 أبواب زيارة البيت ب 1 ح 11.

لا غده،و نحن نقول به،لكنه غير ما نحن فيه.

نعم قيل:لو أخّر أجزأ على القولين كما في الاستبصار و الشرائع ما أوقعه في ذي الحجّة،في أيّ جزء منه كان،كما في السرائر؛ لأن الحج أشهر، فذو الحجّة كلّه من أشهره؛ و للأصل،و الصحيح:« لا بأس إن أخّرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيام التشريق،إلّا أنك لا تقرب النساء و لا الطيب» (1).

و الصحيح:« أنا ربما أخّرته حتى تذهب أيام التشريق» (2).

و في الغنية و الكافي:إنّ وقته يوم النحر إلى آخر أيام التشريق؛ و لعلّه للصحيح:« لا بأس بأن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر» (3).

و في الوسيلة:لم يؤخر إلى غد لغير عذر،و إلى بعد غد لعذر.و هو يعطي عدم الإجزاء إن أخّر عن ثاني النحر (4).

و موسَّع للمفرد و القارن تأخير ذلك طول ذي الحجّة كما عن النهاية و المبسوط و الخلاف و الاقتصاد و المصباح و مختصره (5)،بل قيل:بلا خلاف (6).

ص:495


1- الفقيه 2:/245 1174،الوسائل 14:244 أبواب زيارة البيت ب 1 ح 3.
2- الفقيه 2:/245 1172،التهذيب 5:/25 847،الإستبصار 2:/291 1035،الوسائل 14:243 أبواب زيارة البيت ب 1 ح 2.
3- الفقيه 2:/245 1171،التهذيب 5:/250 846،الإستبصار 2:/291 1034،الوسائل 14:245،أبواب زيارة البيت ب 1 ح 9.
4- كشف اللثام 1:376،و هو في الاستبصار 2:291،و الشرائع 1:265 و السرائر 1:602،و الغنية(الجوامع الفقهية):578،و الكافي:195،و الوسيلة:187.
5- النهاية:264،المبسوط 1:377،الخلاف 2:350،الاقتصاد:308،المصباح:645،حكاه عن مختصره في كشف اللثام 1:376.
6- مفاتيح الشرائع 1:363.

للأخبار المطلقة،و الأصل،و أن الحج أشهر،و الصحيح المتقدم المصرَّح بالفرق بين المتمتع و المفرد و القارن.و لكن لا يفهم منه إلّا التأخير عن الغد،كما لا يفهم من قوله عليه السلام في بعض الصحاح المتقدمة:« و موسّع للمفرد أن يؤخّره» (1)إلّا التأخير عن يوم النحر،لكنه كالسابق مطلق،و لعلّه كاف.

ثم هنا و في الشرائع و عن المنتهى و الإرشاد (2)أن تأخيرهما على كراهية . قيل:قال في المنتهى:للعلّة التي ذكرها الصادق عليه السلام في حديث ابن سنان أقول:و هو الصحيح الأول من أخبار المسألة و هو يعطي أن المراد بها أفضليّة التقديم كما في التحرير و التلخيص،و هو الوجه (3).

و يستحب له إذا دخل مكّة الغسل و تقليم الأظفار و أخذ الشارب للنص (4).

و لو اغتسل لذلك بمنى جاز،للأصل،و النص (5).

و لو اغتسل نهاراً و طاف ليلاً أو بالعكس أجزأه الغسل ما لم يحدث، فإن نام أو أحدث حدثاً آخر قبل الطواف استحب إعادة الغسل؛ للموثّق (6).

ص:496


1- تقدم مصدره في ص 3100 الهامش(2).
2- الشرائع 1:265،المنتهى 2:767،الإرشاد 1:335.
3- كشف اللثام 1:376،و هو في المنتهى 2:767 و التحرير 1:109.
4- التهذيب 5:/250 848،الوسائل 14:247 أبواب زيارة البيت ب 2 ح 2.
5- الكافي 4:/511 1،التهذيب 5:/250 849،الوسائل 14:248 أبواب زيارة البيت ب 3 ح 2،3.
6- الكافي 4:/511 2،التهذيب 5:/251 850،الوسائل 14:248 أبواب زيارة البيت ب 3 ح 2،3.

و كذا إن زار في اليوم الذي اغتسل فيه أو في الليل الذي اغتسل فيه؛ للصحيح:عن الرجل يغتسل للزيارة ثم ينام،أ يتوضأ قبل أن يزور؟قال:

« يعيد الغسل،لأنه إنما دخل بوضوء» (1).

و الدعاء عند باب المسجد بالمأثور في الصحيح من قوله:« اللهم أعنّي على نسك،و سلّمني له و سلّمه لي،و أسألك مسألة العبد الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي و أن ترجعني بحاجتي،اللهم إنّي عبدك و البيت بيتك،جئت أطلب رحمتك و أؤمّ طاعتك متّبعاً لأمرك راضياً بقدرك،أسألك مسألة المضطرّ إليك المطيع لأمرك المشفق من عذابك الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك و تجيرني من النار برحمتك» (2).

ص:497


1- التهذيب 5:/251 851،الوسائل 14:249 أبواب زيارة البيت ب 3 ح 4.
2- الكافي 4:/511 4،التهذيب 5:/251 853،الوسائل 14:249 أبواب زيارة البيت ب 4 ح 1.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.