ریاض المسائل فی تحقیق الاحکام بالدلایل المجلد 1

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الطباطبائي كربلائي، السید علي بن السيد محمد علي، 1161 - 1231ق.

عنوان واسم المؤلف:ریاض المسائل في تحقیق الاٴحکام بالدلائل المجلد 1/ تأليف السید علي بن السيد محمد علي الطباطبائي كربلائي؛ تحقیق موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث.

تفاصيل المنشور:قم: موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث، 1418ق.-= 1376-

مواصفات المظهر:16 ج.: نمونه.

الصقيع:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث؛ 204، 205، 206، 207، 212، 214.

ISBN: دوره: 964-319-088-9 ؛ 7500 ریال: ج. 9: 964-319-111-7 ؛ 8500 ریال: ج. 11: 964-319-273-3 ؛ 8500 ریال: ج. 12 964-319-274-1 : ؛ 8500 ریال: ج. 13 : 964-319-275-X ؛ ج. 15: 964-319-277-6 ؛ 9000 ریال: ج. 16: 964-319-278-4

حالة القائمة: الاستعانة بمصادر خارجية

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: هذا الكتاب تعليق على مختصرالنافع محقق حلي.

ملاحظة:ج.9 (الطبعة الأولى: 1419ق. = 1377).

ملاحظة:ج. 11 - 13 (مطبعة؟: 1421ق. = 1379).

ملاحظة:ج. 15و 16 (مطبعة؟: 1422ق. = 1380).

ملاحظة:فهرس.

عنوان:محقق حلي، جعفربن حسن، 672 - 602ق. المختصر النافع -- نقد و تفسیر

عنوان:فقه جعفري -- قرن 7ق.

المعرف المضاف:محقق حلي، جعفربن حسن، 676 - 602ق. المختصر النافع. شرح

المعرف المضاف:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاءالتراث

ترتيب الكونجرس:BP182/م3م30216 1376

تصنيف ديوي:297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية:م 77-4774

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

مقدمة التحقيق

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه بجميع محامده كلّها على جميع نعمه كلّها،ثمَّ الصلاة و السلام على أشرف أنبيائه و خاتم رسله و خير بريّته محمّد المصطفى و آله الأطياب الأطهار.

أمّا بعد،فإنّ اللّه قد شرّف الفقه و جعله أفضل العلوم،و أمر بتعلّمه و تعليمه بنصّ القرآن الكريم و على لسان نبيّه الأمين و عترته الميامين.

و لقد استطاعت المؤسّسة الفقهيّة الشيعيّة-و بفضل ديمومة عطائها، و عظم حيويتها،و تكريسها لحركة الفكر و العقل-أن تكون الرائد الذي لا يجارى في هذا المضمار،ابتداء بمدرستي المدينة المنوّرة و الكوفة و ما ثبّته أمير المؤمنين و الصادقين عليهم السّلام من الأسس المتينة،و مرورا بمدرسة الريّ،ثمَّ بغداد و النجف و الحلّة و جبل عامل و أصفهان و البحرين و كربلاء، و انتهاء بقم في عصرنا الحاضر.

ص:5

و الملاحظ أنّ حركة الفقه و الاجتهاد قد انبثق منها محوران أساسيان خلال مسيرتها المباركة،كلّ واحد منهما يمثّل مصداقا بارزا و عنوانا مضيئا لهذه المؤسّسة،بما له من الميزة و الاختصاص،من دون أن يكون منافيا للآخر،فهما صنوان لا يفترقان.

أحدهما:الفقه الفتوائي.

و هو الذي يعتني ببيان الأحكام و الفتاوى الشرعيّة من دون التعرّض إلى أدلّتها بالنقض و الإبرام؛و يعرف من خلاله-و عند ذوي الاختصاص- مدى دقّة مصنّفه و قوة مبانية و براعته في إرجاع الفرع إلى الأصل.

و مصاديقه كثيرة،منها:المقنعة للشيخ المفيد،و النهاية و المبسوط لشيخ الطائفة الطوسي،و المهذّب لابن البرّاج،و المختصر النافع للمحقّق الحلّي،و القواعد و التبصرة للعلاّمة الحلّي،و اللمعة للشهيد الأوّل..

و غيرها،مضافا إلى الرسائل العملية لفقهائنا المعاصرين.

و قد يكون الغرض في بعض تلك المصنّفات صيرورتها دستورا عمليّا للعوامّ من المؤمنين الذين لا بدّ لهم من الرجوع إلى فتاوى الفقهاء، و ذلك مثل:الرسائل العمليّة للفقهاء المعاصرين.

و في بعضها الآخر-و لأجل أنّ عباراتها كانت مضغوطة معقّدة،لم تكن ملائمة لعوامّ الناس-صيرورتها متونا دراسيّة لطلاّب الفقه،و ذلك مثل:قواعد الأحكام و تبصرة المتعلّمين.

الآخر:الفقه الاستدلالي.

و هو الذي يهتمّ بالتفصيل في عرض الأحكام الشرعيّة مع أدلّتها، بالقبول أو الردّ،بالترجيح أو التضعيف،بالإبرام أو النقض،على نحو من التوسّع في البيان،و الإحاطة بالأسانيد و الأقوال،و كثرة الفروع و تشعّبها،

ص:6

ملحوظا فيه جانب البحث و المناقشة و العرض العلميّ بشكل جلي.

و من أمثلته:منتهى المطلب للعلاّمة الحلّي،و الذكرى للشهيد الأوّل، و المسالك و الروضة للشهيد الثاني،و جامع المقاصد للمحقّق الكركي، و مجمع الفائدة للأردبيليّ،و المدارك للسيّد السند،و كشف اللثام للفاضل الهندي،و رياض المسائل للطباطبائي،و المستند للنراقي،و الجواهر للشيخ محمّد حسن النجفي،و غيرها.

و لقد مرّ الفقه الشيعي بعدّة أدوار،يعتقد البعض أنّها سبعة:التشريع، التدوين،التطوّر،الجمود و التقليد،النهوض،الرشد و النمو،التكامل؛ و هذا الأخير استطاع فيه الفقه الشيعي أن يبلغ ذروته من حيث المتانة، و المرتبة الرفيعة من الدقّة،و الضبط،و تقوية الأصول،و تفريع الفروع، و رقيّ الاستنباط.

و لعلّ هذه الدرجة السامية،و المقام الشامخ،و النضوج التام،هي حصيلة النزاع الذي كان دائرا آنذاك بين المدرسة الأخباريّة و مدرسة الفقه و الاجتهاد،فقد كانت الاُولى سائدة و مزدهرة في كربلاء بعد أن تركّزت و انتشرت في البحرين.

و لا يبعد أن يقال:إنّ فكرة الأخباريّة في الإماميّة قد نشأت منذ عهد قديم في قبال فكرة الاجتهاد.

فالاتّجاه الأخباري يعتمد الجمود على ظواهر النصوص،بينما يعتمد الاتجاه الاجتهادي-بالإضافة إلى ظواهر النصوص-الإدراك العقلي، و يقيس ظواهر النصوص على أمور خارجة عن نطاقها من المدركات العقليّة و الأصول المسلّمة.

و هذان الاتّجاهان قد شكّلا في الفقه العامّي و الإمامي مدرستين

ص:7

متقابلتين،فنشأت في الأوّل مدرسة الرأي و القياس،و على رأسها أبو حنيفة؛و في قبالها مدرسة الظاهريّة،و على رأسها داود الظاهري و أحمد بن حنبل.

و نشأت في الثاني مدرسة الاجتهاد و الاستنباط،و على رأسها أمثال:

زرارة بن أعين و يونس بن عبد الرحمن و الفضل بن شاذان،و في قبالها مدرسة كان يعبّر عن أهلها بأصحاب الحديث أو الحشويّة.

و لا نعني بهذه المقارنة إثبات وحدة المسلكين-الظاهري و الأخباري أو القياسي و الاجتهادي-كلاّ،فإنّ بينهما فوارق أساسيّة،فإنّ مثل زرارة و يونس برئ من القول بالقياس الذي تبنّاه أبو حنيفة و أصحابه (1).

و إنّما عنينا بهذه المقارنة اشتراك المدرسة الظاهريّة في الفقه العامّي و الأخباريّة في الفقه الإمامي في نقطة،هي شجب الإدراك العقلي و الجمود على محتوى الحديث،و تقترن هذه الفكرة في الغالب بتسرّع في تصديق الأخبار،و حسن ظنّ بالرواة،و قلّة التدبّر في مضمون الروايات،مع ما كان يمتلكه أصحابها من شموخ في الفضيلة و علوّ في المرتبة.

و قد أشار الشيخ المفيد-رحمه اللّه-إلى جماعة منهم بقوله:لكنّ أصحابنا المتعلّقين بالأخبار أصحاب سلامة و بعد ذهن و قلّة فطنة،يمرّون على وجوههم فيما سمعوه من الأحاديث. (2).

و قد شكاهم شيخ الطائفة في مقدّمة المبسوط بقوله:و تضعف نيّتي

ص:8


1- و إن كانوا قد نسبوا الى القول بالقياس،فإنّ له معنى آخر لا مجال لذكره هنا. و هذه النسبة هي من الشواهد على وجود اتّجاه عقليّ في الأشخاص المنسوب إليهم يشابه القياس في بعض الجهات.
2- حكاه عنه في كشف القناع:204.

أيضا فيه-أي في عمل كتاب يشتمل على مسائل الفروع-قلّة رغبة هذه الطائفة فيه،و ترك عنايتهم به؛لأنّهم ألفوا الأخبار و ما رووه من صريح الألفاظ،حتّى أنّ مسألة لو غيّر لفظها و عبّر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها و قصر فهمهم عنها (1).

و أشار إليهم المحقّق في أوّل المعتبر،و عبّر عنهم بالحشويّة (2).

و عن نهاية الأصول للعلاّمة قدس سرّه في مقام إثبات حجّية خبر الواحد:أمّا الإماميّة،فالأخباريون منهم لم يعوّلوا في أصول الدين و فروعه إلاّ على أخبار الآحاد المرويّة عن الأئمّة عليهم السلام،و الأصوليون منهم-كأبي جعفر الطوسي و غيره-وافقوا على خبر الواحد،و لم ينكره سوى المرتضى و أتباعه (3).

ثمَّ إنّ الاتّجاه الأخباري و إن كان موجودا بين الإمامية منذ عصر قديم، و لكن الفكرة السائدة بينهم هي فكرة الاجتهاد و الأصول،التي كانت متمثّلة في كتب المفيد و المرتضى و الطوسي و الحلّي و المحقّق و العلاّمة و الشهيد الأوّل و الكركي و الشهيد الثاني و الأردبيلي و تلميذيه صاحبي المدارك و المعالم و غيرهم،و مع اختلافهم في الآراء الأصوليّة و طريقة الاستنباط، لكنهم متّفقون على شجب فكرة الأخباريّة.

و في أوائل القرن الحادي عشر تحوّلت الفكرة الأخبارية إلى حركة في ساحة التدوين و التأليف و وضع أسسها الميرزا محمد أمين الأسترآبادي قدس سره (1032 ه)فألّف لهذه الغاية كتابه«الفوائد المدنيّة».

ص:9


1- المبسوط 1:2.
2- المعتبر 1:29.
3- حكاه عنه في كشف القناع:203.

قال المحدّث البحراني قدّس سرّه في المقدّمة الثانية عشرة من الحدائق:

و لم يرتفع صيت هذا الخلاف و لا وقوع هذا الاعتساف إلاّ من زمن صاحب الفوائد المدنيّة سامحه اللّه تعالى برحمته المرضيّة،فإنّه قد جرّد لسان التشنيع على الأصحاب،و أسهب في ذلك أيّ إسهاب،و أكثر من التعصّبات التي لا تليق بمثله من العلماء الأطياب (1).

و قد تأثّرت بأفكاره من بعده جماعة من أجلّة علمائنا المحدّثين،من قبيل:المحدّث الفيض الكاشاني و المحدّث الحرّ العاملي قدّس سرّهما،فصنّف الفيض كتابه«الأصول الأصلية»و الذي هو كالتلخيص للفوائد المدنيّة،و إن خالفها في بعض المواضيع.

و في تلك الفترة-أي القرن الحادي عشر حتى أواسط القرن الثاني عشر-نشأت في مدرسة الإماميّة حركة نشيطة همّها جمع الأحاديث أو شرحها،و هي حركة مباركة أمدّت العلوم الإسلاميّة بشتى إشكالها،فالّفت موسوعات حديثيّة من قبيل:وسائل الشيعة و بحار الأنوار و الوافي،و شروح و تعليقات على كتب الحديث،مثل:روضة المتّقين،مرآة العقول،ملاذ الأخيار.

و قد أصاب الفقه الاجتهادي في ذلك العصر شيء من الفتور،و لكن ذلك لم يقف حائلا أمام ديمومة حركته،فقد صنّفت في تلك الفترة -و على مبنى الاجتهاد-مؤلّفات.

منها:كشف اللثام في شرح قواعد العلاّمة،لمحمّد بن الحسن الأصبهاني المعروف بالفاضل الهندي(1135 ه)الذي يعتمد عليه في الجواهر على حدّ كبير،و حكي أنّه لا يكتب شيئا من الجواهر لو لم يحضره

ص:10


1- الحدائق الناظرة 1:170.

ذلك الكتاب (1).

و منها:مشارق الشموس في شرح الدروس،للمحقّق الكبير السيّد حسين الخوانساري(1098 ه)فإنّه و إن لم يبرز منه إلاّ كتاب الطهارة،لكنّه مشحون بتحقيقات أصوليّة يحكيها عنه المتأخّرون،مثل الشيخ الأعظم الأنصاري.و ذكر المحقّق التستري:أنّ الوحيد البهبهاني قد يعبّر عن الخوانساري بأستاذ الكلّ في الكلّ (2).

ثمَّ في أواخر القرن الثاني عشر وجد المسلك الأخباري نفسه وجها لوجه أمام بطل الاجتهاد العملاق و فذّه المقدام،طود العلم الشامخ،الأستاذ الأكبر،وحيد الدهر و فريد العصر،مولانا العلاّمة محمّد باقر البهبهاني (1206 ه)الذي كرّس غاية جهوده لأجل عزل هذا المسلك و إضماره، فكان أن نال من التوفيق ذروته،و من النصر أعزّه و أبهاه.

و قد وصفه المحقّق التستري بقوله:شيخنا العظيم الشأن،الساطع البرهان،كشّاف قواعد الإسلام،حلاّل معاقد الأحكام،مهذّب قوانين الشريعة ببدائع أفكاره الباهرة،مقرّب أفانين الملّة المنيعة بفرائد إنظاره الزاهرة،مبيّن طوائف العلوم الدينيّة بعوالي تحقيقاته الرائقة،مزيّن صحائف الرسوم الشرعيّة بلئالي تدقيقاته الفائقة،فريد الخلائق،واحد الآفاق في محاسن الفضائل و مكارم الأخلاق،مبيد شبهات اولي الزيغ و اللجاج و الشقاق على الإطلاق بمقاليد تبيانه الفاتحة للأغلاق الخالية عن الإغلاق،الفائز بالسباق الفائت عن اللحاق.. (3).

ص:11


1- انظر الكنى و الألقاب 3:8.
2- انظر مقابس الأنوار:17.
3- مقابس الأنوار:18.

و هو-رحمه اللّه-كان جامعا للعلوم الإسلاميّة،فكان متضلّعا بعلم الحديث بشعبه،و القواعد الأصولية الرصينة،خبيرا جدّا بالمباني الفقهيّة، و شرحه الكبير على المفاتيح و حواشيه على المدارك أصدق شاهد على ذلك.

و قد عاد-و بفضل ما قام به المولى الوحيد نوّر اللّه مرقده من دور عظيم-إلى مدرسة الفقه و الاجتهاد-بل إلى مدرسة أهل البيت عليهم السّلام عموما-مجدها و انسجامها،و تطوّرت و ازدهرت،و تخرّج من حوزته الكبرى رحمه اللّه جمّ غفير من أعاظم الفقهاء و فطاحل العلماء،لكلّ منهم ميزة فائقة،و شدّ بعضهم الرحال إلى النجف الأشرف،مثل:السيّد بحر العلوم، و الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء؛و بعضهم إلى قم المقدّسة،مثل:

الميرزا القميّ؛و بقي بعضهم بكربلاء المقدّسة-موطن الوحيد-كالسيّد صاحب الرياض و الميرزا الشهرستاني.

و بقيت كربلاء محافظة على دورها العلمي الريادي حتى وفاة المربّي العظيم محمّد بن حسن علي الآملي الحائري المشهور بشريف العلماء سنة 1245 ه،الذي تلمّذ على صاحب الرياض.

و تكميلا للفائدة،فلا بأس بالإشارة إلى المحاور المهمّة التي صارت محلا للخلاف بين الأخباريين و الأصوليين،و هي كالتالي:

1-استقلاليّة علم الأصول و وضعه أساسا للفقه.

قال الشيخ حسين الكركي قدس سره أحد علماء الأخباريين بهذا الصدد:إنّ علم الأصول ملفّق من علوم عدّة و مسائل متفرّقة،بعضها حقّ و بعضها باطل،وضعه العامّة لقلّة السنن الدالّة على الأحكام عندهم و بنوا عليه

ص:12

استنباط المسائل الشرعيّة النظرية (1).

و نقل عنهم الوحيد بقوله:و شبهتهم الأخرى هي:أن رواه الحديث منّا و التالين لهم لم يكونوا عالمين به قطعا،مع علمهم بهذه الأحاديث الموجودة،و لم ينقل عن أحد من الأئمّة عليهم السّلام إنكارهم،بل المعلوم تقريرهم لهم،و كان هذا الحال مستمرّا إلى عصر ابن أبي عقيل و ابن الجنيد رحمهما اللّه ثمَّ حدث هذا العلم بين الشيعة،فلا حاجة إليه.

و أجاب عنه المجتهدون ب:أنّ كثيرا من المسائل الأصوليّة كانت موجودة لدى فقهاء أصحاب الأئمّة منذ أيّام الصادقين عليهما السّلام،و وردت فيها روايات عنهم عليهم السّلام من قبيل:حجّية الخبر،و حجّية ظواهر الكتاب، و أصالة البراءة،و البحث عن القياس،و علاج التعارض.

و نرى في كلام الفضل بن شاذان (2)صورة جليّة عن التفكير الأصولي،أشار فيه إلى مسألة اجتماع الأمر و النهي و قال بجوازه،و إلى الفرق بين النهي المولوي و الإرشادي،و أنّ الثاني يقتضي الفساد في المعاملات دون الأول.

مضافا إلى أنّ استغناء أصحابهم عليهم السّلام عن الأصول-لمعاصرتهم إياهم عليهم السّلام-لا يدلّ على استغناء الفقهاء البعيدين عن عصرهم عليهم السّلام و قد خفي عليهم أكثر القرائن و الملابسات التي كانت تكتنف بالنصوص ممّا يؤدّي إلى وضوح معناها.

2-اعتماد المجتهدين في إثبات الأحكام الشرعيّة على الظنون.

و هذا ما نسبه الأخباريّون إلى المجتهدين،و هم قد برّءوا أنفسهم عن

ص:13


1- هداية الأبرار:234.
2- المحكي في الكافي 6:92-93.

العمل بالظن،و قالوا:نحن نعمل بالأخبار دون الظنون؛و جماعة منهم ادّعوا قطعيّتها.

و أجاب عنه المجتهدون فيما يرجع إلى الدعوى الأولى-أي عمل المجتهدين بالظنون-بأنّه إن كان المراد بالظّن:الظنّ الذي لم يقم على حجّيته دليل قطعي،فالعمل به ممنوع عند الأُصوليين بتاتا؛و إن كان المراد منه:الظنّ الذي قام على حجّيته دليل قطعي،فهو مسلّم و لا ضير فيه، كالظنّ الحاصل من ظهورات الكلام أو أخبار الثقات..و قد توسّعوا في البحث عنه في محلّه في علم الأصول.

و أمّا بالنسبة إلى الدعوى الثانية-أي العمل بالأخبار-فهي أمر وافق عليه المجتهدون مع توفّر شرائط الحجّية،فإنّ الأخبار هي العمدة في استنباط الأحكام عند المجتهدين كما هو واضح،و لكنّها في الأغلب تكون ظنّة صدورا أو دلالة،و الشواهد التي أقيمت على إثبات قطعيّة الأخبار غير وافية (1).

3-قد يعتمد المجتهدون في إثبات الحكم الشرعي على مقدّمات عقليّة،بينما أنّ دين اللّه لا يصاب بالعقول،و العمل بالرأي و القياس ممنوع في مدرسة أهل البيت عليهم السّلام.

و أجاب عنه المجتهدون بما أوضحوه في بحث القطع من الأصول ب:

أنّ المقدّمات العقليّة إذا لم تنتج إلاّ الظنّ فهي ليست بحجّة،و تدخل في باب القياس و الاستحسان و المصالح المرسلة.

و أمّا الملازمات العقليّة التي بها يستفاد الحكم من النصوص

ص:14


1- انظر معجم رجال الحديث 1:22-36.

الشرعيّة،فهي حجّة ذاتيّة لا يعقل الردع عنها،بل أمضاها الشارع و أرشد إليها،من قبيل:استلزام الأمر بالشيء الأمر بمقدّمته،و غير ذلك؛فمتى سلّم هذا الاستلزام لا معنى لطرح حجّيته،فإنّه من قبيل لوازم الكلام، و لا يرتبط بالقياس و الرأي الممنوعين.

4-يعتمد المجتهدون على ظواهر الكتاب و لو لم يرد فيه تفسير عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام،و هو عند الأخباريين مصداق التفسير بالرأي الممنوع عنه في الروايات..و هذا ما ذهب إليه معظمهم،و شذّ عنه بعضهم (1).

و قد بحث المجتهدون عنه في الأصول موسّعا،و أثبتوا حجّية ظاهر الكتاب بحسب الروايات و شهادة نفس الكتاب،و دفعوا الإشكال عنها.

5-عدم التزام الأصوليين بحجّية الرواية بمجرّد وجودها في إحدى الكتب الروائيّة،و إنّما يرون لحجّيتها شروطا بلحاظ الرواة،أو بلحاظ عمل المشهور و عدم إعراضهم عنها.

و في قبالهم يعتقد الأخباريّون حجّية كلّ الروايات الموجودة في الكتب الأربعة و ما يماثلها،و بعضهم ادّعى قطعيّتها؛و استشهدوا على دعواهم بأمور زيّفها المجتهدون (2).

6-يعتني المجتهدون بعلم الرجال؛باعتباره متصدّيا لتمييز آحاد السند من الجرح و التعديل،و الذي هو دخيل في اعتبار الرواية و عدمه.

و أمّا الأخباريّون،فلاعتقادهم صحّة كلّ الروايات الموجودة في

ص:15


1- كالفيض الكاشاني في الأصول الأصيلة:36-37.
2- راجع الفصل الثامن من كتاب اجتهاد الأخبار للوحيد البهبهاني،رجال السيّد بحر العلوم 4:73 الفائدة الرابعة،ألحقّ المبين لكاشف الغطاء:34،معجم رجال الحديث 1:19.

الجوامع الحديثيّة،وجدوا أنفسهم في غنى عن علم الرجال و علم الدراية الذي يبحث عن أحوال الحديث.

و هذا المحور من الخلاف متفرّع عن المحور السابق.

7-المشهور بين المجتهدين جريان البراءة في الشبهات التحريميّة.

و خالفهم الأخباريّون و قالوا بوجوب الاحتياط فيها؛أخذا بظاهر الأدلّة الآمرة بالتوقّف و الاحتياط في الشبهات.

و أجاب عنهم المجتهدون ب:أنّ التأمّل الوافي في الروايات المشار إليها يعطي أنّ الأمر بالتوقّف فيها إرشادي لا مولوي،و مقتضى حديث الرفع و غيره هو البراءة.

هذا،و هناك خلافات أخر لعلّها لا تكون إلاّ بين الأخباريين و جمع من الأصوليين لا جميعهم،و ذلك مثل:حجّية الإجماع المنقول.

كما أنّه قد تذكر نماذج من مسائل فقهيّة بعنوان الخلاف بين الفريقين؛و هي أيضا متفرّعة عن بعض الخلافات المتقدّمة في المسائل الأصوليّة.

نحن و الكتاب:

ثمَّ إن الجهود التي كرّسها الوحيد-نوّر اللّه مرقده-قد أينعت و أتت بالثمر العظيم و على مختلف المجالات،سيّما مجال التصنيف،الذي عاش -و لا زال-عصرا باهرا يمتاز بالتكامليّة،المقرونة بالدقّة الفائقة،و الضبط الرفيع،و القواعد المحكمة،و كثرة الفروع و تشعّبها،و متانة الاستنباط.

و يعدّ كتابنا«رياض المسائل»خير نموذج و أوضح مصداق يجمع -و بشكل شامل-بين مباني الوحيد و خصائص مرحلة التكامل،فإنّ مصنّفه

ص:16

«السيّد علي الطباطبائي»المشتهر بتبحّره في علم الأصول،قد أبدى مهارة فائقة و براعة قلّ نظيرها في إرجاع الفروع إلى الأصول،الأصول التي اعتمدها أستاذه الوحيد و دحر بها الأخباريين،فلقّنها إيّاه خير تلقين،و أجاد استثمارها و أبدع فيها خير إبداع،سالكا في الاستدلال بها مسلكا استحال على غيره،بل عسر،متعرّضا لكلّ ما توصّل إليه من الأدلّة و الأقوال.

فهو غرّة ناصعة على جبهة الفقه الشيعي-بل الإسلامي-و نجم ساطع في سماء الفقه الاستدلالي،و آية باهرة لكيفيّة الاجتهاد و الاستنباط،حسن الترتيب،كثير الفوائد جدّا،يضمّ-بالإضافة إلى دقّته في الاستدلال- الإحاطة بشتّى جوانب البحث،مشفوع بنقل الروايات و الكلمات بعبارات موجزة بليغة،اقتصر فيه على أمّهات الفروع الفقهيّة،مع غاية في الاختصار في أداء المقاصد و إيراد المطالب،بحيث يصعب-بل لعلّه يتعذّر-الوقوف على جملة بل كلمة زائدة لا يضرّ إسقاطها بالمطلب،و ذلك في جميع فصوله،فمنهجه في الإصرار على الاختصار منهج كتاب«الروضة البهيّة» و«زبدة الأصول».

و يدلّك على عظمته أنّه اشتهر به كاتبه،فيعرف به غالبا،كما هو الحال في«كشف الغطاء»و«جواهر الكلام».

و هو-فيما بأيدينا من تراث فقهائنا-أوّل كتاب فقهيّ استدلاليّ مبسوط حاو لجميع الأبواب الفقهيّة،إلاّ ما شذّ (1)شرح مزجيّ على المختصر النافع للمحقّق الحلّي،و قد يعبّر عنه بالشرح الكبير في قبال شرحه الصغير عليه المطبوع حديثا..و هذا النوع

ص:17


1- أي كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كتاب المفلّس.

من الشرح له تأثير خاص في انسجام مطالب الكتاب و اتّصالها،بحيث يعدّ المتن و الشرح كتابا واحدا،يحثّ الطبع على ملاحظته و النظر فيه.

و لعلّ أوّل شرح مزجيّ معروف لفقهاء الإماميّة هو«الروضة البهيّة» التي متنها كتاب«اللمعة الدمشقية».

و لم يوجد قبل الرياض شرح مزجيّ لمتن فقهيّ على هذا النهج،فما صنّف على هذا المنوال ممّن تقدّم عليه إمّا ناقص كمّا نقصا فاحشا،كما هو الحال في كتاب«كشف اللثام»للفاضل الهندي،الفاقد لعدّة من الكتب الفقهيّة؛أو كيفا،كما في كتاب«الروضة البهيّة»للشهيد الثاني،القاصر عن الاستدلال التامّ المشتمل على النقض و الإبرام في غالب الفروع الفقهيّة.

و يمتاز أيضا عمّا تقدّم عليه من الموسوعات الفقهيّة الاستدلاليّة بأنّه على نسق واحد و أسلوب فارد،و بنفس السعة التي ابتدأ بها انتهى إليها،فإنّ كتاب«المسالك»-مثلا-و إن كان جامعا لأبواب الفقه،إلاّ أنّ فصل العبادات منها في غاية الاختصار،بخلاف المعاملات.

و من أبرز خصائصه كذلك،أسلوب تعامله مع النصوص الروائية، حيث تراه يورد محلّ الشاهد على نحو من الاختصار و الدقّة الرفيعة،مكتفيا بذكر كونها صحيحة أو موثّقة أو مرسلة أو..و هذا ممّا يدعو إلى البحث و التحقيق لتشخيص المراد،الذي يعسر في كثير من الأحيان حصره أو تعيينه.

كما و أنّه ليس كتابا فقهيّا فحسب،بل كأنّه بمنزلة الأستاذ الخبير الذي يرشد الطالب إلى كيفيّة النقاش العلمي،و تنقيح المسائل الفقهيّة،و سبل الورود و الخروج منها.و أنت ترى بين غصون الكتاب-من روعة البيان، و قوة الحجّة،و سلاسة التعبير،و حسن التخلّص إلى المقصد-ما ينمّ عن

ص:18

بلاغة مؤلّفه البارعة،و إحاطته بفنون الأدب أيضا.

و يمكن أن يتعرّف على مدى أهمّيّة الكتاب و عناية الفضلاء و الباحثين و المحقّقين به،من أنّه في سالف الأيام-حيث ربوع العلم كانت مزدهرة عامرة-قد صار محورا دراسيّا في الحوزات العلميّة،و تناولته أيدي المشتغلين ببالغ الاهتمام و التقييم،فكانوا يباحثون حول مسائله تشحيذا لأذهانهم و تقوية لملكة الاستنباط عندهم،و كم كان جديرا إحياء تلك السنّة الحسنة بين أهل العلم و طلبته في زماننا هذا.

ثمَّ إنّه قد يعثر المتتبّع في هذا الأثر النفيس على موارد وافرة من العبارات المشابهة-بل المتّحدة-لعبارات من تقدّم عليه من الفقهاء، كالذخيرة و الكفاية و المسالك و الروضة و كشف اللثام،الموجبة للاطمئنان بكونها مأخوذة منها،من دون إشارة إلى هذا الاقتباس،ممّا يقضى منه العجب.

و لكنّه هيّن عند المطّلع على طريقة أهل الفن،فإنّ نقل العبارات من دون ذكر المصدر كان سيرة مألوفة مستمرّة عندهم؛فإنّهم لمّا رأوا عبارات السابقين وافية بالمراد،و كان الغرض الأهمّ عند السابق و اللاحق أداء المطلب الصحيح،و فهم المقصد،من دون ملاحظة القائل-فانظر إلى ما قيل و لا تنظر إلى من قال-استراحوا في أداء مقاصدهم إلى نقل عبارة مرضيّة عندهم من الأقدمين،من دون تصرّف فيها،أو تغييرها إلى صورة أخرى.

و هذا لا مساس له بانتحال نظريّة و إسنادها إلى نفسه،فإنّه القبيح المذموم المنزّه عنه فقهاؤنا الأمجاد.

و لعلّه لذا تقف على عدّة موارد من هذا القبيل في الكتب الفقهيّة،

ص:19

سيّما«الروضة البهيّة»و«مسالك الأفهام»بالإضافة إلى جامع المقاصد،و كذا «الجواهر»بالنسبة إلى«الرياض»و غيره.

و يشهد على ما ذكرناه-من أنّه كان غرضه تحقيق الحقّ بأيّ نحو اتّفق-ما أفاده في آخر كتابه من أنّ المرجو ممّن يقف على هذا التعليق و يرى فيه خطأ أو خللا أن يصلحه و ينبّه عليه،و يوضحه و يشير إليه،حائزا بذلك منّي شكرا جميلا،و من اللّه أجرا عظيما جزيلا،إلى آخر ما قال.

و يرى الباحث المدقّق مدى العناية الخاصّة التي أولاها العلاّمة الفقيه الملاّ أحمد النراقي في موسوعته الفقهيّة المرموقة«مستند الشيعة»-التي قامت مؤسستنا بتحقيقها و طبعها-إلى ما في«رياض المسائل»من المباني و الأقوال.ثمَّ الملاحظ غالبا أنّه في حال الموافقة له يعبّر عنه ب:بعض مشايخنا المعاصرين،أو:بعض مشايخنا؛و بنحو:قيل،في حال المخالفة له.

كما و يشاهد أنّ الشيخ محمّد حسن النجفي قد تعرّض في موارد كثيرة جدّا من مجموعته الفقهيّة الشهيرة«جواهر الكلام»إلى عبارات «رياض المسائل»بالنصّ و التفصيل،خائضا فيها خوض النقض أو الإبرام.

ثمَّ إنّه لم يظهر لنا زمان الشروع في تأليفه و لا زمان الاختتام..إلاّ أنّه صرّح في آخر كتاب الصلاة منه:تمَّ المجلّد الأوّل و الثاني من«رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل»على يد مؤلّفه المفتقر إلى اللّه الغني عليّ بن محمّد الطباطبائي،في أواخر العشر الثاني من الشهر الثاني من السنة الرابعة من العشر الآخر من المائة الثانية من الألف الثاني من الهجرة النبويّة على صاحبها ألف سلام و ثناء و تحيّة.انتهى.

و المشاهد أنّه قد فرغ من كتاب الديات في 27 صفر سنة 1192 ه،

ص:20

و من كتاب الاعتكاف في 26 ربيع الأوّل سنة 1196 ه.

قال في الذريعة:و قد فرغ من صلاة المسافر في سنة 1196 ه-و هذا ما يخالف تصريح المصنّف قدس سرّه بفراغه من كتاب الصلاة سنة 1194 ه- و الظاهر أنّه كتبه بغير الترتيب،و أنّه بدأ بالمجلّد الثاني،لأنّي رأيت المجلّد الثاني من موقوفات السادة«آل الخرسان»بخطّ الشيخ محمّد بن درويش بن عوض الحلّي،فرغ من كتابته سنة 1192 ه،فيظهر أنّ فراغه قبل هذا التاريخ،فيكون مقدّما على الطهارة و الصلاة الذي فرغ منه سنة 1196 ه، و في آخر القضاء منه في نسخة ذكر أنّه فرغ المصنّف منه في منتصف ليلة الجمعة السابع و العشرين من صفر سنة 1192 ه (1).انتهى.

و بملاحظة تاريخ مولده الشريف،الذي كان في سنة 1116 ه،يظهر بعد ما نقله الشيخ الجليل المامقاني في موسوعته الرجاليّة«تنقيح المقال» من أنّه-رحمه اللّه-شرع في طلب العلم في زمان الرجوليّة (2).

أقوال العلماء في الكتاب:

و قد تناولته آراء أكابر العلماء بالإعجاب و الثناء،و نعتوه ببالغ النعت.

و من جملة من أشاد به الشيخ أبو عليّ في«منتهى المقال»،حيث قال فيه:و هو في غاية الجودة جدّا،لم يسبق بمثله،ذكر فيه جميع ما وصل إليه من الأقوال،على نهج عسر على سواه،بل استحال (3).

و قال فيه الشيخ أسد اللّه التستري قدس سرّه في مقابس الأنوار:أحسن

ص:21


1- الذريعة 11:336.
2- تنقيح المقال 2:307.
3- منتهى المقال 5:64.

الكتب الموجودة (1).

و في إجازته محمّد علي بن باقر الهزارجريبي،قال فيه السيّد محمّد جواد العاملي صاحب«مفتاح الكرامة»:الذي شاع و ذاع و طبق الآفاق في جميع الأقطار،و هو ممّا يبقى إلى أن يقوم صاحب الدار.. (2).

و وصفه المحقّق الكنتوري في كشف الحجب بأنّه كتاب دقيق متين، يعرف منه كمال مصنّفه،و طول باعه في الفقه،استدلّ فيه على جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى الديات (3).

و نقل الشيخ عبّاس القمّي في فوائد الرضويّة،عن صاحب التكملة، عن شيخه محمّد حسن آل يس الكاظمي،عن الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب«الجواهر»قوله:لو أردت أن أكتب كتابا مصنّفا في الفقه لكنت أحبّ أن يكون على نحو«رياض»المير سيّد علي،فبه عنوان الكتابيّة في التصنيف (4).

و قال فيه الشيخ مرتضى الأنصاري في إحدى وصاياه لتلامذته:ابحثوا و حقّقوا في كتاب«رياض المسائل»للسيّد علي الطباطبائي،فإنّه سيعينكم كثيرا في نيل مرتبة الاجتهاد.

أمّا السيّد الخوانساري صاحب«روضات الجنّات»،فبعد نقله أنّ المصنّف كان يذكر كثيرا:إنّي ما أردت به النشر و التدوين،بل المشق و التمرين،قال فيه:فرفعه اللّه تعالى إلى ما رفع،و نفع به أحسن ما به

ص:22


1- مقابس الأنوار:19.
2- حكاه عنه في أعيان الشيعة 8:314.
3- كشف الحجب:300.
4- فوائد الرضويّة:453.

ينتفع (1).

ترجمة المؤلّف:

اشارة

هو الأستاذ الوحيد،سيّد المحقّقين،و سند المدقّقين،العلاّمة النحرير،مالك مجامع الفضل بالتقرير و التحرير،المتفرّع من دوحة الرسالة و الإمامة،المترعرع في روضة الجلالة و الكرامة،الرافع للعلوم الدينيّة أرفع راية،الجامع بين محاسن الدراية و الرواية،محيي شريعة أجداده المنتجبين،مبيّن معاضل الدين المبين بأوضح البراهين،نور اللّه الجلي، و الحبر الملي،و المجتهد الأصولي،مولانا سيّد علي بن السيّد محمّد علي بن السيّد أبي المعالي الصغير بن السيّد أبي المعالي الكبير،الطباطبائي النسب،الأصفهاني المحتد،الكاظمي المولد،الحائري المنشأ و المقام أعلى اللّه مقامه (2).

ميلاده و أسرته:

كان ميلاده الشريف في مشهد الكاظمين على مشرّفيه صلوات الخافقين،في أشرف الأيّام،و هو الثاني عشر من شهر ولد فيه أشرف الأنام عليه و آله أفضل التحيّة و السلام،في السنة الحادية و الستّين بعد المائة و الألف.

جدّه الأعلى السيّد أبو المعالي الكبير،صهر مولانا المقدّس الصالح

ص:23


1- روضات الجنّات 4:402.
2- كذا نعته الشيخ أسد اللّه التستري في مقابس الأنوار:19،و السيّد الخوانساري في روضات الجنّات 4:399.

المازندراني،و قد خلّف ثلاثة أولاد ذكور،و هم:السيّد أبو طالب،السيّد علي،السيّد أبو المعالي و هو أصغرهم،و عدّة بنات.و السيّد أبو المعالي خلّف السيّد محمّد علي لا غير-و هو والد سيّدنا المترجم له-و واحدة من البنات،كانت زوجة المولى محمّد رفيع الجيلاني،القاطن في المشهد المقدّس الرضويّ حيّا و ميّتا.

خاله الأستاذ الوحيد قدس سرّه و هو صهره على ابنته،تلمّذ عليه و تربّى في حجره و نشأ،و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء (1).

له ولدان،أحدهما:السيّد السند محمّد،صاحب كتابي«المناهل» و«مفاتيح الأصول»،و هو صهر العلاّمة بحر العلوم؛و الآخر:السيّد مهدي، المعروف بزهده.

دراسته:

قال في منتهى المقال:اشتغل أولا على ولد الأستاذ العلاّمة[الوحيد البهبهاني]،فقرنه في الدرس مع شركاء أكبر منه في السن و أقدم في التحصيل بكثير،و في أيّام قلائل فاقهم طرّا و سبقهم كلا،ثمَّ بعد قليل ترقّى فاشتغل عند خاله الأستاذ العلاّمة،و بعد مدّة قليلة اشتغل بالتصنيف و التدريس و التأليف (2).

مشايخه:

الذي يظهر من عبارة المقابس و صريح الروضات أنّه لم يرو إلاّ عن

ص:24


1- منتهى المقال 5:65-66.
2- منتهى المقال 5:65.

خاله و أستاذه الوحيد قدس سرّه (1)،و لم يتلمّذ-كما يظهر من منتهى المقال-إلاّ على يد ابن خاله و خاله.

إلاّ أنّ السيّد الأمين قال في أعيان الشيعة:يروي عن السيّد عبد الباقي الأصفهاني عن والده المير محمّد حسين عن جدّه لأمّه المجلسي،و يروي أيضا عن خاله و أستاذه الآقا محمّد باقر البهبهاني،و عن صاحب الحدائق (2).

تلامذته و الراوون عنه:

شغف بعلمه و ارتوى من نميره العذب الكثير من الأجلّة الأفاضل، منهم:

1-الرجالي الشهير و الشيخ الجليل صاحب كتاب«منتهى المقال»، أبو علي،محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبّار المازندراني الحائري،المتوفّى سنة 1215 ه.

2-المحقّق السيّد محمّد جواد بن محمّد الحسني الحسيني العاملي الغروي،صاحب الموسوعة الفقهيّة المعروفة«مفتاح الكرامة»،المتوفّى سنة 1226 ه.

3-العلاّمة الفقيه الشيخ أسد اللّه بن إسماعيل التستري الدزفولي الكاظمي،صاحب«مقابس الأنوار»،المتوفّى سنة 1236 ه.

قال في روضات الجنّات:أمّا الرواية عنه رحمه اللّه فهي لكثير،و شرف التلمّذ لديه إلى غفير،و ذكر منهم:

4-العلاّمة السيّد محمّد باقر الشفتي،المعروف بحجة الإسلام،

ص:25


1- مقابس الأنوار:19.
2- أعيان الشيعة 8:315.

صاحب كتاب«مطالع الأنوار»،المتوفّى سنة 1262 ه.

5-المحقّق المدقّق الشيخ محمّد إبراهيم الخراساني الكاخي الأصفهاني الكلباسي،صاحب كتابي«الإشارات»و«الإيقاظات»،المتوفّى سنة 61-1262 ه.

6-الفاضل المتبحّر الحاج ملاّ جعفر الأسترآبادي الحائري،المتوفّى سنة 1263 ه.

7 و 8-الأخوان الفاضلان،الكاملان،الفقيهان،الحاج محمّد تقي، و الحاج محمّد صالح،البرغانيان،القزوينيان،المتوفيان سنتي 1263 ه و 1271 ه،على الترتيب.

9-المولى محمّد شريف الأصولي،المازندراني الحائري،المشهور بشريف العلماء،المتوفّى سنة 1245 ه.

10-الشيخ العارف المشهور أحمد بن زين الدين الأحسائي، المتوفّى سنة 41-1244 ه.

11-الشيخ الفقيه المبرور خلف بن عسكر الكربلائي،المتوفّى سنة 46-1250 ه.

12 و 13-خلفاه الصالحان الرشيدان،الفاضلان الفقيهان،السيّد محمّد المجاهد،صاحب كتابي«المناهل في الفقه»و«مفاتيح الأصول»، المتوفّى سنة 1242 ه؛و السيّد مهدي المقدّس.

14 السيّد أبو القاسم بن السيّد المحقّق الفقيه السيّد حسين الموسوي الخوانساري صاحب«مشارق الشموس»،المتوفّى سنة 1240 ه.

ص:26

رحمهم اللّه جميعا (1).

مصنّفاته:

ذكر تلميذه الشيخ أبو علي في«منتهى المقال»أنّ له مصنّفات فائقة و مؤلّفات رائعة،عدّ منها:

1-شرحه على المفاتيح،برز منه كتاب الصلاة،و هو مجلّد كبير جمع فيه جميع الأقوال.

2-شرحه على النافع:رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل.

3-رسالة في تثليث التسبيحات الأربع في الأخيرتين و كيفيّة ترتيب الصلاة المقضيّة عن الأموات.

4-رسالة في الأصول الخمس،جيّدة.

5-رسالة في الإجماع و الاستصحاب.

6-شرح ثان على المختصر،اختصره من الأول،جيّد،لطيف، سلك في العبادات مسلك الاحتياط ليعمّ نفعه العامّي و المبتدئ و المنتهي، و الفقيه و المقلّد له و لغيره،في أيّام حياته و بعد وفاته.

و هو مطبوع محقّق في ثلاث مجلّدات.

7-رسالة في تحقيق حجّية مفهوم الموافقة.

8-رسالة في جواز الاكتفاء بضربة واحدة في التيمّم مطلقا.

9-رسالة في اختصاص الخطاب الشفاهي بالحاضر في مجلس

ص:27


1- روضات الجنّات 4:403-404 بتصرّف.

الخطاب،كما هو عند الشيعة.

10-رسالة في تحقيق أنّ منجّزات المريض تحسب من الثلث أم من أصل التركة (1).

11-رسالة في تحقيق حكم الاستظهار للحائض إذا تجاوز دمها عن العشرة.

12-ترجمة رسالة في الأصول الخمس،فارسيّة،لخاله الوحيد قدس سرّه، إلى العربية.

13-رسالة في بيان أنّ الكفار مكلّفون بالفروع عند الشيعة،بل و غيرهم،إلاّ أبا حنيفة.

14-رسالة في أصالة براءة ذمّة الزوج عن المهر،و أنّ على الزوجة إثبات اشتغال ذمّته به.

15-رسالة في حجّية الشهرة،وفاقا للشهيد قدس سرّه.

16-رسالة في حلّية النظر إلى الأجنبيّة في الجملة و إباحة سماع صوتها كذلك.

17-حاشية على كتاب معالم الأصول،غير مدوّنة،كتبها بخطّه على حواشي المعالم في صغره و أوائل مباحثته له.

18-حواشي متفرّقة على«مدارك الأحكام».

ص:28


1- قال السيّد على الطباطبائي-قدس سرّه-في الرياض:ج 2 ص 67(الحجري):و لقد كتبت في المسألة رسالة منفردة،رجّحت فيها خلاف ما هنا-حيث إنّه اختار فيها احتساب منجّزات المريض من الثلث لا من أصل التركة-لغفلتي عن الشهرة القديمة و الإجماعين المتقدّم إلى ذكرهما الإشارة،و عن كون الأخبار الأوّلة موافقة للعامّة،فشيّدتها زعما منّي اعتضادها بالشهرة،و طرحت ما خالفها،و هو كما ترى، فالمصير إلى القول الثاني أقوى ثمَّ أقوى.

19-حواشي متفرّقة على«الحدائق الناظرة»لشيخنا يوسف البحراني قدس سرّه.

20-أجزاء غير تامّة في شرح مبادئ الأصول للعلاّمة الحلّي.

و غير ذلك من حواش و رسائل و فوائد و أجوبة مسائل (1).

أقوال العلماء فيه:

تعرّض لوصفه ببالغ المديح و الثناء و الإشادة و الإطراء الكثير من العلماء العظام و أصحاب التراجم المعروفة.

فقد قال فيه الوحيد قدس سرّه عند إجازته له الرواية عنه:استجازني السيّد السند،الماجد الأمجد،الموفّق المسدّد،الرشيد الأرشد،المحقّق المدقّق، العالم الكامل،الفاضل الباذل،صاحب الذهن الدقيق و الفهم الملي،الطاهر المطهّر،النابغة النورانية،صاحب النسب الجليل الرفيع و الحسب الجميل، و الطبع الوقّاد،و الذهن النقّاد،ولدي الروحي،مير سيّد علي بن سيّد محمّد علي،وفقه اللّه لمراضيه،و أيّده و سدّده و أرشده.

أمّا الشيخ الجليل أبو علي فقد قال فيه في«منتهى المقال»:ثقة، عالم،عرّيف،و فقيه فاضل غطريف،جليل القدر،وحيد العصر،حسن الخلق،عظيم الحلم،حضرت مدّة مجلس إفادته،و تطفّلت برهة على تلامذته،فإن قال لم يترك مقالا لقائل،و إن صال لم يدع نصالا لصائل (2).

و أطرى عليه السيّد محمّد باقر الشفتي،المعروف بحجّة الإسلام، صاحب«مطالع الأنوار»،في بعض إجازاته عند عدّ شيوخه،بقوله:منهم

ص:29


1- منتهى المقال 5:64-65.
2- منتهى المقال 5:64.

شمس فلك الإفادة و الإفاضة،بدر سماء المجد و العزّ و السعادة،محيي قواعد الشريعة الغرّاء،مقنّن قوانين الاجتهاد في الملّة البيضاء،فخر المجتهدين،ملاذ العلماء العاملين،ملجأ الفقهاء الكاملين،سيّدنا و أستاذنا العليّ العالي،الأمير السيّد علي الطباطبائي الحائري (1).

و قال السيّد محمّد جواد العاملي صاحب«مفتاح الكرامة»عند إجازته محمّد علي بن باقر هزار جريبي:

فأجزت له أن يروي عنّي ما استجزته و قرأته و سمعته من السيّد الأستاذ،رحمة اللّه سبحانه في البلاد و العباد،الإمام العلاّمة،مشكاة البركة و الكرامة،صاحب الكرامات،أبو الفضائل،مصنّف الكتاب المسمّى برياض المسائل،الذي عليه المدار في هذه الأعصار،النور الساطع المضيء،و الصراط الواضح السوي،سيّدنا و أستاذنا،الأمير الكبير،السيّد علي أعلى اللّه شأنه (2).

و أثنى عليه الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء في كتابه«الحقّ المبين» بعد نقله ما دار بينه و بين أحد أعلام الأخباريين،بقوله:و قد اجتمعت مع أعظم علمائهم في مكان،فقال لي:رأيت في رسالتك و رسالة سيّد علي -يعني جناب زبدة المجتهدين و أفضل العلماء العاملين مولانا و مقتدانا مير سيّد علي دام ظلّه-أنّ مسّ المحدث لاسم اللّه حرام،و ليس عليه دليل، فقلت له:إذا لم يكن على وجوب تعظيم المحترمات دليل،فما الدليل على عدم جواز تنجيس القرآن و إلقائه في القذارات؟!فسكت (3).

و أشاد به السيّد محمّد الزنوزي-الذي يعدّ من تلامذته أيضا-حيث

ص:30


1- حكاه في أعيان الشيعة 8:315.
2- حكاه في أعيان الشيعة 8:315.
3- الحق المبين:88.

عبر عنه ب:استاذنا الأعظم،عالم عامل كامل،فاضل باذل عادل،فقيه وحيد تقي نقي،عابد زاهد،ثقة موثّق،صاحب أخلاق كريمة و أوصاف عظيمة.

و ذكره المحدّث النيسابوري في رجاله،مع أنّه كان من المعاندين له في ظاهر السياق،بهذه العبارة:

شيخ في الفقه و أصوله،مجتهد صرف،يراعي الاحتياط بما يراه، عاصرناه (1).

و وصفه السيّد الأمين في أعيان الشيعة بأنّه المحقّق المؤسّس،الذي ملأ الدنيا ذكره،و عمّ العالم فضله،تخرّج عليه علماء أعلام،و فقهاء عظام، صاروا من أكابر المراجع في الإسلام،كصاحب المقابيس،و صاحب المطالع،و صاحب مفتاح الكرامة،و أمثالهم من الأجلّة (2).

و قد تقدّم مدح الشيخ أسد اللّه التستري صاحب المقابس و السيّد الخوانساري صاحب الروضات له في أوّل ترجمتنا له قدس سرّه.

من كراماته:

ذكر المحقّق الخوانساري في روضاته:

لمّا شنّ الوهابيون النواصب هجومهم بأمارة رئيسهم الملحد المردود الملقّب ب«سعود»،على مشهد مولانا الحسين عليه السّلام،في السنة السادسة عشرة بعد الألف و المائتين من الهجرة المقدّسة،و في يوم عيد الغدير، حيث أغلب أهل البلد توجّهوا إلى زيارة أمير المؤمنين عليه السّلام المخصوصة،

ص:31


1- حكاه عنه في روضات الجنّات 4:401.
2- أعيان الشيعة 8:314.

و وقوع المجزرة الرهيبة،حصلت حادثة عجيبة لسيّدنا المترجم له-عليه الرحمة-فإنّه لمّا وقف على قصدهم الهجوم على داره بعزيمة قتله و قتل عياله و نهب أمواله،أرسل بحسب الإمكان أهاليه و أمواله في الخفاء عنهم إلى مواضع مأمونة،و بقي هو وحده في الدار مع طفل رضيع لم يذهبوا به مع أنفسهم،فحمل ذلك الطفل معه،و ارتقى إلى زاوية من بيوتاتها الفوقانيّة،معدّة لخزن الحطب و الوقود و أمثاله،ليختفي فيها عن عيونهم، فلمّا وردوا و جعلوا يجوسون خلال حجرات الدار في طلبه و ينادون في كلّ جهة منها بقولهم:أين مير علي؟ثمَّ عمدوا إلى تلك الزاوية،فأخذ هو -رحمه اللّه-ذلك الطفل الرضيع على صدره،متوكّلا على اللّه تعالى في جميع أمره،و دخل تحت سلّة كبيرة كانت هناك من جملة ضروريات البيت،فلمّا صعدوا إلى تلك الزاوية،و ما رأوا فيها غير حزمة من الحطب موضوعة في ناحية منها،و كان قد أعمى اللّه أبصارهم عن مشاهدة تلك السلّة،تخيلوا أنّ جناب السيّد لعلّه اختفى بين الأحطاب و الأخشاب،فأخذوها واحدا بعد واحد،و وضعوها بأيديهم فوق تلك السلّة،إلى أن نفدت،و يئس الذين كفروا من دينهم،فانقلبوا خائبين و خاسرين،و خرج السيّد المرحوم لنعمة اللّه من الشاكرين،و في عصمة اللّه من الحائرين،و أنّه كيف سكن ذلك الطفل من الفزع و الأنين،و أخمد منه التنفّس و الحنين كما يخمد الجنين، إلى أن جعل الأمر الخارق للعادة عبرة للناظرين و عظة للكافرين وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُ وَ اللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [1] - فَاللّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ [2] .

ثمَّ إنّ أولئك الفجرة الفسقة الملاعين لمّا فعلوا ما فعلوا،و قتلوا ما قتلوا،و نهبوا من المؤمنين و المسلمين،و هدموا أركان الدين المتين، و هتكوا حرمة ابن بنت رسول اللّه الأمين،بحيث ربطوا الدواب الكثيرة

ص:32

القذرة في الصحن المطهر،و أخذوا جمع ما كان من النفائس في الحرم المنور،بل قلعوا ضريحه الشريف،و كسروا صندوقه المنيف،و وضعوا هاون القهوة فوق رأس الحضرة المقدسة على وجه التخفيف،و دقّوها و طبخوها و شربوها،و سقوها كلّ شقي عتريف و فاسق غير عفيف.خافوا على أنفسهم الخبيثة من سوء عاقبة الأطوار،و من هجوم رجال الحقّ عليهم بعد ذلك من الأقطار،فاختاروا الفرار على القرار،و لم يلبثوا في البلد إلاّ بقيّة ذلك النهار يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ [1] - وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [2] (1).

وفاته و مدفنه:

قال في روضات الجنّات:توفّي قدّس سرّه في حدود سنة 1231 ه،و دفن بالرواق المشرقي من الحضرة المقدّسة،قريبا من قبر خاله العلاّمة،و كان ولده الأمجد الأرشد الآقا السيّد محمّد المرحوم انذاك قاطنا بمدينة أصفهان العجم،فلمّا بلغه نعي أبيه المبرور أقام مراسم تعزيته هناك،و جلس أياما للعزاء يأتون إلى زيارته من كلّ فجّ عميق،ثمَّ رجع إلى موطنه الأصيل و مقامه الجليل،بعد زمان قليل،و بقي في خلافة أبيه و نيابته في جميع ما يأتيه،إلى زمان انتقاله في موكب سلطان العجم إلى دفاع الروسيّة،و وفاته في ذلك السفر ببلدة قزوين (2).

و جاء في تاريخ وفاته:

بموت عليّ مات علم محمّد

ص:33


1- روضات الجنّات 4:405-406.
2- روضات الجنات 4:402.

و في نخبة المقال:

و صاحب الرياض سيّد الأجل محقّق عن خاله الآقا نقل

قد عاش سبعين بعلم و عمل مقبضه مؤلّف الرياض حل

(1).

النسخ المخطوطة المعتمدة في تحقيق الكتاب:

اعتمدنا في تحقيق هذا السفر المبارك-بالإضافة إلى النسخة الحجريّة-على أربع عشرة نسخة مخطوطة،هي كالتالي:

1-النسخة المحفوظة في مكتبة«سپهسالار»في طهران،تحت رقم 6007،و هي من أول كتاب الطهارة إلى كتاب الوديعة و العارية،كتبها محمود بن عبد اللّه بن أحمد القزويني،فرغ من كتابتها سنة 1201 ه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ل».

2-النسخة المحفوظة في مكتبة«مجلس الشورى الإسلامي»في طهران،تحت رقم 63295،و هي من أول كتاب الصلاة إلى آخر صلاة المسافر،كتبها محمّد علي بن شيخ محمّد،فرغ من كتابتها سنة 1205 ه.

و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«م».

3-النسخة المحفوظة في مكتبة«كلّية الحقوق و العلوم السياسيّة» بجامعة طهران،تحت رقم 9373،و هي من أول كتاب الطهارة إلى كتاب الخمس،كتبها رفيع بن الشيخ حسين الجيلاني،فرغ من كتابتها سنة 1212 ه.و يشاهد عليها إجازة المصنف قدّس سرّه بخطّه الشريف مع إمضائه بتاريخ 1215 ه،إلاّ أنّنا لم نلحظ اسم المجاز له عليها.و قد رمزنا لها في

ص:34


1- حكاه في فوائد الرضوية:324.

هامش الكتاب بالحرف«ش».

4-النسخة المحفوظة في مكتبة«كلّية الحقوق و العلوم السياسيّة» بجامعة طهران،تحت رقم 52989،و هي من أول كتاب الزكاة إلى آخر كتاب الاعتكاف،كتبها المصنّف قدّس سرّه بخطّه الشريف،فرغ من كتابتها سنة 1196 ه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ص».

5-النسخة المحفوظة في مكتبة«جامعة طهران المركزيّة»،تحت رقم 8294،و هي تحتوي كتاب الحجّ و قسم من كتاب الجهاد،كتبها مؤمن ابن محمود الخوانساري،فرغ من كتابتها سنة 1227 ه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ك».

6-النسخة المحفوظة في مكتبة«وزيري»في يزد،التابعة لمكتبة الاستانة الرضويّة المقدّسة في مشهد،تحت رقم 1231،و هي من أول كتاب الحجّ إلى آخر كتاب الجهاد،كتبها السيّد عبّاس أحد أحفاد المؤلّف قدّس سرّه،فرغ من كتابتها سنة 1258 ه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب الحرف«ق».

7-النسخة المحفوظة في مكتبة«الاستانة الرضويّة المقدّسة»في مشهد،تحت رقم 14712،و هي من أوّل كتاب التجارة إلى آخر كتاب الوصايا،كتبها خلف الحاج عسكر أحد تلامذة المصنّف قدّس سرّه،فرغ من كتابتها سنة 1200 ه.

قوبلت في زمان المؤلّف قدّس سرّه مع أمّ النسخ التي هي بخطّه الشريف، و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ه».

8-النسخة المحفوظة في مكتبة«سپهسالار»في طهران،تحت رقم 2504،و هي من أوّل كتاب التجارة إلى آخر كتاب المواريث،كتبها

ص:35

إسماعيل بن محمّد خليل الخوانساري،فرغ من كتابتها سنة 1224 ه، مصحّحة و عليها حواشي من المؤلّف قدّس سرّه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ر».

9-النسخة المحفوظة في مكتبة«تبريز»،تحت رقم 3340،و هي من أول كتاب التجارة إلى آخر كتاب النذر،مجهولة الناسخ و التاريخ.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ت».

10-النسخة المحفوظة في مكتبة«كلّية الحقوق و العلوم السياسيّة» بجامعة طهران،تحت رقم 52987،و هي من أوّل كتاب النكاح إلى آخر كتاب اللعان،كتبها المصنّف قدّس سرّه بخطّه الشريف،و لم يتجلّى لنا تاريخ فراغه منها.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ع».

11-النسخة المحفوظة في مكتبة«كلّية الحقوق و العلوم السياسيّة» بجامعة طهران،تحت رقم 52988،و هي من أوّل كتاب العتق إلى أوائل كتاب المواريث،كتبها المصنّف قدّس سرّه بخطّه الشريف،مع عدم ذكر تاريخ فراغه منها.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ي».

12-النسخة المحفوظة في مكتبة«كلّية الآداب»بجامعة الفردوسي في مشهد المقدّسة،تحت رقم 28018،و هي من أوّل كتاب اللقطة إلى آخر كتاب الديات،كتبها ابن حاجي هادي بن مير إسماعيل،فرغ من كتابتها سنة 1221 ه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب الحرف«ب».

13-النسخة المحفوظة في مكتبة«الآستانة المقدّسة»في قم المشرّفة،تحت رقم 6401،و هي من أوّل كتاب القضاء إلى آخر كتاب الديات،كتبها محمّد إبراهيم خلف،فرغ من كتابتها سنة 1253 ه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«س».

ص:36

14-النسخة المحفوظة في مكتبة«الآستانة المقدّسة»في قم المشرّفة.تحت رقم 5859،و هي من أول كتاب الحدود إلى آخر كتاب الديات،كتبها السيّد محمّد بن علي محمّد الكزازي،فرغ من كتابتها سنة 1220 ه.و قد رمزنا لها في هامش الكتاب بالحرف«ن».

هذا،و قد رمزنا للنسخة الحجريّة في هامش الكتاب بالحرف«ح».

و قد كان كتاب«المختصر النافع»-المطبوع-نصب أعيينا أثناء العمل،و أشرنا إليه في الهامش ب:المختصر المطبوع.

و بالنظر لضيق المجال،فقد اقتصرنا على نماذج أهمّ النسخ المخطوطة.

منهجيّة التحقيق:

اتّبعت مؤسّسة آل البيت-عليهم السّلام-في تحقيق هذا الأثر النفيس-و كما هو مقرّر في منهجها-أسلوب التحقيق الجماعي،الذي تجاوز العمل على طبقه عدّة مراحل،هي كالتالي:

1-مقابلة النسخ الخطّية و النسخة الحجريّة،و تثبيت الاختلافات إن وجدت.

و قام بمهمّتها الاخوة الأماجد:الحاج كاظم المصباح،عبد الستّار الحسناوي،علي الشامي.

2-استخراج الآيات المباركة و الأحاديث الشريفة و الأقوال الفقهيّة، التي تعرّض لها المصنّف بالتصريح أو الإشارة.

و تكفّل به أصحاب السماحة حجج الإسلام:الشيخ محمّد علي زينلي،الشيخ عبد الحسين آقايي پور،السيّد محمّد جواد الحسيني، و الاخوة الأفاضل:السيّد عبد العزيز كريمي،عبد الرضا الروازق-الذي أنيطت به أيضا مهمّة صياغة الهامش-الحاج عبد الحسين الحسّون،علي

ص:37

رضا أردشيري.

3-تقويم النصّ،و تقطيعه إلى عدّة فقرات بما يتناسب و احتياج العبارة،مع ملاحظة الاختلافات الموجودة بين النسخ،و تثبيت الراجح في المتن و الإشارة إلى المرجوح في الهامش،ثمَّ التعليق على بعض العبارات عند الحاجة،و استخراج معاني الكلمات الغريبة.

و قام بهذه المهمّة فضيلة حجة الإسلام الشيخ محمّد بهره مند،فضيلة حجة الإسلام الشيخ محسن قديري،الأستاذ الفاضل المحقق كريم الأنصاري.

4-الإشراف و المراجعة النهائيّة،و توحيد الجهود المبذولة، و تصحيح ما زاغ عن البصر،و إبداء الملاحظات الأخيرة.

و كانت على عاتق فضيلة حجة الإسلام الشيخ علي مرواريد.

و لا يفوتنا أن نخصّ حجّة الإسلام و المسلمين الشيخ محمّد رضا المامقاني بالشكر و التقدير لما أبداه من حسن التعاون لأجل إظهار هذا السفر المبارك على أفضل وجه.

سائلين المولى القدير أن يتقبّله بأحسن قبوله،و أن يحيطه ببالغ لطفه و عنايته،مع غاية في الانتفاع به،إنّه سميع مجيب الدعاء.

مؤسسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث

ص:38

ص :1

ص :2

ص :3

ص :4

بسم اللّه الرحمن الرحيم و به نستعين الحمد للّه ربّ العالمين،و صلّى اللّه على سيّدنا و نبيّنا محمد و آله الطاهرين.

ص:5

ص:6

كتاب الطهارة

اشارة

كتاب الطهارة و أركانه أربعة:

الركن الأوّل في المياه

اشارة

الأوّل:في المياه جمعه باعتبار تعدّد أفراده،و المراد بها الأعمّ من الحقيقة و المجاز.

و النظر في:المطلق،و المضاف،و الأسآر.

ص:7

الأول في الماء المطلق

الماء المطلق طاهر مطهّر يرفع الحدث و يزيل الخبث

أمّا المطلق.

و هو ما يستحق إطلاق الاسم من دون توقّف على الإضافة،و لا يخرجه عنه وقوع التقييد بها في بعض الأفراد.

فهو مطلقا طاهر في نفسه مطهّر له و لغيره؛بالكتاب و السنّة و الإجماع.

قال اللّه تعالى وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [1] (1).

و قال أيضا وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً [2] (2).

و المناقشة فيهما بأخصّيّتهما من وجهين،من حيث إنّ الماء فيهما مطلق فلا يعمّ جميع مياه السماء،مع اختصاصهما بمائها فلا يعمّان غيره،فلا يعمّان المدّعى.

مدفوعة بورودهما في مقام الامتنان المناسب للتعميم،كما صرّح به جمع (3)،مضافا إلى عدم القول بالفصل،فيندفع به أحدهما.

و يندفع الآخر بالإجماع المزبور،و بما يستفاد من الكتاب و السنّة من كون مياه الأرض بأجمعها من السماء،صرّح به الصدوق في الفقيه،و غيره (4).

قال اللّه تعالى وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ [3] (5).

و روى القمي في تفسيره عن مولانا الباقر عليه السلام قال:«هي الأنهار

ص:8


1- الأنفال:11.
2- الفرقان:48.
3- منهم الفاضل المقداد في كنز العرفان 1:41،صاحب معالم الفقه:4،صاحب المدارك 1: 27،صاحب الحدائق 1:173.
4- الفقيه 1:6؛و انظر الحبل المتين:346،الحدائق 1:173.
5- المؤمنون:18.

و العيون و الآبار» (1).

و قال تعالى أيضا أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ [1] (2).

و قال تعالى أيضا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ [2] -إلى قوله- يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ [3] (3)فتأمّل.

و في الأخير بعدم جواز حمل الطهور على بابه من المبالغة في أمثاله، بناء على أنّ المبالغة في«فعول»إنما هي بزيادة المعنى المصدري فيه كأكول، و كون الماء مطهّرا لغيره أمر خارج عن أصل المعنى،فلا بدّ أن يكون بمعنى الطاهر.

مدفوعة أيضا إمّا:بكون المراد منه المعنى الاسمي،أي ما يتطهر به، الذي هو أحد معانيه،كما هو المشهور بين أهل اللغة (4)،نقله جمع من العامة و الخاصة (5)،و إن احتيج في وصفه به حينئذ إلى نوع تأويل .

أو:بكونه بمعنى الطاهر المطهّر،كما هو المصرّح في كتب جماعة من أهل اللغة،كالفيّومي (6)،و ابن فارس عن ثعلب (7)،و الأزهري (8)،و ابن الأثير (9)،و نقل بعض:أن الشافعية نقلت ذلك عن أهل اللغة،و نقله عن

ص:9


1- تفسير القمي 2:91.
2- الزمر:21.
3- النحل:10 و 11.
4- راجع القاموس المحيط 2:82،الصحاح 2:727،لسان العرب 4:505،مجمع البحرين 3:380،أقرب الموارد 1:719.
5- كما في المدارك 1:27،الذخيرة:114،الحدائق 1:174؛و انظر التفسير الكبير 4:90، و الكشاف 3:284.
6- المصباح المنير:379.
7- مجمل اللغة 3:335.
8- تهذيب اللغة 6:172.
9- النهاية 3:147.

الترمذي و هو من أئمة اللغة (1).

و يستفاد من الأول كون الأكثر عليه،بل و عن الشيخ كونه متفقا عليه بين أهل اللغة،قال:و ليس لأحد أن يقول:إن الطهور لا يفيد في لغة العرب كونه مطهّرا؛لأنه خلاف على أهل اللغة،لأنهم لا يفرقون بين قول القائل:هذا ماء طهور،و هذا ماء مطهّر.

ثمَّ دفع القول بعدم كونه بمعناه من جهة عدم تعدية اسم فاعله، و المتعدي من الفعول في لغة العرب مستلزم لكون فاعله كذلك،بعدم الخلاف بين النحاة في أنه موضوع للمبالغة،و عدم حصول المبالغة على ذلك الوجه لا يستلزم عدم حصولها بوجه آخر،و المراد هنا باعتبار كونه مطهرا (2).

و بما ذكرنا يظهر ما في الاعتراض عليه بأنه إثبات اللغة بالترجيح؛و ذلك لأنّه اعتمد حقيقة على اتّفاق أهل اللغة،و إنّما ذكر ذلك تعليلا بعد الورود، و غرضه في ذلك الرّد على أبي حنيفة،لإنكاره ذلك معللا بما ذكر (3).

و إنكار وروده في كلام أهل اللغة بهذا المعنى-كما وقع لجماعة من متأخّري الأصحاب (4)-لا وجه له بعد ملاحظة ما ذكرنا،و خصوص صحيحة داود بن فرقد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة من بول قرضوا لحومهم بالمقاريض،و قد وسّع اللّه تعالى عليكم بأوسع ما بين السماء و الأرض،و جعل لكم الماء طهورا»الحديث (5).

مضافا إلى قولهم عليهم السلام في تعليل الأمر بالتيمّم:«جعل اللّه

ص:10


1- حكاه عنه في المعتبر 1:35.
2- كما في التهذيب 1:214.
3- المغني 1:35.
4- منهم صاحب معالم الفقه:1،صاحب المدارك 1:27.
5- الفقيه 1:13/9،التهذيب 1:1064/356،الوسائل 1:133 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 4.

التراب طهورا،كما جعل الماء طهورا» (1).

و ممّا ذكرنا ظهر الدليل على أصل المطلب من جهة السنّة،مضافا إلى قول الصادق عليه السلام فيما رواه المشايخ الثلاثة:«الماء كلّه طاهر حتى تعلم أنّه قذر» (2).

و هذه الأدلّة-سوى الأخير-عامة فيما ذكرنا من المطهّرية لنفسه و لغيره.

إلاّ أنّه ورد في بعض الأخبار أنّ:«الماء يطهّر و لا يطهّر» (3).

و هو-مع الضعف بالسكوني على الأشهر،و عدم المقاومة لما تقدّم-قابل للتأويل القريب،بحمله إمّا على أنه لا يطهّره غيره،أو على حصول التطهير له مع بقائه على حاله،و هو في تطهيره به مفقود.

و المراد بمطهّريّته أنّه يرفع الحدث و هو الأثر الحاصل للإنسان عند عروض أحد أسباب الوضوء و الغسل المانع من الصلاة،المتوقف رفعه على النيّة.

و يزيل الخبث مطلقا (4)،و هو النجس-بفتح الجيم-مصدر قولك:

نجس الشيء ينجس فهو نجس-بالكسر-بالنص و الإجماع.

ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه

و كلّه حتى ما كان عن مادّة توجب عدم الانفعال بالملاقاة ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه الثلاثة المعروفة،أعني:اللون و الطعم

ص:11


1- الكافي 3:3/66،الفقيه 1:223/60،التهذيب 1:1264/404،الوسائل 3:386 أبواب التيمم ب 24 ح 2.
2- الكافي 3:3/1،التهذيب 1:620/215،الوسائل 1:134 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 5،الهداية:13،المستدرك 1:186 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 7.
3- الكافي 3:1/1،التهذيب 1:618/215،المحاسن:4/570،الوسائل 1:134،135 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 6 و 7.
4- أي و لو كان بدون النية و بغير وجه شرعي.منه رحمه اللّه.

و الرائحة؛بالإجماع و النصوص المستفيضة،العامية (1)و الخاصية (2).دون غيرها،كالحرارة و البرودة بلا خلاف عندنا على الظاهر؛تمسكا بالأصل، و العمومات،و اختصاص ما دلّ على التنجّس به بما تقدّم.

و يظهر من بعض نوع تردّد في حصول النجاسة له بالتغيّر اللوني؛لما تقدّم،و اختصاص النصوص بما سواه (3).

و هو ليس في محلّه؛للإجماع،و وقوع التصريح به في النبوي المشهور (4)المعتضد ضعفه في المقام بالإجماع،و غيره من المعتبرة:

منها:الصحيح المنقول عن بصائر الدرجات عن الصادق عليه السلام و فيه:«و جئت تسأل عن الماء الراكد،فما لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة»قلت:

فما التغيّر؟قال:«الصفرة فتوضأ منه» (5).

و منها:الرضوي و فيه:«كلّ غدير فيه من الماء أكثر من كرّ لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات،إلاّ أن يكون فيه الجيف فتغيّر لونه و طعمه و رائحته،فإذا غيّرته لم يشرب منه و لم يتطهر» (6).

و منها:رواية العلاء بن الفضيل،عن الصادق عليه السلام:عن الحياض يبال فيها،قال:«لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول» (7).

ص:12


1- سنن الدارقطني 1:28.
2- الوسائل 1:137 أبواب الماء المطلق ب 3.
3- كما في المدارك 1:57،الحبل المتين:106،و الذخيرة:116.
4- السرائر 1:63،المعتبر 1:40،الوسائل 1:135 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 9،و رواه ابن ماجه في سننه 1:521/174 بتفاوت و متنه:«خلق اللّه الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه».
5- بصائر الدرجات:13/238،الوسائل 1:161 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 11.
6- فقه الرضا«عليه السلام»:91،المستدرك 1:189 أبواب الماء المطلق ب 3 ح 7.
7- التهذيب 1:1311/415،الاستبصار 1:53/22،الوسائل 1:139 أبواب الماء المطلق ب 3 ح 7.

و احترز بالاستيلاء عن المجاورة،و بالنجاسة عن المتنجس.و هو كذلك على الأشهر الأظهر،لما تقدّم.

خلافا لمن شذّ في الأخير (1)،و لعلّه لعموم النبوي.

و ضعفه-بعد ضعف السند و عدم الجابر في المقام-ظاهر،فتأمّل ، و لكنه أحوط.

و هل التغير التقديري كاف أم لا بدّ من الحسّي؟ الأكثر على الثاني؛للأصل،و العمومات،و كون المتبادر من التغيير و الغلبة في الأخبار:الحسّي،تبادرا حقيقيا أو إطلاقيا.

و قيل بالأول (2)،و هو شاذ و مستنده مضعّف،و الاحتياط معه غالبا.

و لا فرق في ذلك بين حصول المانع من ظهور التغير كما لو وقع في الماء المتغير بطاهر أحمر دم مثلا،و عدمه كما إذا توافق الماء و النجاسة في الصفات.

و قول البعض بالفرق (3)لا وجه له.فتأمل.

و على الأول يشترط بقاء الإطلاق و عدم حصول الاستهلاك،و أما مع عدمهما فنجس قولا واحدا،كما صرّح به بعض الأصحاب (4).و ليس بمطهر مع فقد الأول خاصة قطعا.و في زوال طهارته حينئذ احتمال مدفوع بالأصل السالم عن المعارض؛لتعارض الاستصحابين من الجانبين،و مراعاة الاحتياط أولى.

أما الماء الجاري
اشارة

و لا ينجس الجاري منه و هو النابع عن عين بقوة أو مطلقا و لو بالرشح، على إشكال في الأخير بالملاقاة للنجاسة مطلقا و لو كان قليلا على الأشهر الأظهر،بل عن ظاهر الخلاف و الغنية و المعتبر و المنتهى (5)الإجماع عليه،

ص:13


1- انظر المبسوط 1:8.
2- قال به العلامة في القواعد 1:4،و المنتهى 1:8،و نهاية الأحكام 1:233،و لولده في الإيضاح 1:16،و المحقق الكركي في جامع المقاصد 1:115.
3- كالشهيد في البيان:98،و صاحب المدارك 1:30،و صاحب الحدائق 1:182.
4- أنظر المدارك 1:30،و الحدائق 1:182.
5- الخلاف 1:195،الغنية(الجوامع الفقهية):551،المعتبر 1:41،المنتهى 1:6.

و ربما أشعر به عبارة الذكرى (1).

و الدليل عليه بعده:الأصل،و عموم قوله عليه السلام:«كلّ ماء طاهر» (2)و خصوص الصحيح في البئر:«ماء البئر واسع لا يفسده شيء،إلاّ أن يتغير ريحه أو طعمه،فينزح حتى يذهب الريح و يطيب طعمه،لأن له مادة» (3).

و التمسّك به:إمّا بناء على رجوع التعليل إلى الحكمين فيه كما هو الظاهر.أو بناء على ثبوت الأولوية لعدم تأثر الماء بالملاقاة من جهة المادة،لو اختص بالرجوع إلى الأخير؛لظهور أنها لو صلحت لرفع النجاسة الثابتة للماء بالتغير فصلوحها لدفعها و منعها عن التأثر بالملاقاة أولى.فتأمل.

و يخرج ما قدّمناه من الأدلة على طهورية الماء شاهدا عليه،مع سلامة الجميع عمّا يصلح للمعارضة،بناء على عدم عموم فيما دلّ على نجاسة القليل و اشتراط الكرّية في الماء،لفقد اللفظ الدال عليه،و غاية ما يستفاد منه الإطلاق،و المقام غير متبادر منه،مضافا إلى عدم شيوع القليل منه،و ما هو مورد للترديد بالكرّ و عدمه في زمان الصدور.

و ممّا ذكرنا ظهر ضعف القول بإلحاقه بالراكد-كما نسب إلى العلاّمة و السيّد في الجمل (4)-و مستنده.

و لا ينجس الكثير من الماء الراكد أيضا في الجملة إجماعا؛ للأصل،و العمومات السالمة عن المعارض،و خصوص ما يأتي في القليل من المعتبرة و مطلقا على المشهور،بل كاد أن يكون إجماعا.

ص:14


1- الذكرى:8.
2- الفقيه 1:1/6،الوسائل 1:133 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 2.
3- التهذيب 1:676/234،الاستبصار 1:87/33،الوسائل 1:141 أبواب الماء المطلق ب 3 ح 12.
4- العلاّمة في نهاية الأحكام 1:229،و المنتهى 1:6،السيد في جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):22.

خلافا لمن شذّ (1)،حيث خص ذلك بما عدا مياه الأواني و الحياض؛ لعموم النهي عن استعمال ماء الأواني (2).

و هو-مع كونه أخص من المدعى-معارض بعموم ما دلّ على عدم انفعال الكر مطلقا (3)،و هو أقوى،لقوة احتمال ورود الأول على ما هو الغالب في مياه الأواني من نقصها عن الكر،و مع التساوي فالترجيح لجانب الأول يحتاج إلى دليل،مع أن الأصول و العمومات الخارجة على ترجيح الثاني أوضح دليل.

هذا،مع أنّ المفيد-الذي نسب إليه هذا القول-عبارته في المقنعة و إن أوهمت ذلك،إلاّ أنّ ورودها كمستنده مورد الغالب محتمل،بل لعلّه ظاهر كما فهمه تلميذه الذي هو أعرف بمذهبه في التهذيب (4)،و لا يبعد أن يكون غيره كذلك.

ثمَّ إنه هل يعتبر في عدم الانفعال تساوي سطوح الماء،أم يكفي الاتصال مطلقا،أو مع الانحدار خاصة دون التسنيم؟ احتمالات،بل أقوال (5)،خيرها أوسطها،إمّا بناء على اتّحاد الماءين عرفا و إن تغايرا محلاّ،فيشمله عموم ما دلّ على عدم انفعال الكرّ.أو بناء على عدم العموم فيما دلّ على انفعال القليل،نظرا إلى اختصاص أكثره بصورة مخصوصة ليس المقام منها،و ظهور بعض ما لم يكن كذلك في المجتمع و عدم ظهور غيره في غيره بحيث يشمل المفروض،فيسلم حينئذ الأصل و العمومات

ص:15


1- و هو المفيد في المقنعة:64.
2- الوسائل 1:150 أبواب الماء المطلق ب 8.
3- راجع الوسائل 1:158 أبواب الماء المطلق ب 9.
4- التهذيب 1:218.
5- ذهب إلى الأول:صاحب معالم الفقه:12،و إلى الثاني:الشهيد الثاني في روض الجنان: 138،و صاحب المدارك 1:45،و إلى الثالث:الأردبيلي في مجمع الفائدة 1:264.

المقتضية للطهارة بحالها.

و ما استدلّ به للأول،من ظهور اعتبار الاجتماع في الماء و صدق الوحدة و الكثرة عليه من أكثر الأخبار المتضمنة لحكم الكر اشتراطا أو كمية،و تطرّق النظر إلى ذلك مع عدم المساواة في كثير من الصور.

منظور فيه أوّلا:بأن ظهور اعتبار الاجتماع ممّا ذكره ليس ظهورا بعنوان الاشتراط،و إنما الظهور نشأ عن كون مورده ذلك،و هو لا ينافي ما دلّ على العموم الشامل لغيره.

و ثانيا:بأنّ ظهور الاجتماع و صدق الوحدة و الكثرة عرفا أخص من التساوي الذي اعتبره،لصدق المساواة باتصال ماءي الغديرين مع عدم صدق الأمور المذكورة عليه عرفا،فلا يتم المدعى.

و ثالثا:بأنه كما دلّ على اعتبار ما ذكر في الكر منطوقا فانقدح منه اعتبار المساواة فيه،كذا دلّ على اعتباره فيما نقص عنه،و ينقدح منه اختصاص التنجّس بصورة الاجتماع دون ما إذا اتصل بما يصير معه كرا،فيكون المفروض حينئذ خارجا عن عموم ما دلّ على تنجّس القليل،فيتعيّن فيه القول بالطهارة، للأصول السليمة عن المعارض.

و ما ذكرناه من الوجه لعدم اعتبار المساواة و إن اقتضى إلحاق ما يشابه المفروض من القليل في الحكم،إلاّ أنّ ثبوت التنجّس في المجتمع منه يوجب ثبوته فيه بطريق أولى،مضافا إلى الاتفاق على نجاسة القليل بأقسامه.

حكم ماء الحمّام و ماء الغيث حال نزوله

و حكم ماء الحمّام أي ما في حياضه الصغار و نحوها،في عدم الانفعال بالملاقاة حكمه أي الجاري أو الكثير إذا كانت له مادة متصلة بها حين الملاقاة؛بالإجماع منّا على الظاهر،و المعتبرة.

منها:الصحيح:عن ماء الحمّام،فقال:«هو بمنزلة الجاري» (1).

ص:16


1- التهذيب 1:1170/378،الوسائل 1:148 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 1.

و منها:«ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة» (1)و مثلها الرضوي (2).

و منها:«ماء الحمّام كماء النهر يطهّر بعضه بعضا» (3).

و منها:«ماء الحمّام لا ينجّسه شيء» (4).

و مطلقها يحمل على مقيدها،و قصور الإسناد فيما سوى الأول منجبر بالشهرة.

و في اعتبار الكرية في المادة خاصة،كما نسب إلى الأكثر (5).

أو مع ما في الحياض مطلقا،كما نسب إلى الشهيد الثاني (6).

أو مع تساوي سطحي المادة و ما في الحوض،أو اختلافهما بالانحدار، و مع عدمهما فالأول،كما اختاره بعض المتأخرين،و ربما نسب إلى العلاّمة جمعا بين كلماته في كتبه (7).

أو العدم مطلقا،كما هو مختار المصنف (8).

أقوال،ما عدا الأخير منها مبني على ما تقدم من الاختلاف في اعتبار تساوي السطوح في الكثير و عدمه،و حيث قد عرفت عدم الاعتبار ظهر لك صحة القول الثاني،فيتحد حينئذ حكم المفروض مع غيره كما نسب إلى الأكثر.

ص:17


1- الكافي 3:2/14،التهذيب 1:1168/378،الوسائل 1:149 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 4.
2- فقه الرضا«عليه السلام»:86،المستدرك 1:194 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 2.
3- الكافي 3:1/14،الوسائل 1:150 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 7.
4- قرب الإسناد:1205/309،الوسائل 1:150 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 8.
5- نسبه إليهم في المسالك 1:3.
6- نسبه إليه في المدارك 1:35،و معالم الفقه:15.
7- نسبه إليه صاحب المدارك 1:35،الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:26.
8- المعتبر 1:42.

و مستند الأخير إطلاق ما تقدم من الأخبار.و هو ضعيف؛لفقد ما يدل فيه على العموم،و ضعف دلالة الإطلاق عليه من حيث قوة احتمال وروده مورد الغالب،و هو زيادة موادّ الحمّامات عن الكرّ غالبا.

ثمَّ إن هذا لدفع النجاسة عن مياه الحياض،و أمّا لتطهيرها لو انفعلت بالملاقاة فلا،بل لا بد في المادة من اعتبار الكرية بلا خلاف حتى من المصنف على ما قيل.

و هل يكفي مقدار الكرّ فيها،أم لا بدّ فيها من الزيادة بمقدار ما يحصل به الامتزاج لما في الحياض؟ قولان (1)مبنيّان على الاختلاف في اعتبار الامتزاج بالماء الطاهر في تطهير القليل أو الاكتفاء بمجرد الاتصال.

و لا ريب أن الأول أحوط و أولى لو لم نقل بكونه أقوى.

و ابتناء القول الأول على الثاني دون الأول مبنيّ على ما هو المشهور من اعتبار الدفعة العرفية.و أما مع عدم اعتبارها-كما ذهب إليه جماعة من أصحابنا (2)بناء على عدم الدليل عليها-فيكفي مقدار الكرّ فيها و لو قلنا بالأول كما لا يخفى،و هو غير بعيد.و اللّه العالم.

و في نجاسة ماء الحياض بالملاقاة حين الاتصال بالمادة مع الشك في كريتها-بناء على اعتبارها فيها خاصة أو مع ما في الحياض وجهان،بل قيل:

قولان.

و ينبغي القطع بالطهارة لو طرأ الشك بعد تيقن الكرية فيها؛لاستصحابي بقاء الطهارة و المادة على الكرية،و عمومي الأصلين:البراءة،و كل ماء طاهر

ص:18


1- ذهب إلى الأول:المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:113،الشهيد الثاني في روض الجنان:137،و إلى الثاني:صاحب المدارك 1:37.
2- منهم الشهيد في الذكرى:8،و صاحب المدارك 1:40.

حتى تعلم أنه قذر.

و لو طرأ الشكّ بعد تيقن نقصها من الكر بكثرة مجيء الماء إليها فلا يبعد ذلك؛لتعارضهما من الجانبين فيبقى الأصلان سالمين عن المعارض.

و منه يظهر الحكم فيما لو طرأ مع فقد اليقينين.

و أما لو انفعل ما في الحوض ثمَّ اتصل بالمادة المزبورة المشكوك كريتها فالأقرب البقاء على النجاسة؛لاستصحابها السليم عن المعارض،و إن احتمل الطهارة أيضا في الجملة بمعنى عدم تنجيسه ما يلاقيه بإمكان وجود المعارض من جانب الملاقي الطاهر لمثله،إلاّ أنّ الظاهر كون الاستصحاب الأول مجمعا عليه.

و كذا حكم ماء الغيث مطلقا حال نزوله من السحاب حكم الجاري في عدم الانفعال إذا جرى من ميزاب و نحوه إجماعا ظاهرا حتى من المعتبر للكرية فيه (1).

و عبارته في بعض كتبه و إن أوهمت في بادئ النظر خلافه و إلحاقه بالجاري مطلقا (2)،إلاّ أنّ عبارته فيما بعدها تدفع ذلك و تنبئ عن صحة ما ذكرناه.

و كذلك إذا لم يجر على الأشهر؛للأصل،و اختصاص ما دلّ على الانفعال بغير موضع النزاع،و للمعتبرة المستفيضة:

ففي الصحيح:عن رجل يمرّ في ماء المطر و قد صبّ فيه خمر فأصاب ثوبه،هل يصلي قبل أن يغسله؟فقال:«لا يغسل ثوبه و لا رجليه،و يصلّي فيه،

ص:19


1- كالعلامة في التحرير 1:6،القواعد 1:4.
2- أي:حتى في اعتبار الكرية فيه أيضا.منه رحمه اللّه تعالى.

و لا بأس» (1).

و في آخر:عن السطح يبال عليه فيصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب، فقال:«لا بأس به،ما أصابه من الماء أكثر منه» (2).

و في المرسل:«كل شيء يراه المطر فقد طهر» (3).

خلافا للشيخ في التهذيب و المبسوط (4)و ابني حمزة و سعيد (5)؛لأخبار أخر:

منها الصحيح:عن البيت يبال على ظهره و يغتسل من الجنابة ثمَّ يصيبه المطر أ يؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة؟فقال:«إذا جرى فلا بأس» (6).

و في معناه غيره (7).

و منها:الحسن:في ميزابين سالا أحدهما بول و الآخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضره ذلك (8).و في معناه غيره (9).

ص:20


1- الفقيه 1:7/7،التهذيب 1:1321/418،الوسائل 1:145 أبواب الماء المطلق ب 6 ح 2.
2- الفقيه 1:4/7،الوسائل 1:144 أبواب الماء المطلق ب 6 ح 1.
3- الكافي 3:3/13،الوسائل 1:146 أبواب الماء المطلق ب 6 ح 5.
4- التهذيب 1:411،المبسوط 1:6.
5- ابن حمزة في الوسيلة:73،و ابن سعيد في الجامع للشرائع:20.
6- الفقيه 1:6/7،التهذيب 1:1297/411،الوسائل 1:145 أبواب الماء المطلق ب 6 ح 2.
7- الفقيه 1:4/7،الوسائل 1:144 أبواب الماء المطلق 6 ح 1.
8- الكافي 3:1/12،التهذيب 1:1295/411 الوسائل 1:145 أبواب الماء المطلق ب 6 ح 4.
9- الكافي 3:2/12،التهذيب 1:1296/411،الوسائل 1:144 أبواب الماء المطلق ب 5 ح 6.

و هو ضعيف؛لأن اختصاص مورد الثاني بالجاري لا يستلزم اشتراطه، و ثبوت البأس في مفهوم الأول مع عدم الجريان أعم من النجاسة فيحتمل الكراهة.

مضافا إلى ضعف الدلالة من وجوه أخر ،أظهرها احتمال إرادة الجريان من السماء،المعبر عنه بالتقاطر في كلام الفقهاء.

و يقوّي هذا الاحتمال أنّ حمل الجريان على ما فهمه الشيخ من الجريان من الميزاب و نحوه يوجب خلو ما ذكروه من اشتراط التقاطر من السماء في عدم الانفعال من نص يدل عليه،و هو بعيد.

(و محصّل هذا الجواب إجمال متعلّق الجريان،فكما يحتمل ما يستدلّ به للشيخ فكذا يحتمل ما ذكرناه ممّا لا خلاف فيه) (1).

و ربما يتردد بعض المتأخرين (2)في إلحاقه بالجاري مع ورود النجاسة عليه مع عدم الجريان؛التفاتا إلى اختصاص الروايات المتقدّمة النافية للبأس عنه بعد الملاقاة بوروده على النجاسة،و لا دلالة فيها على الحكم المذكور مع العكس،فينبغي الرجوع فيه إلى القواعد.

و هو ضعيف؛لما قدّمناه من الأصول،و عموم المرسلة و إن تضمن صدرها ما في سابقيها،لعدم تخصيص العام بالمورد الخاص فتأمل.

مع أن قوله عليه السلام في الصحيح المتقدم:«ما أصابه من الماء أكثر منه»في حكم التعليل،و ظاهره جعل العلّة خصوص الأكثرية،و لا يختلف فيها الحال في الصورتين بلا شبهة.

هذا مع أنّ الصحيحة السابقة صريحة في ردّه من حيث وقوع التصريح

ص:21


1- ما بين القوسين ليست في«ش».
2- كما في معالم الفقه:120،مشارق الشموس:211.

فيها بصبّ الخمر في ماء المطر من دون تفصيل بين قلة ذلك الماء و كثرته.

و إطلاق كثير من الأخبار النافية للبأس عنه من دون تقييد بورود الماء شاهد أيضا.و قصور الأسانيد(فيها و في المرسلة) (1)غير ضائر بعد الاعتضاد بعمل الأصحاب.

مع أنّ القول بما قاله كاد أن يكون خرقا للإجماع؛إذ لم نقف على من نصّ على ما ذكره هنا،بل كل من الحقة بالجاري ألحقه بقول مطلق.

و ثبوت القول بالتفصيل المذكور في القليل لجماعة في غير المقام لا يستلزم ثبوته هنا؛لتغايرهما.

هذا مع أنّ القول به ثمّة إنّما نشأ عند محقّقيهم-و تلقّاه المورد في جملة من تحقيقاته بالقبول-من عدم العموم فيما دلّ على نجاسة القليل بالملاقاة، بناء على اختصاص أكثر أخبارها بصور مخصوصة ليس صورة ورود الماء على النجاسة منها،و فقد اللفظ الدالّ على العموم في المطلق من أخبارها، و الاكتفاء في رفع منافاة الحكمة بثبوت الحكم بالانفعال في بعض أفراده و هو ورود النجاسة عليه.

و هذا كما ترى يقتضي عدم التفصيل في المقام؛لكون الصورة المفروضة هنا ليس من أفراد الأخبار الخاصة أيضا،و المطلق من أخبارها لا عموم فيه،فيكفي في رفع منافاة الحكمة ثبوت الحكم بالانفعال في غير ماء المطر.

فالمتجه فيه الرجوع فيه بأنواعه-سوى ما فيه الإجماع على قبوله النجاسة كما إذا انقطع و كان قليلا و إن كان جاريا-إلى ما اقتضى الطهارة من الأصل و العمومات،فما ذكره الأصحاب هو الوجه.و اللّه العالم.

ص:22


1- في«ح»:في ما عدا المرسلة و فيها.
و أما المحقون
الماء القليل

و ينجس الماء القليل الناقص عن الكرّ من الراكد بالملاقاة للنجاسة [بالنجاسة] مطلقا على الأصح،وفاقا للمعظم؛للإجماع المستفيض النقل عن جماعة من أصحابنا (1).و خروج من سيأتي غير قادح في انعقاده عندنا،بل و في الجملة عند غيرنا .

و للصحاح المستفيضة،و مثلها من المعتبرة (2)،بل هي بحسب المعنى متواترة،و قد صرّح به جماعة (3).

و يفصح عنه تتبع الأخبار الواردة في الموارد الجزئية،كالصحاح المستفيضة و غيرها في بيان الكرّ اشتراطا و مقدارا:

منها الصحيح:عن الماء تبول فيه الدواب و تلغ فيه الكلاب و يغتسل فيه الجنب،قال:«إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء» (4)و مثله آخر (5).

و منها الصحيح الآخر:عن قدر الماء الذي لا ينجّسه شيء فقال:«كرّ» الحديث (6).

و الصحاح و الموثقات المستفيضة في وقوع يد قذرة،أو قطرة من دم أو خمر فيه،أو شرب طير على منقاره دم أو قذر.

ص:23


1- منهم الشيخ في الخلاف 1:194،و العلامة في المختلف:2،و صاحب المدارك 1:38.
2- الوسائل:1:150،158 أبواب الماء المطلق ب 8 و 9.
3- كصاحب المعالم:5،و العلامة المجلسي في مرآة العقول 13:8،و الوحيد البهبهاني في حاشية المدارك(المدارك الحجري):8.
4- الكافي 3:2/2،الفقيه 1:12/8،التهذيب 1:107/39،الاستبصار 1:1/6، الوسائل 1:158 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 1.
5- التهذيب 1:1308/414،الاستبصار 1:17/11،الوسائل 1:159 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 5.
6- الكافي 3:7/3،التهذيب 1:101/37،الاستبصار 1:13/10،الوسائل 1:159 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 7.

ففي الصحيح:عن الدجاجة و الحمامة و أشباههما تطأ العذرة ثمَّ تدخل الماء،يتوضأ منه للصلاة؟قال:«لا إلاّ أن يكون الماء قدر كرّ» (1).

و في آخر:عن رجل رعف و هو يتوضأ فتقطر قطرة في إنائه،هل يصلح الوضوء منه؟قال:«لا» (2).

و في الموثق:عن رجل معه إناءان وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو و ليس يقدر على ماء غيره،قال:«يهريقهما جميعا و يتيمم» (3).

و كالصحاح و غيرها المستفيضة في الأواني التي شرب منها نجس العين أو وقع فيها ميتة:

ففي الصحيح:عن الكلب يشرب من الإناء،قال:«اغسل الإناء» (4).

و مثله الآخر:إلاّ أنّ فيه:«و اغسله بالتراب أوّل مرّة ثمَّ بالماء» (5).

و في آخر:عن خنزير شرب من إناء،كيف يصنع به؟قال:«يغسل سبع مرّات» (6).

و غير ذلك من الموارد التي يقف عليها المتتبّع،و قد جمع منها بعض الأصحاب مائتي حديث،و وجه دلالتها على المرام لنهاية وضوحه لا يحتاج إلى

ص:24


1- التهذيب 1:1326/419،الاستبصار 1:49/21،الوسائل 1:159 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 4.
2- الكافي 3:16/74،الوسائل 1:169 أبواب الماء المطلق ب 13 ح 1.
3- الكافي 3:6/10،التهذيب 1:662/229،الاستبصار 1:48/21،الوسائل 1:169 أبواب الماء المطلق ب 12 ح 1.
4- التهذيب 1:644/225،الاستبصار 1:39/18،الوسائل 3:415 أبواب النجاسات ب 12 ح 3.
5- التهذيب 1:646/225،الاستبصار 1:40/19،الوسائل 3:415 أبواب النجاسات ب 12 ح 2.
6- التهذيب 1:760/261،الوسائل 3:417 أبواب النجاسات ب 13 ح 1.

تطويل في الكلام،فالوجه الانفعال.

خلافا للعماني،فقال بالعدم مطلقا (1)؛لأخبار أسانيد أكثرها قاصرة، و هي مع ذلك غير صريحة الدلالة،بل و لا ظاهرة،فأقواها الحسن:عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق،و يريد أن يغتسل منه،و ليس معه إناء يغرف به،و يداه قذرتان،قال:«يضع يده و يتوضأ ثمَّ يغتسل» الحديث (2).

و الاستدلال به يتوقف على ثبوت الحقيقة الشرعية في كل من القذر و القليل في المعنى المعروف ،و مع ذلك يتضمن الوضوء مع غسل الجنابة، و لا يقول به.

و على تقدير سلامة الكلّ عن الكلّ فهي لمقاومة ما تقدّم من الأدلة غير صالحة و إن اعتضدها الأصل و العمومات،لكون الأدلة خاصة معتضدة بعد التواتر بعمل الطائفة.

و في دعوى تواتر النبوي-الحاصر لنجاسة الماء فيما إذا تغيّر أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة-نظر؛إذ لم نجد لحديث منه في كتبنا المشهورة عينا و لا أثرا ، و مع ذلك فهو كمثله مخصّص بما تقدّم من الأدلّة.

و قيل في انتصار هذا القول اعتبارات ضعيفة و وجوه هيّنة (3)،لا جدوى في التعرّض لها و الجواب عنها.

و خلافا للشيخ فيما لا يكاد يدركه الطرف من النجاسة مطلقا،كما في المبسوط (4)،أو من الدم خاصة كما في الاستبصار.

ص:25


1- نقله عنه في المعتبر 1:48،و المختلف:2.
2- التهذيب 1:425/49،الاستبصار 1:436/128،الوسائل 1:152 أبواب الماء المطلق ب 8 ح 5.
3- انظر الذخيرة:124،و الحدائق:1:292.
4- المبسوط 1:7.

للصحيح:عن رجل[رعف فامتخط]فصار الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه،هل يصلح الوضوء منه؟فقال:«إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس» (1).

و لعسر الاحتراز عنه.

و هو شاذّ،و الصحيح غير دالّ ،و الأخير ممنوع،و مع ذلك فهو لتخصيص ما تقدّم غير صالح.

و للمرتضى (2)و بعض من تأخر (3)فيما إذا ورد الماء على النجاسة.

لاعتبارات ضعيفة يدفعها عموم المفهوم فيما اشترط فيه الكرية، و خصوص الصحيح و غيره المتقدم في المبحث السابق (4)،الدالّ بمفهومه على عدم التطهير بماء المطر الوارد على النجاسة إذا لم يكن جاريا،فغيره بطريق أولى،لكنه على قول أو احتمال،و أما على غيرهما فهو نص في المطلوب .

و حصول التطهير بالمتنجسات حال التطهير كحجر الاستنجاء و غيره.مع إشعار الصحيح الآمر بغسل الثوب في المركن مرّتين (5)بذلك،لكون الغالب في غسله فيه وروده عليه.

و المركن على ما في الصحاح:الإجّانة التي يغسل فيها الثياب (6).

و أما الكر

و في تقدير الكرّ وزنا روايات أشهرها المنقول عليه الإجماع

ص:26


1- الكافي 3:16/74،التهذيب 1:1299/412،الاستبصار 1:57/23،الوسائل 1: 150 أبواب الماء المطلق ب 8 ح 1،و بدل ما بين المعقوفين في النسخ:امتخط،و ما أثبتناه من المصادر.
2- الناصريات(الجوامع الفقهية):179.
3- منهم صاحب المدارك 1:40.
4- راجع ص:20.
5- التهذيب 1:717/250،الوسائل 3:397 أبواب النجاسات ب 2 ح 1.
6- الصحاح 5:2126.

المستفيض-المرسل كالصحيح على الصحيح:«الكرّ من الماء الذي لا ينجّسه شيء ألف و مائتا رطل » (1).

و في حكمه الصحيح المؤوّل إليه بالنهج الصحيح (2).

و غيره المخالف له باعتبار التقدير بحبّ مخصوص (3)،أو قلّتين (4)،أو أكثر من راوية (5)،مع شذوذه و ضعف سند أكثره مطروح أو مؤوّل.

و فسّره -أي الرطل-المشهور و منهم الشيخان بالعراقي (6)الذي وزنه على المشهور المأثور:مائة و ثلاثون درهما،و على قول شاذّ (7)موافق لبعض العامة (8):مائة و ثمانية و عشرون درهما و أربعة أسباع درهم.

للأصل،و العمومات،و خصوص:«كلّ ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر» (9)و الاحتياط في وجه ،و مناسبة الأشبار و ما تقدّم من التقادير الأخر،و الصحيح المقدّر له بستمائة رطل لوجوب حمله على المكي المضعف على العراقي مرّة،

ص:27


1- الكافي 3:6/3،التهذيب 1:113/41،الاستبصار 1:15/10،المقنع:10،الوسائل 1:167 أبواب الماء المطلق ب 11 ح 1.
2- التهذيب 1:1308/414،الاستبصار 1:17/11،الوسائل 1:168 أبواب الماء المطلق ب 11 ح 3.
3- الكافي 3:8/3،التهذيب 1:118/42،الاستبصار 1:5/7،الوسائل 1:166 أبواب الماء المطلق ب 10 ح 7.
4- الفقيه 1:3/6،التهذيب 1:1309/415،الاستبصار 1:6/7،الوسائل 1:166 أبواب الماء المطلق ب 10 ح 8.
5- الكافي 3:3/2،التهذيب 1:117/42،الاستبصار 1:4/6،الوسائل 1:140 أبواب الماء المطلق ب 3 ح 9.
6- المفيد في المقنعة:42،و الطوسي في المبسوط 1:6،و النهاية:3.
7- قال به العلاّمة في التحرير 1:62،و المنتهى 1:497.
8- كابن قدامة في المغني 2:558.
9- الكافي 3:2/1 و 3،التهذيب 1:619/215 و 620،الوسائل 1:134 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 5.

بالإجماع،و شهادة حال الراوي الذي هو من أهل توابعه.و فيه شهادة أخرى على إرادة ذلك من المرسل من حيث كون السائل فيه عراقيا،لمراعاة حال السائل فيه هنا مع كون الإمام مدنيا،فكذلك هناك.

و يؤيده تقديره في الأغلب بذلك،بل ربما يستفاد من بعض الأخبار شيوع ذلك،ففي رواية في الشنّ الذي ينبذ فيه التمر للشرب و الوضوء،و كم كان يسع الماء؟قال:«ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى فوق ذلك»قلت:بأيّ الأرطال؟قال:«بأرطال مكيال العراق» (1).

و آخرون بالمدني (2)،الذي يزيد عليه بنصفه كما في الخبر؛للاحتياط، و مراعاة بلد الإمام عليه السلام،و أصالة عدم تحقق ما هو شرط في عدم الانفعال.

و الأول مع عدم كونه دليلا معارض بمثله.و كذلك الثاني مع أرجحيته بما تقدّم.

و مثلهما الثالث بناء على أنّ اشتراط الكرية في عدم الانفعال ملزوم لاشتراط عدمها في ثبوته،فأصالة عدمها بناء على صحتها هنا معارض بمثلها في الحكم،و بعد التساقط بعد التسليم فحكم ما دلّ على الطهارة عن المعارض سليم.

و في تقديره بالمساحة أيضا روايات و أقوال،أشهرها ما بلغ كلّ من طوله و عرضه و عمقه ثلاثة أشبار و نصفا ؛للموثّق (3)و غيره (4)،و الإجماع

ص:28


1- الكافي 6:3/416،التهذيب 1:629/220،الاستبصار 1:29/16،الوسائل 1: 203 أبواب الماء المضاف ب 2 ح 2.
2- منهم الصدوق في الفقيه 1:6،حكاه عن مصباح المرتضى في المعتبر 1:47.
3- الكافي 3:5/3،التهذيب 1:116/42،الاستبصار 1:14/10،الوسائل 1:166 أبواب الماء المطلق ب 10 ح 6؛بتفاوت.
4- الوسائل 1:164 أبواب الماء المطلق ب 10.

المنقول (1).

و أسقط القمّيون النصف (2)؛للصحيح (3)و غيره (4).

و في الصحيح إنّه:«ذراعان عمقه في ذراع و شبر سعته» (5)و مال إليه بعض (6).

و الراوندي:ما بلغ مجموع أبعاده الثلاثة عشرة أشبار و نصفا (7)،و أوّل بما يرجع إلى الأول بحمله على ما إذا تساوت الأبعاد (8).

و السيّد ابن طاوس اكتفى بكل ما روي،جمعا و أخذا بالمتيقن (9)، و يرجع إلى الثاني فالزائد مندوب.

و الأول لو لم نقل بكونه الأقرب فلا ريب في كونه الأحوط في الأغلب.

و أما ماء البئر
اشارة

و في نجاسة ماء البئر و هي مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا،و لا يخرج عن مسمّاها عرفا بالملاقاة للنجاسة من دون تغيير.

قولان مشهوران أظهرهما عند المصنّف تبعا للمشهور بين

ص:29


1- انظر الغنية(الجوامع الفقهيّة):551.
2- حكاه عنهم في المختلف:3.
3- إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام:قلت:و ما الكر؟قال:«ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار»راجع الكافي 3:7/3،التهذيب 1:115/42،الاستبصار 1:13/10،الوسائل 1:159 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 7.
4- كرواية الصدوق في المجالس،قال:«روي أن الكر هو ما يكون ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقا»الوسائل 1:165 أبواب الماء المطلق ب 10 ح 2.
5- التهذيب 1:114/41،الاستبصار 1:12/10،المقنع:10،الوسائل 1:164 أبواب الماء المطلق ب 10 ح 1.
6- كالمحقق في المعتبر 1:46،و صاحب المدارك 1:51.
7- نقله عنه في المختلف:4.
8- كما في الحبل المتين:108.
9- نقله عنه في الذكرى:8.

القدماء،بل المجمع عليه بينهم،كما عن الانتصار و الغنية و السرائر (1)و المصريّات للمصنف،لكن في الأخيرين عدم الخلاف التنجيس.

لورود الأمر بالنزح في وقوع كثير من النجاسات فيها.

و هو فرع كونه للوجوب و ثبوت التلازم بينه و بين النجاسة.و هما هنا في محل المنع،مضافا إلى وروده فيما ليس بنجس إجماعا.

و للصحاح و غيرها،أقواها الصحيح:عن البئر يقع فيها الحمامة و الدجاجة و الفأرة و الكلب و الهرّة فقال:«يجزئك أن تنزح منها دلاء،فإن ذلك يطهّرها إنشاء اللّه» (2).

و يتلوه في القوة الآخر:عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر القطرات من بول أو دم،أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة و نحوها،ما الذي يطهّرها حتى يحلّ الوضوء منها؟فوقّع عليه السلام بخطّه في كتابي:«ينزح منها دلاء» (3).

و غيرهما ضعيف الدلالة جدّا.

و هما و إن قويت الدلالة فيهما إلاّ أنّ الاكتفاء بنزح الدلاء المطلق للمذكورات فيها مع اختلاف تقاديرها إجماعا يوهن التمسك بهما.

مع كون الثانية-مضافا إلى أنها مكاتبة-غير صريحة الدلالة،بل و لا ظاهرة،من حيث وقوع لفظ التطهير في كلام الراوي.و التقرير حجة مع عدم احتمال مانع من الردّ،و هو في المقام ثابت،لاحتمال كون الوجه فيه التقية،

ص:30


1- الانتصار:11،الغنية(الجوامع الفقهية):551،السرائر 1:69.
2- التهذيب 1:686/237،الاستبصار 1:101/37،الوسائل 1:182 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 2.
3- الكافي 3:1/5،التهذيب 1:705/244،الاستبصار 1:124/44،الوسائل 1:176 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 21.

بناء على كون النجاسة مذهبا لأكثر العامة (1)،و يشهد له كونها مكاتبة.

و مع ذلك فهما معارضتان بالأصل،و العمومات عموما في كل شيء، و خصوصا في الماء،و اختلاف الأخبار في مقادير نزح النجاسات جدا.

و عموم ما دلّ على عدم نجاسة الكرّ بالملاقاة منطوقا أو فحوى قطعيا، لكنه في الجملة.

و الصحاح المستفيضة و غيرها:

منها الصحيحان:«ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أن يتغيّر» (2).

و زيد في أحدهما:«ريحه أو طعمه،فينزح حتى يذهب الريح و يطيب الطعم،لأنّ له مادة» (3)و فيهما وجوه من الدلالة .

و منها الصحيح:عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين،أ يصلح الوضوء منها؟قال:«لا بأس» (4).

و منها الصحيح:«لا يغسل الثوب و لا تعاد الصلاة بما وقع في البئر،إلاّ أن ينتن،فإن أنتن غسل الثوب و أعاد الصلاة» (5).

و في معناه غيره من المعتبرة (6).

ص:31


1- كما حكاه ابن حزم عن أبي حنيفة في المحلى 1:143،و كذا عن أبي يوسف في 1:144، و نقل عن مالك 1:147؛و انظر المغني 1:66.
2- الكافي 3:2/5،التهذيب 1:1287/409،الوسائل 1:170 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 1.
3- الاستبصار 1:87/33،الوسائل 1:172 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 6.
4- التهذيب 1:709/246،الاستبصار 1:118/42،قرب الإسناد:84،الوسائل 1:172 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 8.
5- التهذيب 1:670/232،الاستبصار 1:80/30،الوسائل 1:173 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 10.
6- الوسائل 1:170 أبواب الماء المطلق ب 14.

و المناقشات فيما ذكر ضعيفة جدا لا يلتفت إليها.

فإذا الأظهر القول بالطهارة مطلقا،وفاقا لجماعة من القدماء (1)،و أكثر المتأخرين (2).

و في قول:التفصيل بين ما بلغ كرا فالثاني،و ما لم يبلغ فالأول؛للخبر:

«إذا كان ماء في الركيّ كرا لم ينجّسه شيء» (3)و في معناه الرضوي (4)،مضافا إلى عموم ما دلّ على اعتبار الكرية في عدم نجاسة الماء.

و هو ضعيف؛لقصور الجميع عن المقاومة لما تقدّم،مضافا إلى ضعف الأوّلين و عدم عموم في الثالث .

و على الثاني فهل النزح الوارد في الأخبار لمحض الملاقاة على الاستحباب أو الوجوب؟ الأقرب:الأول،وفاقا للأكثر؛و لما تقدّم من الاختلاف في مقادير النزح.

و نسب إلى التهذيب:الثاني (5)،و هو خيرة المنتهى (6).و هو ضعيف .

منزوحات البئر

و ينزح وجوبا أو استحبابا لموت البعير و هو من الإبل بمنزلة الإنسان يشمل الذكر و الأنثى و الصغير و الكبير و كذا للثور و قيل:هو

ص:32


1- منهم ابن أبي عقيل على ما نقله عنه في المختلف:4،و حكاه عن ابن الغضائري في المدارك 1:54،و الشيخ في التهذيب 1:232.
2- منهم العلامة في المختلف:4،و التحرير 1:4،و نهاية الأحكام 1:235،و فخر المحققين في الإيضاح 1:17،و الفاضل المقداد في التنقيح 1:44،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:137،و صاحب المدارك 1:55.
3- الكافي 3:4/2،التهذيب 1:1282/408،الاستبصار 1:88/33،الوسائل 1:160 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 8.و الركيّة:البئر.و جمعها ركيّ و ركايا-الصحاح 6:2361.
4- فقه الرضا«عليه السلام»:91،المستدرك 1:201 أبواب الماء المطلق ب 13 ح 3.
5- التهذيب 1:232.
6- المنتهى 1:10.

الذكر من البقر (1)،و الأولى اعتبار إطلاق اسمه عرفا مع ذلك،فلا يلحق به الصغير منه للشك فيه و كذا لانصباب الخمر فيها ماؤها أجمع.

بلا خلاف في الأول و الثالث.

للصحيحين:«و إن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمر فلينزح» (2).

لكن في أحدهما بدل«البعير»:«ثور» (3).

و الاستدلال به للأول على هذا بفحوى الخطاب،أو بوجود«أو نحوه» في بعض النسخ،و لا ريب في دخوله فيه.

و في رواية في الأول و في الحمار كرّ من ماء (4).

و هو مع شذوذه هنا ضعيف،و على الاستحباب فالعمل بها غير بعيد؛ للمسامحة و انجبارها في الجملة ،لكنه مع السابق مرتّب في الفضيلة.

و على الأشهر الأظهر في الثاني؛لأحد الصحيحين.

خلافا لمن شذّ،فكرّ من ماء (5).و هو ضعيف،لكن يأتي فيه ما تقدم.

و مقتضى الأصل في الجملة و اختصاص العبارة و الصحيحين و غيرهما بصورة الصب:عدم نزح الجميع لوقوع قطرة من الخمر بناء على عدم إطلاق الصبّ عليه،و هو حسن،اقتصارا فيما خالف الأصل على مورد النص.

و الأشهر خلافه،و مستنده بالخصوص غير واضح،و مع ذلك لا بأس به،

ص:33


1- كما في القاموس المحيط 1:398،و مجمع البحرين 3:238.
2- الكافي 3:7/6،التهذيب 1:694/240،الاستبصار 1:92/34،الوسائل 1:180 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 6.
3- التهذيب 1:695/241،الاستبصار 1:93/34،الوسائل 1:179 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 1.
4- التهذيب 1:679/235،الاستبصار 1:91/34،الوسائل 1:180 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 5.
5- حكاه عن ابن إدريس في جامع المقاصد 1:138-139.

للاحتياط بناء على المختار للتسامح في مثله.

و ربما قيل (1)في القطرة منها بعشرين دلوا،للخبر (2)و هو ضعيف.و في آخر مثله:ثلاثون (3).

و كذا قال الثلاثة الشيخان و المرتضى و غيرهم (4)،بل عليه الإجماع في الغنية و السرائر (5)في وقوع المسكرات المائعة بالأصالة.

و مستنده غير واضح،فيلحق بما لا نص فيه.

لكنه مع ذلك غير بعيد،أمّا على ما اخترناه فظاهر،و أمّا على غيره فلإطلاق لفظ الخمر عليها في الأخبار،كقوله صلى اللّه عليه و آله:«كل مسكر خمر» (6).

و قوله:«ما أسكر كثيره فالجرعة منه خمر» (7).

و قوله:«الخمر من خمسة:العصير من الكرم،و النقيع من الزبيب، و البتع من العسل،و المزر من الشعير،و النبيذ من التمر» (8).

و قول مولانا الكاظم عليه السلام:«ما فعل فعل الخمر فهو خمر» (9).

ص:34


1- كما في المقنع:11.
2- التهذيب 1:697/241،الاستبصار 1:96/35،الوسائل 1:179 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 3.
3- التهذيب 1:298/241،الاستبصار 1:95/35،الوسائل 1:179 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 2.
4- المفيد في المقنعة:67،الطوسي في النهاية:6،نقله عن المرتضى في المنتهى 1:12، ابن إدريس في السرائر 1:70،سلاّر في المراسم:35.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):552،السرائر 1:70.
6- الكافي 6:3/408،التهذيب 9:483/111،الوسائل 25:326 أبواب الأشربة المحرمة ب 15 ح 5.
7- أمالي الطوسي:388،الوسائل 25:340 أبواب الأشربة المحرّمة ب 17 ح 12.
8- الكافي 6:1/392،التهذيب 9:442/101،الوسائل 25:279 أبواب الأشربة المحرمة ب 1 ح 1.
9- الكافي 6:1/412،الوسائل 25:343 أبواب الأشربة المحرمة ب 19 ح 2.

و قوله:«ما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر» (1).

و الاستعمال فيها إمّا على الحقيقة-كما نقل عن بعض أهل اللغة هنا (2)، و قال بها بعض أصحابنا مطلقا (3)-أو المجاز و الاستعارة،و مقتضاه الاشتراك في جميع وجوه الشبه مطلقا أو المتعارفة منها،و ما نحن فيه منها.

هذا مضافا إلى الإجماع المتقدّم نقله،و إن كان في التمسك بمثله في مثل المقام نوع كلام.

و لعلّه لما ذكر الحق الشيخ بها الفقاع بضم الفاء (4)،بل و غيره أيضا (5)،و في الكتابين المتقدمين الإجماع هنا أيضا؛لإطلاق الخمر عليه بالخصوص في كثير من الأخبار،و في بعضها:«إنه خمر مجهول» (6)أو:«خمر استصغرها الناس» (7)فتأمل.

و ألحقوا أيضا بها المنيّ ممّا له نفس سائلة و الدماء الثلاثة الحيض و النفاس و الاستحاضة.

و مستنده غير واضح سوى الإلحاق بغير المنصوص مع القول بنزح الجميع فيه،و لكن ذكرها بالخصوص من بين أفراده لم يظهر وجهه،نعم في

ص:35


1- الكافي 6:2/412،التهذيب 9:486/112،الوسائل 25:342 أبواب الأشربة المحرمة ب 19 ح 1.
2- انظر كشف اللثام 1:35،حاشية المدارك(المدارك الحجري):19.
3- كالسيد المرتضى في الذريعة 1:13.
4- كما في النهاية:6.
5- كابن البراج في المهذب 1:21،و الحلبي في الكافي في الفقه:130،و سلاّر في المراسم: 35.
6- الكافي 6:7/423،التهذيب 9:544/125،الاستبصار 4:373/96،الوسائل 25: 361 أبواب الأشربة المحرمة ب 27 ح 8.
7- الكافي 6:9/423،التهذيب 9:540/125،الاستبصار 4:369/95،الوسائل 25: 365 أبواب الأشربة المحرمة ب 28 ح 1.

الكتابين الإجماع عليه.

فإن غلب الماء و تعذّر نزح جميعه تراوح تفاعل من الراحة لأن كل اثنين يريحان صاحبيهما عليها قوم كما في موثقة عمّار (1)،أو أربعة رجال كما في الرضوي (2).

و عليه فلا يجزئ النساء و الصبيان،بل و على الأول أيضا بناء على المشهور من عدم صدقه عليهم،أو عدم تبادرهم منه،فيقتصر فيما خالف الأصل على المتيقن،و هو الأشهر.

و احتمل الاجتزاء بهنّ المصنف في المعتبر،و تبعه في المنتهى،بل و قطع به في التذكرة (3)،و هو ضعيف.

اثنان اثنان فلا يجزي الأنقص و إن نهض بعملهم،على الأشهر الأظهر،اقتصارا على مورد النص.

خلافا للمنتهى في الناهض بعملهم (4)،و هو ضعيف.

و إطلاق خبر عمّار يقتضي جواز الزيادة عليهم كما هو المشهور.لكن الرضوي خصّه بالأربعة،و لعلّه لبيان أقل ما يجب.و ربما علّل الجواز بفحوى الخطاب.و هو كما ترى.

يوما قصيرا كان أو طويلا،كاملا من طلوع الفجر الثاني إلى الليل على الأشهر،اقتصارا على المتيقن.و ربما قيل من طلوع الشمس.و هو محتمل،لكن الأول أحوط.

و على التقديرين فلا بدّ من إدخال جزء من الليل متأخرا،و جزء منه أو من

ص:36


1- التهذيب 1:832/284،الوسائل 1:196 أبواب الماء المطلق ب 23 ح 1.
2- فقه الرضا(عليه السلام):94،المستدرك 1:207 أبواب الماء المطلق ب 22 ح 4.
3- المعتبر 1:77،المنتهى 1:13،التذكرة 1:4.
4- المنتهى 1:13.

قبل طلوع الشمس فيه متقدما،من باب المقدّمة؛و تهيئة الأسباب قبل ذلك.

و لا يجزي مقدار اليوم من الليل،و لا الملفّق منهما.

و يجوز لهم الصلاة جماعة،لا جميعا بدونها كما قيل (1)،و لا الأكل كذلك؛لعدم المانع في الأول،و عدم صدق نزح اليوم في الثاني.و ربما قيل بجوازه أيضا؛لقضاء العرف بذلك (2)،فعدم الصدق ممنوع.و هو محتمل، لكن الأول أولى و أحوط.

و الحكم في أصله ممّا لا خلاف فيه،بل عن الغنية الإجماع عليه (3)، فينجبر به قصور سند الخبرين،و تهافت الأول مع غيره فيه أيضا (4)-لو كان- (5)لو قلنا (6)بالنجاسة بالملاقاة،و إلاّ فلا احتياج لنا إليه بناء على التسامح في أدلّة السنن.

و ينزح لموت الحمار و البغل فيها مقدار كرّ بلا خلاف في الأول؛للخبر:عمّا يقع في البئر-إلى أن قال-:حتى بلغت الحمار و الجمل فقال:«كرّ من ماء» (7).

و نقله في المعتبر بزيادة:«و البغل» (8)،و هو الموجود في بعض نسخ

ص:37


1- انظر المسالك 1:3.
2- كما في الذكرى:10،و جامع المقاصد 1:139،و المدارك 1:68.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):552.
4- وجه التهافت أنّ ظاهره يدل على وجوب النزح يومين،و نزح جميع الماء للأشياء المذكورة فيه، و لم يذهب إليهما أحد من الأصحاب.
5- التعبير به من أجل التأمل في قصور السند من حيث كونه موثقا،و التأمل في التهافت من جهة احتمال التأويل القريب في دفعه.منه رحمه اللّه.
6- في«ش»و«ل»:و قلنا.
7- التهذيب 1:679/235،الاستبصار 1:91/34،الوسائل 1:180 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 5.
8- المعتبر 1:57.

التهذيب،و لعلّه لهذا اشتهر الحكم به في الثاني أيضا.و عن الصدوق الاقتصار به في الأول (1).

و ضعف السند و الاشتمال على ما لا يقول به أحد غير قادح في التمسك به بعد اشتهار العمل بمضمونه،مضافا إلى دعوى الإجماع عليه في الغنية (2)، مع أنّ هذا الاعتذار على المختار غير محتاج إليه.

و كذا قال الثلاثة في موت الفرس المعبّر عنه بالدابة و البقرة (3)و اشتهر بعدهم هذا القول حتى ادعى الإجماع عليه في الأول في الغنية.

و مستندهم غير ظاهر و إن ادعي دلالة الخبر المتقدم عليه،و لكنه مشكل.فالوجه إلحاقه بغير المنصوص و إن كان-على المختار-متابعتهم لا بأس بها أيضا.

و ينزح لموت الإنسان فيها سبعون دلوا للإجماع-كما في الغنية و المنتهى و ظاهر المعتبر (4)-و الموثق،فيه:«ينزح منها سبعون دلوا» (5).

و لا فرق فيه بين ما إذا كان ذكرا أو أنثى،صغيرا أو كبيرا،مسلما أو كافرا إن لم نوجب الجميع لما لا نصّ فيه،و إلاّ اختص بالمسلم في قول قويّ.

خلافا للأشهر؛لإطلاق النص.و في شموله للكافر نوع نظر،و على تقديره فالحيثية معتبرة كاعتبارها في جميع موجبات النزح،فيكون الأمر بنزح السبعين

ص:38


1- كما في المقنع:10.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):552.
3- المفيد في المقنعة:66،الطوسي في النهاية:6،حكاه عن السيد المرتضى في المعتبر 1: 61.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):552،المنتهى 1:13،المعتبر 1:62.
5- التهذيب 1:678/234،الوسائل 1:194 أبواب الماء المطلق ب 21 ح 2.

مترتبا على موت الإنسان من حيث هو هو،كافرا كان أو مسلما،و هو حينئذ لا يقتضي الاكتفاء به مطلقا،و لذا لو استصحب المسلم منيا أو غيره ممّا يوجب نزح الجميع مثلا و مات فيه وجب نزح الجميع كما تقدّم،و ليس في النص دلالة على الاكتفاء بالسبعين حينئذ.

و ربما فصّل بين وقوعه فيها ميتا فالسبعين،أو حيا فمات فالجميع؛لعموم النص في الأول،و ثبوت نزح الجميع قبل الموت و هو لا يزيله في الثاني (1).

و مورد النص-كما ترى-هو الأخير،و هو ظاهر في ملاقاته له حيا، و تسليم العموم فيه للكافر يقتضي الاكتفاء بالعدد في الثاني أيضا.

و يلحق بموته فيها وقوعه فيها ميتا و لم يغسّل،و لم يقدّم الغسل إن وجب قتله فقتل لذلك و إن تيمم،أو كان شهيدا إن نجسناه.

و ينزح ل وقوع العذرة اليابسة و هي فضلة الإنسان،كما عن تهذيب اللغة (2)،و الغريبين و مهذّب الأسماء عشرة دلاء بلا خلاف،كما عن السرائر (3)،بل الإجماع كما عن الغنية (4).

و ليس في النص-كما سيأتي-اعتبار هذا القيد،بل المستفاد منه اعتبار عدم الذوبان،و هي حينئذ أعم من اليابسة و ما قابلها.

فإن ذابت كما عن الصدوق و السيّد (5)،أو كانت رطبة كما عن النهاية و المبسوط و المراسم و الوسيلة و الإصباح (6)فأربعون أو خمسون كما عن

ص:39


1- انظر جامع المقاصد 1:140،روض الجنان:149.
2- تهذيب اللغة 2:311.
3- السرائر 1:79.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):552.
5- الصدوق في المقنع:10،نقله عن السيد في المعتبر 1:65.
6- النهاية:7،المبسوط 1:12،المراسم:35،الوسيلة:75.

الصدوق؛لظاهر النص:عن العذرة تقع في البئر،قال:«ينزح منها عشرة دلاء،فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلوا» (1).

و يتحتّم الأخير على المشهور؛لاستصحاب النجاسة،و احتمال كون الترديد من الراوي.

و الظاهر من الذوبان الميعان،و يكفي فيه ميعان البعض؛لعدم الفرق بين القليل و الكثير.

و ربما فسّر في المشهور بالتقطع؛و لعلّه لتبادره منه بالنسبة إليها.و لعلّه لهذا قيّدها المصنف و غيره في الأول باليابسة،بناء على أنّ الغالب في وقوع الرطبة تحققه،فتنزيل التفصيل في النص على الغالب يستلزم التقييد بها في الأول،فلو كان المراد منه الرطبة أيضا لما كان بينه(في الأغلب) (2)و بين الثاني فرق و قد فرّق،فتعيّن حمله على اليابسة لعدم غلبة التقطع فيه.

و منه يظهر الوجه في تبديل من تقدّم الذوبان في الرطوبة.فتأمل .

و في مقدار ما ينزح منها بوقوع الدم فيها أقوال :

أشهرها-بل عليه الإجماع في الغنية (3)،و عدم الخلاف إلاّ عن المفيد في السرائر (4)-خمسون للكثير بنفسه على الأشهر،أو بالنسبة إلى البئر على قول (5)،و عشرة للقليل كذلك.

و عنه في المقنعة عشرة في الكثير و خمس في القليل (6).

ص:40


1- التهذيب 1:702/244،الاستبصار 1:116/41،الوسائل 1:191 أبواب الماء المطلق ب 20 ح 1.
2- ليست في:«ش».
3- الغنية(الجوامع الفقهية):552.
4- السرائر 1:79.
5- حكاه عن الراوندي في التنقيح الرائع 1:51.
6- المقنعة:67.

و عن مصباح السيد انه ينزح له مطلقا ما بين دلو واحد إلى عشرين (1).

و عن المقنع في القطرات من الدم عشرة،و ربما ظهر منه عشرين في كلام منه فيه أيضا (2).

و مستندهم من النص غير واضح.

و المروي في الصحيح في دم ذبح الشاة الذي هو عندهم من الكثير أنه ينزح منها من ثلاثين دلوا إلى أربعين (3)و في الصحيح في القليل كدم ذبح دجاجة أو حمامة أو رعاف أنه ينزح منها دلاء يسيرة (4).

و حملها على خصوص العشرة محتاج إلى قرينة هي فيه مفقودة.

و جعل«يسيرة»قرينة عليها بناء على كونها جمع كثرة،فتقييدها بها لا بدّ فيه من فائدة،و هي التخصيص بالعشرة.

غفلة واضحة؛لاحتمال كون الفائدة فيها بيان الاكتفاء فيها بأقل أفرادها، و هو ما زاد عليها بواحدة.

و كيف كان،فالمشهور أحوط لو لم نقل بكونه في الكثير أولى.فتأمل .

و ينزح لموت الكلب و شبهه في الجثة أربعون في المشهور.

و ضعف مستندهم بعملهم مجبور،ففي الخبر الذي رواه المصنف عن

ص:41


1- نقله عنه العلامة في المختلف:6.
2- المقنع:10 و 11.
3- الكافي 3:8/6،الفقيه 1:29/15،التهذيب 1:1288/409،قرب الإسناد:/179 661 الوسائل 1:193 أبواب الماء المطلق ب 21 ح 1.
4- الكافي 3:8/6،التهذيب 1:709/246،الوسائل 1:193 أبواب الماء المطلق ب 21 ح 1.

كتاب الحسين بن سعيد في المعتبر:عن السنّور فقال:أربعون و للكلب و شبهه (1).

و في آخر (2):في السنّور و ما كان أكبر منه ثلاثين أو أربعين (3).

و قريب منه ما في آخر مع التصريح فيه بالكلب و شبهه،و زيد في الترديد عشرون (4).

و يحتمل كونهما مستندا لهم أيضا بناء على أصالة بقاء النجاسة، و احتمال كون الترديد فيه من الراوي.

و عن الهداية و المقنع الفتوى بأوّل الأخيرين (5)؛و لعلّه بناء منه على حمله الترديد على كونه من المعصوم.

و في الصحاح في الكلب الاكتفاء بنزح دلاء (6)،و في بعضها التصريح فيه و في السنّور بالخمس (7)،و عمل بها بعض المتأخرين (8).و هو حسن لو لا الشهرة الجابرة.

و كذا ينزح أربعون دلوا في بول الرجل للخبر (9)،و بالشهرة

ص:42


1- المعتبر 1:66،الوسائل 1:183 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 3.
2- في«ح»زيادة:موثق.
3- التهذيب 1:681/236،الاستبصار 1:98/36،الوسائل 1:183 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 4.
4- التهذيب 1:680/235،الاستبصار 1:97/36،الوسائل 1:183 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 3.
5- الهداية:14،المقنع:10.
6- التهذيب 1:682/236 و 685 و 686،الاستبصار 1:99/36 و 100 و 101،الوسائل 1: 182 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 2 و 5 و 6.
7- الكافي 3:3/5،التهذيب 1:684/237،الاستبصار 1:102/37،الوسائل 1:184 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 7.
8- كصاحب المدارك 1:81.
9- التهذيب 1:700/243،الاستبصار 1:90/34،الوسائل 1:181 أبواب الماء المطلق ب 16 ح 2.

ضعفه قد انجبر،مضافا إلى دعوى إجماع الإمامية على العمل برواية راويه مطلقا،مضافا إلى دعوى عدم الخلاف بل و الإجماع في الغنية على الخصوص (1).

و في بعض الأخبار الاكتفاء بثلاثين في القطرة منه مطلقا (2)،و عمل به في المنتهى (3).

و هو ضعيف بضعف راويه مع هجر الأصحاب له هنا.

و في بعض الصحاح نزح الجميع لصب البول مطلقا أو بول الصبي (4).

و هو شاذ كسابقه.

و لا يلحق به بول المرأة في المشهور.خلافا لجماعة،فألحقوه ببول الرجل (5)،و ادعى بعضهم تواتر الأخبار عنهم عليهم السلام بالأربعين لبول الإنسان (6)،بل ادعى ابن زهرة الإجماع عليه (7).

و ألحق الشيخان و غيرهما ب موت الكلب موت الثعلب و الأرنب و الشاة.

ففي المقنعة:إذا ماتت فيها شاة أو كلب أو خنزير أو سنور أو غزال أو

ص:43


1- الغنية(الجوامع الفقهية):552.
2- التهذيب 1:698/241،الاستبصار 1:95/35،الوسائل 1:181 أبواب الماء المطلق ب 16 ح 5.
3- المنتهى 1:15.
4- التهذيب 1:696/241،الاستبصار 1:94/35،الوسائل 1:182 أبواب الماء المطلق ب 16 ح 7.
5- منهم القاضي في المهذب 1:22،علاء الدين الحلبي في إشارة السبق:81،العلامة في التحرير 1:5.
6- كابن إدريس في السرائر 1:78.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):552.

ثعلب و شبهه في قدر جسمه (1).

و نحوه في النهاية و المبسوط و المراسم (2)،و كذا الوسيلة و المهذّب (3)و الإصباح بزيادة النص على الأرنب،و نحوها السرائر بزيادة النص على ابن آوى و ابن عرس (4)،و اقتصر ابن السعيد على الشاة و شبهها (5).

و لعلّ مستندهم دخولها في«شبهه»كما صرّح به الشيخ.

و في نسبة الإلحاق إليهما نوع تأمل له فيه،و لعلّه بناء على تأمله في دخولها في«شبهه»و لذا أفرد السنّور بالذكر.

مع ذلك المروي في الشاة تسع أو عشر كما في خبر إسحاق (6)و سبع كما في خبر عمرو بن سعيد (7).

و ينزح للسنّور بموته فيها أربعون دلوا؛لما تقدم (8)و في رواية عمرو بن سعيد بن هلال:عمّا يقع في البئر ما بين الفأرة و السنور إلى الشاة،فقال:«كلّ ذلك سبع دلاء».

و به فيه أفتى الصدوق في الفقيه (9).و الأول أولى و أحوط.

ص:44


1- المقنعة:66.
2- النهاية:6،المبسوط 1:11،المراسم:35.
3- الوسيلة:75،المهذب 1:22.
4- السرائر 1:76.
5- الجامع للشرائع:19.
6- التهذيب 1:683/237،الاستبصار 1:105/38،الوسائل 1:186 أبواب الماء المطلق ب 18 ح 3.
7- التهذيب 1:679/235،الاستبصار 1:91/34،الوسائل 1:180 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 5.
8- في ص:42.
9- الفقيه 1:12.

و ينزح سبع لموت الطير المفسّر بالحمامة و النعامة و ما بينهما كما في السرائر و غيره (1)،و بالدجاجة و الحمامة إمّا خاصة كما عن الصدوق (2)، أو بزيادة:«ما أشبههما»كما عن الشيخين و غيرهما (3).

للإجماع في الغنية،و المعتبرة المستفيضة،منها الرضوي (4)،لكن فيه اعتبار عدم التفسخ و معه فعشرون.

و في الصحيح:«في الفأرة و السنّور و الدجاجة و الطير و الكلب:ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء يكفيك خمس دلاء» (5).

و لم يستبعد المصنف في غير الكتاب العمل به (6).

و في رواية:«في الدجاجة و مثلها تموت في البئر ينزح منها دلوان أو ثلاث» (7).

و جمع بينهما في الاستبصار و بين ما دلّ على السبع تارة بالتفسخ و عدمه، و اخرى بالجواز و الفضل (8).

و كذا لاغتسال الجنب فيها مطلقا،كما في كتب المصنف (9)

ص:45


1- السرائر 1:77؛و انظر نهاية الأحكام 1:259،و تحرير الأحكام:5.
2- المقنع:10.
3- المفيد في المقنعة:66،و الطوسي في المبسوط 1:11،و النهاية:7،و ابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهية):552.
4- فقه الرضا«عليه السلام»:92،المستدرك 1:204 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 2.
5- المتقدم في ص:42.
6- انظر المعتبر 1:70.
7- المتقدمة في ص:44.
8- الاستبصار 1:44.
9- المعتبر 1:70،الشرائع 1:14.

و جماعة (1)؛للخبر (2).

أو ارتماسه،كما عن كتب الشيخين و سلاّر و بني حمزة و إدريس و برّاج و سعيد و غيرهم (3).أو مباشرته مطلقا،كما عن المفيد (4).

لظاهر إطلاق الصحاح المعلّق هذا الحكم فيها على الوقوع كما في بعضها،أو النزول كما في آخر،أو الدخول كما في غيرهما (5).

و توهّم حملها على الخبر المتقدم مدفوع بعدم التكافؤ أوّلا،و عدم التنافي ثانيا .اللهم إلاّ أن يدّعى تبادر الاغتسال منها.

و على أيّ حال فليس في شيء من هذه الأخبار دلالة على اعتبار الارتماس خاصة،و ليس في دعوى الحلّي الإجماع على ثبوت الحكم في المرتمس منافاة للصحاح المعتضدة بغيرها و الاحتياط.

ثمَّ إنّ رعاية الحيثية تقتضي اشتراط خلو بدنه من النجاسة مطلقا،كما هو ظاهر الأكثر.

خلافا للمنتهى فأطلق (6)؛لإطلاق الأخبار،مع ظهورها بالغلبة في مستصحب النجاسة،مع عدم الدليل على وجوب نزح الجميع لنجاسة المني.

و هو حسن فيه-دون غيرها من النجاسات-لو لا الإجماع المدّعى فيه كما تقدم (7)،و هو أرجح من الأخبار هنا بالنصية و الشهرة في الطائفة.

ص:46


1- منهم العلامة في التذكرة 1:4،و المنتهى 1:15،و الشهيد في الذكرى:11.
2- التهذيب 1:702/244،الوسائل 1:195 أبواب الماء المطلق ب 22 ح 4.
3- المفيد في المقنعة:67،و الطوسي في المبسوط 1:12،و سلاّر في المراسم:36،و ابن حمزة في الوسيلة:75،و ابن إدريس في السرائر 1:79،و ابن البراج في المهذب 1:22، و ابن سعيد في الجامع:19.
4- المقنعة:67.
5- انظر الوسائل 1:179 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 1 و 6،و ص 195 ب 22 ح 3.
6- المنتهى 1:15.
7- في ص:36.

و كذا لوقوع الكلب لو خرج حيا على الأشهر الأظهر؛ للصحيح (1).

خلافا للحلّي،فأربعون (2)؛إلحاقا له بغير المنصوص،بناء على عدم عمله به بناء على أصله.و هو و إن اقتضى نزح الجميع إلاّ أنّ ما دل على الأربعين في موته يدل على ثبوته هنا بطريق أولى.و هو ضعيف.

و كذا ينزح للفأرة إن تفسّحت كما في الخبر (3)،أو تسلّخت كما في آخر (4)سبع كما فيهما،بلا خلاف في الظاهر.

و ما يوجد في بعض نسخ الكتاب و كلام جماعة من الأصحاب (5)من إلحاق الانتفاخ بالتفسخ،لا دليل عليه سوى الإجماع في الغنية (6)،المؤيد بكلام الجماعة.و لعلّه لعدم ثبوته في مثل المقام اقتصر على ما في الكتاب طائفة.

و دعوى الحلّي كونه أول درجة الملحق به (7)غير مسموعة،سيّما في مقابلة العرف و اللغة،و قد حكم المصنف بعد نقله بغلطه (8).

ص:47


1- التهذيب 1:687/237،الاستبصار 1:103/38،الوسائل 1:182 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 1.
2- السرائر 1:76.
3- التهذيب 1:673/233،الاستبصار 1:83/31،الوسائل 1:174 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 13.
4- التهذيب 1:691/239،الاستبصار 1:110/39،الوسائل 1:187 أبواب الماء المطلق ب 19 ح 1.
5- كالمفيد في المقنعة:66،و الحلبي في الكافي:130،و سلاّر في المراسم:36،و ابن حمزة في الوسيلة:75،و ابن سعيد في الجامع:19.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):552.
7- السرائر 1:77.
8- المعتبر 1:71.

و إلاّ أي و إن لم تتفسخ فثلاثة على الأشهر الأظهر (1)؛ للصحيحين المطلقين (2)،بحملهما على الخبرين المتقدمين.

خلافا للمرتضى في الظاهر،فسبع (3)؛لآخرين (4).و قد حملا على الخبرين المتقدمين كالصحيحين.

و في الصحيح:«ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء» (5).

و قيل:دلو و القائل الصدوق في المقنع (6).و لم نقف على دليله.

و في بعض الأخبار نزحها كلها بوقوعها فيها مطلقا (7).و هو مع الشذوذ مؤوّل بما يؤول إلى الأوّل .

و في آخر مع عدم النتن أربعون (8).و حمل على الاستحباب.

ص:48


1- لفظة«الأظهر»ليست في«ل».
2- الأول:التهذيب 1:688/238،الاستبصار 1:106/39،الوسائل 1:187 أبواب الماء المطلق ب 19 ح 2. الثاني:التهذيب 1:689/238،الاستبصار 1:107/39،الوسائل 1:187 أبواب الماء المطلق ب 19 ح 2.
3- نقله عنه العلامة في المختلف:7.
4- الأول:التهذيب 1:674/233،الاستبصار 1:107/31،الوسائل 1:173 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 12. الثاني:التهذيب 1:680/235،الاستبصار 1:97/36،الوسائل 1:183 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 3.
5- تقدّم مصدره في ص 42 الرقم 7.
6- المقنع:10.
7- التهذيب 1:699/242،الاستبصار 1:104/38،الوسائل 1:184 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 8.
8- التهذيب 1:692/239،الاستبصار 1:111/40،الوسائل 1:188 أبواب الماء المطلق ب 19 ح 4.

و مثلهما ما دلّ على العشرين في المتقطّع منها،كما في الرضوي (1)، و مسائل علي بن جعفر عن أخيه عليهما السلام (2).

و ينزح لبول الصبي المفسّر:بآكل الطعام مطلقا (3)،كما عن الأكثر،و منهم المصنف هنا و إن قابله بالرضيع بناء على تفسيره في شرحه بمن لم يأكل الطعام (4).

أو بالذي لم يغتذ باللبن،أو اغتذى به مع غلبة غيره عليه،كما عن الذكرى بناء على مقابلته للرضيع فيها مع تفسيره له بضد ما هنا (5).

أو بالذي لم يكن في الحولين مطلقا،كما عن الحلّي بناء على تفسيره الرضيع المقابل له بمن هو في سنّ الرضاعة الشرعي (6)،و أنكره الفاضلان (7).

و في الرضوي:«و إن بال الصبي و قد أكل الطعام استقي منها ثلاثة [دلاء]و إن كان رضيعا استقي منها دلو واحد» (8).

و فيه إشعار بما ذكره بناء على حمل الرضيع فيه على الشرعي فتأمل .

سبع على الأظهر الأشهر،بل عن السرائر و الغنية الإجماع عليه (9)،

ص:49


1- فقه الرضا(عليه السلام):92،المستدرك 1:204 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 2.
2- مسائل علي بن جعفر:422/198،الوسائل 1:190 أبواب الماء المطلق ب 19 ح 14.
3- أي رضيعا كان أو غيره،فطيما كان أو غيره.منه رحمه اللّه.
4- المعتبر 1:72.
5- الذكرى:11.
6- السرائر 1:78.
7- المحقق في المعتبر 1:72،و العلامة في المختلف:8.
8- فقه الرضا«عليه السلام»:94،المستدرك 1:203 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 2،بدل ما بين المعقوفين في النسخ:أدلو.
9- السرائر 1:78،الغنية(الجوامع الفقهية):552.

و عليه حمل إطلاق الخبر:«ينزح منها سبع دلاء إذا بال فيها الصبي» (1).

و بظاهره[عمل] (2)سلاّر فأطلق السبع في بوله (3).

و هو ضعيف بقصور سنده بالإرسال و غيره،و لا جابر له على إطلاقه.

و في رواية رضوية مضى ذكرها ثلاث و بها أخذ الصدوق و المرتضى (4).

و هي ضعيفة عن مقاومة الشهرة مع الإجماع المتقدم.

و عن ابن حمزة وجوب السبع في بوله مطلقا،ثمَّ وجوب الثلاثة فيه إذا أكل ثلاثة أيام،ثمَّ الواحد فيه إذا لم يطعم (5).و مستنده غير واضح.

و ما في الصحيح من نزح الجميع لبول الصبي (6)،لشذوذه مطروح أو مؤوّل .

و لو كان الصبي رضيعا فدلو واحد على الأشهر الأظهر؛للرضوية المتقدمة و إن اشتملت على ما لم نذهب إليه،لكونها حينئذ كالعام المخصّص.

و ربما استدل له بالخبر:عن بول الفطيم يقع في البئر،فقال:«دلو واحد» (7).

ص:50


1- التهذيب 1:701/243،الاستبصار 1:89/33،الوسائل 1:181 أبواب الماء المطلق ب 16 ح 1.
2- في النسخ:حمل.
3- المراسم:36.
4- الصدوق في المقنع:10،نقله عن المرتضى في المختلف:7.
5- الوسيلة:75.
6- التهذيب 1:696/241،الاستبصار 1:94/35،الوسائل 1:182 أبواب الماء المطلق ب 16 ح 7.
7- التهذيب 1:700/243،الاستبصار 1:90/34،الوسائل 1:181 أبواب الماء المطلق ب 16 ح 2.

و هو مع ضعفه غير دال.و اعتبار دلالته بمفهومه فرع العمل بمنطوقه.

و حمل الفطيم على المشارف عليه فرع وجود القرينة المومية إليه،مع كونه حينئذ أخص من المدعى.

خلافا للحلبيين،فأوجبا الثلاث له (1)،مدعيا عليه أحدهما الإجماع، لكنّه عبّر بالطفل الشامل للأنثى.

و مستندهما من النص غير واضح.و ربما يحتج لهما بما في الصحيح الموجب نزح دلاء لقطرات البول (2).و هو كما ترى.

و كذا ينزح دلو واحد في موت العصفور بضم عينه،على الأشهر الأظهر؛للموثق:«و أقلّه العصفور ينزح منها دلو واحد» (3).

خلافا لظاهر المنقول عن الصدوقين،فخصّاه بالصعوة (4)-المفسّرة في القاموس بالعصفور الصغير (5)-للرضوي (6).

و الأول أولى؛للشهرة،و دعوى الإجماع عليه في الغنية (7)،فانجبر بهما ضعف (8)الخبر و يترجح،مضافا إلى حجيته (9)في نفسه على الأصح.

و به يخص ما في الصحيح من نزح دلاء لموت شيء صغير فيها (10)،و إن

ص:51


1- أبو الصلاح في الكافي:130،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):552.
2- الكافي 3:1/5،التهذيب 1:705/244،الاستبصار 1:124/44،الوسائل 1:182 أبواب الماء المطلق ب 16 ح 6.
3- التهذيب 1:678/234،الوسائل 1:194 أبواب الماء المطلق ب 21 ح 2.
4- حكاه عن والد الصدوق في معالم الفقه:79،و الصدوق في المقنع:10.
5- القاموس المحيط 4:354.
6- فقه الرضا«عليه السلام»:93 و 94،المستدرك 1:204 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 3.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):552.
8- ليست في:«ح»و«ل».
9- في«ش»و«ل»:حجية الأخير.
10- الكافي 3:7/6،التهذيب 1:694/240،الاستبصار 1:92/34،الوسائل 1:180 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 6.

نفي البعد عن العمل به بعض المتأخرين (1)؛و كذا ما في بعض الأخبار من الأمر بنزح سبع أو خمس في مطلق الطير (2).و لو احتيط بهما بل و بالأوّل كان أولى.

و كذا الحكم في شبهه في المشهور.و مستندهم غير واضح، اللهم إلاّ أن يدّعى استفادته من الخبر المتقدم بنوع من الاعتبار .

و فسّر العصفور بما دون الحمامة؛و شبهه بمضاهيه في الجسم و المقدار.

و لا يخفي ما بينهما من التنافي .

و الحكم معلّق عليه في المشهور بقول مطلق.

خلافا للراوندي،فخصّه بمأكول اللحم (3)،احترازا عن الخفّاش.

و لا دليل عليه سوى توهّم كونه مسخا،و نجاسته مطلقا.

و هما في محلّ المنع،مع كونه أخص من المدّعى.

و لو غيّرت النجاسة ماءها فعلى المختار من عدم انفعالها بالملاقاة يكفي زوال التغير بالنزح مطلقا؛للمستفيضة،منها الصحيح المتقدم في أول بحث البئر المعلّل (4).

و منها:الصحيح الآخر:«فإن تغيّر الماء فخذ منه حتى يذهب الريح» (5).

و ينبغي حمل غيرها-كالصحيح«فإن أنتن غسل الثوب و أعاد الصلاة

ص:52


1- كصاحب معالم الفقه:79.
2- التهذيب 1:233 و 675/235 و 680،الاستبصار 1:36 و 97/37 و 102،الوسائل 1: 186 أبواب الماء المطلق ب 18 ح 5 و 8.
3- نقله عنه في المنتهى 1:16.
4- في ص:30.
5- التهذيب 1:675/233،الاستبصار 1:102/37،الوسائل 1:184 أبواب الماء المطلق ب 17 ح 7.

و نزحت البئر» (1)و غيره-عليها؛لضعف دلالته،و عدم تكافئه لها من حيث العدد و السند.

و على غيره ففي الاكتفاء بذلك مطلقا،كما عن المفيد و جماعة (2).

أو وجوب نزح الجميع مع الإمكان و مع عدمه فالتراوح مطلقا،كما عن الصدوقين و المرتضى و سلاّر (3).

أو الاكتفاء بما يزول به التغير مع تعذر نزح الكل كذلك،كما عن الشيخ (4).

أو وجوب نزح الأكثر ممّا يحصل به زوال التغير و استيفاء المقدّر،كما عن ابن زهرة و الذكرى (5).

أو وجوب ذلك مع ورود التقدير في النجاسة و إلاّ فالجميع فإن تعذّر فالتراوح،كما عن الحلّي و المحقّق الشيخ علي و الشهيد الثاني في شرح الإرشاد (6).

أو وجوب نزح الكل فإن غلب فأكثر الأمرين ممّا يزول به التغيّر و المقدّر، كما عن الدروس و المصنف في المعتبر على احتمال ظاهر من كلامه (7).

ص:53


1- التهذيب 1:670/232،الاستبصار 1:80/30،الوسائل 1:173 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 10.
2- المفيد في المقنعة:66،و ابن البراج في المهذب 1:22،و الشهيد في البيان:101، و المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:137.
3- نقله عن والد الصدوق في المختلف:5،الصدوق في الفقيه 1:13،نقله عن المرتضى في معالم الفقه:87،سلار في المراسم:35.
4- المبسوط 1:11.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):552،الذكرى:10.
6- الحلي في السرائر 1:72،و المحقق الشيخ علي في جامع المقاصد 1:137،و الشهيد الثاني في روض الجنان:143.
7- الدروس 1:121،المعتبر 1:76.

أو وجوب أن ينزح كلّه مع الإمكان و لو غلب الماء فالأولى أن ينزح حتى يزول التغير،و يستوفي المقدّر بعده إن كان هناك تقدير،كما هو مختار المصنف و غيره على ما نقل (1).

أو وجوب نزح أكثر الأمرين ممّا يزول معه التغير و يستوفي به المقدّر إن كان تقدير و إلاّ اكتفي بزواله،كما اختاره بعض المتأخرين و تبعه عليه جماعة (2).

أقوال،مستنده إلى اختلاف الأنظار في الجمع بين الأخبار في المضمار،و لا نصّ فيه بالخصوص إلاّ ما قدمناه.و العمل بظاهرها حينئذ أيضا غير بعيد،و إن كان الأخير أجود؛لفحوى ما دلّ على المقدّر في الشق الأول، فيخصّ به عموم ما دلّ على الاكتفاء بما يزول به التغير،و عمومه من دون مزاحم في الثاني .

و لكن العمل بالثاني أحوط؛للرضوي:«و إن تغيّر الماء وجب أن ينزح الماء كلّه،فإن كان كثيرا و صعب نزحه وجب أن يكتري أربعة رجال يستقون منها على التراوح من الغدوة إلى الليل» (3).و هو في حكم القوي،و لكنه لا يعارض ما قدّمناه من الأخبار.

و في طهرها بزوال التغيّر بنفسه أم لا، وجهان،أقربهما الثاني.

و عليه ففي وجوب نزح الجميع حينئذ،أو الاكتفاء بما يزول معه التغير لو كان،قولان،أقربهما الثاني إذا حصل العلم بذلك،و مع عدمه فالأول،وفاقا للشهيدين و غيرهما (4)؛لفحوى ما دلّ على الاكتفاء به مع وجوده فمع عدمه

ص:54


1- كالمحقق الآبي في كشف الرموز 1:57.
2- كصاحب معالم الفقه:88،و السبزواري في الذخيرة:126.
3- فقه الرضا«عليه السلام»:94،المستدرك 1:207 أبواب الماء المطلق ب 22 ح 4.
4- الشهيد الأول في البيان:101،و الشهيد الثاني في روض الجنان:143؛و انظر معالم الفقه: 92.

بطريق أولى.

خلافا لآخرين؛للأصل،و تعذّر ضابط تطهيره فيتوقف الحكم بطهارته على نزح الجميع.

و فرض حصول العلم كما هو المتحقق في أكثر الأوقات يدفعه،و هو مسلّم في غيره.

و لا ينجس (1)البئر بالبالوعة التي ترمي بها المياه النجسة مطلقا و إن تقاربتا بلا خلاف؛للأصل،و للخبرين المنجبرين،ففي أحدهما:في البئر يكون بينها و بين الكنيف خمسة[أذرع]و أقل و أكثر،يتوضأ منها؟قال:

«ليس يكره من قرب و لا بعد،يتوضأ منها و يغتسل ما لم يتغير الماء» (2).

ما لم تتصل نجاستها بها.

و معه فينجس مطلقا على الأشهر،أو مع التغير على الأظهر.

و في اعتبار العلم أو الاكتفاء بالظن في حصول الأمرين قولان،أقواهما الأول،و أحوطهما الثاني.و على ذلك ينزّل ما في الحسن المضمر من تنجّسها بقرب البالوعة إليها بأقل من ثلاثة أذرع أو أربعة (3).

لكن يستحب تباعدهما قدر خمسة أذرع إن كانت الأرض صلبة مطلقا أو كانت رخوة مع كون البئر فوقها قرارا.

و إلا بأن تكون الأرض رخوة و قرارهما متساويا أو قرار البالوعة أعلى

ص:55


1- في«ش»زيادة:ماء.
2- الكافي 3:4/8،الفقيه 1:23/13(و فيه ذيل الحديث)،التهذيب 1:1294/411، الاستبصار 1:129/46،الوسائل 1:200 أبواب الماء المطلق ب 24 ح 7.و ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.
3- الكافي 3:2/7،التهذيب 1:1293/410،الاستبصار 1:128/46،الوسائل 1:197 أبواب الماء المطلق ب 24 ح 1.

فسبع أذرع على الأشهر؛جمعا بين الخبرين المطلقين في كلا الأمرين (1).

و في رواية:«إن كان الكنيف فوق النظيفة-أي كان في جهة الشمال منها- فلا أقلّ من اثني عشر ذراعا،و إن كان تجاها بحذاء القبلة و هما مستويان في مهبّ الشمال فسبعة أذرع» (2).

و بها أفتى الإسكافي (3)،إلاّ أنّ في تطبيق مذهبه المنقول عنه عليها نوع غموض و إن استدل بها عليه.

و في رواية في قرب الإسناد:«إن كان بينهما عشرة أذرع و كانت البئر التي يستقون منها ممّا يلي الوادي فلا بأس» (4).

و اختلاف التقادير في هذه الأخبار قرينة الاستحباب،مضافا إلى الأصل،و ضعف الأسانيد،و الاتفاق المنقول،و خصوص ما تقدّم من قوله:

«ليس يكره من قرب و لا بعد».و الثاني غير مانع من الفتوى به على ما تقرّر من جواز المسامحة في أدلة السنن.و لا ينافيه نفي الكراهة في الأخير عن صورة انتفى فيها التقادير إلاّ على القول بأن ترك المستحب مكروه،و هو خلاف التحقيق.

ص:56


1- الأول:الكافي 3:3/8،التهذيب 1:1291/410،الاستبصار 1:127/45،الوسائل 1:198 أبواب الماء المطلق ب 24 ح. الثاني:الكافي 3:1/7،التهذيب 1:1290/410،الاستبصار 1:126/45،الوسائل 1:199 أبواب الماء المطلق ب 24 ح 3.
2- التهذيب 1:1292/410،الوسائل 1:200 أبواب الماء المطلق ب 24 ح 6.
3- نقله عنه في المختلف:15،و فيه:قال ابن الجنيد:إن كانت الأرض رخوة و البئر تحت البالوعة فليكن بينهما اثنا عشر ذراعا،و إن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبعة أذرع.
4- قرب الإسناد:103/32،الوسائل 1:200 أبواب الماء المطلق ب 24 ح 8.

الثاني في الماء المضاف

اشارة

و أما المضاف فهو ما أي الشيء الذي لا يتناوله الاسم أي اسم الماء بإطلاقه مع صدقه عليه و لكن يصح سلبه عنه عرفا كالمعتصر من الأجسام،و المصعد،و الممزوج بما يسلبه الإطلاق دون الممتزج على وجه لا يسلبه الاسم و إن تغيّر لونه كالممتزج بالتراب،أو طعمه كالممتزج بالملح،و إن أضيف إليهما.

كله طاهر لكن لا يرفع حدثا و لا يزيل خبثا و ينجس بالملاقاة

و كله طاهر في نفسه مع طهارة أصله.

لكن لا يرفع حدثا مطلقا و لو اضطرارا،بلا خلاف كما عن المبسوط و السرائر (1)،بل إجماعا كما في الشرائع و الاستبصار و التهذيب و عن التذكرة و نهاية الأحكام و الغنية و التحرير (2).

للأصل،و قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [1] (3)و قولهم في المعتبرة:«إنّما هو الماء و الصعيد» (4)و:«إنما هو الماء أو التيمم» (5).

و التقريب:أنّ اللفظ إنّما يحمل على حقيقته،و لو كان الوضوء جائزا بغيره لم يجب التيمم عند فقده و لم تنحصر الطهارة فيه عنده.

خلافا للصدوق في الفقيه و الأمالي و الهداية (6)،فجوز الطهارة عن

ص:57


1- المبسوط 1:5،السرائر 1:59.
2- الشرائع 1:15،الاستبصار 1:14،التهذيب 1:219،التذكرة 1:5،نهاية الأحكام 1: 236،الغنية(الجوامع الفقهية):552،تحرير الأحكام 1:5.
3- المائدة:6.
4- التهذيب 1:540/188،الاستبصار 1:534/155،الوسائل 1:201 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 1.
5- التهذيب 1:628/219،الاستبصار 1:28/15،الوسائل 1:201 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 1.
6- الفقيه 1:6،أمالي الصدوق:514،الهداية:13.

الحدث بماء الورد مطلقا (1)؛لرواية شاذة (2)متروكة بالإجماع،و مع ذلك سندها -لاشتماله على سهل و محمّد بن عيسى عن يونس-غير مكافئ لأسانيد معتبرة، من حيث اعتضاد تلك بالشهرة(العظيمة) (3)و ما تقدّم من الأدلّة.

هذا على تقدير عدم القدح فيه بهما،و إلاّ-كما هو المشهور في الأول ، و قول جماعة و منهم الصدوق بل هو الأصل فيه باعتبار متابعة شيخه (4)،في الثاني-فهي ساقطة بالكلّية.

و لابن أبي عقيل،فجوز التطهير به اضطرارا (5).

و لم نقف على مستنده،و لعلّه الجمع بين المعتبرة و الرواية.و هو ضعيف، مع أنه خال عن الشاهد.

و في طهارة محل الخبث به قولان أصحّهما و أشهرهما المنع مطلقا؛لأصالة بقاء النجاسة،و اشتغال الذمة بالمشروط بإزالته فيه،و الأوامر الواردة بغسل الثوب و البدن و الظروف و غيرها بالماء،فلا تجوز المخالفة،و تدل على التقييد من هذه الجهة،فتقيد به الأخبار المطلقة مع التأمل في شمولها لمثل المقام.

و يظهر التقييد من غير هذه الجهة من بعض المعتبرة،كقوله:«و لا يجزي في البول غير الماء» (6)و قوله:«كيف يطهّر من غير

ص:58


1- أي:وضوءا كان أم غسلا،اختياريا أم اضطراريا.منه رحمه اللّه.
2- الكافي 3:12/73،التهذيب 1:627/218،الاستبصار 1:27/14،الوسائل 1:204 أبواب الماء المطلق ب 3 ح 1.
3- ليست في:«ل»و«ح».
4- قال النجاشي في رجاله:333.و ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنه قال:ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس و حديثه لا يعتمد عليه.
5- نقله عنه في المختلف:10.
6- التهذيب 1:147/50،الاستبصار 1:166/57،الوسائل 1:348 أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 2؛بتفاوت يسير.

ماء؟!» (1)و في الصحيح:عن رجل أجنب في ثوب و ليس معه غيره،قال:

«يصلّي فيه إلى حين وجدان الماء» (2).

خلافا للمرتضى و المفيد (3)،فجوّزاه كذلك؛للإجماع.و إطلاق الأمر بالتطهير أو الغسل في الآية (4)و النصوص مع شمولهما للإزالة بكل مائع.و أصالة عدم الاختصاص و عدم المانع شرعا من استعمال غيره في الإزالة.و تبعية النجاسة للعين فإذا زالت زالت.

و قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في خبر غياث بن إبراهيم:

«لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق» (5)و عمل به ابن الجنيد.

و حسن حكم بن حكيم الصيرفي،قال لمولانا الصادق عليه السلام:أبول فلا أصيب الماء،و قد أصاب يدي شيء من البول،فأمسحه بالحائط و التراب،ثمَّ تعرق يدي فأمسّ وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي،قال:«لا بأس به» (6).

و الإجماع ممنوع في مثل المقام؛لمخالفة الأعلام.

و الإطلاق؛مع المنع لشموله للمقام للانصراف إلى المتعارف و عدم قدح إلحاق غيره بالإجماع به ؛مقيّد بما قدمناه.

ص:59


1- التهذيب 1:805/273،الاستبصار 1:678/193،و فيها:تطهر،الوسائل 3:453 أبواب النجاسات ب 29 ح 7.
2- الفقيه 1:155/40،التهذيب 1:799/271،الاستبصار 1:655/187،الوسائل 3: 447 أبواب النجاسات ب 27 ح 11؛بتفاوت يسير.
3- حكاه عنهما في المعتبر 1:82.
4- المائدة:6.
5- التهذيب 1:1350/452،الوسائل 1:205 أبواب الماء المضاف ب 4 ح 2.
6- الكافي 3:4/55،الفقيه 1:158/40،التهذيب 1:720/250،الوسائل 3:401 أبواب النجاسات ب 6 ح 1.

و الأصل معارض بما قدّمناه من الأصول،و هي مقدّمة عليه.

و دعوى التبعية مصادرة محضة .

و الخبر مع ضعفه و عدم صراحته لا يقاوم ما قدّمناه،و هو مع ذلك من طريق الآحاد و السيّد لا يعمل به.

و به يجاب عن الحسن،مع معارضته بما تقدّم من أنه لا يجزي في البول غير الماء،مع عدم وضوح الدلالة، لاحتمال رجوع نفي البأس إلى نجاسة المماس لا إلى طهارة الماسّ بذلك،و ذلك بناء على عدم العلم بملاقاة المحل النجس له و إن حصل الظن به بناء على عدم اعتباره في أمثاله.و في الموثق:

«إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك،فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك» (1)فتأمل.

و المنقول عن المرتضى في الخلاف و المعتبر و غيرهما (2)جواز الإزالة بالمائعات مطلقا؛و مقتضى بعض أدلته ذلك،مع التعميم في الجامدات أيضا.

و عن ابن أبي عقيل جوازه بالمضاف اضطرارا لا مطلقا (3).و هو كسابقه لا دليل عليه.

و ينجس المضاف بالملاقاة للنجاسة مطلقا و إن كان كثيرا إجماعا كما في المعتبر و المنتهى و التذكرة و عن الشهيدين (4)؛و لا دليل يعتدّ به

ص:60


1- الكافي 3:4/20،الفقيه 1:160/41،التهذيب 1:1050/353،الوسائل 1:284 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 7.
2- الخلاف 1:59،المعتبر 1:82،السرائر 1:59،و هو في الناصريات(الجوامع الفقهية): 179.
3- نقله عنه في المختلف:10.
4- المعتبر 1:83،المنتهى 1:21،التذكرة 1:5،الشهيد الأول في الذكرى:7،و الشهيد الثاني في روض الجنان:133.

في الكثير منه سواه.

و يدل عليه في القليل منه بعده:فحوى ما دلّ على انفعال قليل المطلق، و خصوص الخبر:عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة،قال:«يهراق مرقها» (1).

و في آخر:عن قطرة نبيذ أو خمر مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير و مرق كثير،قال:«يهراق المرق»الحديث (2).

و كلّ ما يمازج الماء المطلق و لم يسلبه الإطلاق عرفا لا يخرجه عن إفادة التطهير مطلقا و إن غيّر أحد أوصافه خالفه الممازج فيها إجماعا،أو وافقه مطلقا على أظهر الأقوال؛لدوران الأحكام مع الاسم.أو مع أكثرية المطلق أو مساواته؛لكونهما المناط في الحكم دون الاسم فيجوز التطهير معهما مطلقا-على قول- (3)لأصالة الإباحة.و هي مع عدم صدق الاسم ممنوعة.و فيه قول آخر (4).

و هل الممازجة المذكورة على فاقد الماء المتمكن من تحصيله بها واجبة أم لا؟ قولان،أظهرهما الأول؛لإطلاق ما دلّ على لزوم الطهارة الاختيارية، فلا يتقيد بوجود الماء و عدمه،فتكون حينئذ مقدمة الوجود،و لا ريب في وجوبها و لو شرطا.

و ما دلّ على جواز التيمم مع فقد الماء من الآية و السنّة شموله لمثل المقام محل نظر.و لعلّه لتوهم الشمول و ظن كون التحصيل شرطا للوجوب قيل

ص:61


1- الاستبصار 1:62/25،الوسائل 1:206 أبواب الماء المضاف ب 5 ح 3.
2- التهذيب 1:820/279،الوسائل 3:470 أبواب النجاسات ب 38 ح 8.
3- قال به الشيخ في المبسوط 1:8.
4- و هو عدم جواز استعمال الممزوج في صورة المساواة.قال به ابن البراج في المهذب 1:24.

بالعدم (1).و هو ضعيف.

و يؤيد المختار المبالغة في تحصيل الماء و لو بالثمن الغالي في الأخبار (2).

و ما يرفع به الحدث الأصغر طاهر و مطهّر مطلقا من الحدث و الخبث،فضلة و غسالة،بإجماعنا،و الأصول،و العمومات،مع خصوص بعض المعتبرة.

ففي الخبر:«أمّا الماء الذي يتوضأ به الرجل فيغسل به وجهه و يده في شيء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره و يتوضأ به» (3).

و في آخر:«كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا توضّأ أخذ ما يسقط من وضوئه فيتوضّؤون به» (4).

و يستفاد من الأول من جهة العموم نفي الكراهة مطلقا،فما نقل عن المفيد-من القول باستحباب التنزه عنه (5)-لا وجه له.

و ما يرفع به الحدث الأكبر مع خلوه عن النجاسة طاهر إجماعا؛ لأكثر ما تقدم،و الأخبار به مستفيضة،منها الصحيح:«عن الجنب يغتسل فينتضح من الأرض في الإناء،فقال:لا بأس،هذا ممّا قال اللّه تعالى وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [1] » (6)(7).

ص:62


1- انظر المبسوط 1:9،و إيضاح الفوائد 1:18.
2- انظر الوسائل 3:389 أبواب التيمم ب 26.
3- التهذيب 1:630/221،الاستبصار 1:71/27،الوسائل 1:210 أبواب الماء المضاف ب 8 ح 2.
4- الفقيه 1:/10ذ ح 17،التهذيب 1:631/221،الوسائل 1:209 أبواب الماء المضاف ب 8 ح 1.
5- نقله عنه في الذكرى:12.
6- الحج:78.
7- التهذيب 1:225/86،الوسائل 1:211 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 1.

و مطهّر عن الخبث أيضا بلا خلاف،كما عن السرائر و المعتبر و التذكرة و المختلف و نهاية الأحكام (1)؛لنصّهم على حصر الخلاف فيما سيأتي،بل و عن المنتهى و ولده (2)الإجماع عليه.

و توهّم وجود الخلاف هنا أيضا عن الذكرى (3)مدفوع بعدم التصريح بكون المانع هنا منّا،فلعلّه من العامة،و لا بعد فيه،كما اتفق له في بحث وجوب الوضوء لغيره،حيث نسب القول بالوجوب النفسي إلى القيل (4)،مع عدم وجود القائل به منّا،و تصريحه في قواعده بكونه من العامة العمياء (5).

و كيف كان فلا شبهة فيه؛لما تقدّم،و فقد ما يدل على المنع، و اختصاص ما دلّ على المنع من رفع الحدث به-على تقدير تسليمه-بمورده مع عدم دليل على التعدّي.

و في جواز رفع الحدث به ثانيا قولان مختار الصدوقين و الشيخين (6)و هو المروي في بعض المعتبرة المنع منه.

ففي الصحيح:عن ماء الحمّام،فقال:«ادخله بإزار،و لا تغتسل من ماء آخر،إلاّ أن يكون فيه جنب أو يكثر فيه أهله فلا تدري فيهم جنب أم لا» (7).

ص:63


1- السرائر 1:69،المعتبر 1:86،التذكرة 1:5،المختلف:12،نهاية الأحكام 1:241.
2- المنتهى 1:22،إيضاح الفوائد 1:19.
3- الذكرى:12.
4- كما في الذكرى:23.
5- القواعد و الفوائد 2:65.
6- نقله عن والد الصدوق في المختلف:12،و الصدوق في الفقيه 1:10،و المفيد في المقنعة: 64،و الطوسي في المبسوط 1:11.
7- التهذيب 1:1175/379،الوسائل 1:149 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 5.

و في القاصر سندا (1):«الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضّأ[منه]و أشباهه» (2).

و في مثله (3):عن الحمّام فقال:«ادخله بمئزر،و غضّ بصرك،و لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمّام،فإنّه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب و ولد الزنا و الناصب لنا أهل البيت و هو شرّهم» (4).

و الأوّل مع عدم صراحته في الأمر بالتنزه؛لكون الاستثناء عن النهي عن الاغتسال بماء آخر في صورتي المستثنى أعم من الأمر بالاغتسال به فيهما، للاكتفاء في رفع النهي بالإباحة.

ظاهر في مساواتهما في الحكم بالتنزه عن المستعمل فيهما،و لا قائل بذلك،و لعل في ذلك إشعارا بالكراهة.

و الأخيران مع قصورهما سندا؛و لا جابر لهما في المقام و إن نقل في الخلاف اشتهار القول بالمنع (5)،لعدم معارضة الشهرة المنقولة للشهرة المتأخرة المتحققة.

غير صريحي الدلالة،لاحتمال كون النهي عن ذلك لغلبة احتمال وجود النجاسة في المغتسل من الجنابة،و لا بعد فيه.

و الشاهد عليه أنه تضمنت الأخبار المشتملة على بيان كيفية غسل الجنابة

ص:64


1- بأحمد بن هلال،فقد روي فيه:ذموم و نسب إليه الغلو،راجع رجال النجاشي:199/83، و رجال الشيخ:410،و الفهرست:36،و التهذيب 9:204،و الاستبصار 3:28.
2- التهذيب 1:630/221،الاستبصار 1:71/27،الوسائل 1:215 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 13.بدل ما بين المعقوفين في النسخ«به»،و ما أثبتناه من المصادر.
3- لجهالة راويه،و هو حمزة بن أحمد.راجع معجم الرجال 6:264.
4- التهذيب 1:1143/373،الوسائل 1:218 أبواب الماء المضاف ب 11 ح 1.
5- الخلاف 1:172.

الأمر بغسل الفرج،ففي الصحيح:عن غسل الجنابة،فقال:«تبدأ فتغسل كفيك ثمَّ تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك»الحديث (1).و المعتبرة في معناه مستفيضة.

و هو احتمال راجح،فيندفع به الاستدلال.

و مع جميع ذلك فهي معارضة باستصحاب بقاء المطهرية،و العمومات الآمرة باستعمال الماء و الناهية عن التيمم مع التمكن منه،و محض الاستعمال لا يخرجه عن الإطلاق.

فاندفع بذلك الاحتياط المستدل به هنا على المنع على تقدير وجوبه في العبادات،و إلاّ فهو ساقط من أصله.

فإذا القول بالجواز أظهر،كما هو بين المتأخرين أشهر.

و يدل عليه أيضا الصحيح:الحمّام يغتسل فيه الجنب و غيره أغتسل من مائه؟قال:«نعم لا بأس أن يغتسل[منه]الجنب» (2).

و ترك الاستفصال عن انفصال الماء المسؤول عنه عن المادة و عدمه و عن كونه فضالة أو غسالة دالّ على العموم.

و في آخر:«فإن كان في مكان واحد و هو قليل لا يكفيه لغسله،فلا عليه أن يغتسل و يرجع الماء فيه،فإنّ ذلك يجزيه» (3).

و اعترف الشيخ بدلالته على الجواز إلاّ أنه حمله على الضرورة،وقوفا

ص:65


1- التهذيب 1:1131/370،الوسائل 2:230 أبواب الجنابة ب 26 ح 5.
2- التهذيب 1:1172/378،الوسائل 1:211 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 3،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدرين.
3- التهذيب 1:1315/416،الاستبصار 1:73/28،قرب الإسناد:667/181 الوسائل 1:216 أبواب الماء المضاف ب 10 ح 1.

على ظاهره (1).

و أصرح منه الصحيح الآخر:عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء و يستقى فيه من بئر،فيستنجي فيه الإنسان من بوله،أو يغتسل فيه الجنب،ما حدّه الذي لا يجوز؟فكتب:«لا تتوضأ من مثل هذا إلاّ من ضرورة إليه» (2).

و ترك الاستفصال عن الكثرة و عدمها دليل العموم.و ظنّي أن التجويز في حال الضرورة هنا أمارة الكراهة في غيرها،و لا ريب أن الترك مهما أمكن أحوط.

و ينبغي القطع بعدم المنع فيما ينتضح من الغسالة في الأثناء فيه،كما يفهم من بعض المانعين؛للصحيح:الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الإناء،فقال:«لا بأس، ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» [1] (3).

و كذلك الفضالة؛للصحيح في اغتسال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع عائشة في إناء (4)فتأمل .

و كذلك الكثير؛للصحيح المتقدم في الغدير المجتمع فيه ماء السماء.

و الصحيح الآخر:عن الحياض التي ما بين مكة إلى المدينة،تردها السباع و تلغ فيها الكلاب و تشرب منه الحمير و يغتسل فيها الجنب،يتوضأ منها؟ فقال:«و كم قدر الماء؟»قلت:إلى نصف الساق،و إلى الركبة،و أقلّ.قال:

ص:66


1- الاستبصار 1:28.
2- التهذيب 1:1319/418،الاستبصار 1:11/9،الوسائل 1:163 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 15.
3- الكافي 3:7/13،التهذيب 1:224/86(بتفاوت يسير)،الوسائل 1:212 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 5.
4- الكافي 3:2/10،التهذيب 1:633/222،الاستبصار 1:31/17،الوسائل 1:234 أبواب الأسآر ب 7 ح 1.

«توضأ منه» (1).

و ربما يستفاد من جمع عدم الخلاف فيه (2)،و ربما أوهم بعض العبارات ثبوت الكراهة فيه.

و ما تقدّم من الأخبار موردها الجنب،فإلحاق الغير به يحتاج إلى دليل.

و الإجماع غير معلوم؛لاختصاص بعض العبارات به،كالأخبار.و تنزيله على التمثيل يتوقف على الدليل.و معه في أمثال الزمان لا يحصل العلم به و لم يتصدّ أحد لنقله ليجب اتباعه.

إلاّ أنّه في الجملة مع ذلك غير بعيد بشهادة الاستقراء،حيث إنّ المستفاد منه اشتراك الحائض و من في حكمها معه في كثير من الأحكام.

و لكن يبقى الكلام في غيرهما،كالمستحاضة الكثيرة مثلا،و لعلّ فتوى أكثر الأصحاب كافية في ثبوت الكراهة.و اللّه أعلم.

و ممّا ذكر يظهر عدم الكراهة في المستعمل في الأغسال المندوبة،و لعلّه لا خلاف فيه،كما صرّح به جماعة (3)،و أفتى به بعض المانعين (4).

و في تنجّس ما يزال به الخبث إذا لم تغيره النجاسة قولان بل أقوال.

أشهرهما و أظهرهما التنجيس مطلقا من الغسلة الاولى و ما زاد

ص:67


1- التهذيب 1:1317/417،الاستبصار 1:54/22،الوسائل 1:162 أبواب الماء المطلق ب 9 ح 12.
2- منهم العلامة في المنتهى 1:23،و فخر المحققين في الإيضاح 1:19،و صاحب الحدائق 1:447.
3- منهم المحقق في المعتبر 1:90،و العلامة في نهاية الأحكام 1:243،و التحرير 1:6، و التذكرة 1:5.
4- كالشيخ في الخلاف 1:172.

فيما يجب فيه التعدّد،كما عن الإصباح و المعتبر و ظاهر المقنع و صريح التحرير و التذكرة و المنتهى (1)،و هو ظاهر مختار المصنف هنا و في الشرائع (2).

لعموم ما دلّ على نجاسة القليل (3)باعتبار عموم مفهوم بعض أخباره ، فثبتت الكلية و انقدح فساد القدح فيها.

و عموم المستفيضة الدالة على إهراق ما لاقته المتنجسات من القليل،الدالة بظاهرها على النجاسة (4)،كما استدل بها لها،و لا اعتبار للنية في حصول التطهير ،فيحصل مع عدمها.

و يدل عليه في الجملة خصوص مضمرة عيص المروية في الخلاف و المعتبر و المنتهى:عن رجل أصابه قطرة من طشت فيه وضوء ،فقال:«إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه» (5)و في بعض النسخ:«و إن كان وضوء الصلاة فلا يضره».

و الإضمار-مع تسليم القدح بسببه-و كذلك القصور بحسب السند منجبر بالشهرة.

و في الخبر:«الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ[منه]و أشباهه» (6).

و الاستدلال به يتم على تقدير استلزام عدم رفع الحدث به النجاسة ،

ص:68


1- المعتبر 1:90،المقنع:6،تحرير الأحكام 1:5،التذكرة 1:5،المنتهى 1:24.
2- الشرائع 1:16.
3- الوسائل 1:150 أبواب الماء المطلق ب 8.
4- انظر الوسائل 1:151 أبواب الماء المطلق ب 8 ح 2 و 4 و 7 و 10.
5- الخلاف 1:179،المعتبر 1:90،المنتهى 1:24،الوسائل 1:215 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 14.
6- التهذيب 1:630/221،الاستبصار 1:71/27،الوسائل 1:215 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 13،بدل ما بين المعقوفين في النسخ:به،و ما أثبتناه من المصادر.

و لا دليل عليه من الاخبار ،و الإجماع غير معلوم مع وجود القول بالانفكاك.

و مضمونه في المقام إجماعي كما عن المعتبر و المنتهى (1).فسقط الاستدلال به للمقام.

و قيل بالطهارة مطلقا (2)؛للأصل،و ما سيأتي في الاستنجاء.

و ضعفه ظاهر؛للخروج عن الأول بما قدّمناه،و عدم الكلام في الثاني و لكن لا ملازمة بينه و بين المقام،و هو مخصوص بالاستثناء عمّا تقدّم بالنص و الإجماع.

و قيل بها كذلك مع ورود الماء على النجاسة (3)؛التفاتا إلى أداء الحكم بالنجاسة إلى عدم طهارة المتنجس أبدا.

و فيه-مع كونه أعم من المدّعى-منع؛لتوقفه على ثبوت المنع من حصول التطهير بالمتنجس مطلقا،و ليس كذلك،كيف؟!و حصوله به في بعض المواضع-كحجر الاستنجاء و الأرض المطهّرة لباطن القدم مثلا-ممّا لا مجال لإنكاره.و الإجماع على المنع لم يثبت إلاّ في النجس قبله،و أمّا النجس في أثنائه فلا.و له جواب آخر .

و قيل بها في الولوغ مطلقا،و في الثانية من غسالة الثوب،و بضدها في الأولى منها (4)؛التفاتا فيهما إلى ما تقدّم في دليلي الطهارة و النجاسة مطلقا.

و هو مع ضعفه في الأول بما تقدّم جار في الشق الثاني،و كذلك الثاني جار في الشق الأول،فالتفصيل بقسميه لا وجه له.

و مرجع هذا القول بالنسبة إلى غسالة الثوب إلى أنّ الغسالة كالمحلّ

ص:69


1- المعتبر 1:90،المنتهى 1:24.
2- هو ظاهر الشهيد في الذكرى:9،و في المدارك 1:122 جعله أولى.
3- كالسيد المرتضى في الناصريات(الجوامع الفقهية):179.
4- قال بها الشيخ في الخلاف 1:179،181.

بعدها أي بعد انفصالها عن المحل،و بالنسبة إلى الولوغ إلى أنها كهو بعد الغسل،كما أنّ مرجع القولين بالطهارة مطلقا أو في الصورة الخاصة إلى الأخير أيضا.

و على المختار فهل هي كالمحل قبلها حتى إذا كانت غسالة الاولى فأصابت شيئا وجب غسلة العدد،و إن كانت غسالة الثانية نقصت واحدة و هكذا.أو كهو قبل الغسل حتى يجب كمال العدد مطلقا؟ وجهان،بل قولان:

من أن نجاستها فرع نجاسة المحل فتخفّ بخفّتها.و هو خيرة الشهيدين و غيرهما (1).

و من أن نجاستها ليست إلاّ النجاسة التي يجب لها العدد،و الخفة في المحل إنّما هي لنفي الحرج،إذ لولاها لم يطهر.و هو خيرة نهاية الأحكام.

و احتمل فيها النجاسة مطلقا،و كونها كالمحل بعدها،حتى أن الغسالة الأخيرة طاهرة و ما قبلها ينقص الواجب في المتنجس بها عن الواجب في المحل،لأنّ الماء الواحد الغير المتغير لا يختلف أحكام أجزائه طهارة و نجاسة،و الغسالة الأخيرة لا شبهة في طهارة الباقي منها في المحل فكذا المنفصل،و عليها قياس ما قبلها (2).

و الأقرب وجوب غسل ملاقيها مرتين مطلقا لو قلنا بوجوبهما في مطلق النجاسات.و أمّا على الاكتفاء بالمرة فيما لم يرد التعدد فيه-كما هو الأشهر الأظهر-فالمتجه الاكتفاء بالمرّة في الغسالة مطلقا و لو وجب التعدد لذي

ص:70


1- الشهيد الأوّل في الدروس 1:122،و الشهيد الثاني في الروضة البهية 1:64؛و انظر المقتصر: 45.
2- نهاية الأحكام 1:244.

الغسالة لخصوص نجاسة كالبول و الولوغ مثلا؛لصدق الامتثال،و عدم تسمية الغسالة بولا و لا ولوغا.صرّح بما ذكرناه في الروضة (1)،و لكن الثاني أحوط (2).

و ربما أشعر بالمختار هنا مضمرة عيص (3)؛لعدم التعرض فيها بغسل ما أصابته الغسالة مرتين مع التصريح فيها بكونها غسالة البول،و سيأتي اعتبار المرتين فيه،بل اكتفي فيها بإطلاق الغسل من دون تفصيل بين كونها من الأولى أو الثانية.

عدا ماء الاستنجاء للقبل و الدبر-مطلقا كما عن الأكثر،أو من الغسلة الثانية كما عن الخلاف (4)-إجماعا؛للمعتبرة المستفيضة،منها:

الصحيح:عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجي به،أ ينجّس ذلك ثوبه؟قال:«لا» (5).

و ظاهره؛كنفي البأس عنه في الصحيحين (6)،و المروي في العلل في تعليله بأن الماء أكثر من القذر (7)؛الطهارة،كما هو أظهر القولين في المسألة، بل عن المنتهى عليه الإجماع (8).

ص:71


1- الروضة البهية 1:64.
2- بل لعلّه أظهر عملا باستصحاب النجاسة و عدم ما يدل على حصول الطهارة بالمرة لعدم الأمر اللفظي فيجب الاقتصار على المتيقن حصول التطهير به شرعا و ليس إلاّ ما اجمع عليه و هو قضية هذا القول،و الأمر في رواية عيص و إن كان موجودا إلاّ أنه ضعيف لا جابر له هنا كما لا يخفى. منه رحمه اللّه.
3- المتقدمة في ص:68.
4- الخلاف 1:179.
5- التهذيب 1:228/86 الوسائل 1:223 أبواب الماء المضاف ب 13 ح 5.
6- الأول:الفقيه 1:162/41،التهذيب 1:223/85،الوسائل 1:221 أبواب الماء المضاف ب 13 ج 1.الثاني:التهذيب 1:227/86،الوسائل 1:222 أبواب الماء المضاف ب 13 ج 4.
7- علل الشرائع:1/287،الوسائل 1:222 أبواب الماء المضاف ب 13 ح 2.
8- حكاه عنه في روض الجنان:160.

و القول الآخر هو العفو عنه من دونها.

و لا ثمرة بينهما.إلاّ ما صرّح به بعضهم من جواز التطهير به على الأول دون الثاني (1)،و في المعتبر و المنتهى (2)الإجماع على عدم رفع الحدث بما تزال به النجاسة مطلقا،فتنحصر الثمرة في جواز إزالة النجاسة به ثانيا.و الأصح الجواز؛لما تقدّم،مع الأصل و العمومات،مضافا إلى أصالة بقاء المطهرية مطلقا،خرج ما خرج و بقي الباقي.

و يعتبر فيه مطلقا عدم العلم بتغييره بالنجاسة و وقوعه على نجاسة أخرى خارجة و لو من السبيلين.و وجهه واضح.

و ربما اعتبر أمور أخر،كعدم انفصال أجزاء من النجاسة متميزة مع الماء،و عدم سبق اليد محل النجو على الماء.و هو أحوط.

لا يغتسل بغسالة الحمّام إلا أن يعلم خلوها من النجاسة

و لا يجوز أن يغتسل بغسالة الحمّام و هي الجيّة (3)،وفاقا لأكثر الأصحاب،بل عليه الإجماع في كلام بعضهم (4)؛لأصالة بقاء التكليف، و للروايات المنجبرة ضعفها بالشهرة.

مع أنّ فيها الموثّق المروي في العلل:«إياك أن تغتسل من غسالة الحمّام، ففيها تجتمع غسالة اليهودي و النصراني و المجوسي و الناصب لنا أهل البيت و هو شرّهم،فإنّ اللّه تبارك و تعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب،و إنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه» (5).

و يستفاد منه-كبواقي الروايات-أن العلّة في المنع عن الغسل النجاسة،

ص:72


1- انظر روض الجنان:160.
2- المعتبر 1:90،المنتهى 1:24.
3- بالكسر و تشديد الياء:مستنقع الماء.مجمع البحرين 1:93.
4- كما في السرائر 1:91.
5- علل الشرائع:1/292،الوسائل 1:220 أبواب الماء المضاف ب 11 ح 5.

و لعلّه لذا منع بعضهم من الاستعمال مطلقا،و عليه ادعى الإجماع (1).

و ينزل عليه كلام من خصّ المنع عن الغسل كما في المتن و غيره (2)أو التطهير كما في بعض العبارات (3)بالذكر،كما يشعر به أيضا بعضها من حيث تضمنه للتعليل الوارد في الروايات،و بها صرّح بعض متأخري الأصحاب (4).

فينبغي تخصيص المنع بعدم العلم بالطهارة و احتمال تحقق الأمور المذكورة،كما يشير إليه قوله كغيره إلاّ أن يعلم خلوها من النجاسة.

و عليه ينزل بعض العبارات المانعة من استعمالها مطلقا.

و قوّى جماعة من المتأخرين-كالمصنف في المعتبر-الطهارة (5)؛ للأصل،و العمومات،و ضعف الأخبار المانعة،مع احتمال اختصاصها بما علم اشتماله على الغسالات المذكورة فيها،و منع الإجماع المدّعى.و هو قوي.

و تؤيده المعتبرة،ففي الصحيح:الحمّام يغتسل فيه الجنب و غيره، يغتسل من مائه؟قال:«نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب،و لقد اغتسلت فيه ثمَّ جئت فغسلت رجلي،و ما غسلتهما إلاّ ممّا لزق بهما من التراب» (6).

و فيه:قال:رأيت أبا جعفر عليه السلام جائيا من الحمّام و بينه و بين داره قذر،فقال:«لو لا ما بيني و بين داري ما غسلت رجلي،و لا تجنبت ماء الحمّام» (7).

ص:73


1- انظر السرائر 1:91.
2- راجع المعتبر 1:92.
3- راجع الفقيه 1:10.
4- كشف اللثام 1:33.
5- المعتبر 1:92؛و انظر المنتهى 1:25.
6- التهذيب 1:1172/378،الوسائل 1:148 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 2.
7- التهذيب 1:1173/379،الوسائل 1:148 أبواب الماء المطلق ب 7 ح 3.

و بمعناه الخبر الموثق،و زيد فيه:لا يغسل رجله حتى يصلي (1).

و حمل الحمّام فيها على الغالب يأبى عن حملها على حمّام علم طهارة أرضه،مع أنه نفي البأس عن غسالته إذا أصابت الثوب في المرسل (2)من دون استفصال.

و كيف كان فينبغي القطع بعدم جواز التطهير به مطلقا مع عدم العلم بطهارته،و أما سائر الاستعمالات فالجواز قوي،لكن الاجتناب أحوط.

تكره الطهارة بماء أسخن بالشمس

و تكره الطهارة بل مطلق الاستعمالات على الأصح،وفاقا للنهاية و المهذّب و الجامع (3)بماء أسخن بالشمس قصدا خاصة،كما هو ظاهر المتن و عن السرائر و الجامع و الخلاف (4).

أو أسخنته مطلقا،كما عن المبسوط و نهاية الأحكام (5).و هو مع تعميم الكراهة في مطلق الاستعمال أوفق بظاهر النصوص؛للتعليل فيها بإيراثه البرص،و لا مدخل للقصد و الاستعمال الخاص فيه.

ففي الخبر:«الماء الذي تسخنه الشمس لا توضّؤوا به،و لا تغتسلوا به، و لا تعجنوا به،فإنه يورث البرص» (6).

و في النبوي في الواضعة قمقمتها في الشمس لغسل رأسها و جسدها:

«لا تعودي،فإنه يورث البرص» (7).

ص:74


1- التهذيب 1:1174/379،الوسائل 1:211 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 2.
2- الكافي 3:4/15،الوسائل 1:213 أبواب الماء المضاف ب 9 ح 9.
3- النهاية:9،المهذب 1:27،الجامع للشرائع:20.
4- السرائر 1:95،الجامع للشرائع:20،الخلاف 1:54.
5- المبسوط 1:9،نهاية الأحكام 1:226.
6- الكافي 3:5/15،التهذيب 1:1177/379،علل الشرائع:2/281،الوسائل 1:207 أبواب الماء المضاف ب 6 ح 2.
7- التهذيب 1:1113/366،الاستبصار 1:79/30،علل الشرائع:1/281،عيون الأخبار 2:18/81،الوسائل 1:207 أبواب الماء المضاف ب 6 ح 1.

و الأصل-مع ضعف السند-مانع عن حمل النهي على الحرمة،مع ما عن الخلاف من دعوى الإجماع على الكراهة (1).

هذا،و في المرسل:«لا بأس بأن يتوضأ بالماء الذي يوضع في الشمس» (2).

و ظاهر الأول الكراهة في الآنية و غيرها من الأنهار و المصانع و نحوها،إلاّ أنه ينبغي تخصيصها بها كما في(ظاهر) (3)المتن و عن النهاية و السرائر (4)؛لما عن التذكرة و نهاية الأحكام (5)من الإجماع على نفيها في غيرها.

و ظاهره العموم في كل بلد و آنية،كما قطع به في التذكرة (6)،أخذا بعموم النص و الفتاوي.

و ربما خصّ بالبلاد الحارة و الأواني المنطبعة (7)؛لاعتبارات في مقابلة ما ذكرناه غير مسموعة،سيّما و المقام مقام كراهة يكتفي فيها بالاحتمالات و لو كانت بعيدة.

و في زوال الكراهة بزوال السخونة وجهان،الأظهر:العدم؛أخذا بإطلاق النص و الفتوى،معتضدا بالأصل و المسامحة في أدلتها،وفاقا لمستظهر المنتهى و محتمل التذكرة و مقطوع الذكرى (8).

ص:75


1- الخلاف 1:54.
2- التهذيب 1:1114/366،الاستبصار 1:78/30،الوسائل 1:208 أبواب الماء المضاف ب 6 ح 3.
3- ليست في:«ل»و«ح».
4- النهاية:9،السرائر 1:95.
5- التذكرة 1:3،نهاية الإحكام 1:226.
6- التذكرة 1:3.
7- كالحديدية و الرصاصية و النحاسية.(منه رحمه اللّه).
8- المنتهى 1:5،و التذكرة 1:3،و الذكرى:8.

و تكره أيضا الطهارة بماء أسخن بالنار في غسل الأموات إجماعا،كما عن الخلاف و المنتهى (1)؛للنصوص،منها الصحيح:«لا يسخن الماء للميت» (2)و في الحسن:«لا يقرب الميت ماء حميما» (3).

إلاّ مع الحاجة،كشدة البرد المتعذر أو المتعسر معه التغسيل أو إسباغه على ما قيل (4)؛للرضوي:«و لا يسخن له ماء إلاّ أن يكون باردا جدا فتوقي الميت ممّا توقي[منه]نفسك» (5)و رواه في الفقيه مرسلا (6).

و ينبغي الاقتصار في السخونة على ما تندفع به الضرورة،ذكره المفيد و بعض القدماء (7)،و في آخر الرضوي المتقدم:«و لا يكون حارّا شديدا و ليكن فاترا».

و ربما يلحق بالضرورة إسخانه لتليين أعضائه و أصابعه.و ربما يستفاد من بعض العبارات تجويزه لذلك من دونها؛لخروجه عن الغسل.

و هو محجوج بإطلاق النصوص المانعة من دون تعليق للكراهة على التغسيل،مع ظهور التعليل في الرضوي المتقدم فيه.

و بما ذكر ظهر ما في الإلحاق.فتأمّل .

ص:76


1- الخلاف 1:692،المنتهى 1:430.
2- الفقيه 1:397/86،التهذيب 1:938/322،الوسائل 1:208 أبواب الماء المضاف ب 7 ح 1.
3- التهذيب 1:939/322،الوسائل 2:499 أبواب غسل الميت ب 10 ح 2.
4- كما في كشف اللثام 1:33.
5- فقه الرضا«عليه السلام»:167،المستدرك 2:174 أبواب غسل الميت ب 10 ح 1 و بدل ما بين المعقوفين في النسخ:به،و ما أثبتناه من المصادر.
6- الفقيه 1:398/86،الوسائل 2:499 أبواب غسل الميت ب 10 ح 5.
7- المفيد في المقنعة:82:و حكاه عن والد الصدوق في كشف اللثام 1:33؛و الشيخ في الخلاف 1:692،و القاضي في المهذب 1:57،و ابن حمزة في الوسيلة:65.

الثالث في الأسآر

و أما الأسآر و هي جمع سؤر،و هو في اللغة:البقية من كل شيء (1)،أو ما يبقيه المتناول من الطعام و الشراب،أو من الماء خاصة مع القلة،فلا يقال لما يبقى في النهر أو البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها.

و المراد به هنا-على ما يظهر من الفتاوي في الباب و به صرّح جمع منهم (2)-ماء قليل باشره جسم حيوان.و يشهد به بعض الأخبار،ففي موثقة عيص:عن سؤر الحائض،قال:«توضأ منه،و توضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة و تغسل يدها قبل أن تدخلها الإناء،و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هو و عائشة يغتسلان في إناء واحد» (3).فتأمّل .

فكلّها طاهرة إجماعا كما عن الغنية (4)؛للأصل و العمومات،و إن كره بعضها:

كسؤر الحائض مطلقا،كما عن الإسكافي و المصباح و المبسوط (5)؛ لإطلاق النهي عنه في الخبرين (6)،مع ظهور القريب من الصحيح في الكافي

ص:77


1- السؤر:بقية الشيء،و بقية كل شيء سؤره-لسان العرب 4:339 و 340.
2- كابن حمزة في الوسيلة:76،و الشهيد الثاني في روض الجنان:157،و صاحب الحدائق 1: 419.
3- التهذيب 1:633/222،الاستبصار 1:31/17،الوسائل 1:234 أبواب الأسآر ب 7 ح 1.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):551.
5- حكاه عن الإسكافي في كشف اللثام 1:31،و عن مصباح السيّد في المختلف:12، المبسوط 1:10.
6- الأول:الكافي 3:1/10،الوسائل 1:236 أبواب الأسآر ب 8 ح 1. الثاني:الكافي 3:3/10،التهذيب 1:635/222،الوسائل 1:236 أبواب الأسآر ب 8 ح 2.

فيه (1)و إن روي في التهذيبين بنحو يتوهم منه التقييد بغير المأمونة (2)،كما في الشرائع و عن المقنعة و المراسم و الجامع و المهذّب (3).

و دلّ عليه الموثق:في الرجل يتوضأ بفضل وضوء الحائض فقال:«إذا كانت مأمونة فلا بأس» (4).

و هذا هو الأوفق بالأصل،سيّما مع اعتضاده بالشهرة،فيقيّد به إطلاق الخبرين؛و الظاهر في الإطلاق لا يقاومه،سيّما مع اختلاف نسخه.

و لكن الأول غير بعيد بالنظر إلى الاحتياط من باب المسامحة في أدلة السنن.

و ربما نيطت الكراهة في القواعد و كذا عن النهاية و الوسيلة و السرائر بالمتهمة (5).و لا إشعار به في الأخبار؛لعدم التلازم بين المتهمة و غير المأمونة، فإن المتبادر من المأمونة من ظنّ تحفظها من النجاسات،و نقيضها من لم يظن بها ذلك،و هو أعم من المتهمة و المجهولة.

ثمَّ إن غاية ما يستفاد من الأخبار كراهة الوضوء،لا مطلق الاستعمال، بل المستفاد من بعضها عدم كراهة الشرب (6)،فالتعميم غير واضح.و لكن المسامحة في أدلة الكراهة تقتضي لنا ذلك،بل الظاهر الاتفاق عليه،و لعله

ص:78


1- الكافي 3:2/10،الوسائل 1:234 أبواب الأسآر ب 7 ح 1.
2- التهذيب 1:633/222،الاستبصار 1:31/17،الوسائل 1:234 أبواب الأسآر ب 7 ح 1.
3- الشرائع 1:16،المقنعة:584،المراسم:37،الجامع للشرائع:20،المهذب 2: 430.
4- التهذيب 1:632/221،الاستبصار 1:30/16،الوسائل 1:237 أبواب الأسآر ب 8 ح 5،بتفاوت يسير.
5- القواعد 1:5،النهاية:4،الوسيلة:76،السرائر 1:62.
6- انظر الوسائل 1:236 أبواب الأسآر ب 8.

كاف و لو قلنا بعدمها.

لكن عن المقنع:المنع عن الوضوء و الشرب من سؤرها مطلقا (1).

و هو جيد،لكن لا على إطلاقه،بل على التفصيل المتقدم لو لم ينعقد الإجماع على خلافه.فتأمل .

و ربما الحق بها كل من لا يؤمن،كما عن الشيخين و الحلّي و البيان و المصنف في الأطعمة (2)؛للاحتياط،و فحوى الأخبار الناهية عن سؤرها ، و بخصوص سؤر الجنب الغير المأمون خبر عيص.و هو غير بعيد.

و كسؤر الحمير و الخيل و البغال على المشهور؛للموثق:هل يشرب سؤر شيء من الدواب و يتوضأ منه؟فقال:«أما الإبل و البقر و الغنم فلا بأس» (3)و قريب منه غيره (4).

و لو لا الشهرة و تجويز المسامحة في أدّلة الكراهة لكان القول بنفيها في غاية القوة؛للمعتبرة المستفيضة التي أكثرها صحاح و موثقة،و مع ذلك صريحة الدلالة،ففي الصحيح:عن فضل الهرّة و الشاة و البقرة و الإبل و الحمار و الخيل و البغال و الوحش و السباع،و لم أترك شيئا إلاّ سألته عنه،فقال:«لا بأس» الحديث (5).

ص:79


1- المقنع:13،قال فيه:و لا تتوضأ بفضل الجنب و الحائض.و أمّا المنع عن الشرب فقد نقله عن المقنع في كشف اللثام 1:31.
2- المفيد في المقنعة:584،الطوسي في النهاية:589،الحلي في السرائر 3:123،البيان:101 أطعمة الشرائع(3:228)و فيه:يكره أكل ما يعالجه من لا يتوقى النجاسات.
3- الكافي 3:3/9،التهذيب 1:656/227 بتفاوت يسير،الوسائل 1:232 أبواب الأسآر ب 5 ح 3.
4- التهذيب 1:657/227،الوسائل 1:232 أبواب الأسآر ب 5 ح 4.
5- التهذيب 1:646/225،الاستبصار 1:40/19،الوسائل 1:226 أبواب الأسآر ب 1 ح 4.

و كسؤر الدجاجة،كما عن الشيخ مطلقا (1)،و عن المصنف في المعتبر في الجملة (2)؛لعلّة ضعيفة في مقابلة الأصل و المعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح:«لا بأس بأن يتوضأ ممّا يشرب منه ما يؤكل لحمه» (3).

و في معناه الموثق (4).

و في مثله:عن ماء شربت منه الدجاجة قال:«إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه و لم يشرب،و إن لم تعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه و اشرب» و قال:«كلّ ما يؤكل لحمه فليتوضأ منه و ليشرب» (5).

و في الخبر:«فضل الحمامة و الدجاجة لا بأس به و الطير» (6).

و مع هذا فالكراهة غير بعيدة بالنظر إلى المسامحة و فحاوي المعتبرة في الحائض المتهمة.فتأمّل.

عدا الكلب في الجملة و الخنزير و الكافر و تفصيل الكلام فيها يأتي في بحث أحكام النجاسات.

و في طهارة سؤر ما لا يؤكل لحمه أم نجاسته قولان الأشهر:

الأول مع الكراهة.

تمسكا في الأول بالأصل و العمومات و المعتبرة الواردة بطهارة كثير مما

ص:80


1- انظر المبسوط 1:10.
2- قال في المعتبر 1:100:قال في المبسوط:يكره سؤر الدجاج على كل حال،و هو حسن إن قصد المهملة،لأنها لا تنفك من الاغتذاء بالنجاسة.
3- الكافي 3:1/9،الوسائل 1:231 أبواب الأسآر ب 5 ح 1،بتفاوت يسير.
4- الكافي 3:5/9،الوسائل 1:230 أبواب الأسآر ب 4 ح 2.
5- الفقيه 1:8/10 رواه مرسلا،التهذيب 1:832/284،الوسائل 1:231 أبواب الأسآر ب 4 ح 4.
6- الكافي 3:2/9،التهذيب 1:659/228،الوسائل 1:230 أبواب الأسآر ب 4 ح 4.

وقع فيه النزاع،كالصحيح المتقدم في الحمول الثلاثة،و الصحاح في سؤر السنّور معللا في بعضها بأنها من السباع (1)،و هو مشعر بالتعميم فيها، و الصحيح في سؤر الفأرة (2)،و الموثق:عمّا يشرب منه باز أو صقر أو عقاب ، فقال:«كلّ شيء من الطير يتوضأ ممّا يشرب منه،إلاّ أن ترى في منقاره دما، فإن رأيت في منقاره دما،فلا توضأ منه و لا تشرب» (3).

و في الثاني بالاحتياط،و المرسل:إنه كان يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه (4)و مفهوم الموثّق الآتي.

خلافا للمبسوط و الحلّي (5)في الانسي منه،فمنعا منه،عدا ما لا يمكن التحرّز عنه؛لكن في الأول لم ينص على النجاسة بل إنما منع عن الاستعمال خاصة،و هو أعم منها.

للموثق:عن ماء شرب منه الحمام فقال:«كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره و يشرب» (6).

و هو-مع قصوره سندا عن المقاومة لما تقدّم-لا دلالة فيه إلاّ بالمفهوم الضعيف.

و كذا في طهارة سؤر المسوخ قولان،الأشهر هنا أيضا الكراهة؛

ص:81


1- الوسائل 1:227 أبواب الأسآر ب 2.
2- الفقيه 1:28/14،التهذيب 1:1323/419،الاستبصار 1:65/26،الوسائل 1:239 أبواب الأسآر ب 9 ح 2.
3- الفقيه 1:18/10،التهذيب 1:832/284،الاستبصار 1:64/25،الوسائل 1:231 أبواب الأسآر ب 4 ح 4.
4- الكافي 3:7/10،الوسائل 1:232 أبواب الأسآر ب 5 ح 2.
5- المبسوط 1:10؛و انظر السرائر 1:85.
6- الكافي 3:5/9،الوسائل 1:230 أبواب الأسآر ب 4 ح 2.

لعين ما تقدم.خلافا لمن شذّ (1)،و دليله غير واضح .

و كذا الكلام فيما أكل الجيف مع خلو موضع الملاقاة عن النجاسة. و الجلاّل.و ما تقدّم من الخبر في الباز و الصقر و العقاب كالصريح في رفع المنع في الأول و اختصاصه بوجود أثر الدم خاصة،و مع ذلك فدليل المنع فيهما غير واضح ،فخلاف من شذّ (2)،ضعيف.

و الطهارة في الكل لما ذكرنا أظهر و إن كره،لما تقدّم.

و في نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم قولان،أحوطهما النجاسة.

تقدّم الكلام في المقام في مسألة القليل الراكد.و ربما أشعر كلام المصنف بالطهارة،و هو ضعيف (3).

و لو نجس أحد الإناءين مثلا و اشتبه بالآخر و لم يتعين اجتنب ماؤهما إجماعا،كما عن صريح الخلاف و الغنية و المعتبر و التذكرة و نهاية الأحكام للعلاّمة و المختلف و ظاهر السرائر (4).

و لتوقف الاجتناب عن النجس الواجب على الاجتناب عنهما.

و للموثقين:عن رجل معه إناءان فيهما ماء،وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو،و ليس يقدر على ماء غيره،قال:«يهريقهما و يتيمم» (5).

ص:82


1- حكاهما عن ابن الجنيد في المختلف:12.
2- حكاهما عن ابن الجنيد في المختلف:12.
3- راجع ص 23.
4- الخلاف 1:196،الغنية(الجوامع الفقهية):552،المعتبر 1:103،التذكرة 1:10، نهاية الأحكام 1:248،المختلف:16،السرائر 1:85.
5- الأول:الكافي 3:6/10،التهذيب 1:662/229،الاستبصار 1:48/21،الوسائل 1: 151 أبواب الماء المطلق ب 8 ح 2 الثاني:التهذيب 1:712/248،الوسائل 1:155 أبواب الماء المطلق ب 8 ح 14.

و في وجوب الإراقة مطلقا،كما عن الشيخين (1)؛لظاهر الخبرين.

أو بشرط إرادة التيمم؛ليتحقق فقدان الماء الموجب له،كما عن ظاهر الصدوقين (2).

أو العدم مطلقا،كما هو ظاهر الأكثر،و منهم:الفاضلان و الحلّي (3)؛ للأصل،و قوة احتمال إرادة الكناية عن النجاسة في الخبرين،لورود الأمر بالإراقة في كثير من المياه القليلة الراكدة بوقوع النجاسة فيها مع عدم كونه فيها للوجوب قطعا.

أقوال،و لعلّ الأخير أقرب،و إن كان ما عداه أحوط.

و لو لاقى ماء أحدهما طاهرا فالظاهر بقاؤه على الطهارة؛للأصل،مع عدم المانع،و كونهما في حكم النجس يراد به المنع من الاستعمال خاصة، فاندفع القول بخلافها من هذه الجهة.

و في حكمه المشتبه بالمغصوب؛للدليل الثاني،مع عدم ظهور الخلاف فيه.

و لا كذلك المشتبه بالمضاف،فتجب الطهارة بكل منهما،ثمَّ الصلاة.

و مع انقلاب أحدهما يجمع بين التيمم مع الطهارة بالباقي،مخيّرا في تقديم أيهما شاء،و إن كان الأحوط تقديم الطهارة ثمَّ الإتيان بالتيمم كما قيل (4).

و لو اشتبه الإناء المتيقن طهارته بأحد الإناءين المشتبهين بالنجاسة أو المغصوب،اتجه المنع من استعمالهما من باب المقدمة،وفاقا للمنتهى (5).

ص:83


1- المفيد في المقنعة:69،الطوسي في الخلاف 1:198،و النهاية:6،و التهذيب 1:248.
2- حكاه عن والد الصدوق في المعالم:160،و الصدوق في المقنع:9.
3- المحقق في المعتبر 1:104،العلامة في المختلف:16،الحلي في السرائر 1:85.
4- انظر المدارك 1:109.
5- المنتهى 1:30.

و لا كذلك لو اشتبه بالإناء المشكوك في نجاسته من حيث الشك في ملاقاته النجاسة؛لجواز الاستعمال به-للأصل-فاستعمال المشتبه به أولى.

و لا ريب فيما ذكرناه،بل و لا خلاف.و لكن في ثبوت نجاسته بظن الملاقاة مطلقا،أو بشرط كونه معتبرا شرعا،أو العدم مطلقا أقوال،أقواها:

الأخير،و أحوطها:الثاني،و في الأول احتياط.

و كلّ ماء حكم بنجاسته شرعا و لو بالاشتباه بالنجس لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا و الشرب اختيارا إجماعا؛ و المراد بعدم الجواز بالنسبة إلى الأخير مطلقا التحريم قطعا؛ و كذا بالنسبة إلى الأول مع اعتقاد حصولها به؛لاستلزامه التشريع المحرم.و مع عدمه فالظاهر عدمه،بل المراد منه حينئذ عدم الاعتداد به؛إذ لا دليل للمعنى الأول هنا.

و لو اضطر معه إلى الطهارة تيمم لدفع الضرورة هنا به.بخلاف ما لو اضطر معه إلى شربه؛لعدم المندوحة عنه،و عدم اندفاعها إلاّ به.

ص:84

الركن الثاني في الطهارة المائية

اشارة

الركن الثاني:في الطهارة المائية و هي:وضوء و غسل

الوضوء

اشارة

و الوضوء يستدعي بيان أمور :

الأمر الأول في موجباته

الأول:في موجباته الباعثة لخطاب المكلّف بالطهارة وجوبا أو ندبا، لمشروط بها فعله أو كماله،أو لا له،و إن حدثت قبل التكليف.

و هي:خروج البول و الغائط و الريح من الموضع الطبيعي المعتاد خروجه منه لعامة الناس و إن لم يحصل الاعتياد.

بالإجماع كما عن المعتبر و المنتهى و غيرهما (1)،و الصحاح المستفيضة.

منها:«لا ينقض الوضوء إلاّ ما خرج من طرفيك أو النوم» (2).

و منها:«لا يوجب الوضوء إلاّ غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها» (3).

و تقييد الريح الناقض في هذا الصحيح بأحد الأمرين المذكورين محمول على صورة حصول الشك بدونهما،و أما مع التيقن فلا ريب في عدم اعتباره و ناقضيته مطلقا؛للرضوي:«فإن شككت في ريح أنها خرجت منك أو لم تخرج،فلا تنقض من أجلها الوضوء إلاّ أن تسمع صوتها أو تجد ريحها،فإذا استيقنت أنها خرجت منك فأعد الوضوء سمعت وقعها أو لم تسمع،و شممت

ص:85


1- المعتبر 1:106،المنتهى 1:31؛و المدارك 1:142،و الذخيرة:12.
2- التهذيب 1:2/6،الاستبصار 1:244/79،الوسائل 1:248 أبواب نواقض الوضوء ب 2 ح 1.
3- التهذيب 1:1016/346،الوسائل 1:245 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 2.

ريحها أو لم تشم» (1).

و في رواية عليّ بن جعفر رواها في كتابه:أنه سأل أخاه عن رجل يكون في صلاته فيعلم أن ريحا قد خرجت منه و لا يجد ريحها و لا يسمع صوتها، قال:«يعيد الوضوء و الصلاة و لا يعتدّ بشيء ممّا صلّى إذا علم ذلك يقينا» (2).

و في حكمه ما لو اتفق المخرج في غيره خلقة أو انسدّ الطبيعي و انفتح غيره،و عليه الإجماع في المنتهى (3)،و ظاهره عدم اعتبار الاعتياد فيه،فينقض الخارج و لو مرة.

و في ناقضية الخارج من غيره مع عدم انسداده أقوال،أشهرها:نعم مع الاعتياد و لا مع العدم.

و قيل بالأول مع الخروج من تحت المعدة و بالثاني مع الخروج من فوقها مطلقا (4).

و القول بالعدم مطلقا قوي؛للأصل،و فقد المانع،لعدم عموم في الأخبار يشمل ما نحن فيه،و ضعف حجج الأقوال الأخر.و لكن الاحتياط واضح بحمد اللّه و سبحانه.

و في اعتبار الاعتياد في نفس الخروج؛حتى لو خرجت المقعدة ملوثة بالغائط ثمَّ عادت و لم ينفصل لم يوجب؛أم العدم،إشكال.

و الأصل؛مع فقد العموم من الأخبار،و تبادر الخروج المعتاد من المطلقات؛يقتضي العدم،و به صرّح بعض المحقّقين (5)،وفاقا للذكرى (6).

ص:86


1- فقه الرضا«عليه السلام»:67،المستدرك 1:227 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 2.
2- قرب الإسناد:769/200،الوسائل 1:248 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 9.
3- المنتهى 1:32.
4- قال به الشيخ في الخلاف 1:115.
5- انظر جامع المقاصد 1:82.
6- الذكرى:26.

و المعتاد للريح هو الدبر،فلا يوجبه الخارج منه من القبل مطلقا،وفاقا للمنقول عن السرائر و المهذّب و المنتهى و البيان (1)؛لما تقدّم.

و عن التذكرة القطع بنقض الخارج منه من قبل المرأة (2)،و استقر به في المعتبر و الذكرى (3)مع الاعتياد.و لم نقف على مستندهما.

و النوم الغالب على الحاستين السمع و البصر تحقيقا أو تقديرا مطلقا،إجماعا كما في التهذيب و عن الانتصار و الناصريات و الخلاف (4)، و للصحاح المستفيضة،و بعضها صريح في الإطلاق.

ففي الصحيح:«من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا فقد وجب عليه الوضوء» (5).

و في آخر:«من نام و هو راكع أو ساجد أو ماش أو على أي الحالات فعليه الوضوء» (6).

و ما سواها من الروايات المنافية (7)-مع شذوذها و ضعفها-محمولة على الخفقة أو التقية،كما يشعر به بعضها.و حصر الناقض فيما يخرج من السبيلين (8)إضافي بالنسبة إلى ما يخرج و ليس بحقيقي إجماعا.و نسبة المخالفة

ص:87


1- السرائر 1:107،المهذب 1:49،المنتهى 1:32،البيان:40.
2- التذكرة 1:11.
3- المعتبر 1:108،الذكرى:26.
4- التهذيب 1:5؛و انظر الانتصار:30،و الناصريات(الجوامع الفقهية):186،و الخلاف 1: 109.
5- الكافي 3:15/37،الوسائل 1:354 أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 9.
6- التهذيب 1:3/6،الاستبصار 1:247/79،الوسائل 1:253 أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 3.
7- انظر الوسائل 1:254 أبواب نواقض الوضوء ب 3 الأحاديث 11،13،14،15.
8- انظر الوسائل 1:249 أبواب نواقض الوضوء باب 2 الأحاديث 3،4،5،6.

إلى الصدوقين ضعيفة (1)،و عبارتهما مؤوّلة؛لدعوى أحدهما الإجماع على النقض به في الخصال (2).

و إطلاق النصوص و كلام الأصحاب يقتضي ناقضية النوم بنفسه،لا من حيث كونه محتملا لخروج الحدث معه،كما نسب إلى العامة (3)،و في الحسن تصريح به،حيث قال عليه السلام:«لا ينقض الوضوء إلاّ حدث،و النوم حدث» (4).

و ما ربما يتوهم منه المخالفة (5)لعلّه محمول على التقية؛لما ذكر، و لتصريح بعض المعتبرة بعدم نقض الطهارة باحتمال طروّ الناقض شكا أو ظنا.

ففي الصحيح:«عمّن حرّك إلى جنبه شيء و هو لم يعلم به،قال:

«لا حتى يستيقن أنه قد نام،حتى يجيء من ذلك أمر بيّن،و إلاّ فإنه على يقين من وضوئه،و لا ينقض اليقين بالشك أبدا،و لكن ينقضه بيقين آخر» (6).

و في الموثق:«إذا استيقنت أنك أحدثت فتوضأ،و إياك أن تحدث وضوءا حتى تستيقن أنك أحدثت» (7)و بذلك صرّح جمع من الأصحاب (8).

ص:88


1- راجع المعتبر 1:110،و التذكرة 1:11،و الذخيرة:13.
2- لم نعثر على هذا الإجماع في الخصال.نعم،نسبه إلى دين الإمامية في الأمالي:514.
3- نسبه إليهم المحقق في المعتبر 1:109،و العلامة في التذكرة 1:11،و انظر بداية المجتهد 1:36،و المغني 1:197.
4- التهذيب 1:5/6،الاستبصار 1:246/79،الوسائل 1:253 أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 4.
5- انظر الوسائل 1:255 أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 13.
6- التهذيب 1:11/8،الوسائل 1:245 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 1.
7- الكافي 3:1/33،التهذيب 1:268/102 بتفاوت يسير،الوسائل 1:247 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 7.
8- منهم السبزواري في الذخيرة:14،و صاحب الحدائق 2:99،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:16.

و في حكمه الإغماء و الجنون و المزيل للعقل مطلقا بإجماع المسلمين كما في التهذيب (1)،و بلا خلاف بين أهل العلم كما عن المنتهى (2)،و في الخصال:إنه من دين الإمامية (3)،و في الصحيحين (4)المعلّق فيهما الحكم بالنقض في النوم على ذهاب العقل دلالة عليه.

و عن بعض الكتب عن مولانا الصادق عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام:«إنّ المرء إذا توضأ صلّى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلوات ما لم يحدث أو ينم أو يجامع أو يغم عليه أو يكون منه ما يجب منه إعادة الوضوء» (5).

و ربما استدل ببعض الصحاح (6)،و لا دلالة[له] (7)عليه.و بالتنبيه المستفاد من الصحاح في النوم،فإنه إذا وجب الوضوء بالنوم الذي يجوز معه الحدث وجب بالإغماء و السكر و الجنون بطريق أولى،و هو كما ترى.

و الاستحاضة القليلة الغير المثقبة للكرسف،على الأشهر الأظهر؛

ص:89


1- التهذيب 1:5.
2- المنتهى 1:34.
3- لم نعثر عليه في الخصال،و قال في الأمالي في بيان دين الإمامية:لا ينقض الوضوء إلاّ ما خرج من الطرفين من بول أو غائط أو ريح أو مني و النوم إذا ذهب بالعقل.الأمالي:514.
4- الأول: الكافي 3:6/36،الفقيه 1:137/37،التهذيب 1:15/9،الوسائل 1:249 أبواب نواقض الوضوء ب 2 ح 2. الثاني: التهذيب 1:4/6،الاستبصار 1:245/79،الوسائل 1:252 أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 2.
5- دعائم الإسلام 1:101،المستدرك 1:229 أبواب نواقض الوضوء ب 2 ح 4.
6- و هي صحيحة معمر بن خلاّد،استدلّ بها الشيخ في التهذيب 1:14/9.انظر الوسائل 1: 257 أبواب نواقض الوضوء ب 4 ح 1.
7- أضفناه لاستقامة المتن.

للصحاح.

خلافا للعماني،فلم يوجب بها وضوءا و لا غسلا (1).

و للإسكافي فأوجب بها غسلا واحدا في اليوم و الليلة (2).

و هما ضعيفان،كما سيأتي تحقيقه في محلّه إن شاء اللّه.

و في إيجاب مسّ باطن الدبر أو باطن الإحليل للوضوء،و كذلك المذي-بالتسكين-و هو ما يخرج عند الملاعبة و التقبيل،و كذا في التقبيل.

قولان الأشهر الأظهر:العدم للأصل،و الإجماع المحكي عن التذكرة و نهاية الأحكام للعلاّمة (3)،و الصحاح المستفيضة،و مثلها من المعتبرة، عموما و خصوصا.

ففي الصحيح:«ليس في القبلة و لا مسّ الفرج و لا الملامسة وضوء» (4).

و فيه في المذي ينقض الوضوء؟قال:«لا» (5).

و في المرسل كالصحيح:«ليس في المذي من الشهوة و لا من الإنعاظ و لا من القبلة و لا من مسّ الفرج و لا من المضاجعة وضوء،و لا يغسل منه الثوب و لا الجسد» (6).

خلافا للإسكافي في الجميع،مقيدا للأخيرين؛بكونهما عن شهوة (7)،

ص:90


1- نقله عنه في المختلف:40.
2- نقله عنه في المختلف:40.
3- التذكرة 1:11،نهاية الأحكام 1:74.
4- التهذيب 1:59/23،الوسائل 1:270 أبواب نواقض الوضوء ب 9 ح 3.
5- التهذيب 1:40/17،الاستبصار 1:293/91،الوسائل 1:277 أبواب نواقض الوضوء ب 12 ح 5.
6- التهذيب 1:47/19،الاستبصار 1:300/93،الوسائل 1:270 أبواب نواقض الوضوء ب 9 ح 2.
7- حكاه عنه في المختلف:17.

و وافقه الصدوق في الأول،و زاد فتح الإحليل (1)؛لأخبار ضعيفة أو محمولة على التقية (2)،و مع ذلك ليست لما تقدّم مكافئة من وجوه عديدة،و ربما تحمل على الاستحباب بناء على الاحتياط و المسامحة.

و على ذلك تحمل أيضا الأخبار المتضمنة لناقضية غير ما ذكر؛لما ذكر ، مضافا إلى مخالفتها لإجماع الطائفة على ما حكاه جماعة (3).

ص:91


1- كما في الفقيه 1:39.
2- انظر الوسائل 1:272 و 279 أبواب نواقض الوضوء ب 9 ج 9،10.و ب 12 ح 10،11، 12،16،17.
3- منهم العلامة في التذكرة 1:11،و صاحب المدارك 1:154،و السبزواري في الذخيرة: 14.
الثاني في آداب الخلوة
اشارة

الثاني:في بيان آداب الخلوة من واجباتها و مستحباتها.

لواجب

فالواجب على المتخلي بل مطلقا

ستر العورتين و الاجتناب عن استقبال القبلة و استدبارها

ستر العورتين قبلا و دبرا عن الناظر المحترم،بالإجماع و الكتاب و النصوص.

ففي المرسل:عن قوله تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [1] (1)فقال:«كلّ ما كان في كتاب اللّه من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إلاّ في هذا الموضع،فإنه للتحفظ من أن ينظر إليه» (2).

و على التحريم يحمل لفظ الكراهة في بعض الأخبار (3)،مضافا إلى عدم ثبوت كونه حقيقة في المعنى المصطلح.

و يحرم عليه حين التخلي،أو مطلقا و لو حال الاستنجاء على الأحوط كما في الخبر (4)استقبال القبلة بمقاديم البدن خاصة،أو الفرج أيضا على الأحوط و استدبارها بالمآخير مطلقا و لو كان في الأبنية على الأشبه و عليه الأكثر،بل عن الخلاف و الغنية (5)عليه الإجماع.

للمستفيضة (6)و إن قصرت أسانيدها؛لانجبارها بالشهرة مع حكاية اتفاق الطائفة؛مؤيّدا بالاحتياط،و وجوب تعظيم القبلة،و ما دلّ على حرمة الأمرين عند المباشرة،بل و لعن فاعلهما عندها (7)فمع جميع ذلك لا حكم للأصل هنا.

و اشتمال بعضها على بعض المكروهات غير ضائر،و إن هو إلا كالعام

ص:92


1- النور:30.
2- الفقيه 1:235/63،الوسائل 1:300 أبواب أحكام الخلوة ب 1 ح 3.
3- الوسائل 2:33 و 36 أبواب آداب الحمام ب 3 و 6 ح 3 و 2.
4- انظر الوسائل 1:359 أبواب أحكام الخلوة ب 37.
5- الخلاف 1:101،الغنية(الجوامع الفقهية):549.
6- الوسائل 1:301 أبواب أحكام الخلوة ب 2.
7- انظر الوسائل 20:137 أبواب مقدمات النكاح و آدابه ب 69.

المخصص سيما بعد ملاحظة ما ذكرناه.

و إشعار بعض الحسان بالكراهة بمجرده غير صالح لصرف ظواهر المستفيضة إليها،سيّما مع عدم التكافؤ.

و الحسن-المتضمن لبناء الكنيف مستقبل القبلة في منزل مولانا الرضا عليه السلام (1)-مع عدم تكافئه لما تقدّم غير واضح الدلالة على جواز الاستقبال،مضافا إلى قوة احتمال بناء بابه إليها.

فسقط حجج القول بالجواز مع الكراهة مطلقا،كما ربما نسب إلى المقنعة (2)،أو في البنيان خاصة كما نسب إلى سلاّر (3).

غسل مخرج البول و الغائط

و يجب غسل ظاهر مخرج البول لا باطنه إجماعا و يتعيّن الماء لإزالته فلا يجزي غيره مطلقا (4)،بإجماعنا المحكي عن جماعة (5)، و الصحاح المستفيضة.

منها:«و لا يجزي من البول إلاّ الماء» (6).

و منها:الأخبار الدالة على وجوب غسل الذكر على من صلّى قبل غسله من دون استفصال،ففي الصحيح في التارك لغسله:«بئس ما صنع،عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته و لا يعيد وضوءه» (7).

ص:93


1- التهذيب 1:1043/352،الوسائل 1:303 أبواب أحكام الخلوة ب 2 ح 7.
2- نسبه إلى المقنعة في المختلف:19،و هو في المقنعة:41.
3- نسبه إلى سلاّر في المختلف:19،و هو في المقنعة:32.
4- و لو حال الاضطرار،نبّه بذلك على رد ما يستفاد من عبارة الشرائع من إجزاء غيره مع الضرورة و عدم القدرة.منه رحمه اللّه.
5- منهم المحقق في المعتبر 1:124،و العلامة في التذكرة 1:13،و الشهيد الثاني في روض الجنان:23،و المحقق السبزواري في الذخيرة:16.
6- التهذيب 1:147/50،الاستبصار 1:166/57،الوسائل 1:348 أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 2.
7- التهذيب 1:137/48،الاستبصار 1:154/53،الوسائل 1:294 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 4.

و بعض الأخبار المنافي لذلك (1)؛مع ضعفه و شذوذه و عدم وضوح دلالته و عدم مقاومته لما تقدم؛مؤوّل بتأويلات جيّدة،أقربها الحمل على التقية، لاشتهاره بين العامة.

و أمّا ما في الموثق:إني ربما بلت فلا أقدر على الماء و يشتد ذلك عليّ،فقال:«إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك،فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك» (2).

فليس بمناف لما تقدم كما يتوهم،إذ مع حصول الطهارة بالتمسح لا وجه لمسح الذكر بالريق بعده،و لا قول«هذا من ذاك»بعد وجدان البلل.

و ظني أن المراد به بيان حيلة شرعية يتخلص بها عمّا يوجد من البلل بعد التمسح،بأن يمسح الذكر دون المخرج بالريق و يجعل وسيلة لدفع اليقين بنجاسة ما يجده من البلل بعد ذلك باحتمال كونه منه لا من الخارج من المخرج؛التفاتا إلى ما ورد في المعتبرة من عدم نقض يقين الطهارة بالشك في حصول النجاسة،فهو بالدلالة على خلاف ما توهم أشبه.

و فيه دلالة حينئذ على كون المتنجس منجّسا مطلقا،لا على الخلاف كما توهّم (3).

مضافا إلى ضعفه في نفسه و مخالفته الإجماع و غيره من الأدلة، كالمعتبرة المستفيضة الآمرة بغسل الأواني و الفرش و البسط متى تنجس شيء منها (4)،و ليس ذلك إلاّ لمنع تعدي نجاستها إلى ما يلاقيها برطوبة ممّا يشترط

ص:94


1- و هي رواية سماعة،انظر الوسائل 1:283 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 4.
2- الكافي 3:4/20،الفقيه 1:160/41،التهذيب 1:1050/353،الوسائل 1:284 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 7.
3- انظر الوافي 6:150.
4- انظر الوسائل 3:أبواب النجاسات الأبواب 5،7،51،53.

فيه الطهارة.و لو كان مجرّد زوال العين فيها كافيا لعرى الأمر فيها بذلك عن الفائدة،لعدم استعمال شيء منها في مشروط بالطهارة،و لأشير في خبر منها بكفاية التمسح.فتأمّل .

و صرف الحيلة في الموثق إلى دفع اليقين بنقض الوضوء السابق بالبلل الذي يحس به بعد التمسح بفرض كون البلل المحسوس من الريق دون المخرج،ضعيف.

أولا:بعدم التعرض للوضوء و عدم الاستبراء فيه.

و ثانيا:بأولوية الجواب بالاستبراء حينئذ من الأمر بالحيلة المزبورة.

و ثالثا:بعدم المنافاة بين حصول هذه الحكمة و بين القول بتعدي النجاسة فجعله لذلك دليلا لعدم تعديها فاسد بالبديهة.

و رابعا:بأن هذا الاحتمال بعد تسليمه ليس بأولى ممّا ذكرناه من الاحتمال،فترجيحه عليه و جعله دليلا غير واضح.

و بالجملة فشناعة هذا التوهم أظهر من أن يبيّن.

و أقلّ ما يجزئ من الماء هنا مثلا ما على الحشفة على الأشهر؛ للخبر (1).و ضعفه-لو كان-بالشهرة قد انجبر،و إلاّ فهو حسن على الأظهر، و هو حجة في نفسه على الأصح،و العمل عليه متعيّن كيف كان.

و الأظهر في تفسيره كون المراد بالمثلين الكناية عن الغسلة الواحدة،بناء على اشتراط الغلبة في المطهّر،و هو لا يحصل بالمثل.

و به يظهر وجه القدح في تفسيره بالغسلتين (2)،و ما قيل في دفعه تكلّف مستغنى عنه.

ص:95


1- التهذيب 1:93/35،الاستبصار 1:139/49،الوسائل 1:344 أبواب أحكام الخلوة ب 26 ح 5.
2- كما في الذكرى:21،و جامع المقاصد 1:94.

و منه يظهر كون النزاع بين المشهور و بين من قال بكفاية مسمّى الغسل -تمسكا بالأصل و الإطلاقات-لفظيا،كما نقل التصريح به عن البيان (1).

إلاّ أن يقال بحصول الثمرة فيما إذا تحقّق المسمّى بالمثل و نصفه،فظاهر القول الأخير كفايته،و ظاهر الأول العدم تمسّكا بالخبر.

هذا،و القول بالغسلتين إن لم نقل بقوته فلا ريب في أنه أحوط؛ للشبهة،و للأخبار الآمرة بالمرّتين في غسله من الجسد (2)؛و الثلاث أكمل، للصحيح:«كان يستنجي من البول ثلاث مرّات» (3).

و كذا يتعيّن غسل ظاهر مخرج الغائط لا باطنه إجماعا؛ للموثق:«إنما عليه ما ظهر منها و ليس عليه أن يغسل باطنها» (4)و في معناه الصحيح (5).

بالماء إن تعدّى الخارج إلى محل لا يعتاد وصوله إليه،و لا يصدق اسم الاستنجاء على إزالته،إجماعا كما عن المعتبر (6)؛للخبر«يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز محل العادة» (7).

و كذا مع استصحاب نجاسة خارجية مع الخارج على الأحوط بل الأقوى،صرّح به شيخنا في الذكرى (8).

ص:96


1- البيان:50.
2- الوسائل 1:343 أبواب أحكام الخلوة ب 26 الأحاديث 1 و 4 و 9.
3- التهذيب 1:606/209،الوسائل 1:344 أبواب أحكام الخلوة ب 26 ح 6.
4- التهذيب 1:127/45،الاستبصار 1:149/52،الوسائل 1:347 أبواب أحكام الخلوة ب 29 ح 2.
5- الكافي 3:3/17،الفقيه 1:60/21،التهذيب 1:128/45،الاستبصار 1: 146/51،الوسائل 1:347 أبواب أحكام الخلوة ب 29 ح 1.
6- المعتبر 1:128.
7- المعتبر 1:128.
8- الذكرى:21.

و حدّه:الإنقاء كما في الحسن:قلت له:للاستنجاء حدّ؟قال:

«لا،حتى ينقى ما ثمّة» (1).

و ربما فسّر بزوال العين و الأثر (2).و المراد به على الأظهر:الأجزاء الصغار التي لا تزول بالأحجار،لا اللون-كما توهّم-لدلالته على بقاء العين (3)؛لمنع الدلالة أوّلا،ثمَّ منع كون تلك العين الباقية على تقدير تسليمها غائطا ثانيا، و النقض بعدم البأس بلون الدم بعد إزالة عينه-كما في الخبر المعتبر- (4)ثالثا.

و لا عبرة بالرائحة الباقية على المحل أو اليد خاصة إجماعا كما حكي (5)؛ للأصل،و لذيل الحسن المتقدم،قال:فإنّه ينقى ما ثمّة و يبقى الريح،قال:

«الريح لا ينظر إليها».

و ربما حد بالصرير و خشونة المحل حتى يصوت (6).و هو كما ترى .

و إن لم يتعدّ المخرج تخيّر في التطهير بين الماء و الأحجار إجماعا؛للمعتبرة المستفيضة (7).

و كذا غيرها من الأجسام الطاهرة المزيلة للعين،على الأشهر الأظهر،بل عن الخلاف عليه الوفاق (8)؛لعموم الحسن السابق،و الموثق (9)،و النبوي:

ص:97


1- الكافي 3:9/17،التهذيب 1:75/28،الوسائل 1:322 أبواب أحكام الخلوة ب 13 ح 1.
2- كما في المبسوط 1:16،و السرائر 1:97.
3- انظر التنقيح 1:72.
4- الكافي 3:6/59،التهذيب 1:800/272،الوسائل 2:369 أبواب الحيض ب 52 ح 1.
5- حكاه صاحب المدارك 1:166،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:18.
6- حكاه عن سلاّر في المختلف:20.
7- الوسائل 1:246 أبواب أحكام الخلوة ب 30.
8- الخلاف 1:106.
9- التهذيب 1:134/47،الوسائل 1:316 أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 5.

«إذا مضى أحدكم لحاجته فليمسح بثلاثة أحجار،أو بثلاثة أعواد،أو ثلاث حثيات من تراب» (1).

و خصوص الصحاح في الكرسف و المدر و الخرق و الخزف (2)،و إشعار الأخبار الناهية عن العظم و الروث (3)به.

خلافا للإسكافي في الآجر و الخزف (4).و ما تقدّم حجة عليه.

و لسلاّر فيما ليس أصله أرضا (5)،و فسّر في البيان بما ليس بأرض و لا نبات (6).و هو أحوط.

و لا يجزئ أقلّ من ثلاثة أحجار أو ما قام مقامها إذا لم يحصل النقاء به إجماعا.

و لو نقي بما دونها اعتبر الإكمال ثلاثا وجوبا على الأشهر الأظهر.

لاستصحاب النجاسة،و الاقتصار في استصحاب الأجزاء الباقية بعد الاستجمار في الصلاة و نحوها على القدر المجمع عليه،و ورود الأمر بالتثليث و النهي عمّا دونه في العامية (7)المنجبرة بالشهرة و الأصول المتقدمة، و الصحيحين المتضمنين لجريان السنّة به (8)،كالمرسل:«جرت السنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار» (9)مع إطلاق الإجزاء عليه في أحدهما،و خبر

ص:98


1- انظر الخلاف 1:106 بتفاوت يسير،و سنن البيهقي 1:111.
2- انظر الوسائل 1:357 أبواب أحكام الخلوة ب 35.
3- انظر الوسائل 1:357 أبواب أحكام الخلوة ب 35.
4- نقله عنه في الذكرى:21.
5- كما في المراسم:32.
6- البيان:42.
7- سنن البيهقي 1:102.
8- الأول:التهذيب 1:129/46،الوسائل 1:348 أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 3. الثاني:التهذيب 1:144/49،الاستبصار 1:160/55،الوسائل 1:315 أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 1.
9- التهذيب 1:130/46،الوسائل 1:349 أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 4.

آخر (1)،المقتضي لعدمه فيما دونه.

خلافا لجماعة (2)،فاكتفوا بالأقل مع حصول النقاء به؛التفاتا إلى الحسن السابق،و الموثق:«يغسل ذكره و يذهب الغائط» (3).

و هما-مع قصورهما عن المقاومة لما تقدم-غير صريحي الدلالة؛ لاحتمال الحسن الاستنجاء بالماء كما يشعر به ذيله (4)،و إجمال الموثق فيحمل على الطريق المعروف من السنّة.

و ممّا ذكر يظهر عدم كفاية ذي الجهات الثلاث عنها،وفاقا لجماعة (5).

خلافا لآخرين (6)؛لاعتبارات هيّنة و استبعادات ظنّية غير لائقة بالأحكام الشرعية التعبدية.

و تستعمل الخرق جمع خرقة و نحوها بدل الأحجار وفاقا للمعظم؛لما تقدّم.

و في وجوب إمرار كل من الثلاث على مجموع المحل،أم الاكتفاء

ص:99


1- هو قوله عليه السلام:«يجزي من الغائط المسح بالأحجار و لا يجزي من البول إلاّ الماء»لأن أقل الجمع ثلاثة(الجواهر 2:36)و الرواية في التهذيب 1:147/50،الاستبصار 1: 166/57،الوسائل 1:348 أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 2.
2- منهم القاضي في المهذب 1:40،و ابن سعيد في الجامع:27.
3- التهذيب 1:134/47،الاستبصار 1:151/52،الوسائل 1:316 أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 5.
4- و هو أنّ الراوي سأل بعد ذلك عن بقاء الريح فقال:«الريح لا ينظر إليها»إذ فيه قرينة على كون محط السؤال و الجواب إنّما هو الاستنجاء بالماء،إذ هو الذي يحسّ بالريح بعده لا الاستنجاء بالحجر.فتأمل.منه رحمه اللّه.
5- منهم المحقق في المعتبر 1:131،و الشهيد الثاني في الروضة 1:84،و صاحب المدارك 1:172.
6- كالقاضي في المهذب 1:40،و العلامة في القواعد 1:3،و المختلف:19،و الشهيد الأول في الذكرى:21،و الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1:42.

بالتوزيع،قولان،أصحّهما:الأول،يعرف وجهه ممّا تقدم من الأصول و أخبار التثليث،لعدم تبادر المقام منها.

و لو لم ينق بها وجب الزيادة عليها إجماعا،تحصيلا للنقاء المأمور به في الأخبار.

و يستحب الوتر مع حصول النقاء بدونه؛للنبويين،في أحدهما:«من استجمر فليوتر،فإن فعل فقد أحسن،و من لا فلا حرج» (1).

و لا يجوز أن يستعمل النجس بغير الاستعمال إجماعا،كما عن المنتهى (2)؛قيل:لخبر الأبكار (3).و لا ما يزلق (4)عن النجاسة؛لعدم تحقق النقاء.و الأحوط مراعاة الجفاف،بل قيل بوجوبه (5).

و لا العظم و لا الروث بإجماعنا المحكي عن الفاضلين و ظاهر الغنية (6)،و المعتبرة المنجبرة بالشهرة،منها:«من استنجى برجيع أو عظم فهو برئ من محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» (7).

و منها:«لا تستنجوا بالروث و لا بالعظام،فإنه زاد إخوانكم من الجن» (8).

ص:100


1- انظر سنن ابن ماجه 1:337/121،و مسند أحمد 2:371،و سنن البيهقي 1:104. و أيضا:التهذيب 1:126/45،الاستبصار 1:148/52،الوسائل 1:316 أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 4.
2- المنتهى 1:46.
3- قال به صاحب المدارك 1:172،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:20.
4- في«ل»و«ح»:يلزق.
5- كما في نهاية الأحكام 1:88.
6- المحقق في المعتبر 1:132،و العلامة في المنتهى 1:46؛و انظر الغنية(الجوامع الفقهية): 549.
7- سنن البيهقي 1:110 بتفاوت يسير،سنن أبي داود 1:36/9.
8- كنز العمال 9:26416/354.

و عن التذكرة احتمال الكراهة؛للأصل،و ضعف المعتبرة (1).و هو كما ترى.

و لا الحجر المستعمل لما تقدّم.و لا المطعوم إجماعا،كما عن المنتهى (2)؛لفحوى علّة المنع في العظم (3)،و خصوص الخبرين في الخبز (4).

و في الخبر:سأله عن صاحب له فلاّح يكون على سطحه الحنطة و الشعير،فيطؤونه و يصلّون عليه،فغضب و قال:«لو لا أني أرى أنه من أصحابنا للعنته» (5).

و لا المحترم،كورق المصحف و نحوه ممّا كتب عليه اسمه سبحانه،أو اسم أحد الأنبياء أو الأئمة عليهم السلام؛لفحوى ما دلّ على منع مسّ المحدث بالجنابة مثلا في الأوّلين،و كونه إهانة موجبة للكفر لو فعل بقصدها في الجميع،مضافا إلى فحوى الخبر المذكور في الحنطة و الشعير.

و كالتربة الحسينية على مشرّفها السّلام؛لما ذكر،و للخبر الطويل عن أمالي الشيخ (6).

ص:101


1- التذكرة 1:14.
2- المنتهى 1:46.
3- لأنه لو كان طعام الجن يحرم الاستنجاء به فطعام المؤمن بطريق أولى.منه رحمه اللّه.
4- الأول: الكافي 6:1/301،المحاسن:85/586،الوسائل 1:362 أبواب أحكام الخلوة ب 40 ح 1. الثاني: تفسير العياشي 2:79/273،الوسائل 24:386 أبواب آداب المائدة ب 79 ح 6.
5- المحاسن:88/588،الوسائل 24:385 أبواب آداب المائدة ب 79 ح 3؛و فيهما بتفاوت يسير.
6- أمالي الطوسي:328.

و في الإجزاء مع الاستعمال وجهان،و الأحوط:العدم،وفاقا لجماعة (1).و قيل:نعم (2).و هو مشكل،و قد روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تعليل النهي عن العظم و الروث بأنهما لا يطهّران (3).فتأمّل .

سننها

و سننها.

ستر البدن كملا،بتبعيد مذهب (4)،أو دخول بيت،أو ولوج حفرة؛تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله (5)،و للخبر في المحاسن في وصية لقمان لابنه:«إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض» (6).

و ارتياد موضع مناسب للبول بالجلوس في مكان مرتفع أو ذي تراب كثير؛تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (7)،و توقيا منه،و للخبرين:«من فقه الرجل أن يرتاد موضعا لبوله» (8).

و التقنع عند الدخول؛للأخبار،منها ما في مجالس الشيخ في وصية

ص:102


1- منهم الشيخ في المبسوط 1:17،و ابن إدريس في السرائر 1:96،و المحقق في الشرائع 1: 19.
2- قال به العلامة في التذكرة 1:13.
3- راجع سنن الدارقطني 1:9/56.
4- المذهب:موضع الغائط.لسان العرب 1:394.
5- الوسائل 1:305 أبواب أحكام الخلوة ب 4 ح 3.
6- الفقيه 2:884/194،المحاسن:145/375،الوسائل 1:305 أبواب أحكام الخلوة ب 4 ح 1.
7- الفقيه 1:36/16،التهذيب 1:87/33،علل الشرائع:1/278،الوسائل 1:338 أبواب أحكام الخلوة ب 22 ح 2.
8- الأول: الكافي 3:1/15،الوسائل 1:338 أبواب أحكام الخلوة ب 22 ح 1. الثاني: التهذيب 1:86/33،الوسائل 1:338 أبواب أحكام الخلوة ب 22 ح 3.

النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأبي ذر رحمه اللّه:«يا أبا ذر استحي من اللّه، فإني-و الذي نفسي بيده-لأظلّ حين أذهب إلى الخلاء متقنّعا بثوبي استحياء من الملكين اللذين معي» (1).

و بفحوى هذه الأخبار ربما يمكن الاستدلال لاستحباب تغطية الرأس عند الدخول لو كان مكشوفا،مضافا إلى الاتفاق المحكي عن المعتبر و الذكرى (2).

و في الفقيه:إقرارا بأنه غير مبرئ نفسه من العيوب (3).

و في المقنعة:إنه يأمن به من عبث الشيطان،و من وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه،و أن فيه إظهار الحياء من اللّه سبحانه لكثرة نعمه على العبد و قلّة الشكر منه (4).

و التسمية دخولا و خروجا بالمأثور في الروايات،منها الصحيح (5)، و فيما وجده الصدوق-رحمه اللّه-بخط سعد بن عبد اللّه مسندا:«من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء:بسم اللّه و باللّه أعوذ باللّه من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم» (6).

و استحباب مطلقها محتمل.و ربما يستفاد من بعضها استحباب الإخفات بها (7).

ص:103


1- أمالي الطوسي:545،الوسائل 1:304 أبواب أحكام الخلوة ب 3 ح 3.
2- المعتبر 1:133،الذكرى:20.
3- الفقيه 1:17.
4- المقنعة:39.
5- الكافي 3:1/16،التهذيب 1:63/25،الوسائل 1:306 أبواب أحكام الخلوة ب 5 ح 1.
6- الفقيه 1:42/17،الوسائل 1:308 أبواب أحكام الخلوة ب 5 ح 8.
7- الوسائل 1:308 أبواب أحكام الخلوة ب 5 ح 7.

و عند (1)التكشف مطلقا؛للخبرين«إذا انكشف أحدكم لبول أو غيره فليقل:بسم اللّه،فإنّ الشيطان يغضّ بصره» (2).

و تقديم الرجل اليسرى عند الدخول؛لفتوى الجماعة (3)،مع المسامحة في أدلة الندب و الكراهة.

و هو في البناء واضح،و في الصحراء مثلا يتحقق بتقديمها إلى المجلس.و ربما يخص بالأول،و التعميم نظرا إلى ما قدّمناه أقرب؛لفتوى البعض (4).

و الاستبراء للرجل في البول،توقيا عن نقض الطهارتين،كما يستفاد من الإجماع المحكي عن ابن إدريس (5)،و فتاوي الأصحاب،و المعتبرة، منها:الحسن:«في الرجل يبول،ثمَّ يستنجي ثمَّ يجد بعد ذلك بللا،قال:

إذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرّات و غمز بينهما ثمَّ استنجى، فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي» (6).

و عليها يحمل إطلاق ما دلّ على عدم البأس بالبلل الحادث بعد البول (7).

ص:104


1- عطف على قوله دخولا و خروجا منه رحمه اللّه.
2- الأول: الفقيه 1:43/18،ثواب الأعمال:37،الوسائل 1:308 أبواب أحكام الخلوة ب 5 ح 9. الثاني: التهذيب 1:1047/353،الوسائل 1:307 أبواب أحكام الخلوة ب 5 ح 4.
3- منهم المفيد في المقنعة:39،و ابن البراج في المهذب 1:39،و المحقق الكاشاني في المفاتيح 1:42.
4- كالعلامة في نهاية الأحكام 1:81.
5- انظر السرائر 1:96.
6- التهذيب 1:50/20،الاستبصار 1:303/94،الوسائل 1:282 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 2؛و السوق جمع الساق.
7- الوسائل 1:282 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 1،4.

و فيه إشعار بعدم الوجوب.

و هو مع الشهرة العظيمة،و خلو الأخبار المستفيضة الواردة في الاستنجاء من البول عن الأمر به بالمرة،كالصحيح:«إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء» (1)بل و إشعار بعضها بانحصار الواجب فيه في غسل الإحليل خاصة، كالموثق:«إذا بال الرجل و لم يخرج منه شيء فإنما عليه أن يغسل إحليله وحده و لا يغسل مقعدته» (2)فتأمل .

كاف في حمل الصحيحين (3)الآمرين به على الاستحباب،مع عدم صراحتهما،و إشعار ذيلهما بكون المقصود منه ما قدّمنا لا الوجوب.

و يؤيده الخبران المشعران بترك مولانا الصادق و أبي الحسن عليهما السلام إيّاه،ففي أحدهما:بال الصادق عليه السلام و أنا قائم على رأسه [و معي إداوة (4)،أو قال:كوز]فلما انقطع شخب (5)البول قال بيده هكذا:إليّ، فناولته،فتوضأ مكانه (6).

ص:105


1- الكافي 3:8/17،التهذيب 1:1065/356،الوسائل 1:349 أبواب أحكام الخلوة ب 31 ح 1.
2- التهذيب 1:127/45،الاستبصار 1:149/52،الوسائل 1:346 أبواب أحكام الخلوة ب 28 ح 1.
3- الأول:التهذيب 1:70/27،الاستبصار 1:136/48،الوسائل 1:283 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 3. الثاني:الكافي 3:1/19،التهذيب 1:71/28،الاستبصار 1:137/49،مستطرفات السرائر:14/74،الوسائل 1:320 أبواب أحكام الخلوة 11 ح 2.
4- الإداوة:إناء صغير من جلد يتخذ للماء-لسان العرب 14:25.
5- الشّخب-بالضم-:الجريان،و بالفتح المصدر.مجمع البحرين 2:86.
6- الكافي 3:8/21،التهذيب 1:1062/355،الوسائل 1:350 أبواب أحكام الخلوة ب 31 ح 4.و ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر. الخبر الثاني: التهذيب 1:95/35،الوسائل 1:344 أبواب أحكام الخلوة ب 26 ح 8.

فسقط حجة القول بالوجوب،كما عن ابن زهرة و ابن حمزة (1)،و ربما نسب إلى الاستبصار،و سياق كلامه في بابه يخالفه (2).و الأحوط مراعاته كيف كان.

و الأحوط في كيفيته مراعاة تسع مسحات،بل لا يبعد عدم الخلاف فيه، كما سيأتي تحقيقه مستوفى في بحث غسل الجنابة.

و الدعاء بالمأثور في المعتبرة (3)عند الدخول و الخروج و عند النظر إلى الماء و عند الاستنجاء مطلقا و عند الفراغ منه.

و الجمع بين الأحجار و الماء مقدّما الأول على الثاني،كما في المرسل:«جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء» (4).

و ينبغي تخصيصه بغير المتعدي؛للأصل،و اختصاص الخبر به، فتعديته إلى المتعدي-كما عن المصنف في المعتبر (5)-يحتاج إلى دليل،و لعل المسامحة لنا في أمثال المقام تقتضيه.

و الاقتصار على الماء إن لم يتعد مخرجه إن لم يجمع،فإنه من الأحجار خاصة أفضل؛للمعتبرة،منها الصحيح:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا معشر الأنصار[إنّ اللّه]قد أحسن الثناء عليكم فما ذا تصنعون؟قالوا:نستنجي بالماء» (6).

و منها:«قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لبعض نسائه:مري نساء

ص:106


1- ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):549،و ابن حمزة في الوسيلة:47.
2- الاستبصار 1:48.
3- الوسائل 1:306 أبواب أحكام الخلوة ب 5.
4- التهذيب 1:130/46،الوسائل 1:349 أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 4.
5- المعتبر 1:136.
6- التهذيب 1:1052/354،الوسائل 1:354 أبواب أحكام الخلوة ب 34 ح 1.و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدرين.

المؤمنين أن يستنجين بالماء و يبالغن،فإنه مطهرة للحواشي و مذهبة للبواسير» (1).

و تقديم الرجل اليمنى عند الخروج لما تقدّم.

و البدأة في الاستنجاء بالمقعدة قبل الإحليل ؛للموثق:عن الرجل إذا أراد أن يستنجي بأيّما يبدأ،بالمقعدة أو الإحليل؟فقال:«بالمقعدة ثمَّ بالإحليل» (2).

مكروهاتها

و يكره الجلوس حال التخلي في المشارع جمع مشرعة،و هي موارد المياه،كشطوط الأنهار و رؤوس الآبار.

و الشوارع جمع شارع،و هو الطريق الأعظم،كما عن الجوهري (3).

و المراد بها هنا مطلق الطرق النافذة،إذ المرفوعة ملك لأربابها عند الأصحاب.

و مواضع اللعن المفسّرة في الصحيح (4)بأبواب الدور.و يحتمل أن يراد بها ما هو أعم منها،باحتمال خروج التفسير بها مخرج التمثيل.

و تحت الأشجار المثمرة بالفعل،كما يستفاد من الخبر:«نهى أن يتغوط على شفير بئر ماء يستعذب منها،أو نهر يستعذب،أو تحت شجرة فيها ثمرتها» (5).

ص:107


1- الكافي 3:12/18،الفقيه 1:62/21،التهذيب 1:125/44،الاستبصار 1: 147/51،علل الشرائع:2/286،الوسائل 1:316 أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 3.
2- الكافي 3:4/17،التهذيب 1:76/29،الوسائل 1:323 أبواب أحكام الخلوة ب 14 ح 1.
3- راجع الصحاح 3:1236.
4- الآتي في الصفحة 108 رقم 2.
5- التهذيب 1:1048/353،الخصال:43/97،الوسائل 1:325 أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 3.

و يشهد له الآخر في تعليل النهي بحضور الملائكة الموكّلين لحفظ الثمار (1)،هذا مضافا إلى الأصل.

أو مطلقا؛لإطلاق الصحيح الآتي مع المسامحة.فتأمل .

كلّ ذلك للمعتبرة،منها الصحيح:«تتقي شطوط الأنهار،و الطرق النافذة،و تحت الأشجار المثمرة،و مواضع اللعن،قيل له:و أين مواضع اللعن؟قال:أبواب الدور» (2).

و ظاهرها المنع.و حمل في المشهور على الكراهة؛للأصل.

و عن الهداية و الفقيه و المقنعة:المنع من التغوط في الأخير خاصة (3)، و هو أحوط.

و فيء النزّال أي المواضع المعدّة لنزول القوافل و المترددين،و التعبير به إمّا لغلبة الظل فيها،أو لفيئهم و رجوعهم إليها؛للتأذي،و كونه من مواضع اللعن بناء على الاحتمال المتقدم،و للخبرين (4)،و ظاهرهما التحريم و عدم الجواز كما عن الكتب الثلاثة المتقدمة،و هو أحوط.

و استقبال قرصي الشمس و القمر مطلقا حتى الهلال ،بفرجه

ص:108


1- الفقيه 1:64/22،علل الشرائع:278،الوسائل 1:327 أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 8.
2- الكافي 3:2/15،الفقيه 1:44/18،التهذيب 1:78/30،الوسائل 1:324 أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 1.
3- الهداية:15،الفقيه 1:21 ذيل الحديث 62،المقنعة:41.
4- الأول: الكافي 3:5/16،التهذيب 1:79/30،الوسائل 1:324 أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 2. الثاني: الكافي 3:6/16،التهذيب 1:80/30،الوسائل 1:325 أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 4.

دون مقاديمه أو مئاخيره؛مطلقا على الأشهر؛للمرسلين في الكافي (1)و الفقيه (2).

أو في البول خاصة،كما عن ظاهر الشيخ في الاقتصاد و الجمل و المصباح و مختصره و ابن سعيد و سلاّر (3)،و محتمل الإرشاد و البيان و النفلية (4)؛ للأصل،و اختصاص أكثر الأخبار به.و هو كما ترى.

و قيل بالمنع؛لظواهرها (5).و هو ضعيف؛لضعفها،و خلو كثير من الروايات المبيّنة لحدود الاستنجاء عمّا تضمّنته.

و لا يكره الاستدبار عند البول و الاستقبال عند الغائط مع ستر القبل؛ للأصل،و حكاية الإجماع عليه عن فخر الإسلام (6)،و ظهور اختصاص الأخبار بالاستقبال بالحدثين.و ما في المرسل (7):«لا تستقبل الهلال و لا تستدبره»غير صريح؛لإمكان اختصاص النهي في الأول بالبول و في الثاني بالغائط.

و البول في الأرض الصلبة لما تقدّم في ارتياد المكان المناسب.

و في مواطن الهوامّ و لا يحرم.

خلافا للهداية فلم يجوّزه (8).و الأصل مع ضعف ما فيه النهي عنه (9)

ص:109


1- الكافي 3:/15ذيل الحديث 3،الوسائل 1:343 أبواب أحكام الخلوة ب 25 ح 5.
2- الفقيه 1:48/18،الوسائل 1:342 أبواب أحكام الخلوة ب 25 ح 3.
3- الاقتصاد:241،الجمل و العقود(الرسائل العشر):157،مصباح المتهجد:6؛و انظر الجامع:26،و المراسم:33.
4- الإرشاد 1:222،البيان:42،النفلية:5.
5- قال به المفيد في المقنعة:42.
6- حكاه عنه في كشف اللثام 1:22.
7- المتقدم المنقول عن الفقيه.
8- الهداية:15.
9- كنز العمال ج 9 ص 26424/355،سنن أبي داود 1:29/8،سنن النسائي 1:33،مسند أحمد 5:82.

حجة عليه.

و في الماء جاريا أو ساكنا وفاقا للأكثر؛للمستفيضة،منها:الصحيح عن العلل:«و لا تبل في ماء نقيع،فإنّه من فعل فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (1).

و منها:الخبر المحكي عن جامع البزنطي:«لا تشرب و أنت قائم،و لا تنم و بيدك ريح الغمر،و لا تبل في الماء،و لا تخلّ على قبر،و لا تمش في نعل واحدة،فإنّ الشيطان أسرع ما يكون على بعض هذه الأحوال»و قال:«ما أصاب أحدا على هذه الحال فكان يفارقه إلاّ أن يشاء اللّه تعالى» (2).

و منها:الخبر المروي في الخصال:«لا يبولنّ الرجل من سطح في الهواء،و لا يبولنّ في ماء جار،فإن فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه، فإنّ للماء أهلا و للهواء أهلا» (3).

و روي أنّ البول في الراكد يورث النسيان (4)،و أنه من الجفاء (5).

و عن بعض أنه فيه يورث الحصر،و في الجاري السلس (6).

خلافا لظاهر الهداية و والده (7)في الأول،فنفيا البأس عنه؛للصحيح:

«لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري،و كره أن يبول في الماء الراكد» (8).

ص:110


1- علل الشرائع:1/283،الوسائل 1:341 أبواب أحكام الخلوة ب 24 ح 6.
2- بحار الأنوار 77:49/191،المستدرك 1:264 أبواب أحكام الخلوة ب 13 ح 1.و فيهما: فكاد يفارقه.
3- الخصال:613،الوسائل 1:352 أبواب أحكام الخلوة ب 33 ح 6.
4- الفقيه 1:/16ذيل الحديث 35،الوسائل 1:341 أبواب أحكام الخلوة ب 24 ح 4.
5- دعائم الإسلام 1:104،المستدرك 1:270 أبواب أحكام الخلوة ب 19 ح 1.
6- عوالي اللئالي 2:70/187،المستدرك 1:271 أبواب أحكام الخلوة ب 19 ح 6.
7- الهداية:15،و نقله عن والده في الذكرى:20.
8- التهذيب 1:81/31،الاستبصار 1:23/13،الوسائل 1:143 أبواب الماء المطلق ب 5 ح 1.

و يحمل على عدم تأكد الكراهة فيه،أو عدم التنجيس أو التقذير و إن كره من جهة أخرى جمعا.و لا يعتبر التكافؤ هنا مسامحة،و يحتملهما كلامهما.

و لظاهرهما و ظاهر المفيد (1)في الثاني،فلم يجوّزوه.و هو أحوط.

و تتأكد كراهتهما في الليل؛لما ينقل من أنّ الماء بالليل للجن،فلا يبال فيه و لا يغتسل،حذرا من إصابة آفة من جهتهم (2).

و ظاهر الروايات-كالمتن-مع الأصل يقتضي اختصاص الكراهة بالبول خاصة.

خلافا للأكثر و منهم الشيخان،فألحقا به الغائط (3).و لا بأس؛للأولوية كما عن الذكرى (4).فتأمّل .

و في ثبوتها في الماء المعدّ في بيوت الخلاء لأخذ النجاسة و اكتنافها كما يوجد في الشام و ما جرى مجراها من البلاد الكثيرة الماء.

إشكال،ينشأ من الإطلاق،و من الأصل و عدم تبادر مثله منه.و الأول أحوط.

و استقبال الريح به أي بالبول،بل مطلقا؛للمرفوع:ما حدّ الغائط؟ فقال:«لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها،و لا تستقبل الريح و لا تستدبرها» (5)و مثلها في المرسل (6).

و عن علل محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم:و لا يستقبل الريح

ص:111


1- كما في المقنعة:41.
2- غوالي اللئالي 2:187،و انظر نهاية الأحكام 1:83.
3- المفيد في المقنعة:41،و الطوسي في المبسوط 1:18.
4- الذكرى:20.
5- الكافي 3:3/15،الفقيه 1:47/18،التهذيب 1:65/26،الوسائل 1:301 أبواب أحكام الخلوة ب 2 ح 2.
6- المقنع:7،الوسائل 1:301 أبواب أحكام الخلوة ب 2 ذيل الحديث 2.

لعلّتين،إحداهما:أنّ الريح يردّ البول فيصيب الثوب و ربما لم يعلم الرجل ذلك أو لم يجد ما يغسله.و العلّة الثانية:أن مع الريح ملكا فلا يستقبل بالعورة (1).

و الخبران و إن احتملا الاستقبال عند البول و الاستدبار عند الغائط، و مرجعهما جميعا الاستقبال بالحدث،إلاّ أن الظهور بل مطلق الاحتمال في مثل المقام لعلّه كاف.و اللّه العالم.

و الأكل و الشرب حال التخلي،كما عن جماعة (2)،بل مطلقا كما عن غيرهم (3)؛لمهانة النفس،و فحوى مرسلة الفقيه:إنّ أبا جعفر عليه السلام دخل الخلاء،فوجد لقمة خبز في القذر،فأخذها و غسلها و دفعها إلى مملوك له و قال:«تكون معك لآكلها إذا خرجت» (4).

و أسند في عيون أخبار الرضا و في صحيفة الرضا،عن الرضا عليه السلام:أنّ الحسين بن علي عليهما السلام فعل ذلك (5).

و السواك أي الاستياك حال التخلي،أو مطلقا،بناء على اختلاف نسختي المرسل:«إنّ السواك على الخلاء يورث البخر» (6)كذا في الفقيه

ص:112


1- بحار الأنوار 77:53/194.
2- منهم الشيخ في مصباح المتهجد:6،و ابن البراج في المهذب 1:40،و العلامة في نهاية الأحكام 1:85.
3- كالمحقق في المعتبر 1:138،و الشهيد الأول في الذكرى:20،و الشهيد الثاني في الروضة 1:88،و السبزواري في الذخيرة:22.
4- الفقيه 1:49/18،الوسائل 1:361 أبواب أحكام الخلوة ب 39 ح 1.
5- العيون 2:154/43،صحيفة الرضا«عليه السلام»:176/80،الوسائل 1:361 أبواب أحكام الخلوة ب 39 ح 2.
6- الفقيه 1:110/32،التهذيب 1:85/32،الوسائل 1:337 أبواب أحكام الخلوة ب 21 ح 1،بخر الفم بخرا:أنتنت ريحه.المصباح المنير:37.

و ظاهره الأول،و في التهذيب بدل«على»«في»و ظاهره الثاني لو أريد به بيته، و إلاّ فكالأول.

و الاستنجاء و منه الاستجمار باليمين للنهي عنه في الأخبار (1)، و فيها أنه من الجفاء،و فيها النهي عن مسّ الذكر باليمين.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنه كانت يمناه لطهوره و طعامه،و يسراه لخلائه و ما كان من أذى (2).

و استحب أن يجعل اليمين لما علا من الأمور،و اليسار لما دنا.و لا يدفعه ما في الخبر:«يجزيك من الغسل و الاستنجاء ما بلّت يمينك» (3)فتدبّر .

و باليسار و فيها خاتم عليه اسم اللّه تعالى بشرط عدم التلويث،و معه يحرم قطعا.

و الأخبار بالأول مستفيضة،منها:الخبر المروي في الخصال:«من نقش على خاتمه اسم اللّه عز و جل فليحوّله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضّإ» (4).

و منها:الخبر المروي في أمالي الصدوق:الرجل يستنجي و خاتمه في إصبعه و نقشه لا إله إلاّ اللّه،فقال:«أكره ذلك له»فقلت:جعلت فداك أو ليس كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كلّ واحد من آبائك يفعل ذلك و خاتمه في إصبعه؟قال:«بلى،و لكن يتختّمون في اليد اليمنى،فاتقوا اللّه و انظروا

ص:113


1- الوسائل 1:321 أبواب أحكام الخلوة ب 12.
2- سنن أبي داود 1:33/9.
3- الكافي 3:6/22 و فيه:و في نسخة من الوسائل:ما ملئت،بدلا من«بلّت»،الوسائل 1:322 أبواب أحكام الخلوة ب 13 ح 2.
4- الخصال:10/610،الوسائل 1:331 أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 4،و المتوضّأ:الكنيف و المستراح-مجمع البحرين 1:441.

لأنفسكم» (1).

و منها:المروي في قرب الإسناد:عن الرجل يجامع و يدخل الكنيف و عليه الخاتم أو الشيء من القرآن،أ يصلح ذلك؟قال:«لا» (2).

و ما ربما يوجد في شواذّ الأخبار من عدم الكراهة لفعل الأئمة ذلك (3)، فمع ضعفه مؤوّل أو محمول على التقية .

و ربما ينقل عن الصدوق المنع من ذلك (4).و هو حسن لو لا ضعف الأخبار.

و يلحق باسمه تعالى اسم الأنبياء و الأئمة عليهم السّلام.و هو حسن، و إن اختصت النصوص بالأوّل؛لما دلّ على استحباب تعظيم شعائر اللّه تعالى (5).

و لا ينافيه ما في الخبر:الرجل يريد الخلاء و عليه خاتم فيه اسم اللّه تعالى،فقال:«ما أحبّ ذلك»قال:فيكون اسم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،قال:«لا بأس» (6)لضعفه،و عدم تضمنه الاستنجاء.

و يلحق بذلك الفصّة [المفصة] من حجر زمزم؛للخبر:ما تقول في الفصّ من أحجار زمزم؟قال:«لا بأس به،و لكن إذا أراد الاستنجاء نزعه» (7)فتأمل .

ص:114


1- أمالي الصدوق:5/369،الوسائل 1:333 أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 9.
2- قرب الإسناد:1157/293 الوسائل 1:333 أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 10.
3- التهذيب 1:83/31،الاستبصار 1:134/48،قرب الإسناد:566/154،الوسائل 1:332 أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 8.
4- كما في الفقيه 1:20،و الهداية:16،و المقنع:3.
5- الحج:32.
6- التهذيب 1:84/32،الاستبصار 1:135/48،الوسائل 1:332 أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 6.
7- الكافي 3:6/17 و فيه:من حجارة زمرّد،التهذيب 1:1059/355،الوسائل 1:359 أبواب أحكام الخلوة ب 36 ح 1.

قيل (1):و يوجد في نسخة الكافي بلفظ«حجارة زمرّد»بدل«أحجار زمزم».

و الكلام حال التخلي مطلقا،كما عن جماعة (2)،أو التغوط خاصة، كما عن آخرين (3)؛للأخبار،منها:ما في العلل:«من تكلّم على الخلاء لم تقض حاجته» (4)و في خبر آخر:«إلى أربعة أيام» (5).

و هما مشعران بالكراهة.

و عليها يحمل النهي عن إجابة الرجل لآخر و هو على الغائط في آخر (6).

و هو مع الأصل و ضعف الخبر يكفي لدفع المنع كما عن الصدوق (7).

إلاّ بذكر اللّه تعالى فإنّه حسن على كلّ حال،كما في الصحيح و غيره (8)،و تعضده العمومات،مع عدم تبادره من الأخبار الناهية.

و الخبر كالمتن مطلقان فيه،و ربما يقيّدان بذكره فيما بينه و بين نفسه، و هو حسن؛لأخبار التسمية عند الدخول (9)،و عن قرب الإسناد مسندا عن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال:«كان أبي يقول:إذا عطس

ص:115


1- قال به الشهيد في الذكرى:20،و هو في الكافي 3:6/17.
2- منهم الشيخ في الاقتصاد:241،و ابن البراج في المهذب 1:42،و العلامة في نهاية الأحكام 1:84.
3- كالشيخ في المبسوط 1:18،و الحلي في السرائر 1:97،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:23.
4- علل الشرائع:1/283،الوسائل 1:310 أبواب أحكام الخلوة ب 6 ح 2.
5- لم نجده في كتب الحديث،و قد نقله بعينه في كشف اللثام 1:24.
6- التهذيب 1:69/27،علل الشرائع:2/283،الوسائل 1:309 أبواب أحكام الخلوة ب 6 ح 1.
7- انظر الفقيه 1:21.
8- انظر الوسائل 1:314 أبواب أحكام الخلوة ب 7،و ج 7:149 أبواب الذكر ب 1.
9- الوسائل 1:306 أبواب أحكام الخلوة ب 5.

أحدكم و هو على الخلاء فليحمد اللّه تعالى في نفسه» (1).

أو حكاية الأذان مطلقا،أو سرّا في نفسه؛للأخبار،منها الصحيح:

«و لو سمعت المنادي ينادي بالأذان و أنت على الخلاء فاذكر اللّه عزّ و جلّ و قل كما يقول» (2)و في رواية:«إنّه يزيد في الرزق» (3).

و لا يحتاج إلى تبديل الحيّعلات بالحوقلات؛التفاتا إمّا إلى إطلاق النصوص من دون إشارة فيها إلى ذلك،أو إلى الشك في دخول مثله في الكلام المنهي عنه.

أو للضرورة في طلب الحاجة إن لم يمكن بالإشارة أو التصفيق أو نحوهما،فربما وجب،و هو واضح.

أو لرّد السلام،و حمد العاطس،و تسميته،كما عن المنتهى و نهاية الأحكام (4)؛لعموم أدلة الوجوب و الاستحباب.

ص:116


1- قرب الإسناد:239/74،الوسائل 1:313 أبواب أحكام الخلوة ب 7 ح 9.
2- الفقيه 1:892/187،علل الشرائع:2/284،الوسائل 1:314 أبواب أحكام الخلوة ب 8 ح 1.
3- علل الشرائع:4/284،الوسائل 1:314 أبواب أحكام الخلوة ب 8 ح 3.
4- المنتهى 1:41،نهاية الأحكام 1:84.
الثالث في الكيفية
اشارة

الثالث:في الكيفية.

و الفروض سبعة

و الفروض سبعة :

الأول النية

الأول:النية و هي القصد إلى فعله مقارنة لغسل الوجه المعتبر شرعا،و هو أول جزء من أعلاه،لعدم تسمية ما دونه غسلا شرعا.

مشتملة على قصد الوجوب فيما لو كان واجبا بوقوعه في وقت عبادة واجبة مشروطة به،و الندب في غيره.

و التقرب به إلى اللّه تعالى،بأن يقصد فعله للّه سبحانه،امتثالا لأمره،أو موافقة لطاعته،أو طلبا للرفعة عنده بواسطته تشبيها بالقرب المكاني،أو لنيل الثواب عنده،أو الخلاص من عقابه.

على خلاف في صحة الأخيرين من جمع (1)،نسبه شيخنا الشهيد في قواعده إلى الأصحاب (2)،استنادا منهم إلى منافاته للإخلاص المأمور به.و هو خلاف ما يستفاد من الكتاب و السنّة المتواترة معنى،و لذا اختار جملة من المحقّقين الجواز (3).

و قيل:أو (4)مجردا عن ذلك ،فإنه تعالى غاية كل مقصود (5).

و على الاستباحة مطلقا (6)،أو الرفع حيث يمكن.

ص:117


1- نسب ذلك في روض الجنان:27 إلى السيد رضي الدين بن طاوس،و قال في الحدائق 2: 177:المشهور بين الأصحاب-بل ادعي عليه الإجماع-بطلان العبادة بهاتين الغايتين.
2- القواعد و الفوائد 1:77.
3- منهم الشهيد في الذكرى:79،و صاحب المدارك 1:187،و السبزواري في الذخيرة:24.
4- عطفا على قوله طلبا للرفعة.منه رحمه اللّه.
5- الذكرى:80.
6- أي سواء أمكن الرفع أم لا،كوضوء المستحاضة و السلس و المبطون.منه رحمه اللّه.

و لا شبهة في إجزاء النية المشتملة على ما تقدّم و إن كان في وجوب ما عدا القربة نظر،لعدم قيام دليل عليه يعتدّ به.أمّا هي فلا شبهة في اعتبارها في كل عبادة،بل و لا خلاف فيه فتوى و دليلا،كتابا و سنّة،و ربما نسب في الذكرى إلى الإسكافي الاستحباب في الطهارات الثلاث (1)،و لكن المصنف في المعتبر نسب إليه الوجوب (2).

و كذا (3)تمييز العبادة عن غيرها حيث يكون مشتركا،إلا أنه-على ما قيل (4)-لا اشتراك في مثل الوضوء حتى في الوجوب و الندب،لأنه في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلاّ واجبا،و بدونه يكون مندوبا،و على التقديرين يكون معيّنا.

و يجوز بل و يستحب كما في القواعد (5)تقديمها عند غسل اليدين المستحب للوضوء لوقوعه من حدث البول أو الغائط أو النوم،و الاغتراف من إناء لا يسع كرّا أو مطلقا،مع خلوّهما عن النجاسة المتيقنة،عند الأكثر؛التفاتا إلى كونه من الأجزاء المندوبة له.

و هو غير معلوم،فالتأخير إلى غسل الوجه أولى،وفاقا لجماعة،منهم الشهيد في البيان و النفلية (6)،و عن ابن طاوس (7)التوقف في ذلك.

و على الأول جاز التقديم عند المضمضة و الاستنشاق أيضا.و عن ظاهر الغنية و موضع من السرائر تخصيص الجواز به خاصة (8).

ص:118


1- الذكرى:80.
2- المعتبر 1:138.
3- أي لا شبهة في اعتبار التمييز.منه رحمه اللّه.
4- قال به صاحب المدارك 1:188.
5- القواعد 1:9.
6- البيان:43،النفلية:7.
7- و هو السيد جمال الدين صاحب البشرى،نقله عنه في التنقيح 1:77.
8- الغنية(الجوامع الفقهية):553،السرائر 1:98.

و هو حسن لو ثبتت فيهما الجزئية،و لكن النصوص بخروجهما من الوضوء كثيرة (1).

و دعوى الوفاق (2)على كونهما-مع ما تقدّم (3)-من سننه لا يستلزم الدلالة على الجزئية؛لكونه أعم.

و تجب استدامة حكمها حتى الفراغ من الوضوء بمعنى أن لا ينتقل من تلك النية إلى نية تخالفها كما في الشرائع (4)،و عن المبسوط و المنتهى و الجامع و التذكرة و نهاية الأحكام (5).

و نسبه الشهيد إلى الأكثر،قال:و كأنه بناء منهم على أنّ الباقي مستغن عن المؤثر (6).

و لعلّه أراد أنه إذا أخلص العمل للّه تعالى ابتداء بقي الخلوص و إن غفل عنه في الأثناء.

و عن الغنية و السرائر:أن يكون ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها (7).

و مقتضاه اعتبار استدامتها فعلا كما هو مقتضى الأدلة؛لوجوب تلبس العمل بجميعه بالنية،و الاستدامة الحكمية مستلزمة لخلوّ حلّ العمل عنها،إذ ليست بنية حقيقة.

ص:119


1- الوسائل 1:387 أبواب الوضوء ب 15.
2- ادّعاه العلامة في نهاية الأحكام 1:28،و التذكرة 1:20،و المنتهى 1:49،و الشهيد في الذكرى:93.منه رحمه اللّه.
3- أي غسل اليدين.منه رحمه اللّه.
4- الشرائع 1:20.
5- المبسوط 1:19،المنتهى 1:55،الجامع للشرائع:35،التذكرة 1:15،نهاية الأحكام 1:29.
6- كما في الذكرى:81.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):553،السرائر 1:98.

و مبنى الخلاف (1)هو الاختلاف في تفسير أصل النية المعتبرة،هل هي الصورة المخطرة بالبال،أم نفس الداعي إلى الفعل و إن لم يكن بالبال مخطرا في الحال؟ (2).

فعلى الأول لا يمكن اعتبار الاستدامة الفعلية بناء على تعذّرها أو تعسّرها،إذ ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [1] (3).و اعتبار الحكمية حينئذ بالمعنى المتقدّم بناء على أنّ«ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (4)و ذلك لاعتبارها بالمعنى المزبور في أصل النّية كاعتبار الجزء في الكل،و سقوط الكل بالأمرين لا يستلزم سقوط جزئه،لما عرفت.فتأمّل .

و على الثاني ممكن اعتبارها فيجب.

و حيث إنّ المستفاد من الأدلّة ليس إلاّ الثاني؛بناء على دلالتها على اعتبار النيّة في أصل العمل و مجموعه،و هو ظاهر في وجوب بقائها بنفسها إلى منتهاه،و هو في المخطر كما عرفت غير ممكن،و ليس بعد ذلك إلاّ الداعي؛ فتجب إرادته منها،و لا صارف يوجب المصير إلى الأوّل.

هذا مع أنّ معناها لغة و عرفا ليس إلاّ ذلك،و لذا العامل عملا لم يخطر القصد بباله حينه لا يكون في العرف عاملا بغير نيّة،بل لا ريب في تلبس عمله بها عند أهله،و ليست العبادات فيها (5)إلاّ مثل غيرها،و إنما الفارق بينهما اعتبار الخلوص و القربة في الأوّل دون الثاني.

فالمكلّف به المشترط في صحّة العبادات ليس إلاّ الخصوصيّة و هي

ص:120


1- أي اعتبار استدامة الفعلية أو الاكتفاء بالحكمية.منه رحمه اللّه.
2- أي حال الإتيان بالفعل.منه رحمه اللّه.
3- الأحزاب:4.
4- عوالي اللئالي 4:207/58.
5- أي في النية.منه رحمه اللّه.

الإخلاص دون أصل النيّة،لعدم القدرة على تركها،و لذا قيل:لو كلّفنا اللّه تعالى بإيقاع الفعل من دون نيّة لكان تكليفا بما لا يطاق (1).

و ممّا ذكر ظهر سقوط كلفة البحث عن المقارنة و تقديمها عند غسل اليدين؛لعدم انفكاك المكلّف على هذا التقدير عنها،فلا يتصوّر فقدها عند القيام إلى العمل ليعتبر المقارنة لأول العمل الواجبي أو المستحبّي.

الثاني غسل الوجه

و الثاني:غسل الوجه بالنص و الإجماع و طوله من قصاص شعر الرّأس أي منتهى منبته عند الناصية،و هو عند انتهاء استدارة الرّأس و ابتداء تسطيح الجبهة،فالنزعتان من الرّأس.

إلى محادر شعر الذقن أي المواضع الّتي ينحدر فيها الشعر عنه و يسترسل،بالنّص و الإجماع.

و عرضه ما اشتمل عليه الإبهام و الوسطى بهما،مراعيا في ذلك مستوي الخلقة في الوجه و اليدين،فيرجع فاقد شعر الناصية و أشعر الجبهة المعبّر عن الأول بالأنزع و الثاني بالأغمّ.و قصير الأصابع و طويلها بالنسبة إلى وجهه،إلى مستوي الخلقة؛لبناء الحدود الشرعيّة على الغالب.

و عليه يحمل الصحيح:«الوجه الذي قال اللّه عزّ و جل،و أمر اللّه عزّ و جل بغسله،الّذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه،إن زاد عليه لم يؤجر، و إن نقص منه أثم:ما دارت عليه الإبهام و الوسطى،من قصاص شعر الرّأس إلى الذقن،و ما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه و ما سوى ذلك فليس من الوجه»قلت:الصدغ من الوجه؟قال:«لا» (2).

ص:121


1- نقله صاحب المدارك 1:185 عن بعض الفضلاء.
2- الكافي 3:1/27،الفقيه 1:88/28،التهذيب 1:154/54 باختلاف في السند، الوسائل 1:403 أبواب الوضوء ب 17 ح 1.

و منه يعلم أنه لا يجب غسل ما استرسل من اللحية و زاد عليها طولا و عرضا إجماعا،كما حكي (1).

و لا الصدغ بجميعه لو فسّر بما فوق العذار من الشعر خاصة،كما هو ظاهر الصحيح،و جمع من الأصحاب،بل و صريح بعضهم (2).

أو بعضه (3)ممّا لم يصل إليه الإصبعان لو فسّر بمجموع ما بين العين و الاذن،كما عن بعض أهل اللغة (4)و ظاهر جماعة (5).

و كيف كان فعدم دخوله مطلقا أو في الجملة إجماعي،بل قيل:إنه مذهب جمهور العلماء (6)،مضافا إلى دلالة الصحيح عليه من وجهين.

خلافا للمنقول عن بعض الحنابلة (7)و ظاهر الراوندي في الأحكام (8).

و لا ما (9)يخرج من العذار-و هو ما حاذى الاذن من الشعر-عن إحاطة الإصبعين،كما عن المعتبر و التذكرة و نهاية الأحكام (10).

و منه يظهر ضعف القولين بوجوب غسله مطلقا كما عن ظاهر المبسوط و الخلاف (11)،و عدمه كذلك كما عن صريح التحرير و المنتهى (12).و ربما احتاط

ص:122


1- انظر الخلاف 1:77،و المدارك 1:201.
2- كالعلامة في المنتهى 1:57،و الشهيد في الذكرى:83،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:66.
3- عطف على جميعه.منه رحمه اللّه.
4- راجع القاموس المحيط 3:113،و مجمع البحرين 5:13،و الصحاح 4:1323.
5- منهم الشهيد الثاني في المسالك 1:5.
6- قال به السبزواري في الذخيرة:26.
7- كما في المغني 1:128.
8- فقه القرآن 1:13.
9- عطف على قوله:و الصدغ،أي لا يجب غسله.منه رحمه اللّه.
10- المعتبر 1:141،التذكرة 1:16،نهاية الأحكام 1:36.
11- المبسوط 1:20،الخلاف 1:77.
12- التحرير 1:9 و 10،المنتهى 1:57.

بالأول شيخنا في الذكرى و الدروس (1).

و منه يعلم عدم وجوب غسل البياض الذي بينه و بين الاذن بطريق أولى.

و لا ما خرج من العارض-و هو ما تحت العذار من جانبي اللحية إلى شعر الذقن-عن إحاطة الإصبعين كما عن نهاية الأحكام (2).

و منه يظهر ضعف القولين بوجوب غسله مطلقا كما عن الإسكافي و الشهيدين (3)،و عدمه كذلك كما عن المنتهى (4).و لكن الأول أحوط؛لدعوى ثانيهما الإجماع عليه.

و وجوب (5)غسل ما نالته الإصبعان من مواضع التحذيف،و هي:منابت الشعر الخفيف بين النزعة و الصدغ أو ابتداء العذار،كما عن الروضة و المسالك قطعا (6)،و الذكرى احتياطا (7).

خلافا للمنقول عن التذكرة و المنتهى (8)،بناء على دخولها في الرأس لنبات الشعر عليها.و ضعفه ظاهر.

و لا يجب تخليلها أي اللحية؛للأصل،و الإجماع،كما عن نص الخلاف و الناصريات (9).و هو كذلك في الكثيفة،و أمّا الخفيفة فربما يتوهم فيها

ص:123


1- الذكرى:83،الدروس:1:91.
2- نهاية الأحكام 1:36.
3- نقله عن الإسكافي في الذكرى:83،الشهيد الأول في الدروس:1:91،و الذكرى:83، الشهيد الثاني في الروضة 1:73.
4- المنتهى 1:57.
5- أي و يعلم منه وجوب غسل موضع التحذيف.منه رحمه اللّه.
6- الروضة 1:73،المسالك 1:5.
7- الذكرى:84.
8- التذكرة 1:16،المنتهى 1:57.
9- الخلاف 1:77،الناصريات(الجوامع الفقهية):184.

الخلاف،و الأشهر الأظهر:العدم؛للمعتبرة المستفيضة الصريحة الدلالة.

ففي الصحيح:«كلّ ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه و لا يبحثوا عنه» (1).

و في آخر:عن الرجل يتوضأ،أ يبطن لحيته؟قال:«لا» (2).

و في الموثق:«إنّما عليك أن تغسل ما ظهر» (3).

و تؤيده الصحاح المستفيضة المكتفية في غسل الوجه بالغرفة (4).

و المراد بتخليلها:إدخال الماء خلالها لغسل البشرة المستورة بها.

أما الظاهرة خلالها فلا بدّ من غسلها بلا خلاف كما يفهم من بعض العبارات (5)،بل و عن صريح بعض الإجماع عليه (6).

كما يجب غسل جزء آخر ممّا جاورها من المستورة من باب المقدمة، و ربما يحمل عليه كلام من أوجبه في الخفيفة،فيصير النزاع لفظيا،كما صرح به جماعة (7).

و هل يستحب (8)كما عن التذكرة و نهاية الأحكام و الشهيد (9)،أم لا كما

ص:124


1- الفقيه 1:88/28،الوسائل 1:476 أبواب الوضوء ب 46 ح 3.
2- الكافي 3:2/28،التهذيب 1:1084/360،الوسائل 1:476 أبواب الوضوء ب 46 ح 1.
3- التهذيب 1:202/78،الاستبصار 1:201/67،الوسائل 1:431 أبواب الوضوء ب 29 ح 6.
4- الوسائل 1:435 أبواب الوضوء ب 31.
5- انظر الذخيرة:28،و مشارق الشموس:104،و الحدائق 2:238.
6- كما في المقاصد العليّة:52.
7- منهم صاحب المدارك 1:203،و صاحب الحدائق 2:238،و الوحيد البهبهاني في حاشية المدارك(المخطوط).
8- أي التخليل.منه رحمه اللّه.
9- التذكرة 1:16،نهاية الأحكام 1:58،و الشهيد في الدروس 1:91.

عن المصنف و المنتهى و ظاهر النفلية و البيان (1)؟ قولان،الظاهر:الثاني؛لعدم الثبوت،و احتمال الإخلال بالموالاة، و ظاهر النهي فيما تقدم،و احتمال دخوله في التعدي المنهي عنه،و كونه (2)مذهب العامة كما صرّح به جماعة (3)،و يستفاد من بعض المعتبرة المروي عن كشف الغمة فيما كتب مولانا الكاظم عليه السلام إلى عليّ بن يقطين اتقاء:

«اغسل وجهك[ثلاثا]و خلّل شعر لحيتك«ثمَّ كتب إليه»توضّأ كما أمر اللّه تعالى اغسل وجهك مرة فريضة و اخرى إسباغا إلى قال:«فقد زال ما كنّا نخاف عليك» (4).

و لم يتعرض له ثانيا،و لو كان مستحبا لأمر به كما أمر بالإسباغ.

و مع جميع ذلك لا يتم الثبوت من باب الاحتياط مع عدم تماميته مطلقا (5)؛للإجماع على عدم الوجوب في الكثيفة.

و يستوي في ذلك شعر اللحية و الشارب و الخدّ و العذار و الحاجب و العنفقة (6)و الهدب (7)مطلقا و لو من غير الرجل،مطلقا (8)،و عن الخلاف الإجماع عليه (9).

ص:125


1- المصنف في المعتبر 1:142،المنتهى 1:57،النفلية:6 و 7،البيان:45.
2- أي الاستحباب.منه رحمه اللّه.
3- منهم العلامة في المنتهى 1:57،و الفيض في المفاتيح 1:45؛و انظر المغني-لابن قدامة-1:116.
4- كشف الغمة 2:225،و رواه المفيد في إرشاده 2:227،الوسائل 1:444 أبواب الوضوء ب 32 ح 3؛و ما بين المعقوفين من المصادر.
5- أي حتى في الكثيفة.منه رحمه اللّه.
6- شعرات بين الشفة السفلى و الذقن.منه رحمه اللّه.
7- شعرات أشفار العين.منه رحمه اللّه.
8- أي و لو كان خفيفا.منه رحمه اللّه.
9- الخلاف 1:77.
الثالث غسل اليدين مع المرفقين

و الثالث:غسل اليدين مع المرفقين بالنص و الإجماع،و هو-بكسر الميم و فتح الفاء أو بالعكس-مجمع عظمي الذراع و العضد ،لا نفس المفصل،كما يستفاد من إطلاق الصحيحين الآمرين بغسل المكان المقطوع منه منهما (1)،الشاملين لما لو قطع من المفصل.

و خصوص ظاهر الصحيح:عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ؟قال:«يغسل ما بقي من عضده» (2).

بناء على جعل الموصول للعهد،و الجارّ ظرفا مستقرا على أنه حال مؤكدة،أو لغوا متعلقا ب:يغسل مع كونه للتبعيض.فتأمل.

و يظهر من هذا كون وجوب غسلهما أصالة لا من باب المقدمة،مضافا إلى ظواهر المعتبرة في الوضوءات البيانية المتضمنة لوضع الغرفة على المرفق كوضعها على الجبهة،فكما أنّ الثاني ليس من باب المقدمة بل بالأصالة فكذا الأول،و خصوص الإجماعات المنقولة عن التبيان و الطبرسي و المنتهى (3).

و مظهر ثمرة الخلاف (4)ما ذكرناه،و غسل الزائد على المفصل من باب المقدمة،فيجب على الأول دون الثاني.

و يجب أن يكون فيه مبتدئا بهما،و لو نكس فقولان،أشبههما و أشهرهما بل عن التبيان و غيره (5)الإجماع عليه أنه لا يجوز للأصل،

ص:126


1- الأول: التهذيب 1:1078/359،الوسائل 1:480 أبواب الوضوء ب 49 ح 4. الثاني: الكافي 3:8/29،الوسائل 1:479 أبواب الوضوء ب 49 ح 1.
2- الكافي 3:9/29،الفقيه 1:99/30،التهذيب 1:1086/360،الوسائل 1:479 أبواب الوضوء ب 49 ح 2.
3- التبيان 3:451،و الطبرسي في مجمع البيان 2:164،و المنتهى 1:58.
4- أي بين كونه أصالة أو من باب المقدمة.منه رحمه اللّه.
5- التبيان 3:451؛و انظر مجمع البيان 2:164.

و الوضوءات البيانية المستفادة من المعتبرة.

منها:الصحيح في بيان وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

أنه غمس كفه اليسرى،فغرف بها غرفة،فأفرغ على ذراعه اليمنى،فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردّها إلى المرفق،ثمَّ غمس كفه اليمنى،فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق،و صنع بها مثل ما صنع باليمنى (1).

مع قوله عليه السلام في المنجبر ضعفه بالشهرة:«هذا وضوء لا يقبل اللّه تعالى الصلاة إلاّ به» (2).

و خصوص المعتبرين المروي أحدهما في تفسير العيّاشي،و فيه الأمر بصب الماء على المرفق،و ظاهره الوجوب،مضافا إلى تأيده بما في آخره:

قلت له:يردّ الشعر؟قال:«إذا كان عنده آخر فعل و إلاّ فلا» (3).

و في ثانيهما:عن قول اللّه عزّ و جل فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ [1] فقلت:هكذا؟و مسحت من ظهر كفّي إلى المرافق،فقال:«ليس هكذا تنزيلها،و إنما هي:فاغسلوا وجوهكم و أيديكم من المرافق»ثمَّ أمرّ يده من مرفقه إلى أصابعه (4).

و ظاهره بل صريحه الوجوب،و ضعفها مجبور بما تقدّم.

و ممّا ذكر ظهر وجوب البدأة بالأعلى في غسل الوجه أيضا،مضافا إلى الأمر به بخصوصه في بعض الأخبار المنجبر قصور سنده بالاشتهار،رواه في قرب الإسناد،و فيه:«لا تلطم وجهك بالماء لطما،و لكن اغسل من أعلى

ص:127


1- الكافي 3:5/25،التهذيب 1:191/76 بتفاوت يسير،الوسائل 1:388 أبواب الوضوء ب 15 ح 3.
2- الفقيه،1:76/25،الوسائل 1:438 أبواب الوضوء ب 31 ح 11.
3- تفسير العياشي 1:54/300،المستدرك 1:311 أبواب الوضوء ب 18 ح 2.
4- الكافي 3:5/28،التهذيب 1:159/57،الوسائل 1:405 أبواب الوضوء ب 19 ح 1.

وجهك إلى أسفله بالماء مسحا»الحديث (1).

خلافا للمرتضى و الحلّي (2)في المقامين،فلم يوجباه؛لإطلاق الآية.

و هو ضعيف بما قدّمناه.

و يجب غسل ما اشتملت عليه الحدود من لحم زائد و يد و إصبع و شعر مطلقا (3)،على الإشكال في الأخير،دون ما خرج و إن كان يدا على الأظهر، إلاّ أن تشتبه بالأصلية فيغسلان معا من باب المقدمة،قاصدا فيهما الوجوب أصالة ظاهرا.

و أقلّ الغسل مطلقا (4)ما يحصل به مسمّاه بأن ينتقل كل جزء من الماء عن محله إلى غيره بنفسه أو بمعين،فيكفي ذلك و لو كان دهنا بالفتح مع الجريان،و لا يجزي ما دونه مطلقا،على الأشهر الأظهر،بل كاد أن يكون إجماعا.

لظاهر الآية (5)،و النصوص المستفيضة الآمرة بالغسل في موضعين و المسح في آخرين (6)فلا يجوز العدول عنها،و خصوص ظاهر المعتبرة،منها الخبر:«الغسل من الجنابة و الوضوء يجزي منه ما اجري من الدهن الذي يبلّ الجسد» (7).

و على المبالغة في الاكتفاء بالمسمّى يحمل ما أطلق فيه الاجتزاء بالدهن

ص:128


1- قرب الإسناد:1215/312،الوسائل 1:398 أبواب الوضوء ب 15 ح 22.
2- المرتضى في الانتصار:16،الحلي في السرائر 1:99.
3- أي خفيفا كان شعره أو كثيفا.منه رحمه اللّه.
4- أي هنا و في الغسل.منه رحمه اللّه.
5- المائدة:6.
6- الوسائل 1:387 أبواب الوضوء ب 15.
7- التهذيب 1:385/138،الاستبصار 1:414/122،الوسائل 1:485 أبواب الوضوء ب 52 ح 5،و في الجميع:«ما أجزأ»بدل«ما اجري».

من المعتبرة (1)،و الخبر المزبور شاهد بذلك، لاعتبار الجريان فيه مع إطلاق الدهن فيه أيضا،و إلاّ (2)فهي مخالفة لظاهر ما تقدم،بل و الضرورة من الدين، لما اشتهر بين العامة و الخاصة من أن الوضوء غسلتان و مسحتان أو مسحة و ثلاث غسلات من دون تفصيل.

خلافا للمقنعة و النهاية (3)،فاكتفيا به حال الضرورة،و يمكن حملهما -كالمعتبرة-على المبالغة،و إلاّ فيتوجه عليهما ما تقدّم،مضافا إلى عدم ظهور المجوزة فيها،فلا وجه لتخصيصها بها مع حصول الجمع بما تقدم (4).و على تقدير عدم إمكانه به فطرحها متعيّن و الأخذ بما قابلها لازم؛للشهرة العظيمة، و ظاهر الآية و الأخبار المستفيضة،المؤيدة بوجوب تحصيل البراءة اليقينية.

فتأمّل.

الرابع مسح مقدّم الرأس

و الرابع:مسح بشرة مقدّم الرأس أو شعره الغير المتجاوز بمدّه عن حدّه،بالنصوص و الإجماع.

ففي الصحيح:«مسح الرأس على مقدّمه» (5)و في آخر:«تمسح ببلّة يمناك ناصيتك» (6).

و بها يقيد إطلاق الآية و الأخبار.

و ما في شواذ أخبارنا (7)-ممّا يخالف بظاهره ذلك-فضعيف متروك

ص:129


1- كصحيحة زرارة و محمد بن مسلم،انظر الوسائل 1:484 أبواب الوضوء 52 ح 1.
2- أي:و إن لم تحمل المعتبرة المذكورة عليه.منه رحمه اللّه.
3- المقنعة:59،النهاية:15.
4- هذا دفع دخل،و هو أنه قد يكون وجه التخصيص الجمع بين الروايات.منه رحمه اللّه.
5- التهذيب 1:171/62،الاستبصار 1:176/60،الوسائل 1:410 أبواب الوضوء ب 22 ح 1.
6- الكافي 3:4/25،الوسائل 1:387 أبواب الوضوء ب 15 ح 2.
7- الوسائل 1:411 أبواب الوضوء ب 22 الأحاديث 5 و 6 و 7.

بإجماعنا،محمول على التقية.

و المراد بالمقدّم ما قابل المؤخر،لا خصوص ما بين النزعتين المعبّر عنه بالناصية،فلو مسح القدر الواجب من أيّ موضع منه-و لو ارتفع الناصية و لم يصادف منها شيئا-كفى على ما يستفاد من ظاهر كلمة الأصحاب.

إلاّ أن ظاهر الصحيح المتقدم يعطي تعيّن الثاني؛لظاهر الأمر،بناء على تفسير الناصية به،إلاّ أنه ربما فسّرت بمطلق شعر مقدّم الرأس أيضا (1)،و في كتب جماعة من أهل اللغة (2):أنها خصوص القصاص الذي هو آخر منابت شعر الرأس.و به يخرج عن صلاحية تقييد الأخبار المطلقة في المقدم ،و لكن مراعاته أحوط.

و يجب أن يكون المسح ببقية البلل و لو بالأخذ من مظانها إن لم تبق،أو مطلقا.

و الأول أظهر؛نظرا إلى الاحتياط،و الوضوءات البيانية،و التفاتا إلى الحسن الآمر بمسح الناصية،و ظهر القدم اليمنى ببلّة اليمنى،و ظهر القدم اليسرى ببلّة اليسرى (3)،و المرسل المشترط في جواز الأخذ من بلّة اللحية و الحاجب و أشفار العينين جفاف بلة اليد (4)،و في معناه أخبار أخر (5).

و قصور أسانيدها بالشهرة منجبر،و حملها-ككلمة الأصحاب-على الغالب نافع مع وجود الدليل على إجزاء غيره و ليس،إذ المطلق منصرف إلى الشائع المتبادر ،فلا ينفع.

ص:130


1- انظر مجمع الفائدة و البرهان 1:103.
2- كالقاموس 4:398،و المصباح المنير:609.
3- الكافي 3:4/25،الوسائل 1:387 أبواب الوضوء ب 15 ح 2.
4- الفقيه 1:134/36،الوسائل 1:409 أبواب الوضوء ب 21 ح 8.
5- الوسائل 1:407 أبواب الوضوء ب 21.

و منه يظهر ضعف القول بالثاني و المستند (1)لأصل الحكم،مضافا إلى دعوى الإجماع عليه،و به يقيد إطلاق الآية و الأخبار.

و ربما نسب إلى الإسكافي تجويز استئناف ماء جديد مطلقا،أو مع الجفاف،على اختلاف النقلين (2).

للخبرين،أحدهما الصحيح:أ يجزي الرجل أن يمسح قدمه بفضل رأسه؟فقال برأسه:لا،فقلت:أ بماء جديد؟فقال برأسه:نعم (3).

و الآخر الموثق:أمسح بما في يدي من الندى رأسي؟قال:«لا بل تضع يدك في الماء ثمَّ تمسح» (4).

و دلالتهما كما ترى ،مع أن في الأول إشعارا بالتقية فيحملان عليها،و لا ينافيه مسح القدم في الأول؛لوجود القول به بينهم في سابق الزمان (5).

و أقلّ الواجب منه الإتيان بما يسمّى به مسحا و لو بجزء من إصبع،ممرا له على الممسوح ليتحقق اسمه،لا بمجرّد وضعه،على الأصح الأشهر،بل عن التبيان و مجمع البيان و روض الجنان للشيخ أبي الفتوح الرازي و أحكام القرآن للراوندي و عن ابن زهرة العلوي:الإجماع عليه (6).

للأصل،و الإطلاقات،و خصوص الصحاح،منها:«إذا مسحت بشيء

ص:131


1- عطف على ضعف أي و منه يظهر المستند.منه رحمه اللّه.
2- نسبه إليه في المختلف:24 و 25.
3- التهذيب 1:163/58،الاستبصار 1:173/58،الوسائل 1:409 أبواب الوضوء ب 21 ح 5.
4- التهذيب 1:164/59،الاستبصار 1:174/59،الوسائل 1:408 أبواب الوضوء ب 21 ح 4.
5- حكاه في التفسير الكبير 11:161 عن ابن عباس و أنس بن مالك و عكرمة و الشعبي.
6- التبيان 3:451،مجمع البيان 2:164،روض الجنان 4:125،فقه القرآن 1:17،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):553.

من رأسك أو بشيء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك» (1).

و قيل:إنّ الأقل مقدار إصبع،كما في المقنعة و التهذيب (2)،و عن الخلاف و جمل السيّد و الغنية و المراسم و أبي الصلاح و المهذّب و الراوندي في موضع آخر من الكتاب المزبور (3).

للخبرين،أحدهما المرسل:في الرجل يتوضأ و عليه العمامة،قال:

«يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدّم رأسه» (4).

و ثانيهما القاصر سندا و المعيب متنا:عن الرجل يمسح رأسه من خلفه و عليه عمامة بإصبعه،أ يجزيه ذلك؟فقال:«نعم» (5).

و هما-مع ما هما عليه-غير واضحي الدلالة و المقاومة لما قدّمناه من الأدلة،فيحملان على كون الإدخال لتحصيل المسمّى أو الاستحباب.

و قد حمل على الأول كلام الجماعة،لكن عبارة التهذيب تأباه،فإنّها صريحة في المنع عن الأقل من الإصبع الواحدة،مستندا إلى أنّ السنّة منعت منه.

ص:132


1- التهذيب 1:237/90،الاستبصار 1:182/61،الوسائل 1:414 أبواب الوضوء ب 23 ح 4.
2- المقنعة:48،التهذيب 1:89.
3- الخلاف 1:82،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):24،الغنية(الجوامع الفقهية):553،المراسم:37،أبو الصلاح في الكافي:132،المهذب 1:44،فقه القرآن 1:29.
4- التهذيب 1:238/90،الاستبصار 1:178/60،الوسائل 1:416 أبواب الوضوء ب 24 ح 1.
5- التهذيب 1:240/90،الاستبصار 1:179/60،الوسائل 1:411 أبواب الوضوء ب 22 ح 4.

و ربما عكس الأمر فأوّل كلام من تقدم بإرادتهم من المسمّى خصوص الإصبع.و هو مع بعده لا وجه له،سيّما مع تصريح بعضهم بالاكتفاء بالأقل، و لا ريب أنه أحوط.

و قيل:أقلّه أي المسح أن يمسح مقدار ثلاث أصابع مضمومة مطلقا،كما عن الشيخ في بعض كتبه (1)،و السيّد في خلافه (2)؛لظاهر الصحيح:«المرأة تجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدّمه قدر ثلاث أصابع، و لا تلقي عنها خمارها» (3).

و هو؛مع قصوره عن المقاومة لما تقدّم،و إشعاره باختصاصه بالمرأة، كما يعزى إلى الإسكافي حيث قال فيها بذلك و لكن في الرجل بالإصبع الواحدة (4)؛غير صريح الدلالة،لاحتمال إرادة الإجزاء من القدر المندوب لا الواجب،بل و لا يبعد ظهوره بملاحظة ما في خبر آخر:«يجزي من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع،و كذلك الرّجل» (5)فإنّ عدم التفصيل في ذلك بين الرأس و الرّجل-مع استحبابه في الرّجل إجماعا كما حكي (6)-قرينة (واضحة) (7)على كون الإجزاء بالنسبة إلى الرأس كذلك.

هذا و المنقول عن أبي حنيفة المصير إلى هذا القول (8)،فيتعيّن الحمل

ص:133


1- النهاية:14.
2- كما نقله عنه الشهيد في الذكرى:86.
3- الكافي 3:5/30،التهذيب 1:195/77،الوسائل 1:416 أبواب الوضوء ب 24 ح 3.
4- حكاه عنه الشهيد في الذكرى:86.
5- الكافي 3:1/29،التهذيب 1:167/60،الاستبصار 1:177/60،الوسائل 1:417 أبواب الوضوء ب 24 ح 5.
6- قال في مفتاح الكرامة 1:252:و لقد تتبّعت جملة من كتب الأصحاب فما وجدت أحدا وافق المصنف-أي العلامة-على هذا الاستحباب.
7- ليست في«ش».
8- نقله عنه في بدائع الصنائع 1:4،و المحلى لابن حزم 2:52.

على التقية،و لا بأس بالحمل على الاستحباب وفاقا للجماعة.

و ربما قيل:حدّه أن يمسح بثلاث أصابع مضمومة كذلك (1).و مستنده غير واضح.

و عن النهاية و الدروس:وجوبها اختيارا و الاكتفاء بالإصبع الواحدة اضطرارا (2).و هو كسابقه في عدم وضوح مستنده؛و لعلّه للجمع بين خبري الإصبع و الثلاث.و لا شاهد له،و ثقل نزع العمامة ليس بضرورة.هذا مع عدم التكافؤ بينهما،لما عرفت.

و لو استقبل الشعر في مسحه فنكس فالأشبه الجواز مع الكراهة وفاقا للمشهور؛للصحيح:«لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و مدبرا» (3)مؤيّدا بالأصل و الإطلاقات.

خلافا لجماعة (4)؛للاحتياط،و الوضوءات البيانية،و غيرهما ممّا تقدم دليلا لعدم جواز النكس في الغسلتين.و هو كذلك لو لا الصحيح المعتضد بالشهرة.

و إنّما يكره تفصيا من الخلاف،و احتياطا عن الأدلة المزبورة،و الإجماع المنقول في الخلاف و الانتصار (5).و عدم مقاومته للصحيح-مع كونه في حكم الصحيح على الصحيح-لتطرق القدح إليه بمخالفته الشهرة الموهنة، المخرجة له عن حيّز الحجية في نفسه.

ص:134


1- قال به الصدوق في الفقيه 1:28.
2- النهاية:14،الدروس 1:92.
3- التهذيب 1:161/58،الاستبصار 1:169/57،الوسائل 1:406 أبواب الوضوء ب 20 ح 1.
4- منهم المفيد في المقنعة:44،و الشيخ في النهاية:14،و الشهيد في الدروس 1:92.
5- الخلاف 1:83،الانتصار:19.

و يجوز المسح على الشعر بالشرط المتقدم؛لإطلاق الأدلة مع كونه أغلب أفراده و البشرة بلا تأمل.

و لا يجزي المسح على حائل كالعمامة و غيرها،إجماعا منا؛ لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ،و أخبار رفع العمامة و القناع ثمَّ المسح كما تقدّم،و خصوص الصحيح:عن المسح على الخفّين و على العمامة،قال:

«لا تمسح عليهما» (1).

و المرفوع:في الذي يخضب رأسه بالحنّاء ثمَّ يبدو له في الوضوء،قال:

«لا يجوز حتى يصيب بشرة رأسه الماء» (2).

و الخبر المروي في كتاب عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام:عن المرأة هل يصلح لها أن تمسح على الخمار؟قال:«لا يصلح حتى تمسح على رأسها» (3).

و المجوّز لمسحه على الحنّاء-كالصحيحين (4)-مع شذوذه محتمل للضرورة أو اللون أو الإنكار أو غير ذلك.

و من العامة من جوّزه على العمامة (5)،و منهم من جوّزه على الرقيق الذي ينفذ منه الماء إلى الرأس (6).

ص:135


1- التهذيب 1:1090/361،الوسائل 1:459 أبواب الوضوء ب 38 ح 8.
2- الكافي 3:12/31،التهذيب 1:1080/359،الاستبصار 1:234/75،الوسائل 1: 455 أبواب الوضوء ب 37 ح 1.
3- مسائل علي بن جعفر:22/110،الوسائل 1:456 أبواب الوضوء ب 37 ح 5.
4- الأول:التهذيب 1:1079/359،الاستبصار 1:232/75،الوسائل 1:455 أبواب الوضوء ب 37 ح 3. الثاني:التهذيب 1:1080/359،الاستبصار 1:233/75،الوسائل 1:456 أبواب الوضوء ب 37 ح 4.
5- انظر بداية المجتهد 1:13،و المغني-لابن قدامة-1:142.
6- انظر بدائع الصنائع 1:5.

و يخصّ ذلك بحال الاختيار،فيجوز على الحائل حال الاضطرار اتفاقا على ما حكي (1)؛لعموم أدلة جواز المسح على الجبائر،كقوله عليه السلام في الحسن بعد أن سئل عن الرجل يكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بخرقة و يتوضأ:«إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة» (2).

و يؤيّده ما دلّ على جوازه فيها في مسح الرجلين كما سيأتي.

فلا ينتقل حينئذ إلى التيمم.خلافا لمن شذّ (3).

الخامس مسح الرّجلين

و الخامس:مسح الرّجلين دون غسلهما؛بالضرورة من مذهبنا، و المتواترة معنى من أخبارنا (4).و ما في شواذّها ممّا يخالف بظاهره ذلك (5)محمول على التقية من أكثر من خالفنا،أو غير ذلك (6)ممّا ذكره بعض مشايخنا.

و محلّه:ظهرهما إجماعا،فتوى و رواية،و عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام:«لو لا أني رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يمسح ظاهر قدميه لظننت أنّ باطنهما أولى بالمسح من ظاهرهما» (7).

و ما في الخبرين-من مسح الظاهر و الباطن أمرا في أحدهما (8)و فعلا في

ص:136


1- حكاه صاحب الحدائق 1:310.
2- الكافي 3:3/33،التهذيب 1:1095/362،الاستبصار 1:239/77،الوسائل 1: 463 أبواب الوضوء ب 39 ح 2.
3- كصاحب المدارك 1:224.قال:و الانتقال إلى التيمم و الحال هذه محتمل.
4- الوسائل 1:418 أبواب الوضوء ب 25.
5- الوسائل 1:421 أبواب الوضوء ب 25 الأحاديث 13 و 14 و 15.
6- كالحمل على التنظيف.انظر التهذيب 1:64.
7- الفقيه 1:93/29،الوسائل 1:416 أبواب الوضوء ب 23 ح 9.
8- التهذيب 1:245/92،الاستبصار 1:185/62،الوسائل 1:415 أبواب الوضوء ب 23 ح 6.

الآخر (1)-محمول على التقية،و لا مانع منه من جهة تضمنهما المسح،إمّا لأن القائلين بغسلهما ربما يعبّرون بمسحهما،و إمّا لأن منهم من أوجب مسحهما مستوعبا (2)،و إمّا لأجل إيهام الناس الغسل بمسحهما كذلك.

و ربما يحمل على إرادة جواز الاستقبال و الاستدبار.هذا مع قصور سندهما و شذوذهما.

و حدّه طولا من رؤوس الأصابع إلى الكعبين إجماعا كما في الخلاف و الانتصار و التذكرة (3)،و ظاهر المنتهى و الذكرى (4)؛استنادا إلى ظاهر الكتاب،بجعل«إلى»غاية المسح.و لا يقدح فيه جعلها غاية للمغسول في اليدين بالإجماع،لعدم التلازم.نعم ربما ينافيه جواز النكس كما يأتي.(مع أنه على تقدير كونها غاية للممسوح يدل على لزوم الاستيعاب الطولي كما أن الأمر في غسل اليدين كذلك،هذا مضافا إلى) (5)الإجماعات و الاحتياط و الوضوءات البيانية،ففي الخبر:أخبرني من رأى أبا الحسن عليه السلام بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب،و من الكعب إلى أعلى القدم الحديث (6).

و خصوص الصحيح:عن المسح على القدمين،كيف هو؟فوضع كفه

ص:137


1- التهذيب 1:215/82،الاستبصار 1:181/61،الوسائل 1:415 أبواب الوضوء ب 23 ح 7.
2- انظر أحكام القرآن-للجصاص-2:345.
3- الخلاف 1:92،الانتصار:27،التذكرة 1:18.
4- المنتهى 1:63،الذكرى:88 و 89.
5- بدل ما بين القوسين في«ل»:فالعمدة..
6- الكافي 3:7/31،التهذيب 1:160/57،الاستبصار 1:170/58،قرب الإسناد: 1200/306 بتفاوت يسير،الوسائل 1:407 أبواب الوضوء ب 20 ح 3.

على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم الحديث (1).فتأمل.

و ربما احتمل الاكتفاء فيه بالمسمى؛بناء على كون الآية لتحديد الممسوح،بمعنى وجوب وقوع المسح على ما دخل في المحدود،تسوية بينه و بين المعطوف عليه،و للصحيح:«إذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من [دخل في المحدود تسوية بينه و بين المعطوف عليه و للصحيح إذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من] قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه» (2).

و يضعّفان بما تقدّم،و يضعّف الثاني بالخصوص باحتمال موصولية ما المفيدة للعموم،و الإبدال (3)من شيء،فيفيد بمفهوم الشرط توقف الإجزاء على مسح مجموع المسافة الكائنة بينهما،و هو يستلزم الوجوب،بل لعلّه الظاهر سيّما بملاحظة ما تقدم،فينهض دليلا على لزوم الاستيعاب.فتأمل.

و عرضا مسمّاه إجماعا،كما عن المعتبر و المنتهى و ظاهر التذكرة (4)؛ للصحيح المتقدم المعتضد بالأصل و الإطلاق.

و يستحب بثلاث أصابع؛للخبر المتقدم في مسح الرأس.

و قيل بوجوبه حكاه في التذكرة (5).

و عن النهاية و أحكام الراوندي:تحديد الواجب بالإصبع (6).

و عن ظاهر الغنية تحديده بالإصبعين (7).

و مستند الجميع غير واضح.

ص:138


1- الكافي 3:6/30،التهذيب 1:243/91،الاستبصار 1:184/62،الوسائل 1:417 أبواب الوضوء ب 24 ح 4.
2- الكافي 3:5/25،التهذيب 1:191/76،الوسائل 1:388 أبواب الوضوء ب 15 ح 3.
3- عطف على الموصولية.منه رحمه اللّه.
4- المعتبر 1:150،المنتهى 1:63،التذكرة 1:18.
5- التذكرة 1:18.
6- النهاية:14،فقه القرآن 1:29.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):553.

و في الصحيح المتقدم إيماء إلى الوجوب بكل الكف،و لا قائل به، فيحمل على الاستحباب.

و عن بعض الأصحاب استحباب تفريج الأصابع (1).و لعله لا بأس به؛ للتسامح في مثله.

و في وجوب مسح الكعبين وجهان ،بل قولان،أحوطهما ذلك،و إن كان ظاهر بعض الصحاح-المتقدم في كفاية المسمى في المسح و المعتبرة النافية لوجوب استبطان الشراكين (2)-العدم.

و هما أي الكعبان قبّتا القدم أمام الساقين ما بين المفصل و المشط (3)،عند علمائنا أجمع،كما عن الانتصار و التبيان و الخلاف و مجمع البيان و المعتبر و المنتهى و الذكرى و ابن زهرة (4)،و ابن الأثير و غيره (5)،حيث نسبوا ذلك إلى الشيعة.

بل يستفاد من التهذيب كونه مجمعا عليه بين كل من قال بوجوب المسح من الأمة،صرح بذلك في شرح كلام المقنعة الصريح فيما ذكرناه بل هو عينه (6).

و هو المتفق عليه بين لغويينا (7)،و جمع من لغوي العامة بل جميعهم (8)؛

ص:139


1- كالشيخ أبي الحسن الحلبي في الإشارة:71،و نقله عنه في كشف اللثام 1:69.
2- الوسائل 1:414،415 أبواب الوضوء ب 23 ح 3 و 4 و 8.
3- مشط القدم:العظام الرقاق المفترشة فوق القدم دون الأصابع.لسان العرب 7:403.
4- الانتصار:28،التبيان 3:456،الخلاف 1:92،مجمع البيان 2:167،المعتبر 1: 151،المنتهى 1:64،الذكرى:88،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):553.
5- ابن الأثير في النهاية 4:178؛و انظر تفسير القرآن لابن كثير 2:49،و لسان العرب 1:718.
6- انظر المقنعة:44 و التهذيب 1:74.
7- كالفراهيدي في العين 1:207،و الطريحي في مجمع البحرين 2:160 و 161.
8- منهم الفيروزآبادي في القاموس 1:129،و المطرّزي في المغرب 2:153،و الفيومي في المصباح المنير 2:534.

لعدم الخلاف بينهم في تسمية ذلك كعبا،و إنّما الخلاف بينهم في تسمية ما عداه به،كما صرّح بالأمرين جماعة،بل و عن الصحاح كونه مذهب الناس عدا الأصمعي (1).

و هو المحكي في كلام الفرّاء،عن الكسائي،عن مولانا محمّد الباقر عليه السلام،حيث إنه أشار في البيان (2)إلى مشط الرّجل قائلا:إنه مذهب الخاصة (3).

و أخبارنا به مع ذلك مستفيضة،ففي الصحيح:«و إذا قطع-أي مولانا أمير المؤمنين عليه السلام-الرّجل قطعها من الكعب» (4).

و هو فيما ذكرنا ظاهر بناء على أن موضع القطع عند معقد الشراك بإجماعنا المستفيض نقله عن جماعة (5)من أصحابنا،و أخبارنا (6).

ففي المروي مسندا في الفقيه و التهذيب و الكافي عن مولانا الصادق عليه السلام:«إنما يقطع الرّجل من الكعب،و يترك من قدمه ما يقوم عليه و يصلّي و يعبد اللّه»الحديث (7).

و هو-كما ترى-صريح في المطلبين (8)،و سيأتي ما يدل على الثاني

ص:140


1- الصحاح 1:213.
2- أي بيان الكعب.منه رحمه اللّه.
3- حكاه في الذكرى:88.
4- الفقيه 4:157/46،الوسائل 254/28 أبواب حد السرقة ب 4 ح 8.
5- منهم الشيخ في الخلاف 1:93،و المبسوط 1:22،و المرتضى في الانتصار:28،و ابن حمزة في الوسيلة:49 و 50،و أبو الصلاح في الكافي:132.منه رحمه اللّه.
6- عطف على قوله بإجماعنا.منه رحمه اللّه.
7- الكافي 7:17/225،الفقيه 4:171/49،التهذيب 10:401/103،الوسائل 28: 2571 أبواب حد السرقة ب 5 ح 8.
8- أي كون الكعب وسط القدم و أنه مقطع رجل السارق.منه رحمه اللّه.

أيضا.

و في الصحيح:عن المسح على القدمين كيف هو؟فوضع كفه على الأصابع،فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم (1)أو:ظاهره على اختلاف النسختين.

و ظهوره فيما ذكرناه بناء على إطلاق اللفظتين لما ارتفع و ليس من القدم إلاّ وسطه.

و ينقدح منه وجه الاستدلال بالخبرين الموصف عليه السلام له في أحدهما في ظهر القدم (2)،و الواضع يده عليه قائلا:«إنّ هذا هو الكعب»في ثانيهما (3).

و حمل الثلاثة الأخيرة-ككلام أكثر الأصحاب-على قول من يذهب منّا إلى أنه المفصل بين الساق و القدم،بإرادة العظم المائل إلى الاستدارة الواقع في ملتقى الساق و القدم الناتئ في وسط القدم عرضا نتوّا غير محسوس،من العظم (4)الناتئ في وسط القدم،كما في عبارات الأكثر،و من ظهر القدم كما في الثلاثة.

بعيد مخالف للظاهر و المتبادر منهما كما اعترف به الحامل (5)،فلا وجه له أصلا سيّما بعد ذلك،مضافا إلى عدم قبول ظاهر عبارات الأكثر ذلك، لوصفه بالنتوّ في ظهر القدم عند معقد الشراك في عبارة،و كونه معقد الشراك في أخرى،و كونهما في ظهر القدم عند معقد الشراك في ثالثة،و أنهما في معقد

ص:141


1- تقدّم مصدره في ص:138-137.
2- التهذيب 1:189/75،الوسائل 1:435 أبواب الوضوء ب 31 ح 1.
3- التهذيب 1:190/75،الوسائل 1:391 أبواب الوضوء ب 15 ح 9.
4- متعلّق ب:إرادة.
5- و هو البهائي في الحبل المتين:18.

الشراك في رابعة.

و لعل الحامل للحامل بهذا الحمل و اختياره ذلك مذهبا نسبة ذلك إلى الشيعة في كلام جماعة من العامة (1)،و كلام أهل التشريح،و ظاهر الصحيح بزعمه،و فيه:قلنا:أين الكعبان؟فقال:«هاهنا»يعني المفصل دون عظم الساق،فقلنا:هذا ما هو؟فقال:«هذا عظم الساق» (2)كذا في التهذيب،و في الكافي بزيادة قوله:«و الكعب أسفل من ذلك» (3).

و في الجميع نظر:

ففي الأول بالمعارضة بنسبة من تقدّم من علمائهم أيضا ما ذكرناه إلينا.

و الثاني بالمعارضة بكلام اللغويين منّا و غيرهم ممّن خالفنا كما عرفت، مضافا إلى المعارضة بالإجماعات المستفيضة فيهما.

و الثالث بالمعارضة بالصحيح الأول و تاليه الصريحين فيما ذكرنا، و احتمال أن يراد بالمفصل فيه مقطع السارق أي المفصل الشرعي،بل لعلّه الظاهر بملاحظة بعض المعتبرة كالرضوي:«يقطع السارق من المفصل و يترك العقب يطأ عليه» (4)لإيمائه إلى معروفية المفصل عند الإطلاق في ذلك الزمان، و أنه الذي في وسط القدم،حيث أطلق عليه مجرّدا عن القرينة ابتداء اتكالا على معروفيته.

و منه ينقدح وجه استدلال المعظم من أصحابنا به لما ذهبوا إليه.

ص:142


1- كالفخر الرازي في التفسير الكبير 11:162،و النيسابوري(هامش تفسير الطبري 6):74.
2- التهذيب 1:191/76،الوسائل 1:388 أبواب الوضوء ب 15 ح 3.
3- الكافي 3:5/25.
4- لم نعثر عليها في فقه الرضا،و قد نقلها صاحب الوسائل 28:254 أبواب حد السرقة ب 4 ح 7 عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى،و لعلّ منشأ النسبة إلى الرضوي امتزاج نوادر أحمد ابن محمد بن عيسى بالفقه الرضوي في بعض نسخه.

هذا،مضافا إلى دلالته على ما ذكرنا أيضا-مع قطع النظر عن ملاحظة ما ذكر-بملاحظة لفظ الدون الدالّ على لزوم مسافة و لو في الجملة بين المفصل و عظم الساق،و ليست مع إرادة المفصل بين عظم الساق و القدم من لفظ المفصل فيه،بل المفصل حينئذ عين عظم الساق أو جزؤه،لكونه عبارة عن مجمع العظمين منه و من القدم فكيف يكون دونه.و تتأيد الدلالة بملاحظة نسخة الكافي (1)كما لا يخفى.

فالمصير إلى هذا القول ليس بحسن مصير كما عن المختلف و الشهيد في الرسالة و صاحب الكنز و غيرهم من متأخري المتأخرين (2).

هذا،و ربما يؤوّل كلام الأول إلى ما يؤول إلى الأول و يدّعى عدم مخالفته له بتوجيه حسن مع شاهد جميل.

و كيف كان فالمذهب:الأول،و الأحوط:الثاني مع تأمل فيه.فتأمّل .

و يؤيد المختار ما نصّ من الأخبار على المسح على النعلين من غير استبطان الشراكين،خصوصا على دخول الكعبين في الممسوحين كما هو أحوط القولين المتقدمين قبيل المقام (3).

و يجوز المسح هنا كالرأس منكوسا على الأشهر الأظهر،لما تقدّم،مضافا إلى خصوص الخبر،بل الصحيح:أخبرني من رأى أبا الحسن بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب و من الكعب إلى أعلى القدم و يقول:«الأمر في مسح الرّجلين موسّع،من شاء مسح مقبلا و من شاء

ص:143


1- الكافي 3:5/25.
2- المختلف:24،الرسالة(الألفية في الصلاة اليومية):28 و 29،كنز العرفان 1:18؛و انظر مفاتيح الشرائع 1:46.
3- راجع ص 139.

مسح مدبرا،فإنه من الأمر الموسّع» (1).

و الصحيح المتقدم ثمّة المروي بطريق آخر هكذا:«لا بأس بمسح القدمين مقبلا و مدبرا» (2).

خلافا لمن تقدّم؛لما تقدّم.و الجواب ما عرفت ثمّة (3).

و لا يجوز على حائل من خفّ و غيره و منه الشعر المختص على الأحوط؛لندرة إحاطة الشعر بالرّجل،فلا يعمّه الإطلاق،و عموم الأرجل بالنسبة إلى المكلّفين،و كذا النهي عن البحث عمّا أحاط به الشعر (4).

و الأصل في المقام-مضافا إلى ما تقدّم في المسح الأول من الإجماع منّا و غيره-النصوص (5).

إلاّ لضرورة اتفاقا على الظاهر؛للعمومات،و أخبار الجبائر،منها خبر وضع المرارة على الإصبع (6).

و منها التقية؛لخبر أبي الورد المعتبر بورود المدح فيه (7)،و رواية حمّاد عنه،و اشتهاره بين الأصحاب:عن الخفّين هل فيهما رخصة؟فقال:«لا إلاّ من عدوّ تتقيه أو ثلج تخاف على رجليك» (8).

ص:144


1- الكافي 3:7/31،التهذيب 1:160/57،الاستبصار 1:170/58،قرب الإسناد:306 1200/ بتفاوت،الوسائل 1:407 أبواب الوضوء ب 20 ح 3.
2- التهذيب 1:217/83،الوسائل 1:406 أبواب الوضوء ب 20 ح 2.
3- راجع ص 129.
4- الفقيه 1:88/28،التهذيب 1:1106/364،الوسائل 1:476 أبواب الوضوء ب 46 ح 2،3.
5- انظر الوسائل 1:457 أبواب الوضوء ب 38.
6- الكافي 3:4/33،التهذيب 1:1097/363،الاستبصار 1:240/77،الوسائل 1: 464 أبواب الوضوء ب 39 ح 5.
7- الكافي 4:46/263.
8- التهذيب 1:1092/362،الاستبصار 1:236/76،الوسائل 1:458 أبواب الوضوء ب 38 ح 5.

و ما ورد في المعتبرة من عدم التقية في المسح على الخفّين و متعة الحج (1)-مع مخالفته الاعتبار و الأخبار عموما و خصوصا-يحتمل الاختصاص بهم عليهم السلام،كما قاله زرارة في الصحيح،و أنه (2)لا حاجة إلى فعلهما غالبا للتقية،لعدم إنكار العامة خلعهما للوضوء و لا متعة الحج،و إن كان فعلهما على بعض الوجوه مما يوهمهم الخلاف .

و في حكمه (3)غسل الرّجلين،فيجوز للتقية.و لو دارت بينه و بين ما تقدّم قيل:هو أولى،كما عن التذكرة (4)،لخروج الخفّ من الأعضاء.

و في وجوب إعادة الوضوء حينئذ مع زوال السبب من غير حدث وجهان، بل قولان ،أحوطهما:الأول لو لم يكن أقوى؛لتعارض أصالة بقاء الصحة بأصالة بقاء يقين اشتغال الذمة بالمشروط بالطهارة،و عدم ثبوت أزيد من الاستباحة من الخبر المجوّز له للضرورة،و هي تتقدّر بقدرها.و هو خيرة المنتهى و مقرب التذكرة (5)،و في التحرير ما ذكرناه (6).

خلافا للمشهور،لاختيارهم الثاني كما قيل (7).فلو زال قبل فوات الموالاة وجب المسح لبقاء وقت الخطاب،كما عن مقتضى المبسوط و المعتبر و المنتهى (8)،و يأتي العدم (9)على الثاني .

ص:145


1- الكافي 3:2/32،التهذيب 1:1093/362،الاستبصار 1:237/76،الوسائل 1: 457 أبواب الوضوء ب 38 ح 1.
2- عطف على قوله:الاختصاص.منه رحمه اللّه.
3- أي المسح على الخفين.منه رحمه اللّه.
4- التذكرة 1:18.
5- المنتهى 1:66،التذكرة 1:18.
6- قال في التحرير 1:10 فلو زال السبب ففي الإعادة نظر.
7- قال به صاحب الحدائق 2:313.
8- المبسوط 1:22،المعتبر 1:154،المنتهى 1:66.
9- أي عدم وجوب الإعادة.منه رحمه اللّه.
السادس الترتيب

و السادس:الترتيب بالكتاب و السنّة و الإجماع،و هو أن يبدأ بالوجه،ثمَّ باليمنى،ثمَّ باليسرى،ثمَّ بالرأس،ثمَّ بالرّجلين بلا خلاف في شيء من ذلك فتوى و رواية.

ففي الصحيح:«تابع بين الوضوء كما قال اللّه عزّ و جل،ابدأ بالوجه، ثمَّ باليدين،ثمَّ بمسح الرأس و الرّجلين،و لا تقدّمنّ شيئا بين يدي شيء تخالف ما أمرت به،فإن غسلت الذراع قبل الوجه فابدأ بالوجه و أعد على الذراع،و إن مسحت الرّجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرّجل ثمَّ أعد على الرّجل، ابدأ بما بدأ اللّه عزّ و جل به» (1).

و في آخر:في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين،قال:«يغسل اليمين و يعيد اليسار» (2)و بضمّه مع الأول يتم المطلوب؛و في الموثّق تمامه (3).

و يكفي قصده (4)مع عدمه حسّا بوقوع الوضوء في المطر،و ينوي الأول فالأول،و عليه يحمل الخبر الصحيح المجوّز له فيه (5)،و إلاّ فهو غير باق على ظاهره إجماعا.

و في وجوب الترتيب بين الرّجلين بتقديم اليمنى على اليسرى أقوال،

ص:146


1- الكافي 3:5/34،الفقيه 1:89/28،التهذيب 1:251/97،الاستبصار 1:223/73، الوسائل 1:448 أبواب الوضوء ب 34 ح 1.
2- التهذيب 1:253/97،الاستبصار 1:225/73،الوسائل 1:451 أبواب الوضوء ب 35 ح 2.
3- الكافي 3:6/35،التهذيب 1:258/99،الاستبصار 1:227/74،الوسائل 1:452 أبواب الوضوء ب 35 ح 8.
4- أي الترتيب.منه رحمه اللّه.
5- التهذيب 1:1082/359،الاستبصار 1:231/75،قرب الإسناد:649/176،مسائل علي بن جعفر:353/183،الوسائل 1:454 أبواب الوضوء ب 36 ح 1.

ثالثها:نعم مع انفرادهما (1)و لا مع العدم (2)،كما في الذكرى عن بعض (3)، و اختاره جمع من متأخري المتأخرين (4)؛للمروي في الاحتجاج:«يمسح عليهما جميعا معا،فإن بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبدأ إلاّ باليمين» (5).

و لا حجّة فيه؛لقصور السند،و لا جابر.

و قيل بالوجوب مطلقا،كما اختاره الشهيدان في اللمعة و شرحها (6)،و عن الصدوقين و الإسكافي و سلاّر (7)،و هو مختار جمع ممّن تقدم،و منهم الشيخ في ظاهر الخلاف مدّعيا عليه الإجماع (8).

للأصل ،و الصحيح أو الحسن:«امسح على القدمين و ابدأ بالشق الأيمن» (9).

و مروي النجاشي مسندا في رجاله عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول:«إذا توضّأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده» (10).و هو عامّ.

و ما روي عن مولانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه كان إذا توضأ

ص:147


1- بأن يمسح اليمين أو اليسار فقط.منه رحمه اللّه.
2- أي عدم الانفراد بأن يمسحهما معا.منه رحمه اللّه.
3- الذكرى:90.
4- منهم المحقق السبزواري في الذخيرة:35،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:71.
5- الاحتجاج:492،الوسائل 1:450 أبواب الوضوء ب 34 ح 5.
6- الروضة 1:77.
7- الفقيه 1:28،نقله عن الصدوقين و الإسكافي في المختلف:25،سلاّر في المراسم: 38.
8- الخلاف 1:95.
9- الكافي 3:2/29،الوسائل 1:449 أبواب الوضوء ب 34 ح 2.
10- رجال النجاشي:7،الوسائل 1:449 أبواب الوضوء ب 34 ح 4.

بدأ بميامنه (1).

و الوضوء البياني مع قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«هذا وضوء لا يقبل اللّه تعالى الصلاة إلاّ به» (2).

و حمل هذه الأخبار على الاستحباب-كما عن المعتبر و المنتهى و التذكرة و النفلية (3)-وجهه غير واضح،سوى الأصل (4)،و إطلاق الآية و غيرها.و هما غير صالحين له؛لما فيها من معتبر السند المؤيد بالأصل و الباقي (5)،فيقيّد الجميع بها.

و المشهور أنه لا ترتيب فيهما بل عن الحلّي في بعض فتاويه نفي الخلاف عنه (6)،فإن تمَّ إجماعا و إلاّ فالوجوب مطلقا قوي،لضعف مستند العدم بما تقدّم،و الاحتياط لا يترك.

السابع الموالاة

و السابع:الموالاة بالنص و الإجماع،و المراد بالوجوب هنا معناه الشرعي لا الشرطي خاصة كما ربما يتوهم من أدلتها ؛لا لها (7)،بل لعموم الناهي عن إبطال الأعمال.

و هي أن يكمل المتوضئ طهارته قبل حصول الجفاف في العضو السابق على اللاحق،و إن لم يتتابعا حقيقة أو عرفا،كما هنا و في اللمعة و شرحها (8)،و عن الجمل و العقود و المراسم و الغنية و الوسيلة و السرائر و الشرائع

ص:148


1- أمالي الطوسي:397،الوسائل 1:449 أبواب الوضوء ب 34 ح 3.
2- الفقيه 1:76/25،الوسائل 1:438 أبواب الوضوء ب 31 ح 11.
3- المعتبر 1:156،المنتهى 1:69،التذكرة 1:19،النفلية:6.
4- أي أصالة براءة الذمة.منه رحمه اللّه.
5- أي باقي الأخبار.منه رحمه اللّه.
6- نقله عنه في الذخيرة:35.
7- أي الوجوب الشرعي ليس من جهة أدلة وجوب الموالاة.منه رحمه اللّه.
8- الروضة البهيّة 1:77.

و الذكرى و الدروس و البيان و الألفية (1)و ظاهر الكامل،و هو المشهور بين الأصحاب.

للأصل،و إطلاق الآية و النصوص،و إطلاق الصحيح فيمن توضأ فبدأ بالشمال قبل اليمين إنه:«يغسل اليمين و يعيد اليسار» (2)الشامل للعامد.

و عن المقنعة و النهاية و التهذيب و المبسوط و الخلاف و الاقتصار و أحكام الراوندي و المعتبر و كتب العلاّمة (3):المتابعة الحقيقية حتى يجب أن يعقّب كلّ عضو بالسابق عليه عند كماله من دون مهلة.

للاحتياط.

و الوضوء البياني مع قوله عليه السلام:«هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلاّ به».

و الفورية المستفادة من الآية إمّا من الأمر فيها أو الفاء المفيدة للتعقيب بلا مهلة أو الإجماع.

و الحسن:«أتبع وضوءك بعضه بعضا» (4).

و الخبر فيمن نسي الذراع و الرأس إنه:«يعيد الوضوء،إنّ الوضوء يتبع بعضه بعضا» (5).

ص:149


1- الجمل و العقود(الرسائل العشر):159،المراسم:38،الغنية(الجوامع الفقهية):554، الوسيلة:50،السرائر 1:101،الشرائع 1:22،الذكرى:91،الدروس:4،البيان: 49 الألفية:29،و حكاه عن الكامل في الذكرى:91.
2- التهذيب 1:253/97،الاستبصار 1:225/73،الوسائل 1:451 أبواب الوضوء ب 35 ح 2.
3- المقنعة:47،النهاية:15،التهذيب 1:98،المبسوط 1:23،الخلاف 1:93، الاقتصاد:243،فقه القرآن:29،المعتبر 1:157؛و انظر نهاية الأحكام 1:49،و المنتهى 1:70،و المختلف:25.
4- الكافي 3:4/34،الوسائل 1:446 أبواب الوضوء ب 33 ح 1.
5- الكافي 3:9/35،علل الشرائع:1/289،الوسائل 1:448 أبواب الوضوء ب 33 ح 6.

و الأول معارض بالأصل،إمّا بنفسه،لجريانه في المقام و لو كان عبادة، بناء على عدم شرطيتها فيها،بل هي واجبة خارجية لا يبطل الوضوء بفواتها، كما هو ظاهر أكثر أصحاب هذا القول،حيث جعلوا الشرط خصوص عدم الجفاف،و أبطلوا الوضوء به لا بفواتها،من حيث عدم تعلقه حينئذ بالعبادة مطلقا بل بالتكليف الخارجي،و لا فرق حينئذ بينها و بين غيرها.

أو به بمعونة ما دلّ على عدم البطلان إلاّ بالجفاف من الأخبار لو قيل باشتراطها في الصحة لا وجوبها على حدة،كما عن المبسوط (1).

و الثاني معارض بهما (2)،مضافا إلى عدم انطباقه (3)على قول الأكثر من أصحاب هذا القول.

و الثالث مردود بعدم إفادة الأمر الفورية على الأظهر الأشهر،و الشك في إفادة الفاء المزبور لها للاختلاف فيها،و منع الإجماع في مثل المقام.و على تقدير تسليم الفورية فالثابت منها إنما هو بالنظر إلى نفس الوضوء و مجموعه لا أبعاض أفعاله و أجزائه(و لو سلّم فمفادها الفورية بالنسبة إلى غسل الوجه بالإضافة إلى إرادة القيام إلى الصلاة،و لا قائل بها،و صرفها إلى غسل اليدين و ما بعده خاصة ممّا كاد أن يقطع بفساده) (4).

و الاتباع المأمور به في الخبرين مراد به الترتيب ظاهرا على ما يشهد به سياقهما ،و مع التنزل فالاحتمال كاف في عدم الدلالة.

و هل يعتبر في الجفاف-على القول به-جفاف جميع ما سبق؟كما هو الأشهر الأظهر،و عن المعتبر و المنتهى و التذكرة و نهاية الأحكام و البيان و ظاهر

ص:150


1- المبسوط 1:23.
2- أي الأصل و ما دلّ على عدم البطلان.منه رحمه اللّه.
3- من حيث دلالته على الشرطية و عدم القبول إلاّ بها.منه رحمه اللّه.
4- ما بين القوسين ليست في«ل».

الخلاف و النهاية و الكامل و الكافي لأبي الصلاح (1)؛لاستصحاب بقاء الصحة، و الاتفاق فتوى و رواية على جواز أخذ البلل من الوجه للمسح إن لم يبق على اليدين،و ظاهر النصوص الناطقة بالبطلان بجفاف الوضوء الظاهر في جفاف الجميع خاصة،منها الموثق:«إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوؤك فأعد على وضوئك،فإنّ الوضوء لا يتبعّض» (2)و المفهوم منه عدم لزوم الإعادة مع عدم يبس الوضوء بمجموعه،و هو حجة على الأصح.

أو جفاف البعض مطلقا؟كما عن الإسكافي (3)،ليقرب من الموالاة الحقيقية،و لعموم جفاف الوضوء الوارد في الأخبار الشامل لجفاف البعض مطلقا،و لا يخفى ضعفه.

أو الأقرب (4)؟كما عن الناصريات و المراسم و السرائر و الإرشاد و المهذّب (5)،بناء على تفسير الموالاة بذلك،فإنها إتباع الأعضاء بعضها بعضا،فالجفاف و عدمه إنما يعتبران في العضوين المتصلين.و هو مع ضعفه بما تقدم لا دليل عليه.

و في الصحيح:قلت:ربما توضأت و نفد الماء،فدعوت الجارية فأبطأت عليّ بالماء فيجفّ وضوئي،فقال:«أعده» (6).

ص:151


1- المعتبر 1:157،المنتهى 1:70،التذكرة 1:20،نهاية الأحكام 1:49،البيان:49، الخلاف 1:93،النهاية:15،حكاه عن الكامل في الذكرى:91،الكافي في الفقه: 133.
2- الكافي 3:7/35،التهذيب 1:255/98،الاستبصار 1:220/72،علل الشرائع: 2/289،الوسائل 1:446 أبواب الوضوء ب 33 ح 2.
3- حكاه عنه في المختلف:27.
4- عطف على قوله البعض مطلقا أي جفاف الأقرب.منه رحمه اللّه.
5- الناصريات(الجوامع الفقهية):185،المراسم:38،السرائر 1:101،الإرشاد 1:223، المهذّب 1:45.
6- الكافي 3:8/35،التهذيب 1:256/98،الاستبصار 1:221/72،الوسائل 1:447 أبواب الوضوء ب 33 ح 3.

و المستفاد منه و من الموثق السابق بطلان الوضوء بالجفاف مع التأخير خاصة لا مطلقا،فإطلاق القول ببطلانه به غير وجيه،بل مقتضى استصحاب بقاء الصحة صحته لو جفّ بدونه.

و بالجملة الأصل مع فقد ما يدل على البطلان حينئذ-لاختصاص الخبرين بحال الضرورة الخاصة-دليل الصحة لو جفّ مع الموالاة لشدة حرارة و مثلها،بحيث لولاها و اعتدل الهواء لما جفّ و تمَّ الوضوء.و يظهر من الذكرى -كما سيأتي-كونه وفاقا بين الأصحاب (1)،مضافا إلى الرضوي،و فيه:«فإن فرغت من بعض وضوئك و انقطع بك الماء من قبل أن تتمّه،ثمَّ أوتيت بالماء، فأتمّ وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا،فإن كان قد جفّ فأعد الوضوء،و إن جفّ بعض وضوئك قبل أن تتمّ الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي،جفّ وضوؤك أو لم يجف» (2).

و بمضمونه أفتى الصدوقان في الرسالة و المقنع (3).و ينبغي حمله -ككلام الصدوقين-على الجفاف لنحو شدّة الحرّ لا على اعتدال الهواء؛لعدم تبادر غير ما ذكر منهما.و يؤيده ظاهر خبر حريز عن مولانا الصادق عليه السلام كما عن مدينة العلم (4)،و عن التهذيب و غيره الوقف على حريز قال:فإن جفّ

ص:152


1- الذكرى:92.
2- فقه الرضا«عليه السلام»:68،المستدرك 1:328 أبواب الوضوء ب 29 ح 1.
3- نقله عن والده في الفقيه 1:35،المقنع:6.
4- حكاه عنه في الذكرى:91،و كتاب مدينة العلم للشيخ الصدوق،أبي جعفر،محمد بن علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي،و هو أكبر من كتاب من لا يحضره الفقيه،و لكنّه ليس مرتبا على الأبواب،بل هو نظير روضة الكافي،و قد عدّه بعض علمائنا الأبرار خامس أصولنا الأربعة التي عليها مدار الشيعة في جميع الأعصار؛فالأسف على ضياع هذه النعمة العظمى من بين أظهرنا و أيدينا من لدن عصر والد الشيخ البهائي،مع نهاية اهتمام علمائنا في تحصيله،و إنفاقهم المبالغ الخطيرة في سبيله.راجع الفهرست:157،معالم العلماء:112،روضات الجنات 6:136،الذريعة 20:252.

الأول قبل أن أغسل الذي يليه،قال:«جفّ أو لم يجف اغسل ما بقي» (1)إلاّ أن الظاهر حمله على التقية كما يشهد به تتمته (2).

و الأصح اعتبار الجفاف حسّا لا تقديرا،فلو لم يحصل لعارض في مدّة مديدة لو فرض فقده لحصل قبلها و لو بكثير صحّ الوضوء،وفاقا للشهيدين (3).

و تقييد الأصحاب الجفاف بالهواء المعتدل ليخرج طرف الإفراط في الحرارة كما ذكرنا،لا لإخراج ما فرضناه ،صرّح به شيخنا في الذكرى (4)، و كلامه هذا كما ترى ظاهر فيما قدّمناه من عدم البطلان بالجفاف في غير الضرورة الخاصة الناشئة عن التأخير.

مسائل
الفرض في الغسلات مرّة و الغسلة الثانية سنة و الثالثة بدعة

و الفرض في الغسلات التي يتحقق به الامتثال مرّة واحدة إجماعا من الكلّ.

و الغسلة الثانية جائزة بلا خلاف،كما صرّح به بعض المحقّقين و نقله عن أمالي الصدوق (5)،و دل عليه الأخبار (6)حتى الأخبار النافية للاستحباب عنها،كالخبر المروي في الخصال:«هذه شرائع الدين لمن تمسّك بها و أراد اللّه تعالى هداه:إسباغ الوضوء كما أمر اللّه تعالى في كتابه

ص:153


1- التهذيب 1:232/88،الاستبصار 1:222/72،الذكرى:91،الوسائل 1:447 أبواب الوضوء ب 33 ح 4.
2- حيث جعل الوضوء مثل الغسل في عدم اعتبار الموالاة و جواز التعويق إلى العصر.منه رحمه اللّه.
3- الشهيد الأوّل في الذكرى:92،و الشهيد الثاني في الروضة البهيّة 1:77.
4- الذكرى:92.
5- انظر حاشية المدارك للبهبهاني(المدارك الطبع الحجري):35،و أمالي الصدوق:514.
6- الوسائل 1:435 أبواب الوضوء ب 31.

الناطق،غسل الوجه و اليدين إلى المرفقين،و مسح الرأس و القدمين إلى الكعبين مرّة مرّة،و مرّتان جائز» (1).

و القول المنقول في الخلاف (2)عن بعض الأصحاب بعدم مشروعيتها ضعيف قطعا.

و سنّة على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع عن الانتصار و الغنية و السرائر (3)؛للمسامحة في أدلة السنن،بناء على ما عرفت من الجواز قطعا، و للصحاح و غيرها المستفيضة المؤيدة بالشهرة و الإجماعات المنقولة و أدلة المسامحة،مع صراحة بعضها و عدم قبوله شيئا من الاحتمالات التي ذكرت للجمع بينها و بين الأخبار المانعة من الاستحباب،مع بعدها بالنسبة إلى غيره،إمّا في نفسه أو لقرائن ظاهره.

كمروي الكشّي في الرجال بسنده فيه عن داود الرقّي،و فيه الأمر بالثلاث أوّلا للتقية ثمَّ بعد ارتفاعها الأمر بالثنتين (4).

و مثله بل و أصرح:مروي المفيد-رحمه اللّه-في إرشاده عن علي بن يقطين،و فيه بعد الأمر بالثلاث و غسل الرّجلين و تبطين اللحية تقية و ظهور ارتفاع التقية:«ابتدئ الآن يا علي بن يقطين،توضأ كما أمر اللّه تعالى،اغسل وجهك مرّة فريضة و اخرى إسباغا،و اغسل يديك من المرفقين كذلك،و امسح بمقدّم رأسك و قدميك من فضل نداوة وضوئك،فقد زال ما كنّا نخاف عليك» (5).

و قصور سندهما منجبر بما تقدّم،مضافا إلى اعتبار متنيهما من حيث

ص:154


1- الخصال:9/603،الوسائل 1:397 أبواب الوضوء ب 15 ح 18.
2- الخلاف 1:87.
3- الانتصار:28،الغنية(الجوامع الفقهية):554،السرائر 1:100.
4- رجال الكشي 2:564/600،الوسائل 1:443 أبواب الوضوء ب 32 ح 2.
5- إرشاد المفيد 2:228،الوسائل 1:444 أبواب الوضوء ب 32 ح 3.

تضمنهما الإعجاز.

فتترجح على غيرها من بعض الأخبار المانعة من استحبابها،كما تقدّم (1)،و مرسل الفقيه:«من توضّأ مرّتين لم يوجر» (2)مضافا إلى ضعفه سندا.

و ليس منه الإخبار البيانية؛لورودها في بيان الواجبات،لخلوّها من كثير من المستحبات.

و كذا الأخبار الدالة على أنّ الوضوء مرّة مرّة؛لحملها على الواجبي.

و كذا الأخبار الدالة على كون وضوء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ عليه السلام مرّة مرّة (3)؛لعدم التصريح فيها بعدم استحباب الثانية،مع ما علم من حال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الاقتصار في الأعمال (4)على ما وجب اشتغالا منه بالأهم،و إظهار الاستحباب و جواز الترك،مضافا إلى معارضتها بما دلّ على تثنيتهما في غسله،ففي الخبر:«إني لأعجب ممّن يرغب أن يتوضأ اثنتين،و قد توضّأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اثنتين اثنتين» (5)مضافا إلى ضعف أسانيدها.

فالقول بعدم استحبابها مع الجواز-كما عن البزنطي و الكليني و الصدوق في الفقيه و الأمالي (6)-ضعيف جدا لا يلتفت إليه،سيّما مع عدم التئامه مع ما

ص:155


1- أي مثل الخبر المتقدم عن الخصال.منه رحمه اللّه.
2- الفقيه 1:83/26،الوسائل 1:438 أبواب الوضوء ب 31 ح 14.
3- الفقيه 1:76/25،الوسائل 1:438 أبواب الوضوء ب 31 ح 10. وضوء علي عليه السلام:الكافي 3:9/27،التهذيب 1:207/80،الوسائل 1:437 أبواب الوضوء ب 31 ح 7.
4- في«ل»:العمل.
5- الفقيه 1:80/25،الوسائل 1:439 أبواب الوضوء ب 31 ح 16.
6- نقله عن البزنطي في الوسائل 1:310،الكليني في الكافي 3:27،الفقيه 1:26،الأمالي: 514.

دلّ على وجوب رجحان العبادة و كون المسح ببقية البلّة.

و منه يظهر أنّ الثالثة بدعة مضافا إلى استفادتها من المعتبرة المنجبرة بالشهرة،ففي المرسل:أنها بدعة (1).

و في الخبر:«من توضأ ثلاثا فلا صلاة له» (2).

و في آخر:«توضأ مثنى مثنى و لا تزدن عليه،فإنك إن زدت عليه فلا صلاة لك» (3).

خلافا لمن شذّ،كالمفيد حيث جعلها تكلّفا و الزائد عليها بدعة (4)، و الإسكافي فجعل الثالثة غير محتاج إليها (5).

و مال إليه المصنف في المعتبر،قال:لأنه لا ينفك عن ماء الوضوء الأصلي (6).

و هو ضعيف؛لعدم انحصار دليل المنع في وجوب المسح بالبلّة، و مع ذلك فهو غير تام في نفسه،من حيث إنّ المستفاد من الأدلة المسح بالبلّة و المتبادر منه عدم ممازجتها بشيء آخر غيرها.

و لا تكرار في المسح عندنا،لا وجوبا و لا استحبابا؛للإجماع، و النصوص،و الأصل،و الوضوءات البيانية.

ص:156


1- التهذيب 1:212/81،الاستبصار 1:217/71،الوسائل 1:436 أبواب الوضوء ب 31 ح 3.
2- رجال الكشي 2:564/600،الوسائل 1:443 أبواب الوضوء ب 32 ح 2.
3- رجال الكشي 2:564/600 الوسائل 1:443 أبواب الوضوء ب 23 ح 2.
4- المقنعة:49.
5- نقله عنه العلامة في المختلف:22.
6- المعتبر 1:160.

خلافا للشافعي فاستحب تثليثه (1)،و ابن سيرين فأوجب التثنية (2).

و لكن لا ضرر في مجرد فعله،وفاقا للشهيد (3)من غير قصد المشروعية مطلقا (4).و معه حرام و بدعة البتة،كما عن التذكرة (5)،و عليه ينزل إطلاق التحريم عليه في كلام الشيخين و ابني حمزة و إدريس (6).و يكون حينئذ آثما و وضوؤه صحيحا،وفاقا للتذكرة (7)؛لخروجه بالمسح الأول عن العهدة.و عن الذكرى عدم الخلاف فيه و كذا عن السرائر (8).

يحرّك أو ينزع ما يمنع وصول الماء إلى البشرة

و يحرّك أو ينزع ما يمنع وصول الماء إلى البشرة كالخاتم و الدملج و نحوهما،و منه الوسخ تحت الأظفار الخارج عن العادة قطعا و غيره، على الأحوط وجوبا؛لعدم صدق الامتثال بدونه،و للنصوص،منها الصحيح:

عن المرأة عليها السوار و الدملج في بعض ذراعها،لا تدري يجري الماء تحته أم لا،كيف تصنع إذا توضأت أو اغتسلت؟قال:«تحرّكه حتى يدخل الماء تحته أو تنزعه» (9).

و الحسن:عن الخاتم إذا اغتسلت،قال:«حوّله من مكانه،و في الوضوء

ص:157


1- كما في الأم 1:26.
2- نقله عنه الشيخ في الخلاف 1:79.
3- كما في الذكرى:95.
4- أي وجوبا أو استحبابا.
5- التذكرة 1:21.
6- المفيد في المقنعة:49،الطوسي في المبسوط 1:23،ابن حمزة في الوسيلة:51،ابن إدريس في السرائر 1:100.
7- التذكرة 1:21.
8- الذكرى:95،السرائر 1:100.
9- الكافي 3:6/44،التهذيب 1:222/85،قرب الإسناد:647/176،الوسائل 1:467 أبواب الوضوء ب 41 ح 1.

تديره» (1).

و لو لم يمنع قطعا حرّكه استحبابا و لا وجه له إلاّ أن يكون تعبّدا، و هو فرع الثبوت.

و الجبائر أي الألواح و الخرق التي تشدّ على العظام المنكسرة،و في حكمها ما يشدّ على الجروح أو القروح،أو يطلى عليها أو على الكسور من الدواء،اتفاقا فتوى و رواية تنزع وجوبا اتفاقا؛تحصيلا للامتثال،و التفاتا إلى ما يأتي من فحاوي الأخبار.أو يكرّر الماء،أو يغمس العضو فيه حتى يصل البشرة إن أمكن شيء منها لذلك.

على الترتيب بينها على الأحوط،بل قيل بتعينه كما عن التذكرة (2)، و التخيير على الأظهر،وفاقا لظاهر التحرير و نهاية الأحكام (3)؛للأصل، و حصول الغسل المعتبر شرعا،و ظاهر الإجزاء في الموثق في ذي الجبيرة:

كيف يصنع؟قال:«إذا أراد أن يتوضأ فليضع إناء فيه ماء و يضع موضع الجبر في الإناء حتى يصل إلى جلده،و قد أجزأه ذلك من غير أن يحلّه» (4).

و لهذا (5)يحمل عليه الأمر بالنزع الوارد في الحسن:«و إن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثمَّ ليغسلها» (6).

هذا إذا كان في محلّ الغسل،و أما إذا كان في محل المسح تعيّن الأول

ص:158


1- الكافي 3:14/45،الوسائل 1:468 أبواب الوضوء ب 41 ح 2.
2- التذكرة 1:21.
3- التحرير 1:10،نهاية الأحكام 1:64.
4- التهذيب 1:1354/426،الاستبصار 1:242/78،الوسائل 1:465 أبواب الوضوء ب 39 ح 7.
5- أي للفظ الإجزاء في هذه الموثقة.منه رحمه اللّه.
6- الكافي 3:3/33،التهذيب 1:1095/362،الاستبصار 1:239/77،الوسائل 1: 463 أبواب الوضوء ب 39 ح 2.

مع الإمكان،و مع عدمه يمسح على الجبيرة.

و قيل بوجوب التكرار و الوضع هنا أيضا؛تحصيلا لما تيسّر من مباشرة الماء أصل المحل و لو في الجملة (1).و الاكتفاء به عن المسح على الجبيرة مشكل،و الجمع بين الأمرين احتياط لا يترك.

و إلاّ أي و إن لم يمكن النزع و لا شيء من الأمرين المذكورين بتعذر الحل أو عدم طهارة المحل مع عدم قبوله لها مسح عليها أي الجبائر و لو كانت في موضع الغسل اتفاقا،كما عن الخلاف و التذكرة و المنتهى و ظاهر المعتبر (2).

للحسان،منها:عن الرجل تكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من مواضع الوضوء،فيعصبها بالخرقة و يتوضأ و يمسح عليها إذا توضأ،فقال:«إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة»الحديث (3).

و في آخر:قال،قلت له:عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة،فكيف أصنع بالوضوء؟قال:يعرف هذا و أشباهه من كتاب اللّه تعالى:

وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [1] (4).امسح عليه» (5).

و مثله في آخر:«إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره و ليصلّ» (6).

ص:159


1- قال به المحقق الكركي في جامع المقاصد 1:233.
2- الخلاف 1:159،التذكرة 1:21،المنتهى 1:72،المعتبر 1:161.
3- الكافي 3:3/33،التهذيب 1:1095/362،الاستبصار 1:239/77،الوسائل 1: 463 أبواب الوضوء ب 39 ح 2.
4- الحج:78.
5- الكافي 3:4/33،التهذيب 1:1097/363،الاستبصار 1:240/77،الوسائل 1: 464 أبواب الوضوء ب 39 ح 5.
6- التهذيب 1:1100/363،الوسائل 1:465 أبواب الوضوء ب 39 ح 8.

و في الحسن:عن الدواء إذا كان على يدي الرجل،أ يجزيه أن يمسح على طلاء الدواء؟قال:«نعم،يجزيه أن يمسح عليه» (1)و إطلاقه مقيد بتلك مع شيوعه هنا في المقيد.

و ليس فيما في الصحيح و غيره (2)من الاقتصار على غسل ما حوله منافاة لذلك؛إذ من المحتمل أن يكون المراد منها الاقتصار في بيان الغسل لا مطلق الواجب،و لعلّه الظاهر من الصحيح،فلا ينافي وجوب المسح على الجبيرة.

و ظاهر المعتبر كفاية المسح و لو بأقلّ مسمّاه لكن من دون تجفيف (3).

و عن العلاّمة في النهاية احتمال لزوم مراعاة أقلّ الغسل معه (4)،و ظاهره لزوم تحصيل الماء للمسح على الجبيرة تحصيلا لذلك لو جفّ الماء و لم يف به.و هو أحوط؛مصيرا إلى ما هو أقرب إلى الحقيقة.

و منه يظهر عدم جواز المسح على الجبيرة مع إمكانه-بنزعها-على البشرة،وفاقا للمصنف في المعتبر و العلاّمة في النهاية (5)،إلاّ إذا كانت البشرة نجسة فإشكال ،و الأحوط الجمع بين المسحين (6).بل قيل (7)بتعين المسح على البشرة مطلقا (8).و هو حسن إن لم يكن إجماع على اشتراط طهارة محل الطهارة مطلقا (9).

ص:160


1- التهذيب 1:1105/364،الوسائل 1:465 أبواب الوضوء ب 39 ح 9.
2- الكافي 3:2/32،التهذيب 1:1096/363،الوسائل 1:464 أبواب الوضوء ب 39 ح 3.
3- المعتبر 1:161.
4- نهاية الأحكام 1:65.
5- المعتبر 1:161،نهاية الأحكام 1:64.
6- أي المسح على الجبيرة و المسح على البشرة.منه رحمه اللّه.
7- قال به في كشف اللثام 1:74.
8- أي و لو كانت البشرة نجسة.
9- أي اختيارا و اضطرارا.

و لا بد من استيعاب الجبيرة بالمسح إذا كانت في موضع الغسل،كما عن الخلاف و التذكرة و نهاية الأحكام (1).و عن المبسوط جعله أحوط (2)،و ظاهره عدم اللزوم؛التفاتا إلى صدق المسح عليها بالمسمّى.و هو مشكل؛لعدم تبادره من الإطلاق هنا ،فالمصير إلى الأول متعين.و لكن لا يشترط فيه الاستيعاب حقيقة بحيث يشمل الخلل و الفرج و النقوب و الثقوب؛لتعذره أو تعسره عادة.

هذا كلّه إذا كانت الجبيرة طاهرة،و مع نجاستها يجب وضع طاهر عليها ثمَّ المسح عليه؛تحصيلا للأقرب إلى الحقيقة،و خروجا عن الشبهة،و طلبا للبراءة اليقينية كما عن التذكرة (3).و عن الشهيد إجراؤها مجرى الجرح في الاكتفاء عن غسله بغسل ما حولها فقط (4).

و ممّا ذكر يظهر وجوب تقليل الجبائر لو تعدّدت بعضها على بعض،مع احتمال العدم و الاكتفاء بالمسح على الظاهر،لأنه بالنزع لا يخرجه عن الحائل كما عن نهاية الأحكام (5)،و هو مشكل.

و الكسر المجرّد عن الجبيرة،و كذا القرح و الجرح إذا كان في موضع الغسل مع تعذر الغسل وجب مسحه مع الإمكان؛تحصيلا للأقرب إلى الحقيقة،و لتضمن الغسل إياه فلا يسقط بتعذر أصله،وفاقا لنهاية الأحكام و الدروس (6).

ص:161


1- الخلاف 1:160،التذكرة 1:21،نهاية الأحكام 1:65.
2- المبسوط 1:23.
3- التذكرة 1:21.
4- الذكرى:97.
5- نهاية الأحكام 1:66.
6- نهاية الأحكام 1:66،الدروس 1:94.

و مع عدمه فالأحوط بل اللازم وضع جبيرة أو لصوق عليه،وفاقا للمنتهى و نهاية الأحكام (1)؛تحصيلا للأقرب إلى الحقيقة،بل قيل:لا خلاف فيه ما لم يستر شيئا من الصحيح،كما عن الذكرى (2).و الجمع بينه و بين التيمم أحوط.

و يحتمل قويا الاكتفاء بغسل ما حوله كما عن المعتبر و النهاية و التذكرة (3)؛ للحسن:عن الجرح،قال:«اغسل ما حوله» (4)و نحوه غيره (5)،و لكنهما لا ينفيان المسح على نحو الجبيرة،و لكن في السكوت عنه إيماء إليه.فتأمل .

لا يجوز أن يولّي وضوئه غيره اختيارا

و لا يجوز أن يولّي واجبات أفعال وضوئه كنفس الغسل و المسح لا غير غيره اختيارا إجماعا،كما عن الانتصار و المعتبر و المنتهى و نهاية الأحكام و روض الجنان (6)؛لظاهر الأوامر بها في الكتاب و السنّة،و الوضوءات البيانية مع قوله صلّى اللّه عليه و آله:«هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلاّ به».

و خلاف الإسكافي و قوله بالجواز مع استحباب العدم (7)،شاذّ مدفوع بما ذكر.

و يستفاد من القيد هنا و في كلام الأصحاب الجواز اضطرارا،بل عن ظاهر المعتبر الإجماع عليه (8).و المراد منه معنى الأعم الشامل للوجوب،و لا

ص:162


1- المنتهى 1:72،نهاية الأحكام 1:66.
2- الذكرى:97.
3- المعتبر 1:410،النهاية:16،التذكرة 1:66.
4- الكافي 3:3/33،التهذيب 1:1095/362،الاستبصار 1:239/77،الوسائل 1: 463 أبواب الوضوء ب 39 ح 2.
5- التهذيب 1:1096/363،الوسائل 1:464 أبواب الوضوء ب 39 ح 3.
6- الانتصار:29،المعتبر 1:162،المنتهى 1:72،نهاية الأحكام 1:49،روض الجنان: 43.
7- نقله عنه العلامة في المختلف:25.
8- المعتبر 1:162.

ريب فيه هنا؛لعدم سقوط نفس الغسل بتعذر المباشرة،كيف لا؟!و الميسور لا يسقط بالمعسور كما في المعتبر (1)،مضافا إلى ورود الأمر بالتولية في تيمم المجدور في المعتبرة (2)،و لا قول بالفرق،فتجب أيضا في المسألة.

و من دام به السلس أي تقطير البول بحيث لا يكون معه فترة تسع الصلاة يصلّي كذلك من دون تجديد للوضوء،وفاقا للمبسوط و غيره (3)؛ لاستصحاب صحة الوضوء السابق مع الشك في حدثية القطرات الخارجة بغير اختيار بالشك في شمول إطلاقات حدثية البول لها لندرتها،و ظاهر إطلاق الموثق:عن رجل يأخذه تقطير في فرجه إمّا دم و إمّا غيره،قال:«فليضع خريطة و ليتوضأ و ليصلّ،فإنما ذلك بلاء ابتلي به،فلا يعيدنّ إلاّ من الحدث الذي يتوضأ منه» (4).

و يؤيده-مضافا إلى التعليل فيه-ظواهر المعتبرة الأخر التي لم يتعرض فيها لذكر الوضوء لكل صلاة،مع التعرض لما سواه ممّا دونه من التحفظ من الخبث بوضع الخريطة فيها و القطنة،كالحسن:في الرجل يعتريه البول و لا يقدر على حبسه[قال:فقال لي]:إذا لم يقدر على حبسه فاللّه تعالى أولى بالعذر، يجعل خريطة» (5)و مثله غيره (6)،مضافا إلى الملة السمحة السهلة.

و الأمر بالجمع بين الصلاتين الظهرين أو العشاءين بأذان و إقامتين في

ص:163


1- عوالي اللئالي 4:205/58.
2- الوسائل 3:346 أبواب التيمم ب 5.
3- المبسوط 1:68؛و انظر كشف الرموز 1:69.
4- التهذيب 1:1027/349،الوسائل 1:266 أبواب الوضوء ب 7 ح 9.
5- الكافي 3:5/20،الوسائل 1:297 أبواب نواقض الوضوء ب 19 ح 2،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
6- التهذيب 1:1037/351،الوسائل 1:298 أبواب نواقض الوضوء ب 19 ح 5.

الصحيح (1)لعلّه للخبث لا للحدث،أو فيمن يمكنه التحفظ مقدارهما،أو للاستحباب.

و قيل:يتوضأ لكل صلاة و هو أشهر،و عن الخلاف و السرائر (2)؛ لحدثية الصادر و ناقضيته للوضوء،و لا دليل على العفو مطلقا و استباحة أكثر من صلاة بوضوء واحد مع تخلله،و عليه تجب المبادرة إلى إيقاع المشروط بالوضوء عقيبه.

و هو حسن قويّ متين لو وجد عموم على الأمرين (3)فيه هنا أيضا ، و ليس إلاّ الإطلاق،و قد عرفت ما فيه مع ما تقدّم.و لا ريب أنه أحوط،و ليكن العمل عليه مهما أمكن.

و عن المنتهى المصير إلى هذا القول فيما سوى الظهرين و العشاءين، و فيهما إلى الأول لكن مع الجمع لا مطلقا (4)؛للصحيح المتقدم.و قد مرّ الكلام فيه.

و كذا الكلام قولا و دليلا و احتياطا في المبطون الغير القادر على التحفّظ من الغائط أو الريح بقدر الصلاة.و المختار:المختار،و يؤيده ما سيأتي من ظاهر بعض الأخبار،و ليس فيه القول الثالث.

و القادر على ذلك (5)لو فاجأه الحدث في أثناء الصلاة توضأ و بنى على الأشهر بين الأصحاب؛للمعتبرة،كالصحيح:«صاحب البطن

ص:164


1- الفقيه 1:146/38،التهذيب 1:1021/348،الوسائل 1:297 أبواب نواقض الوضوء ب 19 ح 1.
2- الخلاف 1:249،السرائر 1:350.
3- أي الحدث و الناقضية.منه رحمه اللّه.
4- المنتهى 1:73.
5- أي التحفظ من الغائط بقدر الصلاة.منه رحمه اللّه.

الغالب يتوضأ و يبني على صلاته» (1)و مثله الموثق (2).

و يحتمل البناء فيهما عدم القطع،أي يبني على صحة صلاته و لا يقطعها بالحدث في الأثناء،و المراد بالوضوء المأمور به حينئذ قبل الدخول فيها، و يؤيده توصيف الداء بالغالب في الأول المشعر بالاستمرار المنافي للفترة المتسعة للصلاة،فهما حينئذ دليلان للمختار من عدم حدثية مثله،فلا يتم الاستناد إليهما حينئذ.

نعم في الموثق:«صاحب البطن يتوضأ ثمَّ يرجع في صلاته فيتم ما بقي» (3)و هو ظاهر في المرام،للفظي الرجوع و الإتمام.

و لكن في مقاومته لما دلّ على اشتراط الصلاة بالطهارة و عدم وقوع الفعل الكثير فيها-من الأخبار و الإجماع المحكي عن بعض الأخيار (4)-نوع تأمل، مع عدم الصراحة فيه،بل و عدم الظهور المعتدّ به،لاحتمال أن يراد منه أنه يجدد الوضوء بعد ما صلّى صلاة ثمَّ يرجع في الصلاة فيصلي الصلاة الباقية من عصر أو عشاء مثلا.

و لعلّه لهذا اختار في المختلف و التذكرة و نهاية الأحكام وجوب الوضوء و الاستئناف (5).و تمام التحقيق سيأتي إن شاء اللّه تعالى في قواطع الصلاة.

و الجمع بين القولين طريق الاحتياط،و ينبغي أن يكون العمل عليه.

ص:165


1- الفقيه 1:1043/237.
2- الكافي 3:7/411،الوسائل 1:297 أبواب نواقض الوضوء ب 19 ح 3.
3- التهذيب 1:1036/350،الوسائل 1:298 أبواب نواقض الوضوء ب 19 ح 4.
4- انظر التذكرة 1:132.
5- المختلف:28،التذكرة 1:21،نهاية الأحكام 1:68.
السنن عشرة

و السنن عشرة أمور:

الأول وضع الإناء على اليمين

الأول وضع الإناء على اليمين في المشهور؛للنبوي:كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحبّ التيامن في طهوره و شغله و شأنه كلّه (1).

و في الحسن المروي في الكافي في باب علّة الأذان:«فتلقّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الماء بيده اليمنى،فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمنى» (2).

و ربما علل بأنه أمكن في الاستعمال و أدخل في الموالاة.و في الأول تأمل،إلاّ أن يكون النظر فيه إلى ما ورد من محبوبية السهولة له تعالى (3).

و إطلاق المتن كغيره يشمل الإناء الضيّق الرأس كالإبريق،و التعليلان لا يساعدانه،بل يناسبهما الانعكاس،كما عن نهاية الأحكام (4).و لا بأس به، و لا تنافيه الروايتان بعد الاغتراف باليمين.فتأمّل .

الثاني الاغتراف بها

و الثاني الاغتراف بها لما مرّ،مضافا إلى الوضوءات البيانية المتضمنة لاغترافهم بها عليهم السلام (5).

و إطلاق المتن كغيره-و ربما نسب إلى المشهور (6)-الاستحباب مطلقا حتى لغسلها؛و لعلّه لإطلاق الدليل مع ما في الصحيح في الوضوء البياني من قوله:ثمَّ أخذ كفا آخر بيمينه،فصبّه على يساره،ثمَّ غسل به ذراعه الأيمن (7)

ص:166


1- مسند أحمد 6:94،صحيح البخاري 1:53،بتفاوت يسير.
2- الكافي 3:1/482،الوسائل 1:390 أبواب الوضوء ب 15 ح 5.
3- لم نعثر في كتب الحديث على نصّ يدلّ على ذلك،و لكن أورد متنه في الجواهر 2:329- نقلا عن بعض-و هو:«إن اللّه يحب ما هو الأيسر و الأسهل».
4- نهاية الأحكام 1:53.
5- الوسائل 1:387 أبواب الوضوء ب 15.
6- كما في الحدائق 2:154.
7- الكافي 3:3/24،الوسائل 1:391 أبواب الوضوء ب 15 ح 7.

و مثله الموثق على نسخة التهذيب (1)،و لكنه في الكافي بعكس ذلك كما في الصحاح (2).و حملها على مجرّد الجواز و عدم الالتفات فيها إلى بيان استحباب ذلك ممكن،و لكنه ليس بأولى من العكس (3)،و لكن إطلاق ما تقدم مع الشهرة يرجح الأول.

و الثالث التسمية

و الثالث التسمية عند وضع اليد في الماء،كما في الصحيح (4)و غيره (5)،أو عند وضعه على الجبينين،كما في آخر صريحا (6)،و الصحاح ظاهرا،ففي الصحيح:«من ذكر اسم اللّه تعالى على وضوئه فكأنما اغتسل» (7)و الجمع بينهما أكمل.

و لا ضرر في تركها إجماعا؛للأصل،و ظاهر الصحيح:«إذا سمّيت طهر جسدك كلّه،و إذا لم تسمّ لم يطهر من جسدك إلاّ ما مرّ عليه الماء» (8)مؤيدا بظاهر الصحيح المتقدم.

و ما في بعض الأخبار ممّا ينافي بظاهره ذلك (9)-مع قصوره سندا و مقاومة

ص:167


1- التهذيب 1:158/56،الاستبصار 1:168/57،الوسائل 1:392 أبواب الوضوء ب 15 ح 11.
2- الكافي 3:5/25،الوسائل 1:388 أبواب الوضوء ب 15 ح 3،و انظر أيضا إلى أحاديث 2 و 4 و 6 و 10 من ذلك الباب.
3- أي حمل الصحيح الأول على هذا الحمل دونها.منه رحمه اللّه.
4- التهذيب 1:192/76،الوسائل 1:423 أبواب الوضوء ب 26 ح 2.
5- الوسائل 1:423 أبواب الوضوء ب 26.
6- الكافي 3:4/25،الوسائل 1:387 أبواب الوضوء ب 15 ح 2.
7- ثواب الأعمال:15،المقنع:7(مرسلا)،الوسائل 1:425 أبواب الوضوء ب 26 ح 9.
8- الكافي 3:2/16،التهذيب 1:1060/355،الاستبصار 1:204/67،الوسائل 1: 424 أبواب الوضوء ب 26 ح 5.
9- التهذيب 1:1075/358،الاستبصار 1:206/68،الوسائل 1:424 أبواب الوضوء ب 26 ح 6.

لما تقدم و شذوذه-محمول على شدة تأكد الاستحباب.

و في استحباب الإتيان بها في الأثناء مع الترك ابتداء عمدا أو سهوا-كما عن الذكرى و غيره (1)-تأمل،خصوصا في الأول.و ثبوته في الأكل-مع حرمة القياس-غير نافع .و شمول المعتبرة بعدم سقوط الميسور بالمعسور (2)لمثله محل تأمل .و لكن الإتيان بها حينئذ بقصد الذكر حسن.

الرابع غسل اليدين

و الرابع غسل اليدين من الزندين؛للتبادر،و الاقتصار على المتيقن مرّة للنوم و البول،و مرّتين للغائط،قبل الاغتراف في المشهور،بل عن المعتبر الاتفاق عليه (3).

للحسن:كم يفرغ الرجل على يده قبل أن يدخلها في الإناء؟قال:

«واحدة من حدث البول،و اثنتان من الغائط،و ثلاث من الجنابة» (4).

و في الخبر:في الرجل يستيقظ من نومه و لم يبل،أ يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها؟قال:«لا،لأنه لا يدري أين باتت يده،فليغسلها» (5).

و في المرسل في الفقيه:«اغسل يدك من البول مرّة،و من الغائط مرّتين، و من الجنابة ثلاثا،و قال:اغسل يدك من النوم مرّة» (6).

و إطلاق المرّة فيما عدا الجنابة-كما عن البيان و النفلية (7)-لا دليل عليه،

ص:168


1- الذكرى:93؛و انظر الذخيرة:40.
2- عوالي اللئالي 4:205/58.
3- المعتبر 1:165.
4- الكافي 3:5/12،التهذيب 1:96/36،الاستبصار 1:141/50،الوسائل 1:427 أبواب الوضوء ب 27 ح 1،بتفاوت يسير.
5- الكافي 3:2/11،التهذيب 1:106/39،الاستبصار 1:145/51 و الوسائل 1:428 أبواب الوضوء ب 27 ح 3.
6- الفقيه 1:91/29 و 92،الوسائل 1:428 أبواب الوضوء ب 27 ح 4 و 5.
7- البيان:49،النفلية:6.

كإطلاق المرّتين فيه كما عن اللمعة (1).

و أمّا ما في الخبر:«يغسل الرجل يده من النوم مرّة،و من الغائط و البول مرّتين،و من الجنابة ثلاثا» (2)فمع شذوذه و قصوره سندا و مقاومة لما تقدم يحتمل التداخل،كما عن ظاهر الأصحاب (3).

و هل هو لدفع النجاسة المتوهمة فلا يستحب إلاّ في القليل و صورة عدم تيقن الطهارة و لا يحتاج إلى النية،أم تعبّد محض فيعمّ جميع ذلك؟ الأقرب الثاني،وفاقا للمنتهى (4)؛لإطلاق ما عدا الخبر الثاني،و ليس فيه -مع قصور سنده و اختصاصه بالنوم-ما يوجب التقييد مطلقا،فالتعميم أولى.

و منه يظهر عدم الاختصاص بالإناء الواسع الرأس و إن اختص هو (5)كالحسن به؛لإطلاق الأخيرين و غيرهما.و لا وجه للتقييد؛لعدم المنافاة .

الخامس و السادس المضمضة و الاستنشاق

و الخامس و السادس المضمضة و هي:إدارة الماء في الفم و الاستنشاق و هو:جذبه إلى داخل الأنف،على المشهور،بل عن الغنية الإجماع عليه (6)،و النصوص به مستفيضة.

ففي المروي في الكتب الثلاثة،مسندا فيما عدا الفقيه و مرسلا فيه،في وصف وضوء مولانا أمير المؤمنين عليه السلام:«ثمَّ تمضمض فقال-و ذكر الدعاء-ثمَّ استنشق و قال»الحديث (7).

ص:169


1- الروضة 1:78.
2- التهذيب 1:97/36،الاستبصار 1:142/50،الوسائل 1:427 أبواب الوضوء ب 27 ح 2.
3- انظر الحدائق 2:149.
4- المنتهى 1:48.
5- أي الخبر الثاني.منه رحمه اللّه.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):554.
7- الكافي 3:6/70،الفقيه 1:84/26،التهذيب 1:153/53،الوسائل 1:401 أبواب الوضوء ب 16 ح 1.

و المروي في مجالس أبي علي ولد شيخنا الطوسي رحمه اللّه:

«فانظر إلى الوضوء فإنه من تمام الصلاة،تمضمض ثلاث مرّات،و استنشق ثلاثا» (1).

و النبوي في ثواب الأعمال مسندا:«ليبالغ أحدكم في المضمضة و الاستنشاق،فإنه غفران لكم و منفرة للشيطان» (2).

و في الخصال في حديث الأربعمائة:«المضمضة و الاستنشاق سنّة و طهور للفم و الأنف» (3).

و قصور أسانيدها كغيرها منجبر بالشهرة و أدلّة المسامحة في أدلّة السنن و الكراهة.

خلافا للعماني،فليسا بفرض و لا سنّة (4)،و له شواهد من الأخبار (5)؛ لكنها-ككلامه-محتملة للتأويل القريب بحمل السنّة المنفية فيها على الواجبة النبوية،و لعلّ سياقها شاهد عليه ،مضافا إلى عدم ثبوت كونها فيها و في كلامه حقيقة في المعنى المصطلح.

و عن أمالي الصدوق:أنهما مسنونان خارجان من الوضوء،لكونه فريضة كلّه (6)،و حمل الأخبار عليه غير بعيد.

و مقتضى الخبر الأول كالترتيب الذكري في غيره:تقديم الأول،كما عن الوسيلة و التحرير و التذكرة و نهاية الأحكام و الذكرى و النفلية و الجامع و المقنعة

ص:170


1- أمالي الطوسي:29،الوسائل 1:397 أبواب الوضوء ب 15 ح 19.
2- ثواب الأعمال:19،الوسائل 1:432 أبواب الوضوء ب 29 ح 11.
3- الخصال:10/610،الوسائل 1:433 أبواب الوضوء ب 29 ح 13.
4- نقله عنه في المختلف:21.
5- الوسائل 1:431 أبواب الوضوء ب 29 ح 5 و 6.
6- لم نعثر عليه في الأمالي أو محكيّه،نعم وجدناه في الهداية:17.

و المصباح و مختصره و المهذّب و البيان (1)و المبسوط،و فيه:أنه لا يجوز تقديم الاستنشاق (2).و هو كذلك مع قصد المشروعية؛لعدم ثبوتها فيه،للشك في شمول إطلاق الأخبار له،سيّما مع الترتيب الذكري فيها و الفعلي في غيرها.

و مقتضى الخبر الثاني التثليث فيهما،و عن الغنية الإجماع عليه (3).

و ليس فيه كغيره تعداد الغرفات ستّا كما عن التذكرة و نهاية الأحكام (4)،أو الاقتصار بكف لكل منهما،أو مرّتين لهما بالتوزيع بينها فيهما كما عن المصباح و مختصره و النهاية و المقنعة و الوسيلة و المهذّب و الإشارة (5)،بل ظواهر الإطلاقات فيهما جواز الاكتفاء بكف لهما كما عن الاقتصاد و الجامع و المبسوط و الإصباح (6)،و في الأخيرين التصريح بالتخيير بين أن يكونا بغرفة أو بغرفتين كما في الأول،أو ثلاث كما في الثاني،و لكن المتابعة لهم جيدة بناء على المسامحة.

و مقتضى الخبرين الأخيرين و لا سيّما الأوّل منهما استحباب إدارة الماء في جميع الفم و الأنف؛للمبالغة،كما عن المنتهى و الذكرى (7).

ص:171


1- الوسيلة:52،التحرير 1:8،التذكرة 1:21،نهاية الأحكام 1:56،الذكرى:93، النفلية:7،جامع الشرائع:34،المقنعة:43،55،مصباح المتهجد:7،9،المهذب 1: 43،45،البيان:50.
2- المبسوط 1:20.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):554.
4- التذكرة 1:21،نهاية الأحكام 1:56.
5- مصباح المتهجد:7،النهاية:12،المقنعة:43،الوسيلة:52،المهذب 1:43،الإشارة: 71.
6- الاقتصاد:242،جامع الشرائع:34،المبسوط 1:20،و نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:72.
7- المنتهى 1:51،الذكرى:93.

و ليس في شيء منها كغيرها اشتراط المجّ و الاستنثار للمستعمل عن الموضعين في الاستحباب كما عن الذكرى وفاقا للمنتهى (1)،و جعلهما في النفلية مستحبا آخر (2).

السابع أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه، و المرأة بباطنهما

و السابع أن يبدأ الرجل في صب الماء بظاهر ذراعيه، و المرأة بباطنهما مطلقا على الأشهر الأظهر؛للخبر:«فرض اللّه تعالى على النساء في الوضوء أن يبدأن بباطن أذرعهنّ،و في الرجال بظاهر الذراع» (3)و مثله مروي في الخصال (4).

و عن المبسوط و النهاية و الغنية و الإصباح و الإشارة و ظاهر السرائر:

اختصاص ذلك بالغسلة الاولى و ينعكس في الثانية (5)،و عليه الإجماع في الغنية و التذكرة (6).فإن تمَّ و إلاّ فمستنده غير واضح من الرواية،و اشتهار الإطلاق يدافع تمامية الإجماع.

و يتخير الخنثى بين البدأة بالظهر أو البطن على الأول،و بين الوظيفتين على الثاني.

الثامن الدعاء عند غسل كلّ من الأعضاء

و الثامن الدعاء عند غسل كلّ من الأعضاء الواجبة و المندوبة بالمأثور في الخبر (7).

ص:172


1- المنتهى 1:51،الذكرى:93.
2- النفلية:6.
3- الكافي 3:6/28،التهذيب 1:193/76،الوسائل 1:466 أبواب الوضوء ب 40 ح 1.
4- الخصال:12/585،المستدرك 1:338 أبواب الوضوء ب 35 ح 1.
5- المبسوط 1:20 و 21،النهاية:13،الغنية(الجوامع الفقهية):554،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:73،الإشارة:71،السرائر 1:101.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):554،التذكرة 1:21.
7- الكافي 3:6/70،الفقيه 1:84/26،التهذيب 1:153/53،المقنع:3 و 4،ثواب الأعمال:16،أمالي الصدوق:11/445،المحاسن:61/45،الوسائل 1:401 أبواب الوضوء ب 16 ح 1.
التاسع إسباغ الوضوء بمدّ

و التاسع:إسباغ الوضوء بمدّ بإجماعنا و أكثر أهل العلم كما عن التذكرة (1)،و عليه تدل الأخبار المستفيضة،ففي الصحيح:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضأ بمدّ و يغتسل بصاع» (2).

خلافا لبعض من أوجبه من العامة (3).و يضعّفه بعد الإجماع ما تقدّم من الأخبار في إجزاء مثل الدهن (4).

و ليس في استحبابه دلالة على وجوب غسل الرّجلين،بناء على زيادته عن ماء الوضوء مع مسحهما،كما توهّمته العامة؛لمنعها على تقدير استحباب كلّ من المضمضة و الاستنشاق ثلاثا،و تعدّد الغسلات مرّتين،مع غسل اليدين مرّة أو مرّتين كما تقدّم،فإنّ مجموع ذلك يبلغ ثلاث عشرة كفا أو أربع عشرة، و المدّ لا يزيد عن ذلك،لكونه رطلا و نصفا بالمدني كما في الصحيح (5)بحمل الأرطال فيه عليه إجماعا مع تأيّده بكونه رطل بلد الإمام المذكور فيه،فيكون رطلين و ربعا بالعراقي.

و الرطل مائة و ثلاثون درهما على الأشهر كما تقدّم في بحث الكرّ (6).

و الدرهم ستة دوانيق باتفاق الخاصة و العامة و نصّ أهل اللغة (7).

و الدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير بلا خلاف منّا،و الخبر الوارد

ص:173


1- التذكرة 1:21.
2- التهذيب 1:379/136،الاستبصار 1:409/121،الوسائل 1:481 أبواب الوضوء ب 50 ح 1.
3- كالسرخسي في المبسوط 1:45،و ابن قدامة في المغني 1:256.
4- راجع ص 128.
5- و هو الصحيح المتقدم في صدر المسألة.
6- راجع ص 27.
7- منهم الطريحي في مجمع البحرين 6:61،و الفيومي في المصباح المنير:193.

بخلافه (1)(مع شذوذه) (2)ضعيف بجهالة الراوي.

فيكون المدّ على ما قلناه وزن ربع منّ تبريزي واف.

نعم يشكل ذلك على القول بعدم استحباب الأوّلين أو الثالث.و ربما يؤوّل حينئذ بدخول ماء الاستنجاء فيه،و لكنه بعيد و إن استشهد له ببعض الأخبار .ففيه (3)شهادة حينئذ على استحباب الأمرين مع التثليث في كلّ من الأوّلين (4).

العاشر السواك

و العاشر السواك أي دلك الأسنان بعود و شبهه،و منه الإصبع كما في الخبر:«السواك بالمسبحة و الإبهام عند الوضوء سواك» (5).

و لكن في الصحيح:في الرجل يستاك بيده إذا قام إلى الصلاة و هو يقدر على السواك،قال:«إذا خاف الصبح فلا بأس» (6).

عنده أي قبل الوضوء،فإن لم يفعل فبعده؛للخبر:«الاستياك قبل أن يتوضأ»[قلت:]أرأيت إن نسي حتى يتوضأ،قال:«يستاك ثمَّ يتمضمض ثلاث مرّات» (7).

ص:174


1- الفقيه 1:69/23،التهذيب 1:374/135،الاستبصار 1:410/121،الوسائل 1:481 أبواب الوضوء ب 50 ح 3.
2- ليست في«ل».
3- أي في استحباب الإسباغ بالمد.منه رحمه اللّه.
4- أي المضمضة و الاستنشاق.منه رحمه اللّه.
5- التهذيب 1:1070/357،الوسائل 2:24 أبواب السواك ب 9 ح 4.
6- الفقيه 1:122/34،قرب الإسناد:806/207،الوسائل 2:24 أبواب السواك ب 9 ح 1، و في الجميع:«إذا قام إلى صلاة الليل».
7- الكافي 3:6/23،المحاسن:947/561،الوسائل 2:18 أبواب السواك ب 4 ح 1،بدل ما بين المعقوفين في النسخ:قال.و ما أثبتناه من المصادر.

و لعلّه مراد النفلية باستحبابه قبله و بعده (1).و يحتمل إرادة الظاهر (2)؛ لإطلاق النصوص باستحبابه لكل صلاة أو عندها (3).إلاّ أنّ الظاهر أنّ المأتي به قبل وضوء كل صلاة يكون لها أو عندها فلا تكرار.

و الأولى تقديمه على غسل اليدين كما استظهره في الذكرى (4)،و جعله الشيخ في بعض كتبه أفضل (5).

و ظاهر المتن كغيره كونه من سنن الوضوء،كما في الخبر:«السواك شطر الوضوء» (6)و ليس فيما دلّ على استحبابه على الإطلاق حتى فيمن لم يتمكن منافاة لذلك.

خلافا لنهاية الإحكام،فاحتمل كونه سنّة برأسها (7).فتأمل.

و المستند في شرعيته مطلقا و في خصوص المقام الإجماع،و النصوص بالعموم و الخصوص.

فمن الأول الصحيح النبوي:«ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفي-أو أدرد-» (8)و هما بإهمال الحاء و الدالين عبارة عن إذهاب الأسنان.

و من الثاني-بعد ما تقدّم-الصحيح:«و عليك بالسواك عند كل

ص:175


1- النفلية:7.
2- أي ظاهر العبارة من الاستحباب قبل الوضوء و بعده أيضا،دون تقييد الأخير بعدم فعله أولا. منه رحمه اللّه.
3- الوسائل 2:16 و 18 أبواب السواك ب 3 و 5.
4- الذكرى:93.
5- كما في عمل اليوم و الليلة(الرسائل العشر):142.
6- الفقيه 1:114/32،الوسائل 2:17 أبواب السواك ب 3 ح 3.
7- نهاية الأحكام 1:52.
8- الكافي 3:3/23،الوسائل 2:5 أبواب السواك ب 1 ح 1.

وضوء» (1).

و ظاهر كل منهما،و خصوص الصحيح و غيره،كالمتن و غيره:استحبابه للصائم مطلقا و لو كان بالرطب،و لعلّه الأشهر.

و ربما قيل بالكراهة له حينئذ (2)؛للمستفيضة الناهية عنه في هذه الصورة،منها الحسن:«لا يستاك بسواك رطب» (3).

و لعلّ مراعاته أحوط؛لظاهر النهي.إلاّ أن يكون إجماع على الجواز فالأوّل متعين (4).

ص:176


1- الروضة من الكافي 8:33/79،الوسائل 2:16 أبواب السواك ب 3 ح 1.
2- قال به الشيخ في الاستبصار 2:92،و الحلبي في الكافي في الفقه:179،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:72.
3- الكافي 4:2/112،التهذيب 4:992/323،الوسائل 10:84 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح 10.
4- أي الاستحباب مطلقا،للشهرة و خصوص الصحيح.و ضعف المستفيضة و الحسن لا يقاوم الصحيح مضافا إلى شذوذ ظواهرها.منه رحمه اللّه.

و يكره الاستعانة فيه أي في مقدّمات الوضوء كصبّ الماء-لا نفسه، لكون توليته محرّمة كما تقدّم-للخبرين،في أحدهما:«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان لا يدعهم يصبون الماء على يديه و يقول:لا أحب أن أشرك في صلاتي أحدا» (1).

و الآخر يظهر منه التحريم (2)،لكن لضعفه يحمل على الكراهة للاحتياط و المسامحة،أو التولية المحرّمة.

و توضئة أبي عبيدة الحذّاء مولانا الباقر عليه السلام في المشعر-كما في الصحيح (3)-محمولة على بيان الجواز أو الضرورة لو كانت من الاستعانة، و على الضرورة فقط لو كانت من التولية المحرّمة.

و ليس منها استحضار الماء و إسخانه؛للأصل،و الخروج عن الصب المرغوب عنه في الخبرين،و الشك في شمول التعليل فيهما لمثله ،مضافا إلى فعلهم عليهم السلام ذلك.فتأمل.

و التمندل أي تجفيف ماء الوضوء عن الأعضاء المغسولة بالمنديل؛ للشهرة،مع ما فيه من التشبه بالعامة المرغوب عنه في المعتبرة.

و استدل لها بالخبر (4).

ص:177


1- الفقيه 1:85/27،التهذيب 1:1057/354،المقنع:8،علل الشرائع:1/278، الوسائل 1:477 أبواب الوضوء ب 47 ح 2.
2- الكافي 3:1/69،التهذيب 1:1107/365،الوسائل 1:476 أبواب الوضوء ب 47 ح 1.
3- التهذيب 1:162/58،الاستبصار 1:172/58،الوسائل 1:391 أبواب الوضوء ب 15 ح 8.
4- الكافي 3:4/70،الفقيه 1:105/31،ثواب الأعمال:16،المحاسن:250/429، الوسائل 1:474 أبواب الوضوء ب 45 ح 5.

و فيه نظر ،مع معارضته بأخبار أخر (1)هي في استحباب التمندل من الكراهة أظهر،إلاّ أنّ مداومة العامة عليه شاهد(قوي) (2)على ورودها للتقية .

و لعلّه لما ذكرنا من الأخبار قيل بعدم الكراهة فيه،كما عن المرتضى في شرح الرسالة و الشيخ في أحد قوليه (3).

ص:178


1- الوسائل 1:473 أبواب الوضوء ب 45.
2- ليست في«ش».
3- نقله عن المرتضى في الذكرى:95،الشيخ في الخلاف 1:97.
الرابع:في الأحكام
اشارة

الرابع:في الأحكام :

من تيقن الحدث و شك في الطهارة أو تيقنهما و جهل المتأخر تطهّر

من تيقن الحدث و شك في الطهارة بعده،أو ظنّ،على الأشهر الأظهر هنا و فيما سيأتي أو تيقنهما و جهل المتأخر منهما و الحالة السابقة عليهما تطهّر فيهما إجماعا فتوى و نصا.

فممّا يتعلق بالأولى منه الصحيح:«ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا» (1)و بمعناه الأخبار المستفيضة (2).

مضافا إلى الإطلاقات و القاعدة فيها و في الثانية،لتكافؤ الاحتمالين الموجب لتساقطهما من البين الرافع لليقين بالطهارة الواجب للمشروط بها.

و ممّا يتعلق بالثانية منه الرضوي:«و إن كنت على يقين من الوضوء و الحدث و لا تدري أيّهما أسبق فتوضأ» (3).

و إطلاقه يعمّ صورتي العلم و الجهل بالحالة السابقة على الأمرين في الثانية كما هو الأظهر الأشهر،و ضعفه بها قد انجبر،مضافا إلى ما تقدّم.

و ربما فصّل هنا بتفصيلين متعاكسين في صورة العلم بالحالة السابقة على الأمرين،فيأخذ بضدّها على قول كما عن المصنف في المعتبر (4)، و بالمماثل على قول آخر كما عن الفاضل في القواعد و المختلف (5)؛لاعتبارات هيّنة و وجوه ضعيفة هي في مقابلة النص المتقدم المعتضد بالشهرة مع الإطلاقات و القاعدة غير مسموعة.

ص:179


1- التهذيب 1:1335/421،الاستبصار 1:641/183،علل الشرائع:1/361،الوسائل 3:466 أبواب النجاسات ب 37 ح 1.
2- الوسائل 1:245 أبواب نواقض الوضوء ب 1.
3- فقه الرضا(عليه السلام):67،المستدرك 1:342 أبواب الوضوء ب 38 ح 1.
4- المعتبر 1:171.
5- القواعد 1:12،المختلف:27.
لو تيقن الطهارة و شك في الحدث أو شك في شيء من أفعال الوضوء بعد انصرافه بنى على الطهارة

و لو تيقن الطهارة و شك أو ظن في الحدث بعدها أو شك أو ظن في شيء من أفعال الوضوء بعد انصرافه عنه و إتمامه له و إن لم يقم من محلّه في الأشهر الأظهر كما عن ثاني المحقّقين و ثاني الشهيدين و غيرهما (1)؛لظاهر الصحيحين الآتيين مع قوة الظهور في أحدهما.

بنى على الطهارة إجماعا فيهما نصا و فتوى.

فمن الأوّل في الأوّل-بعد ما تقدّم من المستفيضة الناهية عن نقض اليقين بالشك-الصحيح:في متطهّر حرّك إلى جنبه شيء و لم يعلم به،قال:«لا حتى يستيقن أنه قد نام،حتى يجيء من ذلك أمر بيّن،و إلاّ فإنه على يقين من وضوئه،و لا ينقض اليقين أبدا بالشك،و لكن ينقضه بيقين آخر» (2).

و الموثق«إذا استيقنت أنك أحدثت فتوضأ،و إياك أن تحدث وضوءا أبدا حتى تستيقن أنك أحدثت» (3).

و ظاهر النهي و التحذير فيهما الحرمة،و ربما حمل على الرخصة ،لا عليها،بناء على استحباب التجديد.و إبقاؤهما عليه مع تقييد إطلاقهما بقصد الوجوب لعلّه أظهر.

إلاّ إذا كان الشك بخروج البلل و لم يستبرئ،فتجب الإعادة بالإجماع كما عن الحلّي (4)،و مفهوم المعتبرة،منها الصحيح،و فيه بعد الأمر بالاستبراء:

«ثمَّ إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي» (5).

ص:180


1- المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:237،و الشهيد الثاني في روض الجنان:44؛و انظر المدارك 1:257.
2- التهذيب 1:11/8،الوسائل 1:245 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 1.
3- الكافي 3:1/33،التهذيب 1:268/102،الوسائل 1:247 أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 7.
4- السرائر 1:97 و 122.
5- التهذيب 1:70/27،الاستبصار 1:136/48،الوسائل 1:283 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 3.

و مثله الحسن و فيه:«فإن خرج بعد ذلك شيء فليس من البول و لكنه من الحبائل» (1).

و من الأول في الثاني الصحيح:«فإذا قمت من الوضوء و فرغت،و قد صرت في حال أخرى في الصلاة أو غيرها،فشككت في بعض ما سمّى اللّه تعالى ممّا أوجب اللّه تعالى عليك فيه وضوءا لا شيء عليك» (2).

و مثله الآخر المضمر:قال،قلت:الرجل يشك بعد ما يتوضأ،قال:

«هو حين ما يتوضأ أذكر منه حين يشك» (3).

و من هذا التعليل يستفاد اتحاد الغسل مع الوضوء في حكم الشك المزبور،مضافا إلى استلزام وجوب الرجوع و الإتيان بالمشكوك فيه بعد الانصراف الحرج المنفي آية و رواية و فتوى،و خصوص الصحيح:عن رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة،فقال:«إذا شك و كانت به بلّة و هو في صلاته مسح بها عليه،و إن كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلّة،فإن دخله الشك و قد دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شيء عليه» (4).

و لو كان شكّه في العضو الأخير منه أو من الغسل وجب التدارك قبل الانصراف،لعدم تحقّق الإكمال،و منه الجلوس و إن لم يطل زمانه كذا قيل (5)، فتأمل .و لا ريب أنه أحوط في الجملة .

ص:181


1- الكافي 3:1/19،التهذيب 1:71/28،الاستبصار 1:137/49،الوسائل 1:320 أبواب أحكام الخلوة ب 11 ح 2.
2- الكافي 3:2/33،التهذيب 1:261/100،الوسائل 1:469 أبواب الوضوء ب 42 ح 1.
3- التهذيب 1:265/101،الوسائل 1:471 أبواب الوضوء ب 42 ح 7.
4- الكافي 3:2/33،التهذيب 1:261/100،الوسائل 2:260 أبواب الجنابة ب 41 ح 2.
5- المدارك 1:258.

و لو كان شكّه في شيء من أفعال الوضوء أو الغسل قبل انصرافه عنه أتى به أي بالمشكوك فيه و بما بعده وجوبا في الغسل مطلقا،و في الوضوء إن لم يحصل الجفاف،و معه فيعيد،لما تقدّم (1)،كما هو ظاهر الأصحاب.

للإجماع كما في المدارك و غيره (2)،و الأصل (3)،و الصحيح:«إذا كنت قاعدا على وضوئك،فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا،فأعد عليهما و على جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله أو تمسحه ممّا سمّى اللّه تعالى ما دمت في حال الوضوء»الحديث (4).

و لا ينافيه الموثق:«إذا شككت في شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشيء،إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» (5).

لإجماله،باحتمال رجوع الضمير في«غيره»إلى الوضوء،و ما قبله (6).و لا منافاة على الأول،بل هو معاضد للصحيح حينئذ.فتأمل .

و به و بالإجماع تخصّ أو تقيّد المعتبرة الدالة على عدم العبرة بالشك مع تجاوز المحل-كما هو المجمع عليه في الصلاة-بغير المقام،و مع ظهور سياقها في ورودها فيها.و ربما خصت بها لذلك،و منع عمومها لما سوى ذلك،و فيه تأمل (7).فتأمل .

ص:182


1- من وجوب الموالاة.منه رحمه اللّه.
2- المدارك 1:256؛و انظر الذخيرة:43.
3- أي أصالة عدم الإتيان به.منه رحمه اللّه.
4- الكافي 3:2/33،التهذيب 1:261/100،الوسائل 1:469 أبواب الوضوء ب 42 ح 1.
5- التهذيب 1:262/101،مستطرفات السرائر:3/25،الوسائل 1:469 أبواب الوضوء ب 42 ح 2.
6- أي لفظ:شيء.منه رحمه اللّه.
7- في«ش»زيادة:لكون العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل.

و في عموم الحكم لمن كثر شكّه أيضا،أم تخصيصه بمن عداه وجهان.

للأول:إطلاق الصحيح المتقدم،و في شموله لمثله تأمل،مع كون المواجه بالخطاب خاصا لم يعلم كونه كذلك،و لا إجماع على التعميم.

فتأمل.

و للثاني-بعد التأيد بالحرج،و عدم الأمن من عروض الشك-مفهوم التعليل في الصحيح فيمن كثر شكّه في الصلاة بعد الأمر له بالمضي في الشك فيها:«لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه،فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد» (1).

و ظاهر خصوص الصحيح:قال:ذكرت له رجلا مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت:هو رجل عاقل،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«و أيّ عقل له و هو يطيع الشيطان؟!»فقلت له:كيف يطيع الشيطان؟فقال:«سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء،فإنّه يقول لك:من عمل الشيطان» (2).و هو أقوى،وفاقا لجماعة (3).

لو تيقن ترك غسل عضو أتى به على الحالين

و لو تيقن ترك غسل عضو أو بعضه أو مسحه أتى به على الحالين أي في حال الوضوء أو بعده و بما بعده إن كان و لو كان مسحا إن لم يجف البلل من الأعضاء مطلقا و لو مع عدم اعتدال الهواء على الأصح كما مرّ.

فإن جفّ مع الاعتدال استأنف الوضوء مطلقا على الأشهر بين الأصحاب.

خلافا للإسكافي،فاكتفى بغسل المتروك خاصة إن كان دون الدرهم،

ص:183


1- الكافي 3:2/358،التهذيب 2:747/188،الاستبصار 1:1422/374،الوسائل 8: 228 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 2.
2- الكافي 1:10/12،الوسائل 1:63 أبواب مقدمة العبادات ب 10 ح 1.
3- منهم العلامة في نهاية الأحكام 1:68،و الشهيد في الذكرى:98،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:237،و صاحب المدارك 1:257.

و قال:إنه حديث[أبي]أمامة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام،و أبي منصور عن زيد بن علي عليه السلام (1).

و هو ضعيف،و أدلة وجوب الترتيب المتقدمة في بحثه من الأخبار تردّه.

لو لم تبق على أعضائه نداوة أخذ من لحيته

و لو لم تبق على أعضائه الماسحة نداوة أخذ من لحيته الغير المسترسل عن حدّ الوجه على الأحوط،أو مطلقا على الأقوى كما عن الذكرى (2)؛لإطلاق الروايات.و تعيّن الأول منقول عن العلاّمة في النهاية (3)و أجفانه لا مع البقاء كما تقدّم في مسح الرأس.

و لو لم تبق نداوة أصلا يستأنف الوضوء من أوّله؛لوجوب المسح،و عدم صحته بغير البلّة،و للروايات المنجبر ضعفها بالشهرة،ففي الخبر:«و إن لم يكن في[لحيته]بلل فلينصرف و ليعد الوضوء» (4).

و في آخر:«و إن لم يبق من بلة وضوئك شيء أعدت الوضوء» (5)و مثله في آخر (6).

و هو (7)مع إمكان المسح بالبلة بالوضوء ثانيا لكثرة الماء و اعتدال الهواء مقطوع به في كلام الأصحاب مدلول عليه بالروايات.

و أمّا مع العدم ففي وجوبه حينئذ مع استئناف ماء جديد للمسح كما عن

ص:184


1- نقله عنه في المختلف:27،و ما بين المعقوفين أضفناها من المصدر.
2- الذكرى:87.
3- نهاية الأحكام 1:43.
4- التهذيب 2:788/201،الوسائل 1:409 أبواب الوضوء ب 21 ح 7،ما بين المعقوفين في النسخ:رأسه.و ما أثبتناه من المصدر.
5- الفقيه 1:134/36،الوسائل 1:409 أبواب الوضوء ب 21 ح 8.
6- الكافي 3:7/35،التهذيب 1:230/87،الاستبصار 1:220/72،علل الشرائع: 2/289،الوسائل 1:446 أبواب الوضوء ب 33 ح 2.
7- أي الاستئناف من رأس.منه رحمه اللّه.

المعتبر و المنتهى و البيان (1)للضرورة،أو العدم و العدول إلى التيمم كما عن التحرير (2)،لإطلاق ما دل على لزوم التيمم مع عدم التمكن من الوضوء، قولان،و لعل الثاني أقوى،و العمل بهما أحوط.

لو ترك غسل أحد المخرجين يعيد الصلاة

و يعيد الصلاة وجوبا لو ترك غسل أحد المخرجين و ما في حكمه (3)و صلاّها في تلك الحال مطلقا،على الأصح الأشهر؛للمعتبرة المستفيضة،منها الصحاح و غيرها،ففي الصحيح فيمن بال و توضأ و نسي الاستنجاء:«اغسل ذكرك،و أعد صلاتك،و لا تعد وضوءك» (4)و مثله الصحيح الآخر (5)و الموثق (6).

و في الموثق:«إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثمَّ توضأت و نسيت أن تستنجي فذكرت بعد ما صليت فعليك الإعادة،فإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صلّيت فعليك إعادة الوضوء و الصلاة و غسل ذكرك،لأن البول مثل البراز» (7)أو«ليس» كما في بعض نسخ الكافي (8).

خلافا للإسكافي،فخص وجوب الإعادة في الوقت و استحبابها في

ص:185


1- المعتبر 1:158،المنتهى 1:70،البيان:9-10.
2- التحرير 1:10.
3- أي الاستنجاء بالأحجار.منه رحمه اللّه.
4- التهذيب 1:133/46،الاستبصار 1:150/52،الوسائل 1:294 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 3.
5- الكافي 3:14/18،التهذيب 1:135/47،الاستبصار 1:152/53،الوسائل 1:295 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 7.
6- الكافي 3:16/18،الوسائل 1:294 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 2.
7- التهذيب 1:146/50،الاستبصار 1:162/55،علل الشرائع:12/580،الوسائل 1: 319 أبواب أحكام الخلوة ب 10 ح 5.
8- الكافي 3:17/19.

خارجه،و كلامه في البول خاصة (1).

و لا مستند له سوى الجمع بين المعتبرة و الروايات الآتية النافية للإعادة بقول مطلق،بحمل الأولة على الوقت و الثانية على الخارج.و لا شاهد له،مع عدم التكافؤ،لاعتضاد الأولة بالكثرة و صحة سند أكثرها و الشهرة التي هي العمدة في الترجيح.

و للصدوق في ترك الاستنجاء من الغائط خاصة،فلم يوجب الإعادة فيه في الفقيه مطلقا (2)؛و لعلّه للموثق:«لو أنّ رجلا نسي أن يستنجي من الغائط حتى يصلّي لم يعد الصلاة» (3).

و في المقنع في الخارج خاصة (4)؛للموثق الآخر:في الرجل ينسى أن يغسل دبره بالماء حتى يصلي إلاّ أنه قد تمسّح بثلاثة أحجار،قال:«إن كان في وقت تلك الصلاة فليعد الصلاة و ليعد الوضوء،و إن كانت قد خرجت تلك الصلاة التي صلى فقد جازت صلاته و ليتوضأ لما يستقبل من الصلاة» (5).

و هما-مع تعارض كل من مستندهما مع الآخر فيتساقطان-لا يصلحان لمقاومة ما قدّمناه من المعتبرة بوجوه عديدة .

و للعماني،فجعل الإعادة مطلقا أولى (6)؛و لعلّه للخبرين في أحدهما:

في الرجل يتوضأ و ينسى أن يغسل ذكره و قد بال،فقال:«يغسل ذكره و لا يعيد

ص:186


1- نقله عنه في المختلف:19 و 20.
2- الفقيه 1:21.
3- التهذيب 1:143/49،الاستبصار 1:159/54،الوسائل 1:318 أبواب أحكام الخلوة ب 10 ح 3.
4- المقنع:5.
5- التهذيب 1:127/45،الاستبصار 1:149/52،الوسائل 1:317 أبواب أحكام الخلوة ب 10 ح 1.
6- نقله عنه في المختلف:20.

الصلاة» (1).

و يرد عليهما ما تقدّم،مضافا إلى قصور سندهما و اختصاصهما بالبول خاصة،فلا يساعدان الإطلاق.و تتميمه بالموثق الأول للفقيه غير تام؛ لمعارضة الموثق الثاني للمقنع إياه.

و لا يجب أن يعيد الوضوء بترك أحد الاستنجاءين مطلقا (2)،على الأشهر(الأظهر) (3)للأصل،و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة الصريحة.

ففي الصحيح:عن الرجل يبول فلا يغسل ذكره حتى يتوضأ وضوء الصلاة،قال:«يغسل ذكره و لا يعيد وضوءه» (4)و قد تقدم مثله أيضا (5).

و تؤيده المعتبرة الأخرى الآمرة بإعادة الصلاة و غسل الذكر (6)،من دون تعرض للأمر بإعادته مع كون المقام مقامه.

خلافا للصدوق في الفقيه،فأوجب الإعادة في نسيان الاستنجاء من البول خاصة (7)؛للمعتبرة،منها الصحيح:عمّن توضأ و ينسى غسل ذكره،

ص:187


1- التهذيب 1:140/48،الاستبصار 1:157/54،الوسائل 1:317 أبواب أحكام الخلوة ب 10 ح 2. و الخبر الثاني:التهذيب 1:148/51،الاستبصار 1:163/56،الوسائل 1:295 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 6؛بتفاوت يسير.
2- عمدا كان الترك أو سهوا،في الوقت أو خارجه.منه رحمه اللّه.
3- ليست في«ل»،و في«ح»زيادة:الأقوى.
4- الكافي 3:15/18،التهذيب 1:138/48،الاستبصار 1:155/53 بتفاوت يسير، الوسائل 1:294 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 1.
5- في ص:185.
6- الكافي 3:14/18،التهذيب 1:135/47،الاستبصار 1:164/56،الوسائل 1:295 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 7.
7- الفقيه 1:21.

قال:«يغسل ذكره ثمَّ يعيد الوضوء» (1)و مثله الموثق المتقدم (2).

و هي لقصورها عن المقاومة لما تقدم من طرق شتّى يجب طرحها،أو حملها على الاستحباب،أو ارتكاب التأويل فيها بنحو آخر.

و في المقنع،فأطلق الإعادة حتى في نسيان الاستنجاء من الغائط ظاهرا (3)؛للموثق المتقدم (4)مستندا له فيما تقدم من عدم إعادة الصلاة في خارج الوقت كما اختاره في هذا الكتاب.

و هو و إن لم أقف له على معارض هنا،إلاّ أن تطرّق القدح إليه من الجهات المتقدمة،و دلالته على عدم كفاية الاستجمار بدلا عن الماء مع كونها مجمعا عليها فتوى و رواية،يمنع من التمسك به.مع أنّ ظاهر الأصحاب الإجماع على عدم إعادة الوضوء هنا.هذا مع احتمال حمل الوضوء فيه كالوضوء في كلامه على الاستنجاء بالماء.فتأمّل .

و لو كان الخارج من السبيلين أحد الحدثين خاصة غسل مخرجه دون مخرج الآخر إجماعا،كما عن المعتبر و الذكرى (5)؛ للأصل،و الموثق:«إذا بال الرجل و لم يخرج منه شيء غيره فإنّما عليه أن يغسل إحليله وحده،و لا يغسل مقعدته،فإن خرج من مقعدته شيء و لم يبل فإنّما عليه أن يغسل المقعدة وحدها و لا يغسل الإحليل» (6).

ص:188


1- التهذيب 1:142/49،الاستبصار 1:158/54،الوسائل 1:296 أبواب نواقض الوضوء ب 18 ح 9.
2- في ص:185.
3- المقنع:5.
4- في ص:186.
5- المعتبر 1:174،الذكرى:21.
6- التهذيب 1:127/45،الاستبصار 1:149/52،الوسائل 1:346 أبواب أحكام الخلوة ب 28 ح 1.
في جواز مسّ كتابة المصحف للمحدث قولان،أصحهما المنع

و في جواز مسّ كتابة المصحف للمحدث بالحدث الأصغر،أم العدم قولان،أصحهما المنع و هو أشهرهما،بل عن ظاهر التبيان و مجمع البيان:إجماعنا عليه و على رجوع الضمير في لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [1] (1)إلى القرآن دون الكتاب (2).

لهذه (3)الآية بمعونة ما ذكر،مع تفسيرها بذلك في الخبر:«المصحف لا تمسّه على غير طهر،و لا جنبا،و لا تمسّ خطه أو خيطه-على الاختلاف في النسخة-و لا تعلّقه،إنّ اللّه تعالى يقول لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [2] (4).

و مثله آخر مروي في مجمع البيان عن مولانا الباقر عليه السلام (5).

هذا مضافا إلى المعتبرة المعتضدة أو المنجبرة بالشهرة،و الآية بمعونة التفسير الوارد عن أهل العصمة.

ففي الموثق عمّن قرأ القرآن و هو على غير وضوء،قال:«لا بأس،و لا يمسّ الكتاب» (6).

و في المرسل:«لا تمسّ الكتابة،و مسّ الورق» (7).

و يؤيده الصحيح:عن الرجل أ يحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح

ص:189


1- الواقعة:79.
2- التبيان 9:510،مجمع البيان 5:226.
3- متعلق بقوله:أصحّهما المنع.منه رحمه اللّه.
4- التهذيب 1:344/127،الاستبصار 1:378/113،الوسائل 1:384 أبواب الوضوء ب 12 ح 3.
5- مجمع البيان 5:226،الوسائل 1:385 أبواب الوضوء ب 12 ح 5.
6- الكافي 3:5/50،التهذيب 1:343/127،الاستبصار 1:377/113،الوسائل 1: 383 أبواب الوضوء ب 12 ح 1؛بتفاوت يسير.
7- التهذيب 1:342/126،الاستبصار 1:376/113،الوسائل 1:383 أبواب الوضوء ب 12 ح 2.

و الصحيفة و هو على غير وضوء؟قال:«لا» (1)بناء على أن المنع من الكتابة فيه للمحدث لعلّه من حيث احتمال تحقق المساورة لأصل الكتابة فمنع عنها من باب المقدمة،و إلاّ فلا قائل به على الظاهر.

خلافا للمبسوط و ابني برّاج و إدريس (2)،فالكراهة؛للأصل،و ضعف سند الأخبار و دلالة الآية باحتمال عود الضمير فيها إلى الكتاب المكنون، و التطهير:التطهير من الكفر.و ضعف الجميع ظاهر بما تقدّم.

و ليس في النهي عن التعليق و مس الخيط الذي هو للكراهة اتفاقا من المشهور دلالة على كون النهي عن المس لها أيضا لوحدة السياق؛لمعارضته (3)بنهي الجنب فيه عنه أيضا،و هو للتحريم إجماعا،كما يأتي إن شاء اللّه تعالى، فيكون النهي عن المس كذلك أيضا لذلك (4)،و تعارض السياقين يقتضي بقاء النهي عن المس على ظاهره.

هذا مع احتمال كون المنهي فيه عن تعليقه ما يمكن فيه مساورة كتابته لجسده،و لا تصريح فيه لغيره،و كون (5)الخط بدل الخيط كما في النسخة الأخرى،فيكون (6)حينئذ تأكيدا للنهي عن مس الكتابة،أو بيانا لأنواع المنهي عنه في المس،و لا إجماع على الكراهة في شيء من ذلك،فلا سياق يشهد على الكراهة أصلا.

ص:190


1- التهذيب 1:345/127،الوسائل 1:384 أبواب الوضوء ب 12 ح 4،و رواها في البحار 10:277.
2- المبسوط 1:23،ابن البراج في المهذب 1:32،و ابن إدريس في السرائر 1:57.
3- علة لقوله:ليس في النهي دلالة.منه رحمه اللّه.
4- أي وحدة السياق.منه رحمه اللّه.
5- أي و لاحتمال،فهو عطف على قوله:المنهي.منه رحمه اللّه.
6- أي النهي عن الأمرين.منه رحمه اللّه.

أمّا الغسل

اشارة

أمّا الغسل.

ففيه:الواجب و الندب :

الواجب منه ستة
اشارة

فالواجب منه ستة على الأشهر الأظهر،كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

ص:191

الأول غسل الجنابة و النظر في موجبه و كيفيته و أحكامه

الأول:

غسل الجنابة:و النظر فيه في أمور ثلاثة:

الأوّل في موجبه و سببه.

و الثاني في كيفيته.

و الثالث في أحكامه.

موجب الجنابة

أمّا الموجب له فأمران

الأوّل إنزال المني

الأوّل إنزال المني و خروجه إلى خارج الجسد-لا مطلقا-بجماع أو غيره يقظة أو نوما رجلا كان المنزل أو امرأة، إجماعا في الأوّل،و اشتهارا في الثاني،بل كاد أن يكون اتفاقا كما حكي في كلام جماعة (1)،بل في بعضها إجماع الأمّة (2)،و الصحاح به مستفيضة كغيرها.

منها الصحيح:في الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج و تنزل المرأة هل عليها غسل؟قال:«نعم» (3).

و في آخر:عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل،قال:«إن أنزلت فعليها الغسل،و إن لم تنزل فليس عليها الغسل» (4).

ص:192


1- انظر التذكرة 1:23،الذخيرة:49،كشف اللثام 1:78.
2- كما في المعتبر 1:177،المدارك 1:267،شرح المفاتيح(المخطوط).
3- الكافي 3:6/47،التهذيب 1:337/125،الوسائل 2:186 أبواب الجنابة ب 7 ح 3.
4- الكافي 3:5/48،التهذيب 1:331/123،الاستبصار 1:352/107،الوسائل 2:187 أبواب الجنابة ب 7 ح 5،و رواها في الفقيه 1:190 مرسلا.

نعم بإزائها أخبار معتبرة (1)،إلاّ أنها في الظاهر شاذة لا يرى القائل بها، و لم ينقل إلاّ عن ظاهر الصدوق في المقنع،لكن عبارته النافية في احتلامها خاصة (2).

و الأصل في المسألة بعد إجماع العلماء كافة-كما ادعاه جماعة (3)-الآية الكريمة (4)،و النصوص المستفيضة التي كادت تكون متواترة بل هي متواترة بالبديهة.

منها كالصحيح:«كان عليّ عليه السلام (5)لا يرى في شيء الغسل إلاّ في الماء الأكبر» (6)و الحصر إضافي بالنسبة إلى الوذي و الودي و المذي.

و مقتضى إطلاقه كغيره كالمتن-و عن صريح غيره- (7)عدم الفرق في ذلك بين خروجه عن المحل المعتاد،أو غيره مطلقا و إن لم يعتد أو ينسد الخلقي.

و ربما قيل باختصاصه بالأول أو الثاني مع اعتبار أحد الأمرين فيه؛ للأصل،و عدم انصراف إطلاق النصوص إلى غيرهما.

و هو أقوى كما عن الذكرى (8)،فلا فرق بينه و بين الحدث الأصغر،و لكن

ص:193


1- الوسائل 2:191 أبواب الجنابة ب 7،أحاديث 19 إلى 22.
2- المقنع:13.
3- منهم العلامة في التذكرة 1:23،و صاحب المدارك 1:267،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:78.
4- المائدة:6.
5- في النسخ زيادة:يقول.
6- التهذيب 1:315/119،الاستبصار 1:361/109،الوسائل 2:188 أبواب الجنابة ب 7 ح 11.
7- كالعلامة في نهاية الأحكام 1:99،و المنتهى 1:81.
8- الذكرى:27.

الأوّل أحوط.

و منه ينقدح وجه الإشكال في التعميم بالنسبة إلى الخالي عن الصفات الغالبة لو لا الإجماعات المنقولة (1)،و لكنها كافية في إثباته.

و لا ينافيه الصحيح:عن الرجل يلعب مع المرأة يقبّلها،فيخرج منه المني،فما عليه؟قال:«إذا جاءت الشهوة و دفع و فتر فعليه الغسل،و إن كان إنّما هو شيء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس» (2)و مثله الآخر:«إذا أنزلت بشهوة فعليها الغسل» (3).

لحملهما على صورة الاشتباه كما فهمه الأصحاب،أو التقية لاشتهاره بين العامة و نقل عن مالك و أحمد و أبي حنيفة (4).على أنّ المنافاة في الثاني بالمفهوم الوارد مورد الغالب،و لا عبرة به.

ثمَّ إنّ هذا مع القطع بكون الخارج منيا و أمّا لو اشتبه بغيره اعتبر في الرجل الصحيح بالدفق و الشهوة و فتور البدن إذا خرج،فما اشتمل عليها جميعا أوجبه و إلاّ فلا؛للصحيح المتقدم،مضافا إلى الأصل في الثاني (5).فتأمل.

و كذلك في المرأة،كما يقتضيه إطلاق المتن كغيره.و لم يساعده الصحيح المزبور؛لاختصاصه بالرجل.و لعلّه لإطلاق الآية بتوصيف الماء

ص:194


1- كما في كشف اللثام 1:78،شرح المفاتيح(المخطوط).
2- التهذيب 1:317/120،الاستبصار 1:342/104،الوسائل 2:194 أبواب الجنابة ب 8 ح 1.
3- الكافي 3:5/47،التهذيب 1:327/123،الاستبصار 1:354/108،الوسائل 2: 186 أبواب الجنابة ب 7 ح 2.
4- نقلها ابن رشد في بداية المجتهد 1:47،و الكاساني في بدائع الصنائع 1:37،و ابن قدامة في المغني 1:230،و المرداوي في الإنصاف 1:228.
5- أي إذا لم يشتمل فلا يجب.منه رحمه اللّه.

بالدافق (1)،و فيه تأمل.

و الأظهر فيها الاكتفاء بمجرّد الشهوة؛للصحيح المتقدم ذيل الصحيح الأوّل،و غيره:«إذا جاءت الشهوة فأنزلت الماء وجب عليها الغسل» (2).

و عن نهاية الأحكام الاستشكال في ذلك (3)؛و لعلّه لإطلاق الآية، و الاكتفاء في هذه الأخبار بمجرّد الشهوة.و قد عرفت ما في الأوّل.

و الاكتفاء بالأول في الأول (4)؛كما عن ظاهر نهاية الأحكام و الوسيلة و المبسوط و الاقتصاد و المصباح و مختصره و جمل العلم و العمل و العقود و المقنعة و التبيان و المراسم و الكافي و الإصباح و مجمع البيان و روض الجنان و أحكام الراوندي (5)؛لعلّه للآية.إلاّ أنّها معارضة بالصحيح المتقدم المعتبر فيه الأمور الثلاثة،إلاّ أن يحمل على الغالب،لكنه ليس بأولى من حملها عليه،المستلزم لعدم شمولها للماء الدافق خاصة،لغلبة مصاحبة الدفق باقي الأوصاف، و تجرّده عنها فرد نادر لا يحمل عليه،و الأصل يقتضي العدم.و اللّه العالم.و كيف كان فهو أحوط.

و اعتبار الأوصاف المزبورة للصحيح المتقدم خاصة مع الاعتضاد بعمل الطائفة،لا لكونها صفات لازمة غالبة حتى يعتبر فيه قربه من رائحة الطلع و غير ذلك،لأنه لا يستفاد منه إلاّ الظن و لا عبرة به،و لا ينقض يقين الطهارة إلاّ بمثله،

ص:195


1- الطارق:6.
2- الكافي 3:7/47،التهذيب 1:326/122،الوسائل 2:187 أبواب الجنابة ب 7 ح 4.
3- نهاية الأحكام 1:100.
4- أي الدفق في الرجل.منه رحمه اللّه.
5- نهاية الأحكام 1:98،الوسيلة:55،المبسوط 1:27،الاقتصاد:244،مصباح المتهجد:8،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):25،الجمل و العقود(الرسائل العشر):160،المقنعة:51،التبيان 3:457،المراسم:41،الكافي في الفقه:127، مجمع البيان 2:167،روض الجنان:48،فقه القرآن 1:32.

لا به،نعم الأحوط المراعاة.

و تكفي في المريض الشهوة خاصة؛للصحاح منها:في الرجل يرى في المنام و يجد الشهوة فيستيقظ و ينظر فلا يجد شيئا ثمَّ يمكث بعد فيخرج، فقال:«إن كان مريضا فليغتسل،و إن لم يكن مريضا فلا شيء عليه»قال قلت:

فما فرق بينهما؟فقال:لأنّ الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفعة و قوة،و إذا لم يكن صحيحا لم يجئ إلاّ بعد» (1).

و يجب أن يغتسل المستيقظ إذا وجد منيا على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به مع إمكان كونه منه،و عدم احتماله من غيره.

للموثق:عن الرجل ينام و لم ير في نومه أنه احتلم،فوجد في ثوبه و على فخذه الماء،هل عليه غسل؟قال:«نعم» (2).

و مثله في آخر:عن الرجل يرى في ثوبه المني بعد ما يصبح،و لم يكن رأى في منامه أنه احتلم،قال:«فليغتسل و يغسل ثوبه» (3).

و ظاهر إطلاقهما جواز الاكتفاء بالظاهر هنا عملا بشهادة الحال،و نقل القطع به هنا عن الشيخ و الفاضلين و الشهيد و غيرهم (4)،و عن التذكرة الإجماع عليه (5).

ص:196


1- التهذيب 1:1124/369،الاستبصار 1:365/110،الوسائل 2:195 أبواب الجنابة ب 8 ح 3،و في الجميع بتفاوت يسير.
2- الكافي 3:7/49،التهذيب 1:1119/368،الاستبصار 1:368/111،الوسائل 2: 198 أبواب الجنابة ب 10 ح 1.
3- التهذيب 1:1118/367،الاستبصار 1:367/111،الوسائل 2:198 أبواب الجنابة ب 10 ح 2.
4- الشيخ في النهاية:20،المحقق في المعتبر 1:178،العلامة في نهاية الأحكام 1:101، و التحرير 1:12،الشهيد في الذكرى:27؛و انظر الذخيرة:51،و كشف اللثام 1:79.
5- التذكرة 1:23.

و ينبغي الاقتصار فيه على ظاهر موردهما من وجدانه عليهما بعد الانتباه كظاهر المتن؛اقتصارا فيما خالف الأصل المتيقن-من عدم نقض اليقين إلاّ بمثله الوارد في الصحاح (1)و غيرها المعتضدة بالاعتبار و غيره-على القدر المتيقن من الروايتين.

فلا يجب الغسل بوجدانه عليهما مطلقا،بل ينحصر الوجوب في الصورة المزبورة دون غيرها.

و عليه يحمل الخبر:عن الرجل يصيب بثوبه منيا و لم يعلم انه احتلم، قال:«ليغسل ما وجد بثوبه و ليتوضأ» (2).

و حمله على ما سيأتي من الثوب المشترك كما عن الشيخ (3)بعيد.

و منه الوجدان في الثوب المشترك مطلقا-و لو بالتعاقب-مع وجدان صاحب النوبة له بعد عدم العلم بكونه منه و احتمال كونه من الشريك،وفاقا لظاهر المتن،و غيره ظاهرا كما في عبارة (4)،و صريحا كما في أخرى (5).

و عن الدروس و الروض و المسالك:وجوبه على صاحب النوبة (6)؛و لعلّه لأصالة التأخر،المعارضة بأصالة الطهارة و غيرها،فليس بشيء،إلاّ أن يستند إلى إطلاق الروايتين،و لعلّه خلاف المتبادر منهما.و لكنه أحوط.

و حيث لا يجب الغسل عليهما ففي جواز ائتمام أحدهما بالآخر،كما

ص:197


1- الوسائل 1:245 أبواب نواقض الوضوء ب 1.
2- التهذيب 1:1117/367،الاستبصار 1:369/111،الوسائل 2:198 أبواب الجنابة ب 10 ح 3.
3- التهذيب 1:368،الاستبصار 1:111.
4- راجع النهاية:20.
5- انظر جامع المقاصد 1:258،و كشف اللثام 1:79.
6- الدروس 1:95،روض الجنان:49،المسالك 1:7.

عن التحرير و التذكرة و المنتهى و نهاية الأحكام (1)،و هو صريح غيرها (2).

أم العدم،كما عن المعتبر و الشهيدين (3).

قولان،أحوطهما الثاني؛احتياطا في العبادة،و تحصيلا للبراءة اليقينية، و إن كان الأوّل أقوى،لإناطة التكليف بالظاهر،و عدم العبرة بنفس الأمر و لو علم به إجمالا،و لذا تصح صلاتهما و تسقط أحكام الجنابة عنهما قطعا و وفاقا.

و يعيد من وجب عليه الغسل كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة، وفاقا للأشهر؛اقتصارا فيما خالف الأصل على القدر المتيقن.و فيه قول آخر للمبسوط و غيره (4)ضعيف لا دليل عليه.

الثاني الجماع في القبل

و الثاني الجماع في القبل إجماعا من المسلمين كافة،و لو في الميتة إجماعا منّا خاصة خلافا لأبي حنيفة (5).

و الصحاح و غيرها به مستفيضة،منها الصحيح:عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان،متى يجب الغسل؟فقال:«إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل» (6).

و في آخر:«إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم» (7).

و حدّه غيبوبة الحشفة للصحيح:قلت:التقاء الختانين هو غيبوبة

ص:198


1- التحرير 1:12،التذكرة 1:23،المنتهى 1:81،نهاية الأحكام 1:101.
2- كالمدارك 1:270،الحدائق 3:27.
3- المعتبر 1:179،الشهيد الأول في البيان:54،الشهيد الثاني في روض الجنان:49.
4- المبسوط 1:28؛و انظر المسالك 1:7.
5- نقله عنه في المغني و الشرح الكبير 1:235.
6- الكافي 3:2/46،التهذيب 1:311/118،الاستبصار 1:359/108،الوسائل 2: 183 أبواب الجنابة ب 6 ح 2.
7- الكافي 3:1/46،التهذيب 1:310/118،الاستبصار 1:358/108،الوسائل 2:182 أبواب الجنابة ب 6 ح 1.

الحشفة؟قال:«نعم» (1).

أو قدرها في مقطوع الذكر كما عن ظاهر الأصحاب (2)لا غير،اقتصارا في مخالفة الأصل على المتيقن.و ربما احتمل الاكتفاء فيه بالمسمى (3)؛ لظاهر إطلاق:«إذا أدخله».و هو ضعيف؛لحمله على الغالب و هو غيره،فلا يشمله،مع تقييده في صحيح الذكر بقدر الحشفة بالصحيح المتقدم .

و مقتضى إطلاق الصحاح و صريح المتقدم منها كالإجماع:الاكتفاء بالدخول في وجوب الغسل و إن أكسل عن الإنزال.

و كذا يجب الغسل على الفاعل و المفعول في الجماع في دبر المرأة مع إدخال قدر الحشفة على الأشبه الأشهر،بل نقل عليه المرتضى إجماع المسلمين كافة،بل ادعى كونه ضروري الدين (4).

لفحوى الصحيح:«أ توجبون عليه الجلد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من ماء؟» (5).

و خصوص المرسل-المنجبر بالشهرة،المؤيد بإطلاق الملامسة في الآية (6)،المفسّرة بالإجماع و الصحيح (7)بالوقاع في الفرج الشامل للقبل و الدبر لغة و عرفا،و بالإدخال في المعتبرة (8)-:في رجل يأتي أهله من خلفها،قال:

ص:199


1- تقدم مصدره في الهامش 6 ص:198.
2- انظر مشارق الشموس:160.
3- كما في كشف اللثام 1:85.
4- حكاه عنه في المختلف:31.
5- التهذيب 1:314/119،السرائر 1:108،الوسائل 2:184 أبواب الجنابة ب 6 ح 5.
6- المائدة:6،النساء:43.
7- التهذيب 1:55/22،الاستبصار 1:278/87،الوسائل 1:271 أبواب نواقض الوضوء ب 9 ح 4.
8- لم نعثر على رواية فسّرت،فيها الملامسة بالإدخال،و لكن قد فسّرت في عدّة روايات بالجماع و الوقاع.انظر الوسائل 1:273 أبواب نواقض الوضوء ب 9 ح 11 إلى 14.

«هو أحد المأتيين فيه الغسل» (1).

مضافا إلى الإجماع المنقول (2)المتلقى حجيته-مطلقا و في خصوص المقام عند أكثر الأصحاب-بالقبول.

خلافا لظاهر الاستبصار و النهاية و سلاّر (3)،فلم يوجباه.

للأصل،و الصحيح:عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج،أ عليها غسل إن أنزل هو و لم تنزل هي؟قال:«ليس عليها غسل،و إن لم ينزل هو فليس عليه غسل» (4).

و المراسيل منها:«إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما،و إن أنزل فلا غسل عليها و عليه الغسل» (5).

و منها:في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة،قال:«لا ينقض صومها و ليس عليها غسل» (6)و نحوه غيره (7).

و في الجميع نظر؛لتخصيص الأول بما تقدّم؛و عدم الصراحة في الثاني لاحتمال إرادة التفخيذ،بل و لا يبعد عدم الظهور بناء على شمول الفرج حقيقة للدبر كما تقدّم،فتأمل ؛و الضعف بالإرسال في البواقي،مع عدم الصراحة في

ص:200


1- التهذيب 7:1658/414،الاستبصار 3:868/243،الوسائل 2:200 أبواب الجنابة ب 12 ح 1.
2- نقله عن السيد المرتضى في المختلف:31.
3- الاستبصار 1:112،النهاية:19،سلاّر في المراسم:41.
4- الفقيه 1:185/47،التهذيب 1:335/124،الاستبصار 1:370/111،الوسائل 2: 199 أبواب الجنابة ب 11 ح 1.
5- الكافي 3:8/47،التهذيب 1:336/125،الاستبصار 1:371/112،الوسائل 2: 200 أبواب الجنابة ب 12 ح 2.
6- التهذيب 4:975/319،مستطرفات السرائر:40/103،الوسائل 2:200 أبواب الجنابة ب 12 ح 3.
7- التهذيب 7:1843/460،الوسائل 2:200 أبواب الجنابة ب 12 ح 3.

الدخول فيمكن إرادة ما تقدّم.

و على تقدير تمامية الجميع فهي لمقاومة شيء ممّا قدّمناه من الأدلة غير صالحة؛للاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تبلغ الإجماع لضعف المخالف قلّة مع رجوعه عنه في باقي كتبه (1).

و في وجوب الغسل بوطء الغلام تردّد ينشأ من الأصل،و عدم النص مطلقا.

و من دعوى السيّد الإجماع على الوجوب (2).

و عن المعتبر اختياره العدم (3)؛لمنع الدعوى.

و ليس في محلّه،لقوة دليل حجيتها،فالوجوب أقوى،مضافا إلى فحوى الصحيح المتقدم (4)،و ظاهر إطلاق الحسن في النبوي:«من جامع غلاما جاء جنبا يوم القيامة لا ينقيه ماء الدنيا»الحديث (5).

و من فحواه يظهر أيضا وجوب الغسل في وطء البهيمة،مضافا إلى ما روي عن الأمير عليه السلام:«ما أوجب الحدّ أوجب الغسل» (6)لكنه على القول بثبوت الحد في وطئها دون التعزير،أو شمول الحد فيه لمثله.

و عن السيّد ذهاب الأصحاب إليه (7)،و هو مختار المختلف و الذكرى و صوم المبسوط (8).خلافا له في غيره (9)،و للخلاف و الجامع و المصنف في

ص:201


1- انظر الخلاف 2:190،المبسوط 1:270،التهذيب 4:202.
2- حكاه عنه في المختلف:31.
3- المعتبر 1:181.
4- في ص:199.
5- الكافي 5:2/544،الوسائل 20:329 أبواب النكاح المحرم ب 17 ح 1.
6- لم نعثر عليه في كتب الحديث،نعم نقله صاحب الجواهر 3:38 عن بعض كتب الأصحاب.
7- كما حكاه عنه في المختلف:31.
8- المختلف:31،الذكرى:27،المبسوط 1:270.
9- كما في المبسوط 1:28.

الكتابين (1)؛للأصل،و فقد النص.و هو ضعيف.

ص:202


1- الخلاف 1:117،الجامع للشرائع:38،المصنف في المعتبر 1:181،الشرائع 1:26.
كيفية الغسل

و أمّا كيفيته

واجبها خمسة

فواجبها خمسة أمور:

الأوّل النية و قد تقدم تحقيقها في الوضوء.

و يجب على المشهور أن تكون مقارنة لغسل الرأس أو مقدّمة عند غسل اليدين بناء على ما مرّ،و فيه ما تقدّم.

و هل التقديم عند غسلهما على طريق الجواز فقط،كما هو ظاهر القواعد و عن غيره (1)،أو الاستحباب،كما عن الإصباح و المبسوط و السرائر و الشرائع و التذكرة و نهاية الأحكام (2)؟قولان.

و الثاني استدامة حكمها بالمعنى المتقدم على الأشهر، و نفسها كما هو الأظهر ،إلى الفراغ،إلاّ إذا لم يوال فيذهل عن النية السابقة فتجديدها عند المتأخر،كما عن نهاية الأحكام و الذكرى (3)؛و وجهه واضح.

و الثالث غسل البشرة بما يسمّى غسلا و لو كان كالدهن لما مرّ في الوضوء.

و الرابع تخليل ما لا يصل إليه أي البدن المدلول عليه بالبشرة الماء إلاّ به كالشعر و لو كان كثيفا و نحوه،إجماعا؛تمسكا بعموم ما علّق الحكم فيه على الجسد الغير الصادق على مثل الشعر و نحوه،و التفاتا إلى النبوي المقبول:«تحت كل شعرة جنابة فبلّوا الشعر و انقوا البشرة» (4).

ص:203


1- القواعد 1:13؛و انظر المعتبر 1:182.
2- المبسوط 1:29،السرائر 1:118،الشرائع 1:28،التذكرة 1:24،نهاية الأحكام 1: 106 و 108.
3- نهاية الأحكام 1:107،الذكرى:82،100.
4- سنن ابن ماجه 1:597/196،سنن الترمذي 1:106/71.

و مثله الرضوي:«و ميّز الشعر بأنا ملك عند غسل الجنابة،فإنه يروى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن تحت كل شعرة جنابة،فبلّغ الماء تحتها في أصول الشعر كلّها،و خلّل أذنيك بإصبعك،و انظر أن لا تبقى شعرة من رأسك و لحيتك إلاّ و تدخل تحتها الماء» (1).

و هذه الأدلة-كالإجماع-هي الفارقة بين المقام و الوضوء حيث يجب التخليل فيه دونه.

و ما في شواذ أخبارنا ممّا يشعر بالمخالفة لذلك و صحة الغسل بحيلولة الخاتم في حال النسيان كما في الحسن:«عن الخاتم إذا أغتسل،قال:«حوله من مكانه»و قال في الوضوء:«تديره،فإن نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد» (2).

أو صفرة الطيب مطلقا كما في الخبر:«كنّ نساء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا اغتسلن من الجنابة يبقين صفرة الطيب على أجسادهن،و ذلك أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمرهن أن يصببن الماء صبّا على أجسادهن» (3).

فمطروح كالصحيح:الرجل يجنب فيصيب رأسه أو جسده الخلوق و الطيب و الشيء اللكد مثل علك الروم و الطرار و نحوه،قال:«لا بأس» (4).

أو مؤوّل بحمل الأوّل على ما لا يمنع الوصول و إن استحب التحويل

ص:204


1- فقه الرضا(عليه السلام):83،المستدرك 1:479 أبواب الجنابة ب 29 ح 3.
2- الكافي 3:14/45،الوسائل 1:468 أبواب الوضوء ب 41 ح 2.
3- التهذيب 1:1123/369،علل الشرائع:1/293،الوسائل 2:239 أبواب الجنابة ب 30 ح 2.
4- الكافي 3:7/51،التهذيب 1:356/130،الوسائل 2:239 أبواب الجنابة ب 30 ح 1. اللّكد:الذي يلزم الشيء و يلصق به.العلك كحمل:كلّ ما يمضغ في الفم من لبان و غيره. الطرار:الطين.انظر مجمع البحرين 3:142،376 و ج 5 ص 282.

للاستظهار،و كذا الثاني بحمل الصفرة فيه على الأثر العسر الزوال الذي لا تجب إزالته في التطهير من النجاسات فهنا أولى.

و ظاهر الأصحاب عدم وجوب غسل الشعر،بل عن المعتبر و الذكرى الإجماع عليه (1).و هو مقتضى الأصل،و خلو الأخبار البيانية عنه،مع خروجه عن مسمى الجسد قطعا،و إطلاق الصحيح:«لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة» (2)الشامل لما لا يبلغ إليه الماء مع عدم النقض.

و في الصحيح:«من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار» (3).

و في آخر:«الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها» (4).

و هما بالدلالة على ما تقدم (5)أولى من الدلالة على العدم كما فهمه الأصحاب،سيّما بملاحظة الرضوي المتقدم (6)،و الأمر ببلّة في النبوي (7)لعلّه من باب المقدمة لا بالأصالة كما يستفاد من سياقه.نعم هو أحوط.

و الخامس الترتيب و هو أن يبدأ برأسه إجماعا كما عن الخلاف و الانتصار و التذكرة و الغنية و الحلّي و غيرهم (8)ممّن سيذكر؛للمعتبرة المستفيضة،مضافا إلى ما سيأتي.

ص:205


1- المعتبر 1:194،الذكرى:100.
2- الكافي 3:16/45،التهذيب 1:417/147 بسند آخر،الوسائل 2:255 أبواب الجنابة ب 38 ح 4.
3- التهذيب 1:373/135،أمالي الصدوق:11/391،ثواب الأعمال و عقاب الأعمال: 228،الوسائل 2:175 أبواب الجنابة ب 1 ح 5.
4- الكافي 3:4/82،الوسائل 2:241 أبواب الجنابة ب 31 ح 4.
5- من عدم الوجوب.
6- في ص 204.
7- راجع ص:203.
8- الخلاف 1:132،الانتصار:30،التذكرة 1:24،الغنية(الجوامع الفقهية):554،الحلي في السرائر 1:119؛و انظر الحدائق 3:69.

منها الصحيح قولا:«ثمَّ تصبّ على رأسك ثلاثا،ثمَّ صبّ على سائر جسدك مرّتين» (1).

و مثله الحسن فعلا (2).

و في الحسن:«من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه،ثمَّ بدا له أن يغسل رأسه،لم يجد بدّا من إعادة الغسل» (3).

و مثله الرضوي:«فإن بدأت بغسل جسدك قبل الرأس فأعد الغسل على جسدك بعد غسل رأسك» (4).

و بعين هذه العبارة أفتى والد الصدوق كما نقلها عنه في الفقيه (5).و منه يظهر فساد نسبة القول بعدم وجوبه هنا إليهما في الكتاب المذكور.و عبارة الإسكافي المنقولة لا تنفيه،فنقل النفي عنه (6)لا وجه له،بل ربما أشعرت بثبوته،فالظاهر عدم الخلاف فيه.

و بالمعتبرة هنا يقيد إطلاق الصحاح منها:«ثمَّ تمضمض و استنشق ثمَّ تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك»الحديث (7).كتقييدها في الترتيب

ص:206


1- الكافي 3:1/43،التهذيب 1:365/132،الاستبصار 1:420/123،الوسائل 2:229 أبواب الجنابة ب 26 ح 1.
2- الكافي 3:3/43،التهذيب 1:368/133،الوسائل 2:229 أبواب الجنابة ب 26 ح 2 بتفاوت يسير،و لكن لا يخفى أنّ الرواية متكفّلة لبيان قول الامام عليه السلام لا فعله،و إليك صدر الرواية:«قلت:كيف يغتسل الجنب؟فقال:إن لم يكن أصاب كفّه شيء غمسها في الماء،ثمَّ بدأ بفرجه..ثمَّ صبّ على رأسه..».و ظاهر أنّ مرجع الضمائر هو الجنب.و لعلّ منشأ توهّم كون مضمون الرواية فعل الامام عليه السلام تقطيعها في الوسائل في ب 28 ح 2، فقد اثبت فيه من قوله:«ثمَّ بدأ بفرجه»فتوهّم أن مرجع الضمير الامام عليه السلام.
3- الكافي 3:9/44،الوسائل 2:235 أبواب الجنابة ب 28 ح 1.
4- فقه الرضا(عليه السلام):85،المستدرك 1:473 أبواب الجنابة ب 20 ح 1.
5- الفقيه 1:49.
6- حكاه عنه في الذكرى:101.
7- التهذيب 1:1131/370،الوسائل 2:230 أبواب الجنابة ب 26 ح 5.

الآخر بما سيأتي.

و ما لا يقبل التقييد كالصحيح في أمر مولانا الصادق عليه السلام الجارية في الحكاية المعروفة بخلاف الترتيب (1)،معارض لصحيح آخر لرواية تضمّن أمره الجارية بخلاف ما فيه (2)،و هذا مع ذلك دليل آخر لما نحن فيه.

و يدخل الرقبة هنا في الرأس،كما عن المقنعة و التحرير و كتب الشهيد (3)،و ظاهر أبي الصلاح و الغنية و المهذّب (4)؛لتصريحهم بغسل الرأس إلى أصل العنق.و ما عن الإشارة من غسل كل من الجانبين من رأس العنق (5)غير مخالف؛إذ يحتمل إرادة أصله من رأسه فيه فيوافق.و عن بعض مقاربي العصر الإجماع عليه (6)،و لعلّه كذلك.

و يشهد له الحسن :«ثمَّ صبّ على رأسه ثلاث أكف،ثمَّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين و على منكبه الأيسر مرّتين»الحديث (7).

و نقله في الكافي و التهذيب مقطوعا (8)غير قادح أوّلا باشتهار العمل به، و ثانيا بنقله في المعتبر و التذكرة (9)إلى الصادق عليه السلام مسندا.

ص:207


1- التهذيب 1:370/134،الاستبصار 1:422/124،الوسائل 2:236 أبواب الجنابة ب 28 ح 4.
2- التهذيب 1:371/134،الاستبصار 1:423/124،الوسائل 2:237 أبواب الجنابة ب 29 ح 1.
3- المقنعة:52،التحرير 1:12؛و الشهيد في الذكرى:100،و اللمعة(الروضة البهية 1):94، و الدروس 1:66،و البيان:55.
4- الكافي في الفقه:133،الغنية(الجوامع الفقهية):554،المهذّب 1:46.
5- الإشارة:72.
6- حكاه صاحب الحدائق 3:66 عن والده.
7- تقدم مصدره في ص:206.
8- الكافي 3:3/43،التهذيب 1:368/132.
9- المعتبر 1:183،التذكرة 1:24.

و قريب منه الموثّق:«ثمَّ ليصب على رأسه ثلاث مرّات ملء كفيه،ثمَّ يضرب بكف من ماء على صدره و كف بين كتفيه،ثمَّ يفيض الماء على جسده كلّه»الحديث (1).

ثمَّ يغسل ميامنه،ثمَّ مياسره كل منهما من أصل العنق إلى تمام القدم،في المشهور بين الأصحاب،بل عن المعتبر اتفاق فقهاء عصره عليه (2)،و عن التذكرة و الغنية،و ظاهر الانتصار و الخلاف و المنتهى و الحلّي:

الإجماع عليه (3)،و عن التذكرة و نهاية الأحكام و الذكرى و الروض:الإجماع ممّن رتّب الرأس على البدن (4)،و في الأخيرين:و من رتّب بينهما في الوضوء أيضا.

و الأصل فيه بعد الاحتياط الواجب هنا،و بعض الأخبار العامية (5)المعتضدة بالشهرة،و حبّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم التيامن في طهوره (6)، النصوص (7)المصرّحة به في غسل الأموات (8)،مع ما ورد باتحاده في الكيفيّة مع غسل الجنابة.

ففي الخبر:«غسل الميت كغسل الجنابة» (9).

ص:208


1- التهذيب 1:364/132،الوسائل 2:231 أبواب الجنابة ب 26 ح 8.
2- المعتبر 1:184.
3- التذكرة 1:24،الغنية(الجوامع الفقهية):554،الانتصار:30،الخلاف 1:132،المنتهى 1:83،الحلي في السرائر 1:119.
4- التذكرة 1:24،نهاية الأحكام 1:107،الذكرى:100،روض الجنان:53.
5- صحيح البخاري 1:73،سنن أبي داود 1:240/62.
6- تقدم في ص 166.
7- في«ح»زيادة:الرضوي المصرح بهذا الترتيب فيه.فقه الرضا(عليه السلام):81،المستدرك 1:470 أبواب الجنابة ب 18 ح 2.
8- الوسائل 2:479 أبواب غسل الميت ب 2.
9- الفقيه 1:586/122،التهذيب 1:1447/447،الاستبصار 1:732/208،الوسائل 2:486 أبواب غسل الميت ب 3 ح 1.

و في آخر بعد ما سئل مولانا الباقر عليه السلام عن الميت لم يغسّل غسل الجنابة،أجاب بما حاصله:لخروج النطفة التي خلق منها فلذلك يغسّل غسل الجنابة (1).

و فيه-زيادة على الدلالة من جهة التشبيه-الدلالة من جهة التعليل المستفاد منه كون غسله عين غسل الجنابة؛و الأخبار بهذا التعليل مستفيضة-بل كادت تكون متواترة-مروية في العلل و العيون (2)،و غيرهما من الكتب المعتبرة،فلا وجه لتأمّل بعض المتأخرين منّا (3)تبعا لشاذ من أصحابنا (4)في ذلك.

و لا يجب الابتداء في المواضع الثلاثة بالأعلى؛للأصل،مع ظاهر عبارات الأصحاب،و الصحيحة المصرّحة باكتفاء الإمام عليه السلام بغسل ما بقي في ظهره-بعد الإتمام-من اللمعة (5).و هي للعصمة غير منافية؛لعدم التصريح فيها بالنسيان أو الغفلة.

نعم،في الحسن السابق الآمر بصبّ الماء على الرأس و المنكبين (6)إيماء إلى رجحانه و استحبابه،و عن الذكرى استظهاره (7).و لا بأس به.

و يتبع السرّة و العورتان الجانبين،فيوزّع كلّ من نصفيها على كل منهما

ص:209


1- الكافي 3:1/161،الوسائل 2:487 أبواب غسل الميت ب 3 ح 2.
2- علل الشرائع:299 العيون الأخبار 2:87.
3- كالمحقّق في المعتبر 1:183،و صاحب المدارك 1:264،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:56.
4- كوالد الصدوق و ابن الجنيد على ما حكاه عنهما في المدارك 1:293،و الصدوق في الهداية: 20.
5- الكافي 3:15/45،التهذيب 1:1108/365،الوسائل 2:259 أبواب الجنابة ب 41 ح 1.
6- المتقدم في ص:206.
7- الذكرى:105.

مع زيادة شيء في كل من النصفين من باب المقدّمة.و عن الذكرى الاكتفاء بغسلها مع أحدهما عن ذلك؛لعدم الفصل المحسوس،و امتناع إيجاب غسلها مرّتين (1).و ما ذكرناه أحوط و غسلها مع الجانبين أولى.

و تغسل اللمعة المغفلة هنا خاصة مع الجانب الآخر مطلقا (2)إذا كانت في اليمين،و بدونه إذا انعكس،كما عن الأصحاب.

و يسقط الترتيب مطلقا بالارتماس و شمول الماء لجميع البدن بالانغماس فيه دفعة واحدة،إجماعا؛للنصوص المستفيضة.

منها الصحيح:«و لو أنّ رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك و إن لم يدلك جسده» (3)و مثله الآخر (4)،و الحسن (5).

و الترتيب الحكمي الذي قيل فيه (6)-مع شذوذه بجميع تفاسيره-مدفوع بالأصل،و خلوّ النصوص عنه،مع عدم الدليل عليه،لاختصاص أدلة الترتيب بغير ما نحن فيه،و مع ذلك لا ثمرة فيه في التحقيق و إن أثبتها جماعة (7).

و في اعتبار توالي غمس الأعضاء بحيث يتحد عرفا كما عن المشهور بين المتأخرين (8)،أو مقارنة النية للانغماس التام حتى تقارن انغماس جميع البدن كما عن الألفية (9)،أو عدم اعتبار شيء منهما حتى إذا نوى فوضع رجله مثلا في

ص:210


1- الذكرى:102.
2- أي و لو كان قد غسل.منه رحمه اللّه.
3- التهذيب 1:1131/370،الوسائل 2:230 أبواب الجنابة ب 26 ح 5.
4- الفقيه 1:191/48،الوسائل 2:233 أبواب الجنابة ب 26 ح 15.
5- الكافي 3:5/43،التهذيب 1:423/148،الاستبصار 1:424/125،الوسائل 2:232 أبواب الجنابة ب 26 ح 12.
6- قال به سلاّر في المراسم:42،و العلامة في المختلف:320.
7- منهم صاحب المدارك 1:296،و السبزواري في الذخيرة:57،و صاحب الحدائق 3:78.
8- حكاه في كشف اللثام 1:81.
9- الألفية:31.

الماء ثمَّ صبر ساعة فغمس عضوا آخر و هكذا إلى أن ارتمس كما هو مختار بعض المحقّقين (1)،أقوال.

و ليس في شيء من النصوص و العبارات الموصفة للارتماس بالوحدة دلالة على تعيين أحد الأوّلين؛لاحتمال إرادة عدم التفرقة من الوحدة تنبيها على سقوط التعدد و الترتيب فيصح مع التأنّي في إتيانه،كذا قيل (2).و هو مشكل ، و اعتبار الأوّلين أحوط.

و على الأوّل لا ينافي الوحدة توقف إيصال الماء إلى البشرة على تخليل ما يعتبر تخليله من الشعر و نحوه.

و يستفاد من مفهوم النصوص-مضافا إلى الاحتياط اللازم في مثل المقام- عدم سقوط الترتيب بالوقوف تحت المطر و نحوه،بناء على عدم صدق الارتماس عليه،مضافا إلى ما دلّ على وجوبه مطلقا إلاّ ما خرج قطعا،وفاقا لجماعة (3).

و ليس في الصحيح و غيره-مع ضعف الأخير-دلالة على السقوط،بل هما-في النظر-على الدلالة بالثبوت أظهر،و مع ذلك فهما مطلقان يقيّدان بما تقدّم.

فظهر سقوط حجة القول بالسقوط كما في القواعد (4)،و عن الإصباح و ظاهر الاقتصاد و المبسوط (5).

و لو أغفل لمعة ففي وجوب الاستئناف مطلقا،أم الاكتفاء بغسلها كذلك

ص:211


1- راجع كشف اللثام 1:81.
2- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:81،و صاحب الحدائق 3:78.
3- منهم المحقق في المعتبر 1:184،و السبزواري في الذخيرة:57.
4- القواعد 1:13.
5- الاقتصاد:245،المبسوط 1:29.

خاصة،أو مع ما بعده،أو التفصيل بين طول الزمان فالأوّل و قصره فالثاني، أقوال،أصحّها الأوّل كما عن الدروس و البيان و المنتهى (1)،لعدم صدق الارتماس المعنيّ منه شمول الماء لجميع البدن دفعة المشترط في سقوط الترتيب و صحة الغسل نصّا و إجماعا حينئذ،مضافا إلى الأصل.و حجج الباقي ركيكة،و الخبر:«ما جرى عليه الماء فقد طهر» (2)مورده الترتيبي خاصة، فافهم .

ص:212


1- الدروس 1:97 البيان 56،المنتهى 1:84.
2- الكافي 3:1/43،التهذيب 1:365/132،الاستبصار 1:420/123،الوسائل 2: 229 أبواب الجنابة ب 26 ح 1.
مسنونها سبعة

و مسنونها سبعة :

الأوّل الاستبراء للمنزل أو محتمله،مع تعيّن الغسل أو عدمه،مع استحبابه بالبول للرجل.

و لا يجب على الأشهر الأظهر؛للأصل المؤيّد بخلوّ كثير من الأخبار البيانية المتضمنة لكثير من الواجبات و المستحبات عنه،و إشعار أخبار إعادة الغسل بتركه به (1).و هو المحكي عن المرتضى و الحلّي (2)(3)و مختار الفاضلين و الشهيدين (4).

خلافا للمبسوط و الجمل و العقود و المصباح و مختصره و المراسم و الكامل و الوسيلة و الغنية و الإصباح و الجامع (5)،و في الغنية الإجماع عليه كما حكي، فأوجبوه؛لأخبار إعادة الغسل مع الإخلال به و خروج شيء من الذكر.

و لا دلالة فيها إلاّ على الوجوب الشرطي،و لعلّه مرادهم،كما يومئ إليه كلامه في الاستبصار في المضمار،لذكره الأخبار المزبورة في هذا الباب مع عنوانه بالوجوب (6).

و ليس في الصحيح:عن غسل الجنابة،فقال:«تغسل يدك اليمنى من

ص:213


1- الوسائل 2:250 أبواب الجنابة ب 36.
2- حكاه عنهما العلامة في المختلف:32.
3- في«ح»زيادة:و ابن حمزة و ابن البرّاج و الحلبي.
4- المحقق في المعتبر 1:185،و الشرائع 1:28،العلامة في المنتهى 1:85،و المختلف: 32،الشهيد الأول في البيان:55،الشهيد الثاني في المسالك 1:8.
5- المبسوط 1:29،الجمل و العقود(الرسائل العشر):161،مصباح المتهجد:9،المراسم: 41،حكاه عن الكامل في كشف اللثام 1:82،الوسيلة:55،الغنية(الجوامع الفقهية): 554،الجامع للشرائع:39.
6- الاستبصار 1:118.

المرفقين إلى أصابعك و تبول إن قدرت على البول» (1)دلالة عليه؛لوروده في سياق الأوامر المستحبة الموهن لدلالة الأمر به على الوجوب،بل سياقه ربما أشعر بالاستحباب.و عدم الترك أحوط.

و تخصيصه بالرجل-كما ذكرنا-محكي عن المبسوط و الجمل و العقود و المصباح و مختصره و الوسيلة و الإصباح و السرائر و الجامع (2)؛لاختلاف المخرجين في المرأة فلا يثمر،و اختصاص الأخبار به.

خلافا للمحكي عن النهاية و المقنعة فعمّماه (3)،و هو أحوط.

ثمَّ إنّه مع تركه و عدم خروج شيء بعد الغسل فلا كلام.و كذا معه مع العلم بالخارج منيّا فيغتسل،و بولا فيتوضأ.و مع عدمه و الشك فيه فلا شيء إن بال و استبرأ منه بعده إجماعا؛للأصل،و العمومات،و الصحاح المستفيضة و غيرها.

منها:الصحيح في الغسل:«إلاّ أن يكون قد بال قبل أن يغتسل فإنّه لا يعيد غسله» (4).

و مثله في الوضوء:«ينتره ثلاثا ثمَّ إن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي» (5).

ص:214


1- التهذيب 1:363/131،الاستبصار 1:419/123،الوسائل 2:230 أبواب الجنابة ب 26 ح 6.
2- راجع ص:213،السرائر 1:118.
3- النهاية:21،المقنعة:54.
4- التهذيب 1:407/144،الاستبصار 1:402/119،الوسائل 2:251 أبواب الجنابة ب 36 ح 6.
5- التهذيب 1:70/27،الاستبصار 1:136/48،الوسائل 1:283 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 3،في التهذيب و الاستبصار:«حتى يبلغ الساق».

و ما في الصحيح:«يجب الوضوء ممّا خرج بعد الاستبراء» (1)محمول على التقية كما في الاستبصار (2).

و يغتسل إن لم يأت بهما على الأشهر الأظهر،بل عن الحلّي الإجماع عليه (3)؛للصحاح المستفيضة و غيرها الآمرة بإعادة الغسل مع عدم البول مطلقا (4)كالصحيح:«و إن لم يبل حتى اغتسل ثمَّ وجد البلل فليعد الغسل» (5).

و الروايات بعدم الإعادة مطلقا أو مع النسيان خاصة (6)-مع ضعفها-شاذة لم يعرف قائل بمضمونها و إن نقل عن ظاهر الفقيه و المقنع (7)الاكتفاء بالوضوء، لعدم التصريح به في شيء منها مع التصريح بنفي الشيء الشامل له في بعضها.و متمسّكه ليس إلاّ ما رواه مرسلا:«إن كان قد رأى بللا و لم يكن بال فليتوضأ و لم يغتسل،إنّما ذلك من الحبائل» (8).

و هو-مع ضعفه سندا و مقاومة لما تقدّم من وجوه شتّى-يدافع ذيله صدره،بناء على عدم الوضوء فيما يخرج من الحبائل إجماعا،فحمله على مجرّد الغسل غير بعيد.

ص:215


1- التهذيب 1:72/28،الاستبصار 1:138/49،الوسائل 1:285 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 9.
2- الاستبصار 1:49.
3- السرائر 1:122.
4- أي سواء استبرأ أم لا.
5- التهذيب 1:408/144،الاستبصار 1:403/119،الوسائل 2:252 أبواب الجنابة ب 36 ح 9.
6- الوسائل 2:252 أبواب الجنابة ب 36 ح 11 إلى 14.
7- الفقيه 1:47،المقنع:13.
8- الفقيه 1:187/47،الوسائل 2:250 أبواب الجنابة ب 36 ح 2.

و كذا إن لم يبل مع إمكانه و إن استبرأ،على الأشهر الأظهر،و عن الخلاف الإجماع عليه هنا و في الصورة الآتية (1)؛لإطلاق ما تقدّم من الصحاح،بل و عموم بعضها كالصحيح:عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شيء،قال:«يغتسل و يعيد الصلاة إلاّ أن يكون قد بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله» (2).

خلافا لظاهر المصنف هنا و في الشرائع (3)،فلم يوجبه،اكتفاء منه بالاستبراء باليد.و هو ضعيف،و الأصل مدفوع بما تقدّم من العموم.

و منه يظهر اتحاد الحكم في هذه الصورة و مثلها بدون قيد الإمكان.

خلافا للمحكي عن الأكثر،فلم يوجبوه.و الروايات المتقدمة النافية للإعادة -مع ما فيها ممّا تقدم-لا اختصاص لها بهذه الصورة،و الجمع بينها و بين الصحاح بذلك فرع وجود شاهد و ليس.

نعم،في الرضوي:«إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد أن تبول حتى تخرج فضلة المني من إحليلك،و إن جهدت و لم تقدر على البول فلا شيء عليك» (4).

و هو أعم من المدعى ،و مع ذلك يحتمل نفي الشيء فيه نفي الإثم أو المرجوحية.و كيف كان فالأحوط ما ذكرنا.

و يتوضأ إن انعكس الفرض في الأخيرين،فبال و لم يستبرئ منه بلا خلاف؛للصحيح:«و إن كان بال ثمَّ اغتسل ثمَّ وجد بللا،فليس ينقض غسله

ص:216


1- الخلاف 1:126.
2- التهذيب 1:407/144،الاستبصار 1:402/119،الوسائل 2:251 أبواب الجنابة ب 36 ح 6.
3- الشرائع 1:28.
4- فقه الرضا(عليه السلام):81،المستدرك 1:470 أبواب الجنابة ب 18 ح 2.

و لكن عليه الوضوء» (1)و مثله الموثّق (2).

مضافا إلى عموم الأخبار الآمرة بالوضوء بترك الاستبراء بعد البول (3).

و بمفهومها يقيّد إطلاق هذين الخبرين الشامل لما إذا استبرأ.

و ربما ينقل عن ظاهر الشيخين في المقنعة و التهذيبين (4)عدم الوضوء أيضا،بناء على عدمه مع غسل الجنابة.و في إطلاقه منع؛لاختصاصه بخروج موجبه مطلقا قبل الغسل لا بعده،و الخبران صريحان في أنّ السبب للأمر بالوضوء نفس البلل المشتبه لا غير.

و كيفية الاستبراء مطلقا (5)هو أن يعصر ذكره من أصل المقعدة إلى طرفه أي الأنثيين بإصبعه الوسطى بقوّة ثلاثا و ينتره بجذب القضيب من أصله إلى الحشفة بالإصبع المذكورة و الإبهام ثلاثا على الأشهر الأظهر المحكي عن النهاية و الفقيه الهداية و بني حمزة و سعيد و إدريس و زهرة (6)، و شيخنا المفيد في المقنعة لكن بإسقاط مسحتين (7)،و لا دليل عليه.

و مستندهم الحسن:«إذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرّات

ص:217


1- التهذيب 1:407/144،الاستبصار 1:402/119،الوسائل 1:283 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 5.
2- التهذيب 1:406/144،الاستبصار 1:401/119،الوسائل 1:283 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 6.
3- الوسائل 2:250 أبواب الجنابة ب 36.
4- المقنعة:53،التهذيب 1:144،الاستبصار 1:120.
5- أي هنا و في الوضوء.منه رحمه اللّه.
6- النهاية:10-11،الفقيه 1:21،الهداية:16،ابن حمزة في الوسيلة:47،ابن سعيد في الجامع للشرائع:28،ابن إدريس في السرائر 1:96،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية): 549.
7- المقنعة:40.

و غمز ما بينهما ثمَّ استنجى»الحديث (1).بناء على رجوع ضمير التثنية إلى الأنثيين و المراد به الذكر و لقبحه لم يذكر-لا هما و المقعدة-للقرب و الاعتبار و الصحيح:في الرجل يبول،قال:«ينتره ثلاثا»الحديث (2).بناء على كون ضمير المفعول عائدا إلى الذكر أو البول ،و لا مجال لرجوعه إلى ما تحت الأنثيين.و على التقديرين يتمّ الاستشهاد به،بل هو على الثاني نصّ في المطلوب،فتدبّر .

و منه يظهر وجه تقييد الغمز المطلق في الحسن بالثلاث؛لتصريح الصحيح به،مضافا إلى عدم القول بالفصل حتى من المفيد،لتصريحه هنا بالمرتين و اكتفائه بهما أيضا فيما تحت الأنثيين،و الحسن مخالف له في الأمرين.

و لا فرق في التحقيق بين القول بالست مسحات و بين القول بالتسع مسحات،كما في القواعد و الشرائع و عن المبسوط و التحرير (3).

و عن والد الصدوق الاكتفاء بمسح ما تحت الأنثيين ثلاثا (4).

و لا دلالة في الحسن عليه،لما عرفت.

كما لا دلالة في الصحيح على مرتضى المرتضى و المهذّب (5)من الاكتفاء بنتر القضيب من أصله ثلاثا إلى الطرف كما زعم،لما تقدّم.و ربما حمل كلامهما على ما حمل الصحيح عليه،فلا خلاف.

ص:218


1- الفقيه 1:148/39،التهذيب 1:50/20،الاستبصار 1:303/94،الوسائل 1:282 أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 2.
2- تقدّم في ص:260.
3- القواعد 1:13،الشرائع 1:28،المبسوط 1:17،التحرير 1:13.
4- حكاه عنه في كشف اللثام 1:21.
5- حكاه عن المرتضى في المنتهى 1:42،المهذّب 1:41.

و الثاني غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ثلاثا لما مرّ في الوضوء.

من الزندين في المشهور و أكثر الأخبار،منها الصحيح:«تبدأ بكفيك فتغسلهما ثمَّ تغسل فرجك»الحديث (1).

أو دون المرفق كما في الموثق (2).أو إلى نصف الذراع كما في المرسل (3).أو المرفقين كما في الصحيحين (4)و غيرهما.

و النصوص بالتثليث مستفيضة (5)و لا دليل على الاكتفاء بالمرة سوى الإطلاق في المعتبرة،و تقييده بها مقتضى القواعد الشرعية.

و الثالث و الرابع المضمضة و الاستنشاق بعد تنقية الفرج،وفاقا للمعظم،بل في المدارك عليه الإجماع (6)؛للنصوص منها الصحيح:«تبدأ فتغسل كفيك،ثمَّ تفرغ بيمينك على شمالك،فتغسل فرجك،ثمَّ تمضمض و تستنشق» (7).

و لم يذكرا في المقنع و الكافي لأبي الصلاح.و تمام الكلام قد مضى.

ص:219


1- الكافي 3:1/43،التهذيب 1:365/132،الاستبصار 1:420/123،الوسائل 2: 229 أبواب الجنابة ب 26 ح 1.
2- التهذيب 1:364/132،الوسائل 2:231 أبواب الجنابة ب 26 ح 8.
3- الكافي 3:5/141،الوسائل 2:265 أبواب الجنابة ب 44 ح 1.
4- الأول: التهذيب 1:402/142،الوسائل 2:246 أبواب الجنابة ب 34 ح 1. الثاني: التهذيب 1:363/131،الاستبصار 1:419/123،الوسائل 2:247 أبواب الجنابة ب 34 ح 3.
5- انظر الوسائل 1:427 أبواب الوضوء ب 27.
6- المدارك 1:302.
7- التهذيب 1:1131/370،الوسائل 2:230 أبواب الجنابة ب 26 ح 5.

و مقتضى إطلاق المتن-كالنصوص (1)-الاكتفاء بالمرّة،و لكن عن صريح المقنعة و النهاية و السرائر و الوسيلة و المهذب و الإصباح و التذكرة و التحرير و نهاية الأحكام و الذكرى و البيان:استحباب التثليث (2)؛و لعلّه للرضوي و فيه:

«و قد يروى أن يتمضمض و يستنشق ثلاثا،و يروى مرّة يجزيه،و الأفضل الثلاث،و إن لم يفعل فغسله تام» (3).

و الخامس إمرار اليدين على الجسد إجماعا كما عن الخلاف و التذكرة و ظاهر المعتبر و المنتهى (4)،و استظهارا و التفاتا إلى الرضوي:

«ثمَّ تمسح سائر بدنك بيديك و تذكر اللّه تعالى»الحديث (5).

و في الصحيح:«و لو أنّ جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك و إن لم يدلك جسده» (6).

و هو نص في عدم الوجوب في الجملة كالإجماعات المنقولة و لكنها نفته بالكلية .و عن مالك إيجابه (7).

و السادس تخليل ما يصل إليه الماء للمعتبرة،منها الصحيح:

«يبالغن في الماء» (8)و في الحسن«يبالغن في الغسل» (9)و في الرضوي:

ص:220


1- الوسائل 2:225 أبواب الجنابة ب 24.
2- المقنعة:52،النهاية:13،السرائر 1:118،الوسيلة:56،المهذّب 1:45-46، التذكرة 1:24،التحرير 1:13،نهاية الأحكام 1:109،الذكرى:104،البيان:55.
3- فقه الرضا(عليه السلام):81،المستدرك 1:468 أبواب الجنابة ب 16 ح 1.
4- الخلاف 1:127،التذكرة 1:24،المعتبر 1:185،المنتهى 1:85.
5- فقه الرضا(عليه السلام):81،المستدرك 1:470 أبواب الجنابة ب 18 ح 2.
6- التهذيب 1:1131/370،الوسائل 2:230 أبواب الجنابة ب 26 ح 5.
7- حكاه عنه في بداية المجتهد 1:44،و المغني و الشرح الكبير 1:251.
8- التهذيب 1:419/147،الوسائل 2:255 أبواب الجنابة ب 38 ح 1.
9- الكافي 3:17/45،التهذيب 1:418/147،الوسائل 2:255 أبواب الجنابة ب 38 ح 2.

«الاستظهار إذا أمكن» (1).

و السابع:الغسل بصاع بالإجماع،و الصحاح منها:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يتوضأ بمدّ و يغتسل بصاع،و المدّ رطل و نصف،و الصاع ستة أرطال» (2).

و حمله الشيخ على أرطال المدينة (3)،فيكون تسعة أرطال بالعراقي و الكلام في تحديده يأتي في بحث الزكاة إن شاء اللّه تعالى.

و لا يجب بإجماع علمائنا و أكثر أهل العلم.خلافا لأبي حنيفة كما في المعتبر و المنتهى (4).و أخبارنا بإجزاء مثل الدهن (5)حجّة لنا؛و ما في الصحيح:

«من انفرد بالغسل وحده فلا بدّ له من الصاع» (6)محمول على الاستحباب أو التقية فتأمّل.

ص:221


1- تقدم مصدره في الهامش 5 ص:220.
2- التهذيب 1:379/136،الاستبصار 1:409/121،الوسائل 1:481 أبواب الوضوء ب 50 ح 1.
3- الخلاف 1:129.
4- المعتبر 1:186،المنتهى 1:86.
5- الوسائل 1:484 أبواب الوضوء ب 52،و وسائل 2:240 أبواب الجنابة ب 31.
6- الفقيه 1:72/23،الوسائل 2:240 أبواب الجنابة ب 31 ح 1.
أحكامه

و أمّا أحكامه أي الجنب

يحرم عليه قراءة العزائم و مسّ كتابة القرآن و دخول المساجد

فيحرم عليه قراءة إحدى العزائم بالإجماع كما عن المعتبر و المنتهى و أحكام الراوندي و التذكرة و غيرها (1)؛ للمعتبرة منها الموثق:الحائض و الجنب يقرءان شيئا؟قال:«نعم ما شاءا إلاّ السجدة» (2).و مثله في الحسن (3).

و المراد بالسجدة فيهما نفس السورة كما فهمه الأصحاب؛لشيوع التعبير عن السور بأشهر ألفاظها كالبقرة و آل عمران و الأنعام و الرحمن و الواقعة و غير ذلك،و للرضوي:«و لا بأس بذكر اللّه تعالى و قراءة القرآن و أنت جنب إلاّ العزائم التي يسجد فيها،و هي:الم تنزيل و حم السجدة و النجم و سورة اقرأ» (4).

فاحتمال تخصيص التحريم بنفس السجدة لا وجه له،مع أنّ في المعتبر بعد التعميم:رواه البزنطي عن المثنّى عن الحسن الصيقل عن الصادق عليه السلام (5).و لا بأس بضعف السند بعد الانجبار بالفتاوى.

و على هذا فتحرم قراءة أجزائها المختصة بها مطلقا،و المشتركة بينها و بين غيرها مع النيّة.

و مسّ كتابة القرآن إجماعا من علماء الإسلام كما عن المعتبر و المنتهى (6)،إلاّ داود كما عن التذكرة (7)؛لفحوى ما دلّ على تحريمه على

ص:222


1- المعتبر 1:186 و 187،المنتهى 1:86،فقه القرآن 1:50،التذكرة 1:24؛و انظر كشف اللثام 1:83.
2- التهذيب 1:67/26،الاستبصار 1:384/115،علل الشرائع:1/288،الوسائل 2: 216 أبواب الجنابة ب 19 ح 4.
3- التهذيب 1:1132/371،الوسائل 2:217 أبواب الجنابة ب 19 ح 7.
4- فقه الرضا(عليه السلام):84،المستدرك 1:465 أبواب الجنابة ب 12 ح 1.
5- المعتبر 1:187،الوسائل 2:218 أبواب الجنابة ب 19 ح 11.
6- المعتبر 1:187،المنتهى 1:87.
7- التذكرة 1:24.

المحدث بالحدث الأصغر،و لورود النهي عنه في النبوي (1)و الرضوي (2):

«لا تمسّ القرآن إن كنت جنبا أو على غير وضوء».

و خلاف الإسكافي و الشيخ في المبسوط فيه لفتواهما بالكراهة (3)غير معلوم؛لاحتمال إرادتهما التحريم منها كما عن المختلف و الذكرى (4).

و المراد بالكتابة صور الحروف،قيل:و منه المدّ و التشديد لا الإعراب (5).و يعرف كونها قرآنا بعدم احتمالها غير ذلك و بالنية،و أمّا مع انتفائهما فلا تحريم.

و دخول المساجد مطلقا (6)وفاقا للمعظم،بل عن المنتهى عدم الخلاف (7)،و في الخلاف الإجماع (8)،بالكتاب المفسّر بهذا في الصحيح:

الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟قال:«لا يدخلان المسجد إلاّ مجتازين،إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ [1] » (9)مضافا إلى الصحاح الأخر (10).

و القول بالجواز مع استحباب الترك مطلقا للأصل،كما عن سلاّر (11)،أو

ص:223


1- سنن الدارقطني 1:121،سنن الترمذي 1:98.
2- فقه الرضا(عليه السلام):85،المستدرك 1:464 أبواب الجنابة ب 11 ح 1.
3- حكاه عن الإسكافي في المختلف:36،المبسوط 1:23.
4- المختلف:26،الذكرى:33.
5- قال به المحقق الكركي في جامع المقاصد 1:267،و صاحب المدارك 1:279.
6- بوضوء أم لا،للنوم أم لا.منه رحمه اللّه.
7- المنتهى 1:87.
8- الخلاف 1:514.
9- علل الشرائع:1/288،تفسير القمي 1:139،الوسائل 2:207 أبواب الجنابة ب 15 ح 10،و الآية في النساء:43.
10- الوسائل 2:205 أبواب الجنابة ب 15.
11- المراسم:42.

للنوم خاصة،كما عن الصدوق في الفقيه و المقنع (1)،شاذّ؛و الأصل مخصّص بالدليل؛و ليس في الخبر:عن الجنب ينام في المسجد،فقال:«لا يتوضأ و لا بأس أن ينام في المسجد و يمرّ فيه» (2)-مع قصور السند-دلالة على شيء منهما ، و حمله على التقية ممكن ،لمصير بعض العامة إلى مضمونه كما حكي (3).

إلاّ اجتيازا فيها-لا مطلق المرور و المشي في الجوانب كما قيل (4)- على الأصح؛للصحيح المتقدم و غيره.

عدا المسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيحرم الدخول مطلقا بالإجماع كما في المدارك (5)،و عن المعتبر و ظاهر الغنية و التذكرة (6)؛للمعتبرة المستفيضة منها الصحيح:«و لا يقربان المسجدين الحرامين» (7).

و ليس في عدم تعرض الصدوقين و المفيد و سلاّر و الشيخ في الجمل و الاقتصاد و المصباح و مختصره و الكيدري له مع إطلاقهم جواز الاجتياز في المساجد (8)تصريح بالمخالفة،بل و لا ظهور بملاحظة الإجماعات المنقولة.

فتأمّل.

ص:224


1- الفقيه 1:48،المقنع:14.
2- التهذيب 1:1134/371،الوسائل 2:210 أبواب الجنابة ب 15 ح 18.
3- انظر الخلاف 1:514،و الحدائق 3:51.
4- قال به صاحب المدارك 1:281.
5- المدارك 1:282.
6- المعتبر 1:189،الغنية(الجوامع الفقهية):549،التذكرة 1:25.
7- التهذيب 1:1132/371،الوسائل 2:209 أبواب الجنابة ب 15 ح 17.
8- حكاه عن والد الصدوق في الذكرى:34،الصدوق في الفقيه 1:48،المفيد في المقنعة: 51،سلاّر في المراسم:42،الجمل و العقود(الرسائل العشر):160،الاقتصاد:244، مصباح المتهجد:8.

و لو احتلم فيهما نوما أو يقظة،أو دخلهما سهوا أو عمدا،لضرورة أم لا،لإطلاق النص و عدم تعقل الفرق بين الأفراد،كذا قيل (1)،فتأمّل تيمّم لخروجه منهما على الأشهر الأظهر؛للصحيح:«إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمّم،و لا يمرّ في المسجد إلاّ متيمّما» (2).

و قول شاذ منّا بالاستحباب (3)ضعيف خال عن المستند،و لا عبرة بالأصل في مقابلة الصحيح.

و وضع شيء فيها مطلقا (4)على الأظهر الأشهر،بل عن ظاهر الغنية الإجماع عليه (5)؛للمعتبرة منها الصحيح:عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟قال:«نعم،و لكن لا يضعان في المسجد شيئا» (6).

و يظهر منه عدم تحريم الأخذ منها كما هو المجمع عليه.و علّل الأمران في آخر:بأنهما لا يقدران على أخذ ما فيه إلاّ منه و يقدران على وضع ما بيدهما في غيره (7).

و عن سلاّر و موضع من الخلاف (8)الكراهة.و هو ضعيف،و الأصل بما قدّمناه مخصّص.

ص:225


1- انظر كشف اللثام 1:83.
2- التهذيب 1:1280/407،الوسائل 2:206 أبواب الجنابة ب 15 ح 6.
3- قال به ابن حمزة في الوسيلة:70.
4- أي سواء استلزم اللبث أم لا.منه رحمه اللّه.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):449 و 550.
6- الكافي 3:8/51،التهذيب 1:339/125،الوسائل 2:213 أبواب الجنابة ب 17 ح 1.
7- علل الشرائع:1/288،الوسائل 2:213 أبواب الجنابة ب 17 ح 2.
8- سلاّر في المراسم:42،الخلاف 1:513.
يكره قراءة ما زاد على سبع آيات و مس المصحف و حمله و النوم و الأكل و الشرب

و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات للمضمر:عن الجنب هل يقرأ القرآن؟قال:«ما بينه و بين سبع آيات» (1).

و تشتد فيما زاد على سبعين؛للمضمر الآخر:قال بدل ما تقدّم:«ما بينه و بين سبعين آية» (2).

أمّا الجواز فمقطوع به بين أكثر الأصحاب كما في المختلف (3)،بل عن الانتصار و الخلاف و الغنية و أحكام الراوندي و المعتبر:الإجماع عليه (4)، و الصحاح بذلك مستفيضة (5)كغيرها من المعتبرة المعتضدة بالأصل و العمومات و الشهرة(العظيمة) (6).و ليس شيء من المضمرين و غيرهما ممّا سيأتي يصلح لتخصيصها بالبديهة و لا سيّما لإثبات الحرمة،لعدم الصراحة،لكن باب المسامحة في أدلّة الاستحباب و الكراهة مفتوحة،فلأجل ذلك حكم بها في موردهما تبعا للجماعة.

و لا يمكن الحكم بها في مطلق القراءة؛لموافقة الناهية عنها كذلك (7)-مع ضعفها-للتقية (8)،مع مخالفته للشهرة العظيمة،فلا يمكن مع ذلك المسامحة،سيّما مع معارضتها بالمسامحة في أدلّة السنن،لفتوى الأصحاب

ص:226


1- التهذيب 1:350/128،الاستبصار 1:383/114،الوسائل 2:218 أبواب الجنابة ب 19 ح 9.
2- التهذيب 1:351/128،الاستبصار 1:383/114،الوسائل 2:218 أبواب الجنابة ب 19 ح 10.
3- المختلف:32.
4- الانتصار:31،الخلاف 1:100،الغنية(الجوامع الفقهية):549-550،فقه القرآن 1: 50،المعتبر 1:186-187.
5- الوسائل 2:215 أبواب الجنابة ب 19.
6- ليست في«ل»و«ح».
7- الوسائل 2:216 أبواب الجنابة ب 19 ح 3،الوسائل 6:246 أبواب القراءة ب 47 ح 1.
8- انظر المغني و الشرح الكبير 1:165.

بالاستحباب في الباب،و دلالة النصوص عليه.

فظهر ضعف القول بها مطلقا كما عن الخصال و المراسم و ابن سعيد (1)، لإطلاق النهي عنه في الخبر المروي في الأوّل:«سبعة لا يقرؤون القرآن:

الراكع،و الساجد،و في الكنيف،و في الحمّام،و الجنب،و النفساء، و الحائض» (2).

و القول (3)بنفيها كذلك كما عن الجمل (4).

و القول بالتحريم كذلك كما عن سلاّر (5)،للنبوي:«يا علي من كان جنبا في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن،فإني أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما» (6).

و هو مع ضعفه و احتماله للتقية محتمل لخصوص العزائم،بل صرّح بكونهما المراد منه في الفقيه (7).

أو (8)ما زاد على السبع خاصة،كما عن القاضي و ظاهر المقنعة و النهاية و محتمل التهذيبين (9)،و بعض الأصحاب كما حكاه في الخلاف (10).

ص:227


1- الخصال:358،المراسم:42،ابن سعيد في الجامع للشرائع:39.
2- الهداية:40،الخصال:42/357،المستدرك 2:27 أبواب الحيض ب 27 ح 4.
3- أي ظهر ضعف القول.منه رحمه اللّه.
4- الجمل و العقود(الرسائل العشر):161.
5- حكاه عنه في الذكرى:34.
6- الفقيه 3:1712/358،الأمالي:1/454،علل الشرائع:5/514،الوسائل 2:216 أبواب الجنابة ب 19 ح 3.
7- الفقيه 3:359.
8- عطف على قوله:كذلك،أي ظهر ضعف القول بالتحريم فيما زاد على السبع.منه رحمه اللّه.
9- القاضي في المهذّب 1:34،المقنعة:52،النهاية:20،التهذيب 1:128،الاستبصار 1:115.
10- الخلاف 1:100.

أو على السبعين كذلك،كما في المنتهى عن بعض الأصحاب (1)،و في نهاية الأحكام عن القاضي (2).

و عن المبسوط الاحتياط أن لا يزيد على سبع أو سبعين (3).و هو راجع إلى ما ذكرناه.

و مسّ المصحف و حمله للصحيح:«الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب»الحديث (4).

و في الخبر:«لا تمس خيطه و لا تعلقه» (5).

و في الاستدلال به للكراهة نظر؛لاختلاف النسخة في«الخيط»فذكر بدله في بعضها«الخط»و النهي عنه حينئذ للتحريم،و احتمال ما نهي عن تعلقه ما يباشر البدن من الكتابة،بل و هما قريبان بملاحظة تعليل النهيين فيه بالآية الكريمة (6).فتأمّل .

و لا يحرم وفاقا للمشهور؛للأصل،و الرضوي:«و لا تمسّ القرآن إذا كنت جنبا أو على غير وضوء،و مسّ الأوراق» (7).

فيحمل الصحيح على الكراهة جمعا،و ليس الصحيح أقوى من الرضوي بعد اعتضاده بالأصل و الشهرة،بل هو حينئذ مع اعتباره في نفسه أقوى منه.فظهر ضعف القول بالتحريم و مستنده كما عن المرتضى (8).

ص:228


1- المنتهى 1:87.
2- لم نعثر في نهاية الأحكام حكاية ذلك عن القاضي.
3- المبسوط 1:29.
4- التهذيب 1:1132/371،الوسائل 2:217 أبواب الجنابة ب 19 ح 7.
5- التهذيب 1:344/127،الاستبصار 1:378/113،الوسائل 1:384 أبواب الوضوء ب 12 ح 3.
6- الواقعة:79.
7- فقه الرضا(عليه السلام):85،المستدرك 1:300 أبواب الوضوء ب 12 ح 1.
8- حكاه عنه المحقق في المعتبر 1:190،و العلامة في المنتهى 1:87.

و النوم ما لم يتوضأ إجماعا كما عن المعتبر و المنتهى و الغنية و ظاهر الذكرى (1)؛للمعتبرة منها الصحيح:عن الرجل أ ينبغي له أن ينام و هو جنب؟ قال:«يكره ذلك حتى يتوضأ» (2).

و ظاهره كالمتن و غيره انتفاء الكراهة مع الوضوء،إلاّ أنّ مقتضى مثله سندا بقاؤها إلى الاغتسال،لتعليل الأمر بالغسل فيه بعد الفراغ ب«أنّ اللّه تعالى يتوفّى الأنفس في منامها و لا يدري ما يطرقه من البلية» (3).

و لذا قيل بها مع الخفة بالوضوء (4)،و حكي عن ظاهر النهاية و السرائر (5).

و هو حسن؛و في الموثّق:عن الجنب يجنب ثمَّ يريد النوم،قال:«إن أحبّ أن يتوضأ فليفعل،و الغسل أفضل من ذلك» (6)إشعار بذلك.و لا خلاف في الجواز،كما في آخره و الصحيح.

و لو لم يتمكن من الطهارتين بالماء أمكن استحباب التيمم؛للعموم، و خصوص الخبر:«لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام إلاّ على طهور،فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد» (7).

و يتخير في نية البدلية عن أحد الطهورين.و اختيار نية البدلية عن الغسل أفضل،فتأمّل. و عن الاقتصاد إطلاق الكراهية (8)،و عن المهذّب تخصيصها

ص:229


1- المعتبر 1:191،المنتهى 1:89،الغنية(الجوامع الفقهية):550،الذكرى:34.
2- الفقيه 1:179/47،الوسائل 1:382 أبواب الوضوء ب 11 ح 1.
3- التهذيب 1:1137/372،الوسائل 2:228 أبواب الجنابة ب 25 ح 4.
4- قال بها الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:83.
5- النهاية:21،السرائر 1:118.
6- الكافي 3:10/51،التهذيب 1:1127/370،الوسائل 2:228 أبواب الجنابة ب 25 ح 6.
7- علل الشرائع:1/295،الخصال:10/610،الوسائل 2:227 أبواب الجنابة ب 25 ح 3.
8- الاقتصاد:244.

بعدم الاغتسال أو الاستنشاق و المضمضة (1).

و الأكل و الشرب ما لم يتمضمض و يستنشق في المشهور،بل عن الغنية و التذكرة الإجماع عليه (2)؛لورود النهي عنهما في المعتبرة.

منها:خبر المناهي في آخر الفقيه :«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الأكل على الجنابة و قال:إنه يورث الفقر» (3).

و منها:الرضوي:«و إذا أردت أن تأكل على جنابتك فاغسل يديك و تمضمض و استنشق ثمَّ كل و اشرب إلى أن تغتسل،فإن أكلت أو شربت قبل ذلك أخاف عليك البرص،و لا تعوّد على ذلك» (4).

و في الخبر:«لا يذوق الجنب شيئا حتى يغسل يديه و يتمضمض،فإنه يخاف منه الوضح» (5)أي البرص.

و النهي فيها مع قصور أسانيدها للكراهة؛للأصل،مع ما تقدم من الإجماع،و الموثق:عن الجنب يأكل و يشرب و يقرأ القرآن؟قال:«نعم و يذكر ما شاء» (6)مع إشعار سياقها بالكراهة.

فالقول بالحرمة قبل الأمرين و غسل اليدين-كما عن الفقيه (7)-مع شذوذه ضعيف،مع احتمال عدم مخالفته،لإشعار التعليل في عبارته بعدمها بل

ص:230


1- المهذّب 1:34.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):550،التذكرة 1:25.
3- الفقيه 4:1/2،الوسائل 2:219 أبواب الجنابة ب 20 ح 5.
4- فقه الرضا(عليه السلام):84،المستدرك 1:466 أبواب الجنابة ب 13 ح 2.
5- الكافي 3:12/51،التهذيب 1:357/130،الاستبصار 1:391/116،الوسائل 2: 219 أبواب الجنابة ب 20 ح 2.
6- الكافي 3:2/50،التهذيب 1:346/128،الاستبصار 1:379/114،الوسائل 2:215 أبواب الجنابة ب 19 ح 2.
7- الفقيه 1:46.

بالكراهة.

و ظاهر المتن-كالمحكي عن المشهور (1)-انتفاؤها بالأمرين؛و لا مستند له من الأخبار في البين.كما لا مستند للمحكي عن المنتهى و التحرير و نهاية الأحكام و الدروس (2)من التخيير في نفيها بهما أو بالوضوء؛و ليس في الصحيحين النافيين لها به خاصة-كما في أحدهما (3)-أو مع غسل اليد مخيّرا بينهما مع أفضلية الوضوء-كما في ثانيهما (4)-دلالة عليه.

و ظاهر الفقيه و الهداية و الأمالي:انتفاؤها بالأمرين في المتن مع غسل اليدين (5)؛للرضوي المتقدّم.

و عن المعتبر انتفاؤها بغسلهما و بالأول منهما (6)؛و ليس في الصحيح:

«الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يده و تمضمض و غسل وجهه» (7)دلالة عليه،لزيادة الثالث.كما لا دلالة فيه على ما حكي عن النفلية و إن زيد فيها (8)، لازدياد الاستنشاق أيضا مع خلوه عنه.

و الكلّ حسن-إن شاء اللّه-مع ترتب الكلّ في الفضيلة،فأكملها الوضوء،ثمَّ الأمران مع غسل الوجه و اليدين،ثمَّ هما مع الثاني،ثمَّ هما فقط، ثمَّ هو خاصة.

و نصّ الشرائع بثبوت الخفة بذلك لا الانتفاء بالكلية (9)،كما عن

ص:231


1- كما في المسالك 1:8.
2- المنتهى 1:89،التحرير 1:12،نهاية الأحكام 1:104،الدروس:1:96.
3- الفقيه 1:181/47،الوسائل 2:219 أبواب الجنابة ب 20 ح 4.
4- التهذيب 1:1137/372،الوسائل 2:220 أبواب الجنابة ب 20 ح 7.
5- الفقيه 1:46،الهداية:20،أمالي الصدوق:516.
6- المعتبر 1:191.
7- الكافي 3:1/50،التهذيب 1:354/129،الوسائل 2:219 أبواب الجنابة ب 20 ح 1.
8- النفلية:10-11.
9- الشرائع 1:27.

الاقتصاد و المصباح و مختصره و السرائر و النهاية (1)و لا بأس به؛لرواية المناهي المتقدمة (2)المعلّل فيها النهي عن الأكل على الجنابة بإيراثه الفقر و الفاقة، و شيء من الأمور المذكورة لا ترفع الجنابة التي هي المناط في هذه الآفة.

و الخضاب و هو ما يتلون به من حنّاء و غيره في المشهور،بل عن الغنية الإجماع عليه (3)؛للمستفيضة الناهية عن ذلك المعلّل في بعضها بإصابة الشيطان،رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في مكارم الأخلاق من كتاب اللباس للعيّاشي،عن مولانا الرضا عليه السلام (4).

و لا يحرم إجماعا؛للمستفيضة النافية للبأس عنه،منها الموثق:عن الجنب و الحائض يختضبان؟قال:«لا بأس» (5).و مثله الحسن في الجنب على نسخة و بدلها يحتجم في أخرى (6)؛مع إشعار المعلّل به.

و على ظاهر الأخيرة جمد في الفقيه فنفى البأس مطلقا (7)،و يمكن حملها ككلامه على نفي التحريم المجامع للكراهة جمعا بينها و بين الأدلة،فلا خلاف فيها نصّا و فتوى.

و هي كما دلّت على ثبوتها في الخضاب بعد الجنابة كذا دلّت على العكس،و علّل هذا أيضا في الخبر المعلّل بما علّل،و لكن حدّت هنا بعدم أخذ الحنّاء مأخذه،و سلبت معه،ففي الخبر-بعد النهي عنه-:«أ فلا أدلّك

ص:232


1- الاقتصاد:244،مصباح المتهجد:9،السرائر 1:117،النهاية:21.
2- في ص:230.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):550.
4- مكارم الأخلاق:83،الوسائل 2:223 أبواب الجنابة ب 22 ح 10.
5- التهذيب 1:524/182،الاستبصار 1:319/116،الوسائل 2:222 أبواب الجنابة ب 22 ح 6.
6- الكافي 3:11/51،الوسائل 2:223 أبواب الجنابة ب 23 ح 1.
7- الفقيه 1:48.

على شيء تفعله؟»قلت:بلى،قال:«إذا اختضبت بالحنّاء و أخذ الحنّاء مأخذه فحينئذ فجامع» (1).و مثله المرسل (2).

و مقتضى حمل المطلقات على الأفراد المتبادرة تخصيص الاختضاب بالحنّاء و نحوه بالكراهة،فلا يكره غيره؛للأصل.و ما يوجد في عبارة المقنعة من تعليل الكراهة بمنع الخضاب وصول الماء إلى الجسد (3)و إن اقتضى العموم فيما له لون،إلاّ أنه فرع ثبوته؛مع ما فيه من اقتضائه التحريم لا الكراهة.

و لو رأى بللا بعد الغسل إعادة إلا مع البول قبله أو الاجتهاد كما تقدم الكلام فيه و في صور المسألة في بحث الاستبراء.

لو أحدث في أثناء غسله،ففيه أقوال أصحّها الإتمام و الوضوء

و لو أحدث بالأصغر في أثناء غسله،ففيه أقوال أصحّها:الإتمام و الوضوء بعده،وفاقا للمرتضى (4)و جماعة (5).

فعدم الإعادة للأصلين:البراءة و استصحاب الصحة المتيقنة.

و القدح فيهما بعدم جريانهما في العبادة مع معارضتهما بمثلهما من الأصل (6)و القاعدة (7)،مقدوح بعموم الأدلة لحصول الطهارة لما جرى عليه الماء من أعضاء الجنابة،كما ورد في المعتبرة،منها:«ما جرى عليه الماء فقد

ص:233


1- التهذيب 1:517/181،الاستبصار 1:386/116،الوسائل 2:221 أبواب الجنابة ب 22 ح 4.
2- الكافي 3:/51ذيل الحديث 9،الوسائل 2:221 أبواب الجنابة ب 22 ح 2.
3- المقنعة:58.
4- حكاه عن المرتضى في المعتبر 1:196،و المنتهى 1:92.
5- منهم المحقق في الشرائع 1:28،و الشهيد الثاني في روض الجنان:58،و البهائي في الحبل المتين:41.
6- أي أصالة بقاء الجنابة.منه رحمه اللّه.
7- و هي أنّ شغل الذمة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية.منه رحمه اللّه.

طهر» (1)و منها:«كل شيء أمسسته الماء فقد أنقيته» (2)و ضعف (3)المعارضين من حيث مهجورية العمل بهما هنا عند الجماعة بالبديهة،كيف لا؟!و العمل بمقتضاهما لا يحصل إلاّ بالعمل بالأقوال الثلاثة في المسألة،و هو إحداث قول رابع بالبديهة،و ليس فيهما تعيين لأحد الأقوال بالضرورة،فتأمل.فلا إعادة .

و وجوب الوضوء لعموم ما دلّ على إيجاب الأصغر إياه لحصول الاستباحة في المشروط بالطهارة من العبادة،خرج منه ما كان منه قبل غسل الجنابة بالإجماع و الأدلّة.

و قيل بوجوب الإعادة خاصة (4)؛التفاتا إلى أنّ الصحيح من غسل الجنابة ما يرتفع معه الأحداث الصغار بالمرّة،و مثل هذا الغسل بعد إتمامه لا يرفع ما تخلّله بالبديهة.

و أنّ المتخلّل حدث،و لا بدّ له من أثر،فهو إمّا موجب الغسل فلا كلام، أو الوضوء و ليس مع غسل الجنابة.

و أنّ الحدث بعد تمامه ينقض حكمه من إباحة الصلاة،فنقض حكم بعضه المتقدم أولى،و لا يكفي البعض في الإباحة،و لا يخلو عنها غسل جنابة.

و في الجميع نظر،لمنع كون شأن الصحيح منه ذلك على الإطلاق، كيف لا؟!و لا تساعده الأدلة المثبتة لذلك فيه،بل غايتها الثبوت في الجملة.

و منع المنع عن الوضوء مع غسل الجنابة مطلقا حتى المقام،لعدم تبادر

ص:234


1- الكافي 3:1/43،التهذيب 1:365/132،الاستبصار 1:420/123،الوسائل 2: 229 أبواب الجنابة ب 26 ح 1.
2- التهذيب 1:1131/370،الوسائل 2:230 أبواب الجنابة ب 26 ح 5.
3- عطف على عموم الأدلة.منه رحمه اللّه.
4- انظر ص:236.

مثله من أدلته.

و لاقتضاء الأولوية المزبورة ثبوت ما للأصل للفرع،و ليس له إلاّ الوضوء و نحن نقول به،و ليس له إعادة الغسل فتثبت له.

توضيحه:أن لغسل الجنابة حكمين:

أحدهما:رفع الأثر الحاصل من الجنابة المانع من استباحة الدخول في المشروط بالطهارة.

و الآخر:رفع الأثر الحاصل من الحدث الأصغر المانع من ذلك.

و لا ينقض الحدث الأصغر بعد الإتمام منهما إلاّ الثاني دون الأوّل إجماعا.و مقتضى الأولويّة انتقاض هذا الحكم في بعض الأجزاء بالحدث في الأثناء،و نحن نقول به.

و القول بنقضه هنا للأوّل أيضا-مع عدم ثبوته من الأولوية-فرع التلازم بين النقضين،و هو ممنوع،كيف لا؟!و التفكيك ثابت فيه بعد صدوره بعده، و لا استبعاد فيه مطلقا إلاّ بتقدير انحصار معنى صحة الغسل في حصول الاستباحة،و تطرّق المنع إليه جلي.

كيف لا؟!و ما عدا غسل الجنابة صحيح مع عدم استباحة الدخول في المشروط بالطهارة به بخصوصه إلاّ بعد الإتيان بالوضوء على الأظهر الأشهر، و إليه ذهب أصحاب هذا القول.فليس معنى صحة الغسل هنا (1)إلاّ رفع الأثر الموجب له.

و لا امتناع في إرادته من الصحة في المقام؛فالمراد بصحة الغسل فيه ارتفاع الأثر الموجب له و إن لم يستبح به الصلاة إلاّ بالوضوء بعده كما في نظائره؛و لا دليل على كون صحة غسل الجنابة خاصة هو حصول الاستباحة

ص:235


1- في«ش»زيادة:أي ما عدا غسل الجنابة.

مطلقا،و لا إجماع،كيف؟!و هو أوّل الكلام.

و ربما يمكن الاستدلال لهذا القول بالرضوي:«فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوّله» (1).

و هو مع قوّته في نفسه معتضد بالشهرة المحكية عن بعض المحقّقين في شرح الألفية (2)و الخبر الذي بمعناه عن عرض المجالس (3).

فهو أقوى،وفاقا للفقيه و الهداية و النهاية و المبسوط و الإصباح و الجامع (4) و جماعة (5).و لكن الأحوط الجمع بين القولين بالإعادة ثمَّ الوضوء.

و ربما قيل بالاكتفاء بالإتمام،كما عن الحلّي و ابن البرّاج و الشيخ علي (6)؛بناء على عدم إيجاب المتخلّل الغسل فلا وجه للإعادة،و لا وجه للوضوء بناء على عدمه مع الغسل عن الجنابة.

و ضعفه ظاهر بما تحرّر.و لا احتياط في مراعاته،و إن قيل به فلا بأس به.

يجزي غسل الجنابة عن الوضوء

و يجزي غسل الجنابة عن الوضوء مطلقا بإجماعنا،حكاه جماعة من أصحابنا (7)و إن اختلف في استحبابه و عدمه،إلاّ أنّ المشهور الثاني.و يدلّ عليه جملة من أخبارنا الحاكمة ببدعيّة الوضوء قبل الغسل و بعده (8)،و يدل عليه أيضا

ص:236


1- فقه الرضا(عليه السلام):85،المستدرك 1:474 أبواب الجنابة ب 21 ح 1.
2- الظاهر أنه المحقق الكركي كما ذكره الوحيد البهبهاني في حاشية المدارك.
3- لم نعثر عليه في أمالي الصدوق،و قد نقله في الذكرى:106،و المدارك 1:308،و رواه في الوسائل 2:238 أبواب الجنابة ب 29 ح 4 عن المدارك و الشهيدين و غيرهما.
4- الفقيه 1:49،الهداية:21،النهاية:22،المبسوط 1:29-30،الجامع للشرائع:40.
5- منهم العلامة في نهاية الأحكام 1:114،و الشهيد في البيان:55.
6- انظر السرائر 1:119،جواهر الفقه:11،جامع المقاصد 1:276.
7- منهم الشيخ في الخلاف 1:131،المحقق في المعتبر 1:195،العلامة في المختلف: 33.
8- الوسائل 2:244 أبواب الجنابة ب 33 الأحاديث 3،5،6،9،10،و الباب 34.

ما سيأتي.

و ما ربما يتوهم منه الجواز (1)-فمع متروكية ظاهره للأمر به فيه،مع قصور سنده-يوافق مذاهب جميع من خالفنا،إذ هم ما بين موجب (2)و مستحب (3)له فيه،فحمله على التقية مقتضى القواعد المقرّرة عن أئمتنا عليهم السلام.

فمصير الشيخ في التهذيب إلى الاستحباب (4)حملا للخبر عليه غير واضح؛ و لا يبعد ذكره ذلك لمجرّد الجمع بين الأخبار،لا لأجل الفتوى،فنسبة ذلك إليه لا يخلو عن شيء.

و في إجزاء غيره عنه تردّد،أظهره أنه لا يجزي وفاقا لجمهور أصحابنا،بل كاد أن يكون إجماعا بيننا كما صرّح به بعض أصحابنا (5).و عن الصدوق في الأمالي كونه من دين الإمامية (6)،و عبارته و إن قصرت عن التصريح بالوجوب إلاّ أنّها كعبارة المرسل كالصحيح الآتي الظاهر في الوجوب.

لإطلاق الآية الآمرة به للصلاة (7)من دون تقييد.

و عموم ما دلّ على وجوبه بحدوث أحد أسبابه،كما في الصحاح المستفيضة التي كادت تكون متواترة،بل متواترة بالضرورة،فإجزاء الغير عنه يحتاج إلى دليل،و ليس،كما يأتي.

و خصوص المرسل كالصحيح-على الصحيح -:«كلّ غسل قبله وضوء إلاّ

ص:237


1- انظر الوسائل 2:247 أبواب الجنابة ب 34 ح 6.
2- نقله عن داود في عمدة القارئ 3:191.
3- المغني و الشرح الكبير 1:249.
4- التهذيب 1:140.
5- كالشهيد في الذكرى:25.
6- أمالي الصدوق:515.
7- المائدة:6.

غسل الجنابة» (1)و ظاهره بنفسه اللزوم و المشروعية على التحتم،أو بمعونة الشهرة،أو الأخبار الأخر التي هي دليل برأسها،كالرضوي:«و ليس في غسل الجنابة وضوء ،و الوضوء في كلّ غسل ما خلا الجنابة،لأنّ غسل الجنابة فريضة [مجزية عن الفرض الثاني]و لا يجزيه سائر الأغسال عن الوضوء،لأن الغسل سنّة و الوضوء فريضة،و لا تجزي سنّة عن فريضة،و غسل الجنابة و الوضوء فريضتان فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما،و إذا اغتسلت لغير الجنابة فابدأ بالوضوء ثمَّ اغتسل و لا يجزيك الغسل عن الوضوء،فإن اغتسلت و نسيت الوضوء فتوضأ و أعد الصلاة» (2).

و لا يخفى ما فيه من الأمر به فيه و التأكيد في إيجابه و الأمر بإعادة الصلاة مع تركه؛و مثله حجّة لقوّته،سيّما مع اشتهاره.

و مثله في الأمر به و التأكيد في وجوبه المروي في الغوالي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«كلّ الأغسال لا بدّ فيها من الوضوء إلاّ الجنابة» (3).

هذا مع ما في الصحيح:«إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ و اغتسل» (4)و الأمر للوجوب،و لا قائل بالفصل،فيتمّ المطلوب.

خلافا للمرتضى و المحكي في المختلف عن الإسكافي (5)،فحكما بالإجزاء مع استحبابه.

ص:238


1- الكافي 3:13/45،التهذيب 1:391/139،الاستبصار 1:428/126،الوسائل 2: 248 أبواب الجنابة ب 35 ح 1.
2- فقه الرضا(عليه السلام):82،المستدرك 1:476 أبواب الجنابة ب 26 ح 1،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
3- عوالي اللئالي 2:110/203،المستدرك 1:477 أبواب الجنابة ب 26 ح 3.
4- التهذيب 1:401/142،الاستبصار 1:434/127،الوسائل 2:248 أبواب الجنابة ب 35 ح 3.
5- حكاه عنهما في المختلف:33.

و استدل لهما بعض المتأخرين (1)تارة:بالصحيحين الحاكمين بالإجزاء، معلّلين له بأيّ وضوء أطهر من الغسل؟! (2).

و هما لعدم عمومهما-لفقد اللفظ الدال عليه فيهما،و انصرافهما إلى الفرد المتبادر الغالب الذي هو الغسل عن الجنابة،مع ظهور صدر أحدهما فيه و به تعلّق الجواب-لا يصلحان لصرف الأخبار المتقدمة عن ظواهرها.و ليس في التعليل إشعار بالعموم؛لاحتمال الخصوصية ،و نفيها هنا فاسد بالبديهة.

و اخرى:بما دلّ على بدعيته مع الغسل كالصحيح و غيره (3).

و فيه-مع ما تقدّم من الإطلاق المنصرف إلى ما تقدّم-:متروكية ظاهرها على تقدير تعميمها،كيف لا؟!و الاستحباب معتقد الخصم،و الرجحان و المشروعية في الجملة مجمع عليه،و هو من أعظم الشواهد على حمل الغسل المطلق فيها و في غيرها على ما ذكرنا .

و اخرى:بالأخبار النافية له عن غسل مثل الجمعة و العيد،معلّلا في بعضها بما تقدّم من العلّة (4).

و هي-مع قصور أسنادها كملا ،و ضعف أكثرها قطعا-معارضة بالصحيح المتقدم (5)الآمر به في غسل الجمعة.و لا شيء منها تبلغ قوة المقاومة له و لو

ص:239


1- كالعلاّمة في المختلف:33،و صاحب المدارك 1:359،و صاحب الحدائق 3:120- 121.
2- الأول: التهذيب 1:390/139،الاستبصار 1:427/126،الوسائل 2:244 أبواب الجنابة ب 33 ح 1. الثاني: التهذيب 1:392/139،الوسائل 2:247 أبواب الجنابة ب 34 ح 4.
3- المتقدم في ص:236.
4- الوسائل 2:244 أبواب الجنابة ب 33.
5- في ص:238.

صحت،لاعتضاده بإطلاق الآية،و الشهرة العظيمة،و صريح غيره من المعتبرة (1).

و اخرى:بالصحاح في غسل الحائض و المستحاضة و النفساء الظاهرة في عدم وجوبه،للاكتفاء فيها بذكر الغسل خاصة،و عدم تعرّضها له بالمرة مع ورودها في مقام الحاجة.

و فيها:أنّ الظاهر من سياقها الحاجة إلى معرفة الرافع للأحداث الثلاثة و بيانه،لا بيان غيره من الرافع للأصغر،فقد يكون وجوب رفعه في حقّهنّ معروفا معلوما من الخارج.و لو سلّم فلا عبرة بها بعد الثبوت،و إن هي حينئذ إلاّ كالعام المخصّص أو المطلق المقيّد أو الظاهر المؤوّل.

ثمَّ على المختار هل يستحب تقديم الوضوء على الغسل؟كما عن النهاية و الوسيلة و السرائر و الجامع و المعتبر و موضع من المبسوط و الشرائع القواعد (2)، و ادّعي عليه الشهرة (3)،بل عن الحلّي الإجماع عليه (4).

أم يجب؟كما عن ظاهر الصدوقين و المفيد و الحلبيّين (5).

قولان،و ظاهر أكثر الأخبار مع الثاني،و إطلاق بعضها مع الأوّل،إلاّ أنّ مقتضى القاعدة إرجاعه إلى الأوّل (6)،و إن كان القول بالاستحباب ليس بذلك البعيد،للإجماع المنقول المعتضد بالشهرة.

ص:240


1- الوسائل 2:248 أبواب الجنابة ب 35.
2- النهاية:23،الوسيلة:56،السرائر 1:113 و 151،الجامع للشرائع:33،المعتبر 1 196،المبسوط 1:30،الشرائع 1:31،القواعد 1:15.
3- كما في الحدائق 3:127.
4- السرائر 1:113.
5- حكاه عن الصدوقين في المختلف:34،المفيد في المقنعة:53،أبو الصلاح في الكافي في الفقه:134،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):554.
6- أي الوجوب.

و كيف كان،فلا تعلّق له بصحة الغسل بلا خلاف،على ما حكاه بعض مشايخي (1)سلّمه اللّه تعالى.فلو أثم بالتأخير عمدا على القول بالوجوب صحّ غسله و لزمه الإتيان به لمشروط به من العبادة.و هو العالم.

ص:241


1- الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح(المخطوط).
الثاني

غسل الحيض]

الثاني غسل الحيض و هو لغة في المشهور:السيل،من قولهم:حاض الوادي إذا سال؛و في القاموس:الدم السائل من المرأة (1).

و النظر فيه و في أحكامه،

النظر في الحيض
هو في الأغلب دم أسود أو أحمر غليظ حار له دفع

و هو دم تقذفه الرحم إذا بلغت المرأة،ثمَّ تعتاده في أوقات معلومة غالبا لحكمة تربية الولد،فإذا حملت صرف اللّه تعالى ذلك الدم إلى تغذيته،فإذا وضعت الحمل خلع اللّه تعالى عنه صورة الدم و كساه صورة اللبن غالبا لاغتذاء الطفل،فإذا خلت المرأة من حمل و رضاع بقي ذلك الدم بلا مصرف فيستقر في مكانه.

ثمَّ يخرج في الغالب في كلّ شهر ستة أيام أو تسعة أيام أو أقلّ أو أكثر بحسب قرب المزاج من الحرارة و بعده عنها.

و هو شيء معروف بين الناس،له أحكام كثيرة عند أهل الملل و الأطبّاء، ليس بيانه موقوفا على الأخذ من الشرع،بل هو كسائر الأحداث كالمني و البول و غيرهما من موضوعات الأحكام التي لا نحتاج في معرفتها إلى بيان منه،بل متى تحقّق و عرف تعلّق به أحكامه المترتبة عليه عرفا و شرعا و لو خلت من الأوصاف المتعارفة لها غالبا،كترتب أحكام الأحداث عليها بعد معرفتها و لو خلت عن أوصافها الغالبة لها.

نعم ربما يتحقق الاشتباه بينه و بين غيره من الدماء فاحتيج إلى مميّز شرعي يميّزه عمّا عداه،فإن اشتبه بالاستحاضة و دار الأمر بينهما رجع في الحكم به إلى الصفات الثابتة له في الأغلب لحصول المظنة به و هي أنه دم أسود

ص:242


1- القاموس 2:341.

أو أحمر كما هنا و في الشرح و عن التذكرة (1)و في الشرائع و عن النهاية و المبسوط و الوسيلة و المنتهى و التبصرة و الإرشاد و التلخيص و التحرير:الاقتصار على الأوّل (2).و عن المقنعة الاقتصار على الثاني (3).

غليظ حارّ عبيط له دفع.

للنصوص،منها:الصحيح:«الحيض و الاستحاضة ليس يخرجان من مكان واحد،إنّ دم الاستحاضة بارد،و إنّ دم الحيض حارّ» (4).

و في آخر:«دم الحيض ليس به خفاء،و هو دم حارّ تجد له حرقة،و دم الاستحاضة دم فاسد بارد» (5).

و في الحسن:عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري حيض هو أم غيره، قال،فقال لها:«إنّ دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع و حرارة،و دم الاستحاضة أصفر بارد» (6).

و ظاهره يعطي الاقتصار على وصف الأول،إلاّ أنّ توصيف الاستحاضة بالصفرة و جعله في مقابلة توصيفه بالسواد قرينة إرادة الأعم من السواد الشامل لمثل الحمرة من الأسود في توصيفه.مضافا إلى الاعتبار و شهادة بعض الأخبار الموصف له ب«البحراني» (7)المفسّر في كتب اللغة بالحمرة الشديدة

ص:243


1- المعتبر 1:197،التذكرة 1:26.
2- الشرائع 1:28،النهاية:23،المبسوط 1:41،الوسيلة:56،المنتهى 1:95،التبصرة: 8،الإرشاد 1:226،التحرير 1:13.
3- المقنعة:54.
4- الكافي 3:2/91،التهذيب 1:430/151،الوسائل 2:275 أبواب الحيض ب 3 ح 1.
5- الكافي 3:3/91،التهذيب 1:431/151،الوسائل 2:275 أبواب الحيض ب 3 ح 3.
6- الكافي 3:1/91،التهذيب 1:429/151،الوسائل 2:275 أبواب الحيض ب 3 ح 2.
7- الكافي 3:1/83،التهذيب 1:1183/381،الوسائل 2:276 أبواب الحيض ب 3 ح 4.

الخالصة (1)و عن المعتبر و التذكرة:أنه الشديد الحمرة و السواد (2).

هذا مع ما في المرسل الآتي في الحبلى و فيه:«إن كان دما أحمر كثيرا فلا تصلّي،و إن كان قليلا أصفر فليس عليها إلاّ الوضوء» (3).

و نحوه المرسل الآخر:«إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة» الخبر (4).

فظهر وجه صحة ما في المتن من التخيير بين الوصفين و عدم الاقتصار على أحد الأمرين.

و ليس في هذه الأخبار-لاختلافها في بيان الأوصاف-دلالة على كونها خاصة مركّبة للحيض متى وجدت حكم بكون الدم حيضا و متى انتفت انتفى إلاّ بدليل من خارج كما زعم (5)،بل المستفاد من بعضها الرجوع إليها عند الاشتباه بينه و بين الاستحاضة خاصة.مضافا إلى أنّ الخاصة المركّبة شيء غير قابل للتخلف،و تخلّفها عنه غير عزيز.

هذا،مع ما عرفت من أنه كغيره من الموضوعات التي يرجع فيها إلى غير الشرع،فلو قطع فيه بكون مسلوب الصفات منه حيضا ما كان لنفيه معنى و الحكم له بغيره،كما هو الحال في المني.و لما ذكرناه قيّدها المصنف-كالأكثر- بالأغلب.

فإن اشتبه بالعذرة بضم العين المهملة و الذال المعجمة:البكارة،

ص:244


1- كما في المصباح المنير:36.
2- المعتبر 1:197،التذكرة 1:26.
3- الكافي 3:2/96،الوسائل 2:334 أبواب الحيض ب 30 ح 16.
4- الكافي 3:3/107،الفقيه 1:198/51،التهذيب 1:1236/397،الوسائل 2:335 أبواب الحيض ب 31 ح 2.
5- انظر روض الجنان:60،و المدارك 1:313،و الحدائق 3:152.

بفتح الباء حكم لها أي للعذرة بتطوّق القطنة التي تستدخلها،و للحيض بانغماسها،كما قطع به أكثر الأصحاب؛للصحيحين (1)،و بمعناهما الرضوي:

«و إن افتضّها زوجها و لم يرق دمها و لا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة، فعليها أن تدخل قطنة،فإن خرجت القطنة مطوقّة بالدم فهو من العذرة،و إن خرجت منغمسة هو من الحيض» (2).

خلافا لظاهر المصنف هنا و في الشرائع و صريحه في المعتبر (3)في الثاني ،و يحتمله القواعد (4)،و وجّهه الشهيد بأنه قد لا يستجمع مع ذلك الشرائط،و لذا اعترضه فقال:قلنا بثبوت الحيض فيه إنما هو بالشرائط المعلومة،و مفهوم الخبرين أنه ملتبس بالعذرة لا غير (5).انتهى.

و يحتمل لما ذكره عدم المخالفة ،و إنما لم يحكما بالحيضية في صورة الانغماس اتكالا منهما إلى فرض انحصار الاشتباه بين الدمين خاصة،فإذا تميّز دم العذرة عن دم الحيض بمميّزه فقد ارتفع الإشكال في الحكم بالحيضية مع عدمه بحكم الفرض و ما ذكراه-تبعا للأصحاب من غير خلاف-من أنّ الأصل في دم المرأة الحيضية و أنّ كل ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض.

ص:245


1- الأول: الكافي 3:1/92،التهذيب 1:1184/385،المحاسن:22/307 الوسائل 2:272 أبواب الحيض ب 2 ح 1،3. الثاني: الكافي 3:2/94،التهذيب 1:432/152،المحاسن:21/307،الوسائل 2:273 أبواب الحيض ب 2 ح 2.
2- فقه الرضا(عليه السلام):194،المستدرك 2:6 أبواب الحيض ب 2 ح 1.
3- الشرائع 1:29،المعتبر 1:198.
4- قواعد الاحكام 1:14.
5- كما في الذكرى:28.

و إن اشتبه بالقرحة حكم لها إن خرج من الأيمن و للحيض إن انعكس، على الأصح الأشهر،كما في الفقيه و القواعد و البيان و النهاية و عن المقنع و المبسوط و المهذّب و السرائر و الوسيلة و الإصباح و الجامع (1).

للخبر المنجبر ضعفه بالشهرة،و فيه:«مرها فلتستلق على ظهرها و ترفع رجليها و تستدخل إصبعها الوسطى،فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض،و إن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة» (2)كما في التهذيب، و في الكافي بالعكس،و هو و إن كان أضبط إلاّ أن القرينة على ترجيح الأول هنا موجودة،لشهرة مضمونه،و التصريح به في الرضوي (3).

فظهر ضعف العكس المحكي عن الإسكافي (4).

و قصور الخبرين-مع قوة الثاني و حجيته في نفسه-منجبر بالشهرة.فلا وجه لعدم اعتبار الجانب بالمرّة كما عن المعتبر و ظاهر المتن و الشرائع (5).

و الاضطراب في متن الخبر مدفوع بما مضى من الترجيح.و مخالفة الاعتبار غير مسموعة في مقابلة النص،لا سيّما مع شهادة المتديّنة من النسوة بذلك،على ما حكاه بعض المشايخ (6).

لا حيض مع سنّ اليأس و لا مع الصغر

و لا حيض مع رؤيته بعد سنّ اليأس و هو خمسون مطلقا،أو ستّون كذلك،أو الأول فيما عدا القرشية و الثاني فيها،على الاختلاف الآتي

ص:246


1- الفقيه 1:54،القواعد 1:14،البيان:57،النهاية:24،المقنع:16،المبسوط 1:43، المهذّب 1:35،السرائر 1:146،الوسيلة:57،الجامع للشرائع:41.
2- الكافي 3:3/94،التهذيب 1:1185/385،الوسائل 2:307 أبواب الحيض ب 16 ح 2.
3- فقه الرضا(عليه السلام):193،المستدرك 2:14 أبواب الحيض ب 14 ح 1.
4- نقله عنه في المعتبر 1:199،و المختلف:36.
5- المعتبر 1:199،الشرائع 1:29.
6- الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح(المخطوط).

في بحث العدد إن شاء اللّه تعالى و لا مع الصغر أي قبل إكمال تسع سنين، إجماعا فيهما حكاه جماعة (1)؛للنصوص المستفيضة.

منها:الصحيح:«ثلاث يتزوجن على كل حال»و عدّ منها:«التي لم تحض و مثلها لا تحيض،و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض» (2).

و هل يجتمع الحيض مع الحمل مطلقا؟كما هو الأشهر الأظهر، و عن الفقيه و المقنع و الناصريات و القواعد و المبسوط (3).

أو بشرط عدم استبانة الحمل؟كما عن الخلاف و السرائر (4)و الإصباح، و في الأوّل الإجماع عليه.

أو لا مطلقا؟كما عن الإسكافي و التلخيص و في الشرائع (5)و ظاهر المتن.

أو بشرط تأخره عن العادة عشرين يوما؟كما عن النهاية و في كتابي الحديث (6).

أقوال و فيه روايات أكثرها و أشهرها مع صحتها و استفاضتها و تأيدها بغيرها من المعتبرة مع الأوّل،منها:الصحيح:عن الحبلى ترى الدم

ص:247


1- منهم المحقق في المعتبر 1:199،و الأردبيلي في مجمع الفائدة 1:142،و صاحب الحدائق 3:169.
2- الكافي 6:4/85،التهذيب 8:478/137،الاستبصار 3:1202/337،الوسائل 2: 336 أبواب الحيض ب 31 ح 6.
3- الفقيه 1:51،المقنع:16،الناصريات(الجوامع الفقهية):191،القواعد 1:14،المبسوط 5:240.
4- الخلاف 1:239،السرائر 1:150.
5- نقله عن الإسكافي في المختلف:36،و نقله عن التلخيص في كشف اللثام 1:86، الشرائع 1:32.
6- النهاية:25،التهذيب 1:388،الاستبصار 1:140.

أ تترك الصلاة؟قال:«نعم إنّ الحبلى ربما قذفت بالدم» (1).

و أشهرها بين العامة كما حكاه جماعة (2)أنه لا يجتمع مطلقا،رواه السكوني و فيه:«ما كان اللّه تعالى ليجعل حيضا مع حبل» (3)و هو(لضعفه) (4)من وجوه لا يبلغ درجة المعارضة لتلك فيحمل على التقية،أو إرادة بيان الغلبة ؛ فلا تترك لأجله الصحاح المستفيضة.

فظهر ضعف القول الثالث و حجّته.

و ليس في أخبار الاستبراء بالحيض في العدد (5)دلالة عليه لو لم نقل بدلالته على خلافه،كيف لا؟!و لو صحّ عدم الجمع مطلقا لاكتفى بالحيضة الواحدة في مطلق الاستبراء البتة،فاعتبار التعدد دليل على مجامعته له.

و من هنا يتضح الجواب بالمعارضة عن الاستدلال بالأخبار الدالة على وجوب استبراء الأمة بالحيضة الواحدة (6)من حيث إنّ الاجتماع لا يجامع الاستبراء بها؛و ذلك بأن يقال:عدم اجتماعهما يوجب الاكتفاء بالحيضة الواحدة في عدّة الحرّة المطلّقة،فقد تعارضا فليتساقطا،فلا دلالة في كلّ منهما على شيء من القولين.

هذا،و يمكن أن يقال بصحة الاستدلال للمختار بأخبار عدّة المطلّقة،

ص:248


1- الكافي 3:5/97،التهذيب 1:1187/386،الاستبصار 1:474/138،الوسائل 2: 329 أبواب الحيض ب 30 ح 1.
2- راجع التذكرة 1:26،و المنتهى 1:96،و الحدائق 3:179،و قال به ابن قدامة في المغني 1: 405،و الكاساني في بدائع الصنائع 1:42،و ابن رشد في مقدماته 1:95.
3- التهذيب 1:1196/387،الاستبصار 1:481/140،الوسائل 2:333 أبواب الحيض ب 30 ح 12.
4- في«ح»:مع ضعفه.
5- الوسائل 22:198 أبواب العدد ب 12.
6- الوسائل 18:259 أبواب بيع الحيوان ب 10 ح 6،و ب 11 ح 4 و 5.

و يذبّ عن المعارضة باستبراء الأمة بإمكان كون اكتفاء الشارع فيه بالحيضة الواحدة ليس من حيث استحالة الاجتماع بل من حيث غلبته عادة،كما مرّت إليه الإشارة؛و لا ريب في حصول المظنة بها بعدم الاجتماع،و الشارع قد اعتبر هذه المظنة في هذه المسألة و إن كانت من الموضوعات،كما اعتبرها في مواضع كثيرة منها بلا شبهة،فلا يكون فيه دلالة على استحالة الاجتماع،كما هو مفروض المسألة.

و كذا ليس في عدم صحة طلاقها حين رؤيته مع صحة طلاق الحامل مطلقا و لو رأته دلالة عليه،إلاّ مع قيام الدليل على عدم صحته في مطلق الحائض،و هو في حيّز المنع،كيف لا؟!و قد صحّ طلاق الحائض مع غيبة زوجها عنها.

و يدل على الرابع الصحيح:«إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه،فإنّ ذلك ليس من الرحم و لا من الطمث فلتتوضأ و تحتشي بكرسف و تصلّي،و إذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة،فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها،فإن انقطع عنها الدم قبل ذلك فلتغتسل و لتصلّ» (1).

و هو صريح فيه،لكنه لوحدته و عدم اشتهاره لا يبلغ لمقاومة الصحاح مع ما هي عليه من الشهرة و الاستفاضة و المخالفة للعامة-فتأمّل -و التعليلات

ص:249


1- الكافي 3:1/95،التهذيب 1:1197/388،الاستبصار 1:482/140،الوسائل 2: 330 أبواب الحيض ب 30 ح 3.

الواردة فيها المخرجة لها عن حيّز العموم المقرّبة لها من حيّز الخصوص الذي لا يصلح معه التخصيص.

و لم نعثر للقول الثاني على دليل إلاّ الصحيح المتقدم لو أريد بالاستبانة مضيّ عشرين يوما من العادة،فتأمل،و إلاّ فدليله غير واضح.

نعم في الرضوي بعد الحكم بما تضمنته الصحاح:«و قد روي أنها تعمل ما تعمله المستحاضة إذا صحّ لها الحمل فلا تدع الصلاة،و العمل من خواص الفقهاء على ذلك» (1).

و هو-مع ضعفه بالإرسال-مقدوح بالفتوى في الصدر على خلافه، معارض بما تقدّم،و خصوص الصحيح:عن الحبلى قد استبان ذلك منها ترى كما ترى الحائض من الدم،قال:«تلك الهراقة إن كان دما كثيرا فلا تصلّينّ، و إن كان قليلا فلتغتسل عند كلّ صلاتين» (2).

و المرسل:عن الحبلى قد استبان حملها ترى ما ترى الحائض من الدم،قال:«تلك الهراقة من الدم إن كان دما أحمر كثيرا فلا تصلّي،و إن كان قليلا أصفر فليس عليها إلاّ الوضوء» (3).

فلم يبق إلاّ الإجماع المحكي،و لا يعترض به ما تقدّم من الأدلة سيّما مع الوهن فيه بمصير معظم الأصحاب على خلافه.

هذا،و ربما يجمع بين الأخبار بحمل ما دلّ على الاجتماع على صورة اتصاف الدم بلون الحيض و كثرته و عدم تقدمه و تأخره عن أيام العادة كثيرا،و ما

ص:250


1- فقه الرضا(عليه السلام):192،المستدرك 2:23 أبواب الحيض ب 25 ح 1.
2- التهذيب 1:1191/387،الوسائل 2:331 أبواب الحيض ب 30 ح 5.
3- الكافي 3:2/96،الوسائل 2:334 أبواب الحيض ب 30 ح 16.

دلّ على المنع منه على غيرها.

و هو حسن إن لم يكن إحداث قول خامس في المسألة،و في الخبرين الأخيرين ربما كان دلالة عليه،كالرضوي المصرّح بأنه:«إذا رأت الدم كما كانت تراه تركت الصلاة أيام الدم،فإن رأت صفرة لم تدع الصلاة» (1)و الموثق:

«عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم و اليومين،قال:«إن كان دما عبيطا فلا تصلي ذينك اليومين،و إن كانت صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين» (2).و الاحتياط لا يترك.

أقلّه ثلاثة أيام و أكثره عشرة أيام

و أقلّه أي الحيض ثلاثة أيام متوالية و أكثره كأقل الطهر عشرة أيام بالإجماع منّا،و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة،منها:

الصحيح:«أدنى الحيض ثلاثة و أقصاه عشرة» (3).

و الصحيح المخالف للثاني لتحديده بالثمانية (4)شاذّ مؤوّل بإرادة بيان الغالب.و هو كذلك.

و كذا الخبران المخالفان للثالث-الدالاّن على جواز حصول الطهر بخمسة أيام أو ستة كما في أحدهما (5)،أو ثلاثة أو أربعة كما في الآخر (6)،و أنها

ص:251


1- فقه الرضا(عليه السلام):191،المستدرك 2:23 أبواب الحيض ب 25 ح 1.
2- التهذيب 1:1192/387،الاستبصار 1:483/141،الوسائل 2:331 أبواب الحيض ب 30 ح 6.
3- التهذيب 1:447/156،الاستبصار 1:448/130،الوسائل 2:296 أبواب الحيض ب 10 ح 10.
4- التهذيب 1:450/157،الاستبصار 1:451/131،الوسائل 2:297 أبواب الحيض ب 10 ح 14.
5- التهذيب 1:1180/380،الاستبصار 1:454/132،الوسائل 2:286 أبواب الحيض ب 6 ح 3.
6- الكافي 3:2/79،التهذيب 1:1179/380،الاستبصار 1:453/131،الوسائل 2: 285 أبواب الحيض ب 6 ح 2.

برؤية الدم تعمل بمقتضى الحيض،و برؤية الطهر تعمل بمقتضاه إلى ثلاثين- محمولان على أنها تفعل ذلك لتحيرها و احتمالها الحيض عند كل دم و الطهر عند كل نقاء إلى أن يتعين لها الأمران بما أمر به الشارع،لا أنّ كلا من هذه الدماء حيض و كلا ممّا بينها من النقاء طهر شرعا،كما قد يتوهم من الفقيه و المقنع و الاستبصار و النهاية و المبسوط (1)،كذا فسّر به المصنف كلام الاستبصار (2)،و هو جيّد.و توقف العلاّمة في المنتهى (3).

و لا حدّ لأكثر الثالث بلا خلاف،كما عن الغنية (4).

و عن ظاهر الحلبي تحديده بثلاثة أشهر (5)،و حمل على الغالب؛و عن البيان احتمال أن يكون نظره إلى عدّة المسترابة (6).

فلو رأت يوما أو يومين و لم تر إلى العشرة دما فليس حيضا إجماعا؛لما عرفت،و صرّح به الرضوي:«و إن رأت يوما أو يومين فليس ذلك من الحيض ما لم تر ثلاثة أيام متواليات» (7).

و لو كمّلت المرأة اليوم أو اليومين ثلاثا في جملة العشرة من يوم رأت الدم ففي كونه حيضا قولان أصحّهما و أشهرهما العدم،و هو المحكي عن الصدوقين في الرسالة و الهداية و الإسكافي و الشيخ في الجمل و المبسوط و المرتضى و ابني حمزة و إدريس (8).

ص:252


1- الفقيه 1:54،المقنع:16،الاستبصار 1:132،النهاية:24،المبسوط 1:43.
2- كما في المعتبر 1:207.
3- المنتهى 1:105.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):550.
5- الكافي في الفقه:128.
6- البيان:58.
7- فقه الرضا(عليه السلام):192،المستدرك 2:12 أبواب الحيض ب 10 ح 1.
8- نقله الصدوق عن والده في الفقيه 1:50،الهداية:21،نقله عن الإسكافي في المختلف:36،الجمل و العقود(الرسائل العشر):16،المبسوط 1:42،نقله عن المرتضى في المعتبر 1:202،ابن حمزة في الوسيلة:56،ابن إدريس في السرائر 1:145.

للرضوي المتقدم الصريح المعتضد-مضافا إلى قوّته في نفسه-بالشهرة العظيمة،فلا تقاومه المرسلة الآتية و إن كانت في الدلالة على الخلاف صريحة.

و لا دليل في المقام سواه،عدا ما زعم من ثبوت الصلاة في الذمة بيقين، فلا يسقط التكليف بها إلاّ مع تيقن السبب،و لا يقين بثبوته مع فقد التوالي.و من تبادره من قولهم عليهم السلام:أدنى الحيض ثلاثة و أقلّه ثلاثة.و أصالة عدم تعلّق أحكام الحائض بها.

و يضعّف الأوّل:بالمنع من ثبوتها في الذمة في المقام،كيف لا؟!و هو أول الكلام،مع أنّ مقتضى الأصل عدمه.و التمسك بذيل الاستصحاب في صورة رؤيتها الدم المزبور بعد دخول الوقت و مضي مقدار الطهارة و الصلاة، و إلحاق ما قبله به بعدم القائل بالفرق،معارض بالتمسك به في صورة رؤيتها إياه قبل الدخول،و يلحق به ما بعده بالإجماع المزبور.هذا مع ضعف هذا الأصل من وجوه أخر لا يخفى على من تدبّر.

و الثاني:بتوقف صحته على ما لو ذهب الخصم إلى كون الثلاثة في ضمن العشرة حيضا خاصة،و هو غير معلوم،بل مقتضى إطلاق الإجماعات المنقولة في عدم كون الطهر أقلّ من عشرة كونها مع الباقي حيضا.فليس الاستدلال في محلّه؛إذ الكلام حينئذ يرجع إلى اشتراط التوالي في الثلاثة الأوّل من أكثر الحيض أم لا،و إلاّ فالأقل لا بدّ فيه منه إجماعا.

و الثالث:بمعارضته بأصالة عدم التكليف بالعبادات المشروطة بالطهارة.

ص:253

و المروي في المرسل أنه حيض (1)كما عن الشيخ في النهاية و القاضي (2).و هو ضعيف؛لعدم معارضته-بعد إرساله-لما تقدّم .

و ليس في الموثق:«إذا رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الاولى، و إذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقبلة» (3)و مثله الحسن (4)دلالة عليه بوجه ،كما حقّقناه في بعض التحقيقات.

و على هذا القول فهل النقاء المتخلل طهر كما يظهر من صدر المرسل؟ أم حيض كما يظهر من ذيلها؟بل و ربما يتأمل في دلالة الصدر على الأوّل.

مقتضى الإطلاقات بعدم قصور أقلّ الطهر عن عشرة كإطلاقات الإجماعات المنقولة فيه هو الثاني.و ربما ينسب إلى القائل بهذا القول:

الأوّل.و فيه نظر.

و على المختار فهل يجب استمرار الدم في الثلاثة بلياليها بحيث متى وضعت الكرسف تلوّثت؟كما عن المحقّق الشيخ علي و المحرّر و معطي الكافي للحلبي و الغنية (5).أم يكفي وجوده في كل يوم من الثلاثة و إن لم يستوعبها؟كما عن الروض و ظاهر العلاّمة و اختاره في المدارك و عزاه إلى الأكثر (6).أم يعتبر وجوده في أول الأول و آخر الآخر و جزء من الثاني؟أقوال.

و ظاهر إطلاق النص مع الثاني؛لصدق رؤيته ثلاثة أيام بذلك،لأنها

ص:254


1- الكافي 3:5/76،التهذيب 1:452/157،الوسائل 2:299 أبواب الحيض ب 12 ح 2.
2- النهاية:26،القاضي في المهذّب 1:34.
3- التهذيب 1:448/156،الاستبصار 1:449/130،الوسائل 2:296 أبواب الحيض ب 10 ح 11.
4- الكافي 3:1/77،التهذيب 1:454/159،الوسائل 2:298 أبواب الحيض ب 11 ح 3.
5- المحقق الشيخ علي في جامع المقاصد 1:287،المحرّر في الفتوى لابن فهد الحلّي مطبوع ضمن رسائله العشر:140،الكافي في الفقه:128،الغنية(الجوامع الفقهية):550.
6- روض الجنان:62،العلامة في القواعد 1:14،و الإرشاد 1:226،المدارك 1:322.

ظرف له و لا يجب المطابقة بين الظرف و المظروف.

و يؤيده ما حكي عن التذكرة و نهاية الأحكام:من أنّ لخروج الدم فترات معهودة لا تخلّ بالاستمرار؛و في الأوّل الإجماع عليه (1).

لكن عن المبسوط:أنه إذا رأت ساعة دما و ساعة طهرا كذلك إلى العشرة لم يكن ذلك حيضا على مذهب من يراعي ثلاثة أيام متواليات؛و من يقول يضاف الثاني إلى الأوّل يقول:ينتظر،فإن كان يتم ثلاثة أيام من جملة العشرة كان الكلّ حيضا،و إن لم يتم كان طهرا (2).

و عن المنتهى:أنه لو تناوب الدم و النقاء في الساعات في العشرة يضم الدماء بعضها إلى بعض على عدم اشتراط التوالي (3).و كذا عن الجامع (4).

و عن ابن سعيد انه لو رأت يومين و نصفا و انقطع لم يكن حيضا،لأنه لم يستمر ثلاثا بلا خلاف (5).

و ظاهر هم كما ترى-سيّما الشيخ و ابن سعيد-مسلّمية اعتبار الاستمرار عند القائلين بالتوالي،و ربما أشعر عبارة الثالث بالإجماع.

فدعوى الشهرة على الاكتفاء بالمسمى مشكلة.و التعلّق بذيل إطلاق النص-مع ظهور عبارات هؤلاء الأعاظم في الشهرة على الاستمرار بل و إشعار [البعض] بالإجماع-مشكل،لا سيّما مع احتمال وروده على الغالب من أحوال النساء في رؤيتهن الحيض و لعلّه لم يخل عن الاستمرار و لو بحصول تلويث ما ضعيف في القطنة متى ما وضعته؛فتنزيله عليه متعيّن.

و على هذا فلا يضرّه فترات الدم المعهودة للنساء في حيضهنّ،كما تقدّم

ص:255


1- التذكرة 1:35،نهاية الأحكام 1:164.
2- المبسوط 1:67.
3- المنتهى 1:108.
4- الجامع للشرائع:43.
5- الجامع للشرائع:43.

عن التذكرة و نهاية الأحكام مع دعوى الإجماع عليه في الأوّل.فهذا القول في غاية القوّة.

و على قول الشيخ فالظاهر اشتراط ثلاثة أيام كاملة بلا تلفيق في العشرة؛ لكونه المتبادر من الأيام .فما تقدّم عن المبسوط و المنتهى من الاكتفاء بها مطلقا و لو ملفّقة من الساعات في ضمن العشرة غير واضح.

ثمَّ على المختار هل يعتبر الثلاثة أيام بلياليها؟كما عن الإسكافي و المنتهى و التذكرة (1)،مع دعوى فهم الإجماع عليه منهما.أم يكفي ما عدا الليلة الأولى؟كما احتمله بعض المحقّقين (2)،و لعلّه الظاهر من النص، إشكال،و إن كان الأخير لا يخلو عن قوة،إلاّ أن يصح دعوى الإجماع المذكورة،و فيها تأمل.

هذا مع احتمال الاقتصار على النهار خاصة؛لصدق الثلاثة أيام،لعدم تبادر الليالي منها.إلاّ أنّ الظاهر عدم الخلاف في دخول الليلتين فيها.و اللّه العالم.

و ما تراه المرأة بين الثلاثة المتوالية أي بعدها إلى تمام العشرة من أول الرؤية ممّا يمكن أن يكون حيضا إمكانا مستقرا غير معارض بإمكان حيض آخر فهو حيض و إن اختلف لونه و كان بصفة الاستحاضة ما لم يعلم أنه لعذرة أو قرح أو جرح،بلا خلاف بين الأصحاب قطعا فيما لو اتصف بصفة الحيض مطلقا،أو وجد في أيام العادة و إن لم يكن بصفته.

و لا إشكال فيهما؛لعموم أخبار التميز في الأوّل (3)،و خصوص الصحيح

ص:256


1- نقله عن الإسكافي في المعتبر 1:202،المنتهى 1:97،التذكرة 1:26.
2- الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:87.
3- الوسائل 2:275 أبواب الحيض ب 3.

في الثاني و فيه:عن المرأة ترى الصفرة في أيامها،قال:«لا تصلّي حتى تنقضي أيامها»الحديث (1).

و على الأشهر الأظهر فيما عداهما أيضا،بل كاد أن يكون إجماعا،بل عن المعتبر و المنتهى (2):الإجماع عليه؛لأصالة عدم كونه من قرح أو مثله.

و لا يعارض بأصالة عدم كونه من الحيض بناء على أنّ الأصل في دماء النساء كونها للحيض،كيف لا؟!و قد عرفت أنها خلقت فيهن لغذاء الولد و تربيته و غير ذلك،بخلاف مثل الاستحاضة فإنّه من آفة ،كما صرّح به في بعض الأخبار (3).

مضافا إلى الأخبار المستفيضة الدالة على جعل الدم المتقدم على العادة حيضا،معلّلا بأنه ربما تعجّل بها الوقت،مع تصريح بعضها بكونه بصفة الاستحاضة،ففي الموثق:عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها،قال:

«فلتدع الصلاة فإنّه ربما تعجّل بها الوقت» (4).

و في آخر:«الصفرة قبل الحيض بيومين فهو من الحيض،و بعد أيام الحيض فليس من الحيض،و هي في أيام الحيض حيض» (5)و في معناه أخبار كثيرة.فتأمّل.

و يشهد له أيضا إطلاق الأخبار الدالة على ترتب أحكام الحائض على

ص:257


1- الكافي 3:1/78،التهذيب 1:1230/396،الوسائل 2:278 أبواب الحيض ب 4 ح 1.
2- المعتبر 1:203،المنتهى 1:98.
3- روي في الدعائم 1:128:«و قالوا:ما فعلت هذا امرأة مستحاضة احتسابا إلاّ أذهب اللّه عنها ذلك الداء»و رواها عن الدعائم في المستدرك 2:44 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 2.
4- الكافي 3:2/77،التهذيب 1:453/158،الوسائل 2:300 أبواب الحيض ب 13 ح 1.
5- الكافي 3:5/78،الوسائل 2:280 أبواب الحيض ب 4 ح 6.

مجرد رؤية الدم ،ففي الخبر:«أيّ ساعة رأت الصائمة الدم تفطر» (1).

و في آخر:«تفطر إنما فطرها من الدم» (2)و في معناهما غيرهما (3).

و يعضده أيضا-بعد فحوى إطلاق أخبار الاستظهار لذات العادة إذا رأت ما زاد عليها الشامل لغيرها بطريق أولى-إطلاق الموثق:«إذا رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الاولى،و إذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقبلة» (4)و مثله الحسن (5).

و يؤيده أيضا إطلاق ما مرّ في أخبار اشتباه الدم بالعذرة من الحكم بكونه حيضا مع الاستنقاع (6)؛و في أخبار اشتباهه بالقرحة من الحكم بكونه كذلك بمجرّد خروجه من الأيسر أو الأيمن،على الخلاف المتقدم (7).

قيل:و لو لم يعتبر الإمكان لم يحكم بحيض ؛إذ لا يقين،و الصفات إنما تعتبر عند الحاجة إليها لا مطلقا،للنص و الإجماع على جواز انتفائها؛فلا جهة لما قيل من أصل الاشتغال بالعبادات،و البراءة من الغسل و ما على الحائض، و خصوصا إذا لم يكن الدم بصفات الحيض [انتهى] (8).

و هو حسن،و لكن الاحتياط مطلوب .

ص:258


1- التهذيب 1:1218/394،الاستبصار 1:499/146،الوسائل 2:366 أبواب الحيض ب 50 ح 3.
2- التهذيب 1:435/153،الوسائل 2:367 أبواب الحيض ب 50 ح 7.
3- التهذيب 1:434/153،الوسائل 2:367 أبواب الحيض ب 50 ح 6.
4- التهذيب 1:448/156،الاستبصار 1:449/130،الوسائل 2:296 أبواب الحيض ب 10 ح 11.
5- الكافي 3:1/77،التهذيب 1:454/159،الوسائل 2:298 أبواب الحيض ب 11 ح 3.
6- راجع ص 245.
7- راجع ص 246.
8- كشف اللثام 1:88.

و في حكمه النقاء المتخلل بين الثلاثة و العشرة فما دون فالمجموع حيض مطلقا ؛لما تقدّم سيّما الخبرين الأخيرين،مع عموم الأدلة الدالة على عدم نقص أقلّ الطهر عن عشرة.

هذا إذا لم يتجاوز الدم عن العشرة.

و أمّا مع تجاوزه عن العشرة ترجع ذات العادة إليها مطلقا وقتية و عددية كانت،أو الأوّل خاصة،أو بالعكس؛لكنها في الأخيرتين ترجع إلى أحكام المضطربة في الذي لم يتحقق لها عادة فيه،فتجعل ما يوافقها خاصة حيضا مع عدم التميز المخالف اتفاقا نصّا و فتوى،و مطلقا على الأشهر الأظهر، كما سيأتي إن شاء اللّه.

و المبتدأة بفتح الدال و كسرها،و هي من لم يستقر لها عادة،أمّا لابتدائها كما يستفاد من المعتبرة كرواية يونس الطويلة (1)و موثقتي ابن بكير (2)و سماعة (3)؛أو بعده مع اختلافه عددا و وقتا كما قيل (4).و لم أقف له على دليل.

و المضطربة و هي من نسيت عادتها وقتا أو عددا أو معا؛و ربما أطلقت على ذلك و على من تكرّر لها الدم مع عدم استقرار العادة.و تخص المبتدأة على هذا التفسير بمن رأته أول مرّة.و عن المشهور الأوّل (5).و تظهر فائدة الاختلاف في رجوع ذات القسم الثاني من المبتدأة إلى عادة أهلها

ص:259


1- الكافي 3:1/83،التهذيب 1:1183/381،الوسائل 2:288 أبواب الحيض ب 8 ح 3.
2- التهذيب 1:1251/400،الاستبصار 1:470/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 5.
3- الكافي 3:1/79،التهذيب 1:1178/380،الوسائل 2:304 أبواب الحيض ب 14 ح 1.
4- قال به الشهيد الثاني في الروضة 1:103.
5- كما حكاه في المسالك 1:10.

و عدمه (1)[و ظاهر اختصاص ما دل على الرجوع إلى أهلها بالمبتدئة بالمعنى الأول هو الثاني] .

و كيف كان:هما ترجعان أوّلا إلى التميز كما قطع به الشيخ و جماعة (2)،بل عن المعتبر و المنتهى:الإجماع عليه فيهما (3)؛و عن صريح الخلاف و التذكرة:الإجماع في المبتدأة (4)؛للعمومات الدالة على اعتبار الصفات و النصوص،منها الصحيح:عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري أحيض هو أو غيره،فقال لها:«إنّ دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع و حرارة،و دم الاستحاضة بارد أصفر،فإذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصلاة» (5).

و ليس في ظاهره كغيره اختصاص الحكم بالرجوع إلى التميز في حق المضطربة دون المبتدأة،بل يعمّهما.

نعم:ظاهر مرسلة يونس الطويلة الاختصاص بها دونها.لكنها لا تبلغ قوة لمعارضة العمومات القوية الدلالة بالتعليلات الواردة فيها مثل إنّه:«ليس به خفاء» (6)و غيره الوارد مناطا للرجوع إلى الصفات منها الصحيح المزبور، و الإجماعات المستفيضة المعتضدة بالشهرة و عدم ظهور مخالف.فيخص الروايات في رجوعها إلى أهلها بقول مطلق بها،و تحمل المرسلة على أنّ مبنى ذلك على ندور الاختلاف في دم المبتدأة لغلبة دمها،كما يشعر به ما ورد من جعلها الحيض في الدور الأول عشرة أيّام (7).فتأمل.

ص:260


1- في«ح»زيادة:و ظاهر اختصاص ما دلّ على الرجوع إلى أهلها بالمبتدأة بالمعنى الأول هو الثاني.
2- الشيخ في المبسوط 1:49،المحقق في الشرائع 1:33،و المعتبر 1:204،العلامة في القواعد 1:14.
3- المعتبر 1:204،المنتهى 1:104.
4- الخلاف 1:230،التذكرة 1:31.
5- الكافي 3:1/91،التهذيب 1:429/151،الوسائل 2:275 أبواب الحيض ب 3 ح 2.
6- الكافي 3:3/91،التهذيب 1:431/151،الوسائل 2:275 أبواب الحيض ب 3 ح 3.
7- انظر الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 5،6.

و يحصل التميز بأمور:

الأوّل:الاختلاف في الصفات المتقدمة،منها الثخانة،لوصف الاستحاضة في بعض الأخبار بالرقة،فتجعل ما بصفة الحيض حيضا و الباقي استحاضة.

و أمّا إلحاق الرائحة الكريهة بصفات الحيض و ضدّها بصفات الاستحاضة فلا دليل عليه سوى التجربة،و لا يستفاد منها سوى المظنة،و في اعتبارها في مثل المقام مناقشة،لمخالفته الأصل،لإناطة التكليف بالاسم،و مقتضاها حصول العلم به،فالاكتفاء بالمظنة بدله يحتاج إلى دليل.

فلا تميز لفاقدة الصفات المنصوصة،كما لا تميز لواجدتها للاستحاضة أو للحيض خاصة،إجماعا في المتساوية منها قوة و ضعفا،و على الأظهر في المختلفة جدّا.

خلافا للفاضلين و جماعة (1)،فحكموا بالتميز هنا،و أوجبوا الرجوع في الحيض إلى الأقوى،و في الاستحاضة إلى الأضعف.

و اعتبروا القوة بأمور ثلاثة:اللون،فالأسود قويّ الأحمر،و هو قويّ الأشقر،و هو قويّ الأصفر،و هو قويّ الأكدر.و الرائحة،فذو الرائحة الكريهة قويّ ما لا رائحة له أو رائحة ضعيفة.و الثخن،فالثخين قويّ الرقيق.و ذو الثلاث قويّ ذي الاثنين،و هو قويّ ذي الواحدة،و هو قويّ العادم.

و فيه ما عرفت؛إلاّ أن يدّعى حصول الظن بالاستقراء و تتبّع موارد الحيض باكتفاء الشارع بالمظنة لها في تعيين حيضها.و هو غير بعيد.

ثمَّ إن اختلفت الدماء ثلاث مراتب،كأن رأت الحمرة ثلاثا و السواد

ص:261


1- المحقق في المعتبر 1:205،العلامة في نهاية الأحكام 1:135؛و انظر جامع المقاصد 1: 297،المسالك 1:10،المدارك 2:15.

كذلك و الصفرة فيما بقي،فهل الحيض السواد خاصة؟كما عن المعتبر و المنتهى و موضع من التذكرة (1)،أم هو مع الحمرة؟كما عن نهاية الأحكام و موضع آخر من التذكرة (2).

إشكال:ينشأ من أنه مع انفرادهما مع التجاوز كان الحيض السواد خاصة،مؤيدا بالاحتياط و أصالة عدم الحيض.و من قوّتهما بالنسبة إلى الصفرة،و إمكان حيضيتهما،مؤيدا بأصالة عدم الاستحاضة.و هذا أقوى،لما عرفت،بشرط عدم تجاوزهما عن العشرة،و إلاّ فلا تميز.

الثاني:كون ما بصفة الحيض غير قاصر عن الثلاثة و لا زائد على العشرة؛لعموم ما دلّ على اعتبار الأمرين في الحيض من الإجماع المنقول (3)و الأخبار المعتبرة (4).و ليس في إطلاق ما دلّ على الصفات مخالفة لذلك، لورودها في بيان الوصف لا بيان المقدار،و على تقدير وروده فيه يقيّد بما دلّ على اعتباره.

و أمّا ما في رواية يونس الطويلة من الأمر بتحيّض المضطربة برؤية ما بالصفة مطلقا،قليلا كان أو كثيرا (5)،فليس بمضارّ لما ذكرنا؛لاحتمال أن يراد بالقلّة و الكثرة قليل الحيض و كثيره شرعا،و ليس فيها التصريح بقدر الأمرين، بل لعلّه المتعيّن،لذكر مثل ذلك في ذات العادة.

و على التسليم يحمل الإطلاق على ما تقدّم من الأدلة.و لو لم يحتمل ما ذكرناه وجب طرحها؛لشذوذها حينئذ و مخالفتها الإجماع و النصوص،فلا وجه

ص:262


1- المعتبر 1:205،المنتهى 1:105،التذكرة 1:31.
2- نهاية الأحكام 1:136،التذكرة 1:32.
3- كما في كشف اللثام 1:88.
4- الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 الأحاديث 4،5،6.
5- الكافي 3:1/83،الوسائل 2:288 أبواب الحيض ب 8 ح 3.

لتوهّم بعض من عاصرناه عدم اعتبار هذا الشرط (1)،فلا تميز لفاقدته.

و هل تتحيض ببعض ما زاد على العشرة ممّا يمكن جعله حيضا و بالناقص مع إكماله بما في الأخبار؟كما عن المبسوط (2)،أم لا بل يتعين الرجوع إلى عادة النساء و الروايات أوّلا؟كما عن المعتبر و التذكرة و المنتهى و التحرير (3).

قولان:من عموم أدلة التميز،و من عموم الرجوع إلى الأمرين.و لعلّ الأوّل أقرب،و مراعاة الاحتياط أولى.

الثالث:عدم قصور الضعيف المحكوم بكونه طهرا أو مع النقاء المتخلل عن أقلّه في المشهور،بل حكي عليه الإجماع (4)؛و يدل عليه ما دلّ على اعتباره فيه من الأخبار.فلا يمكن جعل كل من الدمين المتخلل بينهما ذلك حيضا و إن اجتمعت فيهما باقي الشرائط.

لكن وقع الخلاف فيما إذا تخلل الضعيف القوي الصالح للحيضية في كل من الطرفين،فعن المبسوط:لو رأت ثلاثة دم الحيض و ثلاثة دم الاستحاضة ثمَّ رأت بصفة الحيض تمام العشرة،فالكلّ حيض.و إن تجاوز الأسود إلى تمام ستة عشر كانت العشرة حيضا و الستة السابقة استحاضة (5).

و كأنه نظر إلى أنّ دم الاستحاضة لمّا خرج عن كونه حيضا خرج ما قبله أيضا؛كذا عن المحقّق (6)و هو ضعيف،لوروده فيما بعده أيضا،فالترجيح من دون مرجح قبيح.و منه يظهر الكلام في جعل المتقدم حيضا كما عن الذكرى

ص:263


1- انظر الحدائق 3:186،195.
2- المبسوط 1:46.
3- المعتبر 1:207،التذكرة 1:31،المنتهى 1:105،التحرير 1:14.
4- كما حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:88.
5- المبسوط 1:50.
6- انظر المعتبر 1:206.

و المدارك (1).و لعلّه لهذا حكي عنه استحسان نفي التميز مطلقا (2)،و استقربه في التذكرة (3)،و عن المنتهى و التحرير التردد فيه (4).

الرابع:التجاوز عن العشرة؛لما عرفت من حيضية ما انقطع عليها فما دون بالقاعدة المتفق عليها.

الخامس:عدم المعارضة بالعادة على المختار،لما سيأتي.

و ذكر الشرطين الأخيرين في المقام استطرادي،فتدبر .

و الحكم برجوعهما إلى التميز-كما عرفت-مشهور بين الأصحاب منقول عليه الإجماعات المستفيضة في المبتدأة،و الإجماعات في المضطربة.و لم ينقل في ذلك خلاف في الكتب المعتبرة،إلاّ أنه حكى بعض الأصحاب عن ابن زهرة في ذلك المخالفة،فجعل عملهما على أصل أقلّ الطهر و أكثر الحيض من دون ذكر التميز (5).

و كذا عن الصدوقين و المفيد (6)من عدم ذكرهم إياه.

و عن التقي:رجوع المضطربة إلى نسائها،فإن فقدن فإلى التميز؛ و المبتدأة إلى نسائها خاصة إلى أن تستقر لها عادة (7).

و عن المبسوط:أنه إذا رأت المبتدأة ما هو بصفة الاستحاضة ثلاثة عشر يوما،ثمَّ رأت ما هو بصفة الحيض بعد ذلك و استمر،كان ثلاثة أيام من أول

ص:264


1- الذكرى:29،المدارك 2:15.
2- المعتبر 1:206.
3- التذكرة 1:31.
4- المنتهى 1:105،التحرير 1:14.
5- حكاه عنه في كشف اللثام 1:88،و هو في الغنية(الجوامع الفقهية):550.
6- انظر الفقيه 1:50،و نقل فيه عن رسالة أبيه؛المقنعة:55.
7- الكافي في الفقه:128.

الدم حيضا و العشرة طهرا،و ما رأته بعد ذلك من الحيضة[الثانية] (1).

و عن المحقّق:استشكاله بعدم تحقق التميز لها،إلاّ أنه قال:لكن إن قصد أنه لا تميز لها فتقتصر على ثلاثة لأنه المتيقن كان وجها (2).و نحوه عن التذكرة (3).

و المعتمد ما عليه الأصحاب؛لما تقدّم من عدم دليل يعتدّ به على شيء من ذلك.

و مع فقده أي التميز بفقد أحد شروطه ترجع المبتدأة خاصة بالمعنى الأول كما عرفت إلى عادة أهلها من أمّها و عشيرتها من أيّ الأبوين كنّ،وفاقا للمشهور؛للخبر-المنجبر ضعفه بجميع جهاته بالشهرة و الإجماع من الأصحاب على العمل بمضمونه كما عن الخلاف (4)(و غيره) (5)-و فيه:عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر،قال:«قرؤها مثل قرء نسائها» (6).

و في الموثق:«المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها» (7).

و في آخر:«النفساء إن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست مثل

ص:265


1- المبسوط 1:47،أضفنا ما بين المعقوفين من المصدر.
2- المعتبر 1:206.
3- التذكرة 1:31.
4- الخلاف 1:234.
5- كالمعتبر 1:208،و ما بين القوسين ليست في«ش».
6- الكافي 3:3/79،التهذيب 1:1181/380،الاستبصار 1:471/138،الوسائل 2: 288 أبواب الحيض ب 8 ح 2.و في الجميع:«مثل أقراء نسائها».
7- التهذيب 1:1252/401،الاستبصار 1:472/138،الوسائل 2:288 أبواب الحيض ب 8 ح 1.

أيام أمها أو أختها أو خالتها و استظهرت بثلثي ذلك» (1).

و لا دلالة فيهما على المطلوب بوجه؛لشمولهما المضطربة،و دلالتهما على الاكتفاء ببعض النسوة و لو كانت واحدة،و لا قائل بشيء من ذلك.

أمّا الثاني فظاهر،لتخصيص من جوّز الرجوع إلى البعض إياه بالأغلب.

و أمّا الأوّل فلإيجاب من جوّز رجوع المضطربة إلى النسوة الرجوع إلى الجميع و لم يجوّز الاقتصار بواحدة.

نعم:يمكن إرجاعهما إلى ما عليه الأصحاب بدفع الأول بتقييدهما بالمبتدأة،و الثاني بانحصار النسوة في البعض أو عدم التمكن من استعلام حال الباقيات للتشتّت.فتأمّل .

و ظاهر المرسل الطويل (2)رجوع المبتدأة إلى العدد خاصة مطلقا.لكن احتمل الشهيد-رحمه اللّه-في قوله-صلّى اللّه عليه و آله-لحمنة بنت جحش :

«تلجّمي و تحيّضي في كلّ شهر في علم اللّه ستّة أيام أو سبعة أيام»أن يكون المعنى:فيما علّمك اللّه تعالى من عادات النساء فإنّه الغالب عليهنّ (3).

و هو بعيد.

و الجواب بعدم المكافأة لما تقدم،أو تقييده به أولى.

و في اعتبار اتحاد البلد-كما عن الشهيد- (4)و عدمه وجهان:من عموم النص،و عدم تبادر غير المتحدة منه.و لعلّ الأول أولى؛لعدم اعتبار مثل هذا التبادر في العموم الوضعي المستفاد هنا من الإضافة مع عدم سبق معهود.

فتأمل .

ص:266


1- التهذيب 1:1262/403،الوسائل 2:389 أبواب النفاس ب 3 ح 20.
2- المتقدم في ص:259-262.
3- انظر الذكرى:30.
4- راجع الذكرى:31.

و خلاف الحلبيين (1)في المسألة-كما عرفت-ضعيف لا مستند له.

كخلاف النهاية و تردده بين احتمال الردّ إلى أقل الحيض لتيقنه و مشكوكية الزائد عليه و لا يترك اليقين إلاّ بيقين أو بأمارة ظاهرة كالتميز و العادة،و الردّ إلى الأكثر لإمكان حيضيته و لغلبة كثرة الدم في المبتدأة (2).و إن هما إلاّ اجتهاد في مقابلة النص المعتبر .

و ظاهر جماعة جواز الرجوع هنا إلى أقرانها و ذوات أسنانها أيضا،إمّا مطلقا كما هنا و عن التخليص (3)،عاطفين لهنّ على الأقارب بأو،أو مع فقد الأقارب خاصة مطلقا كما عن المهذّب و التحرير و التبصرة و جمل الشيخ و اقتصاده و السرائر (4)،أو مقيدا باتحاد البلد كما عن الوسيلة (5)،أو مع اختلافهن أيضا مطلقا كما في القواعد و عن الإرشاد و نهاية الأحكام (6)،أو مقيدا باتحاد البلد كما عن المبسوط و الإصباح (7).

و لا دليل عليه من أصله،عدا أمر اعتباري لا يصلح دليلا.

و الاستدلال عليه بلفظ«نسائها»في الخبر المتقدم-بناء على كفاية أدنى الملابسة في صدق الإضافة،و هي تحصل بالمشاكلة في السن و اتحاد البلد غالبا-لا يخلو عن نظر؛لعدم التبادر.و يضعّف بما تقدّم.

و عدم القول بالاكتفاء باتحاد البلد أو السنّ لا يوجب و هن الخبر بعد

ص:267


1- أبو الصلاح في الكافي:128،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):550.
2- نهاية الأحكام 1:138.
3- حكاه عنه في كشف اللثام 1:88.
4- المهذّب 1:37،التحرير 1:14،التبصرة:9،جمل الشيخ(الرسائل العشر):163، الاقتصاد:247،السرائر 1:146.
5- الوسيلة:59.
6- القواعد 1:14،الإرشاد 1:226،نهاية الأحكام 1:139.
7- المبسوط 1:46،نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:88.

شمول إطلاقه الاكتفاء بأحدهما،كيف لا؟!و العام المخصّص حجّة في الباقي.

فقول المصنف لا يخلو عن قوة،لا سيّما مع اشتهاره بين الأصحاب.

و يؤيده المرسل:«إنّ المرأة أوّل ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم، فيكون حيضها عشرة أيام،فلا تزال كلّما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام» (1).

و هو-كما ترى-دالّ على توزيع الأيّام على الأعمار غالبا.

إلاّ أنّ الأحوط الرجوع إلى الأقارب،ثمَّ مع الفقد أو الاختلاف إلى الأقران.و لا يعتبر فيهن جميعهن،بل يكفي من كانت من بلدها ممّن يمكنها استعلام حالها،لاستحالة الرجوع إلى الجميع.

و يظهر من المصنف في الشرائع نوع تردد في الرجوع إليهنّ (2)،بل صرّح في المعتبر بالمنع منه (3)،و تبعه في المنتهى (4).و هو مشكل.

فإن لم يكنّ أو كنّ مختلفات مطلقا و إن اتفق الأغلب منهنّ،وفاقا لنهاية الأحكام و المعتبر (5)تبعا لظاهر الخبر،خلافا للذكرى (6)،و لا دليل عليه، و ما تقدم من الموثقين لا يقول بإطلاقهما.و حينئذ رجعت هي أي المبتدأة و المضطربة وقتا و عددا و تسمى بالمتحيرة بعد فقدها التميز إلى الأيام

ص:268


1- الكافي 3:5/76،التهذيب 1:452/157،الوسائل 2:294 أبواب الحيض ب 10 ح 4.
2- الشرائع 1:32.
3- المعتبر 1:208.
4- المنتهى 1:101.
5- نهاية الأحكام 1:139،المعتبر 1:208.
6- الذكرى:30.

التي في الروايات و هي ستة في كل شهر أو سبعة كما في مرسلة يونس -الطويلة-التي هي كالصحيحة-بل قيل:صحيحة،لعدم تحقق الإرسال بمثل غير واحد ،مضافا إلى كون المرسل مع وثاقته ممن أجمعت العصابة-من قوله عليه السلام للمبتدأة:«تحيّضي في كل شهر ستة أيام أو سبعة،ثمَّ اغتسلي و صومي ثلاثة و عشرين يوما أو أربعة و عشرين يوما».

و قول الصادق عليه السلام:«و هذه سنّة التي استمر بها الدم،أول ما تراه أقصى وقتها سبع و أقصى طهرها ثلاث و عشرون».

و قوله عليه السلام:«و إن لم يكن لها أيام قبل ذلك و استحاضت أول ما رأت فوقتها سبع و طهرها ثلاث و عشرون».

و قوله عليه السلام في المضطربة الفاقدة للتميز:«فسنّتها السبع و الثلاث و العشرون» (1).

و استفادة التخيير بين العددين في المرأتين منها مشكل؛لتخصيص المضطربة فيها بالعدد الأخير،مع احتمال مشاركة صاحبتها لها في ذلك-و إن وقع الترديد بينهما في حقّها-بناء على التصريح فيه أخيرا بعد الترديد بكون الثلاث و العشرين أقصى مدّة طهرها،و لو جاز الاقتصار على الست لما كان ذلك أقصى بل الأربع و العشرين.فتأمل.

و لا ينافيه الترديد أوّلا؛لاحتمال كونه من الراوي.و لذا عيّن السبع في القواعد (2)،و حكي عن الأكثر (3)؛فهو الأقوى.

فظهر به ضعف ما في المتن من التخيير كما عن التحرير و نهاية الأحكام

ص:269


1- الكافي 3:1/83،التهذيب 1:1183/381،الوسائل 2:288 أبواب الحيض ب 8 ح 3.
2- القواعد 1:14.
3- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:89.

و التذكرة و الخلاف (1)،نعم:فيه الإجماع على روايته،كما أنّ في سابقة دعوى مشهوريته.و لا ريب أنّ اختيار السبع أولى لاتفاقهم على جوازه.

أو تتحيّضان ثلاثة من شهر و عشرة من آخر في جميع الأدوار؛ للموثق:«إذا رأت الدم في أوّل حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيّام ثمَّ تصلّي عشرين يوما،فإن استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام و صلّت سبعة و عشرين يوما» (2).

و عن الخلاف الإجماع على روايته (3).و مثله في آخر (4).

و ليس فيهما-مع اختصاصهما بالمبتدأة -دلالة على التحيض بذلك في جميع الأدوار،بل ظاهرهما الاختصاص بالدور الأول ،و مع ذلك تضمّنا تقديم العشرة ،و لم أر عاملا بهما سوى الإسكافي على ما حكاه بعض (5)،و ربما حكي عنه القول بتعين الثلاثة مطلقا (6).

فالرواية حينئذ شاذة،فالاستدلال بها لذلك و القول بالتخيير بينها و بين ما تقدم للجمع بينها و بين ما مرّ ضعيف.مضافا إلى عدم تكافئهما للأوّل ، و على تقدير التكافؤ فهو فرع وجود شاهد عليه،و ليس،فيبطل.فتأمل .فالقول بالأوّل متعيّن و لا تخيير.

ص:270


1- التحرير 1:14،نهاية الأحكام 1:138،التذكرة 1:31،الخلاف 1:230.
2- التهذيب 1:1182/381،الاستبصار 1:469/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 6.
3- الخلاف 1:234.
4- التهذيب 1:1251/400،الاستبصار 1:470/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 5.
5- نقله عنه الشهيد في الذكرى:31.
6- حكاه عنه العلامة في المختلف:38.

و عن الصدوق و المرتضى (1)في المبتدأة:أنها تتحيّض في كل شهر بثلاثة إلى عشرة؛لمضمرة سماعة:«فإن كان نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقلّه ثلاثة أيام» (2).

و ما في بعض المعتبرة:عن المستحاضة كيف تصنع؟فقال:«أقلّ الحيض ثلاثة و أكثره عشرة و تجمع بين الصلاتين» (3).

و في التمسك بهما-مع أعمية الثاني-في مقابل المرسل المتقدم المعتضد بالشهرة و الإجماع المحكي إشكال ،و إن تأيّدا باختلاف الأخبار في التحديد.

و عن النهاية:الموافقة للمتن في المبتدأة (4)،لما مرّ،و المخالفة له-كغيره كالصدوق في الفقيه و المقنع و هو في الاستبصار (5)أيضا على احتمال-في المضطربة،فحكما بأنها تترك الصوم و الصلاة كلّما رأت الدم و تفعلهما كلّما رأت الطهر إلى أن ترجع إلى حال الصحة أي (6)تعرف عادتها.

للموثق:عن المرأة ترى الدم خمسة أيام و الطهر خمسة و ترى الدم أربعة أيام و الطهر ستة أيام،فقال:«إن رأت الدم لم تصل،و إن رأت الطهر صلّت ما بينها و بين ثلاثين يوما،فإذا تمت ثلاثون فرأت دما صبيبا اغتسلت

ص:271


1- نقله عنهما في المختلف:38.
2- الكافي 3:3/79،التهذيب 1:1181/380،الاستبصار 1:471/138،الوسائل 2: 288 أبواب الحيض ب 8 ح 2.
3- التهذيب 1:449/156،الاستبصار 1:450/131،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 4.
4- النهاية:24.
5- الفقيه 1:54،المقنع:16،الاستبصار 1:132.
6- في«ح»:أو،و في«ش»:إلى أن.

و استثفرت و احتشت بالكرسف في وقت كل صلاة،فإذا رأت صفرة توضأت» (1)و مثله الآخر (2).

و هما-مع قصورهما عن المعارضة لما دلّ على عدم قصور أقل الطهر عن عشرة من وجوه عديدة،و خصوص المرسلة المتقدمة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون اتفاق الطائفة-لا اختصاص لهما بالمضطربة،بل يعمان المبتدأة؛مع اختصاص الحكم فيهما بالشهر الأول و لم يقل به الشيخ في النهاية.فطرحهما رأسا متعيّن و الرجوع إلى المرسل لازم.

و هنا أقوال أخر متشتتة:

كالمنقول عن الجامع:من تحيّض كل منهما بسبعة أو ثلاثة عملا بالرواية و اليقين (3).

و المنقول عن الاقتصاد:من تحيّض المضطربة بسبعة في كل شهر،أو بثلاثة في الشهر الأول و عشرة في الثاني،و المبتدأة بسبعة خاصة (4).

و عن الخلاف و الجمل و العقود و المهذّب و الإصباح:العكس (5).لكن في الخلاف تحيّض المبتدأة بستة أو سبعة أو بثلاثة و عشرة.

و المنقول عن المبسوط و ابن حمزة:من القطع بتخير المبتدأة بين السبعة أو الثلاثة و العشرة،و إيجاب العمل بالاحتياط في(المتحيرة بأن تجمع بين عملي

ص:272


1- التهذيب 1:1180/380،الاستبصار 1:454/132،الوسائل 2:286 أبواب الحيض ب 6 ح 3.
2- الكافي 3:2/79،التهذيب 1:1179/380،الوسائل 2:285 أبواب الحيض ب 6 ح 2.
3- الجامع للشرائع:42.
4- الاقتصاد:247.
5- الخلاف 1:234،الجمل و العقود(الرسائل العشر):164،المهذّب 1:37،و حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:89.

الحيض و الاستحاضة (1).

و المنقول عن موضع آخر من المبسوط و الغنية:من جعل عشرة طهرا و عشرة حيضا (2).

و المنقول عن موضع آخر منه:من رجوع المبتدأة إلى ما حكم به في النهاية تبعا للصدوق في المضطربة مدعيا عليه رواية (3).

و المنقول عن المصنف في المعتبر:من التحيض بالمتيقن،استظهارا و عملا بالأصل في لزوم العبادة (4).

إلى غير ذلك من الأقوال.و ليس على شيء منها دليل يعتدّ به لا سيّما في مقابلة ما تقدّم؛مع ما في بعضها من لزوم العسر و الحرج المنفيين إجماعا و نصا آية (5)و رواية (6)؛مع ما عن البيان و في الروضة:من أن ذلك ليس مذهبا لنا. (7).

فالقول بالرجوع إلى السبع مطلقا أقوى،كما عن الجمل (8).

و حيثما خيّرت كان التعيين إليها،إلاّ إذا اختارت العدد الذي اختارته (9)، أو تعيّن عليها في أواسط الشهر أو أواخره الذي رأت الدم فيه؛فهل لها ذلك،

ص:273


1- المبسوط 1:47،ابن حمزة في الوسيلة:60.
2- المبسوط 1:46،الغنية(الجوامع الفقهية):550.
3- المبسوط 1:66.
4- المعتبر 1:210.
5- المائدة:6،الحج:78.
6- الكافي 3:4/33،التهذيب 1:1097/363،الاستبصار 1:240/77،الوسائل 1: 464 أبواب الوضوء ب 39 ح 5.
7- البيان:59،الروضة 1:106.
8- الجمل و العقود(الرسائل العشر):164.
9- في«ش»زيادة:على المشهور.

أم لا بل يتعين جعل أول ما رأته حيضا؟و:

أحدهما:نعم،و حكي عن المعتبر و الإصباح و المنتهى و التحرير (1)؛ للعموم،و عدم إمكان الترجيح.

و الآخر:لا،كما عن التذكرة و ظاهر المبسوط و الجواهر (2)؛للمرسل:

«عدّت من أول ما رأت الدم الأول و الثاني عشرة أيام،ثمَّ هي مستحاضة» (3).

و الموثق:«تركت الصلاة عشرة أيام ثمَّ تصلّي عشرين يوما» (4).

و المرسل الطويل:«تحيّضي في كل شهر في علم اللّه تعالى ستة أيام أو سبعة،ثمَّ اغتسلي و صومي ثلاثة و عشرين يوما أو أربعة و عشرين يوما» (5).

و لأنّ عليها أوّل ما ترى الدم و احتمل حيضيته أن تتحيض به للقاعدة المسلّمة:كلّ ما يمكن أن يكون حيضا إلى أن يتجاوز العشرة.ثمَّ لا وجه لرجوعها عن ذلك و تركها العبادة فيما بعد و قضائها لما تركته من الصلاة.

و اختيار هذا القول أحوط و أولى.

ثمَّ الظاهر موافقة الشهر الثاني لمتلوه،خلافا للروضة فأوجب عليها فيه الأخذ بما يوافق الشهر الأول في الوقت (6).و دليله غير واضح.

و هذا إذا نسيت المضطربة الوقت و العدد معا.

أمّا لو نسيت أحدهما خاصة و فقدت التميز:

ص:274


1- المعتبر 1:211،نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:90،المنتهى 1:102،التحرير 1: 14.
2- التذكرة 1:31 و 32،المبسوط 1:67،جواهر الفقه:16(الجوامع الفقهية):474.
3- الكافي 3:5/76،التهذيب 1:452/157،الوسائل 2:299 أبواب الحيض ب 12 ح 2.
4- التهذيب 1:1182/381،الاستبصار 1:469/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 6.
5- الكافي 3:1/83،التهذيب 1:1183/381،الوسائل 2:288 أبواب الحيض ب 8 ح 3.
6- الروضة 1:105.

فإن كان الوقت:أخذت العدد كالروايات ،مع أولوية اختيارها الأول.

أو العدد:جعلت ما تيقنت من الوقت حيضا أوّلا أو آخرا أو ما بينهما و أكملته بالسبع أو إحدى الروايات مطلقا على وجه يطابق.

فإن ذكرت أوّله أكملته ثلاثة متيقنة و أكملته بعدد مروي سبع أو غيره.أو آخره تحيضت بيومين قبله (1)و قبلهما تمام الرواية سبعا أو غيره.أو وسطه المحفوف بمتساويين و أنه يوم حفّته بيومين و اختارت السبع لتطابق الوسط،أو يومان حفتهما بمثلهما فتيقنت أربعة و اختارت هنا الستة مع احتماله الثمانية بل و العشرة،بناء على تعين السبع و إمكان كون الثامن و العاشر حيضا،فتجعل قبل المتيقن يوما أو يومين أو ثلاثة و بعده كذلك.أو الوسط بمعنى الأثناء مطلقا حفته بيومين متيقنة و أكملت السبع أو إحدى الروايات متقدمة أو متأخرة أو بالتفريق، و لا فرق هنا بين تيقن يوم و أزيد.

و لو ذكرت عددا في الجملة،كما لو ذكرت ثلاثة مثلا في وقت لم تجزم بكونها جميع العادة و لا بعضها و لا أوّلها و لا آخرها،فهو المتيقن خاصة،و أكملته بإحدى الروايات قبله أو بعده أو بالتفريق.

كلّ ذلك إمّا لعموم أدلّتي الاعتبار بالعادة و الرجوع إلى الروايات ،أو لعدم القول بالفصل.فتدبّر.

تثبت العادة باستواء شهرين

و إنما تثبت العادة بأقسامها عندنا و أكثر العامة باستواء شهرين متواليين،أو غيرهما مع عدم التحيض في البين في أيام رؤية الدم فتتحيّض بمجرد رؤيته في الثالث،و ترجع عند التجاوز عن العشرة إليها، فتجعل العدد و الوقت فيه كهما فيهما إن تساويا فيهما،و إلاّ فلتأخذ بما تساويا فيه و تراعي في غير المتساوي حكم المبتدأة أو المضطربة؛و ذلك لإطلاق أخبار

ص:275


1- في«ش»زيادة:متيقنة.

العادة بل و عموم بعضها الصادق بذلك،و خصوص المعتبرين منهما الموثق:

«إذا اتفق شهران عدّة أيام سواء فتلك عادتها» (1)مضافا إلى الإجماع.

و في اشتراط استقرار الطهر بتكرره مرتين متساويتين في استقرار العادة عددا و وقتا قولان.الأقوى:العدم؛للأصل،و ظاهر الخبرين،وفاقا للعلاّمة و الروض (2).و خلافا للذكرى فلا وقتية إلاّ به (3).

و تظهر الفائدة في الجلوس لرؤية الدم في الثالث لو تغاير الوقت فيه، فتجلس على المختار بمجردها،و على غيره بمضيّ ثلاثة أو حضور الوقت،و لا فرق فيه بين التقدم و التأخر.نعم في الأخير ربما قطع بالحيضية فتجلس برؤيته فلا ثمرة هنا بل تنحصر في الأوّل.

و لا تثبت برؤية الدم مرّة في الشهر الواحد إجماعا،خلافا لبعض العامة (4).

و كذا برؤيته فيه مرارا متساوية بينها أقل الطهر على قول؛تمسكا بظاهر الخبرين المعتبرين في تحققها الشهرين.

و الأصح حصولها بذلك،كما عن المبسوط و الخلاف و المعتبر و الذكرى و الروض (5)؛عملا بإطلاق أخبار العادة الصادق بذلك،و تنزيلا لهما على الغالب،فلا عبرة بمفهومهما.و لذا يحكم بحصول العادة برؤية الدمين المتساويين فيما يزيد على شهرين،و ورود مثله فيه مع عموم بعضها غير معلوم.

ص:276


1- الكافي 3:1/79،التهذيب 1:1178/380،الوسائل 2:286 أبواب الحيض ب 7 ح 1.و انظر أيضا الوسائل 2:287 أبواب الحيض ب 7 ح 2.
2- العلامة في المنتهى 1:103،و التذكرة 1:27،روض الجنان:63.
3- الذكرى:28.
4- نسبه في المغني 1:363 إلى ظاهر الشافعي،و انظر الام 1:67.
5- المبسوط 1:47،الخلاف 1:239،المعتبر 1:211،الذكرى:28،روض الجنان: 64.

فلا يعتبر تعدد الشهر الهلالي بل يكفي تعدد الحيضي.و المراد به ما يمكن أن يعرض فيه حيض و طهر صحيحان،و هو ثلاثة عشر يوما.

و مما ذكرنا من الإطلاق يظهر وجه حصول العادة بالتميز مع استمرار الدم الشهرين أو الأشهر.

لو رأت في أيام العادة صفرة أو كدرة،و قبلها أو بعدها بصفة الحيض و تجاوز العشرة،فالترجيح للعادة

و لو رأت في أيام العادة صفرة أو كدرة،و قبلها أو بعدها أيضا لكن بصفة الحيض و شرائطه و تجاوز المجموع العشرة،فالترجيح للعادة كما عن الجمل و العقود و جمل العلم و العمل و الشرائع و الجامع و المعتبر و الكافي و موضع من المبسوط و ظاهر الاقتصاد و السرائر (1)،و عن التذكرة و الذكرى و غيرهما (2):أنه المشهور.و هو كذلك.

و هو الأصح؛عملا بعموم أخبار العادة و العمل فيما عداها بالاستحاضة، و قولهم عليهم السلام:«إنّ الصفرة في أيام الحيض حيض» (3)و اختصاص أخبار التميز بغير ذات العادة،مع وقوع التصريح باشتراط فقدها في الرجوع إليه في المعتبرة منها،كالمرسلة الطويلة،و فيها بعد الحكم بأن الصفرة في أيام الحيض حيض:«و إذا جهلت الأيام و عددها احتاجت حينئذ إلى النظر إلى إقبال الدم و إدباره» (4).

و على تقدير تساوي العمومين فالترجيح للأول؛للشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا،لرجوع الخصم عن المخالفة في باقي كتبه.مع كون

ص:277


1- الجمل و العقود(الرسائل العشر):164،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3): 26،الشرائع 1:31،الجامع للشرائع:44،المعتبر 1:212،الكافي:128، المبسوط 1:43-44،الاقتصاد:246،السرائر 1:147.
2- حكاه عنهما في كشف اللثام 1:90،و قال في التذكرة 1:32:إنّه الأشهر،و هو في الذكرى: 29؛و انظر الحدائق 3:226.
3- المبسوط 1:44،الوسائل 2:281 أبواب الحيض ب 4 ح 9.
4- الكافي 3:1/83،التهذيب 1:1183/381،الوسائل 2:276 أبواب الحيض ب 3 ح 4.

العادة أفيد للظن لاطرادها إجماعا،بخلاف التميز لتخلفها إجماعا و نصوصا .

و فيه قول آخر بترجيح التميز لأخباره،كما نسب إلى النهاية و المبسوط و الإصباح (1).و ظهر ضعفه.و مع ذلك فقد قوّى المختار في الكتب المزبورة بعد الحكم بتقديمه.و كذا القول بالتخيير،كما عزي إلى ابن حمزة (2).

و لا فرق في العادة بين الحاصلة بالأخذ و الانقطاع و الحاصلة بالتميز ؛ للعموم.و تبادر الأوّل دون الثاني بعد تسليمه غير مجد في مثله،لكونه لغويا لا عرفيا يجري فيه ذلك.فالقول بترجيح التميز عليها حينئذ-كما ينسب إلى بعض (3)-لعدم مزية الفرع على أصله ضعيف.

ثمَّ إن محل الخلاف اتصال الدمين أو انفصالهما مع عدم تخلل أقل الطهر و تجاوزهما العشرة.أمّا مع الانفصال و التخلل و كذا مع عدم الأول و فقد التجاوز فالأقوى الرجوع إلى العادة هنا؛لعموم أخباره،مع عدم معلومية شمول أدلة إمكان الحيض لمثل المقام.إلاّ أن يتم الإجماع المنقول في الصورة الثانية.

فالقول بجعل الدمين حيضين في الصورة الاولى و حيضا في الثانية-كما نسب إلى جماعة من المتأخرين (4)-لعموم الأدلة مشكل؛لما عرفت،مضافا إلى المرسلة المشترطة في الرجوع إلى التميز فقد العادة.لكن ما ذكروه لا يخلو عن قوّة سيّما في الصورة الثانية،لما ستعرفه.

تترك ذات العادة الصلاة و الصوم برؤية الدم

و تترك ذات العادة الوقتية مطلقا الصلاة و الصوم برؤية الدم مطلقا إذا كانت في أيامها إجماعا،كما عن المعتبر و المنتهى و التذكرة (5)،و نصوصا

ص:278


1- النهاية:24،المبسوط 1:49،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:90.
2- الوسيلة:60.
3- انظر جامع المقاصد 1:301.
4- نسب إليهم السبزواري في الذخيرة:65.
5- المعتبر 1:213،المنتهى 1:109،التذكرة 1:28.

عموما و خصوصا.

و كذا برؤيته قبيلها أو بعيدها مطلقا و لو كان المرئي بصفة الاستحاضة، على الأظهر الأشهر،بل قيل:إنه إجماع (1)،لأصالة عدم الآفة و الخروج عن الخلقة،و لعموم الأخبار المستفيضة في تحيّض المرأة بمجرد الرؤية كما سيأتي في حكم المبتدأة،و خصوص الأخبار الدالة على أن المرئي قبل الحيض حيض.

منها الموثق:عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها،قال:«فلتدع الصلاة فإنه ربما يعجّل بها الوقت» (2).

و هي مع ما سيأتي حجة على من يدعي إلحاق هذه الصورة بالمبتدأة مطلقا،فأوجب فيه الاستظهار على تقدير وجوبه في المبتدأة.

كما أن المعتبرة المستفيضة الناطقة بأن الصفرة المرئية قبل الحيض بيومين منه،كالموثقين (3)،في أحدهما:«ما كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض»الحديث.و مثلهما رواية أخرى (4).و الرضوي:«و الصفرة قبل الحيض حيض» (5)حجة على من خصّ المختار بصورة اتصاف الدم المتقدم أو المتأخر بصفة الحيض.

ص:279


1- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:90.
2- الكافي 3:2/77،التهذيب 1:453/158،الوسائل 2:300 أبواب الحيض ب 13 ح 1.
3- أحدهما: الكافي 3:2/78،الفقيه 1:196/51،التهذيب 1:1231/396،الوسائل 2:279 أبواب الحيض ب 4 ح 2. ثانيهما: الكافي 3:5/78،الوسائل 2:280 أبواب الحيض ب 4 ح 6.
4- الكافي 3:4/78،التهذيب 1:1132/396،الوسائل 2:280 أبواب الحيض ب 4 ح 5.
5- فقه الرضا(عليه السلام):191،المستدرك 2:8 أبواب الحيض ب 4 ح 2.

[هذا مع ما فيهما و لا سيما الأول من العسر و الحرج المنفيين ] و هي و إن اشتركت في الدلالة على أن الصفرة بعد الحيض ليس منه، لكنها-مع مخالفتها الإجماع البسيط أو المركب (1)و الأخبار الآتية في الاستظهار- محمولة على رؤيتها بعد انقضاء أيام العادة بيومين.و في القوي:«إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيامها لم تصلّ،و إن رأت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلّت» (2)فتأمل.

هذا،مع ما فيهما و لا سيّما الأوّل من العسر و الحرج المنفيّين.

و في تحيّض المبتدأة مطلقا و المضطربة بمجرد الرؤية كذات العادة تردد ينشأ من الأصل المتقدم،و القاعدة المتفق عليها من أنّ ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض ،و عموم النصوص المعتبرة المستفيضة في التحيّض بمجرد الرؤية الناشئ من ترك الاستفصال في أكثرها،كالموثق:

«المرأة ترى الدم أول النهار في رمضان تصوم أو تفطر؟»قال:«تفطر،إنما فطرها من الدم» (3)و مثله الموثقات المستفيضة.

و في الصحيح:«أيّ ساعة رأت الدم فهي تفطر،الصائمة..» (4).

و خصوص بعض النصوص،كالموثق:«إذا رأت الدم في أول حيضها و استمرت تركت الصلاة عشرة أيام ثمَّ تصلي عشرين» (5).

ص:280


1- إذ كل من قال بكون ما قبل العادة من الحيض قال بكون ما بعده كذلك،و من لم يقل بالأول لم يقل بالثاني،فالقول بالأول دون الثاني كما في هذه المعتبرة خرق للإجماع المزبور.منه رحمه اللّه.
2- الكافي 3:3/78،الوسائل 2:280 أبواب الحيض ب 4 ح 4.
3- التهذيب 1:435/153،الوسائل 2:367 أبواب الحيض ب 50 ح 7.
4- التهذيب 1:1218/394،الاستبصار 1:499/146،الوسائل 2:366 أبواب الحيض ب 50 ح 3.
5- التهذيب 1:1182/381،الاستبصار 1:469/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 6.

و أوضح منه دلالة مماثلة في السند:في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة«إنها تنتظر بالصلاة،فلا تصلي حتى يمضي أكثر ما يكون من الحيض،فإذا مضى ذلك و هو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة» (1).

و مثله أيضا الموثق:عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة،يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء، قال:«فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة» (2).

و المناقشة في الأخبار الأخيرة بالتدبر فيها مدفوعة .

مضافا إلى عموم أخبار التميز فيما اتصف بصفة الحيض،و يتم الغير المتصف بها بعدم القول بالفصل ،فإنّ محل النزاع أعم،و ليس كما توهم من الاختصاص بالأول.

و من (3)أصالة اشتغال الذمة بالعبادة إلاّ مع تيقن المسقط،و لا مسقط كذلك إلاّ بمضيّ ثلاثة.

و فيه-بعد تماميته-:معارضة بالأصل المتقدم،و بعد التساقط يبقى ما عداه ممّا تقدم سليما من المعارض.و بعد تسليم فقد المعارض المزبور يكون ما عداه ممّا مرّ مخصصا لها،و الظن الحاصل منه قائم مقام اليقين كقيام غيره مقامه.و هو مسلّم عنده،و إلاّ لما حصل تيقن المسقط بمضيّ الثلاثة أيضا لجواز رؤيتها الأسود المتجاوز عن العشرة فيكون هو الحيض دونها.و التمسك

ص:281


1- التهذيب 1:1251/400،الاستبصار 1:470/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 5.
2- الكافي 3:1/79،التهذيب 1:1178/380،الوسائل 2:304 أبواب الحيض ب 14 ح 1.
3- متعلق بقوله:«ينشأ»في الصفحة السابقة.

في نفيه بالأصل غير مورث لليقين،بل غايته الظن،و هو حاصل بما تقدم من الأدلة على التحيض بمجرد الرؤية.

فالأصح الأول،وفاقا للشيخ و غيره (1)،و هو المشهور.خلافا للمرتضى و من تبعه (2)،و منهم الماتن في غير الكتاب صريحا (3)،و فيه احتياطا.

و لكن لا يبعد كون الاحتياط للعبادة و امتثال التروك بمجرد الرؤية أولى حتى يتيقن الحيض بمضيّ الثلاثة.

و هنا قولان آخران هما بمحل من الشذوذ.

ثمَّ إن المبتدأة إذا انقطع دمها لدون العشرة تستبرئ وجوبا-كما عن ظاهر الأكثر (4)،بل قيل:إنّه لا خلاف (5)،و عن الاقتصاد التعبير عنه بلفظ«ينبغي» الظاهر في الاستحباب (6)و لأجله احتمل الخلاف-بوضع القطنة مطلقا على الأصح،وفاقا لجماعة (7)؛عملا بإطلاق الصحيح (8)،و التفاتا إلى اختلاف غيره في الكيفية،ففي رواية (9)و الرضوي (10):قيامها و إلصاق بطنها إلى الحائط و رفع رجلها اليسرى،و في أخرى مرسلة بدل اليسرى اليمنى (11)،مع قصورها

ص:282


1- الشيخ في المبسوط 1:42،66؛العلامة في المختلف:37،و المنتهى 1:109.
2- نقله عن المرتضى في المعتبر 1:213؛و تبعه ابن إدريس في السرائر 1:149،و الشهيد في و الدروس:1:97.
3- المعتبر 1:213،الشرائع 1:30.
4- انظر كشف اللثام 1:96.
5- قال به صاحب الحدائق 3:191.
6- الاقتصاد:246.
7- منهم:صاحب المدارك 1:331،و السبزواري في الذخيرة:69.
8- الكافي 3:2/80،التهذيب 1:460/161،الوسائل 2:308 أبواب الحيض ب 17 ح 1.
9- الكافي 3:3/80،التهذيب 1:461/161،الوسائل 2:309 أبواب الحيض ب 17 ح 3.
10- فقه الرضا(عليه السلام):193،المستدرك 2:15 أبواب الحيض ب 15 ح 1.
11- الكافي 3:1/80،الوسائل 2:309 أبواب الحيض ب 17 ح 2.

-كالموثق المطلق في وضع الرجل (1)-عن المقاومة للصحيح سندا و اعتبارا، فحملها على الاستحباب متعين مسامحة في أدلّته.

فإن خرجت نقية طهرت،فلتغتسل من دون استظهار،كما عن الأصحاب،و عليه الأخبار.و لا وجه للقول به هنا مطلقا كما عن السرائر و توهّمه الشهيدان من المختلف (2)،أو مع ظن العود كما عن الدروس (3).

و إلاّ احتمل الحيض و إن لم يظهر عليها إلاّ ضد صفته،كما عن صريح سلاّر (4)،و محتمل المقتصر على ظهور الدم عليها كالشيخين و القاضي و العلاّمة في التذكرة (5).فعليها الصبر إلى النقاء أو مضي العشرة؛للإجماع المحكي (6)و الموثق:«فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة» (7)و قريب منه موثقتا ابن بكير (8).

و مثلها في وجوب الاستبراء ذات العادة العددية مطلقا مع انقطاع

ص:283


1- التهذيب 1:462/161،الوسائل 2:309 أبواب الحيض ب 17 ح 4.
2- السرائر 1:149،الشهيد الأول في الذكرى:29،الشهيد الثاني في روض الجنان:73.
3- الدروس 1:98.
4- المراسم:43.
5- المفيد في المقنعة:55،الطوسي في النهاية:26،القاضي في المهذّب 1:35،التذكرة 1:29.
6- حكاه في المدارك 1:332.
7- الكافي 3:1/79،الوسائل 2:304 أبواب الحيض ب 14 ح 1.
8- الأولى: التهذيب 1:1251/400،الاستبصار 1:470/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 5. الثانية: التهذيب 1:1178/380،الاستبصار 1:469/137،الوسائل 2:291 أبواب الحيض ب 8 ح 6.

دمها عليها فيما دون؛ و مع استمرار الدم و تجاوزه عنها تستظهر و تحتاط بترك العبادة مطلقا كما هو ظاهر الفتاوي،أو مع عدم استقامة الحيض كما في الصحيح (1)و يومئ إليه الخبر (2).

وجوبا كما عن ظاهر الأكثر (3)و صريح الاستبصار و السرائر (4)؛عملا بظاهر الأوامر الواردة به في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة (5)، و الاحتياط في العبادة فإنّ تركها على الحائض عزيمة،و استصحاب الحالة السابقة.

أو استحبابا كما عن التذكرة و عامة المتأخرين (6)؛التفاتا إلى أخبار الأمر بالرجوع إلى العادة و العمل فيما عداها بالاستحاضة،و أخذا بظن الانقطاع على العادة و بظاهر لفظ الاحتياط في بعض المعتبرة (7)،و حملا للأوامر على الاستحباب جمعا.

و هو الأقوى،لا لما ذكر،لتصادم الأخبار من الطرفين ،و عدم مرجح ظاهر في البين إلاّ التقية في الثانية لكونه مذهب أكثر العامة (8)،و اختلاف الأدلة في مقادير الاستظهار مع التخيير فيها بينها الظاهر كل منهما في الاستحباب؛ بل للأصل السليم عن المعارض في البين،بناء على ما عرفت من تصادم الأدلة

ص:284


1- التهذيب 5:1390/400،الوسائل 2:375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8.
2- التهذيب 1:1257/402،الوسائل 2:379 أبواب الاستحاضة ب 3 ح 1.
3- انظر كشف اللثام 1:97.
4- الاستبصار 1:149،السرائر 1:149.
5- انظر الوسائل 2:300 أبواب الحيض ب 13،و ص 371 أبواب الاستحاضة ب 1.
6- التذكرة 1:29؛و انظر المدارك 1:333.
7- انظر الوسائل 2:302 أبواب الحيض ب 13 ح 7،و ص 375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8 و 12.
8- كما ذكره العلامة في المنتهى 1:103.

من الطرفين.

أو جوازا مطلقا عاريا عن قيدي الوجوب و الاستحباب.

و هو مردود بظاهر الأوامر في الصحاح التي أقلها الاستحباب.و لا يعارض بأوامر الرجوع إلى العادة؛لورودها في مقام توهم الحظر المفيد للإباحة خاصة.و المناقشة بورود مثله في الأدلة غير مسموعة .

و كيف كان فتستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين كما هنا و في الشرائع (1)،و عن النهاية و الوسيلة و الصدوق و المفيد (2)؛للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

منها:الصحيح المحكي في المعتبر عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب:«إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين،ثمَّ تمسك قطنة،فإن صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كلّ صلاتين بغسل»الحديث (3).

أو بثلاثة،كما عن السرائر و المعتبر و المنتهى و التذكرة و المقنع (4)،إلاّ أنه اقتصر عليها خاصة؛للنصوص المعتبرة،منها الصحيحان (5)و الموثقان (6)،

ص:285


1- الشرائع 1:30.
2- النهاية:24،الوسيلة:58،نقله عن الصدوق و المفيد في المعتبر 1:214،و المدارك 1: 334.
3- المعتبر 1:215،الوسائل 2:377 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 14.
4- السرائر 1:149،المعتبر 1:215،المنتهى 1:104،التذكرة 1:29،المقنع:16.
5- التهذيب 1:489/172 و 491،الاستبصار 1:514/149 و 515،الوسائل 2:302 أبواب الحيض ب 13 ح 9 و 10.
6- أحدهما في:التهذيب 1:1190/386،الاستبصار 1:477/139،الوسائل 2:302 أبواب الحيض ب 13 ح 6. و الآخر في:التهذيب 1:490/172،الاستبصار 1:513/149،الوسائل 2:302 أبواب الحيض ب 13 ح 8.

و أحدهما-كأحد الأولين-كالمقنع في الاقتصار عليها.

أو إلى العشرة كما عن السيّد و الإسكافي (1)،و ظاهر المقنعة و الجمل (2)، و أجازه الماتن في غير الكتاب و لكن احتاط بما فيه (3)،و كذا عن الشهيد إلاّ أنه اشترط في البيان ظنها بقاء الحيض (4).

للموثق:«تنتظر عدتها التي كانت تجلس،ثمَّ تستظهر بعشرة أيام» (5).

و في معناه المرسل:«إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة» (6).

و هما مع قصورهما سندا و عملا و عددا يحتملان الورود مورد الغالب، و هو كون العادة سبعة أو ثمانية،فيتحدان مع الأخبار السابقة.و هو و إن جرى فيها فيخلو ما عدا الغالب عن النص بالاستظهار،إلاّ أنّ إلحاقه به بالإجماع المركب كاف في ثبوته فيه؛و الإجماع لا يتم إلاّ في الناقص عن الثلاثة،فتبقى هي كالزائد عليها إلى العشرة خاليا من الدليل،فيرجع حينئذ إلى مقتضى الأصل و هو عدم مشروعية الاستظهار.

فتعيّن القول بالأول أو الثاني سيّما مع كثرة القائل بهما،و الأول أقرب إلى الترجيح و لكن الثاني غير بعيد.

و غير خفي أنّ الاختلاف بين الأوّلين و الثالث إنما هو مع قصور العادة عن العشرة بأزيد من الثلاثة،و بين الأوّلين مع قصورها عنها بها،و إلاّ فلا خلاف.

ص:286


1- نقله عن السيد في المعتبر 1:214،حكاه عن الإسكافي في كشف اللثام 1:96.
2- المقنعة:55،الجمل(الرسائل العشر):163.
3- المعتبر 1:215.
4- البيان:58.
5- التهذيب 1:1259/402،الاستبصار 1:516/149،الوسائل 2:303 أبواب الحيض ب 13 ح 12.
6- التهذيب 1:493/172،الاستبصار 1:517/150،الوسائل 2:303 أبواب الحيض ب 13 ح 11.

كما لا خلاف في عدم الاستظهار مع استتمامها إياها و تطابقها معها،إذ الاستظهار احتياط عن الحيض المحتمل و ليس معه،مع ورود بعض المعتبرة به (1).

ثمَّ هي بعد أيام الاستظهار كيف كان تعمل ما تعمله المستحاضة و تصبر إلى العشرة إن احتيج إلى الصبر فإن استمر و تجاوز العشرة كان ما عدا أيام الاستظهار مطلقا (2)استحاضة،و هي داخلة في الحيض حكمها حكمه،كما يستفاد من النصوص الواردة فيه (3).

و المشهور دخولها حينئذ في الاستحاضة،فيجب عليها قضاء ما تركته فيها من العبادة.

و لم أفهم المستند ،و به صرّح جماعة (4).و لعلّه لهذا الماتن لم يعدل عن ظواهر النصوص،كالمرتضى في المصباح و العلاّمة في ظاهر القواعد و النهاية (5)،حيث استشكل في الأخير وجوب قضاء العبادة،و لم يذكر في الأوّل مع تصريحه فيه بإجزائها ما فعلته،و من جملته الكفّ عن العبادة،و إجزاؤه كناية عن عدم وجوب قضائها.

و إلاّ يستمر بأن انقطع على العاشر فما دونه قضت الصوم الذي أتت به فيما بعد أيام الاستظهار أيضا دون الصلاة التي صلّتها فيه؛لظهور كون أيام الاستظهار مع ما بعده-إن كان-حيضا.

ص:287


1- انظر الوسائل 2:301 أبواب الحيض ب 13 ح 2 و 11.
2- أي و لو كان دون العشرة.
3- الوسائل 2:300 أبواب الحيض ب 13.
4- منهم صاحب المدارك 1:336،الفيض الكاشاني في المفاتيح 1:15،صاحب الذخيرة:70.
5- نقله عن المصباح في المنتهى 1:103،القواعد:16،نهاية الأحكام 1:123.

هذا هو المشهور،بل ربما حكي عليه الإجماع (1).

و لا تساعده الأخبار في المضمار،بل هي في الدلالة على دخول ما بعد الاستظهار في الاستحاضة بقول مطلق و لو مع الانقطاع عليه واضحة المنار.

و لكن قوة احتمال ورودها مورد الغالب توجب ظهورها في الشق الأوّل و هو انتهاء أيام الاستظهار إلى العاشر و انقطاعها عليه.

و على هذا يحمل لفظة«أو»على التنويع و بيان ما هو الغالب من الأفراد -كما فعله في المنتهى و لو من وجه آخر (2)-لا التخيير كما هو المشهور،فلا تشمل حينئذ المقام ،و ليس في الحكم بتحيّضها الجميع حذر من جهتها .

نعم:فيه الحذر من جهة الأخبار الآمرة بالرجوع إلى العادة و جعلها حيضا خاصة (3)؛لكنها-مع تطرّق الوهن إليها بأخبار الاستظهار إجماعا-معارضة بأدلة«ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض»بالبديهة.و لا ريب في رجحانها بالضرورة؛لغلبة الظن بالحيضية،و الاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون من الإجماع قريبة،مع أنّ الحكاية في نقله صريحة كما مرّت إليه الإشارة.

مضافا إلى الاعتضاد بإطلاق الحسنة:«إذا رأت المرأة الدم قبل العشرة أيام فهو من الحيضة الاولى،و إن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة» (4).

و خصوص المرسلة المنجبر ضعفها بالشهرة و قصور دلالتها بالإجماع

ص:288


1- التذكرة 1:32.
2- و هو بيان تنويع مزاج المرأة بحسب قوته و ضعفه الموجبين لزيادة الحيض و قلّته.انظر المنتهى 1:104.
3- انظر الوسائل 2:281 أبواب الحيض ب 5.
4- الكافي 3:1/77،التهذيب 1:454/159،الوسائل 2:298 أبواب الحيض ب 11 ح 3.

المركب من الطائفة،و فيها:«إذا حاضت المرأة و كان حيضها خمسة أيام ثمَّ انقطع الدم اغتسلت و صلّت،فإن رأت بعد ذلك الدم و لم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض تدع الصلاة،فإن رأت الدم أوّل ما رأته الثاني الذي رأته تمام العشرة أيام و دام عليها عدّت من أول ما رأت الدم الأول و الثاني عشرة أيام،ثمَّ هي مستحاضة تعمل ما تعمله المستحاضة» (1).

و في ذيلها دلالة أيضا على ما اخترناه في الشق الأوّل.فتأمّل.

فإذا الذي اختاره المصنف في المسألة بكلا شقّيها هو الأقرب.و لكن ما عليه المشهور أحوط،بل و عليه العمل.

أقلّ الطهر عشرة أيام و لا حدّ لأكثره

و أقلّ الطهر عشرة أيام لما تقدم في حدّي الحيض.

و لا حدّ لأكثره على المشهور،بل بلا خلاف كما عن الغنية (2).

و عن ظاهر الحلبي تحديده بثلاثة أشهر (3)،و حمل على الغالب (4)،و عن البيان احتمال أن يكون نظره إلى عدّة المسترابة (5).

ص:289


1- الكافي 3:5/76،التهذيب 1:452/157،الوسائل 2:299 أبواب الحيض ب 12 ح 2.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):550.
3- انظر الكافي:128.
4- كما في التذكرة 1:27.
5- البيان:58.
الأحكام
لا تنعقد لها صلاة و لا صوم و لا طواف و لا يرتفع لها حدث و يحرم عليها دخول المساجد و قراءة العزائم و مس كتابة القرآن

و أمّا الأحكام اللاحقة للحائض فأمور أشار إليها بقوله:

فلا تنعقد و لا تصح لها صلاة و لا صوم و لا طواف مع حرمتها عليها بالإجماع و النصوص.

ففي الصحيح:«إذا كانت المرأة طامثا فلا تحلّ لها الصلاة» (1).

و في الخبر في العلل:«لا صوم لمن لا صلاة له» (2)و علّل به فيه حرمة الأوّلين عليها.

و في نهج البلاغة جعل العلّة في نقص إيمانهن قعودهن عن الأوّلين (3).

و في النبوي خطابا للحائض:«اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي» (4).

و لا فرق في ذلك بين بقاء أيام الحيض و انقطاعها قبل الغسل فيما سوى الثاني إجماعا،و فيه أيضا على قول قوي،و فيه قول آخر بالتفصيل .

و لا فرق في العبادات بين الواجبة و المندوبة؛لفقد الطهور المشترط في صحة الأوّلين مطلقا،و الواجب من الأخير إجماعا،و على الأصح في المقابل له منه أيضا،و على غيره أيضا كذلك،لتحريم دخول المسجد مطلقا عليها.

و لا يرتفع لها حدث لو تطهرت قبل انقضاء أيامها و إن كان في الفترة

ص:290


1- الكافي 3:4/101،التهذيب 1:456/159،الوسائل 2:343 أبواب الحيض ب 39 ح 1.
2- علل الشرائع:271 ضمن علل الفضل بن شاذان،الوسائل 2:344 أبواب الحيض ب 39 ح 2.
3- نهج البلاغة 1:77/125،الوسائل 2:344 أبواب الحيض ب 39 ح 4.
4- مسند أحمد 6:245،سنن ابن ماجه 2:2963/988،سنن أبي داود 2:1744/144 و في الجميع بتفاوت.

أو النقاء بين الدمين الملحق بالحيض،و إن استحب لها الوضوء في وقت كل صلاة و الذكر بقدرها،و قلنا بوجوب التيمم إن حاضت في أحد المسجدين أو استحبابه-إلاّ مع مصادفته فقد الماء على قول -فإنّ جميع ذلك تعبّد ،ففي الحسن:عن الحائض تطهّر يوم الجمعة و تذكر اللّه تعالى،فقال عليه السلام:

«أمّا الطهر فلا،و لكنها تتوضأ في وقت الصلاة ثمَّ تستقبل القبلة و تذكر اللّه تعالى» (1)فتأمل.

و يحرم عليها أيضا كالجنب دخول المساجد مطلقا إلاّ اجتيازا فيما عدا المسجدين الحرامين فيختص التحريم فيه باللبث، و يعمّه و المستثنى فيهما.

كلّ ذلك على الأظهر الأشهر،بل لا خلاف في حرمة اللبث كما عن التذكرة و المنتهى و المعتبر و التحرير (2)،مع وقوع التصريح في الأخيرين بالإجماع.و لا ينافيه استثناء سلاّر في الأخير،بناء على عدم القدح فيه بخروجه،لمعلومية نسبه.

و ليس في إطلاق كراهة الجواز في المساجد كما في القواعد و الشرائع و عن الخلاف و التذكرة و الإرشاد و نهاية الأحكام (3)،أو إطلاقه من دونها كما عن الهداية و المقنعة و المبسوط و النهاية و الاقتصاد و المصباح و مختصره و الإصباح (4)،دلالة على المخالفة للمشهور في عدم جواز الجواز في

ص:291


1- الكافي 3:1/100،الوسائل 2:346 أبواب الحيض ب 40 ح 4.
2- التذكرة 1:27،المنتهى 1:110،المعتبر 1:221،التحرير 1:15.
3- القواعد 1:15،الشرائع 1:30،الخلاف 1:517،التذكرة 1:27،الإرشاد 1:228، نهاية الأحكام 1:119.
4- الهداية:21،المقنعة:54،المبسوط 1:41،النهاية:25،الاقتصاد:244،مصباح المتهجد:10،نقله عن مختصر المصباح و الإصباح في كشف اللثام 1:93.

المسجدين،لاحتمال وروده مورد الغالب و هو ما عداهما.

و عليه يحمل إطلاق الصحيح:«الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد إلاّ مجتازين» (1)لكونه الحكم في المطلق.

و للصحيح:«الحائض و الجنب يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه،و لا يقربان المسجدين الحرامين» (2).

و هما حجّة على سلاّر،مع عدم الوقوف له على دليل سوى الأصل الغير المعارض لهما.

كما أنهما حجّة على المانع من الدخول مطلقا،بناء على تحريم إدخال النجاسة في(مطلق) (3)المسجد مطلقا و لو مع عدم التلويث،كما عن الفقيه و المقنع و الجمل و العقود و الوسيلة (4).

و ليس في إطلاقهما دلالة على الجواز و لو مع التلويث؛لندرته،و غلبة ضده الموجبة لحمله عليه.

و كذا يحرم عليها وضع شيء فيها مطلقا على الأظهر الأشهر،بل قيل:بلا خلاف إلاّ من سلاّر (5)؛للصحاح.

و يجوز لها الأخذ منها مع عدم استلزامه المحرّم.و يحرم معه؛لعموم ما تقدّم،إلاّ مع الضرورة المبيحة للمحرّم.

ص:292


1- علل الشرائع:1/288،تفسير القمي 1:139،الوسائل 2:207 أبواب الجنابة ب 15 ح 10.
2- التهذيب 1:1132/371،الوسائل 1:209 أبواب الجنابة ب 15 ح 17.
3- ليست في«ش».
4- الفقيه 1:48،50،154،المقنع:13،الجمل و العقود(الرسائل العشر):162،الوسيلة: 58.
5- قال به صاحب الحدائق 3:256،و هو في المراسم:43.

و قراءة إحدى سور العزائم و كذا أبعاضها بقصدها إن اشتركت، و إلاّ فيحرم مطلقا؛لما مرّ في الجنب.و عن المعتبر و المنتهى:الإجماع عليه (1).

و مسّ كتابة القرآن على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع كما عن الخلاف و المنتهى و التحرير (2)؛لما مر ثمة.

خلافا للإسكافي فحكم بالكراهة؛للأصل (3).و هو ضعيف.

و قد تقدم هناك المراد من الكتابة.

و يحرم على زوجها وطؤها و لا يصح طلاقها

و كذا يحرم على زوجها و من في حكمه وطؤها قبلا أي:

موضع الدم خاصة على الأشهر الأظهر،و مطلقا على قول يأتي ذكره،عالما به و بالتحريم،عامدا،إجماعا و نصوصا (4)،بل قيل:إنه من ضروريات الدين، و لذا حكم بكفر مستحلّه (5).

و المراد من العلم هنا المعنى الأعم الشامل لمثل الظن الحاصل من إخبارهنّ مع عدم التهمة-بلا خلاف بين الطائفة-به،لإشعار الآية وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ [1] (6)و صراحة المعتبرة كالحسن:«العدّة و الحيض إلى النساء إذا ادّعت صدّقت» (7).

و قيّدت بعدم التهمة،لاستصحاب الإباحة السابقة،و عدم تبادر المتّهمة

ص:293


1- المعتبر 1:223،المنتهى 1:110.
2- الخلاف 1:99،المنتهى 1:110،التحرير 1:15.
3- نقله عنه في المختلف:36.
4- الوسائل 2:317 أبواب الحيض ب 24.
5- قال به الشهيد الثاني في روض الجنان:76،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:93.
6- البقرة:228.
7- الكافي 6:1/101،التهذيب 8:575/165،الاستبصار 3:1276/356،الوسائل 2: 358 أبواب الحيض ب 47 ح 1.

من المعتبرة،و إشعار بعض المعتبرة:في امرأة ادّعت أنها حائض في شهر واحد ثلاث حيض،فقال:«كلّفوا نسوة من بطانتها أنّ حيضها كان فيما مضى على ما ادّعت،فإن شهدن صدّقت،و إلاّ فهي كاذبة» (1).

و يلحق بأيام الحيض أيام الاستظهار وجوبا على القول بوجوبه، و استحبابا على تقديره.و الأحوط اعتزالهن فيها إلى انقطاع العشرة مطلقا و لو على الثاني؛لاحتمال الحيضية بالانقطاع إليها،لما مرّ،و لكن في بلوغه حدّ الوجوب-كما عن المنتهى (2)-تأمل.

و لا يصح طلاقها اتفاقا مع دخوله أي الزوج بها و حضوره أو حكمه من الغيبة التي يجامعها معرفته بحالها و انتفاء الحمل،و إلاّ صحّ،كما يأتي في محلّه إن شاء اللّه.

يجب عليها الغسل مع النقاء و قضاء الصوم دون الصلاة

و يجب عليها الغسل لمشروط بالطهارة مع النقاء أو ما في حكمه إجماعا و نصوصا و قضاء الصوم الواجب المتفق في أيامه في الجملة،أو مطلقا حتى المنذور على قول أحوط دون الصلاة إجماعا و نصوصا فيهما، إلاّ ركعتي الطواف مع فواتهما بعده،و المنذورة المتفقة في أيّامها على قول.

و هل يجوز لها أن تسجد لو سمعت آية السجدة أو تلتها أو استمعت إليها؟ الأشبه الأشهر نعم كما عن المختلف و التذكرة و ظاهر التحرير و المنتهى و نهاية الأحكام و المبسوط و الجامع و المعتبر و الشرائع (3)،لكن ما عدا الثاني في صورتي التلاوة و الاستماع،و في الخمسة الأول عدا الثاني

ص:294


1- التهذيب 1:1242/398،الاستبصار 1:511/148،الوسائل 2:358 أبواب الحيض ب 47 ح 3.
2- المنتهى 1:117.
3- المختلف:34،التذكرة 1:28،التحرير 1:15،المنتهى 1:115،نهاية الأحكام 1: 119،المبسوط 1:114،الجامع للشرائع:83،المعتبر 1:227،الشرائع 1:30.

تصريح بالوجوب،و هو أيضا ظاهر فيه،و فيما عدا الأخيرين بالجواز،و فيهما الاكتفاء بلفظ:تسجد،المحتمل لهما الظاهر في الأوّل.

خلافا للمقنعة و الانتصار و التهذيب و الوسيلة و النهاية و المهذّب (1)، فحرّموا السجود عليها؛لاشتراطه بالطهارة كما في غيره؛و عن المفيد نفي الخلاف عنه (2).

و هو ضعيف؛لعدم وضوح الدليل عليه،و تطرّق الوهن إلى دعوى عدم الخلاف بمصير الأكثر من الأصحاب إلى العدم مع تصريح جمع منهم بالوجوب.

و ليس في الموثق:عن الحائض هل تقرأ القرآن و تسجد إذا سمعت السجدة؟قال:«تقرأ و لا تسجد» (3)و مثله الخبر المروي عن غياث في كتاب ابن محبوب:«لا تقضي الحائض الصلاة،و لا تسجد إذا سمعت السجدة» (4)حجة عليه و لا على المنع من سجود الحائض،لمعارضتهما-مع ضعف الأخير- الأقوى منهما الصحيح:عن الطامث تسمع السجدة،فقال:«إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها» (5).

و الموثق كالصحيح:«الحائض تسجد إذا سمعت السجدة» (6).

ص:295


1- المقنعة:52،الانتصار:31،التهذيب 1:129،الوسيلة:58،النهاية:25،المهذب: 34.
2- كلمة«بلا خلاف»ساقطة في المقنعة المطبوعة حديثا،و هي موجودة في الطبعة القديمة ص 6.
3- التهذيب 2:1172/292،الاستبصار 1:1193/320،الوسائل 2:341 أبواب الحيض ب 36 ح 4.
4- مستطرفات السرائر:47/105،الوسائل 2:342 أبواب الحيض ب 36 ح 5.
5- الكافي 3:3/106،التهذيب 1:353/129،الاستبصار 1:385/115،الوسائل 2: 340 أبواب الحيض ب 36 ح 1.
6- الكافي 3:4/318،التهذيب 2:1168/291،الاستبصار 1:1192/320،الوسائل 2:341 أبواب الحيض ب 36 ح 3.

و غيرهما من المعتبرة المعتضدة بالشهرة و مخالفة العامة،لكون المنع مذهب الشافعي و أحمد و أبي حنيفة (1).

و ظاهرهما-كما ترى-الوجوب بمجرد السماع كما عن الأكثر (2)مطلقا، و هو الأظهر كذلك.و لتحقيق المسألة محل آخر.

فما عن التذكرة و المنتهى من الفرق هنا بين الاستماع و السماع بالوجوب في الأوّل و التردد فيه في الثاني (3)،غير واضح؛و لذا صرّح في التحرير بعد اختيار جواز سجودها بعدم الفرق بينهما (4).

و في وجوب الكفارة على الزوج بوطئها روايتان،أحوطهما الوجوب

و في وجوب الكفارة على الزوج بل الواطئ مطلقا،لعموم المستند، مع ثبوت الحكم في بعض الصور بطريق أولى-فتأمل جدّا-و إن اختص بعض الأخبار به في الظاهر بوطئها المحرّم روايتان،أحوطهما الوجوب بل الأظهر عند أكثر المتقدمين كالمفيد و المرتضى و ابني بابويه و الشيخ في الخلاف و المبسوط (5)،بل عليه الإجماع عن الحلّي و الانتصار و الخلاف و الغنية (6)؛ تمسّكا بظواهر بعض المعتبرة،كرواية داود بن فرقد (7)المقيّدة هي-كالرضوي (8)- لغيرها من المعتبرة كالحسن:عمّن أتى امرأته و هي طامث،قال:«يتصدّق

ص:296


1- كما في المغني 1:685،بدائع الصنائع 1:186.
2- حكاه عنهم في الحدائق 3:257.
3- التذكرة 1:28،المنتهى 1:115.
4- تحرير الاحكام 1:15.
5- المفيد في المقنعة:55،المرتضى في الانتصار:33،الصدوق في الفقيه 1:53،و الهداية: 16،و نقله عن والده المحقق في المعتبر 1:229،الخلاف 1:225،المبسوط 1:41.
6- السرائر 1:144،الانتصار:34،الخلاف 1:226،الغنية(الجوامع الفقهية):550.
7- التهذيب 1:471/164،الاستبصار 1:459/134،الوسائل 2:327 أبواب الحيض ب 28 ح 1.
8- فقه الرضا(عليه السلام):236،المستدرك 2:21 أبواب الحيض ب 23 ح 1.

بدينار و يستغفر اللّه تعالى» (1).

و الموثق:«من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدّق به» (2).

و الخبر:عن الرجل يأتي المرأة و هي حائض،قال:«يجب عليه في استقبال الحيض دينار و في وسطه نصف دينار» (3).

و هي-مع اعتبار سند أكثرها،و اعتضادها بالشهرة العظيمة بين متقدمي الأصحاب و الإجماعات المنقولة التي هي كأربع أحاديث صحيحة-مخالفة لما عليه الجمهور من العامة منهم مالك و أبو حنيفة كما حكاه العلاّمة (4).

خلافا لأكثر المتأخرين،فحكموا بالاستحباب (5)؛للأصل،و الصحيح:

عن رجل واقع امرأته و هي طامث،قال:«لا يلتمس فعل ذلك و قد نهى اللّه تعالى أن يقربها»قلت:إن فعل عليه كفارة؟قال:«لا أعلم[فيه]شيئا،يستغفر اللّه تعالى» (6)و مثله الموثق (7)،و الخبر (8)لكنه في المجامع خطأ.

ص:297


1- التهذيب 1:467/163،الاستبصار 1:455/133،الوسائل 2:327 أبواب الحيض ب 28 ح 3.
2- التهذيب 1:468/163،الاستبصار 1:456/133،الوسائل 2:327 أبواب الحيض ب 28 ح 4.
3- الكافي 7:20/243،التهذيب 10:576/145،الوسائل 377/28 أبواب بقية الحدود ب 13 ح 1.
4- العلامة في المنتهى 1:115؛و انظر المحلى لابن حزم 2:176،نيل الأوطار للشوكاني 1: 352،المغني لابن قدامة 1:384-385.
5- منهم العلامة في المنتهى 1:115،و القواعد 1:15،و الشهيد الثاني في روض الجنان: 77،و المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 1:152،و صاحب المدارك 1:353.
6- التهذيب 1:472/164،الاستبصار 1:460/134،الوسائل 2:329 أبواب الحيض ب 29 ح 1،و ما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.
7- التهذيب 1:474/165،الاستبصار 1:462/134،الوسائل 2:329 أبواب الحيض ب 29 ح 2.
8- التهذيب 1:473/165،الاستبصار 1:461/134،الوسائل 2:329 أبواب الحيض ب 29 ح 3.

مضافا إلى اختلاف الأخبار الموجبة،لأنها بين مطلق للدينار،و مطلق لنصفه كما في الموثقين المتقدمين،و مقيّد له بما يأتي كما في الرواية المتقدمة،و موجب للتصدّق على مسكين بقدر شبعه مطلقا كما في رواية (1)، و موجب له على عشرة كذلك كما في الموثق إلاّ أنه في وطء الجارية (2)،و موجب له على سبعة في استقبال الدم مع التصريح بلا شيء عليه في غيره مطلقا كما في الصحيح (3).

و لقائل الجواب عن الأول:بالعدول عنه بما تقدّم.

و عن الثاني:بحمله على التقية المؤيد بكون روايته عن الصادق عليه السلام و فتوى أبي حنيفة في زمانه مشتهرة.مع ورود الخبر الثالث في الخاطئ منه،و المراد منه إمّا الجاهل بالموضوع كما حمله الشيخ عليه (4)،أو الحكم كما يناسبه ذيله من نسبته إلى العصيان.و لا كفارة عليه على التقدير الأول إجماعا،و كذلك على التقدير الثاني،لاشتراط العلم في الوجوب كما عن الخلاف و الجامع (5)،أو الرجحان المطلق كما عن المنتهى و التذكرة و التحرير و نهاية الأحكام و الشرائع و الذكرى (6)،بل و عن بعض الأصحاب

ص:298


1- التهذيب 1:469/163،الاستبصار 1:457/133،الوسائل 2:328 أبواب الحيض ب 28 ح 5.
2- التهذيب 1:470/164،الاستبصار 1:458/133،الوسائل 2:327 أبواب الحيض ب 28 ح 2.
3- الكافي 7:13/462،الوسائل 22:391 أبواب الكفارات ب 22 ح 2.
4- التهذيب 1:165.
5- الخلاف 1:225،الجامع للشرائع:41.
6- المنتهى 1:115،التذكرة 1:27،التحرير 1:15،نهاية الأحكام 1:121،الشرائع 1: 31،الذكرى:34.

الإجماع عليه أيضا (1).فعدّ مثله من أدلة الاستحباب واضح الفساد.

و عن الثالث:بصحته مع استفادته من المعتبرة لا مطلقا.و ليس المقام كذلك؛إذ الاختلاف الذي تضمنته المعتبرة إنما هو بحسب الإطلاق و التقييد، و مقتضى القاعدة المسلّمة حمل الثاني على الأوّل.

و أمّا باقي الاختلافات فليس المشتمل عليها بمعتبر،إمّا سندا،كالموجب للتصدق على مسكين بقدر شبعه،لاشتمال سنده على جهالة.أو من حيث العمل،كهو و غيره و إن اعتبر سنده بالصحة في بعض و الموثقية في آخر،لعدم مفت بالتصدق بقدر الشبع لمسكين إلاّ نادرا (2)،أو العشرة،أو السبعة في استقبال الدم مع عدم شيء في غيره مطلقا لا وجوبا و لا استحبابا.بل و ربما نص على خلاف بعضها كالمتضمن للتصدق على عشرة،فإنّها وردت في الجارية و قد أفتى الأصحاب و ادعى عليه الإجماع في السرائر و الانتصار (3)ورود في الرضوي (4)بكون التصدق فيها بثلاثة أمداد،و ظاهره عدم اتساعها العشرة،بل و عن بعضهم التصريح بالتفريق على ثلاثة و هو الانتصار و المقنعة و النهاية و المهذّب و السرائر و الجامع (5).فهي شاذّة لا عمل عليها .

و بعد تسليم اعتبار مثل هذا الاختلاف فليس يبلغ درجة اعتبار تلك الإجماعات المنقولة التي هي بمنزلة الأخبار الصحاح الصراح المستفيضة؛إذ غاية الاختلاف التلويح و الإشارة،و أين هو من الظهور فضلا عن الصراحة.

ص:299


1- حكاه في كشف اللثام 1:95 عن كتاب الهادي.
2- كما قاله الصدوق في الهداية:16،و الفقيه 1:53.
3- السرائر 3:76،الانتصار:165.
4- فقه الرضا(عليه السلام):236،المستدرك 2:21 أبواب الحيض ب 23 ح 1.
5- الانتصار:165،المقنعة:569،النهاية:572،المهذّب 2:423،السرائر 3:76، الجامع للشرائع:41.

و لعلّه لهذا لم يحكم المصنف هنا و في الشرائع (1)بالاستحباب بل صرّح في الثاني أوّلا بالوجوب،و مثل الكتاب اللمعة (2).و ظاهرهم التردد و التوقف كشيخنا البهائي (3)،و لعلّه في محلّه،إلاّ أنّ الاحتياط في مثل المقام كاد أن يكون لازما،فلا يترك على حال.

و هي أي الكفارة فيما عدا وطء الأمة دينار أي مثقال ذهب خالص إجماعا،مضروب على الأصح،وفاقا لجماعة (4)؛للتبادر.خلافا لآخرين فاجتزؤا بالتبر (5)؛لإطلاق الاسم.و هو ضعيف.

و في إجزاء القيمة عنه قولان،أصحّهما:العدم؛جمودا على ظاهر النص،مع اختلافها و عدم انضباطها.و قيل بالجواز (6).و لا دليل عليه.

في أوّله أي الحيض و نصف في وسطه،و ربع في آخره.

و يختلف بحسب اختلاف الحيض الذي وطئت فيه،فالثاني أوّل لذات الستة،و وسط لذات الثلاثة،و هكذا.

و بالجملة:التثليث مرعيّ بالإضافة إلى أيام الحيض مطلقا،ذات عادة كانت أم غيرها،كانت العادة عشرة أم لا.هذا هو الأشهر الأظهر؛عملا بظاهر الخبر.

و عن المراسم تحديد الوسط بما بين الخمسة إلى السبعة (7)،فلا وسط

ص:300


1- الشرائع 1:31.
2- اللمعة(الروضة البهية 1):108.
3- انظر الحبل المتين:51.
4- منهم الشهيد الأول في الذكرى:35،و الشهيد الثاني في روض الجنان:77،و المحقق الثاني في جامع المقاصد:43.
5- كالعلامة في المنتهى 1:117،و التحرير 1:15،و نهاية الأحكام 1:122.
6- قال به ابن فهد الحلّي في الموجز الحاوي(الرسائل العشر):47.
7- المراسم:44.

و لا آخر لمن حيضها خمسة فما دون،و لا آخر إن لم يزد حيضها عن منتهى الحدّ.و هو لعدم الدليل عليه ضعيف.كاعتبار الراوندي التثليث بالإضافة إلى أقصى الحيض مطلقا (1)،فلا وسط و لا آخر لذي الثلاثة،و لا آخر لذي الأربعة و إن كان لها وسط و هو الثلثان الباقيان من اليوم الرابع.و هو الفارق بينه و بين القول الأوّل؛لأنّه في هذه الصورة على تقديره لا وسط لها،لقصورها عن الخمسة التي خامسها مبدأ الوسط.

و المستند في هذا التفصيل رواية داود بن فرقد،و الخبر المتقدم لكن ليس فيه ذكر الآخر ،و مثل الأوّل الرضوي (2).و قصور سندها مجبور بالعمل،مضافا إلى اعتبار الأخير في نفسه.

و مصرفها عند الأصحاب مستحق الزكاة.و لا يعتبر فيه التعدّد؛للأصل، و إطلاق الخبر.

و هي في وطء الأمة ما تقدّم؛لما تقدّم،مع شذوذ ما دلّ على خلافه (3).

و لا كفارة على الموطوءة مطلقا و لو كانت مطاوعة؛للأصل،و اختصاص دليلها بالواطئ.نعم:عليها الإثم حينئذ.

يستحب لها الوضوء لوقت كلّ فريضة و ذكر الله في مصلاها

و يستحب لها الوضوء المنوي به التقرب دون الاستباحة لوقت كلّ صلاة فريضة من فرائضها اليومية و الاستقبال للقبلة و ذكر اللّه تعالى بعده في مصلاّها كما عن المبسوط و الخلاف و النهاية و المهذّب و الوسيلة و الإصباح و الجامع (4).

ص:301


1- فقه القرآن 1:54.
2- راجع ص 296-297.
3- انظر المقنع:16.
4- المبسوط 1:45،الخلاف 1:232،النهاية:25،المهذّب 1:36،الوسيلة:58،و نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:96،الجامع للشرائع:24.

أو محرابها،كما عن المراسم و السرائر (1)،و هما بمعنى واحد،و يحتمله ما عن المقنعة:ناحية من مصلاّها (2).

أو حيث شاءت مطلقا (3)،كما في الشرائع و المعتبر و المنتهى و الذكرى (4)،بل نسب في الأخيرين إلى غير الشيخين مطلقا.

و هو أولى؛لإطلاق النصوص،مع عدم الدليل على شيء ممّا تقدم بالعموم أو الخصوص.و ليس في الصحيح:«و يجلس قريبا من المسجد» (5)دلالة على شيء منه لو لم نقل بالدلالة على خلاف بعضه.

و الأحوط ما ذكروه مع وجود ما عينوه،و إلاّ فالإطلاق أحوط.

و الحكم بالاستحباب مشهور بين الأصحاب؛للأصل،و ظاهر«ينبغي» في بعض المعتبرة (6).

خلافا للصدوقين فالوجوب (7)؛للرضوي المصرّح به (8)،كالمرسل في الهداية (9)،و قريب منهما الحسن:«عليها أن تتوضأ»إلى آخره (10)،مع الأوامر الظاهرة فيه في المعتبرة.و لو لا الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا بل

ص:302


1- المراسم:43،السرائر 1:145.
2- المقنعة:55.
3- أي سواء كان لها مصلّى أم لا.
4- الشرائع 1:31،المعتبر 1:232،المنتهى 1:115،الذكرى:35.
5- الفقيه 1:206/55،الوسائل 2:345 أبواب الحيض ب 40 ح 1.
6- الوسائل 2:345 أبواب الحيض ب 40 ح 3.
7- الصدوق في الفقيه 1:50،و نقل عن والده في المختلف:36.
8- فقه الرضا(عليه السلام):192،المستدرك 2:29 أبواب الحيض ب 29 ح 2.
9- الهداية:22،المستدرك 2:29 أبواب الحيض ب 29 ح 1.
10- الكافي 3:4/101،التهذيب 1:456/159،الوسائل 2:345 أبواب الحيض ب 40 ح 2.

إجماع في الحقيقة-كما عن الخلاف (1)-لكان المصير إليه في غاية القوة؛ لعدم معارضة ما تقدّم لمثل هذه الأدلة.

و إطلاق الذكر مذهب الأكثر؛لإطلاق أكثر المعتبرة.

و عن المراسم الاقتصار بالتسبيحة (2)،و مثله المقنعة بزيادة التحميدة و التكبيرة و التهليلة (3).

و لا دليل على شيء منهما [منها] إلاّ الدخول تحت الإطلاق.كما لا دليل على ازدياد الصلاة على النبي و آله مع الاستغفار على التسبيحات الأربع-كما عن النفلية (4)-إلاّ ذلك.

و ليس في الخبر:«إذا كان وقت الصلاة توضأت و استقبلت القبلة و هلّلت و كبّرت و تلت القرآن و ذكرت اللّه عز و جل» (5)-كالحسن الآتي-دلالة على شيء منها ،كما لا يخفى.

و هو و إن أطلق في أكثر المعتبرة إلاّ أنّ التقييد له بقدر صلاتها قائم في المعتبرة كالحسن:«و تذكر اللّه تعالى و تسبحه و تهلّله و تحمده بمقدار صلاتها» (6)و بمعناه غيره (7).

و يكره لها الخضاب و قراءة ما عدا العزائم و حمل المصحف و لمس هامشه

و يكره لها كالجنب الخضاب بالاتفاق،كما عن المعتبر و المنتهى و التذكرة (8).و الروايات في كل من النهي عنه و نفي البأس-مع

ص:303


1- الخلاف 1:232.
2- المراسم:43.
3- المقنعة:55.
4- النفلية:9.
5- الكافي 3:2/101،الوسائل 2:346 أبواب الحيض ب 40 ح 5.
6- تقدم مصدره في الهامش(10)ص:302.
7- الوسائل 2:345 أبواب الحيض ب 40 ح 3.
8- المعتبر 1:233،المنتهى 1:115،التذكرة 1:28.

اشتمالها في الجانبين على المعتبرة-مستفيضة (1).

و حمل الأوّلة على الكراهة طريق الجمع كما فعله الجماعة؛لرجحان الثانية بعملهم،مع أصالة الإباحة و الإجماعات المنقولة.

و لا ينافيها فتوى الصدوق بلا يجوز (2)؛لعدم البأس بخروجه مع معلومية نسبه،مع عدم صراحته في أمثال كلامه في الحرمة،فيحتمل شدة الكراهة ، و بإرادته لها من تلك العبارة صرّح العلاّمة (3).

و لا فرق فيه بين الحنّاء و غيره،كعدم الفرق في المخضوب بين اليد و الرجل و غيرهما في المشهور.و المسامحة في أدلة السنن تقتضيه و إن كان إثباته فيهما بالدليل فيه ما فيه؛لعدم عموم في المعتبرة ،إذ غايتها الإطلاق المنصرف إلى الأفراد المتبادرة التي ليس غير الحنّاء كما عدا اليدين و الرجلين و الشعور منها.

و لعلّه لذا اقتصر سلاّر على الحنّاء (4)،و المفيد على اليدين و الرجلين (5)و لكن الأحوط ما قدّمناه.

و قراءة ما عدا العزائم الأربع مطلقا حتى السبع أو السبعين المستثناة في الجنب،في المشهور،كما هنا و في الشرائع و عن المبسوط و الجمل و العقود و السرائر و الوسيلة و الإصباح و الجامع (6)؛لإطلاق النهي عنه في المستفيضة،

ص:304


1- الوسائل 2:352 أبواب الحيض ب 42.
2- كما في الفقيه 1:51.
3- انظر التذكرة 1:25.
4- المراسم:44.
5- المقنعة:58.
6- الشرائع 1:30،المبسوط 1:42،الجمل،العقود(الرسائل العشر):162،السرائر 1: 145،الوسيلة:58،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:94،الجامع للشرائع:42.

كالنبوي:«لا يقرأ الجنب و لا الحائض شيئا من القرآن» (1).

و المروي في الخصال:«سبعة لا يقرؤون القرآن»و عدّ منها الجنب و الحائض (2).

و المرسل عنه عليه السلام في بعض الكتب:«لا تقرأ الحائض قرآنا» (3).

و عن مولانا الباقر عليه السلام:«إنّا نأمر نساءنا الحيّض أن يتوضأن عند وقت كل صلاة-إلى قوله-و لا يقربن مسجدا و لا يقرأن قرآنا» (4).

و هي لضعفها و مخالفتها الأصل و موافقتها العامة (5)محمولة على الكراهة،مع ما عن الانتصار و الخلاف و المعتبر (6)في الجواز من الإجماعات المنقولة.

و عن التحرير و المنتهى (7)-كبعض الأصحاب الذي حكي عنه في الخلاف (8)-قصر الكراهة كالجنب على الزائد على السبع أو السبعين آية.

و هو متجه لو لا المسامحة في أدلة الكراهة،بناء على اشتراكها معه في أغلب الأحكام الشرعية كما يستفاد من الأخبار المعتبرة،فيغلب لحوقها به هنا، لإلحاق الظن الشيء بالأعم الأغلب.

و حمل المصحف و لمس هامشه و بين سطوره؛للصحيح:«الجنب

ص:305


1- سنن الدارقطني 1:1/117،سنن ابن ماجه 1:596/196،سنن الترمذي 1:131/87.
2- الخصال:42/357،الوسائل 6:246 أبواب قراءة القرآن ب 47 ح 1.
3- دعائم الإسلام 1:128،المستدرك 2:26 أبواب الحيض ب 27 ح 1.و الرواية من علي عليه السلام.
4- دعائم الإسلام 1:128،المستدرك 2:29 أبواب الحيض ب 29 ح 3.
5- انظر:المغني 1:685،و بدائع الصنائع 1:186.
6- الانتصار:31،الخلاف 1:100،المعتبر 1:187.
7- التحرير 1:15،المنتهى 1:110.
8- الخلاف 1:100.

و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب» (1).

مضافا إلى ما عن المصنف في المعتبر من الإجماع على كراهة تعليقه (2)فتأمل.

و الأمر فيه محمول على الاستحباب؛لنفي البأس عن مسّ الورق للجنب في الرضوي (3)،فتلحق هي به أيضا،لما تقدّم،مع الأصل.فالقول بالتحريم كما عن المرتضى (4)-رحمه اللّه-ضعيف.

و الاستمتاع للزوج مطلقا كالسيّد منها بما بين السرّة و الركبة لظواهر المعتبرة كالصحيح:في الحائض ما يحلّ لزوجها؟قال:«تتّزر بإزار إلى الركبتين و تخرج سرّتها،ثمَّ له ما فوق الإزار» (5)و مثله الموثق (6)و غيره (7).

و حملت على الكراهة جمعا بينها و بين المعتبرة المستفيضة الصريحة في الجواز،المعتضدة بالأصل و العمومات الكتابية و السنّية و الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا،بل هي إجماع في الحقيقة،بل حكي صريحا عن جماعة كالتبيان و الخلاف و مجمع البيان (8)،المخالفة لما عليه أكثر العامة (9)،

ص:306


1- التهذيب 1:1132/371،الوسائل 2:217 أبواب الحيض ب 19 ح 7.
2- المعتبر 1:234.
3- فقه الرضا(عليه السلام):85،المستدرك 1:464 أبواب الجنابة ب 11 ح 1.
4- نقله عنه في المنتهى 1:87.
5- الفقيه 1:204/54،التهذيب 1:439/154،الاستبصار 1:442/129،الوسائل 2: 323 أبواب الحيض ب 26 ح 1.
6- التهذيب 1:440/154،الاستبصار 1:443/129،الوسائل 2:323 أبواب الحيض ب 26 ح 2.
7- التهذيب 1:441/155،الاستبصار 1:444/129،الوسائل 2:324 أبواب الحيض ب 26 ح 3.
8- التبيان 2:220،الخلاف 1:226،مجمع البيان 1:319.
9- منهم ابن قدامة في المغني 1:384،ابن حزم في المحلّى 2:176،الشوكاني في نيل الأوطار 1:439.

كالموثق بابن بكير فلا يضر الإرسال بعده:«إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم» (1).و مثله الموثق الآخر و غيره في الصراحة باختصاص المنع بموضع الدم (2).

و قريب منها الصحيح:ما للرجل من الحائض؟قال:«ما بين أليتيها و لا يوقب» (3).

للتصريح بحليّة ما عدا الإيقاب،فالمراد به هنا الجماع في القبل بالإجماع المركب .فيجوز الاستمتاع بما عداه و لو كان الدبر،كما عن صريح السرائر و نهاية الأحكام و المختلف و التبيان و مجمع البيان (4)،مع دعواهما الإجماع عليه،و ظاهر الخلاف و المعتبر و المنتهى و التذكرة و التحرير و الشرائع و المبسوط و النهاية و الاقتصاد (5)،و إن ضعف في الثلاثة الأخيرة،لتعليق الاستمتاع فيها بما عدا الفرج المحتمل للدبر أيضا؛و لكنه بعيد.

و ممّا ذكر ظهر ضعف مرتضى المرتضى من تبديل الكراهة بالمنع (6)؛ لضعف دليله المتقدم.كضعف باقي أدلته من الآيتين:الناهية عن قربهنّ حتى

ص:307


1- التهذيب 1:436/154،الاستبصار 1:437/128،الوسائل 2:322 أبواب الحيض ب 25 ح 5.
2- التهذيب 1:438/154،الاستبصار 1:439/129،الوسائل 2:322 أبواب الحيض ب 25 ح 6.
3- التهذيب 1:443/155،الاستبصار 1:441/129،الوسائل 2:322 أبواب الحيض ب 25 ح 8.
4- السرائر 1:150،نهاية الأحكام 1:122،المختلف:35،التبيان 2:220،مجمع البيان 1:319.
5- الخلاف 1:226،المعتبر 1:224،المنتهى 1:111،التذكرة 1:27،التحرير 1:15، الشرائع 1:31،المبسوط 4:242،النهاية:26،الاقتصاد:245.
6- نقله عنه في المختلف:35.

يطهرن و الآمرة باعتزالهنّ في المحيض (1)،لعدم إرادة المعنى اللغوي من القرب فينصرف إلى المعهود المتعارف،و كون«المحيض»اسم مكان لا مصدر أو اسم زمان،و إلاّ لزم الإضمار أو التخصيص ،المخالف كلّ منهما للأصل.

و وطؤها قبل الغسل مطلقا و تتأكد إذا لم يكن شبقا؛للنهي عنه في بعض المعتبرة كالموثق:أ فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟قال:«لا حتى تغتسل» (2).

و هو محمول على الكراهة؛لإشعار الموثقين المتضمنين ل«لا يصلح» بها (3)،مع التصريح بالجواز إمّا مطلقا أو مع الشبق في المعتبرة المستفيضة، المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا،بل إجماع في الحقيقة، بل حكي صريحا عن جماعة كالانتصار و الخلاف و الغنية و ظاهر التبيان و مجمع البيان و روض الجنان و أحكام الراوندي و السرائر (4)،و مع ذلك مخالفة لما عليه العامة (5).

ففي الموثق:«إذا انقطع الدم و لم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء» (6).

ص:308


1- البقرة:222.و لا يخفى أنهما آية واحدة.
2- التهذيب 1:479/167،الاستبصار 1:466/136،الوسائل 2:326 أبواب الحيض ب 27 ح 7.
3- الأول: التهذيب 1:478/166،الاستبصار 1:465/136،الوسائل 2:326 أبواب الحيض ب 27 ح 6. الثاني: التهذيب 1:1244/399،الوسائل 2:313 أبواب الحيض ب 21 ح 3.
4- الانتصار:34،الخلاف 1:228،الغنية(الجوامع الفقهية):550،التبيان 2:221، مجمع البيان 1:319،روض الجنان:80،فقه القرآن 1:55،السرائر 1:151.
5- انظر الأم 1:59،مغني المحتاج 1:110،بداية المجتهد 1:57.
6- التهذيب 1:476/166،الاستبصار 1:464/135،الوسائل 2:325 أبواب الحيض ب 27 ح 3.

و في آخر:عن الحائض ترى الطهر،يقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال:«لا بأس،و بعد الغسل أحبّ اليّ» (1).

و في الخبر:«إذا طهرت من الحيض و لم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل،فإن فعل فلا بأس به»و قال:«تمس الماء أحب إليّ» (2).

و لا يبعد دلالة الآية وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ [1] (3)عليه،بناء على حجية مفهوم الغاية،و ظهور يطهرن-بناء على القراءة بالتخفيف-في انقطاع الدم خاصة،لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية له في معنى المتشرعة،و يؤيده هنا السياق ،مع ما في بعض المعتبرة من كون غسل الحيض سنّة (4)،أي لا فريضة إلهية تستفاد من الآيات القرآنية.فتأمل.

و لا ينافيه القراءة بالتشديد،إمّا لمجيء تفعّل بمعنى فعل مجازا شائعا، فيكون هنا من قبيله،لما تقدّم من الأدلة على الجواز من دون توقف على اغتسال؛و إمّا لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية في التطهير في معنى المتشرعة أي الاغتسال،فيحتمل إرادة المعنى اللغوي و يكون إشارة إلى غسل الفرج،كما يعرب عنه الصحيح:في المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيّامها،قال:

«إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثمَّ يمسها إن شاء» (5).

ص:309


1- الكافي 5:2/539 بتفاوت يسير،التهذيب 1:481/167،الاستبصار 1:468/136، الوسائل 2:325 أبواب الحيض ب 27 ح 5.
2- التهذيب 1:480/167،الاستبصار 1:467/136،الوسائل 2:325 أبواب الحيض ب 27 ح 4.
3- البقرة:222.
4- التهذيب 1:289/110،الاستبصار 1:319/98،الوسائل 2:176 أبواب الجنابة ب 1 ح 11.
5- الكافي 5:1/539،التهذيب 1:475/166،الاستبصار 1:463/135،الوسائل 2: 324 أبواب الحيض ب 27 ح 1.

و لذا حكي عن ظاهر الأكثر وجوب الغسل المزبور (1)،إلاّ أن الآية لا تساعد عليه،بل غايته الشرطية كما عن صريح ابن زهرة (2).

و عن ظاهر التبيان و المجمع و أحكام الراوندي:توقف الجواز على أحد الأمرين منه و من الوضوء (3).و لا دليل عليه .

و عن صريح التحرير و المنتهى و المعتبر و الذكرى و البيان:استحبابه (4).

و هو غير بعيد؛للأصل،و خلوّ أكثر الأخبار المجوّزة الواردة في الظاهر في مقام الحاجة عنه،فلو وجب الغسل أو اشترط لزم تأخير البيان عن وقتها،إلاّ أن الأحوط مراعاته.

و قول الفقيه بالمنع فيما عدا الشبق (5)شاذ،كالصحيح الدال عليه.

و ربما حمل كلامه-كصحيحه-على شدة الكراهة،فلا شذوذ و لا مخالفة.

إذا حاضت بعد دخول الوقت و لم تصلّ مع الإمكان قضت

و إذا حاضت بعد دخول الوقت و لم تصلّ مع الإمكان بأن مضى من أوّل الوقت مقدار فعلها و لو مخفّفة مشتملة على الواجبات دون المندوبات، و فعل الطهارة خاصة و كلّ ما يعتبر فيها ممّا ليس بحاصل لها-كما في الروضة (6)- طاهرة قضت في المشهور،بل حكى عليه الإجماع بعض الأصحاب صريحا (7).

للموثق:في امرأة دخل وقت الصلاة و هي طاهرة،فأخّرت الصلاة حتى

ص:310


1- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:97.
2- كما في الغنية(الجوامع الفقهية):550.
3- التبيان 2:221،مجمع البيان 1:320،فقه القرآن 1:55.
4- التحرير 1:16،المنتهى 1:118،المعتبر 1:236،الذكرى:34،البيان:63.
5- الفقيه 1:53.
6- الروضة 1:110.
7- الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:97.

حاضت،قال:«تقضي إذا طهرت» (1)و بمعناه غيره (2).

و تفسير الإمكان بما ذكرنا هو المشهور بين الأصحاب،فلا يجب القضاء مع عدمه مطلقا،و عن الخلاف الإجماع عليه (3).

خلافا للإسكافي و المرتضى،فاكتفيا في الإمكان الموجب للقضاء بمضيّ ما يسع أكثر الصلاة من الوقت و الزمان طاهرة (4).و هو ضعيف،و الدليل عليه غير معروف.

و ليس في الخبر:عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر و قد صلّت ركعتين ثمَّ ترى الدم،قال:«تقوم من مسجدها و لا تقضي الركعتين»قال:«فإن رأت الدم و هي في صلاة المغرب و قد صلّت ركعتين فلتقم من مسجدها،فإذا تطهّرت فلتقض الركعة التي فاتتها من المغرب» (5)-مع ضعفه،و أخصيته من المدّعى ،بل و إشعاره باختصاص الحكم بالمغرب-دلالة على ما حكي عنهما من لزوم قضاء مجموع الصلاة التي أدركت أكثرها طاهرة مطلقا،لدلالته على كفاية قضاء الغير المدرك مع فعل المدرك.فطرحه رأسا لشذوذه حينئذ متعيّن.

نعم:في الفقيه و المقنع (6)أفتى بمضمونه .و يكتفي حينئذ بما أسلفناه من ضعف السند في ردّه،مضافا إلى الأصل و الشهرة و دعوى الإجماع على

ص:311


1- التهذيب 1:1211/392،الاستبصار 1:493/144،الوسائل 2:360 أبواب الحيض ب 48 ح 4.
2- التهذيب 1:1221/394،الاستبصار 1:494/144،الوسائل 2:360 أبواب الحيض ب 48 ح 5.
3- الخلاف 1:274.
4- نقله عن الإسكافي في المختلف:148،المرتضى في جمل العلم و العمل(رسائل المرتضى 3):38.
5- الكافي 3:5/103،التهذيب 1:1210/392،الاستبصار 1:495/144،الوسائل 2: 360 أبواب الحيض ب 48 ح 3.
6- الفقيه 1:52،المقنع:17.

خلافه.

ثمَّ إنّ ما ذكرنا من اعتبار مضيّ زمان الطهارة أو مطلق الشرائط في تفسير الإمكان ظاهر الأكثر.و هو الأظهر،بناء على عدم جواز الأمر بالصلاة مع عدم مضيّ زمان الطهارة،لاستلزامه التكليف بالمحال،بناء على اشتراطها في وجودها.فاستشكال العلاّمة في النهاية فيه بمجرد إمكان التقديم على الوقت (1)لا وجه له.

و مقتضى ما ذكرنا من الدليل عدم اعتبار مضي زمانها مع الإتيان بها قبل الوقت؛لإمكان التكليف حينئذ.و عن التذكرة و نهاية الأحكام و الذكرى (2)القطع بذلك.

و كذا لو أدركت من آخر الوقت قدر الطهارة حسب،أو و سائر الشروط كما في الروضة (3)،و حكي عن جماعة (4)و أداء أقلّ الواجب من ركعة من الصلاة بحسب حالها من ثقل اللسان و بطء الحركات و ضدّهما كما احتمله في نهاية الأحكام (5)وجبت بإجماع أهل العلم في العصر و العشاء و الصبح، كما عن الخلاف (6).

لعموم النبوي:«من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» (7).

و خصوص المرتضويين في الصبح و العصر،ففي أحدهما:«من أدرك ركعة

ص:312


1- نهاية الأحكام 1:317.
2- التذكرة 1:78،نهاية الأحكام 1:123،الذكرى:122.
3- الروضة 1:110.
4- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:97.
5- نهاية الأحكام 1:314.
6- الخلاف 1:272.
7- الذكرى:122،الوسائل 4:218 أبواب المواقيت ب 30 ح 4،و رواه أيضا في سنن ابن ماجه 1:1122/356،و سنن الدارقطني 1:1/346 و 2،و سنن الترمذي 1:523/19.

من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» (1).

و في الثاني:«من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة» (2).

و نحوه الصادقيّ:«فإن صلّى ركعة من الغداة ثمَّ طلعت الشمس فليتم الصلاة و قد جازت صلاته،و إن طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة و لا يصلي حتى تطلع الشمس و يذهب شعاعها» (3).

و كذلك في الظهر و المغرب على الأشهر الأظهر،بل نفي الخلاف عنه في الخلاف (4)؛لعموم النبوي المتقدم،و عموم المستفيضة في المقام كالصحيح:«إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصلّ الظهر و العصر،و إن طهرت من آخر الليل فلتصلّ المغرب و العشاء» (5).

و نحوه روايات أخر،و أوضح منها الخبر:«إذا طهرت الحائض قبل العصر صلّت الظهر و العصر،و إن طهرت في آخر وقت العصر صلّت العصر» (6).

و به يقيد الصحيح مع مضاهياته في الجملة،كتقييد المجموع بمفهوم النبوي المتقدم -كغيره-من أنّ من لم يدرك الركعة فلم يدرك الصلاة،فلا يشمل

ص:313


1- الذكرى:122،الوسائل 4:218 أبواب المواقيت ب 30 ح 5.
2- التهذيب 2:119/38،الاستبصار 1:999/275،الوسائل 4:217 أبواب المواقيت ب 30 ح 2.
3- التهذيب 2:1044/262،الوسائل 4:217 أبواب المواقيت ب 30 ح 3.
4- الخلاف 1:273.
5- التهذيب 1:1204/390،الاستبصار 1:490/143،الوسائل 2:364 أبواب الحيض ب 49 ح 10.
6- التهذيب 1:1202/390،الاستبصار 1:487/142،الوسائل 2:363 أبواب الحيض ب 49 ح 6.

إطلاقها وجوب الصلاة أداء أو قضاء بإدراك الطهارة و شيء من الصلاة و لو كان أقل من ركعة،فاحتمال المصنف العمل بإطلاقها مطلقا (1)ضعيف.كضعف ما عن النهاية من لزوم قضاء الفجر عليها بحصول الطهر لها قبل طلوع الشمس على كل حال (2).

فيجب-على المختار-قضاء الظهرين كالعشاءين بإدراك خمس ركعات بعد الطهارة أو الشروط قبل الغروب،و انتصاف الليل أو الفجر-على الاختلاف في آخر وقت العشاءين.و هو المحكي عن المبسوط في الظهرين في بحث الصلاة و ابن سعيد (3)و كافة المتأخرين.خلافا لموضع آخر من المبسوط و المهذّب فاستحبابهما حينئذ كالعشاءين (4).و هو ضعيف.كضعف ما عن الإصباح من استحباب فعل الظهرين بإدراك خمس قبل الغروب و العشاءين بإدراك أربع (5).

و ما عن الفقيه من وجوب الظهرين بإدراك ستّ ركعات (6)إن أريد به المثل فلا بأس به،و إن أريد به اشتراط الست في الوجوب-كما هو ظاهر العبارة- فهو كسابقه ضعيف.

ثمَّ في كون الصلاة المدركة منها ركعة لو أتى بها في الوقت أداء بجميعها،كما عن المبسوط و التحرير و المختلف و المنتهى و نهاية الأحكام (7)،

ص:314


1- المعتبر 1:240.
2- النهاية:27.
3- المبسوط 1:73،ابن سعيد في الجامع للشرائع:61.
4- المبسوط 1:45،المهذّب 1:36.
5- حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:97.
6- الفقيه 1:232.
7- المبسوط 1:72،التحرير 1:27،المختلف:75،المنتهى 1:209،نهاية الأحكام 1: 124.

و لعلّه المشهور،بل عن الخلاف نفي الخلاف عنه (1)؛لظاهر الإدراك في الأخبار المتقدمة.

أو قضاء كذلك،كما في المبسوط عن بعض الأصحاب (2)؛لعدم الوقوع في الوقت،بناء على أنّ أجزاء الوقت بإزاء أجزائها،فالآخر بإزاء الآخر،و أوقع فيه ما قبله،فلم يقع شيء منها في وقته.

أو المدركة أداء و الباقي قضاء؛لوقوع بعض في الوقت و بعضه خارجه، مع كون الظاهر و الأصل أن جملة الوقت بإزاء الجملة من دون توزيع .

أوجه،أوجهها الأوّل.

و لا ثمرة لهذا الاختلاف على القول بعدم لزوم نية الأداء و القضاء في العبادة،كما هو الأظهر.

و يجب عليها مع الإهمال بما وجب عليها أداؤه فعله قضاء إجماعا فتوى و نصوصا عموما و خصوصا.

ففي الموثق:عن المرأة ترى الطهر عند الظهر،فتشتغل في شأنها حتى يدخل وقت العصر،قال:«تصلّي العصر وحدها،فإن ضيّعت فعليها صلاتان» (3)و مثله في آخر (4).

و فيهما دلالة على اعتبار إدراك مقدار الطهارة في وجوب الصلاة.

و لم أقف على دليل على اعتبار سائر الشروط الملحقة بها فيه أيضا ،مع

ص:315


1- الخلاف 1:271.
2- المبسوط 1:72.
3- التهذيب 1:1200/389،الاستبصار 1:486/142،الوسائل 2:363 أبواب الحيض ب 49 ح 5.
4- الكافي 3:3/103،التهذيب 1:1208/391،الاستبصار 1:496/145،الوسائل 2: 362 أبواب الحيض ب 49 ح 4.

اقتضاء عمومات الأوامر بالصلاة أو إطلاقاتها العدم،فتكون بالنسبة إليها واجبة مطلقة لا مشروطة،فالإلحاق ضعيف.كضعف احتمال عدم اعتبار وقت الطهارة،كما عن العلاّمة في النهاية (1)،بناء على عدم اختصاصها بوقت و اشتراطها (2)في اللزوم بل الصحة؛لدلالة المعتبرة المتقدمة المعتضدة بالشهرة العظيمة على خلافه و لزوم اعتباره.

تغتسل كاغتسال الجنب

و تغتسل كاغتسال الجنب في كيفيته و واجباته و مندوباته؛لعموم المعتبرة كالموثق:«غسل الجنابة و الحيض واحد» (3).

و في آخر:أ عليها غسل مثل غسل الجنابة؟قال:«نعم»يعني الحائض (4).

و لكن عن النهاية:أنها تغتسل بتسعة أرطال من ماء،و إن زادت على ذلك كان أفضل (5).و في الجنابة:فإن استعمل أكثر من ذلك جاز (6).

و لعلّه رأى الإسباغ لها بالزائد،لشعرها و جلوسها في الحيض أياما،أو لا حظ مكاتبة الصفّار:كم حدّ[الماء]الذي يغسّل به الميت؟كما رووا أنّ الجنب يغتسل بستة أرطال و الحائض بتسعة أرطال (7).

أو الخبر:عن الحائض كم يكفيها من الماء؟قال:«فرق» (8)و هو-كما

ص:316


1- نهاية الأحكام 1:315.
2- عطف على الاختصاص.
3- الفقيه 1:173/44،التهذيب 1:463/162،الوسائل 2:315 أبواب الحيض ب 23 ح 1.
4- التهذيب 1:464/162،الاستبصار 1:318/98،الوسائل 2:316 أبواب الحيض ب 23 ح 6.
5- النهاية:28.
6- النهاية:22.
7- التهذيب 1:1377/431،الوسائل 2:536 أبواب غسل الميت ب 27 ح 2،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
8- التهذيب 1:1247/399،الاستبصار 1:509/148،الوسائل 2:312 أبواب الحيض ب 20 ح 3.

قاله أبو عبيدة بلا اختلاف بين الناس-:ثلاثة أصوع.

و لا بأس به؛للتسامح،و إن كان في أدلته نظر .

لكن لا بد معه من وضوء على الأشهر الأظهر،كما مرّ في بحث الجنابة.

ص:317

الثالث غسل الاستحاضة

الثالث غسل الاستحاضة و هي الدم الخارج من الرحم زائدا على العشرة مطلقا،أو العادة خاصة على الأشهر و أيّام الاستظهار أيضا على الأظهر مستمرا إلى تجاوز العشرة،فيكون تجاوزها كاشفا عن كون السابق عليها بعد العادة خاصة أو الاستظهار أيضا استحاضة.

أو بعد اليأس ببلوغ سنّة.

أو بعد النفاس كالموجود بعد العشرة أو فيها بعد أيام العادة مع تجاوز العشرة،بشرط عدم تخلل نقاء أقل الطهر فلو تخلّله و أمكن الحيض فهو حيض،أو عدم (1)مصادفة أيام العادة بعد العشرة أو العادة (2)إذا كانت لها عادة فإذا صادفها فهو حيض،أو عدم حصول (3)شرائط التميز فيه إن لم يكن لها عادة،فلو حصل التميز بشرائطه التي من جملتها مضي عشرة فهو حيض.

دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق

و دمها في الأغلب أصفر بارد رقيق كما عن المبسوط و الاقتصاد و المصباح و مختصره [المختصر] و التبيان و روض الجنان و الكافي و الوسيلة و المراسم و الغنية و المهذّب و الإصباح و الشرائع و المعتبر و جمل العلم و العمل (4).و ليس في الأربعة الأول ذكر الثالث.

ص:318


1- عطف على قوله:عدم تخلل.
2- عطف على العشرة.
3- عطف على:عدم مصادفة.
4- المبسوط 1:45،الاقتصاد:246،مصباح المتهجد:10،التبيان 2:220،روض الجنان:83،الكافي:128،الوسيلة:59،المراسم:44،الغنية(الجوامع الفقهية): 550،المهذّب 1:38،نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:98،الشرائع 1:31،المعتبر 1:241،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):26.

و اعتبار هذه الصفات فيها معلوم ممّا سبق في أوصاف الحيض.كمعلومية اعتبار الفتور منه؛لوصف الحيض في بعض المعتبرة ثمّة بالدفع المقابل له.

و لذا صرّح باعتباره المصنّف في الشرائع (1)،كالشيخ في النهاية و الاقتصاد و المبسوط (2)،و الصدوق في الفقيه عن الرسالة،و المقنع و الهداية (3)،و إن لم يصرّحا بهذه،بل بنفي الدفع كما في كتب الأول،و عدم الإحساس بالخروج كما في كتب الثاني الملازمين لها،و صرّح باعتباره في اللمعة و الروضة (4).

لكن ما تراه بعد عادتها و أيام الاستظهار مستمرا إلى تجاوز العشرة و بعد غاية النفاس بالشرائط المتقدمة و بعد سنّ اليأس و قبل البلوغ إلى كمال تسع سنين و مع الحمل على الأظهر عند المصنف فهو استحاضة و لو كان مسلوب الصفات كأن كان عبيطا كما أن المتصف بها في أيّام الحيض و ما في حكمها حيض،و لذا قيّد بالأغلب،و تعريفه بها في المعتبرة منزّل عليه بالبديهة،فلا يمكن جعلها خاصة مركبة.

و يجب على المرأة بعد رؤيته

إن لطخ باطن القطنة فهي قليلة و إن غمسها و لم يسل فهي متوسطة و إن سال فهي كثيرة

اعتباره،فإن لطخ الدم باطن القطنة و لم يثقبها فهي قليلة و يلزمها إبدالها أو تطهيرها إذا تلوّثت،وفاقا لأكثر الأصحاب،بل عليه الإجماع عن الناصرية و المنتهى (5)؛لذلك،مع عدم ثبوت العفو عن مثله مطلقا ،و تصريح بعض الأخبار به في الكثيرة أو المتوسطة، و يتم بالإجماع المركب كما حكي صريحا (6).

ص:319


1- الشرائع 1:31.
2- النهاية:23،الاقتصاد:246،المبسوط 1:45.
3- الفقيه 1:54،المقنع:16،الهداية:22.
4- الروضة البهية 1:111.
5- الناصرية(الجوامع الفقهية):224،المنتهى 1:120.
6- الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح(المخطوط).

ففي كالصحيح:«فإذا ظهر عن الكرسف فلتغتسل،ثمَّ تضع كرسفا آخر ثمَّ تصلي» (1).

و في الصحيح:«هذه مستحاضة تغتسل و تستدخل قطنة بعد قطنة و تجمع بين صلاتين بغسل»الحديث (2).

و مثلهما غيرهما و سيجيء قريبا.

و لا ينافي الإجماع المدّعى عدم ذكر الصدوقين-كالقاضي-له مطلقا، بناء على معلومية النسب.

و لا يجب تغيير الخرقة هنا وفاقا لجماعة (3)؛للأصل،و عدم الدليل عليه.

فوجوبه-كما عن الشيخين و المرتضى (4)،بل و الأكثر (5)-غير جيد و إن كان أحوط.

و الوضوء خاصة لكل صلاة أيضا على الأشهر الأظهر،بل عن الناصريات و الخلاف الإجماع عليه (6)؛للمعتبرة المستفيضة،ففي الصحيح:

«و إن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت و دخلت المسجد و صلّت كل صلاة بوضوء» (7).

ص:320


1- التهذيب 5:1390/400،الوسائل 2:375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8.
2- الكافي 3:6/90،التهذيب 1:486/170 بتفاوت يسير،الوسائل 2:372 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 3.
3- منهم العلامة في التذكرة 1:29،و نهاية الأحكام 1:126،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:99.
4- المفيد في المقنعة:56،الطوسي في النهاية:28،و المبسوط 1:67،و الاقتصاد:246، المرتضى في الناصريات(الجوامع الفقهية):188.
5- حكاه عنهم في كشف اللثام 1:99.
6- الناصريات(الجوامع الفقهية):188،الخلاف 1:249.
7- الكافي 3:2/88،التهذيب 1:484/170،الوسائل 2:371 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1.

و في آخر:«و إن كان الدم فيما بينها و بين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ و لتصلّ عند وقت كل صلاة» (1).

و في الموثق:«و تصلّي كل صلاة بوضوء ما لم يثقب الدم الكرسف» (2).

و في الرضوي:«فإن لم يثقب الدم الكرسف صلّت صلاتها،كلّ صلاة بوضوء»الحديث (3).

مضافا إلى استفاضة المعتبرة بإطلاق الأمر بالوضوء مع رؤية الصفرة، كالصحيح:«فإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ و لتصلّ» (4).

و الحسن:«فإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت و صلّت» (5)و هي كثيرة.

خلافا للعماني،فنفاه كالغسل،و لم يوجبهما (6).و لا دلالة في الصحيح المتضمن للأغسال الثلاثة (7)عليه؛لخروجه عن المقام.

نعم:في الخبر:«و إن هي لم تر طهرا اغتسلت و احتشت،فلا تزال تصلّي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف،فإذا ظهر أعادت الغسل و أعادت الكرسف» (8).

ص:321


1- الكافي 3:1/95،التهذيب 1:482/168،الاستبصار 1:482/140،الوسائل 2:374 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 7.
2- التهذيب 1:483/169،الوسائل 2:375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 9.
3- فقه الرضا(عليه السلام):193،المستدرك 2:43 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1 بتفاوت يسير.
4- الكافي 3:2/80،التهذيب 1:460/161،الوسائل 2:308 أبواب الحيض ب 17 ح 1.
5- الكافي 3:1/78،التهذيب 1:1230/396،الوسائل 2:278 أبواب الحيض ب 4 ح 1.
6- نقله عنه العلامة في المختلف:40.
7- الوسائل 2:372 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 4.
8- التهذيب 1:488/171،الاستبصار 1:512/149،الوسائل 2:375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 10.

و هو-مع ضعفه و عدم صراحته -لا يصلح لمعارضة ما تقدّم من وجوه .

و للإسكافي فأوجب الغسل في كل يوم و ليلة مرّة (1)؛للمضمر:

«المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين و للفجر غسلا،فإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة و الوضوء لكلّ صلاة» الحديث (2).

و هو-مع ضعفه بالإضمار-غير ظاهر الدلالة ،بل على الخلاف واضح المقالة،لإشعار عدم الجواز بحصول الثقب،مع تصريح ذيله بوجوب الوضوء خاصة مع الصفرة (3)،و ليس ذا إلاّ في القليلة،و هو يقوّي الإشعار المزبور.

و ببعض ما ذكر يظهر الجواب عن الخبر الآخر المشارك له في قصور السند بذلك ،و فيه:«إن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد» (4)مضافا إلى احتمال إرادة غسل الحيض من الغسل الواحد و إن كان بعيدا.

و هما مع ذلك قاصران عن معارضة الأصل،و ظواهر المستفيضة المتقدمة الواردة في مقام الحاجة،و خصوص سياق الرضوي،ففيه بعد المتقدم:«و إن ثقب و لم يسل صلّت صلاة الليل و الغداة بغسل واحد و سائر الصلوات بوضوء، و إن ثقب و سال صلّت صلاة الليل و الغداة بغسل،و الظهر و العصر بغسل،تؤخر الظهر قليلا و تعجّل العصر،و تصلّي المغرب و العشاء بغسل،تؤخر المغرب قليلا و تعجّل العشاء»إلى آخره،مضافا إلى الإجماع المحكي عن الناصرية

ص:322


1- نقله عنه العلامة في المختلف:40.
2- الكافي 3:4/89،التهذيب 1:485/170،الوسائل 2:374 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6.
3- في ذيله:«هذا إن كان دمها عبيطا،و إن كانت صفرة فعليها الوضوء».
4- الكافي 3:4/99،التهذيب 1:496/173 و فيه بسند آخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام، الوسائل 2:373 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5.

على عدم وجوب ما ذكر (1).

ثمَّ إنّ عموم المستفيضة يقتضي عدم الفرق في الصلاة بين الفريضة و النافلة.و هو الأظهر،وفاقا للفاضلين (2).خلافا للمبسوط و المهذّب،فخصّا الوجوب بالفريضة و اكتفيا في النوافل بوضوئها (3).و لا دليل عليه .

و إن غمسها الأولى التعبير بالثقب أو الظهور كما ورد في النصوص و لم يسل فهي متوسطة و لزمها مع ذلك من تغيير القطنة،كما في الصحيح و غيره المتقدمين،و عن فخر الإسلام في شرح الإرشاد [الشرح] إجماع المسلمين عليه (4).و الوضوء لكل صلاة،كما في الصحيح و الرضوي المتقدمين،مضافا إلى عموم وجوبه لكل غسل و يتم بالإجماع المركّب .و لا ينافيه عدم إيجاب الشيخ إياه للغداة في شيء من كتبه (5)،كالقاضي و الصدوقين في الرسالة و الهداية و الحلبيين و الناصرية (6)؛لاحتمال اكتفائهم بوجوب الغسل عنه بناء على وجوبه عندهم مع كل غسل،و اختيار السيّد خلافه يحتمل في غير الكتاب-فتأمّل -هذا مع تصريحه به في الجمل للغداة و غيرها (7).

هذا مضافا إلى شمول إطلاق المستفيضة المتقدمة في القليلة لها.

ص:323


1- الناصريات(الجوامع الفقهية):188.
2- المحقق في المعتبر 1:242،و الشرائع 1:28،و العلامة في نهاية الأحكام 1:127، و التحرير 1:16.
3- المبسوط 1:68،المهذّب 1:39.
4- نقله عنه في كشف اللثام 1:100.
5- كالمبسوط 1:67،الخلاف 1:249،النهاية:28.
6- القاضي في المهذّب 1:37،حكاه عن والد الصدوق في كشف اللثام 1:100،الصدوق في الهداية:21،أبو الصلاح في الكافي:129،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية): 550،الناصرية(الجوامع الفقهية):188.
7- جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):27.

تغيير الخرقة أيضا،وفاقا للأكثر؛للإجماع عليه كما عن المنتهى (1).

مضافا إلى شمول المثبت لتغيير القطنة في القليلة لتغييرها هنا؛لفحوى الخطاب.فتدبّر .و ليس في عدم ذكر السيّدين له و كذا القاضي في الناصرية و الجمل و شرحه و الغنية و المهذّب (2)منافاة للإجماع المحكي.فتأمّل .

و غسل للغداة بلا خلاف،كما صرّح به بعض الأصحاب (3)،بل عن الناصرية و الخلاف الإجماع عليه (4)؛للصحيح:«و لتغتسل»أي عن الحيض «و لتستدخل كرسفا،فإذا ظهر على الكرسف فلتغتسل ثمَّ تضع كرسفا آخر ثمَّ تصلي،فإن كان دما سائلا فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة،ثمَّ تصلّى الصلاتين بغسل واحد»الحديث (5).

و في الصحيح:«فإن جاز الدم الكرسف تعصبت و اغتسلت،ثمَّ صلّت الغداة بغسل،و الظهر و العصر بغسل،و المغرب و العشاء بغسل،و إن لم يجز الكرسف صلّت بغسل واحد» (6).

و لا عموم فيه للقليلة؛لإشعاره بالمتوسطة كما عرفت .

نعم:ليس فيه-كالسابق-تعيين محل الغسل؛و الكافل له هو الإجماع و الرضوي المتقدم الصريح فيه.و هو-كالصحيحين-كالصريح في عدم اعتبار الأغسال الثلاثة هنا و اختصاصها بالكثيرة كما يأتي.مضافا إلى الصحيح

ص:324


1- المنتهى 1:120.
2- الناصرية(الجوامع الفقهية):188،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):27، شرح الجمل:63،الغنية(الجوامع الفقهية):550،المهذّب 1:37.
3- الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:99.
4- الناصرية(الجوامع الفقهية):224،الخلاف 1:249.
5- التهذيب 5:1390/400،الوسائل 2:375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8.
6- الكافي 3:4/99،التهذيب 1:496/173،الوسائل 2:373 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5.

الآخر (1)الدالّ على الأقسام الثلاثة بأوضح دلالة و إن توهّم عدمها جماعة (2)و لطوله أعرضنا عن ذكره؛و الموثقين بل الصحيحين (3)المشترطين في اعتبارها انصباب الدم و سيلانه،و فقده كما في المتوسطة يستلزم عدمها بمقتضى الشرطية؛و قريب منهما الصحيح في النفساء المستحاضة:«فإذا تمّت ثلاثون يوما فرأت دما صبيبا اغتسلت و استثفرت و احتشت في وقت كلّ صلاة،فإذا رأت صفرة توضأت» (4)و خروج البعض عن الحجية غير ملازم لخروج الجميع عنها، و إن هو إلاّ كالعام المخصّص.

و أمّا اعتبارها في مطلق الاستحاضة كما في الصحيحين (5)،أو مع الثقب كما في الصحيح (6)،فمقيّد بما ذكر كتقيد الأوّلين بالقليلة .مضافا إلى إشعار ذيل الأخير الآمر بالتحشي-المفسّر بربط القطنة للتحفظ من الدم-و الاستثفار

ص:325


1- الكافي 3:1/95،التهذيب 1:482/168،الاستبصار 1:482/140،الوسائل 2:374 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 7.
2- منهم صاحب المدارك 2:33،صاحب الذخيرة:75،البهائي في الحبل المتين:53.
3- الأول: التهذيب 5:1390/400،الوسائل 2:375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8. الثاني: التهذيب 1:1259/402،الاستبصار 1:516/149،الوسائل 2:376 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 11.
4- التهذيب 1:1180/380،الاستبصار 1:454/132،الوسائل 2:286 أبواب الحيض ب 6 ح 3.
5- الأول:الكافي 3:6/90،التهذيب 1:486/170،الوسائل 2:286 أبواب الحيض ب 1 ح 3. الثاني:الكافي 3:5/90،التهذيب 1:487/171،الوسائل 2:372 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 4.
6- الكافي 3:2/88،التهذيب 1:277/106،الوسائل 2:371 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1.

و الاحتباء و ضمّ الفخذين في المسجد بالكثيرة.

هذا،مع ما في الإطلاق من الوهن؛لندرة المتوسطة،بناء على غلبة التجاوز مع الظهور على الكرسف؛بل و ندرة القليلة كما قيل (1).و لذا لم يتعرض لهما في كثير من المعتبرة،فتأمل.

و لذا ذهب الأكثر إلى اختصاص الأغسال بالكثيرة،و الواحد بالمتوسطة.

خلافا لجماعة (2)؛لإطلاق النصوص المتقدمة.

ثمَّ إنّ وجوب الغسل للصبح مشروط بالثقب قبله؛و مع عدمه له حكمه (3).

(نعم:معه بعده يجب الغسل للظهرين أو العشاءين أيضا إذا استمر إليهما أو حدث قبلهما،كالصبح من اليوم الآخر إذا استمرّ إليه أو حدث قبله؛لكونه حدثا بالنظر إلى جميع الصلوات اليومية و يرتفع بالغسل الواحد،غاية الأمر لزومه وقت الصبح،و ذلك لا يدل على اختصاص حدثيته بالنظر إليه خاصة.

و يؤيد كونه حدثا بالنسبة إلى الجميع الأمر بالجمع بينه و بين صلاة الليل بالغسل في الرضوي (4)،فلو لا عموم حدثيته لاجيز فيه الاكتفاء في صلاة الليل بالوضوء،فتدبر.

و يومئ إليه إطلاق الأمر بالغسل هنا فيما تقدّم في مقابل الأمر بالأغسال مع التجاوز،فكما أنّ موجبها حدث بالنظر إلى الصلوات مع الاستمرار كذلك موجبه حدث بالنسبة إليها،و الفارق بينهما حينئذ الاكتفاء بالغسل الواحد في

ص:326


1- شرح المفاتيح للبهبهاني(المخطوط).
2- منهم:المحقق في المعتبر 1:245،و العلامة في المنتهى 1:120،و الأردبيلي في مجمع الفائدة 1:55،و الشيخ حسن في المنتقى 1:227،و صاحب المدارك 2:33،و صاحب الذخيرة:75،و الشيخ البهائي في الحبل المتين:53.
3- من هنا إلى قوله:وقت صلاة الصبح،غير موجودة في«ش».
4- المتقدم في ص:322.

جميعها في الثاني مع الاستمرار،بل و عدمه،و لزوم الثلاثة في الأوّل معه، نعم:لا فرق بينهما حينئذ مع رؤية الدم مطلقا في وقت الصلاتين ظهرين أو عشاءين،كما أنه لا فرق بينهما مع رؤيته كذلك في وقت صلاة الصبح) (1).

و إن سال لزمها مع ذلك غسل للظهر و العصر تجمع بينهما،و غسل للمغرب و العشاء تجمع بينهما،و كذا تجمع بين صلاة الليل و الصبح بغسل واحد إن كانت متنفلة و إلاّ فللصبح خاصة.

بلا خلاف فيما عدا الوضوء،بل و الإجماع عن الخلاف و التذكرة و المنتهى و المعتبر و الذكرى (2)في الأغسال؛للصحاح المستفيضة التي مرّ أكثرها،و هي فيها-كبعضها في تغيير القطنة-ظاهرة.و تغيير الخرقة مستفاد منه بفحوى الخطاب مع بعض ما مرّ سابقا.

و في الوضوء خلاف.و ظاهر المتن كالشرائع و المحكي عن ظاهر جماعة (3):لزومه هنا كالسابقتين؛لعموم الآية إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [1] إلى آخر الآية (4)،و ثبوت نقض قليل هذا الدم فكثيرة أولى،مع أصالة عدم إغناء الغسل عنه،و عموم:كلّ غسل قبله وضوء (5).

و في الجميع نظر؛لعدم العموم في الآية،و غايتها الإطلاق المنصرف إلى غير محل البحث أعني الأحداث الصغريات الأخر كالنوم مثلا،مع ورود

ص:327


1- من قوله:نعم معه بعده،إلى هنا غير موجودة في«ش».
2- الخلاف 1:249،التذكرة 1:29،المنتهى 1:120،المعتبر 1:245،الذكرى:30.
3- الشرائع 1:34؛و انظر السرائر 1:153،الجامع للشرائع:44،جامع المقاصد 1:342، الروضة 1:113.
4- المائدة:6.
5- الكافي 3:13/45،الوسائل 1:248 أبواب الجنابة ب 35 ح 1،عوالي اللئالي 3: 76/29.

المعتبرة بتفسير القيام فيها بالقيام منه (1)،و ذكر ذلك عن المفسّرين (2).و على تقدير العموم بالنظر إلى الأحداث لا عموم فيها بالنظر إلى الأشخاص،و غايتها إفادة الحكم للرجال،و إلحاق النسوة بهم بالإجماع،و هو مفقود في المقام.

و الأولوية ممنوعة مع وجوب الأغسال.و أصالة عدم الإغناء إنما هي على تقدير الدليل على اللزوم،و ليس إلاّ الأولوية الممنوعة،فلا أصالة.

و الثالث أخصّ من المدّعى.

و لعلّه لذا لم يتعرّض الصدوقان و لا الشيخ في شيء من كتبه و لا المرتضى في الناصرية و لا الحلبيّان و لا ابن حمزة و لا سلاّر للوضوء هنا.و لا دليل عليه سوى ظاهر خلو النصوص عنه،مع الأصل.

و هو قويّ لو لا صراحة الأدلّة بأنّ كلّ غسل قبله وضوء.و لذا اختار المفيد و المرتضى في الجمل و المصنف في المعتبر القول بلزومه في كل صلاتين،لا كلّ صلاة (3)،و حكي عن أحمد بن طاوس (4).

ثمَّ إنّه إنما يجب الغسل هنا و في المتوسط مع وجود الدم الموجب له قبل فعل الصلاة و إن كان في غير وقتها ،إذا لم تكن قد اغتسلت له بعده،كما يدلّ عليه خبر الصحّاف (5).و ربما قيل باعتبار وقت الصلوات (6)،و لا شاهد له منه -كما توهّم-و لا من غيره.

ص:328


1- انظر الوسائل 1:253 أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 7.
2- انظر التبيان 3:448،و الدر المنثور 2:262.
3- المفيد في المقنعة:57،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):27،المعتبر 1: 247.
4- حكاه عنه في الذكرى:30.
5- الكافي 3:1/95،التهذيب 1:1197/388،الاستبصار 1:482/140،الوسائل 2: 374 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 7.
6- قال به الشهيد في الذكرى:30،و الدروس 1:100.

و تجب الثلاثة مع استمرار الكثرة من الفجر إلى الليل أو حدوثها قبل فعل كلّ من الصلوات و لو لحظة.و مع عدم استمرارها أو حدوثها كذلك فاثنان إن استمر و حدث إلى الظهر،أو واحد إن لم يستمر و لم يحدث كذلك.

و في وجوب معاقبة الصلاة للغسل مطلقا (1)كالوضوء كذلك (2)وجهان،بل قولان.الأحوط بل لعلّه الأظهر من الأخبار (3)ذلك.

و ظاهر المتن-كصريح المفيد و غيره (4)-وجوب الجمع بين الصلاتين من دون تفريق و تعدد الغسل لكل صلاة.و هو الأوفق بظواهر الأخبار.فالأحوط عدم تركه؛لضعف القول بالتفريق لضعف دليله.

و إذا فعلت المستحاضة مطلقا ذلك أي جميع الأعمال التي تجب عليها بحسب حالها لاستباحة الصلاة صارت طاهرة يباح لها كلّ مشروط بها كالصلاة،و الصوم،لتوقفه على الغسل على الأشهر الأظهر.و مسّ كتابة القرآن،بناء على منعها عنه لكونها محدثة،و كلّية الكبرى قد مرّ دليلها (5).و اللبث في المساجد كالجواز في المسجدين إن حرّمناهما عليها.

و إلاّ-كما هو الأصح،للأصل و عدم صارف عنه معتدّ به-فلا يتوقفان على الأفعال من الوضوء أو الأغسال.

نعم:يكره لها دخول الكعبة مطلقا حتى مع الأفعال؛للمرسل:

«المستحاضة تطوف بالبيت و تصلّي و لا تدخل الكعبة» (6).

ص:329


1- أي في المتوسطة و الكثيرة.
2- أي مطلقا.
3- الوسائل 2:372-374 أبواب الاستحاضة ب 1 الأحاديث 3،4،5،6.
4- المفيد في المقنعة:57؛و انظر جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):27.
5- راجع ص 222.
6- الكافي 4:2/449،التهذيب 5:1389/399،الوسائل 13:462 أبواب الطواف ب 91 ح 2.

و ليس يحرم؛للأصل،و ضعف الخبر،وفاقا للحلّي و ابن سعيد و التحرير و المنتهى و التذكرة (1).فما عن الشيخ و ابن حمزة من التحريم (2)،ضعيف.

و لا ريب في جواز جماعها بعد الأفعال،و قد ادعي عليه الإجماع صريحا (3)،و الأخبار الآتية ناصّة عليه.فما يخالفه من ظاهر بعض الأخبار في الكثيرة (4)،شاذّ و لا يلتفت إليه.

لكن في توقفه عليها مطلقا،كثيرة كانت الاستحاضة أو غيرها،أغسالا كانت الأفعال أم غيرها،كما عن المقنعة و الاقتصاد و الجمل و العقود و الكافي و الإصباح و الإسكافي و المصباح و الحلّي (5)؛لصحيح أو الصحيح:«و كل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها» (6)و كالصحيح أيضا:«فإذا حلّت لها الصلاة حلّ لزوجها أن يغشاها» (7).

أو على الغسل خاصة،كما عن الصدوقين في الرسالة و الهداية (8)؛

ص:330


1- الحلي في السرائر 1:153،ابن سعيد في الجامع للشرائع:44،التحرير 1:125، المنتهى 1:858،التذكرة 1:399.
2- الشيخ في المبسوط 1:331 و 332،و النهاية:277،ابن حمزة في الوسيلة:193.
3- كما في المنتهى 1:121.
4- لعلّه أراد به ما روي في قرب الإسناد في المستحاضة الكثيرة:«..قلت:يواقعها زوجها؟ قال:إذا طال بها ذلك فلتغتسل و لتتوضأ،ثمَّ يواقعها إن أراد»فبمفهومه يدل على عدم جواز المواقعة في صورة عدم طول الاستحاضة.قرب الإسناد:447/127،الوسائل 2:377 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 15.
5- المقنعة:57،الاقتصاد:246،الجمل و العقود(الرسائل العشر):164،الكافي:129، نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:101،نقله عن الإسكافي و المصباح في المعتبر 1:248، الحلي في السرائر 1:153.
6- التهذيب 5:1390/400،الوسائل 2:375 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8.
7- التهذيب 1:1253/401،الوسائل 2:376 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 12.
8- الفقيه 1:50،الهداية:22.

لمضمرة سماعة الموثقة:«و إن أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل» (1).

أو مع تجديد الوضوء،كما عن المبسوط (2)؛للخبر:«فلتغتسل و لتتوضأ، ثمَّ يواقعها إن أراد» (3).

أو الاحتشاء بدل الوضوء،كما عن سلاّر (4)؛لما في باب المحرّمات من الكافي أن منها وطء المستحاضة حتى تستنجي (5)،فتأمّل.

أو عدم توقفه على شيء من ذلك،كما عن المهذّب و الدروس و البيان و المعتبر و التحرير و التذكرة (6)،و اختاره من المتأخرين جماعة (7)لكن مع الكراهة؛للأصل،و الآية،و العمومات،و ضعف خبر عبد الرحمن بأبان .

أقوال،أقواها الأوّل؛للنصوص المستفيضة المعتضدة بالشهرة العظيمة، فيخصص بها أدلة الجواز على الإطلاق كالأصل و الآية (8)و العمومات و ظواهر إطلاق الصحاح،كالصحيح:«و لا بأس أن يأتيها بعلها متى شاء إلاّ في أيام حيضها» (9).

ص:331


1- الكافي 3:4/89،التهذيب 1:485/170،الوسائل 2:374 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6.
2- المبسوط 1:67.
3- قرب الإسناد:447/128،الوسائل 2:377 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 15.
4- المراسم:45.
5- الكافي في الفقه:284.
6- المهذّب 1:38،الدروس 1:99،البيان:66،المعتبر 1:248،التحرير 1:16،التذكرة 1:30.
7- منهم المحقق في المعتبر 1:249،صاحب المدارك 2:37،السبزواري في الذخيرة: 76.
8- البقرة:222.
9- الكافي 3:5/90،التهذيب 1:487/171،الوسائل 2:372 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 4،في الوسائل و الكافي بتفاوت يسير.

فمن المستفيضة-مضافا إلى المتقدم-الأخبار المتقدمة مستندا للقول الثاني و الثالث،و الرضوي:«و متى ما اغتسلت على ما وصفت حلّ لزوجها وطؤها»و فيه أيضا:«و الوقت الذي يجوز فيه نكاح المستحاضة وقت الغسل و بعد أن تغتسل و تنظف،لأنّ غسلها يقوم مقام الغسل للحائض» (1).

و الصحيح:«هذه مستحاضة تغتسل و تستدخل قطنة بعد قطنة،و تجمع بين الصلاتين بغسل،و يأتيها زوجها إن أراد» (2).

و مثله الصحيح المروي في المعتبر عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب و فيه-بعد الأمر بالأغسال و الجمع بين الصلاتين-:«و يصيب منها زوجها إذا أحبّ،و حلّت لها الصلاة» (3).

و هذه الأخبار و إن اختصت بالكثيرة،إلاّ أنه لا منافاة بينها و بين ما دلّ على الإطلاق كالخبرين المتقدمين (4)ليحملا عليها.إلاّ أن يقال لا عموم فيهما؛لورودهما في الكثيرة خاصة،و لا عموم في الجواب فيهما بناء على اشتماله على الضمير الراجع إليها،فيحتمل قويا اختصاص الحكم المزبور بها.مضافا إلى إشعار الأخبار الأخيرة بها،سيّما الرضوي لا سيّما عبارته الأوّلة الواردة بعد ذكر الأقسام الثلاثة للمستحاضة و أحكامها،فلو توقف على الوضوء في القليلة لكان الأنسب تغيير تلك العبارة بقوله:و متى أتت بالأفعال على ما وصفت،ليشمل الصور الثلاث،فعدم التغيير

ص:332


1- فقه الرضا(عليه السلام):191،193 بتفاوت يسير،المستدرك 2:45 أبواب الاستحاضة ب 3 ح 1.
2- الكافي 3:6/90،التهذيب 1:486/170،الوسائل 2:372 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1.
3- المعتبر 1:215،الوسائل 2:377 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 14.
4- في ص:330.

أمارة الاختصاص.

و لا ريب أنّ العمل على الأول أولى و أحوط،و أحوط منه غسل آخر مع وضوء مجدّد و غسل الفرج لخصوص الوطء،كما يستفاد من بعض المعتبرة (1)، و ربما احتمل في عبارات بعض الأجلة (2).

لا تجمع بين صلاتين بوضوء

و لا تجمع بين صلاتين بوضوء مطلقا إلاّ في الكثيرة على الأقوى؛لما مرّ من الأخبار في الأمرين.

و يجب عليها الاستظهار و الاحتياط في منع الدم من التعدي بقدر الإمكان بعد غسل الفرج و تغيير القطنة،كما هنا و في الشرائع (3)،و عن المعتبر و المنتهى و التلخيص و التذكرة و التحرير و نهاية الأحكام و البيان (4)،و ظاهر الفقيه و المقنع (5)،و معطي المبسوط و الخلاف (6)؛للمعتبرة المتقدمة.و مقتضاها كون محلّه قبل الوضوء في القليلة،و بعد الغسل في المتوسطة و الكثيرة.

و علّل الوجوب بدفع النجاسة و تقليلها؛لعدم العفو عنها و حدثيتها.

و مقتضاه الشرطية،حتى لو خرج الدم بعد الوضوء مثلا للتقصير في الشدّ بطل، أو في الصلاة بطلت.

و كذا يلزم من به داء السلس و البطن فيستظهر بقدر الإمكان؛ لعين التعليل المتقدم،مضافا إلى الخبر في الأوّل (7).

ص:333


1- الوسائل 2:377 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 15.
2- انظر كشف اللثام 1:101.
3- الشرائع 1:34.
4- المعتبر 1:250،المنتهى 1:122،حكاه عن التلخيص في كشف اللثام 1:101،التذكرة 1:29،التحرير 1:16،نهاية الأحكام 1:126،البيان:66.
5- الفقيه 1:54،المقنع:16.
6- المبسوط 1:68،الخلاف 1:233.
7- الفقيه 1:146/38،التهذيب 1:1021/348،الوسائل 1:297 أبواب نواقض الوضوء ب 19 ح 1.
الرابع غسل النفاس

الرابع غسل النفاس بكسر النون،و هو-كما قيل-لغة:ولادة المرأة (1)، لاستلزامه خروج الدم غالبا،من النفس يعني الدم،و لذا سمّي اصطلاحا دم الولادة.

لا يكون نفاسا إلاّ مع الدم و لو ولدت تامّا

و لذا لا يكون الولادة نفاسا إلاّ مع رؤية الدم إجماعا منّا؛ تمسّكا بالأصل،و اقتصارا في الخروج عنه على المتبادر المتيقن من الأخبار، فليس غيره-كما نحن فيه-نفاسا و لو ولدت الولد تامّا و عن الشافعي قولان (2)،و عن أحمد روايتان (3).

ثمَّ إنه لا يكون الدم الخارج حال الطلق نفاسا مع رؤيته قبل خروج شيء من الولد،إجماعا و نصوصا.

ففي الموثق:في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين،فترى الصفرة أو دما،قال:«تصلّي ما لم تلد»الحديث (4).و نحوه غيره (5).مضافا إلى الأصل.

و لا ريب في كونه حينئذ استحاضة مع عدم إمكان حيضيته برؤيته أقل من ثلاثة إجماعا و نصوصا،و كذا معه بشرط عدم تخلل أقلّ الطهر بينه و بين النفاس على الأشهر الأظهر،بل نفي عنه الخلاف في الخلاف (6).و هو الحجّة فيه،

ص:334


1- كما في القاموس 2:265،و النهاية لابن الأثير 5:95.
2- انظر المغني-لابن قدامة-1:242،المجموع للنووي 2:150.
3- انظر المغني-لابن قدامة-1:242،المجموع للنووي 2:150.
4- الكافي 3:3/100،التهذيب 1:1261/403،الوسائل 2:391 أبواب النفاس ب 4 ح 1.
5- الفقيه 1:211/56،الوسائل 2:392 أبواب النفاس ب 4 ح 3.
6- الخلاف 1:249.

مضافا إلى الموثق المزبور و نحوه،و خبر الخلقاني الآتي،و المعتبرة الدالة على عدم نقص أقل الطهر عن العشرة مطلقا.و تخصيصها بما بين الحيضتين لا دليل عليه.

فاحتمال الحيضية حينئذ-كما عن النهاية و المنتهى و ظاهر التذكرة (1)- غير وجيه.

كلّ ذلك على المختار من اجتماع الحيض مع الحبل،و إلاّ فلا يكون هذا الدم حيضا كما لا يكون نفاسا حتى ترى بعد الولادة أو معها فيكون نفاسا في الأول إجماعا،كما عن المنتهى و الذكرى و نهاية الأحكام (2).و في الثاني على قول قوي محكي عن القواعد و المبسوط و الخلاف (3)صريحا،و عن النهاية و الاقتصاد و المصباح و مختصره و المراسم و السرائر و المهذّب و الشرائع (4)ظاهرا.و لعلّه المشهور،بل عليه الإجماع عن الخلاف.و هو الحجة فيه، كالخبر المعتضد به و بالشهرة،المروي في أمالي الشيخ-رحمه اللّه-عن رزيق الخلقاني،عن الصادق عليه السلام:عن امرأة حامل رأت الدم،فقال:«تدع الصلاة»قال:فإنها رأت الدم و قد أصابها الطلق فرأته و هي تمخض،قال:

«تصلّي حتى يخرج رأس الصبي،فإذا خرج رأسه لم تجب عليها الصلاة» الخبر (5).و نحوه آخر على الظاهر (6).

ص:335


1- نهاية الأحكام 1:131،المنتهى 1:123،التذكرة 1:36.
2- المنتهى 1:123،الذكرى:33،نهاية الأحكام 1:131.
3- قواعد الأحكام 1:16،المبسوط 1:68،الخلاف 1:246.
4- النهاية:29،الاقتصاد:247،مصباح المتهجد:11،المراسم:44،السرائر 1:154، المهذّب 1:39،الشرائع 1:35.
5- أمالي الطوسي:708،الوسائل 2:334 أبواب الحيض ب 30 ح 17.
6- التهذيب 1:1196/387،الاستبصار 1:481/140،الوسائل 2:333 أبواب الحيض ب 30 ح 12.

خلافا للمحكي عن جمل العلم و العمل و الجمل و العقود و الكافي و الغنية و الوسيلة و الإصباح و الجامع (1)،من اختصاصه بالأوّل؛للأصل،و الموثق المتقدم ذكره كغيره المعلّق ترك الصلاة فيهما على الولادة المتبادر منها خروج الولد بتمامه.و يحتملان-كالكتب-ما تقدّم.و كيف كان:يتعين حملهما عليه؛لترجيح النص على الظاهر،و التكافؤ حاصل بما مرّ،فيخصّص به الأصل.

و مظهر الثمرة عدم بطلان الصوم كعدم وجوب الغسل بالدم الخارج مع الجزء،المفقود (2)بعد التمام،على الثاني،و عدمهما على الأوّل.

ثمَّ إنّ ظاهر الأخبار كمقتضى الأصل حصر النفاس في الدم الخارج مع الولد التام أو الناقص،لا مثل المضغة و العلقة و النطفة .فإلحاق الأوّل به-كما عن المعتبر و التحرير و المنتهى و النهاية و في الروضة (3)مطلقا،أو مع العلم بكونه مبدأ نشء آدمي كما عن الذكرى (4)،أو الاكتفاء بشهادة القوابل أنها لحم ولد كما عن التذكرة مع دعواه الإجماع على تحقق النفاس حينئذ (5)-غير واضح،إلاّ الإجماع المزبور المعتضد بالشهرة.و هو الحجّة فيه،لا صدق الولادة،لعدم كفايته في الإطلاق مع عدم تبادر مثله منه.

و مثله في ضعف الإلحاق من غير جهة الإجماع إلحاق الأخيرين به،

ص:336


1- حكاه عن جمل العلم و العمل في كشف اللثام 1:103،الجمل و العقود(الرسائل العشر): 165،الكافي في الفقه:129،الغنية(الجوامع الفقهية):550،الوسيلة:61،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:103،الجامع للشرائع:44.
2- صفة للدم.
3- المعتبر 1:252،التحرير 1:16،المنتهى 1:123،نهاية الأحكام 1:130،الروضة 1:114.
4- الذكرى:33.
5- التذكرة 1:35.

و حيث لا إجماع محكيا هنا وجب القطع بعدمه مطلقا كما عن المعتبر و المنتهى (1)،أو مع عدم العلم بكونه مبدأ نشء آدمي كما عن التذكرة و نهاية الأحكام و الذكرى و الدروس و البيان (2).و لا وجه للثاني فتعيّن الأوّل.

و ذات التوأمين الوالدة لهما على التعاقب مع رؤية الدم معهما تبتدئ النفاس من الأول و تستوفي عدده من الثاني في المشهور،بل عليه الإجماع عن المنتهى و التذكرة (3)؛لصدق دم الولادة على كلّ منهما،و ثبوت أنّ أكثر النفاس عشرة أو ثمانية عشر،فحكم كلّ منهما ذلك .و لا دليل على امتناع تعاقب النفاسين و تداخل متمم العدد الأول مع قدره من الثاني.

و منه يظهر حكم ولادة القطعتين أو القطع،على المختار من ثبوت النفاس مع الولادة ،و على احتمال عن الذكرى و الدروس (4)،فتأمّل .

لا حدّ لأقلّه و في أكثره روايات أشهرها أنه لا يزيد عن أكثر الحيض

و لا حدّ لأقلّه بالنص و الإجماع،مضافا إلى الأصل،فيجوز أن يكون لحظة.

ففي الخبر:عن النفساء كم حدّ نفاسها حتى تجب عليها الصلاة و كيف تصنع؟قال:«ليس لها حدّ» (5)و المراد في جانب القلّة؛للإجماع و النصوص في ثبوت التحديد في طرف الكثرة.

و قريب منه الصحيح:«تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط» (6).

و في تحديد أكثره روايات مختلفة لأجلها اختلفت الفتاوى في

ص:337


1- المعتبر 1:252،المنتهى 1:123.
2- التذكرة 1:35،نهاية الأحكام 1:130،الذكرى:33،الدروس:1:100،البيان:67.
3- المنتهى 1:123،التذكرة 1:36.
4- الذكرى:33،الدروس:1:100.
5- التهذيب 1:497/174،الوسائل 2:387 أبواب النفاس ب 3 ح 16.
6- التهذيب 1:516/180،الاستبصار 1:533/154،الوسائل 2:382 أبواب النفاس ب 2 ح 1.

المسألة أشهرها و أظهرها أنه لا يزيد عن أكثر الحيض مطلقا و هو العشرة، و الصحاح منه بذلك مستفيضة كالموثقات.

ففي الصحيحين:«النفساء تكفّ عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها،ثمَّ تغتسل و تعمل كما تعمل المستحاضة» (1).

و في الصحيح:«تقعد بقدر حيضها،و تستظهر بيومين،فإن انقطع الدم و إلاّ اغتسلت و احتشت و استثفرت»الحديث (2).و نحوه الموثّق (3).

و في آخر:«تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في الحيض،و تستظهر بيومين» (4).

و هي-كما ترى-كغيرها مختصة بذات العادة و أنها ترجع إليها و لو قصرت عن العشرة.

و ليس في عبارة المصنف بمجردها-كالأكثر-منافاة لذلك كما توهّم (5)؛ إذ ليس فيها غير أن أكثره ذلك،و ذلك لا ينافي وجود الأقل.و يومئ إليه استدلال من صرّح بها بالأخبار المزبورة التي لا يستفاد منها سوى الرجوع إلى العادة المحتملة لأقلّ من العشرة.و مثله نسبة المصنف مفاد العبارة إلى الأشهر ،و ليس

ص:338


1- التهذيب 1:495/173،الوسائل 2:382 أبواب النفاس ب 3 ح 1. و الصحيح الثاني: الكافي 3:1/97،التهذيب 1:499/175،الاستبصار 1:519/150،الوسائل 2: 382 أبواب النفاس ب 3 ح 1.
2- الكافي 3:4/99،التهذيب 1:496/173،الوسائل 2:383 أبواب النفاس ب 3 ح 2.
3- الكافي 3:5/99،التهذيب 1:500/175،الاستبصار 1:520/150،الوسائل 2: 385 أبواب النفاس ب 3 ح 8.
4- الكافي 3:6/99،التهذيب 1:501/175،الاستبصار 1:521/151،الوسائل 2: 384 أبواب النفاس ب 3 ح 5.
5- راجع الذكرى:33.

سوى ما ذكرنا من الأخبار ممّا يومئ إليه عين و لا أثر.

نعم:في الرضوي:«النفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضها و هي عشرة أيام،و تستظهر بثلاثة أيام ثمَّ تغتسل» (1).

و إرادة المصنف إياه منه بعيد ،مع احتمال جريان الاحتمال المتقدم فيه.

و منه يستفاد الحكم في المبتدأة و المضطربة من رجوعهما إلى العشرة، مضافا إلى الإجماع المركّب .

لعدم إمكان المصير إلى القول بالعشرة مطلقا و لو وجد القائل به،لعدم الدليل عليه سوى الرضوي المتقدم على تقدير وضوح دلالته عليه،و لا ريب في عدم مقاومته لشيء ممّا تقدم،مع أنه غير مناف لرجوعهما إلى العشرة.و منافاته لذات العادة مندفعة بالأخبار المتقدمة.

و لا إلى القول بالثمانية عشر كذلك،كما عن المفيد و المرتضى و ابن بابويه و الإسكافي و سلاّر (2)؛لقصور أدلته إمّا بحسب السند،كالمرويين في العلل و العيون (3).

أو الدلالة،كالمروي في الأخير و الصحاح الدالة على تنفس أسماء بثمانية عشر (4)،إذ ليس فعلها حجة،إلاّ مع ثبوت تقرير النبي صلّى اللّه عليه و آله لها عليه و لم يثبت.

بل المستفاد من بعض الأخبار خلافه،و أنّ قعودها للجهل،و أنها لو سألته صلّى اللّه عليه و آله لأمرها بالاغتسال قبل ذلك،ففي المرفوع:«إنّ

ص:339


1- فقه الرضا(عليه السلام):191،المستدرك 2:47 أبواب النفاس ب 1 ح 1.
2- المفيد في المقنعة:57،المرتضى في الانتصار:35،ابن بابويه في المقنع:16،نقله عن الإسكافي في المختلف:41،سلاّر في المراسم:44.
3- علل الشرائع:1/291،العيون 2:1/120،الوسائل 2:390 أبواب النفاس ب 3 ح 23 و 24.
4- الوسائل 2:384 أبواب النفاس ب 3 ح 6 و 15 و 19 و 21.

أسماء سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد أتى لها ثمانية عشر يوما،و لو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل و تفعل ما تفعل المستحاضة» (1).

و نحوه الخبر المروي في المنتقى (2)مع التصريح في ذيله بما مرّ في الأخبار المتقدمة.

أو الشذوذ،كالصحيح الدالّ على الأمر بالقعود ثماني عشرة سبع عشرة (3)،إذ ظاهره التخيير و لا قائل به.مع احتماله-كمضاهيه-الحمل على التقية،مضافا إلى عدم مكافاتها لما تقدّم من الأدلة.

و لا إلى القول بالرجوع إلى العادة لمعتادتها و إلى الثمانية عشر لفاقدتها كما في المختلف (4)؛لعدم الدليل عليه سوى الجمع بين الأخبار الآمرة بالرجوع إلى العادة و الأخبار الآمرة بالرجوع إلى الثمانية عشر،حملا للأخيرة على فاقدة العادة.

و هو مع عدم الشاهد عليه ضعيف؛لاستلزامه حملها على الفرض النادر.مع بعد جريانه في حكاية أسماء؛لأنّها تزوجت بأبي بكر بعد موت جعفر بن أبي طالب عليه السلام،و كانت قد ولدت منه عدّة أولاد،و يبعد كلّ البعد عدم استقرار عادة لها في تلك المدّة.هذا مضافا إلى ما عرفت ممّا فيها من الأجوبة.

فإذا لم يمكن المصير إلى شيء من الأقوال المزبورة تعيّن ما قلناه،لعدم

ص:340


1- الكافي 3:3/98،التهذيب 1:512/178،الاستبصار 1:532/153،الوسائل 2: 384 أبواب النفاس ب 3 ح 7.
2- المنتقى 1:235،الوسائل 2:386 أبواب النفاس ب 3 ح 11.
3- التهذيب 1:508/177،الاستبصار 1:528/152،الوسائل 2:386 أبواب النفاس ب 3 ح 12.
4- المختلف:41.

إمكان غيرهما؛للإجماع منّا قطعا على عدم الصبر إلى الثلاثين فما زاد كالأربعين و الخمسين و إن دلّ على جوازه بعض الصحاح (1)؛لشذوذه،و موافقته العامة (2)و صرّح بها في الفقيه (3)؛و محكيّا عن الانتصار و المبسوط (4)فيما زاد على الثمانية عشر و لو يوما.

و تجب عليها أن تعتبر حالها و تستبرئ عند انقطاعه قبل العشرة بوضع قطنة في الفرج فإن خرجت القطنة نقية اغتسلت للنفاس و إلاّ توقّعت النقاء أو انقضاء العشرة،و لو رأت دما بعدها فهو استحاضة.

إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في ذلك بين المبتدأة و ذات العادة.

و هو كذلك في الأوّل على المختار من أنّ أقصى مدّتها العشرة.و مشكل في الثاني؛للمستفيضة المتقدمة الدالّة على لزوم الرجوع إلى العادة مطلقا و لو تجاوز العشرة و لم ينقطع على العادة.و لذا ألزمت المعتادة في المشهور-كما عن العلاّمة في كتبه و الشهيد في الدروس و البيان و الجعفي و ابن طاوس (5)- بالرجوع إليها.

و لم يقم للإطلاق دليل واضح،عدا ما قيل:من أنّ العشرة أكثر الحيض،فهو أكثر النفاس لأنّه حيضة (6)،و الموثق:«تنتظر عدّتها التي كانت

ص:341


1- التهذيب 1:509/177،الاستبصار 1:529/152،الوسائل 2:387 أبواب النفاس ب 3 ح 13.
2- انظر المغني لابن قدامة 1:392.
3- الفقيه 1:56.
4- الانتصار:35،المبسوط 1:69.
5- العلامة في المختلف:41،و المنتهى 1:125،و نهاية الأحكام 1:132،الدروس 1:100،البيان:67،نقله عن الجعفي و ابن طاوس في الذكرى:33.
6- قال به العلامة في المنتهى 1:124،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:104.

تجلس،ثمَّ تستظهر بعشرة» (1).

و هو كما ترى؛لاقتضاء حيضية النفاس كونه مثله في عدم تنفس ذات العادة بالعشرة مع التجاوز عنها،بل أيامها خاصة على الأشهر،أو مع أيام الاستظهار التي أقصاها يومان أو ثلاثة-كما في النصوص المستفيضة-على الأظهر عند المصنف و الأحقر،كما في بحث الحيض قد مرّ.

و الموثق معارض بالمستفيضة في أنّ أيام الاستظهار يوم أو يومان أو ثلاثة، و قد اختارها-دون العشرة-ثمّة.

فإذا:الأجود ما عليه الجماعة من تنفس المعتادة بالعادة مع التجاوز عن العشرة،بل مع الانقطاع عليها؛لإطلاق الأمر بالرجوع إلى العادة و جعلها مع التجاوز عن العادة أيام النفاس خاصة،على احتمال قويّ.إلاّ أنّ الأقوى منه التنفس بالعشرة حينئذ؛لأنه حيضة،مضافا إلى الصحيح:«إنّ الحائض مثل النفساء» (2)-فتأمّل -و قد تقدّم ثبوته فيها ثمة.

ثمَّ إنه إنما يحكم بالدم نفاسا في أيام العادة و في مجموع العشرة مع وجوده فيهما أو في طرفيهما.أمّا لو رأته في أحد الطرفين أو فيه و في الوسط فلا نفاس لها في الخالي عنه متقدما أو متأخرا،بل في وقت الدم أو الدمين فصاعدا و ما بينهما.

فلو رأته أول لحظة و آخر السبعة لمعتادتها فالجميع نفاس؛لصدق دم الولادة على الطرفين.و يلحق بهما ما تراه من النقاء في البين؛لعموم ما دلّ على عدم نقص أقل الطهر عن العشرة.

ص:342


1- التهذيب 1:1259/402،الاستبصار 1:516/149،الوسائل 2:303 أبواب الحيض ب 13 ح 12.
2- الكافي 3:4/99،التهذيب 1:496/173،الوسائل 2:373 أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5.

و لو رأته آخر السبعة خاصة فهو النفاس؛لكونه دم الولادة مع وقوعه في أيام العادة.و لا يلحق به المتقدم؛إذ لا مقتضي له،إذ لا حدّ لأقلّه.

و مثله رؤية المبتدأة و المضطربة في العشرة،بل المعتادة مطلقا على تقدير انقطاعه عليها كما مرّ.مع إشكال في المعتادة دون العشرة مع رؤيتها الدم في العاشر خاصة؛للشك في صدق دم الولادة عليه مع كون وظيفتها الرجوع إلى أيام العادة التي لم تر فيها شيئا بالمرّة.و الاحتياط لا يترك على حال؛ لإشعار بعض العبارات بالإجماع عليه.

و لو تجاوز عن العشرة فما وجد منه في العادة و ما قبله إلى أول زمان الرؤية نفاس خاصة،كما لو رأت رابع الولادة مثلا و سابعها لمعتادتها و استمر إلى أن تجاوز العشرة فنفاسها الأربعة الأخيرة من السبعة خاصة؛لما عرفت.

و لو رأته في السابع خاصة و تجاوزها فهو النفاس خاصة.

و لو رأته من أوّله و السابع و تجاوز العشرة سواء كان بعد انقطاعه على السبعة أم لا فالعادة خاصة نفاس.

و لو رأته أوّلا و بعد العادة و تجاوز فالأوّل خاصة نفاس،و على هذا القياس.

و لو لم تره إلاّ بعد العشرة فليس من النفاس على المختار في عدد الأكثر البتة،و به صرّح جماعة كابني سعيد و برّاج (1)؛لأن ابتداء الحساب (2)من الولادة،كما صرّح به العلاّمة (3)و أشعر به بعض المعتبرة:«إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثمَّ تستظهر بيوم،فلا بأس بعد أن يغشاها

ص:343


1- ابن سعيد في الجامع للشرائع:45،ابن البراج في المهذّب 1:39.
2- في«ش»:النفاس.
3- انظر نهاية الأحكام 1:131.

زوجها» (1)و مثله غيره (2).مع أنه لولاه لم يتحدد مدّة التأخر.

النفساء كالحائض فيما يحرم عليها و يكره

و النفساء كالحائض فيما يحرم عليها و يجب و يكره في حقها و يستحب؛للصحيح المتقدم (3)،و الإجماع المحكي في المعتبر و المنتهى و التذكرة عن أهل العلم (4)،مع شهادة الاستقراء باتحاد حكمهما في الأغلب إلاّ ما شذّ .و إليه يومئ بعض المعتبرة المسؤول فيه عن الحائض فأجيب بحكم النفساء (5).مضافا إلى ما عرفت من أن النفاس دم الحيض حبس لتربية الولد و غذائه.

و منه يظهر أنّ غسلها كغسلها في الوجوب و الكيفية،و في استحباب تقديم الوضوء على الغسل و جواز تأخيره عنه.

ص:344


1- التهذيب 1:505/176،الاستبصار 1:525/152،الوسائل 2:395 أبواب النفاس ب 7 ح 1.
2- التهذيب 1:514/179،الوسائل 2:388 أبواب النفاس ب 3 ح 19.
3- في ص:342.
4- المعتبر 1:257،المنتهى 1:126،التذكرة 1:36.
5- الكافي 3:4/99،التهذيب 1:496/173،الوسائل 2:373 أبواب الاستحاضة باب 1 ح 5.
الخامس غسل الأموات و النظر في أمور أربعة

الخامس غسل الأموات.و النظر في أمور أربعة:

الأول الاحتضار

الأول:الاحتضار و هو السوق،أعاننا اللّه تعالى عليه و ثبّتنا بالقول الثابت لديه.سمّي به لحضور الموت،أو الملائكة الموكّلين به،أو إخوانه و أهله عنده.

الفرض فيه

و الفرض فيه كفاية استقبال الميت بالقبلة مع عدم الاشتباه على أحوط القولين و أشهرهما،كما في الشرائع و عن المقنعة و المراسم و المهذّب و الوسيلة و السرائر و الإصباح (1)؛للأمر به في المستفيضة،كالحسن بل الصحيح على الصحيح :«إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه (2)إلى القبلة، و كذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة،فيكون مستقبلا بباطن قدميه و وجهه إلى القبلة» (3).

و المراد بالميّت المشرف على الموت إجماعا؛لعدم القائل بالأمر به بعد الموت،مع إشعار الذيل-قوله:إذا غسّل يحفر له-بذلك،للقطع بأن المراد إرادة الاغتسال لا تحققه.

ص:345


1- الشرائع 1:36،المقنعة:73،المراسم:47،المهذّب 1:53،الوسيلة:62،السرائر 1: 158،و فيه:و يستحب أن يوجّه إلى القبلة؛و حكاه عن الجميع في كشف اللثام 1:107.
2- سجّي الميت:غطّاه.و التسجية:أن يسجّى الميت بثوب أي يغطّى به.لسان العرب 14: 371.
3- الكافي 3:3/127،الفقيه 1:591/123،التهذيب 1:835/286،الوسائل 2:452 أبواب الاحتضار ب 35 ح 2.

و نحوه الخبران الآمران باستقبال باطن قدميه القبلة (1).و قصور سندهما منجبر بالشهرة،كالمرسل المصرّح بزمان الاستقبال و أنه قبل الموت (2).و وروده في واقعة خاصة لا ينافي التمسك به للعموم بعد تعليله بإقبال الملائكة عليه بذلك المشعر بالعموم.

و ليس فيه إشعار بالاستحباب،و على تقديره فلا يترك به ظاهر الأمر، سيّما مع اعتضاده بالشهرة،بل و عمل المسلمين في الأعصار و الأمصار،و ليس شيء من المستحبات يلتزمونه كذلك.

فالقول بالاستحباب-كما عن جماعة من الأصحاب (3)-ضعيف لا يلتفت إليه.

و يراعى في كيفيته عندنا بأن يلقى على ظهره و يجعل وجهه و باطن رجليه إليها لما مرّ من النصوص،مضافا إلى الصحيح:«إذا وجّهت الميت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة،لا تجعله معترضا كما يجعل الناس»الحديث (4).

ثمَّ-على المختار-إنّ مقتضى الأصل سقوط الوجوب بعد الموت؛ لاختصاص الأمر به في النصوص بحالة السوق كما عرفت.و ربما قيل بعدمه (5)،و هو أحوط.

ص:346


1- الأول: الكافي 3:2/127،التهذيب 1:834/285،الوسائل 2:453 أبواب الاحتضار ب 35 ح 4. الثاني: الفقيه 1:351/79،الوسائل 2:453 أبواب الاحتضار ب 35 ح 5.
2- الفقيه 1:352/79،الوسائل 2:453 أبواب الاحتضار ب 35 ح 6.
3- منهم الشيخ في الخلاف 1:691،و النهاية:30،و المحقق في المعتبر 1:259،و ابن سعيد في الجامع للشرائع:48.
4- التهذيب 1:1521/465،الوسائل 2:452 أبواب الاحتضار ب 35 ح 1.
5- مدارك الأحكام 2:54.
المسنون فيه

و المسنون أمور:

نقله مع تعسر نزعه إلى مصلاّه الذي أعدّه للصلاة فيه أو عليه؛ للنصوص المستفيضة،منها الصحيح:«إذا عسر على الميت موته و نزعه قرّب إلى مصلاّه الذي يصلي فيه» (1).أو«عليه».

و ليس فيه-كغيره-استحباب النقل مطلقا،بل ظاهره الاشتراط بعسر النزع.و لا مسامحة هنا؛لورود النهي عن تحريك المحتضر في بعض المعتبرة كالرضوي (2)و غيره (3).

و تلقينه الشهادتين بالتوحيد و الرسالة و الإقرار بالنبي و الأئمة عليهم السلام للنصوص المستفيضة.

ففي الصحيح:«إذا حضرت الميت قبل أن يموت فلقّنه شهادة أن لا إله إلاّ اللّه[وحده]لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله» (4).

و في الخبر:«لقّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا اللّه و الولاية» (5).

و في آخر:«ما من أحد يحضره الموت إلاّ و كلّ به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر و يشككه في دينه حتى يخرج نفسه،فمن كان مؤمنا لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوهم شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه حتى

ص:347


1- الكافي 3:2/125،التهذيب 1:1356/427،الوسائل 2:463 أبواب الاحتضار ب 40 ح 1.
2- فقه الرضا(عليه السلام):165،المستدرك 2:139 أبواب الاحتضار ب 34 ح 1.
3- التهذيب 1:841/289،الوسائل 2:468 أبواب الاحتضار ب 44 ح 1.
4- الكافي 3:1/121،التهذيب 1:836/286،الوسائل 2:454 أبواب الاحتضار ب 36 ح 1،و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
5- الكافي 3:5/123،التهذيب 1:838/287،الوسائل 2:458 أبواب الاحتضار ب 37 ح 2.

يموتوا» (1).

و كلمات الفرج ففي الحسن:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دخل على رجل من بني هاشم و هو يقضي،فقال له:قل لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم،لا إله إلاّ اللّه العلي العظيم،سبحان اللّه ربّ السموات السبع و ربّ الأرضين السبع،و ما فيهنّ و ما بينهنّ و ربّ العرش العظيم،و الحمد للّه ربّ العالمين.فقالها،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الحمد للّه الذي استنقذه من النار» (2).

و زيد فيها في الفقيه بعد روايته مرسلا:«و ما تحتهن»قبل«رب العرش العظيم»و «وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ» [1] بعده (3)،و بزيادة الأخير صرّح في الرضوي (4).

و أن تغمض عيناه بلا خلاف كما عن المنتهى (5)؛للصون عن قبح المنظر.و فيه نظر.نعم:في الموثق:ثقل ابن لجعفر و أبو جعفر جالس في ناحية،و كان إذا دنا منه إنسان قال:«لا تمسه فإنه إنما يزداد ضعفا،و أضعف ما يكون في هذه الحال،و من مسّه في هذه الحال أعان عليه»فلمّا قضى الغلام أمر به،فغمض عيناه و شدّ لحياه الحديث (6).

و في الخبر قال:حضرت موت إسماعيل بن جعفر و أبوه جالس عنده،فلما

ص:348


1- الكافي 3:6/123،التهذيب 1:353/79،الوسائل 2:455 أبواب الاحتضار ب 36 ح 3.
2- الكافي 3:9/124،الوسائل 2:459 أبواب الاحتضار ب 38 ح 2.
3- الفقيه 1:346/77.
4- فقه الرضا(عليه السلام):165،المستدرك 2:128 أبواب الاحتضار ب 28 ح 2.
5- المنتهى 1:427.
6- التهذيب 1:841/289،الوسائل 2:468 أبواب الاحتضار ب 44 ح 1.

حضر الموت شد لحييه و غمض عينيه و غطّاه بالملحفة (1).

و يطبق فوه و يشدّ لحياه؛للخبرين،و في المنتهى بلا خلاف (2).

و تمدّ يداه إلى جنبيه إن انقبضتا-كالساقين-كما عن الأصحاب (3)، و عن المعتبر:و لم أعلم في ذلك نقلا عن أهل البيت عليهم السلام،و لعلّ ذلك ليكون أطوع للغاسل و أسهل للدرج (4).

و يغطّى بثوب لما تقدّم من الخبر،مضافا إلى نفي الخلاف عنه في المنتهى (5).

و أن يقرأ عنده القرآن قبل الموت و بعده؛للتبرك،و استدفاع الكرب و العذاب،و سيّما يس و الصافات قبله،و قد قيل:روي أنه يقرأ عند النازع آية الكرسي و آيتان بعدها،ثمَّ آية السخرة إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ [1] إلى آخرها (6)،ثمَّ ثلاث آيات من آخر البقرة لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ [2] إلى آخرها،ثمَّ يقرأ سورة الأحزاب (7).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله:«من قرأ سورة يس و هو في سكرات الموت، أو قرئت عنده،جاء رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة فسقاها إياه و هو على فراشه،فيشرب،فيموت ريّان و يبعث ريّان،و لا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء» (8).

ص:349


1- التهذيب 1:842/289،الوسائل 2:468 أبواب الاحتضار ب 44 ح 3.
2- المنتهى 1:427.
3- حكاه عنهم في المدارك 2:58؛انظر المبسوط 1:174،و السرائر 1:158،و نهاية الأحكام 2:217.
4- المعتبر 1:261.
5- المنتهى 1:427.
6- الأعراف:54.
7- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:106.
8- مجمع البيان 4:413،المستدرك 4:322 أبواب قراءة القرآن ب 41 ح 1.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله:«أيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس،نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا،يصلّون عليه و يستغفرون له و يشهدون غسله و يتبعون جنازته و يصلّون عليه و يشهدون دفنه» (1).

و عن سليمان الجعفري:أنه رأى أبا الحسن عليه السلام يقول لابنه القاسم:«قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك وَ الصَّافّاتِ صَفًّا [1] حتى تستتمها»فقرأ فلمّا بلغ أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا [2] قضى الفتى،فلمّا سجّي و خرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال:كنّا نعهد الميت إذا نزل به الموت نقرأ عنده يس و القرآن الحكيم،فصرت تأمرنا بالصافات!؟فقال:«يا بني لم تقرأ عند مكروب من موت إلاّ عجّل اللّه تعالى راحته» (2).

و الأمر بالإتمام يتضمن القراءة بعد الموت،كذا قيل (3).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من دخل المقابر فقرأ يس خففت عنهم يومئذ،و كان له بعدد من فيها حسنات» (4).

و في الرضوي:«إذا حضر أحدكم الوفاة فاحضروا عنده بالقرآن و ذكر اللّه تعالى و الصلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (5).

و أن يسرج عنده كما عن الإصباح و الوسيلة و المهذّب و الكافي و المراسم و الشرائع و الجامع و التذكرة و نهاية الأحكام و التحرير و المنتهى (6)إن

ص:350


1- مصباح الكفعمي:8،المستدرك 2:136 أبواب الاحتضار ب 31 ح 2.
2- الكافي 3:5/126،التهذيب 1:1358/427،الوسائل 2:465 أبواب الاحتضار ب 41 ح 1.
3- كشف اللثام 1:106.
4- مجمع البيان 4:413.
5- فقه الرضا(عليه السلام):181.
6- نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:106،الوسيلة:62،المهذّب 1:54،الكافي:236،المراسم:47،الشرائع 1:36،الجامع للشرائع:49،التذكرة 1:37،نهاية الأحكام 2:217،التحرير 1:17،المنتهى 1:427.

مات ليلا كما عن الكتب الثلاثة بعد الأربعة الأول و المقنعة،و لكن ليس فيها لفظ عنده،بل فيها:إن مات ليلا في بيت أسرج فيه مصباح إلى الصباح (1).

و يمكن إرادتهم ما يعم الموت ليلا و البقاء إليه.و أقرب إلى العموم قول النهاية و الوسيلة:إن كان بالليل (2)،و قول المبسوط:إن كان ليلا (3)،و الأوضح قول القاضي:و يسرج عنده في الليل مصباح (4).

و لعلّه لفحوى الخبر أنه:لمّا قبض الباقر أمر أبو عبد اللّه بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد اللّه عليه السلام،ثمَّ أمر أبو الحسن بمثل ذلك في بيت أبي عبد اللّه حتى خرج به إلى العراق،ثمَّ لم يدر ما كان (5).

و ضعف السند-لو كان-منجبر بالشهرة بين الأعيان،مضافا إلى المسامحة في أدلة السنن.و الدلالة بالأولوية واضحة؛لظهور الخبر في موته عليه السلام في البيت المسرج فيه.فالمناقشة بكلا وجهيه مندفعة.

و ينبغي الإسراج إلى الصباح،كما عن المقنعة و النهاية و المبسوط و الإصباح و الجامع و المنتهى و التذكرة و نهاية الأحكام (6).

و أن يعلم المؤمنون بموته للنصوص،منها الصحيح:«ينبغي

ص:351


1- المقنعة:74.
2- النهاية:30،الوسيلة:62.
3- المبسوط 1:174.
4- المهذّب 1:54.
5- الكافي 3:5/251،الفقيه 1:450/97،التهذيب 1:843/289،الوسائل 2:469 أبواب الاحتضار ب 45 ح 1،بتفاوت يسير.
6- المقنعة:74،النهاية:30،المبسوط 1:174،عن الإصباح في كشف اللثام 1:106، الجامع للشرائع:49،المنتهى 1:427،التذكرة 1:37،نهاية الأحكام 2:217.

لأولياء الميت منكم أن يؤذنوا إخوان الميت بموته،فيشهدون جنازته،و يصلون عليه،و يستغفرون له،فيكتب لهم الأجر،و يكتب للميت الاستغفار،و يكتسب هو الأجر فيهم و فيما اكتسب لميتهم من الاستغفار» (1).

و في آخر:عن الجنازة يؤذن بها الناس؟قال:«نعم» (2).

و هو يعم النداء العام.فما عن الخلاف:لا نص في النداء (3)،إن أراد بالخصوص فنعم،و إلاّ فقد عرفت النص.

و عن الجعفي:كراهة النعي إلاّ أن يرسل إليه صاحب المصيبة إلى من يختص به (4).

و هو-مع عدم الدليل عليه-ينافي ما يترتب على الحضور من الثواب الجزيل على السنن الموظفة في التشييع من الحمل و التربيع و الصلاة و التعزية، و ما فيه من الاتعاظ و التذكرة لأمور الآخرة،و تنبيه القلب القاسي لانزجار النفس الأمّارة،و نحو ذلك.

و في الخبر:عن رجل دعي إلى وليمة و إلى جنازة،فأيهما أفضل و أيهما يجيب؟قال:«يجيب الجنازة،فإنها تذكّر الآخرة،و ليدع الوليمة،فإنها تذكّر الدنيا» (5).

و أن يعجّل تجهيزه و إيداعه ثراه بلا خلاف؛للنصوص المستفيضة،منها:«لا تنتظروا موتاكم طلوع الشمس و لا غروبها،عجّلوهم

ص:352


1- الكافي 3:1/166،التهذيب 1:1470/452،علل الشرائع:1/301،الوسائل 3:59 أبواب صلاة الجنازة ب 1 ح 1.
2- الكافي 3:2/167،الوسائل 3:60 أبواب صلاة الجنازة ب 1 ح 3.
3- الخلاف 1:731.
4- نقله عنه في الذكرى:38.
5- التهذيب 1:1510/462،الوسائل 2:451 أبواب الاحتضار ب 34 ح 1.

إلى مضاجعهم رحمكم اللّه تعالى» (1).

و في المرسل:«كرامة الميت تعجيله» (2).

و يستفاد من بعضها أفضليته من تقديم الصلاة في وقت فضيلته (3).

إلاّ مع الاشتباه في موته فيحرم حتى يتحقق بمضي ثلاثة أيام؛ للنصوص المستفيضة،كالصحيحين (4)و الموثق (5)و الضعيف (6)في المصعوق و الغريق،و القوي في الأخير (7)،و لا قائل بالفرق.

و في الصحيح:«خمسة ينتظر بهم إلاّ أن يتغيروا:الغريق،و المصعوق، و المبطون»و في بعض«المطعون»«بدله و المهدوم،و المدخّن» (8).

و لعل التغيّر فيه و في الصحيح و الموثق يشمل الأمارات الدالة عليه من

ص:353


1- الكافي 3:1/137،الفقيه 1:389/85،التهذيب 1:1359/427،الوسائل 2:471 أبواب الاحتضار ب 47 ح 1.
2- الفقيه 1:388/85،الوسائل 2:474 أبواب الاحتضار ب 47 ح 7.
3- التهذيب 3:995/320،الاستبصار 1:1812/469،الوسائل 2:473 أبواب الاحتضار ب 47 ح 4.
4- الأول: الكافي 3:1/209،التهذيب 1:992/338،الوسائل 2:474 أبواب الاحتضار ب 48 ح 1. الثاني: الكافي 3:2/209،التهذيب 1:990/338،الوسائل 2:475 أبواب الاحتضار ب 48 ح 3.
5- الكافي 3:4/210،الوسائل 2:475 أبواب الاحتضار ب 48 ح 4.
6- الكافي 3:6/210،التهذيب 1:991/338،الوسائل 2:475 أبواب الاحتضار ب 48 ح 5.
7- دعائم الإسلام 1:229،الجعفريات:207،المستدرك 2:142 أبواب الاحتضار ب 37 ح 3.
8- الكافي 3:5/210،التهذيب 1:988/337،الخصال:74/300،الوسائل 2:474 أبواب الاحتضار ب 48 ح 2.

استرخاء رجليه،و انفصال كفيه،و ميل أنفه،و امتداد جلدة وجهه،و انخساف صدغيه،كما عن التذكرة (1).

و زيد في غيرها كاللمعة:تقلّص أنثييه إلى فوق مع تدلي الجلدة (2).

و عن الإسكافي:زوال النور من بياض العين و سوادها،و ذهاب النفس، و زوال النبض (3).

و عن جالينوس:الاستبراء بنبض عروق بين الأنثيين،أو عرق يلي الحالب و الذكر بعد الغمز الشديد،أو عرق في باطن الألية،أو تحت اللسان، أو في بطن المنخر (4).

إلاّ أن المتبادر منه التغيّر في الريح،كما في الخبر الضعيف عن أبي إبراهيم عليه السلام:«ينبغي للغريق و المصعوق أن يتربص به ثلاثا لا يدفن إلاّ أن تجيء منه ريح تدل على موته» (5).

فالأحوط الاقتصار عليه إلاّ مع حصول العلم به من تلك الأمارات كما هو الغالب،و إن كان المصير إليها مطلقا غير بعيد،للشهرة القرينة على الفرد الغير المتبادر .

و إن كان الميت مصلوبا لا يترك على خشبته أزيد من ثلاثة أيام إجماعا كما عن الخلاف (6)،و للخبر:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا تقرّوا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل و يدفن» (7).

ص:354


1- التذكرة 1:37.
2- الروضة 1:120.
3- نقله عنه في الذكرى:38.
4- نقله عنه في الذكرى:38.
5- تقدم مصدره في ص:353 الرقم 6.
6- الخلاف 2:479.
7- الكافي 3:3/216،التهذيب 1:981/335،الوسائل 2:476 أبواب الاحتضار ب 49 ح 1.

كذا في التهذيب و بعض نسخ الكافي،و في أخرى:«لا تقربوا»بدل:

«لا تقرّوا»فلا دلالة فيه،فالعمدة الإجماع المحكي.

ما يكره فيه

و يكره أن يحضره حالة الاحتضار،كما عن التلخيص و نهاية الأحكام و غيرهما (1)جنب أو حائض إجماعا كما عن المعتبر (2)؛للنصوص،منها:

«لا بأس أن تمرّضه»أي الحائض«فإذا خافوا عليه و قرب ذلك فلتنحّ عنه و عن قربه،فإنّ الملائكة تتأذى بذلك» (3).

و منها الرضوي:«و لا يحضر الحائض و لا الجنب عند التلقين،فإنّ الملائكة تتأذى بهذا،و لا بأس أن يليا غسله و يصلّيا عليه و لا ينزلا قبره،فإن حضرا و لم يجدا من ذلك بدّا فليخرجا إذا قرب خروج نفسه» (4).

و يستفاد منهما أن غاية الكراهة تحقق الموت و انصراف الملائكة.

و عن الفقيه و المقنع:لا يجوز حضورهما عند التلقين (5).

و لعلّه للخبر المروي في الخصال،قال:«لا يجوز للمرأة الحائض و الجنب الحضور عند تلقين الميت؛لأن الملائكة تتأذى بهما؛و لا يجوز لهما إدخال الميت قبره» (6).

و لضعفه لا يجوز تخصيص الأصل،مع اعتضاده بعمل الأصحاب، فيحمل-كعبارة عامله-على شدة تأكد الكراهة.

ص:355


1- نقله عن التلخيص في كشف اللثام 1:107،نهاية الأحكام 2:215؛و انظر القواعد 1: 17،و الذخيرة:81.
2- المعتبر 1:263.
3- الكافي 3:1/138،التهذيب 1:1361/428،قرب الإسناد:1214/312،الوسائل 2:467 أبواب الاحتضار ب 43 ح 1.
4- فقه الرضا(عليه السلام):165،المستدرك 2:138 أبواب الاحتضار ب 33 ح 3.
5- لم نعثر عليه في الفقيه،نعم وجدناه في الهداية:23؛المقنع:17.
6- الخصال:12/585.

و قيل: هو الشيخان (1)،و في التهذيب أنه سمعه من الشيوخ مذاكرة (2)،و ادعى عليه في الخلاف الإجماع أنه يكره أن يجعل على بطنه حديد و لا بأس به؛لحجية الإجماع المحكي مع التسامح في مثله.

و لا يكره غيره في المشهور؛للأصل.و نقل القول بكراهته أيضا (3).

ص:356


1- المفيد في المقنعة:74،الطوسي في الخلاف 1:691.
2- التهذيب 1:290.
3- قال به العلامة في التذكرة 1:37،نهاية الإحكام 2:216.
الثاني في بيان الغسل

الثاني في بيان الغسل.

فروضه

و فروضه أمور،منها:

إزالة النجاسة العارضية عنه أي الميت قبل تغسيله كما عن المعتبر (1)،بلا خلاف كما عن المنتهى (2)و إجماعا كما عن التذكرة و نهاية الأحكام (3).

و فيهما كالأول التعليل بأنه يجب إزالة النجاسة الحكمية عنه فالعينية أولى.و فيه:أنه لا يستلزم وجوب التقديم،بل مطلق الإزالة،و لا كلام فيه.

و بصون ماء الغسل من التنجس.و فيه:لزومه على كل تقدير و لو أزيلت النجاسة،إلاّ أن يقال بالعفو عنه هنا للضرورة.

إلاّ أنه يتوجه منع لزوم الصون مطلقا،بل المسلّم منه ليس إلاّ المجمع عليه،و هو لزومه قبل الشروع في الغسل،و أما بعده فلا،كذا قيل.

و فيه نظر؛لتوقيفية صحة الغسل الذي هو عبادة على البيان،و ليس إلاّ فيما صين ماؤه عن النجاسة مطلقا و لو بعد الشروع في الاغتسال.و حيث لا يمكن الصيانة عن نجاسة الموت اغتفر بالإضافة إليها؛للضرورة.و إطلاقات الأوامر بالاغتسال لما ينجس ماؤه في الاغتسال فيما عدا الضرورة غير شاملة؛لعدم تبادر مثل تلك الصورة.

فلا يمكن الاجتزاء بالغسل الواحد عن الغسل و إزالة النجاسة العارضية.

و مثله الكلام في غسل الجنابة.

ص:357


1- المعتبر 1:264.
2- المنتهى 1:428.
3- التذكرة 1:38،نهاية الأحكام 2:223.

خلافا للشيخ فاجتزأ به عنهما (1).و هو كما ترى.

هذا مضافا إلى الإجماعات المنقولة هنا،و النصوص المستفيضة فيه و في الجنابة الآمرة بتقديم غسل الفرج على الغسل (2).و الأمر حقيقة في الوجوب، و لا صارف عنه سوى وروده فيها في سياق المستحبات،و هو بمجرّده سيّما مع الأمر فيها بكثير من الواجبات غير كاف في الصرف،عملا بالأصل في الاستعمال مع عدم تيقن الصارف.

و كثير من المستفيضة و إن اختص بالجنابة،إلاّ أن المستفاد من المعتبرة المستفيضة اتحاد غسل الأموات مع غسل الجنابة،بل ربما أشعر بعضها أنه عينه (3).

و بالجملة:شغل الذمة بغسل الميت يقيني لا بد في رفعه من يقين، و ليس إلاّ مع تقديم الإزالة و عدم الاجتزاء عن الأمرين بالغسلة الواحدة.

و منه ينقدح ضعف التأمل في وجوب التقديم،كالتأمل في لزوم الغسلتين لإزالة الحدث و الخبث،و الأخير أضعف،بل مقطوع بفساده جزما.

و القول باختصاص المستفيضة من الجانبين بنجاسة مخصوصة مدفوع بعدم القائل بالفرق،و لعلّه لغلبتها،لا لتغاير حكمها مع حكم ما عداها.

و من الفروض:ستر عورته عن الناظر المحترم بالإجماع و النصوص (4).

و تغسيله بماء السدر و يلقى منه فيه ما يصدق معه ماء السدر على الأشهر الأظهر،كما عن الخلاف و المصباح و مختصره و الجمل و العقود و جمل العلم و العمل و الفقيه و الهداية و المقنع و الوسيلة و الغنية و الإصباح و الإشارة

ص:358


1- انظر المبسوط 1:29.
2- الوسائل 2:229 أبواب الجنابة ب 26.
3- الوسائل 2:486 أبواب غسل الميت ب 3.
4- الوسائل 2:479 أبواب غسل الميت ب 2.

و الكافي و الإرشاد و التبصرة و ظاهر التحرير و محتمل الشرائع (1)؛لإطلاق النصوص بالغسل بالسدر أو بمائه أو بماء و سدر،فلا يجزي القليل الذي لا يصدق معه ماء السدر.و كذا الورق غير مطحون و لا ممروس؛إذ ليس المتبادر منه إلاّ ما ذكرنا.

خلافا لبعض،فمسمّى السدر (2).و هو ضعيف .كاعتبار الرطل كما عن المفيد (3).

و أضعف منه إضافة النصف إليه كما عن ابن البراج (4)؛لعدم الدليل.

و أضعف منه إيجاب سبع ورقات صحاح (5)؛للخبر:عن غسل الميت، فقال:«يطرح عليه خرقة،ثمَّ يغسل فرجه و يوضأ وضوء الصلاة،ثمَّ يغسل رأسه بالسدر و الأشنان،ثمَّ بالماء و الكافور،ثمَّ بالماء القراح يطرح فيه سبع ورقات صحاح من ورق السدر في الماء» (6).

لأن ظاهره كما ترى إلقاؤها في القراح،كخبر معاوية بن عمّار قال:

أمرني أبو عبد اللّه أن أعصر بطنه،ثمَّ أوضّيه،ثمَّ أغسله بالأشنان،ثمَّ أغسل رأسه بالسدر و لحيته،ثمَّ أفيض على جسده منه،ثمَّ أدلك به جسده،ثمَّ أفيض

ص:359


1- الخلاف 1:694،مصباح المتهجد:18،الجمل و العقود(الرسائل العشر):165،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):50،الفقيه 1:90،الهداية:24،المقنع:18، الوسيلة:64،الغنية(الجوامع الفقهية):563،نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:112، الإشارة:75،الكافي:134،الإرشاد 1:230،التبصرة:11،التحرير 1:17،الشرائع 1: 38.
2- انظر البيان:70،و جامع المقاصد 1:370،و الروضة 1:121.
3- المقنعة:74.
4- المهذّب 1:56.
5- انظر التذكرة 1:38،و نهاية الأحكام 2:223.
6- التهذيب 1:878/302،الاستبصار 1:726/206،الوسائل 2:492 أبواب غسل الميت ب 6 ح 2.

عليه ثلاثا،ثمَّ أغسله بالماء القراح،ثمَّ أفيض عليه الماء بالكافور و بالماء القراح و أطرح فيه سبع ورقات (1).

و لكن يشترط عدم خروج الماء عن الإطلاق،فلا يجزي الخارج وفاقا لجماعة (2)؛للشك في الامتثال معه،مع إشعار الصحيحين به،ففي أحدهما:

عن غسل الميت،كيف يغسل؟قال:«بماء و سدر،و اغسل جسده كلّه،و اغسله اخرى بماء و كافور،ثمَّ اغسله اخرى بماء»الحديث (3).و في الثاني نحوه (4)، و نحوهما الرضوي (5)؛لظهورها في بقاء الإطلاق .

و التأيد بالمستفيضة في أن غسل الميت كغسل الجنابة (6).

و ليس فيما دلّ على ترغية السدر كالمرسل:«و اعمد إلى السدر،فصيّره في طست و صبّ عليه الماء،و اضرب بيدك حتى ترتفع رغوته،و اعزل الرغوة في شيء،فصب الآخر في الإجّانة التي فيها الماء،ثمَّ اغسل يديه ثلاث مرات كما يغسل الإنسان من الجنابة إلى نصف الذراع،ثمَّ اغسل فرجه و نقّه،ثمَّ اغسل رأسه بالرغوة»إلى آخره (7)دلالة عليه.

لعدم استلزام الإرغاء إضافة الماء الذي تحت الرغوة،و خصوصا مع

ص:360


1- التهذيب 1:882/303،الاستبصار 1:729/207،الوسائل 2:484 أبواب غسل الميت ب 2 ح 8.
2- منهم العلامة في نهاية الأحكام 2:223،و التذكرة 1:38،الشهيد الأول في البيان:70، الشهيد الثاني في الروضة 1:121.
3- التهذيب 1:1443/446،الوسائل 2:483 أبواب غسل الميت ب 2 ح 6.
4- الكافي 3:2/139،التهذيب 1:282/108،الوسائل 2:479 أبواب غسل الميت ب 2 ح 1.
5- فقه الرضا(عليه السلام):181،المستدرك 2:167 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
6- الوسائل 2:486 أبواب غسل الميت ب 3.
7- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.

صبه في الماء المطلق الذي في الإجّانة الأخرى كما في الخبر،و ليس فيه مع ذلك إيماء إلى غسله بالرغوة،بل مصرّح بغسله بماء تحتها مع الماء المطلق الذي في الإجّانة الأخرى،و أن الرغوة إنما يغسل بها الرأس خاصة،و في الخبر حينئذ إشعار بل دلالة بما ذكرناه لا ما ذكر.

و نحو الخبر في عدم الدلالة على جواز المضاف كلام المفيد و ابن البراج (1)؛لذكرهما بعد غسل الرأس و اللحية بالرغوة تغسيله بماء السدر على الترتيب،من غير نص على أن ماء السدر هو الباقي تحت الرغوة،فيجوز كونه غيره أو إياه إذا صب عليه الماء حتى صار مطلقا،مع ما عرفت من عدم استلزام الإرغاء إضافة الماء الذي تحت الرغوة.

و خصوصا أفاد المفيد-رحمه اللّه-أنه يغسل رأسه و لحيته بعد الغسل بالرغوة بتسعة أرطال من ماء السدر ثمَّ ميامنه بمثل ذلك ثمَّ مياسره بمثل ذلك، و هو ماء كثير لعلّه لا يخرج عن الإطلاق برطل من السدر كما قاله.فتأمل .

مضافا إلى ظهور كون مستندهما المرسل المزبور،لمشابهة عبارتيهما مع عبارته،و قد عرفت الكلام في دلالته،فكذا الكلام في دلالة كلامهما،فافهم.

ثمَّ يجب بعد ذلك تغسيله بماء طرح فيه من الكافور ما يقع عليه الاسم من دون خروج عن الإطلاق؛لعين ما مرّ،مضافا إلى الموثق المقدّر للكافور بنصف حبة (2)،و في آخر إلقاء حبّات (3)،و في آخر تغسيل الأمير عليه السلام للنبي صلّى اللّه عليه و آله بثلاثة مثاقيل (4).و ليسا نصا في الوجوب،

ص:361


1- المفيد في المقنعة:75،ابن البراج في المهذّب 1:58.
2- التهذيب 1:887/305،الوسائل 2:484 أبواب غسل الميت ب 2 ح 10.
3- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
4- التهذيب 1:1464/450،الوسائل 2:485 أبواب غسل الميت ب 2 ح 11.

فيحتمل الاستحباب.

و كيف كان:فلا يقيّد بهما إطلاق المستفيضة كالصحيح:«و يجعل في الماء شيء من السدر و شيء من الكافور» (1).

خلافا للمفيد و سلاّر و ابن سعيد،فنصف مثقال (2)؛و هو مع عدم الدليل عليه ليس نصا في وجوبه.

ثمَّ بعد ذلك ب ماء القراح الخالص عن الخليط مطلقا حتى التراب كما عن بعض (3)،أو الخليطين خاصة كما هو ظاهر الأخبار،نعم يعتبر الإطلاق مع خليط غيرهما.

و يعتبر في القراح أن لا يسمى بماء السدر أو الكافور أو غيرهما،و لا يسمى الغسل به غسلا بهما أو بغيرهما و إن اشتمل على شيء منهما أو من غيرهما.و الأمر في المرسل (4)بغسل الآنية عن ماء السدر و الكافور قبل صب القراح فيها ليس نصا في الوجوب،فيحتمل الاستحباب،سيّما مع اشتماله لكثير من المستحبات،مضافا إلى الأمر بإلقاء سبع ورقات من السدر في القراح فيما تقدّم من الخبرين (5).

ثمَّ إن وجوب الأغسال مشهور بين الأصحاب بحيث كاد أن يكون إجماعا؛للصحاح المستفيضة،أظهرها دلالة الصحيحان المتقدمان قريبا (6).

و نحوهما الخبر الضعيف في المشهور بسهل و الصحيح على قول:

ص:362


1- التهذيب 1:1444/446،الاستبصار 1:731/208،الوسائل 2:483 أبواب غسل الميت ب 2 ح 7.
2- المفيد في المقنعة:75،سلاّر في المراسم:47،ابن سعيد في الجامع للشرائع:51.
3- انظر كشف اللثام 1:114.
4- المتقدم في ص:360.
5- في ص 359،360.
6- في ص:360.

«يغسل الميت ثلاث غسلات:مرة بالسدر،و مرة بالماء يطرح فيه الكافور،و مرة أخرى بالماء القراح» (1).

و ضعفه لو كان-كغيره-منجبر بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا،بل إجماع في الحقيقة،مضافا إلى التأسي اللازم الاتباع في أمثاله.

و لا يعارض شيئا من ذلك الأصل،و التشبيه بغسل الجنابة في المعتبرة (2)،و تغسيل الميت الجنب غسلا واحدا.مضافا إلى ضعف الأول في أمثال المقام.و احتمال التشبيه فيما عدا الوحدة،بل صرّح في الرضوي:

«و غسل الميت مثل غسل الحي من الجنابة،إلاّ أن غسل الحي مرة بتلك الصفات،و غسل الميت ثلاث مرات بتلك الصفات»إلى آخره (3).و التداخل في الغسل الواحد كما فهمه الأصحاب .

فالاكتفاء بالقراح-كما عن سلاّر (4)-ضعيف.

و في جواز الارتماس هنا كما في الجنابة نظر:

من ظاهر الأوامر بالترتيب.

و من ظاهر المستفيضة المسوّية بينه و بين الجنابة،منها الرضوي المتقدم،و الحسن:«غسل الميت مثل غسل الجنب» (5).

و هو الأظهر،إلاّ أن المصير إلى الأول أحوط.

و يجب أن يكون في كل غسل من الأغسال مرتبا للأعضاء بتقديم

ص:363


1- الكافي 3:3/140،التهذيب 1:876/300،الوسائل 2:481 أبواب غسل الميت ب 2 ح 4.
2- انظر الوسائل 2:486 أبواب غسل الميت ب 3.
3- فقه الرضا(عليه السلام):181،المستدرك 2:167 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
4- المراسم:47.
5- الفقيه 1:586/122،التهذيب 1:1447/447،الاستبصار 1:732/208،الوسائل 2: 486 أبواب غسل الميت ب 3 ح 1.

الرأس على اليمين،و هو على اليسار كغسل الجنابة إجماعا هنا،كما عن الانتصار و الخلاف و المعتبر و التذكرة (1).

للنصوص المستفيضة المصرحة هنا بالأمر بالترتيب بين الأعضاء الثلاثة.

و بها تقيّد الأخبار المطلقة.

و المناقشة باشتمالها على كثير من المستحبات غير قادحة في الدلالة بعد الأصل و الشهرة العظيمة التي هي إجماع في الحقيقة،مع اشتمالها على كثير من الأمور الواجبة.

و تعتبر النية في الأغسال على أصح الأقوال؛لعموم ما دلّ على اعتبارها في الأعمال،خرج المجمع عليه و بقي الباقي بلا إشكال.و هو المشهور بين الأصحاب،بل عليه الإجماع عن الخلاف (2)،مضافا إلى المستفيضة المسوّية بينها و بين غسل الجنابة.

فالقول بعدم الاعتبار مطلقا-كما عن مصريات المرتضى و المنتهى- (3)ضعيف .كالاكتفاء بها في أوّلها ،كما في ظاهر اللمعة و عن جماعة (4).

ثمَّ إن اتحد الغاسل تولّى هو النية و لا تجزي من غيره.و إن تعدد و اشتركوا في الصبّ نووا جميعا.و لو كان البعض يصبّ و الآخر يقلب نوى الأول،لأنه الغاسل حقيقة،و استحبت من الآخر.و عن التذكرة الاكتفاء بها منه أيضا (5).

و لو ترتبوا بأن غسل كل واحد منهم بعضا اعتبرت من كل واحد عند ابتداء فعله.

و لو تعذّر السدر و الكافور كفت المرّة بالقراح عند المصنف

ص:364


1- الانتصار:36،الخلاف 1:693،المعتبر 1:266،التذكرة 1:38.
2- الخلاف 1:702.
3- حكاه عن مصريات المرتضى في كشف اللثام 1:112،المنتهى 1:435.
4- اللمعة(الروضة البهية)1:122؛و انظر المدارك 2:81،كفاية الأحكام:6.
5- التذكرة 1:38.

و جماعة (1)؛لفقد المأمور به بفقد جزئه.و هو-بعد تسليمه-كذلك إذا دلّت الأخبار على الأمر بالمركب.و ليس كذلك؛لدلالة أكثرها-و فيها الصحيح و غيره- على الأمر بتغسيله بماء و سدر،فالمأمور به شيئان متمايزان و إن امتزجا في الخارج،و ليس الاعتماد في إيجاب الخليطين على ما دلّ على الأمر بتغسيله بماء السدر خاصة حتى يرتفع الأمر بارتفاع المضاف إليه.

و بعد تسليمه لا نسلّم فوات الكل بفوات الجزء بعد قيام المعتبرة بإتيان الميسور و عدم سقوطه بالمعسور (2)،و ضعفها بعمل الأصحاب طرّا مجبور.

فإذن الأقوى وجوب الثلاث بالقراح وفاقا لجماعة (3).

و لو وجد الخليطان قبل الدفن ففي وجوب الإعادة وجهان ،و الأحوط الأول.

و أما بعد الدفن فلا؛لاستلزامه النبش الحرام.و قيل:للإجماع.مضافا إلى عدم المقتضي له؛لانصراف إطلاقات الأخبار إلى غير المقام .

و في وجوب الوضوء هنا قولان أظهرهما و هو الأشهر العدم؛ للأصل،و خلو المعتبرة المستفيضة الواردة في البيان عنه،مع تضمن كثير منها المستحبات.و فيه إشعار بعدم الاستحباب أيضا،كالصحيح:عن غسل الميت،أ فيه وضوء الصلاة أم لا؟فقال عليه السلام:«يبدأ بمرافقه فيغسل بالحرض،ثمَّ يغسل وجهه و رأسه بسدر،ثمَّ يفاض عليه الماء ثلاث مرّات» الخبر (4).

ص:365


1- المصنف في المعتبر 1:266،و الشرائع 1:38؛و انظر الذكرى:45،مجمع الفائدة و البرهان 1:184،المدارك 2:84.
2- عوالي اللئالي 4:205/58.
3- منهم العلاّمة في نهاية الأحكام 2:225،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:372، و الشهيد الثاني في المسالك 1:13.
4- التهذيب 1:1444/446،الاستبصار 1:731/208،الوسائل 2:483 أبواب غسل الميت ب 2 ح 7.

و هو-كما ترى-ظاهر في عدم الاستحباب؛لعدم الأمر به مع وقوع السؤال عنه،بل أمر بغيره من المستحبات.

و يؤيد عدم الاستحباب تشبيه غسل الميت بغسل الجنابة في المستفيضة،بل مصرح بعضها بالعينية.

و حينئذ فعدم الاستحباب أيضا أشبه كما عن الخلاف و ظاهر السرائر (1)،و محتمل كلام سلاّر (2)،و إن كان الاستحباب أشهر.

و عن التذكرة و نهاية الأحكام (3)التردد في المشروعية.

و عن المبسوط دعوى الإجماع على ترك العمل بما دل على الوضوء (4).

و ليس في أمر مولانا الصادق عليه السلام معاوية بن عمّار بأن يعصر بطنه ثمَّ يوضئه (5)-مع قصور سنده و مخالفته لأصول المذهب -منافاة لذلك؛ لاحتمال التوضؤ فيه التطهير،بل ربما أشعر سياقه به ،و يحتمل التقية.

نعم:في الخبر عن الصادق عليه السلام:«إنّ أبي أمرني أن اغسّله إذا توفّي،و قال لي:اكتب يا بني،ثمَّ قال:إنهم يأمرونك بخلاف ما تصنع،فقل لهم:هذا كتاب أبي،و لست أعدو قوله.ثمَّ قال:تبدأ فتغسل يديه ثمَّ توضئه وضوء الصلاة»الحديث (6).

و هو-كما ترى-لا يقبل الحمل المتقدم.إلاّ أنه ضعيف جدا بالإرسال

ص:366


1- الخلاف 1:693،السرائر 1:159.
2- كما في المراسم:48.
3- التذكرة 1:42،نهاية الأحكام 2:226.
4- المبسوط 1:178.
5- راجع ص:359.
6- التهذيب 1:883/303،الاستبصار 1:730/207،الوسائل 2:492 أبواب غسل الميت ب 6 ح 4.

و غيره،نعم:ربما كانت الشهرة جابرة،إلاّ أن الظن الحاصل منها أضعف من الظن الحاصل من الأمور المتقدمة.

و كيف كان:الأحوط الترك؛لأن احتمال الضرر في الترك أقل منه في الإتيان،لضعف القول بالوجوب-كما عن جماعة (1)-جدّا،لعدم معلومية شمول ما دلّ على أن كل غسل معه وضوء (2)لما نحن فيه،لتعقبه باستثناء غسل الجنابة المحتمل كون المقام منه،لما عرفت من المستفيضة،و بعد التسليم فيخصّص بما قدّمناه من الأدلة.

و لو خيف من تغسيله تناثر جلده أو غير ذلك ييمّم كالحي العاجز ،إجماعا كما في التهذيب و عن الخلاف (3)؛للنصوص المعتبرة بعموم البدلية،و خصوص الخبر المنجبر ضعفه بالوفاق:«إنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:مات صاحب لنا و هو مجدور،فإن غسّلناه انسلخ،فقال يمّموه» (4).

و بجميع ما ذكر يرفع اليد عن الأصل،و الصحيح في الجنب و المحدث و الميت،الآمر باغتسال الأول،و تيمم الثاني،و دفن الثالث (5).المشعر بالعدم .

و ظاهر إطلاق النص و الفتاوي الاكتفاء بالمرة،و الأحوط التعدد بدل كل غسل.

ص:367


1- منهم المفيد في المقنعة:76،ابن البرّاج في المهذّب 1:58،الحلبي في الكافي:134.
2- انظر الوسائل 2:248 أبواب الجنابة ب 35.
3- لم نعثر على ادّعاء الإجماع في التهذيب،الخلاف 1:717.
4- التهذيب 1:977/333،الوسائل 2:513 أبواب غسل الميت ب 16 ح 3.
5- الفقيه 1:222/59،التهذيب 1:285/109،الاستبصار 1:329/101،الوسائل 3: 375 أبواب التيمم ب 18 ح 1.و لا يخفى أنّ في الفقيه:«يدفن الميت بتيمم».
سننه

و سننه.

أن يوضع الميت على لوح من خشب أو غيره مما يؤدي فائدته مرتفع بلا خلاف كما عن المنتهى (1)؛للمرسل:«و تضعه على المغتسل مستقبل القبلة» (2).

و الرضوي:«ثمَّ ضعه على المغتسل» (3).

و حفظا لجسده من التلطخ.

و ليكن مكان الرجلين منحدرا .

و أن يكون موجّها إلى القبلة نحو توجّهه حال السوق؛للأمر به في النصوص،منها الحسن المتقدم في توجيه المحتضر (4).و ليس للوجوب على الأشهر؛للأصل،و الصحيح:عن الميت،كيف يوضع على المغتسل، موجّها وجهه نحو القبلة،أو يوضع على يمينه و وجهه نحو القبلة؟قال:«يوضع كيف تيسّر» (5).

و ردّ الأصل بالأوامر،و الصحيح بعدم الكلام فيه؛لعدم وجوب ما تعسّر .

فالوجوب متعين و هو أحوط و إن كان في التعيين نظر.

مضلّلا مستورا عن السماء اتفاقا،كما عن الماتن و الذكرى (6)؛

ص:368


1- المنتهى 1:428.
2- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
3- فقه الرضا(عليه السلام):165،المستدرك 2:167 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
4- في ص:345.
5- التهذيب 1:871/298،الوسائل 2:491 أبواب غسل الميت ب 5 ح 2.
6- الماتن في المعتبر 1:275،الذكرى:45.

للخبرين،منهما الصحيح:عن الميت هل يغسل في الفضاء؟قال:«لا بأس، و إن ستر بستر فهو أحب إليّ» (1).

و أن يفتق جيبه إن احتاج إليه و ينزع ثوبه من تحته لأنه مظنة النجاسة فيتلطخ بها أعالي البدن.

و للخبر المروي في المعتبر (2)صحيحا كما قيل (3)،و فيه:«ثمَّ يخرق القميص إذا فرغ من غسله و ينزع من رجليه».

و صريحه-كظاهر التعليل-استحباب ذلك بعد الغسل.لكن ظاهر المتن-كالمقنعة (4)-استحبابه قبله،فلا دليل عليه.

و يستفاد من الخبر-كغيره-جواز تغسيله فيه،بل في الروضة عن الأكثر أنه الأفضل (5).و عن المختلف اشتهار العكس (6).و الصحاح مع الأول،ففيها:

قلت:يكون عليه ثوب إذا غسّل؟قال:«إن استطعت أن يكون عليه قميص تغسّله من تحته فيغسّل من تحت القميص» (7).

و ظاهرها طهره من غير عصر.

ص:369


1- الكافي 3:6/142،الفقيه 1:400/86،التهذيب 1:1379/431،الوسائل 2:538 أبواب غسل الميت ب 30 ح 1.و الآخر في:التهذيب 1:1380/432،الوسائل 2:539 أبواب غسل الميت ب 30 ح 2.
2- المعتبر 1:269-270.و رواه أيضا في الكافي 3:9/144،و التهذيب 1:894/308، و الوسائل 3:8 أبواب التكفين ب 2 ح 8،و لكن في جميعها:«إذا غسّل»بدل:«إذا فرغ من غسله».
3- مرآة العقول 13:312.
4- المقنعة:76.
5- الروضة 1:127.
6- المختلف:43.
7- الكافي 3:2/139،التهذيب 1:875/300،الوسائل 2:479 أبواب غسل الميت ب 2 ح 1،و انظر أيضا الحديثين 6 و 7 من الباب المذكور.

و على تقدير نزعه تستر عورته وجوبا،به أو بخرقة،إلاّ أن يكون الغاسل غير مبصر أو واثقا من نفسه بكفّ البصر فيستحب استظهارا.و على هذا يحمل عبارة المتن .

و و يستحب أيضا تليين أصابعه برفق إن أمكن و إلاّ فيترك؛ للخبر:«ثمَّ تليّن مفاصله،فإن امتنعت عليك فدعها» (1)و نحوه الرضوي (2).

و عليه الإجماع عن المعتبر و الخلاف (3).

و لا ينافيه النهي عن غمز المفاصل في الخبر (4)؛لضعفه.مضافا إلى احتمال كون الغمز غير التليين؛لاشتماله على العنف دونه.

و ربما حمل على ما بعد الغسل (5).و لعلّه تكلّف،مع عدم جريانه في الحسن:«إذا غسّلتم الميت منكم فارفقوا به،و لا تعصروه،و لا تغمزوا له مفصلا»الحديث (6).و الجواب ما قدّمناه.

و عن العماني الفتوى بمضمون الخبر (7)،فيجري فيه ما احتمله .

و أن يغسل رأسه و جسده أمام الغسل برغوة السدر لاتفاق فقهاء أهل البيت عليهم السلام كما عن المعتبر (8).و هو الحجة فيه مع

ص:370


1- الكافي 3:4/140،التهذيب 1:873/298،الوسائل 2:481 أبواب غسل الميت ب 2 ح 5.
2- فقه الرضا(عليه السلام):165-166،المستدرك 2:167 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
3- المعتبر 1:272،الخلاف 1:691.
4- التهذيب 1:1445/447،الاستبصار 1:723/205،الوسائل 2:497 أبواب غسل الميت ب 9 ح 1.
5- كما في المختلف:42.
6- التهذيب 1:1445/447،الاستبصار 1:723/205،الوسائل 2:497 أبواب غسل الميت ب 9 ح 1.
7- نقله عنه في المختلف:42.
8- المعتبر 1:272.

المسامحة،لا المرسل:«ثمَّ اغسل رأسه بالرغوة،و بالغ في ذلك،و اجتهد أن لا يدخل الماء منخريه و مسامعه،ثمَّ أضجعه على جانبه الأيسر،و صبّ الماء من نصف رأسه إلى قدمه ثلاث مرّات»الخبر (1).

لعدم دلالته-كغيره من الأخبار-على خروج ذلك عن الغسل،بل ظهوره في أنه أوّله.

نعم:يشعر به الصحيح:«غسل الميت يبدأ بمرفقه فيغسل بالحرض، ثمَّ يغسل رأسه و وجهه بالسدر،ثمَّ يفاض عليه الماء ثلاث مرّات»الخبر (2).

فتأمل .

فإن تعذّر السدر فالخطمي و شبهه في التنظيف،كما عن التذكرة و المنتهى و التحرير و نهاية الأحكام (3).

و لم أقف له على دليل.و ليس في الخبر:«و إن غسلت رأسه و لحيته بالخطمي فلا بأس» (4)دلالة عليه بوجه.

و أن يغسل فرجه بالحرض أي الأشنان خاصة،كما عن المقنعة و الاقتصاد و المصباح و مختصره و المراسم و السرائر (5).أو بإضافة السدر إليه،كما عن النهاية و المبسوط و المهذّب و الوسيلة و الشرائع و الجامع (6).

ص:371


1- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
2- التهذيب 1:1444/446،الاستبصار 1:731/208،الوسائل 2:483 أبواب غسل الميت ب 2 ح 7.
3- التذكرة 1:38،المنتهى 1:428،التحرير 1:17،نهاية الأحكام 2:223.
4- الفقيه 1:585/122،الوسائل 2:485 أبواب غسل الميت ب 2 ح 12.
5- المقنعة:76،الاقتصاد:248،مصباح المتهجد:18،المراسم:48،السرائر 1:162.
6- النهاية:34،المبسوط 1:178،المهذّب 1:58،الوسيلة:64،الشرائع 1:39،الجامع للشرائع:51.

و لم أقف على مستندهما سوى رواية الكاهلي،و ليس فيها إلاّ غسله بالسدر خاصة (1).و في الصحيح غسل مرافقه بالحرض (2)،و في الخبر غسله به (3)،الظاهر في غسل جميعه.

و أن يبدأ بغسل يديه كما عن جمل العلم و العمل و الغنية و كتب المصنف (4).ثلاثا،كما عن الاقتصاد و المصباح و مختصره و السرائر و الفقيه (5).

بماء السدر،كما عن الأخير.من رؤوس الأصابع إلى نصف الذراع،كما عن الدروس (6).

كلّ ذلك للمرسل:«ثمَّ اغسل يديه ثلاث مرّات كما يغتسل الإنسان من الجنابة إلى نصف الذراع»الخبر (7).

و المراد:بماء السدر،كما يستفاد من سياقه،و صرّح به في الحسن أو الصحيح:«ثمَّ تبدأ بكفيه و رأسه ثلاث مرّات بالسدر ثمَّ سائر جسده» الحديث (8).

ص:372


1- الكافي 3:4/140،التهذيب 1:873/299،الوسائل 2:481 أبواب غسل الميت ب 2 ح 5.و فيها:«ثمَّ ابدأ بفرجه بماء السدر و الحرض»و لعله سهو منه رحمه اللّه،كما أشار إليه في الجواهر 4:152.
2- المتقدم في ص:371.
3- التهذيب 1:1442/446،الاستبصار 1:724/206،الوسائل 2:484 أبواب غسل الميت ب 2 ح 9.
4- جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):50،الغنية(الجوامع الفقهية):563؛و انظر المعتبر 1:272،و الشرائع 1:39.
5- الاقتصاد:248،مصباح المتهجد:18،السرائر 1:162،الفقيه 1:90.
6- الدروس:1:106.
7- تقدم في ص:371.
8- الكافي 3:1/138،التهذيب 1:874/299،الوسائل 2:479 أبواب غسل الميت ب 2 ح 2.

و يحمل الكف فيه على ما يعمّ الذراعين.أو يجمع بينه و بين السابق بالحمل على الاختلاف في الفضل.

و نحو المرسل الرضوي (1).

و عن الغنية:الإجماع على الاستحباب مع خلوهما عن النجاسة،و إلاّ فالوجوب (2).

ثمَّ المستحب في غسل رأسه أن يبدأ بشق رأسه الأيمن ثمَّ بغسل الأيسر إجماعا كما عن المعتبر و التذكرة (3)؛للخبر:«ثمَّ تحوّل إلى رأسه، فابدأ بشقه الأيمن من لحيته و رأسه،ثمَّ تثني بشقه الأيسر من رأسه و لحيته و وجهه» (4).

و يعمّه ما في آخر:«تبدأ بميامنه» (5).

و أن يغسل كل عضو منه ثلاثا في كل غسلة إجماعا،كما عن المعتبر و التذكرة و الذكرى (6)؛للخبرين ليونس (7)و الكاهلي (8)،و نحوهما الرضوي:«تبتدئ بغسل اليدين إلى نصف المرفقين ثلاثا ثلاثا،ثمَّ الفرج

ص:373


1- فقه الرضا(عليه السلام):181،المستدرك 2:167 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):563.
3- المعتبر 1:272،التذكرة 1:38.
4- الكافي 3:4/140،التهذيب 1:873/298،الوسائل 2:481 أبواب غسل الميت ب 2 ح 5.
5- التهذيب 1:1442/446،الاستبصار 1:724/206،الوسائل 2:484 أبواب غسل الميت ب 2 ح 9.
6- المعتبر 1:273،التذكرة 1:38،الذكرى:46.
7- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
8- الكافي 3:4/140،التهذيب 1:873/298،الوسائل 2:481 أبواب غسل الميت ب 2 ح 5.

ثلاثا،ثمَّ الرأس ثلاثا،ثمَّ الجانب الأيمن ثلاثا،ثمَّ الجانب الأيسر ثلاثا بالماء و السدر،ثمَّ تغسله مرّة أخرى بالماء و الكافور على هذه الصفة،ثمَّ بالماء القراح مرّة ثالثة،فيكون الغسل ثلاث مرّات كل مرّة خمسة عشر صبة»إلى آخره (1).

و أن يمسح بطنه برفق في الغسلتين الأوّلتين بالسدر و الكافور قبلهما،حذرا من خروج شيء بعد الغسل؛لخبر الكاهلي و غيره (2)، و عن المعتبر الإجماع عليه (3).

إلاّ الحامل فيكره،كما عن صريح الوسيلة و الجامع و المنتهى (4)، حذرا من الإجهاض؛لخبر أم أنس بن مالك،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا توفّيت المرأة فإن أرادوا أن يغسلوها فليبدءوا ببطنها،و يمسح مسحا رقيقا إن لم تكن حبلى،و إن كانت حبلى فلا تحرّكيها» (5).

و لا يستحب في الثالثة اتفاقا،كما عن المعتبر و التذكرة و الذكرى و ظاهر نهاية الأحكام (6)؛للأصل،و خلوّ الأخبار البيانية عنه.بل و عن الخلاف و الوسيلة و الجامع و الذكرى و الدروس كراهته (7)؛لأنه تعرض لكثرة الخارج كما عن الشهيد (8)،فتأمل .

و أن يقف الغاسل له على يمينه ،كما عن النهاية و المصباح

ص:374


1- تقدّم في ص:373 الرقم(1).
2- انظر الوسائل 2:483 أبواب غسل الميت ب 2 ح 7،9.
3- المعتبر 1:273.
4- الوسيلة:65،الجامع للشرائع:51،المنتهى 1:430.
5- التهذيب 1:880/302،الاستبصار 1:728/207،الوسائل 2:492 أبواب غسل الميت ب 6 ح 3.
6- المعتبر 1:273،التذكرة 1:39،الذكرى:45،نهاية الأحكام 2:225.
7- الخلاف 1:695،الوسيلة:65،الجامع للشرائع:51،الذكرى:45،الدروس 1:106.
8- انظر الذكرى:45.

و مختصره و الجمل و العقود و المهذّب و الوسيلة و السرائر و الجامع و الشرائع و الغنية (1)،و فيها الإجماع.و هو الحجّة فيه بعد المسامحة،مع عموم التيامن المندوب إليه في الأخبار (2).

و عن المقنعة و المبسوط و المراسم و المنتهى:الاقتصار على الوقوف على الجانب (3)؛و لعلّه للأصل،و خلوّ النصوص عن الأيمن بالخصوص.

و فيه نظر؛لكفاية العموم مع الشهرة و الإجماع المحكي،مضافا إلى المسامحة في السنن الشرعية.

و أن يحفر للماء المنحدر عن الميت حفيرة تجاه القبلة؛ لأنه ماء مستقذر فيحفر له ليؤمن تعدي قذرة؛و للحسن أو الصحيح:«و كذلك إذا غسّل يحفر له موضع الغسل تجاه القبلة»الحديث (4).

و أن ينشف بعد الفراغ بثوب إجماعا،كما عن المعتبر و نهاية الأحكام و التذكرة (5)؛للمستفيضة منها الصحيح أو الحسن:«فإذا فرغت من ذلك جعلته في ثوب ثمَّ جففته» (6).

ص:375


1- النهاية:35،مصباح المتهجد:18،الجمل العقود(الرسائل العشر):165،المهذّب 1: 58،الوسيلة:64،السرائر 1:166،الجامع للشرائع:52،الشرائع 1:39،الغنية (الجوامع الفقهية):563.
2- قد تقدّم خبر في بحث سنن الوضوء،و هو:«كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يحب التيامن في طهوره و شغله و شأنه كلّه».مسند أحمد 6:94،صحيح البخاري 1:53.
3- المقنعة:76،المبسوط 1:178،المراسم:49،المنتهى 1:431.
4- الكافي 3:3/127،التهذيب 1:835/286،الوسائل 2:452 أبواب الاحتضار ب 35 ح 2.
5- المعتبر 1:277،نهاية الأحكام 2:227 و 241 من دون ذكر الإجماع،التذكرة 1:42.
6- الكافي 3:1/138،التهذيب 1:874/299،الوسائل 2:479 أبواب غسل الميت ب 2 ح 2.

و منها الرضوي:«فإذا فرغت من الغسلة الثالثة فاغسل يديك من المرفقين إلى أطراف أصابعك،و ألق عليه ثوبا ينشف به الماء عنه»إلى آخره (1).

ما يكره فيه

و يكره إقعاده إجماعا،كما عن الخلاف (2)؛للنهي عنه في الخبر (3)، و لأنه ضدّ الرفق المأمور به في الخبرين منهما الحسن (4).

و لاشتماله على كثير من المستحبات،مع الأصل و الشهرة العظيمة على الجواز،بل عن المعتبر الإجماع عليه (5)،مع إشعار إجماع الشيخ به،و ورود الأمر به في الصحيح:عن الميت فقال:«أقعده و اغمز بطنه» (6)حمل على الكراهة.

فالحرمة-كما عن ابن سعيد و ابن زهرة (7)-ضعيف.كالتأمل من الماتن في المعتبر في الكراهة،بناء على الأمر به في الصحيح المتقدم،و نحوه

ص:376


1- فقه الرضا(عليه السلام):167،المستدرك 2:167 أبواب غسل الميت ب 2 ذيل الحديث 3.
2- الخلاف 1:693.
3- الكافي 3:4/140،التهذيب 1:873/298،الوسائل 2:481 أبواب غسل الميت ب 2 ح 5.
4- الأول: التهذيب 1:1445/447،الاستبصار 1:723/205،الوسائل 3:34 أبواب التكفين ب 14 ح 5. الثاني: التهذيب 1:1441/445،الاستبصار 1:722/205،الوسائل 2:497 أبواب غسل الميت ب 9 ح 2.
5- المعتبر 1:277.
6- التهذيب 1:1442/446،الاستبصار 1:724/206،الوسائل 2:484 أبواب غسل الميت ب 2 ح 9.
7- ابن سعيد في الجامع للشرائع:51،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):563.

الرضوي (1)؛لاحتماله الإباحة،بناء على احتمال وروده مورد توهّم الحرمة من النهي الوارد عنه في الرواية،فلا يفيد سوى الإباحة.مضافا إلى قوّة احتمال الحمل على التقية؛لكون الاستحباب مذهب العامة (2).

و قصّ شيء من أظفاره و ترجيل شعره و جزّه و نتفه،وفاقا للأكثر، بل عن المعتبر و التذكرة الإجماع عليه (3)؛للنهي عن الجميع في المستفيضة، منها المرسل كالحسن أو الصحيح:«لا يمسّ من الميت شعر و لا ظفر،و إن سقط شيء فاجعله في كفنه» (4).

و ظاهره الحرمة،كما عن ابني سعيد و حمزة فيهما (5)،و الخلاف و المبسوط و المقنعة في الأوّل (6)،مدّعيا عليه الإجماع في الأوّل.

و هي أحوط،و إن كانت الكراهة ليست بذلك البعيد؛للأصل، و التصريح بها في الخبرين:«كره أن يقصّ من الميت ظفر،أو يقصّ له شعر، أو يحلق له عانة أو يغمز له مفصل» (7).

و هي و إن كانت أعم من الحرمة و الكراهة،إلاّ أن الشهرة العظيمة،و درج الغمز في الرواية مع كون الكراهة بالنسبة إليه اصطلاحية باتفاق الطائفة،مضافا

ص:377


1- فقه الرضا(عليه السلام):166،المستدرك 2:167 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
2- كما في المغني لابن قدامة 2:318.
3- المعتبر 1:278،التذكرة 1:42.
4- الكافي 3:1/155،التهذيب 1:940/323،الوسائل 2:500 أبواب غسل الميت ب 11 ح 1.
5- ابن سعيد في الجامع للشرائع:51،ابن حمزة في الوسيلة:65.
6- الخلاف 1:695،المبسوط 1:181،المقنعة:82.
7- الكافي 3:3/156 بتفاوت يسير،التهذيب 1:941/323،الوسائل 2:500 أبواب غسل الميت ب 11 ح 4.و الثاني في الكافي 3:2/156،الوسائل 2:500 أبواب غسل الميت ب 11 ح 2.

إلى الإجماعين المحكيين عن المعتبر و التذكرة،تعيّن الثاني.

هذا مضافا إلى ضعف الأخبار كلّها حتى الأوّل بالإرسال.و جعله فيه كالمسند بناء على ذكر الأصحاب له،و قد خالفوا هنا،فكالمرسل.

و بالجملة:العمدة في قبول مثل هذا المرسل تصريح الأصحاب بقبوله، و هو مختص بمورده،و قد ردّه الأصحاب هنا،فلا عبرة به،فتأمل .

و لا يعارض شيئا ممّا ذكر-سيّما الإجماعين المحكيين على الكراهة- الإجماع المحكي عن الخلاف على تحريم الأوّل خاصة،مع تطرّق الوهن إليه بمصير معظم الأصحاب على خلافه.و يحتمل شدة الكراهة،و يؤيده النص عليها بعد ذلك في الكتاب المذكور و نقل الإجماع عليها.

و جعله بين رجلي الغاسل وفاقا للأكثر؛للنهي عنه في الخبر (1).

و قد صرف عن ظاهره لآخر:«لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك و أن تقوم فوقه فتغسله إذا قلبته يمينا و شمالا تضبطه برجليك لئلاّ يسقط لوجهه» (2).

مع الأصل،و الشهرة العظيمة،و اتفاق الطائفة المحكية عن الغنية على الجواز و على الكراهة (3).

و إرسال الماء المغتسل به في الكنيف للبول و الغائط،وفاقا للمعظم،بل عن الذكرى الإجماع عليه (4)؛لمكاتبة الصفّار في الصحيح إلى مولانا العسكري عليه السلام:هل يجوز أن يغسّل الميت و ماؤه الذي يصبّ

ص:378


1- رواه في المعتبر 1:277.و لم نعثر عليه في كتب الحديث.
2- الفقيه 1:587/122،التهذيب 1:1448/447،الاستبصار 1:725/206،الوسائل 2: 543 أبواب غسل الميت ب 33 ح 1.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):563.
4- الذكرى:45.

عليه يدخل إلى بئر كنيف؟فوقّع عليه السلام:«يكون ذلك في بلاليع» (1).

و عن الفقيه عدم الجواز (2).و يحتمل شدة الكراهة.

و يظهر من المكاتبة أنه لا بأس بالبالوعة وفاقا للفقيه و كتب الماتن (3)،و نسب في المعتبر إلى الخمسة و أتباعهم.

و اشترط في ذلك في النهاية و المبسوط و الوسيلة و المهذّب و نهاية الأحكام و التذكرة تعذر اتخاذ حفيرة (4).

و هل تشمل البالوعة ما تشتمل على النجاسة؟وجهان.أظهرهما:نعم، و الأحوط:لا.

ص:379


1- الكافي 3:3/150،التهذيب 1:1378/431،الوسائل 2:538 أبواب غسل الميت ب 29 ح 1.
2- الفقيه 1:91.
3- الفقيه 1:91،الماتن في الشرائع 1:38،و المعتبر 1:278.
4- النهاية:33،المبسوط 1:177،الوسيلة:65،المهذّب 1:57،نهاية الأحكام 2:222، التذكرة 1:38.
الثالث في الكفن

الثالث :في بيان أحكام الكفن.

الواجب

و الواجب منه ثلاث قطع مطلقا في الرجل و المرأة،على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع عن الخلاف و الغنية و المعتبر (1)؛للمعتبرة المستفيضة و غيرها.

منها الصحيح:«يكفّن الرجل في ثلاثة أثواب،و المرأة إذا كانت عظيمة في خمسة:درع و منطق و خمار و لفّافتين» (2).

و الصحيح:«كفّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب:برد أحمر حبرة،و ثوبين أبيضين صحاريين» (3).

و الحسن:«كتب أبي في وصيته أن أكفّنه بثلاثة أثواب:أحدها رداء حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة،و ثوب آخر،و قميص» (4).

و الموثق:عمّا يكفّن به الميت،فقال:«ثلاثة أثواب،و إنّما كفّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب:ثوبين صحاريين و ثوب حبرة، و الصحارية تكون باليمامة.و كفّن أبو جعفر عليه السلام في ثلاثة أثواب» (5).

و ظاهر نقل تكفينهما صلّى اللّه عليهما و آلهما الدلالة على لزوم الثلاثة، بناء على لزوم التأسي في أمثال المسألة.و منه ظهر وجه الاستناد إلى الخبرين المتقدمين على هذه الرواية.

ص:380


1- الخلاف 1:701،الغنية(الجوامع الفقهية):563،المعتبر 1:279.
2- الكافي 3:3/147،التهذيب 1:945/324،الوسائل 3:8 أبواب التكفين ب 2 ح 9.
3- التهذيب 1:869/296،الوسائل 3:7 أبواب التكفين ب 2 ح 3.
4- الكافي 3:7/144،الفقيه 1:423/93،التهذيب 1:857/293،الوسائل 3:9 أبواب التكفين ب 2 ح 10.
5- التهذيب 1:850/291،الوسائل 3:7 أبواب التكفين ب 2 ح 6.

و ظاهرها الإطلاق،بل العموم للرجل و المرأة،فتحمل الخمسة في المرأة في الصحيحة الأولى على الندب،وفاقا للجماعة.و عليه تحمل المرسلة المصرّحة بكونها فيها مطلقا فريضة (1).مع ضعفها،و منافاة إطلاقها لإطلاق الرواية السابقة و مفهوم خصوص الصحيحة المزبورة.

و كيف كان:فمخالفة سلاّر بإيجابه الثوب الواحد خاصة (2)ضعيفة،مع عدم الإيماء إليه في شيء من الأخبار المعتبرة و غيرها بالمرّة.

و أمّا الصحيح:«إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب و ثوب تام لا أقلّ منه» (3).

فلا دلالة له عليه؛إذ هي على تقدير كون الواو بمعنى أو ،أو رجحان النسخة الموجودة هي فيها دونها،و لا دليل عليهما.مضافا إلى فقدهما معا في أكثر النسخ المعتبرة،فيكون كالأخبار السابقة في لزوم الثلاثة و عدم الاكتفاء بالواحد،و إن كان الظاهر وجود أحدهما،لاستلزام فقدهما حزازة العبارة ، مضافا إلى وجود الواو في رواية الكليني المرجحة على رواية غيره،للأضبطية.

و بعد تسليم اتفاق النسخ بلفظه«أو»يحتمل الحمل على الضرورة،و إن كان لا يخلو عن المناقشة .و الأقرب الحمل على التقية ؛لكون الاكتفاء بالثوب الواحد مذهب العامة (4).

و الثلاثة الأثواب هي مئزر يستر ما بين السرّة و الركبة ،كما عن المسالك و روض الجنان و الروضة (5)؛لأنه المفهوم منه في العرف و العادة.

ص:381


1- التهذيب 1:851/291،الوسائل 3:8 أبواب التكفين ب 2 ح 7.
2- المراسم:47.
3- الكافي 3:5/144،التهذيب 1:854/292،الوسائل 3:6 أبواب التكفين ب 2 ح 1 و 2.
4- كما في مغني المحتاج 1:337.
5- المسالك 1:13،روض الجنان:103،الروضة 1:129.

و يحتمل ما يسترهما كما عن بعض (1).

و عن المراسم و المقنعة:من سرّته إلى حيث يبلغ من ساقيه (2).

و عن المصباح و مختصره:من سرّته إلى حيث يبلغ المئزر (3).

و عن الوسيلة و الجامع:استحباب ستره من الصدر إلى الساقين (4).

و في الذكرى:استحباب ستر الصدر و الرّجلين (5)؛للخبر:«يغطّي الصدر و الرجلين» (6)و لا بأس به لكن للورثة أو بإذنهم أو مع الوصية.

و قميص يصل إلى نصف الساق؛لأنه المفهوم منه عرفا،كما عن الكتب الثلاثة المتقدمة و غيرها (7).

و عن الأخير استحباب كونه إلى القدم،و احتمال جوازه و إن لم يبلغ نصف الساق (8).و هو مشكل؛لندرته و لا سيّما في زمان صدور أخباره.

و إزار يشمل جميع بدنه طولا و عرضا و لو بالخياطة.و يستحب الزيادة طولا بحيث يمكن عقده من قبل الرأس و الرجلين،و عرضا بحيث يمكن جعل أحد جانبيه على الآخر.و الأصح وجوبها،وفاقا للروض و غيره (9)؛لعدم تبادر مثل ذلك من الأخبار (10).

ص:382


1- كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 1:382.
2- المراسم:49،المقنعة:78.
3- مصباح المتهجد:19.
4- الوسيلة:66،الجامع للشرائع:53.
5- الذكرى:49.
6- التهذيب 1:887/305،الوسائل 3:33 أبواب التكفين ب 14 ح 4.
7- المسالك 1:13،روض الجنان:103،الروضة 1:129.و انظر جامع المقاصد 1:382.
8- الروضة 1:129،و فيها استحباب كونه إلى القدم،و أما احتمال الجواز مطلقا فهو في الروض: 103.
9- روض الجنان:103؛و انظر جامع المقاصد 1:382.
10- أي:مثل ما كان شاملا و لو بالخياطة،بل المتبادر هو الزيادة بحيث يمكن عقده من قبل الرأس و الرجلين.حاشية في«ش».

و تعيين الأوليين هو المشهور بين الأصحاب و دلّ عليه أكثر أخبار الباب، فممّا دلّ منها عليهما الصحيحة السابقة أوّل المستفيضة؛للتصريح فيها للمرأة بالدرع الذي هو قميص،و المنطق الذي هو إزار،و لا فرق بينها و بين الرجل في ذلك إجماعا،و الزائد لها إنّما هو الخمار و اللفافة الثانية.

و الصحيح:كيف أصنع بالكفن؟قال:«خذ خرقة فتشدّ على مقعدته و رجليه»قلت:فالإزار؟قال:«إنها لا تعدّ شيئا،إنما تصنع لتضم ما هناك و أن لا يخرج منه شيء»إلى أن قال:«ثمَّ الكفن قميص غير مزرور و لا مكفوف» (1).

و دلالته واضحة على كون المراد بالإزار هنا المئزر بقرينة توهّم عدم لزومه بشد الخرقة،و لا وجه له لو كان المراد به اللفافة،لبعدها من محل التوهم.

مضافا إلى أنّ الإزار هو المئزر،لغة،كما عن الصحاح:المئزر:

الإزار (2)و مجمع البحرين:معقد الإزار من الحقوين ،و يستفاد منه أيضا أنّ إطلاق الإزار على الثوب الشامل للبدن على ندرة (3).و في الكنز:الإزار:لنگ كوچك (4).

و شرعا كما يستفاد من النصوص المستفيضة الواردة في باب ستر العورة لدخول الحمّام،ففي الموثق في جماعة دخلوا الحمّام بغير إزار:«ما يمنعكم من الإزار؟!فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:عورة المؤمن على المؤمن حرام» (5).

ص:383


1- الكافي 3:9/144،التهذيب 1:894/308،الوسائل 3:8 أبواب التكفين ب 2 ح 8. و في الجميع بتفاوت يسير.
2- صحاح الجوهري 2:578.
3- مجمع البحرين 3:204.
4- كنز اللغات:118 مادة«إزار».
5- الكافي 6:8/497،الفقيه 1:252/66،الوسائل 2:39 أبواب آداب الحمام ب 9 ح 4.

و في الخبر:كنت في الحمّام في البيت الأوسط،فدخل عليّ أبو الحسن و عليه النورة و عليه الإزار فوق النورة (1).

و الأخبار كثيرة في ذلك جدا في مقامات عديدة كما ذكر،و مبحث كراهة الاتزار فوق القميص،و بحث ثوبي الإحرام كما يأتي،بحيث يظهر كون الاستعمال بطريق الحقيقة.

و منه يظهر دلالة الموثق:«ثمَّ تبدأ فتبسط اللفافة طولا ثمَّ تذر عليها من الذريرة،ثمَّ الإزار طولا حتى يغطّي الصدر و الرّجلين،ثمَّ الخرقة عرضها قدر شبر و نصف،ثمَّ القميص» (2)مضافا إلى ظهور كون الإزار فيه بمعنى المئزر؛ للتصريح بتغطية الرجلين و الصدر به خاصة،و اللفافة تعمّ البدن.

و الخبر:«يكفن الميت في خمسة أثواب:قميص لا يزرّ عليه ،و إزار، و خرقة يعصب بها وسطه،و برد يلفّ فيه،و عمامة يعمّم بها» (3)و في تخصيص لفّ الميت بالبرد خاصة إشعار بعدمه في المئزر كالقميص،و ليس إلاّ لعدم وفائه بجميع بدن الميت.

و المرسل:«ابسط الحبرة بسطا،ثمَّ ابسط عليه الإزار،ثمَّ ابسط القميص عليه» (4)لظهور كون الحبرة فيه هي اللفافة،و عرفت أنّ الإزار حيث يطلق هو المئزر.

و أظهر منها الرضوي:«و يكفّن بثلاثة أثواب:لفّافة و قميص و إزار» (5)إذ

ص:384


1- الفقيه 1:251/65،التهذيب 1:1147/374،الوسائل 2:39 أبواب آداب الحمام ب 9 ح 3.
2- التهذيب 1:887/305،الوسائل 3:33 أبواب التكفين ب 14 ح 4.
3- الكافي 3:11/145،التهذيب 1:900/310،التهذيب 1:858/293،الوسائل 3: 10 أبواب التكفين ب 2 ح 13.
4- الكافي 3:1/143،التهذيب 1:888/306،الوسائل 3:32 أبواب التكفين ب 14 ح 3.
5- فقه الرضا(عليه السلام):182،المستدرك 2:205 أبواب الكفن ب 1 ح 1.

لو كان المراد بالإزار اللفّافة لكان اللازم أن يقال:قميص و لفافتان.

و بهذه الأخبار المستفيضة يحمل إطلاق غيرها من المعتبرة المتقدمة.

هذا،مع أنّ المستفاد من بعض الصحاح كون الثوبين اللذين كفّن بهما الرسول صلّى اللّه عليه و آله كما في المعتبرة هما الإزار و القميص،ففي الصحيح:«كان ثوبا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اللذان أحرم فيهما يمانيين، عبري و أظفار،و فيهما كفّن» (1).

لما سيأتي-إن شاء اللّه تعالى-في الحج أنّ ثوبي الإحرام إزار يتزر به و رداء يتردى به،كما يستفاد من الأخبار كالصحيح:«و التجرد في إزار و رداء، أو إزار و عمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء» (2).

و بذلك ثبت أن من أجزاء كفنه صلّى اللّه عليه و آله الإزار.

و نحوه الكلام في الصحيح عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال:

سمعته يقول:«إني كفّنت أبي في ثوبين شطويّين كان يحرم فيهما،و في قميص من قمصه» (3).

و ظاهر الحسن المتقدم (4)في تكفين أبي جعفر عليه السلام أيضا ذلك، حيث إنّ الظاهر من الرداء الحبرية عدم شموله البدن فليس إلاّ الإزار.

و حيث إنّ هذه الأخبار أفصحت عن المراد بالثلاثة الأثواب المأمور بها في الأخبار ظهر أن القطع الثلاث المزبورة مأمور بها واجبة و إن قصرت أكثر هذه الأخبار بنفسه عن إفادة الوجوب.

ص:385


1- الفقيه 2:975/214،الوسائل 3:16 أبواب التكفين ب 5 ح 1.
2- الكافي 4:7/249،الوسائل 11:223 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 15.
3- الكافي 3:8/149،التهذيب 1:1393/434،الاستبصار 1:742/210،الوسائل 3: 10 أبواب التكفين ب 2 ح 15.
4- في ص:380.

مع أنه يكفي في الوجوب وجوب تحصيل البراءة اليقينية،و لا ريب في حصولها بالقطع الثلاث المزبورة؛للأخبار المذكورة،مضافا إلى الشهرة العظيمة.و بدونها و لو كان ثلاثة أثواب شاملة لم تحصل؛للشك في أرادتها ممّا دلّ على الأثواب بقول مطلق،فيحتمل القطع المزبورة الواردة في هذه الأخبار.

و من جميع ما ذكر يظهر ضعف القول بالتخيير بين الثلاثة الأثواب الشاملة للبدن و بين القميص و الثوبين الشاملين (1)،مضافا إلى أنه ليس في شيء من الأخبار قيد الشمول،و إطلاقه يعمّه و غيره،فهو كالمجمل المعيّن بما قدّمناه من الأخبار المبيّنة.

و ليس في الحسن:قلت:فالكفن؟قال:«تؤخذ خرقة يشدّ بها سفله و يضمّ فخذيه بها ليضمّ ما هناك،و ما يصنع من القطن أفضل،ثمَّ يكفّن بقميص و لفافة و برد يجمع فيه الكفن» (2)دلالة على عدم المئزر و إبداله بلفّافة أخرى.

و ذلك لأنّ الظاهر من اللفافة و إن كان ما يعمّ البدن إلاّ أنّ المراد منها هنا ما يلفّ به الحقوان لا جميع البدن بقرينة أنه لم يقل:لفّافتان.و مع ذلك قوله:

«برد يجمع فيه الكفن»مشعر باختصاص شمول البدن به دون اللفافة،فتأمل .

و ربما دلّ بعض الأخبار على عدم وجوب القميص كالخبر:عن الثياب التي يصلي فيها الرجل و يصوم أ يكفّن فيها؟قال:«أحبّ ذلك الكفن يعني قميصا»قلت:يدرج في ثلاثة أثواب؟قال:«لا بأس به،و القميص أحب إليّ» (3).

ص:386


1- قال به ابن الجنيد على ما نقله عنه في المعتبر 1:279.
2- التهذيب 1:1445/447،الاستبصار 1:723/205 و فيهما:«سفليه»بدل:«سفله»، الوسائل 3:34 أبواب التكفين ب 14 ح 5.
3- التهذيب 1:855/292،الوسائل 3:7 أبواب التكفين ب 2 ح 5.

لكنه قاصر سندا،بل و دلالة ؛لاحتمال كون الألف و اللام في القميص للعهد،أي القميص الذي يصلي فيه أحب إليّ لا مطلق القميص حتى يقال إنه يجوز تركه.و هو و إن كان بعيدا إلاّ أنه لا بأس بالمصير إليه جمعا بين الأدلة فالقول باستحبابه-كما عن الإسكافي و المعتبر و به صرّح غيره (1)-ضعيف .

ثمَّ إنّ المشهور في كيفية التكفين بالقطع الثلاث الابتداء بالمئزر فوق خرقة الفخذين،ثمَّ القميص،ثمَّ اللفافة ،ثمَّ الحبرة المستحبة؛حكي عن المقنعة و النهاية و المبسوط و السرائر و الذكرى و الدروس و البيان (2).

و لم أقف في الأخبار على ما يدل عليه،بل دلّت على الابتداء بالقميص قبل المئزر كما حكي عن العماني.

و لعلّ متابعتهم أولى؛لقصور الأخبار عن إفادة الوجوب،و حصول الامتثال بذلك.و إن كان حصوله بما ذكره العماني أيضا غير بعيد؛للإطلاق، مع التصريح به في تلك الأخبار.

و يجب أن يكون الكفن ممّا تجوز الصلاة فيه للرجال اختيارا كما في القواعد و عن الوسيلة (3).فيحرم من الذهب و الحرير المحض للميت مطلقا حتى المرأة،كما عن المعتبر و نهاية الأحكام و الذكرى و التذكرة (4).

و عن الكافي و الغنية:اشتراط جواز الصلاة بقول مطلق من دون تصريح به للرجال (5).

ص:387


1- المعتبر 1:279؛و انظر المدارك 2:94.
2- المقنعة:77-79،النهاية:35،المبسوط 1:179،السرائر 1:164،الذكرى: 49،الدروس 1:110،البيان:71.
3- القواعد 1:18،الوسيلة:66.
4- المعتبر 1:280،نهاية الأحكام 2:242،الذكرى:46،التذكرة 1:43.
5- الكافي في الفقه:237،الغنية(الجوامع الفقهية):563.

و لا دليل على هذه الكلية من الأخبار؛إذ غاية ما يستفاد منها المنع عن الحرير المحض خاصة،كما في الخبر:في ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قزّ و قطن،هل يصلح أن يكفّن فيها الموتى؟قال:«إذا كان القطن أكثر من القزّ فلا بأس» (1).

و في المرسل في بعض الكتب:«و نهى أن يكفّن الرجال في ثياب الحرير» (2).

و الأخبار الناهية عن التكفين في كسوة الكعبة (3).

و هي-كالأول-عامة للرجل و المرأة.

مضافا إلى المرسل:كيف تكفّن المرأة؟قال:«كما يكفّن الرجل» (4)فتأمل .مضافا إلى دعوى الإجماع عليه (5).

فلا ينافيه تخصيص النهي عنه في المرسل السابق بالرجال،مع عدم الاعتبار بمفهومه.فاحتمال العلاّمة-رحمه اللّه-في النهاية و المنتهى (6)جوازه للنسوة-استصحابا للحالة السابقة-محل مناقشة .

و لاختصاص الأدلة بالمنع عن الحرير خاصة اقتصر عليه جماعة،كما في الشرائع و عن المبسوط و الاقتصاد و النهاية و الجامع و التحرير و المعتبر و نهاية الأحكام و التذكرة (7)،مع الإجماع على المنع منه في الكتب الثلاثة الأخيرة

ص:388


1- الكافي 3:12/149،الفقيه 1:415/90،التهذيب139/،الاستبصار 1: 744/211،الوسائل 3:45 أبواب التكفين ب 23 ح 1.
2- دعائم الإسلام 1:232،المستدرك 2:226 أبواب الكفن ب 19 ح 2.
3- الوسائل 3:44 أبواب التكفين ب 22.
4- الكافي 3:2/147،التهذيب 1:944/324،الوسائل 3:11 أبواب التكفين ب 2 ح 16.
5- انظر الذكرى:46.
6- نهاية الأحكام 2:242،المنتهى 1:438.
7- الشرائع 1:39،المبسوط 1:176،الاقتصاد:248،النهاية:31،الجامع للشرائع:53،التحرير 1:18،المعتبر 1:280،نهاية الأحكام 2:242،التذكرة 1:43.

كالذكرى (1).

و يمكن الاعتذار عمّا في المتن و غيره باختصاص أخبار التكفين بحكم التبادر بالقطن،مضافا إلى النهي عن الكتّان في الخبر (2)،و إشعار به في آخر (3)،المستلزم ذلك للنهي عن غيره بطريق أولى،و يلحق به ما اجمع على جوازه كالصوف ممّا يؤكل لحمه،و دلّ عليه الرضوي:«و لا بأس في ثوب صوف» (4)و يبقى جواز الباقي-و منه ما لا يتم الصلاة فيه-خاليا عن الدليل.و هو كاف في المنع،بناء على وجوب تحصيل البراءة اليقينية في مثل المقام .

و من هنا ينقدح وجه المنع عن الجلد مطلقا،وفاقا للمعتبر و النهاية و التذكرة و الذكرى (5)و إن استشكل في الثاني في جلد المأكول المذكى،مضافا إلى عدم إطلاق الثياب عليه.

و كذا الشعر و الوبر،وفاقا للإسكافي (6)،خلافا للكتب المزبورة.

و مع الضرورة تجزي اللفافة الواحدة الشاملة لجميع البدن إن أمكن، و إلاّ فما تيسر و لو ما يستر العورتين خاصة.و تجب إجماعا؛لأصالة بقاء الوجوب، و ما دلّ على أنّ«الميسور لا يسقط بالمعسور» (7).

و لو أحوجت إلى ما منع عنه سابقا،فإن كان المنع للنهي عنه كالحرير

ص:389


1- الذكرى:46.
2- التهذيب 1:1465/451،الاستبصار 1:745/211،الوسائل 3:42 أبواب التكفين ب 20 ح 2.
3- الكافي 3:7/149،الفقيه 1:414/89،التهذيب 1:1392/434،الاستبصار 1: 741/210،الوسائل 3:42 أبواب التكفين ب 20 ح 1.
4- فقه الرضا(عليه السلام):169.
5- المعتبر 1:280،نهاية الأحكام 2:243،التذكرة 1:43،الذكرى:46.
6- كما نقله عنه في المعتبر 1:280.
7- عوالي اللئالي 4:205/58.

اتجه المنع هنا؛للإطلاق.مع احتمال الجواز؛للأصل،و اختصاص النهي بحكم التبادر بحال الاختيار.

و إن كان لغيره ممّا ذكرنا اتجه الجواز؛للأصل،و انتفاء المانع، لاختصاصه بصورة وجود غيره ممّا يجوز التكفين به.و أمّا الوجوب فمشكل؛ لعدم الدليل عليه،لعدم الإجماع فيه،و اختصاص الأمر بالتكفين في الأخبار بحكم التبادر بغيره.و يمكن جريان الإشكال في الأوّل (1)؛لوجود المانع من إضاعة المال و تفويته من دون رخصة .فالمسألة محل إشكال.

و من هنا ينقدح وجه آخر للمنع عن الحرير هنا و حال الاختيار.

و يجب التحنيط-فيمن عدا المحرم فيحرم على الأشهر الأظهر- للإجماع عليه عن الخلاف و المنتهى و التذكرة (2).خلافا للمراسم فاستحبه (3).

و ينبغي الابتداء به قبل الأخذ في التكفين؛لظاهر المعتبرة،منها الخبر الصحيح:«إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور فمسحت آثار السجود» (4)و نحوه الرضوي (5)و المرسل (6).

و بالوجوب صرّح في القواعد (7).و في استفادته منها إشكال .

و عن صريح المراسم و التحرير و المنتهى و نهاية الأحكام و ظاهر النهاية

ص:390


1- أي الجواز.
2- الخلاف 1:708،المنتهى 1:439،التذكرة 1:44.
3- المراسم:49.
4- التهذيب 1:1403/436،الاستبصار 1:750/213،الوسائل 3:37 أبواب التكفين ب 16 ح 6.
5- فقه الرضا(عليه السلام):168،المستدرك 2:219 أبواب الكفن ب 13 ح 1.
6- الكافي 3:1/143،التهذيب 1:888/306،الوسائل 3:32 أبواب التكفين ب 14 ح 3.
7- القواعد 1:18.

و المبسوط و المقنعة و الوسيلة:كونه بعد التأزير بالمئزر (1)،بل عن المقنعة و المراسم و المنتهى:جواز التأخير عن لبس القميص،و عن المهذّب:التأخير عن لبسه و لبس العمامة أو عن شدّ الخامسة (2).

و لا ريب أنّ ما ذكرناه أحوط.

و يحصل ب إمساس مساجده السبعة خاصة على الأشهر الأظهر؛ للخبر:عن الحنوط للميت،قال:«اجعله في مساجده» (3).

و هو مع اعتبار سنده بالموثقية معتضد بالشهرة.

و عن العماني و المفيد و الحلبي و القاضي و المنتهى:إلحاق طرف الأنف الذي يرغم به (4)؛و لعلّه لعموم الخبر،حيث إنّه من المساجد،و لكن في وجوبه نظر.

و أما الزائد عليها فيستحب-إن لم يقم على النهي عنه دليل-كالمفاصل و الراحة و الرأس و اللحية و الصدر و العنق و اللّبة و باطن القدمين و موضع القلادة؛ لورود الأمر بها في المعتبرة (5).و ليس للوجوب؛للأصل،و لاختلافها بالنسبة إلى المذكورات نقيصة و زيادة،مع اشتمالها على كثير من المستحبات.

و أمّا ما قام الدليل على النهي عنه في الروايات كالمسامع و الاذن و غيرهما فالأحوط الاجتناب و إن ورد الأمر به في غيرها؛لموافقته العامة (6)؛مع ما عن

ص:391


1- المراسم:49،التحرير 1:18،المنتهى 1:439،نهاية الأحكام 2:246،النهاية:35، المبسوط 1:179،المقنعة:78،الوسيلة:66.
2- المهذّب 1:61.
3- الكافي 3:15/146،الوسائل 3:36 أبواب التكفين ب 16 ح 1.
4- نقله عن العماني في المختلف:43،المفيد في المقنعة:78،الحلبي في الكافي:237، القاضي في المهذّب 1:61،المنتهى 1:439.
5- الوسائل 3:37 أبواب التكفين ب 16 ح 5 و 6.
6- كما في المغني لابن قدامة 2:336.

الخلاف من الإجماع على أنه لا يترك على أنفه و لا اذنه و لا عينيه و لا فيه (1).

و يحصل ب مسمّى الكافور و إن قلّ كما في القواعد و الروضة و عن الجمل و العقود و الوسيلة و السرائر و الجامع (2)؛للأصل،و الإطلاق،و في الموثق:«و اجعل الكافور في مسامعه و أثر السجود منه و فيه،و أقلّ من الكافور» (3).

سننه

و سننه :

يغتسل الغاسل قبل تكفينه أو يتوضأ

أن يغتسل الغاسل قبل الأخذ في تكفينه أو يتوضأ كما في الشرائع و عن النهاية و المبسوط و السرائر و الجامع (4).و ليس عليه رواية،و علّل بتعليلات عليلة معارضة باستحباب تعجيل التجهيز،و الصحيحين:«ثمَّ يلبسه أكفانه ثمَّ يغتسل» (5)و نحوه المروي في الخصال (6).فإذا التأخير أولى،وفاقا لبعض الأصحاب (7).

ثمَّ ظاهر المتن-كغيره-استحباب تقديم غسل المس.

و عن الذكرى أنّ من الأغسال المسنونة الغسل للتكفين (8).و عن النزهة

ص:392


1- الخلاف 1:704.
2- القواعد 1:18،الروضة 1:133،الجمل و العقود(الرسائل العشر):166،الوسيلة:66، السرائر 1:160،الجامع للشرائع:53.
3- التهذيب 1:887/305،الوسائل 3:33 أبواب التكفين ب 14 ح 4.
4- الشرائع 1:39،النهاية:35،المبسوط 1:179،السرائر 1:164،الجامع للشرائع: 52.
5- الكافي 3:2/160،التهذيب 1:1364/428،الوسائل 3:56 أبواب التكفين ب 15 ح 1.و الآخر في:التهذيب 1:1444/446،الاستبصار 1:731/208،الوسائل 3: 483،أبواب غسل الميت ب 2 ح 7.
6- الخصال:618،الوسائل 3:292 أبواب غسل المس ب 1 ح 13.
7- كصاحب المدارك 1:99.
8- الذكرى:24.

أنّ به رواية (1)؛و لم أقف عليها،و ليست الصحيح:«الغسل في سبعة عشر موطنا..و إذا غسلت ميتا أو كفّنته أو مسسته بعد ما يبرد» (2)إلاّ على تقدير حمل«إذا غسّلت»على إرادة التغسيل،و هو مجاز،مع منافاته السياق، فتدبر .

نعم يستحب غسل اليدين من العاتق قبل التكفين؛للصحيحين،في أحدهما:«ثمَّ يغسل الذي غسله يده قبل أن يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرّات، ثمَّ إذا كفنه اغتسل» (3).

و دونه غسلهما إلى المرفقين،و الرّجلين إلى الركبتين؛لرواية عمّار (4).

و أن يزاد للرجل خاصة،كما عن الإصباح و التلخيص و الوسيلة (5)،أو المرأة أيضا،كما هو ظاهر جماعة (6)حبرة كعنبة:ضرب من برود اليمن يمنية. و يستحب كونها عبرية بكسر العين أو فتحها منسوبة إلى العبر:

جانب الوادي،أو موضع كما هنا و في الشرائع و المبسوط و الوسيلة و الإصباح و النهاية (7)؛للرواية:«كفّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب:ثوبين

ص:393


1- نزهة الناظر:16.
2- الفقيه 1:172/44،الخصال:1/508،الوسائل 3:56 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 4.
3- التهذيب 1:1444/446،الاستبصار 1:731/208،الوسائل 3:56 أبواب التكفين ب 35 ح 2.و الصحيح الآخر:الكافي 3:2/160،التهذيب 1:1364/428،الوسائل 3: 56 أبواب التكفين ب 35 ح 1.
4- التهذيب 1:887/305،الوسائل 3:56 أبواب التكفين ب 35 ح 3.
5- حكاه عنها في كشف اللثام 1:116.
6- في«ح»زيادة:من المتأخرين.انظر التذكرة 1:43،و الذكرى:47،و جامع المقاصد 1: 52.
7- الشرائع 1:40،المبسوط 1:176،الوسيلة:65،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1: 116،النهاية:31.

صحاريين ،و ثوب يمنية عبري أو أظفار» (1).

و المستفاد منها-كسائر الأخبار-كونها أحد الثلاثة كما عن العماني (2)، لا زائدة كما في المشهور.بل المستفاد من بعض المعتبرة كون الزيادة موافقة للتقية كالحسن أو الصحيح:«كتب أبي في وصيته أن أكفّنه في ثلاثة أثواب:

أحدها رداء له حبرة كان يصلّي فيه يوم الجمعة،و ثوب آخر،و قميص.فقلت لأبي:و لم تكتب هذا؟فقال:أخاف أن يغلبك الناس،فإن قالوا:كفّنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل» (3).و نحوه بعينه الرضوي (4).

و يؤيده النهي عن الزيادة على الثلاثة،بل التصريح بأنها بدعة في بعض المعتبرة كالحسن أو الصحيح،و فيه بعد ذكر الثلاثة المفروضة:«و ما زاد فهو سنة إلى أن يبلغ خمسة أثواب فما زاد فمبتدع،و العمامة سنّة» (5).

و لا ريب أن الزائد على الثلاثة الذي هو سنة هو العمامة و الخرقة المعبّر عنها بالخامسة.

هذا مع ما في الزيادة من إتلاف المال و الإضاعة المنهي عنهما في الشريعة.

إلاّ أن الحكم بذلك مشهور بين الطائفة،بل عليه الإجماع عن المعتبر و الذكرى و التذكرة (6)،و يومئ إليه بعض أخبار المسألة.

ص:394


1- التهذيب 1:853/292،الوسائل 3:7 أبواب التكفين ب 2 ح 4.
2- نقله عنه في الذكرى:48.
3- الكافي 3:7/144،الفقيه 1:423/93،التهذيب 1:857/293،الوسائل 3:9 أبواب التكفين ب 2 ح 10.
4- فقه الرضا(عليه السلام):183،المستدرك 2:205 أبواب الكفن ب 1 ح 1.
5- الكافي 3:5/144،التهذيب 1:854/292،الوسائل 3:6 أبواب التكفين ب 2 ح 1.
6- المعتبر 1:283،الذكرى:46،التذكرة 1:43.

ففي الخبر عن أبي الحسن الأول عليه السلام يقول:«إني كفّنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما،و في قميص من قمصه،و عمامة كانت لعلي بن الحسين عليهما السلام،و في برد اشتريته بأربعين دينارا لو كان اليوم لساوى أربع مائة دينار» (1).

و لكنه يحتمل التقية،و لا سيّما مع شدتها في زمانه عليه السلام غاية الشدة.و الاحتياط بالترك لعلّه غير بعيد؛إذ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة،فتأمّل.

و يستحب أيضا أن تكون غير مطرّزة بالذهب كما في الشرائع و المبسوط و الوسيلة و الجامع و المعتبر و النهاية (2)،و لا بالحرير كما عمّا عدا الأول من الكتب المزبورة؛لأنّه إضاعة للمال منهي عنها في الشريعة مع عدم الرخصة.

و أن يراد أيضا خرقة ل ربط فخذيه بلا خلاف؛ للمستفيضة.و طولها ثلاثة أذرع و نصف في عرض شبر كما في المرسل (3)، و لكن ليس فيه ذكر الطول،أو و نصف كما في الخبر الموثق المتضمن للطول أيضا (4).

و يثفر بها الميت ذكرا أو أنثى،و يلفّ بالباقي حقويه إلى حيث ينتهي، ثمَّ يدخل طرفها تحت الجزء الذي ينتهي إليه.

ص:395


1- الكافي 3:8/149،التهذيب 1:1393/434،الاستبصار 1:742/210،الوسائل 3: 10 أبواب التكفين ب 2 ح 15.
2- الشرائع 1:40،المبسوط 1:176،الوسيلة:65،الجامع للشرائع:53،المعتبر 1: 282،النهاية:31.
3- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
4- التهذيب 1:887/305،الوسائل 3:33 أبواب التكفين ب 14 ح 4.

سمّيت في عبارات الأصحاب خامسة،نظرا إلى أنها منتهى عدد الكفن الواجب و هو الثلاث،و الندب و هو الحبرة و الخامسة.و أمّا العمامة فلا تعدّ من أجزاء الكفن اصطلاحا و إن استحبت،و يشهد به بعض المعتبرة الآتية.لكن المستفاد من الصحيح و غيره (1)كونها منها.و كونها من المندوب دون المفروض -كما عن الشهيد (2)-طريق الجمع.و تظهر الثمرة في الدخول و الخروج بنذر الكفن المندوب،فيأتي بها على الأوّل دون الثاني.

و عمامة للرجل إجماعا؛للمستفيضة منها الصحيح:فالعمامة للميت من الكفن؟قال:«لا،إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب»ثمَّ قال:

«العمامة سنّة»و قال:«أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله بالعمامة و عمّم النبي صلّى اللّه عليه و آله» (3).

و نحوه الحسن:«و عمّمه بعد عمامة،و ليس تعدّ العمامة من الكفن» (4).

و قدرها طولا ما يؤدي هيئتها المطلوبة المشهورة بأن يشتمل على ما تثني به محنّكا،و يخرج طرفا العمامة من الحنك،و يلقيان على صدره للمرسل:«ثمَّ يعمم و يؤخذ وسط العمامة،فيثنى على رأسه بالتدوير،ثمَّ يلقى فضل الأيمن على الأيسر و الأيسر على الأيمن و يمدّ على صدره» (5)و نحوه الرضوي (6).

و عرضا ما يصدق عليه معه اسم العمامة.

ص:396


1- انظر الوسائل 3:8،10 أبواب التكفين ب 2 ح 8،13.
2- راجع الذكرى:47.
3- الكافي 3:5/144،التهذيب 1:854/292،الوسائل 3:6 أبواب التكفين ب 2 ح 1.
4- الكافي 3:7/144،الفقيه 1:423/93،التهذيب 1:857/293،الوسائل 3:9 أبواب التكفين ب 2 ح 10.
5- الكافي 3:1/143،التهذيب 1:888/306،الوسائل 3:32 أبواب التكفين ب 14 ح 3.
6- فقه الرضا(عليه السلام):168،المستدرك 2:217 أبواب الكفن ب 12 ح 1.

و قد دلّ على استحباب التحنك-مضافا إلى الإجماع المحكي (1)- خصوص المرسل لابن أبي عمير:في العمامة للميت،قال:«حنّكة» (2).

و قد ورد بالكيفية أخبار أخر (3)،إلاّ أن الأول أشهر .

أن يكون الكفن قطنا

و أن يكون الكفن قطنا وفاقا للأكثر،بل عليه الإجماع عن التذكرة و نهاية الأحكام و المعتبر (4)؛للخبر:«الكتان كان لبني إسرائيل يكفّنون به، و القطن لامة محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (5).

و أن يكون أبيض بلا خلاف كما عن الخلاف (6)،بل إجماعا كما عن نهاية الأحكام و المعتبر (7)؛للخبرين أحدهما الموثق:«البسوا البياض فإنه أطيب و أطهر،و كفّنوا فيه موتاكم» (8).

و يستثنى منه الحبرة؛للمعتبرة (9).

و أن يطيّب الكفن بالذريرة إجماعا من أهل العلم كافة كما عن المعتبر (10)؛للمعتبرة منها الموثق:«إذا كفّنت الميت فذر على كل ثوب شيئا

ص:397


1- التذكرة 1:43.
2- الكافي 3:10/145،التهذيب 1:895/308،الوسائل 3:32 أبواب التكفين ب 14 ح 2.
3- الكافي 3:8/144،التهذيب 1:899/309،الوسائل 3:36 أبواب التكفين ب 16 ح 2.
4- التذكرة 1:43،نهاية الأحكام 2:242،المعتبر 1:284.
5- الكافي 3:7/149،الفقيه 1:414/89،التهذيب 1:1392/434،الاستبصار 1: 741/210،الوسائل 3:42 أبواب التكفين ب 20 ح 1.
6- الخلاف 1:701.
7- نهاية الأحكام 2:242،المعتبر 1:284.
8- الكافي 6:1/445 و 2،الوسائل 3:41 أبواب التكفين ب 19 ح 1.و الآخر في:التعريف للصفواني:2،المستدرك 2:223 أبواب الكفن ب 16 ح 4.
9- الوسائل 3:7 أبواب التكفين ب 2 ح 3،و ص 31 ب 13 ح 2 و 3.
10- المعتبر 1:285.

من ذريرة و كافور» (1).

و في آخر:«يطرح على كفنه ذريرة» (2).

قيل:و الظاهر أن المراد بها طيب خاص معروف بهذا الاسم الآن في بغداد و ما والاها (3).

و عن الشيخ في التبيان:أنها فتات قصب الطيب و هو قصب يجاء به من الهند كأنه قصب النشّاب (4).و في المبسوط:يعرف بالقمّحة بضم القاف و تشديد الميم المفتوحة و الحاء المهملة (5).

و أن يكتب بالتربة الحسينية-على مشرّفها أفضل صلاة و سلام و تحية-إن وجدت،كما عن الشيخين و سائر متأخري الأصحاب (6)؛للتبرك، و الجمع بين وظيفتي الكتابة و التجاء الميت بالتربة،المستفاد كلتاهما من الرواية المروية في احتجاج الطبرسي في التوقيعات الخارجة عن الناحية المقدسة في أجوبة مسائل الحميري:إنه سأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره، هل يجوز ذلك أم لا؟فأجاب:«يوضع مع الميت في قبره و يخلط بحنوطه إن شاء اللّه»و سأل فقال:روي لنا عن الصادق عليه السلام أنه كتب على إزار إسماعيل ابنه:«إسماعيل يشهد أن لا إله إلاّ اللّه»فهل يجوز لنا أن نكتب مثل ذلك بطين

ص:398


1- الكافي 3:3/143،التهذيب 1:889/307،الوسائل 3:35 أبواب التكفين ب 15 ح 1.
2- التهذيب 1:887/305،الوسائل 3:33 أبواب التكفين ب 14 ح 4.
3- قال به صاحب المدارك 2:106.
4- التبيان 1:448.
5- المبسوط 1:177.
6- المفيد في المقنعة:78،الطوسي في المبسوط 1:177،العلامة في المختلف:46، المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:395،الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:120.

القبر؟فقال:«يجوز و الحمد للّه تعالى» (1).

و يشترط التأثير ببلّها بالماء؛عملا بظاهر الكتابة ،كما عن السرائر و المختلف و المنتهى و الذكرى و المفيد في الرسالة (2).و عليه يحمل إطلاق الأكثر.

فإن فقدت فبالإصبع،كما عن المشهور (3).و عن الاقتصاد و المصباح و مختصره و المراسم (4)التخيير من دون شرط الفقد.

و الأولى بعد الفقد الكتابة بالماء و الطين المطلق؛تحصيلا لظاهر الكتابة كما عن الإسكافي و عزّية المفيد و كتب الشهيد (5).فإن لم يتيسر فبالإصبع و إن لم تؤثر.و اعتبار التأثير بنحو الماء حسن؛تحصيلا لما يقرب من ظاهر الكتابة مهما أمكن.

و المستفاد من الرواية المتقدمة كون الكتابة على الإزار خاصة،و في غيرها على حاشية الكفن (6)،و استحبها الأصحاب كما زاد على المكتوب في الرواية في الحبرة و القميص و اللفافة و الجريدتين و لا بأس به؛لكونه خيرا محضا،و انفتاح باب الجواز مع أصالته،و دعوى الإجماع عليه في الخلاف (7)؛مضافا إلى ما سيأتي من الأخبار المؤيدة.

ص:399


1- الاحتجاج:489،الوسائل 3:29 أبواب التكفين ب 12 ح 1،و ص 53 ب 29 ح 3.
2- السرائر 1:162،المختلف:46،المنتهى 1:441،الذكرى:49،نقله عن المفيد في المختلف:46.
3- انظر كشف اللثام 1:120.
4- الاقتصاد:248،مصباح المتهجد:18،المراسم:48.
5- نقله عن الإسكافي و عزّيّة المفيد في المختلف:46،الشهيد في البيان:72،و الذكرى:49، و الدروس:1:100.
6- التهذيب 1:842/289،الوسائل 3:51 أبواب التكفين ب 29 ح 1،و قد رواها في كمال الدين:72،73.
7- الخلاف 1:706.

و صورة الكتابة فلان كما في الرواية و كلام جماعة (1)،و عن سلاّر بزيادة ابن فلان (2)يشهد أن لا إله إلاّ اللّه و عن المبسوط و النهاية و المهذّب (3)بزيادة وحده.لا شريك له،و يشهد أنّ محمّدا رسول اللّه،و الإقرار بالأئمة عليهم السلام أنهم أئمته،و يسمّيهم واحدا بعد واحد.

و عن كتب الشيخ و الوسيلة و المهذّب و الغنية و جماعة:الاكتفاء بكتابة أساميهم الشريفة و إن خلت عن الشهادة بهم (4)؛للبركة.

و ربما يزاد في الكتابة بمثل الجوشن الكبير؛للرواية عن السجاد المروية في جنة الأمان للكفعمي (5).و القرآن بتمامه أو بعض آياته؛للمروي في العيون:أنّ مولانا الكاظم عليه السلام كفّن بكفن فيه حبرة استعملت له يبلغ ألفين و خمسمائة دينار كان معها القرآن كلّه (6)فتأمل .

و عن كتاب الغيبة لشيخ الطائفة عن أبي الحسن القمي:أنه دخل على أبي جعفر محمّد بن عثمان العمروي-رضي اللّه عنه-و هو أحد النواب الأربعة لخاتم الأئمة،فوجده و بين يديه ساجة و نقاش ينقش عليها آيات من القرآن و أسماء الأئمة عليهم السلام على حواشيها،فقلت:يا سيّدي ما هذه الساجة؟ فقال:لقبري تكون فيه و أو ضع عليها أو قال أسند إليها،و فرغت منه،و أنا في

ص:400


1- منهم الشيخ في الاقتصاد:248،ابن إدريس في السرائر 1:162،الشهيد في الذكرى: 49،الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:120.
2- المراسم:48.
3- المبسوط 1:177،النهاية:32،المهذّب 1:60.
4- الشيخ في المبسوط 1:177،النهاية:32،مصباح المتهجد:18،الوسيلة:66،المهذّب 1:60،الغنية(الجوامع الفقهية):563؛و انظر الشرائع 1:40،القواعد 1:19.
5- جنة الأمان(المصباح):هامش 246،المستدرك 2:232 أبواب الكفن ب 28 ح 1.
6- العيون 1:5/81،الوسائل 3:53 أبواب التكفين ب 30 ح 1.

كل يوم أنزل إليه[فأقرأ]أجزاء من القرآن الحديث (1).

و هذه الروايات و إن قصرت أسانيدها إلاّ أنه لا بأس بالمصير إليها استشفاعا بما فيها.

و توهّم الاستخفاف مدفوع بما تقدّم من أدلة جواز الشهادتين و أسامي الأئمة عليهم السلام،فجواز الغير بطريق أولى.

و منه يظهر جواز الاستشفاع بكتابة كل ما يستحسن عقلا مع عدم المنع عنه شرعا و إن لم يكن بخصوصه منصوصا-كالجوشن الصغير و كلمات الفرج و نحو ذلك-ما لم يحكم بكونه مستحبا شرعا.مع احتمال الجواز مطلقا و إن ادّعى الاستحباب شرعا؛لكونه من الاحتياط المأمور به نصّا و المندوب إليه عقلا.فتأمّل جدّا.

أن يجعل بين أليتيه قطن

و أن يجعل بين أليتيه قطن على فرجيه؛للخبر:«و اعمد إلى قطن فذر عليه شيئا من حنوط وضعه على فرجيه قبل و دبر» (2).

و حكي عن المقنعة و المبسوط و المراسم و الوسيلة و المصباح و مختصره و الإصباح و التحرير و النهاية (3).

و في آخر:«فتجعل على مقعدته شيئا من القطن و ذريرة» (4).

ص:401


1- الغيبة(للطوسي):222،المستدرك 2:332 أبواب الدفن ب 27 ح 4 بتفاوت يسير،ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
3- المقنعة:77،المبسوط 1:179،المراسم:49،الوسيلة:66،المصباح:19،حكاه عن مختصر المصباح و الإصباح في كشف اللثام 1:119،التحرير 1:18،نهاية الأحكام 2: 246.
4- التهذيب 1:887/305،الوسائل 2:484 أبواب غسل الميت ب 2 ح 10.

و به أفتى في المقنع و السرائر (1)،و هو ظاهر المتن و الشرائع (2)، و يحتملان الأوّل أيضا خصوصا في المرأة.

و اقتصر في الفقيه على وضعه على القبل و زاد حشوه في الدبر (3).

ثمَّ إن خاف خروج شيء حشا دبره بالقطن،كما عن الفقيه و الكافي و الخلاف و المعتبر و الجامع و النهاية و المبسوط و الوسيلة (4).لكنهم لم يشترطوا خوف خروج شيء،غير أنّ كلامي الخلاف و الجامع يعطيانه ككلام الإسكافي (5).

و المستند فيه-بعد الإجماع المحكي عن الخلاف-المرسل المضمر المرفوع:«و يضع لها القطن أكثر ممّا يضع للرجال و يحشى القبل و الدبر بالقطن و الحنوط» (6).

و نحوه المرسل الآخر:«و احش القطن في دبره لئلاّ يخرج منه شيء» (7).

و مقتضى التعليل الإشعار باختصاص الاستحباب باحتمال خروج شيء منه؛و لعلّه المراد من المرسل المتقدم كالخبر:«و تدخل في مقعدته من القطن ما دخل» (8).

ص:402


1- المقنع:18،السرائر 1:164.
2- الشرائع 1:40.
3- الفقيه 1:92.
4- الفقيه 1:92،الكافي:237،الخلاف 1:703،المعتبر 1:285،الجامع للشرائع: 54،النهاية:35،المبسوط 1:179،الوسيلة:66.
5- نقله عنه في المختلف:45.
6- الكافي 3:2/147،التهذيب 1:944/324،الوسائل 3:11 أبواب التكفين ب 2 ح 16.
7- الكافي 3:5/141،التهذيب 1:877/301،الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.
8- التهذيب 1:887/305،الوسائل 2:484 أبواب غسل الميت ب 2 ح 10.

مع أنه مقتضى الجمع بين هذه الأخبار و ما دلّ على أنّ حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا (1).و بظاهره جمد الحلّي فمنع عن الحشو مطلقا (2).و هو ضعيف جدّا.كتجويز الحشو مطلقا؛لضعف ما دلّ عليه سندا و دلالة مع عدم جابر أصلا.و لا يستفاد من الإجماع المحكي (3)سوى صورة خوف الخروج؛لتعليل الاستحباب في الحكاية بما يشعر باختصاصه بها كالمرسل المتقدم.و لذا صرّح بالشرط في الشرائع و القواعد و حكي عن المنتهى (4).

و أن تزاد المرأة لفافة أخرى لثدييها تلفّان بها و تشدّ إلى ظهرها، كيلا يبدو حجمها و لا يضطربا فينتشر الأكفان؛لمرفوع سهل المضمر (5).و عمل به الشيخ و جماعة كالحلّي و القاضي و ابن سعيد و المحقّق و ابن حمزة (6).

و لا ضير في قصور السند؛للانجبار بفتاوى هؤلاء الأخيار.و لولاه لأشكل العمل به؛لضعفه،و عدم جواز المسامحة في مثله لاستلزامه تضييع المال المحرّم.

و تزاد أيضا نمطا كما في الشرائع و عن الكامل و المهذّب (7)،أو لفافة مخيرا بينهما كما عن المقنعة و النهاية (8).و عن المبسوط و الخلاف و المراسم و الوسيلة:الاقتصار على اللفافة من دون ذكر النمط (9)؛و لعلّه لعدم

ص:403


1- التهذيب 1:1522/465،الوسائل 3:219 أبواب الدفن ب 51 ح 1.
2- كما في السرائر 1:164.
3- كما في الخلاف 1:703.
4- الشرائع 1:40،القواعد 1:18،المنتهى 1:439.
5- المتقدم في ص:402.
6- الشيخ في المبسوط 1:180،الحلي في السرائر 1:160،القاضي في المهذّب 1:60، ابن سعيد في الجامع:53،المحقق في المعتبر 1:285،ابن حمزة في الوسيلة:66.
7- الشرائع 1:40،حكاه عن الكامل في كشف اللثام 1:117،المهذب 1:60.
8- المقنعة:82،النهاية:31.
9- المبسوط 1:176،الخلاف 1:701،المراسم:47،الوسيلة:66.

الدليل عليه من الأخبار،فلا حاجة بنا إلى ذكر تفسيره و معناه.

و المستند في زيادة اللفافة هنا الصحيح:«يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، و المرأة إذا كانت عظيمة في خمسة:درع،و منطق،و خمار،و لفافتين» (1)بناء على كون إحدى اللفافتين المفروضة و الأخرى مستحبة.و جعلهما مفروضتين لا يتم إلاّ بتقدير جعل المنطق لفافة الثديين كما توهّمه بعض الأصحاب (2).و هو فاسد؛لعدم المناسبة لها بالمعنى اللغوي .و لذا فهم منه المئزر شيخنا الشهيد في الذكرى و شيخنا البهائي و غيرهما من المحقّقين (3).مضافا إلى تأيد ما ذكرنا بما مرّ من تعيّن المئزر كما هو الأشهر الأظهر.

و بهذا الخبر يخصّ ما دلّ على المنع عن الزائد على خمس قطع (4)؛ لصحة السند،و الاعتضاد بعمل الأصحاب،و لم أقف على رادّ له في الباب.

فينتهي لفائفها حينئذ إلى ثلاث كما عن المشهور (5)،بناء على استحباب الحبرة أو ما يقوم مقامها لها.أو ثنتين،بناء على عدمه كما هو الأحوط؛لعدم الدليل المعتد به من أصلها عليها.نعم:لو قيل باستحبابها للرجل أمكن زيادتها هنا لها أيضا؛للمرسل المرفوع:كيف تكفّن المرأة؟فقال:«كما يكفّن الرجل غير أنها تشدّ على ثدييها خرقة»الخبر (6).و ضعفه بالشهرة منجبر.

و يؤيده المرسل:«الكفن فريضة للرجال ثلاثة أثواب،و العمامة و الخرقة سنّة،و أما النساء ففريضته خمسة أثواب» (7).

ص:404


1- الكافي 3:3/147،التهذيب 1:945/324،الوسائل 3:8 أبواب التكفين ب 2 ح 9.
2- كصاحبي المدارك 2:105،و الذخيرة:87.
3- الذكرى:47،البهائي في الحبل المتين:65؛و انظر الحدائق 4:32.
4- انظر الوسائل 3:6 أبواب التكفين ب 2 ح 1.
5- انظر الذخيرة:87.
6- تقدم مصدره في ص:402.
7- التهذيب 1:851/291،الوسائل 3:8 أبواب التكفين ب 2 ح 7.

و قد عرفت الإشكال في الثبوت للرجل.و على تقديره يشكل الاستدلال للشركة هنا بمثل المرسلتين؛لقصور دلالة الأولى باحتمال إرادة التشبيه في الكيفية،أو القطع المفروضة و المستحبة الوفاقية خاصة؛و متروكية ظاهر الثانية، مع احتمال أن يراد منها ما في الخبر:في كم تكفّن المرأة؟قال:«تكفن في خمسة أثواب أحدها الخمار» (1).

و كيف كان:فلا ريب في كون الاحتياط في الاقتصار على اللفافتين، بل الواحدة؛لأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة،فتأمل .

و تبدل المرأة بالعمامة قناعا كما في الشرائع و القواعد و الجامع (2)،و لعلّه المشهور؛للصحيح المتقدم قريبا المتضمن للخمار،سمّي به لتخميره الرأس؛و يدل عليه غيره.

أن يسحق الكافور باليد

و أن يسحق الكافور باليد ذكره الشيخان و أتباعهما (3)؛و دليله غير واضح،إلاّ أنه لا بأس به.و عن المبسوط:كراهة سحقه بحجر أو غير ذلك (4).

و إن فضل شيء من الحنوط عن المساجد و المواضع التي استحب تحنيطها ألقى على صدره للرضوي:«فإذا فرغت من كفنه حنّطه بوزن ثلاثة عشر درهما و ثلث من الكافور،و تبدأ بجبهته،و تمسح مفاصله كلّها به،و تلقي ما بقي على صدره و في وسط راحته»إلى آخره (5).

و يؤيده الحسن:«إذا أردت أن تحنط الميت فاعمد إلى الكافور،فامسح

ص:405


1- الكافي 3:1/146،التهذيب 1:946/324،الوسائل 3:12 أبواب التكفين ب 2 ح 18.
2- الشرائع 1:40،القواعد 1:18،الجامع للشرائع:53.
3- المفيد في المقنعة:78،الطوسي في المبسوط 1:179؛و انظر المراسم:49،المهذّب 1: 61،الوسيلة:66.
4- المبسوط 1:179.
5- فقه الرضا(عليه السلام):168،المستدرك 2:219 أبواب الكفن ب 13 ح 1.

به آثار السجود منه و مفاصله كلّها و رأسه و لحيته و على صدره من الحنوط» (1).

و نحوه غيره (2).

أن يكون درهما أو أربعة دراهم

و أن يكون أقل كافور الحنوط خاصة على المشهور الظاهر من بعض الأخبار غاية الظهور،كالرضوي المتقدم،و المرفوع:«السنّة في الحنوط ثلاثة عشر درهما و ثلث»الخبر (3).خلافا لنادر من متأخري المتأخرين،فجعل المقادير له مع الغسل (4)؛لإطلاق الأخبار.و هو محمول على المقيد منها.

درهما كما في الشرائع و عن النهاية و المبسوط و الجمل و العقود و المصباح و مختصره و الوسيلة و السرائر و الجامع و المعتبر (5)،و عنه نفي الخلاف عنه المؤذن بالإجماع.و لعلّه الحجة؛إذ لم أقف له على رواية.

و عن المقنعة و الخلاف و الاقتصاد و جمل العلم و العمل و المراسم و الكافي و الإسكافي و كتب الصدوق:مثقال (6)؛للمرسل:«أقل ما يجزي من الكافور للميت مثقال» (7)و نحوه الرضوي في موضع (8).و في موضع آخر:«مثقال

ص:406


1- الكافي 3:4/143،التهذيب 1:890/307،الاستبصار 1:746/212،الوسائل 3: 32 أبواب التكفين ب 14 ح 1.
2- التهذيب 1:1403/436،الاستبصار 1:750/213،الوسائل 3:37 أبواب التكفين ب 16 ح 6.
3- علل الشرائع:1/302،الوسائل 3:14 أبواب التكفين ب 3 ح 7.
4- انظر الوافي 3 الجزء 13 ص 47.
5- الشرائع 1:39،النهاية:32،المبسوط 1:177،الجمل و العقود(الرسائل العشر):166، مصباح المتهجد:18،الوسيلة:66،السرائر 1:160،الجامع للشرائع:53، المعتبر 1:286.
6- المقنعة:75،الخلاف 1:704،الاقتصاد:248،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):50،المراسم:47،الكافي:237،نقله عن الإسكافي في الذكرى:46، الصدوق في المقنع:18،الهداية:25،الفقيه 1:91.
7- الكافي 3:5/151،التهذيب 1:846/291،الوسائل 3:13 أبواب التكفين ب 3 ح 2.
8- فقه الرضا(عليه السلام):168،المستدرك 2:209 أبواب الكفن ب 2 ح 2.

و نصف» (1).و نحوه مرسل آخر (2).و لم أقف على قائل به.

و عن الجعفي:مثقال و ثلث (3).و لم أعثر له على خبر.

و لا بأس بالجميع مع التفاوت في الفضيلة.

أو أربعة دراهم أوسطه،كما في الشرائع و عن المقنعة و السرائر و الخلاف (4)و فيه الإجماع،و المعتبر و فيه نفي الخلاف (5)؛و هما الحجة كالرضوي:«فإن لم تقدر على هذا المقدار»أي الأكمل الآتي«فأربعة دراهم» (6).

و عن كتب الصدوق و سائر كتب الشيخ و الوسيلة و الإصباح و الجامع (7):

أربعة مثاقيل؛للحسن:«الفضل من الكافور أربعة مثاقيل» (8)و فسّرها الحلّي بالدراهم (9)،و لعلّ القرينة عليه الرضوي.

و أكمله ثلاثة عشر درهما و ثلث درهم على المشهور؛للرضوي المتقدم في سحق الكافور؛مضافا إلى الأخبار الدالة على أن الحنوط الذي نزل به جبرئيل عليه السلام للنبي صلّى اللّه عليه و آله أربعون درهما،فقسّمه ثلاثة أقسام:له صلّى اللّه عليه و آله و لفاطمة و علي عليهما السلام،فصار سهم كلّ

ص:407


1- فقه الرضا(عليه السلام):182،المستدرك 2:209 أبواب الكفن ب 2 ح 2.
2- التهذيب 1:849/291،الوسائل 3:14 أبواب التكفين ب 3 ح 5.
3- نقله عنه في الذكرى:46.
4- الشرائع 1:39،المقنعة:75،السرائر 1:160،الخلاف 1:704.
5- المعتبر 1:286.
6- فقه الرضا(عليه السلام):168،المستدرك 2:219 أبواب الكفن ب 13 ح 1.
7- الصدوق في المقنع:18،الهداية:25،الفقيه 1:91،الشيخ في المبسوط 1:177، مصباح المتهجد:18،الاقتصاد:248،الوسيلة:66،الجامع للشرائع:53.
8- التهذيب 1:848/291،الوسائل 3:13 أبواب التكفين ب 3 ح 4،و فيهما«القصد»بدل «الفضل».
9- السرائر 1:160.

ما ذكر (1).

و عن القاضي إبدال الثلث بالنصف (2).و لا دليل عليه.

و قصور أسانيد أكثر هذه الأخبار،و ضعف دلالة الباقي منها على الوجوب،مع التصريح بالفضل في بعضها،و اختلاف الجميع في المقادير قلّة و كثرة كاختلاف الأصحاب أوضح قرينة على الاستحباب،مضافا إلى عدم الخلاف في كفاية المسمى،عملا بإطلاق أكثر أخبار الباب.

أن يجعل معه جريدتان

و أن يجعل معه أي الميت مطلقا جريدتان خضراوان، ليتجافي عنه العذاب ما دام الرطوبة فيهما،إجماعا منّا؛للنصوص المستفيضة الخاصية و العامية.

ففي الصحيح:أرأيت الميت إذا مات لم تجعل معه الجريدة؟فقال:

«يتجافى عنه العذاب و الحساب ما دام العود رطبا،إنّما الحساب و العذاب كلّه في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر و يرجع القوم،و إنما جعل السعفتان لذلك،فلا يصيبه عذاب و لا حساب بعد جفوفهما إن شاء اللّه تعالى» (3).

و في الحسن:لأيّ شيء تكون الجريدة مع الميت؟قال:«إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة» (4).

ثمَّ المشهور في المقدار كون طول كل منهما بقدر عظم الذراع؛ للرضوي و فيه:«و روي أن الجريدتين كل واحدة بقدر عظم ذراع» (5).

ص:408


1- الوسائل 3:13 أبواب التكفين ب 3 ح 1،6-10.
2- نقله عنه في الذكرى:46.
3- الكافي 3:4/152،الفقيه 1:410/89،علل الشرائع:1/302،الوسائل 3:20 أبواب التكفين ب 7 ح 1.
4- الكافي 3:7/153،التهذيب 1:955/327،الوسائل 3:22 أبواب التكفين ب 7 ح 7.
5- فقه الرضا(عليه السلام):168،المستدرك 2:215 أبواب الكفن ب 8 ح 1.

ثمَّ قدر شبر؛للصحيح الآتي.

ثمَّ أربع أصابع.و لم أعثر فيه على خبر.

و قدّر في خبرين بالذراع (1).و لا بأس بهما وفاقا للصدوق و الذكرى (2)، و إن كان المشهور أولى؛لضعف الخبرين،و عدم جابر لهما في البين.

و نسبة الثلاثة الأول بالترتيب إلى الشهرة موجودة في الروضة (3)،و لكن المنسوب إليها في كلام جماعة-كشيخنا الشهيد في الذكرى-هو الأوّل خاصة.فمراعاة الأخير من الثلاثة و ندبيتها بالخصوص-كما عن العماني (4)- مشكلة،سيما مع عدم ما يدل عليه من الرواية.

و تجعل على الأشهر الأظهر إحداهما من ترقوة جانبه الأيسر بين قميصه و إزاره،و الأخرى مع ترقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده للصحيح أو الحسن المضمر:«إنّ الجريدة قدر شبر،توضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت ممّا يلي الجلد،و الأخرى في الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص» (5).

خلافا للجعفي،فإحداهما تحت الإبط الأيمن،و الأخرى نصف ممّا يلي الساق و نصف ممّا يلي الفخذ (6)؛لرواية يونس:«تجعل له واحدة بين ركبتيه نصف ممّا يلي الساق و نصف ممّا يلي الفخذ،و تجعل الأخرى تحت

ص:409


1- الكافي 3:3/152،1/143،التهذيب 1:896/308،الوسائل 3:27 أبواب التكفين ب 10 ح 4،5.
2- الصدوق في الفقيه 1:87،الذكرى:49.
3- الروضة 1:134.
4- نقله عنه في المختلف:44.
5- الكافي 3:5/152،التهذيب 1:897/309،الوسائل 3:26 أبواب التكفين ب 10 ح 2.
6- نقله عنه في الذكرى:49.

الإبط الأيمن» (1).

و للعماني،فواحدة خاصة تحت إبطه الأيمن (2).و لا شاهد عليه من الرواية و إن تكثرت بالوحدة،لكنها لبيان المحل له مخالفة.

ففي رواية يحيى بن عبادة:«تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع،فتوضع-و أشار بيده-من عند ترقوته إلى يده تلفّ مع ثيابه» (3).

و يحتمل حمل الجريدة فيها على الجنس الشامل للثنتين،فتوافق المشهور في الجملة و الخبرين:«يوضع للميت جريدتان،واحدة في الأيمن و الأخرى في الأيسر» (4)و يفصلهما-كالرواية الموجهة-المضمرة المتقدمة المعتضدة بالشهرة،لا رواية يونس الضعيفة الغير المكافئة لها بالمرة.

و للصدوقين،فتجعل اليمنى مع ترقوته ملصقة بجلده و اليسرى عند وركه بين القميص و الإزار (5).

و لم نقف على مستنده سوى الرضوي:«و اجعل معه جريدتين، إحداهما عند ترقوته تلصقها بجلده ثمَّ تمدّ عليه قميصه،و الأخرى عند وركه» (6).

و هو و إن اعتبر في نفسه إلاّ أنه غير صالح للتعارض للحسن المعتضد بالشهرة.

ص:410


1- الكافي 3:1/143،الوسائل 3:27 أبواب التكفين ب 10 ح 5.
2- كما نقله عنه في المعتبر 1:288.
3- الكافي 3:3/152،التهذيب 1:896/308،الوسائل 3:27 أبواب التكفين ب 10 ح 4.
4- الكافي 3:6/153،الوسائل 3:27 أبواب التكفين ب 10 ح 6.و الخبر الثاني:الكافي 3: 1/151،التهذيب 1:954/327،الوسائل 3:22 أبواب التكفين ب 7 ح 6.
5- الصدوق في الفقيه 1:91،المقنع:19،و نقله عن والده في المعتبر 1:288.
6- فقه الرضا(عليه السلام):167،المستدرك 2:213 أبواب الكفن ب 6 ح 1.

و ينبغي أن تكونا من سعف النخل لظواهر الأخبار،بل يستفاد من بعضها كون الجريدة حيث تطلق يومئذ حقيقة في المتخذ منه.

و قيل و القائل المشهور كما في المدارك (1)فإن فقد فمن السدر، و إلاّ فمن الخلاف،و إلاّ فمن غيره من الشجر الرطب كلّ ما كان؛للخبر:

قلنا له:جعلنا فداك إن لم نقدر على الجريدة؟فقال:«عود السدر»قيل:و إن لم نقدر على السدر؟فقال:«عود الخلاف» (2).

و قيل بعكس الترتيب فيه،كما عن المفيد و سلاّر (3).و لم نر عليه شاهدا من الأخبار.

و قيل:كل شجر رطب كان ابتداء،كما عن الصدوق و الجعفي و الحلّي (4)؛للخبرين في أحدهما الحسن:الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل،فهل يجوز مكان الجريدة شيء من الشجر غير النخل؟فإنّه روي عن آبائكم عليهم السلام:أنه يتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين و أنهما تنفع المؤمن و الكافر.فأجاب عليه السلام:«يجوز من شجر آخر رطب» (5).

و الجمع بينهما و بين الخبر المتقدم يقتضي المصير إلى المشهور.

ثمَّ لو كان الحال حال تقية وضعها حيث يمكن؛للمستفيضة،كالمرفوع:

ربما حضرني من أخافه فلا يمكن وضع الجريدة على ما رويناه،فقال:«أدخله

ص:411


1- المدارك 2:110.
2- الكافي 3:10/153،التهذيب 1:859/294،الوسائل 3:24 أبواب التكفين ب 8 ح 3.
3- المفيد في المقنعة:75،سلاّر في المراسم:48.
4- الصدوق في الفقيه 1:88،نقله عن الجعفي في الذكرى:49،الحلي في السرائر 1: 164.
5- الفقيه 1:407/88،الوسائل 3:24 أبواب التكفين ب 8 ح 1.و الخبر الآخر:الكافي 3: 11/153،التهذيب 1:860/294،الوسائل 3:24 أبواب التكفين ب 8 ح 2.

حيث أمكن» (1).

و نحوه في غيره بزيادة:«و إن وضعت في القبر فقد أجزأه» (2).

و عليه يحمل الموثق:عن الجريدة توضع في القبر؟قال:«لا بأس به» (3).أو على عدم الوضع في المحل بنسيان و غيره.و يؤيده المرسل:مرّ رسول صلّى اللّه عليه و آله على قبر يعذّب صاحبه،فدعا بجريدة،فشقها نصفين،فجعل واحدة عند رأسه و الأخرى عند رجليه،و قيل له:في رواية أخرى:لم وضعتهما؟فقال:«إنه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين» (4).

ما يكره فيه

و يكره بلّ الخيوط التي يخاط بها الكفن بالريق ماء الفم،بلا خلاف كما يفهم من المعتبر (5).و لا بأس به و إن خفي مستنده.و لا يكره بغيره؛ للأصل من دون معارض و لا فتوى فقيه واحد،بل صرّح به الشهيد و غيره (6).

و أن يعمل لما يبتدئ به من الأكفان أكمام للقميص.و لا بأس بها لو كانت في قميصه الذي يراد تكفينه به.و عن الأصحاب القطع بهما (7)؛ للمرسل:«إذا قطع له و هو جديد لم يجعل له كمّا،فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلاّ الأزرار» (8).

و سأل ابن بزيع-في الصحيح-أبا جعفر عليه السلام قميصا لكفنه،

ص:412


1- الكافي 3:8/153،التهذيب 1:956/327،الوسائل 3:28 أبواب التكفين ب 11 ح 1.
2- التهذيب 1:957/328،الوسائل 3:28 أبواب التكفين ب 11 ح 2.
3- الكافي 3:9/153،التهذيب 1:958/328،الوسائل 3:28 أبواب التكفين ب 11 ح 3.
4- الفقيه 1:405/88،الوسائل 3:28 أبواب التكفين ب 11 ح 4.
5- المعتبر 1:289.
6- الشهيد في الذكرى:49؛و انظر جامع المقاصد 1:397،و المدارك 2:108.
7- كشف اللثام 1:121.
8- الفقيه 1:418/90،التهذيب 1:886/305،الوسائل 3:51 أبواب التكفين ب 28 ح 2.

فبعث به إليه،فسأله كيف يصنع؟فقال:«انزع أزراره» (1).

و في الخبرين في العلل:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كفّن فاطمة بنت أسد في قميصه (2).و نحوهما في المجالس (3).

و ليس فيها قطع الأزرار.و الجمع بينها و بين الصحيح يقتضي الحمل على الاستحباب إن اعتبر أسانيدها،و إلاّ فالوجوب إن لم يكن إجماع على عدمه.

و كيف كان:فالاحتياط قطعها؛عملا بظاهر الأمر به.

و أن يكفن في الكتان،وفاقا للأكثر؛للنهي عنه في الخبر (4).

خلافا لظاهر الصدوق فلا يجوز (5)؛عملا بظاهره.

و لكن ضعفه بالإرسال مع دعوى الإجماع على الجواز في الغنية (6)يمنع من العمل به.

و الأحوط الترك اختيارا؛لكون الإرسال بعدّة من الأصحاب الملحق مثله بالمسند الصحيح على الصحيح.مع أصالة عدم حصول الامتثال؛لعدم انصراف الإطلاقات في التكفين إلى مثله.و الإجماع المحكي موهون؛لدعواه على فضل البياض من الكتان مع أنّ كراهته مطلقا مشهور بين الأعيان،فتأمّل.

و في الخبر:«الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به،و القطن لامة محمّد

ص:413


1- التهذيب 1:885/304،رجال الكشي 2:450/514،الوسائل 3:50 أبواب التكفين ب 28 ح 1.
2- علل الشرائع:31/469 و 32،الوسائل 3:49 أبواب التكفين ب 26 ح 3 و 4.
3- أمالي الصدوق:14/258،الوسائل 3:48 أبواب التكفين ب 26 ح 2.
4- التهذيب 1:1465/451،الاستبصار 1:745/211،الوسائل 3:42 أبواب التكفين ب 20 ح 2.
5- الصدوق في الفقيه 1:89.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):563.

صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و في الرضوي:«لا تكفّنه في كتان و لا ثوب إبريسم» (2).

و هو كالنص في حرمة التكفين به؛لتعلق النهي عن الإبريسم الذي هو للتحريم إجماعا به أيضا.فلا يمكن الحمل على الكراهة؛إذ هو على تقدير جواز استعمال اللفظ في حقيقته و مجازه،و هو خلاف التحقيق.و لو لا الشهرة العظيمة بين الطائفة القريبة من الإجماع بل إجماع على الظاهر حقيقة على الكراهة لتعيّن المصير إلى ما عليه الصدوق-رحمه اللّه-ضرورة.

و أن يكفّن في السواد إجماعا كما عن التذكرة و نهاية الأحكام و المعتبر و المنتهى (3)،و لكن فيه بلا خلاف؛للخبرين في أحدهما:«لا يحرم في الثوب الأسود و لا يكفّن به» (4).

و عن الذكرى مطلق الصبغ (5)،بل و عن المهذّب و الإصباح المنع عنه (6).

و لا دليل عليه سوى ما دلّ على استحباب البياض و الأمر به في الموثّق و نحوه (7).و لا دلالة فيه على الكراهة إلاّ على تقدير كون ترك المستحب مكروها،و هو خلاف التحقيق.و لا على المنع إلاّ على تقدير حمل الأمر فيه

ص:414


1- الكافي 3:7/149،الفقيه 1:414/89،التهذيب 1:1392/434،الاستبصار 1: 741/210،الوسائل 3:42 أبواب التكفين ب 20 ح 1.
2- فقه الرضا(عليه السلام):169.
3- التذكرة 1:43،نهاية الأحكام 2:243،المعتبر 1:289،المنتهى 1:438.
4- الكافي 4:13/341،التهذيب 1:1395/435،الوسائل 3:43 أبواب التكفين ب 21 ح 2.و الخبر الثاني:الكافي 3:11/149،التهذيب 1:1394/434،الوسائل 3:43 أبواب التكفين ب 21 ح 1.
5- الذكرى:48.
6- المهذّب 1:60.
7- الوسائل 3:41 أبواب التكفين ب 19.

على ظاهره،و هو في حيّز المنع بناء على تعلقه بعينه باللبس و هو بالإضافة إليه ليس للوجوب،فكذا بالنسبة إلى التكفين،لما مرّ قريبا.

و مع ذلك لا بأس بالكراهة؛للمسامحة،و تأسيّا بصاحب الشريعة، فتأمّل.

و أن يجمّر الأكفان بالدخنة الطيّبة على المشهور بين الطائفة؛للنهي عنه في الروايات المستفيضة،منها الخبر:«لا تجمروا الأكفان،و لا تمسحوا موتاكم بالطيب إلاّ بالكافور،فإنّ الميت بمنزلة المحرم» (1)و نحو صدره المرسل (2).

و في الخبر:رأيت جعفر بن محمّد عليهما السلام ينفض بكمّه المسك عن الكفن (3).

و عن الخلاف:الإجماع على كراهية تجمير الكفن بالعود و خلط الكافور بالمسك أو العنبر (4).

و في الحسن:«أكره أن يتبع بمجمرة» (5).

خلافا للفقيه فأمر به (6)؛لما روي من تحنيط النبي صلّى اللّه عليه و آله بمثقال مسك سوى الكافور (7)؛و أنه:سئل أبو الحسن عليه السلام هل يقرب

ص:415


1- الكافي 3:3/147،التهذيب 1:863/295،الاستبصار 1:735/209،علل الشرائع: 1/308،الخصال:618،الوسائل 3:18 أبواب التكفين ب 6 ح 5.
2- الكافي 3:1/147،التهذيب 1:862/294،الاستبصار 1:734/209،الوسائل 3: 17 أبواب التكفين ب 6 ح 2.
3- قرب الاسناد:950/162،الوسائل 3:19 أبواب التكفين ب 6 ح 11.
4- الخلاف 1:703.
5- الكافي 3:4/143،التهذيب 1:890/307،الوسائل 3:17 أبواب التكفين ب 6 ح 1.
6- الفقيه 1:91.
7- الفقيه 1:422/93،الوسائل 3:19 أبواب التكفين ب 6 ح 10.

إلى الميت المسك و البخور؟فقال:«نعم» (1).

و هما-مع ضعفهما بالإرسال-محمولان على التقية،أو على الرخصة الغير المنافية للكراهة،مع احتمال الاختصاص به صلّى اللّه عليه و آله،و السؤال في الأخير عن فعل العامة.

أو يطيّب بغير الكافور و الذريرة لما تقدّم.و في القواعد و عن الغنية:

المنع من تطييب الميت به (2)؛و لعلّه للخبر المتقدم أوّل المستفيضة.و لكن ضعفها بوجوه عديدة يعيّن حملها على الكراهة.

نعم:في الخبر المعتبر الذي في سنده سهل و مرسل بالعدّة-و قد عرفت عدم القدح بهما في الحجية-:«لا يسخن للميت الماء،و لا يعجّل له النار، و لا يحنّط بمسك» (3).

إلاّ أن السياق ربما أشعر بالكراهة.

و لا ريب أن الاحتياط تركه؛لأنه من شعار العامة (4)الذين ليسوا على شيء من الحنيفية و قد أمرنا بمخالفتهم لذلك في المعتبرة (5).

أو يكتب عليه بالسواد كما عن الوسيلة و الجامع و كتب المصنف (6).

و عن النهاية لا يجوز (7).و يحتملهما المقنعة و المبسوط و الاقتصاد و المصباح و مختصره و المراسم (8).و يجوز إرادتهم شدة الكراهة.

ص:416


1- الفقيه 1:426/93،الوسائل 3:19 أبواب التكفين ب 6 ح 9.
2- القواعد 1:19،الغنية(الجوامع الفقهية):563.
3- الكافي 3:2/147،التهذيب 1:937/322،الوسائل 3:18 أبواب التكفين ب 6 ح 6.
4- انظر المغني لابن قدامة 2:342.
5- الوسائل 21:106 أبواب صفات القاضي ب 9.
6- الوسيلة:67،الجامع للشرائع:54؛و انظر المعتبر 1:290،و الشرائع 1:40.
7- النهاية:32.
8- المقنعة:78،المبسوط 1:177،الاقتصاد:248،مصباح المتهجد:18،المراسم: 48.

و مستنده بالخصوص غير واضح.نعم:ربما يشمله عموم النهي عن التكفين في السواد،كالخبر المتقدم (1)،و أقرب منه الآخر:«لا يكفن الميت في سواد» (2)و هما لقصور السند قاصران عن إفادة التحريم.

و عن المفيد المنع عن سائر الأصباغ (3).و لا بأس به.

و أن يجعل في سمع الميت أو بصره شيء من الكافور على الأشهر الأظهر؛للصحيح:«لا تجعل في مسامع الميت حنوطا» (4).

و المرسل بالرجال :«و لا تجعل في منخريه و لا في بصره و مسامعه و لا وجهه قطنا و لا كافورا» (5).

و الرضوي:«و لا تجعل في فمه و لا منخره و لا في عينيه و لا في مسامعه و لا على وجهه قطنا و لا كافورا» (6).

و غيرها من الأخبار المعتضد قصور أسانيدها بفتوى الأخيار،و خلوّ ما عداها عن الأمر به مع تضمن الأمر بغيره ممّا يستحب تحنيطه،مضافا إلى ما فيه من إضاعة المال المرغوب عنها.

خلافا للصدوق فاستحبّه (7)؛لورود الأمر به في المعتبرة كالصحيح:

ص:417


1- في ص:414.
2- الكافي 3:11/149،التهذيب 1:1394/434،الوسائل 3:43 أبواب التكفين ب 21 ح 1.
3- كما في المقنعة:78.
4- التهذيب 1:893/308،الاستبصار 1:748/212،الوسائل 3:37 أبواب التكفين ب 16 ح 4.
5- الكافي 3:1/143،التهذيب 1:888/306،الوسائل 3:32 أبواب التكفين ب 14 ح 3.
6- فقه الرضا(عليه السلام):168،المستدرك 2:219 أبواب الكفن ب 13 ح 1.
7- راجع الفقيه 1:91.

«تضع في فمه و مسامعه و آثار السجود من وجهه و يديه» (1)و نحوه الموثقان (2)، و خبر آخر (3).

و ليس في شيء منها ذكر البصر.و مع ذلك موافقة للعامة (4)،كما صرّح به بعض الأجلّة (5).

و قيل و هو الشيخان (6)يكره أن يقطع الكفن بالحديد ففي التهذيب:سمعناه مذاكرة من الشيوخ و كان عليه عملهم.و عن المعتبر:

يستحب متابعتهم تخلّصا من الوقوع فيما يكره (7).و لا بأس به.

ص:418


1- التهذيب 1:891/307،الاستبصار 1:749/212،الوسائل 3:37 أبواب التكفين ب 16 ح 3.
2- الأول: التهذيب 1:1399/435،الوسائل 3:35 أبواب التكفين ب 15 ح 2. الثاني: الكافي 3:15/146،الوسائل 3:36 أبواب التكفين ب 16 ح 1.
3- التهذيب 1:887/305،الوسائل 3:33 أبواب التكفين ب 14 ح 4.
4- كما في المغني لابن قدامة 2:336،341.
5- انظر الحدائق 4:23.
6- المفيد في المقنعة:75،الطوسي في التهذيب 1:294.
7- المعتبر 1:291.
الرابع في الدفن

الرابع: في أحكام الدفن.

الفرض فيه

و الفرض فيه كفاية أمران:

الأول مواراته في الأرض على وجه يحرس جثته عن السباع و يكتم رائحته عن الانتشار،بإجماع المسلمين،حكاه الفاضلان كغيرهما (1)من المعتمدين،فلا يجوز وضعه في بناء أو تابوت إلاّ عند الضرورة ؛تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و عترته و المسلمين من بعده.

و الوصفان المتقدمان في الغالب متلازمان.و لو قدّر وجود أحدهما وجب مراعاة الآخر؛للإجماع على وجوب الدفن،و لا يتم فائدته إلاّ بهما،كما قال مولانا الرضا عليه السلام في علل ابن شاذان:«إنه يدفن لئلاّ يظهر الناس على فساد جسده و قبح منظره و تغير ريحه،و لا يتأذى به الأحياء بريحه و بما يدخل عليه من الآفة و الدنس و الفساد،و ليكون مستورا عن الأولياء و الأعداء فلا يشمت عدوّ و لا يحزن صديق» (2).

و يكره دفنه بالتابوت في الأرض إجماعا حكاه في الخلاف (3).

و الثاني:أن يوضع على جنبه الأيمن موجّها إلى القبلة بلا خلاف بين الطائفة،عدا ابن حمزة فجعله من الأمور المستحبة (4).و هو محجوج بفحوى المعتبرة الدالة على الأمر به في حال الاحتضار المستلزم للأمر به هنا بالأولوية.

هذا مضافا إلى خبر العلاء بن سيابة في حديث القتيل الذي اتي برأسه:

ص:419


1- المحقق في المعتبر 1:291،العلامة في نهاية الأحكام 2:273؛و انظر المدارك 2:133، و كشف اللثام 1:133.
2- العيون 2:113،علل الشرائع:268،الوسائل 3:141 أبواب الدفن ب 1 ح 1.
3- لم نعثر عليه في الخلاف،و لكنه موجود في المبسوط 1:187.
4- الوسيلة:68.

«إذا أنت صرت إلى القبر تناولته مع الجسد و أدخلته اللحد و وجّهته للقبلة» (1).

و التأسي بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة الأطهار عليهم صلوات اللّه الملك الجبّار،و عمل المسلمين في الأعصار و الأمصار.

و عن القاضي:نفي الخلاف عنه في شرح الجمل،كنفيه إياه عن جعل مقاديمه إلى القبلة (2).و عن ظاهر التذكرة:إجماعنا عليه (3).

و روى في الدعائم:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله شهد جنازة رجل من بني عبد المطلب،فلمّا أنزلوه في قبره قال:«أضجعوه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة،و لا تكبّوه لوجهه،و لا تلقوه لظهره»ثمَّ قال لوليه:«ضع.

يدك على أنفه حتى يتبيّن لك استقبال القبلة به» (4).

و في الصحيح:مات البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة و رسول اللّه بمكة،فأوصى أنه إذا دفن يجعل وجهه إلى وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إلى القبلة فجرت به السنّة (5).و ظاهر السنّة فيها الطريقة اللازمة لا الاستحباب و الندبية.و يفصح عنه ما قدّمناه من الأدلة على الوجوب بالضرورة.و لا دليل على الاستحباب سوى الأصل المخصّص بها و بالرضوي:«ثمَّ ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة» (6).

و لو كان الميت في سفن البحر غسّل و كفّن و حنّط و صلّي عليه و نقل إلى البرّ إن أمكن؛تحصيلا للمأمور به بقدر الإمكان،و التفاتا إلى

ص:420


1- التهذيب 1:1449/448،الوسائل 3:231 أبواب الدفن ب 61 ح 3.
2- شرح جمل العلم و العمل:154.
3- التذكرة 1:52.
4- دعائم الإسلام 1:238،المستدرك 2:375 أبواب الدفن ب 51 ح 1.
5- الكافي 3:16/254،الوسائل 3:230 أبواب الدفن ب 61 ح 2.
6- فقه الرضا(عليه السلام):170،المستدرك 2:376 أبواب الدفن ب 51 ح 2.

ظاهر المرفوع الآتي.

و لو تعذّر النقل إلى البرّ ثقّل كما عن الفقيه و المقنعة و النهاية و المبسوط و السرائر و الوسيلة (1)؛للمعتبرة بالشهرة،كالمرفوع:إذا مات الرجل في السفينة و لم يقدر على الشط؟قال:«يكفّن و يحنّط و يلقى في الماء» (2).

و أوضح منه غيره،كالخبر:في الرجل يموت مع القوم في البحر فقال:

«يغسّل و يكفّن و يصلّى عليه و يثقّل و يرمى في البحر» (3).و نحوه آخر (4)و الرضوي (5).

و إطلاق هذه الأخبار كإطلاق كلام بعض الأصحاب الشامل لإمكان البرّ محمول على الغالب من عدم الإمكان،و يشهد له المرفوع المتقدم.

أو جعل في وعاء و خابية و أرسل إليه للصحيح:عن رجل مات في السفينة في البحر كيف يصنع به؟قال:«يوضع في خابية و يوكى رأسها و يطرح في الماء» (6).

و التخيير بينهما مشهور بين الأصحاب؛و لعلّه للجمع بينه و بين الروايات السابقة.و حملها على صورة تعذر الخابية أو تعسرها-كما هو الأغلب-أجود،

ص:421


1- الفقيه 1:441/96،المقنعة:86،النهاية:44،المبسوط 1:181،السرائر 1:169، الوسيلة:69.
2- الكافي 3:3/214،التهذيب 1:994/339،الاستبصار 1:760/215،الوسائل 3: 207 أبواب الدفن ب 40 ح 4.
3- الكافي 3:2/214،التهذيب 1:993/339،الاستبصار 1:759/215،الوسائل 3: 206 أبواب الدفن ب 40 ح 3.
4- التهذيب 1:995/339،الاستبصار 1:761/215،الوسائل 3:206 أبواب الدفن ب 40 ح 2.
5- فقه الرضا(عليه السلام):173،المستدرك 2:345 أبواب الدفن ب 37 ح 1.
6- الكافي 3:1/213،التهذيب 1:996/340،الاستبصار 1:762/215،الوسائل 3: 205 أبواب الدفن ب 40 ح 1.

وفاقا لظاهر المحكي عن الشيخ (1)؛لصحة مستندها،و اعتضادها بما فيها من صيانة الميت عن الحيوانات و هتك حرمته.

و في وجوب الاستقبال به حين الرمي-كما هو الأشهر-أو العدم وجهان، و الأول أحوط.

ثمَّ إنه لا خلاف في المنع عن دفن الكفّار مطلقا في مقبرة المسلمين، و كذا أولادهم،بل عن التذكرة و نهاية الأحكام:الإجماع عليه من العلماء (2)؛ لإشعار الخبر الآتي به،و لئلاّ يتأذى المسلمون بعذابهم.و لو كانت مسبّلة فغيرهم غير الموقوف عليهم.

و لو دفن نبش إن كان في الوقف ،و لا يبالي بالمثلة فإنه ليس له حرمة.

و لو كان في غيره أمكن؛صرفا للأذى عن المسلمين كما عن الشهيد (3).

و لكن لو كانت الميت ذمية حاملا من مسلم بنكاح أو ملك أو شبهة قيل:دفنت في مقبرة المسلمين يستدبر بها القبلة إكراما للولد و القول مشهور،بل عليه الإجماع عن الخلاف و التذكرة (4).و هو الحجّة،لا الرواية:عن الرجل تكون له الجارية اليهودية أو النصرانية حملت منه،ثمَّ ماتت و الولد في بطنها،و مات الولد،أ يدفن معها على النصرانية،أو يخرج منها و يدفن على فطرة الإسلام؟فكتب عليه السلام:«يدفن معها» (5).

إذ لا دلالة فيها على ذلك لو لم تدل على خلافه؛و لعلّه لذا تردّد الماتن في ظاهر العبارة.

ص:422


1- انظر الخلاف 1:705.
2- التذكرة 1:54،نهاية الأحكام 2:281.
3- الذكرى:70.
4- الخلاف 1:730،التذكرة 1:54.
5- التهذيب 1:980/334،الوسائل 3:205 أبواب الدفن ب 39 ح 2.

و لكن استدل لإثباته بأنّ الولد لمّا كان محكوما بإسلامه تبعا لم يجز دفنه في مقابر أهل الذمة،و إخراجه مع موتها غير جائز،فتعيّن دفنها معه و ردّ بمنع الأخير؛لعدم حرمة للكافرة .

و كيف كان:مقتضاه اشتراط موت الولد بعد ولوج الروح،كما عن ظاهر الشيخ و الحلّي (1)،و لعلّه المتبادر من إطلاق كلام المفيد و الفاضلين (2).كتبادر نشئه من نكاح و ما في حكمه،فلا يأتي الحكم في ولد الزنا بمقتضى التعليل و التبادر.و يحتمل الإتيان،تغليبا لجانب الإسلام.

و في اختصاص الحكم بالذمية كما يستفاد من ظاهر أكثر العبارات،أم يعم كل مشركة كما عن ظاهر الخلاف للتعبير بها فيه (3)، وجهان.و الأصل يقتضي الأول،و عموم احترام الولد المستفاد من أنّ:«الإسلام يعلو و لا يعلى عليه» (4)يوجب الثاني،و لا بأس به مع عدم إمكان الإخراج بشق البطن في غير الكتابي.

سننه

و سننه:

اتباع الجنازة و تشييعها بإجماع العلماء كافة،و النصوص في فضله مستفيضة بل متواترة.

ففي خبرين:«من شيّع ميتا حتى صلّى عليه كان له قيراط من الأجر، فإذا مشى معه حتى يدفن كان له قيراطان،و القيراط مثل جبل احد» (5).

ص:423


1- الشيخ في الخلاف 1:730،الحلي في السرائر 1:168.
2- المفيد في المقنعة:85،المحقق في المعتبر 1:292،العلامة في التذكرة 1:54.
3- الخلاف 1:730.
4- الفقيه 4:778/243،الوسائل 26:14 أبواب موانع الإرث ب 1 ح 11.
5- الكافي 3:5/173،الفقيه 1:455/99،التهذيب 1:1485/455،الوسائل 3:145 أبواب الدفن ب 3 ح 3. و الخبر الثاني:الكافي 3:4/173،الوسائل 3:146 أبواب الدفن ب 3 ح 4.

و في آخر:«من شيّع جنازة حتى دفن في قبره و كلّ اللّه تعالى به سبعين ملكا من المشيّعين يشيّعونه و يستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف» (1).

و في آخر:«من تبع جنازة مسلم اعطي يوم القيامة أربع شفاعات و لم يقل شيئا إلاّ قال الملك:و لك مثل ذلك» (2).

و يكره الركوب إجماعا من العلماء كما عن المنتهى (3)؛للمعتبرة ففي المرسل كالصحيح:«رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوما خلف جنازة ركبانا فقال:

ما أستحيي هؤلاء أن يتبعوا صاحبهم ركبانا و قد أسلموه على هذه الحالة؟!» (4).

و ينبغي المشي خلفها أو مع جانبيها مطلقا وفاقا للمعظم (5)للنصوص منها الموثق:«المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها» (6).

و في الخبر:«من أحب أن يمشي مشي كرام الكاتبين فليمش جنبي السرير» (7).

خلافا للمقنع و الخلاف فالخلف خاصة (8).و يجوز إضافيته بالنسبة إلى أمام الجنازة؛لجعلهما إياه مقابلا له،و هو على ما ذكرنا أوضح قرينة.

ص:424


1- الكافي 3:2/173،الفقيه 1:458/99،أمالي الصدوق:1/180،الوسائل 3:145 أبواب الدفن ب 3 ح 2.
2- الكافي 3:6/173،الفقيه 1:456/99،التهذيب 1:1483/455،الوسائل 3:141 أبواب الدفن ب 2 ح 1.
3- المنتهى 1:445.
4- الكافي 3:1/170،الوسائل 3:152 أبواب الدفن ب 6 ح 3.
5- ما بين القوسين ليست في«ش».
6- الكافي 3:1/169،الفقيه 1:464/100،التهذيب 1:902/311،الوسائل 3:148 أبواب الدفن ب 4 ح 1.و زاد في التهذيب:«و لا بأس بأن يمشي بين يديها».
7- الكافي 3:6/170،التهذيب 1:904/311،الوسائل 3:148 أبواب الدفن ب 4 ح 3.
8- المقنع:19،الخلاف 1:718.

ثمَّ المشهور كراهة الإمام مطلقا،كما عن صريح السرائر و الوسيلة و البيان و التذكرة (1)،و ظاهر المقنع و المقنعة و الاقتصاد و المراسم و جمل العلم و العمل (2).إلاّ أنّ في المقنع:و روي إذا كان الميت مؤمنا فلا بأس أن يمشي قدّام جنازته فإنّ الرحمة تستقبله،و الكافر لا يتقدم جنازته فإنّ اللعنة تستقبله (3).

و في الأخير:و قد روي جواز المشي أمامها.

و هو الأظهر؛لإطلاق النهي عنه في الخبرين.

أحدهما:الرضوي:«و إذا حضرت جنازة فامش خلفها و لا تمش أمامها، و إنما يوجر من تبعها لا من تبعته» (4).

و الثاني:خبر السكوني:«اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم،خالفوا أهل الكتاب» (5).

و قصور السند-لو كان-منجبر بالشهرة،مع أن احتمال الكراهة المطلقة كافية بناء على المسامحة.

خلافا للمحكي عن صريح المعتبر و الذكرى (6)،و ظاهر المبسوط و النهاية و موضع من المنتهى (7)،فلا كراهة مطلقا؛لظاهر إطلاق المعتبرة كالصحيح:

عن المشي مع الجنازة،فقال:«بين يديها و عن يمينها و عن شمالها و خلفها» (8)

ص:425


1- السرائر 1:164،الوسيلة:69،البيان:78،التذكرة 1:48.
2- المقنع:19،المقنعة:79،الاقتصاد:249،المراسم:51،جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):51.
3- الوسائل 3:151 أبواب الدفن ب 5 ح 7.
4- فقه الرضا(عليه السلام):169،المستدرك 2:298 أبواب الدفن ب 4 ح 1.
5- التهذيب 1:901/311،الوسائل 3:149 أبواب الدفن ب 4 ح 4.
6- المعتبر 1:293،الذكرى:52.
7- المبسوط 1:183،النهاية:37،المنتهى 1:445.
8- الكافي 3:4/169،الفقيه 1:467/100،الوسائل 3:149 أبواب الدفن ب 5 ح 1.

و نحوه آخر (1).و هو ظاهر تفضيل الخلف عليه مع نفي البأس عنه في الموثق المتقدم.

و هي؛مع احتمال الأوّلين منها للتقية-لكون استحباب الامام مشهورا بين العامة (2)-و عدم صراحة الجميع في نفي الكراهة؛معارضة بالأخبار المفصّلة بين المعادي و أهل الولاية المصرّحة بالنهي عنه في الأول،و هي كثيرة كالخبر:«امش أمام جنازة المسلم العارف،و لا تمش أمام جنازة الجاحد،فإنّ أمام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى الجنة،و إنّ أمام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النار» (3).

و لذا قيل بالتفصيل (4).و هو ضعيف؛لضعف أخباره.

و عن العماني:المنع عن تقدم جنازة المعادي لذوي القربى (5).و في الأخبار المفصّلة دلالة عليه.لكنها مضافا إلى ضعفها مردودة بالأخبار المطلقة للمنع المعتضدة بالشهرة العظيمة،فلتحمل على تفاوت مراتب الكراهة.

و عن الإسكافي:يمشي صاحب الجنازة بين يديها،و القاضون حقّه وراءها (6)؛جمعا بين الأخبار الناهية مطلقا،و المصرّحة بتقدم مولانا الصادق عليه السلام على سرير ابنه إسماعيل كما في الخبر (7).و هو ضعيف بضعفة، مع احتمال التقية فيه.

و تربيعها أي حملها من جوانبها الأربع كيف اتفق إجماعا منّا.و ليس

ص:426


1- الكافي 3:5/170،الوسائل 3:150 أبواب الدفن ب 5 ح 2.
2- كما في المغني لابن قدامة 2:356.
3- الكافي 3:2/169،الوسائل 3:150 أبواب الدفن ب 5 ح 4.
4- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:124.
5- نقله عنه في الذكرى:52.
6- نقله عنه في الذكرى:52.
7- الفقيه 1:524/112،الوسائل 2:441 أبواب الاحتضار ب 27 ح 3.

فيه دنوّة و لا سقوط مروّة،و إلاّ لما فعله النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام،و لما ورد الأمر به مع الحثّ عليه في المعتبرة كالحسن:«من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر اللّه تعالى له أربعين كبيرة» (1).

و في الخبر:«من أخذ بقائمة السرير غفر اللّه تعالى له خمسا و عشرين كبيرة،و إذا ربّع خرج من الذنوب» (2).

و الأخبار فيما هو الفضل من الكيفية مختلفة كاختلاف الطائفة،إلاّ أن المشهور كما في كلام جماعة (3)البدأة بمقدّم السرير الأيمن على عاتقه الأيسر، ثمَّ بمؤخره،ثمَّ بمؤخره الأيسر على عاتقه الأيمن،ثمَّ يدور حوله إلى أن يرجع إلى المقدّم،و عليه الإجماع عن الشيخ (4).

و قيل:بالعكس (5)،و ادعي عليه الشهرة (6).و أيّد بالاعتبار؛لاجتماع يميني الحامل و الميت فيه مع يسار الجنازة،دون الأوّل،لاجتماع يساريهما حينئذ مع يمينها،و اعتبار اليمين أولى.و هو حسن،و يشهد له تشبيهه بدوران الرحى الغير الحاصل متعارفا إلاّ بذلك كما شاهدناه،و إن اشتهر خلافه في كلام أصحابنا.

إلاّ أنّ الشهرة العظيمة مع دعوى الإجماع يؤيد الأول فترجّح بهما أخباره،و دعوى الشهرة على الخلاف مهجورة،مع أنّ أخباره ما بين صريح و ظاهر.فالأوّل مروي في السرائر،عن جامع البزنطي،عن ابن أبي يعفور،عن

ص:427


1- الكافي 3:1/174،التهذيب 1:1479/454،الوسائل 3:153 أبواب الدفن ب 7 ح 1.
2- الكافي 3:2/174،الفقيه 1:462/99 و فيه:بقوائم بدل بقائمة،الوسائل 3:154 أبواب الدفن ب 7 ح 4.
3- انظر روض الجنان:314،و الحدائق 4:92.
4- ذكر هذه الكيفية في النهاية:37،و المبسوط 1:183،و لكن لا يوجد فيهما ادعاء الإجماع.
5- انظر الخلاف 1:718.
6- انظر كشف اللثام 1:126.

الصادق عليه السلام قال:«السنّة أن تستقبل الجنازة من جانبها الأيمن و هو ممّا يلي يسارك»إلى آخره (1).

و قريب منه المرسل:«ابدأ باليد اليمنى ثمَّ بالرجل اليمنى،ثمَّ ارجع من مكانك إلى ميامن الميت لا تمرّ خلفه» (2).

و هو كالصريح؛للأمر بالرجوع إلى ميامن الميت التي هي يسار الجنازة الظاهر في عدم حصوله بالحمل السابق،و لو كان المراد باليد اليمنى يمنى الميت لما كان للرجوع معنى .

و الثاني الخبر:«تبدأ في حمل السرير من جانبه الأيمن» (3)فإن الظاهر رجوع الضمير إلى السرير لا الميت.

و أخبار الخلاف ليست ناصة عليه بل ظاهرة قابلة للحمل بما يرجع إلى الأول.فإذا هو الأظهر،و يراد بالتشبيه بدوران الرحى حينئذ التشبيه في أصل الدوران لا الكيفية،ردّا على العامة،لمنعهم عن مطلق الدوران (4).

و من السنن حفر القبر قدر قامة معتدلة أو إلى الترقوة إجماعا كما عن الخلاف و الغنية و التذكرة (5).و هو الحجة فيه لا الرواية :«حدّ القبر إلى الترقوة،و قال بعضهم:إلى الثدي،و قال بعضهم:قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر» (6).

ص:428


1- مستطرفات السرائر:26/59،الوسائل 3:155 أبواب الدفن ب 8 ح 2.
2- الكافي 3:3/168،التهذيب 1:1473/452،الوسائل 3:156 أبواب الدفن ب 8 ح 3.
3- الكافي 3:4/169،التهذيب 1:1474/453،الاستبصار 1:763/216،الوسائل 3: 156 أبواب الدفن ب 8 ح 5.
4- كما في المغني لابن قدامة 2:361.
5- الخلاف 1:705،الغنية(الجوامع الفقهية):564،التذكرة 1:52.
6- الكافي 3:1/165،التهذيب 1:1469/451،الوسائل 3:165 أبواب الدفن ب 14 ح 2.

بناء على عدم معلومية كون القائل بالقامة من الأئمة عليهم السلام بل احتمل كونه من العامة،مع أن صدره ظاهر في التحديد له منه عليه السلام بالترقوة خاصة،و هو المناسب للنهي عن الحفر زائدا على الأذرع الثلاثة في الرواية (1)،إلاّ أنها خصّت بأرض المدينة،لبلوغ الزائد عليها إلى الرشح و الندى في أرضها،و لذا أمر مولانا علي بن الحسين عليهما السلام بالحفر إليه (2).

و أن يجعل له لحد أي حفيرة واسعة بقدر ما يجلس الميت ممّا يلي القبلة،إجماعا كما عن الخلاف و الغنية و التذكرة (3)؛للمعتبرة منها النبوي:

«اللحد لنا و الشق لغيرنا» (4).

و في الصحيح:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحّد له أبو طلحة الأنصاري» (5).

و لا ينافيه ما دلّ على أمر مولانا الباقر عليه السلام بالشقّ له (6)؛لاحتمال الاختصاص به لكونه بادنا و كون أرض البقيع رخوة كما صرّح به في الخبر:«إنّ أبي كتب في وصيته إليّ»إلى أن قال:«و شققنا له الأرض شقّا من أجل أنه كان

ص:429


1- الكافي 3:4/166،التهذيب 1:1466/451،الوسائل 3:165 أبواب الدفن ب 14 ح 1.
2- الكافي 3:1/165،التهذيب 1:1469/451،الوسائل 3:165 أبواب الدفن ب 14 ح 2.
3- الخلاف 1:706،الغنية(الجوامع الفقهية):564،التذكرة 1:52.
4- سنن الترمذي 2:1050/254،سنن ابن ماجه 1:1554/496،سنن أبي داود 3: 3208/213.
5- الكافي 3:3/166،التهذيب 1:1467/451،الوسائل 3:166 أبواب الدفن ب 15 ح 1.
6- الكافي 3:2/166،التهذيب 1:1468/451،الوسائل 3:166 أبواب الدفن ب 15 ح 2.

بادنا» (1).

و منه يظهر أفضلية الشق في الصورة المذكورة كما عن المنتهى و نهاية الأحكام و التذكرة (2).و يعمل له حينئذ شبه اللحد من بناء كما عن المعتبر (3)، تحصيلا للفضيلة.

و أن يتحفّى النازل إليه أي إلى القبر و يحلّ أزراره و يكشف رأسه للروايات الآتي بعضها.و عن المعتبر نسبته إلى مذهب الأصحاب (4).إلاّ أن في الخبر أن أبا الحسن عليه السلام دخل و لم يحلّ أزراره (5)؛و لعلّه لمانع .

و أن يدعو عند نزوله إليه بالمأثور في الصحيح:«لا تنزل في القبر و عليك العمامة و القلنسوة و الحذاء و الطيلسان ،و حلّ أزرارك،و بذلك سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جرت،و ليتعوّذ باللّه من الشيطان الرجيم و ليقرأ فاتحة الكتاب و المعوّذتين و قل هو اللّه أحد و آية الكرسي»الحديث (6).

و في آخر:«إذا وضعته في القبر فاقرأ آية الكرسي و قل:بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اللهم افسح له في قبره و ألحقه بنبيه صلّى اللّه عليه و آله.و قل كما قلت في الصلاة مرّة واحدة:اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه و إن كان مسيئا فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه، و استغفر له ما استطعت».قال:«و كان علي بن الحسين عليه السلام إذا أدخل الميت القبر قال:اللهم جاف الأرض عن جنبيه و اصعد عمله و لقّه منك

ص:430


1- الكافي 3:3/140،التهذيب 1:876/300،الوسائل 3:166 أبواب الدفن ب 15 ح 3.
2- المنتهى 1:461،نهاية الأحكام 2:274،التذكرة 1:52.
3- المعتبر 1:296.
4- المعتبر 1:296.
5- التهذيب 1:912/314،الاستبصار 1:752/213،الوسائل 3:171 أبواب الدفن ب 18 ح 6.
6- الكافي 3:2/192،الوسائل 3:170 أبواب الدفن ب 18 ح 1 و ص 173 ب 20 ح 1.

رضوانا» (1).

و عن المصباح و مختصره و ظاهر المقنعة و المبسوط و النهاية و المنتهى و نهاية الأحكام و التذكرة (2):أنه يقول إذا نزل قبل التناول:اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة و لا تجعلها حفرة من حفر النيران.

و نحوه عن الفقيه إلاّ أنه قال:يقال عند معاينة القبر (3).و هو يعم النازل و غيره.قيل (4):و يؤيده أنه أرسله الراوندي في دعواته عن الصادق عليه السلام:

إذا نظرت إلى القبر (5).

أقول:و نحوه في الرضوي (6).

و عن الحلبي التصريح بالتعميم فقال:إذا عاين المشيّعون القبر فليقولوا ذلك،و زاد في آخره:هذا ما وعدنا اللّه و رسوله و صدق اللّه و رسوله (7).

و عن المقنعة و النهاية و المبسوط و المصباح و مختصره و المنتهى و نهاية الأحكام و التذكرة (8):أنه يقول إذا تناوله:بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه، اللهم إيمانا بك و تصديقا بكتابك،هذا ما وعدنا اللّه و رسوله و صدق اللّه و رسوله، اللهم زدنا إيمانا و تسليما.

و ينبغي أن لا يكون النازل رحما كما عن النهاية و المبسوط

ص:431


1- الكافي 3:1/194،التهذيب 1:915/315،الوسائل 3:177 أبواب الدفن ب 21 ح 1.
2- مصباح المتهجد:19،المقنعة:80،المبسوط 1:186،النهاية:38،المنتهى 1:460 نهاية الأحكام 2:276،التذكرة 1:52.
3- الفقيه 1:107.
4- قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:134.
5- دعوات الراوندي:756/264،المستدرك 2:324 أبواب الدفن ب 21 ح 7.
6- فقه الرضا(عليه السلام):170،المستدرك 2:324 أبواب الدفن ب 21 ح 6.
7- الكافي في الفقه:238،و في«ح»زيادة:اللّهم ارزقنا إيمانا و تسليما.
8- المقنعة:80،النهاية:38،المبسوط 1:186،مصباح المتهجد:20،المنتهى 1:460، نهاية الأحكام 2:276،التذكرة 1:52.

و الوسيلة (1)؛لإيراثه القسوة كما عن الأوّلين و المقنعة و المعتبر و المنتهى و نهاية الأحكام (2).

و مستنده بعنوان العموم غير واضح من الأخبار،و المستفاد منها كراهة نزول الوالد قبر ولده و عدم البأس في نزول ولده في قبره،ففي الحسن:«يكره للرجل أن ينزل في قبر ولده» (3).

و في الخبر:«الرجل ينزل في قبر والده و لا ينزل الوالد في قبره» (4)و نحوه غيره (5).

و حمل نفي البأس على نفي تأكد الكراهة.و هو فرع وجود المعارض.و مع ذلك لا بأس به؛للتسامح؛مع أنه عن الذكرى عن عبد اللّه بن محمّد بن خالد عن الصادق عليه السلام:«الوالد لا ينزل في قبر ولده و الولد لا ينزل في قبر والده» (6)و لكن قيل:ليس لفظة«لا»في الأخير في كتب الفروع (7).

إلاّ في ما إذا كانت الميت المرأة فالمحارم حينئذ كالزوج أولى بإنزالها،اتفاقا كما عن التذكرة و المنتهى (8)؛للخبر:«الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها» (9).

ص:432


1- النهاية:39،المبسوط 1:187،الوسيلة:69.
2- المقنعة:81،المعتبر 1:297،المنتهى 1:462،نهاية الأحكام 2:275.
3- الكافي 3:2/193،الوسائل 3:185 أبواب الدفن ب 25 ح 1.
4- الكافي 3:1/193،الوسائل 3:185 أبواب الدفن ب 25 ح 2.
5- التهذيب 1:929/320،الوسائل 3:186 أبواب الدفن ب 25 ح 5.
6- الذكرى:66.
7- انظر كشف اللثام 1:134.
8- التذكرة 1:52،المنتهى 1:459.
9- الكافي 3:6/194،التهذيب 1:949/325،الوسائل 3:187 أبواب الدفن ب 26 ح 2.

و في آخر:«إن المرأة لا يدخل قبرها إلاّ من كان يراها في حياتها» (1).

و عن المفيد:أنه ينزلها قبرها اثنان يجعل أحدهما يديه تحت كتفيها و الآخر يديه تحت حقويها،و ينبغي أن يكون الذي يتناولها من قبل وركيها زوجها،أو بعض ذوي أرحامها كابنها أو أخيها أو أبيها إن لم يكن لها زوج (2).

فقصر الحكم على من يتناولها من وركيها،و لعلّه لكونه أهم.

و هل يتعين الزوج أو الرحم؟ظاهر العبارة كالمحكي عن المعتبر و الذكرى و التذكرة:الاستحباب (3).و هو الأوفق بالأصل؛لضعف الأخبار.

و عن ظاهر جمل العلم و العمل و النهاية و المبسوط و المنتهى:

الوجوب (4).و هو أحوط(لاعتبار سند الدال على ذلك عند جمع و لو ضعف في المشهور) (5).

و أن يجعل الميت عند رجلي القبر الذي هو بابه كما في الأخبار،منها الموثق:«لكلّ شيء باب و باب القبر من قبل الرّجلين،إذا وضعت الجنازة فضعها ممّا يلي الرجلين»الخبر (6).

و هي عامة في مطلق الميت،فتخصيص الحكم ب إن كان رجلا غير واضح.

و نحوها في العموم الحسن:«إذا أتيت بالميت القبر فسلّه من قبل رجليه» (7).

ص:433


1- الكافي 3:5/193،التهذيب 1:948/325،الوسائل 3:187 أبواب الدفن ب 26 ح 1.
2- المقنعة:82.
3- المعتبر 1:297،الذكرى:66،التذكرة 1:52.
4- جمل العلم و العمل(رسائل السيد 3):51،النهاية:37،المبسوط 1:186 المنتهى 1: 459.
5- ما بين القوسين ليست في«ل».
6- التهذيب 1:919/316،الوسائل 3:182 أبواب الدفن ب 22 ح 6.
7- الكافي 3:1/194،التهذيب 1:915/315،الوسائل 3:181 أبواب الدفن ب 22 ح 1.

و نحوه خبر آخر (1)ليس في سنده سوى سهل الثقة عند بعض.

و لعلّه المراد بالخبر :«لا تفدح ميتك بالقبر،و لكن ضعه أسفل منه بذراعين» (2)و نحوه آخر (3).

و لعلّ التخصيص به و استحباب الوضع قدّامه أي القبر إن كانت امرأة مستفاد من الرضوي،و فيه التصريح بالأمرين حيث قال:«و إن كانت امرأة فخذها بالعرض من قبل اللحد،و تأخذ الرجل من قبل رجليه تسلّه سلا» (4).

و على الثاني الإجماع عن الغنية و ظاهر المنتهى و نهاية الأحكام و التذكرة (5).

أقول:و هو المناسب لعدم رفع عجزها المرعي في نحو الركوع في الصلاة و غيره،و يؤيده الأخبار بوضع المرأة في القبر عرضا.

و أن ينقل الميت مطلقا و لو كان امرأة إلى القبر مرّتين بوضعه على الأرض في كل مرة مع الصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته و ينزل في الثالثة على المشهور.

للخبرين،أحدهما:الرضوي:«و إن حملت الميت إلى قبره فلا تفاجئ به القبر فإن للقبر أهوالا عظيمة،و تعوّذ باللّه سبحانه من هول المطّلع ،و لكن ضعه دون شفير القبر و اصبر عليه هنيئة ثمَّ قدّمه قليلا و اصبر عليه ليأخذ أهبته ثمَّ قدّمه

ص:434


1- الكافي 3:3/195،التهذيب 1:916/315،الوسائل 3:181 أبواب الدفن ب 22 ح 2.
2- الكافي 3:1/191،الوسائل 3:168 أبواب الدفن ب 16 ح 5.
3- التهذيب 1:907/312،الوسائل 3:167 أبواب الدفن ب 16 ح 2.
4- فقه الرضا(عليه السلام):171،المستدرك 2:328 أبواب الدفن ب 22 ح 4.
5- الغنية(الجوامع الفقهية):564،المنتهى 1:459،نهاية الأحكام 2:274،التذكرة 1:52.

إلى شفير القبر،و يدخله القبر من يأمره وليّ الميت إن شاء شفعا و إن شاء وترا» الخبر (1).

و نحوه الثاني المروي في العلل (2).

خلافا للمحكي عن الإسكافي (3)،فلم يزد في وضعه على مرّة؛لخلو الأخبار المعتبرة عن التثليث،ففي الصحيح:«ينبغي أن يوضع الميت دون القبر هنيئة ثمَّ واره» (4).

و ينبغي أن يكون الميت حين إنزاله سابقا برأسه إن كان رجلا كخروجه إلى الدنيا،قطع به الشيخان و غيرهما (5)،بل عن الغنية الإجماع عليه (6)،و يرشد إليه أخبار سلّه من قبل الرّجلين.

و ينبغي أن يكون برفق؛للخبرين المروي أحدهما في العيون (7).

و إن كانت المرأة ينبغي أخذها عرضا في المشهور،بل عن الغنية و ظاهر نهاية الأحكام و المنتهى و التذكرة:الإجماع عليه (8)،و به يقيّد إطلاق أخبار السلّ،مع إشعار بعضها بالرجل،مضافا إلى المرفوع المنجبر بالعمل:«إذا أدخلت الميت القبر إن كان رجلا سلّ سلا،و المرأة تؤخذ

ص:435


1- فقه الرضا(عليه السلام):170،المستدرك 2:317 أبواب الدفن ب 16 ح 1.
2- علل الشرائع:2/306،الوسائل 3:168 أبواب الدفن ب 16 ح 6.
3- نقله عنه في الذكرى:65.
4- التهذيب 1:908/313،الوسائل 3:167 أبواب الدفن ب 16 ح 1.
5- المفيد في المقنعة:80،الطوسي في النهاية:38؛و انظر نهاية الأحكام 2:274.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):564.
7- العيون 2:1/120،الوسائل 3:78 أبواب صلاة الجنازة ب 5 ح 20.و الخبر الثاني:الكافي 3:4/195،التهذيب 1:922/317،الوسائل 3:175 أبواب الدفن ب 20 ح 5.
8- الغنية(الجوامع الفقهية):564،نهاية الأحكام 2:275،المنتهى 1:459،التذكرة 1: 52.

عرضا» (1).

و في الخبر:«يسلّ الرجل سلا،و تستقبل المرأة استقبالا» (2).

و قد صرّح بالأمرين في الرضوي المتقدم (3).

و أن يحلّ عقد كفنه بعد وضعه في قبره،إجماعا كما عن الغنية و المعتبر (4)؛للمستفيضة،منها الرضوي:«ثمَّ ضعه على يمنية مستقبل القبلة، و حلّ عقد كفنه،وضع خده على التراب»الخبر (5).

و لعلّه بمعناه ما في الصحيحين الآمرين بشق الكفن من عند رأسه (6).

و أن يلقّنه الولي أو من يأمره قبل شرج اللبن أصول دينه،إجماعا كما عن الغنية (7)،و الأخبار باستحبابه كادت تكون متواترة.

ففي الصحيح:«و اضرب بيدك على منكبه الأيمن ثمَّ قل:يا فلان بن فلان،قل:رضيت باللّه ربّا،و بالإسلام دينا،و بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله نبيا و رسولا،و بعليّ إماما و يسمي إمام زمانه» (8).

و في الحسن:«و سمّ حتى إمام زمانه» (9).

ص:436


1- التهذيب 1:950/325،الوسائل 3:204 أبواب الدفن ب 38 ح 1.
2- التهذيب 1:951/326،الوسائل 3:204 أبواب الدفن ب 38 ح 2.
3- في ص:434.
4- الغنية(الجوامع الفقهية):564،المعتبر 1:300.
5- فقه الرضا(عليه السلام):170،المستدرك 2:324 أبواب الدفن ب 21 ح 6.
6- الأول: التهذيب 1:1493/458،الوسائل 3:172 أبواب الدفن ب 19 ح 2. الثاني: الكافي 3:9/196،التهذيب 1:921/317،الوسائل 3:173 أبواب الدفن ب 19 ح 6.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):564.
8- التهذيب 1:1490/457،الوسائل 3:175 أبواب الدفن ب 20 ح 6.
9- الكافي 3:7/196،الوسائل 3:174 أبواب الدفن ب 20 ح 2.

و في الرضوي:«ثمَّ تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن وضع يدك اليسرى على منكبه الأيسر و تحرّكه تحريكا شديدا و تقول:يا فلان بن فلان،اللّه ربك،و محمّد صلّى اللّه عليه و آله نبيك،و الإسلام دينك،و عليّ وليك و إمامك،و تسمي الأئمة واحدا بعد واحد إلى آخرهم،ثمَّ تعيد عليه التلقين مرّة أخرى» (1).

و نحوه عن الفقيه و الهداية (2)،و زاد في آخره:أئمتك أئمة هدى أبرار.

و في أمالي الصدوق عن ابن عباس:أنه لمّا وضعت فاطمة بنت أسد في قبرها زحف النبي صلّى اللّه عليه و آله حتى صار عند رأسها ثمَّ قال:«يا فاطمة، إن أتاك منكر و نكير فسألاك من ربك فقولي:اللّه ربي،و محمّد صلّى اللّه عليه و آله نبيي،و الإسلام ديني،و ابني إمامي و وليّي» (3).

و عن الشيخين و القاضي و المنتهى (4)أن يقول:يا فلان بن فلان اذكر العهد الذي خرجت عليه من دار الدنيا شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،و أنّ عليّا أمير المؤمنين و الحسن و الحسين-و يذكر الأئمة عليهم السلام إلى آخرهم-أئمتك أئمة هدى أبرار،كذا في المقنعة بالتنكير.و الباقون ذكروا:أئمة الهدى الأبرار بالتعريف،قال المفيد:و إذا لقّنه كفى المسألة بعد الدفن إن شاء اللّه تعالى.

أقول:و هذا هو التلقين الثاني.و قيل:الثالث (5)،بناء على ما ذكره من استحبابه عند التكفين.و لم أقف على ما يدل عليه.

ص:437


1- فقه الرضا(عليه السلام):171،المستدرك 2:320 أبواب الدفن ب 20 ح 1.
2- الفقيه 1:108،الهداية:27.
3- أمالي الصدوق:14/258،الوسائل 3:176 أبواب الدفن ب 20 ح 9.
4- المفيد في المقنعة:81،الطوسي في النهاية:38،القاضي في المهذب 1:64،المنتهى 1:460.
5- انظر الحدائق 4:128.

و أن يجعل معه كما عن النهاية و المبسوط و الأكثر (1)،أو تحت خدّه كما عن المفيد و الحلّي و شيخنا الشهيد رحمهم اللّه (2)،أو في وجهه كما عن الاقتصاد و العزّية (3)،و الظاهر أنه بمعنى جعلها تلقاء وجهه،و ظاهر الحلّي المغايرة و أنهما قولان لشيخ الطائفة و الكلّ جائز كما عن المختلف (4).

تربة مولانا الحسين عليه السلام،فإنها أمان من كل خوف كما في الأخبار،و ممّا ورد منها في المضمار المستفيضة.

فروى الشيخ في التهذيب في أبواب المزار في الصحيح،عن محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال:كتبت إلى الفقيه أسأله عليه السلام عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره،هل يجوز ذلك أم لا؟فأجاب عليه السلام -و قرأت التوقيع و منه نسخت:«يوضع مع الميت في قبره و يخلط بحنوطه إن شاء اللّه» (5).

و رواه في الاحتجاج عن محمّد بن عبد اللّه،عن أبيه،عن مولانا صاحب الزمان عليه السلام (6).

و روى في المصباح عن جعفر بن عيسى أنه سمع أبا الحسن عليه السلام يقول:«ما على أحدكم إذا دفن الميت و وسده التراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من الطين و لا يضعها تحت رأسه» (7).

و المراد بالطين هو التربة الشريفة،فإنها المراد من إطلاق العبارة حيث

ص:438


1- النهاية:38،المبسوط 1:186؛حكاه عن الأكثر في كشف اللثام 1:134.
2- نقله عن المفيد في الذكرى:66،الحلي في السرائر 1:165،الشهيد في الذكرى:66.
3- الاقتصاد:250،حكاه عن العزّيّة في الذكرى:66.
4- المختلف:121.
5- التهذيب 6:149/76،الوسائل 3:29 أبواب التكفين ب 12 ح 1.
6- الاحتجاج 2:489،الوسائل 3:29 أبواب التكفين ب 12 ح 1.
7- مصباح المتهجد:678،الوسائل 3:30 أبواب التكفين ب 12 ح 3.

تطلق في زمن الأئمة عليهم السلام،و لذا رواه الشيخ في فضل التربة الحسينية.

و في الرضوي:«و يجعل في أكفانه شيء من طين القبر و تربة الحسين عليه السلام» (1).و العطف تفسيري.

و حكي أن امرأة قذفها القبر مرارا لأنها كانت تزني و تحرق أولادها،و أن أمّها أخبرت الصادق عليه السلام بذلك فقال:إنها كانت تعذّب خلق اللّه تعالى اجعلوا معها شيئا من تربة الحسين عليه السلام فاستقرت (2).

و ربما يستفاد منها استحباب الدفن في الأرض المقدسة على مشرّفها السلام و أفضل التحية و الإكرام.

و أن يشرّج اللحد و ينضد باللبن على وجه يمنع دخول التراب إليه،لا يعرف فيه خلاف كما عن المنتهى (3).و هو الحجة كالخبر:«ثمَّ تضع الطين و اللبن فما دمت تضع اللبن و الطين تقول:اللّهم»الخبر (4).

و إشعار المعتبرة بالمداومة عليه في الأزمنة السابقة كالحسن:«إذا وضعت عليه اللبن فقل:اللهم صل وحدته» (5)و نحوه الرضوي (6)و غيره (7).

و في الصحيح:«جعل عليّ عليه السلام على قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله لبنا»فقلت:أرأيت إن جعل الرجل عليه آجرا هل يضرّ بالميت؟قال:

«لا» (8)فتأمل .

ص:439


1- فقه الرضا(عليه السلام):184،المستدرك 2:217 أبواب التكفين ب 10 ح 3.
2- المنتهى 1:461،الوسائل 3:29 أبواب التكفين ب 12 ح 2.
3- المنتهى 1:461.
4- التهذيب 1:1492/457،الوسائل 3:180 أبواب الدفن ب 21 ح 6.
5- الكافي 3:6/196،التهذيب 1:920/316،الوسائل 3:177 أبواب الدفن ب 21 ح 2.
6- فقه الرضا(عليه السلام):171،المستدرك 2:324 أبواب الدفن ب 21 ح 6.
7- الفقيه 1:500/108،الوسائل 3:179 أبواب الدفن ب 21 ح 5.
8- الكافي 3:3/197،الوسائل 3:189 أبواب الدفن ب 28 ح 1.

و يستفاد منها استحباب اللبن،إلاّ أن المحكي عن الغنية و المهذّب و المنتهى (1)جواز تبديله بما يقوم مقامه في منع التراب؛و لعلّه للمروي في العلل و فيه:«نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبر سعد بن معاذ حتى لحّده و سوّى عليه اللبن و جعل يقول:ناولني حجرا،ناولني ترابا رطبا يسدّ به ما بين اللبن، فلمّا أن فرغ و حثا التراب عليه و سوّى قبره قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إني لأعلم أنه سيبلى و يصل إليه البلى،و لكن اللّه عزّ و جلّ يحبّ عبدا إذا عمل عملا فأحكمه»الحديث (2).

و يستفاد منه إطلاق اللبن على ما يعمّ الحجر،و استحباب الطين لسدّ الخلل كما استفيد من الخبر الأول،و حكي التصريح به عن الفاضلين في المعتبر و النهاية و المنتهى و التذكرة (3).

و أن يخرج من قبل رجليه مطلقا؛للخبرين:«من دخل القبر فلا يخرج منه إلاّ من قبل الرّجلين» (4).و يشعر به الدالّ على أنه الباب (5).

خلافا للإسكافي في المرأة فيخرج من عند رأسها؛لإنزالها عرضا، و للبعد عن العورة (6)،و إطلاق النص حجة عليه.

و أن يهيل الحاضرون و يصبون التراب في قبره بعد تشريجه؛ للمستفيضة،و هي ما بين مطلقة بإهالته باليد (7)،و مقيدة له بظهور الأكف

ص:440


1- الغنية(الجوامع الفقهية):564،المهذّب 1:63،المنتهى 1:461.
2- علل الشرائع:4/309،الوسائل 3:230 أبواب الدفن ب 60 ح 2.
3- المعتبر 1:299،نهاية الأحكام 2:277،المنتهى 1:461،التذكرة 1:53.
4- الكافي 3:4/193،التهذيب 1:917/316،الوسائل 3:183 أبواب الدفن ب 23 ح 1. و الخبر الثاني:الكافي 3:5/193،الوسائل 3:184 أبواب الدفن ب 23 ح 2.
5- الوسائل 3:182 أبواب الدفن ب 22 الأحاديث 4،6،7.
6- نقله عنه في المختلف:121.
7- الوسائل 3:189 أبواب الدفن ب 29.

كالرضوي:«ثمَّ احث عليه التراب بظهر كفك ثلاث مرّات» (1).

و قريب منه ما في آخر قال:رأيت أبا الحسن عليه السلام و هو في جنازة فحثا التراب على القبر بظهر كفّه (2).

و مصرحة بإهالة مولانا الصادق عليه السلام ببطن الكف كما في الصحيح (3).و فيه-كالرضوي و غيره-التثليث كما عن المنتهى و الفقيه و الهداية و الاقتصاد و السرائر (4)و الإصباح.

و عن الذكرى أقلّه ثلاث حثيات باليدين جميعا؛لفعل النبي صلّى اللّه عليه و آله (5).

و ينبغي كونهم عند الإهالة مسترجعين قائلين «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» [1] و لم أعثر لاستحبابه هنا بخصوصه على أثر.

و الاقتصار عليه محكي عن الأكثر،و عن القاضي زيادة:« هذا ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ [2] ،اللهم زدنا إيمانا و تسليما» (6).

و في الخبر:«إذا حثوت التراب على الميت فقل:إيمانا بك و تصديقا ببعثك،هذا ما وعدنا اللّه و رسوله،قال:و قال أمير المؤمنين عليه السلام:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:من حثا على ميت و قال هذا القول أعطاه اللّه بكل ذرة حسنة» (7).

ص:441


1- فقه الرضا(عليه السلام):171،المستدرك 2:334 أبواب الدفن ب 28 ذيل الحديث 3.
2- التهذيب 1:925/318،الوسائل 3:191 أبواب الدفن ب 29 ح 5.
3- الكافي 3:4/198،الوسائل 3:190 أبواب الدفن ب 29 ح 2.
4- المنتهى 1:462،الفقيه 1:109،الهداية:27،الاقتصاد:250،السرائر 1:165، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:135.
5- الذكرى:67.
6- المهذّب 1:63.
7- الكافي 3:2/198،التهذيب 1:926/319،الوسائل 3:190 أبواب الدفن ب 29 ح 4.

و الأخبار في الأدعية المأثورة عند الإهالة مختلفة،لا بأس بالعمل بكلّ منها.

و ينبغي أن لا يهيل ذو رحم و عليه فتوى الأصحاب؛للموثق:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن أن يطرح الوالد ذو رحم على ميّته» و علّل فيه بإيراثه القسوة،و من قسا قلبه بعد عن ربّه (1).

ثمَّ يطمّ القبر و لا يوضع فيه من غير ترابه فإنه ثقل على الميت كما في المرسل (2).

و في الخبر:«إن النبي صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يزاد على القبر تراب لم يخرج منه» (3).

و عن الإسكافي تخصيص الكراهة بوقت الدفن فلا بأس به بعده (4).

و ينبغي أن يرفع متسطحا مربعا ذا أربع زوايا قائمة،إجماعا منّا في التسطيح كما عن الذكرى (5)،و به صرّح جماعة (6)،للرضوي:«و السنة أن القبر يرفع أربع أصابع مفرّجة من الأرض،و إن كان أكثر فلا بأس،و يكون مسطّحا لا مسنّما» (7).

ص:442


1- الكافي 3:5/199،التهذيب 1:928/319،علل الشرائع:1/304،الوسائل 3:191 أبواب الدفن ب 30 ح 1.
2- الفقيه 1:576/120،الوسائل 3:202 أبواب الدفن ب 36 ح 3.
3- الكافي 3:4/202،التهذيب 1:1500/460،الوسائل 3:202 أبواب الدفن ب 36 ح 1.
4- نقله عنه في الذكرى:67.
5- الذكرى:67.
6- منهم الشيخ في الخلاف 1:706،العلامة في التذكرة 1:53،المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:443.
7- فقه الرضا(عليه السلام):175،المستدرك 2:335 أبواب الدفن ب 29 ح 1.

و يومئ إليه أخبار التربيع كالخبر:«و يربّع قبره» (1).

و المروي في العلل:لأيّ علة يربّع القبر؟قال:«لعلّة البيت لأنه نزل مربعا» (2).

و ينص على كراهة التسنيم المروي في الخصال:«القبور تربع و لا تسنّم» (3).

و في الخبر في المحاسن:«لا تدع صورة إلاّ محوتها،و لا قبرا إلاّ سوّيته، و لا كلبا إلاّ قتلته» (4).

و في آخر:«و لا قبرا مشرفا إلاّ سوّيته» (5)و الإشراف ظاهر في التسنيم.

و ينبغي كون الرفع مقدار أربع أصابع باتفاق الأصحاب كما عن المعتبر (6)،بل العلماء كما عن المنتهى (7)،و تكون على الأشهر مفرّجات كما في الرضوي المتقدم،و المعتبرة كالصحيحين في وصية مولانا الباقر عليه السلام بذلك (8)،و نحوهما غيرهما ممّا تضمّن الأمر به (9).

و عن العماني كونها مضمومة (10)؛للموثق (11).

ص:443


1- الكافي 1:8/307،إرشاد المفيد:271،الوسائل 3:194 أبواب الدفن ب 31 ح 9.
2- علل الشرائع:1/305،الوسائل 3:195 أبواب الدفن ب 31 ح 12.
3- الخصال:9/603،الوسائل 3:182 أبواب الدفن ب 22 ح 5.
4- المحاسن:34/613،الوسائل 3:209 أبواب الدفن ب 43 ح 2.
5- صحيح مسلم 2:93/666،سنن أبي داود 3:3218/215.
6- المعتبر 1:301.
7- المنتهى 1:462.
8- الكافي 3:3/140،التهذيب 1:876/300،التهذيب 1:934/321،الوسائل 3: 193 أبواب الدفن ب 31 ح 6 و 7.
9- العيون 1:6/82،الوسائل 3:195 أبواب الدفن ب 31 ح 11.
10- نقله عنه في الذكرى:67.
11- الكافي؟؟؟:2/199،التهذيب 1:932/320،الوسائل 3:192 أبواب الدفن ب 31 ح 4.

و عن ابن زهرة و ابن البراج (1)التخيير بين الأول و بين الشبر؛للخبر:«إنّ قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رفع شبر من الأرض» (2).

و الأول أولى،مضافا إلى المنع عن الزائد عن الأربع أصابع في المروي في العيون:«لا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرّجات» (3).

و قريب منه الخبر:«و يلزق القبر بالأرض إلاّ قدر أربع أصابع مفرّجات» (4).

و عن المنتهى أن كراهته فتوى العلماء (5).

و أن يصبّ عليه الماء باتفاق العلماء كما عن المنتهى (6)،و عن الغنية الإجماع عليه (7)؛للأخبار،منها المرسل:«يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب» (8).

و به أمر أبو جعفر عليه السلام في وصيته (9).

و هي مطلقة في كيفية الرش،و الأفضل أن يبدأ من قبل رأسه و ينتهي إليه دورا،و إن فضل ماء صبّه على وسطه و هو مذهب الأصحاب

ص:444


1- ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):564،ابن البراج في المهذّب 1:64.
2- التهذيب 1:1538/469،علل الشرائع:2/307،الوسائل 3:193 أبواب الدفن ب 31 ح 8.
3- العيون 1:6/82،الوسائل 3:195 أبواب الدفن ب 31 ح 11.
4- الكافي 3:3/195،التهذيب 1:1494/458،الوسائل 3:181 أبواب الدفن ب 22 ح 2.
5- المنتهى 1:462.
6- المنتهى 1:463.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):564.
8- الكافي 3:6/200،علل الشرائع:1/307،الوسائل 3:196 أبواب الدفن ب 32 ح 2.
9- الكافي 3:5/200،التهذيب 1:933/320،الوسائل 3:193 أبواب الدفن ب 31 ح 5.

كما عن المصنف (1)؛للخبر (2):«السنّة في رشّ الماء على القبر أن تستقبل القبلة و تبدأ من عند الرأس إلى عند الرجلين،ثمَّ تدور على القبر من الجانب الآخر،ثمَّ ترشّ على وسط القبر فكذلك السنّة» (3).

و قوله«تدور»يحتمل الدور بالصب كما فهمه الصدوق (4)،و صرّح به الرضوي (5).

و يستفاد منها استحباب استقبال القبلة في ابتداء الصب كما عن الفقيه و الهداية و المنتهى (6).

و أن يضع الحاضرون الأيدي عليه بعد رشّه بالماء،و هو مذهب فقهائنا كما عن الماتن (7)؛للمعتبرة المستفيضة كالصحيح:«إذا حثي عليه التراب و سوّي قبره فضع كفك على قبره عند رأسه ففرّج أصابعك و اغمز كفّك عليه بعد ما ينضح[بالماء]» (8).

و يستفاد منه كغيره استحباب تفريج الأصابع و التأثير بها في القبر كما عن الشيخين (9)و جماعة (10).

ص:445


1- المعتبر 1:302.
2- في«ش»:للموثق.
3- التهذيب 1:931/320،الوسائل 3:195 أبواب الدفن ب 32 ح 1.
4- الفقيه 1:109.
5- فقه الرضا(عليه السلام):171،المستدرك 2:336 أبواب الدفن ب 30 ح 2.
6- الفقيه 1:109،الهداية:28،المنتهى 1:463.
7- المعتبر 1:302.
8- التهذيب 1:1490/457،الوسائل 3:197 أبواب الدفن ب 33 ح 1.و بدل ما بين المعقوفين في النسخ:الماء،و ما أثبتناه من المصادر.
9- لم نعثر عليه في مقنعة المفيد،الطوسي في النهاية:39.
10- منهم ابن البراج في المهذّب 1:64،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:444، و الشهيد الثاني في الروضة 1:148.

و يستحب استقبال القبلة حينئذ كما عن المهذب (1)؛لأنه خير المجالس،و أقرب إلى استجابة الدعاء.و يؤيده الخبر:كيف أضع يدي على قبور المؤمنين؟فأشار بيده إلى الأرض و وضعها عليها و رفعها و هو مقابل القبلة (2).

و هو صريح الرضوي:«ثمَّ ضع يدك على القبر و أنت مستقبل القبلة» (3).

و ينبغي كونهم حينئذ مسترحمين طالبين للرحمة ذكره الأصحاب؛ للروايات،منها الخبر:كنت مع أبي جعفر عليه السلام في جنازة رجل من أصحابنا،فلمّا أن دفنوه قام إلى قبره فحثا على رأسه ثلاثا بكفه،ثمَّ بسط كفّه على القبر،ثمَّ قال:«اللهم جاف الأرض عن جنبيه،و أصعد إليك روحه،و لقّه منك رضوانا،و أسكن قبره من رحمتك ما تغنيه عن رحمة من سواك»ثمَّ مضى (4).

و قريب من الدعاء فيه الدعاء في الخبرين،أحدهما الرضوي (5).

و أن يلقنه الوليّ أو من يأمره به بعد انصرافهم عنه،إجماعا كما عن الغنية و المعتبر و ظاهر المنتهى و نهاية الأحكام و التذكرة (6)؛للروايات الخاصية و العامية و لكن ليس فيما يختص بهم ذكر الأئمة عليهم السلام،و هي

ص:446


1- المهذّب 1:64.
2- الكافي 3:3/200،التهذيب 1:1508/462،الوسائل 3:198 أبواب الدفن ب 33 ح 5.
3- فقه الرضا(عليه السلام):172،المستدرك 2:338 أبواب الدفن ب 31 ح 2.
4- الكافي 3:3/198،التهذيب 1:927/319،الوسائل 3:190 أبواب الدفن ب 29 ح 3.
5- فقه الرضا(عليه السلام):172 و 185،المستدرك 2:324 أبواب الدفن ب 21 ح 6. و الخبر الثاني:التهذيب 1:1492/457،الوسائل 3:180 أبواب الدفن ب 21 ح 6.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):564،المعتبر 1:303،المنتهى 1:463،نهاية الأحكام 2: 279،التذكرة 1:53.

من طرقنا مستفيضة،ففي الخبر:«ما على أحدكم إذا دفن ميّته و سوّى عليه و انصرف عن قبره أن يتخلف عند قبره ثمَّ يقول:يا فلان بن فلان،أنت على العهد الذي عهدناك به من شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أن محمّدا رسول اللّه،و أن عليا أمير المؤمنين إمامك،و فلان و فلان حتى يأتي على آخرهم،فإنه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه:قد كفينا الوصول إليه و مسألتنا إياه فإنه قد لقّن،فينصرفان عنه و لا يدخلان إليه» (1).

و نحوه غيره باختلاف يسير في كيفية التلقين (2).

و في المرسل المروي في العلل:«ينبغي أن يتخلف عند القبر أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه،و يقبض على التراب بكفه و يلقّنه برفيع صوته،فإذا فعل ذلك كفى الميت المسألة في قبره» (3).

و نحوه في الرضوي (4).

و ينبغي استقبال القبلة حين التلقين كما في القواعد و عن السرائر (5)؛لأن خير المجالس ما استقبل فيه القبلة (6)،مع مناسبته للتلقين الثاني.

و عن المهذّب و الجامع استقبال وجه الميت و استدبار القبلة؛لأنه أنسب بالتلقين و التفهيم (7).

ص:447


1- التهذيب 1:1496/459،و فيه:و لا يدخلان عليه،الوسائل 3:201 أبواب الدفن ب 35 ح 2.
2- الكافي 3:11/201،الفقيه 1:501/109،التهذيب 1:935/321،الوسائل 3:200 أبواب الدفن ب 35 ح 1.
3- علل الشرائع:1/308،الوسائل 3:202 أبواب الدفن ب 35 ح 3.
4- فقه الرضا(عليه السلام):172،المستدرك 2:341 أبواب الدفن ب 33 ح 1.
5- القواعد 1:21،السرائر 1:165.
6- ورد فيه حديث مرسل رواه في الشرائع 4:73.
7- المهذّب 1:64،الجامع للشرائع:55.
ما يكره فيه

و يكره فرش القبر بالساج لاستلزامه الإتلاف المنهي عنه من دون رخصة إلاّ مع الحاجة كنداوة القبر؛للخبر:إنه ربما مات الميت عندنا و يكون الأرض ندية فيفرش القبر بالساج أو يطبق عليه ،فهل يجوز ذلك؟ فكتب:«ذلك جائز» (1).

و تجصيصه بإجماعنا،كما عن التذكرة و المبسوط و نهاية الأحكام و المنتهى (2)؛للمستفيضة الناهية عنه،منها الخبر (3):«لا يصلح البناء عليه،و لا الجلوس،و لا تجصيصه،و لا تطيينه» (4).

و إطلاقها يقتضي عدم الفرق بين الباطن و الظاهر و الابتداء و بعد الاندراس.

و ربما خص الكراهة بالباطن دون الظاهر؛جمعا بينه و بين ما دلّ على أمر مولانا الكاظم عليه السلام بتجصيص قبر ابنته و وضع لوح عليه (5).

و ربما جمع بتخصيص الكراهة بما بعد الاندراس.

و لا شاهد عليهما.فإذا الكراهة مطلقا أقوى،و يحمل الخبر على وجود داع لم نطّلع عليه .

و ربما يستثنى من ذلك قبور الأنبياء و العلماء و الصلحاء؛استضعافا لخبر المنع،و التفاتا إلى أن في ذلك تعظيما لشعائر الإسلام و تحصيلا لكثير من

ص:448


1- الكافي 3:1/197،التهذيب 1:1488/456،الوسائل 3:188 أبواب الدفن ب 27 ح 1.
2- التذكرة 1:54،المبسوط 1:187،نهاية الأحكام 2:284،المنتهى 1:463.
3- في«ح»و«ل»:الخبر الموثق.
4- التهذيب 1:1503/461،الاستبصار 1:767/217،الوسائل 3:210 أبواب الدفن ب 44 ح 1.
5- الكافي 3:3/202،التهذيب 1:1501/461،الاستبصار 1:768/217،الوسائل 3: 203 أبواب الدفن ب 37 ح 2.

المصالح الدينية كما لا يخفى.

و هو في غاية الجودة.لا لضعف الخبر المانع؛للاكتفاء في مثل الكراهة بمثله،بناء على المسامحة.بل لوروده مورد الغالب،و هو ما عدا المذكورين .

و تجديده بعد الاندراس إن كان بالجيم كما عن النهاية و المبسوط و المصباح و مختصره و السرائر و المهذّب و الوسيلة و الإصباح (1)،أو بالحاء المهملة بمعنى تسنيمه،و يحتملهما قول مولانا أمير المؤمنين في خبر الأصبغ:

«من جدّد قبرا أو مثّل مثالا فقد خرج عن الإسلام» (2)و يحتمل قتل المؤمن ظلما فإنه سبب لتجديد قبر،إلى غير ذلك من الاحتمالات المعروفة .

و هذه الاحتمالات كافية لإثبات الكراهة في كل من المعاني المحتملة، بناء على المسامحة في أدلّتها،سيّما مع اعتضاد كلّ منها بفتوى جمع.

و عن المحقّق إسقاط الرواية لضعفها،فلا ضرورة إلى التشاغل بتحقيق نقلها (3).

و فيه:أن اشتغال الأفاضل كالصفار و سعد بن عبد اللّه و أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي و الصدوق و الشيخين (4)بتحقيق هذه اللفظة مؤذن بصحة الحديث عندهم.فتأمل .

و دفن ميتين ابتداء في قبر واحد كما هنا و في الشرائع و القواعد

ص:449


1- النهاية:44،المبسوط 1:187،المصباح:22،السرائر 1:171،المهذّب 1:65، الوسيلة:69،نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:138.
2- الفقيه 1:579/120،التهذيب 1:1497/459،المحاسن:33/612،الوسائل 3: 208 أبواب الدفن ب 43 ح 1.
3- المعتبر 1:304،و في حاشية«ش»و«ل»:متنها بدل نقلها،و في المصدر الحجري و المطبوع ما أثبتناه.
4- راجع التهذيب 1:459.

و عن الوسيلة (1)؛للمرسل في المبسوط عنهم عليهم السلام:«لا يدفن في قبر واحد اثنان» (2)و فحوى ما دلّ على كراهة حملهما على جنازة (3)،مع ما فيه من احتمال تأذي أحدهما بالآخر و افتضاحه عنده.

و عن ابن سعيد النهي عنه إلاّ لضرورة (4).و الأصل حجة عليه،و ضعف إسناد الناهي يمنعه من الاستناد إليه.

أما لو حفر قبر فيه ميت ليدفن فيه ميت آخر فعن المبسوط و النهاية الكراهة هنا أيضا (5)،إلاّ أن في المبسوط ما يشعر بإرادته منها التحريم (6)،و حكي عن المنتهى و النهاية و التحرير و التذكرة (7).

و علّله المصنف بصيرورة القبر حقا للأول (8).و فيه منع .و غيره باستلزامه النبش المحرّم (9).و فيه:أن الكلام في إباحة الدفن نفسه لا النبش ،و أحدهما غير الآخر.

فإذا القول بالكراهة أقوى،إلاّ أنه على التحريم إجماع المسلمين كما عن الذكرى (10)،و هو أحوط و أولى.

كل ذا مع الاختيار،و لا كلام في الجواز مع الاضطرار،و روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال للأنصار يوم احد:«احفروا و وسّعوا و عمّقوا

ص:450


1- الشرائع 1:43،القواعد 1:21،الوسيلة:69.
2- المبسوط 1:155.
3- الوسائل 3:208 أبواب الدفن ب 42.
4- الجامع للشرائع:57.
5- المبسوط 1:187،النهاية:44.
6- لأنه قال بعد ذلك:و إن وجد فيه عظاما أو غيرها ردّ التراب و لم يدفن فيه.
7- المنتهى 1:464،نهاية الأحكام 2:283،التحرير 1:20،التذكرة 1:54.
8- المعتبر 1:306.
9- كما في الحدائق 4:141.
10- الذكرى:64.

و اجعلوا الاثنين و الثلاثة في القبر الواحد» (1).

و عن المعتبر و نهاية الأحكام و التذكرة:تقديم الأفضل،و جعل حاجز بين كلّ اثنين ليشبها المنفردين (2).و عن المهذّب:جعل الخنثى خلف الرجل و أمام المرأة،و جعل تراب حاجز بينهما (3).

و نقل الميت قبل الدفن إلى غير بلد موته بإجماع العلماء كما عن المعتبر و التذكرة و نهاية الأحكام (4)؛لمنافاته تعجيل التجهيز المأمور به.

و الأولى الاستدلال له بالمروي في الدعائم عن علي عليه السلام:إنه رفع إليه أن رجلا مات بالرستاق فحملوه إلى الكوفة،فأنهكهم عقوبة و قال:

«ادفنوا الأجساد في مصارعها و لا تفعلوا كفعل اليهود بنقل موتاهم إلى بيت المقدس»و قال:«إنّه لمّا كان يوم أحد أقبلت الأنصار لتحمل قتلاها إلى دورها، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مناديه فنادى:ادفنوا الأجساد في مصارعها» (5).

إلاّ إلى أحد المشاهد المشرّفة فيستحب بإجماعنا،و عليه عمل الأصحاب من زمن الأئمة عليهم السلام إلى الآن،و هو مشهور بينهم لا يتناكرونه،فهو إجماع منهم،صرّح به الفاضلان،قالا:و لأنه قاصد بذلك التمسك بمن له أهلية الشفاعة،و هو حسن بين الأحياء توصّلا إلى فوائد الدنيا، فالتوصل إلى فوائد الآخرة أولى (6).انتهى.

ص:451


1- سنن أبي داود 3:3215/214.
2- المعتبر 1:338،نهاية الأحكام 2:286،التذكرة 1:54.
3- المهذّب 1:65.
4- المعتبر 1:307،التذكرة 1:54،نهاية الإحكام 2:283.
5- دعائم الإسلام 1:238،المستدرك 2:313 أبواب الدفن ب 13 ح 15.
6- المحقق في المعتبر 1:307،العلامة في التذكرة 1:54.

و يرشد إليه المروي في مجمع البيان و قصص الأنبياء للراوندي،عن محمّد ابن مسلم،عن مولانا الباقر عليه السلام:«لمّا مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام فدفنه في بيت المقدس» (1).

و في إرشاد القلوب للديلمي و فرحة الغري للسيد عبد الكريم بن السيد أحمد بن طاوس-رحمه اللّه-من حديث اليماني الذي قدم بأبيه على ناقة إلى الغري،قال في الخبر:أنه كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد الخلوة بنفسه ذهب إلى طرف الغري،فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النجف فإذا رجل قد أقبل من اليمن راكبا على ناقة قدّامه جنازة،فحين رأى عليا عليه السلام قصده حتى وصل إليه و سلّم عليه فردّ عليه و قال:«من أين؟»قال:من اليمن، قال:«و ما هذه الجنازة التي معك؟»قال:جنازة أبي لأدفنه في هذه الأرض، فقال له علي عليه السلام:«ألاّ دفنته في أرضكم؟!»قال:أوصى بذلك و قال:

إنه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة و مضر،فقال عليه السلام:

«أ تعرف ذلك الرجل؟»قال:لا،فقال عليه السلام:«أنا و اللّه ذلك الرجل -ثلاثا-فادفن»فقام فدفنه (2).فتأمل .

و فحوى المروي في الكافي و الفقيه و الخصال و العيون و غيرها عن الصادقين عليهم السلام:«إنّ اللّه تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أن أخرج عظام يوسف عليه السلام من مصر» (3).

ص:452


1- الأول: مجمع البيان 3:266،الوسائل 3:164 أبواب الدفن ب 13 ح 9. الثاني: قصص الأنبياء:126،المستدرك 2:310 أبواب الدفن ب 13 ح 6.
2- إرشاد القلوب:440،المستدرك 2:310 أبواب الدفن ب 13 ح 7.و لم نعثر عليه في فرحة الغري.
3- روضة الكافي 8:144/155،الفقيه 1:594/123،الخصال:21/205،العيون 1:18/203،الوسائل 3:162،163 أبواب الدفن ب 13 ح 2،7.

و عن العزّية:قد جاء حديث يدل على رخصة في نقل الميت إلى بعض مشاهد آل الرسول عليهم السلام إن وصّى الميت بذلك (1).

و عن الجامع:لو مات بعرفة فالأفضل نقله إلى الحرم (2).

قلت:لعلّه للخبرين:عن الميت يموت بمنى أو عرفات يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم فأيّهما أفضل؟فكتب عليه السلام:«يحمل إلى الحرم و يدفن فهو أفضل» (3).

و قيّد الشهيد-رحمه اللّه-استحباب النقل بالقرب إلى أحد المشاهد و عدم خوف الهتك ،ثمَّ قال:أمّا الشهيد فالأولى دفنه حيث قتل (4)؛للنبوي المتقدم عن الدعائم (5).

يلحق بهذا الباب مسائل

و يلحق بهذا الباب مسائل:

الأولى كفن المرأة على الزوج

الاولى:كفن المرأة الواجب على الزوج و لو كان لها مال إجماعا كما عن صريح الخلاف و نهاية الأحكام و ظاهر المعتبر و المنتهى و التذكرة و الذكرى (6)؛للخبر:«على الزوج كفن امرأته» (7)و نحوه المرسل في الفقيه (8)،

ص:453


1- نقله عن عزيّة المفيد في الذكرى:65.
2- الجامع للشرائع:56.
3- الكافي 4:14/543،التهذيب 5:1624/465،الوسائل 13:287 أبواب مقدمات الطواف ب 44 ح 2.و الآخر في:التهذيب 5:1694/478،الوسائل 13:288 أبواب مقدمات الطواف ب 44 ح 3.
4- الذكرى:64.
5- في ص:451.
6- الخلاف 1:708،نهاية الأحكام 2:247،المعتبر 1:307،المنتهى 1:442،التذكرة 1:44،الذكرى:50.
7- التهذيب 1:1439/445،الوسائل 3:54 أبواب التكفين ب 32 ح 2.
8- الفقيه 4:491/143،الوسائل 3:54 أبواب التكفين ب 32 ح 1.

و قصور سندهما منجبر بالعمل.

و إطلاقهما ككلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين الصغيرة و الكبيرة، المدخول بها و غيرها،الدائمة و غيرها.فإن كان إجماع و إلاّ فهو محل كلام؛ لعدم انصراف الإطلاق إلى نحو المتمتع بها و الناشزة.

و في إلحاق سائر المؤن الواجبة به إشكال.و الأصل يدفعه.خلافا للمحكي عن المبسوط و السرائر و نهاية الأحكام،فملحق به (1).و هو أحوط.

و لو أعسر بعدم مالكيته لما يزيد عن قوت يومه و ليلته و المستثنيات في دينه كفّنت من تركتها إن كان،كما عن نهاية الأحكام (2)؛لتقدم الكفن على الإرث.

و إلاّ دفنت عارية،و لا يجب على المسلمين بذله لها و لا لغيرها إجماعا كما حكي (3).

و لا يلحق بها ما عداها من واجبي النفقة؛للأصل،و فقد النص،مع حرمة القياس،و إن اقتضى الإلحاق بعض تعليلاتهم في المسألة ،و هي قاصرة.

نعم يجب للمملوك على مولاه؛لدعوى الإجماع عليه (4)و إن كان مدبّرا أو مكاتبا،مشروطا أو مطلقا لم يتحرر منه شيء أو أمّ ولد.و لو تحرّر فبالنسبة.

الثانية كفن الميت من أصل تركته

الثانية:كفن الميت الواجب يخرج من أصل تركته قبل الدين و الوصية (5)بإجماع الطائفة و أكثر العامة حكاه جماعة (6)؛للمعتبرة منها

ص:454


1- المبسوط 1:188،السرائر 1:171،نهاية الأحكام 2:248.
2- نهاية الأحكام 2:248.
3- انظر المفاتيح 2:175.
4- انظر المدارك 2:118،المفاتيح 2:175.
5- في المختصر المطبوع زيادة:و الميراث.
6- منهم:المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:400،و صاحب المدارك 2:119،و الفيض الكاشاني في المفاتيح 2:175.

الصحيح:«الكفن من جميع المال» (1).

و الصحيح:عن رجل مات و عليه دين و خلف قدر ثمن كفنه،قال:

«يجعل ما ترك في ثمن كفنه،إلاّ أن يتّجر عليه إنسان يكفنه و يقضي دينه ممّا ترك» (2).

و الخبر:«أول شيء يبدأ به من المال الكفن ثمَّ الدين ثمَّ الوصية ثمَّ الميراث» (3).

و لأن المفلّس لا يكلّف بنزع ثيابه،و حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا.

و إطلاقها كالعبارة هنا و في كلام الطائفة يقتضي تقديمه على حق المرتهن و غرماء المفلّس.و فيه إشكال؛للشك في الانصراف إلى مثله.و أولى منهما حق المجني عليه،و لذا احتمل تقديمهما عليه بعض الأصحاب (4)،و أفتى به في الأول في الذكرى (5).

الثالثة لا يجوز نبش القبر و لا نقل الموتى بعد دفنهم

الثالثة:لا يجوز نبش القبر إجماعا من المسلمين،كما عن المعتبر و المنتهى و الذكرى و نهاية الأحكام و التذكرة (6)،و به صرّح جماعة (7)؛لأنه مثلة بالميت و هتك لحرمته.و لا نص هنا يدل عليه ،فالحجّة هو الإجماعات المنقولة

ص:455


1- الفقيه 4:490/143،التهذيب 1:1407/437،الوسائل 3:53 أبواب التكفين ب 31 ح 1.
2- التهذيب 6:391/187،الوسائل 18:345 أبواب الدين و القرض ب 13 ح 1.
3- الكافي 7:3/23،الفقيه 4:488/143،التهذيب 9:698/171،الوسائل 18:345 أبواب الدين و القرض ب 13 ح 2.
4- كالفاضل الهندي في كشف اللثام 1:121.
5- الذكرى:50.
6- المعتبر 1:308،المنتهى 1:465،الذكرى:76،نهاية الأحكام 2:280،التذكرة 1: 54.
7- منهم ابن سعيد في الجامع للشرائع:56،و المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:452، و صاحب المدارك 2:153.

التي هي في قوة الصحاح المستفيضة المعتضدة بعمل الأمة،فلا وجه للتأمل في المسألة.

و ليس في أخبار قطع يد النبّاش دلالة عليه؛لظهورها في كون الوجه في القطع السرقة لا نبش القبر و هتك الحرمة.

و قد استثني من التحريم مواضع ليس المقام محلّ ذكرها.

و لا نقل الموتى بعد دفنهم إلى غير المشاهد المشرفة إجماعا،و كذا إليها على الأشهر كما في القواعد و المنتهى و التلخيص و التذكرة و المختلف و نهاية الأحكام و العزّية و السرائر و الإصباح و الذكرى و البيان (1).

و لا دليل عليه سوى استلزام النبش المحرّم،و هو غير المدّعي .فإذا الجواز أقوى،وفاقا لظاهر النهاية و المبسوط و المصباح (2)و مختصره-لذكرهم ورود الرخصة به مع عدم ردّهم له الظاهر في قبوله-تمسّكا بالأصل السالم عن المعارض،مؤيدا بما روي من نقل نوح عليه السلام آدم (3)،و موسى يوسف عليهم السلام (4)،و إن لم يكن فيهما حجة،لاحتمال الاختصاص،و إمكان البلى-فتأمل -مع أن المنقول أن آدم كان في تابوت فأخرج التابوت،و يوسف في صندوق مرمر.و لا ريب أن الأحوط الترك.

الرابعة الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسّل و لا يكفّن

الرابعة:الشهيد و هو المسلم و من بحكمه الميّت بمعركة قتال أمر به النبي صلّى اللّه عليه و آله أو الإمام عليه السلام كما عن المقنعة و المراسم

ص:456


1- القواعد 1:21،المنتهى 1:464،التذكرة 1:54،المختلف:123،نهاية الأحكام 2: 283،حكاه عن العزّية في الذكرى:65،السرائر 1:170،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:139،الذكرى:65،البيان:81.
2- النهاية:44،المبسوط 1:187،المصباح:22.
3- كامل الزيارات:38،المستدرك 2:309 أبواب الدفن ب 13 ح 5.
4- تقدّم مصدره في ص:452.

و الشرائع (1)،أو نائبهما كما عن المبسوط و النهاية و السرائر و المهذّب و الوسيلة و الجامع و المنتهى (2)،أو في كل جهاد حقّ كما عن المعتبر و الغنية و الإشارة (3)، و ظاهر الكافي و محتمل نهاية الأحكام و التذكرة (4)،و رجّحه في الذكرى و جماعة (5)،لإطلاق الشهيد في المعتبرة (6)،و الحسن:«الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن بثيابه و لا يغسل» (7).

و الخبر:«اغسل كلّ الموتى الغريق و أكيل السبع و كلّ شيء إلاّ ما قتل بين الصفّين» (8).

و الخروج عن مقتضى الأصل القطعي من وجوب تغسيل كلّ مسلم بمثل هذا الإطلاق مشكل،سيّما مع مخالفته الشهرة العظيمة؛لانصرافه إلى ما هو المتبادر منه و هو الذي قتل بين يدي الإمام أو نائبه الخاص .

نعم:ربما أشعر بعض المعتبرة بالعموم و إناطة حكم الشهيد بالطاعة و ارتفاعه عنه بالمعصية،كالرضوي:«و إن كان الميت قتيل المعركة في طاعة اللّه لم يغسّل و دفن في ثيابه التي قتل فيها بدمائه»إلى أن قال:«و إن كان قتل

ص:457


1- المقنعة:84،المراسم:45،الشرائع 1:37.
2- المبسوط 1:181،النهاية:40،السرائر 1:166،المهذّب 1:55،الوسيلة:63، الجامع للشرائع:49،المنتهى 1:433.
3- المعتبر 1:311،الغنية(الجوامع الفقهية):563،الإشارة:76.
4- الكافي في الفقه:237،نهاية الأحكام 2:236،التذكرة 1:41.
5- الذكرى:41؛و انظر الدروس 1:105،جامع المقاصد 1:50.
6- الوسائل 2:506 أبواب غسل الميت ب 14.
7- الكافي 3:5/212،التهذيب 1:973/332،الوسائل 2:510 أبواب غسل الميت ب 14 ح 9.
8- الكافي 3:7/213،التهذيب 1:967/330،الاستبصار 1:753/213،الوسائل 2: 506 أبواب غسل الميت ب 14 ح 3.

في معصية اللّه غسّل كما يغسّل الميت و ضمّ رأسه إلى عنقه»الحديث (1).

و لكن في مقاومته للأصل المعتضد بالشهرة إشكال.و الأحوط عند الفقير عدم إجراء أحكام الشهيد عليه و إن كان الإجراء لا يخلو عن قوة.

و كيف كان:لا يجري عليه الأحكام إلاّ إذا مات في المعركة و لم يدركه المسلمون و به رمق،فحينئذ لا يغسّل و لا يكفّن إلاّ إذا جرّد فيكفّن حينئذ،ذكره جماعة (2)،و أشعر به بعض المعتبرة (3).

بل يصلّى عليه و يدفن بثيابه وجوبا إجماعا حكاه جماعة (4)،و عن المعتبر أنه إجماع أهل العلم كافة خلا شذوذ من العامة (5).

و النصوص به مستفيضة كالصحيح أو الحسن يقول:«الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن في ثيابه و لا يغسل،إلاّ أن يدركه المسلمون و به رمق ثمَّ يموت بعد فإنه يغسل و يكفن و يحنط،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كفّن حمزة في ثيابه و لم يغسّله و لكن صلّى عليه» (6).

و بمعناه غيره من الصحاح و غيرها (7).

و ظاهرها الاكتفاء في وجوب التغسيل بإدراك المسلمين له حيّا و إن لم

ص:458


1- فقه الرضا(عليه السلام):174،المستدرك 2:179،180 أبواب غسل الميت ب 14،15 ح 5،1.
2- منهم العلامة في القواعد 1:17،المحقق الثاني في جامع المقاصد 1:366،الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:111.
3- الكافي 3:1/210،الفقيه 1:447/97،التهذيب 1:969/331،الاستبصار 1: 755/214،الوسائل 2:509 أبواب غسل الميت ب 14 ح 7.
4- منهم ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):563،و العلامة في نهاية الأحكام 2:287.
5- المعتبر 1:309.
6- الكافي 3:5/212،التهذيب 1:973/332،الوسائل 2:510 أبواب غسل الميت ب 14 ح 9.
7- المتقدمة في ص:457.

ينقض الحرب و لا نقل من المعركة بل مات فيها،وفاقا للمهذّب و الذكرى و ظاهر شيخنا المفيد في المقنعة (1).

خلافا لإطلاق عبارة المصنف و جماعة (2)،و علّل في المنتهى بما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال يوم احد:«من ينظر ما فعل سعد بن ربيع؟» فقال رجل:أنا أنظر لك يا رسول اللّه،فنظر فوجده جريحا به رمق فقال له:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات، فقال:أنا في الأموات فأبلغ رسول اللّه عني السلام،قال:ثمَّ لم أبرح أن مات و لم يأمر النبي صلّى اللّه عليه و آله بتغسيل أحد منهم (3).

و هو ضعيف؛لعدم مقاومته الأصل و الصحاح و غيرها.

و ينزع عنه الخفّان مطلقا كما عن المقنعة و الغنية و الشرائع و المعتبر و المبسوط و المهذّب و النهاية (4)؛لخروجهما عن الثياب عرفا فيتعلق بدفنهما النهي عن تضييع المال المحترم جزما.

و عن المراسم و الوسيلة و السرائر (5):تخصيص ذلك بعدم إصابتهما الدم و إلاّ فيدفن؛لعموم الأخبار بدفنه بدمائه (6).

و فيه:أنّ المعنى النهي عن التغسيل،فإنّ من المعلوم أن العموم غير مراد،لنزع السلاح عنه.

و أما الخبر:«ينزع عن الشهيد الفرو و الخف و القلنسوة و العمامة و المنطقة

ص:459


1- المهذّب 1:55،الذكرى:41،المقنعة:84.
2- منهم الشيخ في الخلاف 1:710،و العلامة في المنتهى 1:433.
3- المنتهى 1:433.
4- المقنعة:84،الغنية(الجوامع الفقهية):563،الشرائع 1:43،المعتبر 1:313، المبسوط 1:181،المهذّب 1:55،النهاية:40.
5- المراسم:45،الوسيلة:63،السرائر 1:166.
6- الوسائل 2:506 أبواب غسل الميت ب 14.

و السراويل إلاّ ان يكون أصابه دم،فإن أصابه دم ترك» (1).

فلا دلالة فيه؛لاحتمال عود الضمير إلى الأخير؛مضافا إلى ضعف سنده،و مخالفته لعموم الصحاح و غيرها الدالة على الأمر بدفنه بثيابه،و لا ريب في شمولها لكثير ممّا فيه،و لذا اقتصر الأكثر على دفنها خاصة و نزع ما عداها، و منها السراويل و الفرو على إشكال فيه و إن كان الظاهر عدم إطلاق الثوب عليه عرفا فنزعه لازم ظاهرا.

و هنا أقوال أخر ضعيفة المستند و المأخذ،و المحصّل من الأدلة ما ذكرناه وفاقا للأكثر.

الخامسة إذا مات ولد الحامل قطع و اخرج

الخامسة:إذا مات ولد الحامل في بطنها فإن أمكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بعلاج فعل،و إلاّ قطع و اخرج بالأرفق فالأرفق،إجماعا كما عن الخلاف (2).

و يتولّى ذلك النساء،فإن تعذّر فالرجال المحارم،فإن تعذّر جاز أن يتولاه غيرهم؛للضرورة،و الخبر:في المرأة في بطنها الولد فيتخوف عليها،قال:

«لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه و يخرجه إذا لم ترفق به النساء» (3).

و الرضوي:«إن مات الولد في جوفها و لم يخرج أدخل إنسان يده في فرجها و قطع الولد بيده و أخرجه» (4).

و قصور الأسانيد منجبر بالعمل.

و لو ماتت هي دونه شقّ جوفها وجوبا من الجانب الأيسر و أخرج

ص:460


1- الكافي 3:4/211،الفقيه 1:449/97،التهذيب 1:972/332،الخصال: 33/333،الوسائل 2:510 أبواب غسل الميت ب 14 ح 10.
2- الخلاف 1:729.
3- الكافي 3:3/155،التهذيب 1:1008/344،قرب الإسناد:478/136،الوسائل 2:470 أبواب الاحتضار ب 46 ح 3،و في الجميع بتفاوت يسير.
4- فقه الرضا(عليه السلام):174،المستدرك 2:140 أبواب الاحتضار ب 35 ح 1.

مطلقا و لو كان ممّن لا يعيش عادة،توصلا إلى بقاء الحي،و لا يعرف فيه خلاف كما عن الخلاف (1)،و النصوص به مستفيضة.

ففي الصحيح:عن المرأة تموت و ولدها في بطنها يتحرك،قال:«يشق عن الولد» (2).

و إطلاقه كغيره ينزل على الغالب من عدم إمكان إخراجه بدون شق،و إلاّ فلو علم إمكان ذلك تعيّن كما عن الذكرى (3).

و إطلاقها يقتضي عدم الفرق في الشق بين أن يكون من الأيمن أو الأيسر.و لكن عن المقنعة و النهاية و المبسوط و المهذّب و السرائر و الجامع و التحرير و المنتهى و التلخيص و نهاية الأحكام و الشرائع:تعيّن الأيسر (4)،كما هنا؛و لعلّه للرضوي:«إذا ماتت المرأة و هي حاملة و ولدها يتحرك في بطنها شقّ من الجانب الأيسر و اخرج الولد» (5).

و بهذه العبارة عبّر الصدوق-رحمه اللّه-في الفقيه (6).

و ليس في هذه النصوص الأمر بخياطة المحل و لكن في رواية صحيحة أو حسنة إلى ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن مولانا الصادق عليه السلام إذ سئل:أ يشق بطنها و يخرج الولد؟فقال:نعم و يخاط

ص:461


1- الخلاف 1:729.
2- التهذيب 1:1004/343،الوسائل 2:471 أبواب الاحتضار ب 46 ح 6.
3- الذكرى:43.
4- المقنعة:87،النهاية:42،المبسوط 1:180،المهذّب 1:55،السرائر 1:169، الجامع للشرائع:49،التحرير 1:20،المنتهى 1:435،نهاية الأحكام 2:281،الشرائع 1:44.
5- فقه الرضا(عليه السلام):174،المستدرك 2:140 أبواب الاحتضار ب 35 ح 1.
6- الفقيه 1:97.

بطنها (1)و رواه الشيخ في التهذيب عنه عن ابن أذينة مقطوعا (2).و هو و إن ضعف إلاّ أن الأول مسند إلى الإمام،و إرساله غير ضارّ؛لإجماع العصابة في الراوي على تصحيح ما يصح عنه و غير ذلك،مضافا إلى أن الظاهر كون البعض هو ابن أذينة الثقة بقرينة رواية الشيخ،فتأمل .

فلا وجه للتأمل في الوجوب،و به أفتى المقنعة و النهاية و السرائر و المبسوط و المهذّب و الجامع و الشرائع (3).

و ليس في عدم التعرض له في باقي الأخبار دلالة على عدمه؛إذ محطّ النظر فيها ليس إلاّ جواز الإخراج و عدمه،و فيه مع ذلك الصيانة عن هتك حرمتها و المثلة بها و تسهيل لتغسيلها.

السادسة إذا وجد بعض الميت و فيه صدر

السادسة:إذا وجد بعض الميت و فيه صدر كما عن السرائر (4)،أو الصدر وحده أيضا كما عن الكتب الآتية فهو كما لو وجده كلّه فيجب تغسيله و تكفينه و الصلاة عليه،كما في الشرائع و عن صريح النهاية و المبسوط و المراسم و السرائر (5)،و ظاهر المقنعة و الخلاف و الوسيلة و المعتبر (6)؛لذكرهم الصلاة عليه المستلزمة للأحكام الباقية .

للأولوية المستفادة من ثبوتها فيما عدا الصدر ممّا وجد فيه العظم بالإجماع،كما عن الخلاف و المنتهى (7).

ص:462


1- الكافي 3:1/206،الوسائل 2:469 أبواب الاحتضار ب 46 ح 1.
2- التهذيب 1:1007/344،الوسائل 2:471 أبواب الاحتضار ب 46 ح 7.
3- المقنعة:87،النهاية:42،السرائر 1:169،المبسوط 1:180،المهذّب 1:55، الجامع للشرائع:49،الشرائع 1:44.
4- السرائر 1:167.
5- الشرائع 1:37،النهاية:40،المبسوط 1:182،المراسم:46،السرائر 1:167.
6- المقنعة:85،الخلاف 1:715،الوسيلة:63،المعتبر 1:317.
7- الخلاف 1:716،المنتهى 1:434.

و من هنا يظهر دلالة المعتبرة الناصة على وجوب الصلاة على النصف الذي فيه القلب كما في الصحيح (1)،أو مطلق العضو الذي فيه القلب كما في الخبرين (2)،أو الصدر و اليدين كما في الخبر (3)على ما ذكره المصنف و غيره (4).

و ضعف هذه الأخبار مجبور بأن الحكم مشهور معتضد بما في المعتبرة من عدم سقوط الميسور بالمعسور (5)،و إطلاق الحسن:«إذا قتل قتيل فلم يوجد إلاّ لحم بلا عظم لم يصلّ عليه،فإن وجد عظم بلا لحم صلّي عليه» (6).

و عن الإسكافي:إيجابه الصلاة على العضو التام بعظامه و التغسيل خاصة في غيره (7)؛للخبرين،في أحدهما:«إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو تام صلي عليه و دفن،و إن لم يوجد له عضو تام لم يصلّ عليه و دفن» (8).

و في الثاني المروي في المعتبر عن علي بن المغيرة قال:بلغني أن أبا جعفر عليه السلام قال:«يصلّى على كل عضو رجلا كان أو يدا أو الرأس،جزءا

ص:463


1- الكافي 3:1/212،التهذيب 1:983/336،الوسائل 3:136 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 6.
2- الأول: الفقيه 4:429/123،الوسائل 3:135 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 3. الثاني: المعتبر 1:317،الوسائل 3:138 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 12.
3- الفقيه 1:484/104،التهذيب 3:1030/329،الوسائل 3:135 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 4.
4- المصنف في المعتبر 1:317،الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:108.
5- عوالي اللئالي 4:205/58.
6- الكافي 3:2/212،التهذيب 1:1031/329،الوسائل 3:136 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 8.
7- نقله عن الإسكافي في المختلف:46.
8- الكافي 3:3/212،التهذيب 1:987/337،الوسائل 3:137 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 9.

فما زاد،فإذا نقص عن رأس أو يد أو رجل لم يصلّ عليه» (1).

و هو أحوط،و يؤيده القاعدة المستفادة من المعتبرة و إطلاق الحسن المتقدم،و إن كان في لزومه نظر؛للمعتبرة المتقدمة الظاهرة في اختصاص الصلاة بما فيه القلب و الصدر المعتضدة بالشهرة،فيخصّص بها القاعدة المزبورة.

مضافا إلى معارضتهما-مع ضعفهما-بالنص في عدم لزوم الصلاة على ما ذكر،كالخبر:«لا يصلى على عضو رجل من رجل أو يد أو رأس منفردا،فإذا كان البدن فصلّ عليه و إن كان ناقصا من الرأس و اليد و الرجل» (2).

و قال الكليني:روي أنه لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد (3).

و قصور السند بما تقدّم منجبر،فخلافه شاذ،و مختار المشهور متعيّن.

نعم:ما ذكره أحوط،و أحوط منه العمل بإطلاق الحسن المتقدم و إن لم يوجد قائل به.

و إن لم يوجد الصدر غسّل و كفّن ما فيه عظم في المشهور بين الأصحاب،بل عن الخلاف و المنتهى عليه الإجماع (4).و هو الحجة فيه، كالقاعدة المستفادة من المعتبرة من عدم سقوط الميسور بالمعسور،خرج منها الصلاة بما تقدم و بقي الباقي.

لا الصحيح الآمر بتغسيل عظام الميت و تكفينها و الصلاة عليها (5)؛ لظهوره في مجموع العظام،مع اشتماله على ما لم يقل به أحد من الأعلام لو عمّم العظام فيه ما يشمل الأبعاض.

ص:464


1- المعتبر 1:318،الوسائل 3:138 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 13.
2- التهذيب 3:1029/329،الوسائل 3:136 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 7.
3- الكافي 3:/212ذيل الحديث 2،الوسائل 3:137 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 10.
4- الخلاف 1:715،المنتهى 1:434.
5- التهذيب 1:1027/329،الوسائل 3:136 أبواب صلاة الجنازة ب 38 ح 5.

و ظاهر العبارة تخصيص الحكم بالمبانة من الميت دون الحي،و هو مقتضى الأصل،مع عدم جريان ما ذكرناه من الأدلة فيه.خلافا لجماعة فعمّموه فيهما (1).و هو أحوط.

و في إلحاق العظم المجرّد به قولان،أحوطهما ذلك و إن كان في تعيّنه نظر.

ثمَّ ظاهر المتن كالمحكي عن المقنعة و المبسوط و النهاية و السرائر و الجامع و المراسم و المنتهى و الإرشاد و التلخيص و التبصرة (2):التكفين؛و لعلّه للقاعدة،فيعتبر القطع الثلاث على المختار و إن لم تكن بتلك الخصوصيات.

و ربما احتمل اختصاص وجوبها بما تناله الثلاث عند الاتصال بالكل،فإن كان ممّا تناله اثنان منها لفّ فيهما،و إن كان ممّا لا تناله إلاّ واحدة لفّ فيها (3).

و في الشرائع و عن التحرير و التذكرة و نهاية الأحكام:اللفّ في خرقة (4)؛ فكأنهما حملا التكفين عليه.و لكن ينافيه التعبير بالتكفين هنا و باللف في الخرقة فيما يأتي.

و المعيّن الأول؛للقاعدة.و منها يستفاد وجوب التحنيط لو كان الباقي محله كما عن التذكرة (5).و عليه يحمل إطلاق كلام جماعة (6).

و لفّ في خرقة و دفن ما خلا عن عظم كما في الشرائع و القواعد و عن

ص:465


1- منهم ابن إدريس في السرائر 1:168،و العلامة في نهاية الأحكام 2:235،و الشهيد في الذكرى:40،و المحقق الكركي في جامع المقاصد 1:357،و الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:107.
2- المقنعة:85،المبسوط 1:182،النهاية:40،السرائر 1:167،الجامع للشرائع:49، المراسم:46،المنتهى 1:434،الإرشاد 1:232،التبصرة:15.
3- انظر كشف اللثام 1:108.
4- الشرائع 1:38،التحرير 1:16،التذكرة 1:41،نهاية الأحكام 2:235.
5- التذكرة 1:41.
6- كالمفيد في المقنعة:85،الشيخ في المبسوط 1:182،سلاّر في المراسم:46.

سلاّر (1).و مستنده غير واضح،و القاعدة توجب التكفين،فهو كسائر الأحكام -دون الصلاة-متعيّن إن لم يجمع على خلافه.و إلاّ-كما هو الظاهر-كان اعتبار ما في المتن أحوط؛لعدم الدليل على لزومه ،مع أن الأصل ينفيه،وفاقا للمعتبر و غيره (2).

و يمكن أن يقال:لم يقع الإجماع إلاّ على عدم التكفين بالقطع الثلاث، و لا يستلزم ذلك الإجماع على عدم القطعة الواحدة،فالإجماع المخرج عن القاعدة مختص بما عدا القطعة الواحدة،فيقتصر في تخصيصها عليه،و تجب هي لعمومها.و هو قوي.

قال الشيخان و أكثر الأصحاب لا يغسّل السقط إلاّ إذا استكمل شهورا أربعة (3)فيغسّل حينئذ،قيل:و لا يعرف فيه خلاف إلاّ من العامة (4).

و هو ظاهر المحكي عن المعتبر (5).

للمرفوع:«إذا تمَّ للسقط أربعة أشهر غسّل» (6).

و الموثق:عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل و اللحد و الكفن؟قال:«نعم كل ذلك يجب إذا استوى» (7).

و ضعف الأول منجبر.و الثاني في نفسه معتبر،و دلالته واضحة بملاحظة المعتبرة المستفيضة الدالة على حصول الاستواء بالشهور الأربعة،ففي

ص:466


1- الشرائع 1:38،قواعد الاحكام 1:17،سلاّر في المراسم:46.
2- المعتبر 1:319؛و انظر الذخيرة:91.
3- المفيد في المقنعة:83،الطوسي في الخلاف 1:710.
4- قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:107.
5- المعتبر 1:319.
6- التهذيب 1:960/328،الوسائل 2:502 أبواب غسل الميت ب 12 ح 2.
7- الكافي 3:5/208،التهذيب 1:962/329،الوسائل 2:501 أبواب غسل الميت ب 12 ح 1.

الصحيحين:«إذا وقعت النطفة في الرحم استقرت فيها أربعين يوما،و تكون علقة أربعين يوما،و تكون مضغة أربعين يوما،ثمَّ يبعث اللّه ملكين خلاّقين فيقول لهما:اخلقا كما أراد اللّه تعالى ذكرا أو أنثى»الحديث (1).

و نحوهما من المعتبرة المروية في الكافي في النكاح باب بدء خلق الإنسان.

و صرّح بالأمرين جميعا الرضوي:«إذا أسقطت المرأة و كان السقط تاما غسّل و حنّط و كفّن و دفن،و إن لم يكن تاما فلا يغسّل و يدفن بدمه،و حدّ تمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر» (2).

و يستفاد منه كالموثق السابق وجوب التكفين و الدفن،كما عن المبسوط و المقنعة و النهاية و المراسم و الجامع و المنتهى و التبصرة و نهاية الأحكام (3).و في ظاهر الشرائع و عن التحرير:اللفّ في خرقة (4)،حملا للتكفين عليه.و هو مشكل،فالتكفين أولى.

و عن ظاهر الإرشاد (5)و التلخيص(و أكثر الكتب المذكورة) (6)وجوب التحنيط؛و لعلّه للرضوي المتقدم،أو عموم أدلة تحنيط الأموات.

و عن الذكرى التردد في الجميع (7)؛لما دلّ من الأخبار على عدم حلول الحياة إلاّ بمضي الخمسة أشهر (8).و هو مع قصور سنده غير مكافئ لما تقدّم من

ص:467


1- الكافي 6:4/13،7/16.
2- فقه الرضا(عليه السلام):175،المستدرك 2:175 أبواب غسل الميت ب 12 ح 1.
3- المبسوط 1:180،المقنعة:83،النهاية:41،المراسم:46،الجامع للشرائع:49، المنتهى 1:432،التبصرة:15،نهاية الأحكام 2:234.
4- الشرائع 1:38،التحرير 1:17.
5- الإرشاد 1:232.
6- ما بين القوسين ليست في«ش».
7- الذكرى:40.
8- الكافي 7:11/345،الفقيه 4:366/108،التهذيب 10:1105/283،الوسائل 29:315 أبواب ديات الأعضاء ب 19 ح 6.

وجوه.

و لو كان لدونها لم يجب تغسيله،و عن المعتبر أنه مذهب العلماء خلا ابن سيرين (1).و في صريح الرضوي كمفهوم الخبرين دلالة عليه.

نعم لفّ في خرقة و دفن و مستند اللف غير واضح،بل في الرضوي المتقدم و غيره الاقتصار على الدفن بدمه الظاهر في عدم اللف،و لذا خلا عنه كلام الشيخ و غيره.و لكنه منقول عن المفيد و سلاّر و القاضي و الكيدري (2).و هو أحوط.

السابعة لا يغسّل الرجل إلاّ الرجل

السابعة: يشترط في الغاسل المماثلة أو المحرمية ف لا يغسّل الرجل إلاّ الرجل أو ذات محرم له و كذا المرأة لا يغسّلها إلاّ المرأة أو ذو محرم لها على الأشهر الأظهر،بل عليه الإجماع عن المعتبر (3)،و به صرّح جماعة (4)؛للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح:في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلاّ النساء قال:«يدفن و لا يغسّل،و المرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة تدفن و لا تغسّل» (5).

خلافا للمفيد فأوجب التغسيل من وراء الثياب (6)،و نحوه عن ابن زهرة

ص:468


1- المعتبر 1:320.
2- المفيد في المقنعة:83،سلاّر في المراسم:46،القاضي في المهذّب 1:56،نقله عن الكيدري في كشف اللثام 1:108.
3- المعتبر 1:323.
4- منهم العلامة في التذكرة 1:39،الشهيد الثاني في روض الجنان:96،الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:109.
5- التهذيب 1:1414/438،الاستبصار 1:693/197،الوسائل 2:521 أبواب غسل الميت ب 21 ح 4.
6- المقنعة:87.

مع اشتراطه تغميض العينين (1)؛لأخبار هي مع ضعفها شاذة (2)و لما قدّمناه غير مكافئة من وجوه عديدة .

و مقتضاه سقوط التيمم؛لعدم الأمر به فيها مع ورودها في مقام البيان.

و عن الشيخ التصريح بالسقوط في جملة من كتبه (3)،و علّل باتحاد المانع فيه و في التغسيل و إن قلّ في طرفه.و ما دلّ على الأمر به من الأخبار (4)ضعيف لا يعوّل عليه .

و يغسّل الرجل بنت ثلاث سنين مجرّدة اختيارا و اضطرارا و كذا المرأة تغسّل صبيا له ثلاث سنين مطلقا ،على الأشهر بين الأصحاب،بل عليه الإجماع في الأوّل عن نهاية الأحكام (5)،و في الثاني عنه و عن التذكرة و المنتهى (6).و هو الحجّة فيهما،كالخبر المنجبر ضعفه بالشهرة في الأخير:

«عن الصبي إلى كم تغسّله النساء؟فقال:إلى ثلاث سنين» (7).

و به يقيّد إطلاق الموثق:عن الصبي تغسله امرأة،قال:«إنما تغسّل الصبيان النساء» (8).

خلافا للشيخ و غيره،فاشترط فقد المماثل (9).و هو أحوط.

ص:469


1- الغنية(الجوامع الفقهية):563.
2- انظر الوسائل 2:524 أبواب غسل الميت ب 22 ح 5،9.
3- الخلاف 1:698،المبسوط 1:175.
4- انظر الوسائل 2:524 أبواب غسل الميت ب 22 ح 4.
5- نهاية الأحكام 2:231.
6- التذكرة 1:40،المنتهى 1:436-437.
7- الكافي 3:1/160،الفقيه 1:431/94،التهذيب 1:998/341،الوسائل 2:526 أبواب غسل الميت ب 23 ح 1.
8- التهذيب 1:1438/445،الوسائل 2:527 أبواب غسل الميت ب 23 ح 2.
9- الشيخ في المبسوط 1:176؛و انظر السرائر 1:168.

و للمفيد و سلاّر،فجوّزا للمرأة تغسيل ابن الخمس مجردا (1).

و للصدوق فجوّز للرجل تغسيل ابنة الخمس مجردة (2).

و لا دليل على الأوّل.و الخبر في الثاني مع ضعفه بالإرسال مضطرب المتن ؛لأنه مروي في التهذيب هكذا:«إذا كانت بنت أقلّ من خمس سنين أو ست دفنت» (3).

و في الفقيه و الذكرى (4)بدل الأقل:أكثر،مع التصريح بالتغسيل في الأقل،و فيه الدلالة عليه دون الأوّل،و في تعيّنه نظر.

و مال إلى القول بالخمس مطلقا بعض المتأخرين (5)،لا لما ذكر،بل للأصل و العمومات.و فيه نظر؛لعدم إثبات العبادة التوقيفية بالأول،و توقف الإثبات بالثاني على وجوده.و فيه تأمل ،و الإجماع في محل النزاع ممنوع.

و للمعتبر،فخصّ الجواز بتغسيل المرأة الصبي دون العكس،فارقا بينهما بإذن الشرع في اطلاع النساء على الصبي لافتقاره إليهن في التربية،و ليس كذلك الصبية،قال:و الأصل حرمة النظر (6).

و فيه نظر،بناء على عدم ثبوته بالإطلاق،مضافا إلى ما يستفاد من النص الصحيح من جواز النظر إلى الصبية إلى عدم البلوغ (7)،و حكي عليه عدم

ص:470


1- المفيد في المقنعة:87،سلاّر في المراسم:50.
2- الفقيه 1:94 ح 432،المقنع:19.
3- التهذيب 1:999/341،الوسائل 2:527 أبواب غسل الميت ب 23 ح 3.
4- الفقيه 1:94 ح 432،الذكرى:39.
5- كصاحب المدارك 2:68.
6- المعتبر 1:323-324.
7- انظر الوسائل 20:228 أبواب مقدمات النكاح ب 126.و لعلّ نظره-رحمه اللّه-إلى ثبوت الملازمة بين عدم وجوب الستر عليها و جواز النظر إليها.

الخلاف (1)،و في المعتبرة جواز تقبيلها إلى الست كما في كثير منها (2)،أو الخمس كما في بعضها (3).

نعم:يؤيده الموثق المتقدم حيث سئل في ذيله:عن الصبية و لا تصاب امرأة تغسّلها،قال:«يغسّلها رجل أولى الناس بها».

لكن ليس نصا في إطلاق المنع حتى فيما إذا لم يوجد رجل أولى بها، نعم ظاهر في المنع إذا وجد.إلاّ أنه لا يقاوم الإجماع المحكي في نهاية الأحكام المصرّح بالجواز هنا (4).و لكنه أحوط.

و يغسّل الرجل محارمه المحرّمات عليه مؤبدا بنسب(أو رضاع) (5)أو مصاهرة بلا خلاف في الجملة؛للنصوص المستفيضة،و عليه الإجماع عن التذكرة (6).

و يشترط في المشهور كونه من وراء الثياب؛للأمر به في المعتبرة المستفيضة،منها الموثق:عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسّله إلاّ النساء هل تغسّله؟فقال:«تغسّله امرأته أو ذات محرم،و تصبّ عليه النساء الماء من فوق الثياب» (7).

و آخر:عن الرجل يموت في السفر و ليس معه رجل مسلم و معه رجال نصارى و معه عمته و خالته مسلمتان،كيف يصنع في غسله؟قال:«تغسّله عمته

ص:471


1- الحدائق 3:397.
2- انظر الوسائل 20:230 أبواب مقدمات النكاح ب 127 ح 2،4،6،7.
3- الكافي 5:3/533،الوسائل 20:230 أبواب مقدمات النكاح ب 127 ح 3.
4- نهاية الأحكام 2:231.
5- ما بين القوسين ليست في«ش».
6- التذكرة 1:39.
7- الكافي 3:4/157،التهذيب 1:1416/439،الاستبصار 1:695/197،الوسائل 2: 517 أبواب غسل الميت ب 20 ح 4.

و خالته في قميصه»و عن المرأة تموت في السفر و ليس معها امرأة مسلمة و معها نساء نصارى و عمها و خالها مسلمان؟قال:«يغسّلانها-و لا تقربها النصرانية-كما كانت المسلمة تغسّلها غير أنه عليها درع فيصب الماء من فوق الدرع» (1).

و آخر:عن رجل مات و ليس عنده إلاّ النساء،قال:«تغسله امرأة ذات محرم و تصب النساء عليه الماء و لا يخلع ثوبه».

و قال نحوه في المرأة:«و إن كان معها ذو محرم لها غسّلها من فوق ثيابها» (2).

و نحوها خبران آخران (3).

و عليها يحمل المطلق من الأخبار كالصحيح:عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسله إلاّ النساء،قال:«تغسله امرأته أو ذو قرابته إن كانت و تصبّ النساء عليه الماء» (4).

و ربما جمع بينهما بحمل الأوّلة على الاستحباب؛لاستصحاب حلية النظر و اللمس المجمع عليهما،و النص الصحيح:عن الرجل يخرج في السفر

ص:472


1- الكافي 3:12/159،الفقيه 1:12/195،الفقيه 1:436/95،التهذيب 1: 997/340،الوسائل 2:517 أبواب غسل الميت ب 20 ح 5.
2- الفقيه 1:434/94،التهذيب 1:1435/444،الاستبصار 1:720/204،الوسائل 2: 519 أبواب غسل الميت ب 20 ح 9.
3- الأول: التهذيب 1:1432/443،الاستبصار 1:717/203،الوسائل 2:518 أبواب غسل الميت ب 20 ح 7. الثاني: التهذيب 1:1426/441،الاستبصار 1:711/201،الوسائل 2:519 أبواب غسل الميت ب 20 ح 8.
4- الكافي 3:1/157،التهذيب 1:1410/437،الاستبصار 1:689/196،الوسائل 2: 517 أبواب غسل الميت ب 20 ح 3.

و معه امرأته يغسّلها؟قال:«نعم و امه و أخته و نحو هذا،يلقي على عورتها خرقة» (1).

و الخبر:«إذا كان معه نساء ذوات محرم يؤزرنه و يصببن عليه الماء جميعا و يمسسن جسده و لا يمسسن فرجه» (2).

و لا يخلو عن القوة-لو لا الشهرة العظيمة-كما عن ظاهر الكافي و الإصباح و الغنية (3)،و به صرّح بعض الأصحاب (4)؛لتقديم النص على الظاهر،سيّما مع اعتضاده بالأصل و الإطلاقات و استصحاب حلّية التكشف حال الحياة؛مع احتمال كون الأمر بذلك لعارض خارجي كوجود أجنبي أو أجنبيات كما يشعر به بعض ما تقدّم من الروايات؛مضافا إلى ظهور سياق بعضها باتحاد حكم الزوجة و المحارم في ذلك ،و سيأتي أن الحكم فيها للاستحباب.

و كذا الحكم في المرأة تغسّل محارمها من وراء الثياب.

و إطلاق العبارة كالمصرّح به في كلام جماعة (5)إطلاق الحكم بالجواز.

خلافا للأكثر فخصّوه بحال الاضطرار؛لعموم الخبر:«لا يغسّل الرجل المرأة إلا أن لا توجد امرأة» (6).و اختصاص المجوّزة بصورة الاضطرار.و عورض بالأصل

ص:473


1- الكافي 3:8/158،التهذيب 1:1418/439،الاستبصار 1:699/199،الوسائل 2: 516 أبواب غسل الميت ب 20 ح 1.
2- التهذيب 1:1426/441،الاستبصار 1:711/201،الوسائل 2:519 أبواب غسل الميت ب 20 ح 8.
3- الكافي:236،حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:109 الغنية(الجوامع الفقهية): 563.
4- كصاحب الكفاية:6.
5- منهم العلاّمة في نهاية الأحكام 2:231،السبزواري في الكفاية:6،الفاضل الهندي في كشف اللثام 1:109.
6- التهذيب 1:1421/440،الاستبصار 1:702/199،الوسائل 2:525 أبواب غسل الميت ب 22 ح 7.

و إطلاق الصحيح المتقدم المجوّز للتغسيل مجرّدا.و هو حسن،إلاّ أن الأوّل أولى .

كلّ ذا فيما عدا الزوجين،و أما فيهما فالأشهر الأظهر في المقامين ما تقدّم من القولين بجواز التغسيل مجردا و حال الاختيار،كما عن المرتضى-رحمه اللّه-و الخلاف و الإسكافي و الجعفي (1)و أكثر المتأخرين (2).

خلافا للشيخ و ابن زهرة في الأول (3)فمن وراء الثياب،و لأوّلهما في الثاني فالاضطرار خاصة.

و الصحيحان حجّة عليه،في أحدهما:عن الرجل يصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسّلها إن لم يكن عنده من يغسّلها،و عن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟قال:«لا بأس بذلك إنما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه» (4)و نحوه الثاني (5).

و يعضدهما إطلاق الصحيح المتقدم (6).و لا يعارضه الخبر:«يغسل الزوج امرأته في السفر و المرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معهم رجل» (7)لقصور السند .و نحوه الكلام في الخبرين المضاهيين له.

ص:474


1- نقله عن المرتضى في المعتبر 1:230،322،الخلاف 1:698،نقله عن الإسكافي و الجعفي في الذكرى:38.
2- منهم العلامة في التذكرة 1:39،صاحب المدارك 2:61.
3- الشيخ في النهاية:42،ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):563.
4- التهذيب 1:1417/439،الاستبصار 1:698/198،الوسائل 2:528 أبواب غسل الميت ب 24 ح 1،و رواه في الكافي 3:2/157،و الفقيه 1:401/86.
5- الكافي 3:11/158،التهذيب 1:1419/439،الاستبصار 1:700/199،الوسائل 2: 529 أبواب غسل الميت ب 24 ح 4.
6- في ص:472.
7- التهذيب 1:1420/439،الاستبصار 1:701/199،الوسائل 2:533 أبواب غسل الميت ب 24 ح 14.

و إطلاقهما كصريح الثالث حجة عليهما في الأول،مضافا إلى ما تقدم، و عدم دليل عليه في تغسيل الزوجة صاحبها إلاّ الموثق الأوّل و الثالث و ليسا نصّا؛لاحتمال كون الأمر بالصب فوق الثياب لمانع خارجي من وجود أجنبية كما يشعران به.فتأمل .و الاحتياط في هذه المسائل أولى.

الثامنة من مات محرما كان كالمحلّ

الثامنة:من مات محرما كان كالمحلّ في الأحكام حتى ستر الرأس على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع في الخلاف (1)؛للأصل،و العمومات، و خصوص الصحيحين (2)؛و الموثق:«يصنع به كما يصنع بالحلال ،غير أنه لا يقرب طيبا» (3).

و الصحيح:عن المحرم يموت كيف يصنع به؟فحدّثني:«أن عبد الرحمن ابن الحسن مات بالأبواء مع الحسين عليه السلام و هو محرم،و مع الحسين عليه السلام عبد اللّه بن عباس و عبد اللّه بن جعفر،فصنع به كما صنع بالميت،و غطّى وجهه و لم يمسّه طيبا،قال:و ذلك في كتاب علي عليه السلام» (4).

و نحوه الموثق لكن فيه:«و خمروا وجهه و رأسه و لم يحنطوه» (5)و هو أوضح دلالة.

خلافا للمرتضى و العماني و الجعفي (6)،فأوجبوا كشف الرأس،و زاد

ص:475


1- الخلاف 1:697.
2- الأول: التهذيب 5:1338/384،الوسائل 2:504 أبواب غسل الميت ب 13 ح 4. الثاني: التهذيب 1:965/330،الوسائل 2:504 أبواب غسل الميت ب 13 ح 4.
3- الكافي 4:2/367،التهذيب 1:964/329،الوسائل 2:503 أبواب غسل الميت ب 13 ح 2.
4- التهذيب 5:1337/383،الوسائل 2:504 أبواب غسل الميت ب 13 ح 3.
5- الكافي 4:3/368،الوسائل 2:505 أبواب غسل الميت ب 13 ح 8.
6- نقله عن المرتضى و العماني في المعتبر 1:326،و عنهما و عن الجعفي في الذكرى:41.

الأخير كشف الرّجلين؛لدلالة النهي عن تطييبه على بقاء إحرامه.و فيه منع.

و أضعف منه الخبر:«من مات محرما بعثه اللّه ملبّيا» (1).

و أما الخبر:«لا تخمروا رأسه» (2)فلم يثبت عندنا،مع عدم مكافأته لأخبارنا.

نعم:ربما كان في الاكتفاء في الأخبار بالأمر بتغطية الوجه خاصة إشعار به،إلاّ أنه لا يعارض ما وقع من التصريح بعموم أحكام المحلّ له سوى التطييب،مع أنه مفهوم ضعيف،مع ما عرفت من النص الصريح بتخمير الرأس.

لكن لا يقرب الكافور بتغسيله بمائه أو بتحنيطه به،إجماعا كما عن الغنية و المنتهى (3).و عليه دلّت الأخبار المتقدمة،لكون الكافور طيبا قطعا،مع التصريح بعدم التحنيط في بعضها.

و ربما احتمل في بعض العبارة اختصاص المنع بالحنوط (4).و لا وجه له.

التاسعة لا يغسل الكافر و لا يكفنه و لا يدفنه بين المسلمين

التاسعة:لا يجوز أن يغسل المسلم الكافر و لا يكفنه و لا يدفنه بين المسلمين (5)لكون الكل عبادة توقيفية و وظيفة شرعية موقوفة على الثبوت عن صاحب الشرع،و لم يصل إلينا فيها رخصة،ففعلها بدعة؛مع ما عليه من الإجماع كما في الذكرى (6)،و التهذيب عن الأمة (7)،و قوله سبحانه:

ص:476


1- الفقيه 1:379/84،الوسائل 2:505 أبواب غسل الميت ب 13 ح 6.
2- المعتبر 1:327،المستدرك 2:177 أبواب غسل الميت ب 13 ح 5.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):563،المنتهى 1:432.
4- انظر كشف اللثام 1:121.
5- في المختصر المطبوع:لا يغسل الكافر و لا يكفن و لا يدفن بين مقبرة المسلمين.
6- الذكرى:42.
7- التهذيب 1:335.

وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [1] (1).و الموثق في التهذيب:عن النصراني يكون في السفر و هو مع المسلمين فيموت،قال:«لا يغسّله مسلم و لا كرامة،و لا يدفنه، و لا يقوم على قبره،و إن كان أباه» (2).

و في المعتبر عن شرح الرسالة للمرتضى-رحمه اللّه-أنه روى فيه عن يحيى ابن عمّار،عن مولانا الصادق عليه السلام النهي عن تغسيل المسلم قرابته الذمي و المشرك و أن يكفنه،و منهم الخوارج و الغلاة (3).

و في الاحتجاج عن صالح بن كيسان:أن معاوية قال للحسين عليه السلام:هل بلغك ما صنعت بحجر بن عدي شيعة أبيك و أصحابه؟قال عليه السلام:«و ما صنعت بهم؟»قال:قتلناهم و كفّنّاهم و صلّينا عليهم،فضحك الحسين عليه السلام فقال:«خصمك القوم يا معاوية،لكنا لو قتلنا شيعتك ما كفّنّاهم و لا غسّلناهم و لا صلّينا عليهم و لا دفناهم» (4).

و يلحق بهم على الأصح ما عدا الإمامية؛لما عرفت من القاعدة؛مع عدم انصراف إطلاقات الأدلّة إلى مثلهم؛مضافا إلى ما ورد من أن تغسيل الميت لاحترامه (5)،و لا حرمة لهم.خلافا للمشهور فجوّزوه.

العاشرة لو لقي كفن الميت نجاسة غسلت ما لم يطرح في القبر،و قرضت بعد جعله فيه

العاشرة:لو لقي كفن الميت نجاسة خارجة منه غسلت ما لم يطرح

ص:477


1- المائدة:51.
2- الكافي 3:12/159،الفقيه 1:437/95،التهذيب 1:982/335،الوسائل 2:514 أبواب غسل الميت ب 18 ح 1.
3- المعتبر 1:328،الوسائل 2:514 أبواب غسل الميت ب 18 ح 2.
4- الاحتجاج 2:296،الوسائل 2:515 أبواب غسل الميت ب 18 ح 3.
5- لم نعثر على خبر مصرّح بتلك العلّة.نعم:ورد في بعض الروايات في ذكر علل غسل الميت: (..لأنه يلقى الملائكة و يباشر أهل الآخرة،فيستحب إذا ورد على اللّه عزّ و جلّ و لقي أهل الطهارة و يماسّونه و يماسّهم أن يكون طاهرا نظيفا..)الوسائل 2:480 أبواب غسل الميت ب 2 ح 3.

في القبر،و قرضت بعد جعله فيه وفاقا للصدوقين و الحلّي (1)؛للرضوي (2).

خلافا للمحكي عن الشيخ و بني حمزة و البراج و سعيد،فأطلقوا القرض (3)؛لإطلاق الحسنين،أحدهما المرسل كالحسن:«إذا خرج من الميت شيء بعد ما يكفن فأصاب الكفن قرض من الكفن» (4)و تقييدهما بالرضوي أولى .

و بالجميع يقيد إطلاق ما أمر فيه بالغسل كالموثق:«إن بدا من الميت شيء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه و لا تعد الغسل» (5)مضافا إلى قصوره سندا.

و يستفاد منه كالرضوي عدم وجوب إعادة الغسل كما هو الأشهر الأظهر، مضافا إلى الأصل بعد حصول الامتثال.

خلافا للعماني فأوجب الإعادة؛لكونه كغسل الجنابة فينقض بالأحداث الخارجة (6).

و لا يخفى ما فيه من المناقشة،إلاّ أن يريد الإعادة بالحدوث في أثناء الغسل.و له وجه لو قلنا به في الجنابة ،إلاّ أن الأصح العدم كما مرّت إليه الإشارة ثمّة.

ص:478


1- نقله عن والد الصدوق في المعتبر 1:330،الصدوق في الفقيه 1:92،الحلي في السرائر 1:169.
2- فقه الرضا(عليه السلام):169،المستدرك 2:226 أبواب الكفن ب 20 ح 1.
3- الشيخ في المبسوط 1:181،ابن حمزة في الوسيلة:65،ابن البراج في المهذّب 1:59، ابن سعيد في الجامع للشرائع:52.
4- الكافي 3:3/156،الوسائل 3:46 أبواب التكفين ب 24 ح 1. و الحسن الثاني:التهذيب 1:1405/436،الوسائل 3:46 أبواب التكفين ب 24 ح 3.
5- التهذيب 1:1456/449،الوسائل 2:542 أبواب غسل الميت ب 32 ح 1.
6- نقله عنه في المختلف:43.

كلّ ذا [و فيهما دلالة على لزوم غسل النجاسة كما هو ظاهر الفتاوى و ينبغي تقييده بما] إذا كان الخروج قبل التكفين.أما بعده فلا يجب إجماعا؛ لاستلزام الإعادة المشقة العظيمة،و عليه في المنتهى الإجماع من أهل العلم كافة (1).

السادس غسل من مسّ ميتا

السادس: في بيان وجوب غسل من مسّ ميتا.

اعلم أنه يجب الغسل بمس الآدمي إذا مات بعد برده بالموت و قبل تطهيره بالغسل على الأشهر الأظهر للصحاح المستفيضة و غيرها،ففي الصحيح:«إذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل» (2).

و يستفاد من إطلاقه كغيره وجوبه بعد البرد مطلقا و لو غسّل،بل ربما أشعر بذلك بعضها كالصحيح:«من غسّل ميتا فليغتسل»قال:«و إن مسّه ما دام حارا فلا غسل عليه،و إذا برد ثمَّ مسّه فليغتسل»قلت:على من أدخله القبر؟قال:

«لا غسل عليه إنما يمس الثياب» (3)و نحوه غيره (4).

و هو صريح الموثق:«كلّ من مسّ ميتا فعليه الغسل و إن كان الميت قد غسّل» (5).

إلاّ أن في الصحيح:«مسّ الميت عند موته و بعد غسله و القبلة ليس به بأس» (6).

ص:479


1- المنتهى 1:431.
2- التهذيب 1:1365/429،الاستبصار 1:324/100،الوسائل 3:290 أبواب غسل المس ب 1 ح 3.
3- الكافي 3:1/160،التهذيب 1:283/108،الاستبصار 1:321/99،الوسائل 3:292 أبواب غسل المس ب 1 الحديث 14.
4- الكافي 3:8/161،الوسائل 3:297 أبواب غسل المس ب 4 ح 4.
5- التهذيب 1:1373/430،الاستبصار 1:328/100،الوسائل 3:295 أبواب غسل المس ب 3 ح 3.
6- الفقيه 1:403/87،التهذيب 1:1370/430،الاستبصار 1:326/100،الوسائل 3: 295 أبواب غسل المس ب 3 ح 1.

و في الحسن:«لا بأس بأن يمسّه بعد الغسل و يقبّله» (1).

و أوضح منهما الصحيح:«إذا أصاب يدك جسد الميت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل» (2).

و هذه الأخبار هي المفتي بها عندهم دون تلك،و عليه الإجماع عن المنتهى (3)،و حملها على الاستحباب غير بعيد .

و خلاف المرتضى (4)القائل بالاستحباب مطلقا شاذ،و مستنده بحسب السند و الدلالة قاصر (5)؛إذ ليس المستفاد منه إلا كونه سنّة غير فريضة،و هي أعم من الاستحباب،فيحتمل الوجوب الثابت من جهة السنّة النبوية في مقابل ما استفيد وجوبه من الآيات القرآنية الذي يطلق عليه الفريضة في الأخبار المعصومية (6).و يقوّى هذا الاحتمال بتعداد الأغسال الواجبة بإجماع الأمة في الأغسال المسنونة فيه .

ثمَّ إن قضية الأصل و حمل إطلاقات النصوص على الظاهر المتبادر منها عند الإطلاق القطع بعدم وجوب الغسل بمسّ الشهيد كما عن المعتبر (7).

و في وجوب الغسل بمس عضو كمل غسله قبل تمام غسل الجميع وجهان،أقربهما العدم؛للأصل،و عدم انصراف إطلاق النصوص إلى مثله .

و كذا يجب الغسل بمس قطعة فيها عظم،سواء أبينت من حي أو

ص:480


1- التهذيب 1:1372/430،الاستبصار 1:322/99،الوسائل 3:295 أبواب غسل المس ب 3 ح 2.
2- التهذيب 1:1368/429،الوسائل 3:290 أبواب غسل المس ب 1 ح 5.
3- المنتهى 1:127.
4- كما نقله عنه في المعتبر 1:351.
5- انظر الوسائل 3:306 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 8.
6- انظر الوسائل 6:401 أبواب التشهد ب 7.
7- المعتبر 1:348.

ميت على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع في الخلاف (1)؛للمرسل المنجبر ضعفه بالشهرة:«إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة،فإذا مسّه إنسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل» (2).

و هو كالصريح في الأوّل،و يستفاد من فحواه حكم الثاني،مضافا إلى الرضوي فيه:«و إن مسست شيئا من جسد أكله السبع فعليك الغسل إن كان فيما مسست عظم،و ما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليك في مسّه» (3).

فخلاف المعتبر (4)للأصل-المخصّص بالخبرين و الإجماع المنقول- ضعيف.

و في إلحاق العظم المجرّد بها إشكال،و الأحوط ذلك و إن كان في تعيّنه نظر.و ليس في الخبر النافي للبأس عن مس العظم الذي مرّ عليه سنة (5)دلالة عليه،فتأمل.

و هو أي غسل المس كغسل الحائض في وجوب الوضوء معه على الأشهر الأظهر،و عدمه على غيره،و قد مرّ تحقيقه.

ص:481


1- الخلاف 1:701.
2- الكافي 3:4/212،التهذيب 1:1369/429،الاستبصار 1:325/100،الوسائل 3: 294 أبواب غسل المس ب 2 ح 1.
3- فقه الرضا(عليه السلام):174،المستدرك 2:492 أبواب غسل المس ب 2 ح 1.
4- المعتبر 1:353.
5- الكافي 3:13/73،التهذيب 1:814/277،الاستبصار 1:673/192،الوسائل 3: 294 أبواب غسل المس ب 2 ح 2.
المندوب من الأغسال

و أمّا المندوب من الأغسال فالمشهور منها ثمانية و عشرون غسلا،و ذكر الشهيد في النفلية أنها خمسون (1).

منها غسل الجمعة على الأظهر الأشهر،بل عليه الإجماع في الخلاف و الأمالي (2).و منه يظهر فساد نسبة القول بالوجوب إلى الكليني و الصدوق (3)،مضافا إلى عدم دلالة لفظ الوجوب في كلامهم على المعنى المصطلح صريحا سيّما مع إردافه بلفظ السنّة في كلام الثاني فلا خلاف.

للأصل؛و النصوص المستفيضة،و هي ما بين صريحة و ظاهرة.

ففي الصحيحين:«إنه سنّة و ليس بفريضة» (4)بعد أن سئل ظاهرا عن حكمه دون مأخذه.و به يندفع حمل السنّة هنا على ما ثبت وجوبه بالسنّة، و يؤكده درج الفطر و الأضحى في السؤال في أحدهما.

و في الخبر:كيّف صار غسل الجمعة واجبا؟قال:«إن اللّه تعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة،و أتم صيام الفريضة بصيام النافلة،و أتم وضوء النافلة بغسل الجمعة،ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نقصان»كذا في

ص:482


1- النفلية:8.
2- الخلاف 1:219،أمالي الصدوق:515.
3- الكليني في الكافي 3:41،الصدوق في الهداية:22.
4- الأول: التهذيب 1:295/112،الاستبصار 1:333/102،الوسائل 3:314 أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 9. الثاني: التهذيب 1:296/112،الاستبصار 1:334/102،الوسائل 3:314 أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 10.

الكافي و التهذيب.

و عن المحاسن و العلل:«و أتم وضوء الفريضة بغسل الجمعة» (1)و هو الأنسب بالسياق،و الأول أقوى في الدلالة.

و في المرسل قال:«الغسل في سبعة عشر موطنا،الفرض ثلاثة»قيل:

ما الفرض منها؟قال:«غسل الجنابة و غسل من غسّل ميتا و الغسل للإحرام» (2).

فذكر الأخيرين دليل على أن الفرض ليس بمعنى الواجب بنص الكتاب، بل الواجب و ما يقرب منه في التأكيد.

و في الرضوي:«إن الغسل ثلاثة و عشرون:من الجنابة،و الإحرام، و غسل الميت،و غسل مسّ الميت،و غسل الجمعة-إلى أن قال-:الفرض من ذلك غسل الجنابة،و الواجب غسل الميت و غسل الإحرام،و الباقي سنّة» (3).

و فيه أيضا:«و عليكم بالسنن يوم الجمعة و هي سبعة:إتيان النساء، و غسل الرأس و اللحية بالخطمي،و أخذ الشارب،و تقليم الأظافير،و تغيير الثياب،و مس الطيب،فمن أتى بواحدة من هذه السنن نابت عنهن و هي الغسل،فإن فاتك غسل يوم الجمعة قضيت يوم السبت أو بعده من أيام الجمعة،و إنما سنّ الغسل يوم الجمعة تتميما لما يلحق الطهور في سائر الأيام من النقصان» (4).

و في النبوي:«من توضأ يوم الجمعة فبها و نعمت،و من اغتسل فالغسل

ص:483


1- الكافي 3:4/42،التهذيب 1:293/111،المحاسن:30/313،علل الشرائع: 1/285،الوسائل 3:313 أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 7.
2- التهذيب 1:271/105،الاستبصار 1:316/98،الوسائل 2:174 أبواب الجنابة ب 1 ح 4،بتفاوت.
3- فقه الرضا(عليه السلام):82،المستدرك 2:497 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
4- فقه الرضا(عليه السلام):128،المستدرك 2:500 أبواب الأغسال المسنونة ب 3 ح 4.

أفضل» (1).

و في بعض الأخبار:«إن الغسل أربعة عشر وجها،ثلاثة منها غسل واجب مفروض متى نسيه ثمَّ ذكره بعد الوقت اغتسل و إن لم يجد الماء تيمم،فإن وجدت الماء فعليك الإعادة،و أحد عشر غسلا سنّة:غسل العيدين و الجمعة» الخبر (2).

و يؤيده درجة في قرن المستحبات في الأخبار،ففي الصحيح:«ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة و يغتسل و يتطيب و يسرح لحيته و يلبس أنظف ثيابه» (3).

و فيه أيضا:«لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنّة،و شمّ الطيب،و البس صالح ثيابك»الحديث (4).

و يعضده الرخصة في بعض الأخبار للنساء في تركه في السفر،بل في بعضها في الحضر أيضا كالمروي في الخصال:«ليس على المرأة غسل الجمعة في السفر،و يجوز لها تركه في الحضر» (5).

و بهذه الأدلة يصرف ظاهر لفظ الوجوب و الأمر في الصحاح المستفيضة و غيرها،مضافا إلى الوهن في دلالة الوجوب فيها على المعنى المصطلح،بناء على كثرة استعماله في بحث الأغسال في المستحبة منها إجماعا.

و وقته ما بين طلوع الفجر إلى الزوال إجماعا،فلا يجوز

ص:484


1- مسند أحمد 5:15،سنن ابن ماجه 1:1091/347،سنن الترمذي 2:495/4.
2- فقه الرضا(عليه السلام):83،المستدرك 2:497 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
3- الكافي 3:1/417،التهذيب 3:32/10،الوسائل 7:395 أبواب صلاة الجمعة ب 47 ح 2.
4- الكافي 3:4/417،الوسائل 7:396 أبواب صلاة الجمعة ب 47 ح 3.
5- الخصال:12/585 و فيه:«و لا يجوز لها تركه في الحضر»،المستدرك 2:500 أبواب الأغسال المسنونة ب 3 ح 3.

التقديم إلاّ يوم الخميس مع خوف إعواز الماء؛للخبرين (1).و ذلك لكونه عبادة موظفة معلّقة شرعيتها على يوم الجمعة،و لا يصدق إلاّ بما ذكر،مضافا إلى ما سيأتي من الأخبار.

و أما التحديد إلى الزوال ففي المعتبر عليه إجماع الناس (2).و هو المقيّد لإطلاق الأخبار كالصحيح :«و ليكن فراغك من الغسل قبل الزوال» (3).

خلافا للمحكي عن الشيخ من أن غايته صلاة الجمعة (4)؛للإطلاق، و إشعار المعتبرة بكون المقصود من شرعيته حصول التطهر حال الصلاة،و في الخبر:«إن الأنصار كانت تعمل في نواضحها و أموالها،فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى الناس من أرواح آباطهم،فأمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالغسل يوم الجمعة،فجرت بذلك السنّة» (5).

و كلّما قرب من الزوال كان أفضل فيما قطع به الأصحاب،و لعلّ مستندهم الرضوي:«و يجزيك إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر،و كلّما قرب من الزوال فهو أفضل» (6).

و ربما كان في الصحيح السابق إشعار به،فتأمل .

ص:485


1- الأول: التهذيب 1:1109/465،الوسائل 3:319 أبواب الأغسال المسنونة ب 9 ح 1. الثاني: الكافي 3:6/42،الفقيه 1:227/61،التهذيب 1:1110/465،الوسائل 3:320 أبواب الأغسال المسنونة ب 9 ح 2.
2- المعتبر 1:354.
3- الكافي 3:4/417،الوسائل 3:312 أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 5.
4- كما في الخلاف 1:612.
5- الفقيه 1:230/62،التهذيب 1:1112/366،علل الشرائع:3/285،الوسائل 3: 315 أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 15.
6- فقه الرضا(عليه السلام):175،المستدرك 2:508 أبواب الأغسال المسنونة ب 7 ح 1.

و منها:غسل أول ليلة من شهر رمضان على المعروف من مذهب الأصحاب كما عن المعتبر (1)،و عن روض الجنان الإجماع عليه (2)؛ للمعتبرة منها الموثق (3)،و الرضوي:«و الغسل ثلاثة و عشرون-إلى قوله-:

و خمس ليال من شهر رمضان:أول ليلة منه»الخبر (4).

و عن مولانا الصادق عليه السلام:«من اغتسل أوّل ليلة من شهر رمضان في نهر جار،و صبّ على رأسه ثلاثين كفا من الماء،طهر إلى شهر رمضان من قابل» (5).

و روي نحوه في أول يوم منه (6).

و عنه عليه السلام:«من أحب أن لا يكون به الحكّة فليغتسل أول ليلة من شهر رمضان،يكون سالما منها إلى شهر رمضان من قابل» (7).

و ينبغي إيقاعه في هذه الليلة-كسائر الليالي المستحبة فيها الأغسال- في أوّلها كما في الأخبار (8)،و في الخبر:«عند وجوب الشمس قبيله ،ثمَّ يصلّي و يفطر» (9).

و يأتي أنه صلّى اللّه عليه و آله كان يغتسل[كلّ]ليلة من العشر الأواخر

ص:486


1- المعتبر 1:355.
2- روض الجنان:17.
3- الكافي 3:2/40،الفقيه 1:176/45،التهذيب 1:270/104،الوسائل 3:303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3.
4- فقه الرضا(عليه السلام):82،المستدرك 2:497 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
5- الإقبال:14،الوسائل 3:325 أبواب الأغسال المسنونة ب 14 ح 4.
6- الإقبال:86،الوسائل 3:326 أبواب الأغسال المسنونة ب 14 ح 7 و فيه بتفاوت.
7- الإقبال:14،الوسائل 3:325 أبواب الأغسال المسنونة ب 14 ح 5 بتفاوت يسير.
8- انظر الوسائل 3:322 أبواب الأغسال المسنونة ب 11 ح 2،و ص 325 ب 14 ح 2.
9- الكافي 4:1/153،الفقيه 2:448/100،الوسائل 3:324 أبواب الأغسال المسنونة ب 13 ح 2.وجوب الشمس:غروبها.

بين العشاءين (1).

و منها:غسل ليلة النصف منه كما عن الشيخين و غيرهما (2)؛ و لعلّه لما أسنده ابن أبي قرّة في كتاب عمل شهر رمضان،عن مولانا الصادق عليه السلام:«يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان و ليلة النصف منه» (3).

و فضّل الشيخ في المصباح غسلها على سائر ليالي الأفراد (4)،و الشهيد على أغسالها سوى الاولى و تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين (5).

و منها:غسل ليلة سبع عشرة منه و ليلة تسع عشرة منه و ليلة إحدى و عشرين منه و ليلة ثلاث و عشرين منه الإجماع كما عن المعتبر (6)-و الأخبار،منها الصحيح:«[الغسل]في سبعة عشر موطنا:

ليلة سبع عشرة من شهر رمضان و هي ليلة التقى الجمعان ،و ليلة تسع عشرة و فيها يكتب الوفد وفد السنة،و ليلة إحدى و عشرين و هي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء و فيها رفع عيسى بن مريم عليه السلام و قبض موسى عليه السلام.و ليلة ثلاث و عشرين يرجى فيها ليلة القدر،و يومي العيدين» (7).

ص:487


1- الإقبال:21،الوسائل 3:326 أبواب الأغسال المسنونة ب 14 ح 6 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- المفيد في المقنعة:51،الطوسي في التهذيب 1:114،و المصباح:11؛و انظر المعتبر 1: 355.
3- الإقبال:14،الوسائل 3:325 أبواب الأغسال المسنونة ب 14 ح 1.
4- مصباح المتهجّد:11.
5- النفلية:8.
6- المعتبر 1:355.
7- التهذيب 1:302/114،الوسائل 3:307 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 11 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

و منها:غسل ليلة الفطر كما عن الشيخين و جماعة (1)؛للخبر:

ما ينبغي لنا أن نعمل في ليلة الفطر؟فقال:«إذا غربت الشمس فاغتسل،فإذا صلّيت الثلاث ركعات ارفع يديك و قل»تمام الحديث (2).

و منها:غسل يومي العيدين الفطر و الأضحى بإجماع العلماء كافة،حكاه جماعة (3)؛للمعتبرة،منها:الصحيح المتقدم،و نحوه الصحيح:

عن الغسل في الجمعة و الأضحى و الفطر،قال:«سنّة و ليس بفريضة» (4).

و في الذكرى عن ظاهر الأصحاب:امتداد وقته إلى الزوال خاصة (5)؛ و لعلّه للرضوي:«فإذا طلع الفجر يوم العيد فاغتسل،و هو أول أوقات الغسل ثمَّ إلى وقت الزوال» (6).

و يؤيده مساواة العيد للجمعة في أغلب الأحكام،و مرّ امتداد وقت غسل الجمعة إليه.

و أسند ابن أبي قرّة في عمل رمضان،عن مولانا الصادق عليه السلام في كيفية صلاة العيد يوم الفطر أن:«تغتسل من نهر،فإن لم يكن نهر فل أنت بنفسك استقاء الماء بتخشع،و ليكن غسلك تحت الظلال أو تحت حائط و تستر بجهدك،فإذا هممت بذلك فقل:اللهم إيمانا بك و تصديقا بكتابك

ص:488


1- المفيد في المقنعة:51،الطوسي في المصباح:11،المحقق في المعتبر 1:355،الشهيد في النفلية:8.
2- الكافي 4:3/167،الفقيه 1:466/109،التهذيب 1:303/115،الوسائل 3:328 أبواب الأغسال المسنونة ب 15 ح 1.
3- منهم المحقق في المعتبر 1:356،العلامة في التذكرة 1:60،الشهيد الثاني في روض الجنان:18.
4- التهذيب 1:295/112،الاستبصار 1:333/102،الوسائل 3:329 أبواب الأغسال المسنونة ب 16 ح 1.
5- الذكرى:24.
6- فقه الرضا(عليه السلام):131،المستدرك 2:512 أبواب الأغسال المسنونة ب 11 ح 1.

و اتباع سنة نبيك صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ سمّ و اغتسل،فإذا فرغت من الغسل فقل:اللهم اجعله كفارة لذنوبي و طهّر ديني،اللهم اذهب عنا الدنس» (1).

و منها:غسل يوم عرفة إجماعا كما عن الغنية (2)؛للمستفيضة منها الصحيح:«الغسل من الجنابة،و يوم الجمعة،و يوم الفطر،و يوم الأضحى،و يوم عرفة عند زوال الشمس» (3).

و منها:غسل ليلة النصف من رجب كما عن جمل الشيخ و مصباحه و اقتصاده و النزهة و الجامع و الإصباح (4)؛و وجّهه في المعتبر بشرف الزمان و استحباب الغسل في الجملة (5).و هو محل مناقشة.

و زيد اليوم في النزهة؛و لعلّه للمحكي عن الإقبال أنه أرسل عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله و وسطه و آخره،خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه» (6).

و منها:غسل يوم المبعث و هو السابع و العشرون من رجب.

محكي عن جمل الشيخ و مصباحه و اقتصاده (7).و لم نظفر بمستنده.و وجّهه في المعتبر بما مرّ.و فيه نظر.

و منها:غسل ليلة النصف من شعبان للخبرين،في أحدهما:

«صوموا شعبان و اغتسلوا ليلة النصف منه» (8).

ص:489


1- الإقبال:279،الوسائل 3:329 أبواب الأغسال المسنونة ب 15 ح 4،و فيه بتفاوت يسير.
2- الغنية(الجوامع الفقهية):555.
3- التهذيب 1:290/110،الوسائل 3:306 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 10.
4- الجمل و العقود(الرسائل العشر):167،مصباح المتهجد:11،الاقتصاد:250،النزهة: 15،الجامع للشرائع:32،و نقله عن الإصباح في كشف اللثام 1:10.
5- المعتبر 1:356.
6- الإقبال:628،الوسائل 3:334 أبواب الأغسال المسنونة ب 22 ح 1.
7- الجمل و العقود(الرسائل العشر):167،المصباح:11،الاقتصاد:250.
8- التهذيب 1:308/117،الوسائل 3:335 أبواب الأغسال المسنونة ب 23 ح 1.

و في الثاني المروي في المصباح،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«من تطهّر ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر»و ساق الحديث إلى أن قال:«قضى اللّه تعالى[له]ثلاث حوائج،ثمَّ إن سأل أن يراني في ليلته رآني» (1).

و منها:غسل يوم الغدير بإجماع الطائفة حكاه جماعة (2)؛ للمعتبرة منها:الرضوي (3)،و الخبرين:«من صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول بمقدار نصف ساعة»و ساق الحديث إلى قوله:«ما سأل اللّه حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلاّ قضيت له،كائنة ما كانت» (4).

و المروي في الإقبال:«إذا كانت صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل صدر نهاره» (5).

و منها:غسل يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة في المشهور،و قيل:الخامس و العشرون (6).و عن الإقبال قيل:أحد و عشرون، و قيل:سبعة و عشرون (7).

و على الاستحباب الإجماع كما عن الغنية (8)؛لموثقة سماعة:«غسل

ص:490


1- مصباح المتهجد:769-770،الوسائل 8:108 أبواب الصلوات المندوبة ب 8 ح 6 و ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
2- منهم الشيخ في التهذيب 1:114،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهية):554،و الشهيد الثاني في روض الجنان:18.
3- فقه الرضا(عليه السلام):82،المستدرك 2:497 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
4- التهذيب 3:317/143،الوسائل 8:89 أبواب الصلوات المندوبة ب 3 ح 1. الخبر الثاني:بحار الأنوار 95:6/321،العدد القوية:33،المستدرك 2:520 أبواب الأغسال المسنونة ب 20 ح 2.
5- الإقبال:474،المستدرك 2:520 أبواب الأغسال المسنونة ب 20 ح 1.
6- قال به المحقق في المعتبر 1:357.
7- انظر الإقبال:515.
8- الغنية(الجوامع الفقهية):555.

المباهلة واجب» (1).

و ليس فيها ذكر اليوم،فلعلّه لأصل إيقاع المباهلة كما في الاستخارة، و وردت به رواية صحيحة (2)،و عن جدّي المجلسي-رحمه اللّه-اشتهاره بين قدماء الطائفة (3).

و هو حسن،إلاّ أن فهم الأصحاب اليوم منها أقوى قرينة،مضافا إلى دعوى الإجماع عليه في الغنية.

و منها غسل الإحرام للحج أو العمرة على الأشهر الأظهر؛ للأصل،و فقد المخصّص له سوى ما تضمّن إطلاق الواجب عليه.و في دلالته على المصطلح في بحث الأغسال تأمل،مضافا إلى المحكي عن الشيخين (4) من دعوى عدم الخلاف المشعرة بالوفاق.و لا يعارضه نسبة المرتضى الوجوب إلى الأكثر (5)؛لوهنه بمصير الأكثر إلى خلافه و دعوى الإجماع عليه.و يحتمل إرادته منه التأكد؛لبعد الخطأ في النسبة،فيوافق الشيخين فيها،إلاّ أن كلامه مشعر بالخلاف و كلامهما بالوفاق.

و يؤيده تعداده مع المستحبات و كثير من الأغسال-المستحبة بالوفاق-في المعتبرة،كالصحيح (6)و غيره (7).

و يدل عليه صريحا المروي في العيون،عن مولانا الرضا عليه السلام

ص:491


1- الكافي 3:2/40،الفقيه 1:176/45،التهذيب 1:270/104،الوسائل 3:303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3.
2- الكافي 2:1/513.
3- حكاه عنه في الحدائق 4:190.
4- المفيد في المقنعة:50،الطوسي في التهذيب 1:113.
5- انظر الناصريات(الجوامع الفقهية):188.
6- الكافي 4:1/326،الفقيه 2:914/200،الوسائل 3:336 أبواب الأغسال المسنونة ب 26 ح 1.
7- الوسائل 3:303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1.

أنه كتب إلى المأمون:«من محض الإسلام:..و غسل الجمعة سنّة،و غسل العيدين،و دخول مكة و المدينة،و الزيارة،و الإحرام،و أول ليلة من شهر رمضان،و سبعة عشر،و تسعة عشر،و إحدى و عشرين،و ثلاث و عشرين،و هذه الأغسال سنّة،و غسل الجنابة فريضة،و غسل الحيض مثله» (1).

و قصور السند منجبر بما مرّ،فلا يعارضه المرسل:«الغسل في سبعة عشر موطنا،الفرض ثلاثة:غسل الجنابة،و غسل من مسّ ميتا،و الغسل للإحرام» (2)و نحوه الرضوي (3).

إلاّ أن الأحوط المحافظة عليه،كما عن العماني (4).

و منها:غسل زيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام قطع به الأصحاب،و نصّت عليه الأخبار.إلاّ أن أكثرها اقتصرت على الزيارة بحيث تحتمل زيارة البيت خاصة كما صرّحت به بعض المعتبرة (5).

و لا ريب في الاستحباب لزيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأمير و الحسين و الرضا عليهم السلام؛لكثرة الأخبار.

و بالتعميم نص الرضوي:«و الغسل ثلاثة و عشرون»و عدّ منها غسل زيارة البيت،و غسل دخوله،و غسل الزيارات (6).

و المروي في التهذيب عن العلاء بن سيابة عن مولانا الصادق عليه السلام:في قوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [1] قال:«الغسل عند لقاء

ص:492


1- العيون 2:1/120،الوسائل 3:305 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 6.
2- التهذيب 1:271/105،الاستبصار 1:316/98،الوسائل 2:174 أبواب الجنابة ب 1 ح 4.
3- فقه الرضا(عليه السلام):82،المستدرك 2:497 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
4- نقله عن العماني في المختلف:28.
5- الكافي 3:1/40،الوسائل 3:303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
6- تقدّم مصدره في الهامش 3 من نفس الصفحة.

كل إمام» (1).

و روى ابن قولويه في كامل الزيارات في زيارة مولانا الكاظم و الجواد عليهما السلام،عن محمّد بن عيسى بن عبيد،عمّن ذكره،عن أبي الحسن عليه السلام و فيه قال:«إذا أردت موسى بن جعفر و محمد بن علي عليهما السلام فاغتسل و تنظف»الحديث (2).

و روى فيه أيضا في زيارة أبي الحسن و أبي محمّد عليهما السلام و قال:

روي عن بعضهم أنه قال:«إذا أردت زيارة قبر أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام و أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام تقول إن وصلت -بعد الغسل-و إلاّ أومأت بالسلام»الخبر (3).

و منها:الغسل لقضاء صلاة الكسوف و الخسوف بشرط الاحتراق و الترك متعمدا [تعمدا] ،كما عن الهداية و مصباح الشيخ و اقتصاده و جمله و خلافه و النهاية و المبسوط و الكافي و المهذّب و المراسم و رسالة علي بن بابويه و النزهة و الجامع و الشرائع و المعتبر و الغنية و الإصباح و السرائر (4)،نافيا فيه الخلاف عن عدم الشرعية إذا انتفى الشرطان.و هو الأظهر؛للأصل،و الصحيح المروي في الخصال:«و غسل الكسوف،إذا احترق القرص كلّه فاستيقظت و لم تصلّ فاغتسل و اقض الصلاة» (5).

ص:493


1- التهذيب 6:197/110،الوسائل 14:390 أبواب المزار ب 29 ح 2.
2- كامل الزيارات:301.
3- كامل الزيارات:313،المستدرك 10:364 أبواب المزار ب 70 ح 3.
4- الهداية:19،مصباح المتهجد:12،الاقتصاد:250،الجمل و العقود(الرسائل العشر): 168،الخلاف 1:678،النهاية:136،المبسوط 1:172،الكافي:135،156، المهذّب 1:33،المراسم:52،نقله عن ابن بابويه في المختلف:28،النزهة:16، الجامع للشرائع:33،الشرائع 1:45،المعتبر 1:358،الغنية(الجوامع الفقهية):555، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1:111،السرائر 1:125.
5- الخصال:1/508،الوسائل 3:304 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 4.

و نحوه المرسل في الفقيه (1).

و اشتراط الاستيقاظ و عدم الصلاة و إن لم يكن نصا في اشتراط التعمد في الترك،إلاّ أن الإجماع قرينة عليه؛لعدم القائل باشتراطه بخصوصه،بل كل من اشترط زائدا على الاحتراق اشترط الترك متعمدا لا غير،و من لم يشترط لم يشترط مطلقا،فاشتراط خصوص ما في النص لا قائل به إن حمل على عدم التعمد،فحمله عليه لئلا يشذ أولى،مع ظهوره فيه في الجملة،فسقط الاعتراض عن عدم دلالته على اعتباره.

و أصرح منهما الرضوي:«و إن انكسفت الشمس أو القمر و لم تعلم به فعليك أن تصلّيها إذا علمت،فإن تركتها متعمدا حتى تصبح فاغتسل و صلّ، و إن لم يحترق القرص فاقضها و لا تغتسل» (2).

خلافا للمرتضى في المصباح و المفيد في المقنعة (3)،فاقتصرا على التعمد و لم يعتبرا الاحتراق؛للمرسل:«إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلّي فليغتسل من غد و ليقض الصلاة،و إن لم يستيقظ و لم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلاّ القضاء» (4).

و هو مع ضعفه غير مكافئ لما تقدم،و مع ذلك مطلق يقيّد به و بما يأتي.

و للمقنع و الذكرى (5)،فعكسا فلم يعتبرا التعمد و اقتصرا على الاحتراق؛ للصحيح:«و غسل الكسوف،إذا احترق القرص كلّه فاغتسل» (6).

ص:494


1- الفقيه 1:172/44.
2- فقه الرضا(عليه السلام):135،المستدرك 2:518 أبواب الأغسال المسنونة ب 17 ح 1.
3- نقله عن المرتضى في المعتبر 1:358،المفيد في المقنعة:51.
4- التهذيب 1:309/117،الاستبصار 1:1758/453،الوسائل 3:336 أبواب الأغسال المسنونة ب 25 ح 1.
5- نقله عن المقنع في المختلف:116،الذكرى:244.
6- التهذيب 1:302/114،الوسائل 3:307 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 11.

و هو مع قصوره عن المقاومة لما مرّ ليس فيه ذكر القضاء،و ظاهره العموم له و للأداء فخالف الوفاق من هذا الوجه.مع أن الظاهر اتحاده مع المروي في الخصال المتقدم،و إنما حصل التغيير بنقل الشيخ له في التهذيب كما هنا، فيرتفع الإشكال و يندفع الاستدلال.

و ظاهر الأخبار وجوب هذا الغسل،كما عن جمل السيّد و شرح القاضي له (1)،مدعيا في الأخير عليه الإجماع،و كذا في صلاة المقنعة و المراسم و ظاهر الهداية و النهاية و الخلاف و الكافي و صلاة الاقتصاد و الجمل و الغنية (2)،و مال إليه في المنتهى لذلك (3).

و الأشهر بين المتأخرين الاستحباب؛للأصل،و حصر الواجب من الأغسال في غيره في غير هذه الأخبار،و احتمال الأمر للندب.

و فيه نظر؛لضعف الاحتمال كالحصر مع احتمال التخصيص بما مرّ، و هو المعيّن في الجمع دون الاستحباب.

و عن ابن حمزة التردد فيه (4).و لعلّه في محلّه.

إلاّ أن الثاني أقوى؛لتعداده في الأغسال المستحبة،وفاقا للصحيحين المتقدمين (5).و هو مع الشهرة العظيمة المتأخرة على الاستحباب أقوى قرينة، فيحمل عليه الأوامر المتقدمة؛مضافا إلى الأمور المتقدمة.و الإجماع ممنوع

ص:495


1- جمل العلم و العمل(رسائل السيد المرتضى 3):46،شرح الجمل:135،136.
2- المقنعة:211،المراسم:81،الهداية:19،النهاية:136،الخلاف 1:678،الكافي: 156،الاقتصاد:272،الجمل و العقود(الرسائل العشر):194،الغنية(الجوامع الفقهية): 562.
3- المنتهى 1:131.
4- الوسيلة:54.هذا في بحث الأغسال،و لكن ظاهره في بحث صلاة الكسوف الوجوب.انظر الوسيلة:112.
5- في ص:487،493.

في أمثال محل النزاع.و الأحوط عدم الترك.

و منها:الغسل للتوبة عن فسق أو كفر،كما عن المبسوط و السرائر و المهذّب و الجامع و الشرائع و المعتبر (1)،صغيرة كان الفسق أو كبيرة كما عن المنتهى و نهاية الأحكام و النفلية (2)،و عن المقنعة و كتاب الاشراف و الكافي و الغنية و الإشارة:التخصيص بالكبيرة (3)؛و عليه يساعد المعتبرة كالرواية المروية في الكافي صحيحة فيمن أتى مولانا الصادق عليه السلام فقال:إنّ لي جيرانا و لهم جوار يتغنين و يضربن بالعود،فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن،فقال عليه السلام:«لا تفعل»إلى أن قال الرجل:لا جرم أني تركتها و أنا أستغفر اللّه تعالى،فقال عليه السلام:«قم فاغتسل و صلّ ما بدا لك،فلقد كنت مقيما على أمر عظيم،ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك،استغفر اللّه تعالى و اسأله التوبة من كل ما يكره» (4).

و ما في أدعية السرّ من قوله سبحانه:«يا محمّد،قل لمن عمل كبيرة من أمتك فأراد محوها و التطهر منها:فليتطهّر لي بدنه و ثيابه،و ليخرج إلى برية أرضي،فليستقبل وجهي حيث لا يراه أحد،ثمَّ ليرفع يديه إليّ» الخبر (5).و الظاهر من التطهير الغسل،فتأمل .

و الإجماع المحكي عن الغنية غير معلوم المساعدة على الشمول للصغيرة،فإذا الاقتصار على الكبيرة أولى.إلاّ أن يتشبّث بذيل المسامحة في

ص:496


1- المبسوط 1:40،السرائر 1:125،المهذّب 1:33،الجامع للشرائع:33،الشرائع 1: 45،المعتبر 1:359.
2- المنتهى 1:131،نهاية الأحكام 1:178،النفلية:9.
3- المقنعة:51،الإشراف(مصنفات الشيخ المفيد 9):17،الكافي:135،الغنية(الجوامع الفقهية):555،الإشارة:72.
4- الكافي 6:10/432،الوسائل 3:331 أبواب الأغسال المسنونة ب 18 ح 1.
5- انظر الجواهر السنية:173،البحار 92:1/306.

أدلة الاستحباب و الكراهة و الاكتفاء فيها بذكر واحد فضلا عن جماعة.

و يستفاد من فحوى الرواية-مضافا إلى ما فيها من العلّة العامة- الاستحباب للتوبة عن الكفر أصليا كان أو ارتداديا،مضافا إلى ما روي من أمره صلّى اللّه عليه و آله بعض الكفار حين ما أسلم بالاغتسال (1).و فيه نظر؛ لاحتمال كونه عن جنابة،نعم:في أدعية السرّ:«يا محمّد،و من كان كافرا و أراد التوبة و الإيمان فليطهّر لي ثوبه و بدنه»الخبر (2).فتأمل.

و عن أحمد و مالك و أبي ثور:إيجابه للتوبة عن كفر (3).

و منها:الغسل لصلاة الحاجة و صلاة الاستخارة ممّا ورد له منهما الغسل،لا مطلقا،مع احتماله؛لإطلاق المعتبرة كالرضوي:«و غسل الاستخارة،و غسل طلب الحوائج من اللّه تبارك و تعالى» (4).

و نحوه غيره و لكن في الأخير خاصة (5).

و على الحكم في الجملة الإجماع عن الغنية و ظاهر المعتبر و التذكرة (6).

و منها:الغسل لدخول الحرم إجماعا كما عن الغنية (7)؛للمعتبرة منها الصحيح في تعداد ما فيه الغسل:«و إذا دخلت الحرمين» (8).

و لدخول المسجد الحرام كما في أكثر الكتب،إجماعا كما عن

ص:497


1- الجعفريات:175،المستدرك 2:513 أبواب الأغسال المسنونة ب 12 ح 3،و رواه في مسند أحمد 5:61،صحيح مسلم 3:59/1386.
2- الجواهر السنية:175.
3- راجع المغني لابن قدامة 1:239.
4- فقه الرضا(عليه السلام):82،المستدرك 2:497 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1.
5- فلاح السائل:61-62،المستدرك 2:498 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 2.
6- الغنية(الجوامع الفقهية):555،المعتبر 1:359،التذكرة 1:58.
7- الغنية(الجوامع الفقهية):555.
8- الفقيه 1:172/44،التهذيب 1:302/114،الوسائل 3:307 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 11.

الخلاف و الغنية (1)؛للخبر:«إن اغتسلت بمكة ثمَّ نمت قبل أن تطوف فأعد غسلك» (2)فتأمل جدّا .

و لدخول الكعبة -عظّمها اللّه تعالى-كما في أكثر الكتب، إجماعا كما عن الغنية و الخلاف (3)؛للمعتبرة منها الصحيحان في تعداد ما له الغسل،ففي أحدهما:«و دخول الكعبة» (4)و في الثاني:«و يوم تدخل البيت» (5).

و لدخول المدينة -شرّفها اللّه تعالى-إجماعا،كما عن الغنية؛ للمعتبرة منها الصحيح في تعداد ما مرّ:«و دخول مكّة و المدينة» (6)و الحسن:

«إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها» (7).

و لدخول مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله في المدينة إجماعا، كما عن الغنية؛للخبر:«و إذا أردت دخول مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله» (8).

و منها غسل المولود حين ولادته على الأشهر الأظهر؛للأصل.

و قيل:يجب (9)؛للموثق:«و غسل المولود واجب» (10).

ص:498


1- الخلاف 1:286،الغنية(الجوامع الفقهية):555.
2- الكافي 4:7/400،التهذيب 5:326/99،الوسائل 13:202 أبواب مقدمات الطواف ب 6 ح 2.
3- الغنية(الجوامع الفقهية):555،الخلاف 1:286.
4- التهذيب 1:290/110،الوسائل 3:306 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 10.
5- التهذيب 1:302/114،الوسائل 3:307 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 11.
6- راجع الهامش(5)من نفس الصفحة.
7- الكافي 4:1/550،التهذيب 6:8/5،كامل الزيارات:15،الوسائل 14:341 أبواب المزار ب 6 ح 1.
8- التهذيب 1:272/105،الوسائل 3:307 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 12.
9- قال به ابن حمزة في الوسيلة:54.
10- الكافي 3:2/40،الفقيه 1:176/45،التهذيب 1:270/104،الوسائل 3:303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3.

و فيه:ما مرّ من عدم ظهور الوجوب في المصطلح في بحث الأغسال؛ لكثرة استعماله في المستحب إجماعا،و خصوصا في الرواية،فالمراد به تأكد الاستحباب.و الحمد للّه.

ص:499

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.