ص: 2

ص: 3

ثم بینا کثرة مکذوباتهم فی جمع القرآن والمحافظة علیه ، وسبب رفض إمامهم نسخة القرآن الشرعیة ، واضطهاده قراء القرآن ، وقوله بتحریفه ، وتحریمه السؤال عن تفسیر آیاته ، وحذفه البسملة والمعوذتین ، وتغییره عدداً من آیاته ، ثم فتواه وفتوی فقهاء مذاهب السلطة تبعاً له بجواز تحریف القرآن !

وأخیراً : زعمه أن القرآن سیرفع ، وأن الکعبة ستهدم ، ومکة ستخرب فلا تعمر بعد ذلک أبداً !

وجاء المجلد الثانی فی ثمانیة فصول ، تضمنت قرار الشیخین أبی بکر وعمر بتغییب سنة النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وموقف الذین تسموا أهل السنة من السنة .

ثم بیَّنا تهوک المخالفین لأهل بیت النبوة (علیهم السّلام) ، ثم أوردنا نماذج من قرشیات البخاری فی الطعن برسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )والأنبیاء(علیهم السّلام) ، وهی أسوأ من الإسرائیلیات! ومجموعة مسائل من طعونهم فی عصمة نبینا(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وتفضیل بعض أصحابه علیه !

ثم کشفنا منهج مفسری الحکومات فی الإنتقاص من شخصیة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وروینا صوراً من قسوة الحکام وتعذیبهم للمسلمین ، التی أرادوا تغطیتها وتبریرها ، بنسبة القسوة الی نبینا(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

ثم بینا تأسیس أئمتهم دین الظنون والإستحسانات المزاجیة ، بسبب قلة نفقتهم من العلم!واتهامهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأنه کان یعمل بالظن ویخطئ !

وقد بلغت مسائل المجلدین 167مسألة ،

ومجموع أسئلتهما 745 سؤالاً .

وفی هذا المجلد الثالث ، استکملنا بقیة المسائل فجاء فی تسعة فصول ،تضمن الفصل الأول منها بیان حقوق أهل بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من القرآن والسنة ، وکیف خالفها القرشیون وحکوماهم ومذاهبهم ، وحرفوها وضیعوها !

ص: 5

ثم عقدنا بقیة الفصول لبیان حال الشخصیات التی نصبوها فی مقابل أهل بیت النبوة(علیهم السّلام) ، وحررنا فیها مسائل ، ووجهنا حولها أسئلة .

فکان منها فصل للأسئلة المشترکة حول أبی بکر وعمر ، وفصول تتعلق بعمل الحکومات لفرض ولایتهما بالحدید والنار !

ثم فصلان فی تعصب الفخر الرازی ، وما قیل عن تشیع الغزالی .

ثم فصل فی مسائل تتعلق بعائشة وحفصة ، وفصل لمسائل تختص بأبی بکر بن أبی قحافة ، وآخر لمسائل تختص بعمر بن الخطاب .

وقد بلغت الأسئلة التی وجهناها فی هذه المسائل أکثر من خمس مئة سؤال ، فبلغت الإشکالات والأسئلة أکثر من ألف ومئتین ، وکلها قلیل من کثیر من الأسئلة والإشکالات التی ترد علی آرائهم ، وتبلغ ألوفاً مؤلفة !

أسأل الله تعالی أن ینفع المسلمین بهذا العمل ، ویکتبه فی میزان الدفاع عن نبیه المظلوم(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وأهل بیته الطاهرین المضطهدین(علیهم السّلام) ، ویحشرکاتبه معهم ، یوم یدعو کل أناس بإمامهم ، إنه سمیع مجیب .

حرره: علی الکورانی العاملی عامله الله بلطفه

الحوزة العلمیة بقم المشرفة- شعبان المعظم1430

ص: 6

ص: 7

تلقی الوحی من رب العالمین سبحانه ! وأنَّی لجمیع أهل الأرض أن تکون لهم نافذة علی خالق الکون

عزوجل ، یتلقون بها العلم والتوجیه ؟!

ومن الملفت أن هذه التهم بدأت من زمن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من قبل أشخاص مشرکین أو مسلمین تعاملوا مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )تعاملاً سیاسیاً مادیاً ، فکانوا ینتقدون المسلمین لتقیدهم بنص النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ویسمونهم «عُبَّاد محمد» !

وقد استمرت هذه التهمة بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی شیعة أهل بیته(علیهم السّلام) ! ووصف الشاعر الکمیت(رحمه الله)اتهامهم بقوله:

وطائفةٌ قد کفرتْنی بحُبَکُمْ

وطائفةٌ قالوا مسئٌ ومذنبُ

فما ساءنی تکفیرُ هاتیکَ منهمُ

ولا عیبُ هاتیکَ التی هی أعْیَبُ

یَعیبوننی من خِبِّهم وضلالهمْ

علی حبکم ، بل یسخرون وأعجبُ

وقالوا تُرَابیِّ هواهُ ورأیُهُ

بذلک أدعی فیهم وألَقَّبُ

فلا زلتُ منهم حیث یتهموننی

ولا زلت فی أشیاعکم أتقلب

وأحمل أحقادَ الأقارب فیکم

ویُنصب لی فی الأبعدین فأنصب

بخاتمکم غصباً تجوز أمورهم

فلم أر غصباً مثله حین یغصب

فقل للذی فی ظل عمیاءَ جونةٍ

تری الجور عدلاً أین لا أینَ تذهب

بأی کتاب أم بأیة سنة

تری حبهم عاراً علیَّ وتحسب

فما لیَ إلا آلَ أحمد شیعةٌ

وما لیَ إلا مذهبَ الحق مذهب

أسئلة:

س1: هل طبقت الأمة وصیة نبیها(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی قوله: إنی تارک فیکم الثقلین: کتاب الله وعترتی أهل بیتی أم قصرت فی حقهم ؟!

س2: هل قرأتم شیئاً عن کربلاء وقتل الإمام الحسین وآل الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

ص: 9

وهل قرأتم شیئاً عن ظلامة الحکومات لأهل البیت النبوی(علیهم السّلام) فی التاریخ ؟

س3: هل قرأتم شعر شیعة أهل البیت(علیهم السّلام) فی ظلامتهم ومأساتهم ، من وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وما تلاها من عصور ؟

فقال الرضا (علیه السّلام): أخبرونی هل تحرم الصدقة علی آل محمد ؟ قالوا: نعم ، قال (علیه السّلام): فتحرم علی الأمة ؟ قالوا: لا قال (علیه السّلام): هذا فرق بین الآل وبین الأمة ، ویحکم أین یذهب بکم ، أصرفتم عن الذکر صفحاً أم أنتم قوم مسرفون ! أما علمتم أنما وقعت الروایة فی الظاهر علی المصطفین المهتدین دون سائرهم !

قالوا: من أین قلت یا أبا الحسن؟ قال (علیه السّلام): من قول الله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِیمَ وَجَعَلْنَا فِی ذُرِّیَّتِهِمَا النُّبُوَةَ وَالْکِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ، فصارت وراثة النبوة والکتاب فی المهتدین دون الفاسقین! أما علمتم أن نوحاً سأل ربه، فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِی مِنْ أَهْلِی وَإِنَّ وَعْدَکَ الْحَقُّ ، وذلک أن الله وعده أن ینجیه وأهله فقال له ربه تبارک وتعالی: یَا نُوحُ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِکَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَیْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّی أَعِظُکَ أَنْ تَکُونَ مِنَ الْجَاهِلِینَ !

فقال المأمون: فهل فضل الله العترة علی سائر الناس؟ فقال الرضا (علیه السّلام): إن الله العزیز الجبار فضل العترة علی سائر الناس فی محکم کتابه . قال المأمون: أین ذلک من کتاب الله ؟ قال الرضا (علیه السّلام): فی قوله تعالی: إِنَّ اللهَ اصْطَفَی آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِیمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَی الْعَالَمِینَ . ذُرِّیَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ . وقال الله فی موضع آخر: أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَی مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنَا آلَ إِبْرَاهِیمَ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ وَآتَیْنَاهُمْ مُلْکًا عَظِیمًا . ثم رد المخاطبة فی أثر هذا إلی سائر المؤمنین فقال : یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمر مِنْکُمْ ، یعنی الذین أورثهم الکتاب والحکمة وحسدوهم علیهما بقوله: أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَی مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ

ص: 12

فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنَا آلَ إِبْرَاهِیمَ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ وَآتَیْنَاهُمْ مُلْکًا عَظِیمًا ، یعنی الطاعة للمصطفیْن الطاهرین ، والملک هاهنا الطاعة لهم.

قالت العلماء: هل فسر الله تعالی الإصطفاء فی الکتاب ؟ فقال الرضا (علیه السّلام): فسر الله الإصطفاء فی الظاهر سوی الباطن فی اثنی عشر موضعاً، فأول ذلک قول الله: وَأَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الأَقْرَبِینَ ، وهذه منزلة رفیعة وفضل عظیم وشرف عال ، حین عنی الله عز وجل بذلک الآل . فهذه واحدة .

والآیة الثانیة فی الإصطفاء قول الله: ِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرُکُمْ تَطْهِیراً ، وهذا الفضل الذی لا یجحده معاند ، لأنه فضل بیِّن.

والآیة الثالثة حین میز الله الطاهرین مَن خلقه ، أمر نبیه فی آیة الإبتهال فقال: فَقُلْ (یامحمد) تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَکُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَکُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَی الْکَاذِبِینَ ، فأبرز النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علیاً والحسن والحسین وفاطمة(علیهم السّلام) فقرن أنفسهم بنفسه ، فهل تدرون ما معنی قوله:وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَکُمْ ؟ قالت العلماء: عنی به نفسه . قال أبو الحسن (علیه السّلام): غلطتم ، إنما عنی به علیاً(علیه السّلام) ومما یدل علی ذلک قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حین قال : لینتهین بنو ولیعة أو لأبعثن إلیهم رجلاً کنفسی یعنی علیاً(علیه السّلام)! فهذه خصوصیة لا یتقدمها أحد ، وفضل لا یختلف فیه بشر ، وشرف لا یسبقه إلیه خلق ، إذ جعل نفس علی (علیه السّلام)کنفسه ، فهذه الثالثة.

وأما الرابعة : فإخراجه الناس من مسجده ما خلا العترة ، حین تکلم الناس فی ذلک وتکلم العباس فقال : یا رسول

ص: 13

الله ترکت علیاً وأخرجتنا ؟!

فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): ما أنا ترکته وأخرجتکم ، ولکن الله ترکه وأخرجکم ! وفی هذا بیان قوله لعلی (علیه السّلام): أنت منی بمنزلة هارون من موسی ! قالت العلماء : فأین هذا من القرآن ؟ قال أبو الحسن (علیه السّلام): أُوجدکم فی ذلک قرآناً أقرؤه علیکم ؟ قالوا : هات.قال (علیه السّلام): قول الله عز وجل: وَأَوْحَیْنَا إِلَی مُوسَی وَأَخِیهِ أَنْ تَبَوَآ لِقَوْمِکُمَا بِمِصْرَ بُیُوتًا وَاجْعَلُوا بُیُوتَکُمْ قِبْلَةً ، ففی هذه الآیة منزلة هارون من موسی ، وفیها أیضاً منزلة علی من رسول الله، ومع هذا دلیل ظاهر فی قول رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حین قال: إن هذا المسجد لا یحل لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وآل محمد.

فقالت العلماء: هذا الشرح وهذا البیان لا یوجد إلا عندکم معشر أهل بیت رسول الله ! قال أبو الحسن (علیه السّلام):ومن ینکر لنا ذلک ، ورسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یقول : أنا مدینة العلم وعلیٌّ بابها فمن أراد مدینة العلم فلیأتها من بابها ، ففیما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والإصطفاء والطهارة ما لا ینکره إلا معاند ، ولله عز وجل الحمد علی ذلک ، فهذه الرابعة.

وأما الخامسة فقول الله عز وجل: وَآتِ ذَا الْقُرْبَی حَقَّهُ، خصوصیة خصهم الله العزیز الجبار بها واصطفاهم علی الأمة، فلما نزلت هذه الآیة علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قال: أدعوا لی فاطمة ، فدعوها له فقال: یا فاطمة ، قالت: لبیک یا رسول الله ، فقال: إن فدکاً لم یوجف علیها بخیل ولا رکاب ، وهی لی خاصة دون المسلمین، وقد جعلتها لک لما أمرنی الله به ، فخذیها لک ولولدک ، فهذه الخامسة .

ص: 14

وأما السادسة : فقول الله عز وجل: قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی ، فهذه خصوصیة للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )دون الأنبیاء وخصوصیة للآل دون غیرهم . وذلک أن الله حکی عن الأنبیاء(علیهم السّلام) فی ذکر نوح: وَیَا قَوْمِ لا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِیََ إِلا عَلَی اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلَکِنِّی أَرَاکُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ، وحکی عن هود قال : یَا قَوْمِ لا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِیَ إِلا عَلَی الَّذِی فَطَرَنِی أَفَلا تَعْقِلُونَ، وقال لنبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی ، ولم یفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا یرتدون عن الدین أبداً ، ولا یرجعون إلی ضلالة أبداً . وأخری أن یکون الرجل وادَّاً للرجل فیکون بعض أهل بیته عدواً له ، فلا یسلم قلبه ، فأحب الله أن لا یکون فی قلب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علی المؤمنین شئ ، إذ فرض علیهم مودة ذی القربی ، فمن أخذ بها وأحب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وأحب أهل بیته(علیهم السّلام) لم یستطع رسول الله أن یبغضه، ومن ترکها ولم یأخذ بها وأبغض أهل بیت نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فعلی رسول الله أن یبغضه لأنه قد ترک فریضة من فرائض الله ! وأی فضیلة وأی شرف یتقدم هذا ؟!

ولما أنزل الله هذه الآیة علی نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی قام رسول الله فی أصحابه فحمد الله وأثنی علیه وقال: أیها الناس إن الله قد فرض علیکم فرضاً فهل أنتم مؤدوه؟ فلم یجبه أحد ! فقام فیهم یوماً ثانیاً فقال مثل ذلک ، فلم یجبه أحد ! فقام فیهم یوم الثالث فقال: أیها الناس إن الله قد فرض علیکم فرضاً فهل أنتم مؤدوه ؟ فلم یجبه أحد ، فقال: أیها الناس إنه لیس

ص: 15

ذهباً ولا فضة ولا مأکولاً ولا مشروباً ! قالوا: فهات إذا ؟ فتلا علیهم هذه الآیة، فقالوا: أما هذا فنعم . فما وفی به أکثرهم !

ثم قال أبو الحسن(علیه السّلام): حدثنی أبی ، عن جدی ، عن آبائه ، عن الحسین بن علی(علیهم السّلام) قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقالوا: إن لک یا رسول الله مؤونة فی نفقتک وفیمن یأتیک من الوفود ، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحکم فیها باراً مأجوراً ، أعط ما شئت وأمسک ما شئت ، من غیر حرج ! فأنزل الله عز وجل علیه الروح الأمین فقال: یا محمد : قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی ، لا تؤذوا قرابتی من بعدی !

فخرجوا فقال أناس منهم: ما حمل رسول الله علی ترک ما عرضنا علیه إلا لیحثنا علی قرابته من بعده ، إن هو إلا شئ افتراه فی مجلسه ! وکان ذلک من قولهم عظیماً ! فأنزل الله هذه الآیة: أَمْ یَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَیْتُهُ فَلا تَمْلِکُونَ لِی مِنَ اللهِ شَیْئًا هُوَأَعْلَمُ بِمَا تُفِیضُونَ فِیهِ کَفَی بِهِ شَهِیدًا بَیْنِی وَبَیْنَکُمْ وَهُوَالْغَفُورُ الرَّحِیمُ ! فبعث إلیهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقال: هل من حدث؟ فقالوا: إی والله یا رسول الله ، لقد تکلم بعضنا کلاماً عظیما فکرهناه ، فتلا علیهم رسول الله فبکوا واشتد بکاؤهم فأنزل الله تعالی: وَهُوَالَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَیَعْفُواْ عَنِ السَّیِّئَاتِ وَیَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ! فهذه السادسة .

وأما السابعة فیقول الله: إِنَّ اللهَ وَمَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِیما ، وقد علم المعاندون أنه لما نزلت هذه الآیة قیل: یا رسول الله

ص: 16

قد عرفنا التسلیم علیک فکیف الصلاة علیک؟ فقال: تقولون: اللهم صل علی محمد وآل محمد کما صلیت علی إبراهیم وآل إبراهیم إنک حمید مجید .

وهل بینکم معاشر الناس فی هذا اختلاف ؟ قالوا : لا. فقال المأمون: هذا ما لا اختلاف فیه وعلیه الإجماع ، فهل عندک فی الآل شئ أوضح من هذا فی القرآن ؟

قال أبو الحسن(علیه السّلام): أخبرونی عن قول الله: یس .وَالْقُرْآنِ الْحَکِیمِ .إِنَّکَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ . عَلَی صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ . فمن عنی بقوله: یس؟

قال العلماء : یس محمد لیس فیه شک. قال أبو الحسن(علیه السّلام): أعطی الله محمداً وآل محمد من ذلک فضلاً لم یبلغ أحد کنه وصفه لمن عقله ، وذلک أن الله لم یسلم علی أحد إلا علی الأنبیاء صلوات الله علیهم فقال تبارک وتعالی: سَلامٌ عَلَی نُوحٍ فِی الْعَالَمِینَ ، وقال: سَلامٌ عَلَی إِبْرَاهِیمَ ، وقال: سَلامٌ عَلَی مُوسَی وَهَارُونَ ، ولم یقل سلام علی آل نوح ، ولم یقل سلام علی آل إبراهیم ، ولا قال: سلام علی آل موسی وهارون ، وقال عز وجل:سلام علی آل یس ، یعنی آل محمد .

فقال المأمون : لقد علمت أن فی معدن النبوة شرح هذا وبیانه .

قال(علیه السّلام): فهذه السابعة، وأما الثامنة فقول الله عز وجل: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَئْ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَی ، فقرن سهم ذی القربی مع سهمه وسهم رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فهذا فصل بین الآل والأمة ، لأن الله جعلهم فی حیز وجعل الناس کلهم فی حیز دون ذلک ، ورضی لهم ما رضی لنفسه واصطفاهم فیه ، وابتدأ بنفسه ثم ثنی برسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم بذی القربی فی الفئ والغنیمة وغیر ذلک مما رضیه

ص: 17

عز وجل لنفسه ورضیه لهم فقال وقوله الحق: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَئْ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَی ، فهذا توکید مؤکد وأمر دائم لهم إلی یوم القیامة فی کتاب الله الناطق الذی لا یَأْتِیهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ .

وأما قوله : وَالْیَتَامَی وَالْمَسَاکِینِ ، فإن الیتیم إذا انقطع یتمه خرج من المغانم ولم یکن له نصیب ، وکذلک المسکین إذا انقطعت مسکنته لم یکن له نصیب فی المغنم ولا یحل له أخذه ، وسهم ذی القربی إلی یوم القیامة قائم فیهم للغنی والفقیر ، لأنه لا أحد أغنی من الله ولا من رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فجعل لنفسه منها سهماً ولرسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )سهماً ، فما رضی لنفسه ولرسوله رضیه لهم.وکذلک الفئ ما رضیه لنفسه ولنبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )رضیه لذی القربی کما جاز لهم فی الغنیمة ، فبدأ بنفسه ثم برسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

وکذلک فی الطاعة قال عز وجل : یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمر مِنْکُمْ ، فبدأ بنفسه ثم برسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم بأهل بیته . وکذلک آیة الولایة: إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا ، فجعل ولایتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته ، کما جعل سهمه مع سهم الرسول مقروناً بأسهمهم فی الغنیمة والفیئ ، فتبارک الله ما أعظم نعمته علی أهل هذا

البیت ، فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه عز ذکره ونزه رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ونزه أهل بیته عنها فقال : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاکِینِ وَالْعَامِلِینَ عَلَیْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِی الرِّقَابِ وَالْغَارِمِینَ وَفِی سَبِیلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِیلِ فَرِیضَةً مِنَ اللهِ، فهل تجد فی شئ من ذلک أنه جعل لنفسه سهماً أو لرسوله أو لذی القربی لأنه لما نزههم عن الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بیته ،

ص: 18

لا بل حرمها علیهم ، لأن الصدقة محرمة علی محمد وأهل بیته(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وهی أوساخ الناس لا تحل لهم ، لأنهم طهروا من کل دنس ووسخ ، فلما طهرهم واصطفاهم رضی لهم ما رضی لنفسه ، وکره لهم ما کره لنفسه !

وأما التاسعة ، فنحن أهل الذکر الذین قال الله فی محکم کتابه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ .فقال العلماء: إنما عنی بذلک الیهود والنصاری !

قال أبو الحسن(علیه السّلام): وهل یجوز ذلک ؟! إذا یدعونا إلی دینهم ویقولون: إنهم أفضل من دین الإسلام !

فقال المأمون : فهل عندک فی ذلک شرح یخالف ما قالوا یا أبا الحسن؟ قال(علیه السّلام): نعم الذکر رسول الله ونحن أهله ، وذلک بیِّنٌ فی کتاب الله بقوله فی سورة الطلاق : فَاتَّقُوا اللهَ یَا أُولِی الأَلْبَابِ الَّذِینَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَیْکُمْ ذِکْرًا . رَسُولاً یَتْلُواْ عَلَیْکُمْ آیَاتِ اللهِ مُبَیِّنَاتٍ فالذکر رسول الله ونحن أهله، فهذه التاسعة.

وأما العاشرة فقول الله عز وجل فی آیة التحریم: حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ أُمَّهَاتُکُمْ وَبَنَاتُکُمْ وَأَخَوَاتُکُمْ وَعَمَّاتُکُمْ وَخَالاتُکُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الآخْتِ..الی آخرها.. أخبرونی هل تصلح ابنتی أو ابنة ابنی أو ما تناسل من صلبی لرسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یتزوجها لو کان حیاً ؟قالوا: لا. قال(علیه السّلام): فأخبرونی هل کانت ابنة أحدکم تصلح له أن یتزوجها ؟ قالوا: بلی. قال فقال: ففی هذا بیان أنا من آله ولستم من آله ، ولو کنتم من آله لحرمت علیه بناتکم کما حرمت علیه بناتی ، لأنا من آله وأنتم من

ص: 19

أمته ، فهذا فرق بین الآل والأمة ، لان الآل منه والأمة إذا لم تکن الآل فلیست منه ، فهذا العاشرة

وأما الحادیة عشرة، فقوله فی سورة المؤمن حکایة عن قول رجل: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَکْتُمُ إِیمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ یَقُولَ رَبِّیَ اللهُ وَقَدْ جَاءَکُمْ بِالْبَیِّنَاتِ مِنْ رَبِّکُمْ ..الآیة..وکان ابن خال فرعون فنسبه إلی فرعون بنسبه ولم یضفه إلیه بدینه، وکذلک خصصنا نحن إذ کنا من آل رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )بولادتنا منه ، وعممنا الناس بدینه ، فهذا فرق ما بین الآل والأمة . فهذه الحادیة عشر .

وأما الثانیة عشر فقوله: وَأْمُرْ أَهْلَکَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَیْهَا، فخصنا بهذه الخصوصیة إذ أمرنا مع أمره ، ثم خصنا دون الأمة ، فکان رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یجئ إلی باب علی وفاطمة(علیهماالسّلام)بعد نزول هذه الآیة تسعة أشهر فی کل یوم ، عند حضور کل صلاة خمس مرات فیقول: الصلاة یرحمکم الله ! وما أکرم الله أحداً من ذراری الأنبیاء بهذه الکرامة التی أکرمنا الله بها وخصنا من جمیع أهل بیته.

فهذا فرق ما بین الآل والأمة . فقال المأمون والعلماء : جزاکم الله أهل بیت نبیکم عن الأمة خیراً فما نجد الشرح والبیان فیما اشتبه علینا إلا عندکم » وأمالی الصدوق/615، وعیون أخبار الرضا (علیه السّلام):2/207، وبشارة المصطفی/228 والبحار:25/220

ص: 20

قال القاضی عیاض فی الشفا جزء 2/47: «ومن توقیره (ص) وبرِّه ، برُّ آله وذریته وأمهات المؤمنین أزواجه ، کما حض علیه وسلکه السلف الصالح ، قال الله تعالی: إِنَّمَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً ، الآیة. وقال تعالی: وأزواجُهُ أمَّهَاتُهُمْ . عن زید بن أرقم قال قال رسول الله (ص): أنشدکم الله أهل بیتی ، ثلاثاً ، قلنا لزید: من أهل بیته؟ قال آل علی ، وآل جعفر وآل عقیل، وآل العباس . وقال(ص): إنی تارک فیکم ما إن أخذتم به لم تضلوا: کتاب الله وعترتی أهل بیتی ، فانظروا کیف تخلفونی فیهما . وقال (ص): معرفة آل محمد براءة من النار ، وحب آل محمد جواز علی الصراط. والولایة لآل محمد أمانٌ من العذاب »!

وفی الغدیر:2/307: «أخرج الحافظ أبو عبد الله الملا فی سیرته أن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قال: إن الله جعل أجری علیکم المودة فی أهل بیتی ، وإنی سائلکم غداً عنهم .

ورواه محب الدین الطبری فی الذخائر/25، وابن حجر فی الصواعق ص102 و136 والسمهودی فی جواهر العقدین . قال جابر بن عبدالله: جاء أعرابی إلی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وقال: یا محمد أعرض علیَّ الإسلام . فقال: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له ، وأن محمداً عبده ورسوله . قال: تسألنی علیه أجراً قال: لا ، إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی ، قال: قرابتی أو قرابتک ! قال: قرابتی . قال: هات أبایعک ، فعلی من لایحبک ولا یحب قرابتک لعنة الله. فقال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): آمین !

وأخرج الحافظ الکنجی فی الکفایة/31 ، عن الحافظ ابن أبی شیبة بإسناده . وأخرج الحافظ الطبری ، وابن عساکر ، والحاکم الحسکانی فی شواهد التنزیل لقواعد التفضیل ، بعدة طرق عن أبی أمامة الباهلی ، قال قال رسول الله (ص): إن الله خلق الأنبیاء من أشجار شتی ، وخلقنی من شجرة واحدة ، فأنا أصلها وعلی

ص: 22

فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسین ثمرها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوی ، ولو أن عبداً عبد الله بین الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام ، ثم لم یدرک محبتنا ، أکبه الله علی منخریه فی النار . ثم تلا: قُلْ لا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی » .

أسئلة:

س1: کیف تفسرون الربط بین هذه الآیات الثلاث فی مودة أهل البیت(علیهم السّلام) : قُلْ لا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی . وقوله تعالی: قُلْ مَا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ یَتَّخِذَ إِلَی رَبِّهِ سَبِیلاً ، وقوله تعالی: قُلْ مَا سَأَلْتُکُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَلَکُمْ ؟! وهل أن مودة العترة توازی عمل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی تبلیغ الرسالة حتی جعلها الله أجراً علیه ؟وهل یصل الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )نفعٌ منه ؟! أم هو نفع للأمة یرتبط بتبلیغ الرسالة ؟!

س2: هل معنی قوله تعالی: إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ یَتَّخِذَ إِلَی رَبِّهِ سَبِیلاً ، أن السبیل الی محصور بمودة أهل بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

س3: إذا أمرک الله تعالی بمودة إنسان فحاربته لتقتله ، فهل تکون ممتثلاً لأمر الله تعالی بمودته ، أو مخالفاً ؟! وهل الذین نصبوا العداء لأهل البیت(علیهم السّلام) وحاربوا علیاً والحسن والحسین ، ممتثلون لأمر الله تعالی بمودة قربی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

س4: هل کانت السقیفة عمل مودة لأهل البیت(علیهم السّلام) ، وأی مودة عند من استغلوا انشغالهم بجنازة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وذهبوا خفیة وصفقوا علی ید شخص وأعلنوه خلیفة؟!

س5: ألا یعنی وجوب مودتهم ، أن الذین حاربوهم منحرفون عن الإسلام ؟!

س6: إذا کان الذین هاجموا بیت فاطمة وعلی(علیهم السّلام) وحاربوهم کعائشة ومعاویة ویزید ، محبین لهم ، فهل کان المشرکون الذین قاتلوا النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کانوا محبین له؟!

ص: 23

لذلک ، لا بد أن یکون المعصومون الذین فرض الله طاعتهم أشخاصاً ، وقد سماهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وهم عترته الذین أوصی بهم(علیهم السّلام) مع القرآن .

فالصحیح ما رواه فی المناقب:1/242: «عن جابر بن عبد الله قال: لما نزل قوله تعالی: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمر مِنْکُمْ ، قلت: یا رسول الله ، فمن أولوا الأمر الذین قرن الله طاعتهم بطاعته ؟ فقال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): هم خلفائی یا جابر وأئمة المسلمین بعدی ، أولهم علی بن أبی طالب ثم الحسن والحسین ثم عد تسعة من ولد الحسین» . راجع المسلک فی أصول الدین للمحقق الحلی/275 .

وفی کفایة الأثر/100: « عن زید بن أرقم قال: سمعت رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قول لعلی: أنت الإمام والخلیفة بعدی ، وابناک سبطای ، وهما سیدا شباب أهل الجنة ، وتسعة من صلب الحسین أئمة معصومون ، ومنهم قائمنا أهل البیت» .

وقال سلیم بن قیس: «سمعت علیاً صلوات الله علیه یقول ، وأتاه رجل فقال له: ما أدنی ما یکون به العبد مؤمناً وأدنی ما یکون به العبد کافراً ، وأدنی ما یکون به العبد ضالاً ؟ فقال له: وأدنی ما یکون به العبد ضالاً أن لا یعرف حجة الله تبارک وتعالی وشاهده علی عباده الذی أمر الله عز وجل بطاعته وفرض ولایته . قلت: یا أمیر المؤمنین صفهم لی ، فقال:

الذین قرنهم الله عز وجل بنفسه ونبیه فقال: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمْر مِنْکُمْ.قلت: یا أمیر المؤمنین جعلنی الله فداک أوضح لی فقال: الذین قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فی آخر خطبته یوم قبضه الله عز وجل إلیه: إنی قد ترکت فیکم أمرین لن تضلوا بعدی ما إن تمسکتم بهما: کتاب الله وعترتی أهل بیتی ، فإن اللطیف الخبیر قد عهد إلی

ص: 25

أنهما لن یفترقا حتی یردا علی الحوض کهاتین ، وجمع بین مسبحتیه ، ولا أقول

کهاتین وجمع بین المسبحة والوسطی ، فتسبق إحداهما الأخری ، فتمسکوا بهما لا تزلوا ولا تضلوا ولا تقدموهم فتضلوا » (الکافی:2/414).

وفی الکافی:2/513: «عن أبی مسروق عن أبی عبد الله (علیه السّلام)قال: قلت: إنا نکلم الناس فنحتج علیهم بقول الله عز وجل: أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمر مِنْکُمْ، فیقولون: نزلت فی امراء السرایا ، فنحتج علیهم بقوله عز وجل : أنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا إلی آخر الآیة ، فیقولون: نزلت فی المؤمنین ، ونحتج علیهم بقول الله عز وجل: قُلْ لا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی، فیقولون: نزلت فی قربی المسلمین ! قال: فلم أدع شیئاً مما حضرنی ذکره من هذه وشبهه إلا ذکرته ، فقال لی إذا کان ذلک فادعهم إلی المباهلة ، قلت: وکیف أصنع؟ قال: أصلح نفسک ثلاثاً وأظنه قال: وصم واغتسل وابرز أنت وهو إلی الجبَّان ، فشبک أصابعک من یدک الیمنی فی أصابعه ، ثم أنصفه وابدأ بنفسک وقل: اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضین السبع، عالم الغیب والشهادة الرحمن الرحیم ، إن کان أبو مسروق جحد حقاً وادعی باطلاً فأنزل علیه حسباناً من السماء أو عذاباً ألیما ً ثم رد الدعوة علیه فقل:وإن کان فلان جحد حقاً وادعی باطلاً فأنزل علیه حسباناً من السماء أو عذاباً ألیماً ! ثم قال لی: فإنک لا تلبث أن تری ذلک فیه . فوالله ما وجدت خلقاً یجیبنی إلیه » !!

أسئلة:

س1: ما رأیکم فی تفسیر الإمام الباقر(علیه السّلام) ، فقد قال برید العجلی « سألت أبا

ص: 26

جعفر(علیه السّلام)عن قول الله عز وجل: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمر مِنْکُمْ ، فکان جوابه: أَلَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیبًا مِنَ الْکِتَابِ یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَیَقُولُونَ لِلَّذِینَ کَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَی مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا سَبِیلاً . یقولون لائمة الضلالة والدعاة إلی النار: هؤلاء أهدی من آل محمد سبیلا !أُولَئِکَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ یَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِیرًا أَمْ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنَ الْمُلْکِ: یعنی الإمامة والخلافة.فَإِذَا لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیرًا: نحن الناس الذین عنی الله ، والنقیر النقطة التی فی وسط النواة.أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَی مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ نحن الناس المحسودون علی ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعین.فَقَدْ آتَیْنَا آلَ إِبْرَاهِیمَ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ وَآتَیْنَاهُمْ مُلْکًا عَظِیمًا. یقول: جعلنا منهم الرسل والأنبیاء والأئمة ، فکیف یُقِرُّون به فی آل إبراهیم(علیه السّلام)وینکرونه فی آل محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَکَفَی بِجَهَنَّمَ سَعِیرًا » (الکافی:1/205).

س2: ما رأیکم فی اعتراف الفخر الرازی بأن آیة: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمر مِنْکُمْ، تدل علی عصمة من أمر الله بطاعتهم بدون شرط ولا قید ، لأنهم لو کانوا یذنبون أو یخطئون لما جاز الأمر بطاعتهم !

وهل یصح أن نقول إنهم مجموع الأمة ، فیکون الأمر لکل الأمة بطاعة نفسها فیما لم تختلف فیه وتجمع علیه ؟!

وروی أحادیثها مجمع الزوائد:10/163، وأولها « عن بریدة قال: قلنا یا رسول الله قد علمنا کیف نسلم علیک ، فکیف نصلی علیک ؟ قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتک ورحمتک وبرکاتک علی محمد وآل محمد ، کما جعلتها علی آل إبراهیم إنک حمید مجید ».

وسمیت الصلاة الابراهیمیة لأنها تجعل آل محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کآل إبراهیم(علیه السّلام) راجع: موطأ مالک:1/165 ، ومسنده/349 ، وکتاب الأم:1/140 ، وصحیح بخاری:4/118 9 و:6/27 و:7/156، ومسلم:2/16 ، وابن ماجة:1/293 ، وأبی داود:1/221 ، والترمذی:5/38 ، والنسائی:3/45 ، وأحمد:4/118 و244 و:5/353 و424 ، والدارمی:1/165 و309، والحاکم:1/268 ، والبیهقی:2/146 و378 ، وکنز العمال:2/266 . وأورد المفسرون عدداً کبیراً منها کالدر المنثور:5/215 ، والفقهاء کالنووی فی المجموع:3/466 ، وابن قدامة فی المغنی:1/580 ، وابن حزم فی المحلی:3/272.

لکن أتباع السلطة لا یطبقون ذلک إلا فی صلاتهم ، وفی غیر الصلاة یحذفون آل محمد من الصلاة علیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، ویضعون بدلهم أصحابه، أو یضیفونهم لهم ! مع أنهم رووا کما فی الشفا:2/64: «عن عمر بن الخطاب رضی الله عنه قال: الدعاء والصلاة معلق بین السماء والأرض فلا یصعد إلی الله منه شئ حتی یصلی علی النبی(ص) ».

أسئلة:

س1: اتفقت مصادرکم علی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) علَّمَ المسلمین صیغة الصلاة علیه وفیها الصلاة علی آله معه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وتسمونها (الصلاة الإبراهیمیة) فهل یجوز إضافة الصحابة فی الصلاة علی النبی ، سواء فی الصلاة أو فی غیرها ؟

س2: الصلاة علی شخص دعاء له بأن یبارک الله علیه ، ونوع من الشهادة بصلاحه فلا تجوز علی الکافر ولا علی المنافق ، ولا علی الناصب المبغض لأهل البیت(علیهم السّلام) ، ولا علی الغالی الذی یزعم أن لمخلوق شیئاً من الشراکة مع الله تعالی! فمن هم أهل البیت الذین یجب تعظیمهم عندکم ، والذین تقرنونهم فی الصلاة بالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

ص: 28

فإن جعلتموهم کل بنی هاشم إلی یوم القیامة ، ففیهم أعداء لله ورسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! فکیف یجوز أن تصلوا علیهم فی صلاتکم وتقرنوهم بسید المرسلین(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

س3: هل توافقونا علی أن أهل البیت وآل محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )مصطلح إسلامی حدده النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بالأسماء والکساء ، بعلی وفاطمة والحسن والحسین ، وتسعة من ذریة الحسین(علیهم السّلام) .أم تصرون علی أنهم بالمعنی اللغوی وهم کل الذریة والأزواج والعشیرة وتصلون علیهم جمیعاً فی صلاتکم ؟!

س4: نحن نصلی علی آل محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بالمصطلح الذی حدده النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وأنتم توسعون آل محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الذین تصلون علیهم ، وذلک یسبب لکم مشکلة عویصة! لأن فیهم أعداء لله ورسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وفیهم قتلة وأشرار ، وملحدون!

س5: ألا یعنی فرض الصلاة علی عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أنهم الأفضل (علیهم السّلام) ! إذ لایعقل أن یأمر الله علی المسلمین الی یوم القیامة بضم أحد الی الصلاة علی رسوله ، ولا یقبل صلاةَ المسلمین علی نبیه إلا بالصلاة علیهم ، ثم لا یکونوا معصومین ؟!

س6: هل یعقل أن یقرن الله العترة بالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی صلاة المسلمین ، ویکون غیرهم المرجع فی الشریعة والحاکم للأمة ؟!

من تمر الصدقة فقال النبی(ص): کخ کخ ، لیطرحها ، وقال: أما شعرت أنا لا نأکل الصدقة ! متفق علیه. قال: ولا لموالیهم: یعنی أن موالی بنی هاشم ، وهم من أعتقهم هاشمی . لا یعطون من الزکاة .

وقال أکثر العلماء یجوز لأنهم لیسوا بقرابة النبی (ص) فلم یمنعوا الصدقة کسائر الناس ، ولأنهم لم یعوضوا عنها بخمس الخمس ، فإنهم لایعطون منه ، فلم یجز أن یحرموها کسائر الناس. لنا: ما روی أبو رافع أن رسول الله (ص) بعث رجلاً من بنی مخزوم علی الصدقة فقال لأبی رافع: إصحبنی کیما تصیب منها ، فقال: لا ، حتی آتی رسول الله(ص)فأسأله ، فانطلق إلی النبی (ص) فسأله فقال:إنا لا تحل لنا الصدقة وإن موالی القوم منهم» أخرجه أبو داود والنسائی والترمذی وقال: حدیث حسن صحیح . ولأنهم ممن یرثهم بنو هاشم بالتعصیب ، فلم یجز دفع الصدقة إلیهم کبنی هاشم .

وقولهم إنهم لیسوا بقرابة . قلنا: هم بمنزلة القرابة بدلیل قول النبی (ص): الولاء لحمة کلحمة النسب . وقوله: موالی القوم منهم .وثبت فیهم حکم القرابة من الإرث والعقل والنفقة، فلا یمتنع ثبوت حکم تحریم الصدقة فیهم» راجع :فتاوی اللجنة الدائمة الوهابیة. جمع الدویش:10/69

ونکتفی من مصادرنا بروایة الکافی:1/540 ، عن الإمام الکاظم(علیه السّلام)قال: «وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم ، دون مساکین الناس وأبناء سبیلهم ، عوضاً لهم من صدقات الناس ، تنزیهاً من الله لقرابتهم برسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وکرامةً من الله لهم عن أوساخ الناس ، فجعل لهم خاصة من عنده ما یغنیهم به عن أن یصیرهم فی موضع الذل والمسکنة. ولا بأس بصدقات بعضهم علی بعض .

وهؤلاء الذین جعل الله لهم الخمس ، هم قرابة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الذین ذکرهم الله

ص: 30

فقال: وَأَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الأَقْرَبِینَ ، وهم بنو عبد المطلب الذکر منهم والأنثی ، لیس فیهم من أهل بیوتات قریش ، ولا من العرب أحد ، ولا فیهم ولا منهم فی هذا الخمس من موالیهم » .

وهذا التکریم من الله تعالی لعترة رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وعشیرته بنی هاشم.لا یشمل نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولا حق لهن فی الخمس لأنهن لا تحرم علیهن الصدقة !

قال ابن حجر فی فتح الباری:3/281:« قال ابن المنیر فی الحاشیة: إنما أورد البخاری هذه الترجمة لیحقق أن الأزواج لا یدخل موالیهن فی الخلاف ، ولا یحرم علیهن الصدقة قولاً واحداً . لئلا یظن الظان أنه لما قال بعض الناس بدخول الأزواج فی الآل أنه یطرد فی موالیهن ، فبین أنه لا یطرد ثم أورد المصنف فی الباب حدیثین... وقال الجمهور یجوز لهم (موالی نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )) لأنهم لیسوا منهم حقیقة ، ولذلک لم یعوضوا بخمس الخمس ومنشأ الخلاف قوله منهم أو من أنفسهم هل یتناول المساواة فی حکم تحریم الصدقة أو لا؟ وحجة الجمهور أنه لا یتناول جمیع الأحکام فلا دلیل فیه علی تحریم الصدقة ، لکنه ورد علی سبب الصدقة وقد اتفقوا علی أنه لا یخرج السبب وإن اختلفوا هل یخص به أو لا ویمکن أن یستدل لهم بحدیث الباب ، لأنه یدل علی جوازها لموالی الأزواج وقد تقدم أن الأزواج لیسوا فی ذلک من جملة الآل فموالیهم أحری بذلک » !

وقال الشوکانی فی نیل الأوطار:4/243:«عن أم عطیة قالت: بعث إلی رسول الله بشاة من الصدقة فبعثت إلی عائشة منها بشئ ، فلما جاء رسول الله قال: هل عندکم من شئ؟ فقالت: لا ، إلا أن نسیبة بعثت إلینا من الشاة التی بعثتم بها إلیها ، فقال: إنها قد بلغت محلها ! متفق علیه..وذکر ابن المنیر أنها لاتحرم

ص: 31

الصدقة علی الأزواج ، قولا واحداً ». انتهی.

وقد حبست الحکومات الخمس عن بنی هاشم ، ففی جامع أحادیث الشیعة (8/622) ، عن الإمام الصادق(علیه السّلام)قال: « لما ولیَ أبو بکر قال له عمر: إن الناس عبید هذه الدنیا لا یریدون غیرها ، فامنع عن علی الخمس والفئ وفدکاً ، فإن شیعته إذا علموا ذلک ترکوا علیاً رغبة فی الدنیا.

وفیه: أن الإمام الصادق(علیه السّلام)سأل أحدهم:«ما تقول قریش فی الخمس؟ قال قلت تزعم أنه لها . قال(علیه السّلام): ما أنصفونا والله ! لو کان مباهلة لتباهلن بنا ولئن کان مبارزة لتبارزن بنا ، ثم یکونوا هم وعلیٌّ سواء» !

أسئلة:

س1: کیف تفسرون هذا التمییز للعترة وکل بنی هاشم بمالیة خاصة ، تبلغ فی عصرنا الملایین بل الملیارات ، ویکفی أن نأخذ منها خمس النفط والمعادن!

فهل یعقل أن الله میز قوماً بمیزانیة دون أن یکون علیهم واجب هدایة الأمة وإدارتها وتحقیق توازن الثروة فی المجتمع الإسلامی ، فهو نوع من الملکیة ، غیر الملکیة الفردیة لعامة المسلمین ، وغیر الملکیة العامة لکل المسلمین ؟!

س2: ألیس فی هذا الحکم الفقهی المجمع علیه عند أتباع المذاهب السنیة دلیلاً علی أن نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) لسن من أهل بیته، لأن الصدقة لاتحرم علیهن !

وکیف تفسرون أن یقول الله تعالی: هذه الأوساخ حرام علی آل محمد ، لکن فلتأکل منها عائشة وأبوها ، وحفصة وأبوها ، فکیف یکونون أفضل من آل محمد ؟!

س3: إذا سألک شخص غیر مسلم: ألیس من الطبقیة أن یجعل الله مالیة خاصة لعترة النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )وکل عشیرته (بنی هاشم) ثم یصرح النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأن مالیة الدولة من

ص: 32

الزکوات وغیرها أوساخ الناس وأن الله نزهه وعشیرته عنها !

وبماذا تجیب عن أخذه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )التمرة من فم حفیده الإمام الحسن(علیه السّلام)وقوله: (کخ کخ) ! فهل ترفض ذلک لأنه طبقیة ، أم تقبل أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وآله(علیهم السّلام) طبقة فوق الناس وتعتقد أن ذلک ضرورة للناس ؟!

س4: لماذا منع الحکام بنی هاشم من الخمس الذی فرضه الله لهم؟ففی مسند أبی یعلی:4/423: «کتب نجدة الحروری إلی ابن عباس یسأله عن سهم ذی القربی لمن هو؟ وعن قتل الولدان ، ویذکر فی کتابه أن العالم صاحب موسی قد قتل الغلام ، وعن النساء هل کن یحضرن الحرب مع رسول الله (ص) وهل کان یضرب لهن بسهم؟ قال یزید فکتب إلیه کتبت تسألنی عن سهم ذی القربی لمن هو ، هو لنا أهل البیت ، وقد کان عمر بن الخطاب دعانا إلی أن ینکح منه أیمنا ویخدم منه عائلنا ویقضی منه عن غارمنا فأبینا إلا أن یسلمه إلینا وأبی ذلک فترکناه » !

وفی کتاب الأم:4/272 ، عن ابن عباس: « هو لنا ، فأبی ذلک علینا قومنا فصبرنا علیه » ومسند الشافعی/319، وسنن البیهقی:9/22، وتفسیر العیاشی:2/61.

الذین حددهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) تحدیداً حسیاً بالکساء والأسماء ، فعرفوا باسم (أهل الکساء) وهم: علی وفاطمة والحسن والحسین وتسعة من ذریة الحسین(علیهم السّلام) .

فقد روی أحمد فی مسنده(6/323) عن أم سلمة أن رسول الله (ص) قال لفاطمة: إئتینی بزوجک وابنیک فجاءت بهم ، فألقی علیهم کساءً فدکیاً ، قال ثم وضع یده علیهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد ! فاجعل صلواتک وبرکاتک علی محمد وعلی آل محمد ، إنک حمید مجید . قالت أم سلمة: فرفعت الکساء لأدخل معهم ، فجذبه من یدی وقال: إنک علی خیر » !

ولهذه الوصیة النبویة لوازم عدیدة ، ودلالات بلیغة ، لایتسع المجال لاستیفائها ، وتأیید کل واحدة منها بالقرآن والسنة .

نذکر منها: أن القرآن معصوم: لایَأْتِیهِ

الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَکِیمٍ حَمِیدٍ (فُصِّلَتْ:42) فکذلک العترة معصومون ، لأنهم عدلاء القرآن.

ومنها: وجوب أخذ القرآن والسنة من العترة(علیهم السّلام) ، لأن أی وصیة بعلماء وکتاب ، تعنی أنهم الأمناء علی الکتاب ، فیجب أخذ نصه وتفسیره منهم.

ومنها: أن العترة(علیهم السّلام) أفضل الأمة وأعلمها ، فلو کان فی الأمة أفضل منهم أو أعلم منهم ، أو کان سیوجد فیها أعلم منهم ، لما صح الأمر بالرجوع الیهم .

ومنها: أنهم(علیهم السّلام) أئمة الأمة والحکام علیها ، فلا یجوز لمن أمره الله ورسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بطاعتهم ، أن یتأمر علیهم .

ومنها: أنهم الأئمة الإثنا عشر الربانیین الذین بشر بهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی أحادیثه.فلو کان المبشر بهم غیرهم لما ترکهم واوصی بهؤلاء !

ومنها: أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )سیسأل المسلم عن عمله بوصیته ، فإن لم یعمل بها لم

ص: 34

یقبله فی أمته! فقد قال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):«وإنی سائلکم حین تردون علیَّ عن الثقلین فانظروا کیف تخلفونی فیهما». (کفایة الأثر/91)

أسئلة:

س1: هل توافقون علی دلالات حدیث الثقلین التی ذکرناها ؟!

س2: أین صارت وصیة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعترته من وفاته الی الیوم ؟ وما بال الحکومات عزلتهم وأبعدتهم وعزلتهم بدل أن تطیعهم وتتبعهم ، وأعرضت عنهم ولم تتلق منهم القرآن والإسلام ، بل أخذته من صحابة ورواة یتبعون السلطة ، ولیس عندهم علمهم ولا تقواهم ؟!

س3: أجمعت الأمة علی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أوصی أمته بالقرآن والعترة ، وبشرها باثنی عشر إماماً ، فهل یعقل أن یکون هؤلاء الأئمة من غیر عترته الذین أوصی بهم ؟!

س4: لم یصح حدیث فی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أوصی بالقرآن والسنة ، ولو صح لکان حدیث وصیته بالعترة حاکماً علیه ، لأن معناه: خذوا القرآن والسنة من العترة !

روی ذلک البخاری فی ست مواضع ، منها:1/36: «عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبی وجعه قال: إئتونی بکتاب أکتب لکم کتاباً لا تضلوا بعده . قال عمر: إن النبی غلبه الوجع وعندنا کتاب الله حسبنا ! فاختلفواوکثر اللغط ! قال(ص): قوموا عنی ولاینبغی عندی التنازع!! فخرج ابن عباس یقول: إن الرزیئة کل الرزیئة ما حال بین رسول الله وبین کتابه» . «فلما أکثروا اللغو والإختلاف قال رسول الله(ص): قوموا»!

وفی مسلم:5/75: «عن ابن عباس أنه قال: یوم الخمیس وما یوم الخمیس ! ثم جعل تسیل دموعه حتی رأیت علی خدیه کأنها نظام اللؤلؤ ! قال: قال رسول الله (ص): إئتونی بالکتف والدواة أکتب لکم کتاباً لن تضلوا بعده أبداً ، فقالوا: إن رسول الله یهجر ! وفی روایة أخری: فقال عمر: إن رسول الله قد غلب علیه الوجع ، وعندکم القرآن ، حسبنا کتاب الله » .

وفی مسند أحمد:3/346: « دعا عند موته بصحیفة لیکتب فیها کتاباً لایضلون بعده قال فخالف علیها عمر بن الخطاب حتی رفضها » !

وفی مجمع الزوائد:9/33:«عن عمر بن الخطاب قال: لما مرض النبی قال: أدعوا لی بصحیفة ودواة أکتب کتاباً لاتضلون بعدی أبداً ، فکرهنا ذلک أشد الکراهة ! ثم قال: أدعوا لی بصحیفة أکتب لکم کتاباً لا تضلون بعده أبداً !

فقال النسوة من وراء الستر: ألاتسمعون ما یقول رسول الله ؟ فقلت: إنکن صواحبات یوسف إذا مرض رسول الله عصرتن أعینکن ، وإذا صح رکبتن رقبته ! فقال رسول الله(ص): دعوهن فإنهن خیر منکم» !

وهذه شهادة من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بروایة عمر بأن نساءه اللواتی طالبنَ بإطاعته فی أن یکتب عهده ، خیر من صحابته الذین رفضوا ذلک !

ص: 36

2- روی الجمیع أن أول محکمة تقام یوم القیامة ، تکون لمحاکمة خصوم علی(علیه السّلام) والأخذ بحقه! ففی صحیح بخاری (5/6):« عن علی بن أبی طالب رضی الله عنه أنه قال: أنا أول من یجثو بین یدی الرحمن للخصومة یوم القیامة»!

وفی روایة الحاکم(2/386):« یجثو للخصومة علی رکبتیه بین یدی الله یوم القیامة» . وقال رواة السلطة إن خصومته تکون مع من قتلهم فی بدر ! لکن لا یصح ذلک ، لأن مبارزة المشرکین لا خصومة فیها حتی تحتاج الی محکمة .

وفی أمالی المفید/289 ، أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال لعلی(علیه السّلام)فی حدیثه عن المستقبل: « فکیف صبرک إذا خضبت هذه من هذا ، وأومی إلی رأسی ولحیتی؟! فقلت: یا رسول الله ، أما إذ بینت لی ما بینت ، فلیس بموطن صبر ، لکنه موطن بشری وشکر ! فقال: أجل فأعدَّ للخصومة فإنک مخاصمٌ أمتی ! قلت: یا رسول الله أرشدنی الفلج ، قال: إذا رأیت قوماً قد عدلوا عن الهدی إلی الضلال فخاصمهم ، فإن الهدی من الله والضلال من الشیطان . یا علی إن الهدی هو اتباع أمر الله دون الهوی والرأی . وکأنک بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات، واستحلوا الخمر بالنبیذ ، والبخس بالزکاة والسحت بالهدیة . قلت: یا رسول الله فما هم إذا فعلوا ذلک ، أهم أهل ردة أم أهل فتنة؟ قال: هم أهل فتنة یعمهون فیها إلی أن یدرکهم العدل . فقلت: یا رسول الله العدل منا أم من غیرنا ؟ فقال: بل منا بنا یفتح الله ، وبنا یختم ، وبنا ألف الله بین القلوب بعد الشرک ، وبنا یؤلف الله بین القلوب بعد الفتنة . فقلت: الحمد لله علی ما وهب لنا من فضله».

3- روی الجمیع إخبار النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عن مأساة عترته وأهل بیته(علیهم السّلام) بعده ، وبکاءه لذلک مراراً ، بدموع غزیرة ! فعن عبد الله بن مسعود:« أتینا رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فخرج إلینا مستبشراً یعرف السرور فی وجهه فما سألناه عن شئ إلا أخبرنا به ،

ص: 37

ولا سکتنا إلا ابتدأنا ، حتی مرت فتیة من بنی هاشم ، فیهم الحسن والحسین ، فلما رآهم التزمهم وانهملت عیناه ، فقلنا: یارسول الله ما نزال نری فی وجهک شیئاً نکرهه! (أی عندما تری الحسنین) قال: إنا أهل بیت اختار الله لنا الآخرة علی الدنیا ، وإن أهل بیتی هؤلاء سیقلون بعدی بلاء وتطریداً وتشریداً ، حتی یأتی قوم من ها هنا من نحو المشرق أصحاب رایات سود ، یسألون الحق فلا یعطونه مرتین أو ثلاثاً ، فیقاتلون فینصرون فیعطون ما سألوا فلا یقبلوه حتی یدفعوها إلی رجل من أهل بیتی ، فیملؤها عدلا کما ملؤوها ظلماً ».رواه ابن حماد والحاکم (4/464) وصححه ، وابن حبان وصححه ، وابن شیبة ، وغیرهم . راجع مصادره وطرقه وألفاظه فی معجم أحادیث الإمام المهدی:1/381.

وفی أمالی الصدوق/175: «عن ابن عباس قال: إن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان جالساً ذات یوم إذ أقبل الحسن ، فلما رآه بکی ثم قال: إلیَّ یا بنی ، فما زال یدنیه حتی أجلسه علی فخذه الیمنی ، ثم أقبل الحسین فلما رآه بکی ، ثم قال: إلی یا بنی ، فما زال یدنیه حتی أجلسه علی فخذه الیسری . ثم أقبلت فاطمة فلما رآها بکی ثم قال: إلیَّ یا بنیة فأجلسها بین یدیه . ثم أقبل أمیر المؤمنین فلما رآه بکی ثم قال: إلیَّ یا أخی ، فما زال یدنیه حتی أجلسه إلی جنبه الأیمن فقال له أصحابه: یا رسول الله ، ما تری واحداً من هؤلاء إلا بکیت أوَما فیهم من تُسَرُّ برؤیته ! فقال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): والذی بعثنی بالنبوة واصطفانی علی جمیع البریة ، إنی وإیاهم لأکرم الخلق علی الله عز وجل ، وما علی وجه الأرض نسمة أحب إلی منهم!

أما علی بن أبی طالب فإنه أخی وشقیقی وصاحب الأمر بعدی ، وصاحب لوائی فی الدنیا والآخرة ، وصاحب حوضی وشفاعتی ، وهو مولی کل مسلم ، وإمام کل مؤمن ، وقائد کل تقی ، وهو وصیی وخلیفتی علی أهلی وأمتی فی

ص: 38

حیاتی وبعد مماتی . محبه محبی ومبغضه مبغضی، وبولایته صارت أمتی مرحومة وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة! وإنی بکیت حین أقبل لأنی ذکرت غدر الأمة به بعدی ، حتی إنه لیزال عن مقعدی وقد جعله الله له بعدی ، ثم لا یزال الأمر به حتی یضرب علی قرنه ضربة تخضب منها لحیته فی أفضل الشهور شهر رمضان، الذی أنزل فیه القرآن هدی للناس وبینات من الهدی والفرقان.

وأما ابنتی فاطمة فإنها سیدة نساء العالمین من الأولین والآخرین ، وهی بضعة منی ، وهی نور عینی ، وهی ثمرة فؤادی، وهی روحی التی بین جنبیّ. وهی الحوراء الإنسیة ، متی قامت فی محرابها بین یدی ربها جل جلاله ، زهر نورها لملائکة السماء کما یزهر نور الکواکب لأهل الأرض ، ویقول الله عز وجل لملائکته: یا ملائکتی أنظروا إلی أمتی فاطمة سیدة إمائی ، قائمة بین یدی ترتعد فرائصها من خیفتی ، وقد أقبلت بقلبها علی عبادتی ، أشهدکم أنی قد أمنت شیعتها من النار !

وإنی لما رأیتها ذکرت ما یصنع بها بعدی ! کأنی بها وقد دخل الذل بیتها ، وانتهکت حرمتها ، وغصبت حقها ، ومنعت إرثها ، وکسر جنبها ، وأسقطت جنینها وهی تنادی: یا محمداه فلا تجاب ، وتستغیث فلا تغاث ! فلا تزال بعدی محزونة مکروبة باکیة ، تتذکر انقطاع الوحی عن بیتها مرة ، وتتذکر فراقی أخری ، وتستوحش إذا جنها اللیل لفقد صوتی الذی کانت تستمع إلیه إذا تهجدت بالقرآن ، ثم تری نفسها ذلیلة بعد أن کانت فی أیام أبیها عزیزة ، فعند ذلک یؤنسها الله تعالی ذکره بالملائکة ، فنادتها بما نادت به مریم بنت عمران ، فتقول: یا فاطمة: إِنَّ اللهَ اصْطَفَاکِ وَطَهَّرَکِ وَاصْطَفَاکِ عَلَی نِسَاءِ الْعَالَمِینَ . یا فاطمة: اقْنُتِی لِرَبِّکِ وَاسْجُدِی وَارْکَعِی مَعَ الرَّاکِعِینَ .

ص: 39

ثم یبتدئ بها الوجع فتمرض ، فیبعث الله عز وجل إلیها مریم بنت عمران تمرضها وتؤنسها فی علتها، فتقول عند ذلک: یا رب إنی قد سئمت الحیاة وتبرمت بأهل الدنیا فألحقنی بأبی ، فیلحقها الله عز وجل بی ، فتکون أول من یلحقنی من أهل بیتی ، فتقدم علی محزونة مکروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ، فأقول عند ذلک: اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وأذلَّ من أذلها وخلد فی نارک من ضرب جنبها حتی ألقت ولدها ، فتقول الملائکة عند ذلک: آمین .

وأما الحسن فإنه ابنی وولدی ، ومنی ، وقرة عینی ، وضیاء قلبی ، وثمرة فؤادی ، وهو سید شباب أهل الجنة وحجة الله علی الأمة ، أمره أمری ، وقوله قولی ، من تبعه فإنه منی ومن عصاه فلیس منی ، وإنی لما نظرت إلیه تذکرت ما یجری علیه من الذل بعدی ، فلا یزال الأمر به حتی یقتل بالسم ظلماً وعدواناً فعند ذلک تبکی الملائکة والسبع الشداد لموته ، ویبکیه کل شئ حتی الطیر فی جو السماء والحیتان فی جوف الماء ، فمن بکاه لم تعم عینه یوم تعمی العیون ، ومن حزن علیه لم یحزن قلبه یوم تحزن القلوب ، ومن زاره فی بقیعه ثبتت قدمه علی الصراط یوم تزل فیه الأقدام .

وأما الحسین فإنه منی ، وهو ابنی وولدی ، وخیر الخلق بعد أخیه ، وهو إمام المسلمین ومولی المؤمنین ، وخلیفة رب العالمین ، وغیاث المستغیثین ، وکهف المستجیرین وحجة الله علی خلقه أجمعین ، وهو سید شباب أهل الجنة ، وباب نجاة الأمة ، أمره أمری وطاعته طاعتی ، من تبعه فإنه منی ومن عصاه فلیس منی ، وإنی لما رأیته تذکرت ما یصنع به بعدی ، کأنی به وقد استجار بحرمی وقبری فلا یجار ، فأضمه فی منامه إلی صدری ، وآمره بالرحلة علی دار هجرتی

ص: 40

وأبشره بالشهادة ، فیرتحل عنها إلی أرض مقتله ، وموضع مصرعه ، أرض کرب وبلاء وقتل وفناء ، تنصره عصابة من المسلمین ، أولئک من سادة شهداء أمتی یوم القیامة ، کأنی أنظر إلیه وقد رمیَ بسهم فخرَّ عن فرسه

صریعاً ، ثم یذبح کما یذبح الکبش مظلوماً !

ثم بکی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وبکی من حوله وارتفعت أصواتهم بالضجیج ، ثم قام وهو یقول: اللهم إنی أشکو إلیک ما یلقی أهل بیتی بعدی، ثم دخل منزله »!

وفی الروضة/140، عن سلیم بن قیس قال: «لما قتل الحسین(علیه السّلام)بکی ابن عباس بکاء شدیداً ثم قال:ما لقیت عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من هذه الأمة بعد نبیها ؟! اللهم إنی أشهدک أنی لعلی ولیٌّ ولولده ولیٌّ ، ولأعدائهم عدو ، وأنی مسلِّم لأمرهم .

ولقد دخلت علی ابن عم رسول الله بذی قار ، قال: فأخرج لی صحیفة أملاها رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وخطها بیده فقلت: یا أمیر المؤمنین إقرأها علیَّ ، فقرأها وإذا فیها کل شئ ، منذ قبض رسول الله إلی یوم قتل الحسین ، ومن یقتله ومن ینصره ومن یستشهد معه ، وبکی بکاء شدیداً وأبکانی ، وکان فیما قرأه: کیف یصنع به وکیف تستشهد معه فاطمة ، وکیف یستشهد الحسن ، وکیف تغدر به الأمة.! فلما قرأ مقتل الحسین و من یقتله ، أکثر البکاء وأدرج الصحیفة وفیها ما کان أو یکون إلی یوم القیامة !

وکان فیما قرأه أمر أبی بکر وعمر وعثمان ، وکم یملک کل انسان منهم ، وکیف بویع علی بن أبی طالب ، ووقعة الجمل ومسیر طلحة وعائشة والزبیر، ووقعة صفین ومن یقتل بها ، ووقعة النهروان وأمر الحکمین ، وملک معاویة ومن یقتل من الشیعة وما یصنع الناس بالحسن ، وأمر یزید بن معاویة ، حتی

ص: 41

انتهی إلی مقتل الحسین ، فسمعت ذلک !

ثم کان کلما قرأ لم یزد ولم ینقص ، ورأیت خطه فی الصحیفة لم یتغیر ولم یظفر، فلما أدرج الصحیفة قلت: یا أمیر المؤمنین ، لو کنت قرأت علیَّ بقیة هذه الصحیفة ، قال: لا ، ولکنی محدثک بما یسعنی ، فیها ما یلقی أهل بیتی من أهل بیتک وولدک من أمر فظیع ، من قتلهم لنا وعداوتهم ، وسوء ملکهم وقدرتهم ، أکره أن تسمعه فتغتم !

ولکنی أحدثک بأن رسول الله عند موته أخذ بیدی ففتح لی ألف باب من العلم ، وفتح لکل باب ألف باب ، وأبو بکر وعمر ینظرون بما قال لی ، فحرکا أیدیهما ثم حکیا قولی ، ثم ولَّیا یرددان قولی ویخطران بأیدیهما !

فقال: یا بن عباس إن ملک بنی أمیة إذا زال ، أول ما یملک من بنی هاشم وُلْدک فیفعلون الأفاعیل! فقال ابن عباس: یکون نسخی ذلک الکتاب أحب إلیَّ مما طلعت علیه الشمس ».

5- لم تلق عترة نبی من أمته طول التاریخ ما لقیت عترة نبینا(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

ففی دعاء الندبة لهم ولغیاب الإمام المهدی:« اللهم لک الحمد علی ما جری به قضاؤک فی أولیائک ، الذین استخلصتهم لنفسک ودینک ، إذا اخترت لهم جزیل ما عندک من النعیم المقیم ، الذی لا زوال له ولا اضمحلال بعد أن شرطت علیهم الزهد فی درجات هذه الدنیا الدنیة وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لک ذلک ، وعلمت منهم الوفاء به فقبلتهم وقربتهم ، وقدمت لهم الذکر العلی والثناء الجلی ، وأهبطت علیهم ملائکتک ، وأکرمتهم بوحیک ، ورفدتهم بعلمک ، وجعلتهم الذرائع إلیک ، والوسیلة إلی رضوانک .

ص: 42

فبعض أسکنته جنتک إلی أن أخرجته منها . وبعض حملته فی فلکک ونجیته ومن آمن معه من الهلکة برحمتک . وبعض اتخذته خلیلاً ، وسألک لسان صدق فی الآخرین فأجبته وجعلت ذلک علیاً . وبعض کلمته من شجرة تکلیماً وجعلت له من أخیه ردءاً ووزیراً .

وبعض أولدته من غیر أب ، وآتیته البینات ، وأیدته بروح القدس . وکلاً شرعت له شریعة ونهجت له منهاجاً ، وتخیرت له أوصیاء مستحفظاً بعد مستحفظ ، من مدة إلی مدة ، إقامةً لدینک وحجة علی عبادک ، ولئلا یزول الحق عن مقره ویغلب الباطل علی أهله ، ولا یقول أحد: لولا أرسلت إلینا رسولا منذراً ، وأقمت لنا علماً هادیاً ، فَنَتَّبِعَ آیَاتِکَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَی.

إلی أن انتهیت بالأمر إلی حبیبک ونجیبک محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فکان کما انتجبته ، سید من خلقته ، وصفوة من اصطفیته ، وأفضل من اجتبیته وأکرم من اعتمدته ، قدمته علی أنبیائک ، وبعثته إلی الثقلین من عبادک ، وأوطأته مشارقک ومغاربک وسخرت له البراق وعرجت به إلی سمائک ، وأودعته علم ما کان وما یکون إلی انقضاء خلقک .

فعلی الأطائب من أهل بیت محمد وعلیٍّ صلی الله علیهما وآلهما، فلیبک الباکون وإیاهم فلیندب النادبون ، ولمثلهم فلتذرف الدموع ، ولیصرخ الصارخون ، ویضج الضاجون ، ویعج العاجون !

أین الحسن ، أین الحسین ، أین أبناء الحسین ، صالحٌ بعد صالح ، وصادقٌ بعد صادق . أین السبیل بعد السبیل ، أین الخیرة بعد الخیرة ، أین الشموس الطالعة ، أین الأقمار المنیرة ، أین الأنجم الزاهرة ، أین أعلام الدین ، وقواعد العلم !

ص: 43

أین بقیة الله التی لا تخلو من العترة الطاهرة ، أین المعد لقطع دابر الظلمة ، أین المنتظر لإقامة الأمْتِ والعِوج ، أین المرتجی لإزالة الجور والعدوان ، أین المدخر لتجدید الفرائض والسنن ، أین المتخیَّر لإعادة الملة والشریعة ، أین المؤمل لإحیاء الکتاب وحدوده ، أین محیی معالم الدین وأهله ، أین قاصم شوکة المعتدین ، أین هادم أبنیة الشرک

والنفاق... اللهم أقم به الحق ، وادحض به الباطل، وأدلْ به أولیاءک، وأذلل به أعداءک ».(إقبال الأعمال:1/504).

أسئلة:

س1: معنی أول قضیة تعرض فی محکمة الله تعالی یوم القیامة ، أنها ممیزة فی موضوعها أو صاحبها أو کلیهما ! فما هی المیزة التی أوجبت أن تکون قضیة علی(علیه السّلام)عند الله تعالی أهم ظلامة وقعت فی تاریخ الأرض؟

س2: روت مصادرکم أحادیث صحیحة فی إخبار النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عن ظلامة أهل بیته بعده کقوله: «إن أهل بیتی هؤلاء سیقلون بعدی بلاء وتطریداً وتشریداً.. إنکم ستبتلون فی أهل بیتی.. الله الله فی أهل بیتی » ! کما رویتم أنه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أخبر عن قتل ولده الحسین(علیه السّلام)وبکی ، فهل کان ذلک مجرد إخبار بما یحدث ، أم تحذیراً للأمة من الإنحراف وظلم العترة ؟!

س3: من الذی ارتکب ظلم عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وما هو الموقف الواجب تجاهه ؟! وما معنی لعن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لمن استحل حرمة عترته ؟!

س4: ألا تکفی ظاهرة تقتیل عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )والأئمة من أهل بیته(علیهم السّلام) ، دلیلاً علی انحراف الأمة عن الخط النبوی ؟!

س5: ما قولکم فی شهادة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)بقوله:« قد عملت الولاة قبلی أعمالاً خالفوا فیها رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )متعمدین لخلافه ، ناقضین لعهده ، مغیرین لسنته ! ولو

ص: 44

حملت الناس علی ترکها وحولتها إلی مواضعها وإلی ما کانت فی عهد رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )لتفرق عنی جندی حتی أبقی وحدی أو قلیل من شیعتی الذین عرفوا فضلی وفرض إمامتی من کتاب الله عز وجل وسنة رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ! أرأیتم لو أمرت بمقام إبراهیم(علیه السّلام)فرددته إلی الموضع الذی وضعه فیه رسول الله؟ ورددت فدک إلی ورثة فاطمة؟ ورددت صاع رسول کما کان؟ وأمضیت قطائع أقطعها رسول الله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ؟! ما لقیتُ من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلی النار... وأعطیت من ذلک سهم ذی القربی الذی قال الله عز وجل: إِنْ کُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَی عَبْدِنَا یَوْمَ الْفُرْقَانِ یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعَانِ . فنحن والله عنی بذی القربی الذی قرننا الله بنفسه وبرسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقال تعالی: فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَی وَالْیَتَامَی وَالْمَسَاکِینِ وَابْنِ السَّبِیلِ (فینا خاصة)کَیْ لایَکُونَ دُولَةً بَیْنَ الأَغْنِیَاءِ مِنْکُمْ . وَمَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِیدُ الْعِقَابِ . وَمَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ (فی ظلم آل محمد) إِنَّ اللهَ شَدِیدُ الْعِقَابِ لمن ظلمهم . رحمة منه لنا وغنی أغنانا الله به ووصی به نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولم یجعل لنا فی سهم الصدقة نصیباً . أکرم الله رسوله وأکرمنا أهل البیت أن یطعمنا من أوساخ الناس ، فکذبوا الله وکذبوا رسوله وجحدوا کتاب الله الناطق بحقنا ومنعونا فرضاً فرضه الله لنا ! ما لقی أهل بیت نبی من أمته ما لقینا بعد نبینا(صلّی الله علیه و آله وسلّم )والله المستعان علی من ظلمنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم» . (الکافی:8/59) ؟!

ص: 45

وفی کتاب سُلیم/485:«لما ثقل رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )دخلنا علیه فقال للناس: أخلوا لی عن أهل البیت. فقام الناس وقمت معهم ، فقال: أقعد یا سلمان إنک منا أهل البیت . فحمد الله وأثنی علیه ثم قال: یا بنی عبد مناف ، أعبدوا الله ولا تشرکوا به شیئاً فإنه لو قد أذن لی بالسجود (للشفاعة یوم القیامة) لم أوثر علیکم أحداً .

إنی رأیت علی منبری هذا اثنی عشر کلهم من قریش ، رجلین من ولد حرب بن أمیة وعشرة من ولد العاص بن أمیة ، کلهم ضال مضل،یردُّون أمتی عن الصراط القهقری . ثم قال للعباس: أما إن هلکتهم علی یدی ولدک . ثم قال: فاتقوا الله فی عترتی أهل بیتی، فإن الدنیا لم تدم لأحد قبلنا ولا تبقی لنا ولا تدوم لأحد بعدنا . ثم قال لعلی(علیه السّلام): دولة الحق أبرُّ الدول ، أما إنکم ستملکون بعدهم بالیوم یومین وبالشهر شهرین وبالسنة سنتین ! ثم قال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): ستة لعنهم الله فی کتابه: الزائد فی کتاب الله ، والمکذب بقدر الله ، والمستحل من عترتی ما حرم الله ، والتارک لسنتی ، والمستأثر علی المسلمین بفیئهم ، والمتسلط بالجبروت لیذل من أعز الله ویعز من أذل الله». ومناقب أمیر المؤمنین لمحمد بن سلیمان:2/171.

وفی أمالی الطوسی/164:«قال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): حرمت الجنة علی من ظلم أهل بیتی وقاتلهم وعلی المعترض علیهم والساب لهم ، أُولَئِکَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الآخِرَةِ وَلا یُکَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَلا یُزَکِّیهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ» .

وفی کمال الدین/520 ، من أجوبة الإمام المهدی(علیه السّلام):«فقد قال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): المستحل من عترتی ما حرم الله ملعون علی لسانی ولسان کل نبی . فمن ظلمنا کان من جملة الظالمین ، وکانت لعنة الله علیه لقوله تعالی: أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَی الظَّالِمِینَ».

ص: 47

وفی کامل الزیارات/332، عن الإمام الباقر(علیه السّلام)فی زیارة عاشوراء: «اللهم خُصَّ أنت أول ظالم ظلم آل نبیک باللعن، ثم العن أعداء آل محمد من الأولین والآخرین». ومصباح المتهجد/774 ، ومزار الشهید الأول/180، ومصباح الکفعمی/483

وروته مصادر السنة ، ففی المعرفة/96 للحاکم ، عن ابن عمر قال: « قال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): یا عبد الله أتانی ملک فقال: یا محمد وأسأل من أرسلنا من قبلک من رسلنا علی مَ بعثوا؟ قال قلت: علی مَ بعثوا ؟ قال علی ولایتک وولایة علی بن أبی طالب» ! وقال الحاکم: ولم نکتبه إلا عن بن مظفر ، وهو عندنا حافظ ثقة مأمون » .

أقول:لعل تفاوت عدد الملعونین ، حسب المناسبة التی قاله النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فیها .

أما لعن الأنبیاء السابقین(علیهم السّلام) لظالمی عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، فیدل علی أن الله تعالی عرَّفهم ما یجری علیهم ، عندما أخذ میثاقهم علی ولایة نبینا(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وولایتهم(علیهم السّلام) .

وقد روت مصادرهم عن أبی هریرة أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال:«لما أسری بی لیلة المعراج اجتمع علیَّ الأنبیاء فی السماء فأوحی الله إلی: سلهم یا محمد بماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا علی شهادة أن لا إله إلا الله ، وعلی الإقرار بنبوتک والولایة لعلی بن أبی طالب».وخصائص الوحی المبین/170 عن الإستیعاب وأبی نعیم .والطرائف/101 ، عن أبی نعیم وینابیع المودة:2/246، عن أبی هریرة. ونهج الحق/183، عن ابن عبد البر .والصراط المستقیم:1/181 عن الثعلبی ، والکشاف:4/94 والکنجی فی کفایة الطالب/136.ونفحات الأزهار:5/260، و:16/366 ، وبحث روایته وسنده عندهم ، وردَّ فی:20/392، و396، علی ابن تیمیة حیث أنکر وجوده !

أسئلة:

س1: بماذا تفسرون مظلومیة علی بن أبی طالب(علیه السّلام)وأهل بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

س2: صحح علماء السنة أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعن:« المستحل من عترتی ما حرم الله» فعلی

ص: 48

مَ یدل ذلک ؟

س3: ما علاقة الأنبیاء السابقین(علیهم السّلام) بعترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حتی یلعنوا من استحل منهم ما حرم الله ؟!

س4: هل توافق علی تعریف المناوی للفعل الذی یُدخل صاحبه فی لعنة الأنبیاء(علیهم السّلام) :«من إیذائهم أو ترک تعظیمهم ، فإن اعتقد حله فکافر ، وإلا فمذنب» . فهل یستحق من آذی أحداً من بنی هاشم هذا اللعن ؟ أم هو حکم خاص بالعترة ، وهم عندنا أصحاب الکساء وتسعة من ذریة الحسین(علیهم السّلام) ؟

س5: ما معنی من اعتقد حلیة إیذائهم فهو کافر ، وإلا فهو مذنب ؟

س6: ما معنی ترک تعظیم أهل البیت(علیهم السّلام) ، وهل یعتبر ذکرهم بدون الترضی علیهم کمن یقول علی وفاطمة وحسن وحسین ، ترکاً لتعظیمهم یستحق صاحبه لعنة الأنبیاء(علیهم السّلام) ؟

س7: هل تشمل لعنة الزائد فی کتاب الله تعالی کل من زاد فیه أو نقص حروفاً أو کلمات ، وهل تشمل قراءات عمر بن الخطاب التی رواها البخاری: غیر المغضوب علیهم وغیر الضالین.. فامضوا الی ذکر الله..الحی القیام؟ (البخاری:6/63و73 ، وفتح الباری:8/122) وهل تشمل من نقص البسملة ، أو المعوذتین ، فأنکر أنها من القرآن ؟

س8: ورد فی نصوص الحدیث: « حُرِّمَت الجنة علی من ظلم أهل بیتی وآذانی فی عترتی» . فهل تطبقون علیهم قوله تعالی: إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِی الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِینا (الأحزاب:57) علی کل من آذی أهل بیت النبی ؟ وما رأیکم بمن یحب ظالمی العترة ، ویتخذهم أولیاء وقادة وسادة وأئمة ؟!

س9: یعترض بعضهم علی لعن الشیعة لظالمی أهل البت(علیهم السّلام) بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یکن لعاناً وقد نهانا عن اللعن ! لکنهم یروون أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعن کثیرین حتی فی صلاته

ص: 49

ولعن بشکل خاص من استحل حرمة عترته وأهل بیته(علیهم السّلام) ! ثم یروون أنه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی آخر ساعة من حیاته لعن الیهود والنصاری لأنهم اتخذوا قبور أنبیائهم مساجد !

والصحیح فی المسألة: أن اللعن قرار من الله تعالی بطرد الملعون من رحمته ، وأنه لا یصدر إلا بالحق لمن یستحقه ، فلعننا للملعونین إقرارٌ باللعن ، ودعاء علی الملعون والذی نهی عنه النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )والأئمة(علیهم السّلام) أن یکون المسلم لعاناً کثیر اللعن ، کالذین یلعنون فی کلامهم أی شخص لأدنی سبب .

أما الملعونون بحق فیجب اعتقاد اللعن فیهم ، وأما لعننا لهم فقد یحرم کلعن المؤمن وقد یکره ، أو یباح ، وقد یجب ولو فی العمر مرة کلعن الشیطان .

وأما حدیث أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعن الیهود والنصاری لأنهم اتخذوا قبور أنبیائهم مساجد ، فهو مکذوب لعدم وجود ذلک فی تاریخهم، وقد مدح الله الذین اتخذوا علی قبر أهل الکف مسجداً فقال: قَالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلَی أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِدًا. وسبب وضعهم الحدیث خوفهم من أن یستجیر بنو هاشم بقبر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ویطالبوا بالخلافة ، فبادروا بعد دفن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی السیطرة علی القبر بحجة أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )نهی عن الصلاة عنده ! فما رأیکم بهذا التحلیل لمفهوم اللعن وأحادیثه ؟!

أصحاب محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی غیر مکان من کتابه العزیز وما ذکر علیاً إلا بخیر .

وقال عبد الله بن عیاش بن أبی ربیعة: کان لعلی ما شئت من ضرس قاطع فی العلم ، وکان له القدم فی الإسلام ، والصهر من رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، والفقه فی السنة ، والنجدة فی الحرب ، والجود فی المال .

وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن علی ومعاویة ، فقال: إن علیاً کان کثیر الأعداء ففتش أعداؤه عن شئ یعیبونه به فلم یجدوه ، فجاؤوا إلی رجل قد حاربه وقاتله ، فأطروه کیداً منهم به !

وقال القاضی إسماعیل والنسائی وأبو علی النیسابوری وغیرهم: لم یرد فی حق أحد من الصحابة بالأسانید الحسان ما جاء فی علی» وآخره فی فتح الباری:7/57.

وفی أمالی الطوسی/587:« عن صالح بن کیسان ، قال: سمع عامر بن عبد الله بن الزبیر ، وکان من عقلاء قریش ، ابناً له ینتقص علی بن أبی طالب فقال له: یا بنیَّ لاتنتقص علیاً ، فإن الدین لم یبن شیئاً فاستطاعت الدنیا أن تهدمه ، وإن الدنیا لم تبن شیئاً إلا هدمه الدین ! یا بنی إن بنی أمیة لهجوا بسب علی بن أبی طالب فی مجالسهم ، ولعنوه علی منابرهم ، فکأنما یأخذون والله بضبعیه إلی السماء مداً ، وإنهم لهجوا بتقریظ ذویهم وأوائلهم من قومهم ، فکأنما یکشفون منهم عن أنتن من بطون الجیف ! فأنهاک عن سبه» !

ورواه ابن عبد البر فی الإستیعاب:3/1118 والجاحظ فی العثمانیة/284، وقال: «کان دعیٌّ لبنی أمیة یقال له خالد بن عبد الله لا یزال یشتم علیاً، فلما کان یوم جمعة وهو یخطب الناس قال: والله إن کان رسول الله لیستعمله وإنه لیعلم ما هو ولکنه کان ختنه ، وقد نعس سعید بن المسیب ففتح عینیه ، ثم قال: ویحکم ما قال

ص: 51

هذا الخبیث ! رأیت القبر انصدع ورسول الله(ص)یقول: کذبت یا عدو الله » !

وفی مناقب الخوارزمی/62 ، أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال لعلی(علیه السّلام)یوم غدیر خم:«إن الله تعالی أوحی إلی بأن أقوم بفضلک ، فقمت به فی الناس وبلغتهم ما أمرنی الله بتبلیغه . وقال له: إتق الضغائن التی لک فی صدور من لا یظهرها إلا بعد موتی ! أولئک یلعنهم الله ویلعنهم اللاعنون . ثم بکی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقیل: ممَّ بکاؤک یا رسول الله؟ فقال أخبرنی جبرئیل أنهم یظلمونه ویمنعونه حقه ویقاتلونه ویقتلون ولده ویظلمونهم بعده ! وأخبرنی جبرئیل عن الله عز وجل أن ذلک الظلم یزول إذا قام قائمهم ، وعلت کلمتهم ، واجتمعت الأمة علی محبتهم ، وکان الشانی لهم قلیلاً ، والکاره لهم ذلیلاً ، وکثر المادح لهم ، وذلک حین تغیر البلاد وضعف العباد ، والیأس من الفرج ، فعند ذلک یظهر القائم فیهم ».

وروی الحاکم(3/142) قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعلیً(علیه السّلام):« إن الأمة ستغدر بک بعدی وأنت تعیش علی ملتی ، وتقتل علی سنتی . من أحبک أحبنی ، ومن أبغضک أبغضنی . وإن هذه ستخضب من هذا یعنی لحیته من رأسه».وصححه هو والذهبی!

قال السید المیلانی فی محاضراته (2/430):« ومن رواة هذا الحدیث أیضاً : ابن أبی شیبة ، والبزار ، والدارقطنی ، والخطیب البغدادی ، والبیهقی ، وغیرهم . أخرج أبو یعلی والبزار بسند صححه الحاکم والذهبی وابن حبان وغیرهم ، عن علی قال: بینا رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )آخذ بیدی ونحن نمشی فی بعض سکک المدینة إذ أتینا علی حدیقة ، فقلت: یا رسول الله ما أحسنها من حدیقة ! فقال: إن لک فی الجنة أحسن منها ، ثم مررنا بأخری فقلت: یا رسول الله ما أحسنها من حدیقة ! قال: لک فی الجنة أحسن منها ، حتی مررنا بسبع حدائق کل ذلک

ص: 52

أقول ما أحسنها ویقول: لک فی الجنة أحسن منها ، فلما خلا لی الطریق اعتنقنی ثم أجهش باکیاً ! قلت: یا رسول الله ما یبکیک ؟ قال: ضغائن فی صدور أقوام لا یبدونها لک إلا من بعدی ! قال: قلت یا رسول الله فی سلامة من دینی ؟ قال: فی سلامة من دینک . هذا اللفظ فی مجمع الزوائد عن أبی یعلی والبزار . ونفس السند موجود فی المستدرک ، وقد صححه الحاکم والذهبی ، فیکون سنده صحیحاً یقیناً ، لکن اللفظ فی المستدرک مختصر ، وذیله غیر مذکور ! والله أعلم ممن هذا التصرف هل من الحاکم أو من الناسخین أو من الناشرین؟ فراجعوا ، السند نفس السند عند أبی یعلی وعند البزار وعند الحاکم ، والحاکم یصححه والذهبی یوافقه ، إلا أن الحدیث فی المستدرک أبتر مقطوع الذیل ، لأنه إلی حد: إن لک فی الجنة أحسن منها ، لا أکثر . وهناک أحادیث أیضاً صریحة فی أن الأقوام المراد منهم فی هذا الحدیث هم قریش».

وأضاف السید المیلانی: «وهنا ننقل بعض الشواهد علی أحقاد قریش وبنی أمیة بالخصوص وضغائنهم علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأهل البیت(علیهم السّلام) ، حتی أنهم کانت تصدر منهم أشیاء فی حیاة النبی ، ولما لم یتمکنوا من الإنتقام من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بالذات ، انتقموا من أهل بیته لینتقموا منه . قال أمیر المؤمنین(علیه السّلام): اللهم إنی أستعدیک علی قریش ، فإنهم أضمروا لرسولک(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ضروباً من الشر والغدر فعجزوا عنها ، وحلت بینهم وبینها ، فکانت الوجبة بی والدائرة علی ! اللهم احفظ حسناً وحسیناً ، ولا تمکن فجرة قریش منهما ما دمت حیاً ، فإذا توفیتنی فأنت الرقیب علیهم ، وأنت علی کل شئ شهید (شرح النهج:20/298).

وفی کتاب له(علیه السّلام)إلی عقیل: فدع عنک قریشاً وترکاضهم فی الضلال ، وتجوالهم فی الشقاق ، وجماحهم فی التیه ، فإنهم قد أجمعوا

ص: 53

علی حربی إجماعهم علی حرب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قبلی ، فجزت قریشاً عنی الجوازی ، فقد قطعوا رحمی وسلبونی سلطان ابن أمی ! هذه هی الأحقاد والضغائن ، ولم یتمکنوا من الإنتقام من رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فانتقموا من أهل بیته کما أخبر هو(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! وهکذا توالت القضایا ، فانتقموا من الزهراء وأمیر المؤمنین ، وانتقموا ، وانتقموا ، إلی یوم الحسین(علیه السّلام)وبعد یوم الحسین ، وإلی الیوم » !

وفی کتاب: عقیل ابن أبی طالب ، للشیخ الأحمدی/78 ، قال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعلی(علیه السّلام):« إن الأمة ستغدر بک من بعدی وتنقض فیک عهدی! یتبع ذلک برها فاجرها . وأنت تعیش علی ملتی ، وتقتل علی سنتی. من أحبک أحبنی ، ومن أبغضک أبغضنی ، وإن هذه ستخضب من هذا . یعنی لحیته من رأسه .

عن أنس بن مالک: دخلت مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علی علی بن أبی طالب یعوده وهو مریض، وعنده أبو بکر وعمر فتحولا حتی جلس رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقال أحدهما لصاحبه: ما أراه إلا هالک ! فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): إنه لن یموت إلا مقتولاً ، ولن یموت حتی یملأ غیظاً » !

أسئلة:

س1: من هی الأمة التی غدرت بعلی(علیه السّلام)فی قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):« إن الأمة ستغدر بک بعدی » ؟ فاصبر لظلم قریش إیاک وتظاهرهم علیک»؟ فمن ظلم علیاً(علیه السّلام)من قریش بعد وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

س2: هل نفهم من قوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )« وأنت تعیش علی ملتی ، وتقتل علی سنتی » أن المخالفین لعلی(علیه السّلام)لا یعیشون علی ملة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ولا یموتون علی سنته ؟!

س3: صرح النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأن بغض قریش لعلی(علیه السّلام)إنما هو بسبب أنه بطل الإسلام

ص: 54

وقاتل صندید قریش « ضغائن فی صدور أقوام لا یبدونها لک إلا من بعدی ! أحقاد بدر وترات أحد..»! فهی أحقاد ضد الإسلام ، فکیف یحملنها من یدعی الإسلام ؟!

س4: ما هو واجب (الخلیفة) الحاکم تجاه هذه الأحقاد ، ألا یجب علیه ردع أهلها؟ وما حکمه إذا خضع لها وقال لعلی(علیه السّلام): إن قریشاً لا تقبل بک خلیفة لأنها تحملک مسؤولیة من قتلت من صنادیدها الکفرة ؟!

س5: ما العلاقة بین هذه الأحادیث ، وما رواه البخاری(5/6)عن علی(علیه السّلام): « أنا أول من یجثو بین یدی الرحمن للخصومة یوم القیامة » ؟

س6: مادامت مشکلة ظلم قریش لعلی(علیه السّلام)بهذه الأهمیة عند النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حتی أنه کان یبکی منها قبل وقوعها ، لأنها قضیة مهمة علی مستوی أمته ؟ فهل قصر(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فیها ولم یتخذ إجراء لمعالجتها ؟ أم قام بکل ما استطاع ، لکن قریشاً غلبته ومنعته من کتابة عهده ، وکانت تهدده بإعلان الردة ؟!

وآذانهم ! فکانوا یرجعون باکین إلی آبائهم ویقولون: قضمنا علیٌّ قضمنا علیٌّ ! فسمی لذلک القضیم». (تفسیر القمی:1/114)

وفی نهایة ابن الأثیر:1/402 ، و: 4/78:«ومنه حدیث علی:کانت قریش إذا رأته قالت: إحذروا الحطم ، إحذروا القضم ! أی الذی یقضم الناس فیهلکهم».

ثم زاد بغضهم له کلما تشدد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی موقفه منهم ، وتشددت حمایة أبیه أبی طالب وبنیه(علیهم السّلام) ودفاعهم عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) !

ثم زاد بغضهم عندما هاجر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وترکه لیؤدی أماناته ، ویهاجر بعائلته الیه ، فأکمل علی(علیه السّلام) مهمته وتحداهم وهاجر علناً فأتبعوه بفوارس ، فقتل أحدهم وهرب الباقون !

ثم زاد بغضهم لعلی(علیه السّلام)وصار حقداً بعد معرکة بدر ! قال له عثمان:« ما أصنع إن کانت قریش لاتحبکم وقد قتلتم منهم یوم بدر سبعین کأن وجوههم شنوف الذهب ، تشرب أنوفهم قبل شفاههم»! (نثر الدرر/259، وابن حمدون/1567، وشرح النهج: 9/22 ).أی أنوفهم طویلة ووجوههم جمیلة ، کأقراط الذهب .

ثم زاد بغضهم لعلی(علیه السّلام)لما زوجه النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ابنته العزیزة الزهراء(علیهاالسّلام)دونهم .

ثم زاد بغضهم لما ثبت مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی أحُد ، وفرَّ غیره !

ثم زاد بغضهم له عندما رزقه الله الحسن والحسین فسماهما النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأمر ربه وأخبر أنهما ولداه وأنهما سیدا شباب أهل الجنة ، وأن أمهما سیدة نساء العالمین ، وأطلق فی علی(علیه السّلام)مدائحه ، فرفعه فوق کل صحابته .

ثم سطع إسم علی(علیه السّلام)فی حروب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بقتله فارس العرب عمرو بن ود ودوی إسمه فی الجزیرة قاهراً لصنادید العرب ، وبطلاً لا یباری !

ص: 56

ثم فی معارک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )مع الیهود: بنی النضیر وبنی قریظة وقینقاع ، فبرز فیها علی(علیه السّلام)وقهر فرسانهم ، وأجبرهم علی الخضوع للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

ثم فتح المسلمون قسماً من خیبر ببطولته(علیه السّلام) ، ثم حاصروا حصن خیبر شهراً فلم یستطیعوا فتحه لأن علیاً لم یکن معهم ، فجاء به النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقتل فارس الیهود ودحا باب خیبر وفتحها ، فصار إسمه أسطوریاً فزاد حسد حاسدیه له!

ثم کانت غزوة بنی سلیم (ذات السلاسل) فبعث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أبا بکر فرجع بالمسلمین مهزوماً، فبعث عمر ، ثم عمرو بن العاص فرجعا کذلک !

فبعث علیاً(علیه السّلام)فباغتهم ونزلت سورة العادیات فی وقت المعرکة ، فتلاها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علیهم ووصف لهم المعرکة ! فزاد حسدهم وغیظهم من علی(علیه السّلام) !

ثم کان فتح مکة ومعرکة حنین ففر جمیع المسلمین ما عدا بنی هاشم ، فثبتوا وحموا النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وتفرد علی(علیه السّلام)بالقتال فی تلک المعرکة ، فقصد حملة رایاتهم وفرسانهم وقتلهم واحداً بعد آخر ، حتی هزمهم الله بیده !

ثم أرسله النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی ضواحی الطائف لیَفِلَّ تجمعاتها ویهدم أصنامها ، ونجح فی مهمته ، وحاصر المسلمون الطائف بدونه فلم یفتحوها ، فزاد حسد حاسدیه وغیظهم !

ثم أرسل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )خالد بن الولید الی منطقة زبید فی الیمن ، فاستعصت علیه ستة أشهر ، فبعث علیاً(علیه السّلام)ففتحها فی أیام !

وبعد فتح مکة سکن کثیر من الطلقاء فی المدینة ، فکان یطفح بغضهم لبنی هاشم وحسدهم لعلی(علیه السّلام)فی کلامهم وأفعالهم ! وکان النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یدفع ذلک ویلقمهم أحجاراً ، ویطلق تصریحاته النبویة فی مقام علی(علیه السّلام)عند الله تعالی .

ص: 57

ولما توجه النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی تبوک لغزو الروم استخلف علیاً علی المدینة ، فأشاع المنافقون أنه لایحبه ولذلک لم یصحبه !

فأعلن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أنه وصیه وأنه منه کهارون من موسی ما عدا النبوة ! فتضاعف غیظ حاسدیه ، وحاولوا اغتیال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لیلاً فی ممر العقبة ، فی رجوعه من تبوک ، لیبکوا علیه ویعلنوا خلیفته منهم ، ففشلت محاولتهم ! وحاولوا فی المدینة اغتیال علی(علیه السّلام)ففشلوا ، وحفظه الله .

وفی حجة الوداع وما أدراک ما حجة الوداع ، أعلن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی خطبه الستة مکانة علی والعترة(علیهم السّلام) بعده ، وأنهم أمانة الله فی الأمة کالقرآن بلا فرق !

ولم یکتف بذلک حتی أوقف الحجیج فی رجوعه فی غدیر خم وخطب خطبة خاصة فی فضل عترته وأولهم علی(علیه السّلام) ، وأصعده معه علی المنبر ورفع بیده وأعلنه خلیفته ووصیه بأمر الله تعالی ، وأمر أن تنصب له خیمة وأن یهنئه المسلمون ویبایعونه ، وأرسل نساءه لتهنئته وبیعته !فأسقط فی أیدی حاسدی علی(علیه السّلام)واضطروا أن یهنؤوه ویبایعوه ، لکنهم حاولوا مرة أخری اغتیال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی عقبة هرشی ، ففشلت محاولتهم !

ولما مرض النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )مرض الوفاة ، جمع کل مخالفی علی(علیه السّلام)وکتب أسماءهم فی جیش أسامة بن زید ، وأمره أن یتحرک الی مؤتة لحرب الروم ، فتعللوا واعترضوا علی تأمیر الشاب الأسود أسامة علیهم ، وتلوَّموا وتخلفوا لمدة أسبوعین حتی توفی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

وقبل وفاته بأیام دعاهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأمرهم أن یأتوه بورق لیکتب لهم کتاباً یؤمنهم من الضلال ، ویجعلهم سادة العالم الی یوم القیامة ، فرفضوا ذلک

ص: 58

واتهموا النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بأنه یهجر ، ویرید تأسیس ملک لبنی هاشم کملک کسری وقیصر ! فأمره جبرئیل(علیه السّلام)أن یطردهم ولا یکتب شیئاً فقال لهم« قوموا عنی فما أنا فیه خیر مما تدعونی الیه» ! أی تدعونی لأصر علی الکتاب فترتدوا !

وما أن أغمض النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عینیه حتی صفقوا علی ید أبی بکر ، وخرج الطلقاء مسلحین فأجبروا الناس علی بیعته ، وهاجموا بیت علی وفاطمة(علیهماالسّلام)

، وکان فیه صحابة معترضون ، فهددوهم بإحراق البیت علیهم إن لم یبایعوا ! ونفذ علی(علیه السّلام)وصیة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فلم یقاتلهم ، فقادوه بحمائل سیفه لیجبروه علی البیعة ، وهو ینادی یا: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَکَادُوا یَقْتُلُونَنِی !

ثم تواصلت ظلامته(علیه السّلام)الی یوم شهادته فی محرابه .

أسئلة:

س 1: هل کان علی(علیه السّلام)محسوداً ، ومن کان یحسده ؟

س3: هل کان قتل علی(علیه السّلام)صنادید قریش طاعة لله تعالی أم معصیة ؟ وما حکم بغض قریش له بسبب طاعته لربه ورسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

س 4: ما رأیکم فیمن خرج علی علی(علیه السّلام)وقاتله ؟وهل کانت عائشة ومعاویة وطلحة والزبیر یبغضون علیاً(علیه السّلام)أم یحبونه ؟

س 5: هل ثبت عندکم أن الله تعالی جعل حب علی(علیه السّلام)إیماناً وبغضه نفاقاً وکفراً ؟ وما هو سبب ذلک وحکمته ؟!

س6: ما رأیکم فی قول الشعبی: «ماذا لقینا من علی ! إن أحببناه ذهبت دنیانا ، وإن أبغضناه ذهب دیننا » ! ( العتب الجمیل علی أهل الجرح والتعدیل/48) ؟!

ص: 59

فی مناقب آل أبی طالب:1/381:« اللهم إنی أستعدیک علی قریش ، فإنهم ظلمونی فی الحجر والمدر.. ما زلت مظلوماً منذ قبض الله نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )إلی یومی هذا...بینما علی یخطب وأعرابی یقول وا مظلمتاه ! فقال(علیه السّلام): أدن ، فدنا ، فقال: لقد ظلمت عدد المدر والمطر والوبر » .

وفی اعتقادات الصدوق/105:«قال أمیر المؤمنین (علیه السّلام): ما زلت مظلوماً منذ ولدتنی أمی ، حتی إن عقیلاً کان یصیبه الرمد فیقول: لا تذرُّونی حتی تذرُّوا علیاً ، فیذرُّونی وما بی رمد » .

وقال(علیه السّلام):« اللهم إنی أستعدیک علی قریش ومن أعانهم ، فإنهم قد قطعوا رحمی...فنظرت فإذا لیس لی رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بیتی فضننت بهم عن المنیة ، فأغضیت علی القذی وجرعت ریقی علی الشجی، وصبرت من کظم الغیظ علی أمر من العلقم وآلم للقلب من وخز الشفار»(نهج البلاغة/خطبة 217)

قال ابن قتیبة فی الإمامة والسیاسة/30: «إن أبا بکر تفقد قوماً تخلفوا عن بیعته عند علی ، فبعث إلیهم عمر ، فجاء فناداهم وهم فی دار علی ، فأبوا أن یخرجوا فدعا بالحطب وقال : والذی نفس عمر بیده لتخرجن أو لأحرقنها علی من فیها ، فقیل له : یا أبا حفص إن فیها فاطمة ؟ فقال : وإن . فخرجوا فبایعوا إلا علیاً فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبی علی عاتقی حتی أجمع القرآن . فوقفت فاطمة رضی الله عنها علی بابها ، فقالت : لا عهد لی بقوم حضروا أسوأ محضر منکم ، ترکتم رسول الله جنازة بین أیدینا ، وقطعتم أمرکم بینکم ، لم تستأمرونا ولم تروا لنا حقاً . فأتی عمر أبا بکر فقال له: ألا تأخذ هذا

ص: 61

المتخلف عنک بالبیعة؟ فقال أبو بکر لقنفذ وهو مولی له: اذهب فادع لی علیاً . قال : فذهب إلی علی فقال له: ما حاجتک ؟ فقال: یدعوک خلیفة رسول الله ، فقال علی: لسریع ما کذبتم علی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )! فرجع فأبلغ الرسالة ، قال: فبکی أبو بکر طویلاًفقال عمر ثانیة: لا تمهل هذا المتخلف عنک بالبیعة ، فقال أبو بکر لقنفذ : عد إلیه فقل له: خلیفة رسول الله یدعوک لتبایع ، فجاءه قنفذ فأدی ما أمر به ، فرفع علی صوته فقال:سبحان الله ؟ لقد ادعی ما لیس له! فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة فبکی أبو بکر طویلاً ثم قام عمر فمشی معه جماعة حتی أتوا باب فاطمة فدقوا الباب ، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلی صوتها: یا أبت یا رسول الله ، ماذا لقینا بعدک من ابن الخطاب وابن أبی قحافةً فلما سمع القوم صوتها وبکائها انصرفوا باکین وکادت قلوبهم تنصدع وأکبادهم تنفطر ، وبقی عمر ومعه قوم ، فأخرجوا علیاً فمضوا به إلی أبی بکر فقالوا له: بایع ، فقال: إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذا والله الذی لا إله إلا هو نضرب عنقک . فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله ! قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا! وأبو بکر ساکت لا یتکلم فقال له عمر: ألا تأمر فیه بأمرک ؟ فقال: لا أکرهه علی شئ ما کانت فاطمة إلی جنبه!فلحق علی بقبر رسول الله (ص) یصیح ویبکی وینادی:یا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَکَادُوا یَقْتُلُونَنِی ». والإحتجاج:1/202.

ص: 62

ومن خطبة له(علیه السّلام) وهی المعروفة بالشقشقیة، قال ابن عباس: «ذکرت الخلافة عند أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فقال : أما والله لقد تقمصها ابن أبی قحافة ، وإنه لیعلم أن محلی منها محل القطب من الرحا، ینحدر عنی السیل ولا یرقی إلی الطیر ، فسدلت دونها ثوباً وطویت عنها کشحاً، وطفقت أرتئی بین أن أصول بید جذاء ، أو أصبر علی طخیة عمیاء ، یهرم فیها الکبیر ویشیب فیها الصغیر ، ویکدح فیها مؤمن حتی یلقی ربه! فرأیت أن الصبر علی هاتا أحجی ، فصبرت وفی العین قذی وفی الحلق شجی، أری تراثی نهبا !

حتی مضی الأول لسبیله ، فأدلی بها إلی فلان بعده ! ثم تمثل بقول الأعشی :

شتانَ ما یومی علی کورها ویوم حیَّانَ أخی جابر

فیا عجباً بینا هو یستقیلها فی حیاته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته ! لشد ما تَشَطَّرا ضرعیها ! فصیرها فی حوزة خشناء یغلظ کَلْمُهَا ویخشن مَسُّها ، ویکثر العثارفیها والإعتذار منها ، فصاحبها کراکب الصعبة ، إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحم ! فمُنِیَ الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض ، فصبرت علی طول المدة ، وشدة المحنة .

حتی إذا مضی لسبیله جعلها فی جماعة زعم أنی أحدهم. فیا لله وللشوری ! متی اعترض الریب فی مع الأول منهم ، حتی صرت أقرن إلی هذه النظائر ، لکنی أسففت إذ أسفُّوا ، وطرت إذ طاروا ، فصغی رجل منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن .إلی أن قام ثالث القوم نافجاً حضنیه ، بین نثیله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبیه یخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربیع .

ص: 63

إلی أن انتکث علیه فتله ، وأجهز علیه عمله، وکبت به بطنته! فما راعنی إلا والناس کعُرْف الضبع إلی ، ینثالون علیَّ من کل جانب ، حتی لقد وطئ الحسنان وشق عطفای ، مجتمعین حولی کربیضة الغنم، فلما نهضت بالأمر نکثت طائفة ، ومرقت أخری ، وقسط آخرون ، کأنهم لم یسمعوا الله سبحانه یقول: تِلْکَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوًّا فِی الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ .

بلی والله لقد سمعوها ووعوها ولکنهم حلیت الدنیا فی أعینهم وراقهم زبرجها!

أما والذی فلق الحبة وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر ، وقیام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله علی العلماء ألا یقارواعلی کظة ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقیت حبلها علی غاربها ولسقیت آخرها بکأس أولها ، ولألفیتم دنیاکم هذه أزهد عندی من عفطة عنز !

قالوا: وقام إلیه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلی هذا الموضع من خطبته ، فناوله کتاباً ، فأقبل ینظر فیه، قال له ابن عباس: یا أمیر المؤمنین لو اطردت خطبتک من حیث أفضیت! فقال: هیهات یا بن عباس ! تلک شقشقة هدرت ثم قرت! قال ابن عباس: فوالله ما أسفت علی کلام قط کأسفی علی هذا الکلام ألا یکون أمیر المؤمنین(علیه السّلام)بلغ منه حیث أراد».(نهج البلاغة/خطبة 3).

وقال(علیه السّلام): «أین الذین زعموا أنهم الراسخون فی العلم دوننا ، کذباً وبغیاً علیناً أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ! بنا یستعطی

ص: 64

الهدی ، ویستجلی العمی ! إن الأئمة من قریش غرسوا فی هذا البطن من هاشم ، لا تصلح علی سواهم ، ولا تصلح الولاة من غیرهم».(نهج البلاغة- الخطبة 144).

ومن کتاب له(علیه السّلام)الی أخیه عقیل:« فدع ابن أبی سرح وقریشاً وترکاضهم فی الضلال ، فإن قریشاً قد اجتمعت علی حرب أخیک ، اجتماعها علی رسول الله قبل الیوم ، وجهلوا حقی وجحدوا فضلی ، ونصبوا لی الحرب ، وجدوا فی إطفاء نور الله ، اللهم فاجز قریشاً عنی بفعالها ، فقد قطعت رحمی وظاهرت علی، وسلبتنی سلطان ابن عمی ، وسلمت ذلک لمن لیس فی قرابتی وحقی فی الإسلام ، وسابقتی التی لا یدعی مثلها مدع إلا أن یدعی ما لا أعرف ، ولا أظن الله یعرفه ، والحمد لله علی ذلک کثیراً » . ( الإمامة والسیاسة/75 ).

وروی الواحدی عن أبی هریرة قال : « اجتمع عدة من أصحاب رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) منهم : أبو بکر ، وعمر وعثمان وطلحة والزبیر والفضل بن عباس وعمار و عبد الرحمن بن عوف وأبو ذر والمقداد وسلمان و عبد الله بن مسعود رضی الله عنهم أجمعین ، فجلسوا وأخذوا فی مناقبهم فدخل علیهم علی فسألهم : فیم أنتم ؟ قالوا: نتذاکر مناقبنا مما سمعنا من رسول الله، فقال علی: إسمعوا منی ثم أنشأ:

لقد علم الأناس بأن سهمی

من الإسلام یفضل کل سهم

وأحمد النبی أخی وصهری

علیه الله صلی ، وابن عمی

وإنی قائد للناس طراً

إلی الإسلام من عرب وعجم

وقاتل کل صندید رئیس

وجبار من الکفار ضخم

وفی القرآن ألزمهم ولائی

وأوجب طاعتی فرضاً بعزم

ص: 65

کما هارون من موسی أخوه

کذاک أنا أخوه وذاک إسمی

لذاک أقامنی لهم إماماً

وأخبرهم به بغدیر خم

فمن منکم یعادلنی بسهمی

وإسلامی وسابقتی ورحمی

فویل ثم ویل ثم ویل

لمن یلقی الإله غداً بظلمی

وویل ثم ویل ثم ویل

لجاحد طاعتی ومرید هضمی

وویل للذی یشقی سفاهاً

یرید عداوتی من غیر جرمی »

( الغدیر:2/32، وینابیع المودة/78 ).

«عن أبی الطفیل قال: جمع علی رضی الله تعالی عنه الناس فی الرحبة ثم قال لهم : انشد الله کل امرئ مسلم سمع رسول الله (ص) یقول یوم غدیر خم ما سمع لما قام . فقام ثلاثون من الناس ، وقال أبو نعیم : فقام ناس کثیر فشهدوا حین أخذه بیده فقال للناس: أتعلمون أنی أولی بالمؤمنین من أنفسهم قالوا: نعم یا رسول الله ، قال : من کنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قال : فخرجت وکأن فی نفسی شیئاً فلقیت زید بن أرقم فقلت له إنی سمعت علیاً رضی الله تعالی عنه یقول کذا وکذا ، قال : فما تنکر قد سمعت رسول الله (ص) یقول ذلک » (مسند أحمد:4/370).

وقال(علیه السّلام)فی جوابه لأحد أحبار الیهود: «وأما الثانیة یا أخا الیهود ، فإن رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) أمرنی فی حیاته علی جمیع أمته ، وأخذ علی جمیع من حضره منهم البیعة والسمع والطاعة لأمری ، وأمرهم أن یبلغ الشاهد الغائب ذلک ،فکنت المؤدی إلیهم عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )أمره إذا حضرته والأمیر علی من حضرنی منهم إذا

ص: 66

فارقته ، لا تختلج فی نفسی منازعة أحد من الخلق لی فی شئ من الأمر فی حیاة النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ولا بعد وفاته ». (الخصال للصدوق/371 ).

وعن أبی الحسن الرضا عن آبائه(علیهم السّلام) : «لما أتی أبو بکر وعمر إلی منزل أمیر المؤمنین (علیه السّلام)وخاطباه فی البیعة وخرجا من عنده ، خرج أمیر المؤمنین(علیه السّلام)إلی المسجد ، فحمد الله وأثنی علیه بما اصطنع عندهم أهل البیت إذ بعث فیهم رسولاً منهم ، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهیراً ، ثم قال: إن فلاناً وفلاناً أتیانی وطالبانی بالبیعة لمن سبیله أن یبایعنی! أنا ابن عم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، والصدیق الأکبر، وأخو رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )، لا یقولها أحد غیری إلا کاذب ! أسلمت وصلیت قبل الناس ، وأنا وصیه ، وزوج ابنته سیدة نساء العالمین فاطمة بنت محمد(علیماالسّلام)، وأبو حسن وحسین سبطی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ونحن أهل بیت الرحمة ، بنا هداکم الله ، وبنا استنقذکم من الضلالة ، وأنا صاحب یوم الدوح، وفیَّ نزلت سورة من القرآن، وأنا الوصی علی الأموات من أهل بیته ، وأنا بقیته علی الأحیاء من أمته ، فاتقوا الله یثبت أقدامکم ویتم نعمته علیکم ! ثم رجع إلی بیته ». ( أمالی الطوسی/568 ).

ومن کلام له(علیه السّلام)فی الرد علی السقیفة: « واعجباه ! أتکون الخلافة بالصحابة ولا تکون بالصحابة والقرابة؟ قال الرضی: وروی له شعر فی هذا المعنی:

فإن کنت بالشوری ملکت أمورهم

فکیف بهذا والمشیرون غیب ؟!

وإن کنت بالقربی حججت خصیمهم

فغیرک أولی بالنبی وأقرب »

(نهج البلاغة/الحکمة 181

ص: 67

وقال(علیه السّلام):«وقد کان رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) عهد إلی عهداً فقال: یا بن أبی طالب لک ولاء أمتی ، فإن ولوک فی عافیة وأجمعوا علیک بالرضا فقم بأمرهم ، وإن اختلفوا علیک فدعهم وما هم فیه ، فإن الله سیجعل لک مخرجاً !

فنظرت فإذا لیس لی رافد ولا معی مساعد إلا أهل بیتی ، فضننت بهم عن الهلاک ، ولو کان لی بعد رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )عمی حمزة وأخی جعفر لم أبایع کرهاً ، ولکنی بلیت برجلین حدیثی عهد بالإسلام ، العباس وعقیل ، فضننت بأهل بیتی عن الهلاک ، فأغضیت عینی علی القذی ، وتجرعت ریقی علی الشجا وصبرت علی أمر من العلقم ، وآلم للقلب من حز الشفار»! (کشف المحجة/248).

وقال من خطبةله(علیه السّلام): «والله لقد بایع الناس أبا بکر وأنا أولی الناس بهم منی بقمیصی هذا ، فکظمت غیظی وانتظرت أمر ربی ، وألصقت کلکلی بالأرض !

ثم إن أبا بکر هلک واستخلف عمر وقد علم والله أنی أولی الناس بهم منی بقمیصی هذا ، فکظمت غیضی وانتظرت أمر ربی ! ثم إن عمر هلک وقد جعلها شوری فجعلنی سادس ستة کسهم الجدة ، وقال: أقتلوا الأقل وما أراد غیری ، فکظمت غیظی وانتظرت أمر ربی وألصقت کلکلی بالأرض ! ثم کان من أمر القوم بعد بیعتهم لی ما کان ، ثم لم أجد إلا قتالهم أو الکفر بالله » (أمالی المفید/154).

أسئلة:

س1: ما رأیکم فی کلمات أمیر المؤمنین(علیه السّلام)عن ظلامته ، وهو عندکم إمام وخلیفة رابع ، صادق غیر متهم؟

ص: 68

س2: مادام حدیث:« إن الأمة ستغدر بک بعدی ، وأنت تعیش علی ملتی ، وتقتل علی سنتی . من أحبک أحبنی ومن أبغضک أبغضنی». صحیحاً عند أئمة الجرح والتعدیل ومنهم الذهبی المتشدد ، فما معناه ؟

ومن الذی غدر بعلی(علیه السّلام)، أی أخذ حقه غیلة ؟

وهل یقصد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أنهم لم یکونوا علی ملته ، ولا ماتوا علی سنته ؟! وهل تحکمون بأن معاویة ومن خالف علیاً(علیه السّلام)وحاربه یبغضون النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

س3: ما معنی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أخبر الأمة أن علیاً(علیه السّلام)سیقاتل علی تأویل القرآن کما قاتل هو علی تنزیله ، وأنه سیقاتل الناکثین والقاسطین والمارقین ؟!

س4: کیف یصح الحکم علی المسلمین بأنهم مغالون فی أهل البیت(علیهم السّلام) بدون أن نبحث حقوق أهل البیت(علیهم السّلام) الثابتة بالقرآن والسنة ؟

ص: 69

ما خفی علی . قال أبو بکر: فکشفت له عن بطنی فرأی شامة سوداء فوق سرتی فقال: أنت هو ورب الکعبة ، وإنی متقدم إلیک فی أمر فاحذره . قال أبو بکر: قلت وما هو؟ قال: إیاک والمیل عن الهدی ، وتمسک بالطریقة الوسطی ، وخف الله فیما خولک وأعطاک » .

ثم ذکر أبو بکر أن الکاهن بعث معه سلامه الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فرجع الی مکة وذهب الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فقال له:«إنی رسول الله إلیک وإلی الناس کلهم فآمن بالله فقلت وما دلیلک علی ذلک قال الشیخ الذی لقیته بالیمن! قلت مد یدک فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنت رسول الله » والحلبیة:1/443 ، وسبل الهدی:10/279، ووفیات الأعیان:3/65 ، والثعالبی:1/319، وخصائص السیوطی:1/30، و95، والصواعق/247

صنیعة فلا تکررها ، فقال إنما هو کتاب فی رق ، فإن کنت صاحبنا فذلک ، وإلا لم یضرک شیء . فکتب له علی دیره وما فیه ، فأتانی بثیاب ودراهم فدفعها إلی ثم أوکف أتاناً فقال لی أتراها ؟ فقلت نعم ، قال سر علیها فإنک لا تمر بقوم إلا سقوها وعلفوها وأضافوک ، فإذا بلغت مأمنک فاضرب وجهها مدبرةً فإنهم یفعلون بها کذلک حتی ترجع إلیَّ ! قال فرکبتها فکان کما قال حتی لحقت بأصحابی وهم متوجهون إلی الحجاز ، فضربتها مدبرة وانطلقت معهم ! فلما وافی عمر الشام فی زمان خلافته جاءه ذلک الراهب بالکتاب وهو صاحب دیر العرس فلما رآه عرفه فقال قد جاء ما لامذهب لعمر عنه ، ثم أقبل علی أصحابه فحدثهم بحدیثه فلما فرغ منه أقبل علی الراهب فقال هل عندکم من نفع للمسلمین ، قال نعم یا أمیر المؤمنین ، قال إن أضفتم المسلمین ومرضتموهم وأرشدتموهم فعلنا ذلک ، قال نعم یا أمیر المؤمنین فوفی له عمر» ! انتهی.

أقول: حسب کلام عمر لا بد أن تکون حمارة الراهب من الملائکة! أما الراهب نفسه فینبغی أن یکون من ملائکة العرش !

ومعنی قوله: فوفی له: أی کتب له عمر مرسوماً بالدیر وما حوله !

ونحوه الطبری:1/323 ، وکنز العمال:12/596 ، وروی فیه أن أهل نجران رأوا علی فخذ عمر شامة سوداء فقالوا: هذا الذی نجده فی کتابنا أنه یخرجنا من أرضنا ».

وزعم عمر أنه سمع صوت عجل ذبحوه قرباناً لصنم !وقال إن ذلک کان: «قبل أن یسلم بشهر أو سنة ، یقول: یا آل ذریح ، أمر نجیح ، رجل یصیح ، یقول لا إله إلا الله»! رواه الطبری:2/45

وفی کنز العمال:12/552 ، عن أبی نعیم فی الدلائل وصححه ، أن عمر سمع معه هاتفاً یأمره بأن یسلم من صنم إسمه الضمار یقول:

ص: 72

«فاصبر أبا حفص فإنک آمن

یأتیک عزٌّ غیر عز بنی عدی

لاتعجلنَّ فأنت ناصر دینه

حقاً یقیناً باللسان وبالید

فوالله لقد علمت أنه أرادنی ! فجئت حتی دخلت علی أختی ، فإذا خباب بن الأرث عندها وزوجها ! فقال خباب: ویحک یا عمر أسلم ، فدعوت بالماء فتوضأت ثم خرجت إلی النبی فقال لی: قد استجیب لی فیک یا عمر ، أسلم ، فأسلمت وکنت رابع أربعین رجلاً ممن أسلم ونزلت: یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَسْبُکَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَکَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ . (الأنفال:64) » !

أسئلة:

1- هل تقبلون مثل هذه الروایات فی إسلام أبی بکر وعمر ، وهل یدل ذلک علی أنهما أسلماً بأمل أن تتحقق لهما نبوءة الکهان ،کما نصت روایتنا ؟!

2- متی رأی أبو بکر هذا الکاهن فأسلم ؟ فقد کان إسلامه حسب قول سعد بن أبی وقاص فی الخامسة قال ابنه محمد: «قلت لأبی: أکان أبو بکر أولکم إسلاماً ؟ فقال: لا ، ولقد أسلم قبله أکثر من خمسین ، ولکن کان أفضلنا إسلاماً» ؟(الطبری:2/60).

3- هل تقبلون المعجزة التی نقلها عمر للصنم والعجل الذی ذبحوه له ، وأنهما کلما عمر ونصحاه بالدخول فی الإسلام ؟! وهل تقبلون نزول آیة: حَسْبُکَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَکَ یوم إسلام عمر ، مع أنها نزلت فی سورة الأنفال بعد بدر ؟!

4- ما رأیکم فیما رویناه عن أهل البیت(علیهم السّلام) من أن الأحبار والرهبان أخبروا أبا بکر وعمر بملک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فأسلما؟

ففی الإحتجاج(2/532) من جواب الإمام المهدی: «وأما ما قال لک الخصم بأنهما أسلما طوعاً أو کرهاً ، لمَ لم تقل بل إنهما أسلما طمعاً ، وذلک إنهما یخالطان الیهود ویُخبران بخروج محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )واستیلائه علی العرب من التوراة والکتب المقدسة وملاحم

ص: 73

قصة محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، ویقولون لهما: یکون استیلاؤه علی العرب کاستیلاء بخت نصر علی بنی اسرائیل ، إلا أنه یدعی النبوة ولا یکون من النبوة فی شئ ، فساعدا معه علی شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله طمعاً أن یجدا من جهته ولایة بلد إذا انتظم أمره وحسن باله ، واستقامت ولایته..الخ.» ؟

وقال عمر إن السمرة الشدیدة جاءته من أخواله (الطبقات 2/235 ).

وقال المؤرخ ابن حبیب فی المنمق/400: «أبناء الحبشیات من قریش:ونفیل بن عبدالعزی العدوی أمه صهاک أیضاً ، وعمرو بن ربیعة بن حبیب من بنی عامر بن لؤی أمه أیضاً صهاک هذه ، والخطاب بن نفیل العدوی أمه حبشیة ».

وکان عمر أحول کلتا العینین (المنمق/405).شدید الصلع (تاج العروس:2/7 )

وفی مجمع الأمثال:1/234: «أجردُ من صخرة .قالته امرأة دخلت علی عمر بن الخطاب فکان حاسر الرأس وکان أصلع ، فدهشت المرأة فقالت: أبا غفر حفص الله لک ، أرادت أن تقول: أبا حفص غفر الله لک» !

وکانت شواربه کبیرة ، وإذا غضب نفخ ، وفتل شاربه ! (المجموع:15/234).

وکان لا یلبس وینهی المسلمین عن لبس الخف والسروال !(مسند أحمد:1/43).

«رأیت عمر بن الخطاب یمشی إلی العید حافیاً» (کنز العمال:12/655).

«وخطب أم أبان بنت عتبة بن شیبة فکرهته وقالت: یغلق بابه ، ویمنع خیره ، ویدخل عابساً ، ویخرج عابساً » ! (النهایة:7/157).

لکنهم رووا أنه ضحک یوماً حتی استغرق عندما نفت هند عن نفسها الزنا! «فلما فرغ رسول الله (ص)من بیعة الرجال بایع النساء واجتمع إلیه نساء من نساء قریش فیهن هند بنت عتبة متنقبة متنکرة لحدثها وما کان من صنیعها بحمزة ، فهی تخاف أن یأخذها رسول الله(ص)بحدثها ذلک ، فلما دنون منه لیبایعنه قال رسول الله (ص)فیما بلغنی: تبایعننی علی ألا تشرکن بالله شیئاً . فقالت هند: والله إنک لتأخذ علینا أمراً ما تأخذه علی الرجال وسنؤتیکه ! قال ولا تسرقن ! قالت: والله إن کنت لأصیب من مال أبی سفیان الهنة والهنة ، وما أدری أکان ذلک حلاً

ص: 75

لی أم لا؟ فقال أبوسفیان وکان شاهداً لما تقول: أما ما أصبت فیما مضی فأنت منه فی حل ! فقال رسول الله (ص):وإنک لهند بنت عتبة ؟ فقالت: أنا هند بنت عتبة فاعف عما سلف عفا الله عنک ! قال: ولا تزنین. قالت: یا رسول الله هل تزنی الحرة ؟ فضحک عمر بن الخطاب من قولها حتی استغرق ؟! قال: ولا تقتلن أولادکن! قالت: قد ربیناهم صغاراً وقتلتهم یوم بدر کباراً فأنت وهم أعلم ! »! (الطبری:2/338، ونهایة ابن کثیر: 4/365.وفی روایة أن عمر ضحک حتی استلقی علی قفاه . وفی روایة أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )نظر إلی عمر وتبسم فضحک عمر !

س1: هل هذه الصورة عن شکل أبی بکر وعمر هی نفس الصورة التی تحملها فی ذهنک لهما ؟ وبماذا تفسر قول ابن کثیر فی النهایة (7/156): «آدم اللون وقیل: کان أبیض شدید البیاض تعلوه حمرة » !

س2: عندما رأی أبو سفیان عمر بزی فارس فی جیش النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی فتح مکة قال للعباس: یا أبا الفضل من هذا المتکلم ؟ قال عمر بن الخطاب قال:أمَرَ أمْرُ بنی عدی بعد والله قلة وذلة !! ». (کنز العمال:10/511). فبماذا تفسر مکذوبات السلطة عن قبیلتی أبی بکر وعمر ، ومکانتهما فی قریش فی الجاهلیة والإسلام ؟

أقول: وقد صححوا هم أحادیث تسمیة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علیاً بالصدیق الأکبر والفاروق بین الحق والباطل !

ففی کبیر الطبرانی:6/269، ومجمع الزوائد:9/101:«عن أبی ذر وسلمان قالا: أخذ النبی(ص) بید علی فقال: إن هذا أول من آمن بی ، وهذا أول من یصافحنی یوم القیامة ، وهذا الصدیق الأکبر ، وهذا فاروق هذه الأمة یفرق بین الحق والباطل وهذا یعسوب المؤمنین والمال یعسوب الظالمین» والإستیعاب:4/1744، وکنز العمال:11/616، و:13/122، عن مصادر عدیدة ، وقال فی الکشف الحثیث/144، عن راوی الحدیث عباد بن عبد الله الأسدی: « واعلم أن ابن حبان ذکر عباداً فی ثقاته ، روی له فی الخصائص هذا الحدیث » .

وقال الذهبی فی سیره:23/79: «إسناده واه » وقال فی میزان الإعتدال:2/416:« قال ابن عدی: عامة ما یرویه فی فضائل علی ، وهو متهم فی ذلک . قلت: قد أغنی الله علیاً عن أن تقرر مناقبه بالأکاذیب والأباطیل ».

ثم رواه الذهبی فی میزان الإعتدال:3/101، عن النسائی فی الخصائص ولم یضعفه .

ورواه ابن حجر فی الإصابة:7/293 ، ولم یضعفه .

أقول: لاحجة لهم فی تضعیف راویه ، وهم بذلک یحاولون نفی اللقب عن أمیر المؤمنین (علیه السّلام)لأنه یکشف أن تسمیتهم لأبی بکر به إنما هی منافسة لعلی(علیه السّلام)!

وأقوی منه حدیث لا یستطیعون تضعیفه ، رواه ابن ماجه(1/44)، عن علی(علیه السّلام) ، قال: «أنا عبد الله ، وأخو رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأنا الصدیق الأکبر لا یقولها بعدی إلا کذاب ! صلیت قبل الناس لسبع سنین . فی الزوائد: هذا إسناد صحیح ، رجاله ثقات ، رواه الحاکم فی المستدرک عن المنهال ، وقال: صحیح علی شرط الشیخین » والحاکم:3/112، ومجمع الزوائد:9/101، ومصنف ابن أبی شیبة:7/498، والآحاد والمثانی للضحاک :1/148، و151، وکتاب السنة لعمرو بن أبی عاصم/584، وسنن النسائی:5/106، وخصائص أمیر

ص: 78

المؤمنین للنسائی/46، وتاریخ دمشق:42/32 ، والتاریخ الکبیر للبخاری:4/23، وتفسیر الثعلبی:5/85 ، وتهذیب التهذیب:4/179، عن النسائی ، وقال عن راویه سلیمان بن عبد الله: قال ابن عدی لا أعرف له غیره ولا یتابع علیه کما قال البخاری ، وذکره ابن حبان فی الثقات.

وقال فی شرح النهج:4/122: «واعلم أن أمیر المؤمنین ما زال یَدَّعِی ذلک لنفسه ویفتخر به ویجعله فی أفضلیته علی غیره ویصرح بذلک ، وقد قال غیر مرة: أنا الصدیق الأکبر والفاروق الأول ، أسلمت قبل إسلام أبی بکر وصلیت قبل صلاته . وروی عنه هذا الکلام بعینه أبو محمد بن قتیبة فی کتاب المعارف (1/167) وهو غیر متهم فی أمره . ومن الشعر المروی عنه فی هذا المعنی الأبیات التی أولها:

محمدٌ النبیُّ أخی وصهری

وحمزةُ سیدُ الشهداء عمی

سبقتکم إلی الإسلام طراً

غلاماً ما بلغت أوان حلمی».

أما تسمیة عمر بالفاروق فقالوا سماه به الله تعالی لأنه قتل منافقاً ففرق بین الحق والباطل علی لسانه ، فسمی الفاروق (السیر الکبیر:1/270، والدر المنثور:2/181).

ولا یصح ذلک ، لأن قصة قتل المنافق لم تثبت فلم یسمح النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بقتل أحد من المنافقین . وإن ثبتت لا تستحق هذا الإسم !

والصحیح ما قاله الزهری:«بلغنا أن أهل الکتاب کانوا أول من قال لعمر: الفاروق وکان المسلمون یؤثرون ذلک من قولهم، ولم یبلغنا أن رسول الله ذکر من ذلک شیئاً »!(تاریخ

المدینة:2/662).وهذا یرد ما رواه ابن ذکوان قال: «قلت لعائشة: من سمی عمر الفاروق ؟ قالت: النبی »! (تاریخ المدینة:2/662).

والصحیح أن الفاروق لقب من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعلی(علیه السّلام) ، وصادروه منه لعمر!

ص: 79

ففی لسان المیزان:1/357 ، عن ابن أبی لیلی الغفاری أنه سمع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یقول: ستکون فتنة بعدی فالزموا علیاً ، فإنه أول من یرانی وأول من یصافحنی یوم القیامة ، وهو معی فی السماء العلیا ، وهو الفارق بین الحق والباطل ».

أسئلة:

س1: کانت کل الدواعی متوفرة لمدح أبی بکر وعمر وکذب الأحادیث فی مدحهما ، ولذم علی(علیه السّلام)ووضع الأحادیث ضده ؟! ومع ذلک لاحظتَ أن رواة السلطة رووا أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )سمی أبا بکر بالصدیق وعمر بالفاروق ، ثم رووا بأصح منه أن الناس سموهما بذلک ! بینما رووا أنفسهم أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )سمی علیاً بالصدیق والفاروق وأمیر المؤمنین ! ألا یدل ذلک علی تناقضهم ، ویکشف عن أنها ألقاب نبویة لعلی (علیه السّلام) ؟!

س2: ما رأیکم فی قول أبی الفتح الکراجکی ، وهو من علماء القرن الخامس، فی کتابه:التعجب من أغلاط العامة/97:

«ومن عجیب أمرهم وظاهر عصبیتهم وعنادهم: تسمیتهم أبا بکر عتیق بن أبی قحافة بالصدیق ، ولم یرووا عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )خبراً یقطع العذر بأنه نحله هذا الإسم.ولا یقولون إن أمیر المؤمنین الصدیق وقد ثبت أنه أول من أجاب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وصدق به ، وأنه یوم الدار کان الذی قام بین یدی الجماعة ، فبایعه علی الإقرار بما جاء به ، وشهد له النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بذلک فی أقوال کثیرة مأثورة: منها: علیٌّ أول من آمن بی وصدقنی. و: أول من یصافحنی یوم القیامة .و:هو الصدیق الأکبر . وقوله لفاطمة(علیهاالسّلام): زوجک أقدم أمتی إسلاماً . وقول أمیر المؤمنین(علیه السّلام)بین الملأ :اللهم إنی لا أعرف أحداً من هذه الأمة عبدک قبلی غیر نبیها . وکان یقول علی المنبر مفتخراً: أنا الصدیق

ص: 80

الأکبر ، لا یقولها بعدی إلا مفتر ! أسلمت قبل أن یسلم أبو بکر ، وصدقت قبل أن یصدق ...فکیف لا یکون علی بن أبی طالب هو الصدیق ویکون مختصاً بأبی بکر لولا العصبیة الغالبة للعقل ؟

بل من العجب: أن تجتمع الأمة بأسرها علی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء علی ذی لهجة أصدق من أبی ذر ، ولا یسمی أبو ذر مع ذلک صدیقاً ویسمون أبا بکر صدیقاً ولم یرو فیه قط مثل هذا » ؟!

ویطفئ عادیة لهبها بسیفه ، مکدوداً فی ذات الله ، وأنتم فی رفاهیة فکهون آمنون وادعون ، حتی إذا اختار الله لنبیه دار أنبیائه، أطلع الشیطان رأسه فدعاکم فألفاکم لدعوته مستجیبین » ! (الطرائف/264) .

فقد کان علی(علیه السّلام)عضد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی الشدائد ، ومعه نفر قلیل من الصحابة ، أما غیرهم فکان یهرب أو یحفظ نفسه فی الصفوف الخلفیة ، ثم یتصدر لقطف ثمار جهودهم وجهادهم ! فکیف تفسرون هذه الحقیقة ؟!

س1: بماذا تفسرون أن أبا بکر وعمر لم یشترکا فی أی معرکة من معارک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) أبداً ، ولم یضربا بسیف ولا طعنا برمح ؟!

وماذا کانا یفعلان عندما تبرز الأبطال ویشتبک الصفان ، وتستعر الحرب بالضرب والطعان ؟ فهل کانا یولیان ویهربان ، أم خلف المسلمین یختبئان ؟!

فتطاوعا ولا تختلفا ، فإن خالفتنی أطعتک . قال: فإنی أخالفک فسلم له أبو عبیدة وصلی خلفه ».

أسئلة:

س1: ألا ترون أن المتعصبین للشیخین استعظموا تأمیر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعمرو بن العاص علیهما فوضعوا علی لسانه أنهما أفضل منه ومن جمیع الصحابة ؟! فزعموا أن عمرواً قال: «فحدثت نفسی أنه لم یبعثنی علی قوم فیهم أبو بکر وعمر إلا لمنزلة لی عنده ، فأتیته حتی قعدت بین یدیه فقلت: یا رسول الله من أحب الناس إلیک؟قال: عائشة.قلت: إنی لم أسألک عن أهلک. قال: فأبوها قلت:

ثم من قال: عمر قلت: ثم من حتی عد رهطاً ،قال: قلت فی نفسی: لا أعود أسأل عن هذا» ! (فتح الباری(8/60) .

س2: لا بد أن یکون الأمیر فی الحرب أفضل من المأمور بمیزة مهمة تؤهله لأن یکون أمیراً علیه ، فما هی المیزة التی جعلت عمرو بن العاص الذی أسلم فی تلک السنة أمیراً عل أبی بکر وعمر ، وقد أسلما قبله ؟

س3: بماذا تفسرون أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )جعلهما قبیل وفاته تحت إمرة أسامة بن زید ، وهو غلام أسود ابن ثمانیة عشر عاماً !

وبعد سنة سمع أن ابا بکر صار خلیفة فجاءه: « قال وسألته عما قیل فی بیعتهم قال وهو یحدثه عما تکلمت به الأنصار وما کلمهم وما کلم به عمر بن الخطاب الأنصار ، وما ذکرهم به من إمامة من أمهم بأمر رسول الله (ص) فی مرضه فبایعونی لذلک وقبلتها منهم ، وتخوفت أن تکون فتنة تکون بعدها ردة »!

وفی الطبرانی فی الکبیر:5/21: « قلت کنت نهیتنی عن الأمارة ثم رکبت بأعظم من ذلک أمة محمد ! قال: نعم ، فمن لم یقم فیهم بکتاب الله فعلیه لعنة الله».

أسئلة:

س1: هل تفهم من هذا النص أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان نصح أبا بکر أن لایتأمر علی أحد کل عمره ، فأخذ أبو بکر ینصح بها الناس ؟!

س2: یصور النص أن الأنصار کانوا حاضرین فی السقیفة مع أنه لم یکن أی اجتماع ولا دعوة الی اجتماع ، وإنما کان سعد مریضاً فقصده أبو بکر وعمر وأبو عبیدة واثنان من خصومه الأوس ، وصفقوا علی ید أبی بکر هناک ! فما قولکم ؟!

لکنهم رووا أن سعداً کان یحرسون النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).قال ابن هشام(2/458): «وسعد بن معاذ قائم علی باب العریش الذی فیه رسول الله (ص) متوشحٌ السیف ، فی نفر من الأنصار ، یحرسون رسول الله یخافون علیه کرة العدو».

ومن جهة أخری رووا أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قاتل فی بدر قتالاً شدیداً ولم یکن معه أبو بکر ولا عمر ، فأین کانا؟! قال علی(علیه السّلام):«لقد رأیتنی یوم بدر ونحن نلوذ بالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وهو أقربنا إلی العدو ، وکان من أشد الناس یومئذ بأساً » ! (مجمع الزوائد:9/12 ، بطرق ، وحسنه ، وابن أبی شیبة:7/578 ، وتاریخ دمشق:4/14، وکنز العمال:10/397 ، عن عدة مصادر وقال إن الطبری صححه.

إذن لا بد من القول إن أبا بکر کان کعمر یحفظ نفسه فی الصفوف الخلفیة ، فقد حدَّثَ عمر عن نفسه بأنه کان فی أطراف المعرکة فرأی العاص بن أبی أحیحة فهابه وهرب منه ! قال لابنه سعید بن العاص:«مالی أراک معرضاً کأنی قتلت أباک؟ إنی لم أقتله ولکن قتله أبو حسن ! رأیته یبحث للقتال کما یبحث الثور بقرنه فإذا شدقاه قد أزبدا کالوزغ فهبته وزِغْتُ عنه فقال إلیَّ أین یا ابن الخطاب! وصمد له علیٌّ فتناوله ، فما رمت من مکانی حتی قتله !

فقال له علی: اللهم غفراً ذهب الشرک بما فیه ومحی الإسلام ما تقدم فما لک تهیِّج الناس علیَّ ؟ فکفَّ عمر وقال سعید: أما إنه ما کان یسرنی أن یکون قاتل أبی غیر ابن عمه علی ». (ابن هشام: 2/464، والصحیح من السیرة: 5/62).

ومع ذلک ادعوا أن عمر کان فی العریش ! وغرضهم تفضیلهما علی علی(علیه السّلام) الذی تحمل نصف أعباء المعرکة وجندل بسیفه نصف قتلی بدر من طغاة قریش!

وقد أجاب علماؤنا علی ذلک ، فقال الشریف المرتضی فی الفصول المختارة/34: «إن المعتزلة والحشویة یدعون أن جلوس أبی بکر وعمر مع رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی

ص: 85

العریش أفضل من جهاد أمیر المؤمنین(علیه السّلام)بالسیف لأنهما کانا مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مستقره یدبران الأمر معه ، ولولا أنهما أفضل الخلق عنده لما اختصهما بالجلوس معه.. الی أن قال: فأما ما توهموه من أنه حبسهما للإستعانة برأیهما ، فقد ثبت أنه کان کاملاً وأنهما کانا ناقصین عن کماله ، وکان معصوماً وکانا غیر معصومین ، وکان مؤیداً بالملائکة وکانا غیر مؤیدین ، وکان یوحی إلیه وینزل القرآن علیه ، ولم یکونا کذلک ، فأی فقر یحصل له مع ما وصفناه إلیهما » انتهی.

أسئلة:

س1: هل أن روایة العریش أو خیمة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی بدر صحیحة ؟وهل کان فیها أبو بکر ، ولما قاتل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لماذا بقی أبو بکر فی الخیمة ولم یقاتل معه ؟!

س2: قال الله تعالی فی الصحابة أهل بدر: کَمَا أَخْرَجَکَ رَبُّکَ مِنْ بَیْتِکَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِیقًا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ لَکَارِهُونَ. یُجَادِلُونَکَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَیَّنَ کَأَنَّمَا یُسَاقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَهُمْ یَنْظُرُونَ. وَإِذْ یَعِدُکُمُ اللهُ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ أَنَّهَا لَکُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَیْرَ ذَاتِ الشَّوْکَةِ تَکُونُ لَکُمْ وَیُرِیدُ اللهُ أَنْ یُحِقَّ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ وَیَقْطَعَ دَابِرَ الْکَافِرِینَ. فمن هم هؤلاء الذین کأنما یساقون الی الموت ؟!

س3: قال مسلم فی صحیحه:5/170: « شاور حین بلغه إقبال أبی سفیان ، قال فتکلم أبو بکر فأعرض عنه ، ثم تکلم عمر فأعرض عنه ». وفی الدر المنثور: 3/165: «فقال عمر بن الخطاب: یا رسول الله ، إنها قریش وعزها ! والله ما ذلت منذ عزت ، ولا آمنت منذ کفرت ، والله لتقاتلنک ، فتأهب لذلک أهبته واعدد له عدته».

وروی البخاری (5/187) قول المقداد: « یا رسول الله إنا لا نقول لک کما قالت بنو إسرائیل لموسی: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّکَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ، ولکن إمض ونحن

ص: 86

معک ! فکأنه سُرِّیَ عن رسول الله».فلماذا أعرض النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عنهما ، وهل المقداد أفضل منهما وأشجع ؟!

س4: هل تعتبرون عمر من الفارین فی بدر ، لأنه قال إنه رأی العاص بن العاص فی معرکة بدر فهرب منه: « رأیته یبحث للقتال کما یبحث الثور بقرنه فإذا شدقاه قد أزبدا کالوزغ فهبته وزغت عنه ! فقال: إلی أین یا ابن الخطاب »! (ابن هشام: 2/464)

س5: مهما فرضتم دور الشیخین فی بدر ، فهل یصح قیاسه بدور علی(علیه السّلام)؟

س6: ما رأیکم فی مناقشة المأمون لفقهاء عصره لما جمعهم وناظرهم فی أفضلیة علی(علیه السّلام)، فقال لإسحاق بن إبراهیم بن إسماعیل بن حماد بن زید: « أی الأعمال کانت أفضل بعد السبق إلی الإسلام ؟ قلت: الجهاد فی سبیل الله ، قال: صدقت ، فهل تجد لأحد من أصحاب رسول الله ما تجد لعلی فی الجهاد ؟

قلت: فی أی وقت ؟ قال فی أی الأوقات شئت !قلت: بدر قال: لا أرید غیرها فهل تجد لأحد إلا دون ما تجد لعلی یوم بدر ؟ أخبرنی کم قتلی بدر ؟ قلت: نیف وستون رجلاً من المشرکین قال: فکم قتل علی وحده؟ . قلت: لا أدری ، قال: ثلاثة وعشرین ، أو اثنین وعشرین ، والأربعون لسائر الناس . قلت: یا أمیر المؤمنین: کان أبو بکر مع رسول الله (ص) فی عریشه ، قال ماذا یصنع ؟ قلت: یدبر ، قال: ویحک یدبر دون رسول الله ، أو معه شریکاً ، أم افتقاراً من رسول الله إلی رأیه؟ أی الثلاث أحب إلیک؟ قلت: أعوذ بالله أن یدبر أبو بکر دون رسول الله أو یکون معه شریکاً ، أو أن یکون برسول الله (ص)افتقار إلی رأیه !

قال: فما الفضیلة بالعریش إذا کان الأمر کذلک ؟ ألیس من ضرب بسیفه بین یدی رسول الله أفضل ممن هو جالس ؟ قلت: یا أمیر المؤمنین کل الجیش کان مجاهداً ، قال: صدقت کل مجاهد ، ولکن الضارب بالسیف المحامی عن رسول الله (ص)وعن الجالس

ص: 87

أفضل من الجالس ، أما قرأت کتاب الله: لا یَسْتَوِی الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُ أُولِی الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِینَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَی الْقَاعِدِینَ دَرَجَةً وَکُلاً وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَی وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِینَ عَلَی الْقَاعِدِینَ أَجْرًا عَظِیمًا . قلت: وکان أبو بکر وعمر مجاهدین ، قال: فهل کان لأبی بکر وعمر فضل علی من لم یشهد ذلک المشهد؟ قلت: نعم، قال: فکذلک سبق الباذل نفسه فضل أبی بکر وعمر . قلت: أجل ». أبو بکر بن أبی قحافة للخلیلی/178 ، ونفحات الأزهار للمیلانی:13/175 ، عن العقد الفرید لابن عبد ربه:5/349.

وفی الصحیح من السیرة (6/183): «ویدل علی فراره: جمیع ما تقدم فی ثبات أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وما تقدم فی فرار سعد...عن عائشة:کان أبو بکر إذا ذکر یوم أحد بکی وقال:کنت أول من فاء یوم أحد » !

أسئلة:

س1: قال الله تعالی فی وصف الصحابة یوم أحد: وَلَقَدْ صَدَقَکُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّی إذا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِی الأمر وَعَصَیْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاکُمْ مَا تُحِبُّونَ..

فهل هم قسم واحد جمعوا الصفات الثلاث : الفشل والجبن ومنازعة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی القیادة ، وعصیانه ، أم هم ثلاثة أقسام ؟

س2: وقال تعالی فی وصفهم : ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا یَغْشَی طَائِفَةً مِنْکُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ یَظُنُّونَ بِاللهِ غَیْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِیَّةِ یَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمر مِنْ شَئٍْ قُلْ إِنَّ الأمر کُلَّهُ للهِ یُخْفُونَ فِی أَنْفُسِهِمْ مَا لایُبْدُونَ لَکَ یَقُولُونَ لَوْ کَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَئٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ کُنْتُمْ فِی بُیُوتِکُمْ لَبَرَزَ الَّذِینَ کُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقَتْلُ إِلَی مَضَاجِعِهِمْ..فمن هم الذین أنزل الله علیهم النعاس وکانوا مؤمنین لکن ضعفوا وانهزموا ؟ ومن هم الذین ظلت عیونهم تبحلق ، واعترضوا علی قیادة النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وأرادوا أن یکونوا شرکاءه فی القیادة ، وکانوا منافقین یخفون ذلک عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

س3: هل توافقون علی قولهم إن سبب الهزیمة فی أحُد هو أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أخطأ فی قیادته ولو أطاعهم لما انهزموا : لَوْ کَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَئٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا !

وأنه أخطأ فی بدر بأخده الفداء من القرشیین ! قال عمر: « فلما کان عام أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا یوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون ، وفرَّ أصحاب رسول الله عن النبی، فکسرت رباعیته وهشمت البیضة علی رأسه وسال الدم علی

ص: 89

وجههوأنزل الله: أَوَلَمّآ أَصَابَتْکُمْ مُصِیبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَیْهَا قُلْتُمْ أَنَّی هَذَا قُلْ هُوَمِنْ عِنْدِ أَنْفُسِکُمْ بأخذکم الفداء »! (مجمع الزوائد: 6/115) .

س4: من هو الصحابی القرشی الذی فرَّ یوم أحد ، وقال:«والذی نفسی بیده لئن کان قتل النبی لنعطینهم بأیدینا ! إنهم لعشائرنا وإخواننا ! وقالوا: لو أن محمداً کان نبیاً لم یهزم ولکنه قد قتل! فترخصوا فی الفرار حینئذ» ! (الدر المنثور: 2/80)

ومن هم مرضی القلوب: «قال أهل المرض والإرتیاب والنفاق حین فرَّ الناس عن النبی: قد قتل محمد ، فالحقوا بدینکم الأول »! (تفسیر الطبری: 4/151) .

س5: روینا أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أمر علیاً(علیه السّلام) أن یجیب أبا سفیان یوم أحد عندما قال: أعلُ هبل! فأجابه: الله أعلی وأجل! وزعم رواة السلطة أن عمر أجابه ، مع أن عمر کان علی الجبل وکان أبو سفیان فی الوادی ، فأین کان عمر عندما أجابه ؟!

س6: هل عندکم نص علی أن أبا بکر وعمر قاتلا یوم أحد ، أو رجعا من الفرار قبل دفن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )للشهداء ؟!

س7: قال ابن هشام: 2/282:« وکان ضرار لحق عمر بن الخطاب یوم أحد فجعل یضربه بعرض الرمح ویقول: أنج یا بن الخطاب ، لا أقتلک ، فکان عمر

یعرفها له بعد إسلامه ».فمتی کانت هذه الحادثة ، ولماذا قررت قریش أن لاتقتل عمر ؟!

الأحزاب ، لکن رواة قریش أخفوا الصحابة مرضی القلوب والفارین ، الذین عصوا النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وکذبوا علیه فی سبب الإستئذان ، أو تأخروا عن المدة المجازة ، وهو فرار مخفی لکنه فرار کامل جامع للشروط الشرعیة، وقد فضحه فی آیات الأحزاب بقوله: وَلَقَدْ کَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا یُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَکَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولاً ، فسماه بأشد أسماء الفرار ! وفضحته أحادیثهم الصحیحة، أولها: حدیث ابن عمر قال: « بعثنی خالی عثمان بن مظعون لآتیه بلحاف فأتیت النبی فاستأذنته وهو بالخندق فأذن لی وقال: من لقیت فقل لهم إن رسول الله یأمرکم أن ترجعوا ، وکان ذلک فی برد شدید ، فخرجت ولقیت الناس فقلت لهم إن رسول الله یأمرکم أن ترجعوا . قال:فلا والله ما عطف علیَّ منهم اثنان أو واحد»! (رواه الطبرانی فی الأوسط:5/275، وصححه فی مجمع الزوائد:6/135).

وثانیها: حدیث حذیفة ، رواه الحاکم (3/31) وصححه ، ووثقه فی الزوائد (6/136):«إن الناس تفرقوا عن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لیلة الأحزاب فلم یبق معه إلا اثنا عشر رجلاً ! فأتانی رسول الله وأنا جاثم من البرد وقال: یا ابن الیمان قم فانطلق إلی عسکر الأحزاب فانظر إلی حالهم . قلت: یا رسول الله والذی بعثک بالحق ما قمت إلیک إلاحیاء منک من البرد.».

وثالثها: حدیث عائشة الذی رواه أحمد(6/141)ومصادر السیرة والزوائد (6/138) وحسَّنه وقد وصفت فیه اختباء جماعة من الصحابة فی حدیقة ، منهم عمر وطلحة ، وذکرت أن عمر کان یتخوف من الهزیمة والفرار العام !

روی محمد بن سلیمان فی مناقب علی(علیه السّلام):1/222، بسنده عن ربیعة السعدی ، وروته مصادر الطرفین ،قال ربیعة:«أتیت حذیفة بن الیمان فقلت: یا أبا عبد الله إنا نتحدث فی علی وفی مناقبه فیقول لنا أهل البصرة إنکم لتفرطون فی علی وفی مناقبه ، فهل أنت

ص: 91

تحدثنی فی علی بحدیث؟فقال حذیفة: یا ربیعة إنک لتسألنی عن رجل والذی نفسی بیده لو وضع عمل جمیع أصحاب محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی کفة المیزان من یوم بعث الله محمداً إلی یوم الناس هذا ووضع عمل علی یوماً واحداً فی الکفة الأخری لرجح عمله علی جمیع أعمالهم ! فقال ربیعة: هذا الذی لا یقام له ولا یقعد !

فقال حذیفة: وکیف لا یُحتمل هذا یا ملکعان (یا أحمق) ! أین کان أبو بکر وعمر وحذیفة ثکلتک أمک ، وجمیع أصحاب محمد یوم عمرو بن عبد ود ینادی للمبارزة ؟فأحجم الناس کلهم ما خلا علیاً فقتله الله علی یدیه؟! والذی نفسی بیده لعمله ذلک الیوم أعظم عند الله من جمیع أعمال أمة محمد إلی یوم القیامة» !

أسئلة:

س1: روی أحمد(6/141)ومصادر السیرة وحسنه فی الزوائد (6/138)، وصف عائشة لاختباء جماعة من الصحابة فی حدیقة ، منهم عمر وطلحة ، وأن عمر کان یتخوف من الفرار العام ! ففی أی حدیقة کان أبو بکر یومها ؟!

س2: بعد أن قتل علی(علیه السّلام)عمرو بن ود ، أمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عمر بن الخطاب أن یبرز الی ضرار بن الخطاب فنکص عنه ! هل تعرفون لماذا؟!

س3:کیف تقبلون روایة بخاری (1/147) «أن عمر بن الخطاب جاء یوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل یسب کفار قریش ! قال: یا رسول الله ماکدت أصلی العصر حتی کادت الشمس تغرب؟ قال النبی(ص): والله ما صلیتها ، فقمنا إلی بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلی العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلی بعدها المغرب» !

وهی لا تنطبق علی أحداث یوم الخندق ، ولا تتفق مع مقام النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وعصمته ؟ راجع ما کتبناه فی السیرة ، وفی هذا الکتاب:1/171.

ص: 92

س4: رویتم مدح النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعلی(علیه السّلام)بمثل قوله:«لمبارزة علی بن أبی طالب لعمرو بن عبد ود یوم الخندق أفضل من أعمال أمتی إلی یوم القیامة»(الحاکم:3/32) وقوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): «مبارزة علی بن أبی طالب لعمرو بن عبد ود یوم الخندق أفضل من عمل أمتی إلی یوم القیامة». (تاریخ دمشق:50/333)! فهل رویتم مدحاً مشابهاً لغیره؟!

واعترفوا بفرار الشیخین بالمسلمین ! وأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )غضب وأحضر علیاً(علیه السّلام) ولعله کان فی منطقة النطاة من خیبر ، وقال: لأعطین الرایة غداً رجلاً یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله ، کرار غیر فرار ، لایرجع حتی یفتح الله علی یدیه !

«دعا أبا بکر فعقد له لواءً ثم بعثه فسار بالناس فانهزم حتی إذا بلغ ورجع ، فدعا عمر فعقد له لواءً فسار ثم رجع منهزماً بالناس ! فقال رسول الله: لأعطین الرایة رجلاً یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله یفتح الله له لیس بفرار .» (سنن النسائی :5/108، وصححه فی الزوائد :9/124).

«بعث أبا بکر فسار بالناس فانهزم حتی رجع إلیه ، وبعث عمر فانهزم بالناس حتی انتهی إلیه ، فقال رسول الله (ص):لأعطین الرایة رجلا یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله ، یفتح الله له لیس بفرار ) (مصنف ابن أبی شیبة:8/522).

«بعث رسول الله(ص) أبا بکر بن أبی قحافة برایته إلی بعض حصون خیبر ، فقاتل ، فرجع ولم یک فتحاً وقد جهد ، ثم بعث عمر بن الخطاب الغد ، فقاتل ، ثم رجع ولم یک فتحاًوقد جهد ، فقال رسول الله:لأعطین الرایة رجلا یحب الله ورسوله، یفتح الله علی یدیه لیس بفرار»! (الحارث/218، والطبرانی الکبیر:7/35).

وفی الدرر لابن عبد البر/198: «ووقف إلی بعض حصونهم فامتنع علیهم فتحه ولقوا فیه شدة ، فأعطی رایته أبا بکر الصدیق فنهض بها وقاتل واجتهد ولم یفتح علیه ، ثم أعطی الرایة عمر فقاتل ثم رجع ولم یفتح له وقد جهد ، فحینئذ قال رسول الله (ص): لأعطین الرایة غداً رجلاً یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله لیس بفرار ، یفتح الله عز وجل علی یدیه ».

وفی تفسیر الثعلبی:9/50: «فحاصرناهم حتی أصابتنا مخمصة شدیدة ، ثم إن الله تعالی فتحها علینا ، وذلک أن رسول الله (ص)أعطی اللواء عمر بن الخطاب ،

ص: 94

ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خیبر فانکشف عمر وأصحابه ، فرجعوا إلی رسول الله(ص)ُیجَبِّنُهُ أصحابه ویجبنهم ، وکان رسول الله قد أخذته الشقیقة فلم یخرج إلی الناس ، فأخذ أبو بکر رایة رسول الله ، ثم نهض فقاتل قتالاً شدیداً ثم رجع ، فأخذها عمر ، فقاتل قتالاً شدیداً ، وهو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فأخبر بذلک رسول الله فقال: أما والله لأعطین الرایة غداً رجلاً یحب الله ورسوله...».

أسئلة:

س1: ماذا تفهم من قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعد هزیمة أبی بکر وعمر یومین متتالین: أما والله لأعطین الرایة غداً رجلاً یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله، کرار غیر فرار ، لایرجع حتی یفتح الله علی یدیه ؟!

س2: هل یفهم من هزیمة أبی بکر وعمر فی خیبر وانتصار علی(علیه السّلام) ، أن الیهود لایحقق النصر علیهم إلا علی(علیه السّلام) وشیعته ؟

س3: أراد البخاری أن یغطی علی فرار أبی بکر وعمر فطعن بعلی(علیه السّلام) وقال إنه تخلف عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی خیبر لأنه کان أرمد ، ثم تاب والتحق به !

قال بخاری(4/12): «کان علی رضی الله عنه تخلف عن النبی(ص) خیبر وکان به رمد ، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله! فخرج علی فلحق بالنبی(ص) ، فلما کان مساء اللیلة التی فتحها فی صباحها فقال رسول الله (ص):لأعطین الرایة أو قال لیأخذن غداً رجل یحبه الله ورسوله أو قال یحب الله ورسوله یفتح الله علیه ، فإذا نحن بعلی وما نرجوه، فقالوا هذا علی فأعطاه رسول الله الرایة ، ففتح الله علیه ».

وأحس ابن حجر بالفضیحة فقال فی شرحه(7/365): «وقع فی هذه الروایة اختصار وهو عند أحمد والنسائی وابن حبان والحاکم من حدیث بریدة بن الخصیب ، قال: لما

ص: 95

کان یوم خیبر أخذ أبو بکر اللواء فرجع ولم یفتح له ، فلما کان الغد أخذه عمر فرجع ولم یفتح له ، وقتل محمود بن مسلمة ، فقال النبی(ص):لأدفعن لوائی غداً إلی رجل...وفی الباب عن أکثر من عشرة من الصحابة سردهم الحاکم فی الإکلیل ، وأبو نعیم ، والبیهقی فی الدلائل».ونحوه عمدة القاری (14،213). فما رأیکم فی ذلک ؟

س4:فسروا لنا الحدیث الذی رواه أحمد ، ووثقه فی الزوائد(6/151، و: 9/124):عن أبی سعید الخدری أن رسول الله (ص) أخذ الرایة فهزها ثم قال: من یأخذها بحقها؟ فجاء فلان فقال: أمِطْ (إذهب عنی!).ثم جاء رجل آخر فقال: أمط ! ثم قال النبی(ص): والذی کرم وجه محمد لأعطینها رجلاً لا یفر، هاک یا علی! فانطلق حتی فتح الله علیه » وأبو یعلی:2/499 وأحمد: 3/16، وتاریخ دمشق: 1/194، والنهایة: 4/381.

ویؤید ما قلناه أنک تلمس اضطراب رواة السلطة وتناقضهم فی سبب نزول سورة العادیات ، فراجع ذلک فی السیرة النبویة عند أهل البیت(علیهم السّلام) !

قال المفید فی الإرشاد (1/150): «ثم کانت غزاة السلسلة وذلک أن أعرابیاً جاء إلی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فجثا بین یدیه وقال له: جئتک لأنصح لک قال: وما نصیحتک ؟قال قوم من العرب قد اجتمعوا بوادی الرمل وعملوا علی أن

یبیتوک بالمدینة ، ووصفهم له فأمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن ینادی بالصلاة جامعة ، فاجتمع المسلمون وصعدالمنبر فحمد الله وأثنی علیه ثم قال: أیها الناس إن هذا عدوالله وعدوکم قد

عمل علی أن یبیتکم فمن لهم؟فقام جماعة من أهل الصفة فقالوانحن نخرج الیهم یا رسول الله فول علینامن شئت ، فأقرع بینهم فخرجت القرعة علی ثمانین رجلاً منهم ومن غیرهم.، فاستدعی أبابکر فقال له: خذا للواء وامض إلی بنی سلیم فإنهم قریب من الحرة ، فمضی ومعه القوم حتی قارب أرضهم ، وکانت کثیرة الحجارة وهم ببطن الوادی والمنحدر الیه صعب ، فلما صار أبوبکر إلی الوادی وأراد الإنحدار خرجوا الیه فهزموه ، وقتلوا من المسلمین جمعاً کثیراً وانهزم أبوبکر من القوم .. ومکث رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أیاماً یدعو علیهم ، ثم دعا أمیرالمؤمنین(علیه السّلام)فعقدله ثم قال: أرسلته کراراً غیرفرار، ثم رفع یدیه إلی السماء وقال: اللهم إن کنت تعلم أنی رسولک فاحفظنی فیه... وخرج رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) لتشییعه وبلغ معه إلی مسجد الأحزاب ، وعلی (علیه السّلام)علی فرس أشقر مهلوب ، علیه بردان یمانیان وفی یده قناة خطیة ، فشیعه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ودعا له وأنفذ معه فیمن أنفذ أبابکر وعمرو بن العاص ، فسار بهم نحوالعراق متنکباً الطریق حتی ظنوا أنه یریدبهم غیرذلک الوجه ، ثم أخذ بهم علی محجة غامضة.، استقبل

ص: 97

الوادی من فمه وکان یسیر اللیل ویکمن النهار ، فلما قرب من الوادی أمر أصحابه أن یعکموا الخیل » .

وفی إعلام الوری(1/382): « خرج ومعه لواء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعد أن خرج غیره إلیهم ورجع عنهم خائباً ، ثم خرج صاحبه

وعاد بما عاد به الأول ، فمضی علی (علیه السّلام)حتی وافی القوم بسحر ،وصلی بأصحابه صلاة الغداة وصفهم صفوفاً واتکأ علی سیفه مقبلاً علی العدووقال: یاهؤلاء أنا رسول رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن تقولوا :لاإله إلا الله محمد رسول الله وإلا ضربتکم بالسیف !فقالوا له: إرجع کما رجع صاحباک ! قال: أنا أرجع ! لا والله حتی تسلموا أو لأضربنکم بسیفی هذا أنا علی بن أبی طالب بن عبد المطلب! فاضطرب القوم! وواقعهم فانهزموا ، وظفر المسلمون وحازوا الغنائم ».

أسئلة:

س1: ما رأیکم فی روایتنا بأن سورة العادیات نزلت فی هذه الغزوة: وَالْعَادِیَاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِیَاتِ قَدْحاً، أی تضبح لاهثة من سرعة رکضها وتقدح الحجارة بحوافرها؟ وفی تخبط رواة السلطة فی سبب نزولها ، لأنهم أنکروا غزوة السلاسل التی قادها علی(علیه السّلام)وانتصر فیها ، واستبدلوها بغزوة سموها ذات السلاسل قادها عمرو بن العاص ! .راجع ما کتبناه فی السیرة .

س2- کیف یصح فی اللغة أنَّ الموریات قدحاً هی الإبل ؟!(فتح الباری: 8/559).

ص: 98

وقال فی الإرشاد(1/140):«وفی ذلک یقول مالک بن عبادة الغافقی :

لم یواس النبی غیر بنی

هاشم عند السیوف یوم حنین

هرب الناس غیر تسعة رهط

فهم یهتفون بالناس أین

ثم قاموا مع النبی علی الموت

فآبوا زینا لنا غیر شین

وثوی أیمن الأمین من القوم

شهیدا فاعتاض قرة عین

وقال العباس بن عبد المطلب فی هذا المقام :

نصرنا رسول الله فی الحرب تسعة

وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا

وقولی إذا ما الفضل شد بسیفه

علی القوم أخری یا بنی لیرجعوا

وعاشرنا لاقی الحمام بنفسه

لما ناله فی الله لا یتوجع

یعنی به أیمن بن أم أیمن».

وفی الروضة المختارة فی شرح القصائد العلویات السبع لابن أبی الحدید/107:

«وأعجب إنساناً من القوم کثرةٌ

فلم یُغْنَ شیئاً ثم هرول مدبرا

وضاقت علیه الأرض من بعد رحبها

وللنص حکم لا یدافع بالمِرا

ولیس بنکر فی حنینٍ فراره

ففی أحدٍ قد فر خوفاً وخیبرا

رویدک إن المجد حلو لطاعمٍ

غریب فإن مارسته ذقت ممقرا

وما کل من رام المعالی تحملت

مناکبه منها الرکام الکنهورا

تَنَحَّ عن العلیاء یسحبُ ذیلَهَا

هُمام تردی بالعلی وتأزرا

فتی لم تُعَرِّقْ فیه تَیْمُ بن مرة

ولا عَبَدَ اللاتَ الخبیثة أعصرا

ولا کان معزولاً غداة براءة

ولا عن صلاة أم َّفیها مؤخرا

ولا کان فی بعث ابن زید مؤمراً

علیه فأضحی لابن زید مؤمرا

ولا کان یوم الغار یهفو جنانه

حذارا ًولا یوم العریش تسترا

إمام هدی بالقرص آثر فاقتضی

له القرص رد القرص أبیض أزهرا»

ص: 100

وفی منهاج الکرامة/168: «وفی غزاة حنین خرج رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )متوجهاً إلیهم فی عشرة آلاف من المسلمین ، فعانهم(أصابهم بالعین) أبو بکر وقال: لن نغلب الیوم من کثرة ، فانهزموا ولم یبق مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )غیر تسعة من بنی هاشم ، وأیمن بن أم أیمن ، وکان أمیر المؤمنین(علیه السّلام)بین یدیه یضرب بالسیف ، وقتل من المشرکین أربعین نفراً فانهزموا ».

أسئلة:

س1: روی بعض رواتکم أن أبا بکر وعمر لم یفرَّا فی حنین ، فهل تستطیعون إثبات وجودهما الی جانب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عندما هرب الجمیع ما عدا بنی هاشم ؟

س2: هل توافق علی نسبة عمر معصیة الفرار الی الله تعالی؟فقد روی بخاری: (4/57): قال أبو قتادة:« فلحقت عمر بن الخطاب فقلت:ما بال الناس؟قال: أمر الله»!

س3: ما رأیکم فی مناظرة المأمون مع فقهاء عصره ،قال: «وخبرنی عن قوله تعالی فأنزل الله سکینته علیه علی من؟ قال إسحاق: فقلت علی أبی بکر لأن النبی (ص) کان مستغنیاً عن السکینة . قال: فخبرنی عن قوله عز وجل: وَیَوْمَ حُنَیْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْکُمْ کَثْرَتُکُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْکُمْ شَیْئًا وَضَاقَتْ عَلَیْکُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّیْتُمْ مُدْبِرِینَ . ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَکِینَتَهُ عَلَی رَسُولِهِ وَعَلَی الْمُؤْمِنِینَ . أتدری من المؤمنون الذین أراد الله تعالی فی هذا الموضع؟قال: فقلت لا ، فقال: إن الناس انهزموا یوم حنین فلم یبق مع النبی إلا سبعة من بنی هاشم.، عنی بالمؤمنین فی هذا الموضع علیاً ومن حضر من بنی هاشم ، فمن کان أفضل أمن کان مع النبی نزلت السکینة علی النبی وعلیه أم من کان فی الغار مع النبی (ص) ولم یکن أهلاً لنزولها علیه ؟!» (عیون أخبار الرضا(علیه السّلام):1/207)

یشیر الی قوله تعالی: فَأَنْزَلَ اللهُ سَکِینَتَهُ عَلَیْهِ..ولم یقل: علیهما .

ص: 101

المکان وأصاب أبو بکر وعمر ، ولا أنه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أخطأ بأمره بذبح الجمال ، فنهاه عن ذلک أبو بکر وعمر ، وأمراه أن یجمع ما بقی من زاد المسلمین ویدعو ففعل !

وقد طبل بها بخاری فی صحیحه(3/109و:4/13) وقال مسلم (1/42): « لما کان غزوة تبوک أصاب الناس مجاعة ، قالوا: یا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأکلنا وادهنا ، فقال رسول الله( ص ): إفعلوا ! قال فجاء عمر فقال: یا رسول الله إن فعلت قلَّ الظهر ، ولکن أدعهم بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم علیها بالبرکة ، لعل الله أن یجعل البرکة فی ذلک ؟فقال رسول الله: نعم . قال فدعا بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم قال فجعل الرجل یجئ بکف ذرة ، قال ویجئ الآخر بکف تمر، قال ویجئ الآخر بکسرة ، حتی اجتمع علی النطع من ذلک شئ یسیر قال فدعا رسول الله علیه بالبرکة ثم قال: خذوا فی أوعیتکم قال: فأخذوا فی أوعیتهم حتی ما ترکوا فی العسکر وعاء إلا ملأوه »! راجع من هذا الکتاب :2/269.

س1: ألا ترون أن هذه الفضائل المزعومة بعضها یطعن فی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وبعضها لم یروها إلا واحد مع أنها کانت علی ملأ کبیر من المسلمین ، ولو صحت لکثر رواتها!

قبل الفتح وأنفقوا وقاتلوا الکفار، وقد وعدهم الله الحسنی وهی الجنة وما فیها من الثواب.

فیقال لهم: أما قولکم إن أبا بکر وعمر قد أنفقا قبل الفتح فهذا ما لاحجة فیه بخبر صادق ولاکتاب ، وهو محل خلاف والبرهان علی کذبه مشهود .وأما قولکم إنهما قاتلا الکفار فهذه مجمع علی بطلانها غیر مختلف فی فسادها ، إذ لا ینسب إلیهما قتل کافر معروف ، ولا جراحة مشرک موصوف ولا مبارزة قرن ولا منازلة کفؤ . وأما هزیمتهما من الزحف فهی أشهر وأظهر من أن یحتاج فیه إلی الإستشهاد ، وإذا خرج الرجلان من الصفات التی تعلق الوعد بمستحقها من جملة الناس ، فقد بطل ما بنیتم علی کلامکم ، لأن الإعتبار بمجموع الأمرین یعنی القتال والإنفاق ، ومعلوم أن أبا بکر لم یقاتل قبل الفتح ولا بعده ، وهذا القدر یخرجه من تناول الآیة ».

وقال فی الافصاح/133، فی قوله تعالی: أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْکَافِرِینَ یُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللهِ وَلا یَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ: «وهذا وصف لایمکن أحداً دفع أمیر المؤمنین(علیه السّلام) عن استحقاقه بظاهر ما کان علیه من شدته علی الکافرین ، ونکایته فی المشرکین وغلظته علی الفاسقین ، ومقاماته المشهورة فی تشیید الملة ونصرة الدین ، ورأفته بالمؤمنین ، ورحمته للصالحین . ولا یمکن أحداً ادعاؤه لأبی بکر إلا بالعصبیة ، أو الظن دون الیقین ، لانه لم یعرف له قتیل فی الإسلام ، ولا بارز قرناً ، ولم یر له موقف عنی فیه بین یدی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ولا نازل بطلاً ، ولا سفک بیده لأحد المشرکین دماً ، ولا کان له فیهم جریح، ولم یزل من قتالهم هارباً ، ومن حربهم ناکلاً . وکان علی المؤمنین غلیظاً ولم یکن بهم رحیماً. ألا تری ما فعله بفاطمة سیدة نساء العالمین(علیهاالسّلام)وما أدخله من الذل علی ولدها » !

ص: 104

أسئلة:

س1: کیف تطبقون آیات الجهاد والقتال علی أبی بکر أو عمر، ولم یقاتلا أبداً ؟!

س2: قال الله تعالی عن بدر: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ کَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَنْ یُوَلِّهِمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَیِّزًا إِلَی فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَاْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِیرُ .

وقال بعدها عن الخندق: وَلَقَدْ کَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا یُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَکَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولاً .فهل تعترفون باستحقاق أبی بکر وعمر هذه العقوبة ؟!

س3: هل یصح وصف أبی بکر وعمر بأنهما أذلة علی المؤمنین ، وقد أجبرا المؤمنین علی بیعتهما ، وهددا علیاً وفاطمة(علیهماالسّلام)بإحراق بیتهما إن لم یبایعا ؟!

س4: من هم الملعونون الذین أخفوا أسماءهم رغم أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعنهم أمام الناس: «وقد کان فی حَرَّة فمشی ، فقال: إن الماء قلیل فلا یسبقنی إلیه أحد ، فوجد قوماً قد سبقوه ، فلعنهم یومئذ » (صحیح مسلم:8/123).

والجهاد بالید فی الطعن والضرب أقل مراتب الجهاد..! ثم قال ابن تیمیة:« وإذا کانت الشجاعة المطلوبة من الأئمة بشجاعة القلب ، فلا ریب أن أبا بکر کان أشجع من عمر وعمر أشجع من عثمان وعلی وطلحة والزبیر وهذا یعرفه من یعرف سیرهم وأخبارهم ، فإن أبا بکر باشر الأهوال التی کان یباشرها النبی من أول الإسلام إلی آخره ولم یجبن ولم یحرج ولم یفشل ، وکان یقدم علی المخاوف یقی النبی(ص) بنفسه یجاهد المشرکین تارة بیده وتارة بلسانه وتارة بماله ، وهو فی ذلک کله مقدم ! وکان یوم بدر مع النبی (ص) فی العریش مع علمه بأن العدو یقصدون مکان رسول الله ، وهو ثابت القلب ربیط الجأش یظاهر النبی ویعاونه. ولما قام النبی(ص) یدعو ربه ویستغیث ویقول: اللهم أنجز لی ما وعدتنی اللهم إن تهلک هذا العصابة لا تعبد اللهم اللهم.. جعل أبو بکر یقول له: یا رسول الله هکذا مناشدتک ربک إنه سینجز لک ما وعدک ! وهذا یدل علی کمال یقین الصدیق وثقته بوعد الله وثباته وشجاعته»!وکرره فی مجموع فتاواه: 28/257.

وقد ردَّ علماء الشیعة المعاصرون أکذوبة ابن تیمیة وابن حزم ! راجع الغدیر:7/200، ومحاضرات فی الإعتقادات: 1/324، ودراسات فی منهاج السنة/214 ، کلاهما للسید المیلانی ، والصحیح من السیرة:5/41 ، وقد شکک فی وجود العریش .

أسئلة:

س1: هل توافقون ابن تیمیة بأن الشجاعة فی القلب والنیة ، ولیس فی العمل ؟!

س2: إذا صح قول ابن تیمیة إن الشجاعة من صفات النیة وقوة القلب ، فکیف عرف أن قلب الشیخین لثباتهما فی العریش مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی بدر ، أقوی من قلب علی(علیه السّلام)الذی غاص فی وطیس العرکة وجندل نصف عتاة قریش ؟!

ص: 106

زرع وتفضله علیه ، فقالت عائشة فی آخر الحدیث: «قلت: یا رسول الله بل أنت خیر من أبی زرع » .وروته مصادرهم ووثقه علماؤهم أو صححوه ، کتهذیب الکمال :23/392، ومیزان الإعتدال:3/375، ومجمع الزوائد:4/317، وأمثال الحدیث للرامهرمزی/131، وفتح الباری:9/222، وتاریخ بخاری الکبیر:1/224 ، وتهذیب الکمال:21/416، وتهذیب التهذیب:8/325، وسنة ا بن أبی عاصم/225 وإعانة الطالبین:4/199/والطبرانی الکبیر:23/174.

وتبلغ الأوقیة فی ذلک الوقت أربعین درهماً ، وفی زمن الإمام الصادق(علیه السّلام)ألف درهم (الأوزان والمقادیر/16).فتکون ثروة أبی بکر حسب قول عائشة ألف ملیون درهم ، وهو أمرٌ غیر معقول ! ولهذا اضطر الذهبی رغم تعصبه المفرط أن یجعل المبلغ ألف أوقیة ، بدل ملیون أوقیة !

قال فی سیره (2/185): «وأعتقد لفظة ألف الواحدة باطلة ، فإنه یکون أربعین ألف درهم ، وفی ذلک مفخر لرجل تاجر ، وقد أنفق ماله فی ذات الله ، ولما هاجر کان قد بقی معه ستة آلاف درهم ، فأخذها صحبته . أما ألف ألف أوقیة ، فلا تجتمع إلا لسلطان کبیر ».

لکن لا تصح دعوی الذهبی بأن الألف الأولی زائدة ، لأن علماءهم تلقوا الخبر وصححوه بروایة: ألف ألف أوقیة !

کما لا یصح ما افترضه الذهبی من عنده أن أبا بکر أنفق الملیون درهم علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مکة ، لأن ذلک لم یظهر ولم یروه أحد حتی فی صاع حنطة أوصله الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی سنوات حصارهم ! ولا بدراهم یسیرة أعطاها لمستضعف من المسلمین ، إلا مازعموه من شرائه لبلال ، ولم یثبت ، أما ما زعموه من إنفاقه علی ابن خالته مسطح فقد کان یعمل معه .

ص: 108

قال الأمینی(رحمه الله)فی الغدیر(8/50):« ونضدت له (عائشة)ثلاثمأة وستین کرسیاً فی داره ، وأسدلت علی کل کرسی حلة بألف دینار ، کما سمعته عن الشیخ محمد زین العابدین البکری، وأنت تعلم ما یستتبع هذا التجمل من لوازم وآثار وأثاث وریاش ، ومناضد وأوانی وفرش ، لا تقصر عنها فی القیمة ! وما یلزم من خدم وحشم ، وقصور شاهقة وغرف مشیدة ، وما یلازم هذه البسطة فی المال من خیل ورکاب وأغنام ومواش وضیع وعقار ، إلی غیرها من توابع !

من أی حرفة أو مهنة أو صنعة أو ضیاع حصل الرجل علی ملیون أوقیة من النقود ؟ وکان یومئذ یوم فاقة لقریش ، وکانوا کما وصفتهم الصدیقة الطاهرة فی خطبتها مخاطبة أبا بکر والقوم معه: کنتم تشربون الطَّرَق ،وتقتالون الوَرق ، أذلة خاسئین ، تخافون أن یتخطفکم الناس من حولکم فأنقذکم الله برسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )»!

وقال العلامة الحلی(رحمه الله)فی منهاج الکرامة/187:

«وأما إنفاقه علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فکذب ، لأنه لم یکن ذا مال ، فإن أباه کان فقیراً فی الغایة ، وکان ینادی علی مائدة عبد الله بن جدعان بمُدٍّ فی کل یوم یقتات به! فلو کان أبو بکر غنیاً لکفی أباه !وکان معلماً للصبیان فی الجاهلیة ، وصار فی الإسلام خیاطاً ، ولما ولی أمر المسلمین منعه الناس من الخیاطة فقال: إنی أحتاج إلی القوت ، فجعلوا له فی کل یوم ثلاثة دراهم من بیت المال !والنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان قبل الهجرة غنیاً بمال خدیجة(علیهاالسّلام)ولم یحتج إلی الحرب وتجهیز الجیوش، وبعد الهجرة لم یکن لأبی بکر شئ البتة » .

وعندما صار أبو بکر خلیفة قال: «إن حرفتی لم تکن لتعجز عن مؤونة أهلی ، وقد شغلت بأمر المسلمین ، وسأحترف للمسلمین فی مالهم، وسیأکل آل أبی بکر

ص: 109

من هذا المال» (الطبقات:3/184) فجعل له الصحابة کل یوم درهمین ونصف شاة.(المغنی :11/377 ، وفتح الباری:4/258).

ثم جعلوا له ألفی درهم فی السنة: «فقال: زیدونی فإن لی عیالاًوقد شغلتمونی عن التجارة ، فزادوه خمسمائة .وکان یقیم یوم الجمعة فی صدر النهار بالسنح یصبغ رأسه ولحیته ، ثم یروح لقدر الجمعة فیجمع بالناس. وکان رجلاً تاجراً فکان یغدو کل یوم السوق فیبیع ویبتاع ، وکانت له قطعة غنم تروح علیه ، وربما خرج هو نفسه فیها»! (الطبقات:3/184) راجع الصحیح من السیرة:4/56 و96.

أسئلة:

س1: هل تقبلون أن ثروة أبی بکر کانت ألف ألف أوقیة ذهب ، أم تحذفون صفراً من روایة عائشة کما فعل الذهبی ؟ وهل عندکم نص علی إنفاق أبی بکر فی مکة ؟!

س2: کیف تصدقون عائشة أن أباها کان ملیونیراً فی مکة ، وغنیاً عندما هاجر ، وقد رویتم فی صحیح مسلم (6/117): «بینا أبو بکر قاعد وعمر معه إذ أتاهما رسول الله(ص) فقال: ما أقعدکما هاهنا؟ قالا: أخرجنا الجوع من بیوتنا »

وفی الترغیب والترهیب:3/148:«فانطلقوا حتی أتوا باب أبی أیوب الأنصاری فأطعمهم»! وقال الرازی فی تفسیره: (4/169): «وأما الجوع فقد أصابهم فی أول مهاجرة النبی (ص) إلی المدینة لقلة أموالهم» .

س3: هل یمکنکم إثبات شجاعة عمر فی مکة ، وأین کان وماذا فعل فی أوقات الشدة التی مرت علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): عندما أصر المشرکون علی أن یقتلوه ، وعندما حاصروه فی الشعب ، وعندما کان یتخفی بعد وفاة أبی طالب ، وعندما ذهب الی الطائف ، وعندما هاجر من مکة خائفاً یترقب فوجد أبا بکر فأخذه معه ؟!

ص: 110

مطروداً عن البلاد ! حتی صار القتل مسنوناً لمن أظهر ولایة أمیر المؤمنین (علیه السّلام) وإن کان مظهراً لمحبة أبی بکر وعمر ! ومن تبرأ من أمیر المؤمنین(علیه السّلام)حکموا له باعتقاد السنة ، وولایة أبی بکر وعمر وعثمان ، ونال القضاء والشهادات والإمارات ، وقربت منازلهم من خلفاء بنی أمیة وبنی العباس بالعصبیه لهؤلاء والدعاء إلی إمامتهم ، والتخرص بما یضیفونه إلیهم من الفضل الذی یخالف القرآن وتنفیه بالسنة ، ویستحیل فی العقول » !

أسئلة:

1: کیف یکون شخصیة اجتماعیة ، وسفیر قریش فی الجاهلیة ، کما زعموا ، وهذه النصوص الثابتة تدل علی فقره فی نشأته وشبابه ، وأن شغله کان دلال حمیر ؟!

2: لماذا لایوجد أی نص عن دور أبی بکر وعمر فی الشدائد التی مرت علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مکة ؟! فقد زعمتم أنهما کانا مسلمین، لکن السیرة والتاریخ لم یرویا شیئاً من نصرتهما للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بفعل ولا قول ، ولا بصاع حنطة فی سنوات المحاصرة ؟!

ابن أبی طالب أصبحت مولای ومولی کل مؤمن ومؤمنة ثم أمر أمهات المؤمنین أن یدخلن علیه ویهنئنه ».

وفی نفحات الأزهار(6/13): «وطفق القوم یهنئون أمیر المؤمنین(علیه السّلام)بعد خطبة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ویبایعونه بالإمامة ، وقد کان فی مقدمهم الشیخان أبو بکر وعمر ، کل یقول: بخ بخ لک یا ابن أبی طالب أصبحت وأمسیت مولای ومولی کل مؤمن ومؤمنة » !

وروی الموفق الخوارزمی فی المناقب/88، موقفاً مشابهاً لأبی بکر،عن الحارث الهمدانی قال: «بلغنا أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان فی جمع من أصحابه فقال: یأتیکم آدم فی علمه ونوحاً فی فهمه وإبراهیم فی حکمته ، فلم یکن بأسرع من أن طلع علی ! فقال أبو بکر: یا رسول الله أقست رجلاً بثلاثة من الرسل؟بخ بخ لهذا الرجل ، من هو یا رسول الله ؟ قال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): ألا تعرفه یا أبا بکر ؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أبو الحسن علی بن أبی طالب ، فقال أبو بکر: بخ بخ لک یا أبا الحسن وأین مثلک یا أبا الحسن ».

أسئلة:

س1: ما رأیکم فی قول الغزالی فی کتابه سر العالمین: « لکن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهیر علی متن الحدیث من خطبته فی یوم غدیر خم باتفاق الجمیع وهو یقول: من کنت مولاه فعلی مولاه . فقال عمر: بخ بخ یا أبا الحسن ، لقد أصبحت مولای ومولی کل مؤمن ومؤمنة، فهذا تسلیم ورضی وتحکیم ! ثم بعد هذا غلب الهوی بحب الریاسة ، وحمل عمود الخلافة ، وعقد البنود وخفقان الهوی ، فی قعقعة الرایات واشتباک ازدحام الخیول ، وفتح الأمصار ، وسقاهم کأس الهوی ، فعادوا إلی الخلاف الأول: فنبذوه وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمناً قلیلاً فبئس ما یشترون »!

ص: 113

س1: ماذا تصنعون بحدیث أبی هریرة الصحیح

المتقدم ، الذی لایستطیع أحد الطعن فی سنده ؟وماذا یترتب علی اعترافکم بالغدیر وآیته وتهنئة أبی بکر وعمر لعلی(علیه السّلام)؟! وسیأتی أن عمر اعترف بعید الغدیر ، وزعم أنه اصطدم بعید آخر !

أقول: معنی قوله:« فبلغ ذلک النبی(ص)فقام معه جریدة یجر إزاره » أنه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )خرج غاضباً مسرعاً ولم یسو رداءه ، وبیده سعفة لیضرب بها وجوههم ،وقد تکون مکنسة !

ورواه الثعلبی فی تفسیره: 2/142، دون أن یسمیهما قال: «وکان قوم یشربونها ویجلسون فی بیوتهم ، وکانوا یترکونها أوقات الصلاة ویشربونها فی غیر حین الصلاة، إلی أن شربها رجل من المسلمین فجعل ینوح علی قتلی بدر ، ویقول... فبلغ ذلک رسول الله فخرج مسرعاً یجر رداءه حتی انتهی إلیه ، ورفع شیئاً کان بیده (سعفة أو خشبة أو مکنسة ) لیضربه، فلما عاینه الرجل قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسول الله والله لا أطعمها أبداً ».

ورواها ابن هشام: 2/549 ، بتفصیل، وفیها أبیات أبی بکر فی إنکار الآخرة قال:

«یخبرنا الرسول بأن سنحیا

وکیف حیاة أصداءٍ وهامِ » !

وفی الصحیح من السیرة:5/301:

أیوعدنی ابن کبشة أن سنحیا

وکیف حیاة أصداء وهام

أیعجز أن یرد الموت عنی

وینشرنی إذا بلیت عظامی

ألا من مبلغ الرحمان عنی

بأنی تارک شهر الصیام

فقل لله یمنعنی شرابی

وقل لله یمنعنی طعامی»

ورواه ابن حجر فی الإصابة: 7/39 ، عن الفاکهی فی کتاب مکة ، أن الرجل کان أبا بکر ! وفیه: «شرب أبو بکر الخمر فأنشأ یقول: فذکر الأبیات فبلغ ذلک رسول الله (ص) فقام یجر إزاره حتی دخل فتلقاه عمر وکان مع أبی بکر ، فلما نظر إلی وجهه محمراً قال: نعوذ بالله من غضب رسول الله ! والله لا یلج لنا رأسا أبداً ! فکان أول من حرمها علی نفسه ! واعتمد نفطویه علی هذه الروایة فقال: شرب أبو بکر الخمر قبل أن تحرم ، ورثی قتلی بدر من المشرکین »!

ص: 115

وذکر ابن حجر فی فتح الباری:10/31 ، أن تلک الجلسة کانت حفلة خمر فی بیت أبی طلحة ، وکانوا عشرة صحابة أو أکثر ، وکان ساقیهم أنس بن مالک !

ثم قال:«ولأحمد عن یحیی القطان عن حمید عن أنس: کنت أسقی أبا عبیدة وأبی بن کعب وسهیل بن بیضاء ، ونفراً من الصحابة عند أبی طلحة. ووقع عند عبد الرزاق عن معمر بن ثابت وقتادة وغیرهما عن أنس ، أن القوم کانوا أحد عشر رجلاً ، وقد حصل من الطرق التی أوردتها تسمیة سبعة منهم ، وأبهمهم فی روایة سلیمان التیمی عن أنس... ومن المستغربات ما أورده ابن مردویه فی تفسیره من طریق عیسی بن طهمان عن أنس ، أن أبا بکر وعمر کانا فیهم ! وهو منکر ، مع نظافة سنده ، وما أظنه إلا غلطاً » !

یقصد ابن حجر أن حدیث شرب أبی بکر وعمر للخمر صحیح السند ، لکن معناه مستنکر! مع أنه إذا صح سند الحدیث فلا قیمة لاستغراب معناه!

والأدهی من ذلک أن القصةکانت عند نزول سورة المائدة ، أی قبل وفاة النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )بشهر أو شهرین ! لأن آیة: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (المائدة:91) من سورة المائدة وهی آخر سورة نزلت من القرآن ، قبیل وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

وقد انتشرت القصة بین المسلمین وأن القصیدة کانت من نظم أبی بکر! فاهتمت عائشة بنفی نظمه لها ، لکنها لم تنف مشارکته فی الحفلة وإنشاده لها !

فقد روی بخاری فی صحیحه:4/263 ، دفاعها فقال: «عن عائشة أن أبا بکر تزوج امرأة من کلب یقال لها أم بکر ، فلما هاجر أبو بکر طلقها فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر ، الذی قال هذه القصیدة ورثی کفار قریش:

وماذا بالقلیب قلیب بدر

من الشیزی تزین بالسنام

ص: 116

وماذا بالقلیب قلیب بدر

من القینات والشرب الکرام

تحییْ بالسلامة أم بکر

وهل لی بعد قومی من سلام

یحدثنا الرسول بأن سنحیا

وکیف حیاة أصداء وهام »

لکن عائشة لم تحل المشکلة ، لأنهما نفت أن أباها نظم القصیدة ولم تنف إنشاده لها ! وکأن المهم عندها نفی نظمها ، لأنها تثبت کفر ناظمها بإنکاره النبوة والآخرة! أما إنشادها فهو أقل مصیبةً !

فقد روی ابن حجر فی الإصابة: 7/39، أنها کانت غاضبة لأن الناس یومها لم یصدقوها ! «کانت تدعو علی من یقول إن أبا بکر الصدیق قال هذه القصیدة ثم تقول: والله ما قال أبو بکر بیت شعر فی الجاهلیة ولا فی الإسلام ولکن تزوج امرأة من بنی کنانة ثم بنی عوف فلما هاجر طلقها فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر ، فقال هذه القصیدة یرثی کفار قریش الذین قتلوا ببدر ، فتحامی الناس أبا بکر من أجل المرأة التی طلقها وإنما هو أبو بکر بن شعوب ».

تقصد عائشة أن أم بکر المخاطبة بالقصیدة هی زوجة أبیها لکنه طلقها عندما هاجر ، وتزوجها ابن شعوب ، وتسمی بأبی بکر من أجلها ، وهو الذی نظم القصیدة ! راجع فی الموضوع: أمالی الطوسی/737 ، ورواها بسبعة أبیات ، وابن هشام: 2/549، رواها بتسعة أبیات ، والغدیر:6/251، و7/96 و: 7/95، وفتح الباری: 10/30، وقد توسع فی الموضوع ودافع بما یستطیع ، لکن کلامه یشی بتعجبه وتحیره ، وسیرة ابن کثیر:2/535 ، و مستدرک الوسائل:17/83 ، والسقیفة أم الفتن/74 ، وفیض القدیر:1/117 ، والإصابة: 7/38 ، والصحیح من السیرة:5/301 و304، والزوائد:5/51 ، والهدایة الکبری/106، وأمالی المرتضی:2/18 ، والنص والإجتهاد/311 ، وأحادیث الشعر للمقدسی/57 ، والنهایة:3/412 ، و الثعلبی: 2/142 ، والإصابة: 7/38.

أسئلة:

س1: ما تقولون فی حفلة الخمر المذکورة ، وحدیثها صحیح لایمکن رده ؟!

ص: 117

س2: ذکرنا أن الحدیث یدل علی أن هذه الحفلة کانت قبیل وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بشهر أو نحوه فکیف تفسرون أنهم لم یترکوا الخمر بعد صحبتهم للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )تلک المدة الطویلة وهل ترون أنهم ترکوها فی الشهر الأخیر من حیاته(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، أم واصلوا شربها سراً ؟!

س3: هل تعرفون شیئاً عن أم بکر ، وهل رزق منها أبو بکر أولاداً ، وما سبب طلاقه لها ، فإن القصیدة تدل علی أنه کان یحبها ویشرب معها ؟!

بل یخالف ما رونه صحاحهم عن الصحابة الذین یدخلون النار لأنهم ینقلبون بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ویرتدون علی أعقابهم القهقری ! فلو کانوا مختارین من الله تعالی لصحبة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لما دخلوا النار !

أسئلة:

س1- هل توافقون علی الجبریة التی تبتنها السلطة للدفاع عن الخلیفة ، وأن الله قد آتاه الملک ، فیجب الرضا بقدر الله تعالی ، واستعملتها للدفاع عن الفارین فی الحرب وأن الفرار أمر الله تعالی فیجب عدم لوم من ارتکبه ، کما قال عمر فی حنین !

واستعملوها للدفاع عن الصحابة وأن الله اختارهم لصحبة رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فیجب الحکم بأنهم عدول ، لأنهم مختارون من الله تعالی ؟! واستعملوها للدفاع عن نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأن الله اختارهن لرسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فیجب الحکم بأنهن من أهل الجنة ؟!

س2- هل یصح لأی مجرم أن ینسب معصیته الی الله تعالی ؟ أو لقاتل أن یقول للقاضی: إنه برئ لأن قتله لمسلم هو أمر الله تعالی وقدره وقضاؤه ، فیحرم معاقبته ؟ وهل یصح عندکم نسبة معاصی الناس الی الله تعالی ؟!

یوح إلیَّ کأحدکم ! قال فتکلم القوم ، فتکلم کل إنسان برأیه ، فقال ما تری یامعاذ؟قال: أری ما قال أبو بکر، فقال رسول الله(ص): إن الله عز وجل یکره فوق سمائه أن یخطئ أبو بکر ».(کبیر الطبرانی:20/67، والزوائد:1/178).

أقول: هذا من افتراءاتهم علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لیقولوا إنه کان یعمل بظنه ویخطئ ، ویبرروا مخالفتهم له ، ولیبرروا عمل خلفائهم بالظن وأخطاءهم !

وقد رد ذلک علماؤنا کما فی الفصول المختارة:2/31: «ومن کلام الشیخ أدام الله عزه أیضاً

(یقصدالمفید(قدسّ سرّه)):حضر فی دار الشریف أبی عبدالله محمد بن محمد بن طاهر(رحمه الله) وحضر رجل من المتفقهة یعرف بالورثانی وهو من فقهائهم فقال له الورثانی: ألیس من مذهبک أن رسول الله (ص) کان معصوماً من الخطأ مبرأ من الزلل ، مأموناً علیه من السهو والغلط ، کاملاً بنفسه ، غنیاً عن رعیته ؟

فقال له الشیخ أیده الله: بلی ، کذلک کان(صلّی الله علیه و آله وسلّم ). قال له: فما تصنع فی قول الله جل جلاله: وَشَاوِرْهُمْ فِی الأمر فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَی اللهِ ، ألیس قد أمره الله بالإستعانة بهم فی الرأی ، وأفقره إلیهم ، فکیف یصح لک ما ادعیت مع ظاهر القرآن وما فعله النبی (ص) ؟!

فقال له الشیخ أدام الله عزه: إن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یشاور أصحابه لفقر منه إلی آرائهم ولحاجة دعته إلی مشورتهم من حیث ظننت وتوهمت ، بل لأمر آخر أنا أذکره لک بعد الإیضاح عما أخبرتک به ، وذلک أنا قد علمنا أن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) کان معصوماً من الکبائر والصغائر وإن خالفت أنت فی عصمته من الصغائر، وکان أکمل الخلق باتفاق أهل الملة ، وأحسنهم رأیاً وأوفرهم عقلاً وأکملهم تدبیراً ، وکانت المواد بینه وبین الله سبحانه متصلة ، والملائکة تتواتر علیه بالتوفیق من الله عز وجل والتهذیب ، والإنباء له عن المصالح ، وإذا کان بهذه الصفات لم یصح أن یدعوه داع إلی اقتباس الرأی من رعیته ، لأنه لیس أحد منهم إلا وهو دونه فی سائر ما عددناه ، وإنما یستشیر الحکیم غیره علی طریق الإستفادة والإستعانة برأیه ، إذا تیقن أنه أحسن رأیاً منه وأجود تدبیراً وأکمل عقلاً ، أو ظن ذلک ، فأما إذا أحاط علماً بأنه دونه فیما وصفناه ، لم یکن للإستعانة فی تدبیره برأیه معنی لأن الکامل لا یفتقر إلی

ص: 120

الناقص فیما یحتاج فیه إلی الکمال ، کما لا یفتقر العالم إلی الجاهل فیما یحتاج فیه إلی العلم. والآیة بینة یدل متضمنها علی ذلک . ألا تری إلی قوله تعالی:وَشَاوِرْهُمْ فِی الأمر فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَی اللهِ ، فعلق وقوع الفعل بعزمه دون رأیهم ومشورتهم ، ولو کان إنما أمره بمشورتهم للإستعانة برأیهم لقال له: فإذا أشاروا علیک فاعمل وإذا اجتمع رأیهم علی شئ فامضه ، فکان تعلق فعله بالمشورة دون العزم الذی یختص به ، فإذا جاء الذکر بما تلوناه سقط ما توهمته !

فأما وجه دعائهم إلی المشورة علیه (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، فإن الله أمره أن یتألفهم بمشورتهم ویعلمهم بما یصنعونه عند عزماتهم ، لیتأدبوا بآداب الله عزوجل ، فاستشارهم لذلک لا للحاجة إلی آرائهم . علی أن هاهنا وجهاً آخر بیناً وهو أن الله سبحانه أعلمه أن فی أمته من یبتغی له الغوائل ویترتبص به الدوائر ویسر خلافه ویبطن مقته ویسعی فی هدم أمره ویناقضه فی دینه ولم یعرفه بأعیانهم ولا دله علیهم بأسمائهم ، فقال عز اسمه: ومن أهل المدینة مردوا علی النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتین ثم یردون إلی عذاب عظیم . وقال جل اسمه: وإذا ما انزلت سورة نظر بعضهم إلی بعض هل یراکم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بانهم قوم لایفقهون . وقال تبارک اسمه:یحلفون لکم لترضوا عنهم فإن ترضوا منهم فان الله لا یرضی عن القوم الفاسقین. وقال: ویحلفون بالله إنهم لمنکم وما هم منکم ولکنهم قوم یفرقون وقال عز من قائل: وَإِذَا رَأَیْتَهُمْ تُعْجِبُکَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ یَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ کَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ یَحْسَبُونَ کُلَّ صَیْحَةٍ عَلَیْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّی یُؤْفَکُونَ ، وقال جل جلاله: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ کَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا یَأْتُونَ الصَّلَوةَ إِلا وَهُمْ کُسَالَی وَلا یُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ کَارِهُونَ.ثم قال سبحانه بعد أن أنبأه عنهم فی الجملة: وَلَوْ نَشَاءُ لارَیْنَاکَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِیمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِی لَحْنِ الْقَوْلِ ، فدله علیهم بمقالهم وجعل الطریق إلی معرفتهم ما یظهر من نفاقهم فی لحن قولهم ، ثم أمره بمشورتهم لیصل بما یظهر منهم إلی علم باطنهم ، فإن الناصح تبدو نصیحته فی مشورته ، والغاش المنافق یظهر ذلک فی مقاله ، فاستشارهم(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لذلک ، ولأن الله جل جلاله جعل مشورتهم الطریق إلی معرفتهم ! ألا تری أنهم لما أشاروا ببدر علیه فی الأسری فصدرت مشورتهم عن نیات

ص: 121

مشوبة فی نصیحته ، کشف الله تعالی ذلک له وذمهم علیه وأبان عن إدغالهم فیه فقال جل وتعالی: مَا کَانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَکُونَ لَهُ أَسْرَی حَتَّی یُثْخِنَ فِی الأَرْضِ تُرِیدُونَ عَرَضَ الدُّنْیَا وَاللهُ یُرِیدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ . لَوْلا کِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّکُمْ فِی مَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِیمٌ . فوجه التوبیخ إلیهم والتعنیف علی رأیهم وأبان لرسوله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )عن حالهم فیعلم أن المشورة لهم لم تکن للفقر إلی آرائهم وإنما کانت لما ذکرناه .

فقال شیخ من القوم یعرف بالجراحی وکان حاضراً: یا سبحان الله أتری أن أبا بکر وعمر کانا من أهل النفاق؟ کلا ما نظن أنک أیدک الله تطلق هذا وما رأینا أن النبی(ص) استشار ببدر غیرهما ، فإن کانا هما من المنافقین فهذا ما لا نصبر علیه ولا نقوی علی استماعه ، وإن لم یکونا من جملة أهل النفاق فاعتمد علی الوجه الأول ، وهو أن النبی(ص) أراد أن یتألفهم با لمشورة ویعلمهم کیف یصنعون فی أمورهم .

فقال له الشیخ أدام الله عزه: لیس هذا من الحجاج أیها الشیخ فی شئ ، وإنما هو استکبارواستعظام ، معدول به عن الحجة والبرهان ، ولم نذکر إنساناً بعینه وإنما أتینا بمجمل من القول ، ففصله الشیخ وکان غنیاً عن تفصیله . فصاح الورثانی وأعلی صوته بالصیاح یقول: الصحابة أجل قدراً من أن

یکونوا من أهل النفاق وسیما الصدیق والفاروق!وأخذ فی کلام نحو هذا من کلام

السوقة والعامة وأهل الشغب والفتن ! فقال له الشیخ أدام الله عزه: دع عنک الضجیج وتخلص مما أوردته علیک من البرهان ، واحتل لنفسک وللقوم ، فقد بان الحق وزهق الباطل بأهون سعی ، والحمد لله » !

أسئلة:

س1: هل تقبلون الروایات التی تزعم أن الله تعالی أوجب علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یستشیر أبا بکر وعمر ، فهما شریکان فی نبوته بمعنی من المعانی ؟!

س2: هل کان مستوی فکر أبی بکر وعمر وعقلهما أعلی من فکر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وعقله ، أو مساویاً له ، أو قریباً منه ، وهل هو محتاج الی مشورتهما ؟!

ص: 122

س3: هل تقبلون الروایات التی تذکر أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أخطأ وأصاب الشیخان ، أو انه لم یعرف أمراً وعرفاه، أو نزل الوحی مخطِّئاً للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ومؤیداً لرأی أبی بکر أو عمر ؟! ألیس ذلک تنقیصاً للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وتفضیلاً لأبی بکر وعمر علیه ؟!

یَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ یَتُوبُوا یَکُ خَیْرًا لَهُمْ وَإِنْ یَتَوَلَّوْا یُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَابًا أَلِیمًا فِی الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِی الأَرْضِ مِنْ وَلِیٍّ وَلا نَصِیرٍ .

قال البیضاوی:3/158:« وَهَمُّوا بِمَا لَمْ یَنَالُوا ، من الفتک بالرسول وهو أن خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه من تبوک أن یدفعوه عن راحلته إلی الوادی إذ تسنم العقبة باللیل ! فأخذ عمار بن یاسر بخطام راحلته یقودها وحذیفة خلفها یسوقها ، فبینما هما کذلک إذ سمع حذیفة بوقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فقال: إلیکم إلیکم یا أعداء الله ، فهربوا».

أما قصة الماء ونهی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یشربوا منه إذا وصلوا الیه قبله ، فهی منفصلة عن مؤامرة العقبة ، وهی فی وادی المشقق ، وکان الماء قلیلاً وأراد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یبارکه ویجریه بما یکفی للجیش والمنطقة ، فنهاهم عن الشرب قبله ، فوصل الیه جماعة قبله وعصوا وشربوا منه ! فلعنهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثانیة بعد لعنة العقبة !

أسئلة:

س1: ماهو هدف المتآمرین لقتل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی العقبة ؟ وهل کان لأبی بکر وعمر علاقة بهم ؟

س2: ما رأیکم فیما رواه الولید بن جمیع عن حذیفة؟ قال ابن حزم فی المحلی:11/224: «وأما حدیث حذیفة فساقط لأنه من طریق الولید بن جمیع وهو هالک ، ولا نراه یعلم من وضع الحدیث؟ فإنه قد روی أخباراً فیها: إن أبا بکر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبی وقاص رضی الله عنهم أرادوا قتل النبی وإلقائه من العقبة فی تبوک . وهذا هو الکذب الموضوع الذی یطعن الله واضعه فسقط التعلق به ».

أقول: قال ابن حجر عن ابن جمیع فی الإصابة (2/286): «صدوق ویَهِمُ (یقع فی التوهم) یرمی بالتشیع. روی عنه البخاری ومسلم وأبو داود والترمذی والنسائی»

ص: 124

وقال الذهبی: وثقه ابن معین والعجلی .وقال أحمد وأبو زرعة: لیس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح الحدیث .وقال المزی حدث عنه ابن معین ، وذکره ابن حبان فی الثقات . وقال الرازی: کان یحیی بن سعید لا یحدثنا عن الولید بن جمیع فلما کان قبل موته حدثنا عنه وقال عبد الله بن أحمد :قال أبی : الولید بن جمیع لیس به بأس . صالح الحدیث . وقال یحیی بن معین:ثقة .

حدثنا عبد الرحمن قال : سألت أبا زرعة عن الولید بن جمیع فقال : لا بأس به» راجع: والجرح والتعدیل :9/8، ومیزان الإعتدال:4/337

س3: هل شرب أبو بکر وعمر من الماء الذی لعن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من یشرب منه قبله ؟

وفی مسلم:5/75: «عن ابن عباس أنه قال: یوم الخمیس وما یوم الخمیس ! ثم جعل تسیل دموعه حتی رأیت علی خدیه کأنها نظام اللؤلؤ ! قال: قال رسول الله (ص): إئتونی بالکتف والدواة أکتب لکم کتاباً لن تضلوا بعده أبداً ، فقالوا: إن رسول الله یهجر ! وفی روایة أخری: فقال عمر: إن رسول الله قد غلب علیه الوجع وعندکم القرآن ، حسبنا کتاب الله».

وفی مسند أحمد:3/346:« دعا عند موته بصحیفة لیکتب فیها کتاباً لایضلون بعده قال فخالف علیها عمر بن الخطاب حتی رفضها» !

راجع ما کتبناه فی هذا الحدث الخطیر فی هذا الکتاب (2/369مسألة159) تحت عنوان: انقلاب الأمة علی نبیها(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی حیاته ! وقد قاد العملیة عمر بن الخطاب وکان أبو بکر معه والی جانبه ، فهو شریکه فی العملیة ، وکان المستفید الأول منها .

الناس ما مقالة بلغتنی فی تأمیری أسامة ، ولئن طعنتم فی تأمیری أسامة فقد طعنتم فی تأمیری أباه من قبل ، وأیم الله إنه کان لخلیق بالإمارة (الطبقات:4/67 2 )

وحثهم علی الخروج ثم قال: لعن الله من تخلف عن بعث أسامة (الملل والنحل:1/22 )

ومع هذا لم یخرجوا وضغطوا علی أسامة فراجع الرسول ، فقال له الرسول: أخرج وسر علی برکة الله ، فراجعه أسامة ثانیة ، فقال له الرسول: سر علی النصر والعافیة ، وراجع أسامة ثالثة فقال له الرسول: أنفذ لما أمرتک به .

ومع هذا لم یخرجوا ومات الرسول وهم متثاقلون ! وبعد موت الرسول أصر عمر بأن تأمیر الرسول لأسامة غیر مناسب ، وطالب الخلیفة الأول بنزع أسامة من إمارة الجیش ! فأخذ أبو بکر بلحیة عمر وقال له: ثکلتک أمک وعدمتک یا بن الخطاب ! استعمله رسول الله وتأمرنی أن أنزعه .

لو تمکن عمر لنزع أسامة من إمارة الجیش التی ولاها رسول الله له ، لأن عمر کان ما زال یعتقد أن تأمیر الرسول لأسامة علی ذلک الجیش لیس مناسباً ولا صحیحاً وأنه کان الأجدر بالرسول أن یولی قیادة ذلک الجیش لأبی بکر ، أو لعمر ، أو لواحد یرضون عنه ! هذه طبیعة نظرة عمر لقول الرسول ولعمل الرسول أو بتعبیر أدق هذه طبیعة نظرته لسنة رسول الله » !

أسئلة:

س1: بما أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لا ینطق عن الهوی ، فهل توافقون علی أن هدفه تفریغ المدینة قرب وفاته ، وإرسال کل من یحتمل أن یعارض استخلافه لعلی(علیه السّلام)الی منطقة بعیدة ؟

س2: ماذا تفهمون من أمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأن یکون أبو بکر وعمر وجمیع القرشیین الطلقاء وعددهم سبع مئة ، فی جیش أسامة ؟!

ص: 127

س3: ألا ترون أن تأمیر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لأسامة علی شیوخ قریش والأنصار ، وهو شاب أسود ابن ثمانی عشرة سنة ، وإصراره علی ذلک ، کان جواباً لهم علی أن علیاً(علیه السّلام)ما زال شاباً لم یبلغ الأربعین ، وأن خلیفة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یجب أن یکون کبیر السن کأبی بکر ؟

أبو بکر وعمر وأبو عبیدة لیلاً المدینة ورسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قد ثقل . قال: فأفاق بعض الإفاقة فقال:لقد طرق لیلتنا هذه المدینة شر عظیم ! فقیل له وما هو یا رسول الله؟ قال فقال: إن الذین کانوا فی جیش أسامة قد رجع منهم نفر یخالفون أمری ألا إنی إلی الله منهم برئ ! ویحکم نفذوا جیش أسامة ! فلم یزل یقول ذلک حتی قالها مرات کثیرة ».(إرشاد القلوب:2/237، والدرجات الرفیعة/290).

أسئلة:

س1: کانت السرایا تنطلق لتنفیذ أمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فوراً أو فی الیوم التالی ، وکانت حرکة الجیش تحتاج الی یومین أو ثلاثة لینطلق ، فکیف تفسرون أن جیش أسامة راوح مکانه أسبوعین ولم یتحرک ، رغم تأکیدات النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) المتکررة علی حرکته ؟!

س2: لم یرو أحد أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لعن من تخلف عن غیر جیش أسامة ، ألا تدل هذه الخصوصیة علی وجود عمل أو مؤامرة ضد النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )لتأخیر حرکته الجیش ؟!

وفی سنن البیهقی:8/145: «دونکم صاحبکم ، لبنی عم رسول الله (ص) یعنی فی غسله وما یکون من أمره ، ثم خرج» !

وفی مصنف ابن أبی شیبة:8/572:«عن عروة:«إن أبا بکر وعمر لم یشهدا دفن النبی»

أسئلة:

س1: کیف یصح تفسیر غیابهما عن مراسم جنازة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأنهما سمعا بدعوة الأنصار لبحث الخلافة ، ولم یرو أحدٌ وجود مثل هذه الدعوة ؟

س2: ولماذا لم یدعوا غیرهما الی تلک الجلسة ، لا من أهل البیت(علیهم السّلام) کالعباس مثلاً ، ولا من بقیة الصحابة المهاجرین والأنصار ؟

س3: کیف یصح أن نفسر غیابهما بأنه کان لحفظ الإسلام بالتعجیل بنصب خلیفة ، وقد شهد عمر بأن بیعة أبی بکر کانت فلتة بدون مشورة ومن عاد لمثلها فاقتلوه ! فهل یحفظ الإسلام بالفلتة المحرمة التی یستحق من فعلها القتل ؟!

س4: لو سلمنا أن غیابهما کان ضروریاً ، فلما ذا غابت معهما بنتاهما عائشة وحفصة وکسرتا الحداد الواجب علیهما .، ونشطتا بزیارة منازل الأنصار لإقناعهم ببیعته ؟!

س5: ما رأیکم فی تفسیرنا لغیاب أبی بکر وعمر بأنهما کانا یعملان لأخذ الخلافة ویتخوفان من بیعة بنی هاشم لعلی(علیه السّلام)بعد دفن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

محتجزون بالأزر الصنعانیة ، لایمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا یده فمسحوها علی ید أبی بکر یبایعه ، شاء ذلک أو أبی».!

أسئلة:

س1: اعترف عمر بأن بیعة أبی بکر کانت فلتة من غیر مشورة للمسلمین ، واعترف الجمیع بأن جماعتهم أجبروا المسلمین علی البیعة ، وهددوا علیاً وأهل البیت(علیهم السّلام) بحرق الدار علیهم إن لم یخرجوا ویبایعوا ! وبذلک تفقد هذه البیعة حریة المبایع فکیف تکون شرعیة؟!

س2: ماذا یقول فقه المذاهب فیما إذا أجبرک شخص علی بیع کتابک أو بیتک أو سیارتک تحت التهدید ، فهل یکون البیع صحیحاً ویملک السلعة ، أو یکون البیع باطلاً ، وکل تصرفات المشتری غصبیة ؟

س3: ألا تلاحظون أن الخلیفة الوحید الذی لم یجبر المسلمین علی بیعته ولا علی الحرب معه ، هو علی بن أبی طالب(علیه السّلام)، فقد أرادوا إحضار ابن عمر وابن أبی وقاص لأنهما تخلفا عن بیعته فلم یقبل وأمر بترکهما !

ألا یدلنا ذلک علی أن علیاً(علیه السّلام)هو الوحید الذی طبق سنة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )واحترم حریة الإنسان المسلم وإرادته الحرة فی تقریر مصیره ؟

س4: تقول القاعدة الفقهیة إن کل تصرف بالمغصوب عمل غصبی، وما نتج عن الباطل باطل ! فهل تلتزمون بأن کل ما بنی علی خلافة أبی بکر من تصرفات ومنه وصیته بالحکم لعمر ، ثم وصیة عمر بالحکم لعثمان ، أعمال غصبیة باطلة لا تقرها شریعة الإسلام ؟!

أم تقولون إن الرضا المتأخر من المسلمین ولو کان بالقوة وبفرض الأمر الواقع یرفع الصفة الغصبیة للحکم ؟ولو صح ذلک فکیف یعرف هذا الرضا؟!

ص: 132

علیاً، فمضوا به إلی أبی بکر ، فقالوا له: بایع ، فقال: إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا: إذا والله الذی لا إله إلا هو نضرب عنقک ، فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله ، قال عمر: أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا ، وأبو بکر ساکت لا یتکلم ، فقال له عمر: ألا تأمر فیه بأمرک ؟ فقال: لا أکرهه علی شئ ما کانت فاطمة إلی جنبه ، فلحق علی بقبر رسول الله (ص)یصیح ویبکی وینادی: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَکَادُوا یَقْتُلُونَنِی».

أسئلة:

س1: اعترف أبو بکر بأنه أمر بمهاجمة بیت علی وفاطمة(علیهماالسّلام)وتهدیدهم بحرق البیت علیهم إن لم یبایعوه ، ثم أعلن ندمه علی ذلک قبیل موته !

فقد روی الطبری فی تاریخه:2/619، عن أبی بکر قوله: «لا آسی علی شئ من الدنیا إلا علی ثلاث فعلتهن وددت أنی ترکتهن وثلاث ترکتهن وددت أنی فعلتهن وثلاث وددت أنی سألت عنهن رسول الله.. فأما الثلاث اللاتی وددت أنی ترکتهن، فوددت أنی لم أکشف بیت فاطمة عن شئ وإن کانوا غلقوه علی حرب»

قال الخطیب التبریزی فی الإکمال/21: «وأخرج ابن جریر الطبری والطبرانی عن عبد الرحمن بن عوف.. والخبر صحیح . وقال الطرابلسی فی فضائل الصحابة إنه حدیث حسن ، کذا فی منتخب کنز العمال:2/172» ورواه الطبرانی فی الکبیر:1/62 وأبو نعیم فی حلیة الأولیاء:1/34 ، وأبو عبید فی الأموال:1/387، والضیاء المقدسی فی المختارة:1/88 ، وقد شرط فی کتابه الصحة کما فی تدریب الراوی للسیوطی:1/144،ونقل تحسینه عن سعید بن منصور.

ومع ذلک کابر ابن تیمیة وزعم أنه لایصح إسناده ولا متنه! قال فی منهاج السنة:8/290: «قال الرافضی: (یقصد العلامة الحلی(قدسّ سرّه)فی منهاج الکرامة:1/181): الثامن: قوله فی مرض موته:لیتنی کنت ترکت بیت فاطمة لم أکبسه ، ولیتنی کنت فی ظلة بنی ساعدة ضربت

ص: 134

علی ید أحد الرجلین وکان هو الأمیر وکنت الوزیر ! وهذا یدل علی إقدامه علی بیت فاطمة عند اجتماع أمیر المؤمنین والزبیر وغیرهما فیه !

والجواب: أن القدح لا یقبل حتی یثبت اللفظ بإسناد صحیح ، ویکون دالاً دلالة ظاهرة علی القدح ، فإذا انتفت إحداهما انتفی القدح ، فکیف إذا انتفی کل منهما ، ونحن نعلم یقیناً أن أبا بکر لم یقدم علی علی والزبیر بشئ من الأذی ، بل ولا علی سعد بن عبادة المتخلف عن بیعته أولاً وآخراً ، وغایة ما یقال إنه کبس البیت لینظر هل فیه شئ من مال الله الذی یقسمه وأن یعطیه لمستحقه ! ثم رأی أنه لو ترکه لهم لجاز ، فإنه یجوز أن یعطیهم من مال الفئ !

وأما إقدامه علیهم أنفسهم بأذی ، فهذا ما وقع فیه قط باتفاق أهل العلم والدین ، وإنما ینقل مثل هذا جهال الکذابین ویصدقه حمقی العالمین الذین یقولون إن الصحابة هدموا بیت فاطمة وضربوا بطنها حتی أسقطت ، وهذا کله دعوی مختلق وإفک مفتری ، باتفاق أهل الإسلام ، ولا یروج إلا علی من هو من جنس الأنعام » !

أقول: لاحظ أنه أنکر وثار ، ولف ودار ، وسب وشتم ، وابتکر عذراً أقبح من ذنب فزعم أن أبا بکر وعمر هاجما بیت فاطمة(علیهماالسّلام)یبحثان عن أموال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )التی ربما خباها علی وفاطمة(علیهماالسّلام)! لیعطوها الی مستحقیها ! فهل تقبلون هذا الهذیان ؟

س2: کیف تفسرون قول عمر وأبی بکر « فقال له عمر: ألا تأمر فیه بأمرک ؟ فقال: لا أکرهه علی شئ ما کانت فاطمة إلی جنبه » !

وهل تقبلون تفسیره بأن عمر أراد من أبی بکر أن یأمر بقتل علی(علیه السّلام)، فقال له لا أقتله مادامت فاطمة عنده ! وبما أن فاطمة(علیهاالسّلام)کانت شابة ولم تکن مریضة ، فمعناه: أقتلوا فاطمة أولاً ، تمهیداً لقتل علی(علیهماالسّلام)!

س3: ألا ترون غرابة هذا الوضع الذی حدث مباشرة بعد وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کل الغرابة عن الإسلام الذی جاء به النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من احترام الإنسان وحقوقه وإدارة الأمور ،

ص: 135

وکشف عن قرار قریش المسبق برفض عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وحتی کتابته لعهده ، وغصب خلافته ومصادرة حریات المسلمین وإجبارهم علی بیعة (خلیفتها) والعودة الی جبروت القبیلة والملوک والطغاة ؟!

س4: ما هو الوجه الفقهی عندکم لمهاجمة بیت عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وإجبارهم علی البیعة ؟! وتهدیدهم بالقتل إن لم یبایعوا ؟!

مصادرتهما وحرمان أهل البیت منها ، حرصاً علی مصلحة المسلمین ، وکانت فاطمة بنت محمد هی أول من حرمت من منحتها وصودرت منها هذه المنحة !

: إن فاطمة أتت أبا بکر تسأله سهم ذوی القربیفقال لها أبو بکر: سمعت رسول الله یقول : سهم ذوی القربی لهم فی حیاتی ولیس لهم بعد موتی .

4 - 8 أسهم من مجموع 36 سهماً من أراضی خیبر .

5 - أراضی وادی القری الزراعیة .

وبعد وفاة الرسول ، استولی علیها أبو بکر

أقول: وروت مصادرنا عن الإمام الکاظم(علیه السّلام)قال: « إن الله تبارک وتعالی لما فتح علی نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فدک وما والاها ، لم یوجف علیه بخیل ولا رکاب ، فأنزل الله علی نبیه وآت ذا القربی حقه ، فلم یدر رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من هم فراجع فی ذلک جبرئیل وراجع جبرئیل ربه فأوحی الله إلیه أن ادفع فدک إلی فاطمة ، فدعاها رسول الله فقال لها: یا فاطمة إن الله أمرنی أن أدفع إلیک فدک ، فقالت: قد قبلت یا رسول الله من الله ومنک . فلم یزل وکلاؤها فیها حیاة رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فلما ولی أبو بکر أخرج عنها وکلاءها فأتته فسألته أن یردها علیها فقال لها : ائتینی بأسود أو أحمر یشهد لک بذلک ، فجاءت بأمیر المؤمنین(علیه السّلام)وأم أیمن فشهدا لها ، فکتب لها بترک التعرض ، فخرجت والکتاب معها فلقیها عمر فقال : ما هذا معک یا بنت محمد ؟ قالت کتاب کتبه لی ابن أبی قحافة ، قال: أرینیه فأبت ، فانتزعه من یدها ونظر فیه ، ثم تفل فیه ومحاه و خرقه ، فقال لها: هذا لم یوجف علیه أبوک بخیل ولا رکاب ؟ فضعی الحبال فی رقابنا »! (الکافی:1/543).

س3: ما رأیکم فیما کتبه المحامی الأردنی عن قرارات أبی بکر وعمر لإفقار أهل بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

س4: هل قرأتم خطبة الزهراء(علیهاالسّلام)فی احتجاجها علی أبی بکر وعمر؟وما رأیکم فی نفیها شرعیة بیعة السقیفة ، ودعوتها الأنصار لمجاهدة أصحابها ؟

س5: ما رأیکم فیما رواه الذهبی فی تاریخه(3/24) عن ابن عباس قال: « کان عمر عرض علینا أن یعطینا من الفئ ما یری أنه لنا من الحق ! فرغبنا عن ذلک وقلنا : لنا ما سمی الله من حق ذی القربی ، وهو خمس الخمس ، فقال عمر: لیس لکم ما تدعون أنه لکم حق ، إنما جعل الله الخمس لأصناف سماهم ، فأسعدهم فیه حظا أشدهم فاقة وأکثرهم عیالاً ، قال: فکان عمر یعطی من قبل منا من الخمس والفئ نحو ما یری أنه لنا ، فأخذ ذلک منا ناس وترکه ناس ».

عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم یکن کما حدثنی، فأکون قد نقلت ذاک »! (تذکرة الحفاظ: 1/5) وغرض عائشة تبریر فعل أبیها !ولذلک لم تذکر أنه طلب من الناس أن یأتوه بما کتبوه من حدیث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فتصوروا أنه یرید تدوینه، فأتوه به فأحرقه ، وادعت أن الأحادیث کانت خمس مائة فقط ، ولا بد أنها کانت أکثر !

أما عمر فأحرق السنة ولم یتأرق أبداً ! قال ابن سعد فی الطبقات:5/140: « فأنشد الناس أن یأتوه بها ، فلما أتوه بها أمر بتحریقها »!

وقالوا إنه طلب المهلة شهراً عندما ضغط الصحابة علیه لیکتابتها، ثم قال إنه استخار الله فأمره أن یحرقها ولا یسمح حتی بالتحدیث بها ! (کنز العمال: 10/291).

وقد کتبنا فصلاً فی تدوین القرآن عن قرار الشیخین بتغییب سنة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وأوضحنا هدفهما من ذلک !وکتب علماء الشیعة فی منع تدوین السنة کالسید الجلالی ، والسید الشهرستانی ، ومن أفضل من استوعب الموضوع المحامی الأردنی أحمد حسین یعقوب فی کتابه:أین سنة الرسول وماذا فعلوا بها ؟!

وعقد فیه ثمانیة أبواب فی کل منها فصول مهمة:

الباب الأول: مکانة سنة الرسول فی دین الإسلام .

والثانی: من یؤدی عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، من یبین القرآن ومن یبلغ السنة بعد موته؟

والثالث: مخططاتهم لنسف الإسلام وتدمیر سنة الرسول بعد موته(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

والرابع: سنة الرسول بعد موت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

والخامس: منع کتابة سنة الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قبل وبعد استیلائهم علی الخلافة

والسادس: استبدال سنة رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بسنة الخلفاء !

والسابع: إباحة کتابة وروایة سنة الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعد مائة عام من تحریمها !

والثامن: أهل بیت النبوة وسنة الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

ص: 145

وقال السید شرف الدین فی کتابه النص والإجتهاد/138: «المورد (14):فی منع کتابة العلم عن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ). وذلک أن الحاکم أخرج فی تاریخه بالإسناد إلی أبی بکر عن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): من کتب علیَّ علماً أو حدیثاً لم یزل یکتب له الأجر ما بقی ذلک العلم أو الحدیث ، ومع ذلک لم یدون أیام أبی بکر وعمر شئ من السنن! وقد کان أبو بکر أجمع أیام خلافته علی تدوین الحدیث عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )فجمع خمس مائة حدیث فبات لیلته یتقلب کثیراً فأحرقها ! وعن الزهری عن عروة أن عمر بن الخطاب أراد أن یکتب السنن فاستفتی أصحاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فأشاروا علیه أن یکتبها، فطفق عمر یستخیر الله فیها شهراً..فقال: إنی کنت أرید أن أکتب السنن ، وإنی ذکرت قوماً قبلکم کتبوا کتباً فأکبوا علیها وترکوا کتاب الله ... ثم کتب فی الأمصار: من کان عنده شئ فلیمحه ...فأنشد الناس أن یأتوه بها فلما أتوه بها أمر بتحریقها...والأخبار متواترة فی منعه الناس عن تدوین العلم ، وردعه إیاهم عن جمع السنن والآثار ، وربما حظر علیهم الحدیث عن رسول الله مطلقاً وحبس أعلامهم فی المدینة الطیبة لکیلا یذیعوا الأحادیث فی الآفاق. .

ولا یخفی ما قد ترتب علی هذا من المفاسد التی لا تتلافی أبداً! فلیت الخلیفتین صبرا نفسیهما مع علی بن أبی طالب وسائر الذین یدعون ربهم بالغداة والعشی یریدون وجهه من آل محمد (صلّی الله علیه و آله وسلّم )والخیرة من أصحابه، فیحبساهم علی جمع السنن والآثار النبویة وتدوینها فی کتاب خاص یرثه عنهم من جاء بعدهم من التابعین فتابعیهم فی کل خلف من هذه الأمة ، شأن الذکر الحکیم والفرقان العظیم ، فإن فی السنة ما یوضح متشابه القرآن ، ویبین مجمله ، ویخصص عامه ویقید مطلقه ، ویوقف أولی الألباب علی کنهه ، فبحفظها حفظه ، وبضیاعها

ص: 146

ضیاع کثیر من أحکامه ، فما کان أولاها بعنایة الخلیفتین واستفراغ وسعهما فی ضبطها وتدوینها ، ولو فعلا ذلک لعصمة الأمة والسنة من معرة الکاذبین ، بما افتأتوه علی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ! إذ لو کانت السنن مدونة من ذلک العصر فی کتاب تقدسه الأمة لارتج علی الکذابین باب الوضع ، وحیث فاتهما ذلک کثرت الکذابة علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولعبت فی الحدیث أیدی السیاسة ، وعاثت به السنة الدعایة الکاذبة ، ولا سیما علی عهد معاویة وفئته الباغیة ، حیث سادت فوضی الدجاجیل وراج سوق الأباطیل .

وقد کان فی وسع الخلیفتین وأولیائهما أن یکفوا الأمة شر هؤلاء بتدوین السنن علی نحو ما ذکرناه ، وما کان لیخفی علیهم رجحان ذلک ، ولعلک تعلم أنهم کانوا أعرف منا بلزومه ، لکن مطامعهم التی تأهبوا وأعدوا وتعبأوا لها ، لا تتفق مع کثیر من النصوص الصریحة المتوافرة ، التی لا بد من تدوینها لو أبیح التدوین لکونها مما لا یجحد صدوره».

وقال فی الصحیح من السیرة :1/59:« فلقد بلغ من تشدد الخلیفة فی هذا الأمر أنهم یذکرون فی ترجمة أبی هریرة أنهم ما کانوا یستطیعون أن یقولوا: قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )حتی قبض عمر ! وبالمناسبة فإننا نشیر إلی جریمة نکراء ارتکبها الصلیبیون الحاقدون ضد التراث العلمی للبشریة ، حیث یذکر موندی فی تاریخه أن ما أحرقه الأسبان من کتب قرطبة قد بلغ ملیوناً وخمسین ألف مجلد ، عدا ما أتلفوه مما عثروا علیه فی أقالیم الأندلس. أما ویلس فیری أنهم قد أحرقوا ملیون وخمسة آلاف مجلد فقط !

ص: 147

وفی وفیات الأسلاف: أن أسقف طلیطلة قد أحرق من الکتب الإسلامیة ما ینوف علی ثمانین ألف کتاب . وأن الإفرنج لما تغلبوا علی غرناطة قد أحرقوا من الکتب النفیسة ما یتجاوز ملیون کتاب .

وقال بعض المؤرخین المصریین: إن الباقی من الکتب التی ألفها المسلمون لیس إلا نقطة من بحر مما أحرقه الصلیبیون ، والتتر ، والأسبان .

ولما فتح الإفرنج طرابلس فی أثناء الحروب الصلیبیة أحرقوا مکتبتها بأمر الکونت برترام سنت جیل ، ویقال إنها کانت تحتوی علی ثلاثة ملایین مجلد . وأضاف جرجی زیدان: وفعل الأسبان نحو ذلک بمکتبات الأندلس لما استخرجوها من أیدی المسلمین فی أواخر القرن الخامس عشر ».

وقال المحامی یعقوب فی أین سنة الرسول/269: «کان لعمر بن الخطاب مفهومه الخاص به عن سنة الرسول بأنواعها الثلاثة القولیة والفعلیة والتقریریة. وبقی عمر وفیاً لهذا المفهوم فی صحة النبی وفی مرضه ، وقبل أن یتولی عمر الخلافة وبعد أن تولاها . والظاهر من أقوال عمر ومن تصرفاته أنه کان لا یعتقد بأن کل ما یقوله الرسول أو یفعله صحیحا أو من عند الله !

لقد أقنع نفسه بأن له الحق بإبداء مطالعاته علی ما یقوله الرسول أو یفعله ! خاصة فی الفترة التی سبقت وفاة الرسول ! وقد وَسِع الرسول الأعظم الرجل بحلمه العظیم ، لکونه من أصحابه ولکونه من أصهاره ، ولأنه یعرف مفاتیح شخصیته ، وطبیعة النفس الإنسانیة ، وقدر الرسول أن عمر بوقت یطول أو یقصر سیعود لوضعه الطبیعی وسیستقر نفسیاً ! ثم إن الرسول الأعظم لیس

ص: 148

مخولاً بأن یعاقب الناس علی نوایاهم ، ما لم تخرج هذه النوایا إلی حیز الوجود الخارجی وتأخذ شکل فعل کامل التکوین ومحظور...

قال عبد الله بن عمرو بن العاص: کنت أکتب کل شئ أسمعه من رسول الله أرید حفظه فنهتنی قریش..فعمر بن الخطاب کما سیتضح جلیاً فیما بعد کان علی رأس قریش التی نهت عبد الله بن عمرو عن کتابة کل شئ یسمعه من رسول الله بدعوی أن الرسول یتکلم فی الغضب والرضا کما یتضح فی نهایة الخبر !

وحسب هذا الخبر الصحیح ، فإن عمر کان یعتقد بأنه لیس کل ما یقوله الرسول صحیحاً ، وجدیراً بالکتابة...

إن عمر لم یکن بعیداً عن المرسوم الذی أصدره الخلیفة الأول ، والذی أمر فیه المسلمین بأن لا یحدثوا شیئاً عن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ! لأنه کان شریکه فی أمره وولی عهده کذلک فإن عمر لم یکن بعیداً عن قیام الخلیفة بإحراق ما سمعه بنفسه من رسول الله ،وما کتب بیده من سنة رسول الله !

هذه ملامح من موقف عمر بن الخطاب من سنة الرسول قبل أن یتولی الخلافة ونلقی الآن الضوء علی موقفه من سنة الرسول بعد أن تولی الخلافة..» .

راجع أسئلة المسألة 110 و111، فی المجلد الثانی من هذا الکتاب .

ففی صحیح البخاری:8/25: «عن ابن عباس قال کنت أقرئ رجالاً من المهاجرین ، منهم عبد الرحمن بن عوف ، فبینما أنا فی منزله بمنی ،وهو عند عمر بن الخطاب فی آخر حجة حجها ، إذ رجع إلیَّ عبد الرحمن فقال: لو رأیت رجلاً أتی أمیر المؤمنین الیوم فقال: یا أمیر المؤمنین هل لک فی فلان(الزبیر) یقول: لو قد مات عمر لقد بایعت فلاناً ، (علیاً) فوالله ما کانت بیعة أبی بکر إلا فلتة فتمت !

فغضب عمر ثم قال: إنی إن شاء الله لقائم العشیة فی الناس فمحذرهم هؤلاء الذی یریدون أن یغصبوهم أمورهم ! قال عبد الرحمن فقلت: یا أمیر المؤمنین لا تفعل فإن الموسم یجمع رعاع الناس وغوغاءهم ، فإنهم هم الذین یغلبون علی قربک حین تقوم فی الناس ، وأنا أخشی أن تقوم فتقول مقالة یطیرها عنک کل مطیر ، وأن لا یعوها وأن لا یضعوها علی مواضعها ، فأمهل حتی تقدم المدینة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ، فتقول ما قلت متمکناً ، فیعی أهل العلم مقالتک ویضعونها علی مواضعها . فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلک أول مقام أقومه بالمدینة .

قال ابن عباس فقدمنا المدینة فی عقب ذی الحجة ، فلما کان یوم الجمعة عجلنا الرواح حین زاغت الشمس ، حتی أجد سعید بن زید بن عمرو بن نفیل جالساً إلی رکن المنبر فجلست حوله تمس رکبتی رکبته ، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب ، فلما رأیته مقبلاً قلت لسعید بن زید بن عمرو بن نفیل: لیقولن العشیة مقالة لم یقلها منذ استخلف ! فأنکر علی وقال: ما عسیت أن یقول ما لم یقل قبله؟! فجلس عمر علی المنبر ، فلما سکت المؤذنون قام فأثنی علی الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنی قائل لکم مقالة قد قدر لی أن أقولها ، لا أدری لعلها بین

ص: 150

یدی أجلی ، فمن عقلها ووعاها فلیحدث بها حیث انتهت به راحلته ، ومن خشی أن لا یعقلها فلا أحل لأحد أن یکذب علی !

إن الله بعث محمداً(ص) بالحق وأنزل علیه الکتاب ، فکان مما أنزل الله آیة الرجم فقرأناها وعقلناها ووعیناها فلذا رجم رسول الله(ص)ورجمنا بعده فأخشی إن طال بالناس زمان أن یقول قائل والله ما نجد آیة الرجم فی کتاب الله ، فیضلوا بترک فریضة أنزلها الله! والرجم فی کتاب الله حق علی من زنی إذا أحصن من الرجال والنساء ، إذا قامت البینة أو کان الحبل أو الإعتراف .

ثم إنا کنا نقرأ فیما نقرأ من کتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائکم فإنه کفر بکم أن ترغبوا عن آبائکم ، أو إن کفراً بکم أن ترغبوا عن آبائکم . ثم إن رسول الله(ص) قال: لا تطرونی کما أطری عیسی بن مریم ، وقولوا عبد الله ورسوله !

ثم إنه بلغنی أن قائلاً منکم یقول: والله لو مات عمر بایعت فلاناً ، فلا یغترن امرؤ أن یقول إنما کانت بیعة أبی بکر فلتة وتمت ! ألا وإنها قد کانت کذلک ولکن الله وقی شرها ، ولیس منکم من تقطع الأعناق إلیه مثل أبی بکر ! من بایع رجلاً عن غیر مشورة من المسلمین فلا یبایع هو ولا الذی بایعه ، تَغِرَّةَ أن یقتلا ! وإنه قد کان من خبرنا حین توفی الله نبیه(ص)أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم فی سقیفة بنی ساعدة ، وخالف عنا علی والزبیر ومن معهما واجتمع المهاجرون إلی أبی بکر ، فقلت لأبی بکر: یا أبا بکر إنطلق بنا إلی إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فانطلقنا نریدهم فلما دنونا منهم لقینا رجلان منهم صالحان فذکرا ما تمالی علیه القوم فقالا: أین تریدون یا معشر المهاجرین؟ فقلنا: نرید إخواننا هؤلاء من الأنصار . فقالا: لا علیکم أن لا تقربوهم إقضوا أمرکم فقلت: والله لنأتینهم ، فانطلقنا حتی أتیناهم فی سقیفة بنی ساعدة ، فإذا رجل

ص: 151

مزمل بین ظهرانیهم فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا سعد بن عبادة ، فقلت: ماله قالوا: یوعک ، فلما جلسنا قلیلاً تشهد خطیبهم فأثنی علی الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وکتیبة الإسلام ، وأنتم معشر المهاجرین رهطه ، وقد دفت دافة من قومکم فإذا هم یریدون أن یختزلونا من أصلنا ، وأن یحضنونا من الأمر . فلما سکت أردت أن أتکلم وکنت زورت مقالة أعجبتنی أرید أن أقدمها بین یدی أبی بکر ، وکنت أداری منه بعض الحد ، فلما أردت أن أتکلم قال أبو بکر: علی رسلک فکرهت أن أغضبه ، فتکلم أبو بکر فکان هو أحلم منی وأوقر والله ما ترک من کلمة أعجبتنی فی تزویری إلا قال فی بدیهته مثلها أو أفضل ، حتی سکت ، فقال: ما ذکرتم فیکم من خیر فأنتم له أهل ولم یعرف هذا الأمر ألا لهذا الحی من قریش هم أوسط العرب نسباً وداراً وقد رضیت لکم أحد هذین الرجلین فبایعوا أیهما شئتم ، فأخذ بیدی وبید أبی عبیدة بن الجراح وهو جالس بیننا فلم أکره مما قال غیرها ، کان والله أن اقدم فتضرب عنقی لا یقربنی ذلک من إثم ، أحب إلی من أن أتأمر علی قوم فیهم أبو بکر . اللهم إلا أن تسول إلی نفسی عند الموت شیئاً لا أجده الآن ! فقال قائل الأنصار: أنا جذیلها المحکک وعذیقها المرجب ، منا أمیر ومنکم أمیر یا معشر قریش !

فکثر اللغط وارتفعت الأصوات حتی فرقت من الإختلاف فقلت: أبسط یدک یا أبا بکر ، فبسط یده فبایعته وبایعه المهاجرون ، ثم بایعته الأنصار ، ونزونا علی سعد بن عبادة فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة ! فقلت: قتل الله سعد بن عبادة ! قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فیما حضرنا من أمر أقوی من مبایعة أبی بکر ، خشینا إن فارقنا القوم ولم تکن بیعة أن یبایعوا رجلاً منهم بعدنا ، فإما

ص: 152

بایعناهم علی ما لا نرضی ، وإما نخالفهم فیکون فساد ! فمن بایع رجلاً علی غیر مشورة من المسلمین فلا یتابع هو ولا الذی بایعه ، تَغِرَّة (مخافة)أن یقتلا ».

أسئلة:

س1: ما رأیکم فی قول القاضی النعمان المغربی فی دعائم الإسلام:1/85: «کانت بیعة أبی بکر فلتة وقی الله شرها ، فمن عاد إلی مثلها فاقتلوه ! فأوجب بهذا القول قتل نفسه وجمیع من عقد بیعة أبی بکر معه علی رؤوس الناس، وأوجب به خلعه عنهم لأنه باستخلاف أبی بکر جلس ذلک المجلس لا عن رأی منهم»!

س2: ما قولکم فیما رواه الصدوق فی عیون أخبار الرضا(علیه السّلام):1/255، قال: «کان المأمون فی باطنه یحب سقطات الرضا(علیه السّلام)وأن یعلوه المحتج وإن أظهر غیر ذلک ، فاجتمع عنده الفقهاء والمتکلمون ، فدس إلیهم أن ناظروه فی الإمامة ، فقال لهم الرضا(علیه السّلام): إقتصروا علی واحد منکم یلزمکم ما یلزمه ، فرضوا برجل یعرف بیحیی بن الضحاک السمرقندی ، ولم یکن بخراسان مثله ، فقال له الرضا(علیه السّلام): یا یحیی سل عما شئت ، فقال: نتکلم فی الإمامة ، کیف ادعیت لمن لم یؤم وترکت من أم ووقع الرضا به؟! فقال له : یا یحیی أخبرنی عمن صدق کاذباً علی نفسه أو کذب صادقاً علی نفسه ، أیکون محقاً مصیباً أم مبطلاً مخطیاً ؟

فسکت یحیی ، فقال له المأمون: أجبه فقال: یعفینی أمیر المؤمنین من جوابه فقال المأمون: یا أبا الحسن عرفنا الغرض فی هذه المسألة فقال: لا بد لیحیی من أن یخبر عن أئمته أنهم کذبوا علی أنفسهم أو صدقوا ؟ فإن زعم أنهم کذبوا فلا أمانة لکذاب ، وإن زعم أنهم صدقوا فقد قال أولهم: ولیتکم ولست بخیرکم وقال تالیه: کانت بیعته فلته ، فمن عاد لمثلها فاقتلوه ، فوالله ما رضی لمن فعل

ص: 153

مثل فعلهم إلا بالقتل ! فمن لم یکن بخیر الناس والخیریة لا تقع إلا بنعوت منها العلم ومنها الجهاد ومنها سائر الفضائل ولیست فیه ، ومن کانت بیعته فلته یجب القتل علی من فعل مثلها کیف یقبل عهده غیره إلی غیره وهذه صورته ؟!

ثم یقول علی المنبر : إن لی شیطاناً یعترینی فإذا مال بی فقومونی وإذا أخطأت فأرشدونی فلیسوا أئمة بقولهم إن صدقوا أو کذبوا ، فما عند یحیی فی هذا جواب فعجب المأمون من کلامه ، وقال: یا أبا الحسن ما فی الأرض من یحسن هذا سواک » ! والإحتجاج:2/235، ومناقب آل أبی طالب:3/461

س3: ما معنی قول علی(علیه السّلام): لم تکن بیعتی فلتة ! ففی الإرشاد :1/243، عن الشعبی أن أمیر المؤمنین(علیهماالسّلام)خطب بعد بیعته، ثم قال: « أیها الناس ، إنکم بایعتمونی علی ما بویع علیه من کان قبلی ، وإنما الخیار إلی الناس قبل أن یبایعوا ، فإذا بایعوا فلا خیار لهم ، وإن علی الإمام الاستقامة ، وعلی الرعیة التسلیم ، وهذه بیعة عامة ، من رغب عنها رغب عن دین الإسلام واتبع غیر سبیل أهله ، ولم تکن بیعتکم إیای فلتة ، ولیس أمری وأمرکم واحداً ، وإنی أریدکم لله وأنتم تریدوننی لأنفسکم ، وأیم الله لأنصحن للخصم ولأنصفن المظلوم . وقد بلغنی عن سعد وابن مسلمة وأسامة وعبد الله وحسان بن ثابت أمور کرهتها ، والحق بینی وبینهم ».

س4: هل کان قول عمر موجهاً ضد أبی بکر؟ فقد «رویتم عن المعتمر بن سلیمان عن یونس عن الحسن البصری أنه سئل عن قول عمر: کانت بیعة أبی بکر فلتة وقی الله شرها ، فمن عاد لمثلها فاقتلوه، ما أراد عمر بذلک ؟

قال: شئ کان فی صدر عمر أحب أن یظهره ! فقال السائل: أمن موجدة کانت من عمر علی أبی بکر؟قال الحسن : فما تراه إذا ؟ مع أنه قد کانت بین قوم حرکة هی التی دعت عمر

ص: 154

إلی ذلک الموقف بهذا الکلام فقال له الرجل: فما تلک الحرکة؟فقال الحسن: أعرض عما فات فإن الله حسیب ما هناک »! (الإیضاح/134)

أم تقولون بقول الکرابیسی کمافی فتح الباری:12/132:«قال الداودی: معنی قوله کانت فلتة: أنها وقعت من غیر مشورة مع جمیع من کان ینبغی أن یشاور ، وأنکر هذه الکرابیسی صاحب الشافعی ، وقال: بل المراد أن أبا بکر ومن معه تفلتوا فی ذهابهم إلی الأنصار ، فبایعوا أبا بکر بحضرتهم وفیهم من لا یعرف ما یجب علیه من بیعته فقال: منا أمیر ومنکم أمیر ، فالمراد بالفلتة ما وقع من مخالفة الأنصار ، وما أرادوه من مبایعة سعد بن عبادة !

وقال ابن حبان: معنی قوله کانت فلتة: أن ابتدائها کان عن غیر ملأ کثیر ، والشئ إذا کان کذلک یقال له الفلتة فیتوقع فیه ما لعله یحدث من الشر بمخالفة من یخالف فی ذلک عادة ، فکفی الله المسلمین الشر المتوقع فی ذلک عادة ، لا أن بیعة أبی بکر کان فیها شر».

س5: ما قولکم فیم روی عن هذا الإمام السنی ، کما فی الإحتجاج:2/151: «حکی عن أبی الهذیل العلاف قال: دخلت الرقة فذکر لی أن بدیْر زکن رجلاً مجنوناً حسن الکلام ، فأتیته فإذا أنا بشیخ حسن الهیئة جالس علی وسادة یسرح رأسه ولحیته ، فسلمت علیه فرد السلام وقال: ممن یکون الرجل ؟ قال : قلت : من أهل العراق .قال: نعم ، أهل الظرف والأدب.قال: من أیها أنت ؟ قلت: من أهل البصرة .قال: أهل التجارب والعلم. قال: فمن أیهم أنت ؟ قلت: أبو الهذیل العلاف .قال: المتکلم ؟ قلت: بلی . فوثب عن وسادته وأجلسنی علیها ، ثم قال بعد کلام جری بیننا: ما تقولون فی الإمامة؟ قلت: أی الإمامة ترید ؟ قال: من تقدمون بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟ قلت: من قدم رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).قال: ومن هو ؟ قلت: أبا بکر . قال لی: یا أبا الهذیل ولم قدمتم أبا بکر؟ قالقلت: لأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قال: قدموا خیرکم وولوا أفضلکم . وتراضی الناس

ص: 155

به جمیعاً. قال: یا أبا الهذیل هاهنا وقعت! أما قولک أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال: قدموا خیرکم وولوا أفضلکم فإنی أوجدک أن أبا بکر صعد المنبر وقال: ولیتکم ولست بخیرکم وعلی فیکم ! فإن کانوا کذبوا علیه فقد خالفوا أمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وإن کان هو الکاذب علی نفسه فمنبر رسول الله لا یصعده الکاذبون ! وأما قولک: إن الناس تراضوا به ، فإن أکثر الأنصار قالوا منا أمیر ومنکم أمیر ، وأما المهاجرون فإن الزبیر بن العوام قال : لا أبایع إلا علیاً فأمر به فکسر سیفه ، وجاء أبو سفیان بن حرب وقال : یا أبا الحسن لو شئت لأملأنها خیلا ورجالا یعنی: المدینة ، وخرج سلمان فقال بالفارسی: کردید ونکردید ، وندانید که جه کردید ! والمقداد وأبو ذر ، فهؤلاء المهاجرون والأنصار .

أخبرنی یا أبا الهذیل عن قیام أبی بکر علی المنبر وقوله : إن لی شیطاناً یعترینی ، فإذا رأیتمونی مغضباً فاحذرونی ، لا أقع فی أشعارکم وأبشارکم ، فهو یخبرکم علی المنبر أنی مجنون ، وکیف یحل لکم أن تولوا مجنوناً؟!

وأخبرنی یا أبا الهذیل عن قیام عمر وقوله: وددت أنی شعرة فی صدر أبی بکر ، ثم قام بعدها بجمعة فقال: أن بیعة أبی بکر کانت فلتة وقی الله شرها فمن دعاکم إلی مثلها فاقتلوه! فبینما هو یود أن یکون شعرة فی صدره ، وبینما هو یأمر بقتل من بایع مثله! فأخبرنی یا أبا الهذیل عن الذی زعم أن النبی لم یستخلف وأن أبا بکر استخلف عمر وأن عمر لم یستخلف ! فأری أمرکم بینکم متناقضاً!

وأخبرنی یا أبا الهذیل عن عمر حین صیرها شوری بین ستة وزعم: أنهم من أهل الجنة فقال: إن خالف اثنان لأربعة فاقتلوا الإثنین ، وإن خالف ثلاثة لثلاثة ، فاقتلوا الثلاثة الذین لیس فیهم عبد الرحمن بن عوف ! فهذه دیانة أن یأمر بقتل أهل الجنة؟! وأخبرنی یا أبا الهذیل عن عمر لما طعن دخل علیه عبد الله بن عباس قال : فرأیته جزعا فقلت: یا أمیر المؤمنین ما هذا الجزع ؟ قال: یا بن عباس ما جزعی لأجلی ولکن جزعی لهذا الأمر من یلیه بعدی! قال: قلت: ولها طلحة بن عبید الله ، قال : رجل له حدة ،

ص: 156

کان النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یعرفه فلا أولی أمر المسلمین حدیداً !قال: قلت : ولها زبیر بن العوام . قال: رجل بخیل رأیته یماکس امرأته فی کبة من غزل ، فلا أولی أمور المسلمین بخیلاً .قال: قلت: ولها سعد بن أبی وقاص . قال: رجل صاحب فرس وقوس ، ولیس من أحلاس الخلافة ! قال قلت: ولها عبد الرحمن بن عوف . قال: رجل لیس یحسن أن یکفی عیاله ! قال قلت: ولها عبد الله بن عمر. فاستوی جالساً ثم قال: یا بن عباس ! ما الله أردت بهذا أولی رجلاً لم یحسن أن یطلق امرأته ؟! قال قلت: ولها عثمان بن عفان. قال: والله لئن ولیته لیحملن بنی أبی معیط علی رقاب المسلمین ویوشک أن یقتلوه !قالها ثلاثاً. قال : ثم سکتُّ لما أعرف من مغائرته لأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب، فقال: یا بن عباس أذکر صاحبک ، قال قلت: فولها علیاً . قال: فوالله ما جزعی إلا لما أخذنا الحق من أربابه ، والله لئن ولیته لیحملنهم علی المحجة العظمی ، وإن یطیعوه یدخلهم الجنة !

فهو یقول هذا ، ثم صیرها شوری بین الستة فویل له من ربه »!

س6: هل تقبلون ما رویناه من ندم عمر عند وفاته ، کما فی الخصال للصدوق/171، عن الإمام الباقر(علیه السّلام)قال:« لما حضر عمر الموت قال : أتوب إلی الله من رجوعی عن جیش أسامة بعد أن أمره رسول الله علینا ، وأتوب إلی الله من عتقی سبی الیمن وأتوب إلی الله من شئ کنا أشعرناه قلوبنا نسأل الله أن یکفینا ضره ، وأن بیعة أبی بکر کانت فلتة، ومن تعاقدنا علی أهل هذا البیت إن قبض الله رسوله لا نولی منهم أحداً »!

وفی الخصال للصدوق/170، عن یحیی بن عبد الله بن الحسن المثنی قال:« قال عمر حین حضره الموت: أتوب إلی الله من ثلاث : اغتصابی هذا الأمر أنا وأبو بکر من دون الناس واستخلافی علیهم ، وتفضیلی المسلمین بعضهم علی بعض » !

ص: 157

أسکتن فسکتن ، فدخل عمر وقضی حاجته ثم خرج ، فقال لهن: عدن فعدن إلی الغناء .فقلن : یا رسول الله ، من هذا الذی کلما دخل قلت اسکتن وکلما خرج قلت عدن إلی الغناء ؟ قال هذا رجل لا یؤثر سماع الباطل !

کیف یحل لهؤلاء القوم روایة مثل ذلک عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟ أیری عمر أشرف من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حیث لا یؤثر سماع الباطل والنبی یؤثره ؟! ».

وروی النسائی:5/309 :« عن عائشة قالت ثم کان رسول الله (ص) جالساً فسمعنا لغطاً فقام رسول الله(ص)فإذا حبشیة تزفن والصبیان حولها فقال یا عائشة تعالی فانظری فجئت فوضعت ذقنی علی منکب رسول الله(ص)فجعلت أنظر إلیها ما بین المنکب إلی رأسه فقال لی أما شبعت فجعلت أقول لا لأنظر منزلتی عنده إذ طلع عمر فارفض الناس عنها فقال رسول الله(ص)إنی لأنظر إلی شیاطین الجن والإنس قد فروا من عمر قالت فرجعت »! راجع الصحیح من السیرة:4/114،و126

أسئلة:

س1: هل تقبلون أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یسمع الباطل، ویتنزه عنه أبو بکر وعمر ! ثم کیف یرتکب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أعمالاً قبیحة أو غیر لائقة ، ویتستر بها عنهما ؟!

س2: هل تقبلون زعمهم أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یدعوعائشة لتنظر إلی لعب السودان بالدرق والحراب وخده علی خدها؟ وأین ما رویتم عن متانة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وحیائه ؟!

س3: من أین عرف أبو بکر أنها مزمارة الشیطان ، وهل کان أفقه من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟! وهل کان عمر أفقه منه عندما نهاهم عن المنکر وحصبهم ؟!

ص: 160

أقلب حصی بیدی ، فلما نزل انطلق بی إلی منزله فقال لی:

من علمک؟ فقلت: والله ما علمنی أحد ! قال: یا بنی لو جعلت تغشانا ، قال فأتیته یوماً وهو خال بمعاویة ، وابن عمر بالباب فرجع ابن عمر ورجعت معه ، فلقینی بعدُ فقال لی: لم أرک ! فقلت: یا أمیر المؤمنین إنی جئت وأنت خال بمعاویة ، وابن عمر بالباب فرجع ورجعت معه ! فقال: أنت أحق بالإذن من ابن عمر ، وإنما أنبت ما تری فی رؤوسنا الله ثم أنتم » !

وقال ابن حجر الهیتمی (بالتاء)فی الصواعق المحرقة:2/515:« وأخرج الدارقطنی أن الحسن جاء لأبی بکر وهو علی منبر رسول الله فقال: إنزل عن مجلس أبی ! فقال: صدقت والله إنه لمجلس أبیک! ثم أخذه وأجلسه فی حجره وبکی، فقال علی: أما والله ما کان عن رأیی! فقال صدقت والله ما اتهمتک .فانظر لعظم محبة أبی بکر وتعظیمه وتوقیره للحسن ، حیث أجلسه علی حجره وبکی. ووقع للحسین نحو ذلک مع عمر وهو علی المنبر فقال له: منبر أبیک والله لا منبر أبی ! فقال علی: والله ما أمرت بذلک ! فقال عمر: والله ما اتهمناک . زاد ابن سعد أنه أخذه فأقعده إلی جنبه وقال: وهل أنبت الشعر علی رؤوسنا إلا أبوک ! أی إن الرفعة ما نلناها إلا به ».

ورواه الذهبی فی سیره:3/285، وفیه: « قال: أی بنی ! وهل أنبت علی رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم ! ووضع یده علی رأسه ، وقال : أی بنی ! لو جعلت تأتینا وتغشانا. إسناده صحیح ».راجع المسانید للأنصاری:2/88 ، والریاض النضرة:1/561 ، والإصابة:2/69، والمراجعات/396، وشرح النهج:6/42 ، وکنز العمال:13/654، ومعرفة الثقات:1/302، وتاریخ بغداد :1/151، وتاریخ دمشق:14/175، وتاریخ المدینة:3/799، ومناقب محمد بن سلیمان:2/255 ومن مصادرنا: علل الشرائع:/186 ، والغدیر:7/126، ومستدرک الوسائل:15/165،

ص: 162

وفی أمالی الطوسی/703: « أتی عمر بن الخطاب وهو علی المنبر یوم الجمعة فقال له: إنزل عن منبر أبی ، فبکی عمر ثم قال: صدقت یا بنی منبر أبیک لا منبر أبی !فقال علی: ما هو والله عن رأیی قال: صدقت والله ما اتهمتک یا أبا الحسن . ثم نزل عن المنبر ، فأخذه فأجلسه إلی جانبه علی المنبر ، فخطب الناس وهو جالس معه علی المنبر ، ثم قال: أیها الناس، سمعت نبیکم یقول: إحفظونی فی عترتی وذریتی، فمن حفظنی فیهم حفظه الله ، ألا لعنة الله علی من آذانی فیهم ! ثلاثاً».

ورواه الإحتجاج:2/13، وفیه: « فقال له الحسین(علیه السّلام)من ناحیة المسجد: إنزل أیها الکذاب عن منبر أبی رسول الله لا منبر أبیک ! فقال له عمر: فمنبر أبیک لعمری یا حسین لا منبر أبی ! من علمک هذا أبوک علی بن أبی طالب ؟

فقال له الحسین: إن أطع أبی فیما أمرنی ، فلعمری إنه لها وأنا مهتد به ، وله فی رقاب الناس البیعة علی عهد رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )، نزل بها جبرئیل من عند الله تعالی لا ینکرها إلا جاحد بالکتاب ، قد عرفها الناس بقلوبهم وأنکروها بألسنتهم وویل للمنکرین حقنا أهل البیت ، ماذا یلقاهم به محمد رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، من الغضب وشدة العذاب !

فقال عمر : یا حسین من أنکر حق أبیک فعلیه لعنة الله ، أمرنا الناس فتأمرنا ، ولو أمروا أباک لأطعنا ! فقال له الحسین: یا ابن الخطاب فأی الناس أمرک علی نفسه قبل أن تؤمر أبا بکر علی نفسک لیؤمرک علی الناس ، بلا حجة من نبی ولا رضا من آل محمد ، فرضاکم کان لمحمد رضا ؟ أو رضا أهله کان له سخطاً ؟ أما والله لو أن للسان مقالاً یطول تصدیقه ، وفعلاً یعینه المؤمنون ، لما تخطیت رقاب آل محمد ، ترقی منبرهم ، وصرت الحاکم علیهم بکتاب نزل فیهم ، لا

ص: 163

تعرف معجمه ، ولا تدری تأویله ، إلا سماع الآذان ، المخطئ والمصیب عندک سواء ، فجزاک الله جزاک ، وسألک عما أحدثت سؤالا حفیاً !

قال فنزل عمر مغضباً ، فمشی معه أناس من أصحابه حتی أتی باب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فاستأذن علیه فأذن له فدخل فقال : یا أبا الحسن ما لقیت الیوم من ابنک الحسین ، یجهرنا بصوت فی مسجد رسول الله ویحرض علی الطغام وأهل المدینة ، فقال له الحسن: علی مثل الحسین ابن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یشخب بمن لا حکم له أو یقول بالطغام علی أهل دینه ؟ أما والله ما نلت إلا بالطغام ، فلعن الله من حرض الطغام !

فقال له أمیر المؤمنین(علیه السّلام): مهلاً یا أبا محمد فإنک لن تکون قریب الغضب ولا لئیم الحسب ، ولا فیک عروق من السودان ، إسمع کلامی ولا تعجل بالکلام .

فقال له عمر : یا أبا الحسن إنهما لیهمان فی أنفسهما بما لا یری بغیر الخلافة !

فقال أمیر المؤمنین : هما أقرب نسباً برسول الله من أن یَهِمَّا ، أمَا فارضهما یا ابن الخطاب بحقهما یرض عنک من بعدهما . قال: وما رضاهما یا أبا الحسن ؟ قال: رضاهما الرجعة عن الخطیئة ، والتقیة عن المعصیة بالتوبة . فقال له عمر: أدب یا أبا الحسن ابنک أن لا یتعاطی السلاطین الذین هم الحکام فی الأرض !

فقال له أمیر المؤمنین(علیه السّلام): أنا أؤدب أهل المعاصی علی معاصیهم ، ومن أخاف علیه الزلة والهلکة ، فأما من والده رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ونَحَله أدبه ، فإنه لا ینتقل إلی أدب خیر له منه ، أما فارضهما یا بن الخطاب ! قال: فخرج عمر فاستقبله عثمان بن عفان وعبد الرحمان بن عوف ، فقال له عبد الرحمن : یا أبا حفص ما صنعت فقد طالت بکما الحجة ؟ فقال له عمر: وهل حجة مع ابن أبی طالب وشبلیه ؟ ! فقال له عثمان : یا ابن الخطاب ، هم بنو عبد مناف الأسمنون والناس عجاف !

ص: 164

فقال له عمر: ما أعدُّ ماصرت إلیه فخراً ، فخرت به بحمقک ! فقبض عثمان علی مجامع ثیابه ثم نبذ به ورده ، ثم قال له : یا ابن الخطاب ، کأنک تنکر ما أقول فدخل بینهما عبد الرحمن وفرق بینهما ، وافترق القوم ».

أسئلة:

س1: هل یدل هذا الحدیث علی أن الحسن والحسین وأباهما(علیهم السّلام) کانوا یرون أن أبا بکر وعمر لاحق لهما فی صعود منبر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ولماذا ؟!

س2: ما هو سبب سکوت الشیخین علی فعل الحسنین(علیهماالسّلام)، وهل هو بسبب لیونتهما مع المعارضین ، أم لأن الجو العام لایسمح لهم بموقف سلبی ؟

س3: ما معنی قول أبی بکر وعمر فی روایة ابن حجر: وإنما أنبت ما تری فی رؤوسنا الله ثم أنتم ! وهل أنبت الشعر علی رؤوسنا إلا أبوک ! وفی روایة الذهبی التی صححها :وهل أنبت علی رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم ؟!

وهل أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )شریک فی نعم الله تعالی علی الناس أو علی المسلمین ؟!

س4: ما معنی قوله تعالی: وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ؟! وهل ینسجم ذلک مع دین الوهابیة الذی یجعل الإعتقاد بأن النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )أو الأئمة(علیهم السّلام) واسطة فی الرزق والنعم ، شرکاً أکبر یخرج عن الملة ؟!

لَهُ بِالْقَوْلِ کَجَهْرِ بَعْضِکُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُکُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ .إِنَّ الَّذِینَ یَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِکَ الَّذِینَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَی لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِیمٌ .إِنَّ الَّذِینَ یُنَادُونَکَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ .وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّی تَخْرُجَ إِلَیْهِمْ لَکَانَ خَیْرًا لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ .(الحجرات:1- 5)

وقد حوَّل رواة السلطة هذه الآیات الی مدح لهما ، وأخفوا مخالفتهما للأحکام والآداب التی تضمنتها !فقد روی بخاری فی صحیحه:(6/47):« قدم رکب من بنی تمیم علی النبی(ص)فقال أبو بکر: أمِّر القعقاع بن معبد. وقال عمر: أمِّر الأقرع بن حابس . فقال أبو بکر: ما أردت إلا خلافی ! فقال عمر: ما أردت خلافک ! فتماریا ، حتی ارتفعت أصواتهما ، فنزل فی ذلک:لاتَرْفَعُوا أَصْوَاتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ کَجَهْرِ بَعْضِکُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُکُمْ وَأَنْتُمْ لاتَشْعُرُونَ».

وروی فی صحیحه (6/46، و:8/145): « عن ابن أبی ملیکة قال:کاد الخیِّران أن یهلکا أبا بکر وعمر رفعا أصواتهما عند النبی (ص)حین قدم علیه رکب بنی تمیم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخی بنی مجاشع ، وأشار الآخر برجل آخر . قال نافع لا أحفظ اسمه . فقال أبو بکر لعمر: ما أردت إلا خلافی ! قال: ما أردت خلافک ! فارتفعت أصواتهما فی ذلک فأنزل الله: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَکُمْ، الآیة .قال ابن الزبیر: فما کان عمر یُسمع رسول الله(ص)بعد هذه الآیة حتی یستفهمه ».

لاحظ أن السورة بدأت بالنهی علی التقدیم بین یدی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقد فعل ذلک أبو بکر وعمر فقالا له: إفعل کذا ولا تفعل کذا ! وکأنهما أصحاب الحق فی تعیین الولاة ، کما قالا من قبل: لَوْ کَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَیْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا !

کما نهت السورة عن الجدل عند رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ورفع الصوت فوق صوته ، وقد تجادلا بالمراء ، ورفعا صوتیهما فوق صوته !

ص: 166

کما جعلت عقوبة ذلک إحباط العمل ، فهی معصیة کبیرة تستوجب التوبة والإستغفار ، ولم یرووا أنهما تابا واعتذرا من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وطلبا أن یستغفر لهما !

کما أخفوا علاقة أبی بکر وعمر بقوله تعالی: إِنَّ الَّذِینَ یُنَادُونَکَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ ! بل زعموا أن عمر کان یطبق حدود الله تعالی ویتأدب بأدب القرآن ، فکان یکلم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بصوت منخفض طول عمره کأخی السرار ، أی کمن یقول للآخر سراً ! وذلک لیغطوا أنه کان ینادی النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )بالصیاح من وراء الحجرات ، کما فعل عندما تأخر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عمداً عن صلاة العشاء فصاح عمر: نام النساء والصبیان! وروی مسلم (2/115)فخرج النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقال: «ما کان لکم أن تنزروا رسول الله علی الصلاة ! وذاک حین صاح عمر بن الخطاب »!

کما غطوا صیاح عمر وأصحابه فی وجه النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) عندما قال لأصحابه فی مرض وفاته: إیتونی بدواة وقرطاس أکتب لکم کتاباً لن تضلوا بعدی أبداً ، فصاح عمر: حسبنا کتاب الله ، إن النبی لیهجر ! وصاح أنصاره : القول ما قال عمر ! حتی طردهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقال قوموا عنی!

وزعم رواة السلطة أن النداء من وراء الحجرات لم یکن من أبی بکر وعمر ، وقالوا إن المنادین وفد بنی تمیم الذین تصایح أبو بکر وعمر من أجل ترئیس فلان أو فلان علیهم !(فتح الباری:8/453) !

أسئلة:

س1: ما معنی مطلع سورة الحجرات: َیا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ ، وما حکم من ارتکب ذلک کأبی بکر وعمر ؟

س2: ما قولکم فی فضول أبی بکر وعمر وتقدیمهابین یدی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وکأنهما شریکان فی نبوته أو ولیان علیه ، وکل منهما یرید تزعیم صدیقه علی قبیلته !

ص: 167

وهکذا کان دأبهما مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فعندما رجعا من فرارهما فی حنین ، أخذا یتدخلان فی الغنائم ! «وقال أبوقتادة: یا رسول الله إنی ضربت رجلاً علی جبل العاتق وعلیه درع له قد تحصفت عنه فأعجلت عنه قال فانظر من أخذها ، فقام رجل فقال: أنا أخذتها فأرضه عنها فلو أعطیتنیها ؟ وکان رسول الله (ص)لایسأل شیئاً إلا أعطاه أو سکت ، فسکت رسول الله فقال عمر: لا والله لا یفیؤها الله علی أسد من أسده ، ویعطیکها! فضحک رسول الله » .(کنز العمال:10/552 ) ورواها أبو داود(1/616) عن أبی بکر قال: « فقال أبو بکر الصدیق: لاها الله ، إذا یعمد إلی أسد من أسد الله یقاتل عن الله وعن رسوله فیعطیک سلبه ! فقال رسول الله (ص): صدق فأعطه إیاه » !

وحذف منه البخاری(3/16) ذکر أبی بکر وعمر !

وروی بخاری عن عمر شکایة أم سلمة من فضوله ، قال (6/69): «فقالت أم سلمة: عجباً لک یا ابن الخطاب دخلت فی کل شئ حتی تبتغی أن تدخل بین رسول الله(ص)وأزواجه »!

س3: هل ثبت عندکم توبة أبی بکر وعمر من رفع صوتیهما علی صوت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

س4: هل وجدتم أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )استغفر فی یوم من الأیام لأبی بکر أوعمر ؟!

ولعل أول ماقاله عمر فی أبی بکر کان فی قصة الحطیئة الشاعر، قال الشریف المرتضی(رحمه الله)فی الشافی:4/126:« مع أنه قد کان یبدر منه أعنی عمر فی وقت بعد آخر ما یدل علی ما ذکرناه ، وقد روی الهیثم بن عدی عن عبد الله بن عیاش الهمدانی عن سعید بن جبیر قال : ذکر أبو بکر وعمر عند عبد الله بن عمر فقال رجل: کانا والله شمسی هذه الأمة ونوریها ، فقال له ابن عمر:ومایدریک؟ فقال له الرجل: أولیس قد ائتلفا؟ فقال ابن عمر: بل اختلفا لو کنتم تعلمون ، وأشهد أنی عند أبی یوماً وقد أمرنی أن أحبس الناس عنه ، فاستأذن عبد الرحمن بن أبی بکر ، فقال عمر: دویبة سوء ولهو خیر من أبیه ، فأوحشنی ذلک منه ، فقلت: یا أبه عبد الرحمن خیر من أبیه ! فقال: ومن لیس خیراً من أبیه لا أم لک! إئذن لعبد الرحمن ، فدخل علیه فکلمه فی الحطیئة الشاعر أن یرضی عنه ، وکان عمر قد حبسه فی شعر قاله ، فقال عمر: إن الحطیئة لبذی فدعنی أقوِّمه بطول الحبس فألح علیه عبد الرحمن وأبی عمر ! وخرج عبد الرحمن فأقبل علیَّ أبی وقال: أفی غفلة أنت إلی یومک هذا علی ما کان من تقدم أحیمق بنی تیم علی وظلمه لی؟ فقلت: یا أبه لا علم لی بما کان من ذلک ! فقال: یا بنی وما عسیت أن تعلم ! فقلت: والله لهو أحب إلی الناس من ضیاء أبصارهم ! قال: إن ذلک لکذلک علی رغم أبیک وسخطه ! فقلت : یا أبه أفلا تحکی عن فعله بموقف فی الناس تبین ذلک لهم ، قال: وکیف لی بذلک مع ما ذکرت أنه أحب إلی الناس من ضیاء أبصارهم ، إذن یرضخ رأس أبیک بالجندل ! قال ابن عمر: ثم تجاسر والله فجسر فما دارت الجمعة حتی قام خطیباً فی الناس فقال:یا أیها الناس إن بیعة أبی بکر کانت فلتة وقی الله شرها فمن دعاکم إلی مثلها فاقتلوه!.

ص: 169

وقال الشریف المرتضی فی الشافی:4/1286:«وروی الهیثم بن عدی أیضاً عن مجالد بن سعید قال: غدوت یوماً إلی الشعبی وإنما أرید أن أسأله عن شئ بلغنی عن ابن مسعود أنه کان یقوله ، فأتیته فی مسجد حیه ، وفی المسجد قوم ینتظرونه فخرج فتعرفت إلیه وقلت: أصلحک الله کان ابن مسعود یقول: ما کنت محدثاً قوماً حدیثاً لا یبلغه عقولهم إلا کان لبعضهم فتنة ، قال: نعم ، قد کان ابن مسعود یقول ذلک ، وکان ابن عباس یقوله أیضاً ، وکان عند ابن عباس دفائن علم یعطیها أهلها ویصرفها عن غیرهم ، فبینا نحن کذلک إذ أقبل رجل من الأزد فجلس إلینا ، فأخذنا فی ذکر أبی بکر وعمر ، فضحک الشعبی وقال : لقد کان فی صدر عمر ضب (أی حقد) علی أبی بکر ، فقال الأزدی : والله ما رأینا ولا سمعنا برجل قط کان أسلس قیادا لرجل ولا أقوله بالجمیل فیه من عمر فی أبی بکر ! فأقبل علی عامر الشعبی فقال: هذا مما سألت عنه ، ثم أقبل علی الرجل فقال یا أخا الأزد کیف تصنع بالفلتة التی وقی الله شرها أتری عدواً یقول فی عدو ویرید أن یهدم ما بنی لنفسه فی الناس أکثر من قول عمر فی أبی بکر؟! فقال الرجل: سبحان الله یا با عمرو أنت تقول ذلک ؟! فقال الشعبی: أنا أقوله ! قاله عمر بن الخطاب علی رؤوس الأشهاد فلمه أودعه ! فنهض الرجل مغضباً وهو یهمهم بشئ لم أفهمه فی الکلام ، فقال مجالد: فقلت للشعبی: ما أحسب هذا الرجل إلا سینقل عنک هذا الکلام إلی الناس ویبثه فیهم ، قال: إذا والله لا أحفل بذلک شیئاً لم یحفل به ابن الخطاب حین قام علی رؤوس المهاجرین والأنصار ! وأنتم أیضاً فأذیعوه عنی ما بدا لکم»!

وقال فی الشافی:4/1286، ونحوه ابن أبی الحدید فی شرح النهج:2/30 :«وقد روی شریک بن عبد الله النخعی ،عن محمد بن عمرو بن مرة عن أبیه عن عبد الله بن

ص: 170

سلمة عن أبی موسی الأشعری قال: حججت مع عمر بن الخطاب ، فلما نزلنا وعظم الناس خرجت من رحلی وأنا أرید عمر ،

فلقینی المغیرة بن شعبة فرافقنی ثم قال: أین ترید ؟ فقلت: أمیر المؤمنین ، فهل لک ؟ قال: نعم ، فانطلقنا نرید رحل عمر ، فإنا لفی طریقنا إذ ذکرنا تولی عمر وقیادته بما هو فیه ، وحیاطته علی الإسلام ، ونهوضه بما قبله من ذلک ، ثم خرجنا إلی ذکر أبی بکر ، ثم قال: فقلت للمغیرة: یا لک الخیر ، لقد کان أبو بکر مسدداً فی عمر کأنه ینظر إلی قیامه من بعده ، وجده واجتهاده وعنائه فی الإسلام ! فقال المغیرة: لقد کان ذلک ، وإن کان قوم کرهوا ولایة عمر لیزووها عنه ، وما کان لهم فی ذلک من حظ ! فقلت له: لا أبا لک ! ما نری القوم الذین کرهوا ذلک من عمر ، فقال لی المغیرة: لله أنت کأنک فی غفلة لا تعرف هذا الحی من قریش ، وما قد خصوا به من الحسد ! فوالله لو کان هذا الحسد یدرک بحساب ، لکان لقریش تسعة أعشار الحسد وللناس عشر بینهم ، فقلت: مه یا مغیرة ! فإن قریشاً قد بانت بفضلها علی الناس ! ولم نزل فی ذلک حتی انتهینا إلی عمر بن الخطاب أو إلی رحله فلم نجده ، فسألنا عنه فقیل خرج آنفا ، فمضینا نقفو أثره حتی دخلنا المسجد فإذا عمر یطوف بالبیت فطفنا معه ، فلما فرغ دخل بینی وبین المغیرة فتوکأ علی المغیرة ثم قال من أین جئتما ؟ فقلنا : یا أمیر المؤمنین خرجنا نریدک فأتینا رحلک فقیل لها: خرج یرید المسجد فاتبعناک ، قال: تبعکما الخیر ، ثم إن المغیرة نظر إلی فتبسم فنظر إلیه عمر فقال: مم تبسمت أیها العبد ! فقال : من حدیث کنت أنا وأبو موسی فیه آنفا فی طریقنا إلیک ، فقال: وما ذاک الحدیث فقصصنا علیه الخبر حتی بلغنا ذکر حسد قریش وذکر من أراد صرف أبی بکر عن ولایة عمر ، فتنفس عمر الصعداء ثم قال: ثکلتک أمک یا مغیرة وما تسعة أعشار الحسد ، إن

ص: 171

فیها لتسعة أعشار الحسد ، وتسعة أعشار العشر ، وفی الناس عشر العشر ! وقریش شرکاؤهم فی عشر العشر أیضاً ، ثم سکت ملیاً وهو یتهادی بیننا ، ثم قال: ألا أخبرکما بأحسد قریش کلها؟ قلنا: بلی یا أمیر المؤمنین ، قال :وعلیکما ثیابکما ، قلنا نعم ، قال: وکیف بذلک وأنتما ملبسان ثیابکما ؟ قلنا له: یا أمیر المؤمنین وما بال الثیاب؟قال: خوف الإذاعة من الثیاب فقلت له: أتخاف الإذاعة من الثیاب فأنت والله من ملبسی الثیاب أخوف وما الثیاب أردت ! قال:هو ذاک فانطلق وانطلقنا معه حتی انتهینا إلی رحله فخلی أیدینا من یده ثم قال: لا تریما ثم دخل فقلت للمغیرة:لا أبا لک لقد عثرنا بکلامنا وما کنا فیه ، وما أراه حبسنا إلا لیذاکرنا إیاها قال:فإنا لکذلک إذ خرج علینا آذنه فقال: أدخلا فدخلنا ، فإذا عمر مستلق علی برذعة الرحل فلما دخلنا أنشأ یتمثل بیت کعب بن زهیر:

لا تفش سرک إلا عند ذی ثقة

أولی وأفضل ما استودعت أسرارا

صدراً رحیباً وقلباً واسعاً صمِتاً

لا تخش منه إذا أودعت إظهارا

صدراً رحیباً وقلباً واسعاً صمِتاً

لا تخش منه إذا أودعت إظهارا

فلما سمعناه یتمثل بالشعر علمنا أنه یرید أن نضمن له کتمان حدیثه ، فقلنا له: یا أمیر المؤمنین أکرمنا وخصنا ووصلنا قال: بماذا یا أخا الأشعریین؟ قلنا: بإفشاء سرک إلینا وأشرکنا فی همک فنعم المستسران نحن لک ، فقال : إنکما لکذلک ، فاسألا عما بدا لکما .، قال : فقام إلی الباب لیغلقه فإذا آذنه الذی أذن لنا علیه فی الحجرة ، فقال : امض عنا لا أم لک ، فخرج وأغلق الباب خلفه ، ثم أقبل إلینا فجلس معنا ، فقال : سلا تخبرا قلنا: نرید أن تخبرنا بأحسد قریش الذی لم تأمن ثیابنا علیه أن تذکره لنا ، فقال: سألتما عن معضلة ، وسأخبرکما فلتکن عندکما فی ذمة منیعة ، وحرز ما بقیت ، فإذا مت فشأنکما وما أحببتما من إظهار أو کتمان !

ص: 172

قلنا: فإن لک عندنا ذلک .قال أبو موسی: وأنا أقول فی نفسی ما أظنه یرید إلا الذین کرهوا من أبی بکر استخلافه عمر ، وکان طلحة أحدهم فأشاروا علیه ألا یستخلفه لأنه فظ غلیظ ، ثم قلت فی نفسی: قد عرفنا هؤلاء القوم بأسمائهم وعشائرهم ، وعرفهم الناس ، وإذا هو یرید غیر ما نذهب إلیه منهم ، فعاد عمر إلی النفس ثم قال: من تریانه ؟ قلنا: والله ما ندری إلا ظناً، قال: ومن تظنان ؟قلنا: نراک ترید القوم الذین أرادوا أبا بکر علی صرف هذا الأمر عنک . قال: کلا ، بل کان أبو بکر أعق وأظلم ، هو الذی سألتما عنه کان والله أحسد قریش کلها ! ثم أطرق طویلاً فنظر إلی المغیرة ونظرت إلیه ، وأطرقنا لإطراقه ، وطال السکوت منا ومنه حتی ظننا أنه قد ندم علی ما بدا منه ، ثم قال: وا لهفاه علی ضئیل بنی تیم بن مرة ! لقد تقدمنی ظالماً وخرج إلی منها آثماً ، فقال له المغیرة: هذا یقدمک ظالماً قد عرفنا فکیف خرج إلیک منها آثماً ؟ قال: ذاک لأنه لم یخرج إلی منها إلا بعد یأس منها ، وأما والله لو کنت أطعت زید بن الخطاب وأصحابه لم یتلمظ من حلاوتها بشئ أبداً ، ولکنی قدمت وأخرت وصعدت وصوبت ونقضت وأبرمت ، فلم أجد إلا الإغضاء علی ما نشبت منه فیها ، والتلهف علی نفسی ، وأمَّلت إنابته ورجوعه ، فوالله ما فعل حتی فغر بها بشماً ، فقال له المغیرة بن شعبة: فما منعک منها وقد عرضها علیک یوم السقیفة بدعائک إلیها ؟ثم أنت الآن تنقم بالتأسف علیه ! فقال له: ثکلتک أمک یا مغیرة إن کنت لأعدک من دهاة العرب کأنک کنت غائباً عما هناک ، إن الرجل کادنی فکدته وماکرنی فماکرته ، وألفانی أحذر من قطاة ، إنه لما رأی شغف الناس به ، وإقبالهم بوجوههم علیه أیقن أن لا یریدوا به بدلاً، فأحب لما رأی من حرص الناس علیه وشغفهم به أن یعلم ما عندی وهل تنازع إلیها نفسی ، وأحب أن یبلونی

ص: 173

بإطماعی فیها والتعریض لی بها ، وقد علم وعلمت لو قبلت ما عرض علی منها لم یجبه الناس إلی ذلک ، فألقانی قائماً علی أخمصی متشوزاً حذراً ! ولو أجبته إلی قبولها لم یسلم الناس إلی ذلک واختبأها ضغناً علی فی قلبه ، ولم آمن غائلته ولو بعد حین ، مع ما بدا لی من کراهیة الناس ، أما سمعت نداءهم من کل ناحیة عند عرضها علی لا نرید سواک یا أبا بکر أنت لها !فرددتها علیه فعند ذلک رأیته وقد التمع وجهه لذلک سروراً .

ولقد عاتبنی مرة علی شئ بلغه عنی وذلک لما قدم بالأشعث بن قیس أسیراً فمن َّعلیه وأطلقه وزوجه أخته أم فروة بنت أبی قحافة ، فقلت للأشعث وهو بین یدی أبی بکر: یا عدو الله أکفرت بعد إسلامک ! وارتددت کافراً ناکصاً علی عقبیک ؟ فنظر إلی الأشعث نظراً شزراً علمت له أنه یرید کلاماً یکلمنی به ، ثم سکت فلقینی بعد ذلک فی بعض سکک المدینة فرافقنی ثم قال لی: أنت صاحب الکلام یا ابن الخطاب؟ قلت: نعم یا عدو الله ، ولک عندی شر من ذلک ، فقال: بئس الجزاء هذا لی منک ؟ فقلت: علی م ترید منی حسن الجزاء ؟قال: لا نفتی لک من اتباع هذا الرجل یرید أبا بکر، وما جرأنی علی الخلاف علیه إلا بقدمه علیک وتخلفک عنها ، ولو کنت صاحبها ما رأیت منی خلافاً علیک ! قلت: قد کان ذلک فما تأمر الآن ؟ قال: ما هذا وقت أمر إنما هو وقت صبر ، حتی یأتی الله بفرج ومخرج ! فمضی ومضیت .ولقی الأشعث بن قیس الزبرقان بن بدر السعدی ، فذکر له ما جری بینی وبینه ، فنقل الزبرقان إلی أبی بکر الکلام فأرسل إلی فأتیته فذکر لی ذلک ثم قال: إنک لمتشوف إلیها یا ابن الخطاب ، فقلت: وما یمنعنی من التشوف لذلک ، فذکر أحق به فمن غلبنی علیه ، أما والله لتکفن أو لأقولن کلمة بالغة بی وبک فی الناس یحملها الرکبان حیث ساروا

ص: 174

، وإن شئت استدمنا ما نحن فیه عفواً ، فقال: إذا نستدیمها علی أنها صائرة إلیک إلی أیام ، فما ظننت أنه یأتی علیه جمعة حتی یردها علیَّ فتغافل والله ، فما ذکر لی والله بعد ذلک المجلس حرفاً حتی هلک ولقد مد فی أمدها عاضا علی نواجذه حتی حضره الموت فأیس منها فکان منه ما رأیتما ، ثم قال: أکتما ما قلت لکما عن بنی هاشم خاصة ولیکن منکم حیث أمرتکما ! إذا شئتما علی برکة الله . فمضینا ونحن نعجب من قوله ، ووالله ما أفشینا سره حتی هلک »!!

وختم الشریف المرتضی(قدسّ سرّه)بقوله: « فکأنی بهم عند سماع هذه الأخبار یستغرقون ضحکاً تعجباً واستبعاداً وإنکاراً ویقولون : کیف نصغی إلی هذه الأخبار ، ومعلوم ضرورة تعظیم عمر لأبی بکر ووفاقه له ، وتصویبه لإمامته ، وکیف یطعن عمر فی إمامة أبی بکر وهی أصل لإمامته...ولیس فی طعن عمر علی بیعة أبی بکر ما یؤدی إلی فساد إمامته ، لأنه یمکن أن یکون ذهب إلی أن إمامته لم تثبت إلا بالنص علیه ، وإنما ثبتت بالإجماع من الأمة والرضا، فقد ذهب إلی ذلک جماعة من الناس ، ویری أن إمامته أولی من حیث لم تقع بغتة ولا فجأة ، ولا اختلف الناس فی أصلها وامتنع کثیر منهم من الدخول فیها حتی أکرهوا وتهددوا وخوفوا».

راجع فی قصة حبس عمر للحطیئة العبسی : المحلی:11/193، والإیضاح/135، و138، والإصابة:2/150، والمسترشد/245و253وشرح النهج:17/209 ، وکنز العمال:3/843 .

أسئلة:

س1:هل یمکن القول إن اتفاق أبی بکر وعمر علی العمل لأخذ الخلافة کان أمراً لله وبالله ، وأن بیعة عمر لأبی بکر ووصیة أبی بکر له کانت بدون اتفاق علی التقاسم ؟!

س2: نلاحظ أن أبا بکر مات مسموماً ، وأنه کان یخاف ذلک فما أن بایعوه حتی استدعی طبیب السموم المعروف من الطائف الحارث بن بن کلدة فکان یراقب طعامه وکان لا یأکل إلا معه ، فقال له یوماً: إرفع یدک فإن الطعام مسموم وأموت أنا وأنت

ص: 175

معاً بعد ثلاثة أیام ! وفی روایة بعد سنة ! فمات أبو بکر وطبیبه ! (الطبقات: 3/198 وتاریخ دمشق : 30/409 ، والإصابة : 4/149 ، والریاض النضرة : 2/243 ، ومسائل أحمد/75، وتخریج الدلالات السمعیة/47 ، والصواعق : 1/253 ، وتاریخ الخلفاء /61 ) .

وقد کتب أبو بکر وصیته لعمر وهو یغمی علیه فأکملها عثمان ، وأول عمل قام به عمر أنه منع إقامة مجلس النوح علی أبی بکر ، وهاجم بیته وضرب ابنته لأنها کانت تنوح علیه ! ففی شرح النهج:1/60: إن أول من ضربها عمر بالدرة أم فروة بنت أبی قحافة حین مات أبو بکر فبکت علیه ! وذکر رد عائشة علیه بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم ینه عن البکاء علی المیت .(الحاکم:1/381).

ثم أغلق عمر ملف سم أبی بکر ولم یفتحه ، ولم یوجه التهمة الی أحد ، مع أنه المستفید الوحید من موته ! فکیف تفسرون هذه الأحداث الغریبة ؟!

ثم أشرکه فی أضاحیه لأنهما من ولد عبد المطلب ، وجعلها مئة ناقة علی عدد نذر عبد المطلب عن أبیه عبد الله. ثم خص ابنته فاطمة بأضحیة وقال لها قومی فاشهدی أضحیتک (المغنی:1/156) بینما ذبح لکل نسائه بقرة (المغنی: 3/501).

وتواصلت أحادیثه عن مکانة علی وفاطمة والحسن والحسین(علیهم السّلام) ، فقال إن فاطمة سیدة نساء العالمین ، والحسن والحسین سیدا شباب أهل الجنة ، وإنهما إمامان قاما أو قعدا ، وإن علیاً أسد الله وأسد رسوله وولی المؤمنین بعده .

ثم کان یؤکد علی میزانیة (الخمس) التی جعلها الله لبنی هاشم لینزههم عن الزکوات التی هی أوساخ الناس ، وهذا أقصی الرفعة لهم !

ثم لم یرض بذلک حتی قرن عترته بالقرآن وأوصی بهما الأمة ، ثم بشر باثنی عشر إماماً ربانیین من عترته ، أی أن إمامتهم من الله ! فماذا بقی لقبائل قریش ؟!

ثم رأته قریش یتعمد الحدیث عن ظلمهم ومحاصرتهم له ولبنی هاشم سنین فی شعب أبی طالب ، فقد أعلن یوم الترویة:«منزلنا غداً إن شاء الله تعالی بخیف بنی کنانة حیث تقاسموا علی الکفر».(صحیح بخاری:2/158) ثم کررها بعد عرفات (بخاری: 4/247). وکان أکد علیها یوم فتح مکة !

فلم یکن عند قریش حل لمشکلتهم إلا بمواصلة العمل لقتل محمد ! وبالحیلولة عملیاً بکل وسیلة بینه وبین إعلانه علیاً(علیه السّلام)خلیفة ، حتی بالتشویش علی کلامه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وبالقول للناس إنه لم یقل ، وبالتهدید بالردة عندما یلزم ذلک ! وهو الأمر الذی یخاف من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کثیراً !

قال أمیر المؤمنین(علیه السّلام):« إن العرب کرهت أمر محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وحسدته علی ما آتاه الله من فضله واستطالت أیامه ! حتی قذفت زوجته ونفرت به ناقته ، مع عظیم

ص: 177

إحسانه إلیها وجسیم مننه عندها ! وأجمعت مذ کان حیاً علی صرف الأمر عن أهل بیته بعد موته »!(شرح النهج: 20/298).

ولم یکتف الناشطون لأخذ الخلافة حتی کتبوا بینهم معاهدة ! قال الإمام الباقر(علیه السّلام): «کنت دخلت مع أبی الکعبة فصلی علی الرخامة الحمراء بین العمودین فقال: فی هذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أو قتل ألا یردوا هذا الأمر فی أحد من أهل بیته أبداً ! قال قلت: ومن کان؟ قال: کان الأول والثانی وأبو عبیدة بن الجراح وسالم ابن الحبیبة»! ( الکافی:4/545).

وفی الإستغاثة:2/66:«وأما أبو عبیدة الجراح فالروایة عن أهل البیت(علیهم السّلام) أنه کان أمین القوم الذین تحالفوا فی الکعبة الشریفة أنه إن مات محمد أو قتل لا یصیروا هذا الأمر إلی أهل بیته من بعده ، وکتبوا بینهم صحیفة بذلک ، ثم جعلوا أبا عبیدة بینهم أمیناً علی تلک الصحیفة ، وهی الصحیفة التی روت العامة أن أمیر المؤمنین دخل علی عمر وهو مسجی فقال: ما أبالی أن ألقی الله بصحیفة هذا المسجی ، وکان عمر کاتب الصحیفة فلما أودعوه الصحیفة خرجوا من الکعبة الشریفة ودخلوا المسجد ورسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فیه جالساً فنظر إلی أبی عبیدة فقال: هذا أمین هذه الأمة علی باطلها ! یعنی أمین النفر الذین کتبوا الصحیفة ! فروت العامة أن رسول الله قال: أبو عبیدة أمین هذه الأمة » !

أقول: کان أبیَّ بن کعب(رحمه الله)کان یسمیهم أصحاب العقدة ویقول کما فی روایة عبد الرزاق : 8/620، والحاکم:4/527: « هلک أهل هذه العقدة ورب الکعبة ! هلکوا وأهلکوا کثیراً ! أما والله ما علیهم آسی ولکن علی من یهلکون من أمة محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )» !

وروت مصادر السنیین قول أمیر المؤمنین(علیه السّلام)لأبی بکر وعمر عندما أرادوا إجباره علی بیعتهما ، فقال لهما کما روی ابن قتیبة فی الإمامة والسیاسة (1/18) : «احتججتم به

ص: 178

علی الأنصار.. نحن أولی برسول الله حیاً ومیتاً فأنصفونا إن کنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون !فقال له عمر: إنک لست متروکاً حتی تبایع ، فقال له علی: إحلب حلباً لک شطره ، واشدد له الیوم أمره یردده علیک غداً ! ثم قال: والله یا عمر لا أقبل قولک ولا أبایعه . فقال له أبو بکر: فإن لم تبایع فلا أکرهک » وشرح النهج:6/11، والسقیفة للجوهری/62.

وعندما أوصی أبو بکر لعمر قال له علی(علیه السّلام):«حلبت حلباً لک شطره ! بایعته عام أول وبایع لک العام » (أنساب الأشراف للبلاذری:10/375).

أسئلة:

س1: مامعنی قول علی(علیه السّلام)«لَشَدَّ مَا تَشَطَّرا ضَرْعَیْهَا » فهل یقصد أن تنازعهما فیها کان شدیداً ، أو یقصد أنهما طالما حلما بها ؟!

س2: نحن نقول إن اتفاقاً رباعیاً مکتوباً تم فی حجة الوداع بین الشیخین وأبی عبیدة وسلم الفارسی مولی حذیفة . ولذلک کان عمر یقول عندما طُعن: لو کان أبو عبیدة حیاً لولیته ، ولو کان سالم حیاً لولیته ! وإلا فما تفسیر کلامه ؟!

س3: مامعنی قول علی(علیه السّلام)الذی رواه ابن قتیبة: «احتججتم به علی الأنصار.. نحن أولی برسول الله حیاً ومیتاً ، فأنصفونا إن کنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون » ؟!

س4: لماذا لم تکشفوا عن المنافقین الذین أرادوا قتل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی لیلة العقبة ؟

وما معنی قول أمیر المؤمنین(علیه السّلام) الذی تقدم بروایة ابن أبی الحدید المعتزلی :« إن العرب کرهت أمر محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وحسدته علی ما آتاه الله من فضله واستطالت أیامه ! حتی قذفت زوجته ونفرت به ناقته ، مع عظیم إحسانه إلیها وجسیم مننه عندها ! وأجمعت مذ کان حیاً علی صرف الأمر عن أهل بیته بعد موته » ؟!

ص: 179

یولی عمر! وکان یجب علی عمر أن یدع ذلک کما ترکه الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولا یجعل الأمر فی ستة نفر ! بل یجعل الأمر إلی الأمة کلها ولا یحصره فی ستة ! ثم لم یرض بذلک حتی أمر بضرب أعناقهم إن لم یبرموا أمرهم !

فأبو بکر لم یقتد برسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مذهبهم ! وعمر ، فلا برسول الله اقتدی ، ولا بصاحبه أبی بکر ! فهؤلاء کلهم قد خالفوا أمر رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )بزعمهم ، وقام بعد ذلک عثمان بالأمر، وعقدوا له البیعة فی أعناقهم ، ثم ادعوا علیه أنه قد غیر وبدل ، ثم راودوه علی خلعها وتوعدوه بالقتل إن لم یفعل ، فقال: ما کنت لأخلع سربالاً سربلینه الله ! فلما أبی علیهم قتلوه !

فلا أعلم تخلیطاً أعجب من هذا التخلیط الذی لا یشبه أوله آخره ، وکیف ادعوا واستجازوا لأنفسهم ، أن الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أهمل أمرهم ووکلهم إلی أنفسهم وجعل الإختیار إلیهم ، وهو عاقل یعرف سریرة القوم وعلانیتهم ، والقوم جهال لا یمیزون بین الصالح والطالح ؟! وکیف یقدرون علی استخراج الأفضل والأعلم مع تخلفهم! ولا یعرف ذلک إلا العالم المستغنی بنفسه ، والمعلم الذی هو الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم )» ؟!

ویستأذن أن یدفن مع صاحبیه ؟ فقالت: کنت أریده لنفسی ولأؤثرنه به الیوم علی نفسی ! فلما أقبل قیل هذا عبد الله بن عمر قد جاء . قال: إرفعونی فأسنده رجل إلیه فقال: ما لدیک؟ قال:الذی تحب یا أمیر المؤمنین ، أذنتْ .قال: الحمد لله ما کان من شئ أهم إلیَّ من ذلک ، فإذا أنا قضیت فاحملونی ثم سلم ، فقل یستأذن عمر بن الخطاب ، فإن أذنت لی فأدخلونی ، وإن ردتنی ردونی إلی مقابر المسلمین » .

فقد جعل عمر مکان قبر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وما حوله ملکاً لعائشة ، مع أنه ملک للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ورثته فاطمة(علیهاالسّلام)، ولو ورثت منه عائشة فحفصة مثلها!

ولو کان للمسلمین وجعل أبوبکر عائشة ولیة علیه فعزلها بید عمر ، فکیف حصر التصرف بالمکان بها، وقال:« فإن أذنت لی فأدخلونی وإن ردتنی ردونی»؟!

أما أهل البیت(علیهم السّلام) فردوا قول عمر وعائشة ، قال الإمام الباقر(علیه السّلام)کما فی الکافی :1/300: «لما حضر الحسن بن علی(علیه السّلام)الوفاة قال للحسین(علیه السّلام): یا أخی إنی أوصیک بوصیة فاحفظها ، إذا أنا مت فهیئنی ثم وجهنی إلی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) لأحدث به عهداً ثم اصرفنی إلی أمی(علیهاالسّلام)، ثم ردنی فادفنی بالبقیع ، واعلم أنه سیصیبنی من عائشة ما یعلم الله والناس صنیعها وعداوتها لله ولرسوله وعداوتها لنا أهل البیت !

فلما قبض الحسن(علیه السّلام)وضع علی السریر ثم انطلقوا به إلی مصلی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الذی کان یصلی فیه علی الجنائز ، فصلی علیه الحسین وحمل وأدخل إلی المسجد ، فلما أوقف علی قبر رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ذهب ذو العوینین (مروان بن الحکم) إلی عائشة فقال لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن لیدفنوه مع النبی فخرجت مبادرة علی

ص: 182

بغل بسرج ، فکانت أول امرأة رکبت فی الإسلام سرجاً فقالت: نحوا ابنکم عن بیتی ، فإنه لا یدفن فی بیتی ویهتک علی رسول الله حجابه ! فقال لها الحسین(علیه السّلام): قدیماً هتکت أنت وأبوک حجاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأدخلت علیه ببیته من لا یحب قربه ، وإن الله سائلک عن ذلک یا عائشة» !!

وفی الإحتجاج:2/149: «مر فضال بن الحسن بن فضال الکوفی بأبی حنیفة وهو فی جمع کثیر ، یملی علیهم شیئاً من فقهه وحدیثه فقال لصاحب کان معه: والله لا أبرح حتی أخجل أبا حنیفة ! فقال صاحبه الذی کان معه: إن أبا حنیفة ممن قد علت حاله وظهرت حجته !قال : صه ! هل رأیت حجة ضال علت علی حجة مؤمن؟ ثم دنا منه فسلم علیه فرد ورد القوم السلام بأجمعهم، فقال: یا أبا حنیفة أن أخاً لی یقول: أن خیر الناس بعد رسول الله علی بن أبی طالب، وأنا أقول أبو بکر خیر الناس وبعده عمر ،فما تقول أنت رحمک الله ؟

فأطرق ملیاً ثم رفع رأسه فقال: کفی بمکانهما من رسول الله(ص)کرماً وفخراً أما علمت أنهما ضجیعاه فی قبره ، فأی حجة ترید أوضح من هذا ؟

فقال له فضال: إنی قد قلت ذلک لأخی فقال: والله لئن کان الموضع لرسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )دونهما فقد ظلما بدفنهما فی موضع لیس لهما حق فیه ، وإن کان الموضع لهما فوهباه لرسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لقد أساءا وما أحسنا إذ رجعا فی هبتهما ونسیا عهدهما !

فأطرق أبو حنیفة ساعة ثم قال له: لم یکن له ولا لهما خاصة ، ولکنهما نظرا فی حق عایشة وحفصة فاستحقا الدفن فی ذلک الموضع بحقوق ابنتیهما ! فقال له فضال: قد قلت له ذلک ، فقال: أنت تعلم أن النبی مات عن تسع نساء ، ونظرنا

ص: 183

فإذا لکل واحدة منهن تسع الثمن ، ثم نظرنا فی تسع الثمن ، فإذا هو شبر فی شبر فکیف یستحق الرجلان أکثر من ذلک ؟!

وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وفاطمة بنته تمنع المیراث ؟! فقال أبو حنیفة : یا قوم نحوه عنی فإنه رافضی خبیث » !

أسئلة:

س1: هل تفهمون من کلام الحسین(علیه السّلام):« قدیماً هتکت أنت وأبوک حجاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأدخلت علیه ببیته من لا یحب قربه » أن مکان قبریهما مغصوب ؟!

س2: علی أی وجه شرعی اعتمد عمر فجعل ملکیة قبر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وما حوله لعائشة دون ابنته حفصة ، ودون فاطمة وورثتها ؟!

س3: علی أی وجه شرعی اعتمد أبو حنیفة فجعل دفن عمر فی سهم ابنته حفصة ، بینما جعله عمر لعائشة خاصة وأخرج ابنته منه ؟!

س4 ماذا تقولون فی جواب أبی حنیفة وتصرفه مع فضال عندما أفحمه ؟!

س5: هل تفهمون من قول عمر لابنه: « ولا تقل أمیر ا لمؤمنین فإنی لست الیوم للمؤمنین أمیراً » أنه یحرم أن یقال له فی احتضاره وبعد موته: أمیر المؤمنین ؟! وما هو الوجه الشرعی عندکم لذلک ؟!

س6: ثبت عندکم أن عائشة رضیت بدفن الإمام الحسن(علیه السّلام)عند جده(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم تراجعت ، فکیف تفسرون ذلک ؟

ففی تاریخ دمشق:13/289، بعدة أسانید ، منها عن«عبیدالله بن علی بن أبی رافع أخبره هو وغیره من مشیختهم أن حسن بن علی بن أبی طالب أصابه بَطَنٌ فلما عرف بنفسه

ص: 184

الموت أرسل إلی عائشة زوج النبی(ص) أن تأذن له أن یدفن مع النبی(ص)فی بیتها ، فقالت: نعم ، بقی موضع قبر واحد قد کنت أحب أن أدفن فیه وأنا أؤثرک به ، فلما سمعت بنو أمیة ذلک لبسوا السلاح»!

ورواه الذهبی فی سیر أعلام النبلاء:3/277 قال: «ونقل ابن عبد البر: أنهم لما التمسوا من عائشة أن یدفن الحسن فی الحجرة ، قالت: نعم وکرامة ، فردهم مروان ولبسوا السلاح ، فدفن عند أمه بالبقیع إلی جانبها».انتهی . فما قولکم ؟!

ص: 185

قال فرد الله علیه بصره لوقته ! فنزل جبریل(علیه السّلام)علی النبی(ص)وقال: یا محمد ، السلام یقرؤک السلام ویخصک بالتحیة والإکرام ، ویقول لک: وعزته وجلاله لو أقسم علیَّ کل أعمی بحرمة شیبة أبی بکر الصدیق لرددت علیه بصره ، وما ترکت علی وجه الأرض أعمی ». (الغدیر:7/239).

بکلبة فلان المنافق فنهشتنی ! ثم أقبل إلیه رجل آخر من أصحابه وساقاه تشخبان دماً ، فقال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):ما هذا ؟ فقال: إنی مررت بکلبة فلان المنافق فنهشتنی ! فنهض النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقال لأصحابه :هلموا بنا إلی هذه الکلبة نقتلها ، فقاموا وأرادوا أن یضربوها فقالت الکلبة بلسان طلق ذلق: لا تقتلنی یا رسول الله ، إنی کلبة من الجن

مأمورة أن أنهش من سب أبا بکر وعمر ! (الغدیر:7/219، عن عمدة التحقیق للعبیدی/105).

خلیلاً لاتخذت أبا بکر خلیلاً ، ولکنه أخی وصاحبی ، وأخوة الإسلام أفضل . أبو بکر وعمر منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی ». (تاریخ دمشق:30/60و206، وتاریخ بغداد:11/383) .

وقد وضعوه لیقابلوا به الحدیث المتواتر: علی منی بمنزلة هارون من موسی ! لکن بعض أئمتهم استحی فشهد بأنه موضوع !

قال ابن حجر فی لسان المیزان (2/23): « قال الذهبی هذا کذب ، وهو من بشر ، قال ثم قال ابن عدی: ورواه مسلم بن إبراهیم عن قزعة . قال الذهبی: وقزعة لیس بشئ ».

وبعضهم لم یستح فاحتج به وکابر ، وزعم أنه یستوجب تفضیل أبا بکر علی علی(علیه السّلام)! قال القرطبی فی تفسیره(1/268): «وروی عنه(ص) أنه قال: أبو بکر وعمر بمنزلة هارون من موسی ! وهذا الخبر ورد ابتداء ، وخبر علی ورد علی سبب، فوجب أن یکون أبو بکر أولی منه بالإمامة ! » .

وقال الباقلانی فی التمهید/463: «فإن قالوا هذا من أخبار الآحاد التی لانعلمها ضرورة ولا بدلیل ! قیل: إن جازت لکم هذه الدعوی جاز لخصمکم أن یزعم أن جمیع ما رویتموه وتعلقتم به فی النص والتفضیل من أخبار الآحاد التی لا نعلمها ضرورة ولا بدلیل ، فلمَ یلزم القول بها ، ولا جواب لهم عن ذلک » .

أقول: جوابنا علی ما ذکره البلائی اعتراف أئمتهم بکذب خبرهم ، وصحة أخبارنا ، ومعنی کلام القرطبی أن الحدیث فی حق علی(علیه السّلام)له سبب هو أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یصحب علیاً(علیه السّلام) الی تبوک ، وترکه والیاً علی المدینة ، فشکی الیه قول المنافقین ، فقال له: أنت منی بمنزلة هارون من موسی . لکنه قال ذلک لأبی بکر وعمر بدون مناسبة، فیکون فی حقهما أقوی.وقد أخطأ القرطبی ، لأن مناسبات الحدیث توثیقات له تدل علی ظرف صدوره وتتضمن فوائد کثیرة فی

ص: 190

بحثه ، بینما ادعاء المدعی أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال کذا ، بدون أن یبین متی ولماذا ، أمر یضعف الحدیث ، ولهذا تجد أن أحادیث الفضائل التی ادعوها لا مناسبة لها ، أو مناسبتها غیر معقولة وقد تضع الید علی کذب الحدیث ! ثم تحایل بعض أئمتهم فحذفوا من الحدیث المکذوب فقرة منزلة هارون ، واحتجوا بباقیه !

قال الترمذی:5/297 وأبو یعلی:1/418.:«عن علی قال قال رسول الله(ص):رحم الله أبا بکر، زوجنی ابنته وحملنی إلی دار الهجرة ، وأعتق بلالاً من ماله. رحم الله عمر یقول الحق وإن کان مراً ،ترکه الحق وما له صدیق ! رحم الله عثمان تستحییه الملائکة .رحم الله علیاً: اللهم أدر الحق معه حیث دار »!

ویضحکک قول شارحه المبارکفوری فی تحفة الأحوذی (10/148):«وحملنی إلی دار الهجرة: أی المدینة علی بعیره ، ولو علی قبول ثمنه » !

وزاد علیه فی فتح الباری(7/11): «عن عائشة أنها قالت: أنفق أبو بکر علی النبی(ص)أربعین ألف درهم »! وتقدم ما یثبت فقر أبی بکر !

یؤتی الله تبارک وتعالی من یشاء». (مسند أحمد :5/50، وأبو داود:2/398، والترمذی:3/369، وصححه ، والنسائی فی فضائل الصحابة/12، والحاکم:3/71، وصححه بشرط الشیخین ، والطیالسی/116، وروی تکملته:فغضب معاویة فزخ فی أقفائنا وأخرجنا ! فقال زیاد لأبی بکرة: أما وجدت من حدیث رسول الله حدیثاً تحدثه غیر هذا؟! قال: والله لا أحدثه إلا به حتی أفارقه! قال: فلم یزل زیاد یطلب الإذن حتی أذن لنا فأدخلنا فقال معاویة یا أبا بکرة حدثنا بحدیث عن رسول الله لعل الله أن ینفعنا به قال: فحدثه أیضاً بمثل حدیثه الأول فقال له معاویة: لا أباً لک تخبرنا أنا ملوک فقد رضینا أن نکون ملوکاً ».

أقول: أبو بکرة بن أبی عبید هو أخ زیاد بن أبیه ، وکان یمثل الإتجاه المعادی لعلی(علیه السّلام)غیر المقتنع بمعاویة ، ولذا جعل خلافة النبوة تنتهی بعثمان ، وأخرج منها علیاً(علیه السّلام)! بینما المعتمد عند السنة حدیث سفینة مولی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأن خلافة النبوة ثلاثون سنة ، وهو برأینا أیضاً موضوع ، مفصل علی مقاس آخرین .

أما أمر معاویة لشرطته أن یضربوا أدبار الوفد ویطردوهم ، فلأنه أراد شهادة من أبی بکرة بأن حکمه خلافة فشهد بعکسه ، فطرده وأهانه ! وقد لاحظت أن أبا بکرة زعم فی حدیثه المکذوب أن المیزان لما وصل الی علی(علیه السّلام) طار وارتفع !

جبرئیل(علیه السّلام)علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقال یا محمد إن الله عزوجل یقرؤک السلام ویقول لک: سل أبابکر هل هو عنی راض فإنی عنه راض ؟

فقال أبوجعفر(علیه السّلام):لست بمنکر فضل أبی بکر ولکن یجب علی صاحب هذا الخبر أن یأخذ مثال الخبر الذی قاله رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی حجة الوداع: قد کثرت علیَّ الکذابة وستکثر بعدی ! فمن کذب علیَّ متعمداً فلیتبوأ مقعده من النار ، فإذا أتاکم الحدیث عنی فاعرضوه علی کتاب الله وسنتی ، فما وافق کتاب الله وسنتی فخذوا به ، وما خالف کتاب الله وسنتی فلا تأخذوا به ، ولیس یوافق هذا الخبر کتاب الله ، قال الله تعالی: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الآنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ . فالله عزوجل خفی علیه رضاء أبی بکر من سخطه حتی سأل عن مکنون سره ! هذا مستحیل فی العقول .

ثم قال یحیی بن أکثم: وقد روی أن مَثَل أبی بکر وعمر فی الأرض کمثل جبرئیل ومیکائیل فی السماء ! فقال(علیه السّلام): وهذا أیضاً یجب أن ینظر فیه ، لأن جبرئیل ومیکائیل ملکان لله مقربان لم یعصیا الله قط ، ولم یفارقاطاعته لحظة واحدة ، وهما قد أشرکا بالله عز وجل وإن أسلما بعد الشرک ، فکان أکثر أیامهما الشرک بالله ، فمحال أن یشبههما بهما .!

قال یحیی: وقد روی أیضاً أنهما سیدا کهول أهل الجنة ، فما تقول فیه ؟ فقال(علیه السّلام): وهذا الخبر محال أیضاً لأن أهل الجنة کلهم یکونون شباباً ولا یکون فیهم کهل ، وهذا الخبر وضعه بنو أمیة لمضادة الخبر الذی قاله رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فی الحسن والحسن(علیهماالسّلام)بأنهما سیدا شباب أهل الجنة !

فقال یحیی بن أکثم: وروی أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة؟ فقال(علیه السّلام): وهذا أیضاً محال لأن فی الجنة ملائکة الله المقربین ، وآدم ومحمد ، وجمیع الأنبیاء

ص: 193

والمرسلین ، لا تضئ الجنة بأنوارهم حتی تضئ بنور عمر ! فقال یحیی: وقد روی أن السکینة تنطق علی لسان عمر.فقال(علیه السّلام): لست بمنکر فضل عمر ، ولکن أبا بکر أفضل من عمر: فقال علی رأس المنبر: إن لی شیطاناً یعترینی ، فإذا ملت فسددونی !

فقال یحیی: قد روی أن النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال: لو لم أبعث لبعث عمر ! فقال(علیه السّلام): کتاب الله أصدق من هذا الحدیث ، یقول الله فی کتابه: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِیِّینَ مِیثَاقَهُمْ وَمِنْکَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی وَعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ .فکیف یمکن أن یبدل میثاقه ؟! وکل الأنبیاء(علیهم السّلام) لم یشرکوا بالله طرفة عین ، فکیف یبعث بالنبوة من أشرک وکان أکثر أیامه مع الشرک بالله ! وقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): نبئت وآدم بین الروح والجسد !

فقال یحیی بن أکثم:وقد روی أیضاً أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال :ما احتبس عنی الوحی قط إلا ظننته قد نزل علی آل الخطاب ! فقال(علیه السّلام): وهذا محال أیضاً لأنه لا یجوز أن یشک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی نبوته! قال الله تعالی: الله یصطفی من الملائکة رسلاً ومن الناس، فکیف یمکن أن ینتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالی إلی من أشرک به!

قال یحیی: روی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال: لو نزل العذاب لما نجی منه إلا عمر ! فقال(علیه السّلام): وهذا محال أیضاً لأن الله تعالی یقول: وما کان الله لیعذبهم وأنت فیهم وما کان الله معذبهم وهم یستغفرون ، فأخبر سبحانه أنه لا یعذب أحداً ما دام فیهم رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وما داموا یستغفرون ».

س1: ما رأیکم بهذا المنطق الذی یکشف عدم معقولیة هذه المکذوبات ؟!

ص: 194

وحدیث: أنا وأبو بکر کفرسی رهان . . وحدیث: إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبی بکر وأمثال هذا من المفتریات المعلوم بطلانها ببدیهة العقل »!

وقال السید المیلانی فی الأحادیث المقلوبة فی مناقب الصحابة/69: « یقول ابن الجوزی: وما أزال أسمع العوام یقولون عن رسول الله (ص) أنه قال: ما صب الله فی صدری شیئاً إلا وصببته فی صدر أبی بکر ! و إذا اشتقت إلی الجنة قبلت شیبة أبی بکر ! وکنت أنا وأبو بکر کفرسی رهان ، سبقته فاتبعنی ولو سبقنی لاتبعته ! فی أشیاء ما رأینا لها أثراً لا فی الصحیح ولا فی الموضوع ! ولا فائدة فی الإطالة بمثل هذه الأشیاء..ویقول: المجد الفیروزآبادی: وأشهر الموضوعات فی باب فضائل أبی بکر: حدیث: إن الله یتجلی یوم القیامة للناس عامة ولأبی بکر خاصة ! وحدیث: ما صب الله فی صدری شیئاً إلا وصببته فی صدر أبی بکر. وأمثالها من المفتریات الواضح بطلانها ببداهة العقل »!

وفی نهایة الدرایة 315: «قال الملا علی القاری الهروی الحنفی فی کتابه المعروف بالموضوعات الکبری ، المطبوع فی دهلی ، فی مطبعة المجتبائی فی صفحة مائة وست ، فصل: ومما وضعه جهلة المنتسبین إلی السنة»و نقل عبارة ابن القیم المتقدمة !

وفی الصحیح من السیرة(1/238): «وقال التهانوی: نحن نعلم: أنهم کذبوا فی کثیر مما یروونه فی فضائل أبی بکر ، وعمر ، وعثمان . کما کذبوا فی کثیر مما یروونه فی فضائل علی ، ولیس فی أهل الأهواء أکثر کذباً من الرافضة » !

أسئلة:

س1: ما قولکم فی هذه الفضائل والمناقب المکذوبة لأبی بکر وعمر ، ألا توجب عندکم الشک فی کل ما رووه من فضائلهما لأنها قد تکون مثلها ؟!

ص: 196

س2: ألا تلاحظون أن علماءکم اعترفوا علی أنفسهم وجماعتهم ، بأنهم وضعوا الأحادیث المکذوبة علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ثم اتهموا الشیعة بذلک !

س3: ترون فی عصرنا کثرة الکذب فی الإعلام الحکومی ، فلماذا تبرئون الحکومات التاریخیة المعادیة لأهل البیت(علیهم السّلام) ، وتتهمون المعارضة ؟!

وتأتونی بمناقض له فی الصحابة ، فإن هذا أحب إلی وأقر لعینی وأدحض لحجة أبی تراب وشیعته ، وأشد إلیهم من مناقب عثمان وفضله . فقرئت کتبه علی الناس ، فرویت أخبار کثیرة فی مناقب الصحابة مفتعلة لاحقیقة لها وجدَّ الناس فی روایة ما یجری هذا المجری حتی أشادوا بذکر ذلک علی المنابر ، وألقی إلی معلمی الکتاتیب فعلموا صبیانهم وغلمانهم من ذلک الکثیر الواسع ، حتی رووه وتعلموه کما یتعلمون القرآن ، وحتی علموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلک ما شاء الله

ثم کتب إلی عماله نسخة واحدة إلی جمیع البلدان: أنظروا من قامت علیه البینة أنه یحب علیاً وأهل بیته فامحوه من الدیوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه !

وشفع ذلک بنسخة أخری: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنکلوا به واهدموا داره ! فلم یکن البلاء أشد ولا أکثر منه بالعراق ولا سیما بالکوفة ، حتی أن الرجل من شیعة علی لیأتیه من یثق به فیدخل بیته فیلقی إلیه سره ، ویخاف من خادمه ومملوکه ولا یحدثه ، حتی یأخذ علیه الإیمان الغلیظة لیکتمن علیه ! فظهر حدیث کثیر موضوع وبهتان منتشر ، ومضی علی ذلک الفقهاء والقضاة والولاة ، وکان أعظم الناس فی ذلک القراء المراءون والمستضعفون الذین یظهرون الخشوع والنسک ، فیفتعلون الأحادیث لیحظوا بذلک عند ولاتهم ، ویقربوا مجالسهم ویصیبوا بها الأموال والضیاع والمنازل !

حتی انتقلت تلک الأخبار والأحادیث إلی أیدی الدیانین الذین لا یتسلحون الکذب والبهتان ، فقبلوها ورووها وهم یظنون أنها حق ، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدینوا بها . فلم یزل الأمر کذلک حتی مات الحسن بن علی ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم یبق أحد من هذا القبیل إلا وهو خائف علی دمه ، أو

ص: 198

طرید فی الأرض ! ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسین وولی عبد الملک بن مروان ، فاشتد علی الشیعة وولی علیهم الحجاج بن یوسف ! وقد روی ابن عرفة المعروف بنفطویه وهو من أکابر المحدثین وأعلامهم فی تأریخه ما یناسب هذا الخبر وقال: إن أکثر الأحادیث الموضوعة فی فضائل الصحابة افتعلت فی أیام بنی أمیة ، تقرباً إلیهم بما یظنون أنهم یرغمون به أنوف بنی هاشم ».انتهی.

أسئلة:

س1: هل تلاحظون أنه اکتمل تأسیس الإسلام الحکومی وترسیخ أرکانه فی عهد معاویة ؟ کالتشبیه والتجسیم ، وعدالة الصحابة وتقدیسهم ، وبغض علی وأهل البیت(علیهم السّلام) ، والقول بالجبر ، وتفسیر القرآن بالرأی ، والفتوی فی الفقه بالرأی والظن ، ونشر الغناء وشرب الخمر ..الخ.

س2: هل تعرفون مقدار ما رویتم عن الرواة المتعصبین لبنی أمیة ، واعتمدت علیهم صحاحکم ومصادر فقهکم ؟! فکیف تقبلون روایتهم وقد ثبت نصبهم لأهل البیت(علیهم السّلام) والناصب لهم فاسق ومنافق ، بحکم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

ص: 199

یعتقده أصحاب الفتاوی فی أبی بکر وعمر !

ولا اطلع علی أن ألوف الشیعة سفک دماءهم الطالبان فی أفغانستان ، وسبوا بناتهم ونسائهم واسْتَرَقُّوهن ، بسبب أبی بکر وعمر !

ولا عرف کیف طبق فتواهم الزرقاوی وحلفاؤه جماعة صدام ، فسفکوا الدماء الزکیة لرجال ونساء وأطفال ، باسم أبی بکر وعمر !

یقولون لک: هذه مواقف المتعصبین من الوهابیین السلفیین ، فلا یقاس علیها الوضع فی کافة بلاد المسلمین !

نقول: نسألکم لو أن إمام مسجد صغیر فی مصر، وهی ألْیَنُ البلاد السنیة وأکثرها مرونةً ، قال أنا لا أعتقد بإمامة أبی بکر وعمر ورأیی فیهما سلبی ، فماذا سیکون موقف الناس منه ثم موقف السلطة ؟!

سیرفعون علیه قضیة فی المحکمة بأنه عدو لصحابة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وعدو لله تعالی ودینه! وهل هذا إلا الإکراه والقمع الفکری؟!

هذا هو واقع تاریخنا البعید والقریب والحاضر ! وهو نفسه واقع عصرنا ، ولیس الکلام الجمیل الذی یقوله المحبون للإنسان وحقه فی الرأی والتعبیر !

فهل اقتنعت بأن إجبار الناس علی إمامة أبی بکر وعمر وتقدیسهما ، کان عاملاً فی صناعة التاریخ ، وما زال عاملاً فی صناعة الأحداث وقتل المسلمین؟!

أسئلة:

س1: ألیس معنی ذلک أن حزب أبی بکر وعمر لهم الحق فی أن یفرضوا مزاجهم علی عقلک وقلبک ، فهم یأمرونک أن تدخل فی قلبک ولایتهما وإمامتهما ، وإلا فیاویلک !

س2: لوسألتهم: لماذا تصادرون حریتی فی أن أفکر وأعتقد ما اقتنع به ؟ فمن

ص: 201

أعطاکم هذا الحق والولایة علیَّ؟ فیقولون لک: الله أعطانا ذلک !

س3: تقول لهم: إن القناعة الفکریة والحب القلبی لیس أمراً اختیاریاً ، فکیف تطلبون منی غیر المقدور ! فیقولون: لا ، نحن نأمرک أن تقنع نفسک وقلبک !

ألیس معنی ذلک أنهم حزبُ: من لم یکن معنا فهو علینا ویجب قتله !

س4: ألیس ذلک نفس منطق الذین هاجموا بیت علی وفاطمة(علیهماالسّلام)یوم وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وقالوا: من لم یبایع أبا بکر فحکمه أن نحرق علیه بیته !

ألیس معناه أن الله تعالی فَوَّض أبا بکر وعمر وأتباعهما ما لم یفوضه لنبی ولا وصی طوال التاریخ ! أن یفرضوا علی هذه الأمة رأیهم ، ویحرِّموا علیها الرأی الآخر تحت طائلة العقوبة بالقتل ، ولهذا استحق أهل البیت(علیهم السّلام) والسبعون صحابیاً الذین امتنعوا عن بیعة أبی بکر القتل أو الحرق !

س5: ألیس معناه أنه لایجوز لأحد أن یطرح الرأی الآخر حتی لو کان حدیثاً نبویاً عن وصیة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بإمامة أهل بیته(علیهم السّلام) ! ولا أن یتکلم بما یعتبرونه إساءةً للشیخین ، حتی لو کان کلامه آیةً قرآنیةً ، أو حدیثاً نبویأً !

س6: ألیس معناه أنک لتکون مسلماً یجب أن تقبل بمصادرة حریتک وفکرک ، وتدخل فی أمة الرأی الواحد ، ودولة الحزب الواحد ، وتخضع للدیکتاتوریة ؟!

وأمثالهم من أکابر أهل السنة إلی عدم تکفیر من سب الشیخین من الشیعة والرافضة ، ولنذکر ما ذکره الغزالی فی کتاب المستظهری وصاحب المکاتیب قطب الدین الأنصاری الشافعی فی مکاتیبه ، لأن تحصیلهما ربما یتعسر أو یتعذر علی سائر الناظرین . قال الغزالی، بعد جملة من الکلام فی تحقیق هذا المرام: فإن قیل: فلو اعتقد معتقد فسق أبی بکر وعمر وطائفة من الصحابة ولم یعتقد کفرهم فهل تحکمون بکفره ؟ قلت لا نحکم بکفره وإنما نحکم بفسقه وضلالته ومخالفته لإجماع الأمة ، ونحن نعلم أن الله تعالی لم یوجب علی من قذف محصناً بالزنا إلا ثمانین جلدة ، وأن هذا الحکم یشمل کافة الخلق ویعمهم علی وتیرة واحدة ، وأنه لو قذف قاذف أبا بکر وعمر بالزنا ، ما زادوا علی إقامة حد الله المنصوص علیه فی کتابه ولم یدعوا لأنفسهم التمیز بخاصیة فی الخروج عن مقتضی العموم».

ومال الی هذا الرأی القاضی عیاض فی الشفا (2/276) وذکر اختلاف آرائهم واضطرابها ومما قاله: «ولمثل هذا ذهب أبو المعالی فی أجوبته لأبی محمد عبد الحق وکان سأله عن المسألة فاعتذر له بأن الغلط فیها یصعب لأن إدخال کافر فی الملة وإخراج مسلم عنها عظیم فی الدین .

وقال غیرهما من المحققین: الذی یجب الاحتراز من التکفیر فی أهل التأویل فإن استباحة دماء المصلین الموحدین خطر والخطأ فی ترک ألف کافر أهون من الخطأ فی سفک محجمة من دم مسلم واحد ، وقد قال (ص): فإذا قالوها یعنی الشهادة عصموا منی دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علی الله .

فالعصمة مقطوع بها مع الشهادة ولا ترتفع ویستباح خلافها إلا بقاطع ، ولا قاطع من شرع ولا قیاس علیه . وألفاظ الأحادیث الواردة فی الباب معرضة

ص: 203

للتأویل.فما جاء منها فی التصریح بکفر القدریة وقوله لا سهم لهم فی الإسلام ، وتسمیته الرافضة بالشرک وإطلاق اللعنة علیهم ، وکذلک فی الخوارج وغیرهم من أهل الأهواء ».

ثم شددوا فتواهم !

کما فی إمتاع الأسماع:9/218: « مذهب أبی حنیفة أن من أنکر خلافة الصدیق ، فهو کافر ، وکذلک من أنکر خلافة عمر! ومنهم من لم یحک فی ذلک خلافاً ، ومنهم من ذکر فی ذلک خلافاً ، وقال: الصحیح أنه کافر»!

وقال ابن نجیم فی البحر الرائق:1/611: «والرافضی إن فضل علیاً علی غیره فهو مبتدع ، وإن أنکر خلافة الصدیق فهو کافر» !

وفی الأنساب:5/99: «وأبو الولید عبد الله بن محمد الکنانی من أهل أصبهان، وکان کتب الحدیث الکثیر ، ثم أنکر خلافة أبی بکر الصدیق ، فأحضره عبد العزیز بن دلف وکان والی أصبهان وجمع مشایخ البلد وفیهم أبو مسعود الرازی ومحمد بن بکار ، وزید بن خرشه وغیرهم ، فناظروه فأبی أن یرجع عن قوله ، فضربه أربعین سوطاً، فباینه الناس وهجروه ، وبطل حدیثه ، وصنف أبو مسعود الرازی کتاباً سماه: الرد علی أبی الولید الکنانی».ولسان المیزان:3/347 ، وطبقات المحدثین بأصبهان :2/329 راجع:نفحات الأزهار :19/59 ، وحاشیة المراقی:2/299.

ثم غابت الأحادیث والفتاوی التی فیها شئ من التخفیف ، فالمطبق عندهم أن إمامة أبی بکر وعمر أهم من جمیع أصول الدین ! لأنهم یتسامحون فی التوحید والنبوة ، ولا یتسامحون فیما یتعلق بأبی بکر وعمر !

وهم یقرون بأن کثیراً من أحادیث فضائل أبی بکر وعمر موضوعة ، ولکنهم یعملون بها ویفتون بها ، ویقتلون المسلمین بها !

ص: 204

فقد روی فی سبل الهدی (11/246): «إن رسول الله قال: إنی لأرجو لأمتی بحب أبی بکر وعمر کما أرجو لهم بقول لا إله إلا الله »! وروی ابن حجر فی الصواعق/80: «عن أنس مرفوعاً حب أبی بکر وعمر إیمان وبغضهما کفر» !

أسئلة:

س1: هل تعلمون أن الوهابیین یفتون فی عصرنا بتکفیر المسلمین وقتلهم لأقل سبب ویقومون بقتلهم فی بلادهم وخارج بلادهم ؟!

س2: هل تعلمون أنه یکفی فی بلادهم أن یتهم أی وهابی أی مسلم بأنه أشرک بقوله: یارسول الله إشفع لی ، أو بأنه سب الشیخین ، للحکم بقتله !

س3: ألا ترون أن رواة السلطة وضعوا أحادیث مقابل أحادیث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی أهل البیت(علیهم السّلام) ، فی وجوب محبة الشیخین وعقوبة من أبغضهما ؟!

ص: 205

، ومن ثم کانت له النعمة . ولما وصل إلی السلطان شهاب الدین الغوری ، بالغ فی إکرامه والإنعام علیه ، وحصلت له منه أموال عظیمة ، وعاد إلی خراسان واتصل خوارزم شاه محمد بن تکش وحظی عنده.

وکان شدید الحرص جداً فی العلوم الشرعیة والحکمیة ، حاد الذهن کثیر البراعة ، قوی النظر فی صناعة الطب ، عارفاً بالأدب ، له شعر بالفارسی والعربی ، وکان عَبْل البدن ، ربع القامة ، کبیر اللحیة ، فی صوته فخامة...

وتصانیفه فی علم الکلام والمعقولات سائرة فی الآفاق .. وصنف فی الطب ، شرح الکلیات للقانون ، وصنف فی علم الفراسة . وله مصنف فی مناقب الشافعی . وکل تصانیفه ممتعة.. وکان یلقب بهراة شیخ الإسلام..

اعتنی الفخر الرازی بکتب ابن سیناوشرحها

خلَّف من الذهب ثمانین ألف دینار ، سوی الدواب والعقار ، وغیر ذلک».

أقول: عُرف السلاطین الخوارزمیة الذین تبنوا الرازی ، بتعصبهم ضد أهل البیت(علیهم السّلام) وشیعتهم ! واشتهروا بأنهم الذین کسروا دولة الخلافة العباسیة بجبنهم وفرارهم أمام جنکیز خان وهولاکو، حتی صار یضرب بجبنهم المثل !

فقد کان محمد خوارزم شاه ، سلطان سلاطین البلاد الإسلامیة ، وکانت بیده إمکانات دول وجیوشها ، لکنه أصیب بالذعر من هلاکو فهرب أمامه من بلد الی بلد ! وجیش هولاکوا الصغیر یجری وراءه حتی وصل الی البحر أو الهند ، ورکب سفینة صغیرة مع خاصته ، وانقطعت أخباره ! (راجع: سیر الذهبی :22/224، وابن خلدون:3/534، وکتابنا: کیف رد الشیعة غزو المغول )

ص: 207

فقال: یا سلطان العالم لا سلطانک یبقی ، ولا تلبیس الرازی یبقی ! وأن مردنا إلی الله ، فأبکی السلطان » !(تاریخ الذهبی:43/219):

فقد اعترف بأن آراءه تضمنت تلبیسات باطلة ، ستفنی کما یفنی حکم الخوارزمیة الزائل! وهذا إقرارٌ بأنه استعمل مهارته العقلیة أحیاناً لرد الحق ونصرة الباطل ، بعیداً عن العقلانیة والمنطقیة !

ونورد فیما یلی نماذج من تلبیساته فی التعصب لجده أبی بکر!

أخری أن الذین أنعم الله علیهم من هم فقال:فَأُولَئِکَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَالصِّدِّیقِینَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِینَ ..الآیة.ولا شک أن رأس الصدیقین ورئیسهم أبو بکر الصدیق ، فکان معنی الآیة أن الله أمرنا أن نطلب الهدایة التی کان علیها أبو بکر الصدیق وسائر الصدیقین ، ولو کان أبو بکر ظالماً لما جاز الإقتداء به ، فثبت بما ذکرناه دلالة هذه الآیة علی إمامة أبی بکر ».

أقول: ما سماه إمامة أبی بکر مصادرة علی المطلوب لو ارتکبها غیره لشنع الرازی علیه ! فمن أین یثبت أن أبا بکر صدِیق وإمام بنص النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وقد بیناَّ فی محله أنه هو سمی نفسه الصدِّیق أو سماه به أتباعه !

ثم إن طلب الهدایة الی صراط المنعم علیهم لا یعنی الإئتمام بالصدیقین منهم ، مع وجود الرسل والأنبیاء(علیهم السّلام) !

حق من تثبت عصمته ، ولما لم یکونا معصومین بالإتفاق وجب أن لا تتحقق إمامتهما البتة .الثالث: قالوا: کانا مشرکین ، وکل مشرک ظالم والظالم لا یناله عهد الإمامة ، فیلزم أن لا ینالهما عهد الإمامة .أما أنهما کانا مشرکین فبالاتفاق ، وأما أن المشرک ظالم فلقوله تعالی: إن الشرک لظلم عظیم .

وأما أن الظالم لا یناله عهد الإمامة فلهذه الآیة ، لا یقال إنهما کانا ظالمین حال کفرهما ، فبعد زوال الکفر لا یبقی هذا الاسم لأنا نقول الظالم من وجد منه الظلم ، وقولنا: وجد منه الظلم أعم من قولنا وجد منه الظلم فی الماضی أو فی الحال بدلیل أن هذا المفهوم یمکن تقسیمه إلی هذین القسمین ومورد التقسیم بالتقسیم بالقسمین مشترک بین القسمین ، وما کان مشترکاً بین القسمین لا یلزم انتفاؤه لانتفاء أحد القسمین ، فلا یلزم من نفی کونه ظالماً فی الحال نفی کونه ظالماً .والذی یدل علیه نظراً إلی الدلائل الشرعیة أن النائم یسمی مؤمناً ، والإیمان هو التصدیق والتصدیق غیر حاصل حال کونه نائماً ، فدل علی أنه یسمی مؤمناً لأن الإیمان کان حاصلاً قبل .

وإذا ثبت هذا وجب أن یکون ظالماً لظلم وجد من قبل ، وأیضاً فالکلام عبارة عن حروف متوالیة ، والمشی عبارة عن حصولات متوالیة فی أحیاز متعاقبة ، فمجموع تلک الأشیاء البتة لا وجود لها ، فلو کان حصول المشتق منه شرطاً فی کون الإسم المشتق حقیقة ، وجب أن یکون اسم

المتکلم والماشی وأمثالهما حقیقة فی شئ أصلاً ، وإنه باطل قطعاً. فدل هذا علی أن حصول المشتق منه لیس شرطاً لکون الإسم المشتق حقیقة .

والجواب: کل ما ذکرتموه معارض ، بما أنه لو حلف لایسلم علی کافر فسلم علی إنسان مؤمن فی الحال إلا أنه کان کافراً قبل بسنین متطاولة ، فإنه لا یحنث ،

ص: 211

فدل علی ما قلناه . ولأن التائب عن الکفر لا یسمی کافراً والتائب عن المعصیة لا یسمی عاصیاً ، فکذا القول فی نظائره ، ألا تری إلی قوله: وَلا تَرْکَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا ، فإنه نهیٌ عن الرکون إلیهم حال إقامتهم علی الظلم ، وقوله: مَا عَلَی الْمُحْسِنِینَ مِنْ سَبِیلٍ، معناه: ما أقاموا علی الإحسان. علی أنا بینا أن المراد من الإمامة فی هذه الآیة: النبوة، فمن کفر بالله طرفة عین فإنه لا یصلح للنبوة ».

أقول: معنی کلامه أن المشتق حقیقة فی المتلبس بالصفة فعلاً ، فصفة الظالم لا تصدق علی الظالم سابقاً لأنه لیس ظالماً فعلاً، والآیة إنما تنفی شمول عهد الله للظالم الفعلی ، أما الظالم سابقاً فیناله العهد ویکون إماماً للناس کأبی بکر وعمر اللذین کانا أکثر عمرهما عابدی صنم !

وهو کلام مردود ، لأن الآیة نفت شمول العهد الإلهی لمطلق الظالم ، سواء کان ظالماً حدوثاً وبقاءً ، أو حدوثاً فقط ! وقد اعترف الرازی فی آخر کلامه بأن مقصود الآیة التلبس بالظلم ولو حدوثاً وأن الذی کفر بالله طرفة عین لایصلح لعهد النبوة، فهو بطریق أولی لایصلح للإمامة ، التی أعطاها الله تعالی لإبراهیم(علیه السّلام)بعد النبوة والرسالة ! وهذا ما قاله أهل البیت(علیهم السّلام) ، قال الإمام الصادق(علیه السّلام): «وقد کان إبراهیم(علیه السّلام)نبیاً ولیس بإمام حتی قال الله: جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ، قال: ومن ذریتی؟ فقال الله: قَالَ لا یَنَالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ. من عبد صنماً أو وثناً لا یکون إماماً ».(الکافی:1/175).

وفی/199، عن الإمام الرضا(علیه السّلام)قال: « فأبطلت هذه الآیة إمامة کل ظالم إلی یوم القیامة ، وصارت فی الصفوة ، ثم أکرمه الله تعالی بأن جعلها فی ذریته أهل الصفوة والطهارة فقال: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ نَافِلَةً وَکُلاً جَعَلْنَا صَالِحِینَ

ص: 212

.وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَیْنَا إِلَیْهِمْ فِعْلَ الْخَیْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِیتَاءَ الزَّکَاةِ وَکَانُوا لَنَا عَابِدِینَ.فلم تزل فی ذریته یرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتی ورثها الله تعالی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقال جل وتعالی: إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْرَاهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِیُّ وَالَّذِینَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِی الْمُؤْمِنِینَ . فکانت له خاصة فقلدها(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علیاً (علیه السّلام)بأمر الله تعالی علی رسم ما فرض الله، فصارت فی ذریته الأصفیاء الذین آتاهم الله العلم والإیمان بقوله تعالی: َقَالَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالآیمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِی کِتَابِ اللهِ إِلَی یَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا یَوْمُ الْبَعْثِ. فهی فی وُلْد علی(علیه السّلام) خاصة إلی یوم القیامة ، إذ لا نبی بعد محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فمن أین یختار هؤلاء الجهال !» .

ثم قال: « وعلیٌّ جاهد علی یوم أحد ویوم الأحزاب فی قتل الکفار ، ولکن جهاد أبی بکر أفضی إلی حصول الإسلام لمثل الذین هم أعیان الصحابة ، وجهاد علی أفضی إلی قتل الکفار ، ولا شک أن الأول أفضل ».

وأضاف: «وأیضاً فأبو بکر جاهد فی أول الإسلام حین کان النبی(ص)فی غایة الضعف ، وعلیٌّ إنما جاهد یوم أحد ویوم الأحزاب وکان الإسلام قویاً فی هذه الأیام ، ومعلوم أن الجهاد وقت الضعف أفضل من الجهاد وقت القوة ، ولهذا المعنی قال تعالی:لایَسْتَوِی مِنْکُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ، أُولَئِکَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ».

ثم قال الرازی (10/173): «وَالَّذِی جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِکَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. فلم یجعل بینهما واسطة ، وکما دلت هذه الدلائل علی نفی الواسطة فقد وفق الله هذه الأمة الموصوفة بأنها خیر أمة ، حتی جعلوا الامام بعد الرسول(ص) أبا بکر علی سبیل الإجماع ، ولما توفی دفنوه إلی جنب رسول الله (ص)، وما ذاک إلا أن الله تعالی رفع الواسطة بین النبیین والصدیقین فی هذه الآیة ».

أقول: لاحظ ما ارتکبه هذا العالم الکبیر ! من تزویر للسیرة وإسفاف فی الإستدلال !

1- فالآیة التی جعلها أساساً لتلبیسه فی مدح جده وتفضیله ! تتحدث عن مکانة المؤمنین بالرسل وأنهم الصدیقون والشهداء ، فی مقابل الذین کفروا وکذبوا:وَالَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِکَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا أُولَئِکَ أَصْحَابُ الْجَحِیمِ فهی تشمل کل المؤمنین ، ولا تدل علی أفضلیة الأسبق زماناً منهم ، ولا هی فی مقام بیان التفاضل بینهم ، لا بالأسبقیة الزمنیة ولا بغیرها !

ص: 214

أما العقل فیحکم بأن الأسبقیة الزمنیة الی الإیمان بذاتها فضیلة مّا ، لکنها لاتوجب أن یکون صاحبها بالضرورة أفضل ممن أسلم بعده ! لکن رواة السلطة جعلوها أفضلیة ربانیة کأنها أرقام سیارات وتلفونات !

2- بدأ الرازی استدلاله (العلمی)بالتزویر فقال:«الصدیق إسم لمن سبق إلی تصدیق الرسول (ص)فصار فی ذلک قدوة لسائر الناس ، وإذا کان الأمر کذلک کان أبو بکر الصدیق أولی الخلق بهذا الوصف » ! فجعل الأسبقیة الزمنیة بمعنی القدوة والإمامة ، ولا وجود لشئ منها فی الآیة ، ولا فی أبی بکر !

3- لم یکن أبو بکر أول من أسلم فقد شهد ابن وقاص بأنه أسلم بعد أکثر من خمسین! قال ابنه:«قلت لأبی: أکان أبو بکر أولکم إسلاماً ؟ فقال: لا ، ولقد أسلم قبله أکثر من خمسین ، ولکن کان أفضلنا إسلاماً».(الطبری:2/60) .

واستدل الرازی بحدیث: «ما عرضتُ الإسلام علی أحد إلا وله کبوة غیر أبی بکر فإنه لم یتلعثم» ولم أجده فی مصادرهم ، ووجدته مرسلاً غیر مسند فی تاریخ دمشق(30/128) ولم یصححه أحد من علمائهم ! ولو صح لدل علی أن أبا بکر استجاب للإسلام رأساً ، ولا یدل علی أنه أول من أسلم ، ولا أنه قدوة وإمام !

4- کیف یمکن قبول هذا (الجهاد) المزعوم لأبی بکر فی مکة وأنه سبَّبَ دخول کثیرین فی الإسلام ، وقد رووا أن شخصاً من قبیلة أسد عبد العزی کان یربطه مع طلحة بحبل ویحبسهما فسمیا القرینین (الحاکم: 3/369) !ورووا أن شخصاً آخر کان یربطهما أیضاً بذلک الحبل أو بحبل آخر ! (الإصابة: 6/77 ، راجع: الصحیح من السیرة: 3/96) ! ورووا أن أبا بکر هاجر بعد إسلامه الی الیمن ، حتی أجاره شخص إسمه ابن الدغنة ، رئیس قبیلة الأحابیش الصغیرة فی مکة !

ص: 215

وقد کرر بخاری قصته فی صحیحه: (3/58 ، وابن هشام: 1/249) !

فالذی لاتستطیع عشیرته أن تحمیه ، ولا یجد من غیرها من یحمیه، ولا یستطیع أن یفک رقبته من الحبل ، کیف ینسب الیه ما سماه جهاداً ؟!

والذی لم یستطع إقناع أبیه وزوجته وابنه عبد الرحمن بالإسلام فظلوا کفاراً ، کیف ینسب الیه أنه أقنع کثیرین بالإسلام ، ومنهم کما زعم الرازی علی(علیه السّلام)؟!

قال أحد أئمة المعتزلة رداً علی الجاحظ المتعصب لأبی بکر: «فمن عجز عن ابنه وأبیه وامرأته ، فهو عن غیرهم من الغرماء أعجز ! ومن لم یقبل منه أبوه وابنه وامرأته لا برفق واحتجاج ، ولا خوفاً من قطع النفقة عنهم وإدخال المکروه علیهم ، فغیرهم أقل قبولاً منه ، وأکثر خلافاً علیه » ! (شرح النهج:13/270).

5- کیف زعم الرازی أن جده أبا بکر کان (مجاهداً)فی مکة ، ولم نسمع له حساً ولا حرکة ، لا عند إسلامه وربطه فی الحبل ، ولا بعد عودته من الیمن بضمانة ابن الدغنة ، لا فی الشدائد التی مرت علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، ولا فی حصارهم لبنی هاشم فی الشعب سنوات مدیدة ! ولا رأینا له فعلاً یذکر، إلا أنه رافق النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی هجرته ، واشتری منه جملاً ومات الجمل فی الطریق ، ولما وصل الی قباء ترک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، ثم لم نسمع له ذکراً حتی فی بناء مسجد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

6- اخترع الرازی لجده أنه کان فی مکة إماماً وقدوة ، ولم یکن ذلک مطروحاً فی مکة ، بل المطروح من یکون وصی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وقد أمره الله أن ینذر عشیرته الأقربین ویختاره منهم ! وقد فصلت ذلک أحادیث الجمیع فی تفسیر قوله تعالی: وَأَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الأَقْرَبِینَ ،فراجع ما کتبناه فی السیرة .

ص: 216

7- من تحایل الرازی وتلبیساته أنه افترض أن أبا بکر دعا الی الإسلام فی مکة وسمی دعوته جهاداً وهی تسمیة لاتصح لغةً إلا بقرینة ، لأن المتبادر من آیات الجهاد ومدح المجاهدین هو القتال ، ثم افترض أن علیاً لم یدع مثله الی الإسلام فی مکة وکأنه کان نائماً ! ثم فضل (جهاد) أبی بکر المزعوم علی قتال علی المعلوم ، واستشهد بقوله تعالی: لایَسْتَوِی مِنْکُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ، أُولَئِکَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا والآیة هو مفاضلة بین من أنفق وقاتل فی سبیل الله قبل فتح مکة ومن أنفق وقاتل بعده ، لکنه جعلها مفاضلة بین قتال علی وما سماه جهاد أبی بکر !ثم جعل التفضیل بالنتیجة ، وزعم أن نتیجة دخول عدد من الصحابة بدعوة أبی بکر أفضل من نتیجة قتل الکفار بجهاد علی(علیه السّلام)!

ویکفی أن نسأله: أما کان علی(علیه السّلام)یدعو الی الإسلام فی مکة و(یجاهد)کأبی بکر ؟! وعندما کام علی(علیه السّلام)یقاتل فی سبیل الله فی معارک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، هل قاتل أبو بکر مثله ، أم کان یختبئ خلف الصفوف ویهرب الی الجبال والثقوب ؟!

8- ومن تلبیسات الرازی مقایسته بین ظرف (جهاد) أبی بکر وظرف جهاد علی(علیه السّلام)، وتفضیله لأبی بکر لأنه (جاهد) دون علی فی وقت ضعف الإسلام بینما قاتل علی(علیه السّلام) فی وقت قوة الإسلام وارتفاع الخوف ، وکأن أبا بکر کان مستیقظاً فی معارک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! علی أن آیات وصف المسلمین فی معارک النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )ترد علیه ، کقوله تعالی: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا !

9- ومن تلبیسات الرازی استدلاله بقوله تعالی: وَالَّذِی جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِکَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.(الزمر:33) علی نفی الواسطة بین أبی بکر والنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فحصر المصدقین بأبی بکر ، ثم استدل بذکرهم بعد الذی جاء به ، علی أن رتبة أبی بکر

ص: 217

تأتی بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! قال (26/279): «فالذی جاء بالصدق محمد ، والذی صدق به هو أبو بکر ، وهذا القول مروی عن علی بن أبی طالب وجماعة من المفسرین. وسمعت بعض القاصین من الذی یروی عن النبی أنه قال: دعوا أبا بکر فإنه من تتمة النبوة ! واعلم أنا سواء قلنا المراد بالذی صدق به شخص معین ، أو قلنا المراد منه کل من کان موصوفاً بهذه الصفة ، فإن أبا بکر داخل فیه . أما علی التقدیر الأول: فدخول أبی بکر فیه ظاهر وذلک لأن هذا یتناول أسبق الناس إلی التصدیق ، وأجمعوا علی أن الأسبق الأفضل إما أبو بکر وإما علی ، وحمل هذا اللفظ علی أبی بکر أولی ، لأن علیاً کان وقت البعثة صغیراً ، فکان کالولد الصغیر الذی یکون فی البیت ، ومعلوم أن إقدامه علی التصدیق لا یفید مزید قوة وشوکة . أما أبو بکر فإنه کان رجلاً کبیراً فی السن کبیراً فی المنصب ، فإقدامه علی التصدیق یفید مزید قوة وشوکة فی الإسلام ، فکان حمل هذا اللفظ علی أبی بکر أولی..وأما علی التقدیر الثانی: فهو أن یکون المراد کل من کان موصوفاً بهذه الصفة ، وعلی هذا التقدیر یکون أبو بکر داخلاً فیه » .

أقول: إن المصدقین الممدوحین فی الآیة: وَالَّذِی جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِکَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.جمع کما وصفتهم الآیة . ولا یصح حصرهم بشخص ، إلا بنص نبوی ! فحصرهم بأبی بکر تحکُّمٌ بدون دلیل! وکل ما بناه علی هذا القول الباطل باطل !

قال: «قالت الشیعة: دلت هذه الآیة علی أن علی بن أبی طالب(علیه السّلام)أفضل من أبی بکر ، وذلک لأن علیاً کان أکثر جهاداً ، فالقدر الذی فیه حصل التفاوت کان أبو بکر من القاعدین فیه ، وعلی من القائمین ، وإذا کان کذلک وجب أن یکون علی أفضل منه لقوله تعالی: وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِینَ عَلَی الْقَاعِدِینَ أَجْرًا عَظِیماً.

فیقال لهم: إن مباشرة علی لقتل الکفار کانت أکثر من مباشرة الرسول لذلک ، فلیزمکم بحکم هذه الآیة أن یکون علی أفضل من محمد(ص) ، وهذا لا یقوله عاقل ! فإن قلتم إن مجاهدة الرسول مع الکفار کانت أعظم من مجاهدة علی معهم لأن الرسول(ص)کان یجاهد الکفار بتقریر الدلائل والبینات وإزالة الشبهات والضلالات ، وهذا الجهاد أکمل من ذلک الجهاد ، فنقول: فاقبلوا منا مثله فی حق أبی بکر ..وهذا النوع من الجهاد هو حرفة النبی (ص) ، وأما جهاد علی فإنما کان بالقتل ، ولا شک أن الأول أفضل »!

أقول: معنی کلامه أن أبا بکر کان مکلفاً بالدعوة ولیس بالقتال، وهی دعوی لا تصح حتی فی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وأنه لم یباشر القتل کثیراً للحفاظ علی قبول نبوته!

ولو سلمنا أن أبا بکر کان مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی العریش فی بدر ، فقد قاتل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یومها ، فلماذا لم یقاتل أبو بکر ! وکذا فی أحد ؟!

کما أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یهرب ولامرة ، فما بال أبی بکر هرب مرات عدیدة ؟!

جَزَاءً وَلا شُکُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا یَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِیرًا فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِکَ الْیَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (الإنسان: 8-11).

ثم زعم فی (7/59و89)أن آیات: وَسَیُجَنَّبُهَا الأَتْقَی الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَی.إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَی وَلَسَوْفَ یَرْضَی نزلت فی أبی بکر وقال: «فمن أنفق ماله فی سبیل الله لم یحصل له اطمئنان القلب فی مقام التجلی، إلا إذا کان إنفاقه لمحض غرض العبودیة ، ولهذا السبب حکی عن علی أنه قال فی إنفاقه:إِنَّمَا نُطْعِمُکُمْ لِوَجْهِ اللهِ ووصف إنفاق أبی بکر: وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَی» !وقال (23/188): «فعلی أعطی للخوف من العقاب وأبو بکر ما أعطی إلا لوجه ربه الأعلی، فدرجة أبی بکر أعلی، فکانت عطیته فی الإفضال أتم وأکمل»!

کما استشد الرازی بکلام ابن الباقلانی وارتضاه فقال فی (31/206):«ذکر القاضی أبو بکر الباقلانی فی کتاب الإمامة ، فقال: الآیة الواردة فی حق علی: إ ِنَّمَا نُطْعِمُکُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِیدُ مِنْکُمْ جَزَاءً وَلا شُکُوراً إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا یَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِیرا ، والآیة الواردة فی حق أبی بکر: إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَی وَلَسَوْفَ یَرْضَی، فدلت الآیتان علی أن کل واحد منهما إنما فعل ما فعل لوجه الله ، إلا أن آیة علی تدل علی أنه فعل ما فعل لوجه الله ، وللخوف من یوم القیامة علی ما قال: إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا یَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِیرا ، وأما آیة أبی بکر فإنها دلت علی أنه فعل ما فعل لمحض وجه الله من غیر أن یشوبه طمع فیما یرجع إلی رغبة فی ثواب أو رهبة من عقاب ، فکان مقام أبی بکر أعلی وأجل ».

أقول: اعترف الرازی بنزول آیات سورة الدهر فی مدح علی(علیه السّلام)وأن ذلک من مجمع علیه بین المسلمین ، ثم زعم مقابلها آیات نزلت فی أبی بکر ، وقال إن

ص: 220

الشیعة یطعنون فی روایتها ، ثم بنی علیها وجوهاً وأطال فی تلبیسه لتفضیل أبی بکر علی علی(علیه السّلام)، وستعرف ما فی کلامه .

وکرر الرازی استدلاله فی (31/205) فقال فی تفسیر: وَسَیُجَنَّبُهَا الأَتْقَی الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی: « أجمع المفسرون منا علی أن المراد منه أبو بکر. واعلم أن الشیعة بأسرهم ینکرون هذه الروایة ویقولون: إنها نزلت فی حق علی بن أبی طالب ، والدلیل علیه قوله تعالی: وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ ، فقوله: الأَتْقَی الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی، إشارة إلی ما فی الآیة من قوله:وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ .ولما ذکر ذلک بعضهم فی محضری قلت: أقیمُ الدلالة العقلیة علی أن المراد من هذه الآیة أبو بکر وتقریرها: أن المراد من هذا الأتقی هو أفضل الخلق ، فإذا کان کذلک وجب أن یکون المراد هو أبو بکر ، فهاتان المقدمتان متی صحتا صح المقصود . وإنما قلنا: إن المراد من هذا الأتقی أفضل الخلق لقوله تعالی: إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاکُمْ، والأکرم هو الأفضل ، فدل علی أن کل من کان أتقی وجب أن یکون أفضل .فإن قیل: الآیة دلت علی أن کل من کان أکرم کان أتقی ، وذلک لا یقتضی أن کل من کان أتقی کان أکرم ؟ قلنا: وصف کون الإنسان أتقی معلوم مشاهد ، ووصف کونه أفضل غیر معلوم ولا مشاهد ، والإخبار عن المعلوم بغیر المعلوم هو الطریق الحسن .

أما عکسه فغیر مفید ، فتقدیر الآیة کأنه وقعت الشبهة فی أن الأکرم عند الله من هو ؟ فقیل هو الأتقی.وإذا کان کذلک کان التقدیر أتقاکم أکرمکم عند الله ، فثبت أن الأتقی المذکور هاهنا لا بد وأن یکون أفضل الخلق عند الله .

ص: 221

فنقول لا بد وأن یکون المراد به أبا بکر ، لأن الأمة مجمعة علی أن أفضل الخلق بعد رسول الله ، إما أبو بکر أو علی ، ولا یمکن حمل هذه الآیة علی علی بن أبی طالب فتعین حملها علی أبی بکر !

وإنما قلنا إنه لا یمکن حملها علی علی بن أبی طالب لأنه قال فی صفة هذا الأتقی:وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَی.، وهذا الوصف لا یصدق علی علی بن أبی طالب ، لأنه کان فی تربیة النبی لأنه أخذه من أبیه وکان یطعمه ویسقیه ویکسوه ویربیه ، وکان الرسول منعماً علیه نعمة یجب جزاؤها ، أما أبو بکر فلم یکن للنبی علیه نعمة دنیویة ، بل أبو بکر کان ینفق علی الرسول ، بل کان للرسول علیه نعمة الهدایة والإرشاد إلی الدین ، إلا أن هذا لا یجُزی ، لقوله تعالی: مَا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ . والمذکور هاهنا لیس مطلق النعمة بل نعمة تجزی ، فعلمنا أن هذه الآیة لا تصلح لعلی بن أبی طالب ، وإذا ثبت أن المراد بهذه الآیة من کان أفضل الخلق وثبت أن ذلک الأفضل من الأمة ، إما أبو بکر أو علی ، وثبت أن الآیة غیر صالحة لعلی ، تعین حملها علی أبی بکر ، وثبت دلالة الآیة أیضاً علی أن أبا بکر أفضل الأمة ».

أقول: یقوم استدلاله علی أن الأتقی فی الآیة بمعنی أفضل الأمة، ومن صفته أنه لانعمةَ علیه لایَدَ لأحد من الخلق، وهذه صفة أبی بکر ، أما علی فکانت علیه یدٌ للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لأنه رباه، فلا تنطبق الآیة علیه! وهذه فذلکة أقرب الی الشیطنة !

أولاً، لأن (الأتقی) الذی سیجنب النار لیس شخصاً واحداً ، بل کل من أعطی ماله یتزکی ، فأفعل التفضیل فیها نسبی ولیس حقیقیاً .فلا یصح حصرها بأبی بکر أو غیره . بل ولا تطبیقها علیه إلا بنص قطعی ، ولا وجود له !

ص: 222

ثانیاً، استند الشیعة الی النص القطعی فقالوا إن أفضل الأمة بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )هو علی(علیه السّلام) ،لأن الله تعالی جعله الولی بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بآیة: إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلَاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ ، وقول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):من کنت مولاه فعلی مولاه. أما أبو بکر فلا نص فی تفضیله ، ولکن الرازی لبَّس علی الناس ورفعه الی درجة علی(علیه السّلام)وجعل الأفضل مردداً بینهما ؟!

ثالثاً، شذَّ الرازی فی تفسیر قوله تعالی: وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَی، فجعل من شروط الأتقی أن لایکون لأحد من الخلق علیه نعمة تجزی أبداً ، وطبقها علی أبی بکر ، ثم جعلها النعمة الدنیویة ونفی أن یکون للنببی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ید علی أبی بکر ! ثم زاد فی تلبیسه فجعل النعمة الدینیة لاتجزی لأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لا یطلب أجراً !

وکل هذا لایصح ، لأن أصل المعنی: أن هذا المعطی یؤتی ماله لله تعالی ولیس مقابل ید علیه لمن یعطیه ، فالنعمة المنفیة لمن یعطیه ولیست لکل الخلق ، وإلا فیلزم الرازی أن یُخرج منها أبا بکر أیضاً ، لأن والده له علیه نعمة تجزی !

کما أنه لایصح حصر النعمة بالدنیویة لأنها مطلقة تشمل الدینیة ، وهی أولی بالجزاء من النعمة الدنیویة ، وقد جعل الله جزاء نعمة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علی الأمة ولایة عترته ، فقال: قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی وَمَنْ یَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِیهَا حُسْنًا..فکیف نفی ما أثبته الله تعالی ، وحصر النعمة بالدنیویة ؟!

ثم استدل الرازی بروایة أن أبا بکر اشتری بلالاً واعتقه ، فنزلت فیه آیة: وَسَیُجَنَّبُهَا الأَتْقَی.. واعترف أن الشیعة طعنوا فی روایتها وقالوا إن

النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )هو الذی اشتری بلالاً وهو من موالیه وهو الصحیح ! راجع الصحیح من السیرة:3/90.

ص: 223

وفی الکشاف:2/143، وتخریج الأحادیث:2/11، والسیرة الحلبیة:2/385 ، وغیرها: « فتغیر وجه رسول الله (ص): ثم ردد علیهم فقال: إن العیر قد مضت علی ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل! فقالوا: یا رسول الله علیک بالعیر ودع العدو» ! فهؤلاء هم الذین:یُجَادِلُونَکَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَیَّنَ کَأَنَّمَا یُسَاقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَهُمْ یَنْظُرُونَ!

وفی تفسیر قوله تعالی(15/197): مَا کَانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَکُونَ لَهُ أَسْرَی حَتَّی یُثْخِنَ فِی الأَرْضِ تُرِیدُونَ عَرَضَ الدُّنْیَا وَاللهُ یُرِیدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ. لَوْلا کِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّکُمْ فِی مَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِیمٌ.(الأنفال:67-68). قلد الرازی مفسری السلطة ونسب الی عمر أنه أصاب فنهی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأبا بکر عن أخذ

الفداء من أسری قریش ، فعصیاه! ونزلت الآیة موافقة لقول عمر، فجلس النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأبا بکر یبکیان علی ذنبیهما وقال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):لو نزل العذاب ما نجا إلا ابن الخطاب ! وقال فی ( 15/198): «إن النبی وأبا بکر بکیا ، وصرح الرسول(ص)أنه إنما بکی لأجل أنه حکم بأخذ الفداء ، وذلک یدل علی أنه ذنب » !

وقد أثبتنا فی السیرة بطلان ما نسبوه الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من الذنب ، وما زعمه عمر من مخالفته أخذ الفداء ، وکذا زعمه أن هزیمة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی أحُد کانت عقاباً له لأخذه الفداء من القرشیین !

الرسول (ص)وکسرت رباعیته وشلت ید طلحة دونه ، ولم یبق معه إلا أبو بکر وعلی والعباس وسعد ، ووقعت الصیحة فی العسکر أن محمداً قد قتل ».

وزعم فی(9/15) أن عمر کان مع الثابتین ، قال:« وروی أن أبا سفیان صعد الجبل یوم أحد ثم قال: أین ابن أبی کبشة ، أین ابن أبی قحافة ، أین ابن الخطاب؟فقال عمر:هذا رسول الله وهذا أبو بکر وها أنا عمر ! فقال أبو سفیان: یوم بیوم ، والأیام دول والحرب سجال .فقال عمر: لا سواء ، قتلانا فی الجنة وقتلاکم فی النار».

وقال فی (9/20): «ولما شج ذلک الکافر وجه الرسول(ص)وکسر رباعیته ، احتمله طلحة بن عبید الله ، ودافع عنه أبو بکر وعلی ، ونفر آخرون معهم .

ثم إن الرسول(ص)جعل ینادی ویقول: إلیَّ عباد الله ، حتی انحازت إلیه طائفة من أصحابه ، فلامهم علی هزیمتهم ، فقالوا یا رسول الله فدیناک بآبائنا وأمهاتنا أتانا خبر قتلک فاستولی الرعب علی قلوبنا ، فولینا مدبرین »!

وقال فی تفسیر آیة الإنقلاب(9/22): «عن علی أنه قال: المراد بقوله: وَسَیَجْزِی اللهُ الشَّاکِرِینَ: أبو بکر وأصحابه ، وروی عنه أنه قال: أبو بکر من الشاکرین ، وهو من أحباء الله »!

وروی فی (9/51) أن الذین ثبتوا فی أحُد مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أربعة عشر نفراً ، وأن ثمانیة منهم بایعوا النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علی الموت ! وکل ماذکره الرازی فی ثبات غیر علی(علیه السّلام)وأبی دجانة ، یخالف ما اعترف به الصحابة وحققه الباحثون السنة فی معرکة أحُد . وقد وثقنا ذلک فی السیرة النبویة عند أهل البیت(علیهم السّلام) .

ص: 226

وقد اضطر الرازی (9/67) أن یضحی بمنقبة لأبی بکر لیثبت أنه لم یکن مع الفارین، فأخرجه من آیة المشاورة فی أحد:فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِی الأمر فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَی اللهِ إِنَّ اللهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ (آل عمران:159)

قال الرازی: «لأن الذین أمر الله رسوله بمشاورتهم فی هذه الآیة هم الذین أمره بأن یعفو عنهم ویستغفر لهم ، وهم المنهزمون ، فهب أن عمر کان من المنهزمین فدخل تحت الآیة ، إلا أن أبا بکر ما کان منهم فکیف یدخل تحت هذه الآیة » !

عَلَی أَعْقَابِکُمْ وَمَنْ یَنْقَلِبْ عَلَی عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللهَ شَیْئًا وَسَیَجْزِی اللهُ الشَّاکِرِینَ.وإن القوم الموعودین هم أنصار علی(علیه السّلام)وخطه فی الأمة الی المهدی.

ففی تفسیر العیاشی(1/326) عن الإمام الصادق(علیه السّلام)قال: « ولو أن الناس کفروا جمیعاً حتی لا یبقی أحد ، لجاء الله لهذا الأمر بأهل یکونون من أهله، ثم قال: أما تسمع الله یقول: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ فَسَوْفَ یَأتِی اللهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَیُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْکَافِرِینَ..حتی فرغ من الآیة وقال فی آیة أخری: فَإِنْ یَکْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَکَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَیْسُوا بِهَا بِکَافِرِینَ .ثم قال: إن هذه الآیة هم أهل تلک الآیة ».

وفی تفسیر القمی (1/170): «وأما قوله: َیا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ ، قال: هو مخاطبة لأصحاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الذین غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دین الله . فَسَوْفَ یَأتِی اللهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَیُحِبُّونَهُ: نزلت فی القائم(علیه السّلام)وأصحابه: یُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللهِ وَلا یَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ».

وفی مناقب آل أبی طالب (2/334)، عن عمار ، وحذیفة ، وابن عباس ، والباقر والصادق (علیهماالسّلام)إنها نزلت فی علی . وروی عن علی(علیه السّلام)یوم البصرة: والله ما قوتل علی هذه الآیة حتی الیوم ، وتلا هذه الآیة ».

وقال أبو الصلاح الحلبی(قدسّ سرّه)فی تقریب المعارف/379: «قوله تعالی: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ فَسَوْفَ یَأتِی اللهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَیُحِبُّونَهُ..قالوا: ولا أحد قابل المرتدین غیر أبی بکر ، فیجب توجه الخطاب إلیه ، وذلک ینافی ما تقوله الشیعة فیه . والجواب: أن المأتی بهم لقتال المرتدین موصوفون فی الآیة بصفات تجب علی من ادعی لشخص أو أشخاص أن تدل علی تکاملها له أو لهم ، وهی

ص: 228

وصفهم بأنهم یحبون الله ویحبهم، وهذا یقتضی القطع علی إیمانهم وعلو منزلتهم عند الله تعالی . وکونهم ذوی ذلة ورفق بأهل الإیمان ، وعزة وشدید وطأ علی الکفار ، مجاهدین فی سبیل الله ، لا یخافون لومة لائم ، فی شق مما وصفهم به سبحانه فلیثبتوا تکامل هذه الصفات لأبی بکر ، لیسلم لهم کونه المقاتل للمرتدین !وإن ثبت ذلک یغنهم عن الآیة فی المقصود وهیهات !

علی أنا نتبرع ببیان خروج أبی بکر منهافنقول:معلوم انهزامه والثانی بخیبر ، وقول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): لأعطین الرایة غداً رجلاً کراراً غیر فرار یحب الله ورسوله والله ورسوله یحبانه ، فأعطاها علیاً (علیه السّلام)فاقتضی ذلک ثبوت محبته لله تعالی ورسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ومحبتهما له ، والحکم له بالکر ، وانتفاء ذلک عنهما ، فخرجا عن مقتضی الآیة ! وبعد ، فإنه وصاحبه لم یکونوا من أهل الذلة علی المؤمنین ، لغلظتهم علی أهل بیت نبیهم(علیهم السّلام) وعلی سعد بن عبادة والزبیر وسلمان وبلال . وقد صرح أبو بکر بذلک فقال: وإذا غضبت فاجتنبونی لا أمثل فی أشعارکم وأبشارکم ! مع ما صنعه ببنی حنیفة من غیر استحقاق علی ما بیناه. ووصف الصحابة عمر بالغلظة وثبوتها له بظاهر أفعاله .وحال عثمان بذلک وإقدامه بالضرر القبیح والإستخفاف بأهل الإیمان ظاهرة . ولا من أهل العزة علی الکفار ولا المجاهدین باتفاق علی خلو ذکرهم من نکایة فی کافر أو عناء فی شئ من مواقف الجهاد ، وثبوت ذلک أجمع لعلی(علیه السّلام) وشیعته . فیجب خروجهم من مقتضاها وتوجهها إلیه(علیه السّلام)وإلی من اتبعه مخلصاً فی قتال المرتدین»؟

وقال الشریف المرتضی فی الشافی(2/246): «وقد ادعی قوم من أهل الغباوة والعناد أن قوله تعالی:فَسَوْفَ یَأتِی اللهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ.. المراد به أبو بکر من حیث قاتل أهل الردة . ولسنا نعرف قولاً أبعد من الصواب من هذا القول حتی أنه لیکاد أن

ص: 229

یعلم بطلانه ضرورة ، لأن الله تعالی إذا کان قد وصف من أراده بالآیة بالعزة علی الکافرین ، وبالجهاد فی سبیله مع اطراح خوف اللوم ! وکیف یجوز أن یظن عاقل توجه الآیة إلی من لم یکن له حظ من ذلک الوصف ! لأن المعلوم أن أبا بکر لم یکن له نکایة فی المشرکین ، ولا قتیل فی الإسلام ولا وقف فی شئ من حروب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )موقف أهل البأس والعناء ، بل کان الفرار سنته ، والهرب دیدنه ، وقد انهزم عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی جملة المنهزمین فی مقام بعد مقام !

وکیف یوصف بالجهاد فی سبیل الله علی الوجه المذکور فی الآیة من لا جهاد له جملة ، وهل العدول بالآیة عن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)مع العلم الحاصل لکل أحد بموافقة أوصافه بها ، إلی أبی بکر إلا عصبیة ظاهرة وانحراف شدید !

وقد روی نزولها فی قتال أمیر المؤمنین(علیه السّلام)أهل البصرة عنه (علیه السّلام)نفسه ، وعن عبد الله بن عباس ، وعمار بن یاسر ، وإذا عضد ما ذکرناه من مقتضی الآیة الروایة زالت الشبهة ، وقویت الحجة ».

وفی تفسیر المیزان (5/387): «وهذا صریح فی أن القوم المأتی بهم جماعة من المؤمنین غیر الجماعة الموجودین فی أوان النزول ، والمقاتلون أهل الردة بعید وفاة النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )کانوا موجودین حین النزول مخاطبین بقوله: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا، فهم غیر مقصودین بقوله: فَسَوْفَ یَأتِی اللهُ بِقَوْمٍ والآیة جاریة مجری قوله تعالی: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا یَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَیْرَکُمْ ثُمَّ لا یَکُونُوا أَمْثَالَکُمْ .ویؤید ذلک أیضاً إنذار رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قریشاً بقتال علی(علیه السّلام)لهم من بعده ، حیث جاء سهیل بن عمرو فی جماعة منهم فقالوا: یا محمد إن أرقائنا لحقوا بک فارددهم إلینا، فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):لتنتهن یا معاشر قریش أو لیبعثن الله علیکم رجلاً یضربکم علی تأویل القرآن کما ضربتکم علی تنزیله ! فقال له بعض أصحابه: من هو یا رسول الله أبو بکر ؟

ص: 230

قال: لا، ولکنه خاصف النعل فی الحجرة ، وکان علی(علیه السّلام) یخصف نعل رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )».

وقد حاول الرازی أن یقوی رأیه بأن الآیة مدح لأبی بکر فقال فی (12/23): «أما قول الروافض لعنهم الله: إن هذه الآیة فی حق علی بدلیل أنه (ص)قال یوم خیبر: لأعطین الرایة غداً رجلاً یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله ، وکان ذلک هو علی(علیه السّلام)، فنقول: هذا الخبر من باب الآحاد ، وعندهم لا یجوز التمسک به فی العمل ، فکیف یجوز التمسک به فی العلم !

وأیضاً إن إثبات هذه الصفة لعلی لا یوجب انتفاءها عن أبی بکر وبتقدیر أن یدل علی ذلک لکنه لا یدل علی انتفاء ذلک المجموع عن أبی بکر ، ومن جملة تلک الصفات کونه کراراً غیر فرار ، فلما انتفی ذلک عن أبی بکر لم یحصل مجموع تلک الصفات له ، فکفی هذا فی العمل بدلیل الخطاب ، فأما انتفاء جمیع تلک الصفات فلا دلالة فی اللفظ علیه ، فهو تعالی إنما أثبت هذه الصفة المذکورة فی هذه الآیة حال اشتغاله بمحاربة المرتدین بعد ذلک ، فهب أن تلک الصفة ما کانت حاصلة فی ذلک الوقت ، فلم یمنع ذلک من حصولها فی الزمان المستقبل !

ولأن ما ذکرناه تمسک بظاهر القرآن ، وما ذکروه تمسک بالخبر المذکور المنقول بالآحاد ، ولأنه معارض بالأحادیث الدالة علی کون أبی بکر محباً لله ولرسوله . وکون الله محباً له وراضیا عنه . قال تعالی فی حق أبی بکر:ولسوف یرضی . وقال(ص): إن الله یتجلی للناس عامة ویتجلی لأبی بکر خاصة .وقال: ما صب الله شیئاً فی صدری إلا وصبه فی صدر أبی بکر ! وکل ذلک یدل علی أنه کان یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله ». انتهی.

ص: 231

أقول: محاولته تقویة رأیه یعنی أنه غیر مطمئن بتفسیره لآیة : فَسَوْفَ یَأتِی اللهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَیُحِبُّونَهُ، بأبی بکر وأصحابه ! ونلاحظ أنه اعترف ضمنیاً بأن أبا بکر لم یکن فیه صفة الکرار غیر الفرار ، ولا صفة القتال فی سبیل الله.وغیرهما، ولذا قال: «إنما أثبت هذه الصفة المذکورة فی هذه الآیة حال اشتغاله بمحاربة المرتدین بعد ذلک ، فهب أن تلک الصفة ما کانت حاصلة فی ذلک الوقت ، فلم یمنع ذلک من حصولها فی الزمان المستقبل »!

وتلاحظ أنه لبَّس فجعل قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): لأعطین الرایة غداً رجلاً یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله..الخ. خبر آحاد مع أنه متواتر عندهم ! ثم جعل أحادیثهم التی أقروا بوضعها فی أبی بکر کحدیث التجلی ، أحادیث صحیحة !

ظنک باثنین الله ثالثهما ! ویظهر أنهم رأوا أن: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا ، أقرب الی الذم ، فأضافوا لها: ما ظنک باثنین الله ثالثهما ، وکأنها مدح !

ثم ذکر الرازی أن صحبة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لأبی بکر تدل علی أنه من المؤمنین الصادقین الصدیقین ، وإلا لما صحبه النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ! لکن الصحبة لاتدل علی ذلک فقد یکون رآه فی الطریق وصحبه، لسبب وآخر!

ثم ذکر الرازی من فضائل جده أن کل المسلمین سواه فارقوا النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بینما لازمه أبو بکر فی الخوف الشدید !

وهذا لا یصح فکم مرة فرَّ أبو بکر وفارق النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أما فی الهجرة فقد أمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعض المسلمین بالهجرة قبله ، وأمر علیاً بالمبیت مکانه والتعرض لخطر القتل ، وبقیة المسلمین لم یعلموا بهجرته(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) !

ثم ذکر الرازی أن ثانی اثنین منصب دینی ، فالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أول وأبو بکر ثانٍ: «فکان هو ثانی اثنین فی الدعوة إلی الله ، وأیضاً کلما وقف رسول الله(ص) فی غزوة کان أبو بکریقف فی خدمته ولا یفارقه ، فکان ثانی اثنین فی مجلسه ، ولما مرض رسول الله (ص) قام مقامه فی إمامة الناس فی الصلاة ، فکان ثانی اثنین ، ولما توفی دفن بجنبه فکان ثانی اثنین هناک أیضاً » !

ثم قال الرازی: «وطعن بعض الحمقی من الروافض فی هذا الوجه وقال: کونه ثانی اثنین للرسول لا یکون أعظم من کون الله تعالی رابعاً لکل ثلاث فی قوله: مَا یَکُونُ مِنْ نَجْوَی ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ ،ثم إن هذا الحکم عام فی حق الکافر والمؤمن ، فلما لم یکن هذا المعنی من الله تعالی دالاً علی فضیلة لإنسان ، فلأن لا یدل من النبی علی فضیلة الإنسان کان أولی .

ص: 233

والجواب: أن هذا تعسف بارد ، لأن المراد هناک کونه تعالی مع الکل بالعلم والتدبیر ، وکونه مطلعاً علی ضمیر کل أحد ، أما هاهنا فالمراد بقوله تعالی:ثانی اثنین ، تخصیصه بهذه الصفة فی معرض التعظیم ».

وقد غفل الرازی أو تغافل عن أن ثانی الإثنین فی الآیة هو النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )والمعنی أن الله نصره عندما لم یکن معه فی هجرته إلا شخص واحد کان هو ثانیه ! فإن اعتبرها الرازی رتبة فرتبة أبو بکر الأول والنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الثانی !

کما أن النقض علیه بآیة أن الله تعالی رابعهم وسادسهم ، صحیح ، لأن العدد فی الآیتین لایدل علی رتبة !

ثم قال الرازی:«واعلم أن الروافض فی الری کانوا إذا حلفوا قالوا: وحق خمسة سادسهم جبریل ، وأرادوا به أن الرسول وعلیاً وفاطمة والحسن والحسین ، کانوا قد احتجبوا تحت عباءة یوم المباهلة فجاء جبریل وجعل نفسه سادساً لهم ! فذکروا للشیخ الإمام الوالد أن القوم هکذا یقولون ، فقال:لکم ما هو خیر منه بقوله: ما ظنک باثنین الله ثالثهما!ومن المعلوم بالضرورة أن هذا أفضل وأکمل».

أقول: قول الشیعة: وحق خمسة جبرئیل سادسهم ، صحیح ، لأن حدیثها فیه عدد ورتبة ، فقد أضاف جبرئیل نفسه الیهم(علیهم السّلام) لیحصل علی رتبة ، بینما قوله تعالی: ثانی اثنین ، لارتبة فیه وإلا کان النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثانیاً وأبو بکر أولاً !

ثم ذکر الرازی أن وصف أبی بکر بصاحبه یدل علی فضیلة ، وأن بعضهم ردَّ ذلک بأن الله تعالی وصف الکافر بکونه صاحباً للمؤمن ، فقال: قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَیُحَاوِرُهُ أَکَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرَابٍ..

ص: 234

قال الرازی: «والجواب: أن هناک وإن وصفه بکونه صاحباً له ذکراً ، إلا أنه أردفه بما یدل علی الإهانة والإذلال ، وهو قوله :أکفرت ، أما هاهنا فبعد أن وصفه بکونه صاحباً له ذکر ما یدل علی الإجلال والتعظیم وهو قوله: لا تحزن إن الله معنا ، فأی مناسبة بین البابین ، لولا فرط العداوة »؟

أقول: اعترف الرازی بأن الصاحب لاتدل بذاتها علی فضیلة ولا علی إیمان إلا بقرینة ، ولذا قال إن ما بعدها مدح ، ولکن النهی عن الحزن لیس مدحاً !

ولکی یجعله الرازی مدحاً اختار أحسن معیة وطبقها علی أبی بکر وهی قوله تعالی: إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَالَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ .قال:« والمعنی: إن الله مع الذین اتقوا لا مع غیرهم، وذلک یدل علی أن أبا بکر من المتقین المحسنین » !

لکن معیة الله تعالی عامة لکل الناس ! قال تعالی:وَهُوَمَعَکُمْ أَیْنَ مَا کُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ (الحدید:4) .

ثم حاول الرازی أن یجعل معیة الله مع أبی بکر من نوع معیته مع الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فقال: «فالرسول(ص) شرک بین نفسه وبین أبی بکر فی هذه المعیة ، فإن حملوا هذه المعیة علی وجه فاسد لزمهم إدخال الرسول فیه ، وإن حملوها علی محمل رفیع شریف لزمهم إدخال أبی بکر فیه ».

وهذا لا یصح لأن معیة الله تعالی للرسل لیست کمعیته لغیرهم ، ألا تری أنه یصح للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یقول لفرعون مثلاً إن الله معی ومعک ، فیذکره بالله تعالی . ولا یدل ذلک علی أن معیته له من نوع معیته ، ورتبته کرتبته أو تلیها !

ص: 235

ثم قال الرازی: « ولا شک أن المراد من هذه المعیة ، المعیة بالحفظ والنصرة والحراسة والمعونة».وهذه معیة الله مع رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )دون أبی بکر ،

فکأنه(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قال: لاتخف إن الله معی! ألا تری أنه لو لم یکن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لاختلف معنی المعیة !

ومن تلبیس الرازی: أنه جعل النهی فی قوله تعالی (لا تحزن) بمعنی نفی الحزن عنه تکویناً ! قال:«نهیٌ عن الحزن مطلقاًوالنهی یوجب الدوام والتکرار وذلک یقتضی أن لا یحزن أبو بکر بعد ذلک البتة قبل الموت وعند الموت وبعد الموت ».

ولو صح ذلک لکان کل نهی عن الکفر والمعاصی، نفیاً تکوینیاً لها عن المخاطب!

ثم ارتکب الرازی ما لم یقله أحد ، فجعل نزول السکینة علی أبی بکر دون النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی قوله تعالی:فَأَنْزَلَ اللهُ سَکِینَتَهُ عَلَیْهِ وَأَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ! واستدل بأن الذی کان خائفاً حزیناً هو أبو بکر ، فهو الذی یحتاج الی السکینة ، أما النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فکان آمناً ساکن القلب بما وعده الله !

ثم لم یستطع الرازی أن یجعل التأیید بالجنود وما بعده لأبی بکر ، فاعترف أنها للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وبذلک فرق بین معطوفات متحدة السیاق ، بدون قرینة !

قال فی (9/38) إن الذی نزلت علیه السکینة هو أبو بکر ولیس النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! وزعم فی (22/42) أنه: «کان خائفاً فلما نزلت السکینة علیه...صار من الخلفاء » !

ثم ذکر الرازی إنفاق أبی بکر علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی الغار وأنه هیأ الرواحل ، وقد أثبتنا فی السیرة أنه اشتری منه جملاً بثمنه نقداً ، وعندما وصلوا الی قباء ترک أبو بکر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وذهب ، ولم یرد له ذکر حتی فی بناء المسجد النبوی !

ثم ختم الرازی بقوله: «واعلم أن الروافض احتجوا بهذه الآیة وبهذه الواقعة علی الطعن فی أبی بکر من وجوه ضعیفة حقیرة ، جاریة مجری إخفاء الشمس بکف

ص: 236

من الطین: فالأول: قالوا إنه (ص) قال لأبی بکر لا تحزن ، فذلک الحزن إن کان حقاً فکیف نهی الرسول عنه؟وإن کان خطأ لزم أن یکون أبو بکر مذنباً وعاصیاً فی ذلک الحزن .

والثانی: قالوا یحتمل أن یقال: إنه استخلصه لنفسه لأنه کان یخاف منه أنه لو ترکه فی مکة أن یدل الکفار علیه ، وأن یوقفهم علی أسراره ومعانیه ، فأخذه مع نفسه دفعاً لهذا الشر.

والثالث: وإن دلت هذه الحالة علی فضل أبی بکر إلا أنه أمر علیاً بأن یضطجع علی فراشه ، ومعلوم أن الاضطجاع علی فراش رسول الله(ص)فی مثل تلک اللیلة الظلماء مع کون الکفار قاصدین قتل رسول الله(ص)تعریض النفس للفداء ، فهذا العمل من علی أعلی وأعظم من کون أبی بکر صاحباً للرسول .فهذه جملة ما ذکروه فی ذلک الباب ».

ثم قال: «والجواب عن الأول: أن أبا علی الجبائی لما حکی عنهم تلک الشبهة قال: فیقال لهم یجب فی قوله تعالی لموسی(علیه السّلام):لا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلَی ، أن یدل علی أنه کان عاصیاً فی خوفه وذلک طعن فی الأنبیاء(علیهم السّلام) ».

أقول: الحزن والبکاء فی تلک الحالة إن لم یکن معصیة ، فهو یدل علی قلة إیمان صاحبه بوعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بالنجاة .ولو کان علی(علیه السّلام)مکان أبی بکر لما بکی !

.. ثم قال الرازی: «والجواب عن الثانی: أن الذی قالوه أخس من شبهات السوفسطائیة ، فإن أبا بکر لو کان قاصداً له لصالح الکفار عند وصولهم إلی باب الغار ، وقال لهم نحن هاهنا.».

أقول: الإحتمالات أوسع مما ذکره ، وتناقض روایاتهم فی سبب هجرة أبی بکر مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وکیفیتها ، یفتح الباب لاحتمالات أخری .

ص: 237

ثم أجاب عن الثالث فقال: « لا ننکر أن اضطجاع علی بن أبی طالب فی تلک اللیلة المظلمة علی فراش رسول الله طاعة عظیمة ومنصب رفیع ، إلا أنا ندعی أن أبا بکر بمصاحبته کان حاضراً فی خدمة الرسول، وعلی کان غائباً ، والحاضر أعلی حالاً من الغائب » وهذا قیاس عجیب فی تفضیل الحاضر علی الغائب ، فهل یفضل الرازی شیطانه الحاضرعلی أبیه الغائب !!

ثم زعم الرازی أن الکفار ترکوا علیاً(علیه السّلام)ولم یتعرضوا له ، لکن أبا بکر: « کان فی أشد أسباب المحنة فکان بلاؤه أشد! وکان یذب عن الرسول بالنفس والمال.. کان غضب الکفار علی أبی بکر لا محالة أشد من غضبهم علی علی!فعلمنا أن خوف أبی بکر علی نفسه فی خدمة محمد (ص) أشد من خوف علی ، فکانت تلک الدرجة أفضل وأکمل » .

أقول: إن المنصف یری أن مبیت علی(علیه السّلام)علی فراش النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وتعریضه نفسه للإشتباک مع عتاة قریش ، أعظم من أبی بکر الذی قبل الهجرة مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وهو یعلم أنه محفوظ من ربه !

وکذلک زعمه أن غضب قریش من أبی بکر أشد من غضبها علی علی(علیه السّلام)فمن المعروف أن العرب تَعْصِبُ نقمتها من الشخص بعشیرته وعترته، وأن أبا طالب وأولاده تحدوا قریشاً فی مکة ، ثم قتل علی(علیه السّلام)صنادیدهم فی معارک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فکانوا یرونه ثأرهم فی حیاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وبعده ، ولاعلاقة لأبی بکر بذلک!

نزلت فی علی(علیه السّلام)، وهو واضح من واو الحالیة فیها ، وأنها تتحدث عن حادثة وشخص تصدق فی حال رکوعه ، ولم یروها أحد لغیر علی(علیه السّلام).

لکن الرازی ابتکر الدفاع عن جده بالهجوم علی الشیعة ، فقال(12/26): «روی عطاء عن ابن عباس أنها نزلت فی علی بن أبی طالب . روی أن عبد الله بن سلام قال: لما نزلت هذه الآیة قلت: یا رسول أنا رأیت علیاً تصدق بخاتمه علی محتاج . الأول: إن کل من أثبت بهذه الآیة إمامة شخص قال إن ذلک الشخص هو علی ، وقد ثبت بما قدمنا دلالة هذه الآیة علی إمامة شخص ، فوجب أن یکون ذلک الشخص هو علی ، ضرورة أنه لا قائل بالفرق .

والثانی: تظاهرت الروایات علی أن هذه الآیة نزلت فی حق علی ، ولا یمکن المصیر إلی قول من یقول إنها نزلت فی أبی بکر لأنها لو نزلت فی حقه لدلت علی إمامته ، وأجمعت الأمة علی أن هذه الآیة لا تدل علی إمامته ، فبطل هذا القول .

والثالث: أن قوله:وهم راکعون، لا یجوز جعله عطفاً علی ما تقدم ، لأن الصلاة قد تقدمت ، والصلاة مشتملة علی الرکوع ، فکانت إعادة ذکر الرکوع تکراراً ، فوجب جعله حالاً ، أی یؤتون الزکاة حال کونهم راکعین ، وأجمعوا علی أن إیتاء الزکاة حال الرکوع لم یکن إلا فی حق علی ، فکانت الآیة مخصوصة به ودالة علی إمامته من الوجه الذی قررناه ، وهذا حاصل استدلال القوم بهذه الآیة علی إمامة علی...

بَیَّنَّا بالبرهان البین أن الآیة المتقدمة وهی قوله: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ.. الخ. من أقوی الدلائل علی صحة إمامة أبی بکر ، فلو دلت هذه الآیة علی صحة إمامة علی بعد الرسول ، لزم التناقض بین الآیتین وذلک باطل ، فوجب القطع بأن هذه الآیة لا دلالة فیها علی أن علیاً هو الإمام بعد الرسول..

ص: 239

إن علی بن أبی طالب کان أعرف بتفسیر القرآن من هؤلاء الروافض ، فلو کانت هذه الآیة دالة علی إمامته لاحتج بها فی محفل من المحافل ، ولیس للقوم أن یقولوا: إنه ترکه للتقیة لإنهم ینقلون عنه أنه تمسک یوم الشوری بخبر الغدیر وخبر المباهلة وجمیع فضائله ومناقبه ، ولم یتمسک البتة بهذه الآیة فی إثبات إمامته ، وذلک یوجب القطع بسقوط قول هؤلاء الروافض لعنهم الله...

هب أنها دالة علی إمامة علی ، لکنا توافقنا علی أنها عند نزولها ما دلت علی حصول الإمامة فی الحال: لأن علیاً ما کان نافذ التصرف فی الأمة حال حیاة الرسول(ص)فلم یبق إلا أن تحمل الآیة علی أنها تدل علی أن علیاً سیصیر إماماً بعد ذلک ، ومتی قالوا ذلک فنحن نقول بموجبه ونحمله علی إمامته بعد أبی بکر وعمر وعثمان ، إذ لیس فی الآیة ما یدل علی تعیین الوقت .

فإن قالوا: الأمة فی هذه الآیة علی قولین: منهم من قال: إنها لا تدل علی إمامة علی ، ومنهم من قال: إنها تدل علی إمامته ، وکل من قال بذلک قال: إنها تدل علی إمامته بعد الرسول من غیر فصل ، فالقول بدلالة الآیة علی إمامة علی لا علی هذا الوجه قول ثالث ، وهو باطل .

لأنا نجیب عنه فنقول: ومن الذی أخبرکم أنه ما کان أحد فی الأمة قال هذا القول ، فإن من المحتمل ، بل من الظاهر أنه منذ استدل مستدل بهذه الآیة علی إمامة علی ، فإن السائل یورد علی ذلک الإستدلال هذا السؤال ».

أقول: عمدة استدلاله: أن الآیة التی قبلها بزعمه تدل علی إمامة أبی بکر ، فإن دلت هذه علی إمامة علی کان تناقضاً ، فیجب صرفها عن إمامة علی(علیه السّلام)!

ص: 240

ولو کان غیر متعصب لقال إن دلالة الآیة فی حادثة التصدق علی ولایة علی قطعیه ، ودلالة الآیة قبلها علی ولایة أبی بکر ظنیة للمناقشة فیه وعدم النص ، والظنی لایرد القطعی !

ثم نلاحظ أنه قال بدلالتها علی إمامة علی(علیه السّلام)، لکنه أخَّر وقت إمامته الی ما بعد أبی بکر وعمر وعثمان ، لشعوره بقوة دلالتها وتعیینها للولی !وکأن المطلوب منه تطبیق القرآن علی خلافة السقیفة ، مع أن الواجب وزن السقیفة بالقرآن !

ثم إن الموضوع لیس منصب الخلافة بل حصر الولایة والإمامة بمن تصدق بالخاتم فی صلاته (علیه السّلام)، سواء أعطی منصب الخلیفة أم لا !

وقد أحس الرازی بذلک فحاول الهروب من الحصر ، ومن معنی الولایة ، وهو آخر ما یحاوله المتعصبون عندما تحاصرهم آیة: إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلَاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ . ولو کان أهل السقیفة أصحاب الآیة لتمسکوا بدلالة (إنما) علی الحصر ، وتمسکوا بإطلاق الولایة !

ویقوم استدلاله علی أن الهجرة منصب ، وأن التقدم الزمنی فیها منصب ، وأن الخلافة هی الإمامة ، وأنها تُستحق شرعاً بصفات من الفضیلة فی الصحابی ، ولا دخل لله تعالی واختیار النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فیها ! وأن أبا بکر جمع الفضائل کلها فاستحق إمامة المسلمین دون بقیة الصحابة ، وبعده عمر وعثمان وعلی(علیه السّلام)

أما نص النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علی خلافة علی(علیه السّلام)مراراً وتکراراً فیهمله الرازی ، وإن واجهه النص وفرض نفسه علیه ،یؤوله ، وإن وجد شبهة نص فی أبی بکر ، أو شیئاً یستخرج منه بالتمحل نصاً نبویاً ویرفعه علماً ویجول فیه بسیف من خشب !

وأما الإشکالات علی جده أبی بکر ، فیتفنن فی ردها حتی یجعل منها فضائل ومناقب ، وقد جعل غیابه عن الشدائد التی مرت علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مکة جهاداً فی سبیل الله ودعوة الی الإسلام ، وجعل فراره من المعارک بطولة أفضل من مبارزة الأقران وقتل صنادید الکفر ! قال: «إن أسبق الناس إلی الهجرة هو أبو بکر ، لأنه کان فی خدمة الرسول »

مع أنه سبقه مهاجرون الی الحبشة قبل سنوات ، والی المدینة قبل أکثر من سنة !

فصحبته للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لایمکن أن تجعله أسبق المهاجرین زمنیاً ، لکن الرازی یجعل الهجرة بمعنی السبق الزمنی عندما یرید ، وبمعنی السبق الرتبی عندما یرید ، ویفضلها علی السبق الزمنی !

ثم یقول: «وإذا ثبت هذا وجب أن یکون إماماً حقاً بعد رسول الله ، إذ لو کانت إمامته باطلة لاستحق اللعن والمقت وذلک ینافی حصول مثل هذا التعظیم.»!

فما هو ربط الأسبقیة الی الهجرة باستحقاق الخلافة والإمامة؟!

وهل إذا نزل مقت الله سبحانه ورسوله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ولعنتهما علی الذی إمامته باطلة یجب أن یعرف ذلک الفخر الرازی ؟!

ص: 242

ثم قال الرازی: « قد بینا أن السبق فی الإیمان إنما أوجب الفضل العظیم من حیث إنه یتقوی به قلب الرسول(علیه السّلام)ویصیر هو قدوة لغیره ، وهذا المعنی فی حق أبی بکر أکمل ، وذلک لأنه حین أسلم کان رجلاً کبیر السن مشهوراً فیما بین الناس واقتدی به جماعة من أکابر الصحابة ، فإنه نقل أنه لما أسلم ذهب إلی طلحة والزبیر وعثمان بن عفان وعرض الإسلام علیهم، ثم جاء بهم بعد أیام إلی الرسول(علیه السّلام)وأسلموا علی ید الرسول، فظهر أنه دخل بسبب دخوله فی الإسلام قوة فی الإسلام ، وصار هذا قدوة لغیره ، وهذه المعانی ما حصلت فی علی ، لأنه فی ذلک الوقت کان صغیر السن ، وکان جاریاً مجری صبی فی داخل البیت ، فما کان یحصل بإسلامه فی ذلک الوقت مزید قوة للإسلام ، وما صار قدوة فی ذلک الوقت لغیره ، فثبت أن الرأس والرئیس فی قوله:والسابقون الأولون من المهاجرین ، لیس إلا أبا بکر ».

أقول: یفترض الرازی دوراً مکذوباً لأبی بکر فی الدعوة الی الإسلام فی مکة ویضخمه حتی یوهم القارئ أنه هو سبب إسلام من سماهم کبار الصحابة ، ویقول إن الإسلام مدیون لنشاطه فی مکة و(جهاده) فی الدعوة ! ثم لایذکر علی ادعائه نصاً واحداً، ولا توقیتاً لإسلام أبی بکر ومن زعم أنهم أسلموا علی یده !

والکلام بدون توثیق أسلوب عامی ! وهو من التلبیس الذی اعترف به الرازی وقال إنه سیفنی ! بینما الواقع أن أبا بکر أسلم بعد أکثر من خمسین کما تقدم فی شهادة سعد بن أبی وقاص ، ولم یکن له أثر محسوس لا فی إسلام أحد ، ولا فی نصرة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ومواساته فی الشدائد !

ص: 243

ثم وجد الرازی أنه یحتاج الی تنقیص مقام علی(علیه السّلام) لیثبت أفضلیة أبی بکر ! فشن هجومه الظالم علیه بأنه کان صبیاً صغیراً ، لم یدعُ أحداً الی الإسلام ولم یکن له جهاد ولا تأثیر فی مکة ! فأبو بکر عنده مجاهد ، وعلی(علیه السّلام)صبی قاعد !

ویتعمد الرازی أن یعبر عن جده أبی بکر بالإمام ، وعن الخلافة بالإمامة ، ویتحدث عنها وکأن أفضلیة أبی بکر تجعلها استحقاقاً إلهیاً له !

ولو کان الرازی عامیاً لکان لعذره وجه ، ولو اقتصر علی مدح أبی بکر لکان لعاطفته وجه ! لکن لاعذر له فی تنقیصه لعلی(علیه السّلام)إلا التعصب والخبث ، فهو یعلم أن علیاً(علیه السّلام) کان عند بعثة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )مراهقاً للبلوغ کما شهدت أحادیثهم المستفیضة منها عن ابن مسعود یصف النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی أول بعثته: «کأنه القمر لیلة البدر ، یمشی عن یمینه غلام أمرد حسن الوجه مراهق أو محتلم، ولما سأل العباس عنه قال: هذا ابن أخی محمد بن عبد الله ، والغلام علی بن أبی طالب ، والمرأة خدیجة بنت خویلد.أما والله ما علی ظهر الأرض أحد یعبد الله علی هذا الدین إلا هؤلاء الثلاثة» (أحمد:1/209 ومجمع الزوائد:9/222، والطبرانی الکبیر:10/183 ، وسیر الذهبی:1/463 ، وما نزل من القرآن فی علی لابن مردویه/49 ، والحاکم: 3/183، والإستیعاب: 3/1096، وشواهد التنزیل:2/302، وتاریخ دمشق:3/265 ،والفصول المختارة/273/والإستیعاب: 3/1242).

وإن الرازی یعلم أن علیاً(علیه السّلام)کان یدافع عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من صغره حتی سموه:القُضَم والُحطَم ، لأنه کان یؤدب أولاد المشرکین الذین یؤذون النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ویقضم آذانهم وانوفهم ! (نهایة ابن الأثیر:1/402 ، و: 4/78).

ویعلم أنه لم یثبت إسلام من زعم فی السنوات الثلاث الأولی من البعثة ، لأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یصدع بدعوته حتی أهلک الله العتاة المستهزئین الخمسة ، وأن أبا ذر کان رابع المسلمین ، وقد روی قصة إسلامه البخاری(4/241) وکافة مصادرهم

ص: 244

وفیها: « قدم مکة فأتی المسجد فالتمس النبی ولا یعرفه وکره أن یسأل عنه حتی أدرکه بعض اللیل ، فرآه علی فعرف أنه غریب ، فلما رآه تبعه فلم یسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتی أصبح » الی آخره.

ویعلم دور علی(علیه السّلام)مع أبیه وأعمامه فی حراسة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وما روته مصادرهم فیه من شعر !

ویعلم أن ثقل العمل وحراسةالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی سنوات الحصار کانت علی عاتق الشاب علی(علیه السّلام):«وهو المخصوص دون أبی بکر بالحصار فی الشعب ، وصاحب الخلوات برسول الله فی تلک الظلمات المتجرع لغصص المرار من أبی لهب وأبی جهل وغیرهما ، والمصطلی لکل مکروه ، والشریک لنبیه فی کل أذی قد نهض بالحمل الثقیل وناء بالأمر الجلیل».(من کلام أبی جعفر الإسکافی أحد کبار علماء المعتزلة فی الرد علی الجاحظ- شرح النهج:13/254) .

ویعلم مدی الخطر الذی تحمله علی(علیه السّلام)طوال سنوات البعثة فی مکة ، وفی الهجرة ، وأنهم دبروا اغتیاله فی مکة بعد هجرة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ففشلوا ، وأتبعوه بمجموعة فرسان لیردوه عن الهجرة فقتل فارسهم !

لقد أفرط الرازی فی افترائه وتنقیصه من علی(علیه السّلام)وقوله إن أبا بکر کان فی مکة رجلاً یجاهد ، وعلیاً(علیه السّلام)کان صبیاً قاعداً لایجاهد ، وقد أبقی علیا(علیه السّلام)صبیاً حتی بلغ ستاً وعشرین سنة یوم هاجر ، ثم أبقاه صبیاً فی المدینة !

فهو یرید أن ینفی عن علی(علیه السّلام)دعوة الناس الی الإسلام لیخص به أبا بکر ، ویسمیه الجهاد ، ثم یعترف لعلی(علیه السّلام)علی مضض بأنه قتل بعض المشرکین ! ولا یسمیه مجاهداً ، ویستهی ببطولاته(علیه السّلام)فی معارک الإسلام ، وقطفه النصر للإسلام ، ومدائح النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )العظیمة له !

ص: 245

إن مشکلة هؤلاء أنهم یبغضون علیاً(علیه السّلام)فینتقصون من إیمانه وجهاده وجهوده المحسوسة الملموسة ، الظاهرة الباهرة !

ویحبون غیره ، فیدَّعون لهم أدواراً من مخیلتهم ، وهی لاتحس ولا تجس ، ولایثبتها حدیث صحیح ولا تاریخ ، ولا یقبلها عقل سلیم ، ولا منطق قویم !

الإمام ، فکیف ورثتم ولایته ووُلده أحیاء ! ثم قد علمت أنه لم یطلب هذا الأمر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا. لسنا من أبناء اللعناء ولا الطرداء ولا الطلقاء ! ولیس یمت أحد من بنی هاشم بمثل الذی نمتُّ به من القرابة والسابقة والفضل» !

وهو استدلال بالنص والوصیة، ولایخفی ذلک علی الرازی لکنه یلبس؟!

بعث أبا بکر أمیراً علی الحاج وولاه الموسم وبعث علیاً یقرأ علی الناس آیات من سورة براءة فکان أبو بکر الإمام وعلی المؤتم ، وکان أبو بکر الخطیب وعلی المستمع ، وکان أبو بکر الرافع بالموسم والسابق لهم والأمر لهم ، ولم یکن ذلک لعلی !وأما قوله(ص):لا یبلغ عنی إلا رجل منی ، فهذا لا یدل علی تفضیل علی علی أبی بکر ، ولکنه عامل العرب بما یتعارفونه فیما بینهم ، وکان السید الکبیر منهم إذا عقد لقوم حلفاً أو عاهد عهداً لم یحل ذلک العهد والعقد إلا هو أو رجل من أقاربه القریبین منه کأخ أو عم،فلهذا المعنی قال النبی ذلک القول ».

أقول: لاحظ قوله: «وأمر رسول الله(ص) أبا بکر سنة تسع أن یکون علی الموسم فلما نزلت هذه السورة أمر علیاً أن یذهب إلی أهل الموسم لیقرأها علیهم» !

فقد ارتکب الرازی ثلاث تزویرات !

أولها: أوهم أن نزول السورة کان بعد حرکة أبی بکر !

وثانیها: أخفی نزول جبرئیل وأمره للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یسحبها من أبی بکر ویعطیها علیاً(علیه السّلام)!

وثالثها: أخفی رجوع أبی بکر الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وسؤاله: هل نزل فیَّ شئ ؟! وقد رواه أحمد:1/151، وفیه: «ورجع أبو بکر إلی النبی فقال: یا رسول الله نزل فی شئ ؟قال: لا ، ولکن جبریل جاءنی فقال: لن یؤدی عنک إلا أنت أو رجل منک». وفتح الباری: 8/241، وقال: والترمذی وحسنه ، وسعید بن منصور والترمذی والنسائی والطبری وعمدة القاری:4/78، والأحوذی:8/386.

وقد رأی الرازی ذلک ، لکن مرض التعصب المذموم ، دفعه الی التزویر !

ص: 248

والآیة وعد إلهی لأناس فی الأمة بأن الله تعالی سیجعلهم خلفاءه فی الأرض وحکام العالم ، ویمکن لهم دینهم بالآیات والمعجزات ، وأن الذین یکفرون بعد ذلک سیکون جزاؤهم شدیداً !وهذا ینطبق علی البشارة بدولة العدل الإلهی علی ید الإمام المهدی الموعود(علیه السّلام).لکن الرازی طبقها علی أبی بکر وعمر وعثمان وعلی ، مع أنهم لم یحکموا العالم ، ولا مکن الله لهم دینهم کما وعد فی الآیة.

قال فی (24/25): «دلت الآیة علی إمامة الأئمة الأربعة ، وذلک لأنه تعالی وعد الذین آمنوا وعملوا الصالحات من الحاضرین فی زمان محمد(ص)وهو المراد بقوله:لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِی الأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ. فثبت بهذا دلالة الآیة علی صحة خلافة هؤلاء...من مذهبنا أنه علیه الصلاة والسلام لم یستخلف أحداً بالتعیین ، ولکنه قد استخلف بذکر الوصف والأمر بالإختیار ، فلا یمتنع فی هؤلاء الأئمة الأربعة أنه تعالی یستخلفهم ، وأن الرسول استخلفهم ، وعلی هذا الوجه قالوا فی أبی بکر یا خلیفة رسول الله ، فإذا قیل إنه لم یستخلف أرید به علی وجه التعیین ، وإذا قیل استخلف فالمراد علی طریقة الوصف والأمر.!

فثبت بهذا صحة إمامة الأئمة الأربعة ، وبطل قول الرافضة الطاعنین علی أبی بکر وعمر وعثمان ، وعلی بطلان قول الخوارج الطاعنین علی عثمان وعلی».

أقول: لایمکن تفسیر الآیة إلا بتحدید الموعودین بهذه الدولة ، وقد حددتهم الأحادیث الصحیحة بأنهم أهل بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأن الدولة الموعودة لهم دولة العدل الإلهی العالمیة علی ید المهدی(علیه السّلام)الذی ینزل المسیح لتأییده ویصلی خلفه !

وأحادیثه من الفریقین مستفیضة وبعضها متواتر ، ولا یتسع لها المجال .

ص: 250

وأما الحدیث الثانی فأصله ما رواه القرطبی فی تفسیره (15/308) عن الحکیم الترمذی فی نوادر الأصول عن الإمام الصادق(علیه السّلام)عن أبیه عن علی قال: «اجتمعت قریش بعد وفاة أبی طالب بثلاث ، فأرادوا قتل رسول الله(ص)فأقبل هذا یجؤه وهذا یتلتله ، فاستغاث النبی(ص)یومئذ فلم یغثه أحد إلا أبو بکر وله ضفیرتان ، فأقبل یجأ ذا ویتلتل ذا ویقول بأعلی صوته: ویلکم أتقتلون رجلا أن یقول ربی الله ! والله إنه لرسول الله . فقطعت إحدی ضفیرتی أبی بکر یومئذ ! فقال علی: والله لیوم أبی بکر خیر من مؤمن آل فرعون ، إن ذلک رجل کتم إیمانه فأثنی الله علیه فی کتابه ، وهذا أبو بکر أظهر إیمانه وبذل مال ودمه لله عز وجل»! وابن کثیر فی سیرته(2/410) والبزاز فی البحر الزخار(3/44) عن محمد بن عقیل عن علی(علیه السّلام)، ولیس عن الإمام الصادق(علیه السّلام).ومجمع الزوائد:9/46، ولم یوثقه، وفتح القدیر:4/490 ، ونحوه مختصراً عن البخاری عن ابن عمرو العاص ، ولیس عن علی(علیه السّلام).

لکن الرازی اختار روایة الحکیم الترمذی ، لینسب الی الإمام الصادق(علیه السّلام)أن أبا بکر أفضل من مؤمن آل فرعون ، لیکون کعلی الذی فضله رسول الله علی مؤمن آل فرعون ! وقد أعرض الرازی عن بقیة الحدیث مع أنه منقبة لجده أبی بکر لأنها مکذوبة غیر قابلة للتصدیق ! فلا یعقل أن یکون هجوم قریش علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ناعماً ویکتفوا بالدفع والتلتلة والوجأ، ثم یکون بنو هاشم ومنهم علی حاضرین ولا یدافعون ، والنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لا یدافع هو عن نفسه بل یستغیث ، فیأتی أبو بکر ویدافع عنه بالتلتلة فیشدونه بشعره ویقطعون ضفیرته ، وینتهی الأمر !

فالحدیث الذی زعمه لا یصح من أصله ، ولا عن الإمام الصادق(علیه السّلام).

وقال الرازی(29/231) فی تفسیر قوله تعالی: وَالَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِکَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا

ص: 252

أُولَئِکَ أَصْحَابُ الْجَحِیمِ (الحدید:19): «الصدیق نعت لمن کثر منه الصدق ، وجمع صدقاً إلی صدق فی الإیمان بالله تعالی ورسله .وفی هذه الآیة قولان: أحدهما أن الآیة عامة فی کل من آمن بالله ورسله وهو مذهب مجاهد قال: کل من آمن بالله ورسله فهو صدیق ثم قرأ هذه الآیة ، ویدل علی هذا ما روی عن ابن عباس فی قوله: هم الصدیقون، أی الموحدون الثانی: أن الآیة خاصة ، وهو قول مقاتل: أن الصدیقین هم الذین آمنوا بالرسل حین أتوهم ولم یکذبوا ساعة قط مثل آل یاسین ، ومثل مؤمن آل فرعون . وأما فی دیننا فهم ثمانیة سبقوا أهل الأرض إلی الإسلام: أبو بکر وعلی وزید وعثمان وطلحة والزبیر وسعد وحمزة ، وتاسعهم عمر ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نیته ».

أقول: مع أن الرازی حریص علی إفراد جده أبی بکر بلقب الصدیق ، لکنه رأی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حصر الصدیقین من الأمم بثلاثة ، وأفضلهم علی(علیه السّلام)، ورأی أن علیاً(علیه السّلام)کان یقول کما رواه ابن ماجه(1/44): « أنا عبد الله ، وأخو رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأنا الصدیق الأکبر لا یقولها بعدی إلا کذاب ! صلیت قبل الناس لسبع سنین . فی الزوائد: هذا إسناد صحیح،رجاله ثقات،رواه الحاکم فی المستدرک عن المنهال وقال: صحیح علی شرط الشیخین ». لذلک قبل الرازی هنا توسعة وصف الصدیق ، وجعله لتسعة ، وزعم أن أولهم أبو بکر !

«إن لی وزیرین فی السماء ووزیرین فی الأرض ، أما اللذان فی السماء فجبریل ومیکائیل ، وأما اللذان فی الأرض فأبو بکر وعمر».

أقول: أولاً:حکم علماء السنة علی أحادیث وزیری النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأنها مکذوبة من معلی بن هلال ومحمد بن مجیب، وقد أورده صاحب الغدیر(5/297) فی سلسلة الأحادیث المکذوبات الطویلة ، فی مدح أبی بکر وعمر وعثمان .

وثانیاً: لو کان هذا الحدیث صحیحاً لاحتج به أبو بکر وعمر علی الأنصار فی السقیفة !

وثالثاً:هل یمکن أن یختار الله تعالی لرسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وزیرین یهربان عنه فی الحروب ، ویترکانه لسیوف المشرکین ؟!

2- وتحول الرازی الی عامی مفرط فزعم فی (1/169):

أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أعطی أبا بکر خاتماً لینقش علیه لا إله إلا الله ، فأضاف لها: محمد رسول الله أبو بکر الصدیق ! فقال له النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): «یا أبا بکر ما هذه الزوائد ؟فقال أبو بکر: یا رسول الله ما رضیت أن أفرق اسمک عن اسم الله ، وأما الباقی فما قلته وخجل أبو بکر ! فجاء جبریل وقال: یا رسول الله أما إسم أبی بکر فکتبته أنا لأنه ما رضی أن یفرق إسمک عن إسم الله فما رضی الله أن یفرق اسمه عن اسمک ! والنکتة أن أبا بکر لما لم یرض بتفریق اسم محمد اسم الله عز وجل وجد هذه الکرامة ، فکیف إذا لم یفارق المرء ذکر الله تعالی »!

ولم یذکر هذا العالم (الباحث الفیلسوف) سند هذا الحدیث ، لأنه مکذوب !

ولم یسأل نفسه: لو صح ذلک لما احتاج أبو بکر الی احتجاج لخلافته بأنه من قریش وأن محمداً (صلّی الله علیه و آله وسلّم )قرشی ، فیجب أن ترث قریش سلطانه دون الأنصار !

3- وفی (9/67):تفرد الرازی بأن الله تعالی أمر نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بمشورة أبی بکر وعمر !

ص: 254

4- وفی (12/23):أسند حدیثین الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علی نحو الجزم ، مع أنهما مکذوبان بشهادة علماء مذهبه ، وهما: أن الله یتجلی لأبی بکر ، وأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) صب علمه فی صدر أبی بکر !

5- وفی (16/67):زعم أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لو مات فی هجرته لما کان وصیه علی أمته إلا أبو بکر ! وهو فرض وتحکم لا دلیل علیه ، بل الدلیل علی نفیه .

6- وفی (3/147):ذکر احتجاج أبی بکر علی الأنصار فی السقیفة بقول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):الأئمة من قریش. وهی حجة لاتثبت خلافة أبی بکر ، وقد علق علیها أمیر المؤمنین(علیه السّلام)کما فی نهج البلاغة (1/116): «لما انتهت إلی أمیر المؤمنین(علیه السّلام)أنباء السقیفة بعد وفاة رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال ما قالت الأنصار؟ قالوا قالت: منا أمیر ومنکم أمیر! قال(علیه السّلام):فهلا احتججتم علیهم بأن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وصی بأن یحسن إلی محسنهم ویتجاوز عن مسیئهم ! قالوا وما فی هذا من الحجة علیهم؟ فقال(علیه السّلام): لو کانت الإمارة فیهم لم تکن الوصیة بهم . ثم قال(علیه السّلام): فما ذا قالت قریش؟ قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فقال(علیه السّلام): احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة » !

7- وفی تفسیر قوله تعالی(16/10): إِنَّمَا یَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْیَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَوةَ وَآتَی الزَّکَوةَ وَلَمْ یَخْشَ إِلا اللهَ فَعَسَی أُولَئِکَ أَنْ یَکُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِینَ (التوبة:18).وهی فی آخر سورة نزلت علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وتشمل کل من عَمَرَ مسجداً فی الدنیا ، لکن الرازی جعلها فی مصلی زعم أن أبا بکر اتخذه فی داره بمکة ! قال: «وفیه وجوه: الأول: أن أبا بکر بنی فی أول الإسلام علی باب داره مسجداً وکان یصلی فیه ویقرأ القرآن ، والکفار یؤذونه بسببه ، فیحتمل أن یکون المراد هو تلک الحالة »! فهل رأیت عالماً یستدل ب-: یحتمل !

ص: 255

وفی (4/11):ذکر الرازی أن أبا بکر کان له محل أعده للصلاة فی مکة ، فخربوه .ولم یذکر من خربه من المشرکین ، وهل دافع عنه أبو بکر أو أبوه وأولاده وحاولوا منعهم من تخریبه أم لا ؟!

8- وفی (4/85): اعتذر لجده أبی بکر ، لجهله حکم سهم الجدة فی الإرث ، وتناقضه فیه!

وفی (9/221) ذکر اختلاف أبی بکر وعمر فی معنی الکلالة فی الإرث ، فزعم أن قول أبی بکر بأنها سوی الوالدین والولد ، هو القول الصحیح.

والصحیح أن أبا بکر وعمر تحیرا فی الکلالة ولم یثبتا فیها علی رأی ، وتحیر تبعاً لهما رواة السلطة وعلماؤها ، ولهم فیها أقوال کثیرة ، وسیأتی أن عمر تحیر فیها الی آخر عمره ، وأوصی المسلمین عند وفاته بحلها !

أما أبو بکر فقال الرازی نفسه إنه کان یشک فی الکلالة وقال:« أقول فیها برأیی فإن یک صواباً فمن الله ، وإن یک خطأ فمنی ومن الشیطان وما رووا عنه قد اختلفت فیه الروایة ».(المحصول:6/50، وأصول السرخسی:2/133).

9- وفی (4/169): نقض الرازی روایتهم عن ثروة أبی بکر فقال: « وأما الجوع فقد أصابهم فی أول مهاجرة النبی (ص) إلی المدینة لقلة أموالهم ، حتی أنه کان یشد الحجر علی بطنه ، وروی أبو الهیثم بن التیهان أنه لما خرج التقی مع أبی بکر قال: ما أخرجک ؟ قال: الجوع! قال: أخرجنی ما أخرجک ».وهذا یکذب ما رووه عن ثروته التی حملها الی المدینة ، ویوجب الشک فی أصل وجودها أیضاً !

10- وزعم الرازی(9/211) «أن فاطمة(علیهاالسّلام)رضیت بقول أبی بکر بعد هذه المناظرة ، وانعقد الاجماع علی صحة ما ذهب إلیه أبو بکر » !

ص: 256

یقصد أنها صدقته فی ادعائه أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال: لانورث.ما ترکناه صدقة ! مع أنهم رووا فی أصح کتبهم أنها کذبته!« فقال لها أبو بکر إن رسول الله قال: لا نورث ما ترکنا صدقة فغضبت فاطمة بنت رسول الله ، فهجرت أبا بکر فلم تزل مهاجرته حتی توفیت وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر »! (صحیح بخاری:4/42).

11-وفی(15/10): دافع الرازی عن شخصیة جده الغضوبة الکئیبة! قال: «وفی حدیث عائشة أنها قالت: إن أبا بکر رجل أسِیف ، أی حزین ! قال الواحدی: والقولان متقاربان، لأن الغضب من الحزن والحزن من الغضب کان موسی غضبان علی قومه لأجل عبادتهم العجل ، أسفاً حزیناً لأن الله تعالی فتنهم».

12- وفی تفسیر قوله تعالی:(11/90):لا یُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ ، اعترف الرازی بأن أبا بکر تشاتم مع شخص بحضور النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقام عنهما النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولم ینصر أبا بکر! قال «فقام النبی(ص)!فقال أبو بکر: شتمنی وأنت جالس فلما رددت علیه قمت !قال: إن ملکاً کان یجیب عنک ، فلما رددت علیه ذهب ذلک الملک وجاء الشیطان ، فلم أجلس عند مجئ الشیطان »!

13- وزعم الرازی فی (9/117و128) أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أرسل أبا بکر الی یهود بنی قینقاع یدعوهم الی الإسلام وإیتاء الزکاة ، فقال فنحاص الیهودی: إن الله فقیر یسألنا القرض! فلطمه أبو بکر فی وجهه وقال: لولا الذی بیننا وبینکم من العهد لضربت عنقک ، فشکاه إلی رسول الله(ص) وجحد ما قاله ، فنزلت هذه الآیة تصدیقاً لأبی بکر: لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِینَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِیرٌ وَنَحْنُ أَغْنِیَاءُ سَنَکْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِیَاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِیقَ .(آل عمران:181)

أقول: أکثروا من تهدید عمر وأبی بکر بضرب العنق ، تعویضاً لهما عن الجهاد !

ص: 257

14- وفی تفسیر آیات أهل الکهف(21/87) ، ذکر الرازی کرامات لأبی بکر ، منها: «لما حملت جنازته إلی باب قبر النبی ونودی: السلام علیک یا رسول الله ، هذا أبو بکر بالباب ! فإذا الباب قد انفتح ، وإذا بهاتف یهتف من القبر: أدخلوا الحبیب إلی الحبیب » !

أقول: لو صحت هذه الحادثة لرواها المسلمون بشکل واسع متواتر ! بینما لم یروها إلا رواة معروفون بالکذب !

قال الأمینی(رحمه الله)فی الغدیر (7/250): «هذه الکرامة المنحوتة المنحولة ذکرها الرازی ومن بعده مرسلین إیاها إرسال المسلم ، محتجین بها عداد فضائل أبی بکر ، غیر مکترثین لما فی إسنادها من العلل أو جاهلین بها ، وإنما أخرجها ابن عساکر من طریق أبی طاهر موسی بن محمد بن عطاء المقدسی عن عبد الجلیل المدنی عن حبة العرنی فقال: هذا منکر وأبو الطاهر کذاب ، وعبد الجلیل مجهول .وفی لسان المیزان(3/391)خبر باطل انتهی..وأبو الطاهر المقدسی کذبه أبو زرعة وأبو حاتم . وقال النسائی لیس بثقة . وقال ابن حبان: لا تحل الروایة عنه ، کان یضع الحدیث!وقال ابن عدی: کان یسرق الحدیث!وقال العقیلی: یحدث عن الثقات بالبواطیل والموضوعات ، منکر الحدیث! وقال منصور بن إسماعیل: کان یضع الحدیث علی مالک » !

وذکر الأمینی(رحمه الله)أنهم اخترعوا ذلک لیحلوا مشکلة دفن أبی بکر فی ملک غیره فإن الحجرة النبویة الشریفة عندنا ملک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقد زعم أبو بکر أنها صدقة لکل المسلمین ، ولم یستأذن فی دفنه منهم جمیعاً ! وإن قیل إنه دفن فی سهم ابنته عائشة فقد کذب نفسه بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لا یورث ، علی أن سهمهاتسع الثمن من حجرتها ، وهی لا تبلغ متراً ولاتکفی لدفن أحد !

ص: 258

15- استدل بقول الناس لأبی بکر (خلیفة رسول الله) علی صحة خلافته لأنهم مؤمنون ، والمؤمنون هم الصادقون ! قال (29/286) فی تفسیر قوله تعالی: إِنَّمَا

الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِی سَبِیلِ اللهِ أُولَئِکَ هُمُ الصَّادِقُونَ.(الحجرات: 15): «وتمسک بعض العلماء بهذه الآیة علی إمامة أبی بکر فقال:هؤلاء الفقراء من المهاجرین والأنصار کانوا یقولون لأبی بکر: یا خلیفة رسول الله ، والله یشهد علی کونهم صادقین فوجب أن یکونوا صادقین فی قولهم یاخلیفة رسول الله ، ومتی کان الأمر کذلک وجب الجزم بصحة إمامته ».

أقول: لا یستطیع الرازی أن یثبت أن أصحاب هذه الآیة قالوا لأبی بکر(یا خلیفة رسول الله) حتی یکون قولهم شهادةً بصحة خلافته، لأنهم غیر محددین ولامعروفین! وإذا أراد أن تعریفهم بصفتهم فهم مجاهدون بأنفسهم أی مقاتلون وقد استنکر سید المقاتلین علی(علیه السّلام)دعوی أبی بکر بأنه خلیفة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

قال ابن قتیبة فی الإمامة والسیاسة:1/11: « فقال أبو بکر لقنفذ وهو مولی له: إذهب فادع لی علیاً ، فذهب الی علی فقال: ما حاجتک ؟ قال: یدعوک خلیفة رسول الله فقال علی: لسریع ما کذبتم علی رسول الله ، لا أعلم لرسول الله خلیفة غیری ! فرجع فأبلغ الرسالة ».

وإن قصد الرازی بالصادقین کل الأمة کان استدلاله بإجماع الأمة ، فإن خالف فیها واحد بطل الإجماع، وقد خالف أهل البیت(علیهم السّلام) وعشرات الصحابة.

ملاحظة: لا یحتاج هذا الفصل الی وضع أسئلة، لأنها متضمنة فیه بشکل واضح.

ص: 259

« خرج أبو حامد الغزالی من بغداد متوجهاً إلی بیت المقدس تارکاً لتدریس النظامیة، زاهداً فی الدنیا ، لابساً خشن الثیاب بعد ناعمها ، وناب عنه أخوه فی التدریس ثم حج فی السنة التالیة ثم رجع إلی بلده ».(النهایة:12/183).

«غلبت علیه الخلوة ، وترک التدریس ، ولبس الثیاب الخشنة وتقلل فی مطعومه . إلی أن قال: وجاور بالقدس ، وشرع فی الإحیاء هناک ، أعنی بدمشق وحج وزار ، ورجع إلی بغداد ، وسمع منه کتابه الاحیاء ، وغیره » (سیرالذهبی:19/330).

وزار مصر، وسکن دمشق عشر سنسن ثم رجع الی بلده. (معجم المؤلفین(11/266)

ویبدو أن الغزالی الذی کان إماماً سنیاً ، کان یحمل بذور الشک منذ نشأته ودراسته ، وهذا ما یفسر رغبته فی التصوف والعزلة ، ثم کتابه الذی أعلن فیه کفره بأبی بکر وعمر ، وهو کتاب سر العالمیْن وکشف ما فی الداریْن !

وقد ذکر ذلک الذهبی بتعجب ودهشة ، فنقل فی سیره:(19/328) عن ریاض الأفهام لابن الجوزی، قال:« ذکر أبو حامد فی کتابه سر العالمین وکشف ما فی الدارین ، فقال فی حدیث: من کنت مولاه ، فعلی مولاه ، إن عمر قال لعلی: بخ بخ ، أصبحت مولی کل مؤمن ومؤمنة !قال أبو حامد: وهذا تسلیم ورضیً ثم بعد هذا غلب علیهم الهوی حباً للریاسة وعقد البنود وأمر الخلافة ونهیها، فحملهم علی الخلاف فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قلیلاً فبئس ما یشترون ! وسرد کثیراً من هذا الکلام الفسل(الردئ) الذی تزعمه الامامیة ، وما أدری ما عذره فی هذا؟! والظاهر أنه رجع عنه وتبع الحق ، فإن الرجل من بحور العلم ، والله أعلم ».

ص: 261

وحاول بعضهم إنکار نسبة الکتاب الی الغزالی ، ورد علیهم السید المیلانی فی نفحات الأزهار (9/185) قال: « وقد عرفت من عبارة سبط ابن الجوزی ثبوت هذا الکتاب لأبی حامد الغزالی وصحة نسبته إلی مؤلفه ، وأیضاً یشهد بذلک عبارة الحافظ الذهبی حیث قال..» وذکر قصة الحسن بن الصباح ، التی نقلها الذهبی فی تاریخه (19/403 و:34/31، ومیزان الإعتدال:1/500)

ثم ذکر مدح کبار علمائهم للغزالی فنقل عن الیافعی قوله: « تمیز عن المصنفین بکثرة المصنفات البدیعات ، وغاص فی بحار العلوم ، واستخرج عنها الجواهر النفیسات ، وسحر العقول بحسن العبارة وملاحة الأمثلة ، وبداعة الترتیب والتقسیمات والبراعة فی الصناعة العجیبة مع جزالة الألفاظ وبلاغة المعانی الغریبة ، والجمع بین علوم الشریعة والحقیقة ، والفروع والأصول ، والمعقول والمنقول ، والتدقیق والتحقیق ، والعلم والعمل..فهو سید المصنفین عند المنصفین ، وحجة الإسلام عند هل الإستسلام لقبول الحق من المحققین فی جمیع الأقطار والجهات .ونقل أن السیوطی عده من المجددین وقال: «حتی قال بعض العلماء الأکابر الجامعین بین العلم الظاهر والباطن: لو کان بعد النبی(ص) نبی لکان الغزالی».

ونقل الفخر الرازی کثیراً من آراء الغزالی فی تفسیره مترحماً علیه ، من باب المثال: (1/152و:2/59، و:21/45). لکنه لم ینقل شیئاً من آرائه من کتابه سر العالمیْن ! ولعله لم یطلع علیه لحرص الحکومات علی إخفائه .

أحمده علی نعمته ، وأستعین به علی دفع نقمته ، هو الله ربی وحده لا شریک له الواحد فی ربوبیته ، الذی یختص من یشاء برحمته ، ختم الأنبیاء بمحمد صلی الله علیه وعلی آله وعترته .

أما بعد ، فلما رأیت أهل الزمان همهم قاصرة علی نیل المقاصد الباطنة والظاهرة وسألنی جماعة من ملوک الأرض أن أضع لهم کتاباً معدوم المثل ، لنیل مقاصدهم واقتناص الممالک ، وما یعینهم علی ذلک ، استخرت الله فوضعت لهم کتاباً وسمیته بکتاب« سر العالمین وکشف ما فی الدارین» وبوبته أبواباً ، ومقالات وأحزاباً ، وذکرت فیه مراتب صواباً، وجعلته دالاً علی طلب المملکة وحاثاً علیها وواضعاً لتحصیلها أساساً جامعاً لمعانیها .

وذکرت کیفیة ترتیبها وتدریبها ، فهو یصلح للعالم الزاهد ، وشریک شرک المالک ، بتطییب قلوب الجند وجذبهم إلیه بالمواعظ .

فأول من استحسنه وقرأه علیَّ بالمدرسة النظامیة سراً من الناس، فی النوبة الثانیة بعد رجوعی من السفر ، رجل من أرض المغرب یقال له محمد بن تومرت من أهل سلمیة ، وتوسمت منه الملک .

وهو کتاب عزیز لا یجوز بذله ، لأن تحته أسراراً تفتقر إلی کشف ، إذ طباع العالم نافرة عنها، وتحته علوم عزیزة وإشارات کثیرة دالة علی غوامض أسرار لا یعرفها إلا فحول الحکماء .فالله یوفقک للعمل به فإنه دال علی کل ما ترید إن شاء الله تعالی ».

أقول: یظهر من فاتحة کتابه أن الغزالی ألفه بعد ترکه للتدریس فی النظامیة بمدة فقد أمضی فی الشام والقدس ومصر سنوات طویلة ، وعاد مرات الی بغداد ، وکان ینزل فی المدرسة النظامیة ، وذکر أنه قرأه علیه سراً فی النظامیة محمد بن

ص: 263

تومرت بعد عودته الثانیة الی بغداد، وبذلک کشف علاقته مع المهدی ابن تومرت الذی هو صاحب ثورة المغرب ، وصدقت فراسته فیه بأنه سیکون صاحب دولة ، فقد بدأ ابن تومرت حرکته وجمع أنصاره بعد وفاة الغزالی بنحو عشر سنین ، وهاجم مراکش فی سنة 514، فتلقی هزیمة شدیدة فرجع بأنصاره الی الجبال ، وکان عمره تسع وعشرون سنة ، وعاش عشر سنوات فی الجبال ، وأوصی لتلمیذه عبد المؤمن، الذی نجح بعده فی تأسیس دولة الموحدین ، ولعله سمی شیخه ابن تومرت بالمهدی بعد موته ! (وفیات الأعیان:5/53).

واختلف المؤرخون فی نسب ابن تومرت ، فذکروا أنه حسنی هاشمی ، ونفی بعضهم ذلک ، وتفرد الغزالی بنسبته الی سلمیة وهی مرکز الإسماعیلیة فی سوریا لکن هذا لا یعنی أن الغزالی تأثر بفکر الإسماعیلیة ، لأنه هاجم ابن الصباح الملقب بالکیا ، مؤسس دولتهم فی آلموت ، قال:

«وقد شاهدت حسن بن صباح إذ تزهد تحت حصن آلموت، وکان أهل الحصون یشتهون أن یطلع إلیهم فلم یفعل ، وهو یحصل المریدین ویعلم طریق الإرادة والتلمذة وشیئاً من الجدل ، ثم جعل یُمَهْذِر بکلام علی قدر عقولهم من جملته: ما تقول فی قائل لا إله إلا الله هل هو محق أو غیر محق ، فإن قلت محق فیلزمونک بالیهود والنصاری ، وإن قلت غیر محق قالوا فلم تتعلق بها ؟ ثم جذب الناس وجعل یقول للمریدین: أما ترون الناس قد ترکوا الشریعة؟ فلما کبر الأمر خرج إلیهم بطریق الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ، فصبا إلیه خلق کثیر ، وخرج صاحب القلعة إلی الصید والتلامذة أکثرهم أهل القلعة ، ففتحوا الحصن ودخله وقتل الملک فی الصید وفشا أمره ومذهبه ، حتی صنفت فی الرد علیهم کتاباً وسمیته قواصم الباطنیة ومنتظرهم ، فلا بد فی آخر الزمان أن

ص: 264

یهجروا الشرائع ویبیحوا المحرمات ! فانظر هذه الطریق التی شرعنا لک أیها الملک ، وجعلناها إشارة وسلماً تنال بها مقاصدک » .

أقول: لاحظ أنه مع ذمه لابن الصباح ، أرشد مخاطبه الی أسلوبه الناجح دنیویاً لنیل الدولة والدنیا ، فقال آخر الفقرة: فانظر هذه الطریق التی شرعنا لک..الخ.!

فالغزالی هنا مهنی حِرَفی یُعلم مخاطبه الذی ألف له کتابه کیف یستعمل الحیل لنیل الدولة ! وهذا هو الخط العام فی کتابه ! وقد قال فی مقدمته: «وسألنی جماعة من ملوک الأرض أن أضع لهم کتاباً معدوم المثل ، لنیل مقاصدهم واقتناص الممالک وما یعینهم علی ذلک ، واستخرت الله فوضعت لهم کتاباً وسمیته..»!

والسؤال هنا: أین التقوی إذن ، والتصوف والتشیع ؟ والجواب: أن ذلک محفوظ فی تصور الغزالی ، فکل شئ فی محله ومجاله ! فلا مانع عنده أن یکون صوفیاً تقیاً ، ویعلم الناس الحیل والتآمر علی الناس لنیل الدنیا ! وأن یکون شیعیاً ویعلم الناس أسالیب معاویة ویقول عنه (رضی الله عنه) ! وقد یکون سبب قبوله بهذا التناقض أنه یؤمن بالجبر !

ففی الطرائف لابن طاووس/339: «ومن علماء المجبرة أبو حامد محمد بن محمد الغزالی وهو من أعظم علمائهم ومن الذین صنفوا لهم فی علم الکلام وعلم الجدل وعلم أصول الفقه وفی الفقه ، وکان له ثلاثمائة تلمیذ ، وعاد وصنف فی الزهد ، فقال فی أعظم کتاب صنفه فی ذلک وسماه کتاب ( إحیاء علوم الدین ) فی کتاب قواعد العقائد وهو الکتاب الثانی من کتاب إحیاء علوم الدین فی الأصل الثالث منه ما هذا لفظه: ولا یجری فی الملک والملکوت طرفة عین ولا لفتة خاطر ولا فلتة ناظر إلا بقضاء الله وقدره وبإرادته ومشیته ، ومنه الخیر

ص: 265

والشر والنفع والضر والإسلام والکفر والعرفان والمنکر والفوز والخسران والغوایة والرشد والطاعة والعصیان والشرک والإیمان ! هذا لفظ الغزالی »!

فیبدوأن الغزالی اختار العیش بهذه التناقضات من الفلسفة أو من أفکاره الصوفیة .أما التشیع فلا یسمح له بذلک !

علی أن تشیع الغزالی نظری محض ، والموجود فی کتابه منه فقرتان: أولاهما سجل فیها رأیه بأن عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أصحاب الحق فی الحکم بعده . کتبها بعد المقدمة ،قال: «فصل ترجمة الأبواب وهی خمسة وعشرون مقالة:

إعلم أن الملک عظیم وعقیم ، علیه وقع الإشتباک والمناقشة بین الصالح والطالح والخاسر والرابح ، فمنه یتشعب الحسد وکل عرض وغرض مزعزع ، فلا بد من أصل ومرتبة وتحصیل وصبر ، وجمع أموال لبلوغ الآمالٍ .

وأم الغرر فی تحصیله هو علو الهمة: کما قال معاویة رضی الله تعالی عنه: هموا بمعالی الأمور لتنالوها ، فإنی لم أکن للخلافة أهلاً فهممت بها فنلتها .

وقد سردت لک قصص الأولین فانظر فی أخبارهم وآثارهم ، فما بلغ أحد درجة الملک بأب وأم ، غیر قلیل، وکم نزع الملک من ید وارث مستحق ، مثل بیت نبینا محمد (ص) » !

ثم عقد فصلاً لبیان الأحقیة فی الخلافة، قال: «فصل: باب فی ترتیب الخلافة والمملکة: اختلف العلماء فی ترتیب الخلافة وتحصیلها لمن أمرها إلیه . فمنهم من زعم أنها بالنص. ودلیلهم قوله تعالی: قُلْ لِلْمُخَلَّفِینَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَی قَوْمٍ أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ یُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِیعُوا یُؤْتِکُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا کَمَا

ص: 266

تَوَلَّیْتُمْ مِنْ قَبْلُ یُعَذِّبْکُمْ عَذَابًا أَلِیما . وقد دعاهم أبو بکر رضی الله عنه إلی الطاعة بعد رسول الله (ص) فأجابوه .

وقال بعض المفسرین فی قوله تعالی: وإذ أسَرَّ النَبی إلی بَعضْ أزواجِهِ حَدیثاً قال فی الحدیث: إن أباک هو الخلیفة من بعدی . وقالت امرأة: إذا فقدناک فإلی من نرجع فأشار إلی أبی بکر رضی الله عنه ، ولأنه أمَّ بالمسلمین علی بقاء رسول الله (ص) والإمامة عماد الدین . هذا جملة ما یتعلق به القائلون بالنصوص .

ثم تأولوا: لو کان علیٌّ أول الخلفاء لانسحب علیهم ذیل الفناء ، ولم یأتوا بفتوح ولا مناقب ، ولا یقدح فی کونه رابعاً ، کما لا یقدح فی نبوة رسول الله(ص) إذ کان آخراً .والذین عدلوا عن هذه الطریق زعموا أن هذا تعلق فاسد وتأویل بارد ، جاء علی زعمکم وأهویتکم ، فقد وقع المیراث فی الخلافة والأحکام ، مثل داود وسلیمان وزکریا ویحیی. قالوا کان لأزواجه ثمن الخلافة .، فبهذا تعلقوا ، وهذا باطل.، ولو کأن میراثاً لکان العباس أولی !

لکن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهیر علی متن الحدیث من خطبته فی یوم غدیر خم باتفاق الجمیع وهو یقول: من کنت مولاه فعلی مولاه . فقال عمر: بخ بخ یا أبا الحسن ، لقد أصبحت مولای ومولی کل مؤمن ومؤمنة، فهذا تسلیم ، ورضی وتحکیم ! ثم بعد هذا غلب الهوی بحب الریاسة ، وحمل عمود الخلافة ، وعقد البنود وخفقان الهوی ، فی قعقعة الرایات واشتباک ازدحام الخیول ، وفتح الأمصار ، وسقاهم کأس الهوی ، فعادوا إلی الخلاف الأول: فنبذوه وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمناً قلیلاً فبئس ما یشترون !

ولما مات رسول الله(ص) قال قبل وفاته: إیتونی بدواة وبیاض لأزیل لکم إشکال الأمر وأذکر لکم من المستحق لها بعدی !

ص: 267

قال عمر رضی الله عنه: دعوا الرجل فإنه لیهجر . وقیل یهذی!

فإذا بطل تعلقکم بتأویل النصوص فعدتم إلی الإجماع وهذا منقوض أیضاً ، فإن العباس وأولاده وعلیاً وزوجته وأولاده لم یحضروا حلقة البیعة ، وخالفکم أصحاب السقیفة فی متابعة الخزرجی.

ودخل محمد بن أبی بکر علی أبیه فی مرض موته فقال: یا بنی إئت بعمک عمر لأوصی له بالخلافة ! فقال: یا أبت أکنت علی حق أو باطل؟ فقال: علی حق ! فقال: توصی بها لأولادک إن کانت حقاً أولی! وإلا فقد مکنتها بک لسواک !

ثم خرج إلی علی فجری ما جری ! وقوله علی منبر رسول الله (ص): أقیلونی أقیلونی فلست بخیرکم ! أفقال هزلاً أو جداً أو امتحاناً ؟ فإن کان هزلاً فالخلفاء منزهون عن الهزل ، وإن قاله جداً فهذا نقض للخلافة ، وإن قاله امتحاناً فالصحابة لایلیق بهم الإمتحان: وَ نَزَعنا ما فی صَدورِهم مِن غِل !

فإذا ثبت هذا ، فقد صارت إجماعاً منهم وشوری بینهم !

هذا الکلام فی الصدر الأول ، أما فی زمن علی رضی الله عنه ، ومن نازعه ، فقد قطع المشرع (ص) طول کم الخلافة بقوله: إذا بویع لخلیفتین فاقتلوا الآخر منهما

والعجب کل العجب من حق واحد کیف ینقسم ضربین ، والخلافة لیست بجسم ینقسم ، ولا بعرَض یتفرق ، ولا بجوهر یحُد ، فکیف یوهب ویباع !

وفی حدیث أبی حازم: أول حکومة تجری فی المعاد: بین علی ومعاویة ، فیحکم الله لعلیٍّ بالحق ، والباقون تحت المشیئة .

وقول المشرع (ص) لعمار بن یاسر: تقتلک الفئة الباغیة ،فلا ینبغی للإمام أن یکون باغیاً !والإمامة ضیقة لا تلیق لشخصین ، کما لا تلیق الربوبیة لاثنین !

ص: 268

أما الذین بعدهم فطائفة تزعم أن یزید لم یکن راضیاً بقتل الحسین ، فسأضرب لک مثلاً فی ملکین اقتتلا فملک أحدهما ، أفتراه یقتله العسکر علی غیر اختیار صاحبه إلا غلطاً ! ومثل الحسین لا یحتمل حاله الغلط لما جری من القتال والعطش وحمل الرأس إجماعاً من جماهیر المسیرین ، وقتل الأمة المغنیة حیث مدحت علیاً فی غنائها ! أفتراه قتلها بغضاً لعلی أم لها ! وقول یزید بن معاویة لعلی بن الحسین زین العابدین: أنت ابن الذی قتله الله ؟ قال: أنا ابن الذی قتله الناس ثم تلا قوله تعالی: وَ من یَقتُل مُؤمناً مُتعَمداً.. فتراک یا یزید تجعل لربک جزاء جهنم وتخلد فیها وتغضبه علیه وتلعنه وتُعِدُّ له عذاباً ألیماً .

فإن قلت إن هذه البراهین معطلة لا یحکم بصحتها حاکم الشرع فنقول فی حججکم مثل ما تقولون ! ثم إجماع الجماهیر بشتم علیٍّ ألف شهر علی المنابر أمرکم به الکتاب أم السنة أم الرسول ؟!

ثم الذین من بعدهم ، أخذوها من غیرهم نصاً أم سنة أم إجماعاً ، لکن قد أخذوها بسیف أبی مسلم الخراسانی ! فانظروا إلی قطع أعمالکم بسیف المشرع حیث قال لکم: الخلافة بعدی ثلاثون سنة ، ثم یتولی ملک جبروت !

وقوله للعباس رضی الله عنه یا أبا الأربعین ملکاً ولم یقل خلیفة ، والملوک کثیر والخلیفة واحد فی زمانه !

فیا أیها الطالب للملک حصل الآلة ، وحمل الآلة ، وذلَّ ، واصبر ، واحذر ، وأقرب ، وطوِّل ، واحتمل ، وصالح حتی تقدر ، والله تعالی أعلم »!

ص: 269

والملاحظات علی کتاب الغزالی کثیرة ، نکتفی منها بأربع:

الأولی: أن فی نسخة موقع الوراق وغیرها أخطاء کثیرة وسقط ،بل هی ناقصة لأنه نص فی أولها علی أن عدد المقالات خمساً وعشرین ، والموجود فیها ثلاث وعشرون .وقد صححنا الفقرة من نفحات الأزهار:9/183، وشفاء الصدورللمیرزا أبی الفضل الطهرانی:2/248.

الثانیة: أنه کتاب لخدمة الطامعین فی الحکم!یعلمهم أن کیف یطمحون ویستمعلوا أسالیب الطامعین قبلهم الذی وصلوا الی الحکم بکل وسیلة محرمة !

والثالثة: أنه أعلن فیه تشیعه ، حیث اعترف بأن الخلافة لعلی وأهل البیت(علیهم السّلام) بوصیة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )القطعیة ، وأن الآخرین ظلموهم وابتزوها منهم بالحیلة والقهر طمعاً فی الحکم ، عن سبق إصرار وتعمد ، کما ظلمهم معاویة وابتزها بغیر حق ، ثم الذین من بعده .

ولکنه تشیع نظری کتشیع المأمون العباسی ، أوتشیع المستشرقین الغربیین !

والرابعة: ذکر بعض الفضلاء أن للغزالی کلاماً فی کتابه: القسطاس المستقیم ، وکتابه: کیمای سعادت ، بالفارسیة ، شبیهاً بکلامه المتقدم فی سر العالمین . ولو صح ذلک فهو لا یغیر الرأی فیه ، خاصة أنهم ذکروا أن کتابه: إلجام العوام عن علم الکلام ، هو آخر ما ألفه ، وهو فی التوحید وهدفه إلجام العوام عن الخوض فی صفات الله تعالی ، بل یجب علیهم قبولها کما هی بدون تأویل ولا تجسیم . وقد سمته بعض المخطوطات :کتاب الوظائف ، قال فیه: «إعلم أن الحق الصریح الذی لا مراء فیه عند أهل البصائر هومذهب السلف أعنی مذهب الصحابة والتابعین ، وها أنا أورد بیانه وبیان برهانه ، فأقول: حقیقة مذهب السلف ،

ص: 270

وهو الحق عندنا ، أن کل من بلغه حدیث من هذه الأحادیث من عوام الخلق یجب علیه فیه سبعة أمور : التقدیس، ثم التصدیق، ثم الإعتراف بالعجز، ثم السکوت، ثم الإمساک، ثم الکف، ثم التسلیم لأهل المعرفة.»

وذکروا أن الغزالی کتبه فی أوائل جمادی الآخرة سنة 505 للهجرة ، قبیل وفاته بنحو أسبوعین، حیث توفی رحمه الله یوم الاثنین14جمادی الآخرة عام 505 للهجرة .راجع:

ttp://www.ghazali.org/biblio/AuthenticityofGhazaliWorks-AR.htm

أسئلة:

س1: بماذا تفسرون أن البویهیین الشیعة حکموا بغداد وبلاد الخلافة لأکثر من قرن ، فأعطوا الحریة للشیعة والسنة، ثم حکمها السلاجقة فترة أخری فاضطهدوا الشیعة ؟!

س2: بماذا تفسرون موافقة الغزالی للشیعة فی فهم حدیث الغدیر ، وتفسیره لبخبخة أبی بکر وعمر لعلی(علیه السّلام)بولایته علی المسلمین ؟

س3: ما رأیکم فی شخصیة الغزالی ، ومؤلفاته التی مدح فیها أبا بکر وعمر ؟

ص: 271

ولانعتمد علی أحادیث عائشة وحفصة ، خاصة فی مدح نفسیهما وأسرتیهما ! ونعتقد أنهما عصتا الله ورسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بنص سورة التحریم ، ولم تثبت توبتهما ولا عفو النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عنهما ، وأن عائشة خرجت علی إمامها(علیه السّلام)، وشقت عصا المسلمین ، وسببت قتل ألوف المسلمین ، ولم تثبت توبتها !

أسئلة:

س1: لماذا تُصِرُّون علی أن نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کلهن مؤمنات تقیات من أهل الجنة ، وأنتم تقرؤون قوله تعالی :ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِینَ کَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ کَانَتَا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحِینِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ یُغْنِیَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَیْئًا وَقِیلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِینَ ؟ فهل هذا إلا مکابرة من أجل فلانة وفلانة ؟!

وکذلک تفسیرکم قوله تعالی : الْخَبِیثَاتُ لِلْخَبِیثِینَ وَالْخَبِیثُونَ لِلْخَبِیثَاتِ وَالطَّیِّبَاتُ لِلطَّیِّبِینَ وَالطَّیِّبُونَ لِلطَّیِّبَاتِ ، بأنه فی الدنیا والآخرة ، مع أنه مختص بالآخرة ؟!

س2: لو کان الأمر کما تقول عائشة أن الله تعالی أمر رسوله بالزواج منها ، فلماذا لم یقل ذلک الرسول(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولا أحد غیرها ؟

ولو کان الأمر کما تقول وأن جبرئیل جاء بصورتها علی فوطة حریر ، لقال ذلک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!ولأظهرتها عائشة وافتخرت بها ورفعتها علماً ؟!

وقد صدقتها اللجنة الدائمة للبحوث العلمیة والإفتاء لهیئة کبار العلماء الوهابیة ، فأفتت بنسبة هذه التهمة الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وحاشاه! وقالت فی الفتوی رقم: 1809 ، تاریخ:3/5/1421: «أما من جهة مفاخذة رسول الله (ص) لخطیبته عائشة ، فقد کانت فی سن السادسة من عمرها ولا یستطیع أن یجامعها لصغر سنها ، لذلک کان (ص) یضع إربه بین فخذیها ویدلکه دلکاً خفیفاً ،.کما أن رسول الله یملک إربه علی عکس المؤمنین »!

وزعمت عائشة کما فی صحیح بخاری(3/58) أن استمتاع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بها وهی بنت ست سنین کان فی بیتهم فی مکة ! قالت: «لم أعقل أبوی إلا وهما یدینان الدین ، ولم یمر علینا یوم إلا یأتینا فیه رسول الله » !

وهذا مردود علیها لأنها قالت إن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عقد علیها فی المدینة ! ولأن حیاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مکة کانت فی خطر بعد وفاة خدیجة وأبی طالب(علیهماالسّلام)، ولم یرووا فی السیرة أنه ذهب الی بیت أبی بکر إلا ما زعموه فی الهجرة ، ولا یصح أیضاً !

أما فی المدینة فکان بیت أبی بکر فی السنح خارج المدینة ، ولم یسجل التاریخ ذهاب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الیه إلا مازعمته عائشة عند عقدها علیه ، ولا یصح أیضاً .

بل هو مردود لأن عمرها عند الهجرة کان سبع عشرة سنة أو نحوها ، فهی أصغر من أختها أسماء بعشر سنین:«عن ابن أبی الزناد أن أسماء بنت أبی بکر کانت أکبر من عائشة بعشر سنین».(سنن البیهقی:6/204، وسیر الذهبی:3/380 ، وتاریخ دمشق:69/10، وسبل السلام:1/39) وفی تهذیب الأسماء:2/597: «ولدت أسماء قبل هجرة رسول الله (ص) بسبع وعشرین سنة » .

ص: 274

وفی تاریخ دمشق:69/9: « کانت أسماء بنت أبی بکر أکبر من عائشة بعشر سنین ولدت قبل التاریخ بسبع وعشرین سنة وقبل مبعث النبی(ص) بعشر سنین..توفیت أسماء سنة ثلاث وسبعین بمکة بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبیر بأیام ولها مائة سنة وقد ذهب بصرها » وسنن البیهقی:6/204، وسبل السلام/39، وتاریخ دمشق:69/8 ، ومصادر کثیرة غیرها !

فیکون عمر عائشة سبع عشرة سنة ! لکن رواة السلطة یتناقضون ، وینسون !

ومما یؤید ما قلناه سن أمها أم رومان ، فقد کانت فی الجاهلیة زوجة ابن سخبرة فی الأردن وولدت له الطفیل وجاؤوا مع ابنهما

وغلامهما ابن فهیرة ، وسکنوا مکة حتی مات زوجها ، فتزوجها أبو بکر وولدت له ولدین هما:عبد الرحمن وعائشة ، ولم تلد له بعدهما ، فیکون سن ولدیها متقارباً ، ویبدو أنها بلغت سن الیأس بعد ولادتها لعائشة .

وکان عبد الرحمن أخ عائشة فی بدر مع المشرکین فطلب أن یبارزه أبوه أبو بکر فقال له النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): «متعنا بنفسک یا أبا بکر» (النهایة: 8/95، والحاکم:3/474، والحلبیة:2/414، والبیهقی: 8/186، والإستیعاب: 2/824 ، وغیرها.

راجع: الطبقات: 8/276، والتعدیل والتجریح:3/1155 ، وتهذیب الکمال: 13/389 ، والإصابة:3/421 ، و:4/117، و: 8/391، وفیه: «وقدم من السراة ومعه امرأته وولده فحالف أبا بکر ومات بمکة»

فأخوها فی بدر لا بد أن یکون فی العشرینات، وکان عمرها قریباًمن عمره !

کما ادعت عائشة أنها لم تتزوج قبل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، لکن روی ابن سعد(8/59) بسند صحیح عندهم عن عبد الله بن أبی ملکیة قال:«خطب رسول الله (ص) عائشة بنت أبی بکر الصدیق فقال: إنی کنت أعطیتها مطعماً لابنه جبیر ، فدعنی حتی أسلها منهم ، فاستسلها منهم فطلقها فتزوجها رسول الله» .

ص: 275

وفی الطبرانی الکبیر:23/26: «وکان أبو بکر قد زوجها جبیر بن مطعم فخلعها منه».

وفی صفة الصفوة: 2/15، والمنتظم: 5/302: «دعنی حتی أسلها من جبیر سلاً رفیقاً ».

یضاف الیه أنها کانت تکنی أم عبدالله، فقد یکون لها ولد إسمه عبدالله ومات !

ففی سنن البیهقی:9/311: «أنها قالت: یا رسول الله ألا تکنینی فکل نسائک لها کنیة؟ فقال: بلی إکتنی بابنک عبد الله ، فکانت تکنی أم عبد الله ».

وفسره بعضهم بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قصد ابن أختها عبدالله بن الزبیر ! لکن لم یعهد أن امرأة من العرب تکنَّت بابن أختها !

أسئلة:

س1: هل تقبلون اتهام عائشة للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأنه کان یفخذ ها وهی طفلة بنت ست سنین ؟!

س2: لو سلمنا جدلاً صحة ذلک ، فهل رأیتم زوجة مؤمنة تتکلم عن زوجها وعلاقتهما الجنسیة ، کما تتکلم عائشة عنها وعن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

س3: علی قول عائشة بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان یلعب معها جنسیاً وعمرها ست سنوات ، فیجب أن یکون زواجها بها فی مکة قبل وفاة خدیجة(علیهاالسّلام)! وقبل هجرته بسنتین أو ثلاث لأن خدیجة توفیت قبل هجرته بأقل من ذلک ؟!

س4: لماذا تردون الروایة الصحیحة بأن عمرعائشة عندما تزوجها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بضع عشرة سنة ، وتصرون علی أن عمرها کان ست سنوات أو تسع سنوات ؟!

س5: ماذا تفعلون بروایات عائشة المتناقضة والصحیحة عندکم فی سنها عندما تزوجها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): ست سنوات ، وسبع ، وتسع وغیر ذلک ؟!

ص: 276

س1: هل رویتم شیئاً من مناقب عائشة وفضائلها عن غیرها من نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) أو الصحابة ؟! وإذا وضعنا جانباً ما روته هی فهل یبقی لها شئ ؟!

س1: لاحظوا أنها ذکرت سفرتین ولم تسمهما ، وهذا یوجب الشک فی کلامها ! ویزید الشک أن الحادثتین کانتا بحضور الصحابة ! لکن لم یروهما أحد إلا عائشة ؟!

الأنبیاء (صلّی الله علیه و آله وسلّم )! وتالله إننا نحن نعلم أن نبیهم ما کان علی صفة یرضی بمثل ما قد ذکرته عائشة عنه ، فإن کل عاقل یعلم أن مثل هذا اللعب واللهو والإشتغال عن الله لا یلیق بمن یدعی صحبة نبی من الأنبیاء(علیهم السّلام) ، فکیف یروونه عمن یعتقد أنه أفضل الأنبیاء(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ! ومن أعجب ما تضمنه بعض هذه الأحادیث أنه کان یفرج زوجته علی الذین یلعبون ویطلق لنسائه وحرمه الإنبساط ، فی مثل هذه الروایات التی تقدح فی الأماثل والأفاضل ، ولا سیما وقد ذکر أنه کان أعظم الناس غیرة! ومن طرائف ذلک أنهم ذکروا أن الحبشة کانوا یلعبون فی المسجد ، وقد رووا أن نبیهم(صلّی الله علیه و آله وسلّم )صان مسجده عن غیر العبادات ، حتی أن رجلاً ضلت له ضالة فنادی علیها فی المسجد فأنکر علیه».

س2: أضف الی ذلک تفاصیل قالتها عائشة تزید الحادثة بعداً عن التصدیق ، حیث یفهم من بعض الروایات أنها رکبت علی ظهر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! قالت: «وکنت أنظر فیما بین أذنیه.. فقال لی: أما شبعت أما شبعت؟ قالت: فجعلت أقول لا لأنظر منزلتی عنده ، إذ طلع عمر قال: فارفض الناس عنها ، قالت: فقال رسول الله: إنی لأنظر إلی شیاطین الإنس والجن قد فروا من عمر»! (أحادیث عائشة للعسکری: 2/211).

وعلق علیه السید شرف الدین فی کتابه: إلی المجمع العلمی بدمشق/88: «من عذیرنا من هؤلاء ، یریدون لیثبتوا فضیلة لمن یوالون فیأتون بمثل هذه لعائشة ، غافلین عما یلزمها من اللوازم الباطلة المستحیلة علی سید رسل الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأکمل مخلوقاته !

کما رووا فی خصائص عمرأنه ما انقطع الوحی عنی مرة ، إلا خلته نزل فی آل الخطاب!ورووا أیضاً : لو نزل العذاب ما نجا منه إلا آل الخطاب! ذهولاً عما وراء هذا الإفتراء من الداهیة الدهیاء والطامة العمیاء ! نعوذ بالله من سبات العقل »!

ص: 280

عنهم الرجس وطهرهم تطهیراً قالت فدنوت منهم فقلت: یا رسول الله وأنا من أهل بیتک ؟ فقال:تنحی فإنک علی خیر»!

وروی عنها ابن أختها عروة قال: «قلت لعائشة: من کان أحب الناس إلی رسول الله؟قالت: علی بن أبی طالب.قلت: أی شئ کان سبب خروجک علیه ؟ قالت: لم تزوج أبوک أمک؟قلت: ذلک من قدر الله ، قالت: وکان ذلک من قدر الله » ! (کنز العمال:11/334 ،ورواه ابن حجر فی لسان المیزان:5/154، ونقل رد الصابونی له ، وقال: «ثم وجدت الحدیث فی غرائب مالک للدارقطنی أخرجه عن أبی سهل بن زیاد وبسنده ، قال لم یروه عن مالک عن ابن أبی الخصیب وغیره أثبت منه .ووصف الصابونی فإنه محمد بن یوسف بن إسماعیل الصابونی أبو عبد الله الحافظ . وقد ذکره الخطیب فقال: روی عنه عباس التستری وإبراهیم الحربی ومحمد بن غالب تمتام وغیرهم وکان ثقة .ثم ساق من طریق ابن جامع قال: سنة ثمان عشرة ومائتین مات محمد بن الخصیب الأنطاکی . ثقة ».

أما بخاری (4/192) وأمثاله من المتشددین فی نصرة السلطة ، فتعاموا عن اعتراف عائشة بأن علیاً وفاطمة(علیهاالسّلام) أحب الناس الی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وجاؤوا بشهادة عمرو بن العاص بأن عائشة وأباها أحب الی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم عمر ثم أبو عبیدة(أبو یعلی:8/229) وقال عدَّدَ النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )رجالاً من قریش!وطبعاً لیس فیهم علی(علیه السّلام)! فروی بخاری عن عمرو بن العاص قال: «إن النبی(ص) بعثنی علی جیش ذات السلاسل فأتیته فقلت: أی الناس أحب الیک؟ قال: عائشة فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها . فقلت: ثم مَن ؟ قال: ثم عمر بن الخطاب، فعدَّ رجالاً» .

ص: 282

وتمسک النواصب بروایة ابن العاص:«قال ابن حزم: فقد فضلها رسول الله علی أبیها وعلی عمر وعلی علی وفاطمة تفضیلاً ظاهراً » (أعلام النساء لکحالة:2/128).

وتعاموا عن حدیث ابن عباس ، قال:«دخل رسول الله (ص)علی علیٍّ وفاطمة وهما یضحکان ، فلما رأیا النبی سکتا فقال لهما النبی(ص): ما لکما کنتما تضحکان فلما رأیتمانی سکتما ؟فبادرت فاطمة فقالت: بأبی أنت یا رسول الله قال هذا: أنا أحب إلی رسول الله منک ، فقلت: بل أنا أحب إلی رسول الله منک ! فتبسم رسول الله وقال: یا بنیة لک رقة الولد وعلٌّی أعز علیَّ منک .رواه الطبرانی ورجاله رجال الصحیح . وعن أبی هریرة قال: قال علیٌّ: یا رسول الله أیما أحب إلیک ، أنا أم فاطمة ؟ قال فاطمة أحب إلیَّ منک ، وأنت أعز علیَّ منها ».(مجمع الزوائد:9/202).

وتمسکوا بأقوال عائشة التی ناقضت فیه نفسها، فروی بخاری(3/132) عنها أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )میزها علی نسائه ، ولم یسمع لشکواهن فیها ! قالت: «إن نساء رسول الله(ص)کن حزبین فحزب فیه عائشة وحفصة وصفیة وسودة ، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله ، وکان المسلمون قد علموا حب رسول الله عائشة ، فإذا کانت عند أحدهم هدیة یرید أن یهدیها إلی رسول الله (ص) أخرها حتی إذا کان رسول الله فی بیت عائشة ، بعث صاحب الهدیة إلی رسول الله فی بیت عائشة ، فکلم حزب أم سلمة فقلن لها کلمی رسول الله یکلم الناس فیقول من أراد أن یهدی إلی رسول الله هدیة فلیهده حیث کان من نسائه ، فکلمته أم سلمة بما قلن فلم یقل لها شیئاً فسألنها فقالت: ما قال لی شیئاً ! فقلن لها: فکلمیه قالت فکلمته حین دار إلیها أیضاً فلم یقل لها شیئاً ! فسألنها فقالت ما قال لی شیئاً ! فقلن لها کلمیه حتی یکلمک فدار إلیها فکلمته ، فقال لها: لا تؤذینی فی

ص: 283

عائشة فإن الوحی لم یأتنی وأنا فی ثوب امرأة ألا عائشة ! قالت فقلت: أتوب إلی الله من أذاک یا رسول الله ! ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله (ص) فأرسلت إلی رسول الله تقول إن نساءک ینشدنک الله العدل فی بنت أبی بکر ، فکلمته فقال: یا بنیة ألا تحبین ما أحب؟ قالت: بلی فرجعت إلیهن فأخبرتهن ، فقلن: إرجعی إلیه فأبت أن ترجع ، فأرسلن زینب بنت جحش فأتته فأغلظت وقالت: إن نساءک ینشدنک الله العدل فی بنت ابن أبی قحافة ، فرفعت صوتها حتی تناولت عائشة وهی قاعدة فسبتها ، حتی أن رسول الله(ص)لینظر إلی عائشة هل تکلم ؟فتکلمت عائشة ترد علی زینب حتی أسکتتها ! قالت فنظر النبی(ص) إلی عائشة وقال إنها بنت أبی بکر!»ومسلم (7/135، و أحمد :6/88 ، وغیرهما.

وفی صحیح ابن حبان(16/47): «عن عائشة

قالت: لما رأیت من النبی(ص) طیب نفس قلت: یا رسول الله أدع الله لی ، فقال: اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر ، ما أسرت وما أعلنت فضحکت عائشة حتی سقط رأسها فی حجرها من الضحک»! ووثقه فی الزوائد(9/243).

وبهذا تحاول أن تجعل نفسها الوحیدة التی دعا لها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بغفران کل ما ستفعله بعده ! لتغطی به ذنبها فی سفک دماء ألوف المسلمین فی حرب الجمل !

ولم یکتفوا بذلک فوضعوا علی لسان أم سلمة أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان من حبه لعائشة «لا یتمالک » !(الطبرانی الکبیر:23/45).وروی الذهبی فی سیره (2/172) أن ابن عمرو بن العاص بعث شخصاً إلی أم سلمة قال: «سلها أکان رسول الله یقبل وهو صائم ؟فإن قالت لا ، فقل: إن عائشة تخبر الناس أنه کان یقبل وهو صائم ، فقالت: لعله أنه لم یکن یتمالک عنها حباً ، أما إیای فلا » !

ص: 284

راجع فی هذا الموضوع نفحات الأزهار لآیة الله المیلانی:14/258، فقد استوفی الموضوع ، وخصص ذا المجلد من کتابه لإثبات طرق وأسانید حدیث الطائر الذی أهداه الله لرسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عندما کان بیته ولیس عند أحد من نسائه ، فدعا الله تعالی أن یبعث له أحب خلقه الیه لیتغدی معه من ذلک الطائر ، فسمع دعاءه خادمه أنس بن مالک ، فجاء علی(علیه السّلام)فأرجعه أنس مرات بأمل أن یأتی غیره فلم یأت ! وعاد علی(علیه السّلام)فکبر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وفرح وقال لأنس لم فعلت ذلک .؟!

أسئلة:

س1: إذا روی عن شخص بسند صحیح شهادته بأنه هو أحب الناس الی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ثم روی عنه بسند صحیح أن أحب الناس الی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )خصمه الذی یبغضه ! فأی شهادتیه یجب قبولها؟!

س2: هل یصح القول إن عائشة ادعت أفضلیتها وأباها أولاً وأنهما أحب الناس الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ثم تراجعت بعد هزیمة حرب الجمل ، لأنا نجد عنها بعدها أحادیث تعترف فیها بفضل علی والزهراء(علیهماالسّلام)وکأنها بذلک تکفر عن فعلتها وحربها الخاسرة ؟!

وأخاک حتی أکتب کتاباً ، فإنی أخاف أن یتمنی متمن ویقول قائل أنا أول»! (مسلم7/110، وأحمد:6/144، وغیرهما) ورواه بخاری:7/8 ، و:8/126، بلفظ:«أردت أن أرسل إلی أبی بکر وابنه وأعهد ، أن یقول القائلون أو یتمنی المتمنون ».

وقال ابن حجر:1/186 و:13/177:«أفرط المهلب فقال: فیه دلیل قاطع فی خلافة أبی بکر ، والعجب أنه قرر بعد ذلک أنه ثبت أن النبی (ص) لم یستخلف» !

وکان عبد الرحمن بن أبی بکر أکثر صراحة من أخته فقال: «قال رسول الله: إئتونی بکتاب وکتف أکتب لکم کتاباً لاتضلون بعده أبداً». (مجمع الزوائد:5/181) .

أی لیکتب الخلافة لأبی بکر وبنیه ! ولم یذکر لماذا لم یکتب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الخلافة لهم ، فهل اتهمه أحدٌ بأنه یهجر وقال: حسبنا کتاب الله ؟! وهل لغطوا واختلفوا فطردهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقال: قوموا عنی ؟!

وقد عملت عائشة لیکون أخوها عبد الرحمن خلیفة ، فقتله معاویة ، وکانت عملت لیکون الخلیفة ابن عمها طلحة فقتله مروان فی معرکة الجمل! ثم کانت تهئ ابنه موسی بن طلحة ، الذی ادعی أنه المهدی الموعود ، وسیملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ولکنه لم یصل الی شئ ، ولم یملأ شبراً من الأرض عدلاً !

کما زعمت عائشة أن بنی تیم أسرع العرب الی الإسلام! «قالت: دخل علیَّ رسول الله (ص ) وهو یقول: یا عائشة ، قومک أسرع أمتی بی لحاقاً » (حیاة الصحابة:2/365).

أسئلة:

س1: مادام النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أمر بإحضار أبی بکر وابنه لیکتب لهما عهده بالخلافة من بعده ، فما الذی منعه من ذلک ؟ وهل صاح أحد إن النبی لیهجر ، حسبنا کتاب الله ؟!

س2: هل تصدقون بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یستخلف علیاً(علیه السّلام) ولا غیره ، أم تصدقون حدیث عائشة بأنه أراد أن یستخلف أبا بکر وأولاده من بعده ؟!

ص: 286

س3: هل خالف أبو بکر وصیة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )له ولأولاده بعده ، فلم یستخلف ابنه عبد الرحمن واستخلف عمر بن الخطاب ؟!

س4: ما معنی: «یا عائشة قومک أسرع أمتی بی لحاقاً »؟ وهل کان بنو تیم أسرع الناس لحاقاً بالإسلام ، أو أسرع الناس لحاقاً برسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعد موته ؟!

وأنها ستطلب بدمه ! وخرجت مع طلحة والزبیر الی البصرة فقتلا خارج المعرکة وانهزمت عائشة وتبنت العمل لخلافة عبدالله بن الزبیر ابن أختها !

أسئلة:

س1: ماذا تقولون فی أحادیث نهی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لطلحة أن یأتی الی بیته ویجلس مع عائشة ، وفی أجوبة طلحة غیر المؤدبة ؟

س2:ماذا کان موقف عائشة عندما غضب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ونهی طلحة عن دخول بیته ؟!

س3: هل کان تعصب عائشة لطلحة وابنه موسی وهما من عشیرتها بنی تیم ، أقوی من علاقتها بالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، ثم أقوی من علاقتها بابن أختها عبدالله بن الزبیر؟

ونسبت الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أحادیث فی فضلها وفضل أبیها وعشیرتها بنی تیم ، لم یصدقها فیها علماء السلطة ، ولکنهم سکتوا عنها لأنها أحادیث بنت الرئیس !

وعندما رأت عائشة أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )اهتم بدفن فاطمة بنت أسد رضی الله عنها ، ونزل فی قبرها ، قالت إنه نزل فی قبر أمها أم رومان ! (الإصابة:8/392)

ثم غالت عائشة فی أمها وشطحت ، فمدحتها بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )دعا المسلمین الی أن یتفرجوا علیها فقال: « من سره أن ینظر إلی امرأة من الحور العین فلینظر إلی أم رومان» (الطبقات:8/277) !

وعندما رأی علماء السلطة أن هذا غیر معقول تحایلوا علی معناه فقالوا:«أی یتأملها بعین بصیرته لا ببصره ، فإنه إلی الأجنبیة حرام » (فیض القدیر:6/197).

أسئلة:

س1: هل تدافعون عن أحادیث عائشة الجنسیة وشبه الجنسیة ، أم تنتقدونها ؟

س2: هل تصدقون ما زعمته عائشة من قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی أمها ، وأبیها ؟!

وقد استنکرت علیها هذا العمل نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فزعمت أن رضاع الکبیر نزلت فی آیة فأکلتها السخلة الملعونة ، وبقی القرآن ناقصاً الی یوم الدین !

قالت: «کانت فی صحیفة تحت سریری ، فلما مات رسول الله (ص) اشتغلنا بموته فدخل الداجن فأکلها » ! وسألوها عن الخمس رضعات ، فقالت: نزلت الآیة أولاً عشر رضعات ، ثم نسخت بخمس رضعات !

وقد رووا ذلک فی أصح کتبهم ، واعترفوا بفعل عائشة هذا ، وحاولوا الدفاع عنها دون جدوی ! روی مسلم :4/167، عن عائشة أنها قالت: «کان فیما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات یحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفی رسول الله ( ص ) وهن فیما یقرأ من القرآن » ! ورواه الدارمی:2/157 ، وابن ماجة:1/625 ومسند الشافعی ص 416 ، وروی بعده قولها: لقد نزلت آیة الرجم ورضاعة الکبیر عشرا ، ولقد کان فی صحیفة تحت سریری ، فلما مات رسول الله ( ص ) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأکلها » .

راجع: تدوین القرآن/128، وألف سؤال وإشکال(1/448) وقد وجهنا فیه الأسئلة التی تتعلق بتحریف القرآن ، وسخلة عائشة الملعونة التی أکلت آیات منه ! وغرضنا هنا ما یتعلق برضاع الکبیر ، وغرفة عائشة .

أسئلة:

س1: زعمت عائشة أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )دفن فی غرفتها ، ثم قالت إنها کانت بعیدة عنها مشغولة بتمریض النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وکانت فارغة ، فدخلت داجن أی سخلة وأکلت آیة الرضاع وغیرها ، من تحت سریرها ! فأی قولیها تصدقون ؟!

س2: کتبنا فی سیرة الإمام الحسن(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن غرفة عائشة کان لها باب واحد ، والغرفة التی توفی فیها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان لها بابان ، فقد دخل المسلمون من باب وصلوا علی جنازته وخرجوا من باب آخر ، فلا یصح أنه توفی فی غرفة عائشة ، فما قولکم ؟!

ص: 290

س3: هل ترون أن عمل عائشة فی إرضاع الکبیر عمل طبیعی ، أم تشعرون بشئ من الخجل بسببه ؟!

س4: هل أحصیتم عدد الرجال الذین أرسلتهم عائشة الی أقاربها فأرضعنهم ، فقد ذکر بعضهم أنهم بضع عشرة رجلاً ؟!

س5: هل یسمح أحدکم لزوجته أن ترضع رجلاً أجنبیاً ، لیکون محرماً علیها ؟!

س6: ما هو رأی فقهائکم المعاصرین فی رضاع الکبیر، وهل سمعتم بفتواهم للموظفة التی تعمل وحدها مع زمیل أن تعمل برأی عائشة وترضعه لیحرم علیها ؟!

س7: تقول عائشة إن رضاع الکبیر یکفی أن یکون خمس رضعات ، فهل أن المصة الواحدة تعتبر رضعة ؟ وهل إذا مص الرجل من ثدی امرأة أجنبیة خمس مرات فقد صار محرماً علیها ؟!

س8: هل یشترط فی رضاع الکبیر رضا زوج المرأة ، أم یجوز لها ولو لم یرض؟!

أسئلة:

س1: ما قولکم فی عمل عائشة ومد رجلها أمام النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وهو یصلی؟ وفی اتهامها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بالنهم علی أم سلمة ؟!

س2: ما معنی قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )إن أجسادنا نبتت علی أرواح أهل الجنة ؟

س1: هل أن تهمة عائشة هذه خاصة بالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أم هی تهمة لله تعالی بأنه یمیل عن الحق ، من أجل هوی نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

وفی: 4/68:« سُحر حتی کان یُخَیَّلُ إلیه أنه صنع شیئاً ولم یصنعه» !

وفی: 7/88:« مکث النبی کذا وکذا ، یخیل إلیه أنه یأتی أهله ولا یأتی » !

وفی: 7/29: «کان رسول الله سُحر حتی کان یری أنه یأتی النساء ولا یأتیهن ! قال سفیان: وهذا أشد ما یکون من السحر إذا کان کذا » !

وکرره بخاری ذلک بروایات متعددة (7/28 و164). وروته عامة مصادرهم !

وقال إمامهم الکبیر ابن حجر فی مدة بقاء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )مسحوراً مجنوناً معاذ الله ! «ووقع فی روایة أبی ضمرة عند الإسماعیلی: فأقام أربعین لیلة ، وفی روایة وهیب عن هشام عند أحمد: ستة أشهر ویمکن الجمع بأن تکون الستة أشهر من ابتداء تغیر مزاجه ، والأربعین یوماً من استحکامه ! وقال السهیلی: لم أقف فی شئ من الأحادیث المشهورة علی قدر المدة التی مکث النبی فیها فی السحر حتی ظفرت به فی جامع معمر عن الزهری أنه لبث ستة أشهر!کذا قال. وقد وجدناه موصولاً بإسناد الصحیح فهو المعتمد » (فتح الباری:10/192).

ویقصد السهیلی ما فی مسند أحمد:6/63: «عن عائشة قالت: لبث رسول الله ستة أشهر یری أنه یأتی نساءه ، ولا یأتی» !

أسئلة:

س1: کیف صدقتم عائشة فی افترائها علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بأنه کان لستة أشهر مسحوراً ، وأنه مرض من السحر وانتثر شعر رأسه وصار أقرع، وصار یذوب ولا یدری ما عراه ! وکان یتصور أنه یری شیئاً وهو لایراه ، وأنه أکل ولم یأکل ، وأنه نام مع زوجته ولم یفعل ؟!

س2: هل رأیتم فی افتراء بنی إسرائیل علی أنبیائهم(علیهم السّلام) ما یصل الی هذا الإفتراء ؟!

س3: ما هو الفرق بین قول الکفار الظالمین: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلاً مَسْحُوراً، وبین قول

ص: 294

عائشة:« حتی کان یخیل إلیه أنه یفعل الشئ وما یفعله»؟!ألیس هذا الجنون بعینه ؟!

س4: إن قبلتم قولها فی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فمن یضمن أن یکون الله تعالی أنزل علیه وحیاً وأوامر ، فتصور أنه بلغها ولم یبلغها ؟!

س5: متی کانت هذه الحادثة؟ فی السنة السادسة أو السابعة؟ وکل حیاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وسنواتها وأیامها مشهودة ، وکیف لم یعرف ذلک إلا عائشة ؟!

س6: کیف توافقون اعتقاد أهل الجاهلیة بالقدرات الخارقة للساحر وتأثیره حتی علی الأنبیاء(علیهم السّلام) ؟! ولو صح ذلک فلماذا لم یَصِر السَّحَرَة حکام الأرض ؟!

س7:هل عرفتم سبب قوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): «ما أوذی نبی مثل ما أوذیت» ؟!

س2: ألیس فی علمائکم رجل رشید یقول لعائشة: کفاک غلواً فی أبیک وعمر ، فقد فضلتیهما علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وهما المعروفان بغیر ذلک ، خاصة عمر !

صحفة أم سلمه فکسرتها! وقال الشیخ یحتمل أنهما واقعتان وقعت لعائشة مره مع زینب ومره مع صفیة »! وفی مسند أحمد (3/105)«عن أنس.. قال أظنها عائشة »

وفی تاریخ بغداد (4/132) عن عائشة قالت: « ولقد رأیتنی یوماً بعثت صفیه الیه بإناء فیه طعام وهو عندی وفی یومی ، فما هو إلا أن بصرت بالإناء فلما وصل الإناء الی حیث أنا له صدمته بیدی فکفأته علی الأرض ، فرمانی رسول الله ببصره فعرفت الغضب فی طرفه » !

وفی فتح الباری(5/90): «وفی روایة أم سلمة عند النسائی: فجاءت عائشة ومعها فهر ففلقت به الصحفة ! وفی روایة ابن علیة فضربت التی فی بیتها ید الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت » !

س1: هل ترون تصرفات عائشة هذه مقبولة ولا تخدش فی مقامها عندکم ؟!

أسئلة:

س1: هل یتناسب هذا العمل من عائشة وحفصة مع أقل درجات التقوی فی المرأة المؤمنة العادیة ، فضلاً عن زوجة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

س2: لقد ارتکبتا معاصی الکذب والحیلة وأذی الغیر، فهل تابتا من ذلک؟!

قال البخاری:7/17:«قالت عائشة: لددناه فی مرضه فجعل یشیر إلینا أن لا تلدونی فقلنا کراهیة المریض للدواء . فلما أفاق قال: ألم أنهکم أن تلدونی؟! قلنا: کراهیة المریض للدواء. فقال: لایبقی فی البیت أحد إلا لد وأنا أنظر ، إلا العباس فإنه لم یشهدکم »!

کما کان لها دور فی مرض النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی تأخیر حرکة جیش أسامة ، فأرسلت الی أبیها وعمر فجاؤوا ! ثم زعمت أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أمر أبا بکر أن یصلی بالناس ، فعرف النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فغضب وخرج یتهادی وهو مریض ، وأخر أبا بکر وصلی بالناس ! وما أن توفی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حتی ترکت عائشة وحفصة جنازته وکسرتا الحداد ، وذهبتا تدوران علی بیوت الأنصار لإقناعهم ببیعة أبی بکر ولم یحضرأحد منهم جنازة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ! راجع تفصیل ذلک فی السیرة النبویة عند أهل البیت(علیهم السّلام) .

س1: ما هی الحکمة من أمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کل الحاضرین أن یشربوا من ذلک الدواء ، إلا العباس وفی روایة إلا بنی هاشم ، وهو یعلم أنهم قد یشربون غیره ؟ ألیس هدفه أن یخبرنا بأنه مات مسموماً ویتهم بدمه الحاضرین غیر بنی هاشم؟!

ذلک منهن إلا حفصة لکن أخاها عبد الله أتاها فعزم علیها بترک الخروج ، فحطت رحلها بعد أن همت !(النص والإجتهاد/432).

أسئلة:

س1: صوروا لکم أن عائشة وحفصة تقیتان ، بینما کشفت آیات سورة الحجر أنهما ارتکبتا السخریة حتی ضاق بها حلم الله تعالی ذرعاً وأنزل فیها آیات النهی وأشار الی أن من سخرتا منها خیر منهما ؟!

س2: هل تصدقون بأن سخریتهما من أم سلمة کانت من طرف ثوب أم سلمة ، ألا یحتمل أنها کانت أشد فخففها رواة السلطة ؟!

س1: کیف تفسرون هجر عائشة لحفصة وابن الزبیر أکثر من ثلاثة أیام ، وقد صح عندکم قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):«لا یحل لمسلم أن یهجر أخاه فوق ثلاث ، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار » ! وفی المجموع:16/446: «رواه أبو داود علی شرط البخاری ومسلم ».

س1: لماذا صورتم عائشة للعوام کأنها عابدة زاهدة تسکن فی حجرتها قرب قبر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، مع أنها کانت صاحبة ثروة کبیرة ، ولها بیوت فی أعالی المدینة ، باعت واحداً منها بمئة وثمانین ألف درهم ، وهی فی ذلک الوقت ثمن قصر !

وکانت تسکن بعیداً عن المسجد ، فقد احتاجت الی رکوب بغل لتجئ الی المسجد وتمنع دفن الإمام الحسن(علیه السّلام)عند جده(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

لهاببیت فی الجنة . قالت عائشة: «ما حسدت امرأة قط ما حسدت خدیجة حین بشرها النبی ببیت »!

وقد روی عددٌ منهم حدیث بیت خدیجة(علیهاالسّلام)بدون قصب! ففی فضائل الصحابة/75، للنسائی:«بشر رسول الله خدیجة ببیت فی الجنة لاصخب فیه ولا نصب ». والنسائی:5/94، والجامع الصغیر:2/247 لکن عائشة جعلته کوخاً من قصب ! « بشر خدیجة ببیت من الجنة من قصب لاصخب فیه ولانصب»! (بخاری: 2/203).

أما لماذا من قصب؟فتقول عائشة:«توفیت خدیجة قبل أن تفرض الصلاة ، فقال رسول الله (ص): أریتُ لخدیجة بیتاً من قصب ، لا صخب فیه ولانصب».

وفی فتح الباری:1/27:«ماتت خدیجة قبل أن تفرض الصلاة فقال النبی:رأیت لخدیجة بیتاً من قصب» ! فبیت خدیجة(علیهاالسّلام)بزعمها من قصب لأنها لم تصلَّ ، أما بیتها هی فهو من لؤلؤ لأنها صلَّت ! وهذا یسلیها عن بشارة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لخدیجة ببیت فی الجنة ، وعن حبه لها وتفضیله إیاها علی عائشة !

أسئلة:

س1: القصب هو النبات المعروف ، فهل رأیتموه

وصفاً لقصور الجنة؟!

س 2- کیف تصدقون قول عائشة إن خدیجة(علیهاالسّلام)ماتت قبل أن تفرض الصلاة مع أن أحادیث السیرة مجمعة علی أن الصلاة کانت من حین البعثة ، وکانت خدیجة تصلی مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وقد صححوا روایة ابن عفیف الکندی ، ونحوها روایة ابن مسعود ، کما فی مسند أحمد:1/209 ، والحاکم وصححه:3/183، ومجمع الزوائد:9/222 ، قال: «کنت امرأ تاجراً فقدمت الحج فأتیت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة وکان امرأ تاجراً ، فوالله إنی لعنده بمنی إذ خرج رجل من خباء قریب منه فنظر إلی الشمس فلما رآها مالت قام یصلی . قال: ثم خرجت امرأة من ذلک الخباء الذی خرج منه ذلک

ص: 304

الرجل فقامت خلفه تصلی ، ثم خرج غلام حین راهق الحلم من ذلک الخباء فقام معه یصلی. قال فقلت للعباس: من هذا یاعباس؟ قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخی . قال فقلت: من هذه المرأة؟قال: هذه امرأته خدیجة ابنة خویلد . قال قلت: من هذا الفتی؟ قال: هذا علی بن أبی طالب ابن عمه . قال فقلت :فما هذا الذی یصنع؟ قال: یصلی وهو یزعم أنه نبی ، ولم یتبعه علی أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتی ، وهو یزعم أنه سیفتح علیه کنوز کسری وقیصر! قال فکان عفیف وهو ابن عم الأشعث بن قیس یقول وأسلم بعد ذلک فحسن إسلامه: لو کان الله رزقنی الإسلام یومئذ فأکون ثالثاً مع علی بن أبی طالب» !والطبرانی الکبیر:10/183 ، وتاریخ دمشق:3/265 ، وسیر الذهبی:1/463 ، وما نزل من القرآن فی علی لابن مردویه/49 ، والحاکم: 3/183، والإستیعاب: 3/1096و1242، والفصول المختارة/273، وشرح النهج:13/225 ، وشواهد التنزیل:2/302.

أما الفرائض الخمس فقد فرضت فی الإسراء والمعراج ، وکان المعراج فی السنة الثانیة ولیس بعد وفاة خدیجة(علیهاالسّلام)کما زعمت عائشة !

س3: مادام حسد عائشة وصل الی تحریفها حدیث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وهو حدیث قدسی ، فأضافت له القصب ! ثم حرفت سیرة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فجعلت معراجه بعد وفاة خدیجة(علیهاالسّلام) فما الذی یضمن لنا أنها لم تحرف بقیة الأحادیث والأحداث ؟!

س4: بماذا تصفون مستوی الأدب والأخلاق عند زوجة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )التی تضطره مع حلمه وتسامحه لأن یطردها ، ویأخذ بشدقها حتی تسکت ؟!

إحدی عشرة امرأة ، وکان الرجال خلوفاً ، فقلن تعالین نتذاکر أزواجنا بما فیهم ولا نکذب.. کان رجل یکنی أبا زرع وامرأته أم زرع فتقول أحسن لی أبو زرع وأعطانی أبو زرع وأکرمنی أبو زرع وفعل بی أبو زرع ».

أقول: یظهر أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ضرب لعائشة مثل أبی ورع وأم زرع ، أکثر من مرة یحثها بذلک علی أن تکون کأم زرع ، وتقدمت قصتها عن عائشة وأنها کانت تتحدث عن ثروة أبی بکر فقال لها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): أسکتی فأنا لک کأبی زرع !

ولعائشة قصص فی حساسیتها من فاطمة(علیهاالسّلام)، لکن سلوک فاطمة فرض احترامها علیها حتی کانت عائشة تقول: «ما رأیت أحداً کان أصدق لهجة من فاطمة ، إلا أن یکون الذی ولدها».( مجمع الزوائد:9/201)

ورواه أبو یعلی وصححه:8/153، وفیه: «وکان بینهما شئ ، فقالت عائشة: یارسول الله سلها فإنها لا تکذب »!

واستمر حسد عائشة لفاطمة(علیهاالسّلام)بعد وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فلم تزرها فی مرضها !

وکانت تبغض أولادها(علیهم السّلام) أیضاً! فکانت تحتجب عن الحسن والحسین(علیهماالسّلام)مع أنهما من محارمها ، بینما کانت ترضع الرجال الکبار ، وتدخلهم علیها !

أسئلة:

س1: مادامت عائشة تشهد فی فاطمة(علیهاالسّلام)وتقول:«ما رأیت أحداً کان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن یکون الذی ولدها».«یارسول الله سلها فإنها لا تکذب » فلماذا لم تقل لأبیها أبی بکر: إنها صادقة فی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )منحها فدکاً من حیاته ؟!

س2: هل تفهمون من قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): « ما أنت بمنتهیة یا حمیراء عن ابنتی ! إن مثلی ومثلک کأبی زرع مع أم زرع !» أنه مدح لعائشة أو ذم ؟!

ص: 306

ورکبته وأسرعت إلی القوم وکانت أول امرأة رکبت السرج هی ، فلحقتهم وقد صاروا إلی حرم قبر جدهما رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فرمت بنفسها بین القبر والقوم ، وقالت:والله لا یدفن الحسن ها هنا أو تحلق هذه ، وأخرجت ناصیتها بیدها »!

وقال الذهبی فی سیر أعلام النبلاء:3/276: « فانتهی حسین إلی قبر النبی(ص) فقال: إحفروا ، فنکب عنه سعید بن العاص یعنی أمیر المدینة فاعتزل ، وصاح مروان فی بنی أمیة ولبسوا السلاح ! فقال له حسین: یا ابن الزرقاء مالک ولهذا ؟ أوال أنت ؟ فقال : لا تخلص إلی هذا وأنا حی ! فصاح حسین بحلف الفضول فاجتمعت هاشم وتیم وزهرة وأسد فی السلاح ، وعقد مروان لواء وکانت بینهم مراماة ».

أسئلة:

س1: کانت عائشة وعدت الإمام الحسن(علیه السّلام)أن یدفن عند جده ، فقالت کما رووا عنها: « نعم بقی موضع قبر واحد قد کنت أحب أن أدفن فیه ، وأنا أؤثرک به» ( تاریخ دمشق: 13/289 ) « قالت : نعم وکرامة » ( سیر أعلام النبلاء : 3/277).

ثم نقضت کلامها وأتت من بیتها مسرعة علی بغل وقالت: « والله إنه لبیتی أعطانیه رسول الله فی حیاته ! وما دفن فیه عمر وهو خلیفة إلا بأمری ، وما آثر علیَّ عندنا بحسن » ( تاریخ دمشق : 13/293 ).

وفی بهجة المجالس لابن عبد البر/34 : « لما مات الحسن أرادوا أن یدفنوه فی بیت رسول الله (ص) فأبت ذلک عائشة ورکبت بغلة وجمعت الناس ! فقال لها ابن عباس: کأنک أردت أن یقال: یوم البغلة کما قیل یوم الجمل! قالت: رحمک الله ذاک یوم نسی! قال: لا یوم أذکر منه علی الدهر » !

ص: 308

وقال لها ابن أخیها القاسم بن محمد بن أبی بکر :« یا عمة ! ما غسلنا رؤوسنا من یوم الجمل الأحمر ، أتریدین أن یقال یوم البغلة الشهباء» !(الیعقوبی : 2/225)

. وروی بخاری فی کتاب الکنی/5، تعلیقا لاذعاً لابن عباس لما رأی بغلة عائشة رکضت بها فی المسعی وخرجت عن سیطرتها ، فقال: «کان یوم البغلة » !

س2: من هو القائل:

أیا بنت أبی بکر

فلا کان ، ولا کنت

تجملت تبغلت

وإن عشت تفیلت

لک التسع من الثمن

وبالکل تملکت

س3: نص المؤرخون علی أن المدینة غصت بالناس یوم تشییع الحسن (علیه السّلام)، ومعنی: وأخرجت ناصیتها بیدها: أخرجت شعرها أمام الناس ، لأن الناصیة شعر مقدم الرأس ! فهل یجوز ذلک ، وهل یناسب زوجة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

الله یقول: النبی لا یورث ، ما ترک فهو صدقة ! ثم لقنتما أعرابیاً جلفاً یبول علی عقبیه ویتطهر ببوله فشهد معکما ! ولم یکن فی أصحاب رسول الله من المهاجرین ولا من الأنصار أحد شهد بذلک غیرکما وغیر أعرابی ! أما والله ما أشک أنه قد کذب علی رسول الله وکذبتما علیه معه ، ولکنی أجیز شهادتکما علی أنفسکما فاذهبا فلاحق لکما! فانصرفتا من عنده تلعنانه وتشتمانه »!

وفی روایة الجوهری فی السقیفة: 82، وشرح النهج:9/5، أنهما تکلمتا فی المسجد تحرکان الناس علی عثمان فقال:« إن هاتین لفتانتان یحل لی سَبُّهُمَا ، وأنا بأصلهما عالم ! فقال له سعد بن أبی وقاص: أتقول هذا لحبائب رسول الله؟ فقال: وفیم أنت وما هاهنا! ثم أقبل نحو سعد عامداً لیضربه فانسل سعد من المسجد».

أسئلة:

س1: هل توافقون أبا الفتح الکراجکی علی تعجبه فی کتابه التعجب من أغلاط العامة/137، قال: «ثم إن العجب کله من أن تمنع فاطمة جمیع ما جعله الله لها من النحلة والمیراث، ونصیبها ونصیب أولادها من الأخماس التی خص الله تعالی بها أهل بیته(علیهم السّلام) دون جمیع الناس ! فإذا قیل للحاکم بهذه القضیة: إنها وولدها یحتاجون إلی إنفاق جعل لهم فی کل سنة بقدر قوتهم علی تقدیر الکفاف ! ثم یجری (عمر) برأیه علی عائشة وحفصة فی کل سنة اثنی عشر ألف درهم واصلة إلیهما علی الکمال » !

س2: لاحظوا قول عثمان بن عفان لعائشة وحفصة: «ولفقتما معکما أعرابیاً یتطهر ببوله مالک بن أوس بن الحدثان فشهدتما معه أن النبی قال: لانورث».

یظهر منه أن المسلمین لم یقبلوا حدیث أبی بکر فی نفی توریث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فجاؤوا بشاهد علیه هو البدوی ابن الحدثان ، فما رأیکم ؟!

ص: 310

س3: ماهو الوجه الشرعی لدفن أبی بکر وعمر فی بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قرب قبره ؟ فالمکان عندنا ملک للنبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم لوارثته الوحیدة ابنته الزهراء(علیهاالسّلام)، وعلی قول أبی بکر هو صدقة لکل المسلمین، وکل تصرف فیه یحتاج الی إذن الزهراء أو ورثتها(علیهم السّلام) عندنا ، والی إجازة کل المسلمین عند أتباع أبی بکر ، ولم یستجزأبو بکر من أحد ، واستجاز عمر من عائشة ، وهی لا تملک ولا تمثل المسلمین کلهم !فدفنهما هناک غیر شرعی ! هذا من ناحیة ملکیة أرض القبر فقط ، فما قولکم ؟

س4: استمرت عائشة وحفصة فی ادعاء حقهما فی إرث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ولعل ذلک لأن أهل البیت(علیهم السّلام) وشیعتهم کانوا ینتقون دفن أبویهما فی ملکهم !

ففی الفصول المختارة/74، أن الفضال بن الحسن بن فضال مرَّ علی أبی حنیفة: «وهو فی جمع کثیر یملی علیهم شیئاً من فقهه وحدیثه ، فقال لصاحب کان معه: والله لا أبرح أو أخجل أبا حنیفة ! فقال صاحبه: إن أبا حنیفة ممن قد علمت حاله ومنزلته وظهرت حجته ، فقال: مه هل رأیت حجة کافر علت علی مؤمن؟ ثم دنا منه فسلم علیه فرد ورد القوم بأجمعهم السلام . فقال: یا أبا حنیفة رحمک الله إن لی أخاً یقول: إن خیر الناس بعد رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )علی بن أبی طالب وأنا أقول: إن أبا بکر خیر الناس بعد رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وبعده عمر ، فما تقول أنت رحمک الله؟ فأطرق ملیاً ثم رفع رأسه فقال: کفی بمکانهما من رسول الله کرماً وفخراً ، أما علمت أنهما ضجیعاه فی قبره ، فأی حجة أوضح لک من هذه ؟ فقال له فضال: إنی قد قلت ذلک لأخی فقال: والله لئن کان الموضع لرسول الله دونهما فقد ظلما بدفنهما فی موضع لیس لهما فیه حق ، وإن کان الموضع لهما فوهباه لرسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )لقد أساءا وما أحسنا إلیه إذ رجعا فی هبتهما ونکثا عهدهما ! فأطرق أبو حنیفة ساعة ثم قال قل له: لم یکن لهما ولا له خاصة ، ولکنهما نظرا فی حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن فی ذلک الموضع بحقوق ابنتیهما . فقال له فضال: قد قلت له ذلک فقال: أنت تعلم أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )مات عن تسع حشایا فنظرنا

ص: 311

فإذا لکل واحدة منهن تسع ، ثم نظرنا فی تسع الثمن فإذا هو شبر فی شبر فکیف یستحق الرجلان أکثر من ذلک ، وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وفاطمة ابنته تمنع المیراث؟فقال أبو حنیفة: یا قوم نحُّوه عنی فإنه والله رافضی خبیث » !

وذهبت الی الحج وعثمان محصور وقالت لمروان: «وددت والله أن أضعک وعثمان فی بعض غرائری (أکیاس تحمل علی الجمال) وأرمیکما فی البحر ! وقالت: سیشأم عثمان قومة ، کما شأم أبو سفیان قومه یوم بدر » .

ولما بلغها قتل عثمان فرحت وقالت: «بعداً لنعثل وسحقاً، یا معشر قریش لا یسومنکم مقتل عثمان کما سام أحمر ثمود قومه! ودعت الناس الی بیعة طلحة ، وکانت تتوقع أن یتم ذلک ! وقالت إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع ، ثم أقبلت مسرعه إلی المدینة ، وهی لا تشک فی أن طلحة هو صاحب الأمر !

ثم خرجت من مکة ترید المدینة ، فلما کانت بسَرَف لقیها رجل من أخوالها من بنی لیث یقال له عبید بن أبیّ ، فأخبرها بقتل عثمان واجتماع المسلمین علی بیعة علی ، فقالت: لیت هذه انطبقت علی هذه إن تم الأمر لصاحبک ،ردونی ردونی»! (الکامل:2/312، والیعقوبی:2/180).

وروی الطبری فی تاریخه:3/477: «ردونی ردونی! فانصرفت إلی مکة وهی تقول: قتل والله عثمان مظلوماً، والله لأطلبن بدمه ! فقال لها ابن أم کلاب: ولمَ ؟ فوالله إن أول من أمال حرفه لأنت ! ولقد کنت تقولین أقتلوا نعثلاً فقد کفر !

قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه ، وقد قلت وقالوا وقولی الأخیر خیر من قولی الأول ! فقال لها ابن أم کلاب:

فمنک البداء ومنک الغیَرْ

ومنک الریاحُ ومنک المطرْ

وأنت أمرت بقتل الإمام

وقلت لنا إنه قد کفر

فهبنا أطعناک فی قتله

وقاتله عندنا من أمر

ولم یسقط السقف من فوقنا

ولم ینکسف شمسنا والقمر

وقد بایع الناس ذا تَدْرُإٍ

یزیل الشَّبَا ویقیم الصَّعَر

ص: 313

ویلبس للحرب أثوابها

وما من وفی مثل من قد غدر

أسئلة:

س1: ألا تعجبون من عائشة وحفصة وسبب نقمتهما علی عثمان حتی کفرتاه ودعتا للثورة علیه وقتله ؟! ولو أعطاهما لصار خلیفة شرعیاً عادلاً ؟!

س2: ما قولکم فی تناقض موقف عائشة من عثمان ، فبینما هی تدعو الی قتله حتی دعت بعد أیام الی الأخذ بثاره ! وسمته نعثلاً : «وقالوا لعثمان نعثلاً تشبیهاً له برجل مصری إسمه نعثل، کان طویل اللحیة، والنعثل: الذکر من الضباع » (تاریخ الذهبی:3/444).

وقال فی شرح النهج(6/215): «قال کل من صنف فی السیر والأخبار: إن عائشة کانت من أشد الناس علی عثمان حتی أنها أخرجت ثوباً من ثیاب رسول الله فنصبته فی منزلها وکانت تقول للداخلین إلیها: هذا ثوب رسول الله لم یبلُ وعثمان قد أبلی سنته! قالوا: أول من سمی عثمان نعثلاً عائشة ، والنعثل: الکثیر شعر اللحیة والجسد وکانت تقول : أقتلوا نعثلاً ، قتل الله نعثلاً »! «قالت لها أم سلمة: یا بنت أبی بکرأبدم عثمان تطلبین ! فوالله إن کنت لأشد الناس علیه وما کنت تدعینه إلا نعثلا ً»! (المعیار والموازنة/27).

عثمان قتل مظلوماً وإنا نخاف الإنتشار من أمة محمد (ص) فإن رأت عائشة أن تخرج معنا لعل الله یرتق بها فتقاً ویشعب بها صدعاً !

قال: فخرجنا نمشی حتی انتهینا إلیها فدخل عبد الله بن الزبیر فی سمرها وجلست علی الباب ، فأبلغها ما أرسلا به إلیها فقالت: سبحان الله ، ما أمرت بالخروج وما تحضرنی امرأة من أمهات المؤمنین إلا أم سلمة ، فإن خرجت خرجتُ معها ! فرجع إلیهما فأبلغهما ذلک فقالا: إرجع إلیها فلتأتها فإنها أثقل علیها منا ، فرجع إلیها فبلغها فأقبلت حتی دخلت علی أم سلمة فقالت أم سلمة: مرحباً بعائشة ، والله ما کنت لی بزائرة فما بدا لک؟!

قالت: قدم طلحة والزبیر فخبرا أن أمیر المؤمنین عثمان قتل مظلوماً ! قال: فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من فی الدار فقالت: یا عائشة أنت بالأمس تشهدین علیه بالکفر ، وهو الیوم أمیر المؤمنین قتل مظلوماً ، فما تریدین !

قالت: تخرجین معی فلعل الله أن یصلح بخروجنا أمر أمة محمد (ص) !

فقالت: یا عائشة أخرج وقد سمعت من رسول الله ما سمعت ! نشدتک بالله یا عائشة الذی یعلم صدقک إن صدقت ، أتذکرین یومک من رسول الله فصنعت حریرة فی بیتی فأتیته بها وهو یقول: والله لا تذهب اللیالی والأیام حتی تتنابح کلاب ماء بالعراق یقال له الحوأب امرأة من نسائی فی فتیة باغیة ، فسقط الإناء من یدی فرفع رأسه إلی فقال: ما بالک یا أم سلمة؟ قلت: یا رسول الله ألا یسقط الإناء من یدی وأنت تقول ما تقول؟ما یؤمننی أن أکون أنا هی ! فضحکت أنت فالتفت إلیک فقال:ما یضحکک یا حمراء الساقین ، إنی لأحسبک هی !

ونشدتک بالله یا عائشة أتذکرین لیلة أسری بنا رسول الله (ص)من مکان کذا وکذا ، وهو بینی وبین علی بن أبی طالب یحدثنا ، فأدخلت جملک فحال بینه وبین

ص: 315

علی ، فرفع مرفقة کانت معه فضرب بها وجه جملک وقال: أما والله ما یومک منه بواحد ، ولا بلیته منک بواحدة ، أما إنه لا یبغضه إلا منافق أو کذاب !

وأنشدک الله یا عائشة ! أتذکرین مرض رسول الله (ص)الذی قبض فیه فأتاک أبوک یعوده ومعه عمر ، وقد کان علی بن أبی طالب یتعاهد ثوب رسول الله (ص) ونعله وخفه ویصلح ما وهی منها ، فدخل قبل ذلک فأخذ نعل رسول الله (ص) وهی حضرمیة وهو یخصفها خلف البیت ، فاستأذنا علیه فأذن لهما فقالا: یا رسول الله کیف أصبحت؟ قال: أصبحت أحمد الله تعالی. قالا: ما بد من الموت؟ قال (ص): لا بد منه. قالا: یا رسول الله فهل استخلفت أحداً ؟ فقال: ما خلیفتی فیکم إلا خاصف النعل ، فخرجا فمرا علی علی وهو یخصف النعل !

کل ذلک تعرفینه یا عائشة وتشهدین علیه ، لأنک سمعته من رسول الله (ص)!

ثم قالت أم سلمة: یا عائشة أنا أخرج علی علی بعد هذا الذی سمعته عن رسول الله (ص)؟! فرجعت عائشة إلی منزلها فقالت: یا ابن الزبیر أبلغهما أنی لست بخارجة بعد الذی سمعته من أم سلمة ، فرجع فبلغهما .

قال: فما انتصف اللیل حتی سمعنا رغاء إبلها ترتحل ، فارتحلت معهما » !

وأضاف المرتضی(رحمه الله):«و من العجائب أن یکون مثل هذا الخبر الذی یتضمن النص بالخلافة ، وکل فضیلة غریبة ، موجوداً فی کتب المخالفین ، وفیما یصححونه من روایتهم ، ویصنفونه من سیرتهم ولا یتبعونه ، لکن القوم رووا ما سمعوا وأودعوا کتبهم ما حفظوا ونقلوا ، ولم یتخیروا ویتبینوا ما وافق مذهبهم دون ما خالفهم» ! وفی هامشه: شرح النهج: 2/78 ، والعقد الفرید: 3/96، والبدء والتاریخ: 2/109، والفائق للزمخشری: 1/190 وروی نحوه فی الإختصاص/116 ، وفیه تفصیلات ، منها:فلما کان من ندمها أنشأت أم سلمة تقول:

ص: 316

لو کان معتصماً من زلة أحد

کانت لعائشة العتبی علی الناس

کم سنة لرسول الله تارکة

وتلو آی من القرآن مدراس

قد ینزع الله من ناس عقولهم

حتی یکون الذی یقضی علی الناس

فیرحم الله أم المؤمنین لقد

کانت تبدل إیحاشاً بإیناس.

ولما أصرَّت عائشة علی الفتنة،آلت أم سلمة علی نفسها أن لاتکلمها کل عمرها »!

وفی مواقف الشیعة:1/93: «دخلت علی أم سلمة بعد رجوعها من وقعة الجمل.. فقالت عائشة: السلام علیک یا أم المؤمنین ، فقالت: یا حائط ، ألم أنهک ألم أقل لک؟ قالت عائشة: فإنی أستغفر الله وأتوب إلیه ، کلمینی یا أم المؤمنین !

قالت: یا حائط ! ألم أقل لک ألم أنهک؟ فلم تکلمها حتی ماتت ! وقامت عائشة وهی تبکی وتقول: وا أسفاه علی ما فرط منی ».ومحاسن البیهقی/181، وطبعة/221. راجع: الکافئة فی رد توبة الخاطئة للمفید(رحمه الله).

س1: ظهر من هذا الحوار والکلام أن أم سلمة أعقل من عائشة وأتقی وابعد نزراً ، فکیف تفضلون عائشة علیها ؟!

ففی تاریخ أبی الفداء(1/173): «قال عبدالله بن الزبیر: إنه کذب! یعنی لیس ماء الحوأب ! ولم یزل بها وهی تمتنع فقال لها: النجاء النجاء ، فقد أدرککم علی بن أبی طالب ! فارتحلوا نحو البصرة ، فاستولوا علیها بعد قتال مع عثمان بن حنیف فنتفت لحیته وحواجبه وسجنته ثم أطلقته ».

فقد روی الجمیع تحذیرالنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )للمسلمین منها ! وفی البخاری أنه (صلّی الله علیه و آله وسلّم )أشار الی بیتها وقال: هاهنا الفتنة !

وقال لها عند ما شکت من وجع رأسها: ماضرک لو متِّ قبلی ! وحذرها أن تکون صاحبة الجمل الأدبب تخرج فتنبحها کلاب الحوأب ، یقتل عن یمینها وشمالها قتلی کثیرة فی النار !

وکان سعید بن العاص الأموی مع جیش عائشة ، فلما نبحتها کلاب الحوأب رجع وقال لمروان: إن قتلة عثمان علی أعجاز الإبل ! یقصد عائشة وطلحة والزبیر ! ورجع المغیرة بن شعبة ومن معه من ثقیف !

وقال الصحابی أبو بکرة کما فی صحیح بخاری(5/136): « لقدنفعنی الله بکلمه سمعتها من رسول الله (ص) أیام الجمل بعد ما کدت أن الحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم ! قال:لما بلغ رسول الله(ص) أن أهل فارس قد ملکوا علیهم بنت کسری قال: لن یفلح قوم ولوا أمرهم أمرأة» .

وفی طریق البصرة تنازع طلحة والزبیر علی إمامة الصلاة بالناس ، فأمرت عائشة أن یصلی بالجیش ابن أختها عبدالله ! وکتبت الی عامل البصرة من قبل علی(علیه السّلام) وهو عثمان بن حنیف الأنصاری ، أن یخلی لها دار الإمارة ، فشاور الأحنف بن قیس زعیم تمیم فنهاه ، وکتبا الی أمیر المؤمنین(علیه السّلام)یخبرانه .

ص: 318

وهل بقی لها عذر بعد إقامة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الحجة علیها ؟!

س2: ما رأیکم فی حدیث الجمل الأدبب ، وکلاب الحوأب ، وقصتها ؟!

س3: ما رأیکم فی تنازع طلحة والزبیر علی إمامة الصلاة بجیش عائشة ، حتی کادت تطلع الشمس ! ألا یدل ذلک علی أن عملهما لیس لله تعالی ؟!

س4: اتفقت عائشة مع حاکم البصرة علی الهدنة حتی یصل علی(علیه السّلام)،ثم غدرت به وأمرت بمهاجمة مقر الحاکم لیلاً ، وقتلت نحو سبعین من المسلمین وحراس بیت المال واستولت علیه . فما رأیکم فی هذا العمل وبأمرها بقتلهم ؟!

أنوب عنک فإننی أعرف منک فلبست ثیابها وتنکرت وتخفرت واستصحبت جواریها متخفرات ، وجاءت حتی دخلت علیهن کأنها من النظارة ، فلما رأت ما هن فیه من العبث والسفه کشفت نقابها وأبرزت لهن وجهها ثم قالت لحفصة: إن تظاهرت أنت وأختک علی أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فقد تظاهرتما علی أخیه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من قبل ، فأنزل الله عز وجل فیکما ما أنزل! والله من وراء حربکما ! فانکسرت حفصة وأظهرت خجلاً وقالت: إنهن فعلن هذا بجهل ، وفرقتهن فی الحال ، فانصرفن من المکان» !

وفی مروج الذهب (1/320): «فجاء علی حتی وقف عیها فضرب الهودج بقضیب وقال: یا حُمیراء ، رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أمرک بهذا ؟ألم یأمرک أن تقری فی بیتک ؟والله ما أنصفک الذین أخرجوک إذ صانوا عقائلهم وأبرزوک ! وأمر أخاها محمداً فأنزلها فی دار صفیة بنت الحارث بن طلحة العبدی ، وهی أم طلحة الطلحات».

أسئلة:

س1: ألا تلاحظون أن مستوی عائشة وحفصة مستوی عامی ، فهما کأی امرأة تمتلئ غیظاً دون سبب ، وتندفع فی عداوتها غریزیاً ، بدون مقیاس شرعی ؟!

س2: هل لاحظتم الحریة التی أعطاها أمیر المؤمنین(علیه السّلام)لخصومه وأعدائه ، حتی أن حفصة تقیم حفلة للسخریة به فی عاصمته ، وقرب بیته ؟!

س3: قال الله تعالی لعائشة وحفصة: إِنْ تَتُوبَا إِلَی اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُکُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَیْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَمَوْلاهُ وَجِبْرِیلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمَلائِکَةُ بَعْدَ ذَلِکَ ظَهِیرٌ .

ألا تری أنها انطبقت کاملاً علی تظاهرهما علی أخیه ووصیه والخلیفة الشرعی ؟!

ص: 321

س1: یدل حدیث علی(علیه السّلام)عن لعن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لجیش الجمل ، وأنه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أتم الحجة علی الجمیع ، وحدثهم عما یکون بعده ، وحذرهم بما فیه الکفایة !

ألا ترون أن السلطة قد أخفت العدید من أحادیث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی ذلک !

رفض السقیفة وإنصافها من السلطة ، فلم یستجب لها إلا بضعة نفر ؟!وفی المقابل أشربوا حب عائشة وطاعتها ، رغم تحذیرات النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )منها ؟! فقد دعتهم الی شق عصا المسلمین والخروج علی الإمام الشرعی ، فتراکضوا الی طاعتها ، واستجاب لها أکثر من مئة ألف ، وحاربوه معها ؟!

لکن عائشة رفضت بدون سؤال ، وکشفت عن أن تفکیرها وهمها یترکز علی الضرة والغیرة ونوم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )مع غیرها ! ولا سألت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عن سبب تمنیه الموت لها قبله وهل هو خیر لها ، وهل أنها تدخل الجنة ؟! فأی فرق بینها وبین أی امرأة عادیة تعیش الأمور المادیة ، وتسیطر علیها الغیرة الجنسیة من ضرتها ؟!

س3: یدل الحدیث علی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أراد من عائشة أن تقبل وتطلب الموت قبله ؟ وذلک إشفاقاً علی أمته منها ، وإشفاقاً علیها من النار !

لکنها لم تقبل وأجابت جواباً فیه سوء أدب ! فهل یدل ذلک برأیکم علی خطرها علی الأمة ، وخطرها علی نفسها ؟!

س2: روی ابن کثیر قول عائشة وصححه : «قالت: رحم الله علیاً لقد کان علی الحق وما کان بینی وبینه إلا کما یکون بین المرأة وأحمائها » (فتح الباری:9/289.

وفی تاریخ الطبری:3/547: «والله ما کان بینی وبین علی فی القدیم ، إلا ما یکون بین المرأة وأحمائها ، وإنه عندی علی معتبتی من الأخیار » !

وهذا اعتراف بأن سبب بغضها لعلی(علیه السّلام)وخروجها علیه هو الحساسیة الشخصیة فقط ، لادم عثمان ولا طلب الإصلاح کما زعمت ! فما رأیکم ؟!

س3: بعد هذا الإعتراف من عائشة ، بماذا تفسرون شماتتها بموته(علیه السّلام)؟!

وقال الآلوسی (3/155): «محتجین بقوله(ص): خذوا ثلثی دینکم عن الحمیراء .وقوله: فضل عائشة علی النساء کفضل الثرید علی الطعام ».ثم استدل الآلوسی علی أفضلیة الزهراء(علیهاالسّلام)علی عائشة .

وفی تحفة الأحوذی (10/259): «وأما حدیث خذوا شطر دینکم عن الحمیراء ، یعنی عائشة ، فقال الحافظ ابن الحجر العسقلانی: لا أعرف له إسناداً ولا روایة فی شئ من کتب الحدیث ، إلا فی النهایة لابن الأثیر ، ولم یذکر من خرجه! وذکر الحافظ عماد الدین بن کثیر أنه سأل المزی والذهبی عنه فلم یعرفاه! وقال السخاوی ذکره فی الفردوس بغیر إسناد وبغیر هذا اللفظ ، ولفظه: خذوا ثلث دینکم من بیت الحمیراء ، وبیض له صاحب مسند الفردوس ولم یخرج له إسناداً ! وقال السیوطی: لم أقف علیه کذا فی المرقاة ».

أسئلة:

س1: من عجائب أمرکم أن علماؤکم نقاد الحدیث اعترفوا بأن هذاالحدیث لا سند له فی مصادرکم ، فهو مقطوع أو موضوع ، ومع ذلک یستدل به علماؤکم ؟!

س2: هل تأخذون من عائشة فتاویها الثابتة عنها ثبوتاً قطعیاً والمخالفة لإجماع المسلمین ، مثل إرضاع الرجل الکبیر ؟!

س3: وهل تأخذون بفتواها بنقص القرآن وتحریفه ونقص الآیات التی أکلتها سخلتها الملعونة ؟!

وبَرَّرَ أتباعها فعلها الشاذ ، بل أفتوا بأن تعلیم الغسل عملیاً مستحب !

قال فی فتح الباری (1/314): «قال القاضی عیاض ظاهره أنهما رأیا عملها فی رأسها وأعالی جسدها مما یحل نظره للمحرم لأنها خالة أبی سلمة من الرضاع أرضعته أختها أم کلثوم ، وإنما سترت أسافل بدنها مما لا یحل للمحرم النظر إلیه ! قال: وإلا لم یکن لاغتسالها بحضرتهما معنی ، وفی فعل عائشة دلالة علی استحباب التعلیم بالفعل لأنه أوقع فی النفس »!

أسئلة:

س1: لو أن رجالاً من أقارب زوجتک وغیرهم جاؤوا الی منزلکم وسألوازوجتک عن غسل الجنابة ، فعملت کما عملت عائشة ، ماذاکنت تفعل ؟!

س2: کشف ابن حجر أن أبا سلمة أحد الرجال الذین أرضعتهم عائشة من أقاربها لیصیر محرماً علیها ! وقال إنها سترت النصف الأسفل من بدنها ، وکشفت النصف الأعلی واغتسلت أمامهما ! فما رأیکم بهذا الوضع المشین ؟!

«نزل فی أبیک: وَلا تُطِعْ کُلَّ حَلافٍ مَهِینٍ..سمعت رسول الله یقول لأبیک وجدک أی الذی هو العاص بن أمیة:إنهم الشجرة الملعونة فی القرآن ».(الحلبیة (1/317).

س1: من المعروف أن عبد الرحمن أبی بکر لم یسلم، وکان مع المشرکین فی بدر وطلب أن یبرز الیه أبوه أبو بکر ، وروی أنه نزلت فیه الآیة کما قال مروان . وقد ردت عائشة قوله ونفت أن یکون نزل فی آل أبی بکر أی آیة حتی آیة الغار، ما عدا آیة براءتها: إِنَّ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِی الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِیمٌ. وتقدم أها نزلت فی ماریة ! فما رأیکم ؟!

وفی الطبقات:2/262: «ذکر من قال توفی رسول الله(ص) فی حجر علی بن أبی طالب.. عن جابر بن عبد الله الأنصاری أن کعب الأحبار قام زمن عمر فقال ونحن جلوس عند عمر أمیر المؤمنین: ما کان آخر ما تکلم به رسول الله (ص)؟ فقال عمر: سل علیاً . قال: أین هو؟ قال: هو هنا ، فسأله فقال علی: أسندته إلی صدری ، فوضع رأسه علی منکبی فقال: الصلاة الصلاة . فقال کعب: کذلک آخر عهد الأنبیاء ، وبه أمروا وعلیه یبعثون .

قال :فمن غسله یا أمیر المؤمنین؟ قال: سل علیاً . قال فسأله فقال: کنت أغسله وکان العباس جالساً و کان أسامة وشقران یختلفان إلیَّ بالماء..

عن علی قال: قال رسول الله (ص) فی مرضه: أدعوا لی أخی ، قال فدعی له علی فقال أدن منی فدنوت منه فاستند إلیَّ فلم یزل مستنداً وإنه لیکلمنی حتی إن بعض ریق النبی (ص) لیصیبنی ، ثم نزل برسول الله وثقل فی حجری، فصحت یا عباس أدرکنی فإنی هالک! فجاء العباس فکان جهدهما جمیعاً أن أضجعاه..

عن الشعبی قال:توفی رسول الله (ص)ورأسه فی حجر علی وغسله علی والفضل محتضنه وأسامة یناول الفضل الماء . عن أبی غطفان قال: سألت بن عباس أرأیت رسول الله (ص)توفی ورأسه فی حجر أحد؟ قال: توفی وهو لمستند إلی صدر علی قلت: فإن عروة حدثنی عن عائشة أنها قالت توفی رسول الله (ص)بین سحری ونحری ! فقال بن عباس: أتعقل ، والله لتوفی رسول الله (ص)وإنه لمستند إلی صدر علی ، وهو الذی غسله وأخی الفضل بن عباس».

وقال السید شرف الدین فی المراجعات/328: « أما دعوی أم المؤمنین بأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قضی وهو فی صدرها فمعارضة ، بصحاح متواترة من طریق العترة الطاهرة ،

ص: 331

وحسبک من طریق غیرهم ما أخرجه ابن سعد بالإسناد إلی علی(علیه السّلام)، وأخرج أبو نعیم فی حلیته ، وأبو أحمد الفرضی فی نسخته ، وغیر واحد من أصحاب السنن ، عن علی قال: علمنی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یعنی حینئذ ألف باب کل باب یفتح ألف باب . وکان عمر بن الخطاب إذا سئل عن شئ یتعلق ببعض هذه الشؤون ، لا یقول غیر: سلوا علیاً ، لکونه هو القائم بها .

قلت: والأخبار فی تلک متواترة ، عن سائر أئمة العترة الطاهرة ، وإن کثیراً من المنحرفین عنهم لیعترفون بهذا ، حتی أن ابن سعد أخرج بسنده إلی الشعبی..

وکان أمیر المؤمنین(علیه السّلام)یخطب بذلک علی رؤوس الأشهاد ، وحسبک قوله من خطبة له(علیه السّلام):ولقد علم المستحفظون من أصحاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أنی لم أرد علی الله ولا علی رسوله ساعة قط ! ولقد واسیته بنفسی فی المواطن التی تنکص فیها الأبطال وتتأخر فیها الأقدام ، نجدةً أکرمنی الله بها. ولقد قبض(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وإن رأسه لعلی صدری ، ولقد سالت نفسه فی کفی فأمررتها علی وجهی ، ولقد ولیت غسله والملائکة أعوانی ، فضجت الدار والأفنیة ، ملأ یهبط وملأ یعرج ، وما فارقت سمعی هینمة منهم یصلون علیه ، حتی واریناه فی ضریحه.

وصح عن أم سلمة أنها قالت :والذی أحلف به إن کان علی لأقرب الناس عهداً برسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )! عدناه غداة وهو یقول: جاء علی ، جاء علی ، مراراً ، فقالت فاطمة: کأنک بعثته فی حاجة ؟ قالت: فجاء بعد ، فظننت أن له إلیه حاجة ، فخرجنا من البیت فقعدنا عند الباب ، قالت أم سلمة: وکنت من أدناهم إلی الباب فأکب علیه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وجعل یساره ویناجیه ، ثم قبض من یومه ذلک ، فکان علی أقرب الناس به عهداً ! ولو لم یعارض حدیث عائشة إلا حدیث أم سلمة وحده ، لکان حدیث أم سلمة هو المقدم ، لوجوه کثیرة ».

ص: 332

أسئلة:

س1: لقد اختلف حدیث علی(علیه السّلام)وعائشة الی حد التناقض ، ونحن لانتردد فی قبول کلام علی(علیه السّلام)ورد کلام عائشة ، فماذا تفعلون أنتم ؟!

س2: قال ابن حجر فی فتح الباری(8/106): « وهذا الحدیث یعارض ما أخرجه الحاکم وابن سعد من طرق أن النبی (ص) مات ورأسه فی حجر علی ، وکل طریق منها لا یخلو من شیعی ، فلا یلتفت إلیهم ! ثم قال: «وأخرج الحاکم فی الإکلیل من طریق حبة العدنی عن علی: أسندته إلی صدری فسالت نفسه . وحبة ضعیف. ومن حدیث أم سلمة قالت: علیٌّ آخرهم عهداً برسول الله (ص) .

والحدیث عن عائشة أثبت من هذا ، ولعلها أرادت آخر الرجال به عهداً . ویمکن الجمع بأن یکون علیٌّ آخرهم عهداً به ، وأنه لم یفارقه حتی مال فلما مال ظن أنه مات ، ثم أفاق بعد أن توجه ، فأسندته عائشة بعده إلی صدرها فقبض » !

فإذا کان ابن حجر یضعف الحدیث لوجود شیعی فیه ، فلماذا لایضعف أحادیث عشرات الرواة الشیعة فی أسانید البخاری ومسلم ، وهم یزیدون علی مئة راو ؟!

ففی مسند أحمد:4/92: «عن سعید بن المسیب أن معاویة دخل علی عائشة فقالت له: أما خفت أن أقعد لک رجلاً فیقتلک؟فقال: ما کنت لتفعلیه وأنا فی بیت أمان وقد سمعت النبی یقول: الإیمان قید الفتک! کیف أنا فی الذی

بینی وبینک حوائجک؟ قالت: صالح . قال: فدعینا وإیاهم حتی نلقی ربنا عز وجل» !

ثم ساءت علاقتها مع معاویة عندما أراد أن یأخذ البیعة لیزید ، لأنها کانت ترید الخلافة لأخیها عبد الرحمن ! فعندما دعا مروان فی مسجد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی بیعة یزید بن معاویة ، وقف عبد الرحمن بن أبی بکر فی وجهه وتشاتما ، فأمر مروان الشرطة أن یأخذوه ، فهرب الی غرفة عائشة ، فخرجت الی المسجد وشتمت مروان ، وهرَّبت أخاها من المدینة ، فقتلوه بالسم قرب مکة !

أسئلة:

س1:هل کان قتل معاویة لمحمد وعبد الرحمن ابنی أبی بکر ، بحق أم بباطل ؟ ولماذا سکتت علیه عائشة ؟!

س2: هل تعتبرون بیعة یزید بن معاویة باطلة لأن عائشة وقفت ضدها ، وهل تحتملون أن معاویة سم عائشة کما سم أخاها ، لأنهما رفضا بیعة یزید ؟!

وفی البخاری (6/10): «وددت أنی کنت نسیاً منسیاً»

وفی مسند ابن راهویه(2/40): «قالت عائشة: والله لوددت أنی کنت شجرة ، والله لوددت أنی کنت مدرة ، والله لوددت أن الله لم یکن خلقنی شیئاً قط »!

وکذا جاء عنها أنها قالت: یا لیتنی کنت ورقة من هذه الشجرة .

وقالت: وددت أنی إذا مت کنت نسیاً منسیاً .

وکانت إذا قرأت الآیة: وَقَرْنَ فی بُیُوتکن ، بکت بکاء شدیداً حتی تبل خمارها.. وکانت تحدث أولاً نفسها أن تدفن فی بیتها فقالت: «إنی أحدثت بعد رسول الله (ص) حدثاً! أدفنونی مع أزواجه ، فدفنت بالبقیع» والطبقات (8/51).

وقال الباقلانی فی التمهید/552 ، عن طلحة والزبیر وعائشة وکل من حارب علیاً(علیه السّلام): «ومنهم من یقول إنهم تابوا من ذلک ویستدل برجوع الزبیر وندم عائشة إذا ذکروا لها یوم الجمل وبکائها حتی تبل خمارها ! وقولها وددت أن لو کان لی عشرون ولداً من رسول الله (ص)کلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأنی ثکلتهم ، ولم یکن ما کان منی یوم الجمل ! وقولها: لقد أحدقت بی یوم الجمل الأسنة حتی صرت علی البعیر فی مثل اللجة، وإن طلحة قال لشاب من عسکر علی وهو یجود بنفسه: أمدد یدک أبایعک لأمیر المؤمنین ، وما هذا نحوه ».

أسئلة:

س1: بماذا تفسرون حسرات عائشة عند احتضارها ؟

س2: هل یدل یأس عائشة من غفران الله تعالی علی أنها لم تتب ، أو کانت تری أن التوبة لاتنفعها ؟!

س3: هل لاحظتم أن خصوم علی(علیه السّلام)کلهم یعیشون حالة رهیبة عند الموت! فیها التحسر والیأس والخوف والهلع من لقاء الله تعالی ، ویتمنون أن لایکونوا خلقوا ! وفی

ص: 335

المقابل یواجه علی وأبناؤه(علیهم السّلام) وشیعتهم الموت باطمئنان ویقین ، وثقة برحمة الله تعالی ، حتی اشتهر عن علی(علیه السّلام)قوله لما ضرب: فزت ورب الکعبة !

وشهد عمر ببراءته من دمه ، وحکم علی(علیه السّلام)بالقصاص علی ابن عمر لقتله مؤمناً فهرب الی معاویة ، فما هو الحد الذی یثبت علی حفصة ؟!

وکانت حفصة أمینة أبیها عمر فکان یودع عندها کل ما یکتبه فی نسخة القرآن التی یرید نشرها وإلزام المسلمین بها ! وقد جعلها وصیته علی أمواله (الأم للشافعی: 7/236) وأهمها بساتین ثمغ ، التی أهداها له الیهود زمن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) !

وصارت حفصة ثریة وکان لها مخصصات من الخلافة: «ابتاعت حفصة حلیاً بعشرین ألفاً فحبسته (أوقفته) علی نساء آل الخطاب » (المجموع:15/325).

س1: ما هی عقیدتکم فی ترتیب نساء النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأین تقع حفصة ؟!

وقد طلق النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )حفصة مرتین ورجع الیها ، وکانت الثانیة فی السنة التاسعة قبیل غزوة تبوک ، کما نص أبوها ، ورواه البخاری وغیره .أما الأولی فیبدو أنها فی نفس سنة زواجه بها .

س1: أخبر الله تعالی عن حفصة وعائشة بأنهما تعاونتا ضد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ودعاهما الی ترک ذلک والتوبة فقال: إِنْ تَتُوبَا إِلَی اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُکُمَا ، وفی قراءة: زاغت قلوبکما . ونزلت فیهما آیة النهی عن السخریة کما نص الجمیع، واعترفت حفصة بأنها کانت تغاضب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وتؤذیه ! فما حکم من ترتکب هذه المعاصی ، وهل وجدتم نصاً فی توبتهما ، وطلبهما من النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یستغفر لهما ؟!

قلوب قریش له من البغضاء والحسد والشنآن ، وأنه خائف منهم فتنة عاجلة تضر بالدین ، وعاهدها أن تکتم ذلک ولا تبدیه وتستره وتخفیه .

فنقضت عهد الله سبحانه علیها فی ذلک ، وأذاعت سره إلی حفصة ، وأمرتها أن تعلم أباها لیعلمه صاحبه ، فیأخذ القوم لأنفسهم ویحتالوا فی بعض ما یثبته رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )لأمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی حدیث طویل له أسباب مذکورة .

ففعلت ذلک حفصة واتفق القوم علی عقد بینهم إن مات رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یورثوا أحداً من أهل بیته ، ولایؤتوهم مقامه ! واجتهدوا فی تأخیرهم والتقدم علیهم ، فأوحی الله إلی نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بذلک وأعلمه ماصنع القوم وتعاهدوا علیه ، وأن الأمر یتم لهم محنة من الله تعالی للخلق بهم !

فأوقف النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عائشة علی ذلک وعرفها ما کان منها من إذاعة السر ، وطوی عنها الخبر بما علمه من تمام الأمر لهم ، لئلا تتعجل إلی المسرة به وتلقیه إلی أبیها فیتأکد طمع القوم فیما عزموا علیه ، وهو قوله تعالی:عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فالبعض الذی عرفه ما کان منها من إذاعة سره ، والبعض الذی أعرض عنه ذکر تمام الأمر لهم » .

وروی الطبرانی فی الکبیر:12/91، عن ابن عباس: « فقال لها رسول الله: لاتخبری عائشة حتی أبشرک ببشارة ، فإن أباک یلی من بعد أبی بکر إذا أنا مت ، ویلی عمر من بعده ، فذهبت حفصة فأخبرت عائشة » !

راجع ما کتبناه عن سورة التحریم فی السیرة النبویة عند أهل البیت(علیهم السّلام) .واتهام عائشة وحفصة لماریة القبطیة رضی الله عنها ونزول براءتها !

س1: هل قرأتم سورة التحریم وتأملتم فی تحذیر الله تعالی لزوجتی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وتهدیده لهما ، وأمره النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یجاهد المنافقین ویغلظ علیهم ، ثم ضرب لهما مثلاً

ص: 340

بامرأتی نبیین(علیهماالسّلام)کانتا منافقتین کافرتین ؟!فکیف یمکن لمنصف أن یقرأ هذا الذم والتقریع الذی نزل به جبرئیل(علیه السّلام)، ثم یغمض عینیه عنه ویمدحهما ؟!

وفی صحیح بخاری: 4/190، ومسند أحمد: 1/3 ، من حدیث طویل عن أبی بکر قال: «فقلت: یا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا ، فقال: لاتحزن إن الله معنا حتی إذا دنا منا فکان بیننا وبینه قدر رمح أو رمحین أو ثلاثة قال قلت: یا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبکیت»! والطبقات:4/366، وأبو یعلی:1/107، وابن شیبة:8/457، وغیرها.

أسئلة:

س1: ألا تلاحظون أن سبب هجرة أبی بکر الذی ذکرته هذه الروایات أرجح، لأنه خال من التناقض الذی ذکرته روایة السلطة ؟!

س2: من تناقض روایات السلطة أن بعضها ذکر أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )طلب من أبی بکر أن یهاجر معه فهاجر من بیته ، وبعضها یذکر أنه لم یکن علی علم بهجرته ؟

س3: ذکرت روایات السلطة أن أسماء بنت أبی بکر کانت یومها فی مکة ، وذکر بعضها أنها کانت مع زوجها الزبیر فی المدینة، وأنها فی تلک الفترة وضعت حملها ! فما هو الصحیح ؟!

س1: أقسمت عائشة بأنه لم ینزل فی أبی بکر وأولاده شئ من القرآن إلا آیة براءتها ، ومعناه أن آیة الغار لیست فی أبی بکر ، أو لیس فیها شئ من المدح له .

ففی صحیح بخاری:6/41: «کان مروان علی الحجاز ، استعمله معاویة فخطب فجعل یذکر یزید بن معاویة لکی یبایع له بعد أبیه ، فقال له عبد الرحمن بن أبی بکر شیئاً ، فقال: خذوه ، فدخل بیت عائشة فلم یقدروا علیه ، فقال مروان إن هذا الذی أنزل الله فیه: وَالَّذِی قَالَ لِوَالِدَیْهِ أُفٍّ لَکُمَا أَتَعِدَانِنِی أَنْ أُخْرَجَ.فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فینا شیئاً من القرآن إلا أن الله أنزل عذری»!

فکیف رددتم شهادة عائشة وادعیتم نزول أن عدة آیات فی فضل أبی بکر ! ورفعتم آیة الغار علماً وجعلتموه ثانی اثنین لتوهموا الناس بأن النبی الأول وأبا بکر الثانی ، مع أن الآیة جعلت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الثانی ، ولا یقصد منها العدد ؟!

ففی فتح الباری:13/180: « قال ابن التین: ما انفرد به أبو بکر وهو کونه ثانی اثنین وهی أعظم فضائله التی استحق بها أن یکون الخلیفة من بعد النبی(ص) لذلک قال (عمر): وإنه أولی الناس بأمورکم.. فقوموا فبایعوه ».وفی تحفة الأحوذی:10/106:« قالوا من أنکر صحبة أبی بکر کفر ، لأنه أنکر النص الجلی ! بخلاف صحبة غیره ».

س2: کیف جعلتم الآیة مدحاً لأبی بکر مع أن معناها أن الله تکفل بنصر نبیه (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وإن لم تنصروه ، فقد نصره الله عندما کان وحیداً فاراً من قومه لیس معه إلا شخص واحد غیر مقاتل ، فأنزل علیه السکینة والطمأنینة وجنوداً من ملائکته لم یرها رفقاءه . فلیس فی الآیة إلا إشارة الی شخص کان معه ،بقطع النظر عن نوع ذلک الشخص ، ومن هُوَ . والصحبة تکون للبر والفاجر ، کما قال تعالی: قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَیُحَاوِرُهُ أَکَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرَابٍ».

ص: 344

فالآیة تترکز علی الحدیث عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولا تنظر الی غیره ، بل تعمدت إفراد الضمائر فقالت: إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِینَ کَفَرُوا ، ولم تقل إذ أخرجهما. وقالت:فَأَنْزَلَ اللهُ سَکِینَتَهُ عَلَیْهِ وَأَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ولم تقل أیدهما أو أیدهم .

قال المفید(رحمه الله)فی الفصول المختارة/43، ما حاصله: «لم ینزل الله سبحانه السکینة قط علی نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی موطن کان معه فیه أحد من أهل الإیمان إلا عمهم فی نزول السکینة وشملهم بها فقال: فَأَنْزَلَ اللهُ سَکِینَتَهُ عَلَی رَسُولِهِ وَعَلَی الْمُؤْمِنِینَ. أما فی الغار فأفرد الله نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بالسکینة فقال: فَأَنْزَلَ اللهُ سَکِینَتَهُ عَلَیْهِ وَأَیَّدَهُ ! ولولا أن أبا بکر أحدث بحزنه فی الغار منکراً لما حرمه الله من السکینة التی تنزل علی المؤمنین !

راجع فی آیة الغار: الصحیح من السیرة:4/23، والصوارم المهرقة/302 ، وقد رد ادعائهم نزول آیات فی أبی بکر.، وشرح الأخبار: 2/245 ، والإختصاص/96 ، والاحتجاج: 2/143، والمسترشد/433 ، والعیاشی: 2/88 ، والدر المنثور: 6/41 ، وعمدة القاری: 19/169،والتسهیل: 2/13.

س3: جعل رواة السلطة لأسماء بنت أبی بکر دوراً فی الهجرة وأنها کانت تحمل لهم الطعام الی الغار فشقت حزامها قطعتین لتربط الزاد ، فسماها النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ذات النطاقین ، مع أنها هاجرت قبلهم الی المدینة مع زوجها الزبیر ، ووضعت ابنها عبدالله هناک فی تلک الأیام ! (تاریخ خلیفة بن خیاط/207) !

س4: لماذا غطی رواة السلطة أن أبا بکر ترک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی قباء ؟فقال ابن هشام: 2/342: «نزل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی قباء.ونزل أبو بکر علی خبیب بن إساف أحد بنی الحارث بن الخزرج بالسنح».وقال ابن خلدون :2ق2/15: « ونزل أبو بکر بالسنح فی بنی الحرث». والسنح یقع فی العالیة خارج المدینة باتجاه نجد ! « قال عیاض: هذا حدُّ أدناها وأبعدها ثمانیة أمیال ، وبه جزم ابن عبد البر ».(الصحیح من السیرة: 11/63).

وغاب الشیخان فلا تجد لهما ذکراً فی قباء، ولافی دخول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی المدینة ، ولا فی بناء مسجده ! وقد روینا عن أهل البیت(علیهم السّلام) کما فی الکافی: 8/338: « فقال له أبو بکر:

ص: 345

إنهض بنا إلی المدینة ، فإن القوم قد فرحوا بقدومک وهم یستریثون إقبالک إلیهم فانطلق بنا ولاتقم هاهنا تنتظر علیاً فما أظنه یقدم علیک إلی شهر !

فقال له رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): کلّا ما أسرعه ، ولست أریم حتی یقدم ابن عمی وأخی فی الله عز وجل وأحب أهل بیتی إلیَّ ، فقد وقانی بنفسه من المشرکین. قال: فغضب عند ذلک أبو بکر واشمأز ، وداخله من ذلک حسد لعلی(علیه السّلام).. فانطلق حتی دخل المدینة ، وتخلف رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بقبا ینتظر علیاً » .

قال: وما کان أحدکم لیطحن ، قال: فجاء وهو أرمد لا یکاد یبصر ، فتفل فی عینیه ثم هز الرایة ثلاثاً فدفعها إلیه..»

ثم ذکر ابن عباس عدة مناقب لعلی منها أن الله أمر نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن یأخذ سورة براءة من أبی بکر ویدفعها الیه ، لأنه لا یبلغ عنه إلا هو ، أو رجل منه ! وسنن النسائی:5/113، وأحمد:1/330 ، والحاکم:3/132، والسنة لابن أبی عاصم/588، وتاریخ دمشق: 42/101 ونهایة ابن کثیر:7/374، والخوارزمی/125، وفرات/341، وکشف الیقین/27، وینابیع المودة:1/110، وشرح الأخبار:2/299 ، والمراجعات/195، وقال صححه الذهبی .

وفی مسند أحمد (1/151) ، عن علی(علیه السّلام)قال: « دعا النبی(ص) أبا بکر فبعثه بها لیقرأها علی أهل مکة ، ثم دعانی النبی(ص)فقال لی أدرک أبا بکر فحیثما لحقته فخذ الکتاب منه ، فاذهب به إلی أهل مکة فاقرأه علیهم ، فلحقته بالجحفة فأخذت الکتاب منه ورجع أبو بکر إلی النبی(ص)فقال: یا رسول الله نزل فی شئ؟ قال :لا ولکن جبریل جاءنی فقال: لن یؤدی عنک إلا أنت أو رجل منک ».

وفی سنن النسائی:5/129، عن سعد بن وقاص قال: « بعث رسول الله(ص) أبا بکر ببراءة حتی إذا کان ببعض الطریق أرسل علیاً فأخذها منه ثم سار بها ، فوجد أبو بکر فی نفسه (حزن أو غضب ) فقال: قال رسول الله(ص)إنه لا یؤدی عنی إلا أنا أو رجل منی».

أقول: هذا ظاهر فی أن أبا بکر رجع وذهب بدله علی(علیه السّلام)وأبلغ المکیین الآیات ، وقرأها مرات فی الموسم . قال الإمام الباقر(علیه السّلام)لما قرأ قوله تعالی: بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَی الَّذِینَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِکِینَ. فَسِیحُوا فِی الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ..قام خداش وسعید أخوا عمرو بن ود فقال: وما یسرُّنا علی أربعة أشهر ، بل برئنا منک ومن ابن عمک فلیس بیننا وبین ابن عمک إلا السیف والرمح ، وإن شئت بدأنا بک !

ص: 347

فقال علی(علیه السّلام): أجل أجل ، إن شئت ، هلموا ! ثم واصل(علیه السّلام)تلاوته: وَاعْلَمُوا أَنَّکُمْ غَیْرُ مُعْجِزِی اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِی الْکَافِرِینَ».(المناقب:1/392، وإقبال الأعمال: 2/41).

أسئلة:

س1: ألا ترون أن المتعصبین لأبی بکر استعظموا أن یعزله النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عن تبلیغ سورة براءة بأمر الله تعالی ! فوضعوا حدیث أن أبا بکر بقی أمیر الحاج فی تلک السنة ، وأن مهمة علی(علیه السّلام) کانت تبلیغ سورة براءة فقط !

قال ابن هشام (4/972): « ثم دعا علی بن أبی طالب فقال له: أخرج بهذه القَصَّة من صدر براءة ، وأذن فی الناس یوم النحر إذا اجتمعوا بمنی ، أنه لا یدخل الجنة کافر ولا یحج بعد العام مشرک ، ولا یطوف بالبیت عریان ، ومن کان له عند رسول الله (ص) عهد فهو له إلی مدته ، فخرج علی بن أبی طالب علی ناقة رسول الله(ص) العضباء ، حتی أدرک أبا بکر بالطریق ، فلما رآه أبو بکر بالطریق قال: أأمیر أم مأمور؟ فقال: بل مأمور ، ثم مضیا، فأقام أبو بکر للناس الحج ، والعرب إذا ذاک فی تلک السنة علی منازلهم من الحج التی کانوا علیها فی الجاهلیة ، حتی إذا کان یوم النحر قام علی بن أبی طالب فأذن فی الناس بالذی أمره به رسول الله(ص) » !

ولم یکتفوا بذلک حتی زعموا أن أبا بکر کسر أمر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأرسل مؤذنین فی الحج بلغوا سورة براءة ! قال أبو هریرة: «بعثنی أبو بکر فی تلک الحجة فی مؤذنین یوم النحر نؤذن بمنی أن لا یحج بعد العام مشرک ولا یطوف بالبیت عریان »! (بخاری :1/97).

قال الشیخ محمود أبو ریة فی کتابه: شیخ المضیرة أبو هریرة/109: «ومن ذلک أنه زعم أنه کان مع أبی بکر فی حجته ، وأورد فی ذلک أحادیث ملفقة متعارضة ، وللأسف أوردها البخاری فی کتابه ، وکلها قد جاءت من قبل أبی هریرة وابنه المحرر ، فمرة یقول: إن

ص: 348

أبا بکر قد بعثه فی مؤذنین فی تلک الحجة لیؤذن فی الناس ، ثم أردف النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعلی فأمره أن یؤذن ببراءة ! أی أنه کان مع أبی بکر وأن علیاً قدم علیهم.

وتارة أخری یقول: کنت فی البعث الذین بعثهم رسول الله مع علی ببراءة وکنا نقول: لایدخل الجنة إلا مؤمن ولا یحج بعد العام مشرک ولا یطوف بالبیت عریان، ومن کان بینه وبین رسول الله عهد فأجله إلی أربعة أشهر»!

وواقع القصة کما رواها العلامة الحلی فی کشف الیقین/172: « کان النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعث أبا بکر ببراءة إلی مکة: ألا یحج بعد العام مشرک ، ولا یطوف بالبیت عریان ، ولا یدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن کان بینه وبین رسول الله مدة فأجله مدته والله برئ من المشرکین ورسوله. فسار بها ثلاثة أیام فنزل جبریل وقال: إن الله یقرؤک السلام ویقول لک: لا یؤدی عنک إلا أنت أو رجل منک ، فاستدعی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )علیاً(علیه السّلام)وقال له: إرکب ناقتی العضباء والحق أبا بکر فخذ براءة من یده ، وامض بها إلی مکة فانبذ عهد المشرکین إلیهم ، وخیر أبا بکر بین أن یسیر مع رکابک أو یرجع . فرکب أمیر المؤمنین ناقة رسول الله العضباء وسار حتی لحق أبا بکر ، فلما رآه جزع من لحوقه واستقبله وقال:فیمَ جئت یا أبا الحسن ؟ أسائر أنت معی أو لغیر ذلک؟ فقال له أمیر المؤمنین(علیه السّلام): إن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أمرنی أن ألحقک وأقبض منک الآیات من براءة وأنبذ بها عهد المشرکین إلیهم ، وأمرنی أن أخیرک بین أن تسیر معی أو ترجع إلیه ، فقال: بل أرجع إلیه. وعاد إلی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فلما دخل علیه قال: یا رسول الله إنک أهلتنی لأمر طالت الأعناق فیه إلی ، فلما توجهت إلیه رددتنی عنه أنزل فی القرآن ؟

فقال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):لا ولکن الأمین هبط إلی عن الله عز وجل بأنه لا یؤدی عنک إلا أنت أو رجل منک ، وعلی منی ولا یؤدی عنی إلا علی .

حدث الزبیر بن بکار بن الزبیر بن العوام وکان من بنی أمیة ، عن ابن عباس قال: إنی لأماشی عمر بن الخطاب فی سکة من سکک المدینة ، إذ قال لی: یا ابن عباس ما أظن

ص: 349

صاحبک إلا مظلوماً ! قلت: فاردد ظلامته ! فانتزع یده من یدی ومضی وهو یهمهم ساعة ثم وقف فلحقته ، فقال: یا ابن عباس ما أظنهم منعها منه إلا لأنهم استصغروه ! فقلت والله ما استصغره الله حین أمره أن یأخذ سورة براءة من صاحبک ! قال: فأعرض عنی» !

س2: روی الجمیع بأصح الأسانید قول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):« علی منی وأنا منه ، ولا یؤدی عنی إلا أنا أو علی».(أحمد:4/165،وابن ماجة:1/44، والترمذی:5/300، وفضائل الصحابة/15، ومجمع الزوائد (7/29).

وفی السنة لابن أبی عاصم/552: «قال رسول الله (ص): علی منی وأنا من علی ، ولا یؤدی عنی إلا أنا أو علی ».

وفی الجامع الصغیر(2/177):«علیٌّ منی وأنا من علی، ولا یؤدی عنی إلا أنا أو علی . علی منی بمنزلة رأسی من بدنی ».

والسؤال: هل أدی أبو بکر وعمر شیئاً عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی حیاته وبعده ، أم لا ؟وإذا کان لایحق لهما أن یؤدیا عنه أی شئ حتی صغیراً، فکیف جاز لهما أن یحکما أمته باسمه ! راجع فی سورة براءة والأداء عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): علل الشرائع(1/189) ، والإرشاد (1/65) ، والعیاشی(2/74) ، وإعلام الوری(1/248) ، وإحقاق الحق للتستری/276 ، وفتح الباری(8/40و66) ، وعمدة القاری (4/78، و:18/17و260) ، وتحفة الأحوذی(8/386 و:10/152) وخصائص النسائی/90، وتخریج الأحادیث (2/49) ، وکشف الخفاء (1/204) .

أما إنی لا آسی علی شی إلا علی ثلاث فعلتهن وددت أنی لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أنی فعلتهن ، وثلاث وددت أنی سألت رسول الله عنهن:فأما الثلاث التی وددت أنی لم أفعلهن : فوددت أنی لم أکن کشفت بیت فاطمة وترکته وإن أغلق علی الحرب! ووددت أنی یوم سقیفة بنی ساعدة قذفت الأمر فی عنق أحد الرجلین أبی عبیدة أو عمر وکان أمیر المؤمنین وکنت وزیراً !

ووددت أنی حین وجهت خالد بن الولید إلی أهل الردة ، أقمت بذی القصة ، فإن ظفر المسلمون ظفروا وإلا کنت ردءاً ومدداً.

وأما الثلاث اللاتی وددت أنی فعلتها : فوددت أنی یوم أتیت بالأشعث أسیراً ضربت عنقه ، فإنه یخیل إلی أنه لا یکون شر إلا طار إلیه !

ووددت أنی یوم أتیت بالفجأة السلمی لم أکن أحرقته وقتلته سریحاً أو أطلقته نجیحاً . ووددت أنی حین وجهت خالد بن الولید إلی الشام ، وجهت عمر إلی العراق فأکون قد بسطت یمینی وشمالی فی سبیل الله عز وجل .

وأما الثلاث اللاتی وددت أنی سألت رسول الله عنهن: فوددت أنی سألته فیمن هذا الأمر فلا ینازع أهله ،ووددت أنی کنت سألته هل للأنصار فی هذا الأمر سبب . ووددت أنی سألته عن العمة وبنت الأخ ، فإن فی نفسی منهما حاجة »!

أقول: هذا نص علی أن أبا بکر ندم علی مهاجمته بیت فاطمة(علیهاالسّلام)حتی لو کانوا یعدون العدة لحربه ! وقد استفاضت روایة مهاجمتهم لبیت فاطمة(علیهاالسّلام)!

ونورد خلاصتها من کتاب: حوار مع فضل الله/247، للسید هاشم الهاشمی، قال:

« ومن هذه المصادر ما یلی:

ص: 351

1 - ما رواه سلیم بن قیس الهلالی المتوفی حدود سنة 76 ه فی کتابه : « ثم دفعه أی عمر فدخل فاستقبلته فاطمة وصاحت یا أبتاه یا رسول الله ، وکذلک رواه بعبارة أخری هی: فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو وأصحابه بغیر إذن »

2 - ما ذکره حمید بن زنجویه المتوفی سنة251 ه فی کتابه من قول أبی بکر : فوددت انی لم أکشف بیت فاطمة .ولکن ابن زنجویه نقل هذا الحدیث بشکل آخر فیه حذف بغرض التستر علی من هجم علی بیت الزهراء(علیهاالسّلام)، وجاء فیه : فوددت أنی لم أکن فعلت کذا وکذا لشئ ذکره .

3 - ما ذکره الفضل بن شاذان المتوفی سنة260 ه فی کتابه حیث قال : وروی زیاد البکائی وکان من فرسان أصحابکم فی الحدیث قال: أخبرنا صالح بن کیسان ، عن أیاس بن قبیصة الأسدی وکان شهد فتح القادسیة یقول: سمعت أبا بکر یقول: وأما الثلاث التی فعلتهن ولیتنی لم أفعلهن ، فکشفی بیت فاطمة .

4 - ما أشار إلیه عبد الله بن مسلم بن قتیبة المتوفی سنة 276 ه فی کتابه بقوله : وبقی عمر ومعه قوم فأخرجوا علیاً.

5 - ما ذکره أحمد بن أبی یعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الکاتب العباسی المعروف بالیعقوبی والمتوفی بعد سنة 292 ه فی تاریخه من قول أبی بکر قرب وفاته: «ولیتنی لم أفتش بیت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال ولو کان أغلق علی حرب » وکذلک فی موضع آخر من تاریخه حیث جاء فیه: « فأتوا فی جماعة حتی هجموا الدار.ودخلوا فخرجت فاطمة».

6 - ما رواه محمد بن مسعود بن عیاش السلمی المعروف بالعیاشی الذی عاش فی أواخر القرن الثالث فی تفسیره ، فقد جاء فیه: «فرأتهم فاطمة صلوات الله علیها أغلقت الباب فی وجوههم ، وهی لا تشک أن لا یدخل علیها إلا

ص: 352

بإذنها ، فضرب عمر الباب برجله فکسره وکان من سعف ، ثم دخلوا فأخرجوا علیاً(علیه السّلام)».

7 - ما ذکره محمد بن جریر الطبری المتوفی سنة310 فی کتابه تاریخ الأمم والملوک:2/619 بکلام مشابه لما نقله الیعقوبی .

8 - ما رواه الشیخ محمد بن یعقوب الکلینی المتوفی سنة 329 ه عن الحسین بن محمد ، عن المعلی ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن أبی هاشم قال : « لما أخرج بعلی(علیه السّلام)خرجت فاطمة واضعة قمیص رسول الله علی رأسها ، آخذة بیدی ابنیها، فقالت: ما لی ولک یا أبا بکر ؟ ترید أن تؤتم ابنی وترملنی من زوجی؟ والله لولا أن یکون سیئة لنشرت شعری ، ولصرخت إلی ربی ! فقال رجل من القوم: ما ترید إلی هذا ؟ ثم أخذت بیده فانطلقت به».

وبالإسناد عن أبان ، عن علی بن عبد العزیز ، عن عبد الحمید الطائی ، عن أبی جعفر(علیه السّلام)قال :والله لو نشرت شعرها ماتوا طراً .

9 - ما ذکره المؤرخ علی بن الحسین المسعودی المتوفی سنة 346 ه فی کتابه إثبات الوصیة حیث جاء فیه: فأقام أمیر المؤمنین(علیه السّلام)ومن معه من شیعته فی منزله بما عهد إلیه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فوجهوا إلی منزله فهجموا علیه وأحرقوا بابه واستخرجوه منه !وکذلک ما رواه فی مروج الذهب من کلام مقارب لما نقله الیعقوبی.

10 - ما رواه جعفر بن محمد بن قولویه المتوفی سنة 367 ه فی کتابه کامل الزیارات، فقد جاء فیه من حدیث عن الامام الصادق (علیه السّلام)أن مما أخبره الله عز وجل نبیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لیلة أسری به إلی السماء عن ابنته فاطمة الزهراء(علیهاالسّلام)ما یلی: «ویُدخل علیها وعلی حریمها ومنزلها بغیر إذن ، ثم یمسها هوان وذل »!

ص: 353

11 - ما رواه الشیخ الصدوق محمد بن علی بن الحسین بن بابویه القمی سنة 381 ه فی باب الثلاثة من خصاله بحدیث مشابه لما ذکره الیعقوبی آنفاً.

12 - ما رواه محمد بن جریر بن رستم الطبری الذی عاش فی القرن الرابع فی کتابه دلائل الإمامة ، فقد جاء فیه : «فلما قبض رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وجری ما جری فی یوم دخول القوم علیها دارها وإخراج ابن عمها أمیر المؤمنین» .

ونقل أیضاً فی المسترشد عن أبی جعفر محمد بن هارون الربعی البغدادی البزاز المعروف بأبی نشیط أنه قال : أخبرنا مخول بن إبراهیم النهدی ، قال : حدثنا مطر بن أرقم ، قال : حدثنا أبو حمزة الثمالی ، عن علی بن الحسین (علیه السّلام)قال: «لما قبض النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وبویع أبو بکر ، تخلف علی(علیه السّلام)فقال عمر لأبی بکر : ألا ترسل إلی هذا الرجل المتخلف فیجئ فیبایع ؟ قال أبو بکر: یا قنفذ اذهب إلی علی وقل له: یقول لک خلیفة رسول الله تعال بایع ! فرفع علی(علیه السّلام)صوته وقال : سبحان الله ما أسرع ما کذبتم علی رسول الله! قال: فرجع فأخبره ، ثم قال عمر: ألا تبعث إلی هذا الرجل المتخلف فیجئ فیبایع ؟ فقال لقنفذ: إذهب إلی علی ، فقل له : یقول لک أمیر المؤمنین: تعال بایع ، فذهب قنفذ ، فضرب الباب ، فقال علی: من هذا ؟ قال: أنا قنفذ ، فقال: ما جاء بک؟قال: یقول لک أمیر المؤمنین تعال فبایع!

فرفع علی صوته وقال : سبحان الله ! لقد ادعی ما لیس له ، فجاء فأخبره ، فقام عمر فقال: انطلقوا إلی هذا الرجل حتی نجئ إلیه ، فمضی إلیه جماعة ، فضربوا الباب ، فلما سمع علی(علیه السّلام)أصواتهم لم یتکلم ، وتکلمت امرأته فقالت: من هؤلاء ؟ فقالوا: قولی لعلی یخرج ویبایع ، فرفعت فاطمة(علیهاالسّلام) صوتها فقالت: یا رسول الله ما لقینا من أبی بکر وعمر من بعدک ؟! فلما سمعوا صوتها بکی کثیر ممن کان معه ثم انصرفوا ، وثبت عمر فی ناس معه فأخرجوه وانطلقوا به ، إلی

ص: 354

أبی بکر حتی أجلسوه بین یدیه ! فقال أبو بکر: بایع ، قال: فإن لم أفعل؟ قال: إذا والله الذی لا إله إلا هو تضرب عنقک »!

13 - ما ذکره أبو الصلاح الحلبی المتوفی سنة447 ه فی کتابه تقریب المعارف: «ومما یقدح فی عدالة الثلاثة قصدهم أهل بیت نبیهم بالتحیف والأذی والوضع من أقدارهم واجتناب ما یستحقونه من التعظیم ، فمن ذلک عدم أمان کل معتزل بیعتهم ضررهم ، وقصدهم علیاً(علیه السّلام)بالأذی لتخلفه عنهم ، والإغلاظ له فی الخطاب والمبالغة فی الوعید ، وإحضار الحطب لتحریق منزله ، والهجوم علیه بالرجال من غیر إذنه ، والإتیان به ملبباً»!

14 - ما ذکره عز الدین أبو حامد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسین بن أبی الحدید المدائنی المعتزلی المتوفی سنة 656 ه فی کتابه حیث قال:«فأما امتناع علی من البیعة حتی أخرج علی الوجه الذی أخرج علیه ، فقد ذکر المحدثون ورواة أهل السیر. روی سعد بن إبراهیم أن عبد الرحمن بن عوف کان مع عمر ذلک الیوم ، وأن محمد بن مسلمة کان معهم ، وأنه هو الذی کسر سیف الزبیر . وکان خارج البیت مع خالد جمع کثیر من الناس ، أرسلهم أبو بکر ردءاً لهما ! ثم دخل عمر فقال لعلی: قم فبایع فتلکأ واحتبس فأخذ بیده ، وقال: قم فأبی أن یقوم ، فحمله ودفعه کما دفع الزبیر ، ثم أمسکهما خالد وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنیفاً ! واجتمع الناس ینظرون وامتلأت شوارع المدینة بالرجال ورأت فاطمة ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء کثیر من الهاشمیات وغیرهن ، فخرجت إلی باب حجرتها ، ونادت: یا أبا بکر ، ما أسرع ما أغرتم علی أهل بیت رسول الله ! والله لا أکلم عمر حتی ألقی الله » !

ص: 355

ثم روی عن عمربن شبة ، أن عبد الله بن الحسن سئل عن أبی بکر وعمر فقال: «کانت أمنا صدیقة ابنة نبی مرسل،وماتت وهی غضبی علی قوم ، فنحن غضاب لغضبها»! راجع: مأساة الزهراء:1/212 ، ونفحات الأزهار:3/298 ، و303و305.

أسئلة:

س1: ما معنی قول أبی بکر : «فوددت أنی لم أکن کشفت بیت فاطمة وترکته وإن أغلق علی الحرب »! وهل ندم علی مهاجمتهم البیت ندماً دینیاً مبعثه التقوی أو ندماً سیاسیاً لأن هذا الهجوم أضر بهم ؟

س2: ما معنی قوله «وإن أغلق علی الحرب» هل کان یحتمل أن علیاً والمعتصمین فی البیت یفکرون بمهاجتهم ؟!

س3: لماذا تمنی أن یکون یوم السقیفة بایع عمر أو أبا عبیدة ، وهل أن حصره البدیل له بهما یشیر الی الإتفاق الرباعی بینهم والصحیفة التی کتبوها فی الکعبة ؟ولماذا لم یذکر الرابع وهو سالم مولی حذیفة ، وقد کان عمر یذکره مع أبی عبیدة ؟!

س4: ما معنی قوله: «ووددت أنی حین وجهت خالد بن الولید إلی أهل الردة ، أقمت بذی القصة ، فإن ظفر المسلمون ظفروا وإلا کنت ردءاً ومدداً» ؟

فذو القصة مکان علی برید من المدینة (سنن البیهقی:8/334) وقد خرج الیه أبو بکر فی جمادی الثانیة أی بعد شهرین من خلافته ، فقد جمع طلیحة الأسدی جیشه وأغار علی أطراف المدینة ، ودخل بعضهم الی المدینة یطلبون إعفاءهم من الزکاة ، وقبل بذلک عمر وحاول إقناع أبی بکر ، لکن علیاً(علیه السّلام)رفض وحرک أبا بکر والمسلمین الی ذی القصة ، قال ابن عمر کما فی غرائب مالک للدارقطنی: « لما ندر أبو بکر الصدیق إلی ذی القصة فی شأن أهل الردة واستوی علی راحلته ، أخذ علی بن أبی طالب بزمام راحلته وقال: إلی أین یا خلیفة رسول الله؟ أقول لک ما قال لک رسول الله یوم أحد:

ص: 356

شم سیفک ولا تفجعنا بنفسک ، وارجع إلی المدینة ، فوالله لئن فجعنا بک لا یکون للإسلام نظام أبداً » ! (کنز العمال:5/658) فأرسل المسلمین الی حرب طلیحة بقیادة خالد بن الولید ، ورجع الی المدینة .

فهل تمنی أبو بکر فی آخر عمره أن یکون بقی فی ذی القصة لیدیر المعرکة بأحسن مما وقعت ، وهل یقصد الندم علی ما فعله خالد بن الولید حیث غدر بمالک بن نویرة رئیس بنی یربوع من بنی تمیم ووالیهم من قبل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فقتله وأخذ زوجته ؟!

راجع فی خبر ذی القصة: تاریخ خلیفة/65، وتاریخ الطبری:2/474، و476 ، و480، والتنبیه والإشراف/219، وشرح النهج:17/153، ومعجم البلدان:4/366 ،

س5: ما معنی ندمه علی عدم قتل الأشعث بن قیس: «فوددت أنی یوم أتیت بالأشعث أسیراً ضربت عنقه ، فإنه یخیل إلی أنه لا یکون شر إلا طار إلیه »!

ولکن أبا بکر عفا عنه وزوجه أخته ، فصار الأشعث من زعماء الدولة فی عهده وعهد عمر وعثمان ، وکانت له أدوار شریرة کما وصفه !

س6: قال أبو بکر «وددت أنی یوم أتیت بالفجأة السلمی لم أکن أحرقته وقتلته سریحاً أو أطلقته نجیحاً ». فهل اعتراف بالذنب کما تقدم ، وهل یکفی لبراءة الذمة منه ؟!

س7: لماذا تمنی أبو بکر أن یکون أرسل عمر الی العراق ، هل یرید أن یقتل عمر فی المعارک أو غیرها ، أم إبعاده عن التدخل فی أمر الخلافة ؟!

س8: أعجب ما فی کلام أبی بکر قوله الأخیر: «وأما الثلاث اللاتی وددت أنی سألت رسول الله عنهن: فوددت أنی سألته فیمن هذا الأمر فلا ینازع أهله ، ووددت أنی کنت سألته هل للأنصار فی هذا الأمر سبب. ووددت أنی سألته عن العمة وبنت الأخ ، فإن فی نفسی منهما حاجة »! فکیف لایعرف لمن الأمر بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقد بایع بالأمس علیاً(علیه السّلام)وبخبخ له هو وعمر ؟! وقد کان النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )من أول بعثته یاخذ البیعة من المسلمین علی عدم منازعة الأمر أهله من بعده ، کما تقدم فی حقوق أهل البیت(علیهم السّلام) ؟!

ص: 357

وهل نسی أبو بکر وصایا النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )المتکررة بالأنصار ؟

ولماذا خص بالذکر سهم العمة وبنت الأخ فی الإرث ، ولم یذکر الجدة والکلالة وغیرها من مسائل الفقه ، التی تحیر فیها ووقع فی التناقض ؟!

امرأته ! فلما أقبل خالد قام إلیه عمر فانتزع الأسهم من لأمته وحطمها ، ثم قال: أریاءً! قتلت امرءا مسلماً ثم نزوت علی امرأته! والله لأرجمنک بأحجارک !

فدخل خالد فاعتذر لأبی بکر فقبل عذره ، واعتبر خالد مجتهداً ومأجوراً ، لأنه قتل صاحب رسول الله وأمیره ! أما مالک فلا أجر له مع أنه صحابی لأن قاتله خالد بن الولید من أهل الطاعة !

قال ابن تیمیة فی منهاجه السنة :3/19: «وأکثر هذه الأمور لهم فیها معاذیر تخرجها عن أن تکون ذنوباً ، وتجعلها من موارد الإجتهاد التی إن أصاب المجتهد فیها فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ! وقال ابن حزم فی المحلی وابن الترکمانی فی الجوهر النقی: لا خلاف بین أحد من الأمة بأن عبد الرحمن بن ملجم لم یقتل علیا إلا متأولاً مجتهداً ، مقدراً أنه علی صواب !

وهکذا فإن المقتول علیاً(علیه السّلام)کالقاتل عبد الرحمن بن ملجم ، وکلاهما مأجور لأنه مجتهد ! والقاتل أبو لؤلؤة مثل المقتول عمر وکلاهما مأجور لأنه مجتهد »!

وفی الفضائل لشاذان بن جبرئیل القمی/75:«قال البراء بن عازب بینا رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) جالس فی أصحابه إذا أتاه وافد من بنی تمیم مالک بن نویرة ، فقال: یا رسول الله علمنی الإیمان ، فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): تشهد أن لا إله الا الله وحده لا شریک له وأنی رسول الله، وتصلی الخمس ، وتصوم رمضان ، وتؤدی الزکاة ، وتحج البیت، وتوالی وصیی هذا من بعدی ، وأشار إلی علی(علیه السّلام)بیده ، ولا تسفک دماً ولا تسرق ، ولا تخون ، ولا تأکل مال الیتیم، ولا تشرب الخمر ، وتوفی بشرائعی وتحلل حلالی ، وتحرم حرامی ، وتعطی الحق من نفسک للضعیف والقوی ، والکبیر والصغیر ، حتی عد علیه شرائع الإسلام .

ص: 359

فقال یا رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أعِدْ علیَّ فإنی رجلٌ نَسَّاء ، فأعاد علیه فعقدها بیده وقام وهو یجر إزاره وهو یقول: تعلمت الإیمان ورب الکعبة ، فلما بعد من رسول الله قال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): من أحب أن ینظر إلی رجل من أهل الجنة فلینظر إلی هذا الرجل ! فقال أبو بکر وعمر: إلی من تشیر یا رسول الله ؟ فأطرق إلی الأرض ، فجدَّا فی السیر فلحقاه فقالا: لک البشارة من الله ورسوله بالجنة !فقال: أحسن الله تعالی بشارتکما إن کنتما ممن یشهد بما شهدت به فقد عَلمتما ما علمنی النبی محمد (صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وإن لم تکونا کذلک فلا أحسن الله بشارتکما !

فقال أبو بکر: لا تقل فأنا أبو عائشة زوجة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! قال: قلت ذلک ، فما حاجتکما ؟ قالا: إنک من أصحاب الجنة فاستغفر لنا ، فقال: لا غفر الله لکما تترکان رسول الله صاحب الشفاعة ، وتسألانی أستغفر لکما ! فرجعا والکآبة لائحة فی وجهیهما ، فلما رآهما رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )تبسم وقال: أفی الحق مغضبة؟!

فلما توفی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ورجع بنو تمیم إلی المدینة ومعهم مالک بن نویرة فخرج لینظر من قام مقام رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فدخل یوم الجمعة وأبو بکر علی المنبر یخطب بالناس فنظر إلیه وقال: أخو تیم؟! قالوا: نعم. قال: فما فعل وصی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الذی أمرنی بموالاته ؟ قالوا: یا أعرابی الأمر یحدث بعده الأمر ! قال: بالله ما حدث شئ ، وإنکم قد خنتم الله ورسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!ثم تقدم إلی أبی بکر وقال: من أرقاک هذ المنبر ووصی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )جالس؟فقال أبو بکر: أخرجوا الأعرابی البوال علی عقبیه من مسجد رسول الله! فقام إلیه قنفذ بن عمیر وخالد بن الولید فلم یزالا یلکزان عنقه حتی أخرجاه ، فرکب راحلته وأنشأ یقول

أطعنا رسول الله ما کان بیننا

فیا قوم ما شأنی وشأن أبی بکر

إذا مات بکر قام عمرٌو ومقامه

فتلک وبیت الله قاصمة الظهر

ص: 360

یدب ویغشاه العشار کأنما

یجاهد جماً أو یقوم علی قبر

فلو قام فینا من قریش عصابة

أقمنا ولکن القیام علی جمر

قال: فلما استتم الأمر لأبی بکر وجه خالد بن الولید وقال له: قد علمت ما قاله مالک علی رؤس الأشهاد ، ولست آمن أن یفتق علینا فتقاً لا یلتئم ، فاقتله ! فحین أتاه خالد رکب جواده وکان فارساً یعد بألف ، فخاف خالد منه فآمنه وأعطاه المواثیق ، ثم غدر به بعد أن ألقی سلاحه فقتله وأعرس بامرأته فی لیلته! وجعل رأسه فی قدر فیها لحم جزور لولیمة عرسه وبات ینزو علیها نزو الحمار»!

أقول: مالک بن نویرة رضی الله عنه صحابی جلیل کما رأیت ، وقد شهد له النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )بالجنة ونصت روایتنا علی أن أبا بکر أمر خالداً بقتله لأنه اعترض علی خلافته ، فخاف أن یحرک بنی تمیم وینصروا علیاً(علیه السّلام)، فاحتال علیه خالد وقتله !

ونلاحظ أن خالداً یستعمل أسلوب الغدر بدل المبارزة ، وقد روی الجمیع أنه غدر ببنی جذیمة بعد أن أمَّنَهم ، کما غدر بمالک وبنی یربوع بعد أن أمنهم !

کما کان خالد یجید الفرار کما فعل فی تبوک ! وینکص عن المبارزة ، کما فی معرکة الیرموک ! ولم أجده خاض مبارزة مباشرة ، کما یخوضها الأبطال !

قال الطبری(2/503) یصف قتله لمالک بن نویرة: «لما غشوا القوم راعوهم تحت اللیل ، فأخذ القوم السلاح قال فقلنا إنا لمَسلمون ! فقالوا ونحن مسلمون ! قلنا: فما بال السلاح معکم؟ قالوا لنا: فما بال السلاح معکم؟ قلنا: فإن کنتم کما تقولون فضعوا السلاح، قال فوضعوه ، ثم صلینا وصلوا »!

ص: 361

وقال الیعقوبی:2/131: «وکتب إلی خالد بن الولید أن ینکفئ إلی مالک بن نویرة الیربوعی فسار إلیهم..فأتاه مالک بن نویرة یناظره واتبعته امرأته ، فلما رآها خالد أعجبته فقال (فی نفسه): والله لا نلت ما فی مثابتک حتی أقتلک »!

أسئلة:

س1: ما تقولون فی استعمال خالد رأس مالک بن نویرة ورؤوس أصحابه وقوداً تحت القدور ؟! قال الطبری:2/503: « کان مالک بن نویرة من أکثر الناس شعراً ، وإن أهل العسکر أثفوا برؤوسهم القدور (جعلوها أحجاراً الموقد)، فما منهم رأس إلا وصلت النار إلی بشرته ، ما خلا مالکاً فإن القدر نضجت وما نضج رأسه من کثرة شعره »!

س2: ما معنی قول خالد لعمر: یا ابن أم شملة ؟«فخرج خالد من عنده وعمر جالس فی المسجد فقال: هلم إلیَّ یا ابن أم شملة (وَزْرة)!فعرف أن أبا بکر قد رضی عنه فلم یکلمه فقام فدخل بیته» !(ابن حبان فی الثقات:2/170، وراجع:المواقف للإیجی:3/599 ، والإصابة:5/560، والنهایة:6/355 ، وکشف المراد للعلامة الحلی/198)

س3: هل توافقون عمر علی رأیه فی وجوب القصاص من خالد ، لقتله مالکاً؟!

ولما اقتنعت الأنصار بأن أهل محمد وقرابته أولی بسلطانه ، واقترحت البیعة لعلی ، التف َّ أبوبکر وعمر علی هذا الإقتراح فقال: هذا عمر ، وهذا أبوعبیدة ، بایعوا من شئتم ! فقالا نبایعک أنت ، فانقض بشیر بن سعد وبایع أبا بکر ! ثم بایعه عمر وأبوعبیدة وتوالی المبایعون! ویبدو واضحاً أن الترتیب هو أن یکون أبوبکر الخلیفة الأول ، وأن یکون عمر الخلیفة الثانی ، وأبوعبیدة الخلیفة الثالث ، فطالما قال عمر لو کان أبوعبیدة حیاً لولیته واستخلفته ! ویبدو واضحاً أن بشیر بن سعد وأسید بن حضیر من أرکان الذین اشترکوا بهذا الترتیب »!

وفی سنن البیهقی:6/166: «ویذکر عن أبی بکرأنه قال یوم السقیفة: نحن عترة رسول الله (ص) » .

وفی شرح النهج:6/375: «إنما قال أبو بکر یوم السقیفة أو بعده: نحن عترة رسول الله (ص)وبیضته التی فقئت عنه ، علی طریق المجاز ، لأنهم بالنسبة إلی الأمصار عترة له لا فی الحقیقة ، ألا تری أن العدنانی یفاخر القحطانی ، فیقول له: أنا ابن عم رسول الله (ص) لیس یعنی أنه ابن عمه علی الحقیقة ، بل هو بالإضافة إلی القحطانی کأنه ابن عمه ، وإنما استعمل ذلک ونطق به مجازاً .فإن قدَّر مقدرٌ أنه علی طریق حذف المضافات أی ابن ابن عم أب الأب إلی عدد کثیر فی البنین والآباء ، فکذلک أراد أبو بکر أنهم عترة أجداده ، علی طریق حذف المضاف . وقد بین رسول الله (ص)عترته من هی لما قال: إنی تارک فیکم الثقلین ، فقال: عترتی أهل بیتی ، وبَیَّن فی مقام آخر من أهل بیته حیث طرح علیهم کساء. وقال حین نزلت :إِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ: اللهم هؤلاء أهل بیتی ».

ص: 363

أسئلة:

س1: ألا ترون أن سبب ادعاء أبی بکر فی السقیفة أنه هو عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن سعد بن معاذ أو غیره ذکر أن الخلافة فیهم بنص النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فأجابه بذلک ؟!

س2: رووا أن أبا بکر کان یعرف جیداً أن علیاً وفاطمة وأولادهما(علیهم السّلام) هم عترة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ). قال فی فیض القدیر(6/283):«ورواه الدیلمی بلفظ: من کنت نبیه فعلیٌّ ولیه. ولهذا قال أبو بکر فیما أخرجه الدارقطنی: علیٌّ عترة رسول الله (ص)، أی الذین حث علی التمسک بهم » !

س3: لاحظوا ما قاله ابن الأثیر فی النهایة(3/177): «عترة الرجل: أخص أقاربه ، وعترة النبی(ص) بنو عبد المطلب ، وقیل أهل بیته الأقربون وهم أولاده وعلیٌّ وأولاده . وقیل:عترته الأقربون والأبعدون منهم ، ومنه حدیث أبی بکر: نحن عترة رسول الله(ص)وبیضته التی تفقأت عنه،لأنهم کلهم من قریش »

فمن هو اللغوی الذی قال إن عترة الرجل أقاربه الأبعدون ؟!

س4: ماقولکم فی رد أمیر المؤمنین(علیه السّلام)علی أهل السقیفة:« قال: ما قالت الأنصار؟ قالوا قالت منا أمیر ومنکم أمیر، ثم قال(علیه السّلام) فما ذا قالت قریش؟قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول (صلّی الله علیه و آله وسلّم )! فقال: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة »! (نهج البلاغة:1/116).

« واعجباه أتکون الخلافة بالصحابة ، ولا تکون بالصحابة والقرابة ؟!

فإن کنت بالشوری ملکت أمورهم

فکیف بهذا والمشیرون غیب

وإن کنت بالقربی حججت خصیمهم

فغیرک أولی بالنبی وأقرب» .

(نهج البلاغة:4/43).

ص: 364

المهاجرین فی أنسابهم شئ ! فقالوا یوماً: والله لوددنا أن الله أنزل قرآناً فی نسبنا فأنزل الله ما قرأت ! ثم قال لی: إن صاحبکم هذا یعنی علی بن أبی طالب إن ولی زهد ، ولکنی أخشی عجب نفسه أن یذهب به ! قلت: یا أمیر المؤمنین إن صاحبنا من قد علمت ، والله ما نقول إنه غیر ولا عدل ولا أسخط رسول الله أیام صحبته ! فقال: یا ابن عباس من ظن أنه یرد بحورکم فیغوص فیها حتی یبلغ قعرها فقد ظن عجزاً » !

فلماذا قال عمر إن قعر بنی هاشم عمیق ، فهل یقصد الخلافة ، أم یقصد طعنهم فی أنساب أکثر القرشیین ؟!

س2: من هم هؤلاء (المهاجرون) الذین فی نسبهم (شئ) ولماذا لم یسألوا عن نسبهم ؟ ولماذا کانوا یتکلمون علی أسرة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟

أجلس حار» ! یقصد عمر: أنا جمیعاً أهل جاهلیة لانعرف من هم آباؤنا ! فلو قیل: لایخرج من هذا المسجد إلا (بهیم بن هبوب) أی من عرف أبوه ، لما خرج أحد !

فأجابه مخرمة بن نوفل رئیس بنی زهرة: أنا أخرج لأنی أعرف أبی ونسبی ! فقال له ابن السائب: إذن أمسکک لأنه قد طُعن فی نسب بنی زهرة الی إسماعیل(علیه السّلام)!

وهذا یؤکد القول بأن المتفق علی سلامة نسبهم الی إسماعیل(علیه السّلام)هم بنو هاشم فقط !

ویؤیده ما رواه فی تاریخ المدینة:3/797 ، عن عمر قال: «لا یسألنی أحد ما وراء الخطاب ! ألا وقد ذکر لی: أن رجالاً منکم قد أکثروا فی إسماعیل وما ولد ، الله أعلم بإسماعیل وما ولد » !

س1: بماذا تفسرون أن عمر لم یشهد بنسبته الی جده ، ونهی عن سؤاله عن ذلک !

قال: فقلت لأبی بعد أن هاجر إلی المدینة: یا أبت ، من الرجل الذی زجر القوم عنک بمکة یوم أسلمت وهم یقاتلونک؟قال: ذاک أی بنی العاص بن وائل السهمی. وهذا إسناد جید قوی وهو یدل علی تأخر إسلام عمر ، لأن ابن عمر عرض یوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة ، وکانت أحُد فی سنة ثلاث من الهجرة وقد کان ممیزاً یوم أسلم أبوه ، فیکون إسلامه قبل الهجرة بنحو من أربع سنین ، وذلک بعد البعثة بنحو تسع سنین » والحاکم:3/85 .

وقد تقدم فراره مع أبی بکر من حروب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! ویکفی ذلک لرد زعمهم أنه کان شجاعاً فی مکة، فلو کان لبان ، ولما هرب فی معارک الإسلام!

أسئلة:

س1: ألا ترون أنهم کذبوا أنفسهم فی نفس الروایة حیث اعترفوا بأن عمر عندما أسلم احتاج الی من یحمیه من قریش ، فحماه العاص بن وائل ؟!

ثم کیف تصح حمایة العاص له وقد مات قبل إسلام عمر ، فلا بد أن یکون حماه غیره أو کان مغموراً لا أثر لإسلامه حتی یحتاج الی حمایة ؟!

س2: کان المجتمع المکی قبلیاً ، والخوف من التعذیب ینحصر فی قبیلة من یسلم فقط ، وکان بنو عدی عشیرة عمر صغیرة لا تبلغ مئة نفر ، وقد نص المؤرخون أنها لم یکن لها رئیس حتی یخاف عمر من تعذیبه !

س3: لو کان لعمر بطولة بعد إسلامه ولو صغیرة لسجلوا أحداثها وأسماء أشخاصها ، بینما لاتجد فی روایاتهم حدثاً محدداً ، ولا إسم قتیل أو جریح أو مضروب ! فما رأیکم ببطولات ضد أناس مجهولین ، وفی زمان ومکان مجهولین ؟!

ص: 371

فبعد حدیثکم المعتمد فی هجرته سراً ، لماذا تصرون علی المکذوبات ؟!

س2: روی ابن عبد البر فی الإستیعاب(2/567)والعینی فی عمدة القاری(16/245) أن سالماً مولی حذیفة هاجر قبل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بمدة مع عمر وجماعة ، وکان یؤمهم فی الطریق وعندما استقروا فی قباء ! فما بالنا لانجد حضور عمر ولا أبی بکر مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی قباء ، ولا عند دخوله المدینة ، ولا عند بنائه مسجده الشریف ؟!

س3: هل کان فی بنی عدی شخص شجاع؟ففی المواجهة مع رسول الله/377: «ولقد تحققت وتبین لی أنه لم یقتل من بنی عدی أحد لا مع المشرکین ولا مع المؤمنین ».

ورد أهل البیت(علیهم السّلام) ذلک ، فقد مرَّ الإمام الباقر(علیه السّلام)علی «ناس وهم یأکلون جراداً فقال: سبحان الله وأنتم محرمون ؟! قالوا: إنما هو من البحر، قال: فارمسوه فی الماء إذن » ! (تهذیب الأحکام:5/363 ) ومعنی کلامه(علیه السّلام)أن الجراد یموت إذا رمس فی الماء ، ولو کان بحریاً لکما زعموا ما مات !

راجع ما کتبناه عن تلقی عمر من کعب الأحبار کأنه نبی ! فیهذا الکتاب: 1/490

س1: ما رأیکم فی هذه الفضیحة ؟! ألا تخافون أن یقول غیر المسلم إذا کانت هذه هرطقات خلیفة المسلمین فکیف نثق بدینهم ؟!

وفی مبسوط السرخسی:24/11: «وقد بینا أن المسکر ما یتعقبه السکر وهو الکأس الأخیر ! وعن إبراهیم قال: أتی عمر بأعرابی سکران معه إداوة من نبیذ مثلث فأراد عمر أن یجعل له مخرجاً فما أعیاه إلا ذهاب عقله ، فأمر به فحبس حتی صحا ثم ضربه الحد ودعا بإداوته وبها نبیذ فذاقه فقال: أوه هذا فعل به هذا الفعل فصب منها فی إناء ثم صب علیه الماء فشرب ، وسقی أصحابه ، وقال: إذا رابکم شرابکم فاکسروه بالماء ».

«قال عمر: إشربوا هذا النبیذ فی هذه الأسقیة ، فإنه یقیم الصلب ویهضم ما فی البطن ، وإنه لم یغلبکم ما وجدتم الماء ». (کنز العمال:5/5795، و:13/522)

«أتیَ بنبیذ الزبیب فدعا بماء وصبه علیه ثم شرب وقال: إن لنبیذ زبیب الطائف غراماً »!(المبسوط:24/8 ).« فأهدی له رکب من ثقیف سطیحتین من نبیذ ، والسطیحة فوق الأداوة ودون المزادة » (سنن البیهقی:8/305).

«قال: إذا خشیتم من نبیذ شدته ، فاکسروه بالماء » . (سنن النسائی:8/326).

وفی کتاب الأم:6/156:«قال الشافعی: قال بعض الناس الخمر حرام والسکر من کل الشراب ولا یحرم المسکر حتی یسکر منه ، ولا یحد من شرب نبیذاً مسکراً حتی یسکره.! قال روینا فیه عن عمر أنه شرب فضل شراب رجل حده .» .

وفی مسند الشافعی/106: « أن عمر بن الخطاب قدم الشام فشکا إلیه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا :لا یصلحنا إلا هذا الشراب ؟ فقال عمر: إشربوا العسل ، فقالوا لا یصلحنا العسل . فقال رجال من أهل الأرض: هل لک أن نجعل لک من هذا الشراب شیئاً لا یسکر؟ فقال: نعم فطبخوه حتی ذهب منه الثلثان وبقی الثلث ، فأتوا به عمر فأدخل عمر فیه إصبعه ثم رفع یده فتبعها

ص: 377

یتمطط فقال:هذا الطلی ، هذا مثل طلا الإبل ، فأمرهم أن یشربوه . فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها لهم والله . فقال عمر: کلا »!

أسئلة:

س1: ألا ترون أن حدیث عائشة یکشف حقیقة نبیذ عمر؟!فقد رواه الحاکم:4/147، وصححه علی شرط الشیخین، أن عائشة سألت شخصاً « عن الشام وعن بردها فجعل یخبرها ، فقالت: کیف یصبرون علی بردها؟ قال :یا أم المؤمنین إنهم یشربون شراباً لهم یقال له الطلا . قالت: صدق الله وبلغ حبی(ص) سمعته یقول: إن ناساً من أمتی یشربون الخمر یسمونها بغیر اسمها ».

وحدیث علی(علیه السّلام)یکشف حقیقة نبیذ عمر ، ففی نهج البلاغة:2/49: «وقام إلیه رجل فقال یا أمیر المؤمنین أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عنها؟ فقال(علیه السّلام): لما أنزل الله سبحانه قوله: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا یُفْتَنُونَ .علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )بین أظهرنا فقلت یا رسول الله ما هذه الفتنة التی أخبرک الله تعالی بها فقال: یا علی إن أمتی سیفتنون من بعدی ! فقلت یا رسول الله: أو لیس قد قلت لی یوم أحد حیث استشهد من استشهد من المسلمین وحیزت عنی الشهادة فشق ذلک علیَّ فقلت لی: أبشر فإن الشهادة من ورائک ؟ فقال لی: إن ذلک لکذلک فکیف صبرک إذاً؟ فقلت: یا رسول الله لیس هذا من مواطن الصبر ، ولکن من مواطن البشری والشکر ! فقال: یا علی إن القوم سیفتنون بأموالهم ، ویمنون بدینهم علی ربهم ، ویتمنون رحمته ویأمنون سطوته ، ویستحلون حرامه بالشبهات الکاذبة والأهواء الساهیة فیستحلون الخمر بالنبیذ ، والسحت بالهدیة . والربا بالبیع ! قلت یا رسول الله : بأی المنازل أنزلهم عند ذلک ؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال: بمنزلة فتنة ».

ص: 378

س2: ألا ترون أن الأعرابی کشف حقیقة نبیذ عمر ؟ ففی لسان المیزان:3/27: «أن أعرابیاً شرب نبیذاً من إداوة عمر فسکر ، فأمر به فجلد ، فقال: إنما شربت هذا من إدواتک ! فقال: إنما أجلدک علی السکر »!

س3: ألا ترون أن أبا حنیفة کشف حقیقة نبیذ عمر ! « قال عبید الله بن عمر لأبی حنیفة فی النبیذ، فقال أبوحنیفة: أخذناه من قبل أبیک! قال وأبی من هو؟ قال قال: إذا رابکم فاکسروه بالماء ».(سنن البیهقی:8/306).

س4: هل صحیح أن الخمر من أصول مذهبکم ؟! ففی بدائع الصنائع:5/116: «وروی هذا المذهب عن عبدالله بن عباس وعبدالله بن سیدنا عمر أنه قال حین سئل عن النبیذ أشرب الواحد والإثنین والثلاثة ، فإذا خفت السکر فدع ! وإذا ثبت الإحلال من هؤلاء الکبار من الصحابة الکرام فالقول بالتحریم یرجع إلی تفسیقهم وأنه بدعة . ولهذا عد أبوحنیفة إحلال المثلث من شرائط مذهب السنة والجماعة فقال فی بیانها: أن یفضل الشیخین ، ویحب الختنین ، وأن یری المسح علی الخفین ، وأن لا یحرم نبیذ الخمر لما أن فی القول بتحریمه تفسیق کبار الصحابة رضی الله تعالی عنهم ! والکف عن تفسیقهم والإمساک عن الطعن فیهم من شرائط السنة والجماعة ».

من نبیذ قد کاد أن یکون خلاً فقال: إشرب فأخذته وما أکاد أسیغه ، ثم أخذه فشرب ، ثم قال: إسمع یا عتبة: إنا ننحر کل یوم جزوراً فأما ودکها وأطایبها فلمن حضرنا من آفاق المسلمین، وأما عنقها فلآل عمر یأکل هذا اللحم الغلیظ ویشرب هذا النبیذ الشدید ، یقطع فی بطوننا أن یؤذینا». (کنز العمال:12/627).

س1: هل یختص تحلیل النبیذ بمن أکل لحم بعیر غلیظ ، أم هو عام ؟!

«قال عبدالله بن الزبیر: ما کانوا یغسلون أستاههم بالماء » . (مجمع الزوائد:1/212).

س1: هل تعرفون هذه الحقیقة عن عمر وأنه کل عمره لم یغسل إسته بالماء؟!

وسیأتی أنه کان یملک ضیعة أعطاها له الیهود قرب المدینة ، وکان یملک فی خیبر مئة سهم من النخیل ، وهی غیر سهمه الذی وصله من فتح خیبر.

فکیف فضل کسب الرزق علی الجهاد ، ثم حذف فصلاً من الأذان من أجل الجهاد ؟

س5: هل وجدتم صحابیاً أعطاه الیهود بستاناً أو بساتین غیر عمر ؟!

س1: النهی یفید التحریم ، فهل یحرم علی المسلمین أن یأکلوا البیض لأنه إسراف ! ویجب علیهم أن یضعوه تحت الدجاج حتی یتحول الی صیصان ؟!

س2: بماذا تفسرون غلظة عمر وقسوته المتفق علیها عند الجمیع ، وهل یمکنکم الدفاع عن جمیع مواردها ؟!

یبکین وإیاکن ونعیق الشیطان . ثم قال رسول الله(ص): مهما یکون من القلب والعین فمن الله والرحمة ، ومهما کان من الید واللسان فمن الشیطان» (مسند أحمد:1/335 و238 ومجمع الزوائد :3/17،ووثقه).

4- دعهن یا عمر ! «خرج النبی (ص)علی جنازة ومعه عمر بن الخطاب فسمع نساء یبکین فزبرهن عمر فقال رسول الله (ص)یا عمر دعهن فإن العین دامعة والنفس مصابة والعهد قریب». (الحاکم:/381، وصححه علی شرط الشیخین ).

5- «سمع صوت بکاء فی بیت فدخل معه غیره ، فأمال علیهم ضرباً حتی بلغ النائحة فضربها حتی سقط خمارها فعدل الرجل فقال: إضرب فإنها نائحة ولا حرمة لها ، إنها لا تبکی بشجوکم إنها تهریق دموعها علی أخذ دراهمکم ، إنها تؤذی أمواتکم فی قبورهم وتؤذی أحیاءکم فی دورهم ، إنها تنهی عن الصبر ، وقد أمر الله به ، وتأمر بالجزع وقد نهی الله عنه» . (تاریخ المدینة:3/799).

6- وضرب النائحات علی أبی بکر ومنع النوح علیه! . «لما توفی أبوبکر أقامت علیه عائشة النوح فأقبل عمر بن الخطاب حتی قام ببابها فنهاهن عن البکاء علی أبی بکر فأبین أن ینتهین ! فقال عمر لهشام بن الولید أدخل فأخرج إلی ابنة أبی قحافة أخت أبی بکر ، فقالت عائشة لهشام حین سمعت ذلک من عمر: إنی أحرج علیک بیتی ! فقال عمر لهشام أدخل فقد أذنت لک ، فدخل هشام فأخرج أم فروة أخت أبی بکر إلی عمر ، فعلاها الدرة فضربها ضربات ، فتفرق النوح حین سمعوا ذلک ».(تاریخ الطبری:2/614).

«عن عائشة قالت: توفی أبوبکر بین المغرب والعشاء فأصبحنا ، فاجتمع نساء المهاجرین والأنصار وأقاموا النوح ، وأبوبکر یغسل ویکفن ، فأمر عمر بن الخطاب بالنُّوَّح ففرقن فوالله علی ذلک » ! (تاریخ المدینة:3/796)

ص: 391

7- «لما مات خالد بن الولید اجتمع فی بیت میمونة نساء یبکین ، فجاء عمر ومعه ابن عباس ومعه الدرة ، فقال: یا عبدالله ، أدخل علی أم المؤمنین فأمرها فتحتجب وأخرجهن علیَّ، فجعل یخرجهن علیه وهو یضربهن بالدرة ، فسقط خمار امرأة منهن فقالوا: یا أمیر المؤمنین خمارها ! فقال: دعوها ، فلا حرمة لها !

وکان یُتعجب من قوله: لا حرمة لها ! فأدرک النائحة فجعل یضربها بالدرة ، فوقع خمارها فقالوا: شعرها یا أمیر المؤمنین ! فقال: أجل ، فلا حرمة لها» (کنز العمال:15/730) .

8- لکنه عاد واستثنی النائحات علی خالد ! «لما مات خالد بن الولید اجتمع نسوة بنی المغیرة فی دار خالد یبکین علیه ، فقیل لعمر إنهن قد اجتمعن فی دار خالد وهن خلقاء أن یسمعنک بعض ما تکره فأرسل إلیهن فانههن ، فقال عمر: ویحک وما علیک أن تبکی نساء قریش أبا سلیمان ما لم یکن نقع ولا لقلقة! قال:والنقع شق الجیوب واللقلقة الجلبة .

عن عبدالله بن عکرمة قال: عجباً لقول الناس إن عمر بن الخطاب نهی عن النوح! لقد بکی علی خالد بن الولید بمکة والمدینة نساء بنی المغیرة سبعاً یشققن الجیوب ویضربن الوجوه وأطعموا الطعام تلک الأیام حتی مضت ما ینهاهن عمر !

9- أفزع عمر امرأة فأسقطت فأوجب علیه علی(علیه السّلام)دیتها ! «فأرسل إلیها ، فقیل لها: أجیبی عمر ! فقالت: یا ویلها ما لها ولعمر! فبینما هی فی الطریق فزعت فضربها الطلق فدخلت داراً فألقت ولدها فصاح الصبی صیحتین ثم مات » (الأم:6/191،والبیهقی:6/123، وکنز العمال:15/84)

ص: 392

10- وکان یضرب الجواری بجرم الحجاب ! «کان إذا رأی جاریة متقنعة علاها بالدرة وقال ألقی عنک الخمار» (المبسوط:1/212) «فقام إلیها بالدرة فضرب بها رأسها حتی ألقته عن رأسها» (الجواهر الحسان:2/583).

11- «عن الزهری أن عمر کان یضرب النساء والخدم» (کنز العمال:9/204).

12- وضرب زوجته نصف اللیل فحجز ضیفه بینهما ! « عن الأشعث بن قیس قال: ضفت عمر لیلة فلما کان فی جوف اللیل قام إلی امرأته یضربها فحجزت بینهما ». (ابن ماجة:1/639).

13- وکان یضرب الأولاد ویطردهم من المسجد! «رأیت عمر بن الخطاب ونحن غلمان نلعب فی المسجد فضربنا بالمخفقة فخرجنا من المسجد ، قلت لشرحبیل: ما المخفقة ؟ قال الدرة » (تاریخ البخاری:4/251).

14- ورأی طفله لابساً لباساً نظیفاً فضربه ! « دخل ابن لعمر بن الخطاب علیه وقد ترجل (مشط شعره) ولبس ثیاباً ، فضربه عمر بالدرة حتی أبکاه !فقالت له حفصة: لم ضربته؟ قال:رأیته قد أعجبته نفسه ، فأحببت أن أصغرها إلیه » (مصنف عبد الرزاق:10/416).

أسئلة:

س1: أی الموارد مما تقدم یمکنکم تبریرها شرعاً ، وأیها لایمکن ؟وأی الموارد أشدها جمیعاً ولا یمکن قبوله ؟!

س2: عرفنا أن سبب عقدة عمر من التیمم أنه أخطأ فتمرغ فی التراب فضحک علیه بعضهم ، لکن ما هو سبب عقدته من البکاء علی المیت ، والتی یظهر أنها کانت من عهد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟!

ص: 393

س3: ما رأیکم فی قول عمر: « إضرب فإنها نائحة ولا حرمة لها » ففی مصنف عبد الرزاق:3/557: «فجاء عمر ومعه ابن عباس ومعه الدرة فقال: یا أبا عبد الله ! أدخل علی أم المؤمنین(میمونة) فأمرها فلتحتجب ، وأخرجهن

علیَّ قال: فجعل یخرجهن علیه وهو یضربهن بالدرة ، فسقط خمار امرأة منهن فقالوا: یا أمیر المؤمنین ! خمارها ، فقال: دعوها ولا حرمة لها ! وکان معمر یَعجب من قوله : لا حرمة لها »!

وفی تفسیر القرطبی:18/75: « فضربها بالدرة حتی وقع خمارها عن رأسها! فقیل: یا أمیر المؤمنین ، المرأة المرأة ! قد وقع خمارها !فقال: إنها لا حرمة لها »!

س4: هل توافقون عمر علی منع الحجاب للجاریات والخادمات ، وما فرق ذلک عن القانون الفرنسی فی منع الحجاب ؟!

س5: هل توافقون عمر علی طرده الأولاد من المسجد ؟!

س6: هل یشرع ضرب الطفل حتی یتعلم تحقیر نفسه ویبتعد عن الغرور ؟!

«عن عروة قال کنت غلاماً لی ذؤابتان فقمت أرکع رکعتین بعد العصر فبصرنی عمر بن الخطاب ومعه الدرة فلما رأیته فررت منه ، فأحضر فی طلبی حتی تعلق بذؤابتی فنهانی ، فقلت: یا أمیرالمؤمنین لا أعود »!(تهذیب التهذیب:7/165).

18- «رأی عمر صلی بعد العصر وکان یضرب علی الصلاة بعد العصر »!(تاریخ البخاری:5/85، وفتح العزیز:4/218).

«عن زید بن خالد (أبی أیوب الانصاری(رحمه الله)) أنه رآه عمر بن الخطاب وهو خلیفة رکع بعد العصر رکعتین فمشی إلیه فضربه بالدرة وهو یصلی کما هو فلما انصرف قال زید یا أمیر المؤمنین فوالله لا أدعهما أبداً بعد أن رأیت رسول الله (ص) یصلیهما ! قال: فجلس إلیه عمر وقال یا زید بن خالد لولا أنی أخشی أن یتخذها الناس سلماً إلی الصلاة حتی اللیل لم أضرب فیهما ».(مسند أحمد:4/115).

«رأی عمر تمیماً الداری یصلی بعد العصر ، فضربه بدرته علی رأسه . فقال له تمیم: یا عمر تضربنی علی صلاة صلیتها مع رسول الله (ص)! قال: یا تمیم ، لیس کل الناس یعلم ما تعلم ». (سیر الذهبی:2/448، ومجمع الزوائد:2/222).

وفی البخاری:5/117: « قال ابن عباس وکنت أضرب مع عمر الناس علیهما »

أقول: رأیت أنه صلی الرکعتین اللتین کان یضرب علیهما ! (تاریخ البخاری:5/85).

س1: هل یجوز ضرب أحد وهو یصلی ؟

س2: هل یجوز لأحد یعتقد بأن هذه النافلة غیر مشروعة أن یجبر علی ترکها من یعتقد أنها مستحبة ؟

خفقه بالدرة ، فقال: ما لی ولک یا أمیر المؤمنین ، فقال مالی ولک أما لقد سمعتها قال سمعتها فمه؟ قال: خشیت أن یخالط قلبک منها شئ، فأحببت أن أطأطئ منک» (کنز العمال:3/809 وتاریخ المدینة:2/690).

س1: قال عمر عن طفله «رأیته قد أعجبته نفسه ، فأحببت أن أصغرها إلیه » ویقول هنا لرئیس بنی عبد القیس: « خشیت أن یخالط قلبک منها شئ، فأحببت أن أطأطئ منک» ! فهل یجوز لأحد إذا رأی عمر أعجبته نفسه ، أو خشی أن یخالط قلبه إعجاب بنفسه ، أن یضربه لیحقر له نفسه ؟!

فلما کان قریباً منهم أقام حتی أمسی ، فلما جنه اللیل قال: یا یَرْفَأ(غلامه) إنطلق بنا إلی یزید بن أبی سفیان ، أبصره عنده سمار ومصباح مفترشاً دیباجاً وحریراً من فئ المسلمین ، تسلم علیه لا یرد علیک وتستأذن علیه فلا یأذن لک حتی یعلم من أنت.. قال فانطلقنا حتی انتهینا إلی بابه فقال: السلام علیکم ، قال: وعلیک . قال: أدخل قال: ومن أنت؟ قال یرفأ هذا من یسوؤک ، هذا أمیر المؤمنین ! ففتح الباب فإذا سمار ومصباح وإذا هو مفترش دیباجاً وحریراً من فئ المسلمین،فقال عمر: یا یرفأ البابَ البابَ ووضع الدرة بین أذنیه ضرباً، ثم کوَّر المتاع فوضعه فی وسط البیت ، ثم قال للقوم: لایبرحن منکم أحد حتی أرجع إلیکم !

ثم خرجنا من عنده فقال :یا یرفأ إنطلق إلی عمرو بن العاص أبصره عنده سمار ومصباح مفترشاً دیباجاً وحریراً من فئ المسلمین! تسلم علیه فیرد علیک وتستأذن علیه فلا یأذن لک حتی یعلم من أنت...

قال: فانتهینا إلی بابه فقال عمر: السلام علیکم قال: وعلیک أدخل؟قال: ومن أنت؟ قال یرفأ: هذا من یسوؤک هذا أمیر المؤمنین، ففتح الباب فلما دخل إذا سمار ومصباح وإذا هو مفترش دیباجاً وحریراً من فئ المسلمین ، فقال عمر: یا یرفأ الباب الباب ، ووضع الدرة بین أذنیه ضرباً ، وجعل عمرو یحلف ! ثم کورالمتاع فوضعه فی وسط البیت، ثم قال للقوم لا یبرحن منکم أحد حتی أعود إلیکم !

ثم خرجنا من عنده فقال عمر: یا یرفأ انطلق بنا إلی أبی موسی.. ففتح الباب فإذا سمار ومصباح وإذا هو مفترش صوفاً من فئ المسلمین فقال: یا یرفأ الباب ، ثم وضع الدرة بین أذنیه ضرباً وقال: وأنت أیضاً

یا أبا موسی! قال: یا أمیر المؤمنین ، أوقد رأیت ما صنع أصحابی أما والله لقد أصبت مثل الذی أصابوا ! قال: فما هذا.. الخ.» (تاریخ المدینة:3/833 ، وکنز العمال:13/550).

ص: 398

س1:هذا العمل فیه تجسس وضرب ومصادرة ، فهل کله حلال وعمر محق فیه؟! وهل فسق هؤلاء الولاة:بفعلهم ، واستحقوا ذلک ؟!

وفی عمدة القاری:7/143: «فقالت یا أمیر المؤمنین ألا تعذرنی من أبی عیسی؟ قال: ومن أبو عیسی؟ قالت: ابنک عبیدالله . قال: ویحک وقد تکنی بأبی عیسی ! فدعاه وقال: إیهاً اکتنیت بأبی عیسی ! فحذر وفزع ، فأخذ یده فعضها حتی صاح ، ثم ضربه وقال: ویلک هل لعیسی أب ؟! أما تدری ما کُنی العرب: أبو سلمة ، أبو حنظلة ، أبو عرفطة ، أبو مرة » !

س1: هی یحرم التسمیة والتکنیة بأبی آدم وأبی عیسی لأنهم لا أب لهما ؟! وهل یختص العض بمن سمی بهما ، أم یجوز للخلیفة أن یعض أی مجرم عندما یری ذلک مناسباً؟!

س1: معنی ذلک أن عمر یهتم بالتخفیف علی المسلمین ویوجههم الی البحث عن آیات العفو والمغفرة ، لأن الإسلام یسر ورحمة ، لکن ألیس من الرحمة أن یوجه هذا المسلم بلین ویقول له: لا تشدد علی المسلمین ؟! وأن یطبق ذلک هو فلا یشدد علی هذا المسکین وغیره من المؤمنین ؟!

«هو صبیغ بن عسل الحنظلی له إدراک (یعنی صحابی) ! قدم المدینة فجعل یسأل عن متشابه القرآن فأرسل إلیه عمر فأعد له عراجین النخل ، فقال: من أنت ؟ قال: أنا عبدالله صبیغ ، قال: وأنا عبدالله عمر فضربه حتی دمی رأسه ، فقال: حسبک یا أمیر المؤمنین ، قد ذهب الذی کنت أجده فی رأسی »! (سیر الذهبی:10/29).

«سأل عمر بن الخطاب عن المرسلات والذاریات والنازعات ، فقال له عمر: ألق ما علی رأسک فإذا له ضفیرتان ، فقال له: وجدتک محلوقاً لضربت الذی فیه عیناک ، ثم کتب إلی أهل البصرة أن لا تجالسوا صبیغاً ، قال أبوعثمان: فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا عنه ». (کنز العمال:2/335).

«فقام إلیه وحسر عن ذراعیه فلم یزل یجلده حتی سقطت عمامته ، فقال: والذی نفس عمر بیده لو وجدتک محلوقاً لضربت رأسک ، ألبسوه ثیاباُ واحملوه علی قتب ، وأخرجوه حتی تقدموا به بلاده ، ثم لیقم خطیب ، ثم یقول: إن صبیغاً ابتغی العلم فأخطأه ! فلم یزل وضیعاً فی قومه حتی هلک ، وکان سید قومه » . (الدر المنثور:2/7، وکنز العمال:2/333).

«علی رأی الغزالی یجب علی العوام الکف عن السؤال ، وذکر ما کان یفعله عمر بکل من یسأل عن الآیات المتشابهات.. یجب زجر العامة إذا سألوا عن صفات الله وضربهم بالدرةکما کان یفعل عمر »!(تفسیر المنار:3/213).

«کتب عمر إلی أبی موسی الأشعری أن لا یجالس أحد صبیغاً وأن یحرم عطاءه ورزقه وأخرج نصر فی الحجة وابن عساکر عن زرعة قال رأیت صبیغ بن عسل بالبصرة کأنه بعیر أجرب یجئ إلی الحلقة ویجلس وهم لا یعرفونه فتنادیهم الحلقة الأخری: عزمة أمیر المؤمنین عمر! فیقومون ویدعونه»!(الدر المنثور:2/8).

ص: 406

أسئلة:

س1: هل یجب تطبیق حکم عمر والشافعی علی طلبة المعاهد الدینیة والجامعات ؟ «أخرج الهروی فی ذم الکلام عن الإمام الشافعی قال: حکمی فی أهل الکلام حکم عمر فی صبیغ: أن یضربوا بالجرید ، ویحملوا علی الإبل ، ویطاف بهم فی العشائر والقبائل ، وینادی علیهم:هذا جزاء من ترک الکتاب والسنة وأقبل علی علم الکلام »! (الدر المنثور:2/8).

س2: هل تفسرون غضب عمر علی صبیغ وعقوبته له بأنه غضب علی شخص فضولی سأل الخلیفة أسئلة محرجة فی القرآن ؟ أم أن وراء الأمر حرکة تطالب الخلیفة بأن یفهم القرآن ویطبقه ؟

وعلی فرض ذلک هل یستحق صبیغ ومن معه هذه العقوبة ، أم هی ظالمة ؟!

وتلی: ِنْ تَجْتَنِبُوا کَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئَاتِکُمْ. هل علم أهل المدینة فیم قدمتم ؟ قالوا لا قال لو علموا لوعظت بکم » (الدر المنثور:2/145).

أسئلة:

س1: هل یحتمل أن یکون لهؤلاء المصریین علاقة بصبیغ وأنه أستاذهم ؟!

س2: ما رأیکم بفتوی عمر بأنه لایجب علی الخلیفة أن یطبق القرآن حتی یحیط بعلمه ، فإن لم یحط به علماً سقط عنه تطبیقه والعمل به ؟!

6- تقدم اغتصابه لامرأة! «فدخل علیها فعارکها حتی غلبها علی نفسها فنکحها ! فلما فرغ قال: أف أف أف ،ثم خرج من عندها»! (الطبقات:8/265).

7- طلق زوجته واختلف معها علی ابنهما عاصم، فأخذه بالقوة !(البیهقی: 8/5).

8- کان النساء یتحاشین عمر ویهربن منه ، فقال لهن: « أی عدوات أنفسهن أتهبننی ولا تهبن رسول الله ! قلن: نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله(ص) (البخاری:2/95 و198ومسلم:7/114).

9- کان یضرب زوجاته ، فضرب إحداهن لیلاً وکان ضیفه الأشعث فحجز بینهما فقال له: « یا أشعث ، إحفظ عنی شیئاً سمعته عن رسول الله(ص): لا یسأل الرجل فیم یضرب امرأته » (ابن ماجة:1/639 ،والحاکم:4/175).

10- کان یأمر الجواری بأن یتبرجن ، وکان یضرب من تلبس مقنعة أو تستر رأسها ، لأن ذلک تشبه بالحرائر ! فکانت جواریه: « یخدمن الضیفان کاشفات الرؤس مضطربات البدن مضطربات الثدی » (مبسوط السرخسی:9/12).

وکان ینظر الی الجاریة لیشتریها فیمس صدرها بیده ! (بدائع الصنائع:5/121)

11- کان یأتی المرأة من دبرها وزعموا أن النبی رخص له بذلک ونزلت الآیة: نساؤکم حرث لکم (الترمذی:4/284)

12- کان عنده مخنث «لعن النبی المخنثین من الرجال والمترجلات من النساء وقال: أخرجوهم من بیوتکم ، وأخرج فلاناً و،خرج عمر فلاناً »(البخاری:8/28).

13- کان مع ذلک یحترم بعض النساء ویمیزهن!

«فرض عمر بن الخطاب لأمهات المؤمنین عشرة آلاف وزاد عائشة ألفین وقال: إنها حبیبة رسول الله (ص)» (کنز العمال:13/694) !

ص: 413

وخصها بصندوق جواهر زوجة کسری وکان لا یقدر بثمن ! «فنظر إلیه أصحابه فلم یعرفوا قیمته فقال: أتأذنون أن أبعث به إلی عائشة لحب رسول الله (ص)إیاها؟ قالوا نعم . فأتی به عائشة فقالت: ماذا فتح علی ابن الخطاب بعد رسول الله (ص) » ؟! (الأحادیث المختارة:1/257، وصححه)

وقالت عائشة: «ما زال بی ذکر عمر وتردیدی فیه ، حتی أتیت فی المنام فقیل لی: عمر بن الخطاب نبی هو؟! فظننت أنی دعوت بذلک ». (تاریخ المدینة:3/942) .

أسئلة:

س1: هل یمکنکم أن تصوغوا من هذه الحوادث والکلمات نظریة عمر بن الخطاب فی المرأة ؟ وتبینوا مدی موافقتها لنظرة الجاهلیة ، ونظرة الإسلام ؟!

س2: هل تعتقدون أن المرأة لعبة وشیطانة وشؤم ، وأنه یجب أن تحرم من الثیاب إلا ما یستر عورتها ؟!

س3: هل تقولون بولایة العصبة والعشیرة علی المرأة ؟!

س4: ما معنی قول عائشة فی عمر: «ما زال بی ذکر عمر وتردیدی فیه ، حتی أتیت فی المنام فقیل لی: عمر بن الخطاب نبی هو؟! فظننت أنی دعوت بذلک ». (تاریخ المدینة:3/942) وهل کان ذلک بعد إعطائها حلی زوجة کسری ؟!

ص: 414

عهده إلیک رسول الله أم رأیته یصنعه؟ قال: وما هو؟ قال: لم تقرأ فی العشاء! قال: أوَ فعلت؟ قال: نعم، قال: فإنی سهوت فجهزت عیراً من الشام حتی قدمت المدینة ! قال: من المؤذن؟ فأقام الصلاة ثم عاد فصلی العشاء للناس ، فلما فرغ خطب قال: لا صلاة لمن لم یقرأ فیها ، إن الذی صنعت آنفاً أنی سهوت »!

« صلی المغرب فلم یقرأ ، فأمر المؤذن فأعاد الأذان والإقامة ، ثم أعاد الصلاة»

« کان یصلی بالناس المغرب فلم یقرأ فیها، فلما انصرف قیل له ما قرأت! قال فکیف کان الرکوع والسجود؟قالوا: حسناً قال:فلا بأس إذا » (سنن البیهقی:2/347).

ثم زاد نسیانه فوظف شخصاً ینبهه! «لما کثر اشتغاله نصب من یحفظ علیه صلاته » (مبسوط السرخسی:1/131). «فجعل رجلاً خلفه یلقنه ، فإذا أومأ إلیه أن یسجد أو یقوم فعل ».(کنز العمال:8/294).

وستعرف أنه أصیب بحالة انغلاق ذهنی حاد فی فهم إرث الکلالة والجد !

س1: بماذا تفسرون هذا التفاوت الذهنی عند عمر ؟!

س1: طبق حدیثکم هذا ، یظهر من علم عمر أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قد شرب کأس اللبن کله ولم یبق فی الکاس شیئاً ! فما تقولون ؟!

س1: ألا یدل هذا الحدیث علی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لم یبق من کأس العلم لعمر شیئاً ؟!

س1: هل تتناسب هذه الإعترافات مع کأس العلم المزعوم ، ومع ذهاب عمر بثلثی علم الناس وتسعة أعشاره ؟!

بنی فلان زنت فأمر بها عمر أن ترجم ، قال: فقال: إرجعوا بها ، ثم أتاه فقال: یا أمیر المؤمنین أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتی یبرأ ، وعن النائم حتی یستیقظ ، وعن الصبیِّ حتی یعقل ؟ قال: بلی ، قال: فما بال هذه ترجم ؟ قال: لا شئ، قال: فأرسِلْها ، قال فأرسلها . قال: فجعل عمر ُیکَبِّر ».

وفی مسند أحمد:1/154: « فانتزعها علیٌّ من أیدیهم وردَّهم فرجعوا إلی عمرفقال ماردَّکم ؟! قالوا ردَّنا علیٌّ قال ما فعل هذا علیٌّ إلا لشئ ٍقد علمه ، فأرسل إلی علیٍّ فجاء وهو شبه المغضب فقال...».

س1: حکم رفع القلم عن الصغیر والمجنون من بدائه الشریعة فکیف خفی علی عمر ، ألا یدل ذلک علی قلة معرفته بأسس شریعة الإسلام ؟!

وفٍصَالُهُ ثلاثون شهراً .فستة أشهر حمله، وحولین تمام الرضاعة . لاحدَّ علیها أو قال لارجم علیها .قال فخلی عنها»والمجموع:18/129، والدر المنثور:6/41، والمغنی: 9/115

أسئلة:

س1: هذه مسائل فی الإرث والطلاق والحدود وغیرها ، لم یعرف فیها عمر حکم الله تعالی ، وبعضها جهل فاحش ، فما رأیکم ؟!

س2: ولأنه یشکو قلة النفقة من العلم ،أسس دین الظنون وأجاز الفتوی بغیر علم ! ففی سنن البیهقی:10/114: «أخرج إلینا سعید بن أبی بردة کتاباً فقال هذا کتاب عمر إلی أبی موسی فذکر الحدیث قال فیه الفهم فیما یختلج فی صدرک مما لم یبلغک فی القرآن والسنة فتعرف الأمثال والأشباه ثم قس الأمور عند ذلک»

ألم ینهَ الله تعالی عن الفتوی بدون علم ، فقال تعالی: بَلِ اتَّبَعَ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ ! وقال: وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئًا؟!

وتیمَّم الأنصاری صعیداً طیِّبا ، ثم صلَّیا ، فقال النبیُّ (ص):

أصاب الأنصاری». لکن البخاری (1/87) والنسائی(1/168) جعلا المتمعک عماراً ، لیسترا علی عمر !

وقد اتفقوا علی أن عمر شطب آیة التیمم من کتاب الله تعالی جهاراً نهاراً! «قال أبو موسی لعبد الله بن مسعود إذا لم یجد الماء لا یصلی؟! قال عبد الله: لو رخصت لهم فی هذا کان إذا وجد أحدهم البرد قال هکذا ، یعنی تیمَّم وصلَّی .قلت: فأین قول عمار لعمر؟! قال: إنی لم أر عمر قنع بقول عمَّار »! (صحیح بخاری:1/90).

س1: إن إنکار آیة التیمم وفتوی المسلمین بترک الصلاة بالکلیة إذا لم یجدوا ماء من تعمد تعطیل أحکام الله تعالی وإنکارها ! فما حکم من أنکر آیة من القرآن ؟!

ونقل الذهبی فی تاریخه(35/447) عن القاضی أبی الفضل الطرابلسی أنه سئل: « ما الدلیل علی المتعة؟ قال: قول عمر: متعتان کانتا علی عهد رسول الله، أنا أنهی عنهما ، فقبلنا روایته ، ولم نقبل قوله فی النهی ».

وفی الفصول المهمة للسید شرف الدین/81: «وأمر المأمون أیام خلافته فنودی بتحلیل المتعة ، فدخل علیه محمد بن منصور وأبو العیناء فوجداه یستاک ویقول وهو متغیظ: متعتان کانتا علی عهد رسول الله وعلی عهد أبی بکر وأنا أنهی عنهما! ومن أنت یا جعل حتی تنهی عما فعله رسول الله (ص) وأبو بکر ؟! فأراد محمد بن منصور أن یکلمه فأومأ إلیه أبو العیناء وقال: رجل یقول فی عمر بن الخطاب ما یقول نکلمه نحن؟ فلم یکلماه . ودخل علیه یحیی بن أکثم فخوفه من الفتنة وذکر له أن الناس یرونه قد أحدث فی الإسلام بسبب هذا النداء حدثاً عظیماً ، لا ترتضیه الخاصة ولا تصبر علیه العامة ، إذ لا فرق عندهم بین النداء بإباحة المتعة والنداء بإباحة الزنا! ولم یزل به حتی صرف عزیمته ، احتیاطا ًعلی ملکه وإشفاقا علی نفسه ».(راجعه فی وفیات الأعیان:6/149).

أسئلة:

س1: کان العرب فی الجاهلیة یظلون محرمین بعد العمرة حتی یذهبوا بنفس إحرام العمر الی عرفات ! فأعاد عمر حج الجاهلیة وألغی حج التمتع الذی أمر به النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

کما أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وضع مقام إبراهیم(علیه السّلام)عند جدار الکعبة لیکون ضمن الطواف ، فأعاده عمر الی مکانه فی الجاهلیة ! فما رأیکم فی عمله ؟!

س2: ما رایکم فی قول المأمون الذی رواه فی وفیات الأعیان(6/149) قال: «حدث محمد بن منصور قال: کنا مع المأمون فی طریق الشام ، فأمر فنودی بتحلیل المتعة فقال یحیی بن أکثم لی ولأبی العیناء بکرا غدا إلیه فإن رأیتما للقول وجهاً فقولا وإلا فاسکتا ،

ص: 423

إلی أن أدخل ، قال فدخلنا علیه وهو یستاک ویقول وهو مغتاظ : متعتان کانتا علی عهد رسول الله وعلی عهد أبی بکروأنا أنهی عنهما ! ومن أنت یا جعل حتی تنهی عما فعله رسول الله وأبو بکر ؟! فأومأ أبو العیناء إلی محمد بن منصور وقال:رجل یقول فی عمر بن الخطاب ما یقول نکلمه نحن! فأمسکنا» ؟!