تلخیص الخلاف و خلاصه الاختلاف المجلد 3

اشارة

سرشناسه:طوسی، محمدبن حسن، ق 460 - 385

عنوان قراردادی:[الخلاف. تلخیص]

عنوان و نام پدیدآور:تلخیص الخلاف و خلاصه الاختلاف/ مفلح بن حسن بن رشید الصیمری؛ تحقیق مهدی الرجائی؛ اشراف محمود المرعشی

مشخصات نشر:قم: مکتبه ایه الله مرعشی العامه، 1408ق. = 1367.

مشخصات ظاهری:3 ج.نمونه

فروست:(محفوظات مکتبه آیه الله المرعشی العامه 20)

شابک:4500ریال(دوره کامل)

یادداشت:این کتاب تلخیصی است بر کتاب الخلاف محمدبن حسن طوسی

یادداشت:کتابنامه بصورت زیرنویس

عنوان دیگر:کتاب الخلاف

موضوع:فقه تطبیقی

شناسه افزوده:طوسی، محمدبن حسن، 460 - 385ق. کتاب الخلاف

شناسه افزوده:صمیری، مفلح بن حسن، 900ق ، تلخیص کننده

رده بندی کنگره:BP169/7/ط6ح 80216 1367

رده بندی دیویی:297/324

شماره کتابشناسی ملی:م 70-40

ص :1

اشارة

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

تلخیص الخلاف و خلاصه الاختلاف

مفلح بن حسن بن رشید الصیمری

تحقیق مهدی الرجائی

اشراف محمود المرعشی

ص :4

کتاب الخلع

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا کانت الأحوال بین الزوجین عامرة

و الأخلاق ملتئمة، و اتفقا علی الخلع و بذلت له شیئا علی طلاقها لم یحل ذلک، و به قال عطاء و الزهری و أهل الظاهر.

و قال الشافعی و أبو حنیفة و مالک: ذلک مباح.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 2 - قال الشیخ: لا یصح الخلع إلا فی طهر لم یقربها فیه بجماع

إذا کان دخل بها، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک و قالوا: یجوز فی الحیض و فی طهر قربها فیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 3 - قال الشیخ: الصحیح من مذهب أصحابنا أن الخلع بمجرده لا یقع

، و لا بد معه من التلفظ بالطلاق، و فی أصحابنا من قال: لا یحتاج معه الی الطلاق، بل نفس الخلع کاف، الا أنهم لم یبینوا أنه طلاق أو فسخ.

و للشافعی قولان: أحدهما أنه طلاق قاله فی الإملاء، و هو اختیار مالک و أبو حنیفة و أصحابه، و الآخر أنه فسخ قاله فی القدیم، و هو اختیار ابن عباس و صاحباه

ص:5


1- (1) تهذیب الأحکام 99/8.

عکرمة و طاوس، و به قال أحمد و أبو ثور.

إذا عرفت هذا، فالقائل من أصحابنا یقع بمجرده هو السید المرتضی و ابن الجنید و المفید و سلار و ابن حمزة و اختاره العلامة فی مختلفة(1) و فخر الدین، و ابن فهد فی مقتصره(2) و هو المعتمد.

فعلی هذا هل هو طلاق بمعنی أنه یعد فی الثلاث أو فسخ؟ قال المرتضی و ابن الجنید و العلامة فی المختلف و فخر الدین و ابن فهد: هو طلاق.

و قال الشیخ: و لو قلنا بوقوعه مجردا کان الاولی أنه فسخ، لانه لو کان طلاقا لکان کنایة لا صریحا، و الطلاق لا یقع بالکنایة. و المعتمد أنه طلاق.

مسألة - 4 - قال الشیخ: الخلع جائز من الزوجین

و لا یفتقر الی حاکم، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی.

و قال الحسن البصری و ابن سیرین: لا یصح الا بحاکم.

و المعتمد أنه لا یفتقر الی حاکم، و انما یفتقر الی شاهدین عدلین یسمعانه، و یفتقر الی جمیع شروط الطلاق، و اشترط الحاکم ابن الجنید من أصحابنا.

مسألة - 5 - قال الشیخ: البذل فی الخلع غیر مقدر

ان شاء اختلعها بقدر المهر أو أقل أو أکثر، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی. و قال أحمد و الزهری: لا یجوز بأکثر من المهر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: الخلع إذا وقع صحیحا سقطت الرجعة

، و لا یملک الزوج الرجعة و البذل أبدا، سواء کان الخلع بلفظ الفسخ أو بلفظ الطلاق، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی.

ص:6


1- (1) مختلف الشیعة ص 43، کتاب الطلاق.
2- (2) المقتصر فی شرح المختصر - مخطوط.

و قال سعید بن المسیب: الزوج بالخیار بین أن یملک العوض و لا رجعة، و بین أن یرد العوض و یرجع فی العدة. و قال أبو ثور: ان کان بلفظ الخلع فلا رجعة، و ان کان بلفظ الطلاق ملک العوض و له الرجعة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا وقع الخلع علی بذل فاسد

، مثل الخمر و الخنزیر و کل ما لا یصح تملکه لا یصح خلعه، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و قالوا:

یصح خلعه.

و اختلفوا فقال أبو حنیفة: یکون تطلیقة رجعیة. و قال الشافعی: الخلع صحیح و علیه مهر المثل.

و المعتمد ان أتبعه بالطلاق وقع طلقة رجعیة، و ان لم یتبعه بالطلاق فسد.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا طلقها طلقة علی دینار

بشرط ان له الرجعة لم یصح الطلاق.

و قال المزنی فیما نقله عن الشافعی: ان الخلع باطل، و یثبت له الرجعة و یسقط البذل، لانه جمع بین أمرین متنافیین: ثبوت الرجعة مع ملک العوض فبطلا و تثبت الرجعة، ثم قال المزنی: الخلع عندی صحیح و البذل فاسد، و یجب علیه مهر المثل و یسقط الرجعة.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار العلامة فی القواعد و التحریر، قال فی القواعد: و لو قال خلعتک علی ألف علی أن لی الرجعة لم یصح، و کذا لو طلق بشرط الرجعة بعوض(2).

و قال فی التحریر: و لو خالعها علی دینار و شرط له الرجعة و لم یرجع، لم

ص:7


1- (1) تهذیب الاحکام 100/8
2- (2) قواعد الاحکام 81/2.

یصح الخلع و لا الشرط(1).

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا اختلعت نفسها من زوجها بألف

علی أن متی طلبتها استردتها و حل له الرجعة، صح الخلع و ثبت الشرط.

و قال أکثر أصحاب الشافعی: یصح الخلع و علیها مهر المثل، و له قول آخر ان الخلع یبطل و یثبت الرجعة، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

و المعتمد الصحة و یتقید الرجوع بالعدة، و یحمل إطلاق الشیخ علیه، لان بعد العدة لا یصح الرجوع بالبذل و لا بالطلاق، فلو اشترطت الرجوع بعد العدة بطل الشرط و الخلع، لمخالفته الکتاب و السنة.

مسألة - 10 - قال الشیخ: المختلعة لا یلحقها الطلاق

، و معناه أن الرجل إذا خالع زوجته خلعا صحیحا، ملک العوض و سقطت الرجعة، فان طلقها بعد ذلک لم یلحقها طلاقه، سواء کان بصریح اللفظ أو بالکنایة بالعدة کان أو بعد انقضائها بالقرب من الخلع أو بعد التراخی، و به قال الشافعی و ابن حنبل.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: یلحقها طلاقه قبل انقضاء العدة، و لا یلحقها بعد انقضائها، و انفرد أبو حنیفة بأن قال: یلحقها بصریح اللفظ، و لا یلحقها بالکنایة مع النیة.

و قال مالک و الحسن البصری: یلحقها بالقرب من الخلع و لا یلحقها بالبعد منه.

ثم اختلفا فی القرب، فقال مالک: أن یتبع الخلع بالطلاق، فتقول له: خالعنی بألف، فیقول: خالعتک بألف أنت طالق. و قال الحسن البصری: القرب أن یطلقها فی مجلس الخلع، و البعد بعد التفرق من مجلس الخلع.

و المعتمد قول الشیخ، قال: دلیلنا انا قد بینا أن الخلع لا یقع بمجرده، و لا بد أن یتبع بلفظ الطلاق، و إذا تلفظ به لم یمکنه أن یطلقها ثانیا قبل الرجعة، و هذه

ص:8


1- (1) تحریر الأحکام 58/2.

لا یمکنه فیها رجعة، و من قال من أصحابنا: لا یحتاج الی لفظ الطلاق لا یمکنه أیضا لأنه لا رجعة فیها، لأنها قد بانت بنفس الخلع.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا قال لها ان دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا

، أو ان کلمت أمک فأنت طالق ثلاثا، فعندنا أن هذا باطل، لانه تعلیق للطلاق بشرط و ذلک لا یصح.

و قال جمیع الفقهاء: هذه یمین صحیحة، فإذا أرادت أن تکلم أمها و لا یقع الطلاق، فالحیلة أن یخالعها فتبین بالخلع، ثم تکلم أمها و هی باین، فتخل الیمین ثم یتزوج بها بعد هذا، ثم تکلم أمها فلا یقع الطلاق هذا قول الشافعی عنده أن الیمین تنحل بوجود الصفة و هی باین منه.

و قال مالک و أحمد بن حنبل: لا تنحل الیمین بوجود الصفة و هی باین، فمتی تزوجها بعد هذا ثم وجدت الصفة وقع الطلاق، و به قال الإصطخری من أصحاب الشافعی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا قال لزوجته:

أنت طالق کل سنة تطلیقة، ثم بانت منه فی السنة الاولی، ثم تزوجها فجاءت السنة الثانیة و هی زوجته بنکاح جدید، هل یعود حکم الیمین فی النکاح الثانی أم لا إذا لم یوجد الصفة و هی باین؟ للشافعی ثلاثة أقوال:

أحدها لا یعود علی کل حال، سواء بانت بالثلاث أو بدونها.

و الثانی یعود بکل حال، و هو أحد قولیه فی القدیم.

و الثالث ان کان الطلاق ثلاثا یعود، و ان کان دونها عادت الصفة، و به قال أبو حنیفة.

و هذا الفرع ساقط عنا، لعدم وقوع الطلاق المعلق علی صفة عندنا.

ص:9

مسألة - 13 - قال الشیخ: لا ینعقد الطلاق قبل النکاح

و لا یتعلق به حکم، سواء عقده فی عموم النساء أو خصوصهن أو اعیانهن، و سواء کانت الصفة مطلقة، أو مضافا الی ملک.

فالعموم مثل أن یقول: کل امرأة أتزوجها فهی طالق، و الخصوص کل امرأة أتزوجها من القبیلة الفلانیة فهی طالق، و الأعیان إن تزوجت بفلانة أو هذه فهی طالق، و الصفة المطلقة أن یقول: الأجنبیة ان دخلت الدار فأنت طالق، و الصفة المقیدة أن یقول للأجنبیة: ان دخلتی الدار و أنت زوجتی فأنت طالق، و هکذا الحکم فی العتق علی هذا الترتیب، و به قال الشافعی و أحمد و إسحاق.

و قال الشعبی و النخعی و أبو حنیفة و أصحابه: ینعقد قبل النکاح فی عموم النساء و خصوصهن و أعیانهن. و أما الصفة فقال أبو حنیفة: لا ینعقد المطلقة و ینعقد المقیدة و هکذا مذهبه فی العتق علی تفصیل الطلاق.

و قال مالک و ربیعة: أن عقده فی عموم النساء لا ینعقد، و ینعقد فی خصوصهن و أعیانهن. و الفرق أنه إذا عقده فی عموم النساء لم یبق له سبیل الی النکاح، فیصیر مبتلا بلا زوجة، و لیس کذلک فی الخصوص و الأعیان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل علیه بإجماع الفرقة.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا اختلعا علی ألف

و لم یریدا بالألف جنسا من الأجناس، لم یصح الخلع و العقد باق علی حاله.

و قال الشافعی: الخلع صحیح و العوض باطل، فیلزمها مهر المثل.

و المعتمد قول الشیخ ان اتفقا أنهما لم یریدا جنسا، و ان اختلفا بالإرادة کان القول قولها.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا اختلفا فی النقد و اتفقا علی القدر و الجنس

، أو اختلفا فی تعیین القدر أو إطلاق اللفظ، أو اختلفا فی الإرادة بلفظ القدر من الجنس

ص:10

و النقد، فعلی الرجل البینة، فإن عدمها کان علیهما الیمین.

و قال الشافعی فی جمیع ذلک: یتحالفان و یجب مهر المثل.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا قال: خالعتک علی ألف فی ذمتک، فقالت:

بل علی ألف فی ذمة زید، کان القول قولها مع یمینها أنه لا یتعلق بذمتها أما إقرارها بأنه فی ذمة زید فلا یلتفت الیه.

و للشافعی وجهان: أحدهما یجب مهر المثل من غیر یمین، و الثانی یجب مع الیمین، قال: و هو المذهب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 17 - قال الشیخ: لا یقع الخلع بشرط و لا صفة

، و قال جمیع الفقهاء انه یقع.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا قال لها: ان أعطیتنی ألفا فأنت طالق

، أو إذا أعطیتنی أو متی أعطیتنی أو متی ما، أو أی حین، و غیر ذلک من ألفاظ الزمان، فإنه لا ینعقد الخلع.

و عند جمیع الفقهاء أنه ینعقد، فان کان اللفظ ان و إذا اقتضی العطیة علی الفور و الا بطل العقد، و ان کان لفظ زمان، فأی وقت أعطته وقع الطلاق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا قال خالعتک علی ما فی هذه الجرة

من الخل فبان خمرا، صح الخلع و لها مثل الخل، و به قال الشافعی فی القدیم، و قال فی الجدید: یصح الخلع و یفسد البذل و علیها مهر المثل، و به قال أبو حنیفة.

ص:11

و جزم العلامة فی القواعد(1) و التحریر(2) بقول الشیخ، و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا قالت طلقنی ثلاثا بألف

، و طلقها ثلاثا فعلیها الالف، و ان طلقها واحدة أو اثنتین استحق بالحصة من الالف بلا خلاف بینهم و ان قالت: طلقنی ثلاثا علی ألف، فالحکم فیه مثل ذلک عند أصحاب الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان طلقها ثلاثا فله الالف، و ان طلقها أقل من الثلاث وقع الطلاق و لم یجب علیه شیء.

و عندنا المسألتان لا تصحان علی أصلنا، لأن الطلاق الثلاث لا یصح إلا مرة واحدة فإن أوقع طلقة واحدة أو تلفظ بالثلاث صحت واحدة و استحق ثلث الالف.

و المعتمد ان قصدت ثلاث ولاء لم یصح البذل، و ان قصدت ثلاثا برجعتین صح، فان طلقها ثلاثا بینهما رجعتان استحق الالف، و ان طلقها واحدة قیل: یستحق ثلث الالف.

و المعتمد أنه لا یستحق شیئا، لأن مقابلة الجمیع بالجملة لا یقتضی مقابلة الأجزاء بالأجزاء.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا قال خالعتک علی حمل هذه الجاریة

و طلقها علی ذلک، لم یقع الطلاق و لم یصح الخلع.

و قال الشافعی: یصح الطلاق و الخلع، و یبطل المسمی و یجب مهر المثل سواء خرج الولد سلیما أو لم یخرج.

و قال أبو حنیفة: ان لم یخرج الولد سلیما فله مهر المثل، و ان خرج سلیما فهو له و صح العوض.

ص:12


1- (1) قواعد الاحکام 80/2.
2- (2) تحریر الاحکام 59/2.

و المعتمد بطلان الخلع، فان اتبع بالطلاق وقع رجعیا.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا کان الخلع بلفظ المبارات

أو بلفظ الخلع ملک علیها البذل، فان کان قبل الدخول فلها نصف الصداق، و ان کان بعد الدخول استقر المسمی، فان کان قبل الإقباض و کان قبل الدخول وجب علیه اقباض النصف و ان کان بعد الدخول وجب علیه اقباض الجمیع، و ان کان بعد الإقباض ردت علیه النصف ان کان قبل الدخول و لا یرد شیئا بعده هذا کلام الشافعی، و به قال محمد بن الحسن.

و قال أبو حنیفة: علیه المسمی فی الخلع، و یبرء کل واحد منهما من حقوق الزوجیة من الأموال، فإن کان قبل الدخول و کان قبل القبض بریء الزوج من جمیع المهر، و ان کان بعد القبض لم یرد علیه شیئا، و ان کان بعد الدخول و قبل الإقباض بریء و لا یجب علیه إقباض شیء بحال.

أما ما عدا هذا من الدیون، فهل یبرئ کل منهما؟ فیه روایتان: روی محمد عن أبی حنیفة أنه یبرئ، و المشهور أنه لا یبرئ، و لا فرق بین أن یقع ذلک منهما بعوض أو بغیر عوض، قالوا: فان کان بغیر عوض و لم ینو الطلاق لم یبرئ کل واحد منهما من شیء بحال.

و قال أبو یوسف بقول أبی حنیفة ان کان بلفظ المبارات، و بقول الشافعی إذا کان بلفظ الخلع.

قال الشیخ: و الذی نقوله ان مذهبنا أنه إذا کان الطلاق بلفظ الخلع یجب العوض، و هو ما یستقر علیه عقد الخلع کائنا ما کان، قلیلا کان أو کثیرا، و إذا کان بلفظ المبارات استقر العوض إذا کان دون المهر، و ان کان مثل المهر أو أکثر منه لا یصح، و استحقاق الصداق فعلی ما مضی، فان کان قبل الدخول فنصفه، و ان کان بعده فالجمیع، و یقاص ذلک من الذی یقع علیه عقد الخلع و المبارات.

ص:13

و اعلم أن الشیخ هنا لم یسوغ أخذ المهر کملا فی المبارات، و هو مذهب ابنی بابویه و ابن أبی عقیل، و سوغ المفید و سلار و ابن إدریس أخذه کملا، و اختاره المتأخرون، و هو المعتمد.

مسألة - 23 - قال الشیخ: فرق أصحابنا بین لفظ الخلع و المبارات

فی الطلاق بعوض، و أجازوا فی لفظ الخلع من العوض ما تراضیا علیه، قلیلا کان أو کثیرا، و لم یجیزوا فی المبارات الا دون المهر، و لم یفصل أحد من الفقهاء بین اللفظین.

و المعتمد التفصیل، لکن یجوز فی المبارات أخذ المهر کملا کما تقدم.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا اختلعها أجنبی من زوجها بغیر اذنها لم یصح

ذلک، و به قال أبو ثور. و قال جمیع الفقهاء: یصح. و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار ابن إدریس و نجم الدین و فخر الدین.

و اختلف کلام العلامة فی ذلک، قال فی موضع من القواعد: و هل یصح من المتبرع؟ الأقرب المنع(1). و مثله قوله فی الإرشاد. و قال فی موضع آخر من القواعد فی بقایا مباحث الخلع: لو قال طلق زوجتک و علی ألف، لزمه الالف مع الطلاق، و لا یقع الطلاق بائنا، أما لو قال: خالعها علی ألف فی ذمتی، ففی الرجوع اشکال(2).

و قال فی التحریر: إذا خالع الأجنبی المرأة من زوجها، فان کان بإذنها من مالها صح لانه وکیل، و ان کان من ماله بغیر إذنها، فالذی قواه الشیخ عدم الصحة و عندی فیه نظر(3).

ص:14


1- (1) قواعد الاحکام 80/2.
2- (2) قواعد الاحکام 82/2.
3- (3) تحریر الاحکام 60/2.

و وجه الجمع بین کلامه أنه بعد أن استقرب عدم وقوعه من الأجنبی المتبرع استشکل ذلک لیساوی احتمال الوقوع و عدمه و الأقربیة، و الاشکال انما هو فی وقوعه بائنا، کما لو کان البذل منها أو من وکیلها.

أما قوله لو قال: طلق زوجتک و علی ألف لزمه الالف مع الطلاق، و لا یقع الطلاق بائنا، فهو خروج عن الخلع، و لهذا قال: و لا یقع الطلاق بائنا، فیکون بذلا فی مقابله فک هذا، فعلی هذا لو رجع المطلق بالطلاق رجع الباذل فی البذل، لعدم حصول الفک الذی بذل فی مقابلته.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا اختلف المختلعان فی جنس العوض

، أو قدره أو تأجیله، أو فی عدد الطلاق، کان القول قول المرأة فی قدر ما وقع علیه الخلع و علی الزوج البینة، و قول الرجل فی عدد الطلاق، فإنه لا یصح أن یخلعها علی أکثر من طلقة واحدة.

و قال أبو حنیفة: القول قولها فی جمیع ذلک و علیه البینة. و قال الشافعی:

یتحالفان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 26 - قال الشیخ: لو خالعت المرأة فی مرضها بأکثر من مهر مثلها،

کان الکل من صلب مالها.

و قال الشافعی: مهر المثل من صلب المال و الباقی من الثلث. و قال أبو حنیفة:

الکل من الثلث.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار العلامة فی القواعد و التحریر(1) جزما.

مسألة - 27 - قال الشیخ: لیس للولی أن یطلق عمن له علیه ولایة

بعوض و لا بغیر عوض، و به قال الشافعی و أبو حنیفة و أکثر الفقهاء.

ص:15


1- (1) تحریر الاحکام 60/2.

و قال الحسن و عطاء: یصح بعوض و غیر عوض. و قال مالک و الزهری: یصح بعوض و لا یصح بغیر عوض.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و بقوله علیه السّلام «الطلاق بید من أخذ بالساق»(1).

ص:16


1- (1) عوالی اللئالی 234/1، برقم: 137.

کتاب الطلاق

مسألة - 1 - قال الشیخ: الطلقة الثالثة

هی المذکورة بعد قوله تعالی «اَلطَّلاقُ مَرَّتانِ» (1) إلخ و بعدها قوله «فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّی تَنْکِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ» دون قوله «فَإِمْساکٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِیحٌ بِإِحْسانٍ» و به قال جماعة من التابعین، و روی ذلک عن الشافعی، و روی عن ابن عباس أنه قال: أو تسریح بإحسان الطلقة الثالثة، و هو اختیار الشافعی و أصحابه.

و المعتمد قول الشیخ، قال: لان قوله «أَوْ تَسْرِیحٌ بِإِحْسانٍ» لیس صریحا بالطلاق، و نحن لا نقول بالکنایات.

مسألة - 2 - قال الشیخ: الطلاق المحرم

هو أن یطلق مدخولا بها غیر غائب عنها غیبة مخصوصة فی حال الحیض، أو فی طهر قد جامعها فیه، فما هذا حکمه فإنه لا یقع عندنا و العقد ثابت بحاله.

و قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی و أصحابه: یقع الطلاق و ان کان محظورا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

ص:17


1- (1) سورة البقرة: 229.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا طلقها ثلاثا بلفظ واحد

، کان مبدعا و وقعت واحدة عند تکامل الشروط عند أکثر أصحابنا، و منهم من قال: لا یقع شیء، و به قال: علی علیه السلام و أهل الظاهر، و روی الطحاوی عن محمد بن إسحاق أنه قال: یقع واحدة مثل ما قلناه.

و قال الشافعی و أصحابه: ذلک مباح غیر محظور. و قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک: ذلک محظور لکنه واقع.

و المعتمد قول الشیخ، و هو المشهور عند أصحابنا. و قال المرتضی و ابن أبی عقیل: لا یقع شیء.

مسألة - 4 - قال الشیخ: کل طلاق لا یحضره شاهدان عدلان

فإنه لا یقع، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و لم یعتبر أحد منهم الشهادة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1) ، و قوله تعالی «وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ» (2).

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا قال لحائض أنت طالق طلاق السنة

لم یقع طلاقه.

و قال الشافعی: لا یقع فی الحال، فإذا طهرت وقع قبل الغسل و بعده سواء و قال أبو حنیفة: ان انقطع لأکثر الحیض کما قال الشافعی، و ان انقطع لأقله لم یطلق حتی یغتسل.

و المعتمد قول الشیخ، لان طلاق الحائض لا یقع فی الحال و لا فیما بعد الطهر ما لم یجدد الطلاق.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا قال لها فی طهر لم یجامعها فیه:

أنت طالق للبدعة

ص:18


1- (1) تهذیب الأحکام 27/8.
2- (2) سورة الطلاق: 2.

وقع طلاقه فی الحال و یلغو قوله للبدعة، الا أن ینوی أنها طالق إذا حاضت، فإنه لا یقع أصلا، لأنه علقه بشرط.

و قال جمیع الفقهاء، لا یقع طلاقه فی الحال، فإذا حاضت بعدها أو نفست وقع الطلاق، لانه زمان البدعة.

و المعتمد عدم وقوع الطلاق فی الحال و لا فیما بعد، و هو اختیار نجم الدین و العلامة و فخر الدین، لأن البدعی لا یقع و غیره غیر مقصود، فلا یقع بشیء.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا قال لها فی طهر ما قربها فیه:

أنت طالق ثلاثا للسنة وقعت واحدة و بطل الزائد.

و قال الشافعی: یقع الثلاث. و قال أبو حنیفة: یقع فی کل قرء واحدة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق أکمل طلاق

، أو أکبر طلاق، أو أتم طلاق وقعت واحدة رجعیة، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة فی أتم مثل ما قلناه، و فی أکمل و أکبر: أنها یقع بائنا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق أقصر طلاق

، أو أطول طلاق، أو أعرض طلاق، طلقت واحدة رجعیة، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یقع بائنة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا قال لها أنت طالق إذا قدم فلان

، فقدم فلان فلا یطلق، و کذا لو علقه علی شرط من الشروط، أو صفة من الصفات المستقبلة، فإنه لا یقع فی الحال و لا عند حصول الشرط و الصفة.

و قال جمیع الفقهاء: یقع عند حصول الشرط و الصفة.

ص:19

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا قال لها أنت طالق و لم ینو البینونة

لم یقع طلاقه و متی قال: أردت غیر الظاهر قبل منه فی الحکم و فیما بینه و بین اللّه ما لم یخرج من العدة، فإن خرجت لم یقبل منه فی الحکم.

و قال جمیع الفقهاء: انه لا یقبل ذلک منه فی الحکم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا قال لها أنت طالق طلاق الحرج،

فإنه لا یقع فیه فرقة.

و قال أصحاب الشافعی: لیس لنا فیها نص، و الذی یجیء علی المذهب أنه عبارة عن طلاق البدعة، لان الحرج عبارة عن الإثم.

و المعتمد عدم الوقوع.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا سألته بعض نسائه أن یطلقها

، فقال: نسائی طوالق و لم ینو أصلا، فإنه لا یقع طلاق واحدة منهن، و ان نوی بعضهن فعلی ما نوی.

و قال الشافعی: یطلق کل امرأة له، نوی أو لم ینو، الا ابن الوکیل فإنه قال:

إذا لم ینو السالم فإنها لا یطلق.

و قال مالک: یطلق نسائه الا السائلة، فإنها لا یطلق لانه عدل من المواجهة إلی الکنایة، فعلم أنه قصد غیرها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و جزم به العلامة فی التحریر(1).

مسألة - 14 - قال الشیخ: صریح الطلاق لفظ واحد

، و هو قوله أنت أو فلانة أو هذه طالق مع مقارنة النیة له، فان تجرد عن النیة، فإنه لا یقع شیء، و الکنایات لا یقع بها شیء، قارنها نیة أو لم یقارنها.

ص:20


1- (1) تحریر الاحکام 52/2.

و قال الفقهاء: الصریح ما یقع به الطلاق من غیر نیة، و الکنایات ما یحتاج إلی النیة، فالصریح عند الشافعی علی قوله فی الجدید ثلاثة ألفاظ: الطلاق، و الفراق، و السراح.

و قال مالک: صریح الطلاق کثیر: الطلاق و الفراق و السراح و خلیة و بریة و بتة و بتلة و باین و غیر ذلک مما نذکره.

و قال أبو حنیفة: صریح الطلاق لفظ واحد، و هو الطلاق علی ما قلناه، غیر أنه لا یراعی النیة، و قال: ان قال فی حال الغضب: فارقتک أو سرحتک کان صریحا فأما غیر هذه اللفظ فکلها کنایات.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا قال أنت مطلقة

، لم یکن ذلک صریحا فی الطلاق و ان قصد أنها مطلقة الآن، و ان لم یقصد لم یکن ذلک شیئا.

و قال الشافعی: هو صریح. و قال أبو حنیفة: هو کنایة لأنه اخبار.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا قال لها أنت طالق

، ثم قال: أردت أن أقول أنت طاهر، أو قال: طلقتک، ثم قال: أردت أن أقول أمسکتک فسبق لسانی فقلت طلقتک، قبل منه فی الحکم و فیما بینه و بین اللّه.

و قال جمیع الفقهاء: لا یقبل منه فی الحکم الظاهر، و یقبل فیما بینه و بین اللّه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 17 - قال الشیخ: کنایات الطلاق لا یقع فیها شیء من الطلاق

، سواء کانت ظاهرة أو خفیة، نوی الفرقة أو لم ینو لا واحدة و لا ما زاد علیها.

و قال الشافعی: الکنایات علی ضربین: ظاهرة و باطنة، فالظاهرة خلیة و بریة

ص:21


1- (1) تهذیب الاحکام 38/8.

و بتة و بتلة و باین و حرام، و الخفیة کثیرة منها: اعتدی و استبرئی رحمک و تجرعی و تقنعی و اذهبی و اغربی و الحقی بأهلک و حبلک علی غاربک، و جمیعها یحتاج إلی نیة یقارن اللفظ و یقع ما نواه، سواء نوی واحدة أو اثنتین أو ثلاثا، فان نوی واحدة أو اثنتین کانا رجعیین، سواء کان ذلک فی المدخول بها أو غیر المدخول بها، و سواء کان ذلک فی حال الرضا أو حال الغضب.

و قال مالک: الکنایات الظاهرة صریح فی اللفظ، و أما الخفیة، فقوله اعتدی أو استبرئی رحمک، فهو صریح فی واحدة رجعیة، فإن نوی أکثر من ذلک وقع ما نوی.

و قال أبو حنیفة: لا یخلو الکنایات من أحد أمرین: أما أن یکون معها قرینة أو لا قرینة معها، فان لم یکن معها قرینة، فلا یقع بها طلاق بحال، و ان کان معها قرینة، فالقرینة علی أربعة أضرب: عوض، أو نیة، أو ذکر طلاق، أو غضب.

فان کانت القرینة عوضا کان صریحا فی الطلاق، و ان کانت النیة وقع الطلاق بها کلها، و ان کانت القرینة ذکر الطلاق أو غضب دون النیة لم یقع الطلاق بشیء منها الا فی ثمان کنایات: خلیة و بریة و بتة و باین و حرام و اعتدی و اختاری و أمرک بیدک، فان الطلاق بشاهد الحال یقع بکل واحدة من هذه.

فان قال: لم أرد طلاقا فهل یقبل منه؟ نظرت، فان کانت القرینة ذکر طلاق قبل منه فیما بینه و بین اللّه، و لم یقبل منه فی الحکم، و ان کانت القرینة حال الغضب قبل منه فیما بینه و بین اللّه، و لم یقبل منه فی الحکم فی ثلاث کنایات: اعتدی و اختاری و أمرک بیدک فأما الخمس البواقی فإنه یقبل منه فی الحکم، فهذا الحکم فی وقوع الطلاق.

أما الکلام فی حکمه هل یقع بائنا و ما یقع من العدد؟ قالوا: الکنایات علی ثلاثة أضرب:

أحدها: ما لحق بالصریح، و معناه أنه کقوله أنت طالق، فإنه یقع بها عندهم

ص:22

واحدة رجعیة، و لا یقع أکثر من ذلک، و ان نوی زیادة علیها و هی ثلاثة ألفاظ:

اعتدی و استبرئی رحمک و أنت واحدة.

و الضرب الثانی: ما یقع بها واحدة بائنة، و لا یقع بها سواها و ان نوی الزیادة و هی کنایة واحدة اختاری و نوی الطلاق فاختارته و نوت، قالوا: لا یقع بها إلا واحدة و لو نوی ثلاثا.

الضرب الثالث: ما یقع بها واحدة بائنة و یقع ثلاث طلقات و لا یقع طلقتان علی حرة، سواء کان زوجها حرا أو عبدا، لان الطلاق عندهم بالنساء لا یقع عندهم بالکنایة مع النیة طلقتان دفعة واحدة علی حرة، فإن کانت أمة وقع بها طلقتان بالکنایة تحت حر کانت أو تحت عبد.

و المعتمد عدم وقوع الطلاق بالکنایات عندنا، و انما أوردنا أقوالهم فیها، لان الغرض الأهم من هذا الکتاب معرفة مذاهبهم.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا قال أنت مطلقة

لم یقع صریحا و لا کنایة.

و للشافعی وجهان: أحدهما أنه صریح، و به قال أبو حنیفة. و الآخر أنه کنایة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا قال لها: أنت حرة

، أو قال: أعتقتک و نوی الطلاق لم یکن طلاقا. و قال جمیع الفقهاء: یکون طلاقا مع النیة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا قال لزوجته: أنا منک طالق

لم یکن ذلک شیئا لا صریحا و لا کنایة و لو نوی، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یکون کنایة، فإن نوی به البینونة وقع ما نوی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا قال أنا منک معتد

لم یکن ذلک شیئا، و به قال

ص:23

أبو حنیفة. و قال الشافعی: هو کنایة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا قال لها: أنا منک باین

أو حرام لم یکن شیئا و قال أبو حنیفة و الشافعی: هو کنایة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق لم یصح

، ان نوی أکثر من واحدة، و لو نوی أکثر لم یقع إلا واحدة.

و قال الشافعی: ان لم ینو شیئا وقع واحدة، و ان نوی وقع ما نواه، سواء نوی طلقة أو طلقتین أو ثلاثا، و هکذا کل الکنایات یقع بها ما نوی، و به قال مالک.

و قال أبو حنیفة: إما صریح الطلاق أنت طالق و طلقتک، و لا یقع بها إلا واحدة و به قال الأوزاعی و الثوری.

قال أبو حنیفة: و کذلک اعتدی و استبرئی رحمک و أنت واحدة و اختاری لا یقع بهن إلا طلقة واحدة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا قال أنت طلاق

، أو أنت الطلاق، أو أنت طالق طلاقا، أو أنت طلاق الطلاق، لا یقع به شیء، نوی أو لم ینو، الا بقوله أنت طالق طلاقا و ینوی فإنه یقع به واحدة لا أکثر.

و قال أبو حنیفة بجمیع ذلک یقع ما نوی واحدة أو اثنتین أو ثلاثا، و به قال الشافعی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا کتب بطلاق زوجته و لم یقصد الطلاق

لم یقع بلا خلاف، فان قصد به الطلاق، فعندنا لا یقع به شیء.

ص:24

و للشافعی قولان: أحدهما یقع علی کل حال، و به قال أبو حنیفة، و الآخر لا یقع و هو المعتمد، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة.

و قال فی النهایة: و ان کان غائبا و کتب بخطه ان فلانة طالق وقع الطلاق(1) و مثله قول ابن البراج فی الکامل و جوزه ابن حمزة بأربعة شروط: أن یکتب بخطه، و یشهد علیه، و یسلمه الی الشاهدین و لا یفارقهما حتی یقرأ الشهادة، و یعلما المطلقة. و الشیخ لم یشرط غیر الکتابة بخطه.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا قال لها طلقی نفسک ثلاثا فطلقت واحدة

، وقع عند الشافعی، و عند أبی حنیفة لا یقع أصلا، و هو مذهبنا و ان اختلفتا فی العلة.

و المعتمد قول الشیخ، و هو مذهب فخر الدین، للمخالفة و لاختلاف الحکم بین الواحدة و الثلاث، و ربما تعلق غرضه بحکم الثلاث و اختار العلامة وقوع واحدة کقول الشافعی.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا قال لها طلقی نفسک واحدة فطلقت ثلاثا

وقع واحدة عند الشافعی، و عند مالک لا یقع، و هو مذهبنا و ان اختلفتا فی التعلیل.

و اختار نجم الدین و العلامة وقوع واحدة، و هو قوی هنا.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا قال لزوجته الحرة أو الأمة أو أمته:

أنت علی حرام، لم یتعلق به حکم لا طلاق و لا عتاق و لا ظهار، نوی أو لم ینو، و لا یمین و لا وجوب کفارة.

و قال الشافعی: ان نوی طلاقا فی الزوجة فهو طلاق، فان لم ینو عددا کان واحدة، و ان نوی عددا کان علی ما نواه، و ان نوی ظهارا کان ظهارا، و ان نوی تحریم عینها لم یحرم و یلزمه کفارة یمین و لا یکون یمینا، لکن یجب به الکفارة. و ان أطلق ففیه قولان: أحدهما تجب فیه کفارة، و یکون صریحا فی إیجاب الکفارة

ص:25


1- (1) النهایة ص 511.

و الثانی لا یجب به شیء فیکون کنایة.

و ان قال ذلک لأمته، قال: انه لا یکون فیها طلاق و لا ظهار، لکنه ان نوی عتقها عتقت، و ان نوی تحریم عینها لم یحرم و یلزمه کفارة یمین، و ان أطلق فعلی قولین کالحرة.

و اختلف فی هذه اللفظة حال الإطلاق، فقال الأوزاعی: یکون یمینا، و قال الزهری: یکون طلقة رجعیة، و قال أحمد: یکون ظهارا، و قال أبو هریرة: یکون ثلاث طلقات.

و قال أبو حنیفة: ان خاطب بها الزوجة و نوی طلاقا، و ان نوی ظهارا کان ظهارا، و إذا نوی الطلاق فان لم ینو عددا وقعت طلقة بائنة، و ان نوی عددا فان نوی واحدة وقعت بائنة، و ان نوی اثنتین وقعت واحدة بائنة، و ان نوی ثلاثا وقعت ثلاثا، کما یقول فی الکنایات الظاهرة.

و ان أطلق کان مؤلیا، فإن وطئها قبل انقضاء أربعة أشهر حنث و لزمته الکفارة و ان لم یطأها حتی مضت المدة بانت بطلقة کما یقول فی المؤلی منها انها تبین بطلقة، فأما إذا قال ذلک للأمة، فإنه بمنزلة أن یحلف أنه لا یمسها فلا شیء علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا قال کلما أملک علی حرام

لم یتعلق به حکم سواء کان له زوجات و إماء و أموال، أو لم یکن له شیء، نوی أو لم ینو.

و قال الشافعی: إذا لم یکن له زوجات و لا إماء و له مال مثل قولنا، و ان کان له زوجة واحدة فعلی ما مضی، و ان کان له زوجتان فعلی قولین: أحدهما یتعلق به کفارة واحدة، و الآخر یتعلق بکل واحدة کفارة.

و قال أبو حنیفة: هو بمنزلة قوله و اللّه لا انتفعت شیء من مالی، فمتی انتفع بشیء من ماله حنث و لزمته الکفارة بناء علی أصله أن ذلک یمین.(1)

ص:26


1- (1) تهذیب الاحکام 74/7.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 30 - قال الشیخ: إذا قال کلی و اشربی و نوی به الطلاق

، لم یقع به الطلاق، و به قال أبو إسحاق المروزی.

و قال أبو حامد: المذهب أنه یقع به الطلاق لان معناه اشربی غصص الفرقة و طعمها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا قال لغیر المدخول بها: أنت طالق ثلاثا

وقعت واحدة، و خالف جمیع الفقهاء و قالوا یقع ثلاثا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا قال لغیر المدخول بها: أنت طالق

أنت طالق أنت طالق، بانت بالأولی و لم یلحقها الثانیة و الثالثة، و به قال جمیع الفقهاء، و قال قوم: تبین بالثلاث.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 33 - قال الشیخ: أجمع القائلون بوقوع الطلاق المعلق

علی شرط أن الشرط إذا کان جائز الحصول و عدم الحصول أنه لا یقع الطلاق حتی یحصل الشرط، و ذلک مثل قوله إذا دخلت الدار أو ان کلمت زیدا، و ان کان الشرط یجب حصوله مثل قوله إذا جاء رأس الشهر أو طلعت الشمس، فقال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی: لا یقع الطلاق الا بعد حصول شرطه. و قال مالک: یقع الطلاق فی الحال.

و هذا ساقط عنا، لأنا لا نقول بالطلاق المعلق علی شرط.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق فی رمضان

، فإنها تطلق عند الشافعی أول جزء من أول لیلة منه. و قال أبو ثور: تطلق عند آخر جزء منها.

و هذا ساقط عنا.

ص:27

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا قال إذا رأیت هلال رمضان فأنت طالق

فرآه بنفسه، طلقت عندهم بلا خلاف بینهم، و إذا رآه غیره طلقت عند الشافعی، و لم تطلق عند أبی حنیفة و هذا ساقط عنا.

مسألة - 36 - قال الشیخ: اختلفوا فیمن قال ان لم تدخلی الدار

، أو إذا لم تدخلی الدار فأنت طالق، هل هو علی الفور أو التراخی؟ قال الشافعی: فیه قولان:

أحدهما علی الفور، و الآخر علی التراخی فیهما، و به قال أبو حنیفة، و فی أصحابه من فرق بین ان لم و إذا لم، و بالفرق قال محمد و أبو یوسف.

و هذا ساقط عنا.

مسألة - 37 - قال الشیخ: طلاق المکره و عتقه

و سائر العقود التی أکره علیها لا یقع منه، و به قال الشافعی و مالک.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: طلاق المکره و إعتاقه واقع، و کذلک کل عقد یلحقه فسخ، مثل البیع و الإجارة و الصلح، فإنه ینعقد موقوفا، فان اجازه و الا بطل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 38 - قال الشیخ: طلاق السکران

غیر واقع عندنا.

و للشافعی قولان: أحدهما و هو الأظهر أنه یقع، و به قال مالک و أبو حنیفة.

و الثانی لا یقع، و به قال ربیعة و المزنی و أبو ثور و الطحاوی من أصحاب أبی حنیفة و الکرخی.

و المعتمد عدم الوقوع مع عدم التمییز، و الوقوع معه.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا زال عقله بشرب البنج

و الأشیاء المرقدة و المجنة لا یقع طلاقه، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: ان کان شربه للتداوی فزال عقله لا یقع طلاقه، و ان شربه للعب

ص:28


1- (1) تهذیب الاحکام 74/8.

و غیر الحاجة وقع طلاقه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 40 - قال الشیخ: إذا قال له رجل: أ لک زوجة، فقال: لا

، لم یکن ذلک طلاقا، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یکون ذلک طلقة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 41 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق واحدة فی اثنتین

، و قال: أردت فی طلقتین غیر واقعتین علیک، قال أصحاب الشافعی: قبل منه، و المنصوص أنه طلقة، و به قال أبو حنیفة. و قال أبو إسحاق: هی طلقتان.

و هذا ساقط عنا.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق واحدة بلا نیة

، و کذا لو قال أنت طالق بلا نیة، لم یقع شیء. و قال الشافعی: یقع بها طلقة.

و المعتمد قول الشیخ، لان الطلاق یحتاج إلی نیة، فإذا قصد الی عدم النیة وجب أن لا یقع شیء.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا قال رأسک أو وجهک أو طالق

، لم یقع به طلاق و قال جمیع الفقهاء: انه یقع.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 44 - قال الشیخ: و لو قال یدک أو رجلک أو شعرک أو أذنک طالق

لم یقع شیء، و به قال أبو حنیفة و أبو یوسف و محمد.

و قال زفر من أصحاب أبی حنیفة و الشافعی: یقع بذلک کله.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق نصف طلقة

لم یقع شیء، و به قال داود. و قال جمیع الفقهاء: یقع طلقة.

ص:29

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 46 - قال الشیخ: الاستثناء بمشیة اللّه یدخل فی الطلاق و العتاق

، سواء کانا مباشرین أو معلقین بصفة، و فی الیمین بهما، و فی الإقرار و فی الیمین باللّه، فیوقف الکلام و من خالفه لا یلزمه حکم ذلک، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی.

و قال مالک: لا یدخل الا بالیمین باللّه، و هو ما ینحل بالکفارة. و قال الأوزاعی و ابن أبی لیلی: انه یدخل فیما کان یمینا بالطلاق أو باللّه، فأما إذا کان طلاقا مجردا أو معلقا بصفة، فلا یدخله الاستثناء.

و قال ابن حنبل: یدخل فی الطلاق دون العتاق، فقال: إذا قال أنت طالق ان شاء اللّه لم یطلق، و ان قال أنت حر ان شاء اللّه عتق و فرق بینهما، بأن اللّه تعالی لا یشاء الطلاق و یشاء العتق، لقوله علیه السلام «ان أبغض الأشیاء الی اللّه تعالی الطلاق».

قال الشیخ: دلیلنا أن الأصل براءة الذمة و ثبوت العقد، و إذا عقب کلامه بلفظ «إن شاء اللّه» فی هذه المواضع، فلا دلیل علی زوال العقد و لا علی تعلق حکم بذمته، فمن ادعی خلافه فعلیه الدلالة.

و اعلم أن الشیخ قال فی کتاب الایمان من هذا الکتاب: لا یدخل الاستثناء بمشیة اللّه الا فی الیمین فحسب، و به قال مالک. و قال أبو حنیفة: یدخل بالیمین باللّه و بالطلاق و بالعتاق و فی النذر و فی الإقرار، دلیلنا: أن ما قلناه مجمع علیه، و ما قالوه لیس علیه دلیل هذا أخر کلامه فی کتاب الایمان. و هو مخالف لما اختاره فی کتاب الطلاق هنا.

و المعتمد أن التعلیق بمشیة اللّه یمنع وقوع الطلاق و العتاق، و ادعی علیه العلامة فی المختلف(1) الإجماع، أما الإقرار فلا یمنعه الاستثناء بالمشیة.

ص:30


1- (1) مختلف الشیعة ص 38-39، کتاب الطلاق.

مسألة - 47 - قال الشیخ: المریض إذا طلقها طلقة

لا یملک رجعتها، فان ماتت لا یرثها بلا خلاف، و ان مات هو من ذلک المرض ترثه ما بینها و بین سنة ما لم تتزوج، فان تزوجت بعد تقضی عدتها لم ترثه، و ان زاد علی السنة یوم واحد لم ترثه.

و للشافعی قولان: أحدهما لا ترثه، و هو أصح القولین عندهم. و الآخر یرثه کما قلناه، و به قال مالک و الأوزاعی و الثوری و أبو حنیفة و أصحابه و ابن حنبل.

و لهم تفصیل، فأبو حنیفة لا یرثها بعد خروجها من العدة، و به قال أصحابه و الثوری و الأوزاعی و أحد الأقوال الثلاثة للشافعی علی قوله انها ترثه. و القول الثانی للشافعی علی هذا القول أنها یرثه ما لم تتزوج، و به قال أحمد و ابن أبی لیلی و لم یقدروه بسنة. و القول الثالث للشافعی علی هذا القول انها ترثه أبدا و ان تزوجت ما تزوجت، و به قال ربیعة. و قال ربیعة: لو تزوجت عشرة أزواج ورثتها، فعلی هذا یجوز أن ترث فی یوم واحد جماعة من الأزواج بأن تزوجها واحد و یطلقها فی مرضه، ثم یتزوجها آخر و یطلقها و یتزوجها أخر و هکذا، ثم یموتون کلهم فی یوم واحد فتأخذ إرثها من الجماعة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 48 - قال الشیخ: إذا سألته أن یطلقها فی مرضه فطلقها

، لم یقطع ذلک میراثها منه، و به قال ابن أبی هریرة من أصحاب الشافعی علی قوله بأنها ترثه.

و قال الباقون من أصحابه: لا ترثه، و به قال أبو حنیفة لزوال التهمة، و هو اختیار الشیخ فی الاستبصار(2) ، و اختیار نجم الدین و العلامة فی المختلف(3) ، و هو

ص:31


1- (1) تهذیب الأحکام 80/8.
2- (2) الاستبصار 307/3.
3- (3) مختلف الشیعة ص 32.

المعتمد و ابن إدریس اختار مذهب الشیخ هنا.

مسألة - 49 - قال الشیخ: إذا قال أنت طالق قبل قدوم زید بشهر

، فان قدم قبل تقضی الشهر لم یقع الطلاق، و ان قدم مع انقضاء الشهر مثل ذلک، و ان قدم بعد شهر و لحظة من حیث عقد الصفة و قبل أول الشهر، هذا قول الشافعی علی ما فرعه أبو العباس، و به قال زفر.

و قال أبو یوسف و أبو حنیفة و محمد: یقع الطلاق أی وقت قدم حین قدومه.

و هذا الفرع ساقط عنا.

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا شک هل طلق أم لا

، لا یلزمه الطلاق لا وجوبا و لا استحبابا لا واحدة و لا ثلاثة، لأن الأصل بقاء الزوجیة.

و قال الشافعی: یستحب أن یلزم نفسه طلقة واحدة و یراجعها لیزول الشک، و ان کان ممن إذا أوقع الطلاق أوقع ثلاثا، فالذی یقتضیه الشرع و العفة أن یطلقها ثلاثا لتحل لغیره ظاهرا و باطنا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 51 - قال الشیخ: إذا طلق و شک هل طلق واحدة أو اثنتین

بنی علی الواحدة، و ان شک بین الاثنتین و الثلاث بنی علی اثنتین، و به قال الشافعی و أبو حنیفة و محمد.

و قال مالک و أبو یوسف: علیه الأخذ بالأکثر، لان الحظر و الإباحة إذا اجتمعا غلبنا حکم الحظر، کما لو نجس موضع من ثوبه و جهل مکانه، فعلیه غسل جمیعه و کما لو اشتبهت أخته بالأجنبیة.

و المعتمد قول الشیخ، لأصالة بقاء العبد، و المتحقق هو الأقل و الزائد مشکوک فیه، فیبنی علی الیقین. و فی الثوب و الأخت و الأجنبیة لم یحصل له یقین فی شیء و الشک فی الأخر، بل الشک حاصل فی الجمیع، فلها واجب اجتنابهما و غسل

ص:32

جمیع الثوب لعدم حصول الیقین بدون ذلک.

مسألة - 52 - قال الشیخ: الظاهر من روایات أصحابنا و الأکثر أن الزوج الثانی

إذا دخل بها یهدم ما دون الثلاث من الطلقة و الطلقتین، و به قال أبو حنیفة و أبو یوسف.

و قد روی أصحابنا فی بعض الروایات أنه لا یهدم الا الثلاث، و ما دون ذلک لا یهدمه، و متی تزوجها الزوج الأول بقیت عنده علی ما بقی من الطلاق، و به قال مالک و الشافعی و محمد و زفر. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 53 - قال الشیخ: الحیل فی الأحکام جائزة

، و به قال جمیع أهل العلم، و من التابعین من منع من الحیل بکل حال. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 54 - قال الشیخ: إذا ثبت جواز الحیلة

، فإنما یجوز منها ما کان مباحا یتوصل به الی مباح، فأما مثل محظور یتوصل به الی مباح فلا یجوز، و به قال الشافعی.

و أجاز أصحاب أبی حنیفة الحیلة المحظورة لیتوصل بها الی مباح.

و المعتمد أن الحیلة المحظورة لا یجوز فعلها فان فعلها فعل حراما و تمت الحیلة، کمن حملت ابنها علی الزنا بامرأة لیحرم علی أبیه، فإن الحیلة محرمة و تمت الحیلة، و هی تحریمها علی أبیه علی القول بالتحریم و ما شابه ذلک.

أما لو ادعی زوجیة امرأة و أقام شاهدی زور و هو کاذب فی دعواه، فإنها لا تحل له، و عند أصحاب أبی حنیفة أنها تحل ظاهرا و باطنا، و قالوا: لو أن رجلا تزوج بزوجة جمیلة، فرغب فیها أجنبی قبل دخول زوجها بها، فأتی هذا الأجنبی الحاکم فادعاها زوجته، و أن زوجها طلقها قبل الدخول بها، و شهد له بذلک شاهدا زور فحکم الحاکم بذلک نفذ حکمه و حرمت علی الأول ظاهرا و باطنا، و حلت للثانی ظاهرا و باطنا. نعوذ باللّه من هذا المذهب المؤدی إلی الکفر بما جاء به محمد من الاحکام فقد حرموا ما أحله اللّه، و حللوا ما حرمه اللّه و رسوله.

ص:33

کتاب الرجعة

مسألة - 1 - قال الشیخ: اعتبار الطلاق بالزوجة

، فإن کانت حرة فطلاقها ثلاث تحت حر کانت أو تحت عبد، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری.

و قال الشافعی: الاعتبار بالزوج، فان کان حرا فثلاث، و ان کان مملوکا فطلقتان سواء کان تحته حرة أو أمة، و به قال مالک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: أقل ما یمکن أن تنقضی به عدة الحرة

ستة و عشرون یوما و لحظتان، و للأمة ثلاثة عشر یوما و لحظتان، و عند الشافعی أقل ذلک فی الحرة اثنان و ثلاثون یوما و لحظتان، و فی الأمة ستة عشر یوما و لحظتان.

و المعتمد قول الشیخ، و هو مبنی علی أن أقل الحیض ثلاثة أیام و أقل الطهر عشرة، و قول الشافعی مبنی علی مذهبه أن أقل الطهر خمسة عشر یوما و أقل الحیض یوم و لیلة.

مسألة - 3 - قال الشیخ: المطلقة الرجعیة لا یحرم وطئها

و لا تقبیلها، بل هی باقیة علی الإباحة، و متی وطئها أو قبلها بشهوة کان ذلک رجعة، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الأوزاعی و الثوری و ابن أبی لیلی.

ص:34

و قال الشافعی: هی محرمة کالمبتوتة لا یحل له وطؤها و لا الاستمتاع بها بوجه من الوجوه الا بعد أن یراجعها، و الرجعة عنده یحتاج الی قول بأن یقول: راجعتک و مع العجز بالخرس بالإیماء و الإشارة کالنکاح سواء.

و قال مالک: ان وطئها و نوی الرجعة کان رجعة، و ان لم ینو الرجعة لم یکن رجعة، و به قال أبو ثور.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1) ، و بقوله تعالی «وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ» (2) سمی المطلق طلاقا رجعیا بعلا، و إذا کان بعلا فهی بعلة، فتثبت بذلک الزوجیة بینهما، و الإباحة تابعة للزوجیة.

مسألة - 4 - قال الشیخ: یستحب الاشهاد علی الرجعة

و لیس ذلک بواجب و به قال أبو حنیفة و الشافعی فی القدیم و الجدید و هو الصحیح عندهم، و قال فی الإملاء: الإشهاد واجب، و به قال مالک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا راجعها قبل أن تخرج من عدتها

و لم تعلم الزوجة بذلک، فاعتدت و تزوجت، ثم جاء الزوج الأول و أقام البینة علی أنه راجعها فی العدة، فإنه یبطل النکاح الثانی و ترد إلی الأول، دخل الثانی بها أو لم یدخل و به قال أهل العراق و الشافعی.

و قال مالک: ان دخل بها الثانی فهی له، و ان لم یدخل ردت إلی الأول.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا طلقها ثلاثا

علی الوجه الذی یقع الثلاث علی الخلاف لا یحل له حتی تنکح زوجا غیره و یطأها الثانی، فوطی الثانی شرط فی الحل للأول

ص:35


1- (1) تهذیب الأحکام 123/8.
2- (2) سورة البقرة: 228.

و به قال جمیع الفقهاء، الا سعید بن المسیب فإنه لم یعتبر الوطء، و انما اعتبر العقد لا غیر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا نکحت نکاحا فاسدا و دخل بها الثانی

، فإنها لا تحل للأول، و به قال مالک و الشافعی فی الجدید، و قال فی القدیم: تحل له.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا تزوجت بمراهق قرب من البلوغ

و ینتشر علیه و یعرف لذة الجماع، فإنها لا تحل للأول، و به قال الشافعی.

و قال مالک لا تحل، و اختاره العلامة فی کتبه، و هو المعتمد.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا وطئها الزوج الثانی فی حال یحرم علیه وطؤها

کالحیض و الإحرام، فإنها لا تحل للأول، و به قال مالک. و قال جمیع الفقهاء: انها تحل، و هو قوی.

و قال فی المبسوط: و إذا أصابها الزوج فی حال هی محرمة علیه لعارض، مثل أن یکون أحدهما محرما أو صائما أن تکون هی حائضا أو نفساء، فقد حلت للأول. و قال بعضهم: لا تحل للأول، و هو قوی عندی، لکونه منهیا عنه(1).

و هذا یدل علی تردده.

و حکی نجم الدین القولین فی الشرائع(2) و لم یفت بشیء، و کذلک العلامة فی القواعد(3) و التحریر و الإرشاد لم یختر شیئا، و فی المختلف اختار التحلیل، و هو المعتمد، لعموم قوله تعالی «حَتّی تَنْکِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ» (4) و قد نکحت، و النهی

ص:36


1- (1) المبسوط 110/5.
2- (2) شرائع الإسلام 29/3.
3- (3) قواعد الأحکام 66/2.
4- (4) سورة البقرة: 230.

انما یدل علی الفساد فی العبادات.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا کانت عنده زوجة ذمیة و طلقها ثلاثا

، و تزوجت ذمیا و وطئها، فإنها تحل للأول عند من أجاز من أصحابنا نکاحهن، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: لا یبیحها للأول بناء علی أصله من أن أنکحة أهل الذمة فاسدة عنده، و الوطء فی النکاح الفاسد لا یبیح.

و المعتمد قول الشیخ، لأن أنکحة أهل الکفر صحیحة عندنا، لقوله تعالی «وَ امْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ» (1) و هذه الإضافة تقتضی الزوجیة حقیقة، و لأن النبی صلّی اللّه علیه و آله رجم یهودیة زنت، و لو لا أن تکون موطوءة بنکاح صحیح لما رجمها، لأنها لا تکون محصنة إلا بنکاح صحیح، لأن الموطوءة بنکاح فاسد لا تکون محصنة.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا قال لامرأته: أنت طالق ظنا أنها أجنبیة

فبانت امرأته، أو نسی أن له امرأة، فقال: کل امرأة لی طالق، فإنه لا یلزمه الطلاق.

و قال الشافعی: یلزمه.

و المعتمد قول الشیخ، لان الطلاق یفتقر عندنا إلی النیة.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا راجعها بلفظ النکاح،

مثل أن یقول: تزوجتک أو نکحتک و قصد المراجعة کانت رجعة صحیحة.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل ما قلناه، و الثانی و هو المذهب عندهم أنه لا یصح.

و المعتمد قول الشیخ، و تردد العلامة فی التحریر(2) من بطلانه شرعا، و من دلالته علی التمسک.

ص:37


1- (1) سورة المسد: 4.
2- (2) تحریر الاحکام 55/2.

کتاب الإیلاء

مسألة - 1 - قال الشیخ: الإیلاء الشرعی

أن یحلف الرجل أن لا یطأ زوجته أکثر من أربعة أشهر، فإن حلف أربعة لم یکن مؤلیا، و به قال مالک و الشافعی و أحمد، و حکی عن ابن عباس أنه قال: الإیلاء أن یحلف أنه لا یطؤها علی التأبید فإن أطلق فقد أبد.

و قال أبو حنیفة و الثوری: إذا حلف أن لا یطأها أربعة أشهر کان مؤلیا بوقت و ان کان أقل لا یکون مؤلیا. و قال الحسن البصری: إذا حلف لا یطأها کان مؤلیا بوقت، و لو حلف لا یطأها یوما.

و المعتمد أن الإیلاء لا تنعقد إلا إذا کان الحلف مطلقا، أو مقیدا بالتأبید، أو مدة تزید علی أربعة أشهر، أو مضافا الی فعل لا یحصل الا بعدها غالبا، کقوله:

حتی أمضی من بغداد الی الهند و أعود.

مسألة - 2 - قال الشیخ: حکم الإیلاء الشرعی

أن له التربص أربعة أشهر، فإذا انقضت توجهت علیه المطالبة بالفئة أو بالطلاق، و محل الفئة بعد انقضاء المدة و هو محل الطلاق و المدة حق له، فان فاء فیها فقد عجل الحق لها قبل محله علیه و به قال مالک و الشافعی و أحمد.

ص:38

و قال أبو حنیفة و أصحابه: انه یتربص أربعة أشهر، فإذا انقضت وقعت بانقضائها طلقة بائنة، و وقعت الفئة فی المدة فإن فاء فیها فقد وفاها حقها، و ان ترک الجماع فیها فقد وقعت الطلقة بانقضائها.

و قال الزهری و سعید بن جبیر: ان الطلقة تقع بانقضاء المدة، و لکنها لا تقع بائنة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: لا یکون مؤلیا الا أن یحلف باللّه

، أو باسم من أسمائه.

أما الیمین بالطلاق و العتاق و الصدقة و النذور و إیجاب العبادات علی نفسه، فلا یکون مؤلیا بها، و به قال الشافعی فی القدیم. و قال فی الجدید: یکون مؤلیا بجمیع ذلک، و به قال أبو حنیفة و أصحابه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 4 - قال الشیخ: لا ینعقد الإیلاء إلا بالنیة

، إذا کان بألفاظ مخصوصة بأن یقول: لا انیکک، أو لا أدخل ذکری فی فرجک، أولا أغیب ذکری فی فرجک.

و قال الشافعی: هذه الألفاظ صریحة فی الإیلاء، فلا یحتاج معها إلی النیة فمتی لم ینو بها الإیلاء حکم علیه بها و ان لم ینعقد بینه و بین اللّه، و زاد فی البکر و اللّه اقتضک. و هذا لا یجوز عندنا، لأن الإیلاء لا یکون الا بعد الدخول.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا قال و اللّه لا جامعتک

لا أصبتک لا وطئتک و قصد الإیلاء، کان إیلاء، و ان لم یقصد لم یکن مؤلیا، و هی حقیقة فی العرف کنایة عن الجماع.

و قال الشافعی: هی صریحة فی الحکم و یدین فیما بینه و بین اللّه، و ثبت أنها بالعرف عبارة عن النیک، فإذا أطلق وجب حملها علی ذلک مثل الصریحة.

ص:39


1- (1) تهذیب الاحکام 2/8.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا قال و اللّه لا باشرتک

لا مسستک لا باضعتک، و قصد به الإیلاء و العبارة عن الوطء کان مؤلیا، و ان لم یقصد لم یکن مؤلیا.

و للشافعی قولان: قال فی القدیم: هو صریح فی الإیلاء، و قال فی الجدید: هو کنایة فإن قصد به الإیلاء کان مؤلیا و ان لم یقصد لم یکن مؤلیا، و ان أطلق فعلی قولین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا قال و اللّه لا جمع رأسی و رأسک شیء

، لا ساقف رأسی و رأسک مخدة، و اللّه لا سؤتک، و اللّه لأطیلن غیبتی عنک، کل هذه لا تنعقد بها الإیلاء.

و قال الشافعی: کل هذه کنایات تنعقد مع النیة لا بدونها. و اختاره الشیخ فی المبسوط(1) ، و نجم الدین فی الشرائع(2) ، و العلامة فی المختلف(3) و التحریر(4) و اختار ابن إدریس مذهب الشیخ هنا، و اختاره العلامة فی الإرشاد، و فخر الدین فی الاشکال، و هو المعتمد.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا امتنع بعد الأربعة أشهر من الفئة و الطلاق

و ماطل و دافع، لا یجوز أن یطلق علیه.

و للشافعی فی القدیم قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یطلق علیه، و به قال فی الجدید. و عند أبی حنیفة یقع الطلاق بانقضاء المدة.

ص:40


1- (1) المبسوط 116/5.
2- (2) شرائع الإسلام 83/3.
3- (3) مختلف الشیعة ص 53 کتاب الطلاق.
4- (4) تحریر الاحکام 63/2.

و المعتمد قول الشیخ، و یحبس و یضیق علیه فی المطعم و المشرب حتی یفیء أو یطلق.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا طلق المولی طلقة کانت رجعیة

، و به قال الشافعی إذا کان فی المدخول بها. و قال أبو ثور: یکون بائنة علی کل حال.

و المعتمد قول الشیخ، فان راجع ضربت له مدة أخری و وقف بعد انقضائها فإن فاء و طلق وفا، فان راجع ثانیا ضربت له أخری و وقف بعد انقضائها، فإن طلق ثالثا بانت هکذا قاله فی التحریر، و ربما قیل: لا یفتقر إلی مدة أخری بعد المراجعة، بل یلزم بالفئة أو الطلاق فی الحال، و هو حسن.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا قال ان أصبتک فأنت علی حرام

، لم یکن مؤلیا و لا یتعلق به حکم.

و قال الشافعی: ان قلنا انه کنایة و لیس بصریح فی شیء و لم یکن له نیة لم یتعلق بهذا اللفظ حکم، و ان قلنا انه صریح فی إیجاب کفارة، أو قلنا انه کنایة و نوی تحریم عینها کان مؤلیا علی قوله الجدید، و لا یکون مؤلیا علی قوله القدیم لأنها یمین بغیر اللّه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا قال ان أصبتک فللّه علی أعتق عبدی

لا یکون مؤلیا و للشافعی قولان، قال فی القدیم: لا یکون مؤلیا، و قال فی الجدید: یکون مؤلیا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: الإیلاء لا یقع بشرط

، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم، و اختار فی المبسوط(1) مذهب

ص:41


1- (1) المبسوط 118/5.

الفقهاء، و هو وقوعه معلقا و اختاره العلامة فی المختلف(1).

و المعتمد مذهب الشیخ هنا، و هو اختیار ابن حمزة و ابن زهرة و ابن إدریس و نجم الدین، و العلامة فی الإرشاد و فخر الدین.

مسألة - 13 - قال الشیخ: الإیلاء فی الرضا و الغضب سواء

إذا قصد به الإیلاء و به قال أبو حنیفة و الشافعی و ان لم یعتبر النیة.

و قال مالک: ان کان فی حال الغضب کان مؤلیا، و ان کان فی حال الرضا لا یکون مؤلیا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا کان له امرأتان زینب و عمرة، فقال:

ان وطئت زینب فعمرة طالق، کان هذا إیلاء عند الفقهاء، فإذا مضت المدة و طلق زینب طلاقا بائنا ثم تزوجت بعقد أخر، فهل یعود حکم الإیلاء أم لا؟ للشافعی ثلاثة أقوال: أحدها یعود بکل حال، و الآخر لا یعود، و الثالث ینظر فیه، فان کانت المبتوتة بالثلاث لم یعد، و ان کان بدون الثلاث عاد، و به قال أبو حنیفة. و هکذا الخلاف فی صفة طلاق عمرة.

و هذا الفرع ساقط عنا، لان عندنا أن الإیلاء لا یکون الا باللّه.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا آلی من زوجته

تربص أربعة أشهر، سواء کان الزوج حرا أو عبدا، و سواء کانت حرة أو امة، و به قال الشافعی.

و قال مالک: الاعتبار بالرجل، فان کان عبدا فالمدة شهران، و ان کان حرا فالمدة أربعة أشهر.

و قال أبو حنیفة: الاعتبار بالمرأة، فإن کانت حرة فالمدة أربعة أشهر، و ان کانت أمة کانت المدة شهرین.

ص:42


1- (1) مختلف الشیعة ص 54 کتاب الطلاق.

و المعتمد قول الشیخ، لعموم الآیة(1).

مسألة - 16 - قال الشیخ: قال الشافعی إذا اختلفا فی انقضاء المدة

أو ابتداء الیمین، کان القول قوله مع یمینه، و هذا لا یصح علی مذهبنا، لأن المدة معتبرة عندنا من حین الترافع الی الحاکم لا من وقت الیمین، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و هو خیرة المفید و ابن حمزة و أبی الصلاح و ابن البراج و ابن إدریس و العلامة فی الإرشاد و الشهید فی شرح الإرشاد.

و قال ابن الجنید و ابن أبی عقیل: ان المدة من وقت العین، و اختاره العلامة فی المختلف، و فخر الدین فی شرح القواعد.

مسألة - 17 - قال الشیخ: الإیلاء یقع بالرجعیة

بلا خلاف، و یحتسب من مدتها زمان العدة، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: لا یحتسب زمان العدة، و اختاره العلامة فی التحریر(2) ، و اختار فی القواعد(3) و الإرشاد مذهب الشیخ هنا، و هو اختیار نجم الدین فی الشرائع(4) و هو المعتمد.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا آلی منها ثم وطئها

کان علیه الکفارة، سواء کان الوطء فی المدة أو بعدها و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو المذهب عندهم، و الثانی أنه لا کفارة علیه، و من أصحابه من قال: ان کان الوطء فی المدة فعلیه الکفارة قولا واحدا، و ان کان بعدها فعلی قولین.

ص:43


1- (1) و هی قوله تعالی «لِلَّذِینَ یُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ».
2- (2) تحریر الاحکام 64/2.
3- (3) قواعد الأحکام 86/2.
4- (4) شرائع الإسلام 89/3.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة. و اختار فی المبسوط(1) ان کان الوطء بعد المدة فلا کفارة علیه.

مسألة - 19 - قال الشیخ: یصح الإیلاء من الذمی

کما یصح من المسلم، و به قال الشافعی و أبو حنیفة. و قال أبو یوسف و محمد: لا یصح من الذمی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا آلی لمصلحة ولده خوفا من الحمل

، فیضر ذلک بولده المرتضع، فلا حکم له و لا یتعلق بذلک حنث و لا یوقف أصلا، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم. قال نجم الدین فی الشرائع(2) و العلامة فی القواعد(3): و یکون یمینا.

ص:44


1- (1) المبسوط 135/5.
2- (2) شرائع الإسلام 83/3-84.
3- (3) قواعد الاحکام 87/2.

کتاب الظهار

مسألة - 1 - قال الشیخ: ظهار العبد المسلم صحیح

، و به قال جمیع الفقهاء، و حکی عن بعضهم و لم یسموه أنه لم یصح.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 2 - قال الشیخ: لا یصح من الکافر الظهار

و لا التکفیر، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: یصح منه الظهار و الکفارة بالعتق و الإطعام، أما الصیام فلا یصح منه.

و المعتمد الصحة من الکافر، و هو اختیار ابن إدریس و نجم الدین و العلامة لأنه مکلف بالفروع، و لا یصح من التکفیر حالة کفره، بل یجب علیه تقدیم الإسلام.

مسألة - 3 - قال الشیخ: لا یصح الظهار قبل الدخول بالمرأة

، و خالف جمیع الفقهاء.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار ابن الجنید و ابن بابویه، و العلامة فی المختلف(1) و ابن فهد فی المقتصر(2) ، و عدم اشتراط الدخول مذهب المفید و سلار

ص:45


1- (1) مختلف الشیعة ص 48، کتاب الطلاق.
2- (2) المقتصر لابن فهد - مخطوط.

و ابن إدریس و فخر الدین، و هو قوی.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا ظاهر من امرأته

، ثم طلقها طلقة رجعیة، حکم بصحة ظهاره و سقطت عنه الکفارة، فإن راجعها عادت الزوجیة و وجبت الکفارة.

و للشافعی قولان: أحدهما إذا قال الرجعة یکون عودا، فإذا راجعها ثم اتبع الرجعة طلاقا لزمته کفارة، و إذا قال لا یکون عودا، فإنه إذا طلقها عقیب الرجعة لا یلزمه الکفارة حتی یمضی بعد الرجعة زمان یمکنه فیه الطلاق.

و المعتمد إذا طلقها رجعیا ثم راجعها لم تحل له حتی یکفر، و لو خرجت من العدة ثم تزوجها و وطئها فلا کفارة، و کذا لو طلقها ثانیا و تزوجها فی العدة و وطئها.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا ظاهر منها، ثم أبانها

بأن طلقها ثانیا أو رجعیا و ترکها حتی خرجت من العدة ثم تزوجها، لا یعود حکم الظهار.

و قال الشافعی: ان أبانها بدون الثلاث ثم تزوجها علی قوله القدیم یعود قولا واحدا، و علی قوله الجدید علی قولین، و ان أبانها بالثلاث ثم تزوجها علی قوله القدیم یعود علی قولین، و علی قوله الجدید لا یعود قولا واحدا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: ظهار السکران غیر واقع

، و به قال المزنی و داود و قال جمیع الفقهاء: یقع کالعاصی.

و المعتمد ان کان سکره أزال تمییزه لا یقع منه، و ان بقی التمییز وقع مع القصد الیه و الا فلا.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا ظاهر و عاد

فلزمته الکفارة، یحرم علیه وطؤها حتی یکفر، و ان ترک العود و التکفیر أجل ثلاثة أشهر، ثم یطالب بالتکفیر أو الطلاق مثل المؤلی بعد أربعة أشهر.

ص:46

و قال مالک: یصیر مؤلیا بعد أربعة أشهر، و یتعلق علیه حکم الفئة أو الطلاق و قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی: لا یلزم شیء من ذلک و لا یصیر مؤلیا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 8 - قال الشیخ: الظهار یقع بالأمة و المدبرة و أم الولد

مثل وقوعه بالزوجة، و به قال مالک و الثوری. و قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی: لا یقع الا بالزوجات.

و المعتمد قول الشیخ، و هو مذهب ابن أبی عقیل و ابن حمزة، و اختاره العلامة فی المختلف(1) و التحریر(2) و الإرشاد. و قال المفید و سلار و أبو الصلاح و ابن إدریس: لا یقع الا بالزوجات.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا قال أنت علی کید أمی

أو رجلها کان مظاهرا، و به قال الشافعی فی الجدید، و له فی القدیم قولان: أحدهما یکون مظاهرا، و هو الأصح عندهم، و الآخر لا یکون مظاهرا، و هو مذهب أبی حنیفة، و هو المعتمد، و هو مذهب المفید و ابن إدریس و العلامة و ابن فهد فی مقتصره.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا قال لها: أنت علی کظهر ابنتی

أو بنت ابنی أو بنت أختی أو عمتی أو خالتی، اختلفت روایات أصحابنا، فالظاهر الأشهر الأکثر أنه یکون مظاهرا، و به قال الشافعی فی الجدید، و قد رووا أنه لا یکون مظاهرا إلا إذا شبهها بامه، و به قال الشافعی فی القدیم، و له فیه قول آخر انه یکون مظاهرا.

و المعتمد وقوعه مع التشبیه بکل محرمة نسبا أو رضاعا، و هو اختیار العلامة

ص:47


1- (1) مختلف الشیعة ص 48.
2- (2) تحریر الاحکام 61/2.

فی القواعد(1) و التحریر(2) و المختلف(3) ، و اقتصر ابن إدریس علی الأم خاصة، و اختاره فخر الدین.

مسألة - 11 - قال الشیخ: لا یصح الظهار قبل التزویج

، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة و مالک: یصح.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(4).

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا قال متی تزوجتک فأنت طالق

، أو أنت علی کظهر أمی و أنت طالق، لا یقع طلاق و لا ظهار، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یقع الطلاق دون الظهار. و قال مالک: یقعان معا.

و هذا الفرع ساقط عندنا، لانه فرع وقوعه قبل التزویج.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا قال أنت علی کظهر أمی و لم ینو الظهار

لم یقع، و خالف جمیع الفقهاء و قالوا: هو صریح فی الظهار، و لا یعتبر فیه النیة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا قال أنت علی کظهر أمی و نوی الطلاق

، لم یقع طلاق و لا ظهار. و قال أکثر أصحاب الشافعی: أنه یکون طلاقا. و قال بعض أصحابه: یکون ظهارا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و أصالة بقاء العقد.

مسألة - 15 - قال الشیخ: الظهار لا یقع إلا إذا کانت المرأة طاهرا

طهرا لا یقربها فیه بجماع، و لا بد من شاهدین کالطلاق، و لم یعتبر أحد من الفقهاء ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:48


1- (1) قواعد الاحکام 84/2.
2- (2) تحریر الاحکام 61/2.
3- (3) مختلف الشیعة ص 48 کتاب الطلاق.
4- (4) تهذیب الأحکام 9/8.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا قال أنت علی حرام کظهر أمی

، لم یکن ظهارا و لا طلاقا.

و قال الشافعی فیه خمس مسائل: إحداها أن ینوی الطلاق، و الثانیة أن ینوی الظهار، و الثالثة أن یطلق و لا ینوی شیئا، و الرابعة ینوی الطلاق و الظهار معا، و الخامسة ینوی تحریم عینها، فقال: ففی هذه المسائل إذا أطلق کان ظهارا، و ان نوی غیر الظهار قبل منه نوی الطلاق أو غیره.

و علی قول بعض أصحابه یلزمه الظهار ان نواه، و هو اختیار العلامة فی الإرشاد و المختلف و التحریر و فخر الدین فی الاشکال، و ظاهر القواعد متابعة الشیخ هنا.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا کان له زوجتان و قال لإحداهما:

أنت علی کظهر أمی و قال للأخری: أشرکتک معها، فإنه لا یقع بالثانیة، نواه أو لم ینوه. و قال الشافعی: ذلک کنایة إن نواه وقع و الا فلا. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا ظاهر من أربع نسوة

، لم یخل: اما أن یظاهر بکلمة واحدة، أو من کل واحدة بکلمة، فإن ظاهر من کل واحدة بکلمة مفردة، لزمه بکل واحدة، کفارة بلا خلاف، و ان ظاهر منهن بکلمة واحدة مثل أن یقول أنتن علی کظهر أمی، لزمه عن کل واحدة کفارة أیضا، و به قال أبو حنیفة و الشافعی فی الجدید، و له فی القدیم قولان: أحدهما مثل قولنا و هو الصحیح عندهم، و الأخر یلزمه کفارة واحدة. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفقرة و أخبارهم.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا قال أنت علی کظهر أمی

و نوی بکل لفظ ظهارا مستأنفا، لزمته عن کل مرة کفارة، و به قال الشافعی فی الجدید، و قال فی القدیم:

علیه کفارة واحدة.

و المعتمد قول الشیخ، و لو قصد بالثانی تأکید الأول لزمه کفارة واحدة، و هو

ص:49

اختیار الشیخ فی المبسوط(1). و هو ظاهر فخر الدین و العلامة فی المختلف(2).

مسألة - 20 - قال الشیخ: الظهار علی ضربین:

أحدهما أن یکون مطلقا، فإنه یجب الکفارة متی أراد الوطء.

و الثانی أن یکون مشروطا، فلا تجب الکفارة إلا بعد حصول شرطه، فإذا کان مطلقا لزمته الکفارة قبل الوطء، فان وطئ قبل التکفیر لزمته کفارتان، و کلما وطئ لزمته کفارة أخری، و ان کان مشروطا و حصل شرطه لزمته کفارة، فإن وطئ قبل أن یکفر لزمته کفارتان، و من أصحابنا من قال: لا یقع مشروطا.

و اختلف الناس فی السبب الذی تجب به کفارة الظهار علی ثلاثة مذاهب قال مجاهد و الثوری: تجب بنفس التلفظ، و لا یعتبر شیء آخر، و ذهبت طائفة أنها تجب بظهار و عود.

ثم اختلفوا فی العود ما هو علی أربعة مذاهب: مذهب الشافعی الی أن العود هو أن یمسکها زوجة بعد الظهار مع قدرته علی الطلاق، فإذا وجد ذلک صار عائدا و وجبت علیه الکفارة، و ذهب مالک و أحمد الی أن العود هو العزم علی الوطء و ذهب الحسن و طاوس و الزهری الی أن العود هو الوطء، و ذهب داود و أهل الظاهر الی أن العود هو تکرار لفظ الطلاق و إعادته.

و ذهبت طائفة ثالثة و هم أهل المذهب الثالث من الذین اختلفوا فی سبب وجوب الکفارة الی أن الکفارة لا تستقر بحال، و انما یراد استباحة الوطء، فیقال للمظاهر إن أردت أن یباح لک الوطء فکفر، و ان لم ترد فلا تکفر، و هو قول أبی حنیفة و أصحابه.

قال الطحاوی: مذهب أبی حنیفة أن الکفارة فی الظهار لا تستقر فی الذمة، و انما یراد لإباحة الوطء، فان وطئ قبل التکفیر فعل محرما و لا یلزمه الکفارة،

ص:50


1- (1) المبسوط 152/5.
2- (2) مختلف الشیعة ص 49.

بل یقال له عند ارادة الوطء الثانی و الثالث ان أردت أن یحل لک فکفر و هکذا أبدا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل علی وقوعه مشروطا بالاخبار، و هو اختیار نجم الدین و العلامة و فخر الدین، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم علی أنه لا یلزمه الکفارة بمجرد التلفظ، بل بالعود و العزم علی الوطی، و لانه لا خلاف بینهم أنه إذا طلقها بعد الظهار لا یلزمه شیء.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا ظاهر من زوجته

، ثم أمسکها زوجة و لم یطأها ثم طلقها، أو ماتت هی أو مات هو، فإنه لا تلزمه کفارة. و قال الشافعی: تلزمه الکفارة. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا ثبت الظهار و حرم الوطء

، حرم القبلة و التلذذ و الوطء فیما دون الفرج. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو الأصح عندهم، و الثانی لا یحرم غیر الوطء.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار العلامة فی القواعد(1) و ابنه فی الشرح، و قال ابن إدریس: لا یحرم غیر الوطء.

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا وطئ قبل التکفیر

لزمه کفارتان: إحدیهما نصا و الأخری عقوبة، و به قال مجاهد.

و قال الشافعی: إذا وطئ قبل الکفارة، فقد فات زمان الأداء، و لا یلزمه بهذا الوطء کفارة، و لا یسقط عنه کفارة الظهار التی کانت علیه، و من الناس من قال:

أنه تسقط عنه الکفارة التی کانت علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 24 - قال الشیخ: المکفر بالصوم إذا وطئ زوجته

التی ظاهر منها فی حال الصوم، نهارا کان أو لیلا، بطل صومه و علیه استئناف الکفارتین، فان کان وطأه ناسیا مضی فی صومه و لم یلزمه شیء.

ص:51


1- (1) قواعد الاحکام 85/2.

و قال الشافعی: ان وطئ لیلا لم یؤثر ذلک الوطء فی الصوم و لا فی التتابع عامدا کان أو ناسیا، و ان وطئ بالنهار فان کان ذاکرا لصومه معتمدا للوطی، فسد صومه و انقطع تتابعه و علیه استئنافه، فان وطئ ناسیا لم یؤثر ذلک فی الصوم و لا فی التتابع. و قال مالک و أبو حنیفة: إذا وطئ فی أثناء الشهرین، عامدا أو ناسیا لیلا أو نهارا، انقطع التتابع و یلزمه الاستیناف.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و طریقة الاحتیاط، و اختار ابن إدریس مذهب الشافعی، و استقر به العلامة فی القواعد، و اختار فی المختلف(1) و التحریر(2) مذهب الشیخ، و هو اختیار فخر الدین.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا وطئ غیر زوجته لیلا فی خلال الصوم

، لم ینقطع التتابع و لا الصوم، و ان وطئ نهارا ناسیا فمثل ذلک، و ان وطئ نهارا عامدا قبل أن یصوم من الثانی شیئا انقطع التتابع، و ان کان بعد أن صام منه شیئا أخطأ و لم ینقطع التتابع بل یبنی علیه.

و قال الفقهاء ان کان وطأه لیلا لم ینقطع التتابع، و ان کان نهارا انقطع التتابع و وجب الاستئناف. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا ظاهر من زوجته مدة

، مثل أن یقول لزوجته:

أنت علی کظهر أمی یوما أو شهرا أو سنة لم یکن ظهارا.

و للشافعی قولان، قال فی الأم: یکون ظهارا و هو الأصح عندهم، و هو مذهب أبی حنیفة، و قال فی اختلاف ابن أبی لیلی و أبی حنیفة: لا یکون ظهارا، و هو قول مالک و ابن أبی لیلی.

و قال ابن الجنید من أصحابنا بوقوع الموقت للعموم، و اختاره العلامة فی

ص:52


1- (1) مختلف الشیعة ص 52، کتاب الطلاق.
2- (2) تحریر الاحکام 62/2.

القواعد، و اختار ابن إدریس و ابن البراج و فخر الدین عدم وقوع الموقت، و الأول أحوط.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا وجبت علیه الکفارة بعتق رقبة

، کفی غیر المؤمنة إلا فی القتل خاصة، و به قال أبو حنیفة و أصحابه، الا أنه أجازوا أن تکون کافرة، و عندنا ذلک مکروه و ان أجزأ.

و قال الشافعی: لا یجوز فی الجمیع إلا المؤمنة، و به قال مالک و أحمد، و هو المشهور عند أصحابنا، و قال أکثر أصحابنا: ان المراد بالایمان الإسلام، کما هو مراد الشافعی و من تابعه، و جزم العلامة فی التحریر(1) بجواز عتق المخالف، و ظاهر القواعد الإیمان الذی علیه الإمامیة، و هو أحوط.

مسألة - 28 - قال الشیخ: الموضع الذی یعتبر فیه الایمان فی الرقبة

، فإنه یجزئ فیه إذا کان محکوما بإیمانه و ان کان صغیرا، و به قال أبو حنیفة و الشافعی، و لو کان ابن یومه أجزأ.

و قال مالک: أحب أن لا یعتق عن الکفارة إلا بالغا. و قال أحمد: یعجبنی أن لا یعتق الا من بلغ حدا یتکلم عن نفسه و یعبر عن الإسلام و یفعل أفعال المسلمین لأن الإیمان قول و عمل، و فی الناس من قال: انه لا یجزئ إعتاق الصغیر عن الکفارة.

و المعتمد قول الشیخ. و قال ابن الجنید: لا یجزئ فی القتل خاصة إلا البالغ الحنث. قال صاحب الدروس: الحنث الطاعة و المعصیة(2).

مسألة - 29 - قال الشیخ: عتق المکاتب لا یجزئ فی الکفارة

، سواء أدی من مکاتبه شیئا أو لم یؤد، و به قال مالک و الشافعی و الثوری. و قال أبو حنیفة و أصحابه:

ان ادی شیئا من نجومه لا یجزی و الا أجزأ.

ص:53


1- (1) تحریر الاحکام 110/2.
2- (2) الدروس ص 206.

و المعتمد أجزاء المشروط مطلقا، و المطلق إذا لم یؤد شیئا، و هو اختیار العلامة.

مسألة - 30 - قال الشیخ: عتق أم الولد جائز فی الکفارات

، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 31 - قال الشیخ: عتق المدبر جائز فی الکفارات

، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یجوز.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و لانه مملوک یجوز بیعه و التصرف فیه. و قال فی النهایة: لا یجوز الا بعد نقض تدبیره(1) و هو ضعیف.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا أعتق عبدا مرهونا و کان موسرا أجزأه

، و ان کان معسرا لا یجزیه.

و المعتمد عدم الاجزاء الا مع اجازة المرتهن، و لا فرق بین الموسر و المعسر لان الراهن و المرتهن ممنوعان فی التصرف الا مع الإجازة.

مسألة - 33 - قال الشیخ: لا یجوز عتق الجانی عمدا فی الکفارة

، و یجوز الجانی خطأ.

و للشافعی و أصحابه ثلاث طرق: أحدها ان کان عمدا نفذ العتق قولا واحدا و ان کان خطأ فعلی قولین، و منهم من عکس. و قال أبو إسحاق: لا فرق بین العمد و الخطاء، و هو الصحیح عندهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 34 - قال الشیخ: العبد الغائب ان عرف خبره و حیاته

جاز عتقه فی الکفارة، و ان لم یعرف حیاته لا یجوز.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی أنه یجزئ ما لم یعلم موته،

ص:54


1- (1) النهایة ص 552.

و هو المعتمد.

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا اشتری من ینعتق علیه

، فان لم ینو عتقه عن الکفارة عتق بحکم القرابة، و ان نوی عن الکفارة لم یجز عنها و عتق بحکم القرابة و بقیت الکفارة و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة یقع عتقهم عن الکفارة، و اختاره الشیخ فی المبسوط.

و المعتمد اختیاره هنا، و هو اختیار العلامة و نجم الدین.

مسألة - 36 - قال الشیخ: إذا وجبت علیه کفارة

، فأعتق عنه رجل باذنه، وقع العتق عن المعتق عنه، و لا یکون ولاؤه له بل یکون سائبة، و به قال الشافعی الا أنه قال: ولاؤه له، سواء أعتق عنه تطوعا أو عن واجب بجعل أو بغیر جعل، فإن أعتق بجعل فهو کالبیع، و بغیر جعل فهو کالهبة.

و قال أبو حنیفة: ان أعتق بجعل جاز، و لا یجوز بغیر جعل. و قال مالک: لا یجوز ذلک بحال.

و المعتمد قول الشیخ، و هو المشهور عند أصحابنا. و قال ابن إدریس: الذی یقتضیه أصول مذهبنا أن العتق لا یقع الا عن المالک للعبد دون الإذن.

مسألة - 37 - قال الشیخ: إذا أعتق عنه بغیر اذنه

، فان العتق یقع عن المعتق دون المعتق عنه، سواء أعتقه عن واجب أو غیر واجب، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: ان أعتق عن غیر واجب وقع عن المعتق کقولنا، و ان أعتقه عن واجب وقع عن المعتق عنه.

و المعتمد قول الشیخ، و الولاء للمعتق.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا ملک الرجل نصف عبدین

و باقیهما مملوک لغیره أو باقیهما حر، فأعتقهما عن کفارته لا یجزیه.

و لأصحاب الشافعی ثلاثة أوجه، قال أبو العباس مثل قولنا، لانه لم یعتق عبدا

ص:55

کاملا. و قال غیره یجزیه، و منهم من قال: ان کان باقیة مملوکا لا یجزیه، و ان کان حرا أجزأه.

و المعتمد قول الشیخ ان کان باقیهما حرا، و ان کان باقیهما مملوکا و کان معسرا فکذلک، و ان کان موسرا سری و أجزأ، لأنهم نصوا علی أجزاء الشقص للموسر فاجزاء الشقصین أولی. و أطلق العلامة فی القواعد و التحریر و الإرشاد عدم الاجزاء و یحمل علی المعسر لما قلناه.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا کان علیه کفارات من جنس واحد و أعتق عنها

أو صام بنیة التکفیر أجزأه بلا خلاف، و ان کانت من أجناس مختلفة، مثل کفارة الظهار و کفارة القتل، فلا بد فیها من نیة التعیین عن کل کفارة، فان لم یعین لا یجزیه و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یجزیه و ان لم یعین، و هو اختیار الشیخ فی المبسوط(1) ، فإنه یکفی عنده فیه قوله أنت حر عن الکفارة و ان لم یعین سببها، مثل قتل أو ظهار أو نذر و غیر ذلک. و اختار ابن إدریس مذهب الشیخ هنا، و اختاره العلامة فی القواعد و التحریر(2).

و قال فی المختلف: ان کانت الکفارة من جنس واحد کالحنث إذا تکرر منه فلا یفتقر الی تعیین، و ان کانت من أجناس مختلفة، فإن اتفق الحکم کقتل الخطاء و الظهار أجزأ الإطلاق أیضا لاتحاد الحکم و هو الترتیب فیها، و ان اختلف الحکم کالظهار و الإفطار فلا بد من تعیین السبب(3).

و نجم الدین فی الشرائع اختار التعیین مع الاختلاف و استشکله مع الاتفاق

ص:56


1- (1) المبسوط 209/6.
2- (2) تحریر الاحکام 114/2.
3- (3) مختلف الشیعة ص 115 کتاب الایمان و توابعه.

و نقل الشهید عن العلامة فی الإرشاد وجوب التعیین، و ان اتحد السبب قال فی شرحه: و لم أعرف هذا المذهب لأحد من العلماء، مع أنه اختار فی الدروس(1) وجوب التعیین، اتحدت الکفارة أو تعددت، اختلف الجنس أو اتحد، و هو ظاهر المختصر، لان صاحبه أطلق وجوب التعیین و لم یفصل.

و المراد بالتعیین تعیین السبب، ککفارة الظهار أو القتل أو النذر و غیر ذلک لا قتل زید و لا النذر الفلانی. و الأشهر قول الشیخ هنا، و الأحوط مذهب الدروس.

مسألة - 40 - قال الشیخ: إذا کان علیه کفارة عتق رقبة

، فشک هل هی من ظهار أو قتل أو جماع أو یمین أو غیر ذلک؟ فأعتق بینة ما یجب علیه مجملا أجزأه، و به قال الشافعی الا أن یکون عن نذر، فإنه لا یجزیه عنده، قال: لانه یحتاج الی التعیین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 41 - قال الشیخ: نیة الإعتاق تجب أن تقارن حال الإعتاق

، و لا یجوز أن یقدمها. و للشافعی طریقان: أحدهما مثل قولنا کالصلاة، و الثانی یجوز فی العتق أن یقدمها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا وجب علیه کفارة بعتق أو کفارة أو صیام فارتد

لم یصح منه التکفیر بشیء من ذلک.

و وافقنا الشافعی فی الصوم بلا خلاف، و له فی العتق و الإطعام ثلاثة أقوال مبنیة علی حکم ملکه و تصرفه: أحدها أن ملکه صحیح و تصرفه صحیح الا أن یقتل أو یموت، فعلی هذا یصح منه الإعتاق و الإطعام، و به قال محمد و أبو یوسف و الثانی أنه باطل، فعلی هذا لا یجزیه أخذهما. و الثالث أنه مراعی فان عاد الی

ص:57


1- (1) الدروس ص 207.

الإسلام حکم باجزائه، و ان لم یعد حکم بعدم اجزائه.

و المعتمد قول الشیخ، لافتقار الجمیع إلی نیة القربة، و هی لا تصح من المرتد.

مسألة - 43 - قال الشیخ: الأعمی لا یجزئ

بلا خلاف بین الفقهاء، و الأعور یجزی بلا خلاف، و مقطوع الیدین و الرجلین أو الیدین أو الرجلین أو ید واحدة و رجل واحدة من خلاف عند الشافعی لا یجزئ و عند أبی حنیفة یجزئ، و به نقول.

و قال فی المبسوط(1): و عندنا أن الأعمی لا یجزی و الأعور یجزئ کما قالوه فأما مقطوع الیدین و الرجلین أو الید و الرجل من جانب واحد، فإنه لا یجزئ بلا خلاف و أما إذا کان مقطوع احدی الیدین، أو إحدی الرجلین، أو ید و رجل من خلاف فإنه لا یجزئ عند قوم، و عند قوم یجزئ، و هذا هو الأقوی للایة، ثم فصل العیوب و نقل مذاهب المخالفین، ثم قال بعد ذلک: و الذی نقوله فی هذا الباب انه لا یجزئ المقعد و الزمن و الأعمی و من نکل به صاحبه، فأما ما عداها فالظاهر أنه یجزئ.

و اختاره العلامة فی المختلف(2) ، لان هذه العیوب یحصل بها العتق قهرا، و کل عیب لا یوجب العتق، فإنه لا یمنع من الإعتاق عن الکفارة.

و قال فی القواعد: و أما السلامة من العیوب، فإنما یشترط السلامة من عیب یوجب عتقه، و هو العمی و الجذام و الإقعاد و التنکیل من مولاه خاصة، و یجزئ ما عداه کالأصم و المجنون و الأعور و الأعرج و الأقطع و الأخرس، و لا یجزئ أقطع الرجلین و یجزئ أقطع الیدین مع رجل(3).

ص:58


1- (1) المبسوط 212/6.
2- (2) مختلف الشیعة ص 118، کتاب الایمان.
3- (3) قواعد الاحکام 145/2.

و مثله قوله فی التحریر(1) الا أنه لم یذکر أقطع الیدین مع رجل.

و أعلم أن مذهب العلامة فی القواعد و التحریر و المختلف لم یختلف، و ان اختلفت الألفاظ. و الضابط: أنه لا یشترط السلامة الا من العیوب التی یوجب العتق و هو المعتمد.

مسألة - 44 - قال الشیخ: المملوک إذا کان مولودا من الزنا

فإنه یجزئ فی الکفارة، و به قال جمیع الفقهاء إلا الزهری و الأوزاعی، فإنهما قالا: لا یجزئ و به قال المرتضی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 45 - قال الشیخ: من وجد رقبة و هو یحتاج إلیها لخدمته

، أو وجد ثمنها و هو محتاج الیه لنفقته أو کسوته و سکناه، لا یلزمه الرقبة، و یجوز له الصوم و به قال الشافعی.

و قال مالک و الأوزاعی: یلزمه العتق. و قال أبو حنیفة: ان کان واجد الرقبة و هو محتاج إلیها لزمه العتق، و لا یجوز له الصوم. و ان وجد الثمن و هو محتاج لا یلزمه الإعتاق و جاز الصوم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 46 - قال الشیخ: إذا انتقل عند العجز الی الصوم

، وجب أن یصوم شهرین متتابعین بلا خلاف، فإن أفطر فی الشهر الأول، أو قبل أن یصوم من الثانی شیئا، وجب استئنافه بلا خلاف، فان کان إفطاره بعد أن صام من الثانی شیئا و لو یوما واحدا، جاز له البناء و لا یلزمه الاستئناف، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک و قالوا: یلزمه الاستئناف.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:59


1- (1) تحریر الأحکام 110/2.

مسألة - 47 - قال الشیخ: إذا أفطر فی خلال الشهرین لمرض

یوجب ذلک لم ینقطع التتابع و جاز البناء، و هو قول الشافعی فی القدیم، و قال فی الجدید:

ینقطع التتابع، و هو مذهب أبی حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 48 - قال الشیخ: إذا سافر فی الشهر الأول فأفطر

انقطع التتابع، و عند الشافعی مبنی علی قولین فی المرض، فان قال: ان المرض یقطع التتابع فهذا أولی، و ان قال: لا یقطع التتابع فهذا علی قولین، أحدهما مثل قولنا، و الأخر لا یقطع التتابع.

و المعتمد أن السفر الضروری لا یقطع التتابع، و الاختیاری یقطعه.

مسألة - 49 - قال الشیخ: الحامل و المرضع إذا أفطرتا فی الشهر الأول

فحکمهما حکم المریض بلا خلاف، و ان أفطرتا خوفا علی ولدیهما، لم ینقطع التتابع عندنا.

و اختلف أصحاب الشافعی، فمنهم من قال: انه بمنزلة المرض، و منهم من قال: ینقطع التتابع قولا واحدا. و اختاره الشیخ فی المبسوط(1).

و المعتمد عدم انقطاع التتابع، سواء کان الخوف علی أنفسهما، أو علی ولدیهما لانه عذر یوجب الإفطار، فکان کالحیض و المرض.

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا قتل متعمدا فی أشهر الحرم

، وجب علیه الکفارة بصوم شهرین من أشهر الحرم، و ان دخل فیهما الأضحی و أیام التشریق و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و قالوا: لا یجوز، و هو المعتمد عند أکثر أصحابنا.

مسألة - 51 - قال الشیخ: إذا ابتدأ بصوم أیام التشریق

صح صومه، و کذلک یجوز التنفل به فی الأمصار. و أما بمنی، فلا یجوز علی حال.

ص:60


1- (1) المبسوط 214/6.

و للشافعی قولان: أحدهما یجوز فی الکفارة دون التطوع، و الثانی لا یجوز علی حال.

و المعتمد قول الشیخ، و اشترط العلامة فی القواعد(1) کونه محرما بحج أو عمرة، و أکثر الفتاوی مطلقة.

مسألة - 52 - قال الشیخ: لا یلزمه نیة التتابع فی الصوم

، بل یکفی نیة الصوم و للشافعی ثلاثة أوجه: أحدها لا یلزمه ذلک، و الثانی یلزمه أول لیلة، و الثالث یلزمه کل لیلة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 53 - قال الشیخ: إذا صام شعبان و رمضان عن الشهرین المتتابع

لم یجز عنهما بلا خلاف، و صوم رمضان صحیح لا یجب علیه قضاؤه عندنا، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یجب قضاؤه، و هو المعتمد، لانه لم ینو رمضان، و الاعمال بالنیات.

مسألة - 54 - قال الشیخ: الاعتبار فی وجوب الکفارات المرتبة

حال الأداء دون حال الوجوب، فمن قدر حال الأداء علی الإعتاق لم یجز له الصوم، و ان لم یکن قادرا حال الوجوب و بالعکس.

و للشافعی ثلاثة أقوال: أحدها الاعتبار بحال الأداء کقولنا، و الآخر الاعتبار بحال الوجوب، و الثالث الاعتبار بأغلظ الأمرین من حین الوجوب الی حین الأداء و قال أبو حنیفة: الاعتبار بحال الوجوب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 55 - قال الشیخ: إذا وجد الرقبة بعد دخوله فی الصوم

، فإنه لا

ص:61


1- (1) قواعد الاحکام 147/2.

یلزمه الإعتاق و یستحب له ذلک، و به قال الشافعی و مالک و أحمد.

و قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری: یلزمه الإعتاق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 56 - قال الشیخ: إذا ظاهر فأعتق قبل العود

لم یجز. و قال الشافعی یجوز.

و المعتمد قول الشیخ، لانه قبل العود - و هو ارادة الوطء - لا یجب علیه العتق فإذا أعتق قبل ذلک فقد فعل غیر الواجب علیه، فلا یجزئ عن الواجب.

مسألة - 57 - قال الشیخ: یجب أن یدفع الطعام الی ستین مسکینا

، و لا یجوز أن یدفع حق ستین مسکینا الی مسکین لا فی یوم واحد و لا فی یومین، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان أعطی مسکینا واحدا حق ستین مسکینا فی ستین یوما أجزأ، و ان أعطی فی یوم واحد حق مسکینین لم یجز، و عندنا یجوز هذا مع عدم المساکین.

و هذا هو المعتمد، فإنه یجوز مع عدم الستین أن یدفع الی ما یوجد من المساکین و تکرر علیهم کل یوم حتی یستوفی ستین مدا، و لا یجوز أن یعطی مسکینا واحدا أکثر من مد واحد فی یوم واحد من کفارة واحدة، و یجوز أن یعطیه أمدادا متعددة من کفارات متعددة من کل کفارة مدا.

مسألة - 58 - قال الشیخ: لا یجوز إعطاء الکفارة للمکاتب

، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: یجوز ذلک.

و المعتمد ان کان مشروطا أو مطلقا لم یؤد شیئا لم یجز، و ان أدی شیئا جاز الأخذ مع الإعسار.

مسألة - 59 - قال الشیخ: لا یجوز دفع الکفارة إلی کافر

، و به قال الشافعی

ص:62

و قال أبو حنیفة: یجوز ذلک.

و المعتمد أنه لا یجوز إلا للمؤمن أو من هو بحکمه من أطفال المؤمنین دون الکافر و المخالف.

مسألة - 60 - قال الشیخ: یجب أن یدفع الی کل فقیر مدین

، و المد رطلان و ربع فی سائر الکفارات.

و قال الشافعی: مد فی جمیع ذلک، و هو رطل و ثلث إلا فدیة الأذی، فإنه یدفع مدین. و قال أبو حنیفة: ان أخرج تمرا أو شعیرا، فإنه یدفع صاعا، و هو أربعة أمداد، و المد رطلان. و ان أخرج طعاما فنصف صاع، و فی الزبیب روایتان:

إحدیهما صاع، و الأخری نصف صاع.

و قال مالک مثل قول الشافعی إلا کفارة الظهار، فإنه قال: یدفع الی کل مسکین مدا بالمد الحجازی، و هو مد و ثلث بمد النبی صلّی اللّه علیه و آله.

و المعتمد أجزاء المد الواحد فی الجمیع، و هو رطلان و ربع بالعراقی، و هو اختیار المفید و سلار و ابنی بابویه و نجم الدین و العلامة و فخر الدین.

مسألة - 61 - قال الشیخ: یجب أن یطعم ما یغلب علی قوته و قوت أهله.

و قال الشافعی: یجب أن یطعم من غالب قوت البلد. و اختاره الشیخ فی المبسوط و الأول اختیار نجم الدین و العلامة فی القواعد(1) و الإرشاد.

و قال الشیخ بعد هذه المسألة بمسألتین کلما یسمی طعاما یجوز إخراجه فی الکفارة، و اختاره الشهید فی دروسه(2) ، و قال ابن إدریس: یجوز کل ما سمی طعاما فی غیر کفارة الیمین، أما کفارة الیمین فتجب من أوسط ما یطعم أهله، و اختاره العلامة فی التحریر و الأول أشهر و أحوط.

ص:63


1- (1) قواعد الاحکام 148/2.
2- (2) الدروس ص 208.

مسألة - 62 - قال الشیخ: إذا کان قوت بلده اللحم

أو اللبن أو الأقط و هو قوته، جاز أن یخرج منه.

و للشافعی فی الأقط قولان، و فی اللحم و اللبن طریقان، منهم من قال علی قولین کالاقط، و منهم من قال: لا یجوز قولا واحدا، و ظاهر عبارات أصحابنا وجوب الحب أو الخبز أو الدقیق، و صرح به فی المختلف(1) ، فعلی هذا لا یجزئ اللحم و لا الأقط و لا اللبن، و ان کان قوت البلد، و هو المعتمد.

مسألة - 63 - قال الشیخ: إذا أحضر ستین مسکینا

و أعطاهم ما یجب لهم من الطعام، أو أطعمهم إیاه سواء قال: ملکتکم، أولا، فإنه یکون جائزا علی کل حال إذا کانوا بالغین، و به قال أهل العراق.

و قال الشافعی: ان أطعمهم لا یجزیه، لانه لم یملکهم، و لأن أکلهم یزید و ینقص و ان قال: أعطیتکم أو خذوه لا یجزی لانه ما ملکهم، و ان قال: ملکتکم بالسویة ففیه وجهان.

و المعتمد أن المکفر مخیر بین إطعام المساکین و التسلیم إلیهم، فإن اختار التسلیم دفع الی کل مسکین مدا، و لا فرق هنا بین الصغیر و الکبیر، الا أن الدفع إلی ولی الصغیر، فان لم یکن ولیا فإلی من یعین بحاله، قاله ابن فهد فی لمعته.

و نیة الدفع إلی الولی ادفع هذا القدر من الکفارة إلی فلان لیقتضیه عن فلان لوجوبه قربة الی اللّه. و یجوز الدفع الی العدد متفرقین و مجتمعین، و یکفی نیة واحدة عند الدفع إلیهم مجتمعین.

قال العلامة فی القواعد: و لو دفع الی ستین مسکینا خمسة عشر صاعا و قال:

ملکت کل واحد مدا فخذوه، أو ملکتکم هذا فخذوه، و نوی التکفیر أجزأ، و لو قال:

ص:64


1- (1) مختلف الشیعة ص 117.

خذوه فتناهبوه فمن أخذ مدا احتسب علیه و کمل للآخر(1).

و ان اختار الإطعام فالواجب الشبع مرة واحدة، علی ما هو مشهور بین الأصحاب و لا یتقدر بقدر غیر الشبع.

و قال المفید و سلار: یجب سبعة فی یومه. و قال ابن الجنید: یجب العشاء و الغداء. و الأول هو المعتمد.

فإذا عرفت هذا، فلا بد من النیة عند الإطعام، و محلها عند الشروع بالأکل فیقول: أطعم هؤلاء المساکین أو هذا المسکین عن کفارة کذا، لوجوبه قربة الی اللّه.

مسألة - 64 - قال الشیخ: کلما یسمی طعاما یجوز إخراجه فی الکفارة،

و روی أصحابنا أن أفضله الخبز و اللحم و أوسطه الخبز و الزیت، و أدونه الخبز و الملح.

و قال الشافعی: لا یجوز الا الحب، أما الدقیق و السویق و الخبز، فإنه لا یجزی و قال الأنماطی من أصحابه: یجزئ الدقیق، و قالوا: لأن النبی صلّی اللّه علیه و آله أوجب صاعا من تمر أو شعیر أو طعام، و لم یذکر الدقیق و لا الخبز.

و الشیخ استدل بإجماع الفرقة، و قوله تعالی «فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْکِیناً» (2) فکلما یسمی طعاما فی اللغة وجب أن یجزئ و قد تقدم البحث فی هذه المسألة، و ذکرنا مذهب الأصحاب فیها.

مسألة - 65 - قال الشیخ: إذا أطعم خمسا و کسی خمسا فی کفارة الیمین،

فإنه لا یجزیه، و به قال الشافعی.

و قال مالک: یجزیه. و قال أبو حنیفة: إذا أطعم خمسا و کسی خمسا بقیمة إطعام خمسة لا یجزیه، و ان أطعم خمسا و کسی خمسا بقیمة کسوة خمسة أجزأه.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:65


1- (1) قواعد الأحکام 148/2.
2- (2) سورة المجادلة 4.

مسألة - 66 - قال الشیخ: یجوز صرف الکفارة إلی الصغار و الکبار

إذا کانوا فقراء بلا خلاف، و عندنا یجوز أن یطعمهم إیاه، و یعد صغیرین بکبیر، و وافقنا مالک فی عد صغیرین بکبیر.

و قال الشافعی و أبو حنیفة: لا یصح أن یقبضهم إیاه بل یحتاج أن یعطی ولیه لیصرفه فی مئونته.

و المعتمد أنه مع التسلیم إلیهم یحتاج الی أن یسلمه إلی الولی أو من یعین بحاله مع فقد الولی کما تقدم. أما الإطعام فلا یحتاج فیه الی الولی، فإن انفردوا احتسب کل صغیرین بکبیر و ان جامعهم الکبار احتسب الصغیر بکبیر.

مسألة - 67 - قال الشیخ: إذا اعطی کفارته من ظاهره الفقر

، ثم بان غنیا أجزأه، و به قال أبو حنیفة و محمد و مالک و الشافعی. و قال فی الجدید: لا یجزیه و هو الأصح عندهم، و به قال أبو یوسف.

و المعتمد الاجزاء مع عدم التفریط، و عدم إمکان الارتجاع.

مسألة - 68 - قال الشیخ: إذا وجبت علیه الکفارة فی الظهار

و أراد أن یکفر بالإعتاق أو الصوم، یلزمه تقدیم ذلک علی المسیس بلا خلاف، و ان أراد أن یکفر بالإطعام مع العجز عنهما، فکذلک لا یحل له الوطء قبل الإطعام، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی. و قال مالک: یحل له الوطء قبل الإطعام.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 69 - قال الشیخ: لا یجوز إخراج القیمة فی الکفارات

، و به قال الشافعی. و قال أهل العراق: یجوز إلا فی العتق.

و المعتمد قول الشیخ، لاشتغال الذمة بالخصال لا بقیمتها.

مسألة - 70 - قال الشیخ: إذا قالت المرأة لزوجها: أنت علی کظهر أمی

لم یتعلق به حکم، و به قال أبو حنیفة و محمد و الشافعی.

ص:66

و قال ابن أبی لیلی و الحسن البصری: یلزمها کفارة ظهار. و قال أبو یوسف یلزمها کفارة یمین.

و حکی أن رجلا سأل ابن أبی لیلی عن هذه المسألة، فقال: علیها کفارة الظهار فسأل محمدا فقال: لا شیء علیها، فسأل أبا یوسف و أخبره بما قالا، فقال سبحان اللّه شیخان من مشایخ المسلمین غلطا علیها کفارة یمین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 71 - قال الشیخ: یجوز للمرأة أن یعطی الکفارة زوجها إذا کان فقیرا،

و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یجوز.

و المعتمد قول الشیخ، لدخوله فی جملة المساکین.

ص:67

کتاب اللعان

مسألة - 1 - قال الشیخ: موجب القذف عندنا فی حق الزوج الحد

، و له إسقاطه باللعان. و موجب اللعان فی حق المرأة الحد، و لها إسقاطه باللعان، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: موجب القذف فی حق الزوج اللعان، فإذا قذف زوجته لزمه اللعان، فان امتنع حبس حتی یلاعن، فإذا لاعن وجب علی المرأة اللعان، فان امتنعت حبست حتی تلاعن.

و قال أبو یوسف: الحد یجب بالقذف علی الرجل، أما المرأة إذا امتنعت من اللعان لم یلزمها الحد، لانه یکون حکما بالنکول، و الحد لا یجب بالنکول.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 2 - قال الشیخ: اللعان یصح بین کل زوجین مکلفین

من أهل الطلاق سواء کانا من أهل الشهادة أو لم یکونا، فیصح القذف و اللعان بین المسلمین و الکافرین، أو أحدهما مسلم و الآخر کافر، و کذلک بین الحرین و المملوکین و بالتفریق، و کذا لو کانا محدودین فی قذف أو أحدهما کذلک، و به قال مالک و الشافعی

ص:68


1- (1) تهذیب الاحکام 184/8.

و أحمد و الثوری.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: لا یصح بین الکافرین أو أحدهما، و لا بین المملوکین أو أحدهما، و لا بین المحدودین فی القذف أو أحدهما.

و بالصحة مطلقا کما قاله الشیخ هنا قال ابن البراج و ابنا بابویه و العلامة و ابن فهد و الشهید فی شرح الإرشاد. و قال المفید و سلار و ابن الجنید: لا یصح مطلقا و قال ابن إدریس: یجوز اللعان لنفی الولد دون القذف، و لم یمنع من لعان المحدود بالقذف من أصحابنا إلا ابن الجنید، قال: لان اللّه سماه کاذبا، و الکاذب لا تقبل شهادته حتی یجب به حقا علی زوجته. و المشهور مذهب الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا کان مع الزوج البینة

، کان له أن یلاعن و یعدل عن البینة، و به قال کافة أهل العلم.

و قال بعضهم: لا یجوز أن یلاعن مع قدرته علی البینة، و هو اختیار الشیخ فی المبسوط، و هو المشهور عند أصحابنا اختاره العلامة فی أکثر کتبه، و هو المعتمد، لانه تعالی شرط فی اللعان عدم البینة.

مسألة - 4 - قال الشیخ: حد القذف من حقوق الآدمیین

لا یستوفی إلا بمطالبة آدمی، و یورث کما یورث حقوق الآدمیین، و یدخله العفو و الإبراء کما یدخل حقوق الآدمیین، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: هو من حقوق اللّه متعلق بحق الآدمی، و لا یورث و لا یدخله العفو و الإبراء، و وافق أنه لا یستوفی إلا بالمطالبة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته بزنا

اضافه الی مشاهدة أو انتفی من حمل، کان له أن یلاعن و ان لم یضفه إلی المشاهدة، فإن قذفها مطلقا و لیس هناک حمل لم یجز اللعان، و به قال مالک.

ص:69

و قال أبو حنیفة و الشافعی: له أن یلاعن بالزنا المطلق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا أخبر ثقة أنها زنت

، أو استفاض فی البلد أن فلانا زنی بفلانة، و وجد الرجل عندها و لم یر شیئا، لا یجوز له أن یلاعنها.

و قال الشافعی: یجوز له أن یلاعنها فی الموضعین.

و المعتمد قول الشیخ، لانه یشترط دعوی المشاهدة.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا کانا أبیضین فجاء ولدهما أسود

، أو کانا أسودین فجاء الولد أبیض، لم یجز نفیه. و للشافعی وجهان: أحدهما لا یجوز، و الآخر یجوز.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: الأخرس إذا کانت له کنایة مفهومة

، أو إشارة معلومة صح قذفه و لعانه و نکاحه و طلاقه و یمینه و سائر عقوده، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یصح قذفه و لا لعانه، و یصح باقی العقود المذکورة.

و المعتمد قول الشیخ، و توقف ابن إدریس فی صحة لعانه.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته و هی خرساء أو صماء

، فرق بینهما و لم تحل له أبدا.

و قال الشافعی: ان کان للخرساء إشارة معقولة أو کنایة مفهومة، فهی کالناطقة سواء، و ان لم یکن کذلک فهی بمنزلة المجنونة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا قذف الرجل زوجته و وجب علیه الحد

، فأراد اللعان فماتت المقذوفة، انتقل ما کان لها من المطالبة بالحد الی ورثتها، و یقومون مقامها فی المطالبة، و به قال الشافعی.

ص:70


1- (1) تهذیب الاحکام 193/8.

و قال أبو حنیفة: لیس لهم ذلک، بناء علی أنه من حقوق اللّه دون الآدمیین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا ثبت أن هذا الحد موروث

، فعندنا أنه یرثه المناسبون جمیعهم ذکورهم و إناثهم دون ذوی الأسباب.

و للشافعی ثلاثة أوجه: أحدها مثل قولنا، و الثانی یشارکهم ذوی الأسباب، و الثالث یختص به العصبات.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا لاعن الرجل الحرة المسلمة

و امتنعت من اللعان وجب علیها الحد، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یجب علیها اللعان، فان امتنعت حبست حتی تلاعن.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته و لاعنها و بانت منه

، فقذفها أجنبی بذلک الزنا فعلیه الحد، سواء کان الزوج نفی نسب ولدها أو لم ینف، و سواء کان الولد باقیا أو مات، و سواء کان لها ولد أو لم یکن لها ولد، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان نفی نسب الولد لکن مات الولد، فلا حد علی القاذف، و ان لم یکن نفی الولد أو کان الولد باقیا، فالحد علی القاذف.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا قذف أجنبی أجنبیة و لم یقم البینة فحد

، فأعاد ذلک القذف بذلک الزنا، فإنه لا یلزمه حد آخر، و به قال عامة الفقهاء، و حکی عن بعض الناس أنه یلزمه حد آخر.

و قال العلامة فی کتاب اللعان من التحریر: و لو قذفها أجنبی و لا بینة فحد، ثم قذفها ثانیا بذلک الزنا لم یحد أیضا و عزر. و هو کقول الشیخ هنا.

و قال فی کتاب الحدود من التحریر أیضا: فإن حد فی القذف ثم قذف ثانیة

ص:71

حد أیضا، سواء کان المقذوف هو الأول أو غیره.

و مثله قوله فی القواعد، و ظاهره یدل علی تکرر الحد، لانه لم یفصل بین أن یکون القذف بذلک الزنا أو بزنا آخر، و الإطلاق یقتضی العموم، و استدل الشیخ هنا بإجماع الفرقة و أخبارهم و إجماع الصحابة.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا تزوج الرجل بامرأة، و قذفها بزنا

اضافه الی ما قبل الزوجیة، وجب علیه الحد و لیس له أن یلاعن لإسقاطه، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: له إسقاطه باللعان، فالاعتبار عندنا بالحالة التی یضاف إلیها الزنا، و عنده بحالة القذف.

و اختار فی المبسوط مذهب أبی حنیفة، و اختاره نجم الدین فی الشرائع(1) و العلامة فی المختلف(2) و الإرشاد، و قواه فی التحریر، و هو المعتمد.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا بان الرجل زوجته بطلاق باین

أو فسخ أو خلع ثم قذفها بزنا اضافه الی حالة الزوجیة، لزمه الحد بلا خلاف.

و هل له إسقاطه باللعان؟ فیه ثلاث مذاهب: فمذهبنا و مذهب الشافعی ان لم یکن هناک نسب، فلیس له أن یلاعن، و ان کان هناک نسب کان له أن یلاعن. و ذهب عثمان البتی إلی جواز اللعان، سواء کان هناک نسب أو لم یکن. و ذهب الأوزاعی و أبو حنیفة و أحمد الی عدم اللعان، سواء کان هناک نسب أو لم یکن و یلزمه الحد فإن أتت بولد لحقه نسبه و لم یکن له نفیه باللعان.

و المعتمد مذهب الشیخ.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته و هی حامل

، لزمه الحد و له إسقاطه باللعان و نفی النسب، و ان اختار أن یؤخر حتی ینفصل الولد فیلاعن لنفیه

ص:72


1- (1) شرائع الإسلام 93/3-94.
2- (2) مختلف الشیعة ص 58 کتاب الطلاق.

کان له، و ان اختار أن یلاعن فی الحال و بنفی النسب کان له، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لیس له أن ینفی نسب الحمل قبل الانفصال، فان لاعن فقد أتی بلعانه الواجب علیه، فان حکم الحاکم بالفرقة فقد بانت الزوجة منه، و لیس له بعد ذلک أن یلاعن لنفی النسب، بل یلزمه النسب، لان عنده اللعان کالطلاق و لا یصح الا فی زوجة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته بأن رجلا أصابها فی دبرها

حراما، لزمه الحد، و له إسقاطه باللعان، و ان قذف أجنبیة أو أجنبیا فی هذا الموضع لزمه الحد و له إسقاطه بالبینة، و لا فرق بین الرمی بالفاحشة فی هذا الموضع و بین الرمی بالفرج، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یجب الحد بالرمی فی هذا الموضع.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته و أمها بأن قال:

یا زانیة بنت الزانیة لزمه حدان، و له إسقاط حد الأم بالبینة، و حد البنت بالبینة و باللعان، و لا یدخل حق إحدیهما فی الأخری، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یجب علیه الحد للأم و اللعان للبنت، فان لا عن البنت لا یسقط حد الام بل لها المطالبة، فإن حقق القذف بالبینة و الا حد للأم و للبنت أیضا، لأن المحدود للقذف لا یلاعن عنده. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا نکح رجل امرأة نکاحا فاسدا و قذفها

، فان لم یکن هناک نسب، لزمه الحد و لم یکن له إسقاطه باللعان بلا خلاف، و ان کان هناک نسب لم یکن له نفیه باللعان، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: له ان یلاعن و یسقط الحد. و المعتمد قول الشیخ.

ص:73

مسألة - 21 - قال الشیخ: یغلظ اللعان باللفظ و الموضع

و الوقت و الجمع و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یغلظ بالمکان، و لا بالزمان، و لا بالجمع.

و المعتمد قول الشیخ، لما فیه من الردع، و لقوله تعالی «وَ لْیَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ» (1).

مسألة - 22 - قال الشیخ: ألفاظ اللعان معتبرة

، فإن نقص شیء منها لم یعتد باللعان و ان حکم الحاکم بالفرقة لم ینفذ الحکم، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: إذا أتی بالأکثر و ترک الأقل و حکم الحاکم بالفرقة نفذ الحکم، و ان لم یحکم به الحاکم لم یتعلق به شیء من أحکام اللعان، و لا یجوز عنده للحاکم أن یحکم بذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 23 - قال الشیخ: الترتیب واجب فی اللعان

بلا خلاف، یبدأ بلعان الرجل ثم المرأة، فإن خالف الحاکم و بدأ بلعان المرأة و حکم بالفرقة لم یعتد به و لم یعتد حکمه.

و قال أبو حنیفة و مالک: ینفذ حکمه و یعتد به، و قال الشافعی مثل قولنا، و هو المعتمد.

مسألة - 24 - قال الشیخ: لا یجوز للکفار دخول المساجد

، لا بإذن و لا بغیر اذن و أی مسجد کان، و به قال مالک.

و قال الشافعی: یجوز دخول سائر المساجد الحرم و غیره.

و المعتمد قول الشیخ، لقوله تعالی «إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ» (2) حکم علیهم

ص:74


1- (1) سورة النور: 2.
2- (2) سورة التوبة: 28.

بالنجاسة، و إذا ثبت نجاستهم لم یجز لهم دخول شیء من المساجد، لعدم جواز إدخال النجاسة المساجد بلا خلاف.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا لاعن الرجل

تعلق بلعانه سقوط الحد عنه و انتفاء النسب و زوال الفراش، و حرمت المرأة علی التأبید و یجب علی المرأة الحد، و لعان المرأة لا یتعلق به أکثر من سقوط الحد عنها، و حکم الحاکم لا تأثیر له فی إیجاب شیء من هذه الاحکام، و إذا حکم بالفرقة فإنما تنفذ الفرقة التی کانت بلعان الزوج لا انه یبتدئ إیقاع فرقة، و بهذا قال الشافعی، و ذهب مالک و أحمد و داود الی أن هذه الاحکام تتعلق بلعان الزوجین معا، فما لم یوجد اللعان منهما لم یثبت شیء منها، و هو الذی یقتضیه مذهبنا.

و قال أبو حنیفة: هذه الاحکام تتعلق بلعان الزوجین و حکم الحاکم، فما لم یحکم الحاکم لا ینتفی النسب و لا یزول الفراش، حتی أن الزوج لو طلقها بعد اللعان جاز طلاقه، لکن لعان الزوج یوجب زوال الفراش، و یلزم الزوج إیقاع الفرقة، فإن أراد الزوجان أن یقرا علی الزوجیة و تراضیا بذلک، لم یجز و وجب علی الحاکم إیقاع الفرقة بینهما.

فالذی یتعلق باللعان علی قول أبی حنیفة حکمان: انتفاء النسب، و زوال الفراش فیتعلق هذان الحکمان بلعانهما و حکم الحاکم. أما الحد، فإنه لا یجب عنده علی الزوج بالقذف حتی یسقطه باللعان، و التحریم علی التأبید لا یثبت، فان الزوج متی أکذب نفسه حلت له المرأة.

و قال عثمان البتی: اللعان إنما ینفی النسب حسب، أما الزوجیة فلا یزول و لا یتعلق به تحریم.

و المعتمد أنه یتعلق بلعانهما سقوط الحدین، و انتفاء الولد عن الزوج دون المرأة و زوال الفراش و تأبید التحریم. و لا یکفی فی هذه الأحکام الأربعة لعان الزوج

ص:75

خاصة، و لا یفتقر بعد اللعان الی حکم الحاکم.

مسألة - 26 - قال الشیخ: فرقة اللعان علی مذهبنا فسخ

و لیس بطلاق، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: هی طلقة بائنة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا أتی بدل لفظ الشهادة بلفظ الیمین

، فقال:

أحلف باللّه أو أقسم باللّه، لم یجز.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یجزی، لانه یمین فما کان یمینا قام مقامه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته برجل بعینه

، وجب علیه حدان:

حد للزوجة و حد للرجل، فإذا لاعن سقط حد الزوجة دون حد الرجل، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: یسقط الحدان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا حد للأجنبی

، کان له أن یلاعن فی حق الزوجة عندنا و عند الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یلاعن لان المحدود فی القذف لا یلاعن.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 30 - قال الشیخ: إذا أکذب الزوج نفسه بعد اللعان

، أقیم علیه الحد و لحقه النسب، و ورثه الابن و لا یرث الأب الابن، و به قال الشافعی، الا أنه قال:

یعود النسب مطلقا، و هو مذهب مالک و ابن حنبل و أبی یوسف.

و قال أبو حنیفة و محمد: یزول التحریم و تحل المرأة بعقد مستأنف. و قال سعید بن جبیر: تعود زوجة کما کانت.

ص:76

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا اعترفت الزوجة بالزنا قبل الشروع باللعان،

سقط عن الزوج الحد عندنا و عند الشافعی، فإن أقرت أربع مرات وجب علیها حد الزنا.

و الشافعی لم یعتبر العدد، فان لم یکن هناک نسب لم یکن للزوج أن یلاعن عندنا و عنده علی الصحیح من المذهب، لان اللعان لا یکون إلا لإسقاط الحد أو نفی النسب، و ان کان هناک نسب کان له أن یلاعن لنفیه عندنا و عنده، لان النسب لا ینتفی باعترافها بالزنا، بل هو لاحق به بالفراش، و احتاج فی نفیه الی اللعان.

و خالف أبو حنیفة فی ثلاثة أحکام قال: إذا اعترفت المرأة بالزنا لم یسقط الحد عن الرجل، لان عنده أن الحد لا یجب علی الزوج بقذفه حتی یسقط، و انما وجب علیه اللعان فیسقط باعترافها، و أن حد الزنا لا یجب علیها باعترافها، لانه لا یکفی عنده الاعتراف دفعة واحدة کما قلناه، و لا یجوز عنده اللعان لنفی النسب، لان اللعان عنده لا یجوز لنفی النسب المجرد، و انما یجوز عنده لنفی الفراش، ثم یتبعه نفی النسب، و اللعان هنا منفرد فلا یکون ذلک للزوج.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا ماتت المرأة قبل حصول اللعان

، فان له أن یلاعن ولیها، فإذا فعل ذلک لم یرثها، و ان لم یلاعن ورثها و کان علیه الحد.

و قال الشافعی: إذا ماتت قبل اللعان ماتت علی حکم الزوجیة و ورثها، و الحد واجب لورثتها، و له إسقاطه باللعان. و هذا هو المعتمد، و هو اختیار نجم الدین و العلامة فی القواعد و ابن فهد و فخر الدین، و یلاعن الزوج وحده لإسقاط الحد عنه، و لا یثبت بلعانه شیء من أحکام اللعان غیر دفع الحد عنه.

مسألة - 33 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته و هی حامل بنفی النسب

، فان

ص:77

لاعن و نفی النسب انتفی عنه، و ان أخر ذلک الی أن تضع الولد لم یبطل حقه من النفی، فإذا وضعته کان له أن یلاعن فی الحال، فان لاعن و الا بطل حقه من اللعان و لحق به النسب، بهذا قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لیس له أن یلاعن ما دامت حاملا، فإذا وضعت ثبت حقه من اللعان علی الفور، فإن أخره بطل، و به قال محمد بن الحسن، و قالا: انا استحسنا جواز تأخیر ذلک یوما أو یومین.

و قال أبو یوسف: له أن یلاعن مدة النفاس لا أکثر. و قال عطاء و مجاهد:

له أن یلاعن أبدا، و هو الذی یقتضیه مذهبنا، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم علی أن له أن یلاعن أبدا و اختار فی المبسوط(1) مذهب الشافعی و هو المشهور و استحسن نجم الدین فی الشرائع(2) جواز اللعان ما لم یعترف به، کما هو مختار الشیخ هنا.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا انتفی من ولد زوجته و لم یقذفها، بل قال:

وطئک رجل مکرها و لست بزانیة و الولد منه وجب علیه اللعان.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو الأظهر عندهم. و الآخر لا یجب اللعان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا أقر الرجل بولده بعد اللعان

، فقال له أجنبی:

لست بولد فلان، وجب علیه حد القذف، و ان قال له الأب ذلک لم یجب علیه الحد.

و للشافعی قولان، و لأصحابه ثلاث طرق: أحدها مثل قولنا، و الثانی ان المسألتین علی قولین: أحدهما یکون قاذفا فیهما، و الآخر لا یکون قاذفا، و الثالث علی

ص:78


1- (1) المبسوط 194/5.
2- (2) شرائع الإسلام 95/3.

اختلاف الحالین، فان قال ذلک الأب أو الأجنبی بعد استقرار النسب بإقراره یکون قاذفا، و ان قاله قبل استقرار النسب بأن یقوله عقیب الولادة قبل النفی و الإقرار فإنه لا یکون قاذفا.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 36 - قال الشیخ: إذا أتت المرأة بولدین توأمین و نفاهما الزوج

باللعان فإن إرث أحدهما من الآخر یکون من جهة الأم دون جهة الأب. و للشافعی فی توارثهما من جهة الأم قولان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 37 - قال الشیخ: البائن باللعان لا یجب لها السکنی.

و قال الشافعی:

یجب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا أتت بولدین توأمین فمات أحدهما

، فللأب أن ینفی نسب الحی و المیت معا باللعان، و کذلک ان کان الولد واحدا فمات کان له نفیه باللعان، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یصح نفی نسب المیت، و إذا لم یصح نفی المیت لم یصح نفی الحی، لأنهما حمل واحد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا نفی الولد باللعان، ثم مات الولد

و رجع الزوج و أقر بنسبه، فإنه لا یلحقه و لا یرثه الأب، سواء خلف الولد ولدا أو لم یخلف، و إذا أقربه و مات الأب قبل الابن ورثه الابن.

و قال الشافعی: یرثه علی کل حال. و قال أبو حنیفة: ان کان الولد خلف ولدا لحقه نسبه و نسب ولد الولد و ثبت الإرث بینهما، و ان لم یکن خلف ولدا لم یلحقه

ص:79

النسب، سواء مات موسرا أو معسرا، و لا خلاف بینهم أنه إذا أقربه قبل موته لحقه النسب و توارثا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 40 - قال الشیخ: إذا قال الرجل لزوجته: یا زان بلا هاء التأنیث

کان قاذفا عند جمیع الفقهاء الا داود، و إذا قالت المرأة للرجل: یا زانیة کانت قاذفة عند محمد و الشافعی. و قال أبو حنیفة و أبو یوسف: لیس ذلک بقذف.

قال الشیخ: و الذی یقتضیه مذهبنا أن نقول: ان علم من قصدهما القذف کانا قاذفین، و ان لم یعلم یرجع إلیهما فی ذلک. و المعتمد قول الشیخ.

قال العلامة فی المختلف: و الوجه عندی الاستفسار، فان قال فی الأول أردت الترجیم کان قاذفا، إذا اللحن لا یمنع من القذف و الا فلا، و ان قالت المرأة أردت تأکید المعنی بزیادة الهاء کانت قاذفة و الا فلا(1).

و هذا مطابق لکلام الشیخ، لان هذا مع عدم علم القصد.

مسألة - 41 - قال الشیخ: إذا قال رجل لرجل زنأت فی الجبل

، فظاهر هذا أنه أراد صعدت فی الجبل، و لا یکون صریحا فی القذف، بل یحمل علی الصعود فان ادعی علیه القذف کان القول قوله مع یمینه، فان نکل ردت الیمین علی المقذوف فان حلف حد، و به قال الشافعی و أبو یوسف و محمد. و قال أبو حنیفة: هو قذف بظاهره.

و المعتمد قول الشیخ، و جزم به العلامة فی التحریر.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا قذفها بالزنا فأقیم علیه الحد

، ثم قذفها بذلک الزنا، لم یکن قذفا بلا خلاف و لا یجب علیه حد القذف، و ان قذفها بزنا آخر وجب علیه حد القذف.

ص:80


1- (1) مختلف الشیعة ص 59 کتاب الطلاق.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا حد علیه.

قال الشیخ: دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم. و من العجب أن الشیخ رحمه اللّه قال فی هذه المسألة إذا قذفها فأقیم علیه الحد، ثم قذفها بذلک الزنا، لم یکن قاذفا بلا خلاف و لا یجب علیه حد القذف، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و قال فیما بعد فی المسألة العاشرة من هذه المسألة: إذا قذف زوجته بالزنا و لم یلاعن فحد، ثم قذفها بذلک الزنا، فإنه یجب علیه الحد ثانیا، ثم استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، لکن هو أعلم بما قال.

و ما قاله ثانیا هو المعتمد، و هو اختیار نجم الدین و العلامة، لوجود المقتضی و هو القذف و سقوط المسقط، و هو البینة أو الإقرار.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا قذفها قبل اقامة الحد ثم أعاد قذفها

، فان قذفها بما قذفها به أولا، فعلیه حد واحد، و ان قذفها مجددا کان علیه حد واحد أیضا و به قال الشافعی فی القدیم و الجدید الا أنه قال فی القدیم: و لو قیل ان علیه حدین کان وجها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 44 - قال الشیخ: إذا قذف امرأة أجنبیة، ثم تزوجها و قذفها

بعد التزویج، و لم یقم البینة علی القذف الأول و الثانی، و لا لاعن عن الثانی، فطالبت المرأة بالقذفین بدأت فطالبت بالثانی ثم بالأول، وجب علیه الحدان.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر أنهما یتداخلان.

و المعتمد قول الشیخ. قال العلامة فی التحریر: فإن أقام بینة سقط الحدان و الا ثبتا، و له إسقاط الثانی باللعان.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته فلاعنها و بانت باللعان

، ثم قذفها بزنا اضافه الی ما قبل اللعان، فعلیه الحد بهذا القذف.

ص:81

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا حد علیه لان حصانتها تسقط باللعان.

و المعتمد قول الشیخ، و جزم به العلامة فی التحریر.

مسألة - 46 - قال الشیخ: إذا قذف الرجل زوجته، فقال لها: یا زانیة،

فقالت: بل أنت یا زانی، سقط الحد عنهما و وجب تعزیرهما.

و قال الشافعی: یجب الحد علیهما، و للزوج إسقاطه باللعان أو البینة، و للمرأة إسقاط حد القذف بالبینة و إسقاط حد الزنا ان لاعن الزوج باللعان، و ان أقام البینة فلیس لها إسقاطه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، علی أن أی نفسین تقاذفا فأسقط عنهما الحد و وجب التعزیر.

مسألة - 47 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته و أجنبیة

، فقال لهما: زنیتما أو أنتما زانیتان، فهو قاذف لهما و وجب علیه حدان، و له إسقاط حد زوجته بالبینة أو اللعان، و إسقاط حد الأجنبیة بالبینة.

و قال الشافعی: إذا لم یقم البینة و لا لاعن فی حق الزوجة هل یجب علیه حد أو حدان؟ فیه قولان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 48 - قال الشیخ: إذا قذف الرجل أربع نسوة أجنبیات بکلمة واحدة

أو قذف أربعة رجال أجانب أو أربع نسوة، فالحکم فی الجمیع واحد، و هل یجب علیه حد واحد للجمیع أو یجب لکل واحد حد کامل؟ فعندنا ان جاءوا به مجتمعین کان علی الجمیع حد واحد، و ان جاءوا به متفرقین کان لکل واحد حد علی انفراده.

و للشافعی قولان، قال فی الجدید: یجب علیه لکل واحد حد کامل، و هو

ص:82

الأصح عندهم. و قال فی القدیم: للجمیع حد واحد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 49 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته و هی حامل

، فله أن یلاعن و ینفی النسب، سواء جامعها فی الطهر الذی قذفها فیه بالزنا أو لم یجامعها، و سواء جامعها قبل القذف أو بعده، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی.

و قال مالک: ان أضاف الزنا الی طهر لم یجامعها فیه، کان له أن یلاعن و ینفی النسب، و ان أضافه الی طهر جامعها فیه لم یکن له أن یلاعن لنفی النسب، و له أن یلاعن لإسقاط الحد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا قذف أجنبیا أو أجنبیة أو زوجة

، و کان المقذوف محصنا فلزمه الحد و قبل أن أقیم علیه الحد، ثبت زنا المقذوف: اما بإقراره أو ببینة، فإن الحد لا یسقط عن القاذف، و به قال المزنی و أبو ثور.

و قال أبو حنیفة و الشافعی و عامة الفقهاء: انه یسقط عن القاذف، و یجب علی المقذوف حد الزنا.

و المعتمد سقوطه عن القاذف، و وجوبه علی المقذوف ان ثبت زناه بالبینة، أو بالإقرار أربع مرات، و بالمرة الواحدة یسقط عن القاذف و لا یجب علی المقذوف هذا هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 51 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته بالزنا و لم یلاعن فحد

، ثم قذفها بذلک الزنا، فإنه یجب علیه الحد ثانیا، فان قذفها و لاعنها ثم أعاد القذف ثانیا بذلک الزنا فلا حد علیه.

و قال الشافعی: لا حد علیه فی الموضعین، لأن فی الأول محکوم بکذبه،

ص:83


1- (1) تهذیب الاحکام 184/8.

و فی الثانی محکوم بصدقه، و القذف یکون بما یحتمل الصدق و الکذب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و الشیخ (ره) قد اختار فیما مضی قبل هذه المسألة أنه لا حد علیه فی الموضع الأول، کما هو اختیار الشافعی.

مسألة - 52 - قال الشیخ: إذا قذفها و لاعنها، فامتنعت من اللعان

فحدت، فقذفها أجنبی بذلک الزنا لم یجب علیه الحد، و به قال أبو إسحاق.

و قال أبو العباس ابن سریج: یجب علیه الحد، و استحسنه نجم الدین، و اختاره العلامة و فخر الدین، و هو المعتمد، لانه لم یوجد منها إقرار بالزنا، و لا قامت علیها به ببینة، فهی باقیة علی الإحصان.

مسألة - 53 - قال الشیخ: إذا قال زنت یدک و رجلک

لا یکون قاذفا، و هو مذهب أبی حنیفة، و أصح قولی الشافعی، و القول الآخر نقله المزنی أنه یکون قاذفا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 54 - قال الشیخ: إذا قال زنا بدنک

یکون صریحا فی القذف، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی، و قال فی القدیم: لا یکون صریحا.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار العلامة فی التحریر.

مسألة - 55 - قال الشیخ: کنایات القذف مثل قوله

یا حلال ابن حلال أو ما أمی زانیة، أو لست بزان، لا یکون قذفا بظاهرها، الا أن ینوی بذلک القذف، سواء حال الرضا أو حال الغضب، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری و الشافعی.

و قال مالک: ان کان حال الغضب کان قاذفا، و حال الرضا لا یکون قاذفا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 56 - قال الشیخ: إذا شهد الزوج ابتداء

من غیر أن یتقدم منه القذف

ص:84

مع ثلاثة علی المرأة بالزنا، قبلت شهادتهم و وجب علی المرأة الحد، و هو الظاهر من أحادیث أصحابنا، و به قال أبو حنیفة، و قد روی أن الثلاثة یحدون و یلاعن الزوج.

و قال الشافعی: لا تقبل شهادة الزوج و الثلاثة الآخر هل یحدون أم لا؟ علی قولین. أما الزوج فقال أبو إسحاق: یکون قاذفا و علیه الحد قولا واحدا، و ذکر أنه قول الشافعی. و قال ابن أبی هریرة: حکمه حکم الشهود.

و المعتمد قول الشیخ، فان حصلت التهمة للزوج بسبق القذف حد الجمیع، و هو اختیار ابن إدریس و نجم الدین، و ظاهر المختلف، و اختار العلامة فی القواعد و التحریر(1) حد الشهود و یلاعن الزوج، و اختاره فخر الدین أیضا، لأن الزوج هو المدعی، فلا تقبل شهادته، و الروایة المشار إلیها هو قوی.

مسألة - 57 - قال الشیخ: إذا قذف زوجته، ثم ادعی أنها أقرت بالزنا،

و أقام شاهدین علی إقرارها، لم یثبت إقرارها إلا بأربعة شهود.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی و هو أصحهما عندهم أنه یثبت بشاهدین.

و المعتمد أن بالشاهدین ینتفی الحد عنه، و لا یثبت الحد علیها إلا بأربعة، فمع الشاهدین ینتفی الحد عنهما.

مسألة - 58 - قال الشیخ: إذا قذف امرأة و ادعی أنها کانت أمة

أو مشرکة حال القذف، و قالت: ما کنت قط إلا حرة مسلمة، فالقول قوله مع یمینه.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی القول قولها.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار العلامة فی التحریر.

مسألة - 59 - قال الشیخ: إذا قذف امرأة و طالبت بالحد

، فقال: لی بینة

ص:85


1- (1) تحریر الأحکام 69/2.

غائبة أمهلونی حتی تحضر، لم یمهل و یقام علیه.

و قال الشافعی: یؤجل یوما أو یومین. و قال أصحابه: یؤجل ثلاثة أیام.

و المعتمد قول الشیخ، لانه لا تأخیر فی حده.

مسألة - 60 - قال الشیخ: لا یثبت حد القذف بشهادة علی شهادة

، و لا بکتاب قاض الی قاض، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: یثبت.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة علی أن الشهادة علی الشهادة لا یقبل فی شیء من الحدود، و کتاب قاض الی قاض لا یقبل فی شیء من الأحکام.

مسألة - 61 - قال الشیخ: التوکیل فی استیفاء حدود الآدمیین

مع حضور من له الحد یجوز بلا خلاف، أما مع غیبته یجوز أیضا عندنا.

و لأصحاب الشافعی ثلاث طرق، منهم من قال المسألة علی قولین: أحدهما یجوز، و الآخر لا یجوز الطریق الثانی أن التوکیل یجوز قولا واحدا. و الثالث لا یجوز قولا واحدا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 62 - قال الشیخ: إذا ولد له مولود و هنئ به

، فقال المهنی بارک اللّه لک فی مولودک، أو جعله اللّه خلفا لک، فقال فی الجواب: آمین أو أجاب اللّه دعاک، کان إقرارا یبطل به النفی و ان قال فی الجواب: بارک اللّه علیک أو أحسن اللّه جزاک، لم یبطل النفی عند الشافعی، و هو الذی یقوی عندی. و قال أبو حنیفة:

یبطل فیهما.

و المعتمد ما قواه الشیخ.

مسألة - 63 - قال الشیخ: الظاهر من روایات أصحابنا أن الأمة لا تصیر فراشا بالوطی

، و لا یلحق به الولد إلزاما، بل الأمر الیه ان شاء أقربه، و ان شاء لم یقر.

و قال الشافعی: تصیر فراشا بالوطی، و یلزمه الإقرار بالولد إذا أمکن أن

ص:86

یکون منه، لکن یکون مملوکا له قبل الإقرار، و لا یثبت نسبه حتی یقول هذا الولد منی، فحینئذ یصیر ولده باعترافه، فإذا اعترف بالولد و لحقه نسبه صارت الأمة فراشا له، فإذا أتت بعد ذلک بولد لحقه. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 64 - قال الشیخ: لا یثبت اللعان بین الزوجین قبل الدخول

، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و اعتبار الدخول اختیار ابن حمزة و ابن زهرة و ابن البراج، و اختاره العلامة فی الإرشاد، و عدم اعتبار الدخول منقول عن المفید و اختاره العلامة فی القواعد.

و قال ابن إدریس: یثبت اللعان قبل الدخول للقذف دون نفی الولد، و استحسنه العلامة فی المختلف(1) و اختاره فخر الدین و ابن فهد فی المقتصر(2) ، و هو المعتمد.

مسألة - 65 - قال الشیخ: یعتبر فی إلحاق الأولاد إمکان الوطء

، و لا یکفی التمکین فقط و قدرته، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: المعتبر قدرته و تمکینه من الوطی دون إمکان الوطی، فعلی هذا حکی عنه الشافعی ثلاث مسائل فی القدیم:

أحدها: إذا نکح رجل امرأة فی حضرة القاضی و طلقها فی الحال ثلاثا، ثم أتت بولد من حین العقد لستة أشهر لحقه الولد و لا یمکنه نفیه باللعان.

الثانیة: قال لو تزوج مشرقی بمغربیة، ثم أتت بولد من حین العقد لستة أشهر فإنه یلحقه و ان حصل العلم أنه لا یمکنه وطؤها بعد العقد بحال.

الثالثة: إذا تزوج بامرأة ثم غاب عنها و انقطع خبره، فقیل لامرأته انه مات فاعتدت و تزوجت برجل فأولدها أولادا، ثم عاد الزوج الأول قال: هؤلاء الأولاد کلهم للأول، و لا شیء للثانی نعوذ باللّه من هذا المذهب و من القائلین به.

ص:87


1- (1) مختلف الشیعة ص 55، کتاب الطلاق.
2- (2) المقتصر فی شرح المختصر - مخطوط.

کتاب العدة

مسألة - 1 - قال الشیخ: الأظهر فی روایات أصحابنا أن التی لم تحض

و مثلها لا تحیض و الآئسة من المحیض و مثلها لا تحیض، لا عدة علیهما من طلاق و ان کان مدخولا بهما، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک و قالوا: یجب علیهما العدة بالشهور، و به قال قوم من أصحابنا.

و المعتمد قول الشیخ، و هو المشهور بین أصحابنا. و قال السید المرتضی:

یجب علیهما أی الصغیرة التی لم تبلغ تسع سنین و الآئسة.

مسألة - 2 - قال الشیخ: الأقراء هی الأطهار

، و به قال مالک و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أبو یوسف و محمد و الثوری: الأقراء الحیض.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا رأت الدم من الحیضة الثالثة

، فقد انقضت عدتها.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا تنقضی حتی یمضی للدم یوم و لیلة، و فی أصحابه من قال ذلک علی اختلاف الحالین، فان کان لها عادة فرأت فی العادة انقضت عدتها عند رؤیة الدم، و ان کان قبل العادة فحتی یمضی یوم و لیلة.

ص:88


1- (1) تهذیب الاحکام 117/8.

و المعتمد قول الشیخ فی المبسوط، قال: فان کان لها عادة مستقیمة، فإذا رأت الدم من الحیضة الثالثة فقد انقضت عدتها، و ان کان قد تقدم دمها علی ما جرت به العادة لم تنقض حتی یمضی أقل أیام الحیض(1). و هو اختیار ابن إدریس و العلامة فی القواعد(2) و التحریر(3) ، و اختار فی المختلف مذهبه هنا، و هو انقضاء العدة برؤیة الدم الثالث، سواء کان لها عادة أو لم یکن.

مسألة - 4 - قال الشیخ: أقل ما یمکن أن ینقضی به عدد ذوات الأقراء

ستة و عشرون یوما و لحظتان.

و قال الشافعی: أقل ذلک اثنان و ثلاثون یوما و لحظتان. و قال أبو یوسف و محمد: أقله تسعة و ثلاثون یوما، لأن أقل الحیض عندهما ثلاثة أیام، و أقل الطهر خمسة عشر یوما، و الأقراء عندهما الحیض.

و قال أبو حنیفة: أقله ستون یوما و لحظة، لأنه یعتبر أکثر الحیض، و أقل الطهر و أکثر الحیض عنده عشرة أیام، و أقل الطهر خمسة عشر یوما.

و المعتمد قول الشیخ، لأن الأقراء هی الأطهار، و أقل الحیض ثلاثة أیام، و أقل الطهر عشرة أیام، فإذا طلقها قبل حیضها بلحظة، ثم حاضت بعد الطلاق ثلاثة أیام، ثم طهرت عشرة أیام، ثم حاضت ثلاثة أیام، ثم طهرت عشرة أیام، ثم رأت الدم لحظة فقد قضی ثلاثة أقراء.

مسألة - 5 - قال الشیخ: الذی علیه أصحابنا و روایاتهم به أن المطلقة إذا مرت بها ثلاثة أشهر بیض

لا یری فیها الدم، فقد انقضت عدتها بالشهور، فإذا رأت الدم قبل ذلک، ثم ارتفع دمها صبرت تسعة أشهر، ثم تستأنف العدة ثلاثة أشهر. و ان

ص:89


1- (1) المبسوط 235/5.
2- (2) قواعد الاحکام 68/2.
3- (3) تحریر الأحکام 70/2.

رأت الدم الثانی قبل ذلک، صبرت تمام السنة، ثم تعتد بثلاثة أشهر.

و قال الشافعی: ان ارتفع حیضها لعارض من مرض أو رضاع، لا تعتد بالشهور بل تعتد بالاقراء. و ان طالت و قال: هذا إجماع، و ان ارتفع حیضها لغیر عارض قال فی القدیم: یتربص حتی یعلم براءة رحمها، ثم تعتد عدة الآیسات، و به قال مالک. و قال فی الجدید: تصبر حتی تأیس من المحیض، ثم تعتد بالشهور، و هو الصحیح عندهم، و هو مذهب أبی حنیفة و أصحابه.

و المعتمد أنه إذا تأخرت الثانیة أو الثالثة، صبرت أقصی مدة الحمل، ثم اعتدت بعد ذلک بثلاثة أشهر، و لا فرق بین أن یکون المحتبس الدم الثانی أو الثالث، و فی روایة عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أنها تصبر سنة، ثم تعتد بثلاثة أشهر، و نزلها الشیخ فی النهایة(1) علی احتباس الدم الثالث، و هو مذهبه هنا أیضا. و المعتمد عدم الفرق.

و اعلم أن المرأة قد تبتدئ العدة بالشهور ثم تصیر من ذوات الأقراء کما لو طلقها بعد بلوغ تسع سنین و قبل رؤیة الحیض، فإنه إذا جاءها الدم قبل انقضاء ثلاثة أشهر و لو بیوم واحد صارت من ذوات الأقراء و احتسبت الماضی قراء، و احتاجت الی قرئین آخرین.

و قد ینعکس بأن تبتدئ العدة بالحیض، ثم تصیر من ذوات الشهور، کما لو رأت قرءا أو قرائن ثم بلغت الیأس، فإنه تعوض عن کل قرء یبق بشهر.

و إذا انقطع الدم لعارض، فلا یخلو: اما أن یکون معلوما، کالحمل و الرضاع و المرض أو غیر معلوم، فان کان معلوما نقل الشیخ عن الشافعی أنها لا تعتد بالشهور بل بالافراء و ان طالت المدة، و جزم به ابن فهد (ره)، و هو المعتمد. و ان کان العارض غیر معلوم کان الحکم کما ذکره الشیخ، فإذا اعتدت بثلاثة أشهر بعد مدة التربص

ص:90


1- (1) النهایة ص 533.

فان مضت ثلاثة لم تر فیها دما انقضت عدتها، و ان رأت فیها دما بطل اعتدادها بالأشهر و لزمها الاعتداد بالافراء و ان طالت مدتها.

و هل تجب علیها ثلاثة أفراء مستأنفة غیر الأقراء المتخللة بین الطلاق و غایة التربص، قال الشیخ فی المبسوط: نعم، لأن مدة التربص لیست من العدة، و نقل ابن فهد عن الشهید قولا أنها تبنی علی ما بعد الطلاق، و هو قوی، لأنها إذا رأت الدم بینا أنها من ذوات الافراء و ذوات الافراء عدتهن ثلاثة أقراء من یوم الطلاق لا أزید من ذلک.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا زوج صبی صغیر امرأة فمات عنها

، لزمها عدة الوفاة أربعة أشهر و عشرا، سواء کانت حاملا أو حائلا، و سواء ظهر الحمل بعد وفاة الزوج أو کان موجودا قبل وفاته، و به قال مالک و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: ان ظهر الحمل بعد الوفاة اعتدت بالشهور کقولنا و ان کان موجودا حال الوفاة اعتدت عنه بوضعه.

و المعتمد قول الشیخ، لان التقدیر أن الصبی لم یبلغ مبلغا یلتحق به الأولاد قال العلامة فی التحریر: لو مات صبی له دون تسع سنین و امرأته حامل، اعتدت بالشهور دون الحمل، سواء ظهر الحمل بعد موته أو قبله، فان کان الحمل لشبهة أو عقد فاسد، اعتدت به عن الملحق به، ثم تعتد بعد الوضع بالأشهر عدة الوفاة و ان کان من زنا لم تعتد به و اعتدت بأربعة أشهر و عشرة أیام من حین الموت(1).

مسألة - 7 - قال الشیخ: المعتدة بالأشهر إذا طلقت فی آخر الشهر

اعتدت بالأهلة بلا خلاف، و ان طلقت فی وسط الشهر سقط اعتبار الهلال و احتسبت بالعدد فینظر قدر ما بقی من الشهر و یعتبر بعده هلالین، ثم یتمم من الشهر الرابع ثلاثین و یلفق الساعات و الانصاف، و به قال الشافعی.

ص:91


1- (1) تحریر الاحکام 72/2.

و قال مالک: تلفق الأیام التامة، و لا تلفق الانصاف و الساعات. و قال أبو حنیفة تقضی ما فات من الشهر، فیحصل الخلاف بیننا و بینه إذا کان الشهر ناقصا و مضی عشرون یوما، عندنا تحسب ما بقی و هو تسعة و تضم إلیه أحد و عشرین یوما، و عنده تقضی ما مضی و هو عشرون یوما.

و قال أبو محمد بن بنت الشافعی: إذا مضی بعض الشهر سقط اعتبار الأهلة من الشهور کلها، و تحتسب الجمیع بالعدد، فیکون تسعین یوما.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و اختاره ابن إدریس و نجم الدین و العلامة.

و اعلم أن قوله «إذا طلقت فی أخر الشهر اعتدت بالأهلة بلا خلاف، و ان طلقت فی وسط الشهر سقط اعتبار الهلال» مراده بآخر الشهر آخر جزء منه و أول جزء من المستقبل، و مراده بوسط الشهر ما بین أول جزء و آخر جزء من الشهر، و لیس مراده بآخر الشهر آخر یوم، و بالوسط وسط الشهر، بل المراد ما قلناه، فاعلم ذلک فمتی تقدم علی آخر جزء بساعة، أو بآخر عن أول جزء من الشهر بساعة حصل الانکسار.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا طلقها و هی حامل

، فولدت توأمین بینهما أقل من ستة أشهر، فإن عدتها لا تنقضی حتی تضع الثانی، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی و عامة أهل العلم.

و قال عکرمة: تنقضی عدتها بوضع الأول، و قد روی أصحابنا بوضع الأول غیر أنها لا تحل للأزواج إلا بوضع الثانی.

قال: و المعتمد الأول، لقوله تعالی «وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ یَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» (1) و هذا هو المعتمد، و هو اختیار ابن إدریس، و نجم الدین، و العلامة، و فخر الدین

ص:92


1- (1) سورة الطلاق: 4.

و الثانی اختیاره فی النهایة(1) ، و اختیار ابن البراج و ابن حمزة.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا طلقها و اعتدت

، ثم أتت بولد لأکثر من ستة أشهر من وقت انقضاء العدة لم یلحق به، و به قال أبو حنیفة و أبو العباس بن سریج. و قال أکثر أصحاب الشافعی: ان أتت به لأقل من أربع سنین و أکثر من ستة أشهر من وقت الطلاق لحق به.

و اختار نجم الدین فی الشرائع(2) لحوقه به إذا أتت به لستة أشهر فصاعدا منذ طلقها، ما لم یتجاوز أقصی مدة الحمل مع خلوها من زوج و مولی، لأنها کانت فراشا له. و هذا الولد یمکن أن یکون منه، و لا هنا من هو أولی منه، و لا مساو له فیلحق به، و هو اختیار العلامة فی التحریر أیضا، و ظاهر القواعد کمذهب الشیخ هنا، لکنه قال: و ان کانت رجعیة حسبت السنة من حین الطلاق لا من حین وقت انقضاء العدة علی اشکال.

و استدل الشیخ هنا بإجماع الفرقة: قال: و أیضا قد دللنا علی أن زمان الحمل لا یکون أکثر من تسعة أشهر و کل من قال بذلک قال بما قلناه، و الفرق بینهما خلاف الإجماع.

فعلی هذا یکون مراد الشیخ أن زمان العدة ثلاثة أشهر، و إذا مضی بعد العدة ستة أشهر، فقد کملت تسعة أشهر، و ذلک زمان الحمل، و ما زاد علی ذلک لا یلحق به، و یکون مطابقا لکلام العلامة فی التحریر و کلام نجم الدین فی الشرائع، إلا إذا ادعت انقضاء العدة قبل مضی ثلاثة أشهر، فیحصل الفرق حینئذ، لأنه اعتبر السنة بعد العدة، فإذا ادعت انقضاء العدة قبل ثلاثة أشهر، ثم أتت بولد لأکثر من ستة من حین انقضاء العدة و لأقل من تسعة من حین الطلاق، فالشیخ یحکم بعدم لحوقه

ص:93


1- (1) النهایة ص 517.
2- (2) شرائع الإسلام 38/3.

و هما یحکمان بلحوقه، فلا فرق بین قولهما و قوله الا فی هذه الصورة فاعلم ذلک.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا خلا بها و لم یدخل بها

لا یجب علیها العدة و لا یجب المهر کملا علی أکثر روایات أصحابنا ان کان هناک ما یعتبر به عدم الوطء بأن یکون المرأة بکرا فتوجد کهی فلا یحکم به، و ان کانت ثیبا حکم فی الظاهر بالإصابة، و لا یحل لها جمیع الصداق الا بالوطی.

و قال أبو حنیفة: الخلوة کالاصابة علی کل حال. و قال مالک: الخلوة التامة یرجح بها قول مدعی الإصابة من الزوجین، و هی ما یکون فی بیت الرجل، و ما لم یکن تامة لا یلحق به، و هی ما کانت فی بیت المرأة.

و للشافعی قولان، قال فی القدیم: للخلوة تأثیر، و اختلف أصحابه فی معناه فقال بعضهم: أراد به أنها بمنزلة الإصابة مثل قول أبی حنیفة، و قال بعضهم: أراد به قول مالک فی أنه یرجح بها قول مدعی الإصابة.

و قال فی الجدید: لا تأثیر للخلوة و لا یرجح بها قول المدعی للإصابة، و لا یستقر بها المهر عندهم، و هذا هو المعتمد المشهور عند أصحابنا، فإن ادعت الإصابة لزمتها العدة، و ان لم یقبل قولها فی حق الرجل بکمال المهر، و لا فائدة لهذه الدعوی بعد الموت، لان الموت موجب للعدة و کمال المهر و ان لم یدخل.

و اختار ابن فهد (ره) فی کتابیه قول مدعی الوطء، لان الظاهر من حال الصحیح السلیم إذا خلا فی زوجته الوطء، فتقبل قول مدعیه عملا بالظاهر.

و اعلم أن الخلوة التامة عند أصحابنا غیر ما قاله مالک، بل المراد بها عند أصحابنا إرخاء الستر، أو إغلاق الباب مع عدم المانع من جهة الزوج کالعنن و من جهتها کالقرن و الرتق، و من جهتهما کالمرض.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا مات عنها و هو غائب عنها فبلغها الخبر

، فعلیها العدة من یوم بلغها.

ص:94

و قال عامة الفقهاء: العدة من حین الموت. و قال عمر بن عبد العزیز: ان ثبت ذلک بالبینة، فالعدة من حین الموت و ان لم یثبت بالبینة بل بالخبر و السماع، فالعدة من حین الخبر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و طریقة الاحتیاط.

مسألة - 12 - قال الشیخ: الأمة إذا طلقت و لم تکن حاملا

فعدتها قرءان، و به قال جمیع الفقهاء. و قال داود: عدتها ثلاثة أقراء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا کانت الأمة من ذوات الشهور

، فعدتها خمسة و أربعون یوما.

و للشافعی ثلاثة أقوال: أحدها أن عدتها شهران فی مقابل حیضتین، و الثانی ثلاثة أشهر و هو الصحیح عندهم، و الثالث مثل قولنا، و هو المعتمد، و استدل الشیخ علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 14 - قال الشیخ: الأمة إذا أعتقت فی العدة، الرجعیة

تکمل عدة الحرة، و البائن تکمل عدة الأمة.

و للشافعی قولان، قال فی الجدید: ان کان رجعیا أکملت عدة حرة، و ان کان بائنا فعلی قولین. و قال فی القدیم: ان کان بائنا أکملت عدة أمة، و ان کان رجعیا فعلی قولین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 15 - قال الشیخ: الأمة إذا کانت تحت عبد و طلقها طلقة ثم اعتقت

ثبت له علیها رجعة بلا خلاف و لها الفسخ، فان فسخت سقط حق الرجعة بلا

ص:95


1- (1) تهذیب الاحکام 134/8.

خلاف، و عندنا أنها تتم عدة الحرة.

و اختلف أصحاب الشافعی، فقال أبو إسحاق مثل قولنا، و منهم من قال: فیه قولان أحدهما تستأنف عدة الحرة، و منهم من قال: تبنی، و علی کم تبنی؟ فیه قولان: أحدهما علی عدة الأمة، و الآخر علی عدة الحرة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا تزوج امرأة، ثم اختلعها

، ثم تزوجها و طلقها قبل الدخول بها لا عدة علیها، و به قال داود، و لها أن تتزوج فی الحال.

و قال جمیع الفقهاء: علیها العدة، لقوله تعالی «ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَکُمْ عَلَیْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها» (1).

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار العلامة فی القواعد و المختلف(2) و التحریر و نجم الدین فی الشرائع(3) ، و ظاهر الشیخ فی المبسوط وجوب العدة، و هو مذهب ابن البراج، فرع علی القول بعدم وجوب العدة هنا، و جواز النکاح فی الحال لو تمتع بامرأة و دخلها، ثم برأها فی الحال، ثم عقد علیها ثانیا متعة، ثم برأها قبل الدخول أو دواما، ثم طلقها قبل الدخول لم یجز لها أن تنکح غیره قبل عدة المتعة الأولی، لعدم جواز اجتماع الماءین فی فرج مباح.

بخلاف مسألة الخلع، لان الخلع لا یصح الا بعد الاستبراء کالطلاق، فإذا عقد بعد ذلک و طلق قبل الدخول، ثم نکحت غیره قبل العدة، لم یحصل اجتماع الماءین، لحصول الاستبراء المتخلل بین النکاحین، بخلاف مسألة المتعة، لعدم حصول الاستبراء قبل النکاح الثانی، فیحصل اجتماع الماءین و هو غیر جائز فافهم

ص:96


1- (1) سورة الأحزاب: 49.
2- (2) مختلف الشیعة ص 69 کتاب الطلاق.
3- (3) شرائع الإسلام 46/3.

ذلک، فان کثیرا من الناس یعبر مسألة المتعة علی مسألة الخلع، و هو غلط، لحصول الفرق بما بیناه.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا طلقها طلقة رجعیة، ثم راجعها

، ثم طلقها ثانیا بعد الدخول بها، فعلیها استئناف العدة بلا خلاف. و ان طلقها ثانیا قبل الدخول بها، فعلیها استئناف العدة، لأن العدة الأولی قد انقضت بالرجعة.

و قال الشافعی فی القدیم: تبنی، و هو قول مالک. و قال فی الجدید: تستأنف و هو قول أبی حنیفة، و هو أصح القولین عندهم. و هو المعتمد.

مسألة - 18 - قال الشیخ: عدة المتوفّی عنها زوجها إذا کانت حائلا

أربعة أشهر و عشرة أیام بلا خلاف، و الاعتبار بالأیام دون اللیالی عندنا، فإذا غربت الشمس من یوم العاشر انقضت العدة، و به قال جمیع الفقهاء إلا الأوزاعی، فإنه قال:

لا تنقضی إلا بطلوع الفجر من الیوم العاشر.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 19 - قال الشیخ: عدة المتوفّی عنها زوجها إذا کانت حاملا

بأبعد الأجلین من وضع الحمل و من أربعة أشهر و عشرة أیام. و قال جمیع الفقهاء: عدتها وضع الحمل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 20 - قال الشیخ: المتوفّی عنها زوجها لا نفقة لها علی کل حال

، حائلا کانت أو حاملا، الا أن أصحابنا رووا أنها إذا کانت حاملا أنفق علیها من نصیب ولدها الذی فی جوفها، و لم یذکر الفقهاء ذلک، و روی عن بعض الصحابة أنه قال: لها النفقة و لم یفصل.

و المعتمد عدم وجوب النفقة مطلقا.

ص:97

مسألة - 21 - قال الشیخ: المتوفّی عنها تعتد بأربعة أشهر و عشرة أیام

، سواء حاضت ثلاثة أقراء أو لم تحض. و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: ان کان عادتها أن تحیض فی کل خمسة أشهر دفعة، فإنها تعتد بالشهور و لا یراعی الحیض، و ان کان عادتها أن تحیض فی کل شهر مرة لا تنقضی عدتها بالشهور حتی یستبین أمرها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و بقوله تعالی «وَ الَّذِینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ» (1) الآیة.

مسألة - 22 - قال الشیخ: المطلقة البائنة لا تستحق النفقة

و لا السکنی عندنا الا أن یکون حاملا، و به قال ابن حنبل.

و قال الشافعی: لا تستحق النفقة و تستحق السکنی، و به قال مالک و الثوری و الأوزاعی. و قال أبو حنیفة و أصحابه: تستحق النفقة و السکنی معا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 23 - قال الشیخ: الفاحشة التی تحل إخراج المطلقة من بیت زوجها

أن تشتم أهل الرجل و تؤذیهم، و به قال الشافعی. و قال ابن مسعود و الحسن البصری: الفاحشة أن تزنی فتخرج لیقام علیها الحد، ثم ترد الی موضعها.

و المعتمد أن أدنی الفاحشة التی تخرج لها أن تؤذی أهله، و تستطیل علیهم بلسانها.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا أحرمت المرأة بالحج، ثم طلقها زوجها

و وجب علیها العدة، فإن کان الوقت ضیقا بحیث تخاف فوت الحج، فإنها تخرج و تقضی حجها، ثم تعود فتقضی باقی العدة ان بقی علیها شیء، و ان کان الوقت واسعا أو کانت محرمة بعمرة، فإنها تقیم و تقضی عدتها، ثم تحج أو تعتمر، و به قال

ص:98


1- (1) سورة البقرة: 234.

الشافعی.

و قال أبو حنیفة: علیها أن تقیم و تعتد و لیس علیها الخروج، سواء کان الوقت ضیقا أو واسعا. و کلام الشیخ لا بأس به، و حکاه صاحب التحریر ساکتا علیه.

مسألة - 25 - قال الشیخ: المتوفّی عنها یلزمها الحداد طول العدة

، و به قال جمیع الفقهاء، إلا الشعبی و الحسن البصری، فإنهما قالا: یلزمها الحداد فی بعض العدة لا فی جمیعها.

و المعتمد قول الشیخ، و علیه إجماع الفرقة.

مسألة - 26 - قال الشیخ: المطلقة البائن لا یجب علیها حداد

عندنا، سواء کانت مطلقة بالثلاث أو بانت بالخلع أو الفسخ، و به قال الشافعی فی القدیم و أبو حنیفة و أصحابه، و استحسن فی الجدید وجوب الحداد. و به قال عطاء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 27 - قال الشیخ: المتوفّی عنها زوجها إذا کانت صغیرة

وجب علیها الحداد، و ینبغی لولیها أن یجتنبها ما یجب علی الکبیرة اجتنابه، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: لا حداد علیها.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة فی أکثر کتبه القواعد و التحریر و غیره، و ظاهر ابن إدریس عدم وجوب الحداد علی الصغیرة، لأنه من باب التکالیف الشرعیة، و هی لا یجب علی الصغیرة، و اختاره العلامة فی المختلف(1).

مسألة - 28 - قال الشیخ: الذمیة إذا کانت تحت مسلم فمات عنها

، وجب علیها عدة الوفاة بلا خلاف، و یلزمها الحداد عندنا و عند الشافعی. و قال أبو حنیفة:

ص:99


1- (1) مختلف الشیعة ص 62، کتاب الطلاق.

لا حداد علیها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 29 - قال الشیخ: الکافرة إذا کانت تحت کافر فمات عنها

، وجب علیها العدة و الحداد معا، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا عدة و لا حداد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بعموم الاخبار، و طریقة الاحتیاط.

مسألة - 30 - قال الشیخ: کل موضع تجتمع علی المرأة عدتان

، فإنهما لا یتداخلان بل یأتی بکل واحدة منهما علی الکمال، و به قال الشافعی، و ذهب مالک و أبو حنیفة و أصحابه إلی أنهما یتداخلان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا نکحت المعتدة و وطئها الناکح

، و هما جاهلان بتحریم الوطء أو کان الواطئ جاهلا و المرأة عالمة، فلا حد علی الواطی و یلحقه النسب و تحرم علیه علی التأبید، و به قال مالک و الشافعی فی القدیم. و قال فی الجدید: تحل له بعد انقضاء العدة، و به قال أهل العراق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 32 - قال الشیخ: المفقود الذی لا یعرف خبره

تصبر زوجته أربع سنین، ثم ترفع أمرها إلی السلطان لینفذ من یتعرف خبره فی الافاق فان عرف له خبرا لم یکن لها طریق الی التزویج و ان لم یعرف له خبرا أمر ولیه ینفق علیها، فإن أنفق علیها فلا طریق لها الی التزویج، و ان لم یکن له ولی أمرها أن یعتد عدة الوفاة فإذا اعتدت حلت للأزواج.

و للشافعی قولان، قال فی القدیم: تصبر أربع سنین، ثم یرفع أمرها إلی الحاکم حتی یفرق بینهما، و تعتد عدة الوفاة، و تحل للأزواج. و روی ذلک عن ابن عباس و مالک و أحمد، و ظاهر کلام الشافعی یدل علی أن مدة التربص تکون

ص:100

من حین الفقد و الغیبة، و أصحابه یقولون ان ذلک من وقت ترفع أمرها إلی الحاکم و تضرب لها المدة.

و قال فی الجدید: انها تکون علی الزوجیة أبدا لا تحل للأزواج إلا مع علم وفاته، و هو أصح القولین عندهم، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و أهل الکوفة بأسرهم ابن أبی لیلی و ابن شبرمة و الثوری و غیرهم.

و المعتمد قول الشیخ، لکن الأحوط أن یطلقها الحاکم بعد العدة.

مسألة - 33 - قال الشیخ: امرأة المفقود إذا اعتدت و تزوجت

، ثم جاء الزوج الأول، فإنه لا سبیل له علیها، و ان لم یکن تزوجت و قد خرجت من العدة، فهی أولی بها و هی زوجته، و به قال قوم من أصحاب الشافعی إذا نصروا قوله القدیم.

و الذی علیه عامة أصحابه و هو مذهبه علی القول القدیم إذا قال: حکم الحاکم ینفذ فی الظاهر و الباطن، انها بانقضاء العدة ملکت نفسها، و لا سبیل للزوج علیها و إذا قال بالقول الجدید أو بالقدیم: و ان الحکم هو فی الظاهر، فإنها ترد إلی الأول علی کل حال.

و المعتمد أنه إذا أتی الأول و قد تزوجت بعده العدة، فلا سبیل له علیها. و ان جاء و هی فی العدة فهو أملک بها، و ان جاء بعد انقضاء العدة و قبل أن تتزوج اختار الشیخ هنا أنه یکون أملک بها، و اختاره فخر الدین أیضا. و قال المفید و سلار و ابن إدریس: هی أملک بنفسها، و اختاره نجم الدین و العلامة، و هو المعتمد.

مسألة - 34 - قال الشیخ: المدبرة إذا مات عنها سیدها

، اعتدت بأربعة أشهر و عشرة أیام، فإن اعنقها فی حال حیاته، ثم مات عنها بثلاثة أقراء.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: المدبرة لا عدة علیها لموت سیدها و لا استبراء، أما أم الولد فإنها تعتد بثلاثة أقراء، سواء مات عنها سیدها أو أعتقها فی حال حیاته و لا تجب علیها عدة الوفاة.

ص:101

و قال الشافعی: المدبرة و أم الولد و المعتقة حال الحیاة إذا مات عنها سیدها استبرأت بقرء واحد.

و المعتمد فی المدبرة ما اختاره الشیخ هنا، و هو اختیار نجم الدین و العلامة فی القواعد و التحریر جزما، أما أم الولد فلم یذکر فی القواعد و الشرائع حکم عدتها من موت سیدها. و قال أبو الصلاح من أصحابنا: عدة أم الولد لموت سیدها أربعة أشهر و عشرة أیام، و هو ظاهر کلام ابن حمزة و اختاره ابن فهد فی مهذبه و قال ابن إدریس: لا عدة علیها من وفاة مولاها و جنح إلیه العلامة فی المختلف و جزم به فی التحریر، قال: و لو مات مولی الأمة الذی کان یطؤها اعتدت بقرء واحد سواء کانت أم ولد أولا، و لا بأس بهذا لأصالة البراءة.

مسألة - 35 - قال الشیخ: المشتراة و المسبیة تعتدان بقرائن

، و روی حیضة بین الطهرین و المعنی متقارب.

و قال الشافعی: تستبرءان بقرء واحد، و هل هو طهر أو حیض؟ علی قولین.

و المعتمد أن الاستبراء بحیضة أو بخمسة و أربعین یوما، و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 36 - قال الشیخ: أم الولد إذا زوجها سیدها غیره

ثم مات الزوج وجب علیها ان تعتد أربعة أشهر و عشرة أیام، سواء مات سیدها فی أثناء تلک العدة أو لم تمت.

و قال الشافعی: عدتها شهران و خمسة أیام، فان مات سیدها فی أثناء عدتها هل تکمل عدة الحرة؟ فیه قولان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 37 - قال الشیخ: إذا ملک أمة بابتیاع

، فإن وطئها البائع، فلا تحل للمشتری وطؤها إلا بعد الاستبراء إجماعا، و هکذا إذا أراد المشتری تزویجها،

ص:102

و کذا ان أراد أن یعتقها ثم یتزوجها بعد عتقها، فلا بد من الاستبراء، و هکذا ان استبرأها و وطئها ثم أراد تزویجها، فلا بد من الاستبراء، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یجوز تزویجها قبل الاستبراء، و یجوز أن یعتقها و یتزوجها بغیر استبراء.

و المعتمد أنه یجوز أن یعتقها و یتزوجها بغیر استبراء، جزم به نجم الدین فی الشرائع(1) و العلامة فی القواعد و الإرشاد فی باب نکاح الإماء. أما تزویجها فی الغیر، فلا یجوز قبل الاستبراء و ان أعتقها.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا استبرأ أمة ممن لم یطأها

أو من امرأة أو ممن لم یجامع مثله أو عنین أو رجل وطئها ثم استبرأها، روی أصحابنا جواز وطئها قبل الاستبراء، و رووا أنه لا یجوز الا بعد الاستبراء، و هو الأحوط، و به قال الشافعی. أما جواز تزویجها، فإنه یجوز قبل الاستبراء إجماعا.

و المعتمد الجواز، لکن یشترط فی المخبر بالاستبراء العدالة.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا ملک أمة بابتیاع أو هبة

أو إرث أو استغنام، فلا یجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء، صغیرة کانت أو کبیرة، بکرا أو ثیبا، تحبل أو لا تحبل، لا یختلف الحال فی ذلک إلا إذا کانت فی سن من لا تحیض مثلها وجب الاستبراء، و ان کانت ممن لا یوطأ مثلها فلا استبراء.

و قال اللیث بن سعید: ان کانت ممن تحبل مثلها وجب الاستبراء و ان کان مثلها لا تحبل فلا تجب الاستبراء.

قال الشیخ: و هذا مثل قولنا، و ذهب داود و أهل الظاهر إلی أنها ان کانت ثیبا وجب الاستبراء، و ان کانت بکرا فلا استبراء.

و المعتمد أنه لا فرق بین انتقالها بالبیع و غیره من وجوه الانتقالات، فکل

ص:103


1- (1) شرائع الإسلام 41/3.

من وجب استبراؤها بالبیع وجب بغیره، و کل من لا یجب استبراؤها بالبیع لا یجب بغیره، فلا فرق بین هذه المسألة و التی قبلها.

مسألة - 40 - قال الشیخ: إذا باع جاریة من غیره

، ثم استقال المشتری فأقال، فان کان قد قبضها المشتری وجب الاستبراء، و ان لم یقبضها لم یجب علیه ذلک.

و قال الشافعی: یجب علیه الاستبراء، قبض أو لم یقبض.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 41 - قال الشیخ: الاستبراء واجب علی البائع و المشتری

علی ظاهر روایات أصحابنا، و به قال النخعی و الثوری.

و قال الشافعی: واجب علی المشتری و مستحب للبائع، و به قال مالک و أبو حنیفة. و قال عثمان البتی: یجب علی البائع دون المشتری.

و المعتمد قول الشیخ، و هو المشهور فی مصنفات أصحابنا، و ظاهر العلامة فی باب عدة الأمة و الاستبراء من القواعد عدم وجوبه علی البائع، قال: و یجوز بیع الموطوءة فی الحال، و لا یجوز تزویجها الا بعد الاستبراء، و ظاهر هذا الکلام عدم وجوب الاستبراء علی البائع.

و قال فی باب بیع الحیوان: و یجب علی البائع استبراء الأمة قبل بیعها.

و مثله قال فی الإرشاد و الشرائع(1) ، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا ثبت وجوب الاستبراء علی المشتری

، فمتی قبضها استبرأها فی یده حسناء کانت أو سوءا، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: ان کانت وحشة استبرأها فی یده، و ان کانت فائقة استبرأها فی ید عدل ثم یسلم إلیه.

ص:104


1- (1) شرائع الإسلام 41/3.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا ملکها جاز له التلذذ بمباشرتها

و وطئها فیما دون الفرج، سواء کانت مشتراة أو مسبیة.

و قال الشافعی: ان کانت مشتراة، فلا یجوز له شیء من ذلک علی حال، لانه لا یأمن أن یکون حاملا، فیکون أم ولد لغیره، و ان کانت مسبیة فیه وجهان: أحدهما لا یجوز، و الثانی یجوز، و هو المذهب، فعنده علی هذا الوجه یجوز التلذذ فیما دون الوطی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم. و المراد بالفرج المستثنی هو القبل، نص علیه العلامة فی التحریر و القواعد.

مسألة - 44 - قال الشیخ: إذا اشتری أمة حاملا کره له وطؤها

الی أن تصیر لها أربعة أشهر، فإذا مضی ذلک لا یکره له وطؤها فی الفرج.

و قال الشافعی: لا یجوز وطؤها حتی تضع.

و المعتمد ان کانت حاملا من وطئ صحیح أو شبهة لم یجز الوطء قبلا حتی تضع، و ان جهل حاله أو کان عن زنا جاز فی الحال علی کراهیة حتی یمضی أربعة أشهر، و لا یکره بعدها کما قاله الشیخ هنا.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا عجزت المکاتبة عن أداء ثمنها

ففسخ السید و جاز له الوطء، و کذا لو ارتد السید أو الأمة، ثم عاد إلی الإسلام، جاز الوطء من غیر استبراء، أما إذا زوجها ثم طلقها الزوج، فان کان قبل الدخول حلت من غیر استبراء، و ان کان بعده لم یحل الا بعد الاستبراء بالعدة، و به قال أبو حنیفة الا أنه قال فی المطلقة تحل بلا استبراء و لم یفصل.

و قال الشافعی: لا تحل فی هذه المواضع کلها الا بعد الاستبراء، و لا یکفی عنده عدة المطلقة عن الاستبراء.

ص:105

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 46 - قال الشیخ: إذا اشتری مجوسیة

، فاستبرأها ثم أسلمت کفی ذلک الاستبراء. و قال الشافعی: لا یکفی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 47 - قال الشیخ: العبد المأذون له فی التجارة إذا استبرأ أمه،

صح الشراء بلا خلاف، فإذا استبرأت فی ید العبد جاز للمولی وطؤها، سواء کان علی العبد دین أو لم یکن إذا قضی حق الغرماء.

و قال الشافعی: إذا کان علی العبد دین لا یجوز وطؤها و ان قضی حق الغرماء و لا بد من استبراء ثان.

و المعتمد جواز وطئها عقیب الاستبراء و ان لم یقض حق الغرماء، لأنها مملوکته و لا یمنع المدیون من وطئ مملوکته.

مسألة - 48 - قال الشیخ: إذا باع جاریة فظهر بها حمل

، فادعی البائع أنه منه و لم یکن أقر بوطئها عند البیع و لم یصدقه المشتری، لا خلاف أن إقراره لا یقبل فیما یؤدی الی فساد البیع.

و هل یقبل إقراره فی إلحاق النسب؟ عندنا یقبل و للشافعی قولان، قال فی القدیم و الإملاء: یلحقه. و قال البویطی: لا یلحقه، و المشهور عند أصحابنا مذهب الشیخ و تردد فیه نجم الدین فی شرائعه(1).

و استشکله العلامة فی قواعده من أنه إقرار لا یتصور به المشتری، لأن الولد و امه باقیان علی ملکه، فلا ضرر علیه بهذا الإقرار، و من احتمال توجه الضرر کما لو مات المقر عن غیر وارث سواه، فإنه یشتری قهرا علی مالکه لیحوز الإرث، فیحصل الضرر للمالک بذلک، و کل إقرار یتضرر به الغیر لا یجوز.

ص:106


1- (1) شرائع الإسلام 38/3.

مسألة - 49 - قال الشیخ: أقل الحمل ستة أشهر

بلا خلاف، و أکثره عندنا تسعة أشهر، و قد روی سنة فی بعض الاخبار.

و قال الشافعی: أکثره أربع سنین. و قال الزهری و اللیث بن سعد: أکثره سبع سنین، و عن مالک روایات المشهور منها ثلاث أحدها أربع سنین، و الثانیة خمس سنین، و الثالثة سبع سنین. و قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه: أکثره سنتان، و هو اختیار المزنی.

و المعتمد أن أکثره عشرة أشهر، و هو مذهب العلامة فی أکثر کتبه، و ابن فهد فی مقتصره، و استحسنه نجم الدین فی شرائعه قال: و یعضده الوجدان فی کثیر.

ص:107

کتاب الرضاع

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا حصل الرضاع المحرم

، لم یحل للفحل نکاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه، و لا لأحد من أولاده من غیر المرضعة و منها لأن اخوته و أخواته صاروا بمنزلة أولاده، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و طریقة الاحتیاط.

و قال فی المبسوط: یجوز للفحل أن یتزوج بأم المرتضع و أخته و جدته. و مثله قول صاحب القواعد و التحریر، و هو المعتمد. و کذا یجوز لأولاد هذا الفحل أن یتزوجوا بأخت أختهم من الرضاعة، لأن للإنسان أن یتزوج بأخت أخته من النسب، فمن الرضاعة أولی، کما قاله ابن إدریس، و هو المشهور بین الأصحاب.

مسألة - 2 - قال الشیخ: تنشر حرمة الرضاع إلی الأم المرضعة

، و الفحل صاحب اللبن یصیر الفحل أبا المرتضع و أبوه جده و أخته عمته و أخوه عمه، و کل ولد له فهم اخوه لهذا المرتضع، و به قال مالک و أبو حنیفة و أصحابه و أحمد و الشافعی.

و ذهب طائفة الی عدم انتشار الحرمة إلی الفحل، و لا إلی آبائه و من ینتسب الیه، قالوا: و لهذا الفحل أن یتزوج المرضعة التی أرضعتها زوجته، ذهب الیه

ص:108

سعید بن المسیب، و ربیعة بن عبد الرحمن استاد مالک، و حماد بن سلمان(1) استاد أبی حنیفة، و الأصم، و ابن علیة و هو استاد الأصم، و به قال أهل الظاهر داود و سعید.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 3 - قال الشیخ: من أصحابنا من قال: الذی یحرم من الرضاع

عشر رضعات متوالیات، لم یفصل بینهما برضاع امرأة أخری. و منهم من قال: خمس عشرة رضعة و هو الأقوی، أو رضاع یوم و لیلة، أو ما أنبت اللحم و سد العظم إذا لم یتخلل بینهن رضاع امرأة أخری. و حد الرضعة ما یروی الصبی دون المصة.

و قال الشافعی و أحمد: لا یحرم الا خمس رضعات مفترقات و دونها لا یحرم. و قال أهل الظاهر: أقله ثلاث رضعات. و قال مالک و الأوزاعی و أبو حنیفة و أصحابه:

الرضعة الواحدة و المصة حتی لو کان قطرة تنشر الحرمة.

و المعتمد أنه ان حصل الرضاع الذی ینبت اللحم و یشد العظم نشر الحرمة و المرجع فیه الی أهل العرف، و کذا ان حصل الرضاع یوما و لیلة، بشرط ان لا یمنعه من الرضاع مانع من مرض أو غیره. و لا بد أن یحصل مسمی الرضاع، ففی هذین القسمین یحصل نشر الحرمة من غیر خلاف بین أصحابنا.

و انما الخلاف فی العدد، و المعتمد الانتشار بعشر رضعات، و هو مذهب المفید و السید المرتضی و ابن البراج و ابن حمزة و ابن أبی عقیل، و اختاره العلامة فی المختلف، و ابن فهد فی کتابیه، لأنه أحوط، و علیه روایات کثیرة، و اشتراط الخمس عشرة مذهب الشیخ، و اختاره نجم الدین، و العلامة فی أکثر کتبه.

و أما تقدیر الرضعة، فالمرجع فیها الی العرف، کما هو مذهب الشافعی، و هو مذهب الشیخ فی غیر هذا الکتاب، و اختاره نجم الدین و العلامة، لأن کل لفظ أطلقه الشارع و لم یقدر له حد أرجع فیه الی العرف، و مذهب الشیخ هنا التقدیر بما یروی

ص:109


1- (1) فی الأصل: أبی سلیمان.

الصبی، و اختاره فخر الدین، فعلی هذا یعلم ریه بأن یصدر من نفسه.

مسألة - 4 - قال الشیخ: الرضاع انما ینشر الحرمة

إذا کان المولود صغیرا أما إذا کان کبیرا فلا ینشر و ان رضع المدة الطویلة، و هو قول جمیع الفقهاء. و قالت عائشة: رضاع الکبیر ینشر کما ینشر رضاع الصغیر، و به قالت أهل الظاهر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و الصغیر هو ما نقص عن الحولین.

مسألة - 5 - قال الشیخ: القدر المعتبر فی الرضاع المحرم

ینبغی أن یقع کله فی الحولین، فان وقع بعضه خارجا عن الحولین لم ینشر الحرمة، و به قال الشافعی و أبو یوسف و محمد. و عن مالک روایات، المشهور منها حولان و شهر و قال أبو حنیفة: المدة حولان و نصف. و قال زفر ثلاثة أحوال.

و المعتمد قول الشیخ، لقوله تعالی «حَوْلَیْنِ کامِلَیْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ یُتِمَّ الرَّضاعَةَ» (1) و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: لا فرق بین أن یکون المرتضع

مفتقرا الی الرضاع أو مستغنیا عنه، و به قال الشافعی.

و قال مالک: ان کان مفتقرا نشر الحرمة، و ان کان مستغنیا لم ینشر.

و المعتمد متی حصل الرضاع بشرائطه نشر الحرمة، سواء افتقر الیه أو استغنی عنه.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا وجر اللبن فی جوفه

، و هو أن یصب فی حلقه صبا لم ینشر، و به قال عطاء و داود. و قال باقی الفقهاء: ینشر.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا سعط فی اللبن حتی یصل الی دماغه

لم ینشر

ص:110


1- (1) سورة البقرة: 233.

الحرمة، و به قال عطاء و داود. و قال جمیع الفقهاء: ینشر.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا حقن باللبن لم ینشر الحرمة.

و للشافعی قولان: أحدهما لا ینتشر، و هو الصحیح عندهم، و به قال أبو حنیفة و الآخر ینشر، و به قال محمد، و اختاره المزنی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا شیب اللبن بغیره ثم سقی المولود

، لم ینشر الحرمة، غالبا کان اللبن أو مغلوبا، و سواء شیب بجامد کالدقیق و السویق و الأرز و شبهه، أو بمائع کاللبن و الخل و الماء، مستهلکا أو غیر مستهلک.

و قال الشافعی: ینشر الحرمة، و إذا کان مستهلکا بالماء فإنما ینشر الحرمة إذا تحققنا وصول اللبن الی جوفه، مثل أن یحلب فی قدح و یصب علیه ماء حتی یستهلکه، فان شرب کل الماء نشر الحرمة، لأنا تحققنا وصول اللبن الی جوفه.

و ان شرب بعض الماء لم ینشر الحرمة، لأنا لم یتحقق وصول الماء الی جوفه.

و قال أبو حنیفة: ان شیب بجامد لم ینشر، و ان شیب بمائع فإن کان غالبا نشر، و ان کان مغلوبا لم ینشر.

و قال أبو یوسف و محمد: الغالب ینشر و المغلوب لا ینشر، و لا فرق بین المائع و الجامد، و لو شیب لبن امرأة بلبن امرأة أخری و شربه مولود، قال أبو حنیفة هو ابن التی غلب لبنها. و قال محمد: هو ابنهما. و قال أبو یوسف کقول أبی حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا جمد أو أغلی لم ینشر الحرمة،

و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: ینشر.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:111

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا ارتضع مولود من لبن بهیمة

شاة أو بقرة أو غیرها، لم یتعلق به تحریم بحال، و به قال جمیع الفقهاء، و حکی عن بعض السلف أنه یتعلق به التحریم، فیصیران أخوین من الرضاعة.

مسألة - 13 - قال الشیخ: لبن المیتة لا ینشر الحرمة

، و لو ارتضع أکثر الرضعات حال الحیاة و تمامها بعد الوفاة لم ینشر الحرمة، و به قال الشافعی.

و قال مالک و أبو حنیفة و أصحابه: لبنها بعد وفاتها کلبنها فی حیاتها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا کان له زوجة مرضعة

، فأرضعتها من تحرم علیه نبتها، انفسخ النکاح بلا خلاف، و لم یلزمه شیء من المهر إذا لم یکن بأمره.

و قال الشافعی: یلزمه نصف المهر قیاسا علی المطلقة، و هذا هو المشهور عند أصحابنا، و یرجع به علی المرضعة ان قصدت الفسخ، و ان لم یقصده هل یرجع علیها؟ ظاهر نجم الدین عدم الرجوع، و ظاهر العلامة عدم اشتراط قصد الفسخ بل یرجع علیها، سواء قصد به أو لم یقصد، لان ضمان المبلعات لم یفتقر الی القصد، و اختاره فخر الدین، و هو مذهب الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان قصدت الفسخ ضمنت، و ان لم یقصد لم یضمن. و قال مالک: لا یضمن، سواء قصدت أو لم یقصد، و هو اختیار الشیخ هنا.

مسألة - 15 - قال الشیخ: قد بینا أنه لا یلزم المرضعة ضمان

، و من قال یلزمها اختلفوا، فقال الشافعی: یلزمها نصف مهر مثلها لا نصف المسمی.

و قال أبو حنیفة: یلزمها نصف المهر، و هو المعتمد، إلا إذا سعت الصغیرة و ارتضعت من الکبیرة بغیر شعورها فان المهر یسقط، و لا یلزم الزوج و لا المرضعة شیء، نص علیه العلامة فی القواعد(1).

ص:112


1- (1) قواعد الأحکام 11/2.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا کان له زوجة کبیرة لها لبن من غیره

، و له ثلاث زوجات صغار لهن دون الحولین، فارضعتهن واحدة بعد واحدة، فإذا أرضعت الاولی الرضاع المحرم انفسخ نکاحها و نکاح الکبیرة، فإذا أرضعت الثانیة، فإن کان دخل بالکبیرة انفسخ نکاح الثانیة، و ان لم یدخل بها فنکاحه بحاله، لأنها بنت من لم یدخل بها، فإذا أرضعت بعد ذلک الثالثة صارت الثالثة أخت الثانیة من الرضاع، فانفسخ نکاحها و نکاح الثانیة، و به قال أبو حنیفة و الشافعی فی القدیم.

و قال فی الأم: ینفسخ نکاح الثالثة وحدها، لان نکاح الثانیة کان صحیحا بحاله و انما تم الجمع بینها و بین الثالثة بفعل الثالثة، فوجب أن ینفسخ نکاحها.

و المعتمد الأول، لأن عند تمام رضاعها صارتا أختین، فانفسخ نکاحهما.

مسألة - 17 - قال الشیخ: لا تقبل شهادة النساء عندنا فی الرضاع بحال.

و قال ابن أبی لیلی: لا تقبل شهادتهن منفردات إلا فی الولادة.

و قال الشافعی تقبل شهادتهن منفردات فی أربع مواضع: الولادة و الاستهلال و الرضاع و العیوب تحت الثیاب، و به قال مالک و الأوزاعی، و هو المعتمد.

و الشیخ منع هنا من قبول شهادتهن فی الرضاع منفردات و منضمات، و المشهور القبول مطلقا منفردات و منضمات، و هو اختیار المفید و سلار و ابن حمزة و ابن أبی عقیل و نجم الدین و الشهید و العلامة و فخر الدین.

مسألة - 18 - قال الشیخ: قد قلنا ان شهادة النساء لا تقبل فی الرضاع

لا منفردات و لا منضمات، و انما تقبل منفردات فی الوصیة و الولادة و العیوب الباطنة و الاستهلال و یحتاج إلی أربع منهن، و به قال الشافعی فی الموضع الذی تقبل شهادتهن منفردات.

و قال مالک: تقبل شهادة اثنتین. و قال الزهری و الأوزاعی: یثبت شهادة امرأة واحدة. و قال أبو حنیفة: کلما یثبت بالنساء علی الانفراد یثبت بواحدة.

و المعتمد قول الشیخ إلا فی المنع من قبولها فی الرضاع، فقد تقدم أنها مقبولة

ص:113

فیه، و الوصیة تثبت بکل امرأة ربعها، کما هو مشهور.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا قال الرجل لمن هو أکبر منه سنا أو مثله:

هذا ابنی من الرضاع، أو قالت المرأة ذلک، سقط قولهما و لا یقبل إقرارهما، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یقبل لانه یقول لو قال لمن هو أکبر منه سنا هذا ابنی و کان عبده عتق علیه.

و المعتمد قول الشیخ، لانه معلوم کذبه، و إذا علم الکذب لم یقبل القول.

مسألة - 20 - قال الشیخ: لو در لبن امرأة من غیر ولادة

، فأرضعت صبیا صغیرا لم ینشر الحرمة، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

ص:114

کتاب النفقات

مسألة - 1 - قال الشیخ: یجوز للرجل أن یتزوج أربعا

بلا خلاف، و الاستحباب أنه لا یزید علی من یعلم أنه یقوم بها.

و قال جمیع الفقهاء: المستحب الاقتصار علی واحدة. و قال داود: الأفضل عدم الاقتصار علی الواحدة.

و المعتمد کلام الشیخ.

مسألة - 2 - قال الشیخ: من وجب إخدامها من الزوجات

لا یجب علیه أکثر من خادم واحد، و به قال الشافعی.

و قال مالک: علی الزوج أن یخدمها من العدد بقدر حالها أو مالها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: نفقة الزوجات مقدرة

، و هی مد قدره رطلان و ربع.

و قال الشافعی: نفقتهن علی ثلاثة أقسام الاعتبار بالزوج، فان کان موسرا فمدان، و ان کان متوسطا فمد و نصف، و ان کان معسرا فمد واحد. و المد عنده رطل و ثلث.

و قال مالک: نفقة الزوجة غیر مقدرة، بل علیه الکفایة و الاعتبار بها لا به. و قال

ص:115

أبو حنیفة: غیر مقدرة و الاعتبار قدر کفایتها کنفقة الأقارب، و الاعتبار بها لا به.

و المعتمد أنها غیر مقدرة، بل الاعتبار قدر الکفایة، و هو مذهب ابن إدریس و من تأخر عنه من أصحابنا.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا کان الزوج کبیرا و الزوجة صغیرة

لا یجامع مثلها فلا نفقة لها، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و أحد قولی الشافعی الصحیح عندهم، و الثانی لها النفقة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا کانا صغیرین فلا نفقة لها

، و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا أحرمت بغیر اذنه

، فان کان فی حجة الإسلام لم تسقط نفقتها، و ان کان تطوعا سقطت. و قال الشافعی: تسقط نفقتها فی الواجب و الندب.

و المعتمد عدم سقوطها فی الواجب، سواء کانت حجة الإسلام أو غیرها، و إذا أحرمت بإذنه لم تسقط نفقتها، سواء أحرم معها أو أحرمت وحدها. و للشافعی قولان.

فی إحرامها وحدها: أحدهما تسقط، و الآخر لا تسقط.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا اعتکفت باذنه وحدها

لم تسقط نفقتها. و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا صامت تطوعا

، فان طالبها بالإفطار فامتنعت کانت ناشزا تسقط نفقتها.

و للشافعی قولان: أحدهما تسقط، و الآخر لا تسقط، لأنها لم یخرج عن قبضه.

ص:116

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا نشزت سقطت نفقتها

، و به قال جماعة الفقهاء.

و قال الحکم: لا تسقط.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا اختلف الزوجان

بعد أن سلمت نفسها فی قبض المهر و النفقة، روی أصحابنا أن القول قول الزوج و علیها البینة، و به قال مالک.

و قال أبو حنیفة و الشافعی: القول قول الزوج مع یمینها، و هذا هو المعتمد.

و کذا لو ادعی النشوز کان القول قولها، و هو فتوی القواعد. أما لو أنکر التمکین قبل تسلیمها نفسها، کان القول قوله. و کذا لو ثبت النشوز ثم ادعت العود إلی الطاعة، قال: القول قوله.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا ارتدت الزوجة

سقطت النفقة و وقف النکاح علی انقضاء العدة، فإن عادت فی زمان العدة وجب لها النفقة فی المستقبل دون ما مضی من زمان الردة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو الصحیح عندهم، و الآخر لها النفقة فی زمان الردة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا کانا و ثنیین أو مجوسیین

، ثم سلم إلیها نفقة شهر مثلا، ثم أسلم الزوج وقف النکاح علی انقضاء العدة، فإن أسلمت کانت زوجته و ان لم تسلم حتی خرجت العدة بانت منه، و کان له مطالبتها بالنفقة التی سلمها إلیها و کذا لو أسلمت فی آخر العدة، کان له مطالبتها فی نفقة ما بین زمان إسلامه و إسلامها.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو المذهب. و الآخر لیس له استرجاع شیء منها.

ص:117

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا أعسر الرجل فلم یقدر علی نفقة زوجته

، لم یکن لها الفسخ و تصبر حتی تیسر، و به قال أهل الکوفة و أبو حنیفة و أبو یوسف و محمد.

و قال الشافعی: یتخیر بین الصبر الی الیسار و بین الفسخ، فیفسخ الحاکم بینهما. و کذا لو أعسر بالصداق قبل الدخول بالعسر عنده عیب یثبت به خیار الفسخ و به قال مالک.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 14 - قال الشیخ: المطلقة البائن و المختلعة لا سکنی لها

، و به قال ابن حنبل و إسحاق، و قال باقی الفقهاء: لها السکنی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 15 - قال الشیخ: لا نفقة للبائن

، و به قال مالک و الشافعی. و قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه: لها النفقة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: البائن إذا کانت حاملا

، کان لها النفقة بلا خلاف و ینبغی أن یعطی نفقة یوم فیوم.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو أصحهما عندهم، و الآخر لا یعطی حتی یضع.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 17 - قال الشیخ: یجب علی الوالد نفقة الولد ان کان موسرا

، فان لم یکن أو کان و هو معسر فعلی جده، و ان لم یکن أو کان و هو معسر فعلی أبی الجد و علی هذا أبدا، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: لا یجب علی الجد، و انما یجب علی الأب لا غیر.

ص:118

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا لم یکن أب و لا جد

، أو کانا و هما معسران، فنفقته علی امه، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: النفقة لا یجب علی الام، لقوله تعالی «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَکُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (1) فکان الخطاب منصرفا إلی الإباء. و قال أبو یوسف و محمد: علیها أن تنفق لکن تتحملها عن الأب، فإذا أیسر بها رجعت علیه بما أنفقت علیه.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا اجتمع جد أبو أب و ان علا و أم

، کانت النفقة علی الجد دون الام و به قال أبو یوسف و محمد و الشافعی.

و قال أبو حنیفة: النفقة علیهما، علی الام الثلث و علی الجد الثلثان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا اجتمع أم الأم و أم الأب

، أو أبو أم و أم أب فهما سواء، لأنهما تساویا فی الدرجة.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی أم الأب أولی، لأنها تدلی بعصبة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 21 - قال الشیخ: تجب النفقة علی الأب و الجد معا

، و به قال الشافعی و أبو حنیفة. و قال مالک: لا تجب النفقة علی الجد، کما لا تجب علیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 22 - قال الشیخ: تجب النفقة علی الام و أمهاتها و ان علون

، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: لا تجب النفقة علی الام و لا أمهاتها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

ص:119


1- (1) سورة الطلاق: 6.

مسألة - 23 - قال الشیخ: الوالد إذا کان کامل الاحکام

، مثل أن یکون عاقلا کامل الخلقة، بأن لا یکون زمنا الا أنه فقیر محتاج، وجب علی ولده الإنفاق علیه.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یجب الإنفاق علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 24 - قال الشیخ: الولد إذا کان کامل الاحکام و الخلقة و کان معسرا،

وجب علی والده أن ینفق علیه.

و للشافعی طریقان: أحدهما ان المسألة علی قولین کالأب، و منهم من قال:

لیس علیه أن ینفق علیه قولا واحدا، لأن حرمة الأب أقوی، لأن الولد یقاد للأب، و لا یقاد الأب بالولد.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا کان أبواه معسرین

و لا یفضل عن نفقة نفسه إلا نفقة أحدهما کان بینهما بالسویة.

و للشافعی ثلاثة أوجه: أحدها مثل قولنا، و الثانی الأب أولی لأن له تعصیبا، و الثالث الأم أولی لأن لها الحضانة.

و المعتمد قول الشیخ. و کذا لو شارکهما الأولاد، فلو لم ینتفع به مع المشارکة أقرع بینهما أو بینهم.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا کان له ابن مراهق

کامل الخلقة ناقص الاحکام، و أب کامل الاحکام ناقص الخلقة، و معه ما یفضل لنفقة أحدهما فهما سواء.

و للشافعی وجهان: أحدهما الابن أولی، لأن نفقته ثبتت بالنص و نفقة الأب بالاجتهاد، و الثانی الأب أولی، لأن حرمته أعظم من حرمة الابن.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا کان له أب و أب أب معسرین

، أو ابن و ابن

ص:120

ابن معسرین، و معه ما یکفی أحدهما، أنفق علی الأب دون الجد، و علی الابن دون ابن الابن. و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر هو بینهما.

و المعتمد قول الشیخ، لأن الأب أقرب من الجد، و الابن أقرب من ابنه.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا کان معسرا و له أب و ابن موسرین

، کانت نفقته علیهما بالسویة. و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر نفقته علی أبیه دون ابنه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 29 - قال الشیخ: اختلف الناس فی وجوب نفقة الغیر علی الغیر

بحق النسب علی أربعة مذاهب، فأضعفهم قول مالک، فإنه قال: یقف علی الوالد و الولد، فان لکل منهما النفقة علی صاحبه و لا یتجاوزهما.

و یلیه قول الشافعی فإنه قال: یقف علی العمودین الإباء و ان علوا و الأولاد و ان سفلوا الذکور و الإناث و لم یتجاوز العمودین، و یلیه مذهب أبی حنیفة، فإنه أوجبها علی کل ذی رحم محرم بالنسب، فأوجبها للعمودین و للاخوة و أولادهم و ان نزلوا و الأعمام و الأخوال دون أولادهم، و بالجملة لکل من یحرم نکاحه. و الرابع مذهب عمر بن الخطاب، فإنه أوجبها لکل من یعرف بقرابته، سواء حرم نکاحه أولا.

قال الشیخ: و الذی یقتضیه مذهبنا ما قاله الشافعی، و هو المعتمد.

مسألة - 30 - قال الشیخ: إذا وجبت النفقة علی الرجل

أما نفقة یوم فیوم أو ما زاد علیه للزوجة أو غیرها من ذوی النسب و امتنع من إعطائه، ألزمه الحاکم إعطائه، فان لم یفعل حبسه، فان لم یفعل و وجد له من جنس ما علیه أعطاه، و ان کان من غیر جنسه باع علیه و أنفق علی من یجب نفقته، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان وجد له من جنس ما علیه أعطاه، و الا حبسه حتی یتولی

ص:121

هو البیع، و لا یبیع علیه الا الذهب و الورق، فإنه یبیع کل منهما بالآخر و یوفی ما علیه، و أجاز فی نفقة الزوجة إذا کان زوجها غائبا و حضرت عند الحاکم و طالبت بنفقتها و حضر أجنبی فاعترف أن للغائب ملکا و هذه زوجته، فإنه یأمره الحاکم ببیعه و أنفقه علیها و لم یجز فی غیر ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة علی أن کل من علیه حق فامتنع فإنه یباع علیه ملکه و هو عام.

مسألة - 31 - قال الشیخ: لیس للرجل أن یجبر زوجته علی الرضاع

لولدها منه، شریفة کانت أو مشروفة، میسرة أو معسرة، دنیة کانت أو نبیلة، و به قال الشافعی و أبو حنیفة.

و قال مالک: له إجبارها إذا کانت معسرة دنیة، و لیس له ذلک إذا کانت شریفة موسرة. و قال أبو ثور: له إجبارها علی کل حال، لقوله تعالی «وَ الْوالِداتُ یُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ» (1) و هذا خبر معناه الأمر.

و المشهور قول الشیخ. و قال العلامة فی القواعد: و تجبر علی إرضاع اللبأ لان الولد لا یعیش بدونه و لها الأجرة عنه.

مسألة - 32 - قال الشیخ: البائن إذا کان لها ولد یرضع

و وجد الزوج من یرضعه تطوعا و قالت الأم أرید أجرة المثل، کان له نقل الولد عنها، و به قال أبو حنیفة و قوم من أصحاب الشافعی، و من أصحابه من قال: المسألة علی قولین:

أحدهما مثل قولنا، و الآخر لیس له نقله عنها و یلزمه أجرة المثل و هو اختیار أبی حامد.

و المعتمد قول الشیخ، و لا فرق بین المطلقة و غیر المطلق و لا بین کون الطلاق بائنا أو رجعیا، فان مع وجود المتبرعة له انتزاعه من الام علی کل حال ما لم ینزع

ص:122


1- (1) سورة البقرة: 233.

فلا یجوز حینئذ الانتزاع، و انما ینتزعه مع عدم تنزع الام، لقوله تعالی «وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْری» (1) و هذه طلبت الأجرة مع وجود متبرعة فقد تعاسرا.

مسألة - 33 - قال الشیخ: البنت إذا کانت بالغة رشیدة

یکره لها أن تفارق أمها حتی تتزوج و لا یجب علیها، و به قال الشافعی.

و قال مالک: یجب علیها أن لا تفارق أمها حتی تتزوج و یدخل بها.

و المعتمد قول الشیخ، لان البالغ الرشید أمره الی نفسه لأولیائه لأحد علیه.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا بانت المرأة من الرجل و بینهما ولد

، فان کان طفلا لا یمیز فهی أحق به بلا خلاف، و ان کان طفلا یمیز و هو إذا بلغ سبع سنین أو ثمان سنین فما فوقها الی حد البلوغ، فان کان ذکرا فالأب أحق به، و ان کان أنثی فالأم أحق بها ما لم تتزوج، فان تزوجت فالأب أحق بها.

و وافقنا أبو حنیفة فی الجاریة، و قال فی الغلام: الأم أحق به حتی یبلغ حدا یأکل و یشرب و یلبس لنفسه، فیکون أبوه أحق به. و قال الشافعی یخیر بین أبویه فإذا اختار أحدهما سلم الیه و قال مالک: ان کان جاریة فهی أحق بها حتی یبلغ و تتزوج و تدخل بها الزوج، و ان کان ذکرا فهو أحق به حتی یبلغ.

و المعتمد أن الأم أحق بالذکر مدة الرضاع، و بالأنثی إلی سبع سنین ما لم تتزوج الأم أو البنت، و هو اختیار الشیخ فی النهایة و ابن البراج فی الکامل، و ابن حمزة، و ابن إدریس، و نجم الدین، و العلامة.

مسألة - 35 - قال الشیخ: الموضع الذی قلنا الأب أحق بالولد

و الام أحق به، لانه یختلف الحال بین أن یکون مقیما أو مسافرا فالأمر علی ذلک.

و قال الشافعی: ان کانت المسافة تقصر فیها الصلاة فالأب أحق علی کل حال و ان لم یقصر فیها الصلاة فهی کالإقامة. و قال أبو حنیفة: ان کان المتنقل الأب

ص:123


1- (1) سورة الطلاق: 6.

فالأم أحق، و ان کانت الام متنقلة، فان انتقلت من قریة إلی قریة فهی أحق به، و ان انتقلت من بلد إلی قریة فالأب أحق به، لأن فی السواد یسقط تعلیمه و تخریجه.

و لو قیل: المقیم أحق من المسافر لکان وجها لأن الحضانة إرفاق فی حق الصبی و السفر مشتمل علی المشاق، فلا یحصل معه الإرفاق، فإذا عاد المسافر عاد حقه.

مسألة - 36 - قال الشیخ: إذا تزوجت الام سقط حقها من الحضانة

، و به قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی. و قال الحسن البصری: لا یسقط.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 37 - قال الشیخ: إذا طلقها زوجها عاد حقها من الحضانة

، و به قال الشافعی و أبو حنیفة. و قال مالک: لا یعود، لانه قد سقط بالتزویج.

و المعتمد قول الشیخ، و هو المشهور عند أصحابنا، إلا ابن إدریس فإنه اختار مذهب مالک.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا طلقها طلقة رجعیة لم یعد حقها

، و ان طلقها بائنا عاد، و به قال أبو حنیفة و المزنی. و قال الشافعی: یعود علی کل حال.

و المعتمد قول الشیخ، فان خرجت عدة الرجعیة و لم یرجع استحقت الحضانة.

مسألة - 39 - قال الشیخ: الأخت للأب أولی بالحضانة من الأخت للأم،

و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: الأخت من الأم أولی، و به قال المزنی و أبو العباس بن سریج.

و صاحب القواعد(1) حکم بأولویة الأخت من الأبوین، و لم یذکر الأخت من الأب خاصة. و فی التحریر(2) حکی کلام الشیخ ساکتا علیه. و قال فی المختلف:

ص:124


1- (1) قواعد الاحکام 51/2.
2- (2) تحریر الاحکام 43/2.

و نحن فی هذه المسألة من المتوقفین(1) ، و ابن إدریس منع من حضانة غیر الأبوین و الجد للأب خاصة، و کلام الشیخ هنا لا بأس به، لکثرة نصیبها و التوقف من جهة التساوی فی الدرج.

مسألة - 40 - قال الشیخ: الجدات أولی بالولد من الأخوات.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر الأخوات أولی.

قال الشیخ: دلیلنا ما ثبت من أن الأم أولی، و اسم الام یقع علی الجدة.

مسألة - 41 - قال الشیخ: لأبی الأم و أم أبی الأم حضانة.

و قال الشافعی:

لا حضانة لهما و هما بمنزلة الأجنبی.

قال الشیخ: دلیلنا أن اسم الأب یتناولهما، فقد دخلا فی ظاهر الاخبار.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا لم یکن أم و هناک أم أم

، أو جدة أم و هناک أب فالأب أولی. و قال الشافعی: أم الأم و جداتها أولی من الأب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا کان مع الأب أخت من أم

أو خالة أسقطهما.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر أنهما یسقطانه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 44 - قال الشیخ: العمة و الخالة إذا اجتمعتا تساوتا

و أقرع بینهما.

و قال الشافعی: الخالة أولی قولا واحدا.

و اختار العلامة فی التحریر(2) قول الشیخ جزما، و فی القواعد(3) علی اشکال من احتمال ترجیح العمة، لکثرة نصیبها و من تساویهما فی الدرج.

ص:125


1- (1) مختلف الشیعة ص 27 کتاب النکاح.
2- (2) تحریر الاحکام 44/2.
3- (3) قواعد الأحکام 52/2.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا اجتمع جد و خال و أخت لأم

فالجد أولی.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی یسقط الجد بهما.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 46 - قال الشیخ: أم أب وجد متساویان.

و قال الشافعی: یسقط الجد بأم الأب.

احتج الشیخ بأنهما متساویان فی الدرج، فیتساویان فی الحضانة.

مسألة - 47 - قال الشیخ: أخت أب وجد متساویان.

و للشافعی وجهان:

أحدهما الجد أولی، و الثانی الأخت أولی.

احتج الشیخ بتساویهما بالدرج.

مسألة - 48 - قال الشیخ: العم و ابن العم و ابن عم الأب و العصبة

یقومون مقام الأب فی باب الحضانة. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا حضانة لأحد من الذکور غیر الأب و الجد.

احتج الشیخ بآیة اولی الأرحام، و لا بأس به.

مسألة - 49 - قال الشیخ: لا حضانة لأحد من العصبة مع الام.

و للشافعی قولان:

أحدهما مثل قولنا، و الثانی أنهم یقومون مقام الأب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا اجتمع مع العصبة ذکر من ذوی الأرحام

، کالأخ للأم و الخال و الجد أب الأم، کان الأقرب أولی. و قال الشافعی: لا حضانة لهم بوجه.

احتج الشیخ بآیة أولی الأرحام.

مسألة - 51 - قال الشیخ: إذا مرض المملوک مرضا یرجی زواله

، فعلی المالک نفقته بلا خلاف. فأما إذا زمن أو عمی أو أقعد، فعند أصحابنا یصیر حرا

ص:126

و لا یلزم مولاه نفقته، لانه لیس بعبده.

و قال جمیع الفقهاء: یلزمه نفقته، و لا یزول ملکه فهو کالصغیر سواء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 52 - قال الشیخ: لا یجب بالعقد الا المهر

، أما النفقة فإنها تجب یوما فیوما فی مقابلة التمکین و الاستمتاع، و هو الظاهر من کلام أبی حنیفة، و به قال الشافعی فی الجدید، و قال فی القدیم: یجب مع المهر فی العقد، و یجب تسلیمها یوما فیوما فی مقابلة التمکین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 53 - قال الشیخ: إذا ثبت ما قلنا من أنها تجب نفقة یوم بیوم

، فان استوفت نفقة هذا الیوم فلا کلام، و ان لم تستوف استقرت فی ذمته، و علی هذا أبدا، هذا إذا کانت ممکنة من الاستمتاع، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: تسقط نفقتها مع عدم الاستیفاء، کما تسقط نفقة الأقارب کل یوم مضی لم تستوف نفقته سقطت بمضی الیوم الا أن یفترض القاضی علیه، فیستقر حینئذ و یجب علیه الوفاء.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 54 - قال الشیخ: إذا تزوج الرجل امة فأحبلها ثم ملکها

، کان الولد حرا علی کل حال و کانت أم ولده.

و قال الشافعی: إذا ملکها، فان کانت حاملا عتق ولدها و لا یصیر أم ولد، و ان ملکها بعد الوضع لا یصیر أم ولد، سواء ملکها وحدها أو مع الولد.

و قال أبو حنیفة: إذا علقت منه ثبت لها حرمة الحریة بذلک العلوق، فإذا ملکها صارت أم ولد تعتق بموته، سواء ملکها قبل الوضع أو بعده.

و قال: ان ملکها بعد الوضع مثل قول الشافعی.

ص:127

و المعتمد أنها لا یصیر أم ولد إلا إذا علقت منه و ملکه أما الولد فهو حر ما لم یشترط مولاها رقبته فی عقد النکاح.

مسألة - 55 - قال الشیخ: إذا أسلف زوجته نفقة شهر ثم مات

أو طلقها بائنا فلها نفقة یومها، و علیها رد ما زاد علی الیوم، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: إذا مات بعد الإقباض لم یرد شیئا، و ان کان بعد أن حکمه الحاکم و قبل الإقباض سقطت بالموت و یتصور الخلاف معه إذا بانت بالموت أما بالطلاق فلا، لأن المبتوتة لها النفقة عنده.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:128

کتاب الجنایات

مسألة - 1 - قال الشیخ: یقتل الحر بالحرة

، و إذا رد أولیاؤها فاضل الدیة و هو خمسة آلاف درهم، و به قال عطاء الا أنه قال: ستة آلاف. و قال جمیع الفقهاء:

یقتل بها و لا یرد أولیاؤها شیئا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 2 - قال الشیخ: لا یقتل مسلم بکافر

، سواء کان معاهدا أو مستأمنا أو حربیا، و به قال مالک و الشافعی و أحمد.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: یقتل بالذمی، و لا یقتل بالمستأمن و لا بالحربی، لان المستأمن عند أبی حنیفة کالحربی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا قتل کافر کافرا ثم أسلم القاتل

لم یقتل بالکافر، و به قال الأوزاعی. و قال جمیع الفقهاء: یقتل به.

و المعتمد قول الشیخ، و یلزم الدیة ان کان المقتول ذا دیة، و الا فلا شیء علیه.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا قتل الحر عبدا لا یقتل به

، سواء کان عبد نفسه أو عبد

ص:129


1- (1) تهذیب الاحکام 188/10.

غیره و علیه قیمته، و به قال الشافعی. و قال النخعی: أقتله به سواء کان عبده أو عبد غیره. و قال أبو حنیفة: یقتل غیره و لا یقتل بعبد نفسه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا جنی العبد تعلق أرش الجنایة برقبته

، فإذا أراد السید أن یفدیه، کان بالخیار بین أن یسلمه برمته، و بین أن یفدیه بأرش جنایته.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یفدیه بأقل الأمرین من قیمته و أرش جنایته، و هذا هو المشهور عند أصحابنا، و هو المعتمد.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا قتل عبدا عشرة أعبد

، فأراد سیده أن یقتلهم، کان له ذلک إذا رد ما فضل عن قیمة عبده. و قال الشافعی: له قتلهم و لا یرد شیئا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا اختار قتل خمسة و عفی عن خمسة

، کان علیه أن یرد علی موالی الخمسة الذین قتلهم ما فضل عن نصف قیمة عبده، و لیس له علی الذین عفا عنهم شیء.

و قال الشافعی: لا یرد علی موالی الذین قتلهم شیئا، و له علی موالی الذین عفا عنهم نصف الدیة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 8 - قال الشیخ: دیة العبد قیمته

ما لم یتجاوز دیة الحر فیرد إلیها، و به قال أبو حنیفة و محمد، الا أنه قال: الا عشرة دراهم من دیة الحر. و قال الشافعی:

قیمته بالغا ما بلغت، و به قال مالک و الثوری و أبو یوسف و أحمد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 9 - قال الشیخ: لا یقتل الوالد بولده

، سواء قتله حذفا بالسیف أو

ص:130


1- (1) تهذیب الاحکام 191/10.

ذبحا أو بأی وجه کان، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری و الشافعی و أحمد.

و قال مالک: ان قتله حذفا بالسیف فلا قود، و ان ذبحه أو شق بطنه فعلیه القود و به قال عثمان البتی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 10 - قال الشیخ: الأم إذا قتلت ولدها قتلت به

، و کذلک أمهاتها و أمهات الأب و ان علون، أما الأجداد فیجرون مجری الأب لا یقادون به لتناول الاسم لهم. و قال الشافعی و باقی الفقهاء: لا یقاد واحد من الأجداد و الجدات و الام و أمهاتها من الطرفین فی الولد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

مسألة - 11 - قال الشیخ: لا یرث الزوجة من القصاص شیئا

و انما یرثه الأولیاء فان قبلوا الدیة کان لها نصیبها من القصاص.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا کان أولیاء المقتول جماعة فعفی أحدهم

، لم یسقط حق الباقین من القصاص، و کان لهم ذلک إذا ردوا بقدر نصیب العافی.

و قال الشافعی و باقی الفقهاء: إذ عفی أحدهم سقط حق الباقین من القصاص و وجب لهم الدیة علی قدر حقوقهم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(3).

مسألة - 13 - قال الشیخ: الأطراف کالانفس

کل نفسین جری بینهما القصاص فی النفس جری بینهما فی الطرف، سواء اتفقا فی الدیة أو اختلفا فیها، کالحرین

ص:131


1- (1) تهذیب الاحکام 236/10.
2- (2) تهذیب الاحکام 237/10.
3- (3) تهذیب الاحکام 176/10.

و الحرتین، و الحر و الحرة، و العبدین و الأمتین، و العبد و الأمة، و الکافرین و الکافرتین و الکافر و الکافرة، و یقطع أیضا الناقص بالکامل، و لا یقطع الکامل بالناقص، و کل شخصین لا یجری بینهما القصاص فی النفس لا یجری فی الطرف، کالحر بالعبد و المسلم و الکافر طردا و عکسا، و به قال الشافعی الا أن عندنا إذا اقتص للحرة من الحر فی الأطراف ردت فاضل الدیة.

و قال أبو حنیفة: الاعتبار فی الأطراف بالتساوی فی الدیات، فان تساویا فی الدیة جری بینهما القصاص فی الأطراف، کالحرین المسلمین و الکافرین و الکافر و المسلم، فإن الدیة عنده واحدة، و الکافرتین و المسلمتین و الکافرة و المسلمة، و ان اختلفا فی الدیة سقط القصاص بینهما فی الأطراف کالرجل و المرأة، و کذا لا یقطع العبد بالحر عنده، لان قیمته قیمة العبد لا یدری کم هی و لا یتفقان أبدا فی الدیة و القیمة، و لا یقطع عبد بعبد، لأن القیمة لا یتفقان فیها حقیقة، و انما هو تقریب، فعنده أن أطراف العبد لا تؤخذ قودا بحال.

و الکلام معه فی فصلین، هل یجری القصاص بین الرجل و المرأة فیما دون النفس؟ و هل یجب القصاص علی العبد فیما دون النفس أم لا؟ و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و اخبارهم.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا قتل جماعة واحدا

قتلوا به بشرطین: أحدهما أن یکون کل واحد منهم مکافئا له، بحیث لو انفرد بقتله قتل، و هو أن لا یکون فیهم مسلم یشارک للکفار فی قتل کافر و لا والد مشارک غیره فی قتل ولده. و الثانی أن یکون جنایة کل واحد لو انفردت حصل بها التلف، و به قال مالک و أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی و أحمد.

الا أن عندنا لا یقتلون بواحد الا مع رد دیة ما زاد عن واحد، و متی أراد أولیاء المقتول قتل واحد منهم، کان لهم ذلک ورد الباقون علی أولیاء المقتول قودا ما

ص:132

زاد علی حصته و لم یعتبر ذلک أحد من الفقهاء.

و قال محمد بن الحسن: القیاس ألا یقتل جماعة بواحد، و لا تقطع أید بید، و لکن ترکنا القیاس فی القتل للأثر، و ترکنا الأمر فی القطع علی القیاس. و ذهبت جماعة منهم ابن سیرین و الزهری الی أن الجماعة لا تقتل بالواحد، و لکن للأولیاء قتل واحد و یأخذون من الباقین حصصهم من الدیة. و ذهبت جماعة منهم ربیعة بن عبد الرحمن و أهل الظاهر الی أن الجماعة لا تقتل بالواحد و لا واحد منهم، و تجب الدیة بالحصة علی عدد الجناة.

و المعتمد قول الشیخ، فان کان المشارک ممن لا یقتل بالمقتول کالأب و الأجنبی فی قتل الولد و الحر و العبد فی قتل العبد، کان للولی قتل الأجنبی و یرد الأب علی ولی الأجنبی بقدر حصته، و للسید قتل العبد و یرد الحر علی مولی المقتول قودا ما قابل دیته.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا ثبت أنه یقتل الجماعة بواحد

، فأولیاء المقتول مخیرون بین العفو عنهم، و بین أن یقتلوا الجمیع و یردوا فاضل الدیة، و بین أن یقتلوا واحدا و یرد الباقون علی أولیاء المقاد ما قابل حصصهم.

و قال الشافعی: أولیاؤه مخیرون بین العفو عنهم و یأخذون من کل واحد قدر نصیبه من الدیة، و بین قتل واحد و یأخذون من الباقین من کل واحد قدر نصیبه من الدیة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا قطع واحد ید إنسان و آخر رجله

و أوضحه الثالث فسری الی نفسه فهم قتله، فإن أراد ولی الدم قتلهم قتلهم، و لیس له أن یقتص منهم ثم یقتلهم. و قال الشافعی: له ذلک.

ص:133


1- (1) تهذیب الاحکام 177/10.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا اجتمع جماعة علی واحد فی جرح یوجب القود

، کقلع العین و قطع الید و نحو ذلک فعلیهم القود، و به قال الشافعی و مالک و أحمد. و قال الثوری و أبو حنیفة: لا تقطع الجماعة بالواحد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا ضربه بمثقل یقصد بمثله القتل غالبا

، کاللت و الدبوس و الخشبة الثقیلة و الحجر فعلیه القود، و کذا إذا قتله بکل ما یقصد به القتل غالبا، مثل أن حرقه أو غرقه، أو غمه حتی تلف، أو هدم علیه بیتا، أو طینه علیه بغیر طعام حتی مات، أو والی علیه بالحنق حتی قتله، ففی هذا کله القود.

و إذا ضربه بعصا خفیفة فقتله، نظرت فان کان نضو الخلقة ضعیف القوة یموت مثله منها فهو عمد، و ان کان قوی الخلقة لم یکن عمدا محضا، و به قال مالک و ابن أبی لیلی و أبو یوسف و محمد و الشافعی.

و قال الشعبی و النخعی: إذا قتله بمثقل أی مثقل کان لا قود علیه، و کذا بجمیع ما ذکرناه، و فصل أبو حنیفة فقال: لا قود إلا إذا قتله بمحدد أو بالنار، أو بمثقل حدید کالعمود و نحوه، و لا قود فیما عداه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا أخذ صغیرا فحبسه ظلما

، فوقع علیه حائط أو قتله سبع أو لسعته حیة أو عقرب فمات کان علیه ضمانه و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: لا ضمان علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و قد سبقت فی کتاب الغصب، و استدل هنا بإجماع الفرقة و أخبارهم، قال: و لو مات حتف أنفه فلا ضمان بلا خلاف.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا طرحه فی النار علی وجه لا یمکنه الخروج

ص:134

فمات، کان علیه القود بلا خلاف، و ان طرحه بحیث یمکنه الخروج فلم یخرج حتی مات، اما أن یکون بالقرب من موضع لیس فیه نار، بأن یکون علی طرف لو تحرک لخرج منها، أو یقول: أنا أقدر علی الخروج لکنی لا أخرج، فأقام حتی مات، لم یکن علیه قود بلا خلاف.

و هل فیه دیة؟ للشافعی قولان: أحدهما فیه الدیة، و الثانی لا دیة، لأنه أعان علی نفسه، و هذا هو الصحیح الذی نذهب الیه، و هو المعتمد، و هو اختیار العلامة فی القواعد(1).

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا ألقاه فی لجة البحر فغرق

، کان علیه القود، سواء کان یحسن السباحة أو لا یحسنها، بلا خلاف بیننا و بین الشافعی. و کذا إذا ألقاه قرب الساحل مکتوفا، و ان کان یحسن السباحة و کان مخلی و علم من حاله أنه أمکنه الخروج و لم یفعل فلا قود، و فی الدیة طریقان، و من أصحابه من قال علی قولین مثل مسألة النار.

و من أصحابه من قال: لا ضمان هاهنا قولا واحدا، و هو الصحیح، و هذا هو المعتمد إذا علم أنه ترک الخروج مع قدرته علیه.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا ألقاه فی لجة البحر

، فقبل وصوله الی الماء ابتلعته سمکة للشافعی فی وجوب القود قولان: أحدهما علیه القود، لأنه أهلکه بنفس الإلقاء، و هو الصحیح. و الثانی لا قود علیه، لان الهلاک حصل بغیره، کما لو رماه من شاهق فاستقبله آخر بسیف فقده نصفین، فان القود علی القاتل بالسیف دون الملقی.

و المعتمد اختیار الشیخ، و هو اختیار العلامة فی القواعد و المختلف(2) ، و قوی

ص:135


1- (1) قواعد الاحکام 279/2.
2- (2) مختلف الشیعة ص 271، کتاب القصاص.

صاحب الشرائع(1) عدم القود، و هو قوی.

مسألة - 23 - قال الشیخ: یدخل قصاص الطرف فی قصاص النفس

، و یدخل دیة الطرف فی دیة النفس، مثل أن یقطع یده ثم یقتله، أو یقلع عینه ثم یقتله، فلیس علیه إلا قتله أو دیة النفس، و لا یجمع بینهما، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یدخل دیة الطرف فی دیة النفس، و لا یدخل قصاص الطرف فی قصاص النفس. و قال أبو سعید الإصطخری: لا یدخل دیة الطرف فی دیة النفس أیضا. و قال أبو حامد: یدخل قصاص الطرف فی قصاص النفس، و یدخل دیته فی دیتها.

و المعتمد أن دیة الطرف یدخل فی دیة النفس بإجماع أصحابنا. أما دخول قصاص الطرف فی قصاص النفس، فقد اختلفوا فیه علی ثلاثة أقوال:

أحدها: الدخول مطلقا، و هو مذهب الشیخ هنا و فی المبسوط(2).

الثانی: عدم الدخول مطلقا، و هو مذهب ابن إدریس.

الثالث: التفصیل، و هو ان فوق ذلک مثل ان قطع یده ثم قتله، فلا یدخل قصاص الطرف فی قصاص النفس، بل یقطع یده ثم یقتله، و ان ضربه ضربة واحدة فقطع یده مثلا و قتله بها، فلیس له الا قتله، و هو اختیار الشیخ فی النهایة(3) ، و اختاره صاحب الشرائع(4) و العلامة فی التحریر، و هو المعتمد.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا قطع مسلم ید مسلم

، ثم ارتد المقطوع، ثم عاد إلی الإسلام قبل السرایة إلی النفس ثم سرت و مات، کان علیه القود. و للشافعی قولان: أحدهما علیه القود، و الآخر لا قود علیه.

ص:136


1- (1) شرائع الإسلام 198/4.
2- (2) المبسوط 22/7.
3- (3) النهایة ص 774.
4- (4) شرائع الإسلام 202/4.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا قطع مسلم ید مسلم

، فارتد المقطوع و ثبت فی الردة مدة یکون فیها سرایة، فلا قود بلا خلاف، ثم أسلم فهل یجب کمال الدیة أم لا؟ للشافعی قولان: أحدهما یجب کمال الدیة و هو الصحیح، و الثانی یجب نصف الدیة، و قال: یجب علی العاقلة الدیة کاملة ان لم یمکث، و ان مکث فعلی قولین.

و المعتمد وجوب القصاص ان کانت الجنایة عمدا، و الدیة کاملة ان کانت خطاء، لأن الإسلام حصل فی الطرفین حال الجنایة و حال استقرارها.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا قطع مسلم ید مسلم

، فارتد و لحق بدار الحرب أو قتل فی حال الردة أو مات لا قصاص علیه.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو اختیار أبی العباس. و الثانی علیه القصاص، و هو المذهب عندهم، و هو اختیار أبی حامد. استدل الشیخ بأن قصاص الطرف داخل فی قصاص النفس، و إذا سقط القصاص فی النفس سقط فی الطرف.

و المعتمد ثبوت القصاص فی الید، و یستوفیه وارثه المسلم، و هو اختیار العلامة و نجم الدین.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا جنی جان علی عبد غیره فی حال الرق

فقطع یده، ثم أعتق فجنی علیه آخران حال الحریة، فقطع أحدهما یده و الآخر رجله فعلی الجانی حال الرق ثلث قیمة العبد حال جنایته ما لم یتجاوز ثلث دیة الحر، فان تجاوزت ردت إلیها.

و للشافعی قولان: أحدهما للسید أقل الأمرین من ثلث الدیة و أرش الجنایة، و الآخر أقل الأمرین من ثلث القیمة و ثلث الدیة مثل ما قلناه، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 28 - قال الشیخ: الامام عندنا لا یأمر بقتل من لا یجب قتله

لانه معصوم

ص:137

و لکن یجوز ذلک فی الأمیر، فمتی أمر غیره بقتل من لا یجب قتله و علم المأمور ذلک، فقتله من غیر کراهیة، فإن القود علی القاتل بلا خلاف، و ان لم یعلم أن قتله واجب الا أنه اعتقد أن الامام لا یأمر بقتل من لا یجب قتله فقتله، قال الشافعی:

لا قود علی القاتل و القود علی الامام.

و الذی یقتضیه مذهبنا أن هذا المأمور ان کان له طریق یعلم أن قتله محرم، فأقدم من غیر مدخل الیه، کان علیه القود، و ان لم یکن من أهل ذلک فلا شیء علیه، و علی الأمر القود.

و المعتمد أنه إذا علم ان المقتول مظلوم، أو علم بفسق الشهود، فإنه لا یعذر و یجب القصاص علی المباشر، أما لو قال ان الخروج من طاعة نائب السلطان فساد و ظننت ذلک مبیحا، فالوجه أنه شبهة یسقط بها القصاص و یثبت الدیة علی المباشر و هو اختیار العلامة فی التحریر، و ظاهر القواعد أن أمر السلطان شبهة یسقط القود و لم یفصل، و هو قوی.

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا أکره الأمیر غیره علی قتل من لا یجب قتله،

فقال له: ان قتلته و الا قتلتک، لم یحل له قتله بلا خلاف، فان خالف و قتل فان القود علی المباشر دون الملجئ، و فرض الفقهاء ذلک فی الإمام المتغلب مثل الخوارج و غیرهم، و الخلاف فی الامام و الأمیر واحد.

و للشافعی قولان: أحدهما یجب علیهما القود، کأنهما باشرا قتله، و به قال زفر قال: فان عفی الأولیاء فعلی کل منهما نصف الدیة و الکفارة. و القول الثانی علی الملجئ وحده القود، و علی المکره نصف الدیة، فان عفی عن الامام فعلیه نصف الدیة، و علی کل منهما الکفارة، فلا یختلف مذهبه أن الدیة علیهما نصفان، و علی کل واحد الکفارة، و أن علی الامام القود، و هل علی المکره القود؟ علی قولین.

و قال أبو حنیفة و محمد: القود علی المکره وحده، و لا ضمان علی المکره

ص:138

فی قود، و لا دیة و لا کفارة. و قال أبو یوسف: لا قود علی المکره و لا علی الامام، أما المکره فلأنه ملجأ، و أما الامام فلانه مباشر القتل.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 30 - قال الشیخ: اختلف روایات أصحابنا فی أن السید إذا أمر غلامه بقتل غیره

، فقتله علی من یجب القود، فرووا فی بعضها أن القود علی السید و فی بعضها أن القود علی العبد و لم یفصلوا.

قال الشیخ: و الوجه فی ذلک أن العبد ان کان ممیزا عاقلا یعلم أن ما أمره به معصیة، کان القود علی العبد، و ان کان صغیرا أو کبیرا لا یمیز و یعتقد أن جمیع ما یأمره سیده واجب علیه، کان القود علی السید، ثم قال: و الأقوی فی نفسی ان کان العبد عالما أنه لا یستحق القتل، أو متمکنا من العلم به فعلیه القود، و ان کان صغیرا أو مجنونا فإنه یسقط القود و تجب الدیة.

و قال الشافعی: ان کان صغیرا لا یعقل أو کبیرا أعجمیا جاهلا یعتقد وجوب طاعة مولاه، و لا یعلم أنه لا طاعة فی معصیة اللّه تعالی، فعلی السید القود، لان العبد ینصرف عن رأیه، فکان بمنزلة السکین و السیف.

قال: و إذا کان العبد بهذه الصفة و هو مملوک غیره، فحکمه حکم عبد نفسه و ان أمره بقتله فقال: اقتلنی فقتله هدر دمه، لانه کالالة فی قتل نفسه.

و ان قال اقتل نفسک أیها العبد فقتل نفسه و کان کبیرا، فلا ضمان علی الأمر، و ان کان صغیرا أو مجنونا کان علی الأمر الضمان، و ان کان المأمور حرا صغیرا أو کبیرا جاهلا فأمره بقتله، فالقود علی الأمر، لأنه کالالة.

و ان قال له: اقتل نفسک، فان کان کبیرا فلا شیء علی الأمر، و ان کان صغیرا لا تمیز، فالقود علی الأمر، و ان کان المأمور کبیرا ممیزا اما بالغا أو مراهقا فأمره بقتل رجل فقتله، فالحکم یتعلق بالمأمور.

ص:139

قال الشیخ: و جملة القول فی هذه المسائل: أن المأمور ان کان عاقلا ممیزا فالضمان علیه، و ان لم یکن عاقلا و لا ممیزا اما لصغره أو لجنونه، فالضمان علی الأمر.

و مراد الشیخ أن هذا جملة مذهب الشافعی، و لیس مذهبا له هنا، لان مذهبه هنا قوله: و یقوی فی نفسی أنه ان کان صغیرا أو مجنونا، فإنه یسقط القود و تجب الدیة، و ان کان ممیزا و هو غیر بالغ، فالدیة علی عاقلته ان کان حرا، و هو اختیار نجم الدین و العلامة.

و اختار ابن إدریس و فخر الدین اختیار الشیخ هنا، و هو إذا کان العبد صغیرا أو مجنونا، فإنه یسقط القود و تجب الدیة. و مذهبه فی المبسوط وجوب القود علی السید، و اختاره العلامة و نجم الدین قال ابن فهد: و اختیار المبسوط(1) أوضح فی الحکم و أقرب الی الأدلة العقلیة، لأن المجنون و غیر الممیز آلة محضة.

و اعلم أن اختیار المبسوط هو مذهب الشافعی، و هو المعتمد.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا جعل السم فی طعام نفسه، ثم قربه الی الغیر

و لم یعلم أنه مسموم فأکله فعلیه القود.

و للشافعی قولان: أحدهما علیه القود، و الثانی لا قود علیه بل الدیة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا جعل السم فی طعام غیره

، و جعله فی بیت ماله فدخل المالک بیته فوجد طعامه فأکله، فعلی الجاعل القود.

و للشافعی قولان: أحدهما لا ضمان علیه قولا واحدا و الثانی حکمه کما لو جعله فی طعام نفسه، و مذهب الشیخ فی المبسوط(2) کمذهبه هنا، و استشکله نجم الدین و العلامة و فخر الدین، و لم یفتوا بشیء.

ص:140


1- (1) المبسوط 43/7.
2- (2) المبسوط 45/7.

و وجه الاشکال منه أنه إذا اجتمع السبب و المباشر کان الضمان علی المباشر، و من أن المباشرة ضعفت بالغرور، و علی احتمال عدم القصاص هل تجب الدیة؟ یحتمل ذلک، و هو ظاهر الشهید فی شرح الإرشاد، و یحتمل العدم لعدم السبب الحقیقی، و الأصل براءة الذمة.

و لا بأس بوجوب الدیة دون القصاص. أما سقوط القصاص، فلحصول الشبهة بمباشرة الأکل. و أما وجوب الدیة، فلوجود السبب مع غرور الأکل.

مسألة - 33 - قال الشیخ: إذا قتل مرتد نصرانیا له ذمة أو عهد

، فان رجع الی الإسلام فإنه لا یقاد به، و ان لم یرجع قید به.

و للشافعی قولان: أحدهما علیه القود، و هو اختیار أبی حامد، سواء رجع الی الإسلام أو لم یرجع.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة فی الإرشاد و التحریر(1) لان الکفر کالملة الواحدة.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا قتل نصرانی مرتدا وجب علیه القود

، و لیس للشافعی فیه نص، و لأصحابه ثلاثة أوجه: أحدها لا قود و لا دیة، و به قال إسحاق، و منهم من قال: علیه القود فان عفی فعلیه الدیة. و قال أبو الطیب بن سلمة: علیه القود فان عفی فلا دیة.

و المعتمد وجوب القود، و الدیة لا تثبت الا صلحا، و ذلک فی کل موضع تجب فیه القود.

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا زنی و هو محصن

، فقد وجب قتله و صار مباح الدم، و علی الامام قتله، فان قتله رجل من المسلمین فلا قود.

و للشافعی قولان: أحدهما و هو المذهب مثل قولنا، و قال بعض أصحابه:

ص:141


1- (1) تحریر الاحکام 248/2.

علیه القود.

و المعتمد لا قود و لا دیة.

مسألة - 36 - قال الشیخ: روی أصحابنا أن من أمسک إنسانا فجاء آخر فقتله

، أن علی القاتل القود و علی الممسک أن یحبس أبدا حتی یموت، و به قال ربیعة.

و قال الشافعی: ان أمسکه متلاعبا مازحا فلا شیء علیه، و إذا أمسکه للقتل أو لیضربه، و لم یعلم أنه یقتله، فقد أثم و علیه التعزیر، و به قال أبو حنیفة و أصحابه.

و قال مالک: ان کان متلاعبا فلا شیء علیه، و ان کان للقتل فعلیهما القود، کما لو اشترکا فی قتله.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الطائفة و أخبارهم.

مسألة - 37 - قال الشیخ: و لو کان معهم ردء ینظر لهم

، فإنه تسمل عینه و لا یجب قتله. و قال أبو حنیفة: یجب علی الردء القتل دون الممسک. و قال مالک:

یجب علی الممسک القتل دون الردء. و قال الشافعی: لا یجب القود الا علی المباشر دون الممسک و الردء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الطائفة و أخبارهم.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا جنی علی عین غیره فنخسها

و قلع حدقته، کان للمجنی علیه أن یقتص منه، لکنه لا یتولی بنفسه، لانه لا یدری کیف یستوفی، فربما فعل أکثر مما یجب بلا خلاف، و له أن یوکل، فإذا و کل کان للوکیل أن یقتص بأی شیء یمکن من ذلک، سواء کان بإصبعه أو بحدیدة، و ان أذهب ضوءها و لم یجن علی العین شیئا، فإنه یبل قطنا و یترک علی الأشفار و یقرب مرآة محمیة إلی عینه، فان الناظر یذوب و یبقی العین صحیحة.

و للشافعی فی الوکیل قولان: أحدهما له أن یقتص بإصبعه، و الآخر لیس له

ص:142

الا بحدیدة، فاما إذا أذهب ضوءها، فله أن یفعل به مثل ما فعل، فان ذهب و الا أمکن ذهاب الضوء بدواء استعمل، فان لم یمکن قرب إلیه حدیدة محمیة حتی یذهب بصره، فان لم یذهب و خیف أن تذهب الحدقة ترک و أخذت الدیة دیة العین لئلا یأخذ أکثر من حقه.

و اختار صاحب القواعد أنه لیس له الاقتصاص إلا بحدیدة معوجة، لأنه أسهل.

و لا بأس به. و ان أذهب الضوء لا غیر یوصل الی المماثلة، سواء کان بحدیدة محمیة أو بغیرها، کما قاله الشافعی و الظاهر أن التوکیل غیر واجب إذا أحسن الاقتصاص بأنه یقتص بنفسه، و لو لم یحسن وجب.

مسألة - 39 - قال الشیخ: روی أصحابنا أن عمد الصبی و المجنون خطأ

و هما سواء، فعلی هذا یسقط القود عنهما، و الدیة علی العاقلة مخففة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر فی قتلهما الدیة مغلظة حاله فی مالهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 40 - قال الشیخ: القتل العمد یوجب القود فقط

، فان اختار الولی القصاص فعل، و ان اختار العفو فعل و سقط حقه من القصاص و لا یثبت له الدیة علی القاتل الا برضاه، و انما یثبت المال علی القاتل إذا اصطلحوا علی مال، قلیلا کان أو کثیرا. أما ثبوت الدیة علیه بغیر رضاه فلا، و به قال أبو حنیفة و مالک.

و للشافعی قولان: أحدهما أن موجب القتل أصلان القود أو الدیة، و هو اختیار أبی حامد. و الثانی موجبه القود فقط، و الولی بالخیار بین أن یقتل أو یعفو فان قتل فلا کلام، و ان عفی علی مال سقط القود، و ثبتت الدیة بدلا عن القود، فعلی القولین معا ثبتت الدیة بالعفو، سواء رضی الجانی أو سخط، و به قال سعید ابن المسیب و عطاء و أحمد و إسحاق.

ص:143

و اختاره من أصحابنا ابن الجنید و ابن أبی عقیل من المتقدمین و العلامة فی موضع من القواعد، و ابن فهد من المتأخرین. قال العلامة فی القواعد: إذا عفی عن القصاص إلی الدیة، فإن بذلها الجانی صح العفو، و هل یلزمه؟ الأقرب ذلک و ان لم یبذل الجانی لم یسقط القصاص.

و قال فی موضع أخر من القواعد: و لو بذل الجانی القود لم یکن للولی سواه، فان طلب الدیة و رضی الجانی صح و لو امتنع لم یجبر(1). و وجه الوجوب أن ذلک یتضمن حفظ النفس، و حفظ النفس واجب، و هو لا یتم الا ببذل المال، و ما لا یتم الواجب الا به، فهو واجب، و هذا حسن، و ان کان المشهور قول الشیخ.

مسألة - 41 - قال الشیخ: الدیة یرثها الأولاد ذکورا و إناثا

، للذکر مثل حظ الأنثیین، و کذا الوالدان، و لا یرث الاخوة و الأخوات من قبل الام منها شیئا، و لا الأخوات من قبل الأب، و انما یرثها بعد الوالدین و الأولاد الاخوة من الأبوین أو الأب أو العمومة، فان لم یکن واحد منهم و کان هناک مولی، فالدیة للإمام.

و الزوج و الزوجة یرثان من الدیة، و کل من یرث الدیة یرث القصاص الا الزوج و الزوجة.

و قال الشافعی: یرث الدیة کل من ورث المال الذکور و الإناث و الأنساب و الأسباب. قال: و کل من ورث الدیة ورث القصاص، و به قال أبو حنیفة و أصحابه.

و قال مالک: یرثه العصبات من الرجال دون النساء، فان عفوا علی مال کان المال لمن یرث الدیة. و قال ابن أبی لیلی: یرثه الأنساب من الرجال و النساء، و لا یرثه ذو سبب و هو الزوجیة، قال: لأن الزوجیة یزول بالوفاة، و هذا یورث للتشفی و لا تشفی بعد زوال الزوجیة.

و المعتمد أن الدیة یرثها جمیع من یرث المال کما قاله الشافعی، و کل من

ص:144


1- (1) قواعد الاحکام 299/2.

یرث المال یرث القصاص الا الزوج و الزوجة، فإنهما یرثان الدیة، و لا یرثان القصاص و هو مذهب الشیخ فی المبسوط، و اختاره ابن إدریس، و العلامة، و فخر الدین.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا کان أولیاء المقتول جماعة

لا یولی علی مثلهم جاز لواحد منهم أن یستوفی القصاص و ان لم یحضر شرکاؤه، سواء کانوا فی البلد أو کانوا غائبین، بشرط أن یضمن لمن لا یحضر نصیبه من الدیة.

و قال جمیع الفقهاء: لیس له ذلک حتی یستأذنه ان کان حاضرا أو یقدم ان کان غائبا، و هذا هو المشهور عند متأخری أصحابنا، و هو المعتمد، فان بادر أحدهم عزر و ضمن حصص الباقین.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا کان بعض الأولیاء رشیدا

لا یولی علی مثله، و بعضهم یولی علیه لصغر أو جنون، کان للکبیر أن یستوفی القصاص فی حق نفسه دون حق المولی علیه، بشرط أن یضمن له نصیبه من الدیة، و لو کان الولی واحدا مولی علیه لصغر أو جنون و له أب أو جد لم یکن لأحد أن یستوفی له حتی یبلغ أو یفیق، سواء کان القصاص فی الطرف أو فی النفس أو بموت، فیقوم وارثه مقامه.

و قال الشافعی: إذا کانوا جماعة بعضهم مولی علیه، لم یکن للکبیر العاقلة أن یستوفی حقه و لا حق الصغیر، بل یصبر حتی یبلغ الطفل أو یفیق المجنون أو یموت، فیقوم وارثه مقامه، و به قال أبو یوسف.

و ان کان الوارث واحدا مولی علیه، لم یکن لأبیه و لا لجده أن یستوفیا، بل یصبر حتی یبلغ، سواء کان القصاص فی الطرف أو فی النفس مثل ما قلناه.

و قال أبو حنیفة: ان کان بعضهم کبارا و بعضهم صغارا، فللکبیر أن یستوفی القصاص فی حقه و حق الصغیر، حتی لو قتل الزوج و له أطفال، کان المزوجة أن یستوفی حقها و حق الأطفال، و لو قتلت الزوجة و لها أطفال، کان للزوج أن یستوفی

ص:145

حقه و حق الأطفال.

قال أبو یوسف: قلت لأبی حنیفة: کیف یستوفیه بعضهم و هو بینهم؟ قال:

لان الحسن بن علی علیه السّلام قتل ابن ملجم و هو بعضهم و الحق جماعتهم، فقلت له ذلک، لان له الولایة بالإمامة. و ان کان الوارث واحدا طفلا، کان لوالده أن یستوفیه له طرفا کان أو نفسا، و ان کان الولی الوصی کان له ذلک فی الطرف، و القیاس أن له ذلک فی النفس لکن منعناه استحسانا.

و هذا الکلام فیه مسألتان: الاولی أن یکون بعض الأولیاء یولی علیه، و بعضهم لا یولی علیه، فهل یجوز للکامل استیفاء حقه بشرط ضمان حصة الناقص من الدیة؟ جوزه الشیخ بناء علی مذهبه من جواز المبادرة لکل واحد من الشرکاء، و منعه الشافعی بناء علی مذهبه من عدم جواز المبادرة لأحد من الشرکاء مع غیبة الباقین، و علی القول بعدم الجواز، کما هو مذهب الشافعی و أکثر أصحابنا، فإنه یلزم التأخیر حتی یزول الولایة عمن هی علیه و حینئذ یحبس القاتل لوجوب حفظ حقوقهم و لا یتم الا بالحبس، و استشکله نجم الدین و جعله العلامة احتمالا.

الثانی: أن یکون الولی واحدا مولی علیه و له أب أو جد موجود.

قال الشیخ: لیس لأحد أن یستوفی حقه، و به قال الشافعی، و استشکله نجم الدین أیضا، لأن الولی قائم مقام المولی علیه فی جمیع حقوقه مع المصلحة، فحینئذ للأب أو الجد الاستیفاء، و هو المعتمد.

مسألة - 44 - قال الشیخ: إذا وجب القصاص لاثنین فعفی أحدهما

، لم یسقط حق الآخر من القصاص إذا دفع الی أولیاء المقتص منه حصة العافی من الدیة.

و قال الشافعی: یسقط و له حصة من الدیة، لأن القصاص لا یتبعض.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

ص:146


1- (1) تهذیب الاحکام 177/10.

مسألة - 45 - قال الشیخ: یجوز التوکیل فی استیفاء القصاص

بلا خلاف، و یجوز للوکیل استیفاؤه بحضرته بلا خلاف. أما فی حال غیبته، فالذی یقتضیه مذهبنا الجواز أیضا.

و لأصحاب الشافعی ثلاث طرق: أحدها یجوز قولا واحدا، و الثانی لا یجوز قولا واحدا، و منهم من قال علی قولین: أحدهما یجوز، و هو الصحیح عندهم و الثانی لا یجوز، و به قال أبو حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، إذ لا مانع منه.

مسألة - 46 - قال الشیخ: إذا قتل واحد عشرة أنفس مثلا

، ثبت لکل واحد من أولیاء المقتولین القود، لا یتعلق حقه بحق غیره، فان قتل بالأول سقط حق الباقین، و ان بادر واحد منهم فقتله سقط حق الباقین، و به قال الشافعی، الا أنه قال: یسقط الی بدل و هو الدیة فی ماله.

و قال أبو حنیفة: یتداخل حقوقهم من القصاص، و لیس لأحد منهم أن یتفرد بقتله، فان قتلوه فقد استوفوا حقوقهم و ان بادر واحد منهم الی قتله، فقد استوفی حقه و سقط حقوق الباقین لا الی بدل.

و قال عثمان البتی: یقتل بجماعتهم، فإذا قتل سقط من الدیات واحدة، و کان ما بقی من الدیات فی ترکته یأخذها أولیاء المقتولین بالحصص.

و المشهور قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1) ، و اختار فخر الدین مذهب الشافعی، و لا فرق عنده بین أن یقتل بالأول أو بالأخیر، و لا بین أن یقتله بعض الأولیاء بقرعة أو غیر قرعة، لئلا یبطل دم المسلمین، و لا بأس به.

مسألة - 47 - قال الشیخ: إذا قطع ید رجل و قتل الأخر

، قطعناه بالید و قتلناه بالآخر، و به قال الشافعی. و قال مالک: یقتل و لا یقطع، لان القصد إتلافه.

ص:147


1- (1) تهذیب الاحکام 177/10.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 48 - قال الشیخ: إذا قطع ید رجل، فقطع المجنی علیه ید الجانی

ثم اندمل المجنی علیه و سری القطع الی نفس الجانی کان هدرا، و به قال أبو یوسف و محمد و الشافعی.

و قال أبو حنیفة: علی المجنی الضمان، و یکون علیه کمال دیة الجانی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 49 - قال الشیخ: إذا قتل رجل رجلا، فوجب القود علیه

، فهلک القاتل قبل أن یستقاد منه، سقط القصاص إلی الدیة، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یسقط القصاص لا الی بدل.

قال الشیخ: و لو قلنا بقول أبی حنیفة لکان قویا، لأن الدیة لا تثبت عندنا إلا بالتراضی و قد فات ذلک. و المعتمد الأول، لئلا یبطل دم المسلم.

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا قتل اثنان رجلا

، و کان أحدهما لو انفرد بقتله قتل به دون الأخر، لم یخل من أحد أمرین: اما أن یکون القود لا یجب علی أحدهما لمعنی فیه أو فی فعله، فان کان لمعنی فیه مثل أن یشارک أجنبیا فی قتل ولده، أو نصرانیا فی قتل نصرانی، أو عبدا فی قتل عبد فعلی شریکه القتل دونه، و ان کان لمعنی فی فعله مثل أن یکون أحدهما متعمدا و الآخر مخطئا محضا أو عمدا لخطاء فلا قود علی واحد منهما، و به قال الشافعی.

و قال مالک: علی القاتل القود، سواء سقط عن شریکه لمعنی فیه أو فی فعله.

و المعتمد مذهب مالک، جزم به نجم الدین فی الشرائع(1) ، و العلامة فی القواعد(2) و التحریر(3) ، لکن الرد فی صورة الخطاء من العاقلة، فإنهم یردون علی

ص:148


1- (1) شرائع الإسلام 202/4.
2- (2) قواعد الاحکام 281/2.
3- (3) تحریر الأحکام 243/2.

أولیاء الشریک المقاد قدر حصة الخاطئ من الدیة.

مسألة - 51 - قال الشیخ: إذا قطع رجل ید رجل من الکوع

، ثم قطع آخر تلک الید من المفصل قبل اندمال الأول، ثم سرت الی نفسه فمات، فهما قاتلان علیهما القود، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: الأول قاطع، و الثانی هو القاتل، یقطع الأول و یقتل الثانی لأنه قطع سرایة الأول، لأنه لا یتجدد منه الألم بعد قطع الثانی.

و المعتمد قول الشیخ، لأن السرایة حدثت عن القطعین و ألمهما باق، فالتخصیص بالثانی دون الأول ترجیح من غیر مرجح.

مسألة - 52 - قال الشیخ: إذا قطع رجل ید غیره من الکوع

، و جاء آخر فقطع ذراعه من المرفق، ثم أراد القصاص من قاطع الذراع، نظر فان کان له ذراع بلا کف قطع به بلا خلاف، و ان أراد دیته کان له نصف الدیة إلا قدر حکومة ذراع لا کف له، و ان کان القاطع کاملا لیس له ذراع بلا کف و أراد قطعة من المرفق، کان له ذلک و علیه أن یرد دیة الید من الکوع.

و للشافعی قولان: أحدهما له القطع، و لم یذکر رد شیء. و الثانی لیس له أن یقطع من المرفق بحال.

و المعتمد أن الکاملة لا تؤخذ بالناقصة، فیثبت فی هذه الحکومة إذا کان القاطع کاملا، و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 53 - قال الشیخ: إذا قتل غیره بما یجب فیه القود

، من السیف و الحرق و الغرق و الخنق، أو منع الطعام أو الشراب أو غیر ذلک، فإنه لا یستقاد منه الا بحدید، و لا یقتل کما قتل.

و قال الشافعی فی جمیع ذلک یقتل کما قتل. و قال أبو حنیفة: لا یستقاد منه الا بمثقل الحدید و النار، و ما عداهما لا یستقاد منه الا بالحدید مثل ما قلناه.

ص:149

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 54 - قال الشیخ: الحارصة و هی الدامیة فیها بعیر

، و فی الباضعة بعیران، و فی المتلاحمة ثلاثة أبعرة، و فی السمحاق أربعة أبعرة، و فی الموضحة خمسة أبعرة، و فی جمیعها یثبت القصاص.

و قال جمیع الفقهاء: لیس فیها شیء مقدر بل فیها الحکومة، و لا قصاص فی شیء منها الا الموضحة، و روی المزنی فی الدامیة قصاص. و قال أبو حامد:

یمکن أن یکون فی الثلاثة قصاص.

و المعتمد قول الشیخ، الا أن الحارصة غیر الدامیة، لان الحارصة هی الذی تقشر الجلد، و الدامیة هی التی تأخذ فی اللحم یسیرا، و الباضعة هی المتلاحمة هذا هو المشهور عند أصحابنا، فمن قال: ان الحارصة هی الدامیة، قال: ان الباضعة غیر المتلاحمة، و من قال: ان الحارصة غیر الدامیة قال: ان الباضعة هی المتلاحمة، و هو المعتمد.

مسألة - 55 - قال الشیخ: الموضحة فیها نصف العشر خمسة أبعرة

بلا خلاف و فیها القصاص أیضا بلا خلاف، و الهاشمة فیها عشرة، و المنقلة فیها خمسة عشر بعیرا، و المأمومة فیها ثلث دیة النفس بلا خلاف أیضا، و لا قصاص فیها و لا فیما فوق الموضحة بلا خلاف أیضا، و لا یجوز عندنا أن یوضح و یأخذ فضل ما بینهما.

و قال الفقهاء: و له أن یوضح و یأخذ فضل ما بین الجنایتین، فان کانت هاشمة فله أن یوضح و یأخذ خمسا، و ان کانت منقلة فله أن یوضح و یأخذ عشرا، و کذلک فی المأمومة، و هذا هو المعتمد، جزم به نجم الدین فی الشرائع(1) ، و العلامة فی کتبه.

مسألة - 56 - قال الشیخ: إذا قطع یمین غیره

، قطعت یمینه بلا خلاف،

ص:150


1- (1) شرائع الإسلام 275/4.

فان لم یکن له یمین قطعت یساره عندنا، فان لم یکن له یسار قطعت رجله الیمنی فان لم یکن قطعت رجله الیسری.

و قال جمیع الفقهاء: ان لم یکن له یمین سقط القصاص. و قال شریک:

یقطع الیمنی بالیمنی، فان لم یکن قطعت الیسری و یقطع الیسری بالیسری، فان لم یکن قطعت الیمنی.

و المشهور مذهب الشیخ، و اختار ابن إدریس مذهب شریک، و هو الانتقال إلی الدیة مع فقد الیدین معا، و مع وجود أحدهما یؤخذ بالأخری و ان خالفت مع تعذر المماثلة.

و المعتمد مذهب الشیخ، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة فی القواعد(1) و الإرشاد و التحریر(2) ، عملا بروایة حبیب السجستانی، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 57 - قال الشیخ: إذا قطع یدا کاملة الأصابع و یده ناقصة إصبعا،

فالمجنی علیه بالخیار بین العفو علی مال فله نصف الدیة، و بین أن یقبض فی الید الناقصة و یأخذ دیة الإصبع، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان اختار أن یقطع الید الناقصة، فلیس له أن یأخذ دیة الإصبع المفقودة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 58 - قال الشیخ: لا یؤخذ الصحیحة بالشلاء

، و به قال جمیع الفقهاء و قال داود: له أخذ الصحیحة بالشلاء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

ص:151


1- (1) قواعد الاحکام 304/2.
2- (2) تحریر الأحکام 257/2.

مسألة - 59 - قال الشیخ: إذا ثبت أنه لا قصاص فیها، ففیها ثلث الدیة

و قال جمیع الفقهاء: فیها حکومة.

و المعتمد قول الشیخ و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 60 - قال الشیخ: إذا قطع إصبع رجل

، فسرت الی کفه فذهب کفه ثم اندملت فعلیه فی الإصبع و الکف القصاص.

و قال الشافعی: علیه القصاص فی الإصبع دون الکف. و قال أبو حنیفة:

لا قصاص علیه أصلا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 61 - قال الشیخ: إذا أوضح رأسه فذهب ضوء عینه

، کان علیه القصاص فی الرأس و ضوء العین معا، و هو أحد قولی الشافعی، و الآخر لا قصاص فی الضوء مثل الکف، و فی أصحابه من قال: فی الضوء القصاص قولا واحدا مثل ما قلناه.

و قال أبو حنیفة: لا قصاص فی الموضحة، و انما القصاص فی الضوء. و قال أبو یوسف و محمد لا یسقط القصاص فی الموضحة بالسرایة إلی ضوء العین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 62 - قال الشیخ: إذا قطع ید رجل

، کان للمجنی علیه أن یقتص فی الحال و الدم جار، لکن یستحب له أن یصبر لینظر ما یکون منها من اندمال أو سرایة، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة و مالک: لا یجوز القصاص حتی یعلم ما یکون من اندمال أو سرایة، و هو اختیار الشیخ فی المبسوط(1) ، و المشهور عند أصحابنا اختیاره هنا، و هو المعتمد.

ص:152


1- (1) المبسوط 303/7.

مسألة - 63 - قال الشیخ: إذا قطع یدی غیره و أذنیه و رجلیه

، لم یکن له أن یأخذ دینها کلها فی الحال، بل یأخذ دیة النفس فی الحال و ینتظر، فان اندمل أخذ دیات الباقی، و ان سرت الی النفس فله دیة واحدة.

و اختلف أصحاب الشافعی، فقال أبو إسحاق مثل قولنا، و قال بعضهم: له أن یأخذ دیاتها کلها فی الحال، و قال بعضهم: لیس له أن یأخذ شیئا قبل الاندمال لأن الدیة إنما یستقر حال الاندمال.

و مذهب الشیخ هنا ظاهر الشرائع، و اختیار العلامة فی الإرشاد. و قال فی القواعد: یأخذ دیات الجمیع فی الحال، و مذهب الشیخ هنا أولی.

مسألة - 64 - قال الشیخ: شعر الرأس و اللحیة و الحاجبین و أهداب العینین

متی عدم انبات شیء منها ففیها الدیة، ففی شعر الرأس و اللحیة الدیة کاملة، و فی شعر الحاجبین خمسمائة، و فی أهداب العینین الدیة، و ما عدا هذه الأربعة ففیها الحکومة فی جمیع الجسد.

و قال أبو حنیفة: فی الأربعة الدیة و لم یفصل، و فی الباقی حکومة. و قال الشافعی: لیس فی شیء من الشعر دیة، و فی الجمیع حکومة.

إذا عرفت هذا، فاعلم أن أقسام الشعر خمسة:

الأول: شعر الرأس، و لأصحابنا فیه قولان: أحدهما الدیة کاملة، و هو المشهور عندهم. و قال المفید (ره): فیه مائة دینار، هذا إذا لم ینبت، فان نبت بعد الجنایة ففیه قولان أیضا: أحدهما الأرش، و هو المشهور، و الثانی مائة دینار، قاله ابن بابویه. و المعتمد الدیة کاملة مع عدم النبات و الأرش معه.

الثانی: شعر اللحیة، و مع عدم النبات فیه الخلاف السابق فی شعر الرأس.

و المعتمد الدیة کاملة و ان نبت ففیه قولان: أحدهما ثلث الدیة، قاله ابن بابویه.

و الثانی الأرش، و هو المشهور عند أصحابنا، و هو المعتمد.

ص:153

الثالث: شعر الحاجبین، و إذا لم ینبت فیه خلاف و المشهور نصف الدیة، و ادعی ابن إدریس علیه الإجماع، و ظاهر المبسوط(1) الدیة کاملة، و هو ظاهر هذا الکتاب أیضا فی أول المسألة، لأنه قال بعد أن ذکر شعر الرأس و اللحیة و الحاجبین و أهداب العینین: متی عدم انبات شیء منها ففیها الدیة، ثم رجع عن هذا و قال فی شعر الحاجبین خمسمائة، و هذا هو المعتمد.

الرابع: فی الأهداب، و هو شعر الأجفان، و فیه خلاف عند أصحابنا، قال الشیخ هنا و فی المبسوط: فیه الدیة کاملة(2) و اختاره العلامة فی القواعد(3) و فخر الدین فی الشرح، و قال ابن البراج: نصف الدیة، و قال ابن إدریس: یجب الأرش مع الانفراد، و لا شیء حالة الانضمام إلی الأجفان، لان الأهداب یتبع الأجفان کشعر الساعدین.

و اختاره نجم الدین فی الشرائع(4) ، و العلامة فی الإرشاد، و مال إلیه فی المختلف و التحریر. و قال ابن فهد: و هو متین. و قال فی المبسوط: یقتضی مذهبنا أن فی الأجفان و الأهداب دیتین، و اختاره العلامة فی القواعد، و ابنه فی الشرح، و قول ابن إدریس قوی.

الخامس: ما عدا ذلک من الشعور کشعر البطن و العانة و الساقین و الساعدین و الإبطین، فیه الأرش مع الانفراد، و لا شیء مع الانضمام بلا خلاف.

مسألة - 65 - قال الشیخ: إذا جرح غیره

، ثم ان المجروح قطع من موضع الجرح لحما، فان کان میتا فلا بأس و القود علی الجانی بلا خلاف، و ان کان حیا

ص:154


1- (1) المبسوط 153/7.
2- (2) المبسوط 130/7.
3- (3) قواعد الأحکام 324/2.
4- (4) شرائع الإسلام 262/4.

ثم سری الی نفسه، کان علی الجانی القود علی أولیاء المقتول أن یردوا نصف الدیة علی أولیاء الجانی، و کذلک لو شارکه سبع فی قتل غیره، أو جرحه غیره ثم جرح هو نفسه فمات.

و اختلف أصحاب الشافعی علی طریقین فیمن قطع لحما حیا: أحدهما القود علی الجانی، و الثانی لا قود علیه، و اختلفوا فی شریک السبع و جارح نفسه بعد جراحة الجانی علی قولین: أحدهما علیه القود، و الثانی لا قود علیه و یلزمه نصف الدیة، و من أصحابه من قال: لا قود علی الجانی قولا واحدا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 66 - قال الشیخ: فی الإصبع الزائدة إذا قطعت

ثلث دیة الصحیحة الأصلیة، سواء قطعت مع الأصلیة أو منفردة.

و قال الشافعی: لیس فیها شیء مقدر و فیها حکومة، فإن أحدثت شیئا عند الاندمال، لزمه ما بین کونه عبدا لا شین فیه و ما بین کونه عبدا به شین، فینظرکم ذلک من القیمة، فیلزمه مقدار ذلک من دیة الحر.

و ان لم یحدث شینا بل أحدثت جمالا عند الاندمال فیه وجهان، قال أبو العباس: لا شیء فیها. و قال أبو إسحاق: فیها الحکومة، و کیف یقوم؟ علی وجهین أحدهما یقوم و الدم جار، و الثانی یقوم إذا قرب من الاندمال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 67 - قال الشیخ: إذا قطع اذن غیره قطعت اذنه

، فان أخذ الجانی أذنه، فألصقها فالتصقت کان للمجنی علیه إزالتها.

و قال الشافعی: لیس له ذلک، بل یجب علی الحاکم أن یجبره علی قطعها، لانه حامل نجاسته، لأنها بالبینونة صارت میتة، و لا یصح صلاته ما دامت هی معه.

ص:155


1- (1) تهذیب الاحکام 256/10.

و الشیخ استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1) ، و ظاهر القواعد(2) اختیار مذهب الشافعی، لأنه قال: و لو أبان الأذن فألصقها المجنی علیه بالدم الحار فالتصقت وجب القصاص، و الأمر إزالتها إلی الحاکم، فإن أمن هلاکه وجب إزالتها و الا فلا، قال: و کذا لو ألصق الجانی أذنه، لم یکن للمجنی علیه إزالتها، لأن الواجب الإبانة و قد حصلت، و هذا یدل علی اختیار مذهب الشافعی.

مسألة - 68 - قال الشیخ: یقطع ذکر الفحل بذکر الخصی

الذی سلت بیضتاه و بقی ذکره، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: لا قود علیه لانه لا منفعة فیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 69 - قال الشیخ: فی ذکر العنین ثلث ذکر الصحیح

، و قال جمیع الفقهاء: فیه حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(3).

مسألة - 70 - قال الشیخ: فی الخصیتین الدیة

بلا خلاف، و فی کل واحدة منهما نصف الدیة عند الفقهاء. و روی أصحابنا أن فی الیسری ثلثی الدیة، لأن الولد قالوا یکون منها.

و المعتمد فی کل واحدة النصف.

مسألة - 71 - قال الشیخ: إذا قطع طرف غیره ثم اختلفا

، فقال الجانی: کان الطرف أشل فلا قود و لا دیة کاملة فیه، و قال المجنی علیه: کان صحیحا ففیه القود أو الدیة کاملة، فإن کان الطرف ظاهرا مثل الیدین و الرجلین و العینین و الأنف و ما

ص:156


1- (1) تهذیب الاحکام 265/10.
2- (2) قواعد الاحکام 307/2.
3- (3) تهذیب الأحکام 270/10.

أشبهها، فالقول قول الجانی مع یمینه، و یقیم المجنی علیه البینة، و ان کان الطرف باطنا فالقول قول المجنی علیه، و به قال الشافعی نصا.

و اختلف أصحابه منهم من قال المسألة علی قولین فیهما: أحدهما القول قول الجانی فیهما، و الثانی القول قول المجنی علیه فیهما، الا أن الصحیح فی الظاهر أن القول قول الجانی، و فی الباطن القول قول المجنی علیه. و قال أبو حنیفة:

القول قول الجانی.

و قال فی المبسوط: و الصحیح عندی أن القول قول الجانی فی الظاهرة، و قول المجنی علیه فی الباطنة.

و قال العلامة فی القواعد: و لو ادعی الجانی شلل العضو المقطوع من حین الولادة أو عمی عینه المقلوعة و ادعی المجنی علیه الصحة، فإن کان العضو ظاهرا قدم قول الجانی، لإمکان إقامة البینة علی سلامته، و ان کان مستورا احتمل تقدیم الجانی و المجنی علیه(1).

و قال ابن إدریس: ان القول قول المجنی علیه مطلقا، سواء کان العضو ظاهرا أو مستورا، لأصالة الصحة و قول المبسوط لا بأس به.

مسألة - 72 - قال الشیخ: إذا قلع سن مثغر کان له قلع سنة

، فإذا قلعه ثم عاد سن الجانی کان للمجنی علیه قلعه أبدا.

و للشافعی ثلاثة أوجه: أحدها مثل قولنا، و الثانی لیس له قلعها و له الدیة، و الثالث لیس له شیء. و هذا هو المعتمد، لأنه هیئة مجددة و لیس کالاذن لأنها نجسة.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم، و أنکر ذلک ابن إدریس و تعجب منه.

مسألة - 73 - قال الشیخ: إذا قلع سن مثغر و أخذ دیتها ثم نبت السن

، لم یجب

ص:157


1- (1) قواعد الاحکام 311/2.

علیه رد الدیة.

و للشافعی قولان: أحدهما لا یجب، و الثانی یجب الرد.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 74 - قال الشیخ: السن الزائدة فیها ثلث الأصلیة.

و قال جمیع الفقهاء:

لیس فیها شیء مقدر بل فیها الحکومة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 75 - قال الشیخ: إذا وجب لإنسان قصاص فی طرف أو نفس

، لا ینبغی أن یقتص بنفسه، فان ذلک للإمام أو من یأمره الإمام بلا خلاف، فان بادر استوفاه بنفسه وقع موقعه و لا شیء علیه.

و للشافعی قولان: أحدهما علیه التعزیر، و الثانی لا شیء علیه.

و المعتمد أنه له استیفاء قصاص النفس من غیر اذن الامام، أما الطرف فلا بد فیه من الاذن، فلو بادر فی الطرف کان مأثوما و وقع موقعه.

مسألة - 76 - قال الشیخ: أجرة من یقیم الحدود و یقتص للناس

من بیت المال.

و قال الشافعی: ذلک من خمس الخمس الذی کان للنبی علیه السّلام، فان کان هناک ما هو أهم منه مثل تقویة المقاتلة و سد الثغور، کان علی المقتص منه الأجرة.

و قال أبو حنیفة: هی علی المستوفی دون المستوفی منه.

و المعتمد أنها من بیت المال، فان لم یکن بیت مال أو کان ما هو أهم من أجرة القصاص، کانت علی المقتص منه، هذا هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 77 - قال الشیخ: إذا قطع ید عبد

، ففیه نصف قیمته یستوفیها سیده و یمسک العبد، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: السید بالخیار بین أن یمسکه و یأخذ نصف القیمة، و بین أن یسلمه إلی الجانی و یطالب بکمال القیمة.

ص:158

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 78 - قال الشیخ: إذا قطع یدی عبد

، کان علیه کمال قیمته، و یسلم العبد إلی الجانی.

و قال الشافعی: علیه کمال القیمة و یمسک عبده. و قال أبو حنیفة: السید بالخیار بین أن یمسک عبده و لا شیء له، و بین أن یسلمه و یأخذ کمال القیمة. و قال أبو یوسف و محمد: هو بالخیار بین أن یسلمه و یأخذ کمال القیمة، و بین أن یمسکه و یأخذ أقل من کمال القیمة.

و المعتمد قول الشیخ، و هو موافق لقول أبی حنیفة.

مسألة - 79 - قال الشیخ: إذا قطع إصبع غیره ثم عفی المجنی عن عقلها

و قودها ثم اندملت، صح العفو عن العقل و القود معا، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال المزنی: لا یصح العفو عن دیة الإصبع، لأنه عفو عما لم یجب، لأن المجنی علیه لو أراد المطالبة بدیة الإصبع لم یکن له، و لانه عفی عن مجهول، لانه لا یدری هل تندمل فتستقر دیة الإصبع، أو یسری فیلزم دیة النفس.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 80 - قال الشیخ: إذا قطع إصبع غیره، فعفی عنها المجنی علیه،

ثم سرت الی نفسه، کان للولی القود بعد رد دیة الإصبع التی عفی عنها المجنی علیه، و ان أخذ الدیة أسقط دیة الإصبع.

و قال الشافعی: إذا عفی عن الإصبع سقط القصاص فی النفس، لان القصاص لا یتبعض.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 81 - قال الشیخ: إذا قطع إصبع غیره، صح من المجنی علیه

أن یعفو عنها و عن ما یحدث عنها، فإذا فعل ذلک ثم سرت الی النفس، کان عفوه ماضیا

ص:159

من الثلث لأنه بمنزلة الوصیة، فان لم یخرج من الثلث، کان له بمقدار ما یخرج منها.

و قال الشافعی: لا یخلو اما أن یقول ذلک بلفظ الوصیة، أو بلفظ العفو و الإبراء فإن قال بلفظ الوصیة هل تصح الوصیة للقاتل؟ فیه قولان: أحدهما تصح، و الأخر لا تصح، فإذا قال: لا تصح کانت الدیة کلها للورثة، و إذا قال تصح کانت الدیة له ان خرجت من الثلث، و الا کان له مقدار ما یخرج منه.

و ان قال بلفظ العفو و الإبراء، فهل العفو و الإبراء من المریض وصیة أم لا؟ علی قولین، فإذا قال وصیة، فهو کالوصیة و قد مضی، و إذا قال: هو إسقاط و لیس بوصیة، فعلی هذا یصح الإبراء عما وجب و هو دیة الإصبع، و لا یصح عما عداه لأنه إبراء مما لم یجب، و هو ظاهر الشرائع(1) و الإرشاد و التحریر(2) ، و علی القول بصحة العفو یکون کالوصیة.

مسألة - 82 - قال الشیخ: میراث من لا وارث له لبیت المال

یختص به الامام و هو یعقل عنه، سواء کان مسلما أو ذمیا.

و قال الشافعی: ان کان مسلما فللمسلمین میراثه و هم یعقلون عنه، فمیراثه لبیت المال، و ان کان ذمیا لا یعقلون عنه و یکون الدیة فی رقبته إذا وجبت علیه، و میراثه إذا لم یکن له وارث ینقل الی بیت المال علی سبیل الفیء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 83 - قال الشیخ: فی الشفتین الدیة کاملة

بلا خلاف، فی السفلی منهما ستمائة دینار، لأنها یمسک الشراب و الطعام. و فی العلیا أربعمائة دینار. و قال جمیع الفقهاء: هما سواء. استدل الشیخ بإجماع الفرقة.

ص:160


1- (1) شرائع الإسلام 241/4.
2- (2) تحریر الاحکام 256/2.

و المعتمد کونهما سواء، و هو مذهب ابن أبی عقیل من قدماء أصحابنا، و استحسنه نجم الدین فی الشرائع(1) ، و قواه فی المختصر(2) ، و هو ظاهر العلامة فی القواعد(3) و التحریر(4) و الإرشاد، و اختاره ابن فهد.

مسألة - 84 - قال الشیخ: فی إبهام الید أو الرجل

ثلث دیة الأصابع من الید أو الرجل فی أظهر الروایات. و قال جمیع الفقهاء: الأصابع کلها سواء فی کل واحدة عشرة من الإبل.

استدل الشیخ بإجماع الفرقة، مع أن المشهور عند أصحابنا مذهب الفقهاء، و هو مذهبه فی غیر هذا الکتاب، و هو المعتمد.

مسألة - 85 - قال الشیخ: فی البیضتین الدیة

بلا خلاف، و فی الیسری ثلث الدیة علی ما روی فی بعض الروایات، لان منها یخلق الولد، و فی الروایة الأخری هما سواء، و به قال جمیع الفقهاء، و هو المعتمد.

مسألة - 86 - قال الشیخ: فی العین العوراء إذا کانت خلقة

، أو ذهبت بآفة من قبل اللّه الدیة کاملة. و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 87 - قال الشیخ (ره): فی العین القائمة إذا خسفت

ثلث دیتها صحیحة و قال جمیع الفقهاء: فیها الحکومة.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:161


1- (1) شرائع الإسلام 264/4.
2- (2) المختصر النافع ص 321.
3- (3) قواعد الاحکام 325/2.
4- (4) تحریر الاحکام 272/2.

کتاب الدیات

مسألة - 1 - قال الشیخ: روی أصحابنا أن قوله تعالی «وَ إِنْ کانَ مِنْ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ مِیثاقٌ»

(1)

فیه کنایة عن المؤمن المتقدم ذکره فی الکنایتین بقتل الخطاء و فی قوله «فَإِنْ کانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ» لیس بکنایة عن المعاهد لانه لم یجر له ذکر.

و قال الشافعی: انه کنایة عن الذمی إذا قتل فی دار الإسلام.

قال الشیخ: دلیلنا أن ما قلناه أشبه بسیاق الآیة، لأن المؤمن جری ذکره فی موضعین فی قوله «وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلی أَهْلِهِ إِلاّ أَنْ یَصَّدَّقُوا» ثم قال «فَإِنْ کانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ» و ذلک أیضا کنایة عن المؤمن بلا خلاف، فلما قال «وَ إِنْ کانَ مِنْ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ مِیثاقٌ» یجب أیضا ان یکون کنایة عنه و الذمی لم یجز له ذکر، فلا یجوز أن یکنی عنه، و هذا هو المعتمد، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: القتل علی ثلاثة أضرب:

عمد محض، و خطاء محض و شبیه بالعمد و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

ص:162


1- (1) سورة النساء: 92.

و قال مالک: القتل ضربان عمد محض و خطاء محض، و ما سمیناه شبیه العمد جعله عمدا و أوجب فیه القود.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 3 - قال الشیخ: الدیة المغلظة

هی ما یجب عن القتل العمد المحض و هی مائة من مسان الإبل.

و قال الشافعی: یجب عن العمد المحض و عن شبه العمد أثلاث ثلاثون حقة و ثلاثون جذعة و أربعون خلقه فی بطونها أولادها، و به قال مالک فی قتل الوالد ولده أما العمد المحض فی حق الأجنبی انما یجب علیه القود فقط، و المال یجب بالصلح بمنزلة ثمن المبیع.

و قال أبو حنیفة و الثوری و أبو یوسف: المغلظة أرباع خمس و عشرون بنت مخاض، و خمس و عشرون بنت لبون، و خمس و عشرون حقة، و خمس و عشرون جذعة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

و اعلم أن هذا التقدیر انما یرجع الیه مع الصلح بالدیة عن القود من غیر تعیین الدیة، أما إذا صالحه علی شیء معین أزید من هذا التقدیر أو أنقص منه ثبت المعین فی عقد الصلح و سقط هذا التقدیر.

مسألة - 4 - قال الشیخ: دیة العمد المحض

حالة فی مال القاتل، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: هی مؤجلة علیه فی ثلاث سنین.

و روی أصحابنا أنها یستأدی فی سنة، و هذا هو المعتمد، و هو الذی جزم به أکثر الأصحاب فی مصنفاتهم.

ص:163


1- (1) تهذیب الأحکام 155/10.

مسألة - 5 - قال الشیخ: دیة العمد شبیه الخطاء

مغلظة أثلاثا ثلاث و ثلاثون بنت لبون و ثلاث و ثلاثون حقة و أربع و ثلاثون خلقة کلها طروقة الفحل، و قد روی ثلاثون بنت مخاض، و ثلاثون بنت لبون و أربعون حقة، و هی فی مال القاتل یستأدی فی سنة.

و قال الشافعی: هی أثلاث مثل دیة العمد علی ما حکیناه عنه فی دیة العمد و التأجیل مثل دیة الخطاء فی ثلاث سنین، و هی تلزم القاتل.

و قال أبو حنیفة: هی أرباع علی ما مضی عنه فی العمد المحض. و قال مالک:

شبه العمد یوجب القود دون الدیة. و قال ابن شبرمة: دیة شبیه العمد حالة فی مال القاتل.

و المعتمد أن الواجب ما تضمنته الروایة الاولی، و الثانیة مشهورة أیضا، و أنها یستأدی فی سنتین، و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 6 - قال الشیخ: دیة الخطاء تغلظ فی الشهر الحرام و فی الحرم.

و قال الشافعی:

تغلظ فی ثلاثة مواضع، و أضاف الی ما ذکره الشیخ من قتل ذا رحم محرم.

و قال أبو حنیفة و مالک: لا تغلیظ فی موضع من المواضع.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا ثبت التغلیظ فی هذه المواضع،

فالتغلیظ هو أن یلزم دیة دیة و ثلثا من أی أجناس الدیات کان. و قال من وافقنا فی التغلیظ انه لا یغلظ إلا فی أسنان الإبل و غیرها یؤخذ بقیمتها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم. و اعلم أنه لا تغلیظ فی الطرف و الزائد فی موضع التغلیظ للمقتول یأخذه مستحق الدیة.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا قتل أو قطع فی غیر الحرم،

ثم لجأ إلی الحرم

ص:164


1- (1) تهذیب الاحکام 215/10.

لم یقتل و لم یقطع، بل یضیق علیه فی المطعم و المشرب حتی یخرج فیقام علیه الحد.

و قال الشافعی: یستقاد منه فی النفس و الطرف فی الحرم. و قال أبو حنیفة و أصحابه: یستقاد منه فی الطرف، أما فی النفس فیصبر حتی یخرج و یضیق علیه حتی یخرج، قالوا: و القیاس یقتضی أنه یقتل به، لکنا لا نقتله استحسانا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 9 - قال الشیخ: دیة قتل الخطاء أرباع

، عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذکر، و ثلاثون بنت لبون و ثلاثون حقة، و روی خمس و عشرون حقة، و خمس و عشرون جذعة، و خمس و عشرون بنت لبون، و خمس و عشرون بنت مخاض.

و قال الشافعی: هی أخماس عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذکر و عشرون بنت لبون، و عشرون حقة، و عشرون جذعة، و به قال مالک و الثوری و قال أبو حنیفة: هی أخماس أیضا، و خالف فی فصل، فقال فی موضع: بنی لبون بنی مخاض، و به قال النخعی و أحمد.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: الدیة ستة أصول

علی أهل الإبل مائة من الإبل و علی أهل الذهب ألف دینار، و علی أهل الورق عشرة آلاف درهم، و علی أهل البقر مائتا بقرة و علی أهل الحلل مائتا حلة، و علی أهل الغنم ألف شاة، و به قال أبو یوسف و محمد و أحمد بن حنبل، الا أنهم قالوا فی الشاة انها ألفان.

و قال أبو حنیفة: لها ثلاثة أصول مائة من الإبل أو ألف دینار أو عشرة آلاف درهم، و هو بالخیار فی أی الثلاثة شاة.

و قال الشافعی فی القدیم: الأصل مائة من الإبل، و ان أعوزت انتقلت إلی أصلین ألف دینار أو اثنا عشر ألف درهم، کل واحد منها أصل، فتکون الدیة

ص:165

ثلاثة أصول مائة من الإبل أو ألف دینار أو اثنا عشر ألف درهم، الا أن للإبل مزیة متی وجدت لم یعدل عنها. و قال فی الجدید: ان أعوز الإبل، انتقل إلی قیمة الإبل حین القبض ألف دینار أو اثنا عشر ألف درهم، فالدیة الإبل و القیمة بدل عنها لا عن النفس.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 11 - قال الشیخ: الموضحة هی التی توضح عظم الرأس

حتی یظهر العظم، أو یقرع بالمرود ان کان هناک دم لا یعلم الإیضاح حتی یقرع العظم المرود، و فیها خمس من الإبل، سواء کانت فی الرأس أو علی الوجه أو علی الأنف و به قال الشافعی و قال سعید بن المسیب: ان کانت فی الرأس مثل قولنا، و ان کانت فی الوجه قال فیها عشر من الإبل، لان الشین بها أکثر.

و قال مالک: ان کانت علی الأنف فیها حکومة، و لیس فیها مقدر، و ان کانت فی الرأس مثل قولنا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 12 - قال الشیخ: الموضحة فی البدن مثل الساعد

و الساق و غیر ذلک من المواضع التی إذا خرجت أوضحت عن العظم فیها نصف عشر دیة ذلک العضو. و قال الشافعی: فیها الحکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 13 - قال الشیخ: فی الهاشمة عشر من الإبل

، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: لا أعرف الهاشمة و أعرف الموضحة، ففی الموضحة خمس من الإبل، و فیما زاد من هشم العظم حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:166


1- (1) راجع الروایات الواردة فی دیات الشجاج الی تهذیب الأحکام 289/10.

مسألة - 14 - قال الشیخ: فی الجائفة ثلث الدیة

بلا خلاف، فإذا جرحه و أجافه و خرج من ظهره فهما جائفتان، و به قال الشافعی نصا، و فیه قول آخر أنها جائفة واحدة، و به قال أبو حنیفة. قال أصحاب الشافعی: و لیس بشیء و هذا القول اختیار الشیخ فی المبسوط.

و المعتمد مذهبه هنا، و هو مذهب نجم الدین، و العلامة فی القواعد و التحریر و اختاره فخر الدین، لا طلاق الاسم علیها من البطن و الظهر، و لما فی ذلک من زیادة الاسم.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا جرحه فی وجهه

فشق الجلد و اللحم و کسر العظم و وصل الی جوف الفم، للشافعی قولان: أحدهما جائفة لأنها دخلت الی الجوف، و الثانی لیس بجائفة و یکون هاشمة، و فیما زاد علیها الی الفم حکومة و لا أعرف فیه نصا.

و الذی یقتضیه مذهبنا أن یحکم فیه بدیة الهاشمة، و فیما زاد الحکومة، لأن الجائفة هی التی تصل الی الجوف، و هذا هو المعتمد، و هو اختیار العلامة فی القواعد و التحریر، قال: لان الفم ملحق بالظاهر.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا قطع أذنیه

ففیها الدیة، و به قال أبو حنیفة و الشافعی و قال مالک: فیهما حکومة، لأن فیهما جمالا بلا منفعة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا جنی علی أذنیه جنایة فشلتا

، ففیهما ثلثا دیتهما.

و للشافعی قولان: أحدهما فیهما الدیة، مثل الیدین إذا جنا علیهما فشلتا. و الثانی فیهما حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 18 - قال الشیخ: فی شحمة الأذن

ثلث دیة الاذن، و کذلک فی خرمها

ص:167

و قال الشافعی: فیهما بحساب ما نقص من الاذن.

و قال الشیخ فی النهایة: و فی شحمة الأذن ثلث دیة الاذن، و کذا فی خرمها ثلث دیتها(1). قال ابن إدریس: یعنی فی خرم الشحمة ثلث دیة الشحمة.

قال العلامة فی المختلف بعد أن حکی قول الشیخ هنا: و هذا یدل علی أنه أراد فی النهایة خرم الاذن و ثلث دیة الاذن لا کما قاله ابن إدریس(2).

و قال فی القواعد(3) و الإرشاد کما قال الشیخ هنا، و هو یدل علی أن فی خرم الاذن ثلث دیة الاذن، و هو المعتمد.

مسألة - 19 - قال الشیخ: فی العقل الدیة کاملة

، فان جنی جنایة ذهب فیها عقله، لم یدخل أرش الجنایة فی دیة، سواء کان مقدرا أو حکومة، و سواء کان أرش الجنایة أقل من دیة العقل أو أکثر أو مثلها.

و للشافعی قولان، قال فی الجدید مثل قولنا، و قال فی القدیم: ان کان أرش الجنایة أقل من دیة العقل دخل فی دیة العقل، و ان کان أکثر من دیة العقل دخلت دیة العقل فیه، مثل أن یقطع یدیه و رجلیه فیذهب عقله فیدخل الأقل تحت الأکثر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا ادعی ذهاب بصره بالجنایة

، فهذا لا یمکن إقامة البینة علیه، فروی أصحابنا أنه یستقبل به عین الشمس، فان غمضها أو دمعتا علم کذبه، و ان بقیتا مفتوحتین زمانا علم أنه صادق و یستظهر علیه بالایمان.

و قال الشافعی: یریه رجلین عدلین ان کانت الجنایة عمدا، و رجلا و امرأتین ان کانت الجنایة خطاء، فان قالا: صدق و لا یرجی عود البصر أوجبنا الدیة أو

ص:168


1- (1) النهایة ص 766.
2- (2) مختلف الشیعة ص 252 کتاب القصاص.
3- (3) قواعد الاحکام 325/2.(3)

القصاص، و ان قالا: کذب سقط قوله، و ان لم یشهدا لم یلزمه أکثر من الدیة.

و المعتمد أنه یحلف القسامة، و یحکم له بالدیة أو القصاص، و هو المشهور عند أصحابنا المتأخرین، و به أفتی العلامة و نجم الدین.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا جنی علی غیره جنایة

، فادعی نقصان الضوء فی إحدی العینین، قیس الی العین الأخری باعتبار مدی ما یبصر فیهما من أربع جوانب بلا خلاف، فان ادعی النقصان فیهما قیس عندنا الی من هو فی أبناء سنه فما نقص عن ذلک حکم له به مع یمینه.

و قال الفقهاء: القول قول المجنی علیه مع یمینه بلا اعتبار ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 22 - قال الشیخ: فی الأربعة الأجفان الدیة کاملة

، و فی کل جفنین من عین واحدة خمسمائة دینار، و فی الأسفل ثلث دیتها، و فی الأعلی ثلثا دیتها، و به قال الشافعی، الا أنه قال: فی کل واحد منهما نصف دیتهما، أی: لا فرق بین الجفن الأعلی و الأسفل، و هو اختیار الشیخ فی المبسوط(1) ، و هو المعتمد، و ادعی هنا الإجماع من الفرقة.

و قال فی النهایة: فی الأعلی الثلث و فی الأسفل النصف(2) فعلی هذا ینقص سدس الدیة و قال مالک: فی الأجفان الحکومة.

مسألة - 23 - قال الشیخ: فی النافذة فی الأنف إذا لم تنسد ثلث الدیة،

فإن انسدت کان فیها عشر دیة الأنف مائة دینار. و قال الشافعی فیهما معا الحکومة.

و المعتمد أنها إذا لم تنسد کان فیها ثلث الدیة، و ان انسدت کان فیها خمس الدیة

ص:169


1- (1) المبسوط 130/7.
2- (2) النهایة ص 764.

و لو کانت فی أحد المنخرین الی الحاجز فعشر الدیة. هذا فتوی القواعد(1) و التحریر(2) من غیر تردد.

مسألة - 24 - قال الشیخ: فی شلل الأنف ثلثا دیة الأنف.

و للشافعی قولان:

أحدهما الدیة کاملة، و الآخر حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 25 - قال الشیخ: فی ذهاب الشم الدیة

بلا خلاف، فان اختلفا فی ذهابه روی أصحابنا أنه یقرب الیه الحراق، فان نحی أنفه علم أنه کاذب، و الأعلم أنه صادق و یستظهر بالایمان.

و قال الشافعی: یعتقل بالروائح الطیبة و الکریهة، فان هش للطیبة و تکره بالمنتنة علم أنه کاذب، و الا کان القول قوله مع یمینه.

هذا هو المعتمد، و هو فتوی الشرائع و القواعد، و الیمین القسامة لا یمین واحدة.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا أخذ دیة الشم ثم عاد شمه

، لم یجب علیه رد الدیة، لأنه هبة مجددة. و قال الشافعی: یجب علیه ردها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 27 - قال الشیخ: فی الشفتین الدیة کاملة

بلا خلاف، و فی السفلی عندنا ستمائة دینار، و فی العلیا أربعمائة.

و قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی: هما سواء، و هو المعتمد.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا جنی علی لسانه فذهب بعض کلامه

، اعتبر بحروف المعجم کلها و هی ثمانیة و عشرون، و لا یعد «لا» فیها، لأنها دخلت فی

ص:170


1- (1) قواعد الاحکام 324/2.
2- (2) تحریر الأحکام 271/2.

الألف و اللام، و به قال الشافعی و أکثر أصحابه.

و قال الإصطخری: الاعتبار بالحروف اللینیة دون الحلقیة و الشفویة، فان الحاء و الخاء من حروف الحلق و الباء و الواو و الفاء من حروف الشفة لا حظ للسان فیها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا جنی علی لسانه فادعی أنه ذهب نطقه

، و قال الجانی لم یذهب، فالذی رواه أصحابنا عن أمیر المؤمنین علی علیه السّلام أنه یضرب لسانه بالإبرة، فإن خرج الدم أسود فقد صدق، و ان خرج أحمر علم کذبه.

قال الشیخ: و لم أعرف للفقهاء فیه نصا، و الذی یقتضیه مذهبهم أن القول قول المجنی علیه، کما قالوا فی العین و الشم و غیر ذلک.

و المعتمد أن القول قول المجنی علیه و یحلف القسامة، و لا عبرة بالضرب بالإبرة.

مسألة - 30 - قال الشیخ: إذا قطع لسان الأخرس

کان فیه ثلث دیة الصحیح و قال جمیع الفقهاء: فیه الحکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا قطع لسانه و اختلفا

، فقال الجانی: لم یزل أبکم لا یقدر علی الکلام، و ادعی المجنی علیه أنه کان ناطقا، فالقول قول الجانی مع یمینه بلا خلاف، لانه لا یتعذر علیه إقامة البینة علی لسانه، فان سلم له السلامة فی الأصل و ادعی أنه أخرس حین القطع، کان علی الجانی البینة، و الا علی المجنی علیه الیمین.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی أن القول قول الجانی، لأن

ص:171


1- (1) تهذیب الأحکام 254/10.

الأصل براءة الذمة.

و المعتمد قول الشیخ، و هو فتوی العلامة فی التحریر.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا جنی علی لسانه، فذهب کلامه و اللسان صحیح

بحاله و حکم له بالدیة ثم عاد و تکلم، لم یجب علیه رد الدیة. و قال الشافعی: علیه رد الدیة قولا واحدا.

و قال الشیخ فی المبسوط: یستعاد الدیة، لأنه لو ذهب النطق لما عاد(1).

و المعتمد قوله هنا، و هو اختیار نجم الدین فی الشرائع(2) ، و العلامة فی التحریر(3) و فصل فی القواعد، قال: و الأقرب الاستعادة ان علم أن الذاهب أولا لیس بدائم معناه ان حکم أهل الخبرة بعدم دوام الذهاب، بل یحتمل عود النطق ثم عاد استعیدت الدیة، و ان حکموا بدوام الذهاب و عدم عود النطق ثم عاد لا یستعاد الدیة لأنه هبة مجددة(4) و لا بأس بهذا التفصیل، لما فیه من الجمع بین القولین.

مسألة - 33 - قال الشیخ: إذا قطع لسان ناطق، ثم ثبت و تکلم

، لم یجب رد الدیة. و لأصحاب الشافعی طریقان، منهم من قال مثل قولنا قولا واحدا و منهم من قال علی قولین مثل سن المتغر إذا عاد.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 34 - قال الشیخ: الأسنان کلها فیها الدیة

بلا خلاف، و عندنا أنها ثمانیة و عشرون سنا الأصلیة اثنا عشر فی مقادیم الفم، و ستة عشر فی مواخیره، ففی کل واحدة من المقادیم خمس من الإبل أو خمسون دینارا، و فی التی فی مواخیره

ص:172


1- (1) المبسوط 136/7.
2- (2) شرائع الإسلام 265/4.
3- (3) تحریر الاحکام 270/2.
4- (4) قواعد الاحکام 326/2.

فی کل واحدة خمس و عشرون دینارا الجمیع ألف دینار.

و قال الشافعی: الأسنان الأصلیة اثنان و ثلاثون فی کل سن خمس من الإبل و المقادیم و المواخیر سواء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا کسر سن صبی قبل أن تسقط

، فعادت مع أخواتها من غیر زیادة و لا نقصان، کان علی الجانی حکومة. و للشافعی قولان:

أحدهما مثل قولنا، و الآخر لا حکومة علیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 36 - قال الشیخ: إذا قلع سن کبیر مثغر وجب له الدیة

بلا خلاف فإن أخذها ثم عادت سنه لم یجب علیه رد الدیة. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو اختیار المزنی، و الآخر ترد.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 37 - قال الشیخ: إذا اضطربت أسنانه لمرض فقلعها قالع

، وجبت علیه الدیة. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر الحکومة.

و المعتمد قول الشیخ ان بقیت منافعها أو بعضها، فان ذهبت منافعها أجمع فهی کالید الشلاء فیها ثلث دیة السن، قاله العلامة فی التحریر.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا جنی علی سنه فسقطت

، فأعادها فی مغرسها بحرارة الدم فثبتت، ثم قلعها بعد هذا قالع، کان علیه الدیة.

و قال الشافعی: لا شیء علیه، لأنه أحسن، لأنه کان علیه أن یقلعها، و إلا جبره السلطان علی قلعها، لأنها میتة مثل الاذن.

و المعتمد قول الشیخ، لان السن لا یلحقها حکم المیتة.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا قلع سنه، فغرس فی مغرسها عظما طاهرا

أو

ص:173

سن ذهب أو فضة، فإذا ثبتت قلعها قالع لا شیء علیه.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی علیه الحکومة، لأنه أذهب الجمال و المنفعة، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 40 - قال الشیخ: قد مضی أن سن الصبی إذا قلعت

أنه لا دیة فی الحال، و یصبر الی وقت عود مثلها، فان مات فی أثناء ذلک، أو نبت منه شیء ثم مات قبل تمامه، لم یکن علیه أکثر من الحکومة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا فی التی لم ینبت قبل موته، و التی نبت بعضها علیه بقدر الذی لم ینبت من الدیة، و الثانی لا شیء علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 41 - قال الشیخ: إذا ضرب سنه فاسودت

، کان علیه ثلثا دیة سقوطها.

و قال الشافعی: الحکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا قلعها قالع بعد اسودادها

، کان علیه ثلث دیتها صحیحة. و قال الشافعی: علیه دیتها کاملة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا اختلف النوع الواحد من الثنایا و الرباعیات

فکانت احدی الثنیتین أقصر من الأخری، أو إحدی الرباعیتین أقصر من الأخری لم ینقص من دیتها شیء.

و قال الشافعی: ینقص عن الجانی بقدر ما نقصت عن قرینتها، و اعتبرت عادت الناس لأن العادة أن کل نوع منها متفق، بل یکون الثنایا أطول من الرباعیات.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بعموم الأخبار.

ص:174

مسألة - 44 - قال الشیخ: إذا قطع احدی الیدین من الکوع،

وجب فیها نصف الدیة، و به قال جمیع الفقهاء.

و قال أبو عبیدة بن خربوذ: لا یجب فیها نصف الدیة إلا إذا قطعت من المنکب لان اسم الید یقع علی ذلک أجمع.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا ضرب یده فشلت،

کان فیها ثلث دیتها. و قال الشافعی: فیها جمیع دیتها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 46 - قال الشیخ: فی الخمس أصابع من ید واحدة

خمسون من الإبل بلا خلاف، و فی الإبهام منها ثلث دیتها. و قال الشافعی: الخمس متساویة و روی ذلک أیضا فی أخبارنا، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 47 - قال الشیخ: فی کل أنملة من الأصابع الأربع ثلث دیتها

، و فی الإبهام نصف دیتها، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: فی أنملة الإبهام ثلث دیتها مثل غیرها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 48 - قال الشیخ: إذا جنی علی إصبع أو أنملة فشلت

، کان فیها ثلثا دیتها. و قال الشافعی: فیها دیتها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة. و کذا الخلاف فی شلل الرجل و أصابع الرجلین، و تفصیل دیة إبهام الرجل و الحکم فیه کما فی الیدین و أصابعهما و أناملهما سواء.

مسألة - 49 - قال الشیخ: إذا کسرت یده فجبرت،

فان انجبرت علی الاستقامة، کان علیه خمس دیة الید، و ان انجبرت علی عثم کان علیه ثلاثة

ص:175

أرباع دیة کسره.

و قال الشافعی: فیهما معا الحکومة، و فی الجبر علی عثم أکثر. و هو ظاهر العلامة فی التحریر، قال: و لو کسر یده، ثم برأت لزمه الأرش(1). و لم یذکر کسر الید فی القواعد و لا فی الشرائع، و انما ذکروا فی مصنفاتهم فی کسر عظم من عضو خمس دیة ذلک العضو، فان صلح علی غیر عیب فأربعة أخماس دیة کسره.

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا قطعت یده فی الجهاد

و بقیت الأخری فقطعها إنسان، کان علیه نصف الدیة، و به قال جمیع الفقهاء. و قال الأوزاعی: فیها کمال الدیة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 51 - قال الشیخ: إذا قلع عین أعور

، أو من ذهبت عینه بآفة من اللّه، کان بالخیار بین أن یقتص من احدی عینیه، و بین أن یأخذ دیة کاملة. و ان کان أخذ دیة عینه، أو استحقها و ان لم یأخذها، فلیس له الا نصف الدیة، و به قال مالک و أحمد.

و قال أبو حنیفة و الشافعی و أصحابهما: هو بالخیار بین أن یقتص و بین أن یعفو و له نصف الدیة.

و المعتمد قول الشیخ، الا أنه إذا اقتص من احدی عینه هل یأخذ نصف الدیة أم لا؟ قال فی النهایة(2): له ذلک، و ظاهره هنا أن لیس له ذلک، و هو ظاهر صاحب الشرائع(3) أیضا، و قواه العلامة فی التحریر(4) ، و هو مذهب ابن إدریس.

ص:176


1- (1) تحریر الأحکام 273/2.
2- (2) النهایة ص 766.
3- (3) شرائع الإسلام 262/4.
4- (4) تحریر الأحکام 271/2.

مسألة - 52 - قال الشیخ: إذا قلع الأعور إحدی عینی من له عینان

، کان المجنی علیه بالخیار بین أن یقلع عینه أو یأخذ نصف الدیة، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: ان عفی عن القصاص له دیة عین الأعور ألف دینار، لانه عفی عن جمیع بصره.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 53 - قال الشیخ: إذا کسر صلبه فشلت رجلاه

، کان علیه دیة فی کسر الصلب و ثلثا الدیة فی شلل الرجلین. و قال الشافعی: فیه دیة فی شلل الرجلین و حکومة فی کسر الصلب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 54 - قال الشیخ: إذا کسر صلبه، فذهب مشیه و جماعه معا

، کان علیه دیتان، و من أصحاب الشافعی من قال: دیة واحدة و ظاهر الشافعی مثل قولنا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 55 - قال الشیخ: إذا کسر ظهره فاحدودب

أو صار لا یقدر علی القعود فعلیه الدیة. و قال الشافعی: فیه الحکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 56 - قال الشیخ: إذا کسر رقبته فصار

، کالملتفت و لم یعد الی ما کان علیه، کان علیه الدیة. و قال الشافعی: علیه حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 57 - قال الشیخ: دیة المرأة نصف دیة الرجل

، و به قال جمیع الفقهاء. و قال ابن علیة و الأصم: هما سواء فی الدیة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

ص:177

مسألة - 58 - قال الشیخ: المرأة تعاقل الرجل الی ثلث دیتها

فی الاروش المقدرة، فإذا بلغتها صارت علی النصف و به قال مالک و أحمد و الشافعی فی القدیم و قال الحسن البصری: تعاقله ما لم یبلغ نصف الدیة، فإذا بلغتها فعلی النصف.

و قال الشافعی فی الجدید: لا تعاقله فی شیء بل هی معه علی النصف فی القلیل و الکثیر، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و أهل الکوفة. و قال ابن مسعود و شریح:

تعاقله ما لم یبلغ نصف عشر الدیة، ثم تصبر علی النصف. و قال سلیمان بن بشار تعاقله ما لم یبلغ العشر أو نصف العشر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 59 - قال الشیخ: فی حلمتی الرجل دیة

، و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی حکومة و هو أصحهما عندهم.

و ابن إدریس و العلامة فی المختلف(1) تابعا الشیخ فی وجوب الدیة، لعموم ما فی البدن منه اثنان ففیهما الدیة، و استبعد صاحب الشرائع(2) وجوب الدیة فی الحلمتین.

مسألة - 60 - قال الشیخ: إذا وطئ زوجته فأفضاها

، فإن کان لها دون تسع سنین، کان علیه ضمانها بدیتها مع المهر الواجب بالدخول، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: الزوجة لا یضمن بالإفضاء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 61 - قال الشیخ: إذا وطئ امرأة مکرهة فأفضاها

، وجب علیه الحد لانه زان، و وجب علیه المهر للوطی، و الدیة للإفضاء، فإن کان البول مستمسکا فلا زیادة علی الدیة، و ان کان مسترسلا ففیه حکومة.

ص:178


1- (1) المختلف ص 257، کتاب القصاص.
2- (2) شرائع الإسلام 269/4.

و قال أبو حنیفة: یجب الحد و لا یجب المهر، فان کان البول مستمسکا فعلیه ثلث الدیة، و ان کان مسترسلا فعلیه الدیة و لا حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 62 - قال الشیخ: إذا وطئ امرأة بشبهة فأفضاها

، مثل أن کان النکاح فاسدا أو وجدها علی فراشه فظنها امرأته، فالحد لا یجب للشبهة عند الفقهاء و روی أصحابنا أن علیه الحد خفیة، و علیها جهرة فی التی وجدها علی فراشه، فان کان البول مسترسلا فعلیه الدیة مع الحکومة، و ان کان مستمسکا فالدیة بلا حکومة، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا حد أما المهر فینظر فی الإفضاء، فإن کان البول مستمسکا فعلیه المهر و ثلث الدیة، و ان کان مسترسلا وجبت الدیة بلا مهر.

و المعتمد قول الشیخ إلا فی الحد فلا حد علی الرجل أما المرأة فإن تعمدت بالنوم علی فراشه الزنا وجب علیها الحد، و الا فلا.

مسألة - 63 - قال الشیخ: فی الذکر الدیة، و فی الخصیتین معا الدیة

، فإن قطعهما قاطع کان علیه الدیتان معا، و ان قطع الخصیتین ثم قطع الذکر أو بالعکس کان علیه الدیتان، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة و مالک: إذا قطع الخصیتین ثم قطع الذکر، کان فی الخصیتین الدیة و فی الذکر الحکومة، لأن الخصیتین إذا قطعتا ذهبت منفعة الذکر، فان الولد لا یخلق من مائه فهو کالشلیل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، قال: و لا نسلم ذهاب منفعة الذکر، لأن منفعة الإیلاج و الالتذاذ و ذلک موجود، و انما لم یخلق الولد منه لعیب فی الماء، فإنه یرق و یضعف عن أن ینعقد منه الولد، و لیس ذلک بعیب فی الذکر.

ص:179

مسألة - 64 - قال الشیخ: فی الترقوتین

و فی کل واحد منهما و فی الأضلاع و فی کل واحد منها شیء مقدر عند أصحابنا. و لأصحاب الشافعی طریقان: أحدهما الحکومة قولا واحدا، و الآخر علی قولین: أحدهما الحکومة و هو الأظهر، و الأخر فی کل ترقوة و کل ضلع جمل.

و المعتمد قول الشیخ، و لم یذکر المقدر ما هو. قال نجم الدین فی الشرائع:

لعله إشارة الی ما ذکره الجماعة عن ظریف و هو فی الترقوة إذا کسرت فجبرت علی غیر عیب أربعون دینارا(1). و هذا هو المعتمد، و جزم به العلامة فی القواعد.

و لم یذکر الأصحاب حکمها إذا لم تنجبر أو انجبرت علی عیب، و الظاهر أن فیها الدیة، لعموم ما فی البدن منه اثنان ففیهما الدیة، و فی کل واحدة نصف الدیة أما التقدیر فی الأضلاع، ففی کل ضلع مما خالط القلب إذا کسرت خمسة و عشرون دینارا، و فیها مما یلی العضد فی کل ضلع إذا کسرت عشرة دنانیر.

مسألة - 65 - قال الشیخ: إذا لطم غیره فی وجهه فاسود الموضع

، کان فیها ستة دنانیر، فإن اخضر کان فیها ثلاثة دنانیر، فإن أحمر کان فیها دینار و نصف و کذلک حکم الرأس و ان کان علی جسده فعلی النصف من ذلک. و قال الشافعی:

فیه حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و به قال ابن حمزة، و ابن البراج، و اختاره نجم الدین و العلامة، و ابن فهد. و ذهب ابن الجنید و المرتضی و ابن إدریس إلی مساواة الاسوداد للاخضرار فی وجوب ثلاثة دنانیر، و لا خلاف فی الاخضرار و الاحمرار، و انما الخلاف فی الاسوداد.

مسألة - 66 - قال الشیخ: متی کسر عظما فانجبر مستقیما

بغیر عیب ففیه مقدر و متی جبرته بمثقل فلم یشن لزمه مقدر، و متی جرحه فاندمل بغیر شین لزمه أرشه.

ص:180


1- (1) شرائع الإسلام 271/4.

و قال الشافعی فی الأولی الحکومة، و فی الثانیة لا شیء علیه، و فی الثالثة علی وجهین، و المذهب حکومة.

و المعتمد قول الشیخ، و لم یذکر المقدر. و الظاهر أنه أراد ما ذکره الأصحاب من أن فی کسر عظم من عضو خمس دیة العضو، فان صلح علی غیر عیب فأربعة أخماس دیة کسره، و فی رضه ثلث دیة العضو، فان بر أعلی غیر عیب فأربعة أخماس دیة رضه، و فی فکه من العضو بحیث یتعطل العضو ثلثا دیة العضو، فان صلح علی غیر عیب فأربعة أخماس دیة فکه.

مسألة - 67 - قال الشیخ: لکل جراحة شیئا مقدرا إذا کان فی الرأس

، أما إذا کانت فی الجسد ففیها بحساب ذلک من الرأس منسوبا الی العضو الذی فیه، الا الجائفة فإن فیها مقدرا فی الجوف و هو ثلث الدیة.

مثال ذلک: فی الموضحة إذا کانت فی الرأس أو الوجه نصف العشر، فان کانت الموضحة فی الید ففیها نصف عشر دیة الید، و ان کانت فی الإصبع ففیها نصف عشر دیة الإصبع. و هکذا باقی الجراح.

و قال الفقهاء: جمیع ذلک فیه الحکومة إلا الجائفة، فإنه فیها ثلث الدیة بلا خلاف.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 68 - قال الشیخ: دیة الیهودی و النصرانی

مثل دیة المجوسی ثمانمائة درهم، و اختلف الناس فیها علی أربعة مذاهب، فقال الشافعی: ثلث دیة المسلم و قال مالک: هی علی النصف من دیة المسلم. و قال أبو حنیفة و أصحابه: هی مثل دیة المسلم. و قال ابن حنبل: ان کان القتل عمدا فمثل دیة المسلم، و ان کان خطاء فنصف دیة المسلم.

قال الشیخ: و الذمی و المعاهد فی هذا سواء، أما المجوسی فسنذکر الخلاف

ص:181


1- (1) تهذیب الاحکام 290/10.

فیه بین الفقهاء. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 69 - قال الشیخ: دیة المجوسی ثمانمائة درهم،

و به قال الشافعی و مالک. و قال أبو حنیفة: مثل دیة المسلم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 70 - قال الشیخ: من لم تبلغه الدعوة لا یجوز قتله

قبل ادعائه إلی الإسلام بلا خلاف، فان بادر إنسان فقتله لم یجب علیه القود بلا خلاف أیضا، و عندنا لا یجب علیه الدیة، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یلزمه الدیة. و کم یلزمه؟ فیه وجهان، منهم من قال: یلزمه دیة المسلم لانه ولد علی الفطرة، و المذهب أنه یلزمه أقل الدیات دیة المجوسی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 71 - قال الشیخ: کل جنایة لها مقدر من دیة الحر

، فهی مقدرة من قیمة العبد، فکلما فیه من الحر دیة فیه من العبد قیمته، و کلما فیه من الحر نصف دیته فیه من العبد نصف قیمته، و هکذا فی سائر الجراحات، و به قال الشافعی.

و قال مالک: فی العبد ما نقص الا فیما لیس له بعد الاندمال نقص، و هی الموضحة و المنقلة و المأمومة و الجائفة، ففی کل هذا مقدر من قیمته، و خالفنا فیما عدا ذلک من الأطراف و غیرها.

و عن أبی حنیفة روایتان: أحدهما مثل قولنا، و الأخری ان کل شیء فیه من الحر دیته فیه من العبد قیمته، الا الحاجبین و الشارب و العنفقة و اللحیة. و قال محمد بن الحسن: ما نقص بکل حال کالبهیمة سواء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 72 - قال الشیخ: دیة النفس علی العاقلة فی قتل الخطاء

، و فی أطرافه کذلک بلا خلاف. و فی العمد فی ماله خاصة بلا خلاف، و فی شبیه العمد عندنا

ص:182

فی ماله، و عند الشافعی علی العاقلة، و کذلک فی الأطراف.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 73 - قال الشیخ: إذا قتل عبدا عمدا

أو قطع أطرافه، فالدیة فی ماله خاصة، و کذلک فی شبیه العمد، و ان کان خطاء محضا فعلی العاقلة، سواء قتله أو قطع أطرافه.

و قال الشافعی: ان قتله عمدا أو قطع أطرافه مثل قولنا، و ان قتله خطاء أو شبیه العمد أو قطع أطرافه کذلک، فعلی قولین: أحدهما فی ذمته و به قال مالک، و الثانی علی عاقلته و هو أصحهما عندهم. و قال أبو حنیفة: أما بذل نفسه فعلی العاقلة و بذل الطرف ففی ماله.

و المشهور عند أصحابنا کلام الشیخ، و استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم و قال ابن الجنید: لا یضمن العاقلة قیمة العبید، لأن النبی صلّی اللّه علیه و آله ألزم العاقلة الدیات و العبید أموال.

و استحسنه العلامة فی المختلف(1) ، و جزم به فی الإرشاد، و فی موضع من التحریر و فی الرمز الثانی عشر من فصل محل الدیة، و جزم فی موضع آخر منه بأنه علی العاقلة، ذکره فی الرمز الثالث عشر من أول کتاب الدیات و جزم فی القواعد أیضا أنه علی العاقلة.

و مذهب نجم الدین کمذهب ابن الجنید، و هو أنه لا یضمن العاقلة عبدا بل الضمان فی مال الجانی و لا بأس به.

مسألة - 74 - قال الشیخ: ما کان عمدا محضا لا یحمله العاقلة

، و ان کان لا قصاص فیه کالمأمومة و الجائفة و قطع الید من نصف الساعد و قتل الوالد ولده و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: إذا کانت الجنایة لا قصاص فیها بحال

ص:183


1- (1) المختلف ص 267، کتاب القصاص.

فالدیة علی العاقلة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 75 - قال الشیخ: الصبی إذا کان صغیرا عاقلا

و البالغ إذا کان مجنونا جنایتهما علی عاقلتهما، سواء کان القتل عمدا أو خطاء، و وافقنا الشافعی فی الخطأ المحض، و قال فی العمد المحض فیه قولان: أحدهما عمدة فی حکم الخطاء و به قال أبو حنیفة. و الثانی عمدة فی حکم العمد، فإذا قال فی حکم الخطاء فالدیة علی العاقلة مؤجلة و الکفارة فی ماله.

و وافقه أبو حنیفة فی أنها مخففة مؤجلة علی العاقلة، و کان یحکی عنه أنها حالة علی العاقلة و هذا أصح، و إذا قال عمدة فی حکم العمد فالقود یسقط و یلزم الدیة فی ماله مغلظة حالة کما لو قتل الوالد ولده.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، علی أن الصبی و المجنون عمدهما خطاء.

مسألة - 76 - قال الشیخ: إذا جنت أم الولد

کان جنایتها علی سیدها عند جمیع الفقهاء، إلا أبا ثور فإنه قال: فی ذمتها یتبع بها بعد العتق.

و عندنا أن جنایتها مثل جنایة المملوک، و هذا هو المعتمد، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 77 - قال الشیخ: إذا اصطدم فارسان فماتا

، فعلی عاقلة کل منهما نصف دیة صاحبه، و الباقی هدرا إذا کان ذلک خطأ محضا، و به قال الشافعی و مالک و زفر. و قال أبو حنیفة: علی عاقلة کل منهما کمال دیته.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 78 - قال الشیخ: إذا اصطدما متعمدین للقتل

، فقتل کل منهما صاحبه کان ذلک عمدا محضا، و الدیة فی ترکه کل واحد منهما لورثة صاحبه مغلظة.

ص:184

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی أن الجنایة هنا شبیه العمد فیکون علی العاقلة عنده. و قال أبو حنیفة: هو خطاء و الدیة علی عاقلتهما.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 79 - قال الشیخ: لا فرق بین أن یقعا مستلقیین، أو مکبوبین

أو أحدهما مستلقیا و الآخر مکبوبا، و به قال أصحاب الشافعی.

و قال المزنی: ان کان أحدهما مکبوبا و الآخر مستلقیا، فالمکبوب هو القاتل وحده و المستلقی مقتول، فعلی عاقلة المکبوب کمال دیة المستلقی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 80 - قال الشیخ: یمکن أن یکون القتل بحجر المنجنیق عمدا محضا

یجب به القود.

و قال الشافعی: لا یمکن ذلک بل یکون ذلک عمد الخطاء، و الدیة مغلظة علی العاقلة عنده، و أما علی مذهب أبی حنیفة لا یکون الا خطاء.

و المعتمد قول الشیخ، لانه لا یمتنع أن یقصد أن یصیب إنسانا بعینه فیصیبه فیقتله، فیکون عمدا محضا.

مسألة - 81 - قال الشیخ: إذا اصطدمت السفینتان من غیر تفریط

، فهلکتا و ما فیهما من المال و الأنفس کان ذلک هدرا. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی علیهما الضمان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 82 - قال الشیخ: إذا قال لغیره عند خوف الغرق:

ألق متاعک و علی ضمانه، فألقاه فی البحر فعلیه ضمانه، و به قال جمیع الفقهاء، إلا أبا ثور فإنه قال: لا ضمان علیه. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 83 - قال الشیخ: دیة قتل الخطاء علی العاقلة

، و به قال جمیع الفقهاء

ص:185

إلا الأصم، فإنه قال: یلزم القاتل دون العاقلة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 84 - قال الشیخ: دیة الخطأ مؤجلة ثلاث سنین

کل سنة ثلثها، و به قال جمیع الفقهاء الأربعة، فإنه قال: أجلها خمس سنین، و فی الناس من قال:

أنها حالة غیر مؤجلة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 85 - قال الشیخ: العاقلة کل عصبة خرجت عن الوالدین و المولدین

و هم الاخوة و أبناؤهم إذا کانوا من جهة أب و أم، أو من جهة الأب و الأعمام و أبناؤهم و أعمام الأب و أبناؤهم و الموالی، و به قال الشافعی و جماعة.

و قال أبو حنیفة: یدخل الوالد و الولد فیها، و هو مذهب المفید و ابن الجنید و اختاره نجم الدین، و العلامة، و ابن فهد، و هو المعتمد، لأنهم أذی قومه.

مسألة - 86 - قال الشیخ: القاتل لا یدخل فی العقل

بحال مع وجود من یعقل عنه من العصبات و بیت المال، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: القاتل کأحد العصبات یعقل کما یعقل واحد منهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 87 - قال الشیخ: قال الشافعی: لا یحمل علی کل واحد من العاقلة أکثر من نصف دینار

ان کان موسرا، و ربع دینار ان کان معسرا، و یؤخذ من الأقرب فالأقرب علی ترتیب المیراث، فإذا أخذت من الأقرب و فصل من الدیة أخذ من الذی یلیه، فإذا لم یبق أحد من العاقلة و بقی من الدیة أخذت من بیت المال، و عندنا أنها یؤخذ جمیعها منهم، و یؤخذ منهم علی قدر أحوالهم و لا یجحف ببعضهم.

اعلم أن فی هذه المسألة بحثین

ص:186

الأول: فی کمیة التقسیط هل هو یتقدر بنصف الدینار علی الغنی و ربع الدینار علی الفقیر، أو لا یتقدر بشیء بل یأخذ الإمام من العاقلة علی قدر أحوالهم؟ بالأول قال ابن البراج، و اختاره العلامة فی القواعد و الإرشاد، و الثانی اختیار ابن إدریس و نجم الدین، و العلامة فی المختلف(1) و التحریر.

الثانی: إذا لم یبق أحد من العاقلة و بقی شیء من الدیة، هل یؤخذ من بیت مال الإمام أم لا؟ مذهب الشیخ هنا أن الدیة یؤخذ جمیعها منهم، و لا یؤخذ من بیت المال شیء، و اختاره نجم الدین لان ضمان الأمثلة مشروط بعدم وجود العاقلة أو عجزهم، و مذهب الشیخ فی المبسوط(2) أن الزائد یؤخذ من الامام، و اختاره العلامة فی القواعد و الإرشاد، حتی لو کانت الدیة دینارا و له أخ لا غیر أخذ منه نصف دینار، و الثانی من بیت المال، و علی الأول یؤخذ الجمیع من الأخ.

مسألة - 88 - قال الشیخ: الدیة لا تنتقل من العصبات الی أهل الدیوان،

سواء کان القاتل من أهل الدیوان أو لا، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة و مالک:

الدیة علی أهل الدیوان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 89 - قال الشیخ: ابتداء مدة الدیة المؤجلة

من وجوب الدیة، حکم الحاکم بابتدائها أو لم یحکم، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ابتداء المدة من حین حکم الحاکم بها، و اختلف أصحابه متی یتحول الدیة علی العاقلة علی مذهبین، فمنهم من قال: یجب علی القاتل ثم یتحول علی العاقلة عقیب وجوبها علیه بلا فصل، و منهم من قال: لا یتحول الا

ص:187


1- (1) المختلف ص 235 کتاب القصاص.
2- (2) المبسوط 179/7.

بتحویل الحاکم.

و المعتمد قول الشیخ، و یجب علی العاقلة ابتداء بنفس القتل.

مسألة - 90 - قال الشیخ: إذا حال الحول علی موسر من أهل العقل

فوجبت المطالبة فمات بعد هذا، لم تسقط بوفاته بل تتعلق بترکته کالدین. و قال أبو حنیفة:

یسقط بوفاته.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 91 - قال الشیخ: الدیة الناقصة مثل دیة المرأة

و الذمی و الجنین یلزم أیضا فی ثلاث سنین.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی علیه فی السنة الأولی ثلث الدیة الکاملة، و الباقی فی السنة الثانیة، فعلی هذا دیة الیهودی و النصرانی یحل فی السنة الأولی، لأنها ثلث الکاملة عنده، و دیة المجوسی یحل أیضا لأنها أقل من الثلث.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 92 - قال الشیخ: الموسر علیه نصف دینار

، و المتوسط ربع دینار و یؤخذ من الأقرب فالأقرب حتی تنفذ العاقلة، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: علی کل واحد منهم من ثلاثة إلی أربعة، و الغنی و المتوسط سواء، و یقسم الواجب علی العاقلة، و لا یبدأ بالأقرب فالأقرب فخالف فی ثلاثة فصول.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 93 - قال الشیخ: القدر الذی تحمله العاقلة عن الجانی

هو قدر جنایته، قلیلا کان أو کثیرا، و به قال الشافعی، و روی فی بعض أخبارنا أنها لا تحمل الا نصف العشر أرش الموضحة فما فوقها، و ما نقص فهو فی مال الجانی، و به قال

ص:188

سعید بن مسیب و عطاء و أحمد و إسحاق. و قال الزهری: تحمل ما زاد علی الثلث و ما نقص عن ذلک فمن مال الجانی.

و قال الشافعی فی القدیم: علی قولین، أحدهما تحمل الدیة و ما نقص ففی مال الجانی، و الثانی تحمل ما قل و کثر، و هو قوله فی الجدید.

و المعتمد أن العاقلة تحمل دیة الموضحة فما زاد و لا تحمل ما دون ذلک، و هو مذهب الشیخ فی النهایة(1) ، و ابن البراج، و أبی الصلاح، و اختاره العلامة، و فخر الدین. و اختار ابن إدریس مذهب الشیخ هنا.

مسألة - 94 - قال الشیخ: إذا جنی الرجل علی نفسه جنایة خطأ محضا،

کانت هدرا لا یلزم العاقلة، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی و مالک.

و قال قوم منهم أحمد و إسحاق: أنها تلزم العاقلة له ان کان حیا کما لو قطع یده خطاء، و لورثته ان کان میتا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 95 - قال الشیخ: المولی من أسفل لا یعقل عن المولی من أعلی

و به قال أبو حنیفة، و هو أحد قولی الشافعی، و هو أصحهما. و قال فی الأم: تحمل و هو ضعیف عندهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 96 - قال الشیخ: إذا کانت العاقلة أکثر من الدیة

، قسم علی جمیعهم بالحصة. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی للإمام أن یخص منهم من شاء علی الغنی نصف دینار، و علی المتوسط ربع دینار.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و هو اختیار العلامة، و نجم الدین. و قال فی

ص:189


1- (1) النهایة ص 737.

المبسوط: یخص الامام من شاء، لان التقسیط یشق(1).

مسألة - 97 - قال الشیخ: إذا کانت العاقلة کثیرین متساویین فی الترکة،

بعضهم غائب و بعضهم حاضر، کانت الدیة علی الجمیع و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی یخص بها الحاضر دون الغائب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 98 - قال الشیخ: الحلیف لا یعقل و لا یعقل عنه

، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال محمد بن الحسن: یعقل، و روی ذلک عن مالک.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 99 - قال الشیخ: عقد الموالاة صحیح

، و هو أن یتعاقد الرجلان لا یعرف نسبهما علی أن یرث کل واحد منهما صاحبه و یعقل عنه و یرثه حینئذ، و أیهما مات ورثه الأخر. و قال الشافعی: العقد باطل لا یتعلق به حکم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 100 - قال الشیخ: روی أصحابنا أن الذمی إذا قتل خطاء

، لزمه الدیة فی ماله خاصة، فان لم یکن له مال کانت علی الإمام لأنه عاقلته.

و قال جمیع الفقهاء: ان عاقلة الذمی ذمی مثله إذا کان عصبة، فإن کان حربیا لم یکن له عاقلة للذمی، و ان کان عصبة. و ان کانوا مسلمین، فکذلک لا یکونون عاقلة للذمی، و ان کانوا عصبة. فان لم یکن له عاقلة، ففی ماله، و لا یعقل عنه بیت مال المسلمین.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع أصحابنا علی الروایة التی ذکرها.

مسألة - 101 - قال الشیخ: إذا بنی حائطا مستویا فی ملکه فمال الی الطریق

أو الی دار جاره، ثم وقع فأتلف نفسا أو مالا، کان علیه الضمان.

ص:190


1- (1) المبسوط 180/7.

و للشافعی وجهان، ظاهر المذهب أنه لا ضمان علیه، سواء أشهر أو لم یشهر أو طولب بنقضه أو لم یطالب.

و قال أبو حنیفة: ان کان قبل المطالبة بنقضه و قبل الاشهاد علیه فلا ضمان، و ان کان قد طولب بنقضه و أشهد علیه به فوقع بعد القدرة علی نقضه فعلیه الضمان، و ان کان قبل القدرة علی نقضه فلا ضمان. و قال ابن أبی لیلی: ان کان الحائط انشق بالطول فلا ضمان، و ان انشق بالعرض فعلیه الضمان.

استدل الشیخ علی الضمان بأنه إذا مال الی دار جاره، أو طریق المسلمین، فقد حصل فی ملک الغیر فیلزمه ضمانه، کما لو وضع فی الطریق حجرا، و لانه قد وجب علیه إزالته، و إذا لم یفعل ضمن. ثم قال: و یقوی فی نفسی أنه لا ضمان علیه، لأصالة براءة الذمة، و لیس هاهنا دلیل علی وجوب الضمان.

و المعتمد ان فرط المالک بأن علم بمیله، و هو قادر علی إزالته و لم یزله ضمن و الا فلا، و هو مذهب العلامة، و نجم الدین، و اختار ابن إدریس عدم الضمان کما قواه الشیخ.

مسألة - 102 - قال الشیخ: إذا سقط حائط إلی طریق المسلمین

فعثر إنسان بترابه فمات، لم یلزم صاحب الحائط ضمانه، و به قال الشافعی و محمد. و قال أبو یوسف: یضمن.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 103 - قال الشیخ: إذا شرع جناحا الی شارع المسلمین

، أو الی درب، نافذ أو غیر نافذ و بابه فیه، أو أراد إصلاح ساباط علی وجه لا یضر بأحد من المارة لم یکن لأحد معارضته و لا منعه، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: له ذلک ما لم یمنعه مانع، فأما ان اعترض علیه معترض أو منعه مانع کان علیه قلعه.

ص:191

و المعتمد قول الشیخ هنا، و اختار فی المبسوط(1) مذهب أبی حنیفة.

مسألة - 104 - قال الشیخ: من أخرج میزابا الی الشارع

، فوقع علی إنسان فقتله أو متاع فأتلفه کان ضامنا، و به قال جمیع الفقهاء الا بعض أصحاب الشافعی فإنه قال: لا ضمان علیه، لانه محتاج الیه، قال أصحابه: و لیس هذا بشیء.

و احتج الشیخ بإجماع المسلمین. و مذهب المفید و ابن إدریس عدم الضمان و اختاره نجم الدین، لانه فعل سائغ فلا یتعقبه ضمان، و ظاهر الشیخ فی النهایة(2) أیضا عدم الضمان.

و قال فی المبسوط: الحکم فیه کخشب الجناح سواء(3) ، و قال فی الجناح:

إذا سقط ضمن النصف، لانه هلک من فعل مباح و محظور، و مراده بالمباح ما کان من الخشب فی الحائط، و بالمحظور ما کان خارجا من الخشب الی الطریق فعلی هذا لو انکسر المیزاب أو الجناح، فسقط ما خرج عن الحائط ضمن الجمیع و انما یضمن النصف بوقوع الداخل فی الحائط.

و هذا التفصیل مذهب العلامة فی القواعد، و فخر الدین فی الشرح، و لو قیل: لا یضمن الا مع التفریط بنصبه بأن یثبته غیر محکم فیسقط کان وجها.

مسألة - 105 - قال الشیخ: دیة الجنین التام مائة دینار

. و قال جمیع الفقهاء:

دیته غرة عبد أو أمة. و قال الشافعی: قیمتها نصف عشر الدیة خمسون دینارا أو خمس من الإبل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(4).

ص:192


1- (1) المبسوط 188/7.
2- (2) النهایة ص 761.
3- (3) المبسوط 189/7.
4- (4) تهذیب الأحکام 287/10.

مسألة - 106 - قال الشیخ: إذا کان هناک حرکة فضربها فسکنت بضربه فلا ضمان علیه،

و به قال جمیع الفقهاء. و قال الزهری: فیها الغرة، لأنها إذا سکنت فالظاهر أنه قتله فی بطن أمه.

و المعتمد قول الشیخ، لأن الحرکة یجوز أن یکون للجنین، و یجوز أن یکون لریح، فلا یلزم الضمان بالشک. أما لو ألقته میتا بعد السکون ضمنه، سواء ألقته فی حیاتها أو بعد موتها.

مسألة - 107 - قال الشیخ: إذا ألقت نطفة

، وجب علی ضاربها عشرون دینارا، فإذا ألفت علقة وجب أربعون دینارا، فإذا ألقت مضغة وجب ستون دینارا فإذا ألقت عظما فیه عقد قبل أن ینشق السمع و البصر وجب فیه ثمانون دینارا، فإذا تم خلقة بأن یشق سمعه و بصره و تکاملت صورته فهو الجنین یجب فیه مائة دینار و عندهم یجب فیه غرة عبد أو امة و بکل ذلک عندنا تصیر أم ولد، و تنقضی بها عدتها. و أما الکفارة، فلا تجب بإلقاء الجنین علی الضارب.

و قال الشافعی: إذا تم الخلق تعلق به أربعة أحکام: الغرة، و الکفارة، و انقضاء العدة، و یکون أم ولد. و ان شهد أربع قوابل أنه قد تصور الخلق و ان خفی ذلک علی الرجال قبل ذلک، و ان شهدن أنه مبدأ خلق إنسان الا أنه ما خلق فیه تصویر و لا تخطیط، فالعدة تنقضی به، و الأحکام الثلاثة فعلی قولین. و ان ألقت مضغة و أشکلت علی القوابل لم یتعلق بها الأحکام الثلاثة قولا واحدا، و فی العدة قولان.

و المعتمد قول الشیخ إلا فی شیء، و هو أنه ظاهره أن العدة تنقضی بوضع النطفة و تصیر الأمة أم ولد، لقوله «و بکل ذلک عندنا تصیر أم ولد و تنقضی به عدتها» و المعتمد أن العدة لا تنقضی بالنطفة و لا تصیر الأمة أم ولد، بل بما علم أنه مبدأ خلق إنسان، و المرجع الی قول القوابل، کما قاله الشافعی.

مسألة - 108 - قال الشیخ: من أفزع غیره و هو یجامع حتی عزل عن زوجته

ص:193

کان علیه عشر دیة الجنین عشرة دنانیر. و کذا إذا عزل الرجل عن زوجته الحرة بغیر اختیارها، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و لا خلاف فی وجوب دیة النطفة علی المفزع، أما العزل عن الحرة ففیه خلاف هل هی علی الوجوب أو الاستحباب؟ و قد سبق ذلک.

مسألة - 109 - قال الشیخ: دیة الجنین مائة دینار

، سواء کان ذکرا أو أنثی و قال الشافعی: یعتبر بغیره، ففیه نصف عشر دیته لو کان حیا، و ان کان أنثی فعشر دیتها لو کانت حیة، و انما تحقق هذه المعانی حتی یتبین الخلاف معهم فی جنین الأمة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم علی أن دیة الجنین مائة دینار و لم یفصلوا. و قال فی المبسوط: فی الذکر دیته، و فی الأنثی عشر دیتها(1).

مسألة - 110 - قال الشیخ: إذا ضرب بطنها فألقت جنینا

، فإن ألقته قبل و فاتها ثم ماتت ففیها دیتها، و فی الجنین ان کان قبل أن تلجه الروح مائة دینار علی ما مضی، و ان کان بعد أن ولجته الروح فالدیة کاملة، سواء ألقته حیا ثم مات أو میتا، إذا علم أنه کان حیا ثم مات، و ان مات الولد فی بطنها و کان تاما حیا، ففیه نصف دیة الذکر و نصف دیة الأنثی.

و قال الشافعی: علیه دیتها، و فی الجنین الغرة، سواء ألقته میتا أو حیا ثم مات، و به قال أبو حنیفة إلا فی فصل واحد، و هو إذا ألقته میتا بعد وفاتها، فإنه قال: لا شیء فیه بحال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

ص:194


1- (1) المبسوط 194/7.
2- (2) تهذیب الاحکام 288/10.

مسألة - 111 - قال الشیخ: دیة الجنین موروثة عنه

، و لا تکون لامه خاصة و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال اللیث بن سعید: یکون لامه، لأنه بمنزلة عضو من أعضائها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 112 - قال الشیخ: کل موضع أوجبنا فیه دیة الجنین

، فإنه لا یجب فیه کفارة القتل، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: کل موضع یجب فیه الغرة یجب فیه الکفارة.

و المعتمد قول الشیخ، و المراد الجنین الذی لم تلجه الروح، و لو ولجته الروح وجبت الکفارة.

مسألة - 113 - قال الشیخ: إذا قتل الإنسان نفسه

لا یتعلق به دیة بلا خلاف، و لا یتعلق به الکفارة عندنا. و قال الشافعی: یجب به الکفارة، و یخرج من ترکته.

استدل الشیخ بأصالة براءة الذمة، ثم قال: و لو قلنا یجب علیه کان قویا، و استقرب العلامة فی القواعد الوجوب، و فی التحریر عدمه.

مسألة - 114 - قال الشیخ: دیة جنین الیهودی و النصرانی و المجوسی

عشر دیة أبیه ثمانون درهما.

و قال الشافعی: فیه غرة قیمتها عشر دیة أمه مائتا درهم ان کانت یهودیة أو نصرانیة، لان دیتها عنده ألفان و قال فی المجوسیة: عشر دیة أمه أربعون درهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 115 - قال الشیخ: إذا کان الجنین مولودا بین مجوسی و نصرانیة

أو نصرانی و مجوسیة، فالحکم فیه مثل ذلک سواء.

و قال الشافعی: مقدرة بأعلاهما دیة، ان کانت امه نصرانیة ففیه عشر دیتها، و ان کانت مجوسیة فنصف عشر دیة أبیه النصرانی، لأنه لو تولد بین مسلم و کافر

ص:195

اعتبرنا دیة المسلمة و کذلک هاهنا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 116 - قال الشیخ: إذا ضرب بطن امرأة فألقت جنینا حرا مسلما،

و استهل ثم مات، فعلیه الدیة بلا خلاف، و ان لم یستهل بل کان حیا مثل أن تنفس أو شرب اللبن، فالحکم کما لو استهل، و به قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه.

و قال الزهری و مالک: فیه الغرة و لا یجب الدیة کاملة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 117 - قال الشیخ: إذا أخرج الجنین رأسه ثم مات کان مضمونا،

و به قال الشافعی. و قال مالک: غیر مضمون، لأنه انما یثبت له أحکام الدنیا بعد الانفصال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 118 - قال الشیخ: فی جنین الأمة عشر قیمتها

، ذکرا کان أو أنثی، و به قال أهل المدینة، و الشافعی. و قال أبو حنیفة: فیه عشر قیمته ان کان أنثی و نصف عشر قیمته ان کان ذکرا، فاعتبره بنفسه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 119 - قال الشیخ: فی جنین الذمیة عشر دیتها.

و روی السکونی عن جعفر عن علی علیهما السّلام عشر دیة امه(1) ، و ظاهر الشیخ هنا العمل بهذه الروایة، و هی ضعیفة.

مسألة - 120 - قال الشیخ: إذا ثبت أن فی جنین الأمة عشر قیمتها

، فمتی تعتبر قیمتها؟ فعندنا تعتبر حال الاسقاط، و هو اختیار المزنی و الإصطخری.

و المعتمد قول الشیخ، لأن الجنایة سبب الاسقاط، فیکون الاعتبار حال حصولها.

ص:196


1- (1) تهذیب الأحکام 289/10.

مسألة - 121 - قال الشیخ: إذا داس بطن غیره حتی أحدث

، کان علیه أن یداس بطنه حتی یحدث، أو یفدیه بثلث الدیة و حکی عن ابن حنبل مثل ذلک، و خالف جمیع الفقهاء و لم یوجبوا شیئا.

و المعتمد وجوب الحکومة، و هو مذهب ابن إدریس، و نجم الدین، و العلامة و ابن فهد.

مسألة - 122 - قال الشیخ: إذا قطع رأس میت

، أو شیئا من جوارحه مما یجب فیه الدیة کاملة لو کان حیا، کان علیه دیة الجنین مائة دینار، و کلما یصیبه مما فیه مقدر فی الحی ففیه بحساب المائة کما فی أرش جراحات الحی بالنسبة إلی الألف.

و لم یوجب أحد من الفقهاء فیه شیئا، و عندنا یکون ذلک للمیت یتصدق به عنه، و لا یورث و لا ینتقل الی بیت المال. و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم. و قال علم الهدی رحمة اللّه: یکون لبیت المال.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:197

کتاب القسامة

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا کان مع المدعی للدم لوث

، و هو تهمة للمدعی علیه بأمارات ظاهرة، بدأ به فی الیمین یحلف خمسین یمینا و یستحق ما یذکره، و به قال مالک و الشافعی و ابن حنبل.

و قال أبو حنیفة: لا أعتبر اللوث و لا أراعیه، و لا أجعل الیمین فی جانب المدعی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

و اعلم أن قول الشیخ رحمه اللّه «و هو تهمة للمدعی علیه» لیس مراده أن المدعی یتهم المدعی علیه، لان المدعی لا بد أن یکون مدعیا بصیغة الجزم، و الا لما جاز له الحلف علی ما یدعیه، بل مراده أن التهمة یحصل للحاکم بأمارات ظاهرة یغلب معها ظن الحاکم بصدق المدعی، لأنهم عرفوا اللوث بأنه أمارة یغلب معها الظن بصدق المدعی.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا حلف المدعون علی قتل عمد

، وجب القود علی المدعی علیه، و به قال مالک و ابن حنبل و الشافعی فی القدیم. و قال فی الجدید:

لا یشاط به الدم و انما تجب الدیة مغلظة حالة فی ماله.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:198

مسألة - 3 - قال الشیخ: القسامة فی الخطأ خمسة و عشرون رجلا.

و قال الشافعی: لا فرق بین أنواع القتل، ففی جمیعها القسامة خمسون رجلا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و هو مذهب ابن البراج، و ابن حمزة، و اختاره العلامة فی المختلف(1) ، و ابن فهد فی المقتصر(2) و مذهب المفید و سلار کمذهب الشافعی، و هو مساواة الخطاء و شبیه العمد للعمد و اختاره العلامة فی القواعد و الإرشاد و التحریر، و فخر الدین فی الإیضاح، و ادعی ابن إدریس إجماع المسلمین علی ذلک.

مسألة - 4 - قال الشیخ: القسامة یراعی فیها خمسون من أهل المدعی

یحلفون فان لم یکونوا حلف الولی خمسین یمینا. و قال من وافقنا علی القسامة: لا یحلف الاولی الدم خمسین یمینا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا وجد قتیل بین الصفین فی فتنة

، أو قتال أهل البغی و العدل، قبل أن ینشب الحرب بینهم، کان دیته علی بیت المال.

و قال الشافعی: ان کان التحم القتال، فاللوث علی غیر طائفته التی هو فیها و ان کان لم یلتحم فاللوث علی طائفته، سواء کانتا متقاربتین أو متباعدتین.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا وجد قتیل من ازدحام الناس

، أما فی الطواف أو الصلاة، أو دخول الکعبة، أو المسجد أو بئر أو مصنع، أو قنطرة، کانت دیته فی بیت المال.

و قال الشافعی: ذلک لوث علیهم، لانه یغلب علی الظن أنهم قتلوه.

ص:199


1- (1) مختلف الشیعة ص 237 کتاب القصاص.
2- (2) المقتصر فی شرح المختصر - مخطوط.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 7 - قال الشیخ: کل موضع قلنا قد حصل اللوث علی ما فسرناه

فللولی أن یقسم سواء، کان بالقتیل أثر القتل أو لم یکن، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان کان به أثر القتل کقولنا، و ان لم یکن به أثر القتل فلا قسامة بلی ان کان خرج الدم من أنفه فلا قسامة لأنه یخرج من قبل خنق و من غیر خنق و ان خرج الدم من اذنه فهذا مقتول، لانه لا یخرج الا بخنق شدید و تعب عظیم.

و المعتمد قول الشیخ هنا. و قوی فی المبسوط(1) اشتراط وجود أثر القتل، قال هنا: دلیلنا أن المعتاد موت الإنسان بالأمراض، و موت الفجأة نادر، فالظاهر من هذا أنه مقتول، کما أن من به أثر القتل یجوز أن یکون قد خرج نفسه و لا یترک لذلک القسامة، و لا ینبغی أن یحمل علی النادر الا بدلیل، و قد یقتل الإنسان غیره بأخذ نفسه و عصر خصییه و ان لم یکن هناک أثر.

و اعلم أن أبا حنیفة یعتبر القسامة کما ذکره الشیخ عنه فی أول کتاب القسامة.

و کل موضع یذکر فیه قول أبی حنیفة فهو علی تقدیر قوله بها فاعلم ذلک.

مسألة - 8 - قال الشیخ: یثبت اللوث بأشیاء:

بوجود القتل فی دار قوم أو قریتهم التی لم یدخلها غیرهم، و یثبت بالشاهد الواحد، و لا یثبت بقول المقتول عند موته دمی عند فلان، و به قال الشافعی و أبو حنیفة.

و قال مالک: لا یثبت اللوث إلا بأمرین شاهد عدل عند المدعی، أو بقول المقتول عند موته دمی عند فلان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا کان المقتول مشرکا و المدعی علیه مسلما

لم یثبت القتل علی المسلم.

ص:200


1- (1) المبسوط 215/7.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و أثبتها فی المبسوط(1) ، غیر أنه لم یثبت القتل مع قسامة الکافر بل الدیة.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا قتل عبد و هناک لوث

، فلسیده القسامة، و به قال الشافعی، و اختلف أصحابه علی قولین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: یثبت عندنا فی الأطراف قسامة

مثل العینین و الیدین و الرجلین و اللسان و الشم و غیر ذلک.

و قال جمیع الفقهاء: لا قسامة فی الأطراف، و انما هی فی النفس وحدها، الا أن الشافعی قال: إذا ادعی قطع طرف تجب فیه الدیة کاملة، کان علی المدعی علیه الیمین، و هل یغلظ أم لا؟ علی قولین.

و لو کانت إلجائه تجب فیها أقل من دیة النفس کقطع الید مثلا، فهذه تجب فیها نصف الدیة و فی قدر تغلیظها قولان: أحدهما کما فی النفس، و الثانی التغلیظ مقسوم علی قدر الدیة.

و المعتمد قول الشیخ، قال: و عند أصحابنا أن ما تجب فیه الدیة من الأطراف فالقسامة فیه ستة أنفس، فان لم یکونوا کررت علی المدعی ستة أیمان و فیما نقص بحسابه، فان امتنع المدعی حلف المدعی علیه ستة أیمان، أو ما یلزم بحصة ذلک فان کانوا جماعة لا نص علیهم فیه، و الذی یقتضیه المذهب أنه لا یغلظ علی کل واحد منهم.

و اعلم أن البحث هنا فی أماکن:

الأول: فی ثبوت القسامة فی الأطراف، و لا خلاف بین أصحابنا فی ثبوتها.

ص:201


1- (1) المبسوط 216/7.

الثانی: فی قدرها، و فیه خلاف بین أصحابنا، قال الشیخ: القسامة فیما فیه دیة النفس ستة أیمان، و تبعه ابن حمزة و ابن البراج، و اختاره نجم الدین فی المختصر، و فخر الدین، و ابن فهد فی المقتصر، و قال سلار: القسامة خمسون یمینا، و اختاره ابن إدریس، و العلامة فی القواعد(1) و المختلف(2).

الثالث: إذا امتنع المدعی عن الیمین حلف المدعی علیه القسامة علی اختلاف القولین فیما فیه دیة النفس، و بحساب ذلک فیما فیه أقل من دیة النفس، ففی الید خمسة و عشرون أو ثلاثة علی اختلاف القولین.

الرابع: إذا لم یحلف المدعی و ردت الیمین علی المدعی علیه و کان أکثر من واحد، هل یحلف کل واحد القسامة أو تقسط علی الجمیع؟ ظاهر الشیخ هنا أنها تقسط علی الجمیع، و استقرب العلامة فی القواعد أن علی کل واحد خمسین یمینا کما لو انفرد لان کل واحد یتوجه علیه الدعوی بانفراده، و استقر به فی التحریر(3) أیضا، و هو اختیار نجم الدین، و لا بأس به.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا لم یکن لوث، فالیمین علی المدعی علیه

بلا خلاف، و هل تغلظ أم لا؟ عندنا أنه لا یلزمه أکثر من یمین واحدة. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی یلزمه خمسون یمینا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا قتل رجل و هناک لوث و له ولیان

، فادعی أحد الولیین أن زیدا قتله، فکذبه الآخر و الثانی یقدح، و هو الصحیح عندهم.

و المعتمد قول الشیخ، و انما ینتفی اللوث فی حق المکذب خاصة.

ص:202


1- (1) قواعد الاحکام 297/2.
2- (2) مختلف الشیعة ص 237 کتاب القصاص.
3- (3) تحریر الأحکام 252/2.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا ادعی رجل علی رجل أنه قتل ولیا له

و هناک لوث، و حلف القسامة و استوفی الدیة، و جاء أخر و قال: أنا قتلته، کان الولی بالخیار بین أن یصدقه و یکذب نفسه و یرد الدیة و یستوفی منه حقه، و بین أن یکذب المقر و یثبت علی ما هو علیه. و للشافعی قولان.

و قال الشیخ فی المبسوط: لیس له تکذیب نفسه، لانه لا یجوز له أن یقسم الا مع العلم، فلیس له التکذیب بعد ذلک(1). و اختاره العلامة، و هو المعتمد.

ص:203


1- (1) المبسوط 242/7.

کتاب کفارة القتل

مسألة - 1 - قال الشیخ: لا تجب الکفارة بقتل الذمی و المعاهد

، و خالف جمیع الفقهاء، و قالوا: تجب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا قتل مسلما فی دار الحرب متعمدا

لقتله مع العلم بکونه مؤمنا وجب القود، سواء أسلم عندهم و لم یخرج إلینا أو خرج و عاد، أو کان عندنا فدخل إلیهم لحاجة، و به قال الشافعی.

و قال مالک: فیه الدیة و الکفارة علی کل حال. و قال أبو حنیفة: ان کان أسلم عندهم و لم یخرج إلینا، فالواجب الکفارة فقط و لا قود و لا دیة بحال.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا قتل مؤمنا فی دار الحرب قاصدا لقتله

، و لم یعلم أنه مؤمن و ظنه کافرا، فلا دیة علیه غیر الکفارة.

و قال الشافعی: علیه الدیة علی أحد القولین، و الآخر مثل قولنا. و قال مالک:

علیه الدیة و الکفارة. و قال أبو حنیفة: لا دیة علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بقوله تعالی «فَإِنْ کانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» 1 و لم یذکر الدیة.

ص:204

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بقوله تعالی «فَإِنْ کانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» (1) و لم یذکر الدیة.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا قتل أسیرا فی أیدی الکفار و هو مؤمن

، وجبت الدیة و الکفارة، سواء قصده بعینه أو لم یقصده، و به قال أبو یوسف و محمد.

و قال أبو حنیفة: لا ضمان علیه. و قال الشافعی: ان قصده بعینه، فعلیه الدیة و الکفارة علی أحد القولین، و القول الآخر کفارة بلا دیة، و ان لم یقصده بعینه فالکفارة بلا دیة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 5 - قال الشیخ: قتل العمد تجب فیه الکفارة

، و به قال مالک و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: لا کفارة فیه، سواء أوجب القود أو لم یوجبه، نحو أب قتل ولده.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 6 - قال الشیخ: یجب بقتل العمد ثلاث کفارات:

العتق، و الصیام و الإطعام و خالف جمیع الفقهاء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

مسألة - 7 - قال الشیخ: الکفارة تجب بقتل العبد

، عمدا کان أو خطاء، و به قال جمیع الفقهاء فی الخطاء، و فی العمد علی ما مضی، و حکی عن مالک أنه قال: لا کفارة بقتل العبد و الصحیح عنه وفاقه للفقهاء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 8 - قال الشیخ: تجب الکفارة فی حق الصبی و المجنون و الکافر،

ص:


1- (1) سورة النساء: 92.
2- (2) تهذیب الاحکام 162/10.

و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا کفارة علی واحد من هؤلاء.

استدل الشیخ علی الوجوب بعموم الآیة، و طریقة الاحتیاط، ثم قال: و لو قلنا لا یجب علی هؤلاء لکان قویا، لقوله علیه السّلام «رفع القلم عن المجنون حتی یفیق و عن الصبی حتی یبلغ»(1) أما الکافر فیلزمه علی کل حال.

و المعتمد عدم وجوبها علی الصبی و المجنون، و هو اختیار العلامة فی القواعد(2) و التحریر(3) ، و یجب علی الکافر، و یسقط بإسلامه، و الفائدة لو مات علی ذلک عوقب علیها کباقی العبادات.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا اشترک جماعة فی قتل رجل

، کان علی کل واحد کفارة، و به قال جمیع الفقهاء الا عثمان البتی قال: علی الجمیع کفارة واحدة، و حکی ذلک عن الشافعی، قال أصحابه: و لیس بشیء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(4).

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا لم یجد الرقبة انتقل الی الصوم

بلا خلاف، فان لم یقدر علی الصوم أطعم ستین مسکینا. و قال الشافعی: فیها قولان، أحدهما مثل قولنا، و الثانی أن الصوم فی ذمته أبدا حتی یقدر علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 11 - قال الشیخ: الکفارة لا تجب بالأسباب

، و معناه إذا نصب سکینا فی غیر ملکه، فوقع علیها إنسان فمات، أو وضع حجرا فی غیر ملکه، أو حفر بئرا فی غیر ملکه، و غیر ذلک من الأسباب التی یحصل بها التلف، و به

ص:206


1- (1) عوالی اللئالی 209/1 و 528/3.
2- (2) قواعد الاحکام 283/2.
3- (3) تحریر الاحکام 249/2.
4- (4) تهذیب الاحکام 241/10.

قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: کل ذلک تجب به الدیة و الکفارة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا کان الرجل ملفقا فی کساء أو فی ثوب

، فشهد شاهدان علی رجل أنه ضربه فقده بنصفین، فقال الولی: کان حیا حین الضرب، و قال الجانی: کان میتا، کان القول قول الجانی، و به قال أبو حنیفة و أحد قولی الشافعی الصحیح عندهم، و له قول آخر أن القول قول الولی.

و المعتمد قول الشیخ، لانه قد تقابل أصالة براءة الذمة و أصالة الحیاة فسقطا فیرجع الی أصالة البراءة.

مسألة - 13 - قال الشیخ: السحر له حقیقة

، و یصح منه أن یعقد و یرقی و یسحر، فیقتل و یمرض و یکوع الأیدی، و یفرق بین الرجل و زوجته، و یتفق له أن یسحر بالعراق رجلا نحو خراسان فیقتله عند أکثر أهل العلم، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی.

و قال أبو جعفر الأسترآبادی: لا حقیقة له، و انما هو تخییل و شعبدة، و به قال المغربی من أهل الظاهر، و هو الذی یقوی فی نفسی، و یدل علی ذلک قوله تعالی «فَإِذا حِبالُهُمْ وَ عِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی» (1) و المشهور عند أصحابنا أنه لا حقیقة له.

مسألة - 14 - قال الشیخ: من استحل عمل السحر

، فهو کافر و وجب قتله بلا خلاف، و من قال: هو حرام الا أنی استعمله فهو فاسق لا یجب قتله، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: الساحر زندیق إذا عمل السحر و قوله استعمله غیر مقبول، و لا تقبل توبة الزندیق عنده. و قال ابن حنبل: یقتل الساحر و لم یفرض الکفر.

ص:207


1- (1) سورة طه: 66.

و المعتمد قول الشیخ، و لا فرق بین القول بأن له حقیقة، و القول بأن لا حقیقة له، فإنه علی القولین من استحله فهو کافر، و من عمله غیر مستحل فهو فاسق.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا أقر أنه سحر فقتل بسحره متعمدا

، لا یجب علیه القود، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: یجب القود.

استدل الشیخ بأصالة براءة الذمة، قال: و أیضا فقد بینا أن الواحد منا لا یصح أن یقتل غیره بما لا مباشرة به، الا أن یسقیه ما یقتل بالعادة مثل السم، و لیس السحر بشیء من ذلک.

قال: و قد روی أصحابنا أن الساحر یقتل، و الوجه فی هذه الروایة أن هذا من الساحر فساد فی الأرض و السعی فیها به، فلأجل ذلک وجب فیه القتل.

و قال فی المبسوط: إذا سحر رجلا فمات من سحره، سئل فإن قال: سحری یقتل غالبا و قد سحرته و قتلته عمدا فعلیه القود، و کما لو أقر أنه قتله بالسیف عمدا(1).

و ظاهر الشرائع العمل علی هذا، و هو فتوی التحریر.

قال العلامة فیه: الذی اختاره الشیخ (ره) لا حقیقة للسحر، و فی الأحادیث ما یدل علی أن له حقیقة، فعلی ما روی فی الأحادیث لو سحره، ففی القود اشکال، و الأقرب الدیة، لعدم الیقین بذلک، ثم قال: و لو أقر أنه قتله بسحره فعلیه القود عملا بإقراره، ثم قال: و علی قول الشیخ لا یثبت علی الساحر قصاص و لا دیة و ان أقر أنه قتله بسحره.

و قال صاحب الشرائع قال الشیخ: لا حقیقة للسحر، و فی الاخبار ما یدل علی أن له حقیقة، و لعل ما ذکره الشیخ قریب، غیر أن البناء علی احتمال أقرب فلو سحره فمات لم یوجب قصاصا و لا دیة علی ما ذکره الشیخ (ره) و کذا لو أقر أنه قتله بسحره، و علی ما قلناه من الاحتمال یلزمه الإقرار.

ص:208


1- (1) المبسوط 260/7.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا قال أنا أعرف السحر و أحسنه لکنی لا أعمله

لا شیء علیه، و به قال الشافعی و أبو حنیفة.

و قال مالک: هذا زندیق و قد اعترف بذلک، فوجب قتله و لا یقبل توبته.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:209

کتاب قتال أهل البغی

مسألة - 1 - قال الشیخ: الباغی من خرج علی امام عادل و قاتله

، و منع تسلیم الحق الیه و هو اسم ذم، و من أصحابنا من یقول: انه کافر، و وافقنا علی أنه اسم ذم جماعة من العلماء و المعتزلة بأسرهم و یسمونهم فساقا، و کذلک جماعة من أصحاب أبی حنیفة و الشافعی.

و قال أبو حنیفة: هم فساق علی وجه التدبر. و قال أصحاب الشافعی لیس باسم ذم عند الشافعی، بل اسم من اجتهد فأخطأ بمنزلة من خالف الفقهاء فی بعض مسائل الاجتهاد.

و المعتمد کفر البغاة، لقوله علیه السّلام «حربک یا علی حربی و سلمک سلمی»(1) و حرب النبی صلّی اللّه علیه و آله کفر، فیجب أن یکون حرب علی کذلک، و قوله علیه السّلام «اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله» و المعاداة من اللّه لا یکون الا للکفار.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا أتلف الباغی علی العادل مالا

أو نفسا و الحرب قائمة، کان علیه ضمان المال و القود فی النفس، و به قال مالک.

ص:210


1- (1) عوالی اللئالی 102/2 و 87/4.

و قال الشافعی: ان أتلف مالا فعلی قولین، و ان کان قتلا یوجب القود، فعلی طریقین منهم من قال: لا قود قولا واحدا، و الدیة علی قولین، لان القصاص سقط بالشبهة و المال لا یسقط، و من أصحابه من قال: القود علی قولین مثل المال، و الصحیح عندهم لا قود، و به قال أبو حنیفة و ان کان المتلف عادلا فلا ضمان علیه بلا خلاف.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: مانعی الزکاة فی أیام أبی بکر

لم یکونوا مرتدین و لا یجوز أن یسموا بذلک، و به قال الشافعی و أصحابه، الا أنهم قالوا قد سماهم الشافعی مرتدین من حیث منعوا حقا واجبا علیهم. و قال أبو حنیفة: هم مرتدون، لأنهم استحلوا منع الزکاة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا ولی أهل البغی الی غیر فئة

أو ألقوا السلاح أو قعدوا عن القتال، حرم قتالهم بلا خلاف، فان ولوا منهزمین الی فئة لهم، جاز أن یتبعوا و یقتلوا، و به قال أبو حنیفة و أبو إسحاق المروزی. و قال باقی أصحاب الشافعی: لا یجوز قتالهم و لا اتباعهم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 5 - قال الشیخ: من سب الامام العادل وجب قتله

. و قال الشافعی یجب تعزیره.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2) ، و قوله علیه السّلام «من سب علیا فقد سبنی، و من سبنی فقد سب اللّه، و من سب اللّه فقد کفر و وجب

ص:211


1- (1) تهذیب الاحکام 144/6.
2- (2) تهذیب الاحکام 86/10.

قتله»(1).

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا وقع أسیر من أهل البغی فی المقاتلة

، کان للإمام حبسه و لم یکن له قتله، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: له قتله.

و المعتمد ان کان للبغاة فئة یرجعون إلیها جاز قتل أسیرهم و الإجهاز علی جریحهم و الا فلا.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا أسر من أهل البغی من لیس من أهل القتل

کالنساء و الصبیان و الشیوخ الهرمی لا یحبسون، و به قال الشافعی فی الأم، و من أصحابه من قال: یحبسون مثل الرجال.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا قاتل أهل الذمة مع البغاة

، خرجوا بذلک عن الذمة علی کل حال.

و قال الشافعی: ان قاتلوا بشبهة مثل أن یقولوا لا نعلم أنه لا یجوز أو ظننا أن ذلک جائزا، لم یخرجوا بذلک عن الذمة، و ان کانوا عالمین بعدم الجواز خرجوا عن الذمة علی أحد القولین، و قیل: لا یخرجون مطلقا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: یجوز للإمام أن یستعین بأهل الذمة

علی قتال أهل البغی. و قال الشافعی و باقی الفقهاء: لا یجوز.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بأن أهل البغی کفار، و إذا کانوا کفارا جاز الاستعانة بأهل الذمة بلا خلاف.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا نصب أهل البغی قاضیا

، فقضی بینهم أو بین غیرهم، لم ینفذ حکمه، سواء کان القاضی من أهل البغی أو أهل العدل، و سواء

ص:212


1- (1) عوالی اللئالی 87/4.

و أفق الحق أو خالفه.

و قال أبو حنیفة: ان کان القاضی من أهل العدل صح، و ان کان من أهل البغی لا یصح و لا ینعقد له الولایة. و قال الشافعی: ان کان القاضی ممن یعتقد إباحة دماء أهل العدل و أموالهم لم ینفذ قضاءه، سواء وافق الحق أو لم یوافق، و ان کان لا یستبیح أموال أهل العدل و دماءهم، نفذت قضایاه کما ینفذ قضایا غیره، سواء کان القاضی من أهل العدل أو أهل البغی.

و الشیخ استدل بإجماع الفرقة، بأن القاضی لا یجوز أن یولیه غیر الامام.

و المعتمد ان العادل الجامع لشرائط الفتوی إذا أکرهه الجابر، سواء کان باغیا أو غیر باغ علی الفضاء بین الناس، جاز له ذلک و یعتمد الحق ما أمکنه، و لا یقدح ذلک فی عدالته، نص علیه صاحب القواعد و غیره.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا شهد عدل من أهل البغی

ردت شهادته.

و قال الشافعی و أبو حنیفة: لا یرد، غیر أن أبا حنیفة یقول: أهل البغی فساق، لکنه فسق علی طریق التدین، و الفسق علی طریق التدین لا یرد به الشهادة عنده، لانه یقبل شهادة أهل الذمة.

و المعتمد قول الشیخ، لأنهم کفار و لا یجتمع الکفر مع العدالة، و ان لم یکن عدلا لم یقبل شهادته إجماعا.

مسألة - 12 - قال الشیخ: الباغی إذا قتل غسل و صلی علیه

، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: یغسل و لا یصلی علیه.

و المعتمد أنه لا یغسل و لا یصلی علیه لانه کافر.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا قصد رجل رجلا یرید نفسه أو ماله

، جاز له الدفع عن نفسه و ماله، و ان أتی علی نفسه أو نفس طالبه، و یجب علیه أن یدفع عن نفسه إذا طلب قتله، و لا یجوز أن یستسلم مع القدرة علی الدفع.

ص:213

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی یجوز أن یستسلم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 14 - قال الشیخ: ما حواه عسکر البغاة یجوز أخذه

و الانتفاع به و یکون غنیمة یقسم فی المقاتلة، و ما لم یحوه العسکر لا یتعرض له.

و قال الشافعی: لا یجوز لأهل العدل أن یستمتعوا بدواب أهل البغی و لا بسلاحهم و لا یرمون بنشابهم فی حال القتال و لا فی غیر حال القتال، و متی حصل من ذلک شیء عندهم کان محفوظا لأربابه، فإذا انقضت الحرب رد إلیهم.

و قال أبو حنیفة: یجوز الاستمتاع بدوابهم و سلاحهم و الحرب قائمة فإذا انقضت ردوا علیهم ذلک.

و استدل الشیخ هنا بإجماع الفرقة و أخبارهم، و فصل فی المبسوط، فقال: ان کان لهم فئة یرجعون إلیها جاز غنیمة ما حواه العسکر، و ان لم یکن فلا یجوز(1) ، و هو المعتمد.

ص:214


1- (1) المبسوط 280/7.

کتاب المرتد

مسألة - 1 - قال الشیخ: المرأة إذا ارتدت لا تقتل

، بل تحبس و تجبر علی الإسلام حتی ترجع أو تموت فی الحبس، و به قال أبو حنیفة و أصحابه، و قال: ان لحقت بدار الحرب سبیت و استرقت.

و قال الشافعی: إذا ارتدت قتلت، کالرجل ان لم یرجع، و به قال مالک و ابن حنبل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 2 - قال الشیخ: الزندیق هو الذی یظهر الإسلام و یبطن الکفر

، فإذا تاب و قال ترکت الزندقة، روی أصحابنا أنه لا تقبل توبته، لانه دین مکتوم، و به قال مالک.

و قال الشافعی: تقبل توبته، و عن أبی حنیفة روایتان: إحدیهما مثل قول مالک و الأخری مثل قول الشافعی.

استدل الشیخ بإجماع الفرقة علی الروایة التی ذکرها، قال: و لان مذهبه إظهار الإسلام، فإذا طالبته بالتوبة فقد طالبته بإظهار ما هو مظهره، فکیف یکون

ص:215


1- (1) تهذیب الأحکام 137/10.

إظهار دینه توبة، و استقرب العلامة فی القواعد قبول توبته، و اختاره الشهید فی دروسه(1) ، و هو المعتمد.

مسألة - 3 - قال الشیخ: المرتد علی ضربین:

أحدهما ولد علی فطرة الإسلام بین مسلمین، فمتی ارتدت وجب قتله، و لا تقبل توبته. و الآخر کان کافرا فأسلم ثم ارتد، فهذا یستتاب فان تاب و الا وجب قتله، و به قال عطاء. و قال الحسن البصری: المرتد یقتل من غیر استتابة.

و قال الشافعی و أبو حنیفة و مالک و عامة الفقهاء: المرتد یستتاب، سواء ارتد عن فطرة أو عن ملة، فان لم یتب وجب قتله.

و المعتمد أن المرتد عن فطرة لا تقبل توبته ظاهرا بالنسبة إلی سقوط القتل و إباحة الزوجة المسلمة، و عدم قسمة أمواله، و علیه إجماع الفرقة المحقة، و هل تقبل توبته باطنا؟ قوی الشهید فی دروسه(2) قبولها باطنا. و قال ابن فهد فی مهذبه تقبل بالنسبة إلی طهارته و صحة عبادته، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 4 - قال الشیخ: من أجمعنا علی استتابته

، متی تاب سقط عنه القتل و به قال جمیع الفقهاء، و حکی الشافعی فی القدیم عن قوم أنه لا تقبل توبته و یجب قتله.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 5 - قال الشیخ: الاستتابة واجبة فیمن شرطه الاستتابة

، و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی مستحبة، و هو قول أبی حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(3).

ص:216


1- (1) الدروس ص 166.
2- (2) الدروس ص 166.
3- (3) تهذیب الأحکام 137/10.

مسألة - 6 - قال الشیخ: الموضع الذی قلنا یستتاب

، لم یحده أصحابنا بقدر، و الاولی أن لا یکون مقدرا. و للشافعی قولان، سواء قال الاستتابة واجبة أو مستحبة: أحدهما یستتاب ثلاثا، و به قال أحمد، و هو ظاهر قول أبی حنیفة، و الأخر یستتاب ان تاب فی الحال و الا قتل، و هو أصحهما عندهم. و قال الثوری: یستتاب ما دام یرجی رجوعه.

و المعتمد أنه یستتاب القدر الذی یمکن معه الرجوع ان تاب و الا قتل، و استحسن نجم الدین فی الشرائع(1) الصبر ثلاثا، لما فیه من التأنی لإزالة عذره.

مسألة - 7 - قال الشیخ: المرتد ان کان عن فطرة الإسلام

، زال ملکه عن ماله و تصرفه باطل، و ان کان عن ملة لم یزل ملکه و تصرفه صحیح.

و اختلف أصحاب الشافعی علی طریقین، منهم من قال: فی ملکه و تصرفه ثلاثة أقوال: أحدها لا یزول ملکه و تصرفه صحیح، و الثانی یزول و تصرفه باطل، و الثالث أنه مراعی، فان عاد تبینا عدم زوال ملکه و صحة تصرفه، و ان مات أو قتل تبینا زوال ملکه بالردة و عدم صحة تصرفه، و منهم من قال: فی ملکه قولان، و فی تصرفه ثلاثة أقوال.

و المعتمد أن ملکه لا یزول بنفس الردة، لکن یحجر الحاکم علی أمواله، لئلا یتصرف فیها بالإتلاف، فإن تاب دفعت الیه، و ان مات أو قتل دفعت الی ورثته المسلمین ان کان، و الا فهی للإمام، أما تصرفه حال الردة بالبیع و الهبة و العتق و غیر ذلک، فالشیخ حکم بصحتها.

و قال العلامة فی القواعد: و تصرفات المرتد عن غیر فطرة غیر ماضیة، لانه محجور علیه، فان تاب نفذ الا العتق، و یمضی ما لا یتعلق بأمواله، قال: و هل یثبت

ص:217


1- (1) شرائع الإسلام 184/4.

الحجر بمجرد الردة أو بحکم الحاکم؟ الأقوی الأول(1).

فعلی هذا یکون تصرفه موقوف ان تاب تبینا الصحة، و ان مات أو قتل تبینا البطلان. أما العتق، فإنه یقع باطلا مطلقا، لان العتق لا یقع موقوفا، إذ من شرط صحته التنجیز.

و قال فی التحریر(2) کقوله فی القواعد، الا أنه لم یستثن العتق کما استثناه فی القواعد.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا مات المرتد و خلف مالا و له ورثة مسلمون

ورثوه سواء اکتسبه حال إسلامه أو حال کفره، و به قال أبو یوسف و محمد.

و قال أبو حنیفة: یرث ورثته المسلمون ما اکتسبه حال إسلامه، و ما اکتسبه حال کفره فهو فیء. و قال الشافعی: الکل فیء سواء اکتسبه حال إسلامه أو حال کفره.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 9 - قال الشیخ: من ترک الصلاة معتقدا أنها غیر واجبة

، کان کافرا یجب قتله بلا خلاف، و ان ترکها کسلا مع اعتقاد وجوبها و تحریم ترکها کان فاسقا یؤدب و لا یقتل.

و قال أبو حنیفة: یحبس حتی یصلی. و قال الشافعی: یقتل بعد الاستتابة ان لم یتب کالمرتد. و قال ابن حنبل: یکفر بعد ذلک.

و المعتمد أنه یقتل بعد التعزیر ثلاثا.

مسألة - 10 - قال الشیخ: المرتد الذی یستتاب إذا لحق بدار الحرب

، لم یجر ذلک مجری موته، و لا یتصرف فی ماله، و لم یعتق مدبره، و لا یحل ما علیه

ص:218


1- (1) قواعد الاحکام 276/2.
2- (2) تحریر الاحکام 235/2.

من الدیون، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یجری ذلک مجری موته.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا رزق المرتد أولادا بعد الارتداد

، کان حکمهم حکم الکفار، یجوز استرقاقهم، سواء ولدوا فی دار الحرب أو دار الإسلام.

و للشافعی قولان: أحدهما لا یجوز، لان الولد یلحق بأبیه، فلما ثبت أن أباه لا یسترق، لانه قد ثبت له حرمة الإسلام فکذلک ولده. و الآخر یسترق، و لا فرق عنده بین دار الإسلام و دار الحرب.

و قال أبو حنیفة: ان کانوا فی دار الحرب فإنهم یسترقون، و ان کانوا فی دار الإسلام فإنهم لا یسترقون.

و المعتمد ان کانت أم ولد المرتد مسلمة فهو مسلم و ان کانت کافرة أو مرتدة فحکمه حکم أبیه، و هو مذهب الشیخ فی المبسوط(1) ، فإذا بلغ و اختار الکفر استتیب، فان تاب و الا قتل.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا نقض الذمی أو المعاهد الذمة أو العهد

و لحق بدار الحرب، و له عندنا أموال و أولاد، فأمانه فی أمواله و أولاده باق، فان مات فمیراثه لورثته من أهل الحرب. و لورثته من أهل الذمة فی دار الإسلام.

و قال الشافعی: میراثه لورثته من أهل الحرب دون ورثته من أهل الذمة فی بلد الإسلام، لأنه لا توارث بین الحربی و الذمی. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 13 - قال الشیخ: کلما یخص الحربی علی مذهبنا

، أو جمیعه علی مذهب الشافعی، فإنه یزول عنه أمانه. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا و الأخر أمانه باق.

و المعتمد قول الشیخ، فإذا زال عنه الأمان کان فیئا ینقل الی بیت المال.

ص:219


1- (1) المبسوط 285/7.

کتاب الحدود

مسألة - 1 - قال الشیخ: یجب علی الثیب الرجم

، و به قال جمیع الفقهاء و حکی عن الخوارج أنهم قالوا: لا رجم فی شرعنا، لانه لیس فی ظاهر القرآن و لا فی السنة المتواترة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و روی أن علیا علیه السّلام جلد سراجة یوم الخمیس و رجمها یوم الجمعة، و قال: جلدتها بکتاب اللّه و رجمتها بسنة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله.

مسألة - 2 - قال الشیخ: المحصن إذا کان شیخا أو شیخة

، فعلیهما الجلد ثم الرجم، و ان کانا شابین فعلیهما الرجم بلا جلد. و قال داود و أهل الظاهر: علیهما الجلد ثم الرجم، و به قال جماعة من أصحابنا. و قال جمیع الفقهاء: علیهما الرجم دون الجلد.

و المعتمد أن علیهما الجلد و الرجم، و هو خیرة المفید، و المرتضی و ابن إدریس، و العلامة، و نجم الدین.

مسألة - 3 - قال الشیخ: البکر عبارة عن غیر المحصن، فإذا زنی البکر

جلد مائة، و غرب عاما ان کان ذکرا، و ان کان أنثی لم یکن علیها تغریب، و به قال

ص:220

مالک.

و قال الشافعی و أحمد: الذکر و الأنثی سواء. و قال أبو حنیفة: الحد انما هو الجلد، و أما التغریب فلیس بحد و انما هو تعزیر الی اجتهاد الإمام، فان رأی الحبس فعل، و ان رأی التغریب الی بلد آخر فعل من غیر تقدیر، و الذکر و الأنثی سواء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، الا أن بین أصحابنا خلافا فی تعریف البکر، قال الشیخ هنا و فی المبسوط(1): هو غیر المحصن، و اختاره ابن إدریس، و نجم الدین فی الشرائع(2) ، و قال فی النهایة(3) هو من أملک و لم یدخل، أی: عقد علی امرأة و لم یدخل بها، و هو المشهور عند أصحابنا، و اختاره العلامة فی المختلف(4) و التحریر(5) ، و فخر الدین فی الإیضاح(6) ، و ابن فهد فی المقتصر(7).

مسألة - 4 - قال الشیخ: لا نفی علی العبد و لا الأمة

، و به قال مالک و أحمد.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی علیهما النفی، و له فی النفی قولان:

أحدهما سنة کالحر، و الثانی نصف سنة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 5 - قال الشیخ: الإحصان لا یثبت الا أن یکون للرجل الحر فرج

یغدو الیه و یروح متمکن من وطئه، سواء کانت زوجة حرة أو أمة أو ملک یمین،

ص:221


1- (1) المبسوط 3/8.
2- (2) شرائع الإسلام 150/4.
3- (3) النهایة ص 693.
4- (4) مختلف الشیعة ص 204 کتاب الحدود.
5- (5) تحریر الأحکام 220/2.
6- (6) الإیضاح 479/4.
7- (7) المقتصر - مخطوط.

و متی لم یکن متمکنا منه لم یکن محصنا. و یحصل عدم التمکن بالسفر و الحبس و عدم التخلی بینهما، و إحصان المرأة کإحصان الرجل، و إذا طلق المحصن و بانت منه بطل الإحصان بینهما.

و قال الفقهاء کلهم: خلاف ذلک فی الحرة أنه متی عقد علیها و دخل بها ثبت الإحصان بینهما، و ان فارقها بموت أو طلاق و لم یراعوا التمکین من وطئها، أما الأمة فقال الشافعی: إذا أصاب أمة بنکاح صحیح أو العبد حرة، ثبت الإحصان للحرة دون المملوک، و هو قول مالک.

و قال أبو حنیفة: لا یثبت الإحصان لأحدهما، و هکذا الصغیر إذا أصاب کبیرة أو الکبیرة صغیرة ثبت الإحصان للکبیر عند الشافعی. و قال أبو حنیفة و مالک:

لا یثبت الإحصان لأحدهما، و یحکی عن الشافعی هذا فی القدیم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا مکنت العاقلة المجنون من نفسها فوطئها

لزمهما الحد، و ان وطئ المجنونة عاقل لزمه الحد و لم یلزمها.

و قال الشافعی: یلزم الحد العاقل دون المجنون فی الموضعین. و قال أبو حنیفة: لا یجب علی العاقلة الحد إذا وطئها المجنون، فان وطئ عاقل مجنونة لزمه الحد.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة، و وافقه المفید، و ابن البراج، و ابن بابویه علی حد المجنون إذا زنی. و قال سلار و ابن إدریس: لا حد علی المجنون، و اختاره العلامة، و فخر الدین، و أجمع الکل علی عدم حد المجنونة.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا وطئ بهیمة

، فإن کانت مأکولة اللحم ذبحت و أحرق لحمها و لا یؤکل، فان کانت لغیر الواطئ أغرم قیمتها. و ان کانت غیر مأکولة اللحم حملت الی بلد آخر و بیعت و لا تذبح.

ص:222

و قال الشافعی: ان کانت مأکولة ذبحت، و هل یؤکل لحمها؟ فیه قولان و ان کانت غیر مأکولة هل یذبح؟ فیه قولان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 8 - قال الشیخ: روی أصحابنا فی الرجل إذا وجد مع امرأة أجنبیة

یقبلها أو یعانقها فی إزار واحد أن علیهما مائة جلدة. و قال جمیع الفقهاء: علیه التعزیر، و هو المعتمد، و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا وجدت امرأة حبلی و لا زوج لها

، و أنکرت أن یکون من زنا، فلا حد علیها، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: علیها الحد.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: یستحب أن یحضر عند اقامة الحد علی الزانی

طائفة من المؤمنین بلا خلاف، و أقل ذلک عشرة، و به قال الحسن البصری.

و قال ابن عباس: أقله واحدة، و روی ذلک أیضا أصحابنا. و قال عکرمة: اثنان.

و قال الزهری: ثلاثة. و قال الشافعی: أربعة.

و اعلم أن البحث هنا فی موضعین:

الأول: هل إحضار الطائفة واجب أو مستحب؟ قال الشیخ: أنه مستحب و أوجبه ابن إدریس، و اختاره نجم الدین فی المختصر(2) و العلامة و ابن فهد فی المقتصر، و هو المعتمد.

الثانی: فی عدد الطائفة قال الشیخ هنا: عشرة. و قال فی النهایة: أقلها

ص:223


1- (1) تهذیب الاحکام 60/10.
2- (2) المختصر النافع ص 295.

واحد(1).

و اختاره نجم الدین، و العلامة و ابن فهد. و قال ابن إدریس: أقلها ثلاثة، و المعتمد مذهب النهایة.

مسألة - 11 - قال الشیخ: یفرق حد الزانی علی جمیع البدن

الا الوجه و الفرج، و به قال الشافعی و أضاف أبو حنیفة إلی الوجه و الفرج الرأس، و هو المعتمد.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا اشتری ذات محرم

، کالأم و الأخت و العمة و الخالة من النسب أو الرضاع، فوطئها مع العلم بالتحریم، کان علیه الحد.

و للشافعی قولان: أحدهما علیه الحد، و الثانی لا حد علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة علی أن هؤلاء ینعتقون، فإذا وطئ حرة ذات محرم کان علیه الحد، و الحد هنا القتل. و قال الشافعی: الحد الجلد إذا قال بوجوبه، و علی القول الآخر فلا حد لحصول الشبهة بسبب الملک.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا ثبت الزنا لبینة

، لم یجب علی الشهود حضورهم عند الرجم، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یجب علیهم ذلک.

قال الشیخ: و روی أصحابنا أنه إذا وجب الرجم، فأول من یرجم الشهود ثم الامام، و ان کان مقرا علی نفسه فأول من یرجمه الامام، قال: فعلی هذا یلزمهم الحضور.

و هذا هو المعتمد، و هو مذهب ابن الجنید، و ابن حمزة، و اختاره نجم الدین فی الشرائع(2) ، و العلامة فی القواعد، و اختار فی المختلف(3) عدم وجوب

ص:224


1- (1) النهایة ص 701.
2- (2) شرائع الإسلام 157/4.
3- (3) المختلف ص 211 کتاب الحدود.

الحضور، و اختاره فخر الدین، فعلی هذا یکون وجوب البدأة مع الحضور.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا حضر الامام و الشهود موضع الرجم،

فان کان الحد وجب بالإقرار، وجب علی الإمام البدأة ثم یتبعه الناس، و ان کان بالبینة بدأ أولا الشهود ثم الامام ثم الناس، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: لا تجب البدأة علی واحد منهم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 15 - قال الشیخ: لا یجب الحد بالزنا إلا بالإقرار أربعا

فی أربع مجالس فأما دفعة واحدة فلا یثبت به علی حال، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: إذا أقر دفعة واحدة لزمه الحد، بکرا کان أو ثیبا، و به قال مالک. و قال ابن أبی لیلی: لا یثبت إلا بأربع مرات و ان کان فی مجلس واحد، و هو المعتمد، و هو اختیار العلامة فی التحریر(1).

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا أقر بحد ثم رجع عنه سقط الحد

، و هو قول أبی حنیفة و الشافعی و أحد الروایتین عن مالک، و عنه روایة أخری أنه لا یسقط، و به قال الحسن البصری.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 17 - قال الشیخ: المریض المأیوس منه إذا زنی و هو بکر

، أخذ عذق فیه مائة شمراخ أو مائة عود شد بعضها الی بعض، و یضرب به ضربة واحدة علی وجه لا یؤدی الی تلفه.

و قال أبو حنیفة: یضرب مجتمعا و متفرقا ضربا مؤلما. و قال الشافعی: یضرب مائة بأطراف الثیاب و النعال ضربا لا یؤلم ألما شدیدا.

ص:225


1- (1) تحریر الاحکام 221/2.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا شهد علیه أربعة شهود بالزنا فکذبهم

، أقیم علیه الحد بلا خلاف، و ان صدقهم أقیم علیه الحد، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یقام علیه الحد، لانه سقط حکم الشهادة بالاعتراف، و الاعتراف دفعة واحدة لا یوجب الحد.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا وجد الرجل علی فراشه امرأة

، فظنها زوجته فوطئها، لم یکن علیه حد، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: علیه الحد، و روی ذلک أصحابنا.

و المعتمد عدم وجوب الحد، لانه شبهة.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا أقر الأخرس بالزنا بإشارة معقولة

لزمه الحد، و کذا إذا أقر بالقتل العمد لزمه القود، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة لا یلزمه الحد و لا القتل.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا لاط الرجل فأوقب

، کان علیه القتل، و الامام مخیر بین أن یقتله بالسیف، أو یرمی علیه حائطا، أو یرمیه من موضع عال. و ان کان دون الإیقاب، فإن کان محصنا وجب علیه الرجم، و ان کان بکرا وجب علیه مائة جلدة.

و للشافعی قولان: أحدهما حکمه حکم الزانی، و به قال محمد و أبو یوسف و الآخر یقتل علی کل حال، و به قال مالک و أحمد و إسحاق الا أنهم لم یفصلوا و قال أبو حنیفة: لا یجب الحد، و انما یجب به التعزیر.

ص:226


1- (1) تهذیب الاحکام 33/10.

و المعتمد أن مع عدم الإیقاب یجلد مائة جلدة، سواء کان محصنا أو غیر محصن و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا أتی بهیمة، کان علیه التعزیر

دون الحد، و به قال مالک و أبو حنیفة.

و للشافعی ثلاثة أقوال: أحدها مثل قولنا، و الثانی مثل الزنا، و الثالث مثل اللواط.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا شهد أربعة شهود علی رجل انه زنی بامرأة

فشهد اثنان علی أنه أکرهها، و الآخران أنها طاوعته، قال الشافعی: لا یجب الحد و هو الأقوی عندی. و قال أبو حنیفة: علیه الحد، و به قال أبو العباس.

و المعتمد ما قواه الشیخ، لأن الشهادة لم تکمل لکونها علی فعلین، لان فعل الإکراه غیر فعل المطاوعة، و هو اختیار العلامة فی القواعد(1) و المختلف(2) و قوی الشیخ فی المبسوط(3) مذهب أبی حنیفة، و اختاره ابن إدریس.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا استأجر امرأة للوطی فوطئها

لزمه الحد و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا حد علیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا کان الزانیان کاملین

، بأن یکونا حرین بالغین عاقلین فقد احصنا، و ان کانا ناقصین بأن یفقد الشرائط فیهما لم یحصنا، و ان کان أحدهما کاملا و الآخر ناقصا، فان کان النقص بالرق فالکامل قد أحصن، و ان کان

ص:227


1- (1) قواعد الاحکام 251/2.
2- (2) مختلف الشیعة ص 203 کتاب الحدود.
3- (3) المبسوط 8/8.

بالصغر لا یثبت فیهما الإحصان، و به قال أبو حنیفة.

و قال مالک: ان کان النقص رقا لم یثبت الإحصان لأحدهما و ان کان صغرا أحصن الکامل.

و قال الشافعی: ان کان النقص بالرق، فقد أحصن الکامل بلا خلاف علی مذهبهم و ان کان بالصغر ففیه قولان، قال فی الأم: الکامل محصن، و فی الإملاء: لا یثبت الإحصان لأحدهما. و المذهب الأول.

و المعتمد قول الشیخ، و هو فتوی العلامة فی القواعد.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا عقد النکاح علی ذات محرم له

، نسبا أو رضاعا أو امرأة أبیه أو ابنه، أو تزوج بخامسة، أو امرأة لها زوج و وطئها، أو وطئ امرأة بعد ان بانت باللعان، أو بالطلاق الثلاث مع العلم بالتحریم، فعلیه القتل فی وطئ ذات الرحم، و فی وطئ الأجنبیة الحد، و به قال الشافعی الا أنه لم یفصل.

و قال أبو حنیفة: لا حد فی شیء من هذا، حتی قال: لو استأجر امرأة لیزنی بها فزنا فلا حد، فإن استأجرها للخدمة فوطئها فعلیه الحد.

و المعتمد قول العلامة فی القواعد، قال: القتل حد أربعة:

الأول: من زنی بذات محرم، کالأم و البنت و الأخت و العمة و الخالة و بنت الأخ و بنت الأخت نسبا.

الثانی: الذمی إذا زنی بالمسلمة، سواء کان بشرائط الذمة أو لا، و سواء أکرهها أو طاوعته، قال: أما لو عقد علیها فإنه باطل، و فی إلحاقه بالزانی مع جهله بالتحریم علیه اشکال.

الثالث: المکره للمرأة علی الزنا.

الرابع: الزانی بامرأة أبیه علی رأی، و لا یعتبر فی هؤلاء الإحصان و لا الحریة

ص:228

و لا الشیخوخة(1) هذا هو المشهور. و ما عدا هؤلاء الأربعة فحده الجلد أو الرجم باعتبار الإحصان و عدمه.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا تکامل شهود الزنا أربعة، ثم غابوا

أو ماتوا جاز للحاکم أن یحکم بشهادتهم، و یقیم الحد علی المشهود علیه، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: متی غابوا أو ماتوا لم یحکم بشهادتهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا تکامل شهود الزنا

، فقد ثبت الحکم بشهادتهم سواء شهدوا فی مجلس واحد أو فی مجالس، و شهادتهم متفرقین أحوط، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان شهدوا فی مجلس واحد، فقد ثبت الحکم بشهادتهم و ان شهدوا فی مجالس فهم قذفة یحدون، و المجلس عنده مجلس الحکم، فلو جلس بکرة و لم یقم الی العشاء فهو مجلس واحد، فلو شهد اثنان فیه بکرة و آخران عشیة فقد ثبت الحد، و لو جلس لحظة و انصرف ثم عاد فهما مجلسان.

و المعتمد وجوب حضورهم دفعة واحدة، فإذا جاءوا دفعة استحب تفریقهم عند إقامة الشهادة.

و لو تفرقوا فی الحضور ثم اجتمعوا فی مجلس الحکم لإقامة الشهادة قال العلامة فی القواعد الأقرب حدهم للفریة(2). و قال فی التحریر: و لا یشترط اجتماعهم حال مجیئهم، فلو جاءوا متفرقین واحدا بعد واحد و اجتمعوا فی مجلس واحد ثم أقاموا الشهادة ثبت الزنا(3). و هذا خلاف مذهبه فی القواعد.

ص:229


1- (1) قواعد الاحکام 252/2.
2- (2) قواعد الاحکام 251/2.
3- (3) تحریر الأحکام 221/2.

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا حضر أربعة لیشهدوا بالزنا

، فشهد واحد أو ثلاثة و لم یشهد الرابع، لم یثبت الزنا بلا خلاف، و من لم یشهد لا شیء علیه بلا خلاف و من شهد فعلیه حد القذف، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی فی أحد قولیه، و القول الآخر لا یجب الحد و الشیخ استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم و إجماع الصحابة.

مسألة - 30 - قال الشیخ: إذا شهد أربعة علی رجل بالزنا

، فردت شهادة واحد منهم، فان ردت بأمر ظاهر لا خفاء فیه علی أحد، فإنه یجب علی الأربعة حد القاذف، و ان ردت بأمر خفی فإنه یقام الحد علی مردود الشهادة دون الثلاثة.

و قال الشافعی: ان ردت بأمر ظاهر، فعلی قولین فی الأربعة: أحدهما یقام علیهم الحد، و الثانی لا یقام علیهم الحد، و ان ردت بأمر خفی فمردود الشهادة لا حد علیه و الثلاثة لا حد علیهم، و من أصحابه من قال: علی قولین.

و قوی فی المبسوط(1) عدم اقامة الحد علی المردود أیضا، و اختار العلامة فی المختلف(2) و التحریر مذهب الخلاف، لانه مردود الشهادة، فیجب علیه الحد کما لو رد بأمر ظاهر، و الفرق بینه و بین الثلاثة أنه یعلم بفسق نفسه و هم لا یعلمون و المعتمد قول الشیخ هنا.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا شهد أربعة ثم رجع واحد منهم

، فلا حد علی المشهود علیه بلا خلاف، و علی الراجع الحد بلا خلاف، أما الثلاثة فلا حد علیهم.

و للشافعی قولان: المنصوص علیه مثل قولنا، و قال بعض أصحابه: هو أیضا علی قولین. و قال أبو حنیفة: علیهم الحد، و جزم به صاحب القواعد، قال:

و لو رجعوا أو بعضهم قبل الحکم فعلیهم أجمع الحد، و لا یختص الراجع بالحد و لا بالعفو.

ص:230


1- (1) المبسوط 9/8.
2- (2) مختلف الشیعة ص 203 کتاب الحدود.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا شهد أربعة، فرجم المشهود علیه فرجع واحد

و قال: تعمدت قتله کان علیه الحد و القود، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة:

لا قود علیه. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 33 - قال الشیخ: إذا استکره امرأة علی الزنا

، فلا حد علیها بلا خلاف و علیه الحد و لا مهر لها، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: لها المهر، و هو المعتمد، و یتکرر بتکرر الوطء مع الإکراه و استدل الشیخ بقوله علیه السّلام «لا مهر لبغی» و أنکره ابن إدریس و من تابعه، لان المکرهة لیست بغیة.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا زنی العبد أو الأمة

، فعلی کل واحد منهما نصف الحر خمسون جلدة، تزوجا أو لم یتزوجا، و به قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی.

و قال ابن عباس: ان تزوجا فعلی کل منهما نصف ما علی الحر، و ان لم یتزوجا فلا شیء علیهما، و من الناس من قال: العبد کالحر یجلد ان کان بکرا، و یرجم ان کان ثیبا. و قال داود: العبد یجلده مائة، أما الأمة فإن تزوجت کان علیها نصف ما علی الحرة، و ان لم تتزوج ففیه روایتان: أحدهما یجلد مائة، و الثانیة لا شیء علیها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1) ، و لا فرق بین الإحصان و عدمه.

مسألة - 35 - قال الشیخ: للسید اقامة الحد علی مملوکه بغیر اذن الامام

عبدا کان أو أمة، مزوجة کانت الأمة أو غیر مزوجة، و به قال الشافعی و أحمد.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: لیس له ذلک، و الإقامة للأمة فقط. و قال مالک ان کان عبدا أو أمة لیس لها زوج فله اقامة الحد علیهما، و کان کانت الأمة مزوجة

ص:231


1- (1) تهذیب الاحکام 28/10.

فلیس له ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 36 - قال الشیخ: له أن یقیم الحد علی مملوکه

فی شرب الخمر و أن یقطعه فی السرقة، و یقتله بالردة، و وافقنا الشافعی فی الخمر قولا واحدا، و فی القطع فی السرقة قولان: أصحهما مثل قولنا، و فی القتل بالردة علی وجهین.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم، و قوله علیه السّلام «أقیموا الحدود علی ما ملکت أیمانکم» و جزم العلامة فی التحریر بما قاله الشیخ، و قال فی القواعد و لو کان الحد رجما أو قتلا اختص بالإمام، و کذا القطع بالسرقة، و مذهب القواعد أحوط.

مسألة - 37 - قال الشیخ: یقیم السید الحد علی مملوکه

باعترافه و بالبینة و بعلمه، و وافقنا الشافعی فی الاعتراف قولا واحدا، و فی البینة علی قولین، و کذلک فی العلم.

و العلامة فی التحریر تابع الشیخ من غیر تردد، و قال فی القواعد: هذا کله إذا شاهد الزنا أو أقر الزانی، و لو قامت عنده البینة، فالأقرب الافتقار إلی اذن الحاکم. و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم و عموم الاخبار، و هو قوی.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا کان السید فاسقا أو مکاتبا أو امرأة

، کان له اقامة الحد علی مملوکه.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لیس له ذلک، لان الفسق یمنع منه.

و استدل الشیخ بعموم الاخبار، و استشکله العلامة فی القواعد من العموم و کونه استصلاحا للمال فیجوز، و من کونه ولایة فلا یجوز، لأن المرأة و الفاسق و المکاتب لیس أهلا للولایة، أما العلم بإقامة الحدود و قدرها و أحکامها فمجمع

ص:232

علی اشتراطه.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا وجد رجل قتیلا فی دار رجل

، فقال صاحب الدار: وجدته یزنی بامرأتی، فإن کان معه بینة، فلا یجب علیه القود، و الا کان القول قول ولی الدم، سواء کان الرجل معروفا بذلک أو لم یکن، و ان قال: قتلته دفعا عن نفسی، لأنه دخل لیسرق المتاع، فان کان معه بینة و الا فالقول قول ولی الدم، سواء کان الرجل معروفا باللصوصیة أو لم یکن، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان کان معروفا باللصوصیة، کان القول قول صاحب المنزل لان الظاهر معه.

و المعتمد ان أقام البینة بأنه دخل علیه بسیف مشهور، کان القول قول صاحب المنزل، و الا فالقول قول ولی الدم.

مسألة - 40 - قال الشیخ: إذا شهد اثنان أنه زنی بالبصرة

، و اثنان أنه زنی بالکوفة، فلا حد علیه بلا خلاف، و علی الشهود الحد.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یحدون الشهود أیضا، و به قال أبو حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 41 - قال الشیخ: إذا شهد أربعة علی رجل أنه زنی فی هذا البیت،

و أضاف کل واحد منهم شهادته إلی زاویة مخالفة للأخری، فلا حد علی المشهود علیه، و یحدون الشهود. و کذلک ان شهد اثنان علی زاویة و آخران علی زاویة أخری، و وافقنا الشافعی فی سقوط الحد علیه. و قال فی الحد: علیهم قولان.

و قال أبو حنیفة: القیاس أنه لا حد علی المشهود علیه، لکن أجلده مائة ان کان بکرا، و أرجمه ان کان ثیبا استحسانا.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:233

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا شهد أربعة بالزنا قبلت شهادتهم

، سواء تقادم الزنا أو لم یتقادم، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: إذا شهدوا بزنا قدیم لا تقبل شهادتهم. و قال أبو یوسف: جهدنا بأبی حنیفة أن یوقت بالتقادم شیئا فأبی، و حکی الحسن بن زیاد و محمد عن أبی حنیفة أنهم إذا شهدوا بعد سنة لم یجز. و قال أبو حنیفة و محمد:

إذا شهد من بعد شهر من المعاینة لم یجز، و فی الجملة إذا لم یقیموها عقیب تحملها لم تقبل.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 43 - قال الشیخ: لیس من شرط إحصان الرجل الإسلام

(1)

، بل من شرطه الحریة و البلوغ و کمال العقل و الوطء فی نکاح صحیح، فإذا وجدت هذه الشروط فقد أحصن إحصان رجم، و هکذا إذا وطئ المسلم امرأته الکافرة فقد أحصنها، و به قال الشافعی.

و قال مالک: ان کانا کافرین لم یحصن کل منهما صاحبه، لأن أنکحة المشرکین فاسدة عنده، و ان کان مسلما و هی کافرة فقد أحصنها، لأن هذا النکاح صحیح.

و قال أبو حنیفة: الإحصان شرط فی الرجم، فلو کانا کافرین لم یحصنا، و المسلم لا یحصن الکافرة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

و یشترط فی النکاح أن یکون العقد دائما، فلو وطئ المتمتع بها لم یکن محصنا، و لا فرق فی الدائم بین الحرة و الأمة و ملک الیمین، کالعقد الدائم فی الإحصان.

ص:234


1- (1) فی المصدر: الرجم.
2- (2) تهذیب الأحکام 13/10.

مسألة - 44 - قال الشیخ: إذا قذف العبد محصنا

، وجب علیه الحد ثمانون جلدة مثل الحر، و به قال عمر بن عبد العزیز و الزهری. و قال جمیع الفقهاء: أربعون جلدة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و اختار فی المبسوط(1) مذهب الفقهاء.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا قذف جماعة واحدا بعد واحد

، کل واحد بکلمة منفردة، فعلیه لکل واحد منهم الحد، و به قال الشافعی قولا واحدا، و ان قذفهم بکلمة واحدة فقال: زنیتم أو أنتم زناة، روی أصحابنا أنهم ان جاءوا به مجتمعین فعلیه حد واحد لجمیعهم، و ان جاءوا به متفرقین فعلیه لکل واحد حد کامل.

و للشافعی قولان، قال فی القدیم: علیه للجمیع حد واحد، و قال فی الجدید:

علیه لکل واحد حد و لم یفصل. و قال أبو حنیفة: علیه حد واحد لجماعتهم، سواء قذفهم بکلمة واحدة، أو کل واحد بکلمة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

مسألة - 46 - قال الشیخ: إذا قال زنیت بفلانة

، أو قال زنی بک فلان، فعلیه حدان.

و قال أبو حنیفة: علیه حد واحد، و به قال الشافعی فی القدیم، و قال فی الجدید:

فیه قولان، أحدهما حدان، و الآخر حد واحد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(3) ، و هو قول المفید

ص:235


1- (1) المبسوط 16/8.
2- (2) تهذیب الاحکام 69/10.
3- (3) تهذیب الاحکام 67/10.

و ابن زهرة و أبی الصلاح، و ابن البراج و اختاره العلامة فی المختلف(1) ، و فخر الدین، و ابن فهد فی المقتصر، و قال ابن إدریس: علیه حد واحد، و اختاره نجم الدین فی الشرائع(2).

مسألة - 47 - قال الشیخ: إذا قال لرجل بابن الزانیین

، کان علیه حدان لأبویه، فإن کانا حیین استوفیا، و ان کانا میتین استوفاه ورثتهما.

و قال أبو حنیفة: علیه حد واحد. و قال الشافعی فی الجدید مثل قولنا، و فی القدیم مثل قول أبی حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، فإن اجتمعا للمطالبة کفی حد واحد، و ان افترقا کان علیه حدان.

مسألة - 48 - قال الشیخ: حد القذف موروث

، یرثه کل من یرث المال من الأنساب دون الأسباب.

و قال أبو حنیفة: لیس بموروث. و قال الشافعی: هو موروث، و من یرثه فیه ثلاثة أوجه: أحدها مثل قولنا، و الثانی یرثه الرجال من العصبات، و الثالث یرثه کل من یرث المال من الأنساب و الأسباب، یعنی: الزوج و الزوجة.

و المعتمد أنه یرثه کل من یرث المال من النساء و الرجال عدا الزوج و مزوجة و هو قول الشیخ، و استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم(3).

مسألة - 49 - قال الشیخ: إذا قذف رجلا و اختلفا

، فقال المقذوف: أنا حر و علیک الحد، فقال القاذف: أنت عبد فعلی التعزیر، کان القول قول القاذف.

و قال الشافعی فی کتبه مثل قولنا فی القاذف، و قال فی الجنایات: القول قول

ص:236


1- (1) مختلف الشیعة ص 228 کتاب الحدود.
2- (2) شرائع الإسلام 163/4.
3- (3) تهذیب الأحکام 83/10.

المجنی علیه، و اختلف أصحابه علی طریقین، منهم من قال المسألتان علی قولین:

أحدهما القول قول القاذف، و الثانی القول قول المجنی علیه و هو المقذوف، و منهم من قال: القول قول القاذف فی القذف، و القول قول المجنی علیه فی الجنایة.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار نجم الدین فی الشرائع(1) ، و العلامة فی المختلف(2) ، و فخر الدین فی الإیضاح(3) ، و هذا انما هو فی المجهول حاله.

مسألة - 50 - قال الشیخ: من لم یکمل فیه الحریة و قذفه قاذف

، یجلد بحساب الحریة و یعزر بحساب الرق. و قال جمیع الفقهاء: علیه التعزیر لا غیر.

استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 51 - قال الشیخ: التعریض بالقذف لیس بقذف

، سواء کان حال الرضا أو حال الغضب، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة و مالک: هو قذف حالة الغضب و لیس بقذف حالة الرضا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 52 - قال الشیخ: إذا جلد الزانی الحر البکر أربع مرات

قتل فی الخامسة، و کذلک فی القذف یقتل فی الخامسة، و العبد یقتل فی الثامنة، و روی أن الحر یقتل فی الرابعة، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و قالوا: علیه الحد بالغا ما بلغ.

و المعتمد القتل فی الرابعة، و هو المشهور عند أصحابنا ان کان حرا، و فی التاسعة ان کان عبدا.

ص:237


1- (1) شرائع الإسلام 164/4.
2- (2) مختلف الشیعة ص 230، کتاب الحدود.
3- (3) الإیضاح 502/4.

کتاب السرقة

مسألة - 1 - قال الشیخ: النصاب الذی یقطع به ربع دینار فصاعدا

، أو ما قیمته ربع دینار، سواء کان دراهم أو غیرها من المتاع، و به قال الشافعی و أحمد و قال الخوارج و أهل الظاهر: یقطع بالقلیل و الکثیر، و لیس للقلیل حد.

و قال الحسن البصری: القطع بنصف دینار فصاعدا. و قال عثمان البتی:

القطع بدرهم فصاعدا. و قال زیاد ابن أبی زیاد: القطع بدرهمین فصاعدا. و قال مالک: الذی یقطع به أصلان الذهب و الفضة، فنصاب الذهب ربع دینار، و نصاب الفضة ثلاثة دراهم، فان سرق من غیرهما قوم بالدراهم، فإذا بلغ ثلاثة دراهم قطع.

و قال ابن أبی هریرة و أبو سعید الخدری: القطع بأربعة دراهم فصاعدا.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: فی عشرة دراهم، فان سرق من غیرها قوم بها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا سرق ربع دینار من هذه الدراهم

المعروفة المنقوشة، وجب القطع بلا خلاف بیننا و بین الشافعی، و ان کان تبرا من ذهب

ص:238


1- (1) تهذیب الاحکام 99/10.

المعادن الذی یحتاج الی شبک و علاج فلا قطع، و ان کان ذهبا خالصا غیر مضروب یقطع عندنا، و عنده علی وجهین المذهب أنه یقطع.

و قال أبو سعید الإصطخری: لا یقطع، لأن إطلاق الدینار لا یصرف الیه حتی یکون مضروبا، و لان التقویم لا یقع الا به.

و المعتمد ان کان غیر المضروب ینقص قیمته عن المضروب لا یقطع به، و انما یقطع بما بلغ قیمته ربعا مضروبا، هذا هو المشهور عند متأخری أصحابنا.

و استدل الشیخ بعموم الاخبار، ثم قال: و ما قاله الشافعی من القول الآخر قوی یقویه أن الأصل براءة الذمة، و الأول یقویه ظاهر الآیة، و هو یدل علی تردده.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا سرق ما قیمته ربع دینار

وجب القطع، سواء کان مما هو محرز بنفسه، کالثیاب و الأثمان و الحبوب الیابسة و نحوها، أو غیر محرز بنفسه و هو ما إذا ترک فسد، کالفواکه الرطبة کلها من الثمار و الخضراوات و القثاء و البطیخ و الباذنجان و نحو ذلک، أو کان بطیخا أو لحما مشویا الباب واحد، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: انما یجب القطع فیما کان محرزا بنفسه، أما الأشیاء الرطبة و البطیخ لا قطع فیه بحال.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 4 - قال الشیخ: کل حبس یتمول فی العادة فیه القطع

، سواء کان أصله الإباحة أو غیر الإباحة، فما لم یکن علی الإباحة کالثیاب و الأثاث و الحبوب و ما أصله الإباحة الصیود علی اختلافها إذا کانت مباحة، و کذلک الجوارح المعلمة.

و کذلک الخشب کله الحطب و غیره، الساج و غیره الباب واحد، و کذلک الطین و جمیع ما یعمل منه الخذف و الظروف و الأوانی و الزجاج و الحجر و جمیع ما یعمل منه، و کذلک ما یخرج من المعادن کالقیر و النفط و المومیا و الملح و جمیع

ص:239

الجواهر و الیواقیت و غیرها، و کذلک الذهب و الفضة کل هذا فیه القطع، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة فیما لم یکن أصله الإباحة مثل قولنا، و ما کان أصله الإباحة فی دار الإسلام لا قطع فیه، فقال: لا قطع فی الصیود کلها و الجوارح کلها المعلمة و غیر المعلمة، و الخشب جمیعه لا قطع فیه الا ما یعمل منه إنیة، کالجفان و القصاع و الأبواب فیکون فی معموله القطع الا الساج، فان فیه القطع معمولة و غیر معمولة، لانه لیس من دار الإسلام.

و له فی الزجاج روایتان: إحدیهما لا قطع فیه، و الثانیة فیه القطع، و کلما یعمل من الطین لا قطع فیه، و کذلک کلما کان من المعادن الا الذهب و الفضة و الیاقوت و الفیروزج فان فیه القطع، و ما عداه کالملح و القیر و النفط و الزرنیخ و المومیا لا قطع فیه، قال: لان جمیع ذلک علی الإباحة فی دار الإسلام.

و المعتمد قول الشیخ، للعموم.

مسألة - 5 - قال الشیخ: لا قطع الا علی من سرق من حرز

، فیحتاج الی شرطین: السرقة و الحرز، فان سرق من غیر حرز لا یقطع، و ان انتهب من حرز فلا یقطع، و به قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی.

و قال داود: لا اعتبار بالحرز، فمتی سرق من أی موضع کان وجب القطع فأسقط اعتبار الحرز و النصاب. و قال أحمد: یقطع السارق و المنتهب و المختلس و الخائن فی ودیعته و عاریته، و هو أن یجحد ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 6 - قال الشیخ: کل موضع کان حرزا لشیء من الأشیاء

، فهو حرز لجمیع الأشیاء، و به قال أبو حنیفة.

ص:240


1- (1) تهذیب الاحکام 99/10.

و قال الشافعی: یختلف ذلک باختلاف الأشیاء، فحرز البقل و ما أشبهه دکاکین البقالین تحت الشریجة المقفلة، و حرز الذهب و الفضة و الثیاب و غیرها فی المواضع الحریزة من البیوت و الدور إذا کانت علیها أقفال وثیقة، فمن ترک الجوهر أو الذهب أو الفضة فی دکان البقل فقد ضیع ماله، لانه لیس حرز مثله.

و اختار فی المبسوط(1) قول الشافعی، ثم قوی کون الحرز واحدا فی جمیع الأموال کما قاله هنا، و هو اختیار ابن إدریس، و العلامة فی التحریر(2).

و قال فی القواعد: المرجع فیه الی العرف، لعدم تنصیص الشارع علیه، قال: و هو یتحقق فیما علی سارقه خطر لکونه ملحوظا دائما، أو مقفلا علیه، أو مغلقا أو مدفونا، قال: و قیل کل موضع لیس لغیر المالک الدخول الیه الا باذنه(3) و هذا قول الشیخ فی النهایة(4).

و ظاهر العلامة فی موضع آخر من التحریر اختیار مذهب الشافعی، و هو ظاهره فی القواعد أیضا، و هو الذی یقتضیه العرف.

مسألة - 7 - قال الشیخ: الإبل إذا کانت مقنطرة و کان لها سائق

، فهی فی حرز بلا خلاف، و ان کان قائدا لها لا یکون فی حرز الا ما کان زمامه فی یده، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یکون فی حرز بشرطین: أحدهما أن یکون بحیث إذا انحرف إلیها شاهدها کلها، و الثانی أن یکون مع الالتفات إلیها مراعیا لها.

و اختار العلامة فی القواعد مذهب الشیخ هنا، و هو المعتمد.

ص:241


1- (1) المبسوط 22/8.
2- (2) تحریر الاحکام 226/2.
3- (3) قواعد الأحکام 267/2-268.
4- (4) النهایة ص 714.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا نقب ثلاثة و دخلوا و أخرجوا بأجمعهم متاعا

فبلغ نصیب کل واحد منهم نصابا، قطعناهم بلا خلاف، و ان کان أقل من نصاب فلا قطع، سواء کانت السرقة ثقیلة أو خفیفة، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی.

و قال مالک: ان کانت السرقة ثقیلة فبلغت قیمة نصاب قطعناهم کلهم، و ان کانت خفیفة ففیه روایتان: إحدیهما کقولنا، و الثانیة کقوله فی الثقیلة، و روی أصحابنا إذا بلغت السرقة نصابا و أخرجوها بأجمعهم وجب علیهم القطع و لم یفصلوا، و الأول أحوط و احتج الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا نقب ثلاثة و أخرج کل منهم شیئا

، قوم فان بلغ قیمته نصابا وجب قطعه، و ان نقص لم یقطع، و به قال الشافعی و مالک.

و قال أبو حنیفة: اجمع ما أخرجوه و أقومه و أفض علی الجمیع، فإن أصاب کل واحد منهم نصابا قطعته، و ان نقص لم أقطعه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا ثقب ثلاثة و کوروا المتاع، و أخرجه واحد

منهم دون الباقین، فالقطع علی من أخرج دون من لم یخرج، و به قال مالک و الشافعی.

و قال أبو حنیفة: أفض السرقة علی الجماعة، فإن بلغ حصة کل واحد نصابا قطعت الجمیع، و ان نقصت لم أقطع واحدا منهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا نقبا معا، فدخل أحدهما فأخرج نصابا

الی رفیقه، فأخذه رفیقه من خارج الحرز، أو رماه من داخل الی خارج الحرز فأخذه رفیقه، أو أخرج یده الی خارج الحرز و السرقة فیها ثم رده الی الحرز، فالقطع فی هذه المسائل الثلاث علی الداخل، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یقطع

ص:242

واحد منهما.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا نقبا معا، و دخل أحدهما و قرب المتاع

الی باب البیت من داخل، فأدخل الخارج یده فأخذه من جوف الحرز، فعلیه القطع دون الداخل، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا قطع علی واحد منهما.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا نقب وحده و دخل فأخرج ثمن دینار

، ثم عاد من لیلته أو من اللیلة الثانیة فأخرج ثمن دینار آخر، فقد کمل النصاب و لا قطع علیه، و به قال أبو إسحاق المروزی.

و قال ابن سریج: علیه القطع. و قال ابن خیران: ان عاد بعد أن اشتهر فی الناس هتک الحرز فلا قطع و ان عاد قبل ان یشتهر هتکه فعلیه القطع.

و اختاره العلامة فی المختلف(1) ، و استدل الشیخ علی عدم القطع بأصالة براءة الذمة، و لانه لما هتک الحرز أخرج أقل من النصاب فلم یجب القطع، فلما عاد ثانیا لم یخرج من الحرز، لانه کان مهتوکا بالفعل الأول، فلم یکن سارقا من الحرز نصابا، فلا یجب القطع، ثم قال: و لو قلنا انه یجب علیه القطع، لأن النبی علیه السّلام قال: من سرق ربع دینار کان علیه القطع. و لم یفصل کان قویا.

و قال العلامة فی التحریر: و لا یشترط إخراج النصاب دفعة علی الأقوی، فلو أخرجه دفعات، فالأقرب وجوب الحدان لم یتخلل اطلاع المالک و لم یطل الزمان بحیث لا یسمی سرقة واحدة، کما لو أخرجه دفعات فالأقرب وجوب الحد ان لم یتخلل اطلاع المالک و لم یطل الزمان بحیث لا یسمی سرقة واحدة، کما

ص:243


1- (1) مختلف الشیعة ص 221 کتاب الحدود.

لو أخرجه فی لیلتین(1) ، و هذا هو المعتمد، و هو قریب من تفصیل ابن خیران.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا دخل الحرز و ذبح شاة

، فعلیه ما بین قیمتهما حیة و مذبوحة، فإن أخرجها بعد الذبح، فان کان قیمتها نصابا فعلیه القطع، و ان کانت أقل فلا قطع علیه، و به قال الشافعی و أبو یوسف.

و قال أبو حنیفة و محمد: لا قطع علیه، بناء علی أصله فی الأشیاء الرطبة أنه لا قطع فیها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا نقب و دخل الحرز

، فأخذ ثوبا و شقه، فعلیه ما نقص بالشق، فإن أخرجه و بلغت قیمته نصابا فعلیه القطع، و الا فلا قطع، و به قال أبو یوسف و محمد و الشافعی.

و قال أبو حنیفة: إذا شقه بحیث صار کالمستهلک، فالمالک بالخیار بین أخذه و أرش النقص، و بین ترکه علیه و أخذ کمال القیمة، بناء علی أصله فی الغاصب إذا فعل فی الثوب هکذا، فان اختار أخذ قیمة الکل فلا قطع، لانه قد ملکه قبل إخراجه من الحرز بسبب اختیار القیمة، و ان اختار أخذ الثوب و الأرش، فإن کان قیمته نصابا فعلیه القطع و الا فلا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا سرق ما قیمته نصاب

، فلم یقطع حتی نقصت قیمته لنقصان السوق فعلیه القطع، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا قطع علیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا سرق عینا تجب فیها القطع

، فلم یقطع حتی ملک العین بهبة أو شراء، لم یسقط القطع عنه سواء ملکه قبل الترافع أو بعده،

ص:244


1- (1) تحریر الاحکام 232/2.

بل إذا ملکها قبل الترافع لم یقطع، لا لان القطع یسقط(1) لکن لانه لا مطالبة بها و لا قطع بغیر مطالبة بالسرقة، و به قال الشافعی و مالک و أبو ثور.

و قال أبو حنیفة و محمد: متی ملکها سقط القطع، سواء قبل الترافع أو بعده.

و قال قوم من أصحاب الحدیث: ان ملکها قبل الترافع سقط القطع، و ان کان بعده قطعناه، و هو اختیار العلامة، و هو المعتمد.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا سرق عبدا صغیرا لا یعقل

أنه لا ینبغی أن یقبل الا من سیده، وجب علیه القطع، و به قال أبو حنیفة و محمد و الشافعی. و قال أبو یوسف: لا قطع علیه کالکبیر.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا سرق حرا صغیرا لا قطع علیه

، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: علیه القطع، و قد روی أصحابنا ذلک أیضا، و به قال فی النهایة(2) و المعتمد أنه إذا سرق حرا صغیرا و باعه قطع لفساده لیرتدع غیره، و ان لم یبعه لم یقطع بل یؤدب، و هو مذهب العلامة فی القواعد و التحریر و المختلف، قال فیه: لان وجوب القطع فی سرقة المال انما کان لصیانته و حراسته، و حراسة النفس أولی، فوجوب القطع أولی لا من حیث أنه سارق، بل من حیث أنه من المفسدین(3).

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا سرق مصاحف

، أو کتب الأدب، أو کتب الفقه، أو کتب الاشعار أو غیر ذلک، و کان قیمته نصابا وجب القطع، و به قال

ص:245


1- (1) فی المصدر: مشروط.
2- (2) النهایة ص 722.
3- (3) المختلف ص 225 کتاب الحدود.

الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا قطع فی شیء من ذلک.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا سرق من ستارة الکعبة ما قیمته ربع دینار

وجب قطعه، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا قطع علیه، و هو اختیار ابن إدریس، و ظاهر العلامة فی المختلف، و لم یختر فی القواعد و التحریر شیئا.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا استعار بیتا و جعل متاعه فیه

، ثم ان المعیر نقب البیت و سرق المتاع، وجب قطعه، و به قال الشافعی. و قال بعض أصحابه: لا قطع علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و هو فتوی العلامة فی التحریر.

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا اکتری دارا و جعل فیها متاعه

، فنقب المکری و سرق المتاع، فعلیه القطع، و به قال الشافعی و أصحابه و أبو حنیفة. و قال أبو یوسف و محمد: لا قطع علیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا نقب المراح و حلب من الغنم ما قیمته نصاب

وجب قطعه، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا قطع علیه، بناء علی أصله فی الأشیاء الرطبة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا سرق الضیف من بیت مقفل أو مغلق

، وجب قطعه، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا قطع علیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا سرق العبد

کان علیه القطع کالحر، سواء کان

ص:246

آبقا أو غیر آبق، و علیه إجماع الصحابة، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا قطع علیه ان کان آبقا بناء علی أصله فی القضاء علی الغائب لأن قطعه و هو آبق قضاء علی سیده و هو غائب فلا یجوز.

و المعتمد قول الشیخ، للعموم.

مسألة - 27 - قال الشیخ: روی أصحابنا أن السارق إذا سرق عام المجاعة

لا قطع علیه و لم یفصلوا.

و قال الشافعی: إذا کان الطعام موجودا مقدورا علیه لکن بالثمن الغالی، فعلیه القطع، و ان کان القوت متعذرا، فسرق طعاما فلا قطع علیه.

و المعتمد عدم القطع علی سارق الطعام فی عام المجاعة، و یقطع سارق غیره.

مسألة - 28 - قال الشیخ: النباش یقطع إذا أخرج الکفن من القبر

الی وجه الأرض، و به قال مالک و الشافعی و أبو یوسف و أحمد. و قال الثوری و أبو حنیفة و محمد: لا یقطع النباش، لان القبر لیس بحرز.

و المعتمد القطع، و لا یشترط فی الکفن بلوغ النصاب علی المختار من مذاهب الأصحاب.

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا سرق نصابا من حرز

، وجب قطع یده الیمنی فان عاد ثانیا قطعت رجله الیسری، و به قال جمیع الفقهاء الا عطاء، فإنه قال: یقطع یده الیسری.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 30 - قال الشیخ: إذا سرق السارق بعد قطع الید الیمنی و الرجل الیسری

، خلد الحبس فی الثالثة و لا قطع علیه، فان سرق فی الحبس من الحرز وجب علیه القتل.

و قال الشافعی: یقطع یده الیسری فی الثالثة، و رجله الیمنی فی الرابعة، و به

ص:247

قال مالک. و قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه و أحمد: لا یقطع فی الثالثة مثل قولنا الا أنهم لم یقولوا بتخلید الحبس.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 31 - قال الشیخ: موضع القطع فی الید

من أصول الأصابع دون الکف، و یترک له الإبهام، و من الرجل عند معقد الشراک من عند الناتئ علی ظهر القدم، و یترک له ما یمشی علیه، و هو المشهور عن علی علیه السّلام.

و قال جمیع الفقهاء: ان القطع فی الید من الکوع، و هو المفصل الذی بین الکف و الذراع، و یقطع الرجل من المفصل الذی بین الساق و القدم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

مسألة - 32 - قال الشیخ: قد بینا أن السارق إذا سرق رابعا قتل

، و لا یتقدر علیه بعد الرابعة حکم. و قال الفقهاء: إذا سرق بعد الرابعة یعزر. و قال عمر بن عبد العزیز: یقتل فی الخامسة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 33 - قال الشیخ: الذمی إذا شرب الخمر متظاهرا

وجب الحد علیه و ان شربه غیر متظاهر فلا حد علیه. و قال الشافعی: لا حد علیه و لم یفصل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(3).

مسألة - 34 - قال الشیخ: المستأمن إذا دخل بلد الإسلام

و تظاهر فی شرب الخمر، وجب علیه الحد، و ان زنی بمشرکة وجب علیه الجلد ان کان بکرا، و الرجم ان کان محصنا، و ان زنی بمسلمة کان علیه القتل محصنا و غیر محصن، و ان سرق

ص:248


1- (1) تهذیب الاحکام 104/10.
2- (2) تهذیب الاحکام 102/10.
3- (3) تهذیب الاحکام 91/10.

نصابا من حرز وجب علیه القطع.

و قال الشافعی: لا حد علیه فی شرب و لا فی الزنا بمشرکة، و له فی السرقة قولان: أحدهما یقطع، و الثانی و هو الصحیح عندهم لا یقطع. أما الغرم فإنه یلزمه بلا خلاف.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا سرق شیئا موقوفا

، مثل دفتر أو ثوب و کان نصابا من حرز، کان علیه القطع.

و للشافعی قولان مبنیان علی انتقال الوقف، و له فیه قولان: أحدهما ینتقل الی اللّه تعالی، فعلی هذا فی القطع وجهان: أحدهما یقطع کما یقطع فی ستارة الکعبة و بواری المسجد، و الثانی لا یقطع کالصیود و الأحطاب. و القول الثانی أن الوقف ینتقل الی ملک الموقوف علیه، فعلی هذا فی القطع وجهان أیضا: أحدهما یقطع و هو الصحیح عندهم، و الثانی لا یقطع، لان الملک ناقص.

و المعتمد القطع فی الوقف الخاص، لانه ینتقل الی الموقوف علیه، و أما الوقف العام فلا قطع فیه.

مسألة - 36 - قال الشیخ: إذا سرق دفعة بعد أخری

، و طولب دفعة واحدة بالقطع، لم یجب علیه الأقطع یده فحسب بلا خلاف، فان سرق بعضهم و طالب بالقطع فقطع، ثم طالب الباقون روی أصحابنا أنه یقطع للآخرین أیضا.

و قال الشافعی و جمیع الفقهاء: أنه لا یقطع للآخرین، لأنه إذا قطع فی سرقة فلا یقطع دفعة أخری قبل أن یسرق.

قال الشیخ: و هذا قوی غیر أن الروایة ما قلناه، و استدل الشیخ هنا بالایة و الخبر و إجماع الفرقة.

و قال فی المبسوط: إذا تکررت منه السرقة فسرق مرارا من واحد أو من

ص:249

جماعة و لم یقطع، فالقطع مرة واحدة، لأنه حد من حدود اللّه، فإذا ترادفت تداخلت کحد الزنا و شرب الخمر، فإذا ثبت أن القطع واحد، نظرت فان اجتمع المسروق منهم و طالبوه بأجمعهم، قطعناه و غرم لهم، و ان سبق واحد منهم فطالب بما سرق منه و کان نصابا غرمه و قطع، ثم کل من جاء بعده من القوم فطالب بما سرق منه غرمناه و لم یقطعه، لأنا قد قطعناه بالسرقة، فلا یقطع قبل أن یسرق مرة أخری(1).

و تبعه ابن إدریس، و اختاره العلامة فی المختلف(2) ، و هو المعتمد.

مسألة - 37 - قال الشیخ: إذا کانت یمینه ناقصة الأصابع

و لم یبق إلا واحدة قطعت بلا خلاف، و ان لم یکن فیها إصبع قطع الکف، و ان کانت شلاء روی أصحابنا أنها یقطع و لم یفصلوا.

و للشافعی قولان: أظهرهما مثل قولنا، و من أصحابه من قال: لا یقطع، لانه لا منفعة فیها و لا جمال، و ان کانت شلاء رجع الی أهل المعرفة بالطب، فان قالوا:

إذا قطعت اندملت قطعت، و ان قالوا: تبقی أفواه العروق مفتحة لم یقطع.

و استدل الشیخ هنا بالایة و الروایة و إجماع الفرقة.

و قال فی المبسوط: و إذا سرق و له یمین کاملة أو ناقصة قد ذهبت أصابعها إلا واحدة، قطعنا یمینه الکاملة أو الناقصة للایة و الخبر، و ان لم یبق فیها إصبع و انما بقی الکف وحدها أو بعض الکف، قال قوم: یقطع، و قال آخرون: لا یقطع و یکون کالمعدومة، و یحول القطع الی رجله الیسری، لانه لا منفعة فیها و لا جمال و عندنا لا یقطع، لان القطع عندنا لا یتعلق إلا بالأصابع، فمن لیس له أصابع لم یجب قطع غیرها الا بدلیل(3) و اختاره العلامة فی المختلف، قال: و احتجاجه

ص:250


1- (1) المبسوط 38/8.
2- (2) مختلف الشیعة ص 220.
3- (3) المبسوط 38/8.

فی الخلاف مدفوع بما قاله فی المبسوط(1).

و المعتمد أن القطع لا یتعدی الی الکف و لا إلی الإبهام بحال، کما هو مذهب المبسوط، أما قطع الید الشلاء، فقد اختار هنا و فی النهایة(2) قطعها و لم یفصل و به قال ابن الجنید، و الصدوق، و ابن إدریس، و نجم الدین، و العلامة فی القواعد(3) و التحریر(4) ، و فصل فی المبسوط(5) الی الاندمال و عدمه و الرجوع الی قول أهل الطب، کما قاله بعض أصحاب الشافعی، و به قال ابن البراج و ابن حمزة و اختاره العلامة فی المختلف، قال: لان الحد إذا لم یشتمل علی القتل تعین فیه الاحتیاط فی الحفظ، و التقدیر حصول الخطر مع عدم الاندمال، فیسقط القطع احتیاطا لبقاء النفس(6).

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا سرق و یساره مفقودة أو ناقصة

، قطعت یمینه و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان کانت یساره مفقودة أو ناقصة نقصا ذهب به معظم المنفعة کنقصان إبهام أو إصبعین، لم یقطع یمینه. و ان کانت ناقصة إصبعا واحدة قطعنا یمینه. و هکذا قوله إذا کانت رجله الیمنی لا یطبق المشی علیها، لم یقطع رجله الیسری.

و المعتمد قول الشیخ. و قال ابن الجنید: لا یقطع الیمنی مع فقد الیسری

ص:251


1- (1) مختلف الشیعة ص 225.
2- (2) النهایة ص 717.
3- (3) قواعد الاحکام 271/2.
4- (4) تحریر الاحکام 231/2.
5- (5) المبسوط 38/8-39.
6- (6) مختلف الشیعة ص 223.

لروایة عبد الرحمن بن الحجاج(1).

مسألة - 39 - قال الشیخ: کل عین قطع السارق بها مرة

، فإذا سرقها مرة أخری قطعناه بها، حتی لو تکرر ذلک منه أربع مرات قتلناه فی الرابعة، و به قال الشافعی الا أنه لم یعتبر القتل، بناء علی أصله، و لا فرق بین أن یسرقها من الذی سرقها منه أو لا أو من غیره.

و قال أبو حنیفة: إذا قطع السارق بالعین مرة، لم یقطع بها مرة أخری، الا أن یکون غزلا فیسرقه، فإذا قطع به غزلا ثم نسج الغزل و سرقه منسوجا قطع به مرة أخری.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 40 - قال الشیخ: لا یثبت الحکم بالسرقة

و لا یجب القطع إلا بالإقرار مرتین، و لا یثبت بالمرة الواحدة، و به قال ابن شبرمة و أبو یوسف و أحمد و إسحاق و قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی: یثبت بالإقرار مرة واحدة، و یجب الغرم و القطع.

و المعتمد وجوب العموم بالإقرار مرة، أما الحد فلا یجب إلا بالإقرار مرتین.

مسألة - 41 - قال الشیخ: إذا ثبت القطع باعترافه ثم رجع عنه سقط

برجوعه و به قال جمیع الفقهاء الا ابن أبی لیلی، فإنه قال: لا یسقط، و هو اختیار الشیخ فی المبسوط(2) ، و ابن إدریس، و نجم الدین فی الشرائع(3) ، و العلامة فی القواعد و اختار فی المختلف مذهب الشیخ هنا.

و المعتمد مذهب المبسوط.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا قامت البینة بأنه سرق نصابا من حرز

لغائب

ص:252


1- (1) تهذیب الاحکام 108/10.
2- (2) المبسوط 40/8.
3- (3) شرائع الإسلام 176/4.

و لیس للغائب و کیل، لم یقطع حتی یحضر الغائب. و کذلک ان قامت علیه بینة بأنه زنی بأمة غائب، لم یقم علیه الحد حتی یحضر، و ان أقر بالسرقة أو بالزنا أقیم علیه الحد فیهما.

و قال الشافعی نصا: أنه لا یقطع فی السرقة، و یحد فی الزنا. و اختلف أصحابه علی ثلاث طرق، قال أبو العباس: لا یحد و لا یقطع. و قال أبو إسحاق: المسألة علی قولین: أحدهما لا یحد و لا یقطع، و الآخر یحد و یقطع. و قال أبو الطیب بن سلمة و ابن الوکیل: لا یقطع فی السرقة و یحد فی الزنا.

احتج الشیخ بأنه یحتمل أن یکون الغائب أباح له العین المسروقة، أو ملکه إیاها و واقفها علیه، أو کانت ملکا للسارق عنده بغصب أو ودیعة أو غیر ذلک. و یحتمل أن یکون قد أباح له وطئ الأمة أو متعة إیاها، و إذا احتمل ذلک لم یقطع و لم یحد للشبهة، و أما مع الإقرار، فإنه یحد و یقطع لانتفاء الشبهة.

و ابن إدریس اختار أنه مع قیام البینة یحد فی الزنا، لانه حق للّه محض، فلا یتوقف علی المطالبة، أما القطع فی السرقة فلا، لانه حق مشترک متوقف علی المطالبة. و اختار العلامة فی المختلف مذهب الشیخ هنا، و هو قوی.

و المعتمد ان ادعی بعد قیام البینة بالزنا أن المالک حللها له أو متعة إیاها سقط الحد، و الا وجب الحد. و أما حد السرقة، فیسقط حتی یحضر الغائب و یطالب به.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا سرق عینا یقطع فی مثلها

قطعناه، فان کانت العین باقیة ردها بلا خلاف، و ان کانت تالفة غرم قیمتها، و به قال الشافعی و أحمد سواء کان السارق غنیا أو فقیرا.

و قال أبو حنیفة: لا أجمع له بین الغرم و القطع، فان غرم ما سرق سقط القطع و ان قطعه السلطان سقط الغرم. و قال مالک: یغرم ان کان موسرا، و لا یغرم ان کان معسرا، و لأبی حنیفة تفصیل، قال: إذا سرق ثوبا فصبغه أسود لا یرد الثوب، لان

ص:253

السواد جعله کالمستهلک، و ان صبغه أحمر رده، لأن الحمرة لم یجعله کالمستهلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 44 - قال الشیخ: إذا سرق العبد من مال مولاه

لا قطع علیه، و به قال جمیع الفقهاء. و قال داود: یقطع.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا سرق الرجل من مال ولده

، فلا قطع علیه بلا خلاف، الا من داود فإنه قال: علیه القطع. و إذا سرق الولد من مال والدیه أو أحدهما أو جده أو جدته أو أجداده من قبل امه و ان علوا، کان علیه القطع. و قال جمیع الفقهاء: لا قطع علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 46 - قال الشیخ: إذا سرق أحد الزوجین من مال الآخر من حرز

فعلیه القطع، و به قال مالک.

و للشافعی قولان: أحدهما علیه القطع، و هو اختیار المزنی و أبی حامد، و الآخر لا قطع علیه، و به قال أبو حنیفة. و هکذا الخلاف فی عبد کل منهما إذا سرق من مال مولی الأخر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 47 - قال الشیخ: یقطع الام بالسرقة من مال ولدها

، و به قال داود.

و قال جمیع الفقهاء: لا قطع علیها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 48 - قال الشیخ: من خرج من عمود الآباء و الأولاد من ذوی الأرحام

إذا سرق من الأخر، فهو بمنزلة الأجنبی یجب علیه القطع، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: کل شخص بینهما رحم محرم بالنسب، فالقطع ساقط

ص:254

بینهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 49 - قال الشیخ: روی أصحابنا أنه إذا سرق الرجل من بیت المال

إذا کان له سهم فیه أکثر من نصیبه، وجب علیه القطع إذا زاد عن نصیبه بقدر النصاب و کذلک إذا سرق من مال الغنیمة.

و قال جمیع الفقهاء: لا قطع علیه، و اختاره العلامة فی القواعد، و هو المعتمد.

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا سرق شیئا من الملاهی

و علیه حلی قیمته نصاب وجب القطع، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا قطع علیه، بناء علی أصله.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 51 - قال الشیخ: من سرق من جیب غیره و کان باطنا

، بأن یکون علیه قمیص آخر أو من کمه کذلک، کان علیه القطع. و ان سرق من الجیب الأعلی أو الکم الأعلی فلا قطع علیه، و سواء شده فی الکم من داخل أو من خارج.

و قال جمیع الفقهاء: علیه القطع، و لم یعتبروا قمیصا فوق قمیص، الا أن أبا حنیفة قال: إذا شده فی کمه، فإن شدة من داخل و ترکه من خارج فلا قطع علیه و ان شده من خارج و ترکه من داخل فعلیه القطع.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 52 - قال الشیخ: إذا ترک الجمال و الأحمال فی مکان و انصرف

فی حاجة کانت فی غیر حرز، فلا قطع علی من سرق شیئا منها، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان أخذ اللص الزاملة بما فیها فلا قطع علیه، لأنه أخذ الحرز و ان شق الزاملة و أخذ المتاع من جوفها فعلیه القطع.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:255

مسألة - 53 - قال الشیخ: من سرق باب دار رجل

قلعه و أخذه، أو هدم من حائطه آجرا قیمته تبلغ نصابا کان علیه القطع، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا قطع علیه، لانه ما سرق، و انما هدم. و منع ابن إدریس القطع، و اختاره العلامة فی المختلف.

و المعتمد القطع فی الباب إذا کان فی العمران، و الآخر ان أخذه و بلغت قیمته نصابا قطع، و ان هدم و لم یأخذ فلا قطع، و هو فتوی القواعد.

مسألة - 54 - قال الشیخ: إذا أقر العبد علی نفسه بالسرقة

لا یقبل إقراره.

و قال جمیع الفقهاء: یقبل و یقطع.

و احتج الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم، و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 55 - قال الشیخ: إذا قصده رجل فقتله دفعا عن نفسه

فلا ضمان، سواء قتله بالسیف أو المثقل، لیلا کان أو نهارا، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان کان بالسیف مثل قولنا، و ان کان بالمثقل و کان لیلا مثل ذلک، و ان کان نهارا کان علیه الضمان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 56 - قال الشیخ: إذا سرق الغانم من أربعة أخماس الغنیمة

ما یزید علی نصیبه نصابا قطع.

و للشافعی وجهان: أحدهما یقطع، و الآخر لا یقطع، لان له فی کل جزء نصیبا.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة، و تبعه ابن البراج، و هو مذهب ابن الجنید، و قال المفید: لا یقطع، و اختاره ابن إدریس و فخر الدین.

ص:256

کتاب قطاع الطریق

مسألة - 1 - قال الشیخ: المحارب الذی ذکره اللّه تعالی فی آیة المحاربة

(1)

هم قطاع الطریق الذین یشهرون السلاح و یخیفون السبل، و به قال ابن عباس و جماعة الفقهاء.

و قال قوم: هم أهل الذمة إذا نقضوا العهد و لحقوا بدار الحرب. و قال ابن عمر: المراد بالایة المرتدون.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا أشهر السلاح و أخاف السبیل لقطع الطریق،

کان حکمه إذا ظفر به الامام التعزیر، و تعزیره أن ینفیه من البلد، و ان قتل و لم یأخذ المال قتل، و القتل تحتم علیه لا یجوز العفو عنه، و ان قتل و أخذ المال قتل و ان أخذ المال و لم یقتل قطعت یده و رجله من خلاف، و ینفی من الأرض متی ارتکب شیئا من هذا، و یتبعهم أینما کانوا، فإذا قدر علیهم أقام علیهم هذه الحدود و به قال ابن عباس و الشافعی و محمد بن الحسن.

ص:257


1- (1) سورة المائدة: 33.
2- (2) تهذیب الاحکام 131/10.

و مثله قول أبی حنیفة، الا أنه خالف فی فصلین، قال: إذا قتل و أخذ المال قطع و قتل، و عندنا یقتل و یصلب، و الثانی النفی عندنا ما قدمناه، و عنده النفی هو الحبس، و حکی الطحاوی عن أبی حنیفة مثل مذهبنا، و لیس کما حکاه، و انما ذلک مذهب محمد بن الحسن، فأما مذهبه فما حکاه الکرخی فی الجامع الصغیر أن الامام مخیر بین أربعة أشیاء یقطع من خلاف و یقتل، أو یقطع من خلاف و یصلب، و ان شاء قتل و لم یقطع، و ان شاء صلب و لم یقطع و الکلام علیه یأتی.

و قال مالک: الآیة مرتبة علی صفة قاطع الطریق، و هو إذا أشهر السلاح و أخاف السبیل لقطع الطریق کانت عقوبته مرتبة علی صفته، فان کان من أهل الرأی و التدبیر قتله، و ان کان من أهل الفساد دون التدبیر قطعه من خلاف، و ان لم یکن من أهل واحد منهما نفاه من الأرض، و نفیه أن یخرجه الی بلد آخر و یحبسه فیه.

و ذهب قوم منهم الحسن البصری و عطاء و مجاهد و ابن المسیب الی أن الامام مخیر بین أربعة أشیاء: القتل و الصلب و القطع و النفی من الأرض یخرج من هذا مذهبان: التخییر عند التابعین، و الترتیب عند الفقهاء.

و المعتمد التخییر، و هو مذهب المفید، و سلار، و ابن إدریس، و نجم الدین و العلامة فی المختلف(1) و التحریر(2) ، و فخر الدین، و ابن فهد، لدلالة القرآن علیه.

قال نجم الدین فی الشرائع: و استند فی التفصیل إلی الأحادیث الدالة علیه و تلک الأحادیث لا تنفک عن ضعف فی أسناد أو اضطراب فی متن، أو قصور فی دلالة، فالأولی العمل بالأول تمسکا بظاهر الآیة(3).

ص:258


1- (1) مختلف الشیعة ص 226 کتاب الحدود.
2- (2) تحریر الأحکام 233/2.
3- (3) شرائع الإسلام 181/4.

مسألة - 3 - قال الشیخ: قد بینا أن نفیه من الأرض أن یخرج من بلده

، و لا یترک أن یستقر فی بلد حتی یتوب، فان قصد بلد الشرک منع من دخوله و قوتلوا علی تمکینهم من دخوله إلیهم.

و قال أبو حنیفة: نفیه أن یحبس فی بلده. و قال أبو العباس بن سریج: یحبس فی غیر بلده.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا قتل المحارب تحتم القتل علیه

و لم یجز العفو عنه لا حد، و به قال الشافعی. و قال بعض الناس علی التخییر.

و حکی عن أبی حنیفة أنه قال: ان قتل و أخذ المال تحتم قتله، و ان قتل و لم یأخذ المال کان الولی بالخیار بین القتل و العفو، و هو ظاهر نجم الدین، و العلامة فی القواعد و التحریر.

قال نجم الدین فی الشرائع: إذا قتل المحارب غیره طلبا للمال تحتم قتله قودا ان کان المقتول کفوا، و مع عفو الولی حد، سواء کان المقتول کفوا أو لم یکن، و لو قتل لا طلبا للمال کان کقاتل العمد و أمره الی الولی(1). و مثله قول العلامة فی القواعد و التحریر، و هو قریب مما حکی عن أبی حنیفة، الا أن أبا حنیفة اشترط فی تحتم القتل أخذ المال، و ظاهر أصحابنا أنه إذا قتل طلبا للمال تحتم قتله قصاصا أو حدا، سواء أخذ المال أو لم یأخذه إذا کان القتل طلبا له.

و المعتمد قول نجم الدین و العلامة، و هذا علی القول بالترتیب و التخییر، لأن القائل بالتخییر قائل بقتله هنا.

مسألة - 5 - قال الشیخ: الصلب لا یکون الا بعد أن یقتل

، ثم یصلب و ینزل بعد ثلاثة أیام، و به قال الشافعی.

ص:259


1- (1) شرائع الإسلام 181/4.

و قال ابن أبی هریرة: لا ینزل بعد ثلاثة بل یترک حتی یسیل صدیده. و قال قوم من أصحابه: یصلب حیا و یترک حتی یموت. و عن أبی یوسف روایتان:

إحدیهما مثل قولنا، و الأخری یصلب حیا و ینعج بطنه بالرمح.

و قال نجم الدین و العلامة: و یصلب المحارب حیا علی القول بالتخییر، و مقتولا علی القول الأخر، و هذا هو المعتمد، و لا یترک علی خشبة أکثر من ثلاثة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: قد بینا أن المحارب إذا أخذ المال قطع

، و لا یجب قطعه حتی یأخذ نصابا یجب فیه القطع فی السرقة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا و علیه عامة أصحابه، و قال بعضهم: یقطع فی قلیل المال و کثیره، و هو قوی أیضا، لعموم الاخبار.

و اعلم أن هذا البحث مبنی علی الترتیب. أما علی التخییر، فیجوز قطعه و ان لم یأخذ فلا فائدة فی هذا البحث علی القول بالتخییر کما هو المختار.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا قتل المحارب ولدا أو عبدا

، أو کان مسلما و قتل ذمیا فإنه یقتل.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یقتل و هو أصحهما عنده.

و المعتمد أنه یقتل حدا لا قودا.

مسألة - 8 - قال الشیخ: حکم قطاع الطریق فی البلد و البادیة سواء

، مثل أن یحاصروا قریة و یفتحوها و یغلبوا أهلها، أو یفعلوا هذا فی بلد صغیر، أو فی طرف من أطراف البلد، أو کان بهم کثرة فأحاطوا ببلد کبیرة فاستولوا علیهم الحکم فیهم واحد. و هکذا القول فی دغار البلد إذا استولوا علی أهله و أخذوا أموالهم علی خیفة لا غوث لهم الباب واحد، و به قال الشافعی و أبو یوسف.

و قال مالک: قطاع الطریق من کان فی البلد علی مسافة ثلاثة أمیال، فإن کان دون ذلک فلیسوا بقطاع الطریق. و قال أبو حنیفة و محمد: إذا کانوا فی البلد

ص:260

أو بالقرب منه مثل ما بین الحیرة و الکوفة أو بین قریتین، لم یکونوا قطاع الطریق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 9 - قال الشیخ: لا یجب أحکام المحارب علی الطلیع و الرد

، و انما یجب علی من یباشر القتل، أو یأخذ المال، أو یجمع بینهما، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: الحکم یتعلق بالجمیع، فلو أخذ واحد المال قطعوا کلهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا جرح المحارب جرحا یجب فیه القصاص

وجب القصاص بلا خلاف، و لا یتحتم بل للمجروح العفو. و للشافعی قولان: أحدهما لا یتحتم، و الآخر یتحتم.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة فی القواعد، و ذهب الشیخ فی المبسوط(2) الی تحتم القصاص کتحتم القتل، و اختاره العلامة فی المختلف.

مسألة - 11 - قال الشیخ: المحارب إذا وجب علیه حد

من حدود اللّه تعالی لأجل المحاربة، مثل القتل أو القطع من خلاف أو الصلب، ثم تاب قبل قیام الحد سقط بلا خلاف، و ان تاب بعد القدرة علیه لم یسقط بلا خلاف، و ما یجب علیه من حدود الآدمیین لا یسقط، و ما یجب علیه من حدود اللّه التی لا یتعلق بالمحاربة کحد الزنا و غیره، فإنها یسقط عندنا بالتوبة قبل القدرة علیه. و للشافعی قولان أحدهما یسقط، و الآخر لا یسقط.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة علی أن التائب قبل اقامة الحد یسقط عنه.

ص:261


1- (1) تهذیب الاحکام 132/10.
2- (2) المبسوط 50/8-51.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا اجتمع حد القذف و حد الزنا و حد السرقة

و وجوب القطع فی المحاربة و وجوب القتل قودا فی غیر المحاربة، فاجتمع حدان علیه و قطعان و قتل، فإنه یستوفی منه الحدود کلها ثم یقتل، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یسقط کلها و یقتل، فان القتل یأتی علی الکل الا حد القذف فإنه قال: یقام علیه أولا ثم یقتل.

مسألة - 13 - قال الشیخ: أحکام المحاربین یتعلق بالرجال و النساء

سواء علی ما فصلناه فی العقوبات، و به قال الشافعی. و قال مالک: لا یتعلق أحکام المحاربین بالنساء.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:262

کتاب الأشربة

مسألة - 1 - قال الشیخ: من شرب الخمر

، وجب علیه الحد إذا کان مکلفا بلا خلاف، فان تکرر منه ذلک و کثر قبل أن یقام علیه الحد، أقیم علیه حد واحد بلا خلاف، فان شرب فحد، ثم شرب فحد، ثم شرب فحد، ثم شرب رابعا قتل عندنا. و قال جمیع الفقهاء: لا فتل علیه، و انما یقام علیه الحد بالغا ما بلغ.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1) ، و انما اختلفوا فی القتل فی الثالثة و الرابعة، و المشهور فی الثالثة و الرابعة أحوط.

مسألة - 2 - قال الشیخ: الخمر المجمع علی تحریمها

هی عصیر العنب الذی اشتد و أسکر، و به قال أبو یوسف و محمد و الشافعی.

و قال أبو حنیفة: اشتد و أسکر و أزبد، فاعتبر أن یزبد، فهذه حرام نجسة یحد شاربها، سکر أو لم یسکر بلا خلاف.

استدل الشیخ علی عدم اعتبار الازیاد بإجماع الفرقة و الظواهر کلها، و هو المعتمد، و یسقط فی تحریم العصیر الغلیان، بأن ینقلب أسفله أعلاه، و لا یشترط القذف بالزبد.

ص:263


1- (1) تهذیب الأحکام 90/10.

مسألة - 3 - قال الشیخ: کل شراب أسکر کثیره فقلیله و کثیره حرام

، و کل خمر حرام نجس یحد شاربه، سکر أو لم یسکر کالخمر سواء، عمل من تمر أو زبیب أو عسل أو حنطة أو شعیر أو ذرة الکل واحد نقیعة و مطبوخة سواء، و به قال مالک و الشافعی و أحمد.

و قال أبو حنیفة: أما عصیر العنب إذا مسه طبخ، نظرت فان ذهب ثلثاه فهو حلال و لا حد حتی یسکر، فان ذهب أقل من الثلثین فهو حرام و لا حد حتی یسکر و ما عمل من التمر و الزبیب، نظرت فان مسه طبخ فهو النبیذ، و هو مباح و لا حد حتی یسکر، و ان لم یمسه طبخ، فهو حرام و لا حد حتی یسکر. و أما ما عمل من غیر هاتین الشجرتین الکرم و النخل، مثل العسل و الحنطة و الشعیر و الذرة، فکله مباح و لا حد فیه، أسکر أو لم یسکر.

قال محمد فی کتاب الأشربة: قال أبو حنیفة: الشراب المحرم أربعة: نقیع العنب الذی اشتد و أسکر، و مطبوخ العنب إذا ذهب منه ثلثه، و نقیع التمر و الزبیب و ما عدا هذا حلال کله.

و الکلام معه فی أربعة فصول، فکل شراب مسکر فهو خمر و عنده لیس بخمر و هو حرام و عنده لیس بحرام الا ما تعقبه السکر، فإنه متی شرب عشرة قداح فسکر عقیبها فالعاشر حرام و ما قبله حلال، و هو نجس و عنده طاهر، و یحد شاربه عندنا و عنده لا یحد حتی یسکر.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم. و المعتمد تحریم العصیر إذا غلا بأن انقلب أسفله أعلاه، سواء علی من نفسه أو بالنار الا أن یذهب ثلثاه فیحل و کذا إذا انقلب خلا. أما غیر العصیر فلا یحرم إلا إذا حصلت فیه الشدة المسکرة.

و لا فرق بین الخمر و هو المتخذ من العنب، و النقیع و هو المتخذ من الزبیب و التبع و هو المتخذ من العسل، و المزر و هو المتخذ من الحنطة و الشعیر و الذرة

ص:264

و النبیذ و هو المتخذ من التمر، و کذا المعمول من جنسین فما زاد، فإذا بلغ الشدة المسکرة و حکم بتحریمه، فلا فرق حینئذ بین قلیله و کثیره و لا بین الإسکار و عدمه.

مسألة - 4 - قال الشیخ: تحریم الخمر غیر معلل

، و انما یحرم سائر المسکرات لاشتراکها فی الاسم أو لدلیل آخر.

و قال الشافعی: هی معللة و علتها الشدة المطربة، و سائر المسکرات مقیس علیها. و قال أبو حنیفة: هی محرمة، و انما حرم نقیع التمر و الزبیب بدلیل آخر و لا نقیس علیها شیئا من المسکرات.

قال الشیخ: و هذا الفرع ساقط عنا، لأنا لا نقول بالقیاس، و الکلام فی کونها معللة و غیر معللة فرع علی القول بالقیاس.

مسألة - 5 - قال الشیخ: نبیذ الخلیطین و هو ما عمل من نوعین:

تمر و زبیب أو تمر و بسر، إذا کان حلوا غیر مسکر غیر مکروه، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: هو مکروه غیر محظور.

و المعتمد قول الشیخ، لأصالة الإباحة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: الفقاع حرام

، لا یجوز شربه بحال.

و قال أحمد بن حنبل: کان مالک یکرهه، و یکره أن یباع فی الأسواق و روی أصحابنا أن علی شاربه الحد، کما یجب علی شارب الخمر سواء، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و قالوا: هو مباح.

و المعتمد أن حکم الفقاع حکم المسکر فی التحریم و الحد.

مسألة - 7 - قال الشیخ: حد شارب الخمر

ثمانون جلدة، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری و مالک. و قال الشافعی: حده أربعون، فان رأی الامام أن یزید علیه تعزیرا لیکون الحد و التعزیر ثمانین فعل.

ص:265

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا تقیأ خمرا

أقیم علیه الحد، أما الرائحة فلا یقام علیه الحد بها. و قال ابن مسعود: یقام علیه الحد بالرائحة أیضا. و قال الشافعی و جمیع الفقهاء: لا یقام علیه الحد لا بالقیء و لا بالرائحة.

و المشهور قول الشیخ، و استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم. قال الشهید فی شرح الإرشاد: و علیه فتوی الأصحاب، لم أقف فیه علی مخالف. و نقل فخر الدین عن والده فی المختلف تقویة عدم وجوب الحد، قال: و هو الأقوی عندی، و تردد صاحب الشرائع و القواعد، لاحتمال الإکراه علی بعد.

قال صاحب الشرائع: و لعل هذا الاحتمال یندفع، بأنه لو کان واقعا لدفع به عن نفسه، أما لو ادعاه فلا حد(2).

و المعتمد وجوب الحد، فان ادعی الإکراه علی الشرب درئ عنه، و لا فرق بین أن یشهدا بقیئها، و بین أن یشهد أحدهما بالقیء و الآخر بالشرب.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا ضرب الامام شارب الخمر ثمانین فمات

، لم یکن علیه شیء. و قال الشافعی: علیه نصف الدیة.

و المعتمد قول الشیخ، و الشافعی بناه علی أن الحد أربعون.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا عزر الامام من یجب تعزیره

، أو من تجوز تعزیره فمات، لم یکن علیه شیء، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یجب دیته، و أین یجب؟ فیه قولان: أحدهما و هو الصحیح عندهم علی عاقلته، و الثانی علی بیت المال.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و هو المشهور عند أصحابنا. و اختار فی المبسوط(3)

ص:266


1- (1) تهذیب الأحکام 91/10.
2- (2) شرائع الإسلام 170/4.
3- (3) المبسوط 322/8.

قول الشافعی، الا أنه اختار ان الدیة فی بیت المال.

مسألة - 11 - قال الشیخ: روی أصحابنا أن الختان

سنة فی الرجال و مکرمة فی النساء، الا أنهم لا یجیزون ترکه فی الرجال، فقالوا: لو أسلم و هو شیخ فعلیه أن یختتن، و هذا معنی الفرض.

و قال أبو حنیفة: هو سنة یأثم بترکها. و قال أهل خراسان من أصحابه: هو واجب مثل الوتر و الأضحیة و لیس بفرض. و قال الشافعی: هو فرض علی الرجال و النساء.

و المعتمد وجوبه علی الرجال، و استحبابه للنساء.

مسألة - 12 - قال الشیخ: الحد الذی یقام بالسوط حد الزنا و حد القذف

بلا خلاف، و حد شرب الخمر عندنا مثل ذلک.

و للشافعی قولان، قال أبو العباس و أبو إسحاق مثل قولنا، و المنصوص عنه أنه یقام بالأیدی و النعال و أطراف الثیاب لا بالسوط.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 13 - قال الشیخ: التعزیر الی الامام

بلا خلاف، الا أنه إذا علم أنه لا یردعه الا التعزیر لم یجز له ترکه، و ان علم أن غیره یقوم مقامه من الکلام و التعنیف جاز له العدول الیه و یجوز له تعزیره، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: هو بالخیار فی جمیع الأحوال.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 14 - قال الشیخ: لا یبلغ فی التعزیر حد کامل

بل یکون دونه، و أدنی الحد فی جنب الأحرار ثمانون، و التعزیر فیهم تسعة و سبعون جلدة، و أدنی الحد فی الممالیک أربعون، فالتعزیر فیهم تسعة و ثلاثون.

و قال الشافعی: أدنی الحدود فی الأحرار أربعون حد الخمر، فلا یبلغ فی

ص:267

تعزیر حر أکثر من تسعة و ثلاثین جلدة، و أدنی الحدود فی العبید عشرون حد الخمر فلا یبلغ فی حد عبد أکثر من تسعة عشر سوطا.

و قال أبو حنیفة: لا یبلغ التعزیر أدنی الحدود، و أدناها عنده أربعون حد العبید فی الخمر و القذف فی التعزیر أبدا أربعین.

و قال مالک و الأوزاعی: هو الی اجتهاد الإمام، فان رأی أن یضربه ثلاثمائة و أکثر فعل.

و المعتمد أن التقدیر راجع الی رأی الامام، و لا یبلغ فی تعزیر الحر حد الأحرار و لا فی تعزیر العبد حد العبید.

مسألة - 15 - قال الشیخ: لا تقام الحد فی المساجد

، و به قال جمیع الفقهاء و قال ابن أبی لیلی: تقام فیها.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة، و قوله علیه السّلام «لا تقام الحدود فی المساجد»(1).

ص:268


1- (1) عوالی اللئالی 454/1، برقم: 192.

کتاب قتال أهل الردة

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا أتلف أهل الردة أنفسا و أموالا

، کان علیهم القود فی الأنفس و الضمان فی الأموال، سواء کانوا فی منعة أو لم یکونوا فی منعة.

و قال الشافعی: ان لم یکونوا فی منعة مثل قولنا، و ان کانوا فی منعة، فعلی قولین: أحدهما و هو الصحیح عندهم مثل قولنا، و الآخر لا یجب علیهم الضمان و به قال أبو حنیفة. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا أکره المسلم علی کلمة الکفر فقالها

، لم یحکم بکفره و لم تبن عنه زوجته، و به قال جمیع الفقهاء إلا أبا حنیفة قال: القیاس أن امرأته لا تبین و انما تبین استحسانا. و قال أبو یوسف: یحکم بکفره و تبین امرأته.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و قوله تعالی «إِلاّ مَنْ أُکْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ» (1).

مسألة - 3 - قال الشیخ: السکران الذی لا یمیز إذا أسلم و کان کافرا

، أو کفر و کان مسلما، لا یحکم بإسلامه و لا ارتداده، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی:

یحکم بإسلامه و ارتداده.

ص:269


1- (1) سورة النحل: 106.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و اختار فی المبسوط(1) قول الشافعی.

مسألة - 4 - قال الشیخ: المرتد الذی یستتاب إذا رجع الی الإسلام

، ثم کفر ثم رجع، ثم کفر قتل فی الرابعة و لا یستتاب.

و قال الشافعی: یستتاب أبدا، غیر أنه یعزر فی الثانیة و الثالثة و هکذا. و قال أبو حنیفة: یحبس فی الثالثة، لأن الحبس عنده تعزیر. و قال أبو إسحاق بن راهویه:

یقتل فی الثالثة، و هو قوی، لقوله تعالی «إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ کَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ کَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا کُفْراً لَمْ یَکُنِ اللّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ» (2) فبین أنه لا یعفو لهم بعد الثالثة.

و المعتمد قتله فی الرابعة، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة علی أن کل مرتکب کبیرة إذا فعل ما یستحقه قتل فی الرابعة.

ص:270


1- (1) المبسوط 74/8.
2- (2) سورة النساء: 137.

کتاب صولة البهیمة

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا صالت بهیمة علی إنسان

، فلم یتمکن من دفعها الا بقتلها، فلا ضمان علیه، و به قال مالک و أحمد و الشافعی. و قال أبو حنیفة: یجوز قتلها و علیه ضمانها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا عض رجل ید رجل

حال الخصومة و غیرها، فانتزع یده من العاض، فسقطت سن العاض، فلا ضمان علیه، و به قال جمیع الفقهاء و قال ابن أبی لیلی: علیه الضمان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا اطلع الی بیت رجل فنظر الی حرمته

، فله أن یرمی عینه، فإذا فعل ذلک فذهبت فلا ضمان علیه، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: له رمیه و علیه الضمان، کقوله فی الدابة الصائل.

و المعتمد أنه لا یجوز المبادرة بالرمی من غیر زجر، بل یزجره أولا، فإن أصر جاز رمیه حینئذ بحصاة أو عود خفیف، فان جنی الرمی فلا ضمان، و لو بادره بالرمی من غیر زجر ضمن، هذا هو المشهور عند متأخری الأصحاب، و ظاهر

ص:271

الشیخ هنا جواز المبادرة بالرمی من غیر زجر.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا کان لإنسان بهائم، فأرسلها لیلا فأتلف زرعا

فعلیه ضمانه، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا ضمان علیه.

و المعتبر اعتبار التفریط، فإذا فرط صاحب الماشیة فی حفظها ان کان من عادتها الحفظ ضمن ما أتلفته لیلا و نهارا، و مع عدم التفریط فلا ضمان لیلا، و نهارا أیضا.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا دخل دار قوم بإذنهم فعقره کلبهم

، کان علیهم ضمانه. و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا دخل دار قوم بغیر إذنهم، فوقع فی بئر

لم یضمنوه و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:272

کتاب السیر

مسألة - 1 - قال الشیخ: الجهاد فرض علی الکفایة

، و به قال جمیع الفقهاء و قال سعید بن المسیب: هو فرض علی الأعیان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 2 - قال الشیخ: روی أصحابنا أنه یجوز للإنسان أن یغزو عن غیره

و یأخذ علیه اجرة، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا غزت فرقة بغیر اذن الامام فغنموا مالا

، فالإمام مخیر بین أخذه و ترکه علیهم، و به قال الأوزاعی و الحسن البصری.

و قال الشافعی: یخمس علیهم. و قال أبو حنیفة لا یخمس علیهم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا غنم المسلمون خیل المشرکین

و مواشیهم، ثم أدرکهم المشرکون، فخافوا أخذها منهم لم یجز عقرها و قتلها، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: یجوز ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:273

مسألة - 5 - قال الشیخ: الشیوخ الذین لا رأی لهم و لا قتال فیهم و الرهبان

و أصحاب الصوامع إذا وقعوا فی الأسر حل قتلهم.

و للشافعی قولان: أحدهما یجوز و هو الأصح، و الثانی لا یجوز، و به قال أبو حنیفة و قوم من أصحابنا.

و الظاهر أن الشیخ الفانی الذی لا رأی له لا یجوز قتله، و یجوز قتل أهل الصوامع و الرهبان.

مسألة - 6 - قال الشیخ: من لم تبلغه الدعوة من الکفار

لا یجوز قتله قبل عرض الدعوة علیه، فان قتله فلا ضمان علیه، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی:

علیه الضمان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أصالة البراءة.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا قتل المسلم أسیرا مشرکا

، فلا ضمان علیه، و به قال جمیع الفقهاء. و قال الأوزاعی: علیه الضمان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: یصح أمان العبد لآحاد المشرکین

، سواء أذن له سیده فی القتال أو لم یأذن، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان أذن له سیده فی القتال صح أمانه، و الا فلا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: من فعل من المسلمین ما یجب علیه الحد فی أرض المشرکین

، وجب علیه اقامة الحد، لکنه لا یقام علیه فی أرض العدو بل یؤخذ الی أن یرجع الی دار الإسلام.

و قال الشافعی: یجب الحد و یقام فی دار العدو، سواء کان هناک إمام أو لم یکن. و قال أبو حنیفة: ان کان هناک امام وجب و أقیم، و ان لم یکن هناک امام

ص:274

لم یقم، و أصحابه یقولون: أنها یجب، و لکن لا تقام، و هذا مثل قولنا.

و المعتمد قول الشیخ، قالوا: لئلا تلحقه غیره فیلحق بالعدو.

مسألة - 10 - قال الشیخ: لا یملک المشرکون أموال المسلمین بالقهر

و الغلبة، و ان حازوها الی دار الحرب، بل هی باقیة علی ملک المسلمین، فان غنم المسلمون ذلک و وجده صاحبه أخذه بلا ثمن إذا کان قبل القسمة، و ان کان بعد القسمة أخذه و دفع الامام قیمته الی من وقع فی سهمه من بیت المال، لئلا تنتقض القسمة، و ان أسلم الکافر علیه فصاحبه أحق به، و به قال الشافعی. و روی أصحابنا أنه یأخذه بعد القسمة بالقیمة، و به قال مالک.

و قال أبو حنیفة: کلما یصح تملکه بالعقود، فان المشرکین یملکونه بالقهر و الإحازة الی دار الحرب، الا أن صاحبه ان وجده قبل القسمة أخذه بغیر شیء، و ان وجده بعد القسمة أخذه بالقیمة، و ان أسلم الکافر علیه فهو أحق به.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و هو اختیار ابن إدریس و العلامة و ابن فهد.

و قال فی النهایة: یعطی صاحبها قیمتها من بیت المال سواء عرفها قبل القسمة أو بعدها(1). و قال صاحب الشرائع: و الوجه إعادتها علی المالک و رجوع الغانم علی الامام مع تفرق الغانمین(2). و ظاهره مع عدم التفرق نقض القسمة، لاشتمالها علی قسمة ما لیس من الغنیمة، فتکون باطلة.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا دخل حربی دار الإسلام بأمان و معه مال،

انعقد أمانه علی نفسه و ماله بلا خلاف، فإذا رجع الی دار الحرب و خلف ماله فی دار الإسلام ثم مات فی دار الحرب صار ماله فیئا.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یکون لورثته فی دار الحرب.

ص:275


1- (1) النهایة ص 295.
2- (2) شرائع الإسلام 326/1.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا أسلم الحربی

أحرز ماله و دمه و صغار أولاده و لا فرق بین ماله الذی فی دار الحرب أو دار الإسلام ما فی یده و ما لیس فی یده، و به قال الشافعی الا أن أصحابنا قالوا: یحرز ماله الذی یمکن نقله الی دار الإسلام و قال مالک: یحرز ماله الذی فی دار الإسلام إذا أسلم فی دار الإسلام، أما ماله الذی فی دار الحرب فهو غنیمة، و بناء هذا علی أن أهل الحرب لا ملک لهم، فإذا أسلموا یجدد لهم الملک بالقهر و الغلبة علی ما فی دار الإسلام و الذی فی دار الکفر لا یملک.

و قال أبو حنیفة: إذا أسلم أحرز ما فی یده و ما فی ید ذمی و ما لا ید له علیه فلا یحرزه، فان ظهر المسلمون علیه غنموه، و هکذا ما لا ینقل و لا یحول کالعقار و الأراضی لا یحرزها بإسلامه، لأن الید لا تثبت علیها علی أصلهم، و عند أبی حنیفة أن أملاک أهل الحرب ضعیفة لا یملکون الا ما تثبت علیه الید، و یقول أیضا الحربی إذا تزوج حربیة فأحبلها، ثم أسلم قبل أن یضع فالولد مسلم، و یجوز استرقاق الام و الولد، فان انفصل الولد لم یجز استرفاقه، و عند الشافعی لا یجوز استرفاقه بحال و هو الذی یقتضیه مذهبنا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 13 - قال الشیخ: مکة فتحت عنوة

، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک. و قال الشافعی: فتحت صلحا، و به قال مجاهد.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم، و بما روی عن النبی علیه السّلام لما دخلها قال: من ألقی سلاحه فهو آمن، و من أغلق بابه فهو آمن. فآمنهم بعد أن ظفر بهم، و لو کان صلحا لم یحتج الی ذلک، و بقوله تعالی

ص:276


1- (1) تهذیب الأحکام 151/6.

«إِنّا فَتَحْنا لَکَ فَتْحاً مُبِیناً» (1) و أراد مکة، و الفتح لا یکون الا ما أخذ بالسیف، و بقوله تعالی «وَ هُوَ الَّذِی کَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ وَ أَیْدِیَکُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَکَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَکُمْ عَلَیْهِمْ» (2) و هذا صریح فی الفتح، و بما روی أنه دخل مکة و علیه المغفر و هو علامة القتال.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا وطئ بعض الغانمین جاریة المغنم

لم یلزمه الحد، و به قال جمیع الفقهاء.

و قال الأوزاعی و أبو ثور: علیه الحد، و روی عن مالک أیضا. استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أصالة براءة الذمة.

و قال فی النهایة: و یقام علیه الحد و یدرأ عنه بمقدار نصیبه منها(3). و هو اختیار العلامة فی القواعد، قال: و لو وطئ الغانم جاریة المغنم عالما، سقط عنه من الحد بقدر نصیبه، و أقیم علیه بقدر الباقین(4). و هذا هو المعتمد.

و قال فی المختلف: و الوجه أن نقول ان وطئ مع الشبهة فلا حد و لا تعزیر و ان وطئ مع علم التحریم عزر.(5) و هو قول المفید، و الشیخ أسقط الحد و لم یذکر التعزیر، و تبعه ابن البراج، و ابن إدریس، و هو مذهب ابن الجنید.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا وطئ المسلم جاریة من المغنم فحبلت

، لحق به النسب و قومت علیه الجاریة و الولد، و یلزم ما یفضل عن نصیبه.

و قال الشافعی: یلحق به نسبه و لا یملکه، و هل یقوم الجاریة علیه؟ فیه طریقان أما الولد فان وضعت قبل أن تقوم علیه قوم علیه، و ان وضعت بعد التقویم علیه فلا یقوم الولد، لأنها وضعت فی ملکه. و قال أبو حنیفة: لا یلحق به و یسترق.

ص:277


1- (1) سورة الفتح: 1.
2- (2) سورة الفتح: 24.
3- (3) النهایة ص 697.
4- (4) قواعد الاحکام 107/1.
5- (5) المختلف ص 208 کتاب الحدود.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا دخل مسلم دار حرب بأمان فسرق منها شیئا،

أو استقرض من حربی مالا و عاد إلینا، فدخل صاحب المال بأمان، کان علیه رده علیه، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یلزمه رده.

و المعتمد وجوب رده الی صاحبه، سواء کان فی دار الإسلام أو دار الحرب نص علیه صاحب الشرائع(1) و صاحب القواعد.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا سبی الزوجان الحربیان و استرقا أو أحدهما

انفسخ النکاح بینهما، و به قال الشافعی و مالک و الثوری. و قال الأوزاعی و أبو حنیفة و أصحابه: لا ینفسخ النکاح.

و المعتمد قول الشیخ، فأما إذا سبیت وحدها، فلا خلاف أن العقد ینفسخ.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا سبیت المرأة مع ولدها الصغیر

، لم یجز التفریق بینهما بالبیع ما لم یبلغ الصبی سبع سنین.

و قال الشافعی: لا یفرق بینهما حتی یبلغ الولد علی أصح القولین، و فیه قول آخر إذا بلغ حد التخییر و هو السبع أو الثمان جاز التفریق. و قال مالک: إذا أثغر الصبی و هو أن یسقط أسنانه و یثبت جاز التفریق. و قال اللیث بن سعید: إذا بلغ حدا یأکل لنفسه و یلبس لنفسه جاز التفریق. و قال أبو حنیفة: لا یجوز الا بعد البلوغ. و قال أحمد: لا یجوز أبدا.

و المعتمد قول الشیخ، و قیل: التفریق مکروه و هو مشهور أیضا، و هو قول الشیخ فی النهایة(2) فی باب العتق، و تبعه ابن إدریس، و نجم الدین فی الشرائع و العلامة و ابن فهد فی المقتصر.

ص:278


1- (1) شرائع الإسلام 315/1.
2- (2) النهایة ص 546.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا فرق بین الصغیر و بین امه

لم یبطل البیع، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: یبطل.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 20 - قال الشیخ: یجوز التفریق بین الأبوین و کل قریب

ما عدا الوالدین و المولودین و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: کل ذی رحم یحرم بالنسب، لا یجوز التفریق بینه و بین الولد و به قال ابن الجنید من أصحابنا.

و المعتمد الاقتصار علی مورد النص، و هو لم یرد الا بین الام و ولدها.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا سبی مع أبویه أو أحدهما تبعه فی الکفر

و به قال جمیع الفقهاء. و قال الأوزاعی: یتبع السابی فی الإسلام. و قال مالک:

ان سبی مع أبویه تبعهما، و ان سبی مع أبیه و جده تبعه، و ان سبی مع أمه وحدها تبع السابی و لم یتبع الام وحدها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 22 - قال الشیخ: یجوز بیع أولاد الکفار

فی موضع یحکم بکفرهم من الکفار و المسلمین، و به قال الشافعی. و قال أبو یوسف و أحمد: لا یجوز البیع من کافر، و یجوز من مسلم. و قال أبو حنیفة: أکره ذلک.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا صالح الامام قوما من المشرکین

علی أن یفتحوا الأرض و یقرهم فیها و یضرب علی أرضهم خراجا بدلا من الجزیة، کان جائزا علی حسب ما یعلمه من المصلحة، و یکون جزیة إذا أسلموا أو باعوا الأرض من مسلم سقط، و به قال الشافعی الا أنه قید ذلک بأن قال: إذا علم أن ذلک یفیء بما یخص کل بالغ دینارا فی کل سنة. و قال أبو حنیفة: لا یسقط ذلک بالإسلام.

ص:279

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا خلی المشرکون أسیرا علی مال یوجهه إلیهم

و أنه ان لم یقدر علی المال یرجع إلیهم، فإن قدر علی المال لم یلزمه إنفاذه، و ان لم یقدر لم یلزمه الرجوع، بل لا یجوز له ذلک، و به قال الشافعی.

و قال أبو هریرة و النخعی و الحسن البصری: ان قدر علی المال لزمه إنفاذه إلیهم، و ان لم یقدر لا یلزمه الرجوع. و قال الأوزاعی: ان لم یقدر علی المال لزمه الرجوع، و حکی ذلک عن بعض أصحاب الشافعی.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:280

کتاب الجزیة

مسألة - 1 - قال الشیخ: لا یجوز أخذ الجزیة من عباد الأوثان

، سواء کانوا من العجم أو العرب، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یؤخذ من العجم، و لا یؤخذ من العرب. و قال مالک: یؤخذ من جمیع الکفار إلا مشرکی قریش.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 2 - قال الشیخ: یجوز أخذ الجزیة من أهل الکتاب

من العرب، و به قال جمیع الفقهاء. و قال أبو یوسف: لا یجوز.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: المجوس کان لهم کتاب ثم رفع عنهم

، و هو أصح قولی الشافعی، و له قول آخر انه لم یکن لهم کتاب، و به قال أبو حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و بما روی عن علی علیه السلام انهم کان لهم نبی قتلوه و کتاب أحرقوه(2).

ص:281


1- (1) تهذیب الاحکام 158/6.
2- (2) تهذیب الأحکام 159/6.

مسألة - 4 - قال الشیخ: الصابئة لا یؤخذ منهم الجزیة

و لا یقرون علی دینهم، و به قال أبو سعید الإصطخری و قال باقی الفقهاء: تؤخذ منهم الجزیة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و بالأخبار.

مسألة - 5 - قال الشیخ: الصغار المذکور فی آیة الجزیة

هو التزام الجزیة علی ما یحکم الامام من غیر ان یکون مقدرة و التزام أحکامنا علیهم.

و قال الشافعی: هو التزام أحکامنا علیهم، و من الناس من قال: الصغار أن تؤخذ الجزیة منه قائما و المسلم جالس.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: المجنون المطبق لا خلاف أنه لا جزیة علیه

، فان کان یفیق أحیانا و یجن أحیانا حکم بحکم الأغلب، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یسقط حکم المجنون و لا یلفق أیامه. و قال أکثر أصحابه: یلفق أیامه، فإذا بلغت أیام الإقامة حولا أخذت الجزیة.

و المعتمد مذهب الشافعی، و هو اختیار العلامة فی المختلف(1) ، و فخر الدین فی شرح القواعد.

مسألة - 7 - قال الشیخ: الشیوخ الهرمی و أصحاب الصوامع و الرهبان

یؤخذ منهم الجزیة.

و للشافعی قولان مبنیان: علی جواز قتلهم إذا وقعوا فی الأسراء، و عدمه. و فی أصحابنا من قال: لا تؤخذ منهم الجزیة، و المشهور عند أصحابنا قول الشیخ.

و المعتمد أخذها من الرهبان و أصحاب الصوامع، أما الشیخ الفانی فربما قیل: ان لم یکن له رأی و لم یقدر علی القتال لا تؤخذ منه، و لا بأس به.

مسألة - 8 - قال الشیخ: یجوز لأهل الذمة أن یلبسوا العمائم و الرداء

، و به قال

ص:282


1- (1) مختلف الشیعة ص 155 کتاب الجهاد.

الشافعی. و قال أبو حنیفة و أحمد: لیس لهم ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، لأنهم إذا لبسوا العمائم و تمیزوا عن المسلمین فلا مانع من ذلک، و المانع انما یکون مع عدم التمییز.

مسألة - 9 - قال الشیخ: لیس للجزیة حد محدود

، بل ذلک موکول الی نظر الإمام، یأخذ منهم بحسب ما یراه أصلح و ما یحتمله أحوالهم، و به قال الثوری.

و قال الشافعی: إذا بذل الکافر دینارا فی الجزیة قبل منه، سواء کان موسرا أو معسرا أو متوسطا و قال مالک: أقل الجزیة أربعة دنانیر علی أهل الذهب، و ثمانیة و أربعون درهما علی أهل الورق فی جمیع من ذکرناه.

و قال أبو حنیفة: جزیة المقبل اثنا عشر درهما، و المتوسط أربعة و عشرون درهما و الغنی ثمانیة و أربعون درهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 10 - قال الشیخ: من لا کسب له و لا مال لا یجب علیه الجزیة

، و به قال أبو حنیفة. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یجب علیه. و استدل الشیخ بإجماع الفرقة.

و المعتمد أنها لا تسقط عن الفقیر و ینظر بها حتی یوسر، نص علیه العلامة و نجم الدین.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا وجبت الجزیة علی الذمی

بحؤول الحول ثم مات أو أسلم، قال الشافعی: لا یسقط. و قال أبو حنیفة: یسقط. و قال أصحابنا:

إذا أسلم سقطت و لم یذکروا الموت. و الذی یقتضیه المذهب أنها لا یسقط بالموت فیؤخذ من ترکته، و به قال مالک.

و أما الدلیل علی سقوطها بالإسلام، فقوله تعالی «حَتّی یُعْطُوا الْجِزْیَةَ عَنْ یَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ» 1 فشرط فی إعطائها الصغار و هو لا یمکن مع الإسلام.

ص:283

و أما الدلیل علی سقوطها بالإسلام، فقوله تعالی «حَتّی یُعْطُوا الْجِزْیَةَ عَنْ یَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ» (1) فشرط فی إعطائها الصغار و هو لا یمکن مع الإسلام.

و المعتمد سقوطها بالإسلام، و عدم سقوطها بالموت.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا دخل حربی إلینا بأمان

، فقال له الإمام: أخرج الی دار الحرب ان أقمت عندنا صیرت نفسک ذمیا، فأقام سنة ثم قال: أقمت لحاجة قبل منه و لم یکن له أخذ الجزیة منه، بل یرده إلی مأمنه، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: إذا أقام سنة صار ذمیا.

و المعتمد قول الشیخ، لان عقد الذمة لا یکون إلا بإیجاب و قبول و لم یوجد.

مسألة - 13 - قال الشیخ: لا یجوز تمکین أحد من أهل الذمة دخول الحرم

بحال، لا مجتازا و لا لحاجة، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یجوز أن یدخله عابر سبیل، أو محتاجا الی أن ینقل المسیرة الیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا دخل حربی دار الإسلام

، أو أهل الذمة دخلوا الحجاز من غیر شرط لما یؤخذ منهم، فإنه لا یؤخذ منهم شیء، و هو ظاهر مذهب الشافعی، و فی أصحابه من قال: یؤخذ من الذمی إذا دخل بلد الحجاز سوی الحرم نصف العشر، و فی الحربی إذا دخل بلد الإسلام العشر.

و قال أبو حنیفة: یؤخذ منهم ما یأخذونهم من المسلمین إذا دخلوا دار الحرب ان عشروهم عشرناهم، و ان أخذوا نصف العشر فکذلک، و ان عفوا عنهم عفونا عنهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا هادن الامام المشرکین

علی أن من جاء منهم رده إلیهم و ینکف الحرب فیما بینهم، ثم جاءت امرأة مسلمة مهاجرة إلی بلد الإسلام

ص:


1- (1) سورة التوبة: 29.

لم یجز ردها بلا خلاف، الا أنه إذا جاء زوجها و طالب بمهرها الصحیح الذی أقبضها إیاه، کان علی الامام أن یرده علیه من سهم المصالح.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یرد علیه شیئا، و هو أصح القولین عندهم، و به قال أبو حنیفة. و المعتمد قول الشیخ، لقوله تعالی «وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا» (1) و هذا قد أنفق. و أعلم أنه انما یجب رد المهر إذا قدمت علی بلد الإمام أو نائبه الذی استخلفه أما لو قدمت علی بلد من بلاد المسلمین غیر بلد الامام و بلد خلیفته منع الزوج من أخذها، و لا یجب علی الامام أن یدفع إلیه شیئا.

مسألة - 16 - قال الشیخ: یجوز للإمام أن یصالح قوما

علی أن یضرب الجزیة علی أرضهم، فمتی أسلموا سقط ذلک عنهم و صارت الأرض عشریة، و به قال الشافعی الا أنه قید ذلک بأن یضع علیها أقل ما یکون من الجزیة فصاعدا.

و قال أبو حنیفة: لا یجوز الاقتصار علی هذا حتی یضم الیه ضرب الجزیة علی الرءوس، و متی أسلموا لا یسقط عنهم، بل یکون الأرض خراجیة علی ما وضع علیها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا فعل أهل الذمة ما یحرم فی شرعهم

، فما یجب به الحد مثل الزنا و اللواط و السرقة و القتل و القطع، أقیم علیهم الحد بلا خلاف لأنهم عقدوا الذمة بشرط أن یجری علیهم أحکامنا، و ان فعلوا ما یستحلونه مثل شرب الخمر و أکل لحم الخنزیر و نکاح المحرمات، فلا یجوز أن یتعرض علیهم إذا تستروا به بلا خلاف، و ان أظهروه و أعلنوه کان للإمام أن یقیم علیهم الحدود.

و قال جمیع الفقهاء: لیس له أن یقیم الحدود التامة، بل یعزرهم علی ذلک لأنهم یستحلون ذلک و یعتقدون إباحته.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

ص:285


1- (1) سورة الممتحنة: 10.

کتاب الصید و الذبائح

مسألة - 1 - قال الشیخ: لا یجوز الصید الا بالکلب

، و لا یجوز شیء من جوارح الطیر کالصقر و البازی و الباشق و العقاب، و لا شیء من سباع البهائم کالفهد و النمر الا الکلب خاصة، و به قال مجاهد.

و قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی: یجوز بجمیع ذلک إذا أمکن تعلیمه متی تعلم. و قال الحسن البصری و النخعی و أحمد و إسحاق: یجوز بکل ذلک الا بالکلب الأسود البهیم، فإنه لا یجوز الاصطیاد به، لقوله علیه السّلام «لو لا أن الکلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا الأسود البهیم»(1).

و المعتمد أنه یجوز الاصطیاد بجمیع ما ذکره، فإن أدرکه و حیاته مستقرة وجب تذکیته، و ان مات قبل إدراکه حرم الا ما قتله الکلب المعلم. و مراد الشیخ بقوله «لا یجوز الصید الا بالکلب» أنه لا یحل مقتول غیر الکلب، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: الکلب لا یکون معلما الا بثلاث شرائط:

أحدها إذا أرسله استرسل، و ثانیها إذا زجره انزجر، الثالث لا یأکل ما یمسکه، و یتکرر

ص:286


1- (1) عوالی اللئالی 36/1.

هذا منه مرارا حتی یقال فی العادة: انه قد تعلم، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة:

إذا فعل ذلک دفعتین کان معلما.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: قد بینا أنه لا یجوز الصید بغیر الکلب المعلم

، فان صید بغیره فأدرک ذکاته حل أکله إذا ذکی، فإن قتله الجارح، فلا یحل أکله، معلما کان الجارح أو غیر معلم، و ما یصیده الکلب المعلم و قتله قبل أن تدرک ذکاته و لم یأکل منه شیئا، فإنه یجوز أکله، و ان أکل منه فان کان معتادا لذلک لم یحل أکله، و ان کان نادرا جاز أکله.

و قال الشافعی: کل جارحة معلمة إذا أرسلت فأخذت و قتلت، فان لم تأکل منه شیئا فهو مباح، من الطیر کان أو من السبع، و ان قتله و أکل، فإن کان طیرا فسیجیء خلافه، و ان کان سبعا فأخذ و أکل و اتصل أکله بالقتل، قال فی القدیم:

یحل، و أومی فی الجدید الی قولین: أحدهما هذا، و به قال مالک. و الثانی فی الجدید لا یحل.

و قال الشعبی و النخعی و أحمد: و ما قتله قبل هذا الذی أکل منه و لم یأکل منه شیئا فهو مباح قولا واحدا. و قال أبو حنیفة و أصحابه: لا یحل هذا الذی أکل منه، و کلما کان اصطاده و قتله فیما سلف و لم یکن أکل منه، فإنه لا یحل أیضا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 4 - قال الشیخ: جوارح الصید کلها لا یجوز أکل ما تصطاده

الا ما أدرک ذکاته.

و قال الشافعی: حکم سباع الطیر حکم سباع البهائم، فإن قتلت فأکلت مما قتلت هل یحل؟ علی قولین. و قال المزنی: لا یحرم بالأکل منه قولا واحدا، و به

ص:287


1- (1) تهذیب الاحکام 24/9.

قال أبو حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا شرب الکلب المعلم دم الصید و لم یأکل منه

لم یحرم، و به قال جمیع الفقهاء. و قال النخعی: یحرم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: التسمیة واجبة عند إرسال الکلب و إرسال السهم

و عند الذبیحة، فمتی لم یسم مع الذکر حرم أکله، و ان نسیه لم یکن به بأس، و به قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه.

و قال الشعبی و داود و أبو ثور التسمیة شرط، فمتی ترکها عامدا أو ساهیا لم یحل أکله. و قال الشافعی: التسمیة مستحبة، فمتی ترکها لم یکن به بأس.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2) ، و قوله تعالی «وَ لا تَأْکُلُوا مِمّا لَمْ یُذْکَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَیْهِ» (3).

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا أرسل مسلم کلبه المعلم و مجوسی کلبه

، فأدرکه کلب المجوسی فرده الی کلب المسلم، فقتله کلب المسلم وحده حل أکله، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یحل، لأنهما تعاونا علی قتله، کما لو عقراه جمیعا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا عض کلب الصید

لم ینجس موضع العضة، و لا یجب غسله.

و قال الشافعی: ینجس الموضع، و هل یجب غسله؟ علی وجهین: أحدهما

ص:288


1- (1) تهذیب الاحکام 29/9.
2- (2) تهذیب الأحکام 26/9.
3- (3) سورة الانعام: 121.

لا یجب، و الآخر یجب، و هو المعتمد.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا عقر الکلب المعلم الصید عقرا

لا یصیره فی حکم المذبوح و غاب الکلب و الصید من عینه ثم وجده میتا لم یحل أکله.

و اختلف أصحاب الشافعی علی طریقین: أحدهما یحل أکله قولا واحدا، و الأخر ان المسألة علی قولین: أحدهما یحل، و الآخر لا یحل و هو أصحهما عندهم.

و قال أبو حنیفة: ان تشاغل به و تبعه فوجده میتا حل، و ان لم یتبعه لم یحل أکله. و قال مالک: ان وجده من یومه حل أکله، و ان وجده بعد یوم لا یحل أکله.

و المعتمد قول الشیخ، لاحتمال أن یکون الموت لا بسبب عقر الکلب.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا أدرکه فیه حیاة مستقرة

، لکنه فی زمان لم یتسع لذبحه، أو کان ممتنعا فجعل یعد و خلفه، فوقف و قد بقی من حیاته زمان لا یتسع لذبحه لا یحل أکله، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی یحل أکله.

و الأحوط مذهب الشیخ، و هو اختیار العلامة فی التحریر(1) ، و قال ابن حمزة:

إذا لم یتسع الزمان لذبحه حل(2) ، و جزم به العلامة فی القواعد(3) و نجم الدین فی الشرائع، قال: أما إذا لم یتسع الزمان لذبحه فهو حلال و لو کانت حیاته مستقرة(4) و لا بأس بهذا.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا أرسل کلبه المعلم

، و سمی عند إرساله علی صید بعینه فقتل غیره حل أکله، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: لا یحل أکله، لأنه أمسک غیر الذی أرسل علیه، فهو کما لو استرسل بنفسه.

ص:289


1- (1) تحریر الأحکام 155/2.
2- (2) الوسیلة ص 356.
3- (3) قواعد الأحکام 151/2.
4- (4) شرائع الإسلام 203/3.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا أرسل کلبه المعلم إلی جهة

، فعدل إلی جهة غیرها و قتل حل أکله. و للشافعی وجهان: أحدهما یحل، و الآخر لا یحل.

و المعتمد أنه یحل، کما لو أرسله علی صید فقتل غیره.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا رمی سهما أو حربة و لم یقصد شیئا

، فوقع فی صید فقتله، أو رمی شخصا فوقع فی صید فقتله، أو ذبح شیئا غیر شاة فکانت شاة، فکل هذا لا یحل أکله.

و للشافعی فی رمی السهم و السلاح وجهان: أحدهما مثل ما قلناه، و الثانی یجوز أکله، و فی رمی الشخص و ذبح الشاة وجه واحد أنه یجوز أکله.

قال الشیخ: دلیلنا وجوب التسمیة، و هی هنا مفقودة، و لو کانت موجودة لاحتاجت الی قصد قتل الصید و المذبوح، و ذلک مفقود، فلا یجوز أکله، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا استرسل الکلب من قبل نفسه، فقتل صیدا

لم یحل، و به قال جمیع الفقهاء إلا الأصم فإنه قال: لا بأس بأکله.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع المسلمین، لأن الأصم لا اعتبار به لانقراضه.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا استرسل الکلب بنفسه نحو الصید

، فرآه صاحبه فأغراه، فازداد حرصه و عدوه، فقتل صیدا لم یحل أکله، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یحل أکله.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا رمی سهما، فوقع علی الأرض، ثم وثب

فقتل صیدا حل أکله. و للشافعی وجهان: أحدهما یحل، و الآخر لا یحل.

ص:290

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا قطع الصید بنصفین

، حل أکل الکل بلا خلاف، و ان کان الذی مع الرأس أکبر حل الذی مع الرأس دون الباقی، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: یحل أکل الجمیع.

و المعتمد ان لم یتحرکا حلا، و ان تحرکا أو أحدهما، فإن کان مع عدم استقرار الحیاة حلا أیضا، لعدم اعتبار هذه الحرکة، لأنها کحرکة المذبوح. و ان کان مع استقرار الحیاة حل ما فیه الرأس مع التذکیة و حرم الأخر، لانه أبین من حی فهو میتة، و لا یمکن استقرار الحیاة فی النصف الذی لیس فیه الرأس، لکنه یحل مع عدم استقرار الحیاة فی النصف الذی فیه الرأس، و یحرم مع استقرار الحیاة فیه، أی: فی النصف الذی فیه الرأس.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا اصطاد المسلم بکلب علمه مجوسی

حل صیده و به قال جمیع الفقهاء. و قال الحسن البصری و الثوری: لا یحل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا کان المرسل کتابیا، لا یحل أکل ما قتله.

و قال جمیع الفقهاء: یحل. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا کان المرسل مجوسیا أو وثنیا

، لم یحل أکل ما اصطاده بلا خلاف، و ان کان أحد أبویه مجوسیا أو وثنیا و الآخر کتابیا لم یجز عندنا.

و قال أبو حنیفة: یجوز علی کل حال. و قال الشافعی: ان کان الأب مجوسیا لم یحل قولا واحدا، و ان کانت الأم مجوسیة علی قولین. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 21 - قال الشیخ: کل حیوان مقدور علی ذکاته

إذا لم یقدر فی أی موضع وقع منه، و به قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی. و قال سعید بن المسیب و مالک: لا یحل ما لم یعقره فی موضع الذبح.

ص:291

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 22 - قال الشیخ: لا تحل الذکاة بالسن

، سواء کان متصلا أو منفصلا بلا خلاف، فان خالف و ذبح به لا یحل المذبوح، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة فی المتصلین مثل قولنا، و قال فی المنفصلین: یحل أکله.

اعلم أنه لا یجوز التذکیة بغیر الحدید مع القدرة، و یجوز مع عدم القدرة علی الحدید و خوف فوات الذبیحة بغیر الحدید مما یفری الأوداج، و هل یجوز بالظفر و السن إذا أمکن فری الأوداج بهما و لم یوجد غیرهما؟ اختلف أصحابنا فی ذلک، ذهب الشیخ هنا و فی المبسوط(1) الی المنع، و اختاره الشهید فی شرح الإرشاد، و ذهب فی التهذیب الی الجواز، و اختاره ابن إدریس، و العلامة فی المختلف و التحریر(2) ، و الشهید فی الدروس(3). و الأول أحوط.

مسألة - 23 - قال الشیخ: لا یجوز أکل ذبائح أهل الکتاب

، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(4).

مسألة - 24 - قال الشیخ: لا تجوز الذکاة فی اللبة إلا فی الإبل خاصة

، أما البقر و الغنم فلا یجوز ذبحهما إلا فی الحلق، فان ذبح الإبل و نحر البقر و الغنم لم یحل أکله.

و قال جمیع الفقهاء: ان التذکیة فی الحلق و اللبة علی حد واحد و لم یفصلوا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:292


1- (1) المبسوط 263/6.
2- (2) تحریر الاحکام 158/2.
3- (3) الدروس ص 277.
4- (4) تهذیب الأحکام 63/9.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا رمی طیرا طائرا فجرحه

، فوقع علی الأرض فوجده میتا حل أکله، سواء مات قبل أن یسقط أو بعد ما سقط، أو لم یعلم وقت موته، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: ان مات بعد سقوطه لم یحل أکله، لأن السقطة أعانت علی موته کما لو وقع فی الماء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بظواهر الأخبار.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا قتل الکلب المعلم بالعقر

، حل أکله بلا خلاف و عند الفقهاء سائر الجوارح کذلک، و لا فرق بین جوارح الطیر و جوارح السباع.

و ان قتله من غیر عقر، مثل أن صدمه فقتله، أو غمه حتی مات، فلا یحل أکله. و للشافعی قولان: أظهرهما مثل قولنا، و هو الذی رواه أبو یوسف و محمد و زفر عن أبی حنیفة، و القول الآخر یحل أکله، و هو الذی رواه أبو الحسن اللؤلؤی عن أبی حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا ملک صیدا فأفلت منه

لم یزل ملکه عنه، طائرا کان أو غیر طائر، لحق بالبراری و عاد إلی أصل التوحش أو لم یلحق، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال مالک: ان کان یطیر فی البلد و حوله فهو علی ملکه، و ان لحق بالبراری و عاد إلی أصل التوحش زال ملکه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 28 - قال الشیخ: لا یؤکل من حیوان الماء الا السمک

، و لا یؤکل من السمک الا ما کان له قشر، فأما غیره مثل المارماهی و الزمیر، و غیر السمک من الحیوان، مثل الخنزیر و الکلب و الفأر و الإنسان و السلحفاة و الضفادع، فإنه

ص:293

قیل: ما من شیء فی البر الا و مثله فی الماء، فان جمیع ذلک لا یحل أکله بحال.

و قال أبو حنیفة: لا یحل الا السمک و لم یفصل، و به قال بعض أصحاب الشافعی. و قال الشافعی: جمیع ذلک یؤکل. قال المزنی: السمک و غیره. و قال الربیع: سئل الشافعی عن خنزیر الماء، فقال: یؤکل، و قال فی المسألة یؤکل فأر الماء، و لما دخل العراق سئل عن اختلاف أبی حنیفة و ابن أبی لیلی فی هذه المسألة و أن أبا حنیفة قال: لا یؤکل و ابن أبی لیلی قال: یؤکل، قال:

أنا علی قول ابن أبی لیلی، و به قال مالک، و هو مذهب أبی بکر و عمر و عثمان.

و قال بعض أصحاب الشافعی: یعتبر بدواب البر، و کل دابة یؤکل فی البر فهی یؤکل فی البحر، و ما لا یؤکل من دواب البر لا یؤکل من دواب البحر.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا مات السمک فی الماء

لا یحل أکله، و کذا ما نضب عنه الماء، أو حصل فی ماء بارد أو حار فمات فیه لم یحل أکله.

و قال الشافعی: یحل جمیع ذلک من جمیع حیوان الماء. و قال أبو حنیفة: إذا مات حتف أنفه لم یؤکل، و ان مات بسبب، مثل ان انحسر عنه الماء أو ضربه بشیء فمات، فإنه یؤکل، و ما یموت بحرارة الماء و برده، فعنه فیه روایتان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 30 - قال الشیخ: السمک یحل أکله إذا مات حتف أنفه

، و به قال أبو حنیفة. و قال مالک: لا یحل حتی یقطع رأسه.

و المعتمد قول الشیخ، و مراده إذا مات بعد إخراجه من الماء حیا.

مسألة - 31 - قال الشیخ: لا یحل ابتلاع السمک الصغار حیا

قبل موته.

و قال بعض أصحاب الشافعی: یحل ابتلاعه، و هو المشهور عند أصحابنا لأنه مذکی، و هو المعتمد.

ص:294


1- (1) تهذیب الأحکام 2/9-3.

مسألة - 32 - قال الشیخ: دم السمک طاهر

، و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر أنه نجس.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:295

کتاب الضحایا

مسألة - 1 - قال الشیخ: الأضحیة سنة مؤکدة

لمن قدر علیها و لیست واجبة و به قال الشافعی و أحمد و أبو یوسف و محمد.

و قال مالک و جماعة: انها واجبة بأصل الشرع. و قال أبو حنیفة: یجب علی من معه نصاب إذا کان مقیما، و لا یجب علی المسافر، و لا علی من لیس معه نصاب و إذا فات وقتها لا یجب إعادتها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: لا یکره لمن یرید التضحیة یوم العید

أو شراء أضحیة و ان لم تکن حاصلة، أن یحلق رأسه أو یقص أظفاره من أول العشر الی یوم النحر و لا یحرم ذلک علیه، و به قال أبو حنیفة و مالک.

و قال ابن حنبل و إسحاق: یحرم علیه ذلک حتی یضحی. و قال الشافعی:

یکره له ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، لأصالة الإباحة.

مسألة - 3 - قال الشیخ: یجزی الثنی من کل شیء من الإبل و البقر و الغنم

و الجذع من الضأن، و به قال عامة أهل العلم.

ص:296

و قال عطاء و الأوزاعی: یجزی الجزع من کل شیء، أما الجزع من الماعز فلا یجزی بلا خلاف.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 4 - قال الشیخ: أفضل الأضاحی الثنی من الإبل

، ثم من البقر، ثم الجذع، ثم الثنی من المعز، و به قال الشافعی. و قال مالک: أفضلها الجذع من الضأن.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل فی هذه و التی قبلها بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 5 - قال الشیخ: یکره من الأضاحی الجلحاء

، و هی التی لم یخلق لها قرن، و العضباء و هی التی کسر ظاهر قرنها و باطنه، سواء أدمی قرنها أو لم یدم، و به قال الشافعی.

و قال النخعی: لا یجزی الجلحاء. و قال مالک: العضباء أن أدمی قرنها لا یجزی و ان لم یدم أجزأت.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم. أما فی الهدی الواجب فلا یجزیان.

مسألة - 6 - قال الشیخ: یدخل وقت ذبح الأضحیة

بطلوع الشمس یوم النحر و به قال عطاء.

و اختلف الفقهاء علی أربعة مذاهب، قال الشافعی: یدخل وقتها بدخول الوقت و الوقت هو وقت دخول صلاة الأضحی، و هو إذا ارتفعت الشمس قلیلا یوم النحر و مضی بعد هذا ما یمکن صلاة العید و الخطبتین، سواء صلی الإمام أو لم یصل.

و قال أبو حنیفة: یدخل وقتها بالفعل، و هو أن یفعل الإمام الصلاة و یخطب فإذا فرغ من ذلک دخل وقت الذبح، فإن تأخرت صلاته، فلا یذبح حتی یصلی.

ص:297

هذا فی حق أهل المصر، أما أهل السواد فوقته فی حقهم طلوع الفجر الثانی من یوم النحر، لانه لا عید لأهل السواد.

و قال مالک فی أهل المصر کقول أبی حنیفة، أما أهل السواد فإنه قال: یعتبر کل موضع بأقرب البلدان الیه، فإذا أقیمت الصلاة و الذبح فی ذلک البلد دخل وقت الذبح. و قال عطاء: وقته طلوع الشمس من یوم النحر.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم، علی أن الأضحیة یوم الأضحی و لم یعینوا، فوجب أن یکون جمیع الیوم وقتا له.

قلت: دلیل الشیخ یقتضی أن یکون الوقت من طلوع الفجر الثانی یوم النحر لأن أول الیوم طلوع الفجر الثانی و آخره غروب الشمس، فالتخصیص بأن أول الوقت طلوع الشمس لا وجه له، لان دلیله ینافی ذلک.

مسألة - 7 - قال الشیخ: الذکاة لا تقع مجزیة الا بقطع أربعة أشیاء:

الحلقوم و هو مجری النفس، و المری و هو تحت الحلقوم و هو مجری الطعام و الشراب، و الودجین و هما عرقان محیطان بالحلقوم، و به قال مالک.

و قال أبو حنیفة: قطع أکثر الأربعة شرط فی الاجزاء، قالوا: و ظاهر مذهبه الأکثر من کل واحد منها. و قال أبو یوسف: أکثر الأربعة عددا فکأنه یقطع ثلاثة من الأربعة بعد أن یکون الحلقوم و المری من الثلاثة.

و قال الشافعی: یحصل الاجزاء بقطع الحلقوم و المری وحدهما، و قطع الأربعة من الکمال.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: قد قدمنا أن ذبائح أهل الکتاب لا تجزئ

، و کذلک الأضحیة، و خالفنا جمیع الفقهاء فی الذباحة من غیر کراهة. و قال الشافعی: أکره ذلک فی الأضحیة.

ص:298

و المعتمد قول الشیخ، و قد تقدم.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا قلنا ان ذبائح أهل الکتاب و من خالف الإسلام

لا یجوز، فقد دخل فی جملتهم نصاری تغلب، و هم تنوخ و بهرا و بنو وائل، و وافقنا علی نصاری تغلب الشافعی، و قال أبو حنیفة: یحل ذبائحهم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: لا یجوز الأکل مما یذبح الی غیر القبلة

مع العمد و الإمکان. و قال جمیع الفقهاء فی ذلک مستحب.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: یکره إبانة الرأس من الجسد

، و قطع النخاع قبل أن یبرد الذبیحة، فإن خالف و أبان لم یحرم أکله، و به قال جمیع الفقهاء.

و قال سعید بن المسیب: یحرم أکله.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا قطعت رقبة الذبیحة من قفاها

، فلحقت قبل قطع الحلقوم و فیها حیاة مستقرة، و علامتها أن تتحرک حرکة قویة، حل أکلها إذا ذبحت، و ان لم یکن فیها حرکة قویة لم یحل أکلها لأنها میتة، و به قال الشافعی و قال مالک و أحمد: لا یحل أکلها علی حال.

و المعتمد أنها یحل بشرطین: الأول استقرار الحیاة، و الثانی بقاء جمیع أعضاء المذبح، و ظاهر الشیخ الاکتفاء ببقاء الحلقوم، و المعتمد ما قلناه، قال: و علامة استقرار الحیاة أن یتحرک حرکة قویة.

و قال فی المبسوط: و مستقر الحیاة هو ما یمکن أن یعیش یوما أو نصف یوم(1) و هو المشهور بین الأصحاب، و هو المعتمد.

ص:299


1- (1) المبسوط 275/6.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا اشتری شاة تجزئ فی الأضحیة بنیة أنها أضحیة

ملکها بالشراء و صارت أضحیة، و به قال أبو حنیفة و مالک. و قال الشافعی: یملکها و لا یکون أضحیة.

قال الشیخ: دلیلنا قوله علیه السّلام «إنما الأعمال بالنیات»(1) و هذا قوی أن یکون أضحیة، فیجب أن یکون کذلک. و قال الشافعی: عقد البیع یوجب الملک و جعلها أضحیة یزیل الملک، و الشیء الواحد لا یوجب الملک و یزیله فی وقت واحد.

قال الشیخ: و هذا منتقض، لانه لو قال ان ملکت عبدا فللّه علی أن أعتقه لزمه عتقه، و هذا لفظ واحد أوجب شیئین.

و المعتمد هنا قول الشافعی، لأنه لا یجب کونها أضحیة إلا بالنذر أو العهد أو الیمین، و لا ینعقد واحد منها بالنیة، بل لا بد فیه من اللفظ علی ما هو مشهور بین أصحابنا، و نقضه (ره) علی الشافعی غیر مسلم، لان قول الإنسان ان ملکت عبدا فللّه علی أن أعتقه لم یوجب شیئین، و انما أوجب انعقاد النذر، فإذا ملک العبد وجب عتقه بالنذر و لم یزل ملکه عنه، و لا ینعتق بنفس الملک بل لا بد من عتقه بعد الملک و کسبه قبل العتق له، و الشیخ أعلم بما قاله.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا أوجب علی نفسه أضحیة

بالقول أو بالبینة علی ما مضی من الخلاف، زال ملکه عنها و انقطع تصرفه فیها، و به قال أبو یوسف و أبو ثور و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و محمد: لا یزول ملکه عنها، و له أن یستبدل بها بالبیع و غیره.

فأما إذا قال: للّه علی أن أعتقک، لم یزل ملکه بلا خلاف. و أما بیعه، فلا یجوز عند الشافعی، و عند أبی حنیفة یجوز، و هو الأقوی، لأنه یبیعه ثم یشتریه و یعتقه.

و المعتمد أن النیة لا یکفی فی الإیجاب، و لا یجب الا بالقول بالنذر أو العهد

ص:300


1- (1) تهذیب الاحکام 186/4.

أو الیمین، فإذا أوجبها بأخذ الثلاثة و کانت معینة، لم یزل ملکه عنها بذلک، و لیس له الاستبدال بها، و لا یجوز بیع العبد المنذور عتقه مطلقا، کما فرضه الشیخ هنا أو معلقا بعد حصول الشرط، و هل یجوز قبل حصول الشرط جوزه ابن الجنید، و هو ظاهر العلامة فی المختلف(1) ، و منع فخر الدین من ذلک.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا أتلف الأضحیة التی أوجبها علی نفسه

، کان علیه قیمتها، و به قال أبو حنیفة و مالک.

و قال الشافعی: علیه أکثر الأمرین من مثلها أو قیمتها، فإذا کان قیمتها یوم الإتلاف عشرة و یوم الإخراج عشرین، فعند الشافعی علیه مثلها بعشرین، و عندنا علیه قیمتها.

و المعتمد أنه إذا أتلفها أو فرط فیها فتلفت، کان علیه قیمتها یوم التلف یتصدق به.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا لم یکن للأضحیة ولد

أو کان لها ولد و فصل من لبنها، جاز لصاحبها الانتفاع به و له أیضا زکاتها، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یجوز زکاتها و لا شرب لبنها.

و المعتمد قول الشیخ، ما لم یضر الرکوب و الحلب بها أو بولدها، فلا یجوز حینئذ، و استدل الشیخ علی ما اختاره بإجماع الفرقة و أخبارهم، و هذا یدل علی أنها لم یخرج عن ملکه بالنذر، إذ لو خرجت عن ملکه لم یجز له التصرف بالرکوب و لا جاز له شرب اللبن، بل کان یجب الصدقة باللبن، و المنع من الرکوب.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا أوجب علی نفسه أضحیة سلیمة من العیوب

التی تمنع الأضحیة، ثم حدث بها عیب یمنع جواز الأضحیة، کالعور و العرج و الجرب و العجاف، نحرها علی ما بها و قد أجزأه، و هکذا ما أوجبه علی نفسه

ص:301


1- (1) المختلف ص 137 کتاب الحج.

من الهدایا الباب واحد، و به قال الشافعی و أحمد و إسحاق.

و قال أبو حنیفة: ان کان الذی أوجبها من لا تجب علیه الأضحیة و هو المسافر عنده، و من لا یملک نصابا مثل قولنا، و ان کان ممن یجب علیه ابتداء عنده فعینها فی شاة بعینها فعابت فإنها لا تجزئ.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا ضلت الأضحیة التی أوجبها علی نفسه

أو غصبت أو سرقت، لم یکن علیه البدل، فان عادت ذبحها أی وقت شاء، سواء کان قبل مضی وقت الذبح أو بعده، و به قال الشافعی الا أنه ان عادت قبل فوات وقت الذبح و هو آخر یوم التشریق کان أداء، و ان عادت بعد انقضائه کان قضاءا.

و قال أبو حنیفة: ان عادت قبل انقضائه ذبحها، و ان عادت بعده لا یذبحها، بل یسلمها حیة الی الفقراء.

و المعتمد قول الشافعی، و هو فتوی صاحب الدروس(1).

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا عین أضحیة بالنذر

، ثم جاء یوم النحر فذبحها أجنبی بغیر اذن صاحبها، فان نوی عن صاحبها أجزأت عنه، و ان لم ینو عن صاحبها لم یجز عنه، و کان علیه ضمان ما نقص بالذبح.

و قال الشافعی: یجزئ عن صاحبها و لم یفصل، و علی الذابح ضمان ما نقص بالذبح. و قال أبو حنیفة: تقع موقعها، و لا یجب علی ذابحها ضمان ما نقص بالذبح و قال مالک: لا تقع موقعها و علیه أن یضحی بغیرها.

و المعتمد قول الشیخ، و هو أنه ان ذبحها عن صاحبها أجزأت عنه و لا أرش و ان لم ینو عن صاحبها کان علیه الأرش ان کان لحمها موجودا و یتصدق باللحم و الأرش و الا کان علی الذابح القیمة و یتصدق بها صاحب الأضحیة.

ص:302


1- (1) الدروس ص 128.

مسألة - 20 - قال الشیخ: ذبح الأضاحی

مکروه باللیل الا أنه یجزئ، و به قال الشافعی. و قال مالک: لا یجزئ.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 21 - قال الشیخ: الأکل من الأضحیة المسنونة

و الهدایا المسنونة مستحب غیر واجب، و به قال جمیع الفقهاء. و قال بعض أهل الظاهر واجب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا نذر الأضحیة و صارت واجبة

کان له الأکل منها. و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لیس له ذلک کالهدایا الواجبة.

و المعتمد قول الشیخ، أما الهدایا الواجبة بالنذر، فلا یجوز الأکل منها.

مسألة - 23 - قال الشیخ: لا یجوز بیع جلد الأضحیة

، سواء کانت تطوعا أو نذرا إلا إذا تصدق بثمنها علی المساکین، و به قال أبو حنیفة، و زاد یجوز بیعها بآلة البیت علی أن یعیرها، مثل القدر و الفاس و المنخل و المیزان و نحو ذلک.

و قال الشافعی: لا یجوز بیعها بحال. و قال عطاء: یجوز بیعها علی کل حال.

و قال الأوزاعی: یجوز بیعها بآلة البیت.

و قال الشهید فی الدروس: و یستحب الصدقة بجلودها و جلالها و قلائدها، تأسیا بالنبی صلّی اللّه علیه و آله(1) و لم یفرق بین الواجب و المندوب، و هو الظاهر من عبارات متأخری الأصحاب، لأنهم کرهوا أخذ شیء من جلودها و إعطاؤها الجزار و لم یفصلوا، قال الشهید: یکره إعطاؤها الجزار أجرة لا صدقة.

مسألة - 24 - قال الشیخ: الهدی الواجب لا یجزئ فی الواجب الا عن واحد

، و یجزئ فی التطوع عن سبعة إذا کانوا من أهل بیت واحد، و ان کانوا من أهل بیوت شتی لا یجوز، و به قال مالک.

ص:303


1- (1) الدروس ص 131.

و قال الشافعی: یجوز للسبعة أن یشترکوا فی بدنة أو بقرة فی الضحایا و الهدایا سواء کانوا مفترضین عن نذر أو هدی الحج، أو متطوعین کالهدایا و الضحایا المسنونة، أو مفترقین و بعضهم یرید لحما، سواء کانوا أهل بیت واحد أو أهل بیوت شتی.

و قال أبو حنیفة: ان کانوا متفرقین مفترضین أو متطوعین أو منهما جاز، و ان کان بعضهم یرید لحما و بعضهم متقربا لا یجوز، و روی عن ابن عباس أن البدنة یجزئ عن عشرة و البقرة عن عشرة.

و المعتمد أن الهدی الواحد لا یجزئ الا عن واحد فی حج التمتع، و لا فرق بین أن یکون الحج واجبا أو مندوبا، لان الحج المندوب یجب بالشروع فیه.

أما الهدی المندوب و الأضحیة، فإنه یجوز عن الواحد و عن الجماعة من غیر حصر بعدد معین، و لا یشترط کونهم أهل بیت واحد، و لا أهل خوان واحد، و یجوز أن یکون بعضهم متقربا و بعضهم یرید لحما.

مسألة - 25 - قال الشیخ: أیام النحر بمنی أربعة

یوم النحر و ثلاثة بعده، و فی الأمصار ثلاثة یوم النحر و یومان بعده.

و قال الشافعی: الأیام المعدودات أربعة أولها یوم النحر و آخرها غروب الشمس من التشریق. و قال مالک و أبو حنیفة: المعدودات ثلاثة أولها یوم عرفة و أیام الذبح ثلاثة أولها یوم النحر، فخالف الشافعی فی الثالث من التشریق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 26 - قال الشیخ: العقیقة سنة مؤکدة

و لیست واجبة، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: غیر مسنونة و لا واجبة. و قال محمد: کانت واجبة و نسخت بالأضحیة. و قال قوم من أهل الظاهر: هی واجبة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:304

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا ثبت أنها مستحبة

، فالأفضل أن یعق عن الغلام بکبش، و عن الجاریة بنعجة.

و قال الشافعی: یعق عن الغلام بشاتین، و عن الجاریة بشاة. و قال مالک:

عن الغلام بشاة، و عن الجاریة بشاة لا یحصل منهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 28 - قال الشیخ: وقت العقیقة المستحب یوم السابع

بلا خلاف، و لا یلطخ رأس الصبی بدمه، و به قال جمیع الفقهاء. و قال الحسن: المستحب أن یمس رأسه بدم. و قال قتادة: یؤخذ منها صوفه و یستقبل بها أوداجها، ثم یوضع علی یافوخ الصبی حتی یسیل علی رأسه مثل الخیط، ثم یغسل رأسه بعد و یحلق.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:305

کتاب الأطعمة

مسألة - 1 - قال الشیخ: الکلب و الخنزیر نجسان فی حال الحیاة

، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: هما طاهران فی حال الحیاة، و انما ینجسان بالموت أو القتل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: الحیوان علی ضربین:

طاهر و نجس، فالطاهر النعم بلا خلاف، و ما جری مجراها من البهائم و الصید، و النجس الکلب و الخنزیر و المسوخ کلها.

و قال الشافعی: الحیوان طاهر و نجس، فالنجس الکلب و الخنزیر فحسب و الباقی کله طاهر.

و قال أبو حنیفة: الحیوان علی أربعة أضرب: طاهر مطلق و هو النعم و ما فی معناها، و نجس العین و هو الخنزیر، و نجس نجاسة یجری مجری ما ینجس بالمحاورة و هو الکلب و الذئب و السباع کلها، و مشکوک فیه و هو الحمار.

و المعتمد مذهب الشافعی، و هو المشهور عند متأخری أصحابنا.

مسألة - 3 - قال الشیخ: السباع علی ضربین:

ذی ناب قوی یعدو علی الناس

ص:306

کالأسد و الذئب و النمر و الفهد، فهذا کله لا یؤکل بلا خلاف. الثانی ما کان ذا ناب ضعیف لا یعدو علی الناس و هو الضبع و الثعلب، فعندنا أنه حرام أکلهما.

و قال الشافعی: هما مباحان. و قال مالک: أکل الضبع حرام. و قال أبو حنیفة:

الضبع مکروه و الثعلب حرام. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 4 - قال الشیخ: الیربوع حرام.

و قال الشافعی: حلال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 5 - قال الشیخ: ابن آوی لا یحل أکله،

و لأصحاب الشافعی وجهان منهم من قال مثل قولنا، و منهم من قال: یؤکل و هو الأشبه عندهم.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: السنور لا یجوز أکله

، أهلیا کان أو بریا، و به قال أبو حنیفة، و وافقنا الشافعی علی الأهلی، و له فی البری وجهان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 7 - قال الشیخ: لا یحل أکل الوبر و القنفذ

، و الوبر دویبة سوداء أکبر من ابن عرس تأکل و تجتر. و قال الشافعی: یجوز أکلهما معا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 8 - قال الشیخ: الأرنب حرام.

و قال الشافعی: حلال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 9 - قال الشیخ: الضب حرام،

و به قال مالک. و قال أبو حنیفة:

مکروه یأثم أکله إلا أنا لا نسمیه حراما. و قال الشافعی: حلال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 10 - قال الشیخ: لحوم الخیل حلال

، عرابا کانت أو براذین أو مقاریف، و به قال الشافعی و أبو یوسف و أحمد. و قال مالک و أبو حنیفة: مکروه.

و المعتمد الکراهیة.

ص:307

مسألة - 11 - قال الشیخ: یجوز أکل لحوم الحمر الأهلیة و البغال

، و ان کان فیها بعض الکراهة، الا أنه لیس بمحظور. و قال الفقهاء: حرام.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، مع أن أبا الصلاح و أفق الفقهاء فی تحریم لحوم البغال.

مسألة - 12 - قال الشیخ: القرد نجس حرام

، و حکی عن الشافعی أنه حلال قال أبو حامد: و هذا غیر معروف عنه.

و المعتمد أنه طاهر حرام.

مسألة - 13 - قال الشیخ: الحیة و الفأرة حرام أکلهما

، و به قال الشافعی.

و قال مالک: هما مکروهان و لیسا بمحظورین، فإذا أراد أکلهما ذبحهما و أکلهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 14 - قال الشیخ: جوارح الطیر کلها محرمة

، مثل البازی و الصقر و العقاب و الباشق و الشاهین و نحوها، و به قال الشافعی و أبو حنیفة. و قال مالک:

الطائر کله حلال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 15 - قال الشیخ: الغراب کله حرام علی الظاهر

فی الروایات، و قد روی فی بعضها رخص، و هو الزاغ و هو غراب الزرع، و العذاف و هو أصغر منه أغبر اللون کالرماد.

و قال الشافعی: الأسود و الأبقع حرام، و الزاغ و العذاف علی وجهین: أحدهما حرام، و الثانی حلال، و به قال أبو حنیفة.

و اعلم أن لأصحابنا فی الغربان ثلاثة مذاهب:

الأول: تحریم الجمیع، و هو اختیار الشیخ هنا و فی المبسوط(1) ، و اختاره

ص:308


1- (1) المبسوط 281/6.

العلامة فی المختلف(1) ، و فخر الدین فی شرح القواعد.

الثانی: إباحة الجمیع علی کراهیة، و هو مذهب الشیخ فی النهایة(2) و الاستبصار(3) ، و اختاره نجم الدین فی المختصر(4).

الثالث: إباحة الزاغ و هو غراب الزرع، و تحریم العذاف و الأبقع، و الکبیر الأسود الذی یسکن الجبال و یأکل الجیف، و هو مذهب ابن إدریس، و اختاره العلامة فی التحریر و الإرشاد، و ابن فهد فی المقتصر. و الأول أحوط و الأخیر أکثر.

مسألة - 16 - قال الشیخ: الجلال عبارة عن البهیمة التی تأکل العذرة

الیابسة أو الرطبة، کالناقة و البقرة و الشاة و الدجاجة، فإن کان هذا أکثر علفها کره أکل لحمها عندنا و عند جمیع الفقهاء، الا قوما من أصحاب الحدیث، فإنهم قالوا: حرام و روی أصحابنا تحریم ذلک إذا کان غذاءه کله من ذلک.

و یزول حکم الجلل عندنا بأن یحبس و یطعم علفا طاهرا، الناقة أربعین یوما و البقرة عشرین یوما، و الشاة عشرة أیام أو سبعة، و الدجاجة ثلاثة أیام، و لم أعرف للفقهاء فی ذلک نصا، و حکی أصحاب الشافعی ما حددناه عن بعض أهل العلم، و قالوا: لا نعول علی ذلک، بل نعول علی ما یزول به حکم الجلل باعتبار العادة، فیحبس ذلک القدر.

و اعلم أن البحث هنا فی ثلاث مواضع:

الأول: هل یحصل التحریم بالجلل أم لا؟ ظاهر الشیخ هنا الکراهیة دون

ص:309


1- (1) مختلف الشیعة ص 126 کتاب الصید.
2- (2) النهایة ص 577.
3- (3) الاستبصار 65/4.
4- (4) المختصر النافع ص 253.

التحریم، و هو مذهب ابن الجنید من أصحابنا. و المعتمد التحریم، و هو المشهور.

الثانی: فیما یحصل به الجلل، و ظاهر الشیخ هنا أنه یحصل مع الخلط إذا کان أکثر علفها عذرة الإنسان. و المعتمد أنه لا یحصل الا باغتذائها عذرة الإنسان محضا، بحیث یصیر ما یتناوله منه العذرة مالیا لآلات الغذاء و خلو الآلات من الغذاء الطاهر، فحینئذ یحکم بتحریمها.

الثالث: ما یزول به حکم الجلل، و المشهور ما ذکره الشیخ هنا، و ما قدره فی الناقة فهو مجمع علیه، و قال هنا فی البقرة عشرون، و قال فی المبسوط(1) فیها أربعون کالناقة، و اختاره فخر الدین، و قال هنا فی الشاة عشرة أو سبعة، و قال ابن بابویه فیها عشرون، و اختاره فخر الدین. و المعتمد عشرة فی الشاة، و عشرون فی البقرة، و البطة تستبرأ بخمسة، و الدجاجة بثلاثة، هذا هو المشهور و علیه العمل.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا نحرت البدنة

أو ذبحت البقرة أو الشاة، فخرج فی بطنها ولد، فان کان تاما وحده أن یکون أشعر أو أوبر، نظر فیه فان خرج میتا حل أکله، و ان خرج حیا ثم مات لم یحل أکله، و ان خرج قبل أن یتکامل لم یحل أکله بحال.

و قال الشافعی: ان خرج میتا حل أکله، و لم یفصل بین أن یکون تاما أو غیر تام، و ان خرج حیا، فإن بقی زمانا یتسع لذبحه ثم مات لم یحل أکله، فان لم یتسع لذبحه ثم مات حل أکله، سواء کان ذلک لتعذر آلة أو غیر ذلک، و به قال مالک و أبو یوسف و محمد و أحمد، و هو إجماع الصحابة، و انفرد أبو حنیفة، فقال ان خرج میتا فهو میتة، و لا یؤکل حتی یخرج حیا و یذبح فیحل بالذبح.

و اعلم أن اشتراط تمامیة الخلقة مع خروجه میتا مجمع علیه عند أصحابنا

ص:310


1- (1) المبسوط 282/6.

و هل یشترط مع تمامیة الخلقة أن تلج الروح فیه؟ اختلف أصحابنا فی ذلک، فاشترطه الشیخ فی النهایة(1) و ابن حمزة و ابن البراج و ابن إدریس و نجم الدین فی الشرائع(2) و العلامة فی الإرشاد و التحریر، فعلی هذا لو تمت خلقته و ولجته الروح فی بطن أمه لا یحل إلا إذا خرج حیا و ذکی، فلو خرج میتا أو حیا و لم یتسع الزمان لذبحه لم یحل.

و اشترط الشیخ فی المبسوط(3) خروجه میتا أو حیا و لم یتسع الزمان لفعل التذکیة نفسها، لا باعتبار عارض من فقد آلة أو تعذر مدس، و اختاره ابن فهد فی مقتصره، فعلی هذا لا یشترط أن لا تلجه الروح، بل لو ولجته و خرج میتا أو حیا و لم یتسع الزمان لتذکیته فهو حلال، و لم یشترط المفید غیر تمامیة الخلقة من غیر قید آخر.

و المعتمد مذهب الشیخ هنا، و هو ان الشرط خروجه میتا من غیر قید بعدم ولوج الروح، و لو خرج حیا لم یحل إلا بالتذکیة، و لو صادف الوقت عنها هذا إذا خرج مستقر الحیاة، أما غیر مستقر الحیاة، فهو فی حکم المیت. و اختار العلامة فی القواعد و ابنه فی الشرح مذهب الشیخ هنا، و هو مذهب ابن الجنید.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا ماتت فأرة فی سمن أو زیت

أو شیرج أو بزر، نجس کله و جاز الاستصباح به، و لا یجوز أکله و لا الانتفاع به بغیر الاستصباح، و به قال الشافعی.

و قال قوم من أصحاب الشافعی: لا یجوز الانتفاع به بالاستصباح و لا بغیره، بل یراق کالخمر. و قال أبو حنیفة: یستصبح به و یباع أیضا. و قال داود: ان کان

ص:311


1- (1) النهایة ص 584-585.
2- (2) شرائع الإسلام 208/3.
3- (3) المبسوط 282/6.

المائع سمنا لا ینتفع به بحال، و ان کان ما عداه من الادهان لا ینجس بموت الفأرة فیه و یحل أکله و شربه، لان الخبر ورد فی السمن فحسب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا جاز الاستصباح به

، فان دخانه یکون طاهرا و لا یکون نجسا.

و للشافعی وجهان: أحدهما طاهر، و الآخر نجس و هو الصحیح عندهم، ثم ینظر فان کان قلیلا مثل رءوس الإبر فهو معفو عنه، و ان کان کثیرا وجب غسله.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 20 - قال الشیخ: لا یجوز للمضطر إلی أکل المیتة

أن یأکل أکثر من سد الرمق، و لا یحل له الشبع، و به قال أبو حنیفة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو اختیار المزنی. و الثانی یجوز الشبع، و به قال مالک و الثوری.

و المعتمد قول الشیخ، إلا إذا اضطر الی الشبع لالتحاق الرفقة، فإنه یجب قاله العلامة فی القواعد(1) ، و لو لم یحصل سد الرمق الا بالشبع وجب أیضا، و یحرم الشبع إذا حصل سد الرمق بدونه.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا اضطر إلی المیتة

، وجب علیه أکلها، و لا یجوز الامتناع. و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی یجوز الامتناع.

و المعتمد الوجوب إذا خاف التلف بدون التناول، لوجوب حفظ النفس.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا اضطر الی طعام الغیر

، لم یجب علی الغیر إعطاؤه.

و قال الشافعی: یجب ثم لا یخلو حال المضطر الی أحد أمرین: اما أن یکون

ص:312


1- (1) قواعد الاحکام 159/2.

واجدا ثمنه فی الحال، أو فی بلده، أو لم یکن واجدا. فان کان واجدا لم یجب علیه بذله الا ببدل، و ان لم یکن واجدا أصلا وجب بذله بغیر بدل، و من الناس من قال: یجب علیه بذله بغیر بدل إذا لم یکن واجدا فی الحال و ان کان واجدا فی بلده.

و المعتمد وجوب البذل علی صاحب الطعام، و هو اختیار الشیخ فی المبسوط(1) و اختاره أکثر المتأخرین، هو اختار ابن إدریس مذهب الشیخ هنا، و هو عدم وجوب البذل.

أما وجوب الثمن، فعلی ما فصله الشیخ، و هو ان کان واجدا فی الحال أو فی بلده وجب الثمن، و ان لم یکن واجدا أصلا وجب البذل بغیر ثمن، هذا مع عدم اضطرار صاحب الطعام الیه، و لو کان مضطرا کان أولی بطعامه.

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا وجد المحرم المضطر صیدا و میتا

، اختلف أحادیث أصحابنا فی ذلک علی وجهین: أحدهما یأکل الصید و یفدی و لا یأکل المیتة، و هو أحد قولی الشافعی و اختیار المزنی، و الوجه الآخر یأکل المیتة و یدع الصید، و هو قول الشافعی الأخر.

و المعتمد ان وجد الفداء أکل الصید، و ان لم یجد الفداء أکل المیتة.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا اضطر الی شرب الخمر

لدفع العطش أو الجوع أو للتداوی فالظاهر أنه لا یستبیحها أصلا، و قد روی أنه یجوز عند الاضطرار الی الشرب، أما الأکل و التداوی فلا، و بهذا التفصیل قال أصحاب الشافعی.

و قال أبو حنیفة و الثوری: یحل للمضطر الی الطعام و الشراب و التداوی، و هو اختیار الشیخ فی النهایة(2) ، لکنه خص التداوی بالعین، و هو ظاهر نجم الدین فی

ص:313


1- (1) المبسوط 285/6.
2- (2) النهایة ص 592.

الشرائع(1) ، و العلامة فی القواعد و التحریر، و لا بأس به.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا مر الرجل بحائط غیره و بثمرته

، جاز له أن یأکل منها، و لا یأخذ منها شیئا یحمله معه، و به قال قوم من أصحاب الحدیث. و قال جمیع الفقهاء: لا یحل إلا فی حال الضرورة.

و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:314


1- (1) شرائع الإسلام 231/3.

کتاب السبق

مسألة - 1 - قال الشیخ: المسابقة علی الاقدام بعوض لا یجوز

، و هو مذهب الشافعی، و قال قوم من أصحابه: انه یجوز، و به قال أبو حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، لقوله علیه السّلام «لا سبق إلا فی نصل أو خف أو حافر»(1) و لیس هذا واحدا منها.

مسألة - 2 - قال الشیخ: المسابقة بالمصارعة بعوض لا تجوز

. و قال أهل العراق: یجوز. و للشافعی وجهان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: المسابقة بالسفن لا تجوز

، و لأصحاب الشافعی وجهان الذی علیه عامة أصحابه مثل قولنا، و قال أبو العباس: یجوز.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 4 - قال الشیخ: یجوز لغیر الامام أن یعطی السبق

، و هو ما یخرج من المسابقة فی الجبل، و به قال الشافعی. و قال مالک: لا یجوز إلا للإمام، لأنه من المعاونة علی الجهاد، و لیس ذلک إلا للإمام.

ص:315


1- (1) عوالی اللئالی 265/3.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا قال أحدهما لصاحبه:

ان سبقت فلک العشرة و ان سبقت أنا فلا شیء علیک، کان جائزا، و به قال الشافعی. و قال مالک: لا یجوز لانه قمار. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا أخرج اثنان سبقا

و أدخلا بینهما ثالثا لا یخرج شیئا، و قالا: ان سبقت أنت فلک السبقان معا کان جائزا، و به قال الشافعی. و قال مالک: لا یجوز، و به قال ابن خیران من أصحاب الشافعی.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 7 - قال الشیخ: الاعتبار بالسبق بالهادی

و هو العنق و الکتد، و به قال الشافعی. و قال الثوری: الاعتبار بالاذن، فمتی سبق بها فقد سبق.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: عقد المسابقة من العقود الجائزة

مثل الجعالة، و به قال أبو حنیفة، و هو أحد قولی الشافعی، و له قول آخر أنه من العقود اللازمة کالإجارة، و هو أصحهما عندهم، لعموم «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (1) و هذا عقد، و اللزوم اختیار ابن إدریس و نجم الدین، و لا بأس به.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا تناضلا بشرط أن یطعم السابق السبق أصحابه

صح النضال و بطل الشرط، و به قال أبو حنیفة و أبو إسحاق المروزی.

و قال الشافعی یبطل النضال أیضا.

ص:316


1- (1) سورة المائدة: 1.

کتاب الایمان

مسألة - 1 - قال الشیخ: فی الایمان ما هو مکروه و ما لیس بمکروه

، و به قال الشافعی: و أکثر الفقهاء، و قال بعضهم کلها مکروهة، لقوله تعالی «لا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لِأَیْمانِکُمْ» (1).

و استدل الشیخ بما روی عن النبی صلّی اللّه علیه و آله أنه حلف، فقال: و اللّه لا غزون قریشا قالها ثلاثا. فلو کانت مکروهة لما قالها، و هو اختیار العلامة فی التحریر.

و قال فی القواعد: الأیمان الصادقة کلها مکروهة إلا مع الحاجة، و یتأکد الکراهیة فی الغموس(2) فان کان مراده بالحاجة الضرورة، فقد حصل الاختلاف بین اختیاره فی القواعد و اختیاره فی التحریر، و ان کان مراده بالحاجة الغرض فلا اختلاف حینئذ، لأن یمین النبی صلّی اللّه علیه و آله کانت الغرض، و هو قصد إرهاب قریش و دخول الرعب فی قلوبهم إذا سمعوا بذلک.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا حلف و اللّه لا أکلت طیبا و لا لبست ناعما

، کانت هذه یمین مکروهة، و المقام علیها مکروه و حلها طاعة، و به قال الشافعی، و هو

ص:317


1- (1) سورة البقرة: 224.
2- (2) قواعد الاحکام 132/2.

ظاهر مذهبه، و له وجه آخر ضعیف، و هو أنه الأفضل أن یقیم علیها.

و المعتمد قول الشیخ، لقوله تعالی «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَکُمْ» (1).

مسألة - 3 - قال الشیخ: کل یمین کان حلها طاعة إذا حلها لم تلزمه کفارة

و به قال جماعة. و قال أبو حنیفة و الشافعی و مالک: تلزمه الکفارة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا قال أنا یهودی، أو نصرانی

، أو مجوسی، أو برئت من الإسلام، أو من اللّه، أو من القرآن ان فعلت کذا، ففعل لم یکن یمینا، و لا المخالفة حنث، و لا تجب به کفارة، و به قال مالک و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری: کل هذا یمین، و إذا خالف حنث و لزمه الکفارة. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا حلف أن یفعل القبیح أو یترک الواجب

، وجب أن یفعل الواجب و یترک القبیح و لا کفارة. و قال جمیع الفقهاء: تلزمه الکفارة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا حلف علی مستقبل علی نفی أو إثبات ثم خالفه

ناسیا لم تلزمه الکفارة، و ان خالفه عامدا لزمته الکفارة، إذا کان مما یجب بالحنث به الکفارة. و قال الشافعی: ان خالفه عامدا فعلیه الکفارة، و ان خالفه ناسیا فعلی قولین. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 7 - قال الشیخ: لا تنعقد الیمین علی ماض

، سواء کانت علی نفی أو إثبات، و لا تجب بها الکفارة، صادقا کان أو کاذبا، عالما کان أو ناسیا، و به قال مالک و الثوری و أبو حنیفة و أصحابه و أحمد و إسحاق.

ص:318


1- (1) سورة المائدة: 4.

و قال الشافعی: ان کان صادقا فلا شیء علیه، و ان کان کاذبا فان کان عامدا فعلیه الکفارة قولا واحدا، و ان کان ناسیا فعلی قولین، و به قال عطاء و عثمان البتی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا قال و اللّه لا صعدن السماء

، و اللّه لا قتلن زیدا و قد مات زید، لا تلزمه کفارة، سواء علم بموت زید أو لم یعلم.

و قال الشافعی: یحنث فی الحال و تلزمه الکفارة، و مثله قول أبی حنیفة الا أنه قال: ان اعتقد أن زیدا حی فحلف علی قتله، ثم علم أنه قد مات لا تلزمه کفارة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: لا تنعقد یمین الکافر باللّه

، و لا تجب علیه الکفارة بالحنث، و لا یصح منه التکفیر بوجه، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: تنعقد یمینه، و تلزمه الکفارة مع الحنث، سواء حلف حال کفره أو بعد إسلامه.

و المعتمد ان کان الکافر کتابیا یعتقد الرب انعقدت یمینه و وجبت الکفارة مع الحنث، و لا یصح فعلها حال الکفر و تسقط بالإسلام، و الفائدة العقوبة علیها لو مات حال کفره.

و اعلم أنه لا یتحقق الحنث قبل الموت الا مع التقدیر بزمان معین، و مع عدمه لا یتحقق الا بعد الموت، و إذا لم یحنث بمخالفة ما حلف علیه، فان کان طاعة تفتقر إلی نیة القربة، وجب علیه تقدم الإسلام و فعل ما حلف علیه بعد ذلک و ان کان المحلوف علیه لا تفتقر إلی نیة القربة جاز فعله حال الکفر.

و هذا الذی اعتمدنا علیه هو مذهب العلامة فی المختلف، و اختیار فخر الدین و ابن فهد فی المقتصر، و اختار ابن إدریس مذهب المصنف هنا، و هو عدم انعقاد الیمین من غیر تفصیل. و اختار الشیخ فی المبسوط الانعقاد من غیر تفصیل

ص:319

أیضا، کما هو مذهب الشافعی، و به قال ابن البراج، و اختاره نجم الدین، و العلامة فی القواعد و الإرشاد و التحریر، و هو اختیار الشهید أیضا لعموم الآیات الدالة علی انعقاد الیمین.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا قال و قدرة اللّه، أو و علم اللّه

، أو و حیاة اللّه و قصد به کونه قادرا عالما حیا، کان یمینا باللّه. و ان قصد به المعانی و الصفات التی یثبتها الأشعری لم یکن یمینا، و به قال أبو حنیفة. و قال أصحاب الشافعی کل ذلک یکون یمینا باللّه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا حلف بالقرآن

، أو بسورة من سوره، لم یکن ذلک یمینا، و لا کفارة بالمخالفة، و به قال أبو حنیفة و أصحابه. و قال الشافعی و أصحابه: کل ذلک یمین، و تلزمه الکفارة بالمخالفة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: کلام اللّه تعالی فعله و هو محدث

، و امتنع أصحابنا من تسمیته بأنه مخلوق، لما فیه من الإیهام بکونه متحولا. و قال أکثر المعتزلة:

أنه مخلوق، و منهم من منع من تسمیته بذلک.

و قال أبو حنیفة و أبو یوسف و محمد: أنه مخلوق. قال أبو یوسف: أول من قال ان القرآن مخلوق أبو حنیفة. قال سعید بن سالم: لقیت إسماعیل بن حماد ابن أبی حنیفة فی دار المأمون، فقال: القرآن مخلوق هذا دینی و دین أبی و جدی.

و قال مالک: القرآن غیر مخلوق، و هو مذهب الشافعی و أهل المدینة و أهل الشام، و لم یرو عن أحد من هؤلاء أنه قال ان القرآن قدیم، و أول من قال ذلک الأشعری، و من تبعه علی مذهبه، و من الفقهاء من ذهب مذهبه.

و هذه المسألة لیس هذا محل البحث عنها، و انما محلها کتب الأصول.

ص:320

مسألة - 13 - قال الشیخ: الیمین لا تنعقد إلا بالنیة

، أما قول الرجل أقسمت أو أقسم باللّه متی سمع منه هذه الألفاظ، ثم قال: لم أرد به یمینا، قبل منه فی الظاهر و فیما بینه و بین اللّه، لأنه أعرف بمراده.

و قال الشافعی: یقبل فیما بینه و بین اللّه، لانه لفظ محتمل، و هل یقبل فی الحکم؟ فیه قولان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 14 - قال الشیخ: لو قال اقسم لا فعلت کذا

، و لم ینطق بما حلف به، لم یکن یمینا، نوی الیمین أو لم ینو، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یکون یمینا. و قال مالک: ان أراد یمینا فهی یمین، و الا لیست بیمین.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا قال لعمر اللّه، و نوی بذلک الیمین

کان یمینا و قال أبو حنیفة: یکون یمینا، سواء نوی الیمین أو أطلق. و اختلف أصحاب الشافعی علی وجهین: أحدهما مثل قولنا، و الآخر مثل قول أبی حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا قال و حق اللّه لا یکون یمینا

، قصد أو لم یقصد و به قال أبو حنیفة و محمد. و قال الشافعی: یکون یمینا ان أراد یمینا أو أطلق، و به قال أبو یوسف.

و اختار ابن إدریس مذهب الشیخ هنا، لان حق اللّه فروضه و عباداته، و اختاره العلامة فی القواعد و الإرشاد، و نجم الدین فی الشرائع(1). و قال فی المبسوط: ان

ص:321


1- (1) شرائع الإسلام 170/3.

قصد الیمین کانت یمینا(1) ، و اختاره العلامة فی المختلف(2) و التحریر(3) ، و فخر الدین فی شرح القواعد(4) ، و هو اختیار الشهید.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا قال باللّه و تاللّه و نوی الیمین

کان یمینا، و ان لم ینو لم یکن یمینا. و إذا قال: ما أردت الیمین قبل منه.

و قال الشافعی: أما قوله باللّه، فهو یمین ان أراد الیمین أو أطلق، و ان لم یرد فلا یکون یمینا، لانه یحتمل باللّه أستعین. و إذا قال: تاللّه أو و اللّه، فإن أراد یمینا فهی یمین، و إذا لم یرد یمینا فلیست بیمین. و إذا قال: ما أردت یمینا قبل منه.

و المعتمد قول الشیخ، لان الیمین یفتقر إلی النیة، و ما تجرد عن النیة لا یکون یمینا.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا قال اللّه بکسر الهاء بلا حرف قسم

لا یکون یمینا، و به قال الشافعی و جمیع أصحابه الا أبا جعفر الأسترآبادی، فإنه قال یکون یمینا.

و اختار فی المبسوط مذهب أبی جعفر الأسترآبادی، و هو اختیار نجم الدین و العلامة، و هو المعتمد، لأن أهل اللغة جوزوا حذف حرف القسم، و لو بطل القسم حینئذ لما جوزوه، و مذهب ابن إدریس کمذهب الشیخ هنا.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا قال أشهد باللّه لم یکن یمینا

، و اختلف أصحاب الشافعی علی وجهین، منهم من قال: إذا أطلق لم یکن یمینا، و منهم من قال:

إذا أطلق أو أراد الیمین کان یمینا، و به قال أبو حنیفة.

ص:322


1- (1) المبسوط 195/6.
2- (2) مختلف الشیعة ص 103 کتاب الایمان.
3- (3) تحریر الأحکام 97/2.
4- (4) الإیضاح 4/4.

و المعتمد قول الشیخ فی المبسوط، و هو أنه إذا أراد الیمین کان یمینا، و اختاره نجم الدین، و العلامة فی المختلف و ظاهر القواعد.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا قال أعزم باللّه لم یکن یمینا

، سواء أراد الیمین أو لم یرده. و قال الشافعی: ان أراد الیمین أو أطلق فهو یمین، و ان لم یرده لا یکون یمینا.

و المعتمد قول الشیخ، لان هذا لیس من ألفاظ القسم.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا قال أسألک باللّه أو أقسم علیک باللّه

لا یکون یمینا، سواء أطلق أو أراد الیمین أو لم یرد.

و قال الشافعی: ان أطلق أو لم یرد الیمین مثل قولنا، و ان أراد الیمین کان یمینا و انعقد علی فعل الغیر، فإن أقام الغیر علیها لم یحنث، و ان خالف حنث الحالف و لزمته الکفارة. و قال أحمد: الکفارة تلزم الحانث دون الحالف.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا قال علی عهد اللّه

روی أصحابنا أن ذلک یکون نذرا، فان خالف لزمه ما یلزمه فی کفارة النذر. هذا إذا نوی ذلک، فان لم ینو لم یلزمه شیء، فأما إذا قال علی میثاقه و کفالته و أمانته لم یرووا فیه شیئا، و یجب أن یقول لیست من ألفاظ الیمین.

و قال الشافعی: إذا أطلق أو لم یرد یمینا لم یکن یمینا، و ان أراد یمینا کان کذلک. و قال مالک و أبو حنیفة: یکون إطلاقه یمینا. ثم اختلفوا، فقال الشافعی:

إذا خالف بواحدة منها أو بجمیعها لزمته کفارة واحدة. و قال مالک: إذا حنث فی الکل مثل أن یقول علی عهد اللّه و میثاقه و أمانته و کفالته ثم خالف لزمه عن کل واحدة کفارة.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:323

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا قال و اللّه کانت یمینا

إذا أطلق أو أراد الیمین و ان لم یرد الیمین لم یکن یمینا عند اللّه، و یحکم علیه بالظاهر، و لا یقبل قوله ما أردت الیمین فی الحکم، و به قال الشافعی الا أنه زاد فان لم ینو فإنه یکون یمینا.

و المعتمد أن الیمین لا ینعقد الا مع النیة، و لا یکفی الإطلاق، و هو فتوی العلامة فی القواعد، و استدلال الشیخ هنا یدل علیه أیضا، أما فتوی العلامة فإنه اشترط القصد و النیة معا، ثم قال: و لو حلف من غیر نیة لم ینعقد، سواء کان بصریح أو کنایة فهی یمین اللغو.

و اما استدلال الشیخ، فإنه قال: دلیلنا أصالة براءة الذمة، و قوله علیه السّلام «إنما الأعمال بالنیات»(1) و هذا لم ینو، و قوله تعالی «لا یُؤاخِذُکُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِی أَیْمانِکُمْ وَ لکِنْ یُؤاخِذُکُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ» (2) و العقد لا یکون إلا بالنیة، و هذا الاستدلال یدل علی اشتراط النیة، و إذا أطلق و لم ینو الیمین لم یتحقق النیة، فلا ینعقد الیمین. و إذا ثبت أن النیة شرط، فإذا قال: ما نویت قبل منه فی الظاهر دین بنیته عند اللّه.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا حلف لا أتحلی أولا ألبس الحلی

، حنث بلبس الخاتم، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یحنث.

و المعتمد قول الشیخ، و جزم به نجم الدین فی الشرائع(3) ، و العلامة فی القواعد

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا حلفت المرأة لا لبست حلیا و لبست الجوهر

وحده حنثت، و به قال أبو یوسف و محمد و الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا تحنث.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:324


1- (1) تهذیب الأحکام 186/4.
2- (2) سورة البقرة: 225.
3- (3) شرائع الإسلام 180/3.

مسألة - 26 - قال الشیخ: لا یدخل الاستثناء بمشیة اللّه الا بالیمین

فحسب، و به قال مالک. و قال أبو حنیفة: یدخل فی الیمین باللّه و فی الطلاق و العتاق و النذر و الإقرار.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و اختار أولا فی کتاب الطلاق من هذا الکتاب مذهب أبی حنیفة، و استدل علیه بأصالة براءة الذمة.

مسألة - 27 - قال الشیخ: الاستثناء بمشیة اللّه فی الیمین

لیس بواجب بل هو بالخیار و به قال جمیع الفقهاء، و حکی عن بعضهم أنه واجب، لقوله تعالی «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً إِلاّ أَنْ یَشاءَ اللّهُ» (1).

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 28 - قال الشیخ: لا حکم للاستثناء إلا إذا کان متصلا بالکلام

، أو فی حکم المتصل. أما المنفصل فلا حکم له، سواء کان فی المجلس أو بعد الانصراف و به قال الفقهاء.

و قال عطاء و الحسن: له أن یستثنی ما دام فی المجلس، فان فارقه بطل حکم الاستثناء، و عن ابن عباس روایتان: إحداهما له أن یستثنی أبدا حتی لو حلف و هو صغیر و استثنی و هو کبیر جاز، و الثانیة له أن یستثنی إلی حین و الحین سنة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 29 - قال الشیخ: لغو الیمین هو ان یسبق الیمین الی لسانه

و لم یعتقدها بقلبه، کأنه أراد أن یقول بلی و اللّه، فسبق لسانه و قال لا و اللّه، ثم استدرک فقال بلی و اللّه، فالأولی لغو و لا کفارة فیها، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: فیها الکفارة، و الثانیة معتقده. و قال مالک: لغو الیمین یمین الغموس، و هو ما ذکرناه أن یحلف علی ماض قاصدا للکذب. و قال أبو حنیفة:

ص:325


1- (1) سورة الکهف: 33.

لغو الیمین ما کان علی ماض، لکنه حلف علی ما یعتقده، ثم بان ضده.

و المعتمد أن لغو الیمین هی الیمین من غیر نیة، کما قاله صاحب القواعد.

مسألة - 30 - قال الشیخ: لا یجوز تقدیم الکفارة علی الحنث أصلا

، و ان أخرجها لا یجزیه.

و قال الشافعی: یجزیه قبل الحنث الا الصوم، فإنه لا یجزیه، لانه من عبادة الأبدان، و به قال الأوزاعی و أحمد. و قال مالک: یجزیه و ان کان صوما، و أبو حنیفة لم یجوز تقدیم الکفارة علی وجوبها، و جوز تقدیم الزکاة علی وجوبها، و مالک بالعکس جوز تقدیم الکفارة و منع من تقدیم الزکاة، و جوز الشافعی التقدیم فیهما الا تقدیم الصوم. قال الشیخ: و عندنا لا یجوز فیهما.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا أعطی مسکینا من کفارته

أو فطرته أو زکاة ماله فالمستحب أن لا یشتری ذلک ممن أعطاه إیاه و لیس بمحظور، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال مالک: لا یجوز شراؤه و لا تملکه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 32 - قال الشیخ: یجزی فی الکسوة ثوبان

قمیص و سراویل أو قمیص و مندیل أو قمیص و مقنعة، و ثوب واحد لا یجزئ.

و قال الشافعی یجزئ قمیص واحد أو سراویل أو مندیل أو مقنعة. و قال مالک ان أعطی رجلا أجزأ الثوب الواحد، و ان أعطی امرأة لا یجزئ الا ما یجوز لها الصلاة فیه، و هو ثوبان قمیص و مقنعة. و قال أبو یوسف: لا یجزئ السراویل.

و المعتمد أجزاء الثوب الواحد، کما هو مذهب الشافعی، و هو اختیار الشیخ فی المبسوط(1) ، و لا فرق بین الرجل و المرأة، و اختار ابن الجنید الفرق بینهما کمذهب مالک.

ص:326


1- (1) المبسوط 211/6-212.

مسألة - 33 - قال الشیخ: إذا أعطی الفقیر قلنسوة أو خفا

لم یجزه. و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی یجزیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة، و طریقة الاحتیاط.

مسألة - 34 - قال الشیخ: صوم ثلاثة أیام کفارة الیمین متتابع

لا یجوز التفریق فیه.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و به قال أبو حنیفة و أصحابه. و الثانی هو بالخیار بین التتابع و التفریق، و به قال مالک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 35 - قال الشیخ: فرض العبد فی الکفارة الصیام

دون العتق و الإطعام إجماعا، و عندنا أن فرضه شهر واحد فیما یجب فیه شهران و ثلاثة أیام فی کفارة الیمین کالحر، و عند جمیع الفقهاء هو کالحر فی الجمیع.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 36 - قال الشیخ: إذا حلف لا سکنت فی هذه الدار و هو فیها

، ثم خرج عقیب الیمین بلا فصل بر فی یمینه و لم یحنث، و به قال جمیع الفقهاء و قال زفر: یحنث و لا طریق له الی البر، لانه یحنث باستدامة السکنی و خروجه منها عقیب یمینه سکون فیها، فوجب أن یحنث.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 37 - قال الشیخ: إذا کان فی دار، فحلف لا سکنت فی هذه الدار

فأقام عقیب یمینه مدة یمکنه الخروج و لم یفعل حنث و به قال الشافعی. و قال مالک:

ان أقام یوما و لیلة حنث، و ان أقام أقل من ذلک لم یحنث.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا کان فیها فحلف لا سکنت هذه الدار

، ثم أقام

ص:327

عقیب یمینه لا للسکنی، لکن لنقل الرحل و المال و الولد لم یحنث، و به قال أبو حنیفة. و قال الشافعی: یحنث.

و اختار العلامة فی القواعد(1) مذهب الشیخ هنا، و اختار فی التحریر(2) مذهب الشافعی، و هو ظاهر الشرائع(3) و الدروس(4) ، و هو المعتمد، فیجب الانتقال عقیب الیمین بلا فصل، فلو عاد بعد الخروج لنقل رحله فلا بأس، و کذا لو عاد لعیادة مریض.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا کان فیها فحلف لا سکنت هذه الدار، فانتقل

بنفسه بر و ان لم ینقل العیال و المال، و به قال الشافعی.

و قال مالک: بنفسه و بالعیال دون المال. و قال أبو حنیفة: السکنی بنفسه و بالعیال و بالمال. و قال محمد: ان بقی من ماله ما یمکن سکنی الدار معه مما نقل المال، و ان بقی ما لم یمکن سکنی الدار معه نقل المال و بر فی یمینه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بأنه أضاف السکنی الی نفسه، فإذا خرج فیها بنفسه فقد خرج عن کونه ساکنا، و من ادعی ان ماله و عیاله یکون سکنی فعلیه الدلالة.

و اعلم أن هذه المسألة و التی قبلها مبنیة علی أن السکنی هل هی بالنفس أو بالعیال و المال، اختار الشیخ هنا فی الاولی أن السکنی بالعیال و المال، و اختار فی هذه أن السکنی بالنفس، و یدل علیه کلامه فی المبسوط(5) ، نقله عنه صاحب المختلف.

ص:328


1- (1) قواعد الاحکام 135/2.
2- (2) تحریر الأحکام 99/2.
3- (3) شرائع الإسلام 176/3.
4- (4) الدروس ص 203.
5- (5) المبسوط 220/6.

قال: و قال فی المبسوط ان أقام عقیب یمینه لا للسکنی، بل لنقل الرجل و العیال و المال قال بعضهم یحنث، و قال آخرون: لا یحنث، و بناؤه علی أصله أن السکنی ما کان بالبدن و العیال و المال معا، فإن أقام لنقل هذا لم یکن ساکنا، و هو الذی یقوی فی نفسی قال العلامة، ثم قال: فیه السکنی بالبدن دون المال و العیال. و قال آخرون ببدنه و بالمال و العیال، قال: و الأول أقوی عندی.

قال العلامة: و هذا یدل علی تردده. و اختار صاحب المختلف أن السکنی بالبدن لا غیر، و انما أوردنا هذا الکلام لیظهر للمتأمل تحقیق المسألتین هذه و التی قبلها و یعرف وجه الخلاف فیهما.

مسألة - 40 - قال الشیخ: إذا حلف لا یدخل دارا فصعد علی سطحها

لم یحنث و به قال الشافعی.

و اختلف أصحابه علی طریقین، منهم من قال: ان لم یکن السطح محجرا لم یحنث وجها واحدا، و ان کان محجرا فعلی وجهین. و قال أبو حنیفة: یحنث بکل حال.

و المعتمد قول الشیخ، و لا فرق بین المحجر و غیره، جزم به العلامة و نجم الدین.

مسألة - 41 - قال الشیخ: إذا کان فی دار فحلف لا أدخلها

، لم یحنث باستدامة قعوده فیها. و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا حلف لا أدخل بیتا، فدخل بیتا من شعر

أو وبر أو حجر أو مدر فإنه یحنث، و هو ظاهر کلام الشافعی، و الیه ذهب أبو إسحاق و غیره.

و من أصحابه من قال: ان کان بدویا حنث بدخول بیت البادیة و البلدان، و ان

ص:329

کان قرویا نظرت، فان دخل بیوت البلدان حنث قولا واحدا، و ان دخل بیوت البادیة فعلی وجهین.

و المعتمد أن البدوی یحنث بدخول بیت البدوی، و الحضری لا یحنث بدخول بیت البدوی إذا لم یعتاد سکناه، و هو اختیار العلامة و نجم الدین.

مسألة - 43 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل من طعام اشتراه زید

، فاشتری زید و عمرو طعاما صفقة واحدة، فأکل منه لم یحنث عندنا و عند الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: یحنث لأنه إذا اشتریاه معا، فکل واحد منهما اشتری نصفه، بدلیل أن علی کل واحد ثمن نصفه، فقد أکل من طعام اشتراه زید.

و المعتمد قول الشیخ هنا، لان کل جزء یشار الیه لم ینفرد زید بشرائه بل یقال اشتراه زید و عمرو، و هو اختیار ابن إدریس و نجم الدین و العلامة، و قوی فی المبسوط(1) مذهب أبی حنیفة.

مسألة - 44 - قال الشیخ: إذا قسما هذا الطعام

و أفرد کل واحد منهما نصیبه فإن أکل من نصیب زید أو نصیب عمرو، لم یحنث أیضا عند الشافعی. و قال أبو حنیفة: ان أکل من نصیب زید حنث، و ان أکل من نصیب عمرو لم یحنث.

و المعتمد مذهب الشافعی، و هو اختیار ابن إدریس و العلامة، لأن ما حصل لزید بالقسمة لم یشتره زید بانفراده، و کذا ما حصل لعمرو.

مسألة - 45 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل من طعام اشتراه زید

، فاشتری زید طعاما وحده و اشتری عمرو طعاما وحده و خلطاه معا، و أکل الحالف منه، فیها ثلاثة أوجه، قال أبو سعید الإصطخری: ان أکل النصف فما دونه لا یحنث، لانه لا یقطع علی أنه أکل من طعام انفرد زید بشرائه حتی یزید علی النصف. و قال ابن أبی هریرة: لا یحنث و ان أکله کله. و قال أبو إسحاق: ان أکل منه کفا حنث،

ص:330


1- (1) المبسوط 223/6.

و ان أکل حبة أو حبتین لم یحنث.

و قوی الشیخ مذهب الإصطخری، و هو ظاهر نجم الدین فی الشرائع(1) و العلامة فی القواعد(2) ، و ادعی علیه فی التحریر(3) الإجماع.

و فصل العلامة فی المختلف، فقال ان کان الطعام مائعا کاللبن و العسل أو ما یشبه الممتزج کالدقیق، حنث بقلیله و کثیره لامتزاجه و اختلاط اجزائه بعضها ببعض فأی شیء أکل منه علم أن فیه أجزاء مما اشتراه زید، و ان کان متمیزا، کالتمر و الرطب و الخبز لا یحنث بأکل أکثر مما اشتراه زید(4). و قال ابن البراج: یحنث بالقلیل و الکثیر و لم یفصل.

و المعتمد تفصیل المختلف.

مسألة - 46 - قال الشیخ: إذا حلف لا دخلت دار زید هذه

، أو لا کلمت عبد زید هذا، أو لا کلمت زوجة زید هذه، لم یتعلق الیمین بعین ما علق الیمین به فان دخلها و ملکها لزید حنث بلا خلاف، و ان زال ملکه عنها فدخلها بعد ذلک لم یحنث عندنا، و به قال أبو یوسف و أبو حنیفة إلا فی الزوجة.

و قال الشافعی و مالک و محمد بن الحسن و زفر: انه یحنث، و به قال ابن البراج من أصحابنا، و اختاره العلامة فی القواعد، و فخر الدین و الشهید، و هو المعتمد هذا إذا لم یقصد الإضافة و لا التعیین، بل أطلق و قصد ما تصدق علیه هذا اللفظ، و مع القصد لا إشکال فی التعلیق بما قصده، و کذا ان قصد بالیمین العداوة و المباینة للمضاف إلیه.

ص:331


1- (1) شرائع الإسلام 173/3.
2- (2) قواعد الاحکام 132/2.
3- (3) تحریر الاحکام 100/2.
4- (4) مختلف الشیعة ص 104 کتاب الایمان.

مسألة - 47 - قال الشیخ: إذا حلف لادخلت هذه الدار، فانهدمت

و صارت طریقا فسلک عرصتها لم یحنث، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یحنث و وافقنا انه إذا قال لادخلت دارا فسلک براحا کان دارا لا یحنث.

و المعتمد مذهب أبی حنیفة، تغلیبا لجانب الإشارة، فالیمین تعلقت بالعین فلا اعتبار بالوصف.

مسألة - 48 - قال الشیخ: إذا حلف لا ألبس ثوبا من عمل ید فلان

، فوهب له فلان ثوبا، فان لبسه حنث بلا خلاف و ان استبدل به فباعه أو بادل به فلبسه لم یحنث. و کذا لو حلف لا ألبس من غزل امرأته، و کذا لو قال لغیره: أحسنت إلیک أعنتک مالی و وهبت لک کذا و أعطیتک کذا فقال جوابا لهذا: و اللّه لا شربت لک ماء من عطش، تعلق الحکم بشرب مائه من عطش، فان انتفع بغیر الماء من ماله، فأکل طعامه و لبس ثیابه و رکب دابته لم یحنث، و به قال الشافعی.

و قال مالک: یحنث بکل هذا، فان لبس بدل ذلک الثوب، أو بدل ذلک الغزل، أو انتفع بماله بغیر الماء، حنث فی کل ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، الا أن یقصد بقوله «لا شربت لک ماء من عطش» رفع کل ما فیه منه.

قال الشیخ: و یقوی فی نفسی فی قوله «لا شربت لک ماء من عطش» أنه یحنث إذا انتفع بشیء من ماله، لان ذلک من فحوی الخطاب. و ما قواه الشیخ قوی، لکن فتوی الأصحاب أنه ان قصد رفع کل ما فیه منه حنث بالجمیع، و الا انصرف الی شرب الماء لا غیر، لأنه حقیقة فیه.

مسألة - 49 - قال الشیخ: إذا حلف لا یدخل دار زید، فدخلها

و هی ملک لزید، حنث بلا خلاف، و ان کان ساکنها بأجرة لم یحنث عندنا، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة و مالک: یحنث. و المعتمد قول الشیخ، و هو فتوی العلامة فی القواعد و التحریر.

ص:332

مسألة - 50 - قال الشیخ: إذا حلف لا دخلت دار زید أو لا کلمت زیدا،

فدخل داره أو کلمه جاهلا أو ناسیا، لا یحنث. و کذا لو کان مکرها.

و للشافعی قولان: أحدهما لا یحنث، و هو أصح القولین عندهم. و الثانی یحنث، و به قال أبو حنیفة و مالک.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 51 - قال الشیخ: إذا حلف لا أدخل علی زید بیتا

، فدخل علی عمرو بیتا و زید فیه، و هو لا یعلم بکون زید فیه، فإنه لا یحنث. و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 52 - قال الشیخ: إذا دخل علی عمرو بیتا و یعلم ان زیدا فیه

، فاستثناه بقلبه و قصد الدخول علی عمرو دون زید، لم یصح و حنث. و إذا حلف لا کلمت زیدا، فسلم علی جماعة زید فیه و استثناه بقلبه لم یحنث.

و قال الشافعی مسألة الدخول مبنیة علی مسألة السلام طریقان، منهم من قال یحنث قولا واحدا، و منهم من قال علی قولین. و کذلک الخلاف بینهم فی الدخول.

و المعتمد قول الشیخ، اما فی مسألة السلام فلان السلام لفظ عام، و یجوز تخصیصه بالقصد و أما فی مسألة الدخول فلان الدخول فعل واحد فلا یجوز تخصیصه، و لم یفرق بینهما فی المبسوط کمذهب الشافعی.

مسألة - 53 - قال الشیخ: إذا دخل علیه زید بیتا

، فاستدام الحالف القعود معه لا یحنث. و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بأنه حلف لا یدخل علی زید بیتا و هو لم یدخل علیه، و انما الداخل زید.

مسألة - 54 - قال الشیخ: إذا حلف لیأکلن هذا الطعام غدا فأکله الیوم

حنث و به قال الشافعی. و قال مالک و أبو حنیفة: لا یحنث.

ص:333

و المعتمد قول الشیخ، لتحقق المخالفة.

مسألة - 55 - قال الشیخ: إذا حلف لیأکلنه غدا، فهلک الطعام الیوم أو غدا

فان هلک بشیء من جهته لزمته الکفارة، و ان کان بشیء من غیر جهته فی الیوم لم تلزمه الکفارة. و ان کان فی الغد، فان کان بعد القدرة علی أکله فلم یأکل حنث و ان کان قبل ذلک لم یحنث. و للشافعی فی هلاکه فی الغد أو فی الیوم قولان.

و المعتمد قول الشیخ و تفصیله.

مسألة - 56 - قال الشیخ: إذا حلف أن یقضیه حقه عند استهلال الشهر

، أو عند رأس الهلال، لزمه أن یعطیه عند رؤیة الهلال، و به قال الشافعی. و قال مالک وقت القضاء لیلة الهلال و یومها من غدها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بأن لفظة «عند» تفید المقارنة فی اللغة.

مسألة - 57 - قال الشیخ: إذا حلف لیقضین حقه الی حین

، أو الی زمان أو الی دهر، و الذی رواه أصحابنا أن الحین ستة أشهر، و الزمان خمسة أشهر و لم یرووا فی الدهر شیئا.

و قال أبو یوسف و محمد: کلها عبارة عن ستة أشهر. و قال أبو حنیفة: الحین و الزمان عبارة عن ستة أشهر. قال: و الدهر لا أعرفه. و قال الشافعی: هذه عبارات کلها لا حد لها، فیکون علی هذه مدة حیاته، فان لم یفعل حتی مات حنث بوفاته و ان قال: لا أقضینه الدهر فلا حد له عندنا.

و عن أبی یوسف روایتان: إحدیهما مثل قول الشافعی، و الثانیة ستة أشهر. و قال مالک: کلها عبارة عن سنة.

و المعتمد مذهب الشافعی، و هو ظاهر العلامة و نجم الدین، لاختصاص تحدید الحین و الزمان بنذر الصوم.

مسألة - 58 - قال الشیخ: إذا حلف لیقضینه حقه قریبا أو بعیدا

فلا حد له،

ص:334

و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: القریب أقل من شهر، و البعید شهر.

و المعتمد قول الشیخ، فلا یتحقق الحنث الا بعد الموت.

مسألة - 59 - قال الشیخ: إذا حلف الی حقب فلا حد له

، و به قال الشافعی و قال مالک: الحقب أربعون سنة. و قال أبو حنیفة: الحقب ثمانون سنة.

قال الشیخ: روی فی قوله «أَحْقاباً» (1) أن الاحقاب الدهور، و روی أقل من ثمانین عاما، قال: و قد ذکرنا اختلاف العلماء فی ذلک فی التفسیر، و إذا کان کذلک لم یثبت به حد.

و المشهور أنه ثمانون، جزم به صاحب القواعد، و صاحب الدروس قال:

الحقب ثمانون عاما فی النذر و غیره(2).

مسألة - 60 - قال الشیخ: إذا قال الخلیفة أو الملک: و اللّه لا ضربت عبدی

ثم أمر عبده فضربه لم یحنث. و للشافعی قولان: أحدهما لا یحنث مثل قولنا، و الثانی انه یحنث.

و اختار الشیخ فی المبسوط(3) أنه یحنث، و هو اختیار العلامة و فخر الدین و الشهید اتباعا للعرف، و اختار ابن إدریس و نجم الدین مذهب الشیخ هنا حملا اللفظ علی حقیقته، و حقیقة هذه الإضافة أن یفعل الفعل بنفسه.

و المعتمد قول العلامة، و هو الحنث، و هذا انما یتوجه مع خلو اللفظ عن القصد فلو قصد المباشرة أو الأمر انصرف الیه، و انما یتوجه الخلاف مع خلو القصد عنهما، فیحمل حینئذ اللفظ علی مدلوله.

مسألة - 61 - قال الشیخ: إذا قال الخلیفة: و اللّه لا تزوجت و لا بعت

، فوکل

ص:335


1- (1) سورة النبإ: 23.
2- (2) الدروس ص 204.
3- (3) المبسوط 231/6.

فیهما لم یحنث.

و قال الشافعی: لا یحنث فی التزویج، و یحنث فی البیع علی أحد القولین و قال أبو حنیفة: یحنث فی التزویج دون الشراء، عکس مذهب الشافعی.

و المعتمد قول الشیخ، و مذهب الشافعی قوی، لأن العرف أن السلطان یباشر عقد النکاح، و لا یباشر عقد البیع، و کل ما جرت العادة أنه یفعله بنفسه، فإذا و کل به لم یحنث، لأن الإیمان ینصرف إلی الحقائق دون المجازات، و حقیقة الفعل انما یکون من المباشر و ما لم یجر العادة بمباشرته، فإذا و کل فیه کان فیه الإشکال.

مسألة - 62 - قال الشیخ: إذا حلف لا شربت من النهر

أو من الدجلة، فمتی شرب من مائهما حنث، سواء شرب بیده أو فی کوز أو کوع فیهما کالبهیمة، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یحنث حتی یکوع فیهما کالبهیمة، لأنه إذا عرف بیده أو فی کوز و شرب، فإنما شرب من یده أو من الکوز، لا من النهر و الدجلة.

و المعتمد قول الشیخ، لان معنی هذا الکلام لا شربت من ماء النهر أو ماء دجلة.

مسألة - 63 - قال الشیخ: إذا حلف لا فارقتک حتی استوفی حقی

، فإن استوفی نفس حقه بر بلا خلاف، و ان استوفی بدل حقه مثل أن کان له دنانیر فأخذ دراهم أو ثیابا أو غیر ذلک بقیمتها بر فی یمینه، و به قال مالک.

و قال الشافعی: إذا أخذ بدل حقه حنث، و هو اختیار العلامة فی المختلف و لم یختر فی القواعد و التحریر شیئا، و مذهب الشیخ قوی، لحصول البراءة من الحق بأخذ العوض.

مسألة - 64 - قال الشیخ: إذا حلف لا آکل الرءوس

، حنث بأکل رءوس الغنم و البقر و الإبل، و لا یحنث بأکل رءوس الطیور و الحیتان و الجراد، و به قال الشافعی.

ص:336

و قال أبو حنیفة: یحنث برءوس الغنم و البقر، و لا یحنث برءوس الإبل، لأن العادة فیهما. و قال أبو یوسف و محمد: یحنث برءوس الغنم لا غیر، لان العرف یصرف إلیها.

و اعلم أن الحالف ان نوی نوعا انصرف الیه، و ان خلا عن النیة هل ینصرف إلی الحقیقة اللغویة أو العرفیة؟ قال ابن إدریس: یحنث بأکل جمیع الرءوس، لان ذلک هو الحقیقة، و ظاهر الشرائع(1) و القواعد(2) و التحریر(3) و الدروس(4) اختیار المصنف.

و قال العلامة فی المختلف: ان نوی الحالف انصرف الحلف الیه، و ان لم ینو فان کان هناک عرف خاص یعهده الحالف و تصرف إطلاق لفظه الیه حمل علیه و الا حمل علی الحقیقة اللغویة(5) و اختاره فخر الدین، و هو المعتمد.

مسألة - 65 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل لحما

، فأکل لحم النعم و الطیر و الصید، حنث بلا خلاف، و ان أکل لحم السمک حنث، و به قال أبو یوسف و مالک.

و قال أبو حنیفة و الشافعی: لا یحنث، و اختاره الشیخ فی المبسوط، و هو اختیار العلامة فی القواعد و التحریر، للعرف و العادة. و رجح ابن إدریس مذهب الشیخ هنا لقوله تعالی «وَ مِنْ کُلٍّ تَأْکُلُونَ لَحْماً طَرِیًّا» (6).

ص:337


1- (1) شرائع الإسلام 177/3.
2- (2) قواعد الاحکام 134/2.
3- (3) تحریر الاحکام 100/2.
4- (4) الدروس ص 202.
5- (5) مختلف الشیعة ص 100 کتاب الایمان.
6- (6) سورة فاطر: 12.

و قال العلامة فی المختلف: یرجع الی العرف. و لا بأس به، لکن المشهور مذهب المبسوط.

مسألة - 66 - قال الشیخ: إذا حلف لا ذقت شیئا

، فأخذه بفیه و مضغه و رماه و لم یزدرد منه شیئا حنث. و للشافعی وجهان.

و المعتمد قول الشیخ، لان الذوق یحصل بالمص و المضغ و ان لم یتبلعه.

مسألة - 67 - قال الشیخ: إذا حلف لا أکلت سمنا

، فأکله مع الخبز حنث و به قال أکثر أصحاب الشافعی. و قال الإصطخری: لا یحنث، لانه ما أکله علی جهته.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 68 - قال الشیخ: إذا حلف لا أکلت هذه الحنطة

أو من هذه الحنطة و أشار الی حنطة بعینها، ثم طحنها دقیقا أو سویقا و أکلها لم یحنث، و به قال أبو حنیفة و الشافعی و قال أبو یوسف و محمد: یحنث.

و جزم نجم الدین فی الشرائع و العلامة فی القواعد بمذهب المصنف هنا، و اختار ابن البراج الحنث، و اختاره العلامة فی المختلف، و مذهب الشیخ أشهر.

مسألة - 69 - قال الشیخ: إذا حلف لا آکل هذا الدقیق

، فخبزه و أکله لم یحنث، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یحنث.

و جزم نجم الدین و العلامة فی القواعد بعدم الحنث کالحنطة و لا بأس به. و قال فی المختلف: یحنث، لأن الحنطة و الدقیق لا یؤکل غالبا إلا خبزا. و هو قوی.

مسألة - 70 - قال الشیخ: إذا حلف لا أکلت شحما

، فأکل شحم الظهر لم یحنث، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال أبو یوسف: یحنث.

و عدم الحنث مذهب العلامة فی القواعد، و الحنث مذهب ابن إدریس، و استحسنه نجم الدین، و اختاره العلامة فی المختلف و التحریر، لان الشحم عبارة

ص:338

عن غیر اللحم من أی موضع کان. و احتج الشیخ بأن الشحم یختص بما کان فی الجوف. و المعتمد الحنث.

مسألة - 71 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل لحما، فأکل قلبا

لم یحنث بلا خلاف، و ان أکل من شحم الجوف لم یحنث عندنا، و به قال أبو حنیفة و الشافعی و قال مالک و أبو یوسف: یحنث.

و المعتمد عدم الحنث بما یسمی شحما، سواء کان فی الجوف أو غیره، کالألیة و شحم الظهر علی المختار، و أوجب ابن إدریس الحنث بالقلب. و المعتمد عدم الحنث به، لان له اسم خاص غیر اسم اللحم.

مسألة - 72 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل رطبا، فأکل المنصف

و هو الذی نصفه رطبا و نصفه بسرا، أو حلف لا یأکل بسرا فأکل المنصف حنث، و به قال الشافعی و أصحابه. و قال أبو سعید الإصطخری: لا یحنث.

و المعتمد قول الشیخ، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة فی القواعد(1) و التحریر(2) ، لأنه أکل رطبا و أکل معه شیئا آخر، و اختار ابن إدریس مذهب الإصطخری.

مسألة - 73 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل لبنا، فأکل سمنا

أو زبدا خالصا أوجبنا لم یحنث، و به قال الشافعی. و قال ابن أبی هریرة: یحنث بأکل کلما یعمل من اللبن.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 74 - قال الشیخ: إذا حلف لا کلمت فلانا، فکتب الیه کتابا

، أو أرسل إلیه رسولا، أو أومی إلیه بیده أو برأسه أو رمز بعینه لم یحنث، و به قال

ص:339


1- (1) قواعد الاحکام 132/2.
2- (2) تحریر الأحکام 101/2.

أهل العراق و الشافعی فی الجدید، و قال فی القدیم: یحنث، و به قال مالک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بأنه لا یسمی شیء من ذلک کلاما.

مسألة - 75 - قال الشیخ: إذا حلف لا أری منکر الا رفعته إلی القاضی أبی فلان،

ففاته من غیر تفریط، مثل أن مات أحدهما أو حجب عنه أو أکره علی المنع لا یحنث. و للشافعی قولان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 76 - قال الشیخ: إذا عزل القاضی

، فقد فاته الرفع الیه، و به قال أبو حنیفة، و هو ظاهر قول الشافعی، و له وجه أنه لم یفته لانه علق الرفع الیه بعینه دون صفته.

و المعتمد ان قصد رفعه الیه حال الولایة له یبر برفعه بعد العزل، و لم یتحقق الحنث فی الحال، لجواز عود الولایة، فیرفعه إلیه حینئذ، و یتحقق الحنث بموت أحدهما. و ان لم ینو الرفع حال الولایة، جاز الرفع بعد العزل اعتبارا بالعین.

مسألة - 77 - قال الشیخ: إذا قال ان شفی اللّه مریضی

فللّه علی أن أتصدق بجمیع مالی، انصرف الی جمیع ما یتمول، سواء کان زکویا أو غیر زکوی، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یصرف إلی الأموال الزکویة استحسانا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 78 - قال الشیخ: إذا حلف أن یضرب عبده مائة سوط

، فإنه یبر بالضغث و ثمانیة سوط مشدود بعضها الی بعض، إذا علم وصول الجمیع الی جسده، سواء ألمه أو لم یؤلمه، و به قال الشافعی، و هو ظاهر کلام أبی حنیفة.

و قال مالک: لا یکفی إلا مائة سوط، و لا یکفی إلا ما یؤلمه. و هو اختیار العلامة فی القواعد الا مع المرض، فیکفی الضغث حینئذ، و یکفی علیه الظن بوصول کل

ص:340

شمراخ الی جسده، و هو قول صاحب الشرائع(1) أیضا، و هو المعتمد. هذا فی التعزیر المأمور به. أما التأدیب علی المصالح الدنیویة، فالأولی العفو و لا کفارة.

مسألة - 79 - قال الشیخ: إذا حلف لا وهبت له

، فإن الهبة عبارة عن کل عین یملکه إیاها متبرعا بغیر عوض، فان وهب له أو أهدی إلیه أو نحلة أو أعمره أو تصدق علیه بصدقة تطوع حنث، و قد سمی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله العمرة هبة لمن وهبت له، و به قال الشافعی.

و وافق أبو حنیفة فی کل ذلک إلا صدقة التطوع، فإنه قال: لا یحنث بها، لأنها لیست هبة، بل هی غیر الهبة و الهدیة، بدلیل أن النبی علیه السّلام کان یحرم علیه الصدقة و بحل له الهدیة، و إذا کان مختلفین لم یدخلا مدخلا واحدا فی باب الیمین.

و قول الشیخ فی المبسوط(2) کقوله هنا، و زاد فیه الحنث بالوقف أیضا. قال نجم الدین فی الشرائع بعد ان ذکر کلام الشیخ: و نحن نمنع الحکم فی العمری و النحلة أذیتنا و لأن المنفعة و الهبة تتناول العین قال: و فی الوقف و الصدقة تردد:

منشأه متابعة العرف فی افراد کل واحد باسم(3). و اختار العلامة فی القواعد و المختلف مذهب الشیخ، لمساواة المنافع الأعیان فی الفل و التقویم، فإذا تبرع بها کانت هبة کالعین، و استقرب الشهید فی دروسه مغایرة الوقف للهبة، و مغایرة العمری للهبة، و هو مذهب ابن إدریس، و هو قوی، لاختلاف الحکم و الاسم.

مسألة - 80 - قال الشیخ: إذا حلف لا یرکب دابة العبد

، و للعبد دابة قد جعلها سیده فی رسمه لا یحنث، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یحنث لأنها یضاف إلیه.

ص:341


1- (1) شرائع الإسلام 178/3-179.
2- (2) المبسوط 350/6.
3- (3) شرائع الإسلام 177/3-178.

و المعتمد قول الشیخ، لأن الإضافة یقتضی الملک، و العبد لا یملک شیئا.

مسألة - 81 - قال الشیخ: إذا حلف لا أستخدم عبدا

، فخدمه عبد من قبل نفسه لم یحنث، سواء کان عبد نفسه أو عبد غیره، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان کان عبد نفسه حنث، و ان کان عبد غیره لا یحنث، لأنه إذا کان عبد نفسه، کان تمکینه من الخدمة استخداما.

و المعتمد قول الشیخ، لان الاستخدام هو الأمر بالخدمة، و مع عدم الأمر لا یکون استخداما لصدق السلب.

مسألة - 82 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل فاکهة، فأکل عنبا

أو رطبا أو رمانا حنث، و به قال أبو یوسف و محمد و الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یحنث.

و المعتمد قول الشیخ. قال الشهید: الفاکهة اسم لما ینفکه به حتی الأترج و النبق و اللوز، قال: و الرطب فاکهة و البطیخ بقسمیه، قال: أما القثاء و القرع و الباذنجان، فإنه من الخضر.

مسألة - 83 - قال الشیخ: إذا حلف لا یشم الورد، فشم دهنه

لم یحنث بلا خلاف و ان حلف لا یشم بنفسجا فشم دهنه، لم یحنث أیضا عندنا و عند الشافعی. و قال أبو حنیفة: یحنث.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بأن البنفسج عبارة عن الورد، و إطلاق اسمه علی الدهن مجاز.

مسألة - 84 - قال الشیخ: إذا حلف لا یضرب زوجته، فعضها

أو خنقها أو نتف شعرها لم یحنث، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یحنث بکل هذا، و به قال ابن الجنید من أصحابنا.

و المعتمد قول الشیخ، لان هذه الافعال لا یسمی فی اللغة ضربا حقیقة.

مسألة - 85 - قال الشیخ: إذا حلف لا یأکل أدما، فأکل الخبز بالملح

، حنث

ص:342

بلا خلاف و ان أکل لحما مشویا أو مطبوخا أو أکل الخبز حنث، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یحنث. و قال أبو یوسف: الأدم ما یصطنع به.

و المعتمد قول الشیخ، قال الشهید: و الأدم ما یضاف الی الخبز مرقه أو دهنا أو جامدا، کالخبز و العرس و التمر و الملح.

مسألة - 86 - قال الشیخ: إذا حلف لا یدخل بیتا، فدخل صفة دار

لم یحنث و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یحنث.

و المعتمد قول الشیخ، لأن الصفة لا یسمی بیتا فی اللغة.

مسألة - 87 - قال الشیخ: إذا حلف لا أصلی ثم صلی

لم یحنث أصلا و ان فرغ منها.

و قال أبو حنیفة: لا یحنث حتی یسجد. و قال أبو العباس بن سریج: لا یحنث حتی یکبر و یقرأ. و قال أبو حامد: الذی یجیء علی المذهب أنه إذا أحرم فیها حنث، قرأ أو لم یقرأ.

و المعتمد قول الشیخ، الا أن یکون ترک الصلاة أرجح، کما لو حلف أنه لا یصلی فی الأوقات المکروهة أو الأماکن المکروهة، فإنه ینعقد، فلو فعل ذلک مختارا حنث عند الفراغ، و لو أبطلها لم یحنث، لأن إطلاق الصلاة انما یصدق حقیقة علی الصلاة التامة، لصدق السلب علی غیر التامة، لأنه یصح لمن أبطل صلاته و لو قبل التسلیم أن یقول ما صلیت.

مسألة - 88 - قال الشیخ: إذا حلف لا یتکلم فقرأ القرآن

لا یحنث، سواء کان فی الصلاة أو فی غیرها، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان قرأ فی الصلاة لا یحنث، و ان قرأ فی غیرها حنث.

و هو اختیار العلامة فی التحریر لانه قال: لو حلف لا یتکلم لا تنعقد الیمین، و لو فرض المصلحة فی المنع انعقدت، فإن قرأ حینئذ فالأقرب الحنث إلا فی

ص:343

الصلاة، و کذا لو ذکر اللّه تعالی(1).

و حکم ابن إدریس بالحنث، و کذا العلامة فی المختلف(2) ، و کذا نجم الدین فی الشرائع(3) ، و الشهید فی الدروس(4) ، لان القرآن کلام و لم یفصل أحد منهم بین القراءة فی الصلاة و غیرها الا صاحب التحریر، فعلی هذا لو قرأ فی صلاة ترکها أولی من فعلها، کالصلاة فی الأوقات المکروهة و الأماکن المکروهة حنث.

مسألة - 89 - قال الشیخ: إذا حلف لا وهبت عبدی، ثم وهبه من رجل،

حنث بوجود الإیجاب قبل الموهوب أو لم یقبل، و به قال أبو حنیفة و أبو العباس ابن سریج.

و قال أبو حامد: لا یحنث، لأن الهبة عبارة عن الإیجاب و القبول کالبیع، و هو قوی، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 90 - قال الشیخ: إذا قال ان شفی اللّه مریضی

، فللّه علی أن أمشی أو اذهب أو أمضی إلی بیت اللّه الحرام وجب الوفاء، و لا یجوز أن یمضی إلا حاجا أو معتمرا، و کان نذرا صحیحا، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة فی المشی مثل قولنا، و قال فی الذهاب و المضی: لا تنعقد.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:344


1- (1) تحریر الاحکام 103/2.
2- (2) مختلف الشیعة ص 102 کتاب الایمان.
3- (3) شرائع الإسلام 180/3.
4- (4) الدروس ص 203.

کتاب النذور

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا قال ابتداء للّه علی أن أتصدق

أو أصوم، و لم یجعله جزاء علی غیره، لزمه الوفاء به و کان نذرا صحیحا، و هو الظاهر من مذهب الشافعی، و به قال أهل العراق.

و قال أبو بکر الصیرفی و أبو إسحاق المروزی: لا یلزمه الوفاء، و هو مذهب السید المرتضی رحمه اللّه.

و المعتمد قول الشیخ، و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا نذر أن یمشی إلی بیت اللّه الحرام

، وجب الوفاء بلا خلاف، فان خالف فرکب، فان کان مع القدرة علی المشی، وجب علیه الإعادة یمشی ما رکب، و ان رکب مع العجز لم یکن علیه شیء.

و قال الشافعی: فإن رکب و قد نذر المشیء مع القدرة، فعلیه دم و لا اعادة علیه و ان رکب مع العجز، فعلی قولین: أحدهما و هو القیاس لا شیء علیه، و الثانی علیه دم، و ان نذر الرکوب فمشی لزمه دم.

و التحقیق فی هذه المسألة أن نقول: إذا نذر الحج ماشیا أو راکبا، انعقد أصل النذر بلا خلاف، و هل ینعقد الصفة؟ و هی المشی أو الرکوب، المرجع فی ذلک

ص:345

الی مسألة، و هی أنه هل المشی أفضل من الرکوب أو الرکوب أفضل من المشی؟ قیل: بأفضلیة المشیء مطلقا، لأنه أشق و الأجر علی قدر المشقة، و قیل: بأفضلیة الرکوب مطلقا، لاشتماله علی صرف المال فی الحج، و قد روی أن الدرهم فیه بألف درهم فی غیره.

و قیل: بالتفضیل و هو أفضلیة المشیء مع عدم الضعف عن القیام بالفرائض، و معه یکون الرکوب أفضل، و هذا هو المشهور، و هو المعتمد. فعلی هذا ینعقد نذر المشیء لمن لا یضعفه المشیء عن القیام بالفرائض، و نذر الرکوب لمن یضعفه المشی عن القیام بالفرائض.

إذا عرفت هذا، فنقول: إذا رکب ناذر المشیء مع انعقاد نذره مختارا، فان کان معینا بسنة، کفر لخلف النذر و لا قضاء علیه، و هو ظاهر القواعد و التحریر و الإرشاد، و اختاره ابن فهد فی محررة و مقتصره، و هو المعتمد، لعدم تناول النذر لغیر السنة المعینة. و أوجب العلامة فی المختلف(1) القضاء و الکفارة، و اختاره الشهید.

و ان کان النذر مطلقا غیر معین بسنة، وجب القضاء و لا کفارة، فإن رکب بعض الطریق و مشی بعضه، قیل: یقضی و یمشی ما رکب و یرکب ما مشی، لیحصل حجة ملفقة ماشیا. و قال أکثر الأصحاب تقضی ماشیا، لا خلاله بالصفة، و هو المعتمد.

و ان رکب عاجزا فلا قضاء و لا کفارة، و مع انعقاد نذر الرکوب إذا أخل به لزمه ما لزمه بالإخلال بالمشی.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا نذر ان یمشی إلی بیت اللّه و لم یقل الحرام

، فان کانت نیته بیت اللّه الحرام لزمه الوفاء به، و ان لم ینو شیئا لم یلزمه شیء.

و قال الشافعی: ان نوی مثل قولنا، و ان لم ینو فعلی قولین.

ص:346


1- (1) مختلف الشیعة ص 109 کتاب الایمان.

و قال فی المبسوط(1): ینصرف الإطلاق الی البیت الحرام، و اختاره نجم الدین فی شرائعه(2) ، و العلامة فی إرشاده، و الشهید فی دروسه(3). و قال العلامة فی المختلف: لا یبطل و یتخیر الناذر فی المشی الی البیت الحرام، أو الی أی مسجد شاء(4). و هو قوی، لکن مذهب المبسوط أشهر و أحوط.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا نذر أن یمشی إلی بیت اللّه الحرام لا لحج

و لا لعمرة لا یلزمه شیء، و للشافعی قولان: أحدهما مثل ما قلناه، و الثانی یلزمه المشی إما بحج أو لعمرة.

و المعتمد أنه ان کان لا یجوز له الدخول بغیر إحرام بطل نذره، لانه نذر ترک الواجب و هو لا ینعقد، و ان کان یجوز له الدخول بغیر إحرام، کمن دخل بعد إحرامه لم یمض له شهر، أو کان متکررا کالحطاب و الحشاش، انعقد أصل النذر و هو الدخول و لا ینعقد القید و هو الدخول بغیر حج و لا عمرة، بل هو مخیر بین الدخول محرما بحج أو عمرة، و بین الدخول بغیر إحرام، لأن نفس المشی الی البیت طاعة، و لا یجب النسک ما لم یکن واجبا بأحد الأسباب الموجبة له.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا نذر أن یمشی إلی مسجد النبی صلّی اللّه علیه و آله

، أو المسجد الأقصی، أو أحد المشاهد الذی فیها قبور الأئمة علیهم السّلام وجب الوفاء.

و للشافعی فی مسجد النبی علیه السّلام و المسجد الأقصی قولان: أحدهما یجب، و به قال مالک. و الآخر لا یجب، و به قال أبو حنیفة، و هو أصح القولین عندهم أما غیر المسجدین، فلا یجب عندهم شیء.

ص:347


1- (1) المبسوط 250/6.
2- (2) شرائع الإسلام 187/3.
3- (3) الدروس ص 198.
4- (4) مختلف الشیعة ص 109 کتاب الایمان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا نذر أن یأتی بقعة من الحرم

، کأبی قبیس و الأبطح و المروة، لم ینعقد نذره، و به قال أبو حنیفة و قال الشافعی: ینعقد نذره.

و جزم العلامة فی القواعد بلزوم نذر المشی إلی الصفا أو المروة، و کذا فی التحریر و زاد فیه أو منی، و هو المعتمد و یجب النسک حینئذ.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا نذر أن ینحر بدنة

أو یذبح بقرة و لم یعین المکان لزمه أن ینحر بمکة، و ان نذر بالبصرة أو الکوفة لزمه الوفاء به و تفرقة اللحم فی الموضع الذی نذره.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا ینعقد. و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

و اعلم أن مراد الشافعی بعدم الانعقاد إذا کان نذر الذبح بغیر مکة و منی، کالنذر فی البصرة و الکوفة. و اختار فی المبسوط عدم الانعقاد ما لم ینو تفرقة اللحم بتلک البقعة، و اختار نجم الدین فی الشرائع(1) مذهب الشیخ هنا، و هو انعقاد النذر و وجوب التفرقة علی فقراء تلک البقعة، و هو ظاهر العلامة فی التحریر و الإرشاد لأنه اختار فیهما انعقاد النذر و لم یذکر التفرقة. قال الشهید فی شرح الإرشاد: و هو مذهب الشیخ فی الخلاف و نجم الدین، فدل علی أن مذهبه.(2)

و اختار الشهید فی دروسه مذهب المبسوط، لانه قال: و لو نوی غیرهما أی غیر مکة و منی و قصد الصدقة أو الإهداء للمؤمنین صح، و ان قصد الإهداء للبقعة بطل، و ان قصد مجرد الذبح فیها فهو من باب المباح(3). و هذا جید مع حصول

ص:348


1- (1) شرائع الإسلام 191/3.
2- (2) بیاض فی الأصل.
3- (3) الدروس ص 198.

القصد.

و الاشکال انما هو مع إطلاق اللفظ و إغفال قصد التفرقة و عدمها، کما فرضه الشیخ فی المبسوط، لانه قال: فأما إذا نذر بغیر مکة کالبصرة و الکوفة و غیرهما فان نذر أن ینحر و یفرق اللحم بها لزمه ذلک، لان نذره لمساکین تلک البقعة، و ان أطلق و لم یذکر تفرقة اللحم بها، لزمه النحر و یفرق اللحم بها، و منهم من قال:

لا ینعقد نذره أصلا، و هو الأقوی عندی لأن الأصل براءة الذمة.

فقد عرفت أن الاشکال انما هو مع الإطلاق، و صاحب الدروس لم یذکر الحکم مع الإطلاق.

و المعتمد أن مع الإطلاق یکون من باب المباح، کما لو قصد مجرد الذبح لأصالة براءة الذمة من وجوب التفرقة.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا قال للّه علی أن أهدی

، أو قال أهدی هدیا، لزمه ما یجزئ فی الأضحیة، الثنی من الإبل أو البقر و الغنم و الجذع من الضأن.

و کذلک إذا قال: أهدی الهدی بالألف و اللام.

و وافقنا الشافعی إذا کان بألف و لام، و إذا نکر فإنه فیه وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی یلزمه ما یقع علیه الاسم من تمرة أو بیضة فما فوقها.

و قواه الشیخ فی المبسوط، و اختاره العلامة فی المختلف، لأصالة البراءة قال: و یمنع تخصیص الهدی بالنعم، و اختار نجم الدین انصراف الإطلاق إلی النعم و أجزأ أقل ما یسمی هدیا، و اختاره العلامة فی القواعد و الإرشاد و التحریر و اختاره الشهید أیضا، و هو المعتمد.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا نذرت المرأة أن تصوم أیاما بعینها، فحاضت فیها

أفطرت و کان علیها القضاء، سواء شرطت فیها التتابع أو لم تشرط، و لم ینقطع تتابعها.

ص:349

و للشافعی فی وجوب القضاء قولان: أحدهما یجب، و الثانی لا یجب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا نذر الرجل أو المرأة صیام أیام بأعیانها

، ثم مرض فیها قضی ما أفطر، و لا یجب علیه الاستئناف، سواء شرط التتابع أو لم یشرط.

و قال الشافعی: ان أطلق و لم یشرط التتابع هل علیه أن یقضی ما ترک فی مرضه؟ علی وجهین، و ان شرط التتابع فهل ینقطع التتابع؟ علی قولین، و هل علیه أن یقضی ما أفطر أم لا؟ علی وجهین.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا نذر أن یصوم أیاما بعینها متتابعا

، فافطرها فی سفر انقطع التتابع و علیه الاستئناف.

و قال الشافعی: یبنی علی القولین، فإذا قلنا المرض یقطع التتابع فالسفر أولی و إذا قلنا المرض لا یقطع التتابع فالسفر علی قولین.

و المعتمد أن السفر الضروری عذر لا ینقطع به التتابع و ینقطع بالاختیاری، و هو فتوی الشرائع(1) و التحریر.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا نذر صوم یوم الفطر

، لم ینعقد نذره، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ینعقد نذره و یصوم یوما غیر یوم الفطر، و لا یحل له أن یصومه عن نذره، فان صامه عن نذره صح و أجزأه عن نذره.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا قال للّه علی أن أصوم الیوم الذی یقدم فیه فلان

، فقدم لیلا، لا یلزمه الصوم أصلا، لأنه ما وجد شرطه بلا خلاف، و ان قدم فی

ص:350


1- (1) شرائع الإسلام 188/3.

بعض نهار، فلا نص لأصحابنا فیه، و الذی یقتضیه المذهب أنه لا ینعقد نذره، و لا یلزمه صومه و لا صوم یوم بدله.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو اختیار أبی حامد، و الثانی ینعقد نذره و علیه صوم یوم بدله، و هو اختیار المزنی، و هو ظاهر ابن الجنید من أصحابنا.

و قال العلامة فی المختلف: ان قدم قبل الزوال و لم یتناول، وجب صوم ذلک الیوم(1). و اختاره الشهید، و المعتمد قول الشیخ، و هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا قال للّه علی أن أصوم کل خمیس

، فوافق ذلک شهر رمضان، فصامه أجزأه عن رمضان، سواء نوی به صوم رمضان أو صوم النذر و لم یقع عن النذر بحال.

و قال الشافعی: ان نوی عن رمضان أجزأ عنه، و ان نوی عن النذر لم یجز عن أحدهما، و هذا هو المعتمد.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا نذر أن یصوم یوما بعینه، فأفطره

من غیر عذر، وجب علیه قضاؤه، و علیه ما علی من أفطر یوما من شهر رمضان متعمدا من الکفارة، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا أفطر فی نذر المعصیة

لا کفارة علیه، و به قال الشافعی و أصحابه. و قال الربیع: فیها قول آخر ان علیه کفارة یمین بکل نذر معصیة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا نذر أن یصوم و لم یذکر مقداره

، لزمه صوم یوم بلا خلاف، لأنه أقل ما یقع علیه الاسم، و ان نذر انه یصلی لزمه صلاة رکعتین.

ص:351


1- (1) مختلف الشیعة ص 109.

و للشافعی قولان: أحدهما و هو المذهب مثل قولنا، و الثانی یلزمه صلاة رکعة، لأنها أقل صلاة فی الشرع و هی الوتر، و به قال ابن إدریس و العلامة فی الإرشاد و التحریر و المختلف.

و المشهور عند المتقدمین مذهب الشیخ، و اختاره الشهید، قال: للنهی عن البتیراء، و هو أحوط.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا نذر أن یعتق رقبة

، أجزأه أی رقبة أعتقها، مؤمنة کانت أو کافرة، سلیمة کانت أو معیبة، و الأفضل أن یکون مؤمنة سلیمة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یجزیه الا ما یجزی فی الکفارة من کونها مؤمنة سلیمة من العیوب.

و المعتمد اشتراط السلامة من العیوب التی لا یوجب العتق.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا قال أیمان البیعة لازمة لی

، أو حلف بإیمان البیعة لا دخلت الدار لا یلزمه شیء، سواء عنی بذلک حقیقة البیعة التی کانت علی عهد رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله من المصافحة و بعده الی أیام الحجاج، أو ما حدث فی أیام الحجاج من الیمین بالطلاق و العتاق و غیر ذلک، سواء صرح بذلک أو نواه.

و قال الشافعی: ان لم ینو بذلک شیئا کان لاغیا، و ان نوی ایمان الحجاج و نطق، فقال: أیمان البیعة لازمة لی بطلاقها و عتاقها انعقدت یمینه، لانه حلف بالطلاق، و ان لم ینطق بذلک و نوی الطلاق أو العتق انعقدت یمینه أیضا، لأنها کنایة عن الطلاق و العتق.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا نذر ذبح آدمی

، کان نذره باطلا لا یتعلق به حکم، و به قال أبو یوسف و الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان نذر ذبح ولده فعلیه شاة، و ان نذر ذبح غیره من آبائه

ص:352

و أمهاته و أجداده فلا شیء علیه. و قال محمد: ان نذر ذبح ولده أو غلامه فعلیه شاة و ان نذر غیره فلا شیء علیه. و قال سعید بن المسیب: علیه کفارة یمین، لانه نذر فی معصیة، قال: و هکذا کل نذر فی معصیة.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:353

کتاب آداب القضاء

مسألة - 1 - قال الشیخ: لا یجوز أن یتولی القضاء الا من یکون عالما

بجمیع ما ولی، و لا یجوز أن یشذ منه شیء من ذلک، و لا یجوز أن یقلد غیره ثم یفتی به.

و قال الشافعی: ینبغی أن یکون من أهل الاجتهاد و لا یکون عامیا، و یکون عالما بجمیع ما ولیه. و قال فی القدیم مثل قولنا. و قال أبو حنیفة: یجوز أن یکون جاهلا بجمیع ما ولیه إذا کان ثقة و یستفتی الفقهاء و یحکم به، و وافقنا فی العامی أنه لا یجوز أن یفتی.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا کان هناک جماعة یعلمون القضاء علی حد واحد

فعین الامام واحدا منهم و ولاه، لم یکن له الامتناع من قبوله.

و للشافعی وجهان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یجوز له الامتناع، لانه من فروض الکفایات.

و المعتمد قول الشیخ، لان مثل امام الشیخ لا یجوز مخالفته علی حال. أما مثل امام الشافعی، فإنه یجوز مخالفته و ربما وجبت.

مسألة - 3 - قال الشیخ: لا یکره الجلوس فی المساجد للفصل بین الناس،

ص:354

و به قال الشعبی و مالک و أحمد. و قال الشافعی: ذلک مکروه. و عن أبی حنیفة روایتان:

إحدیهما مثل قولنا، و الأخری مثل قول الشافعی.

و المعتمد عدم الکراهیة إذا وقع ذلک نادرا. أما اتخاذ المسجد دائما للقضاء، فربما کره کما هو ظاهر الدروس(1).

مسألة - 4 - قال الشیخ: یکره اقامة الحدود فی المسجد

، و به قال جمیع الفقهاء، و حکی عن أبی حنیفة جوازه، و قال: و یفرش نطع، فان کان فیه حدث یکون علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و لأن فی إقامة الحدود القتل، و ذلک ینفک عن نجاسته، و المسجد ینزه عن ذلک، قال: و النطع غیر مانع من النجاسة، لأن النطع إذا کان فی المسجد، فإن النجاسة یحصل فیه و ذلک لا یجوز.

مسألة - 5 - قال الشیخ: من شرط القاضی أن یکون عدلا

، و لا یجوز أن یکون فاسقا، و به قال جمیع الفقهاء. و قال الأصم: یجوز أن یکون فاسقا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(2).

مسألة - 6 - قال الشیخ: لا یجوز أن تکون المرأة قاضیة

فی شیء من الاحکام و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یجوز أن تکون قاضیة فیما یجوز أن تکون شاهدة فیه، و هو جمیع الاحکام الا الحدود و القصاص. و قال ابن جریر: یجوز أن تکون قاضیة فی کل حکم یجوز للرجل أن یکون قاضیا فیه، لأنها تعد من أهل الاجتهاد.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:355


1- (1) الدروس ص 172.
2- (2) تهذیب الأحکام 217/6.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا قضی الحاکم بحکم فأخطأ فیه

، ثم بان له خطائه أو بان له أن حاکما کان قبله أخطأ فی حکم، وجب نقضه و لا یجوز الإقرار علیه بحال.

و قال الشافعی: ان أخطأ فیما لا یسوغ فیه الاجتهاد، بأن خالف نص کتاب أو سنة أو إجماعا أو دلیلا لا یحتمل الا معنی واحدا، و هو القیاس الجلی علی قول بعضهم، و القیاس الجلی و الواضح علی قول آخرین، فإنه ینقض حکمه، و ان أخطأ فیما یسوغ فیه الاجتهاد لم ینقض حکمه.

و قال مالک و أبو حنیفة: ان خالف نص کتاب أو سنة لم ینقض حکمه، و ان خالف الإجماع نقض حکمه، و ناقض کل واحد أصله، فقال مالک: ان حکم بالشفعة للجار نقض حکمه، و هذه مسألة خلاف. و قال محمد بن الحسن: ان حکم بالشاهد و الیمین نقض حکمه.

و قال أبو حنیفة: ان حکم بالقرعة بین العبید، أو بجواز أن یبیع ما ترک التسمیة علی ذبحه، نقض حکمه، لأنه حکم بجواز بیع المیتة.

و المعتمد أن الحکم إذا خالف دلیلا قطعیا، کالکتاب و السنة المتواترة و الإجماع وجب نقضه، و ان خالف دلیلا ظنیا لم ینقض، کما لو حکم بالشفعة مع الکثرة و بالجملة کل حکم تعارضت فیه الاخبار أو أقوال العلماء، و ان کان بعضها أقوی من بعض، فإنه لا ینقض.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا عزل حاکم

، فادعی علیه إنسان أنه حکم علیه بشهادة فاسقین، و أخذ منه مالا و دفعه الی من ادعاه، سئل عن ذلک، فان اعترف به لزمه الضمان بلا خلاف، و ان أنکر کان علی المدعی البینة، فان لم یکن معه بینة کان القول قوله مع یمینه، و لم یکن علیه بینة علی صفة الشهود، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: علیه إقامة البینة علی ذلک، لانه اعترف بالحکم و نقل المال

ص:356

عنه الی غیره، و هو یدعی ما یزیل ضمانه عنه، فلا یقبل منه.

و المعتمد قول الشیخ هنا، لان الظاهر من الحکام الاستظهار فی الحکم، و قوی فی المبسوط مذهب أبی حنیفة.

مسألة - 9 - قال الشیخ: الترجمة لا تثبت إلا بشهادة عدلین

لأنها شهادة، و به قال الشافعی. و قال أبو یوسف و أبو حنیفة: یکفی الواحد، لانه خبر بدلیل أنه لا یفتقر الی لفظ الشهادة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا شهد عند الحاکم شاهدان یعرف إسلامهما

و لا یعرف فیهما جرحا، حکم بشهادتهما، و لا یقف علی البحث الا أن یجرحهما المحکوم علیه، بأن یقول: هما فاسقان، فحینئذ یجب علیه البحث.

و قال أبو حنیفة: ان کان شهادتهما فی الأموال و الطلاق و النکاح و النسب مثل قولنا، و ان کانت فی قصاص أو حد لم یحکم حتی یبحث عن عدالتهما.

و قال أبو یوسف و محمد و الشافعی: لا یحکم حتی یبحث عن عدالتهما، فان عرفهما عدلین حکم، و الا توقف فی جمیع الأشیاء، و لم یخصوا شیئا دون شیء و هذا هو المعتمد، و هو المشهور عند أصحابنا، و استدل الشیخ هنا بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 11 - قال الشیخ: الجرح و التعدیل لا یقبل الا من اثنین یشهدان بذلک

و به قال مالک و محمد و الشافعی. و قال أبو حنیفة و أبو یوسف: یجوز الاقتصار علی الواحد لأنه اخبار.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا شهد اثنان بالجرح، و شهد آخران بالتعدیل

ص:357


1- (1) الاستبصار 12/3-14.

وجب علی الحاکم أن یتوقف.

و قال الشافعی: یعمل علی الجرح دون التعدیل. و قال أبو حنیفة: یقبل الأمران فیقاس الجرح علی التزکیة.

و المعتمد ان أمکن الجمع بین الشهادتین قدم الجرح، و ان لم یمکن الجمع بینهما بأن شهدت بینة الجرح علی فعل و نفته بینة التعدیل، کما لو شهدت بینة الجرح أنه فی الوقت الفلانی فی المکان الفلانی شرب خمرا، و شهدت بینة التعدیل أنه فی ذلک الوقت بعینه کان فی مکان غیر ذلک المکان، بحیث لا یمکن أن یکون فی ذلک المکان الذی شهدا أنه شرب فیه خمرا، فان هنا یجب التوقف، و هو مذهب العلامة فی المختلف(1).

مسألة - 13 - قال الشیخ: لا یقبل الجرح الا مفسرا

، و تقبل التزکیة من غیر تفسیر، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: یقبل الأمران مطلقا فقاس الجرح علی التزکیة.

و المعتمد قول الشیخ، لان الناس یختلفون فیما هو جرح و فیما لیس بجرح فإذا فسره علی الحاکم بما یقتضی الشرع فیه، لان الجارح ربما اعتقد ما لیس بجرح جرحا.

مسألة - 14 - قال الشیخ: شارب النبیذ یفسق عندنا

، و به قال مالک. و قال الشافعی: لا یفسق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا حضر الغرماء فی بلد عند حاکم

، فشهد عنده اثنان، فان عرفا بعدالة حکم، و ان عرفا بفسق وقف، و ان لم یعرف عدالة و لا فسقا بحث عنهما، سواء کان لهما السیماء الحسنة و المنظر الجمیل أو ظاهر الصدق

ص:358


1- (1) مختلف الشیعة 82/4-83.

و به قال الشافعی.

و قال مالک: ان کان لهما المنظر الحسن، توسم فیهما العدالة و حکم بشهادتهما.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا حضر خصمان عند القاضی

، و ادعی أحدهما علی الآخر مالا، فأقر له بذلک فسأل المقر له القاضی أن یکتب له بذلک محضرا و القاضی لا یعرفهما، ذکر بعض أصحابنا أنه لا یجوز أن یکتب، لانه یجوز أن یکون استعارا نسبا باطلا و تواطئا علی ذلک، و به قال ابن جریر الطبری. و قال جمیع الفقهاء: انه یکتب و یحلیهما بحلاهما التامة و یضبط ذلک.

و الذی عندی انه لا یمتنع ما قاله الفقهاء، لان الضبط بالحلیة تمنع من استعارة النسب لانه لا یکاد یتفق ذلک، و الذی قاله بعض أصحابنا أنه لا یجوز أن یکتب و یقتصر علی ذکر نسبهما، فان ذلک یمکن استعارته، و لیس فی ذلک نص لأصحابنا یرجع الیه.

و المشهور عند متأخر الأصحاب مذهب الفقهاء، و هو المعتمد.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا ارتفع الیه اثنان

، فذکر المدعی أن حجته فی دیوان الحکم، فأخرجهما الحاکم من دیوان الحکم مختومة بختمه مکتوبا بخطه، فان ذکر أنه حکم بذلک حکم له، و ان لم یذکر ذلک لم یحکم له، و به قال أبو حنیفة و محمد و الشافعی. و قال ابن أبی لیلی و أبو یوسف: یعمل علیه و یحکم به و ان لم یذکر.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا ادعی المدعی حقا علی غیره

، فأنکر المدعی علیه، فقال المدعی للحاکم: أنت حکمت لی علیه، فان ذکر الحاکم ذلک أمضاه

ص:359

بلا خلاف، فان لم یذکر فقامت البینة عنده أنه قد حکم به لم یقبل الشهادة علی فعل نفسه، و به قال أبو یوسف و الشافعی.

و قال ابن أبی لیلی و أبو حنیفة و محمد: یسمع الشهادة علی فعل نفسه و یمضیه.

و اختاره العلامة فی القواعد و الشهید فی الدروس(1) ، و هو المعتمد، لانه لو شهدا عند غیره وجب القبول فکذا عنده.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا شهد شاهدان علی الحاکم

بأنه حکم بما ادعاه المدعی و أنفذه و علم الحاکم انهما شهدا بالزور، نقض ذلک الحکم و أبطله فان مات بعد ذلک أو عزل فشهدا بإنفاذه عند حاکم آخر، قال الشافعی: لا یمضیه و قال مالک: بل یقبله و یعمل علیه.

قال الشیخ: و هو الذی یقوی فی نفسی، لأن الشرع قد قرر شهادة الشاهدین إذا کان ظاهرهما العدالة و علم الحاکم أنهما شهدا بالزور لا یوجب علی الحاکم الآخر رد شهادتهما، قال: و قال الشافعی: ذلک علی شهادة الأصل و الفرع، فإنه متی أنکر الأصل شهادة الفرع سقطت شهادة الفرع، و الحاکم کالأصل، و هؤلاء کالفرع، فیجب أن یسقطا.

قال الشیخ: و عندنا أن شهادة الفرع لا یسقط، بل یعمل بشهادة أعدلهما، و من أصحابنا من قال: یقبل شهادة الفرع دون الأصل، لأن الأصل منکر، و قوی فی المبسوط(2) مذهب الشافعی. قال العلامة فی المختلف: و ما قواه فی الخلاف فی غایة الضعف. و المعتمد ما قواه فی المبسوط(3).

مسألة - 20 - قال الشیخ: لا یجوز الحکم بکتاب قاض الی قاض

، و خالف

ص:360


1- (1) الدروس ص 177.
2- (2) المبسوط 121/8.
3- (3) مختلف الشیعة 86/4.

جمیع الفقهاء فی ذلک، و أجازوه إذا ثبت انه کتابه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و لا فرق عندنا بین أن تقوم علی صحته بینة و بین کونه مختوما، فإنه لا یجوز العمل به.

و قال أهل العراق و الشافعی: ان قام علی صحته بینة عمل به، و لا یعمل به مع عدم البینة، و ان کان مختوما. و قال قضاة البصرة الحسن و سوار و عبد اللّه بن الحسن العنبری: یعمل به إذا کان مختوما و ان لم تقم به بینة، و هو أحد الروایتین عن مالک.

مسألة - 21 - قال الشیخ: قال الشافعی إذا کتب قاض الی قاض کتابا

و اشهد علی نفسه بذلک، فتغیرت حال الکاتب لا یخلو: اما أن یتغیر حاله بموت أو عزل، أو بفسق، فان تغیرت بأحد الأولین، فلا یقدح ذلک فی کتابه، سواء تغیرت قبل خروج الکتاب من یده أو بعده.

و قال أبو حنیفة: إذا تغیرت حاله، سقط حکم کتابه إلی المکتوب الیه. و قال أبو یوسف: ان تغیرت قبل خروجه من یده سقط حکمه، و لا یسقط ان تغیرت بعد خروجه.

قال الشیخ: و هذا الفرع یسقط عنا، لسقوط أصله.

مسألة - 22 - قال الشیخ: من أجاز کتاب قاض الی قاض

اختلفوا فی کیفیته تحمل الشهادة، فقال أبو حنیفة و الشافعی: لا یصح الا بعد أن یقرأ الحاکم الکتاب علی الشهود، و شهدهما علی نفسه بما فیه، و لا یصح أن یدرجه و یقول اشهدوا علی بما فیه.

و قال أبو یوسف: إذا ختمه بختمه و عنونه، جاز أن یشهدا بما فیه و ان لم یقرأه علیهما. قال الشیخ: و هذا یسقط عنا أیضا.

مسألة - 23 - قال الشیخ: الحاکم إذا کتب و أشهد علی نفسه بما کتب

، فهو

ص:361

أصل عند الشافعی، و الذی یحمل الشهادة علی کتابه فرع له، فهو کالأصل و ان لم یکن أصلا علی الحقیقة. و قال أبو حنیفة: الحاکم فرع و الشاهد أصل.

قال الشیخ: و هذا غلط، لانه لو کان الحاکم فرعا لما ثبت الحق بقوله وحده لان الفرع الواحد لا یثبت بشهادته شهادة الأصل. قال: و هذا یسقط عنا.

مسألة - 24 - قال الشیخ: أجرة القاسم علی قدر الأنصباء دون الرءوس

، و به قال أبو یوسف و محمد استحسانا، و هو قول الشافعی. و قال أبو حنیفة: هی علی عدد الرءوس.

و المعتمد قول الشیخ، قال: لأنا لو جعلناها علی الرءوس ربما أفضی إلی ذهاب المال، لأن القربة یمکن أن یکون بینهما لأحدهما عشر العشر سهمه من مائة و الباقی للآخر، و یحتاج إلی أجرة عشرة دنانیر علی قسمتها، فیلزم من له الأقل نصف العشرة، و ربما لا یساوی سهمه دینارا و هذا ضرر، و القسمة وضعت لإزالة الضرر، فلا یزال بضرر أعظم منه.

مسألة - 25 - قال الشیخ: کل قسمة فیها ضرر علی الکل

، مثل الدور و العقارات و الدکاکین الضیقة، لم یجبر الممتنع، لان هذا لا یمکنه الانتفاع بما أفرد له، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال أبو حامد: الضرر یکون بذلک و بنقصان القیمة، فإذا نقضت القیمة بالقسمة لم یجبر الممتنع علی القسمة. و قال مالک: یجبر علی ذلک.

و قال فی المبسوط: و الضرر عند قوم أن لا ینتفع بما یفرد له، و لا یراعی نقصان قیمته، و هو قول الأکثر. و هو الأقوی عندی. و قال بعض المتأخرین: الضرر نقصان قیمة سهمه بالقسمة، فمتی نقص فهو الضرر. و هو قوی أیضا(1).

ص:362


1- (1) المبسوط 135/8.

قال العلامة فی المختلف: و هذا یدل علی تردده(1). و اختار العلامة و نجم الدین أن الضرر یحصل بنقصان القیمة، و أطلقا القول فی ذلک. و قیده الشهید بالنقص الفاحش، و لا بأس به جمعا بین القولین.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا استضر بالقسمة البعض دون البعض

، مثل أن کانت الدار بین اثنین لواحد العشر و للآخر بالباقی، فاستضر بها صاحب القلیل دون الکثیر، فان کان الطالب غیر المستضر لم یجبر المستضر، و ان کان الطالب المستضر أجبر غیر المستضر، لانه لا ضرر علیه، و به قال أهل العراق.

و قال ابن أبی لیلی: یباع لهما و یعطی کل واحد منهما بقدر حصته من الثمن و قال أبو ثور: لا یقسم کالجوهرة، و هذا مثل ما قلناه.

و قال الشافعی: ان کان الطالب یستضر بها هل یجبر الممتنع؟ علی وجهین:

أحدهما یجبر، و الآخر لا یجبر و هو المذهب، لأنها قسمة یستضر بها طالبها، فأشبه إذا استضر بها الاثنان.

قال العلامة فی المختلف: ان فسرنا الضرر ببطلان الانتفاع بالکلیة، لا یجبر الممتنع علیها و لا یجاب الطالب إلیها، و ان فسرناه بنقصان القیمة، فالوجه إجبار الممتنع(2). و استحسنه الشهید، و هو المعتمد.

مسألة - 27 - قال الشیخ: متی کان لهما ملک أقرحة

، کل قراح مفرد عن صاحبه و لکل واحد طریق منفرد به، فطلب کل واحد منهما قسمة کل قراح علی حدته، و قال الآخر: بل بعضها فی بعض کالقراح الواحد، قسمنا کل قراح علی حدته، و لم یقسم بعضها فی بعض، سواء کان الجنس واحدا، مثل ان کان الکل نخلا أو الکل کرما أو أجناسا الباب واحد، و سواء تجاورت الأقرحة أو تفرقت، و کذلک

ص:363


1- (1) مختلف الشیعة 91/4.
2- (2) مختلف الشیعة 92/4.

الدور و المنازل، و به قال الشافعی.

و قال مالک: ان کانت متجاورة قسم بعضها فی بعض کالقراح الواحد، و ان کانت متفرقة کقولنا. و قال أبو یوسف و محمد ان کان الجنس واحدا أقسمت بعضها فی بعض، و ان کانت أجناسا کقولنا.

و المعتمد قول الشیخ، قال: لان هذه القسمة نقل ملک من عین الی عین فلا یجبر الممتنع علیها، کما لو کانت متفرقة عند مالک و أجناسا عند أبی یوسف و محمد، قال الشیخ: و لا یلزم هذا قسمة القریة الکبیرة، لأن الکل عین واحدة.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا کانت ید رجلین علی ملک، فقالا للحاکم:

اقسم بیننا، فان کان لهما بینة أنه ملکهما قسم بینهما بلا خلاف، و ان لم یکن بینة غیر الید و لا منازع هناک، قسم أیضا بینهما عندنا و عند أبی یوسف و محمد، سواء کان مما ینقل و یحول أو لم یکن، و سواء قالا هو إرث أو غیر إرث.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو أصحهما عنده، و الثانی لا یقسم بینهما. و قال أبو حنیفة: ان کان مما ینقل و یحول قسمه بینهما، و ان کان لا ینقل فان قالا: هو میراث لم یقسم، و ان قالا: غیر میراث قسم.

و اختار فی المبسوط(1) أنه لا یقسم بینهما، لأن قسمة الحاکم حکم بالملک.

و المعتمد قوله هنا، لان ظاهر الید یدل علی الملک، و یکتب فی الصورة أنه قسم بقولهما، فإذا فعل هذا لم یکن حکما بالملک، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة و فخر الدین.

مسألة - 29 - قال الشیخ: لا یجوز للحاکم أن یأخذ الأجرة من الخصمین

و لا من أحدهما، سواء ارتزق من بیت المال أو لا.

ص:364


1- (1) المبسوط 147/8-148.

و قال الشافعی: ان کان له رزق من بیت المال لا یجوز له ذلک، و ان لم یکن له رزق جاز له ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، لأنه رشوة، و هی حرام.

مسألة - 30 - قال الشیخ: إذا حضر اثنان عند الحاکم معا فی حالة واحدة

و ادعیا معا فی حالة واحدة کل منهما علی صاحبه من غیر أن یسبق أحدهما صاحبه روی أصحابنا أنه یقدم من هو علی یمین صاحبه، و اختلف الناس فی ذلک علی ما حکاه ابن المنذر، فقال منهم من قال یقرع بینهما، و هو الذی اختاره أصحاب الشافعی، و قالوا: لا یضر فیها عن الشافعی، و منهم من قال: یقدم الحاکم من شاء منهما، و منهم من قال: یصرفهما حتی یصطلحا، و منهم من قال: یستحلف کل منهما صاحبه.

قال الشیخ: دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم، ثم قال: و لو قلنا بالقرعة علی ما ذهب إلیه أصحاب الشافعی کان قویا.

و المعتمد ما رواه أصحابنا أنه یقدم من هو علی یمین صاحبه، جزم به نجم الدین و العلامة و الشهید.

مسألة - 31 - قال الشیخ: إذا استعدی فی رجل عند الحاکم علی رجل،

و کان المستعدی علیه حاضرا أعدی علیه و أحضره، سواء علم بینهما معاملة أو لم یعلم، و به قال الشافعی و أهل العراق و قال مالک: إذا لم یعلم بینهما معاملة لم یحضره.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا ادعی رجل شیئا، و کان المدعی علیه غائبا

فی ولایة الحاکم فی موضع لیس فیه خلیفة و لا فیه من یصلح للحکم، فإنه یحضره إذا تحررت دعوی خصمه، قریبا کان أو بعیدا.

و قال أبو یوسف: ان کان فی مسافة منها الی وطنه لیلة أحضره، و الا لم

ص:365

یحضره. و قال قوم: ان کان علی مسافة یوم و لیلة أحضره، و الا لم یحضره. و قال قوم: ان کان غائبا علی مسافة لا یقصر فیها الصلاة أحضره، و الا لم یحضره.

و المعتمد قول الشیخ، لان الحاکم منصوب لاستیفاء الحقوق و حفظها، فإذا قلنا لا یحضره ضاعت الحقوق.

مسألة - 33 - قال الشیخ: إذا ادعی حقا علی کامل العقل حاضر

غیر غائب حی غیر میت، و أقام بذلک شاهدین عدلین، حکم له به و لا یجب علیه الیمین، و به قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی.

و قال ابن أبی لیلی: یحلف مع بینة حتی یحکم له، کالصبی و المجنون و المیت و الغائب.

و المعتمد قول الشیخ و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا ادعی علی غیره حقا فأنکر المدعی علیه

، فقال المدعی: لی بینة لم یجب له ملازمة المدعی علیه، و لا مطالبته بکفیل الی أن یحضر البینة، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: له ملازمته و المطالبة بکفیل.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا ادعی علی رجل شیئا، فسکت المدعی علیه

أو قال: لا أقر و لا أنکر، فإن الإمام یحبسه حتی یجیبه بإقرار أو إنکار و لا یجعله ناکلا و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یقول له الحاکم ثلاثا اما أجبت، و الا جعلتک ناکلا و رددت الیمین علی خصمک. و اختاره الشیخ فی المبسوط، و به قال ابن إدریس.

و المعتمد قول الشیخ هنا، لان الواجب علیه هو الجواب، و هو اختیار المفید، و نجم الدین، و العلامة، و فخر الدین.

مسألة - 36 - قال الشیخ: القضاء علی الغائب بالجملة جائز

، و به قال الشافعی

ص:366

و مالک و الأوزاعی و أحمد. و قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه: لا یجوز القضاء علی الغائب حتی یتعلق الحکم بخصم حاضر شریک أو وکیل له.

قال الشیخ: و تحقیق هذا أن القضاء علی الغائب جائز بلا خلاف، لکن هل یصح مطلقا من غیر أن یتعلق بخصم حاضر أم لا؟ فعندنا یجوز و عندهم لا یجوز قال أبو حنیفة: لو ادعی علی عشرة واحد حاضر و تسعة غیب و أقام البینة قضی علی الحاضر و علی غیره من الغائبین.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 37 - قال الشیخ: شاهد الزور یعزر و یشهر

بلا خلاف، و کیفیة الإشهار أن ینادی علیه فی قبیلته أو مسجده أو سوقه أو ما شابه ذلک، بأن هذا شاهد زور فاعرفوه، و لا یحلق رأسه و لا یرکب و لا یطوف به، و لا ینادی هو علی نفسه، و به قال الشافعی.

و قال شریح: یرکب و ینادی هو علی نفسه هذا جزاء من شهد بالزور، و من الناس من قال: یحلق نصف رأسه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا تراضیا نفسان برجل من الرعیة یحکم بینهما

کان جائزا بلا خلاف، فإذا حکم بینهما نفذ الحکم، و لیس لهما بعد ذلک خیار.

و للشافعی قولان: أحدهما یلزم بنفس الحکم کما قلنا، و الثانی یقف بعد حکمه علی تراضیهما، فإذا تراضیا بعد الحکم لزم، و اختاره الشیخ فی المبسوط.

و المعتمد اختیاره هنا، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة، و الشهید.

مسألة - 39 - قال الشیخ: للحاکم أن یحکم بعلمه فی جمیع الاحکام

من الأموال و الحدود و القصاص و غیر ذلک، و سواء کان من حقوق اللّه أو حقوق الآدمیین، فالحکم فیه سواء. و لا فرق بین أن یعلم ذلک بعد التولیة فی موضع ولایته

ص:367

أو قبل التولیة أو فی غیر موضع ولایته بعد التولیة الباب واحد.

و للشافعی قولان فی حقوق الآدمیین: أحدهما مثل قولنا، و به قال أبو یوسف و اختاره المزنی. و القول الثانی لا یقضی بعلمه بحال، و به قال مالک و أحمد.

و أما حقوق اللّه، فإنها تبنی علی القولین، فإذا قال: لا یقضی بعلمه فی حقوق الآدمیین فبان لا یقضی بعلمه فی حقوق اللّه أولی. و إذا قال: یقضی بعلمه فی حقوق الآدمیین ففی حقوق اللّه علی قولین. و لا فرق عنده بین أن یعلم ذلک قبل ولایته أو بعدها، و لا فرق بین أن یعلمه فی موضع ولایته أو فی غیرها.

و قال أبو حنیفة و محمد: ان علم ذلک بعد التولیة فی موضع ولایته حکم، و ان علم قبل التولیة أو بعد التولیة فی غیر موضع ولایته لا یحکم به، هذا فی حقوق الآدمیین. فأما حقوق اللّه، فلا یقضی عندهم بعلمه بحال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و هو المشهور عند أصحابنا. و قال ابن حمزة و ابن إدریس: أما الامام فإنه یقضی بعلمه مطلقا، و غیره یقضی بعلمه فی حقوق الآدمیین دون حقوق اللّه، لأنها مبنیة علی التخفیف.

مسألة - 40 - قال الشیخ: إذا قال الحاکم لحاکم آخر:

قد حکمت بکذا أو أمضیت کذا، أو أنفذت کذا، لا یقبل منه الا أن تقوم بینة یشهد علی حکمه و لا یحکم بقوله، و به قال محمد بن الحسن و مالک.

و قال أبو حنیفة و أبو یوسف و الشافعی: یقبل قوله فیما قال أو أخبر به، و هو اختیار العلامة فی القواعد و الشهید فی الدروس، و هو المعتمد، لانه لما کان حکمه ماضیا، کان اخباره به مقبولا.

مسألة - 41 - قال الشیخ: یصح أن یحکم الحاکم لوالدیه و ان علوا

، و لأولاده و ان سفلوا، و به قال أبو ثور. و قال باقی الفقهاء: لا یصح حکمه لهم، کما لا تصح شهادته لهم. و المعتمد قول الشیخ لانه یجوز عندنا شهادة الوالد لولده و الولد لأبیه.

ص:368

کتاب الشهادات

مسألة - 1 - قال الشیخ: الشهادة لیست شرطا فی انعقاد شیء من العقود

أصلا، و به قال جمیع الفقهاء إلا فی النکاح، فإن أبا حنیفة و الشافعی قالا: شرط انعقاده الشهادة. و قال داود و سعید بن المسیب: الشهادة علی البیع واجبة.

و المعتمد قول الشیخ و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: حقوق اللّه تعالی کلها لا تثبت بشهادة النساء

الا الزنا فإنه روی أصحابنا أنه یجب الرجم بشهادة رجلین و أربع نسوة و ثلاث رجال و امرأتین، و یجب الحد دون الرجم بشهادة رجل واحد و ست نساء. و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و قالوا: لا یثبت شیء منها بشهادة النساء.

و المعتمد أنه یثبت الرجم بشهادة ثلاث رجال و امرأتین، و الجلد برجلین و أربع نساء، و لا یثبت شیء بشهادة رجل و ست نساء، هذا هو المشهور عند أصحابنا.

مسألة - 3 - قال الشیخ: یثبت الإقرار بالزنا بشهادة رجلین.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یثبت إلا بأربعة شهود کالزنا و هذا هو المعتمد.

مسألة - 4 - قال الشیخ: لا یثبت النکاح و الخلع و الطلاق

و الرجعة و القذف

ص:369

و القتل الموجب للقود و الوکالة و الوصیة الیه و الودیعة عنده و العتق و النسب و الکفالة و نحو ذلک مما لم یکن مالا و لا المقصود منه المال، و یطلع علیه الرجال إلا بشهادة رجلین، و لا یثبت بشهادة رجل و امرأتین، و به قال الشافعی، و زاد أنه لا ینعقد النکاح إلا بشهادة رجلین، و لا مدخل للنساء فی الأشیاء التی ذکرناها، و به قال مالک و الشافعی و الأوزاعی.

و قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه: یثبت کل هذه بشهادة رجل و امرأتین إلا القصاص فإنه لا خلاف فیه.

و قوی الشیخ فی المبسوط(1) مذهب أبی حنیفة و أصحابه، و استقرب العلامة فی القواعد(2) ثبوت العتق و النکاح و القصاص بشهادة رجل و امرأتین، و هو اختیار نجم الدین فی الشرائع(3) ، و لا بأس به.

مسألة - 5 - قال الشیخ: یحکم بالشهادة و الیمین فی الأموال

عندنا و عند الشافعی و مالک علی ما سنبینه، و یحکم عندنا بشهادة امرأتین مع یمین المدعی، و به قال مالک.

و قال الشافعی و أبو حنیفة و غیرهما: لا یحکم بشهادة المرأتین مع الیمین.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا ادعی رجل علی رجل حقا، فأنکر

فأقام المدعی شاهدین بما یدعیه، فحکم الحاکم له بشهادتهما، کان حکمه تبعا لشهادتهما، فان کانا صادقین کان حکمه صحیحا بالظاهر و الباطن، و ان کانا کاذبین کان حکمه صحیحا فی الظاهر باطلا فی الباطن، سواء کان فی عقد، أو رفع عقد، أو فسخ عقد أو کان مالا، و به قال مالک و أبو یوسف و محمد و الشافعی.

ص:370


1- (1) المبسوط 189/8.
2- (2) قواعد الأحکام 238/2.
3- (3) شرائع الإسلام 136/4.

و قال أبو حنیفة: ان حکم بعقد أو رفعه أو فسخه، وقع حکمه صحیحا فی الظاهر و الباطن معا و أصحابه یعبرون عن هذا کل عقد صح أن یبتدئاه أو یفسخاه صح حکم الحاکم فیه ظاهرا و باطنا، فمن ذلک إذا ادعی أن هذه زوجتی، فأنکرت فأقام شاهدین شهدا له عند الحاکم بذلک، حکم له و حلت فی الباطن، فان کان لها زوج بانت منه و حرمت علیه و حلت للمحکوم له بها.

و أما رفع العقد و الطلاق، فإذا ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا و أقامت به شاهدین فحکم بذلک بانت منه ظاهرا و باطنا، و حل لکل واحد من الشاهدین أن یتزوجها، و ان کانا یعلمان أنهما شهدا بالزور.

و أما الفسخ فکالإقالة، و قالوا فی النسب: لو ادعی رجل أن هذه بنته، فشهد بذلک شاهدا زور فحکم الحاکم به، ثبت النسب ظاهرا و باطنا، و صار محرما لها و یتوارثان و وافقنا فی الأموال أنه إذا قضی له الحاکم بملک غیره أنه لا یباح له فی الباطن.

و المعتمد قول الشیخ و أبو حنیفة قد أحل ما حرمه اللّه فی کتابه، و حرم ما حلله اللّه، فجزاؤه علی اللّه، قال اللّه تعالی «فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّی تَنْکِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ» (1) و أبو حنیفة حللها من غیر أن تنکح زوجا غیره، بل بالدعوی الباطلة و شهادة الزور.

مسألة - 7 - قال الشیخ: تقبل شهادة النساء علی الانفراد فی الولادة،

و الاستهلال، و العیوب تحت الثیاب کالرتق و القرن و البرص بلا خلاف، و لا تقبل شهادتهن فی الرضاع أصلا.

و قال الشافعی: تقبل شهادتهن فی الرضاع أیضا. و قال أبو حنیفة: لا تقبل شهادتهن فی الرضاع و الاستهلال منفردات، و تقبل منضمات.

ص:371


1- (1) سورة البقرة: 230.

و المعتمد قبول شهادتهن منفردات بالرضاع کما قال الشافعی، و هو قول المفید و سلار و ابن حمزة و ابن أبی عقیل، و اختاره نجم الدین و العلامة و فخر الدین و الشهید، لانه من الأمور الخفیة عن الرجال.

مسألة - 8 - قال الشیخ: کل موضع تقبل فیه شهادة النساء علی الانفراد

لا یثبت الحکم إلا بشهادة أربع منهن، فان کان شهادتهن فی الاستهلال أو فی الوصیة قبل شهادة امرأة فی ربع المیراث و ربع الوصیة و شهادة امرأتین فی النصف، و شهادة ثلاثة فی ثلاثة أرباع، و شهادة الأربع فی الجمیع من المیراث و الوصیة.

و قال الشافعی: لا یثبت الحکم إلا بأربع، و لا یثبت بدون الأربع شیء علی حال. و قال عثمان البتی یثبت بثلاث نسوة. و قال مالک و الثوری: یثبت باثنین.

و قال الحسن البصری و احمد: یثبت الرضاع بالمرضعة وحدها. و قال أبو حنیفة:

یثبت الولادة بامرأة واحدة القابلة أو غیرها، هذا فی الزوجات. أما المطلقات، فلا یثبت ولادتهن بالواحدة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم(1).

مسألة - 9 - قال الشیخ: القاذف إذا تاب قبلت توبته و زال فسقه

بلا خلاف، و تقبل عندنا شهادته فیما بعد، و به قال مالک و أحمد و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: لا تقبل شهادته أبدا، و الکلام مع أبی حنیفة فی فصلین عندنا، و عند الشافعی یرد شهادته بمجرد القذف، و عنده لا یرد حتی یجلد فإذا جلد ردت بالجلد لا بالقذف، و الثانی تقبل شهادته عندنا إذا تاب، و لا تقبل عنده و لو تاب ألف توبة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 10 - قال الشیخ: من شرط التوبة من القذف

أن یکذب نفسه حتی

ص:372


1- (1) تهذیب الاحکام 264/6.

یصح قبول شهادته فیما بعد، بلا خلاف بیننا و بین أصحاب الشافعی، الا أنهم اختلفوا فقال أبو إسحاق و هو الصحیح عندهم: هو أن یقول القذف باطل و لا أعود الی ما قلت و قال الإصطخری: التوبة اکذابه نفسه حقیقة، و هو أن یقول: کذبت فیما قلت. قال أبو حامد: و لیس بشیء.

قال الشیخ: و هذا الذی یقتضیه مذهبنا، لانه لا خلاف أن من شرط ذلک إکذاب نفسه، و حقیقة إلا کذاب ان یقول: کذبت فیما قلت، ثم قال: و الذی قاله المروزی قوی، لأنه إذا أکذب نفسه ربما کان صادقا فی الأول فیما بینه و بین اللّه تعالی، فیکون هذا الا کذاب کذبا و ذلک قبیح.

و اختار الشیخ فی المبسوط(1) مذهب أبی إسحاق المروزی، و هو اختیار ابن إدریس أیضا، و اختار فی النهایة(2) مذهب الإصطخری، و هو مذهب ابن بابویه و ابن أبی عقیل، و نجم الدین فی المختصر(3) من غیر قید التوریة مع الصدق بالقذف و قید فی الشرائع(4) بالتوریة مع القصد، و به قال الشهید و ابن فهد.

و اختار العلامة فی القواعد(5) و المختلف(6) و الإرشاد التفصیل، و هو ان کان کاذبا فکما قاله الإصطخری، و ان کان صادقا فکما قاله أبو إسحاق المروزی، و لا بأس به، لما فیه من الجمع بین الأقوال و الاخبار.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا أکذب نفسه و تاب

، لا تقبل شهادته حتی یعرف منه العمل الصالح، و هو أحد قولی الشافعی الا أنه اعتبر ذلک سنة و لا نعتبره نحن

ص:373


1- (1) المبسوط 179/8.
2- (2) النهایة ص 326.
3- (3) المختصر النافع ص 286.
4- (4) شرائع الإسلام 127/4-128.
5- (5) قواعد الاحکام 236/2.
6- (6) مختلف الشیعة 139/4.

لأنه لا دلیل علیه، و القول الآخر یکفی مجرد الا کذاب.

و المعتمد أن الإصلاح الاستمرار علی التوبة. قال نجم الدین: لان بقاءه علی التوبة إصلاح و لو ساعة، و هو اختیار العلامة، لأصالة البراءة من الزیادة علی ذلک.

مسألة - 12 - قال الشیخ: من کان فی یده شیء یتصرف فیه

بجمیع أنواع التصرف بلا دافع و لا مانع، جاز أن یشهد له بالملک، طالت المدة أو قصرت، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: یجوز أن یشهد له بالید قولا واحدا، فأما الملک فینظر فیه، فان طالت مدته فعلی وجهین، قال الإصطخری: یجوز أن یشهد له بالملک، و قال غیره: لا یجوز. و ان قصرت المدة مثل الشهر و الشهرین، فإنه لا یجوز قولا واحدا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 13 - قال الشیخ: یجوز الشهادة علی الوقف و الولاء و العتق و النکاح

بالاستفاضة، کالملک المطلق و النسب.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و به قال الإصطخری، و الآخر لا یثبت شیء من هذه بالاستفاضة و لا یشهد علیها بذلک.

و المشهور عند محققی أصحابنا أنه یثبت بالاستفاضة عشرة: النسب، و الملک المطلق، و الوقف، و النکاح، و العتق، و الرق، و الموت، و الولایة من قبل الامام فلو نصب قاضیا ثبتت ولایته بالاستفاضة، و الولاء، و العدالة، و هو المعتمد.

مسألة - 14 - قال الشیخ: ما یفتقر فی العلم إلی المشاهدة

، لا تقبل فیه شهادة الأعمی بلا خلاف، و ذلک مثل القتل و القطع و الرضاع و الولادة و الزنا و اللواط و شرب الخمر. و ما یفتقر الی سماع و مشاهدة من العقود کلها، کالبیوع و الصرف و السلم و الإجارة و الهبة و نحو ذلک، و الشهادة علی الإقرار، لا تصح بشهادة الأعمی

ص:374

علیه، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری و الشافعی.

و قال مالک و ابن أبی لیلی و جماعة غیرهما: تصح شهادة الأعمی علی العقود.

و اعلم ان کلام الشیخ هنا یعطی عدم قبول شهادة الأعمی فی شیء منها افتقر إلی حاسة البصر خاصة، أو افتقر إلی حاسة السمع و البصر معا کالعقود و الإقرار أما الافتقار الی البصر، فلمعرفة المتعاقدین و المقر و المقر له، و أما الافتقار الی السمع فلفهم اللفظ.

و المعتمد قبول شهادته بالعقود و الإقرار إذا علم الصوت قطعا، و هو اختیار العلامة و نجم الدین.

قال نجم الدین فی الشرائع: أما الأعمی فتقبل شهادته فی العقد قطعا، لتحقق الإله الکافیة فی فهمه، فان انضم الی شهادته معرفان جاز له الشهادة علی العاقد مستندا الی تعریفهما، کما یشهد المبصر علی تعریف غیره، و لو لم یحصل ذلک و عرف هو صوت العاقد معرفة یزول معها الاشتباه قیل: لا یقبل لأن الأصوات تتماثل و الوجه أنها تقبل، لان الاحتمال یندفع بالیقین، لأنا نتکلم علی تقدیره(1). هذا آخر کلامه (ره) و هو المعتمد.

مسألة - 15 - قال الشیخ: یکون الأعمی شاهدا فی الجملة بالأداء دون التحمل

و فی التحمل و الأداء فیما لا یحتاج إلی المشاهدة، مثل النسب و الموت و الملک المطلق، و به قال أبو یوسف و مالک و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و محمد: لا یصح منه التحمل و لا الأداء، فجعلا العمی کالجنون و قالا أشد من هذا قالا: لو شهد بصیران عند الحاکم فسمع شهادتهما، ثم عمیا أو خرسا قبل الحکم بها لم یحکم، کما لو فسقا قبل الحکم بشهادتهما، فیتصور الخلاف معهما فی ثلاثة فصول: الأول إذا تحمل و هو بصیر، و الثانی الشهادة بالنسب

ص:375


1- (1) شرائع الإسلام 135/4.

و الموت و الملک المطلق، و الثالث إذا عمیا بعد الإقامة و قبل الحکم، فعندهما لا یقبل فی شیء من هذا.

و المعتمد القبول، و استدل الشیخ علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 16 - قال الشیخ: یصح من الأخرس تحمل الشهادة

بلا خلاف، و عندنا یصح منه الأداء، و به قال مالک و أبو العباس. و قال أبو حنیفة و باقی أصحاب الشافعی: لا یصح.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 17 - قال الشیخ: العبد إذا کان مسلما عدلا، قبلت شهادته

علی کل أحد من الأحرار و العبید الا علی مولاه. و قال عثمان البتی تقبل مطلقا کالحر، لانه کم من عبد خیر من مولاه، و به قال داود و أحمد.

و قال الشعبی و النخعی: تقبل فی القلیل دون الکثیر، و روی عن علی علیه السّلام أن شهادة العبید تقبل علی العبید دون الأحرار. و قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی و الثوری: لا تقبل مطلقا لا علی العبید و لا علی الأحرار، و لا فی القلیل و لا فی الکثیر.

و المشهور عند أصحابنا قول الشیخ، و هو اختیار السید المرتضی و المفید و ابن إدریس و العلامة فی القواعد و المختلف، و هو المعتمد.

مسألة - 18 - قال الشیخ: تقبل شهادة الصبیان علی بعض فی الجراح

إذا اجتمعا علی أمر مباح کالرمی و غیره، و به قال مالک.

و قال أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی: انها لا تقبل مطلقا. و هو اختیار فخر الدین، و اختار نجم الدین و العلامة و الشهید قبول شهادتهم فی الجراح خاصة بقیود ثلاثة: بلوغ عشر سنین، و بقاء الاجتماع، و کونه علی مباح.

مسألة - 19 - قال الشیخ: شهادة أهل الذمة

لا تقبل علی المسلمین، بلا خلاف بین أصحابنا، الا أنه أجازوا شهادتهم فی الوصیة خاصة إذا لم یحضره مسلم،

ص:376

و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و قالوا: لا تقبل بحال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 20 - قال الشیخ: قال قوم لا تقبل شهادة أهل الذمة بعضهم علی بعض،

سواء اتفقت ملتهم کالیهود علی الیهود و النصاری علی النصاری، أو اختلفت کالیهود علی النصاری و النصاری علی الیهود، و به قال مالک و الشافعی و أحمد.

و قال آخرون: تقبل سواء اتفقت ملتهم أو اختلفت، و به قال الثوری و أبو حنیفة و أصحابه. و قال الشعبی و الزهری و قتادة: تقبل مع اتفاق الملة، و لا تقبل مع الاختلاف، و هذا الذی ذهب إلیه أصحابنا و رووه.

و المعتمد الأول، و هو عدم القبول مطلقا، لان الکافر فاسق، و الفاسق لا تقبل شهادته.

مسألة - 21 - قال الشیخ: یقضی بالشاهد الواحد مع یمین المدعی

فی الأموال، و به قال جماعة منهم مالک و الشافعی و أحمد. و قال جماعة منهم أبو حنیفة و أصحابه: لا یقضی بالشاهد الواحد مع یمین المدعی فی شیء.

و المعتمد الأول، و استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا کان مع المدعی شاهد واحد

و اختار یمین المدعی علیه کان له، فان حلف المدعی علیه أسقط دعوی المدعی، و ان نکل لم یحکم علیه و یکون له الشاهد مع الیمین، و به قال الشافعی. و قال مالک: یحکم علیه بالنکول.

و المعتمد قول الشیخ، لان المدعی إذا لم یحلف مع شاهده فقد أطرحه و رفضه، فصار کمن لا شاهد له، و صارت الیمین علی المدعی علیه و نحن لا نحکم علیه بمجرد نکوله، بل یرد الیمین علی المدعی.

مسألة - 23 - قال الشیخ: لا یثبت الوقف بشهادة واحد مع یمین المدعی.

ص:377

و للشافعی قولان: مبنیان علی انتقال الوقف، فإذا قال: ینتقل الی الموقوف علیه، فهو یثبت بالشاهد و الیمین. و قال أبو العباس: یثبت بشاهد و یمین قولا واحدا.

و المعتمد تفصیل الشافعی، و هو اختیار العلامة فی القواعد، و نجم الدین فی الشرائع(1).

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا کان معه شاهدان، فأعرض عنهما

و أراد حلف المدعی علیه، فنکل المدعی علیه، ردت الیمین علی المدعی، فان حلف أخذ، و ان لم یحلف لم یأخذ شیئا.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یرد الیمین علی المدعی، بل یحبس المدعی علیه حتی یحلف أو یعترف.

و المعتمد أن الیمین یرد علی المدعی، فان حلف أو أقام البینة أخذ، و الا فلا.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا مات إنسان و علیه دین، و له دین علی واحد

و معه شاهد واحد، و امتنع الورثة عن الیمین، لم یکن للغریم ان یحلف.

و للشافعی قولان: أحدهما و هو الأصح مثل قولنا، و الثانی للغریم أن یحلف لأنه إذا ثبت صار له.

و المعتمد قول الشیخ، لانه یثبت أولا للمیت یرثه ورثته عنه، و ان تعلق حق الغریم بها تعلق الدین بالرهن.

مسألة - 26 - قال الشیخ: إذا مات و علیه دین

، فان کان الدین یحیط بالترکة لم ینتقل الترکة إلی وارثه، و کانت وقفا علی حکم مال المیت، فان قضی الدین من غیرها ملکها الوارث الان. و ان کان محیطا ببعض الترکة انتقل الفاضل عن الدین إلی الورثة، و به قال الإصطخری من أصحاب الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان کان الدین محیطا لا ینتقل إلی الورثة کما قلنا، و ان لم

ص:378


1- (1) شرائع الإسلام 134/4.

یکن محیطا انتقل الجمیع إلیهم. و قال الشافعی و أصحابه الا الإصطخری: ان الترکة ینتقل کلها إلیهم، سواء أحاط الدین بالترکة، أو لم یحط و یتعلق الدین بها، و لهم أن یقضوا الدین منها و من غیرها. و هذا هو المعتمد.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا ادعی رجل جاریة و ولدها

و أن ولدها منه، و أقام بذلک شاهدا واحدا و حلف، حکم له بالجاریة و سلمت الیه و کانت أم ولده باعترافه، بلا خلاف بیننا و بین الشافعی. و أما الولد، فإنه لا یحکم له به، و یبقی فی ید من هو فی یده علی ما کان.

و للشافعی فیه قولان: أحدهما و هو الأصح عندهم مثل قولنا، و الثانی یحکم له به و یلحق به و یعتق بموته.

و المعتمد قول الشیخ، لان الشاهد و الیمین انما یکون یحکم به فی الأموال و هذا یدعی النسب، فلا یثبت بالشاهد و الیمین، فلو ملک هذا الولد بأحد وجوه التملکات لحق نسبه به لاعترافه بذلک، و عتقت أمه من نصیبه بعد موت السید.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا کان فی ید رجل عبد، فادعی آخر

أن هذا العبد کان عبدی و أنا أعتقته و أقام شاهدا واحدا، لم یقبل بذلک.

و قال الشافعی: أقضی له به، و احکم بالعتق. و اختلف أصحابه فمنهم من قال: یحکم له به قولا واحدا، و منهم من قال: هذه علی قولین کالمسألة التی قبلها.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و له قول آخر مثل قول الشافعی.

مسألة - 29 - قال الشیخ: الایمان یغلظ عندنا بالمکان و الزمان

و هو مشروع، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا یغلظ بمکان بحال و هو بدعة.

و المعتمد قول الشیخ و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 30 - قال الشیخ: التغلیظ بالمکان و الزمان مستحب

، و لیس شرط فی صحة الیمین، و وافقنا فی الزمان و اللفظ الشافعی، و فی المکان علی قولین

ص:379

أحدهما مثل قولنا، و الثانی هو شرط و المعتمد قول الشیخ، و لا تغلیظ بما دون زمان القطع، و به قال الشافعی.

و قال مالک: لا تغلیظ بأقل مما یجب فیه الزکاة إذا کان فی المال، و ان کان فی غیر المال یغلظ علی کل حال. و قال ابن جریر: یغلظ بالقلیل و الکثیر.

مسألة - 31 - قال الشیخ: الحالف إذا حلف علی فعل نفسه

حلف علی القطع، نفیا کان أو إثباتا. و ان کان علی فعل غیره، فان کان علی الإثبات کانت علی القطع، و ان کان علی النفی کانت علی العلم، و به قال الشافعی. و قال النخعی و الشعبی: کلها علی العلم. و قال ابن أبی لیلی: کلها علی البت.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 32 - قال الشیخ: إذا شهد عنده شاهدان ظاهرهما العدالة

، ثم تبین أنهما کانا فاسقین قبل الحکم نقض حکمه. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر لا ینقضه، و به قال أبو حنیفة. و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 33 - قال الشیخ: إذا حکم بشهادة نفسین فی قتل

و قتل المشهود علیه، ثم تبین أن الشهود کانوا فساقا قبل الحکم بالقتل دفع الحاکم دیة المشهود علیه من بیت المال، لأن خطأ الحکام فی بیت المال.

و قال أبو حنیفة: الدیة علی المزکین. و قال الشافعی: الدیة علی الحاکم و أین تجب؟ علی قولین: أحدهما علی عاقلته، و الآخر فی بیت المال.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا شهدا أجنبیان أنه أعتق سالما فی حال موته

و هو الثلث، و شهد وارثان أنه أعتق غانما فی هذه الحال و هو الثلث، و لم یعلم السابق منهما، أقرع بینهما فمن خرج اسمه أعتق و رق الآخر. و للشافعی قولان:

أحدهما مثل قولنا، و الآخر یعتق من کل واحد نصفه.

ص:380

و المعتمد قول الشیخ، فلو کان من أخرجته القرعة أقل من الثلث عتق تتمة الثلث من الأخر، و هو اختیار العلامة و نجم الدین.

مسألة - 35 - قال الشیخ: إذا ادعی رجل علی رجل حقا و لا بینة له

، فعرض الیمین علی المدعی علیه فلم یحلف ردت الیمین علی المدعی، فان حلف حکم له و لا یجوز الحکم علی المدعی علیه بنکوله، و به قال مالک و الشافعی.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: لا ترد الیمین علی المدعی بحال، فان کان التداعی فی مال کرر الحاکم علی المدعی علیه ثلاثا، فان حلف و إلا قضی علیه بنکوله.

و ان کان فی قصاص قال أبو حنیفة: یحبس المدعی علیه أبدا حتی یحلف أو یعترف. و قال أبو یوسف و محمد: یعرض الیمین علیه ثلاثا، فان حلف و إلا قضی علیه بالدیة، و ان کان الدعوی فی نکاح أو طلاق، فان الیمین لا یثبت فی جانب المدعی علیه، و لا یتصور فی هذه نکول. قال الشیخ: و نحن نفرد هذا القول بالکلام.

و قال ابن أبی لیلی: یحبس المدعی علیه فی جمیع المواضع حتی یحلف أو یقر، فالخلاف مع أبی حنیفة فی فصلین: أحدهما الحکم بالنکول، و الثانی فی رد الیمین.

و المعتمد قول الشیخ هنا.

مسألة - 36 - قال الشیخ: إذا نکل المدعی علیه

، ردت الیمین علی المدعی فی سائر الحقوق، و به قال النخعی و الشعبی و الشافعی.

و قال مالک: انما یرد الیمین فیما یحکم به بشاهد و امرأتین دون غیره من النکاح و الطلاق و نحوه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بعموم الأخبار.

مسألة - 37 - قال الشیخ: إذا حلف المدعی علیه، ثم أقام المدعی بینة

بالحق لم یحکم له بها، و به قال ابن أبی لیلی و داود. و قال جمیع الفقهاء: یحکم بها.

ص:381

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، مع أن المفید و ابن حمزة قالا: تسمع ما لم یشترط الحالف سقوط الحق بیمینه. و قال الشیخ فی موضع من المبسوط: تسمع البینة مع عدم العلم بها، و اختاره ابن إدریس و جنح إلیه العلامة فی المختلف.

و اعلم أن الفقهاء فرعوا علی هذه المسألة ما لو قال المدعی: لیس لی بینة و کل بینة لی فهی کاذبة، فإذا حلف المدعی علیه ثم أقام المدعی البینة، قال محمد لا یحکم له، لانه جرح بینته. و قال أبو یوسف و الشافعی: یحکم له، لانه یجوز أن یکون نسی بینته.

قال الشیخ: و هذا الفرع یسقط عنا، لأن أصل المسألة باطل.

مسألة - 38 - قال الشیخ: إذا ادعی رجل علی امرأة نکاحا

، أو المرأة علی زوجها طلاقا، أو العبد علی سیده عتقا، و لا بینة مع المدعی، ألزم المدعی علیه الیمین، فان حلف و الا ردت الیمین علی المدعی، فان حلف حکم له، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: لا یلزم الیمین بهذه الدعاوی بحال و قال مالک: ان کان مع المدعی شاهد واحد الزم المدعی علیه الیمین، و ان لم یکن معه شاهد لم یلزم المدعی علیه الیمین.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 39 - قال الشیخ: إذا کان بین رجلین عداوة ظاهرة

، مثل أن یقذف أحدهما صاحبه، أو قذف الرجل امرأة، فإنه لا تقبل شهادة أحدهما علی الأخر و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: تقبل و لا تأثیر للعداوة فی رد الشهادة بحال.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:382

مسألة - 40 - قال الشیخ: تقبل شهادة الوالد لولده

و الولد لوالده، و تقبل شهادة الوالد علی ولده، و لا تقبل شهادة الولد علی والده، و به قال المزنی و أبو ثور. و قال باقی الفقهاء: لا تقبل شهادة أحد هؤلاء لصاحبه.

و ادعی الشیخ الإجماع علی مذهبه، و هو القبول ما عدا شهادة الولد علی والده، و هو المعتمد.

مسألة - 41 - قال الشیخ: شهادة الولد علی والده

لا تقبل بحال.

و قال الشافعی: ان تعلقت بالمال أو ما یجری مجری المال کالنکاح و الطلاق قبلت، و ان تعلقت بالبدن کالقصاص و حد السرقة فیه وجهان: أحدهما لا تقبل، و الثانی و هو الأصح أنها تقبل.

و اعلم أن أصحابنا اختلفوا فی هذه المسألة، قال السید المرتضی رحمه اللّه تقبل، و قواه الشهید فی الدروس(1) ، و اختاره ابن فهد فی المقتصر، لقوله تعالی «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوّامِینَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَ لَوْ عَلی أَنْفُسِکُمْ أَوِ الْوالِدَیْنِ وَ الْأَقْرَبِینَ» (2) و قال الشیخان و ابنا بابویه و ابن البراج و ابن إدریس: لا تقبل و اختاره نجم الدین، و العلامة، و فخر الدین، و الشهید فی شرح الإرشاد.

و ادعی الشیخ علیه الإجماع، و استدل العلامة بقوله تعالی «وَ صاحِبْهُما فِی الدُّنْیا مَعْرُوفاً» (3) و لیس من المعروف الشهادة علیه و إظهار کذبه، فیکون ارتکاب ذلک معصیة، و لانه نوع عقوق. و أجاب عن الآیة بأن الأمر بالإقامة لا یستلزم وجوب قبولها.

قلت: فی هذا الاستدلال نظر، لأن الشهادة بالحق غیر منافیة للمعروف، بل

ص:383


1- (1) الدروس ص 192.
2- (2) سورة النساء: 135.
3- (3) سورة لقمان: 15.

ذلک هو المعروف خصوصا مع عدم ثبوت الحق بغیر شهادته.

و فی جوابه عن الآیة نظر، لان ظاهر کلامه یدل علی أنه یجب علی الولد أن یقیم الشهادة عند الحاکم، و یجب علی الحاکم ردها، بدلیل قوله «ان الأمر بالإقامة لا یستلزم وجوب القبول» فأوجب الإقامة لحصول الأمر بها، و أوجب علی الحاکم ردها، و ذلک یستلزم العبث لخلوه عن الفائدة، و لان لفظ الشهادة علی الوالدین فی الآیة معطوف علی لفظ الشهادة علی نفسه و الشهادة علی نفسه مقبولة و الشهادة علی الأقربین معطوفة علی الشهادة علی الوالدین، و الشهادة علی الأقربین مقبولة، فالشهادة علی الوالدین معطوفة علی المقبول و معطوف علیها المقبول، فیکون مقبولة، فالمخالفة لهذه الآیة مشکل.

مسألة - 42 - قال الشیخ: إذا أعتق رجل عبدا

، ثم شهد المعتق لمولاه قبلت شهادته، و به قال جمیع الفقهاء، و حکی عن شریح أنه قال: لا تقبل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 43 - قال الشیخ: تقبل شهادة الأخ لأخیه

، و به قال جمیع الفقهاء و قال الأوزاعی: لا تقبل.

و قال مالک: ان شهد له فی غیر النسب قبلت، و ان شهد له بالنسب، فان کانا أخوین من أم، فادعی أحدهما أخا من أب و شهد له آخر لم تقبل ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 44 - قال الشیخ: تقبل شهادة الصدیق لصدیقه

، و ان کان بینهما مهاداة و ملاطفة، و به قال جمیع الفقهاء الا مالکا، فإنه قال: ان کان بینهما مهاداة و ملاطفة لا تقبل و الا قبلت.

و المعتمد قول الشیخ، لأن العدالة تمنع التسامح.

مسألة - 45 - قال الشیخ: تقبل شهادة أحد الزوجین للآخر

، و به قال الشافعی

ص:384

و قال أهل العراق: لا تقبل. و قال النخعی و ابن أبی لیلی: تقبل شهادة الزوج لزوجته، و لا تقبل شهادة الزوجة لزوجها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 46 - قال الشیخ: لا یجوز قبول شهادة من لا یعتقد إمامة الاثنی عشر

و لا متهم و لا تقبل إلا شهادة من کان عدلا یعتقد العدل و التوحید و نفی القبیح عن اللّه تعالی و نفی التشبیه، و من خالف فی شیء من ذلک کان فاسقا لا تقبل شهادته.

و قال الشافعی: أهل الأداء علی ثلاثة أضرب، منهم من نخطیه و لا نفسقه کالمخالف فی الفروع و لا ترد شهادته إذا کان عدلا، و منهم من نفسقه و لا نکفره کالخوارج و الروافض، و منهم من نکفره و هم القدریة الذین قالوا بخلق القران و نفی الرؤیة و أضاف المشیة إلی نفسه، و قالوا: انا تفعل الخیر و الشر معا، فهؤلاء کفار لا تقبل شهادتهم و حکمهم حکم الکفار، و به قال مالک و ابن حنبل.

و قال ابن أبی لیلی و أبو حنیفة: لا أرد شهادة أحد من هؤلاء، و الفسق الذی ترد به الشهادة ما لم یکن علی وجه التدین، کالفسق بالزنا و السرقة و شرب الخمر و أما من تدین به و أعتقده مذهبا و دینا یدین اللّه به لم أرد شهادته.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، قال: و لقد دلت الأدلة القاطعة علی صحة هذه الأصول التی أشرنا إلیها، و المخالف فیها کافر، و إذا کان کافرا لا تقبل شهادته. و فی کلامه (ره) دلیل علی أن اعتقاده تکفیر من لا یقول بإمامة الاثنی عشر، لان ذلک من جملة الأصول التی ذکرها، بل هی أول الأصول.

مسألة - 47 - قال الشیخ: اللعب بالشطرنج حرام علی أی وجه کان

، و یفسق فاعله و لا تقبل شهادته. و قال مالک و أبو حنیفة: مکروه الا أن أبا حنیفة قال: هو ملحق بالحرام و قالا جمیعا: ترد شهادته.

و قال الشافعی: هو مکروه و لا یرد شهادته إلا إذا کان فیه قمارا و ترک الصلاة

ص:385

حتی فات وقتها متعمدا، أو یتکرر ذلک منه و ان لم یتعمد ترک الصلاة حتی یخرج وقتها. و قال سعید بن المسیب و سعید بن جبیر: هو مباح.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 48 - قال الشیخ: من شرب نبیذا حتی یسکر

، لم تقبل شهادته و کان فاسقا بلا خلاف، و ان شرب قلیلا لا یسکر مثله، فعندنا لا تقبل شهادته و یحد و یحکم بفسقه، و به قال مالک.

و قال الشافعی: أحده و لا أفسقه، و لا أرد شهادته إذا شرب مطبوخا، و ان شرب نقیعا فهو حرام، لکنه لا یفسق بشربه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، و لان حکم النبیذ حکم الخمر.

مسألة - 49 - قال الشیخ: اللاعب بالنرد یفسق و ترد شهادته

، و به قال أبو حنیفة و مالک.

و قال الشافعی: أنه مکروه و لیس بمحظور، و لا یفسق فاعله، و هو أشد کراهیة من الشطرنج. و قال قوم من أصحابه: هو حرام و ترد به الشهادة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 50 - قال الشیخ: الغناء حرام یفسق فاعله

و ترد شهادته. و قال مالک و أبو حنیفة و الشافعی: هو مکروه، و حکی عن مالک أنه قال: هو مباح.

و قال أبو یوسف: قلت لأبی حنیفة عن شهادة المغنی و المغنیة و النایح و النائحة قال: لا أقبل شهادتهم. و قال سعید بن إبراهیم الزهری: هو مباح، و به قال عبد اللّه ابن الحسن العنبری. قال أبو حامد: و لا أعرف أحدا من المسلمین حرم ذلک.

قال الشیخ: و لم یعرف مذهبنا. و المعتمد قول الشیخ و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:386

مسألة - 51 - قال الشیخ: الغناء حرام

، سواء کان صوت المغنی أو بالقصب أو بالأوتار، مثل العیدان و الطنابیر و النایات و المعازف و غیر ذلک. أما الضرب بالدف فی الختان و الأعراس، فإنه مکروه.

و قال الشافعی: صوت المغنی و القصب فإنه مکروه لیس بمحظور، و صوت الأوتار محرم کله، و الضرب بالدف فی الأعراس و الختان مباح.

و المعتمد قول الشیخ و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 52 - قال الشیخ: إنشاد الشعر مکروه.

قال الشافعی: إذا لم یکن کذبا و لا هجوا و لا تشبیبا بالنساء کان مباحا.

و هذا هو المعتمد، و انما یکره فی رمضان و الجمعة و فی المساجد، و لا یکره مدح آل محمد فی مکان و لا زمان، و کذا هجو عدوهم.

مسألة - 53 - قال الشیخ: شهادة ولد الزنا لا تقبل و ان کان عدلا

، و به قال جمیع الفقهاء الا مالکا، فإنه قال: لا ترد بالزنا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 54 - قال الشیخ: من أقیم علیه حد فی معصیة

من قذف أو شرب خمر أو زنا أو لواط، ثم تاب و صار عدلا قبلت شهادته، و به قال أکثر الفقهاء الا خلاف أبی حنیفة فی القاذف و قد مضی. و قال مالک: کل حد فی معصیة لا أقبل شهادته بها.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 55 - قال الشیخ: البدوی و البلدی و القروی تقبل شهادة بعضهم علی بعض

، و به قال أهل العراق و الشافعی. و قال مالک: لا أقبل شهادة البدوی علی الحضری إلا فی الجراح.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:387

مسألة - 56 - قال الشیخ: إذا شهد صبی أو عبد أو کافر عند الحاکم

فردت شهادته، ثم بلغ الصبی و أعتق العبد و أسلم الکافر، فأعادوها قبلت. و کذلک لو ردت شهادة البالغ العاقل الحر لفسقه، ثم تاب و أقامها بعینها قبلت منه و حکم بها و به قال داود و أبو ثور و المزنی.

و قال مالک: أرد الکل. و قال أهل العراق و الشافعی: یقبل الکل الا الفاسق إذا تاب، فإنه إذا أعاد شهادته المردودة فإنها لا تقبل.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 57 - قال الشیخ: شهادة المختبی مقبولة

، و هو إذا کان علی رجل دین یعترف به سرا و یجحده جهرا، فخبئ له صاحب الدین شاهدین یریانه و لا یراهما ثم خاباه الحدیث فاعترف به فسمعاه و شاهداه صحت الشهادة، و به قال أبو حنیفة و الشافعی.

و قال شریح و النخعی و الشعبی: انها غیر مقبولة. و قال مالک: ان کان المشهود علیه جلدا قبلت و ان کان مغفلا یخدع مثله لم أقبلها علیه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 58 - قال الشیخ: إذا مات و خلف ترکة و ابنین

، فادعی أجنبی دینا علی المیت، فان صدقاه استوفی من حقهما، و ان اعترف أحدهما فإن کان عدلا فهو شاهد للمدعی، فإن کان معه شاهد آخر استوفی الدین من حقهما. و کذا لو لم یکن معه شاهد آخر و حلف مع شاهده، و ان لم یکن معه شاهد آخر و لا حلف استوفی نصف الدین من حصة المقر، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: یأخذ من نصف المقر جمیع الدین. و قال أبو عبید بن خربوذ و أبو جعفر الأسترآبادی من أصحاب الشافعی: فیها قول آخر کقول أبی حنیفة.

ص:388

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 59 - قال الشیخ: یثبت القضاء بالشهادة علی الشهادة

، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: لا یثبت.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 60 - قال الشیخ: حقوق اللّه تعالی مثل الزنا و شرب الخمر

و ما أشبهه لا یثبت بالشهادة علی الشهادة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی أنها یثبت، و به قال مالک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 61 - قال الشیخ: الظاهر من المذهب أنه لا تقبل شهادة الفرع

مع التمکن من حضور شاهد الأصل، و انما یجوز ذلک مع تعذره اما بالموت، أو المرض المانع من الحضور أو الغیبة.

و به قال الفقهاء، الا أنهم اختلفوا فی حد الغیبة، فقال أبو حنیفة: ما یقصر فیه الصلاة و هو ثلاثة أیام. و قال أبو یوسف: هو ما لا یمکنه ان یحضر و یقیم الشهادة و یعود إلی منزله فیبیت فیه.

و قال الشافعی: الاعتبار فی المشقة، فإن کان علیه مشقة فی الحضور حکم بشهادة الفرع، و ان لم یکن مشقة لم یحکم، و المشقة قریب مما قال أبو یوسف و فی أصحابنا من قال: یجوز أن یحکم بذلک مع الإمکان.

و المعتمد مراعاة المشقة علی شاهد الأصل، و هو اختیار العلامة فی القواعد(1).

مسألة - 62 - قال الشیخ: لا تقبل شهادة النساء علی الشهادة

إلا فی الدیون و الاملاک و العقود. أما الحدود، فلا یجوز أن تقبل بها شهادة علی شهادة. و قال قوم: لا یجوز ان تقبل شهادة النساء علی الشهادة بحال، و به قال الشافعی.

ص:389


1- (1) قواعد الاحکام 242/2.

و قال أبو حنیفة: ان کان الحق مما یثبت بشهادة النساء أولهن مدخل فیه قبل شهادتهن علی الشهادة و الا فلا.

و اختار العلامة فی المختلف(1) مذهب الشیخ هنا، و اختار ابن إدریس عدم قبول شهادة النساء علی الشهادة مطلقا، کما هو مذهب الشافعی و اختاره نجم الدین فی الشرائع(2) ، و العلامة فی القواعد و التحریر و فخر الدین، و هو المعتمد.

مسألة - 63 - قال الشیخ: إذا عدل شاهد الأصل شاهد الفرع و لم یسمیاه

لم یقبل ذلک، و به قال جمیع الفقهاء إلا أبا حنیفة، فإنه قال: یقبل.

و المعتمد قول الشیخ، لأنه إذا لم یسمیاه لا یعرف عدالة الأصل، و قد یعدلان من هو عندهما عدل و ان لم یکن عدلا.

مسألة - 64 - قال الشیخ: إذا سمیا شاهد الأصل و لم یعدلاه

، سمع الحاکم و یبحث عن شاهد الأصل، فإن وجده عدلا حکم و الا توقف، و به قال الشافعی و قال أبو یوسف و الثوری: لا تسمع هذه الشهادة، لأنهما لم یترکا تزکیة الأصل إلا لریبة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 65 - قال الشیخ: ما یثبت بشهادة اثنین فی الأصل

إذا شهد شاهدان علی شهادة أحدهما و شاهدان علی شهادة الآخر، ثبت بلا خلاف شهادة الأصل، و ان شهد شاهد علی شهادة أحدهما و شاهد آخر علی شهادة الأخر، لم یثبت بهذه الشهادة ما شهدا به، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری و مالک و الشافعی، و ذهب قوم إلی أنه یثبت بذلک و یحکم الحاکم به، و به قال ابن حنبل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:390


1- (1) مختلف الشیعة 114/4.
2- (2) شرائع الإسلام 140/4.

مسألة - 66 - قال الشیخ: إذا شهد شاهدان علی شهادة رجل

، ثم شهدا علی شهادة الأخر، فإن شهادة الأول یثبت بلا خلاف، و عندنا تثبت بشهادة الثانی أیضا و به قال أبو حنیفة و أصحابه و الثوری و مالک، و الصحیح من قولی الشافعی عندهم و له قول آخر أنه لا یثبت حتی یشهد آخران علی شهادة الأخر، و اختاره المزنی من أصحابه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 67 - قال الشیخ: تثبت بالشهادة علی الشهادة شهادة الأصل

، و لا یقوم الفرع مقام الأصل فی إثبات الحق، بل الحق یثبت بالأصل لا بالفرع.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر أن الفرع یقوم مقام الأصل فی إثبات الحق.

و المعتمد قول الشیخ، لأن الحق ان کان فعلا افتقر الی مشاهدة، و ان کان عقدا افتقر الی مشاهدة و سماع، و الفرع لم یسمع و لم یشاهد، فلا یثبت به الحق.

مسألة - 68 - قال الشیخ: إذا شهد اثنان أنه سرق ثوبا قیمته ثمن دینار

، و شهد آخران أنه سرق ذلک الثوب بعینه و قیمته ربع، ثبت ربع دینار، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: ثبت ثمن دینار، لان الثمن ثبت بشهادة الأربع، و الزائد تعارضت فیه البینتان.

و المعتمد قول الشیخ، لانه لا تعارض هنا، لعدم التکاذب صریحا.

مسألة - 69 - قال الشیخ: إذا شهد عدلان عند الحاکم بحق، ثم فسقا

قبل الحکم حکم بشهادتهما، و به قال أبو ثور و المزنی. و قال باقی الفقهاء: لا یحکم.

و المعتمد مذهب الشیخ، و هو اختیار العلامة فی القواعد(1) و التحریر(2) ، لان

ص:391


1- (1) قواعد الاحکام 243/2.
2- (2) تحریر الاحکام 213/2.

الاعتبار بالعدالة حین الشهادة لا حین الحکم، و هو مذهب ابن إدریس أیضا، و اختار العلامة فی المختلف(1) عدم الحکم و اختاره الشهید.

و فصل نجم الدین فقال: یحکم فی حقوق الآدمیین، و لا یحکم فی حق اللّه کحد الزنا، لانه مبنی علی التخفیف قال: و فی الحکم بحد القذف و القصاص تردد أشبهه الحکم لتعلق حق الآدمی به.

مسألة - 70 - قال الشیخ: إذا شهدا بحق و عرف عدالتهما، ثم رجعا

عن الشهادة قبل الحکم بها لم یحکم، و به قال الجماعة إلا أبا ثور فإنه قال: یحکم بالشهادة.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 71 - قال الشیخ: إذا شهد الشاهدان بحق و عرف عدالتهما و حکم الحاکم

و استوفی الحق، ثم رجعا عن الشهادة، لم ینقض حکمه، و به قال جمیع الفقهاء. و قال الأوزاعی و سعید بن المسیب بنقضه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 72 - قال الشیخ: إذا شهد شاهدان علی رجل بما یوجب قتله

أو قطعه فقتل أو قطع، ثم رجعا و قال تعمدنا و قصدنا أن یقطع أو یقتل، فعلیهما القود، و به قال الشافعی و ابن حنبل. و قال أبو حنیفة و الثوری: لا قود.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 73 - قال الشیخ: إذا شهد شاهدان علی طلاق امرأة بعد الدخول بها

و حکم الحاکم بذلک، ثم رجعا عن الشهادة لم یلزمهما مهر مثلها و لا شیء منه، و به قال أبو حنیفة و مالک. و قال الشافعی: علیهما مهر مثلها.

ص:392


1- (1) مختلف الشیعة 188/4.

و المشهور عند أصحابنا مذهب الشیخ، و هو اختیار نجم الدین فی الشرائع(1) و العلامة فی القواعد(2) و التحریر(3) ، و الشهید فی الدروس(4) ، و توقف العلامة فی المختلف(5) ، لاحتمال ضمان منفعة البضع.

مسألة - 74 - قال الشیخ: إذا شهدا بالطلاق قبل الدخول بها

، ففرق الحاکم بینهما ثم رجعا غرما نصف المهر، و به قال أبو حنیفة.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و هو أضعف القولین الا أنه یقول نصف مهر المثل، و عندنا نصف المسمی. و القول الآخر أنهما یضمنان کمال مهر مثلها، و هو أصح القولین عندهم.

و المعتمد قول الشیخ، لأنهما یضمنان ما غرم الزوج، و هو لم یغرم غیر النصف و یتخرج علی القول بضمان منفعة البضع ضمان الجمیع کما قاله الشافعی.

مسألة - 75 - قال الشیخ: إذا شهدا بدین أو بعتق و حکم بذلک علیه ثم رجعا

ضمنا، و اختلف أصحاب الشافعی فی هذا علی طریقین: منهم من قال: لا غرم علیهما قولا واحدا، و قال أبو العباس المسألة علی قولین، قال أبو حامد: و المذهب انها علی قولین، کما قاله أبو العباس: أحدهما لا ضمان و هو أضعفهما، و الأخر یضمنان و هو أصحهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 76 - قال الشیخ: إذا شهد رجل و عشرة نسوة بمال علی رجل

و حکم

ص:393


1- (1) شرائع الإسلام 144/4.
2- (2) قواعد الاحکام 245/2.
3- (3) تحریر الاحکام 217/2.
4- (4) الدروس ص 196.
5- (5) مختلف الشیعة ص 187.

به الحاکم ثم رجع الجمیع، کان علی الرجل سدس المال و الباقی علی النسوة، و به قال أبو حنیفة و الشافعی. و قال أبو یوسف و محمد: علی الرجل النصف و علی النسوة النصف.

و المعتمد قول الشیخ، لان المال ثبت بشهادة الجمیع.

ص:394

کتاب الدعاوی و البینات

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا ادعا نفسان دارا و هما فیها

، أو ثوبا و یدهما علیه و لا بینة لأحدهما، کانت العین بینهما نصفین، و به قال الشافعی الا أنه قال: یحلف کل منهما لصاحبه.

و هو المعتمد، فان حلفا أو نکلا کانت بینهما، و ان حلف أحدهما و نکل الأخر کانت للحالف دون الناکل.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا تداعیا ملکا مطلقا و ید أحدهما علی العین

کانت بینته أولی، و کذلک ان أضافاه إلی سبب، و ان ادعی صاحب الید الملک مطلقا و أضافه الخارج الی سبب، کانت بینة الخارج أولی، و به قال الشافعی.

و قال أصحاب الشافعی: إذا تداعیا عینا ید أحدهما علیها، و أقام کل منهما بینة سمعنا بینة کل واحد، و قضینا لصاحب الید، سواء تنازعا ملکا مطلقا أو ما یتکرر فالمطلق کل ما لم یذکر سببه، و ما یتکرر کآنیة الذهب و الفضة و الصفر و الحدید، یقول کل واحد منهما: صیغ فی ملکی، و هذا یمکن أن یصاغ فی ملک کل واحد منهما، و کذلک ما یمکن نسجه مرتین کالصوف و الخز، و ما لا یتکرر سببه ثوب القطن و الإبریسم، فإنه لا یمکن أن ینسج دفعتین، و کذلک الدابة فإنه لا یمکن أن تلد

ص:395

الدابة الولد الواحد مرتین، و کل منهما یقول نتج فی ملکی، و به قال مالک و الشافعی و هل یحلف مع البینة؟ علی قولین.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: ان کان التداعی ملکا مطلقا أو ما یتکرر سببه، لم یسمع بینة صاحب الید، و ان کان ملکا لا یتکرر سببه سمعنا بینة الداخل.

قال الشیخ: و هو الذی یقتضیه مذهبنا، و قد ذکرناه فی النهایة و المبسوط و کتابی الاخبار. و قال ابن حنبل: لا یسمع بینة صاحب الید بحال، و روی ذلک أصحابنا أیضا.

و اعلم أن أصحابنا اختلفوا فی هذه المسألة، و التحقیق أن نقول: إذا تداعیا عینا فی ید أحدهما و أقام کل واحد بینة، فلا یخلو: اما أن تشهد بینة کل واحد بالملک المطلق، أو یشهدا بالسبب، أو یشهد إحدیهما بالملک المطلق و الأخری بالسبب فالأقسام أربعة:

الأول: أن یشهد بینة کل واحد بالملک المطلق، قال الشیخ هنا: بینة الداخل أولی، و استبعده صاحب الشرائع(1) و حکم أن البینة بینة الخارج، و هو المشهور عند أصحابنا، و به قال الشیخ فی النهایة(2) و المبسوط(3) و کتابی الأخبار.

الثانی: ان تشهد البینتان بالسبب، و هنا یقدم الداخل عند الشیخ أیضا فی هذا الکتاب. و قال ابن إدریس: یقضی للخارج، و اختاره نجم الدین و العلامة و فخر الدین، و هو المعتمد.

الثالث: ان تشهد بینة الخارج بالملک المطلق و بینة الداخل بالسبب، فمذهب الشیخ هنا یقتضی الحکم لصاحب الید، و هو اختیار نجم الدین و العلامة و فخر

ص:396


1- (1) شرائع الإسلام 111/4.
2- (2) النهایة ص 344.
3- (3) المبسوط 258/8.

الدین لتأیید الید بالسبب. و قال ابن إدریس: یقضی للخارج مطلقا، لعموم البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر، و هو قوی، الرابع: ان تقید بینة الخارج بالسبب، و یطلق بینة الداخل، فهنا تقدم بینة الخارج بلا خلاف بین أصحابنا.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا تنازعا عینا لا ید لواحد منهما علیها

، و أقام أحدهما شاهدین و الآخر أربعة شهود، فالظاهر من مذهب أصحابنا أنه یرجح بکثرة الشهود و یحلف و یحکم له بالحق. و هکذا لو تساویا فی العدد و تفاوتا فی العدالة، فإنه یرجح بالعدالة إذا کانت إحدیهما أقوی عدالة، و به قال مالک، و أومی إلیه الشافعی فی القدیم.

و الذی اعتمده أصحابه و جعلوه مذهبا أنه لا یرجح بشیء منهما، و به قال أبو حنیفة و أصحابه. و قال الأوزاعی: أقسط المشهود به علی عدد الشهود، فأجعل لصاحب الشاهدین الثلث، و لصاحب الأربعة الثلثین، و قد روی ذلک أیضا أصحابنا.

و المعتمد قول الشیخ أولا و هو الترجیح بالعدد و العدالة، و استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا کان مع أحدهما شاهدان

و مع الآخر شاهد و امرأتان تقابلتا، بلا خلاف بیننا و بین الشافعی. فأما إذا کان مع أحدهما شاهدان و مع الآخر شاهد و قال احلف مع شاهدی، فإنهما لا یتقابلان. و کذا لو کان مع أحدهما شاهد و امرأتان و مع الآخر شاهد واحد و قال احلف مع شاهدی. و للشافعی فیهما قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یتقابلان.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا شهد للمدعی شاهدان و قال المدعی علیه أحلفوه

لی مع شاهدیه لم یحلف، و به قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک و الشافعی. و قال

ص:397

شریح و النخعی و ابن أبی لیلی: یحلف.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا ادعی علی امرأة، فقال: هذه زوجتی

أو تزوجت بها، لم یلزم الکشف بأن یقول تزوجت بها بولی و شاهدین عدلین، و به قال أبو حنیفة.

و للشافعی ثلاثة أوجه: أحدها مثل قولنا، و الثانی و هو ظاهر المذهب أنه لا بد من الکشف، و الثالث ان ادعی عقد النکاح بأن قال: تزوجت بها، کان ذلک شرطا، و ان ادعی الزوجیة بأن قال: هذه زوجتی لم یفتقر الی الکشف.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا ادعی علی المرأة الزوجیة و أنکرت

کان علیه البینة، فان لم یکن بینة کان علیها الیمین، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة:

لا یمین علیها.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا ادعی بیعا أو صلحا أو إجارة

، و نحو ذلک من العقود التی هی سوی النکاح، لا یلزمه الکشف أیضا. و للشافعی وجهان: أحدهما لا یلزمه، و الثانی یلزمه.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا تعارضت البینتان علی وجه لا یرجح إحداهما

علی الآخری أقرع بینهما، فمن خرج اسمه أحلف و أعطی الحق، هذا هو المعول علیه عند أصحابنا، و قد روی أنه یقسم بینهما نصفین.

و للشافعی أربعة أقوال: أحدها یسقطان و هو أصحها، و به قال مالک. و الثانی یقرع بینهما مثل قولنا، و هل یحلف؟ علی قولین. و الثالث توقف أبدا. و الرابع

ص:398

یقسم بینهما نصفین، و به قال أبو حنیفة و أصحابه.

و اعلم أن مع تحقق التعارض لا یخلو: اما أن یکون العین فی ید أحدهما، أو فی أیدیهما، أو فی ید ثالث، ففی الأول یقضی بینها للخارج ان شهدتا بالملک المطلق أو بالسبب، أو شهدت بینة الخارج بالسبب و بینة الداخل بالملک المطلق و لو شهدت بینة الداخل بالسبب و بینة الخارج بالملک المطلق قضی بها للداخل کما هو مشهور.

و ان کانت فی أیدیهما، قضی فیها بینهما نصفین، لان ید کل واحد منهما علی النصف و قد أقام الآخر بینة، فیقضی له بما فی ید غریمه.

و ان کانت فی ید ثالث أقرع کما قاله الشیخ هنا، و أحلف من خرج اسمه و قضی له، فان امتنع أحلف الآخر و قضی له، فان نکلا قضی بها بینهما نصفین، هذا هو المعتمد.

و قال فی المبسوط: یقرع ان شهدتا بالملک المطلق، و یقسم بینهما ان شهدتا بالملک المقید، و لو اختصت إحدیهما بالسبب قضی بها دون الأخری.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا ادعی دارا، فقال:

هذه الدار التی فی یدک لی، فأنکر المدعی علیه، فأقام المدعی بینة انهما کانت فی یده أمس أو منذ سنة لم یسمع هذه البینة.

و للشافعی قولان: أحدهما لا یسمع، و الثانی یسمع، و الأول هو المذهب عندهم.

و اختار فخر الدین مذهب الشیخ هنا و هو عدم السماع، و اختار الشیخ فی المبسوط(1) سماع البینة بذلک، و اختاره نجم الدین فی الشرائع(2) ، و العلامة فی

ص:399


1- (1) المبسوط 257/8.
2- (2) شرائع الإسلام 112/4.

المختلف(1) و الإرشاد، لأن الید دلیل ظاهر علی الملکیة، و إذا ثبت بالبینة أو بالإقرار سبقها، فقد ثبت دلیل الملک و ثبوت الدلیل یقتضی ثبوت المدلول و هو الملک، و لا بأس بهذا القول.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا ادعی دارا فی ید رجل، فقال:

هذه الدار کانت لأبی و قد ورثتها أنا و أخی الغائب منه، و أقام بذلک بینة من أهل الخبرة أنهما و رثاه و لا نعرف له وارثا غیرهما، انتزعت ممن هی فی یده و سلم الی الحاضر نصفها، و الباقی یجعل فی ید أمین حتی یعود الغائب، و به قال أبو یوسف و محمد.

و قال أبو حنیفة: یؤخذ من المدعی علیه نصیب الحاضر، و یقر الباقی فی ید من هو فی یده حتی یحضر الغائب، و قواه فی المبسوط.

و المعتمد أن نصیب الغائب یصرف الی الحاکم لانه ولیه، سواء کان المدعی عینا أو دینا.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا تداعیا عینا و ادعی أحدهما انها له

منذ سنتین و ادعی الآخر أنها له منذ شهر، و أقام کل واحد بینة بما یدعیه، و ادعی أحدهما أنها له منذ سنتین و ادعی الآخر أنها ملکی الآن، و أقاما البینة بذلک، و العین المتنازع فیها فی ید ثالث، کانت البینة المتقدمة أولی و به قال أبو حنیفة و أصح قولی الشافعی و له قول آخر أنهما سواء.

و المعتمد قول الشیخ، لانه قد ثبت له الملک فی المدة السابقة لعدم المنازع فیها، و إذا ثبت فی المدة السابقة، فالأصل البقاء حتی یعلم المزیل.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا تداعیا دارا و هی فی ید أحدهما

و أقام أحدهما البینة بقدیم الملک و الآخر بحدیثه، فان کانت الدار فی ید من شهدت له بقدیم الملک فهی له بلا خلاف، لان معه ترجیحین الید و قدیم الملک، و ان کانت فی ید

ص:400


1- (1) مختلف الشیعة 108/4.

حدیث الملک فصاحب الید أولی، و به قال أبو حنیفة.

و قال أبو یوسف و محمد: البینة بینة الخارج، و هذا هو المعتمد، و هو مذهب الشیخ فی المبسوط(1) ، و اختیار العلامة فی المختلف(2) ، لان قدیم الملک أولی من حدیثه، و بینة الخارج أولی من بینة الداخل. و احتج الشیخ هنا بالإجماع، و هو غیر مسلم، لان قوله فی المبسوط خلاف ذلک.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا قال له علی ألف قضیتها

فقد اعترف بالألف، و لا تقبل دعوی القضاء إلا ببینة.

و للشافعی قولان: أحدهما و هو الصحیح مثل قولنا، و الثانی تقبل ذلک منه، کما لو قال له علی ألف إلا تسعین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا کان فی ید اثنین کبیر مجهول النسب فادعیا ملکه

فالقول قوله بلا خلاف، فان اعترف لهما کان لهما، و ان اعترف لأحدهما کان له دون الأخر، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: ان اعترف أنه مملوک لأحدهما کان مملوکا لهما، لانه ثبت أنه مملوک باعترافه و یدهما علیه و کان بینهما.

و المعتمد قول الشیخ، لأنه إنما صار مملوکا باعترافه، فیکون مملوکا لمن اعترف له، و جزم به صاحب الشرائع(3) و صاحب القواعد.

مسألة - 16 - قال الشیخ: رجل ادعی دارا فی ید رجل فأنکر

فأقام المدعی بینة أنها ملکه منذ سنة، فجاء آخر و ادعی أنه اشتراها من المدعی من خمس سنین

ص:401


1- (1) المبسوط 269/8.
2- (2) مختلف الشیعة 108/4.
3- (3) شرائع الإسلام 116/4.

حکمنا بزوال ید المدعی علیه ببینة المدعی بلا خلاف، ثم ینظر فی بینة المدعی الثانی، و هو المشتری من المدعی الأول، فإن شهدت بأنه اشتراها من الأول و هی ملکه، أو کان متصرفا فیها تصرف الملاک، فإنه یحکم فیها بلا خلاف.

فان شهدت بینة المشتری بالشراء فقط و لم تشهد بملک و لا بید، قال الشافعی:

حکمنا بها للمشتری. قال الشیخ: و الیه أذهب. و قال أبو حنیفة: أقرها فی ید المدعی و لا أحکم بها للمشتری.

احتج الشیخ بأن بینة المدعی أسقطت ید المدعی علیه، و أثبتت له الملک منذ سنة و لم تنف کونها ملکه قبل السنة، فإذا قامت البینة بأن هذا المدعی باعها قبل هذه السنة بأربع سنین فالظاهر أنها ملکه حین البیع حتی یعلم غیره، فهی کالبینة المطلقة و بینة المدعی لو کانت مطلقة فانا نقضی بها للمشتری بلا خلاف. و قول الشیخ قوی لا بأس به.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا ادعی زید شاة فی ید عمرو، فأنکر

و أقام بینة أن حاکما من الحکام حکم له بها علی زید و سلمها الیه، و لا یعلم علی أی وجه حکم بها لعمرو، فإنه لا ینقض حکم الحاکم الأول.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی ینقض حکمه، و به قال محمد ابن الحسن.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا اشترک اثنان فی وطئ امرأة فی طهر واحد

و کان وطئا یصح أن یلحق به النسب و أتت بولد یمکن أن یکون منهما، أقرعنا بینهما فمن خرج اسمه ألحقناه به.

و قال الشافعی نریه القافة، فمن ألحقته به ألحقناه به، فان لم یکن قافة أو اشتبه أو نفته عنهما، ترک حتی یبلغ فینتسب الی من شاء منهما ممن یمیل طبعه الیه،

ص:402

و به قال مالک و ابن حنبل.

و قال أبو حنیفة: ألحقه بهما معا و لا أریه القافة. قال المتأخرون من أصحابه:

یجوز أن یلحق الولد بمائة أب علی قول أبی حنیفة. قال أبو حنیفة: فلو کان لرجل أمتان فحدث ولد، فقالت کل واحدة منهما: هو ابنی من سیدی، فانی ألحقه بهما فأجعله ولدا لکل واحدة منهما و للأب أیضا.

و قال أبو یوسف و محمد: لا یلحق بأمین، لأنا نقطع أنهما لم یلداه، و انما ولده واحدة منهما، و أبو حنیفة ألحق الولد الواحد بآباء عدة و أمهات عدة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا وطئ أحدهما فی نکاح صحیح

، و الآخر فی نکاح فاسد، قال مالک: ان صحیح النکاح أولی، و حکی ذلک عن أبی حنیفة.

و قال الشافعی: لا فرق بینهما.

قال الشیخ: و الذی یقتضیه مذهبنا أنه لا فرق بینهما، و هو المعتمد.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا وطئ أمته ثم باعها و لم یستبرئها

، فوطئها المشتری من غیر استبراء، فأتت بولد یمکن أن یکون منهما، فإنه یلحق بالأخیر و قال مالک: یلحق بالأول، لأن نکاحه صحیح و نکاح الثانی فاسد، و حکی ذلک عن أبی حنیفة و قال الشافعی: نریه القافة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

و اعلم أنه لا فرق فی هذه المسائل بین کونهما مسلمین أو أحدهما مسلما و الأخر حربیا، و لا بین الحرین و العبدین و بالتفریق، فإنه یقرع بینهما. و قال أبو حنیفة:

الحر أولی من العبد، و المسلم أولی من الکافر، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة، و عموم الاخبار علی عدم الفرق.

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا اختلف الزوجان فی متاع البیت

، فقال کل

ص:403

واحد منهما: کله لی و لا بینة، نظر فیه فما یصلح للرجال فالقول قوله فیه مع یمینه و ما یصلح للنساء فالقول قولها فیه مع یمینها، و ما یصلح لهما کان بینهما، و قد روی أن القول قول المرأة فی الجمیع مع یمینها و الأول أحوط.

و قال الشافعی: ید کل واحد علی نصفه یحلف کل واحد لصاحبه، و یکون بینهما نصفین، سواء کان مما یصلح للرجال دون النساء، أو للنساء دون الرجال، أو یصلح للرجال و النساء، و سواء کانت الدار لهما أو لأحدهما أو لغیرهما، و سواء کانت الزوجیة قائمة أو زالت، و سواء کان التنازع بینهما، أو بین ورثتهما، أو بین أحدهما و ورثة الأخر، و سواء کانت أیدیهما علیه من جهة المشاهدة أو من جهة الحکم و به قال زفر و عثمان البتی و ابن مسعود.

و قال أبو حنیفة و محمد: ان کانت أیدیهما علیه مشاهدة فهو بینهما، کما لو تنازعا عمامة یدهما علیها، أو خلخالا یدهما علیه. و ان کان یدهما علیه حکما، فان کان یصلح للرجال دون النساء، فالقول قول الرجل فیه، و ان کان یصلح للنساء دون الرجال، فالقول قول المرأة فیه، و ان کان یصلح لهما، فالقول قول الرجل.

و قال أبو حنیفة: ان کان الاختلاف بین أحدهما و ورثة الأخر، فالقول قول الباقی منهما، فقد خالف الشافعی فی أربعة فصول: إذا کان مما یصلح للرجال، و إذا کان مما یصلح للنساء، و ان کان مما یصلح لکل منهما، و إذا کان الاختلاف بین أحدهما و ورثة الأخر.

و قال أبو یوسف: القول قول المرأة فیما جری العرف و العادة أنه قدر جهاز مثلها. قال الشیخ: و هذا مثل ما حکیناه فی بعض روایات أصحابنا.

و اعلم أن للشیخ فی هذه المسألة ثلاثة أقوال:

الأول: قوله هنا، و استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم، و به قال ابن حمزة،

ص:404

و ابن الجنید، و اختاره ابن إدریس، و جنح الیه نجم الدین فی الشرائع(1) ، و هو مذهب العلامة فی التحریر(2) ، و ابن فهد فی المقتصر(3).

الثانی: قوله فی المبسوط(4) ، و هو مذهب الشافعی، و اختاره العلامة فی القواعد و الإرشاد، و فخر الدین فی الإیضاح.

الثالث: قوله فی الاستبصار(5) ، و هو أنه للمرأة لأنها تأتی بالمتاع من أهلها.

و قال العلامة فی المختلف: ان کان هناک قضاء عرفی رجع الیه، و الا کان کسائر الدعاوی(6). و اختاره الشهید فی شرح الإرشاد.

و الأقوی مذهب القواعد و الإرشاد، لإلحاقه بسائر الدعاوی، و مذهب المختلف جامع بین الأقوال، و لا بأس به.

مسألة - 22 - قال الشیخ: إذا کان لرجل علی رجل حق

، فوجد من له الحق مالا لمن علیه الحق، فإن کان من علیه الحق باذلا، فلیس له الأخذ منه بلا خلاف و ان کان مانعا اما بأن یجحد ظاهرا و باطنا، أو یعترف باطنا و یجحد ظاهرا، أو یعترف باطنا و ظاهرا و یمنعه لقوته، و لا یمکنه استیفاء الحق منه، فإذا کان بهذه الصفة، کان له أن یأخذ من ماله بقدر حقه من غیر زیادة، سواء کان من جنس ماله أو من غیر الجنس إلا إذا کان ودیعة عنده، فإنه لا یجوز له الأخذ منها، سواء کان له بماله بینة أو لم یکن، و به قال الشافعی، و لم یستثن الودیعة إذا لم یکن له حجة فان کان له حجة ثبتت عند الحاکم فعلی قولین.

ص:405


1- (1) شرائع الإسلام 119/4.
2- (2) تحریر الاحکام 200/2.
3- (3) المقتصر - مخطوط.
4- (4) المبسوط 310/8.
5- (5) الاستبصار 45/3.
6- (6) مختلف الشیعة 47/4.

و قال أبو حنیفة: لیس له ذلک إلا فی الدراهم و الدنانیر.

و المعتمد جواز الأخذ من الودیعة علی کراهیة مع الجحود أو الإقرار و المنع لکونه أقوی من صاحب القول، و لا فرق بین أن یکون له بینة ثبتت عند الحاکم أو لم یکن، هذا هو المشهور عند متأخری الأصحاب.

ص:406

کتاب العتق

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا أعتق شرکا له من عبد لا یخلو من أحد أمرین:

اما أن یکون موسرا أو معسرا، فان کان معسرا لا یخلو من أحد أمرین: اما أن یقصد مضارة شریکه، أو یقصد وجه اللّه، فان قصد مضارة شریکه بطل العتق، و ان قصد وجه اللّه صح العتق فی حصته و کان شریکه بالخیار بین أن یعتق حصته و بین أن یستسعی العبد فی قیمته، و ان کان موسرا ألزم قیمته، فإذا أدی انعتق علیه و لشریکه أن یعتق نصیبه و لا یأخذ القیمة، فإن فعل کان عتقه ماضیا.

و أبو حنیفة وافقنا فی المعسر و خالفنا فی بعض أحکام الموسر، لانه قال:

فان کان موسرا فشریکه بالخیار بین ثلاثة أشیاء: بین أن یعتق نصیبه منه، و بین أن یستسعی العبد، و بین أن یقومه علی المعتق، و للمعتق أن یستسعیه فیما بقی من الرق، فإذا أدی قیمة ذلک عتق، فقد خالفنا فی استسعاء العبد.

و قال أبو یوسف و محمد: یعتق نصیب شریکه فی الحال، موسرا کان المعتق أو معسرا، فان کان معسرا فللشریک أن یستسعی العبد، و هو حر فی قدر نصیبه، و ان کان موسرا أخذ قیمة نصیبه من المعتق.

قال الشیخ: و هذا مثل مذهبنا سواء.

ص:407

و فیه نظر، لان مذهبه العتق بالأداء بدلیل قوله «فإذا أدی انعتق علیه» و مذهب أبی یوسف و محمد أنه ینعتق باللفظ فافترقا.

و قال الأوزاعی: ان کان معسرا عتق نصیبه، و کان نصیب شریکه علی الرق، و لیس له أن یستسعیه، و ان کان موسرا لم ینعتق نصیب شریکه الا بدفع القیمة الیه. و قال عثمان البتی: یستقر الرق فی نصیب الشریک، سواء کان المعتق معسرا أو موسرا. و قال ربیعة: إذا أعتق أحد الشریکین نصیبه لم ینعتق نصیب نفسه بعتقه فإن أرادا عتقه اتفقا علیه و عتقاه، و لا یصلح غیر أحدهما دون الأخر.

و قال الشافعی: ان کان معسرا عتق نصیبه، و استقر الرق فی نصیب شریکه ما لم یعتقه، و ان کان موسرا قوم علیه نصیب شریکه قولا واحدا، و متی یعتق نصیب شریکه؟ فیه ثلاثة أقوال: أحدها و هو الصحیح عندهم أنه یعتق کله باللفظ و القیمة فی الذمة المعتق علیه تسلیمها، و به قال ابن أبی لیلی و الثوری و أحمد. و قال فی القدیم: یعتق نصیب الشریک باللفظ و دفعة القیمة، فإن دفع القیمة إلی الشریک عتق حصة الشریک، و ان لم یدفع لم تعتق، و به قال مالک. و قال فی البویطی و حرملة:

یکون مراعی، فان دفع القیمة إلی الشریک تبینا أنه انعتق یوم العتق، و ان لم یدفع تبینا أن العتق لم یتعلق فی حق شریکه. و اعلم أن البحث هنا فی موضعین:

الأول: فی تحقیق السرایة، و المشهور عند أصحابنا، ان کان المعتق موسرا سری علیه العتق و ألزم حصة الشریک، و للشیخ قول بعدم التقویم مع قصد القربة و التقویم مع قصد الإضرار.

و أورد ابن إدریس علیه أن مع قصد الإضرار ینتفی العتق، لان العتق مفتقر إلی نیة القربة، و قصد الإضرار ینافی القربة، فلا یتحقق العتق مع قصده، و ان کان موسرا عتقت حصة المعتق و سعی العبد فی حصة الشریک، هذا هو المشهور، و اختار الشیخ فی المبسوط(1) مذهب الشافعی، و هو استقرار الرق فی حصة

ص:408


1- (1) المبسوط 51/6.

الشریک.

البحث الثانی: هل تنعتق حصة الشریک باللفظ أو بالأداء؟ قال الشیخ فی النهایة(1) و هو ظاهره هنا: تنعتق بالأداء، و هو مذهب المفید (ره) و اختاره نجم الدین فی الشرائع(2) ، و العلامة فی المختلف(3) و التحریر، و هو قول الشافعی فی القدیم. و قال الشیخ فی المبسوط: یکون مراعی کما قاله الشافعی فی البویطی و حرملة. و قال ابن إدریس: ینعتق جمیعه حالة الإعتاق، و هو القول الصحیح عند الشافعی.

و یتفرع علی هذه الأقوال فروع ذکرناها فی شرح الشرائع، فمن أرادها وقف علیها من هناک، و العمل علی الأول من هذه الأقوال.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا أعتق عبیده عند موته و لا مال له غیرهم

، استخرج ثلثهم بالقرعة و أعتقوا. و ان دبر عبده عند موته و لا مال له غیره، انعتق ثلثه و سعی فی ثلثیه للورثة.

و قال أبو حنیفة و أصحابه: یسعی فی الجمیع. و قال مالک و الشافعی فی العتق مثل قولنا، و فی التدبیر ینعتق ثلثه، و یستقر الرق فی الباقی للورثة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا أعتق عبده عند موته و له مال غیره

، کان عتقه من الثلث، و به قال جمیع الفقهاء. و قال مسروق: یکون من صلب المال.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 4 - قال الشیخ: الذین ینعتقون علی من یملکهم

الإباء و ان علوا،

ص:409


1- (1) النهایة ص 542.
2- (2) شرائع الإسلام 111/3.
3- (3) مختلف الشیعة ص 70-71 کتاب العتق.

و الأمهات و ان علون، و الأولاد الذکور و الإناث و ان نزلوا، و کل من یحرم علیه العقد علیهن من المحارم، مثل الأخت و بنتها و العمة و الخالة، و لا ینعتق الأخ و ابن الأخ و لا العم و لا الخال، و لا أولاد العم و العمة، و لا أولاد الخال و الخالة.

و قال أبو حنیفة: یعتق علیه کل رحم محرم بالنسب، فزاد علینا الاخوة و الأعمام و الأخوال. و قال مالک مثل قولنا، و زاد الاخوة و الأخوات. و قال الشافعی:

لا ینعتق غیر العمودین فقط. و قال داود: لا ینعتق أحد علی أحد بالملک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 5 - قال الشیخ: یعتق علیه من الرضاع ما یعتق علیه من النسب،

و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک، و ذهب الیه بعض أصحابنا، و المنصوص الأول.

و المعتمد قول الشیخ، و اختاره نجم الدین و العلامة، و منع منه المفید و ابن إدریس.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا عمی العبد أو أقعد أو نکل به صاحبه

عتق علیه و خالف جمیع الفقهاء.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا ورث شقصا من أبیه

، قوم علیه ما بقی ان کان موسرا. و قال الشافعی: لا یقوم علیه لانه یعتبر اختیاره.

استدل الشیخ هنا بإجماع الفرقة و أخبارهم، و اختار فی المبسوط مذهب الشافعی، و هو المشهور عند أصحابنا، و هو المعتمد.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا أسلم الرجل علی ید غیره

لا ولاء له علیه، و به قال جمیع الفقهاء إلا إسحاق، فإنه قال: له علیه الولاء.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا تعاقد رجلان، فقالا:

عاقدتک علی أن تنصرنی

ص:410

و أنصرک، و تدفع عنی و أدفع عنک و تعقل عنی و أعقل عنک، و ترثنی و أرثک، کان ذلک صحیحا و یتوارثان إذا لم یکن لهم ذو رحم و لا نسب، و به قال النخعی و قال: إذا وقع العقد بینهما لزم و لا سبیل الی فسخه.

و قال أبو حنیفة: إذا کانا أو أحدهما معروف النسب لا ینعقد الموالاة بینهما، و ان کانا مجهولین النسب انعقدت الموالاة، و کان العقد جائزا لکل منهما فسخه ما لم یعقل أحدهما عن صاحبه، فإذا عقل لزمت و لا سبیل الی فسخها بوجه و یتوارثان بها.

قال الشیخ: و هذا مذهبنا، لان بهذا التفصیل نقول و قال الشافعی و مالک:

لا حکم لهذا القول بوجه. و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 10 - قال الشیخ: من التقط لقیطا

لم یثبت له علیه الولاء بالالتقاط و به قال الجماعة. و قال عمر بن الخطاب: یثبت.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا أعتق عبدا کافرا

عتق و ثبت له علیه الولاء، بلا خلاف بین الطائفة، و یرثه إذا لم یکن له وارث و ان مات کافرا، و به قال سفیان الثوری و قال جمیع الفقهاء: لا یرثه ان مات کافرا، فإذا أسلم و مات ورثه. استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

و المعتمد عدم صحة عتق الکافر، لانه خبیث و قال تعالی «وَ لا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ» (1) و هو مذهب السید المرتضی و ابن الجنید و ابن زهرة و سلار و أبی الصلاح، و اختاره ابن إدریس، و العلامة فی القواعد(2) ، و فخر الدین فی الشرح

ص:411


1- (1) سورة البقرة: 267.
2- (2) قواعد الاحکام 105/2.

و قال الشیخ هنا و فی المبسوط: یصح مطلقا(1). و قال فی النهایة(2): یصح مع النذر لا بدونه، و اختاره نجم الدین فی المختصر، و اختار فی الشرائع(3) عدم الصحة مطلقا.

و اعلم أنه علی القول بالصحة مع النذر یشترط أن یتعلق النذر بعبد معین کقوله:

للّه علی أن أعتق سالما مثلا. أما لو قال: للّه علی أن أعتق عبدا کافرا فإنه لا ینعتق قطعا لان تعلق الحکم علی الماهیة مقیدة بوصف یشعر بعلیة ذلک الوصف، فیصیر الکفر علة للعتق، و ذلک لا یجوز قطعا.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا أعتق کافر مسلما

ثبت له علیه الولاء، الا أنه لا یرثه ما دام کافرا، فإذا أسلم ورثه، و به قال جمیع الأمة إلا مالکا، فإنه قال: لا یثبت الولاء لکافر علی مسلم.

و منع ابن إدریس و نجم الدین و العلامة فی أکثر کتبه من عتق الکافر، لاشتراط نیة القربة، و فصل العلامة فی المختلف، و قال: ان کان الکفر باعتبار جهله باللّه تعالی، فالوجه ما قاله ابن إدریس، و ان کان باعتبار جحد النبوة أو بعض أصول الإسلام کالصلاة، فالوجه ما قاله الشیخ، و قواه الشهید فی شرح الإرشاد، و استقر به فی الدروس. و لا بأس به ان اعتقد أن العتق قربة الی اللّه و ان لم یستحق علیه ثوابا لکفره.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا أعتق عبدا سائبة

و هو الذی یقول له أنت حر سائبة لا ولاء لی علیک، کان صحیحا و لا یکون له علیه ولاء، و یکون ولائه للمسلمین.

و قال أبو حنیفة و الشافعی: یسقط قوله «سائبة» و لا یکون الولاء له.

ص:412


1- (1) المبسوط 70/6.
2- (2) النهایة ص 544.
3- (3) المختصر النافع ص 107.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 14 - قال الشیخ: لا یقع العتق الا بقوله أنت حر

مع القصد و النیة و لا یقع بشیء من الکنایات، کقوله أنت سائبة و لا سبیل علیک، نوی العتق أو لم ینو. و قال الفقهاء: إذا قال أنت حر وقع العتق. و ان لم ینو، و ان قال أنت سائبة أو لا سبیل لی علیک و کلما کان صریحا فی الطلاق، فهو کنایة فی العتق، فان نوی العتق عتق، و ان لم ینو لم یعتق.

و المعتمد وقوعه بلفظ التحریر و لفظ العتق أیضا، و هو مذهب العلامة و الشهید و ابن فهد، و لا بد من النیة و القصد.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا أعتق عن غیره عبدا باذنه

، وقع عن الاذن دون المعتق، سواء کان بعوض أو غیر عوض، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة:

ان کان بجعل مثل قولنا، و ان کان بغیر جعل وقع عن المباشر دون الاذن.

و المعتمد قول الشیخ هنا، و اختار ابن إدریس وقوعه عن الملک، و المشهور قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا أعتق عن غیره بغیر اذنه

، وقع عن المعتق دون المعتق عنه، و به قال الشافعی. و قال مالک: یکون عن المعتق عنه و یکون الولاء للمسلمین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 17 - قال الشیخ: لا یقع العتق بشرط و لا بیمین

، و خالف جمیع الفقهاء فی ذلک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا قال کل عبد أملکه فهو حر

، أو قال: ان ملکت هذا فهو حر، ثم ملک لم یعتق. و کذا لو قال: کل عبد تلده أمتی فهو حر ثم ولدت

ص:413

لم ینعتق، وافقنا الشافعی فی الاولی، و قال فی الثانیة علی وجهین. و قال أبو حنیفة:

ینعتق إذا ملک.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:414

کتاب المکاتب

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا دعی العبد سیده الی مکاتبته

، فالمستحب له أن یجیبه الی ذلک، و لیس بواجب علیه، سواء دعاه الی ذلک بقیمته أو بأقل أو بأکثر، و به قال مالک و الثوری و أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی. و قال عطاء و داود:

ان دعاه الی ذلک بقیمته أو أکثر وجب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 2 - قال الشیخ: لا تصح مکاتبة الصبی حتی یبلغ

، و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة: ان کان ممیزا صح و الا فلا.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: المراد بالخیر المذکور فی الآیة الامانة و الاکتساب

و به قال الشافعی و مالک. و قال ابن عباس و صاحباه مجاهد و عطاء: هو الامانة فقط و قال الثوری و الحسن البصری: المراد به الاکتساب فقط.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا عدم العبد الأمرین الامانة و الکسب

، کانت مکاتبة مکروهة.

ص:415

و المعتمد قول الشیخ هنا، و قوی فی المبسوط(1) مذهب ابن حنبل.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا کانت الکتابة مؤجلة

صحت إلی أجل واحد و الی أجلین، و بأن یقول کاتبتک الی عشر سنین یؤدی ذلک فی هذه المدة کان جائزا.

و قال الشافعی: کل ذلک باطل.

قال الشیخ: دلیلنا أن الأصل جوازه، و قولهم ان وقت الأداء مجهول لیس کذلک، لأنه إذا جعل هذه المدة مدة الأداء کانت معلومة، و أی وقت أدی فیه کان وقت الأداء، و اختار فی المبسوط مذهب الشافعی، و هو المشهور عند أصحابنا إذا جعل جمیع المدة ظرفا للأداء فیحصل الجهالة.

مسألة - 6 - قال الشیخ: تصح الکتابة حالة و مؤجلة

، و لیس الأجل شرطا فی صحتها، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: من شرط صحتها الأجل، و اختاره الشیخ فی المبسوط، و هو اختیار العلامة فی الإرشاد، و فی موضع من القواعد، و به قال الشهید، لان ما فی ید العبد لسیده، و انما تصح المعاملة علی المتوقف حصوله بالتکسب، فلا بد من الأجل، و اختار ابن إدریس مذهب الشیخ هنا، و هو اختیار العلامة فی موضع من القواعد و التحریر.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا کاتبه علی مال معلوم و نجوم معلومة، و قال:

إذا أدیت الی هذا المال فأنت حر و نوی بذلک العتق انعتق، و ان عدما أو أحدهما لم ینعتق، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: هو صریح فلا یفتقر إلی نیة و لا قول.

و قال الشیخ فی المبسوط: الذی یقتضیه مذهبنا أنه یفتقر إلی نیة و لا یحتاج الی القول(2) ، و اختاره نجم الدین و العلامة..(3) و فخر الدین و الشهید، فإنهما

ص:416


1- (1) المبسوط 73/6.
2- (2) المبسوط 74/6.
3- (3) بیاض فی الأصل.

رجحا مذهب الخلاف، لان لفظ الکتابة مشترک بین المراتب و بین الکتابة الشرعیة و لا دلالة للعام علی الخاص. و الجواب ان النیة کافیة فی صرف العام الی الخاص فیکون مذهب المبسوط أقوی، و مذهب الخلاف أحوط.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا کاتب ثلاثة أعبد له صفقة واحدة

علی نجمین إلی أجلین، فقال: إذا أدیتم ذلک فأنتم أحرار فقبلوا، صحت هذه الکتابة، و به قال أبو حنیفة و مالک.

و للشافعی فیها قولان: أحدهما مثل قولنا و هو المذهب، و الثانی یفسد العقد.

و المعتمد الصحة، و یقسط مال الکتابة علی قیمتهم یوم الکتابة، فمن أدی قسطه عتق.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا ثبت أن الکتابة صحیحة

، فإن کل واحد منهم مکاتب بحصته قیمته من المسمی، کأنه کاتبه بذلک مفردا عن غیره لا یتعلق به حکم غیره، فإن أدی ما علیه من مال الکتابة عتق، سواء عتق صاحباه أو لم یعتقا، و به قال عطاء و الشافعی علی قوله بصحة الکتابة.

و قال أبو حنیفة و مالک: العقد صحیح و یلزم الکتابة الجمیع، و کل واحد منهم کفیل ضامن عن صاحبه ما لزمه، فهم کالمکاتب الواحد، فإن أدی واحد ما یخصه فلا یعتق حتی یحصل الأداء عن الباقی، فإن أداه هو عنهما عتق و عتقا و کان له الرجوع علیهما.

و انفرد مالک بأن قال: فإن ألقی واحد منهم برده بأن قعد عن العمل و الاکتساب، نظرت فان کان قعوده مع القدرة علی الکسب یجبره الآخران علی التکسب، و ان کان عاجزا اکتسبا و أدیا ما علی الکل و عتقوا، و قال: فإن أعتق السید واحدا منهم، نظرت فان کان مکتسبا لم ینفذ عتقه، لان فیه ضرر علی صاحبیه، و ان لم یکن مکتسبا نفذ عتقه.

ص:417

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 10 - قال الشیخ: قد بینا أنه إذا کاتب الثلاثة مطلقا

، فلا یکون کل واحد کفیلا عن صاحبه، فأما ان وقع شرط بأن کل واحد کفیل ضامن فالشرط صحیح، و به قال أبو حنیفة و مالک. و قال الشافعی: الشرط باطل.

و المعتمد قول الشیخ، و ینعتقون فی الحال، لان الضمان ناقل فینتقل ما علی کل واحد إلی ذمة غیره و یبرأ هو، فینعتق فی الحال.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا کاتب عبده کتابة فاسدة

کانت فاسدة، سواء مات السید أو لم یمت.

و قال الشافعی: یکون جائزة من قبل السید ما دام حیا، فان مات انفسخت الکتابة. و قال أبو حنیفة: الکتابة لازمة و لا تبطل بموت السید.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 12 - قال الشیخ: إذا کان نفسان لکل واحد منهما حق علی صاحبه،

فان کان الحقان من جنسین مختلفین من الأثمان أو غیر الأثمان مما لا مثل له، فإنه لا یقع القصاص بینهما من غیر تراض بلا خلاف، و ان کان الحقان من جنس واحد من الأثمان، أو مما له مثل من غیرها، فإنه یقع التقاص بینهما من غیر تراض.

و للشافعی أربعة أقوال: أحدها مثل قولنا، و الثانی متی رضی أحدهما بذلک برءا معا، و الثالث لا یقع التقاص الا بتراضیهما، و الرابع لا یقع القصاص و ان تراضیا للنهی فی بیع الدین بالدین.

و المعتمد قول الشیخ، و هو تصریح المختلف و ظاهر الشرائع(1) و القواعد و التحریر، قال فی المختلف: ان کان المالان من جنس واحد تقاصا من غیر اختیارهما، و لا حاجة الی أن یقبض أحدهما ماله علی الآخر أو یقبضا معا، فان کانا من جنسین

ص:418


1- (1) شرائع الإسلام 127/3.

مختلفین، فلا بد من التراضی، فإذا رضی کل منهما بإسقاط حقه علی صاحبه عوضا عماله فی ذمته صح و سقط الحقان عنهما و برءا معا من غیر حاجة الی التقابض، لانه نوع من الإبراء، فلا یفتقر الی القبض(1). هذا أخر کلامه فی المختلف.

و هو صریح فی عدم اعتبار تراض(2) إذا اتحد الجنس.

و قال فی القواعد: و لو کان للمکاتب علی سیده مال من جنس تقاصا، و لو فضل لأحدهما شیء رجع صاحب الفضل، و لو اختلفا جنسا أو وصفا لم یجز التقاص الا برضاهما و معه یجوز، سواء تقابضا أو قبض أحدهما و دفعه الی الآخر عوضا فی ذمته، أو لم یتقابضا و لا أحدهما، و سواء کان المالان أثمانا أو عروضا أو بالتفریق و هذا حکم عام فی کل غریمین(3).

و مثله عبارة الشرائع و التحریر، و هذه العبارات تدل علی عدم جواز التراضی مع اتحاد الجنس، بدلیل قولهم و لو اختلفا جنسا أو وصفا لم یجز التقاص الا برضاهما، فدل علی ان مع الاتحاد جنسا و وصفا یحصل التقاص بدون رضاهما.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا کاتب السید عبده و العبد مجنون

کانت الکتابة فاسدة، فإن أدی مال الکتابة لم ینعتق.

و للشافعی فی صحة الکتابة قولان: أحدهما صحیحة، و الآخر فاسدة. فإن أدی مال الکتابة، فلا یختلفون أنه ینعتق، و هل لهما التراجع؟ علی ثلاث طرق فان عتق بالأداء عن الصحیحة فلا تراجع، و ان عتق بالأداء عن الفاسدة تراجعا و ان عتق بالأداء عن کتابة کوتب علیها و العبد مجنون فعلی طریقین.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:419


1- (1) مختلف الشیعة ص 92 کتاب العتق.
2- (2) کذا فی الأصل مع علامة «ظ» علی الکلمة.
3- (3) قواعد الأحکام 121/2.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا ثبت أن عبدا نصفه مکاتب و نصفه قن

، کان للعبد یوم و للسید یوم، و متی طلب أحدهما المهایأة فی ذلک أجبر الآخر علیه، و به قال أبو حنیفة.

و قال الشافعی: لا یجبر علی ذلک، بل یکون کسبه بینهما یوما فیوما، و هو اختیار العلامة فی القواعد، و فخر الدین فی الشرح، و هو المعتمد، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا کاتب عبده، ثم مات و خلف ابنین

و أبرأ أحد الابنین المکاتب من نصیبه، صح ذلک و لا یقوم علیه نصیب الأخر.

و قال أبو حنیفة: لا یصح الإبراء و لا العتق من أحدهما. و قال الشافعی: یصحان معا و ینعتق النصف، و هل یقوم علیه الباقی؟ علی قولین.

و افتی نجم الدین فی الشرائع بفتوی الشیخ هنا، و ظاهر العلامة فی القواعد و التحریر التفصیل، و هو عدم التقویم ان أبرأ من حصته من مال الکتابة و التقویم ان أعتق حصته، و لا بأس به، و هو ظاهر فخر الدین أیضا.

مسألة - 16 - قال الشیخ: الکتابة علی ضربین:

مشروطة و مطلقة، فالمشروطة أن یقول: کاتبتک علی کذا و کذا، فإذا أدیت مال الکتابة فأنت حر، و ان عجزت فأنت رد فی الرق، فهذا الضرب متی أدی بعض مال الکتابة لا ینعتق به شیء حتی یؤدی الجمیع، و ان عجز و لو عن درهم فهو رد فی الرق.

و المطلقة هو الذی یقول: کاتبتک علی کذا، فإذا أدیت فأنت حر و لم یقل فان عجزت فأنت رد فی الرق، فهذا متی أدی من مال الکتابة شیئا عتق بحسابه.

و قال الشافعی: ان أدی جمیع ما علیه العتق و ان أدی البعض لم ینعتق و لم یفصل، و به قال مالک و أبو حنیفة و أصحابه، و قال ابن مسعود: ان أدی قدر قیمته عتق و یؤدی الباقی بعد عتقه، و یتقدر الخلاف معه إذا کاتبه بأکثر من قیمته.

ص:420

و عن علی علیه السّلام روایتان: إحداهما ان أدی نصف ما علیه عتق کله، و طولب بعد عتقه بالباقی. و الثانیة یعتق منه بقدر ما أدی بالحصة، و هذا هو الذی یروونه أصحابنا عنه علیه السّلام. و قال شریح: ان أدی ثلث ما علیه عتق کله، و ادی الباقی بعد العتق.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 17 - قال الشیخ: الکتابة لازمة من جهة السید

، جائزة من جهة العبد، و معناه: ان له الامتناع، فإذا امتنع کان سیده بالخیار بین البقاء علی العقد و بین الفسخ، و به قال الشافعی.

و قال أبو حنیفة: هی لازمة من الطرفین، فان کان معه مال یجبره علی الأداء، و ان لم یکن معه مال، قال الشافعی: أجبره علی التکسب. و قال مالک: لا أجبره.

و المعتمد أنها لازمة من الطرفین، و یجبر علی الأداء ان کان معه مال، و الا أجبر علی التکسب مع القدرة علیه، و هذا هو المشهور عند متأخری الأصحاب.

و البحث انما هو فی المشروطة. أما المطلقة فلازمة قطعا، و استدل الشیخ هنا بإجماع الفرقة و أخبارهم علی أن المکاتب متی عجز کان لمولاه رده فی الرق، إذا کانت الکتابة مشروطة.

قلت: و الاخبار علی جواز الفسخ مع العجز و القادر علی الأداء أو التکسب فلیس بعاجز، فالدلیل لیس علی مطلوب الشیخ (ره).

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا مات المشروط و خلف ترکة

، فان کان فیها وفاء لما علیه أدی ما علیه و کان الباقی لورثته، و ان لم یکن فیها وفاء کان الباقی لمولاه، لان ذلک عجز عن الأداء، فإن کان له أولاد من مملوکة له، کان حکمهم حکمه، فإن وفا جمیعه علیه انعتقوا، و ان عجز کانوا ممالیک سید أبیهم.

و قال الشافعی: إذا مات المکاتب مطلق الکتابة و کان ما خلفه لسیده، سواء

ص:421

کان فیه وفاء أو لم یکن.

و قال أبو حنیفة: لا ینفسخ الکتابة بموته، فان لم یخلف وفاء لا ینفسخ الا بحکم الحاکم بالفسخ، و ان خلف وفاء عتق بآخر جزء من أجزاء حیاته و یؤدی عنه بعد وفاته، فان فضل فضل کان لوارثه المناسب، فان لم یکن وارث مناسب کان لسیده بالولاء.

و قال مالک: ان خلف ولدا حرا مثل قول الشافعی، و ان خلف ولدا مملوکا ولد له حال کتابته من أمة، أجبر علی الأداء ان کان ترکه، و الا أجبر علی التکسب لیؤدی و یعتق أبوه و یعتق هو بعتق أبیه.

و المعتمد بطلان کتابة المشروط بموته و کان ما خلفه لمولاه کما قاله الشافعی و أولاده عبید لمولاه، سواء خلف وفاء أو لم یخلف. و لو کان الأولاد من حرة، فهم أحرار. هذا هو المشهور عند متأخری أصحابنا. أما المطلق، فلا یبطل کتابته بموته بل ینعتق من أولاده بقدر ما تحرر من أبیهم، فإن خلف وفاء انعتق الجمیع و الا سعوا فی قدر الباقی.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا کاتبه علی مال یؤدیه فی نجوم معلومة

، فجاء بالجمیع فی نجم واحد لم یلزم السید أخذه.

و قال الشافعی: إذا لم یأخذه و لم یبرأه، أخذه الحاکم و أعتق العبد، ثم ساق المال الباقی فی النجوم المتقررة بینهما.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 20 - قال الشیخ: إذا اشتری المکاتب جاریة صح شراؤه

بلا خلاف و له وطؤها إذا أذن سیده فی ذلک، فأما بغیر اذنه فلا یجوز. و للشافعی مع الاذن قولان.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:422

مسألة - 21 - قال الشیخ: إذا کاتب عبده و کان علی السید زکاة

، وجب أن یعطیه شیئا من زکاته یحسب به من مال مکاتبته، و لو لم یجب علیه الزکاة کان ذلک مستحبا.

و قال الشافعی: الإیتاء واجب علیه و لم یفصل. و قال أبو حنیفة و أصحابه و مالک: هو مستحب غیر واجب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 22 - قال الشیخ: لولی المولی علیه من یقیم و غیره

أن یکاتب عبد المولی علیه إذا کان فی ذلک حظ المولی علیه.

و قال أبو حنیفة: له ذلک و لم یقید. و قال الشافعی: لیس له ذلک، سواء کان الولی أبا أو جدا أو وصیا. و اختاره الشیخ فی المبسوط(1).

و المعتمد قوله هنا، و هو اختیار نجم الدین، و العلامة و فخر الدین.

مسألة - 23 - قال الشیخ: إذا اختلف السید و المکاتب

اما فی مال الکتابة، أو فی المدة، أو فی النجوم، کان القول قول السید مع یمینه.

و قال الشافعی: یتحالفان و ینفسخ الکتابة ان کان ذلک قبل العتق، و ان کان بعد العتق کان علی المکاتب قیمة نفسه، لان رده فی الرق لا یمکن.

و المعتمد أن القول قول منکر زیادة المال و زیادة المدة.

مسألة - 24 - قال الشیخ: إذا کان له مکاتبان

، کاتبهما بقیمة واحدة فأدی أحدهما القائم، أشکل علیه عین المؤدی منهما، أقرع بینهما فمن خرجت قرعته حکم له بالأداء و بقی الآخر مکاتبا، فان مات أقرع بینهما.

و قال الشافعی: لا یقرع بینهما ما دام حیا، بل یلزم الذکر أبدا، فان مات هل

ص:423


1- (1) المبسوط 95/6.

یقرع؟ علی قولین. و اختار الشیخ فی المبسوط(1) أنه لا یقرع ما دام حیا لرجاء التذکر، فإذا مات أقرع، و اختاره نجم الدین فی الشرائع، و العلامة فی القواعد و اختار فی المختلف مذهب الشیخ هنا.

و المعتمد مذهب المبسوط، و توقف کتبهما حتی یتذکر أو یموت فیقرع، و مذهب الشیخ هنا قوی.

مسألة - 25 - قال الشیخ: إذا أدی أحدهما مال الکتابة و أشکل الأمر علیه

فادعیا علیه أنه یعلم عین من أدی، کان القول قوله مع یمینه، فإذا حلف أقرع بین المکاتبین، فمن خرجت له رقعة الأداء حکم بحریته.

و قال الشافعی: إذا حلف لهما کانا جمیعا علی الکتابة یوفی کل واحد منهما ألفا.

و المعتمد قول الشیخ هنا، جزم به نجم الدین فی الشرائع، و جزم فی الأولی بعدم القرعة ما دام حیا.

مسألة - 26 - قال الشیخ: یجوز أن یکاتب عبده علی العروض

من الحیوان و الثیاب بلا خلاف، و یجوز عندنا أن یکاتبه علی ثوب واحد إلی أجل واحد.

و قال الشافعی: لا یجوز الا علی ثوبین إلی أجلین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 27 - قال الشیخ: إذا کان عبد بین شریکین

، فکاتب أحدهما بأکثر من شریکه صح، و به قال مالک و أبو حنیفة. و للشافعی قولان: أحدهما یصح، و الآخر لا یصح.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 28 - قال الشیخ: إذا کاتب أحدهما بغیر اذن شریکه

صح أیضا،

ص:424


1- (1) المبسوط 96/6.

و به قال ابن أبی لیلی. و قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی: لا یصح.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 29 - قال الشیخ: إذا کاتب اثنان عبدا

صحت الکتابة، و لا یجوز له أن یخص أحدهما بمال الکتابة من دون إذن الآخر بلا خلاف، فان أذن أحدهما بذلک جاز.

و للشافعی فی صحة الإذن قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر لا یصح.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 30 - قال الشیخ: ولد المکاتبة من زوج أو زنا للشافعی فیه قولان:

أحدهما هو قن عبد لسیدها، و الآخر موقوف یعتق ان عتقت، و یسترق ان استرقت و الذی یقتضیه مذهبنا أن أولادها کهیئتها الا أن یکونوا من حر، فهم أحرار، و هذا هو المعتمد، و استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 31 - قال الشیخ: لا یجوز للرجل وطئ أمته التی کاتبها

، سواء کانت مطلقة أو مشروطة بلا خلاف، فان خالف و وطئها، فان کانت مشروطة فلا حد لحصول الشبهة، و ان کانت مطلقة قد أدت من کتابتها شیئا، کان علیه من الحد بقدر ما حرر منها.

و قال أبو حنیفة و مالک و الشافعی: لا حد علیه. و قال الحسن البصری: علیه الحد.

و المعتمد أنه لا حد مع حصول الشبهة و علیه المهر.

مسألة - 32 - قال الشیخ: یجوز بیع مال الکتابة

، فإذا أدی المکاتب المال انعتق علی سیده، و ان عجز رجع رقا الی سیده، و کان للمشتری الدرک بما اشتراه و به قال مالک الا أنه قال: إذا عجز رجع رقا للمشتری. و قال أبو حنیفة و الشافعی:

یجوز بیع ذلک.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:425

مسألة - 33 - قال الشیخ: لا یجوز بیع رقبة المکاتب

الا مع العجز عن الأداء إذا کان مشروطا، فان کان مطلقا و قد أدی البعض فلا طریق الی بیع رقبته بحال.

و قال أبو حنیفة و الشافعی فی الجدید: لا یجوز بیع رقبته بحال. و قال فی القدیم: یجوز و هو قول عطاء و النخعی و أحمد.

و المعتمد قول الشیخ، و هو جواز بیع المشروط مع العجز أما المطلق فلا یجوز بحال، سواء أدی شیئا أو لم یود، و یفک المطلق مع العجز من سهم الرقاب.

مسألة - 34 - قال الشیخ: إذا زوج الرجل بنته من مکاتبة

، ثم مات و ورثته بنته، لم یفسخ عقد النکاح بینهما، و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة: لا ینفسخ.

و المعتمد قول الشیخ.

ص:426

کتاب التدبیر

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا قال لعبده: إذا مت فأنت حر

أو عتیق أو محرر أو معتق کان صریحا، غیر أنه لا بد فیه من النیة، کما نقول فی صریح الطلاق و العتاق فان عری عن النیة لم یکن له حکم. و قال الفقهاء: ذلک صریح لا یحتاج إلی نیة.

و المعتمد أنه لا بد من نیة التدبیر، أما نیة القربة، ففیها خلاف بین أصحابنا.

و المعتمد أنها لا یشترط، لان التدبیر وصیة، و الوصیة لا یفتقر الی قربة.

مسألة - 2 - قال الشیخ: التدبیر بشرط لا یقع

، و کذا العتق و الطلاق. و قال جمیع الفقهاء: یصح ذلک.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 3 - قال الشیخ: التدبیر بصفة الوصیة یجوز له الرجوع فیه بالقول

بأن یقول: رجعت بهذا التدبیر.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا و هو الضعیف عندهم، و الآخر أنه عتق بصفة، فلا یصح الرجوع فیه، و به قال أبو حنیفة.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 4 - قال الشیخ: إذا دبر عبدا ثم أراد بیعه و التصرف فیه

کان له ذلک

ص:427

سواء کان مطلقا کقوله إذا مت فأنت حر، أو مقیدا کقوله ان مت فی سنتی هذه أو فی سفری هذا إذا نقض تدبیره، فان لم ینقض تدبیره لم یجز بیع رقبته، و انما یجوز له بیع خدمته مدة حیاته.

و قال الشافعی: یجوز بیعه علی کل حال. و قال أبو حنیفة: ان کان التدبیر مقیدا جاز التصرف فیه، و ان کان مطلقا لم یجز التصرف فیه بحال. و قال مالک:

لا یجوز بیع المدبر فی حیاة المدبر، فإذا مات فان کان علیه دین جاز بیعه، و ان لم یکن علیه دین و خرج من ثلثه عتق جمیعه و الا عتق ما یحتمله الثلث.

و المعتمد جواز بیعه و التصرف فیه، سواء نقض تدبیره أو لم ینقض، و یکون نفس البیع نقضا للتدبیر. و کذا سائر التصرفات، کالهبة و الوقف و الوصیة به للغیر و کل تصرف غایته نقل الملک.

مسألة - 5 - قال الشیخ: إذا دبره ثم وهبه

، کانت هبته رجوعا فی التدبیر، سواء أقبضه أو لم یقبضه، و به قال الشافعی ان أقبضه، و ان لم یقبضه فعلی طریقین.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 6 - قال الشیخ: إذا دبره ثم أوصی به لرجل

کان ذلک رجوعا، و للشافعی قولان إذا قال هو وصیة کان رجوعا، و إذا قال هو عتق نصفه لم یکن رجوعا و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 7 - قال الشیخ: إذا ارتد المدبر ارتدادا یستتاب

لم یبطل تدبیره، فان رجع الی الإسلام کان تدبیره باقیا بلا خلاف، و ان لحق بدار الحرب بطل تدبیره و قال الشافعی: لا یبطل تدبیره بلحوقه دار الحرب.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم، علی أن المدبر إذا أبق بطل تدبیره، و هذا قد أبق زیادة علی ارتداده.

مسألة - 8 - قال الشیخ: إذا أبق المدبر بطل تدبیره

، و قال جمیع الفقهاء

ص:428

لا یبطل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 9 - قال الشیخ: إذا ارتد المسلم ثم دبر مملوکا

، فان کان ممن یستتاب لم یزل ملکه عن ماله و صح تدبیره، و ان کان ممن لا یستتاب زال ملکه عن ماله و وجب قتله، فلا یصح تدبیره.

و للشافعی فی زوال ملکه ثلاثة أقوال: أحدها یزول ملکه، و الثانی لا یزول، و الثالث هو مراعی و له فی التصرف ثلاثة أقوال: أحدها صحیح، و الثانی باطل، و الثالث مراعی.

و المعتمد قول الشیخ، لانه لو زال ملکه لما رجع الیه بعد الإسلام.

مسألة - 10 - قال الشیخ: إذا ادعی المدبر علی سیده التدبیر و أنکر السید

لم یکن إنکاره رجوعا عن التدبیر.

و قال الشافعی: ان قلنا انه عتق نصفه لم یکن رجوعا، و ان قلنا وصیة فعلی قولین، و المذهب أنه لا یکون رجوعا، و یقال له ان شئت ارجع و أسقط الدعوی عن نفسک و الیمین.

و المعتمد قول الشیخ، فإن الإنکار لا یکون رجوعا فی شیء غیر الطلاق.

مسألة - 11 - قال الشیخ: إذا دبر مملوکه ثم کاتبه

، کان ذلک إبطالا لتدبیره و للشافعی قولان إذا قال انه وصیة مثل قولنا، و إذا قال انه عتق نصفه لا یبطل.

و قال ابن البراج و ابن الجنید: لا یبطل التدبیر بالکتابة، و اختاره الشهید و جزم العلامة فی القواعد(1) بالبطلان، و هو مذهبه فی المختلف(2) أیضا لأنهما متنافیان و کل فعل ینافی التدبیر فهو مبطل له.

ص:429


1- (1) قواعد الاحکام 113/2.
2- (2) مختلف الشیعة ص 87 کتاب العتق.

مسألة - 12 - قال الشیخ: للسید وطئ أمته المدبرة

بلا خلاف، فان حملت لم یبطل تدبیرها، فان مات سیدها عتقت من ثلثه، فان خلف غیرها قومت علی ولدها و انعتقت علیه، و ان لم یخلف غیرها انعتق ثلثها بالتدبیر و نصیب ولدها منها و یستسعی فیما بقی للورثة.

و قال الشافعی: یبطل تدبیرها، لان سبب عتقها أقوی من التدبیر، فإذا مات سیدها عتقت من صلب ماله.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة.

مسألة - 13 - قال الشیخ: إذا دبر أمته و حملت بمملوک بعد التدبیر

، کان الولد مدبرا کأمه ینعتق بموت السید، و لیس له نقض تدبیره، و انما له نقض تدبیر الام فحسب.

و للشافعی قولان: أحدهما یکون الولد مدبرا یجری علیه ما یجری علیها، و له فسخ التدبیر فیه کما له فسخ التدبیر فیها، و به قال أبو حنیفة و مالک و أحمد، و هو المعتمد عند متأخری أصحابنا.

و القول الثانی للشافعی ان الولد قن لا یلحق أمه بالتدبیر، و هو ضعیف عندهم.

مسألة - 14 - قال الشیخ: إذا دبرها و هی حامل بمملوک

، لم یدخل الولد فی التدبیر. و قال الشافعی: یدخل فیه قولا واحدا.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 15 - قال الشیخ: إذا کان عبد بین شریکین، فدبر أحدهما نصیبه،

لم یقم علیه نصیب شریکه.

و للشافعی قولان: أحدهما لا یقوم، و الآخر یقوم.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 16 - قال الشیخ: إذا کان بینهما عبد، فدبر أحدهما نصیبه

و أعتق

ص:430

الآخر نصیبه، لم یقوم علیه هذا النصف المدبر.

و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الآخر یقوم و هو المعتمد.

مسألة - 17 - قال الشیخ: إذا کان لإنسان مملوک فدبر نصفه

، کان صحیحا و لا یسری الی النصف الأخر، و هو منصوص الشافعی. و قال أصحابه: فیه قول آخر انه یسری.

و المعتمد قول الشیخ.

مسألة - 18 - قال الشیخ: إذا دبر ممالیکا جماعة واحدا بعد واحد

، بعضهم فی مرضه و بعضهم فی صحته، و أوصی بعتق عبد آخر، فان خرجوا من الثلث عتقوا کلهم، و ان لم یخرجوا بدئ بالأول فالأول، و یسقط الآخر إذا استوفی الثلث فان اشتبه الحال فیه و لا یدری بمن بدئ أقرع بینهم الی تمام الثلث.

و قال الشافعی: ان خرجوا من الثلث عتقوا کما قلناه، و ان لم یخرجوا من الثلث أقرع بینهم، و لا یقدم واحد منهم علی صاحبه و ان علم أنه بدأ به أولا کالوصیة عنده.

و المعتمد قول الشیخ، لان التدبیر کالوصیة، و الوصیة عندنا یقدم الأول فالأول.

مسألة - 19 - قال الشیخ: إذا دبر الکافر عبده فأسلم العبد

، فان رجع فی تدبیره بیع علیه بلا خلاف، و ان لم یرجع بیع علیه أیضا. و للشافعی قولان: أحدهما مثل قولنا، و الثانی لا یباع علیه.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

مسألة - 20 - قال الشیخ: تدبیر الصبی و وصیته إذا لم یکن ممیزا

باطل بلا خلاف، فان کان مراهقا ممیزا عاقلا کانا صحیحین، وحده أصحابنا إذا بلغ عشر سنین فصاعدا.

و للشافعی قولان: أحدهما یصح مثل ما قلناه، غیر أنه لم یحده سنة. و الثانی لا یصح، و هذا هو المعتمد، و هو المشهور عند أصحابنا، و هو قول أبی حنیفة

ص:431

و مالک، و استدل الشیخ بإجماع الفرقة علی صحة وصیته، قال: و التدبیر وصیة.

مسألة - 21 - قال الشیخ: المدبر یعتبر من الثلث

، و به قال جمیع الفقهاء.

و قال داود و سعد بن جبیر: یعتبر من الأصل.

و المعتمد قول الشیخ، و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم.

ص:432

کتاب أمهات الأولاد

مسألة - 1 - قال الشیخ: إذا استولد الرجل أمة فی ملکه

، ثبت لها حرمة الاستیلاد، و لا یجوز بیعها ما دامت حاملا فإذا ولدت لم یزل الملک عنها، و لا یجوز بیعها ما دام ولدها حیا إلا فی ثمن رقبتها، فان مات جاز بیعها علی کل حال، فان مات سیدها جعلت فی نصیب ولدها و عتقت علیه، و ان لم یخلف غیرها عتق منها نصیب ولدها وسعت بالباقی لباقی الورثة و به قال أمیر المؤمنین و ابن عباس و ابن مسعود.

و قال أبو حنیفة و الشافعی و مالک: لا یجوز بیعها و لا التصرف برقبتها بوجه و یعتق بوفاة سیدها.

و المعتمد قول الشیخ و استدل بإجماع الفرقة و أخبارهم علی جواز بیعها بعد موت ولدها، و الاخبار الواردة بعدم البیع محمولة علی عدم موت الولد.

مسألة - 2 - قال الشیخ: إذا استولد الذمی أمة ثم أسلمت

، لا تقر فی یده و لا یمکن من وطئها و استخدامها، و تکون عند امرأة مسلمة یتولی القیام بحالها، و یؤمر بالإنفاق علیها ما دام ولدها باقیا، فإذا مات الولد قومت و أعطی ثمنها، و ان مات هو قومت علی ولدها علی ما قلناه.

ص:433

و قال الشافعی یؤمر بالإنفاق علیها، فإذا مات عتقت بموته. و قال مالک:

یعتق علیه بإسلامها.

و قال أبو حنیفة و الثوری: یقوم و تسعی فی قیمتها. و قال أبو یوسف و محمد:

یعتق ثم تسعی فی قیمتها. و قال الأوزاعی: یعتق و یسقط عنها نصف القیمة و تسعی بالنصف الأخر.

و المعتمد أنها تباع علیه، و هو مذهب الشیخ فی المبسوط(1) ، و اختاره ابن إدریس، و نجم الدین فی الشرائع(2) ، و العلامة فی التحریر(3) ، و الشهید فی شرح الإرشاد، لوجوب انتفاء سبیل الکافر علی المؤمن، و هو لا ینتفی إلا بالبیع، و اختار العلامة فی المختلف(4) ، و فخر الدین فی الإیضاح(5) مذهب أبی حنیفة، و هو أنها تسعی بقیمتها.

مسألة - 3 - قال الشیخ: إذا نکح الرجل أمة غیره و أولدها ولدا

، کان حرا تابعا له، فان شرط الرق کان مملوکا، فان ملکها و ملک الولد بعد ذلک عتق الولد علیه بحق النسب، و تکون هی أم ولده.

و قال الشافعی: الولد یکون رقا علی کل حال، و إذا ملکه لم یعتق علیه و لا یصیر أم ولده، سواء کان ذلک قبل انفصال الولد أو بعده.

و قال مالک: ان ملکها قبل انفصال الولد عتق علیه، و سری حکم الحریة إلی الأم، فیصیر أم ولده و لا یجوز التصرف فیها، و ان ملکها بعد انفصال الولد، لم

ص:434


1- (1) المبسوط 188/6.
2- (2) شرائع الإسلام 138/3.
3- (3) تحریر الاحکام 96/2.
4- (4) مختلف الشیعة ص 95.
5- (5) الإیضاح 634/3.

یثبت لها حریة الاستیلاد.

و قال أبو حنیفة: یثبت لها حرمة الاستیلاد بکل حال.

و المعتمد أنه لا یثبت لها حرمة الاستیلاد إلا إذا علقت منه بملکه، أما إذا علقت منه بملک غیره فلا، فان شرط رق الولد ثم ملکه بعد ذلک عتق علیه و لا تصیر أمه إذا ملکها أم ولد، هذا هو المحقق عند متأخری أصحابنا.

تم تلخیص الخلاف و خلاصة الاختلاف و الحمد للّه رب العالمین، و کان الفراغ من تسویده الیوم السابع عشر من جمادی الآخر سنة ثلاث و ستین و ثمانمائة هلالیة هجریة، کتبه ملخصه الفقیر الی اللّه الغنی مفلح بن حسن بن رشید بن صلاح الصیمری، حامدا للّه و مصلیا علی رسوله، و علی آله و ذریته الأکرمین المعصومین.

و جاء فی آخر نسخة الأصل: قد اتفق کتابته علی ید الخاطئ الجانی محمد هادی الحسینی، و وقع الفراغ منه فی شهر محرم الحرام من شهور تسعین و مائة بعد الالف من الهجرة سنة 1190.

و تم بحمد اللّه و منه و توفیقه تحقیق الکتاب و تصحیحه و مقابلته مع النسخة الفریدة المخطوطة و قد کانت النسخة سقیمة جدا، فصححتها حسب الوسع و الطاقة مع تشتت البال و اختلال الحواس لشدة الفتن النازلة لا سمح اللّه المسلمین بمثلها و کان الفراغ منه فی الیوم الخامس من شهر شوال المکرم سنة ألف و أربعمائة و ثمان هجریة فی مشهد مولانا و مولی الکونین الامام علی بن موسی الرضا علیه آلاف التحیة و الثناء، علی ید العبد الفقیر المحتاج الی عفو ربه السید مهدی الرجائی.

ص:435

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.