مرآة العقول المجلد 6

اشارة

سرشناسه : مجلسي، محمد باقربن محمدتقي، 1037 - 1111ق.

عنوان قراردادي : الكافي .شرح

عنوان و نام پديدآور : مرآه العقول في شرح اخبار آل الرسول عليهم السلام/ محمدباقر المجلسي. مع بيانات نافعه لاحاديث الكافي من الوافي/ محسن الفيض الكاشاني؛ التحقيق بهراد الجعفري.

مشخصات نشر : تهران: دارالكتب الاسلاميه، 1389-

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : 100000 ريال: دوره 978-964-440-476-4 :

وضعيت فهرست نويسي : فيپا

يادداشت : عربي.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : كليني، محمد بن يعقوب - 329ق. . الكافي -- نقد و تفسير

موضوع : احاديث شيعه -- قرن 4ق.

موضوع : احاديث شيعه -- قرن 11ق.

شناسه افزوده : فيض كاشاني، محمد بن شاه مرتضي، 1006-1091ق.

شناسه افزوده : جعفري، بهراد، 1345 -

شناسه افزوده : كليني، محمد بن يعقوب - 329ق. . الكافي. شرح

رده بندي كنگره : BP129/ك8ك20217 1389

رده بندي ديويي : 297/212

شماره كتابشناسي ملي : 2083739

ص:1

اشارة

بَابُ مَوْلِدِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وُلِدَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَ ثَلَاثِينَ وَ قُبِضَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ

[تتمة كتاب الحجة]

[تتمة أبواب التاريخ]

باب مولد علي بن الحسين عليهما السلام

اشارة

قال المفيد قدس الله روحه في الإرشاد: الإمام بعد الحسين بن علي عليهما السلام ابنه أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام و كان يكنى أيضا بأبي الحسن و أمه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار كسرى، و يقال: أن اسمها شهربانو، و كان أمير- المؤمنين عليه السلام ولى حريث بن جابر جانبا من المشرق فبعث إليه بنتي يزد جرد بن شهريار فنحل ابنه الحسين شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين عليه السلام، و نحل الأخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد بن أبي بكر، فهما ابنا خالة.

و كان مولد علي بن الحسين عليه السلام بالمدينة سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة، فبقي مع جده أمير المؤمنين عليه السلام سنتين، و مع عمه الحسن عليه السلام اثنتي عشرة سنة، و مع أبيه الحسين ثلاث و عشرين سنة، و بعد أبيه أربعا و ثلاثين سنة، و توفي بالمدينة سنة خمس و تسعين من الهجرة، و له يومئذ سبع و خمسون سنة و كانت إمامته أربعا و ثلاثين سنة، و دفن بالبقيع مع عمه الحسن بن علي عليه السلام.

و قال الإربلي (ره) في كشف الغمة: ولد عليه السلام بالمدينة في الخميس الخامس من شعبان من سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة في أيام جده أمير المؤمنين عليه السلام قبل وفاته بسنتين، و أمه أم ولد اسمها غزالة، و قيل: بل كان اسمها شاه زنان بنت يزدجرد و قيل غير ذلك، و قال الحافظ عبد العزيز: أمه يقال لها سلامة، و قال إبراهيم بن إسحاق

ص: 1

وَ لَهُ سَبْعٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً وَ أُمُّهُ سَلَامَةُ بِنْتُ يَزْدَجَرْدَ بْنِ شَهْرِيَارَ بْنِ شِيرَوَيْهِ بْنِ كِسْرَى أَبَرْوِيزَ وَ كَانَ يَزْدَجَرْدُ آخِرَ مُلُوكِ الْفُرْسِ

أمه غزالة أم ولد.

و في كتاب مواليد أهل البيت رواية ابن الخشاب النحوي بالإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ولد علي بن الحسين عليه السلام في سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة قبل وفاة علي بن أبي طالب بسنتين، و أقام مع أمير المؤمنين سنتين، و مع أبي محمد الحسن عليه السلام عشر سنين، و مع أبي عبد الله الحسين عليه السلام عشر سنين، و كان عمره سبعا و خمسين سنة، و في رواية أخرى أنه ولد سنة سبع و ثلاثين و قبض و هو ابن سبع و خمسين سنة في سنة أربع و تسعين، و كان بقائه بعد أبي عبد الله عليه السلام ثلاثا و ثلاثين سنة، و يقال: في سنة خمس و تسعين.

أمه خولة بنت يزدجرد ملك فارس و هي التي سماها أمير المؤمنين شاه زنان، و يقال: كان اسمها شهربانو بنت يزدجرد، انتهى.

و قال الشيخ برد الله مضجعه في المصباح: في النصف من جمادى الأولى سنة ست و ثلاثين كان مولد أبي محمد علي بن الحسين عليه السلام و نحوه قال المفيد (ره) في كتاب حدائق الرياض.

و قال الطبرسي طاب ثراه في إعلام الورى: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الجمعة و يقال يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة، و قيل: لتسع خلون من شعبان سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة، و قيل: سنة ست و ثلاثين، و قيل: سنة سبع و ثلاثين و اسم أمه شاه زنان، و قيل: شهربانويه، و قال في العدد القوية: قال المبرد كان اسم أم علي بن الحسين عليه السلام سلامة من ولد يزدجرد معروفة النسب من خيرات النساء، و قيل:

خولة.

و قال الشهيد روح الله روحه في الدروس: ولد بالمدينة يوم الأحد خامس شعبان سنة ثمان و ثلاثين، و قبض بها يوم السبت ثاني عشر المحرم سنة خمس و تسعين عن

ص: 2

1 الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَسَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ جَمِيعاً

سبع و خمسين سنة، و أمه شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى أبرويز، و قيل: ابنة يزدجرد.

و قال ابن شهرآشوب قدس سره: مولده عليه السلام بالمدينة يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة، و يقال: يوم الخميس لتسع خلون من شعبان سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة قبل وفاة أمير المؤمنين عليه السلام بسنتين، و قيل: سنة سبع، و قيل: سنة ست، و توفي بالمدينة يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم، أو لاثنتي عشرة ليلة سنة خمس و تسعين من الهجرة، و له يومئذ سبع و خمسون سنة، و يقال: تسع و خمسون سنة، و يقال: أربع و خمسون سنة، و كانت إمامته أربعا و ثلاثين سنة، و كان في سني إمامته بقية ملك يزيد، و ملك معاوية بن يزيد و ملك مروان و عبد الملك، و توفي في ملك الوليد، و دفن في البقيع مع عمه الحسن عليه السلام.

و قال أبو جعفر بن بابويه: سمه الوليد بن عبد الملك و أمه شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار الكسرى، و يسمونها أيضا بشاه زنان و جهان بانويه، و سلامة، و خولة و قالوا: هي شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى أبرويز، و يقال: هي برة بنت النوشجان، و الصحيح هو الأول، و كان أمير المؤمنين عليه السلام سماها فاطمة، و كانت تدعي سيدة النساء، انتهى.

و قال حمد الله المستوفي: ذهب علماء الشيعة إلى أن الوليد بن عبد الملك بن مروان سمه عليه السلام.

الحديث الأول

: ضعيف، و آخره مرسل.

و في البصائر: لما قدم بابنة يزدجرد آخر ملوك الفرس و هو ابن شهريار بن أبرويز هرمز بن أنوشيروان" أشرف لها عذارى المدينة" أي صعدت الأبكار السطوح و نحوها للنظر إليها، و قيل: إشراق المسجد بضوئها كناية عن ابتهاج أهل المسجد برؤيتها و تعجبهم من صورتها و صباحتها، انتهى.

ص: 3

عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ لَمَّا أُقْدِمَتْ بِنْتُ يَزْدَجَرْدَ عَلَى عُمَرَ أَشْرَفَ لَهَا عَذَارَى الْمَدِينَةِ وَ أَشْرَقَ الْمَسْجِدُ بِضَوْئِهَا لَمَّا دَخَلَتْهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا عُمَرُ غَطَّتْ وَجْهَهَا وَ قَالَتْ أُفٍّ بِيرُوجْ بَادَا هُرْمُزْ فَقَالَ عُمَرُ أَ تَشْتِمُنِي هَذِهِ وَ هَمَّ بِهَا فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ خَيِّرْهَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ احْسُبْهَا بِفَيْئِهِ فَخَيَّرَهَا فَجَاءَتْ حَتَّى وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا اسْمُكِ فَقَالَتْ جَهَانْ شَاهُ فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بَلْ

" فلما نظر إليها" كان نظره كان بقصد التصرف و الاصطفاء، و فهمته فقالت:" أف بيروج بادا هرمز" و هرمز لقب بعض أجدادها من ملوك الفرس، و أف كلمة تضجر، و بيروج معرب بى روز، أي أسود يوم هرمز و أساء الدهر إليه، و انقلب الزمان عليه حيث صارت أولاده أسارى تحت حكم مثل هذا، و قيل: دعاء على أبيها الهرمز يعني لا كان لهرمز يوم، فإن ابنته أسرت بصغر و نظر إليها الرجال، و في بعض نسخ البصائر: أف بيروز بادا هرمز.

" و هم بها" أي أراد إيذاءها أو اصطفاءها و أن يأخذ لنفسه" بفيئة" أي بحصته من الغنيمة" بل شهربانويه" لعله عليه السلام غير اسمها للسنة أو لأنه من أسماء الله تعالى لما ورد في الخبر في النهي عن اللعب بالشطرنج أنه يقول: مات شاهه و قتل شاهه و الله شاهه ما مات و ما قتل، أو أنه أخبر عليه السلام أنه ليس اسمه جهانشاه بل اسمه شهربانويه، و إنما غيرته للمصلحة كما يدل عليه ما رواه صاحب العدد القوية حيث قال: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما اسمك؟ فقالت: شاه زنان بنت كسرى، قال عليه السلام أنت شهربانويه و أختك مرواريد بنت كسرى، قالت آريه، انتهى.

و قيل: المراد أنه لم ينبغ هذا الاسم لك بل كان ينبغي تسميتك بشهربانويه، و هذا لا يدل على أنه عليه السلام سماه شهربانويه، فلا ينافي ما مر من أنه كان اسمها سلامة، انتهى.

ص: 4

شَهْرَبَانُوَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلْحُسَيْنِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَتَلِدَنَّ لَكَ مِنْهَا خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ فَوَلَدَتْ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع وَ كَانَ يُقَالُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع- ابْنُ

" لتلدن لك" كأنه تم الكلام، و قوله: منها خير أهل الأرض، جملة أخرى، و لم يذكر المفعول به في الأولى لدلالة الجملة الثانية عليه، و في بعض نسخ البصائر:

ليولدن لك منها غلام خير أهل الأرض، و في بعضها ليلدن لك منها غلام، إشارة أن أولاده يحصل من ولد هو خير أهل الأرض، و عبارة الكتاب أيضا يحتمل ذلك.

و روى الراوندي (ره) في الخرائج عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قدمت ابنة يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس و خاتمتهم على عمر، و أدخلت المدينة استشرفت لها عذارى المدينة و أشرق المجلس بضوء وجهها، و رأت عمر فقالت: امروزان، فغضب عمر و قال: شتمتني هذه العلجة و همَّ بها فقال له علي عليه السلام: ليس لك إنكار على ما لا تعلمه، فأمر أن ينادي عليها فقال أمير المؤمنين: لا يجوز بيع بنات الملوك و إن كن كافرات، و لكن أعرض عليها أن تختار رجلا من المسلمين حتى تزوج منه و تحسب صداقها عليه عن عطائه من بيت المال يقوم مقام الثمن، فقال عمر: أفعل و عرض عليها أن تختار، فجاءت فوضعت يدها على منكب الحسين عليه السلام فقال: چه نام دارى اى كنيزك؟ يعني ما اسمك يا صبية قالت: جهانشاه، فقال: شهربانويه، قالت: تلك أختي؟ قال: راست گفتى، أي صدقت، ثم التفت إلى الحسين فقال: احتفظ بها و أحسن إليها فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك، و هي أم الأوصياء الذرية الطيبة، فولدت علي بن الحسين زين العابدين، و يروي أنها ماتت في نفاسها به.

و إنما اختارت الحسين لأنها رأت فاطمة و أسلمت قبل أن يأخذها عسكر المسلمين، و لها قصة و هي: أنها قالت: رأيت في المنام قبل ورود عسكر المسلمين كان محمد رسول الله صلى الله عليه و آله دخل دارنا و قعد مع الحسين و خطبني له و زوجني منه، فلما

ص: 5

أصبحت كان ذلك يؤثر في قلبي و ما كان لي خاطر غير هذا، فلما كان في الليلة الثانية رأيت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله قد أتتني و عرضت على الإسلام فأسلمت، ثم قالت:

إن الغلبة تكون للمسلمين و إنك تصلبن عن قريب إلى ابني الحسين سالمة لا يصيبك بسوء أحد، قالت: و كان من الحال إني خرجت من المدينة ما مس يدي إنسان.

و روى الصدوق في العيون عن سهل بن القاسم النوشجاني قال: قال لي الرضا عليه السلام بخراسان: إن بيننا و بينكم نسب، قلت: و ما هو أيها الأمير؟ قال: إن عبد الله بن عامر بن كريز لما افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الأعاجم، فبعث بهما إلى عثمان بن عفان، فوهب إحداهما للحسن و الأخرى للحسين عليهما السلام فماتتا عندهما نفساوين، و كانت صاحبة الحسين عليه السلام نفست بعلي بن الحسين عليه السلام فكفل عليا عليه السلام بعض أمهات ولد أبيه، فنشأ و هو لا يعرف أما غيرها، ثم علم أنها مولاته و كان الناس يسمونها أمه و زعموا أنه زوج أمه و معاذ الله إنما زوج هذه على ما ذكرناه، و كان سبب ذلك أنه واقع بعض نسائه ثم خرج يغتسل فلقيته أمه هذه، فقال لها: إن كان في نفسك من هذا الأمر شي ء فاتقي الله و أعلميني، فقالت: نعم فزوجها، فقال ناس: زوج علي بن الحسين عليهما السلام أمه.

و أقول: هذا الخبر أقرب إلى الصواب إذ أسر أولاد يزدجرد الظاهر أنه كان بعد قتله و استئصاله، و ذلك كان في زمن عثمان، و إن كان فتح أكثر بلاده في زمن عمر إلا أنه هرب بعياله إلى خراسان، و إن أمكن أن يكون بعد فتح القادسية أو نهاوند أخذ بعض أولاده هناك لكنه بعيد.

و أيضا لا ريب أن تولد علي بن الحسين عليه السلام منها كان في أيام خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بل بسنتين قبل شهادته عليه السلام و لم يولد منها غيره كما نقل، و كون الزواج في زمن عمر و عدم تولد ولد إلا بعد أكثر من عشرين سنة بعيد، و لا يبعد أن يكون عمر تصحيف عثمان في رواية المتن، و الله يعلم.

ص: 6

الْخِيَرَتَيْنِ فَخِيَرَةُ اللَّهِ مِنَ الْعَرَبِ هَاشِمٌ وَ مِنَ الْعَجَمِ فَارِسُ

وَ رُوِيَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ قَالَ فِيهِ-

وَ إِنَّ غُلَاماً بَيْنَ كِسْرَى وَ هَاشِمٍ- لَأَكْرَمُ مَنْ نِيطَتْ عَلَيْهِ التَّمَائِمُ

و هاشم اسم للقبيلة المعروفة المنتسبة إلى هاشم بن عبد مناف، و الفارس بكسر الراء الفرس و هم قبيلة عظيمة و لهم بلاد كثيرة، و العجم أعم منهم لأنه يتناول الترك و الهند و الروم و نحوهم ممن ليس من العرب.

في معجم البلدان: كان أرض فارس قديما قبل الإسلام ما بين نهر بلخ إلى منقطع آذربيجان و أرمنية الفارسية إلى الفرات إلى برية العرب إلى عمان و مكران و إلى كابل و طخارستان و هذا صفوة الأرض و أعدلها فيما زعموا، انتهى.

و أبو الأسود هو واضع علم النحو، قال في المغرب قال أبو حاتم: سمعت الأخفش يقول: الدؤل بضم الدال و كسر الواو المهموزة دويبة صغيرة شبيهة بابن عرس، قال:

و لم أسمع بفعل في الأسماء و الصفات غيره، و به سميت قبيلة أبي الأسود الدئلي، و إنما فتحت الهمزة استثقالا للكسرة، مع يائي النسب كالنمري في النمر، انتهى.

و في القاموس كسرى و يفتح ملك الفرس معرب خسرو، أي واسع الملك، و قال:

ناط نوطا علقه، انتهى.

و التمائم جمع تميمة و هي خرزات كانت الأعراب تعلقونها على أولادهم يتقون بها العين بزعمهم، قال القتيبي: و بعضهم يتوهم أن المعاذات هي التمائم و ليس كذلك إنما التميمة الخرزة و قد وقع النهي عنها، و أما المعاذات فلا بأس بها إذا كتب فيها القرآن أو أسماء الله تعالى، قال الأزهري: و من جعل التمائم سيورا فغير مصيب، و أما قول الفرزدق:

و كيف يضل العنبري ببلدة بها قطعت عنه سيور التمائم

فإنه أضاف السيور إليها لأنها لا تثقب، و تجعل فيها سيور أو خيوط تعلق بها انتهى.

ص: 7

2 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع نَاقَةٌ حَجَّ عَلَيْهَا اثْنَتَيْنِ وَ عِشْرِينَ حَجَّةً مَا قَرَعَهَا قَرْعَةً قَطُّ قَالَ فَجَاءَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ مَا شَعَرْنَا بِهَا إِلَّا وَ قَدْ جَاءَنِي بَعْضُ خَدَمِنَا أَوْ بَعْضُ الْمَوَالِي فَقَالَ إِنَّ النَّاقَةَ قَدْ خَرَجَتْ فَأَتَتْ قَبْرَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَانْبَرَكَتْ عَلَيْهِ فَدَلَكَتْ بِجِرَانِهَا الْقَبْرَ وَ هِيَ تَرْغُو فَقُلْتُ أَدْرِكُوهَا أَدْرِكُوهَا وَ جِيئُونِي بِهَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِهَا أَوْ يَرَوْهَا قَالَ وَ مَا كَانَتْ رَأَتِ الْقَبْرَ قَطُّ

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع

و الغرض هنا إما التعميم لكل أحد أي خير من كل مولود، إذ كل مولود تعلق عليه التميمة أو للأشراف لأنها تعلق عليهم للاعتناء بشأنهم.

الحديث الثاني

: موثق كالصحيح.

" ما قرعها" أي ما ضربها" أو بعض الموالي" الشك من الراوي، و الإبراك هنا البروك و في البصائر: فبركت عليه و هو أظهر، قال في الصحاح: برك البعير يبرك بروكا أي استناخ، و أبركته أنا فبرك، و البرك المصدر و ابترك الرجل أي ألقى بركة، و قال:

جران البعير مقدم عنقه إلى منحره، و قال: الرغاء صوت ذوات الخف و قد رغى البعير يرغو رغاء إذا ضج، و في أكثر نسخ البصائر فقلت: أدركوها فجاءوني بها.

قوله عليه السلام: أو يروها، للترديد، و شك الراوي بعيد، إنما أمر عليه السلام بذلك تقية لأن ظهور المعجزات منهم كان يصير سببا لشدة عداوتهم و اهتمامهم في دفعهم و إطفاء نورهم، و في بعض الروايات عدد الحج أربعون، فيمكن أن يكون المراد الحج و العمرة معا تغليبا.

الحديث الثالث

: مرسل.

و تمرغت الدابة في التراب تقلب، و يقال: مرغ رأسه بالعصا أي ضربه.

ص: 8

جَاءَتْ نَاقَةٌ لَهُ مِنَ الرَّعْيِ حَتَّى ضَرَبَتْ بِجِرَانِهَا عَلَى الْقَبْرِ وَ تَمَرَّغَتْ عَلَيْهِ فَأَمَرْتُ بِهَا فَرُدَّتْ إِلَى مَرْعَاهَا وَ إِنَّ أَبِي ع كَانَ يَحُجُّ عَلَيْهَا وَ يَعْتَمِرُ وَ لَمْ يَقْرَعْهَا قَرْعَةً قَطُّ

ابْنُ بَابَوَيْهِ

أقول: بعد قوله: قط، في نسخ الكتاب: ابن بابويه، و في سائر الكتب انتهى الحديث عند قوله قط، و ليس وقوع ابن بابويه في هذا الموضع معهودا و لذا اختلفت كلمة الناظرين في هذا الكتاب في حله على وجوه: الأول: ما أفاده الوالد العلامة و هو أنه متعلق بالحديث الآتي و إشارة إلى أن هذا الحديث كان في نسخة الصدوق محمد بن بابويه (ره) إذ تبين بالتتبع أن النسخ التي رواها تلامذة الكليني بواسطة و بدونها كانت مختلفة، فعرض الأفاضل المتأخرون عن عصرهم تلك النسخ بعضها على بعض فما كان فيها من اختلاف أشاروا إليه كما مر مرارا، و سيأتي في عرض الكتاب في نسخة الصفواني، و في رواية النعماني كذا، و لعله كان من تلك النسخ نسخة الصدوق فإنه كان في عصر الكليني رحمه الله عليهما، لكنه يروي عنه بواسطة لأنه لم يلقه أو لم يقرأ عليه، فالمعنى أن الخبر الآتي و الماضي كان في رواية الصدوق و لم يكن في سائر الروايات.

الثاني: أن يكون المراد بابن بابويه علي بن بابويه و هو كان معاصرا للكليني و ماتا في سنة واحدة، فيمكن روايته عن الكليني و رواية الكليني عنه، و أقول: رواية الكليني عنه في غاية البعد، و أيضا إذا كان كذلك كان ينبغي توسط من بينه و بين الحسين نعم يمكن أن يكون إشارة إلى كون الرواية في كتاب علي فيرجع إلى الوجه الأول.

الثالث: ما ذكره صاحب الوافي أنه متعلق بالخبر السابق، و أين بمعنى المكان و بابويه أي بوالده، يعني أني لا أجد بمثل أبويه، فيكون المراد بها أنه لا يوجد مثل أبويه في الشرف، و بهذا كان كذلك.

ص: 9

4 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عُمَارَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ لَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي وُعِدَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع قَالَ لِمُحَمَّدٍ ع يَا بُنَيَّ ابْغِنِي وَضُوءاً- قَالَ فَقُمْتُ فَجِئْتُهُ بِوَضُوءٍ قَالَ لَا أَبْغِي هَذَا فَإِنَّ فِيهِ شَيْئاً مَيِّتاً قَالَ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ بِالْمِصْبَاحِ فَإِذَا فِيهِ فَأْرَةٌ مَيْتَةٌ فَجِئْتُهُ بِوَضُوءٍ غَيْرِهِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدْتُهَا فَأَوْصَى بِنَاقَتِهِ أَنْ يُحْظَرَ لَهَا حِظَارٌ وَ أَنْ يُقَامَ لَهَا عَلَفٌ فَجُعِلَتْ فِيهِ قَالَ فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ خَرَجَتْ حَتَّى أَتَتِ الْقَبْرَ فَضَرَبَتْ بِجِرَانِهَا وَ رَغَتْ وَ هَمَلَتْ عَيْنَاهَا فَأُتِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاقَةَ قَدْ خَرَجَتْ فَأَتَاهَا فَقَالَ صَهْ الْآنَ قُومِي بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ فَلَمْ تَفْعَلْ فَقَالَ

الرابع: ما ذكره بعض الأفاضل ممن كان أيضا في عصرنا حيث قال ابن بانويه بضم النون و سكون الواو، منصوب بالاختصاص أو مرفوع فاعل لم يقرعها، و بانويه لقب سلامة، و الأول أظهر الوجوه و إن كان شي ء منها لا يخلو من تكلف.

الحديث الرابع

: مجهول" و عد فيها" أي أخبر بأنه يفارق الدنيا فيها، و في القاموس بغيثه: طلبته، و أبغاه الشي ء طلبه له كبغاه إياه كرماه، أو أعانه على طلبه، انتهى.

و الوضوء بالفتح ما يتوضأ به" لا أبغي هذا" أي لا أطلبه و في القاموس: حظر الشي ء أو عليه منعه و حجر، و اتخذ حظيرة كاحتظر، و الحظيرة: المحيط بالشي ء خشبا أو قصبا، و الحظار ككتاب الحائط و يفتح و ما يعمل للإبل من شجر ليقيها من البرد" أن خرجت" قيل: أن زائدة لتأكيد الاتصال و في القاموس: هملت عينه تهمل و تهمل هملا و هملانا و همولا فاضت كانهملت" صه" اسم فعل بمعنى اسكت و يستوي فيه المذكر و المؤنث، و الأفراد و التثنية و الجمع.

و في البصائر: فقال: مه الآن قومي بارك الله فيك، ففارت و دخلت موضعها فلم تلبث أن خرجت حتى أتت القبر فضربت بجرانها و رغت و هملت عيناها فأتى محمد بن علي فقيل له: إن الناقة قد خرجت، فأتاها فقال: مه الآن قومي فلم تفعل، قال

ص: 10

وَ إِنْ كَانَ لَيَخْرُجُ عَلَيْهَا إِلَى مَكَّةَ فَيُعَلِّقُ السَّوْطَ عَلَى الرَّحْلِ فَمَا يَقْرَعُهَا حَتَّى يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ قَالَ وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَخْرُجُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ فَيَحْمِلُ الْجِرَابَ فِيهِ الصُّرَرُ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَ الدَّرَاهِمِ حَتَّى يَأْتِيَ بَاباً بَاباً فَيَقْرَعُهُ ثُمَّ يُنِيلُ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَقَدُوا ذَاكَ فَعَلِمُوا أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ يَفْعَلُهُ

5 مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بِنْتِ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَ قَرَأَ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وَ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ثُمَ

دعوها فإنها مودعة، فلم تلبث إلا ثلاثة حتى نفقت" و إن كان" إلخ.

و إن مخففة من المثقلة، و ضمير الشأن مقدر، و الجراب بالكسر وعاء من أدم، و الصرر بضم الصاد و فتح الراء جمع صرة بالضم و هي الهميان، و يدل على استحباب عدم ضرب الدابة لا سيما في طريق الحج، و على استحباب إخفاء الصدقة و صدقة الليل.

الحديث الخامس

: حسن.

" أغمي عليه" كان الإغماء هنا كناية عن التوجه إلى عالم القدس" قرأ إذا وقعت" أي سورة إذا وقعت، و كذا قوله إِنَّا فَتَحْنا

لَكَ فَتْحاً مُبِيناً" و قال" أي عند رؤية ما أعد الله له عليه السلام من الدرجات العالية و المقامات الرفيعة.

" الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ" قال البيضاوي: أي بالبعث و الثواب" وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ" يريدون المكان الذي استقروا فيه على الاستعارة، و إيراثها تمليكها مختلفة عليهم من أعمالهم أو تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه" نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ

ص: 11

قُبِضَ مِنْ سَاعَتِهِ وَ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً

6 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قُبِضَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً فِي عَامِ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ عَاشَ بَعْدَ الْحُسَيْنِ خَمْساً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً

حَيْثُ نَشاءُ" أي نتبوء كل منا في أي مقام أراده من جنته الواسعة، مع أن في الجنة مقامات معنوية لا يتمانع واردوها" فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ" الجنة.

الحديث السادس

: ضعيف على المشهور صحيح عندي.

قوله عليه السلام: خمسا و ثلاثين، الظاهر على سياق ما مر في تاريخ شهادة الحسين عليه السلام في كلامه أربعا و ثلاثين، نعم هذا يوافق ما في رواية ابن الخشاب عن الصادق عليه السلام أن شهادة الحسين عليه السلام كان في عام الستين، قال في كشف الغمة: توفي عليه السلام في ثامن عشر المحرم من سنة أربع و تسعين و قيل: خمس و تسعون، و كان عمره عليه السلام سبعا و خمسين سنة، كان منها مع جده سنتين، و مع عمه الحسن عشر سنين و أقام مع أبيه بعد عمه عشر سنين، و بقي بعد قتل أبيه تتمة ذلك و قبره بالبقيع بمدينة الرسول في القبة التي فيها العباس، و قال أبو نعيم: أصيب عليه السلام سنة اثنتين و سبعين، و قال بعض أهل بيته: سنة أربع و تسعين، و روى عبد الرحمن بن يونس عن سفيان عن جعفر ابن محمد عليه السلام قال: مات علي بن الحسين و هو ابن ثمان و خمسين سنة، و عن أبي فروة قال: مات علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالمدينة و دفن بالبقيع سنة أربع و تسعين و كان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها.

حدثني حسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: مات أبي علي بن الحسين سنة أربع و تسعين وصينا عليه بالبقيع، و قال غيره: مولده سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة، و مات سنة خمس و تسعين.

و قال في إعلام الورى: توفي عليه السلام بالمدينة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت

ص: 12

بَابُ مَوْلِدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع وُلِدَ أَبُو جَعْفَرٍ ع سَنَةَ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ وَ قُبِضَ ع سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ مِائَةٍ وَ لَهُ سَبْعٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ بِالْمَدِينَةِ فِي الْقَبْرِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ

من المحرم سنة خمس و تسعين من الهجرة، و له يومئذ سبع و خمسون سنة، كانت مدة إمامته بعد أبيه أربعا و ثلاثين سنة، و كان في أيام إمامته بقية ملك يزيد بن معاوية و ملك معاوية بن يزيد و مروان بن الحكم و عبد الملك بن مروان، و توفي عليه السلام في ملك الوليد بن عبد الملك.

باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام

اشارة

قال في إعلام الورى: ولد عليه السلام بالمدينة سنة سبع و خمسين من الهجرة يوم الجمعة غرة رجب، و قيل: الثالث من صفر و قبض عليه السلام سنة أربع عشرة و مائة في ذي الحجة، و قيل: في شهر ربيع الأول و قد تم عمره سبعا و خمسين سنة، و أمه أم عبد الله فاطمة بنت الحسن، فعاش مع جده الحسين أربع سنين، و مع أبيه تسعا و ثلاثين سنة، و كانت مدة إمامته ثماني عشرة سنة، و كان في أيام إمامته بقية ملك الوليد بن عبد الملك و ملك سليمان بن عبد الملك و عمر بن عبد العزيز، و يزيد بن عبد الملك و هشام بن عبد الملك، و توفي في ملكه.

و روى الشيخ (ره) في المصباح عن جابر الجعفي قال: ولد الباقر عليه السلام يوم الجمعة غرة رجب سنة سبع و خمسين، و قال ابن شهرآشوب قدس سره يقال: إن الباقر هاشمي من هاشميين، علوي من علويين، و فاطمي من فاطميين، لأنه أول من اجتمعت له ولادة الحسن و الحسين عليهما السلام و كانت أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي اسمه محمد و كنيته أبو جعفر لا غير، و لقبه باقر العلم. ولد بالمدينة يوم الثلاثاء و قيل:

يوم الجمعة غرة رجب، و قيل: الثالث من صفر سنة سبع و خمسين من الهجرة، و قبض

ص: 13

الْحُسَيْنِ ع وَ كَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمُ الْهَادِيَةِ-

بها في ذي الحجة و يقال في شهر ربيع الآخر سنة أربع عشرة و مائة و له يومئذ سبع و خمسون سنة، مثل عمر أبيه و جده، و أقام مع جده الحسين ثلاث سنين أو أربع سنين، و مع أبيه علي أربعا و ثلاثين سنة و عشرة أشهر، أو تسعا و ثلاثين سنة، و بعد أبيه تسع عشرة سنة، و قيل: ثماني عشرة، و ذلك أيام إمامته، و كان في سني إمامته ملك الوليد بن يزيد و سليمان و عمر بن عبد العزيز، و يزيد بن عبد الملك و هشام أخوه و الوليد بن يزيد و إبراهيم أخوه و في أول ملك إبراهيم قبض، و قال أبو جعفر بن بابويه: سمه إبراهيم بن الوليد بن يزيد و قبره ببقيع الغرقد.

و قال في روضة الواعظين: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الثلاثاء، و قيل: يوم الجمعة لثلاث ليال خلون من صفر سنة سبع و خمسين من الهجرة، و قبض عليه السلام بها في ذي- الحجة و يقال: في شهر ربيع الأول، و يقال: في شهر ربيع الآخر سنة أربع عشرة و مائة.

و قال صاحب الفصول المهمة: ولد في ثالث صفر سنة و سبع و خمسين، و مات سنة سبع عشرة و مائة و له من العمر ثمان و خمسون سنة، و قيل: ستون سنة، و يقال:

إنه مات بالسم في زمن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك.

و قال في الدروس: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر سنة سبع و خمسين و قبض بها يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة أربع عشرة و مائة، و روي سنة ست عشرة.

و قال السيد بن طاوس قدس سره في الزيارة الكبيرة: و ضاعف العذاب على من شرك في دمه، و هو إبراهيم بن الوليد.

و قال في كشف الغمة: و أما عمرة فإنه مات في سنة سبع عشرة و مائة و قيل: غير ذلك، و قد نيف على الستين، و قيل غير ذلك، و عن جعفر بن محمد قال: سمعت محمد بن

ص: 14

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مَزْيَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ كَانَتْ أُمِّي قَاعِدَةً عِنْدَ جِدَارٍ فَتَصَدَّعَ الْجِدَارُ وَ سَمِعْنَا هَدَّةً شَدِيدَةً فَقَالَتْ بِيَدِهَا لَا وَ حَقِّ الْمُصْطَفَى مَا أَذِنَ اللَّهُ لَكَ فِي السُّقُوطِ فَبَقِيَ مُعَلَّقاً فِي الْجَوِّ حَتَّى جَازَتْهُ فَتَصَدَّقَ أَبِي عَنْهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ أَبُو الصَّبَّاحِ وَ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع جَدَّتَهُ أُمَّ أَبِيهِ يَوْماً فَقَالَ كَانَتْ

علي يذاكر فاطمة بنت الحسين شيئا من صدقة النبي فقال: هذه توفي ولي ثمان و خمسون سنة، و مات فيها، و قال محمد بن عمر: و أما في روايتنا فإنه مات سنة سبع عشر و مائة و هو ابن ثمان و سبعين سنة و قال غيره: توفي سنة ثمان عشرة و مائة، و عن سفيان ابن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قتل علي عليه السلام و هو ابن ثمان و خمسين، و قتل الحسين و هو ابن ثمان و خمسين، و مات علي بن الحسين و هو ابن ثمان و خمسين و أنا اليوم ابن ثمان و خمسين.

و قال عبد الله بن أحمد الخشاب: و بالإسناد عن محمد بن سنان قال: ولد محمد قبل مضي الحسين بن علي بثلاث سنين، و توفي و هو ابن سبع و خمسين سنة، سنة مائة و أربع عشرة من الهجرة، أقام مع أبيه علي بن الحسين خمسا و ثلاثين سنة إلا شهرين، و أقام بعد مضي أبيه تسع عشرة سنة، و كان عمره سبعا و خمسين سنة، و في رواية أخرى قام أبو جعفر و هو ابن ثمان و ثلاثين و كان مولده سنة ست و خمسين.

الحديث الأول

: ضعيف بسنديه، بعبد الله بن أحمد.

و في القاموس: الصدع الشق في شي ء صلب، و قال: الهد الهدم الشديد، و الكسر و الصوت الغليظ، و بالهاء الرعد، و في النهاية الهدة الخسف، و صوت ما يقع من السماء" لا" ناهية أي لا تسقط" ما أذن الله" جملة دعائية، و استجابة الدعاء من مثل هذه الفاضلة التقية ليست بمستبعد، و لو كانت معجزة فهي معجزة لزوجها و ولدها مع أن الكرامات من غير الأنبياء و الأئمة قد جوزها أكثر علمائنا، و كأنه ليس

ص: 15

صِدِّيقَةً لَمْ تُدْرَكْ فِي آلِ الْحَسَنِ امْرَأَةٌ مِثْلُهَا

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ مِثْلَهُ

2 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَ كَانَ رَجُلًا مُنْقَطِعاً إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ كَانَ يَقْعُدُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَ كَانَ يُنَادِي يَا بَاقِرَ الْعِلْمِ يَا بَاقِرَ الْعِلْمِ فَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ

المراد بالصديقة هنا المعصومة لعدم ثبوت العصمة في هذه الأمة لغير فاطمة من النساء بل المراد المبالغة في صدقها قولا و فعلا.

الحديث الثاني

: ضعيف على المشهور صحيح عندي.

قال بعض المعتبرين من العامة أبو عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام بن ثعلبة بن حزام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة من مشاهير الصحابة و أحد المكثرين من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، شهد هو و أبوه العقبة الثانية، و لم يشهد الأولى، و شهد بدرا و قيل: لم يشهدها و شهد بعدها مع النبي صلى الله عليه و آله ثماني عشرة غزوة، و أبوه أحد النقباء الاثني عشر، و كف بصر جابر في آخر عمره، روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن و محمد بن علي الباقر عليه السلام و عطاء بن أبي رباح، و أبو الزبير، و محمد بن المنكدر و خلق سواهم كثير، مات بالمدينة سنة أربع و سبعين، و قيل: سنة ثمان و سبعين و صلى عليه أبان بن عثمان و هو أميرها و له أربع و تسعون سنة، و هو آخر من مات بالمدينة من الصحابة على قول، انتهى.

" منقطعا إلينا" قيل: أي منقطعا عن خلفاء الضلالة متوجها إلينا، و أهل منصوب بالاختصاص، و قال في النهاية: الاعتجار هو أن يلف العمامة على رأسه و يرد طرفها على وجهه، و لا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.

و في القاموس: بقرة كمنعه شقه و وسعه، و في بني فلان عرف أمرهم و فتشهم، و الباقر محمد بن علي بن الحسين لتبحره في العلم، انتهى.

ص: 16

يَقُولُونَ- جَابِرٌ يَهْجُرُ فَكَانَ يَقُولُ لَا وَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّكَ سَتُدْرِكُ رَجُلًا مِنِّي اسْمُهُ اسْمِي وَ شَمَائِلُهُ شَمَائِلِي يَبْقُرُ الْعِلْمَ بَقْراً فَذَاكَ الَّذِي دَعَانِي إِلَى مَا أَقُولُ قَالَ فَبَيْنَا جَابِرٌ يَتَرَدَّدُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ إِذْ مَرَّ بِطَرِيقٍ فِي ذَاكَ الطَّرِيقِ كُتَّابٌ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ يَا غُلَامُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ شَمَائِلُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا غُلَامُ مَا اسْمُكَ قَالَ اسْمِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ- وَ يَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَبُوكَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ فَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِلَى أَبِيهِ وَ هُوَ ذَعِرٌ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ وَ قَدْ فَعَلَهَا جَابِرٌ

" يهجر" كينصر أي يهذو، و في الصحاح الشمائل و الشمال الخلق" و بينا" أصله بين تولد الألف من إشباع فتحة النون، و هو مضاف إلى الجملة و إذ للمفاجأة، و في القاموس الكتاب كرمان المكتب، انتهى.

و كونه عليه السلام فيه لم يكن للتعلم بل لغرض آخر، إذ لم ينقل منهم عليه السلام التعلم من أحد سوى الإمام الذي قبله" شمائل" خبر مبتدإ محذوف، هو شمائله أو هذه و في القاموس قرأ عليه السلام أبلغه كأقرأه، و لا يقال: اقرءه إلا إذا كان السلام مكتوبا و في النهاية: فيه أن الرب عز و جل يقرئك السلام، يقال: أقرء فلانا السلام و أقرء عليه السلام كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام و يرده، انتهى.

" و يقول ذلك" أي كان رسول الله يخبرني أني ألقاك، و قيل:" و يقول" عطف على يقرئك، و الضمير لرسول الله أو عطف على يقول، و الضمير لجابر أي و يكرر و ذلك كناية عن رسالة من جانب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أو إشارة إلى" بأبي أنت" إلى آخره.

و الذعر بالضم الخوف، و كان ذعره عليه السلام للتقية و الخوف من المخالفين، و لذا تعجب عليه السلام من صدور هذه الأمور منه بمحضر الناس، و لذا أمره بلزوم بيته لئلا يتضرر من حسد الأشقياء عند علمهم بمنزلته و كرامته عند الله و عند رسوله أو لصون

ص: 17

قَالَ نَعَمْ قَالَ الْزَمْ بَيْتَكَ يَا بُنَيَّ فَكَانَ جَابِرٌ يَأْتِيهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَ كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ وَا عَجَبَاهْ لِجَابِرٍ يَأْتِي هَذَا الْغُلَامَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَ هُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَضَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَأْتِيهِ

قدره و رجوع الناس إليه" يأتيه طرفي النهار" أي للتعلم منه عليه السلام، و إن كان ظاهرا لظن الناس أنه يأخذ الرواية عنه فيرجعوا إليه و يعرفوا فضائله و علومه و معجزاته.

و روى الصدوق (ره) في العلل بإسناده عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له: و لم سمي الباقر باقرا؟ قال: لأنه بقر العلم بقرا أي شقه شقا و أظهره إظهارا، و لقد حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر، إذا لقيته فأقرئه مني السلام، فلقيه جابر ابن عبد الله الأنصاري في بعض سكك المدينة، فقال له: يا غلام من أنت؟ قال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال له جابر: يا بني أقبل، فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: شمائل رسول الله و رب الكعبة، ثم قال: يا بني رسول الله يقرئك السلام، فقال: على رسول الله السلام ما دامت السماوات و الأرض، و عليك يا جابر بما بلغت السلام، فقال له جابر: يا باقر يا باقر أنت الباقر حقا أنت الذي تبقر العلم بقرا.

ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلمه فربما غلط جابر فيما يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه و آله فيرد عليه و يذكره فيقبل ذلك منه و يرجع به إلى قوله، و كان يقول: يا باقر يا باقر أشهد بالله أنك قد أوتيت الحكم صبيا.

قوله: وا عجباه قيل:" وا" هنا ليس للندبة، بل للنداء المحض موافقا لما ذهب إليه بعض النحاة" فلم يلبث أن مضى" هذا يدل على أن وفاة علي بن الحسين عليه السلام كان قبل وفاة جابر، و هذا ينافي ما مر من تاريخي وفاتهما، إذ وفاة علي بن

ص: 18

عَلَى وَجْهِ الْكَرَامَةِ لِصُحْبَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ فَجَلَسَ ع يُحَدِّثُهُمْ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَا رَأَيْنَا أَحَداً أَجْرَأَ مِنْ هَذَا فَلَمَّا رَأَى مَا يَقُولُونَ حَدَّثَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَا رَأَيْنَا أَحَداً قَطُّ أَكْذَبَ مِنْ هَذَا يُحَدِّثُنَا عَمَّنْ لَمْ يَرَهُ فَلَمَّا رَأَى مَا يَقُولُونَ حَدَّثَهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَصَدَّقُوهُ وَ كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَأْتِيهِ فَيَتَعَلَّمُ مِنْهُ

3 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقُلْتُ لَهُ أَنْتُمْ وَرَثَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ نَعَمْ قُلْتُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَارِثُ الْأَنْبِيَاءِ عَلِمَ كُلَّ مَا عَلِمُوا قَالَ لِي نَعَمْ قُلْتُ

الحسين كانت في عام خمس أو أربع و تسعين، و وفاة جابر على كل الأقوال كانت قبل الثمانين، نعم يستقيم هذا على ما في أكثر نسخ الكليني في وفاة علي بن الحسين في عام خمس و سبعين بناء على بعض أقوال وفاة جابر، لكن قد عرفت أنه تصحيف لا يوافق شيئا من التواريخ المضبوطة، و يحتمل الغلط في تاريخ وفاة جابر إذا لم يستند إلى خبر، و إن كان كالمتفق عليه بين الفريقين.

قال الشيخ في الرجال: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام نزل المدينة شهد بدرا و ثماني عشر غزوة مع النبي صلى الله عليه و آله مات سنة ثمان و سبعين، و قال الشهيد الثاني (ره) مات جابر بالمدينة سنة ثلاث و سبعين، و قيل: سنة ثمان و ستين و سنة أربع و تسعون سنة، و كان قد ذهب بصره، انتهى.

و يحتمل أن يكون قوله: فكان محمد بن علي يأتيه أي في حياة أبيه عليهما السلام و مع ذلك أيضا لا يخلو من شي ء" و كان جابر بن عبد الله" الجملة حالية و قوله: فيتعلم منه، أي جابر منه عليه السلام، و يحتمل العكس، فالمراد التعلم ظاهرا للمصلحة، فيكون مصدقا للحديث عن جابر لكنه بعيد جدا.

الحديث الثالث

: حسن.

" دخلت على أبي جعفر" و في البصائر على أبي عبد الله و أبي جعفر، فالمعجزة

ص: 19

فَأَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تُحْيُوا الْمَوْتَى وَ تُبْرِءُوا الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ قَالَ نَعَمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ لِيَ ادْنُ مِنِّي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي وَ عَلَى عَيْنَيَّ فَأَبْصَرْتُ الشَّمْسَ وَ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ الْبُيُوتَ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ فِي الْبَلَدِ ثُمَّ قَالَ لِي أَ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ هَكَذَا وَ لَكَ مَا لِلنَّاسِ وَ عَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ تَعُودَ كَمَا كُنْتَ وَ لَكَ الْجَنَّةُ خَالِصاً قُلْتُ أَعُودُ كَمَا كُنْتُ فَمَسَحَ عَلَى عَيْنَيَّ فَعُدْتُ كَمَا كُنْتُ قَالَ فَحَدَّثْتُ ابْنَ أَبِي عُمَيْرٍ بِهَذَا فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا حَقٌّ كَمَا أَنَّ النَّهَارَ حَقٌ

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ كُنْتُ عِنْدَهُ يَوْماً إِذْ وَقَعَ- زَوْجُ وَرَشَانٍ عَلَى الْحَائِطِ وَ هَدَلَا هَدِيلَهُمَا فَرَدَّ أَبُو جَعْفَرٍ ع عَلَيْهِمَا كَلَامَهُمَا

صدرت منهما جميعا كل في زمانه" بإذن الله" أي بقدرته أو إذا أذن الله لنا فيه، أو بتوفيقه" فمسح على وجهي" و في البصائر: فمسح يده على عيني و وجهي.

" أو تعود" منصوب و" أعود" منصوب بتقدير أن، و أعمالها و إهمالها، و قوله:

" فحدثت" كلام علي بن الحكم، و في البصائر قال علي: فحدثت.

الحديث الرابع

: مجهول، و في البصائر عن محمد بن علي عن علي بن محمد الحناط عن عاصم.

قوله: إذ وقع زوج ورشان، في البصائر إذ وقع عليه زوج ورشان فهدلا، و هو الظاهر بقرينة: فلما طارا على الحائط، و في البصائر: فلما صارا و قيل: على نسخة الكتاب الحائط الأول غير الحائط الثاني، و قيل: وقع أي على الأرض، و قوله: على الحائط ظرف مستقر نعت زوج أي كان على الحائط، و في الثاني ظرف لغو متعلق بطارا بتضمين معنى وقعا، و الزوج هنا المركب من الذكر و الأنثى و الورشان كأنه نوع من الحمام، و في القاموس الورشان محركة طائر و هو ساق حر لحمه أخف من الحمام و قال: الهديل صوت الحمام، أو خاص بوحشيها، هدل يهدل.

ص: 20

سَاعَةً ثُمَّ نَهَضَا فَلَمَّا طَارَا عَلَى الْحَائِطِ هَدَلَ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى سَاعَةً ثُمَّ نَهَضَا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هَذَا الطَّيْرُ قَالَ يَا ابْنَ مُسْلِمٍ كُلُّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ طَيْرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ شَيْ ءٍ فِيهِ رُوحٌ فَهُوَ أَسْمَعُ لَنَا وَ أَطْوَعُ مِنِ ابْنِ آدَمَ إِنَّ هَذَا الْوَرَشَانَ ظَنَّ بِامْرَأَتِهِ فَحَلَفَتْ لَهُ مَا فَعَلْتُ فَقَالَتْ تَرْضَى بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَرَضِيَا بِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ لَهَا ظَالِمٌ فَصَدَّقَهَا

5 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ لَمَّا حُمِلَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِلَى الشَّامِ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَ صَارَ بِبَابِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِذَا رَأَيْتُمُونِي قَدْ وَبَّخْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ثُمَّ رَأَيْتُمُونِي قَدْ سَكَتُّ فَلْيُقْبِلْ عَلَيْهِ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ فَلْيُوَبِّخْهُ ثُمَ

" ثم نهضا" أي طارا، و هديل الذكر على الأنثى كأنه كان اعتذارا منه لها" ما هذا الطير" في البصائر ما حال الطير، و في بعض الكتب ما قال هذا الطائر؟ قوله عليه السلام: ظن بامرأته أي اتهمها بالاجتماع مع غير ذكرها، و في بعض نسخ البصائر و غيره ظن بأنثاه ظن السوء، و في المناقب فحلفت له ما فعلت فلم يقبل فقالت.

الحديث الخامس

: ضعيف.

و التوبيخ الذم و اللوم، و قال في القاموس: الحنق محركة الغيظ أو شدته، و قال: العصا اللسان و عظم الساق، و جماعة الإسلام، و شق العصا: مخالفة جماعة الإسلام، انتهى.

و أقول: يحتمل أن تكون الإضافة بيانية، لأن المسلمين بمنزلة العصا للإسلام يقوم بهم و تفريقهم بمنزلة شق عصا الإسلام، أو شبه اجتماعهم بالعصا لأن اجتماعهم سبب لقيامهم و بقائهم، قال الميداني في مجمع الأمثال: يقال شق فلان عصا المسلمين إذا فرق جماعتهم، قال: و الأصل في العصا الاجتماع و الائتلاف، و ذلك أنها لا تدعي عصا حتى تكون جميعا فإذا انشقت لم تدع عصا، و من قولهم للرجل إذا أقام بالمكان و اطمأن به فاجتمع له فيه أمر: قد ألقى عصاه، قالوا: و أصل هذا أن الحاديين يكونان

ص: 21

أَمَرَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ ع قَالَ بِيَدِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَعَمَّهُمْ جَمِيعاً بِالسَّلَامِ ثُمَّ جَلَسَ فَازْدَادَ هِشَامٌ عَلَيْهِ حَنَقاً بِتَرْكِهِ السَّلَامَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ وَ جُلُوسِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَأَقْبَلَ يُوَبِّخُهُ وَ يَقُولُ فِيمَا يَقُولُ لَهُ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ قَدْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَ زَعَمَ أَنَّهُ الْإِمَامُ سَفَهاً وَ قِلَّةَ عِلْمٍ وَ وَبَّخَهُ بِمَا أَرَادَ أَنْ يُوَبِّخَهُ فَلَمَّا سَكَتَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ رَجُلٌ بَعْدَ رَجُلٍ يُوَبِّخُهُ حَتَّى انْقَضَى آخِرُهُمْ فَلَمَّا سَكَتَ الْقَوْمُ نَهَضَ ع قَائِماً- ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ أَيْنَ تَذْهَبُونَ وَ أَيْنَ يُرَادُ بِكُمْ بِنَا هَدَى اللَّهُ أَوَّلَكُمْ وَ بِنَا يَخْتِمُ آخِرَكُمْ فَإِنْ يَكُنْ لَكُمْ مُلْكٌ مُعَجَّلٌ فَإِنَّ لَنَا مُلْكاً مُؤَجَّلًا وَ لَيْسَ بَعْدَ مُلْكِنَا مُلْكٌ لِأَنَّا أَهْلُ الْعَاقِبَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ فَلَمَّا صَارَ إِلَى الْحَبْسِ تَكَلَّمَ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْحَبْسِ رَجُلٌ إِلَّا تَرَشَّفَهُ وَ حَنَّ إِلَيْهِ فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَبْسِ إِلَى هِشَامٍ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي

في رفقة فإذا فرقهم الطريق شقت العصا التي معهما فأخذ هذا نصفها و ذا نصفها، يضرب مثلا لكل فرقة، انتهى.

" حتى انقضى آخرهم" أي كلام آخرهم" أين تذهبون" استفهام توبيخ" و أين يراد بكم" أي أين يريد الشيطان أن يوقعكم فيه من عذاب الله و ما يوجبه، أو المعنى التعجب و بيان البون البعيد بين ما يذهبون إليه من مخالفة أئمة الحق و معاداتهم، و بين ما أراد الله بهم و أمرهم من متابعة أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله و مودتهم" و بنا يختم آخرهم" إشارة إلى ظهور المهدي عليه السلام، و قال تعالى في سورة الأعراف" قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" و قال في سورة القصص:" تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ".

قوله: إلا ترشفه، في القاموس رشفه يرشفه كنصره و ضربه و سمعه رشفا مصه كارتشفه و أرشفه، و الإناء استقصى الشرب حتى لم يدع فيه شيئا، و الرشف أنفع، أي ترشف الماء قليلا قليلا أسكن للعطش، انتهى.

ص: 22

خَائِفٌ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَجْلِسِكَ هَذَا ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ فَأَمَرَ بِهِ فَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ لِيُرَدُّوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَ أَمَرَ أَنْ لَا يُخْرَجَ لَهُمُ الْأَسْوَاقُ وَ حَالَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَسَارُوا ثَلَاثاً لَا يَجِدُونَ طَعَاماً وَ لَا شَرَاباً حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَدْيَنَ فَأُغْلِقَ بَابُ الْمَدِينَةِ دُونَهُمْ فَشَكَا أَصْحَابُهُ الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ قَالَ فَصَعِدَ جَبَلًا لِيُشْرِفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها أَنَا بَقِيَّةُ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ قَالَ وَ كَانَ فِيهِمْ شَيْخٌ

فهو هنا كناية عن المبالغة في أخذ العلم عنه عليه السلام، و في تاج اللغة: ترشف:

" بوسه كردن در وقتى كه آب در دهن گردد" فهو كناية عن شدة الحب، و قيل إنه بالسين المهملة، قال في القاموس: رسف يرسف رسفا و رسيفا مشى مشي المقيد، و لا يخلو شي ء منهما من تكلف" أن يحولوا بينك" كناية عن منعهم عن الخلافة و رد الحق إلى أهله، و قال في النهاية: البريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل، و أصلها" بريدة دم" أي محذوف الذنب، لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها فأعربت و خففت، ثم سمى الرسول الذي يركبه بريد، أو المسافة التي بين السكتين بريدا، انتهى.

و إنما حملوهم عليها للإهانة أو التعجيل، و مدين قرية شعيب عليه السلام، قال الله تعالى:" وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ، وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ" إلخ.

قال البيضاوي: أي ما أبقاه لكم من الحلال بعد التنزه عما حرم عليكم" خَيْرٌ لَكُمْ" مما تجمعون بالتطفيف" إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" بشرط أن تؤمنوا، فإن خيريتها باستتباع الثواب مع النجاة، و ذلك مشروط بالإيمان أو إن كنتم مصدقين لي في قولي لكم، و قيل: البقية الطاعة لقوله: و الباقيات الصالحات" وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ"

ص: 23

كَبِيرٌ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ يَا قَوْمِ هَذِهِ وَ اللَّهِ دَعْوَةُ شُعَيْبٍ النَّبِيِّ وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُخْرِجُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ بِالْأَسْوَاقِ لَتُؤْخَذُنَّ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فَصَدِّقُونِي فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ وَ أَطِيعُونِي وَ كَذِّبُونِي فِيمَا تَسْتَأْنِفُونَ فَإِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ قَالَ فَبَادَرُوا فَأَخْرَجُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ أَصْحَابِهِ بِالْأَسْوَاقِ فَبَلَغَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَبَرُ الشَّيْخِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَحَمَلَهُ فَلَمْ يُدْرَ مَا صَنَعَ بِهِ

أحفظكم عن القبائح أو أحفظ عليكم أعمالكم فأجازيكم عليها، و إنما أنا ناصح مبلغ و قد أعذرت حين أنذرت، أو لست بحافظ عليكم نعم الله لو تتركوا سوء صنيعكم، انتهى.

و على تأويله عليه السلام المراد ببقية الله حجج الله في الأرض و خلفائه الذين يبقيهم الله في الأرض، و لا تبقى الأرض إلا ببقائهم و لا يخلو عصر من واحد منهم.

" فلم يدر" على بناء المجهول أي لم يدر الناس فلا ينافي علمه عليه السلام أو هو كلام الحضرمي.

أقول: و قد أوردت الروايات المبسوطة في خروجه عليه السلام إلى الشام مشتملة على فوائد جليلة و معجزات عظيمة في الكتاب الكبير، تركنا إيرادها مخافة الإطناب، و في بعضها: ثم صعد عليه السلام الجبل المطل على مدينة مدين و أهل مدين ينظرون إليه ما يصنع، فلما صار في أعلاه استقبل بوجهه المدينة وحده ثم وضع إصبعيه في أذنيه ثم نادى بأعلى صوته:" وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً" إلى قوله:" بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" نحن و الله بقية الله في أرضه، فأمر الله ريحا سوداء مظلمة فهبت و احتملت صوت أبي فطرحته في إسماع الرجال و الصبيان و النساء، فما بقي أحد من الرجال و النساء و الصبيان إلا صعد السطوح و أبي مشرف عليهم، و صعد فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير السن فنظر إلى أبي على الجبل فنادى بأعلى صوته: اتقوا الله يا أهل مدين فإنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب عليه السلام حين دعا على قومه، فإن أنتم لم تفتحوا له الباب و لم تنزلوه جاءكم من الله العذاب فإني أخاف عليكم و قد أعذر

ص: 24

6 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قُبِضَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً فِي عَامِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ مِائَةٍ عَاشَ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ شَهْرَيْنِ

بَابُ مَوْلِدِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع وُلِدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مَضَى فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَ أَرْبَعِينَ

من أنذر، ففزعوا و فتحوا الباب و أنزلونا و كتب بجميع ذلك إلى هشام، فارتحلنا في اليوم الثاني فكتب هشام إلى عامل مدين يأمره بأن يأخذ الشيخ [فيمثل به رحمة الله عليه و رضوانه] فيقتله (ره) و كتب إلى عامل مدينة الرسول أن يحتال في سم أبي في طعام أو شراب فمضى هشام و لم يتهيأ له في أبي من ذلك شي ء، و في رواية أخرى فكتب هشام إلى عامله بمدين يحمل الشيخ إليه فمات في الطريق رضي الله عنه.

الحديث السادس

: ضعيف على المشهور.

قوله: عاش" إلخ" هذا لا يوافق شيئا من التواريخ المتقدمة التي عينت فيها الشهور و الأيام إلا ما نقله في روضة الواعظين قولا بأن وفاة الباقر عليه السلام في شهر ربيع الأول، إذ المشهور أن وفاة علي بن الحسين في شهر محرم فتفطن.

باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام

اشارة

قال الشهيد (ره) في الدروس: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث و ثمانين و قبض بها في شوال، و قيل: في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان و أربعين و مائة عن خمس و ستين سنة، أمه أم فروة ابنة القاسم بن محمد، و قال الجعفي: اسمها فاطمة و كنيتها أم فروة.

و قال ابن شهرآشوب: ولد الصادق عليه السلام بالمدينة يوم الجمعة عند طلوع

ص: 25

وَ مِائَةٍ وَ لَهُ خَمْسٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ فِي الْقَبْرِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ وَ جَدُّهُ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع وَ أُمُّهُ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَ أُمُّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

الفجر، و يقال: يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة، و قالوا: سنة ست و ثمانين، فأقام مع جده اثنتا عشرة سنة و مع أبيه تسع عشرة سنة، و بعد أبيه أيام إمامته أربعا و ثلاثين سنة، فكان في سني إمامته ملك إبراهيم بن الوليد و مروان الحمار، ثم ملك أبي العباس السفاح أربع سنين و ستة أشهر و أياما، ثم ملك أخوه أبو جعفر المنصور إحدى و عشرين سنة، و أحد عشر شهرا و أياما، و بعد مضي عشر سنين من ملكه قبض عليه السلام في شوال سنة ثمان و أربعين و مائة، و قيل: يوم الاثنين النصف من رجب و قال أبو جعفر القمي سمه المنصور و دفن في البقيع و قد كمل عمره خمسا و ستين سنة، و يقال: كان عمره خمسين سنة.

و قال في كشف الغمة قال محمد بن طلحة: كانت ولادته سنة ثمانين و قيل: سنة ثلاث و ثمانين و الأول أصح، و مات سنة ثمان و أربعين و مائة فكان عمره ثمان و ستين، هذا هو الأظهر و قيل غير ذلك، و قال الحافظ عبد العزيز: أمه عليه السلام أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر و أمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولد عام الحجاف سنة ثمانين و مات سنة ثمان و أربعين و مائة، و قال محمد بن سعيد: كان عمره إحدى و سبعين سنة.

و روى ابن الخشاب بإسناده عن محمد بن سنان قال: مضى أبو عبد الله عليه السلام و هو ابن خمس و ستين سنة، و يقال: ثمان و ستين سنة في سنة مائة و ثمان و أربعين سنة، و كان مولده سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة، و كان مقامه مع جده علي بن الحسين اثنتا عشرة سنة و أياما و في الثانية كان مقامه مع جده خمس عشرة سنة، و توفي أبو جعفر و لأبي عبد الله عليه السلام أربع و ثلاثون سنة في إحدى الروايتين، و أقام بعد أبيه أربعا و ثلاثين سنة و كان عمره في إحدى الروايتين خمسا و ستين سنة و في الرواية الأخرى ثمان و ستين سنة، قال لنا الزارع و الأولى هي الصحيحة.

ص: 26

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ مِنْ ثِقَاتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ وَ كَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ آمَنَتْ وَ اتَّقَتْ وَ أَحْسَنَتْ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ* قَالَ وَ قَالَتْ أُمِّي قَالَ أَبِي يَا أُمَّ فَرْوَةَ إِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ لِمُذْنِبِي شِيعَتِنَا فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ أَلْفَ مَرَّةٍ لِأَنَّا نَحْنُ فِيمَا يَنُوبُنَا مِنَ الرَّزَايَا نَصْبِرُ عَلَى مَا نَعْلَمُ مِنَ الثَّوَابِ وَ هُمْ يَصْبِرُونَ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ

الحديث الأول

: مجهول.

و الأخبار في شأن سعيد مختلفة، فهذا الخبر يدل على مدحه، و روي أنه من حواري علي بن الحسين، و قد وردت أخبار كثيرة في اختيار الكشي و في كتاب الغارات للثقفي تدل على ذمه و لعل ذمه أرجح و القاسم كان جليلا و إن لم يذكر أصحاب الرجال فيه مدحا كثيرا، و أبو خالد اسمه وردان و لقبه كنكر، و قد ورد فيه مدح و أنه من حواري علي بن الحسين عليه السلام و أنه كان يقول بإمامة محمد بن الحنفية دهرا ثم رجع، و قال بإمامة علي بن الحسين" قال أبي" أي الباقر عليه السلام و يحتمل القاسم لكنه بعيد جدا، و في القاموس: النوب نزول الأمر، و الرزية المصيبة و الرزايا جمعه، و قوله:

لأنا، تعليل للاستغفار بأنهم يستحقون ذلك لعظم رتبتهم في الصبر، أو لأنه لما شق الصبر عليهم ربما تركوه فتستغفر لهم لتدارك ذلك.

و أما الفرق بينهم و بين شيعتهم في العلم بالثواب فظاهر من جهتين:" الأولى" كون يقينهم بالثواب أقوى و أشد من يقين شيعتهم" و الثانية" علمهم بخصوصيات الدرجات و المثوبات، و شيعتهم إنما يعلمون ذلك مجملا، و أما كون الصبر مع عدم العلم أشق فهو ظاهر، فإن الطفل الجاهل بنفع الحجامة يتألم و يضطرب أضعاف الكامل العالم بنفعها الراضي بها، الداعي إليها، الباذل الأجر لها، و سيأتي هذا الخبر في باب الصبر على وجه يحتمل وجها آخر نذكره إنشاء الله.

ص: 27

2 بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ وَجَّهَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ وَ هُوَ وَالِيهِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ أَنْ أَحْرِقْ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ دَارَهُ فَأَلْقَى النَّارَ فِي دَارِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَتِ النَّارُ فِي الْبَابِ وَ الدِّهْلِيزِ فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَتَخَطَّى النَّارَ وَ يَمْشِي فِيهَا وَ يَقُولُ أَنَا ابْنُ أَعْرَاقِ الثَّرَى أَنَا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ ع

الحديث الثاني

: ضعيف.

" وجه" أي أرسل و الحسن هو ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، و يدل على ذمه و انحرافه عن الأئمة عليهم السلام، و أنه كان واليا من قبلهم، و ذكروا أن المنصور تغير عليه و خاف منه فحبسه ثم أخرجه المهدي من الحبس بعد موت أبيه و قربه، و قد مر بعض أحواله عند ذكر خروج محمد بن عبد الله بن الحسن، و قد أخرجنا خبرا من الخرائج في الكتاب الكبير يشتمل على أن زيدا أباه خاصم الباقر عليه السلام في ميراث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و رأي منه معجزات شتى ثم خرج إلى عبد الملك بن مروان و سعى به إليه إلى أن أخذه الملعون ظاهرا، و بعثه إليه عليه السلام ليؤد به و واطأه سرا على أن يسمه و بعث معه إليه سرجا مسموما ليركبه عليه السلام فركبه و نزل متورما و مات عليه السلام بذلك.

ثم أن زيدا بقي بعده أياما فعرض له داء فلم يتخبط و يهوي و ترك الصلاة حتى مات.

و الدهليز بالكسر ما بين الباب و الدار.

قوله عليه السلام: أنا ابن أعراق الثرى، قيل: هي كناية عن إبراهيم عليه السلام، و في كتاب إعلام الورى أنه إسماعيل عليه السلام و كذا قال صاحب روضة الصفا: أعراق الثرى لقب إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام و لا أدري ما وجهه، انتهى.

و أقول: لعله عليه السلام إنما لقب بذلك لانتشار أولاده في البلدان و الصحاري، و ذكر إبراهيم عليه السلام لصيرورة النار عليه بردا و سلاما، و ذكر إسماعيل لانتسابه إلى إبراهيم عليه السلام من جهته.

ص: 28

3 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ سَخِطَ عَلَيَّ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَ حَلَفَ عَلَيَّ لَيَقْتُلُنِي فَهَرَبْتُ مِنْهُ وَ عُذْتُ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَعْلَمْتُهُ خَبَرِي فَقَالَ لِيَ انْصَرِفْ وَ أَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُ إِنِّي قَدْ آجَرْتُ عَلَيْكَ مَوْلَاكَ- رُفَيْداً فَلَا تَهِجْهُ بِسُوءٍ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ شَامِيٌّ خَبِيثُ الرَّأْيِ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَيْهِ كَمَا أَقُولُ لَكَ فَأَقْبَلْتُ فَلَمَّا كُنْتُ فِي بَعْضِ الْبَوَادِي اسْتَقْبَلَنِي أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ أَيْنَ تَذْهَبُ إِنِّي أَرَى وَجْهَ مَقْتُولٍ ثُمَّ قَالَ لِي أَخْرِجْ يَدَكَ فَفَعَلْتُ فَقَالَ يَدُ مَقْتُولٍ ثُمَّ قَالَ لِي أَبْرِزْ رِجْلَكَ فَأَبْرَزْتُ رِجْلِي فَقَالَ رِجْلُ مَقْتُولٍ ثُمَّ قَالَ لِي أَبْرِزْ جَسَدَكَ فَفَعَلْتُ فَقَالَ جَسَدُ مَقْتُولٍ ثُمَّ قَالَ لِي أَخْرِجْ لِسَانَكَ فَفَعَلْتُ فَقَالَ لِيَ امْضِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ فَإِنَّ فِي لِسَانِكَ رِسَالَةً لَوْ أَتَيْتَ بِهَا الْجِبَالَ

الحديث الثالث

: ضعيف على المشهور.

و" رفيد" على التصغير، و قال في معجم البلدان: قصر ابن هبيرة ينسب إلى يزيد بن عمرو بن هبيرة، كان لما ولي العراق من قبل مروان بن محمد بني على فرات الكوفة مدينة فنزلها و لم يستتمها حتى كتب إليه مروان بن محمد يأمره بالاجتناب من أهل الكوفة فتركها، و بنى قصره المعروف به بالقرب من جسر سورا انتهى.

" سخط" كعلم أي غضب" ليقتلني" بفتح اللام و كسرها و في القاموس: الجوار بالكسر أن تعطى الرجل ذمة فيكون بها جارك فتجيره، و أجاره أنقذه و أعاذه" لا تهجه" من باب ضرب أو باب الأفعال، أي تزعجه بأمر يسوؤه و لا تغضب عليه، في القاموس: هاج يهيج ثار كاهتاج و تهيج و أثار و الهائج الفورة و الغضب.

قوله: استقبلني أعرابي، علم الأعرابي بهذه العلوم من الغرائب، و كان عند العرب علم القيافة و العيافة يستدلون بالآثار على الأشياء، و لا يعلم وجهه، و كأنه كان من الجن و هو نوع من الكهانة، و قيل: أي من يشبه الأعرابي في الصورة و لعله الخضر أو اليأس.

" إني أرى وجه مقتول" أي أرى وجها يدل على أن صاحبه مقتول و الرواسي

ص: 29

الرَّوَاسِيَ لَانْقَادَتْ لَكَ قَالَ فَجِئْتُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى بَابِ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَاسْتَأْذَنْتُ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ أَتَتْكَ بِحَائِنٍ رِجْلَاهُ يَا غُلَامُ النَّطْعَ وَ السَّيْفَ ثُمَّ أَمَرَ بِي فَكُتِّفْتُ وَ شُدَّ رَأْسِي وَ قَامَ عَلَيَّ السَّيَّافُ لِيَضْرِبَ عُنُقِي فَقُلْتُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ لَمْ تَظْفَرْ بِي عَنْوَةً وَ إِنَّمَا جِئْتُكَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِي وَ هَاهُنَا أَمْرٌ أَذْكُرُهُ لَكَ ثُمَّ أَنْتَ وَ شَأْنَكَ فَقَالَ قُلْ فَقُلْتُ أَخْلِنِي فَأَمَرَ مَنْ حَضَرَ فَخَرَجُوا فَقُلْتُ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ قَدْ آجَرْتُ عَلَيْكَ مَوْلَاكَ- رُفَيْداً فَلَا تَهِجْهُ بِسُوءٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَالَ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَ أَقْرَأَنِي السَّلَامَ فَحَلَفْتُ لَهُ فَرَدَّهَا عَلَيَّ ثَلَاثاً ثُمَّ حَلَّ أَكْتَافِي ثُمَّ قَالَ لَا يُقْنِعُنِي مِنْكَ حَتَّى تَفْعَلَ بِي مَا فَعَلْتُ بِكَ قُلْتُ مَا تَنْطَلِقُ يَدِي بِذَاكَ وَ لَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسِي فَقَالَ

الثوابت" أتتك بحائن رجلاه" الخطاب لنفسه و فاعل أتت رجلاه، و البارز للحائن و الباء للتعدية، و هو مثل يضرب لمن أعان على نفسه بعد خيانته.

و في القاموس: النطع بالكسر و بالفتح و بالتحريك و كعنب بساط من أديم، انتهى، و إحضاره هنا ليفرش تحت من أريد قتله بالسيف في المجلس لئلا يسيل الدم إلى غيره و هو منصوب بتقدير أحضر" كتفت" على بناء المجهول، و في القاموس: كتف فلانا كضرب شد يده إلى خلف بالكتاف و هو بالكسر حبل يشد به، و شد الرأس لسهولة ضرب العنق.

" لم تظفر بي عنوة" أي لم تأخذني قهرا" من ذات نفسي" أي من جهة نفسي من غير أن يجي ء بي أحد" أخلني" بفتح الهمزة أي اجعلني معك في خلوة" لا يقنعني منك" على بناء الأفعال أي لا يرضيني منك أو لا اكتفى منك بغير ذلك، و حتى بمعنى إلا، و تفعل بتقدير أن تفعل،" و أطلقته" أي حللت كتافه.

ص: 30

وَ اللَّهِ مَا يُقْنِعُنِي إِلَّا ذَاكَ فَفَعَلْتُ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِي وَ أَطْلَقْتُهُ فَنَاوَلَنِي خَاتَمَهُ وَ قَالَ أُمُورِي فِي يَدِكَ فَدَبِّرْ فِيهَا مَا شِئْتَ

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْخَيْبَرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ وَ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ وَ أَبِي سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ قَالُوا كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ عِنْدَنَا خَزَائِنُ الْأَرْضِ وَ مَفَاتِيحُهَا وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بِإِحْدَى رِجْلَيَّ أَخْرِجِي مَا فِيكِ مِنَ الذَّهَبِ لَأَخْرَجَتْ قَالَ ثُمَّ قَالَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ فَخَطَّهَا فِي الْأَرْضِ خَطّاً فَانْفَرَجَتِ الْأَرْضُ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ قَدْرَ شِبْرٍ ثُمَّ قَالَ انْظُرُوا حَسَناً فَنَظَرْنَا فَإِذَا سَبَائِكُ كَثِيرَةٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ يَتَلَأْلَأُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُنَا جُعِلْتُ فِدَاكَ أُعْطِيتُمْ مَا أُعْطِيتُمْ وَ شِيعَتُكُمْ مُحْتَاجُونَ قَالَ

و فيه معجزة منه عليه السلام إذ اكتفاء هذا الجبار بمحض هذا الخبر الذي أتى به نفسه، و نزوله عن مثل هذا الغضب الشديد إلى هذا اللطف و الإكرام لم يكن إلا بالإعجاز.

الحديث الرابع

ضعيف على المشهور.

" أن أقول بإحدى رجلي" ضمن القول معنى الضرب، و قد يجي ء بمعناه أيضا قال ابن الأنباري هو المراد به في قوله: ثم قال بإحدى رجليه، و قوله: ثم قال بيده، و قال الجزري: العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال و تطلقه على غير الكلام و اللسان، فتقول: قال بيده، أي أخذ، و قال برجله أي مشى، و قالت العينان سمعا و طاعة، أي أومأت، و قال بالماء على يده أي قلب، و قال بثوبه أي رفعه، كل ذلك على المجاز و الاتساع، انتهى.

و يقال: قال بمعنى أقبل و بمعنى مال، و استراح و ضرب و غلب، و غير ذلك، و الظاهر حدوث تلك السبائك بقدرة الله تعالى في تلك الحال" إن الله سيجمع" أي في زمان المهدي عليه السلام، و حاصل الجواب أنه ليس صلاحهم في هذا الزمان في إظهار تلك الأمور و عند حصول المصلحة في آخر الزمان سيظهر ذلك، مع أن نعيم الآخرة

ص: 31

فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ سَيَجْمَعُ لَنَا وَ لِشِيعَتِنَا الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَ يُدْخِلُ عَدُوَّنَا الْجَحِيمَ

5 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ كَانَ لِي جَارٌ يَتَّبِعُ السُّلْطَانَ فَأَصَابَ مَالًا فَأَعَدَّ قِيَاناً وَ كَانَ يَجْمَعُ الْجَمِيعَ إِلَيْهِ وَ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ وَ يُؤْذِينِي فَشَكَوْتُهُ إِلَى نَفْسِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَنْتَهِ فَلَمَّا أَنْ أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي يَا هَذَا أَنَا رَجُلٌ مُبْتَلًى وَ أَنْتَ رَجُلٌ مُعَافًى فَلَوْ عَرَضْتَنِي لِصَاحِبِكَ رَجَوْتُ أَنْ يُنْقِذَنِيَ اللَّهُ بِكَ فَوَقَعَ ذَلِكَ لَهُ فِي قَلْبِي فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع ذَكَرْتُ لَهُ حَالَهُ فَقَالَ لِي إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ دَعْ

مختص بهم، فإن أصابهم فقر أو شدة في الدنيا فليصبروا عليها ليكمل لهم النعيم في العقبى.

الحديث الخامس

: ضعيف على المشهور.

" يتبع السلطان" أي يتولى من قبل خليفة الجور و يواليه، و القيان جمع قينة بالفتح و هي الأمة المغنية أو الأعم، و في القاموس: الجمع جماعة الناس، و الجمع جموع كالجميع" و يؤذيني" أي بالغناء و نحوه" فلما أن ألححت" أن زائدة لتأكيد الاتصال" مبتلى" أي ممتحن بالأموال و المناصب، مغرور بها، أو مبتلى بتسلط النفس و الشيطان علي لما ذكر، و المراد أني مع الحال التي أنا عليها لا أرجو المغفرة بعد التوبة أيضا فلذا لا أترك لذة الدنيا، و المعافي ضد المبتلي، و في القاموس: عرض الشي ء له أظهره له، و عليه أراه إياه.

و في كشف الغمة نقلا من دلائل الحميري: فلو عرضتني لصاحبك أن ينقذني الله أي ينجيني" و أضمن" منصوب بتقدير أن بعد الواو لتقدم الأمر.

ص: 32

مَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَ أَضْمَنَ لَكَ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الْكُوفَةِ أَتَانِي فِيمَنْ أَتَى فَاحْتَبَسْتُهُ عِنْدِي حَتَّى خَلَا مَنْزِلِي ثُمَّ قُلْتُ لَهُ يَا هَذَا إِنِّي ذَكَرْتُكَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ ع فَقَالَ لِي إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَ أَضْمَنَ لَكَ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ قَالَ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ لِيَ اللَّهِ لَقَدْ قَالَ لَكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا قَالَ فَحَلَفْتُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ قَالَ لِي مَا قُلْتُ فَقَالَ لِي حَسْبُكَ وَ مَضَى فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ بَعَثَ إِلَيَّ فَدَعَانِي وَ إِذَا هُوَ خَلْفَ دَارِهِ عُرْيَانٌ فَقَالَ لِي يَا أَبَا بَصِيرٍ لَا وَ اللَّهِ مَا بَقِيَ فِي مَنْزِلِي شَيْ ءٌ إِلَّا وَ قَدْ أَخْرَجْتُهُ وَ أَنَا كَمَا تَرَى قَالَ فَمَضَيْتُ إِلَى إِخْوَانِنَا فَجَمَعْتُ لَهُ مَا كَسَوْتُهُ بِهِ ثُمَّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ أَيَّامٌ يَسِيرَةٌ حَتَّى بَعَثَ إِلَيَّ أَنِّي عَلِيلٌ فَأْتِنِي فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ وَ أُعَالِجُهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَكُنْتُ عِنْدَهُ جَالِساً وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَغُشِيَ عَلَيْهِ غَشْيَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لِي يَا أَبَا بَصِيرٍ قَدْ وَفَى صَاحِبُكَ لَنَا ثُمَّ قُبِضَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا حَجَجْتُ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ لِيَ ابْتِدَاءً مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ وَ إِحْدَى رِجْلَيَّ فِي الصَّحْنِ وَ الْأُخْرَى فِي دِهْلِيزِ دَارِهِ يَا أَبَا بَصِيرٍ قَدْ وَفَيْنَا لِصَاحِبِكَ

6 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ قَالَ قَالَ لِي أَ تَدْرِي مَا كَانَ سَبَبُ دُخُولِنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ وَ مَعْرِفَتِنَا بِهِ وَ مَا كَانَ عِنْدَنَا مِنْهُ ذِكْرٌ وَ لَا مَعْرِفَةُ شَيْ ءٍ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا ذَاكَ قَالَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ يَعْنِي أَبَا الدَّوَانِيقِ قَالَ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ يَا مُحَمَّدُ ابْغِ لِي رَجُلًا

" الله" بالجر بتقدير حرف القسم، و قيل: منصوب بتقدير أذكر، قوله:

حسبك، أي هذا كاف لك فيما أردت من انتهائي عما كنت فيه" خلف داره" في كشف الغمة خلف باب داره و هو الظاهر" لا و الله" لا، تمهيد للنفي بعده" إلا و قد أخرجته" أي أعطيته إلى أصحابه، أو تصدقت به" فجعلت" أي فشرعت" حتى نزل به الموت" أي علاماته و مقدماته، و في النهاية فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه، أي يخرجها و يدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به و الجود الكرم، يريد به أنه كان في النزع و سياق الموت.

الحديث السادس

: مجهول، و محمد بن الأشعث غير ابن القيس الذي مر أنه كان من قتلة الحسين عليه السلام و أبوه من قتلة أمير المؤمنين عليه السلام لبعد وجوده إلى هذا الزمان" و لا معرفة شي ء" في البصائر بشي ء" يعني أبا الدوانيق" كلام صفوان و مراده المنصور،

ص: 33

لَهُ عَقْلٌ يُؤَدِّي عَنِّي فَقَالَ لَهُ أَبِي قَدْ أَصَبْتُهُ لَكَ هَذَا فُلَانُ بْنُ مُهَاجِرٍ خَالِي قَالَ فَأْتِنِي بِهِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِخَالِي فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَ أْتِ الْمَدِينَةَ وَ أْتِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ وَ عِدَّةً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِيهِمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَ بِهَا شِيعَةٌ مِنْ شِيعَتِكُمْ وَجَّهُوا إِلَيْكُمْ بِهَذَا الْمَالِ وَ ادْفَعْ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى شَرْطِ كَذَا وَ كَذَا فَإِذَا قَبَضُوا الْمَالَ فَقُلْ إِنِّي رَسُولٌ وَ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مَعِي خُطُوطُكُمْ بِقَبْضِكُمْ مَا قَبَضْتُمْ فَأَخَذَ الْمَالَ وَ أَتَى الْمَدِينَةَ فَرَجَعَ إِلَى أَبِي الدَّوَانِيقِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّوَانِيقِ مَا وَرَاءَكَ قَالَ أَتَيْتُ الْقَوْمَ وَ هَذِهِ خُطُوطُهُمْ بِقَبْضِهِمُ الْمَالَ خَلَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي أَتَيْتُهُ وَ هُوَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ص فَجَلَسْتُ خَلْفَهُ وَ قُلْتُ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَأَذْكُرَ لَهُ مَا ذَكَرْتُ لِأَصْحَابِهِ فَعَجَّلَ وَ انْصَرَفَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَغُرَّ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُمْ قَرِيبُو الْعَهْدِ بِدَوْلَةِ

قال في المغرب: لقب أبو جعفر المنصور و هو الثاني من خلفاء بني العباس بالدوانيقي و بابن الدوانيق لأنه لما أراد حفر الخندق بالكوفة قسط على كل منهم دانق فضة و أخذه و صرفه في الحفر، انتهى.

" ابغ لي رجلا" أي أطلب" خذ هذا المال" في البصائر بعده: فأعطاه ألوف دنانير أو ما شاء الله من ذلك و أت المدينة، إلخ.

" و عدة من أهل بيته فيهم جعفر" هو كلام ابن الأشعث اختصارا لكلام المنصور" على شرط كذا و كذا" أي إرادة الخروج أو إذا خرجتم نكون معكم و في حزبكم و تتعزز بدولتكم و أشباه ذلك، و كان غرضه أن يكون الشرط مع كل منهم يعني بدون اطلاع شرط الآخرين، و ذلك ليعلم من يريد الخروج ممن لا يريد، و في البصائر وجهوا إليك بهذا المال فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط كذا و كذا، إلى قوله بقبضكم ما قبضتم مني، إلى قوله أتيت القوم و فعلت ما أمرتني به، و هذه خطوطهم، إلى قوله: و قلت، أي في نفسي.

قوله: و لا تغر، أي لا تخدع و في البصائر و لا تغرن أهل بيت محمد، و قل لصاحبك

ص: 34

بَنِي مَرْوَانَ وَ كُلُّهُمْ مُحْتَاجٌ فَقُلْتُ وَ مَا ذَاكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ قَالَ فَأَدْنَى رَأْسَهُ مِنِّي وَ أَخْبَرَنِي بِجَمِيعِ مَا جَرَى بَيْنِي وَ بَيْنَكَ حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ ثَالِثَنَا قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ إِلَّا وَ فِيهِ مُحَدَّثٌ وَ إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ مُحَدَّثُنَا الْيَوْمَ وَ كَانَتْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ سَبَبَ قَوْلِنَا بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ

7 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعاً عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قُبِضَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ سِتِّينَ سَنَةً فِي عَامِ ثَمَانٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ مِائَةٍ وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً

8 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَنَا كَفَّنْتُ أَبِي فِي ثَوْبَيْنِ شَطَوِيَّيْنِ كَانَ يُحْرِمُ فِيهِمَا وَ فِي قَمِيصٍ مِنْ قُمُصِهِ وَ فِي عِمَامَةٍ كَانَتْ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ فِي بُرْدٍ اشْتَرَاهُ بِأَرْبَعِينَ دِينَاراً

اتق الله و لا تغرن أهل بيت محمد فإنهم قريبوا العهد بدولة بني مروان، يعني أن بني مروان لما ظلموهم و صيروا محتاجين إنما أخذوا هذه الأموال للحاجة و الفاقة لا لقصد الخروج، أو أنهم لما وقع عليهم الظلم في دولة بني مروان و انتهت الدولة إليكم و هم أبناء أعمامكم فينبغي أن ترحموهم و تعينوهم و لا تكونوا مثل هؤلاء بصدد استيصالهم، و الأول أظهر، و المحدث بفتح الدال المشددة قد مر معناه في أوائل كتاب الحجة.

الحديث السابع

: ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن

: موثق على الظاهر، إذ الظاهر عمرو بن سعيد.

و في الصحاح شطا اسم قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب الشطوية، و في القاموس البرد بالضم ثوب مخطط و أكسية يلتحف بها، و الواحدة بهاء.

أقول: و سيأتي في كتاب الجنائز: اشتريته بأربعين دينارا لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينارا و كأنه عليه السلام اشتراه بوكالة أبيه عليهما السلام.

ص: 35

بَابُ مَوْلِدِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع وُلِدَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى ع بِالْأَبْوَاءِ- سَنَةَ ثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ تِسْعٍ وَ عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ وَ قُبِضَ ع لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَةٍ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً وَ قُبِضَ ع بِبَغْدَادَ فِي حَبْسِ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ وَ كَانَ هَارُونُ حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ- لِعَشْرِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَ سَبْعِينَ وَ مِائَةٍ وَ قَدْ قَدِمَ

باب مولد أبي الحسن موسى عليه السلام

اشارة

قال الطبرسي (ره) في إعلام الورى: ولد عليه السلام بالأبواء منزل بين مكة و المدينة لسبع خلون من صفر سنة ثمان و عشرين و مائة و قبض عليه السلام ببغداد في حبس السندي ابن شاهك لخمس بقين من رجب و يقال أيضا لخمس خلون من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة، و له يومئذ خمس و خمسون سنة و أمه أم ولد يقال لها حميدة البربرية، و يقال لها حميدة المصفاة و كانت مدة إمامته خمسا و ثلاثين سنة و قام بالأمر و له عشرون سنة، و كانت في أيام إمامته بقية ملك المنصور أبي جعفر، ثم ملك ابنه المهدي عشر سنين و شهرا، ثم ملك ابنه الهادي موسى بن محمد سنة و شهرا، ثم ملك هارون بن محمد الملقب بالرشيد، و استشهد بعد مضي خمس عشرة سنة من ملكه مسموما في حبس السندي بن شاهك، و دفن بمدينة السلام في المقبرة المعروفة بمقابر قريش.

و قال ابن شهرآشوب أمه حميدة المصفاة ابنة صاعد البربري و يقال أنها أندلسية أم ولد تكنى لؤلؤة، ولد عليه السلام بالأبواء موضع بين مكة و المدينة يوم الأحد لسبع خلون من صفر سنة ثمان و عشرين و مائة و استشهد مسموما في حبس الرشيد على يد السندي بن شاهك يوم الجمعة لست بقين من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة و قيل:

سنة ست و ثمانين، و كان مقامه مع أبيه عشرين سنة، و يقال: تسع عشرة سنة، و بعد أبيه أيام إمامته خمسا و ثلاثين سنة، و دفن ببغداد بالجانب الغربي في المقبرة المعروفة

ص: 36

هَارُونُ الْمَدِينَةَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ عُمْرَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ شَخَصَ هَارُونُ إِلَى الْحَجِّ وَ حَمَلَهُ مَعَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ فَحَبَسَهُ عِنْدَ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ ثُمَّ أَشْخَصَهُ إِلَى بَغْدَادَ فَحَبَسَهُ عِنْدَ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ فَتُوُفِّيَ ع فِي حَبْسِهِ وَ دُفِنَ بِبَغْدَادَ فِي مَقْبَرَةِ قُرَيْشٍ وَ أُمُّهُ أُمُ

بمقابر قريش من باب التين فصارت باب الحوائج، و عاش أربعا و خمسين سنة.

و قال في الدروس ولد بالأبواء يوم الأحد سابع صفر.

و في كشف الغمة عن محمد بن طلحة مات لخمس بقين من رجب، و في المصباح في الخامس و العشرين من رجب كانت وفاة موسى بن جعفر عليه السلام.

و قال في روضة الواعظين وفاته كان ببغداد يوم الجمعة لست بقين من رجب، و قيل: لخمس خلون منه و كذا قال في الدروس.

و في إرشاد المفيد قبض عليه السلام ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست خلون من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة.

أقول: يظهر من الأخبار أن المهدي أشخصه عليه السلام من المدينة مرة ثم أطلقه لمعجزة ظهرت عليه، و يومئ بعض الأخبار إلى أنه حبسه الرشيد أيضا مرة ثم أطلقه لمعجزة ظهرت عليه لكنه لم يثبت رجوعه عليه السلام إلى المدينة.

و المشهور في حبسه أخيرا أن الرشيد جعل ابنه الأمين في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث فحسده يحيى بن خالد البرمكي، و قال: إن أفضت الخلافة إليه زالت دولتي و دولة ولدي، فاحتال على جعفر بن محمد و كان يقول بالإمامة فسعى به إلى الخليفة و لذلك سعى بموسى عليه السلام أيضا و حج الرشيد لعنه الله لذلك فبدأ بالمدينة ثم أمر به فأخذ من المسجد و هو قائم يصلي فأدخل إليه فقيده و أخرج من داره بغلان عليهما قبتان هو في إحداهما و وجه مع كل واحدة منهم خيلا فأخذ بواحدة على طريق البصرة و الأخرى على طريق الكوفة ليعمى على الناس أمره، و كان في التي مضت إلى البصرة، و أمر الرسول أن يسلمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور، و كان على البصرة حينئذ فمضى به فحبسه عنده سنة، ثم كتب إلى الرشيد أن خذه مني

ص: 37

وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا حَمِيدَةُ

1 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ السِّنْدِيِّ الْقُمِّيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ ابْنُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَائِماً عِنْدَهُ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ عِنَباً فَقَالَ حَبَّةً حَبَّةً يَأْكُلُهُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ وَ ثَلَاثَةً وَ أَرْبَعَةً يَأْكُلُهُ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَشْبَعُ وَ كُلْهُ حَبَّتَيْنِ حَبَّتَيْنِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع لِأَيِّ شَيْ ءٍ لَا تُزَوِّجُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ

و سلمه إلى من شئت و إلا خليت سبيله، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة فما أقدر على ذلك.

فوجه من تسلمه منه، و حبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد، فبقي عنده مدة طويلة و أراده الرشيد على شي ء من أمره فأبى، فكتب بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلمه منه، و أراد ذلك منه فلم يفعل، و بلغه أنه عنده في رفاهية و سعة و هو حينئذ بالرقة فأنفذ مسرور الخادم بكتاب إلى العباس بن محمد و كتاب آخر إلى السندي بن شاهك فدعا العباس الفضل و ضربه مائة سوط و سلم موسى عليه السلام إلى السندي، فلما سمع يحيى بن خالد ذلك دخل على الرشيد و تكفل أن يفعل ما يأمره في أمره عليه السلام و خرج يحيى بنفسه على البريد حتى أتى بغداد و أظهر أنه ورد لتعديل السواد، و دعا السندي لعنة الله عليهما و أمره بسمة عليه السلام.

و روي عن الرضا عليه السلام أنه سمه عليه السلام في ثلاثين رطبة.

الحديث الأول

ضعيف.

و في القاموس عكاشة كرمانة و يخفف عكاشة الغنوي و ابن ثور و ابن محصن الصحابيون.

قوله عليه السلام: حبة حبة كأنه إخبار عما هو الشائع بين الناس ثم أخبر بما هو المستحب لكل الناس و هو الأكل حبتين، و يحتمل أن يكون الأكل حبة حبة للشيخ الكبير و الصغير مستحبا و لغيرهما الأكل حبتين، و الأزيد للحرص مكروه،

ص: 38

فَقَدْ أَدْرَكَ التَّزْوِيجَ قَالَ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ صُرَّةٌ مَخْتُومَةٌ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ سَيَجِي ءُ نَخَّاسٌ مِنْ أَهْلِ بَرْبَرَ- فَيَنْزِلُ دَارَ مَيْمُونٍ فَنَشْتَرِي لَهُ بِهَذِهِ الصُّرَّةِ جَارِيَةً قَالَ فَأَتَى لِذَلِكَ مَا أَتَى فَدَخَلْنَا يَوْماً عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّخَّاسِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَكُمْ قَدْ قَدِمَ فَاذْهَبُوا فَاشْتَرُوا بِهَذِهِ الصُّرَّةِ مِنْهُ جَارِيَةً قَالَ فَأَتَيْنَا النَّخَّاسَ فَقَالَ قَدْ بِعْتُ مَا كَانَ عِنْدِي إِلَّا جَارِيَتَيْنِ مَرِيضَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَمْثَلُ مِنَ الْأُخْرَى قُلْنَا فَأَخْرِجْهُمَا حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِمَا فَأَخْرَجَهُمَا فَقُلْنَا بِكَمْ تَبِيعُنَا هَذِهِ الْمُتَمَاثِلَةَ قَالَ بِسَبْعِينَ دِينَاراً قُلْنَا أَحْسِنْ قَالَ لَا أَنْقُصُ مِنْ سَبْعِينَ دِينَاراً قُلْنَا لَهُ نَشْتَرِيهَا مِنْكَ بِهَذِهِ الصُّرَّةِ مَا بَلَغَتْ وَ لَا نَدْرِي مَا فِيهَا وَ كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ قَالَ فُكُّوا وَ زِنُوا فَقَالَ النَّخَّاسُ

و يؤيده ما روي في صحيفة الرضا عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: كلوا العنب حبة حبة فإنه أهنأ و أمرأ، فيحمل هذا على الشيخ و الطفل جمعا.

و في القاموس: النخاس بياع الدواب و الرقيق و قال: البربر جيل، و الجمع البرابرة، و هم بالغرب، و أمة أخرى بين الحبوش و الزنج يقطعون مذاكير الرجال و يجعلونها مهور نسائهم، و قال في المغرب: البربر قوم بالمغرب جفاة كالأعراب في دقة الدين و قلة العلم، انتهى.

قوله: أمثل من الأخرى، أي أقرب إلى البر أو أفضل و أحسن، و كذا المتماثلة يحتمل المعنيين و إن كان الأول فيه أظهر قال في القاموس: تماثل العليل قارب البرؤ، و الأمثل الأفضل، و الجمع أماثل و المثالة الفضل، انتهى.

" قلنا أحسن" أمر أي أنقص شيئا، و قيل: أفعل التفضيل، بتقدير قل أحسن مما قلت" ما بلغت" قيل: هو بدل هذه الصرة، و الشيخ لعله الخضر عليه السلام أو ملك كما هو الظاهر مما سيأتي، و يؤيده الخبر الثاني.

" فكوا" أي أنقضوا ختم الصرة، و قيل: أنها للصرة، و كذا ضمير نقصت

ص: 39

لَا تَفُكُّوا فَإِنَّهَا إِنْ نَقَصَتْ حَبَّةً مِنْ سَبْعِينَ دِينَاراً لَمْ أُبَايِعْكُمْ فَقَالَ الشَّيْخُ ادْنُوا فَدَنَوْنَا وَ فَكَكْنَا الْخَاتَمَ وَ وَزَنَّا الدَّنَانِيرَ فَإِذَا هِيَ سَبْعُونَ دِينَاراً لَا تَزِيدُ وَ لَا تَنْقُصُ فَأَخَذْنَا الْجَارِيَةَ فَأَدْخَلْنَاهَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ جَعْفَرٌ قَائِمٌ عِنْدَهُ فَأَخْبَرْنَا أَبَا جَعْفَرٍ بِمَا كَانَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَا اسْمُكِ قَالَتْ حَمِيدَةُ فَقَالَ- حَمِيدَةٌ فِي الدُّنْيَا مَحْمُودَةٌ فِي الْآخِرَةِ أَخْبِرِينِي عَنْكِ أَ بِكْرٌ أَنْتِ أَمْ ثَيِّبٌ قَالَتْ بِكْرٌ قَالَ وَ كَيْفَ وَ لَا يَقَعُ فِي أَيْدِي النَّخَّاسِينَ شَيْ ءٌ إِلَّا أَفْسَدُوهُ فَقَالَتْ قَدْ كَانَ يَجِيئُنِي فَيَقْعُدُ مِنِّي مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِ رَجُلًا أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ فَلَا يَزَالُ يَلْطِمُهُ حَتَّى يَقُومَ عَنِّي فَفَعَلَ بِي مِرَاراً وَ فَعَلَ الشَّيْخُ بِهِ مِرَاراً فَقَالَ يَا جَعْفَرُ خُذْهَا إِلَيْكَ فَوَلَدَتْ خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع

2 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ سَابِقِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ حَمِيدَةُ مُصَفَّاةٌ مِنَ الْأَدْنَاسِ كَسَبِيكَةِ الذَّهَبِ مَا زَالَتِ الْأَمْلَاكُ تَحْرُسُهَا حَتَّى أُدِّيَتْ

و" حبة" منصوب أي وزن شعيرة أو ضمير إنها للقصة و حبة مرفوع فاعل نقصت، و حميدة فعيلة بمعنى فاعلة بقرينة الهاء و يحتمل التصغير" أفسدوه" أي أزالوا بكارته" يلطمه" بكسر الطاء، في القاموس: اللطم ضرب الخد و صفحة الجسد بالكف مفتوحة" فولدت" كلام الراوي.

الحديث الثاني

ضعيف على المشهور.

و الأدناس العيوب و ذمائم الأخلاق، و الأملاك جمع الملك و المشهور في جمعه الملائك و الملائكة فإنه قال الأكثر الملك من الملائكة واحد و جمع و أصله مالك فقدم اللام و أخر الهمزة، و وزنه مفعل من الألوكة و هي الرسالة، ثم تركت الهمزة لكثرة الاستعمال فقيل: ملك، فلما جمعوه ردوه إلى أصله، فقالوا: ملائك، فزيدت التاء للمبالغة، أو لتأنيث الجمع، و عن ابن كيسان هو فعل من الملك، و عن أبي عبيدة مفعل من لاك إذا أرسل.

ص: 40

إِلَيَّ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ لِي وَ الْحُجَّةِ مِنْ بَعْدِي

3 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْقُمِّيِّ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الزُّبَالِيِّ قَالَ لَمَّا أُقْدِمَ بِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع عَلَى

و أقول: هذا الجمع إن كان من لفظ الإمام عليه السلام يدل على أن أصله الملك، قال الراغب في المفردات: و أما الملك فالنحويون جعلوه من الملائكة و جعلوا الميم فيه زائدة، و قال بعض المحققين: هو من الملك قال: و المتولي من الملائكة شيئا من السياسات يقال له ملك بالفتح، و من البشر يقال له ملك بالكسر، قال: فكل ملك ملائكة و ليس كل ملائكة ملكا بل الملك هم المشار إليهم بقوله تعالى:" فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً، فَالْمُقَسِّماتِ، وَ الذَّارِياتِ" و نحو ذلك و منه ملك الموت، انتهى.

و قال الفيروزآبادي: في ألك، الملائكة بضم اللام الرسالة، قيل: الملك مشتق منه أصله مالك و الألوك الرسول.

و قال في لاك: الملائك و الملائكة الرسالة، و الملائك الملك لأنه يبلغ عن الله تعالى و وزنه مفعل، و العين محذوفة، ألزمت التخفيف إلا شاذا، و قال: في ملك:

الملك محركة واحد الملائكة و الملائك، انتهى.

أقول: و هذا يؤيد كون الأبيض الرأس و اللحية في الخبر السابق في الموضعين من الملائكة، و الحجة عطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار كما جوز الكوفيون.

الحديث الثالث

: مجهول بالزبالي، و يمكن أن يعد حسنا إذ هذا الخبر يدل على مدحه و حسن عقيدته، و في رواية أخرى رواها ابن شهرآشوب أنه كان زيديا فلما رأى منه عليه السلام المعجزة رجع و قال بإمامته.

و الزبالي نسبة إلى زبالة بالفتح قرية من قرى المدينة.

" لما أقدم" على بناء المجهول أي جي ء و التعدية بعلى لتضمين معنى الورود، و المهدي هو ابن المنصور قام بعده بغصب الخلافة عشر سنين، و القدمة بالضم اسم

ص: 41

الْمَهْدِيِّ الْقُدْمَةَ الْأُولَى نَزَلَ زُبَالَةَ فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُ فَرَآنِي مَغْمُوماً فَقَالَ لِي يَا أَبَا خَالِدٍ مَا لِي أَرَاكَ مَغْمُوماً فَقُلْتُ وَ كَيْفَ لَا أَغْتَمُّ وَ أَنْتَ تُحْمَلُ إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ وَ لَا أَدْرِي مَا يُحْدِثُ فِيكَ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيَّ بَأْسٌ إِذَا كَانَ شَهْرُ كَذَا وَ كَذَا وَ يَوْمُ كَذَا فَوَافِنِي فِي أَوَّلِ الْمِيلِ فَمَا كَانَ لِي هَمٌّ إِلَّا إِحْصَاءَ الشُّهُورِ وَ الْأَيَّامِ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ فَوَافَيْتُ الْمِيلَ فَمَا زِلْتُ عِنْدَهُ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ وَ وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ فِي صَدْرِي وَ تَخَوَّفْتُ أَنْ أَشُكَّ فِيمَا قَالَ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى سَوَادٍ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ فَاسْتَقْبَلْتُهُمْ فَإِذَا أَبُو الْحَسَنِ ع أَمَامَ الْقِطَارِ عَلَى بَغْلَةٍ فَقَالَ- إِيهٍ يَا أَبَا

الإقدام و هو نائب ظرف الزمان، أو مفعول مطلق، و التاء في الطاغية للمبالغة، و الميل بالكسر قدر مد البصر، و منار يبني للمسافر، و قدر ثلث فرسخ، و كأنه كان هناك ميل، أو المراد ما بعد من القرية قدر ميل.

" أية" بالتنوين كلمة استزادة و استنطاق، و في النهاية: أية كلمة يراد بها الاستزادة و هي مبنية مع الكسر، و إذا وصلت نونت فقلت أية حدثنا، و إذا قلت أيها بالنصب فإنما تأمره بالسكون، انتهى.

و في نسخ قرب الإسناد أيها بالنصب، و في أكثر نسخ الكتاب كتب بالنون على خلاف الرسم فتوهم بعضهم أنه بفتح الهمزة و الهاء حالا عن ضمير قال، أي طيب النفس أوامر باب الأفعال أي كن طيب النفس و لا يخفى بعدهما.

أقول: و روى صاحب كشف الغمة عن محمد بن طلحة قال: نقل عن الفضل بن الربيع أنه أخبر عن أبيه أن المهدي لما حبس موسى بن جعفر ففي بعض الليالي رأى المهدي في منامه علي بن أبي طالب عليه السلام و هو يقول له: يا محمد" فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ" قال الربيع: فأرسل إلى ليلا و خفت من ذلك و جئت إليه و إذا يقرأ هذه الآية و كان أحسن الناس صوتا فقال علي الآن بموسى بن جعفر، فجئته به فعانقه و أجلسه إلى جانبه، و قال: يا أبا الحسن رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النوم فقرأ علي هذا فتؤمني أن تخرج

ص: 42

خَالِدٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَا تَشُكَّنَّ وَدَّ الشَّيْطَانُ أَنَّكَ شَكَكْتَ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَّصَكَ مِنْهُمْ فَقَالَ إِنَّ لِي إِلَيْهِمْ عَوْدَةً لَا أَتَخَلَّصُ مِنْهُمْ

4 أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ وَ نَحْنُ مَعَهُ بِالْعُرَيْضِ فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ أَتَيْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ وَ سَفَرٍ شَاقٍّ وَ سَأَلْتُ رَبِّي مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَنْ يُرْشِدَنِي إِلَى خَيْرِ الْأَدْيَانِ وَ إِلَى خَيْرِ الْعِبَادِ وَ أَعْلَمِهِمْ وَ أَتَانِي آتٍ فِي النَّوْمِ فَوَصَفَ لِي رَجُلًا بِعُلْيَا دِمَشْقَ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَكَلَّمْتُهُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ أَهْلِ دِينِي وَ غَيْرِي أَعْلَمُ مِنِّي فَقُلْتُ أَرْشِدْنِي إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَإِنِّي لَا أَسْتَعْظِمُ السَّفَرَ وَ لَا تَبْعُدُ عَلَيَّ الشُّقَّةُ وَ لَقَدْ قَرَأْتُ الْإِنْجِيلَ كُلَّهَا

علي أو على أحد من ولدي، فقال: و الله لا فعلت ذلك و لا هو من شأني قال: صدقت يا ربيع! أعطه ثلاثة آلاف دينار و رده إلى أهله إلى المدينة قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا و هو في الطريق خوف العوائق.

و رواه الجنابذي و ذكر أنه وصله بعشرة آلاف دينار.

الحديث الرابع

ضعيف على المشهور.

و في القاموس: عريض كزبير واد بالمدينة به أموال لأهلها، و قال: عليا مضر بالضم و القصر أعلاها، و دمشق بكسر الدال و فتح ميم و كسرها، و الاستعظام عد الشي ء مشكلا.

قال الطبرسي (ره) في قوله تعالى:" وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ" الشقة السفر و المسافة، و قريش يضمون الشين و قيس يكسرونها، و في المغرب الشقة بالضم الطريق يشق على سالكه قطعه، أي يشتد عليه و في القاموس الشقة بالضم و الكسر البعد و الناحية يقصدها المسافر، و السفر البعيد.

و في النهاية: المزمور. بفتح الميم و ضمها، و المزمار سواء، و هو الآلة التي يزمر بها،

ص: 43

وَ مَزَامِيرَ دَاوُدَ وَ قَرَأْتُ أَرْبَعَةَ أَسْفَارٍ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ قَرَأْتُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ حَتَّى اسْتَوْعَبْتُهُ كُلَّهُ فَقَالَ لِيَ الْعَالِمُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ النَّصْرَانِيَّةِ فَأَنَا أَعْلَمُ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ بِهَا وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْيَهُودِ- فَبَاطِي بْنُ شُرَحْبِيلَ السَّامِرِيُّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا الْيَوْمَ وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْإِسْلَامِ وَ عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَ عِلْمَ الْإِنْجِيلِ وَ عِلْمَ الزَّبُورِ وَ كِتَابَ هُودٍ وَ كُلَّ مَا أُنْزِلَ عَلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي دَهْرِكَ وَ دَهْرِ غَيْرِكَ وَ مَا أُنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ خَبَرٍ فَعَلِمَهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ

و منه حديث أبي موسى سمعه النبي صلى الله عليه و آله يقرأ، فقال: لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود شبه حسن صوته و حلاوة نغمته بصوت المزمار، و داود هو النبي عليه السلام و إليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة، و الآل في قوله:" آلَ داوُدَ" مقحمة، قيل: معناه هاهنا الشخص، انتهى.

و في الفائق: ضرب المزامير مثلا لحسن صوت داود عليه السلام و حلاوة نغمته، كان في حلقه مزامير يزمر بها، انتهى.

و الأسفار جمع سفر أجزاء الكتاب و أكثر استعمالها في التوراة و هي أربعة أسفار، و إنما قال: ظاهر القرآن، أي إنما علمت ظهر القرآن و لم أعلم إسراره و بواطنه، فالمراد بالقراءة ما كان مع تفهم و قيل: المراد بظاهر القرآن ما كان ظاهرا منه دون ما سقط منه" علم النصرانية" أي علم الملة النصرانية أو الطائفة النصرانية، و تأنيث الضمير في بها باعتبار المضاف إليه، و المراد علم النصرانية فقط بدون انضمام علم دين آخر إليه، فلا ينافي ما سيذكره من أنه عليه السلام أعلم بالجميع، و شرحبيل بضم الشين و فتح الراء و سكون الحاء، و السامري نسبة إلى سامرة، و في القاموس: السامرة كصاحبة قرية بين الحرمين، و قوم من اليهود يخالفونهم في بعض أحكامهم.

" في دهرك" أي دهر خاتم الأنبياء فإنه دهر المخاطب أيضا" من خبر" في بعض النسخ بالباء الموحدة و في بعضها بالياء المثناة" فعلمه أحد" أي غير الإمام أو لم يعلم به أحد غيره، و يحتمل التعميم بناء على ما يلقى إلى الإمام من العلوم البدائية التي لم يعلم الأئمة السابقة في أحوال إمامتهم و إن علموا في عالم الأرواح

ص: 44

يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ شِفَاءٌ لِلْعَالَمِينَ وَ رَوْحٌ لِمَنِ اسْتَرْوَحَ إِلَيْهِ وَ بَصِيرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً وَ أَنِسَ إِلَى الْحَقِّ فَأُرْشِدُكَ إِلَيْهِ فَأْتِهِ وَ لَوْ مَشْياً عَلَى رِجْلَيْكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَحَبْواً عَلَى رُكْبَتَيْكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَزَحْفاً عَلَى اسْتِكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَعَلَى وَجْهِكَ

كما مر. و قيل: ما نزل من السماء عبارة عن القرآن و من للبيان، خير: بالمثناة أي أحسن من كل كتاب، انتهى.

و ضمير" فيه" راجع إلى ما نزل أو إلى العالم" فيه تبيان كل شي ء" إشارة إلى قوله تعالى:" وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ"" و شفاء للعالمين" إلى قوله سبحانه:" قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ" أي من المذاهب الباطلة و الشبهات المضلة و الأخلاق الرذيلة، و الروح بالفتح الرحمة، و الاسترواح طلب الروح و تعديته بإلى بتضمين معنى التوجه و الإصغاء.

" أراد الله به خيرا" أي وفقه للخير و" أنس" كنصر و علم و حسن، و تعديته بإلى بتضمين معنى الركون.

" فحبوا" منصوب على التمييز كما قيل، و قيل: مصدر منصوب بنيابة ظرف الزمان أو حال بمعنى اسم الفاعل، و المعنى مشيا باليدين و الرجلين و في بعض النسخ بالثاء المثلثة، أي وضعا للركبتين على الأرض، قال في النهاية: فيه لو يعلمون ما في العشاء و الفجر لأتوهما و لو حبوا، الحبو: أن يمشي على يديه و ركبتيه أو استه، و حبا البعير إذا برك ثم زحف من الأحباء، و حبا الصبي إذا زحف على استه، و قال:

زحف إليه زحفا أي مشى نحوه، و زحف الرجل إذا انسحب على استه، و منه الحديث: يزحفون على أستاههم، و قال: أصل الاست استه فحذف الهاء و عوض منها الهمزة.

و في القاموس: الستة و يحرك: الاست، و الجمع أستاه، و الستة، و يضم، و الستة مخففة العجز أو حلقة الدبر.

ص: 45

فَقُلْتُ لَا بَلْ أَنَا أَقْدِرُ عَلَى الْمَسِيرِ فِي الْبَدَنِ وَ الْمَالِ قَالَ فَانْطَلِقْ مِنْ فَوْرِكَ حَتَّى تَأْتِيَ يَثْرِبَ فَقُلْتُ لَا أَعْرِفُ يَثْرِبَ قَالَ فَانْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ مَدِينَةَ النَّبِيِّ ص الَّذِي بُعِثَ فِي الْعَرَبِ وَ هُوَ النَّبِيُّ الْعَرَبِيُّ الْهَاشِمِيُّ فَإِذَا دَخَلْتَهَا فَسَلْ عَنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَ هُوَ عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهَا وَ أَظْهِرْ بِزَّةَ النَّصْرَانِيَّةِ وَ حِلْيَتَهَا فَإِنَّ وَالِيَهَا يَتَشَدَّدُ عَلَيْهِمْ وَ الْخَلِيفَةُ أَشَدُّ ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ وَ هُوَ بِبَقِيعِ الزُّبَيْرِ ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَ أَيْنَ مَنْزِلُهُ وَ أَيْنَ هُوَ مُسَافِرٌ أَمْ حَاضِرٌ فَإِنْ كَانَ مُسَافِراً فَالْحَقْهُ فَإِنَّ سَفَرَهُ أَقْرَبُ مِمَّا ضَرَبْتَ إِلَيْهِ- ثُمَّ أَعْلِمْهُ أَنَّ مَطْرَانَ عُلْيَا الْغُوطَةِ- غُوطَةِ دِمَشْقَ

" فعلى وجهك" أي مقدم بدنك بأن تجر نفسك على الأرض مكبوبا على وجهك" من فورك" أي بدون تراخ و قال في النهاية: يثرب اسم مدينة النبي صلى الله عليه و آله و سلم قديمة، فغيرها و سماها طيبة و طابة كراهية للتثريب و هو اللوم و التعيير، و قيل:

هو اسم أرضها، و قيل سميت باسم رجل من العمالقة، و الغنم بالفتح أبو حي من الأنصار، و هو غنم بن تغلب بن وائل، و بنو النجار بالكسر و التخفيف قبيلة من الأنصار كما يظهر من القاموس، و في الصحاح بالفتح و التشديد.

" و هو" الضمير راجع إلى مصدر تسأل، و البزة بالكسر الهيئة، يقال: فلان حسن البزة، و الحلية بالكسر: الصفة، و ضمير عليهم راجع إلى من يبعثه لطلبه أي موسى عليه السلام و شيعته و قيل: إلى بني غنم و هو بعيد، و ضمير هو هنا أيضا راجع إلى السؤال أو إلى عمرو.

و في القاموس: البقيع الموضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى، و بقيع الغرقد لأنه كان مبنية، و بقيع الزبير، و بقيع الجبجبة، كلهن بالمدينة، انتهى.

و في بعض النسخ بالنون و هو البئر الكثيرة الماء، و موضع بجنبات الطائف، و موضع ببلاد مزينة على ليلتين من المدينة، و هو نقيع الخضمات الذي حماه عمر كما ذكره الفيروزآبادي، و الأول أظهر" مما ضربت" أي سافرت من بلدك إليه، و في

ص: 46

هُوَ الَّذِي أَرْشَدَنِي إِلَيْكَ وَ هُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ كَثِيراً وَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي لَأُكْثِرُ مُنَاجَاةَ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَ إِسْلَامِي عَلَى يَدَيْكَ فَقَصَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَ هُوَ قَائِمٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصَاهُ ثُمَّ قَالَ إِنْ أَذِنْتَ لِي يَا سَيِّدِي كَفَّرْتُ لَكَ وَ جَلَسْتُ فَقَالَ آذَنُ لَكَ أَنْ تَجْلِسَ وَ لَا آذَنُ لَكَ أَنْ تُكَفِّرَ فَجَلَسَ ثُمَّ أَلْقَى عَنْهُ بُرْنُسَهُ ثُمَّ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ قَالَ نَعَمْ مَا جِئْتَ إِلَّا لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ ارْدُدْ عَلَى صَاحِبِي السَّلَامَ أَ وَ مَا تَرُدُّ السَّلَامَ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع عَلَى صَاحِبِكَ إِنْ هَدَاهُ اللَّهُ- فَأَمَّا التَّسْلِيمُ فَذَاكَ إِذَا صَارَ فِي دِينِنَا فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ قَالَ سَلْ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ نَطَقَ بِهِ ثُمَّ وَصَفَهُ بِمَا وَصَفَهُ بِهِ فَقَالَ حم. وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ مَا تَفْسِيرُهَا فِي الْبَاطِنِ فَقَالَ أَمَّا حم فَهُوَ مُحَمَّدٌ ص وَ هُوَ فِي كِتَابِ هُودٍ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَ هُوَ مَنْقُوصُ الْحُرُوفِ وَ أَمَّا الْكِتابُ الْمُبِينُ فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع وَ أَمَّا اللَّيْلَةُ فَفَاطِمَةُ ع وَ أَمَّا قَوْلُهُ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يَقُولُ يَخْرُجُ مِنْهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ فَرَجُلٌ حَكِيمٌ وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ فَقَالَ الرَّجُلُ صِفْ

القاموس: مطران النصارى و يكسر لكبيرهم ليس بعربي محض، و قال: الغوطة بالضم مدينة دمشق أو كورتها، و في الصحاح: الغوطة بالضم موضع بالشام، كثير الماء و الشجر و هي غوطة دمشق.

" إني لأكثر" بفتح اللام على بناء الأفعال، و في القاموس: الكفر تعظيم الفارسي ملكه، و التكفير أن يخضع الإنسان لغيره، انتهى.

و قيل: التكفير و الكفر كالضرب ستر اليدين مع تماس الراحتين بين الركبتين تعظيما للملك، و في القاموس: البرنس بالضم قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه، دراعة كان أو جبة أو ممطر، انتهى.

و أقول: لعل إلقاء البرنس للتعظيم كما هود أبهم اليوم فإنهم يكشفون رؤوسهم عند عظمائهم تذللا.

" أو ما ترد" الترديد من الراوي، أو الهمزة للاستفهام الإنكاري، و الواو للعطف، و كأنه أظهر" على صاحبك إن هداه الله" يمكن أن يقرأ إن بالكسر، أي يسلم عليه بشرط الهداية لا مطلقا أو بعدها لا في الحال، أو بفتح الهمزة بأن تكون مفسرة لتضمن على صاحبك معنى القول، أو مصدرية، و هداه الله جملة دعائية و يظهر منه اختصاص السلام بأهل الإسلام.

ص: 47

" الذي أنزل" على المجهول أو المعلوم، و ضمير نطق لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم" ثم وصفه" أي الكتاب" بما وصفه به" من كونه مبينا و كونه منزلا في ليلة مباركة أو وصف القرآن، أو وصف الله نبيه، و الأول أظهر" و هو في كتاب هود" أي ذكر النبي صلى الله عليه و آله في ذلك الكتاب بحكم" و هو منقوص الحروف" أي نقص منه حرفان، الميم الأول و الدال، و قد مر وجه التعبير عن أمير المؤمنين عليه السلام بالكتاب و القرآن، و التعبير عن فاطمة عليها السلام بالليلة باعتبار عفتها و مستوريتها عن الخلائق صورة و معنى.

" يقول يخرج منها" بلا واسطة و بها" خير" بالتخفيف أو بالتشديد، أي ينعقد فيها إمامان يخرج من أحدهما أئمة كثيرة" فرجل حكيم" الحسن، و الثاني الحسين، و الثالث علي بن الحسين، و هذا من بطون الآية الكريمة اللازمة لظهرها، فدلالتها عليه بالالتزام، إذ نزول القرآن في ليلة القدر إنما هو لهداية الخلق و علمهم بشرائع الدين و استقامتهم على الحق قولا و فعلا إلى يوم القيامة، و لا يكون ذلك إلا بوجود إمام في كل عصر يعلم جميع أحكام الدين و غيرها من ظهر القرآن و بطنه و إنما تحقق ذلك بنصب أمير المؤمنين عليه السلام و جعله محلا لجميع علم القرآن ليصير مصداقا للكتاب المبين، و مزاوجته مع سيدة نساء العالمين ليخرج منهما الأئمة الحافظين للدين المتين إلى يوم الدين، فظهر القرآن و بطنه متطابقان و متلازمان.

قوله: صف لي، كأنه كان مراده التوصيف بالشمائل، و المراد بالأول و الآخر جميعهم من الأول إلى الآخر، و استعمال مثل ذلك في هذا المعنى شائع.

ص: 48

لِيَ الْأَوَّلَ وَ الْآخِرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ فَقَالَ إِنَّ الصِّفَاتِ تَشْتَبِهُ وَ لَكِنَّ الثَّالِثَ مِنَ الْقَوْمِ أَصِفُ لَكَ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ وَ إِنَّهُ عِنْدَكُمْ لَفِي الْكُتُبِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ إِنْ لَمْ تُغَيِّرُوا وَ تُحَرِّفُوا وَ تُكَفِّرُوا وَ قَدِيماً مَا فَعَلْتُمْ قَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ إِنِّي لَا أَسْتُرُ عَنْكَ مَا عَلِمْتُ وَ لَا أُكَذِّبُكَ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ فِي صِدْقِ مَا أَقُولُ وَ كَذِبِهِ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ قَسَمَ عَلَيْكَ مِنْ نِعَمِهِ مَا لَا يَخْطُرُهُ الْخَاطِرُونَ وَ لَا يَسْتُرُهُ السَّاتِرُونَ وَ لَا يُكَذِّبُ فِيهِ مَنْ كَذَّبَ فَقَوْلِي لَكَ فِي ذَلِكَ الْحَقُّ كَمَا ذَكَرْتُ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْتُ فَقَالَ لَهُ أَبُو

قوله عليه السلام: فإن الصفات تشتبه، أي تتشابه لا تكاد تنتهي إلى شي ء تسكن إليه النفس" و لكن الثالث من القوم" أي الحسين صلوات الله عليه" ما يخرج من نسله" أي القائم عليه السلام أو سائر الأئمة أيضا، و استعمال" ما" في موضع" من" شائع، و منه قوله تعالى:" وَ السَّماءِ وَ ما بَناها"" و قديما" منصوب بفعلتم و" ما" للإبهام و" لا أكذبك" متكلم باب ضرب" و أنت" كان الواو للحال" في صدق" أي من جهة صدق، أو المعنى في جملة صادق ما أقول و كاذبة.

" ما لا يخطره الخاطرون" في أكثر النسخ بتقديم المعجمة على المهملة أي ما لا يخطر ببال أحد، لكن في الإسناد توسع لأن الخاطر هو الذي يخطر ببال، و لذا قرأ بعضهم بالعكس، أي لا يمنعه المانعون" و لا يستره الساترون" أي لا يقدرون على ستره لشدة وضوحه" و لا يكذب فيه من كذب" بالتخفيف فيهما أو بالتشديد فيهما، أو بالتشديد في الأول و التخفيف في الثاني، أو بالعكس، و الأول أظهر، فيحتمل وجهين:

الأول: أن المعنى من أراد أن يكذب فيما أنعم الله عليك و ينكره لا يقدر عليه لظهور الأمر، و من أنكر فباللسان دون الجنان، كما قال تعالى:" لا رَيْبَ فِيهِ*" أي ليس محلا للريب.

الثاني: أن المراد أن كل من يزعم أنه يفرط في مدحه و يبالغ فيه فليس

ص: 49

إِبْرَاهِيمَ ع أُعَجِّلُكَ أَيْضاً خَبَراً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِمَّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ أَخْبِرْنِي مَا اسْمُ أُمِّ مَرْيَمَ وَ أَيُّ يَوْمٍ نُفِخَتْ فِيهِ مَرْيَمُ وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ وَ أَيُّ يَوْمٍ وَضَعَتْ مَرْيَمُ فِيهِ عِيسَى ع وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ لَا أَدْرِي فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع أَمَّا أُمُّ مَرْيَمَ فَاسْمُهَا مَرْثَا وَ هِيَ وَهِيبَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَمَلَتْ فِيهِ مَرْيَمُ فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِلزَّوَالِ وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي هَبَطَ فِيهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ وَ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ كَانَ أَوْلَى مِنْهُ عَظَّمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ عَظَّمَهُ مُحَمَّدٌ ص فَأَمَرَ أَنْ يَجْعَلَهُ عِيداً فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي وَلَدَتْ فِيهِ مَرْيَمُ فَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثَاءِ لِأَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَ نِصْفٍ مِنَ النَّهَارِ وَ النَّهَرُ الَّذِي وَلَدَتْ عَلَيْهِ مَرْيَمُ عِيسَى ع هَلْ تَعْرِفُهُ قَالَ لَا قَالَ هُوَ الْفُرَاتُ وَ عَلَيْهِ شَجَرُ النَّخْلِ وَ الْكَرْمِ وَ لَيْسَ يُسَاوَى بِالْفُرَاتِ شَيْ ءٌ

بكاذب، بل مقصر عما تستحقه من ذلك فقوله: من كذب، أي ظن أنه كاذب، أو يكذب في المدح في سائر الممدوحين، و جملة كلما ذكرت استئناف لبيان ما سبق.

" أعجلك" على بناء التفعيل أو الأفعال، أي أعطيتك بدون تراخ" نفخت" على بناء المجهول، أي نفخ فيها فيه، قال الجوهري نفخ فيه و نفخته أيضا لغة" مرثا" في بعض النسخ بالمثلثة و في بعضها بالمثناة" و هيبة" فعيلة بمعنى موهوبة، و يحتمل التصغير، و سيأتي في أواخر كتاب الحجة عن أبي عبد الله عليه السلام أن اسمها كان حنة كما في القاموس، و يحتمل أن يكون أحدهما اسما و الآخر لقبا، أو يكون أحدهما موافقا للمشهور بين أهل الكتاب، قيل: كذلك ليكون حجة عليهم.

" و هو اليوم الذي هبط" أي إلى مريم للنفخ أو إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم للبعثة أو أول نزوله إلى الأرض، و كون ولادة عيسى عليه السلام بالكوفة على شاطئ الفرات مما وردت فيه أخبار كثيرة.

و ربما يستبعد ذلك بأنه تواتر عند أهل الكتاب بل عندنا أيضا أن مريم كانت في بيت المقدس، و كانت محررا لخدمته، و خرجت إلى بيت خالتها أو أختها زوجة زكريا، فكيف انتقلت إلى الكوفة و إلى الفرات مع هذه المسافة البعيدة في هذه المدة

ص: 50

لِلْكُرُومِ وَ النَّخِيلِ فَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَجَبَتْ فِيهِ لِسَانَهَا وَ نَادَى قَيْدُوسُ وُلْدَهُ وَ أَشْيَاعَهُ فَأَعَانُوهُ وَ أَخْرَجُوا آلَ عِمْرَانَ لِيَنْظُرُوا إِلَى مَرْيَمَ فَقَالُوا لَهَا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فِي كِتَابِهِ وَ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ فَهَلْ فَهِمْتَهُ قَالَ نَعَمْ وَ قَرَأْتُهُ الْيَوْمَ الْأَحْدَثَ قَالَ إِذَنْ لَا تَقُومَ

القليلة.

و الجواب: أن تلك الأمور إنما تستبعد بالنسبة إلينا، و أما بالنسبة إليها و أمثالها فلا استبعاد، فيمكن أن يكون الله تعالى سيرها في ساعة واحدة آلاف فراسخ بطي الأرض، و يؤيده قوله تعالى:" فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا" أي تنحت بالحمل إلى مكان بعيد، و قال بعضهم: إن يوسف النجار ابن عم مريم لما علمت بحملها احتملها على حمار له فانطلق بها حتى إذا كان متاخما لأرض مصر في منقطع بلاد قومها أدرك مريم النفاس فألجأها إلى أصل نخلة يابسة فوضعت عيسى عندها.

و أقول: هذا مبني على أن مدة حملها لم تكن ساعات قليلة بل تسعة أشهر أو ثمانية أو ستة كما مر، و قد مر أن الوارد في أكثر أخبارنا تسع ساعات، و قيل:

ثلاث ساعات، و قيل: ساعة واحدة، فعلى الأقوال الأولة يمكن أن يكون ذهابها إلى الكوفة بغير طي الأرض أيضا، و المشهور بينهم أن ولادته عليه السلام كانت في بيت لحم بقرب بيت المقدس.

" و ليس يساوي" على المجهول أي يقابل عند الدهاقنة" للكروم و النخيل" أي لنموها و حسن ثمارها" حجبت فيه لسانها" أي منعت عن الكلام لما أمرت بصوم الصمت و" قيدوس" كان اسم جبار كان ملكا في تلك النواحي من اليهود في ذلك الزمان، و قال الثعلبي: كانت المملكة في ذلك الوقت لملوك الطوائف و كانت الرئاسة بالشام و نواحيه لقيصر الروم، و كان المملك عليها هيردوس، فلما عرف هيردوس ملك بني إسرائيل خبر المسيح قصد قتله، إلى آخر ما قال.

" عليك في كتابه" أي في الإنجيل" علينا في كتابه" أي في القرآن عند قوله

ص: 51

مِنْ مَجْلِسِكَ حَتَّى يَهْدِيَكَ اللَّهُ قَالَ النَّصْرَانِيُّ مَا كَانَ اسْمُ أُمِّي بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَالَ كَانَ اسْمُ أُمِّكَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ عَنْقَالِيَةَ وَ عُنْقُورَةَ كَانَ اسْمُ جَدَّتِكَ لِأَبِيكَ وَ أَمَّا اسْمُ أُمِّكَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ مَيَّةُ وَ أَمَّا اسْمُ أَبِيكَ فَعَبْدُ الْمَسِيحِ وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ عَبْدٌ قَالَ صَدَقْتَ وَ بَرِرْتَ فَمَا كَانَ اسْمُ جَدِّي قَالَ كَانَ اسْمُ جَدِّكَ- جَبْرَئِيلَ وَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمَّيْتُهُ فِي مَجْلِسِي هَذَا قَالَ أَمَا إِنَّهُ كَانَ مُسْلِماً قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع نَعَمْ وَ قُتِلَ شَهِيداً دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَجْنَادٌ فَقَتَلُوهُ فِي مَنْزِلِهِ غِيلَةً وَ الْأَجْنَادُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ فَمَا كَانَ اسْمِي قَبْلَ كُنْيَتِي قَالَ كَانَ اسْمُكَ عَبْدَ الصَّلِيبِ قَالَ فَمَا تُسَمِّينِي

" قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا" إلى آخر الآيات" اليوم الأحدث" أي هذا اليوم الأحدث فإن الأيام السابقة بالنسبة إليه قديمة، و في بعض النسخ بالجيم و الباء الموحدة و لعله تصحيف، و قيل: المراد أن هذا اليوم في كتابنا مسمى باليوم الأجدب لتوجه الكرب و الشدة فيه إليها.

" بالعربية" أي بما يقتضيه لغة العرب و دينهم" و بررت" أي في تسميتك إياه بعبد الله، أو المعنى صدقت فيما سألت و بررت في إفادة ما لم أسأل، لأنه تبرع عليه السلام بذكر اسم جدته و أبيه، أو كان عليه السلام يعلم أن في باله السؤال عنهما فأفاد قبل السؤال لزيادة يقينه.

" سميته" على صيغة المتكلم أي كان اسمه جبرئيل و سميته أنا في هذا المجلس عبد الرحمن، فيدل على مرجوحية التسمية بأسماء الملائكة، و يمكن أن يقرأ بصيغة الخطاب بأن يكون اسم جده جبرئيل و سماه في نفسه في هذا المجلس عبد الرحمن طلبا للمعجزة لزيادة اليقين، و الأول أظهر، و يؤيده ما سيأتي في الجملة.

" شهيدا" أي كالشهيد" غيلة" بالكسر أي فجأة و بغتة، و في القاموس: قتله غيلة خدعه فذهب به إلى موضع فقتله.

قوله: قبل كنيتي، يدل على أنه كان له اسم قبل الكنية ثم كنى و اشتهر

ص: 52

قَالَ أُسَمِّيكَ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ فَإِنِّي آمَنْتُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَرْداً صَمَداً لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ النَّصَارَى وَ لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ الْيَهُودُ وَ لَا جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الشِّرْكِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ فَأَبَانَ بِهِ لِأَهْلِهِ وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ وَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً إِلَى الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ كُلٌّ فِيهِ مُشْتَرِكٌ فَأَبْصَرَ مَنْ أَبْصَرَ وَ اهْتَدَى مَنِ اهْتَدَى وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلِيَّهُ نَطَقَ بِحِكْمَتِهِ وَ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَطَقُوا بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَ تَوَازَرُوا عَلَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَ فَارَقُوا الْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ وَ الرِّجْسَ وَ أَهْلَهُ وَ هَجَرُوا سَبِيلَ الضَّلَالَةِ وَ نَصَرَهُمُ اللَّهُ بِالطَّاعَةِ لَهُ وَ عَصَمَهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فَهُمْ لِلَّهِ أَوْلِيَاءُ وَ لِلدِّينِ أَنْصَارٌ يَحُثُّونَ عَلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِهِ آمَنْتُ بِالصَّغِيرِ مِنْهُمْ وَ الْكَبِيرِ وَ مَنْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ وَ مَنْ لَمْ أَذْكُرْ وَ آمَنْتُ

بها فسئل عن الاسم المتروك لزيادة اليقين، و الصليب صنم للنصارى ذو أربعة أطراف بصورة جسمين طويلين تقاطعا على زوايا قوائم" فإني آمنت" الفاء للتفريع على ما ظهر منه عليه السلام من المعجزات.

" ليس كما تصفه النصارى" من قولهم المسيح ابن الله أو شريكه أو اتحد به أو ثالث ثلاثة" و ليس كما يصفه اليهود" من التجسيم، و قولهم عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ" فأبان به" ضمير به للحق و الباء لتقوية التعدية، و في النهاية فيه: بعثت إلى الأحمر و الأسود أي العجم و العرب، لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة و البياض، و على ألوان العرب الأدمة و السمرة، و قيل: الجن و الإنس، و قيل: أراد بالأحمر الأبيض مطلقا فإن العرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء، و سئل تغلب لم خص الأحمر دون الأبيض فقال: لأن العرب لا تقول أبيض من بياض اللون، إنما الأبيض عندهم الظاهر النقي من العيوب، فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا: الأحمر، و فيه نظر، انتهى.

و المراد بوليه أبو الحسن عليه السلام أو أمير المؤمنين عليه السلام أو كل أوصيائه عليه السلام" و توازروا" أي تعاونوا بالطاعة أي بالتوفيق للطاعة، أو نصرهم على الأعادي بسبب

ص: 53

بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ قَطَعَ زُنَّارَهُ وَ قَطَعَ صَلِيباً كَانَ فِي عُنُقِهِ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ قَالَ مُرْنِي حَتَّى أَضَعَ صَدَقَتِي حَيْثُ تَأْمُرُنِي فَقَالَ هَاهُنَا أَخٌ لَكَ كَانَ عَلَى مِثْلِ دِينِكَ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَ هُوَ فِي نِعْمَةٍ كَنِعْمَتِكَ فَتَوَاسَيَا وَ تَجَاوَرَا وَ لَسْتُ أَدَعُ أَنْ أُورِدَ عَلَيْكُمَا حَقَّكُمَا فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ وَ اللَّهِ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنِّي لَغَنِيٌّ وَ لَقَدْ تَرَكْتُ ثَلَاثَمِائَةِ طَرُوقٍ بَيْنَ فَرَسٍ وَ فَرَسَةٍ وَ تَرَكْتُ أَلْفَ بَعِيرٍ فَحَقُّكَ فِيهَا أَوْفَرُ مِنْ حَقِّي فَقَالَ لَهُ أَنْتَ مَوْلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنْتَ فِي حَدِّ نَسَبِكَ عَلَى حَالِكَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ

الطاعة، و في القاموس: زنر الرجل ألبسه الزنار، و هو ما على وسط النصارى و المجوس كالزنارة من تزنر الشي ء: دق.

قوله: صدقتي كان المراد بها الصليب الذي كان في عنقه، أراد أن يتصدق بذهبه، و يحتمل الأعم، و قيل: صدقتي بسكون الدال أي خلوص حبي و مؤاخاتي" و هو في نعمه" أي الهداية إلى الإسلام بعد الكفر، و في القاموس: آساه بماله مواساة أناله منه، و جعله فيه أسوة، و لا يكون ذلك إلا من كفاف فإن كان من فضلة فليس بمواساة، و تأسوا آسى بعضهم بعضا، و قال: في و سار و أساه و أساه لغة رديئة.

" حقكما" أي من الصدقات، و في القاموس: ناقة طروقة الفحل: بلغت أن يضربها الفحل، و كذا المرأة، و قيل: الطروق إما بضم المهملتين مصدر باب نصر، الضراب أطلق على ما يستحق الطروق مبالغة، فيشمل الذكر و الأنثى، و إما بفتح الأولى بمعنى ما يستحق الضراب.

" بين فرس و فرسة" أي بعض الثلاثمائة ذكر و بعضها أنثى، و قال في المصباح المنير: الفرس يقع على الذكر و الأنثى، قال ابن الأنباري: ربما بنوا الأنثى على الذكر فقالوا: فيها فرسة، و حكاه يونس سماعا من العرب، انتهى.

و قيل: ثلاثمائة طروق غير الفرس و الفرسة،" فحقك فيها" أي حق الخمس أو بناء على أن الإمام أولى بالمؤمنين من أنفسهم" أنت مولى الله" أي معتقهما لأنه بهما أعتق من النار" و أنت في حد نسبك" أي لا يضر ذلك في نسبك بل ترث أقاربك

ص: 54

وَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فِهْرٍ وَ أَصْدَقَهَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع خَمْسِينَ دِينَاراً مِنْ صَدَقَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ أَخْدَمَهُ وَ بَوَّأَهُ وَ أَقَامَ حَتَّى أُخْرِجَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع فَمَاتَ بَعْدَ مَخْرَجِهِ بِثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً

5 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ع وَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ الْيَمَنِ مِنَ الرُّهْبَانِ وَ مَعَهُ رَاهِبَةٌ فَاسْتَأْذَنَ لَهُمَا الْفَضْلُ بْنُ سَوَّارٍ فَقَالَ لَهُ إِذَا كَانَ غَداً فَأْتِ بِهِمَا عِنْدَ بِئْرِ أُمِّ خَيْرٍ قَالَ فَوَافَيْنَا مِنَ الْغَدِ فَوَجَدْنَا الْقَوْمَ قَدْ وَافَوْا فَأَمَرَ بِخَصَفَةِ بَوَارِيَّ ثُمَّ جَلَسَ وَ جَلَسُوا فَبَدَأَتِ الرَّاهِبَةُ بِالْمَسَائِلِ فَسَأَلَتْ عَنْ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ كُلَّ ذَلِكَ يُجِيبُهَا وَ سَأَلَهَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا فِيهِ

و تنسب إليهم، أو لا تنقص عبوديتك لله و لرسوله من جاهك و منزلتك، أو المولى بمعنى الوارد على قبيلة لم يكن منهم، أو الناصر، و الأول أظهر، و قيل: أنت في حد نسبك، يعني أن أقاربك يمنعونك مالك من الطروق و البعير و نحوهما، فأنت تكون على هذه الحال من الفقر و الحاجة، و الفهر بالكسر أبو قبيلة من قريش،" و أخدمه" أي أعطاه جارية أو غلاما" و بوأه" أي أعطاه منزلا" حتى أخرج" على بناء المجهول أي أخرجه هارون من المدينة.

الحديث الخامس

: ضعيف على المشهور.

و في القاموس: نجران بلا لام بلد باليمن فتح سنة عشر سمي بنجران بن زيدان ابن سبأ، و موضع بالبحرين و موضع بحوران قرب دمشق، و موضع بين الكوفة و واسط و قال: الترهب التعبد، و الراهب واحد رهبان النصارى، و السوار ككتاب و غراب ما يزين به اليد، و قد يجعل اسما للرجال، و كان السوار بالفتح و التشديد صانعه أو بائعه" إذا كان غدا" أي كان الزمان غدا، و قيل: ضمير كان لنظام العالم و غدا أي في غد، و في القاموس: الخصفة الجلة تعمل من الخوص للتمر و الثوب الغليظ جدا، انتهى.

ص: 55

شَيْ ءٌ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَقْبَلَ الرَّاهِبُ يَسْأَلُهُ فَكَانَ يُجِيبُهُ فِي كُلِّ مَا يَسْأَلُهُ فَقَالَ الرَّاهِبُ قَدْ كُنْتُ قَوِيّاً عَلَى دِينِي وَ مَا خَلَّفْتُ أَحَداً مِنَ النَّصَارَى فِي الْأَرْضِ يَبْلُغُ مَبْلَغِي فِي الْعِلْمِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ بِرَجُلٍ فِي الْهِنْدِ إِذَا شَاءَ حَجَّ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ بِأَرْضِ الْهِنْدِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ بِأَيِّ أَرْضٍ هُوَ فَقِيلَ لِي إِنَّهُ بِسُبْذَانَ وَ سَأَلْتُ الَّذِي أَخْبَرَنِي فَقَالَ هُوَ عَلِمَ الِاسْمَ الَّذِي ظَفِرَ بِهِ آصَفُ صَاحِبُ سُلَيْمَانَ لَمَّا أَتَى بِعَرْشِ سَبَإٍ وَ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ لَكُمْ فِي كِتَابِكُمْ وَ لَنَا مَعْشَرَ الْأَدْيَانِ فِي كُتُبِنَا فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع فَكَمْ لِلَّهِ مِنِ اسْمٍ لَا يُرَدُّ فَقَالَ الرَّاهِبُ الْأَسْمَاءُ كَثِيرَةٌ فَأَمَّا الْمَحْتُومُ مِنْهَا الَّذِي

و كان الإضافة إلى البواري لبيان أن المراد ما يعمل من الخوص للفرش مكان البارية لا ما يعمل للتمر، أو لا الثوب الغليظ، و البواري جمع بارية، و يظهر من آخر الحديث أن الخصف كان يطلق على البارية أو المراد به ما ذكرنا.

و البيت المقدس إذا كان مع اللام فالمقدس مشدد الدال مفتوحة، و بدون اللام يحتمل ذلك أي بيت المكان المقدس و كسر الدال المخففة مصدرا أي بيت القدس، قال في القاموس: بيت المقدس كمجلس و معظم، و في النهاية: سمي بيت المقدس لأنه الموضع الذي يتقدس فيه من الذنوب، يقال: بيت المقدس، و البيت المقدس و بيت القدس بضم الدال و سكونها.

" بسبذان" في بعض النسخ بالباء و الذال المعجمة و في بعضها بالنون و الدال المهلة و لم أعرفهما في البلاد المشهورة، و السند بلاد معروفة و قيل رجما بالغيب: هو معرب سيهوان كورة بالهند بين تتة و بكر" و هو الذي" كان هذا من كلام الراهب" فكم لله" قيل: كم استفهامية" لا يرد" أي لا يرد سائله كما صرح به الراهب أو

ص: 56

لَا يُرَدُّ سَائِلُهُ فَسَبْعَةٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ ع فَأَخْبِرْنِي عَمَّا تَحْفَظُ مِنْهَا قَالَ الرَّاهِبُ لَا وَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَ جَعَلَ عِيسَى عِبْرَةً لِلْعَالَمِينَ وَ فِتْنَةً لِشُكْرِ أُولِي الْأَلْبَابِ وَ جَعَلَ مُحَمَّداً بَرَكَةً وَ رَحْمَةً وَ جَعَلَ عَلِيّاً ع عِبْرَةً وَ بَصِيرَةً وَ جَعَلَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ نَسْلِهِ وَ نَسْلِ مُحَمَّدٍ مَا أَدْرِي وَ لَوْ دَرَيْتُ مَا احْتَجْتُ فِيهِ إِلَى كَلَامِكَ وَ لَا جِئْتُكَ وَ لَا سَأَلْتُكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع عُدْ إِلَى حَدِيثِ الْهِنْدِيِّ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ سَمِعْتُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ لَا أَدْرِي مَا بِطَانَتُهَا وَ لَا شَرَائِحُهَا وَ لَا أَدْرِي مَا هِيَ وَ لَا كَيْفَ هِيَ وَ لَا بِدُعَائِهَا فَانْطَلَقْتُ حَتَّى قَدِمْتُ سُبْذَانَ الْهِنْدِ فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ فَقِيلَ لِي إِنَّهُ بَنَى دَيْراً

المسؤول به.

" عبرة" بالكسر و هي ما يعتبر به أي ليستدلوا به على كمال قدرة الله حيث خلفه من غير أب" و فتنة" أي امتحانا ليشكروه على نعمة إيجاد عيسى لهم فيثابوا، و في القاموس: عبر عما في نفسه أعرب و عبر عنه غيره فأعرب عنه و الاسم العبرة و العبارة و العبرة بالكسر العجب، و اعتبر تعجب، انتهى.

و منه يعلم أنه يمكن أن يقرأ العبرة بالفتح كما أنه يقال عيسى كلمة الله و الأئمة عليهم السلام كلمات الله و هم المعبرون عن الله.

قوله: ما أدري، جواب القسم، و البطائن كأنه جمع البطانة بالكسر أي سرارها و ربما يقرأ بطانتها و هي من الثوب خلاف الظهارة" و شرائحها" أي ما يشرحها و يبينها و كأنه كناية عن ظواهرها، في القاموس: شرح كمنع كشف و قطع كشرح و فتح و فهم، و الشرحة القطعة من اللحم كالشريحة و الشريح، انتهى.

و ربما يقرأ بالجيم جمع شريجة فعيلة بمعنى مفعولة من الشرج بالفتح شد الخريطة لئلا يظهر ما فيها، و في بعض النسخ شرائعها بالعين المهملة أي طرق تعلمها أو ظواهرها" و لا بدعائها" الدراية تتعدى بنفسه و بالباء يقال: دريته و دريت به، و قد يقرأ بدعا بها أي عالما في كمال العلم بها، في القاموس البدع بالكسر الغاية من كل شي ء و ذلك إذا كان عالما أو شجاعا أو شريفا، انتهى.

ص: 57

فِي جَبَلٍ فَصَارَ لَا يَخْرُجُ وَ لَا يُرَى إِلَّا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ وَ زَعَمَتِ الْهِنْدُ أَنَّ اللَّهَ فَجَّرَ لَهُ عَيْناً فِي دَيْرِهِ وَ زَعَمَتِ الْهِنْدُ أَنَّهُ يُزْرَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ يُلْقِيهِ وَ يُحْرَثُ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَرْثٍ يَعْمَلُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَى بَابِهِ فَأَقَمْتُ ثَلَاثاً- لَا أَدُقُّ الْبَابَ وَ لَا أُعَالِجُ الْبَابَ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَتَحَ اللَّهُ الْبَابَ وَ جَاءَتْ بَقَرَةٌ عَلَيْهَا حَطَبٌ تَجُرُّ ضَرْعَهَا يَكَادُ يَخْرُجُ مَا فِي ضَرْعِهَا مِنَ اللَّبَنِ فَدَفَعَتِ الْبَابَ فَانْفَتَحَ فَتَبِعْتُهَا وَ دَخَلْتُ فَوَجَدْتُ الرَّجُلَ قَائِماً يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَبْكِي وَ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ فَيَبْكِي وَ يَنْظُرُ إِلَى الْجِبَالِ فَيَبْكِي فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَقَلَّ ضَرْبَكَ فِي دَهْرِنَا هَذَا فَقَالَ لِي وَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلَّا حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ رَجُلٍ خَلَّفْتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ فَقُلْتُ لَهُ أُخْبِرْتُ أَنَّ عِنْدَكَ اسْماً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَبْلُغُ بِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ- بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَ تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِكَ فَقَالَ لِي وَ هَلْ تَعْرِفُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قُلْتُ لَا أَعْرِفُ إِلَّا بَيْتَ الْمَقْدِسِ الَّذِي بِالشَّامِ قَالَ لَيْسَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَ لَكِنَّهُ الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ وَ هُوَ بَيْتُ آلِ مُحَمَّدٍ ص فَقُلْتُ لَهُ أَمَّا مَا سَمِعْتُ بِهِ إِلَى يَوْمِي هَذَا فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَقَالَ لِي تِلْكَ مَحَارِيبُ

و في القاموس: الهند جيل معروف و النسبة هندي و هنود" أقمت ثلاثا" أي ثلاث ليال" يكاد يخرج" بيان لامتلاء الضرع من اللبن" ما أقل ضربك" أي مثلك في القاموس: الضرب المثل و الصنف من الشي ء.

قوله: رجل خلفته، أي موسى بن جعفر عليه السلام، قوله: و ليلة، قيل: عطف السحاب و يحتمل عطف الانفراد، قوله: ليس بيت المقدس، اسم ليس ضمير مستتر للذي بالشام و ضمير لكنه لبيت المقدس، و الحاصل أنه ليس الذي بالشام اسمه المقدس و لكن المسمى ببيت المقدس هو البيت المقدس المنزه المطهر و هو بيت آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم الذي أنزل الله فيهم:" إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"" فهو بيت المقدس" ضمير هو للذي بالشام، و الجملة جواب أما و خبر ما، و الحاصل أني ما سمعت إلى الآن غير أن الذي بالشام سمي ببيت المقدس و تأنيث

ص: 58

الْأَنْبِيَاءِ وَ إِنَّمَا كَانَ يُقَالُ لَهَا حَظِيرَةُ الْمَحَارِيبِ حَتَّى جَاءَتِ الْفَتْرَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَ عِيسَى ص وَ قَرُبَ الْبَلَاءُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَ حَلَّتِ النَّقِمَاتُ فِي دُورِ الشَّيَاطِينِ فَحَوَّلُوا وَ بَدَّلُوا وَ نَقَلُوا تِلْكَ الْأَسْمَاءَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْبَطْنُ لآِلِ مُحَمَّدٍ وَ الظَّهْرُ مَثَلٌ- إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ

تلك باعتبار الخبر أو بتأويل البقعة و نحوها، و في القاموس: الحظيرة جرين التمر و المحيط بالشي ء خشبا أو قصبا، و الحظار ككتاب الحائط و يفتح و ما يعمل للإبل من شجر ليقيها البرد، و الفترة ضعف أهل الحق، و في القاموس: الفترة ما بين كل نبيين.

" و قرب البلاء" أي الابتلاء و الافتتان و الخذلان، و هو المراد بحلول النقمات أي حلت نقمات الله و غضبه في دور شياطين الإنس أو الأعم منهم و من الجن، بسلب ما يوجب هدايتهم عنهم، و ربما يقرأ جلت بالجيم و النغمات بالغين المعجمة، استعيرت للشبه الباطلة و البدع المضلة الناشئة عن أهل الباطل الرائجة بينهم في مدارسهم و مجامعهم" فحولوا" أي نقولا اسم شي ء إلى آخر" و بدلوا" أي وضعوا أسماء لشي ء و تركوا اسمه الأصلي.

" و هو قول الله" كان الضمير لمصدر نقلوا، و قوله: البطن لآل محمد و الظهر مثل، جملة معترضة، و قوله:" إن هي" بيان لقول الله و حاصل الكلام يرجع إلى ما مر مرارا أن آيات الشرك ظاهرها في الأصنام الظاهرة و باطنها في خلفاء الجور الذين أشركوا مع أئمة الحق، و نصبوا مكانهم، فقوله سبحانه:" أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى" أريد في بطن القرآن باللات الأول، و بالعزي الثاني، و بالمناة الثالثة حيث سموهم بأمير المؤمنين و بخليفة رسول الله، و بالصديق و الفاروق و ذي النورين و أمثال ذلك.

و توضيحه أن الله تعالى لم ينزل القرآن لأهل عصر الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و الحاضرين

ص: 59

في وقت الخطاب، بل هو لسائر الخلق إلى يوم الحساب، فإذا نزلت آية في قصة أو واقعة فهي جارية في أمثالها و أشباهها فما ورد في عبادة الأصنام و الطواغيت في زمان كان الغالب فيه عبادة الأصنام لعدولهم عن الأدلة العقلية و النقلية الدالة على بطلانها و على وجوب طاعة النبي الناهي عن عبادتها، فكذلك يجري في أقوام تركوا طاعة أئمة الحق و نصبوا أئمة الجور مكانهم لعدولهم عن الأدلة العقلية و النقلية و اتباعهم الأهواء و عدولهم عن نصوص النبي صلى الله عليه و آله و سلم فهم لامتداد زمانهم كأنهم الأصل، و كان ظاهر الآيات مثل فيهم فالآيات دالة بالمطابقة على بطلان عبادة الأصنام، و طاعة الطواغيت و عدم اتباع النبي، و بالالتزام على بطلان اتباع أئمة الضلال و ترك اتباع أئمة الحق فهي مثل جار في أمثالها إلى يوم القيامة، فظواهر الآيات أكثرها أمثال و بواطنها هي المقصودة بالإنزال كما قال سبحانه:" وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ".

و على ما حققنا لا يلزم جريان سائر الآيات الواقعة في ذلك السياق في هذا الباطن، و ربما يتكلف في قوله تعالى:" أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى" أنه استفهام إنكار، و المخاطبون هم المتعاقدون في الكعبة حيث استندوا إلى أن محمدا أبتر، إذ ليس له إلا أنثى و ابن بنت الرجل ليس ابنا له، و كذبهم الله هنا و في سورة الكوثر بقوله:

" إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ"، انتهى.

و أقول: يمكن أن يكون في بطن الآية إطلاق الأنثى عليهم للأنوثية السارية في أكثرهم، لا سيما الثاني كما روي في تأويل قوله تعالى:" إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً" أن كل من تسمى بأمير المؤمنين و رضي بهذا اللقب غيره عليه السلام فهو مبتلى بالعلة الخسيسة الملعونة، أو لضعف الإناث بالنسبة إلى الذكور على سبيل التشبيه،

ص: 60

فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي قَدْ ضَرَبْتُ إِلَيْكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ تَعَرَّضْتُ إِلَيْكَ بِحَاراً وَ غُمُوماً وَ هُمُوماً وَ خَوْفاً وَ أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَيْتُ مُؤْيَساً أَلَّا أَكُونَ ظَفِرْتُ بِحَاجَتِي فَقَالَ لِي مَا أَرَى أُمَّكَ حَمَلَتْ بِكَ إِلَّا وَ قَدْ حَضَرَهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ وَ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ حِينَ أَرَادَ الْوُقُوعَ بِأُمِّكَ إِلَّا وَ قَدِ اغْتَسَلَ وَ جَاءَهَا عَلَى طُهْرٍ وَ لَا أَزْعُمُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَرَسَ السِّفْرَ الرَّابِعَ مِنْ سَهَرِهِ

فإن فرارهم في أكثر الحروب و عجزهم عن أكثر أمور الخلافة و شرائطها يلحقهم بالإناث كما قال عمر: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال.

و أما ظهر الآية فقالوا إنكار لقولهم: الملائكة بنات الله، و هذه أصنام استوطنها جنيات هن بناته، أو هياكل الملائكة، ذكره البيضاوي.

ثم اعلم أنه قرأ بعضهم مثل بضمتين، أي الأصنام و هو بعيد، و قرأ بعضهم مثل بالكسر، و قال: المراد أن الظهر و البطن جميعا لآل محمد في جميع الآيات مثل هذه الآية، و لعله أبعد.

" تعرضت إليك" أي ارتكبت متوجها إليك، قوله: مؤيسا ألا أكون، أقول يحتمل وجهين: الأول: أن يكون من قبيل سألتك إلا فعلت كذا، أي كنت في جميع الأحوال مؤيسا إلا وقت الظفر بحاجتي، الثاني: أن يكون ألا بالفتح مركبا من أن و لا، و تكون لا زائدة كما في قوله تعالى:" ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" و يضمن مؤيسا معنى الخوف أي خائفا أن لا أكون، و ربما يقرأ مؤيسا بفتح الميم و كسر الواو من الويس بالفتح كرب الفقر و نحوه، و أن لا بالفتح مفعول له، و لا يخفى ما فيه.

قوله: و لا أعلم أن أباك، لعله زيدت كلمة أن من النساخ، و الظاهر عدمها، و على تقديرها كان تقدير الكلام و لا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بأمك فعل فعلا غير الاغتسال، أو كان على حال غير حال الاغتسال و قيل: أباك اسم أن، و حين منصوب بالظرفية، مضاف إلى الجملة و الظرف خبر أن نظير" يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ" و إلا للاستثناء المفرغ، و الواو للحال، انتهى.

ص: 61

ذَلِكَ فَخُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ فَانْطَلِقْ حَتَّى تَنْزِلَ مَدِينَةَ مُحَمَّدٍ ص الَّتِي يُقَالُ لَهَا طَيْبَةُ وَ قَدْ كَانَ اسْمُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَثْرِبَ ثُمَّ اعْمِدْ إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ- الْبَقِيعُ ثُمَّ سَلْ عَنْ دَارٍ يُقَالُ لَهَا دَارُ مَرْوَانَ فَانْزِلْهَا وَ أَقِمْ ثَلَاثاً ثُمَّ سَلْ عَنِ الشَّيْخِ الْأَسْوَدِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى بَابِهَا يَعْمَلُ الْبَوَارِيَّ وَ هِيَ فِي بِلَادِهِمُ اسْمُهَا الْخَصَفُ فَالْطُفْ بِالشَّيْخِ وَ قُلْ لَهُ بَعَثَنِي إِلَيْكَ نَزِيلُكَ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِي الزَّاوِيَةِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْخُشَيْبَاتُ الْأَرْبَعُ ثُمَّ سَلْهُ عَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَ سَلْهُ أَيْنَ نَادِيهِ وَ سَلْهُ أَيُّ سَاعَةٍ يَمُرُّ فِيهَا فَلَيُرِيكَاهُ أَوْ يَصِفُهُ لَكَ فَتَعْرِفُهُ بِالصِّفَةِ وَ سَأَصِفُهُ لَكَ قُلْتُ فَإِذَا لَقِيتُهُ فَأَصْنَعُ مَا ذَا قَالَ سَلْهُ عَمَّا كَانَ وَ عَمَّا هُوَ كَائِنٌ وَ سَلْهُ عَنْ مَعَالِمِ دِينِ مَنْ مَضَى

و درس كنصر و ضرب: قرأ و كان التخصيص بالسفر الرابع لكونه أفضل أسفاره، أو لاشتماله على أحوال خاتم النبيين و أوصيائهم عليهم السلام" من سهره" بالتحريك و إهمال السين و هو أظهر مما في بعض النسخ بالإعجام و سكون الهاء.

" من حيث جئت" أي من الطريق الذي جئت" ثم اعمد" بالضم أي اقصد و توجه" و أقم ثلاثا" لئلا يعلم الناس بالتعجيل لمطلبه، و الشيخ الأسود كأنه الفضل ابن سوار، و قيل: البواري تنسج من القصب و الخصف تنسج من ورق النخل، أي الخوص، و قد يستعمل أحدها في الآخر، و في القاموس: النزيل الضيف" عن فلان ابن فلان الفلاني" أي عن موسى بن جعفر العلوي مثلا، و النادي المجلس، و في القاموس: الندى كغني و النادي و الندوة و المنتدي مجلس القوم نهارا و المجلس ما داموا مجتمعين فيه.

و" أي ساعة" قيل: أي مرفوع مضاف" يمر" أي يتوجه إلى النادي، و ضمير فيها للساعة" فليريكاه" بفتح اللام، و الألف من إشباع الفتحة" و سأصفه" الظاهر أنه وصف الإمام عليه السلام بحليته له و لم يذكر في الخبر، و قيل: إشارة إلى ما يجي ء من قوله: سله عما كان، إلخ فإنه يدل على مبلغ علمه" من مضى" أي أمم الأنبياء السابقين" و من بقي" أي أمة خاتم الأنبياء فإن دينه باق إلى يوم القيامة.

ص: 62

وَ مَنْ بَقِيَ فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع قَدْ نَصَحَكَ صَاحِبُكَ الَّذِي لَقِيتَ فَقَالَ الرَّاهِبُ مَا اسْمُهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ هُوَ مُتَمِّمُ بْنُ فَيْرُوزَ وَ هُوَ مِنْ أَبْنَاءِ الْفُرْسِ وَ هُوَ مِمَّنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ عَبَدَهُ بِالْإِخْلَاصِ وَ الْإِيقَانِ وَ فَرَّ مِنْ قَوْمِهِ لَمَّا خَافَهُمْ فَوَهَبَ لَهُ رَبُّهُ حُكْماً وَ هَدَاهُ لِسَبِيلِ الرَّشَادِ وَ جَعَلَهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وَ عَرَّفَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عِبَادِهِ الْمُخْلَصِينَ وَ مَا مِنْ سَنَةٍ إِلَّا وَ هُوَ يَزُورُ فِيهَا مَكَّةَ حَاجّاً وَ يَعْتَمِرُ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَ يَجِي ءُ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ عَوْناً وَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ثُمَّ سَأَلَهُ الرَّاهِبُ عَنْ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ كُلَّ ذَلِكَ يُجِيبُهُ فِيهَا وَ سَأَلَ الرَّاهِبَ عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الرَّاهِبِ فِيهَا شَيْ ءٌ فَأَخْبَرَهُ بِهَا ثُمَّ إِنَّ الرَّاهِبَ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ ثَمَانِيَةِ أَحْرُفٍ نَزَلَتْ فَتَبَيَّنَ فِي الْأَرْضِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَ بَقِيَ فِي الْهَوَاءِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ عَلَى مَنْ نَزَلَتْ

" لما خافهم" بفتح اللام و شد الميم أو بكسر اللام و تخفيف الميم و ما مصدرية و الحكم بالضم الحكمة" و عرف" على بناء التفعيل، و المخلصين بفتح اللام و كسرها أي جعله بحيث يعرف أئمته و يعرفونه" و يجي ء من موضعه" أي بطي الأرض بإعجازه عليه السلام" فضلا" منصوب بنزع الخافض، أي بفضل كما قال تعالى:" وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً" و ليس مفعولا إلا عند من جوز تغاير فاعله و فاعل الفعل المعلل به و كذا عونا، و قيل: كل منصوب بالظرفية و ذلك إشارة إلى مصدر سأله و ضمير فيها للسائل.

و الأحرف جمع حرف و هو الكلام المختصر" فتبين في الأرض" أي ظهرت و عمل بمضمونها و لعل البقاء في الهواء كناية عن عدم تبينها في الأرض، و عدم العمل بمضمونها لأنها متعلقة بأحوال من يأتي في آخر الزمان، أو أنها نزلت من اللوح إلى بيت المعمور، أو إلى السماء الدنيا، أو إلى بعض الصحف لكن لم تنزل بعد إلى الأرض، و تنزل عليه السلام، و يؤيده قوله: و ينزل عليه، و ليس هذا نسخا لأنه أخبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه سيكون في زمن القائم عليه السلام أمور مستطرفة باعتبار تبدل الزمان

ص: 63

تِلْكَ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْهَوَاءِ وَ مَنْ يُفَسِّرُهَا قَالَ ذَاكَ قَائِمُنَا يُنَزِّلُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيُفَسِّرُهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ عَلَى الصِّدِّيقِينَ وَ الرُّسُلِ وَ الْمُهْتَدِينَ ثُمَّ قَالَ الرَّاهِبُ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الِاثْنَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْرُفِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ مَا هِيَ قَالَ أُخْبِرُكَ بِالْأَرْبَعَةِ كُلِّهَا أَمَّا أَوَّلُهُنَّ فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بَاقِياً وَ الثَّانِيَةُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ص مُخْلَصاً وَ الثَّالِثَةُ نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ وَ الرَّابِعَةُ شِيعَتُنَا مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص

فيكون الأحكام المغيرة أحكاما موقتة أخبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم بتوقيتها، أو أنه لا يتحقق مصداق تلك الأحكام إلا في ذلك الزمان فينزل عليه ما لم ينزل على أحد قبله، و يكلف بما لم يكلف أحد قبله.

قوله: باقيا كأنه حال من القول المقدر في قوله: فلا إله إلا الله، حال كون ذلك القول باقيا أبد الدهر، و كذا قوله: مخلصا، و قيل: أي إلها باقيا أو وحده وحده حالكونه باقيا، أو كان كونا باقيا أو قيل قولا باقيا، و هذا كقوله تعالى:" وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً" يعني كلمة التوحيد" مخلصا" أي أرسل حالكونه مخلصا أو أرسل رسولا مخلصا بفتح اللام و كسره فيهما، أو قيل هذا القول مخلصا.

" نحن أهل البيت" أي نحن أهل بيت الكتاب و الحكم و النبوة، و قد ذكر عليه السلام الكلمتين الأخيرتين بمضمونها، و يحتمل ذلك في الأوليين أيضا، و يحتمل أن يكون المعنى أن الكلمة الثالثة نحن فإنهم عليه السلام كلمات الله الحسنى، فيكون أهل البيت بدلا من نحن.

و أقول: يحتمل أن يكون المعنى المعنيون بقوله سبحانه:" إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" و قوله: بسبب، متعلق بالجمل الثلاث أي شيعتنا متعلقون بسبب نشأ منا أو شيعتنا بالنسبة إلينا متصلون بسبب و السبب في الأصل هو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء، ثم أستعير لكل ما يتوصل به إلى الشي ء كقوله تعالى:" وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ" أي الوصل و المودات و المراد

ص: 64

وَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ بِسَبَبٍ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حَقٌّ وَ أَنَّكُمْ صَفْوَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَنَّ شِيعَتَكُمُ الْمُطَهَّرُونَ الْمُسْتَبْدَلُونَ- وَ لَهُمْ عَاقِبَةُ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* فَدَعَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع بِجُبَّةِ خَزٍّ وَ قَمِيصٍ قُوهِيٍّ وَ طَيْلَسَانٍ وَ خُفٍّ وَ قَلَنْسُوَةٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَ صَلَّى الظُّهْرَ وَ قَالَ لَهُ اخْتَتِنْ فَقَالَ قَدِ اخْتَتَنْتُ فِي سَابِعِي

هنا الدين أو الولاية و المحبة، فالمعنى أن شيعتنا على ديننا و نحن على دين رسول الله و رسول الله على دين الله الذي أنزله إليه، و أن شيعتنا متصلون بنا اتصالا روحانيا و نحن متصلون برسول الله كذلك و هكذا و نحن وسيلة شيعتنا إلى الرسول، و هو وسيلتنا إلى الله، و المعاني كلها متقاربة.

" المستذلون" بالذال المعجمة المفتوحة أي الذين صيرهم الناس أذلاء كما قال تعالى:" وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ" الآية، و في بعض النسخ بالمهملة المكسورة أي المستدلون بالبراهين على إمامتكم و سائر الأمور الدينية و في بعض النسخ بزيادة الباء الموحدة و الدال المهملة المفتوحة إشارة إلى قوله تعالى:

" يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ" كما ورد أنهم الموالي يتبعون الأئمة عليهم السلام و يوالونهم" و لهم عاقبة الله" أي تمكينهم في الأرض في آخر الزمان كما قال سبحانه:" وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" و الجبة بالضم ثوب قصير الكمين، و في القاموس: القوهي ثياب بيض و قوهستان بالضم كورة بين نيسابور و هراة، و قصبتها قاين و طبس، و موضع و بلد بكرمان قرب جيرفت، و منه ثوب قوهي لما ينسج بها، أو كل ثوب أشبهه يقال له قوهي و إن لم يكن من قوهستان، انتهى.

و الطيلسان بتثليث اللام ثوب من قطن" في سابعي" أي سابع ولادتي، و قيل:

أي اليوم السابع من إسلامي، و كان هذا القول بعد هذا المجلس، و قيل: أي سبعة أيام قبل زمان التكلم و لا يخفى بعدهما.

ص: 65

6 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ مَرَّ الْعَبْدُ الصَّالِحُ بِامْرَأَةٍ بِمِنًى وَ هِيَ تَبْكِي وَ صِبْيَانُهَا حَوْلَهَا يَبْكُونَ وَ قَدْ مَاتَتْ ْ لَهَا بَقَرَةٌ فَدَنَا مِنْهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا مَا يُبْكِيكِ يَا أَمَةَ اللَّهِ قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا صِبْيَاناً يَتَامَى وَ كَانَتْ لِي بَقَرَةٌ مَعِيشَتِي وَ مَعِيشَةُ صِبْيَانِي كَانَ مِنْهَا وَ قَدْ مَاتَتْ وَ بَقِيتُ مُنْقَطَعاً بِي وَ بِوُلْدِي لَا حِيلَةَ لَنَا فَقَالَ يَا أَمَةَ اللَّهِ هَلْ لَكِ أَنْ أُحْيِيَهَا لَكِ فَأُلْهِمَتْ أَنْ قَالَتْ نَعَمْ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَتَنَحَّى وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ هُنَيْئَةً وَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ ثُمَّ قَامَ فَصَوَّتَ بِالْبَقَرَةِ فَنَخَسَهَا نَخْسَةً أَوْ ضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ فَاسْتَوَتْ عَلَى الْأَرْضِ قَائِمَةً فَلَمَّا نَظَرْتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الْبَقَرَةِ صَاحَتْ وَ قَالَتْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَخَالَطَ النَّاسَ وَ صَارَ بَيْنَهُمْ وَ مَضَى ع

7 أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ يَنْعَى إِلَى رَجُلٍ نَفْسَهُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِهِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ شِبْهَ الْمُغْضَبِ فَقَالَ يَا إِسْحَاقُ قَدْ كَانَ

الحديث السادس

: صحيح.

و في البصائر عن علي بن المغيرة، و فيه: أن لي صبيانا، قوله: كان منها، ضمير كان للمعيشة و التذكير لأن أصلها المصدر" منقطعا" على بناء المفعول و الظرف نائب الفاعل، في القاموس: انقطع به مجهولا عجز عن سفره" أن قلت" أن مصدرية" هنيئة" بضم الهاء و فتح النون، أي زمانا قليلا" فصوت" على بناء التفعيل و في القاموس: نخس الدابة كنصر و جعل: غرز مؤخرها أو جنبها بعود و نحوه" أو ضربها" الترديد من الراوي" عيسى بن مريم" أي هذا كعيسى.

الحديث السابع

: ضعيف على المشهور.

و في المصباح: نعيت الميت نعيا من باب نفع، أخبر بموته" و أنه ليعلم" بتقدير الاستفهام التعجبي، و الغضب لذلك لدلالته على ضعف إيمانه بل عدمه.

ص: 66

رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ يَعْلَمُ عِلْمَ الْمَنَايَا وَ الْبَلَايَا وَ الْإِمَامُ أَوْلَى بِعِلْمِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ يَا إِسْحَاقُ اصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فَإِنَّ عُمُرَكَ قَدْ فَنِيَ وَ إِنَّكَ تَمُوتُ إِلَى سَنَتَيْنِ وَ إِخْوَتَكَ وَ أَهْلَ بَيْتِكَ لَا يَلْبَثُونَ بَعْدَكَ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى تَتَفَرَّقَ كَلِمَتُهُمْ وَ يَخُونُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً حَتَّى يَشْمَتَ بِهِمْ

روى الكشي عن إسحاق بن عمار قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام جالسا حتى دخل عليه رجل من الشيعة فقال له: يا فلان جدد التوبة و أحدث عبادة فإنه لم يبق من عمرك إلا شهر، قال إسحاق: فقلت في نفسي: وا عجباه كأنه يخبرنا أنه يعلم آجال الشيعة، أو قال: آجالنا، قال: فالتفت إلى مغضبا و قال: يا إسحاق و ما تنكر من ذلك و قد كان رشيد الهجري مستضعفا و كان عنده علم المنايا، و الإمام أولى بذلك من رشيد الهجري، يا إسحاق إنه قد بقي من عمرك سنتان أما إنه يتشتت أهل بيتك تشتتا قبيحا و تفلس عيالك إفلاسا شديدا.

و في الخلاصة رشيد بضم الراء الهجري بفتحتين مشكور، و قال الشهيد الثاني (ره) قال ابن داود: رشد بغير الياء و جعل الياء قولا، و استقرب الأول، و كذا ذكره الشيخ في الفهرست بغير ياء، و أما النجاشي فقد جعله بالياء كالعلامة، انتهى.

و قال الكشي: كان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه رشيد البلايا، و كان قد ألقى إليه علم البلايا و المنايا، و كان في حياته إذا ألقى الرجل قال له: فلان يموت بميتة كذا، و يقول: أنت يا فلان تموت بقتلة كذا، فيكون كما يقول رشيد.

قوله عليه السلام: يعلم علم المنايا كان العلم هنا بمعنى المعلوم، و يمكن أن يقرأ بالتحريك أي علامة المنايا، و المنايا جمع المنية و هي الموت، و فني كرضي أي ذهب و في الخرائج: و قد بقي منه دون سنتين و كذلك أخوك، و لا يمكث بعدك إلا شهرا واحدا حتى يموت، إلى قوله: أ كان هذا في صدرك فقلت: أستغفر الله مما في صدري فلم يستكمل سنتين حتى مات، و مات بعده بشهر أخوه و مات عامة أهل بيته و أفلس بقيتهم و تفرقوا حتى احتاج من بقي منهم إلى الصدقة.

ص: 67

عَدُوُّهُمْ فَكَانَ هَذَا فِي نَفْسِكَ فَقُلْتُ فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِمَا عَرَضَ فِي صَدْرِي فَلَمْ يَلْبَثْ إِسْحَاقُ بَعْدَ هَذَا الْمَجْلِسِ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى مَاتَ فَمَا أَتَى عَلَيْهِمْ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى قَامَ بَنُو عَمَّارٍ بِأَمْوَالِ النَّاسِ فَأَفْلَسُوا

8 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْبَجَلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ جَاءَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَ قَدِ اعْتَمَرْنَا عُمْرَةَ رَجَبٍ وَ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ فَقَالَ يَا عَمِّ إِنِّي أُرِيدُ بَغْدَادَ وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُوَدِّعَ عَمِّي أَبَا الْحَسَنِ يَعْنِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع وَ أَحْبَبْتُ أَنْ تَذْهَبَ مَعِي إِلَيْهِ فَخَرَجْتُ مَعَهُ نَحْوَ أَخِي وَ هُوَ فِي دَارِهِ الَّتِي بِالْحَوْبَةِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِقَلِيلٍ فَضَرَبْتُ الْبَابَ فَأَجَابَنِي أَخِي فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ عَلِيٌّ فَقَالَ هُوَ ذَا أَخْرُجُ وَ كَانَ بَطِي ءَ الْوُضُوءِ فَقُلْتُ الْعَجَلَ قَالَ وَ أَعْجَلُ فَخَرَجَ وَ عَلَيْهِ إِزَارٌ مُمَشَّقٌ قَدْ عَقَدَهُ فِي عُنُقِهِ حَتَّى قَعَدَ تَحْتَ عَتَبَةِ الْبَابِ فَقَالَ-

" فكان هذا في نفسك" أي الاستبعاد و الإنكار عن علمه بموت الرجل كما قال في أول الخبر" فلم يلبث إسحاق" هذا كلام ابن عميرة، و على هذه النسخة كأنه عليه السلام حدد إلى سنتين ترحما و تعطفا عليه لئلا يضطرب، أو لاحتمال البداء، و على ما في الخرائج و غيره لا إشكال" حتى قام بنو عمار بأموال الناس" أي أخذوا أموال الناس دينا أو مضاربة و مثل ذلك و تصرفوا فيها، فصار ذلك سببا لإفلاسهم كما هو شائع بين التجار.

الحديث الثامن

: صحيح.

و محمد هو ابن إسماعيل بن الصادق عليه السلام الذي تنسب إليه الإسماعيلية، و في غيبة الطوسي و إرشاد المفيد رضي الله عنهما: علي بن إسماعيل لكن في رجال الكشي موافق لما هنا، و الحوبة كأنها اسم موضع، و لم يذكر في اللغة، و في القاموس: الحوبة وسط الدار، و الحوب موضع بديار ربيعة.

قوله: بعد المغرب، أي بعد صلاة المغرب أو بعد وقتها" و هو ذا" للتقريب

ص: 68

عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَ قُلْتُ قَدْ جِئْتُكَ فِي أَمْرٍ إِنْ تَرَهُ صَوَاباً فَاللَّهُ وَفَّقَ لَهُ وَ إِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَمَا أَكْثَرَ مَا نُخْطِئُ قَالَ وَ مَا هُوَ قُلْتُ هَذَا ابْنُ أَخِيكَ يُرِيدُ أَنْ يُوَدِّعَكَ وَ يَخْرُجَ إِلَى بَغْدَادَ فَقَالَ لِيَ ادْعُهُ فَدَعَوْتُهُ وَ كَانَ مُتَنَحِّياً فَدَنَا مِنْهُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَوْصِنِي فَقَالَ أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ فِي دَمِي فَقَالَ مُجِيباً لَهُ مَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَ جَعَلَ يَدْعُو عَلَى مَنْ يُرِيدُهُ بِسُوءٍ ثُمَّ عَادَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا عَمِّ أَوْصِنِي فَقَالَ أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ فِي دَمِي فَقَالَ مَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَ فَعَلَ ثُمَّ عَادَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ يَا عَمِّ أَوْصِنِي فَقَالَ أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ فِي دَمِي فَدَعَا عَلَى مَنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْهُ وَ مَضَيْتُ مَعَهُ فَقَالَ لِي أَخِي يَا عَلِيُّ مَكَانَكَ فَقُمْتُ مَكَانِي فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ ثُمَّ دَعَانِي فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَتَنَاوَلَ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ فَأَعْطَانِيهَا وَ قَالَ قُلْ لِابْنِ أَخِيكَ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى سَفَرِهِ قَالَ عَلِيٌّ فَأَخَذْتُهَا فَأَدْرَجْتُهَا فِي حَاشِيَةِ رِدَائِي ثُمَّ نَاوَلَنِي مِائَةً أُخْرَى وَ قَالَ أَعْطِهِ أَيْضاً ثُمَّ نَاوَلَنِي صُرَّةً أُخْرَى وَ قَالَ أَعْطِهِ أَيْضاً فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِذَا كُنْتَ تَخَافُ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِي ذَكَرْتَ فَلِمَ تُعِينُهُ عَلَى نَفْسِكَ فَقَالَ إِذَا وَصَلْتُهُ وَ قَطَعَنِي قَطَعَ اللَّهُ أَجَلَهُ ثُمَّ تَنَاوَلَ مِخَدَّةَ أَدَمٍ فِيهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَضَحٍ وَ قَالَ أَعْطِهِ هَذِهِ أَيْضاً قَالَ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَأَعْطَيْتُهُ الْمِائَةَ الْأُولَى فَفَرِحَ بِهَا فَرَحاً شَدِيداً وَ دَعَا لِعَمِّهِ ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ الثَّانِيَةَ وَ الثَّالِثَةَ فَفَرِحَ بِهَا- حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَرْجِعُ وَ لَا يَخْرُجُ ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ الثَّلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَمَضَى

و العجل محركا منصوب، أي ألزم العجل، و في المغرب: ثوب ممشق أي مصبوغ بالمشق أي بالمغرة و هو طين أحمر" فما أكثر" صيغة التعجب" ما تخطئ" ما مصدرية" فعل الله به" أي السوء، و هذا مجمل عما فصله من الدعاء على من فعل ذلك" و جعل" أي شرع" مكانك" أي ألزم مكانك" يستعين" خبر بمعنى الأمر" مثل الذي" منصوب بنيابة المفعول المطلق" أجله" أي عمره، و المخدة بكسر الميم ما يوضع الخد عليه عند النوم، و الأدم بفتحتين: اسم جمع أدام ككتاب، و هو الجلد المدبوغ، و بضمتين جمعه، و الوضح بالتحريك الدرهم الجديد الضرب الخالص الصحيح الوزن" سيرجع"

ص: 69

عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى هَارُونَ- فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ وَ قَالَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَتَيْنِ حَتَّى رَأَيْتُ عَمِّي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ فَأَرْسَلَ هَارُونُ إِلَيْهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَرَمَاهُ اللَّهُ بِالذُّبَحَةِ فَمَا نَظَرَ مِنْهَا إِلَى دِرْهَمٍ وَ لَا مَسَّهُ

9 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعاً عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قُبِضَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً فِي عَامِ ثَلَاثٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَةٍ وَ عَاشَ بَعْدَ جَعْفَرٍ ع خَمْساً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً

بَابُ مَوْلِدِ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع وُلِدَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع سَنَةَ ثَمَانٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ مِائَةٍ وَ قُبِضَ ع فِي صَفَرٍ مِنْ

أي عن عزمه، و في القاموس: الذبحة كهمزة و عيبة و كسرة و صبرة و كتاب و غراب:

وجع في الحلق، أو دم يخنق فيقتل.

الحديث التاسع

: ضعيف على المشهور، موافق لإحدى الروايتين المذكورتين في أول الكلام.

باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام

اشارة

أقول: روى الصدوق رحمه الله في كتاب عيون أخبار الرضا عن عتاب بن أسيد قال: سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون: ولد الرضا عليه السلام بالمدينة يوم الخميس لأحد عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث و خمسين و مائة.

و قال الطبرسي (ره) في إعلام الورى: ولد عليه السلام سنة ثمان و أربعين و مائة، و يقال إنه ولد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة يوم الجمعة سنة ثلاث و خمسين و مائة و قيل: يوم الخمسين و أمه أم ولد يقال لها: أم البنين و اسمها نجمة، و يقال: سكن النوبية، و يقال تكتم، و قبض عليه السلام في آخر صفر، و قيل: في شهر رمضان لسبع بقين

ص: 70

سَنَةِ ثَلَاثٍ وَ مِائَتَيْنِ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً وَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي تَارِيخِهِ إِلَّا أَنَّ هَذَا التَّارِيخَ هُوَ أَقْصَدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ تُوُفِّيَ ع بِطُوسَ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا- سَنَابَادُ مِنْ نُوقَانَ

منه يوم الجمعة من سنة ثلاث و مائتين، و له خمس و خمسون سنة، و كانت مدة إمامته عشرين سنة.

و قال كمال الدين بن طلحة: ولد عليه السلام في حادي عشر ذي الحجة سنة ثلاث و خمسين و مائة و أمه تسمي الخيزران المرسية، و قيل: شقراء النوبية، و اسمها أروى و شقراء لقبها، و توفي في سنة مائتين و ثلاث و قيل: مائتين و سنتين.

و روى الصدوق (ره) عن إبراهيم بن العباس أنه عليه السلام توفي في رجب سنة ثلاث و مائتين، ثم قال: و الصحيح أنه توفي في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة، و له تسع و أربعون سنة، و روي ذلك بإسناده عن عتاب بن أسيد.

و قال في الدروس: قبض عليه السلام في صفر، و في روضة الواعظين في شهر رمضان و هو ابن خمس و خمسين و قال الكفعمي: توفي عليه السلام في سابع عشر شهر صفر يوم الثلاثاء سنة ثلاث و مائتين.

و روي في كشف الغمة عن ابن خشاب بإسناده عن محمد بن سنان قال: توفي عليه السلام و له تسع و أربعون سنة و أشهر، في سنة مائتي سنة و ستة من الهجرة، و كان مولده سنة مائة و ثلاث و خمسين من الهجرة بعد مضي أبي عبد الله بخمس سنين، و أقام مع أبيه خمسا و عشرين سنة إلا شهرين، و كان عمره تسعا و أربعين سنة و أشهرا، قبره بطوس بمدينة خراسان، أمه الخيزران المريسية أم ولد، و يقال: شقراء النوبية و تسمى أروى أم البنين يكنى بأبي الحسن، ولد له خمس بنين و ابنة واحدة، أسماء بنية محمد

ص: 71

عَلَى دَعْوَةٍ وَ دُفِنَ بِهَا وَ كَانَ الْمَأْمُونُ أَشْخَصَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَرْوَ عَلَى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ وَ فَارِسَ فَلَمَّا خَرَجَ الْمَأْمُونُ وَ شَخَصَ إِلَى بَغْدَادَ أَشْخَصَهُ مَعَهُ فَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ

الإمام أبو جعفر الثاني، أبو محمد الحسن، و جعفر و إبراهيم، و الحسين و عائشة فقط و لقبه الرضا و الصابر و الرضي و الوفي، انتهى.

و أقول: لم يذكر الأكثر من أولاده إلا الجواد عليه السلام.

قوله: أقصد، أي أقرب إلى الحق و الصواب، و في القاموس: القصد استقامة الطريق و العدل، و قوله: على دعوة، نعت ثان لقرية، و هو العامل في من نوقان، أي البعد بينهما قدر مد صوت داع يسمعه مدعو في القاموس: هو مني دعوة الرجل أي قدر ما بيني و بينه ذاك، و قال: نوقان إحدى مدينتي طوس، و الأخرى طابران" على طريق البصرة و فارس" أي دون طريق الكوفة و قم لعدم اجتماع شيعتهما عليه فيحولوا بينه و بينه.

" فلما خرج" أي من مرو" و شخص" كمنع من بلد إلى بلد: ذهب و سار في ارتفاع.

و أقول: اختلف أصحابنا و غيرهم في أنه هل مضى الرضا صلوات الله عليه شهيدا مسموما أو مات حتف أنفه، و على الأول هل سمه المأمون أو غيره، و المشهور بين محققي أصحابنا أنه سمه المأمون كما ذهب إليه الصدوق و المفيد رضي الله عنهما و غيرهما و نسب إلى السيد علي بن طاوس أنه أنكر ذلك و بالغ في الإنكار صاحب كشف الغمة، و الكليني (ره) لعله اتقى في السكوت عن ذلك كما أنه لم يصرح بشهادة الكاظم أيضا، و الحق أنه عليه السلام ذهب شهيدا بسم المأمون اللعين لشهادة الأخبار الكثيرة المعتبرة بذلك كما أوردتها في الكتاب الكبير.

و لما رأى المأمون انتقاض أطراف ملكه و خروج العلويين عليه، و كان يخاف من الرضا عليه السلام أكثر من غيره فرأى المصلحة في أن يطلب الرضا عليه السلام فيكون معه ليأمن خروجه و يصير سببا لانقياد سائر الهاشميين و العلويين لإقرارهم جميعا بفضله

ص: 72

وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ الْبَنِينَ

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَحْمَرَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ هَلْ عَلِمْتَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ قَدِمَ قُلْتُ لَا قَالَ بَلَى قَدْ قَدِمَ رَجُلٌ فَانْطَلِقْ بِنَا فَرَكِبَ وَ رَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّجُلِ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَعَهُ رَقِيقٌ فَقُلْتُ لَهُ اعْرِضْ عَلَيْنَا فَعَرَضَ عَلَيْنَا سَبْعَ جَوَارٍ كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْحَسَنِ ع لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا ثُمَّ قَالَ اعْرِضْ عَلَيْنَا فَقَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا جَارِيَةٌ مَرِيضَةٌ فَقَالَ لَهُ مَا عَلَيْكَ أَنْ تَعْرِضَهَا فَأَبَى عَلَيْهِ فَانْصَرَفَ

فلما طلبه اعتل عليه السلام عليه و أبي فلج في ذلك حتى أضطره فلما ذهب به إلى مرو أكرمه و أظهر له أنه يريد أن يخلع نفسه و يسلم الخلافة إليه، فأبى عليه السلام لعلمه بغرضه و أنه يريد امتحانه فلما لم يقبل ذلك كلفة ولاية العهد فأبى ذلك أيضا لما ذكر فبالغ فيه حتى هدده بالقتل، و كان عمدة غرضه في ذلك أن يسقطه عليه السلام من أعين الناس بأنه يحب الدنيا و يقبل الولاية، فلما رأى أنه يظهر فضله عليه السلام و استحقاقه للخلافة و نقصه و عدم استيهاله لها على الناس يوما فيوما اشتد حسده و عزم على دفعه و سمه بعد خروجه من مرو و وصوله إلى طوس و قد أوردنا الأخبار في تفاصيل هذه الأمور في كتاب بحار الأنوار.

الحديث الأول

: صحيح.

قوله: من أهل المدينة، كذا فيما رأينا من نسخ الكتاب، فالمراد بأهل المغرب فيما مضى تجار المغرب فلا ينافي كونه من أهل المدينة، لكن كونه من أهلها و عدم معرفته له عليه السلام بعيد، في العيون و الخرائج هنا أيضا من أهل المغرب و كذا في إرشاد المفيد مع نقله عن الكليني بهذا السند و هو أصوب.

و في العيون: ثم قال له: أعرض علينا، قال: ما عندي شي ء فقال: بلى أعرض علينا قال: لا و الله ما عندي" إلخ".

" ما عليك" ما، استفهامية، و تحتمل النافية، و على للإضرار" و أن تعرضها"

ص: 73

ثُمَّ أَرْسَلَنِي مِنَ الْغَدِ فَقَالَ قُلْ لَهُ كَمْ كَانَ غَايَتُكَ فِيهَا فَإِذَا قَالَ كَذَا وَ كَذَا فَقُلْ قَدْ أَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ مَا كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَنْقُصَهَا مِنْ كَذَا وَ كَذَا فَقُلْتُ قَدْ أَخَذْتُهَا فَقَالَ هِيَ لَكَ وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ فَقُلْتُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَالَ مِنْ أَيِّ بَنِي هَاشِمٍ فَقُلْتُ مَا عِنْدِي أَكْثَرُ مِنْ هَذَا فَقَالَ أُخْبِرُكَ عَنْ هَذِهِ الْوَصِيفَةِ إِنِّي اشْتَرَيْتُهَا مِنْ أَقْصَى الْمَغْرِبِ- فَلَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَتْ مَا هَذِهِ الْوَصِيفَةُ مَعَكَ قُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي فَقَالَتْ مَا يَكُونُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ عِنْدَ مِثْلِكَ إِنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عِنْدَ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَلْبَثُ عِنْدَهُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ غُلَاماً مَا يُولَدُ بِشَرْقِ الْأَرْضِ وَ لَا غَرْبِهَا مِثْلُهُ قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَلَمْ تَلْبَثْ عِنْدَهُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى وَلَدَتِ الرِّضَا ع

2 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَ لَمَّا مَضَى أَبُو إِبْرَاهِيمَ ع وَ تَكَلَّمَ أَبُو الْحَسَنِ ع خِفْنَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ قَدْ أَظْهَرْتَ أَمْراً عَظِيماً وَ إِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ هَذِهِ الطَّاغِيَةَ قَالَ فَقَالَ لِيَجْهَدْ جَهْدَهُ

بتقدير الباء" غايتك" أي منتهى ما تريد من القيمة، و في العيون: قلت: قد أخذتها و هو لك فقال: هي لك، و قوله: من الرجل؟ استفهام، و في النهاية: الوصيف العبد، و الأمة وصيفة و جمعهما و صفاء و وصائف" ما يولد" في العيون يدين له شرق الأرض و غربها، و كان علم الكتابية بذلك بما قرأت في الكتب السالفة، أو بالكهانة و الإخبار عن الجن، و ضمير" قال" راجع إلى هشام.

الحديث الثاني

: مرسل.

" و تكلم" أي ادعى الإمامة و أفتى بالحق و دعى الناس إلى نفسه، و لا ينافي ذلك ما مر في باب النص عليه و ليس له أن يتكلم إلا بعد موت هارون بأربع سنين لأن المراد به التكلم جهرة في مجالس الخلفاء و المخالفين، و الطاغية هارون و التاء للمبالغة" ليجهد" كيمنع أي ليجهد في العداوة و الإضرار" جهده" بالفتح و الضم أي غاية جده.

ص: 74

فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيَ

3 أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَخِيهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا ع فِي بَيْتٍ دَاخِلٍ فِي جَوْفِ بَيْتٍ لَيْلًا فَرَفَعَ يَدَهُ فَكَانَتْ كَأَنَّ فِي الْبَيْتِ عَشَرَةَ مَصَابِيحَ وَ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَخَلَّى يَدَهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ

4 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْغِفَارِيِّ قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ ص يُقَالُ لَهُ طَيْسٌ عَلَيَّ حَقٌّ فَتَقَاضَانِي وَ أَلَحَّ عَلَيَّ وَ أَعَانَهُ النَّاسُ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ع ثُمَّ تَوَجَّهْتُ نَحْوَ الرِّضَا ع وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْعُرَيْضِ فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْ بَابِهِ إِذَا هُوَ قَدْ طَلَعَ عَلَى حِمَارٍ وَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَ رِدَاءٌ فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ فَلَمَّا لَحِقَنِي وَقَفَ وَ نَظَرَ إِلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَقُلْتُ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ إِنَّ لِمَوْلَاكَ طَيْسٍ عَلَيَّ حَقّاً وَ قَدْ وَ اللَّهِ شَهَرَنِي وَ أَنَا أَظُنُّ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالْكَفِّ عَنِّي وَ وَ اللَّهِ مَا قُلْتُ لَهُ كَمْ لَهُ عَلَيَّ وَ لَا سَمَّيْتُ لَهُ شَيْئاً فَأَمَرَنِي بِالْجُلُوسِ إِلَى رُجُوعِهِ فَلَمْ أَزَلْ حَتَّى صَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ وَ أَنَا صَائِمٌ فَضَاقَ صَدْرِي وَ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَرِفَ فَإِذَا هُوَ قَدْ

الحديث الثالث

: ضعيف.

" عشرة مصابيح" أي كان كل إصبع منه بمنزلة مصباح من سطوع النور منه" فخلا به" كان ضمير" به" راجع إلى مصدر استأذن، و الفعل على بناء التفعيل و في المناقب و كشف الغمة و غيرهما و بعض نسخ الكتاب: فخلا يده و هو أظهر أي ترك يده و أخفاها و جعلها خالية من النور.

الحديث الرابع

: ضعيف.

" الغفاري" بالكسر و التخفيف: و طيس بالفتح، و عريض على بناء التصغير، و السؤال بالضم و تشديد الهمزة جمع سائل و ابن المسيب اسمه هارون كما سيأتي،

ص: 75

طَلَعَ عَلَيَّ وَ حَوْلَهُ النَّاسُ وَ قَدْ قَعَدَ لَهُ السُّؤَّالُ وَ هُوَ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ فَمَضَى وَ دَخَلَ بَيْتَهُ ثُمَّ خَرَجَ وَ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَ دَخَلْتُ مَعَهُ فَجَلَسَ وَ جَلَسْتُ فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ وَ كَانَ كَثِيراً مَا أُحَدِّثُهُ عَنْهُ فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ لَا أَظُنُّكَ أَفْطَرْتَ بَعْدُ فَقُلْتُ لَا فَدَعَا لِي بِطَعَامٍ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيَّ وَ أَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يَأْكُلَ مَعِي فَأَصَبْتُ وَ الْغُلَامَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمَّا فَرَغْنَا قَالَ لِيَ ارْفَعِ الْوِسَادَةَ وَ خُذْ مَا تَحْتَهَا فَرَفَعْتُهَا وَ إِذَا دَنَانِيرُ فَأَخَذْتُهَا وَ وَضَعْتُهَا فِي كُمِّي وَ أَمَرَ أَرْبَعَةً مِنْ عَبِيدِهِ أَنْ يَكُونُوا مَعِي حَتَّى يُبْلِغُونِي مَنْزِلِي فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ طَائِفَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ يَدُورُ وَ أَكْرَهُ أَنْ يَلْقَانِي وَ مَعِي عَبِيدُكَ فَقَالَ لِي أَصَبْتَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ الرَّشَادَ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا إِذَا رَدَدْتُهُمْ فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْ مَنْزِلِي وَ آنَسْتُ رَدَدْتُهُمْ فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَ دَعَوْتُ بِالسِّرَاجِ وَ نَظَرْتُ إِلَى الدَّنَانِيرِ وَ إِذَا هِيَ ثَمَانِيَةٌ وَ أَرْبَعُونَ دِينَاراً وَ كَانَ حَقُّ الرَّجُلِ عَلَيَّ ثَمَانِيَةً وَ عِشْرِينَ دِينَاراً وَ كَانَ فِيهَا دِينَارٌ يَلُوحُ فَأَعْجَبَنِي حُسْنُهُ فَأَخَذْتُهُ وَ قَرَّبْتُهُ مِنَ السِّرَاجِ فَإِذَا عَلَيْهِ نَقْشٌ وَاضِحٌ حَقُّ الرَّجُلِ ثَمَانِيَةٌ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً وَ مَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا عَرَفْتُ مَا لَهُ عَلَيَّ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الَّذِي أَعَزَّ وَلِيَّهُ

5 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا هَارُونُ يُرِيدُ الْحَجَّ فَانْتَهَى إِلَى جَبَلٍ

و" بعد" مبني على الضم أي إلى الآن، و الغلام مفعول معه أو عطف على الضمير على القول بجوازه، و الوسادة بتثليث الواو المتكإ و المخدة، و في القاموس: الطائف العسس" أصبت" أي الرشاد" و أصاب الله بك" الباء للتعدية" قربت" بضم الراء" أنست" بتثليث النون" يلوح" أي يتلألأ" ما عرفت" بالتشديد أو التخفيف" ماله على" ما استفهامية أو موصولة" وليه" أي من جعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

الحديث الخامس

: مرسل.

و في القاموس: الفارع: العالي المرتفع، الهي ء الحسن، و حصن بالمدينة، و قرية بوادي السراب قرب سابه، و موضع بالطائف، انتهى.

ص: 76

عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وَ أَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ يُقَالُ لَهُ- فَارِعٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ ثُمَّ قَالَ بَانِي فَارِعٍ وَ هَادِمُهُ يُقَطَّعُ إِرْباً إِرْباً فَلَمْ نَدْرِ مَا مَعْنَى ذَلِكَ فَلَمَّا وَلَّى وَافَى هَارُونُ وَ نَزَلَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ صَعِدَ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى ذَلِكَ الْجَبَلَ وَ أَمَرَ أَنْ يُبْنَى لَهُ ثَمَ

و إضافة الباني إلى الفارع على الاتساع من قبيل مالك يوم الدين، و التقدير الباني في الفارع، و كذا هادمه أو ضمير هادمه راجع إلى البناء المستفاد من الباني، و الإرب بالكسر العضو" فلما ولى" أي ذهب أبو الحسن" وافى" أي جاء، و جعفر هو البرمكي المشهور، و البرامكة كانوا وزراء هارون و لهم دولة عظيمة معروفة و كان سبب انقراضهم واقعا سعيهم في حبس الكاظم عليه السلام و قتله، و ظاهرا من جهة العباسة.

و ملخص القصة ما ذكره المسعودي في مروج الذهب قال: ذكر ذو معرفة بإخبار البرامكة أنه لما بلغ يحيى بن خالد بن برمك و ابناه جعفر و الفضل و غيرهم من آل برمك ما بلغوا في الملك و تناهوا إليه من الرئاسة و استقامت لهم الأمور حتى قيل أيامهم عرس و سرور دائم لا يزول، قال الرشيد لجعفر بن يحيى: ويحك إنه ليس في الأرض طلعة أنا بها آنس و إليها أميل و بها أشد استمتاعا و أنسا مني برؤيتك، و إن للعباسة أختي موقعا مني ليس بدون ذلك و قد نظرت في أمري معكما فوجدتني لا أصبر عنك و لا عنها، و قد رأيت شيئا يجتمع لي به السرور، و تتكاثف به اللذة و الأنس فقال: وفقك الله يا أمير المؤمنين و عزم لك على الرشد في أمورك فقال: قد زوجتكما تزويجا يحل لك مجالستها و النظر إليها و الاجتماع في مجلس أنا معكما فيه، لا سوى ذلك.

فزوجه بعد امتناع كان من جعفر و أشهد له من حضر من مواليه و خدمه و أخذ عليه عهد الله و ميثاقه و غليظ إيمانه أن لا يجالسها و لا يخلو معها و لا يظله و إياها سقف بيت إلا و هارون ثالثهما، فحلف له جعفر على هذه الحال و جعفر في ذلك صارف بصره عنها مزور بوجهه هيبة للرشيد و وفاء بعهده و أيمانه على ما فارقه عليه.

ص: 77

مَجْلِسٌ فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ صَعِدَ إِلَيْهِ فَأَمَرَ بِهَدْمِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْعِرَاقِ قُطِّعَ إِرْباً إِرْباً

فكتبت إليه في ذلك رقعة فزبر رسولها و تهدده فعادت فعاد جعفر لذلك فلما استحكم يأسها منه قصدت لأمه و لم تكن بالحازمة فاستمالتها بالهدايا و الألطاف و نفيس الجواهر و ما أشبه ذلك من ألطاف الملوك حتى إذا علمت أنها في الطاعة كالأمة و في النصيحة و الإشفاق كالأم ألقت إليها طرفا من الأمر الذي تريده و أعلمتها ما لها في ذلك من جميل العاقبة و ما لابنها من الفخر و الشرف بمصاهرة أمير المؤمنين و أوهمتها أن هذا الأمر إذا وقع كان به أمانها و أمان ولدها من زوال النعمة أو سقوط مرتبته فاستجابت لها أم جعفر و وعدتها إعمال الحيلة في ذلك.

فأقبلت على جعفر يوما فقالت له: يا بني قد وصفت لي جارية في بعض القصور من تربية الملوك قد بلغت من الأدب و المعرفة و الظرف و الحلاوة مع الجمال الرائع و القد البارع و الخصال المحمودة ما لم ير مثلها، و قد عزمت على شرائها لك و قرب الأمر بيني و بين مالكها فاستقبل جعفر كلامها بالقبول و علق بذلك قلبه و تطلعت إليه نفسه و جعلت تمطله حتى اشتد شوقه و قويت شهوته و هو في ذلك يلح عليها، فلما علمت أنه قد عجز عن الصبر و اشتد به القلق قال له: أنا مهديتها لك ليلة و بعثت إلى العباسة و أعلمتها بذلك فتأهبت بمثل ما يتأهب به مثلها و صارت إليه في تلك الليلة فانصرف جعفر في تلك الليلة من عند الرشيد و قد بقي في نفسه من الشرب فضلة لما قد عزم عليه، فدخل منزله و سأل عن الجارية فخبر بمكانها فأدخلت على فتى سكران لم يكن بصورتها عالما و لا على خلقتها واقفا فقام إليها فواقعها فلما قضى حاجته منها قالت له:

كيف رأيت حيل بنات الملوك؟ قال: و أي بنات الملوك تعنين؟ و هو يرى أنها من بعض بنات الروم.

قالت له: أنا مولاتك العباسة بنت المهدي، فوثب فزعا قد زال عنه سكره و رجع إليه عقله و أقبل على أمه فقال لها: لقد بعتني بالثمن الخسيس و حملتني على المركب

ص: 78

الوعر فانظري إلى ما يؤول إليه حالي.

و انصرفت العباسة مشتملة على حمل ثم ولدت غلاما فوكلت به خادما من خدمها يقال له رياش، و حاضنة لها تسمى قرة فلما خافت ظهور الخبر و انتشاره وجهت بالصبي إلى مكة مع الخادمين و أمرتهما بتربيته و طالت المدة حتى احتوى هو و أخوه و أبوه على أمر المملكة.

و كانت زبيدة أم جعفر زوجة الرشيد منه بالمنزلة التي لا يتقدمها أحد من نظرائها و كان يحيى بن برمك لا يزال يتفقد حرم الرشيد و يمنعهن من خدمة الخدم، فشكت ذلك زبيدة إلى الرشيد فقال ليحيى: يا أبة ما بال أم جعفر تشكوك؟ فقال: يا أمير المؤمنين أ متهم أنا في حرمك و تدبير قصرك عندك؟ قال: لا و الله قال: فلا تقبل قولها في، قال الرشيد: فلست عائدا فازداد يحيى لها منعا و عليها في ذلك غلظة، و كان يأمر بإقفال باب الخدم بالليل و يمضي بالمفاتيح إلى منزله.

فبلغ ذلك من أم جعفر كل مبلغ، فدخلت ذات يوم على الرشيد فقالت يا أمير المؤمنين ما يحمل يحيى على ما لا يزال يفعله بي من منعه إياي من خدمي و وضعه إياي في غير موضعي؟ فقال لها الرشيد: يحيى عندي غير متهم في حرمي، فقالت: لو كان كذلك لحفظ ابنه عما ارتكبه! قال: و ما ذلك؟ فخبرته الخبر و قصت عليه قصة العباسة مع جعفر، فأسقط في يده و قال: هل على ذلك دليل أو شاهد؟ قالت: و أي دليل أدل عن الولد، قال: و أين الولد؟ قالت: كان هيهنا فلما خافت ظهور أمره وجهته إلى مكة، قال: فعلم ذلك أحد غيرك؟ قالت: ما في قصرك جارية إلا و قد علمت بذلك.

فأمسك عن ذلك و طوى عليه كشحا و أظهر أنه يريد الحج فخرج هو و جعفر فكتبت العباسة إلى الخادم و الحاضنة أن يخرجا بالصبي إلى اليمن، فلما صار الرشيد إلى مكة و كل من يثق به بالفحص عن أمر الصبي و الداية و الخادم، فوجد الأمر

ص: 79

و وضح. فلما قضى حجه و رجع أضمر في البرامكة إزالة النعمة عنهم و الإيقاع بهم، فأقام ببغداد مدة ثم خرج إلى الأنبار فلما كان في اليوم الذي عزم فيه على قتل جعفر دعا بالسندي بن شاهك فأمره بالمضي إلى مدينة السلام و التوكيل بدور البرامكة و دور كتابهم و نسابهم و قراباتهم و أن يجعل ذلك سرا من حيث لا يعلم به أحد حتى يصل إلى بغداد، ثم يفضي بذلك إلى من يثق به من أهله و أعوانه، فامتثل السندي ذلك و قعد الرشيد و جعفر عنده في موضع بالأنبار يعرف بالغمر فأقاما يومهما بأحسن هيئة و أطيب عيش، فلما انصرف جعفر من عنده خرج الرشيد معه مشيعا له حتى ركب، ثم رجع الرشيد فجلس على كرسي و أمر بما كان بين يديه فرفع و مضى جعفر إلى منزله و فيه فضلة من الشراب و دعا بأبي بكار الأعمى الطنبوري و ابن أبي نجيح كاتبه و مدت الستور و جلست جواريه خلفها يضربن و يتغنين و أبو بكار يغنيه:

ما يريد الناس منا ما ينام الناس عنا

إنما همتهم أن يظهر و أما قد دفنا

و دعا الرشيد من ساعته ياسر الخادم فقال له: يا ياسر إني ندبتك لأمر لم أر محمدا و لا عبد الله و لا القاسم أهلا له و لا موضعا و رأيتك به مستقلا ناهضا فحقق ظني و احذر أن تخالف أمري فيكون ذلك سبب لسقوط منزلتك عندي، فقال: يا أمير المؤمنين لو أمرتني أن أدخل السيف في بطني و أخرجه من ظهري بين يديك لفعلت، فمرني بأمرك تجدني و الله إليه مسرعا، فقال: تعرف جعفر بن يحيى البرمكي؟ قال: يا أمير المؤمنين و هل أعرف سواه و ينكر مثلي جعفرا، قال: أ لم تر تشييعي له عند خروجه؟ فقال: بلى قال: فامض إليه الساعة فائتني برأسه على أي حال تجده عليها.

فأرتج على ياسر الخادم الكلام و استقبلته رعدة و وقف لا يحير جوابا: فقال: يا

ص: 80

ياسر أ لم أتقدم إليك بترك الخلاف علي؟ قال: بلى و الله لكن الخطب أجل من ذلك و الأمر الذي ندبني إليه أمير المؤمنين وددت أني أكون مت قبل أن يجري على يدي منه شي ء، قال: دع عنك هذا و أنهض لما أمرتك به، فمضى ياسر حتى دخل على جعفر و هو على حال لهوه فقال له: إن أمير المؤمنين قد أمرني فيك بكيت و كيت فقال له جعفر: إن أمير المؤمنين يمازحني بأصناف من المزاح فأحسب أن هذا جنس من ذلك قال: و الله ما رأيته إلا جدا قال: فإن يكن الأمر كما قلت فهو إذن سكران، قال: لا و الله ما فقد من عقله شيئا و لا ظننته شرب نبيذا في يومه مع ما رأيت من عبارته، قال له: فإن لي عليك حقوقا لن تجد لها مكافأة وقتا من الأوقات إلا هذا الوقت، قال تجدني إلى ذلك سريعا إلا ما خالف أمر أمير المؤمنين قال: فارجع إليه و أعلمه أنك أنفذت ما أمر به، فإن أصبح نادما كانت حياتي على يديك جارية، و كانت لك عندي نعم مجددة، و إن أصبح على مثل هذا الرأي أنفذت ما أمرك به في غد قال: ليس إلى ذلك سبيل، قال: فأسير معك إلى مضرب أمير المؤمنين حتى أقف بحيث أسمع كلامه و مراجعتك إياه، فإذا أبليت بيني و بينك عذرا فإن لم يقنع إلا بمصيرك إليه برأسي خرجت فأخذت رأسي من قرب، قال له: أما هذا فنعم.

فصارا جميعا إلى مضرب الرشيد فدخل عليه ياسر فقال له: قد أخذت رأسه يا أمير المؤمنين و ها هو بالحضرة قال: ائتني به و إلا و الله عجلتك قبله، فخرج و قال له:

سمعت الكلام؟ قال: نعم فشأنك و ما أمرت به، و أخرج جعفر من كمه منديلا صغيرا فعصب به عينيه و مد عنقه فضربها و أدخل رأسه إلى الرشيد، فلما وضعه بين يده أقبل عليه و جعل يذكره بذنوبه ثم قال: يا ياسر ائتني بفلان و فلان، فلما أتاه بهم قال اضربوا عنق ياسر فإني لا أقدر أن أنظر إلى قاتل جعفر.

قال المسعودي: و كانت مدة دولة البرامكة و سلطانهم و أيامهم النظرة الحسنة

ص: 81

6 أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى قَالَ أَلْحَحْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فِي شَيْ ءٍ أَطْلُبُهُ مِنْهُ فَكَانَ يَعِدُنِي فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ لِيَسْتَقْبِلَ وَالِيَ الْمَدِينَةِ وَ كُنْتُ مَعَهُ فَجَاءَ إِلَى قُرْبِ قَصْرِ فُلَانٍ فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَاتٍ وَ نَزَلْتُ مَعَهُ أَنَا وَ لَيْسَ مَعَنَا ثَالِثٌ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا الْعِيدُ قَدْ أَظَلَّنَا وَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَمْلِكُ دِرْهَماً فَمَا سِوَاهُ فَحَكَّ بِسَوْطِهِ الْأَرْضَ

منذ استخلف هارون إلى أن قتل جعفر، سبع عشرة سنة و سبعة أشهر و خمسة عشر يوما، انتهى.

و أقول: كأن جعفرا بعد ضرب عنقه قطع إربا إربا كما روي في الكامل أنه لما قتل جعفر أمر الرشيد أن ينصب رأسه على جسر و يقطع بدنه قطعتين ينصب كل قطعة على جسر.

و روى الصدوق بإسناده عن محمد بن الفضيل قال: لما كان في السنة التي بطش هارون بآل برمك و بدء بجعفر بن يحيى و حبس يحيى بن خالد و نزل بالبرامكة ما نزل، كان أبو الحسن عليه السلام واقعا بعرفة يدعو ثم طأطأ رأسه، فسئل عن ذلك فقال: إني كنت أدعو الله على البرامكة بما فعلوا بأبي عليه السلام فاستجاب الله لي اليوم فيهم، فلما انصرف لم يلبث إلا يسيرا حتى بطش بجعفر و يحيى و تغيرت أحوالهم.

الحديث السادس

: مجهول.

و في البصائر عمن أخبره عن إبراهيم بن موسى، و إبراهيم يحتمل أن يكون أخاه عليه السلام، و قال المفيد (ره) كان شجاعا و تقلد الإمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي الذي بايعه أبو السرايا بالكوفة، و مضى إليها و فتحها و أقام بها مدة إلى أن كان من أمر أبي السرايا ما كان، و أخذ له الأمان من المأمون، انتهى.

و فلان مبني علي نسيان الاسم، و في النهاية: فيه قد أظلكم شهر عظيم، أي أقبل إليكم و دنى منكم كأنه ألقى عليكم ظله.

ص: 82

حَكّاً شَدِيداً ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ ثُمَّ قَالَ انْتَفِعْ بِهَا وَ اكْتُمْ مَا رَأَيْتَ

7 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ وَ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ جَمِيعاً قَالَ لَمَّا انْقَضَى أَمْرُ الْمَخْلُوعِ وَ اسْتَوَى الْأَمْرُ لِلْمَأْمُونِ كَتَبَ إِلَى الرِّضَا ع يَسْتَقْدِمُهُ إِلَى خُرَاسَانَ فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ ع بِعِلَلٍ فَلَمْ يَزَلِ الْمَأْمُونُ يُكَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَحِيصَ لَهُ وَ أَنَّهُ لَا يَكُفُّ عَنْهُ فَخَرَجَ ع وَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع سَبْعُ سِنِينَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ لَا تَأْخُذْ عَلَى طَرِيقِ الْجَبَلِ وَ قُمْ وَ خُذْ عَلَى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ وَ الْأَهْوَازِ

الحديث السابع

: صحيح.

و المخلوع هو محمد الملقب بالأمين أخي المأمون من أبيه، و أمه زبيدة بنت جعفر بن منصور الدوانيقي، و كان هارون أخذ البيعة لابنه الأمين و بعده للمأمون، و قسم البلاد بينهما بأن جعل شرقي عقبة حلوان من نهاوند و قم و كاشان و أصفهان و فارس و كرمان إلى حيث يبلغ ملكه من جهة المشرق للمأمون، و العراق و الشام إلى آخر الغرب للأمين، ثم بايع لابنه القاسم بولاية العهد بعد المأمون و لقبه المؤتمن و ضم إليه الجزيرة و الثغور و العواصم، و سمي مخلوعا لأنه لما ضاق الأمر عليه خلع نفسه عن الخلافة أو خلعه أمراؤه و جنده و أخذه الطاهر ذو اليمينين و هو كان أمير العساكر، و بعث برأسه إلى المأمون و هو بمرو.

و قوله: فاعتل عليه أبو الحسن عليه السلام بعلل، أي اعتذر بمعاذير، قال في النهاية:

فيه ما علتي و أنا جلدنا بل، أي ما عذري في ترك الجهاد فوضع العلة موضع العذر، و في القاموس: العلة بالكسر الحدث يشغل صاحبه عن وجهه، و منه: لا تعدم خرقاء علة يقال: لكل معتذر مقتدر و قد اعتل، و المحيص المعدل و المهرب.

" لا تأخذ على طريق الجبل" أي همدان و نهاوند و قم، و لعله لكثرة شيعته في تلك البلاد لئلا يتوازروا عليه فيمنعوه عن المصير إليه، قال في القاموس: بلاد الجبل مدن بين آذربيجان و عراق العرب و خوزستان و فارس و بلاد الديلم، و في العيون

ص: 83

وَ فَارِسَ حَتَّى وَافَى مَرْوَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْأَمْرَ وَ الْخِلَافَةَ فَأَبَى أَبُو الْحَسَنِ ع قَالَ فَوِلَايَةَ الْعَهْدِ فَقَالَ عَلَى شُرُوطٍ أَسْأَلُكَهَا قَالَ الْمَأْمُونُ لَهُ سَلْ مَا شِئْتَ فَكَتَبَ الرِّضَا ع إِنِّي دَاخِلٌ فِي وِلَايَةِ الْعَهْدِ عَلَى أَنْ لَا آمُرَ وَ لَا أَنْهَى وَ لَا أُفْتِيَ وَ لَا أَقْضِيَ وَ لَا أُوَلِّيَ وَ لَا أَعْزِلَ وَ لَا أُغَيِّرَ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ وَ تُعْفِيَنِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ قَالَ فَلَمَّا حَضَرَ الْعِيدُ بَعَثَ الْمَأْمُونُ إِلَى الرِّضَا ع يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْكَبَ وَ يَحْضُرَ الْعِيدَ وَ يُصَلِّيَ وَ يَخْطُبَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرِّضَا

على طريق الكوفة و قم، فحمل على طريق البصرة و الأهواز و فارس حتى وافى مرو فلما وافى مرو عرض عليه أن يتقلد الإمرة و الخلافة فأبى الرضا عليه السلام ذلك و جرت في هذا مخاطبات كثيرة و بقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى عليه أبو الحسن علي بن موسى عليه السلام أن يقبل ما يعرض عليه فلما كثر الكلام و الخطاب في هذا، قال المأمون: فولاية العهد.

" فولاية" منصوب أي فتقلد ولاية العهد، أي تكون خليفة بعدي، و في العيون فأجابه إلى ذلك و قال له على شروط أسألكها، فقال المأمون: سل ما شئت، قالوا:

فكتب الرضا عليه السلام إني أدخل ولاية العهد على أن لا آمر و لا أنهى و لا أقضي و لا أغير شيئا مما هو قائم و تعفيني عن ذلك كله، فأجابه المأمون إلى ذلك و قبلها على هذه الشروط و دعا المأمون القواد و القضاة و الشاكرية و ولد العباس إلى ذلك فاضطربوا عليه، فأخرج أموالا كثيرة و أعطى القواد و أرضاهم إلا ثلاثة نفر من قوادة أبوا ذلك أحدهم عيسى الجلودي و علي بن عمران و ابن مؤنس، فإنهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا عليه السلام فحبسهم و بويع للرضا عليه السلام و كتب بذلك إلى البلدان و ضربت الدنانير و الدراهم باسمه، و خطب له على المنابر، و أنفق المأمون على ذلك أموالا كثيرة، فلما حضر العيد. إلى آخر الخبر.

و كأنه كان عيد الأضحى للتكبير.

ص: 84

ع قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مِنَ الشُّرُوطِ فِي دُخُولِ هَذَا الْأَمْرِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ إِنَّمَا أُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُ النَّاسِ وَ يَعْرِفُوا فَضْلَكَ فَلَمْ يَزَلْ ع يُرَادُّهُ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَ إِنْ لَمْ تُعْفِنِي خَرَجْتُ كَمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ الْمَأْمُونُ اخْرُجْ كَيْفَ شِئْتَ وَ أَمَرَ الْمَأْمُونُ الْقُوَّادَ وَ النَّاسَ أَنْ يُبَكِّرُوا إِلَى بَابِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ الْخَادِمُ أَنَّهُ قَعَدَ النَّاسُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع فِي الطُّرُقَاتِ وَ السُّطُوحِ الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ وَ الصِّبْيَانُ وَ اجْتَمَعَ الْقُوَّادُ وَ الْجُنْدُ عَلَى بَابِ أَبِي الْحَسَنِ ع فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ ع فَاغْتَسَلَ وَ تَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ مِنْ قُطْنٍ أَلْقَى طَرَفاً مِنْهَا عَلَى صَدْرِهِ وَ طَرَفاً بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَ تَشَمَّرَ ثُمَّ قَالَ لِجَمِيعِ مَوَالِيهِ افْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلْتُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ عُكَّازاً ثُمَّ خَرَجَ وَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ حَافٍ قَدْ شَمَّرَ سَرَاوِيلَهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ مُشَمَّرَةٌ فَلَمَّا مَشَى وَ مَشَيْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ كَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ فَخُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَ الْحِيطَانَ تُجَاوِبُهُ وَ الْقُوَّادُ وَ النَّاسُ عَلَى الْبَابِ قَدْ تَهَيَّئُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ وَ تَزَيَّنُوا بِأَحْسَنِ الزِّينَةِ فَلَمَّا طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَ طَلَعَ الرِّضَا ع وَقَفَ عَلَى الْبَابِ وَقْفَةً ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ

قوله: في دخول هذا الأمر، أي ولاية العهد" إن تطمئن" أي على ولاية العهد" يراده" أي يراجعه" كما خرج" أي ماشيا مع سائر الآداب المطلوبة، و القواد جمع قائد رؤساء العساكر" أن يركبوا" في العيون: أن يبكروا.

" طرفا منها على صدره" ظاهره أن التحنيك المستحب إدارة رأس العمامة من الخلف و إلقاؤه على الصدر كما يفعله أهل المدينة، و في المصباح المنير: التشمير في الأمر السرعة فيه و الخفة و منه قيل: شمر في العبادة إذا اجتهد و بالغ، و شمر ثوبه رفعه، و في القاموس شمر و شمر و انشمر و تشمر: مرجادا أو مختالا و تشمر للأمر تهيأ و شمر الثوب تشميرا: رفعه، و قال: العكاز عصا ذات زج.

ص: 85

أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا نَرْفَعُ بِهَا أَصْوَاتَنَا قَالَ يَاسِرٌ فَتَزَعْزَعَتْ مَرْوُ بِالْبُكَاءِ وَ الضَّجِيجِ وَ الصِّيَاحِ لَمَّا نَظَرُوا إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع وَ سَقَطَ الْقُوَّادُ عَنْ دَوَابِّهِمْ وَ رَمَوْا بِخِفَافِهِمْ لَمَّا رَأَوْا أَبَا الْحَسَنِ ع حَافِياً وَ كَانَ يَمْشِي وَ يَقِفُ فِي كُلِّ عَشْرِ خُطُوَاتٍ وَ يُكَبِّرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ يَاسِرٌ فَتُخُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ الْجِبَالَ تُجَاوِبُهُ وَ صَارَتْ مَرْوُ ضَجَّةً وَاحِدَةً مِنَ الْبُكَاءِ وَ بَلَغَ الْمَأْمُونَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ- الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ يَا أَمِيرَ

" على ما هدانا" على للتعليل و متعلق بقوله أكبره المقدر، و ما مصدرية كما قال تعالى:" لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ*" و قال البيضاوي في قوله تعالى:" أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ" البهيمة كل حي لا يميز، و قيل: كل ذات أربع و إضافتها إلى الأنعام للبيان، كقولك: ثوب خز، و معناه: البهيمة من الأنعام، انتهى.

و الإبلاء: الإعطاء. و في القاموس: البلاء يكون منحة و يكون محنة، و قال: الزعزعة تحريك الشجرة و نحوها، أو كل تحريك شديد و تزعزع تحرك، و قال: أضج القوم إضجاجا صاحوا و جلبوا، فإذا جزعوا و غلبوا فضجوا يضجون ضجيجا.

أقول: و الفضل بن سهل كان وزير المأمون، و هو الذي شيد أمره و أمره بعدم طاعة الأمين و أشار عليه بعدم الخروج عن خراسان و عدم طاعة الأمين في المصير إليه، و بعث الطاهر ذي اليمينين لحربه، فسير الأمين علي بن عيسى بن هامان إليه في خمسين ألف فارس فالتقيا خارج الري و كان طاهر في أقل من أربعة آلاف فارس فغلب طاهر عليهم، و قتل ابن هامان و انهزمت عساكره، ثم وجه الأمين عبد الرحمن بن جبلة في عشرين ألف فارس إليه، فالتقيا في همدان فهزمه طاهر و طلب عبد الرحمن منه الأمان فأمنه ثم غدر به عبد الرحمن فقتل و تقدم طاهر إلى سلامان من قرى حلوان فلما أتى المأمون تلك الأخبار و كان جميع ذلك بموافقة رأي الفضل بن سهل رفع منزلته و عقد

ص: 86

الْمُؤْمِنِينَ إِنْ بَلَغَ الرِّضَا الْمُصَلَّى عَلَى هَذَا السَّبِيلِ افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ وَ الرَّأْيُ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ فَسَأَلَهُ الرُّجُوعَ فَدَعَا أَبُو الْحَسَنِ ع بِخُفِّهِ فَلَبِسَهُ وَ رَكِبَ وَ رَجَعَ

8 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَاسِرٍ قَالَ لَمَّا خَرَجَ الْمَأْمُونُ مِنْ خُرَاسَانَ يُرِيدُ بَغْدَادَ وَ خَرَجَ الْفَضْلُ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ وَ خَرَجْنَا مَعَ أَبِي الْحَسَنِ ع وَرَدَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ ذِي الرِّئَاسَتَيْنِ كِتَابٌ مِنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَ نَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ إِنِّي

له على المشرق من حد همدان إلى التبت طولا، و من بحر فارس إلى بحر الديلم و جرجان عرضا، و جعل له عمالة ثلاثة آلاف ألف درهم، و عقد له لواء على سنان ذي شعبتين و لقبه ذا الرئاستين رئاسة الحرب و القلم، و ولى الحسن بن سهل ديوان الخراج فلما ضيق طاهرا و هرثمة الأمر على الأمين و حاصروه استأمن إلى هرثمة فخرج فسبقه أصحاب طاهر فذبحوه و أخذوا رأسه و حملوه إلى طاهر و هو حمله إلى المأمون، فاستعمل المأمون الحسن بن سهل أخا الفضل على ما كان افتتحه طاهر من كور الجبال و العراق و فارس و الأهواز و الحجاز و اليمن، و كتب إلى طاهر بتسليم ذلك إليه

الحديث الثامن

: حسن، لأن ياسرا ذكر الكشي فيه أنه كان خادم الرضا عليه السلام، و أن له مسائل، و كان كلا منهما مدح، و ربما يعد مجهولا، و الأظهر أنه ممدوح بل فوق المدح لظهور اختصاص منه له عليه السلام من كثير من الأخبار.

قوله: في بعض المنازل أي سرخس كما ذكر في الكامل، حيث قال: فلما أتى مأمون سرخس وثب قوم بالفضل بن سهل فقتلوه في الحمام، و كان قتله لليلتين خلتا من شعبان، و كان الذين قتلوه أربعة نفر أحدهم غالب المسعودي الأسود، و قسطنطين الرومي، و فرج الديلمي، و موفق الصقلبي، و كان عمره ستين سنة و هربوا، فجعل للمأمون لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار، فجاء بهم العباس بن الهيثم الدينوري، فقالوا المأمون: أنت أمرتنا بقتله، فأمر بهم فضربت رقابهم، و قيل: إن المأمون لما سألهم فمنهم من قال: إن علي بن أبي سعيد ابن أخت الفضل بن سهل حملهم عليه، و منهم من

ص: 87

نَظَرْتُ فِي تَحْوِيلِ السَّنَةِ فِي حِسَابِ النُّجُومِ فَوَجَدْتُ فِيهِ أَنَّكَ تَذُوقُ فِي شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا- يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ حَرَّ الْحَدِيدِ وَ حَرَّ النَّارِ وَ أَرَى أَنْ تَدْخُلَ أَنْتَ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الرِّضَا الْحَمَّامَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ تَحْتَجِمَ فِيهِ وَ تَصُبَّ عَلَى يَدَيْكَ الدَّمَ لِيَزُولَ عَنْكَ نَحْسُهُ فَكَتَبَ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ إِلَى الْمَأْمُونِ بِذَلِكَ وَ سَأَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ أَبَا الْحَسَنِ ذَلِكَ فَكَتَبَ الْمَأْمُونُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ يَسْأَلُهُ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ لَسْتُ بِدَاخِلٍ الْحَمَّامَ غَداً وَ لَا أَرَى لَكَ وَ لَا لِلْفَضْلِ أَنْ تَدْخُلَا الْحَمَّامَ غَداً فَأَعَادَ عَلَيْهِ الرُّقْعَةَ مَرَّتَيْنِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْتُ بِدَاخِلٍ غَداً الْحَمَّامَ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لِي يَا عَلِيُّ لَا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ غَداً وَ لَا أَرَى لَكَ وَ لَا لِلْفَضْلِ أَنْ تَدْخُلَا الْحَمَّامَ غَداً فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ صَدَقْتَ يَا سَيِّدِي وَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَسْتُ بِدَاخِلٍ الْحَمَّامَ غَداً وَ الْفَضْلُ أَعْلَمُ قَالَ فَقَالَ يَاسِرٌ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا وَ غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ لَنَا الرِّضَا ع قُولُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَلَمْ نَزَلْ نَقُولُ ذَلِكَ فَلَمَّا صَلَّى الرِّضَا ع الصُّبْحَ قَالَ لِيَ اصْعَدْ عَلَى السَّطْحِ فَاسْتَمِعْ هَلْ تَسْمَعُ شَيْئاً فَلَمَّا صَعِدْتُ سَمِعْتُ الضَّجَّةَ وَ الْتَحَمَتْ وَ كَثُرَتْ فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَأْمُونِ قَدْ دَخَلَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي كَانَ إِلَى دَارِهِ مِنْ دَارِ أَبِي الْحَسَنِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا سَيِّدِي يَا أَبَا الْحَسَنِ آجَرَكَ اللَّهُ فِي الْفَضْلِ فَإِنَّهُ قَدْ أَبَى وَ كَانَ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ فَقَتَلُوهُ وَ أُخِذَ مِمَّنْ دَخَلَ

أنكر ذلك فقتلهم، ثم أحضر عبد العزيز بن عمران و عليا و يونس و خلفا فسألهم فأنكروا أن يكونوا علموا بشي ء من ذلك فلم يقبل منهم و قتلهم و بعث برءوسهم إلى الحسن بن سهل و أعلمه ما دخل عليه من المصيبة بقتل الفضل و أنه قد صيره مكانه.

و قال: في سنة اثنتين و مائتين تزوج المأمون پوران بنت الحسن بن سهل، و فيها زوج المأمون ابنته أم حبيبة الرضا عليه السلام و زوج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام.

قوله: في تحويل السنة، أي انتقال الشمس إلى الحمل في هذه السنة، و في العيون

ص: 88

عَلَيْهِ ثَلَاثُ نَفَرٍ كَانَ أَحَدُهُمْ ابْنَ خَالِهِ الْفَضْلَ ابْنَ ذِي الْقَلَمَيْنِ قَالَ فَاجْتَمَعَ الْجُنْدُ وَ الْقُوَّادُ وَ مَنْ كَانَ مِنْ رِجَالِ الْفَضْلِ عَلَى بَابِ الْمَأْمُونِ فَقَالُوا هَذَا اغْتَالَهُ وَ قَتَلَهُ يَعْنُونَ الْمَأْمُونَ وَ لَنَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ وَ جَاءُوا بِالنِّيرَانِ لِيُحْرِقُوا الْبَابَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع يَا سَيِّدِي تَرَى أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ وَ تُفَرِّقَهُمْ قَالَ فَقَالَ يَاسِرٌ فَرَكِبَ أَبُو الْحَسَنِ وَ قَالَ لِيَ ارْكَبْ فَرَكِبْتُ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ بَابِ الدَّارِ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَ قَدْ تَزَاحَمُوا فَقَالَ لَهُمْ بِيَدِهِ تَفَرَّقُوا تَفَرَّقُوا قَالَ يَاسِرٌ فَأَقْبَلَ النَّاسُ وَ اللَّهِ يَقَعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَ مَا أَشَارَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا رَكَضَ وَ مَرَّ

9 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُسَافِرٍ وَ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ مُسَافِرٍ قَالَ لَمَّا أَرَادَ هَارُونُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنْ يُوَاقِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا

فلما صلى الرضا عليه السلام الصبح قال لنا: قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذا اليوم فما زلنا نقول ذلك فلما كان قريبا من طلوع الشمس قال الرضا عليه السلام: اصعد السطح قوله: التحمت، أي كثرت، و في العيون و بعض نسخ الكتاب سمعت الضجة و النحيب و في العيون و كثر ذلك و هو أظهر.

" ابن ذي القلمين" قيل: لقب بذلك لأنه كان عنده ديوان الجند و النظارة للعلة الخاصة" اغتاله" أي قتله خدعة و بغتة، و في العيون في آخر الخبر: و لم يقف له أحد.

الحديث التاسع

: ضعيف على المشهور إن كان" و عن الوشاء" معطوفا علي قوله:

عن مسافر كما هو الظاهر، بأن يكون روى المعلى عن مسافر بواسطة و بدونها، أو حسن إن كان معطوفا على قوله عن معلى، و يظهر من إرشاد المفيد أنه جعله عطفا على الحسين، و هو في غاية البعد.

و مسافر خادم الرضا عليه السلام و هارون كان والي المدينة كما مر" أن يواقع" أي يحارب و محمد هو ابن الصادق الملقب بالديباج خرج بمكة و هو من أئمة الزيدية روى الصدوق (ره) في العيون بإسناده عن إسحاق بن موسى، قال: لما خرج عمي محمد

ص: 89

ابن جعفر بمكة و دعا إلى نفسه، و دعي بأمير المؤمنين و بويع له بالخلافة، دخل عليه الرضا عليه السلام و أنا معه فقال: يا عم لا تكذب أباك و لا أخاك، فإن هذا الأمر لا يتم ثم خرج و خرجت معه إلى المدينة، فلم يلبث إلا قليلا حتى قدم الجلودي فلقيه فهزمه، ثم استأمن إليه فلبس السواد و صعد المنبر فخلع نفسه و قال: إن هذا الأمر للمأمون و ليس لي فيه حق ثم أخرج إلى خراسان و مات بجرجان، و في كشف الغمة فمات بمرو.

و روى الصدوق أيضا بإسناده عن عمير بن بريد قال: كنت عند الرضا عليه السلام فذكر محمد بن جعفر فقال: إني جعلت على نفسي أن لا يظلني و إياه سقف بيت، فقلت في نفسي: هذا يأمرنا بالبر و الصلة و يقول هذا لعمه؟ فقال: هذا من البر و الصلة إنه متى يأتيني و يدخل علي و يقول في فيصدقه الناس، و إذا لم يدخل علي و لم أدخل عليه لم يقبل قوله إذا قال.

و قال في الكامل في حوادث سنة المائتين: في هذه السنة في المحرم نزع الحسن بن الحسن كسوة الكعبة و كساها أخرى و أنفذها أبو السرايا من الكوفة من القز و أخذ ما على الأساطين من الذهب و أخذ ما في خزانة الكعبة فقسمه مع كسوتها على أصحابه و أتى هو و أصحابه إلى محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، و كان شيخا محببا للناس مفارقا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح السيرة، و كان يروي العلم عن أبيه جعفر عليه السلام، و كان الناس يكتبون عنه، و كان يظهر زهدا فلما أتوه قالوا له: تعلم منزلتك من الناس فهلم نبايعك بالخلافة فإن فعلت لم يختلف عليك رجلان، فامتنع من ذلك فلم يزل به ابنه علي و الحسن بن الحسن الأفطس حتى غلباه على رأيه و أجابهم و أقاموه في ربيع الأول فبايعوه بالخلافة، و جمعوا الناس فبايعوه طوعا أو كرها و سموه أمير المؤمنين، فبقي شهورا و ليس له من الأمر شي ء، و ابنه علي و الحسن و جماعتهم أسوأ ما كانوا سيرة و أقبح فعلا، فوثب حسن بن حسن على امرأة

ص: 90

من بني فهر كانت جميلة فأرادها على نفسها فامتنعت منه فأخاف زوجها و هو من بني مخزوم حتى توارى ثم كسر باب دارها و أخذها إليه مدة ثم هربت منه، و وثب علي بن محمد بن جعفر على غلام أمرد و هو ابن قاضي مكة يقال له: إسحاق بن محمد، و كان جميلا فأخذه قهرا فلما رأى ذلك أهل مكة و من بها من المجاورين اجتمعوا بالحرم و اجتمع معهم كثير فأتوا محمد بن جعفر فقالوا: لنخلعنك أو لنقتلنك أو لتردن إلينا هذا الغلام، فأغلق بابه و كلمهم من شباك و طلب منهم الأمان ليركب إلى ابنه يأخذ الغلام و حلف لهم أنه لم يعلم بذلك فأمنوه فركب إلى ابنه و أخذ الغلام منه و سلمه إلى أهله، و لم يلبثوا إلا يسيرا حتى قدم إسحاق بن موسى العباسي من اليمن، فاجتمع الطالبيون إلى محمد بن جعفر و أعلموه ذلك و حفروا له خندقا و جمعوا الناس من الأعراب و غيرهم فقاتلهم إسحاق ثم كره القتال، فسار نحو العراق فلقيه الجند الذين أنفذهم هرثمة إلى مكة و معهم الجلودي، و ورقاء بن جميل، فقالوا لإسحاق:

ارجع معنا و نحن نكفيك القتال، فرجع معهم فقاتلوا الطالبيين فهزموهم.

و أرسل محمد بن جعفر بطلب الأمان فأمنوه و دخل العباسيون مكة في جمادى الآخرة و تفرق الطالبيون من مكة، و أما محمد بن جعفر فسار نحو الجحفة و أدركه بعض موالي بني العباس فأخذ جميع ما معه و أعطاه دريهمات يتوصل بها، فسار نحو بلاد جهينة فجمع بها و قاتل هارون بن المسيب و أتى المدينة عند الشجرة و غيرها عدة دفعات فانهزم محمد و فقئت عينه بنشابة و قتل من أصحابه جمع كثير، و رجع إلى موضعه، فلما انقضى الموسم طلب الأمان من الجلودي و من ورقاء بن جميل و هو ابن عم الفضل بن سهل فأمناه و ضمن له ورقاء عن المأمون، و عن الفضل الوفاء بالأمان فقبل ذلك و أتى مكة لعشر بقين من ذي الحجة، فخطب الناس و قال: إنني بلغني أن المأمون مات و كان له في عنقي بيعة فبايعني الناس ثم إنه صح عندي أنه حي صحيح و أنا أستغفر الله من البيعة، قد خلعت نفسي من بيعتي التي بايعتموني عليها كما خلعت خاتمي هذا من إصبعي فلا بيعة لي في رقابكم ثم نزل و سار سنة إحدى

ص: 91

ع اذْهَبْ إِلَيْهِ وَ قُلْ لَهُ لَا تَخْرُجْ غَداً فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ غَداً هُزِمْتَ وَ قُتِلَ أَصْحَابُكَ

و مائتين إلى العراق فسيره الحسن بن سهل إلى المأمون بمرو، فلما سار إلى المأمون صحبه إلى أن توفي في سنة ثلاث و مائتين بجرجان، و صلى عليه المأمون، انتهى كلام ابن الأثير. و قال صاحب مقاتل الطالبيين: إن جماعة اجتمعوا مع محمد بن جعفر فقاتلوا هارون ابن المسيب بمكة قتالا شديدا، و فيهم حسن بن حسن الأفطس و محمد بن سليمان بن داود بن حسن بن الحسن، و محمد بن الحسن المعروف بالسباق و علي بن الحسين بن عيسى بن زيد، و علي بن الحسين بن زيد، و علي بن جعفر بن محمد، فقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة و طعنه خصي كان مع محمد بن جعفر فصرعه و كر أصحابه فتخلصوه ثم رجعوا فأقاموا مدة و أرسل هارون إلى محمد بن جعفر و بعث إليه ابن أخيه علي بن موسى الرضا عليه السلام فلم يصغ إلى رسالته و أقام على الحرب، ثم وجه إليه هارون خيلا فحاصرته في موضعه لأنه كان موضعا حصينا لا يوصل إليه، فلما بقوا في الموضع ثلاثا و نفد زادهم و ماءهم جعل أصحابه يتفرقون و يتسللون يمينا و شمالا، فلما رأى ذلك لبس رداء و نعلا و صار إلى مضرب هارون فدخل إليه و سأله الأمان لأصحابه ففعل هارون ذلك، هكذا ذكر النوفلي.

و أما محمد بن علي بن حمزة فإنه ذكر أن هذا كان من جهة عيسى الجلودي، لا من جهة هارون ثم وجه إلى أولئك الطالبيين فحملهم مقيدين في محامل بلا وطاء ليمضي بهم إلى خراسان، فخرجت عليهم بنو تيهان.

و قال النوفلي: خرج عليهم الغاضريون بزبالة فاستنقذوهم منه بعد حرب طويلة صعبة فمضوا هم بأنفسهم إلى الحسن بن سهل، فأنفذهم إلى خراسان إلى المأمون فمات محمد بن جعفر هناك، فلما أخرجت جنازته دخل المأمون بين عمودي السرير فحمله حتى وضع في لحده، و قال: هذه رحم مجفوة منذ مائتي سنة، و قضى دينه، و كان عليه نحوا من ثلاثين ألف دينار، انتهى.

قوله عليه السلام: قل له، يدل على جواز الكذب للمصلحة مع أنه يمكن أن

ص: 92

فَإِنْ سَأَلَكَ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ هَذَا فَقُلْ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا تَخْرُجْ غَداً فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هُزِمْتَ وَ قُتِلَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ لِي مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ هَذَا فَقُلْتُ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ نَامَ الْعَبْدُ وَ لَمْ يَغْسِلِ اسْتَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَانْهَزَمَ وَ قُتِلَ أَصْحَابُهُ قَالَ وَ حَدَّثَنِي مُسَافِرٌ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع بِمِنًى فَمَرَّ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ فَغَطَّى رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ فَقَالَ مَسَاكِينُ لَا يَدْرُونَ مَا يَحُلُّ بِهِمْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ثُمَّ قَالَ وَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا هَارُونُ وَ أَنَا كَهَاتَيْنِ وَ ضَمَّ إِصْبَعَيْهِ قَالَ مُسَافِرٌ فَوَ اللَّهِ مَا عَرَفْتُ مَعْنَى حَدِيثِهِ حَتَّى دَفَنَّاهُ مَعَهُ

10 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ حَمَلَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع مَالًا لَهُ خَطَرٌ فَلَمْ أَرَهُ سُرَّ بِهِ قَالَ فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي قَدْ حَمَلْتُ هَذَا الْمَالَ وَ لَمْ يُسَرَّ بِهِ فَقَالَ يَا غُلَامُ الطَّسْتَ وَ الْمَاءَ قَالَ فَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيٍّ وَ قَالَ بِيَدِهِ وَ قَالَ لِلْغُلَامِ صُبَّ عَلَيَّ الْمَاءَ قَالَ فَجَعَلَ يَسِيلُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فِي الطَّسْتِ ذَهَبٌ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ لِي مَنْ كَانَ هَكَذَا لَا يُبَالِي بِالَّذِي حَمَلْتَهُ إِلَيْهِ

يكون عليه السلام علم أنه رأى في النوم شيئا هذا تعبيره و إن لم يعلمه مسافر، قوله:

نام العبد، أي مسافر، و قال ذلك استهزاء به، و إظهارا لعدم الاعتناء بقوله، و إنه إن صدق فمن قبيل أضغاث الأحلام، و يحيى هو والد جعفر البرمكي.

" مساكين" أي هؤلاء مساكين" و أعجب" أفعل التفضيل، أي أعجب من زوال دولتهم موت هارون بخراسان، و موتي به و اجتماعي معه في الدفن في موضع، أو أعجب من إخباري بذاك إخباري بهذا و ربما يقرأ بصيغة الأمر و هو بعيد" حتى دفناه" أي الرضا عليه السلام" معه" أي مع هارون.

الحديث العاشر

: ضعيف.

و قاسان معرب كاشان، و الخطر بالتحريك القدر و الشرف" فلم أره سر به" على بناء المجهول" الطست" منصوب بتقدير أحضر" فجعل يسيل" أي شرع" من كان هكذا" استفهام إنكاري، و في المناقب: لا يبالي.

ص: 93

11 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعاً عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قُبِضَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ع وَ هُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ أَشْهُرٍ فِي عَامِ اثْنَيْنِ وَ مِائَتَيْنِ عَاشَ بَعْدَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عِشْرِينَ سَنَةً إِلَّا شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً

بَابُ مَوْلِدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الثَّانِي ع وُلِدَ ع فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ وَ مِائَةٍ وَ قُبِضَ ع سَنَةَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ فِي آخِرِ ذِي الْقَعْدَةِ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ شَهْرَيْنِ وَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً

الحديث الحادي عشر

: ضعيف على المشهور، موقوف و مخالف لما اختاره المصنف و جعله أقصد، و قد أشار إلى الاختلاف.

باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليه السلام

اشارة

أقول: قال ابن شهرآشوب (ره) ولد عليه السلام بالمدينة ليلة الجمعة للتاسع عشر من شهر رمضان، و يقال: للنصف منه، و قال ابن عياش: يوم الجمعة لعشر خلون من رجب سنة خمس و تسعين و مائة، و قبض ببغداد مسموما في آخر ذي القعدة، و قيل: يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة عشرين و مائتين، و دفن في مقابر قريش إلى جنب موسى بن جعفر عليهما السلام، و عمره خمس و عشرون سنة، و قالوا: و ثلاثة أشهر و اثنان و عشرون يوما، و أمه أم ولد تدعي درة، و كانت مريسية، ثم سماها الرضا عليه السلام خيزران، و كانت من أهل بيت مارية القبطية، و يقال أنها سبيكة، و كانت نوبية، و يقال: ريحانة، و تكنى أم. الحسن و مدة ولايته سبع عشرة سنة، و يقال: أقام مع أبيه سبع سنين و أربعة أشهر و يومين، و بعده ثماني عشرة سنة إلا عشرين يوما فكان في سني إمامته بقية ملك المأمون، ثم ملك المعتصم و الواثق، و في ملك الواثق استشهد، و قال ابن بابويه: سم المعتصم محمد بن علي عليه السلام، و أولاده

ص: 94

وَ دُفِنَ بِبَغْدَادَ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّهِ مُوسَى ع وَ قَدْ كَانَ الْمُعْتَصِمُ أَشْخَصَهُ إِلَى بَغْدَادَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا ع وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا سَبِيكَةُ نُوبِيَّةٌ

علي الإمام، و موسى، و حكيمة، و خديجة، و أم كلثوم، و قال أبو عبد الله الحارثي:

خلف فاطمة و إمامة فقط، و قد كان زوجه المأمون بنته أم الفضل و لم يكن له منها ولد، و سبب وروده بغداد إشخاص المعتصم و الواثق له من المدينة فورد بغداد لليلتين من المحرم سنة عشرين و مائتين، و أقام بها حتى توفي في هذه السنة، و روي أن امرأته أم الفضل بنت المأمون سمته في فرجه بمنديل، فلما أحس بذلك قال لها:

أبلاك الله بداء لا دواء له، فوقعت الأكلة في فرجها، و كانت تنتصب للطبيب فينظرون إليها و يشيرون بالدواء عليها فلا ينفع ذلك حتى ماتت من علتها، انتهى.

و قال الشيخ في المصباح: خرج على يد الشيخ الكبير أبي القاسم رضي الله عنه:

اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني و ابنه علي بن محمد المنتجب، الدعاء.

و ذكر ابن عياش: أنه كان يوم العاشر من رجب مولد أبي جعفر الثاني عليه السلام.

و في الدروس: ولد عليه السلام بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس و تسعين و مائة، و قبض ببغداد في آخر ذي القعدة و قيل: يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة عشرين و مائتين.

و في تاريخ الغفاري ولد ليلة الجمعة الخامس عشر من شهر رمضان.

و في عيون المعجزات: أن المعتصم أبا إسحاق محمد بن هارون لما تولى الخلافة بعد المأمون في شعبان سنة ثمان عشرة و مائتين عمل الحيلة في قتل أبي جعفر و أشار إلى ابنة المأمون زوجته بأن تسمية لأنه وقف على انحرافها عن أبي جعفر عليه السلام و شدة غيرتها عليه، لتفضيله أم أبي الحسن عليها، و لأنه لم يرزق منها ولد، فأجابته إلى ذلك و جعلت سما في عنب رازقي و وضعته بين يديه، فلما أكل منه ندمت و جعلت تبكي، فقال عليه السلام: ما بكاؤك و الله ليضربنك الله بعقر لا ينجبر، و بلاء لا يتيسر فماتت بعلة في

ص: 95

وَ قِيلَ أَيْضاً إِنَّ اسْمَهَا كَانَ خَيْزُرَانَ وَ رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَسُولِ اللَّهِ ص

1 أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَالِدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَ كَانَ زَيْدِيّاً قَالَ كُنْتُ بِالْعَسْكَرِ فَبَلَغَنِي أَنَّ هُنَاكَ رَجُلٌ مَحْبُوسٌ أُتِيَ بِهِ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ

أغمض المواضع من جوارحها صارت ناصورا، فأنفقت مالها و جميع ما ملكته على تلك حتى احتاجت إلى الاسترقاء، و روي أن الناصور كان في فرجها، و قبض عليه السلام في سنة حتى احتاجت إلى الاسترقاء، و روي أن الناصور كان في فرجها، و قبض عليه السلام في سنة عشرين و مائتين من الهجرة في يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة، و له أربع و عشرون سنة و شهور، لأن مولده عليه السلام كان في سنة خمس و تسعين و مائة، و روي في كشف الغمة عن محمد بن سعيد أنه عليه السلام قتل في زمن الواثق بالله.

و روي عن أحمد بن علي بن ثابت أنه عليه السلام قدم من المدينة إلى بغداد وافدا إلى أبي إسحاق المعتصم، و معه امرأته أم الفضل بنت المأمون، و توفي ببغداد و دخلت امرأته أم الفضل إلى قصر المعتصم، فجعلت مع الحرم، انتهى.

و أقول: كون شهادته عليه السلام في زمن الواثق مخالف للتواريخ المتقدمة، لاتفاق أهل التواريخ على أن الواثق بالله هارون بن المعتصم بويع في شهر ربيع الأول سنة سبع و عشرين و مائتين، و قد دلت التواريخ المتقدمة على أنه عليه السلام مضى قبل ذلك بسبع سنين أو أكثر.

الحديث الأول

: ضعيف.

قوله: و كان، أي علي بن خالد، و في القاموس: العسكر اسم سر من رأى، و إليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، و ولده الحسن عليهم السلام.

قوله: رجل محبوس، في الإرشاد و غيره و بعض نسخ الكتاب: رجلا محبوسا، و في القاموس: الكبل القيد، و يكسر أو أعظمه كبله يكبله، و كبله حبسه في سجن أو غيره، انتهى.

ص: 96

مَكْبُولًا وَ قَالُوا إِنَّهُ تَنَبَّأَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ فَأَتَيْتُ الْبَابَ وَ دَارَيْتُ الْبَوَّابِينَ وَ الْحَجَبَةَ حَتَّى وَصَلْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا رَجُلٌ لَهُ فَهْمٌ فَقُلْتُ يَا هَذَا مَا قِصَّتُكَ وَ مَا أَمْرُكَ قَالَ إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا بِالشَّامِ أَعْبُدُ اللَّهَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَوْضِعُ رَأْسِ الْحُسَيْنِ فَبَيْنَا أَنَا فِي عِبَادَتِي إِذْ أَتَانِي شَخْصٌ فَقَالَ لِي قُمْ بِنَا فَقُمْتُ مَعَهُ فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا أَنَا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لِي تَعْرِفُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَقُلْتُ نَعَمْ هَذَا مَسْجِدُ الْكُوفَةِ قَالَ فَصَلَّى وَ صَلَّيْتُ مَعَهُ فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا أَنَا فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ص بِالْمَدِينَةِ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ سَلَّمْتُ وَ صَلَّى وَ صَلَّيْتُ مَعَهُ وَ صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا أَنَا بِمَكَّةَ فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى قَضَى مَنَاسِكَهُ وَ قَضَيْتُ مَنَاسِكِي مَعَهُ فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا أَنَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ بِالشَّامِ وَ مَضَى الرَّجُلُ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ إِذَا أَنَا بِهِ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلَتِهِ الْأُولَى فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ مَنَاسِكِنَا وَ رَدَّنِي إِلَى الشَّامِ وَ هَمَّ بِمُفَارَقَتِي قُلْتُ لَهُ سَأَلْتُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَقْدَرَكَ عَلَى مَا رَأَيْتُ إِلَّا أَخْبَرْتَنِي مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى قَالَ فَتَرَاقَى الْخَبَرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الزَّيَّاتِ فَبَعَثَ إِلَيَّ وَ أَخَذَنِي وَ كَبَّلَنِي فِي الْحَدِيدِ وَ حَمَلَنِي إِلَى الْعِرَاقِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَارْفَعِ

" تنبأ" أي ادعى النبوة، و دارأه بالهمز و غيره دافعه و لائنه، و المراد هنا الثاني، و في الإرشاد: في الموضع الذي يقال إنه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل على المحراب أذكر الله عز و جل إذ رأيت شخصا بين يدي فنظرت إليه فقال لي: قم فقمت معه، فمشى بي قليلا إذا أنا بمسجد الكوفة.

و في البصائر: فلما كان في عام قابل في أيام الموسم إلى قوله: سألتك بحق الذي أقدرك على ما رأيت إلا لما أخبرتني، أي سألتك في جميع الأوقات إلا وقت إخبارك، و قيل: أي ما سألتك شيئا إلا إخبارك، و الفعلة بالكسر مصدر للنوع، و بالفتح للمرة.

قوله: من أنت،" من" استفهامية" فتراقى الخبر" أي تصاعد و ارتفع، و محمد بن عبد الملك كان وزير المعتصم و بعده وزير ابنه الواثق، و كان أبوه يبيع دهن الزيت في بغداد، و في الإرشاد: فحدثت من كان يصير إلى، فرقى ذلك إلى محمد بن عبد الملك

ص: 97

الْقِصَّةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَفَعَلَ وَ ذَكَرَ فِي قِصَّتِهِ مَا كَانَ فَوَقَّعَ فِي قِصَّتِهِ قُلْ لِلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنَ الشَّامِ فِي لَيْلَةٍ إِلَى الْكُوفَةِ وَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ وَ رَدَّكَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ أَنْ يُخْرِجَكَ مِنْ حَبْسِكَ هَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ فَغَمَّنِي ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ وَ رَقَقْتُ لَهُ وَ أَمَرْتُهُ بِالْعَزَاءِ وَ الصَّبْرِ قَالَ ثُمَّ بَكَّرْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا الْجُنْدُ- وَ صَاحِبُ الْحَرَسِ وَ صَاحِبُ السِّجْنِ وَ خَلْقُ اللَّهِ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالُوا الْمَحْمُولُ مِنَ الشَّامِ الَّذِي تَنَبَّأَ افْتُقِدَ الْبَارِحَةَ فَلَا يُدْرَى أَ خَسَفَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوِ اخْتَطَفَهُ الطَّيْرُ

2 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَزِينٍ قَالَ كُنْتُ مُجَاوِراً بِالْمَدِينَةِ- مَدِينَةِ الرَّسُولِ ص وَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ ع

إلى قوله: و حملني إلى العراق و حبست كما ترى، و ادعى على المحال، فقلت له:

فأرفع عنك قصة إلى محمد بن عبد الملك الزيات، فقال: افعل، فكتبت عنه قصته و شرحت أمره فيها و رفعتها إلى محمد بن عبد الملك فوقع في ظهرها: قل للذي أخرجك إلى قوله: قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره و رققت له و انصرفت محزونا عليه فلما كان من الغد باكرت الحبس لأعلمه بالحال و آمره بالصبر و العزاء، فوجدت الجند و أصحاب الحرس و صاحب السجن و خلقا عظيما من الناس يهرعون، فسألت عن حالهم فقيل لي: المحمول من الشام المتنبي افتقد البارحة من الحبس فلا ندري أ خسفت به الأرض أو اختطفه الطير، و كان هذا الرجل أعني علي بن خالد زيديا فقال بالإمامة لما رأى ذلك، و حسن اعتقاده.

قوله: فإذا الجند، على ما في الكتاب خبره محذوف، أي حاضرون، و الحرس بالتحريك جمع حارس، و افتقد على المعلوم أي غاب، و اختطفه أي اختلسه و استلبه بسرعة.

الحديث الثاني

: مجهول.

و كان المراد بالصحن الفضاء في خارج المسجد، قوله: فوسوس إنما نسب ذلك

ص: 98

يَجِي ءُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَعَ الزَّوَالِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَنْزِلُ فِي الصَّحْنِ وَ يَصِيرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ ع فَيَخْلَعُ نَعْلَيْهِ وَ يَقُومُ فَيُصَلِّي فَوَسْوَسَ إِلَيَّ الشَّيْطَانُ فَقَالَ إِذَا نَزَلَ فَاذْهَبْ حَتَّى تَأْخُذَ مِنَ التُّرَابِ الَّذِي يَطَأُ عَلَيْهِ فَجَلَسْتُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنْتَظِرُهُ لِأَفْعَلَ هَذَا فَلَمَّا أَنْ كَانَ وَقْتُ الزَّوَالِ أَقْبَلَ ع عَلَى حِمَارٍ لَهُ فَلَمْ يَنْزِلْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِيهِ وَ جَاءَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَفَعَلَ هَذَا أَيَّاماً فَقُلْتُ إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ جِئْتُ فَأَخَذْتُ الْحَصَى الَّذِي يَطَأُ عَلَيْهِ بِقَدَمَيْهِ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ عِنْدَ الزَّوَالِ فَنَزَلَ عَلَى الصَّخْرَةِ ثُمَّ دَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَصَلَّى فِي نَعْلَيْهِ وَ لَمْ يَخْلَعْهُمَا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَيَّاماً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَمْ يَتَهَيَّأْ لِي هَاهُنَا وَ لَكِنْ أَذْهَبُ إِلَى بَابِ الْحَمَّامِ فَإِذَا دَخَلَ إِلَى الْحَمَّامِ أَخَذْتُ مِنَ التُّرَابِ الَّذِي يَطَأُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُ عَنِ الْحَمَّامِ الَّذِي يَدْخُلُهُ فَقِيلَ لِي إِنَّهُ يَدْخُلُ حَمَّاماً بِالْبَقِيعِ لِرَجُلٍ مِنْ وُلْدِ طَلْحَةَ فَتَعَرَّفْتُ الْيَوْمَ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الْحَمَّامَ وَ صِرْتُ إِلَى بَابِ الْحَمَّامِ وَ جَلَسْتُ إِلَى الطَّلْحِيِّ أُحَدِّثُهُ وَ أَنَا أَنْتَظِرُ مَجِيئَهُ ع فَقَالَ الطَّلْحِيُّ إِنْ أَرَدْتَ دُخُولَ الْحَمَّامِ فَقُمْ فَادْخُلْ فَإِنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ لَكَ ذَلِكَ بَعْدَ سَاعَةٍ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّ ابْنَ الرِّضَا يُرِيدُ دُخُولَ الْحَمَّامِ قَالَ قُلْتُ وَ مَنِ ابْنُ الرِّضَا قَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ لَهُ صَلَاحٌ وَ وَرَعٌ قُلْتُ لَهُ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ الْحَمَّامَ غَيْرُهُ قَالَ نُخْلِي لَهُ الْحَمَّامَ إِذَا جَاءَ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ ع وَ مَعَهُ غِلْمَانٌ لَهُ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ غُلَامٌ مَعَهُ حَصِيرٌ حَتَّى أَدْخَلَهُ الْمَسْلَخَ فَبَسَطَهُ وَ وَافَى فَسَلَّمَ

إلى الشيطان لما علم أنه عليه السلام لم يرض به، إما لخوف الشهرة و إيذاء المخالفين، أو لأنه ليس من المندوبات فيكون بدعة، و لذا لم ينقل مثله في زمن السابقين كما قيل، و الأول أصوب.

قوله: و لا يجوز، على بناء المجرد أو التفعيل، و على الأخير ضمير الفاعل راجع

ص: 99

وَ دَخَلَ الْحُجْرَةَ عَلَى حِمَارِهِ وَ دَخَلَ الْمَسْلَخَ وَ نَزَلَ عَلَى الْحَصِيرِ فَقُلْتُ لِلطَّلْحِيِّ هَذَا الَّذِي وَصَفْتَهُ بِمَا وَصَفْتَ مِنَ الصَّلَاحِ وَ الْوَرَعِ فَقَالَ يَا هَذَا لَا وَ اللَّهِ مَا فَعَلَ هَذَا قَطُّ إِلَّا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذَا مِنْ عَمَلِي أَنَا جَنَيْتُهُ- ثُمَّ قُلْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَلَعَلِّي أَنَالُ مَا أَرَدْتُ إِذَا خَرَجَ فَلَمَّا خَرَجَ وَ تَلَبَّسَ دَعَا بِالْحِمَارِ فَأُدْخِلَ الْمَسْلَخَ وَ رَكِبَ مِنْ فَوْقِ الْحَصِيرِ وَ خَرَجَ ع فَقُلْتُ فِي نَفْسِي قَدْ وَ اللَّهِ آذَيْتُهُ وَ لَا أَعُودُ وَ لَا أَرُومُ مَا رُمْتُ مِنْهُ أَبَداً وَ صَحَّ عَزْمِي عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الزَّوَالِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَقْبَلَ عَلَى حِمَارِهِ حَتَّى نَزَلَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِيهِ فِي الصَّحْنِ فَدَخَلَ وَ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ جَاءَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ ع وَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَ قَامَ يُصَلِّي

3 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ خَرَجَ ع عَلَيَّ فَنَظَرْتُ إِلَى رَأْسِهِ وَ رِجْلَيْهِ لِأَصِفَ قَامَتَهُ لِأَصْحَابِنَا بِمِصْرَ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ حَتَّى قَعَدَ وَ قَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ احْتَجَّ فِي الْإِمَامَةِ بِمِثْلِ مَا احْتَجَّ فِي النُّبُوَّةِ فَقَالَ- وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا قَالَ وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى الْحُكْمَ صَبِيّاً وَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَاهَا وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً

إلى ابن الرضا و" تخلي" على الأفعال أو التفعيل، و المستتر في أدخله للغلام، و البارز للحصير" هذا الذي و صفته" استفهام تعجبي و غرضه أن مجيئه عليه السلام راكبا إلى الحصير من علامات التكبر و هو ينافي الصلاح و الورع" أنا جنيته" أي جررته إليه، و الضمير راجع إلى هذا أو أنا صرت سببا لنسبة هذه الجناية إليه، قال في القاموس: جنى الذنب عليه يجنيه جناية جره إليه، و الثمرة اجتناها، و تجني عليه ادعى ذنبا لم يفعله.

قوله: أروم أي أقصد، و الخبر مشتمل على إعجازه عليه السلام و أنه كان عالما بما في الضمائر بإلهام الله تعالى.

الحديث الثالث

: ضعيف و قد مضى مضمونه في باب حالات الأئمة عليهم السلام.

ص: 100

4 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّيَّانِ قَالَ احْتَالَ الْمَأْمُونُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع بِكُلِّ حِيلَةٍ فَلَمْ يُمْكِنْهُ فِيهِ شَيْ ءٌ- فَلَمَّا اعْتَلَّ وَ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ ابْنَتَهُ دَفَعَ إِلَى مِائَتَيْ وَصِيفَةٍ مِنْ أَجْمَلِ مَا يَكُونُ إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَاماً فِيهِ جَوْهَرٌ يَسْتَقْبِلْنَ أَبَا جَعْفَرٍ ع إِذَا قَعَدَ فِي مَوْضِعِ الْأَخْيَارِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِنَّ وَ كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ- مُخَارِقٌ صَاحِبُ صَوْتٍ وَ عُودٍ وَ ضَرْبٍ طَوِيلُ اللِّحْيَةِ فَدَعَاهُ الْمَأْمُونُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كَانَ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَأَنَا أَكْفِيكَ أَمْرَهُ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَشَهَقَ مُخَارِقٌ شَهْقَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الدَّارِ وَ جَعَلَ يَضْرِبُ بِعُودِهِ وَ يُغَنِّي فَلَمَّا فَعَلَ سَاعَةً وَ إِذَا أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ لَا يَمِيناً وَ لَا شِمَالًا ثُمَّ رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ

الحديث الرابع

: مرسل.

" بكل حيلة" أي في نقص قدره عليه السلام و إدخاله فيما هو فيه من اللهو و الفسوق" فلم يمكنه في شي ء" أي لم يمكنه الحيلة في شي ء من أموره، و في بعض النسخ كما في المناقب: فيه شي ء و هو أظهر" فلما اعتل" أي عجز عن الحيلة كأنه صار عليلا أو على بناء المجهول أي عوق و منع من ذلك قال في القاموس: اعتله إعتاقه عن أمر أو تجني عليه.

قوله: موضع الأجناد، أي محل حضور الجند و مجلس ديوان المأمون، و في بعض النسخ موضع الأخيار، قيل: أي الخلوة حين العبادة، و أقول: كلاهما تصحيف و الظاهر الأختان جمع الختن كما في نسخ مناقب ابن شهرآشوب" فشهق" كضرب و منع و علم، أي صاح" شهقة" مصدر للنوع أي شهقة عجيبة" اجتمع عليه" أي على مخارق، و قيل الضمير للشهقة، و التذكير لأنه مصدر" و جعل" أي شرع و الباء لتقوية التعدية" فلما فعل ساعة" كان جواب لما مقدر يفسره الجملة التالية و يمكن أن يقرأ ثم بالفتح" فرفع" جواب لما، و في القاموس: العثنون اللحية أو ما فضل منها بعد العارضين، أو نبت على الذقن و تحته سفلا أو هو طولها، و شعيرات طوال تحت حنك

ص: 101

وَ قَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا ذَا الْعُثْنُونِ قَالَ فَسَقَطَ الْمِضْرَابُ مِنْ يَدِهِ وَ الْعُودُ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِيَدَيْهِ إِلَى أَنْ مَاتَ قَالَ فَسَأَلَهُ الْمَأْمُونُ عَنْ حَالِهِ قَالَ لَمَّا صَاحَ بِي أَبُو جَعْفَرٍ فَزِعْتُ فَزْعَةً لَا أُفِيقُ مِنْهَا أَبَداً

5 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ مَعِي ثَلَاثُ رِقَاعٍ غَيْرُ مُعَنْوَنَةٍ وَ اشْتَبَهَتْ عَلَيَّ فَاغْتَمَمْتُ فَتَنَاوَلَ إِحْدَاهُمَا وَ قَالَ هَذِهِ رُقْعَةُ زِيَادِ بْنِ شَبِيبٍ ثُمَّ تَنَاوَلَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانٍ فَبُهِتُّ أَنَا فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ قَالَ وَ أَعْطَانِي ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَحْمِلَهَا إِلَى بَعْضِ بَنِي عَمِّهِ وَ قَالَ أَمَا إِنَّهُ سَيَقُولُ لَكَ دُلَّنِي عَلَى حَرِيفٍ يَشْتَرِي لِي بِهَا مَتَاعاً فَدُلَّهُ عَلَيْهِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِالدَّنَانِيرِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا هَاشِمٍ دُلَّنِي عَلَى حَرِيفٍ يَشْتَرِي لِي بِهَا مَتَاعاً فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَ كَلَّمَنِي جَمَّالٌ أَنْ أُكَلِّمَهُ لَهُ يُدْخِلُهُ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ لِأُكَلِّمَهُ لَهُ فَوَجَدْتُهُ يَأْكُلُ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ وَ لَمْ يُمْكِنِّي كَلَامَهُ فَقَالَ يَا أَبَا هَاشِمٍ كُلْ وَ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ابْتِدَاءً مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ يَا غُلَامُ انْظُرْ إِلَى الْجَمَّالِ الَّذِي

البعير، انتهى. و المضرب بالكسر ما يضرب به" فزعت" أي دهشت و زالت قوتي" لا أفيق" أي لا أرجع إلى الصحة.

الحديث الخامس

: ضعيف على المشهور.

و الرقاع بالكسر جمع رقعة بالضم، و في القاموس عنوان الكتاب و عينانه و يكسران، سمي لأنه يعن له من ناحية، و أصله عنان كرمان و كل ما استدللت بشي ء تظهره على غيره فعنوان له، و عن الكتاب و عننه و عنونه كتب عنوانه، انتهى.

و المراد أنه لم يكتب اسم المرسل على ظهره، و قال في القاموس: البهت الانقطاع و الحيرة و الفعل، كعلم و نصر و كرم و زهى، و هو مبهوت لا باهت و لا بهيت، و قال: حريفك معاملك في حرفتك و قيل:" يدخله" حال مقدرة لمفعول أكلمه، و قال

ص: 102

أَتَانَا بِهِ أَبُو هَاشِمٍ فَضُمَّهُ إِلَيْكَ قَالَ وَ دَخَلْتُ مَعَهُ ذَاتَ يَوْمٍ بُسْتَاناً فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي لَمُولَعٌ بِأَكْلِ الطِّينِ فَادْعُ اللَّهَ لِي فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ابْتِدَاءً مِنْهُ يَا أَبَا هَاشِمٍ قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْكَ أَكْلَ الطِّينِ قَالَ أَبُو هَاشِمٍ فَمَا شَيْ ءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ الْيَوْمَ

6 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع صَبِيحَةَ عُرْسِهِ حَيْثُ بَنَى بِابْنَةِ الْمَأْمُونِ وَ كُنْتُ تَنَاوَلْتُ مِنَ اللَّيْلِ دَوَاءً فَأَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي صَبِيحَتِهِ أَنَا وَ قَدْ أَصَابَنِي الْعَطَشُ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ بِالْمَاءِ فَنَظَرَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فِي وَجْهِي وَ قَالَ أَظُنُّكَ عَطْشَانَ فَقُلْتُ أَجَلْ فَقَالَ يَا غُلَامُ أَوْ جَارِيَةُ اسْقِنَا مَاءً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي السَّاعَةَ يَأْتُونَهُ بِمَاءٍ يَسُمُّونَهُ بِهِ فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ فَأَقْبَلَ الْغُلَامُ وَ مَعَهُ الْمَاءُ فَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِي ثُمَّ قَالَ يَا غُلَامُ نَاوِلْنِي الْمَاءَ فَتَنَاوَلَ الْمَاءَ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ ثُمَّ عَطِشْتُ أَيْضاً وَ كَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ بِالْمَاءِ فَفَعَلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى فَلَمَّا جَاءَ الْغُلَامُ وَ مَعَهُ الْقَدَحُ قُلْتُ فِي نَفْسِي مِثْلَ مَا قُلْتُ فِي الْأُولَى فَتَنَاوَلَ الْقَدَحَ ثُمَّ شَرِبَ فَنَاوَلَنِي وَ تَبَسَّمَ:" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ فَقَالَ لِي هَذَا الْهَاشِمِيُّ وَ أَنَا أَظُنُّهُ كَمَا يَقُولُونَ

الجوهري: أولعته بالشي ء و أولع فهو مولع بفتح اللام مغري به.

الحديث السادس

: ضعيف، و محمد بن علي و علي بن محمد الهاشميين كلاهما مجهولان و الخبر إلى الذم أقرب من المدح.

" بنى بابنة المأمون" أي زف و في المغرب: بنى على امرأته دخل بها" و كرهت أن أدعو بالماء" للاحتشام أو لخوف السم، و الظاهر أن الاغتمام كان للخوف على نفسه و لذا ابتدأ عليه السلام بالشرب و تبسم" أنا أظنه كما يقولون" أي أنه إمام أو يعلم ما في النفوس، و في إرشاد المفيد قال محمد بن حمزة: فقال لي محمد بن علي الهاشمي: و الله إنني أظن أن أبا جعفر يعلم ما في النفوس كما تقول الرافضة.

ص: 103

7 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ النَّوَاحِي مِنَ الشِّيعَةِ فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَسَأَلُوهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عَنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ

الحديث السابع

: حسن كالصحيح.

" من أهل النواحي" أي الآفاق البعيدة المختلفة من أطراف الأرض أتوا للحج كما روى الشيخ المفيد قدس سره في كتاب الاختصاص عن علي بن إبراهيم عن أبيه قال: لما مات أبو الحسن الرضا عليه السلام حججنا فدخلنا على أبي جعفر عليه السلام فدخل عمه عبد الله بن موسى و كان شيخا كبيرا نبيلا عليه ثياب خشنة، و بين عينيه سجادة فجلس و خرج أبو جعفر عليه السلام من الحجرة و عليه قميص قصب و رداء قصب و نعل حذو بيضاء فقام عبد الله فاستقبله و قبل بين عينيه و قامت الشيعة و قعد أبو جعفر عليه السلام على كرسي و نظر الناس بعضهم إلى بعض تحيرا لصغر سنه، فانتدب رجل من القوم فقال لعمه:

أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ فقال: تقطع يمينه و يضرب الحد فغضب أبو جعفر عليه السلام ثم نظر إليه و قال: يا عم اتق الله، اتق الله إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عز و جل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لا تعلم؟ فقال له عمه: يا سيدي أ ليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبو جعفر عليه السلام إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها، فقال أبي: تقطع يمينه للنبش و يضرب حد الزنا، فإن حرمة الميتة كحرمة الحية، فقال: صدقت يا سيدي و أنا أستغفر الله، فتعجب الناس و قالوا: يا سيدنا أ تأذن لنا أن نسألك؟ فقال: نعم، فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة فأجابهم فيها و له تسع سنين.

و أقول: يشكل هذا بأنه لو كان السؤال و الجواب عن كل مسألة بيتا واحدا أعني خمسين حرفا لكان أكثر من ثلاث ختمات للقرآن فكيف يمكن ذلك في مجلس واحد؟ و لو قيل جوابه عليه السلام كان في الأكثر بلا و نعم أو بالإعجاز في أسرع زمان ففي السؤال لم يكن كذلك.

و يمكن الجواب بوجوه: الأول: أن الكلام محمول على المبالغة في كثرة الأسئلة

ص: 104

فَأَجَابَ ع وَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ

8 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ دِعْبِلِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع وَ أَمَرَ لَهُ بِشَيْ ءٍ فَأَخَذَهُ وَ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ قَالَ فَقَالَ لَهُ لِمَ لَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ قَالَ ثُمَّ دَخَلْتُ بَعْدُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ أَمَرَ لِي بِشَيْ ءٍ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالَ لِي تَأَدَّبْتَ

و الأجوبة، فإن عد مثل ذلك أيضا مستبعد جدا.

الثاني: أنه يمكن أن يكون في خواطر القوم أسؤلة كثيرة متفقة، فلما أجاب عليه السلام عن واحد فقد أجاب عن الجميع.

الثالث: أن يكون إشارة إلى كثرة ما يستنبط من كلماته الموجزة المشتملة على الأحكام الكثيرة، و هذا وجه قريب.

الرابع: أن يكون المراد بوحدة المجلس الوحدة النوعية أو مكان واحد كمنى و إن كان في أيام متعددة.

الخامس: أن يكون مبنيا على بسط الزمان الذي يقول به الصوفية لكنه مخالف للعقل.

السادس: أن يكون إعجازه عليه السلام أثر في سرعة كلام القوم أيضا أو كان يجيبهم بما يعلم من ضمائرهم قبل سؤالهم.

السابع: ما قيل أن المراد السؤال بعرض المكتوبات و الطومارات فوقع الجواب بخرق العادة.

الحديث الثامن

: ضعيف على المشهور.

و دعبل بكسر الدال و سكون العين و فتح الباء شاعر خزاعي مشهور كان مداح الرضا عليه السلام و له قصائد معروفة و قصص مشهورة.

قوله عليه السلام: تأدبت أشار به إلى تأديب الرضا عليه السلام إياه أي قبلت الأدب و الآداب الصفات و الأفعال الجميلة، قال في القاموس: الأدب محركة: حسن التناول، أدب كحسن أدبا فهو أديب، و أدبه علمه فتأدب و استأدب.

ص: 105

9 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ حَدَثَ بِآلِ فَرَجٍ حَدَثٌ فَقُلْتُ مَاتَ عُمَرُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَتَّى أَحْصَيْتُ لَهُ أَرْبَعاً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا يَسُرُّكَ لَجِئْتُ حَافِياً أَعْدُو إِلَيْكَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَ وَ لَا تَدْرِي مَا قَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ خَاطَبَهُ فِي شَيْ ءٍ فَقَالَ أَظُنُّكَ سَكْرَانَ فَقَالَ

الحديث التاسع

: ضعيف على المشهور.

و عمر بن الفرج قيل: كان والي المدينة، و الفرج كان مولى آل يقطين، و قال المسعودي: في سنة ثلاث و ثلاثين و مائتين سخط المتوكل على عمر بن فرج الرخجي و كان من عليه الكتاب و أخذ منه مالا و جواهرا مائة ألف و عشرين ألف دينار، و أخذ من أخيه نحو مائة ألف دينار و خمسين ألف دينار، ثم صالح عمر على إحدى عشر ألف درهم على أن يرد عليه ضياعه، ثم غضب عليه مرة ثانية ثم أمر أن يصفع في كل يوم فأحصى ما صفع فكانت ستة آلاف صفعة، و ألبس جبة صوف ثم رضي عنه ثم سخط عليه ثالثة و أحدر إلى بغداد و أقام بها حتى مات.

و قال صاحب المقاتل: استعمل المتوكل على المدينة و مكة عمر بن الفرج الرخجي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس و منع الناس من برهم و كان لا يبلغه أن أحدا بر أحدا منهم بشي ء و إن قل إلا أنهكه عقوبة و أثقله غرما حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلوية يصلين فيه واحدة بعد واحدة ثم يرفضه و يجلس عواري حواسر إلى أن قتل المتوكل فعطف المستنصر عليهم و أحسن إليهم و وجه بمال فرقه فيهم، و كان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله و مضادة مذهبه طعنا عليه، انتهى.

ص: 106

أَبِي اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أَمْسَيْتُ لَكَ صَائِماً فَأَذِقْهُ طَعْمَ الْحَرْبِ وَ ذُلَّ الْأَسْرِ فَوَ اللَّهِ إِنْ ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ حَتَّى حُرِبَ مَالُهُ وَ مَا كَانَ لَهُ ثُمَّ أُخِذَ أَسِيراً وَ هُوَ ذَا قَدْ مَاتَ لَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَ قَدْ أَدَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ وَ مَا زَالَ يُدِيلُ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ

10 أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي مَسْجِدِ الْمُسَيَّبِ وَ صَلَّى بِنَا فِي مَوْضِعِ الْقِبْلَةِ سَوَاءً وَ ذُكِرَ أَنَّ السِّدْرَةَ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ كَانَتْ يَابِسَةً لَيْسَ عَلَيْهَا وَرَقٌ فَدَعَا بِمَاءٍ وَ تَهَيَّأَ تَحْتَ السِّدْرَةِ فَعَاشَتِ

و قال الجوهري: تقول حربه يحربه حربا مثل طلبه يطلبه إذا أخذ ماله و تركه بلا شي ء، و قد حرب ماله أي سلبه فهو محروب و حريب، و قال: الدولة في الحرب أن تداول إحدى الفئتين على الأخرى، يقال: كانت لنا عليهم الدولة، و الدولة بالضم في المال، يقال: صار الفي ء دولة بينهم يتداولونه، يكون مرة لهذا و مرة لهذا، و أدالنا الله من عدونا من الدولة، و الإدالة: الغلبة يقال: اللهم أدلني على فلان و انصرني عليه.

الحديث العاشر

: ضعيف.

قوله: سواء أي لم ينحرف عن القبلة لصحتها، أو لم يدخل المحراب الداخل كما يصنع المخالفون، بل قام في مثل ما قمنا عليه، و لم يتقدم علينا كثيرا لتضيق المكان أو لوجه آخر، أو كان الموضع الذي قام عليه السلام عليه وسطا مستوي النسبة إلى الجانبين قال في النهاية: سواء الشي ء وسطه، لاستواء المسافة إليه من الأطراف، و قيل: سواء أي صلاة المغرب، لاستوائها في المسافر و المقيم، و لا يخفى بعده، و تهيأ للصلاة أي توضأ.

و روى المفيد في الإرشاد و الطبرسي في إعلام الورى: أنه لما انصرف أبو جعفر عليه السلام من عند المأمون ببغداد و معه أم الفضل إلى المدينة صار إلى شارع باب الكوفة و الناس يشيعونه، فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس، فنزل و دخل المسجد و كان في صحنه نبقة لم يحمل بعد فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة و قام و صلى

ص: 107

السِّدْرَةُ وَ أَوْرَقَتْ وَ حَمَلَتْ مِنْ عَامِهَا

11 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ وَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنِ الْمُطَرِّفِيِّ قَالَ مَضَى أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع وَ لِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي ذَهَبَ مَالِي فَأَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِذَا كَانَ غَداً فَأْتِنِي وَ لْيَكُنْ مَعَكَ مِيزَانٌ وَ أَوْزَانٌ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ لِي مَضَى أَبُو الْحَسَنِ وَ لَكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقُلْتُ نَعَمْ فَرَفَعَ الْمُصَلَّى الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ فَإِذَا تَحْتَهُ دَنَانِيرُ فَدَفَعَهَا إِلَيَ

12 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍ

بالناس صلاة المغرب فقرأ في الأولى الحمد، و إذا جاء نصر الله، و في الثانية الحمد و قل هو الله أحد و قنت قبل الركوع و جلس بعد التسليم هنيئة يذكر الله تبارك و تعالى و قام من غير تعقيب، فصلى النوافل أربع ركعات و عقب بعدها و سجد سجدتي الشكر ثم خرج، فلما انتهى إلى النبقة رآها الناس و قد حملت حملا كثيرا حسنا فتعجبوا من ذلك فأكلوا منها فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له، و مضى عليه السلام إلى المدينة و لم يزل بها حتى أشخصه المعتصم إلى بغداد في أول سنة خمس و عشرين و مائتين، فأقام بها حتى توفي في آخر ذي القعدة من هذه السنة، انتهى.

و النبق بالفتح ككتف حمل السدر.

الحديث الحادي عشر

: مجهول.

و الحجال اسمه عبد الله بن محمد، و المطرفي نسبة إلى مطرف بتثليث الميم و فتح الراء، رداء من خز فيه أعلام بالبيع أو النسج أو اللبس، و الأوزان جمع الوزنة و هي ما يوزن به من الحديد و نحوه، و يدل على أنه يجوز إيفاء الدنانير بدل الدراهم.

ما يوزن به من الحديد و نحوه، و يدل على أنه يجوز إيفاء الدنانير بدل الدراهم.

الحديث الثاني عشر

: ضعيف على المشهور موقوف.

و هو مخالف لما اختاره في أول الباب، و كأنه لم يختره لعدم موافقته لما مر بهذا السند في وفاة الرضا عليه السلام إذ ليس بين التاريخين تسع عشرة سنة، و لذا قال بعضهم

ص: 108

عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قُبِضَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً- وَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْماً تُوُفِّيَ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ- عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا خَمْساً وَ عِشْرِينَ يَوْماً

بَابُ مَوْلِدِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَ الرِّضْوَانُ وُلِدَ ع لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَ مِائَتَيْنِ وَ رُوِيَ أَنَّهُ وُلِدَ ع فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ مِائَتَيْنِ وَ مَضَى لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ

كانت مدة إمامته ثمانية عشر سنة، و في إعلام الورى سبع عشرة سنة لأنه ذكر أن وفاة الرضا عليه السلام كانت سنة ثلاث و مائتين، نعم هذا يوافق ما رواه في كشف الغمة عن ابن الخشاب بإسناده عن محمد بن سنان أن وفاة الرضا عليه السلام كانت سنة مائتي سنة و سنة من الهجرة، و يستفاد من هذا الخبر أن ولادته عليه السلام كانت في أواخر شهر رمضان، و أن عمره عليه السلام كان عند وفاة أبيه عليه السلام ست سنين و أربعة أشهر و سبعة أيام، و على ما اختاره المصنف (ره) من التاريخ كان له عليه السلام في أول إمامته سبع سنين و خمسة أشهر.

باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام

اشارة

أقول: علي التاريخ الأول من التاريخين الذين ذكرهما كان سنه في بدو إمامته ثمان سنين إلا نصف شهر، و على الثاني ست سنين و أربعة أشهر، و قال الشيخ (ره) في المصباح: روي أن يوم السابع من ذي الحجة ولد أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام و قال في موضع آخر: قال ابن عياش: و ذكر المولودين في رجب الدعاء كما مر ثم قال: و ذكر ابن عياش أنه كان مولده عليه السلام يوم الثاني من رجب، و ذكر أيضا أنه كان يوم الخامس، و قال: روى إبراهيم بن هاشم القمي قال: ولد عليه السلام يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة مضت من رجب سنة أربع عشرة و مائتين.

ص: 109

وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ رُوِيَ أَنَّهُ قُبِضَ ع فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ لَهُ إِحْدَى وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً عَلَى الْمَوْلِدِ الْآخَرِ الَّذِي رُوِيَ وَ كَانَ الْمُتَوَكِّلُ أَشْخَصَهُ مَعَ يَحْيَى بْنِ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى فَتُوُفِّيَ بِهَا ع وَ دُفِنَ فِي دَارِهِ وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا سُمَانَةُ

و قال في إعلام الورى: ولد عليه السلام بصريا من المدينة النصف من ذي الحجة سنة اثنتا عشرة و مائتين، و في رواية ابن عياش: يوم الثلاثاء الخامس من رجب، و أمه أم ولد يقال لها سمانة.

و قال ابن شهرآشوب: و يقال: إن أمه المعروفة بالسيدة أم الفضل، و قال ابن بابويه: و سمه المعتمد، و قال الكفعمي: سمه المعتز.

و اختلف في تاريخ وفاته عليه السلام قال الشيخ في المصباح: روى إبراهيم بن هاشم القمي قال: توفي يوم الاثنين لثلاث خلون من رجب سنة أربع و خمسين و مائتين، و نحوه روي عن ابن عياش و زادوا له يومئذ إحدى و أربعون سنة، و قال ابن شهرآشوب قبض عليه السلام بسر من رأى الثالث من رجب، و قيل: يوم الاثنين لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة نصف النهار، و قال محمد بن طلحة: مات لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة و كذا قال ابن الخشاب، و في إعلام الورى و ربيع الشيعة: قبض عليه السلام بسر من رأى في رجب سنة أربع و خمسين و مائتين، و له يومئذ إحدى و أربعون سنة و أشهر، و كان المتوكل قد أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سر من رأى، فأقام بها حتى مضى لسبيله، و كانت مدة إمامته ثلاث و ثلاثين سنة، و أمه أم ولد يقال لها:

سمانة، و لقبه النقي و العالم و الفقيه و الأمين و الطيب، و يقال له أبو الحسن الثالث، و كان في أيام إمامته بقية ملك المعتصم ثم ملك الواثق خمس سنين و سبعة أشهر، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة، ثم ملك ابنه المنتصر ستة أشهر، ثم ملك المستعين و هو أحمد بن المعتصم سنتين و تسعة أشهر ثم ملك المعتز و هو الزبير بن المتوكل ثماني سنين و ستة أشهر و في آخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد و دفن في داره بسر من

ص: 110

1 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ خَيْرَانَ الْأَسْبَاطِيِّ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع الْمَدِينَةَ فَقَالَ لِي مَا خَبَرُ الْوَاثِقِ عِنْدَكَ

رأى، انتهى.

و في الصحاح: الهرثمة الأسد و منه سمي الرجل هرثمة.

الحديث الأول

: ضعيف على المشهور.

و في رجال الشيخ خيران الخادم ثقة" دي" خيران بن إسحاق الراكاني" دي" و في" جش" خيران مولى الرضا عليه السلام له كتاب روى عنه العبيدي.

و الواثق هو هارون بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، التاسع من الخلفاء العباسية لعنهم الله.

و قال في الكامل: بويع في اليوم الذي توفي فيه أبوه و ذلك يوم الخميس لثمان عشرة مضت من ربيع الأول سنة سبع و عشرين و مائتين، و كان يكنى أبا جعفر و أمه أم ولد رومية تسمى قراطيس، و توفي لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، فكانت خلافته خمس سنين و تسعة أشهر و خمسة أيام، و كان عمره اثنتين و ثلاثين سنة، و قيل: كان ستا و ثلاثين قال: قال أحمد بن محمد الواسطي: كنت فيمن يمرضه يعني الواثق، فلحقته غشية و أنا في جماعة من أصحابه قيام، فقلنا: لو عرفنا خبره، فتقدمت إليه فلما صرت عند رأسه فتح عينيه فكدت أن أموت من خوفه فرجعت إلى خلف فتعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس فاندقت و سلمت من جراحه و وقفت في موقفي، ثم مات فسجيناه و جاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس لأنه مكتوب عليهم و اشتغلوا بأخذ البيعة، و جلست على باب المجلس لحفظ البيت و رددت الباب فسمعت حسا ففتحت الباب فإذا جرذ قد دخل من بستان هناك فأكل

ص: 111

إحدى عيني الواثق، فقلت: لا إله إلا الله هذه العين التي فتحها من ساعة فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة.

و بعد موته بويع المتوكل على الله جعفر بن المعتصم و كان عمره ستا و عشرين، و قال:

قبض المتوكل على محمد بن عبد الملك الزيات و حبسه لتسع خلون من صفر، و كان سببه أن الواثق استوزر محمد بن عبد الملك و فوض الأمور كلها إليه، و كان الواثق قد غضب على أخيه جعفر المتوكل و وكل عليه من يحفظه و يأتيه بالأخبار فأتى المتوكل إلى محمد بن عبد الملك يسأله أن يكلم الواثق ليرضي عنه فوقف بين يديه يكلمه، ثم أشار بالقعود فقعد فلما فرغ من الكتب الذي بين يديه التفت إليه كالمتهدد، و قال:

ما جاء بك؟ قال: جئت لتسأل أمير المؤمنين الرضا عني، قال لمن حوله: انظروا يغضب أخاه ثم يسألني أن أسترضيه، اذهب فإنك إذا صلحت رضي عنك، فقام عنه حزينا فأتى أحمد بن أبي داود فقام إليه أحمد و استقبله إلى باب البيت و قبله، و قال:

ما حاجتك جعلت فداك؟ قال: جئت لتسترضي أمير المؤمنين قال: أفعل و نعمة عين و كرامة، فكلم أحمد الواثق فيه فوجده لم يرض عنه ثم كلمه فيه ثانية فرضي عنه و كساه.

و لما خرج المتوكل من عند ابن الزيات كتب إلى الواثق أن جعفرا أتاني في زي المخنثين له شعر بقفاه يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه، فكتب إليه الواثق ابعث إليه فأحضره و مر من يجز شعره فيضرب به وجهه، قال المتوكل: لما أتاني رسوله لبست سوادا جديدا و أتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضا عني، فاستدعى حجاما فأخذ شعري على السواد الجديد، ثم ضرب به وجهي، فلما ولي المتوكل الخلافة أمهل حتى كان صفر فأمر إيتاخ بأخذ ابن الزيات و تعذيبه فاستحضره فركب يظن أن الخليفة يطيبه، فلما حاذى دار إيتاخ عدل به إليه، فخاف فأدخله حجرة و وكل عليه و أرسل إلى منازله من أصحابه من هجم عليهم و أخذ كل ما فيها

ص: 112

قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ خَلَّفْتُهُ فِي عَافِيَةٍ أَنَا مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ عَهْداً بِهِ عَهْدِي بِهِ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ قَالَ فَقَالَ لِي إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ إِنَّهُ مَاتَ فَلَمَّا أَنْ قَالَ لِيَ النَّاسَ عَلِمْتُ أَنَّهُ هُوَ ثُمَّ قَالَ لِي مَا فَعَلَ جَعْفَرٌ قُلْتُ تَرَكْتُهُ أَسْوَأَ النَّاسِ حَالًا فِي السِّجْنِ قَالَ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ صَاحِبُ الْأَمْرِ مَا فَعَلَ ابْنُ الزَّيَّاتِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ النَّاسُ مَعَهُ وَ الْأَمْرُ أَمْرُهُ قَالَ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ شُؤْمٌ عَلَيْهِ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ

و استصفى أمواله و أملاكه في جميع البلاد، و كان شديد الجزع كثير البكاء ثم سوهر و كان ينخس بمسيلة لئلا ينام، ثم ترك فنام يوما و ليلة ثم سوهر، ثم جعل في تنور كان عمله هو و عذب به ابن أسباط المصري و أخذ ماله، و كان من خشب فيه مسامير من حديد أطرافها إلى داخل التنور تمنع من يكون فيه من الحركة، و كان ضيقا بحيث إن الإنسان كان يمد يديه إلى فوق رأسه ليقدر على دخوله لضيقه، و لا يقدر أن يجلس فبقي أياما و مات، و كان حبسه لتسع خلون من صفر و موته لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول.

و اختلف في سبب موته فقيل ما ذكرناه، و قيل: بل ضرب فمات و هو يضرب، و قيل: مات بغير ضرب و هو أصح، و قيل إنه لما دفن نبشته الكلاب و أخذت لحمه و سمع قبل موته يقول لنفسه: يا محمد لم تقنعك النعمة و الدواب و الدار النظيفة و النعمة و الكسوة و أنت في عافية حتى طلبت الوزارة ذق ما عملت بنفسك، ثم سكت عن ذلك و كان لا يزيد على التشهد و ذكر الله عز و جل.

و كان ابن الزيات صديقا لإبراهيم الصولي، فلما ولي الوزارة صادرة بألف ألف و خمسمائة درهم، انتهى.

قوله" خلفته" أي في سر من رأى، و اللام في الناس للعهد الخارجي أي أهل المدينة و الحاصل أنه لما نسب القول إلى أهل المدينة و لم يعين أحدا علمت أنه تورية، و يقول ذلك بعلمه بالمغيبات" صاحب الأمر" أي الملك و الخلافة.

ص: 113

وَ قَالَ لِي لَا بُدَّ أَنْ تَجْرِيَ مَقَادِيرُ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَحْكَامُهُ يَا خَيْرَانُ مَاتَ الْوَاثِقُ وَ قَدْ قَعَدَ الْمُتَوَكِّلُ جَعْفَرٌ وَ قَدْ قُتِلَ ابْنُ الزَّيَّاتِ فَقُلْتُ مَتَى جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ بَعْدَ خُرُوجِكَ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ

2 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فِي كُلِّ الْأُمُورِ أَرَادُوا إِطْفَاءَ نُورِكَ وَ التَّقْصِيرَ بِكَ حَتَّى أَنْزَلُوكَ هَذَا الْخَانَ الْأَشْنَعَ خَانَ الصَّعَالِيكِ فَقَالَ هَاهُنَا أَنْتَ يَا ابْنَ سَعِيدٍ ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ وَ قَالَ انْظُرْ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَوْضَاتٍ آنِقَاتٍ وَ رَوْضَاتٍ بَاسِرَاتٍ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ عَطِرَاتٌ وَ وِلْدَانٌ كَأَنَّهُنَ

و الخبر يدل على أنه قتل ابن الزيات بلا فصل لا كما قاله ابن الأثير، و نحوه قال أيضا المسعودي في مروج الذهب، و يمكن أن يكون قتلا محمولا على المجاز، أي سيقتل لكنه لا عبرة بتلك التواريخ.

و قال المسعودي: بويع المتوكل و هو ابن سبع و عشرين سنة و أشهر، و قتل و هو ابن إحدى و أربعين سنة، و قيل: ابن أربع و أربعين سنة، و كانت خلافته أربع عشرة سنة و تسعة أشهر و تسع ليال، و قتل ليلة الأربعاء لثلاث خلون من شوال من سنة سبع و أربعين و مائتين.

الحديث الثاني

: ضعيف على المشهور.

و ضمير" أرادوا" راجع إلى المتوكل و أمرائه، أو إلى الخلفاء و أعوانهم، و الباء في" بك" للتعدية أو الملابسة، و الخان منزل للتجار و غيرهم مشتمل على حجرات، و في القاموس: الصعلوك كعصفور الفقير" هيهنا أنت" أي أنت في هذا المقام من معرفتنا فتظن أن هذه الأمور تنقص في قدرنا، و أن تمتعنا منحصر في هذه الأمور التي منعونا منه، و الأنق محركة: الفرح و السرور و الكلاء، أنق كفرح و الشي ء أحبه، و به أعجب، و أنقني إيناقا و نيقا بالكسر أعجبني، و شي ء أنيق كأمير حسن معجب.

قوله: و روضات باسرات في أكثر النسخ بالباء الموحدة أي ابتدأت فيها الثمرة

ص: 114

اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ وَ أَطْيَارٌ وَ ظِبَاءٌ وَ أَنْهَارٌ تَفُورُ فَحَارَ بَصَرِي وَ حَسَرَتْ عَيْنِي فَقَالَ حَيْثُ كُنَّا فَهَذَا لَنَا عَتِيدٌ لَسْنَا فِي خَانِ الصَّعَالِيكِ

أو كانت غضا طريا، قال الجوهري: البسر النخل صار ما عليه بسرا، و قال للشمس في أول طلوعها: بسرة، و البسرة من النبات: أولها و البسرة الماء الطري القريب العهد بالمطر، و في المصباح: البسر من كل شي ء الغض، و نبات بسر أي طري، و في بعض النسخ بالياء المثناة بمعنى السهل ففي الإسناد تجوز لكنه بعيد.

و نقل في إعلام الورى هذا الحديث عن الكليني و ليست فيه هذه الفقرة.

و في كشف الغمة فإذا أنا بروضات أنيقات و أنهار جاريات و جنات فيها خيرات عطرات.

و قال البيضاوي في قوله تعالى:" فِيهِنَّ خَيْراتٌ" أي خيرات فخففت، لأن خيرا الذي بمعنى أخير لا يجمع، و قد قرئ على الأصل حسان أي حسان الخلق و الخلق، و في قوله:" كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ" أي المصون عما يضر به في الصفاء و النقاء.

" و أنهار تفور" أي تنبع من مخارجها بدفع و قوة و" حسرت" كضربت أي كلت و انقطعت لشدة ضياء ما رأت" عتيد" أي حاضر مهيأ.

و روي في الخرائج عن صالح بن سعيد أن المتوكل بعث إلى أبي الحسن عليه السلام يدعوه إلى الحضور بالعسكر، فلما وصل تقدم بأن يحجب عنه في يومه فنزل في خان الصعاليك، فدخلت عليه فيه فقلت في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك و التقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان فقال: هيهنا أنت يا ابن سعيد ثم أومأ بيده فإذا أنا بروضات و أنهار فيها خيرات و ولدان، فحار بصري و كثر تعجبي فقال لي: حيث كنا فهذا لنا.

أقول: لما قصر علم السائل و فهمه عن إدراك اللذات الروحانية و الوصول إلى

ص: 115

درجاتهم المعنوية، و توهم أن هذه الأمور مما يحط من منزلتهم و لم يعلم أن تلك الأمور مما يزيد في مراتبهم و يضاعف قربهم و درجاتهم و لذاتهم الروحانية، و أنهم عرفوا الدنيا و زهدوا فيها و اجتووا لذاتها و نعيمها و كان نظره مقصورا على اللذات الجسمانية الدنية الفانية فلذا أراه عليه السلام ذلك لأنه كان ذلك مبلغه من العلم و أما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا، و النظر فيها لا يهمنا لكن يخطر لنا بقدر فهمنا وجوه:

الأول: أنه تعالى أوجد في هذا الوقت لإظهار إعجازه عليه السلام هذه الأشياء في الهواء فرآه ليعلم أن أمثال هذه الأمور لتسليمهم و رضاهم بقضاء الله و إلا فهم يقدرون على أمثال هذه الأمور العظيمة و إمامتهم الواقعية و قدرتهم العلية و نفاذ حكمهم في عوالم الملك و الملكوت و خلافتهم الكبرى، لم تنقص بما يرى فيهم من المذلة و المظلومية و المقهورية.

الثاني: أن تلك الأشكال أوجدها الله في حسه المشترك إيذانا بأن اللذات الدنيوية مثل تلك الخيالات الوهمية عندنا كما يرى النائم أشياء في منامه فيلتذ كالتذاذه في اليقظة و لذا قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.

الثالث: أنه عليه السلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق فهمه فإنه كان في منام طويل و غفلة عظيمة عن درجات العارفين و لذاتهم، كما يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي و اللبن الثقيق و المال بصورة الحية و أمثال ذلك، و هذا قريب من السابق و هما على مذاق الحكماء و المتألهين.

الرابع: ما حققته في بعض المواضع و ملخصه أن النشئات مختلفة، و الحواس في إدراكها متفاوتة، كما أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يرى جبرئيل و سائر الملائكة عليهم السلام، و الصحابة لم يكونوا يرونهم، و أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يرى الأرواح في

ص: 116

3 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْحَاقَ الْجَلَّابِ قَالَ اشْتَرَيْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع غَنَماً كَثِيرَةً فَدَعَانِي فَأَدْخَلَنِي مِنْ إِصْطَبْلِ دَارِهِ إِلَى مَوْضِعٍ وَاسِعٍ لَا أَعْرِفُهُ فَجَعَلْتُ أُفَرِّقُ تِلْكَ الْغَنَمَ فِيمَنْ أَمَرَنِي بِهِ فَبَعَثَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ إِلَى وَالِدَتِهِ وَ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَمَرَنِي ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي

وادي السلام و حبة و غيره لا يرونهم، فيمكن أن يكون جميع هذه الأمور في جميع الأوقات حاضرة عندهم عليهم السلام و يرونها و يلتذون بها، لكن لما كانت أجساما لطيفة روحانية ملكوتية، لم يكن سائر الخلق يرونها، فقوى الله بصر السائل بإعجازه عليه السلام حتى رآها، فعلى هذا لا يبعد أن يكون في وادي السلام جنات و أنهار و رياض و حياض، يتمتع بها أرواح المؤمنين كما ورد في الأخبار بأجسادهم المثالية اللطيفة، و نحن لا نراها و بهذا الوجه ينحل كثير من الشبه عن المعجزات و أخبار البرزخ و المعاد.

الخامس: أن يكون رأى ذلك في عالم المثال و هو العالم بين العالمين الذي أثبته الإشراقيون من الحكماء و الصوفية، و قد تكلمنا عليه في كتب السماء و العالم من كتابنا الكبير، و هو قريب من الوجه السابق بوجه و مباين له من وجه، و الرابع لعله أحسن الوجوه، و إنما ذكرنا هنا ما خطر ببالنا القاصر و الله يعلم حقائق الأمور و حججه عليهم السلام.

الحديث الثالث

: ضعيف على المشهور.

و الجلاب بالفتح و التشديد: من يشتري الغنم و نحوها في موضع و يسوقها إلى موضع آخر ليبيعها، و في القاموس: الغنم محركة الشاة لا واحد لها من لفظها، الواحدة شاة و هو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور و الإناث، و عليهما جميعا و الجمع أغنام و غنوم و أغانم، و قال: الإصطبل كجرد حل: موقف الدواب شامية" فجعلت" أي شرعت و أبو جعفر ابنه الكبير اسمه محمد مات قبل أبيه عليهما السلام و قد مر ذكره في باب النص على أبي محمد عليه السلام، و قيل: إن المراد به محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن

ص: 117

الِانْصِرَافِ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى وَالِدِي وَ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَكَتَبَ إِلَيَّ تُقِيمُ غَداً عِنْدَنَا ثُمَّ تَنْصَرِفُ قَالَ فَأَقَمْتُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ أَقَمْتُ عِنْدَهُ وَ بِتُّ لَيْلَةَ الْأَضْحَى فِي رِوَاقٍ لَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ أَتَانِي فَقَالَ يَا إِسْحَاقُ قُمْ قَالَ فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ عَيْنِي فَإِذَا أَنَا عَلَى بَابِي بِبَغْدَادَ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَى وَالِدِي وَ أَنَا فِي أَصْحَابِي فَقُلْتُ لَهُمْ عَرَّفْتُ بِالْعَسْكَرِ وَ خَرَجْتُ بِبَغْدَادَ إِلَى الْعِيدِ

4 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرِيِّ قَالَ مَرِضَ الْمُتَوَكِّلُ مِنْ خُرَاجٍ خَرَجَ بِهِ وَ أَشْرَفَ مِنْهُ عَلَى الْهَلَاكِ فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَمَسَّهُ بِحَدِيدَةٍ فَنَذَرَتْ أُمُّهُ إِنْ عُوفِيَ أَنْ تَحْمِلَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَالًا جَلِيلًا مِنْ مَالِهَا وَ قَالَ لَهُ الْفَتْحُ بْنُ

جعفر، فإنه المكنى بأبي جعفر، و لا يخفى ما فيه.

" إلى والدي" بالتوحيد أو التثنية، أي بالشد و عدمه، و يوم التروية ثامن ذي الحجة" أقمت عنده" أي لبثت أو أتيت بوظائف يوم عرفة من الدعاء و غيره، و في القاموس: الرواق ككتاب و غراب بيت كالفسطاط أو سقف في مقدم البيت، انتهى.

و لعل المراد هنا الإيوان، و التعريف الوقوف بعرفات، و المراد هنا الإتيان بأعمال عرفة و" خرجت" عطف على قلت أو على عرفت، و يدل على أنهم قادرون على طي الأرض و نقل الشي ء من مكان إلى مكان بأسرع زمان كما كان لآصف عليه السلام.

الحديث الرابع

: مجهول.

و الخراج كغراب: القروح و الدماميل ميل العظيمة" فلم يجسر" أي لم يجترئ، و الفتح كان وزير المتوكل و من كتابه و قتل معه.

قال المسعودي: كان الفتح بن خاقان التركي مولى المتوكل، أغلب الناس عليه و أقربهم منه و أكثرهم تقدما عنده، و لم يكن الفتح مع هذه المنزلة ممن يرجى خيره أو يخاف شره، و كان له نصيب من العلم و منزلة من الأدب و ألف كتابا في أنواع من الآداب و ترجمه بكتاب البستان.

ص: 118

خَاقَانَ لَوْ بَعَثْتَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَسَأَلْتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ صِفَةٌ يُفَرِّجُ بِهَا عَنْكَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَ وَصَفَ لَهُ عِلَّتَهُ فَرَدَّ إِلَيْهِ الرَّسُولُ بِأَنْ يُؤْخَذَ كُسْبُ الشَّاةِ فَيُدَافَ بِمَاءِ وَرْدٍ فَيُوضَعَ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَجَعَ الرَّسُولُ وَ أَخْبَرَهُمْ أَقْبَلُوا يَهْزَءُونَ مِنْ قَوْلِهِ فَقَالَ لَهُ الْفَتْحُ هُوَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ وَ أَحْضَرَ الْكُسْبَ وَ عَمِلَ كَمَا قَالَ وَ وَضَعَ عَلَيْهِ فَغَلَبَهُ النَّوْمُ وَ سَكَنَ ثُمَّ انْفَتَحَ وَ خَرَجَ مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ وَ بُشِّرَتْ أُمُّهُ بِعَافِيَتِهِ فَحَمَلَتْ إِلَيْهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ تَحْتَ خَاتَمِهَا ثُمَّ اسْتَقَلَّ مِنْ عِلَّتِهِ فَسَعَى إِلَيْهِ الْبَطْحَائِيُّ الْعَلَوِيُ

قوله: لو بعثت، لو للتمني أو الجزاء محذوف" إلى هذا الرجل" يعني أبا الحسن عليه السلام" صفة" أي معالجة، و في القاموس: الكسب بالضم عصارة الدهن و في المصباح الكسب وزان قفل: ثفل الدهن، و هو معرب و أصله بالشين المعجمة، انتهى.

و كان المراد هنا ما تلبد تحت أرجل الشاة من بعرها" فيداف" أي يخلط و يبل، في القاموس: الدفوف الخلط، و البل بماء و نحوه" ثم استقل من علته" كأنه من الاستقلال بمعنى الارتفاع و الاستبداد، أي برأ كاملا، و قيل: هو من القلة أي وجد علته قليلة و الأول أظهر، قال في النهاية: فيه حتى يستقل الرمح بالظل هو من القلة لا من الإقلال و الاستقلال الذي بمعنى الارتفاع و الاستبداد، يقال: تقلل الشي ء و استقله و تقاله: إذا رآه قليلا، انتهى.

و في إعلام الورى بخط مصنفه أيضا استقله، و في ربيع الشيعة" استبل" بالباء الموحدة و هذا أنسب، قال في القاموس: البل بالكسر الشفاء، و بل بلولا نجا من مرضه، يبل بلا و بللا و بلولا و استبل و ابتل و تبلل: حسنت حاله بعد الهزال" فسعى إليه" أي سعى به عليه السلام إليه، أي نمه و ذمه و سعى في الإضرار به عنده، و في الإرشاد و الإعلام فلما كان بعد أيام سعى البطحائي بأبي الحسن عليه السلام إلى المتوكل، و في الصحاح: سعى به إلى الوالي: وشى به، أي ذمه و افترى عليه، و البطحائي هو محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن أمير المؤمنين، و هو و أبوه و جده كانوا مظاهرين لبني العباس على سائر أولاد أبي طالب.

ص: 119

بِأَنَّ أَمْوَالًا تُحْمَلُ إِلَيْهِ وَ سِلَاحاً فَقَالَ لِسَعِيدٍ الْحَاجِبِ اهْجُمْ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَ خُذْ مَا تَجِدُ عِنْدَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَ السِّلَاحِ وَ احْمِلْهُ إِلَيَّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ لِي سَعِيدٌ الْحَاجِبُ صِرْتُ إِلَى دَارِهِ بِاللَّيْلِ وَ مَعِي سُلَّمٌ فَصَعِدْتُ السَّطْحَ فَلَمَّا نَزَلْتُ عَلَى بَعْضِ الدَّرَجِ فِي الظُّلْمَةِ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ أَصِلُ إِلَى الدَّارِ فَنَادَانِي يَا سَعِيدُ مَكَانَكَ حَتَّى يَأْتُوكَ بِشَمْعَةٍ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ أَتَوْنِي بِشَمْعَةٍ فَنَزَلْتُ فَوَجَدْتُهُ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَ قَلَنْسُوَةٌ مِنْهَا وَ سَجَّادَةٌ عَلَى حَصِيرٍ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ أَشُكَّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فَقَالَ لِي دُونَكَ الْبُيُوتَ فَدَخَلْتُهَا وَ فَتَّشْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا شَيْئاً وَ وَجَدْتُ الْبَدْرَةَ فِي بَيْتِهِ مَخْتُومَةً بِخَاتَمِ أُمِّ الْمُتَوَكِّلِ وَ كِيساً مَخْتُوماً وَ قَالَ لِي دُونَكَ الْمُصَلَّى فَرَفَعْتُهُ فَوَجَدْتُ سَيْفاً فِي جَفْنٍ غَيْرِ مُلَبَّسٍ فَأَخَذْتُ ذَلِكَ وَ صِرْتُ إِلَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى خَاتَمِ أُمِّهِ عَلَى الْبَدْرَةِ بَعَثَ إِلَيْهَا فَخَرَجَتْ

قال مؤلف عمدة الطالب كان الحسن بن زيد أمير المدينة من قبل المنصور الدوانيقي و كان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن المثنى، و هو أول من لبس السواد من العلويين، و قال: القاسم ابنه كان زاهدا عابدا ورعا إلا أنه كان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن، و قال محمد بن القاسم يلقب بالبطحائي بفتح الباء منسوبا إلى البطحاء أو إلى البطحان، واد بالمدينة قال العمري: و أحسب أنهم نسبوهم إلى أحد هذين الموضعين لإدمانه الجلوس فيه، و كان محمد البطحائي فقيها و أمه نفيسة، انتهى.

و في القاموس: هجم عليه هجوما: انتهى إليه بغتة، أو دخل بغير إذن، و الدرج بالتحريك جمع الدرجة و هي الطريق إلى السطح و الغرفة" مكانك" منصوب بتقدير الزم" و قلنسوة منها" أي من جنسها و هو الصوف" و سجادة" عطف علي عليه من قبيل عطف الجملة و هو مبتدأ خبره" على حصير" أو غيره يسجد عليها في الصلاة" و دونك" اسم فعل أي أدرك" فلم أجد فيها شيئا" أي مما ذكره الساعي" غير ملبس" أي بالجلد أو بما هو الشائع من زينة السيوف و حليتها، و في الأعلام و غيره في جفن ملبوس أي

ص: 120

إِلَيْهِ فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ خَدَمِ الْخَاصَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ كُنْتُ قَدْ نَذَرْتُ فِي عِلَّتِكَ لَمَّا أَيِسْتُ مِنْكَ إِنْ عُوفِيتَ حَمَلْتُ إِلَيْهِ مِنْ مَالِي عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ فَحَمَلْتُهَا إِلَيْهِ وَ هَذَا خَاتَمِي عَلَى الْكِيسِ وَ فَتَحَ الْكِيسَ الْآخَرَ فَإِذَا فِيهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ فَضَمَّ إِلَى الْبَدْرَةِ بَدْرَةً أُخْرَى وَ أَمَرَنِي بِحَمْلِ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَحَمَلْتُهُ وَ رَدَدْتُ السَّيْفَ وَ الْكِيسَيْنِ وَ قُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي عَزَّ عَلَيَّ فَقَالَ لِي سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

5 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيِّ قَالَ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ أَجْمِعْ أَمْرَكَ وَ خُذْ حِذْرَكَ قَالَ فَأَنَا فِي جَمْعِ أَمْرِي وَ لَيْسَ أَدْرِي مَا كَتَبَ إِلَيَّ حَتَّى وَرَدَ عَلَيَّ رَسُولٌ حَمَلَنِي مِنْ مِصْرَ مُقَيَّداً وَ ضَرَبَ عَلَى كُلِّ مَا أَمْلِكُ وَ كُنْتُ فِي السِّجْنِ ثَمَانَ

بالجلد فقط، فكان المفعول بمعنى الفاعل" فأخبرني" كلام سعيد و الخدم بالتحريك جمع خادم، و كان إضافته إلى الخاصة من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف، أو المراد بالخاصة الحرم الخاصة أو أمه، و يقال: عز علي كذا، أي اشتد و عظم، و في الأعلام و غيره: فحملتها إليه و هذا خاتمي على الكيس ما حركه، و فتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دينار فأمرني أن يضم إلى البدرة بدرة أخرى و قال لي: احمل ذلك إلى أبي الحسن، و اردد عليه السيف و الكيس، فحملت ذلك و استحييت منه، و قلت له: يا سيدي اعزز علي بدخولي دارك بغير إذنك و لكنني مأمور، فقال لي: يا سعيد سيعلم.

الآية.

الحديث الخامس

: ضعيف على المشهور.

و كان محمدا هذا أخو عمر الذي مر ذكره لا سيما و قد وصفه بالرخجي في الإرشاد و غيره، و يدل على أنه لم يكن مثل أخيه في الشقاوة و قد مر أنه أخذ ماله مع مال أخيه و الحذر بالكسر و بالتحريك الاحتياط و الاحتراز، و اسم ليس ضمير الشأن مستتر فيه و في الإرشاد قال: فإني في جمع أمري لست أدري ما الذي أراد بما كتب به إلى، و في

ص: 121

سِنِينَ ثُمَّ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْهُ فِي السِّجْنِ كِتَابٌ فِيهِ يَا مُحَمَّدُ لَا تَنْزِلْ فِي نَاحِيَةِ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فَقَرَأْتُ الْكِتَابَ فَقُلْتُ يَكْتُبُ إِلَيَّ بِهَذَا وَ أَنَا فِي السِّجْنِ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ فَمَا مَكَثْتُ أَنْ خُلِّيَ عَنِّي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ يَسْأَلُهُ عَنْ ضِيَاعِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَوْفَ تُرَدُّ عَلَيْكَ وَ مَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تُرَدَّ عَلَيْكَ فَلَمَّا شَخَصَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ إِلَى الْعَسْكَرِ كُتِبَ إِلَيْهِ بِرَدِّ ضِيَاعِهِ وَ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ- قَالَ وَ كَتَبَ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِيبِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ يَسْأَلُهُ الْخُرُوجَ إِلَى الْعَسْكَرِ فَكَتَبَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع يُشَاوِرُهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ اخْرُجْ فَإِنَّ فِيهِ فَرَجَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَخَرَجَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى مَاتَ

6 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْقُوبَ قَالَ

لقاموس: ضرب على يده: أمسك" في ناحية الجانب الغربي" أي بغداد، و في الإرشاد فما مكثت إلا أياما يسيرة حتى أفرج عني و حلت قيودي و خلي سبيلي، و لما رجع إلى العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبو الحسن عليه السلام و خرج إلى سر من رأى، انتهى.

قوله: أن خلي، قيل: أن زائدة لتأكيد الاتصال" خلي" مجهول باب التفعيل" عني" نائب الفاعل، و الضياع بالكسر جمع ضيعة و هي العقار" و ما يضرك" ما نافية و الاستفهام بعيد" قبل ذلك" أي قبل وصول الكتاب، و في الإرشاد و غيره: فلم يصل الكتاب حتى مات" فإن فيه فرجك، أي من الدنيا و شدائدها، و ظاهره كونه مشكورا.

الحديث السادس

: مجهول.

و أحمد بن الخضيب كان من قواد المتوكل، و لما قتل المتوكل و قعد المنتصر مكانه استوزره، و نفى عبد الله بن يحيى بن خاقان، و كانت مدة خلافة المنتصر ستة أشهر و يومين، و قيل: ستة أشهر سواء، فلما توفي دبر أحمد بن الخضيب حتى اتفق الأتراك و الموالي على أن لا يتولى الخلافة أحد من ولد المتوكل لئلا يطلب منهم دم أبيه، فاجتمعوا على أحمد بن محمد بن المعتصم و هو المستعين فبايعوه في أواخر ربيع الأول سنة ثمان و أربعين و مائتين.

ص: 122

رَأَيْتُهُ يَعْنِي مُحَمَّداً قَبْلَ مَوْتِهِ بِالْعَسْكَرِ فِي عَشِيَّةٍ وَ قَدِ اسْتَقْبَلَ أَبَا الْحَسَنِ ع فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَ اعْتَلَّ مِنْ غَدٍ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ عَائِداً بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ عِلَّتِهِ وَ قَدْ ثَقُلَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْهِ بِثَوْبٍ- فَأَخَذَهُ وَ أَدْرَجَهُ وَ وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ قَالَ فَكُفِّنَ فِيهِ قَالَ أَحْمَدُ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع مَعَ ابْنِ الْخَضِيبِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْخَضِيبِ سِرْ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الْمُقَدَّمُ فَمَا لَبِثَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى وُضِعَ الدَّهَقُ عَلَى سَاقِ ابْنِ الْخَضِيبِ ثُمَّ نُعِيَ قَالَ رُوِيَ عَنْهُ حِينَ أَلَحَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْخَضِيبِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَطْلُبُهَا

و قال صاحب الكامل: في هذه السنة غضب الموالي على أحمد بن الخضيب في جمادى الآخرة و استصفى ماله و مال ولده، و نفي إلى أقريطش.

" يعني محمدا" أي ابن الفرج المتقدم" في عشية" أي آخر يوم، و في الإرشاد و الأعلام قال: رأيت محمد بن الفرج قبل موته بالعسكر في عشية من العشايا و استقبل أبا الحسن عليه السلام فنظر إليه نظرا شافيا.

قوله عليه السلام: أنت المقدم، أي في الذهاب إلى الآخرة، و كأنه هكذا فهم الراوي، و يحتمل أن يكون غرض الراوي أنه لما تقدم عليه صلوات الله عليه و إن كلفه التقدم على الرسم و العادة ابتلي بما ذكر، و في الإرشاد و غيره قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام مع أحمد بن الخضيب يتسايران و قد قصر عنه أبو الحسن عليه السلام فقال له: إلخ.

و أقول: على ما ذكرنا الظاهر أن هذا كان في زمان المستعين، و في القاموس: الدهق محركة خشبتان يغمز بهما الساق فارسيته إشكنجه" ثم نعى" أي أتى خبر موته في الحبس كما مر، و في الإرشاد ثم قتل أي في الحبس، و قال ابن الجوزي في التلقيح: قتل المتوكل ليلة الأربعاء لأربع خلون من شوال سنة تسع و أربعين و مائتين و ولي بعده المنتصر ابنه و كان خلافته ستة أشهر و ولي بعده المستعين، و كانت خلافته ثلاث سنين و ستة أشهر و ثلاث و عشرين يوما.

" قال: روي" ضمير" قال" راجع إلى أحمد، و ضمير روى إلى أبي يعقوب" في الدار التي يطلبها منه" أي كان يطلب منه عليه السلام دار أنزلها و سكنها، و في الإرشاد

ص: 123

مِنْهُ بَعَثَ إِلَيْهِ لَأَقْعُدَنَّ بِكَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَقْعَداً لَا يَبْقَى لَكَ بَاقِيَةٌ فَأَخَذَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ

7 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ أَخَذْتُ نُسْخَةَ كِتَابِ الْمُتَوَكِّلِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع مِنْ يَحْيَى بْنِ هَرْثَمَةَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ هَذِهِ نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَارِفٌ بِقَدْرِكَ رَاعٍ

و غيره: في الدار التي كان قد نزلها و طالبه بالانتقال منها و تسليمها إليه.

قوله: لأقعدن بك، الباء للتعليل أي للدعاء عليك، و من للنسبة" لا يبقى" على بناء الأفعال أو المجرد" باقية" أي حال باقية، كناية عن موته أو خليفة كناية عن استئصاله أو مدة باقية كناية عن سرعة موته، و في الإعلام لا تبقى لك معه باقية.

الحديث السابع

: مرسل.

و قال السيد الأسترآبادي يحيى بن هرثمة روى أنه كان من الحشوية ثم تشيع لما رأى علي بن محمد عليه السلام.

قوله: في سنة، متعلق بأخذت أو بالكتاب، و الثاني أظهر كما ستعرف، و قال المفيد (ره) في الإرشاد: كان سبب شخوص أبي الحسن عليه السلام من المدينة إلى سر من رأى أن عبد الله بن محمد كان يتولى الحرب و الصلاة بمدينة الرسول صلى الله عليه و آله، فسعى بأبي الحسن عليه السلام إلى المتوكل، و كان يقصده بالأذى، و بلغ أبا الحسن سعايته به فكتب إلى المتوكل تحامل عبد الله بن محمد عليه و تكذيبه فيما سعى به، فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه و دعائه فيه حضور العسكر على جميل من الفعل و القول، فخرجت نسخة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد. إلى آخر ما في الكتاب.

ثم قال: فلما وصل الكتاب إلى أبي الحسن عليه السلام تجهز للرحيل و خرج معه يحيى بن هرثمة حتى وصل إلى أبي الحسن عليه السلام تجهز للرحيل و خرج معه يحيى بن هرثمة حتى وصل إلى سر من رأى، فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك، و أقام فيه يومه، ثم تقدم

ص: 124

لِقَرَابَتِكَ مُوجِبٌ لِحَقِّكَ يُقَدِّرُ مِنَ الْأُمُورِ فِيكَ وَ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ مَا أَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ حَالَكَ وَ حَالَهُمْ وَ ثَبَّتَ بِهِ عِزَّكَ وَ عِزَّهُمْ وَ أَدْخَلَ الْيُمْنَ وَ الْأَمْنَ عَلَيْكَ وَ عَلَيْهِمْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَاءَ رَبِّهِ وَ أَدَاءَ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ فِيكَ وَ فِيهِمْ وَ قَدْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَرْفَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّا كَانَ يَتَوَلَّاهُ مِنَ الْحَرْبِ وَ الصَّلَاةِ بِمَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِذْ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْتَ مِنْ جَهَالَتِهِ بِحَقِّكَ وَ اسْتِخْفَافِهِ بِقَدْرِكَ وَ عِنْدَ مَا قَرَفَكَ بِهِ وَ نَسَبَكَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي قَدْ عَلِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَرَاءَتَكَ مِنْهُ وَ صِدْقَ نِيَّتِكَ فِي تَرْكِ مُحَاوَلَتِهِ وَ أَنَّكَ لَمْ تُؤَهِّلْ

المتوكل بأفراد دار له فانتقل إليها.

و في عيون المعجزات روي أن بريحة العباسي كتب إلى المتوكل إن كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد عنها، فإنه قد دعى الناس إلى نفسه و اتبعه خلق كثير ثم كتب إليه بهذا المعنى زوجة المتوكل، فنفذ يحيى بن هرثمة و كتب معه إلى أبي الحسن عليه السلام كتابا جيدا يعرفه أنه قد اشتاق إليه، و سأله القدوم عليه، و أمر يحيى بالمسير إليه و كتب إلى بريحة يعرفه ذلك، فقدم يحيى المدينة و بدأ ببريحة و أوصل الكتاب إليه ثم ركبا إلى أبي الحسن عليه السلام و أوصلا إليه كتاب المتوكل فاستأجلهما ثلاثة أيام فلما كان بعد ثلاث عادا إلى داره فوجد الدواب مسرجة و الأثقال مشدودة قد فرغ منها، فخرج صلوات الله عليه متوجها إلى العراق و معه يحيى.

قوله: لقرابتك، أي لنفسه أو لرسول الله" موجب لحقك" أي مثبت له أو يراه واجبا على نفسه" و ثبت" عطف علي أصلح على المجرد أو على التفعيل، فالضمير لله، و في الإرشاد مؤثر من الأمور إلى قوله و يثبت به عزك و عزهم، و يدخل الأمن، و هو يؤيد الثاني، و الرضا: بالقصر مصدر و بالمد اسم.

" إذ كان" إلخ، إشارة إلى ما مر في رواية الإرشاد من شكايته عليه السلام عنه و تبريه مما نسبه إليه، و" عند" عطف على إذ كان، و ربما يقرأ عند بصيغة الماضي عطفا على كان و هو تكلف، و قد يقال على الأول عطف على ما ذكرت أي و كان مباشرا لما نسبك إليه، و يقال قرف فلانا أي عابه و اتهمه، و يقال: حاوله رامه و قصده، و في الإرشاد و صدق

ص: 125

نَفْسَكَ لَهُ وَ قَدْ وَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ يَلِي مِنْ ذَلِكَ- مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ وَ أَمَرَهُ بِإِكْرَامِكَ وَ تَبْجِيلِكَ وَ الِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِكَ وَ رَأْيِكَ وَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُشْتَاقٌ إِلَيْكَ يُحِبُّ إِحْدَاثَ الْعَهْدِ بِكَ وَ النَّظَرَ إِلَيْكَ فَإِنْ نَشِطْتَ لِزِيَارَتِهِ وَ الْمُقَامِ قِبَلَهُ مَا رَأَيْتَ شَخَصْتَ وَ مَنْ أَحْبَبْتَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ وَ مَوَالِيكَ وَ حَشَمِكَ عَلَى مُهْلَةٍ وَ طُمَأْنِينَةٍ تَرْحَلُ إِذَا شِئْتَ وَ تَنْزِلُ إِذَا شِئْتَ وَ تَسِيرُ كَيْفَ شِئْتَ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ يَحْيَى بْنُ هَرْثَمَةَ مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنْدِ مُشَيِّعِينَ لَكَ يَرْحَلُونَ بِرَحِيلِكَ وَ يَسِيرُونَ بِسَيْرِكَ وَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إِلَيْكَ حَتَّى تُوَافِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِهِ وَ وُلْدِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ خَاصَّتِهِ أَلْطَفَ مِنْهُ مَنْزِلَةً وَ لَا أَحْمَدَ لَهُ أُثْرَةً وَ لَا هُوَ لَهُمْ

نيتك في برك و قولك و إنك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه، انتهى.

و الأمر عبارة عن دعوى الخلافة و إرادة الخروج، و في المصباح عهدته بمكان كذا لقيته، و عهدي به قريب أي لقائي و عهدت الشي ء ترددت إليه و أصلحته، و حقيقته تجديد العهد به، قال: و نشط في عمله من باب تعب خف و أسرع نشاطا، و في القاموس نشط كسمع نشاطا بالفتح طابت نفسه للعمل و غيره و المقام بالضم الإقامة، قبله بكسر القاف و فتح الباء أي عنده" ما رأيت" قيل: ما مصدرية و المصدر نائب ظرف الزمان، و عامل الظرف المقام، أي ما اخترت الإقامة" و شخصت" جزاء الشرط و من أحببت، عطف على ضمير شخصت و في الإرشاد قبله ما أحببت شخصت و من اخترت، و في القاموس حشمة الرجل و حشمته محركتين و أحشامه خاصته الذين يغضبون له من أهل و عبيد أو جيرة، و الحشم محركة للواحد و الجمع و القرابة أيضا" مشيعين لك" أي مرافقين تابعين بلا أمر و لا نهي، فالأمر في ذلك إليك، و في الإرشاد و بعده: و قد تقدمنا إليه بطاعتك فاستخر الله حتى توافي.

" فما أحد" ما مشبهة بليس، و ألطف خبره، أي أقرب و ألصق و من في منه للنسبة، و" منزلة" تميز، و لا أحمد أي أشد محمودية، و في القاموس: الأثرة بالضم المكرمة المتوارثة كالماثرة و المأثرة، و البقية من العلم تؤثر، و ضمائر منه و له و هو

ص: 126

أَنْظَرَ وَ عَلَيْهِمْ أَشْفَقَ وَ بِهِمْ أَبَرَّ وَ إِلَيْهِمْ أَسْكَنَ مِنْهُ إِلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ كَتَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ

8 الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَسَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ الْمُثَنَّى يَعْقُوبُ بْنُ يَاسِرٍ قَالَ كَانَ الْمُتَوَكِّلُ يَقُولُ وَيْحَكُمْ قَدْ أَعْيَانِي أَمْرُ ابْنِ الرِّضَا أَبَى أَنْ يَشْرَبَ

للفاسق، و من في منه تفضيلية، و إليك متعلق باسكن، و قيل: اكتفي بذكر من التفضيلية و ما يليها في الأخير اختصارا، و ليس بحسن، و إبراهيم من كتاب المتوكل، و في الإرشاد و كتب إبراهيم بن العباس في جمادى الآخر سنة ثلاث و أربعين و مائتين، و هذا يدل على أن التاريخ الأول أيضا كان تاريخ الكتاب.

الحديث الثامن

: مجهول.

قوله: أعياني، أي أعجزني و حيرني، قال الجوهري: عي بأمره و عيي إذا لم يهتد لوجهه، و داء عياء أي صعب لا دواء له، كأنه أعيى الأطباء، و قال: نادمني فلان على الشراب فهو نديمي و ندماني، و يقال: المنادمة مقلوبة من المدامنة لأنه يدمن شرب الشراب مع نديمه و في القاموس نادمه منادمة و نداما جالسة على الشراب و المراد بالشرب شرب الخمر و النبيذ و كان المراد بالمنادمة الحضور في مجلس الشراب و إن لم يشرب" فرصة في هذا" أي لتكليفه بالشرب أو المنادمة لاتهامه بقبيح، و موسى هو المشهور بالمبرقع ابن أبي جعفر الثاني، و قبره بقم معروف، و قال صاحب عمدة الطالب: و أما موسى المبرقع ابن محمد الجواد عليه السلام فهو لأم ولد، مات بقم و قبره بها، و يقال لولده: الرضويون و هم بقم إلا من شذ منهم إلى غيرها.

و قال الحسن بن علي القمي (ره) في ترجمة تاريخ قم نقلا عن الرضائية للحسين بن محمد بن نصر: أول من انتقل من الكوفة إلى قم من السادات الرضوية كان أبا جعفر موسى بن محمد بن علي الرضا عليه السلام في ست و خمسين و مائتين، و كان يسدل على وجهه برقعا دائما، فأرسلت إليه العرب أن اخرج من مدينتنا و جوارنا، فرفع البرقع من وجهه فلم يعرفوه، فانتقل عنهم إلى كاشان فأكرمه أحمد بن عبد العزيز بن

ص: 127

مَعِي أَوْ يُنَادِمَنِي أَوْ أَجِدَ مِنْهُ فُرْصَةً فِي هَذَا فَقَالُوا لَهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مِنْهُ فَهَذَا أَخُوهُ مُوسَى قَصَّافٌ عَزَّافٌ- يَأْكُلُ وَ يَشْرَبُ وَ يَتَعَشَّقُ قَالَ ابْعَثُوا إِلَيْهِ فَجِيئُوا بِهِ حَتَّى نُمَوِّهَ بِهِ عَلَى النَّاسِ وَ نَقُولَ ابْنُ الرِّضَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَ أُشْخِصَ مُكَرَّماً وَ تَلَقَّاهُ جَمِيعُ بَنِي هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادُ

دلف العجلي و رحب به و وهبه خلاعا فأخره و أفراسا جيادا، و وظفه في كل سنة ألف مثقال من الذهب و فرسا مسرجا، فدخل بقم بعد خروج موسى منه أبو الصديم الحسين بن علي بن آدم و رجل آخر من رؤساء العرب و أنبأهم على إخراجه، فأرسلوا رؤساء العرب لطلب موسى و ردوه إلى قم و اعتذروا منه و أكرموه، و اشتروا من مالهم له دارا و وهبوا له سهاما من قرى هبرد و أندريقان و كارجه، و أعطوه عشرين ألف درهم و اشترى ضياعا كثيرة، فأتته أخواته زينب و أم محمد و ميمونة بنات الجواد عليه السلام و نزلن عنده، فلما متن دفن عند فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام و أقام موسى بقم حتى مات ليلة الأربعاء لثمان ليال بقين من ربيع الآخر سنة ست و تسعين و مائتين و دفن في داره و هو المشهد المعروف اليوم، انتهى.

و في القاموس: القصوف الإقامة في الأكل و الشرب، و أما القصف من اللهو فغير عربي، و في الصحاح القصف الكسر و القصف اللهو و اللعب، يقال: أنها مولدة، و قال: المعازف الملاهي و العازف اللاعب بها و المغني، و سحاب عزاف يسمع منه عزيف الرعد، و هو دوية.

" يأكل و يشرب" أي ما لا يحل أو لا يبالي بما أكل و شرب و التعشق تكلف العشق و إظهاره و التمويه التلبيس" ابن الرضا" بره محذوف أي فعل كذا و" تلقاه" أي استقبله و القواد رؤساء العسكر، و الناس مبتدأ و الظرف خبره، و الجملة حالية أي الناس كانوا فيه على هذا الاعتقاد، أو الناس عطف على القواد و الظرف حال أو متعلق بكتب، و أشخص أي طلبوه على هذا الشرط أو طلبه الملعون على هذا العزم و النية، و في الإرشاد و الأعلام فقال له بعض من حضر: إن لم تجد من ابن الرضا ما تريده من هذا الحال فهذا أخوه موسى قصاف عزاف يأكل و يشرب و يعشق و يتخالع فأحضره

ص: 128

وَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَافَى أَقْطَعَهُ قَطِيعَةً وَ بَنَى لَهُ فِيهَا وَ حَوَّلَ الْخَمَّارِينَ وَ الْقِيَانَ إِلَيْهِ وَ وَصَلَهُ وَ بَرَّهُ وَ جَعَلَ لَهُ مَنْزِلًا سَرِيّاً حَتَّى يَزُورَهُ هُوَ فِيهِ فَلَمَّا وَافَى مُوسَى تَلَقَّاهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَنْطَرَةِ وَصِيفٍ وَ هُوَ مَوْضِعٌ تُتَلَقَّى فِيهِ الْقَادِمُونَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ وَفَّاهُ حَقَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَحْضَرَكَ لِيَهْتِكَكَ وَ يَضَعَ مِنْكَ فَلَا تُقِرَّ لَهُ أَنَّكَ شَرِبْتَ نَبِيذاً قَطُّ فَقَالَ لَهُ مُوسَى فَإِذَا كَانَ دَعَانِي لِهَذَا فَمَا حِيلَتِي قَالَ فَلَا تَضَعْ مِنْ قَدْرِكَ وَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّمَا أَرَادَ هَتْكَكَ فَأَبَى عَلَيْهِ فَكَرَّرَ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُجِيبُ قَالَ أَمَا إِنَّ هَذَا مَجْلِسٌ لَا تُجْمَعُ أَنْتَ وَ هُوَ عَلَيْهِ أَبَداً فَأَقَامَ ثَلَاثَ سِنِينَ يُبَكِّرُ كُلَّ يَوْمٍ فَيُقَالُ لَهُ قَدْ تَشَاغَلَ الْيَوْمَ فَرُحْ فَيَرُوحُ فَيُقَالُ قَدْ سَكِرَ فَبَكِّرْ فَيُبَكِّرُ فَيُقَالُ شَرِبَ دَوَاءً فَمَا زَالَ عَلَى هَذَا ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى قُتِلَ الْمُتَوَكِّلُ وَ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُ عَلَيْهِ

و أشهره فإن الخبر يسمع عن ابن الرضا و لا يفرق الناس بينه و بين أخيه و من عرفه اتهم أخاه بمثل فعاله، فقال: اكتبوا بأشخاصه مكرما فأشخص و تقدم المتوكل بأن يتلقاه جميع بني هاشم و القواد و سائر الناس و عمل على أنه إذا وافى أقطعه قطيعة و بنى له فيها، و حول إليه الخمارين و القيان، و تقدم بصلته و بره و أفرد له منزلا سريا يصلح لأن يزوره هو فيه، إلخ.

" أقطعه" أي أعطاه طائفة من أرض الخراج كما فعله بسائر أمرائه، و في القاموس القين العبد و الجمع قيان و القينة الأمة المغنية أو أعم، و السري الشريف و النفيس و وفاه حقه أي أعطاه من التعظيم و الإكرام ما هو حقه و لم ينقص منهما شيئا" ليهتكك" أي يفضحك، و في القاموس هتك الستر و غيره يهتكه فانهتك و تهتك جذبه فقطعه من موضعه، أو شق منه جزءا فبدا ما وراءه، و رجل منهتك و متهتك أي لا يبالي أن يهتك سره" و يضع منك" أي ينقص شيئا من قدرك بذلك" فلا تقر له" إما بالسكوت أو بالإنكار و إن كان كذبا للمصلحة" فيقال له" أي في بعض تبكيره و الخبر مشتمل على إعجازه عليه السلام حيث أخبر بوقوع ما لم يتوقع عادة فوقع.

ص: 129

9 بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ مَرِضْتُ فَدَخَلَ الطَّبِيبُ عَلَيَّ لَيْلًا فَوَصَفَ لِي دَوَاءً بِلَيْلٍ آخُذُهُ كَذَا وَ كَذَا يَوْماً فَلَمْ يُمَكِّنِّي فَلَمْ يَخْرُجِ الطَّبِيبُ مِنَ الْبَابِ حَتَّى وَرَدَ عَلَيَّ نَصْرٌ بِقَارُورَةٍ فِيهَا ذَلِكَ الدَّوَاءُ بِعَيْنِهِ فَقَالَ لِي- أَبُو الْحَسَنِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ خُذْ هَذَا الدَّوَاءَ كَذَا وَ كَذَا يَوْماً فَأَخَذْتُهُ فَشَرِبْتُهُ فَبَرَأْتُ:" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ يَأْبَى الطَّاعِنُ

الحديث التاسع

: مجهول، لاحتمال محمد بن علي الهمداني الممدوح و أبا سمينة الضعيف و غيرهما.

و في الإرشاد و الخرائج و غيرهما زيد بن علي بن الحسين بن زيد و هو الصواب و الحسن كما في أكثر النسخ تصحيف، و زيد هو الملقب بالشبيه النسابة، و كان فاضلا صنف كتاب المقاتل و المبسوط في علم النسب، و تنتهي إليه سلسلة عظيمة و على أبوه كان من ولد الحسين الملقب بذي الدمعة ابن زيد الشهيد ابن زين العابدين.

قال في عمدة الطالب: الحسين ذو العبرة يكنى أبو عبد الله أمه أم ولد و عمي في آخر عمره، و زوجه ابنته من المهدي العباسي و هو من أصحاب الصادق جعفر بن محمد عليه السلام، قتل أبوه و هو صغير فرباه جعفر بن محمد عليه السلام فأعقب و في ولده البيت و العدد من ثلاثة رجال يحيى و فيه البيت، و الحسين و كان تعددا و علي، انتهى.

قوله: بليل، نعت دواء أي يشرب بليل كالطريفل و الشبيار و نحوهما، و قرأ بعض المصحفين من الشراح بإضافة الدواء إلى بليل و جعل الباء جزء الكلمة، قال في القاموس: البليل ريح باردة مع ندي، انتهى.

و أقول: على هذا يمكن أن يفسر مصحف آخر بدواء البليلة الدواء المعروف" أخذه" أي تناوله، و في الإرشاد و وصف لي دواء آخذه في السحر، و قيل: كذا و كذا عبارة عن عدد مركب بالعطف نحو خمسة و عشرين يوما" فلم يمكنني" أي تحصيل الدواء في تلك الليلة، و نصر اسم خادمه عليه السلام، و القارورة الزجاجة" خذ" أي تناول" يأبى الطاعن" أي هذا الحديث و هذه الكرامة، أو يأبى إمامتهم و فضلهم مع ظهور

ص: 130

أَيْنَ الْغُلَاةُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ

بَابُ مَوْلِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وُلِدَ ع فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ ثَلَاثِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ قُبِضَ ع يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ

هذه الكرامات و المعجزات" أين الغلاة" الواصفون للأئمة بصفات الألوهية حتى يتمسكوا به على مذهبهم الباطل و يشبهوا على الناس بأنهم يعلمون الغيب و لا يعلم الغيب إلا الله و هو باطل، لأن علم الغيب من غير تعلم و وحي و إلهام من صفات الله تعالى و كل الأنبياء و الأوصياء كانوا يعلمون بعض الغيوب بوحيه أو بإلهامه سبحانه.

باب مولد أبي محمد الحسن بن عليهما السلام

اشارة

أقول: تكنيته عليه السلام بأبي محمد و ذكره لا يدل على جواز ذكر القائم عليه السلام باسمه لأن الكنية لا مدخل له باسم الوالد، فإنه يكنى غالبا عند الولادة تفألا، و قد يتكنى من ليس له ولد أصلا، و قال المفيد قدس سره في الإرشاد: ولد عليه السلام بالمدينة في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين و مائتين، و قبض عليه السلام يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين، و قال الشيخ في المصباح و المفيد في حدائق الرياض: ولد يوم العاشر من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، و قال في الدروس: و قيل يوم الاثنين سابع ربيع الآخر، و قال ابن شهرآشوب (ره): ولد عليه السلام يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الآخر، و قيل: ولد عليه السلام بسر من رأى سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، و أما وفاته فذهب الأكثر إلى أنها كانت يوم الجمعة أو الأربعاء لثمان ليال خلون من ربيع الأول سنة مائتين و ستين و هو ابن ثمان و عشرين في زمن المعتز و قيل:

المعتمد و هو أظهر.

و قال الشيخ في المصباح: توفي عليه السلام في أول يوم من ربيع الأول و قال في كشف

ص: 131

سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ دُفِنَ فِي دَارِهِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ

الغمة: قال محمد بن طلحة: مولده في سنة إحدى و ثلاثين و مائتين و أمه أم ولد يقال لها سوسن، و كنيته أبو محمد و لقبه الخالص، و توفي في الثامن من ربيع الأول من سنة ستين و مائتين، فيكون عمره تسعا و عشرين سنة، كان مقامه مع أبيه ثلاثا و عشرين سنة و أشهرا و بقي بعد أبيه خمس سنين و شهورا و قبره بسر من رأى.

و قال الحافظ عبد العزيز لقب بالعسكري، مولده سنة إحدى و ثلاثين و مائتين توفي سنة ستين و مائتين، و قبض لثمان خلون من ربيع الأول سنة ستين و مائتين، و كان سنه يومئذ ثمان و عشرين سنة، و أمه أم ولد يقال لها جريبة، و قال ابن الخشاب: ولد عليه السلام في سنة إحدى و ثلاثين و مائتين، و توفي يوم الجمعة، و قال بعض: يوم الأربعاء لثمان ليال خلون من ربيع الأول سنة مائتين و ستين، فكان عمره تسعا و عشرين سنة منها بعد أبيه خمس سنين و ثمانية أشهر و ثلاثة عشر يوما، أمه سوسن.

و قال الحميري في دلائل الإمامة: ولد أبو محمد عليه السلام في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، و قبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين، و هو ابن ثمان و عشرين سنة.

و قال في إعلام الورى: كان مولده عليه السلام بالمدينة يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين و قبض عليه السلام بسر من رأى لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين و له يومئذ ثمان و عشرون سنة، و أمه أم ولد يقال لها حديث و كانت مدة خلافته ست سنين، و لقبه الهادي و السراج و العسكري، و كان و أبوه و جده عليهم السلام يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا، و كانت في سني إمامته بقية ملك المعتز أشهرا ثم ملك المهتدي إحدى عشر شهرا و ثمانية و عشرين يوما ثم ملك أحمد المعتمد على الله ابن جعفر المتوكل عشرين سنة و أحد عشر شهرا، و بعد مضي خمس سنين من ملكه قبض الله وليه أبا محمد عليه السلام، و دفن في داره بسر من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه عليهما السلام، و ذهب كثير من أصحابنا إلى أنه عليه السلام قبض مسموما و كذلك أبوه و جده و جميع الأئمة عليهم السلام خرجوا من الدنيا على الشهادة، و استدلوا

ص: 132

أَبُوهُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا- حَدِيثُ وَ قِيلَ سَوْسَنُ

في ذلك بما روي عن الصادق عليه السلام من قوله: و الله ما منا إلا مقتول شهيد، و الله أعلم بحقيقة ذلك، انتهى.

و في عيون المعجزات أن اسم أمه عليه السلام سليل و قال الصدوق رحمه الله: قتله المعتمد لعنه الله بالسم، و الأصوب أن وفاته عليه السلام كان في زمن المعتمد إذ لا يوافق ما ذكر في تاريخ وفاته عليه السلام إلا ذلك.

قال المسعودي: كانت بيعة المنتصر محمد بن جعفر ليلة الأربعاء لثلاث خلون من شوال سنة تسع و أربعين و مائتين و استخلف و هو ابن خمس و عشرين سنة، و قيل: أربع و عشرين سنة، و إن مولده كان سنة أربع و عشرين و مائتين، و كانت خلافته ستة أشهر، و بويع المستعين أحمد بن محمد المعتصم في اليوم الذي توفي فيه المعتز يوم الأحد لخمس خلون من ربيع الآخر سنة ثمان و أربعين و مائتين، و كان بغا وصيف من الأتراك متوليين لأمر الخلافة في زمانه و أنزلاه في دار السلام دار محمد بن عبد الله بن طاهر فاضطربت الأتراك و الفراعنة و غيرهم من الموالي بسامراء فأجمعوا على بعث جماعة منهم إليهم يسألونه الرجوع إلى دار ملكه و اعترفوا بذنوبهم و تضمنوا أن لا يعودوا و لا غيرهم من نظرائهم إلى شي ء مما انكسر عليهم و تذللوا له، فأجيبوا بما يكرهون و انصرفوا إلى سرمن رأى فأعلموا أصحابهم و آيسوهم من رجوع الخليفة و قد كان المستعين أغفل أمر المعتز و المؤيد حين انحدر إلى بغداد إذ لم يأخذهما معه و قد كان حذر من محمد بن الواثق فأحذره معه، ثم إنه هرب منه في حال الحرب فأجمع الموالي على إخراج المعتز و المبايعة له فأنزلوه مع أخيه المؤيد من الحبس و بايعوه في يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة إحدى و خمسين و مائتين، و ركب في غد ذلك اليوم إلى دار العامة فأخذ البيعة على الناس و خلع على أخيه المؤيد و عقد له عقدين أسود و أبيض، و كان الأسود لولاية العهد بعده، و الأبيض لتقلد الحرمين و أنشأت الكتب من سامراء بخلافة المعتز بالله إلى سائر الأمصار، و أرخت باسم جعفر

ص: 133

ابن محمود الكتاب، و أحدر أخاه أبا أحمد مع عدة من الموالي لحرب المستعين، فسار إلى بغداد فلم تزل الحرب بينهم و أمور المعتز تقوى و حال المستعين تضعف و الفتن عامة.

فلما رأى محمد بن عبد الله بن طاهر ذلك كاتب المعتز إلى جنح الصلح على خلع المستعين فجرى بينهم العهود في ذلك، فخلع المستعين نفسه من الخلافة في ليلة الخميس لثلاث خلون من المحرم سنة اثنتين و خمسين و مائتين، فكانت خلافته ثلاث سنين و ثمانية أشهر و عشرين يوما، و أحدر المستعين و عياله إلى واسط بمقتضى الشرط و بعد الخلع انصرف أبو أحمد الموفق من بغداد إلى سامراء، فخلع عليه المعتز و على من معه من قوادة و أكرمه و بعث المعتز في شهر رمضان من هذه السنة سعيد بن صالح حتى أعرض المستعين قرب سامراء فاجتز رأسه و حمله إلى المعتز بالله، و كان ابن خمس و ثلاثين سنة حين قتل، و بويع المعتز محمد بن جعفر المتوكل و له يومئذ ثمان عشرة سنة يوم الخميس لليلتين خلتا من المحرم سنة اثنتين و خمسين و مائتين.

و في مروج الذهب: أن اسم المعتز الزبير، ثم لما بلغ الأتراك إقبال المعتز على قتل رؤسائهم و إعمال الحيلة في قتالهم و أنه قد اصطنع المغاربة و الفراعنة دونهم صاروا إليه بأجمعهم، و ذلك لأربع بقين من رجب سنة خمس و خمسين و مائتين و جعلوا يقرعونه بذنوبه و يوبخونه على فعله، و أحضروا القضاة و الفقهاء و طالبوه بالأموال، و كان المدبر لذلك صالح بن وصيف مع قواد الأتراك فلج، و أنكر أن يكون قبله شي ء من الأموال، فلما حضر المعتز في أيديهم بعثوا إلى مدينة السلام إلى محمد بن الواثق الملقب بالمهتدي و كان المعتز نفاه إليها و اعتقله بها فأتى به في يوم و ليلة إلى سامراء و أجاب المعتز إلى الخلع على أن يعطوه الأمان أن لا يقتل، و يؤمنوه على أهله و ماله و ولده.

ص: 134

و أبي محمد بن الواثق أن يقعد على سرير الملك أو يقبل البيعة حتى يرى المعتز و يسمع كلامه، فأتى بالمعتز عليه قميص دنس و على رأسه منديل، فلما رآه محمد وثب إليه و عانقه و جلسا جميعا على السرير فقال له محمد: يا ابن أخي ما هذا الأمر؟ فقال المعتز: أمر لا أطيقه و لا أقوم به و لا أصلح له، فأراده المهتدي على أن يصلح أمره و يصلح الحال بينه و بين الأتراك فقال المعتز: لا حاجة لي فيها و لا يرضوني، قال المهتدي فأنا في حل من بيعتك؟ قال: أنت في حل و سعة فلما جعله في حل من بيعته صرف وجهه عنه فأقيم من حضرته و رد إلى الحبس، فقتل في محبسة بعد أن خلع بستة أيام فكانت خلافته أربع سنين و ستة أشهر و أياما و منذ بويع له بمدينة السلام إلى انقضاء الفتنة ثلاث سنين و تسعة أشهر و توفي و له أربع و عشرون سنة.

و قال في الكامل: لما خرج بغا الشرابي على المعتز و هرب فأخذ و أمر المعتز بقتله فانحرف لذلك صالح بن وصيف عنه فاجتمع الأتراك و صاروا إلى المعتز يطلبون أرزاقهم فلما رأوا أنه لا يحصل منه شي ء و ليس في بيت المال شي ء، اتفقت كلمتهم و كلمة المغاربة و الفراعنة على خلع المعتز فصاروا إليه و صاحوا، فدخل إليه صالح و محمد بن بغا و بابكتاك في السلاح، فجلسوا على بابه و بعثوا إليه أن اخرج إلينا فقال: قد شربت أمس دواء و قد أفرط في العمل، فإن كان أمر لا بد منه فليدخل بعضكم و هو يظن أن أمره واقف على حاله، فدخل إليه جماعة منهم فجروا برجله إلى باب الحجرة و ضربوه بالدبابيس و خرقوا قميصه و أقاموه في الشمس في الدار في مكان يرفع رجلا و يضع أخرى من شدة الحر، و كان بعضهم يلطمه و هو يتقي بيده و أدخلوه حجرة و أحضروا ابن أبي الشوارب و جماعة فأشهدوهم على خلعه و سلموه إلى

ص: 135

من يعذبه فمنعه الطعام و الشراب ثلاثة أيام فطلب حسوة من ماء البئر فمنعوه، ثم أدخلوه سردابا و جصصوه عليه حتى مات فأشهدوا على موته بني هاشم و القواد و أنه لا أثر به و دفنوه مع المنتصر. و قال المسعودي: بويع المهتدي بالله محمد بن هارون الواثق يوم الأربعاء لليلة بقيت من رجب سنة خمس و خمسين و مائتين، و له سبع و ثلاثون سنة و قيل: تسع و ثلاثون و أنه قتل و لم يستكمل الأربعين، سنة خمس و خمسين و مائتين و كانت خلافته عشرة أشهر، فلما نمى إلى موسى بن بغا ما كان من أمر المعتز و ما كان من أمر صالح بن وصيف و الأتراك في ذلك قفل متوجها نحو سامراء منكرا ما جرى، فكتب إليه المهتدي أن لا يزول عن مركزه للحاجة إليه، فلم يطع و وافى سر من رأى في سنة ست و خمسين و مائتين و صالح بن وصيف يدبر الأمر مع المهتدي، فلما دنى موسى من سر من رأى صاحت العامة في أسواقها يا فرعون قد جاء موسى، و كان صالح قد تفر عن و بغى فاختفى حين علم بموافاة موسى، فدخل موسى و انتهى إلى مجلس المهتدي و الدار غصت بوجوه الناس و عوامهم.

فشرع أصحاب موسى و دخلوا و أخرجت العامة منها بأشد ما يكون من الضرب و العسف، فضحكت العامة فقام المهتدي من مجلسه منكرا عليهم فغلبهم بمن في الدار فلم يفرجوا عما هم عليه فتنحى مغضبا و قدم له فرس فركب و قد استشعر منهم الغدر، فمضى به إلى دار إيتاخ فأقام فيها ثلاثا عند موسى فأخذ عليه موسى العهود و المواثيق أن لا يغدر به، و كان أكثر الجند مع موسى بن بغا، فبث موسى في طلب صالح بن وصيف العيون حتى وقع عليه، فلما علم صالح بهجومهم عليه قاتل و مانع نفسه حتى قتل و أخذ رأسه و أتى به موسى و منهم من يقول: إنه حمي له حمام و أدخل إليه فمات فيه كما فعل بالمعتز.

فظهر مساور الشاري و دنا في عساكره من سامراء و عم الناس الأذى و انقطعت

ص: 136

السبل و ظهرت الأعراب، فأخرج المهتدي موسى بن بغا و بابكتاك إلى حرب الشاري و خرج فشيعهما ثم قفل، ثم رجعا من غير أن يلقيا كيدا لأنهما اتهماه في أنفسهما و كان بين بابكتاك و بين المهتدي محاربات إلى أن غلب و هرب المهتدي و اختفى في دار ابن جعونة فهجموا عليه و حملوه إلى دار نارجوج، و جرى بينه و بينهم مكالمات كثيرة إلى أن شدوا عليه بالخناجر و قتلوه، و قيل: عصرت مذاكيره حتى مات، و قيل:

جعل بين لوحين عظيمين و شد بالحبال إلى أن مات، و قيل: خنق، و قيل: كبس عليه بالبسط و الوسائد حتى مات.

فلما مات جاءوا به ينوحون عليه و يبكونه و ندموا على ما كان منهم من قتله لما تبينوا من نسكه و زهده، و قيل: إن ذلك كان في يوم الثلاثاء لا ربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست و خمسين و مائتين، و كان موسى بن بغا و نارجوج التركي غير داخلين في فعل الأتراك و كان حنق الأتراك على المهتدي لقتله بابكتاك.

قيل: و كان المهتدي يسلك مسلك عمر بن عبد العزيز، قلل اللباس و الفرش و المطعم و المشرب، و كسر أواني الذهب و الفضة، و ضربت دنانير و دراهم و محي الصور التي كانت في المجالس، و ذبح الكباش التي كانت يناطح بها بين أيدي الخلفاء و الديوك و قتل السباع المحبوسة و رفع كل فرش لم ترد الشريعة بإباحته، و كان كثير العبادة ما كان ينام إلا ساعة بعد عشاء الآخرة.

قال: و بويع المعتمد على الله أحمد بن جعفر المتوكل يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست و خمسين و مائتين و هو ابن خمس و عشرين سنة، و مات في رجب سنة تسع و سبعين و هو ابن ثمان و أربعين سنة، فكانت خلافته ثلاثا و عشرين سنة، و استوزر عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير أبيه المتوكل، و بعده الحسن بن مخلد ثم سليمان بن وهب، ثم صارت إلى صاعد، و في سنة ستين و مائتين قبض أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام في خلافة المعتمد و هو ابن تسع و عشرين سنة، انتهى.

أقول: إنما أوردت قدرا من أحوال بعض خلفاء الجور هيهنا لتطلع على من

ص: 137

1 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَ غَيْرُهُمَا قَالُوا كَانَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَاقَانَ عَلَى الضِّيَاعَ وَ الْخَرَاجِ بِقُمَّ فَجَرَى فِي مَجْلِسِهِ يَوْماً ذِكْرُ الْعَلَوِيَّةِ وَ مَذَاهِبِهِمْ وَ كَانَ شَدِيدَ النَّصْبِ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ وَ لَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِيَّةِ مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا فِي هَدْيِهِ وَ سُكُونِهِ وَ عَفَافِهِ وَ نُبْلِهِ وَ كَرَمِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ بَنِي هَاشِمٍ وَ تَقْدِيمِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى ذَوِي السِّنِّ مِنْهُمْ وَ الْخَطَرِ وَ كَذَلِكَ الْقُوَّادِ وَ الْوُزَرَاءِ وَ عَامَّةِ النَّاسِ فَإِنِّي كُنْتُ يَوْماً قَائِماً عَلَى رَأْسِ أَبِي وَ هُوَ يَوْمُ مَجْلِسِهِ لِلنَّاسِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ حُجَّابُهُ فَقَالُوا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الرِّضَا بِالْبَابِ فَقَالَ بِصَوْتٍ عَالٍ ائْذَنُوا لَهُ فَتَعَجَّبْتُ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ جَسَرُوا يُكَنُّونَ رَجُلًا عَلَى أَبِي بِحَضْرَتِهِ وَ لَمْ يُكَنَّ عِنْدَهُ إِلَّا

عاصر كلا منهم عليهم السلام، و لتوقف فهم بعض الأخبار الآتية عليها، و ليظهر أن شهادة أبي محمد عليه السلام كانت في زمن المعتمد لا من تقدمه كما توهم، و لتعلم أنه قد أصاب أكثرهم في الدنيا أيضا جزاء بعض ما أصاب الأئمة عليهم السلام منهم.

الحديث الأول

: ضعيف بأحمد، و إن كان السند إليه فوق الصحة، و أصل الحكاية منه واقعا و أحمد وزير المعتمد كما عرفت.

" على الضياع" أي عاملا عليها موكلا بها، و هي بالكسر جمع ضيعة و هي العقار، أي كان ضابطا للعقارات المختصة بالخليفة، عاملا لأخذ الخراج من الناس" و كان شديد النصب" أي العداوة للشيعة متعصبا في مذهبه، و الهدى بالفتح السيرة و السكون الوقار، و في القاموس: عف عفا و عفافا و عفافة بفتحتين و عفة بالكسر كف عما لا يحل و لا يجمل، و قال: النبل بالضم الذكاء و النجابة، و الكرم بالتحريك العزة و الشرف، و" عند" متعلق بكرمه" و تقديمهم" عطف على كرمه، و الخطر بالتحريك القدر و المنزلة" و كذلك" أي كأهل بيته في التكريم و التقديم" فإني كنت" الفاء للبيان، و الحجاب بالضم جمع الحاجب، أي البواب" جسروا" كضربوا أي اجترءوا، و التكنية التعبير عن الشخص بكنيته و كان عند العرب تكرمة عظيمة.

" و لم يكن" مجهول باب التفعيل، و السمرة بين البياض و السواد" خطأ"

ص: 138

خَلِيفَةٌ أَوْ وَلِيُّ عَهْدٍ أَوْ مَنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ أَنْ يُكَنَّى فَدَخَلَ رَجُلٌ أَسْمَرُ حَسَنُ الْقَامَةِ جَمِيلُ الْوَجْهِ جَيِّدُ الْبَدَنِ حَدَثُ السِّنِّ لَهُ جَلَالَةٌ وَ هَيْبَةٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَبِي قَامَ يَمْشِي إِلَيْهِ خُطًى وَ لَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ هَذَا بِأَحَدٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عَانَقَهُ وَ قَبَّلَ وَجْهَهُ وَ صَدْرَهُ وَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَ أَجْلَسَهُ عَلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَ جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ مُقْبِلًا

بالضم و التنوين أي خطوات، و ضمير" دنا" للإمام" و منه" لعبيد الله أو بالعكس، و يفديه بنفسه أي يقول له: جعلت فداك.

و في إكمال الدين عن أبيه و محمد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبد الله قال:

حدثنا من حضر موت الحسن بن علي بن محمد العسكري و دفنه ممن لا يوقف على إحصاء عددهم، و لا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب، و بعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان و سبعين و مائتين و ذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام بثمانية عشر سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيد الله بن خاقان و هو عامل السلطان يومئذ على الخراج و الضياع بكورة قم، و كان من أنصب خلق الله و أشدهم عداوة لهم، فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسر من رأى و مذاهبهم و صلاحهم و أقدارهم عند السلطان، فقال أحمد بن عبيد الله: ما رأيت و لا عرفت بسر من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، و لا سمعت به في هديه و سكونه و عفافه و نبله و كرمه عند أهل بيته، و السلطان و جميع بني هاشم، إلى قوله: و الوزراء و الكتاب، إلى قوله: رجل أسمر أعين، إلى قوله: بأحد من بني هاشم و لا بالقواد و لا بأولياء العهد، إلى قوله: و جعل يكلمه و يكنيه و يفديه بنفسه و أبويه، إلخ.

و الموفق كان أخا المعتمد، و لما اشتد أمر صاحب الزنج و عظم شرهم أرسل المعتمد إلى أخيه أبي أحمد الموفق فأحضره من مكة و عقد له على الكوفة و طريق مكة و الحرمين و اليمن، ثم عقد له على بغداد و السواد و واسط و كور دجلة و البصرة و الأهواز و فارس، و كان اسم الموفق طلحة و له محاربات عظيمة مع صاحب الزنج، و لابنه أيضا أبي العباس، و بالغ في حرب صاحب الزنج حتى قتله، و بايع المعتمد

ص: 139

عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَ جَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ وَ أَنَا مُتَعَجِّبٌ مِمَّا أَرَى مِنْهُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ فَقَالَ- الْمُوَفَّقُ قَدْ جَاءَ وَ كَانَ الْمُوَفَّقُ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَبِي تَقَدَّمَ حُجَّابُهُ وَ خَاصَّةُ قُوَّادِهِ فَقَامُوا بَيْنَ مَجْلِسِ أَبِي وَ بَيْنَ بَابِ الدَّارِ سِمَاطَيْنِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ

لابنه جعفر، و سماه المفوض إلى الله، و قد كان المعتمد آثر اللذة و أقبل على الملاهي، و غلب أخوه أبو أحمد على الأمور يدبرها، ثم حجر على المعتمد فكان أول خليفة قهر و حجر عليه، و كان الأمر إلى الموفق يحارب و يدبر، و يبعث ابنه أبا العباس أحمد بن المعتضد إلى الحرب، فحبس الموفق ابنه ببغداد في سنة خمس و سبعين و مائتين.

و في سنة ثمان و سبعين و مائتين مرض الموفق في بلاد الجبل فحمل إلى بغداد فوجه أبا الصقر إلى المدائن فحمل منها المعتمد و أولاده إلى داره، فلما رأى غلمان الموفق ما نزل به كسروا الأبواب و دخلوا على أبي العباس ابنه و أخرجوه و أقعدوه عند أبيه، فلما فتح عينيه رآه فقربه و أدناه إليه، و مات الموفق لثمان بقين من صفر من هذه السنة، و اجتمع القواد و بايعوا ابنه أبا العباس بولاية العهد و لقب بالمعتضد بالله.

و في محرم سنة تسع و سبعين و مائتين خرج المعتمد و جلس للقواد و القضاة و أعلمهم أنه خلع ابنه المفوض إلى الله من ولاية العهد، و جعل الولاية للمعتضد.

و في هذه السنة توفي المعتمد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب للإفراط في الشراب أو للسم و كان عمره خمسين سنة و ستة أشهر، و كانت خلافته ثلاثا و عشرين سنة و ستة أيام، و كان في خلافته محكوما عليه و قد تحكم عليه أخوه الموفق و ضيق عليه حتى أنه احتاج في بعض الأوقات إلى ثلاثمائة دينار فلم يجدها.

و لما مات بويع أبو العباس المعتضد بالله بن الموفق طلحة بن المتوكل بالخلافة و توفي في ربيع الآخر سنة تسع و ثمانين و مائتين و كانت خلافته تسع سنين و تسعة أشهر و ثلاثة عشر يوما.

ص: 140

وَ يَخْرُجَ فَلَمْ يَزَلْ أَبِي مُقْبِلًا عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَى غِلْمَانِ الْخَاصَّةِ فَقَالَ حِينَئِذٍ إِذَا شِئْتَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ ثُمَّ قَالَ لِحُجَّابِهِ خُذُوا بِهِ خَلْفَ السِّمَاطَيْنِ حَتَّى لَا يَرَاهُ هَذَا يَعْنِي الْمُوَفَّقَ فَقَامَ وَ قَامَ أَبِي وَ عَانَقَهُ وَ مَضَى فَقُلْتُ لِحُجَّابِ أَبِي وَ غِلْمَانِهِ وَيْلَكُمْ مَنْ هَذَا الَّذِي كَنَّيْتُمُوهُ عَلَى أَبِي وَ فَعَلَ بِهِ أَبِي هَذَا الْفِعْلَ فَقَالُوا هَذَا عَلَوِيٌّ يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُعْرَفُ بِابْنِ الرِّضَا فَازْدَدْتُ تَعَجُّباً- وَ لَمْ أَزَلْ يَوْمِي ذَلِكَ قَلِقاً مُتَفَكِّراً فِي أَمْرِهِ وَ أَمْرِ أَبِي وَ مَا رَأَيْتُ فِيهِ حَتَّى كَانَ اللَّيْلُ وَ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ ثُمَّ يَجْلِسَ فَيَنْظُرَ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤَامَرَاتِ وَ مَا يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ فَلَمَّا صَلَّى وَ جَلَسَ جِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ فَقَالَ لِي يَا أَحْمَدُ لَكَ حَاجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ يَا أَبَهْ فَإِنْ أَذِنْتَ لِي سَأَلْتُكَ عَنْهَا فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ يَا بُنَيَّ فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ قُلْتُ يَا أَبَهْ مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتُكَ بِالْغَدَاةِ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ مِنَ الْإِجْلَالِ وَ الْكَرَامَةِ وَ التَّبْجِيلِ وَ فَدَيْتَهُ بِنَفْسِكَ وَ أَبَوَيْكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ ذَاكَ إِمَامُ الرَّافِضَةِ ذَاكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ

و في القاموس سماط القوم بالكسر صفهم، و الغلمان جمع غلام، مضاف إلى الخاصة إضافة الموصوف إلى الصفة أي الخدمة المختصة بالموفق الذين يمشون قدامه بين السماطين" فقال حينئذ" أي اذهب حينئذ أو هو متعلق بالقول، و يؤيده أن في الإكمال: فقال حينئذ إذا شئت فقم، و فيه: لئلا يراه الأمين،" و تعجبا" تميز أي ازداد تعجبي، و القلق الانزعاج و الاضطراب و المؤامرات المشاورات" و ما يرفعه" أي ينهاه و يعرضه" فلما صلى" و في الإكمال: فلما نظر، و فيه" أ لك" و فيه: من الإجلال و الإكرام، و التبجيل التعظيم.

و الرافضة الإمامية سموا بذلك لرفضهم مذهب أكثر الناس في الإمامة بعد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و لعن الصحابة، و في القاموس: الرافضة فرقة من الشيعة تابعوا زيد ابن علي، ثم قالوا له: تبرأ من الشيخين فأبى، و قال: كانا وزيري جدي، فتركوه و رفضوه و أرفضوا عنه، و النسبة رافضي، انتهى.

و كان هذا افتراء على زيد، أو قاله تقية.

ص: 141

بِابْنِ الرِّضَا فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ لَوْ زَالَتِ الْإِمَامَةُ عَنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مَا اسْتَحَقَّهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرُ هَذَا وَ إِنَّ هَذَا لَيَسْتَحِقُّهَا فِي فَضْلِهِ وَ عَفَافِهِ وَ هَدْيِهِ وَ صِيَانَتِهِ وَ زُهْدِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ جَمِيلِ أَخْلَاقِهِ وَ صَلَاحِهِ وَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَاهُ رَأَيْتَ رَجُلًا جَزْلًا نَبِيلًا فَاضِلًا فَازْدَدْتُ قَلَقاً وَ تَفَكُّراً وَ غَيْظاً عَلَى أَبِي وَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ وَ اسْتَزَدْتُهُ فِي فِعْلِهِ وَ قَوْلِهِ فِيهِ مَا قَالَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا السُّؤَالُ عَنْ خَبَرِهِ وَ الْبَحْثُ عَنْ أَمْرِهِ فَمَا سَأَلْتُ أَحَداً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْفُقَهَاءِ وَ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا وَجَدْتُهُ عِنْدَهُ فِي غَايَةِ الْإِجْلَالِ وَ الْإِعْظَامِ وَ الْمَحَلِّ الرَّفِيعِ وَ الْقَوْلِ الْجَمِيلِ وَ التَّقْدِيمِ لَهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَشَايِخِهِ فَعَظُمَ قَدْرُهُ عِنْدِي إِذْ لَمْ أَرَ لَهُ وَلِيّاً وَ لَا عَدُوّاً إِلَّا وَ هُوَ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِيهِ وَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَمَا خَبَرُ أَخِيهِ جَعْفَرٍ فَقَالَ وَ مَنْ جَعْفَرٌ فَتَسْأَلَ عَنْ خَبَرِهِ أَوْ يُقْرَنَ بِالْحَسَنِ جَعْفَرٌ مُعْلِنُ الْفِسْقِ فَاجِرٌ

" و إن هذا ليستحقها" هذا إقرار ضمنا ببطلان خلافة بني العباس" في فضله" في للتعليل، و في بعض النسخ من فضله" و صيانته" و في الإكمال و صيانة نفسه أي حفظه نفسه عما لا يجوز و لا ينبغي، و في القاموس: الجزل: الكريم، العطاء، و العاقل الأصيل، و في الإكمال لرأيت رجلا جليلا نبيلا، و في الإرشاد: و ما سمعت منه فيه و رأيته من فعله، و في الإكمال مما سمعت منه فيه و لم يكن، و على ما في الكتاب و ما سمعت عطف على أبي و استزدته عطف على سمعت، أي و ما عددته زائدا على ما ينبغي و قيل: استزدته أي عددته مستقصرا حيث أقر بصحة مذهب الرافضة أخذا من قول صاحب القاموس استزاده استقصره و طلب منه الزيادة و ما ذكرناه أظهر.

و في القاموس: الهمة بالكسر و تفتح ما هم به من أمر ليفعل، و في الإكمال و مشايخه و غيرهم و كل يقول هو إمام الرافضة إلى قوله: فما حال أخيه، و الأشعر أبو قبيلة من اليمن سكن بعضهم قم، و في القاموس: مجن مجونا صلب و غلظ، و منه الماجن لمن لا يبالي قولا و فعلا كأنه صلب الوجه، و قال: الشريب كسكين المولع بالشراب.

ص: 142

مَاجِنٌ شِرِّيبٌ لِلْخُمُورِ أَقَلُّ مَنْ رَأَيْتُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَ أَهْتَكُهُمْ لِنَفْسِهِ خَفِيفٌ قَلِيلٌ فِي نَفْسِهِ وَ لَقَدْ وَرَدَ عَلَى السُّلْطَانِ وَ أَصْحَابِهِ فِي وَقْتِ وَفَاةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُونُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَلَّ بَعَثَ إِلَى أَبِي أَنَّ ابْنَ الرِّضَا قَدِ اعْتَلَّ فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ فَبَادَرَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلًا وَ مَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ خَاصَّتِهِ فِيهِمْ نِحْرِيرٌ فَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ وَ تَعَرُّفِ خَبَرِهِ وَ حَالِهِ وَ بَعَثَ إِلَى نَفَرٍ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فَأَمَرَهُمْ بِالاخْتِلَافِ إِلَيْهِ وَ تَعَاهُدِهِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أُخْبِرَ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ فَأَمَرَ الْمُتَطَبِّبِينَ بِلُزُومِ دَارِهِ وَ بَعَثَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاةِ فَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَهُ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةً مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَ أَمَانَتِهِ وَ وَرَعِهِ فَأَحْضَرَهُمْ فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى دَارِ الْحَسَنِ وَ أَمَرَهُمْ بِلُزُومِهِ لَيْلًا وَ نَهَاراً فَلَمْ يَزَالُوا

" أقل من رأيته" أي أذلهم و قد يستعار القلة للذلة لنفسه، و في الإكمال: لستره فدم خمار قليل في نفسه خفيف.

قوله: خفيف، أي لا وقر له عند الناس، أو خفيف العقل في نفسه أي دني الهمة سفيه" و الله لقد ورد على السلطان" أي المعتمد، قال ابن الجوزي في التلقيح:

المعتمد أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل صار خليفة يوم الخميس الثاني من رجب سنة ست و خمسين و مائتين، و مات ليلة الاثنين لإحدى عشر ليلة بقيت من رجب سنة تسع و سبعين و مائتين" ما تعجبت" فاعل ورد، و تعجبه إما من شدة المصيبة و الجزع على أهل سامراء أو من اضطراب الخليفة لذلك، و بعثه الأطباء و القضاة إليه أو من تفحصهم و بحثهم عن الولد بغاية جهدهم و عدم ظفرهم عليه، أو من الجميع" بعث" أي الخليفة، و نحرير الخادم كان من خواص خدم الخليفة" فأمرهم" أي الخليفة و أبوه و كذا فيما سيأتي من الضمائر" صباحا و مساء" و في الإرشاد و الأعلام صباح مساء، و في الإكمال حتى توفي عليه السلام لأيام مضت من شهر ربيع الأول من سنة ست و مائتين

ص: 143

هُنَاكَ حَتَّى تُوُفِّيَ ع فَصَارَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى ضَجَّةً وَاحِدَةً وَ بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى دَارِهِ مَنْ فَتَّشَهَا وَ فَتَّشَ حُجَرَهَا وَ خَتَمَ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا وَ طَلَبُوا أَثَرَ وَلَدِهِ وَ جَاءُوا بِنِسَاءٍ يَعْرِفْنَ الْحَمْلَ فَدَخَلْنَ إِلَى جَوَارِيهِ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِنَّ فَذَكَرَ بَعْضُهُنَّ أَنَّ هُنَاكَ جَارِيَةً بِهَا حَمْلٌ فَجُعِلَتْ فِي حُجْرَةٍ وَ وُكِّلَ بِهَا نِحْرِيرٌ الْخَادِمُ وَ أَصْحَابُهُ وَ نِسْوَةٌ مَعَهُمْ ثُمَّ أَخَذُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَهْيِئَتِهِ وَ عُطِّلَتِ الْأَسْوَاقُ وَ رَكِبَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادُ وَ أَبِي وَ سَائِرُ النَّاسِ إِلَى جَنَازَتِهِ

و الضجة الصيحة.

" أثر ولده" لأنهم كانوا سمعوا في الروايات أن المهدي من ولد الحادي عشر من الأئمة عليهم السلام، و الأثر بالتحريك الخبر، و ما بقي من رسم الشي ء، و أبو عيسى أخو الخليفة لعنهما الله.

و هذه الصلاة كانت بعد صلاة القائم عليه السلام في البيت كما روى الصدوق (ره) في الإكمال عن علي بن محمد بن حباب عن أبي الأديان قال: كنت أخدم الحسن بن علي عليهما السلام و أحمل كتبه إلى الأمصار، فدخلت عليه في علته التي توفي فيها صلوات الله عليه، فكتب معي كتبا و قال: تمضي بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر و تسمع الواعية في داري و تجدني على المغتسل فقلت:

يا سيدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجواب كتبي فهو القائم بعدي، فقلت:

زدني، فقال: من خبر بما في الهميان فهو القائم بعدي، ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان و خرجت بالكتب إلى المدائن و أخذت جواباتها و دخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال لي عليه السلام فإذا أنا بالواعية في داره، و إذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار و الشيعة حوله يعزونه و يهنئونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة لأني كنت أعرفه بشرب النبيذ و يقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور، فتقدمت فعزيت و هنيت، فلم يسألني عن شي ء ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي قد

ص: 144

فَكَانَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى يَوْمَئِذٍ شَبِيهاً بِالْقِيَامَةِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تَهْيِئَتِهِ بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى أَبِي- عِيسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ فَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَنَا أَبُو عِيسَى مِنْهُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَعَرَضَهُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ وَ الْعَبَّاسِيَّةِ وَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْمُعَدَّلِينَ وَ قَالَ هَذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ عَلَى

كفن أخوك فقم للصلاة عليه، فدخل جعفر بن علي و الشيعة من حوله يقدمهم السمان و الحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة، فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي عليه السلام على نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج فجبذ رداء جعفر بن علي و قال: تأخر صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج فجبذ رداء جعفر بن علي و قال: تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي، فتأخر جعفر و قد أربد وجهه فتقدم الصبي فصلى عليه و دفن إلى جانب قبر أبيه، ثم قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه، و قلت في نفسي: هذه اثنتان بقي الهميان ثم خرجت إلى جعفر بن علي و هو يزفر فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي لنقيم عليه الحجة؟ فقال: و الله ما رأيته قط و لا أعرفه فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي عليه السلام فعرفوا موته، فقالوا: فمن؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه و عزوه و هنوه، و قالوا: معنا كتب و مال، فتقول: ممن الكتب و كم المال؟ فقام ينفض أثوابه و يقول: يريدون أن نعلم الغيب، قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان و فلان و هميان فيه ألف دينار عشرة دنانير منها مطلية، فدفعوا الكتب و المال و قالوا الذي وجه بك لأجل ذلك هو الإمام، فدخل جعفر بن علي على المعتمد و كشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه فقبضوا على صقيل الجارية و طالبوها بالصبي فأنكرته و ادعت حملا بها لتغطي على حال الصبي، فسلمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي و بغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجاءة، و خروج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم، و الحمد لله رب العالمين لا شريك له، انتهى.

و قال الجوهري: الحتف الموت، يقال: مات فلان حتف أنفه إذا مات من غير

ص: 145

فِرَاشِهِ حَضَرَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ثِقَاتِهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ مِنَ الْقُضَاةِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ثُمَّ غَطَّى وَجْهَهُ وَ أَمَرَ بِحَمْلِهِ فَحُمِلَ مِنْ وَسَطِ دَارِهِ وَ دُفِنَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ فَلَمَّا دُفِنَ أَخَذَ السُّلْطَانُ وَ النَّاسُ فِي طَلَبِ وَلَدِهِ وَ كَثُرَ التَّفْتِيشُ فِي الْمَنَازِلِ وَ الدُّورِ وَ تَوَقَّفُوا عَنْ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ وَ لَمْ يَزَلِ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِيَةِ الَّتِي تُوُهِّمَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ لَازِمِينَ حَتَّى تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحَمْلِ فَلَمَّا بَطَلَ الْحَمْلُ عَنْهُنَّ قُسِمَ

قتل و لا ضرب، و في النهاية من مات حتف أنفه هو أن يموت على فراشه كأنه سقط لأنفه فمات، و الحتف الهلاك كانوا يتخيلون أن روح المريض تخرج من أنفه فإن جرح خرجت من جراحته، انتهى.

و قيل: إنما ذكر أنفه لأن أثر الموت بدون قتل يظهر في أنف الميت و جملة" حضره" لدفع نسبة القتل بالسم، و لم تدفع بل هذه الأمور أدل على فعلهم من تركها و في الإكمال ثم غطى وجهه و قام فصلى عليه و كبر عليه خمسا و أمر بحمله فحمل من وسط داره، إلى قوله: و لم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين و أكثر، حتى تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه، إلخ.

و روى الصدوق (ره) عن رفيق بن الحسن العلوي عن أبي الحسن بن وجناء عن أبيه عن جده قال: كنت في دار الحسن بن علي عليهما السلام فكبسنا الخيل و فيهم جعفر بن علي الكذاب و اشتغلوا بالنهب و الغارة و كانت همتي في مولاي القائم عليه السلام، قال:

فإذا بالقائم عليه السلام قد أقبل و خرج عليهم من الباب و أنا أنظر إليه و هو عليه السلام ابن ست سنين فلم يره أحد حتى غاب.

و روي أيضا عن محمد بن الحسين بن عباد قال: قدمت أم أبي محمد عليه السلام من المدينة و اسمها حديث حتى اتصل بها الخبر إلى سر من رأى فكانت له أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر و مطالبته إياها بميراثه و سعايته بها إلى السلطان و كشف ما أمر الله عز و جل بستره و ادعت عند ذلك صقيل أنها حامل، فحملت إلى دار المعتمد و خدمه و نساء الموفق و خدمه و نساء ابن أبي الشوارب يتعاهدون أمرها في كل وقت

ص: 146

مِيرَاثُهُ بَيْنَ أُمِّهِ وَ أَخِيهِ جَعْفَرٍ وَ ادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِيَّتَهُ وَ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ فَجَاءَ جَعْفَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَبِي فَقَالَ اجْعَلْ لِي مَرْتَبَةَ أَخِي وَ أُوصِلَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَزَبَرَهُ أَبِي وَ أَسْمَعَهُ وَ- قَالَ لَهُ يَا أَحْمَقُ السُّلْطَانُ جَرَّدَ سَيْفَهُ فِي الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاكَ وَ أَخَاكَ أَئِمَّةٌ لِيَرُدَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كُنْتَ عِنْدَ شِيعَةِ أَبِيكَ أَوْ أَخِيكَ إِمَاماً فَلَا حَاجَةَ بِكَ إِلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُرَتِّبَكَ مَرَاتِبَهُمَا وَ لَا غَيْرِ السُّلْطَانِ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَمْ تَنَلْهَا بِنَا وَ اسْتَقَلَّهُ

و يراعونها إلى أن دهمهم أمر الصغار و موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان بغتة و خروجهم عن سر من رأى و أمر صاحب الزنج بالبصرة و غير ذلك فشغلهم عنها.

و روي أيضا عن محمد بن صالح القنبري قال: خرج صاحب الزمان على جعفر الكذاب من موضع لم يعلم به عند ما نازع في الميراث عند مضي أبي محمد عليه السلام فقال له:

يا جعفر ما لك تعرض في حقوقي؟ فتحير جعفر و بهت ثم غاب و طلبه جعفر بعد ذلك في الناس فلم يره، فلما ماتت الجدة أم الحسن عليه السلام أمرت أن تدفن في الدار، فنازعهم جعفر و قال: هي داري لا تدفن فيها فقال له: يا جعفر دارك هي! ثم غاب فلم ير بعد ذلك.

قوله: و ادعت أمه وصيته، لعلها ادعت وصيته عليه السلام لها بشي ء كالدار أو نحوها" و السلطان على ذلك" أي على الرأي الأول من تجسس ولده، فقوله: يطلب بيان له، و المعنى أن السلطان مع ذلك التفتيش التام و عدم ظهور الولد و بطلان الحمل كان يطلب أثر الولد لصحة الخبر عن الصادقين عليهم السلام عنده بأن له ولدا، و الزبر: المنع و النهي، و يقال: أسمعه أي شتمه، و قوله: أئمة جمع استعمل في التثنية مجازا، و استقله أي عده قليلا ذليلا سفيه الرأي قليل العقل.

و قال الصدوق رحمه الله في إكمال الدين في غير هذا الخبر: و قد كان جعفر حمل إلى الخليفة ألف دينار لما توفي الحسن بن علي عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين تجعل لي مرتبة أخي و منزلته؟ فقال الخليفة: اعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا إنما كانت بالله

ص: 147

أَبِي عِنْدَ ذَلِكَ وَ اسْتَضْعَفَهُ وَ أَمَرَ أَنْ يُحْجَبَ عَنْهُ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ أَبِي وَ خَرَجْنَا وَ هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَ السُّلْطَانُ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍ

2 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ كَتَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع إِلَى أَبِي الْقَاسِمِ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرٍ الزُّبَيْرِيِّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْتَزِّ بِنَحْوِ عِشْرِينَ يَوْماً الْزَمْ بَيْتَكَ حَتَّى يَحْدُثَ الْحَادِثُ فَلَمَّا قُتِلَ بُرَيْحَةُ كَتَبَ إِلَيْهِ قَدْ حَدَثَ الْحَادِثُ فَمَا تَأْمُرُنِي فَكَتَبَ لَيْسَ هَذَا الْحَادِثُ هُوَ الْحَادِثَ الْآخِرَ فَكَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُعْتَزِّ

عز و جل، و نحن كنا نجتهد في حط منزلته و الوضع منه و كان الله عز و جل يأبى إلا أن يزيده كل يوم رفعة بما كان فيه من الصيانة و حسن السمت و العلم و العبادة، فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك علينا، و إن لم يكن فيك ما في أخيك لم تغن عنك في ذلك شيئا، انتهى.

و لا يبعد من حمقه وقوعهما جميعا.

الحديث الثاني

: مجهول.

و إسحاق أيضا غير مذكور، و كأنه كان من ولد الزبير و قد مر أن المعتز بالله هو محمد بن المتوكل، قال ابن الجوزي: استخلف في المحرم سنة اثنتين و خمسين و مائتين، و قتل في الثاني من شهر رمضان سنة خمس و خمسين و مائتين، انتهى.

فكان قتله بعد إمامته عليه السلام بسنة و شهر أو شهرين، و اختلف في كيفية قتله قال المسعودي: فمنهم من قال منع في حبسه الطعام و الشراب فمات، و منهم من قال:

إنه حقن بالماء الحار المغلي فمن أجل ذلك حين أخرج إلى الناس وجدوا جوفه وارما، و الأشهر عند العباسيين أنه أدخل حماما و أكره على دخوله إياه و كان الحمام محميا ثم منع الخروج منه ثم تنازع هؤلاء فمنهم من قال: أنه ترك في الحمام حتى فاضت نفسه، و منهم من ذكر أنه أخرج من بعد ما كادت نفسه أن تتلف فأسقي شربة ماء بثلج فتناثر كبده فخمد من فوره، و قيل: مات في الحبس حتف أنفه، انتهى.

و بريحة كان من مقدمي الأتراك الذين قربهم الخلفاء.

ص: 148

مَا كَانَ وَ عَنْهُ قَالَ كَتَبَ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ يُقْتَلُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ عَبْدُ اللَّهِ قَبْلَ قَتْلِهِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ قُتِلَ

3 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْكُرْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ ضَاقَ بِنَا الْأَمْرُ فَقَالَ لِي أَبِي امْضِ بِنَا حَتَّى نَصِيرَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ يَعْنِي أَبَا مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ قَدْ وُصِفَ عَنْهُ سَمَاحَةٌ فَقُلْتُ تَعْرِفُهُ فَقَالَ مَا أَعْرِفُهُ وَ لَا رَأَيْتُهُ قَطُّ قَالَ فَقَصَدْنَاهُ فَقَالَ لِي أَبِي وَ هُوَ فِي طَرِيقِهِ مَا أَحْوَجَنَا إِلَى أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ لِلْكِسْوَةِ وَ مِائَتَا دِرْهَمٍ لِلدَّيْنِ وَ مِائَةٌ لِلنَّفَقَةِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَيْتَهُ أَمَرَ لِي بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِائَةٌ أَشْتَرِي بِهَا حِمَاراً وَ مِائَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَ مِائَةٌ لِلْكِسْوَةِ وَ أَخْرُجَ إِلَى الْجَبَلِ قَالَ فَلَمَّا وَافَيْنَا الْبَابَ خَرَجَ إِلَيْنَا غُلَامُهُ فَقَالَ يَدْخُلُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَ سَلَّمْنَا قَالَ لِأَبِي يَا عَلِيُّ مَا خَلَّفَكَ عَنَّا إِلَى هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ يَا سَيِّدِي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَلْقَاكَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ

قوله: ليس هذا الحادث، اسم ليس الضمير الراجع إلى الحادث، و" هذا" خبره أو" هذا" اسم ليس و الحادث خبره، و اللام للعهد، و الحادث الأخير خبر مبتدإ محذوف، أي هو الحادث أو الحادث مبتدأ و الآخر خبره" يقتل" على المجهول، و عبد الله عطف بيان للابن أو على المعلوم، فالابن مرفوع و عبد الله منصوب" قبل قتله" متعلق بكتب.

الحديث الثالث

: مجهول و محمد بن علي ليس أبا سمية.

" ضاق بنا" الباء للملابسة، و يحتمل التعدية و الأول أظهر، و الأمر أمر المعاش، و السماحة الجود، و في بعض نسخ الإرشاد فقال لي: أعرفه و لا رأيته" ما أحوجنا" للتعجب، قوله: للنفقة، أي لسائر الخرج، و الجبل همدان و قزوين و ما والاهما، و في القاموس: بلاد الجبل مدن بين آذربيجان و عراق العرب و خوزستان و فارس، و بلاد الديلم" و يدخل" خبر بمعنى الأمر" خلفك" بالتشديد أي منعك

ص: 149

جَاءَنَا غُلَامُهُ فَنَاوَلَ أَبِي صُرَّةً فَقَالَ هَذِهِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِائَتَانِ لِلْكِسْوَةِ وَ مِائَتَانِ لِلدَّيْنِ وَ مِائَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَ أَعْطَانِي صُرَّةً فَقَالَ هَذِهِ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ اجْعَلْ مِائَةً فِي ثَمَنِ حِمَارٍ وَ مِائَةً لِلْكِسْوَةِ وَ مِائَةً لِلنَّفَقَةِ وَ لَا تَخْرُجْ إِلَى الْجَبَلِ وَ صِرْ إِلَى سُورَاءَ فَصَارَ إِلَى سُورَاءَ وَ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَدَخْلُهُ الْيَوْمَ أَلْفُ دِينَارٍ وَ مَعَ هَذَا يَقُولُ بِالْوَقْفِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَقُلْتُ لَهُ وَيْحَكَ أَ تُرِيدُ أَمْراً أَبْيَنَ مِنْ هَذَا قَالَ فَقَالَ هَذَا أَمْرٌ قَدْ جَرَيْنَا عَلَيْهِ

4 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَبِي بِسُرَّ مَنْ رَأَى وَ كَانَ أَبِي يَتَعَاطَى الْبَيْطَرَةَ فِي مَرْبِطِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ وَ كَانَ عِنْدَ الْمُسْتَعِينِ بَغْلٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ حُسْناً وَ كِبْراً وَ كَانَ يَمْنَعُ ظَهْرَهُ وَ اللِّجَامَ وَ السَّرْجَ وَ قَدْ كَانَ جَمَعَ عَلَيْهِ الرَّاضَةَ فَلَمْ يُمَكِّنْ لَهُمْ حِيلَةً فِي رُكُوبِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ

و جعلك متخلفا عنا" على هذه الحال" أي الفقر و ضيق المعاش" و سوراء" كان بلد بقرب الحلة أو مكانها كما سمعت من مشايخي، و في القاموس: سورى كطوبى موضع بالعراق، و هو من بلد السريانيين، و موضع من أعمال بغداد" ألفا دينار" و في الإرشاد أربعة آلاف دينار.

و أقول: دخله بفتح الدال و سكون الخاء أي حاصل أملاكه، قال في القاموس:

الدخل ما دخل عليك من ضيعتك" بالوقف" أي بالقول بأن الكاظم عليه السلام لم يمت و أنه القائم و عدم القول بإمامة الأئمة بعده عليهم السلام" قد جرينا عليه" أي اعتدناه و أخذناه من آبائنا تأسيا بقول الكفار: إنا وجدنا آباءنا على أمة.

الحديث الرابع

: مجهول.

و محمد بن علي ليس هو المتقدم بل الظاهر أنه محمد بن علي بن إبراهيم، محمد الهمداني، روي عن أبيه عن جده عن الرضا، و ذكروا أنه كان هو و أبوه و جده من وكلاء الناحية المقدسة، و في القاموس: البيطر و البيطار معالج الدواب و صنعته البيطرة، و قال: المربط كمنبر ما ربط به الدواب كالمربط و كمقعد و منزل موضعه

ص: 150

نُدَمَائِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَا تَبْعَثُ إِلَى الْحَسَنِ ابْنِ الرِّضَا حَتَّى يَجِي ءَ فَإِمَّا أَنْ يَرْكَبَهُ وَ إِمَّا أَنْ يَقْتُلَهُ فَتَسْتَرِيحَ مِنْهُ قَالَ فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ وَ مَضَى مَعَهُ أَبِي فَقَالَ أَبِي لَمَّا دَخَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارَ كُنْتُ مَعَهُ فَنَظَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِلَى الْبَغْلِ وَاقِفاً فِي صَحْنِ الدَّارِ فَعَدَلَ إِلَيْهِ فَوَضَعَ بِيَدِهِ عَلَى كَفَلِهِ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الْبَغْلِ وَ قَدْ عَرِقَ حَتَّى سَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ ثُمَّ صَارَ إِلَى الْمُسْتَعِينِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَحَّبَ بِهِ وَ قَرَّبَ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَلْجِمْ هَذَا الْبَغْلَ فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَبِي أَلْجِمْهُ يَا غُلَامُ فَقَالَ الْمُسْتَعِينُ أَلْجِمْهُ أَنْتَ فَوَضَعَ طَيْلَسَانَهُ ثُمَّ قَامَ فَأَلْجَمَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَجْلِسِهِ وَ قَعَدَ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَسْرِجْهُ فَقَالَ لِأَبِي يَا غُلَامُ أَسْرِجْهُ فَقَالَ أَسْرِجْهُ أَنْتَ فَقَامَ ثَانِيَةً فَأَسْرَجَهُ وَ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ تَرَى أَنْ تَرْكَبَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَرَكِبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَكَضَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى الْهَمْلَجَةِ فَمَشَى أَحْسَنَ مَشْيٍ

و قال: راض المهر رياضا و رياضة ذلله فهو رائض من راضة و رواض، و قد مر ذكر المستعين، و قال ابن الجوزي: المستعين بالله أبو العباس أحمد بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد صار خليفة في ربيع الآخر سنة ثمان و أربعين و مائتين و خلعه المعتز سنة اثنتين و خمسين و مائتين، انتهى.

و أقول: يشكل هذا بأن الظاهر أن هذه الواقعة كانت في أيام إمامة أبي محمد بعد وفاة أبيه عليهما السلام و هما كانتا في جمادى الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين كما ذكره الكليني و غيره، فكيف يمكن أن يكون هذه في زمان المستعين، فلا بد إما من تصحيف المعتز بالمستعين، و هما متقاربان صورة، أو تصحيف أبي الحسن بالحسن و الأول أظهر للتصريح بأبي محمد في مواضع، و كون ذلك قبل إمامته عليه السلام في حياة والده عليه السلام و إن كان ممكنا لكنه بعيد.

و في المصباح: النديم المنادم على الشرب، و جمعه ندام بالكسر و ندماء" فرحب به" أي قال له مرحبا" و قرب" أي أجلسه قريبا منه، و الطيلسان ما على الكتف من اللباس كالممطر و قوله: ترى، بتقدير الاستفهام، و في المصباح هملج البرذون هملجة: مشي مشية سهلة في سرعة، و قال في مختصر العين: الهملجة حسن سير الدابة

ص: 151

يَكُونُ ثُمَّ رَجَعَ وَ نَزَلَ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَعِينُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ رَأَيْتَهُ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ حُسْناً وَ فَرَاهَةً وَ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ إِلَّا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ حَمَلَكَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَبِي يَا غُلَامُ خُذْهُ فَأَخَذَهُ أَبِي فَقَادَهُ

5 عَلِيٌّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ شَكَوْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع الْحَاجَةَ فَحَكَّ بِسَوْطِهِ الْأَرْضَ قَالَ وَ أَحْسَبُهُ غَطَّاهُ بِمِنْدِيلٍ وَ أَخْرَجَ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ يَا أَبَا هَاشِمٍ خُذْ وَ أَعْذِرْنَا

6 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْمُطَهَّرِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ سَنَةَ الْقَادِسِيَّةِ يُعْلِمُهُ انْصِرَافَ النَّاسِ وَ أَنَّهُ يَخَافُ الْعَطَشَ فَكَتَبَ ع امْضُوا

و كلهم قالوا في اسم الفاعل: هملاج بكسر الهاء للذكر و الأنثى، و هو يقتضي أن اسم الفاعل لم يجي ء على قياسه و هو مهملج.

و قال: الفاره الحاذق بالشي ء و يقال: للبرذون و الحمار فاره بين الفروهة و الفراهية بالتخفيف، و براذين فره و زان حمر، و فرهة بفتحتين و فرهت الدابة و غيرها تفره من باب قرب، و في لغة من باب قتل و هو النشاط و الخفة، و فلان أفره من فلان أي أصبح بين الفراهة أي الصباحة، و في الصحاح: يقال للبرذون و البغل و الحمار فاره بين الفروهة و الفراهة و الفراهية، و لا يقال للفرس: فاره لكن رائع و جواد، و في الإرشاد: فقال المستعين فاره.

الحديث الخامس

: مجهول.

" الحاجة" أي الفقر و" أحسبه" من باب علم أي أظنه" و أعذرنا" من باب ضرب أو الأفعال أي أقبل اعتذارنا في القلة أو في التأخير إلى هذا الوقت، و عدم البذل قبل السؤال.

الحديث السادس

: مجهول.

" كتب إليه" أي إلى أبي محمد عليه السلام و قال الفيروزآبادي: القادسية قرية قرب

ص: 152

فَلَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَضَوْا سَالِمِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*

7 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْيَمَانِيِّ قَالَ نَزَلَ بِالْجَعْفَرِيِّ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ خَلْقٌ لَا قِبَلَ لَهُ بِهِمْ فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يَشْكُو ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ تُكْفَوْنَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ وَ الْقَوْمُ يَزِيدُونَ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفاً وَ هُوَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ فَاسْتَبَاحَهُمْ

8 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْعَلَوِيِّ قَالَ حُبِسَ أَبُو مُحَمَّدٍ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ نَارْمَشَ وَ هُوَ أَنْصَبُ النَّاسِ وَ أَشَدُّهُمْ عَلَى آلِ أَبِي طَالِبٍ وَ قِيلَ لَهُ افْعَلْ بِهِ وَ افْعَلْ فَمَا أَقَامَ

الكوفة مر بها إبراهيم عليه السلام فوجد عجوزا فغسلت رأسه فقال: قدست من أرض فسميت بالقادسية، و دعا لها أن تكون محلة الحاج، انتهى.

و سنة القادسية كانت معروفة لانصراف الناس عنها لخوف العطش و غيره" و أنه يخاف" على المعلوم أو المجهول.

الحديث السابع

: مجهول.

و كان قوله: من آل جعفر، بيان للجعفري، و المراد بجعفر الطيار رضي الله عنه، و قيل: لعل المراد بجعفر ابن المتوكل لأنه أراد المستعين قتل من يحتمل أن يدعي الخلافة و قتل جمعا من الأمراء و بعث جيشا لقتل الجعفري، و هو رجل من أولاد جعفر المتوكل استبصر الحق و نسب نفسه إلى جعفر الصادق عليه السلام باعتبار المذهب فلما حوصر بنزول الجيش بساحته كتب إلى أبي محمد عليه السلام و سأله الدعاء لدفع المكروه فأجاب عليه السلام بالمذكور في هذا الحديث، انتهى.

و لا أدري أنه رحمه الله قال هذا تخمينا أو رآه في كتاب لم أظفر عليه، و في الصحاح: مالي به قبل، أي طاقة" تكفون" على المجهول، و المعلوم بعيد، و قال:

استباحهم، أي استأصلهم.

الحديث الثامن

: مجهول أيضا.

ص: 153

عِنْدَهُ إِلَّا يَوْماً حَتَّى وَضَعَ خَدَّيْهِ لَهُ وَ كَانَ لَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَيْهِ إِجْلَالًا وَ إِعْظَاماً فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَ هُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ بَصِيرَةً وَ أَحْسَنُهُمْ فِيهِ قَوْلًا

9 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّخَعِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الْوَلِيجَةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى- وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً قُلْتُ فِي نَفْسِي لَا فِي الْكِتَابِ مَنْ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ هَاهُنَا فَرَجَعَ الْجَوَابُ الْوَلِيجَةُ الَّذِي يُقَامُ دُونَ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَ حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ هُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَهُمُ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ عَلَى اللَّهِ فَيُجِيزُ أَمَانَهُمْ

10 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيُّ قَالَ شَكَوْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع ضِيقَ

و وضع الخدين، كناية عن غاية التذلل و التواضع" فخرج" أي أبو محمد عليه السلام" و هو" أي ابن نارمش.

الحديث التاسع

: ضعيف.

و في القاموس ضبيعة كسفينة قرية باليمامة، و كجهينة محلة بالبصرة، و الضبع كرجل موضع، و قال: الوليجة الدخيلة و خاصتك من الرجال أو من تتخذه معتمدا عليه من غير أهلك و هو وليجتهم، أي لصيق بهم" لا في الكتاب" أي لم أكتب في الكتاب بل أخطرت ببالي لظهور المعجز" من ترى" الخطاب له عليه السلام و قيل: لنفسه و فيه بعد، و في المناقب: نرى بصيغة المتكلم" الذي يقام" أي يجعل إماما" دون ولي الأمر" أي الإمام الحق" الذين يؤمنون" من الأمان لا من الإيمان" على الله" أي من عقابه" فيجيز" أي فيمضي الله أمانهم و لا يعذبهم.

الحديث العاشر

: كالسابق.

و إسحاق هو النخعي المتقدم بسنده المذكور سابقا، و أبو هاشم هو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب كان عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم السلام شريف القدر ثقة و قد شاهد الرضا و الجواد و الهادي و العسكري و صاحب الأمر عليهم السلام، و روى

ص: 154

الْحَبْسِ وَ كَتَلَ الْقَيْدِ فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنْتَ تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِكَ فَأُخْرِجْتُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُ فِي مَنْزِلِي كَمَا قَالَ ع وَ كُنْتُ مُضَيَّقاً فَأَرَدْتُ أَنْ أَطْلُبَ مِنْهُ دَنَانِيرَ فِي الْكِتَابِ فَاسْتَحْيَيْتُ فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَجَّهَ إِلَيَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَ كَتَبَ إِلَيَّ إِذَا

عنهم كلهم، و الكلب بالتحريك الشدة ذكره الفيروزآبادي، و قال: ضاق يضيق ضيقا و يفتح ضد اتسع، و إضاقة، و الضيق ما ضاق عنه صدرك و الضيقة بالكسر الفقر و سوء الحال و يفتح، و الجمع ضيق و أضاق ذهب ماله، و في المغرب احتشم منه إذا انقبض منه و استحيا.

و أقول: الظاهر أن حبس الجعفري (ره) كان في زمن المعتز أو المهتدي قال في إعلام الورى بعد إيراد هذا الخبر: قال: و كان أبو هاشم حبس مع أبي محمد عليه السلام كان المعتز حبسهما مع عدة من الطالبيين في سنة ثمان و خمسين و مائتين، حدثنا أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم قال: حدثنا داود بن القاسم قال: كنت في الحبس المعروف بحبس حشيش في الجوسق الأحمر أنا و الحسن بن محمد العقيقي و محمد بن إبراهيم العمري، و فلان و فلان، إذ دخل علينا أبو محمد الحسن عليه السلام و أخوه جعفر فحففناه به و كان المتولي لحبسه صالح بن وصيف و كان معنا في الحبس رجل جمحي يقول إنه علوي، فالتفت أبو محمد عليه السلام فقال: لو لا أن فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يفرج عنكم و أومأ إلى الجمحي أن يخرج، فخرج، فقال أبو محمد: هذا الرجل ليس منكم فاحذروه فإن في ثيابه قصة، قد كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه، فقام بعضهم ففتش ثيابه فوجد فيها القصة يذكرنا فيها بكل عظيمة، و كان الحسن عليه السلام يصوم فإذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في جونة مختومة، و كنت أصوم معه، فلما كان ذات يوم ضعفت فأفطرت في بيت آخر علي كعكة و ما شعر بي و الله أحد، ثم جئت فجلست معه فقال لغلامه: أطعم أبا هاشم شيئا فإنه مفطر فتبسمت فقال: ما يضحكك يا أبا هاشم؟ إذا أردت القوة فكل اللحم فإن الكعك لا قوة فيه فقلت

ص: 155

كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَلَا تَسْتَحْيِ وَ لَا تَحْتَشِمْ وَ اطْلُبْهَا فَإِنَّكَ تَرَى مَا تُحِبُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

11 إِسْحَاقُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَقْرَعِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ نُصَيْرٌ الْخَادِمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ غَيْرَ مَرَّةٍ يُكَلِّمُ غِلْمَانَهُ بِلُغَاتِهِمْ- تُرْكٍ وَ رُومٍ وَ صَقَالِبَةَ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ وَ قُلْتُ هَذَا وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ وَ لَمْ يَظْهَرْ لِأَحَدٍ حَتَّى مَضَى أَبُو الْحَسَنِ ع وَ لَا رَآهُ أَحَدٌ فَكَيْفَ هَذَا أُحَدِّثُ نَفْسِي بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَيَّنَ حُجَّتَهُ مِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ بِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ يُعْطِيهِ اللُّغَاتِ وَ مَعْرِفَةَ الْأَنْسَابِ وَ الْآجَالِ وَ الْحَوَادِثِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحُجَّةِ وَ الْمَحْجُوجِ فَرْقٌ

12 إِسْحَاقُ عَنِ الْأَقْرَعِ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الْإِمَامِ هَلْ يَحْتَلِمُ

صدق الله و رسوله و أنتم، فأكلت فقال لي: أفطر ثلاثا فإن المنة لا ترجع إذا نهكها الصوم في أقل من ثلاث، فلما كان في اليوم الذي أراد الله سبحانه أن يفرج عنه جاءه الغلام فقال: يا سيدي أحمل فطورك، فقال: احمل و ما أحسبنا نأكل منه، فحمل الطعام الظهر و أطلق عنه عند العصر و هو صائم، فقال: كلوا هنأكم الله.

أقول: التاريخ المذكور لا يوافق إلا زمان المعتمد كما عرفت.

الحديث الحادي عشر

: كالسابق.

و في القاموس: الصقالبة: جيل تتاخم بلادهم بلاد الخزر بين بلغر و قسطنطنية.

قوله: حتى مضى، أي خرج من المدينة إلى سر من رأى و توفي عليه السلام" بين" أي ميز" بكل شي ء" أي من صفات الكمال و منها العلم باللغات، أو من العلم بكل شي ء، و مما يؤيد أن الإمام وجب أن يكون عالما بجميع اللغات أنه لو حضر عنده خصمان بغير لسانه و لم يوجد هناك مترجم لزم تعطيل الأحكام، و هو مع استلزامه تبدد النظام يوجب فوات الغرض من نصب الإمام، و لذلك يجب أن يكون الإمام عالما بجميع الأحكام.

الحديث الثاني عشر

: كالسابق.

و إسحاق هذا الذي روى سابقا عن أحمد بن محمد بن الأقرع و على هذا فالظاهر

ص: 156

وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي بَعْدَ مَا فَصَلَ الْكِتَابُ الِاحْتِلَامُ شَيْطَنَةٌ وَ قَدْ أَعَاذَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْلِيَاءَهُ مِنْ ذَلِكَ فَوَرَدَ الْجَوَابُ حَالُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَنَامِ حَالُهُمْ فِي الْيَقَظَةِ لَا يُغَيِّرُ النَّوْمُ مِنْهُمْ شَيْئاً وَ قَدْ أَعَاذَ اللَّهُ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ لَمَّةِ الشَّيْطَانِ كَمَا حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ

13 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ ظَرِيفٍ قَالَ اخْتَلَجَ فِي صَدْرِي مَسْأَلَتَانِ أَرَدْتُ الْكِتَابَ فِيهِمَا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع فَكَتَبْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الْقَائِمِ ع إِذَا قَامَ بِمَا يَقْضِي وَ أَيْنَ مَجْلِسُهُ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ وَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ شَيْ ءٍ لِحُمَّى الرِّبْعِ فَأَغْفَلْتُ خَبَرَ الْحُمَّى فَجَاءَ الْجَوَابُ سَأَلْتَ عَنِ الْقَائِمِ فَإِذَا قَامَ قَضَى بَيْنَ النَّاسِ بِعِلْمِهِ كَقَضَاءِ دَاوُدَ ع لَا يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ وَ كُنْتَ أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ لِحُمَّى الرِّبْعِ فَأُنْسِيتَ

أن الابن في محمد بن الأقرع زائد أو في هذا السند ساقط، و لعل الثاني أولى و يؤيده ما في كشف الغمة في رواية أخرى محمد بن الأقرع.

قوله: فصل الكتاب، أي خرج من يدي و ذهب به، و في القاموس: فصل من البلد فصولا خرج منه، و في القاموس: الحلم بالضم و بضمتين الرؤيا و الجمع أحلام، حلم في نومه و احتلم، و احتلام الجماع في النوم، انتهى.

و الشيطنة ما يكون سببه الشيطان" لا يغير النوم منهم شيئا" أي يعلمون في المنام ما يعلمون في اليقظة و لا يقربهم الشيطان في المنام كما لا يقربهم في اليقظة، و يومئ ذلك إلى أنه لا ينتقض به وضوؤهم، و المشهور عندنا الانتقاض، و ذهب بعض العامة إلى أنه لم يكن ينتقض نوم النبي صلى الله عليه و آله و سلم به، و اللمة بالفتح المقاربة، و في القاموس:

ألم به نزل، و أصابته من الشيطان لمة أي مس أو قليل.

الحديث الثالث عشر

: كالسابق.

و الاختلاج التحرك و التردد، في القاموس: اختلجت العين طارت و تخالج في صدري شي ء شككت" أردت الكتاب" هو مصدر أي أن أكتب و لعله عليه السلام لم يجب عن السؤال الثاني لظهوره لأنه عليه السلام غالبا في الحركة ليس له مكان معين، أو المراد بقوله: قضى، حيث تيسر، أو الراوي ترك ذكره، و قيل: المراد بمجلسه كيفية جلوسه

ص: 157

فَاكْتُبْ فِي وَرَقَةٍ وَ عَلِّقْهُ عَلَى الْمَحْمُومِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ فَعَلَّقْنَا عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع فَأَفَاقَ

14 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ قَعَدْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ ع عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَلَمَّا مَرَّ بِي شَكَوْتُ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ وَ حَلَفْتُ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي دِرْهَمٌ فَمَا فَوْقَهَا وَ لَا غَدَاءٌ وَ لَا عَشَاءٌ قَالَ فَقَالَ تَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِباً وَ قَدْ دَفَنْتَ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَ لَيْسَ قَوْلِي هَذَا دَفْعاً لَكَ عَنِ الْعَطِيَّةِ أَعْطِهِ يَا غُلَامُ مَا مَعَكَ فَأَعْطَانِي غُلَامُهُ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ لِي إِنَّكَ تُحْرَمُهَا أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهَا يَعْنِي الدَّنَانِيرَ الَّتِي دَفَنْتُ وَ صَدَقَ ع وَ كَانَ كَمَا قَالَ- دَفَنْتُ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَ قُلْتُ يَكُونُ ظَهْراً وَ كَهْفاً لَنَا فَاضْطُرِرْتُ ضَرُورَةً شَدِيدَةً إِلَى شَيْ ءٍ أُنْفِقُهُ وَ انْغَلَقَتْ عَلَيَّ أَبْوَابُ الرِّزْقِ فَنَبَّشْتُ عَنْهَا فَإِذَا ابْنٌ لِي قَدْ

للقضاء فيرجع إلى الأول و لا يخفى بعده، و الربع بالكسر أن تأخذ الحمى يوم و تترك يومين فتأخذ في الثانية في اليوم الرابع" فأفاق" أي برأ، و في الإرشاد فأفاق و برأ.

الحديث الرابع عشر

: كالسابق.

" على ظهر الطريق" أي وسطه و نفسه كما يقال ظهر القلب أي نفسه، و قيل:

أي حاشيته، و في النهاية: الظواهر أشراف الأرض، و قال: و فيه خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، الظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعا للكلام و تمكينا كان صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال.

و أقول: الظهر أيضا الإبل التي يحمل عليها، فيمكن أن يكون شبه الطريق بها، و الغداء بالفتح طعام الضحى، و العشاء بالفتح طعام العشي" تحرمها" على بناء المفعول أي تمنعها" أحوج ما تكون" قيل: أحوج منصوب بنيابة ظرف الزمان لأنه مضاف إلى ما تكون، و ما مصدرية و كما يكون للمصدر نائب ظرف الزمان يكون المضاف إلى المصدر نائبا و نسبة أحوج إلى المصدر مجازي" و إليها" متعلق بأحوج، و قيل:

أحوج حال عن الفاعل، و إليها متعلق به، و ما مصدرية و تكون تامة، أو ناقصة

ص: 158

عَرَفَ مَوْضِعَهَا فَأَخَذَهَا وَ هَرَبَ فَمَا قَدَرْتُ مِنْهَا عَلَى شَيْ ءٍ

15 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ لِي فَرَسٌ وَ كُنْتُ بِهِ مُعْجَباً أُكْثِرُ ذِكْرَهُ فِي الْمَحَالِّ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يَوْماً فَقَالَ لِي مَا فَعَلَ فَرَسُكَ فَقُلْتُ هُوَ عِنْدِي وَ هُوَ ذَا هُوَ عَلَى بَابِكَ وَ عَنْهُ نَزَلْتُ فَقَالَ لِيَ اسْتَبْدِلْ بِهِ قَبْلَ الْمَسَاءِ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى مُشْتَرِي وَ لَا تُؤَخِّرْ ذَلِكَ وَ دَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ وَ انْقَطَعَ الْكَلَامُ فَقُمْتُ مُتَفَكِّراً وَ مَضَيْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَأَخْبَرْتُ أَخِي الْخَبَرَ فَقَالَ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ فِي هَذَا وَ شَحَحْتُ بِهِ وَ نَفِسْتُ عَلَى النَّاسِ بِبَيْعِهِ وَ أَمْسَيْنَا فَأَتَانَا السَّائِسُ وَ قَدْ

و إليها خبره، أي إنك تصير مخروما من الدنانير التي دفنتها حال شدة احتياجك إليها، في وقت من أوقات وجودك أو في وقت تكون محتاجا إليها.

الحديث الخامس عشر

: كالسابق.

و في بعض النسخ علي بن زيد عن علي بن الحسين و هو خطاء، و في بعض النسخ زيد بن علي و هو أظهر، قال الشيخ في الرجال: علي بن زيد بن علي علوي من أصحاب العسكري عليه السلام، و في الخرائج عن علي بن زيد بن الحسين بن زيد بن علي و هو أصوب كما ذكر في كتب الأنساب أن عليا الأحول هو ابن زيد الشبيه النسابة و هو ابن علي و هو ابن الحسين المعروف بذي الدمعة، و هو ابن زيد الشهيد المعروف ابن سيد الساجدين عليه السلام" معجبا" على بناء المفعول أي مسرورا" في المحال" في إعلام الورى و غيره في المحافل، و في الخرائج في المجالس، و أمره عليه السلام ببيعه إما أن يكون لإظهار المعجز و قد علم أنه لا يبيع أو أنه لو استبدل به لم يمت عند المشتري، أو علم أنه إن باعه كان المشتري من المخالفين و لا ضير في تضرره بذلك" و هو ذا" للتقريب و" شححت" بفتح الحاء و كسره أي بخلت، و قال الجوهري: نفس به بالكسر ضن به، يقال: نفست عليه الشي ء نفاسة إذا لم تره يستأهله و نفست علي بخير قليل أي حسدت، و قال: نفقت الدابة تنفق نفوقا ماتت و قال: البرذون الدابة، و قال: الكميت من الفرس يستوي فيه المذكر و المؤنث و لونه

ص: 159

صَلَّيْنَا الْعَتَمَةَ فَقَالَ يَا مَوْلَايَ نَفَقَ فَرَسُكَ فَاغْتَمَمْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّهُ عَنَى هَذَا بِذَلِكَ الْقَوْلِ قَالَ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَيَّامٍ وَ أَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي لَيْتَهُ أَخْلَفَ عَلَيَّ دَابَّةً إِذْ كُنْتُ اغْتَمَمْتُ بِقَوْلِهِ فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ نَعَمْ نُخْلِفُ دَابَّةً عَلَيْكَ يَا غُلَامُ أَعْطِهِ بِرْذَوْنِيَ الْكُمَيْتَ هَذَا خَيْرٌ مِنْ فَرَسِكَ وَ أَوْطَأُ وَ أَطْوَلُ عُمُراً

16 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع حِينَ أَخَذَ الْمُهْتَدِي فِي قَتْلِ الْمَوَالِي يَا سَيِّدِي الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَغَلَهُ عَنَّا فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ يَتَهَدَّدُكَ وَ يَقُولُ وَ اللَّهِ لَأُجْلِيَنَّهُمْ عَنْ جَدِيدِ الْأَرْضِ فَوَقَّعَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع بِخَطِّهِ ذَاكَ أَقْصَرُ لِعُمُرِهِ عُدَّ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَ يُقْتَلُ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ بَعْدَ هَوَانٍ وَ اسْتِخْفَافٍ يَمُرُّ بِهِ فَكَانَ كَمَا قَالَ ع

الكمتة و هي حمرة يدخلها قنو، انتهى.

و في الغالب يطلق البرذون على ما لم يكن أحد و الدية عربيا، و قيل: الكمتة لون بين حمرة و سواد، و قيل: الفرق بين الأشقر و الكميت بالعرف و الذنب فإن كانا أحمرين فهو أشقر و إن كانا أسودين فهو كميت و" أوطأ" أي أوفق، و قيل: أكثر مشيا و في الصحاح وطؤ الموضع يوطؤ وطاءة صار وطيئا، و وطئته أنا توطئة، و لا تقل: وطئت، و فلان قد استوطأ المركب أي وجده وطيئا و واطأته على الأمر وافقته

الحديث السادس عشر

: كالسابق.

" حين أخذ" على البناء للفاعل أي شرع في قتل مواليه من الترك، أو على البناء للمفعول أي أخذ و حبس بسبب قتلهم، و الأول أظهر، و المهتدي كما مر هو محمد بن الواثق بن المعتصم بن هارون الرشيد بويع في آخر رجب أو في شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و شرع في قتل مواليه من الترك فخرجوا عليه في رجب سنة ست و خمسين و مائتين، و قتلوا صالح بن وصيف و كان أعظم أمرائه و محل اعتماده في مهماته، و علقوا رأسه في باب المهتدي لهوانه و استخفافه و تغافل فقتلوه بعد ذلك أقبح قتل كما مر" لأجلينهم" على بناء الأفعال أي لأخرجنهم، و الجديد: وجه الأرض.

ص: 160

17 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع أَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لِي مِنْ وَجَعِ عَيْنِي وَ كَانَتْ إِحْدَى عَيْنَيَّ ذَاهِبَةً وَ الْأُخْرَى عَلَى شَرَفِ ذَهَابٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ حَبَسَ اللَّهُ عَلَيْكَ عَيْنَكَ فَأَفَاقَتِ الصَّحِيحَةُ وَ وَقَّعَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ آجَرَكَ اللَّهُ وَ أَحْسَنَ ثَوَابَكَ فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ وَ لَمْ أَعْرِفْ فِي أَهْلِي أَحَداً مَاتَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَتْنِي وَفَاةُ ابْنِي طَيِّبٍ فَعَلِمْتُ أَنَّ التَّعْزِيَةَ لَهُ

18 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا بِسُرَّ مَنْ رَأَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُقَالُ لَهُ سَيْفُ بْنُ اللَّيْثِ- يَتَظَلَّمُ إِلَى الْمُهْتَدِي فِي ضَيْعَةٍ لَهُ قَدْ غَصَبَهَا إِيَّاهُ- شَفِيعٌ الْخَادِمُ وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا فَأَشَرْنَا عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع يَسْأَلُهُ تَسْهِيلَ أَمْرِهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ ع لَا بَأْسَ عَلَيْكَ ضَيْعَتُكَ تُرَدُّ عَلَيْكَ فَلَا تَتَقَدَّمْ إِلَى السُّلْطَانِ وَ الْقَ الْوَكِيلَ الَّذِي فِي يَدِهِ الضَّيْعَةُ وَ خَوِّفْهُ بِالسُّلْطَانِ الْأَعْظَمِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ الَّذِي فِي يَدِهِ الضَّيْعَةُ قَدْ كُتِبَ إِلَيَّ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ أَنْ أَطْلُبَكَ وَ أَرُدَّ الضَّيْعَةَ عَلَيْكَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي ابْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ وَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى الْمُهْتَدِي فَصَارَتِ الضَّيْعَةُ لَهُ وَ فِي يَدِهِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَبَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ وَ حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ اللَّيْثِ هَذَا قَالَ خَلَّفْتُ ابْناً لِي عَلِيلًا بِمِصْرَ عِنْدَ خُرُوجِي عَنْهَا وَ ابْناً لِي آخَرَ أَسَنَّ مِنْهُ كَانَ وَصِيِّي وَ قَيِّمِي عَلَى عِيَالِي وَ فِي ضِيَاعِي فَكَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع أَسْأَلُهُ الدُّعَاءَ لِابْنِيَ الْعَلِيلِ فَكَتَبَ إِلَيَّ قَدْ عُوفِيَ

الحديث السابع عشر

: كالسابق.

و في القاموس: الشرف محركة الإشفاء على خطر من خير أو شر.

الحديث الثامن عشر

: كالسابق.

" و كان الشفيع" كان والي المصر، و كانت الضيعة في حوالي سر من رأى، و كان الشفيع أخذ جبرا من السيف حجة لانتقال الضيعة إليه و بعثها إلى وكيله بسر من رأى فتصرف الوكيل فيها، أو كانت الضيعة في مصر و الوكيل في هذا الوقت قدم سر من رأى لذلك أو لغيره" بحكم القاضي" أي بسجله أو حكمه بقول الوكيل، و الضيعة العقار و الأرض المغلة" قال: و حدثني" ضمير قال لعمرو" قيمي" أي

ص: 161

ابْنُكَ الْمُعْتَلُّ وَ مَاتَ الْكَبِيرُ وَصِيُّكَ وَ قَيِّمُكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ وَ لَا تَجْزَعْ فَيَحْبَطَ أَجْرُكَ فَوَرَدَ عَلَيَّ الْخَبَرُ أَنَّ ابْنِي قَدْ عُوفِيَ مِنْ عِلَّتِهِ وَ مَاتَ الْكَبِيرُ يَوْمَ وَرَدَ عَلَيَّ جَوَابُ أَبِي مُحَمَّدٍ ع

19 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْقُشَيْرِيِّ مِنْ قَرْيَةٍ تُسَمَّى قِيرَ قَالَ كَانَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَكِيلٌ قَدِ اتَّخَذَ مَعَهُ فِي الدَّارِ حُجْرَةً يَكُونُ فِيهَا مَعَهُ خَادِمٌ أَبْيَضُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ الْخَادِمَ عَلَى نَفْسِهِ فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُ بِنَبِيذٍ فَاحْتَالَ لَهُ بِنَبِيذٍ ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَيْهِ وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَبِي مُحَمَّدٍ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ مُغْلَقَةٍ قَالَ فَحَدَّثَنِي الْوَكِيلُ قَالَ إِنِّي لَمُنْتَبِهٌ إِذْ أَنَا بِالْأَبْوَابِ تُفْتَحُ حَتَّى جَاءَ بِنَفْسِهِ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ ثُمَّ قَالَ يَا هَؤُلَاءِ اتَّقُوا اللَّهَ خَافُوا اللَّهَ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَمَرَ بِبَيْعِ الْخَادِمِ وَ إِخْرَاجِي مِنَ الدَّارِ

20 إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الشَّائِيُّ قَالَ نَاظَرْتُ رَجُلًا مِنَ الثَّنَوِيَّةِ بِالْأَهْوَازِ ثُمَّ قَدِمْتُ سُرَّ مَنْ رَأَى وَ قَدْ عَلِقَ بِقَلْبِي شَيْ ءٌ مِنْ مَقَالَتِهِ فَإِنِّي

وكيلي" لا تجزع" أي لا تقل ما ينافي التسليم لأمر الله و قضائه" فيحبط أجرك" أي أجر المصيبة أو الأعم.

الحديث التاسع عشر

: كالسابق.

و القشيري نسبة إلى قبيلة و في نسخة القسيري نسبة إلى بطن من بجيلة، و في أخرى القنبري أي كان من أولاد قنبر" على نفسه" الضمير للخادم أو للوكيل، فعلى الأول المراد أنه أراد اللواط مع الخادم، و على الثاني لواط الخادم معه، و ضمن الإرادة ما يتعدى بعلى كالتسلط و الركوب و نحوهما، فعداها بها كما قيل، و ضمير أدخله للنبيذ، و ضمير عليه للخادم.

الحديث العشرون

: كالسابق و النسائي و غيره من النسخ تصحيف، و الظاهر السائي كما في رجال الشيخ محمد بن الربيع بن محمد السائي من أصحاب العسكري عليه السلام و ساية بلدة بمكة أو واد بين الحرمين" من الثنوية" أي القائلين بتعدد مدبر العالم كالمجوس القائلين بالنور و الظلمة، أو يزدان و أهرمن، و في القاموس: الأهواز تسع

ص: 162

لَجَالِسٌ عَلَى بَابِ أَحْمَدَ بْنِ الْخَضِيبِ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع مِنْ دَارِ الْعَامَّةِ يَؤُمُّ الْمَوْكِبَ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَ أَشَارَ بِسَبَّاحَتِهِ أَحَدٌ أَحَدٌ فَرْدٌ فَسَقَطْتُ مَغْشِيّاً عَلَيَ

21 إِسْحَاقُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يَوْماً وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ مَا أَصُوغُ بِهِ خَاتَماً أَتَبَرَّكُ بِهِ فَجَلَسْتُ وَ أُنْسِيتُ مَا جِئْتُ لَهُ فَلَمَّا وَدَّعْتُ وَ نَهَضْتُ رَمَى إِلَيَّ بِالْخَاتَمِ فَقَالَ أَرَدْتَ فِضَّةً فَأَعْطَيْنَاكَ خَاتَماً رَبِحْتَ الْفَصَ

كور بين البصرة و فارس، لكل كورة منها اسم و يجمعهن الأهواز، و لا تفرد واحدة منها بهوز، و هي رامهرمز و عسكر مكرم و تستر و جندي سابور وسوس و سرق و نهر بتري و إيذج و مناذر، انتهى.

و علق كعلم لزق" على باب أحمد بن الخضيب" أي داره التي كانت له قبل ذلك فإن قتل أحمد كان في زمن المستعين كما مر، و إمامة أبي محمد عليه السلام كانت في زمن المعتز و دار العامة الدار الأعظم للخليفة، التي تجتمع فيها عامة الخلق" يوم الموكب" أي يوم عرض المواكب على الخليفة و اجتماعهم عنده، أي يوم جلوسه للعرض العام، و في بعض النسخ: يؤم بالهمز و تشديد الميم أي يقصد، و في النهاية: الموكب جماعة ركبان يسيرون برفق و هم أيضا القوم الركوب للزينة و التنزه، و قال: السباحة و المسبحة الأصبح التي تلي الإبهام، سميت بذلك لأنها يشاربها عند التسبيح، و في المصباح لأنها كالذاكرة حين الإشارة بها إلى إثبات الإلهية.

" أحد أحد" في بعض النسخ بالرفع بالخبرية لمحذوف، و في بعضها بالنصب على المدح بتقدير أعني أو اعتقد، و التكرير للتأكيد أو الأول لنفي التعدد بحسب الذات، و الثاني لنفيه بحسب الصفات، و الفرد لنفي الشريك في الإلهية و هو المقصود و الأولان كالدليل عليه فتفطن، و في كشف الغمة أحد أحد فوحدة، و الغشية لهيبة الإمامة و تأثير كلامه عليه السلام في قلبه، أو عدم طاقته لتحمل المعجزة.

الحديث الحادي و العشرون

: كالسوابق.

" ما أصوغ به" أي فضة و الكري أي أجرة صنعته" هنأك الله" دعاء بالبركة

ص: 163

وَ الْكِرَاءَ هَنَأَكَ اللَّهُ يَا أَبَا هَاشِمٍ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي أَشْهَدُ أَنَّكَ وَلِيُّ اللَّهِ وَ إِمَامِيَ الَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِطَاعَتِهِ فَقَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا هَاشِمٍ

22 إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو الْعَيْنَاءِ الْهَاشِمِيُّ مَوْلَى عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ عَتَاقَةً قَالَ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع فَأَعْطَشُ وَ أَنَا عِنْدَهُ فَأُجِلُّهُ أَنْ أَدْعُوَ بِالْمَاءِ فَيَقُولُ يَا غُلَامُ اسْقِهِ وَ رُبَّمَا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِالنُّهُوضِ فَأُفَكِّرُ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ

و حسن العاقبة و الانتفاع به في الدين و الدنيا.

الحديث الثاني و العشرون

: كالسوابق.

و أبو العيناء كان أعمى و له كلمات في مجلس المتوكل و غيره من الخلفاء، و قال السيد المرتضى رضي الله عنه في الغرر و الدرر: أبو العيناء محمد بن القاسم اليماني كان من أحضر الناس جوابا و أجودهم بديهة، و أملحهم نادرة، قال: لما دخلت على المتوكل دعوت له و كلمته فاستحسن خطابي، فقال: يا محمد بلغني أن فيك شرا، فقلت: يا أمير المؤمنين إن يكن الشر ذكر المحسن بإحسانه و المسي ء بإساءته فقد زكى الله تعالى و ذم، فقال في التزكية" نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ*" و قال في الذم:" هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ" فذمه الله تعالى حين قذفه، و إن كان الشر كفعل العقرب تلسع النبي و الذمي بطبع لا يتميز، فقد صان الله عبدك من ذلك، و قال أبو العيناء: قال لي المتوكل: كيف ترى داري هذه؟ فقلت:

رأيت الناس بنوا دارهم في الدنيا، و أمير المؤمنين جعل الدنيا في داره، ثم ذكر رحمه الله كثيرا من مستحسنات جواباته.

و عبد الصمد هو ابن علي بن عبد الله بن العباس و كان أعتق أبا العيناء فكان مولاه، و إنما وصفه بالهاشمي لأنه كان من مواليهم" و عتاقة" كأنه تميز، أي كان ولايته من جهة العتق، إذ للمولى معان شتى، و في القاموس: عتق يعتق عتقا و عتاقا و عتاقة بفتحهما خرج من الرق و هو مولى عتاقة، انتهى.

ص: 164

يَا غُلَامُ دَابَّتَهُ

23 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ قَالَ دَخَلَ الْعَبَّاسِيُّونَ عَلَى صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ وَ دَخَلَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ وَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ عَلَى صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ عِنْدَ مَا حَبَسَ أَبَا مُحَمَّدٍ ع فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ وَ مَا أَصْنَعُ قَدْ وَكَّلْتُ بِهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَشَرِّ مَنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ فَقَدْ صَارَا مِنَ الْعِبَادَةِ وَ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ إِلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ فَقُلْتُ لَهُمَا مَا فِيهِ فَقَالا مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَ لَا يَتَشَاغَلُ وَ إِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُنَا وَ يُدَاخِلُنَا مَا لَا نَمْلِكُهُ مِنْ أَنْفُسِنَا فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ انْصَرَفُوا خَائِبِينَ

24 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَكْفُوفُ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِ فَصَّادِي الْعَسْكَرِ مِنَ النَّصَارَى أَنَ

و قيل: هو نعت عبد الصمد و المصدر بمعنى اسم الفاعل" دابته" منصوب بتقدير أحضر و نحوه.

الحديث الثالث و العشرون

: مجهول، و قد مر أن صالح بن وصيف التركي كان من أمراء المهتدي و مالك اختياره في كل المهمات" عن هذه الناحية" أي جانب الأئمة عليهم السلام، و في الإرشاد بعد قوله: عند ما حبس أبا محمد عليه السلام، فقالوا له:

ضيق عليه و لا توسع، و هو المراد في نسخة الكتاب أيضا.

قوله: أشد من قدرت، في بعض النسخ أشر، و أشر بمعنى شر شائع عند المولدين، و في الصحاح: الفرائص أوداج العنق، و الفريصة واحدته، و اللحمة بين الجنب و الكتف لا تزال ترتعد من الدابة" ما لا تملكه" أي من المهابة و الشوكة، و في الإرشاد بعد قوله: إلى أمر عظيم، ثم أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا له: ما تقول في رجل. إلخ.

الحديث الرابع و العشرون

: مجهول.

ص: 165

أَبَا مُحَمَّدٍ ع بَعَثَ إِلَيَّ يَوْماً فِي وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَالَ لِي افْصِدْ هَذَا الْعِرْقَ قَالَ وَ نَاوَلَنِي عِرْقاً لَمْ أَفْهَمْهُ مِنَ الْعُرُوقِ الَّتِي تُفْصَدُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا رَأَيْتُ أَمْراً أَعْجَبَ مِنْ هَذَا يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْصِدَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَ لَيْسَ بِوَقْتِ فَصْدٍ وَ الثَّانِيَةُ عِرْقٌ لَا أَفْهَمُهُ ثُمَّ قَالَ لِيَ انْتَظِرْ وَ كُنْ فِي الدَّارِ فَلَمَّا أَمْسَى دَعَانِي وَ قَالَ لِي سَرِّحِ الدَّمَ فَسَرَّحْتُ ثُمَّ قَالَ لِي أَمْسِكْ فَأَمْسَكْتُ ثُمَّ قَالَ لِي كُنْ فِي الدَّارِ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ أَرْسَلَ إِلَيَّ وَ قَالَ لِي سَرِّحِ الدَّمَ قَالَ فَتَعَجَّبْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَجَبِيَ الْأَوَّلِ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ قَالَ فَسَرَّحْتُ فَخَرَجَ دَمٌ أَبْيَضُ كَأَنَّهُ الْمِلْحُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِيَ احْبِسْ قَالَ فَحَبَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ كُنْ فِي الدَّارِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَمَرَ قَهْرَمَانَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَأَخَذْتُهَا وَ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ ابْنَ بَخْتِيشُوعَ النَّصْرَانِيَّ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ قَالَ فَقَالَ لِي وَ اللَّهِ مَا أَفْهَمُ مَا تَقُولُ وَ لَا أَعْرِفُهُ فِي شَيْ ءٍ مِنَ الطِّبِّ وَ لَا قَرَأْتُهُ فِي كِتَابٍ وَ لَا أَعْلَمُ فِي دَهْرِنَا أَعْلَمَ بِكُتُبِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ فُلَانٍ الْفَارِسِيِّ فَاخْرُجْ إِلَيْهِ قَالَ فَاكْتَرَيْتُ زَوْرَقاً إِلَى الْبَصْرَةِ وَ أَتَيْتُ الْأَهْوَازَ ثُمَّ صِرْتُ إِلَى فَارِسَ إِلَى صَاحِبِي فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ قَالَ وَ قَالَ أَنْظِرْنِي أَيَّاماً

" سرح" أي أرسل، و في النهاية فيه: كتب إلى قهرمانه، هو كالخازن و الوكيل و الحافظ لما تحت يده، و القائم بأمور الرجل بلغة الفرس" بكتب النصرانية" أي ما ألفوه في الطب، و الزورق السفينة الصغيرة" إلى صاحبي" أي من طلبته.

و أقول: روي هذا الخبر في الخرائج على وجه آخر أبسط قال: حدث بطريق متطبب بالري قد أتى عليه مائة سنة و نيف و قال: كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكل، و كان يصطفيني، فبعث إليه الحسن بن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام أن يبعث إليه بأخص أصحابه عنده ليفصده، فاختارني و قال: قد طلب مني ابن الرضا عليه السلام من يفصده فصر إليه و هو أعلم في يومنا هذا بمن هو في تحت السماء، فاحذر أن لا تعترض عليه فيما يأمرك به، فمضيت إليه فأمرني إلى حجرة و قال: كن إلى أن أطلبك، قال: و كان الوقت الذي دخلت إليه فيه عندي جيدا محمودا للفصد، فدعاني في وقت غير محمود له، و أحضر طشتا عظيما، ففصدت الأكحل فلم يزل الدم يخرج

ص: 166

فَأَنْظَرْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ مُتَقَاضِياً قَالَ فَقَالَ لِي إِنَّ هَذَا الَّذِي تَحْكِيهِ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَعَلَهُ الْمَسِيحُ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً

حتى امتلاء الطشت ثم قال لي: اقطع فقطعت و غسل يده و شدها و ردني إلى الحجرة و قدم من الطعام الحار و البارد شي ء كثير، و بقيت إلى العصر ثم دعاني فقال: سرح و دعا بذلك الطشت فسرحت و خرج الدم إلى أن امتلاء الطشت، فقال: اقطع فقطعت و شد يده و ردني إلى الحجرة، فبت فيها فلما أصبحت و ظهرت الشمس دعاني و أحضر ذلك الطشت و قال: سرح فسرحت، فخرج مثل اللبن الحليب إلى أن امتلاء الطشت، فقال: اقطع فقطعت و شد يده، و قدم لي تخت ثياب و خمسين دينارا و قال: خذ هذا و أعذر و انصرف، فأخذت و قلت: يأمرني السيد بخدمة قال: نعم تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول، فصرت إلى بختيشوع و قلت له القصة، فقال: أجمعت الحكماء على أن أكثر ما يكون في بدن الإنسان سبعة أمنان من الدم و هذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجبا و أعجب ما فيه اللبن، ففكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة أيام بلياليها نقرأ الكتب على أن نجد لهذه القصة ذكرا في العالم و هذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجبا و أعجب ما فيه اللبن، فكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة أيام بلياليها نقرأ الكتب على أن نجد لهذه القصة ذكرا في العالم فلم نجد، ثم قال: لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول، فكتب إليه كتابا يذكر فيه ما جرى، فخرجت و ناديته فأشرف علي و قال: من أنت؟

قلت: صاحب بختيشوع، قال: معك كتابه؟ قلت: نعم، فأرخى لي زبيلا فجعلت الكتاب فيه فرفعه فقرأ الكتاب و نزل من ساعته فقال: أنت الرجل الذي فصدت؟

قلت: نعم، طوبى لأمك و ركب بغلا و مر فوافينا سر من رأى و قد بقي من الليل ثلثه، قلت: أين تحب دار أستاذنا أو دار الرجل؟ قال: دار الرجل، فصرنا إلى بابه قبل الأذان ففتح الباب، و خرج إلينا غلام أسود و قال: أيكما راهب دير العاقول؟

فقال: أنا جعلت فداك، فقال: أنزل، و قال لي الخادم: احتفظ بالبغلتين و أخذ بيده و دخلا، فأقمت إلى أن أصبحنا و ارتفع النهار، ثم خرج الراهب و قد رمى بثياب الرهبانية و لبس ثيابا بيضا و قد أسلم، فقال: خذني الآن إلى دار أستاذك، فصرنا

ص: 167

25 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرٍ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع يَشْكُو عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ دُلَفَ وَ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمَّا عَبْدُ الْعَزِيزِ فَقَدْ كُفِيتَهُ وَ أَمَّا يَزِيدُ فَإِنَّ لَكَ وَ لَهُ مَقَاماً بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَمَاتَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَ قَتَلَ يَزِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ حُجْرٍ

26 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ سُلِّمَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع إِلَى نِحْرِيرٍ فَكَانَ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ وَ يُؤْذِيهِ قَالَ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَيْلَكَ اتَّقِ اللَّهَ لَا تَدْرِي مَنْ فِي مَنْزِلِكَ وَ عَرَّفَتْهُ صَلَاحَهُ وَ قَالَتْ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَقَالَ لَأَرْمِيَنَّهُ بَيْنَ السِّبَاعِ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ فَرُئِيَ ع قَائِماً يُصَلِّي وَ هِيَ حَوْلَهُ

إلى دار بختيشوع، فلما رآه بادر يعدو إليه، ثم قال: ما الذي أزالك عن دينك؟

قال: وجدت المسيح فأسلمت على يده، قال: وجدت المسيح؟ قال: أو نظيره، فإن هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلا المسيح و هذا نظيره في آياته و براهينه، ثم انصرف إليه و لزم خدمته إلى أن مات، انتهى.

و الظاهر اتحاد الواقعة، و يحتمل التعدد.

الحديث الخامس و العشرون

: مرسل.

و حجر بضم المهملة و سكون الجيم" كفيته" على بناء المجهول أي دفع عنك شره" مقاما" بالفتح أو الضم مصدرا أو اسم مكان، أي تقوم معه عند الله في يوم الحساب فتخاصمه لقتله إياك فينتقم الله لك منه.

الحديث السادس و العشرون

: كالسابق.

" سلم" على بناء المفعول و المسلم المعتمد لعنه الله على الظاهر، و يحتمل المهتدي و المعتز أيضا على بعد" من في منزلك" استفهامية" إني أخاف عليك منه" أي ينزل عليك بلاء بسببه" فرأى" على المعلوم، أي النحرير لعنه الله أو المجهول" و هي" أي السباع، و في الخرائج و الإرشاد لأرمينه بين السباع، ثم استأذن في ذلك فأذن له فرمى به إليها و لم يشكوا في أكلها له، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال فوجدوه قائما يصلي و هي حوله، فأمر بإخراجه إلى داره.

ص: 168

27 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِأَنْظُرَ إِلَى خَطِّهِ فَأَعْرِفَهُ إِذَا وَرَدَ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ يَا أَحْمَدُ إِنَّ الْخَطَّ سَيَخْتَلِفُ عَلَيْكَ مِنْ بَيْنِ الْقَلَمِ الْغَلِيظِ إِلَى الْقَلَمِ الدَّقِيقِ فَلَا تَشُكَّنَّ ثُمَّ دَعَا بِالدَّوَاةِ فَكَتَبَ وَ جَعَلَ يَسْتَمِدُّ إِلَى مَجْرَى الدَّوَاةِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَ هُوَ يَكْتُبُ أَسْتَوْهِبُهُ الْقَلَمَ الَّذِي كَتَبَ بِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكِتَابَةِ أَقْبَلَ يُحَدِّثُنِي وَ هُوَ يَمْسَحُ الْقَلَمَ بِمِنْدِيلِ الدَّوَاةِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ هَاكَ يَا أَحْمَدُ فَنَاوَلَنِيهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي مُغْتَمٌّ لِشَيْ ءٍ يُصِيبُنِي فِي نَفْسِي وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ أَبَاكَ فَلَمْ يُقْضَ لِي ذَلِكَ فَقَالَ وَ مَا هُوَ يَا أَحْمَدُ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي رُوِيَ لَنَا عَنْ آبَائِكَ أَنَّ نَوْمَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ وَ نَوْمَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَيْمَانِهِمْ وَ نَوْمَ

الحديث السابع و العشرون

: صحيح.

و أحمد من الثقات المعتمدين، و كان من الأشعريين و قال النجاشي: كان وافد القميين من أصحاب الجواد و الهادي، و كان خاصة أبي محمد عليهم السلام، و قال الشيخ رأى صاحب الزمان عليه السلام و هو شيخ القميين و وافدهم، روى عن سعد بن عبد الله ثقة.

قوله عليه السلام: ما بين القلم الغليظ أي اختلافا كائنا فيما بينهما، أي انظر إلى أسلوب الخط و لا تلتفت إلى جلاء الخط و خفائه، فإن تر أجلى و أخفى من هذا الخط لا تشك فيه، و قيل: ما موصولة منصوبة المحل بالإغراء بتقدير أدرك و احفظ و عبارة عن القدر المشترك بين أنواع القلم الغليظ و أنواع القلم الدقيق، فإن إدراكه و حفظه رافع للشك في الخط، قوله: يستمد أي يطلب المداد من قعر الدواة إلى مجريها أي فمها لقلة مدادها، أو لعدم الحاجة سريعا إلى العود، و قيل: ضمن الاستمداد معنى الإنهاء و نحوه، فعداه بإلى و في القاموس:" ها" تكون اسم الفعل و هو خذ و يمد، و يستعملان بكاف الخطاب.

قوله: على أقفيتهم، لتوجههم إلى السماء انتظارا للوحي" على إيمانهم" لتوجههم إلى القبلة مع اعتمادهم على أشرف الجانبين و لا تباع السنة" على شمائلهم" لعدم وثوقهم بقول صاحب الشريعة، و اعتمادهم على قول الأطباء من أن أكثر النوم على

ص: 169

الْمُنَافِقِينَ عَلَى شَمَائِلِهِمْ وَ نَوْمَ الشَّيَاطِينِ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَقَالَ ع كَذَلِكَ هُوَ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي فَإِنِّي أَجْهَدُ أَنْ أَنَامَ عَلَى يَمِينِي فَمَا يُمْكِنُنِي وَ لَا يَأْخُذُنِي النَّوْمُ عَلَيْهَا فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا أَحْمَدُ ادْنُ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ أَدْخِلْ يَدَكَ تَحْتَ ثِيَابِكَ فَأَدْخَلْتُهَا فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ وَ أَدْخَلَهَا تَحْتَ ثِيَابِي فَمَسَحَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى جَانِبِي الْأَيْسَرِ وَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى جَانِبِي الْأَيْمَنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ أَحْمَدُ فَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَنَامَ عَلَى يَسَارِي مُنْذُ فَعَلَ ذَلِكَ بِي ع وَ مَا يَأْخُذُنِي نَوْمٌ عَلَيْهَا أَصْلًا

بَابُ مَوْلِدِ الصَّاحِبِ ع وُلِدَ ع لِلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ-

هذا الجانب أنفع لأنهم ذكروا أنه ينام أولا على اليمين قليلا لينحدر الغذاء إلى قعر المعدة لميله إلى اليمين، و إنما جعل ميلة إلى اليمين لسهولة جذب الكبد للغذاء فعند قعر المعدة الهضم القوي ثم بعد انحدار الغذاء إلى قعر المعدة ينام على اليسار طويلا ليشتمل الكبد على المعدة و يصير بمنزلة دثار عليها فيسخنها بما فيها من الحرارة القوية، فإذا تم الهضم عاد إلى اليمين ليعين على الانحدار إلى جهة الكبد بميله الطبيعي إلى أسفل. إلى آخر كلامهم في ذلك، أو لتسويل الشيطان لهم ذلك لتسلطه على المنافقين، و نوم الشياطين على وجوههم لأنه على هيئة اللواطة التي اخترعها اللعين أو المراد بالشياطين على وجوههم لأنه على هيئة اللواطة التي اخترعها اللعين أو المراد بالشياطين أتباعهم من الإنس العاملين بهذا العمل أو الأعم" أدخل يدك" أي اخرج يديك من كميك فأخرج عليه السلام أيضا يديه من كميه ليلمس بجميع يديه الشريفتين جميع جنبي أحمد و يديه.

باب مولد الصاحب عليه السلام

اشارة

" ولد عليه السلام للنصف من شعبان، أقول: هذا هو المشهور بين الإمامية، و روى الصدوق رحمه الله في إكمال الدين بإسناده عن غياث بن أسد أنه عليه السلام ولد يوم الجمعة

ص: 170

1 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ خَرَجَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ع حِينَ قُتِلَ الزُّبَيْرِيُّ هَذَا جَزَاءُ مَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ فِي أَوْلِيَائِهِ زَعَمَ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي وَ لَيْسَ لِي عَقِبٌ فَكَيْفَ رَأَى قُدْرَةَ اللَّهِ وَ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ سَمَّاهُ م ح م د- سَنَةَ سِتٍّ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ

لثمان خلون من شعبان سنة ست و خمسين و مائتين، و روي بإسناده عن عقيد أنه عليه السلام ولد ليلة الجمعة غرة شهر رمضان من سنة أربع و خمسين و مائتين، و روي بأسانيد عن حكيمة رضي الله عنها كما في المتن إلا أنها قالت: سنة ست و خمسين، و روى الشيخ في الغيبة عنها سنة خمس و خمسين، و قال الشيخ: روى علان بإسناده أن السيد عليه السلام ولد في سنة ست و خمسين و مائتين من الهجرة بعد مضي أبي الحسن عليه السلام بسنتين، و قال المفيد قدس سره: ولد عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و كان سنه عند وفاة أبيه خمس سنين.

و قال كمال الدين بن طلحة: ولد عليه السلام في الثالث و العشرين من رمضان سنة ثمان و خمسين و مائتين، و قال ابن خلكان في تاريخه: كانت ولادته يوم الجمعة بمنتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و لما توفي أبوه كان عمره خمس سنين و اسم أمه خمط، و قيل: نرجس، و قيل: ولد في ثالث من شعبان سنة ست و خمسين و هو الأصح، انتهى.

و الأشهر أن اسم أمه نرجس، و قيل: صقيل، و قيل: سوسن، و لأمه صلوات الله عليه قصص طويلة و الآثار العجيبة الظاهرة عند ولادته عليه السلام كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير.

الحديث الأول

: ضعيف على المشهور، و كان الزبيري كان من أولاد الزبير و لم نعثر على قصة قتله و تعيين شخصه" و ولد له" كلام أحمد و إنما أتى بالحروف المقطعة لتحريم التسمية، و قوله: سنة ست يخالف التاريخ المذكور في العنوان و قد يتكلف بجعله ظرفا لخرج، أو قتل، و قد يجمع بينهما بحمل إحداهما على الشمسية و الأخرى على القمرية.

ص: 171

2 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ وَ الْحَسَنُ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَ سَبْعِينَ وَ مِائَتَيْنِ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَبْدِيُّ مِنْ عَبْدِ قَيْسٍ عَنْ ضَوْءِ بْنِ عَلِيٍّ الْعِجْلِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ سَمَّاهُ قَالَ أَتَيْتُ سُرَّ مَنْ رَأَى وَ لَزِمْتُ بَابَ أَبِي مُحَمَّدٍ ع فَدَعَانِي مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْتَأْذِنَ فَلَمَّا دَخَلْتُ وَ سَلَّمْتُ قَالَ لِي يَا أَبَا فُلَانٍ كَيْفَ حَالُكَ ثُمَّ قَالَ لِي اقْعُدْ يَا فُلَانُ ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ رِجَالٍ وَ نِسَاءٍ مِنْ أَهْلِي ثُمَّ قَالَ لِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ قُلْتُ رَغْبَةٌ فِي خِدْمَتِكَ قَالَ فَقَالَ فَالْزَمِ الدَّارَ قَالَ فَكُنْتُ فِي الدَّارِ مَعَ الْخَدَمِ ثُمَّ صِرْتُ أَشْتَرِي لَهُمُ الْحَوَائِجَ مِنَ السُّوقِ وَ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ إِذَا كَانَ فِي دَارِ الرِّجَالِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً وَ هُوَ فِي دَارِ الرِّجَالِ فَسَمِعْتُ حَرَكَةً فِي الْبَيْتِ فَنَادَانِي مَكَانَكَ لَا تَبْرَحْ فَلَمْ أَجْسُرْ أَنْ أَخْرُجَ وَ لَا أَدْخُلَ فَخَرَجَتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ مَعَهَا شَيْ ءٌ مُغَطًّى ثُمَّ نَادَانِيَ ادْخُلْ فَدَخَلْتُ وَ نَادَى الْجَارِيَةَ فَرَجَعَتْ فَقَالَ لَهَا اكْشِفِي عَمَّا مَعَكِ فَكَشَفَتْ عَنْ غُلَامٍ أَبْيَضَ حَسَنِ الْوَجْهِ وَ كَشَفَتْ عَنْ بَطْنِهِ فَإِذَا شَعْرٌ نَابِتٌ مِنْ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ أَخْضَرُ لَيْسَ بِأَسْوَدَ فَقَالَ هَذَا صَاحِبُكُمْ ثُمَّ أَمَرَهَا فَحَمَلَتْهُ فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى مَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ ع فَقَالَ- ضَوْءُ بْنُ عَلِيٍّ فَقُلْتُ لِلْفَارِسِيِّ كَمْ كُنْتَ تُقَدِّرُ لَهُ مِنَ السِّنِينَ قَالَ سَنَتَيْنِ قَالَ الْعَبْدِيُّ فَقُلْتُ لِضَوْءٍ كَمْ تُقَدِّرُ لَهُ أَنْتَ قَالَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ

الحديث الثاني

: مجهول.

و محمد بن علي هو ابن إبراهيم بن محمد الهمداني الذي تقدم أنه و أبوه و جده من وكلاء الناحية المقدسة بهمدان، و الحسن أخوه غير مذكور في الرجال، و في الإكمال الحسين و هو أيضا غير مذكور، و اللبة بالفتح و تشديد الباء: المنحر، و موضع القلادة من الصدر" كم كنت تقدر" أي عن رؤيتك له عليه السلام، و لا ينافي ذلك كونه محمولا، و يحتمل أن يكون أخطأ في التقدير، بل كان أقل إذ نموه عليه السلام لم يكن كنمو سائر الصبيان كما ورد في كثير من الأخبار، و قيل: أي عند وفاة أبي محمد عليه السلام، و قيل: أي كم مضى من زمان رؤيتك إلى الآن.

قوله: كم تقدر له، أي الآن" أربع عشرة" أي مضى من حين رؤيته الفارسي

ص: 172

وَ نَحْنُ نُقَدِّرُ لَهُ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ سَنَةً

3 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقُمِّيِّينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ غَانِمٍ الْهِنْدِيِّ قَالَ كُنْتُ بِمَدِينَةِ الْهِنْدِ الْمَعْرُوفَةِ- بِقِشْمِيرَ الدَّاخِلَةِ وَ أَصْحَابٌ لِي يَقْعُدُونَ عَلَى كَرَاسِيَّ عَنْ يَمِينِ الْمَلِكِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا كُلُّهُمْ يَقْرَأُ الْكُتُبَ الْأَرْبَعَةَ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ الزَّبُورَ وَ صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ نَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ وَ نُفَقِّهُهُمْ فِي دِينِهِمْ وَ نُفْتِيهِمْ فِي حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ يَفْزَعُ النَّاسُ إِلَيْنَا الْمَلِكُ فَمَنْ دُونَهُ فَتَجَارَيْنَا ذِكْرَ

إلى الآن اثنا عشرة، و أبو علي كنية محمد و أبو عبد الله كنية الحسن ابني علي بن إبراهيم" إحدى و عشرين" أي مضى من حين إخبار ضوء إلى الآن سبع سنين.

و أقول: هذا التقدير لسنه عليه السلام من حين الإخبار مع ما مر أنه كان سنة تسع و سبعين لا يوافق ما مر من التاريخين المشهورين من ولادته عليه السلام، إذ على الخمس و الخمسين يكون نحوا من أربع و عشرين، و على الست نحوا من ثلاث و عشرين، نعم يقرب مما نقلناه عن ابن طلحة من كونها سنة ثمان و خمسين، و قيل:

هذا مبني على أنهما توهما أن تقدير الفارسي كان حين وفاة أبيه و هذا التوهم ظاهر البطلان، انتهى.

و يمكن أن يكون تسع تصحيف سبع أو أخطأ بعضهم في الحساب.

الحديث الثالث

: مجهول.

و قشمير بالكسر [معرب] كشمير و وصفه بالداخلة إما لإطلاقه في هذا الزمان على موضعين، و الآن صقع معروف في الهند، أو لأن المراد داخل البلد لا نواحيه، و أصحاب عطف على ضمير كنت، أو مبتدأ ولي نعت أصحاب، و" يقعدون" نعت بعد نعت أو خبر و أربعون نعت آخر أو عطف بيان لأصحاب" نقضي" استئناف بياني و في الإكمال قال: كنت أكون مع ملك الهند في قشمير الداخلة و نحن أربعون رجلا نقعد حول كرسي الملك قد قرأنا التوراة و الإنجيل و الزبور يفزع إلينا في العلم، فتذاكرنا يوما محمدا صلى الله عليه و آله و سلم" إلخ" و الملك تفصيل للناس" فمن دونه" أي تحته

ص: 173

رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُلْنَا هَذَا النَّبِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ قَدْ خَفِيَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ وَ يَجِبُ عَلَيْنَا الْفَحْصُ عَنْهُ وَ طَلَبُ أَثَرِهِ وَ اتَّفَقَ رَأْيُنَا وَ تَوَافَقْنَا عَلَى أَنْ أَخْرُجَ فَأَرْتَادَ لَهُمْ فَخَرَجْتُ وَ مَعِي مَالٌ جَلِيلٌ فَسِرْتُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً حَتَّى قَرُبْتُ مِنْ كَابُلَ فَعَرَضَ لِي قَوْمٌ مِنَ التُّرْكِ فَقَطَعُوا عَلَيَّ وَ أَخَذُوا مَالِي وَ جُرِحْتُ جِرَاحَاتٍ شَدِيدَةً وَ دُفِعْتُ إِلَى مَدِينَةِ كَابُلَ فَأَنْفَذَنِي مَلِكُهَا لَمَّا وَقَفَ عَلَى خَبَرِي إِلَى مَدِينَةِ بَلْخٍ وَ عَلَيْهَا إِذْ ذَاكَ دَاوُدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ فَبَلَغَهُ خَبَرِي وَ أَنِّي خَرَجْتُ مُرْتَاداً مِنَ الْهِنْدِ وَ تَعَلَّمْتُ الْفَارِسِيَّةَ وَ نَاظَرْتُ الْفُقَهَاءَ وَ أَصْحَابَ الْكَلَامِ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ دَاوُدُ بْنُ الْعَبَّاسِ فَأَحْضَرَنِي مَجْلِسَهُ وَ جَمَعَ عَلَيَّ الْفُقَهَاءَ فَنَاظَرُونِي فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَلَدِي أَطْلُبُ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي وَجَدْتُهُ فِي الْكُتُبِ فَقَالَ لِي مَنْ هُوَ وَ مَا اسْمُهُ فَقُلْتُ مُحَمَّدٌ فَقَالُوا هُوَ نَبِيُّنَا

" فتجارينا" أي تذاكرنا، و في القاموس: جاراه مجاراة جرى معه، و في النهاية فيه من طلب العلم ليجاري به العلماء أي يجري معهم في المناظرة و الجدال ليظهر علمه إلى الناس رياء و سمعة، و في الحديث تتجارى بهم الأهواء، أي يتواقعون في الأهواء الفاسدة و يتداعون فيها تشبيها بجري الفرس، و قال: أصل الرائد الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلاء و مساقط الغيث، و فيه: إذا بال أحدكم فليرتد لبوله، أي يطلب مكانا لينا لئلا يرجع عليه رشاش بوله، يقال: راد و ارتاد و استراد.

قوله: فسرت اثنا عشر شهرا، لعله كان يتوقف في المواضع و يسير متبطئا لأن المسافة بين القمشير و كابل يسيرة، أو كان القشمير الداخلة مكانا بعيدا في أقاصي الهند، و في الإكمال بعد ما مر: و قلنا نجده في كتبنا، فاتفقنا على أن أخرج في طلبه و أبحث عنه، فخرجت و معي مال، فقطع على الترك، و شلحوني فوقعت إلى كابل و خرجت من كابل إلى بلخ و الأمير بها ابن أبي شور، إلخ.

" دفعت" على بناء المجهول" فأنفذني" أي أرسلني" على خبري" أي أني خرجت لطلب الدين" و عليها" أي الوالي عليها" إذ ذاك" أي في وقت الإنفاذ.

ص: 174

الَّذِي تَطْلُبُ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ شَرَائِعِهِ فَأَعْلَمُونِي فَقُلْتُ لَهُمْ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِيٌّ وَ لَا أَعْلَمُهُ هَذَا الَّذِي تَصِفُونَ أَمْ لَا فَأَعْلِمُونِي مَوْضِعَهُ لِأَقْصِدَهُ فَأُسَائِلَهُ عَنْ عَلَامَاتٍ عِنْدِي وَ دَلَالاتٍ فَإِنْ كَانَ صَاحِبِيَ الَّذِي طَلَبْتُ آمَنْتُ بِهِ فَقَالُوا قَدْ مَضَى ص فَقُلْتُ فَمَنْ وَصِيُّهُ وَ خَلِيفَتُهُ فَقَالُوا أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ فَسَمُّوهُ لِي فَإِنَّ هَذِهِ كُنْيَتُهُ قَالُوا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَ نَسَبُوهُ إِلَى قُرَيْشٍ قُلْتُ فَانْسُبُوا لِي مُحَمَّداً نَبِيَّكُمْ فَنَسَبُوهُ لِي فَقُلْتُ لَيْسَ هَذَا صَاحِبِيَ الَّذِي طَلَبْتُ صَاحِبِيَ الَّذِي أَطْلُبُهُ خَلِيفَتُهُ أَخُوهُ فِي الدِّينِ وَ ابْنُ عَمِّهِ فِي النَّسَبِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ أَبُو وُلْدِهِ لَيْسَ لِهَذَا النَّبِيِّ ذُرِّيَّةٌ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرُ وُلْدِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ خَلِيفَتُهُ قَالَ فَوَثَبُوا بِي وَ قَالُوا أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّ هَذَا قَدْ خَرَجَ مِنَ الشِّرْكِ إِلَى الْكُفْرِ هَذَا حَلَالُ الدَّمِ فَقُلْتُ لَهُمْ يَا قَوْمُ أَنَا رَجُلٌ مَعِي دِينٌ مُتَمَسِّكٌ بِهِ لَا أُفَارِقُهُ حَتَّى أَرَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ إِنِّي وَجَدْتُ صِفَةَ هَذَا الرَّجُلِ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ وَ مِنَ الْعِزِّ الَّذِي كُنْتُ

" و نسبوه إلى قريش" أي إلى قبيلة قريش أو إلى النضر بن كنانة بأن قالوا:

هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، و نسبوا النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقالوا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة إلى النضر" و ابن عمه" أي بلا واسطة" إلى الكفر" لأنه أنكر خلافة أبي بكر و ادعى حقية مذهب الروافض" متمسك" بالكسر نعت آخر لرجل، أو بالفتح نعت دين و" به" نائب الفاعل على الأخير و الأول أظهر" فكفوا" على صيغة الماضي، و يحتمل الأمر و الحسين بن إشكيب بكسر الهمزة و الشين المعجمة و في بعض كتب الرجال بالمهملة قال النجاشي: شيخ لنا خراساني ثقة مقدم ذكره أبو عمرو في كتابه الرجال في أصحاب صاحب العسكر عليه السلام و روى عنه العياشي و أكثر و اعتمد ثقة ثقة ثبت، قال الكشي:

هو القمي خادم القبر، و قال في رجال أبي محمد عليه السلام: الحسين بن إشكيب المروزي المقيم بسمرقند و" كش" عالم متكلم مؤلف للكتب، و ذكره الشيخ في أصحاب الهادي و العسكري عليهما السلام.

ص: 175

فِيهِ طَلَباً لَهُ فَلَمَّا فَحَصْتُ عَنْ أَمْرِ صَاحِبِكُمُ الَّذِي ذَكَرْتُمْ لَمْ يَكُنِ النَّبِيَّ الْمَوْصُوفَ فِي الْكُتُبِ فَكَفُّوا عَنِّي وَ بَعَثَ الْعَامِلُ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ إِشْكِيبَ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ نَاظِرْ هَذَا الرَّجُلَ الْهِنْدِيَّ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ عِنْدَكَ الْفُقَهَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ وَ هُمْ أَعْلَمُ وَ أَبْصَرُ بِمُنَاظَرَتِهِ فَقَالَ لَهُ نَاظِرْهُ كَمَا أَقُولُ لَكَ وَ اخْلُ بِهِ وَ الْطُفْ لَهُ فَقَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِشْكِيبَ بَعْدَ مَا فَاوَضْتُهُ إِنَّ صَاحِبَكَ الَّذِي تَطْلُبُهُ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي وَصَفَهُ هَؤُلَاءِ وَ لَيْسَ الْأَمْرُ فِي خَلِيفَتِهِ كَمَا قَالُوا هَذَا النَّبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ وَصِيُّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هُوَ زَوْجُ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سِبْطَيْ مُحَمَّدٍ ص قَالَ غَانِمٌ أَبُو سَعِيدٍ فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا الَّذِي طَلَبْتُ فَانْصَرَفْتُ إِلَى دَاوُدَ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ لَهُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَجَدْتُ مَا طَلَبْتُ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَبَرَّنِي وَ وَصَلَنِي وَ قَالَ لِلْحُسَيْنِ تَفَقَّدْهُ قَالَ فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ حَتَّى آنَسْتُ بِهِ وَ فَقَّهَنِي فِيمَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الْفَرَائِضِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّا نَقْرَأُ فِي كُتُبِنَا أَنَّ مُحَمَّداً ص خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَ أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى وَصِيِّهِ وَ وَارِثِهِ وَ خَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ إِلَى الْوَصِيِّ بَعْدَ الْوَصِيِّ لَا يَزَالُ أَمْرُ اللَّهِ جَارِياً فِي أَعْقَابِهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا فَمَنْ وَصِيُّ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ قَالَ

" كما أقول" أي أقبل قولي و إشارة إلى ما ذكره بعده من الخلوة و اللطف، و أفهمه بالرمز أن يدعوه إلى مذهبه و يتم عليه الحق بما رآه في كتبه لكن في الخلوة و هذا يدل على أن الأمير كان عالما بحقية دين الإمامية و كان يخفيها للدنيا أو للتقية" بعد ما فاوضته" أي ناظرته أو ذكرت له ما خرجت له و ما قال لي الفقهاء، في النهاية: بمفاوضة العلماء، المفاوضة المساواة و المشاركة، و هي مفاعلة من التفويض كان كل واحد منهما رد ما عنده إلى صاحبه، أراد محادثة العلماء و مذاكرتهم، و في المصباح: تفاوض القوم الحديث أخذوا فيه.

" تفقده" أي صاحبه و اطلبه عند غيبته، في المصباح: تفقدته طلبته عند غيبته

ص: 176

الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَيْنُ ابْنَا مُحَمَّدٍ ص ثُمَّ سَاقَ الْأَمْرَ فِي الْوَصِيَّةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ ع ثُمَّ أَعْلَمَنِي مَا حَدَثَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ إِلَّا طَلَبُ النَّاحِيَةِ فَوَافَى قُمَّ وَ قَعَدَ مَعَ أَصْحَابِنَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ خَرَجَ مَعَهُمْ حَتَّى وَافَى بَغْدَادَ وَ مَعَهُ رَفِيقٌ لَهُ مِنْ أَهْلِ السِّنْدِ كَانَ صَحِبَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ فَحَدَّثَنِي غَانِمٌ قَالَ- وَ أَنْكَرْتُ مِنْ رَفِيقِي بَعْضَ أَخْلَاقِهِ فَهَجَرْتُهُ وَ خَرَجْتُ حَتَّى سِرْتُ إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ أَتَهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ وَ أُصَلِّي وَ إِنِّي لَوَاقِفٌ مُتَفَكِّرٌ فِيمَا قَصَدْتُ لِطَلَبِهِ إِذَا أَنَا بِآتٍ قَدْ أَتَانِي فَقَالَ أَنْتَ فُلَانٌ اسْمُهُ بِالْهِنْدِ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ أَجِبْ مَوْلَاكَ فَمَضَيْتُ مَعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَتَخَلَّلُ بِيَ الطُّرُقَ حَتَّى أَتَى دَاراً وَ بُسْتَاناً فَإِذَا أَنَا بِهِ ع جَالِسٌ فَقَالَ مَرْحَباً يَا فُلَانُ بِكَلَامِ الْهِنْدِ كَيْفَ حَالُكَ وَ كَيْفَ خَلَّفْتَ فُلَاناً وَ فُلَاناً حَتَّى عَدَّ

" ما حدث" أي وفاة العسكري و غيبة القائم عليه السلام و ما جرى من الظلمة في ذلك" إلا طلب الناحية" أي الإمام عليه السلام أو سر من رأى و موضع غيبته لعلي أطلع منه على خبر، و قوله: فوافى، كلام العامري الراوي" أربع و ستين" أي بعد المائتين من الهجرة، و كون المراد من ابتداء الغيبة الصغرى بعيد إذ يبعد بقاء الحسين بن إشكيب إلى هذا الوقت" كان صحبه" ضمير كان لغانم أو للرفيق" على المذاهب" أي على الموافقة في المذهب قديما و جديدا أو لطلب المذهب، و ضمير قال أولا للعامري، و في القاموس: العباسية قرية بنهر الملك، و الظاهر أن هذه الدار كانت غير التي بسر من رأى.

و في الإكمال قال محمد بن محمد: و وافى معنا بغداد فذكر لنا أنه كان معه رفيق قد صحبه على هذا الأمر فكره بعض أخلاقه ففارقه، قال: فبينا أنا يوما و قد مشيت في الصراة و أنا مفكر فيما خرجت له إذ أتاني آت فقال لي: أجب مولاك، فلم يزل يخترق بي المحال حتى أدخلني دارا و بستانا و إذا بمولاي عليه السلام جالس، إلى آخره و قوله: اسمه بالهند، كلام العامري" يتخلل بي الطرق" أي يدخل معي أو

ص: 177

الْأَرْبَعِينَ كُلَّهُمْ فَسَأَلَنِي عَنْهُمْ وَاحِداً وَاحِداً ثُمَّ أَخْبَرَنِي بِمَا تَجَارَيْنَا كُلُّ ذَلِكَ بِكَلَامِ الْهِنْدِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتَ أَنْ تَحُجَّ مَعَ أَهْلِ قُمَّ قُلْتُ نَعَمْ يَا سَيِّدِي فَقَالَ لَا تَحُجَّ مَعَهُمْ وَ انْصَرِفْ سَنَتَكَ هَذِهِ وَ حُجَّ فِي قَابِلٍ ثُمَّ أَلْقَى إِلَيَّ صُرَّةً كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِيَ اجْعَلْهَا نَفَقَتَكَ وَ لَا تَدْخُلْ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى فُلَانٍ سَمَّاهُ وَ لَا تُطْلِعْهُ عَلَى شَيْ ءٍ وَ انْصَرِفْ إِلَيْنَا إِلَى الْبَلَدِ ثُمَّ وَافَانَا بَعْضُ الْفُيُوجِ فَأَعْلَمُونَا أَنَّ أَصْحَابَنَا انْصَرَفُوا مِنَ الْعَقَبَةِ وَ مَضَى نَحْوَ خُرَاسَانَ فَلَمَّا كَانَ فِي قَابِلٍ حَجَّ وَ أَرْسَلَ إِلَيْنَا بِهَدِيَّةٍ مِنْ طُرَفِ خُرَاسَانَ فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ

4 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ النَّضْرِ وَ أَبَا صِدَامٍ وَ جَمَاعَةً تَكَلَّمُوا بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ ع فِيمَا فِي أَيْدِي الْوُكَلَاءِ وَ أَرَادُوا الْفَحْصَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْرِ إِلَى أَبِي الصِّدَامِ فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ لَهُ- أَبُو صِدَامٍ أَخِّرْهُ

يدخلني خلالها، في القاموس: تخلل القوم دخل خلالهم، و قوله: و انصرف إلينا، كلام العامري" إلى البلد" أي إلى قم" بعد الفتوح" أي الفتوح المعنوية من لقاء الإمام عليه السلام و وصوله إلى بغيته" فأعلمونا" أي القوافل و المترددون" أن أصحابنا" أي الحاج" انصرفوا من العقبة" و لم يحجوا، فظهر أنه عليه السلام لهذا منعه و الأظهر أن الفتوح تصحيف الفيوج بالياء المثناة التحتانية و الجيم، جمع فيج معرب پيك، أي جاء المسرعون فأخبرونا بما ذكر، و منهم من قرأ بعد بتشديد الدال، و قال الباء للتعدية أي إحصاء ما رأى من إنعامات الصاحب عليه السلام" من طرف خراسان" بضم الطاء و فتح الراء جمع طرفة بالضم و هي الغريب المستحدث، أي تحف خراسان و غرائبه، و يمكن أن يقرأ بالتحريك أي من ناحيته، فمن على الأول تبعيضية، و على الثاني ابتدائية.

الحديث الرابع

: صحيح.

و قال الكشي (ره): الحسن بن النضر من أجلة إخواننا، و أبو صدام بكسر الصاد غير مذكور في الرجال" فيما في أيدي الوكلاء" أي لا تكلموا فيها كيف يعملون

ص: 178

هَذِهِ السَّنَةَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْرِ إِنِّي أَفْزَعُ فِي الْمَنَامِ وَ لَا بُدَّ مِنَ الْخُرُوجِ وَ أَوْصَى إِلَى أَحْمَدَ بْنِ يَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ وَ أَوْصَى لِلنَّاحِيَةِ بِمَالٍ وَ أَمَرَهُ أَنْ لَا يُخْرِجَ شَيْئاً إِلَّا مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِهِ بَعْدَ ظُهُورِهِ قَالَ فَقَالَ الْحَسَنُ لَمَّا وَافَيْتُ بَغْدَادَ اكْتَرَيْتُ دَاراً فَنَزَلْتُهَا فَجَاءَنِي بَعْضُ الْوُكَلَاءِ بِثِيَابٍ وَ دَنَانِيرَ وَ خَلَّفَهَا عِنْدِي فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا قَالَ هُوَ مَا تَرَى ثُمَّ جَاءَنِي آخَرُ بِمِثْلِهَا وَ آخَرُ حَتَّى كَبَسُوا الدَّارَ ثُمَّ جَاءَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِجَمِيعِ مَا كَانَ مَعَهُ فَتَعَجَّبْتُ وَ بَقِيتُ مُتَفَكِّراً فَوَرَدَتْ عَلَيَّ رُقْعَةُ الرَّجُلِ ع إِذَا مَضَى مِنَ النَّهَارِ كَذَا وَ كَذَا فَاحْمِلْ مَا مَعَكَ فَرَحَلْتُ وَ حَمَلْتُ مَا مَعِي وَ فِي الطَّرِيقِ صُعْلُوكٌ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ فِي سِتِّينَ رَجُلًا فَاجْتَزْتُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَوَافَيْتُ الْعَسْكَرَ وَ نَزَلْتُ فَوَرَدَتْ عَلَيَّ رُقْعَةٌ أَنِ احْمِلْ مَا مَعَكَ فَعَبَّيْتُهُ فِي صِنَانِ الْحَمَّالِينَ فَلَمَّا بَلَغْتُ الدِّهْلِيزَ إِذَا فِيهِ أَسْوَدُ قَائِمٌ فَقَالَ أَنْتَ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْرِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ ادْخُلْ فَدَخَلْتُ الدَّارَ وَ دَخَلْتُ بَيْتاً وَ فَرَّغْتُ صِنَانَ الْحَمَّالِينَ وَ إِذَا فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ خُبْزٌ كَثِيرٌ فَأَعْطَى كُلَ

به و كيف يوصلونه إليه" و لا بد من الخروج" أي للفحص و ضمير أوصى في الموضعين للحسن، و المراد بالأول أنه جعله وصي نفسه في أمر عياله و سائر أموره، و بالثاني أنه أوصى إليه بإيصال ما عنده إلى الناحية إن لم يتيسر له الوصول إليه عليه السلام، و ما قيل من أن ضمير أوصى ثانيا لأحمد و كذا ضمير أمره فهو بعيد، و قيل: المراد بظهوره وضوح كونه صاحب الزمان" هو ما ترى" أي لا يمكنني التصريح و لم يؤذن لي في أكثر من هذا، أو هو ما نعلم بالقرائن أنه من مال الناحية، و ربما يقرأ بالمجهول أي ما يأتيك العلم به من الناحية" حتى كبسوا الدار" أي ستروها و ملئوها من كثرة ما جاءوا به، في القاموس: كبس البئر و النهر يكبسها طمهما بالتراب، و رأسه في ثوبه أخفاه و أدخله فيه، و داره هجم عليه" رقعة الرجل" أي القائم عليه السلام عبر به تقية، و في الصحاح: الصعلوك الفقير، و صعاليك العرب ذؤبانها" يقطع الطريق" أي ما بين بغداد و سر من رأى، و في القاموس: الصن بالكسر شبه السلة المطبقة يجعل فيها الخبز" فأعطي" على بناء المجهول" على ما من به عليك" أي

ص: 179

وَاحِدٍ مِنَ الْحَمَّالِينَ رَغِيفَيْنِ وَ أُخْرِجُوا وَ إِذَا بَيْتٌ عَلَيْهِ سِتْرٌ فَنُودِيتُ مِنْهُ يَا حَسَنَ بْنَ النَّضْرِ احْمَدِ اللَّهَ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكَ وَ لَا تَشُكَّنَّ فَوَدَّ الشَّيْطَانُ أَنَّكَ شَكَكْتَ وَ أَخْرَجَ إِلَيَّ ثَوْبَيْنِ وَ قِيلَ خُذْهَا فَسَتَحْتَاجُ إِلَيْهِمَا فَأَخَذْتُهُمَا وَ خَرَجْتُ قَالَ سَعْدٌ فَانْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْرِ وَ مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ كُفِّنَ فِي الثَّوْبَيْنِ

5 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّوَيْهِ السُّوَيْدَاوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ شَكَكْتُ عِنْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ ع وَ اجْتَمَعَ عِنْدَ أَبِي مَالٌ جَلِيلٌ فَحَمَلَهُ وَ رَكِبَ السَّفِينَةَ وَ خَرَجْتُ مَعَهُ مُشَيِّعاً فَوُعِكَ وَعْكاً شَدِيداً فَقَالَ يَا بُنَيَّ رُدَّنِي فَهُوَ الْمَوْتُ وَ قَالَ لِيَ اتَّقِ اللَّهَ فِي هَذَا الْمَالِ وَ أَوْصَى إِلَيَّ فَمَاتَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَمْ يَكُنْ أَبِي لِيُوصِيَ بِشَيْ ءٍ غَيْرِ صَحِيحٍ أَحْمِلُ هَذَا الْمَالَ إِلَى الْعِرَاقِ وَ أَكْتَرِي دَاراً عَلَى الشَّطِّ وَ لَا أُخْبِرُ أَحَداً بِشَيْ ءٍ وَ إِنْ وَضَحَ لِي شَيْ ءٌ كَوُضُوحِهِ فِي أَيَّامِ أَبِي مُحَمَّدٍ ع أَنْفَذْتُهُ وَ إِلَّا قَصَفْتُ بِهِ فَقَدِمْتُ الْعِرَاقَ وَ اكْتَرَيْتُ دَاراً عَلَى الشَّطِّ وَ بَقِيتُ أَيَّاماً فَإِذَا أَنَا بِرُقْعَةٍ مَعَ رَسُولٍ فِيهَا يَا مُحَمَّدُ مَعَكَ كَذَا وَ كَذَا فِي جَوْفِ كَذَا وَ كَذَا حَتَّى قَصَّ عَلَيَّ جَمِيعَ مَا

من وكالته عليه السلام و العلم بإمامته و إيصال حقه إليه" فانصرف" أي إلى قم.

الحديث الخامس

: مجهول.

و محمد بن إبراهيم هو و أبوه من وكلاء الناحية كما ذكره في ربيع الشيعة و أعلام الورى" شككت" أي في القائم عليه السلام، و في القاموس: الوعك شدة الحر و أذى الحمى و وجعها و مغثها في البدن، و رجل وعك و وعك و موعوك، و وعكه كوعده دكة" فهو الموت" أي مرض الموت" و أوصى إلى" أي بإيصال هذا المال إليه عليه السلام أو الأعم" و إلا قصفت به" أي صرفته في الملاذ و الملاهي، أو تمتعت به طويلا، قال في القاموس: القصوف الإقامة في الأكل و الشرب، و أما القصف من اللهو فغير عربي، و في المصباح القصف: اللهو و اللعب، قال ابن دريد: لا أحسبه عربيا.

أقول: و قد مر في الباب السابق ما يناسب هذا المعنى، حيث قال في وصف جعفر الكذاب: قصاف، و في الإرشاد: و إلا أنفقته في ملاذي و شهواتي، و كأنه نقل بالمعنى، و في غيبة الشيخ و إلا تصدقت به" لا يرفع لي رأس" كناية عن عدم

ص: 180

مَعِي مِمَّا لَمْ أُحِطْ بِهِ عِلْماً فَسَلَّمْتُهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ بَقِيتُ أَيَّاماً لَا يُرْفَعُ لِي رَأْسٌ وَ اغْتَمَمْتُ فَخَرَجَ إِلَيَّ قَدْ أَقَمْنَاكَ مَكَانَ أَبِيكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ

6 مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّسَائِيِّ قَالَ أَوْصَلْتُ أَشْيَاءَ لِلْمَرْزُبَانِيِّ الْحَارِثِيِّ فِيهَا سِوَارُ ذَهَبٍ فَقُبِلَتْ وَ رُدَّ عَلَيَّ السِّوَارُ فَأُمِرْتُ بِكَسْرِهِ فَكَسَرْتُهُ فَإِذَا فِي وَسَطِهِ مَثَاقِيلُ حَدِيدٍ وَ نُحَاسٍ أَوْ صُفْرٍ فَأَخْرَجْتُهُ وَ أَنْفَذْتُ الذَّهَبَ فَقُبِلَ

7 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْفَضْلِ الْخَزَّازِ الْمَدَائِنِيِّ مَوْلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ إِنَّ قَوْماً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الطَّالِبِيِّينَ كَانُوا يَقُولُونَ بِالْحَقِّ وَ كَانَتِ الْوَظَائِفُ تَرِدُ عَلَيْهِمْ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا مَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ ع رَجَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ عَنِ الْقَوْلِ بِالْوَلَدِ فَوَرَدَتِ الْوَظَائِفُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَلَدِ وَ قُطِعَ عَنِ الْبَاقِينَ فَلَا يُذْكَرُونَ فِي الذَّاكِرِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*

التوجه و الاستخبار من الناحية المقدسة، فإن من يلتفت إلى غيره يرفع إليه رأسه و قيل: أي لا أرفع رأسي من الغم و الفكر، و ما ذكرنا أظهر.

الحديث السادس

: مجهول.

" أوصلت" أي إلى الناحية المقدسة، و السوار بالكسر ما تجعل المرأة في يدها

الحديث السابع

: مجهول.

و أبو جعفر هو الجواد عليه السلام" من الطالبيين" أي أولاد أبي طالب" بالحق" أي بعدم خلو زمان من الأزمنة عن إمام إلى انقراض التكليف" بالولد" أي بوجود القائم عليه السلام و إمامته" في الذاكرين" أي الذين يذكرون أهل الحق بالثناء عليهم.

الحديث الثامن

: صحيح.

و في القاموس: السواد اسم رستاق العراق و قصبتها" قد حبسها عليهم" على، للإضرار.

ص: 181

8 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَوْصَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ مَالًا فَرُدَّ عَلَيْهِ وَ قِيلَ لَهُ أَخْرِجْ حَقَّ وُلْدِ عَمِّكَ مِنْهُ وَ هُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ كَانَ الرَّجُلُ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ لِوُلْدِ عَمِّهِ فِيهَا شِرْكَةٌ قَدْ حَبَسَهَا عَلَيْهِمْ فَنَظَرَ فَإِذَا الَّذِي لِوُلْدِ عَمِّهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَخْرَجَهَا وَ أَنْفَذَ الْبَاقِيَ فَقُبِلَ

9 الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ وُلِدَ لِي عِدَّةُ بَنِينَ فَكُنْتُ أَكْتُبُ وَ أَسْأَلُ الدُّعَاءَ فَلَا يُكْتَبُ إِلَيَّ لَهُمْ بِشَيْ ءٍ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ فَلَمَّا وُلِدَ لِيَ الْحَسَنُ ابْنِي كَتَبْتُ أَسْأَلُ الدُّعَاءَ فَأُجِبْتُ يَبْقَى وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ

10 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ كُنْتُ خَرَجْتُ سَنَةً مِنَ السِّنِينَ بِبَغْدَادَ فَاسْتَأْذَنْتُ فِي الْخُرُوجِ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَأَقَمْتُ اثْنَيْنِ وَ عِشْرِينَ يَوْماً وَ قَدْ خَرَجَتِ الْقَافِلَةُ إِلَى النَّهْرَوَانِ فَأُذِنَ فِي الْخُرُوجِ لِي يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ قِيلَ لِيَ اخْرُجْ فِيهِ فَخَرَجْتُ وَ أَنَا آيِسٌ مِنَ الْقَافِلَةِ أَنْ أَلْحَقَهَا فَوَافَيْتُ النَّهْرَوَانَ وَ الْقَافِلَةُ مُقِيمَةٌ فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ أَعْلَفْتُ جِمَالِي شَيْئاً حَتَّى رَحَلَتِ الْقَافِلَةُ فَرَحَلْتُ وَ قَدْ دَعَا لِي بِالسَّلَامَةِ فَلَمْ أَلْقَ سُوءاً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ

11 عَلِيٌّ عَنِ النَّضْرِ بْنِ صَبَّاحٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الشَّاشِيِّ قَالَ خَرَجَ بِي نَاصُورٌ عَلَى مَقْعَدَتِي فَأَرَيْتُهُ الْأَطِبَّاءَ وَ أَنْفَقْتُ عَلَيْهِ مَالًا فَقَالُوا لَا نَعْرِفُ لَهُ

الحديث التاسع

: مجهول كالصحيح، إذ ذكر الشيخ القاسم بن العلاء الهمداني روى عنه الصفواني، و في إعلام الورى و ربيع الشيعة القاسم بن العلاء من أهل آذربيجان كان من وكلاء الناحية و لعله الأخير، مع أن هذا الخبر أيضا مشتمل على مدحه.

الحديث العاشر

: مجهول.

" خرجت" أي إلى الحج أو إلى غيره" ببغداد" أي حالكوني ببغداد، أو إلى بغداد، فالباء بمعنى إلى كما يقال: أحسن بي أي إلى، و يؤيده أن في الإرشاد إلى بغداد،" فاستأذنت" أي القائم عليه السلام و في القاموس: النهروان بفتح النون و تثليث الراء و بضمها ثلاث قرى أعلى و أوسط و أسفلهن بين واسط و بغداد، و في المغرب: هي من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد، و في القاموس: العلف كالضرب أعلاف الدابة كالأعلاف.

الحديث الحادي عشر

: ضعيف بنصر لأنه رمي بالغلو و إن لم أعتمد على مثل ذلك، فإن مراتب الناس في المعارف مختلفة.

و الشاش بلد بما وراء النهر، و في المصباح: الناصور جمعه نواصير و هي قروح

ص: 182

دَوَاءً فَكَتَبْتُ رُقْعَةً أَسْأَلُ الدُّعَاءَ فَوَقَّعَ ع إِلَيَّ أَلْبَسَكَ اللَّهُ الْعَافِيَةَ وَ جَعَلَكَ مَعَنَا فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ قَالَ فَمَا أَتَتْ عَلَيَّ جُمْعَةٌ حَتَّى عُوفِيتُ وَ صَارَ مِثْلَ رَاحَتِي فَدَعَوْتُ طَبِيباً مِنْ أَصْحَابِنَا وَ أَرَيْتُهُ إِيَّاهُ فَقَالَ مَا عَرَفْنَا لِهَذَا دَوَاءً

12 عَلِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْيَمَانِيِّ قَالَ كُنْتُ بِبَغْدَادَ فَتَهَيَّأَتْ قَافِلَةٌ لِلْيَمَانِيِّينَ فَأَرَدْتُ الْخُرُوجَ مَعَهَا فَكَتَبْتُ أَلْتَمِسُ الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ فَخَرَجَ لَا تَخْرُجْ مَعَهُمْ فَلَيْسَ لَكَ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُمْ خِيَرَةٌ وَ أَقِمْ بِالْكُوفَةِ قَالَ وَ أَقَمْتُ وَ خَرَجَتِ الْقَافِلَةُ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ حَنْظَلَةُ فَاجْتَاحَتْهُمْ وَ كَتَبْتُ أَسْتَأْذِنُ فِي رُكُوبِ الْمَاءِ فَلَمْ يَأْذَنْ لِي فَسَأَلْتُ عَنِ الْمَرَاكِبِ الَّتِي خَرَجَتْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي الْبَحْرِ فَمَا سَلِمَ مِنْهَا مَرْكَبٌ خَرَجَ عَلَيْهَا قَوْمٌ مِنَ الْهِنْدِ يُقَالُ لَهُمُ الْبَوَارِجُ فَقَطَعُوا عَلَيْهَا قَالَ وَ زُرْتُ الْعَسْكَرَ فَأَتَيْتُ الدَّرْبَ مَعَ الْمَغِيبِ وَ لَمْ أُكَلِّمْ أَحَداً وَ لَمْ أَتَعَرَّفْ إِلَى أَحَدٍ وَ أَنَا أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ

غائرة تحدث في المقعد في طرف المعاء كذا قاله بعض الأطباء، قوله: ما عرفنا لهذا دواء أي لم تأت تلك العافية من قبل الدواء، و في الإرشاد بعد ذلك: و ما جاءك العافية إلا من قبل الله بغير احتساب.

الحديث الثاني عشر

: مجهول.

و في الإكمال قافلة اليمانين، و في الصحاح: حنظلة أكرم قبيلة من تميم و الاجتياح الاستئصال و الإهلاك كذا في القاموس، و قال: البارج الملاح الفاره و البارجة سفينة كبيرة للقتال، انتهى.

و كان البوارج هنا معرب بواره طائفة من لصوص الهند، و في القاموس الدرب باب السكة الواسع و الباب الأكبر، انتهى.

و كان المراد هنا باب دار العسكريين عليهما السلام التي دفنا فيها، أو الشباك المفتوحة إلى الخارج من البيت الذي دفنا عليهما السلام فيه، و على التقديرين كانت زيارته من وراء الشباك و لم يدخل الدار" مع المغيب" أي عند غيبوبة الشمس" أذن" أي حين

ص: 183

فَرَاغِي مِنَ الزِّيَارَةِ إِذَا بِخَادِمٍ قَدْ جَاءَنِي فَقَالَ لِي قُمْ فَقُلْتُ لَهُ إِذَنْ إِلَى أَيْنَ فَقَالَ لِي إِلَى الْمَنْزِلِ قُلْتُ وَ مَنْ أَنَا لَعَلَّكَ أَرْسَلْتَ إِلَى غَيْرِي فَقَالَ لَا مَا أَرْسَلْتُ إِلَّا إِلَيْكَ أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَسُولُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَمَرَّ بِي حَتَّى أَنْزَلَنِي فِي بَيْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ ثُمَّ سَارَّهُ فَلَمْ أَدْرِ مَا قَالَ لَهُ حَتَّى آتَانِي جَمِيعَ مَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَ جَلَسْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الزِّيَارَةِ مِنْ دَاخِلٍ فَأَذِنَ لِي فَزُرْتُ لَيْلًا

13 الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ زَيْدٍ الْيَمَانِيُّ قَالَ كَتَبَ أَبِي بِخَطِّهِ كِتَاباً فَوَرَدَ جَوَابُهُ ثُمَّ كَتَبْتُ بِخَطِّي فَوَرَدَ جَوَابُهُ ثُمَّ كَتَبَ بِخَطِّهِ رَجُلٌ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا فَلَمْ يَرِدْ جَوَابُهُ فَنَظَرْنَا فَكَانَتِ الْعِلَّةُ أَنَّ الرَّجُلَ تَحَوَّلَ قَرْمَطِيّاً قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ

أقوم، و في الإرشاد: فقلت له إلى أين؟ و في الإكمال: فقلت: من أنا و إلى أين؟

و في آخر سند الحديث عن علي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني، و هنا: قال لي: أنت علي بن محمد رسول جعفر بن إبراهيم اليماني قم إلى المنزل، قال و ما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي، قال: فقمت إلى منزله و استأذنت في أن أزور من داخل، فأذن، و في الإرشاد: فقال: إلى المنزل قلت: و من أنا لعلك أرسلت إلى غيري؟ فقال: لا ما أرسلت إلا إليك أنت علي بن الحسين، و كان معه غلام فساره فلم أدر ما قال حتى أتاني بجميع ما احتاج إليه إلى قوله: من داخل الدار، و يظهر منه أنهم كانوا لا يدخلون الدار للزيارة إلا بالإذن، و لذا ذهب بعض أصحابنا إلى عدم جواز الدخول في هذا الزمان أيضا لعدم الإذن، و الفرق بين الزمانين ظاهر لأنه كان للدار في هذا الزمان أهل ظاهرون فيه و كانوا يجدون آثاره عليه السلام فيها، و كل ذلك مفقود في هذا الزمان، و كان إذنه عليه السلام للشيعة في التصرف في ماله عليه السلام في زمان الغيبة و الأمر بالدخول إلى ضرائحهم و القرب من قبورهم المقدسة عليهم السلام يكفي في ذلك، و الله يعلم.

الحديث الثالث عشر

: مجهول.

و القرامطة طائفة يقولون بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام ظاهرا و بالإلحاد و إبطال الشريعة باطنا لأنهم يحللون أكثر المحرمات و يعدون الصلاة

ص: 184

فَزُرْتُ الْعِرَاقَ وَ وَرَدْتُ طُوسَ وَ عَزَمْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ إِلَّا عَنْ بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِي وَ نَجَاحٍ مِنْ حَوَائِجِي وَ لَوِ احْتَجْتُ أَنْ أُقِيمَ بِهَا حَتَّى أُتَصَدَّقَ قَالَ وَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ يَضِيقُ صَدْرِي بِالْمَقَامِ وَ أَخَافُ أَنْ يَفُوتَنِيَ الْحَجُّ قَالَ فَجِئْتُ يَوْماً إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لِي

عبارة عن طاعة الإمام، و الزكاة عن أداء الخمس إلى الإمام، و الصوم عن إخفاء الأسرار و الزنا عن إفشائها، و إنما سموا بهذا الاسم لأنه كتب واحد من رؤسائهم في بداية الحال بخط قرمط فنسبوه إلى القرمطة، فالقرامطة جمع القرمطي.

قوله: و زرت الظاهر أن الواو للحال، أي و قد زرت قبل ذلك الرضا عليه السلام بطوس خراسان، ثم عزمت الحج و زرت أئمة العراق، و قوله: عزمت عطف على زرت العراق، و يدل عليه ما سيأتي من قوله: و كنت وافقت" إلخ" و ما في الإرشاد إذ فيه قال: وردت العراق و عملت أن لا أخرج." إلخ" و في الإكمال هكذا قال: و ضاق صدري ببغداد في مقامي فقلت في نفسي: أخاف أن لا أحج في هذه السنة و لا أنصرف إلى منزلي و قصدت إلى أبي جعفر أقتضيه جواب رقعة كنت كتبتها فقال: صر إلى المسجد الذي في مكان كذا و كذا فإنه يجيئك رجل يخبرك بما تحتاج إليه، و ذكر نحوا مما في الكتاب.

قوله: إلا عن بينة من أمري، أي العلم و مزيد الاطمئنان بوجود القائم عليه السلام أو بأنه عليه السلام قبلني وعدني من شيعته، و قيل: أي برهان يدل على أن جواب المكتوبين صدر عن الصاحب عليه السلام" حتى أتصدق" على بناء المجهول، أي أقبل الصدقة بعد ما فني زادي و نفقتي، و قرأ بعض الأفاضل على بناء الفاعل و قال: أي أسأل الصدقة و هو كلام عامي غير فصيح، قال ابن قتيبة: و ما تضعه العامة غير موضعه قولهم هو يتصدق إذا سئل، و ذلك غلط إنما المتصدق المعطي، و في التنزيل:" و تصدق علينا" و أما المصدق بتخفيف الصاد فهو الذي يأخذ صدقات النعم.

أقول: و ما ذكرنا أصوب.

ص: 185

صِرْ إِلَى مَسْجِدِ كَذَا وَ كَذَا وَ إِنَّهُ يَلْقَاكَ رَجُلٌ قَالَ فَصِرْتُ إِلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ ضَحِكَ وَ قَالَ لَا تَغْتَمَّ فَإِنَّكَ سَتَحُجُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَ تَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِكَ وَ وُلْدِكَ سَالِماً قَالَ فَاطْمَأْنَنْتُ وَ سَكَنَ قَلْبِي وَ أَقُولُ ذَا مِصْدَاقُ ذَلِكَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ ثُمَّ وَرَدْتُ الْعَسْكَرَ فَخَرَجَتْ إِلَيَّ صُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ وَ ثَوْبٌ فَاغْتَمَمْتُ وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي جَزَائِي عِنْدَ الْقَوْمِ هَذَا وَ اسْتَعْمَلْتُ الْجَهْلَ فَرَدَدْتُهَا وَ كَتَبْتُ رُقْعَةً وَ لَمْ يُشِرِ الَّذِي قَبَضَهَا مِنِّي عَلَيَّ بِشَيْ ءٍ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا بِحَرْفٍ ثُمَّ نَدِمْتُ بَعْدَ ذَلِكَ نَدَامَةً شَدِيدَةً وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي كَفَرْتُ بِرَدِّي عَلَى مَوْلَايَ وَ كَتَبْتُ رُقْعَةً أَعْتَذِرُ مِنْ فِعْلِي وَ أَبُوءُ بِالْإِثْمِ وَ أَسْتَغْفِرُ

و محمد بن أحمد المذكور في الخبر لم يعد من السفراء المعروف لكن يظهر من بعض الأخبار أنه كانت جماعة غير السفراء المعروفين يصل بتوسطهم التوقيعات إلى الشيعة، و في الإرشاد قال: فجئت يوما إلى محمد بن أحمد و كان السفير يومئذ أتقاضاه إلى آخر الخبر، و على رواية الصدوق (ره) أبو جعفر هو محمد بن عثمان بن سعيد العمري ثاني السفراء، فإن السفراء المعروفين كانوا أربعة أولهم أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري، فلما مضى قام ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان مقامه، فلما مضى قام بذلك أبو القاسم الحسين بن روح من بني نوبخت، فلما مضى قام مقامه أبو الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنهم أجمعين، و كانت مدة سفارتهم و الغيبة الصغرى قريبا من سبعين سنة تنقص سنة لأنها كانت من أول إمامة القائم عليه السلام إلى وفاة السمري (ره) و كان بدو إمامته سنة ستين و مائتين و وفاة السمري سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة في النصف من شعبان، و قال الطبرسي (ره) في إعلام الورى: كانت مدة هذه الغيبة أربعا و سبعين سنة، و كأنه جعل مبدءها ولادة القائم عليه السلام على بعض التواريخ المتقدمة.

قوله: مصداق ذلك، أي قلت في نفسي" ذا" أي ما صدر عن الرجل برهان صدق قيام الصاحب عليه السلام مقام أبيه، و الرجل يحتمل أن يكون القائم عليه السلام أو بعض خدمه، قوله: ثم وردت العسكر، أي بعد ما رأيت في المسجد لأنه كان ما رأى في

ص: 186

مِنْ ذَلِكَ وَ أَنْفَذْتُهَا وَ قُمْتُ أَتَمَسَّحُ فَأَنَا فِي ذَلِكَ أُفَكِّرُ فِي نَفْسِي وَ أَقُولُ إِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ الدَّنَانِيرُ لَمْ أَحْلُلْ صِرَارَهَا وَ لَمْ أُحْدِثْ فِيهَا حَتَّى أَحْمِلَهَا إِلَى أَبِي فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِيهَا بِمَا شَاءَ فَخَرَجَ إِلَى الرَّسُولِ الَّذِي حَمَلَ إِلَيَّ الصُّرَّةَ أَسَأْتَ إِذْ لَمْ تُعْلِمِ الرَّجُلَ إِنَّا رُبَّمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَوَالِينَا وَ رُبَّمَا سَأَلُونَا ذَلِكَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَ خَرَجَ إِلَيَّ أَخْطَأْتَ فِي رَدِّكَ بِرَّنَا فَإِذَا اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ فَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عَزِيمَتُكَ وَ عَقْدُ

بغداد كما ظهر من رواية الصدوق، و كان ذلك أيضا قبل الحج، و ما قيل: إنه كان بعد الحج و في سنة أخرى فهو تكلف مستغن عنه" جزائي عند القوم" أي عند الأئمة و هذا يحتمل وجهين:" الأول" أن يكون مراده قلة المبلغ، و الثاني: أن يكون مراده أني أطلب منهم الدعاء و البركة و الهداية لا مال الدنيا، و لعل الأخير أوفق بما سيأتي، و في القاموس باء بذنبه احتمله أو اعترف به.

قوله: أتمسح، قيل: أي أمر باطن كل من الكفين على باطن الأخرى مكررا كما يفعله النادم الحزين، و قيل: أي قمت أسير في الأرض و أمشي فيها، يقال: مسح الأرض إذا قطعها و تمسحها إذا زرعها، و مسح يومه إذا سار، أي قمت أمر اليد على اللحية، و قيل: أي لا شي ء معي يقال: فلان يتمسح أي لا شي ء معه كأنه يمسح ذراعيه، انتهى.

و الأظهر عندي أن المراد به الوضوء للصلاة، قال في النهاية: في الحديث إنه تمسح و صلى، أي توضأ يقال للرجل إذا توضأ قد تمسح و المسح يكون مسحا باليد و غسلا، انتهى.

و المعنى الذي ذكره المفسر الأخير موجود في القاموس، لكن لا يناسب المقام و يؤيد ما ذكرنا أن في الإرشاد و غيره: و قمت الظهر للصلاة.

و في الإكمال قال: قصدت سر من رأى فخرج إلى صرة فيها دنانير و ثوبان، فرددتها و قلت في نفسي أنا عندهم بهذه المنزلة فأخذتني الغرة ثم ندمت بعد ذلك و كتبت رقعة أعتذر و أستغفر و دخلت الخلاء و أنا أحدث نفسي و أقول: و الله لئن ردت

ص: 187

نِيَّتِكَ أَلَّا تُحْدِثَ فِيهَا حَدَثاً وَ لَا تُنْفِقَهَا فِي طَرِيقِكَ فَقَدْ صَرَفْنَاهَا عَنْكَ فَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتُحْرِمَ فِيهِ قَالَ وَ كَتَبْتُ فِي مَعْنَيَيْنِ وَ أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ فِي الثَّالِثِ وَ امْتَنَعْتُ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكْرَهَ ذَلِكَ فَوَرَدَ جَوَابُ الْمَعْنَيَيْنِ وَ الثَّالِثِ الَّذِي طَوَيْتُ مُفَسَّراً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ وَ كُنْتُ وَافَقْتُ جَعْفَرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيَّ- بِنَيْسَابُورَ عَلَى أَنْ أَرْكَبَ مَعَهُ وَ أُزَامِلَهُ فَلَمَّا وَافَيْتُ بَغْدَادَ بَدَا لِي فَاسْتَقَلْتُهُ وَ ذَهَبْتُ أَطْلُبُ عَدِيلًا فَلَقِيَنِي ابْنُ الْوَجْنَاءِ بَعْدَ أَنْ كُنْتُ صِرْتُ إِلَيْهِ وَ سَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِي فَوَجَدْتُهُ كَارِهاً فَقَالَ لِي أَنَا فِي طَلَبِكَ

الصرة لم أحلها. إلخ.

فيظهر منه معنى آخر للكلام، و هو أن يكون المراد به الغائط و دخول الخلاء للزومه التمسح بالأحجار غالبا، كما يقال للمكان المتوضأ للزومه التوضؤ و التطهر فافهم.

و قال الجوهري: الصرة للدراهم، و صررت الصرة شددتها، و صررت الناقة شددت عليها الصرار، و هو خيط يشد فوق الخلف لئلا يرضعها ولدها انتهى.

" صرفناها" أي لم ترسل إليك الصرة مرة أخرى" أن يكره" على بناء المعلوم، و يحتمل المجهول على بناء الأفعال" و كنت وافقت" أي اتفق رأيي و رأيه" و أزامله" أي أعاد له على بعير واحد" بدا لي" أي ندمت و ظهر لي رأي غيره" فاستقلته" أي طلبت منه الإقالة و فسخ المشاركة" عديلا" أي من يعادلني في المحمل و يزاملني" بعد أن كنت صرت إليه" أي إلى ابن الوجناء، و هي- إلى قوله- كارها معترضة.

و يظهر من كتب الغيبة أن ابن الوجناء هو أبو محمد بن الوجناء و كان من نصيبين و ممن وقف على معجزات القائم عليه السلام، و حاصل الكلام أن الحسن بعد الاستقالة صار إلى ابن الوجناء أولا و طلب أن يكتري له و يطلب له عديلا فوجده كارها لذلك، ثم ذهب ليطلب عديلا فلقيه ابن الوجناء و قال له: أنا في طلبك" فقد

ص: 188

وَ قَدْ قِيلَ لِي إِنَّهُ يَصْحَبُكَ فَأَحْسِنْ مُعَاشَرَتَهُ وَ اطْلُبْ لَهُ عَدِيلًا وَ اكْتَرِ لَهُ

14 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ شَكَكْتُ فِي أَمْرِ حَاجِزٍ فَجَمَعْتُ شَيْئاً ثُمَّ صِرْتُ إِلَى الْعَسْكَرِ فَخَرَجَ إِلَيَّ لَيْسَ فِينَا شَكٌّ وَ لَا فِيمَنْ يَقُومُ مَقَامَنَا بِأَمْرِنَا رُدَّ مَا مَعَكَ إِلَى حَاجِزِ بْنِ يَزِيدَ

15 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبِي وَ صَارَ الْأَمْرُ لِي كَانَ

قيل لي" و القائل الصاحب عليه السلام أو بعض خدمة أو سفرائه" أن الحسن يصحبك" إلخ، و في إكمال الدين قال: و قصدت إلى ابن وجناء أسأله أن يكتري لي و يرتاد لي عديلا فرأيته كارها ثم لقيته بعد أيام فقال لي: أنا في طلبك منذ أيام قد كتب إلى أن أكتري لك و ارتاد لك عديلا ابتداء فحدثني الحسن أنه وقف في هذه السنة على عشرة دلالات، و الحمد لله رب العالمين.

الحديث الرابع عشر

: مجهول.

" في أمر حاجز" أي في أنه هل هو من وكلاء القائم عليه السلام أم لا، و دل الخبر على أنه كان من وكلائه عليه السلام كما دل عليه ما رواه الصدوق (ره) في الإكمال بإسناده عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام و رآه من الوكلاء ببغداد العمري و ابنه، و حاجز و محمد بن صالح الهمداني، إلى آخر من ذكره.

الحديث الخامس عشر

: حسن كالصحيح.

و في رجال الشيخ و الخلاصة محمد بن صالح بن محمد الهمداني الدهقان من أصحاب العسكري عليه السلام وكيل، و ذكر الكشي توقيعا طويلا عن أبي محمد عليه السلام يتضمن مدح الدهقان حيث قال فيه: أقرء كتابي على البلالي رضي الله عنه فإنه الثقة المأمون، إلى قوله: فإذا وردت بغداد فاقرأه على الدهقان وكيلنا و ثقتنا، و الذي يقبض من موالينا، و قد مر ما رواه الصدوق (ره) فيه آنفا" و صار الأمر لي" أي الوكالة،

ص: 189

لِأَبِي عَلَى النَّاسِ سَفَاتِجُ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ أُعْلِمُهُ فَكَتَبَ طَالِبْهُمْ وَ اسْتَقْضِ عَلَيْهِمْ فَقَضَّانِيَ النَّاسُ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ كَانَتْ عَلَيْهِ سُفْتَجَةٌ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَجِئْتُ إِلَيْهِ أُطَالِبُهُ فَمَاطَلَنِي وَ اسْتَخَفَّ بِيَ ابْنُهُ وَ سَفِهَ عَلَيَّ- فَشَكَوْتُ إِلَى أَبِيهِ فَقَالَ وَ كَانَ مَا ذَا فَقَبَضْتُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَ أَخَذْتُ بِرِجْلِهِ وَ سَحَبْتُهُ إِلَى وَسَطِ الدَّارِ وَ رَكَلْتُهُ رَكْلًا كَثِيراً فَخَرَجَ ابْنُهُ يَسْتَغِيثُ بِأَهْلِ بَغْدَادَ وَ يَقُولُ قُمِّيٌّ رَافِضِيٌّ قَدْ قَتَلَ وَالِدِي فَاجْتَمَعَ

و في القاموس: السفتجة كقرطفة أن تعطى مالا لأحد، و للآخذ مال في بلد المعطي فيوفيه إياه ثم، فيستفيد أمن الطريق و فعله السفتجة بالفتح، انتهى.

و الغريم كناية عن القائم عليه السلام عبر كذلك تقية، و في الإرشاد من مال الغريم يعني صاحب الأمر عليه السلام، قال الشيخ أيده الله: و هذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديما بينها، و يكون خطابها له عليه السلام للتقية.

و أقول: الغريم يطلق على طالب الحق و على من في ذمته الحق، و المراد هنا الأول لأن أمواله عليه السلام في أيدي الناس و ذممهم، و يحتمل الثاني أيضا فإن من علته الديون يخفى نفسه من الناس و يستتر منهم فكأنه عليه السلام لغيبته و خفائه غريم لهم أو لأن الناس يطلبون منه العلوم و المعارف و الشرائع، و هو لا يمكنه تعليمهم للتقية و استخفى منهم فكأنه عليه السلام غريم لهم.

" و استقض" في بعض النسخ بالضاد المعجمة من قولهم استقضى فلانا طلب إليه ليقضيه فالتعدية بعلى لتضمين معنى التسلط و الاستيلاء إيذانا بعدم المداهنة و المساهلة و في بعضها بالمهملة، و في القاموس استقصى في المسألة و تقصى بلغ الغاية، و قال: المطل التسويف بالعدة و الدين، كالاستطال و المماطلة و المطال، و قال: استخفه ضد استثقله و فلانا عن رأيه حمله على الجهل و الخفة، و سفه عليه كفرح و كرم جهل، و قوله: و كان ما ذا، استفهام للتحقير أي استخفافه بك و سفهه عليك سهل كما يقال في المتعارف:

أي شي ء وقع؟ و في القاموس: سحبه كمنعه جره على وجه الأرض، و قال: الركل الضرب برجل واحدة، و المراد بالخلق الجمع الكثير، و في الإرشاد: خلق كثير،

ص: 190

عَلَيَّ مِنْهُمُ الْخَلْقُ فَرَكِبْتُ دَابَّتِي وَ قُلْتُ أَحْسَنْتُمْ يَا أَهْلَ بَغْدَادَ تَمِيلُونَ مَعَ الظَّالِمِ عَلَى الْغَرِيبِ الْمَظْلُومِ أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَمَدَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَ هَذَا يَنْسُبُنِي إِلَى أَهْلِ قُمَّ وَ الرَّفْضِ لِيَذْهَبَ بِحَقِّي وَ مَالِي قَالَ فَمَالُوا عَلَيْهِ وَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى حَانُوتِهِ حَتَّى سَكَّنْتُهُمْ وَ طَلَبَ إِلَيَّ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ وَ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ يُوَفِّيَنِي مَالِي- حَتَّى أَخْرَجْتُهُمْ عَنْهُ

16 عَلِيٌّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ وَ الْعَلَاءِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ عَنْ بَدْرٍ غُلَامِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ وَرَدْتُ الْجَبَلَ وَ أَنَا لَا أَقُولُ بِالْإِمَامَةِ أُحِبُّهُمْ جُمْلَةً إِلَى أَنْ مَاتَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَوْصَى فِي عِلَّتِهِ أَنْ يُدْفَعَ الشِّهْرِيُّ السَّمَنْدُ وَ سَيْفُهُ وَ مِنْطَقَتُهُ إِلَى مَوْلَاهُ فَخِفْتُ إِنْ أَنَا لَمْ أَدْفَعِ الشِّهْرِيَّ إِلَى إِذْكُوتَكِينَ نَالَنِي مِنْهُ اسْتِخْفَافٌ فَقَوَّمْتُ الدَّابَّةَ وَ السَّيْفَ وَ الْمِنْطَقَةَ بِسَبْعِمِائَةِ دِينَارٍ فِي نَفْسِي وَ لَمْ أُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً فَإِذَا الْكِتَابُ قَدْ وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الْعِرَاقِ وَجِّهِ السَّبْعَ مِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا قِبَلَكَ مِنْ ثَمَنِ الشِّهْرِيِّ وَ السَّيْفِ وَ الْمِنْطَقَةِ

و أحسنتم من قبيل التعريض و التشنيع، و في المصباح: مال الحاكم في حكمه ميلا جار و ظلم، و مال عليهم الدهر أصابهم بحوائجه، و همدان في أكثر النسخ بالدال المهملة، و المعروف عند أهل اللغة أنه بفتح الهاء و سكون الميم و الدال المهملة اسم قبيلة باليمن، و بالتحريك و الذال المعجمة اسم البلد المعروف، بناه همدان بن الفلوج ابن سام بن نوح، و الحانوت الدكان، و إرادة دخولهم عليه لأخذ حق ابن صالح منه" حتى أخرجتهم عنه" أي حانوته.

الحديث السادس عشر

: مجهول.

و الجبل بالتحريك كورة بين بغداد و آذربيجان، و ضمير أحبهم لبني فاطمة أو العلويين جملة، أي بدون تميز الإمام منهم من غيره، و الفاء في قوله: فأوصى، للبيان، و في القاموس الشهرية بالكسر: ضرب من البراذين، و السمند، فرس له لون معروف، و إذكوتكين كان من أمراء الترك من أتباع بني العباس، و هو في التواريخ و سائر كتب الحديث بالذال و كذا في بعض نسخ الكتاب و في أكثرها بالزاي

ص: 191

17 عَلِيٌّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ وُلِدَ لِي وَلَدٌ فَكَتَبْتُ أَسْتَأْذِنُ فِي طُهْرِهِ يَوْمَ السَّابِعِ فَوَرَدَ لَا تَفْعَلْ فَمَاتَ يَوْمَ السَّابِعِ أَوِ الثَّامِنِ ثُمَّ كَتَبْتُ بِمَوْتِهِ فَوَرَدَ سَتُخْلَفُ غَيْرَهُ وَ غَيْرَهُ تُسَمِّيهِ أَحْمَدَ وَ مِنْ بَعْدِ أَحْمَدَ جَعْفَراً فَجَاءَ كَمَا قَالَ قَالَ وَ تَهَيَّأْتُ لِلْحَجِّ وَ وَدَّعْتُ النَّاسَ وَ كُنْتُ عَلَى الْخُرُوجِ فَوَرَدَ نَحْنُ لِذَلِكَ كَارِهُونَ وَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ قَالَ فَضَاقَ صَدْرِي وَ اغْتَمَمْتُ وَ كَتَبْتُ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ غَيْرَ أَنِّي مُغْتَمٌّ بِتَخَلُّفِي عَنِ الْحَجِّ فَوَقَّعَ لَا يَضِيقَنَّ صَدْرُكَ فَإِنَّكَ سَتَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ وَ لَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ كَتَبْتُ أَسْتَأْذِنُ فَوَرَدَ الْإِذْنُ فَكَتَبْتُ أَنِّي عَادَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ أَنَا وَاثِقٌ بِدِيَانَتِهِ وَ صِيَانَتِهِ فَوَرَدَ الْأَسَدِيُّ نِعْمَ الْعَدِيلُ فَإِنْ قَدِمَ فَلَا تَخْتَرْ عَلَيْهِ فَقَدِمَ الْأَسَدِيُّ وَ عَادَلْتُهُ

18 الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَلَوِيُّ قَالَ أَوْدَعَ الْمَجْرُوحُ مِرْدَاسَ بْنَ عَلِيٍّ مَالًا- لِلنَّاحِيَةِ وَ كَانَ عِنْدَ مِرْدَاسٍ مَالٌ لِتَمِيمِ بْنِ حَنْظَلَةَ فَوَرَدَ عَلَى مِرْدَاسٍ أَنْفِذْ مَالَ تَمِيمٍ مَعَ مَا

الحديث السابع عشر

: كالسابق.

و المراد بالطهر هنا الختان، و الترديد من الراوي أو من راويه" ستخلف" على بناء المجهول من الأفعال، أي ستعطى خلفا منه و عوضا، و الأسدي هو محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي الكوفي ساكن الري يقال له محمد بن أبي عبد الله، قال النجاشي: كان ثقة صحيح الحديث إلا أنه روي عن الضعفاء، و كان يقول بالجبر و التشبيه، و قال الشيخ: كان أحد الأبواب، و في كمال الدين أنه من الوكلاء الذين وقفوا على معجزات صاحب الزمان عليه السلام و رأوه.

و أقول: نسبته إلى الجبر و التشبيه لروايته الأخبار الموهمة لهما، و ذلك لا يقدح فيه إذ قل أصل من الأصول لا يوجد مثلها فيه.

الحديث الثامن عشر

: كالسابق.

و المجروح مرفوع بالفاعلية، و مرداس منصوب بالمفعولية و الشيرازي هو المجروح، و روى الصدوق (ره) في الإكمال أن محمد بن أبي عبد الله الأسدي عد ممن وقف على معجزات الصاحب عليه السلام و رآه من غير الوكلاء من أهل قزوين مرداسا،

ص: 192

أَوْدَعَكَ الشِّيرَازِيُ

19 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى الْعُرَيْضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ لَمَّا مَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ ع وَرَدَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ بِمَالٍ إِلَى مَكَّةَ لِلنَّاحِيَةِ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ ع مَضَى مِنْ غَيْرِ خَلَفٍ وَ الْخَلَفُ جَعْفَرٌ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ مَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ خَلَفٍ فَبَعَثَ رَجُلًا يُكَنَّى بِأَبِي طَالِبٍ فَوَرَدَ الْعَسْكَرَ وَ مَعَهُ كِتَابٌ فَصَارَ إِلَى جَعْفَرٍ وَ سَأَلَهُ عَنْ بُرْهَانٍ فَقَالَ لَا يَتَهَيَّأُ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَصَارَ إِلَى الْبَابِ وَ أَنْفَذَ الْكِتَابَ إِلَى أَصْحَابِنَا فَخَرَجَ إِلَيْهِ آجَرَكَ اللَّهُ فِي صَاحِبِكَ فَقَدْ مَاتَ وَ أَوْصَى بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ إِلَى ثِقَةٍ لِيَعْمَلَ فِيهِ بِمَا يَجِبُ وَ أُجِيبَ عَنْ كِتَابِهِ

20 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَمَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ آبَةَ شَيْئاً يُوصِلُهُ وَ نَسِيَ سَيْفاً بِآبَةَ فَأَنْفَذَ مَا كَانَ مَعَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَا خَبَرُ السَّيْفِ الَّذِي نَسِيتَهُ

و من أهل فارس المجروح، و من مصر صاحب المولودين و صاحب المال بمكة و أبو رجاء.

الحديث التاسع عشر

: كالسابق.

" و معه كتاب" أي إلى من قام مقام أبي محمد عليه السلام فيه عرض المال أو تفصيل المال" إلى الباب" أي باب دار القائم عليه السلام" إلى أصحابنا" أي الموالي و خواص الشيعة الساكنين في الدار، و في الإرشاد فقال بعض الناس: إن أبا محمد قد مضى من غير خلف، و قال آخرون الخلف من بعده جعفر، و قال آخرون الخلف من بعده ولده، إلى قوله: و أنفذ الكتاب إلى أصحابنا الموسومين بالسفارة، إلى قوله: و أجيب عن كتابه، و كان الأمر كما قيل له.

الحديث العشرون

: صحيح.

و في القاموس آبة بلد قرب ساوة، و بلد بإفريقية" فكتب" على المعلوم أو المجهول.

ص: 193

21 الْحَسَنُ بْنُ خَفِيفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ بِخَدَمٍ إِلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ ص وَ مَعَهُمْ خَادِمَانِ وَ كَتَبَ إِلَى خَفِيفٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ فَخَرَجَ مَعَهُمْ فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْكُوفَةِ شَرِبَ أَحَدُ الْخَادِمَيْنِ مُسْكِراً فَمَا خَرَجُوا مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى وَرَدَ كِتَابٌ مِنَ الْعَسْكَرِ بِرَدِّ الْخَادِمِ الَّذِي شَرِبَ الْمُسْكِرَ وَ عُزِلَ عَنِ الْخِدْمَةِ

22 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ

الحديث الحادي و العشرون

: مجهول.

" بعث بخدم" الخدم بالتحريك جمع الخادم و هو المملوك، و لعلهم كانوا مماليكه و مماليك والده عليهما السلام، بعثهم ليسكنوا المدينة و يغفل الخليفة و أصحابه عنهم و عنه عليه السلام أو لخدمة المسجد و الضرائح المقدسة، و كان الخادمين لم يكونا مملوكين بل كانا أجيرين.

الحديث الثاني و العشرون

: كالسابق.

و الظاهر أن هذه القضية هي التي مرت في السادس عشر فالظاهر إما زيادة الغلام ثمة أو سقوطه هنا، و يحتمل أن يكون أحمد روى حكاية غلامه، و يقرأ" أنفذ" و" يبعث" على بناء المجهول، و الأظهر عندي أن صاحب الواقعة و صاحب المال كان أحمد، و يمكن أن يقرأ الفعلان على بناء المعلوم بإرجاع الضميرين إلى أحمد، فيكون من كلام الراوي و أما الخبر المتقدم فالظاهر أن قوله و العلاء عطف على قوله عدة، و هو سند آخر إلى أحمد، ففي هذا السند روى بدر عن مولاه أحمد، و ترك ذكر أحمد في السند الثاني اختصارا لوضوحه، أو كان" عنه" بعد قوله: غلام أحمد بن الحسن فسقط من النساخ، و يؤيده ما رواه الطبري في دلائل الإمامة بإسناده يرفعه إلى أحمد الدينوري قال: انصرفت من أردبيل إلى دينور أريد الحج بعد مضي أبي محمد عليه السلام بسنة أو سنتين، و كان الناس في حيرة فاجتمعت الشيعة عندي و قالوا: قد اجتمع عندنا ستة عشر ألف دينار من مال الموالي و نحتاج أن نحملها معك لتسلمها بحيث يجب تسليمها، قال: فقلت: يا قوم هذه حيرة و لا نعرف الباب في هذا الوقت، فقالوا

ص: 194

أَوْصَى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِدَابَّةٍ وَ سَيْفٍ وَ مَالٍ وَ أُنْفِذَ ثَمَنُ الدَّابَّةِ وَ غَيْرُ ذَلِكَ وَ لَمْ يُبْعَثِ السَّيْفُ

إنما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك و كرمك فاعمل على أن لا تخرجه من يديك إلا بحجة، فحمل إلى ذلك المال في صرر باسم رجل رجل فحملت ذلك المال و خرجت، فلما وافيت قرميسين كان أحمد بن الحسن بن الحسن مقيما بها فصرت إليه مسلما فلما لقيني استبشر بي ثم أعطاني ألف دينار في كيس و تخوت ثياب من ألوان معلمة لم أعرف ما فيها، ثم قال لي: احمل هذا معك و لا تخرجه عن يدك إلا بحجة.

فلما وردت بغداد لم تكن لي همة غير البحث عمن أشير إليه بالنيابة فأشاروا إلى الباقطاني و إسحاق الأحمر و أبي جعفر العمري فأتيت الباقطاني و إسحاق الأحمر و أخبرتهما فلم يأتيا بحجة فصرت إلى أبي جعفر، فوجدته شيخا متواضعا قاعدا على لبد في بيت صغير فسلمت فرد الجواب، فلما أخبرته بالحال قال: إن أحببت أن يصل هذا الشي ء إلى من يجب أن يصل إليه، تخرج إلى سر من رأى و تسأل عن دار ابن الرضا و عن فلان بن فلان الوكيل، و كانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها فإنك تجد هناك ما تريد، قال: فمضيت نحو سر من رأى و صرت إلى الدار، و سألت عن الوكيل، فذكر النواب أنه مشتغل في الدار و أنه يخرج آنفا فخرج بعد ساعة فقمت و سلمت عليه فأخذ بيدي إلى بيت كان له، و سألني عن حالي، و عما وردت له فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل و احتاج أن أسلمه بحجة، فقال:

نعم، ثم قدم إلى طعاما و قال لي: تغد بهذا و استرح، قال: فأكلت و نمت فلما كان وقت الصلاة نهضت و صليت و ذهبت إلى المشرعة فاغتسلت و زرت و انصرفت إلى بيت الرجل و سكنت إلى أن مضى من الليل ربعه، فجاءني و معه درج فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم وافى أحمد بن محمد الدينوري و حمل ستة عشر ألف دينار في كذا و كذا صرة، فيها صرة فلان بن فلان كذا و كذا دينارا، و صرة فلان بن فلان

ص: 195

كذا و كذا دينارا، إلى أن عد الصرر كلها، و صرة فلان بن فلان الذراع ستة عشر دينارا، فوسوس إلى الشيطان فقلت: إن سيدي أعلم بهذا مني فما زلت أقرأ ذكر صرة صرة و ذكر صاحبها حتى أتيت على آخرها، ثم ذكر قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادراني أخي الصواف كيس فيه ألف دينار، و كذا و كذا تختا من ثياب منها ثوب فلاني و ثوب لونه كذا حتى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها و ألوانها.

قال: فحمدت الله و شكرته على ما من به علي من إزالته الشك من قلبي، فأمر بتسليم جميع ما حملت إلى حيث ما يأمرك أبو جعفر العمري.

قال: فانصرفت إلى بغداد و صرت إلى العمري، قال: و كان خروجي و انصرافي في ثلاثة أيام، قال: فلما بصر بي أبو جعفر قال لي: لم لم تخرج؟ فقلت: يا سيدي من سر من رأى انصرفت قال: فأنا أحدث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة عليه من مولانا صاحب الأمر عليه السلام و معها درج مثل الدرج الذي كان معي فيه ذكر المال و الثياب، و أمر أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي فلبس العمري ثيابه و قال لي: احمل ما معك إلى منزل القطان، قال: فحملت المال و الثياب إلى منزل القطان و سلمها إليه، و خرجت إلى الحج.

فلما رجعت إلى دينور اجتمع عندي الناس فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا صلوات الله عليه إلى و قرأته على القوم، فلما سمع بذكر الصرة باسم الذراع وقع مغشيا و ما زلنا نعلله حتى أفاق فسجد شكرا لله عز و جل و قال: الحمد لله الذي من علينا بالهداية، الآن علمت أن الأرض لا تخلو من حجة هذه الصرة دفعها إلى و الله هذا الذراع و لم يقف على ذلك إلا الله عز و جل.

قال: فخرجت و لقيت بعد ذلك بدهر أبا الحسن المادراني و عرفته الخبر و قرأت عليه الدرج، فقال: سبحان الله ما شككت في شي ء فلا تشك في أن الله عز و جل لا يخلي أرضه من حجة، اعلم أنه لما غزا إذكوتكين يزيد بن عبد الله بشهرروز

ص: 196

فَوَرَدَ كَانَ مَعَ مَا بَعَثْتُمْ سَيْفٌ فَلَمْ يَصِلْ أَوْ كَمَا قَالَ

23 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيِّ قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ تَنْقُصُ عِشْرِينَ دِرْهَماً فَأَنِفْتُ أَنْ أَبْعَثَ بِخَمْسِمِائَةٍ تَنْقُصُ عِشْرِينَ دِرْهَماً فَوَزَنْتُ مِنْ عِنْدِي عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ بَعَثْتُهَا إِلَى الْأَسَدِيِّ وَ لَمْ أَكْتُبْ مَا لِي فِيهَا فَوَرَدَ وَصَلَتْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَكَ مِنْهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً

و ظفر ببلاده، و احتوى على خزائنه، صار إلى رجل و ذكر أن يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني و السيف الفلاني في باب مولانا عليه السلام قال: فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى إذكوتكين أولا فأولا و كنت أدفع بالفرس و السيف إلى أن لم يبق شي ء غيرهما، و كنت أرجو أن أخلص ذلك لمولانا عليه السلام فلما اشتدت مطالبة إذكوتكين إياي و لم يمكنني مدافعته جعلت في السيف و الفرس في نفسي ألف دينار و وزنتها و دفعتها إلى الخازن، و قلت له: ارفع هذه الدنانير في أوثق مكان و لا تخرجن إلى في حال من الأحوال و لو اشتدت الحاجة إليها و سلمت الفرس و السيف، قال:

فأنا قاعد في مجلسي بالذي أبرم الأمور و آمر و أنهى إذ دخل أبو الحسن الأسدي و كان يتعاهدني الوقت بعد الوقت و كنت أقضي حوائجه، فلما طال جلوسه و على بؤس كثير قلت له: ما حاجتك؟ قال: احتاج منك إلى خلوة فأمرت الخازن أن يهيئ لنا مكانا من الخزانة فدخلنا الخزانة فأخرج إلى رقعة صغيرة من مولانا عليه السلام فيها: يا أحمد بن الحسن الألف دينار التي لنا عندك ثمن الفرس و السيف سلمها إلى أبي الحسن الأسدي، قال: فخررت لله ساجدا شكرا لما من به على و عرفت أنه حجة الله حقا لأنه لم يكن وقف على هذا أحد غيري، فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أخرى سرورا بما من الله علي بهذا الأمر.

أقول: اختصرت الخبر في بعض مواضعه، و الخبر بطوله مذكور في كتابنا الكبير و قوله: أو كما قال، شك من الراوي في خصوص اللفظ مع العلم بالمضمون.

الحديث الثالث و العشرون

: كالسابق، و في القاموس: أنف منه كفرح أنفا و أنفة محركتين استنكف" أن أبعث" أي من أن أبعث" وزنت" أي ضمنت موزونا

ص: 197

24 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ كَانَ يَرِدُ كِتَابُ أَبِي مُحَمَّدٍ ع فِي الْإِجْرَاءِ عَلَى الْجُنَيْدِ قَاتِلِ فَارِسَ وَ أَبِي الْحَسَنِ وَ آخَرَ فَلَمَّا مَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ ع وَرَدَ اسْتِئْنَافٌ مِنَ الصَّاحِبِ لِإِجْرَاءِ أَبِي الْحَسَنِ وَ صَاحِبِهِ وَ لَمْ يَرِدْ فِي أَمْرِ الْجُنَيْدِ بِشَيْ ءٍ قَالَ فَاغْتَمَمْتُ

و الأسدي هو محمد بن جعفر المتقدم ذكره.

الحديث الرابع و العشرون

: صحيح.

" كان يرد" أي على السفراء إذ لم ينقل الحسين منهم، و فارس هو ابن حاتم ابن ماهويه القزويني، قال الكشي: قال نصر بن الصباح في فارس بن حاتم أنه متهم غال، ثم قال: و ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه أنه من الكذابين المشهور الفاجر فارس بن حاتم القزويني، و روى أن أبا الحسن عليه السلام أمر بقتله فقتله جنيد و روى الكشي أيضا عن الحسين بن بندار عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد أن أبا الحسن العسكري عليه السلام أهدر مقتل فارس بن حاتم و ضمن لمن يقتله الجنة فقتله جنيد، و كان فارس فتانا يفتن الناس و يدعوهم إلى البدعة فخرج من أبي الحسن عليه السلام: هذا فارس لعنه الله يعمل من قبلي فتانا داعيا إلى البدعة و دمه هدر لكل من قتله، فمن هذا الذي يريحني منه و يقتله و أنا ضامن له على الله الجنة.

قال سعد: قال جنيد أرسل إلى أبو الحسن عليه السلام يأمرني بقتل فارس بن حاتم و ناولني دراهم من عنده و قال: اشتر بهذه سلاحا و اعرض علي فاشتريت سيفا فعرضته عليه فقال: رد هذا و خذ غيره، قال: فرددته و أخذت مكانه ساطورا فعرضته عليه فقال: نعم هذا، فجئت إلى فارس و قد خرج من المسجد بين الصلاتين المغرب و العشاء فضربته على رأسه فصرعته ميتا و وقعت الصيحة و رميت الساطور من يدي و اجتمع الناس فأخذت إذ لم يوجد هناك أحد غيري، فلم يروا معي سلاحا و لا سكينا و طلبوا الزقاق و الدور، فلم يجدوا شيئا و لم يروا أثر الساطور بعد ذلك.

" و الإجراء" التوظيف و الإنفاق المستمر، و في الحديث: الأرزاق جارية أي دارة مستمرة، و اغتمامه إما لظن موته بذلك أو لوهم عدوله عن الحق كما مر أنه

ص: 198

لِذَلِكَ فَوَرَدَ نَعْيُ الْجُنَيْدِ بَعْدَ ذَلِكَ

25 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ كُنْتُ مُعْجَباً بِهَا فَكَتَبْتُ أَسْتَأْمِرُ فِي اسْتِيلَادِهَا فَوَرَدَ اسْتَوْلِدْهَا وَ يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ فَوَطِئْتُهَا فَحَبِلَتْ ثُمَّ أَسْقَطَتْ فَمَاتَتْ

26 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَ ابْنُ الْعَجَمِيِّ جَعَلَ ثُلُثَهُ لِلنَّاحِيَةِ وَ كَتَبَ بِذَلِكَ وَ قَدْ كَانَ قَبْلَ إِخْرَاجِهِ الثُّلُثَ دَفَعَ مَالًا لِابْنِهِ أَبِي الْمِقْدَامِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِ فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي عَزَلْتَهُ لِأَبِي الْمِقْدَامِ

27 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَقِيلٍ عِيسَى بْنِ نَصْرٍ قَالَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ الصَّيْمَرِيُّ يَسْأَلُ كَفَناً فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ فَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَنِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَيَّامٍ

28 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ الْهَمَذَانِيِّ قَالَ كَانَ لِلنَّاحِيَةِ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فَضِقْتُ بِهَا ذَرْعاً ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي لِي حَوَانِيتُ اشْتَرَيْتُهَا بِخَمْسِمِائَةٍ

عليه السلام قطع عمن لم يقل بالولد.

الحديث الخامس و العشرون

: كالصحيح.

" معجبا" بالفتح أي مسرورا" و يفعل لله" إشارة إلى موتها.

الحديث السادس و العشرون

: صحيح.

" جعل ثلثه" أي ثلث ماله" و كتب" أي إلى الناحية" بذلك" أي بالجعل" قبل إخراجه" أي بعد النذر و قبل إرساله الثلث" أين المال" أي لم لم تخرج ثلثه أيضا؟

الحديث السابع و العشرون

: مجهول.

و صيمر كجعفر محلة بالبصرة" في سنة ثمانين" أي من عمرك أو أراد الثمانين بعد المائتين من الهجرة.

الحديث الثامن و العشرون

: كالسابق.

" و ذرعا" تميز، قال الجوهري: يقال ضقت بالأمر ذرعا إذا لم تطقه، و لم

ص: 199

وَ ثَلَاثِينَ دِينَاراً قَدْ جَعَلْتُهَا لِلنَّاحِيَةِ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَ لَمْ أَنْطِقْ بِهَا فَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ اقْبِضِ الْحَوَانِيتَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بِالْخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا عَلَيْهِ

29 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ بَاعَ جَعْفَرٌ فِيمَنْ بَاعَ صَبِيَّةً جَعْفَرِيَّةً كَانَتْ فِي الدَّارِ يُرَبُّونَهَا فَبَعَثَ بَعْضَ الْعَلَوِيِّينَ وَ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ خَبَرَهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ طَابَتْ نَفْسِي بِرَدِّهَا وَ أَنْ لَا أُرْزَأَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئاً فَخُذْهَا فَذَهَبَ الْعَلَوِيُّ فَأَعْلَمَ أَهْلَ النَّاحِيَةِ الْخَبَرَ فَبَعَثُوا إِلَى الْمُشْتَرِي بِأَحَدٍ وَ أَرْبَعِينَ دِينَاراً وَ أَمَرُوهُ بِدَفْعِهَا إِلَى صَاحِبِهَا

30 الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ نُدَمَاءِ روزحسنى وَ آخَرُ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ هُوَ ذَا يَجْبِي الْأَمْوَالَ وَ لَهُ وُكَلَاءُ وَ سَمَّوْا جَمِيعَ الْوُكَلَاءِ فِي النَّوَاحِي وَ أُنْهِيَ

تقو عليه، و أصل الذرع إنما هو بسط اليد، فكأنك تريد مددت يدي إليه فلم تنله، و ربما قالوا: ضقت به ذراعا، و محمد بن جعفر هو الأسدي المتقدم و الحانوت الدكان.

الحديث التاسع و العشرون

: صحيح.

و جعفر هو الكذاب" جعفرية" أي من أولاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه" في الدار" أي في دار أبي محمد عليه السلام" و أن لا أرزا" كان الواو بمعنى مع أو للحال، و الفعل على بناء المجهول أي أنقص و الحاصل أني أردها بطيب نفسي بشرط أن لا تنقصوني من ثمني الذي أعطيت جعفرا شيئا" و أمروه" أي العلوي" بدفعها" أي الصبية" إلى صاحبها" أي وليها من آل جعفر، و يحتمل أن يكون المراد بقوله إلى المشتري للمشتري، فضمير دفعها للدنانير، و المراد بصاحبها المشتري، و الضمير للصبية و الأول أظهر، و كأنهم لم يعلموا ثمنها كم هو، فبعث عليه السلام ذلك المقدار بالإعجاز، فلذا ذكر هيهنا، مع أنه يحتمل أن يكون ذكره لبيان ما جرى من الظلم عند تلك الداهية لا بيان الإعجاز.

الحديث الثلاثون

: مجهول.

و الظاهر أن روزحسني اسم مركب، و قيل: حسني نعت رجل" يجبي الأموال" أي يجمعها" و سموا" أي الرجلان و من كان معهما، و السلطان الخليفة، و في

ص: 200

ذَلِكَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَزِيرِ فَهَمَّ الْوَزِيرُ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ السُّلْطَانُ اطْلُبُوا أَيْنَ هَذَا الرَّجُلُ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ غَلِيظٌ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ نَقْبِضُ عَلَى الْوُكَلَاءِ فَقَالَ السُّلْطَانُ لَا وَ لَكِنْ دُسُّوا لَهُمْ قَوْماً لَا يُعْرَفُونَ بِالْأَمْوَالِ فَمَنْ قَبَضَ مِنْهُمْ شَيْئاً قُبِضَ عَلَيْهِ قَالَ فَخَرَجَ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى جَمِيعِ الْوُكَلَاءِ أَنْ لَا يَأْخُذُوا مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً وَ أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ ذَلِكَ وَ يَتَجَاهَلُوا الْأَمْرَ فَانْدَسَّ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُهُ وَ خَلَا بِهِ فَقَالَ مَعِي مَالٌ أُرِيدُ أَنْ أُوصِلَهُ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ غَلِطْتَ أَنَا لَا أَعْرِفُ مِنْ هَذَا شَيْئاً فَلَمْ يَزَلْ يَتَلَطَّفُهُ وَ مُحَمَّدٌ يَتَجَاهَلُ عَلَيْهِ وَ بَثُّوا الْجَوَاسِيسَ وَ امْتَنَعَ الْوُكَلَاءُ كُلُّهُمْ لِمَا كَانَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ

31 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ خَرَجَ نَهْيٌ عَنْ زِيَارَةِ مَقَابِرِ قُرَيْشٍ وَ الْحَيْرِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَشْهُرٍ دَعَا الْوَزِيرُ الْبَاقَطَائِيَّ فَقَالَ لَهُ الْقَ بَنِي الْفُرَاتِ وَ الْبُرْسِيِّينَ وَ قُلْ لَهُمْ لَا يَزُورُوا

القاموس: الدس الإخفاء و دفن الشي ء تحت الشي ء، و الدسيس من تدسه ليأتيك بالأخبار" لا يعرفون" على بناء المجهول، و قوله: بالأموال نعت بعد نعت لقوم، أو متعلق بدسوا" فخرج" أي التوقيع من الناحية المقدسة" يتلطفه" أي يلائمه ليخدعه و" بثوا" أي فرقوا" تقدم إليهم" على بناء المجهول.

الحديث الحادي و الثلاثون

: صحيح.

" خرج" أي من الناحية" مقابر قريش" مشهد الكاظم و الجواد عليهما السلام ببغداد و الحير: بالفتح حائر الحسين صلوات الله عليه، و قيل: الوزير هو أبو الفتح فضل بن جعفر بن الفرات و هو مرفوع بالفاعلية، و الباقطاني منصوب بالمفعولية، و بنوا الفرات رهط الوزير و كانوا من الشيعة، و قالوا: كان أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات من وزراء بني العباس، و هو الذي صحيح طريق الخطبة الشقشقية إلى أمير المؤمنين عليه السلام و نقلها عن آبائه و عمن يوثق به من الأدباء و العلماء قبل مولد الرضي رضي الله عنه.

و أقول: بنو الفرات كثيرون أكثرهم استوزروا، منهم أبو الحسن محمد بن علي

ص: 201

مَقَابِرَ قُرَيْشٍ فَقَدْ أَمَرَ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُتَفَقَّدَ كُلُّ مَنْ زَارَ فَيُقْبَضَ عَلَيْهِ

ابن الفرات، و كان وزيرا للمعتضد أو للمكتفي، و علي بن موسى بن الفرات وزير المقتدر استوزره سنة تسع و تسعين و مائتين، و علي بن محمد بن الفرات و هو أيضا كان وزير المقتدر بعد توسط وزيرين، و استوزر بعد ذلك خلقا كثيرا حتى كان وزيره عند قتله أبا الفتح الفضل بن جعفر بن موسى الفرات، و قتل المقتدر في الوقعة التي كانت بينه و بين مؤنس الخادم بباب الشماسية.

و نقل المسعودي: أن أبا الفتح أخذ الطالع وقت ركوب المقتدر إلى الوقعة التي قتل فيها فقال له المقتدر: أي وقت هو؟ فقال: وقت الزوال فقطب لها المقتدر و أراد أن لا يخرج حتى أشرفت عليه خيل مؤنس، و كان آخر العهد به، و قال: كل سادس من خلفاء بني العباس فمخلوع و مقتول، و كان السادس منهم محمد بن هارون المخلوع، و السادس الآخر المستعين، و السادس الآخر المقتدر، ثم استخلف القاهر بالله فكانت خلافته سنة و ستة أشهر و ستة أيام ثم سملت عيناه ثم استخلف الراضي بالله محمد بن جعفر المقتدر سنة اثنتين و عشرين و ثلاثمائة، و كانت خلافته سبع سنين إلا اثنين و عشرين يوما فاستوزر أيضا أبا الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات بعد عدة وزراء، و بويع بعده المتقي بالله إبراهيم بن المقتدر سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة كذا ذكره المسعودي.

و البرس قرية بين الكوفة و الحلة" أن يتفقد" على بناء المجهول أي يستعلم و قيل: إن هذه الواقعة و التي في السابق من أسباب الغيبة الكبرى التي وقعت في سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و في سادس عشر ربيع الأول من تلك السنة مات الراضي بالله أبو العباس أحمد بن جعفر المقتدر ابن أحمد بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل و هو الثالث عشر من ولد عباس، و العشرون من الخلفاء العباسية، و كانت خلافته ست سنين و عشرة أيام، و استخلف بعده أخوه المتقي بالله أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر إلى ثلاث سنين و أحد عشر شهرا و خلع عن الخلافة و كحل، و بقي خمسا و عشرين سنة أعمى مخلوعا.

ص: 202

بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ وَ النَّصِّ عَلَيْهِمْ ع

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع قَالَ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ مَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِ سَلْمَانَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَجَلَسَ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَ اللِّبَاسِ فَسَلَّمَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ- فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهِنَّ عَلِمْتُ أَنَّ الْقَوْمَ رَكِبُوا مِنْ أَمْرِكَ مَا قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْ لَيْسُوا

باب ما جاء في الاثني عشر و النص عليهم من الله (1) عليهم السلام

الحديث الأول

: صحيح.

" أن القوم" أي أبا بكر و أعوانه و أصحابه" ما قضى عليهم" على بناء المجهول أي حكم عليهم بالبطلان، أو بأنهم أصحاب النار بسببه أو على بناء المعلوم، و الضمير للموصول توسعا، و في الإعلام ما أقضي عليهم أنهم ليسوا، و في إكمال الدين: ما قضى عليهم أنهم، و المراد بما ركبوا ادعاء الخلافة و منعه عليه السلام عن القيام بها، و في القاموس: الناس في هذا شرع، و يحرك أي سواء.

و في إكمال الدين بعد قوله: أجبه، فقال: أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه؟ فإن روحه متعلقة بالريح، و ريحه متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فإن أذن الله عز و جل برد تلك الروح إلى صاحبها جذب الهواء الريح و جذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فأسكنت في بدنه، و إن لم يأذن الله تعالى برد تلك الروح إلى صاحبها جذب الهواء الريح و جذبت الريح الروح فلم ترد إلى صاحبها إلى يوم يبعث، و أما ما ذكرت من أمر الذكر و النسيان فإن قلب الرجل في حق، و على الحق طبق فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد و آل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب فذكر الرجل

ص: 203

بِمَأْمُونِينَ فِي دُنْيَاهُمْ وَ آخِرَتِهِمْ وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى عَلِمْتُ أَنَّكَ وَ هُمْ شَرَعٌ سَوَاءٌ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّجُلِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ

ما كان نسيه و إن لم يصل على محمد و آل محمد، أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب و نسي الرجل ما كان ذكره، و أما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه و أخواله فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن و عروق هادئة و بدن غير مضطرب فاستكنت تلك النطفة في جوف الرحم، خرج الولد يشبه أباه و أمه، و إن هو أتاها بقلب غير ساكن و عروق غير هادئة و بدن مضطرب اضطربت النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، و إن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله، فقال الرجل:. إلى آخر الخبر.

و قد أوردت الرواية بأسانيد جمة من كتب كثيرة في كتاب السماء و العالم من كتابنا الكبير، و المجلد التاسع و العشرين منه و غيرهما، و شرحناها هناك.

و جملة القول فيها أنه يمكن أن يكون المراد بالروح الروح الحيوانية و بالريح النفس الذي به حياة الحيوان، و بالهواء الهواء الخارج المنجذب بالتنفس أو يكون المراد بالروح النفس مجردة كانت أم مادية و بالريح الروح الحيوانية لشباهتها بالريح في لطافتها و تحركها و نفوذها في مجاري البدن و بالهواء التنفس و الطبق محركة غطاء كل شي ء، و لا يبعد أن يكون الكلام مبنيا على الاستعارة و التمثيل، فإن الصلاة على محمد و آل محمد لما كانت سببا للقرب من المبدأ و استعداد النفس لإفاضة العلوم عليها، فكأن الشواغل الجسمانية و الشهوات النفسانية الموجبة للبعد عن جناب الحق سبحانه طبق عليها، فتصير الصلاة سببا لكشفه و تنور القلب و استعداده لفيض الحق تعالى إما بإفاضة ثانية عند محو الصورة مطلقا، أو باستردادها عن الخزانة إذا كانت مخزونة فيها، كما قالوا في الفرق بين السهو و النسيان و يقال: هدأ كمنع هدأ و هدوءا: سكن.

ص: 204

رُوحُهُ وَ عَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَذْكُرُ وَ يَنْسَى وَ عَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يُشْبِهُ وَلَدُهُ الْأَعْمَامَ وَ الْأَخْوَالَ فَالْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَجِبْهُ قَالَ فَأَجَابَهُ الْحَسَنُ ع فَقَالَ الرَّجُلُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِذَلِكَ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ وَ أَشَارَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّهُ وَ الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ وَ أَشَارَ إِلَى الْحَسَنِ ع وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَصِيُّ أَخِيهِ وَ الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ بَعْدَهُ وَ أَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْحُسَيْنِ بَعْدَهُ وَ أَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ أَشْهَدُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ وَ أَشْهَدُ عَلَى مُوسَى أَنَّهُ

و يحتمل أن يكون المراد أنه إذا لم تضطرب النطفة تحصل المشابهة التامة لأن المني يخرج من جميع البدن فيقع كل جزء موقعه فتكمل المشابهة، و إذا اضطرب وقع بعض الأجزاء موقعه و بعضها في غير موقعه فتحصل المشابهة الناقصة فيشبه الأعمام إن كان الأغلب مني الأب لأنهم أيضا يشبهون الأب مشابهة ناقصة، و إن كانت الغالب مني الأم أشبه الأخوال كذلك، و يمكن أن يكون بعض العروق في بدن الأب منسوبا إلى الأعمام، و في بدن الأم منسوبا إلى الأخوال، ففي حالة الاضطراب يعلو المني الخارج من ذلك العرق، فالمراد بالعرق المني الخارج من العرق، و فيه بعد.

و روى الصدوق (ره) في العلل بإسناده عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له: إن الرجل ربما أشبه أخواله و ربما أشبه عمومته؟ فقال: إن نطفة الرجل بيضاء غليظة، و نطفة المرأة صفراء رقيقة، فإن غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة أشبه الرجل أباه و عمومته، و إن غلبت نطفة المرأة نطفة الرجل أشبه الرجل أخواله.

و قال النبي صلى الله عليه و آله في حديث ابن صوريا: أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان أشبه له، و في حديث ابن سلام: إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه و تفصيل القول في جميع ذلك موكول إلى كتابنا الكبير.

" أشهد أن لا إله" قيل: أن مخففة من المثقلة، و ضمير الشأن مقدر أو مفسرة لتضمن أشهد معنى أقول" و لم أزل أشهد بها" الضمير للشهادة بمعنى المشهود به،

ص: 205

الْقَائِمُ بِأَمْرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ أَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَ أَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ أَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ أَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ أَشْهَدُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ لَا يُكَنَّى وَ لَا يُسَمَّى حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ فَيَمْلَأَهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمَّ قَامَ فَمَضَى فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اتْبَعْهُ فَانْظُرْ أَيْنَ يَقْصِدُ فَخَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع فَقَالَ مَا كَانَ إِلَّا أَنْ وَضَعَ رِجْلَهُ خَارِجاً مِنَ الْمَسْجِدِ فَمَا دَرَيْتُ أَيْنَ أَخَذَ مِنْ أَرْضِ اللَّهِ فَرَجَعْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ تَعْرِفُهُ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ قَالَ هُوَ الْخَضِرُ ع

أو لهذه الكلمة" من ولد الحسن" كان من للبيان فإنه لم يكن له عليه السلام ولد غير القائم، و الولد بالضم و التحريك يكون مفردا و جمعا" ما كان" ما نافية، و كان تامة أي ما كان شي ء صادر عن الرجل بعد الخروج عن المسجد" إلا أن وضع" أن مصدرية و المصدر مستثنى مفرغ فاعل كان.

و الخضر، المشهور بيننا أنه عليه السلام كان نبيا و الآن من أمة نبينا صلى الله عليه و آله و يبقى إلى نفخ الصور لأنه شرب الماء الحياة و هو مؤنس للقائم صلوات الله عليه، و قال عياض من علماء العامة: قد اضطرب العلماء في الخضر عليه السلام هل هو نبي أو ولي، و احتج من قال بنبوته بكونه أعلم من موسى عليه السلام إذ يبعد أن يكون الولي أعلم من النبي عليه السلام، و بقوله تعالى:" ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي" لأنه إذا لم يفعله بأمره فقد فعله بالوحي، فهذه هي النبوة، و أجيب بأنه ليس في الآية تعيين من بلغه ذلك عن الله تعالى، فيحتمل أن يكون نبي غيره أمره بذلك.

ص: 206

2 وَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَا أَبَا جَعْفَرٍ

و قال المازري: القائل بأنه ولي القشيري و كثير، و قال الشعبي: هو نبي معمر محجوب عن أكثر الناس، و حكى الماوردي فيه قولا ثالثا أنه ملك.

و القائلون بأنه نبي اختلفوا في كونه مرسلا، فإن قلت: يضعف القول بنبوته لحديث: لا نبي بعدي، قلت: المعنى لا نبوة منشأها بعدي، و إلا لزم في عيسى حين ينزل فإنه بعده أيضا، انتهى.

و قال الثعلبي: قد اختلف فقيل: كان في زمن إبراهيم عليه السلام، و قيل: بعده بقليل و قيل: بعده بكثير، و حكايات اجتماعهم به في مواضع الخير و أخذهم منه و سؤالهم له و جوابه لهم لا تحصى كثرة، و شذ بعض المحدثين فأنكر حياته، انتهى.

الحديث الثاني

: صحيح بل سند آخر للسابق.

و فيه ذم لأحمد بن محمد بن خالد البرقي، و كان من أفاخم المحدثين و ثقاتهم، و له تصانيف كثيرة مشهورة لم يبق منها إلا كتاب المحاسن، و قال الشيخ و النجاشي:

أصله كوفي و كان جده محمد بن علي حبسه يوسف بن عمرو والي العراق بعد قتل زيد ابن علي، ثم قتله، و كان خالد صغير السن فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برق رود قم فأقاموا بها، و كان ثقة في نفسه غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء و اعتمد المراسيل، و قال ابن الغضائري: طعن عليه القميون و ليس الطعن فيه و إنما الطعن فيمن يروي عنه فإنه كان لا يبالي عمن أخذ على طريقة أهل الأخبار، و كان أحمد ابن محمد بن عيسى أبعده عن قم ثم أعاده إليها و اعتذر إليه، قال: و وجدت كتابا فيه وساطة بين أحمد بن محمد بن عيسى و أحمد بن محمد بن خالد، و لما توفي مشى أحمد بن محمد ابن عيسى في جنازته حافيا حاسرا ليبرئ نفسه مما قذفه به، و عندي أن روايته مقبولة.

و ذكره الشيخ في أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام، و عاش بعد الحسن العسكري عليه السلام أربع عشر سنة، و قيل: عشرين سنة، و قال ابن إدريس في السرائر: البرقي

ص: 207

وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ جَاءَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِي- قَبْلَ الْحَيْرَةِ بِعَشْرِ سِنِينَ

3 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَبِي لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ- إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَمَتَى يَخِفُّ عَلَيْكَ أَنْ أَخْلُوَ بِكَ فَأَسْأَلَكَ عَنْهَا فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ أَيَّ الْأَوْقَاتِ أَحْبَبْتَهُ فَخَلَا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فَقَالَ لَهُ يَا جَابِرُ أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّوْحِ الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي يَدِ أُمِّي فَاطِمَةَ ع بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ أُمِّي أَنَّهُ فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ مَكْتُوبٌ

ينسب إلى برقرود قرية من قرى سواد قم على واد هناك، انتهى.

و يظهر من هذا الخبر أن محمد بن يحيى كان في نفسه شي ء على البرقي و الصفار أثبت له حيرة و ظاهره التحير في المذهب، و يمكن أن يكون المراد بهته و خرافته في آخر عمرة، أو تحيره في الأرض بعد إخراج أحمد بن محمد بن عيسى إياه من قم، و قيل: معناه قبل الغيبة أو قبل وفاة العسكري عليه السلام و قيل: نقل هذا الكلام عن محمد ابن يحيى وقع بعد إبعاده من قم، و قبل إعادته، و هو زمان حيرة البرقي بزعم جمع أو زمان تردده في مواضع خارجة من قم حيرانا، و ذلك لأنه كان حينئذ متهما بما قذف به، و لم يظهر بعد كذب ذلك القذف، انتهى.

و بالجملة لا يقدح مثل ذلك في مثله.

الحديث الثالث

: ضعيف و علي بن محمد عطف على محمد بن يحيى و الحسن بن ظريف و صالح بن أبي حماد رويا عن بكر بن صالح كما صرح به الصدوق في العيون و الإكمال، و ما قيل: من أن الحسن و بكرا رويا عن عبد الرحمن خطاء، و رواه الصدوق أيضا عن ستة من مشايخه منهم والده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر عن عبد الرحمن.

" أي الأوقات" منصوب و ظرف زمان أي يخف على أي الأوقات أحببته أنه

ص: 208

فَقَالَ جَابِرٌ أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى أُمِّكَ فَاطِمَةَ ع فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَهَنَّيْتُهَا بِوِلَادَةِ الْحُسَيْنِ وَ رَأَيْتُ فِي يَدَيْهَا لَوْحاً أَخْضَرَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ مِنْ زُمُرُّدٍ وَ رَأَيْتُ فِيهِ كِتَاباً أَبْيَضَ شِبْهَ لَوْنِ الشَّمْسِ فَقُلْتُ لَهَا بِأَبِي وَ أُمِّي يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ص مَا هَذَا اللَّوْحُ فَقَالَتْ هَذَا لَوْحٌ أَهْدَاهُ اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ ص فِيهِ اسْمُ أَبِي وَ اسْمُ بَعْلِي وَ اسْمُ ابْنَيَّ وَ اسْمُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي وَ أَعْطَانِيهِ أَبِي لِيُبَشِّرَنِي بِذَلِكَ قَالَ جَابِرٌ فَأَعْطَتْنِيهِ أُمُّكَ فَاطِمَةُ ع فَقَرَأْتُهُ وَ اسْتَنْسَخْتُهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي فَهَلْ لَكَ يَا جَابِرُ أَنْ تَعْرِضَهُ عَلَيَّ قَالَ نَعَمْ فَمَشَى مَعَهُ أَبِي إِلَى مَنْزِلِ جَابِرٍ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مِنْ رَقٍّ فَقَالَ يَا جَابِرُ انْظُرْ

بدل اشتمال عن ضمير به" أشهد بالله" أي أقسم به و قيل: أشهد جملة تامة خبرية أي أقول ما أقول بعد هذا عن علم و يقين، و الباء للقسم،" و إني" بكسر الهمزة و الجملة جواب القسم، و مجموع القسم و الجواب استئناف لبيان أشهد. في سورة النور" فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ" و في سورة المنافقين" نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ" انتهى.

و الولادة بالكسر، و في الإكمال: و رأيت فيه كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس، و قيل: كان اللوح الأخضر كان من عالم الملكوت البرزخي، و خضرته كناية عن توسطه بين بياض نور عالم الجبروت و سواد ظلمة عالم الشهادة، و إنما كان مكتوبة أبيض لأنه كان من العالم الأعلى النوري المحض.

قولها عليه السلام: و اسم ابني، بتشديد الياء" ليسرني بذلك" فيه إشعار بحزنها قبل هذا بخبر قتل الحسين عليه السلام كما مر في باب مولد الحسين عليه السلام و الرق بالفتح و الكسر: الجلد الرقيق الذي يكتب فيه، و نوره النور الظاهر بنفسه الذي يصير سببا لظهور الأشياء، و الأنبياء و الأئمة عليهما السلام أنوار الله لأنهم سبب لظهور العلوم و المعارف على الخلق، بل لوجود عالم الكون، و في النهاية السفير الرسول المصلح بين القوم، و أطلق الحجاب عليه صلى الله عليه و آله و سلم من حيث إنه واسطة بين الخلق و بين الله،

ص: 209

فِي كِتَابِكَ لِأَقْرَأَ أَنَا عَلَيْكَ فَنَظَرَ جَابِرٌ فِي نُسْخَةٍ فَقَرَأَهُ أَبِي فَمَا خَالَفَ حَرْفٌ حَرْفاً فَقَالَ جَابِرٌ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّي هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوباً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ*- لِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَ نُورِهِ وَ سَفِيرِهِ وَ حِجَابِهِ وَ دَلِيلِهِ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَظِّمْ يَا مُحَمَّدُ أَسْمَائِي وَ اشْكُرْ نَعْمَائِي وَ لَا تَجْحَدْ آلَائِي إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا قَاصِمُ الْجَبَّارِينَ وَ مُدِيلُ الْمَظْلُومِينَ وَ دَيَّانُ الدِّينِ إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَمَنْ رَجَا غَيْرَ فَضْلِي أَوْ خَافَ غَيْرَ عَدْلِي عَذَّبْتُهُ عَذاباً

أو أن له وجهين وجها إلى الله و وجها إلى الخلق، و قيل: الحجاب: المتوسط الذي لا يوصل إلى السلطان إلا به.

و الدليل: المرشد إلى خفيات الأمور، و الروح الأمين جبرئيل عليه السلام، و المراد بالأسماء أسماء ذاته المقدسة أو الأئمة عليهم السلام كما مر في التوحيد أنهم الأسماء الحسنى، و النعماء مفرد بمعنى النعمة العظيمة، و هي النبوة و أصولها و فروعها، و المراد بالآلاء سائر النعم الظاهرة و الباطنة، أو الأوصياء عليهم السلام و القصم الكسر، و الإدالة إعطاء الدولة و الغلبة، و المراد بالمظلومين أئمة المؤمنين و شيعتهم الذين ينصرهم الله في آخر الزمان.

و في الإكمال و غيره: و مذل الظالمين و ديان الدين، أي المجازي لكل مكلف بما عمل من خير و شر يوم الدين، و في القاموس الدين بالكسر الجزاء، و قد دنته بالكسر دينا و يكسر، و الإسلام، و العبادة، و في القاموس الدين بالكسر الجزاء، و قد دنته بالكسر دينا و يكسر، و الإسلام، و العبادة، و الطاعة، و الذل و الحساب و القهر و الغلبة و الاستعلاء و السلطان و الحكم و القضاء، و الديان القهار و القاضي و الحاكم و الحساب و المجازي الذي لا يضيع عملا بل يجزى بالخير و الشر، انتهى.

" فمن رجا غير فضلي" كان المعنى كلما يرجوه العباد من ربهم فليس جزاء لأعمالهم بل هو من فضله سبحانه، و لا يستحقون بأعمالهم شيئا من الثواب بل ليس مكافئا لعشر من أعشار نعمه السابقة على العمل، و إن لزم عليه سبحانه إعطاء الثواب

ص: 210

لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ وَ عَلَيَّ فَتَوَكَّلْ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيّاً فَأُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ وَ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ وَصِيّاً وَ إِنِّي فَضَّلْتُكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَ فَضَّلْتُ وَصِيَّكَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ وَ أَكْرَمْتُكَ بِشِبْلَيْكَ وَ سِبْطَيْكَ حَسَنٍ وَ حُسَيْنٍ فَجَعَلْتُ حَسَناً مَعْدِنَ عِلْمِي- بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ أَبِيهِ وَ جَعَلْتُ حُسَيْناً خَازِنَ وَحْيِي وَ أَكْرَمْتُهُ بِالشَّهَادَةِ وَ خَتَمْتُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ

بمقتضى وعده، لكن وعده أيضا من فضله، و ما توهم من أن المراد رجاء فضل غيره تعالى فهو و إن كان مرجوحا لكن لا يستحق به العذاب، مع أنه بعيد عن اللفظ و الفقرة الثانية أيضا مؤيدة لما ذكرنا أعني قوله: أو خاف غير عدلي، إذ العقوبات التي يخافها العباد إنما هي من عدله، و من اعتقد أنها ظلم فقد كفر و استحق عقاب الأبد.

" عذبته عذابا" أي تعذيبا، و يجوز أن يجعل مفعولا به على السعة" لا أعذبه" الضمير للمصدر أو للعذاب إن أريد به ما يعذب به على حذف حرف الجر كما ذكره البيضاوي" فإياي فأعبد" التقديم للحصر" فأكملت" على بناء المجهول و يحتمل المعلوم على صيغة المتكلم" بشبليك" أي ولديك، شبههما بولد الأسد في الشجاعة أو شبهه بالأسد في ذلك أو هما معا، و المعنى ولدي أسدك تشبيها لأمير المؤمنين عليه السلام بالأسد، و في القاموس: الشبل بالكسر ولد الأسد إذا أدرك الصيد، و قال: السبط بالكسر ولد الولد، و القبيلة من اليهود و الجمع أسباط، و حسين سبط من الأسباط، أمة من الأمم، و في النهاية فيه: الحسين سبط من الأسباط، أي أمة من الأمم في الخير، و الأسباط في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل عليه السلام واحدهم سبط، فهو واقع على الأمة، و الأمة واقعة عليه، و منه الحديث الآخر: الحسن و الحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أي طائفتان و قطعتان منه، و قيل: الأسباط خاصة الأولاد، و قيل: أولاد الأولاد، و قيل: أولاد البنات.

" خازن وحيي" أي حافظ كلما أوحيته إلى أحد من الأنبياء" فهو أفضل" الفاء للبيان، و الكلمة التامة إما أسماء الله العظام أو علم القرآن أو الأعم منه و من

ص: 211

فَهُوَ أَفْضَلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ وَ أَرْفَعُ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةً جَعَلْتُ كَلِمَتِيَ التَّامَّةَ مَعَهُ وَ حُجَّتِيَ الْبَالِغَةَ عِنْدَهُ بِعِتْرَتِهِ أُثِيبُ وَ أُعَاقِبُ أَوَّلُهُمْ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ وَ زَيْنُ أَوْلِيَائِيَ الْمَاضِينَ وَ ابْنُهُ شِبْهُ جَدِّهِ الْمَحْمُودِ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ عِلْمِي وَ الْمَعْدِنُ لِحِكْمَتِي سَيَهْلِكُ الْمُرْتَابُونَ فِي جَعْفَرٍ الرَّادُّ عَلَيْهِ كَالرَّادِّ عَلَيَّ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَى جَعْفَرٍ وَ لَأَسُرَّنَّهُ فِي

سائر علوم الله و معارفه أو حجج الله الكائنة في صلبه كما ورد في قوله تعالى:" وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ" و قوله تعالى:" وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ" إنها الأئمة عليهم السلام، أو المراد بالكلمة الإمامة و شرائطها، و المراد بالحجة البالغة أي الكاملة البراهين التي أقامها الله و رسوله على حقية إمامته و إمامة أولاده، أو المعجزات التي أعطاهم أو الشريعة الحقة أو الإيمان المقبول و عترته التسعة المعصومون من أولاده، أي بولايتهم و الإقرار بإمامتهم" أثيب" لأنها الركن الأعظم من الإيمان و شرط لقبول سائر الأعمال، و بترك ولايتهم يعاقب على أصل الترك و على الأعمال التي أتوا بها للإخلال بالشرط.

" أوليائي الماضين" أي السابقين تخصيصا للفرد الأخفى بالذكر، فإنه عليه السلام زين من مضى و من غبر من الأولياء، و" ابنه" مبتدأ و" شبه" بالكسر و التحريك نعت له، و المحمود نعت لجده، و محمد عطف بيان للجد أو للابن، و الباقر خبر المبتدأ أو ابنه خبر مبتدإ محذوف أي ثانيهم فالباقر نعت، و في العيون و غيره: الباقر لعلمي، و يقال بقرة أي فتحه و وسعه.

" لأكرمن مثوى جعفر" أي مقامه العالي في الدنيا بظهور علمه و فضله على الناس" و لأسرنه في أشياعه" بكثرتهم و وفورهم و مزيد علمهم و زهدهم و فضلهم، أو المراد مقامه العالي يوم القيامة لشفاعة شيعته و سروره بقبول شفاعته فيهم أو الأعم منهما.

ص: 212

أَشْيَاعِهِ وَ أَنْصَارِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ أُتِيحَتْ بَعْدَهُ مُوسَى فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ حِنْدِسٌ- لِأَنَّ خَيْطَ فَرْضِي

قوله: أبيحت، أقول: النسخ في كتب الحديث هنا مختلفة غاية الاختلاف، ففي أكثر نسخ الكتاب: أبيحت بالباء الموحدة و الحاء المهملة بمعنى أظهرت، يقال:

باح بسره و أباحه إذا أظهره، أو من الإباحة و الإحلال أي أباحوا هذا الإثم العظيم، و في بعضها انتجب بالنون و التاء المثناة و الجيم، فينبغي أن يقرأ على بناء المجهول إشارة إلى اهتمامهم بشأن تلك الفتنة، و قرأ بعضهم على بناء المعلوم أي اختار بعده هداية الخلق بموسى في فتنة، فهي منصوبة بالظرفية، و يرد عليه أنه على هذا كان الصواب حندسا، و في بعض نسخ الكتاب و غيره أتيحت بالتاء المثناة الفوقانية و الحاء المهملة على بناء المفعول، من قولهم تاح له الشي ء و أتيح له أي قدر و تهيأ و هذه أظهر النسخ.

و في إعلام الورى انتجبت بعده موسى، و انتجبت بعده فتنة عمياء حندس إلا أن خيط فرضي" إلخ" و في بعض النسخ أنبحت بالنون و الباء الموحدة و الحاء المهملة من نباح الكلب، و قوله: لأن خيط فرضي إما علة لانتجاب موسى كما في الإعلام، أو لما يدل عليه الفتنة من كون ما ادعوه من الوقف باطلا، و الأظهر إلا أن كما مر في الإعلام بتشديد إلا أو تخفيفه، و في كتاب غيبة النعماني أيضا إلا أن، و فيه بعده:

و حجتي لا تخفى و أوليائي بالكأس الأوفى يسقون أبدال الأرض، و قرأ بعض الأفاضل أنيخت بالنون و الخاء المعجمة، و قال: الإناخة الإسقاط و منه يقال للأسد: المنيخ لإسقاطه و كسره كل صيد، موافقا لما يجي ء من قولهم، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس و الباء للسببية و الفتنة الضلال و الإضلال، و قوله: لأن، استدلال على سقوط الفتنة، انتهى.

و نسبة العمى إلى الفتنة على المجاز لتأكيد عمى أهلها و الحندس بالكسر الظلمة الشديدة و الليل المظلمة، و المراد بالفتنة قول بعض الأصحاب بالوقف على الصادق عليه السلام و هم الناووسية، أو قول كثير من الأصحاب بالوقف على موسى عليه السلام و على بعض

ص: 213

لَا يَنْقَطِعُ وَ حُجَّتِي لَا تَخْفَى وَ أَنَّ أَوْلِيَائِي يُسْقَوْنَ بِالْكَأْسِ الْأَوْفَى مَنْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَقَدْ جَحَدَ نِعْمَتِي وَ مَنْ غَيَّرَ آيَةً مِنْ كِتَابِي فَقَدِ افْتَرَى عَلَيَّ وَيْلٌ لِلْمُفْتَرِينَ الْجَاحِدِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ مُوسَى عَبْدِي وَ حَبِيبِي وَ خِيَرَتِي فِي عَلِيٍّ وَلِيِّي وَ نَاصِرِي وَ مَنْ أَضَعُ عَلَيْهِ أَعْبَاءَ النُّبُوَّةِ وَ أَمْتَحِنُهُ بِالاضْطِلَاعِ بِهَا يَقْتُلُهُ عِفْرِيتٌ مُسْتَكْبِرٌ يُدْفَنُ فِي الْمَدِينَةِ

الوجوه المتقدمة ما وقع في زمانه عليه السلام من ظلم هارون و حبسه إياه.

و الخيط السلك الذي ينتظم فيه اللؤلؤ و نحوه من الجواهر، شبه به اتصال الحجج بعضهم ببعض و فرض طاعتهم في كل عصر، فإن ذلك ينظم دراري الإمامة و لئاليها كما شبهوا بالحبل في قوله تعالى:" وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ" و أمثاله، و قيل: الخيط هو القرآن و الأول أنسب بقوله: فرضي، و يحتمل أن يراد بخيط الفرض الشرائع و الأحكام، فإنها المحوجة إلى وجود الإمام في كل عصر، و الحجة الإمام أو البرهان الدال عليه.

" و أن أوليائي" أي الأئمة عليهم السلام أو شيعتهم" يسقون" على المعلوم أو المجهول و على الثاني المجهول أظهر، و في الأعلام و العيون: لا يشقون، من الشقاوة أو الشقاء بمعنى التعب، و في الإكمال: لا يسبقون، على المجهول، و ليس فيها بالكأس الأوفى، و فيها: إلا من جحد.

قوله:" في علي" هو في محل مفعول الجاحدين، أي الجاحدين النص في علي و في أكثر نسخ العيون و غيره الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى حبيبي و خيرتي أن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي و علي وليي" إلخ" فقوله: حبيبي مفعول الجاحدين.

و الأعباء جمع عب ء بالكسر و هي الأثقال، و المراد هنا العلوم التي أوحي بها إلى الأنبياء أو الصفات المشتركة بين الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام من العصمة و العلم و الشجاعة و السخاوة و أمثالها، و في القاموس: الضلاعة القوة و شدة الأضلاع، و هو مضلع لهذا

ص: 214

الَّتِي بَنَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ- إِلَى جَنْبِ شَرِّ خَلْقِي حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَسُرَّنَّهُ بِمُحَمَّدٍ ابْنِهِ وَ خَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ وَارِثِ عِلْمِهِ فَهُوَ مَعْدِنُ عِلْمِي وَ مَوْضِعُ سِرِّي وَ حُجَّتِي عَلَى خَلْقِي لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ بِهِ إِلَّا جَعَلْتُ الْجَنَّةَ مَثْوَاهُ وَ شَفَّعْتُهُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ وَ أَخْتِمُ بِالسَّعَادَةِ لِابْنِهِ عَلِيٍّ وَلِيِّي وَ نَاصِرِي وَ الشَّاهِدِ فِي خَلْقِي وَ أَمِينِي عَلَى وَحْيِي أُخْرِجُ مِنْهُ الدَّاعِيَ إِلَى سَبِيلِي وَ الْخَازِنَ لِعِلْمِيَ الْحَسَنَ وَ أُكْمِلُ ذَلِكَ بِابْنِهِ م ح م د رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ عَلَيْهِ كَمَالُ مُوسَى وَ بَهَاءُ عِيسَى وَ صَبْرُ أَيُّوبَ فَيُذَلُّ أَوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ وَ تُتَهَادَى رُءُوسُهُمْ كَمَا تُتَهَادَى رُءُوسُ التُّرْكِ وَ الدَّيْلَمِ فَيُقْتَلُونَ وَ يُحْرَقُونَ وَ يَكُونُونَ خَائِفِينَ مَرْعُوبِينَ وَجِلِينَ تُصْبَغُ الْأَرْضُ بِدِمَائِهِمْ وَ يَفْشُو الْوَيْلُ وَ الرَّنَّةُ فِي نِسَائِهِمْ أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقّاً بِهِمْ أَدْفَعُ كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ وَ بِهِمْ أَكْشِفُ الزَّلَازِلَ وَ أَدْفَعُ الْآصَارَ

الأمر و مضطلع أي قوي عليه، و قال: العفريت النافذ في الأمر البالغ فيه مع دهاء، و في النهاية: العفرية النفرية الداهي الخبيث الشرير، و منه العفريت، و قال: العفريت القوي المتشيطن الذي يعفر قرنه، و التاء فيه للإلحاق بقنديل، انتهى.

و المراد بالعفريت هنا المأمون لعنه الله و العبد الصالح ذو القرنين، لأن طوس من بنائه، و قد صرح به في رواية النعماني لهذا الخبر، و المراد بشر الخلق هارون" حق القول مني" أي ثبت قضائي و سبق وعدي و هو" لأسرنه" على بناء المجرد من باب نصر" و شفعته" على بناء التفعيل، أي قبلت شفاعته" و أكمل" في سائر الكتب: ثم أكمل، على بناء الأفعال أو التفعيل، و" ذلك" إشارة إلى الإمامة و الوصاية و الولاية" رحمة" حال عن ابنه أو مفعول له لأكمل، و" كمال موسى" علمه و أخلاقه أو قوته على دفع كيد الأعداء، و البهاء: الحسن، أي حسن الصورة و السيرة معا من الزهد و الورع و ترك الدنيا و الاكتفاء بالقليل من المطعم و الملبس.

" و تتهادى رؤوسهم" على بناء المجهول أي يرسلها بعضهم إلى بعض هدية، قال في المصباح: تهادى القوم أهدى بعضهم إلى بعض، و الترك و الديلم طائفتان كانا من المشركين، و الرنة بالفتح أهدى بعضهم إلى بعض، و الترك و الديلم طائفتان كانا من المشركين، و الرنة بالفتح الصياح في المصيبة" بهم أدفع" أي بعبادتهم و دعائهم أو إذا أدركوا زمان القائم عليه السلام أو في الرجعة، و الزلازل: رجفات الأرض أو الشبهات

ص: 215

وَ الْأَغْلَالَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ:" قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمٍ قَالَ أَبُو بَصِيرٍ لَوْ لَمْ تَسْمَعْ فِي دَهْرِكَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ لَكَفَاكَ فَصُنْهُ إِلَّا عَنْ أَهْلِهِ

4 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ أَنَا وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ عُمَرُ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَجَرَى بَيْنِي وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ كَلَامٌ فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ أَنَا أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ أَخِي عَلِيُ

المزلزلة المضلة، و الآصار الأثقال أي الشدائد و البلايا العظيمة و الفتن الشديدة اللازمة في أعناق الخلق كالأغلال.

" أُولئِكَ عَلَيْهِمْ" كأنه منبئ عن صبرهم على تلك المصائب لقوله تعالى:" وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ".

الحديث الرابع

: مختلف فيه.

قوله: كنا عند معاوية قال بعض الأفاضل: حكاية لما وقع في زمان أحد الثلاثة لأن عمر بن أم سلمة قتل بصفين، انتهى.

و لا يخفى ما فيه، لأنه ذكر ابن عبد البر و غيره عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد ابن هلال بن عبد الله بن عمر القرشي المخزومي ربيب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أمه أم سلمة المخزومية أم المؤمنين يكنى أبا حفص، ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة و شهد مع علي عليه السلام يوم الجمل و استعمله على فارس و على البحرين، و توفي

ص: 216

بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَإِذَا اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ فَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَإِذَا اسْتُشْهِدَ فَابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ سَتُدْرِكُهُ يَا عَلِيُّ ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ سَتُدْرِكُهُ يَا حُسَيْنُ ثُمَّ يُكَمِّلُهُ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً تِسْعَةً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ اسْتَشْهَدْتُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ عُمَرَ ابْنَ أُمِّ سَلَمَةَ وَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَشَهِدُوا لِي عِنْدَ مُعَاوِيَةَ قَالَ سُلَيْمٌ وَ قَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ سَلْمَانَ وَ أَبِي ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادِ وَ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص

5 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ حَنَانِ بْنِ السَّرَّاجِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكِسَائِيِّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ

بالمدينة في خلافة عبد الملك بن مروان سنة ثلاث و ثمانين، و قوله صلى الله عليه و آله و سلم: و ستدركه يا علي كان لعلي بن الحسين عند شهادة أمير المؤمنين صلوات الله عليه سنتان، لأن شهادته كانت في سنة الأربعين من الهجرة، و ولادة علي بن الحسين في سنة ثمان و ثلاثين و كان للباقر عند شهادة الحسين عليه السلام أربع سنين تقريبا لأن الشهادة كانت في سنة إحدى و ستين و ولادة الباقر عليه السلام في سنة سبع و خمسين على ما ذكره المصنف (ره).

و قوله: ثم تكملة كلام عبد الله بن جعفر، و التكملة التتمة أي ثم ذكرت عند معاوية تتمتهم تفصيلا، أو هو من كلام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أي ثم تكملتهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، و الأول أظهر، و في بعض النسخ بالياء على صيغة المضارع، أي ثم يكمل الرسول صلى الله و عليه و آله و سلم اثني عشر يسميهم.

الحديث الخامس

: ضعيف.

و حنان بن السراج كأنه تصحيف و الأظهر حيان السراج بالياء المثناة التحتانية بدون ابن، و روى الكشي بسند صحيح أنه كان كيسانيا و أبو الطفيل

ص: 217

شَهِدْتُ جِنَازَةَ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ مَاتَ وَ شَهِدْتُ عُمَرَ حِينَ بُويِعَ وَ عَلِيٌّ ع جَالِسٌ نَاحِيَةً فَأَقْبَلَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ جَمِيلُ الْوَجْهِ بَهِيٌّ عَلَيْهِ ثِيَابُ حِسَانٌ وَ هُوَ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ أَعْلَمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِكِتَابِهِمْ وَ أَمْرِ نَبِيِّهِمْ قَالَ فَطَأْطَأَ عُمَرُ رَأْسَهُ فَقَالَ إِيَّاكَ أَعْنِي وَ أَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لِمَ ذَاكَ قَالَ إِنِّي جِئْتُكَ مُرْتَاداً لِنَفْسِي شَاكّاً فِي دِينِي فَقَالَ دُونَكَ هَذَا الشَّابَّ قَالَ وَ مَنْ هَذَا الشَّابُّ قَالَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هَذَا أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ابْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هَذَا زَوْجُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَقْبَلَ الْيَهُودِيُّ عَلَى عَلِيٍّ ع فَقَالَ أَ كَذَاكَ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ ثَلَاثٍ وَ ثَلَاثٍ وَ وَاحِدَةٍ قَالَ فَتَبَسَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مِنْ غَيْرِ تَبَسُّمٍ

اسمه عامر بن واثلة، قال الشيخ في الرجال: أدرك ثمان سنين من حياة النبي صلى الله عليه و آله ولد عام أحد، و أدرك علي بن الحسين أيضا، و قال الكشي: كان عامر بن واثلة كيسانيا ممن يقول بحياة محمد بن الحنفية، و كان من محبي علي عليه السلام و به ختمت الصحابة في الدنيا، مات سنة عشر و مائة، على الصحيح.

" بهي" أي حسن السيماء من البهاء و هو الحسن" أنت أعلم" بتقدير الاستفهام" لم ذاك" أي لم قلت هذا القول" مرتادا" أي طالبا لدين الحق" لنفسي" و قيل:

أي طالبا لها ما هو صلاحها من أمر الدين، و في الإعلام: شاكا في ديني أريد الحجة و أطلب البرهان" دونك" اسم فعل أي أدرك و التبسم دون الضحك و له مراتب، فقوله من غير تبسم أي من غير تبسم واضح بين، أو من غير أن يكون مقتضى حاله التبسم لحزنه، و ليس في الإكمال و الأعلام و غيرهما: من غير تبسم، و قيل: من ابتدائية بمعنى بعد، نحو" أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ" و غير بمعنى بعد، و المراد أنه تبسم بعد ما كان كئيبا حزينا في مدة لظلم المتغلبين، و قيل: أي ضحكا غير ذي صوت، أو من غير أن يظهر أسنانه.

ص: 218

وَ قَالَ يَا هَارُونِيُّ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ سَبْعاً قَالَ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ فَإِنْ أَجَبْتَنِي سَأَلْتُ عَمَّا بَعْدَهُنَّ وَ إِنْ لَمْ تَعْلَمْهُنَّ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيكُمْ عَالِمٌ قَالَ عَلِيٌّ ع فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْإِلَهِ الَّذِي تَعْبُدُهُ لَئِنْ أَنَا أَجَبْتُكَ فِي كُلِّ مَا تُرِيدُ لَتَدَعَنَّ دِينَكَ وَ لَتَدْخُلَنَّ فِي دِينِي قَالَ مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَاكَ قَالَ فَسَلْ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ قَطْرَةِ دَمٍ قَطَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيُّ قَطْرَةٍ هِيَ وَ أَوَّلِ عَيْنٍ فَاضَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيُّ عَيْنٍ هِيَ وَ أَوَّلِ شَيْ ءٍ اهْتَزَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيُّ شَيْ ءٍ هُوَ فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الثَّلَاثِ الْأُخَرِ أَخْبِرْنِي عَنْ مُحَمَّدٍ كَمْ لَهُ مِنْ إِمَامِ عَدْلٍ وَ فِي أَيِّ جَنَّةٍ

قوله: في كل، أي عن كل، و قيل: أي مع كل، و المراد بكل ما تريد المعجز الدال على صدق الدعوى" قطرت" على المعلوم من باب نصر أو على المجهول من باب التفعيل،" و أول شي ء اهتز" أي يتحرك، و في الأعلام: و أول شجر اهتز على وجه الأرض أي شجر هو، إلى قوله: فقال يا هاروني أما أنتم فتقولون أول قطرة قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم، و ليس كذلك و لكنه حيث طمثت حواء و ذلك قبل أن تلد ابنيها، و أما أنتم فتقولون أول عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس و ليس هو كذلك و لكنها عين الحياة التي وقف عليها موسى و فتاة، و معهما النون المالح فسقط فيها فحيي، و هذا الماء لا يصيب ميتا إلا حيي، و أما أنتم فتقولون: أول شجرة اهتز على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح، و ليس كذلك هو و لكنها النخلة التي أهبطت من الجنة و هي العجوة و منها تفرع كل ما ترى من أنواع النخل، فقال: صدقت و الله الذي لا إله إلا هو إني لأجد هذا في كتب أبي هارون عليه السلام كتابته بيده و إملاء عمي موسى عليه السلام، ثم قال:

أخبرني عن الثلاث الأخر" إلخ".

" كم له من إمام" في الإعلام عن أوصياء محمد كم بعده من أئمة عدل و عن منزله في الجنة و من يكون ساكنا معه في منزله فقال: يا هاروني إن لمحمد اثني عشر أوصياء أئمة عدل لا يضر هم" إلخ".

ص: 219

يَكُونُ وَ مَنْ سَاكَنَهُ مَعَهُ فِي جَنَّتِهِ فَقَالَ يَا هَارُونِيُّ إِنَّ لِمُحَمَّدٍ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَامَ عَدْلٍ لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ وَ لَا يَسْتَوْحِشُونَ بِخِلَافِ مَنْ خَالَفَهُمْ وَ إِنَّهُمْ فِي الدِّينِ أَرْسَبُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فِي الْأَرْضِ وَ مَسْكَنُ مُحَمَّدٍ فِي جَنَّتِهِ مَعَهُ أُولَئِكَ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْإِمَامَ الْعَدْلَ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي لَأَجِدُهَا فِي كُتُبِ أَبِي هَارُونَ كَتَبَهُ بِيَدِهِ وَ أَمْلَاهُ مُوسَى عَمِّي ع قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْوَاحِدَةِ أَخْبِرْنِي عَنْ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ كَمْ يَعِيشُ مِنْ بَعْدِهِ وَ هَلْ يَمُوتُ أَوْ يُقْتَلُ قَالَ يَا هَارُونِيُّ يَعِيشُ بَعْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا يَزِيدُ يَوْماً وَ لَا يَنْقُصُ يَوْماً ثُمَّ يُضْرَبُ ضَرْبَةً هَاهُنَا يَعْنِي عَلَى قَرْنِهِ

قوله: و من ساكنه؟ اسم فاعل من باب نصر، أو ماضي باب المفاعلة و الماضي لتحقق الوقوع كما قيل، و في الإكمال: و من الساكن معه؟ و هو أظهر" و لا يستوحشون" على بناء المعلوم أي لا يهتمون و لا يخافون" أرسب" أي أثبت و في الإعلام أرسب في الدين، و الراسي أيضا الثابت، و في الأعلام و سكن محمد في جنة عدن التي ذكرها الله عز و جل، و غرسها بيده، و معه في مسكنه الأئمة" إلخ" و في الإكمال: و إن سكن محمد في جنة عدن معه أولئك الاثني عشر إماما العدول.

قوله: و إملاء، كأنه عطف على يده، و في بعض النسخ و أملاه بصيغة الماضي.

قوله: لا يزيد يوما، أقول: هيهنا إشكال مشهور و تقريره أن وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله كانت إما مطابقة لثاني عشر ربيع الأول كما اختاره المصنف أو مقدمة عليه بأربعة عشر يوما كما هو المشهور، و على أي تقدير تكون المدة التي بينه و بين وفاة أمير المؤمنين صلوات الله عليه الواقعة في الحادي و العشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة اتفاقا ناقصة عن ثلاثين سنة قمرية بأكثر من خمسة أشهر فضلا عن الشمسية لزيادة الشمسية على القمرية بقريب من أحد عشر يوما كما حقق في موضعه، فكيف يستقيم قوله عليه السلام: لا يزيد يوما و لا ينقص يوما؟

ص: 220

فَتُخْضَبُ هَذِهِ مِنْ هَذَا قَالَ فَصَاحَ الْهَارُونِيُّ وَ قَطَعَ كُسْتِيجَهُ- وَ هُوَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّكَ وَصِيُّهُ يَنْبَغِي أَنْ

و يمكن الجواب بأن المراد بثلاثين سنة السنون القمرية و أن المدة المذكورة و إن كانت ناقصة عنها بحسب الحقيقة لكنها تامة بحسب العرف، لأن عرف أهل الحساب يسقطون الأقل من النصف و يتممون الزائد عليه فكل حد بين تسعة و عشرين و نصف و بين ثلاثين و نصف من جملة مصداقاته العرفية، فلا يكون شي ء منها زائدا على ثلاثين سنة عرفية و لا ناقصا عنه أصلا، و إنما يحكم بالزيادة و النقصان إذا كان خارجا عن الحدين و ليس فليس، فضميرا: لا يزيد و لا ينقص على ذلك إما راجعان إلى ثلاثين سنة أو إلى الوصي نظير قوله تعالى:" لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ*" و يمكن أن يقال أن المراد عدم الزيادة و النقصان في قدر ما قدره الله من تلك المصداقات، لكونه أمرا محتوما لا يجري فيه البداء و المحو و الإثبات، فيمكن أن يكون الضميران راجعين حينئذ إلى الله تعالى.

و بعبارة أخرى الثلاثون مبني على التخمين و التقريب كما عرفت، و قوله:

لا يزيد، استئناف لبيان أن الموعد الذي وعده عليه السلام لذلك لا يتخلف، و يعلمه بحيث لا يزيد و لا ينقص يوما.

و قرأ بعض الفضلاء الفعلين بصيغة الخطاب من بناء المتعدي، و قال: المقصود أنك رأيت ثلاثين سنة في كتاب هارون فتتوهم أنه لا كسر فيها و ليس كذلك بل هو مبني على إتمام الكسر، فإن ما بين الوفاتين تسع و عشرون سنة و ستة أشهر و أحد عشر يوما، ثم قال: و يحتمل كون الفعلين من الغائب المجرد و كون الضميرين لكتاب هارون لكن الأنسب حينئذ الماضي، و الأظهر أحد ما ذكرنا من الوجهين.

و في القاموس الكستيج بالضم خيط غليظ يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار، معرب كستي، انتهى.

ص: 221

تَفُوقَ وَ لَا تُفَاقَ وَ أَنْ تُعَظَّمَ وَ لَا تُسْتَضْعَفَ قَالَ ثُمَّ مَضَى بِهِ عَلِيٌّ ع إِلَى مَنْزِلِهِ فَعَلَّمَهُ مَعَالِمَ الدِّينِ

6 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِهِ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ فَأَقَامَهُمْ أَشْبَاحاً فِي ضِيَاءِ نُورِهِ يَعْبُدُونَهُ قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَ يُقَدِّسُونَهُ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص

7 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَشَّابِ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ

و قال صاحب الفرهنك:- كستي بالضم بمعنى كشتي، و نيز زنار باشد، خاقاني گويد:" ريسمان سبحه بگسستند و كستي بافتند"- انتهى.

و يقال: فاقة أي علاه، و معالم الدين القواعد الكلية التي يستدل بها على الجزئيات.

الحديث السادس

: مجهول.

" من نور عظمته" أي من نور من أنوار المخلوقة له يدل على عظمته و جلاله و يحتمل أن يكون النور كناية عن قدرته الكاملة أي خلق أرواحهم المقدسة من محض قدرته الدالة على أنه أعظم من أن تدركه العقول و الأفهام، أو كناية عن تجرد أرواحهم بناء على تجردها" فأقامهم أشباحا" أي في أجساد هم المثالية أو أرواحا بلا أبدان" في ضياء نوره" أي نور عرشه، أو كناية عن استفاضتهم العلوم و المعارف و الكمالات في هذا العالم أيضا و كونهم مشمولين لعنايته، منظورين بعين كرامته.

" قبل خلق الخلق" متعلق بخلق أو بأقام أو يعبدون أو بالجميع على التنازع، و المراد قبل سائر الخلق من ذوي الأرواح أو مطلقا" و هم" أي الأحد عشر.

الحديث السابع

: كالسابق.

و في الإعلام عن الخشاب و كأنه أظهر، و عنه عن الحسن بن سماعة، و في بعض

ص: 222

الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ الِاثْنَا عَشَرَ الْإِمَامَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ع كُلُّهُمْ مُحَدَّثٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ وَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِيٌّ ع هُمَا الْوَالِدَانِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ رَاشِدٍ كَانَ أَخَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ لِأُمِّهِ وَ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَصَرَّرَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ قَالَ أَمَا إِنَّ ابْنَ أُمِّكَ كَانَ أَحَدَهُمْ

8 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِ

النسخ عن علي بن الحسين، و الظاهر الحسن كما في بعض النسخ.

" الاثنا عشر" مبتدأ" كلهم محدث" خبره" من ولد رسول الله" أي أكثرهم فهو خبر مبتدإ أو خبر بعد خبر على التوسع، و في الإعلام إماما و في البصائر عبد الرحمن بن زيد، و قد مضى في باب أنهم عليهم السلام محدثون في رواية أخرى عبد الله بن زيد.

قوله: فقال، هذا الكلام كلام زرارة، أي قال قولا يشعر بالإنكار فحذف و أقيم" و أنكر ذلك" مقامه، و يمكن أن يقرأ و أنكر على صيغة المتكلم فيكون مفعول القول و يؤيد الأول ما مر في الباب المذكور حيث قال: فقال له رجل يقال له عبد الله بن زيد و كان أخا علي لأمه سبحان الله محدثا- كأنه ينكر ذلك-! و كذا في البصائر، و فيه:

كالمنكر لذلك.

و في القاموس: الصرة بالكسر أشد الصياح، و صر يصر صرا و صريرا صوت و صاح شديدا كصرصر، و في البصائر في هذه الرواية فضرب أبو جعفر عليه السلام فخذه فقال.

الحديث الثامن

: سنده الأول صحيح و الثاني مجهول عامي لكن الظاهر أن في السند الأول إرسالا.

إذ مسعدة من أصحاب الصادق عليه السلام و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب من أصحاب الجواد و الهادي و العسكري عليهم السلام لكن يروي هارون بن مسلم عنه كثيرا، مع أنه قال النجاشي فيه: لقي أبا محمد و أبا الحسن عليهما السلام فيحتمل أن يكون مسعدة

ص: 223

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنْتُ حَاضِراً لَمَّا هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ وَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ أَقْبَلَ يَهُودِيٌّ مِنْ عُظَمَاءِ يَهُودِ يَثْرِبَ وَ تَزْعُمُ يَهُودُ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ حَتَّى رُفِعَ

معمرا روى عنه محمد، و محمد بن الحسين عطف على محمد بن الحسين أعاده لاتصال السند الثاني، و ما قيل: أنه عطف على محمد بن يحيى فهو و هم، و قوله: عن أبي يحيى كأنه كان ابن أبي يحيى إذ إبراهيم بن يحيى له كتاب روى عنه الصدوق، و أبو يحيى المدني فليح بن سليمان و إن كان موجودا في الرجال معدودا في أصحاب الصادق عليه السلام لكن الشيخ و الطبرسي و غيرهما لما رووا هذا الخبر عن الكليني رووه عن إبراهيم بن أبي يحيى.

و أبو سعيد اسمه سعد بن مالك اشتهر بكنيته و كان من الصحابة المشهورين و قد مدحه أصحابنا، و خدرة بضم الخاء و سكون الدال حي من الأنصار.

قوله: قال لما هلك، ليس" قال" في الأعلام و سائر الكتب، و كأنه زيد من النساخ، و في الإعلام إذ أقبل، و قيل: ضمير قال في الأول لأبي سعيد و في الثاني لأبي عبد الله، و المقصود أنه لا فرق بين الروايتين إلا بزيادة كنت حاضرا في إحدى الروايتين و في الأخرى لأبي سعيد أيضا و التكرار للإشعار بأن ما بعده مشترك بخلاف ما قبله" و استخلف" على بناء المجهول.

و يثرب من أسماء المدينة، قال الآبي: روي أن لها في التوراة أحد عشر اسما المدينة، و طابة، و طيبة، و السكينة، و جابرة، و المحفة، و المحبوبة و القاصدة، و المحبورة و العذراء، و المرحومة، و قال السهيلي: إنما سميت يثرب باسم رجل من العمالقة و هو أول من نزلها و هو يثرب بن قائد بن عقيل، و لما حلها النبي صلى الله عليه و آله كره لها هذا الاسم لما فيه من لفظ التثريب و سماها طيبة و طابة و المدينة، فإن قيل:

قد سماها الله تعالى به في القرآن؟ فالجواب إنما سماها حاكيا ذلك عن المنافقين في قوله تعالى:" وَ إِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ" الآية فنبه بما حكي عنهم أنهم رغبوا عما سماها الله تعالى و رسوله و أبوا إلا ما كان عليه في الجاهلية، و الله سبحانه سماها

ص: 224

إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ يَا عُمَرُ إِنِّي جِئْتُكَ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِالْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ جَمِيعِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكَ لَكِنِّي أُرْشِدُكَ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ أُمَّتِنَا- بِالْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ جَمِيعِ مَا قَدْ تَسْأَلُ عَنْهُ وَ هُوَ ذَاكَ فَأَوْمَأَ إِلَى عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ هَذَا كَمَا تَقُولُ فَمَا لَكَ وَ لِبَيْعَةِ النَّاسِ وَ إِنَّمَا ذَاكَ أَعْلَمُكُمْ فَزَبَرَهُ عُمَرُ ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودِيَّ قَامَ إِلَى عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَهُ أَنْتَ كَمَا ذَكَرَ عُمَرُ فَقَالَ وَ مَا قَالَ عُمَرُ فَأَخْبَرَهُ قَالَ فَإِنْ كُنْتَ كَمَا قَالَ سَأَلْتُكَ عَنْ أَشْيَاءَ أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ هَلْ يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَأَعْلَمَ أَنَّكُمْ فِي دَعْوَاكُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ وَ أَعْلَمُهَا صَادِقِينَ وَ مَعَ ذَلِكَ أَدْخُلُ فِي دِينِكُمُ الْإِسْلَامِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع نَعَمْ أَنَا كَمَا ذَكَرَ لَكَ عُمَرُ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ أُخْبِرْكَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ ثَلَاثٍ وَ ثَلَاثٍ وَ وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع يَا يَهُودِيُّ وَ لِمَ لَمْ تَقُلْ أَخْبِرْنِي عَنْ سَبْعٍ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ إِنَّكَ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِالثَّلَاثِ سَأَلْتُكَ عَنِ الْبَقِيَّةِ وَ إِلَّا كَفَفْتُ فَإِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنِي فِي هَذِهِ السَّبْعِ فَأَنْتَ أَعْلَمُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ أَفْضَلُهُمْ وَ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ فَقَالَ لَهُ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ يَا يَهُودِيُ

المدينة في قوله تعالى:" لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ".

و قال القرطبي: كره صلى الله عليه و آله و سلم اسمها يثرب لما فيه من التراب، و كانت الجاهلية تسميها بذلك باسم موضع منها كان اسمه يثرب، انتهى.

" حتى رفع إلى عمر" على بناء المفعول أي قرب و أوصل إليه، قال الجوهري رفع فلان على العامل رفيعة و هو ما يرفعه من قصة و يبلغها، و رفع البعير في السير بالغ، و رفعته أنا يتعدى و لا يتعدى، و الرفع تقريبك الشي ء و من ذلك رفعته إلى السلطان، انتهى.

و قيل: هو على بناء الفاعل أي رفع صوته و لا يخفى بعده" لست هناك" أي لست في تلك المنزلة التي ذكرتها" فما لك" استفهام إنكاري توبيخي و كان قوله:

و إنما ذاك جملة حالية و زبر كضرب و نصر زجر" و جميع ما تسأل" في الإعلام: ما قد تسأل و في غيبة الشيخ ما قد يسأل على الغائب المجهول.

و قوله: فأعلم منصوب بتقدير أن بعد فاء السببية التي بعد الاستفهام" خير الأمم" خبر مبتدإ محذوف، أي نحن خير الأمم و صادقون خبر أن" أخبرك"

ص: 225

قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَوَّلِ شَجَرَةٍ غُرِسَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَوَّلِ عَيْنٍ نَبَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَأَخْبَرَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع ثُمَّ قَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ أَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمْ لَهَا مِنْ إِمَامٍ هُدًى وَ أَخْبِرْنِي عَنْ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ أَيْنَ مَنْزِلُهُ فِي الْجَنَّةِ وَ أَخْبِرْنِي مَنْ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً هُدًى مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّهَا وَ هُمْ مِنِّي وَ أَمَّا مَنْزِلُ نَبِيِّنَا فِي الْجَنَّةِ فَفِي أَفْضَلِهَا

بالجزم و يجوز رفعه بالاستيناف و المصنف (ره) ترك الأجوبة الأولى اختصارا.

و في الإكمال و غيره فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما سؤالك عن أول شجرة نبتت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها الزيتونة و كذبوا و إنما هي النخلة من العجوة هبط بها آدم عليه السلام معه من الجنة فغرسها و أصل النخل كله منها، و أما قولك عن أول عين نبعت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها العين التي ببيت المقدس و تحت الحجر و كذبوا، هي عين الحياة التي ما انتهى إليه أحد إلا حيي، و كان الخضر على مقدمة ذي القرنين فطلب عين الحياة فوجدها الخضر عليه السلام و شرب منها و لم يجدها ذو القرنين، و أما قولك عن أول حجر وضع على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنه الحجر الذي ببيت المقدس و كذبوا، و إنما هو الحجر الأسود هبط به آدم عليه السلام معه من الجنة فوضعه في الركن و الناس يستلمونه و كان أشد بياضا من الثلج فاسود من خطايا بني آدم، قال: فأخبرني" إلخ".

قوله عليه السلام: من ذرية نبيها، ظاهره أن جميع الاثني عشر من ذرية النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هو غير مستقيم و يمكن تصحيحه على ما خطر بالبال بوجوه:

الأول: أن السائل لما علم بوفور علمه عليه السلام و ما شاهد من آثار الإمامة

ص: 226

وَ أَشْرَفِهَا جَنَّةِ عَدْنٍ وَ أَمَّا مَنْ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ فِيهَا فَهَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَ أُمُّهُمْ وَ جَدَّتُهُمْ وَ أُمُّ أُمِّهِمْ وَ ذَرَارِيُّهُمْ لَا يَشْرَكُهُمْ فِيهَا أَحَدٌ

9 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ ع وَ بَيْنَ

و الوصاية فيه، علم أنه أول الأوصياء عليه السلام فكأنه سأل عن التتمة فكان المراد بالاثني عشر تتمة الاثني عشر لا كلهم، و لا ريب أنهم من ذرية النبي و ذريته صلوات الله عليهم.

الثاني: أن يكون قوله: من ذرية نبينا على المجاز و التغليب، فإنه لما كان أكثرهم من الذرية أطلق على الجميع الذرية تغليبا.

الثالث: أن يكون التجوز في لفظ الذرية فأريد بها العشرة مجازا أو يراد بها ما يعم الولادة الحقيقية و المجازية فإن النبي صلى الله عليه و آله كان والد جميع الأمة لا سيما بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فإنه كان مربية و معلمه كما أن النبي كان يقول لفاطمة بنت أسد: أمي، و قد مر أن النبي و أمير المؤمنين والدا هذه الأمة لأنهما ولدا هم العلم و الحكمة، و علاقة المجاز هنا كثيرة.

الرابع: أن يكون من ذرية نبيها خبر مبتدإ محذوف أي بقيتهم من ذرية نبينا أو هم من الذرية بارتكاب استخدام في الضمير، بأن يرجع الضمير إلى الأغلب تجوزا، و أكثر تلك الوجوه يجري في قوله من ذريته، و كذا قوله: أمهم يعني فاطمة وجدتهم يعني خديجة فإنه لا بد من ارتكاب بعض التجوزات المتقدمة فيها.

و قوله: و هم مني على الأول و الأخير ظاهر، و على سائر الوجوه يمكن أن يرتكب تجوز في كلمة" من" ليشمل العينية، و يمكن إرجاع ضمير" هم" إلى الذرية كما قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم هو أبو ذريتي أو أبو ولدي أو المعنى ابتدءوا مني أي أنا أولهم.

الحديث التاسع

: ضعيف.

و نقل أبي جعفر عليه السلام عن جابر للاحتجاج على المخالفين كما مر.

ص: 227

يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيهِ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ ع ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌ

10 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مُحَمَّداً ص إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ جَعَلَ مِنْ بَعْدِهِ اثْنَيْ عَشَرَ وَصِيّاً مِنْهُمْ مَنْ سَبَقَ وَ مِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ وَ كُلُّ وَصِيٍّ جَرَتْ بِهِ سُنَّةٌ وَ الْأَوْصِيَاءُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ ص عَلَى سُنَّةِ أَوْصِيَاءِ عِيسَى وَ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَى سُنَّةِ الْمَسِيحِ

قوله: من ولدها، أي الأحد عشر أو على المجاز و التغليب كما مر، و على الأول فقوله: فعددت الفاء فيه للتفريع، أي فضممت إليهم أباهم و أصلهم فصاروا معه اثنا عشر" ثلاثة منهم" أي من الأولاد لا من الجميع، فإن المسمى بعلي من الجميع أربعة، و الظاهر أن التصحيف من النساخ فإنه روى الصدوق في الإكمال و العيون و الفقيه و الشيخ في الغيبة بهذا الإسناد عن جابر و فيها جميعا و في غيرها من الكتب و أربعة منهم علي.

الحديث العاشر

: مجهول.

" و كل وصي" أي من أوصياء محمد صلى الله عليه و آله و قيل: أي من أوصياء الأنبياء أو لهم هبة الله و آخرهم القائم عليهم السلام، و الأول أظهر" جرت به سنة" أي أمر بسيرة و طريقة لا يتجاوزها، و اختلاف سيرهم ظاهر، فإن بعضهم كان مشتغلا بالعبادة و بعضهم بنشر العلوم، و بعضهم بقلة التقية و بعضهم بكثرتها، و بعضهم قاتل و بعضهم صالح، و قد مرت أخبار في أنهم لم يفعلوا شيئا و لا يفعلون إلا بعهد من الله عز و جل و أمر منه لا يتجاوزونه، و أنه نزل من السماء كتاب مختوم بخواتيم بعددهم، و أن كلا منهم يعمل بما تحت خاتمه.

" على سنة أوصياء عيسى" أي في العدد فما بعده مفسر و متمم له، أو في المظلومية و ارتكاب التقية" على سنة المسيح" أي في افتراق الناس فيه ثلاث فرق، فمنهم من قال بألوهيته، و منهم من خطأه و أكفره، و منهم من ثبت على الحق و قال

ص: 228

11 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَرِيشِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَ إِنَّهُ يَنْزِلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَمْرُ السَّنَةِ وَ لِذَلِكَ الْأَمْرِ وُلَاةٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ هُمْ قَالَ أَنَا وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ صُلْبِي أَئِمَّةٌ مُحَدَّثُونَ

12 وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ آمِنُوا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ إِنَّهَا تَكُونُ- لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ لِوُلْدِهِ الْأَحَدَ عَشَرَ مِنْ بَعْدِي

13 وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْماً لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ص رَسُولُ اللَّهِ مَاتَ شَهِيداً وَ اللَّهِ لَيَأْتِيَنَّكَ فَأَيْقِنْ إِذَا جَاءَكَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ غَيْرُ

بإمامته، أو في زهده و عبادته و خشونة الملبس و جشوبة المطعم.

الحديث الحادي عشر

: ضعيف على المشهور و قد مر شرحه في حديث طويل في تفسير سورة القدر.

الحديث الثاني عشر

: كالسابق، و ضمير قال لأبي جعفر عليه السلام" أنها" بفتح الهمزة بدل ليلة القدر، و فيه رد على من زعم من المخالفين أن ليلة القدر لم تبق بعد رسول الله صلى الله عليه و آله.

الحديث الثالث عشر

: كالسابق، و هذا أيضا مروي عن أبي جعفر عليه السلام و كلها مأخوذ من كتاب ابن الجريش في إنا أنزلناه في ليلة القدر و ضعفه النجاشي و ابن الغضائري لاشتمال كتابه على الأخبار الغالية الغامضة التي لا تبلغ إليها عقول أكثر الخلق، و في أكثر كتاب الرجال الحريش بالحاء المهملة، و في أكثر كتب الحديث بالجيم.

" مات شهيدا" أي مقتولا بالسم و ظهور النبي صلى الله عليه و آله و سلم له إما بجسده الأصلي كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب أن أرواحهم عليهم السلام ترد إلى أجسادهم الأصلية

ص: 229

مُتَخَيِّلٍ بِهِ فَأَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَأَرَاهُ النَّبِيَّ ص فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ آمِنْ بِعَلِيٍّ وَ بِأَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِهِ إِنَّهُمْ مِثْلِي إِلَّا النُّبُوَّةَ وَ تُبْ إِلَى اللَّهِ مِمَّا فِي يَدِكَ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَكَ فِيهِ قَالَ ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ يُرَ

14 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ الِاثْنَا عَشَرَ الْإِمَامَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ مُحَدَّثٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ وُلْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع- فَرَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِيٌّ ع هُمَا الْوَالِدَانِ

أو بجسده المثالي، و قد مر تحقيق ذلك كما أظن، و هذا المضمون وارد في أخبار كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير، و في أكثرها أنه رآه صلى الله عليه و آله في مسجد قبا.

و قوله: أنهم بفتح الهمزة بدل على و أحد عشر، و يمكن أن يقرأ بكسر الهمزة ليكون استئنافا بيانيا" ثم ذهب" أي الرسول صلى الله عليه و آله" فلم ير" على المجهول أي لم يره غير المعصومين، و قيل: ضمير ذهب لأبي بكر و كذا ضمير لم ير على بناء المعلوم أي لم يختر الإيمان و التوبة و لا يخفى بعده.

الحديث الرابع عشر

: مجهول و في سند هذا الحديث اختلاف كثير في الكتب ففيما مر من المصنف في هذا الباب محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد الخشاب و قد ذكرنا أن الظاهر عن الخشاب، و ما في هذا السند أيضا يؤيده، و عبد الله الظاهر أنه بيان إن لم يكن تصحيفا، و الحسن بن عبيد الله الظاهر أنه الحسين بن عبيد الله بن سهل الذي ذكروا أنه رمي بالغلو لكن الشيخ في الرجال ذكر هذا الرجل بعنوان الحسن أيضا، و قال النجاشي: روى عنه محمد بن يحيى، و روى الصدوق في الخصال نقلا عن الكليني عن الحسين بن عبيد الله عن الخشاب، و علي بن سماعة غير مذكور في الرجال و كأنه تصحيف، لكن الصدوق أيضا روى عن الكليني هكذا، و الشيخ روى عن الكليني عن الحسن بن سماعة و هو الظاهر، و قد مضى شرح الخبر.

ص: 230

15 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ يَكُونُ تِسْعَةُ أَئِمَّةٍ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ

16 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً مِنْهُمْ حَسَنٌ وَ حُسَيْنٌ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ

الحديث الخامس عشر

: حسن كالصحيح.

" قائمهم" يعني يقوم بالسيف و يجاهد حتى يغلب الحق و أهله على الباطل و أهله.

الحديث السادس عشر

: ضعيف على المشهور.

" و اثنا عشر" خبر، و أقول: أخبار الاثني عشر إماما و خليفة متواترة من طرق الخاصة و العامة أوردتها في الكتاب الكبير في كراريس، فمن أراد الإحاطة بها فليرجع إليه، و نذكر منها هنا خبرا واحدا أورده ابن الأثير في جامع الأصول الذي اتفقوا على صحته رواه من صحيح البخاري و مسلم و الترمذي و سنن أبي داود، و بأسانيدهم المكثرة عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول: بعدي اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش.

و في رواية قال: لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى الله عليه و آله و سلم بكلمة خفيف علي، فسألت أبي ما ذا قال رسول الله؟ فقال: قال كلهم من قريش هذه رواية البخاري و مسلم، و في أخرى لمسلم قال: انطلقت إلى رسول الله و معي أبي فسمعته يقول: لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة، فقال كلمة أصمنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش، و في أخرى أنه قال:

دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه و آله و سلم فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيه اثنتا عشر خليفة، قال: ثم تكلم بكلمة خفي علي فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش.

ص: 231

مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ ع

17 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنِّي وَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الْأَرْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا

و في أخرى: لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة، ثم ذكر مثله.

و في رواية الترمذي قال: قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: يكون من بعدي اثنا عشر أمراء ثم تكلم بشي ء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: كلهم من قريش.

و في رواية أبي داود قال: لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة قال:

فكثر الناس و ضجوا ثم قال: كلمة خفية و ذكر الحديث و زاد في أخرى فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا: ثم يكون ما ذا؟ قال: ثم يكون الهرج.

هذا آخر ما أخرجته من أصل جامع الأصول، و قال أصحابنا: اجتمعت الأمة على أنه لم يقل بهذا العدد من الخلفاء غير الإمامية فتدل على حقية مذهبهم و هذا بين بحمد الله.

الحديث السابع عشر

: ضعيف.

قوله" و اثني عشر" أي فاطمة عليها السلام و أحد عشر من ولدها و يمكن إجراء بعض التأويلات السابقة فيه بأن يكون عطف و أنت عليه من قبيل عطف الخاص على العام كعطف جبرئيل على الملائكة، و روى الشيخ في كتاب الغيبة بسند آخر عن عمرو بن ثابت عن أبي الجارود مثله، و فيه: إني و أحد عشر من ولدي و هو أظهر، و قال الفيروزآبادي: رزت الجرادة ترز و ترز غرزت ذنبها في الأرض لتبيض كأرزت و الرجل طعنه و الباب أصلح عليه الرزة و هي حديدة يدخل فيها القفل، و الشي ء في الشي ء أثبته، انتهى.

فقوله: يعني أوتادها كلام أبي جعفر أو بعض الرواة، و المعنى أنه شبههم عليهم السلام بالرز الذي سبب لاستحكام الأرض و شدها و أغلاقها، كذلك هم في الأرض بمنزلة الجبال التي هي أوتاد الأرض بالنسبة إليها، فقوله: جبالها عطف بيان للأوتاد كما

ص: 232

وَ جِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَمْ يُنْظَرُوا

18 وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ وُلْدِيَ اثْنَا عَشَرَ نَقِيباً نُجَبَاءُ مُحَدَّثُونَ مُفَهَّمُونَ آخِرُهُمُ

قال تعالى:" وَ الْجِبالَ أَوْتاداً".

و في الغيبة: و جبالها، كما في بعض نسخ الكتاب و هو أظهر، فيكون عطفا على رز من كلام الرسول صلى الله عليه و آله أو على أوتادها فيكون من كلام الإمام عليه السلام و الأول على هذا أصوب، و في بعض النسخ في غير هذا الكتاب و فيه أيضا بتقديم الزاء على الراء المهملة و له أيضا وجه بل هو أظهر، قال الفيروزآبادي: الزر بالكسر الذي يوضع في القميص و عظيم تحت القلب، و هو قوامه، و زر الدين قوامه، و في النهاية في حديث أبي ذر قال يصف عليا عليه السلام: أنه لعالم الأرض و زرها الذي تسكن إليه و قوامها و أصله من زر القلب و هو عظيم صغير يكون قوام القلب به، و أخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان، انتهى.

" أن تسيخ" أي تنخسف مع أهلها إما حقيقة أو كناية عن تزلزلها و عدم انتظامها و تبدل أوضاعها و سائر ما يكون عند قرب الساعة. في القاموس: ساخت الأرض:

انخسفت، و ربما يقرأ بالحاء المهملة من السياحة كناية عن زلزلة الأرض كما قال تعالى" إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها" و الأول أضبط.

" و لم ينظروا" على بناء المجهول أي لم يمهلوا من العذاب.

الحديث الثامن عشر

: مرفوع.

و قد مر تأويله و يحتمل هنا أيضا كون الاثني عشر باعتبار فاطمة عليها السلام و إن كان بعيدا باعتبار النقابة قال في النهاية النقباء جمع نقيب و هو كالعريف على القوم المقدم عليهم الذي يتعرف أخبارهم و ينقب عن أحوالهم أي يفتش، و في القاموس: النقيب

ص: 233

الْقَائِمُ بِالْحَقِّ يَمْلَأُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً

19 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ كَرَّامٍ قَالَ حَلَفْتُ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ نَفْسِي أَلَّا آكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ فَقُلْتُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِكُمْ جَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ أَلَّا يَأْكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ فَصُمْ إِذاً يَا كَرَّامُ وَ لَا تَصُمِ الْعِيدَيْنِ وَ لَا ثَلَاثَةَ التَّشْرِيقِ وَ لَا إِذَا كُنْتَ مُسَافِراً وَ لَا مَرِيضاً فَإِنَّ الْحُسَيْنَ ع لَمَّا قُتِلَ عَجَّتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَيْهِمَا وَ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا يَا رَبَّنَا ائْذَنْ لَنَا فِي هَلَاكِ الْخَلْقِ حَتَّى نَجُدَّهُمْ عَنْ جَدِيدِ الْأَرْضِ بِمَا اسْتَحَلُّوا حُرْمَتَكَ وَ قَتَلُوا صَفْوَتَكَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَا مَلَائِكَتِي

شاهد القوم و ضمينهم و عريفهم، و ضمير يملأها راجع إلى الأرض.

الحديث التاسع عشر

: ضعيف.

و شمون كتنور، و كرام بالكسر و التخفيف أو بالفتح و التشديد" فيما بيني و بين نفسي" أي من غير أن يعلم به أحد و إن حمل على الكلام النفسي فالأمر بالصوم على الاستحباب كما هو المشهور، و قيل بالوجوب فيه أيضا" أن لا آكل" كأنه كان غرضه الصوم و كنى به عنه أو كان يمينه بلفظ الصوم و عبر عنه بهذه العبارة و إلا فالظاهر أنه لا ينعقد الحلف على حقيقة هذا الكلام لأنه مرجوح و استثناء ثلاثة التشريق محمول على ما إذا كان بمنى، و يدل على أن النذر المطلق لا يصام له في السفر.

قوله: فإن الحسين عليه السلام كأنه تعليل لاستعداد صوم الدهر، و أنه لا يصل إلى ذلك فإن الثاني عشر هو القائم، أو أنه ليس تعليقا على أمر فيه شك بل على أمر حتمي فإن الله قد و عد الملائكة ظهوره و لا يخلف وعده، و عجيج السماوات و الأرض كناية عن ظهور آثار هذه المصيبة فيها" في هلاك الخلق" أي الذين عملوا ذلك أو رضوا به أو الأعم لأن العذاب إذا نزل يعم البر و الفاجر، و إن كان البر مأجورا" حتى نجدهم" بضم الجيم أي نقطعهم و نستأصلهم، و" جديد الأرض" وجهها و الحرمة بالضم ما لا

ص: 234

وَ يَا سَمَاوَاتِي وَ يَا أَرْضِيَ اسْكُنُوا ثُمَّ كَشَفَ حِجَاباً مِنَ الْحُجُبِ فَإِذَا خَلْفَهُ مُحَمَّدٌ ص وَ اثْنَا عَشَرَ وَصِيّاً لَهُ ع وَ أَخَذَ بِيَدِ فُلَانٍ الْقَائِمِ مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ يَا مَلَائِكَتِي وَ يَا سَمَاوَاتِي وَ يَا أَرْضِي بِهَذَا أَنْتَصِرُ لِهَذَا قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

20 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَ أَبُو بَصِيرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي مَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ- نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ مُحَدَّثاً فَقَالَ لَهُ- أَبُو بَصِيرٍ سَمِعْتَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَحَلَّفَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَهُ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لَكِنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع

يحل انتهاكه، و الصفوة بالتثليث الخالص الصافي أو المصطفى المختار، و الأخذ بيده كناية عن تقديمه و إبرازه من بينهم أو أمر جبرئيل أو بعض الملائكة أو رسول الله صلى الله عليه و آله بذلك فالإسناد مجازي، أو خلق يدا فأخذ بيده فقدمه.

" قالها" أي قال الله هذه الكلمة تأكيدا أو قال الإمام، و الأول أظهر.

و كان ذكر هذا الحديث لكرام لإتمام الحجة عليه لعلمه بأنه سيصير واقفيا.

الحديث العشرون

مجهول، و ضمير منزله لمحمد بن عمران.

" أو مرتين" الترديد من الراوي، و كان الحلف مع العلم للتقرير، و لعلم الحاضرين بحقيته.

ص: 235

بَابٌ فِي أَنَّهُ إِذَا قِيلَ فِي الرَّجُلِ شَيْ ءٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَ كَانَ فِي وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي قِيلَ فِيهِ

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى عِمْرَانَ أَنِّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً سَوِيّاً مُبَارَكاً يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ يُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَ جَاعِلُهُ رَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَحَدَّثَ عِمْرَانُ امْرَأَتَهُ

باب في أنه إذا قيل في الرجل شي ء فلم يكن فيه و كان في ولده أو ولد ولده فإنه هو الذي قيل فيه

الحديث الأول

صحيح" سويا" أي مستوي الخلقة، و كون اسم أم مريم حنة موافق لما ذكره أكثر المفسرين و أهل الكتاب، و قد مر في باب مولد أبي الحسن موسى عليه السلام أن اسمها مرثا، و هي و هيبة بالعربية فيمكن أن يكون أحدهما اسما و الآخر لقبا أو يكون أحدهما موافقا للواقع و الآخر لما اشتهر بين أهل الكتاب أو العامة و هذه القصة إشارة إلى ما ذكره الله تعالى، في سورة آل عمران حيث قال:" إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً".

قال البيضاوي: هذه حنة بنت فاقوذا جدة عيسى، روي أنها كانت عاقرا عجوزا فبينا هي في ظل شجرة إذ رأت طائرا يطعم فرخه، فحنت إلى الولد و تمنته فقالت:

اللهم إن لك علي نذرا إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس فيكون من خدمه، فحملت مريم و هلك عمران، و كان هذا النذر مشروعا في عهدهم في الغلمان فلعلها بنت الأمر على التقدير أو طلبت ذكرا محررا أي معتقا لخدمته لا أشغله بشي ء، أو مخلصا للعبادة، و نصبه على الحال" فَتَقَبَّلْ مِنِّي" ما نذرت" إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"

ص: 236

حَنَّةَ بِذَلِكَ وَ هِيَ أُمُّ مَرْيَمَ فَلَمَّا حَمَلَتْ كَانَ حَمْلُهَا بِهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غُلَامٌ- فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى ... وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى أَيْ لَا يَكُونُ الْبِنْتُ رَسُولًا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ فَلَمَّا وَهَبَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَرْيَمَ عِيسَى كَانَ هُوَ

لقولي و نيتي" فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى". الضمير لما في بطنها و تأنيثه لأنه كان أنثى، و جاز انتصاب أنثى حالا عنه لأن تأنيثها علم منه، فإن الحال و صاحبها بالذات واحدا، و على تأويل مؤنث كالنفس. و الجملة، و إنما قالته تحسرا و تحزنا إلى ربها لأنها كانت ترجو أن تلد ذكرا و لذلك نذرت تحريرا" وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ" أي بالشي ء الذي وضعت، و هو استئناف من الله تعليما لموضعها و تجهيلا لها بشأنها، و قرأ ابن عامر و أبو بكر عن عاصم و يعقوب: وضعت، على أنه من كلامها تسلية لنفسها، أي و لعل لله فيه سرا أو الأنثى كان خيرا و قرأ وضعت على خطاب الله لها" وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى" بيان لقوله" وَ اللَّهُ أَعْلَمُ" أي و ليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي و هبت، و اللام فيهما للعهد، و يجوز أن يكون من قولها بمعنى و ليس الذكر و الأنثى سيين فيما نذرت، فيكون اللام للجنس، انتهى.

و حاصل الحديث أنه قد يحمل المصالح العظيمة الأنبياء و الأوصياء صلوات الله عليهم على أن يتكلموا على وجه التوراة و المجاز، و بالأمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو و الإثبات، ثم يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأول فيجب أن لا يحملوه على الكذب، و يعلموا أن المراد منه كان غير ما فهموه كمعنى مجازي أو كان وقوعه مشروطا بشرط لم يذكروه.

و من جملة تلك الأمور زمان قيام القائم و تعيينه من بين الأئمة عليهم السلام، لئلا ييأس الشيعة و ينتظروا الفرج و يصبروا و يسلوا أنفسهم فيما يرد عليهم من خلفاء المخالفين و سلاطينهم، فربما قالوا فلان القائم أي القائم بأمر الإمامة، و فهمت الشيعة أنه القائم بالسيف، أو أرادوا أنه إن أذن الله له في ذلك يقوم به، أو إن عملت الشيعة بما يجب عليهم من الصبر و كتمان السر و طاعة الإمام يقوم به، أو قال الصادق عليه السلام مثلا ولدي

ص: 237

الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِمْرَانَ وَ وَعَدَهُ إِيَّاهُ فَإِذَا قُلْنَا فِي الرَّجُلِ مِنَّا شَيْئاً وَ كَانَ فِي وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلَا تُنْكِرُوا ذَلِكَ

2 مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِذَا قُلْنَا فِي رَجُلٍ قَوْلًا فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَ كَانَ فِي وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلَا تُنْكِرُوا ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ ما يَشاءُ

6- 3 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ

القائم و المراد به السابع من ولده لا الولد بلا واسطة، و مثل عليه السلام ذلك بأن الله أوحى إلى عمران إني واهب لك ذكرا، و كان المراد ولد الولد، و فهمت حنة أنه الولد بلا واسطة.

فالمراد بقوله عليه السلام: فإذا قلنا في الرجل منا شيئا، أي بحسب فهم السائل و ظاهر اللفظ، أو يكون المراد أنه قيل فيه حقيقة و كان مشروطا بأمر لم يقع، فوقع فيه البداء، و وقع في ولده، و على هذا ما ذكر في أمر عيسى إنما ذكر على سبيل التنظير و إن لم يكن بينهما مطابقة تامة، أو كان أمر عيسى أيضا كذلك بأنه كان قدر ذلك في ولدها ثم وقع فيه البداء و صار في ولد ولدها.

و يحتمل المثل و مضربه وجها آخر و هو أن يكون المراد فيهما معنى مجازيا بوجه آخر، ففي المثل: أطلق الذكر السوي على مريم لأنها سبب وجود عيسى عليه السلام إطلاقا لاسم المسبب على السبب، و كذا في المضرب أطلق القائم على من في صلبه القائم إما على هذا الوجه أو إطلاقا لاسم الجزء على الكل.

الحديث الثاني

: مجهول كالصحيح.

و ظاهر هذا الخبر البداء فيؤيد أحد الوجوه السابقة و إن أمكن أن يكون المراد بقوله:" ف إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ" أنه قد يأمر بنحو هذا النوع من الأخبار و إيراد الكلام على هذا الوجه للمصلحة.

الحديث الثالث

: ضعيف على المشهور.

ص: 238

أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَدْ يَقُومُ الرَّجُلُ بِعَدْلٍ أَوْ بِجَوْرٍ وَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ قَامَ بِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ ابْنَهُ أَوِ ابْنَ ابْنِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَهُوَ هُوَ

بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ ع كُلَّهُمْ قَائِمُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى هَادُونَ إِلَيْهِ

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ زَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع وَ هُوَ بِالْمَدِينَةِ فَقُلْتُ لَهُ عَلَيَّ نَذْرٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ إِنْ أَنَا لَقِيتُكَ أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى

و قوله: و ينسب عطف على" يقوم" أي و قد ينسب مجازا أو بداءا، و ضمير إليه لمصدر يقوم أو لعدل أو لجور، و جملة لم يكن حالية" قام به" أي حقيقة" فيكون ذلك" أي المنسوب إليه أو القائم بأحدهما و قراءة فيكون على بناء التفعيل بعيد" فهو هو" الضمير الأول للقائم بأحدهما حقيقة و الثاني لما هو المراد باللفظ، أو للمقدر الواقعي و المكتوب في اللوح المحفوظ أو بالعكس، و قيل: الأول للصادر و الثاني للمنسوب أي الرجل.

باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله هادون إليه عليهم السلام و الرضوان

الحديث الأول

: مجهول.

قوله: علي نذر، أي وجب علي نذر أي منذور" بين الركن و المقام" ظرف على و إنما ذكر ذلك تأكيدا للزوم نذره و وجوب الوفاء به لوقوعه في أشرف الأماكن، و ما ذكر طول الحطيم و عرضه من المقام إلى باب البيت، و قد وردت أخبار كثيرة في أنه أشرف بقاع الأرض، و يحتمل أن يكون المراد الموضع الذي كان فيه المقام في زمن الرسول و هو قريب من باب البيت، فالمراد بيان عرض الحطيم و إن كان أوسع من المشهور بقليل و الظاهر انعقاد هذا النذر لأن الغاية و إن كانت متعلقة بفعل الغير لكن الكون في المدينة الراجح شرعا هو من فعله و اختياره فينعقد إلا أن يعرض له أمر يكون مقامه بالمدينة

ص: 239

أَعْلَمَ أَنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْ لَا فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْ ءٍ فَأَقَمْتُ ثَلَاثِينَ يَوْماً ثُمَّ اسْتَقْبَلَنِي فِي طَرِيقٍ فَقَالَ يَا حَكَمُ وَ إِنَّكَ لَهَاهُنَا بَعْدُ فَقُلْتُ نَعَمْ إِنِّي أَخْبَرْتُكَ بِمَا جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ فَلَمْ تَأْمُرْنِي وَ لَمْ تَنْهَنِي عَنْ شَيْ ءٍ وَ لَمْ تُجِبْنِي بِشَيْ ءٍ فَقَالَ بَكِّرْ عَلَيَّ غُدْوَةً الْمَنْزِلَ فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ ع سَلْ عَنْ حَاجَتِكَ فَقُلْتُ إِنِّي جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْراً وَ صِيَاماً وَ صَدَقَةً بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ إِنْ أَنَا لَقِيتُكَ أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْ لَا فَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ رَابَطْتُكَ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ أَنْتَ سِرْتُ فِي الْأَرْضِ فَطَلَبْتُ

بسببه مرجوحا فينحل، و لذا لم ينههه عليه السلام عن هذا النذر.

قوله: أن لا أخرج، بدل نذر" إنك" بالكسر بتقدير الاستفهام" فلم تأمرني بشي ء" أي بالخروج أو الوفاء بالنذر أو الأعم" و لم تنهني عن شي ء" أي المقام أو النذر أو الأعم" و لم تجبني بشي ء" من كونك القائم عليه السلام أو عدمه أو الأعم" غدوة" ظرف زمان" لمنزل" ظرف مكان.

قوله: و صياما، كان الظاهر صيام بدون الواو، و معه عطف تفسير، أو المراد بالنذر منذور آخر لم يذكره و الظاهر أن نذره لله عليه إن لقيه عليه السلام و خرج من المدينة قبل أن يعلم هذا الأمر أن يصوم كذا و يتصدق بكذا" رابطتك" أي لازمتك و لم أفارقك في القاموس: الرباط المواظبة على الأمر و ملازمة ثغر العدو.

و قوله عليه السلام: كلنا قائم بأمر الله، أي بأمر الإمامة و الخلافة مع المكنة أو كلما تيسر، و قيل: القائم يستعمل في معان منها القائم بأمر الله أي من لا يخل بشي ء من أوامره و نواهيه فهو معصوم، و منها الحافظ لجميع ما أوحى الله به إلى أنبيائه، و منها من يبقى مع إمامته إلى انقراض التكليف، و الأولان جاريان في كل واحد من الأئمة و الثالث مختص بالثاني عشر عليه السلام" يهدي إلى الله" على بناء المجرد المعلوم، لأن الهادي يكون مهديا لا محالة فأجاب عنه بلازمه، أو على بناء المجهول، أو على بناء الافتعال المعلوم بإدغام التاء في الدال و كسر الدال كما قال تعالى:" أَمَّنْ لا يَهِدِّي

ص: 240

الْمَعَاشَ فَقَالَ يَا حَكَمُ كُلُّنَا قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ قُلْتُ فَأَنْتَ الْمَهْدِيُّ قَالَ كُلُّنَا نَهْدِي إِلَى اللَّهِ قُلْتُ فَأَنْتَ صَاحِبُ السَّيْفِ قَالَ كُلُّنَا صَاحِبُ السَّيْفِ وَ وَارِثُ السَّيْفِ قُلْتُ فَأَنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ أَعْدَاءَ اللَّهِ وَ يَعِزُّ بِكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَ يَظْهَرُ بِكَ دِينُ اللَّهِ فَقَالَ يَا حَكَمُ كَيْفَ أَكُونُ أَنَا وَ قَدْ بَلَغْتُ خَمْساً وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ أَقْرَبُ عَهْداً بِاللَّبَنِ مِنِّي وَ أَخَفُّ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ

إِلَّا أَنْ يُهْدى" و الأول أظهر.

" و وارث السيف" إشارة إلى أن الجفر الأحمر عنده، قوله عليه السلام: أقرب عهدا باللبن مني، أي يرى عند خروجه أقل سنا مني و أقوى.

كما رواه الصدوق في الإكمال بإسناده عن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا عليه السلام أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا صاحب هذا الأمر و لكني لست بالذي أملاها عدلا كما ملئت جورا، و كيف أكون ذاك على ما ترى من ضعف بدني، و أن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ و منظر الشباب، قويا في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، و لو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى و خاتم سليمان، يغيبه الله في ستره ما شاء الله، ثم يظهره فيملأ به الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

و قيل: المراد أنه أقرب عهدا باللبن عند إمامته لأنه عليه السلام كان سنه عند إمامته ثمانا و ثلاثين سنة، و القائم عليه السلام كان سنه في بدو الإمامة خمسا فذكر الخمس و الأربعين لبيان أنه كان عند الإمامة أسن لأنه كان معلوما أن من وقت الإمامة إلى زمان السؤال كانت سبع سنين و الأول أظهر، و كان حمل الإمام عليه السلام كلام السائل على المحامل التي يعلم عليه السلام أنه ليس مرادا للمضايقة عن التصريح بأن الفرج لا يأتي على يده لبعض ما ذكرنا من الوجوه، أو لئلا يتوهم الراوي و غيره أنه إنما يجب ملازمة صاحب السيف و متابعته و طاعته دون غيره، بل يعلموا أن كلهم مشتركون في جميع ذلك.

ص: 241

2 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقَائِمِ فَقَالَ كُلُّنَا قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى يَجِي ءَ صَاحِبُ السَّيْفِ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُ السَّيْفِ جَاءَ بِأَمْرٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ

3 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَطَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قَالَ إِمَامِهِمُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَ هُوَ قَائِمُ أَهْلِ زَمَانِهِ

بَابُ صِلَةِ الْإِمَامِ ع

1 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِمَامَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَهُوَ كَافِرٌ إِنَّمَا النَّاسُ يَحْتَاجُونَ أَنْ يَقْبَلَ

الحديث الثاني

ضعيف على المشهور.

" غير الذي كان" من الخروج بالسيف و الحكم بعلمه، و قتل مانع الزكاة و قطع أيدي بني شيبة، و المنع عن الميازيب، و سائر ما يضر بالطريق، و هدم المنارات و المقاصير و سائر ما ورد أنه عليه السلام يفعله عند ظهوره.

الحديث الثالث

: ضعيف.

و ذكره في الباب لإطلاق القائم على كل إمام و قد مر الكلام في مضمونه.

باب صلة الإمام عليه السلام

الحديث الأول

: مرفوع.

" فهو كافر" أي غير عارف بفضل الإمام و إنه قادر على قلب الجبال ذهبا بدعائه فالكفر في مقابلة الإيمان الكامل، أو محمول على ما إذا كان ذلك على وجه التحقير و الإزراء بشأنه عليه السلام" يحتاجون" أي لمغفرتهم و رفع درجاتهم و تضاعف حسناتهم

ص: 242

مِنْهُمُ الْإِمَامُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها

2 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عِيسَى بْنِ سُلَيْمَانَ النَّحَّاسِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الْخَيْبَرِيِّ وَ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالا سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَا مِنْ شَيْ ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ إِلَى الْإِمَامِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَيَجْعَلُ لَهُ الدِّرْهَمَ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَ جَبَلِ أُحُدٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ مَنْ

و تكفير سيئاتهم، و المراد بالصدقة في الآية إما الزكاة أو مطلق الصدقات الشاملة للواجبة و المستحبة كما روي أنها نزلت في المتخلفين عن غزوة تبوك لما تابوا و قبل الله توبتهم، بعد أن أوثقوا أنفسهم بسواري المسجد ثم حلوا و أطلقوا بعد قبول توبتهم قالوا:

يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا فتصدق بها و طهرنا فنزلت، فعلى هذا الاستدلال بالآية مبني على أنه إذا كانت الصدقة التي تدفع إلى المستحقين بهذه المنزلة كان صرف الخمس و الهدية إلى الإمام عليه السلام كذلك بطريق أولى، و يحتمل أن تكون الصدقة في الآية شاملة لصلة الإمام و الخمس أيضا فالاستدلال بها ظاهر.

و قوله: تطهرهم، استئناف أو نعت لصدقة و التطهير عند التنجيس و التزكية ضد التنقيص فالأول في النفس و الثاني في المال، و قيل: التطهير عن الذنوب أو حب المال و البخل" و تزكيهم" تنمي بها حسناتهم و ترفعهم إلى منازل المخلصين، فظهر من الآية أن نفع الصدقات يصل إلى المعطي لا إلى الرسول و الإمام عليهما السلام.

الحديث الثاني

: ضعيف على المشهور.

" ما من شي ء" من مزيدة لتأكيد العموم أي من جملة الإخراجات و العطايا و الصدقات" أحب" بالنصب أي أشد محبوبية، و ذكر الدراهم من قبيل المثال" ليجعل له" أي للمخرج أو للإمام و الأول أظهر" مثل جبل أحد" لعله من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي ثوابه من بين سائر المثوبات في العظم كجبل أحد من بين الأجسام المحسوسة أو المعنى أنه يجعل ثواب إخراج درهم مثل ثواب إخراج مثل جبل أحد

ص: 243

ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً قَالَ هُوَ وَ اللَّهِ فِي صِلَةِ الْإِمَامِ خَاصَّةً

3 وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ مُعَاذٍ صَاحِبِ الْأَكْسِيَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْ خَلْقَهُ مَا فِي أَيْدِيهِمْ قَرْضاً مِنْ حَاجَةٍ بِهِ إِلَى ذَلِكَ وَ مَا كَانَ لِلَّهِ مِنْ حَقٍّ فَإِنَّمَا هُوَ لِوَلِيِّهِ

من الدراهم إلى غير الإمام، و يحتمل أن يكون إخراج الدراهم إلى الإمام أعم من صلة الإمام بحيث يشمل ما يخرج إليه من الزكوات و الصدقات فإنه أعرف بمواقعها.

و ذهب المفيد و أبي الصلاح إلى وجوب إخراج الصدقات إليه عليه السلام عند التمكن و إلا إلى الفقيه الجامع لشرائط الفتوى.

" مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ" قال البيضاوي من استفهامية مرفوع الموضع بالابتداء، و ذا خبره و الذي صفة ذا و بدله، و إقراض الله مثل لتقديم العمل الذي يطلب به ثوابه" قَرْضاً حَسَناً" أي إقراضا مقرونا بالإخلاص و طيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا، و قيل: القرض الحسن المجاهدة و الإنفاق في سبيل الله" فَيُضاعِفَهُ لَهُ" فيضاعف جزاؤه، أخرجه على صورة المغالبة للمبالغة" أَضْعافاً كَثِيرَةً" لا يقدرها إلا الله و قيل: الواحد بسبعمائة و أضعافا جمع ضعف، و نصب على الحال من الضمير المنصوب أو المفعول الثاني لتضمن المضاعفة معنى التصيير أو المصدر على أن الضعف اسم المصدر و جمعه للتنويع، انتهى.

" هو و الله" الضمير راجع إلى مصدر يقول و المقصود أن جعل الله نفسه مقترضا مع أنه الغنى المطلق مبني على أنه في حق خليفته خاصة.

الحديث الثالث

: كالسابق.

" لوليه" أي من جعله الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، أقول: يحتمل أن يكون هذا بيانا لمورد نزول الآية و إن كانت عامة تشمل سائر الصدقات و القربات.

ص: 244

4 أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ع قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ قَالَ نَزَلَتْ فِي صِلَةِ الْإِمَامِ

5 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَيَّاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا مَيَّاحُ دِرْهَمٌ يُوصَلُ بِهِ الْإِمَامُ أَعْظَمُ وَزْناً مِنْ أُحُدٍ

6 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ دِرْهَمٌ يُوصَلُ بِهِ الْإِمَامُ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ

7 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنِّي لآَخُذُ مِنْ أَحَدِكُمُ الدِّرْهَمَ وَ إِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالًا مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ تُطَهَّرُوا

الحديث الرابع

: موثق.

الحديث الخامس

: ضعيف و على ما ذكرنا من الوجه الأول في الخبر الثاني لا ينافي الأعظمية المساواة و على الثاني لعل الاختلاف باعتبار اختلاف الإخلاص و حلية المال و معرفة المعطي و غير ذلك.

الحديث السادس

: مرسل.

الحديث السابع

: موثق كالصحيح.

" إلا أن تطهروا" أي من السيئات و ذمائم الأخلاق.

ص: 245

بَابُ الْفَيْ ءِ وَ الْأَنْفَالِ وَ تَفْسِيرِ الْخُمُسِ وَ حُدُودِهِ وَ مَا يَجِبُ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا بِأَسْرِهَا لِخَلِيفَتِهِ حَيْثُ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ- إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فَكَانَتِ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا لآِدَمَ وَ صَارَتْ بَعْدَهُ لِأَبْرَارِ وُلْدِهِ وَ خُلَفَائِهِ فَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ أَعْدَاؤُهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ بِحَرْبٍ أَوْ غَلَبَةٍ سُمِّيَ فَيْئاً وَ هُوَ أَنْ يَفِي ءَ

باب الفي ء و الأنفال و تفسير الخمس و حدوده و ما يجب فيه

اشارة

قوله (ره): حيث يقول، التعليل من جهة أن خليفة الرجل من يقوم مقامه و يسد. مسده و الهاء فيه للمبالغة تدل على أن للإمام التصرف في الأرض كيف شاء، كما أن لله عز و جل التصرف فيها ثم صار لأبرار ولده لأنهم أيضا خلفاء الله" فما غلب عليه" أي تصرف فيه" أعداؤهم" أي أعداء الخلفاء" أو غلبة" بأن انهزموا و تركوا الأرض خوفا قبل وقوع الحرب.

و قال الراغب في المفردات: الفي ء و الفيئة الرجوع إلى حالة محمودة قال:" حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ" و قال:" فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما" و منه فاء الظل، و الفي ء لا يقال إلا للراجع منه، قال تعالى:" أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ" و قيل: الغنيمة التي لا تلحق فيها مشقة في ء قال تعالى:" ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ" قال بعضهم: سمي ذلك بالفي ء تشبيها بالفي ء الذي هو الظل تنبيها على أن أشرف أعراض الدنيا يجري مجرى ظل زائل.

ص: 246

إِلَيْهِمْ بِغَلَبَةٍ وَ حَرْبٍ وَ كَانَ حُكْمُهُ فِيهِ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ

و قال في النهاية: قد تكرر ذكر الفي ء على اختلاف تصرفه و هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب و لا جهاد، و أصل الفي ء الرجوع، يقال:

فاء يفي ء فيئه و فيوءا كأنه في الأصل لهم، ثم رجع إليهم، و منه قيل: للظل الذي يكون بعد الزوال: في ء، لأنه يرجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق، انتهى.

و أقول: ما ذكره المصنف (ره) من تفسير الفي ء مخالف لكلام أكثر اللغويين و ظواهر الآيات و الأخبار، لقوله تعالى:" ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ" و قال سبحانه:" ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ".

و روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام في الغنيمة قال: يخرج منها الخمس و يقسم ما بقي بين من قاتل عليه و ولي ذلك و أما الفي ء و الأنفال فهو خالص لرسول الله.

و عنه أيضا في حديث طويل قال: و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفي ء، و الأنفال لله و للرسول يضعه حيث يحب.

و عنه عليه السلام أيضا في حديث طويل قال: الفي ء ما كان من أموال لم يكن فيها من هراقة دم، و الأنفال مثل ذلك بمنزلته، نعم الفي ء قد يطلق على ما يعم الغنيمة و الأنفال بل الخراج أيضا.

و أما تفسير آية الخمس فقال المحقق الأردبيلي قدس سره قال في مجمع البيان" اللغة": الغنيمة ما أخذ من أموال الحرب من الكفار أي الذي أخذتموه من الكفار قهرا و فيهما قصور و المقصود أن المراد بها هنا غنائم دار الحرب التي هي أحد الأمور السبعة التي يجب فيها الخمس عند أكثر أصحابنا، و هي غنيمة دار الحرب و أرباح التجارات و الزراعات و الصناعات بعد مؤنة السنة لأهله على الوجه المتعارف اللائق

ص: 247

فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَهُوَ لِلَّهِ

من غير إسراف و تقتير و المعادن و الكنوز و ما يخرج بالغوص، و الحلال المختلط بالحرام مع جهل القدر و المالك، و أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم، و ضم الحلبي إليها الميراث و الهبة و الهدية و الصدقة، و أضاف الشيخ العسل الجبلي و المن و أضاف الفاضلان الصمغ و شبهه.

و مستحقه على المشهور أيضا المذكورون فيقسم ستة أقسام سهم الله و سهم رسوله للرسول صلى الله عليه و آله و سلم، و كذا سهم ذي القربى يضعه حيث يشاء من المصالح، و حال عدمه عليه السلام للإمام القائم مقامه و النصف الآخر للمذكورين من بني هاشم، و ذلك للروايات عن أهل البيت عليهم السلام.

و ذكر في (ف) و (ى) أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: المراد أيتامنا و مساكيننا و أبناء سبيلنا، و للخمس أحكام يعلم من الكتب الفرعية.

و الذي ينبغي أن يذكر هنا مضمون الآية فهي تدل على وجوبه في غنائم دار الحرب مما يصدق عليه شي ء أي شي ء كان منقولا و غير منقول. قال في الكشاف: حتى الخيط و المخيط، فإن المتبادر من الغنيمة هنا هي ذلك.

و يؤيده تفسير المفسرين به، و كون ما قبل الآية و ما بعدها في الحرب مثل" يَوْمَ الْفُرْقانِ" أي يوم حصل الفرق بين الحق و الباطل فيه بأن غلب الحق عليه، و يوم التقى الجمعان، المسلمون و الكفار و الدلالة على الوجوب يفهم من وجوه التأكيد المذكورة فيها التصدير بالعلم، و ليس المراد العلم فقط بل العلم المقارن للعمل، فإن مجرد العلم لا ينفع بل يصير وبالا عليه، و معلوم أن ليس المطلوب في مثل هذه الأمور العلم بها و هو ظاهر، و تقييده بالإيمان أي إن كنتم آمنتم بالله و بما أنزل من الفتح و النصرة يوم الفرقان فاعلموا أن ما غنمتم فجزاؤه محذوف من جنس ما قبله بقرينته و لكن لا مجرد العلم بل المقارن للعمل كما مر فتأمل.

و ذكر الجملة الخبرية و تكرار أن المؤكدة و حذف الجر لإفادته العموم ذكره (ف) حيث قال:" فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ" مبتدأ خبره محذوف، تقديره فحق أو واجب

ص: 248

وَ لِلرَّسُولِ وَ لِقَرَابَةِ الرَّسُولِ فَهَذَا هُوَ الْفَيْ ءُ الرَّاجِعُ وَ إِنَّمَا يَكُونُ الرَّاجِعُ مَا كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ فَأُخِذَ مِنْهُمْ بِالسَّيْفِ وَ أَمَّا مَا رَجَعَ إِلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَفَ عَلَيْهِ بِ خَيْلٍ

أن لله خمسه، و يحتمل أن يكون خبر مبتدإ محذوف تقديره فالحكم أن لله (إلخ) على ما قيل، بل هذا أولى، و المجموع خبر أن الأولى و صح دخول الفاء في الخبر لكون الاسم موصولا.

ثم إنه يفهم سن ظاهر الآية وجوب الخمس في كل غنيمة و هو في اللغة بل العرف أيضا الفائدة، و يشعر به بعض الأخبار مثل ما روي في التهذيب بإسناده عن أبي عبد الله قال: قلت له:" وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ" الآية قال: هي و الله الفائدة يوما فيوما إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا، إلا أن الظاهر أنه لا قائل به، فإن بعض العلماء يجعلونه مخصوصا بغنائم دار الحرب كما عرفت، و بعضهم ضموا إليه المعادن و الكنوز و بعض أصحابنا يحصره في السبعة المذكورة، و قليل منهم أضاف إليها بعض الأمور الأخر كما أشرنا إليه.

ثم قال (ره): نعم قال في مجمع البيان بعد ما نقلنا منه في الغنيمة موافقا لجمهور المفسرين أن معناه في اللغة ذلك، قال بعض أصحابنا: إن الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب و أرباح التجارات، و في الكنوز و المعادن و الغوص و غير ذلك مما هو مذكور في الكتب.

و يمكن أن يستدل على ذلك بهذه الآية فإن في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم و الغنيمة، و الظاهر أن مراده ما ذهب إليه أكثر الأصحاب من الأمور السبعة فإنه نسبه إلى أصحابنا و الظاهر منه الجميع أو الأكثر، و ليس وجوبه في كل فائدة قولا لأحد منهم على الظاهر، و أيضا قال مذكور في الكتب و ليس ذلك مذكورا في الكتب، فكأنه أشار إلى إمكان الاستدلال لمذهب الأصحاب بالآية الشريفة إلزاما للعامة فإنهم يخصونه بغنائم دار الحرب و ذلك غير جيد، انتهى.

ص: 249

وَ لا رِكابٍ فَهُوَ الْأَنْفَالُ هُوَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ خَاصَّةً لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ الشِّرْكَةُ وَ إِنَّمَا جُعِلَ

قوله: فهو الأنفال، إشارة إلى قوله تعالى:" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ" و إلى قوله سبحانه:" وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" و قالوا: الأنفال جمع نفل و هو الزيادة على الشي ء، و قيل: العطية و اختلف المفسرون هيهنا فأكثرهم على أنها في غنائم بدر، قال في مجمع البيان:

فقيل: هي الغنائم التي قسمها النبي صلى الله عليه و آله و سلم يوم بدر، و قيل: هي أنفال السرايا، و قيل ما وصل من المشركين إلى المسلمين بغير قتال أو ما أشبه ذلك عن عطاء قال: هو للنبي صلى الله عليه و آله و سلم خاصة يعمل به ما شاء، و قيل: هو ما سقط من المتاع بعد قسمة الغنائم من الفرس و الدرع و الرمح عن ابن عباس في رواية، و روى عنه أيضا أنه سلب الرجل و فرسه ينفل النبي من شاء، و قيل: هو الخمس الذي جعله الله لأهل الخمس، و صحت الرواية عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: إن الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال، و كل أرض انجلى عنها أهلها بغير قتال، و يسميها الفقهاء فيئا، و ميراث من لا وارث له، و قطائع الملوك إذا كانت في أيديهم بغير غصب، و الآجام و بطون الأودية و الأرضون الموات و غير ذلك مما هو مذكور في مواضعه و قال: هي لله و للرسول و بعده لمن قام مقامه يصرفه حيث شاء من مصالح نفسه ليس لأحد فيه شي ء، و قالا: إن غنائم بدر كانت للنبي صلى الله عليه و آله خاصة فسألوه أن يعطيهم و قد صح أن قراءة أهل البيت عليهم السلام" يسألونك الأنفال" قال: إنه قرأ كذلك ابن مسعود و سعد ابن أبي وقاص و علي بن الحسين و أبو جعفر و أبو عبد الله عليهم السلام ثم قال: فقال هؤلاء:

إن أصحابه سألوه أن يقسم غنيمة بدر بينهم و أعلمهم الله أن ذلك لله و للرسول و ليس

ص: 250

الشِّرْكَةُ فِي شَيْ ءٍ قُوتِلَ عَلَيْهِ فَجُعِلَ لِمَنْ قَاتَلَ مِنَ الْغَنَائِمِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَ لِلرَّسُولِ سَهْمٌ

لهم في ذلك شي ء، و روي ذلك عن ابن عباس و غيره، و قالوا: إن عن صلة و معناه يسألونك الأنفال أن تعطيهم، انتهى.

و ذهب جماعة من المفسرين إلى أن الآية منسوخة بآية الخمس، و قيل: لا، و في مجمع البيان اختار الثاني، و قال: هو الصحيح لأن النسخ يحتاج إلى دليل و لا تنافي بين هذه الآية و آية الخمس.

قال العلامة قدس سره إن الغنيمة كانت محرمة فيما تقدم من الأديان و كانوا يجمعون الغنيمة فينزل النار من السماء فتأكلها، فلما أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه و آله و سلم أنعم بها عليه فجعلها له خاصة قال الله تعالى:" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ" فقد روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: أحل لي الخمس لم يحل لأحد قبلي و جعلت لي الغنائم و أن النبي صلى الله عليه و آله كان مختصا بالغنائم لقوله تعالى:

" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ" الآية، نزلت يوم بدر لما تنازعوا في الغنائم فلما نزلت قسمها رسول الله صلى الله عليه و آله و أدخل معهم جماعة لم يحضروا الواقعة لأنها كانت له عليه السلام يضع بها ما يشاء، ثم نسخ ذلك و جعل للغانمين خاصة أربعة أخماسها و الخمس الباقي لمستحقيه قال الله تعالى:" اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ" الآية فأضاف الغنيمة إليهم، و جعل الخمس للأصناف التي عددا المغايرين للغانمين، فدل على أن الباقي لهم، انتهى.

و أما الآيتان المتقدمتان الواردتان في الفي ء فقال الطبرسي (ره): قال ابن عباس نزل قوله:" ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى" في أموال كفار أهل القرى و هم بنو قريظة و بنوا النضير و هما بالمدينة و فدك فهي من المدينة على ثلاثة أميال، و خيبر و قرى عرينة و ينبع جعلها الله لرسوله صلى الله عليه و آله و سلم يحكم فيها ما أراد و أخبر أنها كلها له، فقال أناس: فهلا قسمتها فنزلت الآية، و قيل: إن الآية الأولى

ص: 251

بيان أموال بني النضير خاصة لقوله:" وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ" و الآية الثانية بيان للأموال التي أصيبت بغير قتال، و قيل: إنهما واحد، و الآية الثانية بيان قسم المال التي ذكرها الله في الآية الأولى.

ثم قال: ثم بين سبحانه حال أموال بني النضير فقال:" وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ" أي من اليهود الذين أجلاهم و إن كان الحكم ساريا في جميع الكفار الذين حكمهم حكمهم" فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ" الإيجاف الإيضاع و هو تسيير الخيل أو الركاب من وجف يجف وجيفا و هو تحرك باضطراب فالإيجاف الإزعاج للسير و الركاب الإبل واحدتها راحلة، و قيل: الإيجاف في الخيل و الإيضاع في الإبل، و المعنى لم تسيروا إليها على خيل و لا إبل، و إنما كانت ناحية من نواحي المدينة مشيتم إليها مشيا.

و قوله:" عَلَيْهِ" أي على ما أفاء الله" وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ" أي يمكنهم من عدوهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم.

ثم ذكر حكم الفي ء فقال:" ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى" أي من أموال كفار أهل القرى فلله يأمركم فيه بما أحب و للرسول بتمليك الله إياه، و لذي القربى يعني أهل بيت رسول الله و قرابته و هم بنو هاشم، و اليتامى و المساكين و ابن السبيل منهم، لأن التقدير و لذوي قرباه و يتامى أهل بيته و مساكينهم و ابن السبيل منهم.

ثم قال: و في هذه الآية إشارة إلى أن تدبير الأمة إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم و إلى الأئمة القائمين مقامه، و لهذا قسم رسول الله أموال خيبر و من عليهم في رقابهم و أجلي بني النضير و بني قينقاع و أعطاهم شيئا من المال، و قتل رجال بني قريظة و سبي ذراريهم و نسائهم و قسم أموالهم على المهاجرين و من على أهل مكة، انتهى.

و قال المحقق الأردبيلي قدس سره في تفسير آيات الأحكام: المشهور بين الفقهاء أن الفي ء له صلى الله عليه و آله ثم للقائم مقامه كما هو ظاهر الأولى، و الثانية تدل على أنه

ص: 252

وَ الَّذِي لِلرَّسُولِ ص يَقْسِمُهُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةٌ لَهُ وَ ثَلَاثَةٌ لِلْيَتَامَى وَ الْمَسَاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ وَ أَمَّا الْأَنْفَالُ فَلَيْسَ هَذِهِ سَبِيلَهَا كَانَ لِلرَّسُولِ ع خَاصَّةً وَ كَانَتْ فَدَكُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص خَاصَّةً لِأَنَّهُ ص فَتَحَهَا وَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا أَحَدٌ فَزَالَ عَنْهَا اسْمُ الْفَيْ ءِ وَ لَزِمَهَا اسْمُ الْأَنْفَالِ وَ كَذَلِكَ الْآجَامُ وَ الْمَعَادِنُ وَ الْبِحَارُ وَ الْمَفَاوِزُ- هِيَ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً فَإِنْ عَمِلَ فِيهَا قَوْمٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَهُمْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَ لِلْإِمَامِ خُمُسٌ وَ الَّذِي لِلْإِمَامِ يَجْرِي مَجْرَى الْخُمُسِ وَ مَنْ عَمِلَ فِيهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ فَالْإِمَامُ يَأْخُذُهُ كُلَّهُ

يقسم كالخمس فإما أن يجعل هذا فيئا خاصا كان حكمه كذا أو منسوخا أو يكون تفضلا منه صلى الله عليه و آله.

و قال (ره) أيضا في بعض فوائده بعد احتمال كون المراد بالفي ء الغنيمة:

فكانت تقسم كذلك ثم نسخ بآية الخمس، و يحتمل أن يراد بالفي ء ما هو المخصوص به صلى الله عليه و آله فلما كان الخمس بيده و يتصرف فيه فأمره إليه إن كان ناقصا كمله من عنده و إن كان فاضلا يكون له، فيمكن أن يسمى الخمس بالفي ء، و يحتمل أن يكون المراد: و ما أفاء الله على رسوله بالقتال و الحرب فلله خمسه و للرسول، كآية الغنيمة و حذف خمسه للظهور و إطلاق الفي ء على الغنيمة موجود، انتهى.

و كان الكليني قدس الله روحه حمل الآية الثانية على الغنيمة أو خمسها.

قوله: يقسمه ستة أسهم، هذا هو المشهور بين الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا، و القول بتخميس القسمة ضعيف غير معلوم القائل، و في القاموس: فدك قرية بخيبر.

و اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن الأنفال كل أرض موات سواء ماتت بعد الملك أم لا، و كل أرض أخذت من الكفار من غير قتال سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعا، و رؤوس الجبال و بطون الأودية و الآجام، و ظاهر الأكثر اختصاص هذه الثلاثة بالإمام عليه السلام من غير تقييد، و قال ابن إدريس: و رؤوس الجبال و بطون الأودية التي في ملكه و أما ما كان من ذلك في أرض المسلمين و يد مسلم عليه فلا يستحقه عليه السلام، و من الأنفال صفايا الملوك و قطائعهم، و عد جماعة منهم الشيخان و المرتضى من الأنفال

ص: 253

لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْ ءٌ وَ كَذَلِكَ مَنْ عَمَرَ شَيْئاً أَوْ أَجْرَى قَنَاةً أَوْ عَمِلَ فِي أَرْضٍ خَرَابٍ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مِنْهُ كُلَّهَا وَ إِنْ شَاءَ تَرَكَهَا فِي يَدِهِ

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِذِي الْقُرْبَى الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ ص فَقَالَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ مِنَّا خَاصَّةً وَ لَمْ يَجْعَلْ لَنَا سَهْماً فِي الصَّدَقَةِ أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَ أَكْرَمَنَا أَنْ يُطْعِمَنَا أَوْسَاخَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ

غنيمة من قاتل بغير إذن الإمام عليه السلام و ادعى ابن إدريس الإجماع عليه، و من الأنفال ميراث من لا وارث له، وعد الشيخان المعادن من الأنفال و هو قول المصنف و شيخه علي بن إبراهيم و سلار و استوجه المحقق عدم اختصاص ما يكون في أرض لا يختص بالإمام، و حكي عن المفيد أنه عد البحار أيضا من الأنفال كما ذكره المصنف، و لم نعرف لذلك مستندا و المراد بالمفاوز الأراضي الميتة كما عرفت.

قوله: بغير إذن صاحب الأرض، أي الإمام عليه السلام أو المالك السابق، و المشهور أنه يجوز التصرف في أراضي الأنفال في غيبة الإمام عليه السلام للشيعة، و ليس عليهم شي ء سوى الزكاة في حاصلها، و بعد ظهوره عليه السلام يبقيها في أيديهم و يأخذ منهم الخراج، و أما غيرهم من المسلمين فيجوز لهم التصرف في حال حضوره بإذنه، و عليهم طسقها لا في حال غيبته، فإن حاصلها حرام عليهم و هو يأخذها منهم و يخرجهم صاغرين، و أما الكفار فلا يجوز لهم التصرف فيها لا في حضوره و لا في غيبته، و لو أذن لهم عند الأكثر، خلافا للمحقق و الشيخ علي في الأخير، مع الإذن و للشهيد في الأول

الحديث الأول

: مختلف فيه.

و كأنه عليه السلام حمله على الخمس كما عرفت، و لم يذكر ابن السبيل لظهوره أو سقط من الرواة" و لم يجعل لنا" أي لبني هاشم و المراد بالصدقة الواجبة على المشهور.

ص: 254

2 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى- وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى قَالَ هُمْ قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ الْخُمُسُ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لَنَا

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ الْأَنْفَالُ مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ أَوْ قَوْمٌ صَالَحُوا أَوْ قَوْمٌ أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ وَ كُلُّ أَرْضٍ خَرِبَةٍ وَ بُطُونُ الْأَوْدِيَةِ فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ لِلْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ

4 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ ع قَالَ الْخُمُسُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْغَنَائِمِ وَ الْغَوْص

الحديث الثاني

: ضعيف على المشهور" و لنا" أي لبني هاشم، أو للأوصياء لأن لهم التصرف في الخمس و سائر الأصناف هم عيال الإمام يعطيهم على وجه النفقة.

الحديث الثالث

: حسن.

" أو قوم صالحوا" قيل: أي صالحوا على ترك القتال بالانجلاء عنها أو أعطوها بأيديهم و سلموها طوعا و لو صالحوا على أنها لهم فهي لهم و للمسلمين و لهم السكنى و عليهم الجزية فالعامر للمسلمين قاطبة و الموات للإمام عليه السلام و يمكن حمله على أن يكونوا صالحوا أن يكون الأرض للإمام عليه السلام و كل أرض خربة ترك أهلها أو هلكوا و سواء كانوا مسلمين أو كفارا، و كذا مطلق الموات التي لم يكن لها مالك، و المرجع فيها و في بطون الأودية إلى العرف كما ذكره الأصحاب و يتبعهما كل ما فيها من شجر و معدن و غيرهما.

الحديث الرابع

: مرسل كالحسن لإجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن حماد.

قوله: من خمسة أشياء، أقول: عدم ذكر خمس أرباح التجارات و نحوها

ص: 255

إما لدخولها في الغنائم كما يدل عليه بعض الأخبار أو لاختصاصه بالإمام عليه السلام كما ذهب إليه بعض المحققين، و قيل: اللام في الخمس للعهد الخارجي أي الخمس الذي قبل وضع نفقة السنة للعامل، ثم المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في غنائم دار الحرب حواها العسكر أم لا، إذا لم يكن مغصوبا، و في المعادن كالذهب و الفضة و الرصاص و الياقوت و الزبرجد و الكحل و العنبر و القير و النفط و الكبريت بعد المئونة.

و اختلفوا في اعتبار النصاب فذهب جماعة كثيرة إلى عدم اعتبار النصاب حتى نقل ابن إدريس عليه الإجماع و اعتبر أبو الصلاح بلوغ قيمته دينارا واحدا، و قال الشيخ في" يه" إن نصابه عشرون دينارا و اختاره أكثر المتأخرين و هو أقوى، و يجب الخمس أيضا في الكنوز المأخوذة في دار الحرب مطلقا سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا، و في دار الإسلام أم لا، أو في دار الإسلام و ليس عليه أثره و الباقي له، و المراد بالكنز المال المذخور تحت الأرض، و قطعوا بأن النصاب معتبر فيه، فقيل: في الذهب عشرون مثقالا و في الفضة مائتا درهم، و ما عداهما يعتبر قيمته بأحدهما، و جماعة من الأصحاب اقتصروا على ذكر نصاب الذهب و لعله على التمثيل.

و يجب الخمس في الغوص كالجوهر و الدر و اختلفوا في نصابه، فالأكثر على أنه دينار واحد و قيل: عشرون دينارا، و الأول أظهر.

و المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس فيما يفضل عن مئونة سنة له و لعياله من أرباح التجارات و الصناعات و الزراعات، و نسبه في المنتهى إلى علمائنا أجمع، و المستفاد من كثير من الأخبار أنه مختص بالإمام عليه السلام، و القول به غير معروف بين المتأخرين، لكن لا يبعد أن يقال كلام ابن الجنيد ناظر إليه، و أنه مذهب القدماء و الأخباريين، و قال أبو الصلاح: يجب في الميراث و الهبة و الهدية أيضا، و كثير من الأخبار الدالة على الخمس في هذا النوع شامل بعمومها للكل، و ذكر الشيخ و من تبعه وجوب الخمس في أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم و نفاه بعضهم.

ص: 256

وَ مِنَ الْكُنُوزِ وَ مِنَ الْمَعَادِنِ وَ الْمَلَّاحَةِ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ هَذِهِ الصُّنُوفِ الْخُمُسُ فَيُجْعَلُ لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَ يُقْسَمُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَ وَلِيَ ذَلِكَ وَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ- سَهْمٌ لِلَّهِ وَ سَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ وَ سَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى وَ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَ سَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَ سَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَسَهْمُ اللَّهِ وَ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ لِأُولِي الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وِرَاثَةً فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ وِرَاثَةً وَ سَهْمٌ مَقْسُومٌ لَهُ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُ نِصْفُ الْخُمُسِ كَمَلًا وَ نِصْفُ الْخُمُسِ الْبَاقِي بَيْنَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَسَهْمٌ لِيَتَامَاهُمْ وَ سَهْمٌ لِمَسَاكِينِهِمْ وَ سَهْمٌ لِأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ فِي سَنَتِهِمْ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْ ءٌ فَهُوَ لِلْوَالِي

و ذكروا أيضا الخمس في الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعلم صاحبه و مقداره، و اختلفوا في أن مصرفه مصرف الخمس أو الصدقات أو الأعم.

و الملاحة بفتح الميم و تشديد اللام ما يخلق فيه الملح، و إنما أفردت بالذكر مع كونها من المعادن لأن بعض الناس لا يعدها منها لابتذالها، فهو من قبيل ذكر الخاص بعد العام، و قوله عليه السلام: بين من قاتل عليه، ناظر إلى الغنائم، و" ولي ذلك" إلى ما عداها، و ضمير بينهم راجع إلى من في قوله فيجعل، و جمع الضمير باعتبار المعنى.

ثم اعلم أن الآية الشريفة إنما تضمنت ذكر مصرف الغنائم خاصة لكن اشتهر بين الأصحاب الحكم بتساوي الأنواع في المصرف، بل ظاهر المنتهى و التذكرة أن ذلك متفق عليه بين الأصحاب، و قد عرفت أن ظاهر جمع من الأصحاب خروج خمس الأرباح من هذا الحكم و اختصاصه بالإمام عليه السلام، و لا يخلو من قوة، و إن كان ظاهر بعض الأخبار أنها داخلة في الآية الكريمة، و أما المعدن و الكنز و الغوص فقيها إشكال، و في القول بأن جميعها له عليه السلام [قوة] و هو يناسب القول بكون مطلق المعادن و البحار له عليه السلام، و ظاهر الكليني (ره) أنه جعلها من الأنفال، و مع ذلك قال بالقسمة بمعنى أن الإمام أعطى العاملين. أربعة أخماسها و ينفق على سائر الأصناف لأنهم عياله بقرينة أن الزائد له، و هذا وجه قريب.

ص: 257

وَ إِنْ عَجَزَ أَوْ نَقَصَ عَنِ اسْتِغْنَائِهِمْ كَانَ عَلَى الْوَالِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ عِنْدِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ وَ إِنَّمَا صَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُونَهُمْ لِأَنَّ لَهُ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ وَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْخُمُسَ خَاصَّةً لَهُمْ دُونَ مَسَاكِينِ النَّاسِ وَ أَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ عِوَضاً لَهُمْ مِنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ تَنْزِيهاً مِنَ اللَّهِ لَهُمْ لِقَرَابَتِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ لَهُمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ فَجَعَلَ لَهُمْ خَاصَّةً مِنْ عِنْدِهِ مَا يُغْنِيهِمْ بِهِ عَنْ أَنْ يُصَيِّرَهُمْ فِي مَوْضِعِ الذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ لَا بَأْسَ بِصَدَقَاتِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْخُمُسَ هُمْ قَرَابَةُ النَّبِيِّ ص الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ

قوله عليه السلام: فإن فضل عنهم شي ء" إلخ" هذا هو المشهور بين الأصحاب، و خالف فيه ابن إدريس فقال: لا يجوز له أن يأخذ فاضل نصيبهم، و لا يجب عليه إكمال ما نقص لهم، و توقف فيه العلامة في المختلف.

" و إن عجز أو نقص" كان الفرق بينهما أن العجز عدم قابليته للقسمة و عدم وفاء الأقسام بقدر استغنائهم، و يحتمل أن يكون الشك من الراوي، و قوله:

يمونهم، أي ينفق عليهم إشارة إلى أنهم عياله، و لذا كان له ما فضل عنهم، و يدل على أنه لا يجوز أن يعطى كل منهم أكثر من قوت السنة كما هو المشهور، و قيل:

يجوز أن يعطي الزائد دفعة كالزكاة، ثم اختلفوا في جواز تخصيص النصف الذي لغير الإمام بطائفة من الطوائف الثلاث و المشهور الجواز، و ظاهر الشيخ في" ط" المنع كما هو ظاهر الخبر.

قوله عليه السلام: كرامة من الله لهم، أي تكريما من عنده، و لعل الفرق أن الزكاة يخرج من المال لتطهيره و لدفع البلايا عن النفس و المال بخلاف الخمس فإنه حق في أصل المال أشرك الله تعالى نفسه فيه لئلا يتوهم أن في أخذه غضاضة كما في الزكاة، بل يمكن أن يقال: أن أصل المال كله للإمام خلقه الله له و ما يعطيه غيره من مواليه و شركائه في الخمس من منه عليهم، و نفقة ينفقها عليهم لأنهم من أقاربه و أتباعه و مواليه و أعوانه على دين الله كما مر من المصنف الإشارة إليه.

ص: 258

الْأَقْرَبِينَ وَ هُمْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْفُسُهُمْ الذَّكَرُ مِنْهُمْ وَ الْأُنْثَى لَيْسَ فِيهِمْ مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ قُرَيْشٍ وَ لَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ وَ لَا فِيهِمْ وَ لَا مِنْهُمْ فِي هَذَا الْخُمُسِ مِنْ مَوَالِيهِمْ وَ قَدْ تَحِلُّ صَدَقَاتُ النَّاسِ لِمَوَالِيهِمْ وَ هُمْ وَ النَّاسُ سَوَاءٌ وَ مَنْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ أَبُوهُ مِنْ سَائِرِ قُرَيْشٍ

قوله عليه السلام: هم بنو عبد المطلب، لأن ولد هاشم انحصر في ولد عبد المطلب و كان لعبد المطلب عشرة من الأولاد لم يبق منهم ولد إلا من خمسة عبد الله، و أبي طالب، و العباس و الحارث، و أبي لهب، و لم يبق لعبد الله ولد إلا من ولد أبي طالب فاتحدا في النسب و عمدة بني هاشم منهم و الثلاثة الأخيرة إن عرف نسبهم اليوم فهم في غاية الندرة، و قوله: أنفسهم، أي لا مواليهم.

و في القاموس: البيت من الشعر و المدر معروف، و الجمع أبيات و بيوت، و جمع الجمع أبابيت و بيوتات و أبياوات، انتهى.

و قريش هم الذين انتسبوا إلى النضر بن كنانة، و في المصباح: قريش هو النضر بن كنانة و من لم يلده فليس بقريش، و قيل: قريش هو فهر بن مالك و من لم يلده فليس من قريش، و أصل القرش الجمع، قوله: من مواليهم، أي أحد من مواليهم، و في بعض النسخ كما في التهذيب مواليهم بدون من فهو مبتدأ و لا فيهم خبره قدم عليه، أي ليس داخلا فيهم حقيقة" و لا منهم" أي ليس معدودا منهم و منسوبا إليهم، و الموالي من أعتقهم قريش أو من نزل فيهم و صار حليفا لهم و عد منهم بالولاء.

" و من كانت أمه من بني هاشم" يدل على ما هو المشهور من اشتراط كون الانتساب بالأب، و خالف في ذلك السيد رضي الله عنه و بعض الأصحاب، و يدل عليه أخبار كثيرة، و يمكن حمل هذا الخبر على التقية و إن كان فيه كثير مما يخالف العامة.

ص: 259

فَإِنَّ الصَّدَقَاتِ تَحِلُّ لَهُ وَ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْخُمُسِ شَيْ ءٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ وَ لِلْإِمَامِ صَفْوُ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ صَفْوَهَا الْجَارِيَةَ الْفَارِهَةَ وَ الدَّابَّةَ الْفَارِهَةَ وَ الثَّوْبَ وَ الْمَتَاعَ بِمَا يُحِبُّ أَوْ يَشْتَهِي فَذَلِكَ لَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ وَ لَهُ أَنْ يَسُدَّ بِذَلِكَ الْمَالِ جَمِيعَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ مِثْلِ إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنُوبُهُ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْ ءٌ أَخْرَجَ الْخُمُسَ مِنْهُ

" ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ" فيه دلالة على أن المدار في النسب على الأب للتخصيص به في مقام ذكر النسب الحقيقي مع قوله" فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ" و لم يجوز الانتساب إلى الأم، و يشكل بأن الكلام لما كان في المتبني و أنه ليس باب حقيقة، فذكر الأب لا يدل على عدم الانتساب إلى الأم مع أنه لا ريب في كون الولد ولدا للأم و إنما الكلام في الانتساب إلى الجد الأمي، و لعل وهن الدليل ظاهرا مما يؤيد صدور الحكم تقية.

و الصفو بالفتح الجيد المختار و أن يأخذ بدله، و المراد بهذه الأموال الغنائم، و الجارية بدل تفصيل لصفوها، و الفارهة المليحة الحسناء، و الدابة الفارهة الحاذقة النشيطة الحادة القوية و قد فره بالضم يفره فهو فاره و هو نادر مثل حامض، و قياسهما فرية و حميض مثل صفر فهو صفير و ملح فهو مليح، و يقال للبرذون و البغل و الحمار فاره بين الفروهة و الفراهة و الفراهية.

قوله عليه السلام: بما يحب، كان الباء للمصاحبة، أي مع ما يحب و يشتهي من غيرها، أو سببية و ما مصدرية، و قيل: المتاع بالفتح اسم التمتع أي الانتفاع و هو مرفوع بالعطف على صفو المال، و الظرف متعلق بالمتاع، أقول: و في التهذيب مما يجب، فلا يحتاج إلى تكلف، و الفرق بين الحب و الاشتهاء أن الأول أقوى من الثاني، أو الأول ما يكون لرعاية مصلحة و الثاني ما يكون لمحض شهوة النفس، أو الترديد من الراوي، و قيد بعض الأصحاب الحكم بعدم الإجحاف، و ظاهر الخبر ينفيه.

ص: 260

فَقَسَمَهُ فِي أَهْلِهِ وَ قَسَمَ الْبَاقِيَ عَلَى مَنْ وَلِيَ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ سَدِّ النَّوَائِبِ شَيْ ءٌ فَلَا شَيْ ءَ لَهُمْ وَ لَيْسَ لِمَنْ قَاتَلَ شَيْ ءٌ مِنَ الْأَرَضِينَ وَ لَا مَا غَلَبُوا عَلَيْهِ إِلَّا مَا احْتَوَى عَلَيْهِ الْعَسْكَرُ وَ لَيْسَ لِلْأَعْرَابِ مِنَ الْقِسْمَةِ شَيْ ءٌ وَ إِنْ قَاتَلُوا مَعَ الْوَالِي لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص صَالَحَ الْأَعْرَابَ أَنْ يَدَعَهُمْ فِي دِيَارِهِمْ وَ لَا يُهَاجِرُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ دَهِمَ رَسُولَ اللَّهِ ص مِنْ عَدُوِّهِ دَهْمٌ أَنْ يَسْتَنْفِرَهُمْ فَيُقَاتِلَ بِهِمْ وَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ وَ سُنَّتُهُ جَارِيَةٌ

قوله: جميع ما ينوبه، أي ينزل به من الحاجة" ولي ذلك" بكسر اللام أي باشر القتال" و ليس لمن قاتل شي ء من الأرضين" أي لا يدخل في غنائمهم و إن كان لهم نصيب في حاصلها لدخولهم في المسلمين" و ما غلبوا عليه إلا ما احتوى العسكر" ظاهره أن الأموال الغائبة لا تدخل في الغنيمة فهي إما مختصة بالإمام أو هي لسائر المسلمين، و هذا خلاف المشهور إلا أن يقال أنها داخلة فيما حواه العسكر إن أخذوها قسرا و قهرا و إلا فهي من الأنفال، أو يقال: المراد بما احتوى عليه العسكر ما حازته و جعلته تحت تصرفها دون ما كان ركازا و نحوه، و هذا وجه قريب.

و الأعراب: سكان البوادي، و قيل: هم من أظهر الإسلام و لم يصفه أي لم يعرف معناه حيث يعبر عنه بنعوته المعنوية، و إنما أظهر الشهادتين فقط و ليس له علم بمقاصد الإسلام، و عدم القسمة لهم في الغنيمة هو المشهور بين الأصحاب، و قال ابن إدريس: يسهم لهم كغيرهم للآية، و لم يثبت التخصيص، و أجيب بأن فعله صلى الله عليه و آله و سلم مخصص للكتاب، و في القاموس: الدهماء العدد الكثير و جماعة الناس، و دهمك كسمع و منع: غشيك، و أي دهم هو؟ أي أي الخلق، و في النهاية: الدهم العدد الكثير، و منه الحديث من أراد المدينة بدهم أي بأمر عظيم و غائلة، من أمر يدهمهم أي يفجأهم هو.

قوله: أن يستنفرهم، أي يطلب نفورهم و خروجهم إلى الجهاد، و في النهاية:

فيه إذا استنفرتم فانفروا، الاستنفار الاستنجاز و الاستنصار أي إذا طلب منكم النصرة

ص: 261

فِيهِمْ وَ فِي غَيْرِهِمْ وَ الْأَرَضُونَ الَّتِي أُخِذَتْ عَنْوَةً بِخَيْلٍ وَ رِجَالٍ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ مَتْرُوكَةٌ فِي يَدِ مَنْ يَعْمُرُهَا وَ يُحْيِيهَا وَ يَقُومُ عَلَيْهَا عَلَى مَا يُصَالِحُهُمُ الْوَالِي عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ مِنَ الْحَقِّ النِّصْفِ أَوِ الثُّلُثِ أَوِ الثُّلُثَيْنِ وَ عَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ لَهُمْ صَلَاحاً وَ لَا يَضُرُّهُمْ فَإِذَا أُخْرِجَ مِنْهَا مَا أُخْرِجَ بَدَأَ فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْعُشْرَ مِنَ الْجَمِيعِ مِمَّا سَقَتِ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ سَيْحاً وَ نِصْفَ الْعُشْرِ مِمَّا سُقِيَ بِالدَّوَالِي وَ النَّوَاضِحِ فَأَخَذَهُ الْوَالِي فَوَجَّهَهُ فِي

فأجيبوا و انفروا خارجين إلى الإعانة، و في بعض النسخ يستفزهم بترك النون و الزاء المشددة أي يزعجهم، يقال استفزه الخوف أي استخفه.

" أخذت عنوة" بالفتح أي قهرا بخيل، تفسير لقوله: عنوة و رجال بالجيم أي مشاة، و ربما يقرأ بالحاء المهملة جمع رحل مراكب للإبل، و في التهذيب: و ركاب، و هو أظهر و أوفق بالآية، و قوله: متروكة، تفسير لقوله: موقوفة، و دخول الفاء في الخبر لكون المبتدأ موصوفا بالموصول فيتضمن معنى الشرط" على ما يصالحهم" متعلق بموقوفة أو متروكة أو يعمرها و ما بعده على التنازع" من الحق" أي حق الأرض، و في التهذيب من الخراج.

" فإذا أخرج منها ما أخرج" فيه إيماء إلى إخراج المؤن، و اختلف الأصحاب في ذلك فقال الشيخ في" ط" و" ف" المؤن كلها على رب المال دون الفقراء، و نسبه في" ف" إلى جميع الفقهاء و حكى يحيى بن سعيد عليه الإجماع إلا من عطاء، و اختاره جماعة من المتأخرين منهم الشهيد الثاني في فوائد القواعد، و قال الشيخ في" يه" باستثناء المؤن كلها و هو قول المفيد و ابن إدريس و الفاضلين و الشهيد، و نسبه العلامة في المنتهى إلى أكثر الأصحاب و الأول أقوى، و هذه العبارة ليست بصريحة في الاستثناء إذ يمكن أن يقرأ الفعلان على بناء المجهول، أي أخرج الله من الأرض ما أخرج و يؤيده أن في" يب" فإذا خرج منها فابتدأ من الجميع، أي قبل إخراج حصة العامل" مما سقت السماء" أي السحاب أو هو مبني على نزول الماء من السماء إلى السحاب" سيحا" أي جريا على وجه الأرض و في القاموس ساح الماء يسيح سيحا

ص: 262

الْجِهَةِ الَّتِي وَجَّهَهَا اللَّهُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ فِي سَنَتِهِمْ بِلَا ضِيقٍ وَ لَا تَقْتِيرٍ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْ ءٌ رُدَّ إِلَى الْوَالِي وَ إِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْ ءٌ وَ لَمْ يَكْتَفُوا بِهِ كَانَ عَلَى الْوَالِي أَنْ يَمُونَهُمْ مِنْ

و سيحانا: جرى على وجه الأرض، و السيح: الماء الجاري الظاهر، و الدوالي جمع الدالية و هي المنجنون و الدولاب يدار للاستسقاء بالدلو، و النواضح جمع ناضحة الدلاء العظيمة، و النوق التي يستقى عليها.

" ثمانية أسهم" مبتدأ تقسم خبره، و في" يب" يقسمها بينهم" في مواضعهم" متعلق بتقسم أو حال عن ضمير بينهم، و الغرض عدم نقل الزكاة من موضع إلى آخر مع وجود المستحق، أو أنه لا يطلب المستحق لتسليم الزكاة بل تنقل الزكاة إليه، و اختلف الأصحاب في جواز نقلها عن بلد المال مع وجود المستحق فيه، و قيل:

يجوز مع الضمان.

قوله عليه السلام: بلا ضيق، أي في أنفسهم" و لا تقتير" أي على عيالهم، أو التقتير أهون من الضيق" رد إلى الوالي" أي الإمام أو نائبه لا لأن يأخذه لنفسه بل ليصرفه في مصرف آخر يراه مصلحة لأن الصدقة محرمة على الإمام، و ظاهره أنه لا يعطى من الزكاة أكثر من قوت السنة، و هو خلاف المشهور بين الأصحاب، قال في المنتهى:

يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه و ما يزيد على غناه، و هو قول علمائنا أجمع، نعم قيل: في ذي الكسب إذا قصر كسبه عن مؤنة سنة لا يأخذ ما يزيد على كفايته، و ظاهر المنتهى وقوع الخلاف في غير ذي الكسب أيضا حيث قال: لو كان معه ما يقصر عن مؤنته و مؤنة عياله حولا جاز له أخذ الزكاة لأنه محتاج، و قيل: لا يأخذ زائدا عن تتمة المؤنة حولا، و ليس بالوجه، انتهى.

و يمكن حمل الخبر على أنه يجوز للإمام أن يفعل ذلك لا أنه يجب عليه،

ص: 263

عِنْدِهِ بِقَدْرِ سَعَتِهِمْ حَتَّى يَسْتَغْنُوا وَ يُؤْخَذُ بَعْدُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعُشْرِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْوَالِي وَ بَيْنَ شُرَكَائِهِ الَّذِينَ هُمْ عُمَّالُ الْأَرْضِ وَ أَكَرَتُهَا فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ أَنْصِبَاؤُهُمْ عَلَى مَا صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ وَ يُؤْخَذُ الْبَاقِي فَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْزَاقَ أَعْوَانِهِ عَلَى دِينِ اللَّهِ وَ فِي مَصْلَحَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ تَقْوِيَةِ الْإِسْلَامِ وَ تَقْوِيَةِ الدِّينِ فِي وُجُوهِ الْجِهَادِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ لَيْسَ لِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ وَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ الْأَنْفَالُ وَ الْأَنْفَالُ كُلُّ أَرْضٍ خَرِبَةٍ قَدْ بَادَ أَهْلُهَا وَ كُلُّ أَرْضٍ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهَا بِ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لَكِنْ صَالَحُوا صُلْحاً وَ أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ وَ لَهُ رُءُوسُ الْجِبَالِ وَ بُطُونُ الْأَوْدِيَةِ وَ الْآجَامُ وَ كُلُّ أَرْضٍ مَيْتَةٍ لَا رَبَّ لَهَا وَ لَهُ صَوَافِي الْمُلُوكِ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْغَصْبَ كُلَّهُ مَرْدُودٌ وَ هُوَ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَعُولُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ

أو يكون ذلك مختصا بالإمام، و صاحب المال يجوز أن يعطى أكثر.

قوله: بين الوالي لأنه هو الآخذ له و الحاكم عليه ليصرفه في مصارفه لا ليأخذه لنفسه، و في القاموس: الأكرة بالضم الحفرة يجتمع فيها الماء فيغرف صافيا و الأكر و التأكر حفرها، و منه الأكار للحرث و الجمع أكرة كأنه جمع أكر في التقدير.

قوله عليه السلام: و غير ذلك كإعطاء الوفود و إرسال الرسل و إصلاح الطرق و أرزاق المؤذنين و القضاة و أشباهها" قليل و لا كثير" قيل: هذا مبني على عادتهم من ذكر الأقوى بعد الأضعف نحو قوله تعالى:" وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرَ*".

" و له بعد الخمس" أي للإمام" قد باد" أي فنى و هلك" و كل أرض ميتة" بالتشديد و التخفيف و الصوافي جمع الصافية و هي ما اصطفاه ملوك الكفار لأنفسهم من الأموال المنقولة و غيرها، و هو وارث من لا وارث له، سواء كان الميت مسلما أو كافرا و لا يجوز لأحد التصرف فيه في حال حضوره عليه السلام إلا بإذنه، و أما في حال غيبته فقيل: يصرف في فقراء بلد الميت و جيرانه للرواية، و قيل: في الفقراء مطلقا لضعف المخصص، و قيل: في الفقراء و غيرهم كغيره من الأنفال، و لعل الأوسط أقوى" و يعول" أي يقوم بما يحتاج إليه من قوت و كسوة و غيرهما" من لا حيلة له" في

ص: 264

وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ إِلَّا وَ قَدْ قَسَمَهُ وَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ الْخَاصَّةَ وَ الْعَامَّةَ وَ الْفُقَرَاءَ وَ الْمَسَاكِينَ وَ كُلَّ صِنْفٍ مِنْ صُنُوفِ النَّاسِ فَقَالَ لَوْ عُدِلَ فِي النَّاسِ لَاسْتَغْنَوْا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَدْلَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَ لَا يَعْدِلُ إِلَّا مَنْ يُحْسِنُ الْعَدْلَ قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقْسِمُ صَدَقَاتِ الْبَوَادِي فِي الْبَوَادِي وَ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْحَضَرِ فِي أَهْلِ الْحَضَرِ وَ لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ حَتَّى يُعْطِيَ أَهْلَ كُلِّ سَهْمٍ ثُمُناً وَ لَكِنْ يَقْسِمُهَا عَلَى قَدْرِ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ أَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يُقِيمُ كُلَ

تحصيل ذلك المال و الكسب" و قال" أي الكاظم عليه السلام" إلا و قد قسمه" أي في آيات الزكاة و الخمس و الأنفال و الفي ء كما مر" الخاصة" بالنصب بدل تفصيل كل، و المراد الإمام و سائر بني هاشم" و العامة" أي سائر الناس" و الفقراء" عطف تفسير و تفصيل للعامة" لو عدل" على بناء المجهول.

و قد روي عن الصادق عليه السلام: أن الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم و لو علم الله أن ذلك لا يسعهم لزادهم، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله و لكن أتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم، فلو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير.

" إن العدل أحلى من العسل" من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس" و لا يعدل إلا من يحسن العدل" إشارة إلى أن نظام الخلق في المعاش و المعاد لا يتم إلا بإمام عادل عالم بجميع ما تحتاج إليه الأمة" صدقات البوادي" أي التي وجبت فيها أو بتقدير الأهل، و هذا على تقدير وجوبه مقيد بوجود المستحق فيها" و لا يقسم بينهم" أي بين أصل الأصناف، و نقل في التذكرة الإجماع على عدم وجوب البسط على الأصناف، و نقل عن الشافعي وجوبه، و قال الأكثر باستحبابه على قدر ما يقيم، و في" يب" و على قدر ما يغني كل صنف منهم بقدره لسنته.

ص: 265

صِنْفٍ مِنْهُمْ يُقَدِّرُ لِسَنَتِهِ لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْ ءٌ مَوْقُوتٌ وَ لَا مُسَمًّى وَ لَا مُؤَلَّفٌ إِنَّمَا يَضَعُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى وَ مَا يَحْضُرُهُ حَتَّى يَسُدَّ فَاقَةَ كُلِّ قَوْمٍ مِنْهُمْ وَ إِنْ فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ عَرَضُوا الْمَالَ جُمْلَةً إِلَى غَيْرِهِمْ وَ الْأَنْفَالُ إِلَى الْوَالِي وَ كُلُّ أَرْضٍ فُتِحَتْ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ ص إِلَى آخِرِ الْأَبَدِ وَ مَا كَانَ افْتِتَاحاً بِدَعْوَةِ أَهْلِ الْجَوْرِ وَ أَهْلِ الْعَدْلِ لِأَنَّ ذِمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ذِمَّةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ- الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَى دِمَاؤُهُمْ وَ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ

" ليس في ذلك شي ء موقوت" أي لا يكون لأدائه إلى الفقير وقت معين، أو لا يكون له قدر معين بالتعيين النوعي، فالمسمى المعين بالتعيين الشخصي" و لا مؤلف" أي شي ء مكتوب في الكتب، أو المراد بالمؤلف المتشابه و المتناسب من الألفة أي يكون عطاء آحاد كل صنف متناسبا متشابها" عرضوا" أي الإمام و ولاته، و في" يب" فإن فضل من ذلك فضل عن فقراء أهل المال حمله إلى غيرهم.

" و الأنفال إلى الوالي" أي مفوض إلى الرسول و من يقوم مقامه بالحق و" كل" عطف على الأموال، أي و هو أيضا إلى الوالي إما ملكا كأنفالها، أو ولاية كالمفتوحة عنوة منها" إلى آخر الأبد" أي إلى انقراض التكليف" لأن ذمة رسول الله" أي عهدة و حكمه في الجهاد و غيره، فكما أن الأنفال كان في زمن الرسول صلى الله عليه و آله للوالي، و الحكم في المفتوحة عنوة إلى الوالي، فكذا بعد الرسول صلى الله عليه و آله الأنفال للوالي، و هو الإمام، و ما فتح عنوة بغير إذنه عليه السلام فهو أيضا له، و هو من الأنفال على المشهور، و ما كان بإذنه فالتصرف فيها إليه، و يحتمل أن يكون المراد بها الأراضي الأنفالية خاصة، و يؤيده أن في التهذيب هكذا: و الأنفال إلى الوالي كل أرض فتحت في زمن النبي صلى الله عليه و آله إلى آخر الأبد ما كان افتتاح بدعوة النبي صلى الله عليه و آله من أهل الجور و أهل العدل، فإن الظاهر أن المراد به أن أنفال كل أرض سواء فتحت في زمن النبي صلى الله عليه و آله أو في زمن أهل الجور أو في زمن أهل العدل إلى الوالي إذا كان الافتتاح بالدعوة التي كان النبي صلى الله عليه و آله يدعو بها، أي كان جهادهم للدعوة

ص: 266

وَ لَيْسَ فِي مَالِ الْخُمُسِ زَكَاةٌ لِأَنَّ فُقَرَاءَ النَّاسِ جُعِلَ أَرْزَاقُهُمْ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ جَعَلَ لِلْفُقَرَاءِ قَرَابَةِ الرَّسُولِ ص نِصْفَ الْخُمُسِ فَأَغْنَاهُمْ بِهِ عَنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ وَ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ ص وَ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَمْ يَبْقَ فَقِيرٌ مِنْ فُقَرَاءِ النَّاسِ وَ لَمْ يَبْقَ فَقِيرٌ مِنْ فُقَرَاءِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَّا وَ قَدِ اسْتَغْنَى فَلَا فَقِيرَ وَ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَالِ النَّبِيِّ ص وَ الْوَالِي زَكَاةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ وَ لَكِنْ عَلَيْهِمْ أَشْيَاءُ تَنُوبُهُمْ مِنْ وُجُوهٍ وَ لَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْوُجُوهِ كَمَا عَلَيْهِمْ

5 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَظُنُّهُ السَّيَّارِيَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ

إلى الإسلام و هذا أنسب بما بعده، لأن غالب الأنفال الأراضي التي أعطوها صلحا طلبا للأمان، و قد حكم رسول الله صلى الله عليه و آله بإمضاء ذمة المسلمين و أمانهم بعضهم على بعض، و على الأول تأييد لاتحاد أحكامهم في الأولين و الآخرين، لكونهم إخوة، أي متساوون في الأحكام، قال في النهاية: قد تكرر في الحديث ذكر الذمة و الذمام، و هما بمعنى العهد و الأمان و الضمان و الحرمة و الحق، و سموا أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين و أمانهم، و منه الحديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم، أي تتساوى في القصاص و الديات، و إذا أعطى أحد الجيش العدو أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين و ليس لهم أن يخفروا، و لا أن ينقضوا عليه عهده.

قوله عليه السلام: و ليس في مال الخمس زكاة، أقول: ليس في بالي من تعرض لهذا الحكم و لم يعد من خصائص النبي صلى الله عليه و آله، و ربما ينافي ما ورد في الزيارات الكثيرة: أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة، و يمكن حمله على أنه لا يبقى عنده سنة بل يقسم قبل ذلك أو أطلق الزكاة على الخمس مجازا.

قوله عليه السلام: و لهم من تلك الوجوه، لعله إشارة إلى هدايا الوفود و غيرهم و صوافي الملوك و أمثالها.

الحديث الخامس

: مجهول.

و المهدي هو محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثالث الخلفاء

ص: 267

أَسْبَاطٍ قَالَ لَمَّا وَرَدَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى ع عَلَى الْمَهْدِيِّ رَآهُ يَرُدُّ الْمَظَالِمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا بَالُ مَظْلِمَتِنَا لَا تُرَدُّ فَقَالَ لَهُ وَ مَا ذَاكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا فَتَحَ عَلَى نَبِيِّهِ ص فَدَكاً وَ مَا وَالاهَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ص وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ فَلَمْ يَدْرِ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ هُمْ فَرَاجَعَ فِي ذَلِكَ جَبْرَئِيلَ وَ رَاجَعَ جَبْرَئِيلُ ع رَبَّهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ادْفَعْ فَدَكاً إِلَى فَاطِمَةَ ع فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهَا يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْكِ فَدَكاً فَقَالَتْ قَدْ قَبِلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْكَ فَلَمْ يَزَلْ وُكَلَاؤُهَا فِيهَا- حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا وُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَ عَنْهَا وُكَلَاءَهَا فَأَتَتْهُ فَسَأَلَتْهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا ائْتِينِي بِأَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ يَشْهَدُ لَكِ بِذَلِكِ فَجَاءَتْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ أُمِّ أَيْمَنَ فَشَهِدَا لَهَا فَكَتَبَ لَهَا بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ فَخَرَجَتْ وَ الْكِتَابُ مَعَهَا فَلَقِيَهَا عُمَرُ فَقَالَ مَا هَذَا مَعَكِ يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ قَالَتْ كِتَابٌ كَتَبَهُ

العباسية، و المظلمة بتثليث اللام: المأخوذة ظلما" و ما ذاك" أي هذا الكلام" و ما والاها" أي قاربها من توابعها أو شاركها في الحكم" لم يوجف عليها" إشارة إلى ما مر من آية الحشر و قد يستشكل بأن سورة الحشر مدنية" وَ آتِ ذَا الْقُرْبى" في سورة الأسرى و هي مكية فكيف نزلت بعد الأولى، مع أنه معلوم أن هذه القضية كانت في المدينة؟ و الجواب: أن السور المكية قد تكون فيها آيات مدنية و بالعكس، فإن الاسمين مبنيان على الغالب، و يؤيده أن الطبرسي (ره) قال في مجمع البيان: سورة بني إسرائيل هي مكية كلها، و قيل: مكية إلا خمس آيات وعد منها" وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ" رواه عن الحسن، و زاد ابن عباس ثلاثا آخر.

قوله: ائتيني بأسود أو أحمر، قال في النهاية: فيه بعثت إلى الأحمر و الأسود، أي العجم و العرب، لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة و البياض، و على ألوان العرب الأدمة و السمرة قوله: هذا لم يوجف عليه، كان اللعين قال هذا استهزاء بالله و برسوله و بالقرآن، أو المراد أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أيضا لم يتعب في تحصيلها حتى تكون

ص: 268

لِيَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ قَالَ أَرِينِيهِ فَأَبَتْ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهَا وَ نَظَرَ فِيهِ ثُمَّ تَفَلَ فِيهِ وَ مَحَاهُ وَ خَرَقَهُ فَقَالَ لَهَا هَذَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ أَبُوكِ بِ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ فَضَعِي الْحِبَالَ فِي رِقَابِنَا فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ يَا أَبَا الْحَسَنِ حُدَّهَا لِي فَقَالَ حَدٌّ مِنْهَا جَبَلُ أُحُدٍ وَ حَدٌّ مِنْهَا عَرِيشُ مِصْرَ وَ حَدٌّ مِنْهَا سِيفُ الْبَحْرِ وَ حَدٌّ مِنْهَا دُومَةُ الْجَنْدَلِ فَقَالَ لَهُ كُلُّ هَذَا قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا كُلُّهُ إِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَى أَهْلِهِ-

له، و كأنه خذله الله لم يدر معنى" أَفاءَ" و لا معنى" وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ" أو تجاهل.

" فضعي الحبال" في بعض النسخ بالحاء المهملة أي ضعي الحبال في رقابنا لترفعنا إلى حاكم قاله تحقيرا أو تعجيزا أو قاله تفريعا على المحال بزعمه، أي أنك إذا أعطيت ذلك وضعت الحبل على رقابنا و جعلتنا عبيدا لك، أو أنك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها ملكك فاحكمي على رقابنا أيضا بالملكية، و قيل:

أراد به أنك أردت بذلك تسخيرنا و لن تستطيعي ذلك فإنا قاهرون، و في بعض النسخ بالجيم أي قدرت على وضع الجبال على رقابنا جزاء لما فعلنا فضعي، أو الجبال كناية عن الإثم و الوزر، و على التقديرين فالكلام أيضا على الاستهزاء و التعجيز.

و العريش كل ما يستظل به و المراد هنا ابتداء بيوت مصر، و السيف بالكسر ساحل البحر و ساحل الوادي، و أكثر ما يقال لسيف عمان، و في المغرب: دومة الجندل بالضم عند اللغويين، و المحدثون على الفتح و هو خطاء عن ابن دريد، هي حصن على خمسة عشر ليلة من المدينة، و من الكوفة على عشر مراحل، ثم الظاهر أن ما ذكره عليه السلام حدود للأنفال التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب لا لفدك، إذ المشهور أنه اسم لقرية مخصوصة، و في الحديث إيماء إليه حيث قال: هذا كله مما لم يوجف، و قال أيضا: فدك و ما والاها، فقول جبرئيل عليه السلام: أن ادفع فدك، أي فدك و ما والاها، أو أطلق فدك على الجميع مجازا تسمية للكل باسم الجزء.

و أقول: قد بسطنا الكلام في قصة فدك و غصب أبي بكر و عمر إياها من فاطمة

ص: 269

رَسُولُ اللَّهِ ص بِخَيْلٍ وَ لَا رِكَابٍ فَقَالَ كَثِيرٌ وَ أَنْظُرُ فِيهِ

6 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ الْأَنْفَالُ هُوَ النَّفْلُ وَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ جَدْعُ الْأَنْفِ

7 أَحْمَدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فَقِيلَ لَهُ فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَلِمَنْ هُوَ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ فَقِيلَ لَهُ أَ فَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ صِنْفٌ مِنَ الْأَصْنَافِ أَكْثَرَ وَ صِنْفٌ أَقَلَّ مَا يُصْنَعُ بِهِ قَالَ ذَاكَ إِلَى الْإِمَامِ أَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ص كَيْفَ يَصْنَعُ أَ لَيْسَ إِنَّمَا كَانَ يُعْطِي عَلَى مَا يَرَى كَذَلِكَ الْإِمَامُ

عليها السلام، و ما جرى في ذلك من الاحتجاج و أجوبة شبه المخالفين في كتاب الفتن عند ذكر مثالب أبي بكر، و هي طويلة الذيل لا يسع الكتاب إيرادها.

الحديث السادس

: ضعيف على المشهور.

قوله: هو النفل، أي هو جمع النفل بفتح الأول و سكون الثاني، و هو الزيادة أي هو زيادة عطية خصنا الله بها، و يؤيده أن في التهذيب من النفل، أو المعنى هي نفل و عطية لنا، قال في النهاية: النفل بالتحريك الغنيمة و جمعه أنفال، و النفل بالسكون و قد يحرك الزيادة.

قوله: جدع الأنف، أي قطع أنف المخالفين و هو كناية عن إذ لا لهم و إسكانهم كما أن شموخ الأنف كناية عن العزة و الرفعة و إنما كان فيه جدع أنفهم لأنه حكم الله تعالى بأن الأنفال لله و الرسول، و معلوم أن ما كان للرسول فهو للقائم مقامه بعده.

الحديث السابع

: صحيح و قد مر الكلام فيه.

ص: 270

8 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْحَدِيدِ وَ الرَّصَاصِ وَ الصُّفْرِ فَقَالَ عَلَيْهَا الْخُمُسُ

9 عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ الْإِمَامُ يُجْرِي وَ يُنَفِّلُ وَ يُعْطِي مَا شَاءَ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ السِّهَامُ وَ قَدْ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِقَوْمٍ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ فِي الْفَيْ ءِ نَصِيباً وَ إِنْ شَاءَ قَسَمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ

10 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ حُكَيْمٍ مُؤَذِّنِ ابْنِ عِيسَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى

الحديث الثامن

: حسن.

و قال في بحر الجواهر: الرصاص بالفتح و العامة تقوله بالكسر كذا في القانون، و قال صاحب الاختيارات هو القلعي فارسية" ارزيز" و يستفاد من المغرب و النهاية و الصراح و المقاييس و جامع ابن بيطار: أن الرصاص نوعان أحدهما أبيض و يقال له القلعي بفتح اللام، و هو منسوب إلى قلع بسكون اللام و هو معدن، و ثانيهما أسود و يقال له الأسرب، انتهى.

و الصفر بالضم نوع من النحاس، و كون الخمس فيها لا ينافي كونه في غيرها.

الحديث التاسع

: حسن.

" يجري" من الإجراء أي الإنفاق، لأنه ينفق على جماعة يذهب بهم لمصالح الحرب، و منهم من قرأ بالزاء أي يعطي جزاء من عمل شيئا" و ينفل" أي يأخذ لنفسه زائدا على الخمس أي يعطى غيره زائدا على الإنفاق و الأجرة، و القوم عبارة عن الأعراب" و إن شاء قسم ذلك" أي شيئا من المال المغنوم" بينهم" أي بين القوم، أي أقل من حصة الغانمين، أو المعنى إن شاء أعطاهم مثل حصة الغانمين.

الحديث العاشر

: ضعيف على المشهور.

و في رجال الشيخ حكيم مؤذن بني عبس بالباء الموحدة، و في التهذيب بني

ص: 271

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بِمِرْفَقَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ هِيَ وَ اللَّهِ الْإِفَادَةُ يَوْماً بِيَوْمٍ إِلَّا

عيس بالياء المثناة، و على أي حال مجهول الحال، و المراد بالإفادة الاستفادة، في الصحاح: أفدته استفدته، و في القاموس: أفاده و استفاده اقتناه" و يوما" مفعول و بيوم نعت، أي ليس بينهما فاصلة، و يدل على أن مطلق الفوائد داخلة في الآية، و المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في أرباح التجارات و الصناعات و الزراعات و غير ذلك عدا الميراث و الهبة و الصداق بعد إخراج مئونة سنة له و لعياله، و في المعتبر و المنتهى و جميع الاكتسابات، و نسبه في المعتبر إلى كثير من علمائنا أجمع.

و قال الشهيد (ره) في البيان و ظاهر ابن الجنيد و ابن أبي عقيل العفو عن هذا النوع، و أنه لا خمس فيه، و الأكثر على وجوبه و هو المعتمد لانعقاد الإجماع عليه في الأزمنة السالفة لزمانهما، و اشتهار الروايات فيه، انتهى.

و قال أبو الصلاح: يجب في الميراث و الهبة و الهدية أيضا، و أنكره ابن إدريس و قال: هذا شي ء لم يذكره أحد من أصحابنا غير أبي الصلاح، و كثير من الأخبار الدالة على الخمس في هذا النوع شامل بعمومها للكل، انتهى.

و في صحيحة علي بن مهزيار: و الغنائم و الفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها، و الجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر، و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن، و مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله، و مثل مال يوجد لا يعرف له صاحب" الخبر".

و ذهب جماعة من المتأخرين إلى أن هذا النوع من الخمس حصة الإمام منه أو جميعه ساقط في زمان الغيبة، للأخبار الدالة على أنهم عليهم السلام أبا حواء ذلك لشيعتهم مع أن بعض المتأخرين قالوا بأن جميع هذا الخمس للإمام.

و المسألة في غاية الإشكال إذ إباحة بعض الأئمة عليهم السلام في بعض الأزمنة لبعض المصالح لا يدل على السقوط في جميع الأزمان، مع أنه قد دلت أخبار كثيرة على

ص: 272

أَنَّ أَبِي جَعَلَ شِيعَتَهُ فِي حِلٍّ لِيَزْكُوا

11 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الْخُمُسِ فَقَالَ فِي كُلِّ مَا أَفَادَ النَّاسُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ

12 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَتَبْتُ جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ تُعَلِّمُنِي مَا الْفَائِدَةُ وَ مَا حَدُّهَا رَأْيَكَ أَبْقَاكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَمُنَ

أنهم لم يبيحوا ذلك، و في بعض أخبار الإباحة إشعار بتخصيصها بالمناكح، و ما دل على الإباحة في خصوص زمان الغيبة أخبار شاذة لا تعارض الأخبار الكثيرة.

و المشهور بين الأصحاب أنه في زمان الغيبة أباحوا عليهم السلام المناكح و هي الجواري التي تسبى من دار الحرب فإنه يجوز شراؤها و وطيها و إن كانت بأجمعها للإمام إذا غنمت من غير إذنه عند الأكثر، و فسرها بعضهم بمهر الزوجة و ثمن السراري من الربح، و أبا حواء أيضا المساكن و فسرت بما يتخذ منها فيما يختص بالإمام من الأرض أو الأرباح، و قيل: ثمن المساكن مما فيه الخمس مطلقا، و أباحوا المتاجر أيضا و فسرت بما يشتري من الغنائم المأخوذة من أهل الحرب، و إن كانت بأسرها أو بعضها للإمام، و فسرها ابن إدريس بشراء متعلق الخمس ممن لا يخمس فلا يجب على المشتري إخراج الخمس إلا أن يتجر فيه و يربح و فسرها بعضهم بما يكتسب من الأرض و الأشجار المختصة به عليه السلام.

قوله عليه السلام: ليزكوا أي ليطهروا من خبث الولادة، أو من شغل ذمتهم بأموال الإمام عليه السلام.

الحديث الحادي عشر

: حسن أو موثق، و يدل على أن الخمس في جميع الفوائد.

الحديث الثاني عشر

: مجهول.

و كان المكتوب إليه الهادي أو الجواد أو الرضا عليهم السلام" مما يفيد إليك" على المجرد أي يحصل لك أو على بناء الأفعال أي تستفيده، و على التقديرين التعدية بإلى

ص: 273

عَلَيَّ بِبَيَانِ ذَلِكَ لِكَيْلَا أَكُونَ مُقِيماً عَلَى حَرَامٍ لَا صَلَاةَ لِي وَ لَا صَوْمَ فَكَتَبَ الْفَائِدَةُ مِمَّا يُفِيدُ إِلَيْكَ فِي تِجَارَةٍ مِنْ رِبْحِهَا وَ حَرْثٍ بَعْدَ الْغَرَامِ أَوْ جَائِزَةٍ

13 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع الْخُمُسُ أُخْرِجُهُ قَبْلَ الْمَئُونَةِ أَوْ بَعْدَ الْمَئُونَةِ فَكَتَبَ بَعْدَ الْمَئُونَةِ

لتضمين معنى الوصول و نحوه، في القاموس: فأد المال ثبت أو ذهب، و الفائدة حصلت، و أفدت المال استفدته و أعطيته ضد، و الغرام جمع الغرامة و هي ما يلزم أداؤه و بالكسر جمع الغرم بالضم و هو الغرامة، و المراد بعد وضع مئونات الحرث أو الأعم منها و مئونة السنة لنفسه و عياله" أو جائزة" بالجر عطفا على ما، أي أو جائزة واصلة إليك فيدل على مذهب أبي الصلاح، أو عطفا على الغرام أي أو جائزة واصلة منك إلى غيرك.

الحديث الثالث عشر

: صحيح.

و المراد بالمئونة نفقة السنة له و لعياله إن كان السؤال عن خمس الأرباح، و نفقة العمل في المعدن و نحوه إن كان السؤال عن غيره، و الأول أظهر.

و اعلم أن مذهب الأصحاب أن الخمس إنما يجب في الأرباح و الفوائد إذا فضلت عن مئونة السنة له و لعياله، و ادعى عليه الإجماع كثير من علمائنا، و الأخبار الدالة على أنه بعد المئونة كثيرة، و أما اعتبار السنة فقد ادعوا عليه الإجماع و لم يذكره بعضهم و أطلق، و لم أعرف خبرا يدل عليه صريحا و لعل مستندهم دعوى كونه مفهوما عرفا، و ظاهرهم أن المراد السنة الكاملة لا حول الزكاة، و ذكر غير واحد من الأصحاب أن المراد بالمئونة هنا ما ينفقه على نفسه و عياله الواجبي النفقة و غيرهم كالضيف، و الهدية و الصلة لإخوانه، و ما يأخذه الظالم قهرا أو يصانعه اختيارا، و الحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة، و مئونة التزويج و ما يشتريه لنفسه من دابة و أمة و ثوب و نحوها و يعتبر في ذلك ما يليق بحاله عادة، فإن أسرف حسب عليه ما زاد، و إن قتر حسب له ما نقص، و لو استطاع للحج اعتبرت نفقته من المؤن، و صرح في الدروس بأن الدين السابق و المقارن للحول مع الحاجة من المؤن، و يفهم من

ص: 274

14 أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ كُلُّ شَيْ ءٍ قُوتِلَ عَلَيْهِ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

السرائر انحصار العيال في واجب النفقة، و ظاهرهم أن ما يستثنى إنما يستثنى من ربح عامه، فلو استقر الوجوب في مال بمضي الحول لم يستثن ما تجدد من المؤن، و استثنى بعضهم مئونة الحج المندوب و الزيارات، و لو كان له مال آخر لا خمس فيه ففي احتساب المئونة منه أو من الربح المكتسب أو منهما بالنسبة أوجه، أجودها الثاني، و الاحتياط في الأول، و الظاهر أنه يجبر خسران التجارة و الصناعة و الزراعة بالربح في الحول الواحد، و في الدروس لو وهب المال في أثناء الحول أو اشترى بغير حيلة لم يسقط ما وجب و هو جيد.

و المشهور أنه يجوز أن يعطي قبل الحول ما علم زيادته على مئونة السنة، و يجوز التأخير إلى انقضاء الحول احتياطا لاحتمال زيادة مئونته بتجدد العوارض التي لم يترقبها، و ظاهر ابن إدريس عدم مشروعية الإخراج قبل تمام الحول، و يظهر من بعضهم أن ابتداء الحول من حين ظهور الربح، و من بعضهم من حين الشروع في التكسب، و لو تجدد ربح في أثناء الحول كانت مئونة بقية الحول الأول معتبرة فيهما و له تأخير إخراج خمس ربح الثاني إلى آخر حوله، و يختص بمئونة بقية حوله بعد انقضاء الحول الأول، و هكذا، قال بعض الأصحاب: و الربح المتجدد في أثناء الحول محسوب فيضم بعضه إلى بعض، و يستثنى من المجموع المئونة ثم يخمس الباقي و لا يخلو من قوة.

الحديث الرابع عشر

: ضعيف على المشهور.

و ظاهره أن غنيمة من قاتل بغير إذن الإمام أيضا ليس للإمام منه إلا الخمس كما اختاره في المنتهى، و المشهور أن غنيمة من قاتل بغير إذنه كلها للإمام، بل ادعى ابن إدريس عليه الإجماع و يدل عليه ما رواه الشيخ عن العباس بن الوراق عن رجل سماه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها

ص: 275

وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَإِنَّ لَنَا خُمُسَهُ وَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً حَتَّى يَصِلَ إِلَيْنَا حَقُّنَا

15 أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ طَلَبْنَا الْإِذْنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِ فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا ادْخُلُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَدَخَلْتُ أَنَا وَ رَجُلٌ مَعِي فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ أُحِبُّ أَنْ تَسْتَأْذِنَ بِالْمَسْأَلَةِ- فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ أَبِي كَانَ مِمَّنْ سَبَاهُ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُحَرِّمُوا وَ لَا يُحَلِّلُوا وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ قَلِيلٌ وَ لَا

للإمام، فإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس، و فيه ضعف، و الأول لا يخلو عن قوة.

و يدل أيضا على عدم جواز شراء مال لم يخمس إلا أن يؤدى الخمس، و قد عرفت أنه مما استثناه أكثر الأصحاب مما يجب فيه الخمس و حكموا بإباحته في زمان الغيبة.

الحديث الخامس عشر

: ضعيف على المشهور.

" اثنين اثنين" لا أزيد ليجيب كلا منهم بما يناسبه، و إنما لم يقل واحدا واحدا لئلا يتوهم أن له سر يسره إليهم تقية، أو لعلمه بأن الذين يدخلان عليه أولا متناسبان في الحال" أن تحل بالمسألة" من الحلول بمعنى النزول، و الباء للظرفية المجازية أو من الحل ضد العقد أي تحل عقدة السكوت بالسؤال أو عقدة الإشكال به، أو تشرع بالمسألة من قولهم حل أي عدا أو على بناء الأفعال من الإحلال ضد التحريم أي تحلل أموالك عليك بالمسألة" ما أنا فيه" قيل: هو بدل عقلي و عبارة عن انتظام الأحوال في القول و الفعل، و هو معيار العقل و قيل: هو بدل عن" ما" أو عن فاعل يكاد، و أقول: لعل الأظهر أنه فاعل يفسد من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر و هو شائع.

ص: 276

كَثِيرٌ وَ إِنَّمَا ذَلِكَ لَكُمْ فَإِذَا ذَكَرْتُ رَدَّ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ مَا يَكَادُ يُفْسِدُ عَلَيَّ عَقْلِي مَا أَنَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا كَانَ مِنْ ذَلِكَ وَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِكَ مِنْ وَرَائِي فَهُوَ فِي حِلٍّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَقُمْنَا وَ خَرَجْنَا فَسَبَقَنَا مُعَتِّبٌ إِلَى النَّفَرِ الْقُعُودِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ إِذْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُمْ قَدْ ظَفِرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ نَافِعٍ بِشَيْ ءٍ مَا ظَفِرَ بِمِثْلِهِ أَحَدٌ قَطُّ قَدْ قِيلَ لَهُ وَ مَا ذَاكَ فَفَسَّرَهُ لَهُمْ فَقَامَ اثْنَانِ فَدَخَلَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ أَحَدُهُمَا جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ أَبِي كَانَ مِنْ سَبَايَا بَنِي أُمَيَّةَ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ ذَلِكَ فِي حِلٍّ فَقَالَ وَ ذَاكَ إِلَيْنَا مَا ذَاكَ إِلَيْنَا مَا لَنَا أَنْ نُحِلَّ وَ لَا أَنْ نُحَرِّمَ فَخَرَجَ الرَّجُلَانِ وَ غَضِبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَّا بَدَأَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ فُلَانٍ يَجِيئُنِي فَيَسْتَحِلُّنِي مِمَّا صَنَعَتْ بَنُو أُمَيَّةَ كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ لَنَا وَ لَمْ يَنْتَفِعْ أَحَدٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِقَلِيلٍ وَ لَا كَثِيرٍ

" في مثل حالك" أي معرفة الحق و ترك عمل بني أمية و الندامة على فعله" من ورائي" أي ممن ليس حاضرا عندي أو من بعدي إلى يوم القيامة و الأول أظهر، و معتب بضم الميم و فتح العين المهملة و كسر التاء المشددة مولى أبي عبد الله، و النفر بالتحريك من الثلاثة إلى العشرة من الرجال و هو اسم جمع لا واحد له من لفظه" قد ظفر" كعلم أي فاز بمطلوبه، و إنما خص عبد العزيز بذلك لأنه حصل له مطلوبه بدون تجشم سؤال، أو لأنه كان أحوج إلى ذلك من صاحبه لكثرة تصرفه في أموالهم، و في رجال الشيخ: عبد العزيز بن نافع الأموي مولاهم كوفي من أصحاب الصادق عليه السلام، و الظاهر أن امتناعه عليه السلام عن تحليل من سوى الأولين للتقية و عدم انتشار الأمر، أو لعدم كونهم عن التائبين التاركين لعملهم أو من أهل المعرفة أو من أهل الفقر و الحاجة، و الأول أظهر.

" إلا الأولين" هو خلاف المختار في استثناء المنفي و هو مشتمل على الالتفات

ص: 277

إِلَّا الْأَوَّلَيْنِ- فَإِنَّهُمَا غَنِيَا بِحَاجَتِهِمَا

16 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مِنْ أَيْنَ دَخَلَ عَلَى النَّاسِ الزِّنَا قُلْتُ لَا أَدْرِي جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ مِنْ قِبَلِ خُمُسِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ إِلَّا شِيعَتَنَا الْأَطْيَبِينَ فَإِنَّهُ مُحَلَّلٌ لَهُمْ لِمِيلَادِهِمْ

17 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع نَحْنُ قَوْمٌ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَنَا لَنَا الْأَنْفَالُ وَ لَنَا صَفْوُ الْمَالِ

18 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رِفَاعَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ

من التكلم إلى الغيبة، أو تغليب الغائب على المتكلم" فإنهما غنيا بحاجتهما" أي استغنيا بقضاء حاجتهما أو فازا بها، قال الجوهري: غني به عنه غنية، و غنيت المرأة بزوجها استغنت، و غني أي عاش.

الحديث السادس عشر

: حسن.

و كان المراد بالزنا ما هو في حكمه في الحرمة" من قبل خمسنا" أي من ناحيته و أهل منصوب بالاختصاص، و بيان لضمير خمسنا و إلا للاستثناء المنقطع إن أريد بالناس المخالفون، و المتصل إن أريد بالناس الأعم" لميلادهم" أي لولادتهم، و قيل:

أي لآلة ولادتهم و هي الجواري و أمهات الأولاد.

أقول: و يمكن أن يشمل المهور المشتملة على الخمس و الحاصل أن ما سبي بغير إذن الإمام إما كله له أو خمسه على الخلاف المتقدم، و لم يحل لأحد أن يطأ الأمة المسبية إلا بإذن الإمام، و قد أحل لشيعته و لم يحل لغيرهم، فأولادهم كأولاد الزنا و كذا المال المشتمل على الخمس لم يجز جعله مهرا للزوجة إلا بإذنه، و لم يأذن إلا لشيعته عليه السلام لتطيب ولادة أولادهم.

الحديث السابع عشر

: حسن و قد مر الكلام فيه.

الحديث الثامن عشر

: ضعيف.

ص: 278

لَا وَارِثَ لَهُ وَ لَا مَوْلَى قَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ

19 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْكَنْزِ كَمْ فِيهِ قَالَ الْخُمُسُ وَ عَنِ الْمَعَادِنِ كَمْ فِيهَا قَالَ الْخُمُسُ وَ كَذَلِكَ الرَّصَاصُ وَ الصُّفْرُ وَ الْحَدِيدُ وَ كُلُّ مَا كَانَ مِنَ الْمَعَادِنِ يُؤْخَذُ مِنْهَا مَا يُؤْخَذُ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ

20 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْأَزْرَقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَقُومَ

و المراد بالمولى أعم من المعتق و ضامن الجريرة، و بالوارث أعم من النسبي و السببي، فمع عدم الجميع يرث الإمام و هو من الأنفال كما مر و سيأتي الكلام في إرث الإمام مع انحصار الوارث في الزوج و الزوجة في كتاب المواريث، و ذكر الخلاف فيه و ما هو المختار إن شاء الله.

الحديث التاسع عشر

: حسن.

" و كذلك الرصاص" قيل: مبني على أن المعروف من المعادن الذهب و الفضة قوله عليه السلام: يؤخذ، أي يأخذه الإمام.

الحديث العشرون

: ضعيف على المشهور.

" ما فيه الناس" أي المخالفون" يا رب خمسي" نصب على الأعزاء أي أدرك خمسي" و لتزكوا" أي تنمو و تزيد، أو تطهر تأكيدا، و يحتمل أن يكون المراد تطيب المناكح أو الأعم قال المحقق التستري قدس سره: لا يبعد أن يقال في الجمع بحمل ما دل على الإباحة على إباحة حق المبيح في الأيام التي يبيحه، و يحمل ما دل على التحريم على تحريم حق المحرم فإن حقهم عليهم السلام ينتقل من بعضهم إلى بعض بسبب انتقال الإمامة، و أن يقال: أن المراد بما أبيح لنا هو الأشياء التي تنتقل إلينا ممن لا يرى الخمس، أو يعرف أنه لا يخرجه كالمخالفين مثلا بأن يشتري منهم الجواري أو يتصرف في أرباح تجاراتهم، أو يشتري من المعادن التي لا تحصل

ص: 279

صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولَ يَا رَبِّ خُمُسِي وَ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَ لِتَزْكُوَ وِلَادَتُهُمْ

21 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ سَأَلْتُهُ عَمَّا يُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ عَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ مَا فِيهِ قَالَ إِذَا بَلَغَ ثَمَنُهُ دِينَاراً

إلا من عندهم و إنا نعرف أنهم لا يرون وجوب الخمس فيها إلا الأشياء التي توجد عند الشيعة فيجب في معادنهم الخمس، و كذا في أرباح تجاراتهم و فيما يغنمونه من الغنائم و الفوائد، أو يقال بإباحة ما يحصل ممن لا يرى الخمس دائما و تخصيص غيره في حق المبيح و هو أظهر، لعموم ما دل على الإباحة و التحريم فينبغي ملاحظة العموم على قدر الإمكان، و بما قلنا يشعر بعض الأخبار فتنبه.

الحديث الحادي و العشرون

: مجهول بمحمد بن علي، و إن كان إجماع العصابة على ابن أبي نصر مما يرفع جهالته عند جماعة.

و أبو الحسن يحتمل الأول و الثاني عليهما السلام، و الياقوت كأنه عطف على الموصول و ربما يتوهم عطفه على اللؤلؤ بأن يكون المراد معادن البحر و لا يخفى بعده، و يدل على أن نصاب الغوص و نصاب المعادن كليهما دينار، و قد عرفت ما فيهما من الخلاف لكن روى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عما أخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي ء؟ قال: ليس فيه شي ء حتى تبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا، و بمضمونه عمل كثير من الأصحاب و حمل بعضهم الدينار على الاستحباب في المعدن و على الوجوب في الغوص، و أورد عليه بأن الحمل على الاستحباب مشكل لاتحاد الرواية، إلا أن يقال: لا مانع من حمل بعض الرواية على الاستحباب للمعارض و بعضها على الوجوب لعدمه، و قال الشيخ في التهذيب: بين الخبرين تضاد لأن خبر ابن أبي نصر تناول حكم المعادن، و خبر محمد بن علي حكم ما يخرج من البحر و ليس أحدهما هو الآخر بل لكل منهما حكم على الانفراد.

ص: 280

فَفِيهِ الْخُمُسُ

22 مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ يَا سَيِّدِي رَجُلٌ دُفِعَ إِلَيْهِ مَالٌ يَحُجُّ بِهِ هَلْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ حِينَ يَصِيرُ إِلَيْهِ الْخُمُسُ أَوْ عَلَى مَا فَضَلَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَجِّ فَكَتَبَ ع لَيْسَ عَلَيْهِ الْخُمُسُ

23 سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ سَرَّحَ الرِّضَا ع بِصِلَةٍ إِلَى أَبِي فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبِي هَلْ عَلَيَّ فِيمَا سَرَّحْتَ إِلَيَّ خُمُسٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِ لَا خُمُسَ عَلَيْكَ فِيمَا سَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْخُمُسِ

و وجه بعض المحققين كلامه بأن مراده أن خبر محمد بن علي وارد في المعدن الذي خرج من البحر، و حكمه حكم الغوص، و خبر ابن أبي نصر في غيره من المعادن و هو الذي نصابه عشرون دينارا و له وجه إلا أنه بعيد.

ثم قال: و ربما يقال أن خبر ابن أبي نصر مع معارضته للإجماع الذي ادعاه ابن إدريس يحتمل أن يراد فيه السؤال عن الزكاة إذ ليس صريحا في الخمس، انتهى.

و لا يخفى بعده، و لعل الحمل على الاستحباب أظهر.

الحديث الثاني و العشرون

: ضعيف على المشهور.

و المسؤول عنه يحتمل الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام و هذا ينافي ما هو المشهور من وجوب الخمس في جميع المكاسب، و ربما تحمل الرواية على ما إذا لم يبق بعد مئونة السنة شي ء.

الحديث الثالث و العشرون

: كالسابق و يدل على أنه لا خمس فيما وهبه الإمام أو أهداه إليه أو تصدق به عليه، و لا يدل على أنه لا خمس في هذه الأمور إذا وصلت إليه من غير جهة الإمام عليه السلام بل يدل بمفهومه على الوجوب كما هو مختار أبي الصلاح حيث قال في الكافي فيما فرض فيه الخمس: و ما فضل من مئونة الحول على الاقتصاد من كل مستفاد بتجارة أو صناعة أو زراعة أو إجارة أو هبة أو صدقة أو ميراث أو غير ذلك من وجوه الإفادة، انتهى.

و التسريح: الإرسال.

ص: 281

24 سَهْلٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع أَقْرَأَنِي عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ كِتَابَ أَبِيكَ ع فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَى أَصْحَابِ الضِّيَاعِ نِصْفُ السُّدُسِ بَعْدَ الْمَئُونَةِ وَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ تَقُمْ ضَيْعَتُهُ بِمَئُونَتِهِ نِصْفُ السُّدُسِ وَ لَا غَيْرُ

الحديث الرابع و العشرون

كالسابق و أبو الحسن هو الثالث عليه السلام" كتاب أبيك" هذا إشارة إلى كتاب طويل رواه في التهذيب بسند صحيح عن علي بن مهزيار أنه كتب إليه أبو جعفر أي الجواد عليه السلام في سنة عشرين و مائتين و قال في آخره: فأما الذي أوجب من الضياع و الغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمئونته و من كانت ضيعته لا تقوم بمئونته فليس عليه نصف سدس و لا غير ذلك.

" فاختلف من قبلنا" أي من الشيعة و ذكر أحد طرفي الخلاف و يظهر منه الطرف الآخر و هو ما أثبته الإمام عليه السلام، و إنما اكتفى عليه السلام من حقه و هو الخمس بنصف السدس تخفيفا على شيعته في زمان استيلاء المخالفين، كما أنهم قد و هبوا الجميع لشيعتهم في بعض الأزمنة لتلك العلة.

و قد كتب عليه السلام في هذا الكتاب الطويل أن موالي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم، فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم و أزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس، إلى قوله عليه السلام: و لم أوجب عليهم في كل عام، و لا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله تعالى عليهم، و إنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب و الفضة التي قد حال عليها الحول و لم أوجب ذلك عليهم في متاع و لا أبنية و لا دواب و لا خدم و لا ربح ربحه في تجارة و لا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي و منا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم، و لما ينوبهم في ذاتهم فأما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام، إلى آخر الخبر.

و قال المحقق الشيخ حسن نور الله ضريحه في المنتقى بعد إيراد هذا الخبر، قلت: على ظاهر هذا الحديث عدة إشكالات ارتاب فيها بعض الواقفين عليه، و نحن نذكرها مفصلة ثم نحلها بما يزيل عنه الارتياب بعون الله سبحانه.

الإشكال الأول: أن المعهود المعروف من أحوال الأئمة عليهم السلام أنه خزنة العلم

ص: 282

ذَلِكَ فَاخْتَلَفَ مَنْ قِبَلَنَا فِي ذَلِكَ فَقَالُوا يَجِبُ عَلَى الضِّيَاعِ الْخُمُسُ بَعْدَ الْمَئُونَةِ مَئُونَةِ الضَّيْعَةِ وَ خَرَاجِهَا لَا مَئُونَةِ الرَّجُلِ وَ عِيَالِهِ فَكَتَبَ ع بَعْدَ مَئُونَتِهِ وَ مَئُونَةِ

و حفظة الشرع يحكمون بما استودعهم الرسول عليهم السلام و أنهم لا يغيرون الأحكام بعد انقطاع الوحي أو انسداد باب النسخ فكيف يستقيم قوله عليه السلام في هذا الحديث:

أوجبت في سنتي هذه و لم أوجب ذلك عليهم في كل عام، إلى غير ذلك من العبارات الدالة على أنه عليه السلام يحكم في هذا الحق بما شاء و اختار.

الثاني: أن قوله عليه السلام لا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم ينافيه قوله بعد ذلك: فأما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام.

الثالث: أن قوله: و إنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه من الذهب و الفضة التي حال عليها الحول خلاف المعهود إذا الحول يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب و الفضة لا الخمس، و كذا قوله: و لم أوجب ذلك عليهم في متاع و لا أبنية و لا دواب و لا خدم فإن تعلق الخمس بهذه الأشياء غير معروف.

الرابع: الوجه في الاقتصار على نصف السدس غير ظاهر بعد ما علم من وجوب الخمس في الضياع التي تحصل منها المئونة.

فاعلم أن الإشكال الأول مبني على ما اتفقت فيه كلمة المتأخرين من استواء جميع أنواع الخمس في المصرف و نحن نطالبهم بدليله و نضائقهم في بيان مأخذ هذه التسوية، كيف و في الأخبار التي بها تمسكهم و عليها اعتمادهم ما يؤذن بخلافها، بل بالاختلاف كخبر أبي علي بن راشد، و يعزى إلى جماعة من القدماء في هذا الباب ما يليق أن يكون ناظرا إلى ذلك و في خبر لا يخلو من جهالة في الطريق تصريح به أيضا فهو عاضد للصحيح، فإذا قام احتمال الخلاف فضلا عن إيضاح سبيله باختصاص بعض أنواع الخمس بالإمام فهذا الحديث مخرج عليه و شاهد به، و إشكال نسبة الإيجاب فيه بالإثبات و النفي إلى نفسه عليه السلام مرتفع معه، فإن له التصرف في ماله بأي وجه شاء أخذا و تركا.

ص: 283

عِيَالِهِ وَ بَعْدَ خَرَاجِ السُّلْطَانِ

25 سَهْلٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ كَتَبَ رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ فَارِسَ مِنْ بَعْضِ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَسْأَلُهُ الْإِذْنَ فِي

و بهذا ينحل الإشكال الرابع أيضا فإنه في معنى الأول و إنما يتوجه السؤال عن وجه الاقتصار على نصف السدس بتقدير عدم استحقاقه عليه السلام للكل.

و أما الإشكال الثاني فمنشأه نوع إجمال في الكلام اقتضاه تعلقه بأمر معهود بين المخاطب و بينه عليه السلام كما يدل عليه قوله: بما فعلت في عامي هذا، و سوق الكلام يشير إلى البيان و ينبه على أن الحصر في الزكاة إضافي مختص بنحو الغلات و نحوها، بل هو مقصور على ما سواها و يقرب أن يكون قوله: و الجائزة و ما عطف عليه إلى آخر هذا الكلام، تفسيرا للفائدة أو تنبيها على نوعها، و لا ريب في مغايرته لنحو الغلات التي هي متعلق الحصر هناك.

ثم أن في هذه التفرقة بمعونة ملاحظة الاستشهاد بالآية، و قوله بعد ذلك:

فليتعمد لإيصاله و لو بعد حين دلالة واضحة على ما قلناه من اختلاف حال أنواع الخمس و أن خمس الغنائم و نحوها مما يستحقه أهل الآية ليس للإمام أن يرفع فيه و يضعه على حد ماله في خمس ماله في خمس الغلات و ما ذاك إلا للاختصاص هناك و الاشتراك هنا.

و بقي الكلام على الإشكال الثالث و محصله أن الأشياء التي عددها عليه السلام في إيجابه للخمس و نفيه أراد به ما يكون محصلا بما يجب له فيه الخمس، فاقتصر في الأخذ على ما حال عليه الحول من الذهب و الفضة لأن ذلك إمارة الاستغناء عنه فليس في الأخذ منه ثقل على من هو بيده و ترك الفرض لهم في بقية الأشياء المعدودة طلبا للتخفيف كما نبه عليه، انتهى كلامه رفع الله مقامه و هو في غاية الدقة و المتانة.

الحديث الخامس و العشرون

كالسابق.

و قيل: الفارس الفرس أو بلادهم، أو شيراز و ما والاها" يسأله الإذن في الخمس" أي التصرف في خمس الأرباح أو مطلقا" و على الضيق" أي التضييق على أرباب الخمس

ص: 284

الْخُمُسِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ ضَمِنَ عَلَى الْعَمَلِ الثَّوَابَ- وَ عَلَى الضِّيقِ الْهَمَّ- لَا يَحِلُّ مَالٌ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ وَ إِنَّ الْخُمُسَ عَوْنُنَا عَلَى دِينِنَا وَ عَلَى عِيَالاتِنَا وَ عَلَى مَوَالِينَا وَ مَا نَبْذُلُهُ وَ نَشْتَرِي مِنْ أَعْرَاضِنَا مِمَّنْ نَخَافُ سَطْوَتَهُ فَلَا تَزْوُوهُ عَنَّا وَ لَا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ دُعَاءَنَا مَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّ إِخْرَاجَهُ مِفْتَاحُ رِزْقِكُمْ وَ تَمْحِيصُ ذُنُوبِكُمْ وَ مَا تَمْهَدُونَ لِأَنْفُسِكُمْ لِيَوْمِ فَاقَتِكُمْ وَ الْمُسْلِمُ مَنْ يَفِي لِلَّهِ بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِ وَ لَيْسَ الْمُسْلِمُ مَنْ أَجَابَ بِاللِّسَانِ وَ خَالَفَ بِالْقَلْبِ وَ السَّلَامُ

و عدم أداء حقوقهم" الهم" في الدنيا و الآخرة، و قيل: المراد بالهم المرغوب من اليسر إشارة إلى قوله تعالى:" إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" انتهى.

و في القاموس: الهم ما هم به في نفسه فيمكن أن يراد أن الله تعالى عند الضيق يلقى إليه و يلهمه ما فيه فرجه، و في التهذيب مكان هذه الفقرة: و على الخلاف العقاب و هو أقرب إلى الصواب" على ديننا" بكسر المهملة لأن إجراء بعض أمور الدين بل أكثرها موقوف على المال، أو بفتحها أي على أداء ديننا و لا يتوهم التنافي بين هذا و بين ما مر من عدم احتياجهم إلى أموال الناس فإن ما مر باعتبار خرق العادة و ما هنا باعتبار مجرى العادة" و على عيالنا" كأنه يدخل فيه اليتامى و المساكين و أبناء السبيل من الهاشميين، و يمكن إدخالهم في الموالي أيضا، و المراد بهم الفقراء من الشيعة" و ما نبذله" أي نعطيه" من أعراضنا" من اسم بمعنى بعض و هو مفعول نشتري، و الأعراض بالفتح جمع عرض بالكسر و قد يثلث و هو جانب الرجل الذي يصونه من نفسه، و حسبه أن ينتقص" لا تزووه" أي لا تنحوه" ما قدرتم" قيل: ما مصدرية و المصدر نائب ظرف الزمان، و في القاموس: محص الذهب بالنار: أخلصه، و التمحيص الابتلاء و الاختبار، و التنقيص، و تنقية اللحم من العقب، و قال: مهده كمنعه بسطة كمهده و كسب و عمل، و تمهيد الأمر تسويته و إصلاحه.

ص: 285

26 وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَدِمَ قَوْمٌ مِنْ خُرَاسَانَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ فِي حِلٍّ مِنَ الْخُمُسِ فَقَالَ مَا أَمْحَلَ هَذَا تَمْحَضُونَّا بِالْمَوَدَّةِ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَزْوُونَ عَنَّا حَقّاً جَعَلَهُ اللَّهُ لَنَا وَ جَعَلَنَا لَهُ وَ هُوَ الْخُمُسُ لَا نَجْعَلُ لَا نَجْعَلُ لَا نَجْعَلُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ فِي حِلٍ

27 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ وَ كَانَ يَتَوَلَّى لَهُ الْوَقْفَ بِقُمَّ فَقَالَ يَا سَيِّدِي اجْعَلْنِي مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ فِي حِلٍّ فَإِنِّي أَنْفَقْتُهَا فَقَالَ لَهُ أَنْتَ فِي حِلٍّ فَلَمَّا خَرَجَ صَالِحٌ

الحديث السادس و العشرون

: كالسابق.

" ما أمحل هذا" كأنه من المحال أو من المحل بمعنى الكيد و المكر، و الأول و إن كان أظهر معنى فإن الجميع بين الضدين محال، لكن فيه بعد لفظا فإن المحال من الحول لا من المحل فتأمل.

و المحض و الإمحاض الإخلاص، و الباء في بالمودة زائدة للتقوية، و في التهذيب:

المودة" و جعلنا له" أي واليا عليه حاكما و متصرفا فيه، و اللام في لأحد زائدة، و في التهذيب أحدا بدون اللام، و كذا في المقنعة و قال المفيد قدس سره بعد إيراد الأخبار من الجانبين في المقنعة: و اعلم أرشدك الله أن ما قدمته في هذا الباب من الرخصة في تناول الخمس و التصرف فيه إنما أورد في المناكح خاصة للعلة التي سلف ذكرها في الآثار عن الأئمة عليهم السلام لتطيب ولادة شيعتهم و لم يرد في الأموال و ما اخترته عن المتقدم مما جاء في التشديد في الخمس و الاستبداد به فهو يختص الأموال، انتهى.

و الشيخ نور الله مرقده ضم إلى المناكح المساكن و المتاجر كما مر و حمل أخبار التحليل عليها، و لا بأس به.

الحديث السابع و العشرون

: حسن كالسابق.

" و كان يتولى له الوقف" في نسخ الكتاب و أكثر نسخ التهذيب و المقنعة له الوقف فيكون من وكلائه عليه السلام على أوقاف قم، و لا مناسبة له بالباب إلا أن يقال يناسبه من حيث عموم الجواب و ليس" له" في بعض نسخ التهذيب، فيحتمل أن يكون السؤال

ص: 286

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَحَدُهُمْ يَثِبُ عَلَى أَمْوَالِ حَقِّ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَيْتَامِهِمْ وَ مَسَاكِينِهِمْ وَ فُقَرَائِهِمْ وَ أَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ فَيَأْخُذُهُ ثُمَّ يَجِي ءُ فَيَقُولُ اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ أَ تَرَاهُ ظَنَّ أَنِّي أَقُولُ لَا أَفْعَلُ وَ اللَّهِ لَيَسْأَلَنَّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ ذَلِكَ سُؤَالًا حَثِيثاً

28 عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْعَنْبَرِ وَ غَوْصِ اللُّؤْلُؤِ فَقَالَ ع عَلَيْهِ الْخُمُسُ

كَمَلَ الْجُزْءُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْحُجَّةِ مِنْ كِتَابِ الْكَافِي وَ يَتْلُوهُ كِتَابُ الْإِيمَانِ وَ الْكُفْرِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

للخمس الذي وجب عليه في نمائه أو في أصل الوقف حيث كان مما له عليه السلام فيه مدخل إما بخصوصه أو للولاية العامة" عشرة آلاف" أي من الدراهم و يحتمل الدنانير" حق آل محمد" هو ما يخص الإمام عليه السلام من الأنفال و الخمس، و قوله: و أيتامهم إلى آخره، للنصف الآخر من الخمس، و إنما ذكر الفقراء للإشعار بأن في آية الخمس المراد بالمساكين ما يشمل الفقراء أيضا و يدل على أن تحليله عليه السلام كان للتقية منه، و الحثيث: السريع، و كان المراد هنا مع شدة.

الحديث الثامن و العشرون

: كالسابق.

" عن العنبر" أي أخذ العنبر فإنه يؤخذ من وجه الماء غالبا، و الغوص أيضا مصدر و ضمير عليه للأخذ، و الغائص أو الغوص بمعنى الغائص أي الكائن تحت الماء، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، فعلى تعليلية و الضمير لكل من العنبر و اللؤلؤ.

قد اتفق الفراغ من جميع هذه التعليقات و تأليفها مع تشتت البال و وفور الأشغال في أواخر شهر رجب الأصب من السنة الثانية بعد المائة و الألف الهجرية، على يدي مؤلفه الفقير إلى عفو ربه الغني محمد باقر بن محمد تقي عفا الله عن جرائمهما، و الحمد لله أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا، و صلى الله على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه و آله الطيبين الطاهرين.

و قد تم تصحيحا و تعليقا في الرابع عشر من شهر شعبان المعظم سنة 1395 على يد مصححه العبد المذنب الفاني السيد هاشم ابن السيد حسين الرسولي المحلاتي عفي عنه و عن والديه بحق محمد و آله.

ص: 287

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.