ص: 2

ص: 4

وقوله « ولا یَأْرِزُ من ثمرها شیئا » أی لا ینقص. وقولهم « ولم ینظروا فی أَرْزِ الکلام » أی فی حصره وجمعه والتروی فیه. والمَأْرَزُ : الملجأ.

وبَرَّزْتُ الشیءَ تَبْرِیزاً أی أظهرته وتبینته. والإِبْرِیزُ : الذهب الخالص من الکدورات ، معرب والهمزه والیاء زائدتان. و « أَبْرَوَازُ » ملک من ملوک الفرس - قاله فی القاموس (1).

والجَزَازُ کالجذاذ بالفتح والکسر إلا أن الجَذَاذُ خاص فی النخل والجَزَاز فیه وفی الزرع والصوف والشعر - قاله فی المغرب. والجِزَّهُ بالکسر : صوف الشاه ، والجمع جِزَز. والجُزَازَه بالضم : ما سقط من الأدیم إذا قطع. ومنه حَدِیثُ الْبَاقِرِ علیه السلام « مَنْ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ کُلَّ جُمُعَهٍ وَقَالَ حِینَ یَأْخُذُ بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَعَلَی سُنَّهِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله لَمْ یَسْقُطْ مِنْهُ قُلَامَهٌ وَلَا جُزَازَهٌ إِلَّا کَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عِتْقَ نَسَمَهٍ ، وَلَمْ یَمْرَضْ إِلَّا مَرَضَهُ الَّذِی یَمُوتُ فِیهِ » (1).

والجَزُوزَهُ بالفتح : الغنم یجز أصوافها مثل الرکوبه والحلوبه.

بالکسر المیت بسریره (1) ، وقیل بالکسر السریر وبالفتح المیت یوضع علیه ، وقد تکرر ذکرها فی الحدیث - انتهی.

وَفِی بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِیثِ « فَطُعِنَ فِی جِنَانِ الْغُلَامِ ».

بالنون بدلا من الزای ، وَفِی أُخْرَی « فَطُعِنَ فِی حَیَاهِ الْغُلَامِ فَمَاتَ ».

وکأنه تصحیف. وجَنَزْتُ الشیءَ أَجْنِزُهُ من باب ضرب سَیَّرْتُهُ ، ومنه اشتقاق الجَنَازَه.

عند عرفات ، ویقال بمنی کان یقام به سوق من أسواق العرب فی الجاهلیه ، والمیم زائده. قیل سمی به لأن إجازه الحاج کانت فیه (1). وقولهم « جعل فلان ذلک الأمر مَجَازاً إلی حاجته » أی طریقا ومسلکا. وجَوْزُ کل شیء : وسطه. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام « إِنَّهُ قَامَ مِنْ جَوْزِ اللَّیْلِ یُصَلِّی ».

وَفِی حَدِیثِ حُذَیْفَهَ « رَبَطَ جَوْزَهُ إِلَی سَمَاءِ الْبَیْتِ ».

أی وسطه. وأَجْوَازُ البلدان القِفَار : أوساطها. ومنه الْحَدِیثُ « الْإِمَامُ النَّجْمُ الْهَادِی فِی غَیَاهِبِ الدُّجَی وَأَجْوَازِ الْبُلْدَانِ الْقِفَارِ ».

أی أوساطها المقفره ، لأنها أقرب إلی الهلکه ، واستعماله هنا علی الاستعاره. والجَائِزُ : السائغ. ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِکَ لَجَازَ لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله ».

ومِنْهُ « لَا أُجِیزُ فِی الطَّلَاقِ إِلَّا رَجُلَیْنِ ».

وجَوَّزَ له ما صنع وأَجَازَ له : سوغ له ذلک.

وَفِی الْخَبَرِ « إِنِّی أَسْمَعُ بُکَاءَ الصَّبِیِ فَأَتَجَوَّزُ فِی صَلَاتِی ».

أی أخففها وأقللها وأقتصر علی الجائز المجزی مع بعض المندوبات.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَ تَجَوَّزْ عَنِّی ».

أی تَجَاوَزْ ، وهما بمعنی. والجَوْزُ فارسی معرب ، الواحده جَوْزَه ، والجمع جَوْزَات. و « الجَوْزَاءُ » نجم یقال إنها تعترض فی جَوْزِ السماء أی وسطها. ومن ذلک

حَدِیثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ « فَقَالَ تَبِینُ بِرَأْسِ الْجَوْزَاءِ وَالْبَاقِی وِزْرٌ عَلَیْهِ وَعُقُوبَهٌ ».

أی

ص: 12

بعدد رأس الجوزاء ، وهو إما الأنجم الثلاثه أو حرف الجیم وهو ثلاث بحساب العدد ، وکیف کان یرید هی مطلقه بالثلاث والباقی وزر علیه وعقوبه. والجَائِزَه : العطیه واحده الجَوَائِز وهی العطایا والمنح. ومنه حَدِیثُ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ « أَلَا أَمْنَحُکَ أَلَا أُجِیزُکَ ».

وَأَصْلُ الْجَائِزَهِ أَنَّ قَطَنَ بْنَ عَبْدِ عَوْفٍ مِنْ بَنِی هِلَالٍ وَلِیَ فَارِسَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ ، فَمَرَّ بِهِ الْأَحْنَفُ فِی جَیْشِهِ غَازِیاً إِلَی خُرَاسَانَ ، فَوَقَفَ لَهُمْ عَلَی قَنْطَرَهٍ فَقَالَ : أَجِیزُوهُمْ ، فَجَعَلَ یَنْسُبُ الرَّجُلَ فَیُعْطِیهِ عَلَی قَدْرِ حَسَبِهِ وَکَانَ یُعْطِیهِمْ مِائَهً مِائَهً ، فَلَمَّا کَثُرُوا عَلَیْهِ قَالَ أَجِیزُوهُمْ فَأُجِیزُوا فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَ الْجَوَائِزَ.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِذَا طَلَعَ هِلَالُ شَوَّالٍ نُودِیَ الْمُؤْمِنُونَ أَنِ اغْدُوا إِلَی جَوَائِزِکُمْ فَهُوَ یَوْمُ الْجَائِزَهِ » (1).

یعنی ما أعده الله تعالی للصائمین من الثواب. وجَازَ الشیءَ یَجُوزُهُ : إذا تعداه. ومنه حَدِیثُ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ « لَا یَدْخُلَانِ الْمَسْجِدَ إِلَّا مُجْتَازَیْنِ ».

أی غیر لابثین فیه. و « نهر جُوَیْز » أحد رساتیق المدائن ویحتمل الراء المهمله وقد سبق (2).

عَلَی جَرِیحٍ وَلَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً » (1).

الإِجْهَازُ علی الجریح هو أن یسرع إلی قتله ، یقال جَهَزْتُ علی الجریح من باب نفع وأَجْهَزْتُ إِجْهَازاً : إذا اهتممت علیه وأسرعت قتله. وجَهَّزْتُ بالتشدید للمبالغه والتکثیر.

وَفِی حَدِیثِ أَهْلِ الدُّنْیَا « هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً ». أی سریعا

فی القاموس (1). واحْتَجَزَ الرجلُ بإزار : شده علی وسطه. وحَجَزَهُ یَحْجُزُهُ حَجْزاً : أی منعه فَانْحَجَزَ. والمُحَاجَزَه : الممانعه.

حنیزه [ حَنِیرَه ] : أی لو تعبدتم حتی تنحنی ظهورکم ما نفعکم ذلک حتی تحبوا آل الرسول.

الحمصه تقریبا یخالف لونها لونه تمیل إلی الغبره. و « المِخْرَزُ » بکسر المیم وسکون المعجمه قبل الراء المفتوحه : ما یخرز به الجراب والسقاء من الجلود. ومنه الْحَدِیثُ « سَافِرْ بِمِخْرَزِکَ ».

وخَرَزْتُ الجلدَ خَرْزاً من بابی ضرب وقتل ، وهو کالخیاط للثوب.

أَبَداً » (1).

الخُوزُ بالمعجمتین : جیل من الناس - قاله الجوهری وغیره. وفی النهایه الخُوزُ جیل معروف. وکِرْمَان : صُقْعٌ معروف فی العجم (2). ویروی بالراء المهمله وهو من أرض فارس.

[ 8 / 11 ] قیل هی الجنابه ، وقیل العذاب ، وقیل وسوسته ،

فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَی کَثِیبٍ لَمْ تَرْسَخْ فِیهِ أَقْدَامُهُمْ عَلَی غَیْرِ مَاءٍ فَاحْتَلَمَ أَکْثَرُهُمْ وَالْمُشْرِکُونَ سَبَقُوهُمْ إِلَی الْمَاءِ ، فَتَمَثَّلَ لَهُمْ إِبْلِیسُ وَقَالَ : تُصَلُّونَ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ وَعَلَی جَنَابَهٍ وَقَدْ عَطِشْتُمْ ، وَلَوْ کُنْتُمْ عَلَی الْحَقِّ لَمَا غَلَبَکُمْ هَؤُلَاءِ عَلَی الْمَاءِ ، فَحَزِنُوا شَدِیداً فَمُطِرُوا لَیْلاً حَتَّی جَرَی الْوَادِی وَتَلَبَّدَ الرَّمْلُ حَتَّی ثَبَتَتْ عَلَیْهِ الْأَقْدَامُ وَطَابَتِ النُّفُوسُ (1).

قال بعض الأفاضل : فعلی القول الأول فیه دلاله علی نجاسه المنی ، ولذلک قرئ رِجْسَ وهو مرادف للنجاسه. قوله : ( رِجْزاً مِنَ السَّماءِ ) [ 2 / 59 ] یعنی العذاب. والرَّجَزُ بفتح المهمله : بحر من البحور ، ونوع من أنواع الشعر یکون کل مصراع منه منفردا ، وتسمی قصائده أَرَاجِیزَ جمع أُرْجُوزَه کهیئه السجع إلا أنه وزن الشعر ، ویسمی قائله رَاجِزاً.

وَفِی الْخَبَرِ « مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِی أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ ».

سماه به لأن الرَّجَزَ أخف علی اللسان من القصیده.

وَ « الْمُرْتَجِزُ » عَلَی بِنَاءِ اسْمُ الْفَاعِلِ اسْمُ فَرَسٍ کَانَ لِرَسُولِ اللهِ الَّذِی اشْتَرَاهُ مِنَ الْأَعْرَابِیِّ وَشَهِدَ لَهُ خُزَیْمَهُ بْنُ ثَابِتٍ.

عِمَاداً وَأَرَّزَهَا فِیهَا أَوْتَاداً » (1).

وقد مر فی أرز.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَنْتَ یَا عَلِیُ رِزُّ الْأَرْضِ ».

أی عمادها.

یعنی قدوم الرجل من مکه (1).

وَفِی الْحَدِیثِ « تَزَوَّجْ مِنَ النِّسَاءِ الْعَجْزَاءَ » (1).

یقال امرأه عَجْزَاءُ : أی ذات عجز. وعَجِزَتْ کفرح : عظمت عجیزتها ، أی عجزها. وعَجَزَ الرجلُ عن الشیء - من باب ضرب - وعَجِزَ عَجْزاً من باب تعب لغه : إذا لم یقدر علیه.

وَفِی الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْکَسَلِ ».

یمکن قراءته بالوجهین.

وَفِی الْخَبَرِ « کُلُّ شَیْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّی الْعَجْزُ وَالْکَیْسُ » (2).

بالرفع عطفا علی کل ، أراد بِالعَجْزِ ترک ما یجب فعله بالتسویف ، وهو عام فی أمور الدنیا والدین ، والکَیْسُ ضد العجز ، وهو النشاط والحذق فی الأمور. والعَجُوزُ بالضم : المرأه الکبیره المسنه. وعن ابن السکیت ولا تقل عَجُوزَه والعامه تقوله ، والجمع عَجَائِزُ وعُجُز بضمتین. وأیام العَجُوزِ عند العرب خمسه أیام ، وقیل هی سبعه أیام آخر الشتاء (3). والمُعْجِزُ : الأمر الخارق للعاده المطابق للدعوی المقرون بالتحدی ، وقد ذکر المسلمون للنبی صلی الله علیه وآله ألف مُعْجِزَهٍ منها القرآن. والمُعْجِزَهُ فی الحدیث واحده مُعْجِزَات الأنبیاء. والمِعْجَزُ بکسر المیم : المنطقه ، لأنها تلی عجز المنطق بها.

وَفِی الْخَبَرِ « قَدِمَ عَلَیْهِ صَاحِبُ کِسْرَی فَوَهَبَ لَهُ مِعْجَزَهً فَسُمِّیَ ذَا الْمِعْجَزَهِ ».

بلسان العرب ، وفتاها غلامها. قوله : ( عَزِیزٌ عَلَیْهِ ما عَنِتُّمْ ) [ 9 / 128 ] أی شدید یغلب صبره ، یقال عَزَّهُ یَعُزُّهُ عَزّاً : إذا غلبه. قوله : ( فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ) [ 36 / 14 ] أی قوینا وشددنا ظهورهما برسول ثالث ، والاسم العِزَّهُ ، وهی القوه والغلبه ، ومنه قوله ( وَعَزَّنِی فِی الْخِطابِ ) [ 38 / 33 ] أی غلبنی ، ویقال عَزَّنِی صار أَعَزَّ منی. قوله : ( فِی عِزَّهٍ وَشِقاقٍ ) [ 38 / 2 ] العِزَّهُ : المغالبه والممانعه. قوله : ( أَخَذَتْهُ الْعِزَّهُ بِالْإِثْمِ ) [ 2 / 206 ] أی حملته العزه التی فیه من الغیره وحمیه الجاهلیه علی الإثم المنهی عنه وألزمته ارتکابه ، یقال أخذته بکذا : حملته علیه. قوله : ( سُبْحانَ رَبِّکَ رَبِ الْعِزَّهِ ) [ 37 / 180 ] یرید الله تعالی أصناف الرب إلی العزه لاختصاصه بها. قوله : ( أَعِزَّهٍ عَلَی الْکافِرِینَ ) [ 5 / 54 ] أی یُعَازُّونَ الکافرین ، أی یغالبونهم ویمانعونهم ، من عَزَّهُ : إذا غلبه. و « العُزَّی » تأنیث الأَعَزِّ [ وقد یکون الأَعَزُّ ] بمعنی [ العَزِیزِ والعُزَّی بمعنی ] العَزِیزَهِ [ وهو أیضا ] اسم صنم من حجاره لقریش وبنی کنانه (1).

وَیُقَالُ « الْعُزَّی » سَمُرَهٌ کَانَتْ لِغَطْفَانَ یَعْبُدُونَهَا ، وَکَانُوا بَنَوْا عَلَیْهَا بَیْتاً وَأَقَامُوا لَهَا سَدَنَهً ، فَبَعَثَ إِلَیْهَا رَسُولُ اللهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ فَهَدَمَ الْبَیْتَ وَأَحْرَقَ السَّمُرَهَ.

وَ « عَبْدُ الْعُزَّی » اسْمٌ لِأَبِی بَکْرٍ ، وَکُنْیَتُهُ أَبُو فَصِیلٍ ، فَسَمَّاهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله عَبْدَ اللهِ وَکَنَّاهُ أَبَا بَکْرٍ - کَذَا فِی الْکَشْکُولِ (2).

و ( الْعَزِیزُ ) من أسمائه تعالی ، وهو الذی لا یعادله شیء ، أو الغالب الذی لا یغلب ، وجمع العَزِیزِ عِزَاز مثل کریم وکرام ، وقوم أَعِزَّه وأَعِزَّاء. وعَازَّهُ : غالبه.

ص: 26

ومنه الْحَدِیثُ « فَعَازَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ».

أی غالبه. ومن أسمائه تعالی « المُعِزُّ » وهو الذی یهب العز لمن یشاء من عباده. ویَعِزُّ علی أن أراک بحال سیئه : أی یشتد ویشق علی وعَزَّ علی أن تفعل کذا - من باب ضرب - : کنایه عن الأنفه عنه. والعِزُّ بالکسر : خلاف الذل وعَزَّ الشیءُ عِزّاً وعَزَازَهً : إذا قل ولا یکاد یوجد فهو عَزِیزٌ. وعَزَّ فلانٌ یَعِزُّ عِزّاً وعَزَازَهً أیضا : صار عَزِیزاً ، أی قوی بعد ذله والجمع أَعِزَّه.

وَفِی حَدِیثِ مَدْحِ الْإِسْلَامِ « وَأَعَزَّ أَرْکَانَهُ عَلَی مَنْ غَالَبَهُ » (1).

أی حماها ممن قصد هدمها. و « الْمُؤْمِنُ أَعَزُّ مِنَ الْجَبَلِ ».

أی أصلب.

فِی الْحَدِیثِ « مَا یَنْبَغِی لِلْمُؤْمِنِ أَنْ یَسْتَوْحِشَ إِلَی أَخِیهِ فَمَنْ دُونَهُ الْمُؤْمِنُ عَزِیزٌ فِی دِینِهِ ».

لعل المعنی أن المؤمن إذا فقد أخاه فمن دونه لا ینبغی أن یستوحش لفقدهما ، لأن المؤمن عَزِیزٌ فی دینه إذا مسته الوحشه استأنس بالله لا بغیره. والتَّعَزِّی : التأسی والتصبر عند المصیبه وأن یقول ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ ).

وَفِی الْحَدِیثِ « کَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله یَجْعَلُ الْعَنَزَهَ بَیْنَ یَدَیْهِ إِذَا صَلَّی وَکَانَ ذَلِکَ لِیَسْتَتِرَ بِهَا عَنِ الْمَارَّهِ ».

العَنَزَهُ بالتحریک أطول من العصا وأقصر من الرمح ، والجمع عَنَزٌ وعَنَزَاتٌ کقصبه وقصبات وقصب. قال بعض شراح الحدیث : وإنما کانوا یحملون العَنَزَهَ معه علیه السلام لأنه إذا أتی الخلاء أبعد حتی لا تراه عیون الناظرین ، فیتخذون له العَنَزَهَ لمقاتله عدو إن حضر أو سبع أو مدافعه هامه ، ثم لینبش الأرض إذا کانت صلبه لئلا یرتد إلیه البول.

وغَرَزَتِ الناقهُ تَغْرُزُ : إذا قل لبنها. والغَارِزُ من النوق من ذلک. وغَرَزْتُ الشیءَ غَرْزاً من باب ضرب : أثبته فی الأرض ، وأَغْرَزْتُهُ بالألف لغه. ومنه حَدِیثُ لَفِّ الْخِرْقَهِ لِلْمَیِّتِ « وَاغْرِزْهَا فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی لَفَفْتَ فِیهِ الْخِرْقَهَ ».

و « فَیْرُوزُ » من أبناء الفرس (1).

زکاته فهو کَنْزٌ وإن کان ظاهرا یکوی فیه صاحبه یوم القیامه.

وَفِی الْحَدِیثِ « الصَّلَاهُ کَنْزٌ مِنْ کُنُوزِ الْجَنَّهِ ».

أی أجرها مدخر لفاعلها والمتصف بها ، کما یدخر الکنز الذی هو أنفس أموالکم. ومثله « لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّهَ إِلَّا بِاللهِ کَنْزٌ مِنْ کُنُوزِ الْجَنَّهِ ».

واکْتَنَزَ الشیء : اجتمع وامتلأ. و « أَکْنَزَ من غیر طائل » أی جمع ، ویروی فأکثر ، وهو قریب منه.

أی یعیبک ، من قولهم لَمَزَهُ یَلْمِزُهُ ویَلْمُزُهُ وهَمَزَهُ یَهْمِزُه ویَهْمُزُهُ : إذا عابه ، والهَمْزُ واللَّمْز العیب والغض من الناس ، ومنه قوله تعالی : ( وَیْلٌ لِکُلِّ هُمَزَهٍ لُمَزَهٍ ) [ 104 / 1 ]. قال اللیث : الهُمَزَه هو الذی یعیبک بوجهک ، واللُّمَزَه الذی یعیبک بالغیب ، وقیل اللَّمْزُ ما یکون باللسان والعین والإشاره ، والهَمْزُ لا یکون إلا بلسان. وقال غیره : هما شیء واحد ، ولعل هذا فی غیر الفاسق أما فیه فلا ، لما

رُوِیَ عَنْهُ صلی الله علیه وآله « اذْکُرُوا الْمَرْءَ بِمَا فِیهِ لِیَحْتَرِزَهُ النَّاسُ ».

قال فی المجمع فی قوله تعالی ( وَمِنْهُمْ مَنْ یَلْمِزُکَ فِی الصَّدَقاتِ ) أی یروزک ویسألک ، والرَّوْزُ الامتحان ، یقال رُزْتُ ما عنده : إذا اختبرته وامتحنته ، أی یمتحنک ویذوقک هل تخاف لائمته إذا منعته أم لا.

وَفِی الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الشَّیْطَانِ وَهَمْزِهِ وَلَمْزِهِ ».

وهو من هذا الباب ، والمراد مکائده.

والْمَرْزُ أیضا : جمع التراب حول ما یرید إحیاءه من الأرض لیتمیز عن غیره ، ومنه « التحجیر بِمَرْزٍ ». و « امْرُزْ لی من هذا العجین مَرْزَهً » أی اقطع لی منه قطعه

أن الضأن أفضل من المعز ، واستدلوا علی أفضلیته بأوجه : منها أنه قال تعالی : ( إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَهً وَلِیَ نَعْجَهٌ واحِدَهٌ ) ولم یقل تسع وتسعون عنزا ، ومنها ( وَفَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ ) ، ومنها أنها تلد فی السنه مره والمعز تلد مرتین وقد تثنی وتثلث ، والبرکه فی الضأن أکثر ، ومنها أن الضأن إذا رعت شیئا من الکلاء نبت وإذا رعت الماعز لما ینبت ، وأیضا صوف الغنم أفضل من الشعر وأعز قیمه ، ومنها أنه إذا مدحوا شخصا قالوا هو کبش وإذا ذموه قالوا هو تیس ، ومما أهان الله به التیس أن جعله مهتوک الستر مکشوف القبل والدبر » (1) إلی غیر ذلک والْمَاعِزُ : جلد المعز.

ومن کلام الفقهاء : والمضطربه ترجع إلی التَّمْیِیزِ - یعنی فی معرفه الحیض من غیره ، واشترطوا له شروطا تذکر فی مظانها.

ومنه قوله تعالی : ( وَإِنِ امْرَأَهٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ) [ 4 / 128 ]. قوله : ( وَانْظُرْ إِلَی الْعِظامِ کَیْفَ نُنْشِزُها ) [ 2 / 259 ] أی نرفعها إلی مواضعها ، مأخوذ من النَّشْزِ وهو المکان المرتفع ، یرید نرفع العظام بعضها علی بعض ، وقریء ننشرها بالراء المهمله من النشر والطی. وفی المصباح نَنْشُزُها فی السبعه بالزای والراء.

أی تحرکت بالنبات عند وقوع الماء علیها. وهَزَزْتُ الشیء هَزّاً فَاهْتَزَّ : أی حرکته فتحرک. واهْتَزَّ النبات : إذا حسن واخضر.

وَفِی الْخَبَرِ « اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِکَذَا ».

قیل المراد بالعرش العز ، واهْتَزَّ أی تزلزل. وعن بعض شراح الحدیث : اهْتِزَازُ عرش الله المراد حملته ، ویحتمل اهْتِزَازُ نفس العرش حقیقه.

البصره ، ویقال الأهواز سبع کور لکل کوره منها اسم مشهور ، ویجمعهن الأهواز والکوره بالضم المدینه (1). و « هَوَّزْ » حروف وضعت للحساب الجمل.

ص: 42

ص: 44

فی ضروره الشعر مذ أَمْسَ بالفتح. قال : ولا یصغر أمس کما لا یصغر غدا والبارحه وکیف وأین ومتی وأی وما وعند وأسماء الشهور والأسبوع (1).

قوله : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَهٍ مِنْ طِینٍ ) [ 23 / 12 ] قیل المراد به هنا الهیکل المخصوص. قوله : ( إِنَ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ ) [ 103 / 2 ] الْإِنْسَانُ من الناس اسم جنس یقع علی الذکر والأنثی والواحد والجمع ، واختلف فی اشتقاقه مع اتفاقهم علی زیاده النون الأخیره. فقال البصریون : من الْأِنْسِ ، والهمزه أصلیه ، وزنه فعلان. وقال الکوفیون : مشتق من النسیان ، فالهمزه زائده ، ووزنه إفعان علی النقص والأصل إنسیان علی إفعلان ، ولهذا یرد إلی أصله مع التصغیر فیقال أنیسیان. وقد اختلف الناس فی معرفته اختلافا کثیرا لا یکاد ینضبط ، لکن یرجع حاصله إلی أنه إما جوهر أو عرض ، والجوهر إما جسمانی أو روحانی ، فالأقسام ثلاثه : « الأول « - أن یکون عرضا ، فقیل هو المزاج المعتدل ، وقیل الحیاه ، وقیل تخاطیط الأعضاء وتشکل البدن ». الثانی » - أن یکون جسما أو جسمانیا ، فقیل الهیکل المحسوس ، وقیل الأربعه. وقیل أحد العناصر الأربعه ، فکل ذهب إلیه قوم ، وقال النظام جسم لطیف داخل البدن وقال الراوندی جزء لا یتجزی فی القلب ، وقیل الروح ، وهو جسم مرکب من ناریه الأخلاط. والمحققون من المتکلمین قالوا : أنه أجزاء أصلیه فی البدن باقیه من أول العمر إلی آخره ، لا یتطرق إلیها الزیاده والنقصان ، ومن أحب الوقوف علی دلائل هذه الأقوال فلیطلبها من مظانها. و « الْإِنْسَانُ » علی ما قیل مرکب من صفات بهیمیه وصفات سبعیه وشیطانیه وربوبیه ، فیصدر من البهیمه الشهوه والشره والفجور ، ومن السبعیه الغضب والحسد والعداوه والبغضاء ، ومن الشیطانیه المکر والحیله والخداع ، ومن الربوبیه الکبر والعز وحب المدح ، وأصول هذه الأخلاط هذه الأربع وقد عجنت فی طینه الإنسان عجنا محکما لا یکاد یتخلص منها ، وإنما ینجو من ظلماتها بنور الإیمان المستفاد من العقل والشرع ، فأول ما یخلق فی

ص: 47

الآدمی البهیمیه ، فیغلب علیه الشره والشهوه کما فی الصبی ، ثم یخلق فیه السبعیه فیغلب علیه المعاداه والمنافسه ، ثم یخلق فیه الشیطانیه فیغلب علیه المکر والخداع ، ثم تظهر بعد ذلک صفات الربوبیه وهو الکبر والاستیلاء ، ثم بعد ذلک یخلق العقل فیه ویظهر الإیمان ، وهو من حزب الله وجنود الملائکه ، وتلک الصفات من جنود الشیطان ، وجنود العقل تکمل عند الأربعین ویبدو أصله عند البلوغ ، وأما سائر جنود الشیطان تکون قد سبقت إلی القلب قبل البلوغ واستولت علیه وألفتها النفس واسترسلت فی الشهوات متابعه لها إلی أن یرد نور العقل فیقوم القتال والتطارد فی معرکه القلب ، فإن ضعف جند العقل ونور الإیمان لم یقو علی إزعاج جنود الشیطان ، فتبقی جنود الشیطان مستقره فی القلب آخرا کما سبقت إلی النزول فیه أولا ، وقد سلم للشیطان مملکه القلب. وقال بعض الأفاضل : اعلم أیها الإنسان أنک نسخه مختصره من العالم ، فیک بسائطه ومرکباته ومادیاته ومجرداته ، بل أنت العالم الکبیر بل الأکبر کما قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ :

دَوَاؤُکَ فِیکَ وَمَا تَشْعُرُ

وَدَاؤُکَ مِنْکَ وَمَا تُبْصِرُ

وَتَزْعُمُ أَنَّکَ جِرْمٌ صَغِیرٌ

وَفِیکَ انْطَوَی الْعَالَمُ الْأَکْبَرُ.

والإنس : خلاف الجن ، سمی إِنْساً لظهورهم ، وکذلک الإنسان سمی إِنْسَاناً لظهوره. والْإِنْسِیُ : خلاف الوحشی. والْأَنَسَهُ بالتحریک : ضد الوحشه. والْأَنَسُ بالتحریک لغه فی الإنس.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَهُ آنَسَهُمْ ذِکْرُکَ ».

أی سرهم ذکرک. والْأُنَاسُ بضم الفاء لغه فی الناس ، وهو فی الأصل فحذف. واسْتَأْنَسْتُ بفلان وتَأَنَّسْتُ بمعنی. والْأَنِیسُ : المؤانس ، وکل ما یؤنس به. وما بالدار من أَنِیسٍ : أی أحد. والِاسْتِینَاسُ : التَّأَنُّسُ. ومن أمثلتهم « الِاسْتِینَاسُ بالناس من

ص: 48

الإفلاس « قیل : أی من العلم والعمل لا من المال. و « یُونُسُ بن متی » المرسل إلی أهل نِینَوَی من أرض موصل - کذا فی التواریخ.

وَ « أَنَسُ بْنُ مَالِکٍ » صَحَابِیٌ (1) قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ وَقَدْ کَانَ بَعَثَهُ إِلَی طَلْحَهَ وَالزُّبَیْرِ لَمَّا جَاءَا إِلَی الْبَصْرَهِ یُذَکِّرُهُمَا شَیْئاً سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله فِی مَعْنَاهُمَا ، فَلَوَی عَنْ ذَلِکَ فَقَالَ إِنِّی نَسِیتُ ذَلِکَ الْأَمْرَ فَقَالَ علیه السلام « إِنْ کُنْتَ کَاذِباً فَضَرَبَکَ اللهُ بَیْضَاءَ لَامِعَهً لَا تُوَارِیهَا الْعِمَامَهُ » یَعْنِی الْبَرَصَ ، فَأَصَابَ أنس [ أَنَساً ] هذَا الدَّاءُ فِی وَجْهِهِ ، فَکَانَ لَا یُرَی فِیمَا بَعْدُ إِلَّا مُتَبَرْقَعاً.

الدُّعَاءُ « فَکُنْتَ رَجَاءَ الْمُبْتَئِسِ ».

و « بِئْسَ » کلمه ذم کما أن نعم کلمه مدح ، ومنه قرأ نافع بعذاب بِئْسَ بفتح السین ، وقرأ نافع وابن عامر بعذاب بِئْسٍ علی فعل بکسر الفاء بالتنوین إلا أن نافعا لا یهمز. قال الکسائی : أصلها بَئِیسٍ علی فعیل ثم خففت الهمزه فاجتمعت یاءان فحذفوا إحداهما وألقوا حرکتها علی الیاء. وقال محمد : أصلها بَئِسٌ ثم کسر الباء لکسره الهمزه فصار بِئِسٌ ثم حذفت الکسره لثقلها. وقال علی بن سلیمان : معنی بعذابٍ بِئْسٍ أی ردیء. وقرأ بعضهم بعذاب بَئِسٍ مثل حذر. وقرأ بعضهم بَئِیسٍ علی فعیل ، أی شدید ، وهو اختیار أبی عبیده والکوفیین و « الْبُؤْسُ » بضم الفاء : الفقر والخوف وشده الإفلاس وسوء الحال للقوه ، یقال بَئِسَ الرجل یَبْأَسُ کسمع یسمع : اشتدت حاجته. فهو بَائِسٌ. والْبُؤْسُ : ضد النعیم. ومنه الْحَدِیثُ « مَا أَقْرَبَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِیمِ ».

لعله یرید نعیم الآخره. ویوم بُؤْسٍ : ضد یوم نعمه.

وَفِیهِ « إِنَّ اللهَ یُحِبُّ الْجَمَالَ وَالتَّجَمُّلَ وَیُبْغِضُ الْبُؤْسَ وَالتَّبَؤُّسَ ».

کان المراد إظهار الفقر والحاجه للناس. وبِئْسَ الرجل زید وبِئْسَتِ المرأه هند ، وهما فعلان ماضیان لا یتصرفان لأنهما أزیلا عن موضعهما ، فنعم منقول من قولک نعم فلان إذا أصاب نعمه ، وبِئْسَ منقول من قولک بئس فلان إذا أصاب بؤسا ، فنقلا إلی المدح والذم فشابها الحروف فلم یتصرفا ، وفیهما لغات یجیء ذکرها فی نعم. والْبَأْسُ : الخضوع والخوف ، ومنه قوله « ومن المکارم صدق الْبَائِسِ ». وقد تکرر فِی الْحَدِیثِ « لَا بَأْسَ بِذَلِکَ ».

ومعناه الإباحه والجواز.

وَفِی دُعَاءِ الْغَیْثِ « مُنْبَجِسَهٌ بُرُوقُهُ ». أی منفجره بالماء.

بِهِ ». أی یلبسه علی رأسه.

لِآدَمَ؟ فَقَالَ : کَانَ إِبْلِیسُ مِنْهُمْ بِالْوَلَاءِ وَلَمْ یَکُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَلَائِکَهِ ، وَذَلِکَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقاً قَبْلَ آدَمَ وَکَانَ إِبْلِیسُ فِیهِمْ فِی الْأَرْضِ ، فَاعْتَدَوْا وَأَفْسَدُوا وَسَفَکُوا الدِّمَاءَ ، فَبَعَثَ اللهُ الْمَلَائِکَهَ فَقَتَلُوهُمْ وَأَسَرُوا إِبْلِیسَ وَرَفَعُوهُ إِلَی السَّمَاءِ ، وَکَانَ مَعَ الْمَلَائِکَهِ یَعْبُدُ اللهَ إِلَی أَنْ خَلَقَ اللهُ آدَمَ ».

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَهَ وَابْنِ جَرِیرٍ وَالزَّجَاجِ وَابْنِ الْأَنْبَارِیِ : کَانَ إِبْلِیسُ مِنَ الْمَلَائِکَهِ مِنْ طَائِفَهٍ یُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ ، وَکَانَ اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِیَّهِ عَزَازِیلَ - بِزَاءَیْنِ مُعْجَمَتَیْنِ بَیْنَهُمَا أَلِفٌ - فَلَمَّا عَصَی اللهُ لَعَنَهُ وَجَعَلَهُ شَیْطَاناً مَرِیداً ، وَبِالْعَرَبِیَّهِ الْحَارِثَ ، وَکَانَ رَئِیسَ مَلَائِکَهِ الدُّنْیَا وَسُلْطَانَهَا وَسُلْطَانَ الْأَرْضِ ، وَکَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِکَهِ اجْتِهَاداً وَأَکْثَرِهَا عِلْماً ، وَکَانَ یَسُوسُ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَیَرَی بِذَلِکَ لِنَفْسِهِ شَرَفاً عَظِیماً وَعِظَماً ، فَذَلِکَ الَّذِی دَعَاهُ إِلَی الْکِبْرِ فَعَصَی وَکَفَرَ ، فَمَسَخَهُ اللهُ شَیْطَاناً رَجِیماً مَلْعُوناً.

و « إِبْلِیسُ » إفعیل من أَبْلَسَ أی یئس من رحمه الله ، یقال إنه اسم أعجمی فلذلک لا ینصرف ، وقیل عربی. وفی حیاه الحیوان : وکنیه إبلیس « أبو مره ». قوله : ( فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ ) [ 6 / 44 ] أی آیسون من النجاه والرحمه ، وقیل متحیرون. والْمُبْلِسُ : النادم ، ویقال الساکت المنقطع الحجه. ومثله قوله : ( لا یُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِیهِ مُبْلِسُونَ ) [ 43 / 75 ] أی یائسون ملقون بأیدیهم. والْإِبْلَاسُ بالکسر : الحیره ، یقال أَبْلَسَ یُبْلِسُ : إذا تحیر. ومنه الْخَبَرُ « أَلَمْ تَرَ إِلَی الْجِنِّ وَإِبْلَاسِهَا ».

أی تحیرها ودهشها. ومنه الدُّعَاءُ « أَعُوذُ بِکَ مِنْ شَرِّ مَا یُلْبِسُ بِهِ إِبْلِیسُ وَجُنُودُهُ ».

والْأَبَالِسَهُ : الشیاطین. قال الکفعمی وهم ذکور وإناث یتوالدون ولا یموتون بل یخلدون فی الدنیا کما یخلد إبلیس. قال : وإِبْلِیسُ هو أب الجن ، والجن

ص: 54

ذکور وإناث یتوالدون ویموتون ، وأما الجان فهو أب الجن ، وقیل إنه مسخ الجن کما أن القرده والخنازیر مسخ الناس ، والکل خلقوا قبل آدم علیه السلام.

وقد سبق فی « شطا » ما یناسب المقام.

وَفِی کُتُبِ السِّیَرِ : رُوِیَ أَنَ إِبْلِیسَ لَعَنَهُ اللهُ تَمَثَّلَ لِیَحْیَی علیه السلام فَقَالَ لَهُ : أَنْصَحُکَ. قَالَ : لَا أُرِیدُ ذَلِکَ وَلَکِنْ أَخْبِرْنِی عَنْ بَنِی آدَمَ. قَالَ : هُمْ عِنْدَنَا عَلَی ثَلَاثَهِ أَصْنَافٍ : صِنْفٌ مِنْهُمْ - وَهُمْ أَشَدُّ الْأَصْنَافِ عِنْدَنَا - نُقْبِلُ عَلَی أَحَدٍ مِنْهُمْ نَفْتِنُهُ عَنْ دِینِهِ وَنَتَمَکَّنُ مِنْهُ ثُمَّ یَفْزَعُ إِلَی الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَهِ فَلَا نَحْنُ نَیْأَسُ مِنْهُ وَلَا نَحْنُ نُدْرِکُ حَاجَتَنَا فَنَحْنُ مَعَهُ فِی عَنَاءٍ ، وَأَمَّا الصِّنْفُ الْآخَرُ مِنْهُمْ فَهُمْ فِی أَیْدِینَا کَالْکُرَهِ فِی أَیْدِی صِبْیَانِکُمْ نَتَلَقَّفُهُمْ کَیْفَ شِئْنَا قَدْ کَفَوْنَا مَئُونَهَ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ فَهُمْ مَعْصُومُونَ لَا نَقْدِرُ مِنْهُمْ عَلَی شَیْءٍ.

وَفِی الْخَبَرِ « مَنْ أَرَادَ أَنْ یَرِقَّ قَلْبُهُ فَلْیُدِمْ أَکْلَ الْبَلَسِ ».

هو بفتح لام وقیل بضمها : التین (1). والْبَلَاسُ کسلام : هو المسح ، وأهل الیمن یسمون المسح بَلَاساً ، وهو فارسی معرب ، والجمع بُلُسٌ بضمتین مثل عناق وعنق. و « الْبَلَسَانُ » شجر کثیر الورق ینبت بمصر ، وله دهن معروف.

قال الجوهری بَیْسَانُ موضع تنسب إلیها الخمر (1) ، وأنشد علیه قول حسان بن ثابت :

من خمر بَیْسَانَ تخیرتها

تریاقه توشک فتر العظام

وجَسَّهُ بیده جَسّاً : مسه.

القلب وتفسد الدین ویحصل بسببها للنفس ملکات مهلکه مؤدیه إلی الخسران المبین

وَقَدْ وَرَدَ فِی الْحَدِیثِ « فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَکَ مِنَ الْأَسَدِ » - انتهی. ولبعض العارفین :

الزم الوحده تنجو

ما بقی فی الناس خله

إن ود الناس أضحی

لنفاق أو لعله

واترک الأصحاب إلا

صاحبا یصحبک لله

ومن الرزق تقنع

إن فی الحرص مذله

وإذا اللمه شابت

فالهنا فات محله

آخر الدنیا إلی

الموت ویبقی الملک لله

وفصولها علی الترتیب : الممکن ، القائم بالذات ، القابل للأبعاد ، النامی ، الحساس ، الناطق.

فَکَذَا ».

والمعنی أنه یَحْبِسُهُ علی نفسه لیسد ما عسی أن یحدث فی ثغر من الثغور من ثلمه. والْحَبْسُ : نقیض التخلیه ، وحَبَسَهُ واحْتَبَسَهُ بمعنی. ومنه دُعَاءُ الِاسْتِسْقَاءِ « أَلْجَأَتْنَا الْمَحَابِسُ الْعَسِرَهُ ».

والعسره من العسر ضد الیسر ، والْحُبْسَهُ کغرفه اسم من الاحتباس و « ذات حَبِیسٍ » بفتح حاء وکسر یاء موضع بمکه.

الأخفش أَحْسَسْتُ معناه ظننت ووجدت ، ومنه قوله تعالی ( فَلَمَّا أَحَسَ عِیسی مِنْهُمُ الْکُفْرَ ). قوله : ( هَلْ تُحِسُ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ ) [ 19 / 98 ] أی تری من حسه إذا أشعر به ، ومنه الحاسه. قوله : ( إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ) [ 3 / 152 ] أی تستأصلونهم وتقتلونهم قتلا ذریعا ، من حَسَّهُ : إذا أبطل حسه. قوله : ( لا یَسْمَعُونَ حَسِیسَها ) [ 21 / 102 ] الْحَسِیسُ : الصوت الخفی. قوله : ( اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَأَخِیهِ ) [ 12 / 87 ] تَحَسَّسُوا بالحاء وتجسسوا بالجیم بمعنی واحد. أی تبحثوا وتخبروا ، وربما فرق بینهما ، وقد مر.

وَکَانَ بَیْنَ یَعْقُوبَ وَبَیْنَ یُوسُفَ ثَمَانِیَهَ عَشَرَ یَوْماً ، وَکَانَ فِی بَادِیَهٍ فِیهَا مُقِلٌّ.

سُئِلَ علیه السلام : أَکَانَ عَلِمَ یَعْقُوبُ أَنَّ ابْنَهُ حَیٌّ وَقَدْ فَارَقَهُ مُنْذُ عِشْرِینَ سَنَهً؟ قَالَ : نَعَمْ إِنَّهُ عَلِمَ حَیٌّ أَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ بِالسَّحَرِ أَنْ یُهْبِطَ عَلَیْهِ مَلَکَ الْمَوْتِ ، فَهَبَطَ عَلَیْهِ بِأَطْیَبِ رَائِحَهٍ وَأَحْسَنِ صُورَهٍ ، فَقَالَ لَهُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ : أَنَا مَلَکُ الْمَوْتِ أَلَیْسَ سَأَلْتَ اللهَ أَنْ یُنْزِلَنِی إِلَیْکَ. قَالَ : نَعَمْ ، فَمَا حَاجَتُکَ؟ قَالَ : أَخْبِرْنِی عَنِ الْأَرْوَاحِ تَقْبِضُهَا جُمْلَهً أَوْ تَفَارِیقَ. قَالَ : یَقْبِضُهَا أَعْوَانِی مُتَفَرِّقَهً وَتُعْرَضُ عَلَیَّ مُجْمَعَهً. قَالَ یَعْقُوبُ : أَسْأَلُکَ بِإِلَهِ إِبْرَاهِیمَ وَإِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ هَلْ عَرَضَ عَلَیْکَ فِی الْأَرْوَاحِ رُوحُ یُوسُفَ. فَقَالَ : لَا فَعِنْدَ ذَلِکَ عَلِمَ أَنَّهُ حَیٌّ ، فَقَالَ لِوُلْدِهِ : ( اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَأَخِیهِ ).

الآیه (1). والْحِسُ الاسم من أحس بالشیء : إذا علم به ووجده. و « الْحَوَاسُ » جمع حَاسَّهٍ کدواب جمع دابه ، وهی المشاعر الخمس. السمع ، والبصر ، والشم ، والذوق ، واللمس. وهذه الحواس الظاهره ، وأما الْحَوَاسُ الباطنه فهی : الخیال ، والوهم ، والحس المشترک والحافظه ، والمتصرفه. ولتحقیق کل منها محل آخر.

ص: 62

والْمِحَسَّهُ بکسر المیم : الفرجون. وحَسَّانُ بن ثابت بن المنذر الخزرجی کان فحلا من فحول الشعراء مادح النبی صلی الله علیه وآله ، وکان أحد المعمرین المخضرمین ، عمر مائه وعشرین سنه ستین فی الجاهلیه وستین فی الإسلام (1). قیل یجوز أن یکون من الْحِسِ فتکون النون زائده ، ویجوز أن تکون من الحسن فتکون أصلیه.

البیوت من أبوابها وهم محرمون. والْحَمَاسَهُ : الشجاعه. والْأَحْمَسُ ، الشجاع. و « حِمَاسٌ » اسم رجل. و « الْأَحْمَسِیُ » من رواه الحدیث

شِئْتَ لَأَخْرَسْتَنِی ».

و « خُرَاسَانُ » من بلاد العجم (1) ، والنسبه إلیها خُرَسِیٌ وخُرَاسِیٌ وخُرَاسَانِیٌ.

لأنه خمسه أقسام : المیمنه ، والمیسره ، والمقدم ، والساقه ، والقلب. و « شرطه الْخَمِیسِ » أعیانه. ومنه حَدِیثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ یَحْیَی الْحَضْرَمِیِ « إِنَّکَ وَأَبَاکَ مِنْ شُرْطَهِ الْخَمِیسِ » (1).

وإنما سموا شرطه قیل من الشرط وهو العلامه ، لأن لهم علامه یعرفون بها ، أو من الشرط وهو تهیؤ لأنهم متهیئون لدفع الخصم. وقَوْلُهُ : « إِنَّکَ وَأَبَاکَ مِنْ شُرْطَهِ الْخَمِیسِ ».

یرید أنهما من أعیان حزبنا یوم القیامه. والْأَخْمَاسُ : الأصابع الخمس. ومنه فِی وَصْفِهِ تَعَالَی « لَا یُدْرَکُ بِالْحَوَاسِّ وَلَا یُمَسُّ بِالْأَخْمَاسِ ».

والغلام الْخُمَاسِیُ : الذی سنه خمس سنین ، أو لطوله خمسه أشبار ، ولا یقال سداسی ولا سباعی لأنه إذا بلغ هذا المقدار فهو رجل. وقولهم « فلان یضرب أَخْمَاساً لأسداس » أی یسعی فی المکر والخدیعه. وخَمَسْتُ القوم من باب ضرب : إذا صرت خامسهم. وخَمَّسْتُ الشیء بالتثقیل : جعلته أخماسا خمسه. وأَخْمَاسُ القرآن : ما یکتب فی هامشه. وکذلک أسباعه وأعشاره.

اسْمُ الشَّیْطَانِ الَّذِی هُوَ فِی صُدُورِ النَّاسِ یُوَسْوِسُ فِیهَا یُؤْیِسُهُمْ مِنَ الْخَیْرِ وَیَعِدُهُمْ الْفَقْرَ وَیَحْمِلُهُمُ عَلَی الْمَعَاصِی وَالْفَوَاحِشِ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَی ( الشَّیْطانُ یَعِدُکُمُ الْفَقْرَ وَیَأْمُرُکُمْ بِالْفَحْشاءِ ).

وَعَنِ الصَّادِقِ علیه السلام « مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَلَهُ أُذُنَانِ عَلَی إِحْدَاهُمَا مَلَکٌ مُرْشِدٌ وَعَلَی الْأُخْرَی شَیْطَانٌ مُفْتَرٍ هَذَا یَأْمُرُهُ وَهَذَا یَزْجُرُهُ ، وَکَذَلِکَ مِنَ النَّاسِ شَیْطَانٌ یَحْمِلُ عَلَی الْمَعَاصِی کَمَا یَحْمِلُ الشَّیْطَانُ مِنَ الْجِنِّ » (1).

وَفِی حَدِیثٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ : « الشَّیْطَانُ عَلَی قَلْبِ ابْنِ آدَمَ ، لَهُ خُرْطُومٌ مِثْلُ خُرْطُومِ الْخِنْزِیرِ ، یُوَسْوِسُ لِابْنِ آدَمَ أَنْ أَقْبِلْ عَلَی الدُّنْیَا وَمَا لَا یُحِلُّ اللهُ ، فَإِذَا ذَکَرَ اللهَ خَنَسَ » (2).

والْخَنْسَاءُ الشاعره المشهوره ، وکانت تدخل علی عائشه (3).

ودَرَسْتُ ودَارَسْتُ ودَرَّسْتُ : أی قرأت وتعلمت.

وَ « إِدْرِیسُ » هُوَ أخنوخ أَحَدُ أَجْدَادِ نُوحٍ علیه السلام ، رُفِعَ إِلَی السَّمَاءِ بَعْدَ ثَلَاثِمِائَهٍ وَخَمْسٍ وَسِتِّینَ سَنَهً ، قِیلَ سُمِّیَ إِدْرِیسُ لِأَنَّهُ کَانَ یُکْثِرُ الدَّرْسَ بِحُکْمِ اللهِ وَسُنَنِ الْإِسْلَامِ.

قال الشیخ أبو علی : وفیه نظر ، لأن الاسم أعجمی ولذلک امتنع عن الصرف ، ولو کان إفعیلا من الدرس لم یکن فیه غیر سبب وهو العلمیه ، وکان یجب أن ینصرف ،

وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ ثَلَاثِینَ صَحِیفَهً عَلَیْهِ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَاطَ الثِّیَابَ وَلَبِسَهَا ، وَکَانُوا یَلْبَسُونَ الْجُلُودَ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطِّ بِالْقَلَمِ وَنَظَرَ فِی عِلْمِ النُّجُومِ وَالْحِسَابِ.

وَفِی الْحَدِیثِ « تَدَارَسُوا الْقُرْآنَ ».

أی اقرءوه وتعهدوه لئلا تنسوه ، من قولهم دَرَسَ یدرس درسا ودراسه. وفیه « تذاکر العلم دراسه ». والدِّرَاسَهُ : صلاه حسنه. وأصل الدِّرَاسَهِ الریاضه والتعهد للشیء ، ودَرَسْتُ العلم من باب قتل. ودَرَسَ المنزل : عفا. ودَرَسَ الثوب : أخلق.

وَفِی الْحَدِیثِ « وَلْیَکُنِ الْقُرْآنُ مَحْفُوظاً مَدْرُوساً ».

کأن المعنی مقروءا متلوّا.

فَدَسَ إِنْسَاناً فَهَلْ لِلْمَدْسُوسِ أَنْ یَشْتَرِیَهُ کُلَّهُ ».

هی منبت الشعر ، وهو رَأْسُ المحرم ». الثانی « - أنه عباره عن ذلک مع الأذنین ، وهو رَأْسُ الصائم ». الثالث » - أنه ذلک مع الوجه ، وهو رَأْسُ الجنایه فی الشجاج ». الرابع « - أنه ذلک کله مع الرقبه ، وهو رَأْسُ المغتسل. قال فی المصباح : الرَّأْسُ مهموز فی أکثر لغاتهم إلا بنی تمیم فإنهم یترکون الهمزه لزوما.

وَفِی الْخَبَرِ « خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَهِ فِی الرَّأْسِ » وَعَدَّ مِنْهَا السِّوَاکَ وَالْمَضْمَضَهَ وَالِاسْتِنْشَاقَ.

وکأن إطلاق الرأس علی ذلک من باب المجاز. ومثله « کَانَ یُصِیبُ مِنَ الرَّأْسِ وَهُوَ صَائِمٌ ».

أی یقبّل. و « رَأْسُ الجالوت » کبیرهم ، وقد جاء فی الحدیث. ورَأَسَ القوم یَرْأَسُهُمْ رِئَاسَهً : إذا صار رئیسهم ومقدمهم و « ذو الرِّئَاسَتَیْنِ » لقب فضل بن سهل وکان والیا علی نیسابور من قبل المأمون ، وهو الذی أشار برده من المصلی (1). والرِّئَاسَتَانِ : هما السیف والقلم. ورَأْسُ الشخص مهموز بفتحتین : شرف قدره ، والجمع رُؤَسَاءُ مثل شریف وشرفاء. ورَأْسُ المال : أصله. والرَّئِیسُ : الشجاع والداهیه ، یقال داهیه رَیْسَاءُ : أی شدیده. وفی مرثیه بنت أبی یشکر :

واعدد عقیلا بعده الرُّؤَسَاءَ

أی اذکر بعد عقیل الرؤساء کأنها تعنی الرؤساء والشجعان فغیرت الکلام للقافیه. والله أعلم.

[ 9 / 125 ] أی نتنا إلی نتنهم ، والنتن عباره عن الکفر ، أی کفرا إلی کفرهم ، وقیل فزادتهم عذابا إلی عذابهم بما عدد من کفرهم. والرِّجْسُ والرجز واحد ، وهو العذاب. قوله : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) [ 22 / 30 ] قیل هی الشطرنج ، و ( قَوْلَ الزُّورِ ) الغناء. قوله : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ ) [ 5 / 90 ] قیل الرِّجْسُ بالکسر القذر ، وقیل العقاب والغضب کما نقله الفراء فی قوله تعالی : ( کَذلِکَ یَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَی الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ ) قال بعض الأفاضل : الرِّجْسُ وإن کان فی اللغه بمعنی القذر وهو أعم من النجاسه ، إلا أن الشیخ قال فی التهذیب : إن الرِّجْسَ هو النجس بلا خلاف. وظاهره أنه لا خلاف بین علمائنا فی أنه فی الآیه بمعنی النجس. قوله : ( إِنَّما یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ ) [ 33 / 33 ] أی الأعمال القبیحه والمآثم. والرِّجْسُ : لطخ الشیطان ووسوسته.

وَفِی حَدِیثِ الْخَلْوَهِ « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجْسِ الْمُخْبِثِ الْخَبِیثِ » (1).

هو بکسر النون وسکون الجیم لمزاوجه الرجس. وفی المجمع الرجس : القذر ، وقد یعبر به عن الحرام والفعل القبیح واللعنه ولکنه هنا الأول. و « الرَّجْسُ » بالفتح : الصوت الشدید من الرعد. وغیث مُرْتَجَسَهٌ : هموعه ، من قولهم رَجَسَتِ السماء تَرْجُسُ : إذا رعدت وتمخضت.

وَفِی الْخَبَرِ « لَمَّا وُلِدَ صلی الله علیه وآله ارْتَجَسَ إِیْوَانُ کِسْرَی ».

أی اضطرب وتحرک حرکه لها صوت.

وَفِی حَدِیثِ الصَّوْمِ « سَمِعْتُهُ یَنْهَی عَنِ النِّرْجِسِ ».

هو بکسر النون وفتحها علی اختلاف اللغتین : ریحان الأعاجم - کما

ص: 74

جاءت به الروایه.

وَفِیهِ « شَمُّوا النَّرْجِسَ وَلَوْ فِی الْیَوْمِ مَرَّهً ، وَلَوْ فِی الشَّهْرِ مَرَّهً ، وَلَوْ فِی السَّنَهِ مَرَّهً ، وَلَوْ فِی الْعُمُرِ مَرَّهً ، فَإِنَّ فِی الْقَلْبِ حَبَّهً مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَلَا یَقْطَعُهَا إِلَّا النَّرْجِسُ ».

قال الجوهری ونَرْجِسُ معرب ، والنون زائده لأنه لیس فی الکلام فعلل وفیه تفعل ، ولو سمیت به رجلا لم تصرفه لأنه مثل تضرب.

بْنِ دَاوُدَ وَکَانُوا یَعْبُدُونَ شَجَرَهَ صَنَوْبَرٍ یُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتْ ، کَانَ غَرَسَهَا یَافِثُ بْنُ نُوحٍ علیه السلام فَأَنْبَتَتْ لِنُوحٍ بَعْدَ الطُّوفَانِ ، وَکَانَ نِسَاؤُهُمْ یَشْتَغِلْنَ بِالنِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ ، فَعَذَّبَهُمُ اللهُ بِرِیحٍ عَاصِفٍ شَدِیدَهِ الْحُمْرَهِ وَجَعَلَ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ کِبْرِیتٍ تَتَوَقَّدُ ، وَأَظَلَّتْهُمْ سَحَابَهٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَهٌ فَانْکَفَّتْ عَلَیْهِمْ کَالْقُبَّهِ جَمْرَهً تَلْتَهِبُ ، فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ کَمَا یَذُوبُ الرَّصَاصُ فِی النَّارِ.

ورَسُ : الحمی ورَسِیسُهَا واحد ، وهو أول مسها. وفلان یَرُسُ الحدیث فی نفسه : أی یحدث به فی نفسه. والرَّسِیسُ : الشیء الثابت.

ومنه الْحَدِیثُ « مَنْ دَانَ اللهَ بِالرَّأْیِ لَمْ یَزَلْ دَهْرَهُ فِی ارْتِمَاسٍ ».

أی لا یزال دهره منغمسا فی الضلال والعمی عن الحق. و « لَا یَرْمُسُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِی الْمَاءِ ».

أی لا یغمسه فیه لما یلزم منه من تغطیه الرأس من غیر ضروره. ورَمَسْتُ علیه الخبر : کتمته عنه. والصائم یَرْتَمِسُ ولا ینغمس ، کأن المعنی یغمس بدنه ولا یغمس رأسه.

ککتف : اللین المنقاد السهل. وسَلِسَ سَلَساً من باب تعب : إذا سهل ولان. وفلان سَلِسُ البول : أی لا یستمسکه.

ومنه « رجل شَکْسٌ » بالفتح فالسکون ، أی صعب الخلق. وقد شَکِسَ شَکَاسَهً فهو شَکِسٌ مثل شرس شراسه فهو شرس وزنا ومعنی

ثلاثمائه جزء من یوم ، والقمریه ثلاثمائه وأربعه وخمسون یوما وخمس یوم وسدس وفصل ما بینهما عشره أیام وثلث وعشر یوم بالتقریب علی رأی بطلیموس - کذا عن صاحب المغرب.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « أَلَا إِنَّ الْخَطَایَا خَیْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَخُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی نَارِ جَهَنَّمَ » (1).

الشَّمْسُ جمع شُمُوسٍ کرسول ، یقال شَمَسَ الفرس یَشْمَسُ شُمُوساً وشِمَاساً بالکسر : استعصی علی راکبه ومنع ظهره فهو شَمُوسٌ ، وخیل شُمُسٌ کرسل.

ولم یحکم أموره ، والکلام استعاره.

وَ « فِیهِ کَأَنَّمَا نَشَأَ مِنْ ضِرْسٍ قَاطِعٍ ».

یعنی أنه ماض فی الأمور نافذ العزیمه. والضَّرِسُ : الصعب السیء الخلق. ومنه « إِنَّ النَّبِیَّ اشْتَرَی مِنْ رَجُلٍ فَرَساً کَانَ اسْمُهُ الضَّرِسَ فَسَمَّاهُ السَّکْبَ أَوَّلَ مَا غَزَی عَلَیْهِ فِی أُحُدٍ ».

ومنه یقال فلان ضَرِسٌ وضَرِیسٌ ، وفلان ضِرْسٌ من الْأَضْرَاسِ : أی داهیه وهو فی الأصل أحد الأسنان فاستعاروه. والضَّرُوسُ : الناقه السیئه الخلق تعض حالبها. ومنه کَلَامُهُ علیه السلام فِی عَبْدِ الْمَلِکِ بْنِ مَرْوَانَ « کَأَنِّی بِهِ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ وَفَحَصَ بِرَایَاتِهِ فِی ضَوَاحِی کُوفَانَ ، فَعَطَفَ عَلَیْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ » (1).

وذلک لأنه ظهر بالشام حین جعله أبوه خلیفه من بعده ، وسار إلی الکوفه لقتال مصعب بن الزبیر ، وقد کان بمکه فقتله وهدم الکعبه وقتل خلقا کثیرا من العرب. وحصاه مُضْرِسَهٌ : غیر متساویه الجسم.

وهی الحجاز الذی هو مسکنهم ، ونردها علی أدبارها حتی یعودوا إلی حیث جاءوا وهو الشام (1). قوله : ( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلی أَمْوالِهِمْ ) [ 10 / 88 ] أی غیرها من جهتها إلی جهه لا ینتفع بها. قیل صار جمیع أموالهم حجاره. قوله : ( فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ) [ 77 / 8 ] أی ذهب ضوؤها کما یطمس الأثر حتی یذهب. وطَمَسْتُ الشیء طَمْساً من باب ضرب : محوته. والطُّمُوسُ : الدروس والانمحاء.

بن موسی وتاره أحمد بن موسی وولده عبد الکریم (1) ، والتمیز موکول إلی القرائن. و « طُوسٌ » بلده من أرض خراسان من عمل نیشابور علی مرحلتین (2). و « الشیخ الطُّوسِیُ » ینسب إلیها (3).

وَأَنْکَرَهُ عَلَیْهِ (1).

وَفِی نَقْلٍ آخَرَ هُوَ عُثْمَانُ. وَالْآیَهُ فِیهِ وَفِی ابْنِ أُمِّ مَکْتُومٍ ، وَکَانَ ابْنُ أُمِّ مَکْتُومٍ أَعْمَی وَکَانَ مُؤَذِّناً لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله ، فَجَاءَ إِلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله وَعِنْدَهُ أَصْحَابُهُ وَعِنْدَهُ عُثْمَانُ ، فَقَدَّمَهُ رَسُولُ اللهِ عَلَی عُثْمَانَ ، فَعَبَسَ عُثْمَانُ فَتَوَلَّی عَنْهُ فَنَزَلَتْ.

وَرُوِیَ عَنْهُ أَیْضاً أَنَّهُ قَالَ : کَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا رَأَی عَبْدَ اللهِ بْنَ أُمِّ مَکْتُومٍ قَالَ : مَرْحَباً وَاللهِ لَا یُعَاتِبُنِی اللهُ فِیکَ أَبَداً.

قوله : ( یَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِیراً ) [ 76 / 10 ] الیوم الْعَبُوسُ الذی تعبس فیه الوجوه ، والقمطریر الشدید.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَعَنَ اللهُ الْأُعَیْبِسَ ».

یعنی به خلیفه بنی العباس. والعباس هو ابن عبد المطلب عم النبی صلی الله علیه وآله ، وقد نزلت فیه آیتان تقدمتا فی عما. والْعَبَّاسِیَّهُ مدرسه صنعت فی زمن العباس. وعَبَسٌ أبو قبیله من قیس.

أمیرا » (1). والْعِرْسُ بالکسر : امرأه الرجل ، والجمع أَعْرَاسٌ کحمل وأحمال ، وقد یقال للرجل عِرْسٌ أیضا. والْعُرْسُ بالضم : طعام الزفاف ، یذکر ویؤنث ، فیقال هو الْعُرْسُ والجمع أَعْرَاسٌ کقفل وأقفال ، وهی الْعُرْسُ والجمع عُرُسَاتٌ. وأَعْرَسَ بأهله : إذا بنی بها ، وکذا إذا غشیها.

وَفِی الْحَدِیثِ « عَلَیْکُمْ بِالتَّعْرِیسِ وَالدُّلْجَهِ ».

وفِیهِ « إِیَّاکُمْ وَالتَّعْرِیسَ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ وَبُطُونِ الْأَوْدِیَهِ ».

الَتَّعْرِیسُ نزول المسافر آخر اللیل للنوم والاستراحه ، من قولهم عَرَّسَ القوم : إذا نزلوا آخر اللیل للاستراحه. والْمُعَرَّسُ : موضع التعریس ،

وَبِهِ سُمِّیَ مُعَرَّسُ ذِی الْحُلَیْفَهِ ، لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه وآله عَرَّسَ فِیهِ وَصَلَّی الصُّبْحَ فِیهِ ثُمَّ رَحَلَ.

وفِیهِ « إِذَا أَتَیْتَ ذَا الْحُلَیْفَهِ فَأْتِ مُعَرَّسَ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله کَانَ یُعَرِّسُ فِیهِ وَیُصَلِّی » (2).

وفِیهِ أَیْضاً « قُلْنَا أَیُّ شَیْءٍ نَصْنَعُ؟ قَالَ : تُصَلِّی وَتَضْطَجِعُ قَلِیلاً لَیْلاً أَوْ نَهَاراً وَإِنْ کَانَ التَّعْرِیسُ بِاللَّیْلِ » (3).

والْمُعَرَّسُ : فرسخ من المدینه بقرب مسجد الشجره بإزائه مما یلی القبله - ذکره فی الدروس. وهذا الموضع مسجد النبی صلی الله علیه وآله ، وحیث أنه نزل به استحب النزول به مطلقا لیلا أو نهارا تأسیا (4).

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی أَهْلِ الدُّنْیَا « إِنَّمَا أَنْتُمْ فِیهَا کَرَکْبٍ عَرَّسُوا

ص: 86

وَأَنَاخُوا ثُمَّ اسْتَقَلُّوا وَغَدَوْا وَرَاحُوا ».

وابن عِرْسٍ ذکر فی الحدیث ، وهی دویبه تشبه الفأر ، والجمع بنات عرس. قال الجوهری : وکذلک ابن آوی وابن مخاض وابن لبون وابن ماء ، تقول بنات آوی وبنات مخاض وبنات لبون وبنات ماء.

فقال لهم : لم تعبدون عِیسَی؟ قالوا : لأنه لا أب له. قال : فآدم أولی لأنه لا أبوین له. قالوا : کان یحیی الموتی. قال : فحزقیل أولی لأن عیسی أحیا أربعه نفر وحزقیل أحیا ثمانیه آلاف. قالوا : کان یبریء الأکمه والأبرص. قال : فجرجیس أولی لأنه طبخ وأحرق فقام سالما. قیل : کان ما بین موسی وعیسی ألف سنه وسبعمائه وألف نبی ، وبین عیسی ومحمد صلی الله علیه وآله أربعه أنبیاء ثلاثه من بنی إسرائیل وواحد من العرب ، وهو خالد بن سنان العبسی ، وکان بین عیسی ومحمد صلی الله علیه وآله خمسمائه وستون سنه وقیل ستمائه سنه. وجمع عیسی عیسون بفتح السین - قاله الجوهری : وأجاز الکوفیون ضم السین قبل الواو وکسرها قبل الیاء ولم یجزه البصریون وقالوا : إن الألف إذا سقطت لاجتماع الساکنین فوجب أن تبقی السین مفتوحه علی ما کانت علیه سواء کانت الألف أصلیه أو غیر أصلیه ، وکان الکسائی یفرق بینهما ویفتح الأصلیه فیقول معطون ویضم فی غیر الأصلیه ویقول عیسون ، وکذلک القول فی موسی. وعِیسَی بن موسی ولد الحسن بن زید بن الحسن هو أول من لبس لباس العباسیین من العلویین. والْعِیسُ بکسر العین : الإبل البیض یخالط بیاضها شیء من الشقره ، واحدها أَعْیَسُ ، والأنثی عَیْسَاءُ ، وقیل هی کرام الإبل.

الله علیه وآله ، وهی من عیون الجنه (1) وغَرَسْتُ الشجر أَغْرِسُهُ غَرْساً من باب ضرب. والْغِرَاسُ وقت الغرس کالحصاد والقطاف. ویقال للنخله أو ما تنبت « غَرِیسَهٌ ».

مرازم ، توفی سنه سبع وثلاثین بالمدائن. نقل أنه عاش ثلاثمائه وخمسین سنه وأما مائتین وخمسین سنه فمما لا یشک فیه. و « الْفَرَسُ » واحد الخیل ، والجمع أَفْرَاسٌ الذکر والأنثی فی ذلک سواء ، وأصلها التأنیث ، ولفظها مشتق من الافتراس کأنها تَفْتَرِسُ الأرض بسرعه مشیها. وراکب الفرس فَارِسٌ : أی صاحب فرس ، مثل لابن وتامر ، ویجمع علی فُرْسَان وفَوَارِس ، ولا یقاس علیه لأن فوارس جمع فاعله مثل ضاربه وضوارب ، أو جمع فاعل إذا کانت صفه للمؤنث مثل حائض وحوائض ، أو ما کان لغیر الآدمیین مثل بازل وبوازل ، وأما مذکر یعقل فلم یجمع علیه إلا فوارس ونواکس.

وَکَانَ لِلنَّبِیِّ صلی الله علیه وآله أَفْرَاسٌ : السَّکْبُ اشْتَرَاهُ مِنْ أَعْرَابِیٍّ مِنْ بَنِی فَزَارَهَ وَکَانَ أَدْهَمَ وَکَانَ اسْمُهُ عِنْدَ الْأَعْرَابِیِّ الضَّرْسَ فَسَمَّاهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله السَّکْبَ ، وَالْمُرْتَجِزُ سُمِّیَ بِذَلِکَ لِحُسْنِ صَهِیلِهِ. وَاللِّزَازُ قَالَ السُّهَیْلِیُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا یُسَابِقُ شَیْئاً إِلَّا لَزَّهُ أَیْ أَثْبَتَهُ ، وَالطِّرْزُ بِکَسْرِ الطَّاءِ وَاللَّحِیفُ کَانَ یَلْحَفُ الْأَرْضَ بِجَرْیِهِ ، وَالْوَرْدُ أَهْدَاهُ لَهُ تَمِیمٌ الرَّازِیُّ ، وَهَذِهِ السَّبْعَهُ مُتَّفَقٌ عَلَیْهَا ، وَقِیلَ کَانَ لَهُ غَیْرُهَا ، وَهِیَ : الْأَبْلَقُ ، وَذُو الْفَقَارِ ، وَذُو اللِّمَّهِ ، وَالْمُرْتَجَلُ ، وَالسِّرْحَانُ ، وَالْیَعْسُوبُ ، وَالْبَحْرُ ، وَالْأَدْهَمُ وَغَیْرُ ذَلِکَ (1).

والْفَرِیسَهُ : فریسه الأسد التی یکسرها فعیله بمعنی مفعوله.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِیَّاکَ وَفَرِیسَهَ الْأَسَدِ ».

کأنه یرید کیفیه وضع الصدر فی سجود الصلاه. و « أبو فِرَاسٍ » کنیه الأسد ، یقال فَرَسَ الأسد فَرِیسَهً یَفْرِسُهَا فَرَساً. وافْتَرَسَهَا : دق عنقها ، وأصل الفرس هذا ثم کثر حتی صیر لکل قتل فرسا ، وبه سمی أبو فِرَاس بن حمدان أخو سیف

ص: 92

الدوله (1) ، وکان ملکا جلیلا وشاعرا مجیدا حتی قیل بدئ الشعر بملک وختم بملک بدئ بامرئ القیس وختم بأبی فراس وفارس والروم بلاد ، ومنه أتیت فارس وبیاض فارس ، وفارس مجوس والروم أهل کتاب. والتمر الْفَارِسِیُ : نوع جید نسبه إلی فارس. والْفِرْسُ بالکسر فالسکون : ضرب من النبت. والْفِرْسِنُ للبعیر کالحافر للدابه. وفی البارع نقلا عنه لا یکون الفرسن إلا للبعیر ، وهی له کالقدم للإنسان ، والنون زائده.

ومنه الفضل بن أبی قره التَّفْلِیسِیُ المذکور فی رجال من لم یرو (1).

أی نطهرک عما لا یلیق بک ، وقیل نطهر أنفسنا لک. و ( الْقُدُّوسُ ) من أسمائه تعالی من الْقُدْسِ وهو الطاهر المنزه عن العیوب والنقائص ، ونظیره السبوح. قال تغلب نقلا عنه : کل اسم جاء علی فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح والْقُدُّوسُ فإن الضم فیهما أکثر وقد یفتحان. قوله : ( بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ ) [ 20 / 12 ] أی المطهر ، وأما طوی فاسم الوادی.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَکُونُ فِی بَیْتِهِ عَنْزٌ حَلُوبٌ إِلَّا قُدِّسَ لِأَهْلِ ذَلِکَ الْمَنْزِلِ ، فَإِنْ کَانَتِ اثْنَتَیْنِ قُدِّسُوا کُلَّ یَوْمٍ مَرَّتَیْنِ. قُلْتُ : کَیْفَ یُقَدَّسُونَ؟ قَالَ : یَقُولُ لَهُمْ بُورِکَ عَلَیْکُمْ وَطِبْتُمْ وَطَابَ إِدَامُکُمْ. قَالَ الرَّاوِی : فَمَا مَعْنَی قُدِّسْتُمْ؟ قَالَ : طُهِّرْتُمْ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « مَا مِنْ أَرْضٍ فِیهَا اسْمُ مُحَمَّدٍ إِلَّا تَقَدَّسَتْ ».

والتَّقْدِیسُ : التطهیر. والْقُدْسُ : الطهر ، اسم مصدر ، ومنه قیل للجنه حظیره الْقُدْسِ. و « الْقَادِسِیَّهُ » قریه قریبه من الکوفه إذا خرجت منها أشرفت علی النجف ، مر بها إبراهیم علیه السلام ودعا لها بِالْقُدْسِ وأن تکون محله الحاج. قال فی المغرب : بینهما وبین الکوفه خمسه عشر میلا. وفی المصباح الْقَادِسِیَّهُ قریه قریبه من الکوفه من جهه الغرب علی طرف البادیه علی نحو خمسه عشر فرسخا ، وهی آخر أرض العرب وأول حدود سواد العراق ، وهناک کانت وقعه مشهوره فی خلافه الثانی و « قَیْدُوسٌ » فیما صح من نسخ اسم رجل من بنی إسرائیل.

یکتب به ، وکسر القاف أشهر من ضمها. قال المفسر : أی تجعلونه کتبا وصحفا متفرقه أو ذا قَرَاطِیسَ یودعونه إیاها ( تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ کَثِیراً ) أی تبدون بعضها وتکتمون بعضها ، وهو ما فی الکتب من صفات النبی صلی الله علیه وآله والإشاره إلیه.

إِلَی شَهَادَهٍ أَنْ یَتَقَاعَسَ عَنْهَا » (1).

أی یتأخر عنها ولم یشهد ، من قولهم تَقَاعَسَ الرجل عن الأمر : إذا تأخر ورجع إلی خلف ولم یتقدم فیه. والْقَعَسُ بالتحریک : خروج الصدر ودخول الظهر ، وهو ضد الحدب. واقْعَنْسَسَ عن الأمر مثل قَعَسَ ، وإنما لم یدغم لأنه ملحق باحرنجم.

قال شاعرهم :

أضرب عنک الهموم طارقها

ضربک بالسیف قونس الفرس (1)

قال الجوهری : أراد أضربن ، فحذف النون کما حذف من قوله :

أیوم لم یقدر أم یوم قدر

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَالْعَرْشُ وَسِعَ کُلَّ شَیْءٍ وَسِعَ الْکُرْسِیُّ ».

وقیل ( وَسِعَ کُرْسِیُّهُ ) یعنی علمه وقیل ملکه تسمیه بمکانه الذی هو کُرْسِیُ الملک. وآیه الْکُرْسِیُ » معروفه ، وهی إلی قوله ( وَهُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ ).

الیهود والنصاری والکفار.

والْکُنَاسَهُ بالضم : القمامه.

واسم موضع بالکوفه صلب فیها زید بن علی بن الحسین علیه السلام.

و « الْکُنَاسَهُ » مثل الْکَنِیسَهِ.

وکَنَسْتُ البیت أَکْنُسُهُ من باب قتل ، والْمِکْنَسَهُ : ما یُکْنَسُ به.

لقبه کان کَیْسَانَ (1) والْکِیسُ بالکسر واحد أَکْیَاسِ الدراهم ، وهو ما یخاط من خرق مثل حمل وأحمال ، وما یصنع من أدیم وخرق فلا یقال له کِیسٌ بل هو خریطه.

بینکم من العداوه (1). قوله : ( هُنَ لِباسٌ لَکُمْ ) [ 2 / 187 ] أی مسکن لکم ، أو من الْمُلَابَسَهِ وهی الاختلاط والاجتماع ، ولما کان الرجل والمرأه یعتنقان ویشتمل کل منهما علی صاحبه شبه بِاللِّبَاسِ ، فالرجل لِبَاسُ المرأه والمرأه لِبَاسُهُ. قوله : ( وَلِباسُ التَّقْوی ) [ 7 / 26 ] قال المفسر : هو الإیمان ، وقیل ستر العوره. وکل شیء یستر فهو لِبَاسٌ ، ومنه قوله : ( وَجَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً ) [ 78 / 10 ] أی سترا یستتر به. قوله : ( فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ) [ 16 / 112 ] سمی الله الجوع والخوف لِبَاساً لأن أثرهما یظهر علی الإنسان کما یظهر اللِّبَاسُ ، وقیل إنه شملهم الجوع والخوف کما یشمل اللِّبَاسُ البدن ، فکأنه قال : فأذاقهم ما غشیهم من الجوع والخوف. قوله : ( وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ ) [ 2 / 42 ] أی لا تخلطوه به.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْعَالِمُ بِزَمَانِهِ لَا تَدْخُلُ عَلَیْهِ اللَّوَابِسُ ».

أی لا تدخل علیه الشُّبَهُ. واللَّبْسُ : الشبه فی الأمر. وفی الأمر لَبَّسَهُ : أی شبهه. والْتَبَسَ علیه الأمر : اختلط واشتبه. و « اللُّبْسُ » بالضم مصدر قولک لَبِسْتُ الثوب من باب تعب لُبْساً بالضم. واللِّبْسُ بالکسر واللِّبَاسُ : ما یُلْبَسُ ولَابَسْتُ الأمر : خالطته. والتَّلَبُّسُ کالتدلیس والتخلیط ، شدد للمبالغه.

کنایه عن الجماع - قاله الجوهری وغیره ، وإلیه ذهب الإمامیه.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْآیَهِ؟ فَقَالَ : مَا یَعْنِی إِلَّا الْمُوَاقَعَهَ فِی الْفَرْجِ (1).

واللَّمْسُ : المَسُّ بالید. وقد لَمَسَهُ یَلْمَسُهُ لَمْساً من بابی قتل وضرب : أفضی إلیه بالید.

وَقَوْلُهُ علیه السلام « مَنْ سَلَکَ طَرِیقاً یَلْتَمِسُ فِیهِ عِلْماً ».

أی یطلب ، واستعار له اللَّمْسُ. والِالْتِمَاسُ : طلب المساوی من المساوی. والِالْتِمَاسُ : الطلب مره بعد أخری ومنه حَدِیثُ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام « الْتَمِسْ بِیَدِکَ فَمَا وَجَدْتَ مِنْ شَیْءٍ فَادْفَعْهُ إِلَیَّ ».

أی اطلب أنت مره بعد أخری ولا تول غیرک.

وَفِی الْخَبَرِ « نَهَی عَنْ بَیْعِ الْمُلَامَسَهِ ».

وفسر بأن تقول : إذا لَمَسْتَ المبیع فقد وجب البیع بیننا بکذا ، ووجه النهی لزوم الغرر.

دون أخواتها تقول زید لَیْسَ بمنطلق ، فالباء لتعدیه الفعل وتأکید النفی ، وکذلک أن لا تدخلها لأن المؤکد یستغنی عنه ، ولا یجوز تقدیم خبرها علیها کما جاز فی أخواتها.

الخیر إلی الله والشر إلی غیره ، غیر أن القدریه یقولون ذلک فی الأحداث دون الأعیان ، فالأمران معا مضافان إلی الله تعالی خلقا وإیجادا وإلی العباد فعلا واکتسابا.

فِی الْبَرِیَّهِ مَعَ الْوَحْشِ ، وَإِذَا لَقِیَ أَحَداً قَالَ ( لا مِساسَ ) أَیْ لَا تَقْرَبْنِی وَلَا تَمَسَّنِی ، وَقِیلَ ذَلِکَ بَقِیَ فِی وُلْدِهِ إِلَی الْیَوْمِ إِنْ مَسَ وَاحِدٌ مِنْ غَیْرِهِمْ وَاحِداً مِنْهُمْ حُمَّ کِلَاهُمَا فِی الْوَقْتِ.

قوله : ( ذُوقُوا مَسَ سَقَرَ ) [ 54 / 48 ] أی أول ما ینالکم منها. کقولهم « وجد مَسَ الحمی ، وذاق طعم الضرب ، ووجد مَسَ الجوع » لأن النار إذا أصابتهم بحرها وشدتها فکأنها مَسَّتْهُم مَسَّاً کما یَمَسُ الحیوان ما یؤذی ویؤلم. قوله : ( مِنْ قَبْلِ أَنْ یَتَمَاسَّا ) [ 58 / 3 ] هو کنایه عن الجماع ، یقال مَسَ الرجل مرأته من باب تعب مَسّاً.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَا مِنْ بَنِی آدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا وَیَمَسَّهُ الشَّیْطَانُ ».

أی یصیبه بما یؤذیه وذلک أن الشیطان یتعرض المولود بما لا عهد له به من الإلمام ، فتشمئز عنه نفسه ویضیق بإلمامه صدره وتلقی المکروه طبیعته ، فیصیح صیحه من یجد الماء وینتابه أذی.

وَفِیهِ « مَنْ مَشَی فِی خُفٍّ وَاحِدٍ أَصَابَهُ مَسٌ مِنَ الشَّیْطَانِ » (1).

أی أذی منه. والْمَسُ : اللَّمْس بالید. ومَسِسْتُهُ من باب تعب ، وفی لغه من باب قتل : أفضیت إلیه بیدی من غیر حائل - هکذا قیدوه. ویقال مَسِسْتُهُ : إذا لاقیته بأحد جوارحک ومَسَ الماء الجسد : أصابه ، ویتعدی إلی اثنین بالهمزه والحرف. والْمَسِیسُ ککریم : الْمَسُ. وحاجه مَاسَّهٌ : أی مهمه. ومِسْتُ الحاجه إلی کذا : ألجأت إلیه. وهان علیه الْمَسِیسُ : أی مُمَاسَّهُ الأشیاء ومزاولتها والتصرف فیها.

وَفِی الْحَدِیثِ « فَلَا یَمَسَ ذَکَرَهُ بِیَمِینِهِ ».

یجوز فتح سینه وکسرها وفک الإدغام ویاؤه مفتوحه.

وَفِی حَدِیثِ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ وَقَدْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِ علیه السلام أَیَغْتَسِلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَیِّتَ؟ قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : فَمَنْ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ؟ قَالَ : لَا إِنَّمَا مَسَ الثِّیَابَ (2).

ص: 107

قال بعض الشارحین : التعلیل بقوله « إنما مس الثیاب » لا یخلو من غموض ، لأن مس المیت بعد الغسل لا یوجب الغسل ، والتعلیل بَمَسِ الثیاب یقتضی أنه لو مَسَّ بدن المیت وجب الغسل وهو خلاف المعروف ، واحتمال کون المدخل فی القبر غیر مغسل فی غایه البعد - انتهی. والذی یخطر بالبال أن المستفاد من هذا التعلیل استحباب الغسل لماس المیت بعد تغسیله ، ویؤید هذا

مُوَثَّقَهُ عَمَّارٍ السَّابَاطِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام قَالَ : یَغْتَسِلُ الَّذِی غَسَّلَ الْمَیِّتَ ، وَکُلُّ مَنْ مَسَ مَیِّتاً فَعَلَیْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ کَانَ الْمَیِّتُ قَدْ غُسِلَ.

وکلمه « فعلیه » وإن کانت ظاهره فی الوجوب لکن معارضه الإجماع توجب صرفها إلی الندب کما فی کثیر من نظائرها.

وَفِی حَدِیثِ الْمُحْرِمِ « وَلَا تُمِسُّوهُ طِیباً » (1).

بضم فوقیه وکسر میم.

المراد غیر المحضره. والله أعلم.

تجسموا بِالنَّجَاسَهِ ، فالکلام مجاز عقلی. قال : وهذا الوجه أولی من الوجهین الأولین کما صرح به محققو علماء المعانی فی قول الخنساء :

فإنما هی إقبال وإدبار

وَفِی الْحَدِیثِ « أَلْقُوا الشَّعْرَ عَنْکُمْ فَإِنَّهُ نَجِسٌ ».

أی قذر ، وذلک أنه وجد هناک ونَجِسَ الشیء یَنْجَسُ من باب تعب : إذا کان قذرا غیر نظیف ، والاسم النَّجَاسَهُ والظاهر فتح النون فیه ، فإن العرب تبنی الشیء علی ضده ، وهی فی عرف الشرع قذر مخصوص یمنع جنسه الصلاه کالبول والدم ونحوهما. ونَجِسَ یَنْجَسُ من باب قتل لغه. وثوب نَجِسٌ بالکسر : اسم فاعل ، وبالفتح وصف بالمصدر. وقوم أَنْجَاسٌ ، وتَنَجَّسَ الشیء ونَجَّسْتُهُ

الحدیث ، لمعالجته الدواب (1). ونَخَسَ الدابهَ کنصر وجعل : غرز مؤخرها بعود ونحوه ، ومنه النَّاخِسَهُ والْمَنْخُوسَهُ.

جَمِیعاً وَمَنْ أَحْیاها فَکَأَنَّما أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً ) [ 5 / 32 ] هو علی أقوال : « أحدها » - هو أن الناس کلهم خصماؤه فی قتل ذلک الإنسان ، وقد وترهم وتر من قصد لقتلهم جمیعها وأوصل إلیهم من المکروه ما أشبه به القتل الذی أوصل إلی المقتول ، فکأنه قتلهم کلهم ، ومن استنقذها من غرق أو حرق أو هدم أو استنقذها من ضلال ، ( فَکَأَنَّما أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً ) أی أجره علی الله أجر من أحیاهم أجمعین ، کأنه فی إسدائه المعروف إلیهم بإحیائه أخاهم المؤمن بمنزله من أحیا کل واحد منهم. قال الشیخ أبو علی : وهذا المعنی مروی عن أبی عبد الله علیه السلام. ثم قال : وأفضل ذلک أن یخرجها من ضلال إلی هدی. و « ثانیها » - أن من قتل نبیا أو إمام عدل ( فَکَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً ) ، ثم یعذب علیه کما لو قتل الناس کلهم ، ومن شد علی عضد نبی أو إمام عدل ( فَکَأَنَّما أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً ) فی استحقاق الثواب. و « ثالثها » - من قتل نفسا بغیر حق فعلیه مأثم کل قاتل من الناس ، لأنه سن القتل وسهله لغیره فکان بمنزله المشارک فیه ، ومن زجر عن قتلها بما فیه حیاتها علی وجه یقتدی به فیه - بأن یعظم تحریم قتلها کما حرمه الله تعالی ولم یقدم علی قتلها لذلک - فقد أحیا الناس جمیعا بسلامتهم منه ، فذلک إحیاؤه إیاها (1). قوله : ( رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) [ 3 / 164 ] أی من جنسهم عربیا مثلهم ، وقیل من ولد إسماعیل کما أنهم کانوا من ولده. ووجه المنه علیهم فی ذلک أنه إذا کان منهم کان اللسان واحدا فیسهل علیهم أخذ ما یجب أخذه عنه وفی کونه من أنفسهم شرف لهم ، کقوله ( وَإِنَّهُ لَذِکْرٌ لَکَ وَلِقَوْمِکَ ).

قَالَ فِی الْکَشَّافِ : وَفِی قِرَاءَهِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله وَقِرَاءَهِ فاطمه علیها السلام مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

أی من

ص: 113

أشرافهم ، لأن عدنان ذروه ولد اسماعیل ، ومضر ذروه نزار بن معد بن عدنان ، وخندف ذروه مضر ، ومدرکه ذروه خندف ، وقریش ذروه مدرکه ، وذروه قریش محمد صلی الله علیه وآله (1). قوله : ( فَاقْتُلُوا أَنْفُسَکُمْ ) [ 2 / 54 ] أی لیقتل بعضکم بعضا ، أمر من لم یعبد العجل أن یقتل من عبده. قوله تعالی : ( وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ) [ 81 / 18 ] مر فی صبح.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا یُفْسِدُ الْمَاءَ إِلَّا مَا کَانَ لَهُ نَفْسٌ ».

أی دم سائل ، وما لا نَفْسَ له کالذباب ونحوه فلا بأس فیه والنَّفْسُ جاءت لمعان : الدم کما یقال سالت نَفْسُهُ أی دمه ، والروح کما یقال خرجت نَفْسُهُ ، والجسد وعلیه قول الشاعر :

نبئت أن بنی سحیم أدخلوا

أبیاتهم تامور نَفْسِ المنذر

والتامور : الدم - قاله فی الصحاح ، والعین یقال أصابت فلان نفس أی عین. ونَفْسُ الشیء عینه یؤکد به. وفلان یؤامر نَفْسَهُ : إذا تردد فی الأمر واتجه له رأیان وداعیان لا یدری علی أیهما یعرج. والنَّفْسُ أنثی إن أرید بها الروح ، قال تعالی : ( خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَهٍ ) [ 4 / 1 ] وإن أرید الشخص فمذکر ، وجمعها أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ مثل فلس وأفلس وفلوس ، وهی مشتقه من التَّنَفُسٌ لحصولها بطریق النفخ فی البدن. ولها خمس مراتب باعتبار صفاتها المذکوره فی الذکر الحکیم : « الأولی » - الأماره بالسوء ، وهی التی تمشی علی وجهها تابعه لهواها. « الثانیه » - اللوامه ، وقد أشیر إلیها بقوله : ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَهِ ) [ 75 / 2 ] وهی التی لا تزال تلوم نَفْسَهَا وإن اجتهدت فی الإحسان ، وتلوم علی تقصیرها فی التعدی فی الدنیا والآخره. « الثالثه » - المطمئنه ، وهی النَّفْسُ الآمنه التی لا یستفزها خوف ولا حزن ،

ص: 114

أو المطمئنه إلی الحق التی سکنها روح العلم وثلج الیقین ، فلا یخالجها شک « الرابعه » - الراضیه ، وهی التی رضیت بما أوتیت « الخامسه » المرضیه ، وهی التی رضی عنها وبعضهم یذکر لها مرتبه أخری : وهی الملهمه بکسر الهاء علی المشهور ، والظاهر فتحها لکونها مأخوذه من قوله تعالی : ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) والملهم الله أو الملک. وفی تجرد النَّفْسِ وکیفیه تعلقها بالبدن وتصرفها فیه أبحاث مشهوره مذکوره مقرره فی محالها.

وَفِی قَوْلِ عَلِیٍّ علیه السلام « مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ » (1).

أقوال : « منها » - أنه کما لا یمکن التوصل إلی معرفه النفس لا یمکن التوصل إلی معرفه الرب.

وَفِی حَدِیثِ کُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ : سَأَلْتُ مَوْلَانَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قُلْتُ : أُرِیدُ أَنْ تُعَرِّفَنِی نَفْسِی؟ قَالَ : قَالَ : یَا کُمَیْلُ أَیَ نَفْسٍ تُرِیدُ؟ قُلْتُ : یَا مَوْلَایَ هَلْ هِیَ إِلَّا نَفْسٌ وَاحِدَهٌ ، فَقَالَ : یَا کُمَیْلُ إِنَّمَا هِیَ أَرْبَعٌ : النَّامِیَهُ النَّبَاتِیَّهُ وَالْحِسِّیَّهُ الْحَیَوَانِیَّهُ ، وَالنَّاطِقَهُ الْقُدْسِیَّهُ ، وَالْکَلِمَهُ الْإِلَهِیَّهُ. وَلِکُلِّ وَاحِدَهٍ مِنْ هَذِهِ خَمْسُ قُوًی وَخَاصَّتَانِ : فَالنَّامِیَهُ النَّبَاتِیَّهُ لَهَا خَمْسُ قُوًی : مَاسِکَهٌ ، وَجَاذِبَهٌ ، وَهَاضِمَهٌ ، وَدَافِعَهٌ ، وَمُرَبِّیَهٌ. وَلَهَا خَاصَّتَانِ الزِّیَادَهُ ، وَالنُّقْصَانُ. وَانْبِعَاثُهَا مِنَ الْکَبِدِ وَهِیَ أَشْبَهُ الْأَشْیَاءِ بِنَفْسِ الْحَیَوَانِ. وَالْحَیَوَانِیَّهُ الْحِسِّیَّهُ ، وَلَهَا خَمْسُ قُوًی : سَمْعٌ ، وَبَصَرٌ ، وَشَمٌّ ، وَذَوْقٌ ، وَلَمِّسٌ. وَلَهَا خَاصَّتَانِ : الرِّضَا ، وَالْغَضَبُ. وَانْبِعَاثُهَا مِنَ الْقَلْبِ ، وَهِیَ أَشْبَهُ الْأَشْیَاءِ بِنَفْسِ السِّبَاعِ. وَالنَّاطِقَهُ الْقُدْسِیَّهُ ، وَلَهَا خَمْسُ قُوًی : فِکْرٌ ، وَذِکْرٌ ، وَعِلْمٌ ، وَحِلْمٌ ، وَنَبَاهَهٌ. وَلَیْسَ لَهَا انْبِعَاثٌ ، وَهِیَ أَشْبَهُ الْأَشْیَاءِ بِنَفْسِ الْمَلَائِکَهِ ، وَلَهَا خَاصَّتَانِ : النَّزَاهَهُ ، وَالْحِکْمَهُ. وَالْکَلِمَهُ الْإِلَهِیَّهُ ، وَلَهَا خَمْسُ قُوًی : بَقَاءٌ فِی فَنَاءٍ ، وَنَعِیْمٌ فِی شَقَاءٍ ، وَعِزٌّ فِی ذُلٍّ ، وَفَقْرٌ فِی غِنًی ، وَصَبْرٌ

ص: 115

فِی بَلَاءٍ. وَلَهَا خَاصَّتَانِ : الْحِلْمُ ، وَالْکَرَمُ. وَهَذِهِ الَّتِی مَبْدَؤُهَا مِنَ اللهِ وَإِلَیْهِ تَعُودُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَی : ( فَنَفَخْنا فِیهِ مِنْ رُوحِنا ) وَأَمَّا عَوْدُهَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَی : ( یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّهُ ارْجِعِی إِلی رَبِّکِ راضِیَهً مَرْضِیَّهً ) وَالْعَقْلُ وَسَطُ الْکُلَّ لِکَیْلَا یَقُولَ أَحَدُکُمْ شَیْئاً مِنَ الْخَیْرِ وَالشَّرِّ إِلَّا لِقِیَاسٍ مَعْقُولٍ » (1).

وَفِی الْحَدِیثِ « أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِی بَیْنَ جَنْبَیْهِ » (2).

وقد مر البحث عنه ، ونذکر مزید بحث وهو أن النَّفْسَ الإنسانیه - علی ما حققه بعض المتبحرین - واقعه بین القوه الشهوانیه والقوه العاقله فبالأولی یحرص علی تناول اللذات البدنیه البهیمیه کالغذاء والسفاد والتغالب وسائر اللذات العاجله الفانیه ، وبالأخری یحرص علی تناول العلوم الحقیقیه والخصال الحمیده المؤدیه إلی السعاده الباقیه أبد الآبدین ، وإلی هاتین القوتین أشار تعالی بقوله ( وَهَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ ) وقوله تعالی ( إِنَّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ إِمَّا شاکِراً وَإِمَّا کَفُوراً ) فإن جعلت أیها الإنسان الشهوه منقاده للعقل فقد فزت فوزا عظیما واهتدیت صراطا مستقیما ، وإن سلطت الشهوه علی العقل وجعلته منقادا لها ساعیا فی استنباط الحیل المؤدیه إلی مراداتها هلکت یقینا وخسرت خسرانا مبینا. واعلم أن النَّفْسَ إذا تابعت القوه الشهویه سمیت « بهیمیه » ، وإذا تابعت الغضبیه سمیت « سبعیه » ، وإن جعلت رذائل الأخلاق لها ملکه سمیت « شیطانیه » وسمی الله تعالی هذه الجمله فی التنزیل « نَفْساً أماره بالسوء » إن کانت رذائلها ثابته ، وإن لم تکن ثابته بل تکون مائله إلی الشر تاره وإلی الخیر أخری وتندم علی الشر وتلوم علیه سماها « لوامه » ، وإن کانت منقاده للعقل العملی سماها « مطمئنه » ، والمعین علی هذه المتابعات قطع العلائق البدنیه کما قال بعضهم :

إذا شئت أن تحیا فمت عن علائق

من الحس خمس ثم عن مدرکاتها

ص: 116

وقابل بعین النَّفْسِ مرآه عقلها

فتلک حیاه النَّفْسِ بعد مماتها

وَ فِی حَدِیثِ السَّفَرِ « وَابْدَأْ بِعَلَفِ دَابَّتِکَ فَإِنَّهَا نَفْسُکَ ».

بإسکان الفاء أی کَنَفْسِکَ ، فکما تحتفظ علی نَفْسِکَ احتفظ علیها ، ویرویها بعض من یدعی الفضیله فِی الْحَدِیثِ « فَإِنَّهَا نَفَسُکَ ».

بالتحریک من النَّفَسِ بفتحتین ، یعنی الفرح والعیش والسعه والروح والراحه کما فی « اللهُمَ نَفِّسْ کُرْبَتِی » وهو کما تری. والنَّفَسُ بالتحریک واحد الْأَنْفَاسِ ، ومنه الْحَدِیثُ « یُجْزِی بَیْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَهِ نَفَسٌ » (1).

والجمع أَنْفَاسٌ کسبب وأسباب والنَّفَسُ أیضا : الْجُرعه من الماء ، یقال اکرع من الماء نَفَساً أو نَفَسَیْنِ أی جرعه أو جرعتین « وأنت فی نَفَسٍ من أمرک » أی فی سعه منه.

وَفِی الْخَبَرِ « لَا تَسُبُّوا الرِّیحَ فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ ».

أی تفرج الکرب وتنشیء السحاب وتنشر الغیب وتذهب الحزن.

وَفِیهِ « بُعِثْتُ أَنَا مِنْ نَفَسِ السَّاعَهِ ».

أی حین قیامها وقربها ، إلا أنها أخرت قلیلا قلیلا فأطلق النَّفَسُ علی القرب.

وَفِیهِ « نَهَی عَنِ الشُّرْبِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ ».

وحمل علی الکراهه لأنه یکابس الماء فی موارد حلقه فتثقل معدته.

وَرُوِیَ « أَنَّ الْکُبَادَ مِنَ الْعَبِّ » (2) و « أَنَّهُ شُرْبُ الشَّیْطَانِ ».

والنَّفْسُ الزکیه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن علیه السلام (3) ، وَقَدْ تَکَلَّمَ عَلَیْهِ الصَّادِقُ علیه السلام حِینَ أُمِرَ بِهِ إِلَی الْحَبْسِ فَقَالَ : « وَکَأَنِّی بِکَ وَقَدْ حَمَلَ عَلَیْکَ فَارِسٌ مُعَلَّمٌ فِی یَدِهِ طِرَادَهٌ فَطَعَنَکَ الْفَارِسُ الْمُعَلَّمِ الَّذِی لَهُ عَلَامَهُ الشُّجْعَانِ ».

وقَالَ فِیهِ أَیْضاً : « سَمِعْتُ عَمَّکَ وَهُوَ خَالُکَ یَذْکُرُ أَنَّکَ وَبَنِی أَبِیکَ سَتُقْتَلُونَ ».

وإنما کان عمه وخاله لأن بنت الحسین علیه السلام أم عبد الله بن الحسن. والنَّفْسُ الزکیه یطلق علی شخص

ص: 117

یخرج قریبا من خروج القائم کما نبه علیه ابن بابویه فی کتاب کمال الدین وتمام النعمه ، حیث

قَالَ : إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الزَّکِیَّهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ علیه السلام بِخَمْسَهَ عَشَرَ لَیْلَهً.

وتَنَفَّسْتُ عنه تَنْفِیساً : أی رفهت ، یقال نَفَّسَ الله عنه کربته أی فرجها ، والأصل فی التَّنَفُّسِ التفریج ، کأنه مأخوذ من قولهم « أنت فی نَفَسٍ من أمرک » أی فی سعه ، والذی یفرج عنه کأنه فی سعه من أمره بحذف الکروب عنه.

وَمِنْهُ « أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَی اللهِ إِشْبَاعُ جَوْعَهِ الْمُؤْمِنِ وَتَنْفِیسُ کُرْبَتِهِ ».

ومِنْهُ « مَنْ أَعَانَ مُؤْمِناً نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ ثَلَاثاً وَسَبْعِینَ کُرْبَهً » (1).

وقَوْلُهُ « نَفِّسُوا لَهُ فِی أَجَلُهُ ».

أی وسعوا له. والتَّنَفُّسُ : ذهاب الهم والغم. وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ مر القول فیه. وشیء نَفِیسٌ : یُتَنَافَسُ فیه ویرغب. وهذا شیء نَفِیسٌ : أی جید فی نوعه ، ومنه « جاریه نَفِیسَهٌ ». ونَفُسَ الشیء بالضم نَفَاسَهً : أی صار مرغوبا فیه. ونَافَسْتُ فی الشیء مُنَافَسَهً ونِفَاساً : إذا رغبت فیه علی وجه المباراه فی الکرم. ومثله التَّنَافُسُ فی الشیء ، ومنه « تَنَافَسُوا فی الشیء » ومنه « تَنَافَسُوا فی زیاره الحسین علیه السلام ». والنِّفَاسُ بالکسر : ولاده المرأه إذا وضعت فهی نُفَسَاءُ ، وقد نَفِسَتِ المرأه کفرح والولد مَنْفُوسٌ. ومنه الْحَدِیثُ « الْمَنْفُوسُ لَا یَرِثُ شَیْئاً حَتَّی یَصِیحَ ».

وجمع النُّفَسَاءِ نِفَاسٌ. قال الجوهری : لیس فی کلام العرب فعلاء یجمع علی فعال غیر نُفَسَاءَ وعُشَرَاءَ ، ویجمع أیضا علی نَفْسَاوَاتٍ وعشراوات. ونُفِسَتِ المرأه بالبناء للمفعول ، وهو من النَّفْسِ ، وهو الدم. والنَّفِیسُ : المال الکثیر. والنَّافِسُ : أحد القداح العشره من قداح المیسر - قاله فی الحدیث.

ص: 118

وفِیهِ « أَنَّ وَرَقَهَ بْنَ نَوْفَلٍ قَالَ لِخَدِیجَهَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا وَکَانَ نَصْرَانِیّاً : لَئِنْ کَانَ مَا تَقُولِینَ حَقّاً إِنَّهُ لَیَأْتِیهِ النَّامُوسُ الَّذِی کَانَ یَأْتِی مُوسَی علیه السلام » یعنی به جبرئیل علیه السلام.

وَفِی حَدِیثِ الْیَهُودِیِّ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام « أَشْهَدُ أَنَّکَ نَامُوسُ مُوسَی ».

أی صاحب سره. قال بعض الشارحین : الناموس صاحب سر الملک ، ویقال النَّامُوسُ صاحب سر الخیر والجاسوس صاحب سر الشر. وناموس الرجل : صاحب سره الذی یطلعه علی باطن أمره ویخصه بما یستره عن غیره. قال الجوهری : وأهل الکتاب یسمون جبرئیل علیه السلام النَّامُوسَ.

قالت : إن الصادق علیه السلام حی لم یمت ولن یموت حتی یظهر ویظهر أمره ، وهو القائم المهدی. وحکی أبو حامد الزوزنی أنهم زعموا أن علیا علیه السلام مات وستنشق الأرض عنه من قبل یوم القیامه فیملأ العالم عدلا - کذا فی الملل والنحل (1).

العرب توصل بهذه الحروف کلها الفعل ، یقال لما یقع فی النفس من عمل الخیر إلهام وما لا خیر فیه وَسْوَاسٌ ، ولما یقع من الخوف إیجاس ، ولما یقع من تقدیر ینل الخیر أمل ، ولما یقع ما لا یکون للإنسان ولا علیه خاطر. والْوَسْوَاسُ بفتح الواو : الشیطان ، وهو الخناس أیضا لأنه یُوَسْوِسُ فی صدور الناس ویخنس. والْوِسْوَاسُ بالکسر والْوَسْوَسَهُ مصدران والْوَسْوَسَهُ : حدیث النفس ، یقال وَسْوَسَتْ إلیه نفسُهُ وَسْوَسَهً ووِسْوَاساً. قوله : ( مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ ) [ 114 / 4 ] قال الشیخ أبو علی فیه أقوال : « أحدها » - أن معناه الْوَسْوَسَهُ الواقعه من الجنه. و « ثانیها » - أن معناه من شر ذی الْوَسْوَاسِ وهو الشیطان کما جاء فی الأثر أنه یُوَسْوِسُ فإذا ذکر العبد الله خنس ، ثم وصفه الله تعالی بقوله ( الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ ) أی بالکلام الخفی الذی یصل مفهومه إلی قلوبهم من غیر سماع. ثم ذکر أن هذا الشیطان ( الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّهِ ) ، وهو الشیطان کما قاله تعالی ( إِلَّا إِبْلِیسَ کانَ مِنَ الْجِنِ ) ثم عطف بقوله : ( وَالنَّاسِ ) علی الْوَسْوَاسِ ، والمعنی من شر الْوَسْوَاسِ ومن شر الناس ، کأنه أمر أن یستعیذ من الجن والإنس. و « ثالثها » - أن معناه من شر ذی الْوَسْوَاسِ الخناس ، ثم فسره بقوله ( مِنَ الْجِنَّهِ وَالنَّاسِ ) ، وعلی هذا فیکون المراد من وَسْوَاسِ الجِنَّهِ وَسْوَاسِ الشیطان ، ومن وَسْوَاسِ الإنس ما وسوسه الإنسان من نفسه وإغواء ما یغویه من الناس. ویدل علیه قوله : ( شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ )(1). وقال جامع العلوم النحوی فی تفسیر هذه السوره : لیس فی قوله ( النَّاسِ ) تکرارا ، لأن المراد بالأول الأجنه ، ولهذا قال ( بِرَبِّ النَّاسِ ) والمراد

ص: 122

بالثانی الأطفال ولذلک قال ( مَلِکِ النَّاسِ ) لأنه یملکهم ، والمراد بالثالث البالغون المکلفون ولذلک قال ( إِلهِ النَّاسِ ) لأنهم یعبدونه ، والمراد بالرابع العلماء لأن الشیطان یُوَسْوِسُ فی صدورهم ولا یرید الجهال لأن الجاهل یضله جهله ، وإنما تقع الْوَسْوَسَهُ فی قلب العالم کما قال ( فَوَسْوَسَ إِلَیْهِ الشَّیْطانُ )(1)

وَفِی الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِکَ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّیْطَانِ ».

قال بعض الأعلام : وَسَاوِسُ الشیطان غیر متناهیه ، فمهما عارضه فیما یُوَسْوِسُ بحجه أتاه من باب آخر بوسوسه وأدنی ما یفیده من الاسترسال فی ذلک إضاعه الوقت ، ولا تدبیر فی إبطال ما یأتی به من الفساد أقوی وأحسن من اللجأ إلی الله تعالی والاعتصام بحوله وقوته.

نقص ، یتعدی ولا یتعدی.

وَفِی الْخَبَرِ « الْمَرْأَهُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا وَکْسَ وَلَا شَطَطَ ».

قال الجوهری : أی لا نقصان ولا زیاده. وأُوکِسَ فلان علی ما لم یسم فاعله : أی خسر. والثَّمَنُ الْأَوْکَسُ : الأنقص.

قال الجوهری : یجمعها قولک « حثه شخص فسکت ». قال : وإنما سمی الحرف مَهْمُوساً لأنه أضعف الاعتماد فی موضعه حتی جری معه النفس.

یعنی إِلْیَاسَ وأهله. وقال بعض الأعلام یجوز أن یکون إِلْیَاسُ وَإِلْیَاسِینُ بمعنی واحد ، کما یقال میکال ومیکائیل ، وقرئ سلام علی آل یَاسِینَ أی علی محمد صلی الله علیه وآله وأهل بیته.

وَفِی الْحَدِیثَ « الْیَأْسُ عَمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ عِزُّ الْمُؤْمِنِ ».

وعلیه أَنْشَدَ الْبَاقِرُ علیه السلام قَوْلَ حَاتِمٍ :

إِذَا مَا عَرَفْتُ الْیَأْسَ أَلْفَیْتُهُ

الْغِنَی

إِذَا عَرَفَتْهُ النَّفْسُ وَالطَّمَعُ الْفَقْرُ.

ص: 128

والْجَحْشُ : شق الجلد ، یقال جَحِشَ جلده من باب منع : أی قشر.

وَمِنْهُ « فَجِحَش شِقُّهُ الْأَیْسَرُ ».

والْجَحْشُ : بالفتح فالسکون : ولد الحمار الوحشی والأهلی ، قیل سمی بذلک قبل أن یعظم ، والجمع جِحَاشٌ وجِحْشَانُ ، والأنثی جَحْشَهٌ.

وَ « زَیْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ » زَوْجَهُ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله تَزَوَّجَهَا سَنَهَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَهِ ، وَکَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ زَیْدِ بْنِ حَارِثَهَ وَهِیَ الْمُرَادُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی : ( فَلَمَّا قَضی زَیْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناکَها ) فَلَمَّا طَلَّقَهَا زَیْدٌ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجَهَا صلی الله علیه وآله عَلَی عَائِشَهَ.

قَالَتْ عَائِشَهُ لَمْ یَکُنْ أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِیِّ تُسَامِینِی فِی حُسْنِ الْمَنْزِلَهِ عِنْدَهُ غَیْرُ زَیْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، وَکَانَتْ تَفْتَخِرُ عَلَی نِسَاءِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله أَنَّ آبَاءَکُنَّ أَنْکَحُوکُنَّ لِلنَّبِیِّ وَأَنَّ اللهَ تَعَالَی أَنْکَحَنِی إِیَّاهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.

وَکَانَتْ تَقِیَّهً صَادِقَهً أَوَّاهَهً خَاشِعَهً مُتَضَرِّعَهً خَیِّرَهً فِی الدِّینِ ، کَانَتْ تَعْمَلُ بِیَدِهَا وَتَتَصَدَّقُ - کَذَا فِی الإستیعاب (1).

الْجَیْشِ » (1).

هی بالفتح فالسکون واد بین مکه والمدینه ، یُقَالُ انْقَطَعَ فِیهِ عَقْدُ عَائِشَهَ (2).

رُوِیَ أَنَّ السُّفْیَانِیَّ أَتَی إِلَیْهَا قَاصِداً مَدِینَهَ الرَّسُولِ صلی الله علیه وآله فَخَسَفَ اللهُ تَعَالَی بِتِلْکَ الْأَرْضِ.

وبینها وبین میقات أهل المدینه میل واحد.

وَفِی الْحَدِیثِ « ذَاتُ الْجَیْشِ دُونَ الْحُفْرَهِ بِثَلَاثَهِ أَمْیَالٍ ».

و « الْجَیْشُ » واحد الْجُیُوشِ. وجَیَّشَ فلانٌ بالتشدید : جَمَعَ الْجُیُوشَ. وجَاشَتِ القدر تَجِیشُ : أی غلت. وجَاشَتْ نفسی : أی ارتاعت وخافت.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِیَّاکَ أَنْ تَقْذِفَ بِمَا جَاشَ صَدْرُکَ ».

أی بما فار وارتفع به صدرک.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی تَحْرِیصِ الْقَوْمِ لِلْقِتَالِ « غُضُّوا الْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ » (3).

أی للقلب. والْجَأْشُ : جَأْشُ القلب ، وهو رواعه إذا اضطرب عند الفزع. یقال فلان رابط الْجَأْشِ : أی ربط نفسه عن الفرار لشجاعته.

وهی التی سألت أم سلمه عن حدیث الحیض.

وَعَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام « إِنَّهَا اسْتُحِیضَتْ سَبْعَ سِنِینَ » (1).

والْحَبَشُ بالتحریک والحَبَشُ : جنس من السودان ، والجمع الْحُبْشَانُ مثل جمل وجملان. وحُبْشٌ بالضم جبل بأسفل مکه ، ومنه « أَحَابِیشُ قریش » لأنهم تحالفوا بالله أنهم لید علی غیرهم ما سجی لیل (2) الفص الْحَبَشِیُ : یحتمل أن یکون من الجذع أو العقیق ، لأن معدنهما الیمن. ومنه حَدِیثُ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله « فِی خَاتَمِهِ فَصٌ حَبَشِیٍ ».

فلما اتخذوا الکنف وجعلوها خلفا عنها أطلقوا علیها الاسم مجازا ، وجمع الْحَشِ حِشَّانُ مثل ضیف وضیفان.

وَفِی حَدِیثِ عُثْمَانَ « أَنَّهُ دُفِنَ فِی حَشِ کَوْکَبٍ ».

وهو بستان بظاهر المدینه خارج البقیع. والْحَشِیشُ : ما یبس من الکلاء قال الجوهری : ولا یقال له حَشِیشٌ إذا کان رطبا. وحَشَشْتُهُ حَشّاً من باب قتل : قطعته ، فهو فعیل بمعنی مفعول.

وَفِی الْحَدِیثِ « نَهَی أَنْ یُؤْتَی النِّسَاءُ فِی مَحَاشِّهِنَ ».

ومثله « مَحَاشُ نِسَاءِ أُمَّتِی عَلَی رِجَالِ أُمَّتِی حَرَامٌ ».

الْمَحَاشُ جمع مَحَشَّهٌ ، وهی الدبر ، فکنی بها عن الأدبار کما یکنی بِالْحُشُوشِ عن مواضع الغائط. والْمَحَشَّهِ فی الأصل : لأسفل موضع الطعام من الأمعاء ، فکنی به عن الأدبار. والْمَحَشُ : المکان الکثیر الْحَشِیشُ. والْمِحَشُ بکسر المیم : الذی یُحَشُ به الْحَشِیشُ. والتَّحَشْحُشُ التحریک للنهوض ، یقال حَشْحَشَهُ أی حرکه. ومثله حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام وَفَاطِمَهَ « دَخَلَ عَلَیْنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله وَعَلَیْنَا قَطِیفَهٌ ، فَلَمَّا رَأَیْنَاهُ تَحَشْحَشْنَا فَقَالَ : مَکَانَکُمَا ».

والْحُشَاشُ : ما تُحَشُ به النار ، أی توقد. ومنه کَلَامُ عَلِیٍّ علیه السلام فِی قَوْمِهِ « لَبِئْسَ حُشَاشُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ ».

والْحُشَاشُ والْحُشَاشَهُ : بقیه الروح فی المریض.

وَقَوْلُهُ : « وَلَا حَمِیَّهَ تَحْمِشُکُمْ » (1).

أی تغضبکم.

وَفِی حَدِیثِ الزَّکَاهِ « خُذْ مِنْ حَوَاشِی أَمْوَالِهِمْ ».

هی صغار الإبل کابن المخاض وابن اللبون ، جمع حَاشِیَهٍ. والْمُحَاشَاهُ : الاستثناء.

وَمِنْهُ « إِنَّ اللهَ لَیُرِیدُ عَذَابَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَا یُحَاشِی مِنْهُمْ أَحَداً ».

أی لا یستثنی منهم أحدا.

ومنه الجمل الْمَخْشُوشُ للذی جعل فی أنفه خِشَاشٌ. والْخِشَاشُ بالکسر وقد یفتح : حشرات الأرض. والْخَشْخَشَهُ : صوت السلاح ونحوه. و « الْخَشْخَاشُ » بالفتح فالسکون نبت معروف.

الناس ، فإن الله یحب أن یری آثار نعمته علی عبده ،

وَقَدْ لَبِسَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام ثَوْبَیْنِ لِلصَّیْفِ مِنْ مِائَهِ دِرْهَمٍ.

وَأُصِیبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَعَلَیْهِ الْخَزُّ.

وَلَبِسَ الصَّادِقُ علیه السلام الْخَزَّ.

وثالثها کونه للتقوی. قیل المراد به ما یحترز به من الضرر والبرد وحاله الحرب ، ولیس بشیء إذ التقوی عرفا وشرعا یراد بها الطاعه أو ما یقصد به العباده أو الخشیه من الله تعالی والتواضع کالصوف والشعر. وعن بعض الأفاضل أنه یظهر من کلام هذا المفسر کون الأغراض الثلاثه لثلاثه أثواب ، وفیه تکلف ، والأولی أن اللباس وصف بالصفات الثلاث لا مکان کون الثوب الواحد تجتمع فیه الأغراض الثلاثه ، فیکون أبلغ فی الحکمه. وقوله : ( ذلِکَ خَیْرٌ ) یحتمل أن یکون خیرا أفعل تفضیل کما هو المشهور فیکون ذلک إشاره إما إلی لباس التقوی أو للباس الجامع للصفات الثلاث ، ویحتمل أن یکون أفعل لیس للتفضیل وتنکیره للتعظیم ، أی ذلک اللباس الجامع للصفات خیر عظیم أنزل ، ولذلک أردفه بقوله : ( ذلِکَ مِنْ آیاتِ اللهِ ) أی إنزال اللباس الموصوف علی نوع الإنسان آیه عظیمه داله علی حکمه الله ونهایه رحمته

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تَسْجُدْ عَلَی شَیْءٍ مِنَ الرِّیَاشِ » (1).

قیل الرِّیَاشُ هنا جمع رِیشٍ ، وهو لباس الزینه ، ولعل المراد هنا مطلق اللباس ، أو جمع الرِّیشُ والرِّیشُ من الطائر معروف الواحده رِیشَهٌ والجمع أَرْیَاشٌ. ومنه الْحَدِیثُ « لَا تَسْجُدْ عَلَی رِیشٍ » (2).

ورِشْتُ السَّهمَ رِیشاً : أصلحت رِیشَهُ ، فهو مَرِیشٌ.

ص: 139

سَنَهٍ ، ثُمَّ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ سَنَهٍ أُخْرَی ، ثُمَّ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ سَنَهٍ ثَالِثَهً ، فَأَوْحَی إِلَیْهِ لَوْ طِرْتَ حَتَّی یُنْفَخَ فِی الصُّوَرِ کَذَلِکَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَی الطَّرَفِ الثَّانِی مِنَ الْعَرْشِ ، فَقَالَ الْمَلَکُ عِنْدَ ذَلِکَ : سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی وَبِحَمْدِهِ ».

وَفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السلام « جَعَلَ تَعَالَی الْعَرْشَ أَرْبَاعاً - یَعْنِی مِنْ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَهٍ - لَمْ یَخْلُقَ مِنْ قَبْلِهِ شَیْئاً إِلَّا ثَلَاثَهَ أَشْیَاءَ الْهَوَاءَ وَالْعِلْمَ وَالنُّورَ ، ثُمَّ خَلَقَهُ مِنْ أَنْوَارٍ مُخْتَلِفَهٍ مِنْ نُورٍ أَخْضَرَ مِنْهُ اخْضَرَّتِ الْخُضْرَهُ ، وَمِنْ نُورٍ أَصْفَرَ اصْفَرَّتِ مِنْهُ الصُّفْرَهُ ، وَمِنْ نُورٍ أَحْمَرَ احْمَرَّتْ مِنْهُ الْحُمْرَهُ وَمِنْ نُورٍ أَبْیَضَ وَهُوَ نُورُ الْأَنْوَارِ وَمِنْهُ ضَوْءُ النَّهَارِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ سَبْعِینَ أَلْفَ طَبَقٍ غِلَظُ کُلِّ طَبَقٍ کَأَوَّلِ الْعَرْشِ إِلَی أَسْفَلِ السَّافِلِینَ ، وَلَیْسَ مِنْ ذَلِکَ طَبَقٌ ( إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) وَیُقَدِّسُهُ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَهٍ وَأَلْسِنَهٍ غَیْرِ مُشْتَبِهَهٍ ... لَهُ ثَمَانِیَهُ أَرْکَانٍ یَحْمِلُ کُلَّ رُکْنٍ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِکَهِ مَا لَا یُحْصِی عِدَّتَهُمْ إِلَّا اللهُ سُبْحَانَهُ یُسَبِّحُونَ فِی اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ ( لا یَفْتُرُونَ ) » (1).

وعَنْهُ علیه السلام « حَمَلَهُ الْعَرْشِ وَالْعَرْشُ العلِمُ ثَمَانِیَهٌ أَرْبَعَهٌ مِنَّا وَأَرْبَعَهُ مِمَّا شَاءَ اللهُ ».

وفِی بَعْضِ الْأَحَادِیثِ فُسِّرَتِ الْأَرْبَعَهُ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَسَیِّدَهِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَبِالْحَسَنَیْنِ وَالْأَرْبَعَهُ الثَّانِیَهُ بِسَلْمَانَ وَالْمِقْدَادِ وَأَبِی ذَرٍّ وَعَمَّارٍ ، و ( یَوْمَئِذٍ ) مَحْمُولٌ عَلَی مَوْتِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله.

قوله : ( وَرَفَعَ أَبَوَیْهِ عَلَی الْعَرْشِ ) [ 12 / 100 ] العرش سریر الملک ، ومنه قوله ( أَهکَذا عَرْشُکِ ) [ 27 / 42 ]. قال المفسر فی قوله ( أَهکَذا ) أربع کلمات حرف الاستفهام وحرف التنبیه وکاف التشبیه واسم الإشاره ، أی مثل هذا عَرْشُکِ ، ولم یقل أهذا عَرْشُکِ لئلا یکون تلقینا. ( قالَتْ کَأَنَّهُ هُوَ ) ولم تقل هو هو ولا لیس به ، وذلک من رجاحه عقلها إذ لم تقطع فی موضع الاحتمال (2) قوله : ( یَعْرِشُونَ ) [ 7 / 137 ] أی یبنون.

ص: 142

قوله : ( مَعْرُوشاتٍ وَغَیْرَ مَعْرُوشاتٍ ) [ 6 / 141 ] أی مرفوعات علی ما تحملها یقال عَرَشْتُ الکرم : إذا جعلت تحته قصبا وأشباهه لتمید علیه ، وغیر معروشات من سائر الشجر الذی لا یَعْرِشُ. والْعَرِیشُ : ما یستظل به یبنی من سعف النخل مثل الکوخ فیقیمون فیه مده إلی أن یصرم النخل ، ومِنْهُ عَرِیشٌ کَعَرِیشِ مُوسَی علیه السلام فی حدیث مسجد الرسول صلی الله علیه وآله حین ظلل.

والْعَرِیشُ : خیمه من خشب وثمام ، والجمع عُرُشٌ مثل قلیب وقلب. قال الجوهری : ومنه قیل لبیوت مکه الْعُرُشُ لأنها عیدان تنصب ویظلل علیها.

وَفِی الْحَدِیثِ « کَانَ یَقْطَعُ التَّلْبِیَهَ إِذَا نَظَرَ إِلَی عُرُشِ مَکَّهَ ».

أی إلی بیوتها ، وکان ذلک قبل معاویه.

وهو من باب تعب. والرجل أَعْمَشُ والمرأه عَمْشَاءُ.

النبی صلی الله علیه وآله (1) ، وهی مهموزه. قال الجوهری ولا تقل عِیشَهٌ. و « الْعَیَّاشِیُ » نسبه لمحمد بن مسعود بن محمد من رواه الحدیث (2).

بناصح فی تعلمه ومعرفته ، من قوله غَشَّهُ : لم یمحضه النصح وأظهر له خلاف ما أضمر. والْغِشُ بالکسر اسم منه ، واغْتَشَّهُ واسْتَغَشَّهُ ضد انتصحه واستنصحه.

وَفِی الْخَبَرِ « مَنْ غَشَّنَا فَلَیْسَ مِنَّا ».

أی لیس من أخلاقنا ولا علی سنننا.

قوله : ( فَأَمْسِکُوهُنَّ فِی الْبُیُوتِ ) قیل المراد صیانتهن عن مثل فعلهن ، فالإمساک کنایه عنه ، والأکثر أنه علی وجه الحد فی الزنا ، وکان ذلک فی أول الإسلام ثم نسخ بآیه الجلد. قوله : ( أَوْ یَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِیلاً ) قیل السبیل النکاح المغنی عن السفاح ، وهذا لا یتم علی تقدیر إراده المحصنات ، وقیل السبیل الحکم الناسخ ، ولهذا

لَمَّا نَزَلَتْ آیَهُ الْجَلْدِ قَالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله : قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِیلاً.

قوله تعالی : ( إِلَّا أَنْ یَأْتِینَ بِفاحِشَهٍ مُبَیِّنَهٍ ) [ 4 / 19 ] قیل معناه إلا أن یزنین فإنها تخرج لیقام علیها الحد ، وقیل إلا أن تظهر بأذی تؤذی به زوجها ، وقیل إلا أن یرتکبن الْفَاحِشَهَ بالخروج بغیر إذن. وقد یراد بِالْفَاحِشَهِ النشوز وسوء العشره. قوله : ( الَّذِینَ یَجْتَنِبُونَ کَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) [ 53 / 32 ] أراد بها الزنا والسرقه ، وباللمم الرجل یلم بالذنب فیستغفر منه ، ویتم البحث فی لمم. قوله : ( إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ) [ 7 / 31 ] الْفَوَاحِشُ : المعاصی والقبائح ما ظهر منها وما بطن ، مثل قوله ( وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ ).

وَعَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام « مَا ظَهَرَ هُوَ الزِّنَا وَمَا بَطَنَ هُوَ الْمُخَالَّهُ ».

وَعَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِکَ فَقَالَ « إِنَّ الْقُرْآنَ لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، فَجَمِیعُ مَا حُرِّمَ فِی الْکِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ ، وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِکَ أَئِمَّهُ الْجَوْرِ ، وَجَمِیعُ مَا أُحِلَّ فِی الْکِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِکَ أَئِمَّهُ الْحَقِّ » (1).

قوله : ( وَیَأْمُرُکُمْ بِالْفَحْشاءِ ) [ 2 / 268 ] الْفَحْشَاءُ : الْفَاحِشَهُ وکل مستقبح من الفعل والقول ، ویقال ( یَأْمُرُکُمْ بِالْفَحْشاءِ ) أی البخل ، ویقال للبخل فَاحِشٌ وکل سوء جاوز حده فهو فاحش.

ص: 147

وفَحُشَ الشیء فُحْشاً مثل قبح قبحا وزنا ومعنی ، وفی لغه من باب قتل.

وَفِی الْخَبَرِ « إِنَّ اللهَ یُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ » (1).

الْفَاحِشُ ذو الفحش فی کلامه وفعاله ، والْمُتَفَحِّشُ من یتکلمه ویتعمده قال فی النهایه : قد تکرر ذکر الْفُحْشُ والْفَاحِشَهُ والْفَوَاحِشُ فی الحدیث ، وهو کلما یشتد قبحه من الذنوب والمعاصی. وقد یکون الْفُحْشُ بمعنی الزیاده والکثره ، ومنه حَدِیثُ دَمِ الْبَرَاغِیثِ « إِنْ لَمْ یَکُنْ فَاحِشاً فَلَا بَأْسَ بِهِ ».

ومثله « إِنْ کَانَ الِالْتِفَاتُ فَاحِشاً فِی الصَّلَاهِ » (2).

أی کثیرا.

الْمَبْثُوثِ ) [ 101 / 4 ] الْفَرَاشُ بالفتح وتخفیف الراء جمع الفراشه ، وهو صغار البق ، وقیل شبیهه بالبعوض تتهافت فی النار ، وذلک لضعف أبصارها ، فهی نسیت ضوء النهار ، فإذا رأت المسکینه ضوء السراج باللیل ظنت أنها فی بیت مظلم ، فلا تزال تطلب الضوء وترمی بنفسها إلی النار حتی تحترق. قال الغزالی : ولعلک تظن أن هذا لنقصان فهمها وجهلها. ثم قال : اعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها ، بل صوره الإنسان فی الانکباب علی الشهوات والتهافت فیها أعظم جهلا منها ، لأنه لا یزال یرمی نفسه فی النار بانکبابه علی الشهوات والمعاصی إلی أن یغمس فی النار ویهلک هلاکا مؤبدا ، فلیت جهل الآدمی کان کجهل الفراش ، فإنها باغترارها بظاهر الضوء احترقت وتخلصت فی الحال والآدمی یبقی فی النار أبد الآبدین أو مده مدیده ، ولذلک

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله « إِنَّکُمْ تَتَهَافَتُونَ فِی النَّارِ تَهَافُتَ الْفِرَاشِ ».

والْفِرَاشُ بالکسر واحد الْفَرْشِ ، وقد یکنی به عن المرأه ، ومنه قوله تعالی : ( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَهٍ ) [ 56 / 34 ] أی نساء مرتفعه الأقدار.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَیْکَ ».

یعنی فی سجودک ، أی لا تبسطهما

« وَلَکِنْ جَنِّحْ بِهِمَا ».

وفِیهِ « الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ».

أی للزوج فإن کل واحد من الزوجین یسمی فِرَاشاً للآخر کما یسمی کل واحد منهما لباسا للآخر. وفِرَاشُ الهام : عظام رقیقه تلی قحف الرأس. وکل عظم رقیق فِرَاشَهٌ مثل سحاب وسحابه ، ومِنْهُ « فِرَاشَهُ الْقُفْلِ ».

وهو ما ینشب فیه. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام « ضَرْبٌ یَطِیرُ مِنْهُ فِرَاشُ الْهَامِ » (1).

وفَرَشْتُ البساطَ وغیره فَرْشاً من باب ضرب ، وفی لغه من باب قتل : بسطته.

وبِشْرٌ وولیَ العراق ، ومحمد وولی الجزیره ولم یَلِ الخلافهَ أربعهُ إِخوهٍ إِلَّا هُمْ.

والْکَمُوشُ : الصغیره الضرع ، سمیت بذلک لِانْکِمَاشِ ضرعها وتقلصه.

وَفِی حَدِیثِ الْمَوَاعِظِ « وَاکْمُشْ فِی فَرَاغِکَ قَبْلَ أَنْ یُقْصَدَ قَصْدُکَ وَیُنْحَی نَحْوُکَ فَلَا تَقْدِرَ حِینَئِذٍ عَلَی شَیْءٍ مِمَّا طُلِبَ مِنْکَ ».

أی شمر وجد فی الطلب ، یقال انْکَمِشْ فی هذا الأمر : شمر وجد فیه. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام « بَادِرْ مِنْ وَجَلٍ وَاکْمُشْ فِی مَهَلٍ » (1).

وهو من قبیل « هَذَا الدِّینَ مَتِینٌ فَأَوْغِلُوا فِیهِ بِرِفْقٍ ».

حَرُمَ » (1).

والنَّشِیشُ : صوت الماء وغیره إذا غلی. ونَشَ الکوز الجدید : إذا صوت. وفِیهِ « مُهُورُ نِسَاءِ آلِ مُحَمَّدِ اثْنَا عَشَرَ أُوقِیَّهً وَنَشٌ ».

أی نصف أوقیه ، لأن النَّشَ بالفتح والشین المشدده عشرون درهما نصف أوقیه - قاله الجوهری وغیره. فیکون الجمع خمسمائه درهم. والنَّشُ من کل شیء : نصفه.

بلونین أو زائد ، والشیء مَنْقُوشٌ ، یقال نَقَشْتُ الشیء نَقْشاً من باب قتل : لونته بألوان. والنَّقْشُ : النتف بِالْمِنْقَاشُ ، ومنه « نَقْشُ الخاتم ».

وقال بعض الأعلام : الْوَرَشَانُ الحمام الأبیض ، والقماری الأزرق ، والدباسی الأحمر ، والجمع وراشین ، ویجمع علی وِرْشَانٍ بکسر الواو ککروان جمع کروان للطائر المعروف.

وَعَنْ کَعْبِ الْأَحْبَارِ : یَقُولُ الْوَرَشَانُ « لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ ».

و « ورش » لقب رجل من القراء (1).

ص: 160

ص: 162

ووزن الفعل - کذا قاله الجوهری وغیره ، وتقول فی التثنیه هذان ساما أَبْرَصُ وفی الجمع سوام أَبْرَصُ ، وإن شئت قلت هؤلاء سوام ولا تذکر أَبْرَصَ ، وإن شئت قلت هؤلاء الْبِرَصَهُ والْأَبَارِصُ ، ولا تذکر سام. و « أبو بَرْصٍ » بفتح ألباء : الوزغ الذی یسمی سامَ أَبْرَصَ. وعن یحیی بن یعمر « لئن أقتل مائه وزغه أحب إلی من أن أعتق مائه رقبه ». قیل : إنما قال ذلک لأنها دابه سوء ، وزعموا أنها تستسقی الحیات وتمج فی الماء ، فإذا نال الإنسان من ذلک حصل له مکروه عظیم ، وإذا تمکن من الملح تمرغ فیه فیصیر ماده لتولد البرص. ومن خواصه أنه إذا شق وجعل علی موضع النصل والشوک فإنه یخرجهما ، وإذا سحق وخلط بالزیت أنبت الشعر علی القرع.

الْأَذَانَ مَرَّ وَلَهُ حُصَاصٌ ».

قال أبو عبیده هو الضراط. والْحِصَّهُ بالکسر : النصیب ، والجمع حِصَصٌ مثل سدره وسدر.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَلَا تُحَاصَّنَا بِذُنُوبِنَا ».

أی لا تجعل لنا نصیبا من العذاب بسبب ذنوبنا. وتَحَاصَ القوم یَتَحَاصُّونَ : إذا اقتسموا حِصَصاً ، وکذلک المحاصه. والْحَصْحَصَهُ : الإسراع فی السیر.

ظَلَمُوا مِنْکُمْ خَاصَّهً ) [ 8 / 25 ]. وفی القرآن خاص وعام. وخَصَّهُ بالشیء خُصُوصاً من باب قعد وخَصُوصِیَّهٌ بالفتح أفصح من الضم وخُصَ الشیءُ : خلاف عم. و « مُحَمَّدٌ حَبِیبُکَ وخَاصَّتُکَ » أی اخْتَصَصْتَهُ من سائر خلقک. و « الْخُصُ » بالضم والتشدید : البیت من القصب ، والجمع أَخْصَاصٌ مثل قفل وأقفال. ومنه الْحَدِیثُ « الْخُصُ لِمَنْ إِلَیْهِ الْقُمُطُ ».

یعنی شد الحبل.

وفی الحدیث ذکر العمل الْخَالِصِ ، والْخَالِصُ فی اللغه کلُّ ما صفی وتَخَلَّصَ ولم یمتزج بغیره ، سواء کان ذلک الغیر أدون منه أم لا ، وقد خص العمل الْخَالِصُ فی العرف بما تجرد قصد التقرب فیه عن جمیع الشوائب ، ولا ترید أن یحمدک علیه إلا الله ، وهذا التجرید یسمی إِخْلَاصاً.

وَفِی الْحَدِیثِ « ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) هِیَ سُورَهُ الْإِخْلَاصِ ».

قیل سمیت بذلک لأنها خَالِصَهٌ فی صفه الله تعالی ، أو لأن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحید لله تعالی. والْمُخْلَصُ من العباد : هو الذی لا یسأل الناس شیئا حتی یجد ، وإذا وجد رضی ، وإذا بقی عنده شیء أعطاه فی الله ، فإن لم یسأل المخلوق فقد أمر الله بالعبودیه ، وإذا وجد فرضی فهو عن الله راض والله عنه راض ، وإذا أعطی لله فهو علی حد الثقه بربه - کذا فی معانی الأخبار.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِنِّی لَا أَخْلُصُ إِلَی الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ ازْدِحَامِ النَّاسِ ».

أی لا أصل إلیه ، من قولهم خَلَصَ فلان إلی کذا : أی وصل إلیه. ومنه قَوْلُهُ « لَمْ یَجِدِ الْمَاءَ وَلَمْ یَخْلُصْ إِلَی الصَّعِیدِ ».

أی لا یصل إلیه. وخَالَصَهُ فی الموده : أی صافاه فیها. وخُلَاصَهُ الشیء : جیده وما صفا منه مأخوذ من خُلَاصَهِ السمن ، وهو ما یلقی فیه تمر أو سویق لِیَخْلُصَ من بقایا اللبن. وخَلَصَ الشیء من التلف من باب قعد خُلُوصاً وخَلَاصاً : سلم ونجا. وخَلَصَ الماء من الکدر : صفا. وخَلَّصْتُهُ من غیره بالتثقیل : میزته عنه.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « أَنَّهُ قَضَی فِی حُکُومَهٍ بِالْإِخْلَاصِ ».

أی بما یُتَخَلَّصُ به من الخصومه.

ثوب خز أو صوف مربع معلم. قیل ولا تسمی خَمِیصَهً إلا أن تکون سوداء معلمه. قال فی النهایه : وکانت من لباس الناس قدیما ، وجمعها الْخَمَائِصُ. والْخَمِیصُ : الضامر البطن ، والجمع خِمَاصٌ.

وَفِی حَدِیثِ الْمُشْتَبِهِ مَوْتُهُ « فَإِذَا رَأَیْتَهُ قَدْ خَمَصَ وَجْهُهُ وَسَالَتْ عَیْنُهُ الْیُمْنَی فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَیِّتٌ ».

قوله « خَمَصَ وجهه » أی سکن ورمه من خَمَصَ الجُرْحُ : إذا سکن ورمه. وقوله « فَاعْلَمْ أَنَّهُ » أی قد مات. وأَخْمَصُ القدم : باطنها الذی لا یصیب الأرض ، یقال خَمِصَتِ القدمُ من باب تعب : ارتفعت عن الأرض فلم تمسه. والرجل أَخْمَصُ والمرأهُ خَمْصَاءُ والجمع خُمْصٌ کأَحْمَر وحَمْرَاء وحُمْر.

کقفل.

یَنْظُرُ فِی کِتَابِکَ وَیُخْرِجُکَ مِنْ دَارِکَ شَاخِصاً » (1).

وهو کنایه عن الموت ، ویجوز أن یکون من شَخَصَ من البلد بمعنی ذهب وسار ، أو من شَخَصَ السهم إذا ارتفع عن الهدف ، والمراد یخرجک منها مرفوعا محمولا علی أکتاف الرجال.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ إِلَیْکَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ ».

أی ارتفعت أجفانها ناظره إلی عفوک ورحمتک. وشَخَصَ المسافر یَشْخَصُ بفتحتین شُخُوصاً : إذا خرج عن موضع إلی غیره. ومنه الْحَدِیثُ « إِقَامَهُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ شُخُوصِ الْجَاهِلِ ».

وشَخَصَ : ارتفع من بلد إلی بلد فی رضا الله. والشَّخْصُ : سواد الإنسان وغیره تراه من بعد ، واستعمل فی ذاته. وعن الخطابی لا یسمی شَخْصاً إلا جسم مؤلف له شُخُوصٌ وارتفاع. وشَخُصَ الرجل بالضم فهو شَخِیصٌ ، أی جسیم.

بِالسِّوَاکِ ».

أی یدلک أسنانه وینقیها به. وقیل : هو أن یستاک من سفل إلی علو ، وأصل الشَّوْصِ الغسل والتنظیف. وکل شیء غسلته فقد شُصْتَهُ ومُصْتَهُ ، یقال شُصْتُ الشیء شَوْصاً من باب قال : غسلته. وقیل الشَّوْصُ الدلک ، والمَوْصُ الغسل.

الْفِطَنِ » (1).

أی الفطن الغائصه ، استعار لفظ الغوص هنا لتعمق الأفهام الثاقبه فی بحار صفات جلاله.

الْقِصَاصُ بالکسر اسم للاستیفاء والمجازاه قبل الجنایه من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح ، وأصله اقتفاء الأثر ، فکأن الْمُقْتَصَ یتبع أثر الجانی فیفعل مثل فعله فیجرح مثل جرحه ویقتل مثل قتله ونحو ذلک ، وأخذ الْقِصَاصِ من الْقَصَصِ فی السبیل الذی جاء منه فیقتل مثل قتله ویجرح مثل جرحه.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَا بَیْنَ قُصَاصِ الشَّعْرِ إِلَی طَرَفِ الْأَنْفِ مَسْجِدٌ » (1).

وقُصَاصُ الشعر : حیث ینتهی نبته من مقدمه ومؤخره ، وهو مثلث القاف. قال الجوهری : والضم أعلی ، والمراد هنا المقدم ، وهو یأخذ من کل جانب من الناصیه ویرتفع عن النزعه ثم ینحط إلی مواضع التحذیف ویمر فوق الصدغ ویتصل بالعذار ، وأما ما یرتفع عن الأذن فهو داخل - علی ما قیل - فی المؤخر. و « الْقُصَّهُ » بالضم والتشدید : شعر الناصیه ، والجمع قُصَصٌ ، وَمِنْهُ « أَنَّهُ نَهَی عَنِ الْقَنَازِعِ وَالْقُصَصِ ».

ومِنْهُ « لَا یَحِلُّ لِامْرَأَهٍ حَاضَتْ أَنْ تَتَّخِذَ قُصَّهً وَلَا جُمَّهً ».

بجیم مضمومه وهی مجمع شعر الرأس. والْقِصَّهُ : الشأن والأمر ، والجمع قِصَصٌ مثل غرفه وغرف. ومنه « ما قِصَّتُکَ » أی ما شأنک. والْقَصُ : القطع ، یقال قَصَصْتُهُ قَصَّاً من باب قتل قطعته ، وقَصَّیْتُهُ بالتشدید مبالغه والأصل قَصَّصْتُهُ فاجتمع ثلاثه أمثال فأبدل من أحدهما للتخفیف. ومنه الْحَدِیثُ « قَصُّوا الْأَظْفَارَ لِأَنَّهَا مَقِیلُ الشَّیْطَانِ وَمِنْهُ یَکُونُ النِّسْیَانُ » (2).

والْقَاصُ : من یأتی بِالْقِصَّهِ علی وجهها کأنه یتبع معانیها وألفاظها.

وَمِنْهُ « أَنَّهُ رَأَی قَاصّاً فِی الْمَسْجِدِ فَضَرَبَهُ ».

لعله غیر قَاصِ المواعظ والخطب. واقْتَصَصْتُ الحدیث : رویته علی وجهه وأقَصُ علیه الخبر قَصَصاً ، والاسم الْقَصَصُ أیضا وضع موضع المصدر حتی غلب علیه. والْمِقَصُ بالکسر : المقراض.

ص: 180

وفِی آخَرَ « وَلَئِنْ تَقَمَّصَهَا دُونِیَ الْأَشْقَیَانِ فَلَبِئْسَ مَا لِأَنْفُسِهِمَا مَهَّدَا ».

وقَمَصَ الفرس غیره عند الرکوب یقمص قمصا من بابی ضرب وقتل ، وهو أن یرفع یدیه ویعجن برجلیه ویضمهما معا.

وَمِنْهُ « فَقَمَصَتِ الْمَرْکُوبَهُ فَصَرَعَتِ الرَّاکِبَهَ » (1).

و « الْقَامِصَهُ » مر شرحها

والْمَلَصُ بالتحریک : الزلق. وقد مَلِصَ الشیء بالکسر من یدی یَمْلَصُ وانْمَلَصَ الشیء : انفلت ، وتدغم النون فی المیم. والتَّمَلُّصُ : التفلت.

تشبیها بالحقاق من الإبل جمع حق وحقه ، وهو الداخل فی السنه الرابعه ، وعند ذلک یتمکن من رکوبه وتحمیله (1). وعَنِ الشَّیْخِ أَبِی عَلِیٍّ قَالَ : قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله وَالْأَئِمَّهِ علیه السلام أَنَّ تَفْسِیرَ الْقُرْآنِ لَا یَجُوزُ إِلَّا بِالْأَثَرِ الصَّحِیحِ وَالنَّصِ الصَّرِیحِ.

قال : والنَّصُ فی اصطلاح أهل العلم هو « اللفظ الدال علی معنی غیر محتمل للنقیض بحسب الفهم » والأثر ما جاء عن النبی صلی الله علیه وآله والإمام أو عن الصحابی والتابعی من قول أو فعل ، وهو أعم من الخبر ، ویقال الأثر ما جاء عن التابعی ، والتفسیر معناه کشف المراد عن اللفظ المشکل المجمل والمتشابه ، وذلک کأن یحمل المشترک اللفظی أو المعنوی علی أحد المعانی بخصوصه من غیر مرجح نقلی کخبر منصوص أو آیه أو ظاهر أو إجماع ، ومنه یعلم خروج الظواهر لعدم إشکالها وعدم احتیاجها إلی التفسیر.

قولَ اللهِ تعالی : ( أَنَّا نَأْتِی الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ). قولَه : ( وَما یُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا یُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ ) [ 35 / 11 ] التقدیر فی أحد التأویلین ما یطول فی عمر واحد ولا یُنْقَصُ من عمر آخر غیر الأول ، والتأویل الثانی فی الآیه عود الکنایه إلی الأول ، أی ولا یُنْقَصُ من عمر ذلک الشخص بتوالی اللیل والنهار ، ویتم الکلام فی قولهم « له درهم ونصف ». وهو فی نصف. قوله : ( قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ ) [ 50 / 4 ] الآیه هو رد لاستبعادهم الرجوع أی علمنا ما تأکل الأرض من لحومهم وتبلیه من عظامهم فلا یتعذر علینا رجعهم وإحیاؤهم.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ حُذَیْفَهَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ کَثِیرٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ یَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَامَ تِسْعَهً وَعِشْرِینَ یَوْماً أَکْثَرَ مِمَّا صَامَ ثَلَاثِینَ؟ فَقَالَ : « کَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله إِلَی أَنْ قُبِضَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِینَ یَوْماً ، وَلَا نَقَصَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْ ثَلَاثِینَ یَوْماً وَلَیْلَهً » (1).

وقد روی خلاف ذلک فی کثیر من الأخبار ، ومن ثم اختلف أقوال الفقهاء فمنهم من جوز النَّقْصَ ومنهم من لم یُجَوِّزْ وممن ذهب إلی عدم الجواز علی ما هو المحکی عن الشیخ المفید فی کتاب لمح البرهان الشیخ الشریف الزکی أبو محمد الحسنی والشیخ الثقه أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولویه والشیخ الفقیه أبو جعفر محمد بن علی بن الحسین بن بابویه والشیخ أبو عبد الله الحسین بن علی بن الحسین والشیخ أبو محمد هارون بن موسی - انتهی. قال الشیخ الصدوق فی کتاب الخصال بعد أن أورد أحادیث فی أن شهر رمضان لا یُنْقَصُ عن ثلاثین یوما : قال مصنف هذا الکتاب : خواص الشیعه وأهل الاستبصار منهم فی شهر رمضان أنه لا یُنْقَصُ عن ثلاثین یوما أبدا ، والأخبار

ص: 187

فی ذلک موافقه للکتاب ومخالفه للعامه ، فمن ذهب من ضعفه الشیعه إلی الأخبار التی وردت للتقیه فی أنه یُنْقَصُ ویصیبه ما یصیبه الشهور من النُّقْصَانِ والتمام اتقی کما تتقی العامه - انتهی کلامه. وهو قوی متین ، علی أنه یمکن الجمع بین الأخبار بوجه آخر هو أن یقال : الأخبار الوارده بأنه لا یُنْقَصُ مبنیه علی الأصل ، وما ورد فیه من النَّقْصَانِ مبنی علی الظاهر لإمکان حصول الاستتار فیه عقوبه للمخالفین وارتفاع جانب اللطف عنهم ، کما صرح بذلک الصدوق فی الفقیه من أن الهلال قد یستتر عن الناس عقوبه لهم فی عید شهر رمضان وفی عید الأضحی واستشهد علیه بما رواه عن رزین قال :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام « لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بِالسَّیْفِ وَسَقَطَ ثُمَّ ابْتُدِرَ لِیُقْطَعَ رَأْسُهُ نَادَی مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ : أَلَا أَیَّتُهَا الْأُمَّهُ الْمُتَحَیِّرَهُ الضَّالَّهُ بَعْدَ نَبِیِّهَا لَا وَفَّقَکُمُ اللهُ لِأَضْحًی وَلَا فِطْرٍ ». قَالَ : وَفِی خَبَرٍ آخَرَ « لَا لِصَوْمٍ وَلَا فِطْرٍ ». قَالَ : ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام حَتَّی یَثُورَ ثَائِرُ الْحُسَیْنِ علیه السلام » - انتهی. « فلا جرم والله ما وفقوا ولا یوفقون وهو واضح فی الدلاله علی ما قلناه.

وَفِی خَبَرِ بَیْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرَهِ قَالَ : » أَیَنْقُصُ إِذَا جَفَّ؟ قَالَ : نَعَمْ ».

لفظه استفهام ومعناه تنبیه وتقریر لکنه بین الحکم وعلته لیکون معتبرا فی نظائره. قال فی النهایه : وإلا فلا یجوز أن یخفی مثله علی النبی صلی الله علیه وآله مثل قوله ( أَلَیْسَ اللهُ بِکافٍ عَبْدَهُ ). والنَّقْصُ والنَّقِیصَهُ : العیب. وفلان یَنْتَقِصُ فلانا : أی یقع فیه ویعیبه. وانْتَقَصَ الشیء : نَقَصَ. ونَقَصَ الشیء یَنْقُصُ - من باب قتل نَقْصاً ونُقْصَاناً ، والْمَنْقَصَهُ النَّقْصُ.

وَفِی حَدِیثِ النِّسَاءِ « نَوَاقِصُ الْإِیمَانِ وَنَوَاقِصُ الْحُظُوظِ وَنَوَاقِصُ الْعُقُولِ ».

ثم فسرها

بِقَوْلِهِ : « أَمَّا نُقْصَانُ إِیمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاهِ وَالصِّیَامِ فِی أَیَّامِ الْحَیْضِ وَأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَهُ الْمَرْأَتَیْنِ مِنْهُنَّ کَشَهَادَهِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ ، وَأَمَّا نُقْصَانُ

ص: 188

حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِیثُهُنَّ عَلَی الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِیثِ الرِّجَالِ « ثُمَّ قَالَ علیه السلام » اتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَکُونُوا مِنْ خِیَارِهِنَّ عَلَی حَذَرٍ » (1).

ص: 192

کنصف العدسه تأکل الخشب ، وهی التی ذکرها الله فی کتابه العزیز ، ولما کان فعلها فی الْأَرْضِ أضیفت إلیها. ونقل عن القزوینی فی الأشکال أنه إذا أتی علی الْأَرَضَهِ سنه نبت لها جناحان طویلان تطیر بهما ، وهی الدابه التی دلت الجن علی موت سلیمان بن داود والنمله عدوها وهی أصغر منها ، فتأتی من خلفها فتحملها إلی جحرها.

أرجل وخرطوما وذنبا ولها مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان وأربعه أجنحه ، وخرطوم الفیل مصمت وخرطومه مجوف ، فإذا طعن به جسد الإنسان استسقی الدم وقذف به إلی جوفه فهو له کالبلعوم والحلقوم قوله : ( فَما فَوْقَها ) قال الزمخشری : فیه معنیان « أحدهما » فما تجاوزها وزاد علیها فی المعنی الذی ضربت فیه مثلا وهو القله والحقاره. و « الثانی » فما زاد علیها فی الحجم ، کأنه قصد بذلک رد ما استکبروه من ضرب المثل بالذباب والعنکبوت لأنهما أکبر من الْبَعُوضَهِ. ونقل القاضی بن خلکان عن بعض الفضلاء أن الزمخشری أوصی أن تکتب هذه الأبیات علی قبره ، وقد ذکرها فی تفسیره فی تفسیر سوره البقره وهی :

یَا مَنْ یَرَی مَدَّ الْبَعُوضِ جَنَاحَهُ

فِی ظُلْمَهِ اللَّیْلِ الْبَهِیمِ الْأَلْیَلِ

ویری مناط عروقها فی نحرها

والمخ فی تلک العظام النحل

امنن علی بتوبه أمحو بها

ما کان منی فی الزمان الأول

ومن بَعْضِ ما قیل :

لا تحقرن صغیرا فی عداوته

إن الْبَعُوضَهَ تدمی مقله الأسد

وبَعْضُ الشیء : طائفه منه. وبَعَّضَهُ تَبْعِیضاً : أی جزأه فَتَبَعَّضَ. وعن تغلب أجمع أهل النحو علی أن الْبَعْضَ شیء من شیء أو أشیاء ، وهذه تتناول ما فوق النصف کالثمانیه ، فإنه یصدق علیها أنها من العشره. وقال الأزهری : وأجاز النحویون إدخال الألف واللام علی بَعْضٍ وکل إلا الأصمعی فإنه منع ذلک وقال : کل وبَعْضٌ معرفه فلا یدخلهما الألف واللام لأنهما فی نیه الإضافه ، ومن هنا قال أبو علی کل وبَعْضٌ معرفتان لأنهما فی نیه الإضافه ، وقد نصبت العرب عنها الحال فقالت « مررت بکل قائما » والباء لِلتَّبْعِیضِ. قال فی المصباح : ومعناه أنها لا تقضی العموم ، فیکفی أن یقع ما یصدق علیه أنه بَعْضٌ ، واستدلوا علیه بقوله تعالی : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ ) وقالوا الباء هنا لِلتَّبْعِیضِ علی رأی الکوفیین.

ص: 195

ونص علی مجیئها لِلتَّبْعِیضِ ابن قتیبه فی أدب الکاتب وأبو علی الفارسی وابن جنی ، ونقله الفارسی عن الأصمعی.

وقال ابن مالک فی شرح التسهیل : وتأتی الباء موافقه من التَّبْعِیضِیَّهِ ... إلی أن قال : وذهب إلی مجیء الباء بمعنی التَّبْعِیضِ الشافعی وهو من أئمه اللسان ، وقال بمقتضاه أحمد وأبو حنیفه حیث لم یوجب التعمیم بل اکتفی أحمد بمسح الأکثر وأبو حنیفه بمسح الربع ولا معنی لِلتَّبْعِیضِ غیر ذلک.

قال : وجعلها لِلتَّبْعِیضِ أولی من القول بزیادتها ، لأن الأصل عدم الزیاده ولا یلزم من الزیاده فی موضع ثبوتها فی کل موضع ، بل لا یجوز القول به إلا بدلیل ، فدعوی الأصاله دعوی تأسیس وهو الحقیقه ، ودعوی الزیاده دعوی مجاز ومعلوم أن الحقیقه أولی.

وقوله تعالی : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْکَ تَجْرِی فِی الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْبَاءُ بِمَعْنَی مِنْ ، وَمِثْلُهُ ( فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ ) أی علم الله ... إلی أن قال : وقال النحاه تأتی للإلصاق ، ومَثَّلُوهُ بقولک « مسحت یدی بالمندیل » أی ألصقتها به ، والظاهر أنه لا یستوعبه وهو عرف الاستعمال ، ویلزم من هذا الإجماع علی أنها لِلتَّبْعِیضِ - انتهی.

وهو تحقیق جید یطابق المذهب الحق ویشهد له صریح الحدیث الصحیح المشهور الْمَرْوِیُّ عَنْ زُرَارَهَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ : قُلْتُ لَهُ أَلَا تُخْبِرُنِی مِنْ أَیْنَ عَلِمْتَ؟ وَقُلْتُ : إِنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ وَبَعْضِ الرِّجْلَیْنِ ، فَضَحِکَ وَقَالَ : یَا زُرَارَهُ قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله وَنَزَلَ بِهِ الْکِتَابُ مِنَ اللهِ تَعَالَی لِأَنَّهُ قَالَ : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ ) فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَجْهَ کُلَّهُ یَنْبَغِی أَنْ یُغْسَلَ ، ثُمَّ قَالَ : ( وَأَیْدِیَکُمْ إِلَی الْمَرافِقِ ) فَوَصَلَ الْیَدَیْنِ بِالْوَجْهِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ یَنْبَغِی لَهُمَا أَنْ یُغْسَلَا إِلَی الْمِرْفَقَیْنِ ثُمَّ فَصَّلَ بَیْنَ الْکَلَامَیْنِ فَقَالَ : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ ) فَعَرَفْنَا حِینَ قَالَ ( بِرُؤُسِکُمْ ) أَنَّ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ لِمَکَانِ الْبَاءِ ، ثُمَّ وَصَلَ الرِّجْلَیْنِ بِالرَّأْسِ کَمَا وَصَلَ الْیَدَیْنِ بِالْوَجْهِ فَقَالَ : ( وَأَرْجُلَکُمْ إِلَی الْکَعْبَیْنِ ) فَعَرَفْنَا حِینَ وَصَلَهُمَا بِالرَّأْسِ أَنَ

ص: 196

الْمَسْحَ عَلَی بَعْضِهَا ، ثُمَّ فَسَّرَ رَسُولُ اللهِ ذَلِکَ لِلنَّاسِ فَضَیَّعُوهُ.

وَفِی حَدِیثِ صِفَاتِهِ تَعَالَی « لَا یَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَهِ الْعَدَدِ فِی کَمَالِهِ » یعنی أوصافه الکامله کثیره ، وهو عالم قادر سمیع بصیر ومصداق لکل واحد ، وهو ذاته ، وهو منزه عن التجزئه التی تستلزم العدد فی الکثره

فَمِنْهَا قَالَ وَا أَسَفِی عَلَی یُوسُفَ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « التَّقْصِیرُ فِی بَیَاضِ یَوْمٍ ».

یرید من الفجر إلی الغروب.

وَفِی حَدِیثِ الْحَائِضِ « یُمْسِکُ عَنْهَا زَوْجُهَا حَتَّی تَرَی الْبَیَاضَ ».

یرید الطهر من الحیض. و « الْبَیْضَهُ » واحد الْبَیْضِ من الطیر والحدید. والْبَیْضَتَانِ : أنثیا الرجل. وبَیْضَهُ الإسلام : جماعته. ومنه الدُّعَاءُ « لَا تُسَلِّطْ عَلَیْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَیْرِهِمْ فَیَسْتَبِیحَ بَیْضَتَهُمْ ».

أی مجتمعهم وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم ، أراد عدوا یستأصلهم ویهلکهم جمیعهم ، وقد تقدم وقیل أراد بِالْبَیْضَهِ الخوذه. فکأنه شبه مکان اجتماعهم والتیامهم بِبَیْضَهِ الحدید ، ویجمع الْأَبْیَضُ علی بِیضٍ ، وأصله بُیْضٌ بضم الباء. قال الجوهری : وإنما أبدلوا من الضمه کسره لتصح الیاء. و « أیام الْبِیضِ » علی حذف مضاف ، یرید أیام اللیالی الْبِیضِ ، وهی الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، وسمیت لیالیها بِیضاً ، لأن القمر یطلع فیها من أولها إلی آخرها.

وَ « الْبَیْضَاءُ » أَحَدُ قَلَانِسِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله الَّتِی کَانَ یَلْبَسُهَا.

وفی وصف الشریعه بکونها بَیْضَاءَ نقیه تنبیها علی کرمها وفضلها ، لأن الْبَیَاضَ لما کان أفضل لون عند العرب عبر به عن الکرم والفضل ، حتی قیل لمن لم یتدنس بمعاب هو أَبْیَضُ الوجه ، ویحتمل أن یکون المراد منها کونها مصونه عن التبدیل والتحریف خالیه عن التکالیف الشاقه. والْأَبْیَضُ : السیف ، والْبِیضُ بالکسر جمعه. والْبِیضَانُ من الناس : خلاف السودان. والْمُبَیِّضَهُ بکسر الیاء فرقه من الثنویه. قال الجوهری : وهم أصحاب المُقَنَّعِ ، سُمُّوا بذلک لِتَبَیُّضِهِمْ بثیابهم مخالفه للمُسَوِّدَه من أصحاب الدوله العباسیه.

ص: 198

العشق والحزن ، وعن قتاده حتی تهرم أو تموت ، ویقال الْحَرَضُ الشرف علی الهلاک ، من قولهم حَرِضَ حَرَضاً من باب تعب : أشرف علی الهلاک. وفی الحدیث ذکر الْحُرُضَ بضمتین وإسکان الراء أیضا ، وهو الأشنان بضم الهمزه ، سمی بذلک لأنه یهلک الوسخ.

والْحُمَّاضُ : نبت له نور أحمر - قاله الجوهری.

وهی هیئه الْحَیْضِ ، مثل الجلسه لهیئه الجلوس.

والْحِیضَهُ بالکسر أیضا : الخرقه التی تستثفر بها المرأه. ومنه حَدِیثُ عَائِشَهَ « لَیْتَنِی کُنْتُ حِیضَهً مُلْقَاهً ».

قال فی النهایه ویقال لها الْمَحِیضُ وتجمع علی الْمَحَایِضِ.

ومنه « عیش خَافِضٌ » و « عیش خَفِیضٌ » أی واسع ، والمراد فقد حصل الراحه وطیب العیش. ومنه حَدِیثُ یَوْمُ الْجُمُعَهِ « یَوْمُ خَفْضٍ وَدَعَهٍ ».

أی یوم سکون وراحه عن طلب المعاش.

وَ « خَفِّضِی عَلَیْکَ الْأَمْرَ » فِی حَدِیثِ عَائِشَهَ

أی هونیه ولا تحزنی. ومنه کَلَامُ عَلِیٍّ علیه السلام لِعُمَرَ حِینَ قَالَ لَهُ أَرَادَکَ الْحَقُّ « وَلَکِنْ أَبَی قَوْمُکَ - یَا أَبَا حَفْصٍ خَفِّضْ عَلَیْکَ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا » أی هون علیک ولا تشدد إِنَّ یَوْمَ الْفَصْلِ کَانَ مِیقَاتاً.

وخَفْضُ الجاریه مثل ختن الغلام ، یقال خَفَضَتِ الْخَافِضَهُ الجاریه أی ختنتها ، فالجاریه مَخْفُوضَهٌ ، ولا یطلق الْخَفْضُ إلا علی الجاریه دون الغلام. وخَفَضَ الرجل صوته خَفْضاً من باب ضرب : إذا لم یجهر به. وخَفَضَ اللهُ الکافرَ : أهانه. وخَفَضَ الحرفَ فی الإعراب : جعله مکسورا ، والْخَفْضُ والجر واحد ، وهما فی الإعراب بمنزله الکسر فی البناء فی مواضعات النحویین. والِانْخِفَاضُ : الانحطاط. والله یَخْفَضُ من یشاء ویرفع من یشاء : أی یضع. و « الْخَافِضُ » من أسمائه تعالی ، وهو الذی یَخْفَضُ الجبارین والفراعنه ، أی یضعهم ویهینهم.

بالتکذیب والاستهزاء بها والطعن فیها. وقال تعالی : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَیْکُمْ فِی الْکِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللهِ یُکْفَرُ بِها وَیُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ ) [ 4 / 140 ] أی یأخذوا فی حدیث ، یقال خاض الناس فی الحدیث وتخاوضوا : أی تفاوضوا فیه ، وفیها دلاله علی تحریم مجالسه الکفار عند کفرهم بآیات الله واستهزائهم بها ، وعلی إباحه مجالستهم عند خوضهم فی حدیث غیره. وروی أن هذا منسوخ بقوله تعالی : ( فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّکْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ ). قال الشیخ أبو علی : وفی الآیه دلاله علی وجوب

إنکار المنکر مع القدره علی ذلک وزوال العذر ، وإن من ترک ذلک مع القدره علیه فهو مخطیء آثم ، وفیها أیضا دلاله علی تحریم مجالسه الفساق والمبتدعین من أی جنس کانوا ، وبه قال جماعه من المفسرین. قال : ومن ذلک إذا تکلم الرجل فی مجلس یکذب لیضحک منه جلساؤه فیسخط الله علیهم. قال :

وَرُوِیَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام فِی تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَهِ قَالَ : « إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ یَجْحَدُ الْحَقَّ وَیُکَذِّبُ بِهِ وَیَقَعُ فِی أَهْلِهِ فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ وَلَا تُقَاعِدْهُ » (1).

قال : وفی الآیه أیضا دلاله علی بطلان القول ببقاء الإعراض ، وقولهم لیس هاهنا غیر الأجسام لأنه قال : ( حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ ) فأثبت غیرا لما کانوا فیه وذلک هو العرض.

وَفِی حَدِیثِ الْوُضُوءِ « یَخُوضُ الرَّجُلُ بِرِجْلَیْهِ الْمَاءَ خَوْضاً ».

أی یدخلهما فی الماء ماشیا ، یقال خُضْتُ الماء أَخُوضُهُ خَوْضاً وخِیَاضاً : مشیت فیه. ومنه « الْمَخَاضَهُ » بالفتح وهو موضع خَوْضِ الماء وما جاز الناس فیها مشاه ورکبانا وجمعها الْمَخَاضُ والْمَخَاوِضُ أیضا. وخُضْتُ الغمرات : اقتحمتها.

ص: 204

یقال رَفَضَهُ رَفْضاً من باب قتل : ترکه. والشیء مَرْفُوضٌ : أی متروک. وارْفِضَاضُ الدمع : ترششها. ومنه الْحَدِیثُ « ثُمَ ارْفَضَّتْ عَیْنَاهُ وَسَالَتْ دُمُوعُهُ ».

ومنه حَدِیثُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام « لَمْ یَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّی یَرْفَضَ عِرْقاً ».

أی یسیل ویجری.

أنساها ذلک عادتها ، وصار فی التقدیر کأنه رَکْضَهٌ بآله من رَکَضَاتِهِ - کذا فی النهایه. وفی المغرب : إنما أضیف ذلک إلی الشیطان وإن کانت من فعل الله تعالی لأنها ضرر وسیئه ، والله تعالی یقول : ( وَما أَصابَکَ مِنْ سَیِّئَهٍ فَمِنْ نَفْسِکَ ) أی بفعلک ، ومثل هذا یکون بوسوسه الشیطان وإسناد الفعل إلی السبب کثیر ، وسیجیء مزید بحث فی الحدیث فی عرق.

فی بعض الأحادیث مجردا عنه غیر ضائر لإمکان قصد بیان الإباحه ، وهی لا تنافی الکراهه. قال الشهید الأول فی کتاب نکت الإرشاد ما هذا لفظه : « فائده » نهی عن التلفظ بِرَمَضَانَ ، بل یقال شهر رَمَضَانَ فی أحادیث من أجودها

مَا أَسْنَدَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ إِلَی الْکَاظِمِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیه السلام قَالَ : « لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّکُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ ، مَنْ قَالَهُ فَلْیَتَصَدَّقْ وَلْیَصُمْ کَفَّارَهً لِقَوْلِهِ وَلَکِنْ قُولُوا کَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَی ( شَهْرُ رَمَضانَ ) ».

وعن الأزهری العرب تذکر الشهور کلها مجرده من لفظ شهر إلا شهری ربیع ورَمَضَانَ ، ویحکی أن العرب حین وضعت الشهور وافق الوضع الأزمنه ، ثم کثر حتی استعملوها فی الأهله وإن لم یوافق ذلک الزمان ، فقالوا شهر رَمَضَانَ لما أَرْمَضَتِ الأرض من شده الحر ، وشَوَّالٌ لما شالت الإبل بأذنابها للطروق ، وذو القَعْدَهُ لما ذللوا القعدان للرکوب ، وذو الحِجَّهُ لما حجّوا ، والمُحَرَّمُ لما حرموا القتال أو التجاره ، وصَفَرٌ لما غَزَوْا وترکوا دار القوم صِفْراً ، وشهر رَبِیعٌ لما أربعت الأرض وأمرعت ، وجُمَادَی لما جمد الماء ، ورَجَبٌ لما أرجبوا الشجر ، وشَعْبَانُ لما أشعبوا العُود.

وَفِی حَدِیثِ السُّجُودِ « أَخَافُ الرَّمْضَاءَ عَلَی وَجْهِی کَیْفَ أَصْنَعُ؟ » یَعْنِی الْحِجَارَهَ الْحَامِیَهَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ « قَالَ : تَسْجُدُ عَلَی ثَوْبِکَ ».

ومثله « شَکَوْنَا إِلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله الرَّمْضَاءَ فِی جباهنا فَلَمْ یَشْکُنَا ».

أی لم یزل شکایتنا. ورَمِضَ یومنا رَمْضاً من باب تعب : اشتد حره. ورَمَضَتْ قدمه بالحر : احترقت. وأَرْمَضَتْنِی الرَّمْضَاءُ : أحرقتنی. ولعل منه قَوْلَهُ علیه السلام « أَرْمَضَنِی اخْتِلَافُ الشِّیعَهِ ».

والرَّمِیضُ : الحدید الماضی. ومنه الْخَبَرُ « إِذَا مَدَحْتَ الرَّجُلَ فِی وَجْهِهِ فَکَأَنَّمَا أَمْرَرْتَ عَلَی حَلْقِهِ مُوسَی رَمِیضاً ».

ص: 209

قوله « إنما هی نفسی » أی إنما همتی وحاجتی « أَرُوضُهَا » ورِیَاضَهُ النفس مأخوذه من رِیَاضَهِ البهیمه ، وهی منعها عن الإقدام علی حرکات غیر صالحه لصاحبها ، فالقوه الحیوانیه هی مبدأ الإدراکات والأفعال إذا لم تکن مطیعه للقوه العاقله کانت بمنزله البهیمه لم تُرَضْ ، فهی تتبع الشهوه تاره والغضب أخری ، وتستخدم القوه العاقله فی تحصیل مراداتها ، فتکون هی أماره والعاقله مؤتمره ، وأما إذا رَاضَتْهَا القوه العاقله حتی صارت مؤتمره لها متمرنه علی ما یقتضیه العقل العملی تأتمر بأمره وتنتهی بنهیه کانت العاقله مطمئنه لا تفعل أفعالا مختلفه المبادئ وکانت باقی القوی سالمه لها. ثم قال الشارح : لما کان الغرض الأقصی من رِیَاضَهِ نفسه نیل الکمال الحقیقی فلا بد له من الاستعداد ، وکان ذلک الاستعداد موقوفا علی زوال الموانع الخارجیه والداخلیه کانت لِلرِّیَاضَهِ أغراض ثلاثه : الأول حذف کل مرغوب ومحبوب وهو حذف الموانع الخارجیه ، الثانی تطویع النفس الأماره للنفس المطمئنه فینجذب التخیل والتوهم عن الجانب السفلی إلی العلوی وتتبعها سائر القوی فتزول الدواعی الحیوانیه وهو حذف الموانع الداخلیه ، الثالث توجیه السر إلی الجنبه العالیه لتلقی السوانح الإلهیه واقتناصها. ویعین علی الأول الزهد الحقیقی ، وهو الإعراض عن متاع الدنیا وطیباتها بالقلب ، وعلی الثانی العباده المشفوعه بالفکر فی ملکوت السماوات والأرض وعظمه الله تعالی والأعمال الصالحه المنویه لوجهه خالصا ، وعبر عن هذه الأمور المعنویه بالتقوی التی یَرُوضُ نفسه بها. ورَاضَ نفسه : بمعنی حلم فهو رَیِّضٌ. والرَّیِّضُ فی العلم : المذلل نفسه لذلک من رَاضَ المهر رِیَاضَهً ذلله فهو مَرُوضٌ. وقوم رَوَاضٍ ورَاضَهٌ. ومنه حدیث

أَحَدِ خُلَفَاءِ بَنِی الْعَبَّاسِ فِی بَغْلِ الْمُسْتَعِینِ « کَانَ قَدْ جَمَعَ عَلَیْهِ الرَّاضَهَ فَلَمْ یَکُنْ لَهُمْ فِیهِ حِیلَهٌ فِی رُکُوبِهِ ».

وقوله : « حتی نَتَرَاوَضَ علی أمر »

ص: 211

أی نستقر علی أمر. واسْتَرَاضَ المکان : أی اتسع. ومنه قولهم « افعل ذلک ما دامت النفس مُسْتَرِیضَهً » أی متسعه.

قوله : ( فَذُو دُعاءٍ عَرِیضٍ ) [ 41 / 51 ] استعار الْعَرْضَ لکثره الدعاء ودوامه کما استعار الغلیظ لشده العذاب. قوله : ( وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ یَوْمَئِذٍ لِلْکافِرِینَ عَرْضاً ) [ 18 / 100 ] أی أظهرناها حتی رآها الکفار ، یقال عَرَضْتُ الشیء فَأَعْرَضَ : أی أظهرته فظهر. قوله : ( هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا ) [ 46 / 24 ] أی سحاب یمطرنا أو ممطر لنا ، ولا یجوز أن یکون صفه لِعَارِضِ النکره ، وسمی عَارِضاً لأنه یَعْرِضُ فی الأفق. قوله : ( یَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنی ) [ 8 / 169 ] مر فی دنا. قوله : ( یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَعَشِیًّا ) [ 40 / 46 ] أی صباحا ومساء ، أی یعذبون فی هذین الوقتین وفیما بین ذلک الله أعلم بحالهم ، فإذا قامت القیامه قیل لهم ( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ) قوله : ( تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَیاهِ الدُّنْیا ) [ 4 / 94 ] أی تطلبون عَرَضَ الحیاه الدنیا ، أی طمع الدنیا وما یُعْرَضُ منها یعنی الغنیمه والمال ومتاع الحیاه الدنیا الذی لا بقاء له.

وَفِی الْخَبَرِ « أَنَّ جَبْرَئِیلَ کَانَ یُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِی کُلِّ سَنَهٍ مَرَّهً وَأَنَّهُ عَارَضَهُ الْعَامَ مَرَّتَیْنِ ».

أی کان یدارسه جمیع ما نزل من القرآن ، من الْمُعَارَضَهِ : المقابله. ومنه « عَارَضْتُ الکتاب بالکتاب » أی قابلته. ویقال عَارَضْتُهُ فی السیر : أی مررت حیاله. وعَارَضْتُهُ بمثل ما صنع : أی أتیت إلیه بمثل ما أتی.

وَفِی الْخَبَرِ « أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله عَارَضَ جِنَازَهَ أَبِی طَالِبٍ ».

أی أتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطریق ولم یتبعه من منزله. والْعَرَضُ : متاع الدنیا وحطامها. ومنه الْخَبَرُ « الدُّنْیَا عَرَضٌ حَاضِرٌ یَأْکُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « فَإِنْ عَرَضَ فِی قَلْبِکَ مِنَ الْمَاءِ شَیْءٌ فَکَذَا ». أراد إن ظهر وخطر فی قلبک شیء من استعماله فأفرج الماء

ص: 213

بأصابعک واستعمله لیزول ذلک المنفر ، من عَرَضْتُ الشیء من باب ضرب : أظهرته له وأبرزته إلیه. والْإِعْرَاضُ : الصد عنه. وأَعْرَضَ لک الخیر : إذا أمکنک. واعْتَرَضَ الشیء : صار عَارِضاً کالخشبه الْمُعْتَرِضَهِ فی النهر. واعْتَرَضَ الشیء دون الشیء : أی حال دونه. واعْتَرَضَتِ الشهر : إذا ابتدأته من غیر أوله ، ومنه « اعْتَرَضَ القرآن ». واعْتَرَضَ فلان فلانا : وقع فیه. و « الْعَارِضَهُ » واحده الْعَوَارِضِ ، وهی الحاجات. وعَارِضَهُ الباب : الخشبه التی تمسک عضادتیه. وعَرَضَ فی الطریق عَارِضٌ : أی منعنی مانع صدنی عن المضی فیه. ومنه اعتراضات الفقهاء ، لأنها تمنع من التمسک بالدلیل.

وَفِی الدُّعَاءِ « تَعَرَّضَ لَکَ فِی هَذَا اللَّیْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ ».

أی تصدی لطلب فضلک وإحسانک الْمُتَعَرِّضُونَ.

وَفِی الْحَدِیثِ « صُونُوا أَعْرَاضَکُمْ ».

الْأَعْرَاضُ جمع عِرْضٍ بالکسر ، قیل هو موضع المدح والذم من الإنسان سواء کان فی نفسه أو سلفه أو من یلزمه أمره ، وقیل هو جانبه الذی یصونه من نفسه وحسبه ویحامی عنه أن ینتقص ویعاب. وعَنِ ابْنِ قُتَیْبَهَ عِرْضُ الرَّجُلِ : نَفْسُهُ وَبَدَنُهُ لَا غَیْرُ.

ومنه الْحَدِیثُ « مَنِ اتَّقَی الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِینِهِ وَعِرْضِهِ ».

أی احتاط لنفسه. ومنه الدُّعَاءُ « اللهُمَّ إِنِّی تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِی عَلَی مَنْ ذَکَرَنِی ».

ومنه حَدِیثُ أَبِی الدَّرْدَاءِ « أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِکَ لِیَوْمِ فَقْرِکَ ».

أی من عابک وذمک فلا تجازه واجعله قرضا فی ذمته لتستوفیه منه یوم حاجتک فی القیامه.

وَفِی حَدِیثِ أَهْلِ الْجَنَّهِ « إِنَّمَا هُوَ عَرَقٌ یَسِیلُ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ ».

أی أجسادهم. وعَرَضْتُ البعیر علی الحوض من المقلوب ومعناه عَرَضْتُ الحوض علی البعیر. وعَرَضَهُ عَارِضٌ من الحمی ونحوها.

ص: 214

وعَرَضَ الرجلُ : إذا أتی الْعَرُوضَ ، وهی مکه والمدینه وما حولهما ، ویقال مکه والمدینه (1). ومنه قول الشاعر (2) :

فیا راکبا إما عرضت فبلغن

ندامای من نجران أن لا تلاقیا

قال الجوهری : قال أبو عبیده أراد فیا راکباه للندبه فحذف الهاء ، کقوله تعالی : ( یا أَسَفی عَلی یُوسُفَ ) ولا یجوز یا راکبا بالتنوین لأنه قصد بالنداء راکبا بعینه.

ویقال الْعُرَیْضُ والنقب من قبل مکه لا من حدود المدینه (3).

و « عُرَیْضٌ » کزبیر واد بالمدینه فیه أموال لأهلها.

و « الْعَرْضُ » بالفتح فالسکون : المتاع ، وکل شیء فهو عَرْضٌ سوی الدراهم والدنانیر فإنهما عین ، والجمع عُرُوضٌ کفلس وفلوس.

وعن أبی عبیده الْعُرُوضُ : الأمتعه التی لا یدخلها کیل ولا وزن ولا یکون حیوانا ولا عقارا.

والْعَرَضُ بالتحریک : ما یحل فی الاسم ولا وجود له ولا شخص له فی اصطلاح المتکلمین ما لا یقوم بنفسه ولا یوجد فی محل یقوم به ، وهو خلاف الجوهر وذلک نحو حمره الخجل وصفره الوجل.

ورجل عِرِّیضٌ کفسیق : أی یَتَعَرَّضُ للناس بالشر.

وتَعَرَّضَ بمعنی تعوج ، ومنه « تَعَرَّضَ

ص: 215

الْجَمَلُ فِی الْجَبَلِ » إذا أخذ فی مسیره یمینا وشمالا لصعوبه الطریق.

والْعَرُوضُ کرسول میزان الشعر لأنه یُعَارِضُ بها ، وهی مؤنثه ، ولا یجمع لأنها اسم جنس.

ویقال للرساتیق بأرض الحجاز « الْأَعْرَاضُ » واحدها عِرْضٌ بالکسر (1).

والْعَارِضُ من اللحیه : ما ینبت علی عِرْضِ اللحی فوق الذقن.

وَفِی الْخَبَرِ « مِنْ سَعَادَهِ الْمَرْءِ خِفَّهُ عَارِضَیْهِ » قیل أراد بخفه الْعَارِضَیْنِ خفه اللحیه.

قال النهایه وما أراه مناسبا ، وقیل عَارِضَا الإنسان صفحتا خدیه ، وخفتهما کنایه عن کثره الذکر وحرکتهما به.

وعن ابن السکیت فلان خفیف الشفه : إذا کان قلیل السؤال.

وفلان من عُرْضِ النَّاسِ : أی من العامه.

وفلان عُرْضَهٌ للناس لا یزالون یقعون فیه.

وَقَوْلُهُمْ علیه السلام « فَاضْرِبْ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ ».

أی جانباً منه أی جانب کان ، مثل قولهم « خرجوا یضربون الناس عن عَرْضٍ » أی شق وناحیه کیف ما اتفق لا یبالون من ضربوا.

وعَرُضَ الشیءُ بالضم : اتسع عَرْضُهُ ، وهو تباعد حواشیه ، فهو عَرِیضٌ.

واسْتَعْرَضْتُهُ : أی قلت له اعْرِضْ علی ما عندک.

و « الْمِعْرَاضُ » کمفتاح وهو السهم الذی لا ریش له.

والصعبه الشدیده خلاف السهله ، والمعنی ألزمتنا السنه الصعبه علائق الذل والمعایب.

وعَضَضْتُ اللقمه وبها وعلیها عَضَّاً : أمسکتها بالأسنان. قال فی المصباح : وهو من باب تعب فی الأکثر لکن المصدر ساکن ، ومن باب نفع لغه قلیله ».

وعَضَ علیه بالنواجذ « مثل فی شده الاستمساک به. والنواجذ هی أواخر الأسنان ، وقیل التی بعد الأنیاب

ومنه الْحَدِیثُ « أَنَّ اللهَ جَعَلَ وَلِیَّهُ غَرَضاً لِعَدُوِّهِ ».

و « لحم غَرِیضٌ » أی طری.

ومنه الْحَدِیثُ « نَهَی أَنْ یُؤْکَلَ اللَّحْمُ غَرِیضاً » یعنی نِیّاً وَقَالَ : « إِنَّمَا تَأْکُلُهُ السِّبَاعُ وَلَکِنْ حَتَّی تُغَیِّرَهُ الشَّمْسُ أَوِ النَّارُ » (1).

وقولهم غَضَّاً جدیدا : أی طریا وجدیدا کالمفسر له.

سُؤَالُ السَّائِلِینَ » أی لا ینقصه.

والْغَیْضَهُ : الأجمه ، وهی مَغِیضُ ماء یجتمع فیه الشجر ، والجمع غِیَاضٌ وأَغْیَاضٌ مثل کلبه وکلاب وأکلاب ، وغَیْضَاتٌ مثل بیضه وبیضات.

یمینا وشمالا ، والمراد به العلم الذی فُرِضَ علی العبد معرفته فی أبواب المعارف ، وتحقیقه هو : أن مراتب العلم الشرعی ثلاثه : فَرْضُ عین ، وفَرْضُ کفایه ، وسُنَّهٌ.

فالأول ما لا یتأدی الواجب إلا به ، وعلیه حمل « طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِیضَهٌ عَلَی کُلِّ مُسْلِمٍ » ، وهو یرجع إلی اعتقاد وفعل وترکه ، فالأول اعتقاد کلمتی الشهاده ، وما یجب لله ویمتنع ، والإذعان بالإمامه للإمام ، والتصدیق بما جاء به النبی صلی الله علیه وآله من أحوال الدنیا والآخره مما ثبت عنه بالتواتر ، کل ذلک بدلیل تسکن النفس إلیه ویحصل به الجزم ، وما زاد علی ذلک من أدله المتکلمین فهو فَرْضُ کفایه. وأما الفعل فتعلم واجب الصلاه وأمثالها. وأما الترک فیدخل فی بعض ما ذکر.

وَفِی حَدِیثِ الزَّکَاهِ « فَإِنَّهَا فَرِیضَهٌ وَاجِبَهٌ » قال بعض الأعلام : أراد بکون الزکاه فریضه واجبه کونها سهما مقتطعا من المال وجوبا ، وإلا لما کان لتخصیصها من بین سائر الْفَرَائِضِ معنی.

والفرق بین الْفَرِیضَهِ والواجب هو أن الْفَرِیضَهَ أخص من الواجب لأنها الواجب الشرعی ، والواجب إذا کان مطلقا یجوز حمله علی العقلی والشرعی.

والْفَرِیضَهُ فعیله بمعنی مفعوله ، والجمع فَرَائِضُ قیل اشتقاقها من الْفَرْضِ الذی هو التقدیر ، لأن الْفَرَائِضَ مقدرات ، وقیل هی من فَرْضِ القوس وهو الجزء الذی یقع فیه الوتر.

والْفَرْضُ : الْمَفْرُوضُ ، وجمعه فُرُوضٌ مثل فلس وفلوس.

وَفِی الْحَدِیثِ « السُّجُودُ عَلَی الْأَرْضِ فَرِیضَهٌ وَعَلَی غَیْرِ الْأَرْضِ سُنَّهٌ » (1) ولعل المراد کَالْفَرِیضَهِ لشده الاستحباب بخلاف السجود علی غیرها.

وَقَوْلُهُ علیه السلام « فَرَضَ اللهُ عَلَی النِّسَاءِ أَنْ یَبْدَأْنَ بِبَاطِنِ أَذْرُعِهِنَّ » (2) أراد بِالْفَرْضِ هنا التقدیر علی الظاهر لا الوجوب

ص: 221

للاتفاق علی عدمه.

ومثله « ما ذا أقول وأفوض علی نفسی وفَرَضَ الله الأحکام فَرْضاً أوجبها ».

وکتاب الْفَرَائِضِ یعنی المواریث.

وَفِی حَدِیثِ الْبَاقِرِ علیه السلام « فَرَضَ اللهُ الصَّلَاهَ وَسَنَّ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله عَلَیْهِ عَشْرَهَ أَوْجُهٍ : صَلَاهَ السَّفَرِ ، وَصَلَاهَ الْحَضَرِ » - إلخ. لعل المعنی أوجب الله تعالی فی الکتاب العزیز الصلاه علی وجه الإجمال ، وسنها رسول الله صلی الله علیه وآله مفسره فی السنه. وأنت خبیر بأن العشره لا یتم عددها إلا بجعل الکسوف والخسوف صلاتین.

وفَرَضْتُ الخشبه فَرْضاً من باب ضرب حززتها.

وقد اشتهر عند الناس « تعلموا الْفَرَائِضَ وعلموها الناس فإنها نصف العلم » بتأنیث الضمیر وإعادته إلی الْفَرَائِضِ ، ونقل وعلموه بالتذکیر بإعادته إلی محذوف ، والتقدیر تعلموا علم الْفَرَائِضِ ، قیل سماه نصف العلم باعتبار قسمه الأحکام إلی متعلق بالحی ومتعلق بالمیت ، وقیل توسعا ، والمراد الحث علیه.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْعِلْمُ ثَلَاثَهٌ فَرِیضَهٌ عَادِلَهٌ » یرید العدل فی القسمه بحیث تکون علی السهام والأنصباء المذکوره فی الکتاب والسنه ، وقیل أراد بها أن تکون مستنبطه منهما وإن لم یرد بها نص فیها فتکون معادله للنص ، وقیل الْفَرِیضَهُ العادله ما اتفق علیها المسلمون.

وَفِی الْخَبَرِ « طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِیضَهٌ بَعْدَ الْفَرِیضَهِ » أی بعد الْفَرِیضَهِ المعلومه عند أهل الشرع ، وذلک لأن طلب الحلال أصل الورع وأساس التقوی.

الختم فَضّاً من باب قتل کسرته.

وفَضَضْتُ البکاره : أزلتها علی التشبیه بالختم.

وفَضَ فاه : أی نثر أسنان فیه.

ولجام مُفَضَّضٌ : أی مرصع بِالْفِضَّهِ. و « الْفِضَّهُ » معروفه.

أی ادفعوا من حیث دفع الناس. واختلف فیما المراد بِالْإِفَاضَهِ : فقیل المراد إِفَاضَهُ عرفات وإن الأمر لقریش لأنهم کانوا لا یقفون بعرفات مع سائر العرب ویقولون نحن حرم الله فلا نخرج منه فأمرهم الله بموافقه سائر العرب ، وقیل الناس هو إبراهیم علیه السلام أی أَفِیضُوا من حیث أَفَاضَ وسماه بالناس کما سماه أُمَّهً. قوله : ( تُفِیضُونَ فِیهِ ) [ 10 / 61 ] أی تدفعون فیه بکثره ، ومنه الْحَدِیثُ « فَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَهَ ».

وأصل الْإِفَاضَهِ الصبر ، فاستعیرت للدفع فی السیر. وأَفَضْتُ الماء : إذا دفعته بکثره. وفَاضَ السیل یَفِیضُ فَیْضاً : کثر وسال من شفا الوادی ، و « أَفَاضَ » بالألف لغه. وأَفَاضَ الإناء فَیْضاً : امتلأ. وفَاضَ کل سائر : جری. وفَاضَ الخبر : إذا شاع وکثر. وفَاضَتْ نفسه : خرجت روحه عن أبی عبیده. وفَاضَ صدره بالسر : أی باح به. ویَفِیضُ من دموعه : یسیل. وأَفِضْ علی رأسک الماء : أی صبه وشیعه علیه. واسْتَفَاضَ الحدیث : شاع فی الناس وانتشر ، فهو مُسْتَفِیضٌ اسم فاعل. ومنه « أثر مُسْتَفِیضٌ » أی مشهور. و « فَیْضٌ » رجل من رواه الحدیث (1) وفِی إِرْشَادِ الْمُفِیدِ « أَنَ الْفَیْضَ بْنَ الْمُخْتَارِ مِنْ شُیُوخِ أَصْحَابِ الصَّادِقِ علیه السلام وَخَاصَّتِهِ وَبِطَانَتِهِ وَثِقَاتِهِ الْفُقَهَاءِ الصَّالِحِینَ ».

ص: 224

وقَبَضْتُ قَبْضَهً من تمر - بفتح القاف والضم لغه - : أی کفّا منه. وقَبَضَ علیه بیده : ضم علیه أصابعه ومنه « مَقْبِضُ السیف » وزان مسجِد ، وفتح الباء لغه.

وَفِی الْحَدِیثَ « فَقَبَضَ عَلَیْهِنَّ ».

أراد الکلمات الأخرویه التی ذکرت فی الحدیث ولعل المراد بِالْقَبْضِ عدتهن بالأصابع وضما لهن. والقَبَضُ بالتحریک : ما قُبِضَ من أموال الناس. وانْقَبَضَ الشیءُ : صار مقبوضا. والانْقِبَاضُ : خلاف الانبساط. ومنه الْحَدِیثُ « الِانْقِبَاضُ عَنِ النَّاسِ مَکْسَبَهٌ لِلْعَدَاوَهِ ».

یعنی من خالط ثم ینقبض عنهم وعن مخالطتهم لا لعله فقد کسب العداوه. وتَقَبَّضَتِ الجلدهُ فی النار : أی انزوت. ومنه الْحَدِیثُ « کُلَّمَا انْقَبَضَ اللَّحْمُ عَلَی النَّارِ فَهُوَ ذَکِیٌّ وَکُلَّمَا انْبَسَطَ فَهُوَ مَیْتَهٌ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « مَا مِنْ قَبْضٍ وَلَا بَسْطٍ إِلَّا وَلِلَّهِ فِیهِ مَشِیَّهٌ وَابْتِلَاءٌ ».

قیل المراد من القَبْضِ والبسط الفرح والألم ، سواء کان بطریق ظلم أحد أم لا. وقُبِضَ فلانٌ : أی مات ، فهو مَقْبُوضٌ ومنه « قُبِضَ موسی » و « قُبِضَ رسولُ الله صلی الله علیه وآله ».

واعترض بأن إطلاق القَرْض الذی هو إعطاء شیء لیستعید عوضه فی وقت آخر استعاره للأعمال الصالحه ، فإن الأعمال الصالحه یفعلها العبد ویحصل له العوض فی دار الآخره ، وحینئذ لا دلاله فی هاتین الآیتین ونظیرهما علی مشروعیه القرض. نعم یمکن الاستدلال بغیر ذلک من العمومات ، مثل قوله تعالی ( وَتَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَالتَّقْوی ) و ( أَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ ) ونحو ذلک ، وهو متجه. قوله : ( وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ ) [ 18 / 17 ] أی تخلفهم شمالا وتجاوزهم. و « المِقْرَاضُ » واحد المَقَارِیضِ التی یُقْرَضُ بها. ومنه الْحَدِیثُ « کَانَ بَنُو إِسْرَائِیلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ قَطْرَهُ بَوْلٍ قَرَضُوا لُحُومَهُمْ بِالْمَقَارِیضِ ».

أی قطعوها ، ولعل ذلک کما قیل لشده نجاسه البول علی الدم ، وکان ذلک من بول یصیب أبدانهم من خارج لا أن الاستنجاء من البول کان بذلک وإلا هلکوا فی مده یسیره. والقُرَاضَهُ بالضم : ما سقط بالقرض ، ومنه « قُرَاضَهُ الحلی ». والقِرَاضُ والمضاربه بمعنی واحد ، وهو أن یدفع الإنسان إلی غیره مالا لیعمل به بحصه من ربحه. وقد قَارَضْتُ فلانا قِرَاضاً : إذا دفعت إلیه مالا لیتجر فیه ویکون الربح بینکما علی ما تشترطان والوظیفه علی المال.

وَفِی الْخَبَرِ « إِنْ قَارَضْتَ النَّاسَ قَارَضُوکَ ».

أی إن سببتهم ونلت منهم سبوک. والقَرْضُ : ما أسلفت من إحسان ومن إساءه ، وهو علی التشبیه.

وَفِی وَصْفِ الْمُنَافِقِینَ « یَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ » (1).

أی یمدح کل واحد منهم الآخر علی سبیل القرض لیمدحه الآخر أیضا. واسْتَقْرَضَ : طلب القرض. واقْتَرَضَ : أخذه.

ص: 227

مُخِضَ وأخذ زبده. والمِمْخَضَهُ بالکسر : الوعاء الذی یُمْخَض فیه.

وَفِی خَبَرٍ نِکَاحِ الْیَتِیمَهُ « فَإِنْ مَعِضَتْ لَمْ تُنْکَحْ ».

أی شق علیها الأمر. ومَعِضَ من شیء سمعه ، وامْتَعَضَ : إذا غضب وشق علیه الأمر. ومنه حَدِیثُ إِدْرِیسَ « فَامْتَعَضَ فَخَرَّ مِنْ جَنَاحِ الْمَلِکِ ».

وفی نسخه « فامتعص ».

والنَّفَضَهُ محرکه : الجماعه یَنْفُضُون فی الأرض لینظروا هل فیها عدو أم لا - قاله فی القاموس.

الکسر ، والجمع نُقُوضٌ.

ومنه حَدِیثُ مِیرَاثِ الْمَرْأَهِ مِنْ زَوْجِهَا « وَیُقَوَّمُ النِّقْضُ وَالْأَبْوَابُ ».

ص: 234

ص: 236

معرب بربت أی صدر البط ، لأن الصدر یقال له بالفارسیه بر والضارب به یضعه علی صدره. قال فی القاموس : ویقال له العود. و « الفایه » بالفاء أو غیرها علی اختلاف النسخ شیء من ملاهی العجم.

وقال : ( لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَیَّ یَدَکَ لِتَقْتُلَنِی ما أَنَا بِباسِطٍ یَدِیَ إِلَیْکَ لِأَقْتُلَکَ ) [ 5 / 28 ]

قِیلَ کَانَ هَابِیلُ أَقْوَی مِنْهُ وَلَکِنْ تَحَرَّجَ عَنْ قَتْلِهِ وَاسْتَسْلَمَ خَوْفاً مِنَ اللهِ تَعَالَی ، لِأَنَّ الدَّفْعَ لَمْ یُبِحْ بَعْدَ أَوْ تَحَرِّیاً لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ.

قوله : ( وَالْمَلائِکَهُ باسِطُوا أَیْدِیهِمْ ) [ 6 / 93 ] أی لقبض أرواحهم کالمتقاضی المسلط ، وهذا عباره عن العنف بالسیاق والتغلیظ فی الإزهاق ، فعل الغریم الملح یبسط یده إلی من علیه الحق ، ویقال أخرج لی ما علیک أو بالعذاب ( أَخْرِجُوا أَنْفُسَکُمُ ) أی خلصوها من الدنیا وهم لا یقدرون علی الخلاص. قوله : ( کَباسِطِ کَفَّیْهِ إِلَی الْماءِ ) [ 13 / 14 ] یومیء إلیه فلا یجیبه. و « البَاسِطُ » من أسمائه ، وهو الذی یبسط الرزق لعباده ویوسعه علیهم بجوده ورحمته ، ویبسط الأرواح فی الأجساد عند الحیاه.

وَفِی حَدِیثِ الصَّلَاهِ « لَا تَبْسُطْ ذِرَاعَیْکَ انْبِسَاطَ الْکَلْبِ ».

أی لا تفترشهما علی الأرض فی الصلاه. والانْبِسَاطُ مصدر انْبَسَطَ لا بسط فحمله علیه. والانْبِسَاطُ : ترک الاحتشام. وبَسْطُ الشیءِ وبالصاد أیضا : نشره. والبَسْطَهُ : السعه. والبِسَاطُ بالکسر : ما یُبْسَطُ ، أی ینشر.

أبطلها ولم یؤجر علیها. قال بعض المحققین : استحقاق الثواب مشروط بالموافاه لقوله تعالی : ( لَئِنْ أَشْرَکْتَ لَیَحْبَطَنَ عَمَلُکَ ) [ 39 / 65 ] ولقوله تعالی : ( وَمَنْ یَرْتَدِدْ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ فَیَمُتْ وَهُوَ کافِرٌ ) الآیه ، وقوله تعالی : ( فَأُولئِکَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِی الدُّنْیا وَالْآخِرَهِ وَأُولئِکَ أَصْحابُ النَّارِ ) فمن کان من أهل الموافاه ولم یلبس إیمانه بظلم کان ممن یستحق الثواب الدائم مطلقا ، ومن کان من أهل الکفر ومات علی ذلک استحق العقاب الدائم مطلقا ، ومن کان ممن خلط ( عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَیِّئاً ) فإن وافی بالتوبه استحق الثواب مطلقا ، وإن لم یواف بها فإما أن یستحق ثواب إیمانه أو لا ، والثانی باطل لقوله تعالی ( فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ خَیْراً یَرَهُ ) فتعین الأول ، فإما أن یثاب ثم یعاقب وهو باطل بالإجماع ، لأن من یدخل الجنه لا یخرج منها ، فحینئذ یلزم بطلان العقاب أو یعاقب ثم یثاب وهو المطلوب ، وَلِقَوْلِهِ علیه السلام فِی حَقِّ هَؤُلَاءِ « یَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ کَالْحُمَمِ أَوْ کَالْفَحْمِ فَیَرَاهُمْ أَهْلُ الْجَنَّهِ فَیَقُولُونَ هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِیُّونَ فَیُؤْمَرُ بِهِمْ فَیُغْمَسُونَ فِی عَیْنِ الْحَیَوَانِ فَیَخْرُجُونَ وَاحِدُهُمْ کَالْبَدْرِ لَیْلَهَ تَمَامِهِ ».

وبما قررناه یتبین أن الإِحْبَاطَ والموازنه باطلان ، وذلک أن الوعیدیه - وهم الذین لا یجوزون العفو عن الکبیره - اختلفوا علی قولین : « أحدهما » - قول أبی علی ، وهو أن الاستحقاق الزائد یسقط الناقص ویبقی بکماله ، کما لو کان أحد الاستحقاقین خمسه والآخر عشره ، فإن الخمسه تسقط وتبقی العشره ، ویسمی الإِحْبَاطَ. و « ثانیهما » - قول أبی هاشم ابنه ، وهو أن یسقط من الزائد ما قابل الناقص ویبقی الباقی ، ففی المثال المذکور یسقط خمسه ویبقی خمسه ویسمی بالموازنه. وقد أبطلهما المحققون من المتکلمین بأن ذلک موقوف علی بیان وجود الإضافات فی الخارج کالأخوه والبنوه وعدمها ، فقال المتکلمون بالعدم لأنها لو کانت موجوده فی الخارج - مع أنها عرض

ص: 241

مفتقر إلی محل - یکون لها إضافه إلی ذلک المحل ، فنقول فیها کما قلنا فی الأول ویلزم التسلسل وهو باطل ، ویلزم منه بطلانها فی الخارج ، لأن ما بنی علی الباطل باطل ، وقول الحکماء بوجودها لا یلزم الوجود الخارجی بل الذهنی. وتحقیق البحث فی محله ، ولو قیل ببطلان الإحباط والموازنه والقول بالتکفیر من باب العفو والتفضل لم یکن بعیدا ، وظواهر الأدله تؤیده. وحَبِطَ العملُ یَحْبَطُ من باب تعب ومن باب ضرب لغه قریء بهما فی الشواذ.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِکَ مِنَ الذَّنْبِ الْمُحْبِطِ لِلْأَعْمَالِ ».

وفسر بالعجب.

فَإِنَّهُ یَحْتَکِرُ الطَّعَامَ عَلَی أُمَّتِی ».

الحَنَّاطُ بفتح الحاء والتشدید بیاع الحِنْطَهِ بالکسر وهی القمح ، والبر بضم الباء والجمع حِنَطٌ

وَمِنْهُ « فَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْحَنَّاطِینَ ».

لبیعهم الحنطه هناک ، وقیل لبیعهم الحَنُوطَ. والحَنُوطُ کرسول والحِنَاطُ ککتاب : طیب یوضع للمیت خاصه.

وَمِنْهُ « دَخَلْنَا عَلَی أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام وَهُوَ یَعْمَلُ فِی حَائِطٍ لَهُ » ویجمع علی حِیطَانٍ ، قلبت الواو یاء لانکسار ما قبلها.

وَفِی الْحَدِیثِ « الِاحْتِبَاءُ حِیطَانُ الْعَرَبِ » کأنه بمنزله الحیطان التی یتکأ علیها ویستعان بها علی الراحه والجلوس.

وَکَانَ لِفَاطِمَهَ علیه السلام سَبْعَهُ حَوَائِطَ : مِنْهَا الْعُوَافُ بِالْعَیْنِ الْمُهْمَلَهِ وَالْفَاءِ وَالْمِثْیَبُ بالثاء الْمُثَلَّثَهِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَهِ بَعْدَ الْیَاءِ الْمُثَنَّاهِ التحتانیه ، وَالْحُسْنَی ، وَمَالُ أُمِّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام.

معرفه ولا وسیله ، شبه بِخَابِطِ الورق أو خَابِط اللیل.

والنسبه.

وقال غیره الخَمْطُ ضرب من الأراک له حمل یؤکل. قال الجوهری : ذَواتَیْ أُکُلِ خَمْطٍ!!

والرِّبَاطُ أیضا : واحد الرِّبَاطَاتِ المبنیه للفقراء ، مولد ، والجمع رُبُطٌ بضمتین ورِبَاطَاتٌ. وفلانٌ رَابِطُ الجأشِ ورَبِیطُ الجأشِ : أی شدید القلب ، کأنه یربط نفسه عن الفرار. ویقال للمصاب : رَبَطَ علی قلبه بالصبر أی ألهمه.

علیه وآله « مُرْتَدٍ بِرَیْطَتَیْنِ ».

الرَّیْطَهُ بالفتح : کل ملاءه إذا کانت قطعه واحده ولیست لفقین أی قطعتین ، والجمع رِیَاطٌ مثل کلبه وکلاب ، ورَیْطٌ مثل تمره وتمر.

و « سَابَاط » قریه من قری المدائن (1) و « یوم سَابَاط » من أیام الحسن بن علی علیه السلام مشهور. و « عمار بن موسی السَّابَاطِیّ » من رواه الحدیث (2).

و « السَّرَطَانُ » برج فی السماء ، وداء یخرج فی رسغ الدابه وییبسه حتی یقلب حافره - قاله الجوهری. وسَرِطْتُ الشیءَ سَرَطاً من باب تعب ونصر : بلعته. ومن أمثالهم « لا تکن حلوا فَتُسْتَرَط ولا مُرّاً فَتُعْقَی » قال الجوهری : هو من أَعْقَیْتُ الشیء : إذا أزلته من فیک لمرارته.

أمه قبل تمام الحمل ، فمنه تام وهو ما بلغ أربعه أشهر ومنه غیر تام وهو من لم یبلغ الأربعه ، والمُسْتَلْئِمُ لابس عده الحرب ، یعنی ثواب السقط أکثر من ثواب الکبیر من الأولاد ، لأن فعل الکبیر یخصه أجره وثوابه وإن شارکه الأب فی بعضه ، وثواب السقط مقصور علی الأب. والسُّقُوطُ فی الشیء : الوقوع فیه ، یقال سَقَطَتِ الفأرهُ فی الإناء : إذا وقعت فیه. ومنه المثل « علی الخبیر بها سَقَطْتَ » أی علی العارف بها وقعت. وسَقَطَ سُقُوطاً : وقع من أعلی إلی أسفل ، ویتعدی بالألف ، فیقال أَسْقَطْتُهُ.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَیُّ قَاضٍ بَیْنَ اثْنَیْنِ قَضَی فَأَخْطَأَ سَقَطَ أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ » (1).

یعنی عن درجه أهل الثواب أبعد مما بین السماء والأرض ، ویرید المبالغه فی السقوط. والسَّاقِطُ من الناس : اللئیم فی حسبه ونسبه. والسَّقَطَهُ : المحتقرون الساقطون عن غیر الناس. والسَّقَطُ بالتحریک : ردیء المتاع والخطأ من القول والفعل. والسَّقَّاطُ بتشدید القاف : الذی یبیع السَّقَطَ من المتاع. والسَّقْطَهُ : العثره والزله ، وهی بإسکان القاف ، ومن أمثالهم « لکل سَاقِطَهٍ لاقطه ». قال الأصمعی وغیره « السَّاقِطَهُ » الکلمه التی یسقط بها الإنسان ، و « اللاقطه » الحامل لها ، أی لکل کلمه یخطیء بها الإنسان لاقط حامل آخذ ، وأدخل الهاء للازدواج مع ساقط (2). والمَسْقِطُ کمجلس : موضع السقوط ، ومنه یقال « هذا مَسْقِطُ رأسی » حیث ولد فیه. ومنه الْحَدِیثُ « لَا یُخْرَجُ الرَّجُلُ مِنْ مَسْقِطِ رَأْسَهُ ».

یعنی فی الدین. والمَسْقَطُ بالفتح : السُّقُوط.

بعض ، وبالسعیده لبنه ونصف ، وبالأنثی والذکر لبنتان متخالفتان. والسِّمْط کحمل : الخیط ما دام الخرز فیه وإلا فهو خیط.

وَفِی حَدِیثِ الْأَرْضِ « وَحِلْیَهِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا ».

سُمِّطَتْ : زیّنت بالسمط ، وهو العقد ورُوِیَ بالشین المعجمه أی خُلِطَتْ.

سُئِلَ : کَیْفَ تَسَمَّیْتُمْ شُرْطَهَ الْخَمِیسِ یَا أَصْبَغُ؟ قَالَ : لِأَنَّا ضَمِنَّا لَهُ الذَّبْحَ وَضَمِنَ لَنَا الْفَتْحَ » یعنی أمیرَ المؤمنین علیه السلام.

والشَّرْطُ : معروف ، وجمعه شُرُوط کفلس وفلوس.

وشَرَطَ الحاجمُ شَرْطاً من باب ضرب وقتل.

وشَرَطْتُ علیه کذا شَرْطاً ، واشْتَرَطْتُ علیه ، ومنه حَدِیثُ بَرِیرَهَ « شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ ».

یرید ما أظهره وما بینه من حکم الله

بِقَوْلِهِ « الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ».

وقیل هو إشاره إلی قوله تعالی : ( فَإِخْوانُکُمْ فِی الدِّینِ وَمَوالِیکُمْ ).

والشَّرِیطَهُ فی معنی الشرط ، وجمعها شَرَائِط.

یَقْعُدُونَ عَلَی طَرِیقِ مَنْ قَصَدَ شُعَیْباً لِلْإِیمَانِ ، فَیُخَوِّفُونَهُ بِالْقَتْلِ (1).

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « لَا تَرَی الْجَاهِلَ إِلَّا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً » (1).

هو بالتخفیف المسرف فی العمل ، وبالتشدید المقصر. والفَرَطُ بالتحریک : الوارده فیهیء لهم الأرسان والدلاء والحیاض ویستقی ، وهو فعل بمعنی فاعل مثل تبع بمعنی تابع ، یقال رجل فَرَط وقوم فَرَط. ومنه خَبَرُ النَّبِیِ « أَنَا فَرَطُکُمْ عَلَی الْحَوْضِ » (2).

والفَرْطُ : العلم المستقیم یهتدی به ، والجمع أَفْرَاط وأَفْرُط ، ولعل منه

حَدِیثُ أَهْلِ الْبَیْتِ « نَحْنُ أَفْرَاطُ الْأَنْبِیَاءِ وَأَبْنَاءُ الْأَوْصِیَاءِ ».

ولقیته فی الفَرْط بعد الفرط : أی الحین بعد الحین. وأتیته فَرْط یومین : أی بعدهما.

وَفِی حَدِیثِ السِّوَاکِ « لَا یَضُرُّکَ تَرْکُهُ فِی فَرْطِ الْأَیَّامِ » (3).

أی فی بعض الأوقات والأحیان. وعن أبی عبیده : ولا یکون الفَرْط فی أکثر من خمس عشره لیله.

وهم الإشراقیون والرواقیون والمشائیون فالإشراقیون هم الذین جردوا ألواح عقولهم عن النفوس الکونیه فأشرقت علیهم لمعات أنوار الحکمه من لوح النفس الأفْلاطُونِیَّه من غیر توسط العبارات وتخلل الإشارات ، والرواقیون هم الذین کانوا یحبسون فی رواق بیته ویتلقون منه فوائد الحکمه فی تلک الحاله ، وکان أرسطو من هؤلاء ، وربما یقال إن المشاءین هم الذین کانوا یمشون فی رکاب أرسطو لا فی رکاب أفلاطون - کذا ذکر الشیخ البهائی رحمه الله علیه.

أَعْمَالَهُمْ فَجَعَلَهَا ( هَباءً مَنْثُوراً ). قَالَ علیه السلام : أَمَا وَاللهِ وَکَانَتْ أَعْمَالُهُمْ أَشَدَّ بَیَاضاً مِنَ الْقَبَاطِیِ ، وَلَکِنْ إِذَا فُتِحَ لَهُمْ بَابٌ مِنَ الْحَرَامِ دَخَلُوا ».

ومنه حَدِیثُ أُسَامَهَ « کَسَانِی رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله قِبْطِیَّهً ».

أَیَّامِ الْمَوْسِمِ وَأَخَذُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَبَقِیَ عِنْدَهُمْ عِشْرِینَ سَنَهً وَقَتَلُوا خَلْقاً کَثِیراً ، وَمِمَّنْ قَتَلُوا عَلِیَّ بْنَ بَابَوَیْهِ (1) ، وَکَانَ یَطُوفُ فَمَا قَطَعَ طَوَافَهُ فَضَرَبُوهُ بِالسَّیْفِ فَوَقَعَ إِلَی الْأَرْضِ وَأَنْشَدَ :

تَرَی الْمُحِبِّینَ صَرْعَی فِی دِیَارِهِمْ

کَفِتْیَهِ الْکَهْفِ لَا یَدْرُونَ کَمْ لَبِثُوا.

لَکُمْ مِنَ النِّسَاءِ ولا تَحُومُوا حَوْلَ المُحَرَّمَاتِ

وَفِی الْحَدِیثِ « لَیُنْفِقُ الرَّجُلُ بِالْقِسْطِ ».

أی بالعدل وبلغه الکفاف. والقَاسِطُون : الذین قَسَطُوا أی جاروا حین حاربوا إمام الحق کمعاویه وأتباعه وأعوانه الذین عدلوا عن أمیر المؤمنین علیه السلام وحاربوه فی وقعه صفین ، أخذا من القُسُوطِ الذی هو العدول عن الحق.

وَفِی حَدِیثِ مَسْجِدِ غَنِی بِالْکُوفَهِ « وَاللهِ إِنَّ قِبْلَتَهُ لَقَاسِطَهٌ ».

أی عدله ، من قولهم قَسَطَ قِسْطاً من باب ضرب : جار وعدل من الأضداد ، ولم یرد المعنی الآخر لأن المسجد المذکور الظاهر أنه من المساجد المحموده.

وقَطَطَت القلم قَطّاً من باب قتل : قطعت رأسه عرضا فی بریه. والمِقَطُّ بالکسر : ما یُقَطُّ علیه القلم.

وفی الغریبین کُشِطَتْ أی أقلعت کما یقلع السقف. وانْکَشَطَ الشیء : ذهب ، ومنه انکشط روعه.

المصباح اللَّقْطَه وزان رطبه ما تجده من المال الضائع. وقال الأزهری : اللَّقَطَه بفتح القاف اسم الشیء الذی تجده ملقی فتأخذه. قال : وهذا قول جمیع أهل اللغه وحذاق النحویین. وقال اللیث : هی بالسکون ، ولم أسمعه لغیره. واقتصر ابن فارس والفارابی وجماعه علی الفتح ، ومنهم من یعد السکون من لحن العوام. وفی النهایه اللُّقَطَه بضم اللام وفتحها اسم المال الملقوط ، وقال بعضهم هی اسم المال المُلْتَقَط کالضحکه والهمزه ، وأما المال الملقوط فهو بسکون القاف ، والأول أکثر وأصح. ولَقَطْتُ الشیء لَقْطاً من باب قتل : أخذته ، فهو ملقوط ولقیط. ولَقَطْتُ العلم من الکتب : أخذته منها. والتَقَطْت الشیء : جمعته. و « اللَّقِیط » قد غلب علی المولود والمنبوذ.

ملطته وطینته. و « لُوطُ بن یحیی » أبو مخنف من أهل السیر - قاله الشیخ المفید فی الإرشاد (1).

یُتَمَشَّطُ بها ، والجمع أَمْشَاط. والمُشْطُ : سلامیات ظهر القدم ، وهی عظام طول إصبع فی الید والرجل.

وَ « أَمِیطَا عَنِّی » (1).

فی مخاطبه الملکین : أی اذهبا عنی وتنحیا. وإِمَاطَه الأذی عن طریق المسلمین لها معنیان : « الأول » - وهو الأظهر ، أن ینحی عن الطریق ما یتأذون منه إیمانا واحتسابا. « الثانی » - هو أن لا یتعرض لهم فی طرقهم بما یؤذیهم ، مثل التخلی فی قارعه الطریق وإلقاء النتن والجیف ونحو ذلک ، فإنه إذا ترک ذلک إیمانا واحتسابا کان کمن أَمَاطَ الأذی عن الطریق.

العقال من ید البعیر ، وهو أن یحل برفق.

ومنه الْحَدِیثُ « کَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ » وروی نُشِطَ ولیس بصحیح ، یقال نَشَطْتُ العقده ، إذا عقدتها وأنشطتها إذا حللتها ، وقیل یعنی النجوم تَنْشَط من برج إلی برج کالثور النَاشِط من بلد إلی بلد.

وَفِی حَدِیثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْمَرْوِیُّ عَنِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله « قَالَ : وَلَا تَمْزِقْنَ النَّاسَ فَتُمَزِّقَکَ کِلَابُ أَهْلِ النَّارِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَی ( وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً ) أَفَتَدْرِی مَا النَّاشِطَاتُ؟ هِیَ کِلَابُ أَهْلِ النَّارِ تَنْشَطْ اللَّحْمَ وَالْعَظْمَ » (1).

ونَشِطَ فی عمله یَنْشَط من باب تعب : خف وأسرع ، فهو نَشِیطٌ.

ومنه الدُّعَاءِ « اللهُمَّ ارْزُقْنِی الْقُوَّهَ وَالنَّشَاطَ » بالفتح.

وفی الغریبین : النَّمَط ما یفرش من مفارش الصوف الملونه ، وعلیه یحمل قول الصدوق (ره) فی کیفیه ترتیب الکفن « تبدأ بالنَّمَطِ فتبسطه » (1) یرید به الفراش الذی یفرش تحت الکفن لیبسط الکفن علیه.

ص: 280

ص: 282

قوله : ( ما أَنَا عَلَیْکُمْ بِحَفِیظٍ ) [ 6 / 104 ] أی لست أنا الرقیب علی أعمالکم. قوله : ( وَإِنَّ عَلَیْکُمْ لَحافِظِینَ. کِراماً کاتِبِینَ ) [ 82 / 10 ] الآیه.

قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللهُ : مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَلَهُ مَلَکَانِ مُوَکَّلَانِ یَکْتُبَانِ عَلَیْهِ جَمِیعَ أَعْمَالِهِ ، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَهٍ وَلَمْ یَعْمَلْهَا کُتِبَ لَهُ حَسَنَهٌ وَإِنْ عَمِلَهَا کُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، وَإِنْ هَمَّ بِسَیِّئَهٍ لَمْ یُکْتَبْ عَلَیْهِ حَتَّی یَعْمَلْهَا وَإِنْ عَمِلَهَا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنْ تَابَ قَبْلَهَا لَمْ تُکْتَبْ عَلَیْهِ وَإِنْ لَمْ یَتُبْ کُتِبَتْ عَلَیْهِ وَاحِدَهٌ ، وَالْمَلَکَانِ یَکْتُبَانِ عَلَی الْعَبْدِ کُلَّ شَیْءٍ حَتَّی یَکْتُبَانِ النَّفْخَ فِی الرَّمَادِ ، وَالرَّجُلُ الْمُسْلِمُ یُکْتَبُ مُحْسِناً مَا دَامَ سَاکِتاً فَإِذَا تَکَلَّمَ کُتِبَ إِمَّا مُحْسِناً أَوْ مُسِیئاً ، وَمَوْضِعُ الْمَلَکَیْنِ مِنِ ابْنِ آدَمَ التَّرْقُوَتَانِ ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْیَمِینِ یُکْتَبُ الْحَسَنَاتُ وَصَاحِبَ الشِّمَالِ یُکْتَبُ السَّیِّئَاتُ ، وَمَلَکَا النَّهَارِ یَکْتُبَانِ عَمَلَ الْعَبْدِ بِالنَّهَارِ وَمَلَکَا اللَّیْلِ یَکْتُبَانِ عَمَلَ اللَّیْلِ.

قوله : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) [ 15 / 9 ] قال المفسر هذا رد لإنکارهم واستهزائهم فی قوله : ( یا أَیُّهَا الَّذِی نُزِّلَ عَلَیْهِ الذِّکْرُ ) ولذلک قال ( إِنَّا ) فأکد علیهم أنه هو المنزل للقرآن علی القطع والثبات وأنه حافظه من کل زیاده ونقصان وتغییر وتحریف ، بخلاف الکتب المتقدمه فإنه لم یتعهد بحفظها وإنما استحفظها الربانیین ولم یکل القرآن إلی غیر حفظه. وعن الفراء : یجوز أن یکون الضمیر فی ( لَهُ ) لرسول الله کقوله ( وَاللهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ ).

قَوْلِهِ : ( الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلَواتِهِمْ یُحافِظُونَ ) [ 23 / 9 ] وَقَوْلِهِ ( الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) قَالَ علیه السلام : « الْمُرَادُ بِالْأُولَی الْفَرِیضَهُ وَبِالثَّانِیَهِ النَّافِلَهُ » (1).

قیل : وفی الآیه دلاله علی أن المؤمن لا یجوز أن یکون مؤمنا ببعض ما أوجب الله علیه دون بعض ، وفیه دلاله علی عظم قدر الصلاه ومنزلتها لأنه تعالی خصها

ص: 284

بالذکر من بین سائر الفرائض ، ونبه علی أن من کان مصدقا بالقیامه وبالنبی صلی الله علیه وآله لا یخل فیها ولا یترکها. قوله : ( سَقْفاً مَحْفُوظاً ) [ 21 / 32 ] أی الذی حُفِظَ من الشیاطین وحجب عنهم.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : کَانَتِ الشَّیَاطِینُ لَا تُحْجُبُ عَنْ السَّمَاوَاتِ ، وَکَانُوا یَتَخَبَّرُونَ أَخْبَارَهَا ، فَلَمَّا وُلِدَ عِیسَی علیه السلام مُنِعُوا مِنْ ثَلَاثَ سَمَاوَاتٍ ، فَلَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدُ صلی الله علیه وآله مُنِعُوا مِنْ السَّمَاوَاتِ کُلِّهَا ، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ یَسْتَرِقُّ السَّمْعَ إِلَّا رُمِیَ بِشَهَابٍ.

فذلک معنی قوله تعالی : ( وَحَفِظْناها مِنْ کُلِّ شَیْطانٍ رَجِیمٍ ) قوله : ( وَیُرْسِلُ عَلَیْکُمْ حَفَظَهً ) [ 6 / 61 ] الحَفَظَهُ بالتحریک : الملائکه الذین یکتبون أعمال بنی آدم. قال المفسر : وفی هذا لطف للعباد لیزجروا عن المعاصی إذا علموا أن علیهم حفظه من عند الله یشهدون علیهم یوم القیامه. والحَفِیظُ : الحَافِظُ. واسْتَحْفَظْتُهُ الشیء : سألته أن یحفظه وقیل استودعته إیاه ، وبالقولین فسر قوله : ( بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ کِتابِ اللهِ ) [ 5 / 44 ]. ویقال اسْتُحْفِظُوا : أمروا بِحِفْظِهِ.

وَفِی الْحَدِیثِ الْمَشْهُورُ « مَنْ حَفِظَ عَلَی أُمَّتِی أَرْبَعِینَ حَدِیثاً بَعَثَهُ اللهُ یَوْمَ الْقِیَامَهِ فَقِیهاً عَالِماً » (1).

قال بعض الأفاضل : الْحِفْظُ بالکسر فالسکون مصدر قولک « حَفِظْتُ الشیء » من باب علم ، وهو الْحِفَاظَهُ عن الاندراس ، ولعله أراد بالحدیث هنا ما یعم الْحِفْظَ عن ظهر القلب والکتاب والنقل بین الناس ولو من الکتاب ، وهذا أظهر الاحتمالات فی هذا المقام ، و « علی » فی قوله « علی أمتی » بمعنی اللام ، أی لأمتی ، وقیل أراد بالحفظ ما کان عن ظهر القلب ، لما نقل من أن ذلک هو المتعارف المشهور فی الصدر السالف لا غیر حتی قیل إن تدوین الحدیث من المستحدثات المتجدده فی المائه الثانیه من الهجره ، والظاهر من ترتب الجزاء کما قیل علی

ص: 285

مجرد حِفْظِ الحدیث ، وأن معناه غیر شرط فی حصول الثواب ، فإن حفظ الحدیث کحفظ ألفاظ القرآن ، وقد دعا صلی الله علیه وآله لناقل الحدیث وإن لم یکن عالما بمعناه فی

قَوْلِهِ صلی الله علیه وآله « رَحِمَ اللهُ امرأً سَمِعَ مَقَالَتِی فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا کَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَیْسَ بِفَقِیهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَی أَفْقَهَ مِنْهُ ».

وهل یصدق علی من حفظ حدیثا واحدا یتضمن أربعین حدیثا کل یستقل بمعناه أنه حفظ الأربعین؟ احتمالان ، والقول به غیر بعید (1) ویتم الکلام فی بقیه الحدیث فی محله إن شاء الله تعالی. والحِفْظُ : ضد النسیان ، واحْتَفَظْتُهُ وحَفِظْتُهُ بمعنی ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « احْتَفِظُوا بِکُتُبِکُمْ ».

والتَّحَفُّظُ : التیقظ والتحرز وقله الغفله. ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « إِنْ أُسْعِدَ الْقَلْبُ بِالرِّضَا نَسِیَ التَّحَفُّظَ ».

یعنی فی الأمور. والحَفِیظَهُ : الغضب والحمیه. ومنه الْحَدِیثُ « مِنْ دَعَائِمِ النِّفَاقِ الْحَفَظَهُ ».

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ صَلِّ عَلَی الْمُسْتَحْفَظِینَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله ».

قرئت بوجهین : بالبناء للفاعل والمعنی اسْتُحْفِظُوا الأمانه أی حفظوها ، والبناء للمفعول والمعنی استحفظهم الله إیاها ، والمراد بهم الأئمه من اهل البیت علیهم السلام لأنهم حفظوا الدین والشریعه.

وَرُوِیَ « أَنَّهُمْ سُمَّوْا مُسْتَحْفِظِینَ لِأَنَّهُمْ اسْتُحْفِظُوا الِاسْمَ الْأَکْبَرَ ».

وهو الکتاب الذی یعلم به علم کل شیء الذی کان مع الأنبیاء الذی قال تعالی : ( رُسُلاً مِنْ قَبْلِکَ ) و ( أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْکِتابَ وَالْمِیزانَ ) فالکتاب الاسم الأکبر.

ص: 286

حی من یهود خیبر ، وقد دخلوا فی العرب علی نسبهم إلی هارون أخی موسی.

وَفِی الْحَدِیثِ « اذْکُرُوا اللهَ عَلَی الطَّعَامِ وَلَا تَلْفِظُوا فَإِنَّهُ نِعْمَهٌ » (1).

قیل إنه مضارع محذوف منه إحدی التاءین ، والمعنی لا تتکلموا وتصوتوا بغیر ذکر الله ، فإنه نعمه من نعم الله ومقتضاها الشکر وعدم الغفله عن ذکر المنعم. ولَفَظْتُ الشیء من فمی أَلْفِظُهُ لَفْظاً من باب ضرب : رمیت به. ومثله « لَفَظَهُ البحر » و « لَفَظَ ریقه » وذلک الشیء لُفَاظَهٌ ولَفَظَتِ المیتَ الأرضُ : أی قذفته من بطنها. واللَّفْظُ واحد الأَلْفَاظ ، وهو فی الأصل مصدر

و « لأجعلنک عظه لغیرک » أی موعظه وعبره لغیرک.

ص: 294