ص: 2

ص: 4

آخِرِهَا (1).

فَأَحَدٌ فی ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) بدل من الله لأن النکره تبدل من المعرفه ، کما فی قوله تعالی ( لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَهِ ناصِیَهٍ کاذِبَهٍ ) ومعنی أَحَدٍ أَحَدِیُّ النَّعْتِ کما

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله « نُورٌ لَا ظَلَامَ فِیهِ وَعِلْمٌ لَا جَهْلَ فِیهِ » (2).

وَفِی رِوَایَهِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) یَعْنِی غَیْرَ مُبَعَّضٍ وَلَا مُجَزَّإٍ وَلَا یَقَعُ عَلَیْهِ اسْمُ الْعَدَدِ وَلَا الزِّیَادَهُ وَلَا النُّقْصَانُ.

و « الْأَحَدُ » من أسمائه تعالی ، وهو الفرد الذی لم یزل وحده ولم یکن معه آخر ، وهو اسم بنی لنفی ما یذکر معه من العدد ، تقول « مَا جَاءَنِی أَحَدٌ ». والأَحَدُ بمعنی الواحد ، وهو أول العدد ، تقول أَحَدٌ واثنان وأَحَدَ عشر وإِحْدَی عشره. قال الجوهری : وأما قولهم ما فی الدار أَحَدٌ فهو اسم لمن یصلح أن یخاطب ، یستوی فیه الواحد والجمع والمؤنث ، قال تعالی ( لَسْتُنَ کَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ ) وقال ( فَما مِنْکُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِینَ ). وأَحَّدَهُ ووَحَدَّهُ کما یقال ثناه وثلثه. والأَحَدُ : أحد أیام الأسبوع ، وجمعه الآحَادُ. ومنه الْحَدِیثُ « اتَّقُوا أَخْذَ الْأَحَدِ ».

أی شَرُّهُ. و « أُحُدٌ » بضمتین : جبل معروف علی ظهر مدینه الرسول صلی الله علیه وآله ، وبقربه کانت الوقعه التی قتل فیها حمزه عم النبی صلی الله علیه وآله وقبره هناک.

أُدَدُ بن زید بن کهلان بن سبإ بن حمیر - قاله الجوهری.

وَفِی حَدِیثِ الْبَاقِرِ علیه السلام « لَمْ یَزَلْ بَنُو إِسْمَاعِیلَ وُلَاهَ الْبَیْتِ یُقِیمُونَ لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ وَأَمْرَ دِینِهِمْ یَتَوَارَثُونَهُ کَابِراً عَنْ کَابِرٍ حَتَّی کَانَ زَمَنُ عَدْنَانَ بْنِ وَأَفْسَدُوا وَأَحْدَثُوا فِی دِینِهِمْ وَأَخْرَجَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، فَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ فِی طَلَبِ الْمَعِیشَهِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ کَرَاهِیَهَ الْقِتَالِ ، وَفِی أَیْدِیهِمْ أَشْیَاءُ کَثِیرَهٌ مِنَ الْحَنِیفِیَّهِ - یَعْنِی سُنَّهَ إِبْرَاهِیمَ - مِنْ تَحْرِیمِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَمَا حَرَّمَ اللهُ فِی النِّکَاحِ ، إِلَّا أَنَّهُمْ کَانُوا یَسْتَحِلُّونَ امْرَأَهَ الْأَبِ وَابْنَهَ الْأُخْتِ ، وَالْجَمْعَ بَیْنَ الْأُخْتَیْنِ ، وَکَانَ فِیمَا بَیْنَ إِسْمَاعِیلَ وَعَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ مُوسَی ( علیه السلام ).

یأکل من فریسه غیره ، وإذا شبع من فریسه ترکها ولم یعد إلیها ، ولا یشرب من ماء ولغ فیه کلب - کذا فی حیاه الحیوان.

ومن کلامهم « وما آدَکَ فهو لی آئِدٌ » أی ما أثقلک فهو لی مثقل. والأَوَدُ بالفتح : القوه. والأَوَدُ أیضا : العوج. وأَوِدَ الشیء بالکسر یَأْوَدُ أَوَداً : أی اعوج. وتَأَوَّدَ : تعوج. وأقام أَوَدَهُ : أی عوجه ، ومنه « یقیم أَوَدَکُمْ » أی اعوجاجکم. ومثله « أقم بهم أَوَدِی » أی اعوجاجی. والمعنی أصلح بهم شأنی واکشف بهم غمی ونظائره.

مخطط. ومنه قوله :

کَبِیرُ أُنُاسٍ فی بِجَادٍ مُزَمَّلٍ

وبَجْدَهُ الأمر : باطنه وسرُّه ، یقال هُوَ عَالِمٌ بِبَجْدَهِ أَمْرِکَ وبِبُجُدَهِ أمرک بضم الباء والجیم ، أی بدخله أمرک وباطنه. ویقال للدلیل الحاذق « هُوَ ابْنُ بَجْدَتِهَا » أی عالم بالأرض کأنه نشأ بها. وأبجد إلی قرشت وکلمن رئیسهم ملوک مدین ، وضعوا الکتابه العربیه علی عدد حروف أسمائهم ، هلکوا یوم الظله فقالت ابنه کلمن شعرا :

کلمن هَدَّم رکنی

هُلْکُه وَسْط المحله

قاله فی القاموس.

وَفِی حَدِیثِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله أَنَّهُ قَالَ « تَعَلَّمُوا تَفْسِیرَ أَبْجَدْ فَإِنَّ فِیهِ الْأَعَاجِیبَ کُلَّهَا ، وَیْلٌ لِعَالِمٍ جَهِلَ تَفْسِیرَهُ » فَقِیلَ : یَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله مَا تَفْسِیرُ أَبْجَدْ؟ فَقَالَ : « أَمَّا الْأَلِفُ فَآلَاءُ اللهِ ، وَأَمَّا الْبَاءُ فَبَهَاءُ اللهِ ، وَأَمَّا الْجِیمُ فَجَنَّهُ اللهِ وَجَلَالُ اللهِ وَجَمَالُ اللهِ ، وَأَمَّا الدَّالُ فَدِینُ اللهِ ، وَأَمَّا هَوَّزْ فَالْهَاءُ الْهَاوِیَهُ فَوَیْلٌ لِمَنْ هَوَی فِی النَّارِ ، وَأَمَّا الْوَاوُ فَوَیْلٌ لِأَهْلِ النَّارِ ، وَأَمَّا الزَّاءُ فَزَاوِیَهٌ فِی النَّارِ فَنَعُوذُ بِاللهِ مِمَّا فِی الزَّاوِیَهِ یَعْنِی زَوَایَا جَهَنَّمَ ، وَأَمَّا حُطِّی فَالْحَاءُ حُطُوطُ الْخَطَایَا عَنِ الْمُسْتَغْفِرِینَ فِی لَیْلَهِ الْقَدْرِ وَمَا نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِیلُ مَعَ الْمَلَائِکَهِ إِلَی مَطْلَعِ الْفَجْرِ ، وَأَمَّا الطَّاءُ فَطُوبَی بِهِمْ ( وَحُسْنُ مَآبٍ ) وَهِیَ شَجَرَهٌ غَرَسَهَا اللهُ تَعَالَی وَإِنَّ أَغْصَانَهَا لَتُرَی مِنْ وَرَاءِ سُورِ الْجَنَّهِ تُنْبِتُ الْحُلِیَّ وَالْحُلَلَ مُتَدَلِّیَهً عَلَی أَفْوَاهِهِمْ ، وَأَمَّا الْیَاءُ فَیَدُ اللهِ فَوْقَ خَلْقِهِ ، وَأَمَّا کَلَمَنْ فَالْکَافُ کَلَامُ اللهِ ( لا تَبْدِیلَ لِکَلِماتِ اللهِ ) و ( لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ) ، وَأَمَّا اللَّامُ فَإِلْمَامُ أَهْلِ الْجَنَّهِ بَیْنَهُمْ فِی الزِّیَارَهِ وَالتَّحِیَّهَ وَالسَّلَامِ وَتَلَاوُمُ أَهْلِ النَّارِ فِیمَا بَیْنَهُمْ ، وَأَمَّا الْمِیمُ فَمُلْکُ اللهِ الَّذِی لَا یَزُولُ وَدَوَامُ اللهِ الَّذِی لَا یَفْنَی ، وَأَمَّا النُّونُ فَنُون ( وَالْقَلَمِ وَما یَسْطُرُونَ ) وَالْقَلَمُ قَلَمٌ مِنْ نُورٍ وَکِتَابٌ مِنْ نُورٍ وَلَوْحٌ مِنْ نُورِ اللهِ مَحْفُوظٌ ( یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) و ( کَفی بِاللهِ شَهِیداً ) » ذَکَرَ ذَلِکَ کُلَّهُ فِی مَعَانِی الْأَخْبَارِ إِلَی قَوْلِهِ قَرَشَتْ فَقَالَ فِیهِ « قَرَشَهُمْ فَحَشَرَهُمْ وَنَشَرَهُمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَهِ فَقَضَی

ص: 10

( بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ ) : » (1).

ولعله اکتفی فی تفسیر باقی الحروف علی ما فسر فی حروف الهجاء. والله أعلم.

خلاف الحراره. وبَرَدَ الماء کنَصَرَ وکَرُمَ بُرُودَهً : سکنت حرارته. وعیش بَارِدٌ : أی هنیء.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَبْرِدُوا بِالصَّلَاهِ فَإِنَّ شِدَّهَ الْحَرِّ مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ » (1).

قیل هو من الإِبْرَادِ الذی هو انکسار الوَهَج والحر ، أعنی الدخول فی البرد ، والمعنی صَلُّوهَا فی أول وقتها من بَرْدِ النهار أوله ، وهو الأقرب لأن الصلاه مما أمر الإنسان بتعجیلها والمحافظه علیها. ومثله الْحَدِیثُ « إِنَّ الْمُؤَذِّنَ یَأْتِی النَّبِیَّ صلی الله علیه وآله فِی الْحَرِّ فِی صَلَاهِ الظُّهْرِ فَیَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله أَبْرِدْ أَبْرِدْ » (2).

یعنی عَجِّلْ عَجِّلْ. قال الصدوق ( ره ) : وأخذ ذلک من التَّبْرِیدِ یعنی الدخول فی البرد ، لأن من عجل بصلاته فی أول وقتها فقد سلم من الوهج والحر ، قیل وهذا أولی من حمل أَبْرِدْ أبرد علی التأخیر لمنافاته المحافظه علی الصلاه وتعجیلها أول الوقت. وفِیهِ « أَفْضَلُ الصَّدَقَهِ إِبْرَادُ کَبِدٍ حَرَّی » (3).

أی تبرید وهجها وحرارتها. وفِیهِ « الصَّوْمُ فِی الشِّتَاءِ الْغَنِیمَهُ الْبَارِدَهُ ».

أی التی لا تعب فیها ولا نصب والعرب تصف سائر ما یستلذ بِالْبُرُودَهِ ، ویشهد لذلک قَوْلُهُ علیه السلام « مَنْ وَجَدَ بَرْدَ حُبِّنَا عَلَی قَلْبِهِ فَلْیَحْمَدِ اللهَ ».

أراد لذاذه حبنا ، والمعنی أن الصائم فی الشتاء یحوز الأجر من غیر أن یمسه العطش أو تصیبه لذعه الجوع. وفِیهِ « إِذَا نَظَرَ أَحَدُکُمْ امْرَأَهً فَلْیَأْتِ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ فِی ذَلِکَ بَرْدَ مَا فِی نَفْسِهِ ».

روی بالموحده من البرد ، أی إنه یبرد له ما تحرکت به نفسه من حد شهوه الجماع ، أی یسکنه ویجعله باردا. وفِیهِ « لَا تُبَرِّدْ لِلْوَارِثِ عَلَی ظَهْرِکَ ».

قیل معناه لا تشقی ویسعد غیرک ، یفسره

قَوْلُهُ علیه السلام « إِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ : إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ بِطَاعَهِ اللهِ فَیَسْعَدُ

ص: 12

بِمَا شَقِیتَ ، وَإِمَّا رَجُلٍ یَعْمَلُ فِیهِ بِمَعْصِیَهِ اللهِ فَشَقِیَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ ، وَلَیْسَ مِنْ هَذَیْنِ أَحَدٌ [ بِأَهْلٍ ] بِأَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَی نَفْسِکَ وَلَا تُبَرِّدْ لَهُ عَلَی ظَهْرِکَ.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ اجْمَعْ بَیْنَنَا وَبَیْنَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله فِی بَرْدِ الْعَیْشِ ».

أی فی طیب العیش. وبَرَّدْتُ الشیءَ تَبْرِیداً ، ولا یقال أَبْرَدْتُهُ إلَّا فی لغه ردیه قاله الجوهری. و « البُرْدُ » بالضم فالسکون : ثوب مخطط ، وقد یقال لغیر المخطط أیضا ، وجمعه بُرُودٌ وأَبْرَادٌ ، ومنه الْحَدِیثُ « الْکَفَنُ یَکُونُ بُرْداً ، فَإِنْ لَمْ یَکُنْ بُرْداً فَاجْعَلْهُ کُلَّهُ قُطْناً » (1).

والبُرْدَهُ : کساء أسود مربع فیه صغر یکتسیه الأعراب. و « أبو بُرْدَهَ » من کنی الرجال ، ومنه أبو بُرْدَهَ بن قیس الأشعری أخو موسی الأشعری اسمه عامر بن قیس بن سلیم. و « بُرْدَهُ » اسم أحد الأوصیاء الذی انتقلت منه الوصیه إلی محمد صلی الله علیه وآله. وبُرَیْدٌ مصغرا : اسم رجل. و « البَرِیدُ » بالفتح علی فعیل أربعه فراسخ اثنا عشر میلا ، وروی فرسخین سته أمیال ، والمشهور الذی علیه العمل خلافه.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام « الْبَرِیدُ مَا بَیْنَ ظِلِّ عَیْرٍ إِلَی فَیْءِ وُعَیْرٍ ذَرَعَتْهُ بَنُو أُمَیَّهَ ثُمَّ جَزَّءُوهُ اثْنَیْ عَشَرَ مِیلاً فَکَانَ کُلُّ مِیلٍ أَلْفاً وَخَمْسَمِائَهِ ذِرَاعٍ وَهُوَ أَرْبَعَهُ فَرَاسِخَ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « حَرَمُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله مِنَ الْمَدِینَهِ بَرِیدٌ فِی بَرِیدٍ » (2).

ومثله « الْحَرَمُ بَرِیدٌ فِی بَرِیدٍ ».

وحینئذ فیکون طول الحرم أربعه فراسخ وعرضه کذلک ، وهو من جانب مکه الشرقی أکثر من الغربی ، لأن إشراق نور الحجر کان أکثر إلی جانب المشرق. والبَرِیدُ : الرسول ، ومِنْهُ « الْحُمَّی بَرِیدُ الْمَوْتِ ».

وفی الفائق وغیره : البَرِیدُ فی الأصل

ص: 13

البغل ، وهی کلمه فارسیه وأصلها « بُرِیدَه دُمْ » أی محذوف الذنب ، لأن بغال البَرِیدِ کانت محذوفه الأذناب ، فأعربت الکلمه وخففت ثم سمی الرسول الذی یرکبه بَرِیداً ، ثم سمیت المسافه به ، والجمع بُرُدٌ بضمتین.

وَفِی الْحَدِیثِ : « آخِرُ الْعَقِیقِ بَرِیدُ أَوْطَاسٍ ».

لعله اسم موضع. و « البَرْدِیُ » بالفتح فالسکون نبات معروف فی العراق ، وبالضم ضرب من أجود التمر. و « البَرَّادَهُ » بالتشدید : السقایه ، وسمی المُبَرِّدُ النحوی بذلک لأنه کان یدرس بها ، وکنیه المُبَرِّدِ أبو العباس وکان فی زمن المتوکل (1)و البَرْدَانِ : العصران ، وهما الغداه والعشی ، یعنی طرفی النهار ، ویقال ظِلَّاهما و « البَرَدَان » بالتحریک : موضع (2)وَ فِی الْخَبَرِ « الْبِطِّیخُ یَقْطَعُ الْإِبْرِدَهَ ».

بکسر الهمزه : عله معروفه من غلبه البرد والرطوبه تفتر عن الجماع - قاله فی النهایه. وفِیهِ « کَانَ یَکْتَحِلُ بِالْبَرُودِ ».

وهو بالفتح : کحل فیه أشیاء بارده.

أی هلکت ، یقال بَعِدَ بالکسر یَبْعَدُ إذا هلک ، وبَعُدَ یَبْعُدُ بالضم من البعد. قوله : ( رَجْعٌ بَعِیدٌ ) [ 50 / 3 ] قیل هذا البعید یعنون البعث. قوله : ( یُنادَوْنَ مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ ) [ 41 / 44 ] قیل أی بعید من قلوبهم وبَعْد : خلاف قَبْل. قال تعالی : ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) [ 30 / 4 ] أی قبل الفتح وبعده ، وقد یکون بمعنی مع مثل قوله تعالی : ( عُتُلٍ بَعْدَ ذلِکَ زَنِیمٍ ) [ 68 / 13 ] أی مع ذلک. قوله : ( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِکَ دَحاها ) أی مع ذلک ، وقیل بَعْد علی أصلها لما رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : خَلَقَ اللهُ الْأَرْضَ قَبْلَ السَّمَاءِ فَ ( قَدَّرَ فِیها أَقْواتَها ) وَلَمْ یَدْحُهَا ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهَا.

قوله : ( لَفِی شِقاقٍ بَعِیدٍ ) [ 41 / 52 ] قیل أی یتباعد بعضهم فی میثاقه بعض.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَیُّ قَاضٍ قَضَی بَیْنَ اثْنَیْنِ فَأَخْطَأَ سَقَطَ أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ » (1).

قیل یعنی سقط عن درجه أهل الثواب سقوطا أبعد مما بین السماء والأرض ، فأبعد صفه مصدر ، أی سقوطا بعید المبتدإ والمنتهی. ومثله « یَهْوِی بِهِ أَبْعَدَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « مَنْ فَعَلَ کَذَا تَبَاعَدَتْ عَنْهُ النَّارُ مَسِیرَهَ سَنَهٍ ».

قیل هو إشاره إلی یوم القیامه یوم العبور علی الصراط والورود علی النار.

وَفِی الدُّعَاءِ « بَاعِدْ بَیْنِی وَبَیْنَ خَطَایَایَ ».

أی إذا قدرت لی ذنبا وخطیئه فَبَعِّدْ بینی وبینه واغفر لی خطایای السالفه منی.

وَفِی حَدِیثِ الْخَلَاءِ « إِذَا أَرَادَ أَحَدُکُمْ قَضَاءَ الْحَاجَهِ أَبْعَدَ ».

یعنی تباعد عن النظاره إلیه. قال ابن قتیبه نقلا عنه : أَبْعَدَ یکون لازما ویکون متعدیا ، فاللازم أَبْعَدَ زید عن المنزل بمعنی تباعد ، والمتعدی أَبْعَدْتُهُ والأَبْعَدُ خلاف الأَقْرَبِ ، والبُعْدُ نقیض القُرْبِ. والبُعْدُ : المسافه. والتَّبَاعُدُ : نقیض التَّقَارُبِ.

ص: 15

وبَعَّدَهُ بالتشدید بمعنی أَبْعَدَهُ ، واسْتَبْعَدَهُ نقیض اسْتَقْرَبَهُ. وأمر بَعِیدٌ : لا یقع مثله لعظمه. وتنح غیر بَعِیدٍ : أی کن قریبا. و « بَعْدُ » ظرف مبهم من ظروف الزمان لا یفهم معناه إلا بالإضافه لغیره ، وهو زمان متراخ عن السابق ، فإذا قرب منه قیل بُعَیْدَه بالتصغیر ، کما یقال قبل العصر فإذا قرب قیل قبیل العصر. وقد تکرر فی کلام الفصحاء « أَمَّا بَعْدُ » وهی کلمه تسمی فصل الخطاب ، یستعملها المتکلم إذا أراد الانتقال من کلام إلی آخر. قیل : أول من تکلم بها داود ، وإلیه الإشاره بقوله تعالی : ( وَآتَیْناهُ الْحِکْمَهَ وَفَصْلَ الْخِطابِ ) یعنی أَمَّا بَعْد ، وقِیلَ أَرَادَ بِفَصْلِ الْخَطَّابِ الْبَیِّنَهَ عَلَی الْمُدَّعِی وَالْیَمِینَ عَلَی الْمُنْکِرِ.

وقیل أول من قالها علی علیه السلام لأنها أول ما عرفت من کلامه وخطبه ، وقیل قس بن ساعده الإیادی حکیم العرب ، لقوله :

لقد علم الحی الیمانون أننی

إذا قیل أما بَعْدُ أنی خطیبها

أی خطیب أما بعد ، ومعناها مهما یکن من شیء بعد کذا فکذا.

قال المفسر : معناه والأرض الطیب ترابه ( یَخْرُجُ نَباتُهُ ) أی زرعه خروجا حسنا نامیا زاکیا من غیر کد ولا عناء ( بِإِذْنِ رَبِّهِ ) بأمر الله تعالی ( وَالَّذِی خَبُثَ لا یَخْرُجُ إِلَّا نَکِداً ) أی الأرض السبخه التی خبث ترابها لا یخرج ریعها إلا شیئا قلیلا (1) قوله : ( وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِینِ ) [ 95 / 3 ]

قَالَ الشَّیْخُ أَبُو عَلِیٍ : یَعْنِی مَکَّهَ الْبَلَدَ الْحَرَامَ یَأْمَنُ فِیهِ الْخَائِفُ فِی الْجَاهِلِیَّهِ وَالْإِسْلَامِ ، فَالْأَمِینُ یَعْنِی الْمُؤَمَّنُ یُؤْمَنُ مَنْ یَدْخُلُهُ - کَذَا رَوَاهُ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام (2)

و « البَلَدُ » یذکر ویؤنث ، والجمع بُلْدَانٌ. والبَلْدَهُ : البلد ، والجمع بِلَادٌ مثل کلبه وکلاب. ویطلق البَلْدَهُ والبِلَادُ علی کل موضع من الأرض عامرا کان أو خلاء ، ومنه قوله تعالی : ( إِلی بَلَدٍ مَیِّتٍ ) [ 35 / 9 ] أی إلی أرض لیس فیها نبات ولا مرعی فیخرج ذلک بالمطر فترعاه أنعامهم ، فأطلق الموت علی عدم النبات والمراعی ، وأطلق الحیاه علی وجودهما.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَعُوذُ بِکَ مِنْ سَاکِنِی الْبَلَدِ ».

یرید بِالْبَلَدِ الأرض التی هی المأوی للحیوان والجن وإن لم یکن فیها بناء ، وأراد بالساکنین الجن لأنهم سکان الأرض وبَلُدَ الرَّجُلُ بالضم بَلَادَهً فهو بَلِیدٌ : إذا کان غیر ذکی ولا فطن. والبَلَادَهُ : نقیض النفاذ والمضی فی الأمر. والتَّبَلُّدُ : ضد التجلد. ومنه الْحَدِیثُ « أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ التَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ ».

ولعل معناه أن الإنسان إذا تجلد وتصبر علی الأمر وصل إلی الراحه التی هی عدم التبلد. والله أعلم. و « إبراهیم بن أبی البِلَادِ » باللام المخففه والباء الموحده من رواه الحدیث (3)

ص: 17

یقال یَتْلِدُ المالُ من باب ضرب تُلُوداً قدم فهو تَالِدٌ. ومنه حَدِیثُ الْأَئِمَّهِ أَئِمَّهٌ مِنَ اللهِ یَنْمُو بِبَرَکَتِهِمُ التِّلَادُ ».

والتَّلِیدَهُ : من ولدت ببلاد العجم ثم حملت صغیره فشبت ببلاد الإسلام. ومنه حَدِیثُ شُرَیْحٍ فِی رَجُلٍ اشْتَرَی جَارِیَهً وَشَرَطُوا أَنَّهَا مُوَلَّدَهٌ فَوَجَدُوهَا تَلِیدَهً فَرَدَّهَا.

وَفِی الْحَدِیثِ « عَلَیْکَ بِالتِّلَادِ وَإِیَّاکَ وَکُلَّ مُحْدَثٍ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا أَمَانَهَ وَلَا ذِمَّهَ وَلَا مِیثَاقَ ».

قیل یرید بِالتِّلَادِ الصاحب القدیم المجرب وبالمحدث المتجدد ولم یتصف بصفات الکمال.

و « أرض ثَمُودَ » قریبه من تبوک.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَنْ لَمْ یَأْخُذِ الْعِلْمَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله یَمُصُّونَ الثِّمَادَ وَیَدَعُونَ النَّهَرَ الْعَظِیمَ ».

الثِّمَادُ ، هو الماء القلیل الذی لا ماده له ، والکلام استعاره. و « الإِثْمِدُ » بکسر الهمزه والمیم : حجر یکتحل به ، ویقال إنه معرب ومعادنه بالمشرق. ومنه الْحَدِیثُ « اکْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ » (1).

وعن بعض الفقهاء الإِثْمِدُ هو الأصفهانی ، ولم یتحقق.

وَفِی الْحَدِیثِ « تَبَارَکَ اسْمُکَ وَتَعَالَی جَدُّکَ ».

أی جلالک وعظمتک ، والمعنی تعالیت بجلالک وعظمتک أن توصف بما لا یلیق لک. وفِیهِ « لَا یَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْکَ الْجَدُّ ».

أی لا ینفع ذا الغنی عندک غناه ، وإنما ینفعه العمل بطاعتک ، و « منک » معناه عندک ، وقیل المراد بِالجَدِّ الحظ ، وهو الذی یسمیه العامه البخت. ومِنْهُ « أَتْعَسَ اللهُ جُدُودَکُمْ ».

أی أهلک حظوظکم. ومِثْلُهُ « عَیْبُکَ مَسْتُورٌ مَا أَسْعَدَکَ جَدُّکَ » (1).

أی بختک. والجَدُّ : أب الأب وأب الأم وإن علا. والجَدُّ بالسیر : الإسراع فیه والاهتمام بشأنه ، یقال جَدَّ بسیره إذا اجتهد فیه. و « الجِدُّ » بالکسر هو الاجتهاد خلاف التقصیر ، یقال جَدَّ یَجِدُّ من بابی ضرب وقتل ، والاسم الجِدُّ بالکسر. ومنه الْحَدِیثُ « إِذَا مَاتَ الْمَیِّتُ فَجِدَّ فِی جَهَازِهِ وَعَجِّلْ فِی تَجْهِیزِهِ وَلَا تُقَصِّرْ وَلَا تُؤَخِّرْهُ ».

وجَدَّ فی الکلام یَجِدُّ جَدّاً - من بابی ضرب وقتل - : هزل ، والاسم منه « الجِدُّ » بالکسر أیضا. وفلان محسن جِدّاً : أی نهایه ومبالغه.

وَفِی دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « اسْقِنَا مَطَراً جِدّاً طَبَقاً ».

وفسر الجِدُّ بالمطر العام. والجُدُّ - بالضم والتشدید - : شاطیء النهر ، وکذا الجُدَّهُ. قیل وبه سمیت الجُدَّهُ جُدَّهَ أعنی المدینه التی عند مکه لأنها ساحل البحر. ومنه الْخَبَرُ « کَانَ یَخْتَارُ الصَّلَاهَ عَلَی الْجُدِّ إِنْ قَدَرَ عَلَیْهِ ».

والجُدَّهُ بالضم : الطریق ، والجمع جُدَدٌ مثل غرفه وغرف. والجَادَّهُ : وسط الطریق ومعظمه الذی یجمع الطرق ، ولا بد من المرور علیه ، والجمع جَوَادٌّ مثل دابه ودواب. وطریق جَدَدٌ : أی سهل. والجَدَدُ : الأرض الصلبه التی یسهل المشی فیها.

ص: 21

والجَدَدُ بالتحریک : المستوی من الأرض. ومِنْهُ « أَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی یُمْشَی بِهِ عَلَی جَدَدِ الْأَرْضِ ».

ومن أمثالهم « مَنْ سَلَکَ الجَدَدَ أَمِنَ مِنَ العِثَارِ » أی المستوی منها. والجَدَادُ - بالفتح والکسر - صرام النخل ، وهو قطع ثمرتها ، یقال جَدَّ الثَّمَرَهَ یَجُدُّهَا جَدّاً من باب قتل : قطعها. وجَدَّ الشیءَ : قطعه ، فهو جَدِیدٌ فعیل بمعنی مفعول. و « هذا زَمَنُ الجَدَادِ » بالفتح والکسر. وتَجَدَّدَ الضرعُ : یبس لبنه. ومنه الْخَبَرُ « لَا یُضَحَّی بِجَدَّاءَ ».

وَهِیَ الَّتِی لَا لَبَنَ لَهَا مِنْ کُلِّ حَلُوبَهٍ لِآفَهٍ أَیْبَسَتْ ضَرْعَهَا.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام « مَنْ جَدَّدَ قَبْراً أَوْ مَثَّلَ مِثَالاً فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ ».

قال الصدوق : واختلف مشایخنا فی معناه فقال محمد بن الحسن الصفار هو جَدَّدَ بالجیم لا غیر ، وکان شیخنا محمد بن الحسن بن الولید یحکی عنه أنه قال : لا یجوز تجدید القبر ولا تطیین جمیعه بعد مرور الأیام وبعد ما طُیِّنَ فی الأول ، وذکر عن سعد بن عبد الله أنه کان یقول : إنما هو « مَنْ حَدَّدَ قَبْراً ».

بالحاء المهمله یعنی به من سَنَّمَ قبرا ، وذکر عن أحمد بن أبی عبد الله البرقی أنه قال : إنما هو « مَنْ جَدَّثَ قَبْراً ».

وتفسیر الجدث القبر فلا ندری ما عنی به ، والذی أذهب إلیه أنه جَدَّدَ بالجیم ومعناه نبش قبرا لأن من نبش قبرا فقد جَدَّدَهُ وأحوج إلی تجدیده ، وقد جعله جدثا محضورا. ثم قال : أقول إن التَّجْدِیدَ علی المعنی الذی ذهب إلیه محمد بن الحسن الصفار والتحدید بالحاء غیر المعجمه الذی ذهب إلیه سعد بن عبد الله والذی قاله البرقی من أنه جدث کله داخل فی معنی الحدیث ، وأن من خالف الإمام فی التجدید والتسنیم والنبش واستحل شیئا من ذلک فقد خرج من الإسلام. والذی أقول فی قَوْلِهِ علیه السلام « مَنْ مَثَّلَ مِثَالاً ».

یعنی به من أبدع بدعه ودعا إلیها أو وضع دینا فقد خرج من الإسلام - انتهی. وجَدِیدُ الأرض : وجهه ، ومنه قولهم

ص: 22

« جَلَاهُ عَنْ جَدِیدِ الْأَرْضِ » أی نفاه عنها. والجَدِیدُ : نقیض البالی. وجَدَّ الشیءُ یَجِدُّ بالکسر فهو جَدِیدٌ ، وهو خلاف القدیم. وجَدَّدَ فلان الأمر واسْتَجَدَّهُ : إذا أحدثه ، فهو جَدِیدٌ وهو خلاف القدیم. والجَدِیدَانِ : اللیل والنهار. ومنه قول ابن درید :

إن الجَدِیدَیْنِ إذا ما استولیا

علی جَدِیدٍ أسلماه للبلی

الأَجْرَدِ. والتَّجَرُّدُ : التعری ، ومنه « تَجَرَّدَ لإحرامه » أی تعری عن المخیط.

وَفِی وَصْفِهِ علیه السلام « کَانَ أَبْیَضَ الْمُتَجَرِّدِ ».

معناه نَیِّرَ الجسد الذی تجرد منه الثیاب.

وَفِی حَدِیثِ أَهْلِ الْجَنَّهِ « جُرْدٌ مُرْدٌ ».

أی لا شعر فی أجسادهم. والشاب الأَجْرَدُ : الذی لا شعر له. والجَرِیدُ : هو سعف النخل بلغه أهل الحجاز ، الواحده جَرِیدَهٌ فعیله بمعنی مفعوله ، سمیت بذلک لتجرید خوصها عنها. ومنه الْخَبَرُ « کُتِبَ الْقُرْآنُ فِی جَرَائِدَ ».

وفیه ذکر « الجَارُودِیَّهِ » وهم فرقه من الشیعه ینسبون إلی الزیدیه ولیسوا منهم ، نسبوا إلی رئیس لهم من أهل خراسان یقال له أبو الجَارُودِ زیاد بن أبی زیاد. وعن بعض الأفاضل هم فرقتان : فرقه زیدیه وهم شیعه ، وفرقه بتریه وهم لا یجعلون الإمامه لعلی بالنص بل عندهم هی شوری ، ویجوزون تقدیم المفضول علی الفاضل فلا یدخلون فی الشیعه. و « الجَارُودُ العبدی » رجل من عبد القیس واسمه بشر بن عمرو ، ولقب بذلک لأنه أصاب إبله داء فخرج بها إلی أخواله ففشا ذلک الداء فی إبلهم فأهلکها ، فضربت به العرب فی الشؤم. وانْجَرَدَ الثوب : انسحق ولان ، ومنه « کَانَ صَدَاقُ فَاطِمَهَ علیه السلام جَرْدَ بُرْدٍ حِبَرَهٍ وَدِرْعَ حُطَمِیَّهٍ » (1).

وجَرْدٌ قطیفه انجرد خملها وخلقت.

وَفِی الْحَدِیثِ « السَّوِیقُ یَجْرُدُ الْمِرَّهَ وَالْبَلْغَمَ مِنَ الْمَعِدَهِ جَرْداً » (2).

أی یذهبها ولا یدع منهما شیئا. وسلامه بنت یَزْدَجِرْدَ بن شهریار بن کسری أبرویز أم علی بن الحسین علیه السلام

إِشْفَاقاً عَلَیْهِ مِنْ کَیْدِ الشَّیَاطِینِ فَلَمْ یَشْعُرْ إِلَّا وَقَدْ وُضِعَ عَلَی کُرْسِیِّهِ مَیْتاً تَنْبِیهاً عَلَی أَنَّ الْحَذَرَ لَا یَدْفَعُ الْقَدَرَ.

قوله تعالی : ( عِجْلاً جَسَداً ) [ 7 / 148 ] أی ذا جَسَدٍ ، أی صوره لا روح فیها إنما هو جسد فقط ، أو جسدا بدنا ذا لحم ودم. قوله : ( وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا یَأْکُلُونَ الطَّعامَ ) [ 21 / 8 ] أی وما جعلنا الأنبیاء ذی جسد غیر طاعمین ، وهذا رد لقولهم : ( ما لِهذَا الرَّسُولِ یَأْکُلُ الطَّعامَ وَیَمْشِی فِی الْأَسْواقِ ). والجَسَدُ من الإنسان : بدنه وجثته ، والجمع أَجْسَادٌ. وفی کتاب الخلیل لا یقال لغیر الإنسان من خلق الأرض جَسَدٌ ، وکل خلق لا یأکل ولا یشرب نحو الملائکه والجن فهو جَسَدٌ. وعن صاحب البارع لا یقال الجَسَدُ إلا للحیوان العاقل وهو الإنسان والملائکه والجن ، ولا یقال لغیره جَسَدٌ.

ویَجْتَلِدُونَ علی الأذان : یتضاربون علیه ویتقاتلون. والجِلَادُ هو الضرب بالسیف والسوط ونحوه إذا ضربته ، ومنه قَوْلُهُ « دَعَوْنِی أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ فَلِأُمِّهِمُ الْهَبَلُ ».

والمُجَالَدَهُ : المضاربه. والجَلْدُ : القوی الشدید والجَلَدُ بالتحریک : الصلابه. والجَلَدُ : الصلب من الأرض المستوی. والتَّجَلُّدُ : تکلف الجلاده ، ومِنْهُ « عَفَا عَنْکَ تَجَلُّدِی ».

والجَلِیدُ : الماء الجامد من البرد ، ومنه الْحَدِیثُ « حُسْنُ الْخُلُقِ یَمِیثُ الْخَطِیئَهَ کَمَا تَمِیثُ الشَّمْسُ الْجَلِیدَ » (1).

ومکان جَلِیدٌ : صلب غیر رخو. و « جَلُودُ » قریه بالأندلس. و « الجَلُودِیُ » من الرواه منسوب إلیها. وفی القاموس جَلُودُ کقبول قریه بالأندلس ، والجُلُودِیُ روایه مسلم بالضم لا غیر ، ووهم الجوهری فی قوله « ولا تقل الجُلُودِی » (2).

ویقال مضت جُمَادَی بما فیها ، ثم قال : فإن جاء تذکیر جُمَادَی فی الشعر فهو ذهاب إلی معنی الشهر کما قالوا هذه ألف درهم علی معنی هذه الدراهم ، وعن الزجاج جُمَادَی غیر مصروفه للتأنیث والعلمیه ، وجمع جمادی جُمَادَیَات علی لفظها والأولی والآخره صفه لها. والآخره بمعنی المتأخره. وجَمَدَتْ عینه : قل ماؤها ، کنایه عن قسوه القلب. و « عین جَمُودٌ » بالفتح : لا دمع لها. وجَمَدَ کفه : کنایه عن البخل.

وَفِی الْخَبَرِ « إِذَا وَقَعَتِ الجَوَامِدُ فَلَا شُفْعَهَ ».

یریدون الحدود ما بین الملکین.

إِلَی أَیْنَ تَذْهَبُونَ؟ قَالَ جَبْرَئِیلُ : لَا أَدْرِی إِلَّا أَنِّی أَرَاهُمْ مُنْذُ خُلِقْتُ وَلَا أَرَی وَاحِداً مِنْهُمْ قَدْ رَأَیْتُهُ قَبْلَ ذَلِکَ ، ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ : مُنْذُ کَمْ خُلِقْتَ؟ قَالَ : لَا أَدْرِی غَیْرَ أَنَّ اللهَ یَخْلُقُ کَوْکَباً فِی کُلِّ أَرْبَعِمِائَهِ أَلْفِ سَنَهٍ. فَخَلَقَ مِثْلَ ذَلِکَ الْکَوْکَبِ مُنْذُ خُلِقْتُ أَرْبَعَمِائَهِ أَلْفِ کَوْکَبٍ ، فَسُبْحَانَهُ مِنْ إِلَهٍ مَا أَعْظَمَ قُدْرَتَهُ وَأَجَلَّ سُلْطَانَهُ.

قوله : ( وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) [ 9 / 26 ] الجُنْدُ الأنصار والأعوان ، والجمع الجُنُودُ. قوله : ( وَجُنُودُ إِبْلِیسَ ) [ 26 / 95 ] أی ذریته من الشیاطین.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَهٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاکَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ » (1).

قوله « مُجَنَّدَهٌ » أی مجموعه کما یقال ألوف مؤلفه وقناطر مقنطره ، ومعناه الإخبار عن مبدإ کون الأرواح وتقدمها الأجساد ، أی أنها خلقت أول خلقها من ائتلاف واختلاف کالجنود ، والمجموعه إذا تقابلت وتواجهت ، ومعنی تقابل الأرواح ما جعلها الله علیه من السعاده والشقاوه والاختلاف فی مبدإ الخلق ، یقال إن الأجساد التی فیها الأرواح تلتقی فی الدنیا فتأتلف وتختلف علی حسب ما خلقت علیه ، ولهذا تری الخیر یحب الأخیار ویمیل إلیهم والشریر یحب الأشرار ویمیل إلیهم. وعن الشیخ المفید المعنی فیه أن الأرواح التی هی البسائط تتناظر بالجنس وتتجادل بالعوارض ، فما تعارف منها باتفاق الرأی والهوی ائتلف ، وما تناکر منها بمباینه فی الرأی والهوی اختلف ، وهذا موجود حسا ومشاهده ، ولیس یعنی بذلک ما تعارف منها فی الذر ائتلف کما یذهب إلیه الحشویه ، لما بیناه من أنه لا علم للإنسان بحال کان یعلمها قبل ظهوره فی هذا العالم - انتهی کلامه ، وفیه نظر.

تخفیفا ، اسم للجبل الذی وضعت علیه سفینه نوح ، قیل هو بناحیه الشام أو آمد ، وقیل بالموصل ، وقیل بالجزیره ما بین الدجله والفرات.

وَفِی الْحَدِیثِ « هُوَ فُرَاتُ الْکُوفَهِ » (1).

وهو الأصح. قوله و: ( الصَّافِناتُ الْجِیادُ ) [ 38 / 31 ] کأنها جمع جَیِّد علی فیعل ، وهو خلاف الردیء ، وسیأتی معنی الصافنات.

وَفِی حَدِیثِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِینَ حَفَرَ زَمْزَمَ « فَرَأَی رَجُلاً یَقُولُ احْفِرْ تَغْنَمْ وَجِدَّ تَسْلَمْ وَلَا تَدَّخِرْهَا لِلْمَقْسَمِ ».

یعنی المیراث ، کان المعنی جِدَّ فی حفر البئر تسلم من الآفات ولا یصیبک فی حفرها ضرر. والجَوَادُ : الجید للعدو ، یقال جَادَ الفرس جُودَهً - بالضم والفتح - فهو جَوَادٌ ، والجمع جِیَادٌ ، وسمی بذلک لأنه یجود بجریه ، والأنثی جَوَادٌ أیضا. و « الجَوَادُ » من أسمائه تعالی

وَفِی الْحَدِیثِ سَأَلَ رَجُلٌ [ أَبَا ] الْحَسَنِ علیه السلام وَهُوَ فِی الطَّوَافِ فَقَالَ لَهُ : أَخْبِرْنِی عَنِ الْجَوَادِ؟ فَقَالَ علیه السلام : إِنَّ لِکَلَامِکَ وَجْهَیْنِ ، فَإِنْ کُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْمَخْلُوقِ فَإِنَ الْجَوَادَ الَّذِی یُؤَدِّی مَا افْتُرِضَ عَلَیْهِ ، وَالْبَخِیلُ الَّذِی یَبْخَلُ بِمَا افْتُرِضَ عَلَیْهِ ، وَإِنْ کُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْخَالِقِ فَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ أَعْطَی وَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ مَنَعَ ، لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَی أَعْطَی عَبْداً أَعْطَاهُ مَا لَیْسَ لَهُ ، وَإِنْ مَنَعَ مَنَعَ مَا لَیْسَ لَهُ.

والجَوَادُ : الذی لا یبخل بعطائه ، ومنه الدُّعَاءُ « أَنْتَ الْجَوَادُ الَّذِی لَا یَبْخَلُ ».

وَ « الْجَوَادُ » مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام أَحَدُ الْأَئِمَّهِ الِاثْنَیْ عَشَرَ ، وُلِدَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَهِ خَمْسٍ وَتِسْعِینَ وَمِائَهٍ ، وَقُبِضَ سَنَهَ عِشْرِینَ وَمِائَتَیْنِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِینَ سَنَهً وَشَهْرَیْنِ وَثَمَانِیَهَ عَشَرَ یَوْماً وَدُفِنَ عِنْدَ جَدِّهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام ، وَمِنْ خَوَاصِّهِ علیه السلام أَنَّهُ دَخَلَ عَلَیْهِ قَوْمٌ مِنَ الشِّیعَهِ فَسَأَلُوهُ عَنْ ثَلَاثِینَ أَلْفَ مَسْأَلَهٍ فَأَجَابَ عَنْهَا وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِینَ ، عَاشَ بَعْدَ أَبِیهِ تِسْعَهَ عَشَرَ سَنَهً إِلَّا خَمْسَهً وَعِشْرِینَ یَوْماً.

وجَادَ الرجلُ یَجُودُ جُوداً بالضم من باب قال : تَکَرَّمَ ، فهو جَوَادٌ ، والجمع

ص: 29

أَجْوَادٌ. وجَادَ بماله : بذله. وجَادَ بنفسه : سمح بها عند الموت ، فکأنه یدفعها کما یدفع الإنسان ماله. وجَادَ وأَجَادَ : أتی بالجید من فعل أو قول. وجَادَتِ السماء علینا : أی أمطرت. و « الجَوْدُ » بالفتح فالسکون : المطر الغزیر أو ما لا مطر فوقه. ومنه الدُّعَاءُ « وَأَخْلَفَتْنَا مَخَایِلُ الْجَوْدِ ».

والمَخَایِلُ من أخَالَت السحابُ وأخْیَلَتْ وخَایَلَتْ : إذا کانت تُرجَّی المطر - قاله الجوهری.

معناه والذین یعلمون بما یعملون لنهدینهم إلی ما لا یعلمون (1) قوله : ( وَجاهِدُوا فِی سَبِیلِهِ ) [ 5 / 35 ] أی فی طریق دینه مع أعدائه ، قیل أمر الله بالجهاد فی دین الله لأنه وصله إلی ثوابه. قوله : ( فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِینَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَی الْقاعِدِینَ دَرَجَهً ) [ 4 / 95 ] معناه - علی ما ذکر فی التفاسیر - هو أن الله فضل المجاهدین علی القاعدین عن الجهاد من أولی الضرر - أعنی المرض والعاهه من عمی وعرج أو زمانه أو نحوها - درجه وکل فریق من المجاهدین والقاعدین ( وَعَدَ اللهُ الْحُسْنی ) أی المثوبه وهی الجنه ، ( وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ ) من غیر أولی الضرر ( أَجْراً عَظِیماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَهً ) ، فدرجه انتصب لوقوعها موقع المره ، کأنه قال فضلهم تفضیله ، نحو « ضربه سوطا » بمعنی ضربه ، وانتصب ( أَجْراً ) بفعل أیضا لأنه فی معنی أجری لهم أجراً و ( دَرَجاتٍ ) و ( مَغْفِرَهً ) و ( رَحْمَهً ) بدل من ( أَجْراً ). و « الجِهَادُ » بکسر الجیم مصدر جَاهَدَ یُجَاهِدُ جِهَاداً ومُجَاهِدَهً ، وبفتح الجیم : الأرض الصلبه ، وشرعا بذل المال والنفس لإعلاء کلمه الإسلام وإقامه شعائر الإیمان.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِکَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ ».

هو بفتح الجیم مصدر قولک « اجْهَدْ جَهْدَکَ فی هذا الأمر » أی أبلغ غایتک. و « جَهْدُ البلاء » الحاله التی یختار علیها الموت ، وقیل هی قله المال وکثره العیال.

وَفِی الْخَبَرِ عَنْهُ صلی الله علیه وآله « جَهْدُ الْبَلَاءِ هُوَ أَنْ یُقَدَّمَ الرَّجُلُ فَیُضْرَبَ عُنُقَهُ صَبْراً ، وَالْأَسِیرُ مَا دَامَ فِی وَثَاقِ الْعَدُوِّ وَالرَّجُلُ یَجِدُ عَلَی بَطْنِ امْرَأَتِهِ رَجُلاً ».

وفِیهِ « رَبِّ لَا تُجْهِدْ بَلَائِی ».

أی لا توصله إلی ذلک المقدار. وجَهَدَهُ الأمر : أی بلغ منه المشقه. وقولهم « لا أَجْهَدُکَ » أی لا أبلغک غایه ، أو لا أشق علیک ولا أشدد.

قَوْلُهُ « وَالْوَصِیَّهُ بِالرُّبُعِ جَهْدٌ ». أی غایه ونهایه.

ص: 31

وَ « اجْهَدْ أَنْ تَبُولَ ».

أی لک الجهد فی ذلک. وقَوْلُهُ « مِنْ غَیْرِ أَنْ تُجْهِدَ نَفْسَکَ ».

أی من غیر مبالغه ومشقه فیما تفعل.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَفْضَلُ الصَّدَقَهِ جُهْدُ الْمُقِلِّ ».

أی ما بلغه وسعه ، وربما عورض بِقَوْلِهِ علیه السلام « خَیْرُ الصَّدَقَهِ مَا کَانَتْ عَنْ ظَهْرِ غِنًی ».

یعنی ما فضل عن العیال ، وقد یقال المراد بالغنی سخاوه النفس وقوه العزیمه ثقه بالله ، کما رُوِیَ « أَنَّ الْغِنَی غِنَی النَّفْسِ ».

یدل علی ذلک قَوْلُهُ « یَأْتِی أَحَدُکُمْ بِمَا یَمْلِکُهُ وَیُقَالُ هَذِهِ صَدَقَهٌ ثُمَّ یَقْعُدُ یَتَکَفَّفُ النَّاسَ ».

أی یأخذ ببطن یده ، وهو کنایه عن التصدی للسؤال فکره له ذلک. وفِیهِ « أَفْضَلُ الْجِهَادِ جِهَادُ النَّفْسِ ».

وهو قهرها وبعثها علی ملازمه الطاعات ومجانبه المنهیات. ومراقبتها علی مرور الأوقات ، ومحاسبتها علی ما ربحته وخسرته فی دار المعامله من السعادات ، وکسر قوتها البهیمیه والسبعیه بالریاضات ، کما قال تعالی ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ). قال بعض الأفاضل فی قَوْلِهِ علیه السلام « أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِی بَیْنَ جَنْبَیْهِ ».

قد یظن أن فیه دلاله علی عدم تجرد النفس ، والحق أنه لا دلاله فیه علی ذلک بل هو کنایه عن کمال القرب ، فإن تجرد النفس مما لا ینبغی أن یرتاب فیه .. إلی أن قال : ویمکن أن یراد بالنفس هنا القوی الحیوانیه من الشهوه والغضب وأمثالهما ، وإطلاق النفس علی هذه القوی شائع. ثم حکی کلام الغزالی تطلق النفس علی الجامع للصفات المذمومه أی القوی الحیوانیه المضاده للقوی العقلیه وهو المفهوم عند إطلاق الصوفیه وإلیه الإشاره بِقَوْلِهِ علیه السلام « أَعْدَی عَدُوِّکَ نَفْسُکَ الَّتِی بَیْنَ جَنْبَیْکَ ».

ویتم البحث فی نفس إن شاء الله. واجْتَهَدَ یمینه : أی بذل وسعه فی الیمین وبالغ فیها. والِاجْتِهَادُ : المبالغه فی الجهد ، ونقل فی الاصطلاح إلی استفراغ الوسع فیما فیه مشقه لتحصل ظن شرعی.

ص: 32

و « المُجْتَهِدُ » اسم فاعل منه ، وهو العالم بالأحکام الشرعیه الفرعیه عن أدلتها التفصیلیه بالقوه القریبه من الفعل. ومَجْهُودُ الرجل : ما بلغه وسعه ، ومنه الدُّعَاءُ « قَدْ وَعِزَّتِکَ بَلَغَ [ بِی ] مَجْهُودِی ».

والمَجْهُودُ : الذی وقع فی تعب ومشقه.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْمِسْکِینُ أَجْهَدُ مِنَ الْفَقِیرِ ». أی أسوأ حالا منه.

[ 58 / 22 ] أی شاق الله ، أی عادی الله وخالفه. وقوله : ( تِلْکَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها ) [ 2 / 229 ] حُدُودُ الله محارمه ومناهیه لأنه ممنوع منها. ومثله ( تِلْکَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها ) [ 2 / 187 ] قال الشیخ أبو علی فی قوله ( تِلْکَ حُدُودُ اللهِ ) إشاره إلی الأحکام المذکوره فی الیتامی والمواریث ، وسماها حُدُوداً لأن الشرائع کالحدود المضروبه للمکلفین لا یجوز لهم أن یتجاوزوها. قوله : ( فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ ) [ 50 / 22 ] أی حاد ، وصیغ للمبالغه.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِنَّ اللهَ جَعَلَ لِکُلِّ شَیْءٍ حَدّاً وَجَعَلَ عَلَی مَنْ تَعَدَّی الْحَدَّ حَدّاً ».

أی عذابا ، وذلک کحد القاذف والزانی ، وسمی حَدّاً لمنعه من المعاوده ، وأصله مصدر. وفِیهِ « إِقَامَهُ الْحَدِّ أَنْفَعُ فِی الْأَرْضِ مِنَ الْمَطَرِ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً ».

والحُدُودُ الشرعیه عباره عن الأحکام الشرعیه مثل حد الغائط کذا وحد الوضوء کذا وحد الصلاه کذا ، ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « لِلصَّلَاهِ أَرْبَعَهُ آلَافِ حَدٍّ ».

وقد حصرها الشهید الأول ( ره ) فی رسالته الفرضیه والنفلیه بما یبلغ العدد المذکور ، فمن أراد ذلک وقف علیه. ومِنْهُ « أَقَمْتُمْ حُدُودَهُ ».

أی أحکامه وشرائعه.

وَ « یَضْرِبُ الْحُدُودَ بَیْنَ یَدَیِ الْإِمَامِ ».

أی یقیمها. والحَدُّ : الذنب ، ومنه « أَصَبْتُ حَدّاً ».

أی ذنبا یوجب الحد. ویُحَدِّدُ لی حَدّاً : أی یعین لی شیئا ویبینه لی. وحَدَّ السیفَ وغیره من باب ضرب والمُحَادَّهُ المعاداه ، ومِنْهُ « إِنَّ قَوْمَنَا حَادُّونَا لِمَا صَدَّقْنَا [ اللهَ وَرَسُولَهُ ] ».

أی عادونا وخالفونا.

وَ « الْحَادُّ » اسْمُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله فِی تَوْرَاهِ مُوسَی علیه السلام.

لأنه یحاد من حاد دینه قریبا کان أو بعیدا وَفِی الْحَدِیثِ « لَا یَزَالُ الْإِنْسَانُ فِی حَدِّ الطَّائِفِ مَا فَعَلَ کَذَا ».

یعنی ثوابه ثواب الطائف فیما فعل.

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِهِ تَعَالَی « مَنْفِیٌّ عَنْهُ

ص: 34

الْأَقْطَارُ مُبَعَّدٌ عَنْهُ الْحُدُودُ ».

أی لا یوصف بحد یتمیز به عن غیره.

وَفِی کَلَامِهِمْ علیه السلام « هُوَ الْخَالِقُ لِلْأَشْیَاءِ لَا لِحَاجَهٍ ، فَإِذَا کَانَ لَا لِحَاجَهٍ اسْتَحَالَ الْحَدُّ ، لِأَنَّهُ إِذَا نُسِبَ إِلَیْهِ الْحَدُّ فَقَدْ ثَبَتَ احْتِیَاجُهُ إِلَیْهِ تَعَالَی اللهُ عَنْ ذَلِکَ عُلُوّاً کَبِیراً ».

والحَدُّ : الحاجز بین الشیئین. ومنه « حَدُّ عرفات » وهو من المأزمین إلی أقصی الموقف.

وَعَنِ الصَّادِقِ علیه السلام « حَدُّ عَرَفَهَ مِنْ بَطْنِ عُرَنَهَ وَثَوِیَّهَ وَنَمِرَهَ إِلَی ذِی الْمَجَازِ وَخَلْفَ الْجَبَلِ مَوْقِفٌ إِلَی وَرَاءِ الْجَبَلِ » (1).

وجمع الحَدِّ حُدُودٌ. ومِنْهُ « حُدُودُ الْإِیمَانِ وَیَجْمَعُهَا الشَّهَادَتَانِ وَالْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَلَاهُ الْخَمْسِ وَالزَّکَاهُ وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحِجُّ الْبَیْتِ وَالْوَلَایَهُ ».

والحِدَادُ : ترک الزینه. ومنه الْحَدِیثُ « الْحِدَادُ لِلْمَرْأَهِ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا زَوْجُهَا ».

ومنه حَدَّتِ المرأه علی زوجها تَحِدُّ حِدَاداً بالکسر ، فهی حَادٌّ بغیر هاء : إذا حزنت علیه ولبست ثیاب الحزن وترکت الزینه ، وکذا أَحَدَّتْ إِحْدَاداً فهی مُحِدٌّ ومُحِدَّهٌ ، وأنکر الأصمعی الثلاثی واقتصر علی الرباعی.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَیْسَ لِأَحَدٍ أَنْ یُحِدَّ أَکْثَرَ مِنْ ثَلَاثَهِ أَیَّامٍ إِلَّا الْمَرْأَهِ عَلَی زَوْجِهَا حَتَّی تَقْضِیَ عِدَّتَهَا ».

والحِدَّهُ : ما یعتری الإنسان من النزق والغضب ، یقال حَدَّ یَحِدُّ حَدّاً : إذا غضب.

وَفِی حَدِیثِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام قَالَ وَقَدْ ذُکِرَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَفِیهِ حِدَّهٌ ، فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ تَعَالَی فِی وَقْتِ مَا ذَرَأَهُمْ أَمَرَ أَصْحَابَ الْیَمِینِ وَائْتَمَرَهُمْ أَنْ یَدْخُلُوا النَّارَ فَدَخَلُوهَا فَأَصَابَهُمْ وَهَجُهَا فَالْحِدَّهُ مِنْ ذَلِکَ الْوَهَجِ ، وَأَمَرَ أَصْحَابَ الشِّمَالِ وَهُمْ مُخَالِفُونَا أَنْ یَدْخُلُوا النَّارَ فَلَمْ یَفْعَلُوا فَمِنْ ذَلِکَ لَهُمْ سَمْتُ وَقَارٍ ».

وَعَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام وَقَدْ سُئِلَ

ص: 35

مَا بَالُ الْمُؤْمِنِ أَحَدُّ شَیْءٍ؟ فَقَالَ : لِأَنَّ عِزَّ الْقُرْآنِ فِی قَلْبِهِ وَمَحْضَ الْإِیمَانِ فِی صَدْرِهِ ، وَهُوَ عَبْدٌ مُطِیعٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مُصَدِّقٌ ».

- انتهی. وربما کانت حِدَّتُهُ علی ما خالف المشروع ولم یمتثل أمر الشارع لا مطلقا. و « الحَدِیدُ » معروف ، ومنه « خاتم حَدِیدٍ ». واسم الصناعه الحِدَادَهُ بالکسر. و « ابن أبی الحَدِیدِ » فی الأصل معتزلی یستند إلی المعتزله مدعیا أنهم یستندون إلی شیخهم أمیر المؤمنین علیه السلام فی العدل والتوحید. ومن کلامه فی أول شرح النهج « الحمد لله الذی قدم المفضول علی الأفضل لمصلحه اقتضاها التکلیف ». قال بعض الأفاضل : کان ذلک قبل رجوعه إلی الحق لأنا نشهد من کلامه الإقرار له علیه السلام والتبری من غیره ممن تقدم علیه ، وذلک قرینه واضحه علی ما قلناه - انتهی ، وهو جید.

النعمه لنفسه مثل ما لصاحبه ولم یرد زوالها عنه - انتهی (1)ومن هنا قیل الحَسَدُ علی الشجاعه ونحو ذلک هو الغبطه ، وفیه معنی التعجب ولیس فیه تمنی زوال ذلک عن المحسود ، فإن تمناه دخل فی القسم الأول المحرم. قوله : ( أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) [ 4 / 54 ] المراد بالناس الأئمه ، لما

رُوِیَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا « نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ الَّذِینَ قَالَ اللهُ تَعَالَی ( أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ » )(2).

ویقال حَسَدَهُ یَحْسُدُهُ ویَحْسِدُهُ بالکسر حُسُوداً وحَسَداً بالتحریک أکثر من سکونها. وتَحَاسَدَ القوم وهم قوم حَسَدَهٌ کحامل وحمله

وحَصَدْتُ الزرع وغیره حَصْداً من بابی ضرب وقتل فهو مَحْصُودٌ وحَصِیدٌ ، ومِنْهُ « یَأْکُلُونَ حَصِیدَهَا ».

أی محصودها. والمِحْصَدُ : المنجل. واسْتَحْصَدَ الزرعُ : حان له أن یحصد. وحَصَدَهُمْ بالسیف : استأصلهم. والحَصَادُ بالفتح والکسر قطع الزرع.

وَفِی الْخَبَرِ « نَهَی عَنْ حَصَادِ اللَّیْلِ ».

وإنما نهی عنه لمکان المساکین أن یحضروه ، وقیل کی لا یصیب الناس الهوام.

و « الحَمْدُ » هو الثناء بالجمیل علی قصد التعظیم والتبجیل للممدوح سواء النعمه وغیرها ، والشکر فعل ینبئ عن تعظیم المنعم لکونه منعما سواء کان باللسان أو بالجنان أو بالأرکان ، وعلیه قول القائل :

أفادتکم النعماء منی ثلاثه

یدی ولسانی والضمیر المحجبا

فَالْحَمْدُ أعم من جهه المتعلق وأخص من جهه المورد ، والشکر بالعکس.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْحَمْدُ رَأْسُ الشُّکْرِ ».

وإنما جعله رأس الشکر لأن ذکر النعمه باللسان والثناء علی مولیها أشیع لها وأدل علی مکانها من الاعتقاد لخفاء عمل القلب وما فی عمل الجوارح من الاحتمال ، بخلاف عمل اللسان الذی هو النطق المفصح عن کل خفی - کذا فی الکشاف. وفِیهِ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ وَالنِّعَمَ بِالشُّکْرِ » (1).

قال بعض الشارحین : یعنی أنه تعالی أنعم علی سبیل التفضل أولا ثم أمر المکلفین أن یحمدوه علی نعمه ، کما هو مرکوز فی بدایه العقول ، ثم زادهم علی حمدهم نعما أخری کما قال ( لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّکُمْ ). ویمکن أن یقال إنه تعالی تفضل بالنعم أولا ثم أوصل ذلک بنعمه الحمد بأن ألهم عباده الحمد علیها ثم أوصل النعم بالشکر ، حیث قال : ( لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّکُمْ )

وَفِی کِتَابٍ لَهُ صلی الله علیه وآله « أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَحْمَدُ اللهَ إِلَیْکَ ».

أی أحمد معک ، فأقام إلی مقام مع ، وقیل أَحْمَدُ اللهَ إلیک نعمه الله بتحدیثک إیاها. وحَمَّدَهُ : بالغ فی تحمیده مثل فرجه. و ( الْحَمِیدُ ) من أسمائه تعالی ، فعیل بمعنی مفعول ، أی المحمود علی کل حال.

وَ « ابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودِ ».

الضمیر للنبی صلی الله علیه وآله ، أی الذی یحمده فیه جمیع الخلائق کتعجیل الحساب والإراحه من طول الوقوف ، وقیل هو الشفاعه.

وَفِی الْحَدِیثِ « حُمَادَیَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَطْرَافِ ».

أی غایاتهن ومنتهی ما یحمد منهن غض الأطراف عما حرم الله تعالی.

ص: 39

والحَمِیدُ من الأباریق : الکبیر فی الغایه. ومنه حَدِیثُ الْمَیِّتِ « یَبْدَأُ بِیَدَیْهِ فَیَغْسِلُهُمَا بِثَلَاثِ حُمَیْدِیَّاتٍ بِمَاءِ السِّدْرِ ».

الحدیث (1)و « حُمَیْدَهُ البربر » أم موسی الکاظم علیه السلام ، وتسمی المصفاه. و « أَحْمَدُ » اسم نبینا صلی الله علیه وآله فی الإنجیل لحسن ثناء الله علیه فی الکتاب بما حمد من أفعاله ، وذکر ابن الأعرابی أن لله تعالی ألف اسم وللنبی صلی الله علیه وآله ألف اسم ، ومن أحسنها مُحَمَّدٌ ومَحْمُودٌ وأَحْمَدُ. والمُحَمَّدُ : کثیر الخصال المحموده ، قیل لم یسم به أحد قبل نبینا صلی الله علیه وآله ، ألهم الله أهله أن یسموه به. و « مُحَمَّدٌ » اسمه صلی الله علیه وآله فی القرآن سمی به لأن الله وملائکته وجمیع أنبیائه ورسله وجمیع أممهم یحمدونه ویصلون علیه.

وَمُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وُلِدَ سَنَهَ سَبْعٍ وَخَمْسِینَ وَقُبِضَ سَنَهَ أَرْبَعَ عَشْرَهَ وَمِائَهٍ وَلَهُ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَهً ، وَأُمُّهُ کَانَتْ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام.

وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَکْرٍ قُتِلَ بَعْدَ وَقْعَهِ صِفِّینَ قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَحَشَی جُثَّتَهُ فِی جَوْفِ حِمَارٍ مَیِّتٍ وَأَحْرَقَهُ ، وَکَانَ مُحَمَّدٌ هَذَا حَبِیباً لِعَلِیٍّ رَبَّاهْ فِی حَجْرِهِ صَغِیراً حِینَ تَزَوَّجَ أُمَّهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَیْسٍ ، فَکَانَ علیه السلام یَقُولُ هُوَ ابْنِی مِنْ ظَهْرِ أَبِی بَکْرٍ ، وَکَانَ قَتْلُهُ بِمِصْرَ لَمَّا وَلَّاهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَیْهَا فَمُلِکَتْ عَلَیْهِ.

وَعَنِ ابْنِ الطَّیَّارِ قَالَ : ذَکَرْنَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَکْرٍ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام : رَحِمَهُ اللهُ وَصَلَّی عَلَیْهِ قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْماً مِنَ الْأَیَّامِ « ابْسُطْ یَدَکَ لِأُبَایِعَکَ » فَقَالَ : أَوَمَا فَعَلْتَ؟ قَالَ : بَلَی ، فَبَسَطَ یَدَهُ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّکَ إِمَامٌ مُفْتَرَضُ الطَّاعَهِ وَأَنَّ أَبِی فِی النَّارِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام : کَانَ النَّجَابَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ لَا مِنْ قِبَلِ أَبِیهِ (2).

ص: 40

وَعَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَ مُحَمَّدَ بْنِ أَبِی بَکْرٍ بَایَعَ عَلِیّاً علیه السلام عَلَی الْبَرَاءَهِ مِنْ أَبِیهِ (1).

ونُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ أَنَّهُ أَنْشَدَ أَبَاهُ عِنْدَ مَا لَحَاهُ عَنْ وَلَاءِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذِهِ الْأَبْیَاتَ :

یَا أَبَانَا قَدْ وَجَدْنَا مَا صَلَحَ

خَابَ مَنْ أَنْتَ أَبُوهُ وَافْتَضَحَ

إِنَّمَا أَنْقَذَنِی مِنْکَ الَّذِی

یُنْقِذُ الدُّرَّ مِنَ الْمَاءِ الْمِلْحِ

یَا بَنِی الزَّهْرَاءِ أَنْتُمْ عُدَّتِی

وَبِکُمْ فِی الْحَشْرِ مِیزَانِی رَجَحَ

أَنَا قَدْ صَحَّ وَلَائِی فِیکُمْ

لَا أُبَالِی أَیَّ کَلْبٍ قَدْ نَبَحَ.

و مُحَمَّدُ بن عبد الله بن الحسن بن علی علیه السلام المسمی بالنفس الزکیه کان یدعی الإمامه وقد تبعه کثیر من الزیدیه والمعتزله علی الضلاله.

وَفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السلام وَقَدْ سُئِلَ أَنَّ الزَّیْدِیَّهَ وَالْمُعْتَزِلَهَ قَدْ أَطَافُوا بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَهَلْ لَهُ سُلْطَانٌ؟ فَقَالَ : وَاللهِ إِنَّ عِنْدِی کِتَابَیْنِ فِیهَا تَسْمِیَهُ کُلِّ نَبِیٍّ وَکُلِّ مَلِکٍ یَمْلِکُ الْأَرْضَ ، لَا وَاللهِ مَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِی وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَفِی الْحَدِیثِ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللهِ وَقَالَ لَهُ : بَایِعْ تَأْمَنْ عَلَی نَفْسِکَ وَمَالِکَ وَوُلْدِکَ وَلَا تَکَلَّفْ حَرْباً ، فَاعْتَذَرَ عِنْدَهُ فَقَالَ : لَا وَاللهِ لَا بُدَّ أَنْ تُبَایِعَ ، فَأَمَرَ بِهِ إِلَی الْحَبْسِ وَشَدَّدَ عَلَیْهِ.

و « حَمَّادٌ » بتشدید المیم ابن عیسی الجهنی نسبه إلی جهینه بضم الجیم قبیله ، وهو من ثقاه رواه الحدیث ، لقی الصادق والکاظم والرضا ، دعا له الکاظم علیه السلام ، ولما أراد أن یحج الحجه الحادیه والخمسین غرق فی الجحفه حین أراد غسل الإحرام ، وکان عمره نیفا وسبعین سنه ، وحدیثه فی الصلاه مشهور

ویَحِیدُ عنه : ینهزم عنه. وحمار حَیَدَی : أی یحید عن ظله لنشاطه.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی ذَمِّ قَوْمِهِ « فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ حِیدِی حَیَادِ » (1).

أی إذا کان قتال تکرهون وتقولون أیها الحرب حِیدِی حَیَادِ ، أی جانبی منا ، من حَایَدَهُ مُحَایَدَهً جانبه. قال بعض شراح الحدیث : « حِیدِی حَیَادِ » مثل فِیحِی فَیَاحِ ، وحَیَاد وفَیَاح کلاهما اسم للغاره ، وفِیحِی أی اتَّسِعِی ، وهذا من کلام الجاهلیه کانوا یتکلمون به ، أی أعرضی عنَّا أیتها الحرب - انتهی.

وَفِی حَدِیثِهِ أَیْضاً مَعَ قَوْمِهِ « فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ کنتم [ قُلْتُمْ ] حِیدِی ».

أی مِیلِی. وحَادَتِ الدابهُ : نفرت وترکت الجاده والحَائِدِینَ عن دین الله : العادلین

والخَدَّانِ : ما جاوز مؤخر العین إلی منتهی الشدق یکتنفان الأنف عن یمین وشمال. و « المِخَدَّهُ » بالکسر : الوساده لأنها توضع تحت الخد ، والجمع مَخَادُّ کدواب.

أغلظ من الجمیع وهو سخط الله علیهم وإهانتهم ، وکذلک أهل الجنه لهم سوی الجنه مما هو أکبر منها وهو رضوان الله وإکرامه وتبجیله ، فهو المراد بالاستثناء. وقیل المراد بالاستثناء من الذین شقوا وخلودهم من شاء الله أن یخرجه من النار بتوحیده وإیمانه لإیصال الثواب الذی استحقوه بطاعتهم إلیهم ، فیکون « ما » بمعنی من ، والمراد بالاستثناء من الذین سعدوا وخلودهم فی الجنه أیضا هؤلاء الذین ینقلون إلی الجنه من النار ، والمعنی خالدین فیها إلا ما شاء ربک من الوقت الذی أدخلهم فیه النار قبل أن ینقلهم إلی الجنه ، فما هاهنا علی بابه والاستثناء الثانی من الزمان والأول فی الأعیان انتهی (1)وأنت خبیر بأن الآیات الداله علی عقاب العصاه وخلودهم فی النار المراد به المکث الطویل ، واستعماله بهذا المعنی. قوله : ( أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ ) [ 7 / 176 ] أی مال ورکن إلی الدنیا وشهواتها ( وَاتَّبَعَ هَواهُ ) فی إیثار الدنیا. قوله : ( وَهُمْ فِیها خالِدُونَ ) [ 2 / 25 ] أی باقون. قوله : ( وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ) [ 56 / 17 ] أی مبقون ولدانا لا یهرمون ولا یتغیرون قوله : ( یَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ ) [ 104 / 3 ] من الخُلُودِ ، وهو دوام البقاء یقال خَلَدَ الرجل یَخْلُدُ خُلُوداً ، وأَخْلَدَهُ اللهُ وخَلَّدَهُ تَخْلِیداً. وأَخْلَدَ بالمکان : أقام به ، وخَلَدَ أیضا وبابه قعد. ومنه ( جَنَّهُ الْخُلْدِ ) أی دار الإقامه. والخَلَدُ بالتحریک : البال ، یقال وقع ذلک فی خَلَدِی أی فی روعی وقلبی. والمُخَلَّدُ إلی الشیء : المستند إلیه. وأَخْلَدَ إلی الدنیا : رکن إلیها ولزمها. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام فِی ذَمِّ الدُّنْیَا « مَنْ دَانَ لَهَا وَآثَرَهَا وَأَخْلَدَ إِلَیْهَا فَکَذَا » (2).

و « مَخْلَدٌ » وزان جعفر من أسماء

ص: 44

الرجال.

دُوَیْدَه. ودَادَ الطعامُ وأَدَادَ ودَوَّدَ کله بمعنی : إذا وقع فیه السوس. وأنواع الدُّودِ کثیر یدخل فیه الحلم والأرضه ودود الفواکه ودود القز ودود الأخضر ، ومنه ما یتولد من حیوان الإنسان.

من الغضب. ورَبَدَ بالمکان رُبُوداً : أقام به. و « الأَرْبَدُ » ضرب من الحیات تعض فیتربد منه الوجه

ترددنا لم نکذب ونکن من المؤمنین. قوله : ( إِنَّ هذا لَشَیْءٌ یُرادُ ) [ 38 / 6 ] أی هذا الأمر من نوائب الدهر یراد بنا فلا مرد له ، أو أن ما قصده محمد من الرئاسه والترفع علی العرب والعجم شیء یریده کل أحد. قوله : ( فَلا مَرَدَّ لَهُ ) [ 30 / 43 ] أی لا مصرف له ، من قولهم رَدَّ الشیءَ عن وجهه یَرُدُّهُ رَدّاً ومَرَدّاً : صرفه والرِّدِّیدَی : الرد ، ومنه الْخَبَرُ « لَا رِدِّیدَی فِی الصَّدَقَهِ ». أی لا رد فیها.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا یَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ ».

أی لا یصرفه ویدفعه ویهونه إلا الدعاء. وفِیهِ « لَا تَرُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ » (1).

أی لا تردوه رد حرمان بلا شیء ولو أنه ظلف. ورَدَّ علیه الشیءَ : إذا لم یقبله. وأمر رَدٌّ : أی مردود. وتَرُدُّ بها أُلْفَتَهُ : أی تجمع ما ألفه من الأهل والوطن والألیف الصاحب و « رُدَّتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ مَرَّتَیْنِ » قِیلَ رُدَّتْ لَهُ صَبِیحَهَ الْإِسْرَاءِ وَفِی الْخَنْدَقِ ، وَرُدَّتْ عَلَی عَلِیٍّ مَرَّتَیْنِ أَیْضاً.

وهو مشهور متواتر. والتَّرَدُّدُ فی الأمر معلوم.

وَفِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِ « مَا تَرَدَّدْتُ فِی شَیْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ کَتَرَدُّدِی فِی قَبْضِ رُوحِ عَبْدِیَ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّنِی لَأُحِبُّ لِقَاءَهُ وَیَکْرَهُ الْمَوْتَ فَأَصْرِفُهُ عَنْهُ ».

وحیث أن التَّرَدُّدَ فی الأمر من الله محال لأنه من صفات المخلوقین احتیج فی الحدیث إلی التأویل ، وأحسن ما قیل فیه هو أن التَّرَدُّدَ وسائر صفات المخلوقین کالغضب والحیاء والمکر إذا أسندت إلیه تعالی یراد منها الغایات لا المبادئ ، فیکون المراد من معنی التَّرَدُّدِ فی هذا الحدیث إزاله کراهه الموت عنه ، وهذه الحاله یتقدمها أحوال کثیره من مرض وهرم وزمانه وفاقه وشده بلاء تهون علی العبد مفارقه الدنیا ویقطع عنها علاقته ، حتی إذا أیس منها تحقق رجاؤه بما عند الله فاشتاق إلی دار الکرامه فأخذ المؤمن عما تشبث به من حب الدنیا شیئا فشیئا بالأسباب التی أشرنا إلیها فضاهی

ص: 48

فعل التَّرَدُّدِ من حیث الصفه فعبر به عنه.

وَفِی حَدِیثِ الْفِطْرَهِ « یُعْطِی بَعْضَ عِیَالِهِ ثُمَّ یُعْطِی الْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ یُرَدِّدُونَهَا بَیْنَهُمْ » (1).

أی یکررونها علی هذه الصفه. و « یُرَدِّدُ علیه ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » ) أی یکررها. ولم یَرُدَّ علیه شیئا : أی لم یَرُدَّ علیه جوابا. واسْتَرَدَّهُ الشیءَ : سأله أن یرده علیه. و « المُرْتَدُّ » من ارْتَدَّ عن الإسلام إلی الکفر ، وهو نوعان فطری وملی.

وَفِی الْحَدِیثِ « کُلُّ مُسْلِمٍ بَیْنَ مُسْلِمِینَ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَجَحَدَ مُحَمَّداً صلی الله علیه وآله نُبُوَّتَهُ وَکَذَّبَهُ فَإِنَّ دَمَهُ مُبَاحٌ لِکُلِّ مَنْ سَمِعَ ذَلِکَ مِنْهُ ، وَامْرَأَتُهُ بَائِنَهٌ مِنْهُ ، فَلَا تَقْرَبْهُ ، وَیُقْسَمُ مَالُهُ عَلَی وَرَثَتِهِ ، وَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ عِدَّهَ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا زَوْجُهَا ، وَعَلَی الْإِمَامِ أَنْ یَقْتُلَهُ إِنْ أُتِیَ بِهِ إِلَیْهِ وَلَا یَسْتَتِیبَهُ ».

وفیه عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام « إِنَّ الْمُرْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ تُعْزَلُ عَنْهُ امْرَأَتُهُ وَلَا تُؤْکَلُ ذَبِیحَتُهُ وَیُسْتَتَابُ ثَلَاثاً فَإِنْ رَجَعَ وَإِلَّا قُتِلَ ».

قال الصدوق رحمه الله : یعنی ذلک المُرْتَدَّ الذی لیس بابن مسلمین.

وَعَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی الْمُرْتَدَّهِ عَنِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ : « لَا تُقْتَلُ وَتُسْتَخْدَمُ خِدْمَهً شَدِیدَهً وَتُمْنَعُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَّا مَا تُمْسِکُ بِهِ نَفْسَهَا وَتُلْبَسُ أَخْشَنَ الثِّیَابِ وَتُضْرَبُ عَلَی الصَّلَوَاتِ ».

وفِی حَدِیثٍ آخَرَ « لَمْ تُقْتَلْ وَلَکِنْ تُحْبَسُ أَبَداً ».

و « الرِّدَّهُ » بالکسر والتشدید : اسم من الِارْتِدَادِ. وأصحاب الرِّدَّهِ علی ما نقل کانوا صنفین صنف ارتدوا عن الدین وکانوا طائفتین : إحداهما أصحاب مسیلمه ، والأخری ارتدوا عن الإسلام وعادوا إلی ما کانوا علیه فی الجاهلیه واتفقت الصحابه علی قتالهم وسبیهم واستولد علی منهم الحنفیه ، والصنف الثانی لم یرتدوا عن الإیمان ولکن أنکروا فرض الزکاه وزعموا أن ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ ) خطاب خاص بزمانه صلی الله علیه وآله

ص: 49

علیه السلام فَقَالَ : یَا رُشَیْدُ کَیْفَ صَبْرُکَ إِذَا أَرْسَلَ إِلَیْکَ دَعِیُّ بَنِی أُمَیَّهَ فَقَطَعَ یَدَیْکَ وَرِجْلَیْکَ وَلِسَانَکَ؟ قُلْتُ : یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ آخِرُ ذَلِکَ الْجَنَّهُ؟ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام : یَا رُشَیْدُ أَنْتَ مَعِی فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَهِ. قَالَ : وَاللهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَیَّامُ وَاللَّیَالِی حَتَّی أَرْسَلَ إِلَیْهِ الدَّعِیُّ عُبَیْدُ اللهِ بْنُ زِیَادٍ فَدَعَاهُ إِلَی الْبَرَاءَهِ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ، فَأَبَی فَفَعَلَ بِهِ ذَلِکَ ، وَکَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ أَلْقَی إِلَیْهِ عِلْمَ الْبَلَایَا وَالْمَنَایَا ، فَکَانَ فِی حَیَاتِهِ إِذَا لَقِیَ الرَّجُلَ قَالَ لَهُ : یَا فُلَانُ تَمُوتُ بِمِیتَهِ کَذَا وَکَذَا وَتُقْتَلُ أَنْتَ یَا فُلَانُ بِقِتْلَهِ کَذَا وَکَذَا ، فَیَکُونُ کَمَا یَقُولُ رُشَیْدٌ. وَکَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَقُولُ لَهُ : أَنْتَ رُشَیْدُ الْبَلَایَا (1).

وهو لِرِشْدَهٍ - بکسر الراء والفتح لغه - أی صحیح النسب ، ولغیر رِشْدَهٍ بخلافه ، وعن الأزهری والفتح فی لِرَشْدَهٍ ولِزَنْیَهٍ أفصح من الکسر.

قوله : ( إِنَّ جَهَنَّمَ کانَتْ مِرْصاداً ) [ 78 / 21 ] أی معده لهم یَرْصُدُ بها خزنتها الکفار ، وقیل مِرْصاداً محبسا یحبس فیه الناس ، وقیل طریقا منصوبا للعاصین فهو مرورهم ومنهلهم. قوله : ( مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) [ 72 / 27 ] أی حفظه من الملائکه یحفظونه من الشیاطین یطردونهم ویعصمونه من وساوسهم. و « الرَّصَدُ » مثل الحرس اسم جمع لِلْمَرَاصِدِ. قال تعالی : ( یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ) [ 72 / 9 ] یعنی نجما أرصد به للرجم ، یقال رَصَدْتُهُ رَصْداً من باب قتل : إذا قعدت له علی طریقه تترقبه. والرَّصَدُ : الطریق ، والجمع أَرْصَادٌ مثل سبب وأسباب. قوله : ( وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ ) [ 9 / 107 ] أی ترقبا ، یقال أَرْصَدْتُ له الشیء : إذا جعلت له عده. والإِرْصَادُ فی الشر. وعن ابن الأعرابی رَصَدْتُ وأَرْصَدْتُ فی الخیر والشر جمیعا. قوله : ( وَاقْعُدُوا لَهُمْ کُلَ مَرْصَدٍ ) [ 9 / 5 ] هو کجعفر موضع الرصد والترقب ، وجمعه مَرَاصِدُ ، أی کونوا لهم رَصَداً.

وَ « أَخَذَ عَلَیْنَا بِالرَّصَدِ ».

أی الترقب وهو جمع رَاصِد.

وَفِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِ « مَنْ حَارَبَ لِی وَلِیّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِی ».

أی استند لمحاربتی. وفِیهِ « یَرْصُدُ بِشَاهِدَیْ عَدْلٍ ».

وفیه أیضا وقد ضربه علی أذنه قال « یَتَرَصَّدُ » أی یترقب. والتَّرَصُّدُ : الترقب. وفِیهِ : « لَا تَکُنْ ظَالِماً فَإِنَّ الظَّالِمَ رَصِیدٌ حَتَّی أُدِیلَ مِنْهُ الْمَظْلُومَ ».

أی مرصود. والرَّاصِدُ : الحافظ ، ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « ثَلَاثَمِائَهِ دِرْهَمٍ أَرْصَدَهَا لِشِرَاءِ خَادِمٍ ». أی حفظها

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله « إِنَّ اللهَ یُنْشِئُ السَّحَابَ فَیَنْطِقُ أَحْسَنَ النُّطْقِ وَیَضْحَکُ أَحْسَنَ الضَّحِکِ ، فَمَنْطِقُهُ الرَّعْدُ ، وَضَحِکُهُ الْبَرْقُ ».

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ « الرَّعْدُ مَلَکٌ اسْمُهُ الرَّعْدُ ، وَهُوَ الَّذِی یُسْمَعُ صَوْتُهُ ، وَالْبَرْقُ سَوْطٌ مِنْ نُورٍ یُزْجَرُ بِهِ السَّحَابُ » (1).

وفی کلام أهل اللغه الرَّعْدُ : صوت السحاب ، والبَرْقُ نور وضیاء یصحبان السحاب. والرَّعْدُ العاصف : الشدید الصوت. وتَرْعَدُ فَرَائِصُهَا : أی ترجف وتضطرب من الخوف. ورَعَدَتِ السماء رعدا من باب قتل ورُعُوداً : لاح فیها الرعد. وأَرْعَدَ القومُ إِرْعَاداً وأبرقوا : أصابهم رعد وبرق. وأَرْعَدَ الرَّجُلُ وأَبْرَقَ : إذا تهدد. ورَعَدَ الرجلُ رَعْداً : اضطرب. وارْتَعَدَتْ : اضطربت. وأَرْعَدَهُ فَارْتَعَدَ ، والاسم الرِّعْدَهُ بالکسر. و « قام بین یدیه فَأُرْعِدَ » بضم همزه وکسر عین : أی أخذته الرعده

باب ضرب : أعانه وأعطاه. و « الرِّفْدُ » اسم منه. و « أَرْفَدَهُ » مثله. و « رجاء رِفْدِکَ » أی رجاء عونک وعطاؤک. و « المانع رِفْدَهُ » أی عطاءه وصلته وعونه. والإرفاد : الإعطاء والإعانه. والِاسْتِرْفَادُ : الاستعانه.

هو صریح فی أن إِرَادَتَهُ نفس إیجاده للشیء ، ویشهد من الأحادیث عنهم علیه السلام ما صَحَّ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ : أَخْبِرْنِی عَنِ الْإِرَادَهِ مِنَ اللهِ أَوْ مِنَ الْخَلْقِ؟ فَقَالَ : الْإِرَادَهُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِیرُ وَمَا یَبْدُو لَهُمْ بَعْدَ ذَلِکَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا مِنَ اللهِ فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَیْر ، لِأَنَّهُ لَا یُرَوِّی وَلَا یَهُمُّ وَلَا یَتَفَکَّرُ ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِیَّهٌ عَنْهُ وَهِیَ صِفَاتُ الْخَلْقِ ، فَإِرَادَهُ اللهِ الْفِعْلُ لَا غَیْرُ ذَلِکَ ، یَقُولُ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ بِلَا لَفْظٍ وَلَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَلَا هِمَّهٍ وَلَا تَفَکُّرٍ وَلَا کَیْفَ لِذَلِکَ ، کَمَا أَنَّهُ لَا کَیْفَ لَهُ (1).

قوله : ( یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَ ) [ 18 / 77 ] أی هو مُتَهَیِءٌ للسقوط. والإِرَادَهُ : المشیئه. قال الجوهری وأصلها الواو [ لقولک راوده ] إلا أن الواو سکنت فنقلت حرکتها إلی ما قبلها فانقلبت فی الماضی ألفا وفی المستقبل یاء وسقطت فی المصدر لمجاورتها الألف الساکنه وعوض منها الهاء فی آخره - انتهی (2)و « المُرِیدُ » من صفاته تعالی صفات الفعل لا الذات ، لما رُوِیَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام لَمْ یَزَلِ اللهُ مُرِیداً؟ قَالَ : إِنَ الْمُرِیدَ لَا یَکُونُ إِلَّا لِمُرَادٍ مَعَهُ لَمْ یَزَلِ اللهُ عَالِماً قَادِراً ثُمَ أَرَادَ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ یَرْتَادَ مَوْضِعاً لِبَوْلِهِ » (3).

أی یطلب الموضع السهل اللین ، وذلک لئلا یرجع علیه رشاش البول.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی الصَّحَابَهِ « أَنَّهُمْ یَدْخُلُونَ رُوَّاداً وَیَخْرُجُونَ أَدِلَّهَ ».

أی یدخلون علیه طالبین للعلم ویخرجون أدله هداه للناس. و « الرُّوَّادُ » جمع رَائِدٍ ، مثل زائر وزوار ، وأصل الرَّائِدِ الذی یتقدم القوم یبصر لهم الکلأ ومساقط الغیث ، یقال رَادَ یَرُودُ رَوْداً ورِیَاداً. ومِنْهُ « الْحُمَّی رَائِدُ الْمَوْتِ » (4).

ص: 56

لشدتها علی التشبیه ، أی رسوله الذی یتقدم. و « المِرْوَدُ » بالکسر : آله معروفه یکتحل فیها ، والجمع المَرَاوِدُ والمیم زائده. وفی « رُوَیْدَکَ عَمْراً » قال الجوهری الکاف للخطاب لا موضع لها من الإعراب لأنها لیست باسم ، ورُوَیْدَ غیر مضاف إلیها ، وهو متعد إلی عمرو لأنه اسم سمی به الفعل یعمل عمل الأفعال. وتفسیر رُوَیْدَ مهلا وتفسیر رُوَیْدَکَ أمهل لأن الکاف إنما تدخله إذا کان بمعنی افعل دون غیره ، وإنما حرکت الدال لالتقاء الساکنین ونصبت نصب المصادر ، وهو مصغر مأمور به ، لأن تصغیر الترخیم من إرواد وهو مصدر أَرْوَدَ یُرْوِدُ ، وله أربعه أوجه : اسم للفعل ، وصفه ، وحال ، ومصدر. فالاسم نحو قولک « رُوَیْدَ عمرا » أی ارْوِدْ عمرا بمعنی أمهله ، والصفه نحو قولک « ساروا سیرا رُوَیْداً » ، والحال نحو قولک « سار القوم رُوَیْداً » لما اتصل بالمعرفه صار حالا لها ، والمصدر نحو قولک « رُوَیْدَ عمرٍو » کقوله عزوجل ( فَضَرْبَ الرِّقابِ ).

زُبْداً (1)و « الزَّبَادَهُ » دابه کالسنور یحلب منها الطیب. والزَّبَادُ : الطیب ، وهو وسخ یجتمع تحت ذنبها علی المخرج تمسک الدابه وتمنع الاضطراب ویسلت ذلک الوسخ المجتمع هناک بلیطه أو بخرقه. و « زُبَیْدَهُ » امرأه الرشید بنت جعفر بن المنصور (2).

وعاء من أدم ، ومنه قولهم « کان فی مِزْوَدَتِی تمر ». وفی قَوْلِهِ علیه السلام « فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِکُمْ الْجِنِّ ».

دلاله علی أنهم یأکلون.

بابن أبیه عائشه حین سئلت لمن یدعی.

رُوِیَ أَنَّهُ تَکَلَّمَ یَوْماً بِحَضْرَهِ عُمَرَ فَأَعْجَبَ الْحَاضِرِینَ کَلَامَهُ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِلَّهِ أَبُوهُ لَوْ کَانَ قُرَشِیّاً لَسَاقَ الْعَرَبُ بِعَصَاهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ : وَاللهِ إِنَّهُ لَقُرَشِیٌّ ، وَلَوْ عَرَفْتَهُ لَعَرَفْتَ أَنَّهُ خَیْرٌ مِنْ أَهْلِکَ. فَقَالَ : وَمَنْ أَبُوهُ؟ فَقَالَ : أَنَا وَاللهِ وَضَعْتُهُ فِی رَحِمِ أُمِّهِ. فَقَالَ : هَلَّا تَسْتَلْحِقُهُ؟ فَقَالَ : أَخَافُ هَذَا الْجَالِسَ أَنْ یَخْرِقَ عَلَیَّ إِهَابِی - یَعْنِی عُمَرَ -.

ورُوِیَ أَنَّهُ دَعَاهُ مُعَاوِیَهُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَجَعَلَهُ أَخَاهُ وَأَلْحَقَهُ بِأَبِیهِ وَصَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَ أَنْ کَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام.

ومِنْ قِصَّتِهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام کَانَ وَلَّی زِیَاداً فَارِسَ ، فَلَمَّا قُتِلَ عَلِیٌّ علیه السلام وَبُویِعَ الْحَسَنُ علیه السلام بَعَثَ مُعَاوِیَهُ إِلَی زِیَادٍ یُهَدِّدُهُ ، فَخَطَبَ زِیَادٌ : ابْنَ آکِلَهِ الْأَکْبَادِ یُهَدِّدُنِی وَبَیْنِی وَبَیْنَهُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ ، فَلَمَّا بَایَعَ الْحَسَنُ مُعَاوِیَهَ أَهَمَّهُ أَمْرُ زِیَادٍ لِتَحَصُّنِهِ بِقِلَاعِ فَارِسَ ، فَأَرْسَلَ الْمُغِیرَهَ إِلَیْهِ فَتَلَطَّفَ مَعَهُ حَتَّی أَقْدَمَهُ عَلَی مُعَاوِیَهَ ، فَعَرَضَ عَلَیْهِ الْخِلَافَهَ ثَانِیَهً فَأَبَی فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ جُوَیْرِیَهَ بِنْتَ أَبِی سُفْیَانَ فَنَشَرَتْ شَعْرَهَا بَیْنَ یَدَیْهِ وَقَالَتْ : أَنْتَ أَخِی أَخْبَرَ بِهِ أَبِی فَعَزَمَ عَلَی قَبُولِ الدَّعْوَهِ ، فَأَخْرَجَهُ مُعَاوِیَهُ إِلَی الْجَامِعِ وَأَحْضَرَ زِیَادٌ أَرْبَعَهَ شُهُودٍ بِزِنَا أَبِی سُفْیَانَ بِأُمِّهِ سُمَّیَهَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : یَا مُعَاوِیَهُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، فَشَتَمَهُ مُعَاوِیَهُ وَأَنْفَذَ الشَّهَادَهَ وَحَکَمَ بِنَسَبِهِ وَوَلَّاهُ الْبَصْرَهَ.

و « آل زِیَادٍ » فرقه من الخوارج الذین خرجوا علی الحسین بن علی علیه السلام فقاتلوه وقتلوه. و « الزِّیْدِیَّهُ » من قال بإمامه زید بن علی بن الحسین علیه السلام ، وهؤلاء یقولون بإمامه کل فاطمی عالم صالح ذی رأی یخرج بالسیف.

وَزَیْدُ بْنِ عَلِیٍّ هَذَا قُتِلَ وَصُلِبَ بِالْکُنَاسَهِ مَوْضِعٌ قَرِیبٌ مِنَ الْکُوفَهِ ، وَقَدْ نَهَاهُ الْبَاقِرُ علیه السلام عَنِ الْخُرُوجِ وَالْجِهَادِ فَلَمْ یَنْتَهِ فَصَارَ إِلَی ذَلِکَ.

واختلفت الروایات فی أمره : فبعضها یدل علی ذمه بل کفره لدعواه الإمامه بغیر حق ، وبعضها یدل علی علو قدره وجلاله شأنه ، فجمع بین الذم والمدح

ص: 60

بحمل النهی عن الخروج علی التقیه أو أنه لیس نهی تحریم بل شفقه وخوف علیه ، وأما غیره ممن خرج بالسیف من أهل البیت کیحیی بن زید ومحمد وإبراهیم فظاهر حالهم مخالفه الأئمه ، وما صدر منهم علیه السلام من الحزن والبکاء لیس فیه دلاله علی خیریتهم لاحتمال أن یکون شفقه علیهم لضلالتهم أو لهتک حرمه أهل البیت. و « زَیْدُ بن صوحان » تقدم ذکره فی صوح. و « زَیْدُ بن أرقم » من الجماعه السابقین الذین رجعوا إلی أمیر المؤمنین علیه السلام - قاله الفضل بن شاذان - کذا فی الخلاصه للعلامه (1). وروی زَیْدُ عن النبی صلی الله علیه وآله وأمیر المؤمنین والحسن والحسین علیه السلام - کذا ذکره الشیخ بهائی فی حواشی الخلاصه.

وَ « زَیْدُ بْنُ حَارِثَهَ » وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی کَلْبٍ سُبِیَ فِی الْجَاهِلِیَّهِ فَاشْتَرَاهُ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ لِعَمَّتِهِ خَدِیجَهَ ، فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله وَهَبَتْهُ لَهُ. وَقِیلَ بَلِ اشْتَرَاهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله بِسُوقِ عُکَاظٍ وَأَسْلَمَ ، فَقَدِمَ أَبُوهُ حَارِثَهُ مَکَّهَ وَاسْتَشْفَعَ بِأَبِی طَالِبٍ إِلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله فِی أَنْ یَبِیعَهُ مِنْهُ ، فَقَالَ هُوَ حُرٌّ فَلْیَذْهَبْ زَیْدٌ حَیْثُ شَاءَ ، فَأَبَی زَیْدٌ أَنْ یُفَارِقَ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله ، فَقَالَ أَبُوهُ : یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ اشْهَدُوا أَنَّهُ لَیْسَ بِابْنِی. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله : اشْهَدُوا أَنَ زَیْداً ابْنِی ، فَکَانَ یُدْعَی زَیْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، فَلَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله زَیْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ وَکَانَتْ تَحْتَ زَیْدٍ قَالَتِ الْیَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ : تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ امْرَأَهَ ابْنِهِ وَهُوَ یَنْهَی النَّاسَ عَنْ ذَلِکَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِیهِ آیَهً.

ص: 61

الحاج فیها وإن لم یرض أهلها ، فعلی الأول یجوز وعلی الثانی لا یجوز ، لقوله تعالی : ( سَواءً الْعاکِفُ فِیهِ وَالْبادِ ) وضعف الثانی بأنه علی تقدیر صحه النقل التسمیه مجاز والأصل الحقیقه.

قَوْلُهُ : ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَی التَّقْوی ) [ 9 / 108 ] قِیلَ هُوَ مَسْجِدُ قُبَا ، وَقِیلَ مَسْجِدُ الْمَدِینَهِ الْمُشَرَّفَهِ.

وعن الزجاج کل موضع یتعبد فیه. قوله : ( وَأَقِیمُوا وُجُوهَکُمْ عِنْدَ کُلِ مَسْجِدٍ ) [ 7 / 29 ] یرید القبله.

وَفِی الْحَدِیثِ « هَذِهِ مَسَاجِدُ مُحْدَثَهٌ فَأُمِرُوا أَنْ یُقِیمُوا وُجُوهَهُمْ ( شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) » (1).

قوله : ( فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَنَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ ) [ 15 / 29 ] قال بعض المفسرین : اتفق الناس کلهم علی أن سُجُودَهُمْ لآدم لم یکن سجود عباده لأنها لغیر الله کفر ، لکن قال بعضهم : إن آدم کان کالقبله والسُّجُودُ لله تعالی ، وتکون اللام کما فی قول الشاعر فی حق علی علیه السلام :

ألیس أول من صلی لقبلتکم

أی إلی قبلتکم ، وقیل کان السُّجُودُ تعظیما لآدم فکان ذلک سنه الأمم السالفه فی تعظیم أکابرها. قوله تعالی : ( وَلِلَّهِ یَسْجُدُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَکَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) [ 13 / 15 ] قال الشیخ أبو علی : أی ینقادون لإحداث ما أراده فیهم من أفعاله شاءوا أو أبوا ، وینقاد له ظلالهم أیضا حیث یقصرون عن مشیته فی الامتداد والتقلص والفیء والزوال. قوله : ( وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ) [ 2 / 58 ] أی متطأمنین مخبتین وساجدین لله شاکرین. وقد تکرر فی الحدیث ذکر « السُّجُودِ » ، وهو فی اللغه المیل والخضوع والتطأمن والإذلال. وکل شیء ذل فقد سَجَدَ ، ومنه « سَجَدَ البعیر » إذا خفض رأسه عند رکوبه. وسَجَدَ الرجل : وضع جبهته علی الأرض.

ص: 63

ومنه الْخَبَرُ « کَانَ کِسْرَی یَسْجُدُ لِلطَّالِعِ ».

أی یتطأمن وینحنی ، والطَّالِعُ سهم یتجاوز الهدف من أعلاه ، یعنی کان یسلم لرامیه ویستسلم له. وقال الأزهری : معناه أنه کان یخفض رأسه إذا شخص سهمه وارتفع عن الرمیه لیتقوم السهم فیصیب وفی الشرع عباره عن هیئه مخصوصه ومنه سُجُودُ الصلاه ، والسَّاجِدُ هو الفاعل للسجود ، وقد یعبر به عن الصلاه کما

رُوِیَ أَنَّ رَجُلاً أَتَی رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله فَقَالَ : ادْعُ اللهَ أَنْ یُدْخِلَنِی الْجَنَّهَ. فَقَالَ لَهُ : أَعِنِّی بِکَثْرَهِ السُّجُودِ.

وَ « السَّجَّادُ » لَقَبُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام ، سُمِّیَ بِهِ لِکَثْرَهِ سُجُودِهِ ، لِمَا رُوِیَ مِنْ أَنَّهُ کَانَ علیه السلام یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَاللَّیْلَهِ أَلْفَ رَکْعَهٍ.

و « السَّجَّادَهُ » بالفتح والتشدید : الخمره التی یسجد علیها.

وَقَوْلُهُ فِی حَدِیثٍ الشَّمْسُ « تَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ.

یرید تشبیهها بالساجد عند الغروب وإلا فلا جهه له تسجد إلیها. وفِی حَدِیثٍ آخَرَ « فَإِذَا غَابَتِ انْتَهَتْ إِلَی حَدِّ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَلَمْ تَزَلْ سَاجِدَهً إِلَی الْغَدِ » (1).

قال فی النهایه : بُطْنَانُ العرش وسطه. قال بعض الأعلام : کان المراد وصولها إلی دائره نصف النهار ، فإنها حینئذ تحاذی النقطه التی هی وسط العرش ، وقد استفید من کلام الصادق علیه السلام أَنَ السَّجْدَهَ قسمان طبیعیه وإرادیه ، ومن قبیل الأول سَجْدَهُ الشمس.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَعْنَی سُجُودِهَا مَا قَالَ سُبْحَانَهُ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَمَنْ فِی الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ )(2).

ویقال سَجَدَ سَجْدَهً بالفتح لأنها عدد. و « سِجْدَه طویله » بالکسر لأنها للنوع. و « سوره السَّجْدَه » تقرأ بالفتح. وسَجْدَهُ التلاوه فی القرآن فی خمسه عشر موضعا فی الأعراف والرعد والنمل وبنی إسرائیل ومریم والحج فی موضعین

ص: 64

والفرقان والنحل وص وانشقت والم تنزیل وفصلت والنجم واقرأ ، والأربعه الأخیره واجبه ، وهی التی یقال لها العزائم.

وَفِی الْحَدِیثِ « الصَّلَاهُ فِی مَسْجِدِی خَیْرٌ مِنْ کَذَا إِلَّا الصَّلَاهَ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّ الصَّلَاهَ فِیهِ خَیْرٌ مِنَ الصَّلَاهِ فِی مَسْجِدِی » (1).

أراد به المَسْجِدَ المخصوص به الذی به کان فی زمنه صلی الله علیه وآله دون ما زید فیه بعده. وقَوْلُهُ : « جُعِلَتْ لِیَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً » (2).

کأنه للرد علی من قبلنا لأنه إنما أبیح لهم الصلاه فی مواضع مخصوصه کالبیع والکنائس ، وقیل کانوا لا یصلون إلا فیما یتیقنون طهارته من الأرض ، وکذا لم یجز لهم التیمم إلا فیما یتیقنون طهارته ، ونحن نصلی فی جمیعها إلا فیما نتیقن نجاسته. والمَسْجِدَانِ : مسجد مکه والمدینه. و « المَسْجِدُ » فتحا وکسرا : بیت الصلاه. قال الفراء : کل ما کان علی فَعَلَ یَفْعُلُ مفتوح العین فی الماضی مضمومها فی المضارع مثل دَخَلَ یَدْخُلُ فالمفعل بالفتح اسما کان أو مصدرا ، ولا یقع فیه الفرق إلا أحرفا من الأسماء ألزموها کسر العین ومن ذلک المَسْجِدِ والمَطْلِعِ والمَغْرِبِ والمَشْرِقِ والمَجْزِرِ والمَسْکِنِ والمَسْقِطِ والمَفْرِقِ والمَرْفِقِ والمَنْبِتِ والمَنْسِکِ ، فجعلوا الکسر علامه للاسم وربما فتحه بعض العرب فی الاسم ... إلی أن قال : والفتح فی کله جائز وإن لم نسمعه ، وما کان من باب فَعَلَ یَفْعِلُ - یعنی مفتوحا فی الماضی مکسورا فی المضارع - مثل جَلَسَ یَجْلِسُ فالموضع بالکسر والمصدر بالفتح للفرق بینهما ، تقول نزل مَنْزَلاً ، ترید نزل نزولا ، وهذا مَنْزِلُهُ فتکسر لأنک تعنی الدار.

وقوله ( لْیَقُولُوا قَوْلاً سَدِیداً ) أی صوابا عدلا موافقا للشرع والحق ، وقیل فلیخاطبوا الیتامی بخطاب حسن وقول جمیل. و « السَّدَادُ » بالفتح : الصواب من القول والفعل. وأَسَدَّ الرجلُ : جاء بالسداد. وسَدَّ یَسُدُّ من باب ضرب یضرب سُدُوداً : أصاب فی قوله وفعله ، فهو سَدِیدٌ قوله : ( وَجَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ) [ 36 / 9 ] السَّدُّ بالفتح والضم : الجبل والردم ، ومنه « سَدُّ الرَّوْحَاءِ » و « سَدُّ الصَّهْبَاءِ » وهما موضعان بین مکه والمدینه ، و « سَدُّ ذی القرنین » قیل أی جعلهم کالحائط بین سدین لا یبصرون ما بین أیدیهم وما خلفهم ، یرید لا تأمل لهم ولا استبصار لجعلهم مغلولین مقموحین فی أنهم لا یلتفتون إلی الحق ولا یعطون أعناقهم ، وعن بعض العارفین کنی بِالسَّدِّ عن الغفله من الذنوب وقله الندم علیها والاستغفار منها ونحوه. قوله : ( حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ ) [ 18 / 93 ] أی الجبلین اللذین سد ذو القرنین ما بینهما ، قرئ بالضم والفتح ، وقیل ما کان من عمل العباد فهو مفتوح وما کان من خلق الله فهو مضموم کالجبل لأنه فعل بمعنی مفعول.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام « سَدِّدْ وَقَارِبْ ».

ومعناه اقتصد فی الأمور کلها ، من قولهم سَدَّدَ الرجلُ : إذا لزم الطریقه المستقیمه ، وقارب من المُقَارَبَه أیضا ، وهی القصد فی الأمر الذی لا غلو فیه ولا تقصیر ، والمراد طلب الإصابه فیما یتوجه إلی الله تعالی والأخذ بما لا إفراط فیه ولا تفریط. ومثله وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْإِزَارِ؟ فَقَالَ : « سَدِّدْ وَقَارِبْ ».

ومعناه اعمل به شیئا لا یعاب علیک فعله فلا تفرط فی إرساله ولا تشمره. ومثله حَدِیثُ « قَارِبُوا وَسَدِّدُوا ».

أی اطلبوا بأعمالکم الاستقامه والسداد. قال فی المجمل « السَّدَادُ » بالفتح : الاستقامه ، ومِنْهُ « مَنْ یَعْصِی اللهَ یُخْطِئُ السَّدَادَ » - انتهی. وقیل معناه لا تبلغوا النهایه فی

ص: 66

استیعاب الأوقات کلها بل اغتنموا أوقات نشاطکم أول النهار وآخره بعض اللیل ، وارحموا أنفسکم فیما بینهما کیلا ینقطع بکم « تبلغوا المنزل » أی مقصدکم. وقَوْلُهُ : « حَتَّی یُصِیبُ سِدَاداً مِنْ عَیْشٍ ».

أی ما یکفی حاجته.

وَ « سَدَّدَ فِی رِمْیَتِهِ ».

أی بالغ فی تصویبها وإصابتها. وقَوْلُهُ : « لَا بَأْسَ بِذَبْحِ الْأَعْمَی إِذَا سَدَّدَ ».

أی صوب فی ذبحه. وسَدَدْتُ الثلمه ونحوها سَدّاً - من باب قتل - : أصلحتها وأوثقتها.

وَفِی حَدِیثِ مَنْ تَرَکَ الْجِهَادَ رَغْبَهً عَنْهُ « ضُرِبَ عَلَی قَلْبِهِ بِالْأَسْدَادِ » (1).

وهی جمع سَدّ ، یقال ضَرَبَتْ عَلَیْهِ الأَرْضُ بِالْأَسْدَادِ : سُدَّتْ علیه الطریقُ وعَمِیَتْ علیه مذاهبُهُ. وسَدَدْتُ علیه بابَ الکلامِ : إذا منعته منه. و « السِّدَادُ » بالکسر : کلما سَدَدْتَ به خللا ، وبه سمی سِدَادُ الثغر ونحوه. و « السُّدَّهُ » بالضم والتشدید کالصُّفَّه أو کالسقیفه فوق باب الدار لیقیها من المطر ، وقیل هی الباب نفسه ، وقیل هی الساحه بین یدیه. ومنه « سُدَّهُ أَشْجَع » اسم موضع. وأَشْجَعُ بنُ ریث بن غطفان.

وَفِی حَدِیثِ أُمِّ سَلَمَهَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَائِشَهَ لَمَّا أَرَادَتِ الْخُرُوجَ إِلَی الْبَصْرَهِ « إِنَّکِ سُدَّهٌ بَیْنَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله وَبَیْنَ أُمَّتِهِ فَمَتَی أُصِیبَ ذَلِکَ الْبَابُ بِشَیْءٍ فَقَدْ دُخِلَ عَلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله فِی حَرِیمِهِ » - الحدیث.

وَفِی الْخَبَرِ « لَا یُصَلِّی فِی سُدَّهِ الْمَسْجِدِ ».

أی الظلال التی حوله. والسُّدَّهُ : داء یأخذ بالأنف یمنع تَنَسُّمَ الریح ، وکذلک السُّدَادُ کعطاس. و « السُّدِّیُ » هو نسبه لإسماعیل السُّدِّیِ المشهور (2). قال الجوهری : لأنه کان یبیع المقانع والخمر فی سده فی مسجد

ص: 67

الکوفه ، وهی ما یبقی من الطاق المسدود. وجمع السُّدَّهِ سُدَد مثل غرفه وغرف. وفی میزان الاعتدال (1)المعتبر عندهم : إسماعیل السُّدِّیُ شیعی صدوق لا بأس به ، وکان یشتم أبا بکر وعمر وهو السُّدِّیُ الکبیر ، والصغیر ابن مروان (2)و التَّسْدِیدُ : التوفیق للسَّدَادِ ، وهو الصواب من القول والعمل ، ومنه « اللهم سَدِّدْنَا ». ورجل مُسَدِّدٌ بالکسر : إذا کان یعمل بالسداد والقصد. والمُسَدِّدُ أیضا : المقوم ، وبالفتح المقوم علی صیغه اسم المفعول.

والسَّعْدَانُ : نبت ذو شوک عظیم مثل الحسک من کل الجوانب ، وهو من جید مراعی الإبل تسمن علیه. ومنه المثل « مَرْعًی وَلَا کَالسَّعْدَانِ » (1)

إخبارا عما أکرمه الله تعالی به من الفضل والسؤدد ، وتحدثا بنعمه الله تعالی عنده ، وإعلاما لأمته لیکون إیمانهم به علی حسبه وموجبه ، ولهذا أتبعه بقوله « ولا فخر » أی إن هذه الفضیله نلتها کرامه من الله ولم أنلها من قبل نفسی ولا بلغتها بقوتی ، فلیس لی أن أفتخر بها.

وَفِی حَدِیثِ الْحَسَنَیْنِ « أَنْتُمَا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّهِ ».

أی أفضل من مات شابا فی سبیل الله من أصحاب الجنه ، ولم یرد به سن الشباب لأنهما علیه السلام ماتا وقد کهلا ، أو أنهما سَیِّدَا شباب أهل الجنه فإن أهلها کلهم شباب. والسَّوَادُ لون معروف یضاد البیاض.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ لَا تُسَوِّدْ وَجْهِی یَوْمَ تَبْیَضُّ فِیهِ الْوُجُوهُ ».

المراد بِسَوَادِ الوجه هنا الحقیقه أو الکنایه عن الخجل والکآبه والوجل - کما قاله المفسرون فی قوله تعالی ( یَوْمَ تَبْیَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) وسَوَادُ الکوفه : نخیلها وأشجارها ، ومثله « سَوَادُ العراق » سمی بذلک لخضره أشجاره وزرعه وحَدُّهُ طُولاً من حدیثه الموصل إلی عبادان ، وعرضاً من العذیب إلی حلوان ، وهو الذی فتح علی عهد عمر ، وهو أطول من العراق بخمسه وثلاثین فرسخا - کذا نقلا عن المغرب.

وَفِی الْحَدِیثِ سُئِلَ عَنِ السَّوَادِ مَا مَنْزِلَتُهُ؟ فَقَالَ : هُوَ لِجَمِیعِ الْمُسْلِمِینَ.

و « سَوَادُ خیبر وبیاضها » أرضها ونخلها کما جاءت به الروایه عنهم علیه السلام. والسَّوَادُ المخترم فی قَوْلِ الْقَائِلِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْنِی مِنَ السَّوَادِ الْمُخْتَرَمِ » (1).

عند رؤیه الجنازه یحتمل أن یراد به الشخص وأن یراد به عامه الناس. والمُخْتَرَم بالخاء المعجمه والراء المهمله الهالک ، والمعنی الحمد لله الذی لم یجعلنی من الهالکین.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ فِی صِفِّینَ « الْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ » (2).

ص: 72

أی الفرقه المحقه والعدد الکثیر الذین فیهم حجه فإجماعهم حجه ، تَمَامُ الْحَدِیثِ « وَإِیَّاکُمْ وَالْفُرْقَهَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّیْطَانِ کَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ ».

وفِی نَقْلٍ آخَرَ « عَلَیْکُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ » (1).

أی بقتالهم ، یعنی بجماعه أهل الشام لأنه کان حول معاویه یومئذ علی ما نقل مائه ألف ، کانوا تعاهدوا علی أن لا ینفرجوا عنه حتی یقتلوا. و « قَوْمٌ آمَنُوا بِسَوَادٍ عَلَی بَیَاضٍ ».

یعنی بما فی الکتب مسطور. وسَوَادُ الإِنْسَانِ : شخصه ، ومنه قولهم « لَا یُفَارِقُ سَوَادِی سَوَادَهُ ». وسَوَادُ القلب : حبته ، وکذلک سُوَیْدَاؤُهُ. ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « شَرِبُوا بِالْکَأْسِ الرَّوِیَّهِ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَتَمَکَّنَتْ مِنْ سُوَیْدَاءِ قُلُوبِهِمْ وَشِیجَهُ خِیفَتِهِ » (2).

وَفِی الْحَدِیثِ « الْعُلَمَاءُ سَادَهٌ ».

یقال سَادَ یَسُودُ سِیَادَهً ، والاسم السُّؤْدَدُ ، وهو المجد والشرف فهو سَیِّدٌ والأنثی سَیِّدَهٌ ، ثم أطلق علی الموالی لشرفهم وإن لم یکن فی قومهم شرف ، والجمع سَادَهٌ وسَادَاتٌ.

وَفِی الْخَبَرِ « تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا ».

أی تعلموا العلم ما دمتم صغارا قبل أن تصیروا ساده منظورا إلیکم فتبقون جهالا وقیل قبل أن تزوجوا فتصیروا أرباب بیوت فتشغلوا بالزواج عن العلم ، من اسْتَادَ الرجلُ : تزوج فی ساده.

وَفِی حَدِیثِ شَاهِ الْهَدْیِ « یُسْتَحَبُّ أَنْ تَکُونَ سَمِینَهً تَنْظُرُ فِی سَوَادٍ وَتَمْشِی فِی سَوَادٍ وَتَبْرُکُ فِی مِثْلِهِ ».

أی أسود القوائم والمرابض والمحاجر.

وَفِی الْحَدِیثِ « اقْتُلُوا الْأَسْوَدَیْنِ فِی الصَّلَاهِ ».

یرید الحیه والعقرب ، والجمع الأَسَاوِدُ.

وَفِی حَدِیثِ سَلْمَانَ وَقَدْ بَکَی فِی مَرَضِهِ قَائِلاً « لَا أَبْکِی جَزَعاً مِنَ الْمَوْتِ أَوْ حُزْناً عَلَی الدُّنْیَا وَلَکِنْ لِحَدِیثٍ » وَلْیَکُنْ زَادُ أَحَدِکُمْ مِثْلَ زَادِ الرَّاکِبِ « وَهَذِهِ الْأَسَاوِدُ حَوْلِی » یُرِیدُ شُخُوصاً مِنْ مَتَاعٍ عِنْدَهُ وَلَمْ یَکُنْ عِنْدَهُ سِوَی مِطْهَرَهٍ وَإِجَّانَهٍ وَجَفْنَهٍ.

ص: 73

وَفِی حَدِیثِ الْحَجَرِ « سَوَّدَتْهُ خَطَایَا بَنِی آدَمَ ».

وفیه تخویف عظیم ، لأنه إذا أثرت فی الحجر فما ظنک فی تأثیرها فی القلوب. ویتم الکلام فی « حجر ».

وَفِی الْحَدِیثِ « أَرْسَلَ اللهُ مُحَمَّداً إِلَی الْأَبْیَضِ وَالْأَسْوَدِ ».

کأنه یرید إلی العرب والعجم. والأَسْوَدُ : الحیه العظیمه. ومِنْهُ « الْمُحْرِمُ یَقْتُلُ الْأَسْوَدَ الْغَدِرَ ».

والأَسْوَدَانِ : التمر والماء

وَفِی حَدِیثِ مَلَکَیِ الْقَبْرِ « فَأَتَاهُ مَلَکَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ ».

یحتمل أن یکون السَّوَادُ علی الحقیقه لما فی لون السواد من الهول والنکر ، ویحتمل الکنایه عن قبح المنظر وفضاعه الصوره. و « سُودَهُ بنت زمعه » زوجه النبی صلی الله علیه وآله (1)، وهی صاحبه الشاه التی

قَالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله فِیهَا « مَا کَانَ عَلَی أَهْلِهَا إِذَا لَمْ یَنْتَفِعُوا بِلَحْمِهَا أَنْ یَنْتَفِعُوا بِإِهَابِهَا ».

و « المُسَوِّدَهُ » بکسر الواو أی لابسی السواد ، ومنه الْحَدِیثُ « فَدَخَلَتْ عَلَیْنَا الْمُسَوِّدَهُ ».

یعنی أصحاب الدعوه العباسیه ، لأنهم کانوا یلبسون ثیابا سودا وعیسی بن موسی أول من لبس لباس العباسیین من العلویین ، استحوذ علیهم الشیاطین وأغمرهم لباس الجاهلیه. ومن أمثال العرب « مَا کُلُ سَوْدَاءَ تَمْرَهٌ وَلَا بَیْضَاءُ شَحْمَهٌ » قیل أول من قال ذلک عامر بن ذهل ، وله قصه مذکوره فی محلها. ویقال « کَلَّمْتُ فُلَاناً فَمَا رَدَّ عَلَیَ سَوْدَاءَ وَلَا بَیْضَاءَ » أی کلمه قبیحه ولا حسنه.

وَ « سُوَیْدُ بْنُ غَفَلَهَ » بِالْغَیْنِ الْمُعْجَمَهِ مِنْ رُوَاهِ الْحَدِیثِ شَهِدَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام فِی صِفِّینَ وَتَزَوَّجَ جَارِیَهً بِکْراً وَهُوَ ابْنُ مِائَهِ سَنَهٍ وَسِتَّهَ عَشَرَ سَنَهً وَافْتَضَّهَا ، وَکَانَ یَخْتَلِفُ إِلَیْهَا وَقَدْ أَتَتْ عَلَیْهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَهُ سَنَهٍ ، سَکَنَ الْکُوفَهَ وَمَاتَ بِهَا فِی

ص: 74

زَمَنِ الْحَجَّاجِ (1).

[ 28 / 35 ] أی سنقویک به ونؤیدک بأن نقرنه إلیک فی النبوه ، لأن العضد قوام الید. قوله : ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ ) [ 100 / 8 ] أی لأجل حبه المال. قوله : ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّکَ لَشَدِیدٌ ) [ 85 / 12 ] قال الشیخ أبو علی : یعنی ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّکَ ) یا محمد ( لَشَدِیدٌ ) یعنی أن أخذه بالعذاب إذا أخذ الظلمه والجبابره ألیم شدید ، وإذا وصف البطش - وهو الأخذ عنفا - بالشده فقد تضاعف مکروهه وتزاید إیلامه (1). والشَّدِیدُ فی قَوْلِهِ علیه السلام « هَوَّنَ عَلَی نَفْسِهِ الشَّدِیدَ ».

هو تسهیل شدائد الدنیا علی خاطره واستحقاره فی جنب ما یتصوره من الفرحه بلقاء الله ووعده ووعیده ، أو تسهیله لشدائد الآخره وتهوینه بالأعمال الصالحه. وشَدَّ الشیءَ یَشُدُّهُ بالضم : أوثقه ، ویَشِدُّهُ بالکسر أیضا. وشَدَّ اللهُ مُلْکَهُ وشَدَّدَهُ : قواه. والتَّشْدِیدُ ، خلاف التخفیف. واشْتَدَّ الشیءُ : من الشده. واشْتَدَّ النهارُ : علا وارتفع شمسه. و « شَدَدْتُهُ » من باب قتل : أوثقته. ومنه الْحَدِیثُ « رَجُلٌ رَاوِیَهٌ لِحَدِیثِکُمْ یَبُثُّ ذَلِکَ فِی النَّاسِ وَیُشَدِّدُهُ فِی قُلُوبِ شِیعَتِکُمْ ».

أی یقویه ویثبته. وفی بعض النسخ بالسین المهمله وکأنه أخذا من السداد وهو الصواب ، أی یصوبه فی قلوبهم وشَدَّ فی الحرب یَشِدُّ بالکسر : حمل علی العدو. وشیء شَدِیدٌ : بین الشده.

وَفِی الْخَبَرِ « لَا تَبِیعُوا الْحَبَّ حَتَّی یَشْتَدَّ ».

أراد بالحب الحنطه والشعیر واشْتِدَادُهُ قوته وصلابته. و « کَانَ یُشَدِّدُ فِی الْبَوْلِ ».

أی فی الاحتراز عنه.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا لِکَذَا ».

هو کنایه عن السفر ، أی لا یقصد موضع بنیه التقرب إلی الله إلا لکذا تعظیما لشأن المقصود ، وما سواه

ص: 76

فمتساو فی الفضل. ومِنْهُ « لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَی ثَلَاثَهِ مَسَاجِدَ ».

والمستثنی منه خصوص المسجد فلا یمتنع لزیاره صالح حی أو میت أو قریب أو طلب علم أو تجاره. و « شَدَّادُ بْنُ عَادٍ » ممن أمهل له فی عمره ، وکذا ثمود بن عمود وبلعم بن باعورا واشتد طغیانهم فی هذا الإمهال

الحق والدین ویکون الرسول مؤدیا للشرع وأحکام الدین إلیکم. قوله : ( وَیَتَّخِذَ مِنْکُمْ شُهَداءَ ) [ 3 / 140 ] أی یکرم أناسا منکم بالشهاده قوله : ( تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ ) [ 3 / 99 ] أی تشهدون وتعلمون أن نبوه محمد صلی الله علیه وآله حق قوله : ( وَیَقُولُ الْأَشْهادُ ) [ 11 / 18 ] یعنی من الملائکه والنبیین علیه السلام ، أو جوارحهم وجمع شَاهِد. قوله : ( فَاکْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِینَ ) [ 3 / 53 ] أی مع الأنبیاء الذین یشهدون لأممهم ، وقیل مع أمه محمد صلی الله علیه وآله لأنهم شهداء علی الناس. قوله : ( قُلْ أَیُّ شَیْءٍ أَکْبَرُ شَهادَهً ) [ 6 / 19 ] أی قل یا محمد لهؤلاء الکفار أی شیء أعظم شَهَادَهً وأصدق حتی انبیائکم به علی أنی صادق ، أو أی شیء أکبر شهاده حتی یشهد لی بالبلاغ وعلیکم بالتکذیب ، فإن قالوا الله وإلا ف ( قُلْ ) لهم ( اللهُ شَهِیدٌ بَیْنِی وَبَیْنَکُمْ ) یشهد لی بالرساله والنبوه ، وقیل یشهد لی بتبلیغ الرساله إلیکم وبتکذیبکم إیای. قوله : ( أَفَمَنْ کانَ عَلی بَیِّنَهٍ مِنْ رَبِّهِ ) أی برهان من الله وبیان حجه علی أن دین الإسلام حق وهو دلیل العقل ( وَیَتْلُوهُ ) أی یتبع ذلک البرهان شاهِدٌ [ 11 / 17 ] یشهد بصحته وهو القرآن ، وقیل البینه القرآن والشَّاهِدُ جبرئیل علیه السلام یتلو القرآن ، وقِیلَ ( أَفَمَنْ کانَ عَلی بَیِّنَهٍ مِنْ رَبِّهِ ) وَهُوَ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله وَالشَّاهِدُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَشْهَدُ لَهُ وَهُوَ مِنْهُ ، وَهُوَ الْمَرْوِیُّ عَنْ أَهْلِ الْبَیْتِ (1)

قَوْلُهُ : ( وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی مِثْلِهِ ) [ 46 / 10 ] هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ (2) لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله

ص: 78

الْمَدِینَهَ نَظَرَ إِلَی وَجْهِهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَیْسَ بِوَجْهِ کَذَّابٍ وَتَأَمَّلَهُ فَتَحَقَّقَ أَنَّهُ هُوَ النَّبِیُّ الْمُنْتَظَرُ ، وَقَالَ لَهُ : إِنِّی سَائِلُکَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا یَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِیٌّ : مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَهِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ یَأْکُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّهِ ، وَمَا بَالُ الْوَلَدِ یُنْزَعُ إِلَی أَبِیهِ أَوْ إِلَی أُمِّهِ؟ فَقَالَ علیه السلام : أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَهِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَی الْمَغْرِبِ ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ یَأْکُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّهِ فَزِیَادَهُ کَبِدِ حُوتٍ ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَهُ وَإِنْ سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَهِ نَزَعَتْهُ. فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّکَ رَسُولُ اللهِ حَقّاً. ثُمَّ قَالَ : یَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الْیَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ وَإِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِی قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ عَنِّی بَهَتُونِی عِنْدَکَ ، فَجَاءَتْ الْیَهُودُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله : أَیُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللهِ فِیکُمْ؟ فَقَالُوا : خَیْرُنَا وَابْنُ خَیْرِنَا وَسَیِّدُنَا وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ : أَرَأَیْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ؟ قَالُوا : أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِکَ ، فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ». فَقَالُوا : شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَانْتَقَصُوهُ. قَالَ : هَذَا مَا کُنْتُ أَخَافُ یَا رَسُولَ اللهِ وَأَحْذَرُ.

قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ : مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ یَقُولُ لِأَحَدٍ یَمْشِی عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّهِ إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ ، وَفِیهِ نَزَلَ ( وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی مِثْلِهِ ) کَذَا ذَکَرَهُ فِی الْکَشَّافِ (1)

قوله : ( وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها ) [ 12 / 26 ] قیل کان ابن عم لها وکان جالسا مع زوجها عند الباب ، وقیل کان ابن خال لها. قوله : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِیدَیْنِ مِنْ رِجالِکُمْ ) [ 2 / 282 ] قال المفسر : السین للطلب ، أی اطلبوا شهیدین ، والفرق بین الشَّاهِدِ والشَّهِیدِ أن الأول بمعنی الحدوث والثانی بمعنی الثبوت ، فإنه إذا تحمل الشهاده فهو شَاهِدٌ باعتبار حدوث تحمله ، فإذا ثبت تحمله لها زمانین أو

ص: 79

أکثر فهو شَهِیدٌ ، ثم یطلق الشَّاهِدُ علیه مجازا بعد تحمله تسمیه للشیء بما کان علیه ، کما یطلق الشَّهِیدُ قبل تحمله لها مجازا کما فی الآیه ، فإن الطلب إنما یکون قبل حصول المطلوب. قوله : ( شاهِدِینَ عَلی أَنْفُسِهِمْ بِالْکُفْرِ ) [ 9 / 17 ] لأنهم کانوا یقولون فی تلبیتهم « لبیک لا شریک لک إلا شریک هو لک تملکه وما ملک ». قوله : ( وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا ) [ 12 / 81 ] أی إلا بما عایناه من إخراج الصواع من رحله ، وإنما قالوا ذلک لأنهم شهدوا عند أبیهم ( إِنَّ ابْنَکَ سَرَقَ ) فاتهمهم علی ذلک. قوله : ( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) [ 3 / 18 ] قیل معناه بین وأعلم ، کما یقال شَهِدَ فلان عند القاضی أی بین وأعلم لمن الحق وعلی من هو. قوله : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْکُمُ الشَّهْرَ فَلْیَصُمْهُ ) [ 2 / 185 ] أی من کان حاضرا فی الشهر مقیما غیر مسافر فلیصم ما حضر وأقام فیه ، وانتصاب الشهر علی الظرف. والشَّاهِدُ : الحاضر. قوله ( أَلْقَی السَّمْعَ وَهُوَ شَهِیدٌ ) [ 50 / 37 ] أی استمع کتاب الله وهو شاهد القلب لیس بغافل ، وسیأتی معنی ( وَأَشْهَدَهُمْ عَلی أَنْفُسِهِمْ ) فی أخذ. قوله : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ ) [ 65 / 2 ] قیل هو أمر إرشاد لخوف تسویل النفس وانبعاث الرغبه فیها فتدعوه إلی الخیانه بعد الأمانه ، وربما یموت فیدعیها ورثته. وأَشْهَدْتُهُ واسْتَشْهَدْتُهُ بمعنی. قوله : ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا شَهادَهُ بَیْنِکُمْ ) [ 5 / 106 ] الآیه ، تقدم شرحه فی « وصا ». قوله : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً ) [ 17 / 78 ] قیل أی یشهده المسلمون یسمعون القرآن فیکثر الثواب.

وَعَنِ الصَّادِقِ علیه السلام « یَعْنِی صَلَاهَ الْفَجْرِ یَشْهَدُهَا مَلَائِکَهُ اللَّیْلِ وَمَلَائِکَهُ النَّهَارِ » (1).

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِ عَلِیٍّ علیه السلام

ص: 80

« مَضَیْتَ لِلَّذِی کُنْتَ عَلَیْهِ شَهِیداً وَمُسْتَشْهَداً وَمَشْهُوداً ».

والمراد من الشَّهِیدِ المعنی المعروف ، ومن المُسْتَشْهَدِ المطلوب منه الشهاده ، کأن الله أمره بها وطلبها منه ، ومن المَشْهُودِ الذی یشهد قتله الخلائق والملائکه کما فی قوله تعالی : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً ).

وَفِی حَدِیثِ ذِکْرِ الشَّهِیدِ « وَهُوَ مَنْ مَاتَ بَیْنَ یَدَیِ نَبِیٍّ أَوْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ أَوْ قُتِلَ فِی جِهَادٍ سَائِغٍ ».

قیل سمی بذلک لأن ملائکه الرحمه تشهده ، فهو شَهِیدٌ بمعنی مشهود. وقیل لأن الله وملائکته شهود له فی الجنه ، وقیل لأنه ممن استشهد یوم القیامه مع النبی صلی الله علیه وآله علی الأمم الخالیه ، وقیل لأنه لم یمت کأنه شَاهِدٌ أی حاضر ، أو لقیامه بشهاده الحق فی الله حتی قتل ، أو لأنه یشهد ما أعد الله له من الکرامه وغیره لا یشهدها إلی یوم القیامه ، فهو فعیل بمعنی فاعل. و « الشَّهِیدُ » من أسمائه تعالی ، وهو الذی لا یغیب عنه شیء. والشَّاهِدُ : الحاضر ، وفعیل من أبنیه المبالغه فی فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العلیم ، وإذا أضیف إلی الأمور الباطنه فهو الخبیر ، وإذا أضیف إلی الأمور الظاهره فهو الشَّهِیدُ وقد یعتبر مع هذا أن یشهد علی الخلق. ومنه قَوْلُهُ « وَشَهِیدُکَ یَوْمَ الدِّینِ ».

أی شاهدک علی أمته یوم القیامه.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا تُدْرِکُهُ الشَّوَاهِدُ ».

أراد بالشواهد الحواس لکونها تشهد ما تدرکه ،

« وَلَا تَحْوِیهِ الْمَشَاهِدُ ».

المحاضر والمجالس.

وَفِی الْخَبَرِ « سَیِّدُ الْأَیَّامِ یَوْمُ الْجُمُعَهِ وَهُوَ شَاهِدٌ ».

قیل أی یشهد لمن حضر صلاته.

وَ « الصَّلَاهُ مَشْهُودَهٌ مَکْتُوبَهٌ ».

أی یشهدها الملائکه ویکتب أجرها للمصلی. وشَهِدْتُ علی الشیء : اطلعت علیه وعاینته فأنا شَاهِدٌ ، والجمع أَشْهَادٌ وشُهُودٌ. وشَهِدْتُ العیدَ : أدرکته ، وشَاهَدْتُهُ مثل عاینته. وشَهِدْتُ المجلسَ : حضرته. وقولهم و « الشَّاهِدُ یری ما لا یری الغائب » أی الحاضر یعلم ما لا یعلمه الغائب.

ص: 81

قوله « وهو شَاهِدٌ فی بلده » أی حاضر. وشَهِدَ بکذا یتعدی بالباء لأنه بمعنی أخبر. و « أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله » یتعدی بنفسه لأنه بمعنی أعلم. وقد یستعمل « أَشْهَدُ » فی القسم نحو « أَشْهَدُ بالله لقد کان کذا » أی أقسم. والشَّهَادَهُ خبر قاطع ، والمعنی واضح. و « ذو الشَّهَادَتَیْنِ » خزیمه بن ثابت (1)حیث جعل رسول الله صلی الله علیه وآله شهادته بشهادتین وسماه بذلک. والمَشْهَدُ : محضر الناس ، ومنه المَشْهَدَانِ. والتَشَهُّدُ معروف ، ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « کَانَ یُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ کَمَا یُعَلِّمُنَا السُّورَهَ ».

والشَّهْدُ : العسل فی شمعها ، والجمع شِهَادٌ کسهم وسهام. و « شَهْدَانِجُ » ویقال « شَاهْ دَانِجُ » هو حب القنب ، قیل ینفع من حمی الربع والبهق والبرص ، ویقتل حب القرع أکلا ووضعا علی البطن من خارج

رسول الله صلی الله علیه وآله ( أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) أی بطل ما کان منهم مع رسول الله صلی الله علیه وآله من الجهاد والنصره (1).

وَرُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ : قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ وَفَاهِ رَسُولِ اللهِ فِی الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ بِصَوْتٍ عَالٍ ( الَّذِینَ کَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ : یَا أَبَا الْحَسَنِ لِمَ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ : قَرَأْتُ شَیْئاً مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ : قَدْ قُلْتَهُ لِأَمْرٍ. قَالَ : نَعَمْ إِنَّ اللهَ یَقُولُ فِی کِتَابِهِ ( ما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فَتَشْهَدُ عَلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَکْرٍ؟ قَالَ : مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ أَوْصَی إِلَّا إِلَیْکَ. قَالَ : فَهَلَّا بَایَعْتَنِی؟ قَالَ : أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَی أَبِی بَکْرٍ فَکُنْتُ مِنْهُمْ. فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام : کَمَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِجْلِ عَلَی الْعِجْلِ ، هَاهُنَا فُتِنْتُمْ ، وَمَثَلُکُمْ ( کَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَکَهُمْ فِی ظُلُماتٍ لا یُبْصِرُونَ. صُمٌّ بُکْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَرْجِعُونَ )(2).

قوله : ( یُسْقی مِنْ ماءٍ صَدِیدٍ ) [ 14 / 16 ] الصَّدِیدُ : قیح ودم ، وقیل هو القیح کأنه الماء فی رقته والدم فی شکله ، وقیل هو ما یسیل من جلود أهل النار. قوله : ( فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّی ) [ 80 / 6 ] أی تَتَصَدَّی ، من قولهم تَصَدَّیْتُ للأمر : تفرغت له ، وأصله تَصَدَّدْتُ فأبدل للتخفیف.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْمَصْدُودُ تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ ، وَالْمَحْصُورُ لَا تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ » (3).

والمراد بِالْمَصْدُودِ من صدّه المشرکون ومنعوه من الحج لیس من مرض کما رواه رسول الله صلی الله علیه وآله. والصَدُّ : الهجران والإعراض ، یقال

ص: 84

صَدَدْتُ عنه أی هجرته وأعرضت عنه

أن الصَّعِیدَ فی قوله : ( فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً ) أنه التراب الطاهر الذی علی وجه الأرض أو خرج من باطنها. قوله : ( صَعِیداً زَلَقاً ) [ 18 / 40 ] أی أرضا بیضاء یزلق علیها لملاستها. قوله : ( عَذاباً صَعَداً ) [ 72 / 17 ] أی شدیدا شاقا. والصَّعَدُ مصدر صَعَدَ ، وصف به العذاب لأنه یتصعد المعذب أی یعلوه ویغلبه فلا یطیقه. قوله ( سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ) [ 74 / 17 ] الصَّعُودُ بفتح الصاد : العقبه الشاقه ، وقیل إنها نزلت فی الولید بن المغیره لأنه یکلف فی القیامه أن یصعد جبلا من النار من الصخره ملساء ، فإذا بلغ أعلاها لم یترک أن یتنفس وجذب إلی أسفلها ثم یکلف مثل ذلک (1) قوله : ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ ) [ 3 / 153 ] الإِصْعَادُ : الابتداء فی السفر والانحدار : الرجوع. وقیل الإِصْعَادُ الذهاب فی الأرض والإبعاد سواء ذلک فی صعود أو حدور. قوله : ( کَأَنَّما یَصَّعَّدُ فِی السَّماءِ ) [ 6 / 125 ] شبهه مبالغه فی ضیق صدره بمن یزاول ما لا یقدر علیه ، فإن صُعُودَ السماء مثل فیما یبعد عن الاستطاعه وتضیق عنه المقدره ، ونبه به علی أن الإیمان ممتنع منه کما یمتنع علیه الصعود إلی السماء. وقرئ « یَصَّاعَدُ » أی یتصاعد. وفی تفسیر الشیخ علی بن إبراهیم ( کَأَنَّما یَصَّعَّدُ فِی السَّماءِ ). قال : یکون مثل شجره حولها أشجار کثیره فلا تقدر أن تلقی أغصانها یمنه ویسره ، فتمر فی السماء فتسمی حرجه فضرب بها مثل (2) قوله : ( إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ ) [ 35 / 10 ] أی یقبله ، لأن کلما یتقبل الله من الطاعات یوصف بالرفع والصعود ، ولأن الملائکه یکتبون أعمال بنی آدم ویرفعونها إلی حیث یشاء الله ، لقوله تعالی : ( إِنَّ کِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ )

وَفِی الْحَدِیثِ « یَجْمَعُ اللهُ الْأَوَّلِینَ وَالْآخِرِینَ فِی صَعِیدٍ وَاحِدٍ ». قیل هی

ص: 86

أرض واسعه مستویه. وفِیهِ « فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ ».

هو بضم الصاد وفتح المهملتین والمد : نوع من التنفس یصعده المتلهف الحزین ، وانتصابه کما قیل علی المفعول المطلق النوعی نحو « جلست القرفصاء ». والصَّعَدُ بفتحتین الصعود ضد الهبوط. ومنه الْحَدِیثُ « إِیَّاکُمْ وَالْجُلُوسَ فِی الصُّعُدَاتِ ».

یعنی الطرق ، أخذا من الصَّعِیدِ الذی هو التراب ، فإنه یجمع علی « الصُّعُدِ » بضمتین ، ثم « الصُّعُدَات » جمع الجمع کما تقول طریق وطرق وطرقات. وقیل المراد من الصُّعُدَاتِ فناء باب الدار وممر الناس بین یدیه.

وَفِی وَصْفِهِ علیه السلام « کَأَنَّمَا یَنْحَطُّ فِی صُعُدٍ ».

أی موضعا عالیا یصعد فیه وینحط. والمشهور « فی صبب » وقد مر (1) قال فی الدر هو بضمتین جمع صَعُود وهو خلاف الهبوط ، وبفتحتین خلاف الصبب. والصَّاعِدُ : المرتفع ، ومنه « شَرِّی إِلَیْکَ صَاعِدٌ ». ومنه حَدِیثُ الْأَمْوَاتِ « وَصَاعِدْ إِلَیْکَ أَرْوَاحَهُمْ ».

أی ارفعها إلیک إلی الجنه. وصَعِدَ فی السلم - من باب تعب - صُعُوداً والصَّعُودُ کرسول : خلاف الهَبُوطِ والجمع صَعَائِد وصُعُد مثل عَجُوز وعَجَائِز وعُجُز. و « اشْتَرَیْتُهُ بدرهم فَصَاعِداً » هو حال ، أی فزاد الثمر صاعدا

أو وهبته عبدا.

وَفِی حَدِیثِ لَیْلَهِ الْقَدْرِ « وَشَهْرُ رَمَضَانَ تُصَفَّدُ فِیهِ الشَّیَاطِینُ » (1).

أی تشد وتوثق بالأغلال ، هو إما حقیقه لیمتنعوا عن الإغواء والتشویش ، أو مجاز عن قله الإغواء ، والمراد أن الشیاطین لا یخلصون فی شهر رمضان لإفساد الناس کما یخلصون فی غیره من الشهور لاشتغالهم بصیام یقمع الشهوات وسائر العبادات.

وبالجمره القصوی وقد صَمَدُوا لها

یؤمون قذفا رأسها بالجنادل

وقول الزبرقان فی مدح رهیبه اسم رجل :

ولا رهیبه إلا سید صَمَدٌ

ومثله قول شداد بن معاویه فی حذیفه بن بدر :

علوته بحسام ثم قلت له

خذها حذیف فأنت السید

الصَّمَدُ ومثل هذا کثیر ، والله هو السید الصَّمَدُ الذی جمع الخلق من الجن والإنس یصمدون فی الحوائج ویلجئون إلیه فی الشدائد ، ومنه یرجون الرخاء ودوام النعمه والرفع عن الشدائد. والصَّمْدُ : القصد ، یقال صَمَدَهُ یَصْمُدُهُ صَمْداً : قصده. ومنه الدُّعَاءُ « اللهُمَّ إِلَیْکَ صَمَدْتُ مِنْ بَلَدِی ».

وَفِی حَدِیثٍ « فَصَمَدَ إِلَی جَدْی ». أی قصده.

وَمِنْ کَلَامِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی تَعْلِیمِ قَوْمِهِ الْحَرْبَ « فَصَمْداً صَمْداً حَتَّی یَتَجَلَّی لَکُمْ عَمُودُ الْحَقِّ » (1).

أی فاقصدوا قصدا بعد قصد. والصَّمَدُ : المکان المرتفع الغلیظ. وفِیهِ « إِذَا انْتَهَیْتَ إِلَی بِئْرِ مَیْمُونٍ أَوْ بِئْرِ عَبْدِ الصَّمَدِ فَاغْتَسِلْ ».

هی بئر قریبه إلی مکه فی طریقها.

أو محرما إلا ما استثنی. وقد تکرر الصَّیْدُ فی الحدیث اسما وفعلا ومصدرا ، یقال صَادَ یَصِیدُ صَیْداً فهو صَائِدٌ ومَصِیدٌ.

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله « ادْنُ فَاغْتَسِلْ مِنْ صَادٍ ».

قیل هو ماء یسیل من ساق العرش الأیمن.

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله أَنَّهُ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام « أَنْتَ الذَّائِدُ عَنْ حَوْضِی یَوْمَ الْقِیَامَهِ تَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ کَمَا یُذَادُ الْبَعِیرُ الصَّادُ ».

بمعنی الذی به الصَّیَدُ ، وهو داء یصیب الإبل فی رءوسها ولا تقدر أن تسوی أعناقها. وصَادَ الرجل الطائر : أی اصْطَادَهُ ، فالطیر مَصِیدٌ والرجل صَائِدٌ وصَیَّادٌ. والمِصْیَدَهُ بکسر المیم وسکون الصاد ، والمِصْیَدُ بحذف الهاء أیضا : آله الصید ، والجمع مَصَایِدُ بغیر همز. وکلب صَیُودٌ بالفتح ، وکلابٌ صُیُدٌ وصِیدٌ. ویسمی ما یصاد صَیْداً إما فعیل بمعنی مفعول ، وإما تسمیته بالمصدر. و « صَیْدَاءُ » بالمد اسم بلد (1)

« لا مُضَادَّ له فی ملکه ». والمُتَضَادَّانِ : اللذان لا یجتمعان کاللیل والنهار. وقولهم « لا ضِدَّ له ولا ضَدِیدَ » أی لا نظیر له ولا کفء له

الْآیَهَ (1).

وعَنْ سَلْمَانَ وَحُبَابٍ فِینَا نَزَلَتِ الْآیَهُ (2).

وَفِی الْخَبَرِ « التَّهَجُّدُ مَطْرَدَهُ الدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ ».

أی إنها حاله من شأنها إبعاد الداء ، وهی مفعله من الطرد ، یقال طَرَدَهُ : إذا أخرجه عن بلده. وطَرَدْتُ الرجل طَرْداً : إذا أبعدته ، فهو مَطْرُودٌ وطَرِیدٌ. ومُطَارَدَهُ الأقران فی الحرب : حمل بعضهم علی بعض. واطَّرَدَ الخافقان وهما المشرق والمغرب ، واطِّرَادُهُمَا بقاؤهما. والأنهار تَطَّرِدُ بالکسر والتشدید : أی تجری. ونهران یَطَّرِدَانِ : أی یجریان

تعبدونها الیوم وفی هذه الحال ( وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ) أی إلهی الذی أعبده الیوم وفی هذه الحال ( وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ ) فیما بعد الیوم ( وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ) بعد الیوم من الأوقات المستقبله. قال الزجاج نفی رسول الله صلی الله علیه وآله بهذه السوره عباده آلهتهم عن نفسه فی الحال وفیما یستقبل (1)

وَفِی الْحَدِیثِ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ وَتَکْرَارِهِ مَرَّهً بَعْدَ مَرَّهٍ ، فَلَمْ یَکُنْ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ فِی ذَلِکَ شَیْءٌ حَتَّی دَخَلَ الْمَدِینَهَ فَسَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِ علیه السلام عَنْ ذَلِکَ؟ فَقَالَ : کَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا وَتَکْرَارِهَا أَنَّ قُرَیْشاً أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله وَقَالُوا : تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَهً وَنَعْبُدُ إِلَهَکَ سَنَهً وَتَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَهً وَنَعْبُدُ إِلَهَکَ سَنَهً ، فَأَجَابَهُمُ اللهُ بِمِثْلِ مَا قَالُوا فَقَالَ فِیمَا قَالُوا تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَهً ( قُلْ یا أَیُّهَا الْکافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ) وَفِیمَا قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَکَ سَنَهً ( وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ) وَفِیمَا قَالُوا تَعْبُدُ آلِهَتَنَا ( وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ ) وَفِیمَا قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَکَ سَنَهً ( وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ) فَرَجَعَ الْأَحْوَلُ إِلَی أَبِی شَاکِرٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِکَ. فَقَالَ أَبُو شَاکِرٍ : هَذَا حَمَلَتْهُ الْإِبِلُ مِنَ الْحِجَازِ (2).

وَفِی حَدِیثِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام قَالَ : إِذَا قُلْتَ ( لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ) فَقُلْ : لَکِنِّی أَعْبُدُ اللهَ ( مُخْلِصاً لَهُ دِینِی ) ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا قُلْ : دِینِیَ الْإِسْلَامُ ثَلَاثاً (3).

قوله تعالی : ( بَلْ کانُوا یَعْبُدُونَ الْجِنَ ) [ 34 / 41 ] قال المفسرون : یریدون الشیاطین حیث أطاعوهم فی عباده غیر الله. قوله : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ ) [ 51 / 56 ] أی ما خلقتهم إلا لأجل العباده ولم أرد من جمیعهم إلا إیاها ، والغرض فی خلقهم تعریضهم للثواب ، وذلک لا یحصل إلا بأداء العبادات.

ص: 93

قوله : ( إِنْ کانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ ) [ 43 / 81 ] یعنی إن کنتم تزعمون للرحمن ولدا فأنا أول الجاحدین لما قلتم والآنفین ، من قولهم « عَبِدَ » إذا جحد وأنف. قوله : ( وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ ) [ 2 / 138 ] أی خاضعون أذلاء ، من قولهم « طریق مُعَبَّدٌ » أی مذلل قد عثر الناس فیه. قوله : ( إِیَّاکَ نَعْبُدُ ) [ 1 / 5 ] أی نخصک بالعباده ، وهی ضرب من الشکر وغایه فیه وکیفیه ، وهی أقصی غایه الخضوع والتذلل. قوله : ( أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ ) [ 26 / 22 ] أی اتخذتهم عبیدا لک ، قیل ومحل ( أَنْ عَبَّدْتَ ) رفع بأنه عطف بیان لتلک. ونظیره ( وَقَضَیْنا إِلَیْهِ ذلِکَ. الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ ) والمعنی تعبیدک بنی إسرائیل نعمه تمنها علی ، ویجوز أن یکون فی محل النصب والمعنی إنما صارت نعمه علی لأنک عبدت بنی إسرائیل. قوله : ( فَادْخُلِی فِی عِبادِی ) [ 89 / 29 ] أی فی حربی. و « العِبَادُ » فی الحدیث والقرآن جمع عَبْدٍ وهو خلاف الحر ، والعَبِیدُ مثله ، وله جموع کثیره والأشهر منها أَعْبُدٌ وعَبِیدٌ وعِبَادٌ. وحکی عن الأخفش عُبُد مثل سقف وسقف. قال الجوهری : ومنه قرأ بعضهم و « عُبُدَ الطَّاغُوتِ » وأضافه. قال الشیخ أبو علی فی قوله : ( وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ) قال الزجاج : هو نسق علی لعنه الله ، والتقدیر ومن لعنه الله ومن عبد الطاغوت. وقال الفراء : تأویله ( وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَهَ وَ ) من ( عَبَدَ الطَّاغُوتَ ) ، فعلی هذا یکون المفعول محذوفا ، وذلک لا یجوز عند البصریین ، والصحیح الأول. ثم قال : ولا تعلق فی هذه الآیه للمجبره لأنه أکثر ما تضمنته الأخبار بأنه خلق من یعبد الطاغوت علی قراءه حمزه وغیره ، ولا شبهه فی أنه تعالی خلق الکافر وأنه لا خالق للکافر سواه ، غیر أن ذلک لا یوجب أن یکون خلق الکفر وجعله کافرا ، ولیس لهم أن یقولوا إنا نستفید من قوله جعل منهم من عبد

ص: 94

الطاغوت أنه خلق ما به کان عابدا ، کما نستفید من قوله : ( وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَهَ وَالْخَنازِیرَ ) أنه جعل ما به کانوا کذلک ، وذلک لأن الدلیل قد دل علی أن ما به یکون القرد قردا والخنزیر خنزیرا لا یکون إلا من فعل الله ، ولیس کذلک ما یکون ما به یکون الکافر کافرا ، فإنه قد دل الدلیل علی أنه تعالی متعال عن فعله وخلقه ، فافترق الأمران.

وَفِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِ « إِنَّ مِنْ عِبَادِی مَنْ لَا یُصْلِحُهُ إِلَّا الْفَقْرُ ».

إلخ. قال بعض الأفاضل : الصناعه النحویه تقتضی أن یکون الموصول اسم إن والجار والمجرور خبرا ، لکن لا یخفی أنه لیس الغرض الإخبار عن الذی لا یصلحه إلا الفقر بعض العباد ، إذ لا فائده فیه بل الغرض بالعکس ، فالأولی أن یجعل الظرف اسم إن والموصول خبر. قال : وهذا وإن کان خلاف ما هو المتعارف من القوم ولکن جوز بعضهم مثله فی قوله ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْیَوْمِ الْآخِرِ ). و « العِبَادَهُ » بحسب الاصطلاح هی المواظبه علی فعل المأمور به ، والفاعل عَابِدٌ ، والجمع عِبَادٌ وعَبَدَهٌ مثل کافر وکفار وکفره ، ثم استعمل العَابِد فیمن اتخذ إلها غیر الله ، فقیل عَابِدُ الوثن وعَابِدُ الشمس. و « زَیْنُ العَابِدِینَ » هو علی بن الحسین علیه السلام. والتَّعَبُّدُ : التنسک ، ومِنْهُ « سَجَدْتُ لَکَ یَا رَبِ تَعَبُّداً وَرِقّاً » (1).

والعَبْدُ المُتَعَبِّدُ : الدائم علی العباده أی الخضوع والتذلل لله. قال المحقق الطوسی فی الأخلاق الناصریه : قال الحکماء عِبَادَهُ الله ثلاثه أنواع : الأول ما یجب علی الأبدان کالصلاه والصیام والسعی فی المواقف الشریفه لمناجاته جل ذکره. الثانی ما یجب علی النفوس کالاعتقادات الصحیحه من العلم بتوحید الله وما یستحقه من الثناء والتمجید والفکر فیما أفاضه الله سبحانه علی العالم من وجوده وحکمته ثم الاتساع فی هذه

ص: 95

المعارف. الثالث ما یجب عند مشارکات الناس فی المدن وهی فی المعاملات والمزارعات والمناکح وتأدیه الأمانات ونصح البعض للبعض بضروب المعاونات وجهاد الأعداء والذب عن الحریم وحمایه الحوزه - انتهی. وحقیقه العُبُودِیَّهِ هی کما فی حدیث عنوان ثلاثه أشیاء : أن لا یری العبد لنفسه فیما خوله الله ملکا لأن العَبِیدَ لا یکون لهم ملک بل یرون المال مال الله یضعونه حیث أمرهم الله ، ولا یدبر العَبْدُ لنفسه تدبیرا ، وجمله اشتغاله فیما أمره الله تعالی ونهاه عنه ، فإذا لم یر العبد فیما خوله الله ملکا هان علیه الإنفاق ، وإذا فوض العبد تدبیر نفسه إلی مدبرها هانت علیه مصائب الدنیا ، وإذا اشتغل العبد فیما أمره الله ونهاه لا یتفرغ منهما إلی المراء أو المباهات مع الناس ، فإذا کرم الله العبد بهذه الثلاث هانت علیه الدنیا والمسیس والخلق ، ولا یطلب الدنیا تفاخرا وتکاثرا ، ولا یطلب عند الناس عزا وعلوا ، ولا یدع أیامه باطله. فهذا أول درجه المتقین. و « العَبَادِیُ » بفتح العین والباء الموحده المخففه منسوب إلی عَبَادٍ اسم قبیله. و « العَبَادِیدُ » الفرق من الناس الذاهبون فی کل وجه ، وکذلک العَبَابِیدُ بالباء الموحده. و « عَبَّادَان » علی صیغه التثنیه بلد علی بحر فارس بقرب البصره شرقا. وعن الصنعانی عَبَّادَان جزیره أحاط بها شعبتا دجله (1). و « قیس بن عُبَادٍ » علی وزن غراب

ص: 96

من التابعین قتله الحجاج (1). و « أبو عُبَیْدَهَ » اسمه معمر بن المثنی البصری النحوی العلامه (2)، کان یعرف أنواعا من العلوم ، وکان مع معرفته بالشعر یکسر الشعر إذا أنشده ویلحق إذا قرأ القرآن وکان رأی رأی الخوارج ، وکان لا یقبل أحد من الحکام شهادته لأنه کان یتهم بالمیل إلی الغلمان. قال الأصمعی : دخلت أنا وأبو عبیده إلی المسجد وإذا علی الأسطوانه التی یجلس علیها أبو عبیده مکتوب :

صلی الإله علی لوط وشیعته

أبو عبیده قل بالله آمینا (3)

وعَبْدُ الله بن عمر قتله الحجاج بمکه (4) ، وله قصه مع یزید لعنه الله تدل علی سوء حاله. وعَبْدُ مناف کان له أربع بنین هاشم والمطلب وعَبْدُ شمسٍ ونوفل ، فأولاد المطلب مع أولاد هاشم کشیء واحد لم یفارق أحدهما الآخر فی جاهلیه ولا إسلام ، وأولاد عبد شمس ونوفل کانوا مخالفین. والعَبْدُ القِنُ : الذی ملک هو وأبوه

ص: 97

وعَبْدُ المَمْلَکَهِ الذی هو دون أبویه ، یقال عَبْدٌ قِنٌ وعَبْدَانِ قن وعَبِیدُ قن وقد یجمع علی أَقْنَانٍ وأَقِنَّهٌ و « العَبْدِیُ » منسوب إلی عَبْدِ قیس (1). و « العَبْدِیُ » أیضا منسوب إلی بطن من بنی عدی بن جناب من قضاعه - قاله الجوهری.

جمع مالا وقوما ذوی عَدَدٍ. قوله : ( فَسْئَلِ الْعادِّینَ ) [ 22 / 113 ] بتشدید الدال ، أی الحساب والمراد بهم الملائکه تعد الأنفاس. ومثله قوله ( نَعُدُّ لَهُمْ ) [ 19 / 84 ] یرید به عد الأنفاس کما جاءت به الروایه عن الصادقین علیه السلام (1). قوله : ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ ) [ 30 / 113 ] یعنی الجنه ، أی هیئت لهم. قوله : ( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِی وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَهُ أُعِدَّتْ لِلْکافِرِینَ ) [ 2 / 24 ] قال بعض الأعلام : یجوز أن تکون جمله أعدت صله ثانیه للتی. قوله : ( فَطَلِّقُوهُنَ لِعِدَّتِهِنَ ) [ 65 / 1 ] أی لزمان عدتهن ، والمراد أن یطلقن فی طهر لم یجامعوهن فیه وهو الطلاق لِلْعِدَّهِ لأنها تعتد بذلک من عدتها ، والمعنی لطهرهن الذی یحصینه من عدتهن ، وهو مذهب أهل البیت علیه السلام ، وقال النحاه : اللام هنا بمعنی فی ، أی طلقوهن فی عدتهن. قوله : ( وَلِتُکْمِلُوا الْعِدَّهَ ) [ 2 / 185 ] قال بعضهم : معناه أی شهر رمضان لا ینقص أبدا ، وقیل معناه ولتکملوا عده الشهر تاما کان أو ناقصا. قوله : ( إِنَ عِدَّهَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً ) [ 9 / 36 ] أی من غیر زیاده ولا نقصان. قوله : ( لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَیَّاماً مَعْدُوداتٍ ) قیل أی موقتات بعدد معلوم علی قدر عِبَادَهِ العجل وهی أربعون یوما. و « الأیام المَعْدُودَات » هی أیام التشریق. قوله : ( أَیَّاماً مَعْدُوداتٍ ) [ 2 / 184 ] قال بعض الأفاضل ( أَیَّاماً ) منصوب علی أنه ظرف لفعل مقدر یدل علیه الصیام ، أی صوموا أیاما ، لا أنه منصوب بالصیام کما قاله الزمخشری ، لأن المصدر إعماله مع اللام ضعیف والإضمار من محاسن الکلام. ومَعْدُوداتٍ قلائل فإن الشیء إذا کان قلیلا یعد وإذا کان کثیرا یهال هیلا. واختلف فیها فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَهٍ هِیَ هَاهُنَا ثَلَاثَهُ أَیَّامٍ مِنْ کُلِّ شَهْرٍ

ص: 99

وَیَوْمُ عَاشُورَاءَ ثُمَّ نُسِخَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ ، وَعَنْهُ أَیْضاً أَنَّهَا شَهْرُ رَمَضَانَ.

وبه قال الأکثر. قوله : ( دَراهِمَ مَعْدُودَهٍ ) [ 12 / 20 ] أی قلیله ، فإنهم کانوا یزنون ما بلغ الأوقیه ویعدون ما دونها ، قیل کانت عشرین درهما ، وقیل اثنین وعشرین درهما.

وَفِی الْخَبَرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِیَامَهِ مَتَی تَکُونُ؟ قَالَ : إِذَا تَکَامَلَتِ الْعِدَّتَانِ.

قال القتیبی معناه قاله عده أهل الجنه وعده أهل النار إذا تکاملت عند الله تعالی لرجوعهم إلیه ، فحینئذ قامت القیامه. قال الفارسی : ویحتمل أنه أراد بِالْعِدَّتَیْنِ عده حیاه الأحیاء من الحیوانات ثم مده موتهم التی هی العده فی علم الله تعالی.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا عِبْرَهَ فِی الْعَدَدِ ».

یعنی فی ثبوت الهلال فی شهر رمضان ، ومعناه عَدَدُ شعبان ناقصا أبدا وشهر رمضان تاما أبدا ، وقیل هو عد خمسه من هلال الماضی وجعل الخامس أو الحاضر وقیل عد شهر تاما وشهر ناقصا. وفِیهِ « مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ صُحْبَهَ الْمَوْتِ ».

أی من جعله من عمره. والعُدَّهُ : ما أعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح ونحو ذلک ، والجمع عُدَدٌ مثل غرفه وغرف. وأَعْدَدْتُهُ إِعْدَاداً : أی هیأته وأحضرته واسْتَعَدَّ له : تهیأ ، ومنه الِاسْتِعْدَادُ. واسْتَعِدُّوا للموت : أی أعدوا ، من استفعل بمعنی أفعل ، کما یقال استجاب بمعنی أجاب ، وتکون للطلب أی اطلبوا العده للموت. وفی الحدیث ذکر طَلَاق العِدَّهِ وهو أن یطلق ثم یراجع فی العده ویطأ ثم یطلق وهکذا ، وطَلَاقُ السُّنَّه وهو أن یطلق ثم یراجع ولا یطأ. وفی التهذیب ذکر تفسیرهما فی أول باب أحکام الطلاق (1)و عَدَدْتُ الشیء - من باب قتل - : أحصیته ، والاسم العَدَدُ والعَدِیدُ. والعَدَدُ : هو الکمیه المتألفه من الواحد فیختص بالمتعدد فی ذاته. قال فی المصباح : وعلی هذا فالواحد لیس بعدد لأنه غیر متعدد. وقال النحاه الواحد من العدد

ص: 100

لأنه الأصل المبنی منه ، ویبعد أن یکون أصل الشیء لیس منه.

ولا تؤذی.

ابن عباس (1) قوله : ( بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ ) [ 5 / 89 ] أی بتعقیدکم الأیمان ، وهو توثیقها بالقصد والنیه ، وقرئ عَقَدْتُمْ بالتخفیف وعَاقَدْتُمْ ، والمعنی ولکن یؤاخذکم بنکث ما عقدتم. قوله : ( وَالَّذِینَ عَقَدَتْ أَیْمانُکُمْ فَآتُوهُمْ نَصِیبَهُمْ ) [ 4 / 33 ] أی الذین عاهدت أیدیکم ، نسب العهد إلی الیمین لأن الرجل کان یمسح یده معاهده عند المعاهده ، یقال نزلت تأکیدا لعقد الولاء الثابت فی الجاهلیه ، فإنهم کانوا یتحالفون فیها فیکون للحلیف السدس ، ثم نسخ هذا بآیه أولی الأرحام. قال الشیخ أبو علی : قرأ أهل الکوفه عَقَدَتْ بغیر ألف والباقون عَاقَدَتْ بالألف (2)والمعنی والذین عاقدت حلفهم أیمانکم فحذف المضاف وأقیم المضاف إلیه مقامه ، ومن قال عَقَّدَتْ أَیْمَانُکمْ کان المعنی عقدت حلفهم أیمانکم ، فحذف الحلف وأقام المضاف إلیه مقامه ، والذین قالوا عَاقَدَتْ حملوا الکلام علی المعنی ، إذ کان لکل واحد من الفریقین یمین ، والذین قالوا عَقَدَتْ حملوا الکلام علی لفظ الأیمان ، لأن الفعل لم یستند إلی أصحاب الأیمان فی اللفظ وإنما استند إلی الأیمان. قوله : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِی الْعُقَدِ ) [ 113 / 4 ] هو بضم عین وفتح قاف جمع عُقْدَه ، وهذه العُقْدَهُ حقیقه من باب عقد النفاثات السواحر بأن یأخذن خیطا فیعقدن علیه عقده ویتکلمن علیه بالسحر.

وَفِی الْحَدِیثِ « مُشْتَرِی الْعُقْدَهِ مَرْزُوقٌ وَبَایِعُهَا مَحْرُومٌ ».

العُقْدَهُ بالضم الضیعه والعقار الذی اعتقده صاحبه ملکا ، والجمع عُقَدٌ کصرد. ومِنْهُ « کَانَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام لَا یَشْتَرِیَانِ عُقْدَهً ».

أی لا یبیعانها حتی یدخلا طعام سنه.

وَفِی الدُّعَاءِ « لَکَ مِنْ قُلُوبِنَا عَقْدُ النَّدَمِ ».

یرید عقد العزم علی الندامه ،

ص: 104

وهو تحقیق التوبه.

وَفِی حَدِیثِ الْجَارِیَهِ الْمُعْصِرِ « ثُمَ عَقَدَ بِیَدِهِ الْیُسْرَی تِسْعِینَ » ثُمَّ قَالَ : « تَسْتَدْخِلُ الْقُطْنَهَ ثُمَّ تَدَعُهَا مَلِیّاً ».

التسعون هی من الأعداد ، وهی بحساب الید عباره عن لف السبابه ووضع الإبهام بحیث لا یبقی بینهما إلا خلل یسیر ، وکأنه کنایه عن حفظ السر حفظا محکما کإحکام القابض علی تسعین ، لأن ما قبله من الکلام هکذا

« ثُمَّ نَهَدَ إِلَیَّ فَقَالَ : یَا خَلَفُ سِرُّ اللهِ سِرُّ اللهِ لَا تُذِیعُوهُ » (1).

وربما کان العَقْدُ علی تسعین بیانا لکیفیه إدخال القطنه ، وقرینه الیسری تدل علیه.

وَفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السلام : « أَسْلَمَ أَبُو طَالِبٍ بِحِسَابِ الْجَمَلِ ».

ثم عقد بیده ثلاثه وستین ، یرید عنی بذلک إله أحد جواد ، وتفسیر ذلک علی ما ذکر فی معانی الأخبار أن الألف واحد واللام ثلاثون والهاء خمسه والألف واحد والحاء ثمانیه والدال أربعه والجیم ثلاثه والواو سته والألف واحد والدال أربعه ، فذلک ثلاثه وستون (2)و العَقْدُ من مواضعات الحساب یستعمل فی الأصابع ، ومنه « وعَقَدَ عشرا » وسیجیء فی جمل مزید کلام فی هذا المقام. و « العُقْدَهُ » بالضم : ما تمسکه وتوثقه ومنه « عُقْدَهُ البیع » ونحوه من باب ضرب. وعَقَدْتُ الیمین وعَقَّدْتُهَا بالتشدید توکید. و « عُقَدُ عَزِیمَاتِ الیَقِینِ » ما انعقد فی النفس من العزم علی یقین. و « العِقْدُ » بالکسر : القِلاده. ومنه « انقطع عِقْدٌ لی » والجمع عُقُودٌ کحمل وحمول ، ویقال تَعَقَّدَ الخیط وخیوط مُعَقَّدَه للکثره. وتَحَلَّلَ عُقَدُهُ : سکن غضبه. وثلاث عُقَدٍ بضم عین وفتح قاف جمع

ص: 105

عُقْدَه ، وهکذا « أهل العُقْدَهِ » یعنی أصحاب الولایات علی الأمصار. وکلام مُعَقَّدٌ : أی مغمض. ومَعْقِدُ الشیء - مثل مجلس - : موضع عقده. وقولهم « هو منی مَعْقِدَ الإزار » یراد به قرب منزله. وعَقْدُ النکاح : إحکامه وإبرامه. وعَقَدْتُ النکاحَ والبیعَ ونحوه : أحکمته وأبرمته. والمرأه إذا سبحت عَقَدَتْ علی الأنامل ، یعنی رءوس الأصابع جمع أنمله ، یعنی سبحت بهن. واعْتَقَدْتُ کذا : أی عقدت علیه قلبی وضمیری. وله عَقِیدَهٌ حسنه : أی سالمه من الشک. وأهل الحل والعَقْدِ : من یرجع الناس إلی أقوالهم ویعتقدون بهم من الأکابر والعلماء.

قَوْلُهُ : « الْخَیْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیهَا الْخَیْرِ » (1).

أی ملازم لها کأنه معقود فیها. و « العُنْقُودُ » بالضم واحد عَنَاقِید : العنب ، وفِیهِ « إِذَا صَارَ الْحِصْرِمُ عُنْقُوداً حَلَّ بَیْعُهُ ».

قیل العُنْقُودُ اسم للحصرم بالنبطیه ، وفی الخبر ما یشهد له (2)

وَفِی الدُّعَاءِ « أَسْأَلُکَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِکَ ».

أی بخصال استحق بها العرش العز أو بمواضع انعقادها منه ، قیل وحقیقته بعز عرشک.

قوله : ( أَلَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ) [ 89 / 7 ] أی البناء الرفیع ، نقل أنهم کانوا یسلخون العمد من الجبال فیجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذی یسلخون من أسفله إلی أعلاه ، ثم ینقلون تلک العمد فینصبونها ثم یبنون القصور فوقها ، فسمیت ذات العماد. وقیل أهل عَمَدٍ لأنهم کانوا بدویین أهل خیام. قال الشیخ أبو علی : اختلفوا فی ( إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ) علی أقوال : « أحدها » - أنه اسم قبیله ، قال أبو عبیده هما عادان فالأولی هی إرم وهی التی قال الله تعالی فیهم ( أَنَّهُ أَهْلَکَ عاداً الْأُولی ). وقیل هو جد عاد ، وهو عاد ابن عوص ابن إرم بن سام بن نوح [ وقیل هو سام بن نوح ] نسب عاد إلیه ، وقیل إرم قبیله من قوم عاد کان فیهم الملک [ وکانوا بمهره وکان عاد أباهم ]. و « ثانیها » - أن إرم اسم بلد ، ثم قیل هو دمشق ، وقیل هی مدینه الإسکندریه وقِیلَ هِیَ مَدِینَهٌ بَنَاهَا عَادُ بْنُ شَدَّادٍ (1) فَلَمَّا أَتَمَّهَا وَأَرَادَ أَنْ یَدْخُلَهَا أَهْلَکَهُ اللهُ بِصَیْحَهٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ.

و « ثالثها » - أنه لیس بقبیله ولا بلد بل هو لقب لعاد ، وکان عاد یعرف به.

وَرُوِیَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ « بِعَادِ إِرَمٍ » عَلَی الْإِضَافَهِ ، وَقِیلَ وَهُوَ اسْمٌ آخَرُ لِعَادٍ وَکَانَ لَهُ اسْمَانِ (2).

قوله : ( فِی عَمَدٍ مُمَدَّدَهٍ ) [ 104 / 9 ] قرئ بضمتین ، وهی قراءه أهل الکوفه غیر حفص ، وقرأ الباقون بفتحتین ، وکلاهما جمع عَمُودٍ فی الکثره ، وأما جمعه فی القله فَأَعْمِدَهٌ ، أی تُوصَد علیهم الأبواب ویمدد علی الأبواب العَمَد استیثاقا فی استیثاق ، وفیه تأکید للیأس من الخروج وإیذان بحبس الأبد ، نعوذ بالله من غضبه وألیم عقابه.

وَفِی الْحَدِیثِ « الصَّلَاهُ عِمَادُ دِینِکُمْ ».

أی یتقوم بها دینکم. و « عِمَادُ الشَّیْءِ » بالکسر : ما یقوم به الشیء ویثبت ولولاه لسقط وزال.

ص: 107

ومنه « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ السَّمَاءَ لِکُرْسِیِّهِ عِمَاداً ».

ومثله « مَثَلُ الصَّلَاهِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ » (1).

العَمُودُ بالفتح عمود البیت ، والجمع فی القله علی أَعْمِدَه وفی الکثره علی عُمُد بضمتین. والمعنی أن الصلاه کالعمود للخیمه ، فکما لا تتقوم الخیمه إلا به لا یتقوم الدین إلا بالصلاه.

قَوْلُهُ علیه السلام « صَلَّی رَکْعَتَیْنِ بَیْنَ الْعَمُودَیْنِ ».

أراد بهما العَمُودَیْنِ اللذین فی الکعبه شرفها الله تعالی.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « أَقِیمُوا هَذَیْنِ الْعَمُودَیْنِ ، وَأَوْقِدُوا هَذَیْنِ الْمِصْبَاحَیْنِ » (2).

یعنی الشهادتین ، فاستعار لفظ العمودین والمصباحین لتوحید الله تعالی واتباع سنه رسوله صلی الله علیه وآله لقیام الدین بهما. والعَمُودَانِ : الآباء وإن علوا أو الأولاد وإن سفلوا. والعِمَادُ : الأبنیه الرفیعه. وفلان رفیع العِمَادِ : کنایه عن الشرف.

وَفِی وَصْفِهِ تَعَالَی « أَنْتَ عِمَادُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ».

أی لا یقومان ولا یتقومان إلا بک. قال الله تعالی : ( إِنَّ اللهَ یُمْسِکُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ). وعَمَدْتُ إلی الشیء أَعْمِدُ عَمْداً من باب ضرب : قصدته. وعَمَدْتُ إلیه : قصدت إلیه. والعَمْدُ : نقیض الخطإ. وقولهم « فلان فعل ذلک عَمْداً » أی قصدا ، ومنه « قتل العَمْدِ ». وعَمِیدُ القوم وعَمُودُهُمْ : سیدهم ، ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « مِنْ عَمِیدِ هَذَا الْجَیْشِ ».

أی کبیرهم الذی إلیه المرجع. واعْتَمَدْتُ علی الشیء : اتکأت علیه

وَفِی حَدِیثِ الْحَائِضِ « تَعَمَّدَ بِرِجْلِهَا الْیُسْرَی عَلَی الْحَائِطِ » (3).

أی تعتمد علیها برجلها ، بمعنی ترفعها کما جاءت به الروایه.

ص: 108

أی من فضلک ، وتقول « هذا عِنْدِی أفضل من هذا » أی فی حکمی

عوص بن سام بن نوح علیه السلام. والمُعَاوَدَهُ : الرجوع إلی الأمر الأول. وعَادَ إلیه عَوْداً وعَوْدَهً : رجع. و « العَادَهُ » معروفه ، والجمع عَادٌ وعَادَاتٌ. واعْتَادَهُ وتَعَوَّدَهُ : صار عاده له. والموضع المُعْتَاد لخروج الفضله : هو الذی یخرج منه مره بعد أخری إلی أن یصیر مخرجا عرفا. واعتبر بعضهم فی صیرورته مُعْتَاداً خروج الفضله مرتین متوالیتین فیثبت نقض الطهاره فی الثالثه وأَعَادَ الشیءَ : إذا فعله ثانیا ، ومنه « أَعَادَ الصلاه ». وعُدْتُ المریض أَعُودُهُ عِیَادَهً : زرته ومنه حَدِیثُ فَاطِمَهَ بِنْتِ قَیْسٍ « فَإِنَّهَا امْرَأَهٌ یَکْثُرُ عُوَّادُهَا ».

أی زوارها. وکل من أتاک مره بعد أخری فهو عَائِدٌ وإن اشتهر فی عیاده المریض حتی صار کأنه مختص به.

وَفِی الْحَدِیثِ « عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَی مَنْ حَرَمَکُمْ ».

أی صلوهم بما زاد علیکم ولا تقطعوهم. وشیء عَادِیٌ : أی قدیم کأنه منسوب إلی عَادٍ ومنه شجره عَادِیَّهٌ وبئر عَادِیَّهٌ. والقلیب العَادِیَّه : التی لا یعلم من حفرها. وفِیهِ « عَادِیُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ».

والمراد القدیمه التی لا یعرف لها مالک. وفِیهِ « لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ ».

أی أنفع منه ، مثل قولهم « هذا الشیء أَعْوَدُ علیک من کذا » أی أنفع منه ». والعَوَائِدُ جمع عَائِدَه ، وهی التعطف والإحسان ، ومنه الدُّعَاءُ « إِلَهِی عَوَائِدُکَ تُؤْنِسُنِی ».

ومِنْهُ « وَعَوَائِدُ الْمَزِیدِ مُتَوَاتِرَهٌ ».

وهی التی تعود مره بعد أخری. وعَادَ إلیه بِعَائِدَهٍ : أی تکرم علیه بکرامه. و « العُودُ » بالضم : الذی یضرب به ، وهو عُودُ اللهو. والعُودُ : الذی یتبخر به. و « العُودُ الهندی » قیل هو القُسط البحری. وقیل العُودُ الذی یتبخر به. و « العُودُ » من الخشب واحد العِیدَان

ص: 111

والأَعْوَاد. و « العَوْدُ » بالفتح : الجمل المسن ، وهو الذی جاوز فی السن البازل. والعَوْدُ : التی تعود علی زوجها بعطف ومنفعه ومعروف - وسمعت منه عَوْداً وبدءا أی أولا وآخرا.

وَفِی حَدِیثِ الْبَاقِرِ علیه السلام : « فَرَجَعْتُ عَوْدِی عَلَی بَدْئِی إلی منزلی ».

أی أولی مثل أخری ، ومحصله کما غدوت خالیا جئت خالیا. و « العِیدُ » واحد الأَعْیَاد : هو کل یوم مجمع ، وقیل معناه الیوم الذی یعود فیه الفرح والسرور ، وإنما جمع بالیاء وأصله الواو للزومها الواحد أو للفرق بینه وبین أَعْوَاد الخشب. وعَیَّدُوا : شهدوا العید.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِنَّمَا جُعِلَ یَوْمُ الْفِطْرِ الْعِیدَ لِیَکُونَ لِلْمُسْلِمِینَ مُجْتَمَعاً یَجْتَمِعُونَ فِیهِ فَیَحْمَدُونَ اللهَ عَلَی مَا مَنَّ عَلَیْهِمْ وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ یَوْمٍ مِنَ السَّنَهِ یَحِلُّ فِیهِ الْأَکْلُ وَالشُّرْبُ لِأَنَّ أَوَّلَ السَّنَهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ شَهْرُ رَمَضَانَ.

وَفِی الْخَبَرِ « الْزَمُوا التَّقْوَی وَاسْتَعِیدُوهَا ». أی اعتادوها.

تقدم إلیه به. ومنه قوله تعالی : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یا بَنِی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ ) [ 36 / 60 ] أی ألم أقدم ذلک إلیکم. قوله : ( الَّذِینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ ) [ 2 / 27 ] أی العهد المأخوذ بالعقل والحجه القائمه علی عباده والمأخوذ بالرسل علی الأمم بأنهم إذا بعث إلیهم رسول مصدق بالمعجزات صدقوه واتبعوه. قوله : ( وَما وَجَدْنا لِأَکْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ) [ 7 / 102 ] أی من وفاء عهد. قوله : ( أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً ) [ 2 / 80 ] أی خبرا ووعدا بما تزعمون. قوله : ( الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ ) [ 3 / 77 ] أی بما عاهدوا علیه من الإیمان بالرسول والوفاء بالأمانات. قوله : ( لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ ) [ 2 / 124 ] قال الزمخشری : وقرئ « الظَّالِمُونَ » أی من کان ظالما من ذریتک لا یناله استخلافی وعهدی إلیه بالإمامه ، وإنما ینال من کان عادلا بریئا من الظلم. وقالوا : فی هذا دلیل علی أن الفاسق لا یصلح للإمامه ، وکیف یصلح لها من لا یجوز حکمه وشهادته ولا تجب طاعته ولا یقبل خبره ولا یقدم للصلاه.

وَکَانَ أَبُو حَنِیفَهَ یُفْتِی سِرّاً بِوُجُوبِ نُصْرَهِ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ وَحَمْلِ الْمَالِ إِلَیْهِ وَالْخُرُوجِ مَعَهُ عَلَی اللِّصِّ الْمُتَغَلِّبِ الْمُتَسَمَّی بِالْإِمَامِ وَالْخَلِیفَهِ کَالدَّوَانِیقِیِّ وَأَشْبَاهِهِ ، [ وَقَالَتْ لَهُ امْرَأَهٌ : أَشَرْتَ عَلَی ابْنِی بِالْخُرُوجِ مَعَ إِبْرَاهِیمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَیْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ حَتَّی قُتِلَ. فَقَالَ : لَیْتَنِی مَکَانَ ابْنِکِ ] وَکَانَ یَقُولُ فِی الْمَنْصُورِ وَأَشْیَاعِهِ لَوْ أَرَادُوا بِنَاءَ مَسْجِدٍ وَأَرَادُونِی عَلَی عَدِّ آجُرِّهِ لَمَا فَعَلْتُ.

وعَنِ ابْنِ عُیَیْنَهَ لَا یَکُونُ الظَّالِمُ إِمَاماً قَطُّ (1).

قوله : ( إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ) [ 19 / 87 ] اتخاذهم العَهْدَ : الاستظهار بالإیمان بوحدانیه الله وتصدیق أنبیائه وأولیائه. قوله : ( إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَیْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ ) [ 3 / 183 ] الآیه. قال الشیخ أبو علی : ( عَهِدَ إِلَیْنا ) أی فی أمرنا فی التوراه وأوصانا بأن لا نؤمن لرسول

ص: 113

حتی یأتینا بهذه الآیه الخاصه ، وهی أن یرینا قربانا فتنزل نار من السماء فتأکله. ( قُلْ ) یا محمد ( قَدْ جاءَکُمْ ) أی جاء أسلافکم ( رُسُلٌ مِنْ قَبْلِی بِالْبَیِّناتِ ) بالحجج والدلالات الکثیره وجاءهم أیضا بهذه الآیه التی اقترحتموها ( فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ ) أراد بذلک زکریا ویحیی وجمیع من قتله الیهود من الأنبیاء (1). قوله : ( ادْعُ لَنا رَبَّکَ بِما عَهِدَ عِنْدَکَ ) [ 7 / 13 ] وهو النبوه ، أی ادع متوسلا إلیه بعهده - کذا فی المجمع. قوله : ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ) [ 2 / 177 ] وقیل یدخل فیه النذور وکلما التزمه المکلف من الأعمال مع الله تعالی ومع غیره. قوله : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِکُمْ ) [ 2 / 40 ] أی أوفوا بما ضمنتم أوف بما ضمنت لکم من الجنه. ومثله : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَ الْعَهْدَ کانَ مَسْؤُلاً ) [ 17 / 34 ]. قوله : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَیْهِ ) [ 33 / 23 ] أی إذا لقوا حربا مع رسول الله صلی الله علیه وآله ثبتوا وقاتلوا حتی یستشهدوا.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا یُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِکَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِی عَهْدِهِ ».

أی ولا ذو ذمه فی ذمته ولا مشرک أعطی أمانا فدخل دار الإسلام. والعَهْدُ یکون بمعنی الیمین والأمان والذمه والحفاظ ورعایه الحرمه والوصیه ، ولا تخرج أکثر الأحادیث عنها. والعَهْدُ کالنذر وصیغته « عَاهَدْتُ اللهَ أَنَّهُ مَتَی کَانَ کَذَا فَعَلَیَّ کَذَا » وتقول « عَلَیَ عَهْدٌ لَأَفْعَلَنَّ کَذَا ویمین ». و « المُعَاهَدَهُ » من کان بینک وبینه عهد ، وأکثر ما یطلق فی الحدیث علی الذمی ، وهو الذی أخذ العهد والأمان. ومنه الْحَدِیثُ « لَمْ یَبْعَثْنِی رَبِّی بِأَنْ أَظْلِمَ مُعَاهَداً وَلَا غَیْرَهُ ».

وقد یطلق علی غیره من الکفار إذا صولحوا علی ترک الحرب مده ما. والذِّمَّهُ : الیمین.

ص: 114

وَ « اعْتُقِلَ لِسَانُ رَجُلٍ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ».

أی فی مدته وزمانه. وقوله :

ولیس کَعَهْدِ الدار یا أم مالک

أی لیس الأمر کما عهدت.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ إِنِّی أَعْهَدُ إِلَیْکَ فِی دَارِ الدُّنْیَا ».

أی أقر وأعترف. وفِیهِ « اللهُمَّ إِنِّی أَتَّخِذُ عِنْدَکَ عَهْداً لَنْ تُخْلِفْهُ ».

أی أمانا ، والمعنی أسألک أمانا لن تجعله خلاف ما أترقبه وأرتجیه. وعَهِدْتُهُ بمکان کذا : لقیته. وعَهْدِی به قریب : أی لقائی. وتَعَهَّدْتُ الشیءَ : أی ترددت إلیه وأصلحته. وتَعَهَّدْتُهُ : حفظته. قال ابن فارس ولا یقال « تعاهدته » لأن التفاعل لا یکون إلا بین اثنین. وفی الأمر عُهْدَهٌ : أی مرجع إلی الإصلاح. والمُعَاهَدَهُ : المعاقده. وعَهِدْتُهُ بمال : عرفته به. والأمر کما عَهِدْتَ : أی کما عرفت. وهو « قریب العَهْدِ بکذا » أی قریب العلم به.

وَفِی الدُّعَاءِ « أَنَا عَلَی عَهْدِکَ وَوَعْدِکَ مَا اسْتَطَعْتُ ».

أی أنا متمسک بما عهدته إلی من الأمر والنهی ، موقن بما وعدتنی من الوعد والثواب والعقاب ما استطعت ، وأنا مقیم علی ما عاهدتک علیه من الإیمان بک والإقرار بوحدانیتک ، وأنک منجز وعدک فی المثوبه بالأجر علیه ، وهو اعتراف بالعجز عن القیام بکنه ما وجب علیه وحرم

وَفِی الْحَدِیثِ « حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإِیمَانِ ».

قیل یرید الحفاظ ورعایه الحرمه.

وَ « وِلَایَهُ الْعَهْدِ » هِیَ وِلَایَهٌ خَاصَّهٌ تَعَهَّدَ فِیهَا الرِّضَا علیه السلام لِلْمَأْمُونِ حِینَ عَرَضَ عَلَیْهِ الْوِلَایَهَ ، وَهِیَ بِشَرْطِ أَنْ لَا یَأْمُرَ وَلَا یَنْهَی وَلَا یُفْتِیَ وَلَا یُوَلِّیَ وَلَا یَعْزِلَ وَنَحْوِ ذَلِکَ ، لِعِلْمِهِ علیه السلام بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوِلَایَهِ لَا یَتِمُ (1).

ص: 115

وحکایته فی صلاه العید مشهوره (1)وَ فِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « عَهِدَ إِلَیَّ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله بِکَذَا ».

أی أوصی إلی. و « تَمَسَّکُوا بِعَهْدِ فلان » أی بما یأمرکم به ویوصیکم. و « تَعَاهَدْ جِیرَانَکَ » أی تفقدهم بزیاره واحفظ بذلک حق الجوار. و « فلان یَتَعَاهَدْنَا » أی یراعی حالنا. والتَّعَاهُدُ : بمعنی التَّعَهُّد ، وهو التحفظ بالشیء وتجدید العهد. ومنه قَوْلُهُ صلی الله علیه وآله : « تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ ».

وقَوْلُهُ « إِذَا رَأَیْتُمُ الرَّجُلَ یَتَعَاهَدُ الصَّلَاهَ فَکَذَا ».

وفی الأمر عُهْدَهٌ : أی لم یحکم بعد. وفی عقله عُهْدَهٌ : أی ضعف. وقولهم « لا عُهْدَهَ فی العبد » أی لا رجعه ، ومنه الْحَدِیثَ « لَیْسَ فِی الْإِبَاقِ عُهْدَهٌ ».

وبرئت من عُهْدَهِ هذا العبد : أی مما أدرکته فیه من عیب کان معهودا عندی. وعُهْدَتُهُ علی فلانٍ : أی ما أدرک من درک فإصلاحه علیه.

وَفِی الْحَدِیثِ « یَدْخُلُ فِی الْأَمَانِ ذُو عَهْدٍ وَمُعَاهَدٌ ».

یقرأ بالبناء للفاعل والمفعول ، لأن الفعل من اثنین فکل واحد یفعل بصاحبه مثل ما یفعل صاحبه به ، فکل فی المعنی فاعل ومفعول. و « عَهْدِی إلی أکبر ولدی أن یفعل کذا » یحتمل الوصیه.

وَفِی الْحَدِیثِ « یَوْمُ الْغَدِیرِ » یُسَمَّی فِی السَّمَاءِ یَوْمَ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ ».

أی الیوم الذی عهد وعرف. وقَوْلُهُ « وَجَّهَنِی إِلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً ».

أی حضورا. وتَعَهَّدْتُ فلانا وتَعَهَّدْتُ ضیعتی ، وهو أفصح من تَعَاهَدْتُ ، لأن التَّعَاهُدَ إنما یکون بین اثنین.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِیَارَتِی ».

أی آخر الحضور.

ص: 116

وَفِی الْحَدِیثِ « إِنَّ لِکُلِّ إِمَامٍ عَهْداً وَثِیقاً فِی رِقَابِ أَوْلِیَائِهِمْ ».

أی ضمانا. ومن تمام العَهْدِ زیاره قبورهم. وفِیهِ « تَعَاهَدُوا نِعَالَکُمْ عِنْدَ أَبْوَابِ مَسَاجِدِکُمْ ».

وَفِی الدُّعَاءِ عِنْدَ الْحَجَرِ « مِیثَاقِی تَعَاهَدْتُهُ ».

أی جددت العهد به

مستورا بها. ومثله « تَغَمَّدْ زللی » أی اجعله مشمولا بالعفو والغفران. وتَغَمَّدْتُ فلانا : أی سترت ما کان منه وغطیته. و « الغِمْدُ » بالکسر فالسکون : غلاف السیف ، وجمعه أَغْمَادٌ کحمل وأحمال. وغَمَدْتُ السیفَ أَغْمِدُهُ غَمْداً من بابی ضرب وقتل : جعلته فی غمده ، وجعلت له غمدا ، وأَغْمَدْتُهُ إِغْمَاداً لغه. و « غَامِد » قبیله من الیمن من أزد شنوه ، وحکی عن بعضهم « غَامِدَه » بالهاء ، ومنه الْغَامِدِیَّهُ وَهِیَ الَّتِی رَجَمَهَا رَسُولُ اللهِ ( صلی الله علیه وآله ) فِی حَدِّ الزِّنَا.

و « أبو غَامِدٍ » سفیان بن عوف الْغَامِدِیُ - قاله فی القاموس (1).

قوله : ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ) [ 60 / 110 ] فهم لا یفقهون ولا یبصرون.

وأَفْرَدْتُ الحجَّ عن العمره : فعلت کل واحد منهما علی حده. ومنه « رجل مُفْرِدٌ للحج ». ومنه « العمره المُفْرَدَه » والفرق بین العمره المُفْرَدَه وعمره التمتع مذکور فی محله ونعل فَرْدٌ : أی طاق علی طاق.

والمراد بالکتاب التوراه ، ولَتُفْسِدُنَ جواب قسم محذوف. وقوله : ( مَرَّتَیْنِ ) أولهما قتل زکریا وحبس أرمیا حین أنذرهم سخط الله تعالی ، والأخری قتل یحیی بن زکریا وقصد قتل عیسی - کذا ذکره بعض أهل التفسیر (1) قوله : ( ظَهَرَ الْفَسادُ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) [ 30 / 41 ] فسر الفَسَاد بالقحط وقله الریع فی الزراعات والبیوع ومحق البرکات من کل شیء ، وقیل هو قتل ابن آدم أخاه وأخذ السفینه غصبا.

وَفِی الْحَدِیثِ « دَمُ الِاسْتِحَاضَهِ دَمٌ فَاسِدٌ » (2).

أی ساقط لا نفع فیه ، بخلاف دم الحیض ، یقال فَسَدَ الشیءُ فُسُوداً من باب قعد فهو فَاسِدٌ ، والاسم الفَسَادُ ، وهو إلی الحیوان أسرع منه إلی النبات وإلی النبات أسرع منه إلی الجماد ، لأن الرطوبه فی الحیوان أکثر من الرطوبه فی النبات ، وجمع فَاسِد فَسْدَی مثل ساقط وسقطی. والمَفْسَدَهُ : خلاف المصلحه ، والجمع مَفَاسِدُ. وشیءٌ یُفْسِدُ سراویلی : أی یجعلها فاسده.

مَا لِی عِنْدَکَ؟ قَالَ : أَتَمُّ مَکْرُمَهٍ. قَالَ : هَذَا قَبْرُهُ. فَقَالَ لَهُ الرَّشِیدُ : مِنْ أَیْنَ عَلِمْتَهُ؟ قَالَ : کُنْتُ أَجِیءُ مَعَ أَبِی نَزُورُهُ وَأَخْبَرَنِی أَنَّهُ کَانَ یَجِیءُ مَعَ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ علیه السلام فَیَزُورُهُ ، وَإِنَّ جَعْفَراً کَانَ یَجِیءُ مَعَ أَبِیهِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ علیه السلام فَیَزُورُهُ ، وَکَانَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَلِمَهُمْ بِمَکَانِ الْقَبْرِ ، فَأَمَرَ الرَّشِیدُ أَنْ یُحَجَّرَ الْمَوْضِعُ.

فکان أول أساس فیه ثم تزایدت الأبنیه فیه فی أیام السامانیه وبنی حمدان وتفاقم فی أیام الدیلم أی أیام بنی بویه - انتهی. ونقل أن عضد الدوله هو الذی أظهر قبر علی علیه السلام وعمَّر المشهد هناک وأوصی أن یدفن به ، اسمه فناخسرو أبو شجاع ابن رکن الدوله بن الحسن ابن بویه الدیلمی ، وکان عظیم الدوله أعظم بنی بویه مملکه.

موضع یعرف بسویقه ، وانحدر مع أبیه إلی بغداد وبدأ یقرأ العلم علی عبد الله المعروف بالجُعَل (1).

ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام « کَانَ إِذَا تَطَاوَلَ قَدَّ وَإِذَا تَقَاصَرَ قَطَّ ».

أی قطع طولا وقطع عرضا. و « القَدُّ » کفلس : جلد السخله الماعزه ، والجمع أَقُدُّ وقِدَادٌ مثل أفلس وسهام. والقَدُّ : القامه ، ومنه الْحَدِیثُ « أُتِیَ بِالْعَبَّاسِ أَسِیراً بِغَیْرِ ثَوْبٍ فَوَجَدُوا قَمِیصَ ابْنِ أُبَیٍ یُقَدُّ عَلَیْهِ فَکَسَاهُ إِیَّاهُ ».

أی کان علی قده والقِدُّ کحِمْل : سیر یقد من جلد غیر مدبوغ ، والقِدَّهُ أخص منه. ومنه الْخَبَرُ « مَوْضِعُ قِدِّهِ فِی الْجَنَّهِ أَوْ قَدّ خَیْرٌ مِنَ الدُّنْیَا وَمَا فِیهَا ».

و « القِدَّهُ » بالکسر أیضا الطریقه والفرقه من الناس ، والجمع قِدَدٌ مثل سدره وسدر ، وبعضهم یقول الفرقه من الناس إذا کان هوی کل واحد علی حده. ومنه « تَقَدَّدَ القومُ » أی تفرقوا. والقَدِیدُ : اللحم المُقَدَّدُ ، أی المشرح طولا ، والثوب الخلق. ومنه الْحَدِیثُ « أَکْلُ الْقَدِیدِ الْغَابِّ یَهْدِمُ الْبَدَنَ » (1).

وَفِی الْخَبَرِ نَهَی « أَنْ یُقَدَّ السَّیْرُ بَیْنَ إِصْبَعَیْنِ ».

أی یشق ویقطع لئلا تعقر الحدیده یده. و « قُدَیْدٌ » مصغرا : موضع بین مکه والمدینه بینها وبین ذی الحلیفه مسافه بعیده (2). و « المِقْدَادُ » بالکسر اسم رجل من الصحابه عظیم الشأن (3).

ص: 125

و « قَدْ » حرف لا یدخل إلا علی الأفعال ، وقَدْ تکون بمعنی ربما للتکثیر کقوله :

قَدْ أَتْرُکُ القِرْنَ مُصَفَّراً أَنَامِلُهُ

کَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَاد

قال بعض الأفاضل فی تفسیر قوله تعالی : ( قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِکَ فِی السَّماءِ ) إن المشهور أن ( قَدْ نَری ) معناه ربما نری ومعناه التکثیر ، کما فی قوله

« قَدْ أترک القرن »

البیت. ثم قال : والتحقیق أنه علی أصل التقلیل فی دخوله علی المضارع ، وإنما قلل الرؤیه لتقلیل الرائی ، لأن الفعل کما یقل فی نفسه کذلک یقل لقله متعلقه ، ولا یلزم من قله الفعل المتعلق قله الفعل المطلق ، لأنه لا یلزم من عدم المقید عدم المطلق ، وکذا القول فی قوله تعالی ( قَدْ یَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِینَ ) وکذا فی البیت ، فلا ینافی کثره الترک المقصود للشاعر. وفی القاموس تکون « قَدْ » اسمیه وحرفیه ، والاسمیه اسم مرادف لیکفی نحو ، « قَدْنِی درهم » ، واسم مرادف لحسب ، وتستعمل مبنیه غالبا نحو « قَدْ زَیْدٍ دِرْهَمٌ » بالسکون ، ومعربه « قَدُ زَیْدٍ » بالرفع ، والحرفیه مختصه بالفعل المتصرف الخبری المثبت المجرد من جازم وناصب ، وحرف تنفیس ولها سته معان : التوقع « قَدْ یقدم الغائب » ، وتقریب الماضی من الحال « قد قام زید » ، والتحقیق ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاها ) ، والنفی « قَدْ کنت فی خیر فَتَعْرِفَهُ » بنصب تعرفه ، والتقلیل « قَدْ یصدق الکذوب » والتکثیر

« قَدْ أترک القرن مصفرا أنامله ».

ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُمْسَخِینَ مِنْ أَصْحَابِ السَّبْتِ إِنَّ شُبَّانَهُمْ مُسِخُوا قِرَدَهً وَشُیُوخَهُمْ مُسِخُوا خَنَازِیرَ.

وقد تقدمت قصه أصحاب السبت فی « سبت ».

وَفِی الْحَدِیثِ « الْقِرَدَهُ مِنَ الْمُسُوخِ ».

قال الجوهری : القِرْدُ واحد القُرُودِ وقد یجمع علی قِرَدَه مثل فیل وفیله ، والأنثی قِرْدَه ، والجمع قِرَد مثل قربه وقرب. وفی المثل « إِنَّهُ لَأَزْنَی مِنْ قِرْدٍ ». و « القُرَادُ » کغراب : هو ما یتعلق بالبعیر ونحوه وهو کالقمل للإنسان ، الواحده قُرَادَه والجمع قِرْدَان بالکسر کغربان. و « غزوه ذی قَرَد » بفتحتین : موضع علی لیلتین من المدینه.

الإسراف والتقتیر. وفِیهِ « الْقَصْدُ مِنَ الْکَافُورِ أَرْبَعَهُ مَثَاقِیلَ ».

قیل أراد الوسط منه ذلک. و « القَصْدُ فی السیر » کالقَصْدِ فی غیره ، وهو ما بین الحالتین. والقَصْدُ فی الأمور : ما بین الإفراط والتفریط. ومنه الدُّعَاءُ « أَسْأَلُکَ الْقَصْدَ فِی الْفَقْرِ وَالْغِنَی ».

وفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه وآله « کَانَ أَبْیَضَ مُقَصَّداً ».

وفسر بالذی لیس بطویل ولا قصیر غیر مائل إلی حد الإفراط والتفریط. والاقْتِصَادُ فی المعیشه : هو التوسط بین التبذیر والتقتیر. ومنه الْحَدِیثُ « مَا عَالَ امْرُؤٌ فِی اقْتِصَادٍ ».

وهو افتعال من القصد. ومثله « مَا عَالَ مُقْتَصِدٌ » (1).

والقَصْدُ : إتیان الشیء ، یقال قَصَدْتُهُ وقَصَدْتُ له وقَصَدْتُ إلیه کله من باب ضرب : طلبته بعینه. وقَصَدْتُ قَصْدَهُ : نحوت نحوه. وإلیه قَصْدِی ومَقْصَدِی ، وجمع القَصْدِ موقوف علی السماع ، وأما المَقْصَدُ فیجمع علی مَقَاصِد. و « علیکم هدیا قَاصِداً » أی طریقا مستقیما معتدلا. و « القَصِیدُ » جمع القَصِیدَه من الشعر.

ولا یطمعن فی نکاح لکبر سنهن ، فقد قعدن عن التزویج لعدم الرغبه فیهن ، واحدتهن « قاعد » بغیر هاء.

وَفِی الْحَدِیثِ ( الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ ) مَنْ قَعَدْنَ عَنِ النِّکَاحِ » (1).

قوله : ( وَإِذْ یَرْفَعُ إِبْراهِیمُ الْقَواعِدَ ) [ 2 / 127 ] القَوَاعِدُ جمع القَاعِدَه ، وهی الأساس لما فوقه ، ورفع القَوَاعِدِ البناءُ علیها لأنها إذا بنی علیها ارتفعت.

وَرُوِیَ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ إِلَی مَتْنِهَا وَقَذَفَتْ فِیهَا حِجَارَهً أَمْثَالَ الْإِبِلِ وَبَنَی عَلَیْهَا إِبْرَاهِیمُ وَإِسْمَاعِیلُ علیه السلام.

قوله : ( عَنِ الْیَمِینِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ ) [ 50 / 17 ] القَعِیدُ المقاعد کالجلیس وفعیل وفعول مما یستوی فیهما الواحد والاثنان والجمع ، والتقدیر عن الیمین قعید وعن الشمال قعید من المُتَلَقِّیَیْنِ ، أی الملکین الحافظین اللذین یأخذان ما یتلفظ به ، فترک أحدهما للدلاله علیه.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَلَهُ أُذُنَانِ عَلَی إِحْدَاهُمَا مَلَکٌ مُرْشِدٌ وَعَلَی الْأُخْرَی شَیْطَانٌ مُفْتِنٌ ، هَذَا یَأْمُرُهُ وَهَذَا یَزْجُرُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ ( عَنِ الْیَمِینِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَیْهِ رَقِیبٌ عَتِیدٌ ) (2).

وَفِی الْحَدِیثِ « قَعِیدُ الْقَبْرِ مُنْکَرٌ وَنَکِیرٍ » (3).

وسیأتی وجه تسمیتهما بذلک إن شاء الله. وفِیهِ « إِذَا وُضِعَ الْمَیِّتُ فِی الْقَبْرِ یُقْعِدَانِهِ ».

الأصل فیه أن یحمل علی الحقیقه ، ویحتمل أن یراد فیه التنبیه لما یسأل عنه والإیقاظ عما هو فیه بإعاده الروح إلیه کالنائم الذی یوقظ ، ومن الجائز أن یقال « أجلسته عن نومه » أی أیقظته عن رقدته علی المجاز والاتساع ، لأن الغالب من حال النائم إذا استیقظ أن یجلس ، فجعل الإجلاس مکان الإیقاظ. وفِیهِ « مَا مِنْکُمْ إِلَّا وَکَتَبَ اللهُ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّهِ ».

قال بعض شراح الحدیث : المبهم الذی ورد علیه البیان

ص: 129

من هذا الحدیث عن النبی صلی الله علیه وآله هو أنه بین أن القدر فی حق العباد واقع علی معنی تدبیر الربوبیه ، وهذا لا یبطل تکلیفهم العمل لحق العبودیه ، وکل من الخلق مسیر لما دبر له فی الغیب ، فیسوقه العمل إلی ما کتب من سعاده أو شقاوه ، ومعنی العمل التعرض للثواب والعقاب.

وَفِی الْخَبَرِ « نَهَی أَنْ یُقْعَدَ عَلَی الْقَبْرِ ».

قیل أراد القُعُود لقضاء الحاجه من الحدیث وقیل أراد للإحداد والحزن ، وهو أن یلازمه ولا یرجع عنه ، وقیل أراد به احترام المیت وفی القعود علیه تهاون بالمیت والموت.

وَرُوِیَ « أَنَّهُ رَأَی رَجُلاً مُتَّکِئاً عَلَی قَبْرٍ فَقَالَ : لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ ».

والقَعُودُ - بالفتح - من الإبل : ما اتخذه الراعی للرکوب وحمل الزاد ، والجمع أَقْعِدَه وقِعْدَان وقَعَائِد ، وقیل القَعُود القَلُوص ، وقیل القَعُود البکر قبل أن یثنی ثم هو جمل.

وَفِی الْخَبَرِ « لَا یَکُونُ الرَّجُلُ مُتَّقِیاً حَتَّی یَکُونَ أَذَلَّ مِنْ قَعُودٍ کُلُّ مَنْ أَتَی عَلَیْهِ أَرْغَاهُ ».

أی قهره وأذله ، لأن البعیر إنما یرغو من ذله واستکانه. وقَعَدَ عن الأمر : إذا لم یهتم له. وقَعَدَ به الضعفُ : أی جعله قاعدا لا یقدر علی النهوض. وتستعمل قَعَدَ ناقصه بمعنی صار فی قولهم « أرهف شفرته حتی قَعَدَتْ کأنها حربه » أی صارت الشفره کأنها حربه ، ولعل صار أیضا تستعمل بمعنی قَعَدَ ، ویتخرج علی ذلک

قَوْلُهُ علیه السلام فِی حَدِیثِ آدَمَ « فَغَمَزَهُ - یَعْنِی جَبْرَئِیلَ فَصَیَّرَ طُولَهُ سَبْعِینَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ ، وَغَمَزَ حَوَّاءَ علیه السلام فَصَیَّرَ طُولَهَا خَمْسَهً وَثَلَاثِینَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا ».

وقَعَدَ قُعُوداً ومَقْعَداً جلس ، وأَقْعَدَ غیره. والحائض تَقْعُدُ عن الصلاه أیام أقرائها : یعنی لا تصلی فیهن شیئا. و « القَعْدَه » بالفتح المره الواحده ، وبالکسر النوع ، ومنه « ذو القَعْدَهِ » بالفتح شهر کانت العرب تجلس فیه عن الغزو.

ص: 130

وتَقَعَّدَ فلان عن الأمر : إذا لم یطلبه. والمَقَاعِدُ : موضع قعود الناس فی الأسواق وغیرها ، واحده مَقْعَدَه بفتح المیم.

وَفِی الْخَبَرِ « إِنَّ الشَّیَاطِینَ تَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِی إِسْرَائِیلَ ».

أی بمواضع خلوتهم ، یعنی تحضر تلک الأمکنه وترصها بالأذی والفساد ، لأنها مواضع یهجر فیها ذکر الله. و « المَقَاعِدُ » جمع مَقْعَد ، وهی أسفل البدن. و « المُقْعَد » بالبناء للمفعول : هو الأعرج. والمُقْعَد أیضا : هو الزَّمِن الذی لا یستطیع الحرکه للمشی ، ومنه « عجوز مُقْعَدَه ». ومنه الْحَدِیثُ « یَجُوزُ الْمُقْعَدُ فِی الْعَتَاقِ ».

و « القَاعِدَه » فی مصطلح أهل العلم الضابطه ، وهی الأمر الکلی المنطبق علی جمیع الجزئیات ، کما یقال « کل إنسان حیوان وکل ناطق إنسان » ونحو ذلک.

وقَلَّدْتُهُ قِلَادَهً : جعلتها فی عنقه.

وَفِی حَدِیثِ الْخِلَافَهِ « فَقَلَّدَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله عَلِیّاً علیه السلام ».

أی ألزمه بها ، أی جعلها فی رقبته وولاه أمرها.

وَفِی الْخَبَرِ « قَلِّدُوا الْخَیْرَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ ».

أی قلدوها طلب أعداء الدین والدفاع عن المسلمین ، أی اجعلوا ذلک لازما فی أعناقها لزوم القلائد للأعناق ، ولا تقلدوها أَوْتَار الجاهلیه ، هی جمع وِتْر بالکسر وهو طلب الدم والثأر. و « التَّقْلِید » فی اصطلاح أهل العلم قبول قول الغیر من غیر دلیل ، سمی بذلک لأن المُقَلِّدَ یجعل ما یعتقده من قول الغیر من حق وباطل قلاده فی عنق من قلده. و « السَّیْفُ مَقَالِیدُ الْجَنَّهِ وَالنَّارِ ». أی یتوصل به إلیهما

إلیها ، کأن المعنی یسبقونهم ویجرونهم إلیها. و « القَائِدُ » واحد القُوَّاد والقَادَه.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « قُرَیْشٌ قَادَهٌ ذَادَهٌ ».

أی یقودون الجیوش ، جمع قَائِد. و « اجتمع القُوَّادُ والجند » یرید بهم الأمراء الذین یقودون الجیش ، أو من یقودون الخیل للرؤساء. والجُنْد : العسکر.

وَفِی حَدِیثِ السَّقِیفَهِ « فَانْطَلَقَ عُمَرُ وَأَبُو بَکْرٍ یَتَقَاوَدَانِ ».

أی ذاهبان مسرعین کأن کل واحد منهما یقود الآخر بسرعته. وقَادَ الرجل الفرس - من باب قال قَوْداً وقِیَاداً بالکسر وقِیَادَهً.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « انْظُرُوا إِلَی عَرَصَاتِ مَنْ أَقَادَهُ اللهُ بِعِلْمِهِ ».

أی جعله الله قائدا. والذی یخطر فی البال أنه تصحیف « أهاده » بالهاء بدل القاف. والله أعلم. والقَوْدُ : أن یکون الرجل أمام الدابه آخذا بقیادها. و « القَوْدُ » بالفتح فالسکون : الخیل. ومنه حَدِیثُ الِاسْتِسْقَاءِ « وَاسْتَظْمَأْنَا لِصَوَارِخِ الْقَوَدِ ».

والانْقِیَادُ للشیء : الخضوع له. وفلان سلس القِیَادِ : أی سهل الانقیاد من غیر توقف. والقِیَادُ ککتاب : حبل تقاد به الدابه

وَفِی الْحَدِیثِ « احْفَظْ لِسَانَکَ تَعِزَّ وَلَا تُمَکِّنِ النَّاسَ مِنْ قِیَادِکَ فَتُذِلَّ رَقَبَتَکَ » (1).

یرید أعز نفسک فی الصمت وحفظ اللسان ، ولا تمکن الناس بسبب بذله من قیادک الذی یقاد به ، وهو استعاره من قبیل

« مَنْ سَیَّبَ عِذَارَهُ قَادَهُ إِلَی کُلِّ کَرِیهَهٍ ».

وفرس أعطی قِیَادَهُ : أی أطاع وأمکن من ناصیته. والمِقْوَدُ : الحبل یشد به الزمام أو اللجام تقاد به الدابه ، والجمع مَقَاوِد

ص: 133

« عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ عِنْدَ کَبِدِ السَّمَاءِ ».

ومنه « کَبَّدَ النجمُ السماءَ » بالتشدید أی توسطها. وکَبِدُ کل شیء : وسطه. والکَبِدُ بکسر الباء واحد الأَکْبَاد والکُبُود من الأمعاء معروف ، وهی أنثی وعن الفراء یذکر ویؤنث ، ویجوز إسکان الباء کما قالوا فی فخد. وفِی الْخَبَرِ « فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی کَبِدِی ».

أی ظهر جنبی مما یلی الکبد. وفِیهِ « لِکُلِ کَبِدٍ حَرَّی أَجْرُ ».

وفِیهِ « اللهُ یُحِبُّ إِبْرَادَ الْکَبِدِ الْحَرَّی » (1).

یعنی بالماء ، لأن الکَبِدَ معدن الحراره.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَنْ وَجَدَ بَرْدَ حُبِّنَا عَلَی کَبِدِهِ فَلْیَحْمَدِ اللهَ ».

أی لذاذه حبنا. وغلظت کَبِدُهُ : قسا قلبه.

وَفِی حَدِیثِهِمْ علیه السلام « کَبِّدُوا عَدُوَّنَا بِالْوَرَعِ یَنْعَشْکُمُ اللهُ ».

أی أدخلوا الشده فی أکبادهم بورعکم ، من قولهم « کَبَّدَهُمُ البردُ » إذا أصاب أکبادهم. وکَبِدُ القوس : مقبضها. وکَبِدُ الأرض : باطنها. ووجده علی کَبِدِ البحر : أی علی أوسط موضع من شاطئه. وَفِی خَبَرِ الْخَنْدَقِ « فَعَرَضَتْ کَبْدَهٌ شَدِیدَهٌ ».

وهی القطعه الصلبه من الأرض. وفلان تضرب إلیه أَکْبَادُ الإبل : أی ترحل إلیه فی طلب العلم وغیره.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تَعُبُّوا الْمَاءَ فَإِنَّهُ یُورِثُ الْکُبَادَ » (2). هو بالضم وجع الکبد

ویَکْرُدُ بعضهم بعضا : أی یصرف بعضهم بعضا ویردهم. و « کُرْدَوَیْهِ » لقب مسمع بن مالک (1)، وکذا کِرْدِینٌ - نقلا عن الشیخ یحیی بن سعید

بإتیانها جمله ، فالمقاربه من حیث إظهارها إجمالا وعدم وقوع المستفاد من أکاد من حیث التفصیل. قوله : ( لَمْ یَکَدْ یَراها ) [ 24 / 40 ] أی لا رؤیه ثمه ولا مقاربه لها.

قوله : ( أَهْلَکْتُ مالاً لُبَداً ) [ 6 / 9 ] أی کثیرا جما ، من التلبید کأنه من کثرته بعضه علی بعض. ومنه اشتقاق اللُّبُود التی تفرش. و « اللِّبْدُ » کحمل : ما یتلبد من شعر أو صوف ، واللِّبْدَهُ أخص منه. و « لَبِدَ الشیءُ » من باب تعب : لصق ، وکل شیء ألصقته بشیء إلصاقا نعما فقد لَبَّدْتَهُ. و « اللُّبَّادَهُ » وزان تفاحه : ما یلبس للمطر. واللَّبَدُ بالتحریک : الصوف. وتَلْبِیدُ الشعر : أن یجعل فیه شیء من صمغ أو خطمی وغیره عند الإحرام لئلا یشعث ویقمل اتقاء علی الشعر. قال فی النهایه : وإنما یُلَبِّدُ من یطول مکثه فی الإحرام. و « لَبِیدُ بن عامر » الشاعر الصحابی وهو المقول فیه أصدق کلمه قالها لَبِیدٌ (1):

ألا کل شیء ما خلا الله باطل

وکل نعیم لا محاله زائل

نقل الشیخ البهائی من حواشی السیوطی علی البیضاوی أن لَبِیداً قد عاش مائه وخمسه وأربعین سنه (2)، وهو القائل :

ولقد سئمت من الحیاه وطولها

وسؤال هذا الناس کیف لَبِید

بفتح الیاء کأنه من لَحَدَ إذا حاد عنه وعدل. قوله : ( مُلْتَحَداً ) [ 18 / 27 ] المُلْتَحَدُ : الحرز الذی یمیل إلیه اللاجئ. قوله : ( وَمَنْ یُرِدْ فِیهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ ) [ 22 / 25 ] أی إلحادا بظلم والباء زائده ، قیل الإِلْحَادُ المیل عن قانون الأدب کالبزاق وعمل الصنائع وغیرها ، والظُّلْم ما یتجاوز فیه قواعد الشرع ، وقیل غیر ذلک ، ومفعول ( یُرِدْ ) محذوف وبِإِلْحادٍ و ( بِظُلْمٍ ) صفتان له ، أی ومن یرد أمرا بإلحاد وبظلم

وَفِی الْحَدِیثِ « کُلُّ ظُلْمٍ إِلْحَادٌ وَضَرْبُ الْخَادِمِ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ مِنْ ذَلِکَ الْإِلْحَادِ ».

وأَلْحَدَ فی دین الله : حاد عنه وعدل. و « أَلْحَدَ فی الحرم » : استحل حرمته وانتهکها. ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « هُوَ مُلْحِدٌ فِی الْحَرَمِ ».

قال بعض الشارحین : الإِلْحَادُ ضربان : الشرک بالله ، والشرک بالأسباب. فالأول ینافی الإیمان ویبطله والثانی یوهن عراه ویعطله. وقوله مُلْحِدٌ فی الحرم من هذا القبیل - انتهی. وقولهم المَلْحَدَه والهند ، یریدون بِالمَلْحَدَهِ الإسماعیلیه الذین لا یعملون بالشرع مع غیبه الإمام ، وبالهند هم أهل الهند کالبراهمه الذین لا یعملون بالشرع ولا یحسنون بعثه الأنبیاء ، وهذان الفریقان یحکمان بالحسن والقبح العقلیین. وفی الحدیث ذکر اللَّحْد بالفتح والسکون کفلس والضم لغه ، وهو الشق فی جانب القبر ، والجمع لُحُود کفلوس ، وجمع المضموم أَلْحَاد کقفل وأقفال. ولَحَدْتُ اللَّحْدَ لَحْداً من باب نفع وأَلْحَدْتُهُ إِلْحَاداً : حفرته. ولَحَدْتُ المیت وأَلْحَدْتُهُ : جعلته فی اللحد. واللَّاحِدُ : الذی یعمل اللحد

شدد خصومته واللَّدُود بالفتح : هو ما یصب من الأدویه فی أحد شقی الفم. ومنه « فأمر فَلُدَّ بالصبر ». ولَدِیدَا الفم : جانباه. واللَّدِیدَان : جانبا الوادی

فجاز أیضا أن یوصف بالمَجِید ، لأن معناه العلو والکمال والرفعه ، والعرش أکمل شیء وأعلاه وأجمعه لصفات الحسن. والمَجْدُ : الکرم والعز.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْمَجْدُ حَمْلُ الْمَغَارِمِ وَإِیتَاءُ الْمَکَارِمِ ».

ورجل مَاجِدٌ : کریم شریف ، ویقال مفضال کثیر الخیر شریف. والتَّمْجِیدُ فی الإنسان : أن ینسب الرجل إلی المَجْدِ ، وهو الشرف فی الآباء ورجل شریف مَاجِدٌ : له آباء متقدمون فی الشرف. والمَجْدُ والتَّمْجِیدُ : التشریف. وتعظیم وتَمْجِیدُ الله کأن یقول العبد

« یَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَیَ ( مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ ) یَا فَعَّالاً ( لِما یُرِیدُ ) یَا مَنْ ( یَحُولُ بَیْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) یَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَی یَا مَنْ ( لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ ) ».

ونحو ذلک. قیل والمُمَجِّدُ فی عرف الشرع مخصوص بالقائل « لا حول ولا قوه إلا بالله » ومَجَّدْتُهُ : إذا مدحته مدحا جیدا. ومَجَّدَنِی عبدی : أی شرفنی وعظمنی. وجمع المَجِید أَمْجَاد ، ومنه قَوْلُهُمْ علیه السلام « أَمَّا نَحْنُ بَنُو هَاشِمٍ فَأَمْجَادٌ ».

أی أشراف کرام وکذا أَمْجَاد جمع مَاجِد ، کأشهاد فی شهید أو شاهد.

وأحوالها فی مسیرها علی أحوال الظل من کونه ثابتا فی مکان وزائلا ومنبسطا ومتسعا ومتقلصا ، ولو لا الشمس ما عرف الظل ، ولو لا النور لما عرفت الظلمه. قوله تعالی : ( وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً ) [ 74 / 12 ] أی مبسوطا کثیرا ، قیل کان له مائه ألف دینار وعشره بنین ( شُهُوداً ) أی حضورا معه بمکه لا یغیبون عنه لغناهم عن رکوب السفر للتجاره ، أسلم منهم ثلاثه نفر خالد بن الولید وهشام وعماره. قوله : ( قُلْ لَوْ کانَ الْبَحْرُ مِداداً لِکَلِماتِ رَبِّی لَنَفِدَ الْبَحْرُ ) [ 18 / 109 ] الآیه ، أی مِدَاداً یکتب به کلمات علمه وحکمته عز شأنه ( لَنَفِدَ الْبَحْرُ ) وانتهی ( وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ) أی زیاده ومعونه له. قوله : ( یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ ) [ 2 / 15 ] أی یزیدهم طغیانا ، من مَدَّ الجیشَ إذا زاده وقواه. قوله : یَمُدُّونَهُمْ [ 7 / 202 ] أی یزینون لهم. قوله : ( لا تَمُدَّنَ عَیْنَیْکَ ) [ 10 / 88 ] هو من مد النظر تطویله ، وأن لا یکاد یرده استحسانا للمنظور إلیه وإعجابا به وتمنیا أن یکون ذلک له ، وعن بعض أهل المعرفه یجب غض البصر عن أبنیه الظلمه وملابسهم المحرمه لأنهم اتخذوا ذلک لعیون النظاره ، فالناظر إلیها محصل لغرضهم ، وکأنهم یحملونهم علی اتخاذها. ومَدَّ الله فی عمره : زاد فیه. ومَدَّهُ فی غَیِّه : أی أمهله وطول له. و « المُدُّ » بضم المیم والتشدید مقدر بأن یمد یدیه فیملأ کفیه طعاما. وقد تکرر ذکره فی الحدیث ، وهو ربع الصاع ویجیء تحقیقه فی محله. و « المِدَّه » بالکسر وتشدید المهمله : ما یجتمع فی الجرح من القیح الغلیظ منه ، وأما الرقیق فهو الصدید. وأَمَدَّ الجرحُ : صار فیه مِدَّه. والمُدَّهُ من الزمان بالضم : برهه منه ، یقع علی القلیل والکثیر ، والجمع مُدَدٌ مثل غرفه وغرف.

وَ « سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ کَلِمَاتِهِ ». بکسر المیم أی مثل عددها ، وقیل ما یوازنها

ص: 144

فی الکثره عیار کیل أو وزن ، وهذا تمثیل یراد به التقریب لأن الکلام لا یدخل فی الکیل والوزن بل فی العدد ، وکلمات الله یقال إنها علمه ، والمِدَادُ کالمَدِّ ، تقول مَدَدْتُ الشیءَ أَمُدُّهُ مِدَاداً أو مَدّاً نصب علی المصدر. والمِدَادُ : ما یکتب به. ومَدَدْتُ الدواهَ مَدّاً من باب قتل : إذا جعلت فیها المداد. و « المَدَّهُ » بالفتح غمس القلم فی الدواه مره للکتابه. ومنه الْحَدِیثُ عَنْ أَهْلِ الْخِلَافِ « مَا أُحِبُّ أَنِّی عَقَدْتُ لَهُمْ عُقْدَهً أَوْ وَکَیْتُ لَهُمْ وِکَاءً وَإِنَّ لِی مَا بَیْنَ لَابَتَیْهَا لَا وَلَا مَدَّهً بِقَلَمٍ ».

ومَدَّ البحرُ مَدّاً : زاد ، والجمع مُدُودٌ مثل فلس وفلوس. وامْتَدَّ الشیءُ : انبسط. والمَدَدُ بفتحتین : الجیش. وأَمْدَدْتُ الجیشَ : أعنته وقرنته به. والمَادَّهُ : هی الزیاده المتصله ، ومنه مَادَّهُ الحمام المتصله به. وکل ما أعنت به قوما فی حرب أو غیره فهو مَادَّهٌ لهم. وتَمَدَّدَ الرجل : تمطی. وحروف المَدِّ هی حروف العله ، وفی مصطلح القراء إن کان بعدها همزه تمد بقدر ألفین إلی خمس ألفات ، وإن کان بعدها تشدید تمد بقدر أربع ألفات اتفاقا منهم مثل دابه ، وإن کان ما بعدها ساکن تمد بقدر ألفین اتفاقا کصاد ، وإن کان بعدها غیر هذه الحروف لم تمد إلا بقدر خروجها من الفم ، فمد ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ) لم یکن إلا بقدر خروج الحرف من الفم إلا ( الرَّحِیمِ ) عند الوقف فیمد بقدر ألفین.

مَرْدَاء : إذا سقط ورقها وظهرت عیدانها. قوله : ( شَیْطانٍ مارِدٍ ) [ 37 / 17 ] أی خارج عن الطاعه متمکن من ذلک. والمَارِدُ : العاتد الشدید. وسلطان المَرَدَهِ : کبیرهم.

وَفِی الْحَدِیثِ « شَهْرُ رَمَضَانَ تُصَفَّدُ فِیهِ مَرَدَهُ الشَّیَاطِینِ ».

هی جمع مَارِد. والمَرِیدُ بالفتح : التمر ینقع فی اللبن حتی یلین. ومنه مَرَدَ الخبزَ یَمْرُدُهُ مَرْداً من باب قتل : أی ماثه حتی یلین. و « مُرَادُ » وزان غراب قبیله سمی باسم أبیهم مُرَاد بن مالک ، قیل اسمه جابر فتمرد علی الناس - أی عتا علیهم - فسمی بذلک.

الشهوتین إلا به ، ویتشعب من شهوه المال شهوه الجاه ، إذ یعسر المال دونه ، ثم عند حصول الجاه والمال تزدحم الآفات کلها کالکبر والریاء والحسد والعداوه والحقد وغیرها ، ومنبع جمیع ذلک البطن. ومَعَدَ فی الأرض : ذهب. ومَعَدْتُ الشیءَ وامْتَعَدْتُهُ : اجتذبته بسرعه. قال الجوهری : والمَعْدُ الغض من البقل. و « مَعَدُّ بنُ عدنان » أبو العرب خاف أن یندرس الحرم فوضع أنصابه وکان أول من وضعها ، ثم غلبت جُرْهُم بمکه علی ولایه البیت ، ثم غلبت علیه خزاعه حتی جاء قصی بن کلاب فغلب علیهم وولی البیت.

ومَادَ الرجلُ : تبختر. قوله : ( إِذْ قالَ الْحَوارِیُّونَ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّکَ أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْنا مائِدَهً مِنَ السَّماءِ ) [ 5 / 112 ] الآیه. المَائِدَهُ هی الخوان یکون علیها الطعام ، فإن لم یکن علیه طعام فهو خِوَان. قیل هی من مَادَهُ مَیْداً : أی أعطاه ، وهی فاعله بمعنی مفعوله مثل ( عِیشَهٍ راضِیَهٍ ) لأن المالک مادها للناس ، أی أعطاهم إیاها ، وقیل هی من مَادَ یَمِیدُ : إذا تحرک.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْأَسْوَاقُ مَیْدَانُ إِبْلِیسَ یَغْدُو بِرَایَتِهِ وَیَضَعُ کُرْسِیَّهُ وَیَبُثُّ ذُرِّیَّتَهُ فَبَیْنَ مُطَفِّفٍ فِی قَفِیزٍ أَوْ طَائِشٍ فِی مِیزَانٍ أَوْ سَارِقٍ فِی ذَرْعٍ أَوْ کَاذِبٍ فِی سِلْعَهٍ ».

الحدیث. ومَیْدَ لغه فی بید بمعنی غیر.

إلی الیمامه إلی جبلی طی وإلی وَجْرَهٍ وإلی الیمن ذات عرق أول تهامه إلی البحر وجده ، وقیل تِهَامَهُ ما بین ذات عرق إلی مرحلتین من وراء مکه وما وراء ذلک من المغرب فهو غَوْرٌ والمدینه شرفها الله تعالی لا تهامیه ولا نجدیه فإنها فوق الغور ودون نجد. قال الجوهری : نَجْدٌ من بلاد العرب وهو خلاف الغور ، والغور تهامه وکل ما ارتفع من تهامه إلی أرض العراق فهو نَجْدٌ ، وهو مذکر ، و « أَنْجَدْنَا » أخذنا فی بلاد نجد. و « النَّجَدُ » بالتحریک : متاع البیت من فرش ونمارق وستور ، والجمع أَنْجَادٌ ونُجُودٌ. والتَّنْجِیدُ : التزیین ، یقال بیت مُنَجَّدٌ أی مزین.

وَفِی الْحَدِیثِ « نَجَّدَ فَزَخْرَفَ ».

قیل إما من النَّجْدِ وهو ما ارتفع من الأرض ، أو مما یُنَجَّدُ به البیت أی تزین من بسط وفرش ووسائد ، والزُّخْرُفُ بالضم الذهب وزَخْرَفَهُ زینه. و « النَّجَّادُ » بالتشدید : الذی یعالج الفرش والوسائد ویخیطها. و « النِّجَادُ » بکسر النون مخففه : حمائل السیف یکنی به عن طول القامه ، فیقال هو طویل النِّجَاد أی القامه. و « النَّجْدَهُ » بفتح النون فالسکون : الشجاعه ، یقال نَجُدَ الرجلُ بالضم فهو نَجِدٌ ونَجِیدٌ والجمع أَنْجَادٌ مثل أیقاظ ، وجمع نَجِید نَجْدَاء.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فَأَنْجَادٌ ».

أی أشداء شجعان.

یقال فیما یشارک فی الکیفیه فقط ، والمساوی فیهما یشارک فی الکمیه فقط ، والمِثْلُ عام فی الألفاظ کلها. و « نَدَّ البعیرُ » من باب ضرب نَدّاً ونِدَاداً بالکسر ونَدِیداً : نفر وذهب علی وجهه شاردا ، والجمع نَوَادُّ ومنه قراءه بعضهم یَوْمَ التَّنادِّ بتشدید الدال ، أی الفرار. ومنه حَدِیثُ أَوْلِیَاءِ اللهِ « فَهُمْ بَیْنَ شَرِیدٍ نَادٍّ ».

أی مطرود ذاهب لوجهه ، إما لإنکاره المنکر أو لقله صبره علی مشاهدته.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِنْ أَفْلَتَکَ شَیْءٌ مِنَ الصَّیْدِ أَوْ نَدَّ فَارْمِهِ بِسَهْمِکَ ».

ومِنْهُ « ذَهَبَتِ الشَّاهُ مُتَحَیِّرَهٌ نَادَّهٌ ».

أی نافره شارده علی وجهها. ونَدَّ القوم من باب قتل : اجتمعوا ، ومنه النَّادِی ، وهو مجلس القوم ومتحدثهم. والنَّادُّ والنَّادِی : الداهیه. ومنه الْحَدِیثُ « الْإِمَامُ مَفْزَعُ الْعِبَادِ فِی الدَّاهِیَهِ النَّادِّ ».

ونَدِیَ الشیءُ : إذا ابتل فهو نَدٍ ، مثل تعب. وأرض نَدِیَّه : فیها نداوه ورطوبه.

وَفِی حَدِیثِ جَرِیدَتَیِ الْمَیِّتِ « یُخَفَّفُ بِهِمَا عَنْهُ مَا کَانَ فِیهِمَا نَدَاوَهٌ ».

أی بله ورطوبه.

عصا لوز مُرٍّ - قاله الصدوق (1). والنَّقْدُ : نقد الدراهم ، یقال ونَقَدْتُ له الدراهمَ : أعطیته ، فَانْتَقَدَهَا أی قبضها ونَقَدْتُ الدراهمَ وانْتَقَدْتُهَا : إذا خرجت منها الزیف. وبیع النَّقْدِ : هو بیع الحال بالحال. و « النَّقَدُ » بالتحریک : جنس من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه تکون بالبحرین - قاله الجوهری (2).

والهیثم بن أبی مسروق النَّهْدِیُ من رواه الحدیث (1).

بأربعه أوتاد ثم ترکه علی حاله. و « الوَتِدَانِ » فی الأذنین اللذان فی باطنهما کأنه وتد - قاله الجوهری.

أی من نکاح. قوله : ( أَسْکِنُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ سَکَنْتُمْ مِنْ وُجْدِکُمْ ) [ 65 / 6 ] بالضم أی من سعتکم ومقدرتکم.

وَفِی الْحَدِیثِ « فَرَضَ الْحَجَّ عَلَی أَهْلِ الْجِدَهِ » (1).

بتخفیف الدال وهو الغنی وکثره المال والاستطاعه ، یقال وَجَدَ یَجِدُ جِدَهً استغنی. والمَوْجِدَهُ : ما یجده الإنسان. و « الوَاجِدُ » من أسمائه تعالی ، وهو إما من الجِدَهِ وهو الغنی ، فیکون معناه الغنی الذی لا یفتقر إلی شیء ، وإما من الوُجُودِ ، وهو الذی لا یحول بینه وبین ما یرید حائل. والواجد : الغنی القادر علی الشیء. ووَجَدَ مطلوبَه یَجِدُهُ وُجُوداً ویَجُدُهُ بالضم لغه : ظفر به. ووَجَدَ علیه فی الغضب مَوْجِدَهً ووَجْداً

وَفِی الدُّعَاءِ « أَسْأَلُکَ فَلَا تَجِدْ عَلِیِّ ».

أی لا تغضب علی من سؤالی. ووَجَدَ فی الحزن وَجْداً بالفتح. وتَوَجَّدْتُ لفلان : حزنت له. ووَجَدَ ضالتَه وِجْدَاناً : إذا رآها ولقیها. ووَجَدَ بفلانه وَجْداً : أحبها حبا شدیدا. وافتقر بعد وَجْدٍ : أی سعه. ووَجَدَ بعد فقر : استغنی. وأَوْجَدَهُ : أغناه. ومنه الدُّعَاءُ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَوْجَدَنِی بَعْدَ ضَعْفٍ ». أی قوانی.

وَفِی الْحَدِیثِ « قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام کَیْفَ تَجِدُکَ؟ قَالَ : کَیْفَ یَکُونُ حَالُ مَنْ یَفْنَی بِبَقَائِهِ وَیَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ وَیُؤْتَی مِنْ مَأْمَنِهِ » (2).

قال الفاضل المتبحر میثم : سببیه البقاء للفناء والصحه للسقم تقریبهما إلیهما وکونهما غایتین لهما وألما من الدنیا ، وإنما یؤتی المرء ویدخل علیه ما یکره منها.

وَفِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِ « لَوْ لَا أَنْ یَجِدَ الْمُؤْمِنُ فِی قَلْبِهِ لَعَصَّبْتُ الْکَافِرَ بِعِصَابَهٍ مِنْ حَدِیدٍ لَا یُصَدَّعُ رَأْسُهُ أَبَداً ».

قوله :

ص: 155

« یَجِدُ » أی یخطر بباله شیء. والوِجَادَهُ بالکسر بیت الضبع ، ومنه الْحَدِیثُ « انْجَحَرَ عَنِّی انْجِحَارَ الضَّبُعِ فِی وِجَارِهَا ».

والوُجُودُ : خلاف العدم. واختلف فی أنه عین الماهیات أم لا : فجمهور المتکلمین علی أن الوُجُودَ زائد علی الماهیات فی الواجب والممکن والحکماء فی الواجب عینه وفی الممکن زائد علیه ، ولعل هذا أقرب. وتحقیق البحث فی محله. و « الوِجْدَانُ » من القوی الباطنه ، وکل ما یدرک بالقوه الباطنه یسمی الوِجْدَانِیَّاتِ.

تنبیها من الله تعالی علی طریق النظر فی أمر رسول الله صلی الله علیه وآله.

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِهِ تَعَالَی : « وَاحِدِیُ الذَّاتِ وَاحِدِیُ الْمَعْنَی ».

بمعنی أنه لا ینقسم فی وجود ولا عقل ولا وهم ، وقیل وَاحِدِیُ المعنی أی الصفات ، فَرِضَاهُ ثوابه وسخطه عقابه من غیر شیء یتداخله فیهیجه من حال إلی حال. وفِیهِ « الْوَاحِدُ بِلَا تَأْوِیلٍ ».

یعنی من جمیع الجهات واحد ، بخلاف سائر الأشیاء فإن وحدتها باعتبار العدد. ومثله « کل مسمی بِالْوَحْدَهِ غیره قلیل » یرید أنه لا یوصف بالقله وإن کان واحدا ، وذلک أن الوَاحِدَ یقال لِمَعَان والمشهور منها هو کون الشیء مبدأ للکثره یکون عَادّاً ومکیالا ، وهو الذی یلحقه القله والکثره الإضافیان ، فإن کل واحد بهذا المعنی هو قلیل بالنسبه إلی الکثره التی تصلح أن یکون مبدأ لها ، والمتصور لأکثر الناس کونه واحدا بهذا المعنی فلذلک نزهه علیه السلام عنه بذکر لازمه وهو القلیل لظهور بطلان هذا اللازم فی حقه تعالی واستلزام بطلانه بطلان الملزوم المذکور - کذا قرره بعض شراح الحدیث. و « الوَاحِدُ تعالی » الفرد الذی لم یزل وحده ولم یکن معه آخر.

وَفِی الْحَدِیثِ « سُئِلَ الْجَوَادُ علیه السلام مَا مَعْنَی الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ : إِجْمَاعُ الْأَلْسُنِ عَلَیْهِ بِالْوَحْدَانِیَّهِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَی : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللهُ ).

والوَاحِدُ الأَحَد : اسمان دالان علی معنی الوحدانیه. والوَاحِدُ الحقیقی : ما یکون منزه الذات عن الترکیب الخارجی والذهنی. والفرق بین الوَاحِدِ والأَحَدِ علی ما ذکره بعض الأعلام من وجوه : « الأول » - أن الوَاحِدَ هو المتفرد بالذات ، والأَحَدُ هو المتفرد بالمعنی. « الثانی » - أن الوَاحِدَ أعم موردا لکونه یطلق علی من یعقل وغیره ، ولا یطلق الأَحَدُ إلا علی من یعقل. » الثالث « أن الوَاحِدَ یدخل الضرب والعدد ، ویمتنع دخول الأَحَدِ فی ذلک.

ص: 157

و « الوَاحِدُ » هو أول الأعداد ، ویجمع علی أُحْدَان ووُحْدَان بضم الهمزه والواو. وفلان لا وَاحِدَ له : أی لا نظیر له. وفلان أَوْحَدُ أهل زمانه : إذا لم یکن له فیهم مثل. وجاءوا وُحْدَاناً : أی متفردین جمع وَاحِد کراکب ورکبان. ومن کلامهم » إن کنت لا بد فاعلا لها فَوَاحِدَهٌ « أی لا تفعل وإن فعلت فافعل واحده. و « الوَاحِدَهُ » بفتح الواو الانفراد ، ویقال رأیته وَحْدَهُ - قاله الجوهری ، وهو منصوب عند أهل الکوفه علی الظرف وعند أهل البصره علی المصدر ، کأنک تقول أَوْحَدْتُهُ برؤیتی إیحادا لم أر غیره ثم وضعت وحده هذا الموضع.

وَفِی حَدِیثِ جَابِرٍ » فَجَعَلْتُهُ فِی قَبْرٍ عَلَی حِدَهٍ ».

أی منفردا وحده ، وأصلها الواو فحذف من أولها وعوض عنها بالهاء فی الآخر کعده وزنه من الوعد والوزن. وأهلٌ بِالتَّوْحِیدِ : أی بنفی الشریک. وکلمه « التَّوْحِیدِ » تسمی کلمه الإخلاص. وقیل إنما سمیت بذلک لأن من تمسک بما فیها اعتقادا وإقرارا کان مخلصا ، وقیل من قرأها علی سبیل التعظیم.

وَفِی الْحَدِیثِ « سُئِلَ الرِّضَا علیه السلام عَنِ التَّوْحِیدِ؟ فَقَالَ : کُلُّ مَنْ قَرَأَ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وَآمَنَ بِهَا فَقَدْ عَرَفَ التَّوْحِیدَ. قَالَ السَّائِلُ : قُلْتُ کَیْفَ یَقْرَأُهَا؟ قَالَ : کَمَا یَقْرَأُهَا النَّاسُ وَزَادَ فِیهِ کَذَلِکَ اللهُ رَبِّی کَذَلِکَ اللهُ رَبِّی » (1).

والاتِّحَادُ : صیروره الشیئین الموجودین شیئا واحدا ، وهو حقیقی ومجازی ، فالحقیقی منه ما کان بلا زیاده ولا نقصان وهو ممتنع فی نفسه ، والمجازی صیرورتهما شیئا آخر بکون وفساد وهو من عوارض الأجسام.

قریه من قری خیبر.

والذی یرد علیه. وفی التفسیر وِرْداً أی عطاشا. وقوله : ( بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) [ 11 / 98 ] أی بئس الورد الذی یردونه النار ، لأن الوارد إنما یقصد لتسکین العطش وتبرید الأکباد والنار ضده. قوله : ( وَإِنْ مِنْکُمْ إِلَّا وارِدُها ) [ 19 / 71 ]

سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام عَنْ ذَلِکَ فَقَالَ : « أَمَا تَسْمَعُ الرَّجُلَ یَقُولُ وَرَدْنَا مَاءَ بَنِی فُلَانٍ فَهُوَ الْوُرُودُ وَلَمْ یَدْخُلْهُ ».

قوله : ( فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ ) [ 12 / 19 ] أی الذی یتقدمهم إلی الماء ویسقی لهم. قوله : ( فَکانَتْ وَرْدَهً کَالدِّهانِ ) [ 55 / 37 ] أی حمراء ، یعنی تتقلب حمراء بعد أن کانت صفراء أو صارت کلون الورد تتلون کالدهان المختلفه جمع دهن.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا یَرِدُ عَلَیَّ الْحَوْضَ مَنْ شَرِبَ مُسْکِراً لَا وَاللهِ ».

أی لا یشرف علی. و « الوِرْدُ » کقِرْد : هو الجزء من قرأت وِرْدِی والجمع أَوْرَادٌ. والوِرْدُ أیضا : موافاه المکان والإشراف قبل دخوله ، یقال وَرَدْنَ الماء أی أشرفن علیه وربما یکون الوُرُودُ دخولا ، ومنه الْحَدِیثُ « الْحِیَاضُ تَرِدُهَا السِّبَاعُ ».

أراد تدخلها وتشرب منها مع احتمال إراده الإشراف علیها. قال بعض شراح الحدیث : والأول أصح. و « الوَرْدُ » بفتح فسکون : الذی یشم ، الواحده وَرْدَه ، والجمع وُرُود. ومنه « قمیص مُوَرَّدٌ وملحفه مُوَرَّدَهٌ » للذی صبغ علی لون الورد ، وهو دون المضرج. و « بنات وَرْدَان » بفتح الواو دویبه تتولد فی الأماکن الندیه ، وأکثر ما تکون فی الحمامات والسقایات ، ومنها الأسود والأبیض والأحمر والأصفر - قاله فی حیاه الحیوان (1). وفی غیره « بنات وَرْدَان » دود العذره ووَرَدَ فلانٌ وُرُوداً : حضر.

وتثلث. و « إنَ وِسَادَکَ لعریض » کنایه عن کثره النوم ، لأن من عرض وساده طاب نومه ، أو کنایه عن عرض قفاه وعظم رأسه وذلک دلیل الغباوه. وقولهم « رجل لا یَتَوَسَّدُ القرآنَ » یحتمل کونه مدحا أی لا یمتهنه ولا یطرحه بل یجله ویعظمه ، وذما أی لا یکب علی تلاوته إکباب النائم علی وساده. ومن الأول

قَوْلُهُ « لَا تَوَسَّدُوا الْقُرْآنَ ».

ومن الثانی أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِأَبِی الدَّرْدَاءِ : إِنِّی أُرِیدُ طَلَبَ الْعِلْمِ فَأَخْشَی أَنْ أُضَیِّعَهُ؟ فَقَالَ : لَأَنْ تَتَوَسَّدَ الْعِلْمَ خَیْرٌ مِنْ أَنْ تَتَوَسَّدَ الْجَهْلَ.

- کذا فی القاموس. وجمع الوِسَادَهِ وَسَائِد. وقد وَسَّدْتُهُ الشیءَ فَتَوَسَّدَ : إذا جعلته تحت رأسه.

ننزل علیه التوراه وضربنا له میقاتا ذا القعده وعشر ذی الحجه ، وقیل لیله لأن الشهور تعد باللیالی. قال الشیخ أبو علی : ومن قرأ وَاعَدَنَا مُوسَی فلأن الله تعالی وعده الوحی ووعد هو المجیء للمیقات إلی الطور. والمِیعَادُ : المُوَاعَدَه والوقت والموضع ومنه قوله تعالی : ( وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِی الْمِیعادِ ) [ 8 / 42 ]. قوله ( وَالْیَوْمِ الْمَوْعُودِ ) [ 85 / 2 ] یعنی یوم القیامه فی قول جمیع المفسرین ، وهو الیوم الذی یجازی فیه الخلائق ویفصل فیه القضاء. ( وَلَقَدْ صَدَقَکُمُ اللهُ وَعْدَهُ ) [ 3 / 152 ] أی وعد إظهار الدین وکون العاقبه للمتقین.

وَفِی الدُّعَاءِ « یَا مَنْ إِذَا وَعَدَ وَفَی وَإِذَا تَوَعَّدَ عَفَا ».

الوَعِیدُ فی الاشتقاق اللغوی کَالْوَعْدِ إلا أنهم خصوا الوَعْدَ بالخیر والوَعِیدَ بالشر للفرق بین المعنیین ، وربما استعمل الوَعْدُ فیهما للازدواج والاتباع. قال الجوهری : الوَعْدُ یستعمل فی الخیر والشر ، فإن أسقطوا الخیر والشر قالوا فی الخیر الوَعْد والعِدَه وفی الشر الإِیعَاد والوَعِید. والعِدَه بالکسر : الوَعْد ، والهاء عوض عن الواو التی هی فاء الفعل ، والجمع عِدَات بالکسر ولا جمع للوعد.

النَّسَمَهَ إِنَّهُمْ لَیَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ وَبَیَاضُ وُجُوهِهِمْ کَبَیَاضِ الثَّلْجِ عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ بَیَاضُهَا کَبَیَاضِ اللَّبَنِ ، عَلَیْهِمْ نِعَالُ الذَّهَبِ شِرَاکُهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ یَتَلَأْلَأُ ».

وَفِی حَدِیثٍ آخَرَ « قَالَ : إِنَّ الْمَلَائِکَهَ لَتَسْتَقْبِلُهُمْ بِنُوقٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّهِ عَلَی رَحَائِلِ الذَّهَبِ مُکَلَّلَهً بِالدُّرِّ وَالْیَاقُوتِ وَجِلَالُهَا الْإِسْتَبْرَقُ وَالسُّنْدُسُ وَخِطَامُهَا جُدُلُ الْأُرْجُوَانِ وَأَزِمَّتُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ ، فَتَطِیرُ بِهِمْ إِلَی الْمَحْشَرِ ، مَعَ کُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَلْفُ مَلَکٍ مِنْ قُدَّامِهِ وَعَنْ یَمِینِهِ وَشِمَالِهِ یَزُفُّونَهُمْ حَتَّی یَنْتَهُوا بِهِمْ إِلَی بَابِ الْجَنَّهِ الْأَعْظَمِ ».

- الحدیث (1)و الوَفْدُ : هم القوم یجتمعون ویَرِدُون البلاد ، واحدهم وَافِدٌ. والوَافِدُ : السابق من الإبل ، ومِنْهُ « إِمَامُ الْقَوْمِ وَافِدُهُمْ » أَیْ سابقهم إِلَی اللهِ « فَقَدِّمُوا أَفْضَلَکُمْ » (2).

وَفِی الدُّعَاءِ « أَنَا عَبْدُکَ الْوَافِدُ عَلَیْکَ ».

أی الوارد القادم إلیک ، یقال وَفَدَ فلانٌ علی الأمیر أی ورد رسولا ، فهو وَافِدٌ ، والجمع وَفْدٌ مثل صاحب وصحب ، وجمع الوَفْد أَوْفَاد ووُفُود ، والاسم الوِفَاد والأَوْفَاد. والوَفَادَه أیضا : القدوم للاسترفاد ، ولفظه یستعار للحج لأنه قدوم إلی بیت الله طلبا لفضله وثوابه وللصلاه ، ومنه الْحَدِیثُ « کَتَبَ عَلَیْکُمْ وِفَادَتَهُ ».

أی حجه. وفِیهِ « حَقُّ الصَّلَاهِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا وِفَادَهٌ إِلَی اللهِ تَعَالَی » (3).

والإِیفَادُ علی الشیء : الإشراف علیه. و « الأَوْفَاد » بفتح الهمزه : قوم من العرب.

قوله : ( فَأَوْقِدْ لِی یا هامانُ عَلَی الطِّینِ ) [ 38 / 38 ] أی فأَجِّجِ النار علی الطین واتخذ الآجُرَّ. قوله : ( اسْتَوْقَدَ ناراً ) [ 2 / 17 ] أی أَوْقَدَ نارا. ووَقَدْتُ النار تَقِدُ من باب وعد وُقُوداً بالضم ، ووَقْداً وقِدَهً ووَقَداً بالتحریک ووَقَدَاناً أی تَوَقَّدْتُ. و « الوَقَدُ » بفتحتین : النار نفسها - قاله الجوهری وغیره. والمَوْقِدُ : موضع الوُقُود کالمجلس موضع الجلوس.

بالذی قال الجنس القائل لذلک القول ، ولذلک جاء الخبر بلفظ الجمع. قوله : ( وَوالِدٍ وَما وَلَدَ ) [ 90 / 3 ] یعنی آدم وذریته ، وَقِیلَ آدَمُ وَمَا وَلَدَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَالْأَوْصِیَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ ، وَهُوَ مَرْوِیٌّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام (1)

و « الوَلَدُ » بفتح اللام والواو وبضمهما وسکون اللام : یطلق علی الواحد والجمع ، وقد یکون الثانی جمع وَلَد کأسد وأسد ومنه وُلْدُ إسماعیل ، وهم العرب من آل قحطان وآل معد. و « الوِلْدُ » بالکسر لغه فی الوُلْدِ بالضم - قاله الجوهری. و[ الوَلَدُ ] کُلُّ مَا وَلَدَهُ شیءٌ ، یطلق علی الذکر والأنثی والمثنی والمجموع ، فعل بمعنی مفعول ، وجمعه أَوْلَاد ، ومنه الْحَدِیثُ « إِنَّ لِی وُلْداً رِجَالاً وَنِسَاءً ».

ومِنْهُ « الْأَئِمَّهِ مِنْ وُلْدِهِ ».

وَفِی الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِکَ مِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ».

یعنی من شر إبلیس وشیاطینه. ووَلَدَتِ المرأهُ تَلِدُ وِلَاداً ووِلَادَهً. والوَالِدَاتُ : الأمهات ، والوَالِدَهُ : الأم وهما وَالِدَانِ. وتَوَلَّدَ الشیءُ من الشیء : نشأ منه. ومِیلَادُ الرجل : الوقت الذی ولد فیه. و « المَوْلِدُ » بکسر اللام الموضع الذی ولد فیه. و « رجل مُوَلَّدٌ » بالتشدید : إذا کان عربیا غیر محض - قاله الجوهری وغیره.

وَفِی حَدِیثِ الْحَسَنِ علیه السلام « إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَهِ فَالْوَلَدُ یُشْبِهُ أَبَاهُ وَعُمُومَتَهُ ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَهِ عَلَی مَاءِ الرَّجُلِ فَهُوَ یُشْبِهُ أُمَّهُ وَأَخَوَاتِهِ وَخُئُولَتَهُ ».

وَفِی الْخَبَرِ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْوَلَدِ؟ فَقَالَ : « مَاءُ الرَّجُلِ أَبْیَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَهِ أَصْفَرُ ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِیُّ الرَّجُلِ مَنِیَّ الْمَرْأَهِ وَلَدَتْ ذَکَراً بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَی وَإِذَا عَلَا مَنِیُّ الْمَرْأَهِ مَنِیَّ الرَّجُلِ وَلَدَتْ أُنْثَی بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَی ».

وَفِی النَّهْجِ « ( لَمْ یَلِدْ ) فَیَکُونَ مَوْلُوداً » (2).

قال ابن أبی الحدید : لقائل أن یقول : کیف یلزم من فرض وقوع أحدهما وقوع الآخر کیف وآدم وَالِدٌ ولیس

ص: 165

بِمَوْلُودٍ ، وإنما المراد أنه یلزم من فرض صحه کونه والدا صحه کونه مولودا ، لأنه لو صح أن یکون والدا علی التفسیر المفهوم من الوالدیه ، وهو أن یتصور من بعض أجزائه حی آخر من نوعه علی سبیل الاستحاله لذلک الجزء ، کما نقله فی النطفه المنفصله من الإنسان المستحیله إلی صوره الأخری حتی یکون منها بشر آخر من نوع الأول لیصح علیه أن یکون هو مولودا من والد آخر قبله ، وذلک لأن الأجسام متماثله فی الجسمیه ، وقد ثبت ذلک بدلیل عقلی واضح فی مواضعه التی هی الملک به ، وکل مثلین فإن أحدهما یصح علی الآخر ، فلو صح کونه والدا لصح کونه مولودا.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا یُلِدَ عَلَی الْفِطْرَهِ ».

ضبط بضم تحتیه وکسر لام بإبدال الواو یاء ، ورُوِیَ « یُولَدُ ».

وَقَدْ تَکَرَّرَ فِیهِ « مَنْ فَعَلَ کَذَا کَانَ لَهُ مِثْلُ مَنْ أَعْتَقَ کَذَا مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ ».

ومعناه أن الله فضلهم علی ولد إسحاق ، وذلک أن النبی صلی الله علیه وآله والأئمه وبنی هاشم من ولد إسماعیل والیهود من ولد إسحاق ، وقد مر فی رقب معنی عتقهم.

وَفِی حَدِیثِ الْغَنِیمَهِ « لَمْ أَجِدْ لِوُلْدِ إِسْمَاعِیلَ عَلَی وُلْدِ إِسْحَاقَ فَضْلاً فِی کِتَابِ اللهِ ».

معناه أن ولد إسحاق من الیهود إذا کانوا مسلمین سواء فی الغنائم وشبهها بمقتضی کلام الله ، فثبتت المساواه بین غیرهما من باب الأولویه.

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِهِ تَعَالَی « ( لَمْ یَلِدْ ) فَیَکُونَ فِی الْعِزِّ مُشَارَکاً ( وَلَمْ یُولَدْ ) فَیَکُونَ مَوْرُوثاً هَالِکاً ».

کذا فی القاموس.

وَفِی النَّهْجِ « ( لَمْ یُولَدْ ) فَیَکُونَ فِی الْعِزِّ مُشَارَکاً و ( لَمْ یَلِدْ ) فَیَکُونَ مَوْرُوثاً هَالِکاً » (1).

قال بعض الأفاضل : وهو أنسب من حیث المعنی.

یَمِینِهِ وَکَفّاً عَنْ یَسَارِهِ وَکَفّاً مِنْ خَلْفِهِ وَاغْتَسَلَ مِنْهُ ».

والوَهْدَهُ بالفتح فالسکون : المنخفض من الأرض. وقد مر فی نضح الوجه فی صب الأکف الأربع فی الجهات الأربع. وجمع الوَهْدَه وَهْدٌ ووِهَادٌ ، قیل : ووِهْدَان. ووَهْدَهُ اللبه : هی نقره النحر بین الترقوتین.

وَفِی الْخَبَرِ « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الهَدِّ وَالهَدَّهِ ».

وفسر الهَدُّ بالهدم ، والهَدَّهُ بالخسف.

وَفِی خَبَرِ الِاسْتِسْقَاءِ « ثُمَ هَدَّتْ وَدَرَّتْ ».

الهَدُّ صوت ما یقع من السماء. وهَدَّ البناءَ یَهُدُّهُ : کسره وضعضعه وهَدَّتْهُ المصیبهُ : أی أوهت رکنه. وهَدْهَدَهُ الحمامِ دَوِیُّ هَدِیرِهِ. والتَّهْدِیدُ : التخویف وکذا التَّهَدُّدُ.

الیاء الزائده ، یقال کانت الیَهُودُ تنسب إلی یَهُودَا بن یعقوب فسمیت یَهُوداً. وأعربت بالدال هودا.

وَهُودُ النَّبِیُّ علیه السلام قِیلَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ خلُودِ بْنِ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ، قِیلَ عَاشَ ثَمَانَمِائَهٍ وَسَبْعاً. وَفِی مَجْمَعِ الْبَیَانِ هُودُ بْنُ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ - انْتَهَی.

قیل ومعنی هُود أنه هدی إلی ما ضل عنه قومه وبعث لیهدیهم من ضلالتهم ، قِیلَ وَهود [ نُوحٌ ] بَشَّرَ بِنُبُوَّهِ نوح [هُودٍ] علیه السلام وَهُوَ بَشَّرَ بِنُبُوَّهِ إِبْرَاهِیمَ ، فَلَمَّا انْتَهَتِ النُّبُوَّهُ إِلَی یُوسُفَ علیه السلام جُعِلَتْ فِی أَسْبَاطِ إِخْوَتِهِ حَتَّی انْتَهَتِ النُّبُوَّهُ إِلَی مُوسَی علیه السلام ، فَلَمَّا نَزَلَتِ التَّوْرَاهُ عَلَی مُوسَی بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله ، وَکَذَا عِیسَی علیه السلام بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله.

قوله : ( أَخاهُمْ هُوداً ) [ 7 / 65 ] أی فی النسب لا فی الدین ، وإنما قال ( أَخاهُمْ ) لأنه أبلغ فی الحجه علیهم. قوله : ( وَقالَتِ الْیَهُودُ ) [ 2 / 113 ] الآیه الیَهُودُ قوم موسی ، وهو اسم لا ینصرف للعلمیه والتأنیث ، لأنه یجری فی کلامهم مجری القبیله. قال الزمخشری : والأصل فی یَهُود ومجوس أن یستعملا بغیر لام التعریف ، لأنهما علمان خاصان لقومین کقبیلتین ، وإنما جوزوا تعریفهما باللام لأنه أجری یَهُودِیّ ویَهُود مجری شعیره وشعیر. قوله : ( إِنَّا هُدْنا إِلَیْکَ ) [ 7 / 156 ] أی تبنا. و « الهَوْدُ » فی العرف التوبه ، یقال هَادَ یَهُودُ هَوْداً : إذا تاب ورجع إلی الحق. ومنه قول بعضهم « یا صاحب الذنب هُدْ هُدْ واسجُدْ کأنک هُدْهُد ». وقیل ( « هُدْنا إِلَیْکَ » ) أی سکنا إلی أمرک.

وَعَنِ الصَّادِقِ علیه السلام سُمِّیَ قَوْمُ مُوسَی الْیَهُودَ لِقَوْلِهِ تَعَالَی : ( إِنَّا هُدْنا إِلَیْکَ ).

وتَهَوَّدَ الرجلُ : صار یهودیا ».

وَفِی الْحَدِیثِ « فَأَبَوَاهُ یُهَوِّدَانِهِ وَیُنَصِّرَانِهِ ».

ص: 169

أی یعلمانه دین الیهود والنصاری. ویتم البحث فی فطر إن شاء الله تعالی. والتَّهْوِیدُ : المشی الروید مثل الدبیب ، وأصله من الهَوَادَهِ بفتح الهاء ، وهی السکون والمحاباه والصلح والمیل واللین. ومنه ما ذکر

فِی وَصْفِ عَلِیٍّ علیه السلام « وَلَا لِأَحَدٍ عِنْدَکَ هَوَادَهٌ ».

أی لا تسکن عند وجوب حد الله ولا تحابی فیه أحدا. والتَّهْوِیدُ أیضا : النوم.

ص: 172

وَیَعْصُونِّی فَیَخْلِطُونَ أَعْمَالَهُمُ السَّیِّئَهَ بِأَعْمَالٍ حَسَنَهٍ ، فَهَؤُلَاءِ أَمْرُهُمْ إِلَیَّ إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُمْ فَبِعَدْلِی وَإِنْ شِئْتُ عَفَوْتُ عَنْهُمْ فَبِفَضْلِی.

فأعلمه تعالی بالکائن قبل أن یکونوا لیزداد آدم یقینا بربه ویدعوه ذلک إلی توقیره وطاعته والتمسک بأوامره واجتناب زواجره. ثم قال : والأخبار التی جاءت بأن ذریه آدم استنطقوا فنطقوا فأخذ علیهم العهد فأقروا فهی أخبار ناسخه ، وقد خلطوا فیها ومزجوا الحق بالباطل ، والمعتمد ما ذکرناه ، فإن تعلق متعلق بقوله تعالی : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِنْ بَنِی آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلی أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلی شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَهِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هذا غافِلِینَ ) فظاهر هذا القول یحقق ما رواه أهل التناسخ والحشویه والعامه فی إنطاق الذریه وخطابهم وأنهم کانوا أحیاء ناطقین ، فالجواب عنه أن لهذه الآیه من المجاز فی اللغه کتطایرها مما هو مجاز واستعاره ، والمعنی فیها أن الله أخذ من کل مکلف یخرج من ظهر آدم وظهور ذریاته العهد علیهم بربوبیته من حیث أکمل عقله ودله بآثار الصنعه علی حدوثه ، وأن له محدثا أحدثه لا یشبهه یستحق العباده منه بنعمته علیه ، فذاک هو أَخْذُ العهد منهم وآثار الصنعه فیهم ، والإشهاد لهم علی أنفسهم بأن الله ربهم ، وقوله تعالی : ( قالُوا بَلی ) یرید به أنهم لم یمتنعوا من لزوم آثار الصنعه فیهم ودلائل حدثهم اللازمه لهم وحجه العقل علیهم فی إثبات صانعهم ، وکأنه سبحانه لما ألزمهم الحجه بعقولهم علی حدوثهم ووجود محدثهم قال : ( أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ؟ ) فلما لم یقدروا علی الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم کأنهم قائلین ( بَلی شَهِدْنا ). وقوله : ( أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَهِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هذا غافِلِینَ ) و ( تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَکَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَکُنَّا ذُرِّیَّهً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِکُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) ألا تری أنه احتج علیهم بما لا یقدرون یوم القیامه أن یتأولوا فی إنکارهم ولا یستطیعون - انتهی کلامه.

ص: 174

وأقول : أنت خبیر بأن حدیث أَخْذِ المیثاق علی العباد فی عالم الذر واستنطاقهم فیه مشهور بین الفریقین منقول بطرق عدیده فلا مجال لإنکاره ، إلا أن بعض علماء القوم جد فی الهرب عن ظاهره لما یرد علیه من الآیه الشریفه ، وذلک لأن قوله تعالی : ( أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَهِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هذا غافِلِینَ ) إن کان هذا الإقرار عن ضروره فلهم أن یقولوا یوم القیامه شهدنا یومئذ ، فلما زال عنا علم الضروره ووکلنا إلی آرائنا فمنا من أصاب ومنا من أخطأ ، وإن کان عن استدلال مؤید بعصمه عن الخطإ فلهم أن یقولوا یوم القیامه شهادتنا یومئذ کانت مؤیده بالعصمه ، فلما زالت منا فمنا من أصاب ومنا من أخطأ ، فیبطل الاحتجاج علیهم. ویمکن الجواب عن ذلک : أما علی اعتقاد أن التکلیف بالإقرار مطلوب من العباد فی کل من العالمین فهو أن نقول : إنا نختار أن الإقرار کان عن ضروره لبعد احتمال غیره. قولکم لهم : أن یقولوا یوم القیامه شهدنا یومئذ ، فلما زال عنا علم الضروره ووکلنا إلی آرائنا فمنا من أصاب ومنا من أخطأ. قلنا : غیر مسلم أن العباد وکلوا إلی آرائهم فی التکلیف ، وإنما هو عن علم ضروری أیضا لکنه مشروط بمقدمات نظریه مقدوره مأمور بها ، فمن ساعده جده وتوفیقه وصل إلی ذلک العلم الضروری وارتفع الاحتجاج علیهم ، ومن قصر عن تحصیل تلک المقدمات حرم علم الضروره وقامت الحجه علیهم یوم القیامه. وأما علی اعتقاد أن التکلیف بالإقرار إنما هو فی العالم الأول وبه تقوم الحجه علی العباد دون الثانی وإنما وقع التکلیف الثانی مؤکدا وکاشفا عنه ، کما یشهد له بعض الأخبار فالحجه علی العباد قائمه بلا تکلف. وبذلک یندفع المحظور الموجب لصرف کل من الآیه والحدیث عن الظاهر منهما. والله أعلم. قوله : ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْیَهُودَ وَالنَّصاری أَوْلِیاءَ ) [ 5 / 51 ] قال المفسر : الاتِّخَاذُ الاعتماد علی الشیء

ص: 175

فی إعداده لأمر ، وهو افتعال من الأخذ والأصل « ایتخاذ » فغیر ، أی لا تعتمدوا علی الاستنصار بهم متوددین إلیهم. قوله : ( إِنَّکُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَکُمْ بِاتِّخاذِکُمُ الْعِجْلَ ) [ 2 / 54 ] هو افتعال من الأخذ إلا أنه أدغم وأبدل ، ثم توهموا أن التاء أصلیه فبنوا منه فعل یفعل وقالوا تَخِذَ یَتْخَذُ من باب تعب تَخَذاً بفتح الخاء وسکونها. وقرئ لَتَخِذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً حکاه الجوهری. قوله : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِیمَ مُصَلًّی ) [ 2 / 125 ] قرأ نافع وابن عامر وَاتَّخَذُوا علی صیغه الماضی عطفا علی ( جَعَلْنَا ) ، وباقی القراء علی صیغه الأمر. قوله : ( أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُ ) [ 7 / 150 ] أی أخذ رأس أخیه. قوله : ( خُذُوا ما آتَیْناکُمْ بِقُوَّهٍ ) [ 2 / 63 ] أی تناولوا ، من قولهم أَخَذْتُ الشیءَ أَخْذاً : أی تناولته. ومثله ( فَأَخَذَتْکُمُ الصَّاعِقَهُ ) [ 2 / 55 ] أی تناولتکم ، وهی موت أو عذاب مهلک. وأَخَذَهُ اللهُ : أهلکه. وأَخَذَهُ اللهُ بذنبه : عاقبه علیه. والعامه تقول « وَاخَذَهُ » ، ومنه قوله : ( ثُمَ أَخَذْتُها ) [ 22 / 48 ]. قوله : ( لا یُؤاخِذُکُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِی أَیْمانِکُمْ ) [ 2 / 225 ] قال فی المصباح وقرأ بعض السبعه یُوَاخِذُکُم بالواو. قوله : ( وَیَأْخُذُ الصَّدَقاتِ ) [ 9 / 104 ] أی یقبلها إذا صدرت عن خلوص النیه قوله : ( وَأْمُرْ قَوْمَکَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها ) [ 7 / 145 ] یعنی ما فیها حسن وما هو أحسن کالاقتصاص والعفو والانتصار والصبر ، فمرهم أن یأخذوا بما هو أدخل فی الحسن وأکثر للثواب ، کقوله ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ ) وقیل یأخذوا بما هو واجب أو ندب لأنه أحسن من المباح.

وَفِی الْحَدِیثِ « خُذُوا عَلَی یَدِ الظَّالِمِ السَّفِیهِ ».

أی امنعوه عما یرید فعله وأمسکوا یده. ومثله « أَخَذْتُ علی یده » ، وقیل اتقوا أَخْذَ الآخِذِ یعنی ابتداء الأمور فیه. وأَخَذَهُ بیده أَخْذاً : تناوله.

ص: 176

وأَخَذَ من الشعر : قص. والأَخْذُ من الشارب : قصه وقطع شیء من شعره. وأَخَتَ کذا یبدلون الذال تاء فیدغمونها فی التاء ، وبعضهم - وهو القلیل - یظهر الذال. واتَّخَذْتُ صدیقا : جعلته. واتَّخَذْتُ مالا : کسبته. وآخَذَهُ بالمد مُؤَاخَذَهً ، ومنه قرئ آیه لَا یُوَاخِذُکُم بالواو کما سبق. ومن أمثال العرب « أَخَذَتْهُ الأَخْذَهُ » قال الفراء نقلا عنه : الأَخْذَهُ السحر ، ومنه قولهم « فی یده أَخْذَهٌ » أی حیله یسحر بها. والأَخِیذُ : الأسیر فعیل بمعنی مفعول ، والمرأه أَخِیذَهٌ.

وَفِی الْخَبَرِ « وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِکُمْ ».

روی اسم فاعل بکسر خاء وتنوین ذال وفعل مضارع بضم خاء بلا تنوین

والدال قال فی النهایه ، والجیم أشبه ، أی مقطوع ، وهی کنایه عن عدم الناصر له ، أو أن أصبر علی طخیه عمیاء أی ظلمه لا یهتدی فیها للحق ، وکنی بها عن التباس الأمور فی أمر الخلافه - کذا ذکره الفاضل المتبحر میثم رحمه الله.

وَفِی حَدِیثِ الْأُضْحِیَّهِ « نَهَی عَنِ الْجَذَّاءِ ».

وهی المقطوعه الأذن کما وردت به الروایه (1). والجِذَاذُ بالکسر : صرام النخل لغه فی الجُذَاذِ. والجَذِیذَهُ : شربه من سویق ، سمیت بذلک لأنها تجذ أی تدق وتطحن. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام « کَانَ یَشْرَبُ جَذِیذاً حِینَ یُفْطِرُ ».

أی قد انقطع درها وخیرها.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَمَرَنِی أَنْ أَضَعَ کُلَ شَاذٍّ عَنِ الطَّرِیقِ ».

أی منفرد واضع ، أی أترک صدقته.

وَفِی حَدِیثِ التَّعَارُضِ « وَاتْرُکِ الشَّاذَّ الَّذِی لَیْسَ بِمَشْهُورٍ ».

یعنی الحدیث الذی لا شهره فیه بین الأصحاب. و « الشَّاذَرْوَان » بفتح الذال من جدار البیت الحرام ، وهو الذی ترک من عرض الأساس خارجا ، ویسمی تَأْزِیراً لأنه کالإزار للبیت.

ویتم الکلام فی عشر إنشاء الله تعالی. وعُذْتُ بفلان واسْتَعَذْتُ به : أی لجأت إلیه واعتصمت به. وهو عِیَاذِی : أی ملجئی. وعَوَّذْتُ الصغیر بالله : أی عصمته به. وأَعَذْتُ غیری وعَوَّذْتُهُ به بمعنی. والعُوذَهُ والتَّعْوِیذُ بمعنی. ومنه الْحَدِیثُ « سَأَلْتُهُ عَنِ التَّعْوِیذِ یُعَلَّقُ عَلَی الْحَائِضِ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « اقْرَأِ الْمُعَوِّذَتَیْنِ ».

هما بضم میم وکسر واو دون ضمها یعنی سوره الفلق وسوره الناس ،

سُمِّیَتَا بِذَلِکَ لِأَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام کَانَ عَوَّذَ بِهِمَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله حِینَ وُعِکَ.

وَفِی بَعْضِ الْأَحَادِیثِ « ثُمَّ اقْرَأِ الْمُعَوِّذَاتِ الثَّلَاثَ ».

کأنه أراد بها المعوذتین و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) لأنها یعوذ بها أیضا. وقولهم « أنا عَائِذٌ » و « مُتَعَوِّذٌ بالله من النار » مثل مستجیر بالله.

وَفِی الْخَبَرِ مَنِ « اسْتَعَاذَکُمْ بِاللهِ فَأَعِیذُوهُ ».

أی من استعاذ بکم وطلب منکم رفع شرکم أو شر غیرکم عنه قائلا « بالله علیک أن تدفع عنی شرک أو شر غیرک » فأجیبوه. وقوله : « عَائِذاً بالله من النار » یجوز فیه وجهان : الرفع والتقدیر أنا عائذ ومتعوذ کما یقال مستجیر بالله ، والنصب علی المصدر أی أعوذ بک عیاذا ، أقام اسم الفاعل مقام المصدر کقولهم « قائما ».

وَفِی الدُّعَاءِ « هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِکَ ».

أی المُسْتَعِیذ المستعصم بک الملتجئ إلیک المستجیر بک. وفِیهِ « نَعُوذُ بِکَ مِنَ الْفَقْرِ ».

أی إلی الناس ، ومن الکسل لعدم انبعاث النفس للخیر ، ومن العجز لأنه عدم القدره ، ومن الهرم لأنه أرذل العمر وفیه ما فیه من اختلال العقل والحواس وتشویه بعض المنظر والعجز عن کثیر من الطاعات ، ومن الجبن لأنه یمنع من الإغلاظ علی العصاه ، ومن الکبر بسکون الباء یعنی التعظیم علی الغیر وبفتحها بمعنی الهرم. والعُوذُ جمع عَائِذ بالذال المعجمه ، وهی کل أنثی قریبه العهد بالولاده ، وهی سبعه أیام إلی عشره أیام وخمسه عشر

ص: 184

وهی مطفل.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی قَوْمِهِ النَّاکِثِینَ « فَأَقْبَلْتُمْ إِلَیَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ المَطَافِیلِ عَلَی أَوْلَادِهَا » (1).

و المُطْفِلُ : ذات طفل والجمع مَطَافِیلُ. و « عَائِذٌ الأحمسی » اسم رجل من رواه الحدیث. و « عَائِذَهُ » أبو حی من ضبه ، والنسبه إلیه عَائِذِیٌ. و « مُعَاذُ بن جبل » علی صیغه اسم المفعول صحابی (2).

والآیه الفَاذَّهُ - بتشدید الذال - ، المنفرده فی معناها لیس مثلها آیه أخری فی قله ألفاظ وکثره معان.

وَفِی الْحَدِیثِ « فَضْلُ صَلَاهِ الْجَمَاعَهِ عَلَی صَلَاهِ الْفَذِّ ».

أی الواحد « بسبع وعشرین درجه » وروی « بخمس وعشرین » (1)ولعل اختلاف الروایه بسبب فوات خشوع وکمال ثم لا یقنع بدرجه عن الدرجات إلا أحد رجلین أما غیر مصدق لتلک النعمه العظمیه أو سفیه لا یهتدی لتلک التجاره الرابحه

وأنضم وأستغیث. ومثله « بِکَ أَعُوذُ وَبِکَ أَلُوذُ ».

وقوله « وتَلُوذُ بسبابتک » أی تتضرع بسباتک بتحریکها. و « لَوْذَانُ » بالفتح اسم رجل. ولَاوِذُ بن سام بن نوح علیه السلام

قال الشیخ أبو علی : وفیه دلاله علی أنه واجب علی العلماء أن یبینوا الحق للناس ولا یکتمون شیئا منه لغرض فاسد من جر منفعه أو لبخل فی العلم أو تطیب نفس ظالم أو غیر ذلک.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام « مَا أَخَذَ اللهُ عَلَی الْجُهَّالِ أَنْ یَتَعَلَّمُوا حَتَّی أَخَذَ عَلَی أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ یُعَلِّمُوا » (1).

قوله : ( فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلی سَواءٍ ) [ 8 / 58 ] معناه إذا هادنت قوما فعلمت منهم النقض للعهد فکذا. وفی التفسیر : اطرح العهد علیهم علی سواء. قوله : ( إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها ) [ 19 / 16 ] أی اعتزلهم بمعزل بعید عن القوم. والمُنَابَذَهُ : المکاشفه. ومنه « نَابِذَهٌ فی الحرب » أی کاشفه. ونَابَذْتُهُمُ الحربَ : کاشفتهم إیاها وجاهرتهم بها. ومنه الْخَبَرُ « فَإِنْ أَبَیْتُمْ نَابَذْنَاکُمْ عَلَی سَوَاءٍ ».

أی کاشفناکم وقابلناکم علی سواء أی علی طریق مستقیم فی العلم بالمنابذه منا ومنکم. ومنه الْحَدِیثُ الْقُدْسِیُ « نَابَذَنِی مَنْ أَذَلَّ عَبْدِیَ الْمُؤْمِنَ ».

والنَّبِیذُ : ما یعمل من الأشربه من التمر والزبیب والعسل والحنطه والشعیر وغیر ذلک ، یقال نَبَذْتُ التمرَ والعنبَ : إذا ترکت علیه الماء لیصیر نبیذا ، فصرف من مفعول إلی فعیل.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَصْلُ النَّبِیذِ حَلَالٌ وَأَصْلُ الْخَمْرِ حَرَامٌ ».

کأنه أراد بالأصل الأول العنب وهو حلال وبالأصل الثانی النَّبِیذُ وهو حرام. وانْتَبَذْتُهُ : اتخذته نبیذا سواء کان مسکرا أو غیر مسکر ، ویقال للخمر المعتصر من العنب نَبِیذٌ کما یقال لِلنَّبِیذِ خمر - کذا ذکره بعض شراح الحدیث. وفِیهِ « أَنَّهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ تَوَضَّأَ بِالنَّبِیذِ ».

ولیس هو مسکر کما توهمه ظاهر العباره وإنما هو ماء مالح قد نُبِذَ به

ص: 189

تمرات لیطیب طعمه وقد کان ماء صافیا فوقها کما جاءت الروایه بتفسیره. وقیل إذا أصابک خمر أو نَبِیذٌ فاغسله یعنی نبیذا مسکرا. والنَّبْذُ : الشیء الیسیر ، یقال ذهب ماله وبقی نَبْذٌ منه. والمَنْبُوذُ : ولد الزنا والصبی تلقیه أمه فی الطریق ، یقال نَبَذْتُهُ نَبْذاً من باب ضرب : ألقته فهو مَنْبُوذٌ.

وَفِی الْخَبَرِ « نَهَی عَنِ الْمُنَابَذَهِ فِی الْبَیْعِ ».

وفسرت بأن تقول إذا نَبَذْتَ متاعَک أو نَبَذْتُ متاعی فقد وجب البیع ، أو یقول انْبِذْ إلیَّ الثوبَ أو أَنْبِذُهُ إلیک لیجب البیع ، وإذا انْتَبَذْتُ إلیک الحصاه فقد وجب البیع.

وَفِی مَعَانِی الْأَخْبَارِ « وَنَهَی عَنِ الْمُنَابَذَهِ وَالْمُلَامَسَهِ وَبَیْعِ الْحَصَی ».

ثم قال : وهذه بیوع کان أهل الجاهلیه یتبایعون بها. و « جلس نُبْذَهً » بضم النون وفتحها : أی ناحیه

أَنْبَی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ » (1).

یحتمل أن یرید بها النَّوَاجِذ المشهوره ، أو التی تلی الأنیاب وهی الأضراس کلها جمع فی نَاجِذ ، ومعنی الکلام المبالغه فی التمسک فی هذه الوصیه بجمیع ما یمکن من الأسباب المعینه علیه کالذی یتمسک بالشیء ویستعین علیه بأسنانه استظهارا للمحافظه ویحتمل أی تمسکوا بها کما یتمسک العاض بجمیع أضراسه. و « الأَنْجُذَان » بضم الجیم : نبات یقاوم السموم جید لوجع المفاصل جاذب مدر محدث للطمث - قاله فی القاموس

ویسرع به ، والمعنی لا تسرعوا بقراءه القرآن کما تسرعون فی قراءه الشعر ، ولا تفرقوا بعضه عن بعض وتنثروه کنثر الرمل ، ولکن بینوه ورتلوه ترتیلا کما أمر به فی قوله تعالی ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِیلاً ).

ص: 194

ص: 196

قوله : ( « أَثارَهٍ مِنْ عِلْمٍ » ) أی بقیه من علم تؤثر عن الأولین أی تسند إلیهم أو علم مَأْثُور. قوله : ( وَنَکْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ ) [ 36 / 12 ] السین فیها وفی نظائرها للتأکید ، ( وَآثارَهُمْ ) أی ما قدموا من الأعمال وما سنوه بعدهم حسنه کانت أو قبیحه ، ومثله ( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) وقیل آثارَهُمْ أی أقدامهم فی الأرض ، أراد مشیهم إلی العباده. وآثَارُ الأعمال : ما بقی منها. ومنه قوله تعالی : ( فَانْظُرْ إِلی آثارِ رَحْمَتِ اللهِ ) [ 30 / 50 ] أی ما بقی منها. قوله : ( وَإِنَّا عَلی آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) [ 43 / 23 ] أی علی سنتهم فی الدین. قوله : ( هُمْ أُولاءِ عَلی أَثَرِی ) [ 20 / 84 ] هو من قولهم « خرجت فی أَثَرِهِ » بفتحتین ، وفی إِثْرِهِ بکسر الهمزه فالسکون أی تبعته عن قریب. قوله : ( إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ یُؤْثَرُ ) [ 74 / 24 ] أی ما تقوله سحر یؤثر وینقل عن أهل بابل. قوله : ( وَیُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ ) [ 59 / 9 ] أی یقدمون علی أنفسهم ، من قولهم « آثره علی نفسه » قدمه وفضله. قوله : ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیاهَ الدُّنْیا ) [ 87 / 16 ] أی تقدمونها وتفضلونها علی الآخره. قال الشیخ أبو علی قرأ أبو عمر وغیره بالیاء التحتانیه والباقون بالتاء علی الخطاب. وقال فی قوله : ( فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً ) [ 100 / 4 ] بتشدید الثاء وهو من التأثیر فالهمزه فاء الفعل ، فَأَثَرْنَ بالتخفیف من الإثاره. والنَّقْعُ : الغبار.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَهُوَ الْمَأْثُورُ ».

أی المقدم المفضل علی غیره من الشهور. والأُثْرُ بالضم : أثر الجراح یبقی بعد البرء. وسنن النبی صلی الله علیه وآله آثَارُهُ. وأَثَرْتُ الحدیثَ أَثْراً من باب قتل : نقلته. و « الأَثَرُ » بفتحتین الاسم منه.

ص: 198

وحدیث مَأْثُور : ینقله خلفا عن سلف. وأَثَرُ الدار : بقیتها ، والجمع آثَار مثل سبب وأسباب.

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِهِمْ علیه السلام « آثَارُکُمْ فِی الْآثَارِ وَقُبُورُکُمْ فِی الْقُبُورِ ».

ونحو ذلک ، ولعل المراد بذلک شده الامتزاج بهم والاختلاط معهم.

وَفِی الْخَبَرِ « فَبَعَثَ فِی آثَارِهِمْ ».

أی فبعث الطالب وراءهم. وفِیهِ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَبْسُطَ اللهُ فِی رِزْقِهِ وَیَنْسَأَ فِی أَثَرِهِ فَلْیَصِلْ رَحِمَهُ ».

الأَثَرُ : الأجل ، سمی به لأنه یتبع العمر. ومنه قولهم « قُطِعَ أَثَرُهُ » أی أجله ، لأن من مات لم یبق له أثر. واسْتَأْثَرَ فلان بالشیء : استبد به ، والاسم الأَثَرَهُ بالتحریک.

وَفِی الْخَبَرِ « أَنَّهُ قَالَ صلی الله علیه وآله لِلْأَنْصَارِ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِی أَثَرَهً فَاصْبِرُوا ».

الأَثَرَهُ بفتح الهمزه والثاء الاسم من آثَرَ یُؤْثِرُ إِیثَاراً : إذا أعطی ، أراد أنه یستأثر علیکم فیفضل غیرکم فی نصیبه من الفیء. والاسْتِیثَارُ : الانفراد.

وَفِی خَبَرِ مَنْ مَرَّ عَلَیْهِ وَهُوَ یُصَلِّی « قَطَعَ اللهُ أَثَرَهُ ».

دعاء علیه بالزمانه لیقطع مشیته. والتَّأْثِیرُ : إبقاء الأثر فی الشیء. واسْتَأْثَرَ اللهُ بفلان : إذا مات ورجا له الغفران - قاله الجوهری. والمَأْثُرَهُ بالضم : المکرمه لأنها تؤثر ویتحدث بها.

بابی ضرب وقتل ، وآجَرَهُ اللهُ بالمد لغه ثالثه : أثابه.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی عِلَّهٍ اعْتَلَّهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ « جَعَلَ اللهُ [ مَا کَانَ مِنْ ] شَکْوَاکَ حَطّاً لِسَیِّئَاتِکَ ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِیهِ وَلَکِنْ یَحُطُّ السَّیِّئَاتِ وَیَحُتُّهَا حَتَّ الْأَوْرَاقِ ، وَإِنَّمَا الْأَجْرُ فِی الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلِ بِالْأَیْدِی وَالْأَقْدَامِ ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَی یُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّیَّهِ وَالسَّرِیرَهِ الصَّالِحَهِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّهَ » (1).

قال السید رضی : قَوْلُهُ « إِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِیهِ ».

لیس ذلک علی إطلاقه ، وذلک لأن المریض إذا احتمل المشقه التی حملها الله علیه احتسابا کان له أَجْرُ الثواب علی ذلک والعوض علی المرض ، فعلی فعل العبد إذا کان مشروعا الثواب وعلی فعل الله إذا کان ألما علی سبیل الاختبار العوض (2)، وهو کلام حسن. وآجَرْتُهُ علی فعله : إذا جعلت له أجرا. والأُجْرَهُ : الکراء ، والجمع أُجَر مثل غرفه وغرف. قال فی المصباح : وربما جمعت علی أُجُرَات بضم الجیم وفتحها وآجَرْتُهُ الدارَ : أکریتها. والإِجَارَه : هی العقد علی تملک منفعه بعوض معلوم.

وَفِی خَبَرِ الْأَضَاحِیِ « کُلُوا وَادَّخِرُوا وَائْتَجِرُوا ».

أی تصدقوا طالبین الأجر بذلک ، ولا یجوز فیه اتجروا بالإدغام لأن الهمزه لا تدغم فی التاء ، وإنما هو من الأجر لا من التجاره. و « ائْتَجَرَ علیه بعضُ إخوانه بکفن » أی تصدق.

ص: 200

وَفِی حَدِیثِ أُمِّ سَلَمَهَ « آجِرْنِی فِی مُصِیبَتِی وَأَخْلِفْ لِی خَیْراً مِنْهَا ».

هو من قولهم آجَرَهُ یُؤْجِرُهُ : إذا أصابه وأعطاه الأجر والجزاء. وکذلک آجَرَهُ بِأُجْرَهٍ ، والأمر منهما آجِرْنِی. والمَأْجُورُ : المثاب. ومنه « کَانَ مَأْجُوراً کُلَّمَا نَظَرَ إِلَیْهِ ».

أی مثابا. واسْتَأْجَرْتُ العبدَ : إذا اتخذته أجیرا. والأَجِیرُ : المُسْتَأْجَرُ بفتح الجیم. و « الآجُرُّ » بالمد والتشدید أشهر من التخفیف : اللبن إذا طبخ ، والواحده آجُرَّهٌ ، وهو معرب - قاله الجوهری وغیره وآجَرُ بالمد : أُمُّ إسماعیل.

فلم یلتفت منکم أحد ، و ( أُخْراکُمْ ) لیس بتأنیث آخِر بکسر الخاء وإنما هو تأنیث آخَر بفتح الخاء کفضلی وأفضل. قوله : ( فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا یَسْتَأْخِرُونَ ) [ 7 / 34 ] هو من التَّأْخِیرِ نقیض التقدیم. قوله : ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَهِ ) [ 17 / 7 ] أی قیام الساعه ، والآخِرَهُ خلاف الدنیا. قوله : ( ما سَمِعْنا بِهذا فِی الْمِلَّهِ الْآخِرَهِ ) [ 38 / 7 ] هی مله عیسی علیه السلام لأنها آخر الملل. قوله : ( وَلَدارُ الْآخِرَهِ خَیْرٌ ) [ 6 / 32 ] أی ولدار الساعه الآخره ، لأن الشیء لا یضاف إلی نفسه. قوله : ( وَآخَرُ مِنْ شَکْلِهِ أَزْواجٌ ) [ 38 / 58 ] هو بفتح الخاء غیر الأول ، یعنی الحمیم والغساق. والآخر أزواج. والآخِر بکسر الخاء خلاف الأول ، ومنه قوله تعالی : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ).

وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَی ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ) فَقَالَ : لَیْسَ شَیْءٌ إِلَّا یَبِیدُ وَیَتَغَیَّرُ أَوْ یَدْخُلُهُ التَّغْیِیرُ وَالزَّوَالُ إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِینَ ، فَإِنَّهُ لَمْ یَزَلْ وَلَا یَزَالُ بِحَالَهٍ وَاحِدَهٍ ، هُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ کُلِّ شَیْءٍ وَهُوَ الْآخِرُ عَلَی مَا لَمْ یَزَلْ ، لَا یَخْتَلِفُ عَلَیْهِ الصِّفَاتُ وَالْأَسْمَاءُ کَمَا تَخْتَلِفُ عَلَی غَیْرِهِ مِثْلِ الْإِنْسَانِ یَکُونُ تُرَاباً مَرَّهً وَمَرَّهً لَحْماً وَمَرَّهً دَماً وَمَرَّهً رَمِیماً ، وَکَالْبُسْرِ الَّذِی یَکُونُ مَرَّهً بَلَحاً وَمَرَّهً بُسْراً وَمَرَّهً رُطَباً وَمَرَّهً تَمْراً ، فَتَتَبَدَّلُ عَلَیْهِ الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ وَاللهُ بِخِلَافِ ذَلِکَ (1).

وفِی حَدِیثٍ آخَرَ « الْأَوَّلُ لَا عَنْ أَوَّلٍ قَبْلَهُ وَلَا عَنْ بَدْءٍ سَبَقَهُ وَالْآخِرُ لَا عَنْ نِهَایَهٍ کَمَا یُعْقَلُ مِنْ صِفَهِ الْمَخْلُوقِینَ وَلَکِنْ قَدِیمٌ أَوَّلٌ آخِرٌ لَمْ یَزَلْ » (2).

والْآخِرُ فی أسمائه تعالی وهو الباقی بعد فناء خلقه ، والمُؤَخِّرُ أیضا وهو الذی یؤخر الأشیاء فیضعها مواضعها.

ص: 202

ویوم النفر الآخِر : الیوم الثالث من أیام التشریق ، والنفر الأول الیوم الثانی منها. وآخِرُ لیله من الشهر : یحتمل التسع والسلخ. والتَّأْخِیرُ : نقیض التقدیم. وجاء أَخِیراً : أی آخرا. وجاء آخِراً مثل أخیر.

وَفِی الْخَبَرِ « مَنْ کَانَ آخِرُ کَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَکَذَا » (1).

آخِر یقرأ بالرفع والنصب ، قیل ولا یشترط التلفظ عند الموت ، إذ حکم الإیمان بالاستصحاب والآخِر یجمع علی الأَوَاخِر والأُخْرَی علی الأُخْرَیَات وأُخَر مثل کبری وکبریات وکبر. ومنه قولهم : « جاءوا فی أُخْرَیَات الناس » أی فی أواخرهم. وأُخَر جمع أُخْرَی ، وأُخْرَی تأنیث آخَر ، وهو غیر منصرف. قال تعالی : ( فَعِدَّهٌ مِنْ أَیَّامٍ أُخَرَ ).

وَقَوْلُهُ : « آخِرَ مَا کلَّمهم ».

نصب علی الظرف ، أی فی آخر ما کلمهم. وأَخَّرْتُهُ فَتَأَخَّرَ ، واسْتَأْخَرَ مثل تَأَخَّرَ

وَفِی الْحَدِیثِ « الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ ».

الجمع لملاحظه الجنس أو لإبانه الظاهر. وقوله : « یغفر ما بینه وبین الجمعه الأُخْرَی » أی ما بین یوم الجمعه هذا وبین الجمعه الأخری أی الماضیه والمستقبله. و « شق ثوبه أُخُراً ومن أُخُرٍ » بضمتین فیهما أی من مؤخره. ومُؤْخِرُ العین کمؤمن : الذی یلی الصدغ ، ومقدمها الذی یلی الأنف - قاله الجوهری وغیره.

مَا هُنَاکَ لِئَلَّا یَخْرُجَ مِنْهُ شَیْءٌ » (1).

قال بعض الشارحین : أراد بقوله : « فَالْإِزَارُ » الاستفسار من الإمام علیه السلام أنه هل یستغنی عنه بهذه الخرقه أم لا؟ ویمکن أن یکون مراده أن الإِزَارَ هو الثالث من الأثواب ، وبه یتم الکفن المفروض ، فما هذه الرابعه؟ فأجاب عنها بأنها غیر معدوده من الکفن فلا یستغنی بها عن شیء من أثوابه ولا یزیدها قطع الکفن عن الثلاثه. وفی الصحاح وغیره المِئْزَرُ : الإِزَار یلتحف به. وفی کتب الفقه ویذکرون المِئْزَرَ مقابلا لِلْإِزَارِ ویریدون به غیره ، وحینئذ لا بعد فی الاشتراک ویعرف المراد بالقرینه

وَفِی الْخَبَرِ « إِزْرَهُ الْمُؤْمِنِ إِلَی نِصْفِ السَّاقِ وَلَا جُنَاحَ عَلَیْهِ فِیمَا بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْکَعْبَیْنِ ».

الإِزْرَهُ بالکسر : الحاله وهیئه الائتزار کالرکبه والجلسه.

وَفِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِ « الْعَظَمَهُ إِزَارِی وَالْکِبْرِیَاءُ رِدَائِی ».

وقد مر البحث فی ردی. وفی حدیث العشر الأواخر من شهر رمضان « وشَدَّ المِئْزَرَ » (2)أی الإِزَار کنی به عن اعتزال النساء ، وقیل أراد التشهیر للعباده ، یقال شددت لهذا الأمر مِئْزَرِی : أی تشمرت له ، قیل ویحتمل الحقیقه فلا یستبعد أن یکون قد شد مئزره ظاهرا وتفرغ للعباده زائدا علی المعتاد.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « کَانَ النِّسَاءُ یُصَلِّینَ مَعَ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله فَکُنَّ یُؤْمَرْنَ أَنْ لَا یَرْفَعْنَ رُءُوسَهُنَّ قَبْلَ الرِّجَالِ لِضِیقِ الْأُزُرِ ».

بتقدیم الزأی المعجمه علی الراء المهمله ، جمع إِزَار وهو ما یؤتزر به ویشد فی الوسط ، وقد اضطربت النسخ هنا : ففی بعضها ما ذکرناه ، وفی بعضها « لضیق الأزز » بزایین معجمتین ، وفی بعضها « لضیق الأرز » براء مهمله ثم زأی معجمه ، وفی بعضها غیر ذلک. والأظهر الأول ،

ص: 205

وذلک أن الرجال کانوا یستعملون الأزر فی غالب أوقاتهم ، وإذا کانوا قدام النساء فربما یبدو حجم عوراتهم عند سجودهم لضیق أزرهم ، فلو رفعن النساء رءوسهن قبل الرجال لرأین ما رأین وإذا تأخرن عن ذلک لم یرین شیئا من ذلک ، فلذلک نهین عن ذلک. ولقد عرضت هذا التوجیه علی بعض مشایخ العصر فاستحسنه ، ثم ظفرت بعد ذلک بحدیث فی مکارم الأخلاق یشهد له ، هو ما

رَوَاهُ زُرَارَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قِصَّهِ السِّتْرَ الَّذِی قَطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله لِأَهْلِ الصُّفَّهِ ... إِلَی أَنْ قَالَ : ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ أَهْلَ الصُّفَّهِ قَوْماً مِنَ الْمُهَاجِرِینَ لَمْ یَکُنْ لَهُمْ مَنَازِلُ وَلَا أَمْوَالٌ فَقَسَّمَهُ بَیْنَهُمْ قِطَعاً وَکَانَ طَوِیلاً لَا عَرْضَ لَهُ ، ثُمَّ جَعَلَ یَدْعُو الرَّجُلَ مِنْهُمُ الْعَارِیَ الَّذِی لَا یَسْتَتِرُ بِشَیْءٍ فَجَعَلَ یُؤَزِّرُ الرَّجُلَ ، فَإِذَا الْتَقَی عَلَیْهِ قَطَعَهُ حَتَّی قَسَّمَهُ بَیْنَهُمْ أُزُراً ، ثُمَّ أَمَرَ النِّسَاءَ لَا یَرْفَعْنَ رُءُوسَهُنَّ مِنَ الرُّکُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّی تَرْفَعَ الرِّجَالُ رُءُوسَهُمْ ، وَذَلِکَ أَنَّهُمْ کَانُوا مِنْ صِغَرِ أُزُرِهِمْ إِذَا رَکَعُوا وَسَجَدُوا بَدَتْ عَوْرَاتُهُمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ، فَجَرَتْ بِذَلِکَ السُّنَّهُ أَنْ لَا یَرْفَعْنَ النِّسَاءُ رُءُوسَهُنَّ مِنَ الرُّکُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّی یَرْفَعَ الرِّجَالُ.

إلی آخر الحدیث. وهو نص فی المطلوب. واتَّزَرْتُ : لبست الإزار ، وأصله بهمزتین الأولی همزه وصل والثانیه فاء افتعلت ، وفی المجمع وغیره « هِیَ مُؤْتَزِرَهٌ فی حال الحیض » أی مشدوده الإزار ولا یقال متزره لأن الهمزه لا تدغم فی التاء. وأَزَّرْتُ الحائط بالتشدید تَأْزِیراً : جعلت له من أسفله کالإزار.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِذَا کَانَ الْغُلَامُ شَدِیدَ الْأِزْرَهِ کَبِیرَ الذَّکَرِ حَادَّ النَّظَرِ فَهُوَ مِمَّنْ لَا یُرْجَی خَیْرُهُ ».

قیل کَأَنَّ المراد بِالْأِزْرَهِ القوه وبحِدَّه النظر کثره النظر إلی المحارم ، ولیس بمستبعد.

[ 76 / 8 ] الأَسِیرُ الأخیذ ، أخذا من الإِسَار بالکسر وهو القِدُّ ، کانوا یشدون الأسیر بالقد فسمی کل أخیذ أَسِیراً وإن لم یؤسر به ، یقال أَسَرْتُ الرجلَ أَسْراً وإِسَاراً من باب ضرب فهو أَسِیرٌ ومَأْسُورٌ وامرأه أَسِیرٌ أیضا والجمع أَسْرَی وأُسَارَی کسکری وسکاری

وَفِی الْحَدِیثِ « الْأَسِیرُ عِیَالُ الرَّجُلِ یَنْبَغِی إِذَا زِیدَ فِی النِّعْمَهِ یَزِیدُ أُسَرَاءَهُ فِی النِّعْمَهِ عَلَیْهِمْ ».

وَفِی حَدِیثِ الْحَسَنِ علیه السلام « کَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله یُؤْتَی بِالْأَسِیرِ فَیَدْفَعُهُ إِلَی بَعْضِ الْمُسْلِمِینَ فَیَقُولُ أَحْسِنْ إِلَیْهِ ، فَیَکُونُ عِنْدَهُ الْیَوْمَیْنِ وَالثَّلَاثَهَ ، وَکَانَ أَسِیرُهُمْ یَوْمَئِذٍ مُشْرِکٌ.

و « الإِسَارُ » بالکسر مصدر أَسَرْتُهُ أَسْراً وإِسَاراً ، ومنه الدُّعَاءُ « فَأَصْبَحَ طَلِیقَ عَفْوِکَ مِنْ إِسَارِ غَضَبِکَ ».

والإِسَارُ أیضا : الحبل. وأُسْرَهُ الرجل وزان غرفه : رهطه وعشیرته وأهل بیته لأنه یتقوی بهم. والأَسْرُ : الجمیع ، ومنه أخذه بِأَسْرِهِ أی جمیعه والقبیله بأسرها.

قیل وأصل الإِصْرِ الضیق والحبس ، یقال أَصَرَهُ یَأْصِرُهُ : إذا ضیق علیه وحبسه ، ویقال للثقل إِصْراً لأنه یأصر صاحبه من الحرکه لثقله. قوله تعالی : ( وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ) [ 7 / 157 ] هو مثل لثقل تکلیفهم ، نحو قتل الأنفس فی التوبه ، وکذلک الأغلال

وَفِی الْخَبَرِ « مَنْ کَسَبَ مَالاً مِنْ حَرَامٍ فَأَعْتَقَ مِنْهُ کَانَ ذَلِکَ عَلَیْهِ إِصْراً ».

أی عقوبه. ومثله « إِذَا أَسَاءَ السُّلْطَانُ فَعَلَیْهِ الْإِصْرُ وَعَلَیْکُمُ الصَّبْرُ ».

فی القرب کقوله تعالی ( وَإِنَّ یَوْماً عِنْدَ رَبِّکَ کَأَلْفِ سَنَهٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ). قوله تعالی : ( وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَهٌ ) [ 54 / 5 ] أی وما أَمْرُنَا إلا کلمه واحده سریعه التکوین کلمح البصر والمراد ( کُنْ ). قوله : ( هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً ) [ 18 / 10 ] أی من أمرنا نحن فیه رشدا حتی نکون بسببه راشدین. قوله : ( قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً ) [ 18 / 21 ] أی ( غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ ) من المسلمین ( لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً ) أی علی باب الکهف یصلی فیه المسلمون ویتبرکون بمکانهم. قوله : ( أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها ) [ 17 / 16 ] أی أمرناهم بالطاعه فعصوا ففسقوا فیها. قوله : ( یَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَیْنَهُنَ ) [ 65 / 12 ] أی یجری أمر الله وحکمه بینهن ویدبر تدبیرا فیهن.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « إِنَ الْأَمْرَ یَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ کَقَطْرِ الْمَطَرِ » (1).

أی مبثوث فی جمیع أقطار الأرض إلی کل نفس بما قدر الله لها من زیاده ونقصان فی العمر والمال والجاه والولد وغیر ذلک. قوله : ( لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) [ 7 / 54 ] قال بعض الأفاضل : اشتهر تفسیر الأول بخلق الممکنات ، والثانی بعلم الشرائع. قوله تعالی : ( لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً ) [ 18 / 17 ] أی عجیبا. والإِمْرُ بالکسر : العجیب.

قَوْلُهُ : ( وَأْمُرْ أَهْلَکَ بِالصَّلاهِ ) [ 20 / 132 ] أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَی أَنْ یَخُصُّ أَهْلَهُ دُونَ النَّاسِ لِأَنَّ لِأَهْلِهِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَهً لَیْسَتْ لِلنَّاسِ ، فَأَمَرَهُمْ مَعَ النَّاسِ عَامَّهً ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِهَا خَاصَّهً - کَذَا رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام (2)

وَفِی الْحَدِیثِ « أَمْرُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا یَحْتَمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ ، وَلَا یَعِی حَدِیثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِینَهٌ وَأَحْلَامٌ رَزِینَهٌ » (3).

ص: 209

قیل المراد بِأَمْرِهِمْ شأنهم وما لهم من الکمال الخارج عن کمال غیرهم ، کالقدره علی ما یخرج عن وسع غیرهم والحدیث عن الأمور الغائبه کالوقائع المستقبله لزمانهم التی وقعت وفق إخبارهم ، فإن هذا الشأن صعب فی نفسه لا یقدر علیه إلا الأنبیاء والأوصیاء ، ومستصعب الفهم علی الخلق معجوز عن حمل ما یلقی منه من الإشارات. ولا یحتمله إلا نفس عبد امتحن الله قلبه للإیمان ، فعرف کمالهم وکیفیه صدور هذه الغرائب عنهم ولم یستنکر ذلک ویتعجب منه ویتلقاه بالتکذیب کما فعل ذلک جماعه من جهال الصحابه ، بل یتلقی ما یصدر عنهم بالإیمان به أولئک أصحاب الصدور الأمینه والأحلام الرزینه. هذا وقد تقدم فی « صعب » بحث فی هذا غیر ما هنا. وفِیهِ « إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ لَیَحْضُرُ الْمَوْسِمَ کُلَّ سَنَهٍ ».

یعنی به القائم بأمر الله تعالی.

وَفِی الدُّعَاءِ « لَیْسَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ إِلَّا مَا قَضَیْتَ ».

المراد بِالْأَمْرِ النفع. ومثله « فَوَّضْتُ أَمْرِی إلی الله » و « ذَکَرْتُ الَّذِی مِنْ أَمْرِنَا » أی حالنا وما جری علینا.

وَفِی الْحَدِیثِ « رَجُلٌ عَرَفَ هَذَا الْأَمْرَ ».

یعنی أنکم أوصیاء رسول الله حقا أو وجوب التعلم أو التفقه أو علم أصول الدین واکتفی به من غیر زائد فأجیب لا یسعه ذلک کیف یتفقه هذا فی الدین وهو یحتاج إلی السعی. والأَمْرُ واحد الأُمُورِ ، ومنه أُمُورُ فلان مستقیمه. وأَمَرَهُ أَمْراً : نقیض نهاه. وأَمْرُ الله : القیامه ، لقوله تعالی : ( أَتی أَمْرُ اللهِ ). واسْتَأْمَرَهُ : طلب منه الأمر. وآمَرْتُهُ بالمد : کثرته ، ومنه الْخَبَرُ « خَیْرُ الْمَالِ مُهْرَهٌ مَأْمُورَهٌ ».

أی کثیره النسل والنتاج ، وإنما قال مَأْمُورَه للازدواج والأصل مؤمره علی مفعله کما یقال للنساء « ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَیْرَ مَأْجُورَاتٍ ».

وإنما هی موزورات. والأَمِیرُ : المنصوب للأمر.

ص: 210

والإِمْرَهُ بالکسر : الولایه.

وَفِی حَدِیثِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله « سَلِّمُوا عَلَی عَلِیٍ بِإِمْرَهِ الْمُؤْمِنِینَ ».

وَمِنْهُ سُمِّیَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَفِی الْحَدِیثِ « هُوَ اسْمٌ سَمَّاهُ اللهُ تَعَالَی بِهِ لَمْ یُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَمْ یُسَمَّ بَعْدَهُ حَتَّی قَائِمُ أَهْلِ الْبَیْتِ علیه السلام لَمْ یُسَلَّمْ عَلَیْهِ بِذَلِکَ بَلْ یُقَالُ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا بَقِیَّهَ اللهِ » (1).

وَعَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام وَقَدْ سُئِلَ لِمَا سُمِّیَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ع؟ قَالَ : اللهُ سَمَّاهُ وَهَکَذَا أَنْزَلَ إِلَیْنَا.

وَعَنْ أَبِی الْحَسَنِ وَقَدْ سُئِلَ لِمَ سُمِّیَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ یَمِیرُهُمُ الْعِلْمَ.

قال بعض الأفاضل : من المعلوم أن أمیر مهموز الفاء وأن یمیر أجوف فلا تناسب فی الاشتقاق ، ثم قال : ولک أن تقول قصده علیه السلام أن تسمیته بأمیر المؤمنین لیس لأجل أنه مطاعهم بحسب العلم ، أی الأحکام الإلهیه ، فعبر عن هذا المعنی بلفظ مناسب للفظ الأمیر - انتهی. ومولد أَمِیر المؤمنین بعد عام الفیل بثلاثین سنه ، وکان قتله فی شهر رمضان لتسع بقین منه فی سنه أربعین من الهجره وهو ابن ثلاث وستین سنه ، بقی بعد قبض النبی صلی الله علیه وآله ثلاثین سنه ، وهو أول هاشمی ولده هاشم مرتین ، لأن أمه فاطمه بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. والتَّأْمِیرُ : تولیه الإماره. وتَأَمَّرَ بالتشدید : تَسَلَّطَ. وأْتَمَرَ الأمرَ : امتثله.

وَفِی حَدِیثِ الْمُتْعَهِ « فَآمَرَتْ نَفْسَهَا ».

أی شاورتها واستأمرتها. ومِنْهُ « الْبِکْرُ تُسْتَأْذَنُ وَالْأَیِّمُ تُسْتَأْمَرُ ».

أی تستشار. والأَمَارَهُ : الوقت والعلامه.

والتشدید : شهر بعد حزیران ، وهو أحد فصول السنه بعد نیسان.

إن محمدا لا عقب له یموت فنستریح منه ویندرس دینه. إذ لا یقوم مقامه من یدعو إلیه فیقطع أمره.

وَفِی حَدِیثِ الضَّحَایَا « نَهَی عَنِ المَبْتُورَه ».

أی مقطوعه الذنب ، والأَبْتَر : المقطوع الذنب ، یقال بَتَرَ الشیءَ بَتْراً من باب قتل : قطعه قبل الإتمام ، ویقال فی لازمه بَتِرَ بَتَراً من باب تعب فهو أَبْتَر ، والأنثی بَتْرَاء ، والجمع بُتْر مثل أحمر وحمراء وحمر.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَنْ سَدَّ طَرِیقاً بَتَرَ اللهُ عُمُرَهُ ».

أی قصر علیه أجله وقطعه والبَاتِر : السیف القاطع. و « البُتْرِیَّه » بضم الموحده فالسکون : فرق من الزیدیه. وقیل نسبوا إلی المغیره بن سعد ولقبه الأَبْتَر. وقیل البُتْرِیَّه هم أصحاب کثیر النواء الحسن بن أبی صالح وسالم بن أبی حفصه والحکم بن عیینه وسلمه بن کهیل وأبو المقدام ثابت الحداد ، وهم الذین دعوا إلی ولایه علی علیه السلام فخلطوها بولایه أبی بکر وعمر ، ویثبتون لهم الإمامه ویبغضون عثمان وطلحه والزبیر وعائشه ، ویرون الخروج مع ولد علی علیه السلام.

و « ابن بُجْرَهَ » اسم خمار کان بالطائف.

وَ « شَبِیبُ بْنُ بَجَرَهَ » شَارَکَ ابْنَ مُلْجَمٍ فِی قَتْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَهُ فِی الْقَامُوسِ

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام لِقَوْمِهِ « لَمْ آتِ بُجْراً » (1).

أی شرا وأمرا عظیما. وقولهم « أَفْضَیْتُ إِلَیْکَ بِعُجَرِی وبُجَرِی » أی بعیوبی ، یعنی بأمری کله.

و « فلان بَحْرٌ فی العلم » أی واسع فیه کالبحر. وتَبَحَّرَ فی العلم : توسع. و « البَحْرُ الأخضر » هو البَحْرُ المحیط.

وَفِی الْخَبَرِ « لَا تَرْکَبِ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجّاً أَوْ مُعْتَمِراً ، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَاراً ».

یرید أنه لا ینبغی للعاقل أن یلقی نفسه إلی المهالک إلا لأمر دینی یحسن بذل النفس فیه. وقَوْلُهُ : « فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَاراً ».

هو تهویل شأن البحر لآفات متراکمه إن أخطأته مره جذبته أخری.

وَفِی حَدِیثِ مَازِنٍ « وَکَانَ لَهُمْ صَنَمٌ یُقَالُ لَهُ بَاحَر ».

بفتح الحاء ، ویروی بالجیم.

وَفِی حَدِیثِ زَمْزَمَ « ثُمَ بَحَرَهَا ».

أی شَقَّها ووَسَّعَها لئلا تنزف.

بین مکه والمدینه ، وهو إلیها أقرب ، یذکر ویؤنث ، وفیها کانت وقعه النبی مع المشرکین. وعَنِ الشَّعْبِیِ أَنَ بَدْراً اسْمُ بِئْرٍ هُنَاکَ قَالَ : وَسُمِّیَتْ بَدْراً لِأَنَّ الْمَاءَ کَانَ لِرَجُلٍ مِنْ جُهَیْنَهَ اسْمُهُ بَدْرٌ (1).

قوله تعالی : ( وَلا تَأْکُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً ) [ 4 / 6 ] أی مبادره ومسابقه ، یقال بَدَرَ إلی الشیء بُدُوراً وبَادَرَ إلیه مُبَادَرَهً وبِدَاراً من بابی قعد وقاتل : أسرع. قیل ومنه سُمِّیَ البَدْرَ أعنی القمر ، لأنه ، یَبْدُرُ الشمسَ أی یسبقها بطلوعه. وقیل سمی بَدْراً لتمامه وامتلائه ، وکل شیء تم فهو بَدْرٌ. ولیله البَدْرِ : لیله أربعه عشر.

وَفِی حَدِیثِ الْجَمَاعَهِ « وَلَا یَبْدُرُ لَهُمْ إِمَامٌ ».

أی لا یظهر لهم إمام متمیز عنهم. والبَادِرَهُ : حده الغضب ، ومِنْهُ « الرَّجُلُ لَیَأْتِی بِالبَادِرَهِ فَیَکْفُرُ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « الْبَادِرَهُ الْیَمِینُ عِنْدَ الْغَضَبِ ».

و « أخشی علیک بَادِرَتَهُ » أی غضبه وبَدَرَتْ منه بَوَادِرُ غضب : أی خطأ وسقطات عند ما احتد. وأهل البَادِرَهِ : من یخشی بوادره من الظلمه. والبَادِرَهُ : لحم بین المنکب والعنق. ومنه قوله « تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ » وهی جمع بَادِرَه. و « تَبْتَدِرُهُ خزنه الجنه » أی یسرعون إلیه. والبَدْرَهُ من المال هی بالفتح فالسکون : عشره آلاف درهم ، سمیت بَدْرَه لتمامها. والمُبَادَرَهُ فی الرمایه : هی أن یشترط الاستحقاق لمن بدر إلی إصابه خمسه من عشرین مثلا. والمُحَاطَّهُ فی الرمایه :

ص: 216

هی أن یشترط الاستحقاق لمن خلص له من الإصابه عدد معلوم بعد مقابله إصابات الأخر بإصابات مثلها - کذا قررهما بعض الأعلام. والبَیْدَرُ : مجمع الطعام حیث یداس.

وَفِی الْحَدِیثِ « قَالَ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ إِلَی کَمْ تَدُوسُونَ هَذَا الْبَیْدَرَ؟ ».

یعنی بذلک الکعبه المشرفه والطائفین بها استهزاء وإنکارا ، فشبههم بالحیوانات التی لا تعقل تدور بیدر الطعام.

عُرْضَهً لِأَیْمانِکُمْ أَنْ تَبَرُّوا ) [ 2 / 224 ] والبَرُّ بالفتح : البَارُّ ، ومنه قوله تعالی : ( وَبَرًّا بِوالِدَیْهِ ) [ 19 / 14 ]. قوله : ( إِنَ الْأَبْرارَ لَفِی نَعِیمٍ ) [ 82 / 13 ] الأَبْرَارُ : أولیاء الله المطیعون فی الدنیا ( لَفِی نَعِیمٍ ) وهو الجنه. ومنه قوله تعالی : ( وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ) [ 3 / 193 ]. قوله : ( کِرامٍ بَرَرَهٍ ) [ 80 / 16 ] البَرَرَهُ جمع بَارٍّ ، وهو فاعل البِرِّ ، أی الخیر ، وجمع البَرِّ أَبْرَاراً ، وکثیرا ما یخص الأولیاء والزهاد والعباد. والکرام البَرَرَه : هم الملائکه المطیعون المطهرون من الذنوب والمآثم. و « البِرُّ » بالکسر : الاتساع فی الإحسان والزیاده ، ومنه سمیت « البَرِّیَّه » بالفتح والتشدید لاتساعها ، والجمع البَرَارِیُ. ومنه الْحَدِیثُ « فَوْقَ کُلِ بِرٍّ بِرٌّ حَتَّی یُقْتَلَ فِی سَبِیلِ اللهِ ».

ومنه حَدِیثُ الْمُصَلِّی « یَتَنَاثَرُ عَلَیْهِ الْبِرُّ مِنْ مَفْرِقِ رَأْسِهِ إِلَی أَعْنَانِ السَّمَاءِ ».

و « البُرُّ » بالضم : القمح ، ومنه حَدِیثُ الْفِطْرَهِ « فَرَضَ رَسُولُ اللهِ الْفِطْرَهَ صَاعاً مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعاً مِنْ قَمْحٍ ».

وهو نوع من البر. وأَبَرَّ اللهُ حجک لغه فی بَرَّ اللهُ حجک أی قبله. والحج المَبْرُور : الذی لا یخالطه شیء من المآثم ، وقیل المقبول المقابل بِالبِرِّ وهو الثواب. ومنه الدُّعَاءُ « اللهُمَّ اجْعَلْهُ حَجّاً مَبْرُوراً ».

ومِنْهُ « بُرَّ حَجُّکَ یَا آدَمَ ».

علی البناء للمجهول ، أی کان حجک مقبولا أو خالصا نقیا مما یشوبه من الشوائب والمآثم. وفلان یَبَرُّ خالقه : أی یطیعه. وتَبَارُّوا : تفاعلوا من البر. والبَرُّ بالفتح : خلاف البحر. والبَرُّ من أسمائه تعالی ، وهو العطوف علی عباده الذی عم بره جمیع خلقه ، یحسن إلی المحسن بتضعیف الثواب وإلی المسیء بالصفح والعفو وقبول التوبه. وبَرَّ اللهُ قسمه وأَبَرَّهُ : أی صدقه.

ص: 219

ومِنْهُ « لَوْ أَقْسَمَ عَلَی اللهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ ».

أی لو حلف علی وقوع شیء لَأَبَرَّهُ أی صدقه وصدق یمینه ، ومعناه أنه لو حلف یمینا علی أنه یفعل الشیء أو لا یفعله جاء الأمر فیه علی ما یوافق یمینه لعظم منزلته وإن أحقر عند الناس ، وقیل لو دعاه لأجابه.

وَفِی حَدِیثِ زَمْزَمَ « احْفِرْ بَرَّهً ».

بفتح الموحده وتشدید المهمله ، سماها بذلک لکثره منافعها وسعه مائها. و « بَرَّهُ » بالباء الموحده التحتانیه والراء المهمله المشدده علی ما صح من النسخ أحد أوصیاء الأنبیاء المتأخرین عن نوح علیه السلام.

وَفِی الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِکَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِی لَا یُجَاوِزُهُنَ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ ».

قرئت بالوجهین الفتح والکسر. وفیه

« اجْعَلْ قَلْبِی بَارّاً ».

أی مطیعا محسنا ، واجعله خالصا فی البِرِّ لا یخالطه إثم. و « البَرَّانِیَّهُ » الظاهر ، و « الجَوَّانِیَّهُ » الباطن. ومِنْهُ « خَالِطُوهُمْ - یَعْنِی أَعْدَاءَ الدِّینِ بِالْبَرَّانِیَّهِ وَلَا تُخَالِطُوهُمْ بِالْجَوَّانِیَّهِ ».

والبَرْبَرُ : جیل من الناس ، یقال أول من سماهم بهذا الاسم أفریقیس الملک لما ملک بلادهم.

وَقَدْ جَاءَ فِی الْحَدِیثِ « الْبَاهُ فِی أَهْلِ بَرْبَر ».

ونقل أن فی الجزائر کثیر منهم. والبَرِیرُ : ثمر الأراک. ومِنْهُ « مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا البَرِیرُ ».

و « البُرَیْرَهُ » بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَهِ وَالْیَاءِ الْمُثَنَّاهِ مِنْ تَحْتٍ الْمُتَوَسِّطَهِ بَیْنَ الرَّائَیْنِ الْمُهْمَلَتَیْنِ وَفِی الْآخِرِ هَاءٌ : مَمْلُوکَهٌ کَانَتْ عِنْدَ زَوْجٍ لَهَا یُسَمَّی مُغِیثاً بِضَمِّ الْمِیمِ وَالغَیْنِ الْمُعْجَمَهِ وَبَعْدَهَا یَاءٌ مُثَنَّاهٌ ثُمَّ ثَاءٌ مُثَلَّثَهٌ فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَهُ وَأَعْتَقَتْهَا ، فَخَیَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله إِنْ شَاءَتْ بَقِیَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ.

[ 75 / 24 ] أی متکرهه.

وَفِی الْحَدِیثِ « الِاسْتِنْجَاءُ مَطْهَرَهٌ لِلْحَوَاشِی وَمَذْهَبَهٌ لِلْبَوَاسِیرِ ».

البَاسُورُ بالباء الموحده والسین أو الصاد المهملتین واحد البَوَاسِیر ، وهی کالدمامیل فی المقعده. وفی المصباح : قیل هو ورم تدفعه الطبیعه إلی کل موضع فی البدن یقبل الرطوبه من المقعده والأنثیین والأشفار وغیر ذلک. وفی الحدیث ذکر البُسْرِ بالضم فالسکون وهو ثمر النخل قبل أن یرطب. وأَبْسَرَ النخلُ : صار ما علیه بسرا. و « روضات بَاسِرَاتٌ » أی لینات طریات.

وَفَضْلٍ ) [ 3 / 171 ] أی یفرحون. قوله : ( مُبَشِّراً بِرَسُولٍ ) [ 61 / 6 ] یعنی عیسی علیه السلام یبشر برسول الله.

وَرُوِیَ عَنْ کَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ الْحَوَارِیِّینَ قَالُوا لِعِیسَی : یَا رُوحَ اللهِ هَلْ بَعْدَنَا مِنْ أُمَّهٍ؟ قَالَ : نَعَمْ أُمَّهُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله عُلَمَاءُ أَتْقِیَاءُ کَأَنَّهُمْ فِی الْفِقْهِ أَنْبِیَاءُ یَرْضَوْنَ مِنَ الدُّنْیَا بِالْیَسِیرِ وَیَرْضَی اللهُ مِنْهُمْ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْعَمَلِ.

قوله : ( یَقُولُونَ إِنَّما یُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) [ 16 / 13 ]

قَالُوا : یُعَلِّمُهُ غُلَامٌ رُومِیٌّ اسْمُهُ غَامِسُ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَکَانَ صَاحِبَ کِتَابٍ ، وَقِیلَ هُوَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ. قَالُوا : إِنَّهُ یَتَعَلَّمُ الْقِصَصَ مِنْهُ.

و « البُشَارَهُ » بالضم : ما یعطی البشیر کالعماله للعامل. والبِشْرُ بالکسر : طلاقه الوجه وبشاشته ، ومنه الْحَدِیثُ « الْقَوُا النَّاسَ بِطَلَاقَهِ الْوَجْهِ وَحُسْنِ الْبِشْرِ ».

ومِنْهُ « حُسْنُ الْبِشْرِ یَذْهَبُ بِالسَّخِیمَهِ ».

ومنه فِی حَدِیثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ « بِشْرُهُ فِی وَجْهِهِ وَحُزْنُهُ فِی قَلْبِهِ ».

أی بشره فی وجهه تحببا إلی الناس ، وحزنه فی قلبه اصطبارا علی مکاره الدنیا وشدائدها. و « البِشَارَهُ » هی بکسر الباء وحکی ضمها.

وَفِی الْخَبَرِ « أُمِرْنَا أَنْ نَبْشُرَ الشَّوَارِبَ بَشْراً ».

أی نحفیها حتی تبین بشرتها. وبَاشَرَ الرجلُ الأمرَ : إذا خالطه ولامسه ، ومنه « فَلْیُبَاشِرْ بِکَفَّیْهِ الْأَرْضَ ».

و « أَتَانِی أَمْرٌ بُشِّرْتُ بِهِ ».

بالکسر : أی سررت به. والتَّبَاشِیرُ : البُشْرَی وتَبَاشِیرُ الصبح : أوائله ، وکذا أوائل کل شیء ، ولا یکون منه فعل - قاله الجوهری.

من غیر جارحه ، فالبَصَرُ فی حقه تعالی عباره عن الصفه التی ینکشف بها کمال نعوت المبصرات.

وَفِی الْحَدِیثِ « سَمَّیْنَاهُ بَصِیراً لِأَنَّهُ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ مَا یُدْرَکُ بِالْأَبْصَارِ مِنْ لَوْنٍ أَوْ شَخْصٍ أَوْ غَیْرِ ذَلِکَ وَلَمْ نَصِفْهُ بِبَصَرِ لَحْظَهِ الْعَیْنِ.

قوله : ( لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ ) [ 6 / 13 ] أی لا تراه العیون لأن الإدراک متی قرن بالبصر لم یفهم منه إلا الرؤیه ، کما أنه إذا قرن بآله السمع فقیل » أدرکته بأذنی « لم یفهم منه إلا السماع ، وکذا إذا أضیف إلی کل واحد من الحواس أفاد ما بتلک الحاسه آلته ، مثل » أدرکته بفمی « أی وجدت طعمه ، و « أدرکته بأنفی » أی وجدت رائحته ، والمعنی لا تدرکه ذو الأبصار ( وَهُوَ یُدْرِکُ الْأَبْصارَ ) أی المبصرین. ویقال ( لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ ) أی الأوهام.

وَفِی حَدِیثِ هِشَامِ بْنِ الْحَکَمِ فِی إِثْبَاتِ الصَّانِعِ » الْأَشْیَاءُ لَا تُدْرَکُ إِلَّا بِأَمْرَیْنِ : الْحَوَاسِّ وَالْقَلْبِ ، وَالْحَوَاسُّ إِدْرَاکُهَا عَلَی ثَلَاثَهِ مَعَانٍ : إِدْرَاکٌ بِالْمُدَاخَلَهِ ، وَإِدْرَاکٌ بِالْمُمَاسَّهِ ، وَإِدْرَاکٌ بِلَا مُدَاخَلَهٍ وَلَا مُمَاسَّهٍ. فَأَمَّا الْإِدْرَاکُ الَّذِی بِالْمُدَاخَلَهِ فَالْأَصْوَاتُ وَالْمَشَامُّ وَالطُّعُومُ ، وَأَمَّا الْإِدْرَاکُ بِالْمُمَاسَّهِ فَمَعْرِفَهُ الْأَشْکَالِ مِنَ التَّرْبِیعِ وَالتَّثْلِیثِ وَمَعْرِفَهُ اللَّیِّنِ وَالْخَشِنِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ ، وَأَمَّا الْإِدْرَاکُ بِلَا مُمَاسَّهٍ وَلَا مُدَاخَلَهٍ فَالْبَصَرُ ، فَإِنَّهُ یُدْرِکُ الْأَشْیَاءَ بِلَا مُمَاسَّهٍ وَلَا مُدَاخَلَهٍ فِی حَیِّزِ غَیْرِهِ وَلَا فِی حَیِّزِهِ ، وَإِدْرَاکُ الْبَصَرِ لَهُ سَبِیلٌ وَسَبَبٌ فَسَبِیلُهُ الْهَوَاءُ وَسَبَبُهُ الضِّیَاءُ ، فَإِذَا کَانَ السَّبِیلُ مُتَّصِلاً بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْمَرْئِیِّ وَالسَّبَبُ قَائِماً أَدْرَکَ مَا یُلَاقِی مِنَ الْأَلْوَانِ وَالْأَشْخَاصِ ، فَإِذَا حُمِلَ الْبَصَرُ عَلَی مَا لَا سَبِیلَ لَهُ فِیهِ رَدَّ رَاجِعاً فَحَکَی مَا وَرَاءَهُ کَالنَّاظِرِ فِی الْمِرْآهِ لَا یَنْفُذُ بَصَرُهُ فِی الْمِرْآهِ وَکَذَلِکَ النَّاظِرُ فِی الْمَاءِ الصَّافِی یَرُدُّ رَاجِعاً فَیَحْکِی مَا وَرَاءَهُ إِذْ لَا سَبِیلَ لَهُ فِی إِنْفَاذِ بَصَرِهِ. وَأَمَّا الْقَلْبُ فَإِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَی الْهَوَاءِ ، فَهُوَ یُدْرِکُ جَمِیعَ مَا فِی الْهَوَاءِ ، فَلَا یَنْبَغِی لِلْعَاقِلِ أَنْ یَحْمِلَ قَلْبَهُ عَلَی مَا لَیْسَ مَوْجُوداً فِی الْهَوَاءِ مِنْ أَمْرِ التَّوْحِیدِ فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِکَ لَمْ یَتَوَهَّمْ إِلَّا فِی الْهَوَاءِ

ص: 223

مَوْجُودٌ کَمَا قُلْنَاهُ فِی أَمْرِ الْبَصَرِ ، تَعَالَی اللهُ أَنْ یُشْبِهَهُ شَیْءٌ مِنْ خَلْقِهِ ».

قوله تعالی : ( أُولِی الْأَیْدِی وَالْأَبْصارِ ) [ 38 / 45 ] أی أید من الإحسان وبصائر فی الدین ، ألا تری إلی قوله تعالی ( قَدْ جاءَکُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّکُمْ ) [ 6 / 104 ] لیس بمعنی بصر العیون ( فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ) یعنی لیس من البصر بعینیه ، ( وَمَنْ عَمِیَ فَعَلَیْها ) لیس یعنی عمی العیون إنما عنی إحاطه الوهم ، کما یقال « فلان بَصِیرٌ بالشعر » و « فلان بَصِیرٌ بالفقه » و « فلان بَصِیرٌ بالثیاب » إنما أوهام القلوب أکبر من أبصار العیون. والبَصِیرُ : خلاف الأعمی ، ومنه قوله تعالی : ( وَما یَسْتَوِی الْأَعْمی وَالْبَصِیرُ ) [ 35 / 19 ]. قوله : ( وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ یُبْصِرُونَ ) [ 37 / 179 ] أی أبصرهم ما یقضی علیهم من القتل والأسر عاجلا والعذاب الألیم آجلا ، فسوف یبصرونک وما یقضی لک من النصره والتأیید الیوم والثواب والنعیم غدا. والبَصَرُ : العین وحاسه الرؤیه. ومنه قوله تعالی : ( یَنْقَلِبْ إِلَیْکَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِیرٌ ) [ 67 / 4 ]. قوله : ( فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ ) [ 50 / 22 ] أی علمک بما آتیت به نافذ. قوله : ( بَصائِرُ مِنْ رَبِّکُمْ ) [ 6 / 104 ] أی حجج بینه ، واحدها بَصِیرَه وهی الدلاله التی یستبصر بها الشیء علی ما هو به ، وهو نور القلب کما أن البَصَرَ نور العیون سمیت بها الدلاله لأنها تجلی الحق ویبصر فیها. قوله : ( بَصُرْتُ بِما لَمْ یَبْصُرُوا بِهِ ) [ 20 / 96 ] أی رأیت ما لم یروه ، أو علمت ما لم یعلموه ، من البصیره. ویقال بَصُرْتُ : علمت ، وأَبْصَرْتُ : نظرت. قوله : ( عَلی بَصِیرَهٍ ) [ 12 / 108 ] أی علی یقین. قوله : ( بَلِ الْإِنْسانُ عَلی نَفْسِهِ بَصِیرَهٌ ) [ 75 / 14 ] أی الإنسان بَصِیرٌ علی نفسه ، والهاء دخلت للمبالغه کما فی علامه ونسابه ، ویقال جوارحه تشهد علیه بعلمه.

ص: 224

قوله : یُبَصَّرُونَهُمْ [ 70 / 11 ] بالتشدید ، أی یبصرون الأحماء والأقرباء فلا یخفون علیهم ، فلا یمنعهم من المسأله أن بعضهم لا یبصر بعضا ولکنهم لم یتمکنوا من تسائلهم لتشاغلهم. والمُبْصِرَهُ : المضیئه ، ومنه قوله تعالی : ( فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آیاتُنا مُبْصِرَهً ) [ 27 / 13 ] أی واضحه مضیئه. ومثله ( وَآتَیْنا ثَمُودَ النَّاقَهَ مُبْصِرَهً ) [ 17 / 59 ] أی بینه واضحه. ومثله ( وَجَعَلْنا آیَهَ النَّهارِ مُبْصِرَهً ) [ 17 / 12 ]. قوله : ( وَالنَّهارَ مُبْصِراً ) [ 10 / 67 ] أی یبصر فیه ، کما یقال لیل ینام أی ینام فیه.

وَفِی حَدِیثِ الدُّنْیَا « مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ وَمَنْ أَبْصَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ » (1).

قَوْلُهُ : مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ ».

أی من جعلها سبب هدایته ومحل إبصاره بعین عقله استفاد منها البصر ، و « مَنْ أَبْصَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ ».

أی من مد إلیها بصر بصیرته محبه لها أعمته عن إدراک أنوار الله تعالی.

وَفِی حَدِیثِ مَدْحِ الْإِسْلَامِ « وَجَعَلَهُ تَبْصِرَهً لِمَنْ عَزَمَ » (2).

أی من عزم علی أمر کان فی الإسلام تبصره وهدایه إلی کیفیه فعله. وأَبْصَرْتُهُ برؤیه العین إِبْصَاراً ، وبَصُرْتُ بالشیء بالضم والکسر لغه بَصَراً بفتحتین : علمت فأنا بَصِیرٌ یتعدی بالباء وبنفسه ، وهو ذو بَصِیرَهٍ : أی علم وخبره ، ویتعدی بالتضعیف إلی ثان. والاسْتِبْصَارُ من البَصِیرَهِ ، والمُسْتَبْصِرُ : المستبین للشیء. و « یُبْصِرُهُمُ الناظر » أی یحیط بهم نظره لا یخفی علیه منهم شیء.

وَفِی الْخَبَرِ « بَصَرُ کُلِّ سَمَاءٍ مَسِیرَهُ کَذَا ».

أی سمکها. و « البَصْرَهُ » وزان تمره بلده إسلامیه بنیت فی خلافه الثانی فی ثمان عشر من الهجره ، سمیت بذلک لأن البَصْرَهَ الحجاره

ص: 225

الرخوه وهی کذلک فسمیت بها (1).

وَفِی کَلَامِ عَلِیٍّ علیه السلام « الْبَصْرَهُ مَهْبِطُ إِبْلِیسَ وَمَغْرِسُ الْفِتَنِ » (2).

والبَصْرَتَانِ : البصره والکوفه. و « الحسن البَصْرِیُ » کان فی زمن الصادق علیه السلام (3)، وکان یقول تاره بالجبر وتاره بالقدر ، وابن أبی العوجاء من تلامذته فانحرف عنه. و « أبو بَصِیرٍ » من رواه الحدیث مشترک بین الثقه والضعیف (4). و « بِنْصِر » بکسر الباء والصاد : الإصبع التی بین الوسطی والخنصر ، والجمع بَنَاصِرُ.

من الحق ولا یقبله. وفی الحدیث ذکر البَطِیرَهِ ، وهی معالجه الدواب. والبَیْطَارُ بفتح الباء : هو الذی یعالج الدواب ، ومنه حَدِیثُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَرْثِ الْقَزْوِینِیِ « وَکَانَ أَبِی یَتَعَاطَی الْبَیْطَرَهَ ».

والبَطْرُ : الشق ، ومنه سمی البَیْطَار. وغَیْثٌ صَوْتُهُ مُسْتَبْطِرٌ : أی ممتد. ومثله سحاب مُسْتَبْطِرٌ.

کذلک اسم جنس یقع علی الذکر والأنثی وإنما دخلته الهاء للوحده. قیل واشتق هذا الاسم من بَقَرَ : إذا شق لأنها تشق الأرض بالحراثه. والبَقَرُ أجناس : فمنها الجوامیس وهی أکثرها ألبانا وأعظمها أجساما ، ومنها نوع آخر یقال له دَرْبَن بدال مهمله ثم راء ثم باء موحده ثم نون وهی التی ینقل علیها الأحمال وربما کانت لها أسنمه. قال فی حیاه الحیوان : والوحشی من البَقَرِ أربعه أصناف الأُیَّل والمَهَا والیَحْمُور والثَّیْتَل ، وکلها تشرب الماء فی الصیف إذا وجدته وإذا عدمته صبرت عنه واقتنعت باستنشاق الریح ، وفی هذا الوصف یشارکها الذئب والثعلب (1). وأهل الیمن یسمون البَقَرَهَ بَاقُورَه ومنه ما کَتَبَ لَهُمُ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله « فِی کُلِّ ثَلَاثِینَ بَاقُورٍ بَقَرَهً ».

وَفِی الْحَدِیثِ نَهَی عَنِ التَّبَقُّرِ فِی الْأَهْلِ وَالْمَالِ.

قال الأصمعی : التَّبَقُّرُ التوسع ، ویقال بَقَرْتُ الشیءَ بَقْراً من باب قتل : شققته وفتحته. وتَبَقَّرَ فی العلم : توسع ، ومنه سُمِّیَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ علیه السلام لِأَنَّهُ بَقَرَ الْعِلْمِ بَقْراً وَشَقَّهُ وَفَتَحَهُ.

والبَیْقَرَهُ : إسراع یطأطئ الرجل فیه رأسه.

یدل علی الوقت ، وهو البکره کما قال تعالی : ( بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) جعل الغدو وهو مصدر یدل علی الغداه. قوله : ( فَجَعَلْناهُنَ أَبْکاراً ) [ 56 / 36 ] هی بفتح الهمزه جمع بِکْر ، وهی العذراء من النساء التی لم تمس ، مثل حمل وأحمال ، وسمیت البِکْرُ بِکْراً اعتبارا بالثیب لتقدمها علیها فیما یزاوله النساء. والبَکَارَه أیضا : عذره المرأه. وضربهٌ بِکْرٌ : أی قاطعه لا تثنی ومنه الْخَبَرُ « کَانَتْ ضَرَبَاتُ عَلِیٍ أَبْکَاراً إِذَا اعْتَلَی قَدَّ وَإِذَا اعْتَرَضَ قَطَّ ».

والبَکْرُ بالفتح : الفتی من الإبل ، والأنثی بَکْرَهٌ ، والجمع بِکَارٌ مثل فرخ وفراخ ، وقد یجمع فی القله علی أَبْکُر.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی أَصْحَابِهِ « کَمْ أُدَارِیکُمْ کَمَا تُدَارَی البِکَارُ الْعَمِدَهُ وَالثِّیَابُ الْمُتَدَاعِیَهُ » (1).

قال الفاضل میثم والبِکَارُ العَمِدَهُ : التی انشدخ باطن أسنمتها لثقل الحمل ، وتسمی العمده لذلک ، ووجه شبه مداراتهم بمداراتها قوه المداراه وکثرتها ، وخص البِکَار جمع بَکْرَه لأنها أشد تضجرا بالحمل عند ذلک الداء ، وأشار إلی وجه شبهها بمداراه الثیاب المتتابعه فی التمزق بقوله « کلما حیصت من جانب تهتکت من آخر ». وحِیصَتْ : خِیطَتْ وجمعت ، أی کلما أصلح حال بعضهم وجمعهم للحرب فسد بعض آخر علیه وتفرق عنه.

وَفِی الْحَدِیثِ « عَلَیْهِ بَکَارَهٌ ».

بالفتح وهی الناقه إذا ولدت. وبَکْرَهُ البئر : الخشبه التی یستقی علیها. قال الأصمعی : إن کانت البَکْرَهُ علی رکیه مَتُوحٍ فهی بَکْرَهٌ ، وإن کانت علی رکیه جرور فهی مَحَالَهٌ. وبَکَّرَ بالصلاه : صلاها لأول وقتها. ومِنْهُ « لَا تَزَالُ أُمَّتِی عَلَی سُنَّتِی مَا بَکَّرُوا بِصَلَاهِ الْمَغْرِبِ ».

وبَکَرَ إلی الشیء بُکُوراً من باب قعد : أسرع أی وقت کان. وبَکَّرَ بالتشدید مثله

ص: 229

ومنه حَدِیثُ الْجُمُعَهِ « مَنْ بَکَّرَ وَابْتَکَرَ ».

قالوا بَکَّرَ : أسرع ، وابْتَکَرَ : أدرک الخطبه. وبَکَّرَ بالصدقه : تصدق قبل خروجه ، ومِنْهُ « بَاکِرُوا بِالصَّدَقَهِ فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا یَتَخَطَّاهَا » (1).

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی وَصْفِ الْمُفْتِی « بَکَرَ فَاسْتَکْثَرَ » (2).

أی ذهب بکره ، یعنی أخذ فی طلب العلم أول شیء فاستکثر منه. ومن بادر إلی الشیء فقد أَبْکَرَ إلیه : أی أسرع. وأتیته بُکْرَهً : أی بَاکِراً. قال الجوهری فإن أردت به بکره یوم بعینه قلت « أَتَیْتُهُ بُکْرَهَ » غیر منصرف کأنه للتأنیث والعلمیه ، وهی من الظروف التی لا تتمکن وابْتَکَرَ الشیءَ : إذا أخذ بَاکُورَتَهُ وهو أوله.

وَ « أَبُو بَکْرِ بْنِ أَبِی قُحَافَهَ » وُلِدَ قَبْلَ عَامِ الْفِیلِ بِثَلَاثِ سِنِینَ (3)، وَکَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْعُزَّی وَکُنْیَتُهُ أَبَا فَصِیلٍ ، فَسَمَّاهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله عَبْدَ اللهِ وَکَنَّاهُ بِأَبِی بَکْرٍ.

إمامی من رواه الحدیث (1).

مات ، ویقال هو عرق منشؤه من الرأس یمتد إلی القدم ، وله شرایین تمتد بأکثر الأطراف والبدن ، فالذی فی الرأس منه یسمی النَّأْمَه ویمتد إلی الحلق فیسمی فیه الوَرِید ، ویمتد إلی الصدر فیسمی الأَبْهَر ویمتد إلی الظهر فیسمی الوَتِین والفؤاد معلق به ، ویمتد إلی الفخذ فیسمی النَّسَا ویمتد إلی الساق فیسمی الصَّافِن - کذا ذکر فی النهایه. و « بَهُرَسِیر » بالباء الموحده والسین غیر المعجمه المدائن - قاله فی السرائر (1)و « بَهْرَاء » قبیله من قضاعه ، والنسبه إلیهم بَهْرَانِیٌ مثل بحرائی علی غیر القیاس. والبَهَار بالفتح : العرار الذی یقال له عین البقر ، وهو بهار البر ، وهو نبت جعد له فقاحه صفراء ینبت أیام الربیع - قاله الجوهری. والبَهَارُ شیء یوزن به ، وهو ثلاثمائه رطل أو ستمائه ألف ، ومتاع البحر والعدل فیه أربعمائه رطل - قاله فی القاموس.

من الذهب غیر مضروب فإذا ضرب دنانیر ، فهو عین ولا یقال تِبْرٌ إلا للذهب وبعضهم یقول للفضه أیضا. وعن الزجاج کل جوهر قبل أن یستعمل کالنحاس والصفر وغیرهما فهو تِبْرٌ

تَمَرَات بالتحریک ، وجمع التَّمْر تُمُور وتُمْرَان بالضم ، ویراد به الأنواع لأن اسم الجنس الذی هو التمر لا یجمع فی الحقیقه. والتَّامِرُ : الذی عنده التمر ، یقال « رجل تَامِرٌ » أی ذو تمر. والتَّمَّارُ بالتثقیل : الذی یبیع التمر. ومنه « میثم التَّمَّار » صاحب علی علیه السلام.

القتیل ثَأْراً وثُؤْرَهً أی قتلت قاتله. وقولهم « یا ثَارَاتِ فلان » أی قتله فلان. والثَّائِرُ : الذی لا یبقی علی شیء حتی یدرک ثاره.

وَفِی مُخَاطَبَهِ الْإِمَامِ حِینَ الزِّیَارَهِ « أَشْهَدُ أَنَّکَ ثَارُ اللهِ وَابْنُ ثَارِهِ ».

ولعله مصحف من یا ثار الله وابن ثائره ، والله أعلم.

الحظوظ الدنیویه. والثَّرْثَار : النهر ، ومنه حَدِیثُ أَهْلِ الثَّرْثَارِ « یُخَوِّفُنَا بِالْجُوعِ مَا دَامَ ثَرْثَارُنَا یَجْرِی » (1).

أی نهر. و « أهل الثَّرْثَار » قوم کانوا یأخذون مخ الحنطه ویجعلونه خبزا یستنجون به (2). والثَّرَّهُ من العیون : الغزیره الماء وسحاب ثَرٌّ : أی کثیر الماء.

الحاء والجیم ، أو من اسْتَثْفَرَ الکلبُ بذنبه : جعله بین فخذیه ، أو مأخوذ من ثَفْرِ الدابه بالثاء المثلثه الذی یجعل تحت ذنبها. ومنه الْحَدِیثُ « الِاسْتِثْفَارُ أَنْ تَجْعَلَ مِثْلَ ثَفْرِ الدَّابَّهِ » (1).

والمراد تأخذ خرقه طویله عریضه تشد أحد طرفیها من قدام وتخرجها من بین فخذیها وتشد طرفها الآخر من وراء بعد أن تحتشی بشیء من القطن لیمتنع به من سیلان الدم.

وَفِی بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِیثِ « تَسْتَدْخِلُ قُطْنَهً وَتَسْتَثْفِرُ وَتَسْتَذْفِرُ ».

وکأنها نسخه جمع لا بدل ، یشهد لها ما قاله فی القاموس الاستذفار هو أن تتطیب وتستجمر بالدخنه وغیر ذلک ، والاسْتِثْفَارُ أن تجعل مثل ثفر الدابه ، والثَّفْرُ للدابه معروف والجمع أَثْفَارٌ مثل سبب وأسباب

یرید الصدقه منه ، فإن المال ینمو بسببها ، أو استنماؤه بإنفاقه بالمعروف.

وَمِنْهُمُ الْحَجَّاجُ تَوَلَّدَتْ فِی بَطْنِهِ الْحَیَّاتُ وَاحْتَرَقَ دُبُرُهُ حَتَّی هَلَکَ. وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ هُبَیْرَهَ وَابْنُهُ یُوسُفُ وَرُمِیَا بِالْبَرَصِ. وَمِنْهُمْ خَالِدٌ الْقَسْرِیُّ ضُرِبَ وَحُبِسَ حَتَّی مَاتَ جُوعاً.

وممن رمی بقاتل : عبید الله بن زیاد لعنه الله ومصعب بن الزبیر ویزید بن المهلب وأحوالهم مشهوره.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تَکُونُوا عُلَمَاءَ جَبَّارِینَ ».

أی متکبرین. والمُتَجَبِّرُ : المُتَکَبِّرُ ، ولا فرق بینهما لغه. وقیل المُتَکَبِّرُ المتعظم بما لیس فیه ، والمُتَجَبِّرُ الذی لا یکترث لأمر.

وَفِی حَدِیثِ الشِّیعَهِ « إِیَّاکُمْ وَالتَّجَبُّرَ عَلَی اللهِ ».

کأنه أراد بِالتَّجَبُّرِ علی الله التکبر علی الناس متکلا معتمدا علی قربه عند الله.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَنَّ عَبْداً لَمْ یَتَجَبَّرْ عَلَی اللهِ إِلَّا تَجَبَّرَ عَلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله ».

و « الجَبَرُوت » فهو فعلوت من الجبر والقهر. و « جَبْرَئِیلُ » هو اسم ملک من ملائکه الله ، یقال هو جَبْرٌ أضیف إلی إیل اسم من أسماء الله تعالی بغیر العربیه ، وفیه لغات جَبْرَئِیل یهمز ولا یهمز وجِبْرِیل بالکسر وجَبْرَئِل مقصور وجَبْرِین.

نُقِلَ أَنَّهُ علیه السلام نَزَلَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام خَمْسِینَ مَرَّهً وَعَلَی مُوسَی أَرْبَعَمِائَهِ مَرَّهٍ وَعَلَی عِیسَی عَشْرَ مَرَّاتٍ وَعَلَی مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله أَرْبَعَهً وَعِشْرِینَ أَلْفَ مَرَّهٍ.

وَمِنْ کَلَامِهِ علیه السلام فِی وَصْفِ وَالِی الْأُمَّهِ « هُوَ الَّذِی لَمْ یُغْلِقْ بَابَهُ دُونَهُمْ فَیَأْکُلَ قَوِیُّهُمْ ضَعِیفَهُمْ وَلَمْ یُجْبِرْهُمْ فِی بُعُوثِهِمْ فَیَقْطَعَ نَسْلَ أُمَّتِی ».

قیل هو من الجَبْرِ علی الشیء : القهر والغلبه علیه ، وقد اضطربت النسخ فی ذلک والأصح ما ذکرناه ، والمعنی حینئذ لم یقهر کل جماعه من المسلمین علی الجهاد فینجر إلی قطع النسل. و « الجَبْرُ » وزان فلس : خلاف القدر وهو القول بأن الله یجبر عباده علی فعل المعاصی

ص: 240

ومنه الْحَدِیثُ « لَا جَبْرَ وَلَا تَفْوِیضَ وَلَکِنْ أَمْرٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ » سُئِلَ مَا الْأَمْرُ بَیْنَ الْأَمْرَیْنِ؟ قَالَ : مَثَلُ ذَلِکَ رَجُلٌ رَأَیْتَهُ عَلَی مَعْصِیَهٍ فَنَهَیْتَهُ فَلَمْ یَنْتَهِ فَتَرَکْتَهُ فَفَعَلَ تِلْکَ الْمَعْصِیَهَ فَلَیْسَ حَیْثُ لَمْ یَقْبَلْ مِنْکَ فَتَرَکْتَهُ کُنْتَ أَنْتَ الَّذِی أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِیَهِ.

و « الجَبْرِیَّهُ » بإسکان الباء خلاف القدریه ، وفی عرف أهل الکلام یسمون المُجْبِرَه والمُرْجِئَه لأنهم یؤخرون أمر الله ویرتکبون الکبائر. والمفهوم من کلامالأئمه علیهم السلام أن المراد من الجَبْرِیَّه الأشاعره ومن القَدَرِیَّه المعتزله ، لأنهم شهروا أنفسهم بإنکار رکن عظیم من الدین وهو کون الحوادث بقدره الله تعالی وقضائه ، وزعموا أن العبد قبل أن یقع منه الفعل مستطیع تام ، یعنی لا یتوقف فعله علی تجدد فعل من أفعاله تعالی ، وهذا معنی التَّفْوِیض ، یعنی أن الله تعالی فوض إلیهم أفعالهم وقال علی بن إبراهیم : المُجْبِرَه الذین قالوا لیس لنا صنع ونحن مجبرون یحدث الله لنا الفعل عند الفعل ، وإنما الأفعال منسوبه إلی الناس علی المجاز لا علی الحقیقه ، وتأولوا فی ذلک بآیات من کتاب الله لم یعرفوا معناها ، مثل قوله ( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللهُ ) وقوله : ( فَمَنْ یُرِدِ اللهُ أَنْ یَهْدِیَهُ یَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ یُرِدْ أَنْ یُضِلَّهُ یَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَیِّقاً حَرَجاً ). وغیر ذلک من الآیات التی تأولوها علی خلاف معانیها ، وفیما قالوه إبطال الثواب والعقاب ، وإذا قالوا ذلک ثم أقروا بالثواب والعقاب نسبوا إلی الله الجور وأنه یعذب علی غیر اکتساب وفعل تعالی الله عن ذلک علوا کبیرا أن یعاقب أحدا علی غیر فعل وبغیر حجه واضحه علیه ، والقرآن کله رد علیهم ، قال الله تعالی : ( لا یُکَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما کَسَبَتْ وَعَلَیْها مَا اکْتَسَبَتْ ) فقوله ( لَها ) و ( عَلَیْها ) هو الحقیقه لفعلها ، وقوله : ( فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ خَیْراً یَرَهُ وَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ شَرًّا یَرَهُ ) وقوله : ( کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ رَهِینَهٌ ) وقوله : ( ذلِکَ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیکُمْ ) وقوله : ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا

ص: 241

الْعَمی عَلَی الْهُدی ) وقوله : ( إِنَّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ إِمَّا شاکِراً وَإِمَّا کَفُوراً ) وقوله ( وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَیَّنَ لَکُمْ مِنْ مَساکِنِهِمْ وَزَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ وَکانُوا مُسْتَبْصِرِینَ ) وقوله : ( وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسی بِالْبَیِّناتِ فَاسْتَکْبَرُوا فِی الْأَرْضِ وَما کانُوا سابِقِینَ فَکُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ ) ولم یقل بفعلنا ( فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَیْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّیْحَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما کانَ اللهُ. لِیَظْلِمَهُمْ وَلکِنْ کانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ ) ومثل ذلک کثیر - انتهی. والجَبْرُ : إصلاح العظم من الکسر ، یقال جَبَرْتُ العظمَ والکسرَ جَبْراً. وجَبَرَ العظمُ والکسرُ جُبُوراً : أی انجبر یتعدی ولا یتعدی ، ومنه « جَبَرَ اللهُ وَهْنَکُمْ ». وقولهم جَبَرْتُ الیتیمَ : إذا أعطیته. والمُجَبِّرُ : الذی یجبر العظام المکسوره ومنه « الجَبِیرَه » علی فعیله واحده الجَبَائِر ، وهی عیدان یجبر بها العظام.

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله « الْبِئْرُ جُبَارٌ وَجُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ ».

أراد بِالْجُبَارِ بالضم والتخفیف الهَدَر ، یعنی لا غرم فیه ، والعَجْمَاء البهیمه سمیت بذلک لأنها لا تتکلم ، والمعنی أن البهیمه العجماء تنفلت فتتلف شیئا فذلک الشیء هدر ، وکذلک المعدن إذا انهار علی أحد فهو هدر. وجَابِرُ بن عبد الله صحابی شهد بدرا (1) وجَابِرٌ الجعفی من علماء الشیعه (2) ، رُوِیَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : عِنْدِی سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِیثٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَعَنِ

ص: 242

النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله.

وعَنْ زُهَیْرِ بْنِ مُعَاوِیَهَ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِراً یَقُولُ : عِنْدِی خَمْسُونَ أَلْفَ حَدِیثٍ مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِحَدِیثٍ ، ثُمَّ حَدَّثَ یَوْماً مِنْهَا بِحَدِیثٍ فَقَالَ : هَذَا مِنَ الْخَمْسِینَ أَلْفاً.

وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاکَ إِنَّکَ حَمَلْتَنِی وِقْراً عَظِیماً بِمَا حَدَّثْتَنِی مِنْ سِرِّکُمُ الَّذِی لَا أُحَدِّثَ بِهِ أَحَداً ، وَرُبَّمَا جَاشَ فِی صَدْرِی حَتَّی أَخَذَنِی مِنْهُ شِبْهُ الْجُنُونِ؟ قَالَ : یَا جَابِرُ إِذَا کَانَ ذَلِکَ فَاخْرُجْ إِلَی الْجَبَّانَهِ فَاحْفِرْ حَفِیرَهً وَدَلِّ رَأْسَکَ فِیهَا ثُمَّ قُلْ : حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ بِکَذَا وَکَذَا (1).

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا یَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا الْمَجْبُورُ » قُلْتُ : وَمَا الْمَجْبُورُ؟ قَالَ : « أُمٌّ تُرَبِّی أَوْ ظِئْرٌ تُسْتَأْجَرُ أَوْ أَمَهٌ تُشْتَرَی ».

قال فی شرح الشرائع : المَجْبُور وجدتها مضبوطه بخط الصدوق بالجیم والباء فی کتابه المقنع فإنه عندی بخطه - انتهی. ویتم الکلام فی جبر إن شاء الله تعالی.

بَعْضُ النَّاسِ فِی الْمَنِّ فَقَالَ « لَا یُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَیْنِ ».

وجَرَرْتُ الحبلَ جَرّاً : سحبته. وهلم جَرّاً : معناها استدامه الأمر وانسحابه ، یقال کان ذلک عام کذا وهلم جَرّاً إلی الیوم ، وأصله من الجَرِّ السَّحْب ، وانتصب جرا علی المصدر أو الحال. قال فی النهایه والجَرَّهُ بالفتح والتشدید إناء معروف من خزف ، والجمع جِرَار مثل کلبه وکلاب وجَرَّات وجَرّ مثل تمره وتمرات وتمر. و « جَرِیرٌ » شاعر مشهور معروف (1). و « مسجد جَرِیر » أحد المساجد الملعونه فی الکوفه. والجَرْجَرَهُ : صوت یردده البعیر فی حنجرته. وقوله فِی الْخَبَرِ « یُجَرْجِرُ فِی بَطْنِهِ نَارُ جَهَنَّمَ ».

أی یلقی فی بطنه ، یقال جَرْجَرَ فلان من الماء فی حلقه : إذا تجرعه جرعا متتابعا له صوت. والجَرِیرَه : حکایه ذلک الصوت. وهذا مثل قوله تعالی : ( إِنَّما یَأْکُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً ) فنارا منصوبه علی المفعولیه بقوله یجرجر فاعله الشارب. وقال بعضهم یُجَرْجِرُ فعل لازم ونار رفع علی الفاعلیه. وعن الزمخشری یروی برفع النار والأکثر النصب ، وهذا الکلام علی المجاز لأن نار جهنم علی الحقیقه لا تجرجر فی جوفه. والجِرْجِرُ والجِرْجِیرُ بقله معروفه ، ومنه حَدِیثُ أَهْلِ الْبَیْتِ « الْهِنْدَبَاءُ لَنَا وَالْجِرْجِیرُ لِبَنِی أُمَیَّهَ » (2).

نحرتها ، والفاعل جَزَّارٌ بالتشدید ، والحرفه الجِزَارَه بالکسر. والمَجْزَر کجعفر : موضع الجزر ، وربما دخلته الهاء فیقال مَجْزَرَه. والجُزَارُ بضم الجیم : ما یُعْطَی الجَزَّار من الجزور. وجَزَرْتُ الناقهَ : نحرتها وجلدتها. ولحم مَجْزُور : قد أخذ منه الجلد الذی کان علیه. وجَزَرَ الماءُ جَزْراً من باب ضرب وقتل : انحسر ، وهو رجوعه إلی خلف ، ومنه الجَزِیرَه سمیت بذلک لانقطاعها عن معظم الأرض. والجَزِیرَه : موضع بعینه ، وهو ما بین دجله والفرات (1). و « جَزِیرَهُ العرب » اختلف فی تحدیدها : فعن الخلیل بن أحمد أنه قال ولعلها سمیت جزیره لانقطاعها عن معظم البر وقد اکتنفتها البحار والأنهار من أکثر الجهات ، کبحر البصره وعمان إلی برکه بنی إسرائیل حیث أهلک الله عدوه فرعون وبحر الشام والنیل ودجله والفرات والقدر الذی یتصل بالبر فقد انقطع بالقفار والرمال عن العمرانات ، وعن أبی عبیده هی ما بین حفر أبی موسی الأشعری إلی أقصی الیمن فی الطول والعرض ما بین رمل بئرین إلی منقطع السماوه اسم بادیه فی طرف الشام ، وعن الأصمعی هی ما بین عدن إلی أطراف الشام طولا وأما العرض فمن جده وما والاها من شاطیء البحر إلی ریف العراق ، وعن البکری جَزِیرَه العرب مکه والمدینه والیمن والیمامه ، وعن بعضهم جَزِیرَه العرب خمسه أقسام تهامه ونجد وحجاز وعروض ویمن : فأما تِهَامَه فهی الناحیه الجنوبی من الحجاز ، وأما نَجْد فهی الناحیه التی بین الحجاز

ص: 246

والعراق ، وأما الحِجَازُ فهو جبل یقبل من الیمن حتی یتصل بالشام وفیه المدینه وعمان ، وسمی حِجَازاً لأنه حجز بین نجد وتهامه ، وأما العَرُوض فهو الیمامه إلی البحرین ، وأما الیَمَن فهو أعلی من تهامه. وهذا قریب من قول الأصمعی. وفی المجمع جَزِیرَه العرب اسم صقع من الأرض وهو ما بین حفر أبی موسی إلی أقصی الیمن فی الطول وما بین رمل بئرین إلی منقطع السماوه فی العرض ، لأن بحر فارس وبحر السودان أحاط بجانبیها وأحاط بالشمال دجله والفرات. جَزَرْتُ النخلَ أَجْزِرُهُ بالکسر جَزْراً : صرمته. و « الجَزَر المأکول » بفتح الجیم وکسرها لغه الواحده [ بالهاء والجمع ] بحذف الهاء - قاله فی المصباح.

فِی شَوَّالٍ مِنْ سَنَهِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِینَ وَمِائَهٍ وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَهً.

والجَعْفَرُ : النهر الصغیر ، وأبو قبیله

وَجَعْفَرٌ الطَّیَّارُ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَسَنُّ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام بِعَشْرِ سِنِینَ وَکُنْیَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الطَّیَّارُ ذُو الْجَنَاحَیْنِ وَذُو الْهِجْرَتَیْنِ الشُّجَاعُ الْجَوَادُ ، کَانَ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ هَاجَرَ إِلَی الْحَبَشَهِ وَکَانَ هُوَ سَبَبَ إِسْلَامِ النَّجَاشِیِّ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَی الْمَدِینَهِ.

وقد تکرر ذکر أبی جَعْفَرٍ علیه السلام ویراد به عند الإطلاق محمد بن علی الباقر علیه السلام وإذا قید بالثانی فالجواد علیه السلام.

مُطْبَقٌ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ فِیهِ سِلَاحُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله وَالْکُتُبُ وَمُصْحَفُ فَاطِمَهَ علیها السلام.

والجَفْرُ : البئر التی لم تُطْوَ ، وهو مذکر والجمع جِفَار کسهم وسهام. والجُفْرَه : سعه فی الأرض مستدیره ، والجمع جِفَار بالکسر مثل برمه وبرام والجَفِیرُ : الکنانه أوسع منها. ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِی الْجَفِیرِ الْفَارِغِ » (1).

والجَفِیرُ : الأسد الشدید. وجَفِیرٌ العبدی ثقه من رواه الحدیث (2).

الدنیا ووصفها لکونها أقرب منازل النازلین عند مسجد الخیف وهناک کان مناخ النبی صلی الله علیه وآله ولأنها أقرب من الحل من غیرها ، قیل وإضافتها إلی الدنیا کإضافه المسجد الجامع.

وَمِنْ کَلَامِ عَلِیٍّ علیه السلام مَعَ مَنْ أَخَّرَهُ عَنِ الْخِلَافَهِ « أَمَا وَالْبَیْتِ الْمُفْضِی إِلَی الْبَیْتِ وَالْمُزْدَلِفَهِ وَالْخِفَافِ إِلَی التَّجْمِیرِ لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَیَّ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِینَ خَلِیجَ الْمَنِیَّهِ ».

قیل فیه الواو للقسم ، والمضاف محذوف أی أما ورب البیت المفضی إلی البیت المعمور لتحاذیهما. والخفاف بالخاء المعجمه والفائین فی کثیر من النسخ ، وعن بعض الأفاضل لم أقف لها علی معنی مناسب ، وهو کما تری لا مکان أن یراد بالخفاف الإبل الخفاف الماشیه إلی التجمیر ، ویتم المعنی والله أعلم. و « الجُمَّار » بالضم والتشدید : شحم النخل الذی فی جوفه. وجَمَّرْتُ النخلهَ : قطعت جمارها. وفی الحدیث ذکر الاسْتِجْمَار ، والمراد به الاستنجاء ، ومعناه التمسح بالجمار وهی الأحجار الصغار ، یقال اسْتَجْمَرَ الإنسانُ فی الاستنجاء : قلع النجاسه بالجمرات والجمار. ومنه الْخَبَرُ « إِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ ».

أی قف علی الفرد.

جَاوَرْتُهُ مُجَاوَرَهً من باب قاتل وجِوَاراً والکسر أفصح من الضم : إذا لاصقته فی المسکن. والجَارُ ذی القربی : أی ذی القرابه والجَارُ الجُنُب : الغریب ، وجمع الجَار الجِیرَان بکسر الجیم کقاع وقیعان.

وَفِی الْخَبَرِ « کُلُّ أَرْبَعِینَ دَاراً جِیرَانٌ مِنْ بَیْنِ الْیَدَیْنِ وَالْخَلْفِ وَالْیَمِینِ وَالشِّمَالِ » (1).

وَفِی الْحَدِیثِ « عَلَیْکُمْ بِحُسْنِ الْجِوَارِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ یَعْمُرُ الدِّیَارَ ».

وقیل لیس حُسْنُ الجِوَارِ کف الأذی فقط بل تحمل الأذی منه أیضا. ومن جمله حسن الجِوَارِ ابتداؤه بالسلام وعیادته فی المرض ، وتعزیته فی المصیبه وتهنئته فی الفرح ، والصفح عن زلاته ، وعدم التطلع علی عوراته ، وترک مضایقته فیما یحتاج إلیه من وضع جذوعه علی جدارک وتسلط میزابه إلی دارک وما أشبه ذلک. وفِیهِ « أَحْسِنُوا جِوَارَ النِّعَمِ ».

وتفسیره - کما جاءت به الروایه - الشکر لمن أنعم بها علیک وأداء حقوقها. والجَارُ الذی یجیر غیره : أی یؤمنه مما یخاف.

وَفِی الْخَبَرِ « وَیُجِیرُ عَلَیْهِمْ أَدْنَاهُمْ ».

أی إذا جار واحد من المسلمین حرا أو عبدا أو امرأه جماعه أو واحد من الکفار وأمنهم جاز ذلک علی جمیع المسلمین ولا ینقض علیهم جواره. ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « لَا تُجَارُ حُرْمَهٌ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا ».

والحُرْمَه المرأه.

وَفِی الدُّعَاءِ « عَزَّ جَارُکَ ».

أی المُسْتَجِیرُ بک. و « یَسْتَجِیرُوا بک » أی یطلبون الإجاره.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَیُّمَا رَجُلٍ نَظَرَ إِلَی رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِکِینَ فَهُوَ ».

أی فی أمن لا یظلم ولا یؤذی. وجَارَ فی حکمه یَجُورُ جَوْراً : ظلم. والجَوْرُ : هو المیل عن القصد. ومنه « جَارَ عن الطریق » أی مال عنه. ومنه « الحاکم الجَائِرُ » أی المائل

ص: 251

عن طریق الهدی.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا أَعْلَمُ أَنَّ فِی هَذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَهَ وَالْجِوَارَ ».

وفسرت بالاعتکاف کما صرح به ابن الأثیر فی النهایه. ومنه « فَلَمَّا قَضَیْتُ جِوَارِی » أی اعتکافی. والجِوَارُ بالکسر : أن تعطی الرجل ذمه فیکون بها جارک. والجَارَهُ : الضره ، قیل لها جاره استکراها للفظ الضره. ومن أمثال العرب « إِیَّاکِ أَعْنِی وَاسْمَعِی یَا جَارَه » قیل أول من قال ذلک سهل بن مالک الفزاری ، وذلک أنه خرج فمر ببعض أحیاء طی فسأل عن سید الحی فقیل هو حارثه بن لام الطائی ، فأم رحله فلم یصبه شاهدا ، فقالت له أخته : انزل فی الرحب والسعه ، فنزل فأکرمته وألطفته ، ثم خرجت من خباء فرآها أجمل أهل زمانها فوقع فی نفسه منها شیء فجعل لا یدری کیف یرسل إلیها ولا ما یوافقها من ذلک ، فجلس بفناء الخباء وهی تسمع کلامه فجعل ینشد :

یا أخت خیر البدو والحضاره

کیف ترین فی فتی فزاره

أصبح یهوی حُره معطاره

(إیاک أعنی واسمعی یا جاره ) :

فلما سمعت قوله علمت أنه إیاها یعنی ، فضرب مثلا (1). ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « نَزَلَ الْقُرْآنُ بِإِیَّاکِ أَعْنِی! وَاسْمَعِی یَا جَارَهُ ».

وقد تقدم الکلام فیه فی عنی.

وَفِی الدُّعَاءِ « یَا مَنْ ( یُجِیرُ وَلا یُجارُ عَلَیْهِ ) ».

أی ینقذ من هرب إلیه ولا ینقذ أحد ممن هرب منه ، وکلاهما من الإجاره ولیس الثانی من الجوار. و « أَجَارَهُ الله من العذاب » أنقذه. واسْتَجَارَهُ : طلب منه أن یحفظه فأجاره. و « المُسْتَجَارُ » من البیت الحرام هو الحائط المقابل للباب دون الرکن الیمانی ،

ص: 252

لأنه کان قبل تجدید البیت هو الباب ، سمی بذلک لأنه یستجار عنده بالله من النار. و « نهر جُوَیْر » أحد رساتیق المدائن (1). وجُوَیْرِیَه من الرجال مصغر جَارِیَه بالجیم. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام عِنْدَ غَیْبُوبَهِ الشَّمْسِ « أَشَکَکْتَ یَا جُوَیْرِیَهُ ».

وجُوَیْرِیَه کانت امرأه جمیله.

قَالَتْ عَائِشَهُ : کَانَتْ جُوَیْرِیَهَ عَلَیْهَا حَلَاوَهٌ وَمَلَاحَهٌ لَا یَکَادُ یَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا وَقَعَتْ بِنَفْسِهِ قَالَتْ : وَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله تَسْتَعِینُهُ فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَیْتُهَا عَلَی بَابِ الْحُجْرَهِ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَیَرَی مِنْهَا مَا رَأَیْتُ ، فَقَالَتْ لَهُ : جِئْتُکَ أَسْتَعِینُکَ. فَقَالَ لَهَا : هَلْ لَکِ فِی خَیْرٍ مِنْ ذَلِکِ؟ قَالَتْ : وَمَا هُوَ یَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ : أَتَزَوَّجُکِ. قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَ صلی الله علیه وآله قَدْ فَعَلْتُ ، فَکَانَ ذَلِکَ فِی سَنَهِ خَمْسٍ (2).

وهو أن یدعو علی الظالم ویذکر ما فیه من السوء ، وقیل هو أن یبدأ بالشتیمه فرد علی الشاتم لینتصر منه. وقال الشیخ أبو علی : وفی معناه أقوال ، وذکر منها لا یحب الله الشتم فی الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له بأن ینتصر ممن ظلمه بما یجوز له الانتصار به فی الدین ، ومنها لا یحب الله الجَهْرَ بالدعاء علی أحد إلا أن یظلم إنسان فیدعو علی من ظلمه (1) قوله : ( حَتَّی نَرَی اللهَ جَهْرَهً ) [ 2 / 55 ] أی عیانا ، وهی مصدر من قولک جَهَرَ بالقراءه کأن الذی یُری بالعین جَاهِرٌ بالرؤیه ، وانتصابها علی المفعول المطلق أو الحال من فاعل نری أو مفعول له.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَیْسَ فِی الْجَوْهَرِ زَکَاهٌ ».

الجَوْهَرُ واحد جَوَاهِر الأرض. قال فی القاموس : وهو کل حجر یستخرج منه شیء ینتفع به - انتهی. ووزنه فوعل ، والواحده جَوْهَرَه. وجَوْهَرُ کل شیء : جبلته المخلوق علیها ، یقال جَوْهَرُ الثوب جید وردیء ونحو ذلک ، ومن ذلک سمی بعض المتکلمین الجزء الذی لا یتجزأ جَوْهَراً ، وحده عندهم ما تحیز وصح أن تحله الأعراض عند الوجود ، فَالْجَوْهَرُ عندهم إما جوهر فرد أو خط أو سطح أو جسم وکل واحد مفتقر إلی حیز ، وعند الحکماء تنحصر الجَوَاهِرُ فی خمسه فی الهیولی والصوره والجسم والنفس والعقل ، وإن کان الجوهر محلا لجوهر آخر فهو الهَیُولَی ، أو حالا فی جوهر آخر فهو الصُّورَه ، أو مرکبا من الحال والمحل وهو الجِسْمُ ، أو لا یکون حالا ولا محلا ولا مرکبا منهما وهو المفارق ، فإن تعلق بالجسم تعلق تدبیر فهو النَّفْسُ ، وإن لم یتعلق تعلق التدبیر فهو العَقْلُ.

وَفِی الْحَدِیثِ « فِی تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ تُعْرَفُ جَوَاهِرُ الرِّجَالِ » (2).

أی حقائقها التی جبلت علیها. ومثله « لِکُلِّ شَیْءٍ جَوْهَرٌ ».

أی حقیقه.

ص: 254

وفِیهِ « لَوْ قَاسَ - یَعْنِی إِبْلِیسَ الْجَوْهَرَ الَّذِی خَلَقَ اللهُ مِنْهُ آدَمَ بِالنَّارِ کَانَ ذَلِکَ أَکْثَرَ نُوراً ».

یرید بالجَوْهَر هنا النور کما یفسره الْحَدِیثُ الْآخَرُ « لَوْ قَاسَ نُورِیَّهَ آدَمَ بِنُورِیَّهِ النَّارِ عَرَفَ فَضْلَ مَا بَیْنَ النُّورَیْنِ وَصَفَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَی الْآخَرِ ».

وجَهَرَ الشیءُ یَجْهَرُ بفتحتین کمنع : ظهر. وأَجْهَرْتُهُ بالألف : أظهرته ، ویعدی بنفسه وبالباء فیقال جَهَرْتُهُ وجَهَرْتُ به. وجَاهَرَ فلان بالعداوه مُجَاهَرَهً وجِهَاراً ، وجَهُرَ الصوتُ بالضم جَهَارَهً فهو جَهِیرٌ. والحروف المَجْهُورَه عند النحویین تسعه عشر ، یجمعها قولک « ظِلُّ قَوٍّ رَبَضٌ إِذْ غَزَا جُنْدٌ مُطِیعٌ » قال الجوهری : وإنما سمی الحرف مَجْهُوراً لأنه أشبع الاعتماد فی موضعه ، ومنع النفس أن یجری معه حتی ینقضی الاعتماد بجری الصوت. و « الجَوْهَرِیُ » هو صاحب الصحاح المشهور فی اللغه (1). قال ابن بری بعد کلام یصف فیه الجَوْهَرِیَ : وصحاحه هذا فیه تصحیف فی عده مواضع تتبعها علیه المحققون. قیل إن سببه أنه لما صنفه سمع علیه إلی باب الضاد المعجمه وعرض له وسوسه فألقی نفسه من سطح فمات ، فبقی سائر الکتاب مسوده غیر منقح ولا مبیض ، فبیضه تلمیذه إبراهیم بن صالح الوراق فغلط فیه فی مواضع ، وکانت وفاه الجَوْهَرِیِ فی حدود أربعمائه.

وَفِی الْحَدِیثِ « مَنْ عَزَّی حَزِیناً کُسِیَ فِی الْمَوْقِفِ حُلَّهً یُحْبَرُ بِهَا ».

علی البناء للمجهول إما بتخفیف الموحده المفتوحه من الحَبْرِ بالفتح بمعنی السرور أی یسر بها ، أو بالتشدید من التَّحْبِیرِ بمعنی التزیین أی جعل الحله زینه له فیکون مزینا بها - کذا قرره بعض شارحی الحدیث. وفی بعض النسخ « یُحْبَی بها » من الحَبَاء والحَبْوَه بمعنی العطاء والعطیه. وفِیهِ « لَا بَأْسَ بِأَکْلِ الْحُبَارَی ».

بضم الحاء وفتح الراء : اسم طائر معروف علی شکل الإوزه برأسه وبطنه غبره ، ولون بطنه وجناحه کلون السمانی غالبا ، یقع علی الذکر والأنثی والواحد والجمع سواء ، یقال إنها إذا تبعها الصقر سلحت فی وجهه فشغلته.

وَفِی الْخَبَرِ « أَنَّ أَکْلَهُ جَیِّدٌ لِلْبَوَاسِیرِ وَوَجَعِ الظَّهْرِ وَهُوَ مِمَّا یُعِینُ عَلَی کَثْرَهِ الْجِمَاعِ ».

والحُبُّورُ کعصفور فرخ الحباری. وفی حیاه الحیوان الحُبَارَی طائر معروف ، وهو من أشد الطیر طیرانا وأبعدها شوطا ، کبیر العنق رمادی اللون ، وأکثر الطیر حیله فی تحصیل الرزق ومع ذلک یموت جوعا (1)

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا یَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا کَانَ مَحْبُوراً. قُلْتُ : وَمَا المَحْبُورُ؟ قَالَ : أُمٌّ تُرَبِّی أَوْ ظِئْرٌ تُسْتَأْجَرُ أَوْ أَمَهٌ تُشْتَرَی » (2).

وقد اضطربت النسخ فی ذلک : ففی بعضها بالحاء المهمله کما ذکرنا ، وفی بعضها بالجیم کما تقدم ، وفی بعضها بالخاء المعجمه ولعله الصواب ، ویکون المَحْبُورُ بمعنی المعلوم.

الحِجْرُ بالکسر دیار ثمود ومنازلهم بین الحجاز والشام عند وادی القری (1). قوله : ( وَیَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً ) [ 25 / 22 ] أی حراما محرما علیکم والحِجْرُ الحرام یکسر ویضم ویفتح قال الجوهری والکسر أفصح ، قرئ بهن فی قوله تعالی ( وَحَرْثٌ حِجْرٌ ) [ 6 / 138 ]. قوله : ( هَلْ فِی ذلِکَ قَسَمٌ لِذِی حِجْرٍ ) [ 89 / 5 ] أی عقل. والحِجْرُ : العقل. والحُجُور : البیوت ، ومنه قوله : ( وَرَبائِبُکُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِکُمْ ) [ 4 / 33 ] ولذا قال العلماء : لا یجوز نکاح الرجل لربیبته إذا دخل بأمها ، سواء کانت مرباه فی حجره أو فی حجر غیره. قوله : ( فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاکَ الْحَجَرَ ) [ 2 / 60 ] هو بالتحریک : الحَجَرُ الذی کان مع موسی یستسقی به لقومه.

رُوِیَ أَنَّهُ حَجَرٌ حَمَلَهُ مَعَهُ مِنَ الطُّورِ وَکَانَ مُرَبَّعاً ، وَکَانَ یَنْبُعُ مِنْ کُلِّ وَجْهِهِ ثَلَاثَهُ أَعْیُنٍ لِکُلِّ سِبْطٍ عَیْنٌ تَسِیلُ فِی جَدْوَلٍ إِلَی سِبْطٍ ، وَکَانَ عَدَدُ قَوْمِهِ سِتَّمِائَهِ أَلْفٍ وَسَعَهُ الْعَسْکَرِ اثْنَیْ عَشَرَ مِیلاً.

والحَجَرُ أیضا واحد الأَحْجَار فی القله ، وفی الکثره حجار. قوله : ( مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ ) [ 49 / 4 ] هی جمع حُجْرَه کغرفه الدار وقرئ بفتح الجیم أیضا ، ویجمع علی حُجَر أیضا کغرفه وغرف. قوله : ( بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) [ 33 / 10 ] هی جمع حَنْجَرَه فنعله ، وهی مجری النفس ، ویقال منتهی الحلقوم

ص: 258

وهی الغلصمه حیث نراه ناتئا من خارج الحلق. والحنجور فنعول بضم الفاء : الحلق ، والمعنی شخصت من الفزع وصعدت عن مواضعها من الخوف إلیها. ومثله ( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَی الْحَناجِرِ ) [ 40 / 18 ]

وَفِی الْحَدِیثِ « الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ » (1).

أی الخیبه والحرمان ، أو هو کنایه عن الرجم.

وَفِی حَدِیثِ الدَّجَّالِ « یَتْبَعُهُ أَهْلُ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ ».

یرید أهل البوادی الذین یسکنون مواضع الأحجار والجبال وأهل المدر الذین یسکنون البلاد.

وَفِی الْحَدِیثِ « نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّهِ وَهُوَ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَایَا بَنِی آدَمَ » (2).

وهو تمثیل مبالغه فی تعظیم شأنه وتفظیع أمر الخطایا ، یعنی أنه لشرفه یشارک جواهر الجنه فکأنه نزل منها ، وأن خطایاکم تکاد تؤثر فی الجمادات فکیف بقلوبکم ، أو من حیث إنه مکفر للخطایا کأنه من الجنه ومن کثره تحمل أوزارهم کأنه کان ذا بیاض فسودته - هکذا قیل ، والأظهر إبقاء الحدیث علی ظاهره کما یشهد له بعض الأخبار ، إذ لا مانع من ذلک سمعا ولا عقلا بالنظر إلی القدره الإلهیه.

وَفِی الْخَبَرِ « أَنَّهُ علیه السلام شَدَّ حَجَرَ الْمَجَاعَهِ عَلَی بَطْنِهِ ».

قیل فائده ذلک المساعده علی الاعتدال والانتصاب علی القیام ، أو المنع من کثره الخلل من الغذاء الذی فی البطن ، أو ربما یشد طرف الأمعاء فیکون الضعف قلیلا ، أو لتقلیل حراره الجوع ببروده الحجر ، أو الإشاره إلی کسر النفس وإلهامها الحجر ولا یملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وحَجَرَ علیه حَجْراً من باب قتل : منعه التصرف ، وبعضهم قصر المَحْجُور علی الممنوع من التصرف فی ماله فهو مَحْجُور علیه ، والفقهاء یحذفون الصله تخفیفا لکثره الاستعمال ویقولون مَحْجُور وهو شائع ، ومنه « الحَجْر » بالفتح وهو مصدر حَجَرَ القاضی علیه حَجْراً.

وَفِی الْحَدِیثِ « خَلَقَ اللهُ ( السَّماواتِ )

ص: 259

مِنْ ثَلَاثِمِائَهٍ وَسِتِّینَ ».

أی اقتطعها من هذا العدد. وحِجْرُ الثوب بالکسر : طرفه المقدم ، وهو فی حِجْرِهِ أی فی کنفه وحمایته ، والجمع حُجُور. والحِجْرُ أیضا : الحائط المستدیر إلی جانب الکعبه الغربی ، وحکی فتح الحاء وکله من البیت أو سته أذرع منه أو سبعه أقوال.

نُقِلَ أَنَّ إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ النَّبِیَّ علیه السلام دَفَنَ أُمَّهُ فِی الْحِجْرِ فَحَجَرَ عَلَیْهَا لِئَلَّا تُوطَأَ.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام « دُفِنَ فِی الْحِجْرِ مِمَّا یَلِی الرُّکْنَ الثَّالِثَ عَذَارَی بَنَاتِ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام ».

وفِیهِ « الْحِجْرُ بَیْتُ إِسْمَاعِیلَ وَفِیهِ قَبْرُ هَاجَرَ وَقَبْرُ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام ».

وحَجْرُ الإنسان بالفتح وقد یکسر : حضنه ، وهو ما دون إبطه إلی الکشح. ومنه الْحَدِیثُ « بَیْنَا الْحَسَنُ وَالْحُسَیْنُ علیه السلام فِی حَجْرِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وآله ».

أی فی حضنه. ومِحْجَر العین بالکسر : ما ظهر من النقاب من الرجل والمرأه من الجفن الأسفل ، وقد یکون من الأعلی ، وعن بعض العرب هو ما دار بالعین من جمیع الجوانب وبدا من البرقع ، والجمع المَحَاجِرُ.

وانْحَدَرَ الماءُ من السحاب والدمع من العین وتَحَدَّرَ : نزل. ومنه الْحَدِیثُ « کَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی أَبِی وَالْمَاءُ یَنْحَدِرُ عَلَی عَاتِقِهِ ».

أی ینزل علیه.

وَقَوْلُهُ علیه السلام « احْدُرْ ذَلِکَ إِلَیْنَا ».

أی أرسله إلینا مع رسلک. و « مَحَادِرُ شعر الذقن » بالدال المهمله أول انحدار الشعر عن الذقن ، وهو طرفه و « حَیْدَرَهُ » اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَسَدِ سُمِّیَ بِهِ عَلِیٌّ علیه السلام.

ومنه کَلَامُهُ علیه السلام حِینَ بَرَزَ إِلَی مَرْحَب فَضَرَبَهُ فَفَلَقَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ :

أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی حَیْدَرَه

کَلَیْثِ غَابَاتٍ کَرِیهِ الْمَنْظَرَه

أَکِیلُکُمْ بِالسَّیْفِ کَیْلَ

السَّنْدَرَه (1).

قَالَ فِی حَیَاهِ الْحَیَوَانِ : وَاخْتُلِفَ فِی وَجْهِ تَسْمِیَتِهِ بِحَیْدَرَهَ عَلَی أَقْوَالٍ : قِیلَ إِنَّهُ اسْمُهُ فِی الْکُتُبِ الْقَدِیمَهِ ، وَقِیلَ إِنَّ أُمَّهُ فَاطِمَهَ بِنْتَ أَسَدٍ سَمَّتْهُ بِهَذَا الِاسْمِ حِینَ وَلَدَتْهُ وَکَانَ أَبُوهُ غَائِباً فَسَمِّتْهُ بِاسْمِ أَبِیهَا أَسَدٍ فَقَدِمَ أَبُوهُ فَسَمَّاهُ عَلِیّاً ، وَقِیلَ إِنَّهُ کَانَ یُلَقَّبُ بِهِ فِی صِغَرِهِ لِأَنَ حَیْدَرَهَ هُوَ الْمُمْتَلِئُ لَحْماً الْعَظِیمُ الْبَطْنِ وَعَلِیٌّ علیه السلام کَانَ کَذَلِکَ (2).

یجوز « ما زال زید إلا قائما » ، واعتذر له بأن تنفک هذه لیست ناقصه بل هی بمعنی تنفصل ، أی لا تفارق أوطانها إلا مناخه علی الخسف والذل.

ومنه الْخَبَرُ « الْخَیْرُ بِحَذَافِیرِهِ مِنَ الْجَنَّهِ ».

أی بأسره وأجمعه.

ونهبهم ، وکان المتأمر علیهم مسلم بن عقبه وعقیبها هلک یزید ، قتل فیه خلق کثیر من المهاجرین والأنصار ، وکان ذلک فی ذی الحجه من سنه ثلاث وستین من الهجره. و « حَرَّهُ واقم » بقرب المدینه. و « الحَرَّتَانِ » حَرَّهُ واقم وحَرَّهُ لیلی ومنه الْحَدِیثُ « حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ مِنَ الْمَدِینَهِ مِنَ الصَّیْدِ مَا بَیْنَ لَابَتَیْهَا. قُلْتُ : وَمَا لَابَتَاهَا؟ قَالَ : مَا أَحَاطَتْ بِهِ الْحِرَارُ » (1).

والحَرُّ بالفتح والتشدید : ضد البرد ، والحَرَارَه ضد البروده. والحِرَّهُ بالکسر والتشدید : العطش. والحَرَّانُ : العطشان والأنثی حَرَّی مثل عطشان وعطشی. ومنه الْحَدِیثُ « أَفْضَلُ الصَّدَقَهِ إِبْرَادُ کَبِدٍ حَرَّی » (2)وَ « لِکُلِّ کَبِدٍ حَرَّی أَجْرُ ».

والمعنی أن فی سقی کل کبد حری أجر ، وقیل أراد بالکبد الحَرَّی حیاه صاحبها لأنه إنما یکون کبد حری إذا کان فیه حیاه ، والمعنی أن فی سقی کل ذی روح من الحیوان أجر. والحَرُّ : التعب والشده. ومنه حَدِیثُ فَاطِمَهَ علیه السلام « لَوْ أَتَیْتِ النَّبِیَّ صلی الله علیه وآله فَسَأَلْتِ خَادِماً یَقِیکِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِیهِ مِنَ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّهِ مِنْ خِدْمَهِ الْبَیْتِ ».

لأن الحراره مقرونه بهما کما أن البروده مقرونه بالراحه والسکون. والحُرُّ بالضم : من الطین والرمل ما خلص من الاختلاط بغیره. ومنه الْحَدِیثُ « الطِّینُ الْحُرُّ یُجْعَلُ عَلَی دَمِ الْمَیِّتِ الَّذِی لَا یَنْقَطِعُ ».

والحُرُّ : خلاف العبد ، سمی بذلک لخلاصه من الرقیه. والحُرَّه : خلاف الأمه ، والجمع الحَرَائِرُ علی غیر القیاس ، لأن قیاس فعله أن یجمع علی فعل کغرفه وغرف ، وإنما جمعت حُرَّه علی حَرَائِر لأنها بمعنی کریمه. ومِنْهُ « فَلْیَتَزَوَّجِ الْحَرَائِرَ ».

قیل لأن الأمه مبتذله غیر مؤدبه فلم تحسن تأدیب أولادها بخلاف الحره.

ص: 264

وحَرَّ یَحَرُّ من باب تعب : إذا صار حرا. وسَاقُ حُرٍّ : ذَکَرُ القَمَارِی. وحُرُّ الوجه : ما بدا من الوجنه. ومنه « لطمه علی حُرِّ وجهه ». وقوله : « یستحلون الحِرَ والخمر » الحِرُ بکسر حاء وخفه راء مهملتین الفرج ، وأصله الحرح والجمع أحراح. والحَرِیرَه : واحده الحَرِیر من الثیاب الإبریسم. والحَرِیرَه : دقیق یطبخ بلبن ، وقیل أن ینصب القدر ویقطع فیها اللحم قطعا صغارا ویصب علیه ماء کثیر فإذا نضج ذر علیه الدقیق وعصده ، فإن لم یکن فیها اللحم فهی عصیده.

وَفِی حَدِیثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رُوَیْسٍ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَوْمَ نَحْرٍ فَقَرَّبَ إِلَیْنَا حَرِیرَهً ، فَقُلْنَا لَهُ : أَصْلَحَکَ اللهُ لِمَ قَرَّبْتَ إِلَیْنَا مِنْ هَذَا الْبَطِّ - یَعْنِی الْإِوَزَّ - فَإِنَّهُ قَدْ کَثُرَ الْخَیْرُ؟ فَقَالَ : یَا ابْنَ رُوَیْسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وآله یَقُولُ : لَا یَحِلُّ لِخَلِیفَهٍ أَنْ یَأْخُذَ مِنْ مَالِ اللهِ إِلَّا قَصْعَتَیْنِ قَصْعَهً یَأْکُلُهَا وَقَصْعَهً یَضَعُهَا بَیْنَ یَدَیِ النَّاسِ ».

وحَرُورَی یقصر ویمد اسم قریه بقرب الکوفه نسب إلیها الحَرُورِیَّه بفتح الحاء وضمها وهم الخوارج ، کان أول مجتمعهم فیها تعمقوا فی الدین حتی مرقوا منه فهم المارقون. ومنه الْخَبَرُ « أَحَرُورِیَّهٌ أَنْتَ ».

بفتح حاء وضم راء أولی أی خارجیه توجبون قضاء صلاه الحیض وتَحْرِیرُ الکتاب وغیره تقویمه.

الْبَیْتِ بَعْدَ جُرْهُمَ فَبَنَی صَرْحاً بِأَسْفَلِ مَکَّهَ وَجَعَلَ فِیهِ سُلَّماً یَرْقَی فِیهِ وَیَزْعُمُ أَنَّهُ یُنَاجِی اللهَ فَوْقَ الصَّرْحِ ، وَکَانَ عُلَمَاءُ الْعَرَبِ یَرَوْنَ أَنَّهُ صِدِّیقٌ مِنَ الصِّدِّیقِینَ ، وَکَانَ قَدْ جَعَلَ فِی صَرْحِهِ ذَلِکَ أَمَهً یُقَالُ لَهَا حَزْوَرَه وَبِهَا سُمِّیَتْ حَزْوَرَهُ مَکَّهَ.

ونقل عن الشافعی أن الناس یشددون الحزوره والحدیبیه وهما مخففان. والحَزْرُ : التقدیر والخرص ، والحَازِرُ الخارص ، یقال حَزَرْتُ الشیءَ من بابی ضرب وقتل قَدَّرْته. ومنه « حَزَرْتُ النخلَ » إذا خرصته. و « حَزِیرَان » بالرومیه اسم شهر قبل تموز.

طلبها والعمل لها.

وَالْمَرْوِیُ أَنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه وآله فِی هَذِهِ الْآیَهِ یَرَی أَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّهِ فَیَقُولُونَ ( یا حَسْرَتَنا ).

قوله : یَسْتَحْسِرُونَ [ 21 / 19 ] أی لا یتعبون ولا یفترون ولا یجعل لهم إعیاء ، من قولهم حَسَرَ کضرب یَحْسِرُ حُسُوراً : إذا أعیا وکل وانقطع. قوله : ( فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) [ 17 / 29 ] أی تلام علی إتلاف مالک ومحسورا منقطعا عن النفقه ، بمنزله الجمل الحَسِیرِ الذی حَسَرَهُ السفر أی ذهب بلحمه وقوته فلا انبعاث به

وَفِی الْحَدِیثِ « الإِحْسَارُ الْفَاقَهُ ».

وقیل المَحْسُورُ ذو الحسره علی ذهاب ماله. قوله : ( کَذلِکَ یُرِیهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ ) [ 2 / 167 ]

قِیلَ هُوَ الرَّجُلُ یَدَعُ مَالَهُ لَا یُنْفِقُهُ فِی طَاعَهِ اللهِ بُخْلاً ثُمَّ یَمُوتُ فَیَدَعُهُ لِمَنْ یَعْمَلُ فِیهِ فِی طَاعَهِ اللهِ تَعَالَی أَوْ مَعْصِیَتِهِ ، فَإِنْ عَمِلَ فِیهِ بِطَاعَهِ اللهِ رَآهُ فِی مِیزَانِ غَیْرِهِ فَرَآهُ حَسْرَهً وَقَدْ کَانَ الْمَالُ لَهُ ، وَإِنْ عَمِلَ بِهِ فِی مَعْصِیَتِهِ فَقَدْ قَوَّاهُ بِذَلِکَ الْمَالِ حَتَّی عَمِلَ فِیهِ بِمَعْصِیَهِ اللهِ.

والحَسْرَهُ : هی أشد الندامه والاغتمام علی ما فات ، ولا یمکن ارتجاعه. ومنه قوله تعالی : ( یا حَسْرَتی عَلی ما فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللهِ ) [ 6 / 31 ]. قوله : ( وَأَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْحَسْرَهِ ) [ 19 / 39 ] الآیه.

قَالَ : یُنَادِی مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَذَلِکَ بَعْدَ مَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّهِ فِی الْجَنَّهِ وَأَهْلُ النَّارِ فِی النَّارِ : یَا أَهْلَ الْجَنَّهِ وَیَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ الْمَوْتَ فِی صُورَهٍ مِنَ الصُّوَرِ؟ فَیَقُولُونَ : لَا. فَیُؤْتَی بِالْمَوْتِ فِی صُورَهِ کَبْشٍ أَمْلَحَ فَیُوقَفُ بَیْنَ الْجَنَّهِ وَالنَّارِ ثُمَّ یُنَادُونَ جَمِیعاً : أَشْرِفُوا وَانْظُرُوا إِلَی الْمَوْتِ ، فَیُشْرِفُونَ وَیَنْظُرُونَ ثُمَّ یَأْمُرُ اللهُ بِهِ فَیُذْبَحُ ، ثُمَّ یُقَالُ : یَا أَهْلَ الْجَنَّهِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ أَبَداً وَیَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ أَبَداً (1). وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام « یَا لَهَا

ص: 267

حَسْرَهً عَلَی ذِی غَفْلَهٍ » (1).

قال بعض الشارحین : حَسْرَهً نصب علی التمییز للمتعجب منه المدعو واللام فی لها للاستغاثه ، کأنه قال یا للحسره علی الغافلین ما أکثرک. وقیل لام الجر فتحت لدخولها علی الضمیر ، فالمنادی محذوف أی یا قوم أدعوکم لها حسره.

وَفِی حَدِیثِ الْوُضُوءِ « فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَیْهِ ».

أی کشف عنهما. والانْحِسَارُ : الانکشاف ، ومنه حَسَرَتِ المرأهُ عن ذراعها من باب ضرب کشفته. ومنه حَسَرْتُ العمامه عن رأسی والثوب عن بدنی والإزار عن فخذی.

وَفِی الْحَدِیثِ « ادْعُوا اللهَ وَلَا تَسْتَحْسِرُوا ».

أی لا تملوا ، وهو استفعال من حَسَرَ إذا أعیا وتعب. ومِنْهُ « غَیْر مُسْتَکْبِرٍ وَلَا مُسْتَحْسِرٍ ».

فی حدیث الرکوع ، أی لا أجد فی الرکوع تعبا ولا کللا ولا مشقه بل أجد راحه ولذاذه. والتَّحَسُّرُ : التلهف.

وَفِی الْحَدِیثِ « ذَکَرَ وَادِی مُحَسِّرٍ ».

بکسر السین وتشدیدها ، وهو واد معترض الطریق بین جمع ومنی ، وهو إلی منی أقرب ، وهو حد من حدودها (2)سمی بذلک لما

قِیلَ إِنَّ فِیهِ أَبْرَهَهَ أَعْیَی وَکَلَّ فِیهِ فَحَسَّرَ أَصْحَابَهُ بِفِعْلِهِ وَأوقعهم فِی الْحَسَرَاتِ.

أَنَّ الْآیَهَ نَزَلَتْ فِی إِجْلَاءِ بَنِی النَّضِیرِ مِنَ الْیَهُودِ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أُخْرِجَ مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ مِنْ جَزِیرَهِ الْعَرَبِ ، فَجَلَوْا إِلَی الشَّامِ إِلَی أَرِیحَا وَأَذْرِعَاتٍ ، وَهَذَا أَوَّلُ حَشْرِهِمْ وَآخِرُ حَشْرِهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَهِ ، لِأَنَ الْمَحْشَرَ یَکُونُ بِالشَّامِ (1).

قوله : ( وَحُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّیْرِ ) [ 27 / 17 ] الآیه. أی جمع له ذلک ، فکان إذا خرج إلی مجلسه عکف علیه الطیر وقام الجن والإنس حتی یجلس علی السریر ، وکان لا یسمع بملک فی ناحیه الأرض إلا أذله وأدخله فی دین الإسلام.

وَکَانَ عَسْکَرُ سُلَیْمَانَ فِیمَا نُقِلَ مِائَهَ فَرْسَخٍ خَمْسَهٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْإِنْسِ وَخَمْسَهٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْجِنِّ وَخَمْسَهٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الطَّیْرِ وَخَمْسَهٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْوَحْشِ.

وَیُرْوَی أَنَّهُ أُخْرِجَ مَعَ سُلَیْمَانَ مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ سِتُّمِائَهِ أَلْفِ کُرْسِیٍّ عَنْ یَمِینِهِ وَشِمَالِهِ وَأَمَرَ الطَّیْرَ أَظَلَّتْهُمْ وَأَمَرَ الرِّیحَ فَحَمَلَتْهُمْ حَتَّی وَرَدَتْ بِهِمْ مَدَائِنَ کِسْرَی ، ثُمَّ رَجَعَ فَبَاتَ فِی فَارِسَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : هَلْ رَأَیْتُمْ مُلْکاً أَعْظَمَ مِنْ هَذَا أَوْ سَمِعْتُمْ. قَالُوا : لَا ، فَنَادَی مَلَکٌ فِی السَّمَاءِ تَسْبِیحَهٌ فِی اللهِ أَعْظَمُ مِمَّا رَأَیْتُمْ.

قوله : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) [ 81 / 5 ] أی جمعت. قوله : ( وَما مِنْ دَابَّهٍ فِی الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ یَطِیرُ بِجَناحَیْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُکُمْ ) إلی قوله ( ثُمَّ إِلی رَبِّهِمْ یُحْشَرُونَ ) [ 6 / 38 ] اختلف أهل العلم فی حَشْرِ البهائم والوحش والطیر ، فقیل حَشْرُ کل شیء الموت غیر الجن والإنس فإنهما یوافیان القیامه ، وإلیه ذهب أبو الحسن الأشعری لأنها غیر مکلفه ، وما ورد من الأخبار فعلی سبیل المثل والإخبار علی شده التفصی فی الحساب ، وأنه لا بد أن یقتص للمظلوم من الظالم قال والجمهور منهم الجمیع یحشرون ویبعثون حتی الذباب ویقتص بعضها من بعض ، فیقتص للجماء من القرناء مع احتمال أنها تعقل هذا القدر فی دار الدنیا ، وهذا جار علی مقتضی العقل والنقل لأن

ص: 269

البهیمه تعرف النفع والضر وتنفر من العصا وتقبل إلی العلف وینزجر الکلب إذا انزجر وإذا اشتلی لبی والطیر والوحش تنفر من الجوارح استدفاعا لشرها. والقرآن الکریم یدل علی الإعاده ، وکذا کثیر من الأخبار من الفریقین ، ویشهد لذلک أن کل واحد من الحیوانات یعرف أربعه أشیاء : یعرف من خلقه ، ویعرف ما یضره وینفعه ، ویعرف الذکر الأنثی والأنثی الذکر ، ویعرف الموت.

وَقَوْلُهُ علیه السلام « لَوْ تَعْلَمُ الشَّاهُ مَا تَعْلَمُونَهُ مِنَ الْمَوْتِ مَا أَکَلْتُمْ مِنْهَا سَمِیناً ».

یرید المعرفه التامه لا مطلق المعرفه. و « المَحْشِرُ » بفتح المیم وکسر الشین موضع الحشر ، وهو المَحْشَرُ بالفتح ، یقال حَشَرَهُمْ حَشْراً من باب قتل جمعهم ، ومن باب ضرب لغه. وحَشْرُ الأجساد : هو عباره عن جمع أجزاء بدن المیت وتألیفها مثل ما کانت وإعاده روحه المدبره إلیه کما کان ، ولا شک فی إمکانه والله تعالی قادر علی کل ممکن عالم بالجزئیات ، فیعید الجزء المعین للشخص المعین ، ولما کان حَشْرُ الأجساد حقا وجب أن لا تعدم أجزاء المکلفین وأرواحهم بل یتبدل التألیف والمزاج ، لما تقرر فیما بینهم أن إعاده المعدوم محال وإلا لزم تخلل العدم فی وجود واحد ، فیکون الواحد اثنین. و « الحَاشِرُ » من أسماء النبی صلی الله علیه وآله ، وهو الذی یحشر الناس خلفه ممن هو علی دینه وملته. وفی الحدیث ذکر حَشَرَاتِ الأرض وهی صغار دواب الأرض کالیرابیع والقنافذ ونحوها. وقیل هی هوام الأرض مما لا اسم له ، واحدها حَشَرَه بالتحریک. وفی حیاه الحیوان الحَشَرَات صغار دواب الأرض وصغار هوامها ، فمنها الحیات والجرذان والیربوع والضب والقنفذ والعقرب والخنفساء والنمل والحلم ونحو ذلک مما لا یحتاج إلی الماء ولا یشم النسیم (1).

[ 3 / 39 ] الحَصُورُ قیل هو الذی لا یأتی النساء أی لا یشتهین ، ومنه حَدِیثُ الْقِبْطِیِ الَّذِی أَمَرَ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله عَلِیّاً بِقَتْلِهِ فَإِذَا هُوَ حَصُورٌ.

وقیل هو المبالغ فی حصر النفس عن الشهوات والملاهی. والحَصْرُ : الضیق والانقباض ، قال الله تعالی : ( أَوْ جاؤُکُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ) [ 4 / 90 ] أی ضاقت وانقبضت. قال الجوهری الکوفیون والأخفش أجازوا فی الفعل الماضی أن یکون حالا ولم یجوزه سیبویه إلا مع قد ، وجعل ( حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ) علی جهه الدعاء علیهم. قوله : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ ) [ 2 / 196 ] أی إن منعتم من السیر ، من أَحْصَرَهُ المرض : منعه من السفر أو من حاجه یریدها. ومِنْهُ « رَجُلٌ أُحْصِرَ مِنَ الْحَجِّ » (1).

أی منع بمرض ونحوه. والإِحْصَارُ عند الإمامیه : یختص بالمرض والصَّدُّ بالعدو وما ماثله ، وإن اشترک الجمیع بالمنع من بلوغ المراد. قوله : احْصُرُوهُمْ [ 9 / 5 ] أی امنعوهم من التصرف واحبسوهم ، من الحَصْرِ : الحبس والمنع. والحَصِیرُ : السجن والمحبس ، قال تعالی : ( وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْکافِرِینَ حَصِیراً ) [ 17 / 8 ].

وَفِی الْحَدِیثِ « هَلَکَ المحاصیر [الْمَحَاضِیرُ] وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ. قُلْتُ : وَمَا المحاصیر [المَحَاضِیرُ]؟ قَالَ : الْمُسْتَعْجِلُونَ ».

والحَصِیرُ : ما اتخذ من سعف النخل قدر طول الرجل وأکثر منه ، والجمع حُصُر وتضم الصاد وتسکن تخفیفا. والحَصْرُ : العی ، یقال حَصِرَ الرجل یَحْصَرُ حَصْراً من باب تعب : عیی. والحَصْرُ : العَدُّ والحفظ ، یقال حَصَرْتُ کلامک أی حفظته. ومنه قوله « إن کان الوقت مَحْصُوراً فکذا » أی محفوظا من زیاده ونقصان. والإحصار [ الإِحْضَارُ ] : العدو ومنه حصر [ حَضْرُ ] الجواد.

ص: 271

والمَحْضَرُ : المشهد ، یقال کان ذلک بِمَحْضَرِ فلان وبِمَحْضَرِ القاضی أی بمشهده. وفلان حَسَنُ المَحْضَرِ : إذا کان یذکر الغائب بذکر جمیل. وفلان حَاضِرٌ بموضع کذا : أی مقیم به. وقوم حُضُورٌ : أی حاضرون وحَضَرْتُ مجلسَ القاضی من باب قعد : شهدته.

وَفِی حَدِیثِ الْوَسِیلَهِ « مَا بَیْنَ الْمِرْقَاهِ حُضْرُ الْفَرَسِ ».

أی عدوها. والحُضْرُ بالضم : العدو ، من قولهم أَحْضَرَ الفرسُ إذا عدا.

وَفِی الْخَبَرِ « کُفِّنَ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله بِثَوْبَیْنِ حَضُورِیَّیْنِ ».

هما نسبه إلی حَضُور قریه بالیمن. و « حَضْرَمَوْتُ » واد دون الیمن أرسل الله فیه سیلا علی أناس من أهل الفیل أفلتوا من طیر أبابیل فهلکوا فسمی حضرموت حین ماتوا فیه ، وفی هذا الوادی بئر یقال لها « بئر برهوت » تردها هام الکفار. قال الجوهری فی حَضْرَمَوْت : هما اسمان جعلا واحدا ، إن شئت بنیت الاسم الأول علی الفتح وأعربت الثانی بإعراب ما لا ینصرف وقلت هذا حضرموتُ ، وإن شئت أضفت الأول إلی الثانی فقلت هذا حضرموتٍ أعربت حضرا وخفضت موتا ، وکذا القول فی سام أبرص.

« الثَّابِتُ عَلَی سُنَّتِی مَعِی فِی حَظِیرَهِ الْقُدْسِ ».

أی فی الجنه. ومثله « لَا یَلِجُ حَظِیرَهَ الْقُدْسِ مُدْمِنُ الْخَمْرِ ».

وحَظِیرَهُ المحاریب : بیت المقدس فی القدیم. والمَحْظُورُ : المحرم. والحَظْرُ : الحجر ، وهو خلاف الإباحه.

وَفِی حَدِیثِ الْمَعِیشَهِ « مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ فَقَدْ حَظَرَ عَلَی نَفْسِهِ الرِّزْقَ ».

أی منع ، من قوله حَظَرْتُهُ حَظْراً من باب قتل : منعته.

وَفِی الْحَدِیثِ « وَصَّی بِنَاقَتِهِ أَنْ یُحْظَرَ لَهَا حِظَاراً ».

الحِظَار بالکسر مثل الحظیره تعمل للإبل کما تقدم.

نهر بالأردن ، أما بضم حاء وفتح فاء منزل یقرب من ذی الحلیفه. و « حَفَرُ أبی موسی » بفتح الحاء والفاء رکایا یعنی آبار احتفرها علی جاده البصره إلی مکه.

وَعَدَاوَتِهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ».

أراد بِالْحُمَیْرَاءِ عائشه بنت أبی بکر زوجه رسول الله صلی الله علیه وآله سمیت بذلک لبیاضها وصنیعها رکوبها علی بغله ونهیهم عن دفن الحسن علیه السلام کما صنعت فی یوم الجمل ، وقد نبه علی ذلک قول من قال :

تجملت تبغلت

ولو شئت تفیلت

لک التسع من الثمن

وبالکل تحیزت

وَفِی حَدِیثِ یَعْقُوبَ السَّرَّاجِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَی رَأْسِ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی وَهُوَ فِی الْمَهْدِ ، فَجَعَلَ یُسَارُّهُ - یَعْنِی یُنَاجِیهِ یُقَالُ سَارَّهُ فِی أُذُنِهِ وَتَسَارُّوا تَنَاجَوْا - فَجَلَسْتُ حَتَّی فَرَغَ فَقُمْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ لِی : ادْنُ مِنْ مَوْلَاکَ فَسَلِّمْ عَلَیْهِ ، فَرَدَّ عَلَیَّ السَّلَامَ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ ثُمَّ قَالَ لِی : اذْهَبْ فَغَیِّرِ اسْمَ ابْنَتِکَ الَّتِی سَمَّیْتَهَا أَمْسِ فَإِنَّهُ اسْمٌ یُبْغِضُهُ اللهُ ، وَکَانَ وُلِدَ لِی ابْنَهٌ سَمَّیْتُهَا بِالْحُمَیْرَاءِ. فَقَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام : انْتَهِ إِلَی أَمْرِهِ تَرْشُدْ ، فَغَیَّرْتُ اسْمَهَا.

و « حِمْیَر » بکسر الحاء وسکون المیم وفتح الیاء المثناه أبو قبیله من الیمن ، کان منهم الملوک فی الزمن القدیم. والسید إسماعیل بن محمد الحِمْیَرِیُ بالمهمله المکسوره والمیم الساکنه والیاء المنقطه تحتها نقطتین بعدها راء مهمله ثقه جلیل القدر عظیم المنزله والشأن من شعراء أهل البیت ، وقد أطنب ابن شهر آشوب فی ذکره ، وهو القائل :

لأم عمرو باللوی مربع

وَفِی حَدِیثِ فُضَیْلٍ الرَّسَّانِ وَقَدْ أَنْشَدَ قَصِیدَهً لِأُمِّ عَمْرٍو بِحَضْرَهِ الصَّادِقِ علیه السلام ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْإِنْشَادِ قَالَ لَهُ علیه السلام : مَنْ قَالَ هَذَا الشِّعْرَ؟ قُلْتُ : السَّیِّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیُّ. فَقَالَ : رَحِمَهُ اللهُ فَقُلْتُ : إِنِّی رَأَیْتُهُ یَشْرَبُ النَّبِیذَ. فَقَالَ : رَحِمَهُ اللهُ. فَقُلْتُ : إِنِّی رَأَیْتُهُ یَشْرَبُ نَبِیذَ الرُّسْتَاقِ. قَالَ : تَعْنِی الْخَمْرَ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : رَحِمَهُ اللهُ وَمَا ذَلِکَ عَلَی اللهِ أَنْ یَغْفِرَ لِمُحِبِّ عَلِیٍّ -.

انتهی (1)ومما ذکرناه یعلم ضعف ما جاء فیه

ص: 277

من القدح مع إمکان تأویله.

وَعَنِ الشَّیْخِ الْمُفِیدِ قَالَ : کَانَ الِانْحِرَافُ شَائِعاً فِی حِمْیَرَ - یَعْنِی قَبِیلَهَ السَّیِّدِ الْحِمْیَرِیِّ - عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَاشِیاً ، فَقَدْ رُوِیَ فِی الْأَخْبَارِ أَنَّ دَاخِلاً دَخَلَ عَلَی السَّیِّدِ فِی غُرْفَهٍ لَهُ فَقَالَ السَّیِّدُ : لَقَدْ لُعِنَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی هَذِهِ الْغُرْفَهِ کَذَا وَکَذَا سَنَهً ، وَکَانَ وَالِدَایَ یَلْعَنَانِهِ فِی کُلِّ یَوْمٍ وَلَیْلَهٍ کَذَا وَکَذَا مَرَّهً ... إِلَی أَنْ قَالَ : لَکِنَّ الرَّحْمَهَ غَاصَتْ عَلَیَّ غَوْصاً فَاسْتَنْقَذَتْنِی.

والیَحْمُورُ بالفتح : حمار الوحش ، وربما قیل له الفَرَا والعَیْرُ أیضا ، وهو شدید الغیره علی ما نقل فلذلک یحمی عانته الدهر کله. ومن عجیب أمره علی ما حکی أن الأنثی إذا ولدت ذکرا کدم الفحل خصییه ، فلذلک الأنثی تعمل الحیله فی الهرب منه حتی تسلم.

عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ سُمُّوا الْحَوَارِیِّینَ لِأَنَّهُمْ کَانُوا یُقَصِّرُونَ الثِّیَابَ مِنَ الْوَسَخِ بِالْغَسْلِ ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَإِنَّهُمْ کَانُوا مُخْلِصِینَ فِی أَنْفُسِهِمْ وَمُخَلِّصِینَ لِغَیْرِهِمْ مِنْ أَوْسَاخِ الذُّنُوبِ » (1).

قال بعض الأفاضل : أصل هذا الاسم لأصحاب عیسی علیه السلام المختصین به ، وکانوا اثنی عشر منهم ألوقا ومرقالونین ویوحنا ومنا ومنهم رسل عیسی علیه السلام إلی أهل الطائف ، وقوله : ( إِذْ أَرْسَلْنا إِلَیْهِمُ اثْنَیْنِ فَکَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ) قیل هما شمعون ویحیی ، وشمعون هو رأس الحَوَارِیِّینَ ، والثالث قیل قولس وقیل ویونس وقیل الرسولان صادق وصدوق ثم صار هذا الاسم مستعملا فیما أشبههم من المصدقین. قوله : ( إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ یَحُورَ ) [ 84 / 14 ] أی ظن لن یرجع ولن یبعث. ویَحُورُ : یرجع ، من حَارَ یَحُورُ : إذا رجع. قال الشیخ أبو علی : إن من عصی وسر بمعصیته فقد ظن أنه لا یرجع إلی البعث فارتکب المآثم وانتهک المحارم ، بل لیحورن ولیبعثن ولیس الأمر علی ما ظنه ( إِنَّ رَبَّهُ کانَ بِهِ بَصِیراً ). قوله : ( وَاللهُ یَسْمَعُ تَحاوُرَکُما ) [ 58 / 1 ] أی مراجعتکما القول. قوله : ( وَهُوَ یُحاوِرُهُ ) [ 18 / 34 ] أی یخاطبه. والتَّحَاوُرُ : التجاوب. والمُحَاوَرَهُ : المجاوبه ، یقال تَحَاوَرَ الرجلان إذا رد کل منهما علی صاحبه. ومنه ناظرته وحاورته.

وَفِی الْحَدِیثِ « دَعْ مُحَاوَرَاتِ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ ».

أی دع الخوض معه فی الکلام.

وَفِی حَدِیثِ تَکْبِیرَاتِ الِافْتِتَاحِ « فَلَمْ یُحِرِ الْحُسَیْنُ علیه السلام ».

بالحاء والراء المهملتین أی لم یرد جوابا ، یقال کلمته فما أَحَارَ جوابا.

وَفِی الدُّعَاءِ « نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْکَوْرِ ».

أی من الرجوع إلی النقصان بعد الزیاده والتمام ، وقیل من فساد أمورنا بعد صلاحها کانتقاض العمامه بعد

ص: 279

استقامتها علی الرأس ، من قولهم حَارَ عمامته : نقضها. والحُورُ : الهلاک جمع حَائِر ، ومنه قول العجاج :

فی بئر لا حُورٍ سَرَی وما شَعَر

بإفکه حتی رأی الصبحَ جَشَر

أی فی بئر هلاک سری ، ولا زائده یصف فاسقا أو کافرا. وفی الحدیث ذکر الحُوَارِ بالضم وهو ولد الناقه ولا یزال حُوَاراً حتی ینفصل ، فإذا فصل عن أمه فهو فَصِیل أی مفصول. وعن سعد بن عبد الله ابن أبی خلف الثقه الجلیل فی أسنان الإبل : أول ما تطرحه أمه إلی تمام السنه حُوَارٌ ، فإذا دخل فی الثانیه سمی ابن مخاض لأن أمه قد حملت علیه ، فإذا دخل فی الثالثه سمی ابن لبون ، وذلک لأن أمه قد وضعت فصار لها لبن ، فإذا دخل فی الرابعه سمی حِقّاً والأنثی حِقَّه لأنه استحق أن یحمل علیه ، فإذا دخل فی الخامسه سمی جَذَعاً ، وإذا دخل فی السادسه سمی ثَنِیّاً لأنه قد ألقی ثنیته ، فإذا دخل فی السابعه فقد ألقی رباعیته وسمی رَبَاعِیّاً ، فإذا دخل فی الثامنه ألقی السن التی بعد الرباعیه وسمی سَدِیساً ، وإذا دخل فی التاسعه فطر نابه وسمی بَازِلاً ، فإذا دخل فی العاشره فهو مُخْلِفٌ ولیس بعد هذا اسم (1). والمِحْوَر بکسر المیم : العود الذی تدور علیه البکره.

ومِنْهُ « وَقِفْ عِنْدَ بَابِ الْحَیْرِ فَقُلْ ».

والحَیْرُ بالفتح مخفف حَائِر ، وهو الحظیره والموضع الذی یتحیر فیه الماء. ومِنْهُ « عَمِلَ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام حَیْراً وَجَمَعَ فِیهِ الْحَطَبَ ».

وفی الحدیث ذکر الحِیرَه بکسر الحاء ، وهی البلد القدیم بظهر الکوفه یسکنه النعمان بن المنذر والنسبه إلیها حَارِیٌ (1). وفِیهِ أَیْضاً « حَدَّثَنِی قَبْلَ الْحَیْرَهِ بِعَشْرِ سِنِینَ ».

أی قبل الغیبه یعنی غیبه الإمام علیه السلام أو موت العسکری علیه السلام.

وَفِی الْخَبَرِ « فَیُجْعَلُ فِی مَحَارَهٍ أَوْ سُکُرُّجَهٍ ».

المَحَارَه هی موضع یجتمع فیه الماء وأصله الصدقه ومیمه زائده.

یکلف العباد لیثیب المحسن ویجازی المسیء قوله : ( یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ) [ 99 / 4 ] أی تخبر الأرض بما عمل علی ظهرها ، وهو مجاز ، وقیل ینطقها الله ولا بعد فیه. و « الخُبْرُ » بضم الخاء فالسکون : العلم ، ومنه قوله تعالی : ( وَکَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ) [ 18 / 68 ] أی علما ، یقال خَبَرْتُ الشیءَ أَخْبُرُهُ من باب قتل خُبْراً : علمته. ومِنْهُ الْحَدِیثُ « أَعْمَی اللهُ عَلَی هَذَا خُبْرَهُ ».

وفِیهِ « أَنَّهُ بَعَثَ عَیْناً مِنْ خُزَاعَهَ یَتَخَبَّرُ لَهُ خَبَرَ قُرَیْشٍ ».

أی یتعرف له ذلک ، من خَبَرْتُهُ عرفته. والخَبَرُ : واحد الأَخْبَار ، وأَخْبَرْتُهُ بکذا وخَبَّرْتُهُ بکذا بمعنی. والاسْتِخْبَارُ : السؤال عن الخبر. ومنه « اسْتَخْبَرَ إذا سأل عن الأخبار لیعرفها ».

وَفِی الْحَدِیثِ وَقَدْ سُئِلَ علیه السلام عَنْ مَسْأَلَهٍ فَقَالَ : « عَلَی الْخَبِیرِ بِهَا سَقَطْتَ ».

أی علی العارف والعالم بها وقعت. وفِیهِ « مُحَمَّدٌ صلی الله علیه وآله ارْتَضَاهُ اللهُ بِخُبْرَتِهِ ».

الخُبْرُ والخُبْرَه بالخاء المعجمه المضمومه والباء الموحده الساکنه یرادف العلم. وفِیهِ « لَا بَأْسَ بِالْمُخَابَرَهِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالْخُمُسِ ».

وهی المزارعه علی نصیب معین کما ذکر. والخُبْرَهُ : النصیب ، ومثله قال فی معانی الأخبار ، وقیل هی من الخَبَارِ : الأرض اللینه ، وقیل أصل المُخَابَرَهِ من خَیْبَر

لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه وآله أَقَرَّهَا فِی أَیْدِی أَهْلِهَا عَلَی النِّصْفِ مِنْ محصولها فَقِیلَ خَابَرَهُمْ أَیْ عَامَلَهُمْ فِی خَیْبَرَ.

وما رُوِیَ مِنْ أَنَّهُ نَهَی عَنِ الْمُخَابَرَهِ.

کان ذلک حین تنازعوا فنهاهم عنها وفی الحدیث « ذکر خَیْبَر » وهی بلده معروفه نحو من أربع مراحل عن المدینه المشرفه (1).

ص: 282

ومنه قوله تعالی : ( وَخَرَّ مُوسی صَعِقاً ) [ 7 / 143 ] أی سقط علی وجهه مغشیا علیه. وقوله : ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا ) [ 34 / 14 ] الآیه یرید بذلک سلیمان بن داود ، وکان عمره إذ ذاک علی ما نقل ثلاثا وخمسین سنه ، وملک وهو ابن ثلاث عشره سنه وملکه أربعون سنه.

وَرُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ أَمَرَ الْجِنَّ فَبَنَوْا لَهُ بَیْتاً مِنْ قَوَارِیرَ. قَالَ : فَبَیْنَا هُوَ مُتَّکٍ عَلَی عَصَاهُ یَنْظُرُ إِلَی الشَّیَاطِینِ کَیْفَ یَعْمَلُونَ وَیَنْظُرُونَ إِلَیْهِ إِذْ حَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَهٌ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِی الْقُبَّهِ ، فَفَزِعَ مِنْهُ وَقَالَ : مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ : أَنَا الَّذِی لَا أَقْبَلَ الرِّشَا وَلَا أَهَابُ الْمُلُوکَ ، أَنَا مَلَکُ الْمَوْتِ ، فَقَبَضَهُ وَهُوَ مُتَّکٍ عَلَی عَصَاهُ ، فَمَکَثُوا سَنَهً یَبْنُونَ وَیَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَیَدْأَبُونَ وَیَعْمَلُونَ حَتَّی بَعَثَ اللهُ الْأَرَضَهَ فَأَکَلَتْ مِنْسَأَتَهُ - وَهِیَ الْعَصَا - ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ ) (1).

قِیلَ لَمَّا هَلَکَ سُلَیْمَانُ وَضَعَ إِبْلِیسُ السِّحْرَ وَکَتَبَهُ فِی کِتَابٍ ثُمَّ طَوَاهُ وَکَتَبَ عَلَی ظَهْرِهِ هَذَا مَا وَضَعَهُ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا لِلْمَلِکِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنْ ذَخَائِرِ کُنُوزِ الْمُلْکِ وَالْعِلْمِ ، مَنْ أَرَادَ کَذَا وَکَذَا فَلْیَعْمَلْ کَذَا وَکَذَا ، ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ السَّرِیرِ ثُمَّ اسْتَشَارَهُ لَهُمْ فَقَالَ الْکَافِرُونَ : مَا کَانَ یَغْلِبُنَا سُلَیْمَانُ إِلَّا بِهَذَا (2).

قوله : ( لَمْ یَخِرُّوا عَلَیْها صُمًّا وَعُمْیاناً ) [ 25 / 73 ] أی کانوا مستبصرین لیسوا بشکاک.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِنَّ الرَّجُلَ لَیَنْتَزِعُ الْآیَهَ مِنَ الْقُرْآنِ یَخِرُّ فِیهَا أَبْعَدَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ».

یرید بتأویلها بالرأی ونحوه ، یَخِرُّ أی یسقط عن درجه الاعتبار والثواب هذا المقدار. والخَرِیرُ : صوت الماء والریح. ومنه الدُّعَاءُ « سَجَدَ لَکَ خَرِیرُ الْمَاءِ ».

ومثله « خَرِیرُ الریح ». والعین الخَرَّارَه : کثیره الخرور

ص: 284

والسیلان. والخَرْخَرَهُ : صوت النائم والمختنق.

« نَعْلٌ مُخَصَّرَهٌ » التی قطع خصراها حتی صارا مستدقین. ورجل مُخَصَّرُ القدمین : إذا کان قدمه یمس الأرض من مقدمها وعقبها ویخوی أخمصها مع رقه فیه. و « المِخْصَرَهُ » بکسر المیم وسکون المعجمه کالسوط ، أو کل ما أمسکه الإنسان بیده من عصا ونحوها. ومنه « ینکت بِمِخْصَرَتِهِ ». واخْتَصَرَ الطریقَ : سلک أقربه ، ومنه « اخْتَصَرَ شوطا من الطواف ». والاخْتِصَارُ فی الکلام : قصد المعانی وإیجاز القول. والاخْتِصَارُ فی الصلاه : وضع الید علی الخاصره ، وهو من فعل الیهود. و « الخِنْصَرُ » بالکسر وتفتح الصاد : الإصبع الصغری من الأصابع ، والجمع الخَنَاصِرُ.

صار اسما لهذه البقول.

وَفِی حَدِیثِ الْمَیِّتِ « خَضِّرُوا صَاحِبَکُمْ فَمَا أَقَلَ الْمُخَضَّرِینَ یَوْمَ الْقِیَامَهِ » (1).

أراد بِالتَّخْضِیرِ جریده خضراء توضع للمیت من أصل الیدین إلی أصل الترقوه (2)وفِیهِ « فَإِنَّهَا تُخَفِّفُ عَنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ مَا دَامَتَا خَضْرَاوَیْنِ » (3).

وفِیهِ « الدُّنْیَا حُلْوَهٌ خَضِرَهٌ ».

بفتح المعجمه الأولی وکسر الثانیه البقله الخضراء أو ضرب من الکلاء ، والمعنی أنها غضه ناعمه نضره.

وَفِی حَدِیثِ وَفَاهِ فَاطِمَهَ علیه السلام « فَمَا أَقْبَحَ الْخَضْرَاءَ وَالْغَبْرَاءَ یَا رَسُولَ اللهِ ».

ومثله « مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَی ذِی لَهْجَهٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ » (4).

والمراد بِالْخَضْرَاءِ السماء لأنها تعطی الخضره ، وبِالْغَبْرَاءِ الأرض لأنها تعطی الغبره فی لونها. وفی الحدیث ذکر الخضرِ علیه السلام صاحب موسی علیه السلام هو بفتح الخاء وکسرها وسکون الضاد وبفتحها وکسر الضاد ، نقل أنه ابن ماعید بن عیص بن إسحاق ، وفی بعض الشروح أن اسمه إلیاس بن ملکان بن أرفخشد بن سام بن نوح علیه السلام ، وقیل اسمه إیلیا بن عامیل بن شمالخین بن أریا بن علقما بن عیص بن إسحاق بن إبراهیم علیه السلام ، وقیل اسمه أرمیا بن حلشا من سبط هارون ، قیل والأصح ما نقله أهل السیر وثَبَتَ عَنِ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله مِنْ أَنَّ اسْمَهُ یَلْیَا.

بیاء مفتوحه ولام ساکنه ویاء مثناه من تحت وفی الآخر ألف ابن مَلْکَان بفتح المیم وإسکان اللام وبالنون بعد الألف.

وَمِنْ قِصَّتِهِ - عَلَی مَا نَقَلَهُ السُّهَیْلِیُ - کَانَ أَبُوهُ مِلْکَانَ وَأُمُّهُ اسْمُهَا ألهَا وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِی مَغَارَهٍ ، وَأَنَّهُ وُجِدَ هُنَاکَ وَشَاهٌ تُرْضِعُهُ فِی کُلِّ یَوْمٍ مِنْ غَنَمِ رَجُلٍ مِنَ

ص: 288

الْقَرْیَهِ ، فَلَمَّا وَجَدَهُ الرَّجُلُ أَخَذَهُ وَرَبَّاهُ ، فَلَمَّا شَبَّ طَلَبَ أَبُوهُ کَاتِباً وَجَمَعَ أَهْلَ الْمَعْرِفَهِ وَالنَّبَالَهِ لِیَکْتُبَ الصُّحُفَ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَشَیْثٍ علیه السلام ، وَکَانَ فِیمَنْ أَقْدَمَ عَلَیْهِ مِنَ الْکِتَابِ ابْنُهُ وَهُوَ لَا یَعْرِفُهُ ، فَلَمَّا اسْتَحْسَنَ خَطَّهُ وَمَعْرِفَتَهُ بَحَثَ عَنْ جَلِیَّهِ أَمْرِهِ فَعَرَفَ أَنَّهُ ابْنُهُ فَضَمَّهُ لِنَفْسِهِ وَوَلَّاهُ أَمْرَ النَّاسِ. ثُمَّ إِنَ الْخَضِرَ فَرَّ مِنَ الْمُلْکِ لِأَسْبَابٍ یَطُولُ ذِکْرُهَا ، وَلَمْ یَزَلْ سَائِحاً إِلَی أَنْ وَجَدَ عَیْنَ الْحَیَاهِ فَشَرِبَ مِنْهَا ، فَهُوَ حَیٌّ إِلَی أَنْ یَخْرُجَ الدَّجَّالُ ، وَإِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِی یَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ وَیُقَطِّعُهُ فَیُحْیِیهِ اللهُ تَعَالَی.

وفِی تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ : نُقِلَ أَنَ الْخَضِرَ کَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَصْحَابِ ذِی الْقَرْنَیْنِ ، وَکَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوکِ فَآمَنَ بِاللهِ وَتَخَلَّی فِی بَیْتٍ فِی دَارِ أَبِیهِ یَعْبُدُ اللهَ وَلَمْ یَکُنْ لِأَبِیهِ وَلَدٌ غَیْرُهُ فَأَشَارُوا عَلَی أَبِیهِ أَنْ یُزَوِّجَهُ فَزَوَّجَهُ فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَی النِّسَاءِ فَغَضِبَ عَلَیْهِ أَبُوهُ وَأَمَرَ بِرَدْمِ الْبَابِ عَلَیْهِ ، فَلَمَّا کَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ حَرَّکَتْهُ رِقَّهُ الْآبَاءِ فَأَمَرَ بِفَتْحِ الْبَابِ فَفُتِحَ فَلَمْ یَجِدُوهُ ، فَأَعْطَاهُ اللهُ مِنَ الْقُوَّهِ أَنْ یَتَصَوَّرَ کَیْفَ شَاءَ وَکَانَ عَلَی مُقَدِّمَهِ جَیْشِ ذِی الْقَرْنَیْنِ وَشَرِبَ مِنْ عَیْنِ الْحَیَاهِ - انْتَهَی.

واخْتَلَفَ فِی وَجْهِ تَسْمِیَتِهِ بِالْخَضِرِ : فَقِیلَ سُمِّیَ بِهِ لِأَنَّهُ کَانَ إِذَا صَلَّی اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ ، وَقِیلَ لِأَنَّهُ کَانَ فِی أَرْضٍ بَیْضَاءَ فَإِذَا هِیَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ مِنْ خَلْفِهِ ، وَقِیلَ غَیْرُ ذَلِکَ.

وفِی مَعَانِی الْأَخْبَارِ لِلصَّدُوقِ ( ره ) : وَمَعْنَی الْخَضِرِ لِأَنَّهُ کَانَ لَا یَجْلِسُ عَلَی خَشَبَهٍ یَابِسَهٍ إِلَّا اخْضَرَّتْ.

وقد اختلف العلماء فیه فقال الأکثرون هو نبی محتجین بقوله تعالی ( وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی ) وبأنه أعلم من موسی علیه السلام ، وَمِمَّا نُقِلَ مِنْ وَصَایَاهُ لِمُوسَی علیه السلام عِنْدَ الِافْتِرَاقِ یَا مُوسَی اجْعَلْ هَمَّکَ فِی مَعَادِکَ ، وَلَا تَخُضْ فِیمَا لَا یَعْنِیکَ ، وَلَا تَتْرُکِ الْخَوْفَ فِی أَمْنِکَ ، وَلَا تَیْأَسْ مِنَ الْأَمْنِ فِی خَوْفِکَ. فَقَالَ لَهُ مُوسَی : زِدْنِی. فَقَالَ الْخَضِرُ : لَا تَضْحَکْ مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ ، وَلَا تُعَیِّرْ أَحَدَ الْخَاطِئِینَ بَعْدَ النَّدَمِ ، وَابْکِ عَلَی خَطِیئَتِکَ یَا بْنَ عِمْرَانَ ، یَا مُوسَی

ص: 289

لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ لِتُحَدِّثَ بِهِ وَاطْلُبِ الْعِلْمَ لِتَعْمَلَ بِهِ ، وَإِیَّاکَ وَالْغَضَبَ إِلَّا فِی اللهِ ، وَلَا تَرْضَ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا فِی اللهِ ، وَلَا تُحِبَّ لِلدُّنْیَا وَلَا تُبْغِضْ لِلدُّنْیَا فَإِنَّ ذَلِکَ یُخْرِجُ مِنَ الْإِیمَانِ وَیُدْخِلُ فِی الْکُفْرِ.

وَفِی الْخَبَرِ « نَهَی عَنِ الْمُخَاضَرَهِ ».

وهی أن یباع الثمار قبل أن یبدو صلاحها وهی خضر بعد ، ویدخل فی المُخَاضَرَهِ بیع الأرطاب والبقول وأشباههما - قاله فی معانی الأخبار. والأُخَیْضِرُ : ذباب أخضر علی قدر الذباب السود.

والخَاطِرُ : الهاجس ، والجمع خَوَاطِرُ. وخَطَرَ بباله خُطُوراً من بابی ضرب وقعد : ذکره بعد نسیان. وأَخْطَرَهُ اللهُ بباله أوقعه الله فی خاطری. والخَطَرُ بالتحریک : الإشراف علی الهلاک وقَوْلُهُ « خَاطَرَ بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَغْنَی بِرَأْیِهِ » (1).

و « بِئْسَ الْخَطَرُ لِمَنْ خَاطَرَ اللهَ بِتَرْکِ طَاعَتِهِ ».

کلاهما من المُخَاطَرَهِ ، وهی ارتکاب ما فیه خطر وهلاک.

تغیر ریحها ، ویقال سمیت بذلک لمُخَامَرَتِهَا العقلَ.

والتَّخْمِیرُ : التغطیه. ومنه « مَرْکُوٌّ مُخَمَّرٌ » أی مغطی.

والخَمْرُ فیما اشتهر بینهم : کل شراب مسکر ، ولا یختص بعصیر العنب. قال فی القاموس : والعموم أصح لأنها حرمت وما فی المدینه خمر وما کان شرابهم إلا التمر والبسر - انتهی کلامه.

ویشهد له ما رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وآله : « الْخَمْرُ مِنْ خَمْسَهٍ : الْعَصِیرُ مِنَ الْکَرْمِ ، وَالنَّقِیعُ مِنَ الزَّبِیبِ ، وَالْبِتْعُ مِنَ الْعَسَلِ ، وَالْمِزْرُ مِنَ الشَّعِیرِ ، وَالنَّبِیذُ مِنَ التَّمْرِ » (1).

وَرُوِیَ فِی الْکَافِی بِسَنَدٍ صَحِیحٍ ، وَکَذَا فِی التَّهْذِیبِ بِسَنَدٍ صَحِیحٍ أَیْضاً إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الْمَاضِی علیه السلام قَالَ : « إِنَّ اللهَ لَمْ یُحَرِّمِ الْخَمْرَ لِاسْمِهَا وَلَکِنْ حَرَّمَهَا لِعَاقِبَتِهَا ، فَمَا کَانَ عَاقِبَتُهُ عَاقِبَهَ الْخَمْرِ فَهُوَ خَمْرٌ » (2).

قوله : ( وَلْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَ ) [ 24 / 31 ] أی مقانعهن ، جمع خِمَار وهی المقنعه ، سمیت بذلک لأن الرأس یخمر بها أی یغطی ، وکل شیء غطیته فقد خَمَّرْتَهُ ، وجمع الخِمَارِ خُمُر ککتاب وکتب واخْتَمَرَتِ المرأهُ : أی لبست خمارها وغطت رأسها.

وَفِی الْخَبَرِ « لَا تَجِدُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا فِی مَسْجِدِ یَعْمُرُهُ أَوْ بَیْتٍ یُخَمِّرُهُ أَوْ مَعِیشَهٍ یُدَبِّرُهَا ». قوله « یُخَمِّرُهُ » أی یستره ویصلح أمر شأنه.

وقد تکرر فی الحدیث ذکر الخُمْرَهِ والسجود علیها ، وهی بالضم سجاده صغیره تعمل من سعف النخل وتزمل بالخیوط. وفی النهایه هی مقدار ما یضع الرجل علیه وجهه فی سجوده ، ولا یکون خُمْرَهً إلا فی هذا المقدار.

ومنه « کَانَ أَبِی یُصَلِّی عَلَی الْخُمْرَهِ یَضَعُهَا عَلَی الطِّنْفِسَهِ » (3).

ومِنْهُ « السُّجُودُ عَلَی الْأَرْضِ فَرِیضَهٌ

ص: 292

وَعَلَی الْخُمْرَهِ سُنَّهٌ » (1).

وخُمْرَهُ العجین : ما یجعل فیه من الخمره. والخَمِیرُ : العجین. و « الخَمَرُ » بالتحریک : ما واراک من خزف أو جبل أو شجر. ومنه قَوْلُهُ علیه السلام « لَا تُمْسِکْ بِخَمَرِکَ وَأَنْتَ تُصَلِّی ».

أی لا یستند إلیه فی صلاتک. و « دَخَلَ فِی خِمَارِ النَّاسِ ».

أی فیما یواریه ویستره منهم. وخَمَّرَ وجهه - بالتثقیل - : أی غطاه وستره. والخَمْرَهُ : الخمر ، ومنه حَدِیثُ ابْنِ أَبِی الْعَوْجَاءِ لِأَصْحَابِهِ : سَأَلْتُکُمْ تَلْتَمِسُوا لِی خَمْرَهً فَأَلْقَیْتُمُونِی عَلَی جَمْرَهٍ.

و « بَاخَمْرَا » موضع بالبادیه بها قبر إبراهیم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علی بن أبی طالب علیه السلام (2).

الأوصیاء وشیعتهم ، علی حواشی ذلک النهر جواری نابتات کلما قلعت واحده نبتت أخری باسم ذلک النهر ، وذلک قوله تعالی : ( فِیهِنَ خَیْراتٌ حِسانٌ ) فإذا قال الرجل لصاحبه : جزاک الله خَیْراً فإنما یعنی تلک المنازل التی أعدها الله تعالی.

وَکَتَبَ رَجُلٌ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام : یَا سَیِّدِی أَخْبِرْنِی بِخَیْرِ الدُّنْیَا وَالْآخِرَهِ فَکَتَبَ إِلَیْهِ « ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ). أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ کَفَاهُ اللهُ أُمُورَ النَّاسِ ، وَمَنْ طَلَبَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَکَلَهُ اللهُ إِلَی النَّاسِ ».

وَفِی الْحَدِیثِ سُئِلَ عَنِ الْخَیْرِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ : « لَیْسَ الْخَیْرَ أَنْ یَکْثُرَ مَالُکَ وَوَلَدُکَ وَلَکِنَّ الْخَیْرَ أَنْ یَکْثُرَ عِلْمُکَ ، وَأَنْ یَعْظُمَ حِلْمُکَ ، وَأَنْ تُبَاهِیَ بِعِبَادَهِ رَبِّکَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللهَ وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللهَ » (1).

والأَخْیَارُ : خلاف الأشرار (2). والخِیَارُ : القثاء. قال الجوهری : ولیس بعربی. وخِیَارُ المال : کرائمه. وامرأه خَیِّرَهٌ بالتشدید والتخفیف : أی فاضله فی الجمال والخلق. ورجل خَیِّرٌ بالتشدید أی ذو خیر. و « الخَیِّرَانِ » بالتشدید : الفاعلان للخیر.

وَفِی الدُّعَاءِ « أَنْتَ خَالِقُ الْخَیْرِ وَالشَّرِّ ».

قیل هو خلق تقدیر لا خلق تکوین ، ویتم الکلام فیه فی خلق إن شاء الله تعالی.

وَفِی الْخَبَرِ « تَخَیَّرُوا لِنُطَفِکُمْ ».

أی اطلبوا ما هو خیر المناکح ، أی أزکاها وأبعدها من الخبث والفجور. و « الخِیرَه » بالکسر فالسکون من الاختیار. و « الخِیَرَه » بفتح الیاء بمعنی الخیار. والخِیَارُ : هو الاختیار ، ویقال هو اسم من تَخَیَّرْتُ الشیء مثل الطِّیَرَه اسم

ص: 295

من تطیر ، وقیل هما لغتان بمعنی واحد - قاله فی المصباح. والاخْتِیَارُ : الاصطفاء. و « مُحَمَّدٌ صلی الله علیه وآله خِیَرَتُکَ مِنْ خَلْقِکَ » بکسر الخاء وبالیاء والراء المفتوحتین أی المُخْتَار المنتخب ، وجاء بتسکین الیاء.

وَقَوْلُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام « فَأَنَا الْخِیَرَهُ ابْنُ الْخِیَرَتَیْنِ ».

یرید خیره الله من العرب هاشم ومن العجم فارس.

وَفِی الْخَبَرِ « أَنَا بَیْنَ خِیَرَتَیْنِ ».

تثنیه خیره کعنبه ، أی أنا مخیر بین الاستغفار وترکه فی قوله تعالی ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ). ومنه « خَیَّرْتُهُ بین الشیئین » أی فوضت إلیه الخیار.

وَفِی حَدِیثِ الِادِّهَانِ « إِنَّ الْخِیرِیَّ لَطِیفٌ » و « رَأَیْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَدَّهِنُ بِالْخِیرِیِ » (1).

قال الجوهری الخِیرِیُ معرب. قیل هو الخطمی (2).

وَفِی الْحَدِیثِ « صَبِیَّانِ قَالا لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ : خَایِرْ بَیْنَنَا ».

یعنی أینا خیر وأحسن. وخَارَ الله لک : أی أعطاک الله ما هو خیر لک. و « الخِیرَهُ » بسکون الیاء اسم منه ، والاسْتِخَارَهُ طلب الخیره کعنبه. وأَسْتَخِیرُکَ بعلمک « أی أطلب منک الخیره متلبسا بعلمک بخیری وشری ، قیل الباء للاستعانه أو للقسم الاستعطافی.

وَفِی الْحَدِیثِ » مَنِ اسْتَخَارَ اللهَ رَاضِیاً بِمَا صَنَعَ اللهُ خَارَ اللهُ لَهُ حَتْماً ».

أی طلب منه الخیره فی الأمر. وفیه « اسْتَخِرْ ثم اسْتَشِرْ » ومعناه

ص: 296

أنک تستخیر الله أولا بأن تقول « اللهُمَّ إِنِّی أَسْتَخِیرُکَ خِیرَهً فی عافیه » وتکرر ذلک مرارا ثم تشاور بعد ذلک فیه ، فإنک إذا بدأت بالله أجری الله لک الخیره علی لسان من شاء من خلقه. وخِرْ لِی واخْتَرْ لی : أی اجعل من أمری خیرا وألهمنی فعله واختر لی الأصلح وهذه خِیرَتِی بالسکون ، وهو ما یختار. وخَیْر یأتی للتفضیل ، فیقال هذا خَیْرٌ من هذا أی یفضله ، ویکون اسم فاعل لا یراد به التفضیل نحو « الصلاه خَیْرٌ من النوم » أی ذات خیر وفضل ، أی جامعه لذلک. وهذا أَخْیَرُ من هذا : لغه بنی عامر ، وکذلک أشر منه ، وسائر العرب تسقط الألف منهما - قاله فی المصباح. وفلان ذو خَیْرٍ : أی ذو کرم.

( مُصْبِحِینَ ) : [ 15 / 66 ] یعنی آخرهم ، أی یستأصلون عن آخرهم. قوله [ قرئ ] : إِذَا دَبَرَ دَبَرَ وأَدْبَرَ بمعنی واحد ، ومنه قولهم « ساروا کأمس الدَّابِرِ » ، وقیل هو من دَبَرَ اللیلُ النهارَ : إذا خلفه. وقرئ [ قوله ] ( وَاللَّیْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) [ 74 / 33 ] بإسکان الدال وأَدْبَرَ بزیاده الهمزه علی وزن أفعل. قوله : ( وَأَدْبارَ السُّجُودِ ) [ 50 / 40 ] هو بالفتح جمع [ 52 / 49 ] بالکسر مصدر.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَدْبَارُ السُّجُودِ : الرَّکْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَإِدْبَارُ النُّجُومِ الرَّکْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ (1).

والقراء السبعه متفقون علی کسر الهمزه التی فی سوره الطور وفتحها شاذ. قوله : ( وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ ) [ 15 / 65 ] أی اقتف آثارهم وکن وراءهم عینا علیهم ، فلا یتخلف أحد منهم. قوله : ( أَفَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) [ 4 / 82 ] من التَّدَبُّر ، وهو النظر فی أدبار الأمور وتأملها.

قَوْلُهُ : ( فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً ) [ 79 / 5 ] قِیلَ هِیَ الْمَلَائِکَهُ تُدَبِّرُ أَمْرَ الْعِبَادِ مِنَ السَّنَهِ إِلَی السَّنَهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام

وقِیلَ إِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِکَ جَبْرَئِیلُ وَمِیکَائِیلُ وَإِسْرَافِیلُ وَمَلَکُ الْمَوْتِ یُدَبِّرُونَ أَمْرَ الدُّنْیَا.

وقِیلَ إِنَّ الْأَفْلَاکَ یَقَعُ فِیهَا أَمْرُ اللهِ فَیَجْرِی بِهِ الْقَضَاءُ فِی الدُّنْیَا.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَلَا مَقْطُوعاً دَابِرِی ».

الدَّابِرُ. بقیه الرجل من ولده ونسله.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْمُؤَازَرَهُ عَلَی الْعَمَلِ تَقْطَعُ دَابِرَ الشَّیْطَانِ ».

أی آخره. وفِیهِ « إِیَّاکُمْ وَالتَّدَابُرَ ».

وهو التقاطع والمصارمه والهجران ، مأخوذ من أن یولی الرجل صاحبه دبره بعداوته ویعرض عنه بوجهه. و « الدُّبْر » بسکون الموحده وبالضمتین خلاف القبل من کل شیء ، ومنه یقال لآخر الأمر دُبْر. ومنه « فلیقل دُبْرَ المکتوبه کذا » بضم دال أشهر من فتحه ، أی آخر

ص: 298

أوقات الصلاه. ومنه « دَبَّرَ الرجلُ العبدَ تَدْبِیراً » إذا أعتقه بعد موته. و « أعتق عبده عن دُبُرٍ » أی بعد دبر. والتَّدْبِیرُ تفعیل منه ، فإن الحیاه دبر الوفاه. والتَّدْبِیرُ فی الأمر : أن تنظر إلی ما یئول إلیه عاقبته. وتَدَبُّرُ الأمر : التفکر فیه. والدُّبُر : المخرج دون الألیین. والفرق بین التَّدَبُّر والتفکر - علی ما قیل - هو أن التَّدَبُّرَ تصرف القلب بالنظر فی العواقب والتَّفَکُّر تصرف القلب فی النظر بالدلائل. والریح الدَّبُور : الریح التی تقابل الصبا تهب من ناحیه المغرب ، قیل سمیت بذلک لأنها تأتی من دبر الکعبه ، قال فی النهایه ولیس بشیء. و « الدَّبَرُ » بالتحریک کالجراحه تحدث من الرجل ونحوه. ومنه « دَبِرَ ظهر الدابه » بالکسر. ودَبِرَ البعیر دَبْراً بالإسکان ودَبَراً بالتحریک من باب فرح. والدَّبَرَان خمسه کواکب فی الثور ، یقال إنه سنامه وهو من منازل القمر.

والدَّثُورُ کرسول الرجل الخامل النئوم

ویقال فی الذم « لا دَرَّ دَرُّهُ » أی لا کثر خیره ، وفی المدح « لله دَرُّهُ » أی عمله. وفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه وآله « بَیْنَ حَاجِبَیْهِ عِرْقٌ یُدِرُّهُ الْغَضَبُ » (1).

أی یمتلئ دما کما یمتلئ الضرع لبنا إذا در. ومثله « أُتِیَ رَسُولُ اللهِ بِرَجُلٍ قَدْ سَقَا بَطْنُهُ وَدَرَّتْ عُرُوقُ بَطْنِهِ ». أی امتلأت عروق بطنه کما یمتلئ الضرع من اللبن

وفی الوجهین قرئ « وَمَا بِالنَّاسِ مِنْ دَعَارَهٍ فَمِنْ کَذَا ». وفی خلقه دَعَارَّهٌ مشدده الراء : سوء - قاله فی القاموس

بالکسر وهو واحد الدَّنَانِیر الذی هو مثقال من الذهب. وعن ابن الأثیر أن المثقال فی العرف یطلق علی الدِّینَار خاصه وأصله دنار بالتشدید فأبدل. و « الدِّینَوَرُ » قریه ما بین همذان وبغداد ، وهی إلی همذان أقرب.

والأربعاء التی لا تدور هی آخر الشهر وتَدْوِیرُ الشیء : جعله مُدَوَّراً. والدَّارِیُ : العطار المنسوب إلی دَارِین موضع بالبحرین فیها سوق کان یحمل إلیها المسک من ناحیه الهند - قاله الجوهری.

وَفِی الْخَبَرِ « مَثَلُ الْجَلِیسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الدَّارِیِ إِنْ لَمْ یُحْذِکَ مِنْ عِطْرِهِ عَلِقَکَ مِنْ رِیحِهِ ».

أی إن لم یحذک ، من أَحْذَیْتُهُ إِحْذَاءً والحَذِیَّه العطیه. والدَّیْرُ : خان النصاری أصله الواو وجمعه أَدْیَار. و « الدَّیْرَانِیُ » صاحب الدیر.

وَفِی الْخَبَرِ « أَلَا أُخْبِرُکُمْ بِخَبَرِ دُورِ الْأَنْصَارِ ».

هی جمع دَار ، وهی المنازل المسکونه والمحال ، وأراد بها القبائل ، وکل قبیله اجتمعت فی محله سمیت المحله دَاراً وسمی ساکنوها بها مجازا.

وَفِی حَدِیثِ زِیَارَهِ الْقُبُورِ « سَلَامٌ عَلَیْکُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِینَ ».

بالنصب علی الاختصاص أو النداء ، وبالجر بدلا من ضمیر علیکم سمی موضع القبور دَاراً تشبیها بدار الأحیاء لاجتماع الموتی فیها.

وَدَارُ الْقَضَاءِ هِیَ دَارٌ وَصَّی عُمَرُ أَنْ یُقْضَی دَیْنُهُ بِهَا وَکَانَ ثَمَانِیَهً وَعِشْرِینَ أَلْفاً فَبَاعَهُ ابْنُهُ وَقَضَی دَیْنَهُ.

وقیل هی دار الإماره.

وفی الآیه دلاله علی أنه لو نقص من الأجر أدنی شیء أو زید علی المستحق من العقاب کان ظلما. قوله : ( فَما آمَنَ لِمُوسی إِلَّا ذُرِّیَّهٌ مِنْ قَوْمِهِ ) [ 10 / 83 ] قال المفسر : إلا ذریه من ذراری بنی إسرائیل ، کأنه قال الأولاد من أولاد قومه ، وذلک أنه دعا الآباء فلم یجیبوه خوفا من فرعون وقِیلَ هُمْ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَکَانُوا سِتَّمِائَهِ أَلْفٍ وَکَانَ یَعْقُوبُ دَخَلَ مِصْرَ مِنْهُمْ بِاثْنَیْنِ وَسَبْعِینَ.

وإنما سماهم ذُرِّیَّه علی وجه التصغیر لقلتهم بالإضافه إلی قوم فرعون ، وقیل الضمیر فی ( قَوْمِهِ ) لفرعون والذُّرِّیَّه مؤمن آل فرعون وآسیه امرأته وحارثه وامرأه حارثه وامرأه أخری. قوله : ( وَمِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ ) [ 6 / 84 ] الآیه الضمیر لنوح علیه السلام أو لإبراهیم علیه السلام. قوله : ( وَأَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی ) [ 46 / 15 ] أی اجعل ذریتی صالحین ، وقیل إن الدعاء بإصلاحهم لطاعه الله وعبادته. قال المفسر : وهو الأشبه لأن طاعتهم لله تعالی من بره ، لأن اسم الذُّرِّیَّه یقع علی من یکون بعده.

وَفِی الْحَدِیثِ « الذَّرَّهُ تَخْرُجُ مِنْ جُحْرِهَا تَطْلُبُ رِزْقَهَا ».

یرید النمله الصغیره. والذَّرُورُ کرسول : ما یذر فی العین من الدواء الیابس ، یقال ذَرَرْتُ عینَه : إذا داویته بها. وذَرَرْتُ الملحَ علی الحب من باب قتل : إذا فرقته علیه. و « الذَّرِیرَهُ » بفتح معجمه فتاه قصب الطیب ، وهو قصب یجاء به من الهند - کذا فی مجمع البحار وغیره. وعن بعض الفضلاء : أن قصب الذَّرِیرَه یؤتی به من ناحیه نهاوند ، وأصلها قصب نابت فی أجمه فی بعض الرساتیق محیط بها حیات ، والطریق إلیها علی عده عقبات ، فإذا طال ذلک القصب ترک حتی یجف ثم یقطع عقدا وکعابا ثم یعبی فی جوالیق ، فإذا أخذ علی عقبه من تلک العقبات المعروفه صار ذَرِیرَه وإن سلک به علی غیر تلک العقبات بقی قصبا لا یصلح إلا للوقود.

ص: 307

وَفِی حَدِیثِ التَّکْفِینِ « فَذَرَّ علیه السلام عَلَی کُلِّ ثَوْبٍ شَیْئاً مِنْ ذَرِیرَهٍ وَکَافُورٍ » (1).

ولعل المراد مطلق الطیب المسحوق کما ذکره بعض الفضلاء. وذَرُّ ابن أبی ذَرٍّ الغفاری الصحابی ، وَأَبُو ذَرٍّ اسْمُهُ جُنْدَبُ بْنُ السَّکَنِ (2)تُوُفِّیَ سَنَهَ اثْنَیْنِ وَثَلَاثِینَ وَصَلَّی عَلَیْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْمَدِینَهَ فَأَقَامَ عَشَرَهَ أَیَّامٍ فَمَاتَ عَاشِرَهُ.

وَفِی الْحَدِیثِ « الشَّیْطَانُ یُقَارِنُ الشَّمْسَ إِذَا ذَرَّتْ وَکَبَّدَتْ وَإِذَا غَرَبَتْ ».

قَوْلُهُ إِذَا ذَرَّتْ.

أی طلعت ، یقال ذَرَّتِ الشمسُ تَذُرُّ ذُرُوراً : أی طلعت. ومنه « ذَرَّ البقلُ » إذا طلع. ومحصل الحدیث کراهه الصلاه فی هذه الأوقات. و « الذُّرِّیَّهُ » اسم یجمع نسل الإنسان من ذکر وأنثی ، وأصله الهمز فخفف ، ویجمع علی ذُرِّیَّات وذَرَارِیِ مشدده. وقیل أصلها من الذَّرِّ بمعنی التفرق لأن الله ذَرَّهُمْ فی الأرض أی فرقهم. وذَرَارِیُ المشرکین : أولادهم الذین لم یبلغوا الحلم.

کأنه أراد تربطه ربطا. والذَّفَرُ بالتحریک : شده ذکاء الریح. ومنه « مسک أَذْفَرُ » أی جید بین الذفر.

وَقَدْ جَاءَ فِی الْحَدِیثِ « وَذَفِرَ الشَّیْءُ ».

من باب تعب. وامرأه ذَفِرَهٌ : ظهرت ریحها واشتدت طیبه کانت کالمسک أو کریهه کالصنان.

منع تعقله یتوقف علی متعلقین ولا یمکن أن یقدر غیر الذکر فیها لأنه هو الممنوع منه - انتهی.

قوله : ( هذَا الَّذِی یَذْکُرُ آلِهَتَکُمْ ) [ 21 / 36 ] أی یعیبها ، ومثله ( فَتًی یَذْکُرُهُمْ ) [ 21 / 60 ] أی یعیبهم.

قوله ( وَاذْکُرُوا ما فِیهِ ) [ 2 / 63 ] أی ادرسوا.

قوله : ( وَاذْکُرْ رَبَّکَ فِی نَفْسِکَ تَضَرُّعاً وَخِیفَهً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ) [ 7 / 205 ] الآیه. قال الشیخ أبو علی : وهو عام فی الأذکار وقراءه القرآن والدعاء والتسبیح والتهلیل. و ( تَضَرُّعاً وَخِیفَهً ) أی متضرعا وخائفا. ( وَدُونَ الْجَهْرِ ) أی ومتکلما کلاما دون الجهر لأن الإخفاء أدخل فی الإخلاص وأبعد من الریاء وأقرب إلی القبول.

قوله : ( یَتَذَکَّرُ الْإِنْسانُ ) [ 89 / 23 ] أی یتوب وأنی له التوبه.

قوله : ( وَادَّکَرَ بَعْدَ أُمَّهٍ ) [ 12 / 45 ] أی ذکر بعد نسیان ، وأصله اذتکر فأدغم. قوله : ( وَلَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّکْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ ) [ 54 / 17 ] والأصل مذتکر فأدغم. قوله : ( إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَهٍ ذِکْرَی الدَّارِ ) [ 38 / 46 ] أی بخصله خالصه وهی ذِکْرَی الدار أی ذکراهم الآخره دائما ونسیانهم ذکر الدنیا ، أو تذکیرهم الآخره وترغیبهم فیها وتزهیدهم فی الدنیا کما هو شأن الأنبیاء. وقیل ( ذِکْرَی الدَّارِ ) الثناء الجمیل فی الدنیا ولسان الصدق الذی لیس لغیرهم ، ویتم الکلام فی خلص إن شاء الله.

قوله : ( فَأَنَّی لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِکْراهُمْ ) [ 47 / 18 ] أی فکیف لهم إذا جاءتهم الساعه بذکراهم.

قوله : ( ذِکْرُ رَحْمَتِ رَبِّکَ عَبْدَهُ زَکَرِیَّا ) [ 19 / 2 ] أی ذکر ربک برحمته عبده.

قوله : ( فَالْمُلْقِیاتِ ذِکْراً ) [ 77 / 5 ] مر ذکره فی لقی ، ومعنی ( عُذْراً أَوْ نُذْراً ) إعذارا من الله أو إنذارا.

قوله : ( إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِالذِّکْرِ ) یعنی القرآن ( لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَکِتابٌ

ص: 310

عَزِیزٌ ) [ 41 / 41 ] أی منیع محمی بحمایه الله.

قوله : ( أَوْ یُحْدِثُ لَهُمْ ذِکْراً ) [ 20 / 113 ] أی تذکیرا.

قوله : ( وَاذْکُرُوا نِعْمَهَ اللهِ عَلَیْکُمْ ) [ 3 / 103 ] أی احفظوها ولا تضیعوا شکرها. قال الشیخ أبو علی : الذِّکْرُ هو حضور المعنی فی النفس ، وقد یستعمل الذِّکْر بمعنی القول لأن من شأنه أن یذکر به المعنی ، والتَّذَکُّرُ هو طلب القول.

قوله : ( أَأُنْزِلَ عَلَیْهِ الذِّکْرُ مِنْ بَیْنِنا ) [ 38 / 8 ] الذِّکْرُ من أسماء القرآن ، سمی به لأنه لا یذکر ویذکر به المنزل علیه والمؤمن به والعامل والتالی فیفیده. و ( الذِّکْرِ الْحَکِیمِ ) [ 3 / 58 ] أی المحکم الذی ( أُحْکِمَتْ آیاتُهُ ) أو المتضمن للحکمه.

قوله : ( نَحْنُ جَعَلْناها تَذْکِرَهً ) [ 56 / 73 ] أی من شاء أن یتذکر بنار جهنم فلیتعظ.

قوله : ( لِنَجْعَلَها لَکُمْ تَذْکِرَهً ) [ 69 / 2 ] عبره وموعظه.

قوله : ( اذْکُرُوا اللهَ ذِکْراً کَثِیراً ) [ 33 / 41 ] الذِّکْرُ یشمل الصلاه وقراءه القرآن والحدیث وتدریس الصلاه ومناظره العلماء.

قوله : ( فَاذْکُرُوا اللهَ کَذِکْرِکُمْ آباءَکُمْ ) [ 2 / 200 ] قال الزمخشری : أی أکثروا ذکر الله وبالغوا فیه کما تفعلون فی ذکر آبائکم ومفاخرهم وأیامهم ، وکانوا إذا قضوا مناسکهم وقفوا بین المسجد بمنی وبین الجبل فیعدون فضائل آبائهم ویذکرون محاسن أیامهم (1).

قیل إنما جعل ذکر الآباء مشبها به والغالب فی التشبیه أن المشبه به أقوی فی الشبه مع أن ذکره تعالی ینبغی أن یکون أقوی جریا علی الواقع فإن أکثر الناس لا یذکرون الله إلا أحیانا یسیره ولا یغفلون عن ذکر الآباء ، فکان ذکر الآباء أکثر وجودا فحسن جعله مشبها به.

ص: 311

قوله : ( أَقِمِ الصَّلاهَ لِذِکْرِی ) [ 20 / 14 ] یحتمل وجوها والأحسن منها ما وافق الحدیث ، والمعنی أقم الصلاه لذکرها لأنه إذا ذکرها فقد ذکر الله تعالی. وسیأتی فی فکر کلام لطیف یناسب المقام ، ویمکن أن یقدر مضاف هنا أی لذکر صلاتی ، أو یکون قد وقع ضمیر الله موقع ضمیر الصلاه لشرفها ، وقرئ أَقِمِ الصَّلَاهَ لِلذِّکْرَی فتکون اللام الأولی بدل الإضافه ، أی أقم الصلاه وقت ذکرها.

قوله : ( أَوْ یَذَّکَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّکْری ) [ 80 / 4 ] قال الشیخ أبو علی قرأ عاصم ( فَتَنْفَعَهُ ) بالنصب والباقون بالرفع ، فمن قرأ بالرفع عطفه علی ما تقدم من الرفع ومن قرأ بالنصب فعلی أنه جواب بالفاء.

قوله : ( هَلْ أَتی عَلَی الْإِنْسانِ حِینٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ یَکُنْ شَیْئاً مَذْکُوراً ) [ 76 / 1 ] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : کَانَ مُقَدَّراً غَیْرَ مَذْکُورٍ (1) ، والمعنی قد مضی علی الإنسان وقت لم یکن موجودا فی الأرض مَذْکُوراً بین أهل الأرض ، ولم یکن تقدیره أیضا - أی نقشه - موجودا فی اللوح المحفوظ ، فعلم تجدد إرادته تعالی وتجدد تقدیره ، وهذا هو معنی البَدَاءِ فی حقه تعالی. ومثله قوله : ( أَوَلا یَذْکُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ یَکُ شَیْئاً ) فقال : لا مقدرا ولا مکونا ، أی مقدرا فی اللوح المحفوظ ولا موجودا فی الأرض.

قوله : ( فِیمَ أَنْتَ مِنْ ذِکْراها ) [ 79 / 43 ] قال الشیخ أبو علی : أی فی أی شیء أنت من أن تذکر وقتها لهم ، والمراد ما أنت من ذکراها لهم وتبین وقتها فی شیء ( إِلی رَبِّکَ مُنْتَهاها ) أی منتهی علمها لم یأت علمها أحدا من خلقه فیم إنکار لسؤالهم أی فیم هذا السؤال ، وقیل أنت من ذِکْرَاهَا أی إرسالک وأنت خاتم الأنبیاء المبعوث إلی قیام الساعه ذکر من ذکراها وعلامه من علاماتها ، وکفاهم بذلک دلیلا علی إقرابها ووجوب الاستعداد لها.

ص: 312

وَفِی الْحَدِیثِ « أَوْلِیَاءُ اللهِ تَکَلَّمُوا فَکَانَ کَلَامُهُمْ ذِکْراً ».

أراد الذکر الکلامی وقد اختاروا له کلمه التوحید. و « الذِّکْرُ » بالکسر : نقیض النسیان والذِّکْرَی مثله. والذَّکَرُ بالتحریک : خلاف الأنثی ، والجمع ذُکُور وذُکْرَان. ومنه فِی حَدِیثِ الزَّکَاهِ « ابْنُ لَبُونٍ ذَکَرٌ ».

قیل ذکر الذکر للتأکید ، وقیل إن الابن یطلق فی بعض الحیوانات علی الذکر والأنثی کابن آوی وابن عرس فیرتفع الإشکال. والذَّکَرُ : العضو المعروف ، ویعبر عنه بالقضیب ، وجمعه ذِکَرَه کعنبه ومَذَاکِیر علی غیر القیاس. ومنه الْحَدِیثُ « وَقَطَعَ مَذَاکِیرَهُ ».

أی استأصل ذکره ، وإنما جمع علی ما حوله کقولهم « شابت مفارق رأسه ». ومثله « غسل مَذَاکِیره ».

وَفِی الْحَدِیثِ « کُنْتُ ذَکُوراً فَصِرْتُ نَسِیّاً ».

أراد المبالغه فی الذکر والنسیان وفِیهِ « أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام یَذْکُرُ فَاطِمَهَ ».

أی یخطبها ویتعرض لخطبتها.

وَقَدْ جَاءَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّ صَفِیَّهَ أَعْتَقَتْ غُلَاماً تَطَوُّلاً وَمَاتَتْ صَفِیَّهُ وَمَاتَ مُعْتَقُهَا وَلَمْ یُخَلِّفْ نَسَباً وَتَرَکَ مَالاً ، فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام : مِیرَاثُهُ لِی وَلِأَخِی ، وَقَالَ الزُّبَیْرُ بَلْ إِرْثُهُ لِی وَکَانَ فِی عَهْدِ عُمَرَ فَحَکَمَ لِلزُّبَیْرِ بِذَلِکَ ، فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَذَا خِلَافٌ لِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فَإِنَّ وَلَاءَ مُعْتَقِ الْمَرْأَهِ یَکُونُ لِعَصَبَتِهَا وَهُمْ عَاقِلَتُهَا وَلَیْسَ لِأَوْلَادِهَا.

و « الزَّبِیرُ » ککریم : اسم الجبل الذی کلم علیه موسی ربه. و « الزُّنْبُور » بضم الزای : حیوان لساع ، والجمع الزَّنَابِیرُ.

وَفِی حَدِیثِ الْمُسُوخِ « کَانَ لَحَّاماً یَسْرِقُ فِی الْمِیزَانِ ».

والزُّنْبُور أیضا : نوع من المرض.

وازْدَجَرَ : افتعل ، من الزَّجْر وهو الانتهار. وتَزَاجَرُوا عن المنکر زجر بعضهم بعضا. والزَّاجِرُ عن الخنا والفحش : المانع له. وازْجُرِ الشیطانَ عنک : امنعه من التسلط علیک کما تزجر الکلب حین یطلبک لتمنعه عنک. و « یَزْدَجِرْدُ » أحد ملوک الفرس. ومنه سلامه بنت یَزْدَجِرْد أم زین العابدین واسمها شاه زنان.

قَالَ الزَّمَخْشَرِیُّ فِی رَبِیعِ الْأَبْرَارِ : یَزْدَجِرْدُ کَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ سُبِینَ فِی زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَحَصَلَتْ وَاحِدَهٌ مِنْهُنَّ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَأَوْلَدَهَا سَالِماً ، وَالْأُخْرَی لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَکْرٍ فَأَوْلَدَهَا قَاسِماً ، وَالْأُخْرَی لِلْحُسَیْنِ علیه السلام فَأَوْلَدَهَا عَلِیّاً زَیْنَ الْعَابِدِینَ علیه السلام ، فَکُلُّهُمْ بَنُو خَالَهٍ.

و « زُرَارَهُ » أحد رواه الحدیث (1).

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام « رَحِمَ اللهُ زُرَارَهَ بْنَ أَعْیَنَ لَوْ لَا زُرَارَهُ لَانْدَرَسَتْ أَحَادِیثُ أَبِی » (2).

فی القراءه.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تَأْکُلِ الزِّمِّیرَ ».

وفِی آخَرَ « أَنْهَاکُمْ عَنْ أَکْلِ الزِّمِّیرَ ».

الزِّمِّیر کسکیت نوع من السمک.

وَفِی بَعْضِ مَا رُوِیَ « الزِّمَّارُ مِنَ الْمُسُوخِ ».

وَحَقٌّ عَلَی اللهِ أَنْ یُکْرِمَ زَوْرَهُ » (1).

أی قاصدیه. وفِیهِ « مَنْ فَعَلَ کَذَا فَقَدْ زَارَ اللهَ فِی عَرْشِهِ ».

قال الصدوق : زِیَارَهُ الله تعالی زِیَارَهُ أنبیائه وحججه صلی الله علیه وآله من زَارَهُمْ فقد زَارَ الله عزوجل ، کما أن من أطاعهم ( فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) ومن عصاهم فقد عصی الله ومن تابعهم فقد تابع الله ، ولیس ذلک علی ما تتأوله المشبهه تعالی عن ذلک علوا کبیرا.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ اجْعَلْنِی مِنْ زُوَّارِکَ ».

بالواو المشدده ، أی من القاصدین لک الملتجئین إلیک. و « المَزَارُ » بالفتح یکون مصدر أو موضع الزیاره. والزِّیَارَهُ فی العرف : قصد المزور إکراما له وتعظیما له واستیناسا به. والزَّوْرُ : وسط الصدر أو ما ارتفع إلی الکتفین أو ملتقی عظام الصدر حیث اجتمعت - قاله فی القاموس. و « الزَّوْرَاءُ » بالفتح والمد : بغداد (2)وموضع بالمدینه یقف المؤذنون علی سطحه للنداء الثالث قبل خروج الإمام لیسعوا إلی ذکر الله ولا تفوتهم الخطبه والنداء الأول بعده عند صعوده للخطبه والنداء الأول بعده عند صعوده للخطبه والثانی الإقامه بعد نزوله من المنبر - قاله فی المجمع. قال : وهذا الأذان أمر به عثمان بن عفان. و « الزَّوْرَاءُ » فی شعر ابن أبی عقبه :

وینحر بِالزَّوْرَاء منهم لدی ضحی

ثمانون ألفا مثل ما تنحر البدن

هُوَ جَبَلٌ بِالرَّیِّ یُقْتَلُ فِیهِ ثَمَانُونَ أَلْفاً مِنْ وُلْدِ فُلَانٍ کُلُّهُمْ یَصْلُحُ لِلْخِلَافَهِ یَقْتُلُهُمْ أَوْلَادُ الْعَجَمِ - کَذَا مَرْوِیٌّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام

وربما کان ذلک فی دوله القائم. وازْوَرَّ عنه ازْوِیرَاراً : عدل عنه

ص: 320

وانحرف. والتَّزْوِیرُ : تزیین الکذب. وزَوَّرْتُ الشیءَ : حسنته وقومته.