ص: 2

ص: 4

وأَدَبَ أَدْباً - من باب ضرب - : صنع صنیعا ودعا الناس إلیه. فهو آدِبٌ. واسم الصنیع » المَأْدُبَه » بضم الدال وفتحها.

العُضْوِ ، والجمعُ « أَرْآب » مثل حِمْل وأَحْمَال ومنه « السجود علی سبعه أَرْآب » أی أَعْضَاء وآرَابٌ أیضا. والأَرِیب : العاقلُ لا یختل عن عقله ، ومنه قولهم : « یحرص علیه الأَدِیبُ الأَرِیبُ ». وتَأْرِیبُ الشیء : توفیره. ومَأرَب : موضع ، ومنه ملحُ مَأْرَبٍ (1). و « الأُرْبَی » بضم الهمزه الداهیه و « الإِرْبِیَان » بالکسر سمک معروف فی بلاده (2)

وربما قیل : « مَوَازِیبُ » ، من « وَزَبَ الماء » : إذا سال ، وقیل بالواو مُعَرَّبٌ ، وقیل مُوَلَّدٌ ، وعن ابن الأعرابی : یقال لِلْمِیزَابِ : « مرزاب » و « مزراب » بتقدیم الراء المهمله وتأخیرها. والأَزِبُ : الکثیر الشعر. والْأَزْبَه : الجدب.

عملا یرجع إلیه.

قوله تعالی : ( إِنَّ إِلَیْنا إِیابَهُمْ ) [ 88 / 25 ] قال الشیخُ أَبُو علیٍّ : قرأ أبو جعفر إِیَّابَهُمْ بالتشدید والباقون بالتخفیف ، والمعنی : إلینا مرجعهم ومصیرهم بعد الموت ، ( ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنا حِسابَهُمْ. )

وَفِی الْحَدِیثِ : « ثَمَانُ رَکَعَاتِ الزَّوَالِ تُسَمَّی صَلَاهَ الْأَوَّابِینَ » (1).

یعنی : الکثیرین الرجوع إلی الله تعالی بالتوبه. و « الأَوَّابُ » بالتشدید : التائب. وقَوْلُهُ : « آئِبُونَ تَائِبُونَ ».

هو جمع « آئِبٍ ». و « أَیُّوبُ » من آبَ یَئُوبُ ، وهو أنه یرجع إلی العافیه والنعمه والأهل والمال والولد بعد البلاء کذا فی معانی الأخبار (2).

قَوْلُهُ : « إِنِّی بِإِیَابِکُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ » (3).

یرید بذلک الإقرار بالرجعه فی دوله القائم و « آبَتِ الشمسُ » - بالمد - لغه فی غابت ، ومنه الْحَدِیثُ : « لَا یُصَلِّی بَعْدَ الْعَصْرِ شَیْئاً حَتَّی تَئُوبَ الشَّمْسُ » (4).

أی تَغِیب وَفِی الْحَدِیثِ : « طُوبَی لِعَبْدٍ نُؤَمَهٍ لَا یُؤْبَهُ لَهُ ».

أی لا یُبَالَی به ، ولا یُحْتَفَلُ لِحَقَارَتِهِ. و « آبُ » فصل من فصول السَّنَهِ بعد تَمُّوز.

طَهُرَ ».

الإِهَابُ - ککتاب - الجلد ویقال : ما لم یدبغ ، والجمع « أُهُبٌ » ککُتُب. وبفتحتین علی غیر القیاس. قال بعضهم : لیس فی کلام العرب « فِعال » یجمع علی « فَعَل » بفتحتین إلا إِهَاب وأَهَبٌ وعِماد وعُمُد. وربما استعیر الإِهَابُ لجلد الإنسان

ألفا ، لتحرکها وانفتاح ما قبلها ، وإذا صغرتها زالت عله القلب ورجعت فی التصغیر إلی الأصل ، وقلت : « بُوَیْبٌ » وکذا ناب.

وَفِی الْخَبَرِ الصَّحِیحِ : « أَنَا مَدِینَهُ الْعِلْمِ وَعَلِیٌ بَابُهَا ، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْیَأْتِ الْبَابَ ».

رواه الکثیر منهم ، ونقل علیه بعضهم إجماع الأمه ، لأنه جعل نفسه الشریفه صلی الله علیه و آله تلک المدینه ومنع الوصول إلیها إلا بواسطه الباب ، فمن دخل منه کان له من المعصیه مندوحه و ( فازَ فَوْزاً عَظِیماً ) وَاهْتَدَی ( صِراطاً مُسْتَقِیماً ). نقل أن سبب الحدیث

أَنَّ أَعْرَابِیّاً أَتَی النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله فَقَالَ لَهُ : طمش طاح فغادر شبلا لِمَنِ النشب؟ فَقَالَ صلی الله علیه و آله : لِلشِّبْلِ مُمِیطاً. فَدَخَلَ عَلِیٌّ علیه السّلام فَذَکَرَ لَهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله لَفْظَ الْأَعْرَابِیِّ. فَأَجَابَ بِمَا أَجَابَ بِهِ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله فَقَالَ : « أَنَا مَدِینَهُ الْعِلْمِ وَعَلِیٌ بَابُهَا ». - الحدیث. ومن لطیف ما نقل هنا أَنَّ أَعْرَابِیّاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَبَدَأَ بِالسَّلَامِ عَلَی عَلِیٍّ علیه السّلام فَضَحِکَ الْحَاضِرُونَ وَقَالُوا لَهُ فِی ذَلِکَ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله یَقُولُ : « أَنَا مَدِینَهُ الْعِلْمِ وَعَلِیٌ بَابُهَا « فَقَدْ فَعَلْتُ کَمَا أَمَرَ صلی الله علیه و آله .

وَفِی أَحَادِیثِ التَّهْذِیبِ : « وَقَدْ جَاءَ النَّاسُ یُعَزُّونَهُ عَلَی أَبْوَابِهِ » ، وَفِی الْکَافِی « عَلَی ابْنِهِ ».

ولعله الصواب. وقولهم : « أَبْوَابٌ مُبَوَّبَهٌ » کما یقال : أصناف مصنفه. و « هذا الشیء من بَابَتِکَ » أی یصلح لک

والتَّبَابُ : الخسران والهلاک ویقال : « تَبّاً لک « منصوب بإضمار فعل واجب الحذف ، أی ألزمک الله خسرانا وهلاکا قوله تعالی ( وَما زادُوهُمْ غَیْرَ تَتْبِیبٍ ) [ 11 / 101 ] أی غیر نقصان وخسران یعنی کلما دعاهم إلی الهدی ازدادوا تکذیبا فزادت خسارتهم.

وَفِی الدُّعَاءِ : « حَتَّی اسْتَتَبَ لَهُ مَا حَاوَلَ فِی أَعْدَائِکَ ».

أی استقام واستتم ، ومنه « اسْتِتْبَابُ الأمر » أی تمامه واستقامته.

وَافْتَخَرَ بِالنَّارِ ، فَیَوْمَ الْقِیَامَهِ إِذَا رَأَی کَرَامَهَ آدَمَ وَوُلْدِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ : ( یا لَیْتَنِی کُنْتُ تُراباً ).

وَفِی الْحَدِیثِ - فِی قَوْلِهِ ( یا لَیْتَنِی کُنْتُ تُراباً ) : « أَیْ مِنْ شِیعَهِ عَلِیٍّ » (1).

وَفِی الْحَدِیثِ : « عَلَیْکَ بِذَاتِ الدِّینِ تَرِبَتْ یَدَاکَ ».

قیل معناه : افتقرت ولا أصبت خیرا علی الدعاء. ومثله « تَرِبَتْ یَمِینُکَ ».

قال بعض المحققین : وقد ذهب إلی ظاهره - یعنی الحدیث - بعض أهل العلم ولم یصب ، فإن ذلک وما سلک مسلکه من الکلام تستعمله العرب علی أنحاء کثیره ، کالمعتبه والإنکار والتعجب وتعظیم الأمر والاستحسان والحث علی الشیء ، والقصد فیه هاهنا هو الحث علی الجد والتشهیر فی طلب المأمور به واستعمال التیقظ ، مثل قولهم : « انْجُ لَا أَبَا لَکَ « انتهی. وهو جید متین یؤیده ما ذکر فی مجمع البحار حیث قال : « تَرِبَتْ « بالکسر - المدح والتعجب والدعاء علیه والذم بحسب المقام - انتهی. ومن هذا الباب

قَوْلُهُ صلی الله علیه و آله لِزَیْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ : « تَرِبَتْ یَدَاکِ ، إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَمَنْ یَعْدِلُ؟ ».

وَفِی حَدِیثِ أَفْلَحَ ، « تَرِّبْ وَجْهَکَ ».

أی ألقه فی التُّرَاب ، فإنه أقرب إلی التذلل وکان أفلح ینفخ إذا سجد لیزول التراب. و « أبو تُرَابٍ » من کنی عَلِیٍّ علیه السّلام کنی بذلک لأنه صاحب الأرض کلها ، وحجه الله علی أهلها ، وبه بقاؤها وإلیه سکونها - قاله فی معانی الأخبار (2). و « أرض طیبه التُّرْبِ » أی التُّرَابِ و « التُّرْبَهُ » المقبره ، والجمع « تُرَبٌ » کغرفه وغرف. و « خلق الله التَّرْبَه یوم السبت « یعنی الأرض.

وَفِی حَدِیثٍ : « أَتْرِبُوا الْکِتَابَ فَإِنَّهُ أَنْجَحُ لِلْحَاجَهِ ».

من « أَتْرَبْتُهُ » إذا جعلت علیه التراب ، ومثله فی حَدِیثِ الرِّضَا علیه السّلام « کَانَ یُتَرِّبُ الْکِتَابَ ».

و « تَرَبْتُ الکِتَابَ » من باب

ص: 13

ضرب ، و « تَرَّبْتُهُ » بالتشدید مبالغه ، و « تَتَرَّبَ الشیء » تلطخ بالکتاب. و « أَتْرَبَ الرجل » استغنی ، کأنه صار [ له ] (1) من المال بقدر التُّرَاب.

من تَابَ من ذنبه یَتُوبُ تَوْبَهً وتَوْباً : أقلع منه

قَوْلُهُ تَعَالَی : ( التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ) الْآیَهَ [ 9 / 112 ] التَّائِبُونَ مِنَ الذُّنُوبِ ( الْعابِدُونَ ) الَّذِینَ لَا یَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَلَا یُشْرِکُونَ بِهِ شَیْئاً ( الْحامِدُونَ ) الَّذِینَ یَحْمَدُونَ اللهَ عَلَی کُلِّ حَالٍ فِی الشِّدَّهِ وَالرَّخَاءِ ( السَّائِحُونَ ) وَهُمُ الصَّائِمُونَ ( الرَّاکِعُونَ السَّاجِدُونَ ) الَّذِینَ یُوَاظِبُونَ عَلَی الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْحَافِظُونَ لَهَا وَالْمُحَافِظُونَ عَلَیْهَا بِرُکُوعِهَا وَسُجُودِهَا فِی الْخُشُوعِ فِیهَا وَفِی أَوْقَاتِهَا ( الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) بَعْدَ ذَلِکَ وَالْعَامِلُونَ بِهِ ( وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْکَرِ ) وَالْمُنْتَهُونَ عَنْهُ کَذَا رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله .

قوله تعالی : ( وَقابِلِ التَّوْبِ ) [ 40 /3 ] أی التَّوْبَهِ ، والهاء فی التَّوْبَه قیل لتأنیث المصدر ، وقیل للوحده کضربه.

قَوْلُهُ تَعَالَی : ( فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَکَ تُبْتُ إِلَیْکَ ) [ 7 / 143 ] أَیْ رَجَعْتُ إِلَی مَعْرِفَتِی بِکَ عَنْ جَهْلِ قَوْمِی ( وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ ) مِنْهُمْ بِأَنَّکَ لَا تُرَی کَذَا رُوِیَ عَنِ الرِّضَا (1)

قوله تعالی : ( وَإِلَیْهِ مَتابِ ) [ 13 /30 ] أی مرجعی ومرجعکم. « التَّوْبُ والتَّوْبَهُ « الرجوع من الذنوب وفی اصطلاح أهل العلم : الندم علی الذنب لکونه ذنبا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « النَّدَمُ تَوْبَهٌ ».

وفِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السّلام : « التَّوْبَهُ یَجْمَعُهَا سِتَّهُ أَشْیَاءَ : عَلَی الْمَاضِی مِنَ الذُّنُوبِ النَّدَامَهُ وَللفَرَائِضِ الْإِعَادَهُ ، وَرَدُّ الْمَظَالِمِ ، وَاسْتِحْلَالُ الْخُصُومِ ، وَأَنْ تَعْزِمَ أَنْ لَا تَعُودَ ، وَأَنْ تُرَبِّیَ نَفْسَکَ فِی طَاعَهِ اللهِ کَمَا رَبَّیْتَهَا فِی مَعْصِیَهِ اللهِ ، وَأَنْ تُذِیقَهَا مَرَارَاتِ الطَّاعَهِ کَمَا أَذَقْتَهَا حَلَاوَهَ الْمَعْصِیَهِ ».

والتَّوْبَهُ : الرجوع من التشدید إلی التخفیف ومنه قوله تعالی : ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَیْکُمْ ) [ 73 / 20 ] ، ومن الحظر إلی الإباحه ومنه قوله تعالی : ( تَخْتانُونَ أَنْفُسَکُمْ فَتابَ عَلَیْکُمْ ) [ 2 / 187 ].

ص: 15

قوله تعالی : ( إِنَّ آیَهَ مُلْکِهِ أَنْ یَأْتِیَکُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَکِینَهٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَبَقِیَّهٌ مِمَّا تَرَکَ آلُ مُوسی وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِکَهُ ) [ 2 / 248 ]

قِیلَ : « التَّابُوتُ » هُوَ صُنْدُوقُ التَّوْرَاهِ وَمِنْ خَشَبِ الشِّمْشَادِ مُمَوَّهٌ مِنَ الذَّهَبِ نَحْواً مِنْ ثَلَاثَهِ أَذْرُعٍ فِی ذِرَاعَیْنِ. وَقِیلَ : هُوَ صُنْدُوقٌ کَانَ فِیهِ أَلْوَاحُ الْجَوَاهِرِ الَّتِی کَانَتْ فِیهِ الْعَشْرُ کَلِمَاتٍ التَّوْحِیدِ : النَّهْیِ عَنْ عِبَادَهِ الْأَوْثَانِ السَّبْتِ [ السِّتِ ] ، إِکْرَامِ الْوَالِدَیْنِ ، النَّهْیِ عَنْ یَمِینِ الْکَاذِبَهِ ، السَّرِقَهِ ، قَتْلِ النَّفْسِ ، شَهَادَهِ الزُّورِ ، الزِّنَا ، لَا یَتَمَنَّی أَحَدٌ مَالَ غَیْرِهِ ، وَلَا زَوْجَتَهُ. وَکَانَ مُوسَی علیه السّلام إِذَا قَاتَلَ قَوْماً قَدَّمَهُ فَکَانَتْ تَسْکُنُ نُفُوسُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَلَا یطرون [ یَفِرُّونَ ].

وسیجیء فی « سکن » تمام الکلام. وأصل التابوت » تابوه « مثل ترقوه وهو فعلوه ، فلما سکنت الواو تقلب هاء التأنیث تاءا. قال الجوهری حاکیا عن غیره : لم تختلف لغه قریش والأنصار فی شیء من القرآن إلا فی التَّابُوتِ ، فلغه قریش بالتاء ولغه الأنصار بالهاء - انتهی.

وَفِی حَدِیثِ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السّلام : « جَعَلَکُمُ اللهُ تَابُوتَ عِلْمِهِ وَعَصَا عِزِّهِ ».

أی مجمع علمه وقوه لعزه.

وَفِی الْخَبَرِ : « ثَلَاثٌ لَا یَتُوبُ اللهُ عَلَیْهِمْ ».

أی لا یلهمهم التوبه. وفِیهِ : « مَنْ تَابَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا « - الحدیث

علی تفاعلت (1) : إذا فتحت فاک وتمطیت لکسل أو فتره ، والاسم « الثُّؤَبَاءُ « ولا جائز أن تقول : « تَثَاوَبْتُ ». قال بعض الأفاضل : إنما کره التَّثَاؤُبُ لأنه یکون من ثقل البدن واسترخائه ومیله إلی الکسل والنوم ، فأضیف إلیه لأنه الداعی إلی إعطاء النفس شهوتها ، وأراد به التحذیر من سببه وهو التوسع فی المطعم. وإنما حمد العطاس لأنه سبب لخفه الدماغ واستفراغ الفضلات وصفاء الروح. ویتم البحث فی » عطس » إن شاء الله تعالی

بَیْنَ لَحْیَیْهِ ثَمَانُونَ ذِرَاعاً ، وَضَعَ لِحْیَهَ الْأَسْفَلِ عَلَی الْأَرْضِ وَالْأَعْلَی عَلَی سُورِ الْقَصْرِ ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحْوَ فِرْعَوْنَ وَقَامَ عَلَی ذَنَبِهِ وَارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ نَحْواً مِنَ الْمِیلِ فَهَرَبَ مِنْهُ ، وَأَحْدَثَتْ فِی ذَلِکَ الْیَوْمِ أَرْبَعُمِائَهِ امْرَأَهٍ ، وَانْهَزَمَ النَّاسُ مُزْدَحِمِینَ فَمَاتَ مِنْهُمْ خَمْسَهٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً ، وَصَاحَ فِرْعَوْنُ : یَا مُوسَی أَنْشُدُکَ بِالَّذِی أَرْسَلَکَ خُذْهُ وَأَنَا أُؤْمِنُ بِکَ وَأُرْسِلُ مَعَکَ بَنِی إِسْرَائِیلَ ، فَأَخَذَهُ فَعَادَ عَصًا.

والثُّعْبَانُ یقع علی الذکر والأنثی والجمع « ثَعَابِینُ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « یَجِیءُ الشَّهِیدُ وَجُرْحُهُ یَثْعَبُ دَماً ».

أی یسیل ویجری ، من « الثَّعَبِ » بالتحریک وهو سیل الماء فی الوادی. وأَثْعَبَ : جری فی المَثْعَبِ بفتح المیم ، أعنی واحد مَثَاعِب الحیاض ، ومنه حَدِیثُ الْمُسْتَحَاضَهِ : « وَإِنْ سَالَ مِثْلَ الْمَثْعَبِ - فَکَذَا ».

والنَّقبُ بالنون مثله ، والجمع ثُقُوب کفلس وفلوس ، والثُّقْبُ کقُفل لغه ، والثُّقْبَهُ مثله ، والجمع ثُقَبٌ مثل غُرفه وغُرف. وثَقَبْتُهُ ثَقْباً من باب قتل : خرقته بالمِثْقَبِ بکسر المیم. والمِثْقَبُ أیضا : العالم الفطن. ویَثْقُبُ الدم الکرسف : أی یخرقه.

الثَّوَابِ ».

إلخ ، الثَّوَابُ : الجزاء ویکون فی الخیر والشر ، والأول أکثر. وفی اصطلاح أهل الکلام هو نفع المستحق المقارن للتعظیم والإجلال ، وسماع الثواب قیل یحتمل أن یراد مطلق بلوغه إلیه علی سبیل الروایه أو الفتوی أو المذاکره أو نحو ذلک ، کما لو رآه فی کتب الفقه مثلا ، ولیس ببعید. وقد تکرر ذکر التَّثْوِیب فی الحدیث ، قیل هو من باب « ثَابَ » إذا رجع ، فهو رجوع إلی الأمر الأول بالمبادره إلی الصلاه بقوله : « الصلاه خیر من النوم » بعد قوله : « حی علی الصلاه » ، وقیل هو من » ثَوَّب الداعی تَثْوِیباً « ردد صوته. وفی المغرب نقلا عنه : التثویب هو قول المؤذن فی أذان الصبح : « الصلاه خیر من النوم « والمحدث : « الصلاه الصلاه « أو « قامت قامت «

وَمَا رُوِیَ مِنْ أَنَّ النِّدَاءَ وَالتَّثْوِیبَ فِی الْإِقَامَهِ مِنَ السُّنَّهِ.

فقد قیل فیه : ینبغی أن یراد بالتَّثْوِیبِ هنا تکرار الشهادتین والتکبیر - کما ذکر ابن إدریس - لا التثویب المشهور.

وَمَا رُوِیَ عَنْهُ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ التَّثْوِیبِ فَقَالَ : « مَا نَعْرِفُهُ » (1).

فمعناه إنکار مشروعیته لا عدم معرفته. و « الثِّیَاب » جمع ثَوْب ، وهو ما یلبسه الناس من القطن والکتان والصوف والخز والقز ، وأما الستور فلیست من الثِّیَاب - کذا نقل عن بعض أهل اللغه. وجمع الثوب أَثْوُبٌ کأصوع وأَثْوَابٌ وثِیَابٌ بالکسر. والثَّوَّابُ بالتشدید : بائع الثِّیَاب. وثَاب الرجل یَثُوب ثَوْبا وثَوَبَاناً : إذا رجع بعد ذهابه ، ومنه « فَجَعَلَ النَّاسُ یَثُوبُونَ إِلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله ».

أی یرجعون إلیه.

وَفِی حَدِیثِ أُمِّ سَلَمَهَ لِعَائِشَهَ : « إِنَّ عَمُودَ الدِّینِ إِذَا مَالَ لَا یُثَابُ بِالنِّسَاءِ ».

أی لا یعاد إلی استوائه. وثَابَ الماء : إذا اجتمع فی الحوض ومَثَابٌ الحوض : وسطه الذی یَثُوب إلیه الماء إذا استفرغ. ومَثَابُ البئر : مقام الساقی ووسطها ومن هذا حَدِیثُ مِنًی : « اتَّسِعِی فِی فِجَاجِکِ

ص: 20

وَاتَّرِعِی ».

أی امتلئی فی مَثَابِکِ. و « الثَّیِّبُ » یقال للإنسان إذا تزوّج ، وإطلاقه علی المرأه أکثر لأنها ترجع إلی أهلها بغیر الأول.

وَفِی الْخَبَرِ : « لَا یَبِیتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ ثَیِّبٍ ».

خصّها بالذکر لأن البکر تکون أعصی وأخوف علی نفسها.

وَفِی حَدِیثِ الْأَمَهِ : « لَهَا مَا أَثَابَهَا سَیِّدُهَا ».

أی أعطاها و « یُثِیبُ علی الهدیه » یکافئ علیها ، بأن یعوّض عنها. و « ثَوْبَانُ » اسم رجل وحدیثه مشهور (1)

من « الجَدْبِ » بفتح الجیم وسکون المهمله خلاف الخصب ، یقال : « جَدُبَ البلد « بالضم جُدُوبهً فهو جَدْبٌ. وأَجْدَبَتِ البلاد : قحطت وغلت أسعارها. وأَجْدَبَ القوم : أصابهم الجَدْبُ و « الجِنْدَب » کدرهم : الجَرَاد وفیه لغات : فتح الدال وضمها وکسرها ، وقیل هو ذکر الجراد ، والجمع الجَنَادِب قال سیبویه : ونونه زائده. وجُنْدَب بن السَکَن اسم أبی ذَرٍّ (1) وإسحاق بن جُنْدَبٍ من الرواه ثقه (2)

« جُرْبَان » و « أَجْرِبَه ». و « الجَرَب » بالتحریک : داء معروف ، یقال : جَرِبَ البعیر جَرَبا - من باب تعب - فهو أَجْرَبُ. وناقه جَرْبَاء وإِبِل أَجْرَب مثل أحمر وحمراء. و « الجِرَابُ » بالکسر : وعاء من إهاب شاه یوعی فیه الحب والدقیق ونحوهما ، ومنه « الجِرَابُ الهروی » ونحوه ، والجمع « جُرُبٌ » مثل کتاب وکتب ، ولا یقال : « جَرَاب » بالفتح. و « الْجَوْرَبُ » لفافه الرجل معرب والجمع « جَوَارِبَهٌ » والهاء للعجمه ، ویقال « الجَوَارِبُ » أیضا. و « الجُرُبَّانُ » بالضم والتشدید : جیب القمیص ، والألف والنون زائدتان ومنه الْحَدِیثُ : « سَعَهُ الْجُرُبَّانِ وَنَبَاتُ الشَّعْرِ فِی الْأَنْفِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ ».

المُجَرَّب : من عض عودا لیعرف صلابته من خوره ولم یکن عالما به فاطلع علیه بِالتَّجْرِبَهِ - والله عالم بحقائق الأمور فلا یحتاج إلی التَّجْرِبَهِ. و « المُجَرَّبُ » بالتشدید وفتح الراء : الذی قد جَرَّبَتْهُ الأمور وأحکمته.

کسرداب القمیص ، ومعنی ( یُدْنِینَ عَلَیْهِنَّ مِنْ جَلَابِیبِهِنَ ) أی یرخینها علیهن ویغطین به وجوههن وأعطافهن ، أی أکتافهن. قوله تعالی : ( وَأَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ ) [ 17 / 64 ] هی من الجَلَبَهِ وهی الصیاح ، أی صح علیهم بخیلک ورجلک واحشرهم علیهم ، یقال : « جَلَبَ علی فرسه جَلْباً » من باب قتل : استحثه للعدو وصاح به لیکون هو السابق ، وهو ضرب من الخدیعه ، و « أَجْلِب علیه » لغه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ فِی الْإِسْلَامِ » (1).

الجلب : الذی یُجْلَب من الخیل یرکض معها ، والْجَنَبُ الذی یقوم فی أعراض الخیل فیصیح بها ، والشِّغَارَ کان الرجل یزوج الرجل فی الجاهلیه ابنته بأخته - کذا فی معانی الأخبار (2). وفِی الْمِصْبَاحِ « لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ ».

بفتحتین فیهما فسر بأن رب الماشیه لا یکلف جَلَباً إلی البلد لیأخذ الساعی منها الزکاه ، بل یقال : خذ زکاتها عند المیاه. وقوله : « ولا جَنَبَ » أی إذا کانت الماشیه فی الأفنیه فتترک فیها ولا تخرج إلی المرعی لیخرج الساعی لأخذ الزکاه لما فیه من المشقه ، فأمر بالرفق من الجانبین وقیل : معنی « ولا جَنَبَ » أی لا یُجَنِّبُ أحد فرسا إلی جانبه فی السباق فإذا قرب إلی الغایه انتقل فیها فسبق صاحبه ، وقیل غیر ذلک - انتهی. و « جَلَبَ الشیء جَلْباً » من باب ضرب وقتل. و « الجَلَبُ » بفتحتین : ما تَجْلِبُهُ من بلد إلی بلد ، فعل بمعنی مفعول. والجَلَّاب : الذی یشتری الغنم وغیرها من القری ویجیء بها ویبیعها بالمدینه ویتوسع به فیطلق أیضا علی الذی یَجْلِبُ الأرزاق إلی البلدان ، ومنه « الجالب مرزوق والمحتکر ملعون ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا بَأْسَ أَنْ یَبِیعَ

ص: 24

الرَّجُلُ الْجَلَبَ ».

وهو الذی یُجْلَبُ من بلد إلی بلد. وفِیهِ أَیْضاً : « لَا تَتَلَقَّوُا الْجَلَبَ ».

أی المَجْلُوبَ الذی جاء من بلده للتجاره.

وَفِی حَدِیثِ مَکَّهَ : « إِنَّ الْحَطَّابِینَ وَالْمُجْتَلِبَهَ أَتَوُا النَّبِیَّ فَأَذِنَ لَهُمْ أَنْ یَدْخُلُوهَا حَلَالاً ».

والمراد بِالْمُجْتَلِبَهِ الذین یَجْلِبُون الأرزاق.

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِذَا صَارَ التَّلَقِّی أَرْبَعَ فَرَاسِخَ فَهُوَ جَلَبٌ ».

و « جُلْبَه » بضم الجیم وسکون اللام : الجلده تعلو الجرح عند البرء. و « جَلَبَهُ الرجال » بفتح الثلاثه : اختلاط الأصوات. وجَلَبْتُ الشیءَ جَلْباً : أخذته. ومنه الدُّعَاءُ « وَاجْلِبْنِی إِلَی کُلِّ عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ یُقَرِّبُنِی مِنْکَ ».

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَلْیَتَّخِذْ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً » (1).

أی لیزهد فی الدنیا ولیصبر علی الفقر والقله ، وکنی بالجِلْبَاب عن الصبر لأنه یستر الفقر کما یستر الجِلْبَابُ البدن ، وقیل إنما کنی به عن اشتماله بالفقر ، أی فلیلبس إزار الفقر ، ویکون منه علی حاله تعمه وتشمله لأن الغناء من أحوال أهل الدنیا ، ولا یتهیأ الجمع بین حب الدنیا وحب أهل البیت علیهم السّلام . وفِیهِ « مَنْ أَلْقَی جِلْبَابَ الْحَیَاءِ فَلَا غِیْبَهَ لَهُ » (2).

کنی بالحیاء عن الثوب لأنه یستر الإنسان من المعایب کما یستر الثوب البدن ، ومعنی لا غیبه له جواز اغتیابه فی الظاهر.

وَفِی الْخَبَرِ « کَانَ عَلِیٌّ علیه السّلام إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَهِ دَعَا بِشَیْءٍ مِنْ الْجُلَّابِ فَأَخَذَ بِکَفِّهِ الْجُلَّابَ ».

الجُلَّاب کرمان : ماء الورد ، معرب - قاله فی القاموس. وفیه دلاله علی استحباب استعماله.

أصابته جَنَابَهٌ ، أعنی نجاسه وهمیه من خروج منی أو جماع ، سمی جُنُباً لِاجْتِنَابِهِ مواضع الصلاه ، یقال : أَجْنَبَ الرجل وجَنُبَ - کقرب - فهو جُنُب. و ( الْجارِ الْجُنُبِ ) [ 4 /36 ] یرید جارک من قوم آخرین. قوله ( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) أی الرفیق فی السفر لأنه یحصل بجَنْبِهِ. قوله : ( وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ ) [ 10 / 12 ] - الآیه. قال الشیخ أبو علی : قوله ( لِجَنْبِهِ ) فی موضع الحال ، أی مضطجعا ، والمعنی أنه لا یزال داعیا لا یفتر فی الدعاء حتی یزول عنه الضر ، فهو یدعو فی حالاته کلها یستدفع البلاء ( فَلَمَّا کَشَفْنا ) أی أزلنا ( عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ ) أی مضی علی طریقه الأول قبل أن مسه الضر کأنه لا عهد له به. قوله : ( وَاجْنُبْنِی وَبَنِیَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ) [ 14 /35 ] أی نجنی ، من قولهم « جَنَبْتُ الرجل الشر » من باب قعد : نجیته عنه وأبعدته ، وجَنَّبْتُهُ بالتثقیل مبالغه ، وهذا الدعاء فی حقه لزیاده العصمه وفی حق بنیه من صلبه ، فلا یرد أن کثیرا من بنیه قد عبدوا الأصنام. وقیل إن دعاءه لمن کان مؤمنا من بنیه.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَجَنِّبْنِی الْحَرَامَ ».

أی بعدنی عنه ونحنی. و « جَنِّبُوا مَسَاجِدَکُمُ النَّجَاسَهَ ».

أی نحوا عن مساجدکم وأبعدوها عنها ، وکأنه من باب القلب.

وَفِی الْحَدِیثِ « تَوَضَّئُوا مِنْ سُؤْرِ الْجُنُبِ إِذَا کَانَتْ مَأْمُونَهً ».

یرید المرأه الجُنُبَ ، وهذا اللفظ مما یستوی فیه الواحد والاثنان والجماعه والمذکر والمؤنث. وفِیهِ « لَا یُجْنِبُ الثَّوْبُ الرَّجُلَ وَلَا یُجْنِبُ الرَّجُلُ الثَّوْبَ ».

یرید أن هذین ونحوهما لا یضر ملامسه شیء منهما بحیث یوجب الغسل أو الغسل. و « جَنْبُ الإنسان « بالفتح فالسکون ما تحت إبطه إلی کشحه ، والجمع « جُنُوبٌ » کفلس وفلوس ، ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام : « أَضَعُ جَنْبَیِ وَأَنَامُ ».

وقَوْلُهُ : « أُوذِیَ فِی جَنْبِکَ ».

جَنْبُ الله : طاعته عن الصدوق ، وأمره عن ابن

ص: 26

عرفه ، وقربه وجواره عن الفراء.

وَقَوْلُ عَلِیٍّ علیه السّلام : « أَنَا جَنْبُ اللهِ ».

یأتی علی المعانی کلها ،ومثله قَوْلُ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السّلام : « نَحْنُ جَنْبُ اللهِ » ، « نَحْنُ یَدُ اللهِ ».

و « فی جَنْبِ الله » أی ذات الله. و « ذات الجَنْبِ » عله صعبه ، وهی ورم حام یعرض للحجاب المستبطن الأضلاع داخل جَنْبَیْهِ. و « المَجْنُوبُ » الذی به تلک العله. وفی المجمع « ذَاتُ الجَنْبِ » الدُّبَیْلَهُ والدُّمَّلَهُ الکبیره التی تظهر فی باطن الجَنْبِ وتتفجر إلی داخل وقلما یسلم صاحبها ، و « ذی الجَنْبِ » من اشتکی جَنْبَهُ بسبب الدبیله. و « الجَنْبُ » الناحیه ، وکذا الجَانِبُ ، وهو أحد نواحی الشیء. و « فلان لین الجَانِب » أی سهل القرب. و « المُجَانَبَهُ » ضد المخالطه. و « أَجْنَبِیٌ » غریب لیس بقریب. واجْتَنَبْتُ الشیء : اعتزلته ، وتَجَنَّبْتُهُ : اجْتَنَبْتُهُ. و « ریح الجَنُوبِ » مر ذکرها. و « سحابه مَجْنُوبَهٌ « إذا هبت بها الجَنُوبُ. و « عَاصِفَهٍ جَنَابِیَّهٍ ».

فی حدیث الاستسقاء کأنه یرید الریاح الجَنُوبِیَّه ، فإنها تکسر السحاب وتلحقه روادفه ، بخلاف الشمالیه فإنها تمزقه. و « الجَنِیبَهُ » الدابه تقاد ، ومنه جَنَّبْتُ الدابه : إذا قُدْتَها إلی جَنْبِکَ ، والجمع الجَنَائِب. وکل طائع مُنْقَادٍ جَنِیبٌ ، ومنه حَدِیثُ الْأَذَانِ « یَقُودُونَ جَنَائِبَ مِنْ نُورٍ ».

و « الجَنَابُ » بالفتح : الفِنَاء وما قرب من محله القوم ، والجمع أَجْنِبَهٌ. و « فرس طوع الجِنَابِ » بالکسر : إذا کان سلس القیاد.

یَجُوبُ : إذا خرق وقطع. قوله تعالی : ( فَلْیَسْتَجِیبُوا لِی ) [ 2 / 186 ] أی إنی أدعوهم إلی طاعتی فلیطیعوا لی ( وَلْیُؤْمِنُوا بِی ) لکی یهتدوا بإصابه الحق. قوله : و ( اسْتَجِیبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) [ 8 / 24 ] أی أَجِیبُوا الله فیما یأمرکم به إذا دعاکم. قوله تعالی : ( إِنَّما یَسْتَجِیبُ الَّذِینَ یَسْمَعُونَ وَالْمَوْتی یَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَ ) [ 6 /36 ] قال المفسر : هو خطاب للنبی صلی الله علیه و آله حین أعرض الکفار عن التصدیق به وکذبوه ، وتقدیره إنما یَسْتَجِیب لک المؤمن السامع للحق ، وأما الکافر فهو بمنزله المیت فلا یُجِیب إلی أن یبعثه الله یوم القیامه فیلجئه إلی الإیمان. وقیل معناه إنما یَسْتَجِیب من کان قلبه حیا ، فأما من کان قلبه میتا فلا. والله ( قَرِیبٌ مُجِیبٌ ) [ 11 / 61 ] أی مُسْتَجِیبٌ الدعاء من أولیائه. قال تعالی : ( أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ) [ 27 / 62 ] والْمُجِیبُ الذی یقابل الدعاء والسؤال بالقبول والعطاء ، وهو اسم فاعل من أَجَابَ یُجِیبُ.

[ جیب ] (1)

قوله تعالی : و ( اسْلُکْ یَدَکَ فِی جَیْبِکَ ) [ 28 /33 ] أی أدخلها فیه ، والجَیْبُ : القمیص ، یقال : جُبْتُ القمیص أَجُوبُهُ وأَجِیبُهُ : إذا قوَّرْت جَیْبَهُ ، ویقال الجَیْبُ هنا القمیص. قوله تعالی : ( وَلْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلی جُیُوبِهِنَ ) [ 24 /31 ] لأنها کانت واسعه تبدو منها نحورهن ، ویجوز أن یراد بالجُیُوب هنا الصدور.

وَفِی الْحَدِیثِ : « أَنْسَکُ النَّاسِ أَنْصَحُهُمْ جَیْباً » (2).

أی آمنهم ، من قولهم « رجل ناصح الجَیْبِ » أی لا غشّ فیه.

[ جوب ]

وَفِی حَدِیثِ إِبْرَاهِیمَ علیه السّلام فِی الْأَذَانِ لِلْحَجِ : « فَأَجَابَهُ مَنْ کَانَ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ : لَبَّیْکَ اللهُمَ

ص: 28

لَبَّیْکَ » (1).

یقال : أَجَابه بِجَوَابٍ إِجَابَهً. وَجَوْبُ الکلام : رَدِیدُهُ ، والجمع « أَجْوِبَه » و « جَوَابَاتٌ ». قیل : وفی الحدیث إشاره لطیفه ، هی أن إِجَابَه من کان فی الأصلاب والأرحام إشاره إلی ما کتب بقلم القضاء فی اللوح المحفوظ من طاعه المطیع لهذه الدعوه علی لسان إبراهیم علیه السّلام ومن بعده من الأنبیاء. و « جَاوَبَه » من الجَوَابِ. و « المُجَاوَبَه » التَّجَاوُب. واسْتَجَابَ له واستَجَابَهُ : أی أَجَابَهُ. ومنه الْحَدِیثُ : « مَا مِنْ مُسْلِمٍ یَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلَّا اسْتُجِیبَ لَهُ ، فَإِمَّا أَنْ یُعَجَّلَ لَهُ فِی الدُّنْیَا أَوْ یُدَّخَرَ لَهُ فِی الْآخِرَهِ ، وَإِمَّا أَنْ یُکَفَّرَ مِنْ ذُنُوبِهِ ».

وجُبْتُ البلاد أَجُوبُها وأَجِیبُها : إذا قطعتها. و « الجَوْبَه » الحفره المستدیره الواسعه ، ومنه « حَتَّی صَارَتِ الْمَدِینَهُ مِثْلَ الجَوْبَه ».

الصَّادِقِ علیه السّلام وَعَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام أَنَّهُ قَالَ یَوْمَ الْجَمَلِ : « وَاللهِ مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآیَهِ حَتَّی الْیَوْمِ » وَتَلَا هَذِهِ الْآیَهَ.

وقیل هی أعم من ذلک وإنما هی خطاب لکافه المؤمنین ، وقَوْلُ عَلِیٍّ علیه السلام : « مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآیَهِ حَتَّی الْیَوْمِ ».

حق ، فإن منکری إمامته من المتقدمین لم یقع بینه وبینهم قتال ، بل أول قتال وقع له بعد وفاه رسول الله صلی الله علیه و آله هو حرب الجمل ، فلذلک قال ما قال. وقوله تعالی : ( فَسَوْفَ یَأْتِی اللهُ ) الآیه قیل هذان الوصفان مع باقی الصفات المذکوره فی الآیه الشریفه نصوص علی أن علیا علیه السلام هو المراد ، ولذلک أردفه بقوله : ( إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) - الآیه. قوله : ( یُحِبُّهُمْ وَیُحِبُّونَهُ ) قیل مَحَبَّه الله للعباد إنعامه علیهم وأن یوفقهم لطاعته ویهدیهم لدینه الذی ارتضاه ، وحُبُ العباد لله أن یطیعوه ولا یعصوه. وقیل : مَحَبَّهُ الله صفه من صفات فعله ، فهی إحسان مخصوص یلیق بالعبد ، وأما مَحَبَّهُ العبد لله تعالی فحاله یجدها فی قلبه یحصل منها التعظیم له وإیثار رضاه والاستئناس بذکره وعن بعض المحققین : مَحَبَّهُ الله للعبد کشف الحجاب عن قلبه وتمکینه من أن یطأ علی بساط قربه ، فإن ما یوصف به سبحانه إنما یؤخذ باعتبار الغایات لا المبادیء ، وعلامه حُبِّهِ للعبد توفیقه للتجافی عن دار الغرور والترقی إلی عالم النور والأنس بالله والوحشه ممن سواه وصیروره جمیع الهموم هما واحدا.

قَالَ فِی الْکَشَّافِ : وَعَنِ الْحَسَنِ زَعَمَ أَقْوَامٌ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله أَنَّهُمْ یُحِبُّونَ اللهَ فَأَرَادَ أَنْ یَجْعَلَ لِقَوْلِهِمْ تَصْدِیقاً مِنْ عَمَلٍ.

فمن ادعی محبته وخالف سنه رسول الله صلی الله علیه و آله فهو کذاب وکتاب الله یکذبه ، وإذا رأیت من یذکر مَحَبَّهُ الله ویصفق بیدیه مع ذکرها ویطرب وینعر ویصعق فلا تشک أنه لا یعرف ما الله ولا یدری ما مَحَبَّهُ الله ، وما تصفیقه وطربه ونعرته وصعقته إلا أنه تصور فی نفسه الخبیثه صوره مستملحه معشقه فسماها الله بجهله وزعارته ثم صفق وطرب ونعر وصعق علی

ص: 30

تصورها ، وربما رأیت المنی قد ملأ إزار ذلک المحب عند صعقته وحمقی العامه حوله قد ملئوا أرداءهم بالدموع لما رققهم من حاله (1). قوله : ( نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [ 5 / 18 ] أی أشیاع ابنیه المسیح وعزیر ، أو مقربون عنده قرب الأولاد من والدهم. قوله : ( وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّیْحانُ ) [ 55 / 12 ] قال المفسر : الحَبُ الحنطه والشعیر [ والحُبُوب ] ، والعصف التبن ، والریحان ما یؤکل منه (2). قوله : ( وَحَبَ الْحَصِیدِ ) [ 50 / 9 ] فسر بالحنطه. قوله : ( یَسْتَحِبُّونَ الْحَیاهَ الدُّنْیا عَلَی الْآخِرَهِ ) [ 14 /3 ] أی یختارونها.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِذَا أَحْبَبْتُ عَبْدِی کُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِی یَسْمَعُ بِهِ ».

إلی آخره. قیل أی أجعل سلطان حُبِّی غالبا علیه حتی یسلب عنه الاهتمام بشیء غیر ما یئوب به إلی ، فیصیر منخلعا عن الشهوات ذاهلا عن الحظوظ واللذات ، فلا یری إلا ما یُحِبُّه ولا یسمع إلا ما یُحِبُّه ولا یعقل إلا ما یُحِبُّه ، ویکون الله سبحانه فی ذلک له یدا مؤیدا وعونا ووکیلا ، یحمی سمعه وبصره ویده ورجله عما لا یرضاه - انتهی وهو جید. وذکر بعض الشارحین أن هذا مبالغه فی القرب وبیان لاستیلاء سلطان المَحَبَّهُ علی ظاهر العبد وباطنه وسره وعلانیته ، فالمراد أنی إذا أَحْبَبْتُ عبدی جذبته إلی محل الأنس وصرفته إلی عالم القدس ، فصیرت فکره مستغرقا فی أسرار الملکوت وحواسه مقصوره علی اجتذاب أنوار الجبروت ، فثبت حینئذ فی مقام القرب قدمه وتمیز بِالْمَحَبَّهِ لحمه ودمه إلی أن یغیب عن نفسه ویذهل عن حسه

ص: 31

حتی أکون بمنزله سمعه وبصره - انتهی.

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِنَّ اللهَ یُحِبُ مِنَ الْخَیْرِ مَا تُعُجِّلَ ».

أی یرضی به ولا یکرهه. وفِیهِ « لَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّی تَخْتَلِفَ بَنُو فُلَانٍ فِیمَا بَیْنَهُمْ ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا طَمِعَ النَّاسُ وَتَفَرَّقَتِ الْکَلِمَهُ وَخَرَجَ السُّفْیَانِیُّ ».

وتوضیح الحدیث - علی ما نقل - هو أن بنی فلان یرید بهم بنی العباس لم تنفق الملوک علی خلیفه وهذا معنی تفرق الکلمه ثم ینتهی بعد مده مد یده إلی خروج السفیانی ثم إلی ظهور المهدی علیه السّلام . و « الْحُبُ » بضم الحاء : الْمَحَبَّهُ ، وبکسرها الْحَبِیبُ. وحُبِّبَ إلی الشیء نقیض کُرِه. ومن کلام بعضهم « کل ذنب مَحْبُوبٍ » ومعنی کونه مَحْبُوباً میل النفس إلیه ، فإذا قوی المیل سمی عشقا. وحَبَبْتُهُ أَحِبُّه من باب ضَرَبَ ، والقیاس أَحُبُّهُ بالضم لکنه غیر مستعمل. وأَحَبُّهُ من باب تَعِبَ لغه. « تَحَابُّوا « أی أَحَبَ کل واحد منهم صاحبه. و « تَحَابَّا فی الله » اجتمعا علیه بعمل صالح. ومِنْهُ « أَیْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِی ».

أی بعظمتی وطاعتی فی الدنیا ، والجلال : العظمه. وفِیهِ « حُبُ الرَّسُولِ مِنَ الْإِیمَانِ ».

والمراد اتباعه ، فلا یرد أن الْحُبَ أمر طبیعی لا یدخل فیه الاختیار ، وممکن أن یراد الْحُبُ العقلی لا الطبیعی النفسی ، کالمریض یکره الدواء ویمیل إلیه لما فیه من النفع ، فکذا النبی صلی الله علیه و آله لما فیه من صلاح الدارین ، ومن أعلی درجات الإیمان وتمامه أن یکون طبعه تابعا لعقله فی حُبِّهِ.

وَفِی مَعَانِی الْأَخْبَارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَکِ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِأَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام : حَدِیثٌ یُرْوَی أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام : إِنِّی أُحِبُّکَ. فَقَالَ لَهُ : أَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً. فَقَالَ : لَیْسَ هَکَذَا قَالَ إِنَّمَا قَالَ لَهُ « أَعْدَدْتَ لِفَاقَتِکَ جِلْبَاباً ».

یعنی یوم القیامه (1).

وَفِی الْحَدِیثِ الْمَشْهُورِ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ

ص: 32

« حُبُ عَلِیٍّ حَسَنَهٌ لَا تَضُرُّ مَعَهَا سَیِّئَهٌ وَبُغْضُهُ سَیِّئَهٌ لَا تَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَهٌ » (1).

الظاهر أن المراد بالحُبِ الحُبُ الکامل المضاف إلیه سائر الأعمال لأنه هو الإیمان الکامل حقیقه وأما ما عداه فمجاز ، وإذا کان حُبُّهُ إیمانا وبغضه کفرا فلا یضر مع الإیمان الکامل سیئه بل تغفر إکراما لعلی علیه السّلام ولا تنفع مع عدمه حسنه إذ لا حسنه مع عدم الإیمان. وقد سبق فی « عصی « کلام للزمخشری فی توجیه « لَأُدْخِلُ الْجَنَّهَ مَنْ أَطَاعَ عَلِیّاً وَإِنْ عَصَانِی ».

نافع فی هذا المقام. و « الحُبُ » بالضم : الجره الضخمه ، والجمع حِبَبَه وحِبَابٌ کعنبه وکتاب. والحَبَّهُ من الشیء : القطعه منه. والحَبَّاتُ جمع حَبَّه.

وَفِی حَدِیثِ مَاءِ التَّغْسِیلِ « وَأَلْقِ فِیهِ حَبَّاتِ کَافُورٍ » (2).

والحَبَّهُ واحده حَبِ الحنطه ونحوها من الحُبُوبِ التی تکون فی السنبل والأکمام ، والجمع حُبُوبٌ کفلس وفلوس.

وَمِنْ صِفَاتِهِ صلی الله علیه و آله « یَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِ الْغَمَامِ » (3).

شبه به ثغره صلی الله علیه و آله یرید به البرد. » وحَبُ القرع « قیل هو دود عریض یشبه حَبَ القرع ، والأشبه أنه لیس بدود بل هو الحَبَّه السوداء الشونیز فی المشهور وهو حَبٌ معروف. وقیل : الخردل. وقیل الحَبَّهُ الخضراء وهو البطم. و « حَبَابُ الماء » بالفتح : معظمه. وحَبَاب نفحاته التی تعلوه. و « حَبَابُک أن تفعل کذا « أی غایتک.

وَفِی صِفَهِ أَهْلِ الْجَنَّهِ « یَصِیرُ طَعَامُهُمْ إِلَی رَشْحٍ مِثْلِ حَبَابِ الْمِسْکِ ».

هو الطل الذی یصیر علی النبات ، شبه رشحهم به مجازا ، وأضیف إلی المسک لیثبت له طیب الرائحه. والاسْتِحْبَابُ کالاستحسان.

والمعنی حتی غابت الشمس فی الأفق واستترت به. قوله : ( وَبَیْنَهُما ) أی بین الجنه والنار أو بین أهلها حِجابٌ [ 7 / 46 ] یعنی سورا ، والحِجَاب : الحاجز. قوله : ( وَمِنْ بَیْنِنا وَبَیْنِکَ حِجابٌ ) [ 41 / 5 ] مثله.

وَفِی وَصْفِهِ تَعَالَی « حِجَابُهُ النُّورُ ».

ویشیر بذلک إلی أن حِجَابَه خلاف الحُجُب المعهوده ، فهو تعالی مُحْتَجِبٌ عن الخلق بأنوار عزه وجلاله وسعه عظمته وکبریائه وذلک هو الحِجَابُ الذی تدهش دونه العقول وتذهب الأبصار وتنحسر البصائر ، ولو کشف ذلک الحِجَابُ فتجلی بما وراءه من حقائق الصفات وعظمه الذات لم یبق مخلوق إلا احترق ولا معظور (1) إلا اضمحل ، وأصل الحِجَابِ الستر الحائل بین الرائی والمرئی ، وهو هناک راجع إلی منع الأبصار من الإبصار بالرؤیه له بما ذکر ، فقام ذلک المنع مقام الستر الحائل فعبر به عنه. و « محمد صلی الله علیه و آله حِجَابُ الله » أی ترجمانه ، وجمعه حُجُبٌ ککتاب وکتب. و « احْتَجَبَ الله دون حاجته » احْتِجَابِ الله أن یمنع حوائجه ویخیب آماله فی الدنیا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « حُجِبَتِ الْجَنَّهُ بِالْمَکَارِهِ وَالنَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ».

یعنی لا یوصل إلی الجنه إلا بارتکاب المکروهات والنار إلا بالشهوات. وحَجَبَهُ حَجْباً من باب قتل : منعه ومنه ، الحَاجِبُ وجمعه « حُجَّاب » بالتشدید. ومنه الحُجُبُ فی الفرائض ، ومِنْهُ « الْإِخْوَهُ یَحْجُبُونَ الْأُمَّ إِلَی السُّدُسِ ».

ومِنْهُ « کُلَّمَا حَجَبَ اللهُ عِلْمَهُ عَنِ الْعِبَادِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ ».

والحَاجِبُ : الشعر النابت علی عظم العین ، ویقال له « حَاجِبُ العین ». والحَاجِبَانِ : العظمان مع شعرهما ولحمهما ، والجمع الحَوَاجِبُ. وفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله « أَزَجُ الْحَوَاجِبِ » (2).

ولم یقل الحَاجِبَیْنِ ، فهو علی معنی من

ص: 34

یوقع علی التثنیه الجمع ، ویحتج له بقوله تعالی : ( وَکُنَّا لِحُکْمِهِمْ شاهِدِینَ ) ویرید سلیمان وداود.

وَحَاجِبُ بْنُ زُرَارَهَ أَتَی کِسْرَی فِی جَدْبٍ أَصَابَهُمْ بِدَعْوَهِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله یَسْتَأْذِنُهُ لِقَوْمِهِ أَنْ یَصِیرُوا فِی نَاحِیَهٍ مِنْ بِلَادِهِ ، فَقَالَ : إِنَّکُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ غُدُرٌ حُرُصٌ فَإِنْ أَذِنْتُ لَکُمْ أَفْسَدْتُمُ الْبِلَادَ وَأَغَرْتُمْ عَلَی الْعِبَادِ. قَالَ حَاجِبٌ : إِنِّی ضَامِنٌ لِلْمَلِکِ أَنْ لَا یَفْعَلُوا. قَالَ : فَمَنْ لِی بِأَنْ تَفِیَ؟ قَالَ : أَرْهَنُکَ قَوْسِی. قَالَ : فَضَحِکَ مَنْ حَوْلَهُ. فَقَالَ کِسْرَی : مَا کَانَ لِیُسَلِّمَهَا أَبَداً ، فَقَبِلَهَا مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُمْ ، فَلَمَّا مَاتَ حَاجِبٌ ارْتَحَلَ ابْنُهُ عُطَارِدٌ (1) إِلَی کِسْرَی فَطَلَبَ قَوْسَ أَبِیهِ فَرَدَّهَا عَلَیْهِ وَکَسَاهُ حُلَّهً ، فَلَمَّا رَجَعَ أَهْدَاهَا إِلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله فَبَاعَهَا مِنْ یَهُودِیٍّ بِأَرْبَعَهِ آلَافِ دِرْهَمٍ.

ومنه حَدِیثُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السّلام وَقَدْ جَاءَ [ إِلَی ] رَجُلٍ مِنْ مَوَالِیهِ یَسْتَقْرِضُهُ عَشَرَهَ آلَافِ دِرْهَمٍ إِلَی مَیْسَرَهٍ فَقَالَ : « وَلَکِنْ أُرِیدُ وَثِیقَهً « قَالَ : فَنَتَفَ لَهُ مِنْ رِدَائِهِ هُدْبَهً (2) فَقَالَ : هَذِهِ الْوَثِیقَهُ. قَالَ : فَکَأنَّ مَوْلَاهُ کَرِهَ ذَلِکَ فَغَضِبَ وَقَالَ : أَنَا أَوْلَی بِالْوَفَاءِ أَمْ حَاجِبُ بْنُ زُرَارَهَ؟ فَقَالَ : أَنْتَ أَوْلَی بِذَلِکَ مِنْهُ. قَالَ : فَکَیْفَ حَاجِبُ بْنُ زُرَارَهَ یَرْهَنُ قَوْساً وَإِنَّمَا هِیَ خَشَبَهٌ عَلَی مِائَهِ جِمَالَهٍ وَهُوَ کَافِرٌ فَیَفِی وَأَنَا لَا أَفِی بِهُدْبَهِ رِدَائِی؟.

وَفِی الْحَدِیثِ : « تُصَلِّی الْمَغْرِبَ حِینَ تَغِیبُ الشَّمْسُ حِینَ یَغِیبُ حَاجِبُهَا ».

قیل یرید بحاجبها طرفها الأعلی من قرصها. قیل : سمی بذلک لأنه أول ما یبدو منها کحاجب الإنسان. « والحَجَبَهُ » جمع حَاجِبِ : البیت ، وهو المانع عن رؤیه الْمَحْجُوبِ عنه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « وَإِنَّمَا یُسْتَحَبُّ الْهَدْیُ إِلَی الْکَعْبَهِ لِأَنَّهُ یَصِیرُ إِلَی الْحَجَبَهِ ».

کذا فی أکثر النسخ وفِی بَعْضِهَا « وَإِنَّمَا لَا یُسْتَحَبُّ ».

وهو أقرب.

وَفِی الدُّعَاءِ » عِبَادُکَ الْمُحْتَجِبُونَ

ص: 35

بغیبک ». یرید بهم الملائکه.

قوله : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) [ 5 /33 ] الآیه. قیل : مُحَارَبَه الله ورسوله مُحَارَبَه المسلمین ، جعل مُحَارَبَتِهِم کمُحَارَبَتِهِ ومُحَارَبَهُ رسوله تعظیما للفعل. وعند الفقهاء کل من جرد السلاح لإخافه الناس فی بر أو بحر لیلا أو نهارا ضعیفا کان أو قویا من أهل الریبه أو لم یکن ذکرا کان أو أنثی فهو مُحَارِب. وفِی حَدِیثِ عُبَیْدِ اللهِ الْمَدَائِنِیِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام : جُعِلْتُ فِدَاکَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَی : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدِیهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) قَالَ : فَعَقَدَ بِیَدِهِ فَقَالَ : « یَا عَبْدَ اللهِ خُذْهَا أَرْبَعاً بِأَرْبَعٍ » ثُمَّ قَالَ : « إِذَا حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَی فِی الْأَرْضِ فَسَاداً فَقَتَلَ قُتِلَ وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ قُتِلَ وَصُلِبَ ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ یَقْتُلْ قُطِعَتْ یَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَإِنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَی فِی الْأَرْضِ فَسَاداً وَلَمْ یَقْتُلْ وَلَمْ یَأْخُذْ مِنَ الْمَالِ نُفِیَ فِی الْأَرْضِ » (1).

وقد سبق کیفیه النفی. قوله : ( کُلَّما دَخَلَ عَلَیْها زَکَرِیَّا الْمِحْرابَ ) [3 /37 ] قِیلَ : بَنَی لَهَا غُرْفَهً فِی الْمَسْجِدِ وَجَعَلَ بَابَ الْغُرْفَهِ وَسَطَ الْحَائِطِ لَا یَصْعَدُ إِلَیْهَا إِلَّا بِالسُّلَّمِ وَاسْتَأْجَرَ لَهَا ظِئْراً تُرَبِّیهَا ، وَکَانَ إِذَا خَرَجَ یُغْلِقُ عَلَیْهَا الْبَابَ وَلَا یَدْخُلُ عَلَیْهَا إِلَّا زَکَرِیَّا حَتَّی کَبِرَتْ.

قوله : ( فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ ) [ 19 / 11 ] المِحْرَابُ بالکسر والسکون : الغرفه ، ومقام الإمام فی المسجد ، والموضع ینفرد به الملک فیتباعد عن الناس. ومَحَارِیبُ بنی إسرائیل : مساجدهم التی کانوا یخطبون فیها. والمَحَارِیبُ : البیوت الشریفه ، وقیل هی المساجد والقصور یعبد فیها. وعن الأصمعی : سمی القصر مِحْرَاباً لأن المِحْرَاب مقدم المجالس وأشرفها وکذا من المسجد. وعن ابن الأنباری : سمی مِحْرَاباً لانفراد الإمام فیه وبعده من القوم ، یقال : « دخل

ص: 37

الأسد مِحْرَابَهُ » أی غیله ، والإمام إذا دخل فیه یأمن من أن یلحق ، فهو حائز مکانا کأنه مأوی الأسد. ویقال : مِحْرَابُ المصلی مأخوذ من المُحَارَبَهِ ، لأن المصلی یُحَارِبُ الشیطان ویُحَارِبُ نفسه بإحضار قلبه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کَانَ عَلِیٌّ علیه السّلام یَکْسِرُ الْمَحَارِیبَ إِذَا رَآهَا فِی الْمَسْجِدِ یَقُولُ : کَأَنَّهَا مَذَابِحُ الْیَهُودِ ».

و « الحَرَبُ » بالتحریک : نهب مال الإنسان وترکه لا مال له. ومنه حَدِیثُ الدُّعَاءِ عَلَی الْعَدُوِّ « اللهُمَّ أَذِقْهُ طَعْمَ الْحَرْبِ وَذُلَّ الْأَسْرِ ».

ومِنْهُ « الْمُؤْمِنُ یُصْبِحُ وَیُمْسِی عَلَی ثَکَلٍ خَیْرٌ لَهُ أَنْ یُصْبِحَ وَیُمْسِیَ عَلَی حَرْبٍ » (1).

وَفِی الْخَبَرِ : « إِیَّاکُمْ وَالدَّیْنَ ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ ».

بسکون الراء أی یعقب الخصومه والنزاع ، وبفتحها أی السلب. « وحُرِبَ الرجل » بالبناء للمجهول : أخذ جمیع ماله. وحُرِبَ حَرَباً من باب تعب کذلک. وحَرِیبَهُ الرجل : ماله الذی یعیش به ، ومنه حَدِیثُ الْمَیِّتِ « أَشْکُو إِلَیْکُمْ دَاراً أَنْفَقْتُ فِیهَا حَرِیبَتِی وَصَارَ سُکَّانُهَا غَیْرِی ».

و « الحَرْبُ » بإسکان الراء واحده الحُرُوب ، وهی المقاتله والمنازله ، لفظها أنثی. یقال : « قامت الحَرْبُ علی ساق » إذا اشتد الأمر وصعب الخلاص. وقد تذکر ذهابا إلی معنی القتال. وتصغیر الحَرْب « حُرَیْبٌ » بغیر هاء و « رجل مِحْرَبٌ » بکسر میم وفتح راء أی صاحب حَرْبٍ.

وَفِی حَدِیثِ الْأَئِمَّهِ علیهم السّلام « أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَکُمْ ».

أی عدو لمن عاداکم والحَرْبَهُ کالرمح تجمع علی حِرَابٍ ککلبه وکلاب. و « الحِرْبَاءُ » حیوان أکبر من العظاءه تستقبل الشمس برأسها وتدور معها کیف دارت.

والأَحْزَابُ جمعه. وحِزْبُ الشیطان : جنوده. ویوم الأَحْزَابِ : یوم اجتماع قبائل العرب علی قتال رسول الله صلی الله علیه و آله وهو یوم الخندق ، فالأَحْزَاب عباره عن القبائل المجتمعه لحرب رسول الله صلی الله علیه و آله وکانت قریش قد أقبلت فی عشره آلاف من الأحابیش ومن کنانه وأهل تهامه وقائدهم أبو سفیان وغطفان فی ألف وهوازن وبنی قریضه والنضیر. وفی القاموس فی قوله : ( إِنِّی أَخافُ عَلَیْکُمْ مِثْلَ یَوْمِ الْأَحْزابِ ) [ 40 /30 ] هم قوم نوح وعاد وثمود.

« وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ » وَذَلِکَ یَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَی أَرْسَلَ عَلَیْهِمْ رِیحَ الصَّبَا فِی لَیْلَهٍ شَاتِیَهٍ فَأَحْصَرَتْهُمْ وَصَفَّتِ التُّرَابَ فِی وُجُوهِهِمْ وَأَطْفَأَتْ النِّیرَانَ وَکَفَتِ الْقُدُورَ وَقَلَعَتِ الْأَوْتَادَ وَبَعَثَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِکَهِ فِی ذَوَائِبِ عَسْکَرِهِمْ فَمَاجَتِ الْخَیْلُ بَعْضُهَا فِی بَعْضٍ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَانْهَزَمُوا مِنْ غَیْرِ قِتَالٍ.

قوله : ( أَیُ الْحِزْبَیْنِ ) [ 18 / 12 ] مر ذکرها فی (حصا). والحِزْبُ : الورد یعتاده الشخص من صلاه وقراءه وغیر ذلک.

حِسابٍ ) [ 2 / 212 ] فیه أقوال : منها أن یعطیهم الکثیر الواسع الذی لا یدخله الحساب من کثرته. قوله : ( إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِکُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحاسِبْکُمْ بِهِ اللهُ ) [ 2 / 284 ] أی إن تظهروا ما فی أنفسکم من السوء أو تخفوه فإن الله تعالی یعلم ذلک ویجازیکم علیه. قال الطبرسی ولا یدخل فیه ما یخفیه الإنسان من الوسواس وحدیث النفس لأن ذلک مما لیس فی وسعه الخلو منه ، ولکن ما اعتقده وعزم علیه (1). وقوله ( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ) [ 6 / 96 ] أی یجریان فی أفلاکهما بحساب لا یتجاوزانه إلی أقصی منازلهما ، فیقطع الشمس جمیع البروج الاثنی عشر فی ثلاثمائه وخمسه وستین یوما وربع ، والقمر فی ثمانیه وعشرین یوما ، وهی علیها الأیام واللیالی والشهور والأعوام کما قال تعالی ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) [ 55 / 5 ] وقال ( وَکُلٌّ فِی فَلَکٍ یَسْبَحُونَ ) [ 21 /33 ]. قوله ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) أی یجریان فی منازلهما بحساب معلوم عنده.

وَعَنِ الرِّضَا علیه السّلام وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ : ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) قَالَ : « هُمَا یُعَذَّبَانِ » قُلْتُ : الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ یُعَذَّبَانِ؟ قَالَ : إِنْ سَأَلْتَ عَنْ شَیْءٍ فَأَتْقِنْهُ ، إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آیَتَانِ مِنْ آیَاتِ اللهِ یَجْرِیَانِ بِأَمْرِهِ مُطِیعَانِ لَهُ ، ضَوْؤُهُمَا مِنْ نُورٍ عَرْشِهِ وَجِرْمُهُمَا مِنْ جَهَنَّمَ ، فَإِذَا کَانَتِ الْقِیَامَهُ عَادَ إِلَی الْعَرْشِ نُورُهُمَا وَعَادَ إِلَی النَّارِ جِرْمُهُمَا ، فَلَا یَکُونُ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ وَإِنَّمَا عَنَاهُمَا بِذَلِکَ لَعَنَهُمَا اللهُ تَعَالَی ، أَلَیْسَ قَدْ رَوَی النَّاسُ ... فُلَانٌ وَفُلَانٌ شَمْسَا هَذِهِ الْأُمَّهِ وَنُورُهُمَا ، فَهُمَا فِی النَّارِ ، وَاللهِ مَا عَنَی غَیْرَهُمَا (2).

قوله : ( حُسْباناً مِنَ السَّماءِ ) [ 18 / 40 ] بضم الحاء یعنی عذابا. وقیل نارا. وقیل بردا ، واحدها حُسْبَانَهٌ قوله : ( وَکَفی بِاللهِ حَسِیباً )

ص: 40

هو علی أربعه أوجه : کافیا ، وعالما ، ومقتدرا ، ومُحَاسِباً. قوله : ( کَفی بِنَفْسِکَ الْیَوْمَ عَلَیْکَ حَسِیباً ) [ 17 / 14 ] أی رقیبا ، أی کفی بک لنفسک مُحَاسِباً.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ إِیمَاناً وَاحْتِسَاباً ».

أی طلبا لوجه الله وثوابه. ومثله « مَنْ أَذَّنَ إِیمَاناً وَاحْتِسَاباً ».

أی تصدیقا بوعده واحْتِسَاباً بالأجر والثواب بالصبر علی المأمور به ، یقال : « احْتَسَبَ فلان علمه طلبا لوجه الله وثوابه ». ومنه « الحِسْبَه » بالکسر وهی الأجر ، والجمع الحِسَب. و « احْتَسَبَ ولده » معناه اعتد أجر مصابه فیما یدخر - قاله فی المُغْرِب. والْحِسْبَهُ : الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ، واختلف فی وجوبها عینا أو کفایه. والاحْتِسَابُ فی الأعمال الصالحه وعند المکروهات هو البدار إلی طلب الأجر وتحصیله بالتسلیم أو الصبر وباستعمال أنواع البر والقیام بها علی الوجه الموسوم فیها طلبا للثواب المرجو فیها. والحَسِیبُ : الذی یفعل الأفعال الحسنه بماله وغیر ماله. و « الحَسِیبُ » من أسمائه تعالی وهو الکافی ، فعیل بمعنی مفعول ، من أَحْسَبَنِی الشیءُ : کفانی. وحَسِیبُهُ الله أی انتقم الله منه. و « الحَسْبُ » بسکون السین : الکفایه ، ومنه الْحَدِیثُ : « إِذَا مَسَّ جِلْدَکَ الْمَاءُ فَحَسْبُکَ » (1).

أی کفاک عن الدلک. ومثله فِی حَدِیثِ عَلَامَاتِ الْمَیِّتِ « أَیَّ ذَلِکَ رَأَیْتَ فَحَسْبُکَ » (2).

أی یکفیک علامه ودلاله علی الموت. ومِثْلُهُ « بِحَسْبِکَ أَنْ تَصُومَ مِنْ کُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَهَ أَیَّامٍ ».

أی یکفیک و « حَسْبُکَ دِرْهَمٌ « أی کافیک. والحَسَبُ بفتحتین : الشرف بالآباء وما یعد من مفاخرهم ، وهو مصدر » حَسُبَ » بالضم ککرم ، ومِنْهُ « مَنْ قَصُرَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ یَنْفَعْهُ حَسَبُهُ ».

ص: 41

وحَسَبُ المرء : دینه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الْأَدَبِ ».

وفِیهِ « الْمُؤْمِنُ یُبْتَلَی عَلَی حَسَبِ دِینِهِ ».

أی قدر دینه من القوه والضعف. والحَسَبُ : النسب ، یقال : « کیف حَسَبُهُ فیکم « أی نسبه ، ومنه حَدِیثُ الْمَرْأَهِ : « لَا تَرِثُ مِنَ الرِّبَاعِ شَیْئاً « یَعْنِی الدَّارَ » لِأَنَّهَا لَیْسَ بَیْنَهَا وَبَیْنَهُمْ حَسَبٌ تَرِثُ بِهِ وَإِنَّمَا هِیَ دَخِیلٌ عَلَیْهِمْ ».

وحَسُبْتُ المال حَسْباً من باب قتل : أحصیته عدا.

وَفِی حَدِیثِ تَسْبِیحِ فَاطِمَهَ علیها السّلام : « مَنْ سَبَقَتْ أَصَابِعُهُ لِسَانَهُ حُسِبَ لَهُ ».

أی من نطق لسانه (الله أکبر) مره واحده وأخذت أصابعه حبتین من السبحه أو ثلاثه حُسِب له تکبیرتان أو ثلاثه ، وهکذا التسبیح والتحمید. وحِسَابُ الجمل یأتی إن شاء الله تعالی. و « حَسِبْتُ زیدا قائما « من باب تعب فی لغه جمیع العرب إلا بنی کنانه فیما نقل عنهم أنهم یکسرون المضارع مع کسر الماضی. وحَاسَبْتُهُ من الحِسَابِ والْمُحَاسَبَهِ. و « حَاسِبُوا أَنْفُسَکُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ».

فسرت المُحَاسَبَهُ بأن ینسب الإنسان المکلف طاعاته إلی معاصیه لیعلم أیها أکثر ، فإن فضلت طاعاته نسب قدر الفاضل إلی نعم الله علیه التی هی وجوده والحکم المودعه فی خلقه والفوائد التی أظهرها الله علیه فی قواه ودقائق الصنع التی أوجدها فی نفسه التی هی تدرک العلوم والمعقولات ، فإذا نسب فضل طاعته إلی هذه النعم التی لا تحصی کما قال تعالی : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَهَ اللهِ لا تُحْصُوها ) ووازنها وقف علی تقصیره وتحققه ، فإن ساوت طاعاته ومعاصیه تحقق أنه قام بشیء من وظائف العبودیه وکان تقصیره أظهر. وینبغی أن یتبع المُحَاسَبَه المراقبه ، وهی أن یحفظ ظاهره وباطنه لئلا یصدر عنه شیء یبطل حسناته التی عملها ، وذلک أن یلاحظ أحوال نفسه دائما لئلا یقدم علی معصیه.

ص: 42

وحَسَبْتُهُ صالحا أَحْسَبُهُ - بالفتح - : ظننته ، وشذ أَحْسِبُهُ بالکسر. قال الجوهری : کل فعل کان ماضیه مکسورا فإن مستقبله یأتی مفتوح العین إلا أربعه أحرف جاءت نوادر « حَسِبَ یَحْسِبُ » و « یَسَر یَیْسِرُ » و « یَئِسَ یَیْئَسُ » و « نَعَمَ یَنْعَمُ » فإنها جاءت من السالم بالکسر والفتح ، ومما جاء ماضیه ومستقبله جمیعا بالکسر ومق یمق وورث یرث ونحو ذلک.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ ارْزُقْنِی مِنْ حَیْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَیْثُ لَا أَحْتَسِبُ ».

أی من حیث أظن ومن حیث لا أظن.

والعشاء الآخره وقد رقد به رقده ، فعلمنا أن المراد من المُحَصَّب ما ذکرناه. و « التَّحْصِیبُ » المستحب هو النزول فی مسجد المَحْصَبَهِ والاستلقاء فیه ، وهو فی الأبطح ، وهذا الفعل مستحب تأسیا بالنبی صلی الله علیه و آله ، ولیس لهذا المسجد أثر فی هذا الزمان ، فتتأدی السنه بالنزول فی الأبطح قلیلا ثم یدخل البیوت من غیر أن ینام بالأبطح. و « لیله الحَصْبَه » بالفتح بعد أیام التشریق ، وهو صریح بأن یوم الحَصْبَه هو یوم الرابع عشر لا یوم النفر ، یؤیده

مَا رُوِیَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السّلام وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مُتَمَتِّعٍ لَمْ یَکُنْ لَهُ هَدْیٌ؟ فَأَجَابَ : « یَصُومُ أَیَّامَ مِنًی ، فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِکَ صَامَ صَبِیحَهَ یَوْمِ الْحَصْبَهِ وَیَوْمَیْنِ بَعْدَ ذَلِکَ ».

وفی الحدیث أمر بِتَحْصِیبِ المسجد ، وهو أن یلقی فیه الحَصْبَاءُ ، یقال : « حَصَبْتُ المسجد وغیره » بسطته بالحَصْبَاءِ ، وحَصَّبْتُهُ بالتشدید مبالغه ، فهو مُحَصَّبٌ بالفتح اسم مفعول. وحَصَبْتُهُ حَصْباً من باب ضرب : رمیته بالحَصْبَاءِ ، وفی لغه من باب قتل. والحَصْبَهُ بالفتح فالسکون والتحریک لغه : بثر یخرج فی الجسد. وحَصِبَ جلده بالکسر : إذا أصابته الْحَصْبَهُ.

و « رجل نُفُجُ الْحَقِیبَهِ » بضم النون والفاء : رابی العجز نأتیه. و « حَقَائِبُ البئر « أعجازها ، ومنه الْحَدِیثُ » سَائِقَانِ بِحَقَائِبِ الْبِئْرِ ».

و « احْتَقَبَ فلان الاسم » اکتسبه. واسماعیل بن حَقْبَهَ من رواه الحدیث (1)

« لَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِی الْحُلُبَهِ لَاشْتَرَوْهَا بِوَزْنِهَا ذَهَباً » (1).

و « حَلَبُ » بفتحتین : بلده بالشام (2). و « الحِلِبْلَابُ » بالکسر : النبت الذی تسمیه العامه اللبلاب.

إِنَّ إِحْدَاکُنَّ تَنْبَحُهَا کِلَابُ الْحَوْأَبِ فِی التَّوَجُّهِ إِلَی قِتَالِ وَصِیِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ، فَشَهِدَ عِنْدَهَا سَبْعُونَ رَجُلاً أَنَّ ذَلِکَ لَیْسَ بِمَاءِ الْحَوْأَبِ ، فَکَانَتْ أَوَّلَ شَهَادَهٍ شُهِدَ بِهَا فِی الْإِسْلَامِ بِالزُّورِ » (1).

لا تغیر الکلام (1). و « الخَبَبُ » ضرب من العدو ، یقال « خَبَبَ فی الأمر خَبَباً « من باب طلب : أسرع فیه ، ومنه » بعیر یَخُبُ » أی یسرع فی مشیته. و « خَبِیبٌ » اسم رجل (2). و « الخُبَیْبَانِ » عبد الله بن الزبیر وابنه.

بِحُضُورِهِمْ وَإِنْ کَانَتْ هَیَاکِلُهُمْ مُعْجَبَهً وَأَلْسِنَتُهُمْ ذَلِیقَهً بِالْخُشُبِ الْمُسْتَنَدَهِ إِلَی الْحَائِطِ وَالْأَصْنَامِ الْمَنْحُوتَهِ مِنَ الْخَشَبِ.

وَفِی الْحَدِیثِ « ذُو خُشُبٍ » هُوَ بضمتین وَادٍ عَنِ الْمَدِینَهِ مَسِیرَهَ یَوْمٍ.

وفِی الْحَدِیثِ هُوَ وَادٍ عَلَی ثَمَانِیَهِ فَرَاسِخَ أَرْبَعَهٌ وَعِشْرُونَ مِیلاً ، وَفِی الْمُغْرِبِ هُوَ جَبَلُ نفج.

وفِی الْخَبَرِ « لَا تَزُولُ مَکَّهُ حَتَّی یَزُولَ أَخْشَبَاهَا ».

هما جبلا مکه أبو قبیس ونور ، سمیا بذلک لصلابتهما. و « الأَخْشَبُ » الحبل الخشن الغلیظ ومنه یقال « رجل أَخْشَبُ » إذا کان صلب العظام عاری اللحم.

وَفَصْلَ الْخِطابِ ) [38 / 20 ] الخِطَابُ هو توجه الکلام نحو الغیر للإفهام ، وقد ینقل إلی الکلام الموجه. و « فصل الخِطَابِ » هو الفصل بین اثنین.

وَعَنِ الرِّضَا علیه السّلام قَالَ : قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام : أُوتِینَا ( فَصْلَ الْخِطابِ ) ، فَهَلْ فَصْلُ الْخِطَابِ إِلَّا مَعْرِفَهُ اللُّغَاتِ؟ ».

قوله : ( لا یَمْلِکُونَ مِنْهُ خِطاباً ) [ 78 / 37 ] الضمیر فی ( لا یَمْلِکُونَ ) لأهل السماوات والأرض ، أی لا یملکون أن یسألوا إلا فیما أذن لهم فیه ، کقوله : ( وَلا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضی ) و ( لا تَکَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ). قوله : ( فَما خَطْبُکُمْ ) [ 15 / 57 ] أی فما شأنکم الذی بعثتم له ، ومثله و ( ما خَطْبُکُما ) [ 28 / 23 ] و ( خَطْبُکُنَ ) [ 12 / 51 ]. والخَطْبُ : الأمر الذی یقع فیه المُخَاطَبَهُ والشأن والحال.

وَفِی الْحَدِیثِ : « خَطِیبُ وَفْدِ الْمُؤْمِنِینَ ».

خَطِیبُ القوم : کبیرهم الذی یُخَاطِبُ السلطان ویکلمه فی حوائجهم ، والوفد المراد به الجماعه. والْخَطْبُ والْمُخَاطَبَهُ والتَّخَاطُبُ : المراجعه فی الکلام ، ومنه الخُطْبَه ضما وکسرا ، لکن الخُطْبَه بالضم تختص بالموعظه والکلام المَخْطُوبُ به ، ولذا یعدی بنفسه فیقال : « خَطَبَنَا رسول الله صلی الله علیه و آله » أی وعظنا ، وبالکسر خِطْبَهُ النساء ، وهی من الرجل والِاخْتِطَابُ من المرأه ، یقال : « خَطَبَ المرأهَ إلی القوم » إذا تکلم أن یتزوج منهم ، فهو خَاطِبٌ. وخَطَّابٌ مبالغه. و « الخُطْبَهُ » بالضم فعله بمعنی مفعول کنسخه بمعنی منسوخ وغرفه من ماء بمعنی مغروف ، والجمع خُطَبٌ. وخَطُبَ بالضم خَطَابَهً بالفتح : صار خَطِیباً ، وکان یقال لشعیب « خَطِیبُ الأنبیاء » لحسن مراجعته قومه ، وکانوا أهل بخس للمکیال والمیزان.

وَفِی الْحَدِیثِ : « خَطَبَنَا ذَاتَ یَوْمٍ ». ضمَّن علیه السّلام خَطَبَنَا معنی وعظنا ، فعداه

ص: 51

تعدیته. و « الأَخْطَبُ » لازم بمعنی النطق بِالْخُطْبَهِ ، والیوم الذی أبهمه علیه السّلام فی قوله « ذات یوم » قد بینه فی بعض الروایات أنه کان آخر جمعه من شعبان. و « هذا خَطْبٌ یسیر « أی أمر یسیر ، والجمع » خُطُوبٌ ». و « هذا خَطْبٌ جلیل » أی أمر عظیم. وجل الْخَطْبُ : عظم الأمر والشأن. و « الخَطَّابِیَّهُ » طائفه منسوبه إلی الخَطَّابِ محمد بن وهب الأسدی الأجدع (1) وکانوا یدینون بشهاده الزور علی من خالفهم وخادعتهم لمخالفتهم له فی العقیده إذا حلف علی صدق دعواه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « سَأَلَهُ رَجُلٌ : أُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّی تَشْتَبِکَ النُّجُومُ؟ فَقَالَ : خَطَّابِیَّهٌ » (2).

أی سنه سنها أبو الخطاب محمد بن المقلاص المکنی بأبی زینب. وأم الخَطَّابِ : کانت أمه للزبیر بن عبد المطلب فسطی بها نفیل فأحبلها.

و « البرق الخُلَّبُ » بضم الخاء وتشدید اللام المفتوحه : الذی لا غیث فیه ، کأنه خادع ، ومنه دُعَاءُ الِاسْتِسْقَاءِ « اللهُمَّ سُقْیَا غَیْرَ خُلَّبٍ بَرْقُهَا ».

والْخُلَّبُ أیضا : السحاب یومض برقه حتی یرجی مطره ثم یَخْلُبُ وینقشع و « مِخْلَبُ الطائر » بکسر المیم وفتح اللام بمنزله الظفر للإنسان.

یُقَالَ : یَا مُؤْمِنُ یَا کَافِرٌ ».

و ( تُکَلِّمُهُمْ ) قیل ببطلان الأدیان.

وَعَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ انْتَهَی رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام وَهُوَ نَائِمٌ فِی الْمَسْجِدِ قَدْ جَمَعَ رَمْلاً وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَیْهِ ، فَحَرَّکَهُ بِرِجْلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ : « قُمْ یَا دَابَّهَ اللهِ « فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : أَیُسَمِّی بَعْضُنَا بَعْضاً بِهَذَا الِاسْمِ؟ فَقَالَ : لَا وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا لَهُ خَاصَّهً ، هُوَ الدَّابَّهُ الَّتِی ذَکَرَهَا اللهُ فِی کِتَابِهِ : ( وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَیْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّهً مِنَ الْأَرْضِ ) - الْآیَهَ. ثُمَّ قَالَ صلی الله علیه و آله : « إِذَا کَانَ آخِرُ الزَّمَانِ أَخْرَجَکَ اللهُ فِی أَحْسَنِ صُورَهٍ وَمَعَکَ مِیسَمٌ تَسِمُ بِهِ أَعْدَاءَکَ ».

قوله : ( وَاللهُ خَلَقَ کُلَ دَابَّهٍ مِنْ ماءٍ ) [ 24 / 45 ] أی خلق کل حیوان ممیزا کان أو غیر ممیز. قال فی المصباح : فأما تخصیص الفرس والبغل بِالدَّابَّهِ عند الإطلاق فعرف طار ، وتطلق الدابه علی الذکر والأنثی وکل ماش علی الأرض ، حتی الطیر لأنه یَدِبُ برجلیه فی بعض حالاته. وجمع الدَّابَّهِ « دَوَابُ » بفتح وتشدید إلا أنه غلب فیما یرکب ، وهو المعنی اللغوی الخاص. قوله : ( ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّهُ الْأَرْضِ تَأْکُلُ مِنْسَأَتَهُ ) [34 / 14 ] یرید الأرضه ، وهی التی تأکل الخشب.

وَفِی حَدِیثِ الْآبِقِ : « یُعَلَّقُ فِی رَقَبَهِ دَابَّهٍ ».

قد مر ذکره فی رأی. و « دَبَ الشیخ « من باب ضرب : مشی مشیا رویدا ، ومثله » دَبَ الصبی » ، وقولهم : « أکذب ممن دَبَ ودرج » أی الأحیاء والأموات. ودَبَ ذلک فی عروقه : سری. ودَبَ الجیش دَبِیباً : سار سیرا لینا ، ومنه « دَبِیبُ النمل ».

وَ « دَبَ إِلَیْکُمْ دَاءُ الْأُمَمِ الْمَاضِیَهِ » : (1).

یرید الحسد. و « الدَّبَّهُ » بفتح المهمله وتشدید الموحده : وعاء یوضع فیه الدهن ونحوه و « دَبَّهُ شبیب » اسم کتاب نوادر الحکمه لمحمد بن أحمد بن یحیی ، وشبیب رجل کان بقم له دَبَّهٌ ذات بیوت

ص: 55

یعطی منها ما یطلب من دهن ، فشبهوا هذا الکتاب بها. و « الدُّبُ » بضم المهمله وتشدید الموحده : حیوان خبیث یعد من السباع ، والأنثی » دُبَّهٌ » ، والجمع « دِبَبَهٌ » کعنبه. والدَّبْدَبَهُ : ضرب من الصوت.

القله « أَذِبَّهٌ » بکسر الذال ، والواحده » ذُبَابَهٌ » ، ولا تقل ذبانه ، وأصله من الذَّبِ وهو الطرد.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام فِی أَمْرِ الْخِلَافَهِ : « لَوْ کَانَ لِی نَحْواً مِنْ ثَلَاثِینَ رَجُلاً لَأَزَلْتُ ابْنَ آکِلَهِ الذِّبَّانَ ».

یعنی به الأول. قوله : ( مُذَبْذَبِینَ بَیْنَ ذلِکَ ) [ 4 / 143 ] أی مضطربین المضطرب الذی لا یبقی علی حال ، وهذا وصف المنافقین المترددین بین الطائفتین من المؤمنین والمشرکین تبعا لهواه ومیلا لما یتبعه من شهوات ، کالشاه الغائره المتردده بین الثلثین. یقال : « ذَبْذَبَهُ » أی ترکه حیرانا مترددا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « تَزَوَّجْ وَإِلَّا فَأَنْتَ مِنَ الْمُذَبَذَبِینَ ».

أی من المطرودین عن المؤمنین لأنک لم تعتد بهم ، وعن الرهبان لأنک ترکت طریقتهم. وفِیهِ « إِذَا أَتَی ذُبَاباً « قَصَّرَ.

و « ذُبَابٌ » جبل قرب المدینه علی نحو من برید (1). والذَّبْذَبُ : الذکر ، سمی بذلک لأنه یَتَذَبْذَبُ ، أی یتردد ویتحرک ، ومنه الْحَدِیثُ : « مَنْ وُقِیَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ دَخَلَ الْجَنَّهَ ».

والذَّبُ : المنع ، ومنه » ذَبَ عن حریمه ذَبّاً « من باب قتل : حمی ودفع.

وَفِی حَدِیثِ جَابِرٍ : « کَانَ عَلَیْهِ بُرْدَهٌ لَهَا ذَبَاذِبُ ».

أی أهداب وأطراف ، واحدها « ذِبْذِبٌ » بالکسر ، سمیت بذلک لأنها تتحرک علی لابسها إذا مشی. والْمُذَبَّبُ : العجل بالسیر ، ومنه « ذَبَبَ حتی دلکت أبراح »

ولسان ذَرِبٌ : أی فصیح ، ولسان ذَرِبٌ أیضا : فاحش ، وامرأه ذَرِبَهٌ ، أی بذیه.

إِنَّ هذا لَشَیْءٌ عُجابٌ. وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلی آلِهَتِکُمْ إِنَّ هذا لَشَیْءٌ یُرادُ. ما سَمِعْنا بِهذا فِی الْمِلَّهِ الْآخِرَهِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَی نَبِیِّهِ مَکَّهَ قَالَ : یَا مُحَمَّدُ ( إِنَّا فَتَحْنا لَکَ فَتْحاً مُبِیناً. لِیَغْفِرَ لَکَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِکَ وَما تَأَخَّرَ ) عِنْدَ مُشْرِکِی مَکَّهَ بِدُعَائِکَ إِلَی التَّوْحِیدِ فِیمَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ.

قوله : ( فَإِنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ ) [ 51 / 59 ] هو بفتح الذال کرسول ، أی نصیب من العذاب مثل نصیب أصحابهم ونظرائهم من القرون المهلکه. و « ذَنُوبٌ » فی الأصل : الدلو العظیم ، لا یقال لها ذَنُوبٌ إلا وفیها ماء ، وکانوا یستقون فیها لکل واحد ذَنُوبٌ ، فجعل الذَّنُوبُ النصیب. ومنه حَدِیثُ بَوْلِ الْأَعْرَابِیِّ فِی الْمَسْجِدِ : « ثُمَّ أَمَرَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُرِیقَ عَلَیْهِ ».

قوله : ( فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ) فسرت بالکبائر ( وَکَفِّرْ عَنَّا سَیِّئاتِنا ) [3 / 193 ] فسرت بالصغائر ، أی اجعلها مکفره عنا بتوفیقک لاجتناب الکبائر.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ یُذْنِبُونَ ».

قیل لم یرد هذا الحدیث مورد تسلیه المنهمکین فی الذُّنُوبِ وتهوین أمرها علی النفوس وقله الاحتفال منهم بمواقعتها علی ما یتوهمه أهل الغره بالله ، فإن الأنبیاء إنما بعثوا لیردعوا الناس عن الذُّنُوبِ واسترسال أنفسهم فیها ، بل ورد مورد البیان لعفو الله عن الْمُذْنِبِینَ وحسن التجاوز عنهم لیعظموا الرغبه فی التوبه والاستغفار ، والمعنی المراد من الحدیث : هو أن الله تعالی کما أحب أن یحسن إلی المحسن أحب أن یتجاوز عن المسیء. والذَّنْبُ : الإثم ، والجمع « ذُنُوبٌ » بضم الذال. وفِیهِ : « مَنْ طَافَ بِالْبَیْتِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ ، وَمَنْ وَقَفَ بِالْمَشْعَرِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ ».

ونحو ذلک ، ولعل الوجه فی تکرر ذکر الخروج من الذُّنُوبِ کما قیل تأکید البعد عنها والتنصل عن تبعاتها ، أو لأنه یحصل بأداء کل نسک من تلک

ص: 60

المناسک الخروج من نوع من أنواع الذُّنُوبِ ، فإنها تتنوع إلی مالیه وبدنیه إلی قولیه وفعلیه ، والفعلیه تختلف باختلاف الآلات التی تفعل بها إلی غیر ذلک ، فمنها ما یغیر النعم ، ومنها ما ینزل النقم ، ومنها ما یقطع الرجاء ، ومنها ما یدیل الأعداء ، ومنها ما یرد الدعاء ، ومنها ما یستحق بها نزول البلاء ، ومنها ما یحبس غیث السماء ، ومنها ما یکشف الغطاء ، ومنها ما یعجل الفناء ، ومنها ما یظلم الهواء ، ومنها ما یورث الندم ، ومنها ما تهتک العصم ، ومنها ما یدفع القسم - إلی غیر ذلک. وقد ذکرنا تفسیر الجمیع کلا فی بابه. واعلم

أَنَّ جَمِیعَ الذُّنُوبِ مُنْحَصِرَهٌ فِی أَرْبَعَهِ أَوْجُهٍ لَا خَامِسَ لَهَا : الْحِرْصِ ، وَالْحَسَدِ ، وَالشَّهْوَهِ ، وَالْغَضَبِ - هَکَذَا رُوِیَ عَنْهُمْ علیهم السّلام

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذُنُوباً لَا یُکَفِّرُهَا إِلَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَهَ ».

وهو یؤید ما ذکرناه من التوجیه ، ویمکن أن یقال أیضا أن کل واحد من تلک المناسک موجب للخروج من الذنوب ، علی معنی إذا لم تغفر کلها فی العمل الأول ففی الثانی وإذا لم تغفر فی الثانی ففی الثالث وهکذا.

وَفِی حَدِیثِ الْمُصَافَحَهِ : « لَمْ یَبْقَ بَیْنَهُمَا ذَنْبٌ ».

أی غل وشحناء - قاله فی المجمع. و « الذَّنَبُ » بالتحریک للفرس والطائر ، والجمع « الْأَذْنَابُ » کالأسباب. و « کُنْ ذَنَباً وَلَا تَکُنْ رَأْساً ».

کنی بالرأس عن العلو والرفعه وبِالذَّنَبِ عن التأخر عن ذلک ، والمعنی أن المتقدم محل الخطر والهلاک کالرأس الذی یخشی علیه القطع ، بخلاف المتأخر فإنه کَالذَّنَبِ. وذَنَبُ الناس وذَنَبَاتُهُم محرکه : أتباع الناس وسفلتهم ، کأنهم فی مقابل الرءوس وهم المتقدمون.

وذَابَ لی علیه من الحق کذا : وجب وثبت - قاله الجوهری.

أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام إِذَا أَرَادَ الْحَاجَهَ وَقَفَ عَلَی بَابِ الْمَذْهَبِ فَقَالَ ».

إلخ (1) أی باب الکنیف. ومنه « کان إذا أراد الغائط أبعد الْمَذْهَبَ ». و « الذَّهَبُ » معروف ، یؤنث فیقال هی الذَّهَبُ الحمراء ، ویقال إن التأنیث لغه أهل الحجاز وبها نزل القرآن ، وقد یؤنث بالهاء فیقال « ذَهَبَهٌ ». وقال الأزهری نقلا عنه : الذَّهَبُ مذکر ولا یجوز تأنیثه إلا أن یجعل جمعا لِذَهَبَهٍ ویجمع علی » أَذْهَابٍ » کسبب وأسباب و « ذَهَبَانِ » کرغفان ، والقطعه منه ذَهَبَهٌ. و « ذَهِبَ الرجُلُ » بالکسر : إذا رأی ذَهَباً فی المعدن فبرق بصره من عظمه فی عینیه. والذَّهَابُ : المرور ، یقال ذَهَبَ فلان ذَهَاباً وذُهُوباً ، وأَذْهَبَهُ غیره وذَهَبَ فلان مَذْهَباً حسنا

المراد مالکهما ومدبرهما. ویطلق الرَّبُ علی السید أیضا والْمُرَبِّی والمتمم والمنعم والصاحب ، ولا یطلق غیر مضاف إلا علی الله تعالی ، وقد یخفف. قوله : ( رَبِ الْعالَمِینَ ) [ 1 / 1 ] هو توحید له وتحمید وإقرار بأنه المالک لا غیر. قوله : ( أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَیْرٌ ) [ 12 /39 ] الآیه هی جمع « رَبٍ » أی یکون لکما أَرْبَابٌ شتی یستعبد کما هذا ویستعبد کما هذا خیر لکم أم رب واحد قاهر غالب لا یغالب ولا یشارک فی الرُّبُوبِیَّهِ؟. قوله : ( أَمَّا أَحَدُکُما فَیَسْقِی رَبَّهُ خَمْراً ) [ 12 / 41 ] أی سیده ، ولا یجوز استعماله بالألف واللام للمخلوق وربما جوزه بعضهم عوضا عن الإضافه. قوله : ( اذْکُرْنِی عِنْدَ رَبِّکَ ) [ 12 / 42 ] خاطبهم علی ما هو المتعارف عندهم علی ما کانوا یسمونه به ، ومثله قول موسی علیه السّلام للسامری ( وَانْظُرْ إِلی إِلهِکَ ) أی الذی اتخذته إلها. قوله ( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) [ 9 /31 ]

قَالَ علیه السّلام : أَمَا وَاللهِ مَا دَعَوْهُمْ إِلَی عِبَادَهِ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ دَعَوْهُمْ مَا أَجَابُوهُمْ ، وَلَکِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً وَحَرَّمُوا عَلَیْهِمْ حَلَالاً فَعَبَدُوهُمْ مِنْ حَیْثُ لَا یَشْعُرُونَ.

قوله : ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأی کَوْکَباً قالَ هذا رَبِّی ) [ 6 / 76 ] الآیه. قال الشیخ أبو علی : کان القوم یعبدون الأصنام والشمس والقمر والکواکب ، وأراد أن ینبههم علی خطائهم ویرشدهم ویبصرهم طریق النظر والاستدلال لیعرفوا أن شیئا منها لا یصح أن یکون إلها لوضوح دلاله الحدوث فیها. قال : ( هذا رَبِّی ) لینصف خصمه مع علمه بأنه مبطل فیحکی قوله کما هو غیر متعصب لمذهبه لیکون ذلک أدعی إلی الحق وأدفع للشغب ثم یبطله بعد الحجه بقوله : ( لا أُحِبُّ الْآفِلِینَ ). قوله : ( وَرَبائِبُکُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِکُمْ ) [ 4 / 23 ] یعنی بنات نسائکم

ص: 64

من غیرکم ، الواحده « رَبِیبَهٌ « لأن زوج الأم یُرَبِّیهَا غالبا فی حجره ، والمراد بالحجور البیوت. قوله : ( وَالرَّبَّانِیُّونَ ) [ 5 / 44 ] أی الکاملون العلم والعمل. قال أبو العباس أحمد بن یحیی : إنما قیل للفقهاء الرَّبَّانِیُّونَ لأنهم یَرُبُّونَ العلم ، أی یقومونه. وفی الکشاف : الرَّبَّانِیُ شدید التمسک بدین الله تعالی وطاعته. وفی القاموس الرَّبَّانِیُ : المتأله العارف بالله تعالی. وقال الطبرسی : الذی یُرَبِّی أمر الناس بتدبیره وإصلاحه. قوله : ( وَکَأَیِّنْ مِنْ نَبِیٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّیُّونَ کَثِیرٌ ) [3 / 146 ] الرِّبِّیُ بکسر الراء واحد الرِّبِّیِّینَ بالکسر أیضا ، وهم الألوف من الناس ، ویقال « رِبِّیُّونَ » نسبه إلی الرِّبَّهِ بمعنی الجماعه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِیٍ ».

قیل هو من کان علمه موهبیا وأمر الله بالأخذ عنه ، وقیل الراسخ فی العلم ، وقیل الذی یطلب بعلمه وجه الله ، وقیل هو شدید التمسک بدین الله ، قیل هو منسوب إلی الرَّبِّ بزیاده الألف والنون للمبالغه ، وقیل هو من الرَّبِ بمعنی التربیه کانوا یَرُبُّونَ المتعلمین بصغار العلوم قبل کبارها. ورَبُ الْأَرْبَابِ : هو رَبُ العالمین. ورَبُ الدار : صاحبها ومالکها.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِکَ مِنْ وَلَدٍ یَکُونُ عَلَیَ رَبّاً ».

أی متعلیا علی وقاهرا لی. والْمَرْبُوبُ : الْمُرَبَّی.

وَفِی حَدِیثِ الزَّکَاهِ : « لَیْسَ فِی الرُّبَّی شَیْءٌ ».

الرُّبَّی علی فعلی بالضم قیل هی الشاه التی تُرَبَّی فی البیت من الغنم لأجل اللبن ، وقیل هی الشاه القریبه العهد بالولاده ، وقیل هی الوالد ما بینها وبین خمسه عشر یوما ، وقیل ما بینها وبین عشرین ، وقیل شهرین ، وخصها بعضهم بالمعز وبعضهم بالضأن.

وَفِی الْکَافِی « الَّتِی تُرَبِّی اثْنَیْنِ ».

کذا قاله الصدوق (1). وجمع الرُّبَّی « رُبَابٌ » کغراب.

وَالرَّبَابُ بِنْتُ امریء الْقَیْسِ إِحْدَی

ص: 65

زَوْجَاتِ الْحُسَیْنِ علیه السّلام وَشَهِدَتْ مَعَهُ الطَّفَّ ، وَلَدَتْ مِنْهُ سَکِینَهَ ، وَلَمَّا رَجَعَتْ إِلَی الْمَدِینَهِ خَطَبَهَا أَشْرَافُ قُرَیْشٍ فَأَبَتْ وَقَالَتْ لَا یَکُونُ لِی حَمْؤٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وَبَقِیَتْ بَعْدَهُ لَمْ یُظِلَّهَا سَقْفٌ حَتَّی مَاتَتْ کَمَداً عَلَیْهِ.

و « رَبَابُ » من نساء أهل مکه من المشهورات بالزنا ، هی وساره وحنتمه أم عمر بن الخطاب وممن کن یغنین بهجاء رسول الله صلی الله علیه و آله . و « الرَّبَابُ » کسحاب : السحاب الأبیض. وفی الصحاح أنه السحاب الذی تراه کأنه دون السحاب وقد یکون أبیض وقد یکون أسود ، الواحد « رَبَابَهُ « کسحابه ، وقیل هی التی رکب بعضها بعضا ، ومنه دُعَاءُ الِاسْتِسْقَاءِ » رِیّاً یَغُصُّ بِالرِّیِ رَبَابُهُ ».

وَقَوْلُهُ علیه السّلام « بِمَاءٍ عُبَابٍ وَرَبَابٍ بِانْصِبَابٍ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « حَرَمُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله مِنَ الْمَدِینَهِ مِنْ رَبَابَ إِلَی وَاقِمٍ ».

رَبَابُ حد من حدود المدینه وکذا واقم (1) ومنه « حره واقم ». ورَبِیبُ الرجل : ابن امرأته من غیره بمعنی مَرْبُوبٍ ، ومنه الدُّعَاءُ « کَمَا کُنْتُ فِی الدُّنْیَا رَبِیبَ نِعَمِکَ ».

و « الرُّبُ » بالضم : دبس الرطب إذا طبخ. والْمُرَبَّیَاتُ : هی المعمولات بِالرُّبِ ، کالمعسل المعمول بالعسل ، ومنه « زنجبیل مُرَبَّی ». ورُبُ التوت ورُبُ التفاح ورُبُ الرمان کله من هذا القبیل ، ومِنْهُ « سَأَلْتُهُ عَنْ رُبِّ التُّوتِ وَرُبِ الرُّمَّانِ ».

وَفِی الدُّعَاءِ » أَعُوذُ بِکَ مِنْ فَقْرٍ مُرِبٍ وَمُلِبٍّ ».

أی ملازم غیر مفارق ، من أَرَبَ

ص: 66

بالمکان وألب به : إذا قام به ولزمه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « یَا عُقُولَ رَبَّاتِ الْحِجَالِ ».

أی صاحبات الحجال التی مفردها « حَجَلَه » بالتحریک ، وهو بیت تزین للعروس بالثیاب والستور ، والمعنی یا ناقصات العقول یعنی النساء ، لأن عقل المرأه نصف عقل الرجل. و « رُبَ » حرف خافض لا یقع إلا علی نکره یشدد ویخفف ، قیل هی کلمه تقلیل أو تکثیر أو لهما ، وقد تدخل علیه التاء فیقال « رُبَّتَ » وقد تدخل علیه الهاء فیقال » رُبَّهُ رجلا قد ضربت » فلما أضفته إلی الهاء وهی مجهوله نصبت رجلا علی التمیز ، وهذه الهاء علی لفظ واحد وإن ولیها المؤنث والاثنان والجمع ، فهی موحده علی کل حال ، وحکی الکوفیون رُبَّهُ رجلا قد رأیته ورُبَّهُمَا رجلین ، ورُبَّهُمْ رجالا ، ورُبَّهُنَ نساء. فمن وحد قال إنه کنایه عن مجهول ، ومن لم یوحد قال إنه رد کلامه ، کأنه قیل له ما لک جوار فقال رُبَّهُنَ جوارٍ قد ملکت. قال ابن السراج : النحویون کالمجمعین علی أن رُبَ جواب - انتهی.

و « رَجَبْتُهُ » بالکسر : هبته وعظمته ، ومنه سمی الشهر « رَجَباً « لأنهم کانوا فی الجاهلیه یعظمونه ولا یستحلون فیه القتال والتَّرْجِیبُ : التعظیم ، ومنه » فلان الْمُرَجَّبُ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « رَجَبٌ نَهَرٌ فِی الْجَنَّهِ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ ».

وفی المصباح : رَجَبٌ من الشهور منصرف ، وله جموع أَرْجَابٌ وأَرْجِبَهٌ وأَرْجُبُ مثل أَسْبَابٍ وأرغفه وأفلس. و « رِجَابٌ » مثل رجال و « رُجُوبٌ » مثل فلوس و « أَرَاجِبُ » و « أَرَاجِیبُ ». وتَرْجِیبُ النخله : ضم أغداقها إلی سعفاتها وشدها بالخوص لئلا ینفضها الریح ، أو وضع الشوک حولها لئلا یصل إلیها آکل.

رَحْبَ الذِّراع » أی واسع القدره والقوه والبطش.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا یَغُرَّنَّکُمْ رَحْبُ الذِّرَاعَیْنِ بِالدَّمِ فَإِنَّ لَهُ قَاتِلاً لَا یَمُوتُ ».

یعنی النار. ومِنْ صِفَاتِهِ صلی الله علیه و آله : « رَحْبُ الرَّاحَهِ » (1).

ومعناه واسع الراحه کبیرها والعرب تمدح کبیر الید وتهجو صغیرها فیقولون » رَحْبُ الراحه کثیر العطاء » کما یقولون « ضیق الباع » فی الذم. وأَرْحَبَ الله جوفه : وَسَّعه. و « رَحْبَهُ المسجد » بالفتح : الساحه المنبسطه ، قیل هی مثل کلبه ، وجمعها » رَحَبَاتٌ » ککلبات ، وقیل مثل قصبه وقصبات وقصب ، وهو أکثر. والرَّحَبَهُ : محله بالکوفه (2).

الْمَرَازِبَهُ من الفرس معرب ، وهو الرئیس. ومنه الْحَدِیثُ : « أَتَیْتُ الْحِیرَهَ فَرَأَیْتُهُمْ یَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ ».

وهو الفارس الشجاع المقدم علی القوم دون الملک ومنه » سَأَلَ الْمَرْزُبَانُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام ».

ورُوْزبِه اسم سلمان الفارسی.

من باب نفع : خفت ، ویتعدی بنفسه وبالهمزه ، فیقال « رَعَبْتُهُ وأَرْعَبْتُهُ » ، والاسم « الرُّعْبُ » بالضم ، وتضم العین للإتباع. ومنه الْحَدِیثُ : « نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِیرَهَ شَهْرٍ ».

ومعناه أوقع الله الخوف فی أعلی الجبل فخافوه من مسیره شهر. قوله : ( وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ) [ 18 / 18 ] أی خوفا. قیل إنما قیل ذلک من وحشه المکان الذی هم فیه ، وقیل لأن أعینهم کانت مفتحه کالمستیقظ الذی یرید أن یتکلم وهم نیام ، وقیل إن الله متعهم بالرُّعْبِ لئلا یراهم أحد.

وَفِی الْحَدِیثِ : « اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الرَّاعِبِیَّهَ[ فِی بُیُوتِکُمْ ] فَإِنَّهَا تَلْعَنُ قَتَلَهَ الْحُسَیْنِ » (1).

الرَّاعِبِیُ : جنس من الحمام ، والأنثی رَاعِبِیَّهٌ (2) ورَعَبَتِ الحمامهُ : رفعت هدیلها وشددته.

الروایه - أن تستقبل ببطن کفیک إلی السماء وتستقبل بها وجهک (1). و « صلاه الرَّغَائِبِ » أی ما یُرْغَبُ فیها من الثواب العظیم ، وهی التی تصلی فی أول جمعه من رَجَبٍ ، جمع « رَغِیبَهٍ ». وقوله : « ما لی رَغْبَهٌ عن دینکما » أی أکرهه بل أدخل فیه.

عَمَلَهُ ».

أی من خاف الله. ورَقَبْتُهُ أَرْقُبُهُ من باب قتل : حفظته ، فأنا رَقِیبٌ. وتَرَقَّبْتُهُ وارْتَقَبْتُهُ : انتظرته ، والجمع الرُّقَبَاءُ. و « الْمَرْقَبُ » کجعفر : المکان المشرف یقع علیه الرَّقِیبُ. والرَّقِیبُ تعالی : الحافظ الذی لا یغیب عنه شیء. والرَّقِیبُ هو أحد القداح العشره من المیسر مما لها أنصباء. ورَقِیبُ النجم : الذی یغیب بطلوعه. و « ارْقُبُوا مُحَمَّداً فِی أَهْلِ بَیْتِهِ « أی احفظوه فیهم وراعوه واحترموه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الدِّینِ قِلَّهُ الْمُرَاقَبَهِ لِلنِّسَاءِ ».

أی قله النظر إلیهن. وقد تکرر ذکر « الرَّقَبَهِ » وهی فی الأصل العنق ، فجعلت کنایه عن ذات الإنسان ، تسمیه للشیء باسم بعضه ، فإذا قال : « أَعْتِقْ رَقَبَهً « فکأنه قال أعتق عبدا أو أمه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « احْفَظْ لِسَانَکَ تَسْلَمْ وَلَا تَحْمِلِ النَّاسَ عَلَی رِقَابِنَا ».

کأنه یعنی القتل وما یقرب منه مما فیه الضرر. وفِیهِ : « کَأَنَّمَا أَعْتَقَ کَذَا رَقَبَهً مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ ».

ومعنی عتقهم إنقاذهم من الذبح ، ویتم الکلام فی « ولد » إن شاء الله. ورَقَبَهُ العبدی من رواه الحدیث.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الرُّقْبَی لِمَنْ أَرْقَبَهَا ».

ومعناه أن یقول الرجل للرجل : قد وهبت لک هذه الدار فإن مت قبلی رجعت إلی وإن مت قبلک فهی لک ، وهو فعلی من الْمُرَاقَبَهِ ، لأن کل واحد یَرْقُبُ موت صاحبه. قال بعض الأفاضل : وذهب بعض العلماء إلی أن الرُّقْبَی لیست بتملیک ، لأن الملک لا یجوز تعلیقه بحال الحیاه

جمع رَاکِبٍ ، ومنه « سارت به الرُّکْبَانُ ». قوله : ( فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ خَیْلٍ وَلا رِکابٍ ) [ 59 / 6 ] هی بالکسر : الإبل التی تحمل القوم ، واحدها راحله ولا واحد لها من لفظها ، والجمع « رُکُبٌ » ککتب و « رَکَائِبُ ». قوله : ( وَالرَّکْبُ أَسْفَلَ مِنْکُمْ ) [ 8 / 42 ] هو جمع رَاکِبٍ کصاحب وصحب ، وهم العشره فما فوقها من أصحاب الإبل والبقر دون الدواب. قوله : ( فِی أَیِّ صُورَهٍ ما شاءَ رَکَّبَکَ ) [ 82 / 8 ] المعنی أن الله سبحانه یقدر علی جعلک کیف شاء لکنه خلقک ( فِی أَحْسَنِ تَقْوِیمٍ ) حتی صرت علی صورتک التی أنت علیها لا یشبهک شیء من الحیوانات ، وقیل علی ( أَیِّ صُورَهٍ ما شاءَ رَکَّبَکَ ) من ذکر أو أنثی جسیم أو نحیف حسن أو ذمیم طویل أو قصیر. قوله : ( حَبًّا مُتَراکِباً ) [ 6 / 99 ] أراد به السنبل.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَسْجِدُ السَّهْلَهِ فِیهِ مُنَاخُ الرَّاکِبِ. قِیلَ : وَمَا الرَّاکِبُ؟ فَقَالَ : الْخَضِرُ علیه السّلام » (1).

ورِکَابٌ السرج : هو ما توضع رجل الرَّاکِبِ فیه ، ومِنْهُ « إِذَا وَضَعْتَ رِجْلَکَ فِی الرِّکَابِ فَقُلْ ».

ورَکِبْتُ الدابه ورَکِبْتُ علیها رُکُوباً ومَرْکَباً ثم استعیر للدین فقیل رَکِبْتُ الدین وأَرْکَبَنِی. ورَکِبَ الشخص رأسه : إذا مشی علی وجهه من غیر قصد. ومنه « رَاکِبُ التعاسیف » وهو الذی لیس له مقصد معلوم.

وَفِی خَبَرِ الْمُشْرِکِینَ : « إِنْ کُنْتُمْ أَثْخَنْتُمْ فِی الْقَوْلِ وَإِلَّا فَارْکَبُوا أَکْتَافَهُمْ ».

یعنی شدوا أوثاقهم. و « الرَّکَائِبُ » جمع رَکُوبَهٍ ، وهو ما یُرْکَبُ علیه من الإبل کالحموله وهی ما یحمل علیه منها. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السّلام : « وَکَانَ عِنْدَ رَکَائِبِهِ یُلْقِمُهَا خَبَطاً ».

وارْتِکَابُ الذنوب : إتیانها. والرَّکُوبَهُ : الناقه تُرْکَبُ ، ثم

ص: 74

استعمل فی کل مَرْکُوبٍ. و « الرِّکْبَهُ « بالکسر : نوع من الرُّکُوبِ ، وبالضم : موصل ما بین أطراف الفخذ والساق ، والجمع » رُکَبٌ » مثل غرفه وغرف ، وهی من الإنسان فی الرجلین ومن ذوات الأربع فی الیدین. و « الرَّکَبُ » بالتحریک : منبت العانه ، فعن الخلیل هو للمرأه خاصه ، وعن الفراء هو للرجل والمرأه. ومنه « لَیْسَ عَلَی رَکَبِهَا شَعْرٌ ».

و « الْمَرْکَبُ » واحد مَرَاکِبِ البحر والبر. ویوم الْمَرْکَبِ : یَرْکَبُ الخلیفه فیه للسیر والزینه مع عسکره. ومِنْهُ « أَقْبَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السّلام مِنْ دَارِ الْعَامَّهِ یَوْمَ الْمَرْکَبِ ».

و « الْمُرَکَّبُ » بتشدید الکاف : هو الملتئم من عده أمور بحیث لو ذهب جزء منها لذهبت ماهیته وحقیقته.

الله لا یحل نکثه ، مدحهم علیها ابتداءا ثم ذمهم علی ترک شرطها بقوله : ( فَما رَعَوْها حَقَّ رِعایَتِها ) لأن کفرهم بمحمد أحبطها.

وَفِی الْحَدِیثِ فِی قَوْلِهِ : ( ما کَتَبْناها ) الْآیَهَ قَالَ : صَلَاهُ اللَّیْلِ (1).

وَفِی الْخَبَرِ : « لَا رَهْبَانِیَّهَ فِی الْإِسْلَامِ ».

أی لا تَرَهُّبَ. وفِیهِ : « هِیَ مِنْ رَهْبَهِ النَّصَارَی ».

کانوا یَتَرَهَّبُونَ بالتخلی من اشتغال الدنیا وترک ملاذها والزهد فیها حتی إن منهم من کان یخفی نفسه ویضع السلسله فی عنقه ویلبس المسوخ ویترک اللحم ونحو ذلک من أنواع التعذیب ، فلما جاء الإسلام نهی عن ذلک. وفِی الْحَدِیثِ : « إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَتَرَهَّبَ؟ فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ وَأَنَ تَرَهُّبَ أُمَّتِی الْقُعُودُ فِی الْمَسَاجِدِ ».

وأصل التَّرَهُّبِ هنا اعتزال النساء وغیرهن ، وأصلها من الرَّهْبَهِ ، وهی الخوف ، یقال : « رَهِبَ رَهَباً « من باب تَعِبَ : خاف ، والاسم « الرَّهْبَهُ » ، وهو رَاهِبٌ من الله والله مَرْهُوبٌ ، وجمع الرَّاهِبِ « رُهْبَانٌ » ، وجمع الرُّهْبَانِ رَهَابِینُ ورَهَابِنَهٌ والرَّهْبَنَهُ فعلنه أو فعلله ، والرَّهْبَانِیَّهُ منسوب إلی الرَّهْبَنَهِ. وفِی الْحَدِیثِ : « أَعْطَی اللهُ مُحَمَّداً الْفِطْرَهَ الْحَنِیفِیَّهَ لَا رَهْبَانِیَّهً وَلَا سِیَاحَهً ».

وفِیهِ « الرَّهْبَهُ مِنَ اللهِ ».

وضدها الجرأه علی معاصی الله تعالی. والرَّهْبَهُ فی الدعاء : أن تجعل ظهر کفیک إلی السماء وتَرْفَعَهُمَا إلی الوجه (2).

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِ الْمُؤْمِنِینَ : « رُهْبَانِ اللَّیْلِ أُسْدِ النَّهَارِ ».

أی متعبدون باللیل من خوف الله تعالی ، شجعان فی النهار بمجاهده النفس والشیطان.

قوله : ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) أی شککتم فلا تدرون لکبر ارتفع الحیض أم لعارض ( فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَهُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِی لَمْ یَحِضْنَ ) أی لم یبلغن المحیض من الصغار ( إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَهُ أَشْهُرٍ ) أیضا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَا زَادَ عَلَی شَهْرٍ فَهُوَ رَیْبٌ فَلْتَعْتَدَّ بِثَلَاثَهِ أَشْهُرٍ ».

قوله : ( مِمَّا تَدْعُونا إِلَیْهِ مُرِیبٍ ) [ 11 / 62 ] أی موقع فی الرَّیْبَهِ ، أو ذو رَیْبَهٍ علی الإسناد المجازی. قوله : ( إِنَّهُمْ کانُوا فِی شَکٍ مُرِیبٍ ) [34 / 54 ] أی شکیک ، کما قالوا عجب عجیب. قوله : ( ذلِکَ الْکِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ ) [ 2 / 2 ] الرَّیْبُ مصدر رَابَهُ یَرُوبُهُ : إذا حصل فیه الرَّیْبَهُ ، وحقیقه الرَّیْبَهِ قلق النفس واضطرابها ، والمعنی أنه من وضوح دلالته بحیث لا ینبغی أن یَرْتَابَ فیه ، إذ لا مجال لِلرَّیْبَهِ فیه. والمشهور الوقف علی ( فِیهِ ) ، وبعض القراء یقف علی ( رَیْبَ ) قاله الطبرسی رحمه الله.

وَفِی الْحَدِیثِ الْمَشْهُورِ : « دَعْ مَا یُرِیبُکَ إِلَی مَا لَا یُرِیبُکَ ».

یروی بفتح الیاء وضمها ، والفتح أکثر ، والمعنی اترک ما فیه شک ورَیْبٌ إلی ما لا شک فیه ولا رَیْبَ ، من قولهم : « دع ذاک إلی ذاک » أی استبدل به. و « الرِّیبَهُ « بالکسر : الاسم من الرَّیْبِ ، وهی التهمه والظنه.

وَفِی حَدِیثِ فَاطِمَهَ علیها السّلام : « یُرِیبُنِی مَا أَرَابَهَا ».

أی یسؤنی ما یسؤها ویزعجنی ما یزعجها ، من قولهم « رَابَنِی هذا الأمر وأَرَابَنِی » إذا رأیت منه ما یکره. ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام : « کَیْ لَا تَسْتَرِیبَ مَوْلَاتُکِ ».

أی کی لا تری منک ما تکره فتبطش بک.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا تُقْبَلُ شَهَادَهُ الْمُرِیبِ ».

أی المتهم بالسوء. وفِیهِ « خُذُوا عَلَی یَدِ الْمُرِیبِ ».

أی المتهم بالسوء ولم یتحقق منه حصوله ، أی أعینوه وارفعوا عنه تلک التهمه ، مثل « یا رب خذ بیدی » أی أعنی وقونی. وفیه ذکر الْمُسْتَرَابَهِ ، وهی التی لا

ص: 77

تحیض وهی فی سن من تحیض ، سمیت بذلک لحصول الرَّیْبِ والشک بالنسبه إلیها باعتبار توهم الحمل أو غیره.

الْأَشْیَاءَ إِلَّا بِالْأَسْبَابِ ، فَجَعَلَ لِکُلِّ شَیْءٍ سَبَباً وَجَعَلَ لِکُلِ سَبَبٍ شَرْحاً وَجَعَلَ لِکُلِّ شَرْحٍ عِلْماً وَجَعَلَ لِکُلِّ عِلْمٍ بَاباً نَاطِقاً » (1).

قیل فی تفسیره : الشیء دخول الجنه ، والسَّبَبُ الطاعه ، والشرح الشریعه ، والعلم رسول الله صلی الله علیه و آله ، والباب أئمه الهدی علیهم السّلام .

وَفِی حَدِیثِ الْوَلَدِ مَعَ وَالِدِهِ « وَلَا تَسْتَسِبَ لَهُ ».

أی لا تعرضه لِلسَّبِ وتجبره إلیه ، بأن تَسُبَ أبا غیرک فَیَسُبَ أباک مجازاه لک. والسَّبُ الشتم ، ومثله « السِّبَابُ » بالکسر وخفه الموحده. ومِنْهُ « سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ کُفْرٌ ».

أی شتمه وقطیعته فسوق واستحلال مقاتلته وحربه کفر ، أو محمول علی التغلیظ لا الحقیقه. ومنه حَدِیثُ مُعَاوِیَهَ لِرَجُلٍ : « مَا مَنَعَکَ أَنْ تَسُبَ أَبَا تُرَابٍ؟ » یَعْنِی عَلِیّاً علیه السلام

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام فِی مَرْوَانَ بْنِ الْحَکَمِ : « لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ لَغَدَرَ بِسَبَّتِهِ ».

السَّبَّهُ : الإست ، وذکرها تفظیعا له وطعنا علیه ، والمعنی أنه منافق. وامرأه سَبَّتْ جاریتها : شتمتها. والتَّسَابُ : التشاتم. وسَبَّهُ یَسُبُّهُ : قطعه والتَّسَابَ : التقاطع. و « رجل مِسَبٌ » بکسر المیم : کثیر السِّبَابُ.

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله : « کُلُ سَبَبٍ وَنَسَبٍ یَنْقَطِعُ إِلَّا سَبَبِی وَنَسَبِی ».

فسر النسب بالولاده والسَّبَبُ بالزوج ، وأصله من السَّبَبُ الحبل الذی یتوصل به إلی الماء.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْمِیرَاثُ مِنْ جِهَهِ السَّبَبِ ».

کالزوجیه مثلا یعنی « لا من جهه الولاء ». والسَّبَّابَهُ : الإصبع التی تلی الإبهام ، مأخوذه من السَّبِ لأنها یشار بها عند السَّبِ.

وَمِنْهُ حَدِیثُ الْجَمْرَهِ : « ادْفَعْهَا بِسَبَّابَتِکَ ».

والسَّبَبُ : المفازه.

وَالسَّبِیبَهُ : اسْمُ الدِّرَّهِ الَّتِی کَانَتْ مَعَ عَلِیٍّ علیه السّلام .

ص: 80

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « کَانَ مَعَهُ دِرَّهٌ لَهَا سَبَّابَتَانِ ». أی طرفان.

« سرب فی الأرض سُرُوباً « من باب قعد : إذا برز وذهب علی وجه الأرض. ویقال « سَارِبٌ سالک فی سَرْبِهِ » أی طریقه ومذهبه. قوله : ( فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً ) [ 18 / 61 ] هو بالتحریک ، أی مسلکا ومذهبا فی خفیه یَسْرُبُ فیه. وفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ أَصْبَحَ مُعَافاً فِی بَدَنِهِ مُخَلًّی فِی سَرَبِهِ ».

أی فی نفسه. و « السَّرْبُ » بفتح السین وسکون الراء : الطریق ، وفی القاموس هو بالفتح والکسر معا ، وجمع السَّرْبِ « أَسْرَابٌ » کحمل وأحمال. و « فلان واسع السَّرْبِ » أی رخی البال. و « السُّرْبَهِ « بالضم : القطیع من الظباء والقطار والخیل ، وقیل هی من الخیل ما بین العشرین إلی الثلاثین ، ومن النساء علی التشبیه بالظباء ، یقال « کأنهم سِرْبُ ظِبَاءٍ » بالکسر ، ویقال » السُّرْبَهُ « الطائفه من السُّرَبِ کغرفه وغرف. وفِی وَصْفِهِ علیه السّلام : « سُرْبَتُهُ سَائِلَهٌ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَی لَبَّتِهِ ».

السُّرْبَهُ بالضم : ما رق من الشعر وسط الصدر إلی البطن إلی السره ، کَالْمَسْرُبَهِ بفتح المیم وضم الراء. و « الْأُسْرُبُ » بضم الهمزه وتشدید الباء الموحده : الرصاص ، ومنه الْحَدِیثُ : « الْأُسْرُبُ یُشْتَرَی بِالْفِضَّهِ ».

إن الیاقوت الأحمر موجود فی هذا الجبل تحدره السیول والأمطار من ذروته إلی الحضیض ، ویوجد به ألماس أیضا ، وبه یوجد العود (1)

القوم « أی علی طریق من طرقهم. والِاسْتِلَابُ : الاختلاس.

علی وجهه. وانْسَابَ الماء : جری بنفسه.

وَفِی دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ : « وَاجْعَلْهُ سَیْباً نَافِعاً ».

أی مطرا سَائِباً ، أی جاریا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لِکُلِّ مُؤْمِنٍ حَافِظٌ وَسَائِبٌ ».

الحافظ من الولایه ، والَسَّائِبُ هو بشاره من محمد صلی الله علیه و آله یبشر بها المؤمن أین ما کان وحیث ما کان.

فی الحدیث ذکر الْمِشْجَبَ ، هو بکسر المیم خشبات تضم رءوسها وتفرج قوائمها یلقی علیها الثیاب وتعلق علیها الأسقیه لتبرید الماء ، وهو من « تشاجب الأمر » إذا اختلط. ومنه حَدِیثُ جَابِرٍ : « وَثَوْبُهُ عَلَی الْمِشْجَبِ ».

وشَجِبَ کتعب یَشْجَبُ. إذا حزن أو هلک. وشَجَبَ یَشْجُبُ بالضم فهو شَاجِبٌ : أی هالک. وشَجَبَهُ الله : أهلکه. وشَجَبَهُ أیضا : شغله.

وَفِی الْخَبَرِ : « الْمَجَالِسُ ثَلَاثَهَ : سَالِمٌ ، وَغَانِمٌ ، وَشَاجِبٌ ».

بالجیم أی هالک. والمعنی إما سالم من الإثم أو غانم بالأجر أو هالک بالإثم والشَّاجِبُ : الناطق بالخناء المعین علی الظلم.

الْمُشَذَّبِ » (1).

بضم میم وشین وذال معجمتین : الطویل ، وأصله من النخله الطویله التی شُذِّبَ عنها جریدها ، أی قطع. ومثله الفرس الْمُشَذَّبُ. و « الشَّذَبُ » بالتحریک ما یقطع من أغصان الشجره المتفرقه. وقیل « الشَّذَبُ » الشوک والقشر. والشَّاذِبُ : المتنحی عن وطنه. ورجل شَذِبُ العروق أی ظاهر العروق.

الفم ، والجمع « شَوَارِبُ ». وقد تکرر فی الحدیث. والشَّرْبَهُ من الماء : ما یُشْرَبُ به ، والمره الواحده من الشُّرْبِ ، ورجل أکله کهمزه کثیر الأکل والشرب. وفلان یَشْرَبُ الخمر : أی یُکثر شُرْبَهَا ، فإن أصل الشُّرْبِ کل حین.

وَفِی الْحَدِیثِ : « نُهِیَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً » (1).

قیل هو للتنزیه لأن أعضاء القائم لیست مطمئنه ساکنه ، فربما انحرف الماء عن موضعه المعلوم من المعده فیؤذی. وما رُوِیَ مِنْ أَنَّهُ علیه السّلام شَرِبَ مَاءَ زَمْزَمَ قَائِماً.

فلبیان الجواز ، أو لأنه لم یجد للقعود موضعا للازدحام أو ابتلال المکان - انتهی. وحاصله الحکم بکراهه الشرب قائما مطلقا للعله المذکوره ، وحمل ما ینافیه علی بیان الجواز والضروره وفیه بحث فإن التأویل المذکور بعید فیما رُوِیَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام کَانَ یَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ قَائِمٌ (2) ، وَأَنَّهُ علیه السّلام تَوَضَّأَ ثُمَ شَرِبَ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ قَائِماً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السّلام وَقَالَ : یَا بُنَیَّ إِنِّی رَأَیْتُ جَدَّکَ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله صَنَعَ هَکَذَا (3).

وما رُوِیَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ قَالَ : کُنْتُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السّلام أَنَا وَأَبِی فَأُتِیَ بِقَدَحٍ مِنْ خَزَفٍ فِیهِ مَاءٌ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ ، [ ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبِی فَشَرِبَ مِنْهُ وَهُوَ قَائِمٌ ] ثُمَّ نَاوَلَنِیهِ فَشَرِبْتُ مِنْهُ وَأَنَا قَائِمٌ (4).

والتعلیل منقوض بما رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ : « الشُّرْبُ قَائِماً أَقْوَی لَکَ وَأَصَحُّ » (5).

ولعل الوجه فی الجمع تقیید النهی المطلق بعد جعله للتنزیه بما إذا کان الشرب فی اللیل ، وتقیید

قَوْلُهُ : « الشُّرْبُ قَائِماً أَقْوَی لَکَ وَأَصَحُّ ».

بما إذا کان الشرب فی النهار ، یدل علی هذا التفصیل ما رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام

ص: 88

قَالَ : شُرْبُ الْمَاءِ مِنْ قِیَامٍ بِاللَّیْلِ یُورِثُ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ » (1).

وفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله : « أَبْیَضَ مُشْرَبَ حُمْرَهً ».

بالتخفیف ، وإذا شددت فللتکثیر والمبالغه. و « الْمَشْرَبَهُ » بفتح المیم وفتح الراء وضمها : الغرفه. ومنه « مَشْرَبَهُ أم إبراهیم علیه السّلام » ، وإنما سمیت بذلک لأن إبراهیم بن النبی صلی الله علیه و آله ولدته أمه فیها وتعلقت حین ضربها المخاض بخشبه من خشب تلک الْمَشْرَبَهِ ، وقد ذرعت من القبله إلی الشمال أحد عشر ذراعا. والْإِشْرَابُ : خلط لون بلون کأن أحد اللونین سقی اللون الآخر.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا تَحْمِلِ النَّاسَ عَلَی کَاهِلِکَ فَیَصْدَعَ شُعَبَ کَاهِلِکَ ».

هو بالتحریک : ما بین المنکبین. وفِیهِ : « مَاتَتْ خَدِیجَهُ حِینَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله مِنَ الشِّعْبِ ».

هو بالکسر الطریق فی الجبل ، والجمع « شِعَابٌ » ککتاب. و « شِعْبُ أبی طالب » (1) بمکه مکان مولد النبی صلی الله علیه و آله . و « شِعْبُ الدب » (2) أیضا بمکه وأنت خارج إلی منی. و « الْمَشْعَبُ » کمذهب : الطریق. ومنه قول الکمیت :

وما لی إلا آل أحمد شیعه

وما لی إلا مَشْعَبُ الحق مَشْعَبٌ

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْحَیَاءُ شُعْبَهٌ مِنَ الْإِیمَانِ ».

الشُّعْبَهُ طائفه من کل شیء والقطعه منه ، وقد بینا معنی الحدیث فیما تقدم (3). ومثله « الشَّبَابُ شُعْبَهٌ مِنَ الْجُنُونِ ».

و « شُعْبَهُ « اسم رجل من رواه الحدیث (4). والشُّعْبَهُ من الشجره : الغصن المتفرع منها ، والجمع « شُعَبٌ » مثل غرفه وغرف. وشُعَبُ الشرک : أنواعه المتفرقه. وشَعَّبْتُ الشیء : جمعته وفرقته ، وهو من الأضداد عند بعض. وشَعَبْتُ الشیء - من باب نفع - صدعته وأصلحته.

وَفِی الدُّعَاءِ : « وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنَا ».

أی أصلح به ما تَشْعَبُ منا. ومثله « وتَشْعَبُ به الصدع ». وانْشَعَبَتْ أغصان الشجره : تفرقت وسوط له شُعْبَتَانِ : أی طرفان. و « شَعْبَانُ » من الشهور غیر منصرف

ص: 90

و « شَعُوبٌ » کرسول : اسم المنیه. و « الشَّعْبِیُ » أحد علماء العامه ، ولد زمن عمر وکان یصحب عبد الملک بن مروان ، وله فی حضرته مع لیلی الأخیلیه ظرافه.

وَرُوِیَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : أَدْرَکْتُ خَمْسَمِائَهٍ مِنَ الصَّحَابَهِ وَمَا حُدِّثْتُ بِحَدِیثٍ إِلَّا حَفِظْتُهُ ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ کَابْنِ عَبَّاسٍ فِی زَمَانِهِ (1).

والشُّعُوبِیَّهُ : فرقه لا تفضل العرب علی العجم.

القول لتکون کفاره لذلک. و « الشَّائِبَهُ » واحده الشَّوَائِبِ ، وهی الأدناس والأقذار. وفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله : « غَیْرُ مَشُوبٍ حَسَبُهُ ».

أی غیر مخلوط ولا مدنس. قال فی القاموس : ما له شَوْبٌ ولا روب : مرق ولبن وقطعه من العجین ، وما شُبْتَهُ من ماء أو لبن والعسل. واشْتَابَ وانْشَابَ : اختلط. و « الْمُشَاوَبُ » بالضم وفتح الواو : غلاف القاروره ، وبکسرها وفتح المیم جمعه. والشَّوْبَهُ : الخدیعه. وشَابَ عنه وشَوْبٌ : دافع ونضح عنه فلم یبالغ. وشَابَهُ : جبل بمکه أو بنجد (1). وشَیْبَانُ : قبیله. و « باتت بلیله شَیْبَاءَ » بالإضافه. وبلیله الشَّیْبَاءِ : إذا غلبت علی نفسها لیله هدائها. والشَّوَائِبُ : الأقذار والأدناس.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « أَمْسَکْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله الشَّهْبَاءَ ».

وهی اسم بغله کانت لرسول الله صلی الله علیه و آله ، أخذا من الشُّهْبَهِ فی الألوان ، وهو البیاض الذی غلب علی السواد. ومنه « غره شَهْبَاءُ ». قال فی القاموس : « الشَّهَبُ « محرکه بیاض یصدعه سواد ، کَالشُّهْبَهِ بالضم ، وقد شَهُبَ ککرم وسمع وأَشْهَبَ ، وهو أَشْهَبُ وشَاهِبٌ. وسنه شَهْبَاءُ : لا خضره فیها ، أو لا مطر. و « الشِّهَابُ » بالفتح : اللبن الذی ثلثاه ماء ، کَالشُّهَابَهِ بالضم ، وککتاب : شعله من نار ساطعه ، والماضی فی الأمر والجمع شُهُبٌ وشُهْبَانٌ بالضم وبالکسر وأَشْهَبُ. ویوم أَشْهَبُ : بارد. و « الشُّهُبُ » ککتب : الدراری ، وثلاث لیال من الشهر ، وبالفتح الجبل : علاه الثلج ، وبالضم موضع. والْأَشْهَبُ : الأسد ، والأمر الصعب ، واسم ، ومن العنبره : الضارب إلی البیاض. والْأَشْهَبَان : عامان أبیضان ما بینهما خضره. والشَّهْبَاءُ من المعز کالملحاء من الضأن. ومن الکتائب : العظیمه الکثیره السلاح ، وفرس للقتال البجلی. و « الْأَشَاهِبُ » بنو المنذر لجمالها. و « الشَّهَبَانُ » محرکه : شجر کالثمام. والشَّوْهَبُ کالقنفذ. و « شَهَبَهُ الحر والبرد » کمنعه : لوحه وغبر لونه ، کَشَهَّبَهُ. وأَشْهَبَ الفحل : ولد له الشُّهْبُ ، والسَّنَهُ القومَ جردت أموالهم. وقال فی النهایه

فِی حَدِیثِ الْعَبَّاسِ : قَالَ یَوْمَ الْفَتْحِ لِأَهْلِ مَکَّهَ : أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا فَقَدِ اسْتَبْطَنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَازِلِ.

أی رمیتم بأمر صعب شدید لا طاقه لکم به ، یقال یوم أَشْهَبُ وسنه شَهْبَاءُ وجیش أَشْهَبُ : أی قوی شدید ، وأکثر ما یستعمل فی الشده والکراهه ، وجعله بازلا لأن بزول البعیر نهایته فی القوه. ومنه حَدِیثُ حَلِیمَهَ : « خَرَجْتُ فِی

ص: 94

سَنَهٍ شَهْبَاءَ ».

أی ذات قحط وجدب. والشَّهْبَاءُ : الأرض البیضاء التی لا خضره فیها لقله المطر من « الشُّهْبَهِ » وهی البیاض ، فسمیت سنه الجدب بها.

وَفِی حَدِیثِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ : « فَرُبَّمَا أَدْرَکَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ یُلْقِیَهَا ».

یعنی الکلمه المسترقه ، وأراد بِالشِّهَابِ الذی ینقض فی اللیل شبه الکوکب ، وهو فی الأصل الشعله من النار.

و « الصَّاحِبَهُ » تأنیث الصَّاحِبُ ، وهی الزوجه. قال تعالی : ( مَا اتَّخَذَ صاحِبَهً وَلا وَلَداً ) [ 72 /3 ] وجمعها صَوَاحِبُ ، وربما أنث الجمع فقیل صَوَاحِبَاتُ. و « إِنَّکُنَ صَوَاحِبُ یُوسُفَ ».

أراد تشبیه عائشه بزلیخا وحدها وإن جمع بین الطرفین ، ووجهه أنهما أظهرا خلاف ما أرادتا ، فعائشه أرادت أن لا یتشأم الناس به وأظهرت کونه لا یسمع المأمومین ، وزلیخا أرادت أن ینظرن حسن یوسف لیعذرنها فی محبته وأظهرت الإکرام فی الضیافه ، أو أراد أنتن تشوشن الأمر علی کما أنهن یشوشن علی یوسف ، ویقال معناه

« إِنَّکُنَ صَوَاحِبُ یُوسُفَ ».

أی فی التظاهر علی ما تردن وکثره إلحاحکن.

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِی السَّفَرِ ».

أراد بمصاحبه الله إیاه بالعنایه والحفظ ، وذلک أن الإنسان أکثر ما یبغی الصحبه فی السفر للاستیناس والاستظهار وللدفاع لما ینوبه من النوائب ، فنبه بهذا القول علی حسن الاعتماد علیه وکمال الاکتفاء به عن کل صاحب سواه. وفِیهِ أَیْضاً « اللهُمَ اصْحَبْنَا بِصُحْبَهٍ وَاقْلِبْنَا بِذِمَّهٍ ».

أی احفظنا بحفظک فی سفرنا وأرجعنا بأمانک وعهدک إلی بلدنا والصَّاحِبُ للشیء : الملازم له ، وکذا الصُّحْبَهُ للشیء هی الملازمه له إنسانا کان أو حیوانا أو مکانا أو زمانا ، والأصل أن یکون فی البدن وهو الأکثر ، ویکون بالهمه والعنایه. ومنه الْحَدِیثُ : « یُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْقَ » (1).

ویکون تاره بالحفظ وتاره بالتلاوه وتاره بالتدبر له وتاره بالعمل به.

وَفِی الْحَدِیثِ « صَاحِبُ مُوسَی ».

ویراد به یوشع بن نون ، و « صَاحِبُ سلیمان » ویراد به آصف ، ویقال إنه وزیره ، و « صَاحِبُ یس » اسْمُهُ حَبِیبُ بْنُ إِسْرَائِیلَ النَّجَّارُ ، وَکَانَ یَنْحَتُ الْأَصْنَامَ ، وَهُوَ مِمَّنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللهِ وَبَیْنَهُمَا سِتُّمِائَهِ سَنَهٍ ، کَمَا آمَنَ بِهِ تُبَّعٌ الْأَکْبَرُ وَوَرَقَهُ بْنُ نَوْفَلٍ

ص: 97

وَغَیْرُهُمَا ، وَلَمْ یُؤْمِنْ بِنَبِیٍّ أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِهِ. وَقِیلَ کَانَ فِی غَارٍ یَعْبُدُ اللهَ فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ الرُّسُلِ أَتَاهُمْ وَأَظْهَرَ دِینَهُ ، وَأَتَاهُ الْکَفَرَهُ فَقَالُوا « أَوَأَنْتَ تُخَالِفُ » فَوَثَبُوا عَلَیْهِ فَقَتَلُوهُ ، وَقِیلَ تَوَطَّئُوهُ بِأَرْجُلِهِمْ حَتَّی خَرَجَ قَضِیبُهُ مِنْ دُبُرِهِ ، وَقِیلَ رَجَمُوهُ وَهُوَ یَقُولُ « اللهُمَّ اهْدِ قَوْمِی » وَقَبْرُهُ فِی سُوقِ أَنْطَاکِیَّهَ فَغَضِبَ اللهُ عَلَیْهِمْ فَأَهْلَکَهُمْ بِصَیْحَهِ جَبْرَئِیلَ.

وجمع الصَّاحِبِ « صَحْبٌ » مثل راکب ورکب ، و « صُحْبَهٌ « بالضم مثل فاره وفره ، و « صِحَابٌ » مثل جائع وجیاع ، و « صُحْبَانٌ » مثل شاب وشبان ، و « الْأَصْحَابُ » جمع صَحْبٍ مثل فرخ وأفراخ. وصَحِبَهُ صُحْبَهً بالضم وصَحَابَهً بالفتح. و « الصَّحَابَهُ « جمع صَاحِبٍ ولم یجمع فاعل علی فعاله إلا هذا. و « الصَّاحِبُ » و « صَاحِبُ الناحیه » و « صَاحِبُ الزمان » و « صَاحِبُ الدار » محمد بن الحسن علیهما السّلام القائم بأمر الله تعالی. و « صَاحِبُ العسکر » و « صَاحِبُ الناحیه » علی بن محمد الهادی علیهما السّلام . والصَّاحِبُ هو إسماعیل بن عباد صَحِبَ ابن العمید فی وزارته وتولاها بعده لفخر الدوله بن بویه ، ولقب بالصاحب الکافی ، ویقال هو أستاد الشیخ عبد القاهر ، وکتب الشیخ مشحونه بالنقل عنه ، جمع بین الشعر والکتابه وقد فاق فیهما أقرانه ، قیل کان الصَّاحِبُ یکتب کما یرید والصابی کما یؤمر ویراد ، وبین الحالتین بون بعید. قال الشهید الثانی : وأکثر ما بلغنا عن أصحابنا أن الصَّاحِبَ کافی الکفاه إسماعیل بن عباد لما جلس للإملاء حضر خلق کثیر وکان المستملی الواحد لا یقوم بالإملاء حتی انضاف إلیه سته کل یبلغ صَاحِبَهُ - انتهی. وحکی عن الصَّاحِبِ بن عباد (ره) أنه بعث إلیه بعض الملوک یسأله القدوم علیه ، فقال له فی الجواب : أحتاج إلی ستین جملا أنقل علیها کتب اللغه التی عندی. وصَاحِبُ شاهین لم نعثر له فی کتب اللغه ولا فی غیرها بمعنی یوضحه ، وینبغی قراءته علی صیغه التثنیه کما هو الظاهر من النسخ ، ولعل المراد بالشاه السلطان

ص: 98

ثم سموا کل واحد من الشاهین اللذین یقمر بهما بهذا الاسم ، فإذا غلب أحدهما علی الآخر قال مات والله شاهه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « سُئِلَ عَنْ صَاحِبِ شَاهَیْنِ؟ قَالَ : الشِّطْرَنْجُ ».

و « الصَّحَابِیُ » علی ما هو المختار عند جمهور أهل الحدیث کل مسلم رأی رسول الله صلی الله علیه و آله ، قیل وروی عنه ، وقیل أو رآه الرسول ، قیل وکان أهل الروایه عند وفاته صلی الله علیه و آله مائه ألف وأربع عشره ألف. واصْطَحَبَ القوم : صَحِبَ بعضهم بعضا واسْتَصْحَبَ الشیء : لازمه. واسْتَصْحَبَ الکتاب وغیره : حملته صُحْبَتِی ، ومن هذا قیل اسْتَصْحَبَ الحال : إذا تمسکت بما کان ثابتا ، کأنک جعلت تلک الحال مُصَاحِبَهً غیر مفارقه.

والمعنی أن الملک لا یحتمله فی جوفه حتی یخرجه إلی ملک غیره ، والنبی لا یحتمله حتی یخرجه إلی نبی غیره ، والمؤمن لا یحتمله حتی یخرجه إلی مؤمن غیره کما جاءت به الروایه عنهم (1). وقیل ربما أرید به فتواهم فی الأحکام الإلهیه وأوصافهم الکریمه أو أسرار الله المخزونه عندهم. ومثله :

« حَدِیثُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ ذَکْوَانُ أَمْرَدُ مُقَنَّعٌ. قَالَ الرَّاوِی : فَسِّرْ لِی ذَکْوَانَ؟ فَقَالَ : ذَکِیٌّ أَبَداً. قُلْتُ : أَمْرَدُ؟ قَالَ : أَمْرَدُ أَبَداً ، کَأَنَّ الْمَعْنَی لَا یَتَغَیَّرُ عَنِ الْحَقِّ أَبَداً. قُلْتُ : مُقَنَّعٌ؟ قَالَ : مَسْتُورٌ ».

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « أَمْرُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ » (2).

قیل لعله أراد به إمامته وإمامه أولاده المعصومین ، لأن المخالفین لا یقبلون شیئا من ذلک حسدا وبغضا وسفها. ویتم البحث فی أمر. والصَّعْبُ : نقیض الذلول ، یقال صَعُبَ الشیء - بضم الثانی صُعُوباً : صار صَعْباً شاقا. والجمع « صِعَابٌ » کسهم وسهام ، ومنه « عقبه صَعْبَهٌ « والجمع صِعَابٌ أیضا وصَعَبَاتٌ بالسکون. والناقه الصَّعْبَهُ : خلاف الذلول. واسْتَصْعَبَ الأمر علینا : بمعنی صَعُبَ

وَفِی الْخَبَرِ : « لَمَّا رَکِبَ النَّاسُ الصَّعْبَهَ وَالذَّلُولَ لَمْ نَأْخُذْ مِنْهُمْ إِلَّا مَا نَعْرِفُ ».

أی شدائد الأمور وسهولها ، أی ترکوا المبالاه بالأشیاء والاحتراز فی القول والعمل. وفِیهِ « وَأَنْذَرْتُکُمْ صِعَابَ الْأُمُورِ ».

أی مسائل دقیقه غامضه یقع فیها فتنه وإیذاء بین العلماء.

بین صُلْبِ الرجل وترائب المرأه ، وهی عظام الصدر ، والولد لا یکون إلا من الماءین. والصُّلْبُ فی الظهر ، وکل شیء من الظهر فیه فقار فذلک الصُّلْبُ ، وتضم اللام للإتباع. و « الصَّلَبُ » بالتحریک لغه فی الصُّلْبِ. قوله : ( لَأُصَلِّبَنَّکُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ ) [ 20 / 71 ] هو من قولهم صَلَبْتُ القاتل من باب ضرب صَلْباً فهو مَصْلُوبٌ ، وجاء صَلَّبْتُ أیضا بالتشدید للکثره.

وَفِی حَدِیثِ الصَّلَاهِ « وَأَقِمْ صُلْبَکَ ».

وفِیهِ « إِذَا انْکَسَرَ الصُّلْبُ فَفِیهِ الدِّیَهُ ».

أی انکسر الظهر فحدب الرجل ففیه الدیه. وقیل أراد إن أصیب صُلْبُهُ بشیء حتی أذهب منه الجماع. والصُّلْبُ من الأرض : المکان الغلیظ الشدید. وصَلُبَ الشیء - بالضم صَلابَهً : اشتد وقوی ، فهو صَلْبٌ. ومکان صَلْبٌ : غلیظ شدید. وأرض صَلْبَهٌ : شدیده ، والجمع « الصِّلَبَهُ » بالکسر والتحریک مثل قُلب وقِلَبَه. والصَّلَابَهُ یقابل اللین ، واللین کیفیه تقتضی الغمر إلی الباطن. وصَلِیبُ النصاری : هیکل مربع یدعون النصاری أن عیسی صُلِبَ علی خشبه علی تلک الصوره. وفی المغرب هو شیء مثلث کالتماثیل تعبده النصاری.

وَفِی الْخَبَرِ « نُهِیَ عَنِ الصَّلَاهِ فِی الثَّوْبِ الْمُصَلَّبِ ».

بالتشدید ، وهو الذی فیه نقش أمثال الصُّلْبَانِ. واصْطَلَبَ الرجلُ : إذا جمع العظام واستخرج صَلِیبَهَا ، وهو الودک ، ویقال إن الْمَصْلُوبَ مشتق منه لما یسیل من ودکه.

[ 2 / 19 ] الصَّیِّبُ فیعل من صَابَ یَصُوبُ : إذا نزل من السماء ووقع ، ویقال للسحاب أیضا صَیِّبٌ. وسحاب صَیِّبٌ : ذو الصَّوْبِ. والصَّوْبُ بالفتح : نزول المطر ، ومنه « غیث صَوْبَهٌ مستبطر » أی شدید. قال الشیخ أبو علی فی الآیه : وهذا تمثیل لحال المنافقین ، والمعنی أی کمثل ذی صَیْبٍ ، أی کمثل قوم أخذهم المطر علی هذه الصفه ولقوا منه ما لقوا ، قالوا شبه دین الإسلام بالمطر لأن القلوب تحیی به کما تحیی الأرض بالمطر ، وشبه ما یتعلق من شبهات الکفار بالظلمات وما فیه من الوعد والوعید بالرعد والبرق وما یصیبهم من أهل الإسلام بالصواعق. والصَّوَابُ : ضد الخطأ ، ومنه قوله تعالی : ( إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً ) [ 78 /38 ] أی لم یقل خطأ. قوله : ( رُخاءً حَیْثُ أَصابَ ) [38 /36 ] أی حیث أراد ، یقال أَصَابَ الله بک خیرا : أی أراد الله بک خیرا.

وَفِی الْخَبَرِ : « مَنْ یُرِدِ اللهُ بِهِ خَیْراً یُصِیبُ مِنْهُ ».

أی ابتلاه بِالْمَصَائِبِ لیثیبه علیها. وأَصَابَ السهم : وصل الغرض. قال فی المصباح : وفیه لغتان أخریان « صَابَهُ صَوْباً » من باب قال والثانیه » یُصِیبُهُ صَیْباً « من باب باع. وأَصَابَ المتیمم الماء : وجده. وأَصَابَ الرجل زوجته : جامعها ، ومنه « أَصَابَهَا دُونَ الْفَرْجِ ».

وأَصَابَتْهُ جنابه : حصلت له. وأَصَابَ الرأی فهو مُصِیبٌ. وأَصَابَ فی فعله وقوله لم یخط فیهما وفی لیله إحدی وعشرین أُصِیبَ فیها الأنبیاء وأوصیاء الأنبیاء منهم علی علیه السّلام . وأَصَابَ الإنسان من المال وغیره : أی تناول منه وأخذ. ویُصِیبُونَ ما أَصَابَ الناس : أی ینالون ما نالوه. وأُصِیبَتْ دعوته : أجیبت. وصَوَّبَ الله رأسه فی النار - بالتشدید - نکسه. وصَوَّبَ فعله : قال له أَصَبْتَ.

ص: 102

واسْتَصْوَبَ فعله : رآه صَوَاباً ، ومثله اسْتَصَابَ فعله. والصَّابُ : عصاره شجر مر.

التوصیف ، أی فی طریق منحدر.

والضَّبُ : دابه بریه ، والجمع « ضِبَابٌ » مثل سهم وسهام ، و « أَضْبُبٌ » مثل فلس وأفلس ، والأنثی « ضَبَّهٌ » وهی أنواع نقل من عجیب خلقه أن الذکر له زُبَّان والأنثی فرجان تبیض منهما. و « الضَّبَّهُ » بالفتح والتشدید من حدید أو صفر ونحوه یشعب بالإناء ، وجمعها « ضَبَّاتٌ » کحبه وحبات. وضَبَّبْتُهُ - بالتشدید - : عملت له ضَبَّهً ، ومنه « إناء مُضَبَّبٌ ». وضَبَّهُ الکوفه وضَبَّهُ البصره قبیلتان. وضَبَّهُ اسم رجل. و « الضَّبَابُ » کسحاب جمع ضَبَابَهُ کسحابه وهو ندی یغشی الأرض بالغدوات وفی الصحاح الضَّبَابَهُ سحابه تغشی الأرض کالدخان. وضَبُبَ البلد : کثر ضَبَابُهُ. والضَّبُ : داء فی الشفه یسیل منه الدم. ومن أمثالهم » رجل ضَبٌ خَبٌّ » أی جربز مراوغ.

لأنفسکم وعبیدکم أمثالکم بشر کبشر وعبید کعبید أن یشارکوکم فیما رزقناکم من الأموال تکونون أنتم وهم فیه علی السواء من غیر تفرقه بینکم وبینهم تهابون أن یستبدوا بالتصرف دونکم کما یهاب بعضکم من الأحرار ، فإذا لم ترضوا بذلک لأنفسکم فکیف ترضون لرب الأرباب ومالک الرقاب من العبید والأحرار وأن تجعلوا بعض عبیده له شریکا. قوله : ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً ) [36 / 78 ] أی وصف وبین ، وکذا نظائرهما قوله : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ ) [30 / 58 ] أی ولقد وصفنا کل صفه کأنها مثل فی غرابتها ، وقصصنا علیهم کل قصه عجیبه ولکن لقسوه قلوبهم وعنادهم إذا جئتهم بآیه من آیات القرآن قالوا جئتنا بزور وباطل. قوله : ( أَفَنَضْرِبُ عَنْکُمُ الذِّکْرَ صَفْحاً ) [ 43 / 5 ] أی نصرف ، یقال ضَرَبْتُ عنه وأَضْرَبْتُ عنه بمعنی ، وأصله أن الراکب إذا أراد أن یصرف دابته ضربها ، فوضع الضَّرْبَ موضع الصرف. قوله : ( فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاکَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ ) [ 2 / 60 ] الآیه.

قِیلَ عَطِشَ قَوْمُ مُوسَی فِی التِّیهِ فَاسْتَسْقَی لَهُمْ فَأَوْحَی اللهُ تَعَالَی إِلَیْهِ بِقَوْلِهِ : ( اضْرِبْ بِعَصاکَ الْحَجَرَ ) الْآیَهَ.

ویتم الکلام فی « حجر ». قوله : و ( یَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ ) [ 13 / 17 ] أی یَضْرِبُ مثلا لهما. قوله ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً ) [ 18 /32 ] أی اذکر لهم مثلا ، وضرب المثل : اعتبار الشیء بغیره. وفِی الْحَدِیثِ : « نَهَی رَسُولُ اللهِ أَنْ یَضْرِبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ خَلَاءً تَحْتَ شَجَرَهٍ ».

أی أن یجعل خلاء تحت شجره یرید بها قضاء الحاجه. وضَرَبْتُ علیه خراجا : أی جعلته علیه وظیفه ، والاسم الضَّرِیبَهُ ، ومنه ضَرِیبَهُ العبد ، وهو ما یؤدی لسیده من الخراج المقدر علیه ، وهی فعیله بمعنی مفعوله ، تجمع علی ضرائب. ومنه حَدِیثُ کَسْبِ الْحَجَّامِ : « کَمْ ضَرِیبَتُکَ ».

وفِیهِ : « کَانَ الْمَوْلَی یَأْخُذُ مِنَ الْعَبْدِ

ص: 105

فَرِیضَهً ضَرَبَهَا ».

أی قدرها علیه. وضَرَبَ یده فی الماء : أی أدخلها وجعلها فیه. وضَرَبَ بیده فأکل : أی مد یده إلی الزاد فأکل.

وَفِی الْحَدِیثِ : « ضَرَبُوا کِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ».

أی خلطوا بعضه ببعض فلم یفرقوا بین المحکم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والمطلق والمقید والمجمل والمبین أخذا من قولهم : ضَرَبْتُ اللبن بعضه ببعض. وفِیهِ : « الدُّعَاءُ حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَبْلَغُ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِی الْأَرْضِ ».

أی من السیر فیها لطلب الرزق والتجاره. یقال ضَرَبَ فی الأرض ضَرْباً وضَرَبَاناً خرج تاجرا أو غازیا ، ویقال ضَرَبْتُ فی الأرض أی سافرت ، وفی السیر أی أسرعت ، وضَرَبْتُ عن الأمر أی أعرضت عنه أی ترکا وإهمالا ، وضَرَبْتُ عنقه : قطعته. وضَرَبَ الفحل الناقه : نزا علیها. وفِیهِ « ضِرَابُ الْفَحْلِ مِنَ السُّحْتِ ».

أی حرام ، والمراد الأجره لا الضِّرَابُ نفسه ، قیل وهو عام فی کل فحل. و « اضْرِبُوا مشارق الأرض » أی سیروا فیها کلها. والضَّرَبُ : العسل الأبیض الغلیظ ، وبالتحریک أشهر. ومنه الْحَدِیثُ « الرَّجُلُ یُجْنِبُ فَیُصِیبُ جَسَدَهُ وَرَأْسَهُ الْخَلُوقُ وَالطِّیبُ وَالشَّیْءُ اللَّزِقُ مِثْلُ عِلْکِ الرُّومِ وَالضَّرَبِ وَمَا أَشْبَهَ ».

والضَّرْبُ : الصنف من الشیء. وضَرْبٌ أی شیء : مثل أی شیء. وما أقل ضَرْبَکَ فی دهرنا : أی مثلک. ولا کثر الله فی المؤمنین ضَرْبَکَ : أی مثلک. وأردت أن أَضْرِبَ علی یده : أی أعقد معه البیع ، لأن من عاده المتبایعین أن یَضْرِبَ أحدهما فی ید الآخر عند العقد.

وَفِی قَضَاءِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « فَلَمَّا تَقَدَّمَا الْمِصْطَبَّهَ لِیَقْطَعَا یَدَ الرَّجُلِ ضَرَبَا النَّاسَ حَتَّی اخْتَلَطُوا ».

أی دخلا فیهم. والضَّرَبَانُ : شده الألم الذی یحصل فی الباطن ، من قولهم ضَرَبَ الجرح ضَرَبَاناً

ص: 106

إذا اشتد وجعه وهاج ألمه. ومِنْهُ « أَجِدُ فِی بَطْنِی أَذًی وَضَرَبَاناً ».

وضَرَبَ العرق ضَرْباً وضَرَبَاناً : إذا تحرک بقوه. والضَّرْبُ بالعود : اللعب به ، والْمِضْرَابُ : الذی یُضْرَبُ به العود. و « الْمُضَارَبَهُ » مفاعله من الضَّرْبِ فی الأرض والسیر فیها للتجاره ، وهی أن یدفع الشخص إلی غیره مالا من أحد النقدین المسکوکین لتصرف فی ذلک بالبیع والشراء علی أن له حصه معینه من ربحه. وضَرَبْتُ الخیمه : نصبتها. وضَرْبُ الحساب علی وجوه أحدها : تکرار أحد الْمَضْرُوبِینَ بعده آحاد الْمَضْرُوبِ الآخر کالثلاثه فی الأربعه ، فإن شئت کررت الثلاثه أربع مرات فتصیر اثنی عشر ، وإن شئت کررت الأربعه ثلاث مرات فتصیر کذلک.

وَمِنْ کَلَامِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هَذَا الْأَمْرِ وَعَیْنَهُ » (1).

أی تحققت المعرفه به ، وذکر العین والأنف مثل ، وذلک لأن المتعرف من عادته یمعن النظر فی الأنف والعینین من الوجه. و « مَضْرَبُ السیف » بفتح الراء وکسرها : المکان الذی یُضْرَبُ به منه ، وقد یؤنث فیقال « مَضْرَبَهٌ ». والْمِضْرَبُ : الفسطاط العظیم - قاله فی القاموس. ومِنْهُ « فَتَوَجَّهْتُ إِلَی مِضْرَبِهِ ».

وبساط مُضَرَّبٌ : أی مخیط.

وَالْمُضَرَّبَهَ أَحَدُ قَلَانِسِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله الَّتِی کَانَ یَلْبَسُهَا فِی الْحَرْبِ ، وَیُقَالُ لَهَا ذَاتُ الْأُذُنَیْنِ.

واضْطَرَبَتِ الأمور : اختلفت. والمال الْمُضْطَرِبُ : الذی لم یبق علی حاله واحده ، ومِنْهُ « لَیْسَ فِی الْمَالِ الْمُضْطَرَبِ زَکَاهٌ ».

واضْطَرَبَ أمره : اختل ، ومنه حدیث مُضْطَرِبُ السند أو المتن ، ففی السند کأن یرویه الراوی تاره عن أبیه عن جده وتاره عن جده بلا واسطه وثالثه عن ثالث غیرهما ، وفی المتن کحدیث اعتبار الدم المشتبه بالقرحه فتاره یرویه بخروجه من الجانب الأیمن فیکون حیضا

ص: 107

وتاره بالعکس. واضْطَرَبَتِ الشاه : تحرکت وضَرَبَ بعضها بعضا من الِاضْطِرَابِ ، وهو الحرکه والموج. والْمُضْطَرِبَهُ فی الحیض : التی لیست لها عاده أو کانت ونسیتها ، وتسمی المتحیره وضَرْبُ الشیء : مثله وشکله. والضَّرَائِبُ : الأشکال. والضُّرَبَاءُ : الأمثال. والضُّرَبَاءُ : جمع ضَرِیبٍ

وفِیهِ « مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِیجَهَ بِسَنَهٍ وَمَاتَتْ خَدِیجَهُ حِینَ خَرَجَ الرَّسُولُ مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَهِ بِسَنَهٍ ».

و « الطَّلِبَهُ » بفتح الطاء وکسر اللام ککلمه : الحاجه ، والجمع « طَلِبَاتٌ ».

وَقَوْلُهُ فِی الدُّعَاءِ : « لَیْسَ لِی مَطْلَبٌ سِوَاکَ ».

أی لیس لی حاجه غیرک. وطَلَبْتُ الشیء أَطْلُبُهُ : أی أردته وابتغیته ، فأنا طَالِبٌ. والجمع « طُلَّابٌ » بالتشدید ، و « طَلَبَهٌ « بالتحریک مثل کافر وکفره ، و « طَالِبُونَ » فی التصحیح. و « الطَّلَبُ » یکون مصدرا وموضع الطلب. و « الطُّلَّابُ » مثل کتاب : ما طَلَبْتَهُ من غیرک. وطَالَبَهُ بکذا مُطَالَبَهً ، والتَّطَلُّبُ : الطَّلَبُ مره بعد أخری.

رَاکِباً مُجِدّاً سَارَ فِی ظِلِّهَا مِائَهَ عَامٍ مَا خَرَجَ وَلَوْ طَارَ مِنْ أَسْفَلِهَا غُرَابٌ مَا بَلَغَ أَعْلَاهَا حَتَّی یَسْقُطَ هَرَماً ».

والطَّوْبُ : الآجُرُّ ، ومنه الْحَدِیثُ : « لَا تَرِثُ الْمَرْأَهُ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ تُرْبَهِ دَارٍ وَأَرْضٍ إِلَّا أَنْ یُقَوَّمَ الطَّوْبُ وَالْخَشَبَهُ قِیمَهً فَتُعْطَی رُبُعَهَا أَوْ ثُمُنَهَا » (1).

قوله : ( کُلُوا مِمَّا فِی الْأَرْضِ حَلالاً طَیِّباً ) [ 2 / 168 ] الطَّیِّبُ یقال لمعان : الأول المستلذّ ، الثانی ما حلله الشارع ، الثالث ما کان طاهرا ، الرابع ما خلی عن الأذی فی النفس والبدن. وهو حقیقه فی الأول لتبادره إلی الذهن عند الإطلاق ، والخبیث یقابل الطَّیِّبَ بمعانیه. قوله : و ( یَسْئَلُونَکَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّباتُ ) [ 5 / 4 ] قال المفسر : یحتمل أن یکون « ما » وحدها اسما ، ویکون « ما » و « ذا » اسما مرفوعا بالابتداء » وأحل » خبر. والطَّیِّبُ : المستلذ. قوله : ( مِنْ طَیِّباتِ ما کَسَبْتُمْ ) [ 2 / 267 ] أی مما کسبتم. قوله : ( فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیاهً طَیِّبَهً ) [ 16 / 97 ] قال المفسر : یعنی فی الدنیا ، وهو الظاهر لقوله ( وَلَنَجْزِیَنَّهُمْ ) الآیه وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هِیَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ.

وعَنِ الْحَسَنِ هِیَ الْقَنَاعَهُ.

وقِیلَ یَعْنِی فِی الْجَنَّهِ إِذْ لَا تَطِیبُ لِلْمُؤْمِنِ حَیَاهٌ إِلَّا فِی الْجَنَّهِ.

قوله : و ( الطَّیِّبُ مِنَ الْقَوْلِ ) [ 22 / 24 ] فسر بقول « لا إله إلا الله ». قوله : ( وَالطَّیِّباتُ لِلطَّیِّبِینَ ) [ 24 / 26 ] أی الطَّیِّبَاتُ من الکلام للطاهرین من الرجال ، والطَّیِّبَاتُ من الکلام أفضله وأحسنه. قوله : ( طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِینَ ) [39 / 73 ] أی طِبْتُمْ للجنه ، لأن الذنوب والمعاصی مخابث فی الناس ، فإذا أراد الله أن یدخلهم الجنه غفر لهم تلک الذنوب ففارقتهم تلک المخابث والأرجاس من الأعمال فَطَابُوا للجنه ، ومن هذا قول العرب « طَابَ لی هذا » أی فارقته المکاره وطَابَ له العیش : فارقته المکاره ،

ص: 111

ومن هذا قوله تعالی : ( فَانْکِحُوا ما طابَ لَکُمْ مِنَ النِّساءِ ) [ 4 /3 ] و ( طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَکُمْ ) [ 5 / 87 ].

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا تَمَسُّوا مَوْتَاکُمْ بِالطِّیبِ » (1).

هو بکسر الطاء : ما یُتَطَیَّبُ به. و « الطَّیْبُ » بفتح الطاء لغه فیه.

وَفِی الْخَبَرِ : « جُعِلَتْ لِیَّ الْأَرْضُ طَیِّبَهً طَهُوراً ».

أی نظیفه غیر خبیثه. وطَابَ دیننا : أی کمل واستقرت أحکامه.

وَفِی مَعَانِی الْأَخْبَارِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام مَا مَعْنَی قَوْلِ الْمُصَلِّی فِی تَشَهُّدِهِ لِلَّهِ مَا طَابَ وَطَهُرَ وَمَا خَبُثَ فَلِغَیْرِهِ؟ قَالَ : مَا طَابَ وَطَهُرَ کَسْبُ الْحَلَالِ [ مِنَ الرِّزْقِ ] وَمَا خَبُثَ کَسْبُ الرِّبَا (2).

قَوْلُهُ : « وَالتَّحِیَّاتُ الطَّیِّبَاتُ لِلَّهِ ».

أی الکلمات المحبوبات المشتمله علی التقدیس والتنزیه وحسن الثناء علی الله لله ، وقیل الطَّیِّبَاتُ من الصلاه والکلام مصروفات إلی الله. والْإِطَابَهُ والِاسْتِطَابَهُ کنایتان عن الاستنجاء بغسل أو مسح بحجر ، وقیل بمسح فقط لأن الإنسان یُطَیِّبُ جسده بإزاله الخبث عنه ، أی یطهره. ومنه الْحَدِیثُ : « نَهَی أَنْ یَسْتَطِیبَ الرَّجُلُ بِیَمِینِهِ ».

أی یستنجی بها لأنه من الجفاء. وطِبْتُ به نفسا : طَابَتْ نفسی به.

وَفِی الْخَبَرِ : « أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ تُسَمَّی الْمَدِینَهُ طَیْبَهً وَطَابَهَ ».

وهما من الطِّیبِ أعنی الرائحه الطَّیِّبهِ بعد أن کانت تسمی فی الجاهلیه بیثرب ، فنهی أن تطمی بذلک وقیل من الطَّیِّبِ الطاهر بخلوصها من الشرک وتطهیرها منه.

وَفِی حَدِیثِ الْقَائِمِ علیه السّلام : « نِعْمَ الْمَنْزِلُ طَیْبَهُ وَمَا بِثَلَاثِینَ مِنْ أَوْلِیَائِهِ مِنْ وَحْشَهٍ ».

کأن معناه أن طَیْبَهَ منزله علیه السّلام وکان یستأنس بثلاثین من أولیائه ، ویحتمل أن یکون هذا حاله فی الغیبه الصغری.

ص: 112

وأبو الطَّیِّبِ المتنبی الشاعر المشهور واسمه أحمد بن الحسین ، وإنما قیل له المتنبی لأنه ادعی النبوه فی بادیه السماوه وتبعه خلق کثیر من بنی کلب فخرج إلیه أمیر حمص فأسره وحبسه طویلا ثم استتابه وأطلقه ، وکان قد قرأ علی البوادی کلاما ذکر أنه قرآن أنزل علیه. و « طَابَهُ » من أسماء مدینه النبی صلی الله علیه و آله .

تحسوه جرعا بعد جرع. والْعَبَبُ : المیاه المتدفقه. و « الْعُبَابُ » بالضم : معظم الماء وکثرته وارتفاعه. وماء عُبَابٌ : یسیل سیلا لکثرته.

« لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَخَشِیتُ عَلَیْکُمْ مَا هُوَ أَکْبَرُ مِنْ ذَلِکَ الْعُجْبِ الْعُجْبِ ».

وَعَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام : « سَیِّئَهٌ تَسُؤُکَ خَیْرٌ [ عِنْدَ اللهِ ] مِنْ حَسَنَهٍ تُعْجِبُکَ » (1).

وعلاج العجب - علی ما قیل - احتقار ما فی جنب الصانع واستضعافه ، فإنه بالنسبه إلیه لم یوازن نعمه من نعمه ، وبأنه لو لا أعانه الله ما فعله ولا تم ولا استقام بل لم یمکن صدوره من العبد أصلا ، وبذلک یندفع العجب عنه. وعَجِبَ من کذا عَجَباً من باب تعب وتَعَجَّبْتُ منه واسْتَعْجَبْتُ بمعنی. وشیء عَجِیبٌ : أی مُعْجَبٌ منه. و « قد أُعْجِبَ بنفسه » بالبناء للمجهول : إذا تکبر وترفع ، فهو مُعْجَبٌ والاسم الْعُجْبُ بالضم. وأَعْجَبَتْهُ المرأه : استحسنها لأن غایه رؤیه الْمُتَعَجِّبِ منه تعظیمه واستحسانه ومن أمثال العرب « الْعَجَبُ کُلُ الْعَجَبِ بَیْنَ جُمَادَی وَرَجَبٍ » وأَصْلُهُ أن رجلا کان له أخ وکانت له امرأه حسنه فنال من امرأه أخیه فصار بینهما قتال ومقاتله فی آخر یوم من جمادی الآخره لأنهم کانوا لا یقتلون فی رجب.

أَهْلِهِ عَلَیْهِ ».

قیل : من حیث إنهم کانوا یوصون أهلیهم بالبکاء والنوح علیهم وإشاعه النعی فی الأحیاء ، وقیل إن المیت یرق قلبه ببکاء أهله فیکون له عذابا ، وقیل المراد بالمیت المشرف علی الموت فإنه یشتد حاله بالبکاء. وعَذَّبْتُهُ تَعْذِیباً : عاقبته ، والاسم « الْعَذَابُ » وأصله فی کلام العرب الضرب ثم استعمل فی کل عقوبه مؤلمه ، واستعیر للأمور الشاقه فقیل « السفر قطعه من الْعَذَابِ ». و « الْعَذَبَهُ » کقصبه بالتحریک : طرف کل شیء ، ومنه الْحَدِیثُ » وَأَرْخَی عَذَبَهَ الْعِمَامَهِ بَیْنَ کَتِفَیْهِ ».

أی أرسل طرفها وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام فِی الدُّنْیَا : « اعْذَوْذَبَ جَانِبُهَا وَاحْلَوْلَی » (1).

هما افعوعل من الْعُذُوبَهُ والحلاوه ، وهو من أبنیه المبالغه. والْعَذْبُ من الماء : الطیب الذی لا ملوحه فیه. وعَذُبَ الماء عُذُوبَهً : ساغ مشربه فهو عَذْبٌ ، وماء عَذْبٌ وعَذَابٌ علی الجمع کسهم وسهام. وعَذَبَهُ اللسان : طرفه ، والجمع « عَذَبَاتٌ » کقصبه وقصبات.

قَحْطَانَ ، وهو اللسان القدیم ، والْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَهُ هم الذین تکلموا بلسان إسماعیل بن إبراهیم ، ویقال أقامت قریش بِعَرَبَهَ فنسب العرب إلیها. و « عَرَبَهُ » بالتحریک : ناحیه بقرب الهندیه. وصلاه الْأَعْرَابِیِ هی عشر رکعات کالصبح والظهرین اثنتان بتسلیم وثمان بتسلیمتین. والنسبه إلی الْعَرَبِ - أعنی سکان الأمصار - عَرَبِیٌ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ وُلِدَ فِی الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَرَبِیٌ ».

وفِیهِ « النَّاسُ ثَلَاثَهٌ عَرَبِیٌّ وَمَوْلًی وَعِلْجٌ ، فَأَمَّا الْعَرَبُ فَنَحْنُ ، وَأَمَّا الْمَوْلَی فَمَنْ وَالانَا ، وَأَمَّا الْعِلْجُ فَمَنْ تَبَرَّأَ مِنَّا وَنَاصَبَنَا ».

وَفِی حَدِیثٍ آخَرَ : « فَنَحْنُ قُرَیْشٌ وَشِیعَتُنَا الْعَرَبُ ، وَعَدُوُّنَا الْعَجَمُ ».

ومن هنا جاء تفضیل الْعَرَبِ علی العجم لأنهم أشرف المخلوقین واتصفوا بهذا الوصف. وفِیهِ : « لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَهِ ».

یروی بالعین المهمله یعنی الالتحاق ببلاد الکفر والإقامه بها بعد المهاجره عنها إلی بلاد الإسلام ، وکان من رجع من الهجره إلی موضعه من غیر عذر یعدونه کالمرتد. وفی کلام بعض علمائنا : الْمُتَعَرِّبُ بعد الهجره فی زماننا هذا أن یشتغل الإنسان بتحصیل العلم ثم یترکه ویصیر منه غریبا.

وَرُوِیَ « الْمُتَعَرِّبُ بَعْدَ الْهِجْرَهِ التَّارِکُ لِهَذَا الْأَمْرِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ ».

وَفِی الْخَبَرِ « مِنَ الْکُفْرِ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَهِ ».

و « عَرُبَ » بالضم : إذا لم یلحن. وعَرِبَ یَعْرَبُ من باب تَعِبَ : فصح بعد لکنه فی لسانه. وأَعْرَبْتُ الحرف : أوضحته ، وقیل الهمزه للسلب ، أی أزلت إبهامه. و « الْإِعْرَابُ » بکسر الهمزه : الإبانه والإیضاح ، ومِنْهُ الْحَدِیثُ « أَعْرِبُوا أَحَادِیثَنَا فَإِنَّا قَوْمٌ فُصَحَاءُ » (1).

ومنه الْخَبَرُ « أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ ». أی

ص: 118

بینوا ما فیه من غرائب اللغه وبدائع الْإِعْرَابُ. واللغه الْعَرَبِیَّهُ : ما نطق به الْعَرَبُ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَلْعُونٌ مَنْ سَدَّ الطَّرِیقَ الْمُعْرَبَهَ ».

بالعین المهمله أی البینه الواضحه ، وبالقاف - علی ما فی بعض النسخ - وفسر بالطریق المختصره. والإبل الْعِرَابُ : خلاف البخاتی. والخیل الْعِرَابُ : خلاف البراذین. و « الْعَرَبُونُ » بفتح العین والراء : ما عقد علیه البیع. و « الْعُرْبُونُ » کعصفور لغه فیه ، وکذا « الْعُرْبَانُ ». وفی التحریر : الْعَرَبُونُ هو أن تدفع بعض الثمن علی أنه إن أخذ السلعه احتسبه من الثمن وإلا کان للبائع.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « لَا یَجُوزُ الْعَرَبُونُ إِلَّا أَنْ یَکُونَ نَقْداً مِنَ الثَّمَنِ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « نَهَی عَنْ بَیْعِ الْعَرَبَانِ ».

وهو أن یشتری ویدفع شیئا علی أنه إن مضی البیع حسب من الثمن وإلا کان للبائع ولم یرتجعه. و « یَعْرُبُ بن قحطان » أول من تکلم بالعربیه ، وهو أبو الیمن کلهم - قاله الجوهری. والاسم الْمُعَرَّبُ بالتشدید : الذی تلقته الْعَرَبُ من العجم بکثره مثل إبریسم وإستبرق ، وإنما کان ساغ وقوع اللفظ الأعجمی فی القرآن لأن معنی التَّعْرِیبِ أن یجعل عَرَبِیّاً لتصرف فیه وإجرائه علی وجوه الْإِعْرَابِ.

ومن ذوات الأربع عباره عن الوتر خلف الکعبین بین مفصل الساق والقدم. وفی القاموس الْعُرْقُوبُ من الدابه فی رجلها بمنزله الرکبه فی یدها. وفی المصباح الْعُرْقُوب عصب موثق خلف الکعبین والجمع « عَرَاقِیبُ » مثل عصفور وعصافیر. وعَرْقَبْتُ الدابه : قطعت عُرْقُوبَهَا.

وَفِی حَدِیثِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ : « فَلَمَّا الْتَقَوْا نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَعَرْقَبَهَا بِالسَّیْفِ فَکَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرْقَبَ فِی الْإِسْلَامِ ».

وعُرْقُوبٌ اسم رجل من العمالقه وقد ضربت به الأمثال.

من العشره إلی الأربعین ، والجمع « عُصَبٌ » مثل غرفه وغرف ، ولیس للعصبه واحد - نقلا عن الأخفش. وسمیت بذلک أخذا من الشد ، کأنه یشد بعضهم بعضا شد الْأَعْصَابُ ، وهی أطناب المفاصل ، والتقدیر فی الآیه « والحال نحن عُصْبَهٌ » أی جماعه أقویاء ، فنحن أحق بالمحبه من صغیرین لا کفایه فیهما. قوله : ( یَوْمٌ عَصِیبٌ ) [ 11 / 77 ] أی صعب شدید. قیل ومنه « الْعُصْبَهُ » لالتفات بعضها علی بعض.

وَفِی الْحَدِیثِ : « سَأَلْتُهُ عَنْ ثِیَابٍ تُعْمَلُ بِالْبَصْرَهِ عَلَی عَمَلِ الْعَصْبِ الْیَمَانِیِّ ».

هو برد یمنیه یُعْصَبُ غزلها ، أی یجمع ویشد ثم یصبغ وینسج فیؤتی موشیا لبقاء ما عُصِبَ منه أبیض. وفی المصباح الْعَصْبُ کفلس : برد یصبغ غزله ثم ینسج ، وحکی عن السهیلی أنه صبغ لا ینبت إلا بالیمن. ومثله فِی الْحَدِیثِ : « الْمُعْتَدَّهُ لَا تَلْبَسُ الْمُصَبَّغَهَ إِلَّا ثَوْبَ عَصَبٍ ».

بالإضافه أو التنوین.

وَفِی الدُّعَاءِ « سَجَدَ لَکَ لَحْمِی وَعَصَبِی ».

الْعَصَبُ بفتحتین من أطناب المفاصل ، واحدته « عَصَبَهٌ » والجمع « أَعْصَابٌ » کأسباب. وعَصَّبَ رأسه بِالعِصَابَهِ تَعْصِیباً وتَعَصَّبَ أی شد الْعِصَابَهَ. و « التَّعَصُّبُ » من الْعَصَبِیَّهِ ، وهی المحاماه والمدافعه عمن یلزمک أمره أو تلزمه لغرض ، ومنه حَدِیثُ تَغْسِیلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ : « إِنَّمَا یَمْنَعُهَا أَهْلَهَا تَعَصُّباً » (1).

وعَصَبَهُ الرجل بالتحریک جمع « عَاصِبٍ » ککفره جمع کافر ، وهم بنوه وقرابته لأبیه ، والجمع « الْعُصَّابُ » قال الجوهری : وإنما سموا عَصَبَهً لأنهم عَصَبُوا به ، أی أحاطوا به ، فالأب طرف والابن طرف والأخ جانب والعم جانب. ومنه « التَّعْصِیبُ » وهو باطل عندنا علی تقدیر زیاده السهام ، لعموم آیه أولی الأرحام وإجماع أهل البیت علیهم السّلام فیرد فاضل الضریبه علی البنت والبنات

ص: 122

والأخت والأخوات للأب والأم ، وعلی کلاله الأم علی تفصیل ذکروه ، وکذا لا عول عندهم وسیأتی ذکره فی محله. و « العصبه » بفتح عین وصاد أیضا موضع فی المدینه یقرب من قباء (1) ، ومنه حَدِیثُ الْمُهَاجِرِینَ إِلَی الْمَدِینَهِ « فَنَزَلُوا الْعَصَبَهَ ».

و « الْعَصَائِبُ » جمع عِصَابَهٍ بکسر العین وهم الجماعه من الناس من العشره إلی الأربعین ولا واحد لها من لفظها. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السّلام » الْأَبْدَالُ بِالشَّامِ وَالنُّجَبَاءُ بِمِصْرَ وَالْعَصَائِبُ بِالْعِرَاقِ ».

أی التجمع للحروب یکون بالعراق. والْعِصَابَهُ أیضا : الجماعه من الناس والخیل والطیر - قاله الجوهری.

تکون عرجا أو منکسره الرجل ، والعموم یشملها.

وَقَتَادَهَ وَمُجَاهِدٍ وَالْجُبَّائِیِ وقِیلَ مَعْنَاهُ لَا یَخَافُ صَالِحٌ عَاقِبَهَ مَا خَوَّفَهُمْ مِنَ الْعُقُوبَاتُ.

لأنه کان علی ثقه من نجاته. و ( عاقِبَهُ الدَّارِ ) : هی الْعَاقِبَهُ المحموده یدل علیه قوله : ( أُولئِکَ لَهُمْ عُقْبَی الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ ) والدار : الدنیا. قوله : ( وَإِنْ فاتَکُمْ شَیْءٌ مِنْ أَزْواجِکُمْ إِلَی الْکُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ ) [ 60 / 11 ] الآیه. سیأتی القول فیها مفصله فی « هجر « إن شاء الله تعالی. قوله : ( وَإِنْ عاقَبْتُمْ ) [ 16 / 126 ] الآیه ، أی إن أردتم مُعَاقَبَهَ غیرکم علی وجه المجازاه فَعَاقِبُوا بقدر ما عُوقِبْتُمْ به ولا تزیدوا علیه ، وسمی الفعل الأول باسم الثانی للمزاوجه.

قِیلَ کَانَ الْمُشْرِکُونَ قَدْ مَثُلُوا بِقَتْلَی أُحُدٍ وَبِحَمْزَهَ وَأَخَذَتْ هِنْدٌ کَبِدَهُ وَجَعَلَتْ تَلُوکُهُ وَجَدَعُوا أَنْفَهُ وَأُذُنَهُ ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : إِنْ مَکَّنَنَا اللهُ مِنْهُمْ لَنَمْثُلَنَّ بِالْأَحْیَاءِ فَضْلاً عَنِ الْأَمْوَاتِ فَنَزَلَتْ.

قوله : ( وَلَمْ یُعَقِّبْ ) [ 27 / 10 ] أی لم یعطف ولم ینتظر. قوله : ( لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ ) [ 13 / 11 ] الآیه. الْمُعَقِّبَاتُ : ملائکه والنهار یَتَعَاقَبُونَ ، وهم الحفظه یَعْقُبُ بعضهم بعضا فی حفظه ، جمع « مُعَقِّبَهٍ » من عَقَّبَ مبالغه فی عَقَبَهُ إذا جاء علی عَقِبَهُ ، کأن بعضهم یَعْقُبُ بعضا ، أو لأنهم یَعْقُبُونَ أقواله وأفعاله فیکتبونها ، وقِیلَ هُمْ عَشْرَهُ أَمْلَاکٍ عَلَی کُلِّ آدَمِیٍّ تَحْفَظُهُ مِنْ شَرِّ الْمَهَالِکِ وَالْمَعَاطِبِ.

وقِیلَ هِیَ التَّسْبِیحَاتُ الْأَرْبَعُ.

سمین بذلک لأنهن یعددن مره بعد أخری ، یؤیده ما رُوِیَ فِی حَدِیثِ الدُّعَاءِ : « مُعَقِّبَاتٌ لَا یَخِیبُ قَائِلُهُنَّ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِیحَهً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِیدَهً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَکْبِیرَهً ».

أو لأنهن یَعْقُبْنَ الصلاه. قوله : ( لا مُعَقِّبَ لِحُکْمِهِ ) [ 13 / 41 ] أی إذا حکم حکما فأمضاه لا یَتَعَقَّبُهُ أحد بتغیر ولا نقص ، یقال عَقَبَ الحاکم علی حکم من کان قبله : إذا حکم بعد حکمه بغیره. قوله : ( وَنُرَدُّ عَلی أَعْقابِنا ) [ 6 / 71 ] یقال لکل من لم یظفر بما

ص: 125

یرید : قد رد علی عَقِبَیْهِ. قوله : ( یَرِثُنِی وَیَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ ) [ 19 / 6 ] هو ابن إسحاق ، وقِیلَ هُوَ یَعْقُوبُ بْنُ مَاتَانَ أَخُو زَکَرِیَّا.

وقِیلَ یَعْقُوبُ هَذَا وَعِمْرَانُ أَبُو مَرْیَمَ أَخَوَانِ مِنْ نَسْلِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ.

وفِی الْکَشَّافِ وَعَنِ اللَّیْثِ أَنَ یَعْقُوبَ النَّبِیَّ علیه السّلام اسْمُهُ إِسْرَائِیلُ ، وَقِیلَ لَهُ ذَلِکَ لِأَنَّهُ وُلِدَ مَعَ الْعِیصِ فِی بَطْنٍ وَاحِدٍ ، وُلِدَ عِیصٌ قَبْلَهُ وَیَعْقُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ خَرَجَا مَعاً ، فَعِیصٌ أَبُو الرُّومِ وَیَعْقُوبُ أَبُو الْأَسْبَاطِ کُلِّهِمْ ، عُمِّرَ مِائَهَ سَنَهٍ وَأَرْبَعِینَ سَنَهً.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْمُتَعَقِّبُ عَلَی مُحَمَّدٍ فِی شَیْءٍ مِنَ الْأَحْکَامِ کَالْمُتَعَقِّبِ عَلَی اللهِ ».

أی الراد علیه والشاک فیه کالراد علی الله والشاک فیه ، وَمِثْلُهُ « الْمُتَعَقِّبُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی شَیْءٍ مِنَ الْأَحْکَامِ کَالْمُتَعَقِّبِ عَلَی رَسُولِ اللهِ ».

وَفِی حَدِیثِ الْمُسَافِرِ : « مِنْ تَلَا ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْیَنَ ) الْآیَهَ کَانَ مَعَهُ سَبْعَهٌ وَسَبْعُونَ مِنَ الْمُعَقِّبَاتِ یَسْتَغْفِرُونَ لَهُ ».

یرید ملائکه اللیل والنهار ، وإنما أنث لکثره ذلک. و « التَّعْقِیبُ » تفعیل من الْعَقِبِ. وجاء فی عَقِبِ الشهر وعلی عَقِبِهِ : إذا جاء بعد تمامه. والتَّعْقِیبُ فی الصلاه : الجلوس بعدها لدعاء أو مسأله ، وعَقَّبَ فی صلاته : فعل ذلک.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ عَقَّبَ فِی الصَّلَاهِ فَهُوَ فِی صَلَاهٍ ».

وفِیهِ « إِنْ کُنْتَ عَلَی وُضُوءٍ فَأَنْتَ مُعَقِّبٌ ».

و « الْعَقَبَهُ » بالتحریک مرقی صعب من الجبال ، یجمع علی عِقَابٍ کرقبه ورقاب ، ومنه « عَقَبَهٌ کؤده ».

وَلَیْلَهُ الْعَقَبَهِ : هِیَ اللَّیْلَهُ الَّتِی بَایَعَ رَسُولَ اللهِ الْأَنْصَارُ عَلَی الْإِسْلَامِ وَالنُّصْرَهِ ، وَذَلِکَ أَنَّهُ صلی الله علیه و آله کَانَ یَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَی القَبَائِلِ فِی کُلِّ مَوْسِمٍ لِیُؤْمِنُوا بِهِ ، فَلَقِیَ رَهْطاً فَأَجَابُوهُ فَجَاءَ فِی الْعَامِ الْمُقْبِلِ اثْنَا عَشَرَ إِلَی الْمَوْسِمِ فَبَایَعُوهُ عِنْدَ الْعَقَبَهِ الْأُولَی ، فَخَرَجَ فِی الْعَامِ الْآخَرِ سَبْعُونَ إِلَی الْحَجِّ وَاجْتَمَعُوا عِنْدَ الْعَقَبَهِ وَأَخْرَجُوا مِنْ کُلِّ فِرْقَهٍ نَقِیباً فَبَایَعُوهُ ، وَهِیَ الْبَیْعَهُ الثَّانِیَهُ.

ص: 126

وعَقَبَهُ المدنیین فی مکه لمن جاء علی طریق المدینه. وجمره الْعَقَبَهِ معروفه فی منی. و « الْعَقِبُ » بکسر القاف وسکونها الولد وولد الولد ، وأَعْقَابُ الْأَعْقَابِ : أولاد الأولاد. و « الْعَقَبُ » بفتحتین : الأبیض من أطناب المفاصل تعمل منه الأوتار ، وبکسر القاف مؤخر القدم ، والجمع « أَعْقَابٌ ». ومنه « ویل لِلْأَعْقَابِ من النار » وهو - إن صح - فالمراد به التحرز من رشاش البول. وعَاقِبَهُ کل شیء : آخره. و « لا خیر فیما لا عَاقِبَهَ له « یعنی من الأعمال الصالحه. وعَوَاقِبُ الأمور : أواخرها. و « صلینا أَعْقَابَ الفریضه « أی بعدها. وخلفت فلانا بِعَقِبِی : أی أقام بعدی. وعَقَبْتُ زیدا - من باب قتل - جئت بعده ، ومنه سُمِّیَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله « الْعَاقِبَ » لِأَنَّهُ عَقَبَ مَنْ کَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ.

أی جاء بعدهم. ورجع فلان علی عَقِبِهِ : أی علی طریق عَقِبِهِ ، وهی التی کانت خلفه وجاء منها سریعا. وقَوْلُهُ : « مَا زَالُوا مُرْتَدِّینَ عَلَی أَعْقَابِهِمْ ».

أی راجعین إلی الکفر کأنهم رجعوا إلی ورائهم. و « وطأ علی عَقِبِهِ » فی معنی اقتدی به واستن بسنته.

وَعَنْ أَبِی حَمْزَهَ الثُّمَالِیِّ قَالَ : قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السّلام إِیَّاکَ وَالرِّئَاسَهَ إِیَّاکَ أَنْ تَطَأَ أَعْقَابَ الرِّجَالِ. قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاکَ أَمَّا الرِّئَاسَهُ فَقَدْ عَرَفْتُهَا وَأَمَّا إِیْطَاءُ أَعْقَابِ الرِّجَالِ فَمَا ثُلُثَا مَا فِی یَدِی إِلَّا مِمَّا وَطِأَتُ مِنْ أَعْقَابِ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ لِی : لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ ، إِیَّاکَ أَنْ تَنْصِبَ رِجَالاً دُونَ الْحُجَّهِ فَتُصَدِّقَهُ فِی کُلِّ مَا قَالَ (1).

و « الْعُقَابُ » بضم العین : الطائر المعروف من الجوارح یؤنث ، وعَنْ کَعْبِ الْأَحْبَارِ الْعُقَابِ یَقُولُ « الْبُعْدُ عَنِ النَّاسِ رَاحَهٌ »

ص: 127

وَرُوِیَ « الْبُعْدُ مِنَ النَّاسِ آنَسُ ».

والْعُقَابُ أیضا : العلم الضخم ، وبه سمیت رایه کانت لرسول الله. واللیل والنهار یَتَعَاقَبَانِ : أی کل منهما یأتی عَقِیبَ صاحبه. و « أَعْقَبَهُ ندما « أورثه. وعَاقَبْتُ اللص مُعَاقَبَهً وعِقَاباً ، والاسم الْعُقُوبَهُ. والْیَعْقُوبُ : ذکر الحجل ، مصروف لأنه عربی لم یتغیر وإن کان مزیدا فی أوله فلیس علی وزن الفعل ، والجمع یَعَاقِیبُ ، وقد جاء فی الحدیث : وأما « یَعْقُوبُ » اسم نبی الله فهو أعجمی لا ینصرف للمعرفه والعجمه. ویَعْقُوبُ بن السکیت من المنتخبین من الشیعه قتله المتوکل علی التشیع وکان معلما لولدیه المعین والمؤید (1). و « الْیَعْقُوبِیُ » اسم رجل من رواه الحدیث (2). ویطأ عَقِبَنَا : أی یسلک سبیلنا. وعقب فلان مکان أبیه : خلفه. والنعل الْمُعَقَّبَهُ : المخصَّره.

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِنِّی لَأَکْرَهُ الرَّجُلَ لَا أَرَاهُ مُعَقَّبَ النَّعْلَیْنِ ».

کأنه أراد التی لا عَقِبَ لهما.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « سَتَعْقُبُونَ مِنِّی جُثَّهً خَلَاءً ».

أی ستجدون بعد موتی ذلک ، وخلاء أی خالیه عن الروح. واعْتَقَبَ الرجل : حبسته ، ومنه « ویَعْتَقِبُونَ الخیل العتاق » أی کرائم الخیل.

إن شاء الله تعالی. والْعَقْرَبُ : واحده الْعَقَارِبِ تطلق علی الذکر والأنثی ، فإذا أرید تأکید التذکیر قیل « عُقَیْرُبَانُ » بضم العین والراء ویقال للأنثی عَقْرَبَهٌ ، وقیل لا یقال إلا عَقْرَبٌ للذکر والأنثی.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مُسِخَ الْعَقْرَبُ وَکَانَ نَمَّاماً ».

وصُدْغ مُعَقْرَبٌ : معطوف محنی.

أو ینقص علی مجری الطبیعی کزیاده إصبع ونقصانه ، والمراد هنا ما زاد فی الدین أو نقص عنه ، یقال :

عَابَ المتاع عَیْباً من باب سار فهو عَائِبٌ ، وعَابَهُ صاحبه فهو مَعِیبٌ. والْمَعَایِبُ : الْعُیُوبُ. و « الْعَیْبَهُ » بالفتح : مستودع الثیاب أو مستودع أفضل الثیاب. وعَیْبَهُ العلم - علی الاستعاره - ومِنْهُ « الْأَنْصَارُ کَرِشِی وَعَیْبَهُ عِلْمِی ».

قتل أخاه غُرَاباً ولم یبعث غیره من الطیر والوحش لأن القتل کان مُسْتَغْرباً جدا لم یکن معهودا قبل ذلک فناسب بعثته. قوله : ( وَغَرابِیبُ سُودٌ ) [35 / 27 ] قیل هو مقدم ومؤخر ومعناه سود غَرَابِیبُ ، یقال أسود غِرْبِیبٌ أی شدید السواد ، وقیل هی الجبال الطوال السود. قال الجوهری : تقول هذا أسود غِرْبِیبٌ أی شدید السواد ، وإذا قلت غَرَابِیبُ سود تجعل السود بدلا من غَرَابِیبَ ، لأن الأبدال لا تتقدم. قوله : ( وَما کُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِیِ ) [ 28 / 44 ] الآیه. الجانب الْغَرْبِیُ المکان الواقع فی شرق الْغَرْبِ ، وهو المکان الذی وقع فیه میقات موسی علیه السّلام .

وَفِی الْحَدِیثِ : « الزَّکَاهُ نِصْفُ الْعُشْرِ فِیمَا یُسْقَی بِالنَّوَاضِحِ وَالْغَرْبِ ».

هو کفلس : الدلو العظیم الذی یتخذ من جلد ثور. و « الْغَرَبُ » کقصب : الماء السائل بین البئر والحوض یقطر من الدلاء. وغَرْبُ اللسان : حدته ، ومنه الْحَدِیثُ ، « امْلِکْ حَمِیَّهَ أَنْفِکَ « یُرِیدُ التَّکَبُّرَ » وَغَرْبَ لِسَانِکَ ».

وفِیهِ « إِنَّ اللهَ لَیُحِبُ الِاغْتِرَابَ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ ».

أی الذهاب والسعی فیه ، یقال تَغَرَّبَ واغْتَرَبَ أی ذهب إلی بلاد الْغُرْبَهِ. و « الْغُرَبَاءُ « بالضم والمد جمع غَرِیبٍ ، والْغَرِیبُ خلاف القریب. والْغُرْبَهُ : الِاغْتِرَابُ. وغَرُبَ الشخص - بالضم غَرَابَهً : بعد عن وطنه ، فهو غَرِیبٌ فعیل بمعنی فاعل. والْغَارِبُ : ما بین السنام والعنق ، وهو الذی یلقی علیه خطام البعیر إذا أرسل لیرعی حیث شاء ، ثم استعیر للمرأه وجعل کنایه عن طلاقها ، ومنه « حبلکِ علی غَارِبِکِ » أی اذهبی حیث شئت لیس لک أحد یمنعک ، تشبیها بالبعیر الذی یوضع زمامه علی ظهره ویطلق ویسرح أین أراد فی المرعی. والبلاد الْمُغَرِّبَهُ : الخالیه عن المرعی یقال غَرَبَتِ الإبل أی بعدت عن المرعی. والْمُغَرِّبُ : طالب الکلاء.

ص: 131

وأَغْرَبَ الرجل : جاء بشیء غَرِیبٍ والْغُرَابُ - بالضم - واحد الْغِرْبَانِ وجمع القله أَغْرِبَهٌ. و « الْغُرَابُ الأعصم » قیل هو الأبیض البطن ، وقیل الأعصم الأبیض الجناحین ، وقیل الأبیض الرجلین وهو عزیز الوجود. وفی کلام العرب « أعز من الْغُرَابِ الأعصم ».

وَفِی الْخَبَرِ » مَثَلُ الْمَرْأَهِ الصَّالِحَهِ فِی النِّسَاءِ کَمَثَلِ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ فِی مِائَهِ غُرَابٍ. قِیلَ : یَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله وَمَا الْغُرَابُ الْأَعْصَمُ؟ قَالَ : الَّذِی أَحَدُ رِجْلَیْهِ بَیْضَاءُ ».

وغُرَابُ البین نوعان : أحدهما غُرَابٌ صغیر معروف باللون والضعف ، وأما الآخر فإنه ینزل الدور ویقع فی موضع إقامه الناس إذا ارتحلوا ، وإنما قیل لکل غُرَابٍ غُرَابُ البین لأنها تسقط فی منازلهم إذا ساروا عنها وبانوا ، فلما کان هذا الْغُرَابُ لا یوجد إلا عند مباینتهم عن منازلهم اشتقوا له هذا الاسم من البینونه. وعن المقدسی فی کشف الأسرار فی صفه غُرَابِ البین : هو غُرَابٌ أسود ینوح نوح الحزین المصاب وینعق بین الخلان والأحباب ، إن رأی شملا مجتمعا أخبر بشتاته وإن شاهد ربعا عامرا بشر بخرابه ودرس عرصاته ، یعرف النازل والساکن بخراب الدور والمساکن ، ویحذر الآکل غصه المأکل ، ویبشر الراحل بقرب المراحل ، ینعق بصوت فیه تحزین کما یصوت المعلن بالتأذین. والْغَرْبُ والْمَغْرِبُ بمعنی. وصلاه الْمَغْرِبِ : معروفه. وغَرَبَتِ الشمس غُرُوباً : بعدت وتوارت فی مغیبها. ومُغَیْرُبَانُ الشمس : وقت مغیبها ، مصغر علی غیر مکبره.

وامرأه غَضْبَی ، وفی لغه غَضْبَانَهٌ ، وقوم غَضْبَی وغُضَابَی مثل سکری وسکاری ، وغُضَابٌ کعطاش.

أی لِغَیْبِ أزواجهن ، أی حافظات لما یکون بینهن وبین أزواجهن فی الخلوات من الأسرار ( بِما حَفِظَ اللهُ ) أی بما حفظهن الله حین أوصی لهن الأزواج وأوجب لهن علیهم المهر والنفقه ، فالباء للمقابله والجزاء. قوله : ( یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ ) [ 2 /3 ] یعنی یؤمنون بالله تعالی لأنه لا یری ، وقیل إنه بما غَابَ من أمر الآخره وإن کان محصلا فی القلوب. قوله : ( وَلِلَّهِ غَیْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) [ 11 / 123 ] أی علم غَیْبِهَا قوله : ( عالِمُ الْغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلی غَیْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ ) [ 72 / 26 ]

عَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام قَالَ : « إِنَّ اللهَ تَعَالَی عَالِمٌ بِمَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ فِیمَا یَقْدِرُ مِنْ شَیْءٍ وَیَقْضِیهِ فِی عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَهُ ، وَقَبْلَ أَنْ یُفْضِیَهُ إِلَی الْمَلَائِکَهِ فَذَلِکَ عِلْمٌ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ إِلَیْهِ فِیهِ الْمَشِیَّهُ ، فَیَقْضِیهِ إِذَا أَرَادَ وَیَبْدُو لَهُ فِیهِ فَلَا یُمْضِیهِ ، وَأَمَّا الْعِلْمُ الَّذِی یُقَدِّرُهُ اللهُ تَعَالَی وَیُمْضِیهِ وَیَقْضِیهِ فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِی انْتَهَی إِلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله ثُمَّ إِلَیْنَا » (1).

وَعَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السّلام : خَمْسَهُ أَشْیَاءَ لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ : ( عِلْمُ السَّاعَهِ ، وَیُنَزِّلُ الْغَیْثَ ، وَیَعْلَمُ ما فِی الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَکْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِی نَفْسٌ بِأَیِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ).

قوله : ( عالِمُ الْغَیْبِ وَالشَّهادَهِ ) [ 6 / 73 ] أی المعدوم والموجود ، وقیل ما غَابَ عن الخلق وما شاهدوه والسر والعلانیه.

وَعَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام : « مَا لَمْ یَکُنْ ثُمَّ کَانَ ».

قوله : ( وَما مِنْ غائِبَهٍ ) [ 27 / 75 ] أی ما من شیء شدید الْغَیْبُوبَهِ والخفاء ( فِی السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِی کِتابٍ مُبِینٍ ) قوله : ( عَلَّامُ الْغُیُوبِ ) [ 5 / 109 ] هو جمع غَیْبٍ ، وهو ما غَابَ عنک. قوله : ( وَلا یَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً ) [ 49 / 12 ] یقال اغْتَابَهُ اغْتِیَاباً : إذا وقع فیه ، والاسم : « الْغِیبَهُ » بالکسر ، وهو أن یتکلم خلف إنسان مستور بما

ص: 135

یغمه لو سمعه ، فإن کان صدقا سمی غِیبَهً وإن کان کذبا سمی بهتانا ، وتصدیق ذلک

مَا رُوِیَ عَنْهُ صلی الله علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : هَلْ تَدْرُونَ مَا الْغِیبَهُ؟ فَقَالُوا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ : ذِکْرُکَ أَخَاکَ بِمَا یَکْرَهُ. قَالَ : أَرَأَیْتَ إِنْ کَانَ فِی أَخِی مَا أَقُولُ؟ قَالَ : إِنْ کَانَ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ یَکُنْ فَقَدْ بَهَتَّهُ (1).

إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا ریب فی اختصاص تحریم الْغِیبَهِ بمن یعتقد الحق ، فإن أدله الحکم غیر متناوله لأهل الضلال کتابا ولا سنه ، بل فی بعض الأخبار تصریح بسبهم والوقیعه فیهم ، کما

رُوِیَ فِی الصَّحِیحِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله : « إِذَا رَأَیْتُمْ أَهْلَ الرَّیْبِ وَالْبِدَعِ مِنْ بَعْدِی فَأَظْهِرُوا الْبَرَاءَهَ مِنْهُمْ وَأَکْثِرُوا مِنْ سَبِّهِمْ وَالْقَوْلَ فِیهِمْ وَالْوَقِیعَهَ ، وَبَاهِتُوهُمْ کَیْلَا یَطْمَعُوا فِی الْفَسَادِ فِی الْإِسْلَامِ وَیَحْذَرَهُمُ النَّاسُ وَلَا یَتَعَلَّمُونَ مِنْ بِدَعِهِمْ ، یَکْتُبِ اللهُ لَکُمُ الْحَسَنَاتِ وَیَرْفَعْ لَکُمْ بِهِ الدَّرَجَاتِ فِی الْآخِرَهِ » (2).

بل ظاهر جمله من الأخبار اختصاص التحریم بمن یعتقد الحق ویتصف بصفات مخصوصه ، کالستر والعفاف وکف البطن والفرج والید واللسان واجتناب الکبائر ونحو ذلک من الصفات المخصوصه المذکوره فی محالها ، التی إذا حصلت فی المکلف حرم علی المسلمین ما وراء ذلک من عثراته وعیوبه ، ویجب علیهم تزکیته وإظهار عدالته فی الناس ، فأما من لم یتصف بذلک فلم یقم دلیل علی تحریم غیبته ، ویؤید ما ذکرناه ما

رُوِیَ فِی الْکَافِی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام قَالَ : مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ یَظْلِمْهُمْ وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ یَکْذِبْهُمْ وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ یُخْلِفْهُمْ کَانَ مِمَّنْ حَرُمَتْ غِیبَتُهُ وَکَمَلَتْ مُرُؤَتُهُ وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ وَوَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ.

وبما ذکرناه یظهر أن المنع من غِیبَهِ الفاسق المصر - کما یمیل إلیه کلام بعض من تأخر - لیس بالوجه ، لأن دلاله الأدله علی اختصاص الحکم بغیره أظهر من أن یبین. وما ورد من تحریم الْغِیبَهِ علی العموم کلها من طرق أهل

ص: 136

الخلاف لمن تدبر ذلک. وحیث تحرم الْغِیبَهُ یدخل فیها أمور ذکر بعضها بعض علمائنا : کنقصان یتعلق فی البدن کالعمش والعور ، وفی النسب کفاسق الأب وخسیس النسب ، وفی الخلق کأن یقول سییء الخلق بخیل ، وبالفعل المتعلق بالدین کسارق کذاب وبالدنیا کقلیل الأدب متهاون بالناس ، وبالثوب کقولک واسع الکم طویل الذیل ... إلی أن قال : إن ذلک لا یکون مقصورا علی التلفظ به بل التعریض به والإشاره کذلک ، وکذا الإیماء والغمز وکلما یفهم منه المقصود داخل فی الْغِیبَهِ مساو للتصریح فی المعنی. قال : ومن ذلک ما

رُوِیَ عَنْ عَائِشَهَ أَنَّهَا قَالَتْ : دَخَلَتْ عَلَیْنَا امْرَأَهٌ فَلَمَّا وَلَّتْ أَوْمَأْتُ بِیَدِی ، أَیْ قَصِیرَهٌ. فَقَالَ صلی الله علیه و آله : اغْتَبْتِیهَا.

ولا بأس بملاحظه ما ذکر ولو من باب الأولویه. ونقل الاتفاق علی جواز الْغِیبَهِ فی مواضع : کالشهاده ، والنهی عن المنکر ، وشهاده ونصح المستشیر ، وجرح الشاهد والراوی ، وتفضیل بعض العلماء والصناع علی بعض ، وغِیبَهِ المتظاهر بالفسق الغیر المستنکف ، وذکر المشتهر بوصف متمیز له کالأعرج والأعور لا علی سبیل الاحتقار والذم ، وذکره عند من یعرفه بذلک بشرط عدم سماع غیره ، والتنبیه علی الخطإ فی المسائل العلمیه بقصد أن لا یتبعه أحد فیها (1).

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ ذَکَرَ رَجُلاً مِنْ خَلْفِهِ بِمَا هُوَ فِیهِ مِمَّا عَرَفَهُ النَّاسُ لَمْ یَغْتَبْهُ » (2).

المراد بِقَوْلِهِ « مِنْ خَلْفِهِ ». یعنی رجلا غَائِباً لیس بحاضر. قَوْلُهُ « مِمَّا عَرَفَهُ النَّاسُ ».

کالحده والعجله ونحو ذلک مما اشتهر فیه بین الناس. وغَابَ القمر غِیَاباً وغَیْبُوبَهً ، وتَغَیَّبَ أیضا : أی غرب وتواری.

وَفِی الْحَدِیثِ : « حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّی غَابَ قُرْصُهَا ». فحتی الثانیه علی ما ذکر بیان للسابقه إزاله لتوهم التجوز.

ص: 137

والغائب : خلاف الحاضر ، والجمع غُیَّبٌ وغُیَّابٌ مثل رکع وکفار. والْغَابَهُ : الأجمه من القصب. والْغَابَهُ : الأجمه ذات الشجر المتکاثف لأنها تُغَیِّبُ ما فیها ، والجمع غَابَاتٌ. و « غَیَابَهُ الوادی » بالفتح : قعره تقول « وقعنا فی غَیْبَهٍ وغَیَابَهٍ » أی هبطه من الأرض.

الذی یضرب لونه إلی الحمره ، وبهذا اللون یکون فی الحمار الوحشی ، والسماحیج الطوال واحده سمحج. والْقَبَبُ الضمر - انتهی (1).

وَفِی الْحَدِیثِ : « هَلَاکُ الْمَرْءِ فِی ثَلَاثٍ قَبْقَبِهِ وَذَبْذَبِهِ وَلَقْلَقِهِ ».

الْقَبْقَبُ : البطن ، من الْقَبْقَبَهِ وهو صوت یسمع من البطن ، فکأنها حکایه ذلک الصوت ، والمراد بذبذبه ذکره ، وبلقلقه لسانه.

( وَاسْجُدْ ) : لقراءه هذه السوره ، والسجود هنا فریضه وهو من العزائم. و ( قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ ) [ 9 / 99 ] المعنی أن ما ینفقه سبب لحصول الْقُرُبَاتِ وصلوات الرسول ، لأنه کان یدعو للمتصدقین بالخیر والبرکه ویستغفر لهم کَقَوْلِهِ « اللهُمَّ صَلِّ عَلَی آلِ أَبِی أَوْفَی ».

لما أتاه أبو أوفی بصدقه ، فلما کان ما ینفق سببا لذلک قیل یتخذ ما ینفق قُرُبَاتٍ وصلوات ( أَلا إِنَّها قُرْبَهٌ ) شهاده من الله للمتصدق بصحه ما اعتقده - کذا قال الشیخ أبو علی. قوله : ( وَالْجارِ ذِی الْقُرْبی ) [ 4 /36 ] أی الذی قَرِیبُ جواره ، وقیل الذی له مع الجوار قُرْبٌ واتصال بنسب أو دین. قوله : ( ذا مَقْرَبَهٍ ) [ 90 / 15 ] أی قَرَابَهٍ. قوله : ( إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِینَ ) [ 7 / 56 ] ولم یقل قَرِیبَهٌ لأنه أراد بالرحمه الإحسان ، ولأن ما لا یکون تأنیثه حقیقیا جاز تذکیره. وعن الفراء : إذا کان الْقَرِیبُ بمعنی المسافه یذکر ویؤنث. و « ذِی الْقُرْبی » فی آیه الخمس بنو هاشم وبنو المطلب دون بنی عبد شمس وبنی نوفل ، لِقَوْلِهِ علیه السّلام : « إِنَّ بَنِی الْمُطَّلِبِ مَا فَارَقُونَا فِی جَاهِلِیَّهٍ وَلَا إِسْلَامٍ ، وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَیْءٌ وَاحِدٌ ».

وشَبَّکَ بَیْنَ أَصَابِعِهِ. قوله : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَالْمِسْکِینَ وَابْنَ السَّبِیلِ ) [ 17 / 26 ] وقوله : ( إِنَّ اللهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِیتاءِ ذِی الْقُرْبی ) [ 16 / 90 ] قیل المراد بذی الْقُرْبَی فی هذا وأمثاله قَرَابَهُ الرسول وإعطاء حقه وأوجب له من الخمس وغیره. قوله : ( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ ) [ 21 / 97 ] أی تَقَارَبَ. قوله تعالی : ( وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَهَ ) أی لا تأکلا منها ، والمعنی لا تَقْرَبَاهَا بالأکل ، وهو نهی تنزیه عندنا لا نهی تحریم ، وکانا بالتناول منها تارکین نفلا وفضلا ( فَتَکُونا مِنَ الظَّالِمِینَ ) أی

ص: 140

الباخسین الثواب الناقصین للحظ لأنفسکما بترک هذا المندوب إلیه - کذا ذکره الشیخ أبو علی. قوله : ( حَتَّی یَأْتِیَنا بِقُرْبانٍ تَأْکُلُهُ النَّارُ ) [3 / 183 ] أی تشرع لنا تَقْرِیبَ قُرْبَانٍ تأکله النار ، والْقُرْبَانُ ما یقصد به الْقُرْبُ من رحمه الله من أعمال البر ، وهو علی وزن فعلان من الْقُرْبِ کالفرقان من الفرق.

وَالْقِصَّهُ فِی ذَلِکَ : أَنَّهُ لَمَّا أَکَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَهِ أُهْبِطَ إِلَی الْأَرْضِ فَوُلِدَ لَهُ هَابِیلُ وَأُخْتُهُ تَوْأَمٌ فَوُلِدَ لَهُ قَابِیلُ وَأُخْتُهُ تَوْأَمٌ ، ثُمَّ أَمَرَهُمَا أَنْ یُقَرِّبَا قُرْبَاناً ، وَکَانَ هَابِیلُ صَاحِبَ غَنَمٍ وَقَابِیلُ صَاحِبَ زَرْعٍ ، فَقَرَّبَ هَابِیلُ کَبْشاً مِنْ أَفَاضِلِ غَنَمِهِ وَقَرَّبَ قَابِیلُ مِنْ زَرْعِهِ مَا لَمْ یُنَقَّ ، فَقُبِلَ قُرْبَانُ هَابِیلَ فَأَکَلْتُهُ النَّارِ ، فَعَمَدَ قَابِیلُ إِلَی النَّارِ فَبَنَی لَهَا بَیْتاً وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَی بُیُوتَ النَّارِ ، فَقَالَ : لِأَعْبُدَ هَذِهِ النَّارَ حَتَّی تُقْبَلُ مِنِّی قُرْبَانِی ، ثُمَّ إِنَّ إِبْلِیسَ أَتَاهُ وَهُوَ یَجْرِی مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَی الدَّمِ فِی الْعُرُوقِ فَقَالَ لَهُ : یَا قَابِیلُ إِنْ تَرَکْتَ هَابِیلَ یَکُونُ لَهُ عَقِبٌ یَفْتَخِرُونَ عَلَی عَقِبِکَ وَیَقُولُونَ نَحْنُ مِمَّنْ تُقُبِّلَ قُرْبَانُهُ فَاقْتُلْهُ ، فَقَتَلَهُ ، فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ آدَمَ بَکَاهُ أَرْبَعِینَ لَیْلَهً ثُمَّ سَأَلَ رَبَّهُ وَلَداً فَسَمَّاهُ هِبَهَ اللهِ وَهَبَهُ لَهُ وَأُخْتُهُ تَوْأَمٌ.

قوله : ( وَآتَی الْمالَ عَلی حُبِّهِ ذَوِی الْقُرْبی ) [ 2 / 177 ] فقیل قَرَابَهُ المعطی ، فیکون حثا علی صله الأرحام ویدخل فی ذلک النفقات الواجبه والمندوبه وغیرها من الصلات ، وَقِیلَ قَرَابَهُ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله لِقَوْلِهِ تَعَالَی : ( قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّهَ فِی الْقُرْبی ) [ 42 / 23 ] وَهُوَ الْمَرْوِیُّ عَنِ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ علیهما السّلام

قوله : ( وَأَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الْأَقْرَبِینَ ) [ 26 / 214 ] قال قرابه رسول الله صلی الله علیه و آله الذین جعل لهم الخمس ، وهم بنو عبد المطلب أنفسهم ذکرهم وأنثاهم لا یخالطهم من قریش أو من بیوتات العرب أحد.

وَعَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السّلام قَالَ : لَمَّا أُنْزِلَتْ ( وَأَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الْأَقْرَبِینَ ) دَعَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله بَنُو [ بَنِی ] عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَهُمْ مَعَ ذَلِکَ أَرْبَعُونَ

ص: 141

رَجُلاً یَزِیدُونَ رَجُلاً أَوْ یُنْقَصُونَ رَجُلاً ، فَقَالَ : أَیُّکُمْ یَکُونُ أَخِی وَوَارِثِی وَخَلِیفَتِی فِیکُمْ بَعْدِی؟ فَعَرَضَ عَلَیْهِمْ ذَلِکَ رَجُلاً رَجُلاً کُلُّهُمْ یَأْبَی ذَلِکَ وَأَقُولُ : أَنَا یَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله . فَقَالَ : یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هَذَا أَخِی وَوَارِثِی وَخَلِیفَتِی فِیکُمْ بَعْدِی. فَقَامَ الْقَوْمُ یَضْحَکُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَیَقُولُونَ لِأَبِی طَالِبٍ : قَدْ أَمَرَکَ أَنْ تَسْمَعُ وَتُطِیعَ هَذَا الْغُلَامَ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله ثَلَاثاً مِنْهَا السَّادُّ الطَّرِیقِ الْمُقَرِّبَهِ ».

وقد مر شرحه فی « غرب ». وتقرب إلی الله بشیء : أی طلب به الْقُرْبَهَ عنده. و « الْقُرُبَهُ » بسکون الراء والضم للاتباع : ما یُتَقَرَّبُ به إلی الله تعالی ، والجمع قُرَبٌ وقُرُبَاتٌ مثل غرفه وغرف وغرفات. و « الْقِرْبَهُ » بالکسر : ما یستقی به الماء ، والجمع « قِرَبٌ » کسدره وسدر. واقْتَرَبَ : دنا. وتَقَارَبُوا : قَرُبَ بعضهم إلی بعض. و « الْقُرْبَانُ » بالضم : مثل الْقُرْبَهِ ، ومنه الْحَدِیثُ « الصَّلَاهُ قُرْبَانُ کُلِّ تَقِیٍّ » (1).

أی الأتقیاء من الناس یَتَقَرَّبُونَ بها إلی الله تعالی ، أی یطلبون الْقُرْبَ منه بها.

وَفِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِ : « مَنْ تَقَرَّبَ إِلَیَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَیْهِ ذِرَاعاً ».

المراد بِقُرْبِ العبد إلی الله تعالی الْقُرْبُ بالذکر والعمل الصالح لا قُرْبُ الذات والمکان ، لأن ذلک من صفات الأجسام والله منزه عن ذلک ومقدس ، والمراد بِقُرْبِ الله تعالی من العبد قُرْبُ نعمه وألطافه وبره وإحسانه إلیه وترادف مننه وفیض مواهبه علیه. و « قَرِبْتُ الأمر » من باب تعب ، وفی لغه من باب قتل قُرْبَاناً بالکسر : فعلته أو دانیته. قیل ومن الأول ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنی ) ومِنَ الثَّانِی « لَا تَقْرُبُوا الْحُمَّی ».

وقَارَبَ الإبل : أی جمعها حتی لا تتبدد. وقَارَبَ فلان فلانا : إذا کلمه

ص: 142

بکلام حسن. و « قِرَابُ السیف » بالکسر جفنه ، وهو وعاء السیف ، والجمع قُرُبٌ وأَقْرِبَهٌ کحُمُر وأَحْمِره. و « الْقِرَابَهُ » بالکسر : الرحم. و « شیء مُقَارِبٌ » بکسر الراء ، أی وسط بین الجید والردیء.

وَفِی الْحَدِیثِ : « فَدَعَا بِإِزَارٍ قُرْقُبِیٍّ ».

و « أَقْبَلَ شَیْخٌ عَلَیْهِ قَمِیصٌ قُرْقُبِیٌّ ».

القُرْقُبِی بقافین : ثوب أبیض مصری من کتان منسوب إلی قرقوب مع حذف الواو فی النسبه کسابری لسابور ، وروی بالفاء وعن الزمخشری الفُرْقُبِیَّه والثُّرْقُبُیَّه - یعنی بالفاء والثاء المثلثه - ثیاب مصری ، ویروی بقافین منسوب إلی قُرْقُوب (1)

والْقَصَبُ : ثیاب ناعمه واحدها قَصَبِیٌ علی النسبه. والْقَصَبُ من الجوهر : هو ما استطال منه فی تجویف ، ومنه الْحَدِیثُ : « بَشِّرْ خَدِیجَهَ بِبَیْتٍ مِنْ قَصَبٍ ».

أی من الجوهر. وقَصَبَهُ الأنف : عظمه. وقَصَبَهُ البلاد : مدینتها ، ومنه « قَصَبَهُ إیلاق ». وقَصَبَهُ القریه : وسطها. وقَصَبْتُ الشاه قَصْباً - من باب ضرب - قطعتها عضوا عضوا ، والفاعل قَصَّابٌ.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تُسَلِّمْ ابْنَکَ قَصَّاباً فَإِنَّهُ یَذْبَحُ حَتَّی تَذْهَبَ الرَّحْمَهُ مِنْ قَلْبِهِ ».

ورجل قَصَّابَهٌ : للذی یقع فی الناس. و « الْمَقْصَبَهُ » بفتح المیم والصاد : موضع یُقْصَبُ فیه. ومنبت الْقَصَبِ أیضا. والعباس بن عامر بن ریاح الْقَصَبَانِیُ أحد رواه الحدیث (1).

والْقَضِیبُ : قَضِیبُ الحمار وغیره. وسیف قَاضِبٌ : أی قاطع.

وَفِی حَدِیثِ الْحُسَیْنِ علیه السّلام : « فَجَعَلَ ابْنُ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللهِ یَقْرِعُ فَمَهُ بِقَضِیبٍ ».

أراد به السیف اللطیف الدقیق ، وقیل أراد به العود

النحوی. کان من أهل العربیه ، وکان حریصا علی الاشتغال والتعلم ، وکان یبکر إلی سیبویه قبل حضور أحد من التلامذه فقال له یوما : ما أنت إلا قطرب لیل ، فبقی علیه (1)

( حِینَ تَقُومُ ) : أی للتهجد ، والمراد بالساجدین المصلون ، وتَقَلُّبُهُ فیهم تصرفه فیما بینهم بقیامه ورکوعه وسجوده وقعوده إذا أمهم ، وقیل معناه وتَقَلُّبُکَ فی الساجدین فی الأصلاب أصلاب الموحدین حتی أخرجک. قال الشیخ أبو علی : وهو المروی عن أئمه الهدی علیهم السّلام . قوله : ( وَقَلَّبُوا لَکَ الْأُمُورَ ) [ 9 / 48 ] أی یبغون لک الغوائل. قوله : ( تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ) [ 24 /37 ] أی تضطرب من الهول والفزع وتشخص ، أو تَتَقَلَّبُ أحوالها فتفقه القلوب وتبصر الأبصار بعد أن کانت لا تفقه ولا تبصر. قوله : ( قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِکَ فِی السَّماءِ ) [ 2 / 144 ] أی تردد وجهک وتصرف نظرک تطلعا للوحی. قوله : ( وَإِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) [ 43 / 14 ] أی راجعون إلیه ، والِانْقِلَابُ : الانصراف.

وَفِی الْحَدِیثِ : « قَلْبُ الْإِنْسَانُ مُضْغَهٌ مِنْ جَسَدِهِ ».

وفِیهِ أَیْضاً : « الْقَلْبُ مَا فِیهِ إِیمَانٌ وَلَا کُفْرٌ شِبْهُ الْمُضْغَهِ » (1).

والمضغه : هی القطعه من اللحم. وفِیهِ : « الْقَلْبُ أَمِیرُ الْجَوَارِحِ وَلَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْیِهِ ».

وفِیهِ « إِنَ الْقُلُوبَ أَرْبَعَهٌ : قَلْبٌ فِیهِ نِفَاقٌ وَإِیمَانٌ إِذَا أَدْرَکَ الْمَوْتُ صَاحِبَهُ عَلَی نِفَاقِهِ هَلَکَ وَإِنْ أَدْرَکَهُ عَلَی إِیمَانِهِ نَجَا ، وَقَلْبٌ مَنْکُوسٌ وَهُوَ قَلْبُ الْمُشْرِکِ ، وَقَلْبٌ مَطْبُوعٌ هُوَ قَلْبُ الْمُنَافِقِ ، وَقَلْبٌ أَزْهَرُ أَجْرَدَ وَهُوَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِیهِ کَهَیْئَهِ السِّرَاجِ إِنْ أَعْطَاهُ اللهُ شَکَرَ وَإِنِ ابْتَلَاهُ صَبَرَ » (2).

والْقَلْبُ : هو الفؤاد ، وقیل هو أخص منه ، وقیل هما سواء. والجمع « قُلُوبٌ » مثل فلس وفلوس.

ص: 147

وعن بعض أهل التحقیق : أن الْقَلْبَ یطلق علی معنیین : أحدهما اللحم الصنوبری الشکل المودع فی الجانب الأیسر من الصدر ، وهو لحم مخصوص وفی باطنه تجویف وفی ذلک التجویف دم أسود ، وهو منبع الروح ومعدنه ، وهذا المعنی من الْقَلْبِ موجود للبهائم بل للمیت. المعنی الثانی لطیفه ربانیه روحانیه لها بهذا الْقَلْبِ تعلق ، وتلک اللطیفه هی المعبر عنها بِالْقَلْبِ تاره وبالنفس أخری وبالروح أخری وبالإنسان أیضا ، وهو المدرک العالم العارف ، وهو المخاطب والمطالب والمعاقب ، وله علاقه مع الْقَلْبِ الجسدانی ، وقد تحیر أکثر الخلق فی إدراک وجه علاقته ، وإن تعلقه یضاهی تعلق الأعراض بالأجسام أو الأوصاف بالموصوفات ، أو تعلق المستعمل للآله بالآله ، أو تعلق المتمکن بالمکان ، وشبه ذلک - انتهی. وهذا هو المراد من

قَوْلِهِ علیه السّلام : « لَیْسَ مِنْ عَبْدٍ یُقْبِلُ بِقَلْبِهِ عَلَی اللهِ إِلَّا أَقْبَلَ اللهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ ».

وَفِی حَدِیثِ الْفُرُوضِ عَلَی الْجَوَارِحِ : « وَأَمَّا مَا فَرَضَ اللهُ عَلَی الْقَلْبِ مِنَ الْإِیمَانِ فَالْإِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَهُ وَالْعَقْدُ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِیمُ ».

وفسر الإقرار : الإقرار بما جاء من عند الله تعالی من نبی أو کتاب ، والمعرفه بالتصور المطلق ، والعقد بالإذعان القلبی وهو التصدیق ، وقد جاء فی تفسیره به

فِی الْحَدِیثِ : « وَالرِّضَا وَالتَّسْلِیمُ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ».

وَفِی الْخَبَرِ : « قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَیْنَ إِصْبَعَیْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ ».

هو تمثیل عن سرعه تَقَلُّبِهِ ، أو أنه معقود بمشیه الله وتخصیص الأصابع کنایه عن إجراء القدره والبطش لأنه بالید والأصابع إجراؤها. وقَلْبُ کل شیء : خالصه ولبه. وقَلْبُ العقرب : من منازل القمر ، وهو کوکب نیر بجانبه کوکبان. و « الْقُلْبُ » بضم فسکون : سوار المرأه ، ومنه « تنزع المرأه حجلها وقُلْبَها ». ومُقَلِّبُ الْقُلُوبِ : أی مغیرها ومبدل

ص: 148

الخواطر وناقض العزائم ، فإنها تحت قدرته یُقَلِّبُها کیف شاء. وقَلَبْتُ الشیء قَلْباً من باب ضرب : حولته عن وجهه. وکلام مَقْلُوبٌ : مصروف عن وجهه. والْمَقْلُوبُ من الحدیث سهوا ما یرویه محمد بن أحمد بن عیسی عن أحمد بن محمد بن عیسی ، فإنه مَقْلُوبٌ عن أحمد بن محمد بن عیسی ، إذ لیس فی الرجال المعتمد علی روایتهم محمد بن أحمد بن عیسی ، ومثله روایه محمد بن أحمد بن یحیی عن أبیه أحمد بن محمد بن یحیی عن محمد بن یحیی. وقَلَبْتُ الرداء : حولته وجعلت أعلاه أسفله. وقَلَبْتُ الأمر ظهرا لبطن : اختبرته. وقَلَّبْتُ بالتشدید فی الکل مبالغه وتکثیر ، ومنه قوله تعالی : ( وَقَلَّبُوا لَکَ الْأُمُورَ ). و « الْقَالَبُ » بفتح اللام : قَالَبُ الخف وغیره ، ومنهم من یکسرها. ومنه فِی صِفَاتِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ : « فِی قَالَبٍ کَقَالَبِهِ فِی الدُّنْیَا ».

والْقَلِیبُ : بئر تحفر فَیَنْقَلِبُ ترابها قبل أن تطوی - کذا فی المغرب. وعن الأزهری : الْقَلِیبُ عند العرب البئر العادیه القدیمه مطویه کان أو غیر مطویه ، والجمع « قُلُبٌ » مثل برید وبرد ، ومنه حَدِیثُ قَتْلَی بَدْرٍ : « ثُمَّ جَمَعَهُمْ فِی قَلِیبٍ ».

و « أبو قِلَابَهٍ » بکسر القاف من التابعین ، واسمه عبد الله.

وَفِی حَدِیثِ السَّفَرِ : « وَأَعُوذُ بِکَ مِنْ کَآبَهِ الْمُنْقَلَبِ ».

والْمُنْقَلَبُ مصدر بمعنی الِانْقِلَابِ ، أی الِانْقِلَابُ من السفر ، والمعنی فیه هو أن یرجع من سفره بأمر یحزنه : إما بآفه أصابته فی سفره ، أو یعود غیر مقضی الحاجه ، أو أصاب ماله آفه ، أو یقدم علی أهله فیجدهم مرضی ، أو قد فقد بعضهم. و « أَعُوذُ بِکَ مِنْ خَیْبَهِ الْمُنْقَلَبِ ».

أی الرجوع إلی الله تعالی یوم القیامه بالخیبه. الخیبه : الخسران. وقَوْلُهُ : « فِی مُنْقَلَبِی وَمَثْوَایَ ».

أی رجوعی وإقامتی أو حرکتی وسکونی.

ص: 149

ماش کان علی أربع قوائم أو لم یکن. قوله : ( فَکُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِی النَّارِ ) [ 27 / 90 ] یقال کَبَبْتُ فلانا کَبّاً ألقیته علی وجهه فَأَکَبَ هو بالألف ، وهی من النوادر التی یعدی ثلاثیها دون رباعیها. قوله : ( فَکُبْکِبُوا فِیها ) [ 26 / 94 ] علی صیغه المجهول ، أی کُبِتُوا ، أی ألقوا علی رءوسهم واطرحوا فی جهنم ، من قولهم » کَبَبْتُ الإناء » من باب قتل : إذا قلبته علی رأسه. ومنه الْحَدِیثُ : « وَهَلْ یَکُبُ النَّاسَ فِی النَّارِ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا مَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ وَحَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ مَا قِیلَ فِی النَّاسِ وَقُطِعَ بِهِ عَلَیْهِمْ ».

وأصل الحصد قطع الزرع ، فاستعمله هاهنا علی وجه الاستعاره ، وهی من نتائج بلاغته التی لم یشارکه فیها أحد ، وذلک أنه شبه إطلاق المتکلم لسانه بما یقتضیه الطبع من اللسان من غیر أن یمیز بین سقاط العقول وبحثه وتناول الناس بلسانه بفعل الحاصد الذی لا یمیز فی الحصاد بین شوک وزرع بل یتناول الکل بمنجله. وأَکَبَ علیه : أقبل ولزم کَانْکَبَ.

وَ « عَلَیْکَ بِالْإِکْبَابِ عَلَی صَلَاتِکَ ».

أی لزومها والإقبال علیها. وفِی بَعْضِ النُّسَخِ « بِالْإِقْبَالِ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « یَأْتِی یَوْمَ الْقِیَامَهِ مِثْلُ الْکُبَّهِ فَتَدْفَعُ فِی ظَهْرِ الْمُؤْمِنِ فَتُدْخِلُ الْجَنَّهَ فَیُقَالُ هَذَا الْبِرُّ بِالْوَالِدَیْنِ ».

« الْکُبَّهُ » بالفتح ، الدفعه ، والْکُبَّهُ أیضا : الجماعه من الناس. و « الْکُبَّهُ « بضم الکاف من الغزل ، والجمع کُبَبٌ مثل غرفه وغرف. و « کَبَبْتُ الغزل « من باب قتل جعلته کُبَّهً. والْکُبَّهُ أیضا : جماعه من الخیل ، وکذا الْکَبْکَبَهُ بالضم والفتح ، ومنه حَدِیثُ الْإِسْرَاءِ « حَتَّی مَرَّ مُوسَی علیه السّلام بِکَبْکَبَهٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ ».

أی جماعه متضامه من الناس وغیرهم. والْکَبَابُ : معروف ، ومنه حَدِیثُ الْمُحْرِمِینَ : « أوقدنا نَاراً وَطَرَحْنَا عَلَیْهِ لَحْماً نُکَبِّبُهُ ».

ص: 151

وتَکَابُّوا علی المیضاه : أی ازدحموا علیها.

إثباته فی اللوح المحفوظ ، وهو أن لا یعاقب المخطیء وأن لا یعذب أهل بدر أو قوما بما لم یصرح لهم بالنهی عنه. قوله : ( وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَهَ النِّکاحِ حَتَّی یَبْلُغَ الْکِتابُ أَجَلَهُ ) [ 2 / 235 ] أی تعتد ویبلغ الذی فی الْکِتَابِ أجل أربعه أشهر وعشرا. قوله تعالی : ( إِنَّ الصَّلاهَ کانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ کِتاباً مَوْقُوتاً ) [ 4 / 103 ] الْکِتَابُ مصدر کالقتال والضراب ، والمصدر قد یراد به المفعول أی الْمَکْتُوبُ ، وهو یرادف الفرض ، ومنه ( کُتِبَ عَلَیْکُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ ) [ 2 / 180 ] أی فرض ، والموقوت المحدود بأوقات لا تزید ولا تنقص ولا یجوز التقدیم علیها ولا التأخیر. قوله : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ کِتابَهُ بِیَمِینِهِ فَسَوْفَ یُحاسَبُ حِساباً یَسِیراً ) [ 84 / 7 - 8 ]. ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ کِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ یَدْعُوا ثُبُوراً وَیَصْلی سَعِیراً ) [ 84 / 10 - 11 ] قیل عند تطایر الکُتُبِ المطیع یأتیه کِتَابُهُ من قدامه ویتناوله بیمینه ، والعاصی یأتیه کِتَابُهُ من وراء ظهره ویتناوله بیساره ، وهذا الْکِتَابُ فیه عمله. قوله : ( وَیُعَلِّمُکُمُ الْکِتابَ وَالْحِکْمَهَ ) [ 2 / 151 ] القرآن والحکمه هی الشریعه وبیان الأحکام. قوله : ( وَالْکِتابِ الْمُبِینِ ) [ 44 / 2 ] أراد بالکتاب القرآن ، وهو المبین الذی أنزل علیهم بلغتهم ، وقیل الذی أبان طریق الهدی وما یحتاج إلیه الأمه من الحلال والحرام وشرائع الإسلام قوله : ( وَکِتابٍ مَسْطُورٍ فِی رَقٍّ مَنْشُورٍ ) [ 52 / 2 -3 ] قیل هو التوراه ، وقیل هو صحائف الأعمال ، وقیل القرآن مکتوب عند الله فی اللوح المحفوظ. قوله : ( وَلَها کِتابٌ مَعْلُومٌ ) [ 15 / 4 ] أی أجل لا یتقدمه ولا یتأخر عنه. قوله : ( نَصِیبُهُمْ مِنَ الْکِتابِ ) [ 7 /37 ] أی ما کُتِبَ لهم من العذاب. قوله : ( لَبِثْتُمْ فِی کِتابِ اللهِ ) [30 / 56 ] أی أنزل الله فی کِتَابِهِ أنکم لابثون إلی یوم البعث.

ص: 153

قوله تعالی : و ( لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَیِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْکِتابَ وَالْمِیزانَ )

عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « الْکِتَابُ الِاسْمُ الْأَکْبَرُ الَّذِی یُعْلَمُ بِهِ عِلْمُ کُلِّ شَیْءٍ الَّذِی کَانَ مَعَ الْأَنْبِیَاءِ ».

قوله : ( لَمْ یَکُنِ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکِتابِ وَالْمُشْرِکِینَ مُنْفَکِّینَ حَتَّی تَأْتِیَهُمُ الْبَیِّنَهُ ) [ 98 / 1 ] ( أَهْلِ الْکِتابِ ) هم الیهود والنصاری ، ( وَالْمُشْرِکِینَ ) الذین هم عبده الأصنام من العرب وغیرهم ، وهم الذین لیس لهم کتاب. ( مُنْفَکِّینَ ) أی منفصلین وزائلین ، وقیل لم یکونوا منتهین عن کفرهم بالله وعبادتهم غیر الله ( حَتَّی تَأْتِیَهُمُ الْبَیِّنَهُ ). قوله : ( الم ذلِکَ الْکِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ ) [ 2 / 2 ] قال المفسر : فإن قلت أخبرنی عن تألیف ( ذلِکَ الْکِتابِ ) مع ( الم ). قلت : إن جعلت ( الم ) اسما للسوره ففی التألیف وجوه : أن یکون ( الم ) مبتدأ و ( ذلِکَ ) مبتدأ ثانیا و ( الْکِتابُ ) خبره والجمله خبر المبتدإ الأول ، ومعناه إن ذلک الْکِتَابَ هو الْکِتَابُ الکامل کان ما عداه من الْکُتُبِ فی مقابلته ناقص ، کما یقول « هو الرجل » أی الکامل فی الرجولیه ، وأن یکون ( الْکِتابُ ) صفته ، معناه هو ذلک الْکِتَابُ الموعود ، وأن یکون ( الم ) خبر مبتدإ محذوف ، أی هذه ( الم ) و ( ذلِکَ ) خبرا ثانیا أو بدلا علی أن یکون ( الْکِتابُ ) صفه وأن یکون هذه ( الم ) جمله و ( ذلِکَ الْکِتابُ ) جمله أخری ، وإن جعلت ( الم ) بمنزله الصوت کان ( ذلِکَ ) مبتدأ خبره ( الْکِتابُ ) ، أی ذلک الْکِتَابُ المنزل هو الْکِتَابُ الکامل ، أو ( الْکِتابُ ) صفته والخبر ما بعده ، أو قدر مبتدأ محذوف ، أی هو - یعنی المؤلف من هذه الحروف - ( ذلِکَ الْکِتابُ ). قوله : ( وَالَّذِینَ یَبْتَغُونَ الْکِتابَ ) [ 24 /33 ] أی الْمُکَاتَبَهُ ، وهو أن یُکَاتِبَ الرجل عبده علی مال یؤدیه منجما علیه فإذا أداه فهو حر. قوله : ( فَکاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِیهِمْ خَیْراً ) [ 24 /33 ] المکاتب - بالفتح - اسم مفعول ، وهو العبد المعتق یُکَاتِبُ علی نفسه بثمنه فإذا سعی وأداه عتق. والْمُکَاتِبُ - بالکسر - اسم فاعل لأنه کَاتَبَ فالفعل

ص: 154

منه ، والأصل فی باب المفاعله أن تکون من اثنین فصاعدا یفعل أحدهما بصاحبه ما یفعل هو به ، فکل واحد فاعل ومفعول من حیث المعنی. والْمُکَاتَبَهُ المستحبه مع العلم بخیریه المملوک مشترکه بین العمل الصالح وبین المال ، فمن حمل المشترک علی معنییه حمله علیهما ومن لا فلا.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام فِی قَوْلِ اللهِ تَعَالَی ( فَکاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِیهِمْ خَیْراً ) قَالَ : إِنْ عَلِمْتُمْ لَهُمْ مَالاً.

وَفِی آخَرَ عَنْهُ قَالَ : إِنْ عَلِمْتُمْ فِیهِمْ دِیناً وَمَالاً.

قیل والمراد بالعلم هنا الظن المتآخم للعلم.

وَفِی حَدِیثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِ : « کَاتِبْ مَوْلَاکَ ».

أی اشتر نفسک منه بتخمین أو أکثر. ومِنْ قِصَّتِهِ أَنَّهُ فَارِسِیٌّ هَرَبَ مِنْ أَبِیهِ طَلَباً لِلْحَقِّ وَکَانَ مَجُوسِیّاً فَلَحِقَ بِرَاهِبٍ فَخَدَمَهُ وَعَبَدَ رَبَّهُ مَعَهُ حَتَّی مَاتَ ، وَدَلَّهُ عَلَی آخَرَ لَزِمَهُ حَتَّی مَاتَ ، وَدَلَّهُ عَلَی آخَرَ وَهَلُمَّ جَرّاً إِلَی أَنْ دَلَّهُ آخَرُ عَلَی الْحِجَازِ وَأَخْبَرَهُ بِأَوَانِ ظُهُورِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله فَقَصَدَهُ مَعَ بَعْضِ الْأَعْرَابِ فَغَدَروُا بِهِ فَبَاعُوهُ مِنْ یَهُودِیٍّ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْضَهَ فَقَدِمَ بِهِ الْمَدِینَهَ فَأَسْلَمَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله « کَاتِبْ مَوْلَاکَ ». عَاشَ مِائَهَ وَخَمْسِینَ سَنَهً ، وَمَاتَ سَنَهَ سِتٍّ وَثَلَاثِینَ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کُتِبَ فِی الذِّکْرِ کُلُّ شَیْءٍ ».

أی قدر کل الکائنات وأثبتها فی الذکر ، أی اللوح المحفوظ. وکَتَبْتُ کَتْباً من باب قتل ، وکِتْبَهً بالکسر وکِتَاباٍ ، والاسم الْکِتَابَهُ بالکسر لأنها صِنَاعَهٌ کالتجاره والعطاره.

وَفِی حَدِیثٍ الْکِتَابَهُ » هِیَ مِمَّا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَی الْإِنْسَانِ تُفِیدُ أَخْبَارَ الْمَاضِینَ لِلْبَاقِینَ وَأَخْبَارَ الْبَاقِینَ لِلْآتِینَ ، وَبِهَا تُخَلَّدُ الْکُتُبُ للعلوم وَالْآدَابِ وَغَیْرِهَا ، وَبِهَا یَحْفَظُ الْإِنْسَانُ ذِکْرَ مَا یَجْرِی بَیْنَهُ وَبَیْنَ غَیْرِهِ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ وَالْحِسَابِ ، وَلَوْلَاهَا لَانْقَطَعَ أَخْبَارُ بَعْضِ الْأَزْمِنَهِ عَنْ بَعْضٍ وَأَخْبَارُ الْغَائِبِینَ عَنْ أَوْطَانِهِمْ وَدَرَسَتِ الْعُلُومُ وَضَاعَتِ الْآدَابُ ، وَعَظُمَ مَا یَدْخُلُ عَلَی النَّاسِ مِنَ الْخَلَلِ فِی أُمُورِهِمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ وَمَا یَحْتَاجُونَ إِلَی النَّظَرِ فِیهِ مِنْ أُمُورِ

ص: 155

دِینِهِمْ ، وَمَا رُوِیَ لَهُمْ مَا لَا یَسَعُهُمْ ».

وکَتَبَ القاضی بالنفقه : قضی. و « الْمَکْتَبُ » بفتح المیم والتاء : موضع تعلیم الکتابه ، والجمع « الْمَکَاتِیبُ ». و « کَتَّبْتُهُ » بالتشدید : علمته الْکِتَابَهَ ومنه « إن لنا جارا یُکَتِّبُ » أی یعلم الْکِتَابَهَ.

قِیلَ وَأَوَّلُ مَنْ کَتَبَ بِالْقَلَمِ آدَمُ علیه السّلام ، وَقِیلَ إِدْرِیسُ.

والْکَتِیبَهُ علی فعیله - الطائفه من الجیش ، والجمع « کَتَائِبُ ». والْکَاتِبَانُ : الملکان الْکَاتِبَانِ للحسنات والسیئات.

قومهم أن یصدقوهم وتیقنوا أنهم ، وبالتخفیف أی فلما استیأس الرسل إیمان القوم وظن القوم أن الرسل کَذَبُوهُمْ فیما وعدوهم ( جاءَهُمْ نَصْرُنا ). قوله : ( وَجاؤُ عَلی قَمِیصِهِ بِدَمٍ کَذِبٍ ) [ 12 / 18 ] أی مَکْذُوبٌ فیه ، فسمی الدم بالمصدر. قوله : ( لَیْسَ لِوَقْعَتِها کاذِبَهٌ ) [ 56 / 2 ] هو اسم یوضع موضع المصدر کالعافیه والعاقبه والباقیه. قوله : ( ناصِیَهٍ کاذِبَهٍ خاطِئَهٍ ) [ 96 / 16 ] أی صاحبها کَاذِبٌ خاطیء ، کما یقال نهاره صائم ولیله قائم ، أی هو صائم فی یومه قائم فی لیله. قوله : ( سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ کُنْتَ مِنَ الْکاذِبِینَ ) [ 27 / 27 ] الْکَاذِبُ خلاف الصادق ، ومنه الآیه. قوله : ( وَاللهُ یَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِینَ لَکاذِبُونَ ) [ 63 / 1 ] والمعنی - علی ما قیل لَکَاذِبُونَ فی الشهاده وادعائهم مواطأه قلوبهم ألسنتهم ، فَالتَّکْذِیبُ راجع إلی قولهم ( نَشْهَدُ ) باعتبار تضمنه خبرا کَاذِباً وهو أن شهادتهم صادره عن صمیم القلب وخلوص الاعتقاد بشهاده تأکیدهم الجمله الاسمیه ، وقیل غیر ذلک. قوله : ( وَکَذَّبَ بِالْحُسْنی ) [ 92 / 9 ] یأتی تفسیره فی « عسر » إن شاء الله تعالی. قوله : ( یا لَیْتَنا نُرَدُّ وَلا نُکَذِّبُ ) [ 6 / 27 ] یجیء فی « ردد » إن شاء الله.

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله « کَثُرَتْ عَلَیَ الْکَذَّابَهُ » (1).

بالتشدید مبالغه ، والجار إما متعلق به أو بکثرت علی تضمین اجتمعت ونحوه. وکَذَبَ کِذْباً وکَذِباً ، فهو کَاذِبٌ وکَذَابٌ وکِذَّابٌ بالتشدید وکَذُوبٌ وکُذَبَهٌ کهمزه. والْکِذْبُ : هو الإخبار عن الشیء بخلاف ما هو فیه سواء العمد والخطإ ، إذ لا واسطه بین الصدق والْکِذْبُ علی المشهور ، والْکِذْبُ هو الانصراف عن الحق وکذلک الإفک. والکلام ثلاثه : صدق

ص: 157

وکِذْبٌ ، وإصلاح. فالإصلاح لا یوصف بِالْکَذِبِ البحت ولیس مبغوضا صاحبه ، ولذا

قَالَ الصَّادِقُ علیه السّلام فِی قَوْلِ یُوسُفَ : ( أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّکُمْ لَسارِقُونَ ) وَاللهِ مَا سَرَقُوا وَمَا کَذَبَ یُوسُفُ علیه السّلام ، وَقَوْلِ إِبْرَاهِیمَ : ( بَلْ فَعَلَهُ کَبِیرُهُمْ هذا ) وَاللهِ مَا فَعَلُوا وَمَا کَذَبَ (1) ، وَذَلِکَ أَنَّهُمَا أَرَادَا الْإِصْلَاحَ وَاللهُ أَحَبَ الْکَذِبَ فِی الْإِصْلَاحِ وَأَبْغَضَهُ فِی غَیْرِهِ.

فَقَوْلُهُ « وَمَا کَذَبَ یُوسُفُ ».

أراد الْکَذِبَ البحت الذی یلعن الله صاحبه ویبغضه علیه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « ثَلَاثٌ یَحْسُنُ فِیهِنَ الْکَذِبُ : الْمَکِیدَهُ فِی الْحَرْبِ ، وَعِدَتُکَ زَوْجَکَ ، وَالْإِصْلَاحُ بَیْنَ النَّاسِ ».

و « الْکُذَّبُ » کرکع جمع کَاذِبٍ وراکع ، وکَاذِبٌ جمع کَذُوبٍ مثل صبور وصبر ، ومنه قراءه بعضهم : وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُکُمُ الْکَذِبُ فجعله نعتا للألسنه. والْکَوَاذِبُ : النفوس الأماره الخادعه للإنسان بالآمال الْکَاذِبَهِ. والْأُکْذُوبَهُ : الْکَذِبُ. وکَذَّبْتُ الرجل : قلت له کَذَبْتَ. و « کَذَبَ » قد یکون بمعنی وجب ، ومنه الْحَدِیثُ : « ثَلَاثَهُ أَسْفَارٍ کَذَبَتْ عَلَیْکُمْ ».

ومِنْهُ « کَذَبَ عَلَیْکُمْ الْحَجُّ ».

وَفِی حَدِیثِ إِبْرَاهِیمَ « إِنَّهُ کَذَبَ ثَلَاثَ کَذَبَاتٍ ».

بفتح الذال جمع کَذْبَهٍ بسکونها ،

وَهِیَ قَوْلُهُ : ( إِنِّی سَقِیمٌ ) وَ ( بَلْ فَعَلَهُ کَبِیرُهُمْ ) و « سَارَهُ أُخْتِی ».

وإنما عدل عن هی زوجتی قیل لأن ذلک الجبار کان مجوسیا وعندهم أن الأخت إذا کانت زوجه کان أخوها أحق بها من غیره ، فأراد إبراهیم أن یعتصم بدینه فإذا هو لا یراعی دینه. ومِنْ کَلَامِ النَّبِیِّ ص :

أَنَا النَّبِیُّ لَا کَذِبٌ

أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

أی أنا النبی حقا لا کَذِبَ فیه ، وذکره جده عبد المطلب دون أبیه تنبیها

ص: 158

علی اشتهار سؤدده وشجاعته.

من أَکْسَبَ ، والمراد بِکَسْبِ الإنسان طاعه الله أو بِکَسْبِهِ طاعه العباد له.

وَفِی الْخَبَرِ : « نَهَی عَنْ کَسْبِ الْإِمَاءِ ».

قیل لأن المعصوم منهن قلیل فنهی عنه مطلقا. وکَسَبْتُ مالا - من باب ضرب - ربحته. والْکَسْبُ : طلب الرزق. وکَسَبَ الإثم واکْتَسَبَهُ : عمله. و « الْکُسْبُ » بالضم فالسکون : فضله دهن السمسم ، ومنه الْحَدِیثُ : « ثَلَاثَ یُؤْکَلْنَ فَیَهْزِلْنَ : الطَّلْعُ ، وَالْکُسْبُ ، وَالْجَزَرُ ».

بِهِ عَلَیْهِ.

وقد ادعی المرتضی علم الهدی وشیخ الطائفه وکثیر من المحققین الإجماع علی أن الْکَعْبَ الذی ینتهی إلیه المسح قبه القدم التی هی مقعد الشراک. قال فی الذکری : وتفرد الفاضل - یعنی العلامه - أن الْکَعْبَ هو المفصل بین الساق والقدم ، وصب عبارات الأصحاب کلها علیه وجعله مدلول کلام الباقر علیه السّلام وأنه أقرب إلی حد أهل اللغه. ثم إنه أجاب عن الجمیع إلی أن قال : وأهل اللغه إن أراد بهم العامه فهم مختلفون وإن أراد بهم الخاصه فهم متفقون علی أن الْکَعْبَ قبه القدم ، ولأنه إحداث قول ثالث مستلزم رفع ما أجمع علیه الأمه ، لأن الخاصه علی ما ذکر والعامه علی أن الْکَعْبَ ثابتا [ مَا نَتَأَ ] عن یمین الرجل وشماله - انتهی ، وهو کالصریح فی موافقته لما علیه الجمهور. وتمام تحقیق المسأله له محل آخر.

وَفِی الْحَدِیثِ : « أَعْلَی اللهِ کَعْبِی بِکُمْ ».

والضمیر لأهل البیت ، ومعناه الشرف والرفعه. ومِثْلَهُ » لَا یَزَالُ کَعْبُکَ عَالِیاً « وَهُوَ دُعَاءٌ.

و « الْکَعْبُ » یقال للأنبوبه بین کل عقدتین ، وکل شیء علا وارتفع فهو کَعْبٌ ، وقیل وبه سمیت الْکَعْبَهُ کَعْبَه ، وقیل إنما سمیت کَعْبَه لأنها وسط الدنیا ، أو لأنها مربعه. والْکَعْبَهُ أیضا : الغرفه. وامرأه ورم کَعْبُهَا : إذا کانت کثیره لحم القدم والْکَعْبُ. وکَعْبُ بن لؤی بن غالب أحد أجداد النبی صلی الله علیه و آله . وکُعُوبُ الرماح : النواشز فی أطراف الأنابیب. و « الْکِعَابُ » بالفتح : المرأه حین یبدو ثدیها للنهود ، وهی الْکَاعِبُ ، والجمع کَوَاعِبُ کما سبق. وکَعْبُ الأحبار أی عالم العلماء ، وکان من علماء أهل الکتاب أسلم فی عهد أمیر المؤمنین علیه السّلام فصار من فضلاء التابعین ، وإضافته کزید الخیل.

ص: 161

الصید ، والفاعل « مُکَلِّبٌ » وهو الذی یسلط الْکِلَابَ علی الصید والذی یعلمها. والْکَلَّابُ : صاحب الکِلَاب والصائد بها. ونصب ( مُکَلِّبِینَ ) علی الحال ، أی فی حال تَکَلُّبِهِمْ هذه الجوارح. و « الْکَلْبُ » معروف ، وربما وصف به فیقال للرجل کَلْبٌ وللمرأه کَلْبَهٌ ، ویجمع علی أَکْلُبٍ وکِلَابٍ وأَکَالِبَ وهو جمع الجمع ، وعلی کَلِیبٍ وإن ندر.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِکَهُ بَیْتاً فِیهِ کَلْبٌ ».

قیل کأن السبب کثره أکله النجاسات ، ولأن بعضها شیطان والملک ضده ، ولقبح رائحه الْکَلْبِ والملائکه تکره الرائحه القبیحه. ومن خواص الْکَلْبِ أن لحمه یعلو شحمه بخلاف الشاه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « یَغْفِرُ اللهُ لَیْلَهَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ خَلْقِهِ لِأَکْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ مِعْزَی کَلْبٍ ».

هو حی من قضاعه. وکَلْبُ الماء : معروف ، وهو حیوان مشهور یداه أطول من رجلیه ، یلطخ بدنه بالطین یحسبه التمساح طینا ثم یدخل جوفه فیقطع أمعاءه فیأکلها ثم یمزق بطنه فیخرج. و « الْکَلَبُ » بالتحریک : داء یعرض للإنسان من عضّ الْکَلْبِ. والْکَلِبُ : الْکَلْبُ الذی یأخذه شبه جنون فَیَکْلَبُ بلحوم الناس ، فإذا عقر إنسانا کَلْبٌ ، ویستولی علیه شبه الماء فإذا أبصر الماء فزع ، وربما مات عطشا ولم یشرب ، وهذه عله تستفرغ مادتها علی سائر البدن ویتولد منها أمراض ردیه. وکَلِبَ کَلَباً من باب تعب.

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِ الْأَئِمَّهِ : « بِکُمْ یُبَاعِدُ اللهُ الزَّمَانَ الْکَلِبَ ».

أی الشدید الصعب. والْکَلَبُ أیضا : شده الحرص ، یقال کَلْبٌ کَلَبٌ أی حریص عقور. و « الْکُلْبَهُ » بالضم : الشده من البرد وغیره.

وَفِی الدُّعَاءِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنْ عَدُوٍّ اسْتَکْلَبَ عَلَیَّ ».

أی وثب علی ، وفیه تشبیه له بِالْکَلْبِ ، ویقال کَلِبَ الدهر علی أهله : إذا لج علیهم واشتد. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السّلام إِلَی ابْنِ

ص: 163

عَبَّاسٍ حِینَ أَخَذَ مَالَ الْبَصْرَهِ » فَلَمَّا رَأَیْتَ الزَّمَانَ عَلَی ابْنِ عَمِّکَ قَدْ کَلِبَ وَالْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ ».

وَ « کُلَیْبُ تَسْلِیمٍ « رَجُلٌ مِنَ الرُّوَاهِ ، سُمِّیَ بِذَلِکَ لِأَنَّهُ لَمْ یَجِئْ شَیْءٌ مِنْ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السّلام إِلَّا سَلَّمَهُ فَسُمِّیَ کُلَیْبَ تَسْلِیمٍ ، تَرَحَّمَ عَلَیْهِ الصَّادِقُ علیه السّلام وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : تَدْرُونَ مَا التَّسْلِیمُ هُوَ وَاللهِ الْإِخْبَاتُ ، قَالَ اللهُ تَعَالَی : ( الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلی رَبِّهِمْ ).

وتَکَالَبُوا القوم : تجاهروا بالعداوه و « الْکُلَّابُ » بالضم کتفاح : خشبه أو حدیده معوجه الرأس.

الموحده ، وهو العقل ، سمی بذلک لأنه نفس ما فی الإنسان وما عداه کأنه قشر. واللَّبِیبُ : العاقل ، والجمع « الْأَلِبَّاءُ ». ولُبُ کل شیء : خالصه ، ولُبُ الجوز واللوز : ما فی جوفه ، والجمع لُبُوبٌ ، ولُبَابٌ کغراب لغه فیه. و « لَبِبَ الرجل » بالکسر « یَلْبَبُ » بالفتح : أی صار ذا لُبٍ ، وحکی لَبُبَ بالضم ، وهو نادر لا نظیر له فی المضاعف. و « اللَّبَّهُ » بفتح اللام والتشدید : المنحر وموضع القلاده ، والجمع » لَبَّاتٌ » کحبه وحبات. ولَبَّبْتُ الرجل تَلْبِیباً : إذا جمعت ثیابه عند صدره ونحره عند الخصومه ثم جررته. ومنه حَدِیثُ فَاطِمَهَ علیها السّلام : « فَأَخَذَتْ بَتَلَابِیبِ عُمَرَ فَجَذَبَتْهُ إِلَیْهَا ».

وَفِی الْخَبَرِ : « إِنَّهُ صلی الله علیه و آله صَلَّی فِی ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَلَبِّباً ».

أی متحرما به عند صدره ، ویقال تَلَبَّبَ بثوبه : إذا جمعه علیه. و « أبو لُبَابَهَ « بضم اللام وخفه الموحده اسمه رفاعه بن المنذر النقیب ، و « أسطوانه أبی لُبَابَهَ « فی مسجد النبی صلی الله علیه و آله بالمدینه ، وهی أسطوانه التوبه التی ربط إلیها نفسه حتی نزل عذره من السماء. وأَلَبَ الرجل بالمکان : إذا أقام إلیه ، و « لَبَ » لغه فیه. قال الفراء نقلا عنه : ومنه قولهم « لَبَّیْکَ » أی أنا مقیم علی طاعتک ، ونصب علی المصدر کقولهم « حمدا لله وشکرا له « قال الجوهری : وکان حقه أن یقال لَبّاً لک ، ویثنی علی معنی التأکید ، أی إِلْبَاباً لک بعد إِلْبَابٍ وإقامه بعد إقامه ، وقیل أی إجابه لک یا رب بعد إجابه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « سُمِّیَتِ التَّلْبِیَهُ إِجَابَهً لِأَنَّ مُوسَی أَجَابَ رَبَّهُ وَقَالَ لَبَّیْکَ » (1).

وفی المصباح : أصل لَبِّیْکَ لَبَّیْنَ لک فحذفت النون للإضافه. قال : وعن یونس أنه غیر مثنی بل اسم مفرد یتصل به الضمیر

ص: 165

بمنزله علی ولدی إذا اتصل به الضمیر ، وأنکره سیبویه وحکی من کلامهم لبی زید بالیاء مع الإضافه إلی الظاهر ، فثبوت الیاء مع الإضافه إلی الظاهر یدل علی أنه لیس مثل علی ولدی. ولَبَّی الرجل : قال التَّلْبِیَهَ. ولَبَّی بالحج تَلْبِیَهً ، وأصله لَبَّیْتُ بغیر همزه. قال الجوهری : قال الفراء ربما أخرجت بهم فصاحتهم إلی أن یهمزوا ما لیس بمهموز. واللَّبْلَابُ : نبت یلوی علی الشجر قاله الجوهری.

لَعِبٌ وَلَهْوٌ ) [ 60 /32 ] أی أعمال الدنیا لا نفس الدنیا ، لأنها لا توصف بِاللَّعِبِ ، وما فیه رضا الله من عمل الآخره لا یوصف به أیضا ، لأن اللَّعِبَ لا یعقب نَفْعاً ، وکذلک اللهو ، ویترتب علیها الحسره والندامه فی الآخره. قال المفسر : فی هذه الآیه تسلیه للفقراء الذین أحرموا من متاع الدنیا ، وتقریع الأغنیاء الذین رکنوا إلی حطامها ولم یعملوا لغیرها.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کُلُّ شَیْءٍ یَحِیزُ فَلُعَابُهُ حَلَالٌ ».

أی طاهر ، لا بمعنی حلیه الأکل لأنه من الفضلات المحکوم بتحریمها. و « اللُّعَابُ » بالکسر [ بالضم ] : ما یسیل من الفم ، یقال لَعِبَ الصبی یَلْعَبُ بفتحتین لَعَباً : إذا سال لُعَابُهُ من فمه. و « اللُّعْبَهُ » بالضم : الشطرنج والنرد وکل مَلْعُوبٍ به فهو لُعْبَهٌ ، والجمع « لُعَبٌ » کغرفه وغرف. ومنه الْحَدِیثُ « نِسَاؤُکُمْ بِمَنْزِلَهِ اللُّعَبِ ».

و « اللَّعْبَهُ » بفتح اللام : المره الواحده من اللُّعَبِ ، وإذا کسرت فهی الحاله التی علیها اللَّاعِبُ ، ولَاعَبْتُهُ مُلَاعَبَهً ، والفاعل مُلَاعِبٌ بالکسر.

وَفِی حَدِیثِ تَمِیمٍ « فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ ».

سمی اضطراب الأمواج لَعِباً لما لم یسر بهم إلی مرادهم. و « رجل تَلْعَابَهً » کثیر المزاح والْمُدَاعَبَهِ ، والتاء زائده ، للمبالغه.

مثل کرم فهو کریم وهم کرماء ، والأنثی « النَّجِیبَهُ » ، والجمع « النَّجَائِبُ ». ومنه الْحَدِیثُ : « سَوْفَ یَنْجُبُ مَنْ یَفْهَمُ ».

وأَنْجَبَ الرجل : ولد نَجِیباً. وامرأه مِنْجَابٌ : تلد النُّجَبَاءَ. والْمِنْجَابُ : الرجل الضعیف. وانْتَجَبَهُ : اختاره واصطفاه ، والْمُنْتَجَبُ : المختار ، والجمع « النُّجَبُ »

وَفِی الْخَبَرِ : « الْأَنْعَامُ مِنْ نَجَائِبِ الْقُرْآنِ ».

أی من أفاضل سوره. والنَّجِیبُ من الإبل : القوی الخفیف السریع. ونَجْبَهُ نمله : أی قرصه نمله ، ومنه الْخَبَرُ : « الْمُؤْمِنُ لَا تُصِیبُهُ زَعْرَهٌ وَلَا عَثْرَهٌ وَلَا نَجْبَهُ نَمْلَهٍ إِلَّا بِذَنْبٍ ».

الْعَوْنُ عَلَی الدِّینِ قَلْبٌ نَخِیبٌ وَبَطْنٌ رَغِیبٌ ».

« النِّسْبَهُ » والجمع » النِسَبُ » کسدره وسدر ، وقد تضم فیجمع علی فعل کغرفه وغرف ، وقد یکون من قبل الأب ومن قبل الأم. ونَسَبُ النبی : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصی بن کلاب بن مره بن کعب بن لؤی بن غالب بن فهر بن مالک بن نضر بن کنانه بن خزیمه بن مدرکه بن إلیاس بن نضر بن نزار بن معد بن عدنان (1). و « رجل نَسَّابَهٌ » بالتشدید : أی عالم بالأنساب ، والهاء للمبالغه فی المدح ، کأنهم یریدون به داهیه أو غایه أو نهایه. والنَّسِیبُ : القریب ، ولیس بینهما مُنَاسَبَهٌ ، أی مشاکله. والنِّسْبَهُ أیضا : الِانْتِسَابُ إلی ما یوضح ویمیز کالأب والأم والقبیله والصناعه وغیر ذلک. ونِسْبَهُ العشره إلی المائه عشر ، أی مقدارها العشر.

فقوله ( وَما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ ) [ 5 /3 ] النُّصُبُ بضمتین : حجر کانوا یَنْصِبُونَهُ فی الجاهلیه ویتخذونه صنما فیعبدونه ، والجمع « الْأَنْصَابُ » ، وقیل هو حجر کانوا یَنْصِبُونَهُ ویذبحون علیه فیحمر بالدم. و « النَّصْبُ » مثل فلس لغه فیه ، وقرأ به السبعه ، وقیل المضموم جمع المفتوح ، مثل سقف جمع سقف. قوله : ( أَفَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ کَیْفَ خُلِقَتْ. وَإِلَی السَّماءِ کَیْفَ رُفِعَتْ. وَإِلَی الْجِبالِ کَیْفَ نُصِبَتْ ) [ 88 / 17 - 19 ] الآیه.

قَالَ الشَّیْخُ أَبُو عَلِیٍ : رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السّلام فَتْحُ أَوَائِلِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَضَمُّ التَّاءِ.

والمفعول فی جمیعها محذوف ، والمعنی کیف خلقتها وکیف نَصَبْتُهَا وکیف رفعتها وکیف سطحتها. قوله : ( أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) [38 / 41 ] أی ببلاء وشر ، یرید مرضه وما کان یقاسیه من أنواع الوصب ، ویقال النَّصَبُ فی البدن والعذاب فی ذهاب الأهل والمال ، وأما نسبته إلی الشیطان لما کان یوسوس إلیه من تعظیم ما نزل به من البلاء ویغریه إلی الجزع والتجأ إلی الله تعالی. قال الشیخ أبو علی : قریء « نُصُبٌ » بضم النون وبفتح النون والصاد وبضمهما. قوله : ( وَیَجْعَلُونَ لِما لا یَعْلَمُونَ نَصِیباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ ) [ 16 / 56 ] یعنی بذلک ما کانت العرب یجعلونه للأصنام نَصِیباً فی زرعهم وإبلهم وغنمهم ، فرد الله علیهم فقال : ( تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا کُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ). قوله : ( لِلرِّجالِ نَصِیبٌ مِمَّا اکْتَسَبُوا ) [ 4 /32 ] جعل تعالی ما قسمه لکل من الرجال والنساء علی حسب ما عرفه من الصلاحیه کسب له. قوله : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِیباً ) [ 6 / 136 ] النَّصِیبُ : الحظ من الشیء ، یعنی کفار مکه وأسلافهم ، کانوا یجعلون أشیاء من الحرث والأنعام لله وأشیاء منهما لآلهتهم ، فإذا رأوا ما جعلوه لله نامیا زاکیا رجعوا فجعلوه للآلهه وإذا زکی ما جعلوه للآلهه ترکوه لها وقالوا إن الله غنی.

ص: 172

و « الْأَنْصَابُ » قیل هی الأصنام کانت مَنْصُوبَهً حول البیت یذبحون علیها ویعدون ذلک قربه.

وَفِی الْخَبَرِ « قِیلَ یَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله وَمَا الْأَنْصَابُ؟ قَالَ : مَا ذَبَحُوهُ لآِلِهَتِهِمْ ».

قوله : ( عامِلَهٌ ناصِبَهٌ ) [ 88 /3 ] قیل أی عامله فی النار عملا تتعب فیه ، وهی جرها السلاسل والأغلال ، وقیل عملت ونُصِبَتْ فی الدنیا فی أعمال لا یجزی علیها فی الآخره.

قَوْلُهُ : ( وَلا تَنْسَ نَصِیبَکَ مِنَ الدُّنْیا ) [ 28 / 77 ] أَیْ لَا تَنْسَ صِحَّتَکَ وَقُوَّتَکَ وَفَرَاغَکَ وَشَبَابَکَ وَنَشَاطَکَ أَنْ تَطْلُبَ بِهَا الْآخِرَهَ ، کَمَا وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَایَهُ عَنْهُمْ ع

وَفِی الْحَدِیثِ : « أَنَّ الدُّنْیَا تُنْصَبُ لِلْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ کَأَحْسَنِ مَا کَانَتْ ثُمَّ یُخَیَّرُ ».

کأنه من قولهم « نُصِبَتْ الخشبه نَصْباً « من باب ضرب : أقمتها. وفِیهِ » إِذَا کَانَ یَوْمُ الْقِیَامَهِ دُعِیَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله وَأَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام وَالْأَئِمَّهُ فَیُنْصَبُونَ لِلنَّاسِ فِی تَلٍّ مِنَ الْمِسْکِ ».

أی یقامون ، ولعله الأعراف المذکور فی قوله : ( وَعَلَی الْأَعْرافِ رِجالٌ یَعْرِفُونَ کُلًّا بِسِیماهُمْ )

وَفِی الدُّعَاءِ « إِلَیْکَ نَصَبْتُ یَدِی ».

أی رفعتها. ونَصَبَنِی : أی أجلسنی للعلم والإفتاء

وَفِی الدُّعَاءِ أَیْضاً « لَا تَجْعَلْنِی لِنَقِمَتِکَ نَصَباً ».

هو بفتحتین قریب من معنی الغرض. و « النَّصْبُ » فی الإعراب بالفتح فالسکون کالفتح فی البناء ، وهو من مواضعات النحویین. والنَّصْبُ أیضا : المعاداه ، یقال نَصَبْتُ لفلان نَصْباً : إذا عادیته ، ومنه « النَّاصِبُ » وهو الذی یتظاهر بعداوه أهل البیت أو لموالیهم لأجل متابعتهم لهم ، وفی القاموس النَّوَاصِبُ والنَّاصِبَهُ وأهل النَّصْبِ المتدینون ببغض علی علیه السّلام لأنهم نَصَبُوا له ، أی أعادوه. قال بعض الفضلاء : اختلف فی تحقیق النَّاصِبِیِ : فزعم البعض أن المراد من نَصَبَ العداوه لأهل البیت علیهم السّلام ، وزعم آخرون أنه من نَصَبَ العداوه

ص: 173

لشیعتهم ، وفی الأحادیث ما یصرح بالثانی

فَعَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام أَنَّهُ « لَیْسَ النَّاصِبُ مَنْ نَصَبَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ لِأَنَّهُ لَا تَجِدُ رَجُلاً یَقُولُ أَنَا أُبْغِضُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَلَکِنَ النَّاصِبَ مَنْ نَصَبَ لَکُمْ وَهُوَ یَعْلَمُ أَنَّکُمْ تُوَالُونَا وَأَنْتُمْ مِنْ شِیعَتِنَا ».

ولفلان مَنْصِبٌ وزان مسجد ، أی علو ورفعه. والْمِنْصَبُ - وزان مقود - آله من حدید تُنْصَبُ للقدر للطبخ. و « نَصِبَ الرجل » کفرح : تعب وأعیا. ونَصَبَهُ : أتعبه. ونَصَبَهُ المرض : أوجعه. و « لِیَنْصِبْ » فی الدعاء أی یجد ویتعب. ونِصَابُ الحرم : قدره الذی ینتهی إلیه. والنِّصَابُ من المال : القدر الذی تجب فیه الزکاه إذا بلغه کمائتی درهم وخمس من الإبل. ونِصَابُ السکین : ما یقبض علیه. و « نَصِیبِینَ » بالموحده بین یاءین : بلد بین الشام والعراق. قال الجوهری : وفیه للعرب مذهبان منهم من یجعله اسما واحدا ویلزمه الإعراب ، ومنهم من یجریه مجری الجمع. والْأَنْصِبَاءُ : العلائم ، ومنه حَدِیثُ الْقِدَاحِ الْعَشَرَهِ « سَبْعَهٌ لَهَا أَنْصِبَاءُ وَثَلَاثَهٌ لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا ».

أنکره وترکه ولم یزقه ، فیسوق الله إلیه البق فیقع علیه لزهومه ریحه فیلقطها ویعیش بها إلی أن یطلع ریشه ویسود فیعاوده أبوه وأمه.

والنَّقِیبُ : موضع قرب المدینه (1). و « النَّاقِبَهُ « فی حدیث الشجاع (2) هی التی تَنْقُبُ اللحم أو العظم أو هما معا. ونَقَبْتُ الحائط نَقْباً من باب قتل : خرقته. ونَقِبَ الخف من باب تعب : خرق. و « نَقِبَ البعیر » بالکسر : رقت أخفافه ، ومنه « ناقه نَقْبَاءُ ». ومنه حَدِیثُ الْأَعْرَابِیِّ مَعَ عُمَرَ « إِنِّی عَلَی نَاقَهٍ دَبْرَاءَ عَجْفَاءَ نَقْبَاءَ » وَاسْتَحْمَلَهُ فَظَنَّهُ عُمَرُ کَاذِباً فَلَمْ یَحْمِلْهُ فَقَالَ :

أَقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ

مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرٍ.

تُصِیبُ الْإِنْسَانَ إِلَّا بِذَنْبٍ ».

والنکبه فی قوله :

« مَا کَانَ بِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله قُرْحَهٌ وَلَا نَکْبَهٌ إِلَّا أَمَرَ بِوَضْعِ الْحِنَّاءِ عَلَیْهِ ».

فسرت بالجراحه بحجر أو شوکه. والنَّکْبَهُ فی

قَوْلِهِ : « الْعُذْرَهُ - یَعْنِی الْبَکَارَهَ - تَذْهَبُ بِالنَّکْبَهِ ».

یعنی الطفره والعشره. و « مَنْکِبُ الشخص » کمجلس مجتمع رأس العضد والکتف. والْمَنْکِبَانِ : هما الیمین والشمال.

یؤخذ بِالنَّوْبَهِ هذا مره وهذا أخری. والنُّوبُ والْنُّوبَهُ : جیل من السودان الواحد « نُوبِیٌ » ، ومنه حَدِیثُ وَصْفِ الْإِمَامِ علیه السلام : « بِأَبِی ابْنُ النُّوبِیَّهِ الطَّیِّبَهِ ».

لأن أمه علیها السّلام کانت نُوبِیَّهً. ونَابَ فلان عنی : قام مقامی. ونَابَ الوکیل عنی فی کذا یَنُوبُ نِیَابَهً فهو نَائِبٌ ، وجمع النَّائِبُ » نُوَّابٍ » ککافر وکفار.

الشَّمْسُ ».

أی تغیب. و « الْوَجْبَهُ « بفتح واو وسکون جیم : الهده وصوت السقوط. ومنه الْحَدِیثُ : « سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وَجْبَهً فَإِذَا هُوَ جَبْرَئِیلُ ».

والْوَجْبَهُ : التعظیم والتکریم. ومنه « یَا عَلِیُّ مَنْ لَمْ یُوجِبْ لَکَ فَلَا تُوجِبْ لَهُ وَلَا کَرَامَهَ » (1).

وَفِی الْحَدِیثِ : « عَلَیْکُمْ بِالْمُوجِبَتَیْنِ فِی دُبُرِ کُلِّ صَلَاهٍ ، ثُمَّ فَسَّرَهُمَا بِأَنْ قَالَ : « تَسْأَلُ اللهَ الْجَنَّهَ وَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ النَّارِ ».

وبصیغه اسم الفاعل أو المفعول ، أی اللتان یُوجِبَانِ حصول مضمونهما ، أو اللتان أَوْجَبَهُمَا الشارع ، أی استحبهما استحبابا مؤکدا ، فعبر عنه بِالْوُجُوبِ کما یقال للرجل « حقک علیَ وَاجِبٌ ». وأَوْجَبَ الرجل : إذا عمل عملا یُوجِبُ الجنه أو النار. والْمُوجِبَهُ : الکبیره من الذنوب. ومنه حَدِیثُ الْحَاجِ : « وَلَا تُکْتَبُ عَلَیْهِ السَّیِّئَاتُ إِلَّا أَنْ یَأْتِیَ بِمُوجِبَهٍ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « السَّاعِی بَیْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَهِ تَشْفَعُ لَهُ الْمَلَائِکَهُ بِالْإِیجَابِ ».

أی القبول ، یعنی أن الله تعالی یثبت لهم الشفاعه. و « عسی فی القرآن مُوجِبَهٌ » أی محتمه فیه من غیر ترج. والْمُوجِبَاتُ : الأمور التی أَوْجَبَ الله علیها العذاب والرحمه والجنه. ومنه الدُّعَاءُ « أَسْأَلُکَ بِمُوجِبَاتِ رَحْمَتِکَ ».

والْإِیجَابُ والْوُجُوبُ متقاربان فی المعنی ، وقال بعض الأفاضل : الفرق بینهما کالفرق بین الضارب والمضروب ، فالضارب هو المؤثر فی الضرب ، والمضروب هو المؤثر فیه ، فالضارب اسم اشتق لذات والمعنی قائم بغیرها ، والْإِیجَابُ معناه التأثیر ، والْوُجُوبُ هو حصول الأثر ، فکان الله تعالی لما أَوْجَبَ علینا شیئا وَجَبَ ، فالأول یقال له الْإِیجَابُ والثانی الوُجُوبُ.

[37 / 9 ] أی دائم. قوله : ( وَلَهُ الدِّینُ واصِباً ) [ 16 / 52 ] الدین : الطاعه ، وواصِباً حال عمل فیها الظرف. والْوَاصِبُ : الواجب الثابت ، لأن کل نعمه منه والطاعه واجبه له علی کل منعم علیه ، أو له الجزاء دائما ثابتا سرمدا لا یزال یعنی الثواب والعقاب. والْوَصَبُ : المرض ، وهو مصدر من باب تعب. ورجل وَصِبٌ : أی وجع. وأَوْصَبَهُ الله فهو مُوصِبٌ. و « الْمُوَصَّبُ » بالتشدید : کثیر الأوجاع.

بن وَهْبَانَ وهو من رواه الحدیث ثقه (1)

أکلا ، وللسعه العقرب ضمادا بأصولها ، الواحده هِنْدَبَاءَهٌ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْهِنْدَبَاءُ شَجَرَهٌ عَلَی بَابِ الْجَنَّهِ ».

وفِیهِ « بَقْلَهُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله الْهِنْدَبَاءُ وَبَقْلَهُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام الْبَاذَرُوجُ » (1).

والْهُلَبُ : الشعر. وتَهَلَّبُوا أذناب الخیل : أی لا تستأصلوها بالجز والقطع.

ص: 186

ص: 188

انقطع به فی سفره وعطبت راحلته : قد انْبَتَ ، أی انقطع ، من الْبَتِ : القطع ، یقال بَتَّهُ بَتّاً من باب ضرب وقتل : قطعه. ومنه « رجل مُنْبَتٌ » أی منقطع ، والمعنی أنه بقی فی طریقه عاجزا عن مقصده لم یقض وطره وقد أعطب ظهره.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْمُنْبَتُ الْمُفْرِطُ ».

والْبَتُ : کساء غلیظ مربع من وبر وصوف ، وقیل طیلسان من خز ، والجمع « بُتُوتٌ » ومِنْهُ فِی صِفَهِ الْجِنِ « کَأَنَّهُمُ الْجَرَادُ الصُّفْرُ عَلَیْهِمُ الْبُتُوتُ ».

ومنه أیضا ما قیل فی إبلیس « وقد اعترض فی صوره شیخ جلیل وعلیه بَتٌ ». و « صدقه بَتَّهٌ بتله » أی مقطوعه عن صاحبها لا رجعه له فیها ، ویقال لا أفعله بَتَّهً ولا أفعله الْبَتَّهَ لکل أمر لا رجعه فیه. قیل الْبَتُ مصدر من بَتَ یَبُتُ بَتَّهً بمعنی القطع ، واللام لازم له ، والتاء للوحده ولا یدخله التنوین للام. وقیل هی کلمه واحده غیر منصرفه للتأنیث والعلمیه ، فإنها علم للقطع خاص فی أی مکان یقع. وطلاق الْبَتَّهِ : طلاق البائن. والْمَبْتُوتَهُ : المطلَّقه بائنا. وطلقه بَتَّهٌ : أی قاطعه. ودخل الجنه الْبَتَّهَ : أی قطعا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الرَّجُلُ یَتَزَوَّجُ الْمَرْأَهَ مُتْعَهً أَیَحِلُّ أَنْ یَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا بَتَاتاً ».

یعنی دائما ، یدل علیه قَوْلُهُ « فَرْجٌ مَوْرُوثٌ ».

وهو الْبَتَاتُ « وَفَرْجُ مُتْعَهٍ ».

وحلف یمینا بَاتّاً وبَاتَّهً : أی باره. وبَتَ شهادته وأَبَتَّهَا بالألف : جزم بها.

وَفِی الْخَبَرِ : « أَبِتُّوا نِکَاحَ هَذِهِ النِّسَاءِ ».

أی اقطعوا الأمر فیه وأحکموه بشرائطه.

وَفِی بَعْضِ مَا رُوِیَ عَنْهُ صلی الله علیه و آله أَنَّهُ صلی الله علیه و آله قَالَ : « لَا صِیَامَ لِمَنْ لَا یَبِتِ الصِّیَامَ مِنَ اللَّیْلِ ».

وذلک من العزم والقطع بالنیه. والْبَتَاتُ : متاع البیت.

بَحْتٌ « أی غیر ممزوج ، و « خبز بَحْتٌ » أی لیس معه غیره ، و « عربی بَحْتٌ » أی خالص. والْبَحْتُ : الخالص من کل شیء.

قَالَ الزَّمَخْشَرِیُّ : رُوِیَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ یَاقُوتَهً مِنْ یَوَاقِیتِ الْجَنَّهِ لَهَا بَابَانِ مِنْ زُمُرُّدٍ شَرْقِیٍّ وَغَرْبِیٍّ وَقَالَ لآِدَمَ : اهْبِطْ لَکَ مَا یُطَافُ بِهِ کَمَا یُطَافُ حَوْلَ عَرْشِی ، فَتَوَجَّهَ آدَمُ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ إِلَیْهِ مَاشِیاً وَتَلَقَّتْهُ الْمَلَائِکَهُ فَقَالُوا : بُرَّ حَجُّکَ یَا آدَمُ لَقَدْ حُجِبَ هَذَا الْبَیْتُ قَبْلَکَ بِأَلْفَیْ عَامٍ. وَحَجَّ آدَمُ أَرْبَعِینَ حِجَّهً مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ إِلَی مَکَّهَ عَلَی رِجْلَیْهِ ، فَکَانَ عَلَی ذَلِکَ إِلَی أَنْ رَفَعَهُ اللهُ أَیَّامَ الطُّوفَانِ إِلَی السَّمَاءِ الرَّابِعَهِ ، فَهُوَ الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ. ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَمَرَ إِبْرَاهِیمَ بِبُنْیَانِهِ وَعَرَّفَهُ جَبْرَئِیلُ مَکَانَهُ .. إِلَی أَنْ قَالَ : وَجَاءَ جَبْرَئِیلُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنَ السَّمَاءِ - وَقِیلَ تَمَخَّضَ أَبُو قُبَیْسٍ فَانْشَقَّ عَنْهُ - وَقَدْ خُبِیَ فِیهِ أَیَّامَ الطُّوفَانِ ، وَکَانَ یَاقُوتَهً بَیْضَاءَ مِنَ الْجَنَّهِ ، فَلَمَّا لَمَسَتْهُ الْحَیْضُ فِی الْجَاهِلِیَّهِ اسْوَدَّ.

قوله : ( فِی بُیُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) [ 24 /36 ] یحتمل أن یتعلق بما قبله أعنی مشکاه ، أو بما بعده أعنی یسبح له رجال. والْبُیُوتُ قیل هی المساجد وقیل هی بیوت الأنبیاء.

وَرُوِیَ عَنْهُ لَمَّا قَرَأَ هَذِهِ الْآیَهَ سُئِلَ أَیُ بُیُوتٍ هَذِهِ؟ قَالَ : بُیُوتُ الْأَنْبِیَاءِ. فَقَامَ أَبُو بَکْرٍ وَقَالَ : یَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله هَذَا الْبَیْتُ مِنْهَا وَأَشَارَ إِلَی بَیْتِ عَلِیٍّ وَفَاطِمَهَ علیهما السّلام ؟ قَالَ : نَعَمْ مِنْ أَفَاضِلِهَا (1).

قوله : ( أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) أی تبنی أو یعظم من قدرها.

قَوْلُهُ : ( لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ مَسْکُونَهٍ ) [ 24 / 29 ] الْآیَهَ. قَالَ الصَّادِقُ علیه السّلام : هِیَ الْحَمَّامَاتُ وَالْخَانَاتِ وَالْأَرْحِیَهُ تَدْخُلُهَا بِغَیْرِ إِذْنٍ (2).

. والْبَیْتُ واحد الْبُیُوتِ التی تسکن.

وَأَهْلُ الْبَیْتِ فِی قَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : ( إِنَّما یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً ) [33 /33 ] مُحَمَّدٌ وَعَلِیٌّ وَفَاطِمَهُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَیْنُ علیه السلام کَمَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَایَهُ مِنَ الْفَرِیقَیْنِ

وهُمُ الَّذِینَ أَدْخَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله تَحْتَ الْکِسَاءِ وَقَالَ : اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَیْتِی وَخَاصَّتِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ

ص: 193

تَطْهِیراً.

ولا یخفی أن اللام فی ( الرِّجْسَ ) للجنس ونفی الماهیه نفی لکل جزئیاتها من الخطإ وغیره ، فیکون قولهم حجه. قال بعض العلماء : إن فی الآیه من المؤکدات واللطائف ما یعلم علی المعانی والبیان ، وذهاب الرجس ووقوع التطهیر یستلزم عدم العصیان والمخالفه لأوامر الله تعالی ونواهیه - انتهی. واعلم أن هذا هو الأصل فی نزول الآیه ، وأما أهل الْبَیْتِ إلی آخر الأئمه علیهم السلام فإطلاق الاسم علیهم معلوم من السنه المتواتره. وقوله : ( وَاجْعَلُوا بُیُوتَکُمْ قِبْلَهً ) [ 10 / 87 ] أی مسجدا ، فأطلق اسم الجزء علی الکل ، أی صلوا فی بُیُوتِکُمْ ، أمروا بذلک لخوفهم من فرعون وقومه. قوله : ( فَجاءَها بَأْسُنا بَیاتاً ) [ 7 / 4 ] أی لیلا من « الْبَیَاتِ » وهو الإیقاع باللیل ، یقال بَیَّتَ فلان رأیه : إذا فکر فیه لیلا وقدره. ومنه قوله تعالی : ( إِذْ یُبَیِّتُونَ ما لا یَرْضی مِنَ الْقَوْلِ ) [ 4 / 108 ] وتَبْیِیتُ العدو : أن یقصد فی اللیل من غیر أن یعلم فیؤخذ بغته ، وهو الْبَیَاتُ. ومنه الْخَبَرُ : « مَا بَیَّتَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله عَدُوّاً ».

قوله : ( وَالَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِیاماً ) [ 25 / 64 ] کأنه من قولهم بَاتَ یفعل کذا : إذا فعل لیلا ، کما یقال ظل یفعل کذا : إذا فعله نهارا

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا یَأْمَنِ الْبَیَاتَ مَنْ عَمِلَ السَّیِّئَاتِ ».

الْبَیَاتُ : الأخذ بالمعاصی.

وَفِی حَدِیثِ الصَّوْمِ : « لَا صِیَامَ لِمَنْ لَا یُبَیِّتُ الصِّیَامَ مِنَ اللَّیْلِ ».

أی لم ینوه من الوقت الذی لا صوم فیه ، وهو اللیل.

وَفِی الْحَدِیثِ : « ( مَنْ کانَ یُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ ) فَلَا یَبِیتَنَ إِلَّا بِوَتْرٍ ».

أی لا ینامن. والْبَیْتُ من الشعر وغیره ، یسمی به لأنه بَیَاتٌ فیه ، والجمع بُیُوتٌ وأَبْیَاتٌ.

وَفِی حَدِیثِ الزَّکَاهِ : « وَلَا أَفْلَحَ مَنْ ضَیَّعَ عِشْرِینَ بَیْتاً مِنْ ذَهَبٍ بِخَمْسَهٍ وَعِشْرِینَ دِرْهَماً؟ قَالَ : مَنْ مَنَعَ مِنَ الزَّکَاهِ وُقِفَتْ

ص: 194

صَلَاتُهُ حَتَّی یُزَکِّیَ » (1).

والمراد بالخمسه وعشرین درهما التی أوجبها الله عزوجل فی الألف حیث جعل فی الزکاه فی کل ألف خمسه وعشرین درهما.

وَالْمَبِیتُ : أَحَدُ الْحِیطَانِ السَّبْعَهِ الْمَوْقُوفَهِ عَلَی فَاطِمَهَ.

وَالْمَبِیتُ : الَّذِی أَعْطَاهُ النَّبِیُّ لِسَلْمَانَ فَکَاتَبَ عَلَیْهِ وَخَلَّصَ رَقَبَتَهُ مِنْ مَوْلَاهُ الْکَافِرِ.

والْبَائِتُ : الغابُّ ، ومنه « لحم بَائِتٌ ».

وَرُوِیَ أَنَّ مَلَکَیِ الْقَبْرِ یَقُولَانِ لِابْنِ آدَمَ : مَنْ رَبُّکَ وَمَا دِینُکَ؟ فَیَقُولُ : اللهُ رَبِّی وَدِینِیَ الْإِسْلَامُ وَنَبِیِّی مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله . فَیَقُولَانِ : ثَبَّتَکَ اللهُ فِیمَا یُحِبُّ وَیَرْضَی ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَی : ( یُثَبِّتُ اللهُ الَّذِینَ آمَنُوا ) الْآیَهِ.

وَرُوِیَ عَنْهُ : « أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا سُئِلَ فِی الْقَبْرِ فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله فَذَلِکَ قَوْلُهُ تَعَالَی : ( یُثَبِّتُ اللهُ الَّذِینَ آمَنُوا ) الْآیَهَ (1).

قوله : ( فَانْفِرُوا ثُباتٍ ) [ 4 / 71 ] أی جماعات فی تفرقه ، واحدها « ثُبَهٌ » ، والأصل ثُبْیَهٌ ، ولذا إذا صغرت قلت « ثُبَیَّاتٍ ». والثَّبَات : عند النزال ، ومنه قوله : ( إِذا لَقِیتُمْ فِئَهً فَاثْبُتُوا ) [ 8 / 45 ] أی دوموا واستقروا ولا تفرقوا. قوله : ( وَتَثْبِیتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) [ 2 / 265 ] أی طمأنینه. وثبت الشیء ثَبَاتاً وثُبُوتاً : دام واستقر. و « الثَّبَتُ » بالتحریک : الحجه. ومنه قوله : « بلا ثَبَتٍ ولا بینه » فالبینه کعطف التفسیر له. و « رجل ثَبْتٌ » بإسکان الباء : أی ثَابِتٌ القلب. وثَابِتُ بن مالک بن إمریء القیس کان خطیبا للنبی صلی الله علیه و آله وشهد له بالجنه واستشهد بالیمامه.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام : « الْجِبْتُ وَالطَّاغُوتُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ ».

وَفِی الْخَبَرِ : « الطِّیَرَهُ وَالْقِیَافَهُ مِنَ الْجِبْتِ ».

وَفِی الدُّعَاءِ : « اللهُمَّ الْعَنِ الْجَوَابِیتَ وَالطَّوَاغِیتَ وَکُلَّ نِدٍّ یُدْعَی مِنْ دُونِ اللهِ ».

ویمکن تنزیله علی الجمیع.

ومن رفعه جعله حالا ، بمعنی حتی الرسول هذه حاله. و « حَتَّامَ » فی کلامهم أصله حتی ما ، فحذف ألف ما للاستفهام ، وکذلک کل حرف من حروف الجر یضاف فی الاستفهام إلی ما ، فإن ألف ما تحذف فیه کقوله تعالی : ( فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ) [ 15 / 54 ] و ( فِیمَ کُنْتُمْ ) [ 4 / 97 ] و ( لِمَ تُؤْذُونَنِی ) [ 61 / 5 ] و ( عَمَّ یَتَساءَلُونَ ) [ 78 / 1 ] قیل : وکان ما ذکر من القاعده فی غیر » ما » التی مع « ذا » فی مثل قولهم » عما ذا تسأل » فإنهم لم یجوزوا حذف ألفها لتحصنها بالوسط کتحصین الموصول بالصله.

وَفِی حَدِیثِ الْمَرْأَهِ. « لَعَنَتْهَا الْمَلَائِکَهُ حَتَّی تُصْبِحَ ».

أی تستمر اللعنه حَتَّی تزول المعصیه بطلوع الفجر.

مُرْزَأٌ فی نفسه وأهله وماله بالأحداث فی أمر دنیاه. ویُرْوَی » خَامِتَهُ الزَّرْعِ ». بالمیم وسیجیء بابه

وجره مُزَفَّتَهٌ ، أی مطلیه بِالزِّفْتِ.

لَا یَجِدُونَهَا وَلَا یُدْرِکُونَهَا إِلَّا بِمَشَقَّهٍ ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ أَخْرَجَ حُوتاً یَوْمَ السَّبْتِ فَرَبَطَهُ إِلَی وَتِدٍ فِی السَّاحِلِ وَتَرَکَهُ فِی الْمَاءِ حَتَّی إِذَا کَانَ الْغَدُ أَخَذَهُ وَأَکَلَهُ ، فَفَعَلَ ذَلِکَ أَهْلُ بَیْتِ مِنْهُمْ فَأَخَذُوا وَشَوَوْا ، فَوَجَدَ جِیرَانُهُمْ رَائِحَهَ الشِّوَاءِ فَفَعَلُوا کَفِعْلِهِمْ وَکَثُرَ ذَلِکَ فِیهِمْ وَافْتَرَقُوا فِرَقاً ، فِرْقَهٌ أَکَلَتْ وَفِرْقَهٌ نَهَتْ وَفِرْقَهٌ قَالَتْ : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِکُهُمْ ) الْآیَهِ ، فَقَالَتِ الْفِرْقَهُ الَّتِی نَهَتْ : إِنَّا نُحَذِّرُکُمْ غَضَبَ اللهِ وَعِقَابَهُ أَنْ یُصِیبَکُمْ وَاللهِ مَا نُسَاکِنُکُمْ فِی مَکَانٍ أَنْتُمْ فِیهِ ، وَخَرَجُوا مِنَ السُّورِ ثُمَّ غَدَوْا عَلَیْهِ مِنَ الْغَدِ فَضَرَبُوا بَابَ السُّورِ فَلَمْ یُجِبْهُمْ أَحَدٌ ، فَتَسَوَّرَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ السُّورَ فَقَالَ : وَاللهِ قِرَدَهٌ لَهَا أَذْنَابٌ تَتَعَاوَی ، فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلَ النَّاسُ عَلَیْهِمْ فَعَرَفَتِ الْقِرَدَهُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ وَلَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقِرَدَهِ ، فَیَأْتِی الْقِرْدُ إِلَی نَسِیبِهِ وَقَرِیبِهِ فَیَحْتَکُّ بِهِ وَیَلْصَقُ إِلَیْهِ فَیَقُولُ الْإِنْسِیُّ : أَنْتَ فُلَانٌ؟ فَیُشِیرَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ وَیَبْکِی. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَاسْمَعْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَی : ( وَأَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما کانُوا یَفْسُقُونَ ) إِلَی أَنْ قَالَ : فَکَمْ قَدْ رَأَیْنَا مِنْ مُنْکَرٍ فَلَمْ نَنْهَ عَنْهُ.

وَفِی حَدِیثِ آدَمَ : « فَأَلْقَی عَلَیْهِ السُّبَاتَ ».

بالضم : أی النوم الثقیل ، وأصله الراحه ، یقال منه سَبَتَ یَسْبُتُ من باب قتل. وسُبِتَ بالبناء للمفعول : غشی علیه. والسَّبْتُ : الدهر. والسَّبْتُ : ثلاثون سنه. ومنه قَوْلُ أَبِی طَالِبٍ لِفَاطِمَهَ بِنْتِ أَسَدٍ أُمِّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ « اصْبِرِی سَبْتاً أُبَشِّرْکِ بِمِثْلِهِ ».

وکان بین علی علیه السّلام والنبی صلی الله علیه و آله ثلاثون سنه. و « یوم السَّبْتِ » سمی به لأن الله تعالی خلق العالم فی سته أیام آخرها الجمعه ، فسمی یوم السابع یوم السبت لانقطاع العمل والأیام عنده. والسَّبْتَهُ : هو ثوب أبیض ، ومنه حَدِیثُ أُمِّ سَلَمَهَ : « رَبَطَتْ حَقْوَیْهَا بِسَبْتَهٍ وَسَدَلَتْ طَرَفَیْهَا خَلْفَهَا تَجُرُّهُ ، فَقَالَتْ عَائِشَهُ لِحَفْصَهَ : انْظُرِی مَا تَجُرُّ خَلْفَهَا کَأَنَّهُ لِسَانُ کَلْبٍ ».

ص: 203

فَهُوَ الْکُفْرُ بِاللهِ » (1).

قوله : ( فَیُسْحِتَکُمْ بِعَذابٍ ) [ 20 / 61 ] أی یهلککم ویستأصلکم.

والسَّمْتُ : عباره عن الحاله التی یکون علیها الإنسان من السکینه والوقار وحسن السیره والطریقه واستقامه المنظر والهیئه - قاله فی النهایه. ومِنْهُ « السَّمْتُ الصَّالِحُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَهٍ وَعِشْرِینَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّهِ ».

ویقال فلان حسن السَّمْتِ والهدی : أی حسن المذهب فی الأمور کلها.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ : لِلْمُسْلِمِ ثَلَاثُونَ حَقّاً « وَعَدَّ مِنْهَا تَسْمِیتَ الْعَاطِسِ.

أعنی الدعاء له. قال الجوهری : التَّسْمِیتُ بالسین المهمله وبالشین المعجمه أیضا : الدعاء للعاطس ، مثل « یرحمک الله ». وقال تغلب نقلا عنه : والاختیار بالسین لأنه مأخوذ من السَّمْتِ والقصد ، وقال أبو عبیده بالشین المعجمه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « أَنَّ أَحَدُکُمْ لَیَدَعُ تَسْمِیتَ أَخِیهِ إِذَا عَطَسَ فَیُطَالِبُ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَهِ فَیُقْضَی لَهُ عَلَیْهِ » (1).

وفِیهِ : « یَجُوزُ لِلْمُصَلِّی تَسْمِیتُ الْعَاطِسِ وَأَنْ یَحْمَدَ اللهَ إِذَا عَطَسَ لِأَنَّهُ مُنَاجَاهٌ لِلرَّبِّ ».

ودعاء السِّمَاتِ هو الدعاء المشهور المروی عن أبی عمرو العمری بفتح العین المکنی بأبی عمرو السمان من أصحاب الجواد علیه السّلام ، وهو ثقه جلیل من وکلاء العسکری علیه السلام (2). و « السِّمَاتُ » بکسر السین جمع السِّمَهِ ، وهی العلامه ، کأن علیه علامات الإجابه ، ویسمی أیضا دعاء الشبور وسیأتی معناه إن شاء الله تعالی.

والحصول علی العلوم ومکارم الأخلاق ، وأیامه مع القوم وحاله مع المتاعب والمشاق ومقاسات المحن.

وإثبات ، وهذه الخاصه لم توجد فی بقیه الأعضاء. والمال الصَّامِتُ : الذهب والفضه ، وهو خلاف الناطق وهو الحیوان. وأکثر ما یطلق الصَّامِتُ علی الجماد والناطق علی الحیوان. ومنه قول الفقهاء « الزکاه فی الناطق والصَّامِتِ » ، وقولهم : « ما له صَامِتٌ ولا ناطق » أی لیس له شیء. وصَمَتَ یَصْمُتُ صَمْتاً وصُمُوتاً من باب قتل : سکت ، فهو صَامِتٌ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا صَمْتَ یَوْمٍ إِلَی اللَّیْلِ ».

أی لا فضیله له ولا هو مشروع ، یدل علیه قَوْلُهُ علیه السلام : « صَمْتُ الصَّوْمِ حَرَامٌ ».

وشیء مُصْمَتٌ : لا جوف له. وباب مُصْمَتٌ : قد أبهم إغلاقه.

هو المعروف من النسخ - : دواء معروف بین الأطباء وسمعنا من بعضهم أنه « الغافث » بالثاء المثلثه ولعله الصواب. وفی القانون نقلا عنه : أن الْغَافِتَ من الحشائش الشائکه له ورق کورق الشهدانج ، أو ورق النیطالقون وهو المستعمل أو عصارته.

قُلْتُ : وَمَا الْفَوْتُ؟ قَالَ : الْمَوْتُ ».

والْفَوْتُ : الْفَوَاتُ. ومنه الدُّعَاءُ « إِنَّمَا یَعْجَلُ مَنْ یَخَافُ الْفَوْتَ ».

أی الْفَوَاتَ. وموت الْفَوَاتِ : موت الفجأه ، ومِنْهُ « مَرَّ بِحَائِطِ فَأَسْرَعَ فَقَالَ : أَخَافُ مَوْتَ الْفَوَاتِ ».

والْفَوْتُ : الْفَائِتُ ، ومِنْهُ « یَا جَامِعَ کُلِ فَوْتٍ ».

أی کل فَائِتٍ. وفَاتَ الأمر فَوْتاً وفَوَاتاً : أی فَاتَ وقت فعله. ومِنْهُ « فَاتَتِ الصَّلَاهُ ».

إذا خرج وقت فعلها ولم تفعل. فَاتَنِی فلان بکذا : سبقنی. وتَفَاوَتَ الشیئان تَفَاوَتَا - بحرکات الواو والضم أکثر - : تباعد ما بینهما.

کان عام قحط وفقد أهل البادیه ما یقتاتونه به من لبن وتمر ونحوه دقوه وطبخوه واجتزوا به علی ما فیه من الخشونه

وَفِی الْخَبَرِ « کَفَی بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ یُضَیِّعَ مَنْ یَقُوتُ ».

أراد من تلزمه نفقته. ورُوِیَ « یُقِیتُ ». علی اللغه الأخری.

الْکُمَیْتُ من الخیل : الفرس الأحمر ، یستوی فیه المذکر والمؤنث ، والمصدر الْکَمْتَهُ ، وهی حمره یدخلها قنوء ، وعن الخلیل وقد سأله سیبویه عن الْکُمَیْتِ قال : إنما صغر لأنه بین السواد والحمره لم یخلص واحد منهما ، فأرادوا بالتصغیر أنه منهما قریب ، والفرق بین الکمیت والأشقر بالعرف والذنب ، فإن کانا أسودین فَکُمَیْتٌ وإن کانا أحمرین فأشقر.

وَ « الْکُمَیْتُ » اسْمُ شَاعِرٍ کَانَ فِی حَضْرَهِ الصَّادِقِ علیه السلام (1) ، وَمِنْ شِعْرِهِ بِحَضْرَتِهِ :

أَخْلَصَ اللهُ لِی هَوَایَ فِیمَا

أُغْرِقُ نَزْعاً وَلَا تَطِیشُ سِهَامِی

فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ علیه السّلام لَا تَقُلْ هَکَذَا قُلْ

« فَقَدْ أُغْرِقَ نَزْعاً وَلَا تَطِیشُ سِهَامِی ».

وَمِنْ شِعْرِهِ فِی حَضْرَهِ الْبَاقِرِ علیه السّلام

إِنَّ الْمُصِرَّیْنِ عَلَی ذَنْبَیْهِمَا

وَالْمُخْفِیَا الْفِتْنَهِ فِی قَلْبَیْهِمَا

وَالْخَالِعَا الْعُقْدَهِ مِنْ عُنُقَیْهِمَا

وَالْحَامِلَا الْوِزْرِ عَلَی ظَهْرَیْهِمَا

کَالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ فِی مِثْلَیْهِمَا

فَلَعْنَهُ اللهِ عَلَی رُوحَیْهِمَا

فَضَحِکَ الْبَاقِرُ علیه السّلام .

مُسْرَی بها علی قراءه الرفع وغیر مُسْرَی بها علی قراءه النصب. ثم قال : وفیه نظر ، لأن إخراجها من جمله النهی لا یدل علی أنها مسری بها وعلی أنها معه.

وَقَدْ رُوِیَ أَنَّهَا تَبِعَتْهُمُ وَأَنَّهَا الْتَفَتَتْ فَرَأَتِ الْعَذَابَ فَصَاحَتْ فَأَصَابَهَا حَجَرٌ فَقَتَلَهَا.

واللَّفْتُ : اللیُّ ، والِالْتِفَاتُ : الانصراف والْتَفَتَ إلیَ الْتِفَاتاً : انصرف بوجهه نحوی. والتَّلَفُّتُ أکثر منه.

وَفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله : « فَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِیعاً » (1).

یعنی لم یکن یلوی عنقه یمنه ویسره ناظرا إلی شیء وإنما یفعل ذلک الطاش الخفیف ، ولکن یقبل جمیعا ویدبر جمیعا.

وَفِی الْخَبَرِ : « إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ ثُمَ الْتَفَتَ فَهِیَ أَمَانَهٌ ».

أی حدَّث الرجل عندک حدیثا ثم غاب صار حدیثه أمانه عندک فلا یجوز إضاعتها والخیانه فیها بإفشائها. واللَّفُوتُ : المرأه ذات الولد ، ومنه الْخَبَرُ : « لَا تَتَزَوَّجَنَ لَفُوتاً ».

أصلها لیس بکسر الیاء ، فقلبت ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها وأبدلت السین تاءا. « المذهب الثانی « - أنها کلمتان لا النافیه والتاء لتأنیث اللفظ کما فی ثمت ، وإنما وجب تحریکها لالتقاء الساکنین - قاله الجمهور « الثالث » - إنها کلمه وبعض کلمه ، وذلک لأنها لا النافیه والتاء زائده فی أول الحین الثانی وفی عملها ثلاثه مذاهب : « أحدها « أنها لا تعمل شیئا ، فإن ولیها مرفوع فمبتدأ حذف خبره ، أو منصوب فمعمول بفعل محذوف ، ذهب إلیه الأخفش ، والتقدیر عنده فی الآیه لا أری حین مناص ، وعلی قراءه الرفع ولات حین مناص کائن لهم. » الثانی « - أنها تعمل عمل إن ، فتنصب الاسم وترفع الخبر. » والثالث « - أنها تعمل عمل لیس وهو قول الجمهور. وعلی کل قول فلا یذکر بعدها إلا أحد المعمولین ، والغالب أن یکون المحذوف المرفوع. واختلف فی معمولها : فالفراء علی أنها لا تعمل إلا فی لفظ » حِینٍ « وهو ظاهر. قال سیبویه والفارسی ومن وافقه تعمل فی الحین وفی مرادفه ... إلی أن قال : وقریء ولات حینِ مناص بخفض حین ، فزعم الفراء أن » لَاتَ » تستعمل حرفا جارا لا سیما الزمان خاصه - انتهی.

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِذَا طَابَ لِیتُ الْمَرْأَهِ طَابَ عَرْفُهَا ».

واللِّیتُ بالکسر : صفحه العنق - قاله الجوهری وغیره. وهما لِیتَان. و « لَیْتَ » کلمه تمن ، قال الجوهری وهی حرف تنصب الاسم وترفع الخبر مثل کان وأخواتها ، لأنها شابهت الأفعال بقوه ألفاظها واتصال أکثر المضمرات بها وبمعانیها ، تقول لَیْتَ زیدا ذاهب ، ثم قال : وأما قول الشاعر :

یا لَیْتَ أیام الصبا رواجعَا

فإنما أراد یا لَیْتَ أیام الصبا لنا رواجعَ نصبه علی الحال. قال : وحکی النحویون أن بعض العرب یستعملها بمنزله وجدت فیعدیها إلی مفعولین ویجریها مجری الأفعال ، فتقول لَیْتَ زیدا شاخصا ، فیکون البیت علی طریقه هذه اللغه.

ص: 220

مَثَلُهُ فِی الظُّلُماتِ لَیْسَ بِخارِجٍ مِنْها ) قَالَ : الَّذِی لَا یَعْرِفُ الْإِمَامَ.

قوله : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ ) [3 / 144 ] الآیه. قال الزمخشری : الفاء معلقه للجمله الشرطیه بالجمله قبلها علی معنی التسبیب ، والهمزه للإنکار. قوله : ( نَمُوتُ وَنَحْیا ) [ 23 /37 ] أی یموت بعض ویولد بعض وینقضی قرن ویأتی قرن. قوله : ( أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَأَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ ) [ 40 / 11 ] قیل هو مثل. قوله تعالی : ( کُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْیاکُمْ ثُمَ یُمِیتُکُمْ ثُمَّ یُحْیِیکُمْ ) [ 2 / 28 ] فَالْمَوْتَهُ الأولی کونهم نطفا فی الأصلاب ، لأن النطفه مَیْتَهٌ ، والحیاه الأولی إحیاء الله إیاهم من النطفه ، والْمَوْتَهُ الثانیه إِمَاتَهُ الله إیاهم بعد الحیاه ، والحیاه الثانیه إحیاؤهم الله للبعث. ویقال الْمَوْتَهُ الأولی التی تقع بهم فی الدنیا بعد الحیاه ، والحیاه الأولی إحیاء الله إیاهم فی القبر للمسأله والْمَوْتَهُ الثانیه إمَاتَهُ الله إیاهم بعد المسأله والحیاه الثانیه إحیاء الله إیاهم للبعث. وقیل الْمَوْتَهُ الأولی التی کانت بعد إحیاء الله إیاهم فی الذر إذ سألهم ( أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلی ) ثم أَمَاتَهُمْ بعد ذلک ، ثم أحیاهم بإخراجهم إلی الدنیا ، ثم أَمَاتَهُمْ ، ثم یبعثهم الله إذا شاء. قوله : ( لا یَذُوقُونَ فِیهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَهَ الْأُولی ) [ 44 / 56 ] قال الشیخ أبو علی : أی لا یذوقون فیها الْمَوْتَ البته ، فوضع ( إِلَّا الْمَوْتَهَ الْأُولی ) ذوقها موضع ذلک لأن الْمَوْتَهَ الماضیه لا یمکن ذوقها فی المستقبل ، وهو من باب التعلیق بالمحال ، فکأنه قال : إن کانت الأولی یستقیم ذوقها فی المستقبل فإنهم یذوقونها. قوله : ( وَلا تَمُوتُنَ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [ 2 / 133 ] هو أمر بالإقامه علی الإسلام.

وَفِی دُعَاءِ الْأَنْبِیَاءِ بَعْدَ النَّوْمِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَحْیَانَا بَعْدَ مَا ».

سمی النوم مَوْتاً لأنه یزول معه العقل والحرکه تمثیلا أو تشبیها لا تحقیقا ، وقیل الْمَوْتُ فی کلام العرب یطلق علی السکون ، یقال مَاتَتِ الریح إذا سکنت.

ص: 222

والْمَوْتُ یقع بحسب أنواع الحیاه فمنها ما هو بإزاء القوه النامیه الموجوده فی الحیوان والنبات کقوله تعالی : ( یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) [30 / 19 ] ومنها زوال القوه الحسیه کقوله : ( یا لَیْتَنِی مِتُ قَبْلَ هذا ) [ 19 / 23 ] ومنها زوال القوه العاقله - وهی الجهاله - کقوله تعالی : ( أَوَمَنْ کانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ ) [ 6 / 122 ] و ( إِنَّکَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتی ) [ 27 / 80 ] ومنها الحزن والخوف المکدر للحیاه کقوله تعالی : ( وَیَأْتِیهِ الْمَوْتُ مِنْ کُلِّ مَکانٍ وَما هُوَ بِمَیِّتٍ ) [ 14 / 17 ] وقد یستعار الْمَوْتُ للأحوال الشاقه کالفقر والذل والسؤال والهدم وغیر ذلک. و « الْأَمْوَاتُ » جمع مَیِّتٍ ، مثل بیت وأبیات. قال تعالی : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ ) [3 / 169 ]. وقد تکرر ذکر الْمَیِّتِ بالتشدید وعدمه ، وفرق بعضهم بینهما فقال : یقال فی الحی مَیِّتٌ بالتشدید لا غیر ، واستشهد بقوله : ( إِنَّکَ مَیِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَیِّتُونَ ) [39 /30 ] أی سَیَمُوتُونَ ، وقد جمعهما قول من قال :

لیس من مَاتَ واستراح بِمَیْتٍ

إنما الْمَیْتُ مَیِّتُ الأحیاء

ویستوی فی الْمَیِّتِ المذکر والمؤنث قال تعالی : ( لِنُحْیِیَ بِهِ بَلْدَهً مَیْتاً ) [ 25 / 49 ] ولم یقل مَیْتَهً. والْمَوْتُ : ضد الحیاه ، یقال مَاتَ الإنسان یَمُوتُ مَوْتاً ، ویقال : مَاتَ یَمَاتُ من باب خاف لغه - قاله فی المصباح وذکر لغه ثالثه ذکر أنها من باب التداخل.

وَقِیلَ لِلصَّادِقِ علیه السّلام : صِفْ لَنَا الْمَوْتَ؟ فَقَالَ : هُوَ لِلْمُؤْمِنِ کَأَطْیَبِ رِیحٍ یَشَمُّهُ فَیَنْعَسُ لِطِیبِهِ فَیَنْقَطِعُ التَّعَبُ وَالْأَلَمُ کُلُّهُ عَنْهُ ، وَلِلْکَافِرِ کَلَسْعِ الْأَفَاعِیِّ وَلَدْغِ الْعَقَارِبِ وَأَشَدَّ.

و « مَاتَ » یعدی بالهمزه فیقال « أَمَاتَهُ الله ». و « الْمَوَتَانُ » بفتحتین : ضد الحیوان أیضا ، یقال اشْتَرِ الْمَوَتَانَ ولا تشتر الحیوان ، أی اشتر الأرض والدور ولا تشتر الرقیق والدواب.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَوَتَانُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ».

یعنی مَوَاتُهَا التی لیست لأحد

ص: 223

قیل وفیه لغتان سکون الواو وفتحها مع فتح المیم. والْمَوْتُ والحیاه خلقان من خلق الله تعالی ، فإذا جاء الْمَوْتُ فدخل الإنسان لم یدخل فی شیء إلا وخرجت منه الحیاه.

وَالْمَرْوِیُ أَنَّ الْمَلَائِکَهَ یَمُوتُونَ بَعْدَ مَوْتِ الْإِنْسِ بِأَسْرِهِمْ ، وَکُلَّمَا خَلَقَ اللهُ مِنْهُمْ حَیَّ ، وَالْأَشْرَافُ مِنْهُمْ لَا تَکُونُ مَسَاکِنُهُمْ وَمَنَازِلُهُمْ إِلَّا عَلَی السَّمَاوَاتِ کَجَبْرَئِیلَ وَمِیکَائِیلَ وَإِسْرَافِیلَ وَعَزْرَائِیلَ.

کذا فی شرح النهج للفاضل المتبحر میثم (ره). و « الْمُوَاتُ » بضم المیم وبالفتح یقال لما لا روح فیه ، ویطلق علی الأرض التی لا مالک لها من الآدمیین ولا ینتفع بها ، إما لعطالتها أو لاستیحامها أو لبعد الماء عنها. و « الأرض الْمُوَاتُ » فی کلام الأصحاب إما فی ملک الإمام أو فی ملک المسلمین أو یکون لها مالک معروف ، فالأولی تملک بالإحیاء حال الغیبه مسلما کان المحیی أم کافرا ، وفی حال حضوره علیه السلام تملک بإذنه ، وما فی ملک المسلمین لا یجوز إحیاؤه إلا بإذنه وعلی المحیی طسقه ، وفی حال الغیبه من سبق إلی إحیاء مَیْتَهٍ فهو أحق بها وعلیه طسقها ، وقیل لیس علیه شیء. وأما التی لها مالک مخصوص وقد ملکت بغیر الإحیاء کالبیع والشراء وهی لمالکها ، وعلیه الإجماع من الأصحاب. و « الْمِیتَهُ » بالکسر للحال والهیئه ، ومنه « مَاتَ مِیتَهً حسنه ». و « مَیْتَهَ السوء » بفتح السین : هی الحاله التی یکون علیها الإنسان عند الْمَوْتِ ، کالفقر المدقع ، والوصب الموجع ، والألم المغلق ، والأعلال التی تفضی به إلی کفران النعمه ، ونسیان الذکر ، والأحوال التی تشغله عما له وعلیه. و « مَاتَ مَیتَهً جَاهِلِیَّهً ».

أی کَمَوْتِ أهل الجاهلیه. و « الْمَیْتَهُ » بالفتح من الحیوان ، وجمعها « مَیْتَاتٌ » ، وأصلها « مَیِّتَهٌ « بالتشدید قیل والتزم التشدید فی مَیِّتَهِ الأناسی والتخفیف فی غیر الناس فرقا بینهما.

ص: 224

و « الْمَیِّتُون » بالتشدید یختص بذکور العقلاء ، و « الْمَیِّتَاتُ » لأناثهم ، وبالتخفیف للحیوان. و « مُؤْتَهُ » بهمزه ساکنه وتاء فوقانیه کغرفه ویجوز التخفیف : قریه فی أرض البلقاء (1) ، وبها وقعه مشهوره قتل فیها جعفر بن أبی طالب وزید بن حارثه وعبد الله بن رواحه وجماعه کثیره من الصحابه. و « یوم مُؤْتَهَ » یوم مشهور فی السیر

ونَحَتَ من باب ضرب ، ومن باب نفع لغه. و « النُّحَاتَهُ » بالضم : البرایه. والْمِنْحَتُ. ما یُنْحَتُ به.

من الْنَّکْتِ بالحصی ، یقال نَکَتَ الأرض بالقضیب : وهو أن یخط بها خطا کالمفکر المهموم.

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السّلام مِنْ جُمْلَهِ عُلُومِهِمْ : « نَکْتٌ فِی الْقُلُوبِ وَنَقْرٌ فِی الْأَسْمَاعِ ».

أما النَّکْتُ فی القلوب فإلهام وأما النقر فی الأسماع فأمر الملک.

وَفِی حَدِیثِ أَبِی أُسَامَهَ » ارْعَوْا قُلُوبَکُمْ بِذِکْرِ اللهِ وَاحْذَرُوا النَّکْتَ فَإِنَّهُ یَأْتِی عَلَی الْقَلْبِ تَارَاتٌ أَوْ سَاعَاتٌ لَا إِیمَانٌ فِیهِ وَلَا کُفْرٌ ، شِبْهَ الْخِرْقَهِ الْبَالِیَهِ وَالْعَظْمِ النَّخِرِ ، یَا أَبَا أُسَامَهَ أَلَیْسَ رُبَّمَا تَفَقَّدْتَ قَلْبَکَ فَلَا تَذْکُرُ بِهِ خَیْراً وَلَا شَرّاً وَلَا تَدْرِی أَیْنَ هُوَ؟ قَالَ : بَلَی إِنَّهُ لَیُصِیبُنِی وَأَرَاهُ یُصِیبُ النَّاسَ. قَالَ : أَجَلْ لَیْسَ یَعْرَی مِنْهُ. قَالَ : فَإِذَا کَانَ ذَلِکَ فَاذْکُرِ اللهَ تَعَالَی وَاحْذَرِ النَّکْتَ ».

کأن المراد أن یقع فی القلب شیء غیر مرضی لله تعالی.

والْوَقْتُ مثل الْمِیقَاتُ ، ومنه الْحَدِیثُ « تَأْتِی الْوَقْتَ فَتُلَبِّی ».

ومِثْلَهُ « أَحْرَمَ مِنْ دُونَ أَنْ یَأْتِیَ الْوَقْتُ ».

أی الْمِیقَاتُ. والْوَقْتُ : مقدار من الزمان مفروض لأمر ما. وکل شیء قدرت له حینا فقد وَقَّتَهُ تَوْقِیتاً. ووَقَتَهَا یَقِتُهَا - من باب وعد - : حد لها وَقْتاً ، ثم قیل لکل شیء محدود مُوَقَّتٌ.

أَبْلِغْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أخا العراق إذا

أَتَانَا

إن العراق وأهله سِلْمٌ إلیک فَهَیْتَ هَیْتاً

أی هلم ، ویقال یستوی فیه الواحد والجمع والمؤنث إلا أن العدد فیما بعده قاله الجوهری. یقال هَیْتَ لکم وهَیْتَ لکما وهَیْتَ لکن. و « هِیتَ » بالکسر : اسم بلد علی الفرات (1). و « هَاتِ یا رجلُ » بکسر التاء : أی أعطنی ، وللاثنین هَاتِیَا مثل آتیا ، والجمع هَاتُوا ، والمرأه هَاتِی بالیاء قاله الجوهری.

ص: 229

ص: 230

ص: 232

تَکَلَّمَتْ وَهِیَ صَغِیرَهٌ کَمَا تَکَلَّمَ عِیسَی علیه السّلام وَهُوَ فِی الْمَهْدِ.

قوله : ( إِنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً ) [ 4 / 117 ] قیل یعنی إلا مواتا ضد الحیاه ، وقیل الملائکه ، وقیل مثلا للات والعزی ومناه وأشباهها من الآلهه الْمُؤَنَّثَهِ ، کانوا یقولون للصنم أُنْثَی بنی فلان ، ویقولون إن الأصنام بنات الله ، ویقرأ : إلا أُنُثاً جمع إِنَاثٍ. والْأُنْثَی : خلاف الذکر ، والجمع « إِنَاثٌ » بالکسر. وتَأْنِیثُ الاسم : خلاف تذکیره.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الشَّیْطَانُ أَتَی قَوْمَ لُوطٍ فِی صُورَهٍ حَسَنَهٍ فِیهَا تَأْنِیثٌ ».

کأن المراد حب الوطی. ومثله « رَأَیْتَ التَّأْنِیثَ فِی وُلْدِ الْعَبَّاسِ ».

والأسماء التی لا بد من تَأْنِیثِهَا مما لا علامه فیه فکثیره ، منها العین والأذن والنفس والدار والدلو إلی تمام ستین اسما. والْأُنْثَیَانِ : الخصیان ، ومنه « فِی الْأُنْثَیَیْنِ الدِّیَهُ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِبْلِیسُ یَبُثُ جُنُودَهُ ».

أی یفرقهم وینشرهم ، من بَثَ الحدیث : أذاعه وأنشره ، ومنه « بَثَ السُّلْطَانُ جُنُودَهُ ».

ومثله : « بَثَ الخیر وأَبَثَّهُ ». وبَثَ الله الخلق بَثّاً - من باب قتل - : خلقهم. وبُثَ حاجتک : اذکرها.

قوله : « یتعاقبون علیکم ملائکه ».

« وَبَعِیثُکَ نِعْمَهٌ » (1).

أی مَبْعُوثُکَ الذی بَعَثْتَهُ إلی الخلق - أی أرسلته - نعمه فهو فعیل بمعنی مفعول. ومثله قَوْلُهُ صلی الله علیه و آله : « وَالَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً ».

وقَوْلُهُ : « بُعِثْتُ إِلَی النَّاسِ کَافَّهً ».

ومثله « بَعَثَ راحلته » و « حتی تَنْبَعِثَ راحلته « أی تستوی قائمه إلی الطریق ، أی حین إبتدأ الشروع. والْبَعْثُ : الجیش ، تسمیه بالمصدر والجمع بُعُوثٌ ، ومنه « کَانَ علیه السّلام یَبْعَثُ الْبُعُوثَ ».

بفتح موحده : أی یرسل الجیش للقتال.

وَفِی الْحَدِیثِ : « أَوَّلُ الْعَقِیقِ بَرِیدُ الْبَعْثِ » (2).

بالعین المهمله والثاء المثلثه فی المشهور ، وهو مکان دون المسلح بسته أمیال مما یلی العراق ، وبینه وبین غمره علی ما قیل أربعه وعشرون میلا بریدان ، وفسر المسلح بالسین والحاء المهملتین اسم مکان أخذ السلاح ولبس لأمه الحرب ، وهذا یناسب تفسیر البعث بالجیش ، وضبطه العلماء بأنه واحد المسالح وهی المواضع العالیه ، وضبطه البعض بالخاء المعجمه لنزع الثیاب به (3)، ویحکی ضبطه عن العلامه ببرید النغب بالنون قبل الغین المعجمه والباء الموحده أخیرا ، وهو خلاف ما اشتهرت به الروایه. و « یوم الْمَبْعَثِ » هو یوم السابع والعشرین من رجب. و « یوم بُعَاثٍ » بالضم کغراب : یوم حرب فی الجاهلیه بین الأوس والخزرج وکان الظفر للأوس واستمر مائه وعشرین سنه حتی ألف بینهم الإسلام. و « بُعَاثٌ » اسم حصن للأوس ، وبعضهم یقول بالغین المعجمه ،

ص: 237

قال فی النهایه : وهو تصحیف (1).

الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْکَرِ ) وقوله تعالی لأزواج النبی صلی الله علیه و آله : ( عَسی رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَکُنَّ أَنْ یُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَیْراً مِنْکُنَّ مُسْلِماتٍ ) إلی قوله ( وَأَبْکاراً ) وقال بعضهم : هی واو الحکی فکان الله تعالی حکی اختلافهم فتم الکلام عند قوله : ( وَیَقُولُونَ سَبْعَهٌ ) ثم حکی أن ثامنهم کلبهم ، والثامن لا یکون إلا بعد السبع ، فهذا تحقیق قول المسلمین. قوله : ( أُولِی أَجْنِحَهٍ مَثْنی وَثُلاثَ وَرُباعَ ) [35 / 1 ] فَثُلَاثٌ غیر منصرف للعدل والصفه ، لأنه عدل من ثَلَاثَهٍ إلی ثُلَاثَ ومَثْلَثَ ، وهو صفه لأنک تقول « مررت بقوم مثنی وثُلَاثَ » کما تقول ( أُولِی أَجْنِحَهٍ مَثْنی وَثُلاثَ وَرُباعَ ) فوصف به. قال الجوهری : وهذا قول سیبویه. قال : وقال غیره إنما لم ینصرف لتکرر العدل فیه فی اللفظ والمعنی ، لأنه عدل عن لفظ اثنین إلی لفظ مثنی وثُنَاء. وعن معنی اثنین إلی معنی اثنین اثنین ، لأنک تقول « جاءت الخیل مثنی والمعنی اثنین اثنین » أی جاءوا مزدوجین ، وکذلک جمیع معدول العدد.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْقُرْآنِ » (1).

قیل فی توجیه ذلک لأن القرآن العزیز لا یتجاوز ثَلَاثَهَ أقسام وهو الإرشاد إلی معرفه ذات الله تعالی وتقدیسه ، أو معرفه صفاته وأسمائه ، أو معرفه أفعاله وسننه فی عباده ، ولما اشتملت سوره الإخلاص علی أحد هذه الأقسام الثَّلَاثَهِ - وهو التقدیس - وازنها رسول الله صلی الله علیه و آله بِثُلُثِ القرآن ، لأن منتهی التقدیس أن یکون واحدا فی ثَلَاثَهِ أمور لا یکون حاصلا منه من هو من نوعه وشبهه ، ودل علیه قوله ( لَمْ یَلِدْ ) ، ولا یکون هو حاصلا ممن هو نظیره وشبهه ودل علیه قوله ( وَلَمْ یُولَدْ ) ، ولا یکون فی درجته من هو مثله وإن لم یکن أصلا ولا فرعا ودل علیه بقوله ( وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ ). ویجمع جمیع ذلک قوله ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ). وذکر فی المجمع أن القرآن قصص

ص: 240

وأحکام وصفات الله تعالی ، و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) متمحض للصفات ، وقیل ثوابها بقدر ثواب ثُلُثِهِ بغیر تضعیف ، وعلیه فیلزم من تکریرها استیعاب القرآن وختمه. وعن بعض الأفاضل وجه آخر حاصله : أن مقاصد القرآن الکریم لما کانت ترجع عند التحقیق إلی ثَلَاثَهِ معان - معرفه الله ومعرفه السعاده والشقاوه الأخرویه والعلم بما یوصل إلی السعاده ویبعد عن الشقاوه - وسوره الإخلاص تشتمل علی الأصل الأول وهو معرفه الله تعالی وتوحیده وتنزیهه عن مشابهه الخلق بالعبودیه ونفی الأصل والفرع والکفؤ ، کما سمیت الفاتحه أم القرآن لاشتمالها علی تلک الأصول الثلاثه عادلت هذه السوره ثُلُثَ القرآن لاشتمالها علی واحد من تلک الأصول.

وَفِی الْحَدِیثِ : « ضَلَّ أَصْحَابُ الثَّلَاثَهِ » (1).

وقد سبق تفسیرها فی « بوب ».

وَفِی حَدِیثِ مَنْ سَأَلَهُ علیه السّلام : « مَا حَالُ عَمَّارٍ؟ قَالَ : رَحِمَهُ اللهُ بَایَعَ وَقُتِلَ شَهِیداً. ثُمَّ قَالَ : لَعَلَّکَ تَرَی أَنَّهُ مِثْلُ الثَّلَاثَهِ أَیْهَاتَ أَیْهَاتَ » (2).

قیل ربما أرید بالثَّلَاثَهِ الثَّلَاثَهُ ، وربما احتمل أن یراد بِالثَّلَاثَهِ علی علیه السّلام ، ومؤمن آل فرعون حیث قیل کان ملازما لفرعون مائه سنه وهو کاتم إیمانه وقتل صلبا ، ومؤمن آل یاسین حیث قیل إن قومه توطئوه حتی خرج إحلیله من دبره.

وَفِی الْحَدِیثِ : « النَّصَارَی مُثَلِّثُونَ غَیْرُ مُوَحِّدِینَ ».

أی یجعلون له سبحانه ابنا وزوجه وهو ثَالِثُهُمْ. والْمُثَلَّثُ من الشراب : ما طبخ من عصیر العنب حتی ذهب ثُلُثَاهُ وبقی ثُلُثُهُ ، ویسمی بالطلاء بالکسر والمد. و « الحمی الْمُثَلِّثَهُ » التی تأتی فی الیوم الثَّالِثِ ، والرابع التی تأتی فی الیوم الرابع. و « الْمُثَلِّثَهُ » أن یؤخذ قفیز أرز وقفیز حمص وقفیز باقلاء أو غیره من الحبوب ثم ترز جمیعا وتطبخ ، ویسمی الکرکور. و « الثَّلَاثَهُ » تقال فی عدد المذکر

ص: 241

والثَّلَاثُ فی المؤنث وهکذا إلی تمام العقد. و « الثَّلَاثَاءُ » من أیام الأسبوع. وقولهم : « هو ثَالِثُ ثَلَاثَهٍ » أی هو أحد الثَّلَاثَهِ ، وکذلک رابع أربعه ، أی هو أحد الأربعه ، ونحو ذلک فی بقیه الأعداد. عن ابن السکیت أنه قال : یقال هو ثَالِثُ ثَلَاثَهٍ مضاف إلی العشره ولا ینون ، فإن اختلفا إن شئت نونت وإن شئت أضفت ، فقلت هو رابع ثَلَاثَهٍ ورابع ثَلَاثَهٍ کما تقول هو ضارب عمرو وضارب عمرا لأن معناه الوقوع ، أی کملهم بنفسه أربعه ، فإذا اتفقا فالإضافه لا غیر لأنه فی مذهب الأسماء ، لأنک لم ترد معنی الفعل وإنما أردت هو أحد الثَّلَاثَهِ وبعض الثَّلَاثَهِ ، وهذا لا یکون إلا مضافا - انتهی.

وَقَوْلُهُ علیه السّلام : « أَفَاضَ الْمَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ».

یُقْرَأُ بالنصب لأن عدد المصدر مصدر وقوله : « ثَلَاثاً فی إعادتها ثَلَاثاً » مفعول قال محذوفا أو مضمنا فی أعاد ، ولا یصلح علی ما قیل مفعولا لأعاد ، لأنه یستلزم قول تلک الکلمه أربع مرات.

وَفِی الْحَدِیثِ : رَوَی الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْحَکَمِ بْنِ عُتَیْبَهَ قَالَ : کُنَّا عَلَی بَابِ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السّلام فَجَاءَتِ امْرَأَهٌ فَقَالَتْ : أَیُّکُمْ أَبُو جَعْفَرٍ؟ فَقِیلَ لَهَا : مَا تُرِیدِینَ؟ فَقَالَتْ : أَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَهٍ. فَقَالُوا لَهَا : هَذَا فَقِیهُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَاسْأَلِیهِ : فَقَالَتْ : إِنَّ زَوْجِی مَاتَ وَتَرَکَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِی عَلَیْهِ مَهْرٌ خَمْسُمِائَهِ دِرْهَمٍ ، فَأَخَذْتُ مَهْرِی وَأَخَذْتُ مِیرَاثِی مِمَّا بَقِیَ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَی عَلَیْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَشَهِدْتُ لَهُ بِذَلِکَ عَلَی زَوْجِی. فَقَالَ الْحَکَمُ : بَیْنَمَا نَحْنُ نَحْسُبُ مَا یُصِیبُهَا إِذْ خَرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السّلام فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَقَالَهِ الْمَرْأَهِ وَمَا سَأَلَتْ عَنْهُ ، فَقَالَ علیه السّلام : أَقَرَّتْ بِثُلُثَیْ مَا فِی یَدِهَا وَلَا مِیرَاثَ لَهَا.

قال ثقه الإسلام محمد بن یعقوب الکلینی نور الله مرقده : قال الفضل بن شاذان : إن ما علی الزوج ألف وخمسمائه فلها ثُلُثُ الترکه ، وإنما جاز إقرارها فی حصتها فلها مما ترک الثُّلُثُ وللرجل الثُّلُثَانِ ، ولا إرث لها لاستغراق الدین الترکه (1)

ص: 242

واعترضه الشهید الأول فی دروسه بأن قال : قلت هذا مبنی علی أن الإقرار علی الإشاعه وأن إقراره لا ینفذ فی حق الغیر ، والثانی لا نزاع فیه وأما الأول فظاهر الأصحاب أن الإقرار إنما یمضی فی قدر ما زاد عن حق المقر بزعمه ، کما أقر بمن هو مساو له فإنه یعطیه ما فضل عن نصیبه ولا یقاسمه ، فحینئذ تکون أقرت بِثُلُثِ ما فی یدها أعنی الخمسمائه ، لأن لها بزعمها وزعمه ثُلُثَ الألف الذی هو ثُلُثَا الخمسمائه مستقر ملکها علیه ویفضل معها ثُلُثُ الخمسمائه ، وإذا کانت أخذت شیئا بالإرث فهو بأسره مردود علی المقر له لأنه بزعمها ملک له ، والذی فِی التَّهْذِیبِ وَأَنَّهُ بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ وَالْإِسْتِبْصَارِ نَقْلاً عَنِ الْفَضْلِ « فَقَدْ أَقَرَّتْ بِثُلُثِ مَا فِی یَدِهَا ». وهذا موافق لما قلناه.

السمک یشبه الحیات. وعن ابن الأثیر یقال له بالفارسیه » مارماهی ».

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْجِرِّیثِ فَقَالَ : هُوَ نَوْعٌ مِنَ السَّمَکِ یُشْبِهُ الْمَارْمَاهِی.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْجِرِّیثُ وَالضَّبُّ فِرْقَهٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَیْثُ نَزَلَتِ الْمَائِدَهُ عَلَی عِیسَی بْنِ مَرْیَمَ وَلَمْ یُؤْمِنُوا فَتَاهُوا فَوَقَعَتْ فِرْقَهٌ فِی الْبَرِّ وَفِرْقَهٌ فِی الْبَحْرِ ».

قوله تعالی : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِیُّ إِلی بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِیثاً ) [ 66 /3 ] قال الشیخ أبو علی : بعض أزواجه هی حفصه حَدِیثاً أی کلاما أمرها بإخفائه فأظهرته. قوله : ( وَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ ) [ 23 / 44 ] أی أخبارا وعبرا یتمثل بهم فی الشر ولا یقال فی الخیر.

وَفِی الْحَدِیثِ. « أَنَّ أَوْصِیَاءَ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ وَعَلَیْهِمُ السَّلَامُ مُحَدَّثُونَ » (1).

أی تُحَدِّثُهُمْ الملائکه وفیهم جبرئیل علیه السّلام من غیر معاینه. ومثله قَوْلُهُ صلی الله علیه و آله : « إِنَّ فِی کُلِّ أُمَّهً مُحَدَّثُونَ مِنْ غَیْرِ نُبُوَّهٍ ».

ومنه فِی وَصْفِ فاطمه علیها السلام « أَیَّتُهَا الْمُحَدَّثَهُ الْعَلِیَّهُ ».

والْمُحَدَّثُ أیضا : الصادق الظن. و « الْمُحَدَّثُ » بخفه دال وفتحها ، الذی کان بعد أن لم یکن ، وهو خلاف القدیم.

وَفِی الْخَبَرِ « إِیَّاکُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ».

أی ما لم یکن معروفا من کتاب أو سنه أو إجماع. وفِیهِ : « مَنْ أَحْدَثَ فِی أَمْرِنَا هَذَا مَا لَیْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ مَرْدُودٌ ».

یعنی دین الإسلام هو أمرنا الذی نهتم له ونشتغل به بحیث لا یخلوا عنه شیء من أقوالنا وأفعالنا ، فمن أَحْدَثَ فیه ما لیس فی کتاب ولا سنه ولا إجماع فهو رد مردود. والْإِحْدَاثُ : تجدید العهد. ومنه « أَحْدَثَ به عهدا » أی جدد به عهد الصحبه وَفِی الْحَدِیثِ : « لَوْ لَا کَذَا لَجَعَلْتُکَ حَدِیثاً لِمَنْ خَلْفَکَ ».

أی عبره ومثلا لمن خلفک یعتبرون بک. وفِیهِ « لَمْ أَرَ شَیْئاً أَحْسَنَ دَرَکاً وَلَا أَسْرَعَ طَلَباً مِنْ حَسَنَهٍ مُحْدَثَهٍ لِذَنْبٍ قَدِیمٍ ».

کأن المعنی أن الحسنه الْمُحْدَثَهَ تدرک الذنب وتطلبه ولا تبقیه. وحَدَّثَتْهُ نفسه بکذا : أمرته ، ومنه الْخَبَرُ » رُفِعَ عَنْ أُمَّتِی مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْهُ ». وَفِی حَدِیثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ : « لَا

ص: 245

یُحَدِّثُ أَمَانَهَ الْأَصْدِقَاءِ وَلَا یَکْتُمُ شَهَادَهَ الْأَعْدَاءِ ».

کأن المراد بِتَحْدِیثِ أمانتهم إفشاء سرهم الذی لا یحبون أن یظهر علیه عدو ولا مبغض ، والخبر یأتی علی القلیل والکثیر. والْحَدِیثُ : ما یرادف الکلام ، وسمی به لتجدده وحُدُوثِهِ شیئا فشیئا. وحَدَثَ الشیء حُدُوثاً - من باب قعد - : تجدد حُدُوثُهُ. و « الْحَدَثُ » اسم لِلْحَادِثَهِ الناقضه للطهاره شرعا ، والجمع « أَحْدَاثٌ » مثل سبب وأسباب.

قَوْلُهُ : « لَا یَزَالُ فِی صَلَاهٍ مَا لَمْ یُحْدِثْ ».

أی فی ثواب صلاه ما لم یأت بِحَدَثٍ ، وهو یعم ما خرج من السبیلین وغیره. قال فی المصباح : ویقال للفتی الشباب « حَدِیثُ السن » فإذا حذف السن قلت « حَدَثٌ » بفتحتین ، وجمعه « أَحْدَاثٌ » ومنه حَدِیثُ فاطمه علیها السلام مَعَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله « فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ أَحْدَاثاً ».

أی شبابا. وفِی بَعْضِ النُّسَخِ « حُدَّاثاً ».

أی جماعه یَتَحَدَّثُونَ. قیل وهو جمع شاذ حمل علی نظیره کسامر وسمار ، فإن السُّمَّارَ الْمُحَدَّثُونَ.

وَفِی حَدِیثِ الْمَدِینَهِ : « أَنَّهُ صلی الله علیه و آله لَعَنَ مَنْ أَحْدَثَ فِیهَا حَدَثاً أَوْ آوَی مُحْدِثاً » (1).

قیل فیه الْحَدَثُ : الأمر الْحَادِثُ المنکر الذی لیس بمعتاد ولا معروف من السنه.

وَفِی الْخَبَرِ : « قُلْتُ : وَمَا ذَلِکَ الْحَدَثُ؟ قَالَ : الْقَتْلُ ».

و « الْمُحْدِثُ » یروی بکسر الدال وفتحها علی الفاعل والمفعول ، فمعنی الکسر من نصر جانیا وآواه وأجاره من خصمه وحال بینه وبین أن یقتص منه ، والفتح هو الأمر المبتدع نفسه ، ویکون الإیواء فیه الرضا علیه ، فإنه إذا رضی بالبدعه وأقر فاعلها ولم ینکر فقد آواه. وتَحَادَثُوا : حَدَّثَ بعضهم بعضا. وقولهم « لا أُحَدِّثُ بلسانه » أی لا أتکلم به. والْأُحْدُوثَهُ : ما یَتَحَدَّثُ به الناس

ص: 246

ومنه الْحَدِیثُ « الْعِلْمُ یُکْسِبُ الْإِنْسَانَ الطَّاعَهَ فِی حَیَاتِهِ وَجَمِیلَ الْأُحْدُوثَهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ».

أی الثناء والکلام الجمیل. و « الْأُحْدُوثَهُ » مفرد الْأَحَادِیثِ. و « الْحَدَثَانُ » بالتحریک : الموت. ومنه قَوْلُهُ « لَا آمَنُ الْحَدَثَانَ ».

وَفِی حَدِیثِ الْأَرْوَاحِ الْخَمْسَهِ « هَذِهِ الْأَرْوَاحُ الْأَرْبَعَهُ یُصِیبُهَا الْحَدَثَانُ إِلَّا رُوحَ الْقُدُسِ لَا تَلْهُو وَلَا تَلْعَبُ ».

کأنه یرید بِالْحَدَثَانِ ما یَحْدُثُ لها من النوم والغفله واللهو والزهو ونحو ذلک. و « حِدْثَانُ الشیء « بکسر الحاء وسکون الدال : أوله ، وهو مصدر حَدَثَ ، ومنه الْخَبَرُ « لَوْ لَا حِدْثَانُ قَوْمِکَ بِالْکُفْرِ لَهَدَمْتُ الْکَعْبَهَ وَبَنَیْتُهَا ».

أراد قرب عهدهم بالکفر والخروج منه إلی الإسلام وأنه لم یتمکن الدین فی قلوبهم ، فلو هدم الکعبه ربما فروا منه لأنهم یرونه تغییرا عظیما.

وَفِی حَدِیثِ الْأَحَادِیثِ الْمُخْتَلِفَهِ : « خُذُوا بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ ».

والمعنی إن کان مطابقا للواقع لا مطلقا ، وقد حمله الشیخ علی الإطلاق ، وهو کما تری. و « حُدَیْثُ » علی ما فی النسخ بالتصغیر أُمُّ أبی محمد الحسن بن علی الهادی ، وهی أم ولد.

أی ومن کان یرید بعمله نفع الدنیا نعطه نصیبه من الدنیا ، لا جمیع ما یرید علی حسب ما یقتضیه الحکمه ، کما قال سبحانه ( عَجَّلْنا لَهُ فِیها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِیدُ وَما لَهُ فِی الْآخِرَهِ مِنْ نَصِیبٍ ). وقوله : ( وَداوُدَ وَسُلَیْمانَ إِذْ یَحْکُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) [ 21 / 78 ] الآیه.

رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام قَالَ : کَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ کَانَ لَهُ کَرْمٌ وَنَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ رَجُلٍ آخَرَ بِاللَّیْلِ فَقَضَمَتْهُ وَأَفْسَدَتْهُ ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْکَرْمِ إِلَی دَاوُدَ علیه السّلام فَاسْتَعْدَاهُ عَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ ، فَقَالَ دَاوُدُ : اذْهَبَا إِلَی سُلَیْمَانَ لِیَحْکُمَ بَیْنَکُمَا ، فَذَهَبَا إِلَیْهِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السّلام : إِنْ کَانَتِ الْغَنَمُ أَکَلَتِ الْأَصْلَ [ وَالْفَرْعَ ] فَعَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ [ أَنْ یَدْفَعَ إِلَی صَاحِبِ الْکَرْمِ ] الْغَنَمَ وَمَا فِی بُطُونِهَا ، وَإِنْ کَانَتْ ذَهَبَتْ بِالْفَرْعِ وَلَمْ تَذْهَبْ بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ یَدْفَعُ وَلَدَهَا إِلَی صَاحِبِ الْکَرَمِ ، فَکَانَ هَذَا حُکْمَ دَاوُدَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ یُعَرِّفَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّ سُلَیْمَانَ وَصِیُّهُ بَعْدَهُ وَلَمْ یَخْتَلِفَا فِی الْحُکْمِ ، وَلَوْ اخْتَلَفَ حُکْمُهُمَا لَقَالَ لَکُنَّا لِحُکْمِیِهِمَا شَاهِدَیْنِ (1).

قوله : ( نِساؤُکُمْ حَرْثٌ لَکُمْ ) [ 2 / 223 ] أی بمنزله الأرض التی یزرع فیها ، شبهت النطفه التی تلقی فی أرحامهن للإیلاد بالبذر الذی یلقی فی الْمَحَارِثِ للاستنبات. قوله : ( وَیُهْلِکَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ) [ 2 / 205 ] قال : الْحَرْثُ فی هذا الموضع الدین ، والنسل الناس.

قِیلَ نَزَلَتْ فِی الثَّانِی وَقِیلَ فِی مُعَاوِیَهَ - کَذَا فِی تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ (2).

وَعَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام « الْمَالُ وَالْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْیَا وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَهِ ، وَقَدْ یَجْمَعَهُمَا اللهُ لِأَقْوَامٍ ».

والْحَرْثُ : إصلاح الأرض وإلقاء البذر فیها ، ویسمی الزرع الْحَرْثَ أیضا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « احْرِثْ لِدُنْیَاکَ کَأَنَّکَ تَعِیشُ أَبَداً وَاعْمَلْ لِآخِرَتِکَ کَأَنَّکَ تَمُوتُ غَداً ».

والمعنی اعمل لدنیاک ، فخالف بین اللفظین ، وظاهره الحث علی عماره

ص: 248

لبقاء الناس فیها حتی یسکن فیها وینتفع من یجیء من بعده کما انتفع هو بعمل من کان قبله وسکن ، فإنه إذا علم أنه یطول عمره أحکم ما یعمل وحَرَثَ علی ما یکسبه ، واعمل لآخرتک علی إخلاص العمل وحضور النیه والقلب فی العبادات والإکثار منها ، فإنه من علم أنه یموت غدا یسارع إلی ذلک ، کَحَدِیثِ » صَلِّ صَلَاهَ مُوَدِّعٍ ».

وقیل الْحَدِیثُ مصروف عن ظاهره ، فإنه صلی الله علیه و آله إنما ندب إلی الزهد فی الدنیا والتقلیل منها ونهی عن الانهماک فیها والاستمتاع بلذاتها ، وهو الغالب علی أوامره ونواهیه فیما یتعلق بها فکیف یحث علی عمارتها ، وإنما المراد أنه إذا علم أنه یعیش أبدا قل حرصه والمبادره إلیه ، ویقول إن فاتنی الیوم أدرکته غدا ، أی اعمل عمل من یظن أنه مخلد فلا یحرص فی العمل ، فهو حث علی الترک بطریقه أنیقه. والْحَرْثُ : کسب المال وجمعه ، یقال حَرَثَ الرجل حَرْثاً - من باب قتل - : جمعه ، فهو حَارِثٌ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « اخْرُجُوا إِلَی معائشکم وَحَرَائِثِکُمْ ».

أی مکاسبکم ، واحدها حَرِیثَهٌ. وحَرَثَهُ القرآن : مستثیرو دفائنه وکنوز علمه. والْحَارِثُ بن همام من أصحاب أمیر المؤمنین صاحب لواء الأشتر یوم صفین. وحَارِثُ بن سراقه - بضم السین - شهد بدرا. والْحَارِثُ بن قیس شهد العقبه فی السبعین وشهد بدرا وما بعدهما من الغزوات ومات فی خلافه عمر. و « جبل حُورِیثَ » فی دعاء السمات بالثاء المثلثه - علی ما فی النسخ المعتبره - هو جبل بأرض الشام ، خوطب علیه موسی علیه السلام أول خطابه. والْمِحْرَاثُ : ما یحرک به النار. و « أبو الْحَارِثِ » من کنی الأسد

الْعَظِیمِ ) [ 56 / 46 ] الْحِنْثُ بکسر الحاء الذنب ، وقیل الشرک ، وقیل الإثم ، ومنه « حَنِثَ فی یمینه » ، وقیل هو الیمین الفاجره. والْحِنْثُ : الخلف فی الیمین ، ومنه الْحَدِیثُ « إِنَّ عَلِیّاً علیه السّلام کَرِهَ أَنْ یُطْعِمَ الرَّجُلُ فِی کَفَّارَهِ الْیَمِینِ قَبْلَ الْحِنْثِ ».

ومنه « مَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ فَعَلَیْهِ الْکَفَّارَهُ ».

والْحِنْثُ فی الیمین : نقضها والنکث فیها ، یقال حَنِثَ فی یمینه یَحْنَثُ حِنْثاً : إذا لم یف بموجبها ، فهو حَانِثٌ. قال فی النهایه : وکأنه من الْحِنْثِ الإثم والمعصیه. و « غلام لم یدرک الْحِنْثَ » أی لم یجر علیه القلم. ومنه الْحَدِیثُ : « مَنْ لَمْ یُدْرِکِ الْحِنْثَ مَا حُکْمُهُ فِی الْآخِرَهِ؟ ».

من فجور ونحوه ، والْخَبَائِثُ الأفعال المذمومه والخصال الردیئه.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تُعَوِّدُوا الْخَبِیثَ مِنْ أَنْفُسِکُمْ فَإِنَّهُ مُعْتَادٌ لِمَا عُوِّدَ ».

یرید بِالْخَبِیثِ الشیطان المرجوم باللعنه ، لأنه یعتاد لما عوده الإنسان من نقض الصلاه وغیرها.

وَفِی حَدِیثِ اهل البیت علیهم السلام « لَا یُبْغِضُنَا إِلَّا مَنْ خَبُثَتْ وِلَادَتُهُ ».

أی لم تطب. وخَبَثَ الرجل بالمرأه - من باب قتل - زنی بها. والْأَخَبثَانِ : البول والغائط ، ومِنْهُ « نَهَی عَنْ مُدَافَعَهِ الْأَخْبَثَیْنِ ».

یعنی فی الصلاه ، وذلک لاشتغال القلب به عن الخشوع.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ أَکَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَهِ الْخَبِیثَهِ فَلَا یَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ».

یرید الثوم والبصل والکراث ، وخبثها من کراهه طعمها ورائحتها ، وإنما نهاهم عن ذلک عقوبه ونکالا ، لأنه صلی الله علیه و آله کان یتأذی بالرائحه الْخَبِیثَهِ کالملائکه. والْخَبَثُ بالتحریک

فِی قَوْلِهِ : « إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَیْنِ لَمْ یَحْمِلْ خَبَثاً ».

یراد به النجس وَحدیث « مَهْرُ الْبَغْیِ خَبِیثٌ وَثَمَنُ الْکَلْبِ خَبِیثٌ ».

یرید بهما الحرمه ، لأن الکلب نجس والزنا حرام ، وبذل العوض علیه وأخذه حرام.

وَفِی الْخَبَرِ « نَهَی عَنْ أَکْلِ دَوَاءٍ خَبِیثٍ ».

قیل هو من جهه النجاسه والحرام کالخمر والبول إلا ما خصته السنه. وخَبِیثُ النفس : ثقیلها.

لما فیه من الِانْخِنَاثِ وهو التکسر والتثنی ویقال هو من الْخُنْثَی.

وَفِی الْخَبَرِ : « نَهَی عَنْ أَخْنَاثِ الْأَسْقِیَهِ ».

ومعناه أن تثنی أفواهها ثم یشرب منها ، ولعل ذلک مخافه أن یکون فیه دابه ، أو لئلا یترشش الماء علی الشارب لسعه فم السقاء. وخَنَّثْتُهُ فَتَخَنَّثَ : أی عطفته فتعطف قیل ومنه « الْمُخَنَّثُ ».

وسهل ، قیل ومنه الدَّیُّوثُ. و « دُیِّثَ بالصَّغَار » علی صیغه المجهول : أی ذلل ، والصَّغار بفتح أوله : الذل ، یقال دَیَّثَهُ أی ذلله وطریق مُدَیَّثٌ : أی مذلل ، قیل ومنه الدَّیُّوثُ الذی ذللته محارمه حتی یتغافل عن فجورهن.

والرِّعَاثُ أیضا من الخرز والحلی وتَرَعَّثَتْ المرأه أی تقرطت.

و « رُوَیْثَهٌ » موضع بین الحرمین - قاله فی القاموس.

لَوْ أَقْسَمَ عَلَی اللهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ ».

ومنه فِی وَصْفِ أَصْحَابِ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله : « کَانُوا شُعْثاً غُبْراً ».

کنایه عن قشفهم ، أی یبس جلودهم وترکهم زینه الدنیا. و « الْأَشْعَثُ » اسم رجل ، ومنه الْأَشَاعِثَهُ ، والهاء للنسب.

بِرَجُلٍ احْتَبَنَ قَدِ اسْتَسْقَی بَطْنُهُ وَبَدَتْ عُرُوقُ فَخِذَیْهِ وَقَدْ زَنَی بِامْرَأَهٍ مَرِیضَهٍ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله بِعُرْجُونٍ فِیهِ مِائَهُ شِمْرَاخٍ فَضَرَبَهُ ضَرْبَهً وَاحِدَهً وَخَلَّی سَبِیلَهُمَا ، وَذَلِکَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَ ( وَخُذْ بِیَدِکَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ )(1).

قوله : ( أَضْغاثُ أَحْلامٍ ) [ 12 / 44 ] أی أخلاط أحلام ، مثل أَضْغَاثُ الحشیش ، یجمعها الإنسان فیکون منها ضروب مجتمعه ، واحدها ضِغْثٌ ، ویقال أَضْغَاثُ أحلام : الرؤیا التی لا یصح تأویلها لاختلاطها. وضَغَثْتُ الشیء ضَغْثاً - من باب نفع - : جمعته ، ومنه « الضِّغْثُ ». ومن کلام بعضهم » یمشی معی ضِغْثَانِ من نار أحب إلی من أن یسعی غلامی خلفی » أی حُزْمَتَانِ من حطب ، واستعارهما للنار یعنی أنهما قد اشتعلتا وصارتا نارا.

والفتح فیهما شاذ.

علی غیر القیاس ، قال الجوهری : لأن المصدر من فعل بالکسر قیاسه التحریک إذا لم یتعد مثل تعب تعبا.

واللهْثُ : إدلاع اللسان من العطش

قِیلَ لَمَّا دَعَا بَلْعَمُ بْنً بَاعُورَا عَلَی مُوسَی علیه السّلام خَرَجَ لِسَانُهُ فَوَقَّعَ عَلَی صَدْرِهِ وَجَعَلَ یَلْهَثُ کَالْکَلْبِ.

و « اللهَثَانُ » بالتحریک : العطش واللهْثَانُ والمرأه لَهْثَی. وقد لَهَثَ لُهَاثاً مع سمع ولَهَاثاً سماعا.

الرایه لکتاب الله وسنه رسوله ، وکنی بدلیلها عن نفسه علیه السّلام إذ کان هو الهادی بالکتاب والسنه إلی سبیل الله ، کما یهدی حامل الرایه بها ، وکنی بکونه مَکِیثُ الکلام أی بطیئه عن تأنیه فی حرکاته فی الأمور إلی حال یبین الرأی الأصلح ، وبسرعه قیامه عن مبادرته إلی الأمر حین ظهور وجه المصلحه.

بالتعوذ من شرهم.

قال بعض الأفاضل : إنا معاشر الإمامیه علی أن السحر لا یؤثر فی النبی صلی الله علیه و آله وأمره بالاستعاذه من سحرهن لا یدل علی تأثیر السحر فیه ، کالدعاء فی ( رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِینا أَوْ أَخْطَأْنا ) وأما ما نقله المخالفون من أن السحر أثر فیه کما رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ وَمُسْلِمٌ « مِنْ أَنَّهُ سُحِرَ حَتَّی إنَّهُ کَانَ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّیْءَ وَلَمْ یَکُنْ فَعَلَهُ » فهو من جمله الأکاذیب ، ولو صح ما نقل لصدق قول الکفار ( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً ) انتهی.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَنَّ الرُّوحَ الْأَمِینَ نَفَثَ فِی رُوعِی » (1).

والنَّفْثُ : شبیه بالنفخ ، وهو أقل من التفل لأن التفل لا یکون إلا ومعه شیء من الریق والنَّفْثُ نفخ لطیف بلا ریق ، والمعنی أن جبرئیل علیه السّلام ألقی فی قلبی کذا.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِکَ مِنْ نَفْثِ الشَّیْطَانِ ».

وهو ما یلقیه فی قلب الإنسان ویوقعه فی باله مما یصطاده به. ونَفَثَ الشیطان علی لسانه : أی ألقی فتکلم ، ومن هذا

« لَمْ یَزَلِ الْإِمَامُ مَدْفُوعاً عَنْهُ نُفُوثُ کُلِّ فَاسِقٍ ».

ومِنْ کَلَامِهِ علیه السّلام فِی عُثْمَانَ « فَلَمَّا انْتَکَثَ عَلَیْهِ فَتْلُهُ وَأَجْهَزَ عَلَیْهِ عَمَلَهُ وَکَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ فَمَا رَاعَنِی إِلَّا وَالنَّاسُ إِلَیَّ کَعُرْفِ الضَّبُعِ یَنْثَالُونَ عَلَیَّ مِنْ کُلِّ جَانِبٍ » (1).

قال الشیخ میثم : کنی بِانْتِکَاثِ فَتْلِهِ عن انتقاض الأمور علیه وما کان یبرمه من الآراء دون الصحابه ، واستعار لفظ الإجهاز لفتله وکذلک لفظ الکبو الذی هو حقیقه فی الحیوان لفساد أمره بعد استمراره ، کالکبو بعد استمرار الفرس من العدو ، وکنی ببطنته عن توسعه فی بیت المال ، والانثیال : تتابع الشیء یتلو بعضه بعضا کعرف الضبع.

إهلاک فرعون وقومه القبط ، فکانوا وَرِثُوا مشارق الأرض ومغاربها التی کانوا فیها. قوله : ( أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ ) [ 21 / 105 ] أی یَرِثُهَا المؤمنون ، کقوله : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِینَ کانُوا یُسْتَضْعَفُونَ ) الآیه.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام « هُمْ أَصْحَابُ الْمَهْدِیِّ علیه السّلام فِی آخِرِ الزَّمَانِ ».

وقیل الأرض أرض الجنه. و « الْوَارِثُ » من أسمائه تعالی یَرِثُ الخلائق ویبقی بعدهم ، وقد وصف نفسه بذلک بقوله » ».

وَفِی الدُّعَاءِ « اللهُمَّ مَتِّعْنِی بِسَمْعِی وَبَصَرِی وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثَیْنِ مِنِّی ».

أی أبقهما صحیحین سلیمین إلی وقت الموت ، فیکونان وَارِثَیْنِ جمیع أعصابی. و « الْمِیرَاثُ » مفعال من الْإِرْثِ ، ویاؤه مقلوبه من الواو من الورث ، وهو علی الأول علی ما قیل استحقاق إنسان بنسب أو سبب شیئا بالأصاله ، وعلی الثانی ما یستحقه إنسان بحذف الشیء. وأَوْرَثَهُ أبوه مالا : جعله له مِیرَاثاً ووَرِثْتُ الشیء من أبی أَرِثُهُ - بالکسر فیهما وِرْثاً ووِرَاثَهً وإِرْثاً بألف منقلبه عن واو ، ووَرَّثَهُ تَوْرِیثاً : أدخله فی ماله علی وَرَثَتِهِ.

وَفِی الْخَبَرِ : « نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِیَاءِ لَا نُورَثُ ، (1).

یقرأ بفتح راء وکسرها. قال بعضهم : وحکمته أنهم کالآباء للأمه فما لهم لکلهم أو لئلا یظن بهم الرغبه فی الدنیا ، وقد رد أصحابنا هذا الحدیث وأنکروا صحته ، وهو الحق لمخالفته القرآن الکریم ، وما خالفه فهو زخرف مردود باطل لا یعتد به. نعم

رَوَی ثِقَهُ الْإِسْلَامِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام « أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَهُ الْأَنْبِیَاءِ وَذَلِکَ أَنَّ الْأَنْبِیَاءَ لَمْ یُوَرِّثُوا دِرْهَماً وَلَا دِینَاراً وَإِنَّمَا وَرَّثُوا أَحَادِیثَ مِنْ أَحَادِیثِهِمْ ، فَمَنْ أَخَذَ بِشَیْءٍ مِنْهَا أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ » (2).

وهو بعد تسلیم صحته لیس فیه دلاله علی عدم التوریث المطلق کما هو ظاهر.

ص: 268

ص: 270

ص: 272

السِّبَاعِ وَتَدَاعِی الْحَمَامِ وَتَسَافُدِ الْبَهَائِمِ وَعُوَاءُ الذِّئْبِ ، وَشُعُورٌ تَقِیهِمُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَآذَانٌ عِظَامٌ.

وعَنْ بَعْضِ الْمُؤَرِّخِینَ : یَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أُمَّتَانِ عَظِیمَتَانِ ، وَقِیلَ یَأْجُوجُ اسْمٌ لِلذُّکْرَانِ وَمَأْجُوجُ اسْمُ لِلْإِنَاثِ.

وَفِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ : أَنَ یَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قَبِیلَهً التُّرْکُ قَبِیلَهٌ وَاحِدَهٌ مِنْهَا ، کَانَتْ خَارِجَ السَّدِّ لَمَّا رَدَمَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ ، فَأَمَرَ بِتَرْکِهِمْ خَارِجَ السَّدِّ فَلِذَلِکَ سُمُّوْا تُرْکاً.

فقال القوم لذی القرنین : ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَکَ خَرْجاً عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَبَیْنَهُمْ سَدًّا ) فقال ذو القرنین : ( ما مَکَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّهٍ ) ، یرید لست طالبا منکم جعلا علی ذلک ولکن أعینونی بالآله والعده من الصخر والحدید والنحاس ( أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ رَدْماً ) لا یقدرون علی مجاوزته حتی یأتی وعد الله فیجعله دکا ویخرجون منه.

وَعَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص یَقُولُ : یُفْتَحُ سَدُّ یَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَیَخْرُجُونَ عَلَی النَّاسِ ، کَمَا قَالَ تَعَالَی : ( وَهُمْ مِنْ کُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ ) فَیَغْشَوْنَ الْأَرْضَ کُلَّهَا وَیَجْتَازُ الْمُسْلِمُونَ إِلَی حُصُونِهِمْ وَیَضُمُّونَ إِلَیْهِمْ مَوَاشِیَهُمْ فَیَشْرَبُونَ مِیَاهَ الْأَرْضِ ، فَیَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ بِالنَّهْرِ فَیَشْرَبُونَ مَا فِیهِ وَیَتْرُکُونَهُ فَیَمُرُّ بِهِ مَنْ بَعْدَهُمْ وَیَقُولُونَ : لَقَدْ کَانَ هُنَا مَرَّهً مَاءٌ ، وَلَا یَبْقَی أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَنْ کَانَ فِی حِصْنٍ أَوْ جَبَلٍ شَامِخٍ ، فَیَقُولُ قَائِلُهُمْ : لَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَقَدْ بَقِیَ مَنْ فِی السَّمَاءِ ، ثُمَّ یَهُزُّ أَحَدُهُمْ حَرْبَتَهُ فَیَرْمِی بِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ إِلَیْهِمْ مَخْضُوبَهً بِدَمٍ ، فَیَقُولُونَ : قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ ، فَبَیْنَا هُمْ کَذَلِکَ إِذْ سَلَّطَ اللهُ عَلَیْهِمْ دُوداً مِثْلَ النَّغَفِ ، فَیَدْخُلُ فِی آذَانِهِمْ وَیَنْقُبُ أَعْنَاقَهُمْ فَیُصْبِحُونَ مَوْتَی لَا یُسْمَعُ لَهُمْ حِسٌّ وَلَا حَرَکَهٌ.

وَرُوِیَ أَنَّ الْأَرْضَ تُنْتِنُ مِنْ جِیَفِهِمْ فَیُرْسِلُ اللهُ تَعَالَی مَطَرَ السُّیُولِ فَتَحْمِلُ جِیَفَهُمْ إِلَی الْبِحَارِ.

والْأَجِیجُ : تلهب النار ، یقال : أَجَّتِ النار تَؤُجُ أَجِیجاً : توقدت.

ص: 274

والْأَجُ : الإسراع والهروله. ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام « فَأَعْطَاهُ الرَّایَهَ فَخَرَجَ بِهَا یَؤُجُ حَتَّی وَکَزَهَا تَحْتَ الْحِصْنِ ».

أی أسرع بها مهرولا. والْأَجَّهُ : شده الحر وتوهجه ، والجمع « إِجَاجٌ » بالکسر ، مثل جفنه وجفان.

کل بُرْجٍ منها شهرا ، وجواب القسم محذوف تقدیره : أن الأمر حق فی الجزاء علی الأعمال ، وقیل جواب القسم ( إِنَّ الَّذِینَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِناتِ ) الآیه ، وقیل قوله : ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّکَ لَشَدِیدٌ ) - انتهی (1).

وَفِی الْحَدِیثِ : « لِلشَّمْسِ ثَلَاثُمِائَهٍ وَسِتُّونَ بُرْجاً ».

وجمع « الْبُرْجِ » الْبُرُوجُ وأَبْرَاجٌ. والْبُرُوجُ التی للربیع والصیف الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبله ، وبُرُوجُ الخریف والشتاء المیزان والعقرب والقوس والجدی والدلو والسمکه.

وَعَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَهَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ص : ذِکْرُ اللهِ تَعَالَی عِبَادَهٌ ، وَذِکْرِی عِبَادَهٌ ، وَذِکْرُ عَلِیٍّ عِبَادَهٌ ، وَذِکْرُ الْأَئِمَّهِ [ مِنْ وُلْدِهِ ] عِبَادَهٌ ، وَالَّذِی بَعَثَنِی بِالنُّبُوَّهِ وَجَعَلَنِیَ خَیْرَ الْبَرِیَّهِ إِنَّ وَصِیِّی لَأَفْضَلُ الْأَوْصِیَاءِ ، وَإِنَّهُ لَحُجَّهُ اللهِ عَلَی عِبَادِهِ وَخَلِیفَتُهُ عَلَی خَلْقِهِ ، وَمِنْ وُلْدِهِ الْأَئِمَّهُ الْهُدَاهُ بَعْدِی ، بِهِمْ یَحْبِسُ اللهُ الْعَذَابَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَبِهِمْ ( یُمْسِکُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ [ إِلَّا بِإِذْنِهِ ] ) ، وَبِهِمْ یُمْسِکُ الْجِبَالَ ( أَنْ تَمِیدَ بِهِمْ ) ، وَبِهِمْ یَسْقِی خَلْقَهُ الْغَیْثَ ، وَبِهِمْ یُخْرِجُ النَّبَاتَ ، أُولَئِکَ أَوْلِیَاءُ اللهِ حَقّاً وَخُلَفَاؤُهُ صِدْقاً ، عِدَّتُهُمْ عِدَّهُ الشُّهُورِ ، وَهِیَ ( اثْنا عَشَرَ شَهْراً ) ، وَعِدَّتُهُمْ عِدَّهُ نُقَبَاءِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَهَ ( وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ) ثُمَّ قَالَ : أَتَزْعُمُ یَا بْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ اللهَ یُقْسِمُ بِ- ( السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ) وَیَعْنِی بِهِ السَّمَاءَ وَبُرُوجَهَا؟ قُلْتُ : یَا رَسُولَ اللهِ فَمَا ذَاکَ؟ قَالَ : أَمَّا السَّمَاءُ فَأَنَا ، وَأَمَّا الْبُرُوجُ فَالْأَئِمَّهُ بَعْدِی أَوَّلُهُمْ عَلِیٌّ وَآخِرُهُمُ الْمَهْدِیُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ (2).

قوله تعالی : ( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّهِ الْأُولی ) [33 /33 ] أی لا تبرزن محاسنکن وتظهرنها ، وَ ( الْجاهِلِیَّهِ الْأُولی ) هِیَ الْقَدِیمَهُ الَّتِی یُقَالُ لَهَا الْجَاهِلِیَّهُ الْجَهْلَاءُ ،

ص: 277

وَهِیَ فِی الزَّمَنِ الَّذِی کَانَ فِیهِ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام ، کَانَتِ الْمَرْأَهُ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَتَمْشِی وَسَطَ الطَّرِیقِ وَتَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَی الرِّجَالِ ، وَقِیلَ مَا بَیْنَ آدَمَ وَنُوحٍ علیه السلام ، وَقِیلَ جَاهِلِیَّهُ الْکُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.

وَفِی الدُّعَاءِ « وَأَتْقَنَ صُنْعَ الْفَلَکِ الدَّوَارِ فِی مَقَادِیرِ تَبَرُّجِهِ » (1).

أی زینته. وابن البراج أبو القاسم عبد العزیز من فقهاء الإمامیه ، وکان فاضلا بطرابلس (2)

والْأَبْلَجُ : إما المشرق الوجه المضیء من قولهم « أَبْلَجُ الوجه « مشرقه ، أو من قولهم « رجل أَبْلَجُ » للذی لم یکن مقرون الحواجب ، ولعل الأول أقرب. والملهوج : المولع بالأشیاء العابث بها ، أخذا من اللهْوَجِ بالشیء : الولوع به ، وکان المعنی لو أن الموت یشتری لاشتراه هذان الصنفان ، وفیه مذمه للزمان وما یحصل فیه من کدوره العیش الناشئه من کثره البلایا والمصائب والهموم والغموم والأحزان والأمراض ، کما قال الشاعر :

لست مأسوفا علی زمن

ینقضی بالهم والحزن

ومثله قول بعضهم :

ألا موت یباع فأشتریه

ولو أنفقت کل المال فیه

ومثله :

إن هذا الموت یکرهه

کل من یمشی علی الغبرا

وبعین العقل لو نظروا

لرأوه الراحه الکبری

وَ فِی حَدِیثِ وَصْفِ الْإِسْلَامِ « أَبْلَجَ الْمِنْهَاجِ ».

أی واضح الطریق ، لأن الإیمان منهاجه. و « الْبَلِیلَجُ » بکسر الباء واللام الأولی وفتح الثانیه : دواء هندی معروف یتداوی به.

« وَبَهْجَهٍ لَا تُشْبِهُ بَهَجَاتِ الدُّنْیَا ».

أی مسره لا تشبه مسرات الدنیا.

وَفِیهِ « سُبْحَانَ ذِی الْبَهْجَهِ وَالْجَمَالِ ».

یعنی الجلیل تعالی. قیل الْبَهْجَهُ والْبَهِیجُ والسرور والحبور والجذل والفرح والارتیاح نظائر.

تفعم الخیاشیم طیبا وتأخذ الأبصار صبغه ولونا ، ( فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِینَ ) ، تتوق إلیها النفس قبل التناول ، یفید أکلها بعد الالتذاذ بذواقها ، طیب نکهه ودباغ معده وقوه هضم ، اشترکت بها الحواس الأربعه البصر والذوق والشم واللمس ، لأنها تملأ الکف بکبر حجمها ، وهذه هی الغایه القصوی فی انتهاء الثمرات إلیها ، إذ لیس فیها ما یزید علیها. ثم إنها فی أجزائها تنقسم علی طبائع قلما ینقسم غیرها فقشرها حار یابس ، ولحمها رطب وقیل بارد ، وحماضها بارد یابس ، وبزرها حار مجفف. وتدخل هذه الأجزاء الأربعه فی الأدویه الصالحه للأدواء المزمنه والأوجاع المقلقه والأمراض المردیه کالفالج واللقوه والبرص والیرقان واسترخاء العصب والبواسیر والشربه من بزره تقاوم السموم کلها ، وقشره مسمن ، وعصاره قشره ینفع من سم الأفاعی شربا ، وجرمه ضمادا ، ورائحته تصلح فساد الهواء والوباء. فأیه ثمره تبلغ هذا المبلغ فی کمال الخلقه وعموم المنفعه وکثره الخواص. ثم نقول : إن الشارع علیه السلام ضرب المثل بما تنتبه الأرض وتخرجه الشجر للمشابهه التی بینها وبین الأعمال لأنها من ثمرات النفوس ، والمثل وإن ضرب للمؤمن وحده فإن العبره فیه بالعمل الذی یصدر منه ، لأن الأعمال هی الکاشفه عن حقیقه الحال ، ومنها أنه ضرب مثل المؤمن بِالْأُتْرُجَّهِ والثمره وهما مما تخرجه الشجر ، وضرب مثل المنافق بما تنبت الأرض تنبیها علی علو شأن المؤمن وارتفاع عمله ودوام ذلک وبقائه وضعه شأن المنافق وسقوط محله ، ومنها أن الأشجار لا تخلو عن من یؤنسها فیسقیها ویصلح أودها ویربیها ، وکذلک المؤمن یحتاج إلی من یؤدبه ویعلمه ویهدیه ویلم شعثه ویسویه ، ولا کذلک الحنظله المهمله المتروکه بالعراء ، والمنافق الذی وکل إلی شیطانه وطبعه وهواه.

وَفِی الْخَبَرِ « لَا یَدْخُلُ الْجِنُّ (الشَّیْطَانُ) بَیْتاً فِیهِ الْأُتْرُجُ ».

قال صاحب حیاه الحیوان : ولهذا ضرب النبی صلی الله علیه و آله المثل للمؤمن الذی یقرأ القرآن بِالْأُتْرُجَّهِ

ص: 281

لأن الشیطان یهرب عن قلب المؤمن القاریء للقرآن کما یهرب عن مکان فیه الْأُتْرُجُ فناسب ضرب المثل به ، بخلاف سائر الفواکه (1).

« أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِلَی اللهِ تَعَالَی الْعَجُّ وَالثَّجُ ».

فالعج رفع الصوت فی التلبیه ، والثَّجُ إساله الدماء من الذبح والنحر فی الأضاحی.

وَفِی حَدِیثِ الْمُسْتَحَاضَهِ « إِنِّی أَثُجُّهُ ثَجّاً ».

یعنی الدم ، أی أصبه صبا. ومِنْهُ « إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْداً أَثَجَّهُ بِالْبَلَاءِ ثَجّاً ».

واکتظاء الوادی بَثِجیجِهِ : أی امتلأ بسیله.

َأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَی الْکاذِبِینَ ) [3 / 61 ] قال الشیخ أبو علی ( فَمَنْ حَاجَّکَ ) من النصاری ( فِیهِ ) أی فی عیسی علیه السلام ( مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا ) هلموا ( نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَکُمْ ) أی یدعو کل منا ومنکم أبناءه ونساءه ومن نفسه کنفسه أی المباهله ( ثُمَّ نَبْتَهِلْ ) أی نتباهل ، أی نقول : بُهَلَهُ الله علی الکاذب منا ومنکم و « البُهَلَهُ » بالضم والفتح : اللعنه ، هذا هو الأصل ثم استعمل فی کل دعاء یجتهد فیه وإن لم یکن التعانا.

ثُمَّ قَالَ : نَزَلَتِ الْآیَاتُ فِی وَفْدِ نَجْرَانَ الْعَاقِبِ وَالسَّیِّدِ وَمَنْ مَعَهُمَا ، وَلَمَّا دَعَاهُمُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله إِلَی الْمُبَاهَلَهِ قَالُوا : حَتَّی نَرْجِعَ وَنَنْظُرَ ، فَلَمَّا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ قَالُوا لِلْعَاقِبِ وَکَانَ ذَا رَأْیِهِمْ : یَا عَبْدَ الْمَسِیحِ مَا تَرَی؟ قَالَ : وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِیٌّ مُرْسَلٌ وَلَقَدْ جَاءَکُمْ بِالْفَصْلِ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِکُمْ ، وَاللهِ مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِیّاً قَطُّ فَعَاشَ کَبِیرُهُمْ وَلَا نَبَتَ صَغِیرُهُمْ ، فَإِنْ أَبَیْتُمْ إِلَّا إِلْفَ دِینِکُمْ فَوَادِعُوا الرَّجُلَ وَانْصَرِفُوا إِلَی بِلَادِکُمْ ، وَذَلِکَ بَعْدَ أَنْ غَدَا النَّبِیُّ آخِذاً بِیَدِ عَلِیٍّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَیْنُ علیه السلام بَیْنَ یَدَیْهِ وَفَاطِمَهُ علیه السلام خَلْفَهُ ، وَخَرَجَ النَّصَارَی یَقْدُمُهُمْ أُسْقُفُّهُمْ أَبُو حَارِثَهَ ، فَقَالَ الْأُسْقُفُّ : إِنِّی لَأَرَی وُجُوهاً لَوْ سَأَلُوا اللهَ أَنْ یُزِیلَ جَبَلاً لَأَزَالَهُ بِهَا فَلَا تُبَاهِلُوا فَلَا یَبْقَی عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ نَصْرَانِیٌّ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَهِ. فَقَالُوا : یَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا لَا نُبَاهِلُکَ وَلَکِنْ نُصَالِحُکَ ، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللهِ ص عَلَی أَنْ یُؤَدُّوا إِلَیْهِ فِی کُلِّ عَامٍ أَلْفَیْ حُلَّهً أَلْفٌ فِی صَفَرٍ وَأَلْفٌ فِی رَجَبٍ وَعَلَی عَارِیَّهِ ثَلَاثِینَ دِرْعاً وَعَارِیَّهِ ثَلَاثِینَ فَرَساً وَثَلَاثِینَ رُمْحاً ، وَقَالَ : وَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ الْهَلَاکَ قَدْ تَدَلَّی عَلَی أَهْلِ نَجْرَانَ ، وَلَوْ لَاعَنُوا لَمُسِخُوا قِرَدَهً وَخَنَازِیرَ وَلَاضْطَرَمَ عَلَیْهِمُ الْوَادِی نَاراً ، وَلَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَی النَّصَارَی کُلِّهِمْ حَتَّی یَهْلِکُوا (1).

وفی هذه الآیه أوضح دلاله علی فضل أصحاب الکساء وعلو درجتهم وبلوغ

ص: 284

مرتبتهم فی الکمال إلی حد لا یدانیهم أحد من الخلق. قوله تعالی : ( یا أَهْلَ الْکِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِی إِبْراهِیمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراهُ وَالْإِنْجِیلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) [3 / 65 ]

قَالَ الْمُفَسِّرُ : اجْتَمَعَتْ أَحْبَارُ الْیَهُودِ وَالنَّصَارَی عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله ، وَزَعَمَ کُلُّ فَرِیقٍ مِنْهُمْ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ مِنْهُمْ ، فَقِیلَ لَهُمْ إِنَّ الْیَهُودِیَّهَ حَدَثَتْ بَعْدَ نُزُولِ التَّوْرَاهِ وَالنَّصْرَانِیَّهَ بَعْدَ نُزُولِ الْإِنْجِیلِ وَبَیْنَ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی أَلْفُ سَنَهٍ وَبَیْنَهُ وَبَیْنَ عِیسَی أَلْفَانِ فَکَیْفَ یَکُونُ إِبْرَاهِیمُ عَلَی دِینٍ لَمْ یَحْدُثْ إِلَّا بَعْدَ عَهْدٍ بِأَزْمِنَهٍ کَثِیرَهٍ أَفَلَا تَعْدِلُونَ؟.

قوله : ( وَلِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلاً ) [3 / 97 ] أی قصده والسعی إلیه ، یقال حَجَجْتُ الموضع أَحُجُّهُ حَجّاً من باب قتل : قصدته ، ثم سمی السفر إلی بیت الله حَجّاً دون ما سواه فَالْحَجُ فی اللغه القصد ، وفی عرف الفقهاء قصد البیت للتقرب إلی الله تعالی بأفعال مخصوصه وبزمان مخصوص فی أماکن مخصوصه. والْحَجُ فتحا وکسرا لغتان ، ویقال الْحَجُ بالفتح المصدر وبالکسر الاسم. قوله : الْحَجُ أی زمان ( الْحَجُ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) [ 2 / 197 ] أی معروفات للناس ، یرید أن زمان الحج لم یتغیر فی الشرع. وهو رد علی الجاهلیه فی قولهم بالنسیء وهو شوال وذو القعده وذو الْحِجَّهِ عند المحققین من أصحابنا ، وقیل تسعه من ذی الْحِجَّهِ وبه قال الشافعی ، وقیل عشره وبه قال أبو حنیفه ، والأول أصح للفظ الأشهر علی الحقیقه دون المجاز.

قَوْلُهُ ( یَوْمَ الْحَجِ الْأَکْبَرِ ) [ 9 /3 ] قِیلَ هُوَ یَوْمُ النَّحْرِ وَهُوَ مَرْوِیٌّ عَنْ عَلِیٍّ وَالصَّادِقِ علیه السلام (1) ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ

وقِیلَ هُوَ یَوْمُ عَرَفَهَ.

، وقِیلَ الْحَجُ الْأَکْبَرُ مَا فِیهِ وُقُوفٌ وَالْأَصْغَرُ الَّذِی لَا وُقُوفَ فِیهِ وَهُوَ الْعُمْرَهُ.

وهو مروی أیضا ، وقیل جمیع أیام الحج.

وَفِی الْحَدِیثِ » إِنَّمَا سُمِّیَ الْحَجُ الْأَکْبَرَ

ص: 285

لِأَنَّهَا سُنَّهٌ کَانَتْ حَجَ فِیهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِکُونَ وَلَمْ یَحُجَ الْمُشْرِکُونَ بَعْدَ تِلْکَ السَّنَهِ » (1).

وفی قول إنه یوم اتفق فیه ثلاثه أعیاد عید المسلمین وعید النصاری وعید الیهود ، ورد بما روی أن ذلک لم یتفق فیما مضی ولم یتفق بعد إلی یوم القیامه. والْحُجَّهُ - بضم الحاء - الاسم من الِاحْتِجَاجِ ، قال تعالی : ( لِئَلَّا یَکُونَ لِلنَّاسِ عَلَی اللهِ حُجَّهٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) [ 4 / 165 ] وقال ( فَلِلَّهِ الْحُجَّهُ الْبالِغَهُ ) [ 6 / 149 ] بأوامره ونواهیه ولا حُجَّهَ لهم علیه.

وَفِی الْحَدِیثِ فِی تَفْسِیرِ الْآیَهِ : قَالَ إِنَّ اللهَ یَقُولُ لِلْعَبْدِ یَوْمَ الْقِیَامَهِ عَبْدِی کُنْتَ عَالِماً؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَهُ : أَفَلَا تَعَلَّمْتَ حَتَّی تَعْمَلَ فَیَخْصِمُهُ فَتِلْکَ الْحُجَّهُ الْبَالِغَهُ (2).

وجمع الْحُجَّهِ « حُجَجٌ » کغرفه وغرف. و « الْحِجَّهُ « السَّنَهُ ، وجمعها حِجَجٌ کسدره وسدر ، قال تعالی ( ثَمانِیَ حِجَجٍ ) [ 28 / 27 ] أی ثمانی سنین. و « الْحِجَّهُ « بالکسر : المره من الْحَجُ علی غیر القیاس ، والجمع « حِجَجٌ » کسدر. قال تغلب : قیاسه الفتح ولم یسمع من العرب ، وبها سمی الشهر ذو الْحِجَّهِ بالکسر ، وهو شهر الْحَجِ. و « حِجَّهُ الْوَدَاعِ » قرئت بکسر الحاء وفتحها وکسر الواو وفتحها ، وهی سنه عشر بعد الهجره. و « الْحَاجُ » جمعه حُجَّاجٌ بالضم ، وهم زوار البیت وقصاده. وحَجِیجٌ أیضا. و « الْحَجَّاجُ » بالفتح اسم رجل من أتباع معاویه ، وَمِنْ قِصَّتِهِ عَلَی مَا ذُکِرَ فِی مُرُوجِ الذَّهَبِ أَنَّ أُمَّ الْحَجَّاجِ بْنِ یُوسُفَ - وَهِیَ الْقَارِعَهُ بِنْتُ هَمَّامٍ - وَلَدَتِ الْحَجَّاجَ مُشَوَّهاً لَا دُبُرَ لَهُ وَأَبَی أَنْ یَقْبَلَ ثَدْیَ أُمِّهِ وَغَیْرِهَا ، فَأَعْیَاهُمْ أَمْرُهُ ، فَیُقَالُ إِنَّ الشَّیْطَانَ تَصَوَّرَ لَهُمْ فِی صُورَهِ الْحَارِثِ بْنِ کَلَدَهَ فَقَالَ : مَا خَبَرُکُمْ؟ فَقَالُوا : ابْنٌ وُلِدَ لِیُوسُفَ أَبَی أَنْ یَقْبَلَ ثَدْیَ أُمِّهِ. فَقَالَ : اذْبَحُوا لَهُ تَیْساً أَسْوَدَ وَأَوْلِغُوهُ بِدَمِهِ وَاطْلُوا بِهِ وَجْهَهُ

ص: 286

ثَلَاثَهَ أَیَّامٍ فَإِنَّهُ یَقْبَلُ الثَّدْیَ ، فَفَعَلُوا بِهِ فَقَبِلَ الثَّدْیَ ، فَکَانَ لَا یَصْبِرُ عَنْ سَفْکِ الدِّمَاءِ ، وَکَانَ یُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ أَکْبَرُ لَذَّاتِهِ سَفْکُ الدِّمَاءِ وَارْتِکَابُ الْأُمُورِ - أَیْ أُمُورٍ لَا یَقْدِرُ عَلَیْهَا غَیْرُهُ - (1).

وفِی کُتُبِ السِّیَرِ أَنَّهُ أَسْرَفَ کَثِیراً فِی قَتْلِ النَّاسِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَی أَنَّهُ بَلَغَ مِنْ قَتْلِهِ صَبْراً سِوَی مَنْ قَتَلَهُ فِی الْحَرْبِ مِائَهُ أَلْفٍ وَعِشْرِینَ أَلْفاً ، وَنُقِلَ أَنَّهُ وُجِدَ فِی سِجْنِهِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفاً مَا یَجِبُ عَلَی أَحَدٍ قَتْلٌ وَلَا قَطْعٌ وَلَا صَلْبٌ ، وَإِنَّ سِجْنَهُ کَانَ حَائِطاً مَحُوطاً لَا سَقْفَ لَهُ ، فَإِذَا أَوَی الْمَسْجُونُونَ إِلَی الْجُدْرَانِ یَسْتَظِلُّونَ بِهَا مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ رَمَتْهُمُ الْحَرَسُ بِالْحِجَارَهِ ، وَکَانَ یُطْعِمُهُمْ خُبْزَ الشَّعِیرِ مَخْلُوطاً بِالْمِلْحِ وَالرَّمَادِ ، وَکَانَ لَا یَلْبَثُ الرَّجُلُ فِی سِجْنِهِ حَتَّی یَسْوَدَّ وَیَصِیرَ کَأَنَّهُ زِنْجِیٌّ ، حَتَّی إِنَّ غُلَاماً حُبِسَ فِیهِ فَجَاءَتْ إِلَیْهِ أُمُّهُ بَعْدَ أَیَّامٍ تَتَعَرَّفُ خَبَرُهُ ، فَلَمَّا تَقَدَّمَ إِلَیْهَا أَنْکَرَتْهُ وَقَالَتْ : لَیْسَ هَذَا ابْنِی هَذَا بَعْضُ الزُّنُوجِ فَقَالَ : لَا وَاللهِ یَا أُمَّاهْ أَنْتِ فُلَانَهُ وَإِنِّی فُلَانٌ ، فَلَمَّا عَرَفَتْهُ شَهِقَتْ شَهْقَهً کَانَتْ فِیهَا نَفْسُهَا. وَکَانَ إِمْرَهُ الْحَجَّاجِ عَلَی الْعِرَاقِ عِشْرِینَ سَنَهً ، وَآخِرُ مَنْ قَتَلَ سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ ، فَوَقَعَتِ الْأَکِلَهُ فِی بَطْنِهِ وَأَخَذَ الطَّبِیبُ لَحْماً شَدَّهُ فِی خَیْطٍ وَأَمَرَهُ بِابْتِلَاعِهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ وَإِذَا قَدْ لَصِقَ بِهِ دُودٌ کَثِیرٌ ، فَعَلِمَ أَنَّهُ غَیْرُ نَاجٍ (2).

ونُقِلَ إِنَّهُ لَمَّا نَصَبَ الْحَجَّاجُ الْمَنْجَنِیقَ لِرَمْیِ الْکَعْبَهِ جَاءَتْ صَاعِقَهٌ حَرَّقَتِ الْمَنْجَنِیقَ فَتَقَاعَدَ أَصْحَابُهُ عَنِ الرَّمْیِ فَقَالَ الْحَجَّاجُ : لَا عَلَیْکُمْ مِنْ ذَلِکَ فَإِنْ هَذِهِ کناء الْقُرْبَانِ دَلَّتْ عَلَی أَنَّ فِعْلَکُمْ مُتَقَبَّلٌ.

و « الْحَجَاجُ » بفتح الحاء وکسرها : العظم الذی نبت علیه الحاجب ، والجمع « أَحِجَّهٌ ». وحُجَجُ الدهور : هم الأئمه علیهم السّلام . وَفِی الْحَدِیثِ « لَمْ یُخْلِ اللهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ أَوْ کِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّهٍ لَازِمَهٍ أَو

ص: 287

مَحَجَّهٌ قَائِمَهٌ ».

و « الْمَحَجَّهُ « بفتح المیم : جاده الطریق ، والجمع « الْمَحَاجُ » ، بشده جیم. وفِیهِ « الْحُجَّهُ قَبْلَ الْخَلْقِ وَمَعَ الْخَلْقِ وَبَعْدَ الْخَلْقِ ».

قیل فیه لعل المراد قبل الخلق الأجساد فی عالم الذر والأرواح ، لِقَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الرَّجُلِ الَّذِی ادَّعَی أَنَّهُ یَتَوَلَّاهُ « مَا رَأَیْتُکَ فِی عَالَمِ الْأَرْوَاحِ ».

و « رجل مَحْجُوجٌ » أی مقصود. وقد حَجَ بنو فلان فلانا : أطالوا الاختلاف فیه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله مَحْجُوجاً بِأَبِی طَالِبٍ؟ فَقَالَ : لَا وَلَکِنْ کَانَ مُسْتَوْدَعاً لِلْوَصَایَا فَدَفَعَهَا إِلَیْهِ. قَالَ : قُلْتُ فَدَفَعَ إِلَیْهِ الْوَصَایَا عَلَی أَنَّهُ مَحْجُوجٌ؟ فَقَالَ : لَوْ کَانَ مَحْجُوجاً مَا دَفَعَ إِلَیْهِ الْوَصِیَّهَ. قَالَ : فَقَالَ مَا کَانَ حَالُ أَبِی طَالِبٍ؟ قَالَ : أَقَرَّ بِالنَّبِیِّ وَمَا جَاءَ بِهِ وَدَفَعَ إِلَیْهِ الْوَصَایَا وَمَاتَ مِنْ یَوْمِهِ ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « سَارَهُ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ وَوَرَقَهُ أُمُّ لُوطٍ کَانَتَا أُخْتَیْنِ ابْنَتَیْنِ لِلَاحِجٍ ، وَکَانَ لَاحِجٌ نَبِیّاً مُنْذِراً وَلَمْ یَکُنْ رَسُولاً ».

وَفِی حَدِیثِ الدُّعَاءِ « اللهُمَّ ثَبِّتْ حُجَّتِی فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَهِ ».

أی قولی وإیمانی فی الدنیا وعند جواب الملکین فی القبر. و « حَاجَّهُ فَحَجَّهُ » أی غلبه بِالْحُجَّهِ. وحَجَ فلان علینا : قدم - کذا نقل عن الخلیل بن أحمد.

وما تعجزون عنه ، یقال حَرِجَ یَحْرَجُ من باب علم : أی ضاق. وفی کلام الشیخ علی بن إبراهیم : الْحَرَجُ الذی لا مدخل له ، والضیق ما یکون له مدخل الضیق (1). والْحَرَجُ : الإثم ، ومنه قوله تعالی : ( وَلا عَلَی الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ) [ 24 / 61 ] أی إثم. قوله : ( یَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَیِّقاً حَرَجاً ) [ 6 / 125 ] قرئ بفتح الراء وکسرها. قاله الجوهری ، وهو بمنزله الدنف ، والدنف فی معنی واحد. و « مکان حَرِجٌ » بکسر الراء : أی ضیق. وقولهم « تَحَرَّجَ الإنسان تَحَرُّجاً » قیل هذا مما ورد لفظه مخالفا لمعناه ، والمراد فعل فعلا جانب به الْحَرَجَ ، کما یقال تأثم وتهجد إذا ترک الهجود. وعن ابن الأعرابی : للعرب أفعال تخالف معانیها ألفاظها ، وعد منها ما ذکرناه. وحَرَّجَ عَلَیَّ ظُلْمُکَ : أی حَرُمَ. وحَرِجَ فلان : إذا هاب أن یتقدم علی الأمر.

وَفِی حَدِیثِ الشِّیعَهِ « وَلَا یَکُونُ مِنْکُمْ مُحْرِجُ الْإِمَامِ ، فَإِنَ مُحْرِجَ الْإِمَامِ هُوَ الَّذِی یَسْعَی بِأَهْلِ الصَّلَاحِ ».

کأنه من أَحْرَجَهُ إلیه : ألجأه. وحاصل المعنی لا یکون منکم من یلجیء الإمام إلی ما یکرهه ، کأن یغشی أمره إلی ولاه الجور ، فإنه من فعل ذلک بالإمام فقد سعی بأهل الصلاح. ومثله قَوْلُهُ علیه السّلام « مَنْ نَزَلَ بِذَلِکَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الْإِمَامِ ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِکَ عِنْدَ الْإِمَامِ یَعْنِی أَلْجَأَهُ إِلَی أَنْ یَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ الْمُقِرِّینَ بِفَضْلِهِ ».

الموت وتردد النفس - قاله الجوهری ، والجمع الْحَشَارِجُ.

الناقه فهی خَادِجٌ : إذا ألقت ولدها قبل تمام الأیام وإن کان تام الخلق.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی ذِی الثُّدَیَّهِ « مُخْدَجُ الْیَدِ » (1).

أی ناقص الید - بضم المیم وفتح دال.

وَخَدِیجَهُ بِنْتُ خُوَیْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ قُصَیٍّ زَوْجَهُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله کَانَتْ تَحْتَ أَبِی هَالَهَ بْنِ زُرَارَهَ فَوَلَدَتْ لَهُ هَالَهَ ، ثُمَّ خَلَّفَ عَلَیْهَا بَعْدَ أَبِی هَالَهَ عَتِیقَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، ثُمَّ خَلَّفَ عَلَیْهَا رَسُولَ اللهِ ، وَکَانَتْ إِذْ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللهِ بِنْتَ أَرْبَعِینَ سَنَهً وَسِتَّهَ أَشْهُرٍ ، وَکَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله یَوْمَئِذٍ ابْنَ إِحْدَی وَعِشْرِینَ سَنَهً ، وَوَلَدَتْ لَهُ أَرْبَعَ بَنَاتِ کُلُّهُنَّ أَدْرَکْنَ الْإِسْلَامَ وَهَاجَرْنَ ، وَهُنَّ زَیْنَبُ وَفَاطِمَهُ وَرُقَیَّهُ وَأُمُّ کُلْثُومٍ ، وَوَلَدَتْ ابْناً یُسَمَّی الْقَاسِمَ وَبِهِ کَانَ یُکَنَّی ، وَکَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ مِنَ الرِّجَالِ ، وَخَدِیجَهُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَهِیَ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّهِ ، وَکَذَا فَاطِمَهُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وَمَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِیَهُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَهُ فِرْعَوْنَ - کَذَا ذَکَرَ فِی الِاسْتِیعَابِ وَقَالَ : إِنَّهُ مَرْوِیٌّ عَنِ النَّبِیِ (2)

وفِی تَارِیخٍ آخَرَ أَنَ خَدِیجَهَ وَلَدَتْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله الْقَاسِمَ وَرُقَیَّهَ وَزَیْنَبَ وَأُمَّ کُلْثُومٍ وَبَعْدَ الْمَبْعَثِ الطَّیِّبَ وَالطَّاهِرَ وَفَاطِمَهَ ، وَرُوِیَ لَمْ یُولَدْ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ إِلَّا فَاطِمَهُ علیها السّلام ، وَمَاتَتْ خَدِیجَهُ حِینَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ مِنَ الشِّعْبِ وَکَانَ ذَلِکَ قَبْلَ الْهِجْرَهِ بِسَنَهٍ ، وَمَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِهَا بِسَنَهٍ.

من الحب الیابس ویخرج الحب الیابس من النبات الأخضر. قوله لإبلیس : ( اخْرُجْ مِنْها ) [ 7 / 18 ] قال المفسر : أی من الجنه أو من السماء أو من المنزله الرفیعه (1). قوله : ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّکَ خَیْرٌ ) [ 23 / 72 ] معناه أم تسألهم أجرا علی ما جئت به فأجر ربک خیر وثوابه خیر. قوله : ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَکَ خَرْجاً ) [ 18 / 94 ] أی جُعْلا. قوله : ( کُلَّما أَرادُوا أَنْ یَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِیدُوا فِیها ) [ 22 / 22 ] الآیه.

وَرُوِیَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السلام قَالَ : قُلْتُ لَهُ یَا بْنَ رَسُولِ اللهِ خَوِّفْنِی فَإِنَّ قَلْبِی قَدْ قَسَا. فَقَالَ : یَا أَبَا مُحَمَّدٍ اسْتَعِدَّ لِلْحَیَاهِ الطَّوِیلَهِ فَإِنَّ جَبْرَئِیلَ جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وَهُوَ قَاطِبٌ وَقَدْ کَانَ قَبْلَ ذَلِکَ یَجِیءُ وَهُوَ مُتَبَسِّمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : یَا جَبْرَئِیلُ جِئْتَنِی الْیَوْمَ قَاطِباً؟ فَقَالَ : یَا مُحَمَّدُ قَدْ وَضَعْتُ مَنَافِخَ النَّارِ. قَالَ : وَمَا مَنَافِخُ النَّارِ یَا جَبْرَئِیلُ؟ فَقَالَ : یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ تَعَالَی أَمَرَ بِالنَّارِ فَنُفِخَ عَلَیْهَا أَلْفَ عَامٍ [ حَتَّی ابْیَضَّتْ وَنُفِخَ عَلَیْهَا أَلْفَ عَامٍ ] حَتَّی احْمَرَّتْ ثُمَّ نُفِخَ عَلَیْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّی اسْوَدَّتْ فَهِیَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَهٌ ، لَوْ أَنَّ قَطْرَهً مِنَ الضَّرِیعِ قَطَرَتْ فِی شَرَابِ أَهْلِ الدُّنْیَا لَمَاتَ أَهْلُهَا مِنْ نَتْنِهَا ، وَلَوْ أَنَّ حَلْقَهً وَاحِدَهً مِنَ السِّلْسِلَهِ الَّتِی طُولُهَا ( سَبْعُونَ ذِراعاً ) وُضِعَتْ عَلَی الدُّنْیَا لَذَابَتْ مِنْ حَرِّهَا وَلَوْ أَنَّ سِرْبَالاً مِنْ سَرَابِیلِ أَهْلِ النَّارِ عُلِّقَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَمَاتَ أَهْلُ الْأَرْضِ مِنْ رِیحِهِ وَوَهَجِهِ. قَالَ : فَبَکَی رَسُولُ اللهِ وَبَکَی جَبْرَئِیلُ فَبَعَثَ اللهُ إِلَیْهِمَا مَلَکاً فَقَالَ لَهُمَا : إِنَّ رَبَّکُمَا یُقْرِئُکُمَا السَّلَامَ وَیَقُولُ قَدْ أَمَّنْتُکُمَا أَنْ تُذْنِبَا ذَنْباً أُعَذِّبُکُمَا عَلَیْهِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ علیه السلام : فَمَا رَأَی رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله جَبْرَئِیلَ مُتَبَسِّماً بَعْدَ ذَلِکَ (2).

قوله : ( کَما أَخْرَجَکَ رَبُّکَ ) [ 8 / 5 ] أی دعاک إلی الخروج وأمرک

ص: 292

به وحملک علیه ، قیل هو مجاز القسم ، کقولک » والذی أخرجک ربک ». قوله : ( غَیْرَ إِخْراجٍ ) [ 2 / 240 ] یعنی فی المعتده. إن قیل : إنه یدل علی أنه لا تعتد إلا فی مسکن الزوج؟ أجیب : بأن الْإِخْرَاجَ غیر الْخُرُوجِ فلها الْخُرُوجُ ولیس له الْإِخْرَاجُ. قوله : ( یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) [ 55 / 22 ] أی کبار اللؤلؤ وصغاره ، وقیل المَرْجَان خرز أحمر کالقضبان ، وقریء یُخْرِجُ من أَخْرَجَ ، وقال (مِنْهُمَا ) وإنما یَخْرُجَانِ من الملح لأنهما لما التقیا صارا کالشیء الواحد ، فکأنه قال : یَخْرُجُ من البحر ولا یَخْرُجَانِ من جمیع البحر ولکن من بعض ، کما تقول » خَرَجْتُ من البلد » وإنما خَرَجْتَ من بعضه ، وقیل إنهما یَخْرُجَانِ من ملتقی الملح والعذب - کذا فی تفسیر الشیخ أبی علی (1). وفِی کِتَابِ قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی : ( یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْبَحْرِ ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا فَیَقَعُ فِیهَا مِنَ الْمَطَرِ فَیَخْلُقُ اللهُ اللُّؤْلُؤَهَ الصَّغِیرَهَ مِنَ الْقَطْرَهِ الصَّغِیرَهِ وَاللُّؤْلُؤَهَ الْکَبِیرَهَ مِنَ الْقَطْرَهِ الْکَبِیرَهِ.

وفِی تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام قَالَ : عَلِیٌّ وَفَاطِمَهُ بَحْرَانِ عَمِیقَانِ لَا یَبْغِی أَحَدُهُمَا عَلَی صَاحِبِهِ ( یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) قَالَ : الْحَسَنُ وَالْحُسَیْنُ (2).

قوله : ( یَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها ) [ 16 / 69 ] وإن کانت تلقیه من أفواهها کالریق لئلا یظن أنه لیس من بطنها. قوله : ( ذلِکَ یَوْمُ الْخُرُوجِ ) [ 50 / 42 ] قیل هو اسم من أسماء یوم القیامه.

وَفِی الْخَبَرِ « بَلَغْنَا مَخْرَجَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله ».

أی خُرُوجَهُ من المدینه المشرفه.

وَفِی حَدِیثِ الْأُتْرُجَّهِ » طَیِّبٌ رِیحُهَا

ص: 293

طَیِّبٌ خَرَاجُهَا ».

أی طعم ثمرها ، تشبیها بِالْخَرَاجِ الذی هو نفع الأرضین وغیرها.

وَفِی حَدِیثِ نَاقَهِ صَالِحٍ « کَانَتْ مُخْتَرَجَهً ».

یعنی ناقه مُخْتَرَجَهً إذ أُخْرِجَتْ علی خلقه الجمل البختی. و « الْخُرَاجُ » بضم معجمه وکسرها وخفه راء : ما یَخْرُجُ فی البدن من القروح والورم ، الواحده خَرَاجَهٌ ، ومِنْهُ « الْمُحْرِمُ یَخْرُجُ بِهِ الْخَرَاجُ وَالدُّمَّلُ یَبُطُّهُ ».

و « الْخَرَاجُ » بفتح المعجمه فیهما ما یحصل من غله الأرض ، وقیل یقع اسم الْخَرَاجِ علی الضریبه والفیء والجزیه والغله ، ومنه خَرَاجُ العراقین.

وَفِی الْخَبَرِ « ظَهَرَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عَلَی خَیْبَرَ فَخَارَجَهُمْ عَلَی أَنْ یَتْرُکَ الْأَرْضَ لَهُمْ ».

أی فصالحهم علی ذلک وما یقرب منه. و « وَجَدْتُ للأرض مَخْرَجاً » أی مخلصا. وخَرَّجَهُ فی الأدب فَتَخَرَّجَ. و « الْمَخْرَجُ » بالفتح مکان خروج الفضلات - أعنی الکنیف - ومنه قَوْلُهُ « إِذَا دَخَلْتَ الْمَخْرَجَ فَقُلْ کَذَا ».

وربما أرید به الْخُرُوجَ کما یقال بئر الْمَخْرَجِ ، فیحمل علیه قوله « رجل مات فی بئر مَخْرَجٍ ». والْخُرْجُ - بالضم - الجوالق ذو أذنین ، وهو عربی. والْخُرُوجُ : ما قابل الدخول ، یقال خَرَجَ خُرُوجاً ، وقد یکون موضع الْخُرُوجِ فیقال « هذا مَخْرَجُهُ » أی موضع خُرُوجِهِ.

وَفِی الْحَدِیثِ « الْقَوْمُ إِذَا خَرَجُوا فِی سَفَرٍ مِنَ السُّنَّهِ یُخْرِجُوا نَفَقَتَهُمْ فَإِنَّ ذَلِکَ أَطْیَبُ لِأَنْفُسِهِمْ » (1).

والْخَارِجِیُ : واحد الْخَوَارِجِ ، وهم فرقه من فرق الإسلام ، سموا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِم علی علی علیه السّلام .

ذَکَرَ المؤرخون أَنَّهُ علیه السّلام قَتَلَ مِنْهُمْ یَوْمَ النَّهْرَوَانِ أَلْفَیْ نَفْسٍ ، وَکَانَ یَدْخُلُ وَیَضْرِبُ بِسَیْفِهِ حَتَّی یَنْتَهِیَ وَیَخْرُجُ.

وَذُکِرَ الْخَوَارِجُ عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام أَکُفَّارٌ هُمْ؟ فَقَالَ : مِنَ الْکُفْرِ فَرُّوا. فَقِیلَ مُنَافِقُونَ؟ فَقَالَ : إِنَّ الْمُنَافِقِینَ

ص: 294

لَا یَذْکُرُونَ اللهَ ( بُکْرَهً وَأَصِیلاً ) ، قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ ( فِتْنَهٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ).

والْأُخَیْرِجَهُ : أول منزل یعدل من فید إلی المدینه.

واخْتَلَجَهُ : جذبه وانتزعه ، فأصل الْخَلْج الجذب والنزع ، ومِنْهُ « یَخْتَلِجُونَهُ عَلَی بَابِ الْجَنَّهِ ».

أی یجتذبونه. ومِنْهُ « لَیَرِدَنَّ عَلَیَّ الْحَوْضَ أَقْوَامٌ ثُمَ لَیُخْتَلَجَنَ دُونِی ».

أی یجتذبون. وخَلَجَهُ بعینه : غمزه. وخَلَجَنِی کذا : شغلنی ، ومنه قَوْلُهُمْ « خَلَجَتْهُ أُمُورُ الدُّنْیَا ».

أی شغلته. وتَخَالَجَ فی صدری منه شیء : إذا شککت. و « الْخَلَنْجُ » شجر فارسی معرب ، والجمع « الْخَلَانِجُ » ، ومنه الْحَدِیثُ » أَلْقِ مِنَ النَّاسِ الْمُفْتَخِرَ بِفَخْرِ آبَائِهِ وَهُوَ خِلْوٌ مِنْ صَلَاحِ أَعْمَالِهِمْ وَهُوَ بِمَنْزِلَهِ الْخَلَنْجِ تَقْشِرُهُ لِحَاءً عَنْ لِحَاءٍ حَتَّی تَصِلَ إِلَی جَوْهَرِهِ ».

والْخُولَنْجَانُ : شیء یعرفه العطارون یتداوی به.

ودِیبَاجَهُ لقب محمد بن جعفر بن محمد بن علی بن الحسین ، وإنما لقب بذلک لحسن وجهه. وقَالَ الْمُفِیدُ فِی إِرْشَادِهِ : إِنَّهُ کَانَ شُجَاعاً ، وَکَانَ یَصُومُ یَوْماً وَیُفْطِرُ یَوْماً ، وَیَرَی رَأْیَ الزَّیْدِیَّهِ فِی الْخُرُوجِ بِالسَّیْفِ ... خَرَجَ عَلَی الْمَأْمُونِ فِی سَنَهِ تِسْعٍ وَتِسْعِینَ وَمِائَهٍ بِمَکَّهَ فَتَبِعَهُ الزَّیْدِیَّهُ الْجَارُودِیَّهُ ، فَخَرَجَ لِقِتَالِهِ عِیسَی الْجَلُودِیُّ فَفَرَّقَ جَمْعَهُ وَأَخَذَهُ فَأَنْفَذَهُ إِلَی الْمَأْمُونِ ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِ أَکْرَمَهُ وَأَدْنَی مِنْهُ مَجْلِسَهُ وَوَصَلَهُ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ ، وَکَانَ مُقِیماً مَعَهُ بِخُرَاسَانَ وَتُوُفِّیَ بِهَا (1).

وَفِی الْخَبَرِ « نَهَی أَنْ یُدَبِّجَ الرَّجُلُ فِی صَلَاتِهِ ».

أی یطأطیء رأسه فی الرکوع أخفض من ظهره. وقیل دَبَّجَ تَدْبِیجاً : إذا طأطأ رأسه ، ودَبَّجَ ظهره : إذا ثناه فارتفع وسطه کأنه سنام. ومن أعجم الدال فقد صحّف.

الْجُعَلُ مِنَ الْبَنَادِقِ (1).

إلی العلو. وفی القاموس اسْتَدْرَجَهُ : خدعه واسْتِدْرَاجُ الله العبد : أنه کلما جدد خطیئه جدد له نعمه وأنساه الاستغفار فیأخذه قلیلا قلیلا ولا یباغته (1) - یعنی یفاجئه ، من « البغته » وهی الفجأه.

وَفِی الْحَدِیثِ « إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَیْراً فَأَذْنَبَ ذَنْباً أَتْبَعَهُ بِنَقِمَهٍ وَیُذَکِّرُهُ الِاسْتِغْفَارَ ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً فَأَذْنَبَ ذَنْباً أَتْبَعَهُ بِنِعْمَهٍ لِیُنْسِیَهُ الِاسْتِغْفَارَ وَیَتَمَادَی بِهَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ )(2).

وَفِی الْحَدِیثِ « کَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ یَسْتُرُ اللهُ عَلَیْهِ » (3).

وَفِی الدُّعَاءِ « لَا تَسْتَدْرِجْنَا بِجَهْلِنَا ».

وفِیهِ « أَدْرِجْنَا إِدْرَاجَ الْمُکْرَمِینَ ».

أی ارفعنا دَرَجَهً دَرَجَهً کما تفعل بالمکرمین عندک. وفِیهِ « وَهُوَ فِی دَرَجَتِی فِی الْجَنَّهِ ».

أی فی جواری. ودَرَجَ الصبی دُرُوجاً - من باب قعد - : مشی قلیلا فی أول ما یمشی. ودَرَجَ : مات. وفی مثل » أکذب ممن دبّ ودَرَجَ « أی أکذب الأحیاء والأموات. وأَدْرَجْتُ الکتاب والثوب : لففته وطویته. ومنه « الکتاب الْمُدْرَجُ ».

وَفِی حَدِیثِ الْمَیِّتِ « یُدْرَجُ فِی ثَلَاثَهِ أَثْوَابٍ ».

أی یلفّ فیها.

وَفِی حَدِیثِ الصَّلَاهِ « أَدْرِجْ » صَلَاتَکَ إِدْرَاجاً. قُلْتُ : وَأَیُّ شَیْءٍ الْإِدْرَاجُ؟ قَالَ : ثَلَاثُ تَسْبِیحَاتٍ فِی الرُّکُوعِ وَالسُّجُودِ ».

وَفِی حَدِیثِ صَلَاهِ اللَّیْلِ « وَأَدْرِجْهَا ».

وفسّر الْإِدْرَاجَ بأن یقرأ الحمد وحدها فی کل رکعه.

وَفِی حَدِیثِ صَلَاهِ الْمَوْتَی « یَجْعَلُ الْمَوْتَی شِبْهَ الْمُدْرَجِ ثُمَّ یَقُومُ فِی وَسْطِهِمْ ».

وَفِی الْحَدِیثِ « إِیَّاکُمْ وَالتَّعْرِیسَ فِی بُطُونِ الْأَوْدِیَهِ فَإِنَّهَا مَدَارِجُ السِّبَاعِ تَأْوِی إِلَیْهَا ».

هی جمع مَدْرَجٍ بفتح المیم والراء : الطریق.

ص: 299

ودَرَجَتِ الإقامه دَرْجاً من باب قتل إذا أرسلتها ، لغه فی « أَدْرَجْتُهَا « بالألف. والدَّرَجُ : المراقی ، جمع دَرَجَهٍ ، مثل قصب وقصبه. و « الدَّرَجَهُ « واحده الدَّرَجَاتِ ، وهی الطبقات من المراتب. والدُّرَّاجُ أو الدُّرَّاجَهُ - بالضم والتشدید - : ضرب من الطیر للذکر والأنثی ، وهو طائر مبارک کثیر النتاج ، وهو القائل « بالشکر تدوم النعم ».

وَعَنْ کَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ : یَقُولُ ( الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی )(1).

والجاحظ جعله من أقسام الحمام لأنه یجمع فراخه تحت جناحیه کما یجمع الحمام ، ومن شأنه أن لا یجعل بیضه فی مکان واحد بل ینقله لئلا یعرف أحد مکانه. والدَّرَّاجُ (2) : القنفذ صفه غالبه علیه لأنه یَدْرُجُ لیله کله. و « الدَّرَّاجَهُ » بالفتح : ما یَدْرُجُ علیها الصبی إذا مشی.

سیر اللیل ، یقال أَدْلَجُ بالتخفیف : إذا سار من أول اللیل ، وبالتشدید إذا سار من آخره ، والاسم منهما « الدُّلْجَهُ » بالضم والفتح. ومنهم من یجعل الْإِدْلَاجُ للیل کله ، وکأنه المراد هنا لما

فِی آخِرِ الْحَدِیثِ « فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَی ».

ولم یفرق بین أول اللیل وآخره. ومنه « اسْتَعِینُوا بِالْغَدْوَهِ وَالرَّوْحَهِ وَشَیْءٍ مِنَ الدَّلْجَهِ ».

قال بعض شراح الحدیث : استعار سیر المسافر فی هذه الأوقات للمنشط فی العباده ، یعنی کالفجر فی الغداه والظهر والعصر فی الروحه والعشاءین فی الدَّلْجَهِ ، فإن المسافر لو سافر کل اللیل والنهار عجز ، إذ لا یمکنه الدوام. وأَدْلَجَ إِدْلَاجاً - کأکرم إکراما - سار اللیل کله ، فهو « مُدْلِجٌ » ، وربما أطلق الْإِدلَاجَ علی العباده فی اللیل توسعا لأن العباده سیر إلی الله تعالی.

وَفِی الْخَبَرِ « مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ ».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّهِ فِی تَفْسِیرِهِ : مُرَادُهُ صلی الله علیه و آله مَنْ خَافَ اللهَ وَالْیَوْمَ الْآخَرَ اجْتَهَدَ فِی الْعِبَادَهِ أَیَّامَ شَبَابِهِ وَقُوَّتِهِ وَسَوَادِ شَعْرِهِ ، فَقَدْ کَنَّی عَنِ الْعَمَلِ فِی الشَّبَابِ بِالدَّلْجِ وَهُوَ السَّیْرُ فِی اللَّیْلِ کَمَا کَنَّی عَنِ الشَّیْبِ بِالصُّبْحِ.

وَفِی الدُّعَاءِ « تُدْلِجُ بَیْنَ یَدَیِ الْمُدْلِجِ ».

ومعناه - علی ما قیل - إن رحمتک وتوفیقک وإعانتک من توجه إلیک وعبدک صادره عنک قبل توجهه إلیک وعبادته لک ، إذ لو لا رحمتک وتوفیقک وإیقاعک ذلک فی قلبه لم یخطر ذلک بباله ، فکأنک قد سرت إلیه قبل أن یسری إلیک. و « مُدْلِجٌ » بضم المیم : قبیله من کنانه ، ومنهم القافه - قاله الجوهری.

وَفِی الْحَدِیثِ « أَنَّ الْقَلْبَ لَیَرْجَجُ فِیمَا بَیْنَ الصَّدْرِ وَالْحَنْجَرَهِ حَتَّی یُعْقَدَ عَلَی الْإِیمَانِ ، فَإِذَا عُقِدَ عَلَی الْإِیمَانِ قَرَّ ».

أی یتحرک ویتزلزل ، من قولهم رَجَّهُ یَرُجُّهُ رَجّاً من باب قتل : إذا حرکه وزلزله. والرَّجْرَجَهُ : الاضطراب ، ومنه ارْتَجَ البحر : إذا اضطرب.

وَفِی الْخَبَرِ « مَنْ رَکِبَ الْبَحْرَ حِینَ یَرْتَجُ فَلَا ذِمَّهَ لَهُ ».

یعنی إذا اضطربت أمواجه.

وَفِی الْحَدِیثِ « لَا تُصَلِّ عَلَی الزُّجَاجِ » (1).

وعلّله بأنه یتخذ من الملح والرمل. وفِیهِ « صَلِّ فِی جَمَاعَهٍ وَلَوْ عَلَی رَأْسِ زُجٍ ».

الزُّجُ بالضم : الحدیده التی فی أسفل الرمح ، وجمعه « زِجَاجٌ » بالکسر ، مثل رمح ورماح. وزَجَجْتُ الرمح زَجّاً من باب قتل : جعلت له زُجّاً.

وَفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله « أَزَجُ الْحَوَاجِبِ » (2).

هو من الزُّجِ ، وهو تقویس فی الحاجب مع طول فی طرفه وامتداد. قال الجوهری : الزَّجَجُ دقه فی الحاجبین وطول ، والرجل أَزَجُ. والْمِزَجُ : رمح قصیر کالمزراق.

وَعَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله : « وَإِذَا کَانَ یَوْمُ الْقِیَامَهِ یُدْعَی بِالْعَبْدِ فَأَوَّلُ شَیْءٍ یُسْأَلُ عَنْهُ الصَّلَاهُ فَإِنْ جَاءَ بِهَا تَامَّهً وَإِلَّا زُجَ فِی النَّارِ ».

أی رمی فیها بدفع.

اللهُ إِهْلَاکَ قَوْمِ نُوحٍ أَعْقَمَ أَرْحَامَ النِّسَاءِ أَرْبَعِینَ سَنَهً فَلَمْ یَلِدْ فِیهِمْ مَوْلُودٌ ، فَلَمَّا فَرَغَ نُوحٌ مِنِ اتِّخَاذِ السَّفِینَهِ أَمَرَهُ اللهُ أَنْ یُنَادِیَ بِالسُّرْیَانِیَّهِ لَا یَبْقَی بَهِیمَهٌ وَلَا حَیَوَانٌ إِلَّا حَضَرَ ، فَأَدْخَلَ مِنْ کُلِّ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَیَوَانِ زَوْجَیْنِ فِی السَّفِینَهِ (1).

وَرُوِیَ أَنَّ نَجْرَ السَّفِینَهِ کَانَ فِی مَسْجِدِ الْکُوفَهِ ، فَلَمَّا کَانَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی أَرَادَ اللهُ إِهْلَاکَهُمْ کَانَتِ امْرَأَهُ نُوحٍ تَخْبِزُ فِی مَوْضِعٍ مَعْرُوفٍ بِ- ( فارَ التَّنُّورُ ) فِی مَسْجِدِ الْکُوفَهِ ، وَکَانَ نُوحٌ اتَّخَذَ لِکُلِّ ضَرْبٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَیَوَانِ مَوْضِعاً فِی السَّفِینَهِ وَجَمَعَ لَهُمْ فِیهَا مَا یَحْتَاجُونَ مِنَ الْغِذَاءِ ، فَصَاحَتْ امْرَأَتُهُ لَمَّا فَارَ التَّنُّورُ ، فَجَاءَ نُوحٌ إِلَی التَّنُّورِ فَوَضَعَ عَلَیْهِ طَبَقاً وَخَتَمَهُ حَتَّی أَدْخَلَ جَمِیعَ الْحَیَوَانِ السَّفِینَهَ ثُمَّ جَاءَ إِلَی التَّنُّورِ فَفَضَّ الْخَاتَمَ وَرَفَعَ الطِّینَ وَانْکَسَفَتِ الشَّمْسُ وَجَاءَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءٌ مُنْهَمِرٌ ( وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُیُوناً فَالْتَقَی الْماءُ عَلی أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ )(2).

وَعَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام : فَدَارَتِ السَّفِینَهُ وَضَرَبَتْهَا الْأَمْوَاجُ حَتَّی وَافَتْ مَکَّهَ وَطَافَتْ بِالْبَیْتِ وَغَرِقَ جَمِیعُ مَا فِی الدُّنْیَا إِلَّا مَوْضِعَ الْبَیْتِ ، وَإِنَّمَا سُمِّیَ الْبَیْتُ الْعَتِیقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ ، وَبَقِیَ الْمَاءُ یَنْصَبُّ مِنَ السَّمَاءِ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَمِنَ الْأَرْضِ الْعُیُونُ حَتَّی ارْتَفَعَتِ السَّفِینَهُ فَمَسَحَتِ السَّمَاءَ فَرَفَعَ نُوحٌ علیه السّلام یَدَهُ فَقَالَ : « یَا رَهْمَنُ اتقن » وَتَفْسِیرُهَا رَبِّ أَحْسِنْ (3)، فَأَمَرَ اللهُ الْأَرْضَ أَنْ تَبْلَعَ مَاءَهَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ ( یا أَرْضُ ابْلَعِی ماءَکِ وَیا سَماءُ أَقْلِعِی ) الْآیَهِ ، فَبَلَعَتْ مَاءَهَا ( وَاسْتَوَتِ ) السَّفِینَهُ ( عَلَی الْجُودِیِ ) وَهُوَ جَبَلٌ عَظِیمٌ ، فَبَعَثَ اللهُ جَبْرَئِیلَ فَسَاقَ الْمَاءَ إِلَی الْبِحَارِ حَوْلَ الدُّنْیَا ، فَنَزَلَ نُوحٌ مِنَ السَّفِینَهِ وَبَنَوْا مَدِینَهً ، وَکَانَ لِنُوحٍ علیه السلام بِنْتٌ نَزَلَتْ مَعَهُ السَّفِینَهَ فَتَنَاسَلَ النَّاسُ مِنْهَا (4).

قَوْلُهُ : ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) [ 81 / 7 ] أی قرنت بأشکالها أو بأعمالها ،

ص: 306

وقیل الأرواح بالأجساد ، وقیل قرنت نفوس الصالحین بالحور العین ونفوس الطالحین بالشیاطین. قوله : ( اسْکُنْ أَنْتَ وَزَوْجُکَ الْجَنَّهَ ) [ 7 / 19 ] قال المفسر : إنما لم یقل وزَوْجَتُکَ لأن الإضافه إلیه قد أغنت عن ذکره وأبانت عن معناه ، فکان الحذف أحسن لما فیه من الإیجاز من غیر إخلال بالمعنی (1). قوله : ( وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها ) [ 7 / 189 ] یعنی جعلها من جسد آدم من ضلع من أضلاعه ، أو من جنسها کقوله تعالی ( جَعَلَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْواجاً ) - کذا ذکره الشیخ أبو علی (2). وفی الفقیه : أی من الطینه التی خلقت من ضلعه الأیسر. قوله ( وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) [33 / 6 ] فسر بتفسیرین : أحدهما أنه تعالی أراد أنهن یحرمن علینا کتحریم الأمهات ، والآخر أنه یجب علینا من تعظیمهن وتوقیرهن ما یجب علینا فی أمهاتنا. ویجوز أن یرید الأمرین معا ، إذ لا تنافی بینهما ، ومن ذهب إلی أن معاویه خال المؤمنین فقد ذهب مذهبا بعیدا وحاد عن الصواب شدیدا ، لأن أخا الأم إنما یکون خالا إذا کانت الأمومه من طریق النسب ، فأما إذا کانت علی سبیل التشبیه والاستعاره فالقیاس غیر مطرد فیها.

وَفِی الْحَدِیثِ « وَیُجْزِی الْغُسْلُ لِلْجُمُعَهِ کَمَا یَکُونُ لِلزَّوَاجِ ».

قال الشیخ البهائی فی معناه : إن غسل الجمعه یجزی لصلاه الجمعه من غیر احتیاج إلی الوضوء بعد الغسل ، کما یجزی ذلک الغسل لِلزَّوَاجِ ، أی لغسل الجنابه ، وتأیید ذلک ما

رُوِیَ » أَنَّ مَنْ جَامَعَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ نَسِیَ حَتَّی خَرَجَ شَهْرُ رَمَضَانَ عَلَیْهِ أَنْ یَغْتَسِلَ وَیَقْضِیَ صَلَاتَهُ وَصَوْمَهُ إِلَّا أَنْ یَکُونَ قَدِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَهِ فَإِنَّهُ یَقْضِی صَلَاتَهُ وَصَوْمَهُ إِلَی ذَلِکَ الْیَوْمِ وَلَا یَقْضِی مَا بَعْدَ ذَلِکَ » - انتهی. وهو جید. وقال بعض الأفاضل : إن الغسل من الجنابه کما یکون من الجنابه علی قصد رفع الحدث ونیه الوجوب یکون

ص: 307

بعینه مجزیا عن الغسل للجمعه ومسقطا للإتیان به بنیه الاستحباب ، وقصد کونه للجمعه لکون غایته هی النظافه مترتبه علی غسل الجنابه بما هو للجنابه علی أسبغ الوجوه ، وتصریح قَوْلِ الصَّادِقِ علیه السّلام « إِذَا اجْتَمَعَتْ لِلَّهِ عَلَیْکَ حُقُوقٌ أَجْزَأَکَ عَنْهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ » قال : وقد تبدل الزای راء والجیم حاء ، وذلک تصحیف سخیف ، والذی سمعناه من الشیوخ ورأیناه فی النسخ بخلاف ذلک - انتهی.

و « الزَّوَاجُ » بالفتح : یجعل اسما من زَوَّجَ مثل سلم سلاما وکلم کلاما ، ویجوز الکسر ذهابا إلی أنه من باب المفاعله ، لأنه لا یکون إلا من اثنین کالنکاح والزنا.

وزَوْجُ المرأه : بعلها ، وهی زَوْجٌ أیضا ، وهی اللغه العالیه وبها جاء التنزیل قال تعالی ( اسْکُنْ أَنْتَ وَزَوْجُکَ الْجَنَّهَ ).

وعن أبی حاتم أن أهل نجد یقولون فی المرأه « زَوْجَهٌ » بالهاء ، وأهل الحرم یتکلمون بها.

وعن ابن السکیت عکس ذلک حیث قال : أهل الحجاز یقولون للمرأه « زَوْجٌ » بغیر هاء ، وسائر العرب « زَوْجَهٌ » بالهاء وجمعها زَوْجَاتٌ.

والزَّوْجُ : ضد الفرد - قاله ابن درید. تقول « عندی زَوْجُ نِعالٍ » وترید اثنین ، وزَوْجَانِ وترید أربعه. وعن ابن قتیبه : الزَّوْجُ یکون واحدا ویکون اثنین ، وأنکر النحویون أن یکون الزَّوْجُ اثنین والزَّوْجُ عندهم الفرد ، وعن ابن الأنباری والعامه تخطیء فتظن أن الزَّوْجَ اثنان ولیس ذلک من مذهب العرب.

وزَوَّجْتُ فلانا امرأه تتعدی بنفسه إلی اثنین فَتَزَوَّجَهَا لأنه بمعنی أنکحته امرأه فنکحها. وعن الأخفش یجوز زیاده الباء فیقال « زَوَّجْتُهُ بامرأه فَتَزَوَّجَ بها ». وعن یونس لیس من کلام العرب « تَزَوَّجْتُ بامرأه ». وعن الفراء : قول الفقهاء « زَوَّجته منها » لا وجه له إلا علی قول من یری زیادتها فی الواجب ، أو یجعل الأصل زَوَّجْتُهُ بها ثم أبدل علی مذهب من یری ذلک.

و « الزَّاجُ » فارسی معرب.

ص: 308

المال لوکیله أن یدفع مالا قراضا یأمن به خطر الطریق. وفی الدر « السُّفْتُجَهُ « کقرطبه أن تعطی مالا لأحد ولآخذه مال فی بلد فیوفیه إیاها ثم فیستفید أمن الطریق وفعله السَّفْتَجَهُ بالفتح - انتهی. والجمع » السَّفَاتِجُ » ، ومنه الْحَدِیثُ « کَانَ لِأَبِی سَفَاتِجُ مِنْ مَالِ الْغَرِیمِ ».

أی صاحب الأمر. و « أبو السَّفَاتِجِ » من رواه الحدیث اسمه عبد العزیز. وفی نسخه « ابن أبی السَّفَاتِجِ » (1).

وحجاره سَمِجَهٌ : تکرهها النفس لقبحها.