البرهان في تفسير القرآن المجلد 4

اشارة

سرشناسه :بحراني ، هاشم بن سليمان ، - 1107؟ق

عنوان و نام پديدآور : البرهان في تفسير القرآن / الفه هاشم الحسيني البحراني

مشخصات نشر :قم : دار التفسير، 1417ق . = 1375.

مشخصات ظاهري : 4 ج .نمودار

شابك : 964-7866-20-8 (دوره ) ؛ 964-7866-20-8 (دوره ) ؛ 964-7866-16-x (ج .1) ؛ 964-7866-17-8 (ج .2) ؛ 964-7866-18-6 (ج .3) ؛ 964-7866-19-4 (ج .4)

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت :اين كتاب در سالهاي مختلف توسط ناشرين مختلف منتشر شده است

يادداشت :فهرستنويسي براساس اطلاعات فيپا.

يادداشت :عربي .

يادداشت :كتابنامه

موضوع :تفاسير شيعه -- قرن ق 12

موضوع :تفاسير ماثوره -- شيعه اماميه

رده بندي كنگره: BP97/3 /ب 3ب 4 1382

رده بندي ديويي : 297/1726

شماره كتابشناسي ملي : م 75-6617

آدرس ثابت <البرهان = برهان > في تفسير القرآن

آدرس ثابت

الجزء الرابع

سورة المؤمنون ..... ص : 9

فضلها ..... ص : 9

7434/ [1]-

ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة المؤمنين، ختم الله له بالسعادة، و إذا كان مدمنا قراءتها في كل جمعة، كان منزله في الفردوس الأعلى، مع النبيين و المرسلين».

7435/ [2]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «من قرأ هذه السورة، بشرته الملائكة بروح و ريحان، و ما تقر به عينه عند الموت».

7436/ [3]- و

قال الصادق (عليه السلام): «و من كتبها و علقها على من يشرب الخمر، يبغضه و لم يقر به أبدا».

و في رواية أخرى: «و لم يذكره أبدا».

7437/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلا في خرقة بيضاء، و علقها على من يشرب النبيذ، لم يشربه أبدا، و يبغض الشراب بإذن الله».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 108.

2- ثواب الأعمال: 108.

3- ثواب الأعمال: 108.

4- خواص القرآن: 9 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 11

سورة المؤمنون(23): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 11

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ- إلى قوله تعالى- هُمْ فِيها خالِدُونَ [1- 11]

7438/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن الإمام موسى بن جعفر [عن أبيه ] (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- إلى قوله- الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ قال: «نزلت في رسول الله، و في أمير المؤمنين، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)».

7439/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن عبد الله بن مسكان، عن كامل التمار، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا كامل، أ تدري ما قول الله

عز و جل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ؟ قلت:

أفلحوا: فازوا، و أدخلوا الجنة. قال: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

و زاد فيه غيره، قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: «ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين» «1» بفتح السين مثقلة، هكذا قرأها.

7440/ [3]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سلمة بن حيان «2»، عن أبي الصباح الكناني، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا أبا الصباح، قد أفلح المؤمنون» قالها ثلاثا، و قلتها ثلاثا، فقال: «إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة، هم أصحاب النجائب».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 1/ 352/ 1.

2- مختصر بصائر الدرجات: 71.

3- مختصر بصائر الدرجات: 75.

(1) الحجر 15: 2.

(2) في جميع النسخ و المصدر: حنان، راجع معجم رجال الحديث 8: 202. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 12

7441/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى و منصور بن يونس، عن بشير الدهان، قال: سمعت كاملا التمار يقول: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قد أفلح المؤمنون، أ تدري من هم»؟ قلت: أنت أعلم بهم. قال: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

7442/ [5]- و

عنه، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، وغيره، عمن حدثه، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان يقول لي كثيرا: «يا يونس، سلم تسلم»، فقلت له:

تفسير هذه الآية: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «تفسيرها: قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء يوم القيامة».

7443/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي:

عن محمد بن عبد الحميد الكوفي، عن حماد بن عيسى، و منصور بن يونس بزرج، عن بشير الدهان، عن كامل التمار، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قد أفلح المؤمنون، أ تدري من هم»؟ قلت: أنت أعلم. قال: «قد أفلح «1» المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، و المؤمن غريب، و المؤمن غريب- ثم قال- طوبى للغرباء».

7444/ [7]- و

عنه: عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن كامل التمار، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا كامل، المؤمن غريب، المؤمن غريب- ثم قال- أ تدري ما قول الله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ؟» قلت: قد أفلحوا و فازوا و دخلوا الجنة. فقال: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

و عنه: عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سلمة بن حيان، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله، إلا أنه قال: «يا أبا الصباح، إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة، هم أصحاب النجائب» «2».

7445/ [8]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «كان العباس بن عبد المطلب، و يزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم، إلى فريق عبد العزى، بإزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كانت حاملة بأمير المؤمنين (عليه السلام)، لتسعة أشهر، و كان يوم التمام- قال- فوقفت بإزاء البيت الحرام، و قد أخذها الطلق، فرمت بطرفها نحو السماء، و قالت: أي رب، إني مؤمنة بك، و بما جاء به من عندك الرسول، و بكل نبي من أنبيائك، و بكل

__________________________________________________

4- مختصر بصائر الدرجات: 75.

5- مختصر

بصائر الدرجات: 93.

6- المحاسن: 271/ 366.

7- المحاسن: 272/ 367.

8- الأمالي 2: 317.

(1) في المصدر زيادة: المؤمنون.

(2) المحاسن: 272/ 368.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 13

كتاب أنزلته، و إني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، و إنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت، و من بناه، و بهذا المولود الذي في أحشائي، الذي يكلمني، و يؤنسني بحديثه، و أنا موقنة أنه أحد آياتك و دلائلك، لما يسرت علي ولادتي.

قال العباس بن عبد المطلب، و يزيد بن قعنب: لما تكلمت فاطمة بنت أسد، و دعت بهذا الدعاء، رأينا البيت قد انفتح من ظهره، و دخلت فاطمة فيه، و غابت عن أبصارنا، ثم عادت الفتحة، و التزقت بإذن الله تعالى، فرمنا أن نفتح الباب، ليصل إليها بعض نسائنا، فلم ينفتح الباب، فعلمنا أن ذلك أمر من الله تعالى، و بقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام، و أهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك، و تتحدث المخدرات في خدورهن».

قال: «فلما كان بعد ثلاثة أيام، انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة، و علي (عليه السلام) على يديها، ثم قالت: معاشر الناس، إن الله عز و جل اختارني من خلقه، و فضلني على المختارات ممن كن قبلي، و قد اختار الله آسية بنت مزاحم، فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا اضطرارا، و مريم بنت عمران، حيث هانت و يسرت عليها ولادة عيسى، فهزت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض، حتى تساقط عليها رطبا جنيا، و إن الله تعالى اختارني، و فضلني عليهما، و على كل من مضى قبلي من نساء العالمين، لأني ولدت في بيته العتيق، و بقيت

فيه ثلاثة أيام، آكل من ثمار الجنة و أرزاقها «1» فلما أردت أن أخرج و ولدي على يدي، هتف بي هاتف، و قال: يا فاطمة، سميه عليا، فأنا العلي الأعلى، و إني خلقته من قدرتي، و عز جلالي «2»، و قسط عدلي، و اشتققت اسمه من اسمي، و أدبته بأدبي، و هو أول من يؤذن فوق بيتي، و يكسر الأصنام، و يرميها على وجهها، و يعظمني، و يمجدني، و يهللني، و هو الإمام بعد حبيبي و نبيي و خيرتي من خلقي محمد رسولي، و وصيي، فطوبى لمن أحبه و نصره، و الويل لمن عصاه و خذله و جحد حقه».

قال: «فلما رآه أبو طالب سر، و قال علي (عليه السلام): السلام عليك يا أبت و رحمة الله و بركاته- قال- ثم دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما دخل، اهتز له أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ضحك في وجهه، و قال: السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته- قال- ثم تنحنح بإذن الله تعالى و قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ إلى آخر الآيات، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قد أفلحوا بك، و قرأ تمام الآيات، إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت و الله أميرهم، تميرهم من علومك فيمتارون، و أنت و الله دليلهم، و بك يهتدون.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاطمة: اذهبي إلى عمه حمزة، فبشريه به، فقالت: فإذا خرجت أنا، فمن يرويه؟ قال: أنا أرويه. فقالت فاطمة: أنت ترويه؟ قال: نعم

فوضع رسول الله (صلى الله عليه و آله) لسانه في فيه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا- قال- فسمي ذلك اليوم يوم التروية.

__________________________________________________

(1) في المصدر: أوراقها.

(2) في المصدر: و عزتي و جلالي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 14

فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد، رأت نورا قد ارتفع من علي (عليه السلام) إلى عنان السماء- قال: ثم شدته و قمطته بقماط، فبتر القماط، ثم جعلته قماطين، فبترهما، فجعلته ثلاثة، فبترها، فجعلته أربعة أقمطة من رق «1» مصر لصلابته، فبترها، فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته، فبترها كلها، فجعلته ستة من ديباج، و واحدا من الأدم، فتمطى فيها، فقطعها كلها بإذن الله، ثم قال بعد ذلك: يا أمه، لا تشدي يدي، فإني أحتاج الى أن أبصبص «2» لربي بإصبعي- قال- فقال أبو طالب عند ذلك: إنه سيكون له شأن و نبأ.

فلما كان من غد، دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على فاطمة، فلما بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله)، سلم عليه و ضحك في وجهه، و أشار إليه أن خذني إليك، و اسقني مما سقيتني بالأمس- قال- فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت فاطمة: عرفه و رب الكعبة- قال- فلكلام فاطمة سمي ذلك اليوم يوم عرفة، يعني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عرف رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فلما كان اليوم الثالث، و كان العاشر من ذي الحجة، أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا، و قال: هلموا إلى وليمة ابني علي- قال- و نحر ثلاث مائة من الإبل، و ألف رأس من البقر و الغنم، و اتخذ وليمة عظيمة، و قال: معاشر الناس، ألا من أراد من

طعام علي ولدي، فهلموا، و طوفوا بالبيت سبعا، و ادخلوا و سلموا على ولدي علي، فإن الله شرفه، و لفعل أبي طالب شرف يوم النحر».

و روى هذا الحديث ابن شهر آشوب- مختصرا- عن الحسن بن محبوب، عن الصادق (عليه السلام)، و في آخر الحديث: «و اتخذ وليمة، و قال: هلموا، و طوفوا بالبيت سبعا، و ادخلوا و سلموا على علي ولدي، ففعل الناس ذلك، و جرت به السنة» «3».

7446/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «لما خلق الله الجنة، قال لها تكلمي، فقالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ».

قال: قوله: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قال: غضك بصرك في صلاتك، و إقبالك عليها. قال:

و قوله: الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ يعني عن الغناء و الملاهي.

وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ قال الصادق (عليه السلام): «من منع قيراطا من الزكاة، فليس هو بمؤمن، و لا مسلم» «4».

7447/ [10]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن علي

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 88.

10- الكافي 3: 503/ 3.

(1) الرّقّ: الجلد. «تاج العروس- رقّ- 6: 358».

(2) بصبص- في دعائه-: رفع سبابتيه إلى السماء، و حركهما. «المعجم الوسيط 1: 59».

(3) مناقب ابن شهر آشوب 2: 174. [.....]

(4) في المصدر زيادة: و لا كرامة له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 15

ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من منع قيراطا من الزكاة، فليس بمؤمن و لا مسلم، و هو قول الله عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «1».

و في رواية اخرى: «و لا تقبل له صلاة».

و رواه ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن أبي بصير،

عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

7448/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله (عليه السلام)، فرأى عليه ثيابا بيضا، كأنها غرقئ «3» البيض، فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك. فقال له: «اسمع مني، و ع ما أقول لك، فإنه خير لك عاجلا و آجلا، إن أنت مت على السنة و الحق، و لم تمت على بدعة، أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في زمان مقفر جدب، فأما إذا أقبلت الدنيا، فأحق أهلها بها أبرارها، لا فجارها، و مؤمنوها لا منافقوها، و مسلموها لا كفارها، فما أنكرت يا ثوري؟ فو الله إنني لمع ما ترى، ما أتى علي- مذ عقلت- صباح و لا مساء، و لله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا، إلا وضعته».

7449/ [12]- علي بن إبراهيم: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ- يعني الإماء- فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، و المتعة حدها حد الإماء.

7450/ [13]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن موسى، عن إسحاق، عن أبي سارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عنها- يعنى المتعة- فقال: لي: «حلال، فلا تتزوج إلا عفيفة، إن الله عز و جل يقول: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على دراهمك».

7451/ [14]- علي بن إبراهيم: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ قال: من جاوز ذلك فأولئك هم العادون. و قوله: وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قال: على أوقاتها و حدودها.

7452/ [15]- محمد بن يعقوب:

عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ، قال: «هي الفريضة». قلت: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ «4»؟ قال: «هي النافلة».

__________________________________________________

11- الكافي 5: 65/ 1.

12- تفسير القمّي 2: 88.

13- الكافي 5: 453/ 2.

14- تفسير القمّي 2: 89.

15- الكافي 3: 269/ 12.

(1) المؤمنون 23: 99 و 100.

(2) من لا يحضره الفقيه 2: 7/ 18 و 19.

(3) الغرقى: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض. «المعجم الوسيط- غرقا- 2: 650».

(4) المعارج 70: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 16

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن أحمد بن محمد، عن حماد، عن حريز، عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، مثله «1».

7453/ [16]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله التميمي، قال:

حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن علي (عليهم السلام)، قال: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2» في نزلت».

و

قال (عليه السلام)، في قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ: «في نزلت».

7454/ [17]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا، و في النار منزلا، فإذا دخل أهل الجنة الجنة، و أهل النار النار، نادى

مناد: يا أهل الجنة، أشرفوا فيشرفون على أهل النار، و ترفع لهم منازلهم فيها، ثم يقال لهم:

هذه منازلكم التي لو عصيتم الله لدخلتموها،- يعني النار، قال- فلو أن أحدا مات فرحا، لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا، لما صرف عنهم من العذاب.

ثم ينادي مناد: يا أهل النار، ارفعوا رؤوسكم، فيرفعون رؤوسهم، فينظرون إلى منازلهم في الجنة، و ما فيها من النعيم، فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم لدخلتموها- قال- فلو أن أحدا مات حزنا، لمات أهل النار حزنا، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، و يورث هؤلاء منازل هؤلاء، و ذلك قول الله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

سورة المؤمنون(23): آية 12 ..... ص : 16

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [12] 7455/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: السلالة: الصفوة من الطعام و الشراب الذي يصير نطفة، و النطفة أصلها من السلالة، و السلالة هي من صفوة الطعام و الشراب، و الطعام من أصل الطين، فهذا معنى قوله: مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ.

__________________________________________________

16- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 65/ 288.

17- تفسير القمي 2: 89.

1- تفسير القمي 2: 89.

(1) التهذيب 2: 240/ 951. [.....]

(2) الواقعة 56: 10 و 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 17

سورة المؤمنون(23): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 17

قوله تعالى:

ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ- إلى قوله تعالى- فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [13- 14] 7456/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ، قال: يعني في الأنثيين و في الرحم، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ و هذه استحالة من أمر إلى أمر، فحد النطفة إذا وقعت في الرحم أربعون يوما، ثم تصير علقة.

7457/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «قال أبو جعفر (عليه السلام): إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما، ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم تصير مضغة أربعين يوما، فإذا كمل أربعة أشهر، بعث الله ملكين خلاقين، فيقولان: يا رب، ما تخلق، ذكرا، أو أنثى؟ فيؤمران، فيقولان: يا رب، شقيا، أو سعيدا؟ فيؤمران، فيقولان: يا رب، ما أجله، و ما رزقه؟ و كل شي ء من حاله- و عدد من ذلك أشياء- و يكتبان الميثاق بين عينيه، فإذا أكمل الله

له الأجل، بعث الله ملكا، فزجره زجرة، فيخرج و قد نسي الميثاق».

فقال الحسن بن الجهم: فقلت له، أ فيجوز أن يدعو الله، فيحول الأنثى ذكرا، و الذكر أنثى؟ فقال: «إن الله يفعل ما يشاء».

7458/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل إذا أراد أن يخلق النطفة التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم، أو ما يبدو له فيه، و يجعلها في الرحم، حرك الرجل للجماع، و أوحى إلى الرحم:

أن افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي، و قضائي النافذ، و قدري، فتفتح الرحم بابها، فتصل النطفة إلى الرحم، فتردد فيه أربعين يوما، ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم تصير مضغة أربعين يوما، ثم تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة.

ثم يبعث الله ملكين خلاقين، يخلقان في الأرحام ما يشاء، فيقتحمان في بطن المرأة، من فم المرأة، فيصلان إلى الرحم، و فيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال و أرحام النساء، فينفخان فيها روح الحياة و البقاء،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 89.

2- الكافي 6: 13/ 3.

3- الكافي 6: 13/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 18

و يشقان له السمع و البصر، و جميع الجوارح، و جميع ما في البطن، بإذن الله تعالى.

ثم يوحي الله إلى الملكين: اكتبا عليه قضائي، و قدري، و نافذ أمري، و اشترطا لي البداء فيما تكتبان.

فيقولان: يا رب، ما نكتب؟ فيوحي الله إليهما: أن ارفعا رءوسكما إلى رأس امه، فيرفعان رؤوسهما، فإذا اللوح يقرع جبهة امه، فينظران فيه، فيجدان في اللوح صورته، و زينته، و

أجله، و ميثاقه، شقيا أو سعيدا، و جميع شأنه- قال- فيملي أحدهما على صاحبه، فيكتبان جميع ما في اللوح، و يشترطان البداء فيما يكتبان، ثم يختمان الكتاب، و يجعلانه بين عينيه، ثم يقيمانه قائما في بطن امه- قال- فربما عتا فانقلب، و لا يكون ذلك إلا في كل عات أو مارد.

و إذا بلغ أوان خروج الولد تاما، أو غير تام، أوحى الله عز و جل إلى الرحم: أن افتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضي، و ينفذ فيه أمري، فقد بلغ أوان خروجه- قال- فيفتح الرحم باب الولد، فيبعث الله إليه ملكا، يقال له زاجر، فيزجره زجرة، فيفزع منها الولد، فينقلب، فيصير رجلاه فوق رأسه، و رأسه في أسفل البطن، ليسهل الله على المرأة، و على الولد الخروج- قال- فإذا احتبس، زجره الملك زجرة اخرى، فيفزع منها، فيسقط الولد إلى الأرض باكيا فزعا من الزجرة».

7459/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الخلق، فقال: إن الله تبارك و تعالى لما خلق الخلق من طين، أفاض بها كإفاضة القداح «1»، فأخرج المسلم، فجعله سعيدا، و جعل الكافر شقيا، فإذا وقعت النطفة، تلقتها الملائكة، فصوروها، ثم قالوا: يا رب، أذكرا أم أنثى؟ فيقول الرب جل جلاله أي ذلك شاء، فيقولان: تبارك الله أحسن الخالقين ثم توضع في بطنها، فتردد تسعة أيام في كل عرق و مفصل منها، و للرحم ثلاثة أقفال: قفل في أعلاها مما يلي أعلى السرة، من الجانب الأيمن، و القفل الآخر وسطها، و القفل الآخر أسفل من الرحم، فيوضع بعد تسعة أيام في

القفل الأعلى، فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس، و التهوع «2»، ثم ينزل إلى القفل الأوسط، فيمكث فيه ثلاثة أشهر، و سرة الصبي فيها مجمع العروق، و عروق المرأة كلها منها، يدخل طعامه و شرابه من تلك العروق، ثم ينزل إلى القفل الأسفل، فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فذلك تسعة أشهر، ثم تطلق المرأة، فكلما طلقت، قطع عرق من سرة الصبي، فأصابها ذلك الوجع، و يده على سرته، حتى يقع إلى الأرض و يده مبسوطة فيكون رزقه حينئذ من فيه».

7460/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى. عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل، أو غيره «3»، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) جعلت فداك، الرجل يدعو للحبلى أن يجعل الله ما في بطنها

__________________________________________________

4- الكافي 6: 13/ 5.

5- الكافي 6: 16/ 6.

(1) أفاض بالقداح: أي ضرب بها. «الصحاح- فيض- 3: 1100».

(2) التهوع: التقيّؤ. «الصحاح- هوع- 3: 1309».

(3) في «ي» و غيره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 19

ذكرا سويا؟ قال: «يدعو ما بينه و بين أربعة أشهر، فإنه أربعين ليلة نطفة، و أربعين ليلة علقة، و أربعين ليلة مضغة، فذلك تمام أربعة أشهر، ثم يبعث الله ملكين خلاقين، فيقولان: يا رب، ما تخلق، ذكرا أو أنثى، شقيا أو سعيدا؟

فيقال ذلك فيقولان: يا رب، ما رزقه، و ما أجله، و ما مدته؟ فيقال ذلك و ميثاقه بين عينيه، ينظر إليه، و لا يزال منتصبا في بطن امه، حتى إذا دنا خروجه، بعث الله عز و جل إليه ملكا، فزجره زجرة، فيخرج و ينسى الميثاق».

7461/ [6]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إذا وقعت النطفة في الرحم، استقرت فيها أربعين يوما، و تكون علقة أربعين يوما، و تكون مضغة أربعين يوما، ثم يبعث الله ملكين خلاقين، فيقال لهما:

اخلقا كما يريد الله، ذكرا أو أنثى، صوراه، و اكتبا أجله، و رزقه، و منيته، و شقيا أو سعيدا، و اكتبا لله الميثاق الذي أخذه عليه في الذر بين عينيه، فإذا دنا خروجه من بطن امه، بعث الله إليه ملكا، يقال له: زاجر، فيزجره، فيفزع فزعا، فينسى الميثاق، و يقع إلى الأرض يبكي من زجرة الملك».

7462/ [7]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «جعل دية الجنين مائة دينار، و جعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا، خمسة أجزاء: فإن كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار، و ذلك أن الله عز و جل خلق الإنسان من سلالة، و هي النطفة، فهذا جزء، ثم علقة، فهو جزءان، ثم مضغة، فهو ثلاثة أجزاء، ثم عظاما، فهو أربعة أجزاء، ثم يكسى لحما، فحينئذ تم جنينا، فكملت له خمسة أجزاء، فديته مائة دينار.

و المائة دينار خمسة أجزاء: فجعل للنطفة خمس المائة، عشرين دينارا، و للعلقة خمسي المائة، أربعين دينارا، و للمضغة ثلاثة أخماس المائة، ستين دينارا، و للعظم أربعة أخماس المائة، ثمانين دينارا، فإذا كسي اللحم، كانت له مائة كاملة، فإذا أنشئ فيه خلق آخر، و هو الروح، فهو حينئذ نفس فيه ألف دينار، دية كاملة

إن كان ذكرا، و إن كان أنثى، فخمسمائة دينار.

و إن قتلت امرأة و هي حبلى، فتم، فلم يسقط ولدها، و لم يعلم أذكر هو أم أنثى، و لم يعلم أبعدها مات، أو قبلها، فديته نصفان، نصف دية الذكر، و نصف دية الأنثى، و دية المرأة كاملة بعد ذلك، و ذلك ستة أجزاء من الجنين».

7463/ [8]- علي بن إبراهيم: فهي ستة أجزاء، و ست استحالات، و في كل جزء و استحالة دية محدودة، ففي النطفة عشرون دينارا، و في العلقة أربعون دينارا، و في المضغة ستون دينارا، و في العظم ثمانون دينارا، و إذا كسي لحما فمائة دينار، حتى يستهل، فإذا استهل، فالدية كاملة.

__________________________________________________

6- الكافي 6: 16/ 7.

7- الكافي 7: 342/ 1.

8- تفسير القمّي 2: 90.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 20

7464/ [9]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني بذلك أبي، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: يا ابن رسول الله، فإن خرج في النطفة قطرة دم؟ قال: «في القطرة عشر دية النطفة، ففيها اثنان و عشرون دينارا». فقلت: قطرتان؟ قال: أربعة و عشرون دينارا» قلت: فثلاث؟ قال: «ستة و عشرون دينارا» قلت: فأربع؟ قال:

«ثمانية و عشرون دينارا». قلت: فخمس؟ قال: «ثلاثون دينارا، و ما زاد على النصف فهو على هذا الحساب، حتى تصير علقة، فيكون فيها أربعون دينارا».

قلت: فإن خرجت النطفة مخضخضة بالدم «1»؟ فقال: «قد علقت، إن كان دما صافيا ففيها أربعون دينارا، و إن كان دما أسود، فذلك من الجوف، و لا شي ء عليه إلا التعزير، لأنه ما كان من دم صاف فذلك الولد، و ما كان من دم أسود فهو من الجوف».

قال: فقال أبو شبل: فإن العلقة

صار فيها شبيه العروق و اللحم؟ قال: «اثنان و أربعون دينارا، العشر». قال:

قلت: فإن عشر الأربعين دينارا، أربعة دنانير؟ قال: «لا، إنما هو عشر المضغة، لأنه إنما ذهب عشرها، فكلما ازدادت زيد، حتى تبلغ الستين».

قلت: فإن رأت في المضغة مثل عقدة عظم يابس؟ قال: «إن ذلك عظم، أول ما يبدو ففيه أربعة دنانير، فإن زاد فزد أربعة دنانير، حتى تبلغ الثمانين» «2». قلت: فإن كسي العظم لحما؟ قال: «كذلك، إلى مائة».

قلت: «فإن وكزها فسقط الصبي، لا يدرى حيا كان أو ميتا؟ قال: «هيهات- يا أبا شبل إذا بلغ أربعة أشهر، فقد صارت فيه الحياة، و قد استوجب الدية».

7465/ [10]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ: «فهو نفخ الروح فيه».

سورة المؤمنون(23): الآيات 17 الي 20 ..... ص : 20

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ- إلى قوله تعالى- وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ [17- 20] 7466/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ قال: السماوات.

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 90.

10- تفسير القمّي 2: 91. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 91.

(1) أي مبلولة متقلّبة فيه.

(2) في المصدر: تبلغ مائة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 21

7467/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن النوفلي، عن اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله، عن سليمان بن جعفر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ، قال: «يعني ماء العقيق».

7468/ [3]- علي بن إبراهيم: في

قوله تعالى: وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ قال: شجرة الزيتون، و هو مثل لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام).

7469/ [4]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ: «فهي الأنهار، و العيون، و الآبار».

7470/ [5]- ثم

قال أيضا: و قوله: وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ فالطور: الجبل، و سيناء: الشجرة، و أما الشجرة التي تنبت بالدهن، فهي الزيتون.

7471/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا المظفر بن أحمد أبو الفرج القزويني، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: إنما سمي الجبل الذي كان عليه موسى (عليه السلام) طور سيناء، لأنه جبل كان عليه شجر الزيتون، و كل جبل يكون عليه ما ينتفع به من النبات و الأشجار، يسمى طور سيناء، و طور سينين، و ما لم يكن عليه ما ينتفع به من النبات و الأشجار، من الجبال، سمي طور، و لا يقال له طور سيناء، و لا طور سينين.

سورة المؤمنون(23): آية 22 ..... ص : 21

قوله تعالى:

عَلَيْها وَ عَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

[22] 7472/ [1]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: عَلَيْها وَ عَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

: يعني السفن.

__________________________________________________

2- الكافي 6: 391/ 4.

3- تفسير القمّي 2: 91.

4- تفسير القمّي 2: 91.

5- تفسير القمّي 2: 91.

6- علل الشرائع: 67/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 91.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 22

سورة المؤمنون(23): آية 23 ..... ص : 22

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ [23] خبر نوح (عليه السلام) تقدمت الأخبار فيه، في سورة هود، فليطلب من هناك «1»، و إن شاء الله تعالى يأتي منه في موضع آخر «2».

سورة المؤمنون(23): الآيات 41 الي 44 ..... ص : 22

قوله تعالى:

فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً- إلى قوله تعالى- ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا [41- 44] 7473/ [1]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عنه (عليه السلام)، في قوله: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً.

«و الغثاء: اليابس الهامد من نبات الأرض. و قوله تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا يقول بعضهم في إثر بعض».

سورة المؤمنون(23): الآيات 50 الي 52 ..... ص : 22

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً [50- 52]

7474/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً قال: «أي حجة».

7475/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن الحسين بن أشكيب، عن عبد الرحمن بن حماد، عن أحمد بن الحسن، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 91.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 18.

3- معاني الأخبار: 373/ 1.

(1) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.

(2) يأتي في تفسير الآية (14) من سورة العنكبوت. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 23

صدقة بن حنان «1»، عن مهران بن أبي نصر، عن يعقوب بن شعيب، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ

قال: الربوة:

الكوفة، و القرار: المسجد، و المعين: الفرات».

7476/ [3]- الشيخ: بإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن نهيك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ قال: «الربوة: نجف الكوفة، و المعين: الفرات».

7477/ [4]- و

رواه أبو القاسم جعفر بن قولويه في (كامل الزيارات) قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن نهيك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ قال: «الربوة: نجف الكوفة، و المعين: الفرات».

7478/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: الربوة: الحيرة، و ذات قرار و معين: الكوفة. ثم خاطب الله الرسل، فقال:

يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً- إلى قوله-: أُمَّةً واحِدَةً، قال: على مذهب واحد.

7479/ [6]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا أحمد بن عبدون، عن ابن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس، عن علي بن معمر الخزاز، عن رجل من جعفي، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال رجل:

اللهم إني أسألك رزقا طيبا- قال- فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هيهات، هيهات، هذا قوت الأنبياء، و لكن سل ربك رزقا لا يعذبك عليه يوم القيامة، هيهات، إن الله يقول: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً».

7480/ [7]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: نظر أبو

جعفر (عليه السلام) إلى رجل، و هو يقول: اللهم إني أسألك من رزقك الحلال، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «سألت قوت النبيين، قل: اللهم إني أسألك رزقا واسعا طيبا من رزقك».

7481/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت: للرضا (عليه السلام): جعلت فداك، ادع الله عز و جل أن يرزقني الحلال، فقال: «أ تدري ما الحلال»؟ فقلت:

جعلت فداك، أما الذي عندنا فالكسب الطيب، فقال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: الحلال هو قوت المصطفين، و لكن قل: أسألك من رزقك الواسع».

__________________________________________________

3- التهذيب 6: 38/ 79.

4- كامل الزيارات: 47/ 5.

5- تفسير القمّي 2: 91.

6- الأمالي 2: 291.

7- الكافي 2: 402/ 8.

8- الكافي 5: 89/ 1.

(1) في «ج» و المصدر: حسان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 24

7482/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحصين بن مخارق، عن أبي الورد، و أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً قال: «آل محمد (عليهم السلام)».

سورة المؤمنون(23): الآيات 53 الي 61 ..... ص : 24

قوله تعالى:

كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ [53- 61] 7483/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال: كل من اختار لنفسه دينا، فهو فرح به.

ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: فَذَرْهُمْ يا محمد فِي غَمْرَتِهِمْ أي في سكرتهم و شكهم حَتَّى حِينٍ ثم قال عز و جل: أَ يَحْسَبُونَ يا محمد أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ هو خير نريده

بهم بَلْ لا يَشْعُرُونَ أن ذلك شر لهم.

ثم ذكر عز و جل من يريد بهم الخير، فقال: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إلى قوله يُؤْتُونَ ما آتَوْا قال: من الطاعة و العبادة وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أي خائفة. أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ و هو معطوف على قوله: أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ.

7484/ [2]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ، يقول: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لم يسبقه أحد».

و رواه ابن شهر آشوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1».

7485/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الامام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «نزلت في أمير المؤمنين و ولده (عليهم السلام): إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 1: 352/ 2.

1- تفسير القمي 2: 91.

2- تفسير القمي 2: 91.

3- تأويل الآيات 1: 353/ 4.

(1) مناقب ابن شهر آشوب 2: 116.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 25

وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ».

7486/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: الَّذِينَ

يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: «يعلمون ما عملوا من عمل، و هم يعلمون أنهم يثابون عليه».

7487/ [5]- و

عنه: عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يعملون، و يعلمون» أنهم سيثابون عليه».

7488/ [6]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: «هي شفقتهم «1»، و رجاؤهم، يخافون أن ترد عليهم أعمالهم، إن لم يطيعوا الله عز و جل، و يرجون أن يقبل منهم».

7489/ [7]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «إن قدرتم أن لا تعرفوا، فافعلوا، و ما عليك أن لا يثني الناس عليك، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس، إذا كنت محمودا عند الله تبارك و تعالى؟

إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا، و رجل يتدارك سيئته «2» بالتوبة، و أنى له بالتوبة؟ فوالله لو أن سجد حتى ينقطع عنقه، ما قبل الله عز و جل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، ألا و من عرف حقنا، و رجا الثواب بنا، و رضي بقوته نصف مد كل يوم، و ما يستر به عورته، و ما أكن به رأسه، و هم مع ذلك و الله خائفون وجلون، ودوا أنه حظهم من الدنيا، و

كذلك وصفهم الله عز و جل، حيث يقول: الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ما الذي أتوا به؟ أتوا و الله بالطاعة، مع المحبة و الولاية، و هم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، و ليس و الله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين، و لكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا و طاعتنا».

ثم قال: «إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك، فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب، و لا تكذب، و لا تحسد، و لا ترائي، و لا تتصنع و لا تداهن».

ثم قال: «نعم صومعة المسلم بيته، يكف فيه بصره، و لسانه، و نفسه، و فرجه، إن من عرف نعمة الله بقلبه، استوجب المزيد من الله عز و جل، قبل أن يظهر شكرها على لسانه، و من ذهب يرى أن له على الآخر فضلا، فهو

__________________________________________________

4- المحاسن: 247/ 252 و: 249/ 256.

5- المحاسن: 247/ ذيل 252. [.....]

6- الكافي 8: 229/ 294.

7- الكافي 8: 128/ 98.

(1) في المصدر: شفاعتهم.

(2) في المصدر: منيّته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 26

من المستكبرين».

فقلت له: إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية، إذا رآه مرتكبا للمعاصي، فقال: «هيهات، هيهات، فلعله أن يكون قد غفر الله له ما أتى، و أنت موقوف محاسب، أما تلوت قصة سحرة موسى (عليه السلام)».

ثم قال: «كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه، و كم من مستدرج بستر الله عليه، و كم من مفتون بثناء الناس عليه- ثم قال- إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه الامة، إلا لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن».

ثم تلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ

اللَّهُ «1» ثم قال: «يا حفص، الحب أفضل من الخوف،- ثم قال- و الله ما أحب الله من أحب الدنيا، و والى غيرنا، و من عرف حقنا و أحبنا، فقد أحب الله تبارك و تعالى».

فبكى رجل، فقال: «أ تبكي؟ لو أن أهل السماوات و الأرض كلهم اجتمعوا، يتضرعون إلى الله عز و جل أن ينجيك من النار، و يدخلك الجنة، لم يشفعوا فيك» «2».

ثم قال: «يا حفص، كن ذنبا، و لا تكن رأسا. يا حفص، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من خاف الله كل لسانه».

ثم قال: «بينا موسى بن عمران (عليه السلام) يعظ أصحابه، إذ قام رجل فشق قميصه، فأوحى الله عز و جل إليه: يا موسى، قل له: لا تشق قميصك، و لكن اشرح لي عن قلبك».

ثم قال: «مر موسى بن عمران (عليه السلام) برجل من أصحابه و هو ساجد، فانصرف من حاجته، و هو ساجد على حاله، فقال له موسى (عليه السلام): لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى، لو سجد حتى ينقطع عنقه، ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب».

7490/ [8]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن قدرت أن لا تعرف فافعل، و ما عليك أن لا يثني عليك الناس- و ساق الحديث إلى قوله- و لكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا و طاعتنا».

7491/ [9]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن القاسم، عن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن

قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «من شفقتهم و رجائهم، يخافون أن ترد إليهم أعمالهم، إن لم يطيعوا الله، و الله على كل شي ء قدير، و هم يرجون أن يتقبل منهم».

7492/ [10]- و

رواه المفيد في (أماليه)، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه، محمد بن الحسن بن الوليد

__________________________________________________

8- الكافي 2: 330/ 15.

9- الزهد: 24/ 53.

10- الأمالي: 196/ 28.

(1) آل عمران 3: 31.

(2) في المصدر زيادة: ثمّ كان لك قلب حيّ لكنت أخوف الناس للّه عزّ و جلّ في تلك الحال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 27

القمي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن محمد، عن علي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «من شفقتهم و رجائهم، يخافون أن ترد إليهم أعمالهم إذا لم يطيعوا، و هم يرجون أن يتقبل منهم».

7493/ [11]- الحسين بن سعيد: عن فضالة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «يأتى ما أتى [الناس ] و هو خاش راج».

7494/ [12]- و

عنه: عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، و النضر، عن عاصم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «يعملون، و يعلمون أنهم سيثابون عليه».

سورة المؤمنون(23): الآيات 62 الي 74 ..... ص : 27

قوله تعالى:

وَ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [62]

7495/ [13]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم،

عن الحسن بن محمد، عن علي بن محمد القاساني، عن علي بن أسباط، قال سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستطاعة. فقال: «يستطيع العبد بعد أربع خصال: أن يكون مخلى السرب «1»، صحيح الجسم، سليم الجوارح، له سبب وارد من الله».

قال: قلت له: جعلت فداك، فسر لي هذا. قال: «أن يكون العبد مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، يريد أن يزني فلا يجد امرأة، ثم يجدها، فإما أن يعصم نفسه، فيمتنع كما امتنع يوسف (عليه السلام)، أو يخلي بينه و بين إرادته، فيزني، فيسمى زانيا، و لم يطع الله بإكراه، و لم يعصه بغلبة».

7496/ [14]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، و علي بن إبراهيم، جميعا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، و عبد الله بن يزيد، جميعا، عن رجل من أهل البصرة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاستطاعة، فقال:

«أ تستطيع أن تعمل ما لم يكون؟» قال: لا. قال: «فتستطيع أن تنهى عما قد كون؟» قال: لا. قال: فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «فمتى أنت مستطيع؟» قال: لا أدري.

قال: فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله خلق خلقا، فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثم لم يفوض إليهم، فهم

__________________________________________________

11- الزهد: 24/ 54.

12- 24/ 55.

13- الكافي 1: 122/ 1.

14- الكافي 1: 123/ 2.

(1) يقال: خلّ له سربه، أي طريقه. و فلان مخلّى السرب، أي موسع عليه غير مضيّق عليه «أقرب الموارد- سرب- 1: 508». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 28

مستطيعون للفعل، وقت الفعل «1»، مع الفعل، إذا فعلوا ذلك الفعل، فإذا لم يفعلوه في ملكه، لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم يفعلوه، لأن الله عز و جل

أعز من أن يضاده في ملكه أحد».

قال البصري: فالناس مجبورون؟ قال: «لو كانوا مجبورين، كانوا معذورين». قال: ففوض إليهم؟ قال: «لا».

قال: فما هم؟ قال: «علم منهم فعلا، فجعل فيهم آلة الفعل، فإذا فعلوا، كانوا مع الفعل مستطيعين»: قال البصري:

أشهد أنه الحق، و أنكم أهل بيت النبوة و الرسالة.

7497/ [3]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن علي بن الحكم، عن صالح النيلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل للعباد من الاستطاعة شي ء؟ قال: فقال لي: «إذا فعلوا الفعل، كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم».

قال: قلت له: و ما هي؟ قال: «الآلة، مثل الزاني إذا زنى، كان مستطيعا للزنا حين زنى، و لو أنه ترك الزنا و لم يزن، كان مستطيعا لتركه إذا تركه. قال: ثم قال: «ليس له من الاستطاعة قبل الفعل كثير و لا قليل، و لكن مع الفعل و الترك كان مستطيعا».

قلت: فعلى ماذا يعذبه؟ قال: «بالحجة البالغة، و الآلة التي ركبها فيهم، إن الله لم يجبر أحدا على معصيته، و لا أراد- إرادة حتم- الكفر من أحد، و لكن حين كفر، كان في إرادة الله أن يكفر، و هم في إرادة الله، و في علمه، ألا يصيروا إلى شي ء من الخير».

قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال: «ليس هكذا أقول، و لكني أقول: علم أنهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم، و ليست هي إرادة حتم، إنما هي إرادة اختيار».

7498/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا،

عن عبيد بن زرارة، قال: حدثني حمزة بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاستطاعة، فلم يجبني، فدخلت عليه دخلة اخرى، فقلت: أصلحك الله، إنه قد وقع في قلبي منها شي ء، لا يخرجه إلا شي ء أسمعه منك، قال: «فإنه لا يضرك ما كان في قلبك».

قلت: أصلحك الله، إني أقول: إن الله تبارك و تعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون، و لم يكلفهم إلا ما يطيقون، و إنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله و مشيئته، و قضائه و قدره. قال: فقال: «هذا دين الله الذي أنا عليه، و آبائي» أو كما قال.

__________________________________________________

3- الكافي 1: 123/ 3.

4- الكافي 1: 124/ 4.

(1) (مع الفعل) ليس في «ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 29

7499/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رفع عن امتي تسعة: الخطأ، و النسيان، و ما استكرهوا «1» عليه، و ما لا يطيقون، و ما لا يعلمون، و ما اضطروا إليه، و الحسد، و الطيرة، و التفكر في الوسوسة في الخلق، ما لم ينطق بشفة».

7500/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما كلف الله العباد كلفة فعل، و لا نهاهم عن شي ء، حتى

جعل لهم الاستطاعة، ثم أمرهم و نهاهم، فلا يكون العبد آخذا، و لا تاركا، إلا باستطاعة متقدمة، قبل الأمر و النهي، و قبل الأخذ و الترك، و قبل القبض و البسط».

7501/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا يكون من العبد قبض و لا بسط، إلا باستطاعة متقدمة للقبض و البسط».

7502/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن أبي شعيب المحاملي، و صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول، و عنده قوم يتناظرون في الأفاعيل و الحركات، فقال: «الاستطاعة قبل الفعل، لم يأمر الله عز و جل بقبض و لا بسط إلا و العبد لذلك مستطيع».

7503/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن عبد الحميد، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يكون العبد فاعلا، و لا متحركا، إلا و معه الاستطاعة من الله عز و جل، و إنما وقع التكليف من الله بعد الاستطاعة، فلا يكون مكلفا للفعل إلا مستطيعا».

قوله تعالى:

وَ لَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

5-

الخصال: 417/ 9.

6- التوحيد: 352/ 19.

7- التوحيد: 352/ 20.

8- التوحيد: 352/ 21.

9- التوحيد: 351/ 18.

(1) في المصدر: أكرهوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 30

وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ [62- 74] 7504/ [1]- علي بن إبراهيم: و قوله: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا يعني من القرآن، وَ لَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ يقول: ما كتب عليهم في اللوح ما هم عاملون قبل أن يخلقوا، هم لتلك الأعمال المكتوبة- عاملون.

و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ لَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ: أي عليكم، ثم قال: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا أي في شك مما يقولون.

و قوله: حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ يعني كبراءهم بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ أي يضجون، فرد الله عليهم: لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ إلى قوله: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ أي جعلتموه سمرا «1»، و هجرتموه.

و قوله: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ يعني برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فرد الله عليهم: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ.

و قوله: وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ قال: الحق رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل على ذلك، قوله: قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ «2» يعني بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

و قوله: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أي يا محمد، أهل مكة في علي أَ حَقٌّ هُوَ أي إمام قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ «3» أي لإمام، و مثله كثير و الدليل على أن الحق رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام)، قول الله عز و جل: و

لو اتبع رسول الله، و أمير المؤمنين (عليهما الصلاة و السلام) قريشا، لفسدت السماوات و الأرض، و من فيهن، ففساد السماء إذا لم تمطر، و فساد الأرض إذا لم تنبت، و فساد الناس من ذلك.

و قوله: وَ إِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قال: إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ قال: عن الإمام لحائدون.

7505/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن الفضل «4» الأهوازي، عن بكر بن محمد بن إبراهيم غلام الخليل، قال: حدثنا زيد بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 92.

2- تأويل الآيات 1: 355/ 6.

(1) السمر: المسامرة، و هو الحديث بالليل. «الصحاح- سمر- 2: 688».

(2) النساء 4: 170.

(3) يونس 10: 53. [.....]

(4) في «ي، ط»: المفضل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 31

أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ، قال: «عن ولايتنا أهل البيت».

7506/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن العباس، عن جعفر الرماني «1»، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ- قال- عن ولايتنا».

7507/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الخصائص، بإسناده عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام)، و في كتبنا: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ قال: «عن ولايتنا».

7508/ [5]- و من طريق المخالفين، في

معنى الآية: يعني صراط محمد و آله (عليهم السلام).

سورة المؤمنون(23): الآيات 76 الي 77 ..... ص : 31

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [76- 77]

7509/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب، عن محمد ابن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ، فقال:

الاستكانة هي الخضوع، و التضرع هو رفع اليدين، و التضرع بهما».

7510/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ فقال:

«الاستكانة: هي الخضوع، و التضرع هو رفع اليدين، و التضرع بهما».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 1: 355/ 7.

4- المناقب 3: 73، خصائص الوحي المبين: 110/ 79.

5- ....، كشف الغمة 1: 313، غاية المرام: 263.

1- الكافي 2: 348/ 2.

2- الكافي 2: 349/ 6.

(1) في «ج، ي، ط»: الزماني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 32

7511/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصير، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ قال: «التضرع: رفع اليدين».

7512/ [4]- الطبرسي: قال أبو عبد الله (عليه السلام):

«الاستكانة الدعاء، و التضرع: رفع اليدين في الصلاة».

7513/ [5]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ «1» يقول: أم تسألهم أجرا، فأجر ربك خير وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ «2» قوله: وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ فهو الجوع، و الخوف، و القتل».

و قوله: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ يقول: «آيسون».

7514/ [6]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، إذا رجع في الرجعة».

7515/ [7]- الطبرسي: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يعني في الرجعة».

سورة المؤمنون(23): الآيات 82 الي 91 ..... ص : 32

قوله تعالى:

قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ- إلى قوله تعالى- سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [82- 91] 7516/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول الدهرية: قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ- إلى قوله- أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني أحاديث «3» الأولين، فرد الله عليهم، فقال:

__________________________________________________

3- معاني الآخبار: 369/ 1.

4- مجمع البيان 7: 181.

5- تفسير القمي 2: 94.

6- مختصر بصائر الدرجات: 17.

7- مجمع البيان 7: 181.

1- تفسير القمي 2: 93.

(1، 2) المؤمنون 23: 72. [.....]

(3) في المصدر: أكاذيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 33

بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ثم رد الله على الثنوية «1» الذين قالوا بإلهين فقال الله تعالى: مَا

اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ قال: لو كانا إلهين- كما زعمتم- لكانا يختلفان، فيخلق هذا و لا يخلق هذا، و يريد هذا و لا يريد هذا، و يطلب كل واحد منهما الغلبة لنفسه «2»، و إذا أراد أحدهما خلق إنسان، و أراد الآخر خلق بهيمة، فيكون إنسانا و بهيمة في حالة واحدة، و هذا غير موجود، فلما بطل هذا، ثبت التدبير و الصنع لواحد، و دل أيضا التدبير و ثباته و قوام بعضه ببعض، على أن الصانع واحد، و ذلك قوله: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ إلى قوله: لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ثم قال آنفا: سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ.

سورة المؤمنون(23): آية 92 ..... ص : 33

قوله تعالى:

عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [92]

7517/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فقال: «الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

سورة المؤمنون(23): الآيات 93 الي 95 ..... ص : 33

قوله تعالى:

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ- إلى قوله تعالى- لَقادِرُونَ [93- 95]

7518/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس، عن الحسن بن محمد، عن العباس بن أبان العامري، عن عبد الغفار، بإسناده، يرفعه إلى عبد الله بن عباس، و عن جابر بن عبد الله، قال جابر: إني كنت لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قالا: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو في حجة الوداع بمنى، يقول: «لأعرفنكم بعدي ترجعون كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض، و لايم الله، إن فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم». قال: ثم التفت خلفه، ثم أقبل بوجهه، فقال: «أو علي، أو علي».

قال: حدثنا أن جبرئيل غمزه، و قال مرة اخرى، فرأينا أن جبرئيل قال له، فنزلت هذه الآية:

__________________________________________________

1- معاني الآخبار: 146/ 1.

2- تأويل الآيات 1: 355/ 8.

(1) الشنوية: هم أصحاب الاثنين الأزليين، يزعمون أن النور و الظلمة أزليان قديمان «الملل و النحل 1: 224». و الثنوية: فرقة من القدرية (المعتزلة) و هي التي قالت إن الخير من الله و الشر من إبليس. «معجم الفرق الاسلامية: 75».

(2) في «ط» زيادة: و لا يستبد كل واحد بخلقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 34

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما

يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ إِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ.

سورة المؤمنون(23): آية 96 ..... ص : 34

قوله تعالى:

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ [96]

7519/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما أكل رسول الله (صلى الله عليه و آله) متكئا منذ بعثه الله عز و جل، إلى أن قبضه، تواضعا لله عز و جل، و ما رأى ركبتيه جليسه في مجلس قط، و لا صافح رجلا قط، فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده، و لا كافأ (صلوات الله عليه و آله) بسيئة قط، و قد قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ففعل، و ما منع سائلا قط، إن كان عنده أعطى، و إلا قال: يأتي الله به و لا أعطى على الله عز و جل شيئا قط إلا أجازه الله، إنه كان ليعطي الجنة، فيجيز الله عز و جل ذلك له».

قال: «و كان أخوه من بعده، و الذي ذهب بنفسه، ما أكل من الدنيا حراما قط، حتى خرج منها، و الله إنه كان ليعرض له الأمران، كلاهما لله عز و جل طاعة، فيأخذ بأشدهما على بدنه، و الله لقد أعتق ألف مملوك لوجه الله عز و جل، دبرت فيهم يداه، و الله ما أطاق عمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بعده أحد غيره، و الله ما نزلت برسول الله (صلى الله عليه و آله) نازلة قط، إلا قدمه فيها، ثقة منه به، و إنه كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليبعثه برايته، فيقاتل جبرئيل

عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، ثم ما يرجع حتى يفتح الله عز و جل له».

7520/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن زيد بن الحسن، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «كان علي (عليه السلام) أشبه الناس طعمة و سيرة برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان يأكل الخبز و الزيت، و يطعم الناس الخبز و اللحم- قال- و كان علي (عليه السلام) يستقي و يحتطب، و كانت فاطمة (عليها السلام) تطحن، و تعجن، و تخبز، و ترقع، و كانت من أحسن الناس وجها، كأن وجنتيها وردتان (صلى الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها الطاهرين)».

سورة المؤمنون(23): آية 97 ..... ص : 34

قوله تعالى:

وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ [97] 7521/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: ما يقع في القلب من وسوسة الشياطين.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 164/ 175.

2- الكافي 8: 165/ 176.

3- تفسير القمّي 2: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 35

سورة المؤمنون(23): الآيات 99 الي 104 ..... ص : 35

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [99- 100]

7522/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من منع قيراطا من الزكاة، فليس بمؤمن، و لا مسلم، و هو قول الله عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ».

7523/ [2]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي «1»، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت، و هو قول الله عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ».

و روى هذين الحديثين ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

7524/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن حاتم القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين النحوي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المديني، عن موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: «إذا مات الكافر، شيعه سبعون ألف ملك من الزبانية إلى قبره، و إنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شي ء إلا الثقلان، و

يقول: لو أن لي كرة فأكون من المؤمنين، و يقول: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ فتجيبه الزبانية: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها».

7525/ [4]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في مانع الزكاة و الخمس.

7526/ [5]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن خالد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من ذي مال، ذهب و لا فضة، يمنع زكاة ماله، أو خمسه، إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر، و سلط عليه سبعا يريده و يحيد عنه، فإذا علم أنه لا محيص له، مكنه من يده، فقضمها كما يقضم الفجل، و ما من ذي مال، إبل

__________________________________________________

1- الكافي 3: 503/ 3.

2- الكافي 3: 504/ 11.

3- أمالي الصدوق: 239/ 12.

4- تفسير القمّي 2: 93.

5- تفسير القمّي 2: 93.

(1) في «ي، ط» و المصدر: علي بن الحسين، و في «ج»: علي بن الحسن، و ما أثبتناه هو الصحيح، راجع معجم رجال الحديث 19: 217. [.....]

(2) من لا يحضره الفقيه 2: 7/ 21 و 18 و 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 36

أو بقر أو غنم، يمنع زكاة ماله، إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر، تنطحه كل ذات قرن بقرنها، و كل ذي ظلف بظلفها، و ما من ذي مال، نخل أو زرع أو كرم، يمنع زكاة ماله، إلا طوقه الله يوم القيامة بهوام أرضه، و رفع أرضه إلى سبع أرضين، يقلده إياه».

قوله تعالى:

وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- إلى قوله تعالى- تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ [100- 104] 7527/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال: «البرزخ: هو أمر بين

أمرين، و هو الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة، و هو رد على من أنكر عذاب القبر، و الثواب و العقاب قبل يوم القيامة، و هو

قول الصادق (عليه السلام): «و اللّه ما أخاف عليكم إلا البرزخ، فأما إذا صار الأمر إلينا، فنحن أولى بكم»

و

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران».

7528/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن حماد، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني سمعتك و أنت تقول: «كل شيعتنا في الجنة، على ما كان فيهم؟» قال: «صدقتك، كلهم و الله في الجنة».

قال: قلت: جعلت فداك، إن الذنوب كثيرة كبار؟ فقال: «أما في القيامة فكلكم في الجنة، بشفاعة النبي المطاع، أو وصي النبي (صلوات الله عليهم)، و لكني- و الله- أتخوف عليكم في البرزخ» قلت: و ما البرزخ؟ قال: «القبر، منذ حين موته، إلى يوم القيامة».

7529/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): «أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك الموت، و الساعة التي يقوم فيها من قبره، و الساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك و تعالى، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار».

ثم قال: «إن نجوت- يا ابن آدم- عند الموت، فأنت أنت، و إلا هلكت، و إن نجوت- يا بن آدم- حين توضع

في قبرك، فأنت أنت، و إلا هلكت، و إن نجوت حين يحمل الناس على الصراط، فأنت أنت، و إلا هلكت، و إن نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين، فأنت أنت، و إلا هلكت» ثم تلا: وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال: «هو القبر،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 94.

2- الكافي 3: 242/ 3.

3- الخصال: 119/ 108.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 37

و إن لهم فيه لمعيشة ضنكا، و الله إن القبر لروضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران».

ثم أقبل على رجل من جلسائه، فقال له: «لقد علم ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار، فأي الرجلين أنت، و أي الدارين دارك»؟

7530/ [4]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ قال: فإنه رد على من يفتخر بالأنساب، قال الصادق (عليه السلام): «لا يتقدم يوم القيامة أحد إلا بالأعمال، و الدليل على ذلك،

قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أيها الناس، إن العربية ليست بأب والد «1»

، و إنما هو لسان ناطق، فمن تكلم به فهو عربي، ألا إنكم ولد آدم، و آدم من تراب، و الله لعبد حبشي أطاع الله، خير من سيد قرشي عاص لله، و إن أكرمكم عند الله أتقاكم، و الدليل على ذلك، قوله عز و جل: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ».

7531/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم الشاذاني (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «لقد قال رسول الله (صلى الله

عليه و آله) لبني عبد المطلب: ائتوني بأعمالكم، لا بأنسابكم و أحسابكم، قال الله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ إلى قوله تعالى: خالِدُونَ».

7532/ [6]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة (عليها السلام)، قال: أخبرني أبو الحسين، عن أبيه، عن ابن همام، قال: حدثنا سعدان بن مسلم، عن جهم بن أبي جهمة «2»، قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، ثم خلق الأبدان بعد ذلك، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض، و ما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض، فإذا قام القائم (عليه السلام)، ورث الأخ في الدين، و لم يورث الأخ في الولادة، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ».

7533/ [7]- علي بن إبراهيم: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ يعني بالأعمال الحسنة فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ قال: من الأعمال الحسنة فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ.

7534/ [8]- الطبرسي في (الإحتجاج): عن الصادق (عليه السلام)، و قد سأله سائل، قال: أ و ليس توزن الأعمال؟

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 94.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 235/ 7.

6- دلائل الإمامة: 260.

7- تفسير القمّي 2: 94.

8- الاحتجاج: 351.

(1) في المصدر: بأب وجدّ.

(2) في المصدر: جرهم بن أبي جهنة، راجع معجم رجال الحديث 4: 179.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 38

قال (عليه السلام): «لا، إن الأعمال ليست بأجسام، و إنما هي صفة ما عملوا، و إنما يحتاج إلى وزن الشي ء من جهل عدد الأشياء، و لا يعرف ثقلها أو

خفتها، و إن الله لا يخفى عليه شي ء».

قال: فما معنى الميزان؟ قال (عليه السلام): «العدل»، قال: فما معناه في كتابه: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ؟

قال (عليه السلام): «فمن رجح عمله».

و قد تقدمت الروايات في ذلك، في قوله تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ من سورة الأنبياء «1».

7535/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام «2»، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا أبو الحسن موسى، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قال: «نزلت فينا».

7536/ [10]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن الخدري، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في قوله سبحانه وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ: «تشويه النار، فتقلص شفته العليا، حتى تبلغ وسط رأسه، و تسترخي شفته السفلى، حتى تضرب «3» سرته».

7537/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: و قوله: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ قال: تلهب عليهم، فتحرقهم، وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ أي مفتوحو الفم، متربدو «4» الوجوه.

7538/ [12]- محمد بن إبراهيم النعماني في (غيبته): بإسناده عن كعب الأحبار، أنه قال: إذا كان يوم القيامة، حشر الناس على أربعة أصناف صنف ركبان، و صنف على أقدامهم يمشون، و صنف مكبون، و صنف على وجوههم، صم بكم، عمي فهم لا يعقلون، و لا يتكلمون، و لا يؤذن لهم فيعتذرون، أولئك الذين تلفح وجوههم النار، و هم فيها كالحون.

فقيل له: يا كعب، من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم، و هذه الحالة حالهم؟ فقال كعب: أولئك الذين كانوا على الضلال و الارتداد و النكث، فبئس ما قدمت لهم أنفسكم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم، و وصي نبيهم، و عالمهم، و سيدهم،

و فاضلهم، و حامل اللواء، و ولي الحوض، المرتجى و الرجا «5» دون هذا العالم، و هو العلم «6»

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 1: 356/ 9.

10- ربيع الأبرار 1: 168.

11- تفسير القمّي 2: 94. [.....]

12- الغيبة: 146/ 4.

(1) تقدّمت في تفسير الآيتين (46، 47) من سورة الأنبياء.

(2) في نسخة من «ط»: محمد بن الحسن.

(3) في المصدر: تبلغ.

(4) أربد وجهه و تربّد: احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب «لسان العرب- ربد- 3: 170».

(5) في «ط، ي»: و المرجى.

(6) في المصدر نسخة بدل: و المرتجى دون العالمين، و هو العالم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 39

الذي لا يجهل، و المحجة التي من زال عنها عطب، و في النار هوى، ذلك علي و رب الكعبة، أعلمهم علما، و أقدمهم سلما، و أوفرهم حلما، عجبا «1» ممن قدم على علي (عليه السلام) غيره.

و من نسل علي (عليه السلام) القائم المهدي الذي يبدل الأرض غير الأرض و به يحتج عيسى بن مريم (عليه السلام) على نصارى الروم و الصين، إن القائم المهدي من نسل علي (عليه السلام) أشبه الناس بعيسى بن مريم (عليه السلام) خلقا و خلقا و سمتا و هيبة، يعطيه الله عز و جل ما اعطي الأنبياء، و يزيده، و يفضله، إن القائم (عليه السلام) من ولد علي (عليه السلام)، له غيبة كغيبة يوسف، و رجعة كرجعة عيسى بن مريم، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر، و خراب الزوراء، و هي الري، و خسف المزورة، و هي بغداد، و خروج السفياني، و حرب ولد العباس مع فتيان أرمينية و آذربيجان، تلك حرب يقتل فيها ألوف و ألوف، كل يقبض على سيف محلى، تخفق عليه رايات سود، تلك حرب

يشوبها الموت الأحمر و الطاعون الأغبر.

سورة المؤمنون(23): الآيات 105 الي 108 ..... ص : 39

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ- إلى قوله تعالى- قالَ اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ [105- 108]

7539/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال: في قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ في علي (عليه السلام) فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ.

7540/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا، قال: «بأعمالهم شقوا».

7541/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا فإنهم علموا حين عاينوا أمر الآخرة أن الشقاء كتب عليهم، علموا حين لا ينفعهم العلم، قالوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 356/ 10.

2- التوحيد: 356/ 2.

3- تفسير القمي 2: 94.

(1) في المصدر: عجب كعب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 40

قالَ اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ فبلغني- و الله أعلم- أنهم تداركوا بعضهم على بعض سبعين عاما، حتى انتهوا إلى قعر جهنم.

سورة المؤمنون(23): آية 111 ..... ص : 40

قوله تعالى:

إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ [111] 7542/ [1]- ابن شهر آشوب: عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، في قوله تعالى: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا يعني صبر علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم

السلام) في الدنيا على الطاعات، و على الجوع، و على الفقر، و صبروا على البلاء لله في الدنيا، إنهم هم الفائزون.

سورة المؤمنون(23): الآيات 112 الي 118 ..... ص : 40

قوله تعالى:

قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ- إلى قوله تعالى- وَ قُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ [112- 118] 7543/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ، قال: سل الملائكة الذين كانوا يعدون علينا الأيام، فيكتبون ساعاتنا و أعمالنا التي اكتسبناها فيها فرد الله عليهم، فقال: قل لهم، يا محمد: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ.

و قوله تعالى: وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ أي لا حجة له به فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ وَ قُلْ يا محمد رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.

__________________________________________________

1- المناقب 2: 120، شواهد التنزيل 1: 408/ 665.

2- تفسير القمّي 2: 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 41

سورة النور ..... ص : 41

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 43

فضلها ..... ص : 43

7544/ [1]- ابن بابويه، بإسناده المتقدم في فضل سورة الكهف: عن الحسن، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حصنوا أموالكم و فروجكم بتلاوة سورة النور، و حصنوا بها نساءكم، فإن من أدمن قراءتها في كل يوم، أو في كل ليلة، لم ير أحد من أهل بيته سوءا «1» حتى يموت، فإذا هو مات، شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك، كلهم يدعون و يستغفرون الله له، حتى يدخل في قبره».

7545/ [2]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الحسنات بعدد كل مؤمن و مؤمنة عشر حسنات».

7546/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و من كتبها و جعلها في فراشه الذي ينام عليه، لم يحتلم فيه أبدا، و إن كتبها و شربها بماء زمزم، لم يقدر على الجماع، و لم يتحرك له إحليل».

7547/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و جعلها في كسائه، أو فراشه الذي ينام عليه، لم يحتلم أبدا، و إن كتبها بماء زمزم لم يجامع، و لم ينقطع عنه أبدا، و إن جامع لم يكن له لذة تامة، و لا يكون إلا منكسر القوة».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109. [.....]

2- خواص القرآن: 45 (مخطوط).

3- خواص القرآن: 45 (مخطوط).

4- خواص القرآن: 45 (مخطوط).

(1) في المصدر: لم يزن أحد من أهل بيته أبدا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 45

سورة النور(24): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 45

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ- إلى قوله تعالى- وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [1- 2]

7548/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سورة النور نزلت بعد سورة النساء، و تصديق ذلك أن الله عز و جل أنزل عليه في سورة النساء: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا «1» و السبيل الذي قال الله عز و جل: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ».

7549/ [2]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ، قال: «في إقامة الحدود».

و في قوله تعالى: وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قال: «الطائفة واحد- و قال- لا يستخلف صاحب الحد».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 27/ 1.

2- التهذيب 10: 150/ 602.

(1) النساء 4: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 46

7550/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما يقول: «ضربهما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يجمع لهم الناس إذا جلدوا».

7551/ [2]- الطبرسي، في معنى الطائفة: عن أبي جعفر (عليه السلام): «أقله رجل واحد».

سورة النور(24): آية 3 ..... ص : 46

قوله تعالى:

الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا

زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [3]

7552/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، قال: «هن نساء مشهورات بالزنا، و رجال مشهورون بالزنا، شهروا و عرفوا به، و الناس اليوم بذلك المنزل، فمن أقيم عليه حد الزنا، أو متهم بالزنا، لم ينبغ لأحد أن يناكحه، حتى يعرف منه التوبة».

7553/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً فقال: «كن نساء مشهورات بالزنا، و رجال مشهورون بالزنا، قد عرفوا بذلك، و الناس اليوم بتلك المنزلة، فمن أقيم عليه حد الزنا، أو شهر به، لم ينبغ لأحد أن يناكحه، حتى يعرف منه التوبة».

7554/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، قال: «هم رجال و نساء كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) مشهورين بالزنا، فنهى الله عز و جل عن أولئك الرجال و النساء، و الناس اليوم على تلك المنزلة، من شهر شيئا من ذلك، أو أقيم عليه الحد، فلا تزوجوه حتى تعرف توبته».

7555/ [6]- و

عنه: عن

حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 95.

2- مجمع البيان 7: 197.

3- الكافي 5: 354/ 1.

4- الكافي 5: 354/ 2.

5- الكافي 5: 355/ 3.

6- الكافي 5: 355/ 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 47

أبان، عن حكم بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، قال: «إنما ذلك في الجهر- ثم قال- لو أن إنسانا زنى ثم تاب، تزوج حيث شاء».

7556/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، قال: سأل رجل أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، و أنا أسمع، عن رجل يتزوج امرأة متعة، و يشترط عليها أن لا يطلب ولدها، فتأتي بعد ذلك بولد، فشدد في إنكار الولد، فقال: «أ يجحده؟» إعظاما لذلك، فقال الرجل: فإن اتهمها؟ فقال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا مؤمنة، أو مسلمة، فإن الله عز و جل يقول: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ».

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال:

سأل رجل الرضا (عليه السلام)، و أنا حاضر، و ساق الحديث «1».

7557/ [6]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، أنهما قالا: «هم رجال و نساء، كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) مشهورين بالزنا، فنهى الله عن أولئك الرجال و النساء، و الناس اليوم على تلك المنزلة، فمن شهر بشي ء من ذلك، و أقيم عليه الحد،

فلا تزوجوه حتى تعرف «2» توبته».

سورة النور(24): الآيات 4 الي 5 ..... ص : 47

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [4- 5]

7558/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يقذف الرجل بالزنا، قال: «يجلد، هو في كتاب الله عز و جل، و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)».

قال: و سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة، فقال: «لا يجلد إلا أن تكون قد أدركت،

__________________________________________________

5- الكافي 5: 454/ 3. [.....]

6- مجمع البيان 7: 197.

1- الكافي 7: 205/ 3.

(1) التهذيب 7: 269/ 1157.

(2) في «ي، ط»: تقبل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 48

أو قاربت».

7559/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في امرأة قذفت رجلا، قال: «تجلد ثمانين جلدة».

7560/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن شهود الزور، قال: فقال: «يجلدون حدا ليس له وقت، و ذلك إلى الإمام، و يطاف بهم حتى يعرفهم الناس».

و أما قول الله عز و جل: وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ... إِلَّا الَّذِينَ تابُوا، قال: قلت كيف تعرف توبته؟ قال:

«يكذب نفسه على رؤوس الناس حتى يضرب، و يستغفر ربه، و إذا

فعل ذلك فقد ظهرت توبته».

7561/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القاذف يجلد ثمانين جلدة، و لا تقبل له شهادة أبدا إلا بعد التوبة، أو يكذب نفسه، فإن شهد له ثلاثة و أبى واحد، يجلد الثلاثة، و لا تقبل شهادتهم، حتى يقول أربعة: رأينا مثل الميل في المكحلة و من شهد على نفسه أنه زنى، لم تقبل شهادته حتى يعيدها أربع مرات».

7562/ [5]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنه جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أمير المؤمنين، إني زنيت، فطهرني، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أ بك جنة؟ قال: لا. قال: فتقرأ شيئا من القرآن شيئا؟ قال: نعم. فقال له: ممن أنت؟

فقال: أنا من مزينة، أو جهينة. قال: اذهب حتى أسأل عنك. فسأل عنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، هذا رجل صحيح العقل، مسلم. ثم رجع إليه، فقال: يا أمير المؤمنين، إني زنيت، فطهرني، فقال: ويحك، أ لك زوجة؟ قال: نعم. قال:

فكنت حاضرها، أو غائبا عنها؟ قال: بل كنت حاضرها، فقال: اذهب حتى ننظر في أمرك. فجاء إليه الثالثة، و ذكر له ذلك، فأعاد عليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فذهب، ثم رجع في الرابعة، فقال: إني زنيت فطهرني. فأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) بحبسه، ثم نادى أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس، إن هذا الرجل يحتاج أن يقام عليه حد الله، فاخرجوا متنكرين، لا يعرف بعضكم بعضا، و معكم أحجاركم.

فلما كان من الغد، أخرجه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالغلس «1»، و

صلى ركعتين، ثم حفر حفيرة، و وضعه فيها، ثم نادى: أيها الناس، إن هذه حقوق الله، لا يطلبها من كان عنده لله حق مثله، فمن كان لله عليه حق مثله فلينصرف،

__________________________________________________

2- الكافي 7: 205/ 4.

3- الكافي 7: 241/ 7.

4- تفسير القمّي 2: 96.

5- تفسير القمّي 2: 96.

(1) الغلس: ظلمة آخر الليل، إذا اختلطت بضوء الصباح. «النهاية غلس- 3: 377».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 49

فإنه لا يقيم الحد من كان لله عليه الحد. فانصرف الناس، فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) حجرا، فكبر أربع تكبيرات، فرماه، ثم أخذ الحسن (عليه السلام) مثله، ثم فعل الحسين (علʙǠالسلام) مثله، فلما مات أخرجه أمير المؤمنين (عليه السلام)، و صلى عليه، و دفنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ألا تغسله؟ قال: قد اغتسل بما هو منها طاهر إلى يوم القيامة.

ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس من أتى هذه القاذورة «1» فليتب إلى الله تعالى فيما بينه و بين الله، فوالله لتوبة إلى الله في السر أفضل من أن يفضح نفسه، و يهتك ستره».

سورة النور(24): الآيات 6 الي 9 ..... ص : 49

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ- إلى قوله تعالى- إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [6- 9]

7563/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه السلام)، و أنا حاضر: كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، أ رأيت لو أن رجلا دخل منزله، فوجد مع امرأته رجلا يجامعها، ما كان يصنع؟ قال: «فأعرض عنه رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، فانصرف ذلك الرجل، و كان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته- قال- فنزل عليه الوحي من عند الله تعالى بالحكم فيهما، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ذلك الرجل فدعاه، فقال له: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال نعم. فقال له: انطلق فأتني بامرأتك، فإن الله تعالى قد أنزل الحكم فيك و فيها».

قال: «فأحضرها زوجها، فأوقفهما رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين فيما رميتها به- قال- فشهد، ثم قال له: اتق الله. فإن لعنة الله شديدة ثم قال له: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين- قال- فشهد، ثم أمر به فنحي، ثم قال للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله أن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به- قال- فشهدت، ثم قال لها: أمسكي فوعظها، و قال لها: اتق الله، فإن غضب الله شديد ثم قال لها اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به- قال- فشهدت- قال- ففرق بينهما، و قال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (الفقيه) «2»، و الشيخ في (التهذيب) «3»، بإسنادهما عن الحسن بن

__________________________________________________

1- الكافي 6: 163/ 4.

(1) القاذورة: الفعل القبيح و القول السّيّئ- و أراد به هنا: الزنا-، انظر «النهاية- قذر- 4: 28».

(2) من لا يحضره الفقيه 3: 349/ 1671.

(3) تهذيب الأحكام 8: 184/ 644.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 50

محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه السلام)، الحديث.

7564/ [2]- و

عنه: عن عدة

من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المثنى، عن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، قال: «هو القاذف الذي يقذف امرأته، فإذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها، جلد الحد، و ردت إليه امرأته، فإن أبى إلا أن يمضي، فيشهد عليها أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، و الخامسة أن يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين، فإن أرادت أن تدفع عن نفسها العذاب، و العذاب هو الرجم، شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، و الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لم تفعل رجمت، و إن فعلت درأت عن نفسها الحد، ثم لا تحل له إلى يوم القيامة».

قلت: أ رأيت إن فرق بينهما، و لها ولد فمات؟ قال: «ترثه امه، و إن ماتت امه ورثه أخواله، و من قال إنه ولد زنا جلد الحد».

قلت: يرد إليه الولد إذا أقر به؟ قال: «لا، و لا كرامة، و لا يرث الابن، و يرثه الابن».

7565/ [3]- و

عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي نصر «1»، عن جميل، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن الملاعن و الملاعنة، كيف يصنعان؟ قال: «يجلس الإمام مستدبر القبلة، فيقيمهما بين يديه مستقبلا القبلة، بحذائه، و يبدأ بالرجل، ثم المرأة، و الذي يجب عليه «2» الرجم يرجم من ورائه «3»، و لا يرجم من وجهه «4»، لأن الرجم و الجلد لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد، على الأعضاء كلها».

7566/ [4]- و

عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن

أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، قلت له:

أصلحك الله، كيف الملاعنة؟ قال: فقال: «يقعد الإمام، و يجعل ظهره إلى القبلة، و يجعل الرجل عن يمينه، و المرأة عن يساره».

7567/ [5]- علي بن إبراهيم: إنما نزلت في اللعان، و كان سبب ذلك أنه لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة تبوك جاء إليه عويمر بن ساعدة العجلاني، و كان من الأنصار، فقال: يا رسول الله، إن امرأتي زنى بها شريك

__________________________________________________

2- الكافي 6: 162/ 3. [.....]

3- الكافي 6: 165/ 10.

4- الكافي 6: 165/ 11.

5- تفسير القمّي 2: 98.

(1) في «ج، ي»: ابن أبي عمير، و كلاهما صحيحان لروايتهما عن جميل، راجع معجم رجال الحديث 4: 147.

(2) في المصدر: عليها.

(3) في «ط»: ورائهما، و في المصدر: ورائها.

(4) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: وجهها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 51

ابن سمحاء، و هي منه حامل، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأعاد عليه القول، فأعرض عنه، حتى فعل ذلك أربع مرات، فدخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) منزله، فنزلت عليه آية اللعان، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صلى بالناس العصر، و قال لعويمر: «ائتني بأهلك، فقد أنزل الله فيكما قرآنا» فجاء إليها، فقال لها: رسول الله (صلى الله عليه و آله) يدعوك، و كانت في شرف من قومها، فجاء معها جماعة، فلما دخلت المسجد، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعويمر: «تقدما إلى المنبر، و التعنا» قال: فكيف أصنع؟ فقال: «تقدم و قل: أشهد بالله إنني لمن الصادقين فيما رميتها به». قال: فتقدم و قالها، فقال له رسول الله (صلى

الله عليه و آله): «أعدها» فأعادها، ثم قال: «أعدها» حتى فعل ذلك أربع مرات، فقال له في الخامسة: «عليك لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به» فقال:

و الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن اللعنة لموجبة إن كنت كاذبا» ثم قال له: «تنح» فتنحى عنه.

ثم قال لزوجته: «تشهدين كما شهد، و إلا أقمت عليك حدا لله». فنظرت في وجوه قومها، فقالت: لا اسود هذه الوجوه في هذه العشية، فتقدمت إلى المنبر، فقالت: أشهد بالله أن عويمر بن ساعدة لمن الكاذبين فيما رماني به. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أعيديها» فأعادتها، حتى أعادتها أربع مرات، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «العني نفسك في الخامسة، إن كان من الصادقين فيما رماك به»: فقالت في الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ويلك، إنها لموجبة لك إن كنت كاذبة» ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لزوجها: اذهب، فلا تحل لك أبدا».

قال: يا رسول الله، فمالي الذي أعطيتها؟ قال: «إن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه، و إن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها».

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن جاءت بالولد أحمش الساقين «1»، أخفش «2» العينين، جعدا «3»، قططا «4»، فهو للأمر السيئ، و إن جاءت به أشهب «5» أصهب «6»، فهو لأبيه».

فيقال: إنها جاءت به على الأمر السيئ، فهذه لا تحل لزوجها أبدا، و إن جاءت بولد، لا يرثه

أبوه، و ميراثه لامه، و إن لم يكن له ام، فلإخوانه، و إن قذفه أحد، جلد حد القاذف.

__________________________________________________

(1) أحمش الساقين: دقيقهما. «الصحاح- حمش- 3: 1002».

(2) الخفش: ضعف في البصر و ضيق في العين. «لسان العرب- خفش- 6: 298».

(3) يقال جعد الشعر: إذا كان فيه التواء و تقبض. «مجمع البحرين- جعد- 3: 25».

(4) شعر قطط: شديد الجعودة، و يقال القطط شعر الزنجي. «مجمع البحرين- قطط- 4: 269».

(5) الشّهبة: البياض الذي غلب عليه السّواد. «لسان العرب- 1: 508».

(6) الصّهبة: الشّقرة في شعر الرأس. «لسان العرب- 1: 531».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 52

سورة النور(24): آية 10 ..... ص : 52

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ [10]

7568/ [1]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ قال: «فضل الله: رسوله، و رحمته: ولاية الأئمة (عليهم السلام)».

7569/ [2]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ قال: «الفضل: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رحمته: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7570/ [3]- عن محمد بن الفضيل، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الرحمة: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الفضل: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7571/ [4]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس، و محمد بن مجاهد، في قوله تعالى: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فضل الله: محمد (صلى الله عليه و آله)، و رحمته: علي (عليه السلام). و قيل: فضل الله: علي (عليه السلام)، و رحمته:

فاطمة (صلوات الله و سلامه

عليهما).

سورة النور(24): آية 11 ..... ص : 52

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [11] 7572/ [5]- علي بن إبراهيم: إن العامة رووا أنها نزلت في عائشة، و ما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة، و أما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية، و ما رمتها به عائشة.

7573/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لما مات إبراهيم بن

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 260/ 207. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 261/ 208.

3- تفسير العيّاشي 1: 261/ 209.

4- المناقب 3: 99.

5- تفسير القمّي 2: 99.

6- تفسير القمّي 2: 99.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 53

رسول الله (صلى الله عليه و آله) حزن عليه حزنا شديدا، فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جريح. فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، و أمره بقتله، فذهب علي (عليه السلام) إليه، و معه السيف، و كان جريح القبطي في حائط، فضرب علي (عليه السلام) باب البستان، فأقبل جريح ليفتح له الباب، فلما رأى عليا (عليه السلام) عرف في وجهه الغضب، فأدبر راجعا، و لم يفتح الباب، فوثب علي (عليه السلام) على الحائط، و نزل إلى البستان، و أتبعه، و ولى جريح مدبرا، فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة، و صعد علي (عليه السلام) في أثره، فلما دنا منه، رمى جريح بنفسه من فوق النخلة، فبدت عورته، فإذا ليس له ما للرجال، و لا ما للنساء، فانصرف علي (عليه السلام)

إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا رسول الله، إذا بعثتني في الأمر، أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر، أم أتثبت؟

قال: بل تثبت. فقال: و الذي بعثك بالحق، ماله ما للرجال، و لا ما للنساء. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الحمد لله الذي يصرف عنا السوء أهل البيت».

7574/ [3]- و

عنه، قال: و في رواية عبد الله بن موسى، عن أحمد بن رشيد، عن مروان بن مسلم، عن عبد الله ابن بكير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بقتل القبطي، و قد علم أنها قد كذبت عليه، أو لم يعلم، و إنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي (عليه السلام)؟ فقال: «بل كان و الله علم «1»، و لو كانت عزيمة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) «2» ما انصرف علي (عليه السلام) حتى يقتله، و لكن إنما فعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) لترجع عن ذنبها، فما رجعت، و لا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها».

7575/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد ابن عبد الله، قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن أبي الجارود، و هشام أبي ساسان، و أبي طارق السراج، عن عامر بن واثلة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث المناشدة مع الخمسة الذين في الشورى. قال (عليه السلام): «نشدتكم بالله، هل علمتم أن عائشة قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن إبراهيم ليس منك، و

إنه ابن فلان القبطي. قال: يا علي، اذهب فاقتله. فقلت: يا رسول الله، إذا بعثتني أكون كالمسمار المحمي في الوبر، أو أتثبت؟ قال: لا، بل تثبت. فذهبت، فلما نظر إلي استند إلى حائط، فطرح نفسه فيه، فطرحت نفسي على أثره، فصعد على نخلة، فصعدت خلفه، فلما رآني قد صعدت رمى بإزاره، فإذا ليس له شي ء مما يكون للرجال، فجئت فأخبرت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت»؟ فقالوا: اللهم، لا. فقال: «اللهم، اشهد».

7576/ [5]- الحسين بن حمدان الخصيبي: بإسناده عن الرضا (عليه السلام)، أنه قال لمن بحضرته من شيعته:

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 319.

4- الخصال: 563/ 31.

5- الهداية الكبرى: 297.

(1) في المصدر: بلى، قد كان و اللّه أعلم.

(2) زاد في المصدر: القتل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 54

«هل علمتم ما قذفت به مارية القبطية، و ما ادعي عليها في ولادتها إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقالوا: يا سيدنا، أنت أعلم، فخبرنا. فقال: «إن مارية أهداها المقوقس إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحظي بها من دون أصحابه، و كان معها خادم ممسوح، يقال له: جريح، و حسن إسلامهما و إيمانهما، ثم ملكت مارية قلب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحسدها بعض أزواجه، فأقبلت عائشة و حفصة تشكيان إلى أبويهما ميل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى مارية، و إيثاره إياها عليهما، حتى سولت لهما و لأبويهما أنفسهما بأن يقذفوا مارية بأنها حملت بإبراهيم من جريح، و هم لا يظنون أن جريحا خادم، فأقبل أبواهما إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو جالس في

مسجده، فجلسا بين يديه، ثم قالا: يا رسول الله، ما يحل لنا، و لا يسعنا أن نكتم عليك ما يظهر من خيانة واقعة بك. قال: ماذا تقولان؟! قالا: يا رسول الله، إن جريحا يأتي من مارية بالفاحشة العظمى، و إن حملها من جريح، و ليس هو منك. فاربد «1» وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تلون، و عرضت له سهوة «2» لعظم ما تلقياه به، ثم قال:

ويحكما، ما تقولان؟ قالا: يا رسول الله، إنا خلفنا جريحا و مارية في مشربتها- يعنيان حجرتها- و هو يفاكهها، و يلاعبها، و يروم منها ما يروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح، فإنك تجده على هذه الحال، فأنفذ فيه حكم الله. فانثنى النبي إلى علي (عليهما السلام)، ثم قال: يا أبا الحسن، قم- يا أخي- و معك ذو الفقار، حتى تمضي إلى مشربة مارية، فإن صادفتها و جريحا كما يصفان، فأخمدهما بسيفك ضربا.

فقام علي (عليه السلام)، و اتشح بسيفه «3» و أخذه تحت ثيابه، فلما ولى من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، انثنى إليه، فقال: يا رسول الله، أكون في ما أمرتني كالسكة المحمية في العهن «4»، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): فديتك يا علي، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فأقبل علي (عليه السلام)، و سيفه في يده، حتى تسور من فوق مشربة مارية، و هي في جوف المشربة جالسة، و جريح معها يؤدبها بآداب الملوك، و يقول لها: عظمي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لبيه، و كرميه، و نحو هذا الكلام، حتى التفت جريح إلى أمير المؤمنين

(عليه السلام)، و سيفه مشهور في يده، ففزع جريح إلى نخلة في المشربة، فصعد إلى رأسها، فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المشربة، و كشفت الريح عن أثواب جريح، فإذا هو خادم ممسوح، فقال له: أنزل يا جريح.

فقال: يا أمير المؤمنين، آمنا على نفسي؟ فقال: آمنا على نفسك.

فنزل جريح، و أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) بيده، و جاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأوقفه بين يديه، فقال له: يا رسول الله، إن جريحا خادم ممسوح. فولى رسول الله (صلى الله عليه و آله) [وجهه إلى الجدار]، فقال: حل لهما نفسك- لعنهما الله- يا جريح، حتى يتبين كذبهما، و خزيهما، و جرأتهما على الله، و على رسوله. فكشف عن أثوابه، فإذا هو خادم ممسوح، فأسقطا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قالا: يا رسول الله، التوبة، استغفر لنا. فقال رسول

__________________________________________________

(1) أي احمر حمرة فيها سواد عند الغضب. «المعجم الوسيط- زبد- 1: 322».

(2) في «ط»: شهوة.

(3) أي لبسه.

(4) العهن: الصوف. «لسان العرب- عهن- 13: 297». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 55

الله (صلى الله عليه و آله): لا تاب الله عليكما، فما ينفعكما استغفاري و معكما هذه الجرأة، فأنزل الله فيهما: الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» «1».

قلت: قصة جريح مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، و إرسال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليقتله، ذكره السيد المرتضى في كتاب (الغرر و الدرر) «2» و فسر ما يحتاج إلى تفسيره في الخبر، و هذا يعطي أن الحديث من مشاهير الأخبار،

و سيأتي إن شاء الله تعالى في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا «3» أنها نزلت في ذلك.

سورة النور(24): آية 19 ..... ص : 55

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ [19]

7577/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قال في مؤمن ما رأته عيناه، و سمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

7578/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه، بعثه الله في طينة خبال، حتى يخرج مما قال».

قلت: و ما طينة الخبال؟ قال: «صديد يخرج من فروج المومسات».

7579/ [3]- و

عنه: بإسناده عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، الرجل من إخواني يبلغني عنه الشي ء الذي أكرهه، فأسأله عن ذلك، فينكر ذلك، و قد أخبرني عنه قوم ثقات؟ فقال لي: «يا محمد، كذب سمعك و بصرك عن

__________________________________________________

1- الكافي 2: 66/ 2.

2- الكافي 2: 266/ 5.

3- الكافي 8: 147/ 125.

(1) النور 24: 23 و 24.

(2) أمالي المرتضى 1: 77.

(3) الحجرات 49: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 56

أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، و قالوا لك قولا، فصدقه و كذبهم، لا

تذيعن عليه شيئا تشينه به، و تهدم به مروءته، فتكون من الذين قال الله في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

7580/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يجب على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة».

7581/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أيوب بن نوح، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، قال: حدثنا محمد بن حمران، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه، و سمعته أذناه، فهو ممن قال الله عز و جل:

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

7582/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، قال: «إن من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، و إن البهتان: أن تقول في أخيك ما ليس فيه».

7583/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قال في مؤمن ما رأت عيناه، و ما سمعت أذناه، كان من الذين قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ

الْآخِرَةِ».

7584/ [8]- المفيد في (الإختصاص) قال الباقر (عليه السلام): «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال على المنبر: و الله الذي لا إله إلا هو، لا يعذب الله عز و جل مؤمنا بعذاب بعد التوبة و الاستغفار له، إلا بسوء ظنه بالله عز و جل و اغتيابه للمؤمنين».

7585/ [9] و

قال الصادق (عليه السلام): «من قال في مؤمن ما رأته عيناه، و سمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 165/ 8.

5- أمالي الصدوق: 276/ 16.

6- معاني الأخبار: 184/ 1.

7- تفسير القمّي 2: 100.

8- الإختصاص: 227.

9- الإختصاص: 227.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 57

سورة النور(24): الآيات 22 الي 26 ..... ص : 57

قوله تعالى:

وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى - إلى قوله تعالى- أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ [22- 26]

7586/ [1]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى ، «و هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)». وَ الْمَساكِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا يقول: «يعفو بعضكم عن بعض و يصفح، فإذا فعلتم، كانت رحمة من الله لكم، يقول الله: أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ يقول: «الغافلات عن الفواحش».

و قد تقدمت الرواية فيمن نزلت فيه هذه الآية، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ. «1»

قوله تعالى: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَ الْخَبِيثُونَ

لِلْخَبِيثاتِ وَ الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ يقول: الخبيثات من الكلام و العمل، للخبيثين من الرجال و النساء، يلزمونهم، و يصدق عليهم من قال، و الطيبون من الرجال و النساء، من الكلام و العمل، للطيبات.

7587/ [2]- الطبرسي: قيل في معناه أقوال- إلى قوله- الثالث:

الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، و الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، و الطيبات من النساء للطيبين من الرجال، و الطيبون من الرجال للطيبات من النساء، عن أبي مسلم، و الجبائي، و هو المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام). قالا: «هي مثل قوله: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً «2» الآية، إن أناسا هموا أن يتزوجوا منهن، فنهاهم الله عن ذلك، و كره ذلك لهم».

سورة النور(24): الآيات 27 الي 29 ..... ص : 57

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 100.

2- مجمع البيان 7: 213. [.....]

(1) النور 24: 11.

(2) النور 24: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 58

لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ [27- 29]

7588/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، و محسن بن أحمد، عن أبان الأحمر، عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها، قال: (الاستئناس: وقع النعل، و التسليم».

7589/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: الاستئناس: هو الاستئذان،

ثم

قال: حدثني علي بن الحسين، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الاستئناس: وقع النعل، و التسليم».

7590/ [3]- قال علي بن إبراهيم: ثم رخص الله تعالى، فقال: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ،

قال الصادق (عليه السلام): «هي الحمامات، و الخانات، و الأرحية تدخلها بغير إذن».

سورة النور(24): الآيات 30 الي 31 ..... ص : 58

قوله تعالى:

قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [30- 31]

7591/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة، و كان النساء

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 163/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 101.

3- تفسير القمّي 2: 101.

4- الكافي 5: 521/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 59

يتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها و هي مقبلة، فلما جازت نظر إليها، و دخل في زقاق قد سماه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها، و اعترض وجهه عظم في الحائط، أو زجاجة، فشق وجهه، فلما مضت المرأة، نظر فإذا الدماء تسيل على صدره و ثوبه، فقال: و الله لآتين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لأخبرنه. قال: فأتاه، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال له: ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ

يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ».

7592/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «و فرض الله على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، و أن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له، و هو عمله، و هو من الإيمان، قال الله تبارك و تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم، و أن ينظر المرء إلى فرج أخيه، و يحفظ فرجه أن ينظر إليه، و قال: وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها، و تحفظ فرجها من أن ينظر إليها- و قال- كل شي ء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا، إلا هذه الآية، فإنها من النظر».

7593/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن دراج، عن الفضيل بن يسار، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذراعين من المرأة، أ هما من الزينة التي قال الله تبارك و تعالى: وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ؟

قال: «نعم، و ما دون الخمار من الزينة، و ما دون السوارين».

7594/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال:

«الوجه، و القدمان، و الكفان».

7595/ [5]-

و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى:

إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها، قال: «الزينة الظاهرة: الكحل، و الخاتم».

7596/ [6]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها، قال: «الخاتم،

__________________________________________________

2- الكافي 2: 30/ 1.

3- الكافي 5: 520/ 1.

4- الكافي 5: 521/ 2.

5- الكافي 5: 521/ 3.

6- الكافي 5: 521/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 60

و المسكة: و هي القلب» «1».

7597/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كل آية في القرآن في ذكر الفرج فهي من الزنا، إلا هذه الآية فإنها من النظر، فلا يحل للرجل المؤمن أن ينظر إلى فرج أخيه، و لا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها».

7598/ [8]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها قال: «هي الثياب، و الكحل، و الخاتم، و خضاب الكف، و السوار و الزينة ثلاثة: زينة للناس، و زينة للمحرم، و زينة للزوج فأما زينة الناس، فقد ذكرناه، و أما زينة المحرم: فموضع القلادة فما فوقها، و الدملج «2» و ما دونه، و الخلخال و ما أسفل منه، و أما زينة

الزوج: فالجسد كله».

قوله تعالى:

أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ [31]

7599/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد، و يحيى بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، عن معاوية بن عمار، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) نحوا من ثلاثين رجلا، إذ دخل عليه أبي، فرحب به أبو عبد الله (عليه السلام)، و أجلسه إلى جنبه، فأقبل عليه طويلا، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن لأبي معاوية حاجة، فلو خففتم». فقمنا جميعا، فقال لي أبي: ارجع يا معاوية، فرجعت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا ابنك؟». فقال: نعم، و هو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم. قال: «و ما هو؟» قلت: إن المرأة القرشية و الهاشمية تركب، و تضع يدها على رأس الأسود، و ذراعيها على عنقه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما تقرأ القرآن؟». قلت: بلى. قال: «اقرأ هذه الآية: لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَ لا أَبْنائِهِنَّ- حتى بلغ- وَ لا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ «3»- ثم قال- يا بني، لا بأس أن يرى المملوك الشعر و الساق».

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 2: 101.

8- تفسير القمّي 2: 101.

1- الكافي 5: 531/ 2. [.....]

(1) القلب: سوار للمرأة.

(2) الدّملج: المعضد من الحليّ. «لسان العرب- دملج- 2: 276».

(3) الأحزاب 33: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 61

و هذه الآية تأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الأحزاب.

7600/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال:

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المملوك يرى شعر مولاته و ساقها، قال: «لا بأس».

7601/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن يونس بن عمار و يونس ابن يعقوب، جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحل للمرأة أن ينظر عبدها إلى شي ء من جسدها، إلا إلى شعرها غير متعمد لذلك».

و

في رواية اخرى: «لا بأس أن ينظر إلى شعرها، إذا كان مأمونا».

7602/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله، و أحمد ابني محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المملوك يرى شعر مولاته، قال: «لا بأس».

7603/ [5]- و

عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ إلى آخر الآية، قال: «الأحمق الذي لا يأتي النساء».

7604/ [6]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألته عن اولي الإربة من الرجال، قال: «الأحمق المولى عليه، الذي لا يأتي النساء».

7605/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «كان بالمدينة رجلان: يسمى أحدهما هيت، و الآخر

مانع، فقالا لرجل، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يسمع: إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله- فعليك بابنة غيلان الثقفية، فإنها شموع «1»، نجلاء «2»، مبتلة «3»، هيفاء «4»، شنباء «5»، إذا جلست

__________________________________________________

2- الكافي 5: 531/ 3.

3- الكافي 5: 531/ 4.

4- الكافي 5: 531/ 1.

5- الكافي 5: 523/ 1.

6- الكافي 5: 523/ 2.

7- الكافي 5: 523/ 3.

(1) الشّموع: الجارية اللّعوب الضّحوك، و قيل: هي المزّاحة الطّيّبة الحديث التي تقبّلك و لا تطاوعك على سوى ذلك. «لسان العرب- شمع- 8:

186».

(2) النجل (بالتحريك): سعة شقّ العين، و الرجل أنجل، و العين نجلاء. «الصحاح- نجل- 5: 1826».

(3) المبتلّة: التامّة الخلق. «لسان العرب- بتل- 11: 43».

(4) الهيف (بالتحريك): رقّة الخصر و ضمور البطن، و امرأة هيفاء: ضامرة. «لسان العرب- هيف- 9: 352».

(5) الشنب: رقّة و برد و عذوبة في الأسنان. «لسان العرب- شنب- 1: 506». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 62

تثنت «1»، و إذا تكلمت تغنت «2»، تقبل بأربع، و تدبر بثمان، بين رجليها مثل القدح. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «لا أراكما من أولي الإربة من الرجال «3». فأمر بهما رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فعزب «4» بهما إلى مكان يقال له العرايا «5»، و كانا يتسوقان في كل جمعة».

7606/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن السندي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن اولي الإربة من الرجال، قال: «هو الأحمق الذي لا يأتي النساء».

7607/ [9]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن

زرارة، قال: سألت أبا عبد الله «6» (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ إلى آخر الآية، فقال: «الأحمق الذي لا يأتي النساء».

7608/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التابعين غير أولي الإربة من الرجال، قال: «هو الأبله المولى عليه، الذي لا يأتي النساء».

7609/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: هو الشيخ الكبير الفاني، الذي لا حاجة له في النساء، و الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء.

قوله تعالى:

وَ لا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [31] 7610/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و لا تضرب إحدى رجليها بالأخرى، لتقرع الخلخال بالخلخال.

__________________________________________________

8- تهذيب الأحكام 7: 468/ 1873.

9- معاني الأخبار: 161/ 1.

10- معاني الأخبار: 162/ 2.

11- تفسير القمّي 2: 102.

1- تفسير القمّي 2: 102.

(1) ثنى الشي ء ثنيا: ردّ بعضه على بعض. «لسان العرب- ثنى- 14: 115». و قال في النهاية: و في حديث المخنّث يصف امرأة: «إذا قعدت تنبّت» أي فرّجت رجليها لضخم ركبها. «النهاية- بنا- 1: 159».

(2) في «ج» و المصدر: غنّت.

(3) أي ما كنت أظنّ أنّكما من اولي الاربة. مرآة العقول: 20: 351.

(4) في المصدر: فغرّب.

(5) العرايا: اسم حصن بالمدينة. «مرآة العقول 20: 351».

(6) في المصدر: أبا جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 63

سورة النور(24): آية 32 ..... ص : 63

قوله تعالى:

وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [32] 7611/

[1]- علي بن إبراهيم: كانوا في الجاهلية لا ينكحون الأيامى، فأمر الله المسلمين أن ينكحوا الأيامى، ثم قال علي بن إبراهيم: الأيم: التي ليس لها زوج.

7612/ [2]-

محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن محمد بن يوسف التميمي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من ترك التزويج مخافة العيلة، فقد أساء ظنه بالله عز و جل، إن الله عز و جل يقول: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

7613/ [3]- و

عنه: عن محمد بن علي، عن حمدويه بن عمران، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثنا عاصم بن حميد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فأتاه رجل، فشكا إليه الحاجة، فأمره بالتزويج. قال: فاشتدت به الحاجة، فأتى أبا عبد الله (صلوات الله عليه) فسأله عن حاله، فقال له: اشتدت بي الحاجة، قال: «ففارق» ثم أتاه، فسأله عن حاله، فقال: أثريت، و حسن حالي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إني أمرتك بأمرين أمر الله بهما، قال الله عز و جل:

وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ إلى قوله: وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و قال: وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ» «1».

7614/ [4]- ابن بابويه في (الفقيه) قال: روى محمد بن أبي عمير، عن حريز، عن الوليد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من ترك التزويج مخافة الفقر، فقد أساء الظن بالله عز و جل، إن الله تعالى يقول: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

سورة النور(24): آية 33 ..... ص : 63

قوله تعالى:

وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ

لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [33]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 102.

2- الكافي 5: 330/ 5.

3- الكافي 5: 331/ 6. [.....]

4- من لا يحضره الفقيه 3: 243/ 1.

(1) النساء 4: 130.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 64

7615/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية ابن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ قال: «يتزوجوا حتى يغنيهم الله من فضله».

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ [33]

7616/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء ابن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «الذي أضمرت أن تكاتبه عليه، لا تقول أكاتبه بخمسة آلاف، و أترك له ألفا و لكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه».

و عن قول الله عز و جل فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «الخير إن علمت أن عنده مالا».

7617/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته، فقال: «إن الناس كانوا لا يشترطون، و هم اليوم يشترطون، و المسلمون عند شروطهم، فإن كان شرط عليه أنه إن عجز رجع في الرق، فإن لم يشترط عليه لم يرجع».

و في قول الله عز و

جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «إذا علمتم أن لهم مالا».

7618/ [4]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: إن علمتم أن لهم مالا و دينا».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 331/ 7.

2- الكافي 6: 186/ 7.

3- الكافي 6: 187/ 9.

4- الكافي 6: 187/ 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 65

7619/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قوله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «تضع عنه من نجومه «1» التي لم تكن تريد أن تنقصه منها، و لا تزيد فوق ما في نفسك».

فقلت: كم؟ فقال: «وضع أبو جعفر (عليه السلام) عن مملوكه ألفا من ستة آلاف».

و رواه ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

7620/ [5]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في المكاتب يؤدي بعض مكاتبته، فقال: «إن الناس كانوا لا يشترطون، و هم اليوم يشترطون، و المسلمون عند شروطهم، فإن كان شرط عليه أنه إن عجز رجع، و إن لم يشترط عليه لم يرجع».

و في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: كاتبوهم إن علمتم لهم مالا».

7621/ [6]- و

عنه: بإسناده عن الحسين

بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «إن علمتم لهم مالا و دينا».

7622/ [7]- و

عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلاء، و حماد، عن حريز، جميعا، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «الذي أضمرت أن تكاتبه عليه، لا تقول: أكاتبه بخمسة آلاف، و أترك له ألفا، و لكن انظر الذي أضمرت عليه، فأعطه منه».

7623/ [8]- ابن بابويه في (الفقيه): عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يكون بيده عمل يكتسب به، أو يكون له حرفة».

7624/ [9]- و

عنه: بإسناده عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «سمعت أبي (عليه السلام) يقول: لا يكاتبه على الذي أراد

__________________________________________________

4- الكافي 6: 189/ 17.

5- التهذيب 8: 268/ 975.

6- التهذيب 8: 270/ 984.

7- التهذيب 8: 271/ 986.

8- من لا يحضره الفقيه 3: 87/ 287.

9- من لا يحضره الفقيه 3: 78/ 280.

(1) النّجم هنا: الوقت المعين لأداء دين أو عمل، و يطلق أيضا على ما يؤدّى في هذا الوقت.

(2) من لا يحضره الفقيه 3: 73/ 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 66

أن يكاتبه عليه، ثم

يزيد عليه، ثم يضع عنه، و لكنه يضع عنه مما نوى أن يكاتبه عليه».

قوله تعالى:

وَ لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً- إلى قوله تعالى- غَفُورٌ رَحِيمٌ [33] 7625/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كانت العرب و قريش يشترون الإماء، و يجعلون عليهن الضريبة الثقيلة، و يقولون: اذهبن و ازنين و اكتسبن، فنهاهم الله عز و جل عن ذلك، فقال: وَ لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً الى قوله غَفُورٌ رَحِيمٌ أي لا يؤاخذهن الله بذلك إذا اكرهن عليه.

7626/ [2]- ثم

قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هذه الآية منسوخة، نسختها فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ» «1».

سورة النور(24): آية 35 ..... ص : 66

قوله تعالى:

اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [35]

7627/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن العباس بن هلال، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فقال: «هاد لأهل السماوات، و هاد لأهل الأرض».

و

في رواية البرقي: «هدى من في السماوات، و هدى من في الأرض».

و

رواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد) «2»، و (معاني الأخبار) «3»، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 102.

2- تفسير القمّي 2: 102.

3- الكافي 1: 89/ 4.

(1) النساء 4: 25.

(2) التوحيد: 155/ 1.

(3) معاني الأخبار: 15: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 67

عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن العباس بن هلال، قال: سألت الرضا (عليه السلام)، مثله.

7628/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد، و محمد بن

الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فاطمة (عليها السلام)، فِيها مِصْباحٌ الحسن، الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الحسين، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة (عليها السلام)، كوكب دري بين نساء أهل الدنيا، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية، و لا نصرانية، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ يكاد العلم يتفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله للأئمة (عليهم السلام) من يشاء وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ».

قلت: أَوْ كَظُلُماتٍ؟ قال: «الأول و صاحبه يَغْشاهُ مَوْجٌ الثالث، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ الثاني، بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية (لعنه الله)، و فتن بني امية، إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنهم «1» لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «2» إمام يوم القيامة».

7629/ [3]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي، و هو قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ، يقول: أنا هادي السماوات و الأرض، مثل العلم الذي أعطيته، و هو نوري الذي يهتدى

به، مثل المشكاة فيها مصباح، و المشكاة: قلب محمد (صلى الله عليه و آله)، و المصباح:

النور الذي فيه العلم.

و قوله: الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ يقول: إني أريد أن أقبضك، فاجعل العلم الذي عندك عند الوصي، كما يجعل المصباح في الزجاجة، كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فأعلمهم فضل الوصي، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ فأصل الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «3»، و هو قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «4» لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يقول لستم بيهود فتصلون قبل المغرب،

__________________________________________________

2- الكافي 1: 151/ 5.

3- الكافي 8: 380/ 574.

(1) في المصدر: فتنتهم.

(2) النور 24: 40.

(3) هود 11: 73.

(4) آل عمران 3: 33 و 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 68

و لا نصارى فتصلون قبل المشرق، و أنتم على ملة إبراهيم (عليه السلام)، و قد قال الله عز و جل: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «1».

و قوله عز و جل: يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم، كمثل الزيت الذي يتخذ «2» من الزيتون، يكاد زيتها يضي ء و لو لم تمسسه نار نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول: يكادون أن يتكلموا بالنبوة و لو لم ينزل عليهم ذلك» «3».

7630/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا إبراهيم بن هارون بن الهيتي بمدينة السلام، قال: حدثني

محمد بن أحمد ابن أبي الثلج، قال: حدثنا الحسين بن أيوب، عن محمد بن غالب، عن علي بن الحسين، عن الحسن بن أيوب، عن الحسين بن سليمان، عن محمد بن مروان الذهلي، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ؟ قال: «كذلك الله عز و جل». قال: قلت: مَثَلُ نُورِهِ؟ قال:

«محمد (صلى الله عليه و آله) قلت: كَمِشْكاةٍ؟ قال: «صدر محمد (صلى الله عليه و آله). قلت: فِيها مِصْباحٌ؟ قال: «فيه نور العلم، يعني النبوة». قلت: الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ؟ قال: «علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) صدر إلى قلب علي (عليه السلام)».

قلت: كَأَنَّها؟ قال: «لأي شي ء تقرأ كأنها؟» فقلت: فكيف، جعلت فداك؟ قال: «كأنه كوكب دري».

قلت: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ؟ قال: «ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لا يهودي و لا نصراني». قلت: يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قال: «يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد (عليهم السلام) من قبل أن ينطق به». قلت: نُورٌ عَلى نُورٍ؟ قال: «الإمام في أثر الإمام».

7631/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا إبراهيم بن هارون الهيتي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال:

حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن «4» الزهري قال: حدثنا أحمد بن صبيح، قال: حدثنا ظريف بن ناصح، عن عيسى ابن راشد، عن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، قال:

«المشكاة: نور العلم في صدر محمد (صلى الله عليه و آله). الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ، قال: «الزجاجة: صدر علي (عليه السلام)، صار علم النبي

(صلى الله عليه و آله) إلى صدر علي (عليه السلام)». الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ، قال: «نور العلم» لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ، قال: «لا يهودية و لا نصرانية». يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ، قال: «يكاد العالم من آل محمد (عليهم السلام) يتكلم بالعلم قبل أن يسأل». نُورٌ عَلى نُورٍ،

__________________________________________________

4- التوحيد: 157/ 3.

5- التوحيد: 158/ 4. [.....]

(1) آل عمران 3: 67.

(2) في المصدر: يعصر.

(3) في المصدر: ملك.

(4) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: الحسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 69

قال: «يعني إماما مؤيدا بنور العلم و الحكمة في أثر إمام، من آل محمد (عليهم السلام)، و ذلك من لدن آدم، إلى أن تقوم الساعة».

7632/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن الخطاب بن عمر، و مصعب بن عبد الله الكوفيين، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ، قال: «المشكاة: صدر نبي الله (صلى الله عليه و آله)، فيه المصباح، و المصباح: هو العلم، في زجاجة، الزجاجة: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و علم النبي (صلى الله عليه و آله) عنده».

7633/ [7]- و

روى ابن بابويه أيضا مرسلا: عن الصادق (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، فقال: «هو مثل ضربه الله عز و جل لنا».

7634/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال:

حدثنا محمد بن الحسين الصائغ، قال: حدثنا الحسن بن علي، عن صالح بن سهل الهمداني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ يقول: «المشكاة: فاطمة (عليها السلام) فِيها مِصْباحٌ المصباح: الحسن و الحسين (عليهما السلام) فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ كأن فاطمة (عليها السلام) كوكب دري بين نساء أهل الأرض، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ يوقد من إبراهيم (عليه و على نبينا و آله السلام) لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يعني لا يهودية و لا نصرانية، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ يكاد العلم يتفجر منها، وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله الأئمة (عليهم السلام) من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم مخلصا وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ».

7635/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، في هذه الآية: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، قال: بدأ بنور نفسه تعالى، مَثَلُ نُورِهِ مثل هداه في قلب المؤمن كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ، و المشكاة: جوف المؤمن، و القنديل: قلبه، و المصباح: النور الذي جعله الله في قلبه: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ- قال- الشجرة:

المؤمن، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ على سواء الجبل، لا غربية: أي لا شرق لها، و لا شرقية: أى لا غرب لها، إذا طلعت الشمس عليها، و إذا غربت غربت عليها. يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ يكاد النور الذي جعله الله في قلبه يضي ء، و لو لم

يتكلم نُورٌ عَلى نُورٍ فريضة على فريضة، و سنة على سنة يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ

__________________________________________________

6- التوحيد: 159/ 5.

7- التوحيد: 157/ 2.

8- تفسير القمّي 2: 102.

9- تفسير القمّي 2: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 70

يهدي الله لفرائضه و سننه من يشاء وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ فهذا مثل ضربه الله للمؤمن- ثم قال- فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور. مدخله نور، و مخرجه نور، و علمه نور، و كلامه نور، و مصيره يوم القيامة إلى الجنة نور».

قلت: لجعفر بن محمد (عليهما السلام): جعلت فداك- يا سيدي- إنهم يقولون: مثل نور الرب؟ قال: «سبحان الله! ليس لله مثل، قال الله: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ» «1».

7636/ [10]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن جندب، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أسأله عن تفسير هذه الآية، فكتب إلي الجواب: «أما بعد، فإن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان أمين الله في خلقه، فلما قبض النبي (صلى الله عليه و آله)، كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم المنايا، و البلايا، و أنساب العرب، و مولد الإسلام، و ما من فئة «2» تضل مائة و تهدي مائة إلا و نحن نعرف سائقها و قائدها و ناعقها، و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان، و حقيقة النفاق، و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ الله علينا و عليهم الميثاق، يردون موردنا، و يدخلون مدخلنا، ليس على ملة الإسلام غيرنا و غيرهم إلى يوم القيامة، نحن الآخذون بحجزة نبينا (صلى الله عليه و آله)، و نبينا آخذ بحجزة ربنا، و الحجزة: النور، و شيعتنا آخذون بحجزتنا، من فارقنا

هلك، و من تبعنا نجا، و المفارق لنا، و الجاحد لولايتنا كافر، و متبعنا و تابع أوليائنا مؤمن، لا يحبنا كافر، و لا يبغضنا مؤمن، و من مات و هو يحبنا كان حقا على الله أن يبعثه معنا، نحن نور لمن تبعنا، و هدى لمن اهتدى بنا، و من لم يكن منا فليس من الإسلام في شي ء، و بنا فتح الله الدين، و بنا يختمه، و بنا أطعمكم الله عشب الأرض، و بنا أنزل الله قطر السماء، و بنا آمنكم الله من الغرق في بحركم، و من الخسف في بركم، و بنا نفعكم الله في حياتكم، و في قبوركم، و في محشركم، و عند الصراط، و عند الميزان، و عند دخول الجنة.

مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة، و المشكاة في القنديل، فنحن المشكاة فيها مصباح، المصباح: محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله): الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ من عنصره الطاهر الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا دعية، و لا منكرة، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ القرآن نُورٌ عَلى نُورٍ إمام بعد إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ فالنور علي (عليه السلام)، يهدي الله لولايتنا من أحب، و حق على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه، منيرا برهانه، ظاهرة عند الله حجته حق على الله أن يجعل أولياءنا المتقين مع الصديقين «3» و الشهداء و الصالحين، و حسن أولئك رفيقا، فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات، و لشهيد شيعتنا فضل على كل شهيد غيرنا بتسع درجات.

فنحن النجباء، و نحن أفراط الأنبياء، و نحن

أولاد الأوصياء، و نحن المخصوصون في كتاب الله، و نحن أولى

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 2: 104.

(1) النحل 16: 74.

(2) كذا، و الظاهر: فتنة.

(3) في «ج، ي، ط»: المتقين و الصديقين، و في البحار 23: 307/ 4: أولياءنا مع النبيّين و الصديقين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 71

الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى قد علمنا و بلغنا ما علمنا، و استودعنا علمهم، و نحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة اولي العلم، و اولي العزم من الرسل، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ كما قال الله: وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ من أشرك بولاية علي (عليه السلام) ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي (عليه السلام) يا محمد، يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ «1» من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)، و قد بعثت بكتاب فيه هدى، فتدبره و افهمه، فإنه شفاء لما في الصدور».

7637/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد الحناط، عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الله الخراساني، عن يزيد بن إبراهيم، عن أبي حبيب النباجي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، أنه قال: «مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة، فنحن المشكاة، و المشكاة: الكوة فِيها مِصْباحٌ و الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ و الزجاجة محمد (صلى الله عليه و آله) كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ- قال- علي (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ

زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ القرآن يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي لولايتنا من أحب».

7638/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، قال:

حدثنا أصحابنا أن أبا الحسن (عليه السلام) كتب إلى عبد الله بن جندب قال: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): إن مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة، و المشكاة في القنديل، فنحن المشكاة فِيها مِصْباحٌ و المصباح:

محمد (صلى الله عليه و آله) الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ نحن الزجاجة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ علي (عليه السلام) زَيْتُونَةٍ معروفة، لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا منكرة و لا دعية يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ القرآن عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا».

7639/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا العباس بن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات، قال: حدثني أبي، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، بإسناده إلى صالح بن سهل الهمداني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، قال: «الحسن (عليه السلام) الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الحسين (عليه السلام)، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة (عليها السلام) كوكب دري بين نساء أهل الجنة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية» يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ أي يكاد العلم يتفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 1: 359/ 5.

12- تأويل

الآيات 1: 360/ 6. [.....]

13- تأويل الآيات 1: 360/ 7.

(1) الشورى 42: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 72

إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله للأئمة (عليهم السلام) من يشاء وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ».

7640/ [14]- المفيد في (الإختصاص): عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ «فهو محمد (صلى الله عليه و آله)، فِيها مِصْباحٌ و هو العلم الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزجاجة: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و علم نبي الله عنده».

7641/ [15]- الطبرسي، قال: روي عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: «نحن المشكاة فيها، و المصباح محمد (صلى الله عليه و آله)، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله لولايتنا من أحب».

7642/ [16]- و

من طريق المخالفين، ما رواه ابن المغازلي الشافعي في كتاب (المناقب) يرفعه إلى علي بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، قال: «المشكاة:

فاطمة (عليها السلام)، و المصباح: الحسن و الحسين (عليهما السلام)، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، قال: «كانت فاطمة (عليها السلام) كوكبا دريا بين نساء العالمين». يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ، قال: «الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام)» لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ، قال: «لا يهودية و لا نصرانية». يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ، قال: «كاد العلم أن ينطق منها» وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ، قال: «منها إمام بعد إمام». يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ، قال: «يهدي الله عز و جل لولايتنا من

يشاء».

7643/ [17]- روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلت إلى مسجد الكوفة، و أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) يكتب بإصبعه و يتبسم، فقلت له: يا أمير المؤمنين، ما الذي يضحكك؟ فقال: «عجبت لمن يقرأ هذه الآية و لم يعرفها حق معرفتها». فقلت له: أي آية، يا أمير المؤمنين؟

فقال: «قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ، المشكاة: محمد (صلى الله عليه و آله)، فِيها مِصْباحٌ، أنا المصباح. فِي زُجاجَةٍ الزجاجة الحسن و الحسين (عليهما السلام)، كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ و هو علي بن الحسين (عليه السلام)، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ محمد بن علي (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ جعفر بن محمد (عليه السلام) لا شَرْقِيَّةٍ موسى بن جعفر (عليه السلام)، وَ لا غَرْبِيَّةٍ علي بن موسى (عليه السلام)، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ محمد بن علي (عليه السلام)، وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ علي بن محمد (عليه السلام)، نُورٌ عَلى نُورٍ الحسن ابن علي (عليه السلام)، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ القائم المهدي (عليه السلام) وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ».

__________________________________________________

14- الاختصاص: 278.

15- مجمع البيان 7: 226.

16- مناقب ابن المغازلي: 316/ 361.

17- ...، غاية المرام: 317، اللوامع النورانية: 247.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 73

سورة النور(24): الآيات 36 الي 38 ..... ص : 73

قوله تعالى:

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ [36- 38]

7644/ [1]- علي بن إبراهيم، في آخر رواية عبد الله بن جندب، في مكاتبته إلى أبي الحسن (عليه السلام)، و قد تقدمت في قوله اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ

وَ الْأَرْضِ إلى قوله تعالى: بِغَيْرِ حِسابٍ «1» و أنها في أهل البيت، قال: و الدليل على أن هذا مثل لهم، قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ- إلى قوله تعالى- بِغَيْرِ حِسابٍ.

7645/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا القاسم بن الربيع، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، قال: «هي بيوت الأنبياء، و بيت علي (عليه السلام) منها».

7646/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا، و لا تعرفون حتى تصدقوا، و لا تصدقون حتى تسلموا، أبوابا أربعة، لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة و تاهوا تيها بعيدا، إن الله تبارك و تعالى لا يقبل إلا العمل الصالح، و لا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط و العهود، فمن وفى لله عز و جل بشرطه، و استعمل ما وصف في عهده، نال ما عنده، و استكمل ما وعده.

إن الله تبارك و تعالى أخبر العباد بطرق الهدى، و شرع لهم فيها المنار، و أخبرهم كيف يسلكون، فقال:

وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «2»، و قال: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ «3» فمن اتقى الله فيما أمره، لقي الله مؤمنا بما

جاء به محمد (صلى الله عليه و آله).

هيهات هيهات، فات قوم و ماتوا قبل أن يهتدوا، فظنوا أنهم آمنوا، و أشركوا من حيث لا يعلمون، إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، و من أخذ في غيرها سلك طريق الردى، و صل الله طاعة ولي أمره بطاعة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 105.

2- تفسير القمّي 2: 103.

3- الكافي 1: 139/ 6.

(1) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآية (35) من هذه السورة.

(2) طه 20: 82.

(3) المائدة 5: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 74

رسوله (صلى الله عليه و آله)، و طاعة رسوله (صلى الله عليه و آله) بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله و لا رسوله، و هو الإقرار بما انزل من عند الله عز و جل، خذوا زينتكم عند كل مسجد، و التمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه، فإنه أخبركم أنهم: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ.

إن الله قد استخلص الرسل لأمره، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره، فقال: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ «1» تاه من جهل، و اهتدى من أبصر و عقل، إن الله عز و جل يقول: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «2»، و كيف يهتدي من لم يبصر. و كيف يبصر من لم يتدبر؟

اتبعوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته، و أقروا بما أنزل الله، و اتبعوا آثار «3» الهدى، فإنهم علامات الأمانة و التقى، و اعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم

(عليه السلام) و أقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا الطريق بالتماس المنار، و التمسوا من وراء الحجب الآثار، تستكملوا أمر دينكم، و تؤمنوا بالله ربكم».

7647/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت جالسا في مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله)، إذ أقبل رجل فسلم، فقال: من أنت، يا عبد الله؟ فقلت: رجل من أهل الكوفة، فما حاجتك؟ فقال لي: أتعرف أبا جعفر محمد بن علي؟ فقلت:

نعم، فما حاجتك إليه؟ قال: هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها، فما كان من حق أخذته، و ما كان من باطل تركته.

قال أبو حمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين الحق و الباطل؟ قال: نعم. قلت: فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق و الباطل؟ فقال لي: يا أهل الكوفة، أنتم قوم ما تطاقون، إذا رأيت أبا جعفر فأخبرني، فما انقطع كلامه «4» حتى أقبل أبو جعفر (عليه السلام)، و حوله أهل خراسان و غيرهم، يسألونه عن مناسك الحج، فمضى حتى جلس مجلسه، و جلس الرجل قريبا منه. قال أبو حمزة: فجلست حيث أسمع الكلام، و حوله عالم من الناس، فلما قضى حوائجهم و انصرفوا، التفت إلى الرجل، فقال له: «من أنت؟» قال: أنا قتادة بن دعامة البصري، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أنت فقيه أهل البصرة؟» قال: نعم.

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ويحك يا قتادة، إن الله عز و جل خلق خلقا من خلقه، فجعلهم حججا على خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوام بأمره، نجباء «5» في علمه، اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين

عرشه».

قال: فسكت قتادة طويلا، ثم قال: أصلحك الله، و الله لقد جلست بين يدي الفقهاء، و قدام ابن عباس، فما

__________________________________________________

4- الكافي 6: 256/ 1.

(1) فاطر 35: 24. [.....]

(2) الحج 22: 46.

(3) كأنّه أراد به: إن لم يتيسّر لكم الوصول إلى الإمام، فالتمسوا آثاره، الوافي 2: 85.

(4) في المصدر: كلامي معه.

(5) النّجابة: النّباهة و ظهور الفضل على المثل. «المعجم الوسيط- نجب- 2: 901».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 75

اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ويحك أ تدري أين أنت؟ أنت بين يدي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ فأنت ثم، و نحن أولئك». فقال له قتادة: صدقت و الله، جعلني الله فداك، و الله ما هي بيوت حجارة و لا طين.

قال قتادة: فأخبرني عن الجبن. قال: فتبسم أبو جعفر (عليه السلام)، ثم قال: «رجعت مسائلك إلى هذا!» فقال:

ضلت عني، فقال: «لا بأس به». فقال: إنه ربما جعلت فيه إنفحة «1» الميت. فقال: «ليس بها بأس، إن الإنفحة ليس فيها عروق، و لا فيها دم، و لا لها عظم، إنما تخرج من بين فرث و دم- ثم قال- و إن الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة، فهل تؤكل تلك البيضة؟» فقال قتادة: لا، و لا آمر بأكلها، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و لم؟» قال:

لأنها من الميتة. قال له: «فإن حضنت تلك البيضة، فخرجت منها دجاجة، أ تأكلها؟» قال: نعم. قال: «فما حرم عليك البيضة، و حلل لك الدجاجة؟»- ثم قال (عليه السلام)- فكذلك

الإنفحة مثل البيضة، فاشتر الجبن من أسواق المسلمين، من أيدي المصلين، و لا تسأل عنه، إلا أن يأتيك من يخبرك عنه».

7648/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أسباط بن سالم، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فسألنا عن عمر بن مسلم، ما فعل؟ فقلت: صالح، و لكنه قد ترك التجارة. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «عمل الشيطان- ثلاثا- أما علم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) اشترى عيرا أتت من الشام، فاستفضل فيها ما قضى دينه، و قسم في قرابته؟ يقول الله عز و جل: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ- إلى آخر الآية- يقول القصاص: إن القوم لم يكونوا يتجرون كذبوا، و لكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها، و هو أفضل ممن حضر الصلاة و لم يتجر.

7649/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن بشار، عن رجل، رفعه، في قول الله عز و جل: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، قال: «هم التجار الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله عز و جل، إذا دخلت مواقيت الصلاة، أدوا إلى الله حقه فيها».

7650/ [7]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن أبي العباس عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ، قال: «هي بيوت النبي (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

5- الكافي 5:

75/ 8.

6- الكافي 5: 154/ 21.

7- الكافي 8: 331/ 510.

(1) الإنفحة: جزء من معدة صغار العجول و الجداء و نحوهما، و مادّة خاصة تستخرج من الجزء الباطني من معدة الرضيع من العجول أو الجداء أو نحوهما، بها خميرة تجبّن اللبن. «المعجم الوسيط- نفح- 2: 938».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 76

7651/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا المنذر بن محمد القابوسي، قال: حدثنا أبي، عن عمه، عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن نفيع بن الحارث، عن أنس بن مالك، و عن بريدة، قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ فقام إليه رجل، فقال: أي بيوت هذه، يا رسول الله؟ قال: «بيوت الأنبياء». فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها؟ و أشار إلى بيت علي و فاطمة (عليهما السلام): قال: «نعم، من أفضلها».

7652/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، قال: «بيوت محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم بيوت علي (عليه السلام) منها».

7653/ [10]- و

عنه: عن محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ، قال: «بيوت آل

محمد، بيت علي و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر (صلوات الله عليهم أجمعين)».

قلت: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ؟ قال: «الصلاة في أوقاتها» قال: «ثم وصفهم الله عز و جل، فقال: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ، قال:

«هم الرجال، لم يخلط الله معهم غيرهم. ثم قال: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» قال: «ما اختصهم به من المودة، و الطاعة المفروضة، و صير مأواهم الجنة وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

7654/ [11]- الشيخ البرسي، قال: روي عن ابن عباس، أنه قال: كنت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد قرأ القارئ: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ، فقلت: يا رسول الله، ما البيوت؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بيوت الأنبياء (عليهم السلام) و أومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) ابنته.

7655/ [12]- علي بن عيسى في (كشف الغمة): عن أنس، و بريدة، قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ إلى قوله: الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ فقام رجل، فقال: أي بيوت هذه، يا رسول الله؟ قال: «بيوت الأنبياء» فقال أبو بكر: يا رسول الله، هذا البيت منها؟ يعني بيت علي و فاطمة (عليهما السلام)، قال: «نعم، من أفاضلها».

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 1: 362/ 8، شواهد التنزيل 1: 410/ 567 و 568، الدر المنثور 6: 203، روح المعاني 18: 174.

9- تأويل الآيات 1: 362/ 9.

10- تأويل

الآيات 1: 362/ 10.

11- ... لم يرد في مشارق أنوار اليقين، و أخرجه ابن شاذان في الفضائل: 103.

12- كشف الغمة 1: 319.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 77

7656/ [13]- ابن شهر آشوب: عن تفسير مجاهد، و أبي يوسف يعقوب بن سفيان «1» قال ابن عباس، في قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً «2»: إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فمضى «3» الناس إليه، إلا علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليها الصلاة و السلام) و سلمان و أبو ذر و المقداد و صهيب، و تركوا النبي (عليه السلام) قائما يخطب على المنبر، فقال النبي (عليه السلام): «لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها نارا، و حصبوا «4» بالحجارة، كقوم لوط» و نزل فيهم: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ.

7657/ [14]- و

من طريق المخالفين: قال الثعلبي، في تفسير قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ الآية، يرفع الإسناد إلى أنس بن مالك، قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله) هذه الآية، فقام رجل إليه، فقال: يا رسول الله، أي بيوت هذه؟ قال: «بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها؟

يعني بيت علي و فاطمة، قال: «نعم، من أفاضلها».

7658/ [15]- الطبرسي، في معنى الآية، قال: روي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أنهم قوم إذا حضرت الصلاة، تركوا التجارة، و انطلقوا إلى الصلاة، و هم أعظم أجرا ممن يتجر».

سورة النور(24): آية 39 ..... ص : 77

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ

كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً- إلى قوله تعالى- سَرِيعُ الْحِسابِ [39] 7659/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ضرب الله مثلا لأعمال من نازعهم- يعني عليا و ولده و الأئمة (عليهم السلام)- فقال:

__________________________________________________

13- مناقب ابن شهر آشوب 2: 146. [.....]

14- تفسير الثعلبي: 210، العمدة: 291/ 478.

15- مجمع البيان 7: 227.

1- تفسير القمّي 2: 105.

(1) في «ط»: سفين، و في «ج، ي» و المصدر: يعقوب بن أبي سفيان، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع سير أعلام النبلاء 13: 180، تهذيب التهذيب 11: 385.

(2) الجمعة 62: 11.

(3) في المصدر: فانفضّ.

(4) حصبه: رماه بالحصباء، و هي الحصى. «لسان العرب- حصب- 1: 318».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 78

- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ و السراب: هو الذي تراه في المفازة يلمع من بعيد، كأنه الماء، و ليس في الحقيقة شي ء، فإذا جاء العطشان، لم يجده شيئا، و القيعة: المفازة المستوية.

7660/ [2]- شرف الدين النجفي: عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية، فقال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بنو امية أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً و الظمآن: نعثل، فينطلق بهم، فيقول أوردكم الماء حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ».

7661/ [3]- ابن شهر آشوب: كتب ملك الروم إلى معاوية يسأله عن خصال، فكان فيما سأله: أخبرني عن لا شي ء. فتحير، فقال عمرو بن العاص: وجه فرسا فارها «1» إلى معسكر علي ليباع، فإذا قيل للذي هو معه: بكم؟

يقول: بلا شي ء، فعسى أن تخرج المسألة فجاء الرجل إلى عسكر علي (عليه السلام)، إذ مر به

علي (عليه السلام)، و معه قنبر، فقال: «يا قنبر، ساومه». فقال: بكم الفرس؟ قال: بلا شي ء. فقال: «يا قنبر، خذ منه». قال: أعطني لا شي ء، فأخرجه إلى الصحراء، و أراه السراب، فقال: «ذاك لا شي ء». قال: «اذهب فخبره» قال: و كيف قلت؟ قال: «أما سمعت الله تعالى يقول: يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً؟».

7662/ [4]- المفيد في (الاختصاص): عن سماعة، قال: سأل رجل أبا حنيفة عن الشي ء، و عن لا شي ء، و عن الذي لا يقبل الله غيره، فأخبر عن الشي ء، و عجز عن لا شي ء، فقال: اذهب بهذه البغلة إلى إمام الرافضة، فبعها منه بلا شي ء، و اقبض الثمن، فأخذ بعذارها «2»، و أتى بها أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «استأمر أبا حنيفة في بيع هذه البغلة» قال: قد أمرني ببيعها. قال: «بكم»؟ قال: بلا شي ء. قال له: «ما تقول؟» قال: الحق أقول.

فقال: «قد اشتريتها منك بلا شي ء» قال: و أمر غلامه أن يدخله المربط، قال: فبقي محمد بن الحسن ساعة ينتظر الثمن، فلما أبطأه الثمن، قال: جعلت فداك، الثمن؟ قال: «الميعاد إذا كان الغداة»، فرجع إلى أبي حنيفة، فأخبره، فسر بذلك و رضيه منه. فلما كان من الغد وافى أبو حنيفة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «جئت لتقبض الثمن، لا شي ء؟» قال: نعم. قال: «و لا شي ء ثمنها؟» قال: نعم. فركب أبو عبد الله (عليه السلام) البغلة، و ركب أبو حنيفة بعض الدواب، فتصحرا جميعا، فلما ارتفع النهار، نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى السراب يجري، قد ارتفع كأنه الماء الجاري، فقال أبو عبد الله: (عليه السلام) «يا أبا حنيفة، ماذا

عند الميل «3»، كأنه يجري؟» قال: ذاك الماء، يا ابن رسول الله.

فلما وافيا الميل، وجداه أمامهما، فتباعد، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «اقبض ثمن البغلة، قال الله تعالى

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 363/ 12.

3- مناقب ابن شهر آشوب 2: 382.

4- الاختصاص: 190.

(1) دابة فارهة: أي نشيطة قوية. «مجمع البحرين- فره- 6: 355».

(2) العذار: الذي يضم حبل الخطام إلى رأس البعير و الناقة. «لسان العرب- عذر- 4: 550».

(3) الميل: جمع أميل، و هو عقدة من الرمل ضخمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 79

كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ» قال: فخرج أبو حنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا، فقالوا له: مالك، يا أبا حنيفة؟ قال: ذهبت البغلة هدرا، و كان قد اعطي بالبغلة عشرة آلاف درهم.

سورة النور(24): آية 40 ..... ص : 79

قوله تعالى:

أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [40]

7663/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قلت: أَوْ كَظُلُماتٍ؟ قال: «الأول و صاحبه يَغْشاهُ مَوْجٌ الثالث، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية (لعنه الله)، و فتن بني امية إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنهم لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً إماما من ولد فاطمة (عليها السلام)

فَما لَهُ مِنْ نُورٍ إمام يوم القيامة».

7664/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسين الصائغ، عن الحسن بن علي، عن صالح بن سهل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، في قول الله:

أَوْ كَظُلُماتٍ فلان و فلان فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ يعني نعثل، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ طلحة و الزبير ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية و يزيد و فتن بني امية، إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنهم لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً يعني إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) فَما لَهُ مِنْ نُورٍ من إمام يوم القيامة يمشي بنوره، كما في قوله: نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ «1»- قال- إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم في الجنة».

7665/ [3]- و

عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الحكم و حمران «2»، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ قال: «فلان و فلان» يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ،

__________________________________________________

1- الكافي 1: 151/ 5. [.....]

2- تفسير القمي 2: 106.

3- تأويل الآيات 1: 365/ 15.

(1) التحريم 66: 8.

(2) في «ط، ج، ي»: الحكيم بن حمران، و في المصدر: الحكم بن حمران، و الصحيح ما أثبتناه، راجع معجم رجال الحديث 4: 254.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 80

قال: «أصحاب الجمل، و صفين، و النهروان» مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ، قال: «بنو امية» إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) في ظلماتهم لَمْ يَكَدْ يَراها أي إذا نطق

بالحكمة بينهم، لم يقبلها منهم أحد إلا من أقر بولايته، ثم بإمامته، وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً أي من لم يجعل الله له إماما في الدنيا فَما لَهُ في الآخرة مِنْ نُورٍ إمام يرشده، و يتبعه إلى الجنة».

سورة النور(24): آية 41 ..... ص : 80

اشارة

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ [41]

7666/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبي الحسن الشعيري، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، و الله إن في كتاب الله عز و جل لآية قد أفسدت علي قلبي، و شككتني في ديني؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «ثكلتك أمك و عدمتك، و ما تلك الآية؟» قال: قول الله عز و جل: وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا ابن الكواء، إن الله تبارك و تعالى خلق الملائكة في صور شتى، إلا أن لله تبارك و تعالى ملكا في صورة ديك أبح أشهب، براثنه «1» في الأرض السابعة السفلى، و عرفه مثني، تحت العرش، له جناحان: جناح في المشرق، و جناح في المغرب، واحد من نار، و الآخر من ثلج، فإذا حضر وقت الصلاة، قام على براثنه، ثم رفع عنقه من تحت العرش، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم، فلا الذي

من النار يذيب الثلج، و لا الذي من الثلج يطفئ النار، فينادي: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا سيد النبيين، و أن وصيه سيد الوصيين، و أن الله سبوح قدوس، رب الملائكة و الروح- قال- فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم، فتجيبه عن قوله، و هو قوله عز و جل: وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ من الديكة في الأرض».

7667/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الأسواري، قال: حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه

__________________________________________________

1- التوحيد: 282/ 10.

2- التوحيد: 279/ 4.

(1) البراثن جمع برثن: مخطب الطائر، انظر «المعجم الوسيط 1: 46».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 81

البردعي، قال: أخبرنا عدي بن أحمد بن عبد الباقي أبو عمير بأذنة «1»، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء «2»، قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس، قال: حدثني أبي، عن وهب، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ديكا، رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، و رأسه عند العرش، ثاني عنقه تحت العرش، و ملك من ملائكة الله عز و جل خلقه الله تبارك و تعالى، و رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، مضى مصعدا فيها مد الأرضين، حتى خرج منها إلى عنان السماء، ثم مضى فيها مصعدا، حتى انتهى قرنه إلى العرش، و هو يقول: سبحانك ربي.

و إن لذلك الديك جناحين، إذا نشرهما جاوز المشرق و المغرب، فإذا كان في آخر الليل، نشر جناحيه، و خفق بهما، و صرخ بالتسبيح، يقول: سبحان الله الملك القدوس، سبحان الكبير المتعال القدوس، لا إله إلا هو الحي

القيوم، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض، و خفقت بأجنحتها، و أخذت في الصراخ، فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت الديكة في الأرض، فإذا كان في بعض السحر نشر جناحيه، فجاوز المشرق و المغرب، و خفق بهما، و صرخ بالتسبيح: سبحان الله العظيم، سبحان الله العزيز القهار، سبحان الله ذي العرش المجيد، سبحان الله رب العرش الرفيع، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض، فإذا هاج هاجت الديكة في الأرض، تجاوبه بالتسبيح و التقديس لله عز و جل، و لذلك الديك ريش أبيض كأشد بياض، ما رأيته قط، و له زغب أخضر تحت ريشه الأبيض، كأشد خضرة ما رأيتها قط، فما زلت مشتاقا إلى أن أنظر إلى ريش ذلك الديك»

7668/ [3]- و

عنه، بهذا الإسناد: عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملكا من الملائكة، نصف جسده الأعلى نار، و نصفه الأسفل ثلج، فلا نار تذيب الثلج، و لا الثلج يطفئ النار، و هو قائم ينادي بصوت له رفيع: سبحان الله الذي كف حر هذه النار، فلا تذيب هذا الثلج، و كف برد هذا الثلج، فلا يطفئ حر هذه النار، اللهم يا مؤلفا بين الثلج و النار، ألف بين قلوب عبادك المؤمنين على طاعتك».

7669/ [4]- و

عنه: بهذا الإسناد، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملائكة ليس شي ء من أطباق أجسادهم إلا و هو يسبح الله عز و جل و يحمده من ناحيته، بأصوات مختلفة، لا يرفعون رؤوسهم إلى السماء، و لا يخفضونها إلى أقدامهم، من البكاء و الخشية لله عز و جل».

7670/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد

(رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن عبد الله بن حماد، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل في السماء بحار؟ قال: «نعم، أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن في

__________________________________________________

3- التوحيد: 280/ 5.

4- التوحيد: 280/ 6.

5- التوحيد: 281/ 9.

(1) أذنة: مدينة بالشام. «الروض المعطار: 20».

(2) في «ج»: أحمد بن البراء، و في «ي، ط»: أحمد بن محمد البراء، و في المصدر: أحمد بن محمّد بن البراء، راجع تاريخ بغداد 1: 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 82

السماوات السبع بحارا، عمق أحدها مسيرة خمسمائة عام، فيها ملائكة قيام منذ خلقهم الله عز و جل، و الماء إلى ركبهم، ليس فيهم ملك إلا و له ألف و أربعمائة جناح، في كل جناح أربعة وجوه، في كل وجه أربعة ألسن، ليس فيها جناح، و لا وجه، و لا لسان، و لا فم، إلا و هو يسبح الله عز و جل بتسبيح لا يشبه نوع منه صاحبه».

7671/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بعض أصحابه، يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن لله ملكا في صورة الديك الأملح الأشهب، براثنه في الأرض السابعة، و عرفه تحت العرش، له جناحان: جناح بالمشرق، و جناح بالمغرب، فأما الجناح الذي بالمشرق فمن ثلج، و أما الجناح الذي بالمغرب فمن نار، فكلما حضر وقت الصلاة، قام على براثنه، و رفع عرفه من تحت العرش، ثم أمال أحد جناحيه على الآخر «1»، يصفق بهما كما تصفق الديكة في منازلكم، فلا الذي من

الثلج يطفئ النار، و لا الذي من النار يذيب الثلج، ثم ينادي بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله خاتم النبيين، و أن وصيه خير الوصيين، سبوح قدوس، رب الملائكة و الروح، فلا يبقى في الأرض ديك إلا أجابه، و ذلك قوله وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ».

7672/ [7]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن صديق بن عبد الله، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من طير يصاد، في بر و لا بحر، و لا يصاد شي ء من الوحش إلا بتضييعه التسبيح».

7673/ [8]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن علي بن النعمان، عن إسحاق، قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما ضاع مال في بر، و لا في بحر إلا بتضييع الزكاة، و لا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه».

7674/ [9]- و

عنه: عن أبي عبد الله العاصمي، عن علي بن الحسن الميثمي، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، عن سالم مولى أبان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما من طير يصاد، إلا بتركه التسبيح، و ما من مال يصاب، إلا بترك الزكاة».

باب في عظمة الله جل جلاله ..... ص : 82

7675/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال:

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 106.

7- تفسير القمّي 2: 107. [.....]

8- الكافي 3: 505/ 15.

9- الكافي 3: 505/ 18.

1- التوحيد: 277/ 3.

(1) في المصدر: على الأرض.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 83

حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمرو بن سعد، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن أبي منصور، عن زيد بن وهب، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قدرة الله جلت عظمته، فقام خطيبا فحمد الله، و أثنى عليه، ثم قال: «إن لله تبارك و تعالى ملائكة، لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته، لعظم خلقه، و كثرة أجنحته، و منهم من لو كلفت الجن و الإنس» أن يصفوه ما وصفوه، لبعد ما بين مفاصله، و حسن تركيب صورته، و كيف يوصف من ملائكته من سبع مائة عام ما بين منكبه و شحمة اذنه؟ و منهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته، دون عظم بدنه، و منهم من السماوات إلى حجزته، و منهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء الأسفل، و الأرضون إلى ركبتيه، و منهم من لو القي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها، و منهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه، لجرت دهر الداهرين؟ فتبارك الله أحسن الخالقين».

و سئل (عليه السلام) عن الحجب، فقال: «أول الحجب سبعة: غلظ كل حجاب مسيرة خمس مائة عام، بين كل حجابين منها مسيرة خمس مائة عام، و الحجاب الثاني: سبعون حجابا، بين كل حجابين منها مسيرة خمس مائة عام، و طوله خمس مائة عام، حجبة كل حجاب منها سبعون ألف ملك، قوة كل ملك منهم قوة الثقلين، منها ظلمة، و منها نور، و منها نار، و منها دخان و منها سحاب، و منها برق، و منها مطر، و منها رعد، و منها ضوء، و منها رمل، و

منها جبل، و منها عجاج، و منها ماء، و منها أنهار، و هي حجب مختلفة، غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام.

ثم سرادقات الجلال: و هي سبعون سرادقا، في كل سرادق سبعون ألف ملك، بين كل سرادق و سرادق مسيرة خمس مائة عام، ثم سرادق العز، ثم سرادق الكبرياء، ثم سرادق العظمة، ثم سرادق القدس، ثم سرادق الجبروت، ثم سرادق الفخر، ثم النور الأبيض، ثم سرادق الوحدانية: و هو مسيرة سبع مائة ألف عام «1»، ثم الحجاب الأعلى». و انقضى كلامه (عليه السلام) و سكت، فقال له عمر: لا بقيت ليوم لا أراك فيه، يا أبا الحسن.

7676/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن زياد القندي، عن درست، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملك، بعد ما بين شحمة اذنه إلى عنقه مسيرة خمس مائة عام خفقان الطير».

7677/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب، عن عمرو بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملائكة، أنصافهم من برد، و أنصافهم من نار، يقولون: يا مؤلفا بين البرد و النار، ثبت قلوبنا على طاعتك».

__________________________________________________

2- التوحيد: 281/ 8.

3- التوحيد: 282/ 11.

(1) في المصدر: مسيرة سبعين ألف عام في سبعين ألف عام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 84

7678/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله

عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن حملة العرش ثمانية، لكل واحد منهم ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا».

7679/ [5]- و عن كعب- في حديث يذكر فيه مولد النبي (صلى الله عليه و آله)، عند معاوية، و ما فيه من الدلالات و الكرامات، و الحديث طويل- قال كعب فيه: و لقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوتة حمراء، و سبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب، و قيل: هذه قصور الولادة، و نجدت «1» الجنان، و قيل لها: اهتزي و تزيني، فإن نبي أوليائك قد ولد، فضحكت الجنة يومئذ، فهي ضاحكة إلى يوم القيامة.

و بلغني أن حوتا من حيتان البحر، يقال له: طموسا «2»- و هو سيد الحيتان- له سبع مائة ألف ذنب، يمشي على ظهره سبع مائة ألف ثور، الواحد أكبر من الدنيا، لكل ثور «3» سبع مائة ألف قرن من زمرد أخضر، لا يشعر بهن، اضطرب فرحا بمولده، و لولا أن الله عز و جل ثبته، لجعل عاليها سافلها. روى ابن الفارسي ذلك في (روضة الواعظين).

7680/ [6]- و روى البرسي: قال: ورد عن سليمان (عليه السلام)، أن طعامه «4» كان في كل يوم ملحه سبعة أكرار «5»، فخرجت دابة من دواب البحر يوما، و قالت له: يا سليمان أضفني اليوم، فأمر أن يجمع لها مقدار سماطه شهرا، فلما اجتمع ذلك على ساحل البحر، و صار كالجبل العظيم، أخرجت الحوت رأسها و ابتلعته، و قالت: يا سليمان، أين تمام قوتي اليوم، فإن هذا بعض طعامي؟ فأعجب سليمان،

و قال لها: «هل في البحر دابة مثلك؟». فقال: ألف دابة «6»، فقال سليمان: «سبحان الله الملك العظيم في قدرته! يخلق ما لا تعلمون».

7681/ [7]- ثم

قال البرسي: و أما نعمته الواسعة، فقد قال لداود (عليه السلام): «يا داود، و عزتي و جلالي، لو أن أهل سماواتي و أرضي أملوني، و أعطيت كل مؤمل مله بقدر دنياكم سبعين ضعفا، لم يكن ذلك إلا كما يغمس أحدكم إبرة في البحر، و يرفعها، فكيف ينقص شي ء أنا قيمه؟».

__________________________________________________

4- الخصال: 407/ 4.

5- روضة الواعظين: 67.

6- مشارق أنوار اليقين: 41.

7- مشارق أنوار اليقين: 42.

(1) نجد البيت: زيّنه. «أقرب الموارد- نجد- 2: 1271».

(2) في المصدر: طمسوسا.

(3) في المصدر: نون في الموضعين. [.....]

(4) في المصدر: سماطه.

(5) الكرّ: اثنا عشر وسقا، و كلّ وسق ستّون صاعا. «النهاية- كرر- 4: 162».

(6) في المصدر: امّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 85

سورة النور(24): آية 43 ..... ص : 85

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً- إلى قوله تعالى- يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ [43] 7682/ [1]- علي ابن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً: أي يثيره من الأرض ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ فإذا غلظ، بعث الله ملكا من الرياح فيعصره، فينزل منه المطر «1»، و هو قوله: فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أي المطر.

7683/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي (عليه السلام) يقوم في المطر أول ما تمطر، حتى يبتل رأسه و لحيته و ثيابه، فقيل له: يا أمير المؤمنين، الكن الكن. فقال: «إن هذا ماء قريب عهد بالعرش» ثم أنشأ يحدث، فقال: «إن تحت العرش بحرا فيه

ماء، ينبت أرزاق الحيوانات، فإذا أراد الله (عز ذكره) أن ينبت لهم ما يشاء «2»، رحمة منه «3» أوحى إليه، فمطر ما شاء، من سماء إلى سماء، حتى يصير إلى سماء الدنيا- فيما أظن- فيلقيه إلى السحاب و السحاب بمنزلة الغربال، ثم يوحي إلى الريح: أن اطحنيه، و أذيبيه ذوبان الماء، ثم انطلقي به إلى موضع كذا و كذا، فامطري عليهم «4» عبابا، و غير ذلك، فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به، فليس من قطرة تقطر إلا و معها ملك، حتى يضعها موضعها، و لم تنزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود، و وزن معلوم، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام)، فإنه نزل ماء منهمر، بلا وزن و لا عدد».

7684/ [3]- و

عنه، بالإسناد المتقدم، قال: و حدثني أبو عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال لي أبي (عليه السلام)، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عز و جل جعل السحاب غرابيل المطر «5»، تذيب البرد، حتى يصير ماء، لكيلا يضر به شيئا يصيبه، و الذي ترون فيه من البرد و الصواعق، نقمة من الله عز و جل، يصيب بها من يشاء من عباده.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 107.

2- الكافي 8: 239/ 326.

3- الكافي 8: 340/ ذيل ح 326.

(1) في المصدر: الماء.

(2) في المصدر: به ما يشاء لهم.

(3) زاد في المصدر: لهم.

(4) زاد في المصدر: فيكون كذا و كذا.

(5) زاد في المصدر: هي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 86

ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تشيروا إلى المطر، و لا إلى الهلال، فإن الله يكره ذلك».

و روى

ذلك عبد الله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد) بإسناده: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

سورة النور(24): آية 45 ..... ص : 85

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [45] 7685/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ أي من مياه، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ قال: على رجلين: الناس، و على بطنه: الحيات، و على أربع: البهائم، و

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و منهم من يمشي على أكثر من ذلك».

و رواه أيضا الطبرسي في (مجمع البيان) عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله «2».

سورة النور(24): الآيات 47 الي 52 ..... ص : 86

قوله تعالى:

وَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا- إلى قوله تعالى- فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ [47- 52]

7686/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، و عثمان، و ذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترضى برسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال عبد الرحمن بن عوف له: لا تحاكمه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإنه يحكم له عليك، و لكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي. فقال عثمان لأمير المؤمنين (عليه السلام):

لا أرضى إلا بابن شيبة، فقال ابن شيبة: تأتمنون رسول الله على وحي السماء، و تتهمونه في الأحكام! فأنزل الله

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 107.

2- تفسير القمّي 2: 107.

(1) قرب الإسناد: 35. [.....]

(2) مجمع البيان 7: 234.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 87

على رسوله: وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ

بَيْنَهُمْ إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، ثم ذكر الله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إلى قوله: فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ».

7687/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن «1» عبيد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أحمد بن إسماعيل، عن العباس بن عبد الرحمن، عن سليمان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: لما قدم النبي (صلى الله عليه و آله) المدينة، أعطى عليا (عليه السلام) و عثمان أرضا، أعلاها لعثمان، و أسفلها لعلي (عليه السلام)، فقال علي (عليه السلام) لعثمان: إن أرضي لا تصلح إلا بأرضك، فاشتر مني، أو بعني. فقال له: أنا أبيعك، فاشترى منه علي (عليه السلام)، فقال له أصحابه: أي شي ء صنعت، بعت أرضك من علي! و أنت لو أمسكت عنه الماء، ما أنبتت أرضه شيئا، حتى يبيعك بحكمك.

قال: فجاء عثمان إلى علي (عليه السلام)، و قال له: لا أجيز البيع، فقال له: «بعت و رضيت، و ليس ذلك لك» قال:

فاجعل بيني و بينك رجلا، قال علي (عليه السلام): «النبي (صلى الله عليه و آله)» فقال عثمان: هو ابن عمك، و لكن اجعل بيني و بينك رجلا غيره، فقال علي (عليه السلام): «لا أحاكمك إلى غير النبي (صلى الله عليه و آله)، و النبي شاهد علينا!» فأبى ذلك، فأنزل الله هذه الآيات، إلى قوله: هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

7688/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ

وَ أَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إلى قوله تعالى مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ.

قال: «إنما نزلت في رجل اشترى من علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرضا، ثم ندم، و ندمه أصحابه، فقال لعلي (عليه السلام): لا حاجة لي فيها. فقال له: قد اشتريت و رضيت، فانطلق أخاصمك إلى أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال له أصحابه: لا تخاصمه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال: انطلق أخاصمك إلى أبي بكر، و عمر، أيهما شئت، كان بيني و بينك. قال علي (عليه السلام): لا و الله، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيني و بينك، فلا أرضى بغيره. فأنزل الله عز و جل هذه الآيات: وَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا إلى قوله وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

7689/ [4]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): أن المعني بالآية أمير المؤمنين علي (عليه السلام).

قال: و حكى البلخي أنه كانت بين علي (عليه السلام) و عثمان منازعة في أرض اشتراها من علي (عليه السلام)، فخرجت فيها أحجار، فأراد ردها بالعيب، فلم يأخذها فقال: «بيني و بينك رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فقال الحكم بن أبي العاص: إن حاكمك إلى ابن عمه حكم له، فلا تحاكمه إليه، فنزلت الآيات. و هو المروي عن أبي

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 367/ 18.

3- تأويل الآيات 1: 367/ 19.

4- مجمع البيان 7: 236.

(1) في «ج، ي، ط»: عن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 88

جعفر (عليه السلام)، أو قريب منه.

7690/ [5]- و من طريق المخالفين: عن ابن عباس: أنها نزلت في علي (عليه السلام)، و رجل من قريش ابتاع

منه أرضا.

7691/ [6]- السدي: في تفسير هذه الآية، قال: نزلت في عثمان بن عفان، لما فتح رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني النضير، فقسم أموالهم، قال عثمان لعلي (عليه السلام): ائت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاسأله أرض كذا و كذا، فإن أعطاها فأنا شريكك فيها، و آتيه فأسأله إياها، فإن أعطانيها فأنت شريكي فيها. فسأله عثمان أولا، فأعطاه إياها، فقال له علي (عليه السلام): «أشركني» فأبى عثمان الشركة، فقال: «بيني و بينك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأبى أن يخاصمه إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقيل له: لم لا تنطلق معه إلى النبي (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: هو ابن عمه، و أخاف أن يقضي له.

فنزل قوله تعالى: وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَ إِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فلما بلغ عثمان ما أنزل الله فيه، أتى النبي (صلى الله عليه و آله)، و أقر لعلي (عليه السلام)، بالحق، و شركه في الأرض.

سورة النور(24): آية 54 ..... ص : 88

قوله تعالى:

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ- إلى قوله تعالى- وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [54] 7692/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ قال: ما حمل النبي (صلى الله عليه و آله) من النبوة، و عليكم ما حملتم من الطاعة، ثم خاطب الله الأئمة (عليهم السلام)، و وعدهم أن يستخلفهم في الأرض من

بعد ظلمهم و غصبهم.

7693/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ. قال: «من السمع، و الطاعة، و الأمانة، و الصبر وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ من العهود التي أخذها الله عليكم في علي (عليه السلام)، و ما بين لكم في القرآن من فرض طاعته. و قوله تعالى: وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا أي: و إن تطيعوا عليا (عليه السلام) تهتدوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ

__________________________________________________

5- ..... اللوامع النورانية: 252.

6- ..... اللوامع النورانية: 252.

1- تفسير القمّي 2: 108.

2- تأويل الآيات 1: 368/ 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 89

هكذا نزلت».

سورة النور(24): آية 55 ..... ص : 89

قوله تعالى:

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ- إلى قوله تعالى- فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [55] 7694/ [1]- علي بن إبراهيم: و هذا مما ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله، و هو معطوف على قوله: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ «1».

7695/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل جلاله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

7696/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي مسعود، عن الجعفري،

قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «الأئمة خلفاء الله عز و جل في أرضه».

7697/ [4]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثني أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن، من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي ابن أبي حمزة، عن أبيه و وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، قال: «نزلت في القائم و أصحابه».

7698/ [5]- و

عنه: عن محمد بن همام، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كانت ليلة الجمعة، أهبط الرب تبارك و تعالى ملكا إلى السماء الدنيا، فإذا طلع الفجر، جلس ذلك الملك على العرش، فوق البيت

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 108.

2- الكافي 1: 150/ 3.

3- الكافي 1: 149/ 1.

4- الغيبة: 240/ 35، ينابيع المودة: 426.

5- الغيبة: 276/ 56. [.....]

(1) النور 24: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 90

المعمور، و نصب لمحمد و علي و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين) منابر من نور، فيصعدون عليها، و يجمع لهم الملائكة و النبيون و المؤمنون، و تفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رب، ميعادك الذي وعدت به في كتابك، و هو هذه الآية: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ

آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ثم يقول الملائكة و النبيون مثل ذلك، ثم يخر محمد و علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام) سجدا، ثم يقولون: يا رب اغضب، فإنه انتهك «1» حريمك، و قتل أصفياؤك، و أذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء، و ذلك يوم معلوم».

7699/ [6]- محمد بن العباس: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب، و الأئمة من ولده (عليهم السلام)».

وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً، قال: «عنى به ظهور القائم (عليه السلام)».

7700/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني (رحمه الله)، قال:

حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبد الله بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا محمد بن حماد بن ماهان الدباغ أبو جعفر، قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم، قال:

حدثنا الحارث بن نبهان، قال: حدثنا عتبة بن يقظان، عن أبي سعيد، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع بن أبي قرصافة «2»، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخل جندل بن جنادة اليهودي من خيبر على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، أخبرني عما ليس

لله، و عما ليس عند الله، و عما لا يعمله الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ما ليس لله، فليس لله شريك، و أما ما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم للعباد، و أما ما لا يعلمه الله، فذلك قولكم- يا معشر اليهود-: إن عزيرا ابن الله، و الله لا يعلم له ولدا». فقال جندل: أشهد أن لا إله إلا الله، و أنك رسول الله حقا.

ثم قال: يا رسول الله، إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال لي: يا جندل، أسلم على يد محمد (صلى الله عليه و آله)، و استمسك بالأوصياء من بعده، فقد أسلمت، و رزقني الله ذلك، فأخبرني بالأوصياء بعدك، لأتمسك بهم. فقال: «يا جندل، أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل». فقال: يا رسول الله، إنهم كانوا

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 1: 368/ 221.

7- كفاية الأثر: 56.

(1) في المصدر: قد هتك.

(2) في «ج، ي، ط»: واثلة بن الأصقع بن قرضاب، و في المصدر: واثلة بن الأشفع، راجع تهذيب التهذيب 11: 101.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 91

اثني عشر، هكذا وجدناهم في التوراة، قال: «نعم، الأئمة بعدي اثنا عشر».

فقال: يا رسول الله، كلهم في زمن واحد؟ قال: «لا، و لكن خلف بعد خلف، و إنك لن تدرك منهم إلا ثلاثة».

قال: فسمهم لي، يا رسول الله، قال: «نعم، إنك تدرك سيد الأوصياء، و وارث الأنبياء، و أبا الأئمة علي بن أبي طالب بعدي، ثم ابنه الحسن، ثم الحسين، فاستمسك بهم من بعدي، و لا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا كان وقت ولادة ابنه علي بن الحسين سيد العابدين، يقضي الله عليك، و يكون آخر زادك من الدنيا

شربة من لبن تشربه».

فقال: يا رسول الله، هكذا وجدت في التوراة: إليايقطو شبرا و شبيرا، فلم أعرف أسماءهم، فكم بعد الحسين من الأوصياء، و ما أساميهم؟ فقال: «تسعة من صلب الحسين، و المهدي منهم، فإذا انقضت مدة الحسين، قام بالأمر من بعده علي ابنه، و يلقب بزين العابدين، فإذا انقضت مدة علي، قام بالأمر من بعده محمد ابنه، و يدعى بالباقر، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده ابنه جعفر، يدعى بالصادق، فإذا انقضت مدة جعفر، قام بالأمر من بعده ابنه موسى، و يدعى بالكاظم، ثم إذا انقضت مدة موسى، قام بالأمر من بعده علي ابنه، يدعى بالرضا، فإذا انقضت مدة علي، قام بالأمر بعده محمد ابنه، يدعى بالزكي، فإذا انقضت مدة محمد، قام بالأمر بعده علي ابنه، يدعى بالنقي، فإذا انقضت مدة علي، قام بالأمر من بعده ابنه الحسن، يدعى بالأمين، ثم يغيب عنهم إمامهم».

قال: يا رسول الله، هو الحسن يغيب عنهم؟ قال: «لا، و لكن ابنه الحجة».

قال: يا رسول الله، فما اسمه؟ قال: «لا يسمى حتى يظهر».

فقال: جندل: يا رسول الله، قد وجدنا ذكرهم في التوراة، و قد بشرنا موسى بن عمران بك، و بالأوصياء من ذريتك.

ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً فقال جندل: يا رسول الله، فما خوفهم؟ قال: «يا جندل، في زمن كل واحد منهم سلطان يعتريه و يؤذيه، فإذا عجل الله خروج قائمنا، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما- ثم قال (عليه السلام)- طوبى

للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محجتهم، أولئك وصفهم الله في كتابه، فقال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ «1»، و قال:

أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2».

قال ابن الأسقع: ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي (عليه السلام)، ثم خرج إلى الطائف، فحدثني نعيم بن أبي قيس «3»، قال: دخلت عليه بالطائف و هو عليل، ثم إنه دعى بشربة من لبن فشربه، و قال: هكذا عهد الي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثم مات (رحمه الله)، و دفن بالطائف، بالموضع المعروف

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 3.

(2) المجادلة 58: 22.

(3) في المصدر: نعيم أبي قبيس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 92

بالكوراء.

7701/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال:

أخبرنا علي بن الحارث، عن سعيد بن منصور الجواشي «1»، قال: أخبرنا أحمد بن علي البديلي، قال: أخبرني أبي، عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا و المفضل بن عمر، و أبو بصير، و أبان بن تغلب، على مولانا أبي عبد الله جعفر ابن محمد (عليه السلام)، فرأيناه جالسا على التراب، و عليه مسح خيبري مطوق، بلا جيب، مقصر الكمين «2»، و هو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرى، قد نال الحزن من وجنتيه، و شاع التغير في عارضيه، و أبلت الدموع محجريه «3»، و هو يقول: «سيدي، غيبتك نفت رقادي، و ضيقت علي مهادي، و ابتزت «4» مني راحة فؤادي، سيدي، غيبتك وصلت مصابي بفجائع الأبد، و فقد الواحد

بعد الواحد يفني الجمع و العدد، فما أحس بدمعة ترقأ «5» من عيني، و أنين يفتر من صدري، من دوارج الرزايا، و سوالف البلايا، إلا مثل بعيني عن غوابر أعظمها و أفظعها، و بواقي أشدها و أنكرها، و نوائب مخلوطة بغضبك، و نوازل معجونة بسخطك».

قال سدير: فاستطارت عقولنا و لها، و تصدعت قلوبنا جزعا، من ذلك الخطب الهائل، و الحادث الغائل، و ظننا أنه سمت «6» لمكروهة قارعة، أو حلت به من الدهر بائقة «7»، فقلنا: لا أبكى الله- يا بن خير الورى- عينيك، من أية حادثة تستنزف «8» دمعتك، و تستمطر عبرتك، أية حالة حتمت عليك هذا المأتم! قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة انتفخ منها جوفه، و اشتد منها خوفه، و قال: «ويلكم، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، و هو الكتاب المشتمل على علم المنايا و البلايا، و علم ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة، الذي خص الله به محمدا و الأئمة من بعده (عليهم السلام)، و تأملت فيه مولد غائبنا و غيبته، و إبطاءه، و طول عمره، و بلوى المؤمنين في ذلك الزمان، و تولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، و ارتداد أكثرهم عن دينهم، و خلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم، التي قال الله جل ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ «9» يعني الولاية، فأخذتني الرقة، و استولت علي الأحزان».

__________________________________________________

8- كمال الدين و تمام النعمة: 352/ 50.

(1) في المصدر: الجواشني.

(2) الكمّ من الثوب: مدخل اليد و مخرجها. «لسان العرب- كمم- 12: 526».

(3) المحجر في العين: ما أحاط بها. «المعجم الوسيط- حجر- 1: 157».

(4) البزّ: السّلب. «لسان العرب- بزز- 5: 312».

(5) رقا الدمع: جفّ و سكن.

«أقرب الموارد- رقا- 1: 421». [.....]

(6) التّسميت: ذكر اللّه على الشي ء. «لسان العرب- سمت- 2: 46».

(7) البائقة: الداهية. «لسان العرب- بوق- 10: 30».

(8) نزف عبرته، و أنزفها: أفناها. «لسان العرب- نزف- 9: 327».

(9) الاسراء 17: 13.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 93

فقلنا: يا بن رسول الله، كرمنا، و فضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال: «إن الله تبارك و تعالى أدار للقائم منا ثلاثة، من الرسل: قدر مولده تقدير مولد موسى (عليه السلام)، و قدر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام)، و قدر إبطاء نوح (عليه السلام)، و جعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح- أعني الخضر (عليه السلام)- دليلا على عمره».

فقلنا: اكشف لنا- يا بن رسول الله- عن وجوه هذه المعاني.

قال (عليه السلام): «أما مولد موسى (عليه السلام)، فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده، أمر بإحضار الكهنة، فدلوه على نسبه، و أنه يكون من بني إسرائيل، و لم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل، حتى قتل في طلبه نيفا و عشرين ألف مولود، و تعذر عليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السلام) بحفظ الله تبارك و تعالى إياه، و كذلك بنو امية، و بنو العباس، لما وقفوا على أن زوال ملكهم ملك الأمراء و الجبابرة منهم على يد القائم منا، ناصبونا العداوة، و وضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلى الله عليه و آله)، و إبادة نسله، طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم، و يأبى الله عز و جل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة، إلا أن يتم نوره و لو كره المشركون.

و أما غيبة عيسى (عليه السلام)، فإن اليهود و

النصارى اتفقت على أنه قتل، فكذبهم الله عز ذكره بقوله: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ «1»، كذلك غيبة القائم (عليه السلام)، فإن الامة ستنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدى «2»: إنه لم يولد و قائل يقول: إنه ولد و مات و قائل يكفر، بقوله: إن حادي عشرنا كان عقيما، و قائل يمرق، بقوله «3»: إنه يتعدى إلى ثلاثة عشر، و صاعدا، و قائل يعصي الله عز و جل، بقوله: إن روح القائم تنطق في هيكل غيره.

و أما إبطاء نوح (عليه السلام)، فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء، بعث الله تبارك و تعالى الروح الأمين (عليه السلام) بسبع نويات، فقال: يا نبي الله، إن الله تبارك و تعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي، و عبادي، و لست أ بيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة، و إلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فإني مثيبك عليه، و اغرس هذه النوى، فإن لك في نباتها، و بلوغها، و إدراكها إذا أثمرت، الفرج و الخلاص، فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين، فلما نبتت الأشجار، و تأزرت «4»، و تسوقت، و تغصنت، و أثمرت، و زها التمر عليها بعد زمان طويل، استنجز من الله سبحانه و تعالى العدة، فأمره الله تبارك و تعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار، و يعاود الصبر و الاجتهاد، و يؤكد الحجة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به، فارتد منهم ثلاث مائة رجل، و قالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا، لما وقع في وعد ربه خلف.

ثم إن الله تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد اخرى، إلى

أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة، إلى أن عاد إلى نيف و سبعين رجلا، فأوحى الله

__________________________________________________

(1) النساء 4: 157.

(2) في المصدر: قائل يهذي.

(3) (انه ولد ... بقوله) ليس في المصدر.

(4) تأزّر النبت: التفّ و اشتدّ. «الصحاح- أزر- 2: 578».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 94

تبارك و تعالى عند ذلك إليه، و قال: يا نوح، الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك، حين صرح الحق عن محضه، و صفا الأمر و الإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار، و أبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك، لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، و اعتصموا بحبل نبوتك، بأن استخلفهم في الأرض، و أمكن لهم دينهم، و ابدل خوفهم بالأمن، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم، و كيف يكون الاستخلاف، و التمكين، و بذل الأمن، مني لهم، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا، و خبث طينتهم، و سوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق، و سنوح «1» الضلالة؟ فلو أنهم تنسموا «2» من الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف، إذا أهلكت أعداءهم، لنشقوا روائح صفاته، و لاستحكمت سرائر نفاقهم، و تأبدت حبال ضلالة قلوبهم، و لكاشفوا إخوانهم بالعداوة، و حاربوهم على طلب الرئاسة، و التفرد بالأمر و النهي، و كيف يكون التمكين في الدين، و انتشار الأمر في المؤمنين، مع إثارة الفتن، و إيقاع الحروب؟ كلا وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا «3»».

قال: الصادق (عليه السلام): «و كذلك القائم (عليه السلام)، فإنه تمتد أيام غيبته، ليصرح الحق عن محضه، و يصفوا الإيمان

من الكدر، بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف و التمكين و الأمن المنتشر في عهد القائم (عليه السلام)».

قال المفضل: فقلت: يا ابن رسول الله، فإن هذه النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر، و عمر و عثمان، و علي (عليه السلام)؟

فقال: «لا يهدي الله قلوب الناصبة، متى كان الدين الذين ارتضاه الله و رسوله متمكنا بانتشار الأمن في الأمة، و ذهاب الخوف من قلوبها، و ارتفاع الشك من صدورها، في عهد واحد من هؤلاء، و في عهد علي (عليه السلام)، مع ارتداد المسلمين، و الفتن التي تثور في أيامهم، و الحروب التي كانت تنشب بين الكفار و بينهم- ثم تلا الصادق (عليه السلام)- حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا «4».

و أما العبد الصالح- أعني الخضر (عليه السلام)- فإن الله تبارك و تعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له، و لا لكتاب ينزل عليه، و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء و لا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، و لا لطاعة يفرضها له، بلى، إن الله تبارك و تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدر، علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول، طول عمر العبد الصالح، من غير سبب يوجب ذلك، إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم (عليه السلام)، و ليقطع بذلك حجة المعاندين، لئلا يكون للناس على الله حجة».

__________________________________________________

(1) في «ج، ط»: شيوخ.

(2) تنسّم: تنفّس. «الصحاح- نسم- 5: 2040»، و في المصدر: تسنّموا منّي.

(3) هود 11: 37.

(4) يوسف 12:

110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 95

7702/ [9]-

السيد المعاصر، في كتاب صنعه في الرجعة: عن محمد بن الحسن «1» بن عبد الله الأطروش الكوفي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد البجلي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال:

حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تبارك و تعالى أحد، واحد، تفرد في وحدانيته، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا، ثم خلق من ذلك النور محمدا، و خلقني و ذريتي منه، ثم تكلم بكلمة فصارت روحا، فأسكنه الله في ذلك النور، و أسكنه «2» في أبداننا، فنحن روحه و كلماته، فبنا احتج على خلقه، فما زلنا في ظلة خضراء، حيث لا شمس، و لا قمر، و لا ليل، و لا نهار، و لا عين تطرف، نعبده و نقدسه و نسبحه، و ذلك قبل أن يخلق شيئا، و أخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان و النصرة لنا، و ذلك قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «3» يعني: لتؤمنن بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و لتنصرن وصيه، و سينصروني جميعا.

و إن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (صلى الله عليه و آله) بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا (صلى الله عليه و آله)، و جاهدت بين يديه، و قتلت عدوه، و وفيت لله بما أخذ علي من الميثاق، و العهد، و النصرة لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و لم ينصرني أحد من أنبياء الله

و رسله، و ذلك لما قبضهم الله إليه، و سوف ينصرونني، و يكون لي ما بين مشرقها و مغربها، و ليبعثهم الله أحياء، من لدن آدم إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، كل نبي مرسل، يضربون بين يدي بالسيف هام الأموات و الأحياء، من الثقلين جميعا.

فيا عجباه و كيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء، يلبون زمرة زمرة بالتلبية: لبيك لبيك، يا داعي الله قد تخللوا سكك الكوفة، و قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة، و جبابرتهم، و أتباعهم من جبابرة الأولين و الآخرين، حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا من عبادي، ليس عندهم تقية.

و إن لي الكرة بعد الكرة، و الرجعة بعد الرجعة، و أنا صاحب الرجعات و الكرات، و صاحب الصولات و النقمات، و الدولات العجيبات، و أنا قرن من حديد، و أنا عبد الله و أخو رسوله، و أنا أمين الله و خازنه، و عيبة «4» سره، و حجابه عز وجهه، و صراطه، و ميزانه، و أنا الحاشر إلى الله، و أنا كلمة الله التي يجمع بها المتفرق، و يفرق بها المجتمع، و أنا أسماء الله الحسنى، و أمثاله العليا، و آياته الكبرى، و أنا صاحب الجنة و النار، أسكن أهل الجنة الجنة، و أهل النار النار، و إلي تزويج أهل الجنة، و إلي عذاب أهل النار، و إلي إياب الخلق جميعا و أنا المآب الذي

__________________________________________________

9-

الرجعة للميرزا محمد بن مؤمن الأسترآبادي: 15: «مخطوط».

(1) في «ج، ي، ط»: الحسين. [.....]

(2) في المصدر: و أمكنه.

(3) آل عمران 3: 81.

(4) عيبة الرجل: موضع سرّه. «لسان العرب- عيب- 1: 634».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 96

يؤوب إليه كل شي ء بعد الفناء، و إلي حساب الخلق جميعا. و أنا صاحب المهمات، و أنا المؤذن على الأعراف، و أنا بارز الشمس، و أنا دابة الأرض، و أنا قسيم النار، و أنا خازن الجنان، و أنا صاحب الأعراف، و أنا أمير المؤمنين، و يعسوب المتقين، و آية السابقين، و لسان الناطقين، و خاتم الوصيين، و وارث النبيين، و خليفة رب العالمين، و صراط ربي المستقيم، و قسطاسه «1»، و الحجة على أهل السماوات و الأرضين، و ما فيهما، و ما بينهما.

و أنا الذي احتج الله بي عليكم في ابتداء خلقكم، و أنا الشاهد يوم الدين، و أنا الذي علمت المنايا و البلايا، و القضايا، و فصل الخطاب، و الأنساب «2»، و استحفظت آيات النبيين المستحقين و المستحفظين، و أنا صاحب العصا و الميسم «3»، و أنا الذي سخر لي السحاب، و الرعد، و البرق، و الظلم، و الأنوار، و الرياح، و الجبال، و البحار، و النجوم، و الشمس، و القمر، و أنا الذي أهلكت عادا و ثمود و أصحاب الرس و قرونا بين ذلك كثيرا، و أنا الذي ذللت الجبابرة، و أنا صاحب مدين، و مهلك فرعون، و منجي موسى، و أنا القرن الحديد، و أنا فاروق الأمة، و أنا الهادي عن الضلالة، و أنا الذي أحصيت كل شي ء عددا بعلم الله الذي أودعنيه، و سره الذي أسره إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، و أسره

النبي إلي، و أنا الذي أنحلني ربي اسمه و كلمته و حكمته و علمه و فهمه.

يا معشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، اللهم إني أشهدك و أستعديك «4» عليهم، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، و الحمد لله مبتلين» «5».

7703/ [10]- الطبرسي: اختلف في الآية، و ذكر الأقوال، إلى أن قال: و

المروي عن أهل البيت (عليهم السلام): أنها في المهدي من آل محمد (صلى الله عليه و آله).

7704/ [11]- ثم

قال: و روى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين (عليه السلام)، أنه قرأ الآية و قال: «هم و الله شيعتنا أهل البيت، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منا، و هو مهدي هذه الامة، و هو الذي قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي، اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا».

ثم قال الطبرسي: و روي مثل ذلك عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام) «6».

7705/ [12]- الطبرسي: في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، يذكر فيه من تقدم عليه، فقال (عليه السلام):

__________________________________________________

10- مجمع البيان 7: 239.

11- مجمع البيان 7: 239، و ذيل الحديث في الفصول المهمة: 294، و منتخب كنز العمال 6: 30.

12- الاحتجاج: 256.

(1) القسطاس: أقوم الموازين. «لسان العرب- قسط- 7: 377».

(2) (و الأنساب) لس في المصدر.

(3) المسم: الحديدة التي يكوى بها. «لسان العرب- و سم- 12: 636».

(4) استعداه: استنصره و استعانه. «لسان العرب- عدا- 15: 39».

(5) في المصدر: للّه متعيّن أمره.

(6) مجمع البيان 7: 240.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 97

«مثل ما أتوه من

الاستيلاء على أمر الامة، كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله تبارك و تعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله، و يحق القول على الكافرين، و يقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه بقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، و ذلك إذا لم يبق من الإسلام إلا اسمه، و من القرآن إلا رسمه، و غاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، و عند ذلك يؤيده الله بجنود لم يروها، و يظهر دين نبيه (صلى الله عليه و آله) على يديه على الدين كله، و لو كره المشركون».

7706/ [13]- ابن شهر آشوب: عن تفسيري أبي عبيدة، و علي بن حرب الطائي، قال عبد الله بن مسعود:

الخلفاء أربعة: آدم: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «1» و داود: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ «2» يعني بيت المقدس، و هارون، و قال موسى: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي «3»، و علي (عليه السلام): وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني عليا (عليه السلام) لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ.

و قوله: كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ آدم و داود و هارون، وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ يعني الإسلام، وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يعني أهل مكة، يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ بولاية علي بن أبي طالب، فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ يعني العاصين لله و لرسوله.

و

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من لم يقل إني رابع الخلفاء، فعليه لعنة الله»

ثم ذكر نحو هذا المعنى.

سورة النور(24): آية 58 ..... ص : 96

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ

الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَ حِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ- إلى قوله تعالى- وَ لا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ [58]

7707/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، و محمد بن يحيى،

__________________________________________________

13- المناقب 3: 63.

1- الكافي 5: 529/ 1. [.....]

(1) البقرة 2: 30.

(2) ص 38: 26.

(3) الأعراف 7: 142.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 98

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، جميعا عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يستأذن الذين ملكت أيمانكم، و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات، كما أمركم الله عز و جل، و من بلغ الحلم فلا يلج على امه، و لا على أخته، و لا على خالته، و لا على سوى ذلك إلا بإذن، فلا تأذنوا حتى يسلم، و السلام «1» طاعة لله عز و جل».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات، إذا دخل في شي ء منهن، و لو كان بيته في بيتك- قال- و ليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة، و حين تصبح، و حين تضعون ثيابكم من الظهيرة، و إنما أمر الله عز و جل بذلك للخلوة، فإنها ساعة غرة و خلوة».

7708/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل الَّذِينَ مَلَكَتْ

أَيْمانُكُمْ، قال: «هي خاصة في الرجال دون النساء».

قلت: فالنساء يستأذن في هذه الثلاث ساعات؟ قال: «لا، و لكن يدخلن و يخرجن».

وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ قال: «من أنفسكم- قال- عليكم استئذان كاستئذان من قد بلغ، في هذه الثلاث ساعات».

7709/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، جميعا، عن محمد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَ حِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَ لا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ و من بلغ الحلم منكم، فلا يلج على امه، و لا على ابنته، و لا على أخته، و لا على من سوى ذلك إلا بإذن، و لا يأذن لأحد حتى يسلم، فإن السلام طاعة الرحمن».

7710/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن ربعي ابن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ قيل: من هم؟

قال: «هم المملوكون من الرجال، و النساء، و الصبيان الذين لم يبلغوا، يستأذنوا عليكم عند هذه الثلاث عورات: من بعد صلاة العشاء، و هي العتمة، و حين تضعون ثيابكم من الظهيرة، و من قبل صلاة الفجر، و يدخل

__________________________________________________

2- الكافي 5: 529/ 2.

3- الكافي 5: 530/

3.

4- الكافي 5: 530/ 4.

(1) في «ط»: السلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 99

مملوككم و غلمانكم من بعد هذه الثلاث عورات بغير «1» إذن، إن شاءوا».

7711/ [5]- الطبرسي، في قوله: مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ: معناه مروا عبيدكم و إماءكم أن يستأذنوا عليكم إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم، عن ابن عباس.

و قيل: أراد العبيد خاصة، عن ابن عمر. قال: و هو المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة النور(24): آية 60 ..... ص : 99

قوله تعالى:

وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [60]

7712/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: أَنْ يَضَعْنَ «2» ثِيابَهُنَّ، قال: «الخمار و الجلباب».

قلت: بين يدي من كان؟ فقال: «بين يدي من كان، غير متبرجة بزينة، فإن لم تفعل فهو خير لها، و الزينة التي يبدين لهن شي ء في الآية الاخرى» «3».

7713/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القواعد من النساء ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن،- قال-: تضع الجلباب وحده».

7714/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال: «الجلباب».

7715/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن

أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي

__________________________________________________

5- مجمع البيان 7: 242.

1- الكافي 5: 522/ 1.

2- الكافي 5: 522/ 2.

3- الكافي 5: 522/ 3.

4- الكافي 5: 522/ 4.

(1) في «ط، ج»: بعد.

(2) زاد في «ط»: من. [.....]

(3) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «لهنّ شي ء» أي شي ء يثبت لهنّ جوازه في الآية الاخرى، و هي قوله عزّ و جلّ: إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها فإنّ ما سوى ذلك داخل في النهي عن التبرّج بها، و لا يبعد أن يكون «لهنّ» تصحيف «هي». مرآة العقول 20: 345.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 100

عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: أَنْ يَضَعْنَ «1» ثِيابَهُنَّ، قال: «الجلباب و الخمار، إذا كانت المرأة مسنة».

7716/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن عمرو بن جبير العرزمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاءت امرأة إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فسألته عن حق الزوج على المرأة، فخبرها، ثم قالت: فما حقها عليه؟ قال: لا، قالت: لا و الله، لا تزوجت أبدا. ثم ولت، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ارجعي. فرجعت، فقال: إن الله عز و جل يقول: وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ».

7717/ [6]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القواعد من النساء، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ فقال:

«الجلباب، إلا أن تكون أمة، فليس عليها جناح أن تضع خمارها».

7718/ [7]- و

عنه: بإسناده عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد،

عن علي بن أحمد، عن يونس، قال: ذكر الحسين أنه كتب إليه يسأله عن حد القواعد من النساء اللاتي إذا بلغت جاز لها أن تكشف رأسها و ذراعها؟

فكتب (عليه السلام): «من قعدن عن النكاح».

7719/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في العجائز اللاتي قد يئسن من المحيض و التزويج، أن يضعن الثياب، ثم قال: وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ، قال: أي لا يظهرن للرجال.

سورة النور(24): آية 61 ..... ص : 100

قوله تعالى:

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ- إلى قوله تعالى- لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً [61]

7720/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

5- الكافي 5: 511/ 2.

6- التهذيب 7: 480/ 1928.

7- التهذيب 7: 467/ 1871.

8- تفسير القمي 2: 108.

1- تفسير القمي 2: 108.

(1) زاد في «ط»: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 101

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ.

قال: «و ذلك أن أهل المدينة، قبل أن يسلموا، كانوا يعتزلون الأعمى و الأعرج و المريض، و كانوا لا يأكلون معهم، و كان الأنصار فيهم تيه «1» و تكرم «2»، فقالوا: إن الأعمى لا يبصر الطعام، و الأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام، و المريض لا يأكل كما يأكل الصحيح، فعزلوا لهم طعامهم على ناحية، و كانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناحا، و كان الأعمى و المريض يقولون: لعلنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم. فاعتزلوا مؤاكلتهم. فلما قدم النبي (صلى الله عليه و آله) سألوه عن ذلك، فأنزل الله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ

تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً».

7721/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ إلى آخر الآية، قلت: ما يعني بقوله: أَوْ صَدِيقِكُمْ؟ قال: «هو و الله الرجل يدخل بيت صديقه، فيأكل بغير إذنه».

7722/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ، قال:

«هؤلاء الذين سمى الله عز و جل في هذه الآية، تأكل بغير إذنهم من التمر و المأدوم، و كذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه، و أما ما خلا ذلك من الطعام، فلا».

7723/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن هذه الآية: وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ الآية، قال: «ليس عليك جناح فيما أطعمت «3» أو أكلت مما ملكت مفاتحه، ما لم تفسده».

7724/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ، قال: «الرجل يكون له وكيل يقوم في ماله، فيأكل بغير إذنه».

7725/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد،

عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «للمرأة أن تأكل، و أن تتصدق من بيت زوجها «4»، و للصديق أن يأكل من بيت

__________________________________________________

2- الكافي 6: 277/ 1.

3- الكافي 6: 277/ 2.

4- الكافي 6: 277/ 4.

5- الكافي 6: 277/ 5.

6- الكافي 6: 277/ 3.

(1) التيه: الصلف و الكبر. «القاموس المحيط 4: 284».

(2) التكرم: التنزّه. «القاموس المحيط 4: 172». [.....]

(3) في المصدر: طعمت.

(4) (من بيت زوجها) ليس في «ج» و الصمدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 102

أخيه، و أن يتصدق».

7726/ [7]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ الآية، قال: «بإذن، و بغير إذن».

7727/ [8]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، و آخى بين المسلمين، من المهاجرين و الأنصار، و آخى بين أبي بكر و عمر، و بين عثمان و عبد الرحمن بن عوف، و بين طلحة و الزبير، و بين سلمان و أبي ذر، و بين المقداد و عمار، و ترك أمير المؤمنين (عليه السلام)، فاغتم من ذلك غما شديدا، فقال: «يا رسول الله، بأبي أنت و امي، لم لا تؤاخي بيني و بين أحد؟» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و الله- يا علي- ما حبستك إلا لنفسي، أما ترضى أن تكون أخي، و أنا أخوك في الدنيا و الآخرة؟ و أنت وصيي، و وزيري، و خليفتي في امتي، تقضي ديني، و تنجز عداتي، و

تتولى غسلي، و لا يليه غيرك، و أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» فاستبشر أمير المؤمنين بذلك، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحدا من أصحابه في غزاة، أو سرية، يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين، و يقول له: خذ ما شئت، و كل ما شئت فكانوا يمتنعون من ذلك، حتى ربما فسد الطعام في البيت، فأنزل الله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً، يعني إن حضر صاحبه، أو لم يحضر، إذا ملكتم مفاتحه.

7728/ [9]- (كشف الغمة): قال عبد الله بن الوليد: قال لنا الباقر (عليه السلام) يوما: «أ يدخل أحدكم يده كم صاحبه، فيأخذ ما يريد؟». قلنا: لا. قال: «فلستم إخوانا كما تزعمون».

قوله تعالى:

فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [61]

7729/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ الآية، قال: «هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثم يردون عليه، فهو سلامكم على أنفسكم».

7730/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: «إذا دخل الرجل

__________________________________________________

7- المحاسن: 415/ 171.

8- تفسير القمّي 2: 109.

9- كشف الغمة 2: 118.

1- معاني الأخبار: 162/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 109.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 103

منكم بيته، فإن كان فيه أحد، يسلم عليهم، و إن لم يكن فيه أحد، فليقل: السلام

علينا من عند ربنا، يقول الله:

تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً».

و قيل: إذا لم ير الداخل بيتا أحدا فيه، يقول: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، يقصد به الملكين اللذين عليه.

7731/ [3]- الطبرسي: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثم يردون عليه، فهو سلامكم على أنفسكم».

سورة النور(24): آية 62 ..... ص : 103

قوله تعالى:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ- إلى قوله تعالى- فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ [62] 7732/ [1]- قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى قوله تعالى حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ فانها نزلت في قوم كانوا إذا جمعهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمر من الأمور، في بعث يبعثه، أو حرب قد حضرت، يتفرقون بغير إذنه، فنهاهم الله عز و جل عن ذلك.

7733/ [2]- و

عنه، في قوله تعالى: فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ، قال: نزلت في حنظلة بن أبي عياش «1» و ذلك أنه تزوج في الليلة التي في صبيحتها حرب احد، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقيم عند أهله، فأنزل الله هذه الآية فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ، فأقام عند أهله، ثم أصبح و هو جنب، فحضر القتال، و استشهد، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن في صحائف فضة، بين السماء و الأرض» فكان يسمى غسيل الملائكة.

قال مؤلف هذا الكتاب: إن الآية نزلت في حنظلة بن أبي عامر، تقدم ذلك في آل عمران، في خبر واحد، من رواية علي بن إبراهيم أيضا «2».

سورة النور(24): آية 63 ..... ص : 103

قوله تعالى:

لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً- إلى قوله

__________________________________________________

3- مجمع البيان 7: 247.

1- تفسير القمّي 2: 109.

2- تفسير القمّي 2: 110.

(1) كذا، و الصحيح ابن أبي عامر، و سيأتي التنويه من المصنّف لا حقا، و انظر اسد الغابة 2: 69.

(2) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآية (123) من سورة آل عمران.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 104

تعالى- أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ

عَذابٌ أَلِيمٌ [63]

7734/ [1]- السيد الرضي في كتاب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة)، قال: أخبرنا أبو منصور زيد بن طاهر، و بشار البصري، قالا: قدم علينا بواسط أبو الحسين محمد بن يعقوب الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عدي، عن محمد بن علي الأيلي، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن عبد الله بن محمد بن أبي مريم، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن امه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهما السلام)، قالت: «علي سيدي (صلوات الله و سلامه عليه) قرأ هذه الآية: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً- قالت فاطمة- فجئت النبي (صلى الله عليه و آله) أن أقول له: يا أباه، فجعلت أقول: يا رسول الله. فأقبل علي، و قال: يا بنية، لم تنزل فيك و لا في أهلك من قبل، قال: أنت مني، و أنا منك، و إنما نزلت في أهل الجفاء، و إن قولك: يا أباه، أحب إلى قلبي، و أرضى للرب، ثم قال: أنت نعم الولد، و قبل وجهي، و مسحني من ريقه، فما احتجت إلى طيب بعده».

7735/ [2]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: لا تدعوا رسول الله كما يدعو بعضكم بعضا. ثم قال:

فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ- يعني بلية- أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال: القتل.

7736/ [3]- و

عنه، قال: و في رواية أبي الجارود: عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قال: «يقول: لا تقولوا يا محمد، و لا يا أبا القاسم، و لكن قولوا: يا نبي الله، و يا رسول الله، قال الله: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ

أَمْرِهِ أي يعصون أمره أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

7737/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن حسان، عن أبي علي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا تذكروا سرنا بخلاف علانيتنا، و لا علانيتنا بخلاف سرنا، حسبكم أن تقولوا ما نقول، و تصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز و جل لم يجعل لأحد من الناس في خلافنا خيرا، إن الله عز و جل يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

7738/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل، عن محمد بن عبد الحميد، عن يونس، عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، قال: «فتنة في دينه، أو جراحة لا يأجره الله عليها».

__________________________________________________

1- ... مناقب المغازلي: 364/ 411.

2- تفسير القمّي 2: 110. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 110.

4- الكافي 8: 87/ 51.

5- الكافي 8: 223/ 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 105

المستدرك (سورة النور) ..... ص : 105

سورة النور(24): آية 15 ..... ص : 105

قوله تعالى:

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ [15]

[1]- ابن بابويه في كتاب (من لا يحضره الفقيه) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية (رضي الله عنه): «يا بني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله تبارك و تعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة، و يسألك عنها، و ذكرها و وعظها و حذرها و أدبها و لم يتركها سدى، فقال

الله عز و جل: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «1» و قال عز و جل: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ثم استعبدها بطاعته فقال عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «2» فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، و قال عز و جل: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «3» يعني بالمساجد الوجه و اليدين و الركبتين و الإبهامين، و قال عز و جل: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ «4» يعني بالجلود الفروج».

__________________________________________________

1- من لا يحضره الفقيه 2: 381/ 1627.

(1) الإسراء 17: 36.

(2) الحج 22: 77.

(3) الجنّ 72: 18.

(4) فصلت 41: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 106

سورة النور(24): آية 53 ..... ص : 106

قوله تعالى:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ

[53]

[1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن مندل، عن بكار بن أبي بكر، عن عبد الله بن عجلان، قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: كيف لنا أن نعلم ذلك؟ فقال: «يصبح أحدكم و تحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة».

سورة النور(24): آية 56 ..... ص : 106

قوله تعالى:

وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ [56]

[2]- محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن علي بن حديد، عن عثمان بن رشيد، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل قرن الزكاة بالصلاة، فقال: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ، فمن أقام الصلاة، و لم يؤت الزكاة، لم يقم الصلاة».

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 654/ 22.

2- الكافي 3: 506/ 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 109

سورة الفرقان ..... ص : 109

فضلها ..... ص : 109

7739/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «يا ابن عمار، لا تدع قراءة سورة تبارك الذي نزل الفرقان على عبده، فإن من قرأها في كل ليلة، لم يعذبه الله أبدا، و لم يحاسبه، و كان منزله في الفردوس الأعلى».

7740/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة بعثه الله يوم القيامة و هو موقن أن الساعة آتية لا ريب فيها، و دخل الجنة بغير حساب، و من كتبها و علقها عليه ثلاثة أيام لم يركب جملا و لا دابة إلا ماتت بعد ركوبه بثلاثة أيام، فإن وطئ زوجته و هي حامل طرحت ولدها في ساعته، و إن دخل على قوم بينهم بيع و شراء لم يتم لهم ذلك، و فسد ما كان بينهم، و لم يتراضوا على ما كان بينهم من بيع و شراء».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109.

2- خواص القرآن: 9: 45 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 111

سورة الفرقان(25): آية 1 ..... ص : 111

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [1]

7741/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن سنان، عمن ذكره، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان، أ هما شيئان، أو شي ء واحد؟ فقال (عليه السلام): «القرآن: جملة الكتاب، و الفرقان: المحكم الواجب العمل به».

7742/ [2]- ابن بابويه: بإسناده عن يزيد بن سلام، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: لم سمي الفرقان فرقانا؟ قال: «لأنه متفرق الآيات، و السور، انزل في غير الألواح، و غيره من الصحف، و التوراة، و

الإنجيل، و الزبور، أنزلت كلها جملة في الألواح «1» و الورق».

7743/ [3]- المفيد في (الاختصاص) في حديث مسائل عبد الله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه و آله) قال:

فأخبرني، هل أنزل الله عليك كتابا؟ قال: «نعم» قال: و أي كتاب هو؟ قال: «الفرقان». قال: و لم سماه ربك فرقانا؟

قال: «لأنه متفرق الآيات و السور، انزل في غير الألواح، و غيره من الصحف، و التوراة، و الإنجيل، و الزبور، أنزلت كلها جملة في الألواح و الأوراق»، قال: صدقت، يا محمد.

__________________________________________________

1- الكافي 2: 461/ 11.

2- علل الشرائع: 470/ 33. [.....]

3- الاختصاص: 44.

(1) (و غيره من ... في الألواح) ليس في «ج، ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 112

سورة الفرقان(25): الآيات 2 الي 6 ..... ص : 112

اشارة

قوله تعالى:

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [2- 6] 7744/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم مدح الله عز و جل نفسه، فقال: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إلى قوله تعالى: تَقْدِيراً.

ثم احتج عز و جل على قريش في عبادة الأصنام، فقال: وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ إلى قوله تعالى: وَ لا نُشُوراً ثم حكى عز و جل أيضا، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا يعني القرآن إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَ أَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ قالوا: إن هذا الذي يقرؤه محمد، و يخبرنا به، إنما يتعلمه من اليهود، و يكتبه من علماء النصارى، و يكتب عن رجل يقال له: ابن قبيصة «1»، ينقله عنه بالغداة و العشي. فحكى الله سبحانه قولهم، و رد عليهم، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ إلى قوله: بُكْرَةً وَ أَصِيلًا، فرد الله عليهم، فقال: قُلْ

يا محمد أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً.

7745/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم، و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ قال: «الإفك: الكذب وَ أَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ يعنون أبا فكيهة، و حبرا «2»، و عداسا، و عابسا «3» مولى حويطب، و قوله: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فهو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة، قال: أساطير الأولين اكتتبها محمد، فهي تملى عليه بكرة و أصيلا».

حديث إسلام عداس ..... ص : 112

7746/ [3]- عمر بن إبراهيم الأوسي: قيل: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما مات أبو طالب، لج المشركون في أذيته، فصار يعرض نفسه على القبائل بالإسلام، و الإيمان، فلم يأت أحدا من القبائل إلا صده و رده، فقال بعضهم:

قوم الرجل أعلم به، أ ترون أن رجلا يصلحنا، و هو قد أفسد قومه؟ فعمد إلى ثقيف بالطائف، فوجد ساداتهم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 110.

2- تفسير القمّي 2: 111.

3- ... نحوه في تاريخ الطبري 2: 344.

(1) في المصدر: قبيطة.

(2) في «ج»: جبر.

(3) في «ي، ط»: عباسا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 113

جلوسا، و هم ثلاثة اخوة، فعرض عليهم الإسلام، و حذرهم من النار، و غضب الجبار، فقال بعضهم: أنا أسرق ثياب الكعبة، إن كان بعثك الله نبيا. قال آخر: يا محمد، أعجز الله أن يرسل غيرك! و قال الآخر: لا تكلموه، إن كان رسولا من الله كما يزعم، فهو أعظم قدرا من أن يكلمنا، و إن كان كاذبا على الله، فهو أسرف بكلامه. و جعلوا يستهزئون به، فجعل يمشي، كلما وضع قدما، وضعوا له صخرة، فما فرغ من أرضهم إلا و قدماه تشخب دما، فعمد

لحائط من كرومهم، و جلس مكروبا، فقال: «اللهم، إني أشكوا إليك غربتي، و كربتي، و هواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، أنت رب المكروبين، اللهم إن لم يكن بك علي غضب فلا ابالي، و لكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بك من سخطك، و بمعافاتك و من عقوبتك، و بك منك، لا احصي الثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، لك الحمد حتى ترضى، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم».

قيل: و كان في الكرم عتبة بن ربيعة، و شيبة، فكره أن يأتيهما، لما يعلم من عداوتهما، فقالا لغلام لهما، يقال له عداس: خذ قطفين من العنب، و قدحا من الماء، و أذهب بهما إلى ذلك الرجل، و إنه سيسألك: أ هدية، أم صدقة؟ فإن قلت صدقة، لم يقبلها، بل قل: هدية. فمضى، و وضعه بين يديه، فقال: «هدية، أم صدقة؟» فقال:

هدية. فمد يده، و قال: «بسم الله الرحمن الرحيم» و كان عداس نصرانيا، فلما سمعه تعجب منه، و صار ينظره، فقال له: «يا عداس، من أين؟» قال: من أهل نينوى. قال: «من مدينة الرجل الصالح أخي يونس بن متى؟» قال: و من أعلمك؟ فأخبره بقصته، و بما اوحي إليه. فقال: و من قبله؟ فقال: «نوح و لوط» و أخبره بالقصة فخر ساجدا لله، و جعل يقبل يديه، و أسياده ينظرون إليه، فقال أحدهما للآخر: سحر غلامك. فلما أتاهما، قالا له: ما شأنك، سجدت و قبلت يديه! فقال: يا أسيادي، ما على وجه الأرض أشرف، و لا ألطف، و لا أخير منه. قالوا: و لم ذلك؟

قال: حدثني بأنبياء ماضية، و نبينا يونس بن متي. فقالا: يا ويلك، فتنك عن دينك؟

فقال: و الله إنه نبي مرسل. قالا له: ويحك، عزمت قريش على قتله، فقال، هو و الله يقتلهم و يسودهم و يشرفهم، إن تبعوه دخلوا الجنة، و خاب من لا يتبعه. فقاما يريدان ضربه، فركض للنبي (صلى الله عليه و آله) و أسلم.

سورة الفرقان(25): الآيات 7 الي 10 ..... ص : 113

قوله تعالى:

وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ- إلى قوله تعالى- وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً [7- 10] 7747/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله قولهم أيضا، فقال: وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها، فرد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 114

الله عز و جل عليهم، فقال: وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً «1»، أي اختبارا. فعير رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالفقر، فقال الله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً.

و قد تقدم حديث في هذه الآية، في قوله تعالى: وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً «2» من سورة الإسراء.

7748/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل بن جميل الرقي، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية هكذا: وَ قالَ الظَّالِمُونَ لآل محمد حقهم إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ

كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا- قال: إلى ولاية علي (عليه السلام)، و علي (عليه السلام) هو السبيل».

و عنه، قال: حدثني محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «3».

7749/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قرأ: «وَ قالَ الظَّالِمُونَ لآل محمد حقهم إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً، يعنون محمدا (صلى الله عليه و آله)، فقال الله عز و جل لرسوله: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا إلى ولاية علي (عليه السلام)، و علي (عليه السلام) هو السبيل».

سورة الفرقان(25): آية 11 ..... ص : 114

قوله تعالى:

بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً [11]

7750/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله، قال: أخبرنا محمد بن جعفر

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 111.

3- تأويل الآيات 1: 371/ 1.

1- الغيبة: 85/ 15.

(1) الفرقان 25: 20.

(2) الاسراء 17: 90. [.....]

(3) تفسير القمّي 2: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 115

القرشي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «الليل اثنتا عشرة ساعة، و النهار اثنتا عشرة ساعة، و الشهور اثنا عشر شهرا، و الأئمة اثنا عشر إماما، و النقباء اثنا عشر نقيبا، و إن عليا (عليه السلام) ساعة من اثنتي عشرة

ساعة، و هو قول الله عز و جل: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً».

7751/ [1]- و

عنه، قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدثني الحسن بن أيوب، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً؟ فقال لي: «إن الله خلق السنة اثني عشر شهرا، و جعل الليل اثنتي عشرة ساعة، و جعل النهار اثنتي عشرة ساعة، و منا اثني عشر محدثا، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ساعة من تلك الساعات».

7752/ [2]-

علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثني الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن عمر الكلبي، عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الليل و النهار اثنتا عشرة ساعة، و إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أشرف ساعة من اثنتي عشرة ساعة، و هو قول الله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً».

7753/ [3]-

ابن شهر آشوب: عن علي بن حاتم، في كتاب (الأخبار) لأبي الفرج بن شاذان، أنه نزل قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ يعني كذبوا بولاية علي (عليه السلام)، قال: و هو المروي عن الرضا (عليه السلام).

سورة الفرقان(25): الآيات 12 الي 14 ..... ص : 115

قوله تعالى:

إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ- إلى قوله تعالى- ثُبُوراً كَثِيراً [12- 14] 7754/ [4]-

علي بن إبراهيم، إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، قال: من مسيرة سنة.

قال الطبرسي: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

7755/ [5]- علي بن

إبراهيم: سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَ زَفِيراً وَ إِذا أُلْقُوا مِنْها أي فيها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ قال: مقيدين، بعضهم مع بعض دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً.

__________________________________________________

1- الغيبة: 84/ 13.

2- تفسير القمّي 2: 112.

3- المناقب 3: 103.

4- تفسير القمّي 2: 112.

5- تفسير القمّي 2: 112.

(1) مجمع البيان 7: 257.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 116

7756/ [1]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الكاتب، قال: حدثنا محمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني عيسى بن مهران، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثني كثير بن طارق، قال: سألت زيد بن علي بن الحسن (عليه السلام) عن قول الله تعالى: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً.

قال: يا كثير، إنك رجل صالح، و لست بمتهم، و إني أخاف عليك أن تهلك، إن كل إمام جائر، فإن أتباعه إذا امر بهم إلى النار نادوه باسمه، فقالوا: يا فلان، يا من أهلكنا، هلم الآن فخلصنا مما نحن فيه، ثم يدعون بالويل و الثبور، فعندها يقال لهم: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً.

ثم قال زيد بن علي (رحمه الله): حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): يا علي، أنت و أصحابك في الجنة. يا علي، أنت و أتباعك في الجنة».

سورة الفرقان(25): الآيات 17 الي 19 ..... ص : 116

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ- إلى قوله تعالى- صَرْفاً وَ لا نَصْراً [17- 19] 7757/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر عز و جل احتجاجه على الملحدين، و عبدة الأصنام و النيران يوم القيامة، و عبدة الشمس و القمر و الكواكب، و غيرهم، فقال: وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَ

ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ الله لمن عبدوهم: أَ أَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ فيقولون: ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ إلى قوله تعالى قَوْماً بُوراً أي قوم سوء.

ثم يقول الله عز و جل للناس الذين عبدوهم: فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَ لا نَصْراً.

7758/ [3]- ابن بابويه، بإسناده عن امية بن يزيد القرشي، قال: قيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): ما العدل، يا رسول الله؟ قال: «الفدية». قال: قيل: ما الصرف، يا رسول الله؟ قال: «التوبة».

سورة الفرقان(25): آية 20 ..... ص : 116

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ رَبُّكَ بَصِيراً [20] 7759/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً: أي اختبارا.

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 56.

2- تفسير القمّي 2: 112.

3- معاني الأخبار: 265/ 2.

4- تفسير القمّي 2: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 117

7760/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، قال: حدثني مولاي أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال: «جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)، فأغلق عليهم الباب، فقال: يا أهلي و أهل الله، إن الله عز و جل يقرأ عليكم السلام، و هذا جبرئيل معكم في البيت، و يقول:

إن الله عز و جل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة، فما تقولون؟ قالوا: نصبر- يا رسول الله- لأمر الله، و ما نزل من قضائه، حتى نقدم على الله عز و جل،

و نستكمل جزيل ثوابه، و قد سمعناه يعد الصابرين الخير كله فبكى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ وَ كانَ رَبُّكَ بَصِيراً أنهم سيصبرون، أي سيصبرون كما قالوا (صلوات الله عليكم أجمعين)».

سورة الفرقان(25): آية 22 ..... ص : 117

قوله تعالى:

يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً [22] 7761/ [2]- علي بن إبراهيم: أي قدرا مقدورا.

7762/ [3]- و

في كتاب (الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر حديث قبض روح الكافر، قال (عليه السلام): «فإذا بلغت الحلقوم، ضربت الملائكة وجهه و دبره، و قيل: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ «1»، و ذلك قوله تعالى: يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً فيقولون: حراما عليكم الجنة محرما».

سورة الفرقان(25): آية 23 ..... ص : 117

قوله تعالى:

وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [23]

7763/ [4]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 372/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 112.

3- الاختصاص: 359. [.....]

4- الكافي 2: 66/ 5.

(1) الأنعام 6: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 118

سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول عز و جل: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً، قال: «أما و الله، لقد كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي «1»، و لكن كانوا إذا عرض لهم حرام لم يدعوه».

7764/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً، قال: «إن كانت أعمالهم لأشد بياضا من القباطي،

فيقول الله عز و جل لها: كوني هباء و ذلك أنهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه».

7765/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي، ثم يقال له: كن هباء منثورا».

ثم قال: «أما و الله- يا أبا حمزة- إنهم كانوا يصومون، و يصلون، و لكن كانوا إذا عرض لهم شي ء من الحرام أخذوه، و إذا ذكر لهم شي ء مكن فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) أنكروه- قال- و الهباء المنثور: هو الذي تراه يدخل البيت من الكوة، من شعاع الشمس».

7766/ [4]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور بزرج، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن الأعمال تعرض كل خميس على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا كان يوم عرفة، هبط الرب تبارك و تعالى «2»، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً».

فقلت: جعلت فداك، أعمال من هذه؟ فقال: «أعمال مبغضينا، و مبغضي شيعتنا».

7767/ [5]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: عن حذيفة بن اليمان، رفعه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن قوما يجيئون يوم القيامة، و لهم من الحسنات أمثال الجبال، فيجعلها الله هباء منثورا، ثم يؤمر بهم إلى النار».

فقال سلمان: صفهم «3» لنا، يا رسول الله. فقال: «أما إنهم قد كانوا يصومون و يصلون، و يأخذون اهبة «4» من الليل،

__________________________________________________

2- الكافي 5: 126/ 10.

3- تفسير القمّي 2: 112.

4- بصائر الدرجات: 446/

15.

5- إرشاد القلوب: 191.

(1) القباطيّ، جمع القبطيّة، و هي ثياب بيض رقاق من كتّان. «الصحاح- قبط- 3: 1151».

(2) أي هبط أمره تبارك و تعالى.

(3) في «ط»: جلّهم.

(4) الأهبة: العدّة. «لسان العرب- أهب- 1: 217».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 119

و لكنهم كانوا إذا عرض لهم شي ء من الحرام وثبوا إليه».

7768/ [6]- الشيخ أحمد بن فهد في كتاب (عدة الداعي)̠قال: روى الشيخ أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد «1» القمي نزيل الري، في كتابه (المنبئ عن زهد النبي (صلى الله عليه و آله)، عن عبد الرحمن «2»، عمن حدثه، عن معاذ بن جبل، قال: قلت: حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و حفظته من دقة ما حدثك به. قال:

نعم و بكى معاذ، ثم قال: بأبي و امي، حدثني و أنا رديفه- قال- بينا نحن نسير، إذ رفع بصره إلى السماء، فقال:

«الحمد لله الذي يقضي في خلقه ما أحب» ثم قال: «يا معاذ» قلت: لبيك، يا رسول الله، و سيد المؤمنين. قال: «يا معاذ» قلت لبيك، يا رسول الله، إمام الخير، و نبي الرحمة، فقال: «أحدثك شيئا ما حدث به نبي أمته، إن حفظته نفعك عيشك، و إن سمعته و لم تحفظه انقطعت حجتك عند الله».

ثم قال: «إن الله خلق سبعة أملاك، قبل أن يخلق السماوات، فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته، و جعل على كل باب من أبواب السماوات ملكا بوابا، فتكتب الحفظة عمل العبد، من حين يصبح إلى حين يمسي، ثم ترتفع «3» الحفظة بعمله، و له نور كنور الشمس، حتى إذا بلغ سماء الدنيا، فتزكيه، و تكثره، فيقول الملك:

قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا

ملك الغيبة، فمن اغتاب فلا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، أمرني بذلك ربي».

قال (صلى الله عليه و آله): «ثم تجي ء الحفظة من الغد، و معهم عمل صالح فتمر به، فتزكيه، و تكثره، حتى يبلغ السماء الثانية، فيقول الملك الذي في السماء الثانية: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، إنما أراد بهذا عرض الدنيا، أنا صاحب الدنيا، لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».

قال: «ثم تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا بصدقة، و صلاة، فتعجب به الحفظة، و تجاوز به إلى السماء الثالثة، فيقول الملك: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه و ظهره، أنا ملك صاحب الكبر. فيقول: إنه عمل و تكبر على الناس في مجالسهم، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد، يزهر كالكواكب الدري في السماء، له دوي بالتسبيح، و الصوم، و الحج، فتمر به إلى السماء الرابعة. فيقول لهم الملك: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه، أنا ملك العجب، إنه كان يعجب بنفسه، و إنه عمل و أدخل نفسه العجب، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد، كالعروس المزفوفة إلى أهلها، فتمر به إلى ملك السماء الخامسة،

__________________________________________________

6- عدة الداعي: 242.

(1) في «ج، ي، ط»: أبو محمد جعفر بن أحمد بن علي، و في المصدر: أبو جعفر محمد بن أحمد بن علي، راجع رجال الطوسي: 457/ 1، جامع الرواة 1: 154.

(2) (عبد الرحمن) ليس في «ج»، و في المصدر: عبد الواحد.

(3) في نسخة من «ط»: ترد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 120

بالجهاد، و الصلاة «1» ما بين الصلاتين، و لذلك العمل رنين كرنين الإبل، عليه ضوء

كضوء الشمس. فيقول الملك:

قفوا، أنا ملك الحسد، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، و احملوه على عاتقه، إنه كان يحسد من يتعلم أو يعمل لله بطاعته، و إذا رأى لأحد فضلا في العمل و العبادة حسده و وقع فيه، فيحمله على عاتقه، و يلعنه عمله».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد، من صلاة، و زكاة، و حج، و عمرة، فيتجاوزون به إلى السماء السادسة، فيقول الملك: قفوا، أنا صاحب الرحمة، اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، و اطمسوا عينيه، لأن صاحبه لم يرحم شيئا، و إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنب للآخرة، أو ضر في الدنيا، شمت به، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني».

قال: «فتصعد الحفظة بعمل العبد، بفقه، و اجتهاد، و و ورع، و له صوت كصوت الرعد، و ضوء كضوء البرق، و معه ثلاثة آلاف ملك، فتمر به إلى السماء السابعة، فيقول الملك: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الحجاب، أحجب كل عمل ليس لله، إنه أراد رفعة عند الناس «2»، و ذكرا في المجالس، و صيتا في المدائن، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري ما لم يكن لله خالصا».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من صلاة، و زكاة، و صيام، و حج، و عمرة، و حسن خلق، و صمت، و ذكر كثير، تشيعه ملائكة السماوات و الملائكة السبعة بجماعتهم، فيطوون «3» الحجب كلها، حتى يقوموا بين يدي الله سبحانه، فيشهدوا له بعمل صالح و دعاء، فيقول: أنتم حفظة عمل عبدي، و أنا رقيب على ما في نفسه، إنه لم يردني بهذا العمل، عليه لعنتي. فتقول الملائكة: عليه لعنتك، و لعنتنا» قال: ثم بكى معاذ،

فقال:

قلت: يا رسول الله، ما أعمل و أخلص فيه؟ قال: «اقتد بنبيك- يا معاذ- في اليقين». قال: قلت أنت رسول الله، و أنا معاذ! قال: «و إن كان في عملك تقصير- يا معاذ- فاقطع لسانك عن إخوانك، و عن حملة القرآن، و لتكن ذنوبك عليك، لا تحملها على إخوانك، و لا تزك نفسك بتذميم إخوانك، و لا ترفع نفسك بوضع إخوانك، و لا تراء بعملك، و لا تدخل من الدنيا في الآخرة، و لا تفحش في مجلسك لكي يحذروك لسوء خلقك، و لا تناج مع رجل و أنت مع آخر، و لا تتعظم على الناس فتنقطع عنك خيرات الدنيا، و لا تمزق الناس فتمزقك كلاب أهل النار، قال الله تعالى: وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً «4» أ فتدري ما الناشطات؟ هي كلاب أهل النار، تنشط اللحم و العظم».

قلت: و من يطيق هذه الخصال؟ قال: «يا معاذ، أما إنه يسير على من يسر الله تعالى عليه».

قال: و ما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن، كما يكثر تلاوة هذا الحديث.

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و الصدقة.

(2) في المصدر: القوّاد.

(3) في المصدر: فيطئون.

(4) النازعات 79: 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 121

7769/ [7]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)- في حديث له- قال: «أما الزكاة فقد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أدى الزكاة إلى مستحقها، و قضى الصلاة على حدودها، و لم يلحق بهما من الموبقات ما يبطلهما، جاء يوم القيامة يغبطه كل من في تلك العرصات، حتى يرفعه نسيم الجنة إلى أعلى غرفها و علاليها «1»، بحضرة من كان يواليه من محمد و آله الطيبين (صلوات الله عليهم أجمعين).

و من بخل بزكاته، و أدى صلاته فصلاته محبوسة

دوين السماء، إلى أن يجي ء حين زكاته، فإن أداها جعلت كأحسن الأفراس مطية لصلاته، فحملتها إلى ساق العرش، فيقول الله عز و جل: سر إلى الجنان، و اركض فيها إلى يوم القيامة، فما انتهى إليه ركضك فهو كله بسائر ما تمسه لباعثك. فيركض فيها، على أن كل ركضة مسيرة سنة في قدر لمحة بصره، من يومه إلى يوم القيامة، حتى ينتهي به إلى حيث ما شاء الله تعالى، فيكون ذلك كله له، و مثله عن يمينه، و شماله، و أمامه، و خلفه، و فوقه، و تحته. و إن بخل بزكاته و لم يؤدها، امر بالصلاة فردت إليه، و لفت كما يلف الثوب الخلق، ثم يضرب بها وجهه، و يقال له: يا عبد الله، ما تصنع بهذا دون هذا؟

قال: «فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أسوأ حال هذا! قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو لا أنبئكم بمن هو أسوأ حالا من هذا؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: رجل حضر الجهاد في سبيل الله تعالى، فقتل مقبلا غير مدبر، و الحور العين يتطلعن إليه، و خزان الجنان يتطلعون إلى ورود روحه عليهم، و أملاك السماء و أملاك الأرض يتطلعون إلى نزول الحور العين إليه، و الملائكة خزان الجنان، فلا يأتونه، فتقول ملائكة الأرض حوالي ذلك المقتول: ما بال الحور العين لا ينزلن إليه، و ما بال خزان الجنان لا يردون عليه؟ فينادون من فوق السماء السابعة: يا أيتها الملائكة، انظروا إلى آفاق السماء و دوينها. فينظرون، فإذا توحيد هذا العبد، و إيمانه برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صلاته، و زكاته، و صدقته، و أعمال بره كلها،

محبوسات دوين السماء، و قد طبقت آفاق السماء كلها، كالقافلة العظيمة، قد ملأت ما بين أقصى المشارق و المغارب، و مهاب الشمال و الجنوب، تنادي أملاك تلك الأعمال الحاملون لها، الواردون بها: ما بالنا لا تفتح لنا أبواب السماء، لندخل إليها بأعمال هذا الشهيد؟ فيأمر الله عز و جل بفتح أبواب السماء، فتفتح، ثم ينادي هؤلاء الأملاك: ادخلوها إن قدرتم. فلا تقلهم أجنحتهم، و لا يقدرون على الارتفاع بتلك الأعمال، فيقولون: يا ربنا، لا نقدر على الارتفاع بهذه الأعمال.

فينادي منادي ربنا عز و جل: يا أيها الملائكة، لستم حمالي هذه الأثقال الصاعدين بها، إن حملتها الصاعدين بها مطاياها التي تزفها إلى دوين العرش، ثم تقرها في درجات الجنان. فتقول الملائكة: يا ربنا، ما مطاياها؟ فيقول الله تعالى: و ما الذي حملتم من عنده؟ فيقولون: توحيده لك، و إيمانه بنبيك. فيقول الله تعالى:

فمطاياها موالاة علي أخي نبيي، و موالاة الأئمة الطاهرين، فإن أتت فهي الحاملة، الرافعة، الواضعة لها في الجنان.

فينظرون، فإذا الرجل مع ماله من هذه الأشياء، ليس له موالاة علي بن أبي طالب و الطيبين من آله (عليهم السلام)،

__________________________________________________

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 76/ 39.

(1) العلّالي: جمع العلّيّة، و هي الغرفة. «الصحاح- علا- 6: 2437».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 122

و معاداة أعدائهم، فيقول الله تبارك و تعالى للملائكة الذين كانوا حامليها: اعتزلوها، و الحقوا بمراكزكم من ملكوتي، ليأتيها من هو أحق بحملها، و وضعها في مواضع استحقاقها، فتلحق تلك الأملاك بمراكزها المجعولة لها.

ثم ينادي منادي ربنا عز و جل: يا أيتها الزبانية، تناوليها و حطيها إلى سواء الجحيم، لأن صاحبها لم يجعل لها مطايا من موالاة علي و الطيبين من آله

(عليهم السلام). قال: فينادي تلك الأملاك، و يقلب الله عز و جل تلك الأثقال أوزارا و بلايا على باعثها لما فارقتها مطاياها من موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و نادت تلك الملائكة إلى مخالفته لعلي (عليه السلام)، و مولاته لأعدائه، فيسلطها الله تعالى و هي في صورة الأسود على تلك الأعمال، و هي كالغربان و القرقس «1»، فتخرج من أفواه تلك الأسود نيران تحرقها، و لا يبقى له عمل إلا أحبط، و يبقى عليه موالاته لأعداء علي (عليه السلام)، و جحده ولايته، فيقره ذلك في سواء الجحيم، فإذا هو قد حبطت أعماله، و عظمت أوزاره و أثقاله، فهذا أسوأ حالا من مانع الزكاة الذي يحفظ الصلاة «2»».

7770/ [8]- الشيخ في أماليه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني، قال: حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن سعد بن سعيد، عن يونس بن الحباب، عن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، قال:

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم (عليه السلام) فرحوا و استبشروا، و إذا ذكر عندهم آل محمد (عليهم السلام) اشمأزت قلوبهم؟ و الذي نفس محمد بيده، لو أن عبدا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيا، ما قبل الله ذلك منه حتى يلقاه بولايتي و ولاية أهل بيتي».

و الروايات في أن الأعمال قبولها يتوقف على موالاة أهل البيت (عليهم السلام) أكثر من أن تحصى.

سورة الفرقان(25): آية 24 ..... ص : 122

قوله تعالى:

أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا [24]

7771/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن

أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا فبلغنا- و الله أعلم- أنه إذا استوى أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل أن يدخلوا النار، فيقال لهم: ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب من دخان النار فيحسبون أنها الجنة، ثم يدخلون النار أفواجا، و ذلك نصف النهار، و أقبل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف، حتى يعطوا منازلهم في

__________________________________________________

8- الأمالي 1: 139.

1- تفسير القمّي 2: 113.

(1) القرقس: البعوض، و قيل: البقّ. «لسان العرب 6: 173».

(2) في «ط»: التي تحبط بالصلاة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 123

الجنة نصف النهار، فذلك قول الله عز و جل: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا.

7772/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و الحسن بن علي جميعا، عن أبي جميلة مفضل بن صالح، عن جابر، عن عبد الأعلى، و علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إبراهيم، عن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث إذا وضع المؤمن في قبره-: «ثم يفسحان- يعني الملكين- له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين، نوم الشاب الناعم، فإن الله عز و جل يقول: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا».

و رواه الشيخ في (أماليه): بإسناده عن جابر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و عن عبد الله بن العباس «1»، في حديث طويل، ذكرناه

بطوله

في قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ، من سورة إبراهيم (عليه السلام) «2».

سورة الفرقان(25): آية 25 ..... ص : 123

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا [25]

7773/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد ابن حمدان، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا، قال: «الغمام: أمير المؤمنين (عليه السلام)».

سورة الفرقان(25): آية 26 ..... ص : 123

قوله تعالى:

الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً [26] 7774/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه الحسن، عن أبيه، عن علي بن

__________________________________________________

1- الكافي 3: 231/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 113.

3- تأويل الآيات 1: 372/ 4.

(1) الأمالي 1: 357. [.....]

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (27) من سورة إبراهيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 124

أسباط، قال: روى أصحابنا في قول الله عز و جل: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ، قال: «إن الملك للرحمن اليوم و قبل اليوم و بعد اليوم، و لكن إذا قام القائم (عليه السلام) لم يعبد إلا الله عز و جل بالطاعة».

سورة الفرقان(25): الآيات 27 الي 29 ..... ص : 124

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا [27- 29] 7775/ [1]- الطبرسي في (مجمع البيان)، قال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إلى المرفقين، ثم تنبتان، و لا يزال هكذا، كلما نبتت يده أكلها، ندامة على ما فعل.

7776/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7777/ [3]- و

عنه: بالإسناد عن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا قال: يعني علي ابن أبي

طالب (عليه السلام)».

7778/ [4]- و

عن محمد بن إسماعيل (رحمه الله)، بإسناده عن جعفر بن محمد الطيار، عن أبي الخطاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «و الله ما كنى الله في كتابه حتى قال: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا، و إنما هي في مصحف علي (عليه السلام): يا ويلتي ليتني لم أتخذ الثاني خليلا، و سيظهر يوما».

7779/ [5]- و

عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا- قال- يقول الأول للثاني».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 263.

2- تأويل الآيات 1: 373/ 5.

3- تأويل الآيات 1: 373/ 6.

4- تأويل الآيات 1: 374/ 8.

5- تأويل الآيات 1: 374/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 125

7780/ [6]- محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني في كتاب (الغيبة)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن المعمر الطبراني بطبرية «1»، سنة ثلاث و ثلاثين و ثلاث مائة، و كان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية، و من النصاب، قال. حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن هاشم، و الحسن بن السكن، قالا: حدثنا عبد الرزاق بن همام، قال:

أخبرني أبي، عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: وفد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل اليمن، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «جاءكم أهل اليمن يبسون «2» بسيسا». فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «قوم رقيقة قلوبهم، راسخ إيمانهم، و منهم المنصور، يخرج في سبعين

ألفا، ينصر خلفي و خلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك».

فقالوا: يا رسول الله، و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال عز و جل: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا «3»».

فقالوا: يا رسول الله، بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: «هو قول الله: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ «4» فالحبل من الله كتابه، و الحبل من الناس وصيي».

فقالوا: يا رسول الله، و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أنزل الله فيه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «5»».

فقالوا: يا رسول الله، و ما جنب الله هذا؟ فقال: «هو الذي يقول الله فيه: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، هو وصيي، و السبيل إلي من بعدي».

فقالوا: يا رسول الله، بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه، فقد اشتقنا إليه. فقال: «هو الذي جعله الله آية للمتوسمين «6»، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد، عرفتم أنه وصيي، كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز و جل يقول في كتابه:

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «7» أي إليه و إلى ذريته (عليهم السلام)».

قال: فقام أبو عامر «8» الأشعري في الأشعريين، و أبو غرة الخولاني في الخولانيين، و ظبيان، و عثمان بن

__________________________________________________

6- الغيبة: 39/ 1.

(1) طبريّة: بليدة من أعمال الأردنّ، مطلّة على البحيرة المعروفة ببحيرة طبريّة. «معجم البلدان 4: 17».

(2) بسّ الإبل: ساقها سوقا ليّنا. «أقرب الموارد- بسس- 1: 42».

(3) آل عمران 3: 103.

(4) آل عمران 3: 112.

(5) الزمر 39: 56.

(6) المتوسّمين: المعتبرين العارفين

المتعظين. «مفردات الراغب: 524، و في المصدر: للمؤمنين المتوسّمين.

(7) إبراهيم 14: 37. [.....]

(8) في «ط، ي»: ابن عامر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 126

قيس في بني قيس، و عرنة «1» الدوسي في الدوسيين، و لاحق بن علاقة، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، و أخذوا بيد الأنزع «2» الأصلع البطين، و قالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا، يا رسول الله. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «أنتم نخبة «3» الله حين عرفتم وصي رسول الله من قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو» فرفعوا أصواتهم يبكون، و قالوا: يا رسول الله، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا، فلما رأيناه رجفت قلوبنا، ثم اطمأنت نفوسنا، فانجاشت «4» أكبادنا، و هملت أعيننا، و تبلجت «5» صدورنا، حتى كأنه لنا أب، و نحن له بنون. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «6» أنتم منهم بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى، و أنتم عن النار مبعدون».

قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون، حتى شهدوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل و صفين، فقتلوا بصفين رحمهم الله، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) بشرهم بالجنة، و أخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) «7».

7781/ [7]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، قد أرمضني «8»، اختلاف الشيعة في مذاهبها. فقال: «يا جابر، أ لم أقفك على معنى اختلافهم

من أين اختلفوا، و من أي جهة تفرقوا؟» قلت: بلى، يا ابن رسول الله، قال: «فلا تختلف إذا اختلفوا- يا جابر- إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في أيامه، يا جابر اسمع و ع» قلت: إذا شئت.

قال: «اسمع و ع، و بلغ حيث انتهت بك راحلتك، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك حين فرغ من جمع القرآن و تأليفه، فقال: الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده، و حجب العقول أن تتخيل ذاته، لامتناعها من الشبه و التشاكل» و ساق الخطبة الجليلة، إلى أن قال (عليه السلام) بعد مضي كثير من الخطبة:

«أيها الناس، إن الله عز و جل وعد نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله) الوسيلة، و وعده الحق، و لن يخلف الله وعده، ألا و إن الوسيلة أعلى درجة الجنة، و ذروة ذوائب الزلفة، و نهاية غاية الامنية، لها ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى

__________________________________________________

7- الكافي 8: 18/ 4.

(1) في «ط»: عزته. و في «ي»: غريه.

(2) النّزع: انحسار مقدّم شعر الرأس عن جانبي الجبهة. «لسان العرب- نزع- 8: 352».

(3) في المصدر: نجبة.

(4) في «ط، ي»: فانجاست.

(5) بلجت الصدور: انشرحت. «أقرب الموارد- بلج- 1: 57»، في المصدر: انثلجت.

(6) آل عمران 3: 7.

(7) تقدّم في سورة آل عمران 3: 103/ 1.

(8) أرمضني: أي أوجعني. «لسان العرب- رمض- 7: 161» و في «ي»، و «ط» نسخة بدل: أمرضني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 127

المرقاة حضر «1» الفرس الجواد مائة ألف عام «2» و هو ما بين مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة، إلى

مرقاة زبرجدة، إلى مرقاة لؤلؤة، إلى مرقاة ياقوتة، إلى مرقاة زمردة، إلى مرقاة مرجان، إلى مرقاة كافور، إلى مرقاة عنبر، إلى مرقاة يلنجوج «3»، إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة فضة، إلى مرقاة غمام، إلى مرقاة هواء، إلى مرقاة نور، قد نافت «4» على كل الجنان، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومئذ قاعد عليها، مرتد بريطتين «5»: ريطة من رحمة الله، و ريطة من نور الله، عليه تاج النبوة، و إكليل الرسالة، قد أشرق بنوره الموقف، و أنا يومئذ على الدرجة الرفيعة، و هي دون درجته، و علي ريطتان، ريطة من أرجوان النور، و ريطة من كافور، و الرسل و الأنبياء «6» قد وقفوا «7» على المراقي، و أعلام الأزمنة و حجج الدهور عن أيماننا، قد تجللتهم حلل النور و الكرامة، لا يرانا ملك مقرب، و لا نبي مرسل إلا بهت من أنوارنا، و عجب من ضيائنا و جلالتنا.

و عن يمين الوسيلة، عن يمين رسول الله (صلى الله عليه و آله) غمامة بسط البصر، يأتي منها النداء: يا أهل الموقف، طوبى لمن أحب الوصي، و آمن بالنبي الامي العربي، و من كفر به فالنار موعده. و عن يسار الوسيلة، عن يسار رسول الله (صلى الله عليه و آله) ظلة «8» يأتي منها النداء: يا أهل الموقف، طوبى لمن أحب الوصي، و آمن بالنبي الامي، و الذي له الملك الأعلى، لا فاز أحد، و لا نال الروح «9» و الجنة إلا من لقي خالقه بالإخلاص لهما، و الاقتداء بنجومهما، فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم، و شرف مقتداكم «10»، و كرم مآبكم، و بفوزكم اليوم، على سرر متقابلين، و يا أهل الانحراف و

الصدود عن الله عز ذكره، و رسوله، و صراطه، و أعلام الأزمنة، أيقنوا بسواد وجوهكم، و غضب ربكم، جزاء بما كنتم تعملون.

و ما من رسول سلف، و لا نبي مضى، إلا و قد كان مخبرا أمته بالمرسل الوارد من بعده، و مبشرا برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و موصيا قومه باتباعه، و محليه عند قومه ليعرفوه بصفته، و ليتبعوه على شريعته، و لكيلا يضلوا فيه من بعده، فيكون من هلك و ضل بعد وقوع الإعذار و الإنذار عن بينة و تعيين حجة.

فكانت الأمم في رجاء من الرسل، و ورود من الأنبياء، و لئن أصيبت أمة بفقد نبي بعد نبي، على عظم

__________________________________________________

(1) الحضر: العدو. «النهاية 1: 398».

(2) في «ج، ي» نسخة بدل: ألف عام، و في المصدر: مائة عام.

(3) اليلنجوج: عود البخور. «القاموس المحيط 1: 212».

(4 ناف: ارتفع و أشرف. «لسان العرب- نوف- 9: 342». [.....]

(5) الرّيطة: كلّ ثوب رقيق ليّن. «النهاية 2: 289».

(6) في «ج، ي، ط»: و الأوصياء.

(7) في «ج، ي، ط»: فدوننا.

(8) في «ي، ط»: ظلمة.

(9) الرّوح: الرحمة. «لسان العرب- روح- 2: 462».

(10) في المصدر: مقعدكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 128

مصائبهم و فجائعهم «1»، فقد كانت على سعة من الآمال، و لم تك مصيبة عظمت، و لا رزية جلت كالمصيبة برسول الله (صلى الله عليه و آله)، لأن الله حسم «2» به الإنذار و الإعذار، و قطع به الاحتجاج و العذر بينه و بين خلقه، و جعله بابه الذي بينه و بين عباده، و مهيمنه الذي لا يقبل إلا به، و لا قربة إليه إلا بطاعته، و قال في محكم كتابه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى

فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «3»، فقرن طاعته بطاعته، و معصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلا على ما فوض الله إليه، و شاهدا له على من اتبعه و عصاه، و بين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك و تعالى في التحريض على اتباعه، و الترغيب في تصديقه، و القبول لدعوته: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «4»، فاتباعه (عليه السلام) محبة الله، و رضاه غفران الذنوب، و كمال النور «5» و وجوب الجنة، و في التولي عنه و الإعراض محادة الله، و غضبه و سخطه، و البعد منه مسكن النار، و ذلك قوله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ «6» يعني الجحود به، و العصيان له.

و إن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده، و قتل بيدي أضداده، و أفنى بسيفي جحاده، و جعلني زلفة للمؤمنين، و حياض موت على الجبارين، و سيفه على المجرمين، و شد بي أزر رسوله، و أكرمني بنصره، و شرفني بعلمه، و حباني بأحكامه، و اختصني بوصيته، و اصطفاني لخلافته في أمته، فقال (صلى الله عليه و آله) و قد حشده المهاجرون و الأنصار، و غصت «7» بهم المحافل: أيها الناس، إن عليا مني كهارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه و امه كما كان هارون أخا موسى لأبيه و امه، و لا كنت نبيا فأقتضي نبوة، و لكن كان ذلك منه استخلافا لي، كما استخلف موسى هارون (صلى الله عليهما)، حيث يقول:

اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ «8».

و قوله (صلى الله عليه و آله)

حين تكلمت طائفة فقالت: نحن موالي رسول الله فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى حجة الوداع، ثم صار إلى غدير خم، فأمر فأصلح له شبه المنبر، ثم علاه، و أخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه، رافعا صوته، قائلا في محفله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه فكانت على ولايتي ولاية الله، و على عداوتي عداوة الله، فأنزل الله عز و جل في ذلك اليوم: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «9» فكانت ولايتي كمال الدين، و رضا الرب جل ذكره.

__________________________________________________

(1) في المصدر: و فجائعها بهم.

(2) أي قطع، و في المصدر: ختم.

(3) النساء 4: 80.

(4) آل عمران 3: 31.

(5) في المصدر: الفوز.

(6) هود 11: 17.

(7) في «ط»: انقضت.

(8) الأعراف 7: 142. [.....]

(9) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 129

و أنزل الله تبارك و تعالى اختصاصا لي، و إكراما «1» نحلنيه، و إعظاما و تفضيلا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) منحنيه، و هو قوله: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ «2».

و في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع، و طال لها الاستماع، و لئن تقمصها دوني الأشقيان، و نازعاني فيما ليس لهما بحق، و ركباها ضلالة، و اعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، و لبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما، و يتبرأ كل واحد منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ «3»، فيجيبه الأشقى على رثوثته «4»: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ

بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا، فأنا الذكر الذي عنه ضل، و السبيل الذي عنه مال، و الإيمان الذي به كفر، و القرآن الذي إياه هجر، و الدين الذي به كذب، و الصراط الذي عنه نكب، و لئن رتعا في الحطام المنصرم، و الغرور المنقطع، و كانا منه على شفا حفرة من النار، لهما على شر ورود، في أخيب وفود، و ألعن مورود، يتصارخان باللعنة، و يتناعقان بالحسرة، ما لهما من راحة، و لا عن عذابهما من مندوحة «5»، إن القوم لم يزالوا عباد أصنام، و سدنة أوثان، يقيمون لها المناسك، و ينصبون لها العتائر «6»، و يتخذون لها القربان، و يجعلون لها البحيرة، و السائبة، و الوصيلة، و الحام، و يستقسمون بالأزلام، عامهين «7» عن ذكر الله عز ذكره، جائرين «8» عن الرشاد، و مهطعين «9» إلى البعاد، قد استحوذ عليهم الشيطان، و غمرتهم سوداء الجاهلية، و رضعوها جهالة، و انفطموها «10» ضلالة، فأخرجنا الله إليهم رحمة، و أطلعنا عليهم رأفة، و أسفر بنا عن الحجب، نورا لمن اقتبسه، و فضلا لمن اتبعه، و تأييدا لمن صدقه، فتبوءوا العز بعد الذلة، و الكثرة بعد القلة، و هابتهم القلوب و الأبصار، و أذعنت لهم الجبابرة و طواغيتها «11»، و صاروا أهل نعمة مذكورة، و كرامة ميسورة «12»، و أمن بعد خوف، و جمع بعد كوف «13»، و أضاءت بنا مفاخرة معد بن عدنان، و أولجناهم باب الهدى، و أدخلناهم دار السلام، و أشملناهم

__________________________________________________

(1) في المصدر: و تكرّما.

(2) الأنعام 6: 62.

(3)- الزخرف 43: 38.

(4) الرّثوثة: البلى. «لسان العرب- رثث- 2: 151».

(5) المندوحة: المتّسع. «لسان العرب- ندح- 2: 612».

(6) العتائر: جمع عتيرة، الذّبيحة التي كانت

تذبح للأصنام. «النهاية 3: 178». و في «ط» نسخة بدل: القتائب.

(7) العمه: التّحيّر و التّردّد. «لسان العرب- عمه 13: 519».

(8) في «ط»: جائزين، و في المصدر: حائرين.

(9) أهطع: أقبل على الشي ء ببصره فلم يرفعه عنه، و لا يكون إلّا مع خوف، و الإهطاع: الإسراع في العدو. «لسان العرب- هطع- 8: 372».

(10) في «ي، ط»: و انتظموها.

(11) في المصدر: و طوائفها.

(12) في «ج»: منشورة.

(13) أي تفرّق و تقطّع، و في نسخة من «ط»: بعد حوب، و الحوب: الوحشة و الحزن. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 130

ثوب «1» الإيمان، و فلجوا «2» بنا في العالمين، و أبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين، من حام مجاهد، و مصل قانت، و معتكف زاهد، يظهرون الأمانة، و يأتون المثابة، حتى إذا دعا الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله)، و رفعه إليه، لم يكن ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة، أو وميض من برقة، إلى أن رجعوا على الأعقاب، و انتكصوا على الأدبار، و طلبوا بالأوتار، و أظهروا الكنائن «3»، و ردموا الباب، و فلوا «4» الدار، و غيروا آثار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رغبوا عن أحكامه، و بعدوا من أنواره، و استبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه، و كانوا ظالمين، و زعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) ممن اختاره رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمقامه، و أن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري و الأنصاري الرباني، ناموس هاشم بن عبد مناف.

ألا و إن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله (صلى الله عليه و

آله)، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان، رجعوا عن ذلك، و قالوا: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مضى و لم يستخلف. فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام، و عن قليل يجدون غب «5» ما يعملون، و سيجد التالون غب ما أسسه الأولون، و لئن كانوا في مندوحة من المهل، و شفاء من الأجل، و سعة من المنقلب «6»، و استدراج من الغرور، و سكون من الحال، و إدراك من الأمل، فقد أمهل الله عز و جل شداد بن عاد، و ثمود بن عبود «7»، و بلعم بن باعورا، و أسبغ عليهم نعمة ظاهرة و باطنة، و أمدهم بالأموال و الأعمار، و أتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله، و ليعرفوا الاهابة له و الانابة إليه، و لينتهوا عن الاستكبار، فلما بلغوا المدة، و استكملوا الأكلة، أخذهم الله و اصطلمهم «8»، فمنهم من حصب، و منهم من أخذته الصيحة، و منهم من أحرقته الظلة، و منهم من أودته الرجفة، و منهم من أردته الخسفة، و ما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون.

ألا و إن لكل أجل كتابا، فإذا بلغ الكتاب أجله، لو كشف لكم عما هوى إليه الظالمون، و آل إليه الأخسرون، لهربتم إلى الله عز و جل مما هم عليه مقيمون، و إليه صائرون.

ألا و أني فيكم- أيها الناس- كهارون في آل فرعون، و كباب حطة في بني إسرائيل، و كسفينة نوح في قوم نوح، و إني النبأ العظيم، و الصديق الأكبر، و عن قليل ستعلمون ما توعدون، و هل هي إلا كلعقة الآكل، و مذقة «9»

__________________________________________________

(1) في

«ج»: نور.

(2) الفلج: الظّفّر و الفوز. «القاموس المحيط 1: 210».

(3) في «ي» و المصدر: الكتائب.

(4) الفلّ: الكسر و الضّرب. «النهاية 3: 472».

(5) الغب: عاقبة الشي ء. «القاموس المحيط 1: 113».

(6) في «ج»: المتقلب.

(7) في «ج، ط» نسخة بدل: عتور.

(8) اصطلمه: استأصله. «القاموس المحيط 4: 141».

(9) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق- أي الممزوج بالماء- «لسان العرب- مذق- 10: 340».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 131

الشارب، و خفقة الوسنان، ثم تلزمهم المعرات «1» خزيا في الدنيا، و يوم القيامة يردون إلى أشد العذاب، و ما الله بغافل عما يعملون، فما جزاء من تنكب محجته، و أنكر حجته، و خالف هداته، و حاد عن نوره، و اقتم في ظلمه، و استبدل بالماء السراب، و بالنعيم العذاب، و بالفوز الشقاء، و بالسراء الضراء، و بالسعة الضنك، إلا جزاء اقترافه، و سوء خلافه، فليوقنوا بالوعد على حقيقته، و ليستيقنوا بما يوعدون، يوم تأتي الصيحة بالحق: ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ إِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً «2» إلى آخر السورة».

7782/ [8]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): عن أبيه، عن جده، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «ما من عبد و لا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الظاهر، و نكثها في الباطن، و أقام على نفاقه، إلا و إذا جاء ملك الموت ليقبض روحه تمثل له إبليس و أعوانه، و تمثل النيران، و أصناف عقابها بعينيه و قلبه، و مقاعده من مضائقها، و تمثل له أيضا الجنان و منازله فيها لو كان بقي على إيمانه، و وفى ببيعته. فيقول له ملك الموت: انظر فتلك الجنان التي لا يقدر قدر سرائها،

و بهجتها، و سرورها إلا رب العالمين، كانت معدة لك، فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمد (صلى الله عليه و آله)، كان إليها مصيرك يوم فصل القضاء لكنك نكثت و خالفت، فتلك النيران و أصناف عذابها، و زبانيتها بمرزباتها «3»، و أفاعيها الفاغرة أفواهها، و عقاربها الناصبة أذنابها، و سباعها الشائلة مخالبها، و سائر أصناف عذابها هو لك، و إليها مصيرك. فيقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، فقبلت ما أمرني، و التزمت ما لزمني من موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7783/ [9]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية: قوله وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ، قال: الأول يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا.

7784/ [10]- قال: و قال أبو جعفر (عليه السلام): «يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول عليا وليا: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا يعني الثاني لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي، يعني الولاية وَ كانَ الشَّيْطانُ و هو الثاني لِلْإِنْسانِ خَذُولًا».

7785/ [11]- الشيباني: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام): «السبيل هاهنا: علي (عليه السلام)، يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ يعني عليا (عليه السلام)».

__________________________________________________

8- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 131/ 66.

9- تفسير القمّي 2: 113.

10- تفسير القمّي 2: 113.

11- نهج البيان (مخطوط): 208.

(1) المعرّة: الإثم، و الجناية و الشدّة. «لسان العرب- عرر- 4: 556». [.....]

(2) سورة ق 50: 42- 44.

(3) المرزبّة: عصبّة من حديد. «أقرب الموارد- رزب- 1: 401».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 132

7786/ [12]- و

قال أيضا: روي عن الباقر و الصادق (عليهما السلام): «أن هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش، أسلما بألسنتهما و كانا ينافقان النبي

(عليه السلام)، و آخى بينهما يوم الإخاء، فصد أحدهما صاحبه عن الهدى، فهلكا جميعا، فحكى الله تعالى حكايتهما في الآخرة، و قولهما عند ما ينزل عليهما من العذاب، فيحزن و يتأسف على ما قدم، و يتندم حيث لم ينفعه الندم».

سورة الفرقان(25): آية 30 ..... ص : 132

قوله تعالى:

وَ قالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [30]

7787/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في الخطبة التي تقدمت قبل هذه الآية من قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «فأنا الذكر الذي عنه ضل، و السبيل الذي عنه مال، و الإيمان الذي به كفر، و القرآن الذي إياه هجر، و الدين الذي به كذب».

سورة الفرقان(25): آية 34 ..... ص : 132

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ سَبِيلًا [34]

7788/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني في (الغيبة): بإسناده عن كعب الأحبار، قال: إذا كان يوم القيامة حشر الناس على أربعة أصناف: صنف ركبان، و صنف على أقدامهم يمشون، و صنف مكبون، و صنف على وجوههم صم بكم عمي فهم لا يعقلون، و لا يتكلمون، و لا يؤذن لهم فيعتذرون، أولئك الذين تلفح وجوههم النار، و هم فيها كالحون.

فقيل: يا كعب، من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم، و هذه الحال حالهم؟ قال: كعب: أولئك الذين كانوا على الضلال و الارتداد و النكث، فبئس ما قدمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم و وصي نبيهم، و عالمهم، و سيدهم، و فاضلهم، و حامل اللواء و ولي الحوض، و المرتجى، و الرجاء «1» دون هذا العالم، و هو العلم

__________________________________________________

12- نهج البيان «مخطوط»: 208.

1- الكافي 8: 28/ 4.

2- الغيبة: 145/ 4.

(1) في «ط، ي»: و المرجى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 133

الذي لا يجهل، و المحجة «1» التي من زال عنها عطب، و في النار هوى، ذلك علي و رب كعب، أعلمهم علما، و أقدمهم سلما، و أوفرهم حلما، عجب كعب ممن قدم على علي غيره.

و

من نسل علي (عليه السلام) القائم المهدي (عليه السلام) «2»، الذي يبدل الأرض غير الأرض، و به يحتج عيسى بن مريم (عليه السلام) على نصارى الروم و الصين، إن القائم المهدي من نسل علي (عليه السلام) أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقا و خلقا و سمتا و هيبة «3»، يعطيه الله عز و جل ما أعطى الأنبياء و يزيده و يفضله.

إن القائم (عليه السلام) من ولد علي (عليه السلام) له غيبة كغيبة يوسف، و رجعة كرجعة عيسى بن مريم، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر، و خراب الزوراء و هي الري، و خسف المزورة «4»، و هي بغداد، و خروج السفياني، و حرب ولد العباس مع فتيان أرمينية و آذربيجان، تلك حرب يقتل فيها ألوف و ألوف، كل يقبض على سيف محلى، تخفق عليه رايات سود، تلك حروب يشوبها الموت الأحمر، و الطاعون الأكبر «5».

سورة الفرقان(25): آية 38 ..... ص : 133

قوله تعالى:

وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً [38] تقدم في سورة هود خبر أصحاب الرس «6».

7789/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم، يقال له: عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن أصحاب الرس، في أي عصر كانوا، و

أين كانت منازلهم، و من كان ملكهم، و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا، أم لا، و بماذا اهلكوا؟ فإني أجد في كتاب الله عز و جل ذكرهم، و لا أجد خبرهم.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد من قبلك، و لا يحدثك به أحد

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 205/ 1.

(1) في «ي، ط»: و الحجّة.

(2) في «ط» زيادة: و من يشك في القائم المهدي.

(3) في «ي»: هيئة.

(4) في «ج، ي»: المروة.

(5) في «ج، ي» الأنمر، و في المصدر: الأغبر.

(6) لم نعثر عليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 134

بعدي إلا عني، و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرفها، و أعرف تفسيرها، و في أي مكان نزلت، من سهل، أو جبل، و في أي وقت من ليل أو نهار، و إن هاهنا لعلما جما- و أشار إلى صدره- و لكن طلابه يسير، و عن قليل يندمون لو فقدوني.

كان من قصتهم- يا أخا تميم- أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر، يقال لها: شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين، يقال لها روشاب «1»، كانت أنبتت «2» لنوح (عليه السلام) بعد الطوفان، و إنما سموا أصحاب الرس، لأنهم رسوا «3» نبيهم في الأرض، و ذلك بعد سليمان بن داود (عليه السلام).

و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له: الرس، من بلاد المشرق، و بهم سمي ذلك النهر، و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه، و لا أعذب منه، و لا قرى أكثر و لا أعمر منها، تسمى إحداهن آبان، و الثانية آذر، و

الثالثة دي، و الرابعة بهمن، و الخامسة إسفندار، و السادسة فروردين، و السابعة أردي بهشت، و الثامنة خرداد، و التاسعة مرداد، و العاشرة تير، و الحادية عشر مهر، و الثانية عشر شهريور.

و كانت أعظم مدائنهم إسفندار، و هي التي ينزلها ملكهم، و كان يسمى: تركوذ بن غابور بن يارش بن ساذن «4» بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم (عليه السلام)، و بها العين و الصنوبرة، و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة، و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة، فنبتت الحبة، و صارت شجرة عظيمة، و حرموا ماء العين و الأنهار، فلا يشربون منها، و لا أنعامهم، و من فعل ذلك قتلوه، و يقولون: هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها، و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس، الذي عليه قراهم.

و قد جعلوا في كل شهر من السنة يوما، في كل قرية، عيدا يجتمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة التي بها كلة «5» من حرير، فيها من أنواع الصور، ثم يأتون بشاة و بقر، فيذبحونها قربانا للشجرة، و يشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع «6» دخان تلك الذبائح و قتارها «7» في الهواء، و حال بينهم و بين النظر إلى السماء، خروا للشجرة سجدا، و يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم، فكان الشيطان يجي ء فيحرك أغصانها، و يصيح من ساقها صياح الصبي: إني قد رضيت عنكم- عبادي- فطيبوا نفسا، و قروا عينا. فيرفعون رؤوسهم عند ذلك، و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف، و يأخذون الدست بند «8»، فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم، ثم ينصرفون.

__________________________________________________

(1) في المصدر: دوشاب، و في «ط» نسخة بدل:

روشناب. [.....]

(2) في «ج، ي، ط»: استنبطت، و في المصدر: انبطّت.

(3) رسّوه في الأرض: دسّوه فيها. «لسان العرب- رسس- 6: 98».

(4) في «ي»: تركود بن غابور بن بأرش بن سازن ... و في «ج»: تركوذ بن يارش ... و في المصدر: ... يارش بن سازن ...

(5) الكلّة: الستر الرّقيق يخاط كالبيت يتوقّى فيه من البقّ. «الصحاح- كلل- 5: 1812».

(6) في «ج، ي»: سطح.

(7) القتار: ريح الشواء. «الصحاح- قتر- 2: 786».

(8) دستبند: فارسية، نوع من الرقص الجماعي الشبيه بالدبكّة. «المعجم الذهبي: 268».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 135

و إنما سمت العجم شهورها بآبان ماه، و آذر ماه، و غيرهما، اشتقاقا من أسماء تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض: هذا عيد شهر كذا، و عيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى، اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج، عليه من أنواع الصور، و جعلوا له اثني عشر بابا، كل باب لأهل قرية منهم، و يسجدون للصنوبرة، خارجا من السرادق، و يقربون إليها الذبائح، أضعاف ما قربوه للشجرة التي في قراهم، فيجي ء إبليس عند ذلك، فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا، و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا، و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها، فيرفعون رؤوسهم من السجود، و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون، و لا يتكلمون، من الشرب و العزف، فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها، بعدد أعيادهم بسائر السنة، ثم ينصرفون.

فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره، بعث الله عز و جل إليهم نبيا من بني إسرائيل، من ولد يهودا ابن يعقوب (عليه السلام)، فلبث فيهم زمانا طويلا،

يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل، و معرفة ربوبيته، فلا يتبعونه، فلما رأى شدة تماديهم في الغي و الضلال، و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و النجاح، و حضر عيد قريتهم العظمى، قال: يا رب، إن عبادك أبوا إلا تكذيبي، و الكفر بك، و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر، فأيبس شجرهم أجمع، و أرهم قدرتك و سلطانك. فأصبح القوم و قد يبس شجرهم، فها لهم ذلك، و فظع «1» بهم، و صاروا فرقتين: فرقة قالت: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء و الأرض إليكم، ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه. و فرقة قالت: لا، بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها، و يقع فيها-، و يدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها، فتنتصروا منه.

فأجمع رأيهم على قتله، فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص، واسعة الأفواه، ثم أرسلوها في قرار العين، إلى أعلى الماء، واحدة فوق الاخرى، مثل البرابخ «2»، و نزحوا ما فيها من الماء، ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل، عميقة، و أرسلوا فيها نبيهم، و ألقموا فاها صخرة عظيمة، ثم أخرجوا الأنابيب من الماء، و قالوا: الآن نرجو أن ترضى عنا آلهتنا، إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها، و يصد عن عبادتها، و دفناه تحت كبيرها، يتشفى منه، فيعود إليها «3» نورها و نضرتها كما كان. فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم (عليه السلام)، و هو يقول: سيدي، قد ترى ضيق مكاني، و شدة كربي، فارحم ضعف ركني، و قلة حيلتي، و عجل بقبض روحي، و لا تؤخر إجابة دعوتي، حتى مات (عليه السلام).

فقال الله

عز و جل لجبرئيل (عليه السلام): يا جبرئيل، أ يظن عبادي هؤلاء، الذين قد غرهم حلمي، و أمنوا مكري، و عبدوا غيري، و قتلوا رسولي، أن يقيموا «4» لغضبي، أو يخرجوا من سلطاني؟ كيف و أنا المنتقم ممن

__________________________________________________

(1) في المصدر: و قطع.

(2) البرابخ: البالوعة الواسعة من الخزف. «أقرب الموارد- برخ- 1: 35».

(3) في المصدر: لنا.

(4) في المصدر: يقوموا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 136

عصاني، و لم يخش عقابي، و إني حلفت بعزتي و جلالي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين. فلم يرعهم «1» و هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيروا فيها، و ذعروا منها، و تضام «2» بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء، فألقيت «3» عليهم كالقبة جمرا يلتهب «4»، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار. فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه، و نزول نقمته، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم».

7790/ [1]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقالت: ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟ قال: «هن في النار، إذا كان يوم القيامة أتي بهن، فالبسن جلبابا من نار، و خفين من نار، و قناعا من نار، و ادخل في أجوافهن و فروجهن أعمدة من نار، و قذف بهن في النار».

فقالت: أليس هذا في كتاب الله؟ قال: «بلى» قالت: أين هو؟ قال: «قوله: وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ فهن الرسيات».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة (ق)، عند قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ

قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ «5»، ما يوافق رواية علي بن إبراهيم هنا.

سورة الفرقان(25): آية 39 ..... ص : 136

قوله تعالى:

وَ كُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً [39]

7791/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عمن ذكره، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ كُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً، قال: (يعني كسرنا تكسيرا- قال- و هي بالنبطية».

7792/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 113.

2- معاني الأخبار: 220/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 114. [.....]

(1) الرّوع: الفزّع. «لسان العرب- روع- 8: 135».

(2) تضامّ القوم: إذا انضمّ بعضهم إلى بعض. «الصحاح- ضمم- 5: 1972».

(3) في المصدر: فألقت.

(4) في «ج، ي»: حمراء تلتهب.

(5) يأتي في الحديثين (1، 2) من تفسير الآيات (12- 14) من سورة ق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 137

خالد، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ كُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً يعني كسرنا تكسيرا- قال- هي لفظة بالنبطية».

سورة الفرقان(25): آية 40 ..... ص : 137

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ [40]

7793/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و أما القرية التي أمطرت مطر السوء فهي سدوم، قرية قوم لوط، أمطر الله عليهم حجارة من سجيل، يقول: من طين».

سورة الفرقان(25): آية 43 ..... ص : 137

قوله تعالى:

أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [43] 7794/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في قريش، و ذلك أنه ضاق عليهم المعاش، فخرجوا من مكة، و تفرقوا، فكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا، هويه فعبده، و كانوا ينحرون لها النعم، و يلطخونها بالدم، و يسمونها سعد صخرة، و كانوا إذا أصابهم داء في إبلهم و أغنامهم، جاءوا إلى الصخرة، فيمسحون بها الغنم و الإبل، فجاء رجل من العرب بإبل له، يريد أن يتمسح بالصخرة لإبله، و يبارك عليها، فنفرت إبله و تفرقت، فقال الرجل شعرا:

أتينا إلى سعد «1» ليجمع شملنا فشتتنا سعد فما نحن من سعد

و ما سعد إلا صخرة بتنوفة «2» من الأرض لا تهدي لغي و لا رشد

و مر به رجل من العرب، و الثعلب يبول عليه، فقال شعرا:

و رب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 114.

2- تفسير القمّي 2: 114.

(1) سعد اسم صنم لبني ملكان بن كنانة. «لسان العرب- سعد- 3: 218».

(2) في «ج، ي، ط»: مستوية، و ما أثبتناه من الصحاح و لسان العرب، مادة (سعد) و التّنوفة: المفازة. «الصحاحة تنف- 4: 1333».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 138

سورة الفرقان(25): آية 44 ..... ص : 138

قوله تعالى:

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [44]

7795/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «يا هشام، ثم ذم الله الذين لا يعقلون، فقال:

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ

أَضَلُّ سَبِيلًا.

7796/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمد داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «فأما أصحاب المشأمة، فهم اليهود و النصارى، يقول الله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «1» يعرفون محمدا (صلى الله عليه و آله)، و الولاية، في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أنك الرسول إليهم فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «2»، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك، فسلبهم روح الإيمان، و أسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، ثم أضافهم إلى الأنعام، فقال: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ، لأن الدابة إنما تحمل بروح القوة، و تعتلف بروح الشهوة، و تسير بروح البدن».

و سيأتي الحديث- إن شاء الله تعالى- بتمامه، في أول سورة الواقعة «3».

سورة الفرقان(25): آية 45 ..... ص : 138

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً [45]

7797/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

1- الكافي 1: 11/ 12.

2- الكافي 2: 214/ 16.

3- تفسير القمي 2: 115.

(1) البقرة 2: 146.

(2) البقرة 2: 146 و 147. [.....]

(3) سيأتي في الحديث (6) من تفسير الآيات (1- 11) من سورة الواقعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 139

أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً، قال: «الظل: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس».

7798/ [1]- ابن شهر آشوب، قال: نزل النبي (صلى الله عليه و آله) بالجحفة، تحت شجرة

قليلة الظل، و نزل أصحابه حوله، فتداخله شي ء من ذلك، فأذن الله تعالى لتلك الشجرة الصغيرة حتى ارتفعت و ظللت الجميع، فأنزل الله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً.

سورة الفرقان(25): آية 50 ..... ص : 139

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً [50]

7799/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روى محمد بن علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية هكذا: فأبى أكثر الناس من أمتك بولاية علي إلا كفورا».

سورة الفرقان(25): آية 53 ..... ص : 139

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ- إلى قوله تعالى- وَ حِجْراً مَحْجُوراً [53] 7800/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: «أرسل البحرين «1» هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ فالأجاج المر، وَ جَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً يقول: حاجزا، و هو المنتهى، وَ حِجْراً مَحْجُوراً يقول: حراما محرما، بأن يغير أحدهما طعم الآخر».

سورة الفرقان(25): آية 54 ..... ص : 139

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً [54]

7801/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه،

__________________________________________________

1- المناقب 1: 135.

2- تأويل الآيات 1: 375/ 11.

3- تفسير القمّي 2: 115.

4- الكافي 5: 442/ 9.

(1) (يقول أرسل البحرين) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 140

جميعا عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً.

فقال: «إن الله تعالى خلق آدم من الماء العذب، و خلق زوجته من سنخه «1»، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع سبب و نسب، ثم زوجها إياه، فجرى بسبب ذلك بينهما صهر، و ذلك قوله عز و جل: نَسَباً وَ صِهْراً، فالنسب- يا أخا بني عجل- ما كان من نسب «2» الرجال، و الصهر ما كان بسبب النساء».

7802/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و

جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً.

فقال: «كان الله تبارك و تعالى خلق آدم من الماء العذب، و خلق زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع بينهما نسب، ثم زوجها إياه، فجرى بينهما بسبب ذلك صهر، فذلك قوله: نَسَباً وَ صِهْراً، فالنسب- يا أخا بني عجل- ما كان من نسب الرجال، و الصهر ما كان بسبب نسب «3» النساء».

7803/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أحمد ابن معمر الأسدي، عن الحسن بن محمد الأسدي، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قال: قوله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً نزلت في النبي (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام)، زوج النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) ابنته، و هو ابن عمه، فكان له نسبا و صهرا».

7804/ [4]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، عن رجاء بن سلمة «4»، عن نائل بن نجيح، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً.

قال: لما خلق الله آدم، خلق نطفة من الماء، فمزجها بنوره، ثم أودعها آدم (عليه السلام)، ثم أودعها ابنه شيث، ثم أنوش، ثم قينان، ثم أبا فأبا، حتى أودعها إبراهيم (عليه السلام)، ثم أودعها إسماعيل (عليه السلام)، ثم أما فأما، و أبا فأبا،

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 114.

3- تأويل الآيات 1:

376/ 13، شواهد التنزيل 1: 414/ 573.

4- تأويل الآيات 1: 377/ 14.

(1) السنخ: الأصل. «الصحاح- سنخ- 1: 423».

(2) في المصدر و ما كان بسبب.

(3) (نسب) ليس في المصدر.

(4) في «ج»: جابر بن سلمة، و لعلّه رجاء بن أبي سلمة، راجع تهذيب التهذيب 3: 267.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 141

من طاهر الأصلاب، إلى مطهرات الأرحام، حتى صارت إلى عبد المطلب، فانفلق «1» ذلك النور فرقتين: فرقة إلى عبد الله، فولد محمدا (صلى الله عليه و آله)، و فرقة إلى أبي طالب، فولد عليا (عليه السلام)، ثم ألف الله النكاح بينهما، فزوج عليا بفاطمة (عليهما السلام)، فذلك قوله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً.

7805/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة، بعد منصرفه من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه، و يعيبه «2»، و يقتل أصحابه، فقام خطيبا- و ذكر الخطبة، إلى أن قال فيها (عليه السلام)- و أنا الصهر، يقول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً».

7806/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن القاسم بن يعقوب بن عيسى بن الحسن بن جعفر بن إبراهيم القيسي الخزاز إملاء في منزله، قال: حدثنا

أبو زيد محمد بن الحسين بن مطاع المسلي إملاء، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جبر القواس خال ابن كردي، قال:

حدثنا محمد بن سلمة الواسطي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: ركب رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم بغلته، فانطلق إلى جبل آل فلان، و قال: «يا أنس، خذ البغلة، و انطلق إلى موضع كذا و كذا، تجد عليا جالسا يسبح بالحصى، فاقرأه مني السلام، و احمله على البغلة، و آت به إلي» قال أنس: فذهبت، فوجدت عليا (عليه السلام) كما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحملته على البغلة، فأتيت به إليه، فلما أن بصر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «السلام عليك، يا رسول الله» قال: «و عليك السلام- يا أبا الحسن- اجلس، فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا، ما جلس فيه من الأنبياء أحد إلا و أنا خير منه، و قد جلس في موضع كل نبي أخ له، ما جلس فيه من الإخوة أحد إلا و أنت خير منه».

قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما، و دنت من رؤوسهما، فمد النبي (صلى الله عليه و آله) يده إلى السحابة، فتناول عنقود عنب، فجعله بينه و بين علي (عليه السلام)، و قال: «كل يا أخي، هذه هدية من الله تعالى إلي، ثم إليك».

قال أنس: فقلت يا رسول الله، علي أخوك؟ قال: «نعم، علي أخي»، قلت: يا رسول الله، صف لي كيف علي أخوك؟ قال: «إن الله عز و جل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام،

و اسكنه في لؤلؤة خضراء، في غامض علمه، إلى أن خلق آدم. فلما خلق آدم، نقل ذلك الماء من اللؤلؤة، فأجراه في صلب آدم، إلى أن قبضه

__________________________________________________

5- معاني الأخبار: 59/ 9. [.....]

6- الأمالي 1: 319.

(1) في المصدر: ففرق.

(2) في المصدر: و يلعنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 142

الله، ثم نقله إلى صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر، حتى صار في صلب عبد المطلب، ثم شقه الله عز و جل نصفين: فصار نصف في أبي عبد الله، و نصف في أبي طالب، فأنا من نصف الماء، و علي من النصف الآخر، فعلي أخي في الدنيا و الآخرة». ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً.

7807/ [7]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال: حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الحسن بن زيد بن علي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن سن جدنا علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال: «أخبرني أبي، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: كنت أمشي خلف عمي الحسن و أبي الحسين (عليهما السلام) في بعض طرقات المدينة، في العام الذي قبض فيه عمي الحسن (عليه السلام)، و أنا يومئذ غلام قد ناهزت الحلم، أو كدت، فلقيهما جابر بن عبد الله، و أنس بن مالك الأنصاريان في جماعة من قريش و الأنصار، فما تمالك جابر حتى أكب على أيديهما و أرجلهما يقبلهما، فقال له رجل من

قريش كان نسيبا لمروان:

أ تصنع هذا- يا أبا عبد الله- و أنت في سنك هذا و موضعك من صحبة رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ و كان جابر قد شهد بدرا. فقال له: إليك عني، فلو علمت- يا أخا قريش- من فضلهما و مكانهما ما أعلم لقبلت ما تحت أقدامهما من التراب.

ثم أقبل جابر على أنس بن مالك، فقال: يا أبا حمزة، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيهما بأمر ما ظننته أن يكون في بشر. قال له أنس: و ما الذي، أخبرك، يا أبا عبد الله؟

قال علي بن الحسين، فانطلق الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و وقفت أنا أسمع محاورة القوم، فأنشأ جابر يحدث، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم في المسجد، و قد خف «1» من حوله، إذ قال لي: يا جابر، ادع لي حسنا و حسينا و كان (صلى الله عليه و آله) شديد الكلف «2» بهما، فانطلقت، فدعوتهما، و أقبلت أحمل مرة هذا، و هذا مرة، حتى جئته بهما، فقال لي و أنا أعرف السرور في وجهه لما رأى من محبتي لهما، و تكريمي إياهما، قال:

أ تحبهما، يا جابر؟ قلت: و ما يمنعني من ذلك- فداك أبي و امي- و أنا أعرف مكانهما منك! قال: أ فلا أخبرك عن فضلهما؟ قلت: بلى، بأبي أنت و امي. قال: إن الله تعالى لما أحب أن يخلقني، خلقني نطفة بيضاء طيبة، فأودعها صلب أبي آدم (عليه السلام)، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر، إلى نوح و إبراهيم (عليهما السلام)، ثم كذلك إلى عبد المطلب، فلم يصبني من دنس الجاهلية شي ء، ثم افترقت تلك

النطفة شطرين: إلى عبد الله، و أبي طالب، فولدني أبي، فختم الله بي النبوة، و ولد علي فختمت به الوصية، ثم اجتمعت النطفتان مني و من علي، فولدنا الجهر و الجهير، الحسنين، فختم الله بهما أسباط النبوة، و جعل ذريتي منهما، و أمرني بفتح مدينة- أو قال: مدائن-

__________________________________________________

7- الأمالي 2: 113.

(1) خفّ القوم: أي قلّوا، و خفّت زحمتهم. «الصحاح- خفف- 4: 1353».

(2) كلفت بهذا الأمر: إذ ولعت به و أحببته. «النهاية 4: 196».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 143

الكفر.

و من ذرية هذا- و أشار إلى الحسين (عليه السلام)- رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جوار، فهما طهران «1» مطهران، و هما سيدا شباب أهل الجنة، طوبى لمن أحبهما، و أباهما، و أمهما، و ويل لمن حادهم «2» و أبغضهم».

و روى هذا الحديث الشيخ أبو جعفر محمد بن جعفر الحائري في كتاب (ما اتفق فيه من الأخبار في فضل الأئمة الأطهار) مسندا إلى مولانا علي بن الحسين (عليه السلام)، إلا أن في آخر الحديث: «و أمر ربي بفتح مدينة- أو قال: مدائن- الكفر، و أقسم به «3» ليظهرن منهما ذرية طيبة، تملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا، فهما طهران مطهران».

و ساق الحديث إلى آخره سواء «4».

7808/ [8]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس، و ابن مسعود، و جابر، و البراء، و أنس، و أم سلمة، و السدي، و ابن سيرين و الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً، قالوا: هو محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)».

و في رواية البشر: الرسول، و النسب: يا فاطمة، و

الصهر: علي (صلوات الله و سلامه عليهم).

7809/ [9]- و

عنه: عن تفسير الثعلبي: قال ابن سيرين: نزلت في النبي، و علي زوج ابنته فاطمة، و هو ابن عمه، و زوج ابنته، فكان نسبا و صهرا، و عوتب النبي (صلى الله عليه و آله) في أمر فاطمة (عليها السلام) فقال له: «لو لم يخلق الله علي ابن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ». و في خبر: «لولاك لما كان لها كفؤ على وجه الأرض».

7810/ [10]- و

عنه: عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يكن لفاطمة كفؤ على ظهر الأرض، من آدم فما دونه».

7811/ [11]- و من طريق المخالفين، عن الثعلبي، في تفسير قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً، بالإسناد، يرفعه إلى ابن سيرين، قال: أنزلت في النبي (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام).

__________________________________________________

8- المناقب 2: 181.

9- المناقب 2: 181، العمدة: 288/ 469، فرائد السمطين 1: 370/ 301، نظم درر السمطين: 92.

10- المناقب 2: 1181.

11- تحفة الأبرار في مناقب الائمة الأطهار: 116 «مخطوط»، الفصول المهمة: 28.

(1) في المصدر: طاهران.

(2) في المصدر: حاربهم.

(3) في المصدر: ربّي.

(4) تأويل الآيات 1: 379/ 16. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 144

سورة الفرقان(25): آية 55 ..... ص : 144

قوله تعالى:

وَ كانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً [55] 7812/ [1]- علي بن إبراهيم: قد يسمى الإنسان ربا لغة، كقوله: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ «1» و كل مالك لشي ء يسمى ربه، فقوله: وَ كانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً قال: الكافر الثاني، كان على أمير المؤمنين (عليه السلام) ظهيرا.

7813/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد

الله البرقي، عن الحسين بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: وَ كانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً، قال: «تفسيرها في بطن القرآن: علي (عليه السلام) هو ربه في الولاية و الطاعة، و الرب هو الخالق الذي لا يوصف».

و قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن عليا (عليه السلام) آية لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و إن محمدا (صلى الله عليه و آله) يدعو إلى ولاية علي (عليه السلام)، أما بلغك قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه؟».

سورة الفرقان(25): آية 59 ..... ص : 144

قوله تعالى:

الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً [59]

7814/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ».

و قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ تقدم تفسيره في سورة طه «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 115.

2- بصائر الدرجات: 97/ 5.

3- الكافي 8: 145/ 117.

(1) يوسف 12: 42.

(2) تقدم في تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 145

سورة الفرقان(25): آية 60 ..... ص : 145

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ [60] 7815/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: جوابه: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ «1».

سورة الفرقان(25): آية 61 ..... ص : 145

قوله تعالى:

تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً [61]

7816/ [2]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً، قال: «فالبروج: الكواكب، و البروج التي للربيع و الصيف: الحمل، و الثور، و الجوزاء، و السرطان، و الأسد، و السنبلة، و بروج الخريف و الشتاء: الميزان، و العقرب، و القوس، و الجدي، و الدلو، و السمكة «2»، و هي اثنا عشر برجا».

سورة الفرقان(25): آية 62 ..... ص : 145

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً [62]

7817/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي ابن الحكم، عن منصور بن يونس، عن عنبسة العابد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً، قال: «قضاء صلاة الليل بالنهار، و قضاء صلاة النهار بالليل».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 115.

2- تفسير القمّي 2: 115.

3- التهذيب 2: 275/ 1093.

(1) الرحمن 55: 1- 4.

(2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: و الحوت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 146

7818/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صالح بن عقبة، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال له رجل: جعلت فداك- يا ابن رسول الله- ربما فاتتني صلاة الليل الشهر، و الشهرين و الثلاثة، فأقضيها بالنهار، أ يجوز ذلك؟ قال: «قرة عين لك و الله- قالها ثلاثا- إن الله يقول: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً الآية، فهو قضاء صلاة النهار بالليل، و قضاء

صلاة الليل بالنهار، و هو من سر آل محمد المكنون».

سورة الفرقان(25): الآيات 63 الي 66 ..... ص : 146

قوله تعالى:

وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً- إلى قوله تعالى- مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً [63- 66]

7819/ [2]- محمد بن يعقوب. عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، قال: «هم الأوصياء، من مخافة عدوهم».

7820/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، قال: «الأئمة يمشون على الأرض هونا، خوفا من عدوهم».

7821/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله تعالى: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً قال: «هم الأئمة، يتقون في مشيهم، على الأرض».

7822/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن المفضل ابن صالح، عن محمد الحلبي، عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً، قال:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 116.

2- الكافي 1: 354/ 78.

3- تفسير القمّي 2: 116.

4- تفسير

القمّي 2: 116. [.....]

5- تأويل الآيات 1: 381/ 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 147

«هذه الآيات للأوصياء، إلى أن يبلغوا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً «1»».

7823/ [5]- الطبرسي: في معنى قوله تعالى: يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها، و لا يتكلف، و لا يتبختر».

7824/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً، يقول: «ملازما لا يفارق».

سورة الفرقان(25): آية 67 ..... ص : 147

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً [67] 7825/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، في قوله تبارك و تعالى: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً فبسط كفه، و فرق أصابعه، و حناها شيئا.

و عن قوله: وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ «2» فبسط راحته، و قال: هكذا، و قال: القوام ما يخرج من بين الأصابع، و يبقى في الراحة منه شي ء.

7826/ [2]- و

عنه: عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً، قال: «القوام هو المعروف، عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ «3» على قدر عياله، و مؤنتهم التي هي صلاح له و لهم و لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها «4»».

7827/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن محمد

__________________________________________________

5-

مجمع البيان 7: 279.

6- تفسير القمّي 2: 116.

1- الكافي 4: 56/ 9.

2- الكافي 4: 56/ 8.

3- الكافي 4: 54/ 1.

(1) الفرقان 25: 76.

(2) الاسراء 17: 29.

(3) البقرة 2: 236.

(4) الطلاق 65: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 148

الجوهري، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن عمرو الأحول، قال: تلا أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية:

وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً، قال: فأخذ قبضة من حصى، و قبضها بيده، فقال: «هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه»، ثم قبض قبضة اخرى، فأرخى كفه كلها، ثم قال: «هذا الإسراف»، ثم أخذ قبضة اخرى، فأرخى بعضها و أمسك بعضها و قال: «هذا القوام».

7828/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن عبد الله بن أبان، قال: سألت أبا الحسن الأول (عليه السلام) عن النفقة على العيال، فقال: «ما بين المكروهين: الإسراف، و الإقتار».

7829/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن سليمان بن صالح، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدنى ما يجي ء من حد الإسراف؟ فقال: «بذلك ثوب صونك، و إهراقك فضل إنائك، و أكلك التمر، و رميك النوى هاهنا و هاهنا».

7830/ [6]- العياشي: عن عبد الرحمن، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «1»، قال: «الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً- قال:- نزلت هذه بعد هذه، هي الوسط».

7831/ [7]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)،

قال: «قوله: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا إذا أسرفوا سيئة، و أقتروا سيئة، وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً حسنة، فعليك بالحسنة بين السيئتين».

7832/ [8]- عن الحلبي، عن بعض أصحابنا، عنه، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)، لأبي عبد الله (عليه السلام): «يا بني، عليك بالحسنة بين السيئتين، تمحوهما». قال: «و كيف ذلك، يا أبه؟» قال: «مثل قول الله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها لا تجهر بصلاتك «2» سيئة و لا تخافت بها سيئة وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا «3» حسنة، و مثل قوله: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ «4»، و مثل قوله: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا إذا أسرفوا سيئة، و أقتروا سيئة وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً حسنة، فعليك بالحسنة بين السيئتين».

__________________________________________________

4- الكافي 4: 55/ 2.

5- الكافي 4: 56/ 10.

6- تفسير العيّاشي 1: 106/ 315.

7- .... [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 319/ 179.

(1) البقرة 2: 219.

(2) في المصدر: بصوتك.

(3) الاسراء 17: 110.

(4) الاسراء 17: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 149

سورة الفرقان(25): الآيات 68 الي 70 ..... ص : 149

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ- إلى قوله تعالى- إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [68- 70]

7833/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: «إن الله عز و جل أعطى التائبين ثلاث خصال، لو أعطي خصلة منها جميع أهل السماوات و الأرض لنجوا بها:

قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ

يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ «1» من أحبه الله لم يعذبه.

و قوله: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «2».

و قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً».

7834/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن سليمان بن خالد، قال: كنت في محمل أقرأ، إذ ناداني أبو عبد الله (عليه السلام): «اقرأ، يا سليمان» و أنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك:

وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ، فقال: «هذه فينا، أما و الله لقد وعظنا و هو يعلم أنا لا نزني، اقرأ يا سليمان».

فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً، قال: «قف، هذه فيكم، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب

يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز و جل، فيكون هو الذي يلي حسابه، فيوقفه على سيئاته، شيئا فشيئا، فيقول: عملت كذا و كذا، في يوم

__________________________________________________

1- الكافي 2: 315/ 5.

2- المحاسن: 170/ 136.

(1) البقرة 2: 222.

(2) غافر 40: 7- 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 150

كذا، في ساعة كذا. فيقول: أعرف، يا رب- قال- حتى يوقفه على سيئاته كلها، كل ذلك يقول: أعرف، فيقول:

سترتها عليك في الدنيا، و أغفرها لك اليوم، أبدلوها لعبدي حسنات- قال- فترفع صحيفته للناس، فيقولون:

سبحان الله، أما كانت لهذا العبد و لا سيئة واحدة! فهو قول الله عز و جل فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ».

قال: ثم قرأت، حتى انتهيت إلى قوله: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «1»، قال:

«هذه فينا».

ثم قرأت: وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً «2»، فقال: «هذه فيكم، إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا».

ثم قرأت: وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ «3»، إلى آخر السورة، فقال:

«هذه فينا».

7835/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: أخبرني عمي أبو الحسن علي بن سليمان بن الجهم، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثنا العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

فقال (عليه السلام): «يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب، فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه، لا يطلع على حسابه أحدا

من الناس، فيعرفه ذنوبه، حتى إذا أقر بسيئاته، قال الله عز و جل للكتبة «4»: بدلوها حسنات، و أظهروها للناس. فيقول الناس حينئذ: ما كان لهذا العبد سيئة واحدة! ثم يأمر الله به إلى الجنة، فهذا تأويل الآية، و هي في المذنبين من شيعتنا خاصة».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان في (أماليه)، قال: أخبرني أبو غالب أحمد ابن محمد الزراري، و ساق الحديث بالسند و المتن «5».

7836/ [4]- الحسين بن سعيد في (كتاب الزهد): عن محمد بن عيسى، عن عمر بن إبراهيم، عن «6» بياع السابري، عن حجر بن زائدة، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: يا ابن رسول الله، إن لي حاجة؟ فقال:

__________________________________________________

3- الأمالي 1: 70.

4- الزهد: 91/ 245.

(1) الفرقان 25: 72.

(2) الفرقان 25: 73.

(3) الفرقان 25: 74. [.....]

(4) في المصدر: لملائكته.

(5) الأمالي: 298/ 9

(6) (عن) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 151

«تلقاني بمكة» فقلت: يا ابن رسول الله، إن لي حاجة. فقال: «تلقاني بمنى» فقلت: يا ابن رسول الله، إن لي حاجة، فقال: «هات حاجتك».

فقلت: يا ابن رسول الله، إني أذنبت ذنبا بيني و بين الله، لم يطلع عليه أحد، فعظم علي، و أجلك أن استقبلك به. فقال: «إنه إذا كان يوم القيامة، و حاسب الله عبده المؤمن، أوقفه على ذنوبه، ذنبا ذنبا، ثم غفرها له، لا يطلع على ذلك ملكا مقربا، و لا نبيا مرسلا».

قال عمر بن إبراهيم: و أخبرني عن غير واحد أنه قال: «و يستر عليه من ذنوبه ما يكره أن يوقفه عليها- قال- و يقول لسيئاته: كوني حسنات، و ذلك قول الله تبارك و تعالى: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ

حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً».

7837/ [5]- و

عنه: عن القاسم بن محمد، عن علي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه، و حاسبه فيما بينه و بينه، فيقول: عبدي، فعلت كذا و كذا، و عملت كذا و كذا؟ فيقول: نعم- يا رب- قد فعلت ذلك. فيقول: قد غفرتها لك، و أبدلتها حسنات. فيقول الناس:

سبحان الله! أما كان لهذا العبد و لا «1» سيئة واحدة! و هو قول الله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً «2»».

قلت: أي أهل؟ قال: «أهله في الدنيا هم أهله في الجنة، إذا كانوا مؤمنين، و إذا أراد بعبد شرا، حاسبه على رؤوس الناس، و بكته «3»، و أعطاه كتابه بشماله، و هو قول الله عز و جل: وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَ يَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً «4»». قلت: أي أهل؟ قال: «أهله في الدنيا».

قلت: قوله: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ «5»؟ قال: «ظن أنه لن يرجع».

7838/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إن الله مثل لي امتي في الطين، و علمني أسماءهم، كما علم آدم الأسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات، فاستغفرت لعلي و شيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة. قيل: يا رسول الله، و ما هي؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم، و إن

الله لا يغادر «6» صغيرة

__________________________________________________

5- الزهد: 92/ 246.

6- الكافي 1: 368/ 15.

(1) (و لا) ليس في المصدر.

(2) الانشقاق 84: 7- 9.

(3) التّبكيت: التّقريع و التّوبيخ. «لسان العرب- بكت- 2: 11».

(4) الانشقاق 84: 10- 13.

(5) الانشقاق 84: 14.

(6) في المصدر: و أن لا يغادر منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 152

و لا كبيرة، و لهم تبدل السيئات حسنات».

7839/ [7]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبو العباس محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن منيع، عن صفوان بن يحيى، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أهون ما يكسب زائر الحسين (عليه السلام) في كل حسنة ألف ألف حسنة، و السيئة واحدة، و أين الواحدة من ألف ألف!».

ثم قال: «يا صفوان، أبشر، فإن لله ملائكة معها قضبان من نور، فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين (عليه السلام) سيئة، قالت الملائكة للحفظة: كفي. فتكف، فإذا عمل حسنة، قالت لها: اكتبي، أولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات».

7840/ [8]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين البصري البزاز، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي، عن أبيه، عن الرضا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): حبنا أهل البيت يكفر الذنوب، و يضاعف الحسنات، و إن الله تعالى ليحتمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلا ما كان منهم فيها على إصرار و ظلم للمؤمنين، فيقول للسيئات: كوني حسنات».

7841/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي،

عن جعفر، و إبراهيم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة، أوقف الله المؤمن بين يديه، و عرض عليه عمله، فينظر في صحيفته، فأول ما يرى سيئاته، فيتغير لذلك لونه، و ترتعد فرائصه، ثم تعرض عليه حسناته، فتفرح لذلك نفسه، فيقول الله عز و جل: بدلوا سيئاتهم حسنات، و أظهروها للناس. فيبدل الله لهم، فيقول الناس: أما كان لهؤلاء سيئة واحدة! و هو قوله: يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ».

7842/ [10]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً و أثام: واد من أودية جهنم، من صفر مذاب، قدامها خدة «1» في جهنم، يكون فيه من عبد غير الله، و من قتل النفس التي حرم الله، و يكون فيه الزناة، و يضاعف لهم فيه العذاب، إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ إلى قوله فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً «2»، يقول: لا يعود إلى شي ء من ذلك بالإخلاص، و نية صادقة.

__________________________________________________

7- كامل الزيارات: 330/ 5.

8- الأمالي 1: 166.

9- تفسير القمّي 2: 117. [.....]

10- تفسير القمّي 2: 116.

(1) الخدّة: الحفرة تحفرها في الأرض مستطيلة. «لسان العرب- خدد- 3: 160».

(2) الفرقان 25: 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 153

7843/ [11]- علي بن إبراهيم أيضا: في قوله: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاˠآخَرَ إلى قوله: يَلْقَ أَثاماً، قال: واد في جهنم يقال له أثام، ثم استثنى عز و جل، فقال: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ.

7844/ [12]- المفيد في (الإختصاص): عن محمد بن الحسن

السجاد «1»، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد بن «2» الهيثم الحضرمي، عن علي بن الحسين الفزاري، عن آدم بن التمار الحضرمي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لأسلم عليه، فجلست أنتظره، فخرج إلي، فقمت إليه، فسلمت عليه، فضرب على كفي، ثم شبك أصابعه بأصابعي، ثم قال: «يا أصبغ بن نباتة»، قلت: لبيك و سعديك، يا أمير المؤمنين. فقال: «إن ولينا ولي الله، فإذا مات ولي الله كان من الله بالرفيق الأعلى، و سقاه من نهر أبرد من الثلج، و أحلى من الشهد، و ألين من الزبد».

فقلت: بأبي أنت و امي، و إن كان مذنبا؟ فقال: «نعم، و إن كان مذنبا، أما تقرأ القرآن: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يا أصبغ، إن ولينا لو لقي الله و عليه من الذنوب مثل زبد البحر، و مثل عدد الرمل، لغفرها الله له، إن شاء الله تعالى».

7845/ [13]- شرف الدين النجفي، قال: روى مسلم في (الصحيح) عن أبي ذر (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، و تخبأ كبارها، فيقال له: عملت يوم كذا و كذا، كذا و كذا، و هو مقر لا ينكر، و هو مشفق من الكبائر، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة. فيقول الرجل حينئذ: لي ذنوب ما أراها هاهنا!». قال: و لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) ضحك حتى بدت نواجذه «3».

سورة الفرقان(25): آية 72 ..... ص : 153

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا

بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [72]

7846/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي أيوب

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 117.

12- الإختصاص: 65.

13- تأويل الآيات 1: 382/ 19.

1- الكافي 6: 431/ 6.

(1) في المصدر: الشحّاذ.

(2) (محمد بن) ليس في المصدر.

(3) النّواجذ: أقصى الأضراس. «لسان العرب- نجذ- 3: 513».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 154

الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، قال: الغناء».

7847/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، و أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، قال: «هو الغناء».

7848/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن سعيد بن جناح، عن حماد، عن أبي أيوب الخزاز، قال: نزلنا بالمدينة، فأتينا أبا عبد الله (عليه السلام) فقال لنا: «أين نزلتم؟» فقلنا: على فلان، صاحب القيان. فقال:

«كونوا كراما». فو الله ما علمنا ما أراد به، و ظننا أنه يقول: تفضلوا عليه. فعدنا إليه، فقلنا له: لا ندري ما أردت بقولك:

«كونوا كراما». فقال: «أما سمعتم قول الله عز و جل في كتابه: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً».

7849/ [4]- الطبرسي: في معنى قوله تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «هو الغناء».

و مثله رواه الشيباني عنهما (عليهما السلام)، في (نهج البيان) «1».

7850/ [5]- و في قوله تعالى: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً

عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2»:

«هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا «3» عنه»

ذكره الطبرسي.

7851/ [6]- علي بن إبراهيم: في قوله: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، قال: الغناء، و مجالس أهل اللهو، وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا «4» الإسراف: الإنفاق في المعصية في غير حق، وَ لَمْ يَقْتُرُوا لم يبخلوا عن حق الله. وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً «5» و القوام: العدل، و الإنفاق فيما أمر الله به.

سورة الفرقان(25): آية 73 ..... ص : 154

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً [73]

__________________________________________________

2- الكافي 6: 433/ 13.

3- الكافي 6: 432/ 9.

4- مجمع البيان 7: 283.

5- مجمع البيان 7: 283. [.....]

6- تفسير القمّي 2: 117.

(1) نهج البيان 3: 210 «مخطوط».

(2) في المصدر: أبي جعفر (عليه السّلام).

(3) في «ج»: كفّوا.

(4، 5) الفرقان 25: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 155

7852/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن محمد بن زياد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً قال: «مستبصرين، ليسوا شكاكا».

سورة الفرقان(25): آية 74 ..... ص : 155

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً [74]

7853/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و قرئ عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «قد سألوا «1» الله عظيما، أن يجعلهم للمتقين أئمة».

فقيل له: كيف هذا، يا ابن رسول الله؟ قال: «إنما أنزل الله: الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعل لنا من المتقين إماما».

7854/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال: حدثني الحسن بن محمد بن سماعة، عن حماد، عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال: «هم نحن أهل البيت».

7855/ [4]- و

روى غيره: «أن أزواجنا: خديجة، و ذرياتنا، فاطمة (عليهما السلام)، و قرة أعين: الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و اجعلنا للمتقين إماما:

علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7856/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن حويرث «2» بن محمد الحارثي، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قال: قوله تعالى:

__________________________________________________

1- الكافي 8: 178/ 199.

2- تفسير القمي 2: 117.

3- تفسير القمي 2: 117، شواهد التنزيل 1: 416/ 575.

4- تفسير القمي 2: 117.

5- تأويل الآيات 1: 384/ 24.

(1) في «ي»: حاولوا.

(2) في المصدر: حريث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 156

وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ الآية، نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام).

7857/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال: «أي هداة يهتدى بنا، و هذه لآل محمد (عليهم السلام) خاصة».

7858/ [6]- و

عنه: عن محمد بن جمهور، عن الحسين بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال: «لقد سألت ربك عظيما، إنما هي: و اجعل لنا من المتقين إماما و إيانا عنى بذلك». فعلى هذا التأويل تكون القراءة الاولى و اجعلنا للمتقين- يعني الشيعة- إماما، أن القائلين هم الأئمة (عليهم السلام).

7859/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سلام، عن عبيد بن كثير، عن الحسين بن نصر ابن مزاحم، عن علي بن زيد الخراساني، عن عبد الله بن وهب الكوفي، عن

أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، في قول الله عز و جل: رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لجبرئيل (عليه السلام): مِنْ أَزْواجِنا؟ قال: خديجة. قال: وَ ذُرِّيَّاتِنا؟ قال: فاطمة. قال:

قُرَّةَ أَعْيُنٍ؟ قال: الحسن و الحسين. قال: وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً. قال: علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى يوم الدين).

سورة الفرقان(25): آية 75 ..... ص : 156

قوله تعالى:

أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً [75]

7860/ [1]- (تحفة الإخوان) عن ابن مسعود، و ام سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال له: «يا ابن مسعود، إن أهل الغرف العليا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و شيعته المتولون له، المتبرءون من أعدائه، و هو قوله تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً على أذى الدنيا».

7861/ [2]- (كشف الغمة) لعلي بن عيسى: عن ثابت، عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ،

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 384/ 25.

6- تأويل الآيات 1: 384/ 26. [.....]

7- تأويل الآيات 1: 385/ 27، شواهد التنزيل 1: 416/ 576.

1- تحفة الإخوان: 117.

2- كشف الغمة 2: 132.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 157

قال: «الغرفة: الجنة بِما صَبَرُوا على الفقر و مصائب «1» الدنيا».

سورة الفرقان(25): آية 77 ..... ص : 157

قوله تعالى:

قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً [77]

7862/ [1]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود السجستاني، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن المقسمي الطرسوسي، قال: حدثنا بشر بن زاذان، عن عمر بن صبيح، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أنه قال: «إنما الدنيا عناء و فناء، و عبر و غير «2»، فمن فنائها: أن الدهر موتر قوسه، مفوق «3» نبله، يصيب الحي بالموت، و الصحيح بالسقم، و من عنائها: أن المرء يجمع ما لا يأكل، و يبني ما لا يسكن، و من عبرها: أنك ترى المغبوط مرحوما، و المرحوم مغبوطا، ليس بينهما إلا نعيم زال، أو بؤس نزل، و

من غيرها: أن المرء يشرف عليه أمله، فيختطفه دونه أجله».

قال: و قال علي (عليه السلام): «أربع للمرء، لا عليه: الإيمان، و الشكر، فإن الله تعالى يقول: ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ «4»، و الاستغفار، فإنه قال: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «5»، و الدعاء، فإنه قال: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً».

7863/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ، يقول: «ما يفعل ربي بكم فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً».

7864/ [3]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):

كثرة القراءة أفضل، أم كثرة الدعاء؟ قال: «كثرة الدعاء أفضل» و قرأ هذه الآية.

__________________________________________________

1- الأمالي 2: 107.

2- تفسير القمّي 2: 117.

3- مجمع البيان 7: 285.

(1) في المصدر: الفقر في دار.

(2) الغير: من تغيّر الحال. «لسان العرب- غير- 5: 40».

(3) أفقت السهم: وضعته في الوتر لأرمي به. «لسان العرب- فوق- 10: 320».

(4) النساء 4: 147.

(5) الأنفال 8: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 159

المستدرك (سورة الفرقان) ..... ص : 159

سورة الفرقان(25): آية 16 ..... ص : 159

قوله تعالى:

كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا [16] [1]- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى: كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا، قال ابن عباس: معناه أن الله سبحانه وعد لهم الجزاء، فسألوه الوفاء، فوفى.

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ [31]

[2]- أبو الفضل الطبرسي في (مشكاة الأنوار): يرفعه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «ما كان و لا يكون و ليس بكائن، نبي و لا مؤمن، إلا و قد

سلط عليه حميم يؤذيه، فإن لم يكن حكيم فجار يؤذيه، و ذلك قوله عز و جل:

وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ».

[3]- لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب، و نال من أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقام الحسن (عليه السلام)، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا جعل له عدوا من المجرمين، قال الله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ فأنا ابن علي بن أبي طالب، و أنت ابن صخر، و أمك هند،

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 257.

2- مشكاة الأنوار: 287.

3- نزهة الناظر و تنبيه الخاطر: 74/ 21. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 160

و امي فاطمة، و جدتك قتيلة، و جدتي خديجة، فلعن الله الأدنى منا حسبا، و أخملنا ذكرا، و أعظمنا كفرا، و أشدنا نفاقا. فصاح أهل المسجد: آمين آمين. و قطع معاوية خطبته و دخل منزله

سورة الفرقان(25): آية 48 ..... ص : 160

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً [48]

[1]- (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): «إذا أردت الطهارة و الوضوء، فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله تعالى، فإن الله تعالى قد جعل الماء مفتاح قربته و مناجاته، و دليلا إلى بساط خدمته، و كما أن رحمة الله تطهر ذنوب العباد، كذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء لا غير، قال الله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً، و قال الله تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ «1»، فكما أحيا به كل شي ء من نعيم الدنيا، كذلك برحمته و فضله جعل حياة القلب و

الطاعات و التفكر في صفاء الماء و رقته و طهره و بركته و لطيف امتزاجه بكل شي ء، و استعمله في تطهير الأعضاء التي أمرك الله بتطهيرها، و تعبدك بأدائها في فرائضه و سننه، فإن تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة، فإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده عن قريب، ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالأشياء، يؤدي كل شي ء حقه، و لا يتغير عن معناه، معبرا لقول الرسول (صلى الله عليه و آله): مثل المؤمن المخلص كمثل الماء و لتكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء، و سماه طهورا، و طهر قلبك بالتقوى و اليقين عند طهارة جوارحك بالماء».

سورة الفرقان(25): آية 49 ..... ص : 160

قوله تعالى:

لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً [49] [2]- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى: لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً، قال ابن عباس: لنخرج به النبات و الثمار.

__________________________________________________

1- مصباح الشريعة: 128.

2- مجمع البيان 7: 270.

(1) الأنبياء 21: 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 161

سورة الشعراء ..... ص : 161

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 163

فضلها ..... ص : 163

7865/ [1]- ابن بابويه، بإسناده: عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة، كان من أولياء الله، و في جوار الله، و في كنفه، و لم يصبه في الدنيا بؤس أبدا، و اعطي في الآخرة من الجنة حتى يرضى، و فوق رضاه، و زوجه الله مائة زوجة من الحور العين».

7866/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله). أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كان له بعدد كل مؤمن و مؤمنة عشر حسنات، و خرج من قبره و هو ينادي لا إله إلا الله و من قرأها حين يصبح، فكأنما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله، و من شربها بماء شفاه الله من كل داء و من كتبها و علقها على ديك أفرق، يتبعه حتى يقف الديك، فإنه يقف على كنز، أو في موضع يقف يجد ماء» «1».

7867/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها، لم يدخل بيته سارق، و لا حريق، و لا غريق و من كتبها، و شربها شفاه الله من كل داء، و من كتبها و علقها على ديك أبيض أفرق، فإن الديك يسير و لا يقف إلى على كنز، أو سحر، و يحفره بمنقاره، حتى يظهره».

7868/ [4]- و

عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها على ديك أبيض أفرق و أطلقه، فإنه يمشي و يقف موضعا، فحيث ما وقف، فإنه يحفر موضعه فيه، يلقى كنزا، أو سحرا مدفونا و إذا علقت على مطلقة، يصعب عليها الطلاق، و ربما خيف، فليتق

فاعله، فإذا رش ماؤها في موضع، خرب ذلك الموضع بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109.

2- خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

3- خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

4- خواص القرآن: 45 «مخطوط».

(1) كذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 165

سورة الشعراء(26): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 165

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ- إلى قوله تعالى- أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [1- 3]

7869/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي «1» علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا ابن رسول الله، ما معنى قوله الله عز و جل: طس «2» و طسم؟ قال: «أما طس فمعناه أنا الطالب السميع، و أما طسم فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد».

7870/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: طسم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المرموز في القرآن، قال:

قوله تعالى: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أي خادع «3» نفسك أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.

7871/ [3]- ابن شهر آشوب: عن العياشي، بإسناده إلى الصادق (عليه السلام)، في خبر، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا علي، إني سألت الله أن يوالي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يؤاخي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يجعلك وصيي ففعل» فقال رجل: و الله، لصاع من تمر في شن «4» بال خير مما سأل محمد ربه، هلا سأل ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته! فأنزل الله تعالى: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.

__________________________________________________

1- معاني الأخبار:

22.

2- تفسير القمّي 2: 118.

3- المناقب 2: 342، أمالي الطوسي 1: 106.

(1) (على يدي) ليس في «ي».

(2) النمل 27: 1.

(3) البخع: القتل، و المعنى: لعلّك قاتل نفسك. «تفسير التبيان 8: 4، مجمع البيان 7: 184». [.....]

(4) الشّنّ: القربة الخلق. «لسان العرب- شنن- 13: 241».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 166

سورة الشعراء(26): آية 4 ..... ص : 166

قوله تعالى:

إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ [4]

7872/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «خمس علامات قبل قيام القائم (عليه السلام): الصيحة، و السفياني، و الخسف، و قتل النفس الزكية، و اليماني».

فقلت: جعلت فداك، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات، أ نخرج معه؟ قال: «لا».

قال: فلما كان من الغد تلوت هذه الآيات: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، فقلت له: أ هي الصيحة؟ فقال: «أما لو كانت، خضعت أعناق أعداء الله عز و جل».

7873/ [2]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تخضع رقابهم- يعني بني أمية- و هي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر (عليه السلام)».

7874/ [3]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى، عن داود الدجاجي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول

الله عز و جل: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ «1»، فقال: انتظروا الفرج في ثلاث».

فقيل: يا أمير المؤمنين، و ما هن؟ فقال: «اختلاف أهل الشام بينهم، و الرايات السود من خراسان، و الفزعة في شهر رمضان».

فقيل: و ما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: «أو ما سمعتم قول الله عز و جل في القرآن: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، هي آية تخرج الفتاة من خدرها، و توقظ النائم، و تفزع اليقظان».

7875/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن التميمي «2»، قال: حدثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسمعت

__________________________________________________

1- الكافي 8: 310/ 483، ينابيع المودة: 426.

2- تفسير القمّي 2: 118.

3- الغيبة: 251/ 8.

4- الغيبة: 260/ 19.

(1) مريم 19: 37.

(2) في «ج» و المصدر: التيملي، راجع معجم رجال الحديث 11: 331.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 167

رجلا من همدان يقول له: إن هؤلاء العامة يعيرونا، و يقولون لنا: إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر. و كان متكئا، فغضب و جلس، ثم قال: «لا ترووه عني، و ارووه عن أبي، و لا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: و الله إن ذلك في كتاب الله عز و جل لبين، حيث يقول: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع، و ذلت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب و

شيعته- قال- فإذا كان من الغد، صعد إبليس في الهواء، حتى يتوارى عن أهل الأرض، ثم ينادي: ألا إن الحق في عثمان بن عفان و شيعته، فإنه قتل مظلوما، فاطلبوا بدمه- قال- فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، و هو النداء الأول، و يرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، و المرض و الله عداوتنا، فعند ذلك يتبرءون منا، و يتناولونا، فيقولون: إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت» ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام): وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ «1».

و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم، و سعدان بن إسحاق بن سعيد، و أحمد بن الحسين بن عبد الملك، و محمد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا، عن الحسن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، مثله سواء بلفظه «2».

7876/ [5]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، و قد سأله عمارة الهمداني، فقال له: أصلحك الله، إن أناسا يعيرونا، و يقولون: إنكم تزعمون أنه سيكون صوت من السماء. فقال له: «لا ترووه عني، و ارووه عن أبي، كان أبي يقول: هو في كتاب الله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ فيؤمن أهل الأرض جميعا للصوت [الأول ]، فإذا كان من الغد صعد إبليس اللعين، حتى يتوارى من الأرض في جو السماء، ثم ينادي: ألا إن عثمان قتل

مظلوما، فاطلبوا بدمه. فيرجع من أراد الله عز و جل به سوءا، و يقولون: هذا سحر الشيعة، حتى يتناولونا، و يقولون: هو من سحرهم، و هو قول الله عز و جل: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ» «3».

7877/ [6]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن، عن أبيه، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن الحسين بن موسى، عن فضيل بن محمد مولى محمد بن راشد البجلي «4»، عن أبي

__________________________________________________

5- الغيبة: 261/ 20.

6- الغيبة: 263/ 23.

(1) القمر 54: 2.

(2) الغيبة: 261/ 19.

(3) القمر 54: 2.

(4) في «ج، ي»: الحلبي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 168

عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «أما إن النداء من السماء باسم القائم في كتاب الله لبين». فقلت: أين هو، أصلحك الله؟

فقال: «في طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ «1» قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ- قال- إذا سمعوا الصوت، أصبحوا و كأنما على رؤوسهم الطير».

7878/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن أحمد بن معمر الأسدي، عن محمد بن فضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: هذه نزلت فينا و في بني امية، تكون لنا دولة تذل أعناقهم لنا بعد صعوبة، و هوان بعد عز.

7879/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله

عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: «نزلت في قائم آل محمد (صلوات الله عليهم)، ينادي باسمه من السماء».

7880/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابنا «2»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: «تخضع لها رقاب بني امية- قال- ذلك بارز عند زوال الشمس- قال- و ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) يبرز عند زوال الشمس، و تركب «3» الشمس على رؤوس الناس ساعة، حتى يبرز وجهه، و يعرف الناس حسبه و نسبه».

ثم قال: «إن بني امية ليختبئ الرجل منهم إلى جنب شجرة، فتقول: خلفي رجل من بني امية، فاقتلوه».

7881/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، قال: حدثنا صفوان بن يحيى عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): انتظروا الفرج في ثلاث. قيل: و ما هن؟ قال: اختلاف أهل الشام بينهم، و الرايات السود من خراسان، و الفزعة في شهر رمضان.

فقيل له: و ما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أما سمعتم قول الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ؟

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 1: 386/ 1، شواهد التنزيل 1: 417/ 577، الجامع لأحكام القرآن 13: 90. [.....]

8- تأويل الآيات 1: 386/ 2، ينابيع المودة: 426.

9- تأويل الآيات 1: 386/ 3.

10- تأويل الآيات 1: 387/ 4.

(1) الشعراء 26: 1، 2.

(2) في المصدر: عن أبي

بصير.

(3) في المصدر: و تركت، و لعله تصحيف: و تركد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 169

هي آية تخرج الفتاة من خدرها، و يستيقظ النائم، و يفزع اليقظان».

7882/ [11]- (كتاب الرجعة) لبعض السادة المعاصرين: عن أحمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن الحسن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حصين بن مخارق، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً، قال: «النداء من السماء باسم رجل، و اسم أبيه».

7883/ [12]- و

بالإسناد عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: «تخضع لها رقاب بني امية- قال- ذلك بارز عند زوال الشمس، و ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، يبرز عند زوال الشمس، و نزلت الشمس على رؤوس الناس ساعة حتى يبرز وجهه، و يعرف الناس حسبه و نسبه».

ثم قال: «أما إن بني امية ليختبئن الرجل إلى جنب شجرة، فتقول: هذا رجل من بني امية، فاقتلوه».

سورة الشعراء(26): الآيات 10 الي 63 ..... ص : 169

قوله تعالى:

وَ إِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ- إلى قوله تعالى- فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [10- 63]

7884/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما بعث الله موسى (عليه السلام) إلى فرعون أتى بابه، فاستأذن عليه، فلم يأذن له، فضرب بعصاه الباب، فاصطكت الأبواب ففتحت، ثم دخل على فرعون، فأخبره أنه رسول الله، و سأله أن يرسل معه بني إسرائيل.

فقال له فرعون، كما حكى الله: أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَ لَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ أي قتلت الرجل وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ يعني كفرت نعمتي. قال موسى، كما حكى الله: فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ إلى قوله تعالى: أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ ف قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ؟ و إنما سأله عن كيفية الله، فقال موسى: رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ، فقال فرعون- متعجبا- لأصحابه: أَ لا تَسْتَمِعُونَ أسأله عن الكيفية، فيجيبني عن الصفات؟! فقال موسى: رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قال فرعون لأصحابه: اسمعوا، قال: ربكم و رب آبائكم الأولين «1»!

__________________________________________________

11- الرجعة: 52 «مخطوط»، للسيّد محمّد مؤمن الحسيني الأسترآبادي.

12- الرجعة: 52 «مخطوط».

1- تفسير القمّي 2: 118.

(1) (قال فرعون ... الأولين) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 170

ثم قال لموسى: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ قال موسى: أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَيْ ءٍ مُبِينٍ. قال فرعون:أْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ

فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب، و دخل فرعون من الرعب ما لم يملك به نفسه فقال فرعون: نشدتك بالله، و بالرضاع، إلا ما كففتها عني، فكفها، ثم نزع يده، فإذا هي بيضاء للناظرين، فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه، و هم بتصديقه، فقام إليه هامان، فقال له: بينما أنت إله تعبد، إذ صرت تابعا لعبد! ثم قال فرعون للملأ الذين حوله: إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ إلى قوله: لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ. و كان فرعون و

هامان قد تعلما السحر، و إنما غلبا الناس بالسحر، و ادعى فرعون الربوبية بالسحر، فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين، مدائن مصر كلها، و جمعوا ألف ساحر، و اختاروا من الألف مائة، و من المائة ثمانين، فقال السحرة لفرعون: قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا، فإن غلبنا موسى فما يكون لنا عندك؟ قال: إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عندي، أشارككم في ملكي. قالوا: فإن غلبنا موسى، و أبطل سحرنا، علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر، و لا من قبل الحيلة، و آمنا به، و صدقناه. فقال فرعون: إن غلبكم موسى، صدقته أنا أيضا معكم، و لكن أجمعوا كيدكم، أي حيلتكم».

قال: «و كان موعدهم يوم عيد لهم، فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم، جمع فرعون الخلق، و السحرة، و كانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا، و قد كانت كسيت بالحديد و الفولاذ المصقول، فكانت إذا وقعت الشمس عليها، لم يقدر أحد أن ينظر إليها، من لمع الحديد، و وهج الشمس، و جاء فرعون و هامان، و قعدا عليها ينظران، و أقبل موسى ينظر إلى السماء، فقالت السحرة لفرعون: إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء، و لن يبلغ سحرنا إلى السماء، و ضمنت السحرة من في الأرض. فقالوا لموسى: إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ «1» قال لهم موسى: أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَ عِصِيَّهُمْ فأقبلت تضطرب، و صالت «2» مثل الحيات، و هاجت، فقالوا: بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ. فهال الناس ذلك، فأوجس في نفسه خيفة موسى، فنودي: لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَ أَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ

وَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى «3».

فألقى موسى عصاه، فذابت في الأرض مثل الرصاص، ثم طلع رأسها، و فتحت فاها، و وضعت شدقها الأعلى على رأس قبة فرعون، ثم دارت، و أرخت شفتها السفلى، و التقمت عصي السحرة، و حبالها، و غلب كلهم، و انهزم الناس حين رأوها، و عظمها، و هولها، مما لم تر العين، و لا وصف الواصفون مثله قبل، فقتل في الهزيمة، من وطء الناس بعضهم بعضا، عشرة آلاف رجل و امرأة و صبي، و دارت على قبة فرعون- قال- فأحدث فرعون و هامان في ثيابهما، و شاب رأسهما، و غشي عليهما من الفزع.

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 115.

(2) صال عليه: إذا استصال و وثب. «الصحاحة صول- 5: 1746». و في المصدر: صارت.

(3) طه 20: 68 و 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 171

و مر موسى في الهزيمة مع الناس، فناداه الله: خُذْها وَ لا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى «1»، فرجع موسى، و لف على يده عباءة كانت عليه، ثم أدخل يده في فيها، فإذا هي عصا كما كانت، فكان كما قال الله:

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ لما رأوا ذلك، و قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَ هارُونَ، فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا، و قال: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ يعني موسى الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ فقالوا، كما حكى الله:

لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ.

فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن، حتى أنزل الله عليهم الطوفان، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، فأطلق فرعون عنهم فأوحى الله إلى

موسى: أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، فخرج موسى ببني إسرائيل، ليقطع بهم البحر، و جمع فرعون أصحابه، و بعث في المدائن حاشرين، و حشر الناس، و قدم مقدمته في ست مائة ألف، و ركب هو في ألف ألف، و خرج كما حكى الله عز و جل: فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ، فلما قرب موسى من البحر، و قرب فرعون من موسى، قال أصحاب موسى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قال موسى: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ أي سينجيني: فدنا موسى (عليه السلام) من البحر، فقال له: انفلق، فقال البحر له: استكبرت- يا موسى- أن تقول لي أنفلق «2» لك، و لم أعص الله طرفة عين، و قد كان فيكم المعاصي؟ فقال له موسى: فأحذر أن تعصي الله و قد علمت أن آدم اخرج من الجنة بمعصيته، و إنما إبليس لعن بمعصيته، فقال البحر: ربي عظيم، مطاع أمره، و لا ينبغي لشي ء أن يعصيه.

فقام يوشع بن نون، فقال لموسى: يا رسول الله، ما أمرك ربك؟ قال: بعبور البحر. فاقتحم يوشع فرسه في الماء، فأوحى الله إلى موسى: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ، فضربه فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، أي كالجبل العظيم، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا، فأخذ كل سبط منهم في طريق، فكان الماء قد ارتفع، و بقيت الأرض يابسة، طلعت فيها الشمس، فيبست، كما حكى الله: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى «3».

و دخل موسى و أصحابه البحر، و كان أصحابه اثني عشر سبطا، فضرب الله لهم في البحر اثنى عشر طريقا، فأخذ كل سبط في طريق، و

كان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى (عليه السلام) في طريقه، فقالوا: يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر. فلم يصدقوه، فأمر الله البحر، فصارت طاقات، حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض، و يتحدثون.

و أقبل فرعون و جنوده، فلما انتهى إلى البحر، قال لأصحابه: ألا تعلمون أني ربكم الأعلى؟ قد فرج لي

__________________________________________________

(1) طه 20: 21. [.....]

(2) في «ط»: أنفرق انفرق. و في «ي» افترق افترق.

(3) طه 20: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 172

البحر. فلم يجسر أحد أن يدخل البحر، و امتنعت الخيل منه لهول الماء، فتقدم فرعون، حتى جاء إلى ساحل البحر، فقال له منجمه: لا تدخل البحر. و عارضه فلم يقبل منه، و أقبل على فرس حصان، فامتنع الحصان أن يدخل الماء، فعطف عليه جبرئيل، و هو على ماديانة «1»، فتقدمه و دخل، فنظر الفرس إلى الرمكة «2» فطلبها، و دخل البحر، و اقتحم أصحابه خلفه. فلما دخلوا كلهم، حتى كان آخر من دخل من أصحابه، و آخر من خرج من أصحاب موسى، أمر الله الرياح، فضربت البحر بعضه ببعض، فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال، فقال فرعون عند ذلك:

آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ «3» فأخذ جبرئيل كفا من حمأ، فدسها في فيه، ثم قال: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» «4».

7885/ [2]- المفيد في (الإختصاص): عن عبد الله بن جندب، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «كان على مقدمة فرعون ست مائة ألف، و مأتي ألف، و على ساقته «5» ألف ألف،- قال- لما صار موسى في البحر، اتبعه فرعون

و جنوده- قال- فتهيب فرس فرعون أن يدخل البحر، فتمثل له جبرئيل على ماديانة، فلما رأى فرس فرعون الماديانة اتبعها، فدخل البحر هو و أصحابه، فغرقوا».

7886/ [3]- و

عنه في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني بكر بن صالح الرازي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول لأبي: «ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟» قال: إنه خالي. فقال له أبو الحسن: «إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله تعالى، و يحده، و الله لا يوصف، فإما جلست معه و تركتنا، و إما جلست معنا و تركته».

فقال: إنه يقول ما شاء، أي شي ء علي منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال له أبن الحسن (عليه السلام): «أما تخافن أن تنزل به نقمة، فتصيبكم جميعا؟ أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى، و كان أبوه من أصحاب فرعون، لما لحقت خيل فرعون موسى (عليه السلام)، تخلف عنه ليعظه فأدركه موسى، و أبوه يراغمه، حتى بلغا طرف البحر، فغرقا جميعا، فأتى موسى الخبر، فسأل جبرئيل عن حاله، فقال: غرق (رحمه الله) و لم يكن على رأي أبيه، لكن النقمة إذا نزلت، لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع؟».

__________________________________________________

2- الاختصاص: 266.

3- الأمالي 112/ 3.

(1) الماديانة: المراد بها الرمكة، كما في ظاهر الحديث.

(2) الرّمكة: الفرس التي تتّخذ للنسل. «لسان العرب- رمك- 10: 434».

(3) يونس 10: 90.

(4) يونس 10: 91.

(5) ساقة الجيش: مؤخّره. «لسان العرب- سوق- 10: 167».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 173

7887/ [4]- الحسين بن سعيد، في كتاب (الزهد): عن النضر، عن محمد بن

هاشم، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن قوما ممن آمن بموسى (عليه السلام)، قالوا: لو أتينا عسكر فرعون، و كنا فيه، و نلنا من دنياه، فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى، صرنا إليه. ففعلوا، فلما توجه موسى و من معه هاربين ركبوا دوابهم، و أسرعوا في السير ليوافوا موسى و من معه، فيكونوا معهم، فبعث الله ملائكة، فضربت وجوه دوابهم، فردتهم إلى عسكر فرعون، فكانوا فيمن غرق مع فرعون».

7888/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ يقول: عصبة قليلة وَ إِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ يقول: مؤذون في الأداة، و هو الشاكي في السلاح و أما قوله:

وَ مَقامٍ كَرِيمٍ يقول: مساكن حسنة. و أما قوله: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ يعني عند طلوع الشمس. و أما قوله:

إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ يقول: سيكفين».

7889/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و ذكر الحديث في عصمة الأنبياء، من سؤال المأمون للرضا (عليه السلام)، فكان فيما سأله: فما معنى قول موسى (عليه السلام) لفرعون:

فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ؟

قال الرضا (عليه السلام): «إن فرعون قال لموسى (عليه السلام) لما أتاه: وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ بي قال موسى: فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ عن الطريق، بوقوعي إلى مدينة من مدائنك فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ و قد قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه و آله): أَ

لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى «1». يقول أ لم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس؟ وَ وَجَدَكَ ضَالًّا «2» يعني عند قومك. فَهَدى «3» أي هداهم إلى معرفتك. وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى «4» يقول: أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا» فقال المأمون: بارك الله فيك، يا ابن رسول الله.

7890/ [7]- المفيد في كتاب (الغيبة): بإسناده عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال «5»: «إذا قام القائم (عليه السلام) تلا هذه الآية، مخاطبا للناس: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ».

__________________________________________________

4- الزهد: 65/ 172.

5- تفسير القمّي 2: 122.

6- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 199/ 1.

7- الغيبة للنعماني: 174/ 12.

(1) الضحى 93: 6- 8. [.....]

(2) الضحى 93: 6- 8.

(3) الضحى 93: 6- 8.

(4) الضحى 93: 6- 8.

(5) في المصدر: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر «عليهما السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 174

سورة الشعراء(26): الآيات 78 الي 87 ..... ص : 174

قوله تعالى:

الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ- إلى قوله تعالى- وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ [78- 87]

7891/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة ابن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ، و ذكر الحديث فيما ابتلاه به ربه، إلى أن قال: «و التوكل، بيان ذلك في قوله: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ وَ إِذا

مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَ الَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ.

ثم الحكم، و الانتماء إلى الصالحين، في قوله: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ يعني بالصالحين: الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عز و جل، و لا يحكمون بالآراء و المقاييس، حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق، بيان ذلك في قوله: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ أراد في هذه الأمة الفاضلة، فأجابه الله، و جعل له و لغيره من الأنبياء: لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذلك قوله: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «1».

ثم استقصار النفس في الطاعة، في قوله: وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ».

و الحديث طويل، ذكرناه في قوله تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ «2».

7892/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب ابن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث غيبة إبراهيم، إلى أن قال: «ثم غاب (عليه السلام) الغيبة الثانية، و ذلك حين نفاه الطاغوت عن بلده «3»، فقال: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا «4». قال الله تقدس ذكره: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «5» يعني به علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأن إبراهيم (عليه السلام) قد

كان دعا الله عز و جل أن يجعل له

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 126/ 1.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 139/ 7.

(1) مريم 19: 50.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة.

(3) في المصدر: عن حصر.

(4) مريم 19: 48.

(5) مريم 19: 49 و 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 175

لسان صدق في الآخرين، فجعل الله تبارك و تعالى له و لإسحاق و يعقوب لسان صدق عليا، فأخبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن القائم (عليه السلام) هو الحادي عشر من ولده، و أنه المهدي الذي يملأ الأرض عدلا و قسطا، كما ملئت جورا و ظلما، و أنه تكون له غيبة، و حيرة، يضل فيها أقوام، و يهتدي فيها آخرون، و أن هذا كائن كما أنه مخلوق».

7893/ [1]- و

من طريق المخالفين: قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عرضت ولايته على إبراهيم (عليه السلام)، فقال: اللهم اجعله من ذريتي، ففعل الله ذلك».

7894/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ، قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام).

سورة الشعراء(26): آية 89 ..... ص : 175

قوله تعالى:

إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [89]

7895/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. قال:

«السليم الذي يلقى ربه، و ليس فيه أحد سواه».

قال: و قال: «كل قلب فيه شرك، أو شك، فهو ساقط، و إنما أرادوا الزهد في الدنيا، لتفرغ قلوبهم

للآخرة».

7896/ [4]- الطبرسي، قال: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «هو القلب الذي سلم من حب الدنيا».

قال الطبرسي: و يؤيده

قول النبي (صلى الله عليه و آله): «حب الدنيا رأس كل خطيئة».

سورة الشعراء(26): الآيات 90 الي 102 ..... ص : 175

قوله تعالى:

وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ [90- 91]

7897/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ

__________________________________________________

1- كشف الغمة 1: 320.

2- تفسير القمي 2: 123.

3- الكافي 2: 13/ 5. [.....]

4- مجمع البيان 7: 305.

5- تفسير القمي 2: 122.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 176

يقول: قربت وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ يقول: نحيت».

قوله تعالى:

فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ- إلى قوله تعالى- فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [94- 102]

7898/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»

، في قول الله عز و جل: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ، قال: «هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم، ثم خالفوه إلى غيره».

7899/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «و أنزل في طسم:

وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ «2» جنود إبليس: ذريته من الشياطين».

7900/ [3]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر، عن الحلبي،

عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ، قال: «هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم، ثم خالفوا إلى غيره».

7901/ [4]- و

عنه: عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ، فقال: «يا أبا بصير، هم قوم وصفوا عدلا، و عملوا بخلافه».

7902/ [5]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: قال الصادق (عليه السلام): «نزلت في قوم وصفوا عدلا، ثم خالفوه إلى غيره».

ثم قال: و في خبر آخر: «هم بنو امية، و الغاوون هم بنو فلان».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 38/ 4.

2- الكافي 2: 26.

3- الزهد: 68/ 181.

4- الزهد: 68.

5- تفسير القمّي 2: 123.

(1) في «ج» و المصدر: أبي جعفر (عليه السّلام).

(2) الشعراء 26: 91- 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 177

قالُوا وَ هُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ يقولون لمن تبعوهم: أطعناكم كما أطعنا الله، فصرتم أربابا. ثم يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

7903/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ.

قال: «يعني المشركين الذين اقتدى بهم هؤلاء، و اتبعوهم على شركهم، و هم قوم محمد (صلى الله عليه و آله)، ليس فيهم من اليهود و النصارى أحد، و تصديق ذلك، قول الله عز و جل: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ «1»، كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ «2»، كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ «3»،

ليس فيهم اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله، و لا النصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله، سيدخل الله اليهود و النصارى النار، و يدخل كل قوم بأعمالهم.

و قولهم: وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ إذ دعونا إلى سبيلهم، ذلك قول الله عز و جل فيهم حين جمعهم إلى النار: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ «4»، و قوله: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً «5» برى ء بعضهم من بعض، و لعن بعضهم بعضا، يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج «6»، فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم، و ليس بأوان بلوى، و لا اختبار، و لا قبول معذرة، و لات حين نجاة».

7904/ [7]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها، حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها. فقال: «سبحان الله- و أعظم ذلك- ألا أخبرك بمن هو شر منه؟» فقلت: بلى. فقال: «الناصب لنا شر منه، أما إنه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت، فيرق لذكرنا، إلا مسحت الملائكة ظهره، و غفر له ذنوبه كلها، إلا أن يجي ء بذنب يخرجه عن الإيمان، و إن الشفاعة لمقبولة، و ما تقبل في ناصب، و إن المؤمن ليشفع لجاره و ما له حسنة، فيقول: يا رب، جاري كان يكف عني الأذى فيشفع فيه، فيقول الله تبارك و تعالى: أنا ربك، و أنا أحق من كافى عنك، فيدخله الجنة، و ما له من حسنة،

و إن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك، يقول أهل النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

__________________________________________________

6- الكافي 2: 26.

7- الكافي 8: 101/ 72.

(1) الشعراء 26: 105.

(2) الشعراء 26: 176.

(3) القمر 54: 33. [.....]

(4، 5) الأعراف 7: 38.

(6) الفلج: الظّفر و الفوز، و قد فلج الرجل على خصمه، أي غلبه. «لسان العرب- فلج- 2: 347».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 178

7905/ [8]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان الغزال، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو حفص الأعشى، قال: سمعت الحسن بن صالح بن حي قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: «لقد عظمت منزلة الصديق، حتى أن أهل النار يستغيثون به، و يدعونه قبل القريب الحميم، قال الله سبحانه مخبرا عنهم: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7906/ [9]- و

عنه، في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يونس القاضي الهمداني، قال: حدثني أحمد بن الخليل النوفلي بالدينور «1»، قال: حدثنا عثمان بن سعيد المري، قال:

حدثنا الحسن بن صالح بن حي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: «لقد عظمت منزلة الصديق، حتى أن أهل النار ليستغيثون به، و يدعونه في النار قبل القريب الحميم، قال الله مخبرا عنهم: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7907/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن شريف بن سابق، عن أبي العباس الفضل

بن عبد الملك، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته، ما يقول الناس فيه، إن خيرا فخيرا، و إن شرا فشرا، و أول تحفة المؤمن أن يغفر الله له، و لمن تبع جنازته».

ثم قال: «يا فضل، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلا وافدها، و من كل أهل بيت إلا نجيبها. يا فضل، لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث، إما دعاء يدعو به يدخله الله به الجنة، و إما دعاء يدعو به فيصرف الله به عنه بلاء الدنيا، و إما أخ يستفيده في الله عز و جل- ثم قال- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام، مثل أخ يستفيده في الله».

ثم قال: «يا فضل، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا، فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة و مضر. يا فضل، إنما سمي المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن على الله، فيجيز الله أمانه- ثم قال- أما سمعت الله تعالى يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7908/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن عبد الله بن يزيد «2»، عن الحسن بن محمد، عن «3» أبي عاصم، عن عيسى بن عبد الله بن

__________________________________________________

8- الأمالي 2: 222.

9- الأمالي 2: 131.

10- الأمالي 1: 45.

11- تأويل الآيات 1: 389/ 9، شواهد التنزيل 1: 418/ 578.

(1) دينور: مدينة من أعمال الجبل، بينها و

بين همذان نيّف و عشرون فرسخا. «معجم البلدان 2: 545».

(2) في المصدر: زيدان.

(3) في المصدر: بن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 179

محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «نزلت هذه الآية فينا، و في شيعتنا، و ذلك أن الله سبحانه يفضلنا، و يفضل شيعتنا، حتى أنا لنشفع و يشفعون، فإذا رأى ذلك من ليس منهم، قالوا: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7909/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، عن رجل، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، فقال: «لما يرانا هؤلاء و شيعتنا، نشفع يوم القيامة، يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ يعني بالصديق: المعرفة، و بالحميم: القرابة».

7910/ [13]- و

روى البرقي، عن ابن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن خالد قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام): فقرأ: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، و قال: «و الله لنشفعن- ثلاثا- و لتشفعن شيعتنا- ثلاثا- حتى يقول عدونا: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7911/ [14]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عمر بن عبد العزيز، عن مفضل، أو غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، قال: «الشافعون: الأئمة، و الصديق من المؤمنين».

7912/ [15]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن

أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) و أبي جعفر (عليهما السلام)، أنهما قالا: «و الله، لنشفعن في المذنبين من شيعتنا، حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ- قال- من المهتدين- قال- لأن الإيمان قد لزمهم بالإقرار».

7913/ [16]- أبو علي الطبرسي قال: و روى العياشي بالإسناد عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «و الله لنشفعن لشيعتنا، و الله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ إلى قوله فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ».

قال: و في رواية اخرى: «حتى يقول عدونا».

7914/ [17]- و

قال الطبرسي أيضا: و عن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن المؤمن

__________________________________________________

12- تأويل الآيات 1: 389/ 10.

13- تأويل الآيات 1: 1: 390/ 11.

14- المحاسن: 184/ 187.

15- تفسير القمّي 2: 123.

16- مجمع البيان 7: 305. [.....]

17- مجمع البيان 7: 305.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 180

ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفع فيهم».

7915/ [18]- و

قال الطبرسي: و في الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان؟ و صديقه في الجحيم، فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول من بقي في النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7916/ [19]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «من كان له صديق حميم فإنه لا يعذب، ألا ترى كيف أخبر الله عن أهل النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ؟».

7917/ [20]- و

قال: قال محمد بن

علي الباقر (عليه السلام): «أ يدخل أحدكم يده في كم صاحبه، فيأخذ حاجته من الدنانير و الدراهم؟». قالوا: لا. قال: «فلستم إذن بإخوان».

سورة الشعراء(26): آية 105 ..... ص : 180

قوله تعالى:

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [105]

7918/ [1]- الطبرسي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يعني بالمرسلين: نوحا، و الأنبياء الذين كانوا بينه و بين آدم (عليه السلام)».

سورة الشعراء(26): آية 111 ..... ص : 180

قوله تعالى:

قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [111] 7919/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ يا نوح وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ قال: الفقراء.

سورة الشعراء(26): الآيات 118 الي 153 ..... ص : 180

قوله تعالى:

فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً- إلى قوله تعالى- قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ [118- 153]

__________________________________________________

18- مجمع البيان 7: 305.

19- ربيع الأبرار 1: 428.

20- ربيع الأبرار 1: 430.

1- مجمع البيان 7: 307.

2- تفسير القمي 2: 123.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 181

7920/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً يقول: اقض بيني و بينهم قضاء».

7921/ [2]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ قال: «المجهز، الذي قد فرغ منه، و لم يبق إلا دفعه».

و أما قوله: بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً

قال الإمام أبو جعفر (عليه السلام): «يعني بكل طريق آية، و الآية علي (عليه السلام)

تَعْبَثُونَ».

7922/ [3]- علي بن إبراهيم: و قوله: وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، قال: تقتلون بالغضب، من غير استحقاق، و قوله: وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ، أي ممتلئ، و قوله: وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ أي حاذقين، و يقرأ: فرهين، أي بطرين.

! 7923/ [4]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ يقول: أجوف، مثل خلق الإنسان، و لو كنت رسولا ما كنت مثلنا».

سورة الشعراء(26): آية 155 ..... ص : 181

قوله تعالى:

قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [155]

7924/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث قوم صالح (عليه السلام)، و قد تقدم في سورة هود بطوله، و في الحديث: «ثم أوحى الله تبارك و تعالى

إليه: أن يا صالح، قل لهم: إن الله قد جعل لهذه الناقة شرب يوم، و لكم شرب يوم، فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم، فيحلبونها، فلا يبقى صغير و لا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك، فإذا كان الليل و أصبحوا، غدوا إلى مائهم، فشربوا منه ذلك اليوم، و لم تشرب الناقة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 123.

2- تفسير القمّي 2: 125.

3- تفسير القمّي 2: 123.

4- تفسير القمّي 2: 125.

5- الكافي 8: 187/ 214.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 182

ذلك اليوم» و باقي الحديث يؤخذ من سورة هود «1».

سورة الشعراء(26): الآيات 168 الي 189 ..... ص : 182

قوله تعالى:

إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ- إلى قوله تعالى- كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [168- 189] 7925/ [1]- علي بن إبراهيم: إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ، أي من المبغضين.

7926/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ قال:

«الأيكة: الغيضة «2» من الشجر».

و أما قوله: عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فبلغنا- و الله أعلم- أنه أصابهم حر و هم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الروح من قبل السحابة التي بعث الله فيها العذاب، فلما غشيتهم أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين، و هم قوم شعيب.

7927/ [3]- علي بن إبراهيم، و قوله: وَ اتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ، قال: الخلق الأولين. و قوله:

فَكَذَّبُوهُ، قال: قوم شعيب فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، قال: يوم حر و سمائم.

سورة الشعراء(26): الآيات 192 الي 196 ..... ص : 182

وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ [192- 196] 7928/ [4]- علي بن إبراهيم: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ يعني القرآن.

7929/ [5]- ثم

قال: و حدثني أبي، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 123.

2- تفسير القمّي 2: 125.

3- تفسير القمّي 2: 123. [.....]

4- تفسير القمّي 2: 124.

5- تفسير القمّي 2: 124.

(1) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآية (61) من سورة هود.

(2) الغيضة: هي الشجر الملتف. «لسان العرب- غيض- 7: 202».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 183

الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، قال: «الولاية التي نزلت لأمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير».

7930/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن حنان بن سدير، عن سالم

الحناط، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

7931/ [4]- و

عنه: عن محمد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن سالم، عن أبي محمد، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام)، أخبرني عن الولاية، أنزل بها جبرئيل من رب العالمين يوم الغدير؟ فتلا: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ قال: «هي الولاية لأمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه)».

7932/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن حنان بن سدير، عن سالم الحناط، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن قول الله تبارك و تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، قال: «هي الولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام)».

7933/ [6]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحجال، عمن ذكره، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، قال: «يبين الألسن، و لا تبينه الألسن» «1».

7937/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن حنان بن سدير عن أبي محمد الحناط، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ؟ قال: «ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7935/ [8]- محمد

بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 93/ 5.

4- بصائر الدرجات: 93/ 6.

5- الكافي 1: 341/ 1.

6- الكافي 2: 462/ 20.

7- تأويل الآيات 1: 391/ 16.

8- الكافي 1: 363/ 6.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): المراد أنّ القرآن لا يحتاج إلى الاستشهاد بأشعار العرب و كلامهم، بل الأمر بالعكس لأنّ القرآن أفصح الكلام، مرآة العقول 12: 522.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 184

محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لم يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و ولاية وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7936/ [9]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ يعني في كتب الأولين.

سورة الشعراء(26): الآيات 198 الي 199 ..... ص : 184

قوله تعالى:

وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ [198- 199]

7937/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «لو انزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب، و قد نزل على العرب فآمنت به العجم». فهي فضيلة للعجم.

سورة الشعراء(26): الآيات 205 الي 207 ..... ص : 184

قوله تعالى:

أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ [205- 207]

7938/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن محمد بن الوليد، و محمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن علي بن عيسى القماط، عن عمه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منامه بني امية يصعدون على منبره من بعده، و يضلون الناس عن الصراط القهقرى «1»، فأصبح كئيبا حزينا- قال- فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، ما لي أراك كئيبا، حزينا؟ قال: يا جبرئيل، إني رأيت بني امية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي، و يضلون الناس عن الصراط القهقرى! فقال: و الذي بعثك بالحق نبيا، إن هذا شي ء ما اطلعت عليه. فعرج إلى السماء، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها، قال:

أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ، و أنزل عليه:

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «2» جعل الله عز و جل ليلة

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 125.

1- تفسير القمّي 2: 124.

2- الكافي 4: 159/ 10. [.....]

(1) القهقرى: الرجوع إلى خلف. «الصحاح- قهر- 3: 801».

(2) القدر 97: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 185

القدر

لنبيه (صلى الله عليه و آله)، خيرا من ألف شهر، ملك بني امية».

7939/ [1]- و

في موضع آخر، و رواه محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن يونس، عن علي بن عيسى القماط، عن عمه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «هبط جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) كئيب حزين، فقال: يا رسول الله، ما لي أراك كئيبا حزينا؟ فقال: إني رأيت الليلة رؤيا قال: و ما الذي رأيت؟ قال: رأيت بني امية يصعدون المنابر، و ينزلون منها! قال: و الذي بعثك بالحق نبيا، ما علمت بشي ء من هذا. و صعد جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء، ثم أهبطه الله جل ذكره بآي من القرآن، يعزيه بها، قوله: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ، فأنزل الله عز ذكره: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «1» للقوم، فجعل الله عز و جل ليلة القدر لرسوله خيرا من ألف شهر».

7940/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن صفوان ابن يحيى، عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ، قال: «خروج القائم (عليه السلام)» ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ، قال: «هم بنو امية الذين متعوا في دنياهم».

سورة الشعراء(26): آية 212 ..... ص : 185

قوله تعالى:

إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [212] 7941/

[3]- علي بن إبراهيم، يقول: خرس، فهم عن السمع لمعزولون.

سورة الشعراء(26): آية 214 ..... ص : 185

قوله تعالى:

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [214]

7942/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر

__________________________________________________

1- الكافي 8: 222/ 280.

2- تأويل الآيات 1: 392/ 18.

3- تفسير القمّي 2: 125.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 231/ 1.

(1) القدر 97: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 186

الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان، و ذكر الحديث، إلى أن قال: قالت العلماء: فأخبرنا، هل فسر الله عز و جل الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا (عليه السلام): «فسر الاصطفاء في الظاهر، سوى الباطن، في اثني عشر موطنا و موضعا، فأول ذلك:

قوله تعالى: «و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك المخلصين». هكذا في قراءة أبي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، و هذه منزلة رفيعة، و فضل عظيم، و شرف عال، حين عنى الله عز و جل بذلك الآل، فذكره لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

7943/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز، قال:

حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، قال: حدثنا قيس بن الربيع، و شريك بن عبد الله، عن الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «لما نزلت: (و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك المخلصين) دعا

رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني عبد المطلب، و هم إذ ذاك أربعون رجلا، يزيدون رجلا، أو ينقصون رجلا، فقال: أيكم يكون أخي، و وارثي، و وزيري، و وصيي، و خليفتي فيكم بعدي؟ فعرض ذلك عليهم رجلا رجلا، كلهم يأبى ذلك، حتى أتي علي، فقلت: أنا، يا رسول الله. فقال: يا بني عبد المطلب، هذا أخي و وارثي، و وزيري، و خليفتي فيكم بعدي. فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع و تطيع لهذا الغلام!».

7944/ [3]- الشيخ في (مجالسه)، قال: حدثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة ثمان و ثلاث مائة، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، قال أبو المفضل: و حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، و اللفظ له، قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي، قال: حدثني سلمة بن صالح الجعفي، عن سليمان الأعمش، و أبي مريم، جميعا، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعاني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لي: يا علي إن الله تعالى أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين- قال- فضقت بذلك ذرعا، و عرفت أني متى أبادرهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت على ذلك، و جاءني جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إنك إن لم تفعل ما أمرت به،

عذبك ربك عز و جل، فاصنع لنا- يا علي- صاعا من طعام، و اجعل عليه رجل شاة، و املأ لنا عسا «1» من لبن، ثم اجمع بني عبد المطلب، حتى أكلمهم، و أبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم أجمع، و هم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا، أو ينقصون رجلا، فيهم أعمامه: أبو طالب، و حمزة، و العباس، و أبو لهب، فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعته لهم، فجئت به،

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 170/ 2.

3- الأمالي 2: 194.

(1) العسّ: القدح العظيم. «الصحاح- عسس- 3: 949».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 187

فلما وضعته، تناول رسول الله (صلى الله عليه و آله) جذمة «1» من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: خذوا، بسم الله. فأكل القوم حتى صدروا، ما لهم بشي ء من الطعام حاجة، و ما أرى إلا مواضع أيديهم، و أيم الله الذي نفس علي بيده، إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثم جئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا جميعا، و ايم الله، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يكلمهم، ابتدره أبو لهب بالكلام، فقال: لشد ما سحركم صاحبكم! فتفرق القوم، و لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال لي من الغد: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم لي- قال- ففعلت، ثم جمعتهم، فدعاني بالطعام، فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، و أكلوا حتى مالهم به من حاجة، ثم قال: اسقهم فجئتهم بذلك

العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا.

ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا بني عبد المطلب، إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني ربي عز و جل أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤمن بي، و يؤازرني على أمري، فيكون أخي، و وصيي، و وزيري، و خليفتي في أهلي من بعدي؟- قال- فأمسك القوم، و أحجموا عنها جميعا- قال- فقمت، و إني لأحدثهم سنا، و أرمصهم «2» عينا، و أعظمهم بطنا، و أحمشهم «3» ساقا، فقلت: أنا- يا نبي الله- أكون وزيرك على ما بعثك الله به- قال- فأخذ بيدي، ثم قال: إن هذا أخي، و وصيي، و وزيري، و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا. فقام القوم يضحكون، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك، و تطيع!».

7945/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد «4»، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي، و علي بن محمد بن مخلد الدهان، عن الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن هاشم السمسار، عن محمد ابن عبد الله بن علي بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) جمع بني عبد المطلب في الشعب، و هم يومئذ ولد عبد المطلب لصلبه، و أولادهم، أربعون رجلا. فصنع لهم رجل شاة، ثم ثرد لهم ثردة، و صب عليها ذلك المرق و اللحم، ثم قدمها إليهم، فأكلوا منها حتى تضلعوا «5»، ثم سقاهم عسا واحدا [من لبن ]، فشربوا

كلهم من ذلك العس، حتى رووا منه. فقال أبو لهب: و الله إن

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 1: 393/ 19.

(1) الجذمة: القطعة من الشي ء. «لسان العرب- جذم- 12: 87».

(2) الرّمص: وسخ يتجمّع في موق العين. «مجمع البحرين- رمص- 4: 172».

(3) حمش الساقين، و أحمشهما: دقيقهما. «لسان العرب- حمش- 6: 288». [.....]

(4) في المصدر: زيدان بن يزيد.

(5) تضلّع الرجل: امتلأ ما بين أضلاعه شبعا وريّا. «لسان العرب- ضلع- 8: 225».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 188

منا لنفرا يأكل أحدهم الجفنة «1» و ما يصلحها، و لا تكاد تشبعه، و يشرب الظرف «2»، من النبيذ، فما يرويه، و إن ابن أبي كبشة دعانا، فجمعنا على رجل شاة، و عس من شراب، فشبعنا و روينا منها، إن هذا لهو السحر المبين.

قال: ثم دعاهم، فقال لهم: «إن الله عز و جل قد أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين، و رهطي المخلصين، و أنتم عشيرتي الأقربون، و رهطي المخلصون، و إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا، و وارثا، و وزيرا، و وصيا، فأيكم يقوم يبايعني على أنه أخي، و وزيري، و وارثي دون أهلي، و وصيي، و خليفتي في أهلي، و يكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي؟» فسكت القوم، فقال: «و الله ليقومن قائمكم، أو ليكونن في غيركم، ثم لتندمن» قال: فقام علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هم ينظرون إليه كلهم، فبايعه، و أجابه إلى ما دعاه إليه، فقال له:

«ادن مني» فدنا منه، فقال له: «افتح فاك» ففتحه، فنفث فيه من ريقه، و تفل بين كتفيه، و بين ثدييه: فقال أبو لهب:

بئس ما حبوت به ابن عمك، أجابك لما دعوته إليه، فملأت

فاه و وجهه بزاقا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بل ملأته علما، و حكما، و فقها».

7946/ [5]- علي بن إبراهيم، في معني الآية، قال: نزلت (و رهطك منهم المخلصين) بمكة، فجمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني هاشم، و هم أربعون رجلا، كل واحد منهم يأكل الجذع «3»، و يشرب القربة، فاتخذ لهم طعاما يسيرا، فأكلوا حتى شبعوا، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من يكون وصيي، و وزيري، و خليفتي؟». فقال أبو لهب جزما «4»: سحركم محمد، فتفرقوا، فلما كان اليوم الثاني، أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ففعل بهم مثل ذلك، ثم سقاهم اللبن حتى رووا، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أيكم يكون وصيي، و وزيري و خليفتي؟».، فقال أبو لهب جزما: سحركم محمد، فتفرقوا. فلما كان اليوم الثالث، أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ففعل بهم مثل ذلك، ثم سقاهم اللبن، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أيكم يكون وصيي، و وزيري، و منجز عداتي، و يقضي ديني» فقام علي (عليه السلام)، و كان أصغرهم سنا، و أحمشهم ساقا، و أقلهم مالا، فقال: «أنا، يا رسول الله» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنت هو».

7947/ [6]- محمد بن العباس: عن محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: «و رهطك منهم المخلصين» علي، و حمزة، و جعفر، و الحسن، و الحسين، و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) خاصة».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 124.

6- تأويل الآيات

1: 395/ 21.

(1) الجفنة: أعظم ما يكون من القصاع. «لسان العرب- جفن- 13: 89». و في المصدر: الجفرة و ما يسلخها. الجفرة: الأنثى من أولاد الشاء إذا عظمت و استكرشت. «لسان العرب- جفر- 4: 142».

(2) في المصدر: الفرق.

(3) الجذع من الدواب: ما كان منها شابّا فتيّا، و من الضأن ما تمّت له سنة. «النهاية 1: 250».

(4) الجزم: القطع، و كل أمر قطعته قطعا لا عودة فيه، فقد جزمته. «لسان العرب- جزم- 12: 97».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 189

7948/ [7]- أبو علي الطبرسي (رحمه الله) في (تفسيره): و اشتهرت القصة بذلك عند الخاص و العام، و في الخبر المأثور عن البراء بن عازب، أنه قال: لما نزلت هذه الآية، جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني عبد المطلب، و هم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة «1»، و يشرب العس، فأمر عليا (عليه السلام) برجل شاة فأدمها «2»، ثم قال لهم: «ادنوا بسم الله» فدنا القوم عشرة، عشرة، فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب «3» من لبن، فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: «اشربوا بسم الله» فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب، فقال: هذا ما سحركم به الرجل.

فسكت (صلى الله عليه و آله) يومئذ، و لم يتكلم.

ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام و الشراب، ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «يا بني عبد المطلب، إني أنا النذير إليكم من الله عز و جل، و البشير، فأسلموا، و أطيعوني تهتدوا- ثم قال- من يؤاخيني، و يؤازرني على هذا الأمر، و يكون وليي، و وصيي بعدي، و خليفتي في أهلي، و يقضي ديني؟ فسكت القوم، فأعادها ثلاثا،

كل ذلك يسكت القوم، و يقول علي (عليه السلام): «أنا». فقال له في المرة الثالثة: «أنت هو» فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك، فقد أمر عليك.

7949/ [8]- و

أورده الثعلبي في (تفسيره)، و قال (رحمه الله): في قراءة عبد الله بن مسعود: «و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك منهم المخلصين» و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) بلفظه هذا.

7950/ [9]- و

من طريق المخالفين: ما روي بالإسناد المتصل، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه في مسنده، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش عن المنهال، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع النبي (صلى الله عليه و آله) من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا و شربوا، ثلاثا. ثم قال لهم: من يضمن عني ديني، و مواعيدي، و يكون معي في الجنة، و يكون خليفتي في أهلي؟» فقال رجل- و لم يسمه شريك-: يا رسول الله، أنت كنت تجد «4» من يقوم بهذا. قال: ثم قال الآخر، فعرض ذلك على أهل بيته، فقال علي (عليه السلام): «أنا».

7951/ [10]- و

بالإسناد المتصل، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه السلام)، قال

__________________________________________________

7- مجمع البيان 7: 322، شواهد التنزيل 1: 420/ 580، العمدة: 76/ 93، كفاية الطالب: 204.

8- تفسير الثعلبي: 25 «مخطوط»، مجمع البيان 7: 323.

9- مسند أحمد بن حنبل 1: 111، العمدة: 86/ 103.

10- فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل 2: 650/ 1108،

العمدة: 87/ 104.

(1) المسنّ من الدوابّ: ما دخل في السنة الثامنة. «أقرب الموارد- سنن- 1: 550».

(2) الإدام، و الادم: ما يؤكل مع الخبز، أيّ شي ء كان، و أدمته: أي خلطته و جعلت فيه إداما يؤكل. «النهاية 1: 31». [.....]

(3) القعب: القدح الضخم الغليظ. «أقرب الموارد- قعب- 2: 1017».

(4) في المسند: بحرا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 190

عبد الله: و حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه السلام) قال: «لما نزلت: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجالا من أهل بيته، إن كان الرجل منهم ليأكل الجذعة، و إن كان شاربا فرقا «1»، فقدم إليهم رجلا، فأكلوا حتى شبعوا، فقال لهم: من يضمن عني ديني، و مواعيدي، و يكون معي في الجنة، و يكون خليفتي في أهلي؟» فعرض ذلك على أهل بيته، فقال علي (عليه السلام): «أنا» فقال: رسول الله (صلى الله عليه و آله): «علي يقضي ديني عني، و ينجز مواعيدي». و لفظ الحديث للحماني، و بعضه لحديث أبي خيثمة.

و من ذلك ما رواه الثعلبي بإسناده عن البراء «2»، و ذكر الحديث،

و قد تقدم، و سيأتي حديث في ذلك في أول سورة حم السجدة «3»، إن شاء الله تعالى.

7952/ [11]- علي بن إبراهيم: و قوله: «و رهطك منهم المخلصين» «4» علي بن أبي طالب، و حمزة، و جعفر، و الحسن و الحسين، و الأئمة من آل محمد (عليهم السلام).

سورة الشعراء(26): الآيات 215 الي 216 ..... ص : 190

قوله تعالى:

لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [215- 216] 7953/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: لِمَنِ

اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ يعني من بعدك في ولاية علي و الأئمة (عليهم السلام)، فَقُلْ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ و معصية رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو ميت، كمعصيته و هو حي.

سورة الشعراء(26): الآيات 217 الي 219 ..... ص : 190

قوله تعالى:

وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ [217- 219]

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 126.

1- تفسير القمّي 2: 126.

(1) الفرق: مكيال معروف بالمدينة، و هو ستّة عشر رطلا. «الصحاح- فرق- 4: 1540».

(2) تفسير الثعلبي: 265 «مخطوط». و قد تقدّمت روآية البراء في الحديث (7) من تفسير هذه الآية، عن مجمع البيان، و في الحديث (8) عن تفسير الثعلبي.

(3) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (3- 6) من سورة فصلت.

(4) تقدّمت في الحديث (5) عن تفسير القمّي أنّ هذا اللفظ هو قراءة للآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 191

7954/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن الوليد، عن محمد بن الفرات، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ

في النبوة وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ- قال- في أصلاب النبيين».

7955/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري، قال: أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي البصري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله): أين كنت و آدم في الجنة؟

قال: «كنت في صلبه، و هبط إلى الأرض و أنا في صلبه، و ركبت السفينة في صلب أبي نوح (عليه السلام)، و قذف بي في النار في صلب أبي إبراهيم، لم يلتق لي أبوان على

سفاح قط، لم يزل الله عز و جل ينقلني من الأصلاب الطيبة، إلى الأرحام الطاهرة، هاديا مهديا، حتى أخذ الله بالنبوة عهدي، و بالإسلام ميثاقي، و بين كل شي ء من صفتي، و أثبت في التوراة و الإنجيل ذكري، و رقى بي إلى سمائه، و شق لي اسما من أسمائه، امتي الحامدون، و ذو العرش محمود، و أنا محمد».

قال ابن بابويه: و قد روي هذا الحديث من طرق كثيرة.

7956/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني، و ما لقيت أنصب منه، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران السراج، قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي، قال:

حدثنا وكيع بن الجراح، عن محمد بن إسرائيل، عن أبي صالح، عن أبي ذر (رضي الله عنه)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: خلقت أنا و علي من نور واحد، نسبح الله تعالى عند العرش قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما أن خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه، و لقد سكن الجنة و نحن في صلبه. و لقد هم بالخطيئة و نحن في صلبه، و لقد ركب نوح السفينة و نحن في صلبه، و لقد قذف إبراهيم في النار و نحن في صلبه، فلم يزل ينقلنا الله عز و جل من أصلاب طاهرة، إلى أرحام طاهرة، حتى انتهى بنا إلى عبد المطلب، فقسمنا نصفين: فجعلني في صلب عبد الله، و جعل عليا في صلب أبي طالب، و جعل في النبوة و البركة، و جعل في علي الفصاحة و الفروسية، و شق لنا اسمين من أسمائه: فذو العرش محمود، و أنا محمد، و الله الأعلى،

و هذا علي».

7957/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، قال: «في علي،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 125.

2- معاني الأخبار: 55/ 2.

3- معاني الأخبار: 56/ 4.

4- تأويل الآيات 1: 396/ 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 192

و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و أهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)».

7958/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن هارون، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن علي بن أسباط، عن عبد الرحمن بن حماد المقرئ، عن أبي الجارود، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، قال: «يرى تقلبه في أصلاب النبيين، من نبي إلى نبي، حتى أخرجه من صلب أبيه، من نكاح غير سفاح، من لدن آدم (عليه السلام)».

7959/ [6]- قال شرف الدين: [روى الشيخ ] في (أماليه) [قال ]: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال: «كان ذات يوم جالسا بالرحبة، و الناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله به، و أبوك يعذب بالنار؟ فقال: «مه، فض الله فاك، و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأј֠لشفعه الله تعالى فيهم،

أبي يعذب بالنار، و أنا قسيم النار؟!».

ثم قال: «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق، إن نور أبي طالب (عليه السلام) يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق، إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه و آله)، و نوري، و نور فاطمة، و نور الحسن، و نور الحسين، و من ولده من الأئمة، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز و جل من قبل خلق آدم بألفي عام».

7960/ [7]- و

عنه: عن الشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان، بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، عن الإمام العالم موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى خلق نور محمد (صلى الله عليه و آله) من نور اخترعه من نور عظمته و جلاله، و هو نور لاهوتيته الذي بدأ منه «1»، و تجلى لموسى بن عمران (عليه السلام) في طور سيناء، فما استقر «2» له، و لا أطاق موسى لرؤيته و لا ثبت له، حتى خر صعقا مغشيا عليه، و كان ذلك النور نور محمد (صلى الله عليه و آله)، فلما أراد أن يخلق محمدا (صلى الله عليه و آله) منه، قسم ذلك النور شطرين: فخلق من الشطر الأول محمدا (صلى الله عليه و آله)، و من الشطر الآخر علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و لم يخلق من ذلك النور غيرهما، خلقهما بيده، و نفخ فيهما بنفسه لنفسه، و صورهما على صورتهما، و جعلهما أمناء له، و شهداء على خلقه، و خلفاء على خليقته، و عينا له عليهم، و لسانا له إليهم.

قد استودع فيهما علمه، و علمهما البيان، و استطلعهما على غيبه، و جعل أحدهما نفسه، و الآخر روحه، لا

يقوم واحد بغير صاحبه، ظاهرهما بشرية، و باطنهما لاهوتية، ظهر للخلق على هياكل الناسوتية، حتى يطيقوا

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 396/ 25.

6- تأويل الآيات 1: 396/ 26، أمالي الطوسي 1: 311. [.....]

7- تأويل الآيات 1: 397/ 27.

(1) في «ط» نسخة بدل و المصدر: من لاه، أي من الاهيّته، من إنّيّته الذي تبدى منه.

(2) في المصدر زيادة: و على نفسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 193

رؤيتهما، و هو قوله تعالى: وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ «1» فهما مقاما رب العالمين، و حجابا خالق الخلائق أجمعين، بهما فتح الله بدء الخلق، و بهما يختم الملك و المقادير.

ثم اقتبس من نور محمد (صلى الله عليه و آله) فاطمة ابنته، كما اقتبس نور علي من نوره، و اقتبس من نور فاطمة و علي الحسن و الحسين (عليهم السلام)، كاقتباس المصابيح، هم خلقوا من الأنوار، و انتقلوا من ظهر إلى ظهر، و من صلب إلى صلب، و من رحم إلى رحم، في الطبقة العليا، من غير نجاسة، بل نقلا بعد نقل لا من ماء مهين، و لا نطفة جشرة «2» كسائر خلقه، بل أنوار، انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات، لأنهم صفوة الصفوة، اصطفاهم لنفسه، و جعلهم خزان علمه، و بلغاء عنه إلى خلقه، أقامهم مقام نفسه، لأنه لا يرى، و لا يدرك، و لا تعرف كيفيته، و لا إنيته، فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه، المتصرفون في أمره و نهيه، فبهم يظهر قدرته، و منهم ترى آياته و معجزاته، و بهم و منهم عرف عباده نفسه، و بهم يطاع أمره، و لولاهم ما عرف الله، و لا يدرى كيف يعبد الرحمن، فالله يجري أمره كيف يشاء، فيما يشاء لا يُسْئَلُ عَمَّا

يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ «3»».

7961/ [8]- الطبرسي: عن ابن عباس، معناه: و تقلبك في أصلاب الموحدين، من نبي إلى نبي، حتى أخرجك نبيا. في رواية عطاء، و عكرمة.

7962/ [9]- قال: و المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «في أصلاب النبيين، نبي بعد نبي، حتى أخرجه من صلب أبيه، من نكاح غير سفاح، من لدن آدم (عليه السلام)».

7963/ [10]- و

عنه، قال: و روى جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا ترفعوا قبلي، و لا تضعوا قبلي، فإني أراكم من خلفي، كما أراكم من أمامي» ثم تلا هذه الآية.

7964/ [11]- و عن ابن عباس: المعنى يراك حين تقوم إلى الصلاة منفردا، وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إذا صليت في جماعة.

7965/ [12]- و عنه أيضا: في قوله تعالى: وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ أي فوض أمرك إلى العزيز المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه [ليكفيك كيد أعدائك الذين عصوك فيما أمرتهم به ] الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ

[أي الذي يبصرك حين تقوم من مجلسك أو فراشك إلى الصلاة وحدك و في الجماعة. و قيل: معناه: يراك حين تقوم ]

__________________________________________________

8- مجمع البيان 7: 323.

9- مجمع البيان 7: 324.

10- مجمع البيان 7: 324.

11- مجمع البيان 7: 7: 323.

12- مجمع البيان 7: 323.

(1) الأنعام 6: 9.

(2) الجشر: وسخ الوطب- ظرف- من اللبن، يقال: وطب جشر، أي وسخ. «الصحاح- جشر- 2: 614». و في المصدر: خشرة، و الخشارة: الردي ء من كلّ شي ء. «الصحاح- خشر- 2: 645».

(3) الأنبياء 21: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 194

في صلاتك، [عن ابن عباس ].

سورة الشعراء(26): الآيات 221 الي 222 ..... ص : 194

قوله تعالى:

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [221- 222]

7966/

[1]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، و أحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن ابن علي بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، قال: «هم سبعة: المغيرة، و بنان، و صائد، و حمزة بن عمارة البربري، و الحارث الشامي، و عبد الله بن الحارث، و ابن الخطاب» «1».

سورة الشعراء(26): الآيات 224 الي 227 ..... ص : 194

قوله تعالى:

وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ- إلى قوله تعالى- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [224- 227]

7967/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن حماد بن عثمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ، قال: «هل رأيت شاعرا يتبعه أحد؟! إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين، فضلوا و أضلوا».

7968/ [3]- شرف الدين النجفي: عن محمد بن جمهور بإسناده، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ، فقال: «من رأيتم من الشعراء يتبع؟ إنما عنى هؤلاء الفقهاء الذين يشعرون قلوب الناس بالباطل، فهم الشعراء الذين يتبعون».

__________________________________________________

1- الخصال: 402/ 111.

2- معاني الأخبار: 385/ 19.

3- تأويل الآيات 1: 399/ 28. [.....]

(1) في المصدر: و أبو الخطّاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 195

7969/ [3]- الطبرسي، في قول الله تعالى: وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ،

قال: روى العياشي بإسناده

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «هم قوم تعلموا و تفقهوا بغير علم، فضلوا، و أضلوا».

7970/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في الذين غيروا دين الله [بآرائهم ]، و خالفوا أمر الله، هل رأيت شاعرا قط يتبعه أحد، إنما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم، فتبعهم على ذلك الناس، و يؤكد ذلك قوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ يعني يناظرون بالأباطيل، و يجادلون بالحجج المضلة، و في كل مذهب يذهبون، وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ، قال: يعظون الناس و لا يتعظون، و ينهون عن المنكر و لا ينتهون، و يأمرون بالمعروف و لا يعملون، و هم الذين قال الله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ، أي في كل مذهب يذهبون، وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ، و هم الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم.

ثم ذكر آل محمد (عليه و عليهم السلام)، و شيعتهم المهتدين، فقال: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا، ثم ذكر أعداءهم و من ظلمهم، فقال: «و سيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون» هكذا و الله نزلت.

7971/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أحب أن يتمسك بديني، و يركب سفينة النجاة بعدي، فليقتد بعلي بن أبي طالب، و ليعاد عدوه، و ليوال وليه، فإنه وصيي، و خليفتي على امتي في حياتي،

و بعد وفاتي، و هو أمير «1» كل مسلم، و أمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي، و أمره أمري، و نهيه نهيي، و تابعه تابعي، و ناصره ناصري، و خاذله خاذلي.

ثم قال (عليه السلام): من فارق عليا بعدي، لم يرني و لم أره يوم القيامة، و من خالف عليا، حرم الله عليه الجنة، و جعل مأواه النار، و من خذل عليا، خذله الله يوم يعرض عليه، و من نصر عليا، نصره الله يوم يلقاه، و لقنه حجته عند المساءلة.

ثم قال (عليه السلام): الحسن و الحسين إماما امتي بعد أبيهما، و سيدا شباب أهل الجنة، و أمهما سيدة نساء العالمين، و أبوهما سيد الوصيين، و من ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي، و معصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم، و المضيعين لحقهم «2» بعدي، و كفى بالله وليا، و كفى بالله نصيرا لعترتي، و أئمة امتي، و منتقما من الجاحدين لحقهم وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».

__________________________________________________

3- مجمع البيان 7: 325.

4- تفسير القمّي 2: 125.

5- كمال الدين و تمام النعمة: 260/ 6، فرائد السمطين 1: 54/ 19.

(1) في المصدر: إمام.

(2) في المصدر: لحرمتهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 197

سورة النمل ..... ص : 197

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 199

فضلها ..... ص : 199

تقدم في أول سورة الشعراء «1».

7972/ [1]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من قرأ هذه السورة كان له بعدد من صدق سليمان (عليه السلام)، و من كذب هودا، و صالحا، و إبراهيم (عليهم السلام) عشر حسنات، و خرج من قبره و هو ينادي: لا إله إلا الله، و من كتبها في رق غزال، و جعلها في منزله، لم يقرب ذلك المنزل حية، و لا عقرب، و لا دود، و لا جرذ، و لا كلب عقور، و لا ذئب، و لا شي ء يؤذيه أبدا».

و في رواية اخرى عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بزيادة: «و لا جراد و لا بعوض».

7973/ [2]- و

عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلة في رق غزال، و جعلها في رق مدبوغ لم يقطع منه شي ء، و جعلها في صندوق، لم يقرب ذلك البيت حية، و لا عقرب، و لا بعوض، و لا شي ء يؤذيه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- خواص القرآن: 46 «مخطوط»، مجمع البيان 7: 327، مصباح الكفعمي: 442، جوامع الجامع: 334.

2- خواص القرآن: 46 «مخطوط».

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشعراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 201

سورة النمل(27): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 201

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِينٍ- إلى قوله تعالى- فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [1- 11] معناها تقدم في أول سورة الشعراء «1».

7974/ [1]- علي بن إبراهيم: طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِينٍ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ إلى قوله: فَهُمْ يَعْمَهُونَ يعني يتحيرون: أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَ هُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَ إِنَّكَ مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ

أي من عند حَكِيمٍ عَلِيمٍ.

و قوله: إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً أي رأيت، ذلك لما خرج من المدائن، من عند شعيب، فنكتب خبره- إن شاء الله تعالى- في سورة القصص «2».

و قوله: يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ. و معنى إلا من ظلم، كقولك:

و لا من ظلم فوضع حرف مكان حرف ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ. فوضع حرف مكان حرف.

سورة النمل(27): آية 12 ..... ص : 201

قوله تعالى:

وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ [12]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 126.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة الشعراء.

(2) يأتي في تفسير الآيات (29- 31) من سورة القصص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 202

7975/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال لرجل من أصحابه: «إذا أردت الحجامة، و خرج الدم من محاجمك، فقل قبل أن تفرغ و الدم يسيل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم، و من كل سوء».

قال: «و ما عملت- يا فلان- أنك إذا قلت هذا فقد جمعت الأشياء «1» كلها، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ «2» يعني الفقر، و قال عز و جل: لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ «3» يعني أن يدخل في الزنا، و قال لموسى (عليه السلام): أَدْخِلْ

يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ، قال: من غير برص».

7976/ [2]- أبو غياث، و الحسين ابني بسطام في كتاب (طب الأئمة): عن محمد بن القاسم بن منجان «4»، قال: حدثنا خلف بن حماد، عن عبد الله بن مسكان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) لرجل من أصحابه: إذا أردت الحجامة، فخرج الدم من محاجمك، فقل قبل أن تفرغ، و قله و الدم يسيل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم من العين في الدم، و من كل سوء في حجامتي هذه».

ثم قال: «اعلم أنك إذا قلت هذا فقد جمعت الخير «5»، إن الله عز و جل يقول: في كتابه: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ «6» يعني الفقر، و قال جل جلاله: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ «7» و السوء هنا الزنا، و قال عز و جل في سورة النمل:

أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يعني من غير مرض «8»، و اجمع ذلك عند حجامتك، و الدم يسيل».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 172/ 1.

2- طب الأئمة: 55. [.....]

(1) في «ي، ج»: الأسواء.

(2) الأعراف 7: 188.

(3) يوسف 12: 24.

(4) في المصدر: منجاب.

(5) (الخير) لم ترد في «ي» و المصدر.

(6) الأعراف 7: 188.

(7) يوسف 12: 24.

(8) في «ج، ي، ط»: برص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 203

هذه العوذة المتقدمة، و تسع آيات، تقدم تفسيرها في سورة بني إسرائيل «1».

سورة النمل(27): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 202

قوله تعالى:

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا [13-

14]

7977/ [1]- الطبرسي: قرأ علي بن الحسين (عليهما السلام): «مبصرة» بفتح الميم و الصاد.

7978/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل.

قال: «الكفر في كتاب الله عز و جل على خمسة أوجه: فمنها كفر الجحود، و الجحود على وجهين، و الكفر بترك ما أمر الله، و كفر البراءة، و كفر النعم، فأما كفر الجحود: فهو الجحود بالربوبية، و هو قول من يقول: لا رب، و لا جنة، و لا نار، و هو قول صنفين من الزنادقة، يقال لهم: الدهرية، و هم الذين يقولون: وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ «2»، و هو دين وضعوه لأنفسهم، بالاستحسان، على غير تثبت منهم و لا تحقيق لشي ء مما يقولون. قال الله عز و جل:

إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «3»، إن ذلك كما يقولون، و قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «4»، يعني بتوحيد الله تعالى، فهذا أحد وجوه الكفر.

و أما الوجه الآخر من الجحود على معرفة «5»، و هو أن يجحد الجاحد و هو يعلم أنه حق قد استقر عنده، و قد قال الله عز و جل: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا، و قال الله عز و جل: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ «6»، فهذا تفسير وجهي الجحود».

و الحديث بتفسير الأوجه الخمسة تقدم في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ

أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 331.

2- الكافي 2: 287/ 1.

(1) سورة الإسراء 17: 101.

(2، 3) الجاثية 45: 24.

(4) البقرة 2: 6.

(5) هكذا في جميع النسخ و المصدر، و الظاهر أن الصواب: أما الوجه الآخر من الجحود، فهو الجحود على معرفة. [.....]

(6) البقرة 2: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 204

من سورة البقرة «1».

سورة النمل(27): الآيات 15 الي 16 ..... ص : 203

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً- إلى قوله تعالى- الْمُبِينُ [15- 16] 7979/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أعطي داود و سليمان ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات، علمهما منطق الطير، و الان لهما الحديد و الصفر من غير نار، و جعلت الجبال يسبحن مع داود، و أنزل الله عليه الزبور، فيه توحيده، و تمجيده، و دعاؤه، و أخبار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الأئمة (عليهم السلام) من ذريتهما، و أخبار الرجعة و القائم (عليه السلام)، لقوله: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ «2».

7980/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: قلت له: إنهم يقولون في حداثة سنك؟

فقال: «إن الله تعالى أوحى إلى داود (عليه السلام) أن يستخلف سليمان و هو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل، و علماؤهم، فأوحى الله إلى داود (عليه السلام) أن خذ عصي المتكلمين، و عصا سليمان، و اجعلها في بيت، و اختم عليها بخواتيم القوم، فإذا كان من الغد، فمن كانت عصاه قد أورقت، و أثمرت، فهو الخليفة، فأخبرهم داود (عليه السلام)،

فقالوا: قد رضينا و سلمنا».

7981/ [3]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن شعيب الحداد، عن ضريس الكناسي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) و عنده أبو بصير، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن داود ورث علم الأنبياء، و إن سليمان ورث داود، و إن محمدا (صلى الله عليه و آله) ورث سليمان، و إنا ورثنا محمدا (صلى الله عليه و آله)، و إن عندنا صحف إبراهيم، و ألواح موسى (عليهما السلام)».

فقال أبو بصير: إن هذا لهو العلم فقال: «يا أبا محمد، ليس هذا هو العلم، إنما العلم ما يحدث بالليل و النهار، يوما بيوم، و ساعة بساعة».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 126.

2- الكافي 1: 314/ 3.

3- الكافي 1: 175/ 4.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

(2) الأنبياء 21: 105.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 205

7982/ [4]- الطبرسي، قال: روى الواحدي بالإسناد: عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: «اعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض و مغاربها، فملك سبعمائة سنة و ستة أشهر، ملك أهل الدنيا كلهم، من الجن، و الإنس، و الشياطين، و الدواب، و الطير، و السباع، و أعطي علم كل شي ء، و منطق كل شي ء، و في زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي سمع بها الناس، و ذلك قوله: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ».

7983/ [5]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن محمد، عمن رواه، عن محمد بن عبد الكريم، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير، كما علم سليمان بن داود منطق كل دابة، في بر أو بحر».

7984/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد بإسناده، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان، و كافران، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود (عليهما السلام)، و ذو القرنين، و الكافران: نمرود، و بخت نصر. و اسم ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد».

7985/ [7]- و من طريق المخالفين: من (تفسير الثعلبي)، في قوله: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ، قال: يقول القنبر في صياحه: اللهم العن مبغض آل محمد (عليهم السلام) «1».

سورة النمل(27): الآيات 17 الي 44 ..... ص : 205

اشارة

قوله تعالى:

وَ حُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [17] 7986/ [1]- علي بن إبراهيم: قعد على كرسيه، فحملته الريح، فمرت به على وادي النمل، و هو واد ينبت الذهب و الفضة، و قد وكل الله به النمل، و هو

قول الصادق (عليه السلام): «إن لله واديا ينبت الذهب و الفضة، قد حماه

__________________________________________________

4- مجمع البيان 7: 335.

5- بصائر الدرجات: 363/ 12.

6- الخصال: 255/ 130.

7- تفسير الثعلبي: 274 «مخطوط».

1- تفسير القمّي 2: 126.

(1) الأحاديث الثلاثة الأخيرة (4، 5، 6) استدركها المؤلّف بعد تفسير الآية (26) من هذه السورة، حيث قال: تقدّمت الرواية في ذلك، و يؤيّده هنا. و ذكر أيضا الحديث (7) في آخر تفسير الآية التالية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 206

بأضعف خلقه، و هو النمل، لو رامته البخاتي من الإبل

ما قدرت عليه».

فلما انتهى سليمان إلى وادي النمل، قالت نملة: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ إلى قوله تعالى: فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ.

و كان سليمان إذا قعد على كرسيه، جاءت جميع الطير التي سخرها الله لسليمان، فتظل الكرسي و البساط- بجميع من عليه- من الشمس، فغاب عنه الهدهد من بين الطير، فوقعت الشمس من موضعه في حجر سليمان (عليه السلام)، فرفع رأسه، و قال، كما حكى الله: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ إلى قوله تعالى: بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي بحجة قوية، فلم يمكث إلا قليلا، إذ جاء الهدهد، فقال له سليمان: «أين كنت؟» قال: أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ، أي بخبر صحيح إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ، و هذا مما لفظه عام، و معناه خاص، لأنها لم تؤت أشياء كثيرة، منها: الذكر، و اللحية.

ثم قال: وَجَدْتُها وَ قَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إلى قوله تعالى: فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ، ثم قال الهدهد: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِي السَّماواتِ أي المطر، و في الْأَرْضِ النبات.

ثم قال سليمان: سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ إلى قوله تعالى: ما ذا يَرْجِعُونَ. فقال الهدهد:

إنها في حصن منيع، في سبأ وَ لَها عَرْشٌ عَظِيمٌ أي سرير.

قال سليمان: «الق الكتاب على قبتها» فجاء الهدهد، فألقى الكتاب في حجرها، فارتاعت من ذلك، و جمعت جنودها، و قالت لهم، كما حكى الله: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ أي مختوم، إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ

الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَ أْتُونِي مُسْلِمِينَ أي لا تتكبروا علي.

ثم قالت: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ، فقالوا لها، كما حكى الله:

نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَ الْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ فقالت لهم: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً. فقال الله عز و جل: وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ «1».

ثم قالت: إن كان هذا نبيا من عند الله- كما يدعي- فلا طاقة لنا به، فإن الله لا يغلب، و لكن سأبعث إليه بهدية، فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها، و علمت أنه لا يقدر علينا. فبعثت إليه حقه «2» فيها جوهرة عظيمة، و قالت للرسول: قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد، و لا نار. فأتاه الرسول بذلك، فأمر سليمان بعض جنوده من الديدان، فأخذ خيطا في فيه، ثم ثقبها، و أخرج الخيط من الجانب الآخر، و قال سليمان لرسولها: فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أي لا طاقة لهم بها، وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ «3».

__________________________________________________

(1) النمل 27: 18- 34.

(2) الحقّة: وعاء من خشب، و قد تسوّى من العاج. «أقرب الموارد- حقق- 1: 215». [.....]

(3) النمل 27: 36، 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 207

فرجع إليها الرسول، فأخبرها بذلك، و بقوة سليمان، فعلمت: أنه لا محيص لها. فخرجت و ارتحلت نحو سليمان، فلما علم سليمان بإقبالها نحوه، قال للجن و الشياطين: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ

«1»، قال سليمان: «أريد أسرع من ذلك». فقال آصف بن برخيا: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ، فدعا الله باسمه الأعظم، فخرج السرير من تحت كرسي سليمان، فقال سليمان: نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أي غيروه نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ «2».

و كان سليمان قد أمر أن يتخذ لها بيتا من قوارير، و وضعه على الماء، ثم قيل لهاْخُلِي الصَّرْحَ

فظنت أنه ماء، فرفعت ثوبها، و أبدت ساقيها، فإذا عليها شعر كثير، فقيل لها:نَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

«3» فتزوجها سليمان، و هي بلقيس بنت الشرح الحميرية «4». و قال سليمان للشياطين «5»: «اتخذوا لها شيئا يذهب الشعر عنها». فعملوا الحمامات، و طبخوا النورة و الزرنيخ. فالحمامات و النورة مما اتخذته الشياطين لبلقيس، و كذا الأرحية «6» التي تدور على الماء.

7987/ [2]- و

قال الصادق (عليه السلام): «و اعطي سليمان بن داود- مع علمه- معرفة النطق بكل لسان، و معرفة اللغات، و منطق الطير، و البهائم، و السباع، فكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية، و إذا قعد لعماله و جنوده و أهل مملكته تكلم بالرومية، و إذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية و النبطية، و إذا قام في محرابه لمناجاة ربه تكلم بالعربية، و إذا جلس للوفود و الخصماء تكلم بالعبرانية».

7988/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَهُمْ يُوزَعُونَ قال: «يحبس أولهم على آخرهم، قوله تعالى: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً «7» يقول لأنتفن ريشه. و قوله تعالى: أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ «8» يقول: لا تعظموا

علي و قوله: لا قِبَلَ لَهُمْ بِها «9» يقول: لا طاقة لهم بها. و قول

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 129.

3- تفسير القمّي 2: 129

(1) النمل 27: 38، 39.

(2) النمل 27: 41، 42.

(3) النمل 27: 44.

(4) في «ج»: الخيبرية، و في «ط»: الجبيرية.

(5) في المصدر: و قالت الشياطين.

(6) الأرحية: واحدتها الرّحى، و هي الأداة التي يطحن بها. «المعجم الوسيط 1: 335».

(7) النمل 27: 21.

(8) النمل 27: 31.

(9) النمل 27: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 208

سليمان: لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ «1» لما آتاني من الملك أَمْ أَكْفُرُ «2» إذا رأيت من هو أدون مني أفضل مني علما؟ فعزم الله له على الشكر».

7989/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي، قال: حدثنا منصور بن عبد الله الأصفهاني الصوفي، قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام)، في قول الله:

فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها «3».

قال: «لما قالت النملة: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ «4»، حملت الريح صوت النملة إلى سليمان (عليه السلام)، و هو مار في الهواء، و الريح قد حملته، فوقف، و قال: علي بالنملة. فلما أتي بها، قال سليمان: بل أبي داود. قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: يا أيتها النملة، أما علمت أني نبي، و أني لا أظلم أحدا؟ قالت النملة: بلى. قال سليمان (عليه السلام): فلم حذرتهم ظلمي، فقلت: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ؟ قالت النملة:

خشيت أن ينظروا إلى زينتك، فيفتتنوا بها، فيبعدوا عن ذكر الله تعالى.

ثم قالت: أنت أكبر، أم أبوك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: بل أبي داود. قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: ما لي بهذا علم. قالت النملة: لأن أباك داود داوى جرحه بود، فسمي داود، و أنت- يا سليمان- أرجو أن تلحق بأبيك «5».

ثم قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح، من بين سائر المملكة؟ قال سليمان: ما لي بهذا علم. قالت النملة: يعني عز و جل بذلك، لو سخرت لك جميع المملكة، كما سخرت لك هذه الريح، لكان زوالها من يدك كزوال الريح. فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها».

7990/ [5]- و

في (تحفة الإخوان): روي أن سليمان بن داود (عليه السلام) لما حشر الطير، و أحب أن يستنطق الطير، و كان حاشرها جبرئيل و ميكائيل، فأما جبرئيل، فكان يحشر طيور المشرق و المغرب من البراري، و أما

__________________________________________________

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 87/ 8.

5- تحفة الاخوان: 71. [.....]

(1) النمل 27: 40.

(2) النمل 27: 40.

(3) النمل 27: 19.

(4) النمل 27: 18.

(5) ذكر المجلسي (رحمه اللّه) وجوها أربعة في تفسير هذه العبارة، ارتضى التالي منها: أنّ المعنى أنّ أباك لمّا ارتكب ترك الأولى، و صار قلبه مجروحا بذلك، فداواه بودّ اللّه تعالى و محبته، فلذا سمّي داود اشتقاقا من الدواء بالودّ، و أنت لمّا لم ترتكب بعد، و أنت سليم منه سمّيت سليمان، فخصوص العلّتين للتسميتين، صارتا علّة لزيادة اسمك على اسم أبيك.

ثمّ لمّا كان كلامها موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبيه، استدركت ذلك بأنّ ما صدر عنه لم يصر سببا لنقصه، بل

صار سببا لكمال محبّته و تمام مودّته، و أرجو أن تلحق أنت أيضا بأبيك في ذلك ليكمل محبّتك، البحار 14: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 209

ميكائيل، فكان يحشر طيور الهواء و الجبال، فنظر سليمان إلى عجائب خلقتها، و حسن صورها «1»، و جعل يسأل كل صنف منهم، و هم يجيبونه بمساكنهم، و معاشهم، و أوكارهم، و أعشاشهم، و كيف تبيض، و كيف تحيض.

و كان الديك آخر من تقدم بين يديه، و نظر سليمان في حسنه، و جماله، و بهائه، و مد عنقه، و ضرب بجناحه، و صاح صيحة أسمع الملائكة، و الطيور، و جميع من حضر: يا غافلين، اذكروا الله. ثم قال: يا نبي الله، إني كنت مع أبيك آدم (عليه السلام) أتقدمه لوقت الصلاة، و كنت مع نوح في الفلك، و كنت مع أبيك إبراهيم الخليل (عليه السلام) حين أظفره الله بعدوه النمرود، و نصره عليه بالبعوض، و كنت أكثر ما أسمع أباك إبراهيم (عليه السلام) يقرأ آية الملك: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ «2» إلى آخر الآية، و اعلم- يا نبي الله- أني لا أصيح صيحة في ليل أو نهار، إلا أفزعت بها الجن و الشياطين، و أما إبليس فإنه يذوب كما يذوب الرصاص.

باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعرفون منطق الطير ..... ص : 209

7991/ [1]- المفيد في (الإختصاص): عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عمن رواه، عن علي ابن إسماعيل الميثمي، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليهما السلام) في داره، و فيها شجرة فيها عصافير، و هن يصحن، فقال: «أ تدري ما يقلن هؤلاء؟» فقلت: لا أدري. فقال: «يسبحن ربهن، و يطلبن رزقهن».

و رواه محمد بن

الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن على الوشاء، عمن رواه، عن الميثمي، عن منصور، عن الثمالي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) في داره، و فيها شجرة، و ذكر الحديث بعينه «3».

7992/ [2]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن إسماعيل بن عيسى «4»، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليهما السلام)، فلما انتشرت العصافير، و صوتت، فقال: «يا أبا حمزة، أ تدري ما تقول؟» فقلت: لا. قال: «تقدس ربها، و تسأله قوت يومها». ثم قال: «يا أبا حمزة، علمنا منطق الطير، و أوتينا من كل شي ء».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات): عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن

__________________________________________________

1- الاختصاص: 292.

2- الاختصاص: 293.

(1) في المصدر: و اختلاف صورها.

(2) آل عمران 3: 26.

(3) بصائر الدرجات: 361/ 1.

(4) كذا في النسخ و المصدر، و لعلّه محمّد بن عيسى، لروايته من عليّ بن الحكم، راجع معجم رجال الحديث 11: 3884.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 210

أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام)، فانتشرت العصافير، و صوتت، و ذكر الحديث بعينه «1».

7993/]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن بعض رجاله، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: تلا رجل عنده هذه الآية: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «2»، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس فيها من، و لكن هو: و أوتينا كل شي ء.

و رواه الصفار: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خلف، عن بعض رجاله،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: تلا رجل عنده هذه الآية، و ذكر الحديث بعينه «3».

7994/ [4]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن يوسف، عن علي بن داود الحداد، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت عنده، إذ نظرت إلى زوج حمام عنده، فهدر «4» الذكر على الأنثى، فقال:

«أ تدري ما يقول؟ يقول: يا سكني، و عرسي، ما خلق الله خلقا أحب إلي منك، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد (عليهما السلام)».

7995/ [5]- و

رواه الصفار، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أحمد بن يوسف، عن علي بن داود الحداد «5»، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت عنده، إذ نظرت إلى زوج حمام عنده، فهدر الذكر على الأنثى، فقال لي: «أ تدري ما يقول؟ قلت: لا. قال: «يقول: يا سكني، و عرسي، ما خلق الله أحب إلي منك، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)».

7996/ [6]- عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن أبيه، عن الفيض بن المختار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن سليمان بن داود (عليهما السلام) قال: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «6»، و قد و الله علمنا منطق الطير، و أوتينا من «7» كل شي ء».

و رواه الصفار: عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن أبيه، عن الفيض بن المختار، قال:

__________________________________________________

3- الاختصاص: 293.

4- الاختصاص: 293.

5- بصائر الدرجات: 362/ 4. [.....]

6- الاختصاص: 203.

(1) بصائر الدرجات: 361/ 2.

(2) النمل 27: 16.

(3) بصائر الدرجات: 362/ 3.

(4) هدر الطائر: صوت. «لسان العرب-

هدر- 5: 258». في المصدر: هدل.

(5) في جميع النسخ و المصدر: داود الحداد، انظر سند الحديث السابق، و معجم رجال الحديث 2: 365 و 12: 12.

(6) النمل 27: 16.

(7) (من) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 211

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و ذكر الحديث «1».

7997/ [7]- عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن عمر بن خليفة، عن شيبة بن الفيض، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «يا أيها الناس، علمنا منطق الطير، و أوتينا من كل شي ء، إن هذا لهو الفضل المبين».

و رواه الصفار: عن أحمد بن موسى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن عمر بن خليفة، عن شيبة بن الفيض، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «يا أيها الناس»، و ذكر الحديث «2».

7998/ [8]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه، قال: اهدي إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فاختة «3»، و ورشان «4»، و طير راعبي «5»، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما الفاختة، فتقول: فقدتكم، فقدتكم، فافقدوها قبل أن تفقدكم- و أمر بها فذبحت- و أما الورشان، فيقول: قدستم، قدستم» فوهبه لبعض أصحابه «و الطير الراعبي يكون عندي آنس به».

7999/ [9]- محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن أحمد بن موسى، عن محمد بن أحمد المعروف بغزال، عن محمد بن الحسين، عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب، قال: كنت مع أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حائط له، إذ جاء عصفور، فوقع بين يديه، و أخذ

يصيح، و يكثر الصياح، و يضطرب، فقال لي:

«يا فلان، أ تدري ما يقول هذا العصفور؟» قلت: الله، و رسوله، و ابن رسوله أعلم. قال: «إنها تقول: إن حية تريد أن تأكل فراخي في البيت، فخذ معك عصا، و ادخل البيت، و اقتل الحية». قال: فأخذت السعفة، و هي العصا، و دخلت في البيت، و إذا حية تجول في البيت، فقتلتها.

8000/ [10]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة، عن سالم مولى أبان، بياع الزطي «6»، قال: كنا في حائط لأبي عبد الله (عليه السلام)، و نفر معي- قال- فصاحت العصافير، فقال: «أ تدري ما تقول هذه؟» فقلنا: جعلنا الله فداك، لا ندري- و الله- ما تقول. قال: «تقول: اللهم، إنا خلق من خلقك، و لا بد لنا من رزقك، فأطعمنا، و اسقنا».

__________________________________________________

7- الاختصاص: 293.

8- الاختصاص: 294.

9- بصائر الدرجات: 365/ 19.

10- بصائر الدرجات: 365/ 20.

(1) بصائر الدرجات: 364/ 17.

(2) بصائر الدرجات: 364/ 18. [.....]

(3) الفاختة: ضرب من الحمام المطوّق. «لسان العرب- فخت- 2: 65».

(4) الورشان: طائر شبه الحمامة. «لسان العرب- ورش- 6: 372».

(5) الرّاعبيّ: جنس من الحمام. «لسان العرب- رعب- 1: 421».

(6) الزطّ: جنس من السودان أو الهنود، الواحد زطّي. «مجمع البحرين- زطط- 4: 250».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 212

8001/ [11]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، و البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن فرقد، قال: خرجنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) متوجهين إلى مكة، حتى إذا كنا بسرف «1»، استقبله غراب ينعق في وجهه، فقال: «مت جوعا، ما تعلم شيئا إلا و نحن نعلمه، إلا

أنا أعلم بالله منك». فقلنا: هل كان في وجهه شي ء؟ قال: «نعم، سقطت ناقة بعرفات».

8002/ [12]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن أبي أحمد، عن شعيب بن الحسن، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالسا، فسمعت صوتا من الفاختة، فقال: «تدرون ما تقول هذه؟» فقلنا: و الله ما ندري. قال: «تقول: فقدتكم، فافقدوها قبل أن تفقدكم».

8003/ [13]- و

عنه: عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن الميثمي «2»، عن مليح «3»، عن أبي حمزة، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام)، و العصافير على الحائط يصحن، فقال: «يا أبا حمزة، أ تدري ما يقلن؟- قال- يتحدثن أنهن في وقت يسألن فيه قوتهن. يا أبا حمزة، لا تنم قبل طلوع الشمس، فإني أكرهها لك، إن الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد، و على أيدينا يجريها».

8004/ [14]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، و البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن علي بن سنان، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمع صوت فاختي في الدار، فقال: «أين هذه التي أسمع صوتها؟» فقلنا: هي في الدار، أهديت لبعضهم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما لتفقدنك قبل أن تفقدنا» قال: ثم أمر بها، فأخرجت من الدار.

8005/ [15]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن أبي حمزة، عن عثمان الأصبهاني «4»، قال: اهدي لإسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام) صلصلا «5»، فدخل أبو عبد

الله (عليه السلام)، فلما رآه، قال: «ما هذا الطير المشؤوم، أخرجوه فإنه يقول: فقدتكم فافقدوه قبل أن يفقدكم».

8006/ [16]- و

عنه: عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن محمد بن يوسف التميمي، عن

__________________________________________________

11- بصائر الدرجات: 365/ 21.

12- بصائر الدرجات: 363/ 8.

13- بصائر الدرجات: 363/ 9.

14- بصائر الدرجات: 366/ 23.

15- بصائر الدرجات: 365/ 22.

16- بصائر الدرجات: 366/ 24.

(1) سرف: موضع على ستّة أميال من مكّة. «معجم البلدان 3: 212».

(2) في نسخة «ج، ي، ط» زيادة: عن محمّد بن الحسن بن زياد، انظر معجم رجال الحديث 2: 87.

(3) في المصدر: عن صالح.

(4) في «ط، ج، ي»: عمر بن أصبهان، و في المصدر: عمر بن محمد الأصبهاني، انظر الكافي 6: 551/ 2، معجم رجال الحديث 11: 104. [.....]

(5) الصّلص: طائر صغير تسمّيه العجم الفاختة. «لسان العرب- صلل- 11: 384».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 213

محمد بن جعفر، عن أبيه، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): استوصوا بالصنانيات «1» خيرا، يعني الخطاف «2» فإنه آنس طير الناس بالناس.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ تدرون ما تقول الصنانية، إذا ترنمت؟ تقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، حتى تقرأ أم الكتاب، إذا كان في آخر ترنمها، قالت: وَ لَا الضَّالِّينَ».

8007/1]

- و

عنه: عن عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر، عن بشير «3»، عن علي بن أبي حمزة، قال: دخل رجل من موالي أبي الحسن (عليه السلام)، فقال: جعلت فداك، أحب أن تتغدى عندي. فقام أبو الحسن (عليه السلام)، حتى مضى معه، فدخل البيت، و إذا في البيت سرير، فقعد على السرير، و تحت السرير زوج حمام،

فهدر الذكر على الأنثى، و ذهب الرجل ليحمل الطعام، فرجع و أبو الحسن (عليه السلام) يضحك، فقال: أضحك الله سنك، مم ضحكت؟ فقال: «إن هذا الحمام هدر على هذه الحمامة، فقال لها: يا سكني، و عرسي، و الله ما على وجه الأرض أحد أحب إلي منك، ما خلا هذا القاعد على السرير».

قال: قلت: جعلت فداك، و تفهم كلام الطير، قال: «نعم، علمنا منطق الطير، و أوتينا من كل شي ء».

8008/ [18]- و

عنه: عن عبد الله بن محمد، عمن رواه، عن عبد الكريم «4»، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير، كما علم سليمان بن داود (عليه السلام) منطق كل دابة، في بر أو بحر».

قوله تعالى:

وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ [20]

8009/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، أخبرني عن النبي (صلى الله عليه و آله)، ورث النبيين كلهم؟ قال: «نعم» قلت: من لدن آدم، حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: «ما بعث الله نبيا إلا و محمد (صلى الله عليه و آله) أعلم منه».

__________________________________________________

17- بصائر الدرجات: 366/ 25.

18- بصائر الدرجات: 363/ 12.

1- الكافي 1: 176/ 7.

(1) في المصدر: الصائنات، و في «مجمع البحرين- صون- 6: 274»: استوصوا بالصينيّات خيرا، و كأنّ المراد بها الطيور التي تأوي البيوت، المكنّاة ببنات السند و الهند.

(2) الخطّاف:

العصفور الأسود، و هو الذي تدعوه العامّة: عصفور الجنّة. «لسان العرب- خطف- 9: 77».

(3) في «ج، ي، ط»: محمّد بن إبراهيم بن شمر، عن بشر.

(4) في «ج» و المصدر: محمّد بن عبد الكريم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 214

قال: قلت: إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله. قال: «صدقت، و سليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقدر على هذه المنازل».

قال: فقال: «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده، و شك في أمره، فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ حين فقده. و غضب عليه، فقال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «1» و إنما غضب لأنه كان يدله على الماء، فهذا و هو طائر، قد اعطي ما لم يعط سليمان، و كانت الريح، و النمل، و الجن، و الإنس، و الشياطين، و المردة له طائعين، و لم يكن يعرف الماء تحت الهواء، و كان الطير يعرفه».

و إن الله يقول في كتابه: وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى «2» و قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال، و تقطع به البلدان، و تحيى به الموتى، و نحن نعرف الماء تحت الهواء. و إن في كتاب الله لآيات، ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، و جعله الله لنا في ام الكتاب، إن الله يقول: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «3».

ثم قال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ

عِبادِنا «4» فنحن الذين اصطفانا الله عز و جل، و أورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي ء».

8010/ [2]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد، قال: قال أبو حنيفة لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال: «لأن الهدهد يرى الماء في بطن الأرض، كما يرى أحدكم الدهن في القارورة» فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه، و ضحك. قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و ما يضحكك؟» قال: ظفرت بك، جعلت فداك. قال:

«و كيف ذلك؟» قال: الذي يرى الماء في بطن الأرض، لا يرى الفخ في التراب، حتى يأخذ بعنقه؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا نعمان، أما علمت أنه إذا نزل القدر أعشى «5» البصر».

قوله تعالى:

رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [26]

8011/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن

__________________________________________________

2- مجمع البيان 7: 340.

1- التوحيد: 321.

(1) النمل 27: 21.

(2) الرعد 13: 31.

(3) النمل 27: 75.

(4) فاطر 35: 32. [.....]

(5) في «ج» و المصدر: اغشي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 215

أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي، فقال: «إن للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة، فقوله: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يقول: الملك العظيم، و قوله:

الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «1» يقول: على الملك احتوى، و هذا ملك الكيفوفية في الأشياء.

ثم العرش في الوصل منفرد عن «2» الكرسي، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب، و هما جميعا غيبان، و هما في الغيب مقرونان، لأن

الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع و منه الأشياء كلها، و العرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف، و الكون، و القدر، و الحد و الأين، و المشيئة، و صفة الإرادة، و علم الألفاظ و الحركات و الترك، و علم العود و البداء «3»، فهما في العلم بابان مقرونان، لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي، و علمه أغيب من علم الكرسي، فمن ذلك قال: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أي صفته أعظم من صفة الكرسي، و هما في ذلك مقرونان».

قلت: جعلت فداك، فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال: «إنه صار جاره، لأن فيه علم الكيفوفية، و فيه الظاهر من أبواب البداء، و أينيتها، و حد رتقها و فتقها. فهذا جاران، أحدهما حمل صاحبه في الصرف «4»، و بمثل صرف العلماء يستدلون «5» على صدق دعواهما، لأنه يختص برحمته من يشاء، و هو القوي العزيز.

فمن اختلاف صفات العرش، أنه قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ «6» و هو وصف عرش الوحدانية، لأن قوما أشركوا كما قلت لك: قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ رب الوحدانية عما يصفون. و قوما و صفوه بيدين، فقالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ «7» و قوما وصفوه بالرجلين، فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء. و قوما وصفوه بالأنامل، فقالوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات، قال: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شي ء، و لا يوصف، و لا يتوهم، فذلك المثل الأعلى.

و وصف الذين لم يؤتوا من الله

فوائد العلم، فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال، و شبهوه لمشابهة «8» منهم فيما جهلوا به، فلذلك قال: وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا «9» فليس له شبه، و لا مثال «10»، و لا عدل، و له الأسماء

__________________________________________________

(1) طه 20: 5.

(2) في المصدر: متّفرد عن.

(3) في المصدر: و البدء.

(4) في «ي، ط»: الطرف، و في «ج»، و «ط» نسخة بدل: الظرف.

(5) في المصدر: و يستدلوا.

(6) الزخرف 43: 82.

(7) المائدة 5: 64.

(8) في المصدر: بالمتشابه.

(9) الإسراء 17: 85.

(10) في «ج» و المصدر: و لا مثل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 216

الحسنى التي لا يسمى بها غيره. و هي التي وصفها في الكتاب، فقال: فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ «1» جهلا، بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم، يشرك و هو لا يعلم، و يكفر به و هو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «2» فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم، فيضعونها غير مواضعها.

يا حنان، إن الله تبارك و تعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء، فهم الذين أعطاهم الفضل، و خصهم بما لم يخص به غيرهم، فأرسل محمدا (صلى الله عليه و آله)، فكان الدليل على الله، بإذن الله عز و جل حتى مضى دليلا هاديا، فقام من بعده وصيه (عليه السلام) دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه، من ظاهر علمه، ثم الأئمة الراشدون (عليهم السلام)».

قوله تعالى:

قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ [40]

8012/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، و غيره، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن

محمد بن الفضيل، قال: حدثني شريس الوابشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، و إنما كان عند آصف منها حرف واحد، فتكلم به، فخسف بالأرض، ما بينه و بين سرير بلقيس، حتى تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما كانت، أسرع من طرفة العين، و نحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله تبارك و تعالى، استأثر به في علم الغيب عنده، و لا حول و لا قوة إلا بالله».

و رواه محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات)، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، قال: أخبرني شريس «3» الوابشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا».

الحديث بعينه «4».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 179/ 1.

(1) الأعراف 7: 180.

(2) يوسف 12: 106. [.....]

(3) في المصدر و «ط»: ضريس.

(4) بصائر الدرجات: 228/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 217

8013/ [2]- و

عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد النوفلي، عن أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن اسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون حرفا، كان عند آصف حرف، فتكلم به، فانخرقت له الأرض فيما بينه و بين سبأ، فتناول عرش بلقيس، حتى صيره إلى سليمان. ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين، و عندنا منه اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله استأثر به في علم الغيب».

8014/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن

سعيد، و محمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) لم أحفظ اسمه، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن عيسى بن مريم (عليه السلام) اعطي حرفين، كان يعمل بهما، و اعطي موسى أربعة أحرف، و اعطي إبراهيم (عليه السلام) ثمانية أحرف، و اعطي نوح (عليه السلام) خمسة عشر حرفا، و اعطي آدم خمسة و عشرون، و إن الله تبارك و تعالى جمع ذلك كله لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و إن اسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون حرفا، اعطي محمد (صلى الله عليه و آله) اثنين و سبعين حرفا، و حجب عنه حرف واحد».

و رواه الصفار عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، و محمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) لم يحفظ اسمه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن عيسى بن مريم (عليه السلام) اعطي حرفين» و ذكر الحديث بعينه «1».

8015/ [4]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن شريس «2» الوابشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، قول العالم: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ؟

فقال: «يا جابر، إن الله جعل اسمه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، فكان عند العالم منها حرف واحد، فانخسفت الأرض ما بينه و بين السرير، و التفت «3» القطعتان، و جعل من هذه على هذه، و عندنا من اسم الله الأعظم اثنان و سبعون حرفا، و

حرف في علم الغيب المكنون عنده».

8016/]

- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن سعد بن أبي عمرو

__________________________________________________

2- الكافي 1: 180/ 3.

3- الكافي 1: 179/ 2.

4- بصائر الدرجات: 229/ 6.

5- بصائر الدرجات: 230/ 8.

(1) بصائر الدرجات: 228/ 2.

(2) في المصدر: ضريس.

(3) في المصدر: حتّى التقت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 218

الجلاب «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، و إنما كان عند آصف منها حرف واحد، فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه و بين سرير بلقيس، ثم تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما كانت، أسرع من طرفة عين، و عندنا نحن من الاسم اثنان و سبعون حرفا، و حرف [عند الله ] استأثر به في علم الغيب المكنون عنده».

8017/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ قال:

ففرج أبو عبد الله (عليه السلام) أصابعه، فوضعها على صدره، ثم قال: «و عندنا- و الله- علم الكتاب كله».

8018/ [7]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله البرقي، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل جعل اسمه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، فأعطى آدم (عليه السلام) منها خمسة و عشرين حرفا، و أعطى نوحا (عليه السلام) منها خمسة عشر حرفا، و أعطى إبراهيم (عليه السلام) منها ثمانية أحرف، و أعطى موسى (عليه السلام) منها أربعة أحرف، و أعطى عيسى (عليه السلام) منها حرفين،

فكان يحيي بهما الموتى، و يبرئ الأكمه و الأبرص، و أعطى محمدا (صلى الله عليه و آله) اثنين و سبعين حرفا، و احتجب بحرف لئلا يعلم أحد ما في نفسه، و ما في نفس العباد».

8019/ [8]- و

عنه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت عنده، فذكروا سليمان و ما اعطي من العلم، و ما اوتي من الملك، فقال لي: «و ما اعطي سليمان بن داود! إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم، و صاحبكم الذي قال الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «2» فكان- و الله- عند علي (عليه السلام) علم الكتاب» فقلت: صدقت و الله، جعلت فداك.

8020/ [9]- و

عنه: عن إبراهيم بن هاشم، عن «3» سليمان، عن سدير، قال: كنت أنا، و أبو بصير، و ميسر، و يحيى البزاز، و داود الرقي، في مجلس أبي عبد الله (عليه السلام)، إذ خرج إلينا و هو مغضب، فلما أخذ مجلسه، قال:

«عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله، لقد هممت بضرب خادمتي فلانة، فذهبت عني، فما

__________________________________________________

6- بصائر الدرجات: 232/ 2.

7- بصائر الدرجات: 228/ 3.

8- بصائر الدرجات: 232/ 1.

9- بصائر الدرجات: 233/ 3.

(1) في «ج»: سعدان، عن عمر الجلاب، و في «ط، ي»: سعدان، عن عمر الجلاب، و في المصدر: سعد أبي عمرو الجلاب، راجع تنقيح المقال 2: 11. [.....]

(2) الرعد 13: 43.

(3) في المصدر: محمّد بن سليمان بن سدير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 219

عرفتها في أي البيوت هي من الدار» «1».

فلما أن قام من مجلسه، و صار

إلى منزله، دخلت أنا، و أبو بصير، و ميسر على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلنا له:

جعلنا فداك، سمعناك تقول كذا، و كذا في أمر خادمتك، و نحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا لا ينسب «2» إلى علم الغيب، فقال: «يا سدير، أما تقرأ القرآن؟» قلت: قد قرأناه، جعلنا الله فداك. فقال: «هل وجدت فيما قرأت من كتاب الله: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ؟» قلت: جعلت فداك، قد قرأته.

قال: «فهل عرفت الرجل، و عرفت ما كان عنده من علم الكتاب؟» قال: قلت: فأخبرني حتى أعلم، قال: «قدر قطرة من المطر الجود «3»، في البحر الأخضر، ما يكون ذلك من علم الكتاب؟».

قلت: جعلت فداك، ما أقل هذا؟ قال: «يا سدير، ما أكثره لمن «4» لم ينسبه إلى العلم الذي أخبرك به! يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «5» كله؟». قال: و أومأ بيده إلى صدره، فقال: «علم الكتاب كله» و الله عندنا- ثلاثا-».

8021/ [10]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان سليمان (عليه السلام) عنده اسم الله الأكبر، الذي إذا سئل به أعطى، و إذا دعي به أجاب، و لو كان اليوم لاحتاج إلينا».

8022/ [11]- و

عنه: عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، عن بعض أصحابنا، عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إني أظن أن لي عندك منزلة، قال: «أجل» قال:

قلت:

فإن لي إليك حاجة؟ قال: «و ما هي؟» قال: قلت: تعلمني الاسم الأعظم. قال: «و تطيقه؟» قلت: نعم. قال:

«فادخل البيت» قال: فدخلت، فوضع أبو جعفر (عليه السلام) يده على الأرض، فأظلم البيت، فأرعدت فرائص عمر، فقال: «ما تقول، أعلمك؟» فقلت: لا. قال: فرفع يده، فرجع البيت كما كان.

8023/ [12]- السيد الرضي في (الخصائص) قال: روي أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) كان جالسا في المسجد، إذ دخل عليه رجلان، فاختصما إليه، و كان أحدهما من الخوارج، فتوجه الحكم على الخارجي، فحكم عليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له الخارجي: و الله، ما حكمت بالسوية، و لا عدلت في القضية، و ما قضيتك عند

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 231/ 2.

11- بصائر الدرجات: 230/ 1.

12- خصائص الأئمة: 46.

(1) في المصدر: أي بيوت الدار هي.

(2) في المصدر: و لا تنسبك.

(3) المطر الجود: المطر الواسع الغزير. «لسان العرب- جود- 3: 137».

(4) في المصدر: إن.

(5) الرعد 13: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 220

الله تعالى بمرضية. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام)، و أومأ بيده إليه: «اخسأ، عدو الله» فاستحال كلبا أسودا. فقال من حضره: فوالله لقد رأينا ثيابه تطاير عنه في الهواء، فجعل يبصبص «1» لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و دمعت عيناه في وجهه، و رأينا أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد رق له، فلحظ السماء، و حرك شفتيه بكلام لم نسمعه، فوالله لقد رأيناه و قد عاد إلى حال الإنسانية، و تراجعت ثيابه من الهواء، حتى سقطت على كتفيه، فرأيناه و قد خرج من المسجد، و إن رجليه لتضطربان، فبهتنا ننظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال لنا: «ما لكم تنظرون و تعجبون؟».

فقلنا: يا أمير المؤمنين، كيف لا نتعجب، و

قد صنعت ما صنعت؟

فقال: «أما تعلمون أن آصف بن برخيا وصي سليمان بن داود (عليهما السلام) قد صنع ما هو قريب من هذا الأمر، فقص الله جل اسمه قصته، حيث يقول: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ «2» الآية، فأيما أكرم على الله، نبيكم، أم سليمان (عليهما السلام)؟» فقالوا: بل نبينا (صلى الله عليه و آله) أكرم، يا أمير المؤمنين. قال: «فوصي نبيكم أكرم من وصي سليمان، و إنما كان عند وصي سليمان من اسم الله الأعظم حرف واحد، فسأل الله جل اسمه، فخسف له الأرض ما بينه و بين سرير بلقيس، فتناوله في أقل من طرف العين، و عندنا من اسم الله الأعظم اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله تعالى، استأثر به دون خلقه».

فقالوا: يا أمير المؤمنين، فإذا كان هذا عندك، فما حاجتك إلى الأنصار في قتال معاوية و غيره، و استنفارك الناس إلى حربه ثانية؟ فقال: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ «3» إنما أدعو هؤلاء القوم إلى قتاله لثبوت الحجة، و كمال المحنة، و لو اذن لي في إهلاكه لما تأخر، لكن الله تعالى يمتحن خلقه بما شاء». قالوا: فنهضنا من حوله، و نحن نعظم ما أتى به (عليه السلام).

8024/ [13]- المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد، عن فضالة «4»، عن أبان، عن أبي بصير، و زرارة، عن أبي

جعفر (عليه السلام)، قال: «ما زاد العالم على النظر إلى ما خلفه و ما بين يديه مد بصره، ثم نظر إلى سليمان، ثم مد يده فإذا هو ممثل بين يديه».

8025/ [14]- عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما زاد صاحب سليمان على أن قال بإصبعه هكذا، فإذا هو قد جاء بعرش صاحبة سبأ».

__________________________________________________

13- الاختصاص: 270.

14- الاختصاص: 270.

(1) البصبصة: تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا. «لسان العرب- بصص- 7: 6».

(2) النمل 27: 38- 40. [.....]

(3) الأنبياء 21: 26 و 27.

(4) في «ج»: و فضال، و في «ي، ط» و المصدر: و فضالة، راجع فهرست الطوسي: 126/ 560، معجم رجال الحديث 13: 271.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 221

فقال له حمران: كيف هذا، أصلحك الله؟ فقال: «إن أبي كان يقول: إن الأرض طويت له، إذا أراد طواها».

8026/ [15]- الطبرسي: روى العياشي في (تفسيره) بالإسناد، قال: التقى موسى بن محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام)، و يحيى بن أكثم، فسأله عن مسائل، قال: فدخلت على أخي علي بن محمد (عليهما السلام)، إذ دار بيني و بينه من المواعظ، حتى انتهت إلى طاعته، فقلت له: جعلت فداك، إن ابن أكثم سألني عن مسائل افتيه فيها؟

فضحك، ثم قال: «هل أفتيته فيها؟» قلت: لا. قال: «و لم؟» قلت: لم أعرفها، قال: «و ما هي؟» قلت: قال: أخبرني عن سليمان، أ كان محتاجا إلى علم آصف بن برخيا؟ ثم ذكر المسائل الاخر.

قال: «اكتب- يا أخي- بسم الله الرحمن الرحيم،- سألت عن قول الله تعالى في كتابه: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ فهو آصف بن

برخيا، و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف، لكنه (صلوات الله عليه) أحب أن يعرف أمته من الجن و الإنس أنه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان بن داود (عليه السلام)، أودعه آصف بأمر الله تعالى، ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته، و دلالته، كما فهم سليمان في حياة داود لتعرف إمامته و نبوته من بعده، لتأكيد الحجة على الخلق».

قوله تعالى:

فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [40]

8027/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل.

قال: «الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه» و ذكر الأوجه الخمسة من كتاب الله، و قال (عليه السلام): «الوجه الثالث من الكفر: كفر النعم، و ذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام): هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ، و قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «1»، و قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ «2»».

__________________________________________________

15- مجمع البيان 7: 351.

1- الكافي 2: 287/ 1.

(1) إبراهيم 14: 7.

(2) البقرة 2: 152.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 222

و الحديث- بالخمسة أوجه- تقدم في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ من أول سورة البقرة

«1».

سورة النمل(27): الآيات 45 الي 49 ..... ص :222

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّا لَصادِقُونَ [45- 49]

8028/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ: «يقول: مصدق، و مكذب. قال الكافرون منهم: أ تشهدون أن صالحا مرسل من ربه؟ و قال المؤمنون: إنا بالذي أرسل به مؤمنون. قال الكافرون منهم: إنا بالذي آمنتم به كافرون، و قالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا «2» إن كنت من الصادقين. فجاءهم بناقة، فعقروها، و كان الذي عقرها أزرق، أحمر، ولد زنا».

و أما قوله: لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ فإنهم سألوه قبل أن تأتيهم الناقة، أن يأتيهم بعذاب أليم، و أرادوا بذلك امتحانه، فقال: يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ يقول: بالعذاب قبل الرحمة.

و أما قوله: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ فإنهم أصابهم جوع شديد، فقالوا: هذا من شؤمك، و شؤم من معك- أصابنا هذا القحط، و هي الطيرة قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ يقول: خيركم، و شركم، و شؤمكم من عند الله بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ يقول تبتلون بالاختبار.

و أما قوله: وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي، و أما قوله: تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي تحالفوا لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ أي لنحلفن لِوَلِيِّهِ منهم»

ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ يقول: لنفعلن، فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه، و عند صالح ملائكة يحرسونه، فلما أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة، فأصبحوا في داره مقتلين، و أخذت قومه الرجفة، و أصبحوا في دارهم جاثمين.

و

أما قوله: بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً «4» يقول: فضاء. و أما قوله: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ «5» يقول:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 132.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

(2) في المصدر: بآية.

(3) (منهم): ليس في المصدر: و في «ي»: عنهم.

(4) النمل 27: 61.

(5) النمل 27: 66.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 223

علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا، و أما قوله: وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ «1» قال: صاغرين، و أما قوله: أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ «2» يقول: أحسن كل شي ء خلقه.

سورة النمل(27): الآيات 59 الي 62 ..... ص :223

قوله تعالى:

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى - إلى قوله تعالى- قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ [59- 62]

8029/ [1]- ابن شهر آشوب: عن أنس بن مالك، قال: لما نزلت الآيات الخمس في طس: أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً «3» انتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مالك، يا علي؟» قال:

«عجبت- يا رسول الله- من كفرهم، و حلم الله تعالى عنهم» فمسحه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده، ثم قال: «أبشر، فإنه لا يبغضك مؤمن، و لا يحبك منافق، و لولا أنت لم يعرف حزب الله».

8030/ [2]- علي بن إبراهيم، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى قال: هم آل محمد (عليهم السلام)، و قوله: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا «4» قال: لا تكون الخلافة في آل فلان، و لا آل فلان، و لا آل فلان، و لا طلحة، و لا الزبير.

و أما قوله: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ أي بساتين ذات حسن ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها و هو

على حد الاستفهام، أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ يعني فعل هذا مع الله، بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ، قال: عن الحق.

8031/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: روى علي بن أسباط، عن إبراهيم الجعفري، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قوله: أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ، قال: «أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد».

__________________________________________________

1- المناقب 2: 125.

2- تفسير القمّي 2: 129. [.....]

3- تأويل الآيات 1: 401/ 2.

(1) النمل 27: 87.

(2) النمل 27: 88.

(3) الآيات الخمس أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (60- 64).

(4) النمل 27: 52.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 224

8032/ [4]- الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن الحصين، قال: كنت أنا و عمر بن الخطاب جالسين، عند النبي (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) جالس إلى جنبه، إذ قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاضة العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «ما شأنك تجزع؟» فقال: «ما لي لا أجزع، و الله يقول إنه يجعلنا خلفاء الأرض؟». فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «لا تجزع، فوالله لا يحبك إلا مؤمن، و لا يبغضك إلا منافق».

و رواه الشيخ في (أماليه)، قال:

أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال:

حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثنا أبي، قال:

حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن حصين، قال: كنت أنا و عمر بن الخطاب جالسين عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذكر الحديث بعينه «1».

8033/ [5]- محمد بن العباس: قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن عبيد الله بن خنيس، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي داود، عن بريدة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) إلى جنبه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ، قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «لم تجزع، يا علي؟» فقال: «كيف لا نجزع، و أنت تقول: وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ؟ قال: «لا تجزع، فوالله لا يبغضك مؤمن، و لا يحبك كافر».

8034/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن العباس، عن عثمان بن هاشم بن الفضل، عن محمد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي داود السبيعي، عن عمران بن حصين، قال: كنت جالسا عند النبي (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) إلى جنبه، إذ قرأ النبي (صلى الله عليه و آله): أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ قال: فارتعد علي (عليه السلام): فضرب النبي (صلى الله عليه و آله) بيده على كتفه، فقال: «ما لك، يا علي؟» فقال: «يا رسول

الله، قرأت هذه الآية، فخشيت أن نبتلى بها، فأصابني ما رأيت». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، لا يحبك إلا مؤمن، و لا يبغضك إلا كافر «2» منافق، إلى يوم القيامة».

8035/ [7]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي

__________________________________________________

4- الأمالي: 307/ 5.

5- تأويل الآيات 1: 401/ 3.

6- تأويل الآيات 1: 402/ 4.

7- تأويل الآيات 1: 402/ 5.

(1) الأمالي 1: 75.

(2) (كافر) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 225

عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن القائم (عليه السلام) إذا خرج، دخل المسجد الحرام، فيستقبل القبلة «1»، و يجعل ظهره إلى المقام، ثم يصلي ركعتين، ثم يقوم، فيقول: يا أيها الناس، أنا أولى الناس بآدم. يا أيها الناس، أنا أولى الناس بإبراهيم.

يا أيها الناس، أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها الناس، أنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله). ثم يرفع يديه إلى السماء، و يدعو، و يتضرع، حتى يقع عليه وجهه، و هو قوله عز و جل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ».

8036/ [8]- و

عنه: بالإسناد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ، قال: هذه الآية نزلت في القائم (عليه السلام)، إذا خرج تعمم، و صلى عند المقام، و تضرع إلى ربه، فلا ترد له راية أبدا».

8037/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، قال: «نزلت في القائم من آل محمد (عليهم السلام)، هو و الله المضطر، إذا صلى في المقام ركعتين، و دعا «2» الله فأجابه، و يكشف السوء، و يجعله خليفة في الأرض» و هذا مما ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله.

8038/ [10]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني محمد بن علي التيملي، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: حدثني غير واحد، عن منصور بن يونس بزرج، عن إسماعيل ابن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب- و أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى «3»- حتى إذا كان قبل خروجه انتهى «4» المولى الذي معه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول كم أنتم هاهنا؟ فيقولون: نحوا من أربعين رجلا. فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟

فيقولون: و الله لو ناوأ «5» الجبال لنا و أناها معه. ثم يأتيهم من القابلة، فيقول: أشيروا إلى رؤسائكم، أو خياركم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم، و يعدهم الليلة التي تليها».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): و الله، لكأني أنظر إليه و قد أسند ظهره إلى الحجر، فينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس، من يحاجني في الله، فأنا أولى الناس بالله، أيها الناس، من يحاجني في آدم، فأنا أولى الناس بآدم. أيها الناس، من يحاجني في نوح، فأنا أولى الناس بنوح، أيها الناس، من يحاجني في إبراهيم. فأنا أولى الناس بإبراهيم.

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 1: 403/ 6.

9- تفسير القمّي 2: 129.

10- لغيبة: 181/ 30. [.....]

(1) في المصدر: الكعبة.

(2) في «ي، ط» زيادة: إلى.

(3) ذو طوى: موضع عند

مكّة. «معجم البلدان 4: 45».

(4) في المصدر: أتى.

(5) المناوأة: إظهار المعاداة و المفاخرة. «مجمع البحرين- نوأ- 1: 424»، و في المصدر زيادة: بنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 226

أيها الناس، من يحاجني في موسى، فأنا أولى الناس بموسى، أيها الناس، من يحاجني بعيسى. فأنا أولى الناس بعيسى، أيها الناس، من يحاجني بمحمد (صلى الله عليه و آله)، فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله). أيها الناس، من يحاجني بكتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله. ثم ينتهي إلى المقام، فيصلي عنده ركعتين، و ينشد الله حقه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «و هو و الله المضطر الذي يقول الله فيه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ فيه نزلت و له».

سورة النمل(27): الآيات 66 الي 72 ..... ص :226

قوله تعالى:

بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ- إلى قوله تعالى- قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [66- 72]

8039/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ يقول: «علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا».

8040/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول الدهرية، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَ إِذا كُنَّا تُراباً وَ آباؤُنا أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أكاذيب الأولين، فحزن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لذلك، فأنزل الله تعالى: وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.

ثم حكى أيضا قولهم: وَ يَقُولُونَ يا محمد مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لهم عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ أي قد قرب

من خلفكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ثم قال: إنك يا محمد لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ «1» أي أن هؤلاء الذين تدعوهم لا يسمعون ما تقول، كما لا يسمع الموتى و الصم.

سورة النمل(27): آية 75 ..... ص : 226

قوله تعالى:

وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [75] تقدم الحديث في هذه الآية، في قول الله تعالى: وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 132.

2- تفسير القمّي 2: 129.

(1) النمل 27: 80.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (20) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 227

سورة النمل(27): الآيات 82 الي 84 ..... ص :227

قوله تعالى:

وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ- إلى قوله تعالى- وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [82- 84]

8041/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، و أحمد بن محمد، جميعا، عن محمد بن الحسن، عن علي بن حسان، قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت الحلواني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا قسيم الله بين الجنة و النار، لا يدخلهما داخل إلا على حد قسمتي، و أنا الفاروق الأكبر «1»، و أنا الإمام لمن بعدي، و المؤدي عمن كان قبلي، لا يتقدمني أحد إلا أحمد (صلى الله عليه و آله)، و إني و إياه لعلى سبيل واحد، إلا أنه هو المدعو باسمه، و لقد أعطيت الست، علم المنايا و البلايا، و الوصايا، و فصل الخطاب، و إني لصاحب الكرات و دولة الدول، و إني لصاحب العصا و الميسم، و الدابة التي تكلم الناس».

8042/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن، عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن عمران بن ميثم،

عن عباية بن ربعي الأسدي، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و أنا خامس خمسة، و أصغر القوم سنا، فسمعته يقول: «حدثني أخي رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا خاتم ألف نبي، و أنت خاتم ألف وصي، و كلفت ما لم يكلفوا».

فقلت: ما أنصفك القوم، يا أمير المؤمنين. فقال: «ليس حيث تذهب- يا بن الأخ- و الله إني لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري، و غير محمد (صلى الله عليه و آله)، و إنهم ليقرءون منها آية في كتاب الله عز و جل، و هي: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ، و ما يتدبرونها حق تدبرها، ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟» قلنا: بلى، يا أمير المؤمنين. قال (عليه السلام): «قتل نفس حرام، في يوم حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش، و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة، ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة».

قلنا: هل قبل هذا من شي ء، أو بعده؟ فقال: «صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقظان، و توقظ النائم، و تخرج الفتاة من خدرها».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 153/ 3.

2- الغيبة: 258/ 17.

(1) (و أنا الفاروق الأكبر) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 228

8043/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «انتهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو نائم في المسجد، و قد جمع رملا و وضع رأسه عليه، فحركه برجليه، ثم قال له: قم، يا دابة الأرض «1»، فقال رجل من

أصحابه: يا رسول الله، أ يسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا و الله، ما هو إلا له خاصة، و هو الدابة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ.

ثم قال: يا علي، إذا كان آخر الزمان، أخرجك الله في أحسن صورة، و معك ميسم، تسم به أعداءك».

فقال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يقولون: هذه الدابة إنما تكلمهم «2»؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«كلمهم الله في نار جهنم، و إنما هو يكلمهم من الكلام، و الدليل على أن هذا في الرجعة قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، قال- الآيات أمير المؤمنين، و الأئمة (عليهم السلام)».

فقال الرجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إن العامة تزعم أن قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، عنى في القيامة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أ فيحشر الله من كل امة فوجا، و يدع الباقين؟! لا، و لكنه في الرجعة، و أما آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً «3»».

8044/]

- و

عنه، قال: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما يقول الناس في هذه الآية: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً؟» قلت: يقولون: إنها في القيامة، قال: «ليس كما يقولون، إن ذلك في الرجعة أ يحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا، و يدع الباقين؟! إنما آية يوم القيامة قوله: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ

نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً «4»».

8045/ [5]- و

عنه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن أبي عمير، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، قال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا و يرجع حتى يموت، و لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا، و من محض الكفر محضا».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي، و شككتني. قال عمار: أية آية هي؟ قال: قال: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ،

__________________________________________________

3- تفسير القمي 2: 130.

4- تفسير القمي 1: 24. [.....]

5- تفسير القمي 2: 131.

(1) في المصدر: يا دابة الله.

(2) الكلم: الجرح. «لسان العرب- كلم- 12: 525».

(3) الكهف 18: 47.

(4) الكهف 18: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 229

فأية دابة هذه؟

قال عمار: و الله ما أجلس، و لا آكل، و لا أشرب حتى أريكها. فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو يأكل تمرا و زبدا، فقال: يا أبا اليقظان، هلم، فجلس عمار، و أقبل يأكل معه، فتعجب الرجل منه، فلما قام، قال له الرجل: سبحان الله- يا أبا اليقظان- حلفت أنك لا تأكل، و لا تشرب، و لا تجلس حتى ترينيها، قال عمار: قد أريتكها، إن كنت تعقل.

8046/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحلبي، عن عبد الله بن محمد الزيات، عن محمد ابن عبد الحميد، عن مفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي (عليه السلام)، فقال: «أنا دابة

الأرض».

8047/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي، عن خالد بن مخلد، عن عبد الكريم بن يعقوب الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: ألا أحدثك ثلاثا قبل أن يدخل علي و عليك داخل؟» قلت: بلى. قال: أنا عبد الله، و أنا دابة الأرض، صدقها، و عدلها، و أخو نبيها، ألا أخبرك بأنف المهدي و عينيه؟» قال: قلت بلى. فضرب بيده إلى صدره، و قال: «أنا».

8048/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين القمي «1»، عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو يأكل خبزا و خلا و زيتا، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز و جل: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ، فما هذه الدابة؟ قال: «هي دابة تأكل خبزا، و خلا، و زيتا».

8049/ [9]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران، عن الفضل بن الزبير، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال لي معاوية: يا معشر الشيعة، تزعمون أن عليا دابة الأرض؟ فقلت: نحن نقوله، و اليهود يقولون. قال: فأرسل إلى رأس الجالوت، فقال له: ويحك، تجدون دابة الأرض عندكم مكتوبة؟ فقال: نعم. فقال: ما هي؟ فقال: رجل. فقال: أ تدري ما اسمه؟ قال: نعم، اسمه إيليا. قال:

فالتفت إلي، فقال: ويحك- يا أصبغ- ما أقرب إيليا من علي!

8050/ [10]- و

من (رجعة السيد المعاصر): بالإسناد عن إسحاق بن محمد بن مروان، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير القرشي، قال: حدثني يعقوب بن شعيب، قال: حدثني عمران بن ميثم، أن عباية حدثه أنه كان عند أمير

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 1: 403/ 7.

7- تأويل الآيات 1: 404/ 8.

8- تأويل الآيات 1: 404/ 9.

9- تأويل الآيات 1: 404/ 10.

10- الرجعة: للميرزا محمد مؤمن الأسترآبادي: 52 «مخطوط».

(1) في «ج» و المصدر: الحسن الفقيه، و في «ط»: الحسن الفقيمي (الفقى)، راجع رجال النجاشي: 89/ 223.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 230

المؤمنين (عليه السلام)، يقول: «حدثني أخي (صلى الله عليه و آله) أنه ختم ألف نبي، و أني ختمت ألف وصي، و أني كلفت ما لم يكلفوا، و أني لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري، و غير محمد (صلى الله عليه و آله)، ما منها كلمة إلا هي مفتاح ألف باب بعد، ما يعلمون منها كلمة واحدة، غير أنكم تقرءون منها آية واحدة في القرآن: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ [و لا تدرونها]».

8051/ [11]- و

منها: بالإسناد عن الحسين بن إسماعيل القاضي، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب المخزومي، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر، قال: حدثنا أبو جرير، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أوس بن خالد «1»، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تخرج دابة الأرض و معها عصا موسى، و خاتم سليمان بن داود (عليهما السلام)، تجلو وجه المؤمن بعصا موسى، و تسم وجه الكافر بخاتم سليمان (عليه السلام)».

8052/ [12]- و

منها: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الفقيه، قال:

حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال:

حدثني الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو يأكل خبزا و خلا و زيتا، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز و جل: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ، فما هذه الدابة؟ قال: «هي دابة تأكل خبزا و خلا و زيتا».

8053/ [13]- و

بالإسناد، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، قال: حدثنا الحسين بن عيسى، قال: حدثنا يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران، عن الفضل بن الزبير، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال معاوية: يا معشر الشيعة، تزعمون أن عليا دابة الأرض؟ فقلت: نعم، و اليهود تقوله. قال: فأرسل إلى رأس الجالوت، فقال له: ويحك، تجدون دابة الأرض عندكم؟ فقال: نعم. فقال: ما هي؟ فقال: رجل، فقال: أ تدري ما اسمه. قال: نعم، اسمه إليا، قال: فالتفت إلي، فقال: ويحك- يا أصبغ- ما أقرب إليا من علي!

8054/ [14]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سنان، و غيره، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في حديث قدسي: يا محمد، علي أول من آخذ ميثاقه من الأئمة. يا محمد، علي آخر من أقبض روحه من الأئمة، و هو الدابة التي تكلم الناس».

8055/ [15]- و

عنه: عن يعقوب بن يزيد، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و محمد بن عيسى بن عبيد، عن إبراهيم بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: حدثنا محمد بن الطيار، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، فقال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، و لا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل».

__________________________________________________

11- الرجعة: 53 «مخطوط».

12- الرجعة: 53 «مخطوط».

13- الرجعة: 53 «مخطوط». [.....]

14- مختصر بصائر الدرجات: 36 و 64.

15- مختصر بصائر الدرجات: 25.

(1) في جميع النسخ و المصدر: خالد بن أوس، راجع ميزان الاعتدال 1: 277، تهذيب التهذيب 7: 322.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 231

8056/ [16]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي محمد، يعني أبا بصير، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «ينكر أهل العراق الرجعة؟» قلت: نعم. قال: «أما يقرءون القرآن: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً؟ الآية».

8057/ [17]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، قال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، و لا أحد من المؤمنين مات إلا يرجع حتى يقتل».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- الحديث في هذه الآية، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، رواية صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1».

سورة النمل(27): آية 87 ..... ص : 231

قوله تعالى:

وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ [87] 8058/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: خاشعين.

8059/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ، قال: «صاغرين».

و حديث المحشر يأتي-

إن شاء الله تعالى- في آخر سورة الزمر «2».

سورة النمل(27): آية 88 ..... ص : 231

قوله تعالى:

وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً- إلى قوله تعالى- أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ [88] 8060/ [3]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ

__________________________________________________

16- مختصر بصائر الدرجات: 25.

17- ...، تأويل الآيات 1: 409/ 15.

1- تفسير القمي 2: 131.

2- تفسير القمي 2: 133.

3- تفسير القمي 2: 131.

(1) يأتي في الحديث (4) من تفسير الآية (85) من سورة القصص.

(2) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (69) من سورة الزمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 232

قال: فعل الله الذي أحكم كل شي ء.

8061/ [1]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ أحسن كل شي ء خلقه»

سورة النمل(27): الآيات 89 الي 90 ..... ص :231

قوله تعالى:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [89- 90]

8062/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، و محمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أبا عبد الله، ألا أخبرك بقول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ؟ قال: بلى- يا أمير المؤمنين- جعلت فداك. فقال: الحسنة معرفة الولاية، و حبنا أهل البيت، و السيئة إنكار الولاية، و بغضنا أهل البيت».

8063/ [3]- و

عنه:

عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «1».

قال: «من توالى الأوصياء من آل محمد، و اتبع آثارهم، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين، حتى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها، يدخل الجنة، و هو قول الله عز و جل: ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ «2» يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره، فهو لكم، تهتدون به و تنجون من عذاب يوم القيامة».

8064/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 133.

2- الكافي 1: 142/ 14.

3- الكافي 8: 379/ 573.

4- تفسير القمّي 2: 131. [.....]

(1) الشورى 42: 23.

(2) سبأ 34: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 233

اللؤلؤي، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1»، قال: «هي للمسلمين عامة، و الحسنة الولاية، فمن عمل من حسنة كتبت له عشر، فإن لم تكن له ولاية، دفع عنه بما عمل من حسنة في الدنيا، و ما له في الآخرة من خلاق».

8065/ [4]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني إجازة، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الفزاري الكوفي، قال: حدثنا عاصم بن حميد الحناط، عن فضيل الرسان،

عن نفيع أبي داود السبيعي، قال: حدثني أبو عبد الله الجدلي، قال:

قال لي علي بن أبي طالب (عليه السلام). «ألا أحدثك- يا أبا عبد الله- بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و السيئة التي من جاء بها أكب الله وجهه في النار؟» قلت: بلى، يا أمير المؤمنين، قال: «الحسنة حبنا، و السيئة بغضنا».

8066/ [5]- و

عنه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار بن موسى الساباطي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبا امية يوسف بن ثابت حدث عنك أنك قلت: «لا يضر مع الإيمان عمل، و لا ينفع مع الكفر عمل».

فقال: «إنه لم يسألني أبو امية عن تفسيرها، إنما عنيت بهذا أنه من عرف الإمام من آل محمد (صلى الله عليه و آله) و تولاه، ثم عمل لنفسه بما شاء من عمل الخير، قبل منه ذلك، و ضوعف له أضعافا كثيرة، فانتفع بأعمال الخير مع المعرفة، فهذا ما عنيت بذلك. و كذلك لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الإمام الجائر، الذي ليس من الله تعالى».

فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ فكيف لا ينفع العمل الصالح من تولى أئمة الجور؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و هل تدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية؟ هي معرفة الإمام، و طاعته: و قد قال الله عز

و جل: وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، و إنما أراد بالسيئة إنكار الإمام الذي هو من الله تعالى».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من جاء يوم القيامة بولاية إمام جائر ليس من الله، و جاء منكرا لحقنا، جاحدا لولايتنا، أكبه الله تعالى يوم القيامة في النار».

8067/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا المنذر بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 107 و نحوه في شواهد التنزيل 1: 426/ 582 و 587، خصائص الوحي المبين: 217/ 164 و 165، فرائد السمطين 2:

297/ 554 و 555.

5- الأمالي 2: 31.

6- تأويل الآيات 1: 410/ 16.

(1) الأنعام 6: 160.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 234

أبان بن تغلب، عن فضيل بن الزبير، عن أبي داود السبيعي، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أبا عبد الله، هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها فله خير منها، و هم من فزع يومئذ آمنون و من جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار؟». قلت: لا. قال: «الحسنة مودتنا أهل البيت، و السيئة عداوتنا أهل البيت».

8068/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عبد الله بن جبلة الكناني، عن سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و السيئة التي من جاء بها كب على وجهه في نار جهنم؟». قلت: بلى، يا أمير المؤمنين. قال: «الحسنة حبنا أهل البيت، و

السيئة بغضنا أهل البيت».

8069/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، و سأله عبد الله بن أبي يعفور عن قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، فقال: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، فقال: «و هل تدري ما الحسنة؟ إنما الحسنة معرفة الإمام و طاعته، و طاعته من طاعة الله».

8070/ [9]- و

عنه، بالإسناد المذكور: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحسنة ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8071/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر الجعفي، أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ، قال: «الحسنة ولاية علي (عليه السلام)، و السيئة عداوته و بغضه».

8072/ [11]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن فضيل الرسان، عن أبي داود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أبا عبد الله، ألا أحدثك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و بالسيئة التي من جاء بها أكبه الله على وجهه في النار؟» قلت: بلى. قال:

«الحسنة حبنا، و السيئة بغضنا».

8073/ [12]- أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان): قال: حدثنا السيد

أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 1: 410/ 17.

8- تأويل الآيات 1: 411/ 18.

9- تأويل الآيات 1: 411/ 19.

10- تأويل الآيات 1: 411/ 20.

11- المحاسن: 150/ 69.

12- مجمع البيان 7: 371، شواهد النزيل 1: 425/ 581، ينابيع المودة: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 235

أحمد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، قال: حدثني جعفر بن الحسين، قال: حدثني محمد بن زيد بن علي، عن أبيه، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أبا عبد الله، ألا أخبرك بقول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ إلى قوله تَعْمَلُونَ، قال: بلى، جعلت فداك. قال: «الحسنة حبنا أهل البيت، و السيئة بغضنا».

8074/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا السيد أبو الحمد، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم، قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد ابن محمد البحيري «1»، عن جده أحمد بن محمد «2»، قال: حدثنا جعفر بن سهل، قال: حدثنا أبو زرعة عثمان بن عبد الله القرشي، قال: حدثنا ابن لهيعة «3»، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، لو أن امتي صاموا حتى صاروا كالأوتاد «4»، و صلوا حتى صاروا كالحنايا، ثم أبغضوك، لأكبهم الله على مناخرهم في النار».

8075/ [14]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمر بن أبي

شيبة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول ابتداء منه: «إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه، و يجمعهم لما لا بد منه، أمر مناديا ينادي، فتجمع الإنس و الجن في أسرع من طرفة عين، ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل، فكانت من وراء الناس، و أذن للسماء الثانية فتنزل، و هي ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل السماء الدنيا، قالوا: جاء ربنا؟ قالوا:

لا، و هو آت- يعني أمره- حتى تنزل كل سماء، تكون كل واحدة منها من وراء الاخرى، و هي ضعف التي تليها، ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام، و الملائكة، و قضي الأمر، و إلى الله ترجع الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادي: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ «5»».

قال: و بكى (عليه السلام)، حتى إذا سكت، قال: قلت: جعلني الله فداك- يا أبا جعفر- و أين رسول الله، و أمير المؤمنين (عليهما السلام)، و شيعته؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام)، و شيعته على كثبان من المسك الأذفر، على منابر من نور، يحزن الناس و لا يحزنون، و يفزع الناس و لا يفزعون»، ثم تلا هذه الآية:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ. «فالحسنة ولاية علي (عليه السلام)». ثم قال

__________________________________________________

13- مجمع البيان 7: 371.

14- تفسير القمي 2: 77. [.....]

(1) في النسخ و المصدر: الحميري، انظر: سير أعلام النبلاء 18: 103، أنساب السمعاني 1: 291.

(2) في المصدر: أحمد بن إسحاق، انظر: سير أعلام النبلاء 16: 366.

(3) في جميع النسخ: أبو لعيعة،

انظر: ميزان الاعتدال 2: 479.

(4) في «ج»: كالأوتار.

(5) الرحمن 55: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 236

: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ «1».

8076/ [15]- علي بن إبراهيم: في معنى الحسنة، قال: الحسنة- و الله- ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

8077/ [16]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال:

حدثنا عبيد الله بن موسى الحبال الطبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا محمد بن محصن، عن يونس بن ظبيان، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إن الناس يعبدون الله عز و جل على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء، و هو الطمع، و آخرون يعبدون خوفا من النار، فتلك عبادة العبيد، و هي رهبة، و لكني أعبده حبا له عز و جل، فتلك عبادة الكرام، و هو الأمن، لقوله عز و جل: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، و لقوله عز و جل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2»، فمن أحب الله عز و جل أحبه الله، و من أحبه الله عز و جل كان من الآمنين».

8078/ [17]- و

من طريق المخالفين: ما رواه الحبري، يرفعه إلى أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي (عليه السلام)، فقال: «يا أبا عبد الله، ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة، و فعل به و فعل، و السيئة التي من جاء بها أكبه الله في النار، و لم يقبل له معها عمل؟» قال: قلت: بلى، يا أمير المؤمنين، فقال: «الحسنة حبنا، و السيئة بغضنا».

سورة النمل(27): الآيات 91 الي 93 ..... ص :236

قوله تعالى:

إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ

أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ- إلى قوله تعالى- سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها [91- 93] 8079/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها. قال: مكة، و له كل شي ء.

قال الله عز و جل: وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ- إلى قوله تعالى- سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها قال: الآيات أمير المؤمنين، و الأئمة (عليهم السلام)، إذا رجعوا، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم، و الدليل على أن الآيات

__________________________________________________

15- تفسير القمّي 2: 131.

16- الأمالي: 41/ 4.

17- تفسير الحبري: 293/ 47.

1- تفسير القمّي 2: 131.

(1) الأنبياء 21: 103.

(2) آل عمران 3: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 237

هم الأئمة،

قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «و الله، ما لله آية أكبر مني»

فإذا رجعوا إلى الدنيا، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا.

8080/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، أو غيره، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ «1»، قال: «ذلك إلي، إن شئت أخبرتهم، و إن شئت لم أخبرهم- ثم قال- لكني أخبرك بتفسيرها».

قلت: عم يتساءلون؟ قال: فقال: «هي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول:

ما لله عز و جل آية هي أكبر مني، و لا لله من نبأ أعظم مني».

و تقدم تفسير الآيات بالأئمة (عليهم السلام)، في قوله تعالى: قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ من سورة يونس «2».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 161/ 3.

(1) النبأ 78: 1 و 2.

(2)

تقدّم في تفسير الآية (101) من سورة يونس. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 239

المستدرك (سورة النمل) ..... ص : 239
سورة النمل(27): آية 65 ..... ص : 239

قوله تعالى:

قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [65] [1]- الطبرسي في (الاحتجاج)، قال: و مما خرج عن صاحب الزمان (صلوات الله عليه) ردا على الغلاة من التوقيع جوابا لكتاب كتب إليه على يدي محمد بن علي بن هلال الكرخي: «يا محمد بن علي، تعالى الله عز و جل عما يصفون، سبحانه و بحمده، ليس نحن شركاءه في علمه و لا في قدرته، بل لا يعلم الغيب غيره كما قال في محكم كتابه تبارك و تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ، و أنا و جميع آبائي من الأولين آدم و نوح و إبراهيم و موسى و غيرهم من النبيين، و من الآخرين محمد رسول الله و علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و غيرهم ممن مضى من الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) إلى مبلغ أيامي و منتهى عصري عبيد الله عز و جل، يقول الله عز و جل: مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى

«1».

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 473.

(1) طه 20: 124- 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 241

سورة القصص ..... ص : 241

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 243

فضلها ..... ص : 243

تقدم في أول سورة الشعراء.

8081/ [1]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل من صدق بموسى (عليه السلام)، و عدد كل من كذب به، و لم يبق ملك في السماوات و الأرض إلا شهد له يوم القيامة بأنه صادق و من كتبها و شربها، زال عنه جميع ما يشكو من الألم، بإذن الله تعالى».

8082/ [2]- و

عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و من كتبها، و محاها بالماء و شربها، زال عنه جميع الآلام و الأوجاع».

8083/ [3]- و

عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها، و علقها على المبطون، و صاحب الطحال، و وجع الكبد، و وجع الجوف، يكتبها و يعلقها عليه، و أيضا يكتبها في إناء و يغسلها بماء المطر، و يشرب ذلك الماء، زال عنه ذلك الوجع و الألم، و يشفى من مرضه، و يهون عنه الورم، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 373.

2- ...

3- خواص القرآن: 46 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 245

سورة القصص(28): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 245

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ [1- 2] معنى طسم تقدم في أول سورة الشعراء «1».

8084/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: نَتْلُوا عَلَيْكَ يا محمد مِنْ نَبَإِ مُوسى وَ فِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

سورة القصص(28): آية 4 ..... ص : 245

قوله تعالى:

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [4]

8085/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، عن سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، و محمد بن يحيى العطار، و أحمد بن إدريس، جميعا، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب- و هم ثمانون رجلا- فقال: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم، و يسومونكم سوء العذاب، و إنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 133.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 147/ 13.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة الشعراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 246

ولد لاوي بن يعقوب، اسمه موسى بن عمران، غلام طوال، جعد، آدم «1». فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران، و يسمي عمران ابنه موسى».

فذكر أبان بن عثمان «2»، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «ما خرج موسى بن عمران حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل، كلهم يدعي

أنه موسى بن عمران».

«فبلغ فرعون أنهم يرجفون «3» به، و يطلبون هذا الغلام، و قال له كهنته و سحرته: إن هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام الذي يولد العام في بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء، و قال: لا يولد العام غلام إلا ذبح. و وضع على ام موسى قابلة، فلما رأى بنو إسرائيل ذلك، قالوا: إذا ذبح الغلمان، و استحيي النساء، هلكنا، فلم نبق، فتعالوا لا نقرب النساء. فقال عمران أبو موسى (عليه السلام): بل باشروهن، فإن أمر الله واقع و لو كره المشركون، اللهم، من حرمه فإني لا احرمه، و من تركه فإني لا أتركه و باشر أم موسى، فحملت به. فوضع على أم موسى قابلة تحرسها، فإذا قامت قامت، و إذا قعدت قعدت، فلما حملته امه وقعت عليها المحبة، و كذلك حجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة: ما لك يا بنية تصفرين و تذوبين؟ قالت: لا تلوميني، فإني أخاف إذا ولدت، أخذ ولدي فذبح. قالت: لا تحزني، فإني سوف أكتم عليك. فلم تصدقها، فلما أن ولدت، التفتت إليها و هي مقبلة، فقالت: ما شاء الله. فقالت لها: أ لم أقل أني سوف أكتم عليك. ثم حملته فأدخلته المخدع، و أصلحت أمره. ثم خرجت إلى الحرس، فقالت: انصرفوا- و كانوا على الباب- فإنه خرج دم منقطع. فانصرفوا، فأرضعته.

فلما خافت عليه الصوت، أوحى الله إليها أن اعملي التابوت، ثم اجعليه فيه، ثم أخرجيه ليلا، فاطرحيه في نيل مصر. فوضعته في التابوت، ثم دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها، و جعلت تدفعه في الغمر «4»، و إن الريح ضربته فانطلقت به، فلما رأته قد ذهب به الماء، همت أن تصيح، فربط الله

على قلبها».

قال: «و كانت المرأة الصالحة، امرأة فرعون- و هي من بني إسرائيل- قالت لفرعون: إنها أيام الربيع، فأخرجني و اضرب لي قبة على شط النيل، حتى أتنزه هذه الأيام. فضرب لها قبة على شط النيل، إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: أما ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: إي و الله- يا سيدتنا- إنا لنرى شيئا. فلما دنا منها، قامت إلى الماء، فتناولته بيدها، و كاد الماء يغمرها، حتى تصايحوا عليها، فجذبته، فأخرجته من الماء، فأخذته فوضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل الناس و أسرهم، فوقعت عليها منه محبة، فوضعته في حجرها، و قالت: هذا ابني.

فقالوا: إي و الله- يا سيدتنا- مالك ولد، و لا للملك، فاتخذي هذا ولدا. فقامت إلى فرعون، فقالت: إني أصبت غلاما طيبا حلوا، نتخذه ولدا، فيكون قرة عين لي و لك، فلا تقتله. قال: و من أين هذا الغلام؟ قالت: لا و الله لا أدري، إلا أن الماء جاء به، فلم تزل به حتى رضي.

__________________________________________________

(1) الآدم من الناس: الأسمر. «الصحاح- أدم- 5: 1859».

(2) في المصدر زيادة: عن أبي الحسين.

(3) أرجفوا في الشي ء: أي خاضوا فيه. «لسان العرب- رجف- 9: 113».

(4) الغمر: الماء الكثير. «لسان العرب- غمر- 5: 29 «.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 247

فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا، لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته، لتكون له ظئرا «1»، أو تحضنه، فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا. قالت: امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا، و لا تحقروا أحدا. فجعل لا يقبل من امرأة منهن ثديا. فقالت أم موسى لأخته: انظري أ ترين له أثرا؟ فانطلقت حتى أتت باب الملك،

فقالت: قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا، و ها هنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم، و تكفله لكم. فقالت: أدخلوها، فلما دخلت، قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟ قالت: من بني إسرائيل. قالت: اذهبي- يا بنية- فليس لنا فيك حاجة. فقالت لها النساء: عافاك الله، انظري هل يقبل، أو لا؟ فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل هذا، هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل، و المرأة من بني إسرائيل- يعني الظئر-؟ لا يرضى. قلن: فانظري أ يقبل، أو لا يقبل؟ قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها. فجاءت إلى أمها، فقالت: إن امرأة الملك تدعوك. فدخلت عليها، فدفع إليها موسى، فوضعته في حجرها، ثم ألقمته ثديها، فازدحم اللبن في حلقه، فلما رأت امرأة فرعون أن ابنها قد قبل، قامت إلى فرعون، فقالت: إني قد أصبت لابني ظئرا، و قد قبل منها. فقال: و ممن هي؟ قالت: من بني إسرائيل. قال فرعون: هذا مما لا يكون أبدا، الغلام من بني إسرائيل، و الظئر من بني إسرائيل؟ فلم تزل تكلمه فيه، و تقول: ما تخاف من هذا الغلام، إنما هو ابنك، ينشأ في حجرك؟ حتى قلبته عن رأيه، و رضي.

فنشأ موسى (عليه السلام) في آل فرعون، و كتمت امه خبره، و أخته، و القابلة، حتى هلكت امه، و القابلة التي قبلته، فنشأ (عليه السلام) لا يعلم به بنو إسرائيل- قال- و كانت بنو إسرائيل تطلبه و تسأل عنه، فيعمى عليهم خبره- قال- فبلغ فرعون أنهم يطلبونه، و يسألون عنه، فأرسل إليهم، فزاد في العذاب عليهم، و فرق بينهم، و نهاهم عن الإخبار به، و السؤال عنه».

قال: «فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ عنده علم، فقالوا: لقد كنا

نستريح إلى الأحاديث، فحتى متى، و إلى متى نحن في هذا البلاء؟! قال: و الله إنكم لا تزالون فيه حتى يحيي الله ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب، اسمه موسى بن عمران، غلام طوال جعد. فبيناهم كذلك، إذ أقبل موسى (عليه السلام) يسير على بغلة، حتى وقف عليهم، فرفع الشيخ رأسه، فعرفه بالصفة، فقال له: ما اسمك، يرحمك الله؟ قال: موسى. قال: ابن من؟ قال:

ابن عمران. فوثب إليه الشيخ، فأخذ بيده فقبلها، و ثاروا إلى رجليه فقبلوهما، فعرفهم و عرفوه، و اتخذهم شيعة.

فمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثم خرج، فدخل مدينة لفرعون، فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه القبطي، فوكزه موسى، فقضى عليه- و كان موسى (عليه السلام) قد اعطي بسطة في الجسم، و شدة في البطش- فذكره الناس، و شاع أمره، و قالوا: إن موسى قتل رجلا من آل فرعون. فأصبح في المدينة خائفا يترقب، فلما أصبحوا من الغد، فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر، فقال له موسى: إنك لغوي مبين، بالأمس رجل و اليوم رجل؟! فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما، قال: يا موسى، أ تريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟! إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض، و ما

__________________________________________________

(1) الظّئر: المرضعة غير ولدها. «النهاية 3: 154».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 248

تريد أن تكون من المصلحين. و جاء رجل من أقصى المدينة يسعى، قال: يا موسى، إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إني لك من الناصحين.

فخرج منها خائفا يترقب، فخرج من مصر بغير ظهر و لا دابة و لا خادم، تخفضه أرض

و ترفعه اخرى، حتى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل، فإذا تحتها بئر، و إذا عندها امة من الناس يسقون، و إذا جاريتان ضعيفتان، و إذا معهما غنيمة لهما، قال: ما خطبكما؟ قالتا: أبونا شيخ كبير، و نحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال، فإذا سقى الناس سقينا. فرحمهما موسى (عليه السلام)، فأخذ دلوهما، و قال لهما: قدما غنمكما. فسقى لهما، ثم رجعتا بكرة قبل الناس، ثم أقبل موسى إلى الشجرة، فجلس تحتها، و قال: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «1» فروي أنه قال ذلك و هو محتاج إلى شق تمرة.

فلما رجعتا إلى أبيهما، قال: ما أعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا، رحيما، سقى «2» لنا.

فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه إلي. فجاءته تمشي على استحياء، قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا- فروي أن موسى (عليه السلام) قال لها: وجهيني إلى الطريق، و امشي خلفي، فإنا بنو يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء- فلما جاءه، و قص عليه القصص، قال: لا تخف، نجوت من القوم الظالمين. قالت: إحداهما: يا أبت، استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين. قال: إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين، على أن تأجرني ثماني حجج «3»، فإن أتممت عشرا فمن عندك. فروي أنه قضى أتمهما، لأن الأنبياء (عليهم السلام) لا يأخذون إلا بالفضل و التمام.

فلما قضى موسى الأجل، و سار بأهله نحو بيت المقدس، أخطأ عن الطريق ليلا، فرأى نارا، قال لأهله:

امكثوا، إني آنست نارا، لعلي آتيكم منها بقبس، أو بخبر عن الطريق. فلما انتهى إلى النار، إذا شجرة تضطرم من أسفلها إلى أعلاها، فلما دنا منها تأخرت عنه، فرجع،

و أوجس في نفسه خيفة، ثم دنت منه الشجرة، فنودي من شاطئ الواد الأيمن، في البقعة المباركة من الشجرة: أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ «4»، فإذا حية مثل الجذع، لأنيابها صرير، يخرج منها مثل لهب النار، فولى مدبرا، فقال له ربه عز و جل: ارجع. فرجع و هو يرتعد، و ركبتاه تصطكان، فقال: إلهي، هذا الكلام الذي أسمع كلامك؟ قال: نعم، فلا تخف. فوقع عليه الأمان، فوضع رجله على ذنبها، ثم تناول لحييها، فإذا يده في شعبة العصا، قد عادت عصا، و قيل له: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً «5»- فروي أنه امر بخلعهما لأنهما كانتا من جلد حمار ميت- و روي في قوله عز و جل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك، و خوفك من فرعون- ثم أرسله الله عز و جل إلى فرعون و ملئه بآيتين: يده، و العصا».

__________________________________________________

(1) القصص 28: 24. [.....]

(2) في المصدر: رحمنا فسقى.

(3) الحجّة: السّنة. «لسان العرب- حجج- 2: 227».

(4) القصص 28: 30 و 31.

(5) طه 20: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 249

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال لبعض أصحابه: «كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران خرج ليقتبس لأهله نارا، فرجع إليهم و هو رسول نبي، فأصلح الله تبارك و تعالى أمر عبده و نبيه موسى في ليلة، و هكذا يفعل الله تعالى بالقائم (عليه السلام)، الثاني عشر من الأئمة، يصلح الله أمره في ليلة، كما أصلح أمر موسى (عليه السلام)، و يخرجه من الحيرة و الغيبة إلى نور الفرج و

الظهور».

8086/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً إلى قوله تعالى:

إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، قال: فأخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بما لقي موسى و أصحابه من فرعون من القتل و الظلم، تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته من أمته، ثم بشره بعد تعزيته أنه يتفضل عليهم بعد ذلك، و يجعلهم خلفاء في الأرض، و أئمة على أمته، و يردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم.

سورة القصص(28): الآيات 5 الي 6 ..... ص : 249

قوله تعالى:

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ- إلى قوله تعالى- ما كانُوا يَحْذَرُونَ [5- 6]

8087/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح الكناني، قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ».

8088/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نظر إلى علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام) فبكى، و قال: أنتم المستضعفون بعدي».

قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك، يا ابن رسول الله؟ قال: «معناه أنتم الأئمة بعدي،

إن الله عز و جل يقول:

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة».

8089/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن عثمان «1»

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 133.

2- الكافي 1: 243/ 1.

3- معاني الأخبار: 79، شواهد التنزيل 1: 430/ 589.

4- الأمالي: 387/ 26.

(1) في «ج، ي، ط»: أحمد بن تميم، و في المصدر: أحمد بن غنم، راجع تهذيب التهذيب 1: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 250

ابن حكيم، قال: حدثنا شريح بن مسلمة، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن عبد الجبار، عن الأعشى الثقفي، عن أبي صادق، قال: قال علي (عليه السلام): «هي لنا- أو فينا- هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ».

8090/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله، قال: حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم الصلاة و السلام)، قالت: بعث إلي أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: «يا عمة، اجعلي إفطارك الليلة عندنا، فإنها ليلة النصف من شعبان، فإن الله تبارك و تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، و هو حجته في أرضه» قالت: فقلت له: و

من امه؟ قال لي: «نرجس».

قلت له: و الله- جعلني الله فداك- ما بها أثر. قال: «هو ما أقول لك».

قالت: فجئت، فلما سلمت و جلست، جاءت تنزع خفي، و قالت لي: يا سيدتي، كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي، و سيدة أهلي. قالت: فأنكرت قولي، و قالت: ما هذا، يا عمة؟ قالت: فقلت لها: بنية، إن الله تبارك و تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا و الآخرة، قالت: فخجلت، و استحيت، فلما فرغت من صلاة العشاء الآخرة، أفطرت، و أخذت مضجعي فرقدت، فلما كان في جوف الليل، قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي و هي نائمة، ليس بها حادث، ثم جلست معقبة، ثم اضطجعت، ثم انتبهت فزعة و هي راقدة، ثم قامت فصلت و نامت.

قالت حكيمة: و خرجت أتفقد الفجر، فإذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان، و هي نائمة، فدخلتني الشكوك، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) من المجلس، فقال: «لا تعجلي- يا عمة- فإن الأمر قد قرب». قالت:

فجلست و قرأت الم السجدة، و يس، فبينما أنا كذلك، إذ انتبهت فزعة، فوثبت إليها، و قلت: اسم الله عليك، ثم قلت لها: تحسين شيئا؟ قالت: نعم، يا عمة، فقلت لها: اجمعي نفسك، و اجمعي قلبك، فهو ما قلت لك.

قالت حكيمة: ثم أخذتني فترة، و أخذتها فترة، فانتبهت بحس سيدي، فكشفت الثوب عنه، فإذا به (عليه السلام) ساجدا يتلقى الأرض بمساجده، فضممته (عليه السلام) إلي، فإذا أنا به نظيف منظف، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام): «هلم إلي ابني، يا عمة». فجئت به إليه، فوضع يديه تحت أليته و ظهره، و وضع قدميه على صدره، ثم أدلى لسانه في فيه، و أمر يده على

عينيه، و سمعه، و مفاصله، ثم قال: «تكلم، يا بني». فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا (صلى الله عليه و آله) رسول الله». ثم صلى على أمير المؤمنين، و على الأئمة (عليهم السلام)، إلى أن وقف على أبيه، ثم أحجم.

__________________________________________________

4- كمال الدين و تمام النعمة: 424/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 251

ثم قال أبو محمد (عليه السلام): «يا عمة، اذهبي به إلى امه ليسلم عليها، و ائتني به» فذهبت به، فسلم عليها، و رددته و وضعته في المجلس، ثم قال: «يا عمة، إذا كان يوم السابع، فاتينا». قالت حكيمة: فلما أصبحت، جئت لأسلم على أبي محمد (عليه السلام)، فكشفت الستر لأتفقد سيدي (عليه السلام) فلم أره، فقلت له: جعلت فداك، ما فعل سيدي؟ فقال: «يا عمة، إنما استودعناه الذي استودعته ام موسى موسى (عليه السلام)».

قالت حكيمة: فلما كان في اليوم السابع جئت، فسلمت و جلست، فقال: «هلمي إلي ابني» فجئت بسيدي في الخرقة، ففعل به كفعلته الاولى، ثم أدلى لسانه في فيه، كأنه يغذيه لبنا، أو عسلا، ثم قال: «تكلم، يا بني» فقال (عليه السلام): «أشهد أن لا إله إلا الله» و ثنى بالصلاة على محمد، و على أمير المؤمنين، و الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) حتى وقف على أبيه (عليه السلام)، ثم تلا هذه الآية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ.

قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذا، قال: صدقت حكيمة.

8091/ [5]- المفيد في (إرشاده): عن

أبان بن عثمان، عن أبي الصباح الكناني، قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى ابنه أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ».

8092/ [6]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سهل بن كهيل، عن أبيه، في قول الله عز و جل:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً «1»، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

و قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها «2» عطف الضروس على ولدها» ثم قرأ (عليه السلام): وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ، الآية.

8093/ [7]- الطبرسي، قال: صحت الرواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، أنه قال: «و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها» و تلا عقيب ذلك: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، الآية.

8094/ [8]- قال: و روى العياشي، بالإسناد عن أبي الصباح الكناني، قال: نظر أبو جعفر إلى أبي

__________________________________________________

5- الإرشاد: 271.

6- خصائص الأئمة: 70.

7- مجمع البيان 7: 375.

8- مجمع البيان 7: 375. [.....]

(1) العنكبوت 29: 8.

(2) شمس الفرس: كأن لا يمكّن أحدا من ظهره، و لا من الإسراج و الإلجام، و لا يكاد يستقرّ. «أقرب الموارد- شمس- 1: 611».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 252

عبد الله (عليهما السلام)، فقال: «هذا- و الله- من الذين قال الله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي

الْأَرْضِ».

8095/ [9]- قال الطبرسي: و قال سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام): «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق بشيرا و نذيرا، إن الأبرار منا أهل البيت، و شيعتهم بمنزلة موسى و شيعته، و إن عدونا و أشياعه بمنزلة فرعون و أشياعه».

8096/ [10]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: في (مسند فاطمة (عليها السلام)، قال: حدثنا أبو المفضل، قال:

حدثني علي بن الحسين «1» المنقري الكوفي، قال: حدثني أحمد بن زيد الدهان، عن مخول «2» بن إبراهيم، عن رستم بن عبد الله بن خالد المخزومي، عن سليمان الأعمش، عن محمد بن خلف الطاهري، عن زاذان، عن سلمان، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله تبارك و تعالى لم يبعث نبيا و لا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا».

فقلت: يا رسول الله، لقد عرفت هذا من أهل الكتابين. فقال: «يا سلمان، هل علمت من نقبائي، الاثني عشر الذين اختارهم الله للإمامة «3» من بعدي؟».

فقلت: الله و رسوله أعلم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خلقني الله من صفوة نوره، و دعاني فأطعته، و خلق من نوري عليا، و دعاه فأطاعه، و خلق من نور علي فاطمة، و دعاها فأطاعته، و خلق مني و من علي و فاطمة الحسن، و دعاه فأطاعه، و خلق مني و من علي و فاطمة الحسين، و دعاه فأطاعه، ثم سمانا الله بخمسة أسماء من أسمائه:

فالله المحمود و أنا محمد، و الله الأعلى «4» و هذا علي، و الله الفاطر و هذه فاطمة، و الله قديم الإحسان «5» و هذا الحسن، و الله المحسن و هذا الحسين، ثم خلق منا و

من نور الحسين تسعة أئمة، فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق سماء مبنية، و لا أرضا مدحية، و لا هواء، و لا ملكا، و لا بشرا دوننا، و كنا نورا نسبح الله، و نسمع له و نطيع».

قال سلمان: فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت و امي، فما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: «يا سلمان، من عرفهم حق معرفتهم، و اقتدى بهم، و والى وليهم، و تبرأ من «6» عدوهم، فهو و الله منا، يرد حيث نرد، و يسكن حيث نسكن».

فقلت: يا رسول الله، فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم، و أنسابهم؟ فقال: «لا».

__________________________________________________

9- مجمع البيان 7: 375.

10- دلائل الإمامة: 237.

(1) في المصدر: الحسن.

(2) في «ج، ي، ط»: المحول، و في المصدر: مكحول، راجع ميزان الاعتدال 4: 85.

(3) في «ج، ي»: للأمة.

(4) في «ج» و المصدر: العليّ.

(5) في المصدر: ذو الإحسان.

(6) في المصدر: و عادى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 253

فقلت: يا رسول الله، فأنى لي بهم، و قد عرفت إلى الحسين (عليه السلام)؟ قال: «ثم سيد العابدين علي بن الحسين، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين و الآخرين، من النبيين و المرسلين، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق، ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله عز و جل، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله «1»، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله، ثم الحسن بن علي الصامت الأمين لسر الله، ثم محمد بن الحسن الهادي، المهدي، الناطق، القائم بحق الله» «2» «3». ثم قال: «يا سلمان، إنك مدركه، و من كان مثلك، و من تولاه بحقيقة المعرفة».

قال سلمان: فشكرت الله كثيرا، ثم

قلت: يا رسول الله، و إني مؤجل إلى عهده؟ قال: فقرأ قوله تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً «4».

قال سلمان: فاشتد بكائي و شوقي، ثم قلت: يا رسول الله، بعهد منك؟ فقال: «إي و الله الذي أرسلني بالحق، مني، و من علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و التسعة، و كل من هو منا، و معنا، و مضام فينا. إي و الله- يا سلمان- و ليحضرن إبليس و جنوده، و كل من محض الإيمان محضا، و محض الكفر محضا، حتى يؤخذ بالقصاص، و الأوتار، وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً «5» و ذلك تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ».

قال سلمان: فقمت من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ما يبالي سلمان متى لقي الموت، أو الموت لقيه «6».

8097/ [11]- محمد بن العباس: عن علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن يوسف بن كليب المسعودي، عن عمرو بن عبد الغفار، بإسناده عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول في هذه الآية، و قرأها، قوله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، و قال: «لتعطفن هذه الدنيا على أهل البيت، كما تعطف الضروس على ولدها».

8098/ [12]- و

قال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن

محمد، عن يحيى بن صالح الحويزي، بإسناده عن أبي صالح، عن علي (عليه السلام)، كذا قال في قوله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ.

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 1: 413/ 1، شواهد التنزيل 1: 431/ 590.

12- تأويل الآيات 1: 414/ 2.

(1) في المصدر: لأمر الله.

(2) في المصدر: بأمر الله. [.....]

(3، 4) الإسراء 17: 5 و 6.

(5) الكهف 18: 49.

(6) في المصدر: و ما ابالي لقيت الموت أو لقيني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 254

«و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة، لتعطفن علينا هذه الدنيا، كما تعطف الضروس على ولدها».

و الضروس الناقة التي يموت ولدها، أو يذبح، و يحشى جلده، فتدنو منه، فتعطف عليه.

8099/ [13]- الشيباني في (كشف البيان) «1»: روي في أخبارنا عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان، و يبيد الجبابرة و الفراعنة، و يملك الأرض شرقا و غربا، فيملأها عدلا، كما ملئت جورا».

8100/ [14]- الشيباني: روي عن الباقر، و الصادق (عليهما السلام): «أن فرعون و هامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش، يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد (عليه السلام) في آخر الزمان، فينتقم منهما بما أسلفا».

8101/ [15]- علي بن إبراهيم، و قوله: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما، و هم الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم.

و قوله: مِنْهُمْ، أي من آل محمد ما كانُوا يَحْذَرُونَ، أي من القتل و العذاب. و لو كانت هذه

الآية نزلت في موسى و فرعون، لقال: و نري فرعون و هامان و جنودهما منه ما كانوا يحذرون- أي من موسى- و لم يقل مِنْهُمْ، فلما تقدم قوله: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، علمنا أن المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و ما وعد الله به رسوله فإنما يكون بعده، و الأئمة يكونون من ولده، و إنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى و بني إسرائيل، و في أعدائهم بفرعون و هامان و جنودهما، فقال:

إن فرعون قتل بني إسرائيل، فأظفر الله موسى بفرعون و أصحابه حتى أهلكهم الله، و كذلك أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصابهم من أعدائهم القتل و الغصب، ثم يردهم الله، و يرد أعدائهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.

و

قد ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) في أعدائه مثلا، مثل ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون و هامان، فقال: «يا أيها الناس، إن أول من بغى على الله عز و جل على وجه الأرض عناق بنت آدم (عليه السلام)، خلق لها عشرين إصبعا، لكل إصبع منها ظفران طويلان كالمخلبين «2» العظيمين، و كان مجلسها في الأرض موضع جريب «3»، فلما بغت، بعث الله لها أسدا كالفيل، و ذئبا كالبعير، و نسرا كالحمار، و كان ذلك في الخلق الأول، فسلطهم الله عليها، فقتلوها. ألا و قد قتل الله فرعون و هامان، و خسف الله بقارون، و إنما هذا مثل لأعدائه الذين غصبوا حقه، فأهلكهم الله».

ثم قال علي (عليه السلام) على أثر هذا المثل الذي ضربه: «و قد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له، و لم أكن

__________________________________________________

13-

نهج البيان 3: 221 «مخطوط».

14- نهج البيان 3: 221 «مخطوط».

15- تفسير القمى 2: 133.

(1) و هو نفس كتاب (نهج البيان) انظر الذريعة 18: 23، 24: 414.

(2) في «ج، ي، ط»: كالمنجلين.

(3) الجريب من الأرض: مقدار معلوم. «الصحاح- جرب- 1: 98».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 255

أشركه فيه، و لا توبة له إلا بكتاب منزل، أو برسول مرسل، و أنى له بالرسالة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)؟ فأنى يتوب و هو في برزخ القيامة، غرته الأماني، و غره بالله الغرور؟ و قد أشفى على جرف هار، فانهار به في نار جهنم، و الله لا يهدي القوم الظالمين» «1».

و كذلك مثل القائم (عليه السلام) في غيبته و هربه و استتاره، مثل موسى (عليه السلام)، خائف مستتر إلى أن يأذن الله في خروجه، و طلب حقه، و قتل أعدائه، في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ «2»، و قد ضرب الله بالحسين بن علي (عليهما السلام) مثلا في بني إسرائيل بذلتهم من أعدائهم.

8102/ [16]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لقي المنهال بن عمر علي بن الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقال له: كيف أصبحت، يا ابن رسول الله؟

قال: «ويحك، أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءنا، و يستحيون نساءنا، و أصبح خير البرية بعد محمد (صلى الله عليه و آله) يلعن على المنابر، و أصبح عدونا

يعطى المال و الشرف، و أصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه، و كذلك لم يزل المؤمنون، و أصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق، فهكذا أصبحنا يا منهال».

سورة القصص(28): الآيات 7 الي 27 ..... ص : 255

قوله تعالى:

وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [7- 13]

8103/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن

__________________________________________________

16- تفسير القمّي 2: 134.

1- تفسير القمّي 2: 135.

(1) (فأنّى يتوب ... الظالمين) ليس في المصدر.

(2) الحج 22: 39 و 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 256

مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن موسى لما حملت به أمه، لم يظهر حملها إلا عند وضعه، و كان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظونهن، و ذلك أنه كان لما بلغه عن بني إسرائيل أنهم يقولون: إنه يولد فينا رجل، يقال له موسى بن عمران، يكون هلاك فرعون و أصحابه على يده. فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم، حتى لا يكون ما يريدون. و فرق بين الرجال و النساء، و حبس الرجال في المحابس «1».

فلما وضعت أم موسى موسى (عليه

السلام)، نظرت إليه، و حزنت عليه، و اغتمت و بكت، و قالت: يذبح الساعة.

فعطف الله بقلب الموكلة بها عليها «2»، فقالت لام موسى: ما لك قد اصفر لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدي.

فقالت: لا تخافي. و كان موسى لا يراه أحد إلا أحبه، و هو قول الله: وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي «3» فأحبته القبطية الموكلة به.

و أنزل الله على موسى التابوت، و نوديت امه: ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم، و هو البحر وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فوضعته في التابوت، و أطبقت عليه، و ألقته في النيل. و كان لفرعون قصر على شط النيل متنزه «4»، فنزل من قصره و معه آسية امرأته، فنظر إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج، و الرياح تضربه، حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون، فأمر فرعون بأخذه، فأخذ التابوت، و رفع إليه، فلما فتحه وجد فيه صبيا، فقال: هذا إسرائيلي. و ألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة، و كذلك في قلب آسية، و أراد فرعون أن يقتله، فقالت آسية: لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ أنه موسى (عليه السلام)، و لم يكن لفرعون ولد، فقال: ائتوا له بظئر تربيه. فجاءوا بعدة نساء قد قتل أولادهن، فلم يشرب لبن أحد من النساء، و هو قول الله: وَ حَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ.

و بلغ امه أن فرعون قد أخذه، فحزنت، و بكت، كما قال: وَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ، يعني كادت أن تخبر بخبره، أو تموت، ثم ضبطت نفسها، فكان كما قال الله عز و جل: لَوْ لا

أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ، أي لاخت موسى: قُصِّيهِ أي اتبعيه، فجاءت أخته إليه فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ أي عن بعد وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ فلما لم يقبل موسى بأخذ ثدي أحد من النساء، اغتم فرعون غما شديدا، فقالت أخته: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم، و هم له ناصحون؟ فقال: نعم فجاءت بامه، فلما أخذته في حجرها، و ألقمته ثديها، و التقمه و شرب، ففرح فرعون و أهله، و أكرموا امه، و قالوا لها: ربيه لنا، و لك منا الكرامة بما تختارين «5». و ذلك قول الله تعالى: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

__________________________________________________

(1) في «ج، ي»: المجالس. [.....]

(2) في المصدر: عليه.

(3) طه 20: 39.

(4) المتنزّه: مكان التّنزّه. «المعجم الوسيط 2: 915».

(5) في المصدر: ربّيه لنا، فإنا نفعل بك ما نفعل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 257

و كان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل كلما يلدون، و يربي موسى و يكرمه، و لا يعلم أن هلاكه على يده، فلما درج موسى، كان يوما عند فرعون، فعطس موسى، فقال: الحمد لله رب العالمين. فأنكر فرعون ذلك عليه، و لطمه، و قال: ما هذا الذي تقول؟ فوثب موسى على لحيته- و كان طويل اللحية- فهلبها- أي قلعها- فآلمه ألما شديدا، فهم فرعون بقتله، فقالت امرأته: هذا غلام حدث، لا يدري ما يقول، و قد آلمته بلطمتك إياه. فقال فرعون: بل يدري.

فقالت له: ضع بين يديه تمرا و جمرا، فإن ميز بينهما فهو الذي تقول. فوضع بين يديه تمرا و جمرا، و قال: كل. فمد يده إلى التمر،

فجاء جبرئيل فصرفها إلى الجمر، فأخذ الجمر في فيه، فاحترق لسانه، و صاح و بكى، فقالت آسية لفرعون: أ لم أقل لك إنه لا يعقل؟ فعفا عنه».

قال الراوي: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): فكم مكث موسى غائبا عن امه حتى رده الله عليها؟ قال: «ثلاثة أيام».

فقلت: كان هارون أخا موسى لأبيه و امه؟ قال: «نعم، أما تسمع الله تعالى يقول:ا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي «1».

فقلت: أيهما كان أكبر سنا؟ قال: «هارون».

قلت: و كان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: «الوحي ينزل على موسى، و موسى يوحيه إلى هارون».

فقلت: أخبرني عن الأحكام، و القضاء، و الأمر و النهي، أ كان ذلك إليهما؟ قال: «كان موسى الذي يناجي ربه، و يكتب العلم، و يقضي بين بني إسرائيل، و هارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة».

قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: «مات هارون قبل موسى (عليه السلام)، و ماتا جميعا في التيه».

قلت: فكان لموسى (عليه السلام) ولد؟ قال: «لا، كان الولد لهارون، و الذرية له».

قال: «فلم يزل موسى (عليه السلام) عند فرعون في أكرم كرامة، حتى بلغ مبلغ الرجال، و كان ينكر عليه ما يتكلم به موسى من التوحيد، حتى هم به، فخرج موسى من عنده، و دخل المدينة، فإذا رجلان يقتتلان، أحدهما يقول بقول موسى، و الآخر يقول بقول فرعون، فاستغاثه الذي من شيعته، فجاء موسى، فوكز صاحب فرعون، فقضى عليه، و توارى في المدينة، فلما كان من الغد، جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى، فاستغاث بموسى، فلما نظر صاحبه إلى موسى، قال له: أ تريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟! فخلى عن صاحبه، و هرب.

و كان خازن فرعون مؤمنا

بموسى، قد كتم إيمانه ستمائة سنة، و هو الذي قال الله: وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ «2»، و بلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل، فطلبه ليقتله، فبعث المؤمن إلى موسى (عليه السلام): إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها، كما حكى الله: خائِفاً يَتَرَقَّبُ- قال- يلتفت يمنة و يسرة، و يقول:

__________________________________________________

(1) طه 20: 94.

(2) غافر 40: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 258

رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «1».

و مر نحو مدين، و كان بينه و بين مدين مسيرة ثلاثة أيام، فلما بلغ باب مدين، رأى بئرا يستقي الناس منها لأغنامهم و دوابهم، فقعد ناحية، و لم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا، فنظر إلى جاريتين في ناحية، و معهما غنيمات، لا تدنوان من البئر، فقال لهما: ما لكما لا تستقيان؟ قالتا، كما حكى الله: لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ «2»، فرحمهما موسى، و دنا من البئر، فقال لمن على البئر: أستقي لي دلوا، و لكم دلوا، و كان الدلو يمده «3» عشرة رجال، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر و دلوا لبنتي شعيب، و سقى أغنامهما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «4» و كان شديد الجوع.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن موسى كليم الله حيث سقى لهما، ثم تولى إلى الظل، فقال: رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير، و الله ما سأل الله إلا خبزا يأكل، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه، من هزاله.

فلما رجعت بنتا شعيب إلى

شعيب، قال لهما: أسرعتما الرجوع! فأخبرتاه بقصة موسى (عليه السلام)، و لم تعرفاه، فقال شعيب لواحدة منهما: اذهبي إليه، فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا. فجاءت إليه، كما حكى الله تعالى:

تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا «5»، فقام موسى معها، و مشت أمامه، فصفقتها «6» الريح، فبان عجزها، فقال لها موسى: تأخري، و دليني على الطريق بحصاة تلقينها أمامي أتبعها، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء.

فلما دخل على شعيب، قص عليه قصته، فقال له شعيب: لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «7»، قالت إحدى بنات شعيب: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ «8». فقال لها شعيب: أما قوته، فقد عرفته بسقي الدلو وحده، فبم عرفت أمانته؟ فقالت له: إنه لما قال لي: تأخري عني، و دليني على الطريق، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء، عرفت أنه من القوم الذين لا ينظرون أعجاز النساء، فهذه أمانته.

فقال له شعيب: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَ ما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ «9».

__________________________________________________

(1) القصص 28: 20 و 21.

(2) القصص 28: 23.

(3) في «ج، ي، ط»: بيد.

(4) القصص 28: 24.

(5، 6) القصص 28: 25.

(7) الصّفق: الضرب الذي يسمع له صوت. «لسان العرب- صفق- 10: 200».

(8) القصص 28: 26.

(9) القصص 28: 27. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 259

فقال له موسى: ذلِكَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ «1» أي لا سبيل علي إن عملت عشر سنين، أو ثمان سنين. فقال موسى وَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ

وَكِيلٌ «2»».

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أي الأجلين قضى؟ قال: «أتمها عشر سنين».

قلت له: فدخل بها قبل أن يقضي الأجل، أو بعده؟ قال: «قبل».

قلت: فالرجل يتزوج المرأة، و يشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا، أ يجوز ذلك؟ قال: «إن موسى علم أنه يتم له شرطه، فكيف لهذا أن يعلم أنه يبقى حتى يفي».

قلت له: جعلت فداك، أيهما زوجه شعيب من بناته؟ قال: «التي ذهبت إليه فدعته، و قالت لأبيها: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ «3»».

«فلما قضى موسى الأجل، قال لشعيب: لا بد لي أن أرجع إلى وطني، و أمي، و أهل بيتي، فما لي عندك؟

فقال شعيب: ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق «4» فهو لك؟ فعمد موسى عند ما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصا، فشق «5» منها بعضا، و ترك بعضا، و غرزها في وسط مربض الغنم، و ألقى عليها كساء أبلق، ثم أرسل الفحل على الغنم، فلم تضع الغنم في تلك السنة إلا بلقا.

فلما حال عليه الحول، حمل موسى امرأته، و زوده شعيب من عنده، و ساق غنمه، فلما أراد الخروج، قال لشعيب: أبغي عصا تكون معي، و كانت عصي الأنبياء عنده، قد ورثها مجموعة في بيت، فقال له شعيب: ادخل هذا البيت، و خذ عصا من بين العصي. فدخل، فوثبت إليه عصا نوح و إبراهيم (عليهما السلام)، و صارت في كفه، فأخرجها، و نظر إليها شعيب، فقال: ردها، و خذ غيرها. فردها ليأخذ غيرها، فوثبت إليه تلك بعينها، فردها، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فلما رأى شعيب ذلك، قال له: اذهب، فقد خصك الله بها.

فساق غنمه، فخرج يريد مصر، فلما صار في

مفازة و معه أهله، أصابهم برد شديد و ريح و ظلمة، و جنهم الليل، فنظر موسى إلى نار قد ظهرت، كما قال الله: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ «6»، فأقبل نحو النار يقتبس، فإذا شجرة و نار تلتهب عليها، فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه، ففزع منها و عدا، و رجعت النار إلى الشجرة، فالتفت إليها و قد رجعت إلى مكانها، فرجع الثانية ليقتبس، فأهوت إليه، فعدا و تركها، ثم التفت إليها و قد رجعت إلى الشجرة، فرجع إليها ثالثة، فأهوت إليه، فعدا و لم يعقب، أي لم يرجع، فناداه الله:

__________________________________________________

(1، 2) القصص 28: 28.

(3) القصص 28: 26.

(4) البلق: سواد و بياض، و بلق الدابة: ارتفاع التحجيل إلى الفخذين. «لسان العرب- بلق- 10: 25».

(5) في المصدر: فقشر.

(6) القصص 28: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 260

أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «1»، قال موسى: فما الدليل على ذلك؟ قال الله: ما في يمينك يا موسى؟ قال: هي عصاي. قال: أَلْقِها يا مُوسى «2» فألقاها، فصارت حية تسعى، ففزع منها موسى (عليه السلام)، و عدا، فناداه الله: خذها و لا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء. أي من غير علة، و ذلك أن موسى (عليه السلام) كان شديد السمرة، فأخرج يده من جيبه، فأضاءت له الدنيا، فقال الله عز و جل:

فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ «3».

فقال موسى، كما حكى الله عز و جل: رَبِّ إِنِّي

قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَ أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ «4»».

قوله تعالى:

فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ- إلى قوله تعالى- وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ [15- 19]

8104/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)- و ذكر حديث عصمة الأنبياء (عليهم السلام)، و قد ذكرنا منه غير مرة- فكان فيما سأل المأمون الرضا (عليه السلام) أن قال له: أخبرني عن قول الله عز و جل: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ.

قال الرضا (عليه السلام): «إن موسى (عليه السلام) دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، و ذلك بين المغرب و العشاء، فوجد فيها رجلين يقتتلان: هذا من شيعته، و هذا من عدوه، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه، فقضى موسى (عليه السلام) على العدو بحكم الله تعالى، فوكزه فمات، قال: هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى (عليه السلام) من قتله، إنه يعني الشيطان

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 195.

(1) القصص 28: 30.

(2) طه 20: 19.

(3) القصص 28: 32.

(4) القصص 28: 33- 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 261

عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ».

قال المأمون: فما معنى قول موسى (عليه السلام):

رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي؟

قال: «يقول: إني وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة، فاغفر لي، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قال موسى (عليه السلام): رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى.

فَأَصْبَحَ موسى (عليه السلام) فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ، قال له موسى: إنك لغوي مبين، قاتلت رجلا بالأمس، و تقاتل هذا اليوم؟ لأؤدبنك «1»، و أراد أن يبطش به، فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما، و هو من شيعته، قال: يا موسى: أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ».

قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا، يا أبا الحسن.

8105/ [2]- الطبرسي: روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليهنئكم الاسم» قال: قلت: و ما الاسم؟

قال: «الشيعة، أما سمعت الله سبحانه يقول: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ».

8106/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد ابن هلال، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عبد الله بن رباط، عن محمد بن النعمان الأحوال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً «2»، قال: «أشده ثماني عشر سنة، و استوى: التحى».

قوله تعالى:

فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [24]

8107/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى حكاية عن قول موسى (عليه السلام): إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، قال: «سأل الطعام».

__________________________________________________

2- مجمع البيان 7: 381.

3- معاني الأخبار: 226/ 1.

4- الكافي 6: 287/ 5.

(1) في «ط»: لأؤدّبنّك. [.....]

(2) القصص 28: 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 262

8108/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى حكاية عن قول موسى (عليه السلام): إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، قال: «سأل الطعام».

8109/ [3]- العياشي: عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول موسى لفتاه: آتِنا غَداءَنا «1»، و قوله: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فقال: إنما عنى الطعام؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«إن موسى (عليه السلام) لذو جوعات».

8110/ [4]- عن ليث بن سليم، عن أبي عبد الله «2» (عليه السلام): «شكا موسى (عليه السلام) إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً «3»، لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً «4»، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ».

8111/ [5]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «و لقد كان في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كاف لك في الاسوة، و دليل على ذم الدنيا، و كثرة مساوئها، إذ قبضت عنه أطرافها، و وطأت لغيره أكنافها، و إن شئت ثنيت بموسى كليم الله، إذ يقول: إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ و الله، ما سأل إلا خبزا يأكله،

لأنه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله، و تشذب لحمه».

قوله تعالى:

قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ [27]

8112/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا،

__________________________________________________

2- المحاسن: 585/ 78.

3- تفسير العيّاشي 2: 330/ 44.

4- تفسير العيّاشي 2: 335/ 50.

5- ربيع الأبرار 4: 383.

6- الكافي 5: 414/ 1.

(1) الكهف 18: 64.

(2) في «ط» و المصدر: عن أبي جعفر.

(3) الكهف 18: 62.

(4) الكهف 18: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 263

عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن (صلوات الله عليه)، قول شعيب (عليه السلام): إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ أي الأجلين قضى؟

قال: «وفى منهما أبعدهما، عشر سنين».

قلت: فدخل بها قبل أن ينقضي الشرط، أو بعد انقضائه؟ قال: «قبل أن ينقضي».

قلت له: فالرجل يتزوج المرأة و يشترط لأبيها إجارة شهرين، يجوز ذلك؟ فقال: «إن موسى (صلى الله عليه) قد علم أنه سيتم له شرطه، فكيف لهذا بأن يعلم أن سيبقى حتى يفي له؟ و قد كان الرجل على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتزوج المرأة على السورة من القرآن، و على الدرهم، و على القبضة من الحنطة».

8113/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن ابن سنان، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن الإجارة، فقال: «صالح، لا بأس به إذا نصح قدر طاقته، قد آجر موسى (عليه

السلام) نفسه، و اشترط، فقال: إن شئت ثماني حجج، و إن شئت عشرا، فأنزل الله عز و جل فيه: أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ».

8114/ [3]- الطبرسي: روى الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل: أيتهما التي قالت إن أبي يدعوك؟ قال: «التي تزوج بها».

قيل: فأي الأجلين قضى؟ قال: «أوفاهما و أبعدهما، عشر سنين».

قيل: فدخل بها قبل أن يمضي الشرط، أو بعد انقضائه؟ قال: «قبل أن يمضي».

قيل له: فالرجل يتزوج المرأة و يشترط لأبيها إجارة شهرين، أ يجوز ذلك؟ قال: «إن موسى (عليه السلام) علم أنه سيتم له شرطه».

8115/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن يوسف بن سليمان بن الريان، قال: حدثنا القاسم بن إبراهيم الرقي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن مهدي الرقي، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بكى شعيب (عليه السلام) من حب الله عز و جل حتى عمي، فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي، فرد الله عليه بصره ثم بكى حتى عمي، فرد الله عليه بصره، فلما كان في الرابعة، أوحى الله إليه: يا شعيب، إلى متى يكون هذا منك؟ إن يكن هذا خوفا من النار فقد أجرتك، و إن يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك.

فقال: إلهي، و سيدي، أنت تعلم أني ما بكيت خوفا من نارك، و لا شوقا إلى جنتك، و لكن عقد حبك على قلبي، فلست أصبر إذ ذاك «1»، فأوحى الله جل جلاله إليه: أما إذا كان هذا هكذا،

فمن أجل هذا سأخدمك كليمي

__________________________________________________

2- الكافي 5: 90/ 2.

3- مجمع البيان 7: 390.

4- علل الشرائع: 1: 57/ 1.

(1) في المصدر: أو أراك. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 264

موسى بن عمران».

سورة القصص(28): الآيات 29 الي 31 ..... ص : 264

قوله تعالى:

فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً- إلى قوله تعالى- وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ [29- 31]

8116/ [1]- الطبرسي: روي عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما قضى موسى الأجل، و سار بأهله نحو بيت المقدس، أخطأ الطريق ليلا، فرأى نارا، فقال لأهله: امكثوا، إني آنست نارا».

8117/ [2]- و

عنه، قال: و روي عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «فلما رجع موسى (عليه السلام) إلى امرأته، قالت: من أين جئت؟ قال: من عند رب تلك النار. قال: فغدا إلى فرعون، فو الله لكأني أنظر إليه الساعة «1»، ذو شعر أدم «2»، عليه جبة من صوف، عصاه في كفه، مربوط حقوه «3» بشريط، نعله من جلد حمار، شراكها من ليف، فقيل لفرعون: إن على الباب فتى يزعم أنه رسول رب العالمين. فقال فرعون لصاحب الأسد:

خل سلاسلها- و كان إذا غضب على رجل، خلاها، فقطعته- فخلاها. فقرع موسى الباب الأول، و كانت تسعة أبواب، فلما قرع الباب الأول انفتحت له الأبواب التسعة، فلما دخل، جعلن يبصبصن تحت رجليه كأنهن جراء، فقال فرعون لجلسائه: رأيتم مثل هذا قط؟ فلما أقبل إليه أفطنه، فقال: أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً إلى قوله: وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ «4».

فقال فرعون لرجل من أصحابه: قم فخذ بيده، و قال لآخر: اضرب عنقه. فضرب جبرئيل بالسيف حتى قتل ستة من أصحابه، فقال: خلوا عنه- قال- فأخرج يده، فإذا هي بيضاء، قد حال شعاعها

بينه و بين وجهه، و ألقى عصاه، فإذا هي حية تسعى، فالتقمت الإيوان بلحييها «5»، فدعاه: أن يا موسى، أقلني إلى غد، فكان من أمره ما كان».

8118/ [3]- و

عنه، قال: و روي عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كانت عصا

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 391.

2- مجمع البيان 7: 395.

3- مجمع البيان 7: 391.

(1) في المصدر: انظر إليه طويل الباع.

(2) الادمة: لون مشرب سوادا أو بياضا، و قيل: هو البياض الواضح. «لسان العرب- أدم- 12: 11».

(3) الحقو: الخصر، و مشدّ الإزار من الجنب. «لسان العرب- حقا- 14: 189».

(4) الشعراء 26: 18- 20.

(5) اللّحيان: هما العظمان اللذان فيهما الأسنان. «لسان العرب- لحا- 15: 243».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 265

موسى قضيب آس من الجنة، أتاه به جبرئيل (عليه السلام) لما توجه تلقاء مدين».

8119/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن الحكم، عن عرفة، عن ربعي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره تعالى في كتابه هو الفرات، و البقعة المباركة هي كربلاء، و الشجرة هي محمد (صلى الله عليه و آله)».

سورة القصص(28): آية 35 ..... ص : 265

قوله تعالى:

سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا [35]

8120/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى الحسيني، عن جده يحيى بن الحسن، عن أحمد بن يحيى الأودي، عن عمرو بن حماد بن طلحة، عن عبد الله بن المهلب البصري، عن المنذر بن زياد، الضبي، عن أبان، عن أنس بن مالك،

قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) مصدقا إلى قوم، فعدوا على المصدق فقتلوه، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه و آله)، فبعث إليهم عليا (عليه السلام)، فقتل المقاتلة، و سبى الذرية، فلما بلغ علي (عليه السلام) أدنى المدينة، تلقاه النبي (صلى الله عليه و آله) و التزمه، و قبل ما بين عينيه، و قال: «بأبي أنت و امي، من شد الله به عضدي، كما شد عضد موسى بهارون».

8121/ [2]- البرسي، قال: روي أن فرعون (لعنه الله) لما لحق هارون بأخيه موسى، دخلا عليه يوما فأوجسا خيفة منه، فإذا فارس يقدمهما، و لباسه من ذهب، و بيده سيف من ذهب، و كان فرعون يحب الذهب، فقال لفرعون:

أجب هذين الرجلين، و إلا قتلتك. فانزعج فرعون لذلك، و قال: عودا إلي غدا. فلما خرجا، دعا البوابين و عاقبهم، و قال: كيف دخل علي هذا الفارس بغير إذن؟ فحلفوا بعزة فرعون أنه ما دخل إلا هذان الرجلان. و كان الفارس مثال علي (عليه السلام)، هذا الذي أيد الله به النبيين سرا، و أيد به محمدا (صلى الله عليه و آله) جهرا، لأنه كلمة الله الكبرى التي أظهرها الله لأوليائه فيما شاء من الصور، فنصرهم بها، و بتلك الكلمة يدعون الله فيجيبهم و ينجيهم، و إليه الإشارة بقوله: وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا.

قال ابن عباس: كانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس «1».

__________________________________________________

4- كامل الزيارات: 48/ 11.

1- تأويل الآيات 1: 415/ 6، شواهد التنزيل 1: 435/ 598.

2- مشارق أنوار اليقين: 81.

(1) في المصدر زيادة: و السلطان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 266

8122/ [3]- و

روى البرسي أيضا، قال: روى أصحاب التواريخ: أن رسول الله (صلى الله

عليه و آله) كان جالسا و عنده جني يسأله عن قضايا مشكلة، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فتصاغر الجني حتى صار كالعصفور، ثم قال: أجرني، يا رسول الله. فقال: «ممن؟» فقال: من هذا الشاب المقبل. فقال: «و ما ذاك؟» فقال الجني: أتيت سفينة نوح لاغرقها يوم الطوفان، فلما تناولتها ضربني هذا فقطع يدي، ثم أخرج يده مقطوعة، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هو ذاك».

8123/ [4]- ثم

قال البرسي: و بهذا الإسناد: أن جنيا كان جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فاستغاث الجني، و قال: أجرني- يا رسول الله- من هذا الشاب المقبل. قال: «و ما فعل بك؟» قال: تمردت على سليمان، فأرسل إلي نفرا من الجن، فطلت «1» عليهم، فجاءني هذا الفارس فأسرني و جرحني، و هذا مكان الضربة إلى الآن لم يندمل.

سورة القصص(28): الآيات 38 الي 41 ..... ص : 266

قوله تعالى:

وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي- إلى قوله تعالى- وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ [38- 41] 8124/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: فبنى هامان له في الهواء صرحا، حتى بلغ مكانا في الهواء لا يتمكن الإنسان أن يقوم «2» عليه من الرياح القائمة في الهواء، فقال لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا. فبعث الله رياحا، فرمت به، فاتخذ فرعون و هامان عند ذلك التابوت، و عمدا إلى أربعة أنسر، فأخذا أفراخها و ربياها، حتى إذا بلغت القوة، و كبرت، عمدا إلى جوانب التابوت الأربعة، فغرسا في كل جانب منه خشبة، و جعلا على رأس كل خشبة لحما، و جوعا الأنسر، و شدا أرجلها بأصل الخشبة، فنظرت الأنسر إلى اللحم، فأهوت إليه، و صفقت بأجنحتها، و

ارتفعت بهما في الهواء، و أقبلت تطير يومها، فقال فرعون لهامان: انظر إلى السماء، هل بلغناها؟ فنظر هامان، فقال: أرى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد. فقال: انظر إلى الأرض. فقال: لا أرى الأرض، و لكني أرى البحار و الماء.

قال: فلم تزل الأنسر ترتفع، حتى غابت الشمس، و غابت عنهم البحار و الماء، فقال فرعون: يا هامان، انظر إلى السماء. فنظر، فقال: أراها كما كنت أراها من الأرض. فلما جنهم الليل، نظر هامان إلى السماء، فقال فرعون:

هل بلغناها؟ قال: أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض، و لست أرى من الأرض إلا الظلمة.

__________________________________________________

3- مشارق أنوار اليقين: 85.

4- مشارق أنوار اليقين: 85. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 140.

(1) طال عليه: علاه و ترفّع عليه. «لسان العرب- طول- 11: 412».

(2) في «ي، ط»: يقيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 267

قال: ثم حالت الرياح القائمة في الهواء بينهما، فانقلب التابوت بهما، فلم يزل يهوي بهما حتى وقع على الأرض، و كان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت. ثم قال الله: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ.

8125/ [2]- و قال علي بن إبراهيم في قوله: فَحَشَرَ فَنادى «1» يعني فرعون فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى «2»، و النكال: العقوبة. و الآخرة: هو قوله: أنا ربكم الأعلى. و الاولى: قوله: ما علمت لكم من إله غيري. فأهلكه الله بهذين القولين.

8126/ [3]- الطبرسي، قال: جاء في التفسير عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه كان بين الكلمتين أربعون سنة.

8127/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و محمد بن الحسين، عن محمد ابن يحيى،

عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الأئمة في كتاب الله عز و جل إمامان: قال الله تبارك و تعالى: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا «3» لا بأمر الناس، يقدمون أمر الله قبل أمرهم، و حكم الله قبل حكمهم، و قال: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ يقدمون أمرهم قبل أمر الله، و حكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز و جل».

سورة القصص(28): آية 44 ..... ص : 267

قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ [44] 8128/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن سليمان بن محمد ابن أبي فاطمة، عن جابر بن إسحاق البصري، عن النضر بن إسماعيل الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك «4»، عن ابن عباس، في قول الله عز و جل: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ

__________________________________________________

2- تفسير القمي 2: 403.

3- مجمع البيان 9: 656.

4- الكافي 1: 168/ 2.

1- تأويل الآيات 1: 416/ 7.

(1) النازعات 79: 23.

(2) النازعات 79: 24 و 25.

(3) الأنبياء 21: 73.

(4) في «ج، ي، ط»: جوهر الضحاك، و في المصدر: جوهر: جوهر عن الضحاك، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر ميزان الاعتدال 1: 427.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 268

قال: بالخلافة ليوشع بن نون من بعده.

ثم قال الله تعالى: لن أدع نبيا من غير وصي، و أنا باعث نبيا عربيا، و جاعل وصيه عليا. فذلك قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ في الوصاية، و حدثه بما هو كائن بعده.

قال ابن عباس: و حدث

الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بما هو كائن، و حدثه باختلاف هذه الامة من بعده، فمن زعم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مات بغير وصية «1» فقد كذب على الله عز و جل، و على نبيه (صلى الله عليه و آله).

8129/ [1]- و

جاء في تفسير أهل البيت (صلوات الله عليهم)، قال: روى بعض أصحابنا عن سعيد بن الخطاب حديثا يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.

[قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما هي: أو ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر و ما كنت من الشاهدين»].

8130/ [2]- و

قال أبو عبد الله (عليه السلام) في بعض رسائله: «ليس موقف أوقف الله سبحانه نبيه فيه ليشهده و يستشهده، إلا و معه أخوه و قرينه و ابن عمه و وصيه، و يؤخذ ميثاقهما معا (صلوات الله عليهما و على ذريتهما الطاهرين صلاة دائمة إلى يوم الدين)»

سورة القصص(28): الآيات 46 الي 48 ..... ص : 267

قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [46]

8131/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن طاهر بن مدرار «2»، عن أخيه، عن أبي سعيد المدائني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا، قال: «كتاب كتبه الله عز و جل في ورقة، أثبته فيها «3» قبل أن يخلق الله الخلق بألفي عام، فيها مكتوب: يا شيعة آل محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، و غفرت لكم قبل

أن تستغفروني، من أتى منكم بولاية محمد و آل محمد أسكنته جنتي برحمتي».

8132/ [4]- و

عن الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه الله): بإسناده عن الفضل بن شاذان، يرفعه إلى سليمان

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 417/ 8.

2- تأويل الآيات 1: 417/ 9.

3- تأويل الآيات 1: 417/ 10. [.....]

4- تأويل الآيات 1: 417/ 11.

(1) في المصدر: ما تعيّن وصيّه.

(2) في «ط، ي»: ظاهر بن مدار، و في المصدر: ظاهر بن مدرار.

(3) في المصدر: ورقة آس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 269

الديلمي، عن مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: قلت لسيدي أبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله عز و جل: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا؟ قال: «كتاب كتبه الله عز و جل قبل أن يخلق الخلق بألفي عام في ورقة آس، فوضعها على العرش».

قلت: يا سيدي، و ما في ذلك الكتاب؟ قال: «في الكتاب مكتوب: يا شيعة آل محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، و غفرت لكم قبل أن تعصوني، و عفوت عنكم قبل أن تذنبوا، من جاءني بالولاية أسكنته جنتي برحمتي».

8133/ [3]- المفيد في (الاختصاص): عن سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثني عروة بن يحيى، عن أبي سعيد المدائني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله عز و جل في محكم كتابه: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا؟ فقال (عليه السلام): «كتاب لنا كتبه الله- يا أبا سعيد- في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام، صيره معه في عرشه، أو تحت عرشه، فيه: يا شيعة آل محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، و غفرت لكم قبل أن تستغفروني، من أتاني منكم بولاية محمد و آل محمد أسكنته جنتي

برحمتي».

8134/ [4]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: لما بعث الله عز و جل موسى بن عمران، و اصطفاه نجيا، و فلق له البحر فنجى بني إسرائيل، و أعطاه التوراة و الألواح، رأى مكانه من ربه عز و جل، فقال: رب لقد كرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي. قال الله عز و جل: يا موسى، أما علمت أن محمدا أفضل عندي من «1» جميع خلقي؟

قال موسى: يا رب، فإن كان محمد أفضل عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله عز و جل: يا موسى، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟

قال موسى: يا رب، فإن كان آل محمد عندك كذلك، فهل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من أصحابي؟

قال الله عز و جل: يا موسى، أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيين، و فضل محمد على جميع المرسلين؟

قال موسى: يا رب، فإن كان محمد و آله (عليهم السلام)، و أصحابه كما وصفت، فهل في امم الأنبياء أفضل عندك من أمتي، ظللت عليهم الغمام، و أنزلت عليهم المن و السلوى، و فلقت لهم البحر؟ فقال الله تعالى: يا موسى، أما علمت أن فضل امة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟

قال موسى: يا رب، ليتني كنت أراهم. فأوحى الله عز و جل إليه: يا موسى، إنك لن تراحم، فليس هذا أوان ظهورهم، و لكن سوف تراهم في الجنة، جنات عدن و الفردوس، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، و في خيراتها

__________________________________________________

3- الاختصاص:

111.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 31.

(1) في المصدر زيادة: جميع ملائكتي و.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 270

يتبحبحون «1»، أ فتحب أن تسمع كلامهم؟ قال: نعم، يا رب. قال: قم بين يدي، و اشدد مئزرك، قيام العبد الЙęʙĠبين يدي السيد الجليل. ففعل ذلك، فنادى ربنا عز و جل: يا امة محمد. فأجابوه كلهم و هم في أصلاب آبائهم و أرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة و الملك لك، لا شريك لك لبيك- قال- فجعل تلك الإجابة منهم شعار الحج.

ثم نادى ربنا عز و جل: يا امة محمد، إن قضائي عليكم: أن رحمتي سبقت غضبي، و عفوي قبل عقابي، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني و أعطيتكم من قبل أن تسألوني، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، صادق في أقواله، محق في أفعاله، و أن علي بن أبي طالب أخوه و وصيه من بعده، و وليه، و يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، و أن أولياءه «2» المصطفين، الأخيار، المطهرين، الميامين، المبلغين بعجائب آيات الله، و دلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه، أدخلته جنتي و إن كانت ذنوبه مثل زبد البحر».

قال: «فلما بعث الله عز و جل نبينا محمد (صلى الله عليه و آله)، قال: يا محمد، و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة. ثم قال عز و جل نبينا لمحمد (صلى الله عليه و آله): قل: الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الكرامة و الفضيلة. و قال لامته: و قولوا أنتم: الحمد لله

رب العالمين على ما اختصنا به من هذا الفضل».

8135/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ «3» يا محمد إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ «4» أي أعلمناه وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا يعني موسى (عليه السلام).

قوله: وَ لكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ» «5»، أي طالت أعمارهم فعصوا. و قوله: وَ ما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ «6»، أي باقيا. و قوله: سِحْرانِ تَظاهَرا «7»، قال: موسى و هارون.

سورة القصص(28): آية 50 ..... ص : 270

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ [50]

8136/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ، قال: «يعني من اتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 141.

1- الكافي 1: 306/ 1.

(1) التّبحبح: التمكّن في الحلول و المقام. «الصحاح- بحح- 1: 354».

(2) في نسخة من «ط»: ذرّيّته.

(3، 4) القصص 28: 44.

(5، 6) القصص 28: 35.

(7) القصص 28: 48، قال الطبرسي: قرأ أهل الكوفة: سحران، بغير ألف، و الباقون: ساحران، بالألف. مجمع البيان 7: 399. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 271

و رواه محمد بن إبراهيم النعماني في (الغيبة): عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، مثله «1».

8137/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى

بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ: «يعني من يتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى».

8138/ [2]- و

عنه: عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ: «يعني اتخذ دينه هواه، بغير هدى من أئمة الهدى».

8139/ [3]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ، قال: «هو من يتخذ دينه برأيه، بغير إمام من الله من أئمة الهدى (صلوات الله عليهم)».

سورة القصص(28): آية 51 ..... ص : 271

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [51]

8140/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن جندب، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قال: «إمام بعد إمام».

8141/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن أحمد بن محمد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قال: «إمام بعد إمام».

8142/ [6]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، و أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 33/ 7.

2- بصائر الدرجات: 33/

5.

3- ... تأويل الآيات 1: 420/ 13.

4- الكافي 1: 343/ 18.

5- تفسير القمّي 2: 141.

6- مختصر بصائر الدرجات: 64.

(1) الغيبة: 130/ 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 272

سعيد، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، قال: «في إمام بعد إمام».

8143/ [4]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، قال: قال الصادق (عليه السلام): وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، قال: «إمام بعد إمام».

8144/ [5]- ابن شهر آشوب: عن عبد الله بن جندب، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالى: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، قال: «إمام بعد «1» إمام».

8145/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قال: «إمام بعد إمام».

سورة القصص(28): الآيات 52 الي 55 ..... ص : 272

قوله تعالى:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ- إلى قوله تعالى- وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [52- 55]

8146/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا. قال: «و ما ذاك؟» قلت: قول الله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إلى قوله: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا.

قال: فقال: «قد آتاكم الله كما آتاهم- ثم تلا-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ

لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ «2» يعني إماما تأتمون به».

8147/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، و غيره، عن أبي

__________________________________________________

4- الأمالي 1: 300.

5- المناقب 3: 96.

6- تأويل الآيات 1: 420/ 14.

1- الكافي 1: 150/ 3.

2- الكافي 2: 172/ 1.

(1) في «ج» و المصدر: إلى.

(2) الحديد 57: 28. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 273

عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا، قال: «بما صبروا على التقية». وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ، قال: «الحسنة: التقية، و السيئة: الإذاعة».

8148/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن كولوم، عن أبي سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه، و الزكاة عن يساره، و البر مطل عليه، و يتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة و الزكاة: دونكما صاحبكما، فإن عجزتما عنه فأنا دونه».

أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثل رواية هشام بن سالم المتقدمة «1».

8149/ [4]- الطبرسي- في معنى الآية- قال:

معناه: يدفعون بالمداراة مع الناس أذاهم عن أنفسهم، قال:

و روي مثل ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

8150/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا، قال:

الأئمة (عليهم السلام).

8151/ [6]- و

قال الصادق (عليه السلام): «نحن صبر «2»، و شيعتنا أصبر منا، و ذلك أنا صبرنا على ما نعلم، و هم صبروا على ما لا يعلمون».

8152/ [7]- ثم

قال علي بن

إبراهيم: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نحن صبر، و شيعتنا أصبر منا، لأن صبرنا بعلم، و صبروا بما لا يعلمون».

8153/ [8]- قال: قوله: وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ، قال: اللغو: الكذب، و اللهو: الغناء. و هم الأئمة (عليهم السلام)، يعرضون عن ذلك كله.

__________________________________________________

3- الكافي 3: 240/ 13.

4- مجمع البيان 7: 404.

5- تفسير القمّي 2: 141.

6- تفسير القمّي 2: 141.

7- تفسير القمّي 1: 365.

8- تفسير القمّي 2: 142.

(1) المحاسن: 257/ 296.

(2) في المصدر: صبرنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 274

سورة القصص(28): آية 56 ..... ص : 274

قوله تعالى:

إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [56]

8154/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في أبي طالب (عليه السلام)، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يقول: «يا عم، قل: لا إله إلا الله، أنفعك بها يوم القيامة». فيقول: يا ابن أخي، أنا أعلم بنفسي. فلما مات، شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه تكلم بها عند الموت، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، «أما أنا فلم أسمعها منه، و أرجو أن تنفعه يوم القيامة».

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لو قمت المقام المحمود، لشفعت في أبي، و امي، و عمي، و أخ كان لي مؤاخيا في الجاهلية» «1».

8155/ [2]- العياشي: عن الزهري، قال: أتى رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن شي ء، فلم يجبه، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك، فإنك من أبناء عبدة الأصنام. فقال له:

«كذبت، إن الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكة، ففعل، فقال إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «2»، فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما قط، و لكن العرب عبدت الأصنام، و قالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فكفرت و لم تعبد الأصنام».

8156/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، في حديث عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، في حديث طلحة و معاوية، قال الحسن (عليه السلام): «أما القرابة فقد نفعت المشرك، و هي و الله للمؤمن أنفع، قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة. و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول له و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا، أعني أبا طالب، يقول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 142.

2- تفسير العيّاشي 2: 230/ 31.

3- الأمالي 2: 174.

(1) لقد ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السّلام) على إيمان أبي طالب و أنّه مات مسلما، و تظاهرت الروايات بذلك عنهم (عليهم السّلام)، و قد نقل في كتب السير و المغازي كثير من أشعاره الدالّة على توحيده، و إيمانه برسالة الإسلام، و تصديقه لرسول

اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و لأبي طالب مواقف مشهودة سجّلها التاريخ، تنبئ عن ملازمته لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) خلال صدر الدعوة، و منابذة أعدائه و مجاهرتهم، فضلا عن أنّ هذه الآية نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف. انظر: مجمع البيان 4: 444، 7: 406، بحار الأنوار 35: 152.

(2) إبراهيم 14: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 275

وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «1»».

8157/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: أخبرنا أبو محمد «2»، عن محمد بن همام، قال:

حدثنا علي «3» بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن علي (صلوات الله عليهم)، أنه كان ذات يوم جالسا بالرحبة، و الناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله عز و جل به، و أبوك يعذب بالنار! فقال له (عليه السلام): «مه، فض الله فاك، و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم، أبي يعذب بالنار، و أنا قسيم النار؟!».

ثم قال: «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه و آله)، و نوري، و نور فاطمة، و نوري الحسن و الحسين، و من ولده

«4» من الأئمة، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز و جل من قبل خلق آدم بألفي عام».

8158/ [5]- و

عن ابن عباس، عن أبيه، قال: قال أبو طالب للنبي (عليه السلام): يا ابن أخي، أرسلك الله؟ قال: «نعم» قال: فأرني آية. قال: «ادع لي تلك الشجرة» فدعاها، فأتت حتى سجدت بين يديه، ثم انصرفت، فقال أبو طالب:

أشهد أنك صادق. يا علي، صل جناح ابن عمك.

8159/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسروا الإيمان، و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين».

8160/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد الأزدي، عن إسحاق بن جعفر، عن أبيه (عليه السلام)، قال: قيل له: إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافرا؟ فقال: «كذبوا، كيف يكون كافرا و هو يقول:

أ لم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في أول الكتب»؟

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 312. [.....]

5- .... أمالي الصدوق: 491/ 10.

6- الكافي 1: 373/ 28، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14: 70.

7- الكافي 2: 373/ 29.

(1) النساء 4: 18.

(2) هو هارون بن موسى التلّعكبري، راجع رجال النجاشي: 380/ 1032، و فهرست الطوسي 7: 9.

(3) في المصدر: محمّد بن علي.

(4) في المصدر: ولدته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 276

و

في حديث آخر: «كيف يكون أبو طالب كافرا و هو يقول:

لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا، و لا يعنى بقيل الأباطيل

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال «1» اليتامى عصمة للأرامل»؟

8161/ [8]- و

عنه: عن علي بن

محمد بن عبد الله و محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الله، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أبا طالب أسلم بحساب الجمل «2»- قال- بكل لسان».

8162/ [9]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن أبيهما، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أسلم أبو طالب بحساب الجمل، و عقد بيده ثلاثة و ستين».

8163/ [10]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بينا النبي (صلى الله عليه و آله) في المسجد الحرام، و عليه ثياب له جدد، فألقى المشركون عليه سلى «3» ناقة، فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء الله، فذهب إلى أبي طالب، فقال له: يا عم، كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: و ما ذلك، يا ابن أخي؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب حمزة، و أخذ السيف، و قال لحمزة: خذ السلى، ثم توجه إلى القوم و النبي (صلى الله عليه و آله) معه، فأتى قريشا و هم حول الكعبة، فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه، ثم قال لحمزة: أمر السلى على سبالهم «4». ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم. ثم التفت أبو طالب (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا ابن أخي، هذا حسبك فينا».

8164/ [11]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما توفي أبو طالب (عليه السلام)

نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، اخرج من مكة، فليس لك بها ناصر. و ثارت قريش بالنبي (صلى الله عليه و آله)، فخرج هاربا، حتى أتى إلى جبل بمكة يقال له الحجون، فصار إليه».

8165/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب و علي بن عبد الله الوراق، و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن

__________________________________________________

8- الكافي 1: 374/ 32.

9- الكافي 1: 374/ 33.

10- الكافي 2: 373/ 30.

11- الكافي 1: 373/ 31.

12- معاني الأخبار: 285/ 1.

(1) الثمال: الغياث، و الذي يقوم بأمر قومه. «مجمع البحرين- ثمل- 5: 332».

(2) سيأتي تفسيرها في الحديث (13) من تفسير هذه الآية. [.....]

(3) السّلى: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد، يكون ذلك للناس و الخيل و الإبل. «لسان العرب- سلا- 14: 396».

(4) السّبلة: الشارب. «الصحاح- سبل- 5: 1724».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 277

محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أسلم أبو طالب (عليه السلام) بحساب الجمل، و عقد بيده ثلاثة و ستين».

ثم قال (عليه السلام): «إن مثل أبي طالب (عليه السلام) مثل أصحاب الكهف، أسروا الإيمان، و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين».

8166/ [13]- و

عنه: قال: حدثنا أبو الفرج محمد بن المظفر بن نفيس المصري الفقيه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الداودي، عن أبيه، قال: كنت عند أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) إذ سأله رجل: ما معنى قول العباس للنبي (صلى الله عليه و آله): إن عمك أبو طالب قد أسلم بحساب

الجمل، و عقد بيده ثلاثة و ستين؟ فقال:

عنى بذلك: إله أحد جواد.

و تفسير ذلك: إن الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الهاء خمسة، و الألف واحد، و الحاء ثمانية، و الدال أربعة، و الجيم ثلاثة، و الواو ستة، و الألف واحد، و الدال أربعة. فذلك ثلاثة و ستون.

8167/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب ابن نوح، عن العباس بن عامر، عن علي بن أبي سارة، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أبا طالب أظهر الكفر و أسر الإيمان، فلما حضرته الوفاة أوحى الله عز و جل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله): اخرج منها فليس لك بها ناصر، فهاجر إلى المدينة».

8168/ [15]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد الصائغ، قال: حدثنا محمد بن أيوب، عن صالح بن أسباط، عن إسماعيل بن محمد، و علي بن عبد الله، عن الربيع بن محمد المسلي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «و الله ما عبد أبي، و لا جدي عبد المطلب، و لا هاشم، و لا عبد مناف، صنما قط».

قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: «كانوا يصلون إلى البيت، على دين إبراهيم (عليه السلام)، متمسكين به».

8169/ [16]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي القيسي، قال: حدثني درست بن أبي منصور: أنه سأل أبا الحسن الأول (عليه السلام):

أ كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) محجوجا بأبي طالب؟ فقال: «لا، و

لكنه كان مستودعا للوصايا، فدفعها إليه (صلى الله عليه و آله)».

قال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه كان محجوجا به؟ فقال: «لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية».

قال: فقلت: فما كان حال أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: «أقر بالنبي و بما جاء به، و دفع إليه الوصايا، و مات من

__________________________________________________

13- معاني الأخبار: 286/ 2.

14- كمال الدين و تمام النعمة: 174/ 31، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14: 70 نحوه.

15- كمال الدين و تمام النعمة: 174/ 32.

16- الكافي 1: 370/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 278

يومه».

8170/ [17]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن محمد بن يحيى الفارسي، عن أبي حنيفة محمد بن يحيى، عن الوليد بن أبان، عن محمد بن عبد الله بن مسكان، عن أبيه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال أبو طالب: اصبري سبتا أبشرك بمثله إلا النبوة».

و قال: «السبت ثلاثون سنة، و كان بين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة».

8171/ [18]- و ذكر ابن بابويه في كتاب (التوحيد) من شعر أبي طالب قوله:

أنت الأمين محمد قرم أغر مسود

لمسودين أطائب كرموا و طاب المولد

أنت السعيد من السعو د تكنفتك الأسعد

من بعد «1» آدم لم يزل فينا وصي مرشد

فلقد عرفتك صادقا بالقول لا تتفند

ما زلت تنطق بالصواب و أنت طفل أمرد

قال ابن بابويه: و لأبي طالب في رسول الله (صلى الله عليه و آله) مثل ذلك في قصيدته اللامية، حيث يقول:

و ما مثله في الناس سيد معشر إذا قايسوه عند وقت التحاصل «2»

فأيده رب العباد بنوره

و أظهر دينا حقه غير زائل

و منها:

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل

يطيف به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل

و ميزان صدق لا يخيس «3» شعيرة و ميزان عدل وزنه غير عائل «4»

8172/ [19]- الطبرسي في (مجمع البيان) قال: ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على إيمان أبي طالب (عليه السلام)، و إجماعهم حجة، لأنهم أحد الثقلين اللذين أمر النبي (صلى الله عليه و آله) بالتمسك بهما، بقوله (صلى الله عليه و آله): «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا».

__________________________________________________

17- الكافي 1: 376/ 1.

18- التوحيد: 158/ 4.

19- مجمع البيان 4: 444.

(1) في «ج» و المصدر: من لدن.

(2) في «ج، ي، ط»: التهاصل.

(3) خاس به: غدر به. «الصحاح- خيس- 3: 926».

(4) عال الميزان: جاز. «لسان العرب- عيل- 11: 489».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 279

ذكره الطبرسي في قوله تعالى: وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ «1»، و ذكر من أشعار أبي طالب ما يدل على إيمانه، لم نذكر منها هنا شيئا مخافة الإطالة.

8173/ [20]- ابن طاوس، في (طرائفه): قال: و من عجيب ما بلغت إليه العصبية على أبي طالب من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) أنهم زعموا أن المراد من قوله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ أبو طالب (عليه السلام)! و قد ذكر أبو المجد بن رشادة الواعظ الواسطي في مصنفه (كتاب أسباب نزول القرآن) ما هذا لفظه، قال: قال الحسن بن مفضل، في قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ كيف يقال أنها نزلت في أبي طالب، و هذه السورة من آخر ما نزل من القرآن في المدينة، و مات أبو طالب

في عنفوان الإسلام و النبي (صلى الله عليه و آله) بمكة؟! و إنما نزلت هذه الآية في الحارث بن النعمان بن عبد مناف «2»، و كان النبي (صلى الله عليه و آله)، يحبه، و يحب إسلامه، فقال يوما للنبي (صلى الله عليه و آله): إنا لنعلم أنك على الحق، و أن الذي جئت به حق، و لكن يمنعنا من اتباعك أن العرب تتخطفنا من أرضنا، لكثرتهم و قلتنا، و لا طاقة لنا بهم، فنزلت الآية، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) يؤثر إسلامه لميله إليه.

8174/ [21]- و قال ابن طاوس أيضا: و كيف استجاز أحد من المسلمين العارفين مع هذه الروايات، و مضمون الأبيات «3» أن ينكروا إيمان أبي طالب (عليه السلام)؟ و قد تقدمت رواياتهم بوصية أبي طالب (عليه السلام) أيضا لولده علي (عليه السلام) بملازمة محمد (صلى الله عليه و آله)، و قوله: إنه لا يدعو إلا إلى خير. و

قول نبيهم: «جزاك الله خيرا، يا عم».

و

قوله (صلى الله عليه و آله): «لو كان حيا قرت عيناه».

و لو لم يعلم نبيهم أن أبا طالب مات مؤمنا ما دعا له، و لا كانت تقر عينه بنبيهم (صلى الله عليه و آله) «4»، و لو لم يكن إلا شهادة عترة نبيهم له بالإيمان لوجب تصديقهم، لما شهد نبيهم أنهم لا يفارقون كتاب الله، و لا ريب أن العترة أعرف بباطن أبي طالب من الأجانب، و شيعة أهل البيت (عليهم السلام) مجمعون على ذلك، و لهم فيه مصنفات.

8175/ [22]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، قال: سمعت

أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اجعلوا أمركم لله، و لا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله، و ما كان للناس فلا يصعد إلى الله، و لا تخاصموا الناس لدينكم، فإن المخاصمة ممرضة

__________________________________________________

20- الطرائف: 306. [.....]

21- الطرائف: 306.

22- التوحيد: 414/ 13.

(1) الأنعام 6: 26.

(2) في مجمع البيان 7: 406: الحارث بن نوفل بن عبد مناف.

(3) في «ط، ي»: الآيات.

(4) في المصدر: و لا كان يقرّ نبيّهم عينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 280

للقلب، إن الله عز و جل قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ، و قال:

أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ «1».

ذروا الناس، فإن الناس أخذوا عن الناس، و أنتم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إني سمعت أبي (عليه السلام) يقول: إن الله عز و جل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره».

سورة القصص(28): الآيات 57 الي 61 ..... ص : 280

قوله تعالى:

وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا- إلى قوله تعالى- أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ [57- 61] 8176/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا قال: نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الإسلام و الهجرة، و قالوا: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا. فقال الله عز و جل: أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْ ءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

و قوله: وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها أي كفرت فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ

مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا.

8177/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن هشام بن علي، عن إسماعيل بن علي المعلم، عن بدل بن المحبر، عن شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهد، قال: قوله عز و جل: أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ، نزلت في علي و حمزة (عليهما السلام).

8178/ [3]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ، قال: «الموعود: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا، و وعده الجنة له و لأوليائه في الآخرة».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 142.

2- تأويل الآيات 1: 422/ 17، تفسير الطبري 20: 62، شواهد التنزيل 1: 436/ 599 و 437/ 600، فرائد السمطين 1: 364/ 291، ذخائر العقبى:

88، الرياض النضرة 3: 179.

3- .... تأويل الآيات 1: 422/ 18.

(1) يونس 10: 99.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 281

سورة القصص(28): الآيات 62 الي 64 ..... ص : 281

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ- إلى قوله تعالى- لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ [62- 64] 8179/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ يعني الذين قلتم هم شركاء لله، قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ يعني ما عبدوا، و هي عبادة الطاعة، وَ قِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ الذين كنتم تدعونهم شركاء، فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَ رَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ.

سورة القصص(28): آية 65 ..... ص : 281

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [65]

8180/ [2]- علي بن إبراهيم: إن العامة رووا أن ذلك في القيامة. و أما الخاصة، فإنه حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن العبد إذا دخل قبره جاءه منكر، و فزع منه، يسأل عن النبي (صلى الله عليه و آله)، فيقول له: ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟ فإن كان مؤمنا، قال: أشهد أنه رسول الله، جاء بالحق. فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها، و يتنحى عنه الشيطان، و يفسح له في قبره سبعة أذرع، و يرى مكانه في الجنة».

قال: «و إذا كان كافرا، قال: ما أدري. فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله إلا الإنسان، و يسلط عليه الشيطان، و له عينان من نحاس، أو نار، يلمعان كالبرق الخاطف، فيقول له: أنا أخوك، و تسلط عليه الحيات و العقارب، و يظلم عليه قبره، ثم يضغطه ضغطة تختلف أضلاعه عليه» ثم قال بأصابعه «1»، فشرجها «2».

سورة القصص(28): الآيات 68 الي 69 ..... ص : 281

قوله تعالى:

وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ- إلى قوله تعالى- وَ رَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ ما يُعْلِنُونَ [68- 69]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 143.

2- تفسير القمّي 2: 143.

(1) أي أشار بها.

(2) شرّجها: داخل بينها. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 282

8181/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ، قال: يختار الله الإمام، و ليس لهم أن يختاروا.

ثم قال: وَ رَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ ما يُعْلِنُونَ، قال: ما عزموا عليه من الاختيار، و أخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) قبل

ذلك.

8182/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله)، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة، و كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي (عليه السلام)، فأعلمته في خوض الناس فيه، فتبسم (عليه السلام)، ثم قال: «يا عبد العزيز، جهل القوم، و خدعوا عن أديانهم «1»، إن الله عز و جل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى أكمل له الدين، و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شي ء، بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، و قال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «2» و أنزل فيه ما أنزل في حجة الوداع- و هي آخر عمره (صلى الله عليه و آله)-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «3»، و أمر الإمامة من تمام الدين، و لم يمض رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى بين لامته معالم دينهم، و أوضح لهم سبيلهم، و تركهم على قصد سبيل الحق، و أقام لهم عليا (عليه السلام) علما و إماما، و ما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، و من رد كتاب الله فهو كافر به.

هل يعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة، فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الإمامة أجل قدرا، و أعظم شأنا، و أعلى مكانا، و أمنع جانبا، و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها

بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم.

إن الإمامة خص الله عز و جل بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة، و فضيلة شرفه بها، و أشاد بها ذكره، فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً «4»، فقال الخليل (عليه السلام)، سرورا بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي «5» قال الله تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «6»، فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة، و صارت في الصفوة، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة و الطهارة، فقال: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 143.

2- الكافي 1: 154/ 1.

(1) في «ي» و نسخة من «ط»: رأيهم.

(2) الأنعام 6: 38.

(3) المائدة 5: 3.

(4) البقرة 2: 124.

(5) البقرة 2: 124.

(6) البقرة 2: 124.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 283

الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ «1»، فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض، قرنا فقرنا، حتى ورثها الله عز و جل النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال جل و تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ «2»، فكانت له خاصة، فقلدها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز و جل، على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأوصياء «3» الذين آتاهم الله العلم و الإيمان بقوله جل و علا: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ «4»، فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى

يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)، فمن أين يختار هؤلاء الجهال؟

إن الإمامة هي منزلة الأنبياء، و إرث الأوصياء، إن الإمامة خلافة الله، و خلافة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ميراث الحسن و الحسين (عليهما السلام)، إن الإمامة زمام الدين، و نظام المسلمين، و صلاح الدنيا، و عز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي، و فرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة، و الزكاة، و الصيام، و الحج، و الجهاد، و توفير الفي ء و الصدقات، و إمضاء الحدود و الأحكام، و منع الثغور و الأطراف.

الإمام يحل حلال الله، و يحرم حرام الله، و يقيم حدود الله، و يذب عن دين الله، و يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجة البالغة الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم، و هي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار الإمام البدر المنير، و السراج الزاهر، و النور الساطع، و النجم الهادي في غياهب الدجى، و أجواز «5» البلدان و القفار، و لجج البحار الإمام الماء العذب على الظمأ، و الدال على الهدى، المنجي من الردى.

الإمام النار على اليفاع «6»، الحار لمن اصطلى به، و الدليل في المهالك، من فارقه فهالك الإمام السحاب الماطر، و الغيث الهاطل، و الشمس المضيئة، و السماء الظليلة، و الأرض البسيطة، و العين الغزيرة، و الغدير و الروضة الإمام الأنيس الرفيق، و الوالد الشفيق، و الأخ الشقيق، و الام البرة بالولد الصغير، و مفزع العباد في الداهية النآد «7».

الإمام أمين الله في خلقه، و حجته على عباده، و خليفته في بلاده، و الداعي إلى الله، و الذاب عن حرم

الله الإمام المطهر من الذنوب، المبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم نظام الدين، و عز المسلمين، و غيظ المنافقين، و بوار الكافرين الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، و لا يعادله عالم، و لا يوجد منه بدل، و لا له مثل، و لا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له و لا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب.

__________________________________________________

(1) الأنبياء 21: 72 و 73.

(2) آل عمران 3: 68.

(3) في المصدر: الأصفياء.

(4) الروم 30: 56.

(5) أجواز: جمع جوز، و هو من كلّ شي ء وسطه. «الصحاح- جوز- 3: 871».

(6) اليفاع: ما ارتفع من الأرض. «مجمع البحرين- يفع- 4: 412». [.....]

(7) النّآد: الدّاهية. «لسان العرب- نأد- 3: 413».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 284

فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام، أو يمكنه اختياره؟ هيهات هيهات ضلت العقول، و تاهت الحلوم، و حارت الألباب، و حسرت «1» العيون، و تصاغرت العظماء، و تحيرت الحكماء، و تقاصرت الحلماء، و حصرت الخطباء، و جهلت الألباء، و كلت الشعراء، و عجزت الأدباء، و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، و أقرت بالعجز و التقصير.

و كيف يوصف بكله، أو ينعت بكنهه أو يفهم شي ء من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه، لا، كيف، و أنى؟ و هو بحيث النجم من يد المتناولين، و وصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا، و أين العقول عن هذا، و أين يوجد مثل هذا؟

أ تظنون أن ذلك يوجد في غير آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟ كذبتهم و الله أنفسهم، و منتهم الأباطيل، فارتقوا مرتقى صعبا دحضا «2»، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة

بائرة ناقصة، و آراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعدا، قاتلهم الله أنى يؤفكون و لقد راموا صعبا، و قالوا إفكا، و ضلوا ضلالا بعيدا، و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة، و زين لهم الشيطان أعمالهم، فصدهم عن السبيل، و كانوا مستبصرين، و رغبوا عن اختيار الله، و اختيار رسوله «3» إلى اختيارهم، و القرآن يناديهم: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ، و قال عز و جل: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ «4»، و قال: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ «5»، و قال عز و جل: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «6»، أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون؟ أم قالوا: سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ «7» أم قالوا: سَمِعْنا وَ عَصَيْنا «8» بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم.

فكيف لهم باختيار الإمام، و الإمام عالم لا يجهل، و راع لا ينكل، معدن القدس و الطهارة، و النسك و الزهادة، و العلم و العبادة، مخصوص بدعوة الرسول (صلى الله عليه و آله)، و نسل الطاهرة «9» البتول، لا يغمز «10» فيه

في نسب، و لا

__________________________________________________

(1) في المصدر: خسئت.

(2) الدّحض: الزّلق. «لسان العرب- دحض- 7: 148».

(3) في المصدر: رسول اللّه و أهل بيته.

(4) الأحزاب 33: 36.

(5) القلم 68: 36- 41.

(6) محمّد 47: 24.

(7) الأنفال 8: 21- 23.

(8) البقرة 2: 93.

(9) في المصدر: المطهّرة.

(10) في المصدر: مغمز.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 285

يدانيه ذو حسب، في النسب «1» من قريش، و الذروة من هاشم، و العترة من الرسول (صلى الله عليه و آله)، و الرضا من الله عز و جل، أشرف الأشراف، و الفرع من بني عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر الله عز و جل، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله؟

إن الأنبياء و الأئمة (صلوات الله عليهم) يوفقهم الله و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، ليكون «2» علمهم فوق علم أهل زمانهم، في قوله تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «3»، و قوله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً «4»، و قوله في طالوت: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «5»، و قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

«6»، و قال في الأئمة من أهل بيت نبيه و عترته و ذريته (صلوات الله عليهم): أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً

عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «7».

و إن العبد إذا اختاره الله عز و جل لأمور عباده شرح صدره لذلك، و أودع قلبه ينابيع الحكمة، و ألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، و لا يحيد فيه عن صواب، فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن الخطأ «8» و الزلل و العثار، و يخصمه الله بذلك ليكون حجته على عباده، و شاهده على خلقه، و ذلك: فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ «9».

فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه، أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه؟ تعدوا- و بيت الله- الحق، و نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، و في كتاب الله الهدى و الشفاء، فنبذوه و اتبعوا أهواءهم، فذمهم الله، و مقتهم، و أتعسهم، فقال جل و تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «10»، و قال: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ «11»، و قال:

__________________________________________________

(1) في المصدر: في البيت.

(2) في المصدر: فيكون.

(3) يونس 10: 35. [.....]

(4) البقرة 2: 269.

(5) البقرة 2: 247.

(6) النساء 4: 113.

(7) النساء 4: 54 و 55.

(8) في المصدر: الخطايا.

(9) الحديد 57: 21.

(10) القصص 28: 50.

(11) محمد (صلى الله عليه و آله) 47: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 286

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ «1»، و صلى الله على محمد النبي و اله و سلم تسليما كثيرا».

و روى هذا الحديث محمد بن علي بن بابويه، في كتاب (معاني الأخبار)، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق

الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة و ساق الحديث بعينه «2».

8183/ [3]- ابن شهر آشوب: عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن حماد بن سلمة، عن أنس، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إن الله خلق آدم من طين كيف شاء، ثم قال: وَ يَخْتارُ. إن الله تعالى اختارني و أهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا «3»، فجعلني الرسول، و جعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال: ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا، و لكني أختار من أشاء. فأنا و أهل بيتي صفوة الله، و خيرته من خلقه، ثم قال: سُبْحانَ اللَّهِ، يعني تنزيها لله عَمَّا يُشْرِكُونَ به كفار مكة».

8184/ [4]- و

من طريق المخالفين: ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من التفاسير الاثني عشر- و هو من مشايخ أهل السنة- في تفسير قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، يرفعه إلى أنس بن مالك، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن هذه الآية، فقال: «إن الله خلق آدم من الطين كيف يشاء و يختار، و إن الله تعالى اختارني و أهل بيتي على جميع الخلق، فانتجبنا، فجعلني الرسول، و جعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال: ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، يعني ما جعلت للعباد

أن يختاروا، و لكني أختار من أشاء فأنا و أهل بيتي صفوته، و خيرته من خلقه، ثم قال: سُبْحانَ اللَّهِ يعني تنزها لله عما يشركون به كفار مكة، ثم قال: وَ رَبُّكَ يعني يا محمد يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ من بغض المنافقين لك، و لأهل بيتك وَ ما يُعْلِنُونَ بألسنتهم من الحب لك، و لأهل بيتك».

سورة القصص(28): الآيات 75 الي 78 ..... ص : 286

قوله تعالى:

وَ نَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً- إلى قوله تعالى- وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [75- 78]

__________________________________________________

3- المناقب 1: 256.

4- ... الطرائف: 97/ 136.

(1) غافر 40: 35.

(2) معاني الآخبار: 96/ 2.

(3) المنتجب: المختار من كلّ شي ء. «لسان العرب- نجب- 1: 748».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 287

8185/ [1]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ نَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً يقول: «من كل فرقة من هذه الامة إمامها فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ».

8186/ [2]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَ آتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ و العصبة: ما بين العشرة إلى تسعة عشر. قال: كان يحمل مفاتح خزائنه العصبة اولوا القوة، فقال قارون كما حكى الله: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي يعني ماله، و كان يعمل الكيمياء، فقال الله: أَ وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَ أَكْثَرُ جَمْعاً وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. أي لا يسأل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء.

8187/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله

بن سعيد العسكري، قال: حدثنا محمد بن أحمد القشيري، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا، قال: «لا تنس صحتك و قوتك و فراغك و شبابك و نشاطك أن تطلب بها الآخرة»

سورة القصص(28): الآيات 79 الي 82 ..... ص : 287

قوله تعالى:

فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ- إلى قوله تعالى- وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [79- 82] 8188/ [4]- علي بن إبراهيم: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ، قال: في الثياب المصبغات يجرها في الأرض، قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. فقال لهم الخلص من أصحاب موسى: وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ وَ أَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ.

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 143. [.....]

2- تفسير القمي 2: 143.

3- أمالي الصدوق: 189/ 10.

4- تفسير القمي 2: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 288

قال: هي لفظة سريانية. يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ.

و كان سبب هلاك قارون: أنه لما أخرج موسى بني إسرائيل من مصر، و أنزلهم البادية، و أنزل الله عليهم المن و السلوى، و انفجر لهم من الحجر اثنتا عشرة عينا، بطروا، و قالوا: لَنْ نَصْبِرَ

عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها «1». قال لهم موسى: أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ «2». فقالوا كما حكى الله: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها «3». ثم قالوا لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «4». ففرض الله عليهم دخولها، و حرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فكانوا يقومون من أول الليل، و يأخذون في قراءة التوراة و الدعاء و البكاء، و كان قارون منهم، و كان يقرأ التوراة، و لم يكن فيهم أحسن صوتا منه، و كان يسمى (المنون) لحسن قراءته، و قد كان يعمل الكيمياء.

فلما طال الأمر على بني إسرائيل في التيه و التوبة، و كان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة، و كان موسى يحبه، فدخل عليه موسى، فقال له: «يا قارون، قومك في التوبة و أنت قاعد عنها؟! ادخل معهم، و إلا أنزل الله بك العذاب» فاستهان به، و استهزأ بقوله، فخرج موسى من عنده مغتما، فجلس في فناء قصره، و عليه جبة من شعر، و نعلان من جلد حمار، شراكهما من خيوط شعر، بيده العصا، فأمر قارون أن يصب عليه رماد قد خلط بالماء، فصب عليه، فغضب موسى غضبا شديدا. و كان في كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت من ثيابه و قطر منها الدم، فقال موسى: «يا رب، إن لم تغضب لي فلست لك بنبي» فأوحى الله إليه: «قد أمرت الأرض أن تطيعك، فمرها بما شئت».

و قد كان قارون قد أمر أن يغلق باب

القصر، فأقبل موسى، فأومأ إلى الأبواب فانفرجت، فدخل عليه، فلما نظر إليه قارون علم أنه قد اوتي بالعذاب، فقال: يا موسى، أسألك بالرحم الذي بيني و بينك. فقال له موسى: «يا ابن لاوي، لا تزدني من كلامك، يا أرض خذيه». فدخل القصر بما فيه في الأرض، و دخل قارون في الأرض إلى ركبتيه فبكى، و حلفه بالرحم، فقال له موسى: «يا ابن لاوي، لا تزدني من كلامك، يا أرض خذيه». فابتلعته بقصره و خزائنه.

و هذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله، فعيره الله بما قال لقارون، فعلم موسى أن الله قد عيره بذلك، فقال: «يا رب، إن قارون قد دعاني بغيرك، و لو دعاني بك لأجبته». فقال الله: «ما قلت: يا بن لاوي، لا تزدني من كلامك؟». فقال موسى: «يا رب، لو علمت أن ذلك لك رضا لأجبته».

فقال الله: «يا موسى، و عزتي و جلالي، و جودي و مجدي، و علو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لأجبته، و لكنه لما دعاك وكلته إليك. يا بن عمران، لا تجزع من الموت، فإني كتبت الموت على كل نفس، و قد

__________________________________________________

(1، 2) البقرة 2: 61.

(3) المائدة 5: 22.

(4) المائدة 5: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 289

مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك».

فخرج موسى إلى جبل طور سيناء مع وصيه، و صعد موسى (عليه السلام) الجبل، فنظر إلى رجل قد أقبل و معه مكتل «1» و مسحاة، فقال له موسى: «ما تريد؟». قال: إن رجلا من أولياء الله قد توفي، فأنا أحفر له قبرا. فقال له موسى: «ألا أعينك عليه؟» فقال: بلى. قال: فحفر القبر، فلما فرغا أراد الرجل أن ينزل إلى القبر،

فقال له موسى: «ما تريد؟» قال: أدخل القبر فأنظر كيف مضجعه؟ فقال له موسى: «أنا أكفيك» فدخل موسى (عليه السلام)، فاضطجع فيه، فقبض ملك الموت روحه، و انضم عليه الجبل.

8189/ [2]- الطبرسي، قال: قارون كان من بني إسرائيل، ثم من سبط موسى، و هو ابن خالته، عن عطاء، عن ابن عباس. قال: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة القصص(28): آية 83 ..... ص : 289

قوله تعالى:

تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [83]

8190/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص، ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة، إذا اضطررت إليها أكلت منها. يا حفص، إن الله تبارك و تعالى علم ما العباد عاملون، و إلى ما هم صائرون، فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت» ثم تلا قوله: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ الآية، و جعل يبكي و يقول: «ذهبت و الله الأماني عند هذه الآية».

ثم قال: «فاز و الله الأبرار، أ تدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذر «2»، كفى بخشية الله علما، و كفى بالاغترار جهلا. يا حفص، إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلم و علم، و عمل بما علم، دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، و عمل لله، و علم لله».

قلت: جعلت فداك، ما حد الزهد في الدنيا؟ قال: «قد حد الله في كتابه، فقال عز و جل: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا

بِما آتاكُمْ «3»، إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله، و أخوفهم له أعلمهم به، و أعلمهم به

__________________________________________________

2- مجمع البيان 7: 415.

1- تفسير القمّي 2: 146.

(1) المتكل: الزّبيل الكبير. «النهاية 4: 150».

(2) الذّرّ: جمع ذرّة، و هي أصغر النمل. «الصحاح- ذرر- 2: 663».

(3) الحديد 57: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 290

أزهدهم فيها».

فقال له رجل: يا ابن رسول الله، أوصني. فقال: «اتق الله حيث كنت، فإنك لا تستوحش».

8191/ [2]- و

قال أبو عبد الله (عليه السلام) أيضا، في قوله: عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً، قال: «العلو: الشرف، و الفساد: البناء» «1».

8192/ [3]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنا عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان، فقال: «لا تقولوا هذا رمضان، و لا جاء رمضان، و ذهب رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله، لا يجي ء و لا يذهب، و إنما يجي ء و يذهب الزائل، و لكن قولوا: شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الاسم، و الاسم اسم الله، و هو الشهر الذي انزل فيه القرآن، جعله الله مثلا وعيدا «2».

ألا و من خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله- و نحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن، و الحصن هو الإمام- فيكبر عند رؤيته، كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع، و الأرضين السبع، و ما فيهن، و ما بينهن و ما تحتهن».

قلت: يا أبا جعفر، و ما الميزان؟ فقال: «إنك قد ازددت قوة و نظرا. يا سعد، رسول الله (صلى الله عليه و

آله) الصخرة، و نحن الميزان، و ذلك قول الله عز و جل في الإمام: لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ «3»».

قال: «و من كبر بين يدي الإمام، و قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الله له رضوانه الأكبر، و من كتب له رضوانه الأكبر يجمع بينه و بين إبراهيم و محمد (عليهما السلام) و المرسلين في دار الجلال».

قلت: و ما دار الجلال؟ فقال: «نحن الدار، و ذلك قول الله عز و جل: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، [فنحن العاقبة، يا سعد. و أما مودتنا للمتقين ] فيقول الله عز و جل: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «4»، جلال الله و كرامته التي أكرم الله تبارك و تعالى العباد بطاعتنا».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 147.

3- مختصر بصائر الدرجات: 56.

(1) في المصدر: النساء. [.....]

(2) في «ط»: مثلا و وعدا و وعيدا.

(3) الحديد 57: 25.

(4) الرحمن 55: 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 291

سورة القصص(28): آية 85 ..... ص : 291

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [85]

8193/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سئل عن جابر، فقال: «رحم الله جابرا، بلغ من فقهه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ يعني الرجعة».

8194/ [2]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في قوله: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، قال: «يرجع إليكم نبيكم (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين، و

الأئمة (عليهم السلام)».

8195/ [3]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، قال: ذكر عند أبي جعفر (عليه السلام) جابر، فقال: «رحم الله جابرا، لقد بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ يعني الرجعة».

8196/ [4]- سعد بن عبد الله: عن حميد بن زياد، قال: حدثني عبيد الله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا عبيس ابن هشام، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: حدثني.

قال: «أليس قد سمعت الحديث من أبيك؟». قلت: هلك أبي و أنا صبي. قال: قلت: فأقول، فإن أصبت قلت: نعم، و إن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال: «هذا أهون».

قال: قلت: فإني أزعم أن عليا (عليه السلام) دابة الأرض. قال: فسكت. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و أراك و الله ستقول: إن عليا (عليه السلام) راجع إلينا و قرأ: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ». قال: قلت: و الله لقد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنها فنسيتها.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أ فلا أخبرك بما هو أعظم من هذا؟ وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً «1»، لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)» و أشار بيده إلى آفاق الأرض.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 147.

2- تفسير القمّي 2: 147.

3- تفسير القمّي 1: 25.

4- مختصر بصائر الدرجات: 209.

(1) سبأ 34: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 292

8197/ [5]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد،

و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن المعلى أبي عثمان، عن المعلى بن خنيس، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (عليهما السلام)، فيملك حتى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر».

8198/ [6]- قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، قال: «نبيكم (صلى الله عليه و آله) راجع إليكم».

8199/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن عبد الله بن أحمد بن نهيك، عن عبيس بن هشام عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: حدثني. قال:

«أ و ليس قد سمعته من أبيك؟» قلت: هلك أبي و أنا صبي. قال: قلت: فأقول: فإن أصبت قلت: نعم، و إن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال: «ما أشد شرطك» قلت: فأقول، فإن أصبت سكت، و إن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال:

«هذا أهون».

قال: قلت: فإني أزعم أن عليا (عليه السلام) دابة الأرض فسكت. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أراك- و الله- تقول:

إن عليا (عليه السلام) راجع إلينا و قرأ: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ». قال: قلت: قد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنه فنسيتها.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أ فلا أخبرك بما هو أعظم من هذا؟ قوله عز و جل: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً «1»، و ذلك أنه لا تبقى أرض إلا و يؤذن فيها بشهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله» و أشار

بيده إلى آفاق الأرض.

8200/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن سعيد بن عمر، عن أبي مروان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، قال: فقال لي: «لا و الله، لا تنقضي الدنيا و لا تذهب حتى يجتمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) بالثوية، فيلتقيان و يبنيان بالثوية مسجدا له اثنا عشر ألف باب». يعني موضعا بالكوفة.

8201/ [9]- و عن علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: و أما قوله: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، فإن العامة رووا أنه إلى معاد القيامة. و أما الخاصة فإنهم رووا أنه في الرجعة.

__________________________________________________

5- مختصر بصائر الدرجات: 29.

6- مختصر بصائر الدرجات: 29.

7- تأويل الآيات 1: 423/ 20.

8- تأويل الآيات 1: 424/ 21.

9- تأويل الآيات 1: 424/ 22.

(1) سبأ 34: 28. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 293

8202/ [10]- قال: روي عن أبي جعفر «1» (عليه السلام) أنه سئل عن جابر بن عبد الله، فقال: «رحم الله جابرا، إنه من فقهائنا، إنه كان يعرف تأويل هذه الآية: «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أنه في الرجعة».

سورة القصص(28): الآيات 86 الي 88 ..... ص : 293

قوله تعالى:

فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ [86- 88] 8203/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَلا تَكُونَنَّ يا محمد ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ قال: المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس.

و قوله: وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس، و هو

قول

الصادق (عليه السلام): «إن الله بعث نبيه بإياك أعني و اسمعي يا جارة».

قوله تعالى:

كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [88]

8204/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن سيف بن عميرة، عمن ذكره، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فقال: «ما يقولون فيه؟» قلت: يقولون يهلك كل شي ء إلا وجه الله.

فقال: «سبحان الله! لقد قالوا قولا عظيما، إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه».

8205/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد (صلى الله عليه و آله) فهو الوجه الذي لا يهلك، و كذلك قال:

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 1: 424/ 23.

1- تفسير القمي 2: 147.

2- الكافي 1: 111/ 1.

3- الكافي 1: 111/ 2.

(1) في «ط، ج، ي»: عن جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 294

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ» «1».

و روى هذا الحديث أحمد بن محمد بن خالد البرقي، في (المحاسن)، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و ساق الحديث إلى آخره سندا و متنا «2».

8206/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام النحاس، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نحن المثاني التي أعطاها الله

نبينا محمدا (صلى الله عليه و آله)، و نحن وجه الله، نتقلب في الأرض بين أظهركم، و نحن عين الله في خلقه، و يده المبسوطة بالرحمة على عباده، عرفنا من عرفنا، و جهلنا من جهلنا و إمامة المتقين» «3».

8207/ [4]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين «4» بن سعيد، عن الهيثم بن عبد الله، عن مروان بن الصباح، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله خلقنا فأحسن خلقنا، و صورنا فأحسن صورنا، و جعلنا عينه في عباده، و لسانه الناطق في خلقه، و يده المبسوطة على عباده بالرأفة و الرحمة، و وجهه الذي يؤتى منه، و بابه الذي يدل عليه، و خزانه في سمائه و أرضه، بنا أثمرت الأشجار و أينعت الثمار و جرت الأنهار، و بنا ينزل غيث السماء و ينبت عشب الأرض، و بعبادتنا عبد الله، و لولا نحن ما عبد الله».

8208/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن محمد بن حمران، عن أسود بن سعيد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله: «نحن حجة الله، و نحن باب الله، و نحن لسان الله، و نحن وجه الله، و نحن عين الله في خلقه، و نحن ولاة أمر الله في عباده».

8209/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن صفوان، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ

هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فقال: «كل شي ء هالك إلا من أخذ الطريق الذي أنتم عليه».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 111/ 3.

4- الكافي 1: 111/ 5.

5- الكافي 1: 112/ 7.

6- المحاسن: 199/ 30.

(1) النساء 4: 80.

(2) المحاسن: 219/ 118.

(3) قوله: «و إمامة المتّقين» بالنصب عطفا على ضمير المتكلّم في جهلنا ثانيا، أي جهلنا من جهل إمامة المتّقين، أو عرفنا و جهلنا أولا، أي عرف إمامة المتّقين من عرفنا، و جهلها من جهلنا. أو بالجرّ عطفا على الرحمة، أي يده المبسوطة بإمامة المتّقين، و لعلّه من تصحيف النسّاخ، و الأظهر ما في نسخ التوحيد: و من جهلنا فأمامه اليقين، أي الموت، على التهديد، أو المراد أنّه يتيقّن بعد الموت و رفع الشبهات «مرآة العقول 2: 115».

(4) في المصدر: الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 295

8210/ [7]- و

عنه: عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن أبي سعيد، عن أبي بصير، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «إلا من أخذ طريق الحق».

8211/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن الحارث بن المغيرة، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسأله رجل عن قول الله تبارك و تعالى: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فقال: «ما يقولون فيه؟» قلت: يقولون يهلك كل شي ء إلا وجهه. فقال: «سبحان الله! لقد قالوا قولا عظيما، إنما عنى كل شي ء هالك إلا وجهه الذي يؤتى منه، و نحن وجهه الذي يؤتى منه».

8212/ [9]- ابن بابويه: عن أبيه، قال:

حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن جليس لأبي حمزة، عن أبي حمزة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «فيهلك كل شي ء و يبقى الوجه؟! إن الله عز و جل أعظم من أن يوصف بالوجه، و لكن معناه: كل شي ء هالك إلا دينه، و الوجه الذي يؤتى منه».

و رواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب (المحاسن)، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور ابن يونس، الحديث «1».

8213/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن عمر بن أبان، عن ضريس الكناسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن الوجه الذي يؤتى الله عز و جل منه».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات) عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن منصور، الحديث.

إلا أن في هذين الكتابين: «الله أعظم من أن يوصف» بدون ذكر الوجه «2».

8214/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن الحارث

__________________________________________________

7- المحاسن: 219/ 117. [.....]

8- بصائر الدرجات: 84/ 1.

9- التوحيد: 149/ 1.

10- كمال الدين و تمام النعمة: 231/ 34.

11- التوحيد: 149/ 2.

(1) المحاسن: 218/ 116.

(2) بصائر الدرجات: 85/ 3.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 296

ابن المغيرة النصري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال:

«كل شي ء هالك إلا من أخذ طريق الحق».

8215/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد و الأئمة من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين) فهو الوجه الذي لا يهلك» ثم قرأ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «1».

8216/ [13]- و

عنه بهذا الإسناد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن وجه الله الذي لا يهلك».

8217/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ربيع الوراق، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن هو».

8218/ [15]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «فيفنى كل شي ء و يبقى الوجه؟! الله أعظم من أن يوصف، لا و لكن معناها، كل شي ء هالك إلا دينه، و نحن الوجه الذي يؤتى الله منه، لم نزل في عباده ما دام الله له فيهم روية، فإذا لم يكن

له فيهم روية، رفعنا إليه، ففعل بنا ما أحب».

قلت: جعلت فداك، و ما الروية؟ قال: «الحاجة».

و رواه ابن بابويه في (الغيبة)، بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)

، بتغيير يسير لا يغير المعنى «2».

8219/ [16]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن- و الله- وجهه الذي قال، و لن نهلك «3» إلى يوم القيامة بما أمر الله به من طاعتنا و موالاتنا، فذلك و الله الوجه الذي قال: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، و ليس منا

__________________________________________________

12- التوحيد: 149/ 3.

13- التوحيد: 150/ 4.

14- التوحيد: 150/ 5.

15- تفسير القمّي 2: 147.

16- تأويل الآيات 1: 425/ 25.

(1) النساء 4: 80.

(2) كمال الدين و تمام النعمة: 231/ 33.

(3) في «ط، ي»: يهلك. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 297

ميت يموت إلا و خلف «1» عاقبة منه إلى يوم القيامة».

8220/ [17]- و

عنه، قال: أخبرنا عبد الله بن العلاء المذاري «2»، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن وجه الله عز و جل».

8221/ [18]- و

عنه، قال: حدثنا الحسن «3» بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن يونس بن يعقوب، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله

عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ:

«إلا ما أريد به وجه الله، و وجهه علي (عليه السلام)».

8222/ [19]- الطبرسي في (الإحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله سائل عن تفسير آيات من القرآن، فسأله فأجابه (عليه السلام)، فقال: «و أما قوله: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فإنما أنزلت: كل شي ء هالك إلا دينه لأنه من المحال أن يهلك منه كل شي ء و يبقى الوجه، هو أجل و أعظم و أكرم من ذلك، إنما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنه قال: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «4»؟ ففصل بين خلقه و وجهه».

__________________________________________________

17- تأويل الآيات 1: 426/ 26.

18- تأويل الآيات: 1: 426/ 27.

19- الاحتجاج 1: 253.

(1) في المصدر: و خلفه.

(2) في «ج، ي، ط»: عن المداري، راجع رجال النجاشي: 219/ 571.

(3) في المصدر: الحسين.

(4) الرحمن 55: 26 و 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 299

سورة العنكبوت ..... ص : 299

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 301

فضلها ..... ص : 301

8223/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة العنكبوت و الروم في شهر رمضان ليلة ثلاث و عشرين فهو- و الله يا أبا محمد- من أهل الجنة، لا أستثني فيه أبدا، و لا أخاف أن يكتب علي في يميني إثم، و إن لهاتين السورتين عند الله مكانا».

8224/ [2]- و

من (خواص القرآن) روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المؤمنين و المؤمنات، و المنافقين و المنافقات و من كتبها و شرب ماءها زالت عنه جميع الأسقام و الأمراض بإذن الله تعالى».

8225/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و شربها زال عنه كل ألم و مرض بقدرة الله تعالى».

8226/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و شربها زال عنه حمى الربع «1» و البرد، و الألم، و لم يغتم من وجع أبدا إلا وجع الموت الذي لا بد منه، و يكثر سروره ما عاش و شرب مائها يفرح القلب «2»، و يشرح الصدر، و ماؤها يغسل به الوجه للحمرة و الحرارة، و يزيل ذلك و من قرأها على فراشه و إصبعه في سرته، يديره حولها، فإنه ينام من أول الليل إلى آخره، و لم ينتبه إلا الصبح بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109، مجمع البيان 8: 425.

2- ... صدر الحديث في مجمع البيان 8: 425.

3- ....

4- خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

(1) حمىّ الرّبع: هي التي تعرض للمريض يوما و تدعه يومين، ثمّ تعود إليه في اليوم الرابع. «المعجم الوسيط- ربع-

1: 324».

(2) في المصدر زيادة: و ينشط الكسل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 303

سورة العنكبوت(29): الآيات 1 الي 6 ..... ص : 303

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ [1- 6]

8227/ [1]- محمد بن يعقوب، قال: روي أن أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه)، قال في خطبة- و ذكر الخطبة إلى أن قال (عليه السلام)-: «و لكن الله عز و جل يختبر عبيده بأنواع الشدائد، و يتعبدهم بأنواع المجاهد، و يبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبر من قلوبهم، و إسكانا للتذلل في أنفسهم، و ليجعل ذلك أبوابا إلى فضله، و أسبابا و دليلا «1» لعفوه و فتنته، كما قال: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ».

8228/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ، ثم قال لي: «ما الفتنة؟» قلت: جعلت فداك، الذي عندنا: الفتنة في الدين. قال: «يفتنون كما يفتن الذهب «2»، ثم يخلصون كما يخلص الذهب».

8229/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «جاء العباس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: انطلق بنا يبايع لك الناس. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أ تراهم

__________________________________________________

1- الكافي 4: 200/ 2. [.....]

2- الكافي 1: 302/ 4.

3- تفسير القمّي 2: 148.

(1) في المصدر: و أسبابا ذللا.

(2) تقول: فتنت الذهب: إذا أدخلته

النار لتنظرّ ما جودته. «الصحاح- فتن- 6: 2175».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 304

فاعلين؟ قال: نعم. قال: فأين قوله: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي اختبرناهم فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا أي يفوتونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ- قال- من أحب لقاء الله جاءه الأجل وَ مَنْ جاهَدَ «1» نفسه عن اللذات و الشهوات و المعاصي فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ؟».

8230/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن عبيد الله بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن أبيه (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «لما نزلت: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ، قال:

قلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي، إنك مبتلى بك، و إنك مخاصم، فأعد للخصومة».

8231/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: فسر لي قوله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ «2»، فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان حريصا على أن يكون علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعده على الناس، و كان عند الله خلاف ذلك» فقال: و عنى بذلك قوله عز و جل: الم أَ حَسِبَ

النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ، قال:

«فرضي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأمر الله عز و جل».

8232/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سماعة ابن مهران، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات ليلة في المسجد، فلما كان قرب الصبح، دخل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فناداه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «يا علي» قال: «لبيك» قال: «هلم إلي» فلما دنا منه، قال:

«يا علي، بت الليلة حيث تراني، و قد سألت ربي ألف حاجة فقضاها لي، و سألت لك مثلها فقضاها لي، و سألت ربي أن يجمع لك امتي من بعدي، فأبى علي ربي، فقال: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ».

8233/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين القبيطي «3»، عن عيسى بن مهران، عن الحسن بن الحسين

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 1: 427/ 2، و صدره في شواهد التنزيل 1: 438/ 602.

5- تأويل الآيات 1: 428/ 3.

6- تأويل الآيات 1: 428/ 4.

7- تأويل الآيات 1: 429/ 5.

(1) في المصدر زيادة: آمال.

(2) آل عمران 3: 128.

(3) في المصدر: الخثعمي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 305

العرني، عن علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن حسن بن حسين بن يحيى، عن علي «1» بن أسباط، عن السدي، في قوله عز و جل: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ

الَّذِينَ صَدَقُوا قال: علي (عليه السلام) و أصحابه وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ أعداؤه.

8234/ [8]- ابن شهر آشوب: عن أبي طالب الهروي، بإسناده عن علقمة، و أبي أيوب: أنه لما نزل: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ الآيات، قال النبي (صلى الله عليه و آله) لعمار: «إنه سيكون من بعدي هنات «2»، حتى يختلف السيف فيما بينهم، و حتى يقتل بعضهم بعضا، و حتى يتبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني: علي بن أبي طالب، فإن سلك الناس كلهم واديا فاسلك وادي علي و خل عن الناس.

يا عمار، إن عليا لا يردك عن هدى، و لا يردك في ردى «3». يا عمار، طاعة علي طاعتي، و طاعتي طاعة الله».

8235/ [9]- الحسين بن علي (عليه السلام): عن أبيه (عليه السلام)، قال: «لما نزلت: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ الآيات قلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي، إنك مبتلى، و مبتلى بك، و إنك مخاصم، فأعد للخصومة».

8236/ [10]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يفتنون: يبتلون في أنفسهم و أموالهم».

8237/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: قوله عز و جل: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ نزلت في عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة، و هم الذين بارزوا عليا و حمزة و عبيدة، و نزلت فيهم: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ، قال: في علي (عليه السلام) و صاحبيه.

8238/ [12]-

و من طريق المخالفين: في قوله تعالى: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ، قال علي (عليه السلام): «قلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي بك، و إنك لمخاصم، فأعد للخصومة». و قال علي: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «4» نحن أولئك».

__________________________________________________

8- المناقب 3: 203.

9- المناقب 3: 203.

10- مجمع البيان 8: 427. [.....]

11- تأويل الآيات 1: 429/ 6، شواهد التنزيل 1: 440/ 604.

12- ... كشف الغمّة 1: 316.

(1) في «ج، ي، ط»: حسن بن حسين، عن يحيى بن علي.

(2) أي شرور و فساد «النهاية 5: 279».

(3) في «ي» و المصدر: إلى ردى.

(4) فاطر 35: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 306

سورة العنكبوت(29): الآيات 8 الي 9 ..... ص : 306

قوله تعالى:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً- إلى قوله تعالى- لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ [8- 9] 8239/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً قال: هما اللذان ولداه.

ثم قال: وَ إِنْ جاهَداكَ يعني الوالدين لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ.

8240/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، أنه سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ «1».

قال: «الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم، و ورثا الحكم «2»، و أمر الناس بطاعتهما، ثم قال: إِلَيَّ الْمَصِيرُ «3»، فمصير العباد إلى الله، و

الدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف الله القول على ابن حنتمة «4» و صاحبه، فقال في الخاص: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي «5» يقول: في الوصية، و تعدل عمن أمرت بطاعته، فلا تطعهما، و لا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين فقال: وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً «6»، يقول: عرف الناس فضلهما، و ادع إلى سبيلهما، و ذلك قوله: وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ «7»، قال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله و لا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضا الله، و سخطهما سخط الله».

8241/ [3]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سلمة «8» بن كهيل، عن أبيه، في قول الله عز و جل:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

8242/ [4]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «9»، قال: «قال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 148.

2- تفسير القمّي 2: 148.

3- خصائص الأئمة: 70.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 329/ 189.

(1) لقمان 31: 14.

(2) في المصدر: الحلم.

(3) لقمان 31: 14.

(4) في المصدر: ابن فلانة. [.....]

(5) لقمان 31: 15.

(6) لقمان 31: 15.

(7) لقمان 31: 15.

(8) في جميع النسخ: سهل. راجع: تهذيب التهذيب 4: 155، مجمع رجال الحديث 8: 208.

(9) البقرة 2: 83.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 307

رسول الله (صلى الله عليه و آله): أفضل والديكم و أحقهما بشكركم محمد و علي».

8243/ [5]- و

قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: أنا و علي أبوا هذه الامة، و لحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم، فإنا ننقذهم- إن أطاعونا-

من النار إلى دار القرار، و نلحقهم من العبودية بخيار الأحرار».

8244/ [6]- و

قالت فاطمة (صلوات الله عليها): «أبوا هذه الامة: محمد و علي، يقيمان أودهم «1»، و ينقذانهم من العذاب الدائم، إن أطاعوهما، و يبيحانهم النعيم الدائم، إن وافقوهما».

8245/ [7]- و

قال الحسن بن علي (عليهما السلام): «محمد و علي أبوا هذه الأمة، فطوبى لمن كان بحقهما عارفا، و لهما في كل أحواله مطيعا، يجعله الله من أفضل سكان جنانه، و يسعده بكراماته و رضوانه».

8246/ [8]- و

قال الحسين بن علي (عليهما السلام): «من عرف حق أبويه الأفضلين: محمد و علي (عليهما السلام)، و أطاعهما حق الطاعة قيل له: تبحبح «2» في أي الجنان شئت».

8247/ [9]- و

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إن كان الأبوان إنما عظم حقهما على الأولاد لإحسانهما إليهم، فإحسان محمد و علي (عليهما السلام) إلى هذه الامة أجل و أعظم، فهما بأن يكونا أبويهم أحق».

8248/ [10]- و

قال محمد بن علي (عليهما السلام): «من أراد أن يعلم كيف قدره عند الله، فلينظر كيف قدر أبويه الأفضلين عنده: محمد و علي (عليهما السلام)».

8249/ [11]- و

قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «من رعى حق أبويه الأفضلين محمد و علي (عليهما السلام)، لم يضره ما أضاع من حق أبوي نفسه و سائر عباد الله، فإنهما (صلوات الله عليهما): يرضيانهم بشفاعتهما».

8250/ [12]- و

قال موسى بن جعفر (عليه السلام): «يعظم ثواب الصلاة على قدر تعظيم المصلي أبويه الأفضلين: محمد و علي (صلى الله عليهما و على آلهما)».

8251/ [13]- و

قال علي بن موسى (عليهما السلام): «أما يكره أحدكم أن ينفى عن أبيه و امه اللذين ولداه؟» قالوا:

__________________________________________________

5- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 190.

6- التفسير المنسوب إلى الإمام

العسكري (عليه السلام): 330/ 191.

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 192.

8- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 193.

9- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 194.

10- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 195.

11- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 196.

12- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 197.

13- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 198. [.....]

(1) الأود: العوج. «لسان العرب- أود- 3: 75».

(2) التبحبح: التمكّن في الحلول و المقام. «الصحاح- بحح- 1: 354».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 308

بلى و الله. قال: «فليجتهد أن لا ينفى عن أبيه و امه اللذين هما أبواه أفضل من أبوي نفسه».

8252/ [14]- و

قال محمد بن علي (عليهما السلام)، قال رجل بحضرته: إني لأحب محمدا و عليا (عليهما السلام) حتى لو قطعت إربا إربا، أو قرضت لم أزل عنه. قال محمد بن علي (عليهما السلام): «لا جرم أن محمدا و عليا يعطيانك من أنفسهما ما تعطيهما أنت من نفسك، إنهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لا يفي ما بذلته لهما بجزء من مائة ألف ألف جزء من ذلك».

8253/ [15]- قال علي بن محمد (عليهما السلام): «من لم يكن والدا دينه محمد و علي (عليهما السلام) أكرم عليه من والدي نسبه، فليس من الله في حل و لا حرام، و لا قليل و لا كثير».

8254/ [16]- و

قال الحسن بن علي (عليهما السلام): «من آثر طاعة أبوي دينه: محمد و علي (عليهما السلام) على طاعة أبوي نسبه، قال الله عز و جل له: لأوثرنك كما آثرتني، و لأشرفنك بحضرة أبوي دينك كما شرفت نفسك بإيثار حبهما على

حب أبوي نسبك».

سورة العنكبوت(29): الآيات 10 الي 13 ..... ص : 308

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [10- 13] 8255/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ، قال: إذا آذاه إنسان، أو أصابه ضر، أو فاقة، أو خوف من الظالمين، دخل معهم في دينهم «1»، فرأى أن ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع، وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ يعني القائم (عليه السلام) لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ.

8256/ [2]- قال: قوله: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ، قال: كان الكفار يقولون للمؤمنين: كونوا معنا، فإن الذي تخافون أنتم ليس بشي ء، فإن كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم.

فيعذبهم الله مرتين: مرة بذنوبهم، و مرة بذنوب غيرهم.

__________________________________________________

14- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 199.

15- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 200.

16- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 201.

1- تفسير القمّي 2: 149.

2- تفسير القمّي 2: 149.

(1) في «ج، ي»: دنياهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 309

8257/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي، قال: حدثني حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي إسحاق الليثي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: قلت: يا ابن رسول الله، ما أعجب هذا، تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم، و تؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم! قال: «إي

و الله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة، و بارئ النسمة، و فاطر الأرض و السماء، ما أخبرتك إلا بالحق، و ما أنبأتك إلا بالصدق، و ما ظلمهم الله، و ما الله بظلام للعبيد، و إن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله».

قلت: هذا بعينه يوجد في القرآن؟ قال: «نعم، يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن، أ تحب أن أقرأ ذلك عليك»؟ قلت: بلى، يا ابن رسول الله.

فقال: «قال الله عز و جل: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ».

و الحديث بطوله تقدم في قوله تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ من سورة النحل «1».

سورة العنكبوت(29): آية 14 ..... ص : 309

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَ هُمْ ظالِمُونَ [14]

8258/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة و ثلاث مائة سنة، فمنها: ثمان مائة و خمسون سنة قبل أن يبعث، و ألف سنة إلا خمسين عاما و هو في قومه يدعوهم، و خمس مائة عام بعد ما نزل من السفينة و نضب الماء، فمصر الأمصار، و أسكن ولده البلدان.

ثم إن ملك الموت جاءه و هو في الشمس، فقال له: السلام عليك. فرد عليه نوح (عليه السلام)، و قال: ما جاء بك، يا ملك الموت؟ قال: جئتك لأقبض روحك. قال: دعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال: نعم. فتحول، ثم قال: يا ملك

الموت، كل ما مر بي من الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل، فامض لما أمرت به. فقبض روحه (عليه السلام)».

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 606/ 81.

1- الكافي 8: 284/ 429.

(1) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآيات (20- 25) من سورة النحل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 310

8259/ [2]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، و عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «عاش نوح (عليه السلام) بعد الطوفان خمسمائة سنة، ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا نوح «1»، قد انقضت نبوتك، و استكملت أيامك، فانظر إلى الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة التي معك، فادفعها إلى ابنك سام، فإني لا أترك الأرض إلا و فيها عالم تعرف طاعتي به، و يعرف به هداي، و يكون نجاة فيما بين مقبض النبي و مبعث النبي الآخر، و لم أكن أترك الناس بغير حجة لي، و داع إلي، و هاد إلى سبيلي، و عارف بأمري، فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء، و يكون الحجة «2» على الأشقياء».

قال: «فدفع نوح (صلى الله عليه) الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة إلى سام، و أما حام و يافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به- قال- و بشرهم نوح (عليه السلام) بهود (صلى الله عليه)، و أمرهم باتباعه، و أمرهم أن يفتحوا الوصية في كل عام، و ينظروا فيها، و يكون عهدا «3» لهم».

8260/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله

عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة و خمسمائة سنة، منها: ثمانمائة و خمسون سنة قبل أن يبعث، و ألف سنة إلا خمسين عاما و هو في قومه يدعوهم، و مائتا سنة في عمل السفينة، و خمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة و نضب الماء، فمصر الأمصار، و أسكن ولده البلدان.

ثم إن ملك الموت جاءه و هو في الشمس، فقال: السلام عليك فرد عليه نوح، و قال له: ما جاء بك، يا ملك الموت. فقال: جئت لأقبض روحك. فقال له: تدعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم. فتحول نوح (عليه السلام)، ثم قال: يا ملك الموت، فكأن ما مر بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل، فامض لما أمرت به. فقبض روحه (صلى الله عليه)».

سورة العنكبوت(29): الآيات 16 الي 24 ..... ص : 310

قوله تعالى:

وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

__________________________________________________

2- الكافي 8: 285/ 430.

3- أمالي الصدوق: 413/ 7.

(1) و الظاهر أنّ الصحيح: إن اللّه يقول: يا نوح، إلخ. «من هامش نسخة ط، ج». [.....]

(2) في المصدر: حجة لي.

(3) في المصدر: عيدا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 311

- إلى قوله تعالى- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [16- 24] 8261/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً أي تقدرون كذبا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

و انقطع خبر إبراهيم، و خاطب الله امة محمد (صلى الله عليه و آله)،

فقال: وَ إِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ الى قوله: أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ثم عطف على خبر إبراهيم، فقال: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فهذا من المنقطع المعطوف.

سورة العنكبوت(29): الآيات 25 الي 26 ..... ص : 311

قوله تعالى:

وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ- إلى قوله تعالى- إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي [25- 26]

8262/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله تعالى: وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، قال: «يعني يتبرأ بعضكم من بعض».

8263/ [3]- علي بن إبراهيم: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ أي لإبراهيم (عليه السلام) وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي، قال:

المهاجر من هجر السيئات، و تاب إلى الله.

8264/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبان، عن محمد بن مروان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «فآمن له لوط، و خرج مهاجرا إلى الشام هو و سارة و لوط».

8265/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن ابن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، و ذكر حديث مهاجرة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 149.

2- الكافي 2: 287/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 149.

4- الكافي 8: 368/ 559.

5- الكافي 8: 370/ 560.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 4، ص: 312

إبراهيم (عليه السلام)، و ذكر في آخره: «و سار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات، و خلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات» و الحديث طويل، يأتي بطوله- إن شاء الله تعالى- في سورة الصافات في قوله تعالى: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ «1».

سورة العنكبوت(29): الآيات 27 الي 35 ..... ص : 312

قوله تعالى:

وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا- إلى قوله تعالى- لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [27- 35] 8266/ [1]- علي بن إبراهيم، وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ قال: هم قوم لوط، كان يضرط بعضهم على بعض.

8267/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده إلى الصادق (عليه السلام): «إن النبي (صلى الله عليه و آله) أبصر رجلا يحذف «2» بحصاة في المسجد، فقال: ما زالت تلعن حتى وقعت. ثم قال: الخذف «3» في النادي من أخلاق قوم لوط، ثم تلا (عليه السلام): وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ قال: هو الخذف».

8268/ [3]- و

عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، قال: أخبرني زياد ابن المنذر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سأله رجل و أنا حاضر عن الرجل يخرج من الحمام، أو يغتسل فيتوشح و يلبس قميصه فوق الإزار فيصلي و هو كذلك؟ قال: «هذا عمل قوم لوط».

قال: قلت: فإنه يتوشح فوق القميص؟ فقال: «هذا من التجبر».

قال: قلت: إن القميص رقيق، يلتحف به؟ قال: «نعم- ثم قال- إن حل الإزرار «4» في الصلاة، و الخذف «5» بالحصى، و مضغ الكندر في المجالس و على ظهر الطريق، من عمل قوم لوط».

8269/ [4]- الطبرسي: في معنى وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ، عن الرضا (عليه السلام): «أنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة و لا حياء».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي (حجري):

393.

2- التهذيب 3: 262/ 741.

3- التهذيب 2: 371/ 1542.

4- مجمع البيان 8: 440.

(1) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (99) من سورة الصافّات.

(2) في «ط، ي»: يحذف، و الحذف: الرمي و الضرب، و الخذف: الرّمي بالحصى الصغار و بأطراف الأصابع.

(3) في «ط، ي»: الحذف. [.....]

(4) في «ي، ط»: الإزار.

(5) في «ي، ط»: الحذف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 313

و خبر لوط و شعيب تقدما في سورة هود و غيرها «1»، و يأتي من ذلك في سورة الذاريات «2»، إن شاء الله تعالى.

8270/ [5]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرني أبو الحسين علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث عهده (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر، يعمل به و يقرأه على أهل مصر حين ولاه مصر، و قال فيه (عليه السلام): «اعلموا- يا عباد الله- أن المؤمن من يعمل الثلاث من الثواب: أما الخير فإن الله يثيبه بعمله في دنياه، قال الله سبحانه لإبراهيم: وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ فمن عمل لله تعالى، أعطاه أجره في الدنيا و الآخرة، و كفاه المهم فيهما».

8271/ [6]- (تحفة الإخوان): قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «و كان أهل المؤتفكات من أجل الناس، و كانوا في حسن و جمال، فأصابهم الغلاء و القحط، فجاءهم إبليس

اللعين، و قال لهم: إنما جاءكم القحط لأنكم منعتم الناس من دوركم و لم تمنعوهم من بساتينكم الخارجة. فقالوا: و كيف السبيل إلى المنع؟ فقال لهم:

اجعلوا السنة بينكم إذا وجدتم غريبا في بلدكم سلبتموه و نكحتموه في دبره، حتى أنكم إذا فعلتم ذلك لم يتطرقوا عليكم».

قال: «فعزموا على ذلك، فخرجوا إلى ظاهر البلد يطلبون من يجوز بهم «3»، فتصور لهم إبليس اللعين غلاما أمرد، فتزين، فحملوا عليه، فلما رأوه سلبوه و نكحوه في دبره، فطاب لهم ذلك، حتى صار هذا عادة لهم في كل غريب وجدوه، حتى تعدوا من الغرباء إلى أهل البلد، و فشا ذلك فيهم، و ظهر ذلك من غير انتقام بينهم، فمنهم من يؤتى، و منهم من يأتي.

و أوحى الله تعالى إلى إبراهيم (عليه السلام): أني اخترت لوطا نبيا، فابعثه إلى هؤلاء القوم. فأقبل إبراهيم إلى لوط فأخبره بذلك، ثم قال له: انطلق إلى مدائن سدوم «4»، و ادعهم إلى عبادة الله، و حذرهم أمر الله و عذابه، و ذكرهم بما نزل بقوم نمرود بن كنعان. فسار لوط حتى صار إلى المدائن، فوقف و هو لا يدري بأيها يبدأ، فأقبل حتى دخل مدينة سدوم، و هي أكبرها، و فيها ملكهم، فلما بلغ وسط السوق، قال: يا قوم اتقوا الله و أطيعوني، و ازجروا أنفسكم عن هذه الفواحش التي لم تسبقوا إلى مثلها، و انتهوا عن عبادة الأصنام، فإني رسول الله إليكم.

فذلك معنى قوله تعالى: وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ

__________________________________________________

5- الأمالي: 1: 24.

6- تحفة الاخوان: 48.

(1) تقدم في تفسير الآيات (69- 83 و 84- 101) من سورة هود، و الآيات (48- 72) من

سورة الحجر.

(2) يأتي في تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

(3) في المصدر: يفجرون به.

(4) سدوم: قرى بين الحجاز و الشام. «آثار البلاد و أخبار العباد: 202».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 314

إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَ ما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ «1»، يعني عن إتيان الرجال، و قال في مكان آخر: أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ، يعني الحذف بالحصى، و التصفيق و اللعب بالحمام، و تصفيق «2» الطيور، و مناقرة الديوك، و مهارشة الكلاب «3»، و الحبق «4» في المجالس، و لبس المعصفرات «5»، فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

و بلغ ذلك ملكهم في سدوم، فقال: ائتوني به. فلما وقف بين يديه، قال له: من أنت، و من أرسلك، و بماذا جئت، و إلى من بعثت؟ فقال له: أما اسمي فلوط ابن أخ إبراهيم (عليه السلام)، و أما الذي أرسلني فهو الله ربي و ربكم، و أما ما جئت به، فأدعوكم إلى طاعة الله [و أمره ]، و أنهاكم عن هذه الفواحش. فلما سمع ذلك من لوط وقع في قلبه الرعب و الخوف، فقال له: إنما أنا رجل من قومي، فسر إليهم، فإن أجابوك فأنا معهم».

قال: «فخرج لوط من عنده و وقف على قومه، و أخذ يدعوهم إلى عبادة الله، و ينهاهم عن المعاصي، و يحذرهم عذاب الله، حتى وثبوا عليه من كل جانب، و قالوا: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ «6» من هذه الدعوة لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ «7» أي من بلدنا، قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ

«8» الخبيث مِنَ الْقالِينَ «9» أي من المبغضين رَبِّ نَجِّنِي وَ أَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ «10» يعني من الفواحش.

فأقام فيهم لوط عشرين سنة، و هو يدعوهم، و توفيت امرأته و كانت مؤمنة، فتزوج بأخرى من قومه، و كانت قد آمنت به، يقال لها (قواب)، فقام معها يدعوهم إلى طاعة الله، فجعلوا يشتمونه و يضربونه، حتى بقي فيهم من أول ما بعث إلى أربعين سنة، فلم يبالوا به، و لم يطيعوه، فضجت الأرض إلى ربها، و استغاثت الأشجار، و الأطيار، و الجنة و النار من فعلهم إلى الله تعالى، فأوحى الله تعالى إليهم «11»: إني حليم لا أعجل على من عصاني حتى يأتي الأجل المحدود».

قال: «فلما استخفوا بنبي الله و لم يذعنوا إلى طاعته، و داموا على ما كانوا فيه من المعاصي، أمر الله تعالى أربعة من الملائكة، و هم: جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و دردائيل أن يمروا بإبراهيم (عليه السلام)، و يبشرونه بولد من

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 80- 82.

(2) في «ط»: و تصفق.

(3) المهارشة بالكلاب، تحريش بعضها على بعض. «الصحاح- هرش- 3: 1027».

(4) الحبق: الضّراط. «لسان العرب- حبق- 10: 37».

(5) العصفر: الذي يصبغ به. «لسان العرب- عصفر- 4: 581».

(6) الشعراء 26: 167. [.....]

(7) الشعراء 26: 167.

(8) الشعراء 26: 168.

(9) الشعراء 26: 168.

(10) الشعراء 26: 169.

(11) في المصدر: إليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 315

سارة بنت هاراز بن ناخور «1»، و كانت قد آمنت به حين جعل الله عليه النار بردا و سلاما، فأوحى الله إليه: أن تزوج بها يا إبراهيم- قال- فتزوج بها، فجاءوا على صورة البشر، المعتجرين «2» بالعمائم، و كان إبراهيم (عليه السلام) لا يأكل إلا مع الضيف- قال- فانقطعت الأضياف عنه ثلاثة أيام،

فلما كان بعد ذلك، قال: يا سارة، قومي و اعملي شيئا من الطعام، فلعلي أخرج عسى أن ألقى ضيفا. فقامت لذلك، و خرج إبراهيم (عليه السلام) في طلب الضيف، فلم يجد ضيفا، فقعد في داره يقرأ الصحف المنزلة عليه، فلم يشعر إلا و الملائكة قد دخلوا عليه مفاجأة على خيلهم في زينتهم، فوقفوا بين يديه، ففزع من مفاجأتهم، حتى قالوا: سلاما، فسكن خوفه، فذلك معنى قوله تعالى:

لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً «3»، و قال تعالى في آية اخرى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ «4»، لأنه لا يعرف صورهم، فرحب بهم، و أمرهم بالجلوس، و دخل على سارة، و قال لها: قد نزل عندنا أربعة أضياف حسان الوجوه و اللباس، و قد دخلوا و سلموا علي بسلام الأبرار، فقال لها: و حاجتي إليك أن تقومي و تخدميهم. فقالت: عهدي بك يا إبراهيم و أنت أغير الناس. فقال: هو كما تقولين، غير أن هؤلاء أعزاء خيار.

ثم عمد إبراهيم إلى عجل سمين فذبحه، و نظفه، و عمد إلى التنور فسجره، فوضع العجل في التنور حتى اشتوى، و ذلك معنى قوله تعالى: فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ «5»، و الحنيذ الذي يشوى في الحفرة، و قد انتهى خبزه و نضاجته، فوضع إبراهيم العجل على الخوان، و وضع الخبز من حوله، و قدمه إليهم، و وقفت سارة عليهم تخدمهم، و إبراهيم يأكل و لا ينظر إليهم، فلما رأت سارة ذلك منهم، قالت: يا إبراهيم، إن أضيافك هؤلاء لا يأكلون شيئا. فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): ألا تأكلون؟ و داخله الخوف من ذلك، و ذلك معنى قوله تعالى:

فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً «6»، أي أضمر منهم خوفا.

ثم قال إبراهيم (عليه السلام): لو علمت أنكم ما تأكلون ما قطعنا العجل عن البقرة. فمد جبرئيل يده نحو العجل، و قال: قم بإذن الله تعالى. فقام و أقبل نحو البقرة حتى التقم ضرعها، فعند ذلك اشتد خوف إبراهيم (عليه السلام)، و قال:

إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ قالَ وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ «7»- قال- و كانت سارة قائمة فلما سمعت، قالت: أوه «8». و هي الصرة التي قال الله تعالى:

__________________________________________________

(1) في «ج»: فاخور.

(2) الاعتجار: لف العمامة على الرأس. «الصحاح- عجر- 2: 737».

(3) هود 11: 69.

(4) هود 11: 69.

(5) الذاريات 51: 24 و 25.

(6) هود 11: 70.

(7) الحجر 15: 52- 56.

(8) أود: كلمة معناها التحزن. «لسان العرب- أوه- 13: 472».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 316

فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها «1» يعني ضربت وجهها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ «2» أي كبيرة لم تلد قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «3» الموجود ذو الشرف و المجد و الكرم، و في آية اخرى: وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ «4» تخدمهم فَضَحِكَتْ «5» أي حاضت فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ «6».

فإسحاق قد مضى عليه ثمانون سنة فكف بصره، و كان

ملازما لمسجده، فبينما هو ذات يوم جالس إلى جانب امرأته إذ راودها، فضحكت حتى بدت نواجذها، فقالت زوجته، و اسمها رباب بنت لوط (عليه السلام)، و قيل قدرة: يا إسحاق. فقال: نعم، إن شاء الله، فواقعها، فحملت بولدين ذكرين، و أخبرته بحملها، فقال لها إسحاق: لا تعجبي من ذلك، لأني رأيت في أول عمري في المنام ذات ليلة كأنه خرجت من ظهري شجرة عظيمة خضراء لها أغصان و فروع، كل واحد منها على لون، فقيل لي في المنام: هذه الأغصان أولادك الأنبياء على قدر أنوارهم، فانتبهت فزعا مرعوبا، فهذا تأويل رؤياي. فقالت زوجته: يا نبي الله و رسوله، إنهما اثنان، لأنهما يتضاربان في بطني كالمتخاصمين. فقال إسحاق: يكون خيرا إن شاء الله تعالى. فلما تمت مدة الحمل وضعتهما و أحدهما بعقب صاحبه، متعلق «7» بعقبه، فسمي: يعقوب، لأنه بعقب أخيه، و الآخر اسمه عيص، لأنه أخر أخاه، و تقدم عليه».

و قيل: إن سارة قد مضى من عمرها تسع و تسعون سنة، و إبراهيم ثماني و تسعون، و حملت سارة بإسحاق في الليلة التي خسف الله فيها قوم لوط، فلما تمت أشهرها وضعته في ليلة الجمعة يوم عاشوراء، و له نور شعشعاني، فلما سقط من بطن امه خر لله ساجدا، ثم استوى قاعدا، و رفع يديه إلى السماء بالثناء لله تعالى و التوحيد.

قال: «فأخذت تردد قولها: عجوز عقيم و هي لا تدري أن هؤلاء ملائكة، فرفع جبرئيل (عليه السلام) طرفه إليها، و قال لها: يا سارة، كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم. فلما فرغوا من ذلك، قال لهم إبراهيم: فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ «8»، يعني ما بالكم بعد هذه البشارة؟ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ

مُجْرِمِينَ يعنون قوم لوط لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ «9»». قال قتادة: كانت حجارة مخلوطة بالطين، مطبوخة في نار جهنم

__________________________________________________

(1، 2) الذاريات 51: 29. [.....]

(3) هود 11: 72 و 73.

(4) هود 11: 70 و 71.

(5) هود 11: 71.

(6) هود 11: 71.

(7) في المصدر: يعقب الآخر، و الآخر متعلّق.

(8) الذاريات 51: 31.

(9). 51: 32 و 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 317

مُسَوَّمَةً «1» يعني معلمة، و قيل: إنه كان مكتوبا على كل حجر اسم صاحبه من المسرفين من قوم لوط في معاصيهم.

قال: «فعاد جبرئيل إلى صورته حتى عرفه إبراهيم (عليه السلام)، فأخبره: أن هذا أخي ميكائيل، و هذان إسرافيل و دردائيل. فاغتم إبراهيم (عليه السلام) شفقة على ابن أخيه لوط و أهله، و ذلك معنى قوله تعالى حكاية عن إبراهيم (عليه السلام): إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ، يعني من الباقين في العذاب. ثم سألهم عن عدد المؤمنين في هذه المدائن، قال له جبرئيل: ما فيها إلا لوط، و ابنتاه.

فذلك معنى قوله تعالى: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2».

قال الله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ «3»، أي الخوف وَ جاءَتْهُ الْبُشْرى «4» يعني بإسحاق يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ «5» يعني ما جرى بينه و بين جبرئيل، يقول الله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ «6» يعني هو مؤمن في الدعاء، مقبل على عبادة ربه- قال- فعند ذلك قال لإبراهيم: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ «7» يعني عذابه وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ «8» أي غير مصروف- قال- فعند ذلك قال إبراهيم

(عليه السلام): يا ملائكة ربي و رسله، امضوا حيث تؤمرون».

قال: «فاستوت الملائكة على خيلهم، و قاربت مدائن لوط وقت المساء، فرأتهم رباب بنت لوط زوجة إسحاق (عليه السلام)، و هي الكبرى، و كانت تستقي الماء، فنظرت إليهم و إذا هم قوم عليهم جمال و هيئة حسنة، فتقدمت إليهم، و قالت لهم: ما لكم تدخلون على قوم فاسقين! ليس فيهم من يضيفكم إلا ذلك الشيخ، و إنه ليقاسي من القوم أمرا عظيما- قال- و عدلت الملائكة إلى لوط، و قد فرغ من حرثه، فلما رآهم لوط اغتم لهم، و فزع عليهم من قومه، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِي ءَ بِهِمْ وَ ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَ قالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ «9»، يعني شديد شره. و قال في آية اخرى: فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ «10»، أنكرهم لوط كما أنكرهم إبراهيم (عليه السلام)، فقال لهم لوط (عليه السلام): من أين أقبلتم؟ قال له جبرئيل (عليه السلام)، و لم يعرفه: من موضع بعيد، و قد حللنا بساحتك، فهل لك أن تضيفنا في هذه الليلة، و عند ربك الأجر و الثواب؟ قال: نعم، و لكن أخاف عليكم من هؤلاء القوم الفاسقين عليهم لعنة الله.

فقال جبرئيل لإسرافيل (عليهما السلام): هذه واحدة. و قد كان الله تعالى أمرهم أن لا يدمروهم إلا بعد أربع

__________________________________________________

(1) الذاريات 51: 34.

(2) الذاريات 51: 35 و 36.

(3) هود 11: 74.

(4) هود 11: 74.

(5) هود 11: 74.

(6) هود 11: 75.

(7) هود 11: 76. [.....]

(8) هود 11: 76.

(9) هود 11: 77.

(10) الحجر 15: 61، 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 318

شهادات تحصل من لوط بفسقهم، و لعنته عليهم، ثم أقبلوا

عليه، و قالوا: يا لوط، قد أقبل علينا الليل، و نحن أضيافك، فاعمل على حسب ذلك. فقال لهم لوط: قد أخبرتكم أن قومي يفسقون، و يأتون الذكور شهوة و يتركون النساء، عليهم لعنة الله. فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه ثانية. ثم قال لهم لوط: انزلوا عن دوابكم، و اجلسوا هاهنا حتى يشتد الظلام، ثم تدخلون و لا يشعر بكم منهم أحد، فإنهم قوم سوء فاسقين، عليهم لعنة الله. فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه الثالثة.

ثم مضى لوط- بعد أن أسدل الظلام- بين أيديهم إلى منزله، و الملائكة خلفه، حتى دخلوا منزله، فأغلق عليهم الباب، ثم دعا بامرأته، يقال لها (قواب) و قال لها: يا هذه، إنك عصيت مدة أربعين سنة، و هؤلاء أضيافي قد ملؤوا قلبي خوفا، اكفيني أمرهم هذه الليلة حتى أغفر لك ما مضى. قالت: نعم. قال الله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما «1»، و لم تكن خيانتهما في الفراش، لأن الله تعالى لا يبتلي أنبياءه بذلك و لكن خيانة امرأة نوح (عليه السلام) أنها كانت تقول لقومه: لا تضربوه لأنه مجنون و كان ملك قومه رجلا جبارا قويا عاتيا، يقال له: دوقيل «2» بن عويل بن لامك بن جنح بن قابيل، و هو أول من شرب الخمر، و قعد على الأسرة، و أول من أمر بصنعة الحديد و الرصاص و النحاس، و أول من أتخذ الثياب المنسوجة بالذهب، و كان يعبد هو و قومه الأصنام الخمس: ودا، و سواعا، و يغوث، و يعوق، و نسرا، و هي أصنام قوم إدريس (عليه السلام)، ثم اتخذوا في كثرة الأصنام حتى صار لهم ألف و

تسع مائة صنم على كراسي الذهب، و أسرة من الفضة مفروشة بأنواع الفرش الفاخرة، متوجين الأصنام بتيجان مرصعة بالجواهر و اللآلئ و اليواقيت، و لهذه الأصنام خدم يخدمونها تعظيما لها.

و خيانة امرأة لوط أنها كانت إذا رأت ضيفا نهارا أدخنت، و إذا انزل ليلا أوقدت، فعلم القوم أن هناك ضيوفا، فلما كان في تلك الليلة، خرجت و بيدها سراج كأنها تريد أن تشعله، و طافت على جماعة من قومها و أهلها و أخبرتهم بجمال القوم و بحسنهم- قال- فعلم لوط بذلك، فأغلق الباب و أوثقه، و أقبل الفساق يهرعون من كل جانب و مكان، و ينادون، حتى وقفوا على باب لوط، ففزعوه، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ جاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ «3»، أي يسرعون إليه وَ مِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ «4»- قال- فناداهم لوط (عليه السلام)، و قال: يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ «5»، يعني بالزواج و النكاح إن آمنتم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي «6»، يعني لا تفضحوني في ضيافتي أَ لَيْسَ مِنْكُمْ «7» يا قوم رَجُلٌ رَشِيدٌ «8» أي حليم، يأمركم بالمعروف، و ينهاكم عن المنكر؟ فقالوا له: لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ «9»، أي من حاجة، و لا شهوة لنا فيهن وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ «10»، يعني عملهم الخبيث، و هو إتيان الذكور.

__________________________________________________

(1) التحريم 66: 10.

(2) في «ج» و المصدر: درقيل.

(3) هود 11: 78.

(4) هود 11: 78.

(5) هود 11: 78.

(6) هود 11: 78.

(7) هود 11: 78.

(8) هود 11: 78.

(9) هود 11: 79.

(10) هود 11: 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 319

ثم كسروا الباب و دخلوا، فقالوا: يا لوط أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ

عَنِ الْعالَمِينَ «1»؟، يعني عن الناس أجمعين- قال- فوقف لوط على الباب دون أضيافه، و قال: و الله لا اسلم أضيافي إليكم و في عرق يضرب دون أن تذهب نفسي، أو لا أقدر على شي ء، و ذلك معنى قوله تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ «2»، فتقدم بعضهم إليه، فلطم وجهه، و أخذ بلحيته، و دفعه عن الباب، فعند ذلك قال لوط: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ- قال- فرفع لوط (عليه السلام) رأسه إلى السماء، و قال: إلهي خذ لي من قومي حقي، و العنهم لعنا كثيرا، فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه الرابعة.

ثم قال جبرئيل: يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ «3» فأبشر، و لا تحزن علينا. فهجم القوم عليه، و هم يقولون: أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ، أي لا تؤوي ضيفا، فرأوا جمال القوم و حسن وجوههم، فبادروا نحوهم، فطمس الله على أعينهم، و إذا هم عمي لا يبصرون، و صارت وجوههم كالقار، و هم يدورون و وجوههم تضرب الحيطان، فذلك قوله تعالى: وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَ نُذُرِ «4»- قال- و إذا نفر آخرون قد لحقوا بهم، و نادوهم: إن كنتم قضيتم شهوتكم منهم، فاخرجوا حتى ندخل و نقضي شهوتنا منهم. فصاحوا: يا قوم، إن لوطا أتى بقوم سحرة، لقد سحروا أعيننا، فادخلوا إلينا و خذوا بأيدينا. فدخلوا و أخرجوهم، و قالوا: يا لوط، إذا أصبح الصبح نأتيك و نريك ما تحب فسكت عنهم لوط حتى خرجوا.

ثم قال لوط (عليه السلام) للملائكة: بماذا أرسلتم؟ فأخبروه بهلاك قومه، فقال: متى ذلك؟ فقال جبرئيل (عليه السلام): إِنَّ مَوْعِدَهُمُ

الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ «5». فقال جبرئيل (عليه السلام): اخرج الآن- يا لوط- فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ «6»، يعني في آخر الليل وَ لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ «7» قواب إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ من العذاب».

قال: «فجمع لوط (عليه السلام) بناته و أهله و مواشيه و أمتعته، فأخرجهم جبرئيل (عليه السلام) من المدينة، ثم قال جبرئيل (عليه السلام): يا لوط قد قضى ربك أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. فقالت له امرأته: إلى أين تخرج- يا لوط- من دورك؟ فأخبرها أن هؤلاء رسل ربي، جاءوا لهلاك المدن. فقالت: يا لوط، و ما لربك من القدرة حتى يقدر على هلاك هؤلاء المدائن السبع؟! فما استتمت كلامها حتى أتاها حجر من حجارة السجيل، فوقع على رأسها فأهلكها، و قيل: إنها بقيت ممسوخة حجرا أسود عشرين سنة، ثم خسف بها في بطن الأرض».

قال: «و خرج لوط (عليه السلام) من تلك المدائن و إذا بجبرئيل الأمين قد بسط جناح الغضب، و إسرافيل قد جمع أطراف المدائن، و دردائيل قد جعل جناحه تحت تخوم الأرض السابعة، و عزرائيل قد تهيأ لقبض أرواحهم

__________________________________________________

(1) الحجر 15: 70. [.....]

(2) هود 11: 80.

(3) هود 11: 81.

(4) القمر 54: 37.

(5) هود 11: 81.

(6) هود 11: 81.

(7) هود 11: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 320

في حراب النيران، حتى إذا برز عمود الصبح، صاح جبرئيل الأمين بأعلى صوته: يا بئس صباح قوم كافرين. و صاح ميكائيل من الجانب الثاني: يا بئس صباح قوم فاسقين. و صاح إسرافيل من الجانب الثالث: يا بئس صباح قوم مجرمين. و صاح دردائيل: يا بئس صباح قوم ضالين. و صاح عزرائيل بأعلى صوته: يا بئس صباح قوم غافلين».

قال: «فقلع

جبرئيل الأمين- طاوس الملائكة المطوق بالنور، ذو القوة- تلك المدائن السبع عن آخرها، من تحت تخوم الأرض السابعة السفلى بجناح الغضب، حتى بلغ الماء الأسود، ثم رفعها بجبالها، و وديانها «1»، و أشجارها، و دورها، و غرفها، و أنهارها، و مزارعها، و مراعيها، حتى انتهى بها إلى البحر الأخضر الذي في الهواء، حتى سمع أهل السماء صياح صبيانهم، و نبيح كلابهم، و صقيع «2» الديكة، فقالوا: من هؤلاء المغضوب عليهم؟

فقيل: هؤلاء قوم لوط (عليه السلام). و لم تزل كذلك على جناح جبرئيل، و هي ترتعد كأنها سعفة في ريح عاصف، تنتظر متى يؤمر بهم، فنودي: در القرى بعضها على بعض. فقلبها جبرئيل الأمين، و جعل عاليها سافلها، فذلك معنى قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى فَغَشَّاها ما غَشَّى «3»، يعني من رمي الملائكة لهم بالحجارة من فوقهم.

قال الله تعالى: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا «4» يعني عذابنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ «5» يعني متتابع بعضه على بعض، و كل حجر عليه اسم صاحبه- قال- فاستيقظ القوم و إذا هم بالأرض تهوي بهم من الهواء، و النيران من تحتهم، و الملائكة تقذفهم بالحجارة و هي مطبوخة بنار جهنم، و هي عليهم كالمطر، فساء صباح المنذرين».

و

روي عن كل واحد كان غائبا عن هذه المدائن، ممن كان على مثل حالهم في دينهم و فعلهم أتاه الحجر، فانقض على رأسه حتى قتله.

و كان النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني لأسمع صوت القواصف من الريح، و الرعود، و أحسب أنها الحجارة التي وعد الله بها الظلمة، كما قال الله تعالى: وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ «6»، و قوله تعالى: قُلْ

هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ «7»، يعني بالحجارة أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ «8» يعني الخسف».

قال كعب: و جعل يخرج من تلك المدائن دخان أسود نتن لا يقدر أحد أن يشمه لنتن رائحته، و بقيت آثار المدائن و القوم يعتبر بها كل من يراها، فذلك معنى قوله تعالى: وَ لَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

__________________________________________________

(1) في «ط، ي»: و دوابّها.

(2) صقيع الدّيك: صوته. «لسان العرب- صقع- 8: 203».

(3) النجم 53: 53 و 54.

(4) هود 11: 82.

(5) هود 11: 82.

(6) هود 11: 83.

(7) الأنعام 6: 65.

(8) الأنعام 6: 65. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 321

قال: «و مضى لوط (عليه السلام) إلى عمه إبراهيم (عليه السلام)، فأخبره بما نزل بقومه، فذلك معنى قوله تعالى:

وَ لُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ «1»».

سورة العنكبوت(29): الآيات 39 الي 43 ..... ص : 321

قوله تعالى:

وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ- إلى قوله تعالى- وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [39- 43] 8272/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ: فهذا رد على المجبرة الذين زعموا أن الأفعال لله عز و جل و لا صنع لهم فيها و لا اكتساب، فرد الله عليهم، فقال: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، و لم يقل بفعلنا به، لأن الله عز و جل أعدل من أن يعذب العبد على فعله الذي يجبره عليه. فقال الله: فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، و هم قوم لوط وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، و هم قوم شعيب و صالح وَ

مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، و هم قوم هود وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، و هم فرعون و أصحابه.

ثم قال: قال الله عز و جل تأكيدا و ردا على المجبرة: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، ثم ضرب الله مثلا فيمن اتخذ من دون الله أولياء، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً، و هو الذي نسجته العنكبوت على باب الغار الذي دخله رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو أوهن البيوت- قال- فكذلك من اتخذ من دون الله أولياء.

ثم قال: وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ، يعني آل محمد (عليهم السلام).

8273/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روى أحمد بن محمد بن خالد «2» البرقي، عن الحسين بن سيف عن أخيه، عن أبيه، عن سالم بن مكرم، عن أبيه، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، قال: «هي الحميراء».

8274/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطية، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 150.

2- تأويل الآيات 1: 430/ 7.

3- تأويل الآيات 1: 430/ 8.

(1) الأنبياء 21: 74.

(2) في جميع النسخ: محمد بن خالد، راجع معجم رجال الحديث 5: 267 و 12: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 322

وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ، قال: «نحن هم».

و سيأتي حديث في ذلك- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ

فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ «1».

سورة العنكبوت(29): الآيات 45 الي 46 ..... ص : 322

قوله تعالى:

اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ- إلى قوله تعالى- وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [45- 46] 8275/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ قال: من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا.

8276/ [2]- الطبرسي، قال: روى أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء و المنكر؟ فبقدر ما منعته قبلت منه».

8277/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن سفيان الحريري، عن أبيه، عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قلت: يا أبا جعفر، هل يتكلم القرآن؟ فتبسم، ثم قال: «رحم الله الضعفاء من شيعتنا، إنهم أهل تسليم». ثم قال: «نعم يا سعد، و الصلاة تتكلم، و لها صورة و خلق، تأمر و تنهى».

قال سعد: فتغير لذلك لوني، و قلت: هذا شي ء لا أستطيع أن أتكلم به في الناس. فقال أبو جعفر (عليه السلام):

«و هل الناس إلا شيعتنا، فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا». ثم قال: «يا سعد، أسمعك كلام القرآن؟». قلت:

بلى، (صلى الله عليك). قال: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، فالنهي كلام، و الفحشاء و المنكر رجال، و نحن ذكر الله، و نحن أكبر».

8278/ [4]- العياشي، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و لذكر الله أكبر عند ما أحل و حرم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2 150.

2- مجمع البيان 8: 447.

3- الكافي 2: 437/ 1.

4- ... البحار 82: 200، و أخرجه في نور الثقلين 4: 162/ 61 عن مجمع البيان.

(1) العنكبوت 29: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 323

8279/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، يقول: «ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه، ألا ترى أنه يقول: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ «1»؟».

قوله: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، قال: اليهود و النصارى إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، قال: بالقرآن.

8280/ [6]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال الصادق (عليه السلام)، و قد ذكر عنده الجدال في الدين، و أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) قد نهوا عنه، فقال الصادق (عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا، لكنه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله عز و جل يقول: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، و قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «2»؟

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، و الجدال بغير التي هي أحسن محرم، حرمه الله تعالى على شيعتنا و كيف يحرم الله الجدال جملة، و هو يقول: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى «3» و قال تعالى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «4»؟ فجعل الله علم الصدق و الإيمان بالبرهان، و هل يكون البرهان إلا

في الجدال بالتي هي أحسن؟

فقيل: يا بن رسول الله، فما الجدال بالتي هي أحسن، و التي ليست بأحسن؟ قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن، بأن تجادل مبطلا، فيورد عليك باطلا، فلا ترده بحجة قد نصبها الله، و لكن تجحد قوله، أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة، لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم، و على المبطلين: أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته، و ضعف ما في يده، حجة له على باطله، و أما الضعفاء منكم فتغم «5» قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل.

و أما الجدال بالتي هي أحسن، فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، و إحياءه له، فقال الله تعالى حاكيا عنه: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ «6»؟

فقال الله في الرد عليه: قُلْ «7» يا محمد يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ

__________________________________________________

5- تفسير القمي 2: 150.

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 527.

(1) البقرة 2: 152.

(2) النحل 16: 125. [.....]

(3) البقرة 2: 111.

(4) البقرة 2: 111.

(5) في «ط، ي»: فعمي.

(6) يس 36: 78.

(7) يس 36: 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 324

الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «1» إلى آخر السورة.

فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث الله هذه العظام و هي رميم؟ فقال الله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ

مَرَّةٍ، أ فيعجز من ابتدأه لا من شي ء أن يعيده بعد أن يبلى؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته.

ثم قال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً، أي إذا كان قد أكمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب، يستخرجها، فعرفكم أنه على إعادة ما يبلى أقدر، ثم قال: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ «2»، أي إذا كان خلق السماوات و الأرض أعظم و أبعد في أوهامكم و قدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي، فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم و الأصعب لديكم، و لم تجوزوا ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي؟

فقال الصادق (عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لأن فيه انقطاع عرى الكافرين، و إزالة شبههم، و أما الجدال بغير التي هي أحسن، فأن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه و بين باطل من تجادله، و إنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق، فهذا هو المحرم، لأنك مثله، جحد هو حقا، و جحدت أنت حقا آخر».

سورة العنكبوت(29): آية 47 ..... ص : 324

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ [47]

8281/ [1]- محمد بن العباس، فقال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين ابن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، قال: «هم آل محمد (عليهم السلام) وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ به، يعني أهل الإيمان من أهل القبلة».

8282/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبو سعيد، عن أحمد بن محمد، عن

أبيه، عن الحصين بن المخارق، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، قال: «هم آل محمد (عليهم السلام)».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 431/ 9.

2- تأويل الآيات 1: 431/ 10.

(1) يس 36: 79 و 80.

(2) يس 36: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 325

8283/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ: «فهم آل محمد (عليهم السلام) وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، يعني أهل الإيمان من أهل القبلة».

سورة العنكبوت(29): آية 48 ..... ص : 325

قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [48] 8284/ [2]- علي بن إبراهيم: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ، و هو معطوف على قوله في سورة الفرقان: اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا «1»، فرد الله عليهم، فقال: كيف يدعون أن الذي تقرأه و تخبر به تكتبه عن غيرك، و أنت ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ؟ أي شكوا.

سورة العنكبوت(29): الآيات 49 الي 62 ..... ص : 325

قوله تعالى:

بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ [49]

8285/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين ابن المختار، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، فأومأ بيده إلى صدره.

8286/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 150.

2- تفسير القمّي 2: 150.

3- الكافي 1: 166/ 1.

4- الكافي 1: 167/ 2.

(1) الفرقان 25: 5. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 326

الأئمة (عليهم السلام)».

8287/ [3]- و

عنه: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)، في هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال:

«أما و

الله- يا أبا محمد- ما قال بين دفتي المصحف».

قلت: من هم، جعلت فداك؟ قال: «من عسى أن يكونوا غيرنا؟».

8288/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر، عن هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ- قال- هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة».

8289/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، قال: سألته عن قول الله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة».

8290/ [6]- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ؟ فقلت له: أنتم؟ فقال: «من عسى أن يكونوا؟».

8291/ [7]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قرأ هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، ثم قال: «يا أبا محمد، و الله ما قال بين دفتي المصحف».

قلت: من هم، جعلت فداك؟ قال: «من عسى أن يكونوا غيرنا؟».

8292/ [8]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن حجر، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و أبي عبد الله البرقي، عن أبي الجهم، عن أسباط، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «نحن».

8293/ [9]- و

عنه: عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، و الحسن بن علي بن فضال، عن مثنى

__________________________________________________

3- الكافي 1: 167/ 3.

4- الكافي 1: 167/ 4.

5- الكافي 1: 167/ 5.

6- ....

7- بصائر الدرجات: 225/ 3.

8- بصائر الدرجات: 225/ 4.

9- بصائر الدرجات: 227/ 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 327

الحناط، عن الحسن الصيقل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ؟ قال: «نحن، و إيانا عنى».

8294/ [10]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد. عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن حر، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، فقلت: أنتم هم؟ قال: «من عسى أن يكون؟».

8295/ [11]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

8296/ [12]- و

عنه: عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة، و ما يعقلها إلا العالمون، فزعم أن من عرف الإمام و الآيات «1» يعقل ذلك».

8297/ [13]- و

عنه: عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الرجس هو الشك،

و لا نشك في ديننا أبدا». ثم قال: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قلت: أنتم هم؟ قال: «من عسى أن يكونوا؟».

8298/ [14]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن محمد بن يحيى، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن هذا العلم انتهى إلي «2» في القرآن- ثم جمع أصابعه، ثم قال- بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ».

8299/ [15]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن سليمان الزراري، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، فقلت له: أنتم هم؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «من عسى أن يكونوا، و نحن الراسخون في العلم؟».

8300/ [16]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير، عن

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 225/ 6.

11- بصائر الدرجات: 226/ 8.

12- بصائر الدرجات: 227/ 17.

13- بصائر الدرجات: 226/ 13.

14- بصائر الدرجات: 226/ 14.

15- تأويل الآيات 1: 432/ 11.

16- تأويل الآيات 1: 432/ 12. [.....]

(1) في المصدر زيادة: ممّن.

(2) في المصدر زيادة: آي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 328

عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ؟ قال: «إيانا عنى».

8301/ [17]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن علي بن أسباط، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)

عن قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «نحن هم».

فقال الرجل: جعلت فداك، حتى «1» يقوم القائم (عليه السلام)؟ قال: «كلنا قائم بأمر الله عز و جل واحد بعد واحد حتى يجي ء صاحب السيف، فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا».

8302/ [18]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عبد العزيز العبدي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة من آل محمد (عليهم السلام)».

قوله تعالى:

وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [49- 69] 8303/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا، يعني ما يجحد بأمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) إِلَّا الظَّالِمُونَ. و قال عز و جل: وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ يا محمد بِالْعَذابِ يعني قريشا، فقال الله تعالى: وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَ لَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ.

8304/ [2]- قال: و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ

يقول: «لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك، فإن خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم، فإن أرضي واسعة، و هو يقول: فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ «2». فقال: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها «3»، ثم قال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، أي فاصبروا على طاعة الله فإنكم إليه ترجعون».

__________________________________________________

17- تأويل الآيات 1: 432/ 13.

18- تأويل الآيات 1: 432/ 14.

1- تفسير القمّي 2: 151.

2- تفسير القمّي 2:

151.

(1) في المصدر: متى.

(2، 3) النساء 4: 97.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 329

8305/ [3]- قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ، قال: كان العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع، فقال الله تعالى: نَرْزُقُكُمْ وَ إِيَّاهُمْ «1».

قال: قوله: وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ، أي لا يموتون فيها، قوله تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا، أي صبروا و جاهدوا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا أي لنثبتنهم «2» وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.

8306/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هذه الآية «3» لآل محمد (صلى الله عليه و آله)، و لأشياعهم».

8307/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة منصرفه من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه، و يعيبه، و يقتل أصحابه، فقام خطيبا- و ذكر الخطبة إلى أن قال فيها-:

ألا و إني مخصوص في القرآن بأسماء، احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، قال الله عز و جل: إن الله مع الصادقين «4» أنا ذلك الصادق، و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة، قال الله عز و جل: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ «5»، أنا ذلك المؤذن، و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ «6»، فأنا ذلك الأذان من الله و

رسوله، و أنا المحسن، يقول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ و أنا ذو القلب، يقول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ «7»، و أنا الذاكر، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ «8».

و نحن أصحاب الأعراف: أنا و عمي و أخي و ابن عمي، و الله فالق الحب و النوى لا يلج النار لنا محب، و لا يدخل الجنة لنا مبغض، يقول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «9»، و أنا الصهر،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 151.

4- تفسير القمّي 2: 151.

5- معاني الأخبار: 58/ 9.

(1) الأنعام 6: 151.

(2) في «ج، ي»: لنثيبهم.

(3) أي الآية (69) من هذه السورة. [.....]

(4) لم ترد الآية بهذا الشكل في القرآن الكريم، و الذي في سورة التوبة: 119 وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ.

(5) الأعراف 7: 44.

(6) التوبة 9: 3.

(7) سورة ق 50: 37.

(8) آل عمران 3: 191.

(9) الأعراف 7: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 330

يقول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً «1». و أنا الأذن الواعية، يقول الله عز و جل: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

«2»، و أنا السلم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول الله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ «3». و من ولدي مهدي هذه الأمة».

8308/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عمر «4» بن محمد بن زكي، عن محمد بن الفضيل، عن محمد بن شعيب، عن قيس بن الربيع، عن منذر الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه علي (عليه

السلام)، قال: «يقول الله عز و جل: وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، فأنا ذلك المحسن».

8309/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، قال: «نزلت فينا».

8310/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن مسلم الحذاء، عن زيد بن علي، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، قال: «نحن هم». قلت: و إن لم تكونوا، و إلا فمن!

8311/ [9]- المفيد، في (الاختصاص)، قال: روي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، في قوله:

وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، قال: «نزلت فينا أهل البيت».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 1: 1: 433/ 15.

7- تأويل الآيات 1: 433/ 16.

8- تأويل الآيات 1: 433/ 17.

9- الاختصاص: 127، شواهد التنزيل 1: 442/ 606 و 607.

(1) الفرقان 25: 54.

(2) الحاقّة 69: 12.

(3) الزمر 39: 29.

(4) في المصدر: عمرو. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 331

سورة الروم ..... ص : 331

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 333

فضلها ..... ص : 333

تقدم في سورة العنكبوت «1».

8312/ [1]- و من (خواص القرآن):

روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك يسبح الله تعالى في السماء و الأرض، و أدرك ما ضيع في يومه و ليلته، و من كتبها و جعلها في منزل من أراد، اعتل جميع من في الدار، و لو دخل في الدار غريب اعتل أيضا مع أهل الدار».

8313/ [2]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و جعلها في منزل من أراد من الناس، اعتل جميع من في ذلك المنزل، و من كتبها في قرطاس، و محاها بماء المطر، و جعلها في ظرف مطين، كل من شرب من ذلك الماء يصير مريضا، و كل من غسل وجهه من ذلك الماء يظهر في عينه رمد، كاد أن يصير أعمى» «2».

__________________________________________________

1- ...

2- ...

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة العنكبوت.

(2) (و من كتبها في قرطاس ... أعمى) ليس في «ج».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 335

سورة الروم(30): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 335

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [1- 5]

8314/ [1]- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم، قراءة، عن علي بن إبراهيم بن المعلى، عن الفضيل بن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية، عن علي (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: الم غُلِبَتِ الرُّومُ هي فينا، و

في بني أمية».

8315/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور القمي، عن أبيه، عن جعفر بن بشير الوشاء، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير: الم غُلِبَتِ الرُّومُ، قال: «هم بنو امية، و إنما أنزلها الله عز و جل: الم غُلِبَتِ الرُّومُ بنو امية فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ عند قيام القائم (عليه السلام)».

8316/ [3]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة) (عليها السلام)، قال: حدثني أبو المفضل محمد ابن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 434/ 1.

2- تأويل الآيات 1: 434/ 2.

3- دلائل الإمامة: 248، ينابيع المودّة: 426.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 336

سميع، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ، قال: «في قبورهم بقيام القائم (عليه السلام)».

8317/ [4]- صاحب (ثاقب المناقب): أسنده إلى أبي هاشم الجعفري، عن محمد بن صالح الأرمني، قال:

قلت لأبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام): عرفني عن قول الله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ.

فقال (عليه السلام): «لله الأمر من قبل أن يأمر، و من بعد أن يأمر بما يشاء».

فقلت في نفسي: هذا تأويل قول الله: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «1».

فأقبل (عليه السلام) علي، و قال: «هو كما أسررت في نفسك أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ

الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ». فقلت:

أشهد أنك حجة الله، و ابن حجته على عباده.

8318/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ.

فقال: «يا أبا عبيدة، إن لهذا تأويلا لا يعلمه إلا الله، و الراسخون في العلم من آل محمد (صلى الله عليه و آله)، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما هاجر إلى المدينة و أظهر الإسلام، كتب إلى ملك الروم كتابا، و بعث به مع رسول يدعوه إلى الإسلام، و كتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام، و بعثه إليه مع رسوله، فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أكرم رسوله، و أما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و مزقه، و استخف برسوله.

و كان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم، و كان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس، و كانوا لناحية ملك الروم أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون و اغتموا به، فأنزل الله عز و جل بذلك كتابا قرآنا: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض، و هي الشامات و ما حولها وَ هُمْ يعني فارس مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ الروم سَيَغْلِبُونَ يعني يغلبهم المسلمون فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ

يَشاءُ، فلما غزا المسلمون فارس و افتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز و جل».

قال: قلت: أليس الله عز و جل يقول: فِي بِضْعِ سِنِينَ، و قد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في إمارة أبي بكر، و إنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر؟

فقال: «ألم أقل لكم أن لهذا تأويلا و تفسيرا، و القرآن- يا أبا عبيدة- ناسخ و منسوخ، أما تسمع لقول

__________________________________________________

4- الثاقب في المناقب: 564/ 502.

5- الكافي 8: 269/ 3997.

(1) الأعراف 7: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 337

الله عز و جل: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ؟ يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم، و يقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، فذلك قوله عز و جل: وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ، يوم يحتم القضاء بنصر الله».

8319/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خلق نور فاطمة قبل أن تخلق الأرض و السماء. فقال بعض الناس: يا نبي الله، فليست هي إنسية؟ فقال (عليه السلام): فاطمة حوراء إنسية. قالوا: يا رسول الله، و كيف هي حوراء إنسية؟ قال: خلقها الله عز و جل من نور «1» قبل أن يخلق آدم، إذ كانت الأرواح، فلما خلق الله عز و جل آدم عرضت على

آدم.

قيل: يا نبي الله، و أين كانت فاطمة؟ قال: كانت في حقة تحت ساق العرش. قالوا: يا نبي الله، فما كان طعامها؟ قال: التسبيح، و التهليل، و التحميد، فلما خلق الله عز و جل آدم، و أخرجني من صلبه أحب الله عز و جل أن يخرجها من صلبي، جعلها تفاحة في الجنة، و آتاني بها جبرئيل (عليه السلام)، فقال لي: السلام عليك و رحمة الله و بركاته، يا محمد. قلت: و عليك السلام و رحمة الله، حبيبي جبرئيل. فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام. قلت:

منه السلام، و إليه يعود السلام. قال: يا محمد، إن هذه التفاحة، أهداها الله عز و جل إليك من الجنة. فأخذتها، و ضممتها إلى صدري. قال: يا محمد، يقول الله جل جلاله: كلها. ففلقتها، فرأيت نورا ساطعا، ففزعت منه، فقال: ما لك- يا محمد- لا تأكل؟ كلها و لا تخف، فإن ذلك النور للمنصورة في السماء، و هي في الأرض فاطمة. قلت:

حبيبي جبرئيل، و لم سميت في السماء المنصورة، و في الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار، و فطم أعداؤها من حبها، و هي في السماء المنصورة، و ذلك قوله عز و جل: وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يعني نصر الله لمحبيها».

علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2»، و ذكر الحديث الأول مثل ما تقدم من رواية الكليني.

سورة الروم(30): الآيات 7 الي 18 ..... ص : 337

قوله تعالى:

يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

6- معاني الآخبار: 396/ 53.

(1) في المصدر: نوره.

(2) تفسير القمّي 2: 152.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 338

وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ

وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ [7- 18] 8320/ [1]- علي بن إبراهيم: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني ما يرونه حاضرا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ، قال: يرون حاضر الدنيا، و يتغافلون عن الآخرة.

قال: قوله: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ أي ظلموا و استهزءوا.

قال: قوله: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ أي يئسوا وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ يعني شركاء يعبدونهم، و يطيعونهم، لا يشفعون لهم. و قوله: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ، قال: إلى الجنة و النار فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ أي يكرمون.

قال: قوله: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ يقول: سبحان بالغداة، و العشي، و نصف النهار.

8321/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان فيما سأله، [أن ] قال: أخبرني عن الله عز و جل، لأي شي ء فرض هذه الخمس صلوات، في خمس مواقيت على أمتك، في ساعات الليل و النهار؟

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): إن الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شي ء دون العرش

بحمد ربي جل جلاله، و هي الساعة التي يصلي علي فيها ربي، ففرض الله عز و جل علي و على أمتي فيها الصلاة، و قال: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ «1»، و هي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة، فما من مؤمن يوافق «2» تلك الساعة أن يكون ساجدا، أو راكعا، أو قائما، إلا حرم الله جسده على النار.

و أما صلاة العصر، فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله من الجنة، فأمر الله عز و جل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة، و اختارها لامتي، فهي من أحب الصلوات إلى الله عز و جل، و أوصاني أن أحفظها من بين الصلوات.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 153. [.....]

2- علل الشرائع: 337/ 1.

(1) الاسراء 17: 78.

(2) في «ج، ي، ط»: يوفّق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 339

و أما صلاة المغرب، فهي الساعة التي تاب الله عز و جل فيها على آدم، و كان بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب الله عليه ثلاث مائة سنة من أيام الدنيا، و في أيام الآخرة يوم كألف سنة ما بين العصر و العشاء، فصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته، و ركعة لخطيئة حواء، و ركعة لتوبته، فافترض الله عز و جل هذه الركعات الثلاث على امتي، و هي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء، فوعدني ربي عز و جل أن يستجيب لمن دعاه فيها، و هي الصلاة التي أمرني بها ربي في قوله عز و جل: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ.

و أما صلاة العشاء الآخرة، فإن للقبر ظلمة، و ليوم القيامة ظلمة، فأمرني الله عز و جل و امتي بهذه الصلاة في

ذلك الوقت لتنور القبور، و ليعطيني و امتي النور على الصراط، و ما من قدم مشت إلى صلاة العتمة «1» إلا حرم الله جسدها على النار، و هي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي.

و أما صلاة الفجر، فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني شيطان، فأمرني الله عز و جل أن اصلي صلاة الغداة قبل طلوع الشمس، و قبل أن يسجد لها الكافر، فتسجد امتي لله عز و جل، و سرعتها أحب إلى الله عز و جل، و هي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل، و ملائكة النهار. قال اليهودي: صدقت، يا محمد».

و رواه في (من لا يحضره الفقيه) مرسلا، عن الحسن (عليه السلام) «2».

سورة الروم(30): الآيات 19 الي 20 ..... ص : 339

قوله تعالى:

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [19- 20] 8322/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ قال: يخرج المؤمن من الكافر، و يخرج الكافر من المؤمن.

و قد تقدم بهذا المعنى حديث مسند في سورة الأنعام «3».

قوله: وَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ رد على الدهرية. ثم قال: وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ أي تسيرون «4» في الأرض.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 154.

(1) العتمة: صلاة العشاء، أو وقت صلاة العشاء. «مجمع البحرين- عتم- 6: 110».

(2) من لا يحضره الفقيه 1: 137/ 643.

(3) تقدّم في تفسير الآيتين (95، 96) من سورة الأنعام.

(4) في المصدر: تنثرون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 340

سورة الروم(30): الآيات 22 الي 25 ..... ص : 340

قوله تعالى:

وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ- إلى قوله تعالى- إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ [22- 25]

8323/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، و محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الإمام: فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: «نعم، و ذلك أن رجلا سأله عن مسألة، فأجابه عنها، و سأله آخر عن تلك المسألة، فأجابه بغير جواب الأول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين، ثم قال: هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب «1» و هكذا هي في قراءة علي (عليه السلام)».

قال: قلت: أصلحك الله، فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام؟ قال: «سبحان الله! أما تسمع الله يقول:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ

لِلْمُتَوَسِّمِينَ «2»، و هم الأئمة (عليهم السلام) وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ «3» لا يخرج منها أبدا».

ثم قال لي: «نعم، إن الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه، و عرف لونه، و إن سمع كلامه من خلف حائط عرفه، و عرف ما هو، إن الله يقول: وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ، و هم العلماء، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلا عرفه ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات) «4».

8324/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله: وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ، قال: يعني السماء و الأرض هاهنا ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ و هو رد على أصناف الزنادقة.

سورة الروم(30): آية 28 ..... ص : 340

قوله تعالى:

ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ [28]

__________________________________________________

1- الكافي 1: 364/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 154.

(1) سورة ص 38: 39.

(2) الحجر 15: 75.

(3) الحجر 15: 76.

(4) بصائر الدرجات: 2: 154. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 341

8325/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: إنه كان سبب نزولها أن قريشا و العرب كانوا إذا حجوا يلبون، و كانت تلبيتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك، و هي تلبية إبراهيم (عليه السلام) و الأنبياء، فجاءهم إبليس في صورة شيخ، فقال: ليست هذه تلبية أسلافكم. قالوا: و ما كانت تلبيتهم؟ قال: كانوا يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك، فنفرت قريش من هذا القول، فقال لهم إبليس: على

رسلكم حتى آتي على آخر كلامي. فقالوا: ما هو؟ فقال: إلا شريك هو لك، تملكه و ما يملك، ألا ترون أنه يملك الشريك و ما ملكه؟ فرضوا بذلك، و كانوا يلبون بهذا قريش خاصة.

فلما بعث الله رسوله أنكر ذلك عليهم، و قال: «هذا شرك» فأنزل الله: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ، أي ترضون أنتم فيما تملكون أن يكون لكم فيه شريك؟ فإذا لم ترضوا أنتم أن يكون لكم فيما تملكون شريك، فكيف ترضون أن تجعلوا لي شريكا فيما أملك؟

سورة الروم(30): آية 30 ..... ص : 341

قوله تعالى:

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [30]

8326/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «هي الولاية».

8327/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها؟ قال: «التوحيد».

8328/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 154.

2- الكافي 1: 346/ 35.

3- الكافي 2: 10/ 1.

4- الكافي 2: 10/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 342

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، ما تلك الفطرة؟ قال:

«هي الإسلام، فطرهم الله حين

أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ «1»؟ قالوا: بلى «2»، و فيه المؤمن و الكافر».

8329/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال:

«فطرهم جميعا على التوحيد».

8330/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «3»، قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله- قال- فطرهم على المعرفة به».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «4» الآية، قال: «أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم، و أراهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه- قال- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة، يعني على المعرفة بأن الله عز و جل خالقه، كذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «5»».

و رواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد)، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، و محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ

لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ، و ذكر الحديث إلى آخره «6».

8331/ [6]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم على التوحيد».

8332/ [7]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن

__________________________________________________

4- الكافي 2: 10/ 3.

5- الكافي 2: 10/ 4.

6- الكافي 2: 11/ 5، التوحيد: 329/ 5.

7- التوحيد: 328/ 1.

(1) الأعراف 7: 172.

(2) (قالوا بلى) ليس في المصدر.

(3) الحج 22: 31.

(4) الأعراف 7: 172.

(5) لقمان 31: 25، الزمر 39: 38.

(6) التوحيد: 330/ 9. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 343

سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «التوحيد».

8333/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت:

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها؟ قال: «التوحيد».

8334/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ما تلك الفطرة؟ قال: «هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على

التوحيد، قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ «1» و فيهم المؤمن و الكافر».

8335/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، و يعقوب بن يزيد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم على التوحيد».

8336/ [11]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال:

«فطرهم على التوحيد».

8337/ [12]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد، و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم جميعا على التوحيد».

8338/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان الواسطي، عن الحسن بن يونس، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «التوحيد، و محمد رسول الله، و علي أمير المؤمنين (صلى الله عليهما و آلهما)».

__________________________________________________

8- التوحيد: 328/ 2.

9- التوحيد: 329/ 3.

10- التوحيد: 329/ 4.

11- التوحيد: 329/ 5.

12- التوحيد: 329/ 6.

13- التوحيد 329/ 7.

(1) الأعراف 7: 172.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 4، ص: 344

8339/ [14]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله، قول الله عز و جل في كتابه:

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها؟ قال: «فطرهم على التوحيد عند الميثاق، و على معرفته أنه ربهم».

قلت: و خاطبوه؟ قال: فطأطأ رأسه، ثم قال: «لو لا ذلك لم يعلموا من ربهم، و لا من رازقهم».

8340/ [15]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطروا على التوحيد».

8341/ [16]- و

عنه: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «1»، ما الحنيفية؟ قال: «هي الفطرة التي فطر الناس عليها، فطر الخلق على معرفته».

8342/ [17]- و

عنه: عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم على معرفة أنه ربهم، و لولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من ربهم، و لا من رازقهم».

8343/ [18]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن جعفر بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «هي الولاية».

8344/

[19]- قال: حدثنا الحسين بن علي بن زكريا، قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني، قال: حدثنا علي ابن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده عن محمد بن علي (عليهم السلام)، في قوله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «هي: لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، علي أمير المؤمنين ولي الله، إلى هاهنا التوحيد».

8345/ [20]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان الناب، و خلف بن حماد، عن الفضيل بن يسار، و ربعي بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله

__________________________________________________

14- التوحيد: 330/ 8.

15- المحاسن: 241/ 222.

16- المحاسن: 241/ 223.

17- المحاسن: 241/ 224.

18- تفسير القمّي 2: 154.

19- تفسير القمّي 2: 154.

20- تفسير القمّي 2: 155. [.....]

(1) الحج 22: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 345

تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «قم في الصلاة، و لا تلتفت يمينا و لا شمالا».

8346/ [21]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن أبي حمزة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «أمره أن يقيم وجهه للقبلة ليس فيه شي ء من عبادة الأوثان، خالصا مخلصا».

8347/ [22]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن الحسن المالكي «1»، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن جعفر بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «هي الولاية».

8348/ [23]- محمد بن الحسن الصفار: بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «على التوحيد، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8349/ [24]- الشيخ في (مجالسه) بإسناده المتصل عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له:

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «التوحيد».

8350/ [25]- العياشي: عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كانت شريعة نوح (عليه السلام) أن يعبد الله بالتوحيد، و الإخلاص، و خلع الأنداد، و هي الفطرة التي فطر الناس عليها».

و للحديث تتمة، تقدم بتمامه في سورة هود «2».

8351/ [26]- ابن شهر آشوب: عن الرضا، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، في قوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «هو التوحيد، و محمد رسول الله، و علي أمير المؤمنين (عليهما السلام) إلى هاهنا التوحيد».

8352/ [27]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن غير واحد، عن الحسين بن نعيم الصحاف، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ يكون الرجل مؤمنا، قد ثبت له الإيمان، ثم ينقله الله بعد الإيمان إلى الكفر؟ قال: «إن الله هو العدل، و إنما بعث الرسل ليدعوا الناس إلى الإيمان بالله، و لا يدعوا أحدا إلى الكفر».

__________________________________________________

21- التهذيب 2: 42/ 123.

22- تأويل الآيات 1: 435/ 3.

23- بصائر الدرجات: 98/ 7.

24- الأمالي 2: 274.

25- تفسير العيّاشي 2: 144/ 18.

26- المناقب 3: 101.

27- علل

الشرائع: 121/ 5.

(1) كذا، و لعلّه الحسين بن أحمد المالكي، لروايته عن محمّد بن عيسى، انظر لسان الميزان 2: 266.

(2) تقدّم في الحديث 23) من تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 346

قلت: فيكون الرجل كافرا، قد ثبت له الكفر عند الله، فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الإيمان؟ قال: «إن الله عز و جل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها، لا يعرفون إيمانا بشريعة، و لا كفرا بجحود، ثم ابتعث الله الرسل إليهم يدعونهم إلى الإيمان بالله حجة لله عليهم، فمنهم من هداه الله، و منهم من لم يهده».

8353/ [28]- الطبرسي في (جوامع الجامع) في معنى الآية: قوله (عليه السلام): «كل مولود يولد على الفطرة، حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه و ينصرانه».

سورة الروم(30): آية 38 ..... ص : 346

قوله تعالى:

فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [38]

8354/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى، و حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما بويع لأبي بكر، و استقام له الأمر على جميع المهاجرين و الأنصار، بعث إلى فدك، فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) منها، فجاءت فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر، فقالت: يا أبا بكر، منعتني ميراثي من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أخرجت وكيلي من فدك و قد جعلها لي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأمر الله؟! فقال لها: هاتي على ذلك شهودا. فجاءت بأم أيمن، فقالت: لا أشهد حتى أحتج- يا أبا بكر- عليك بما

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت: أنشدك الله- يا أبا بكر- أ لست تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إن أم أيمن امرأة من أهل الجنة؟ قال: بلى. قالت: فأشهد أن الله أوحى إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله): فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ فجعل فدكا لفاطمة (عليها السلام) بأمر الله. و جاء علي (عليه السلام) فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتابا برد فدك، و دفعه إليها، فدخل عمر، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال أبو بكر: إن فاطمة ادعت في فدك، و شهدت لها ام أيمن و علي، فكتبت لها بفدك. فأخذ عمر الكتاب من فاطمة (عليها السلام) فمزقه، و قال: هذا في ء للمسلمين، و قال: أوس بن الحدثان، و عائشة، و حفصة يشهدون على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة، و إن عليا زوجها يجر إلى نفسه، و ام أيمن فهي امرأة صالحة، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه.

فخرجت فاطمة (عليها السلام) من عندهما باكية حزينة، فلما كان بعد هذا جاء علي (عليه السلام) إلى أبي بكر و هو في المسجد، و حوله المهاجرون و الأنصار، فقال: يا أبا بكر، لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال أبو بكر: هذا في ء للمسلمين، فإن أقامت شهودا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) جعله لها، و إلا فلا حق لها فيه. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، تحكم فينا بخلاف حكم

__________________________________________________

28- جوامع الجامع: 359.

1- تفسير

القمّي 2: 155.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 347

الله في المسلمين! قال: لا. قال: فإن كان في يد المسلمين شي ء يملكونه، ادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين. قال: فإذا كان في يدي شي ء و ادعى فيه المسلمون، تسألني البينة على ما في يدي، و قد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بعده «1»، و لم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوا علي شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم؟ فسكت أبو بكر، ثم قال عمر: يا علي، دعنا من كلامك، فإنا لا نقوى على حججك، فإن أتيت بشهود عدول و إلا فهو في ء للمسلمين لا حق لك و لا لفاطمة فيه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «2»، فيمن نزلت، أ فينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم.

قال: فلو أن شاهدين شهدا على فاطمة (عليهم السلام) بفاحشة، ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر المسلمين. قال: كنت إذن عند الله من الكافرين. قال: و لم؟ قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة، و قبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله و حكم رسوله أن جعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) لها فدك و قبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابي بوال على عقبيه، مثل أوس بن الحدثان، و أخذت منها فدك، و زعمت أنه في ء للمسلمين، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): البينة على المدعي،

و اليمين على من ادعي عليه- قال- فدمدم الناس، و بكى بعضهم، فقالوا: صدق- و الله- علي. و رجع علي إلى منزله».

قال: «و دخلت فاطمة المسجد، و طافت بقبر أبيها (عليه و آله السلام) و هي تبكي، و تقول:

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب «3»

قد كان بعدك أنباء و هنبثة «4» لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغاب عنا و كل الخير محتجب

و كنت بدرا و نورا يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتب

تقمصتها رجال و استخف بنا إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب

فكل أهل له قربى و منزلة عند الإله على الأدنين مقترب

أبدت رجال لنا فحوى صدورهم لما مضيت و حالت دونك الكثب «5»

فقد رزينا «6» بما لم يرزه أحد من البرية لا عجم و لا عرب

فقد رزينا به محضا خليقته صافي الضرائب و الأعراق و النسب

__________________________________________________

(1) في «ج، ط»: قال: فما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يديها و قد ملكته في حياة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و بعده.

(2) الأحزاب 33: 33. [.....]

(3) في البيت إقواء بيّن، إذ أنّ حرف الروي في القصيدة مرفوع و هنا مجرور، و روي في مصادر اخرى: «فاشهدهم قد انقلبوا»، و روي أيضا:

«فأشهدهم فقد نكبوا».

(4) الهنبثة: واحدة الهنابث، و هي الأمور الشداد المختلفة. «لسان العرب- هنبث- 2: 199».

(5) الكثيب من الرمل: هو ما اجتمع و احدودب، و الجمع: كثب. «لسان العرب- كثب- 1: 702».

(6) الرّزء: المصيبة. «لسان العرب- رزأ- 1: 86».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 348

فأنت خير عباد الله كلهم و أصدق الناس حين الصدق و الكذب «1»

فسوف نبكيك ما عشنا و

ما بقيت منا العيون بتهمال لها سكب «2»

سيعلم المتولي ظلم حامتنا «3» يوم القيامة أنى سوف ينقلب».

قال: «فرجع أبو بكر إلى منزله، و بعث إلى عمر، فدعاه، فقال: ما رأيت مجلس علي منا اليوم؟ و الله لئن قعد مقعدا مثله ليفسدن أمرنا، فما الرأي؟ قال عمر: الرأي أن تأمر بقتله. قال: فمن يقتله؟ قال: خالد بن الوليد. فبعثا إلى خالد، فأتاهما، فقالا: نريد أن نحملك على أمر عظيم. قال: احملاني على ما شئتما، و لو قتل علي بن أبي طالب. قالا: فهو ذاك. قال خالد: متى أقتله؟ قال أبو بكر: إذا حضر المسجد، فقم بجنبه في الصلاة، فإذا أنا سلمت فقم إليه فاضرب عنقه. قال: نعم.

فسمعت أسماء بنت عميس ذلك، و كانت تحت أبي بكر، فقالت لجاريتها: اذهبي إلى منزل علي و فاطمة فأقرئيهما السلام، و قولي لعلي: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ «4»، فجاءت إليهما، فقالت لعلي (عليه السلام): إن أسماء بنت عميس تقرأ عليكما السلام، و تقول: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ. فقال علي (عليه السلام): قولي لها: إن الله يحيل بينهم و بين ما يريدون.

ثم قام و تهيأ للصلاة، و حضر المسجد، و صلى خلف أبي بكر «5»، و خالد بن الوليد إلى جنبه معه السيف، فلما جلس أبو بكر للتشهد ندم على ما قال، و خاف الفتنة، و شدة علي (عليه السلام) و بأسه، و لم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أنه قد سها، ثم التفت إلى خالد، فقال: يا خالد، لا تفعل ما أمرتك به، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):

يا خالد، ما الذي أمرك به؟ قال: أمرني بضرب عنقك. قال: و كنت فاعلا؟ قال:

إي و الله، فلولا أنه قال: لا تفعل، لقتلتك بعد التسليم- قال- فأخذه علي (عليه السلام)، فضرب به الأرض، و اجتمع الناس عليه، فقال عمر: يقتله، و رب الكعبة. و قال الناس: يا أبا الحسن، الله الله، بحق صاحب هذا القبر. فخلى عنه، فالتفت إلى عمر، و أخذ بتلابيبه، و قال: يا بن صهاك، لولا عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كتاب من الله سبق، لعلمت أينا أضعف ناصرا، و أقل عددا ثم دخل منزله».

8355/ [2]- الطبرسي: عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليه السلام): أنه لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه و آله) أعطى فاطمة (عليها السلام) فدك و سلمه إليها. و رواه أبو سعيد الخدري، و غيره.

__________________________________________________

2- مجمع البيان 8: 478.

(1) في هذا البيت إقواء و كذا الذي قبله.

(2) في «ط»: همال و هي تنسكب، و في «ي»: بتهمال و تنسكب.

(3) الحامّة: خاصّة الرجل من أهله و ولده و ذي قرابته. «لسان العرب- حمم- 12: 153»، و هي بتشديد الميم، و خفّفت هنا للضرورة.

(4) القصص 28: 20.

(5) في المصدر: المسجد و وقف خلف أبي بكر و صلّى لنفسه.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 349

8356/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس المقانعي، عن أبي كريب، عن معاوية بن هشام، عن فضل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نزلت: فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ، دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاطمة (عليها السلام)، و أعطاها فدك.

و القصة مشهورة، و قد تقدمت الروايات في ذلك في

سورة بني إسرائيل «1».

سورة الروم(30): آية 39 ..... ص : 349

قوله تعالى:

وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ [39]

8357/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الربا رباءان: ربا يؤكل، و ربا لا يؤكل، فأما الذي يؤكل فهديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها، فذلك الربا الذي يؤكل، و هو قول الله عز و جل: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، و أما الذي لا يؤكل فهو الربا الذي نهى الله عز و جل عنه، و أوعد عليه النار».

8358/ [5]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، قال: «هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها، فذلك ربا يؤكل».

8359/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الربا رباءان: أحدهما حلال، و الآخر حرام، فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل أخاه قرضا طمعا أن يزيده و يعوضه بأكثر مما يأخذه، بلا شرط بينهما، فإن أعطاه أكثر مما أخذه على غير شرط بينهما فهو مباح له، و ليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، و هو قوله: فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، و أما الربا الحرام، فالرجل يقرض قرضا و يشترط أن يرد أكثر مما أخذه، فهذا هو الحرام».

8360/ [7]- الطبرسي:

في معني الآية، عن أبي جعفر (عليه السلام): «هو أن يعطي الرجل العطية، أو يهدي الهدية ليثاب أكثر منها، فليس فيه أجر و لا وزر».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 1: 435/ 5.

4- الكافي 5: 145/ 6.

5- التهذيب 7: 15/ 67.

6- تفسير القمّي 2: 159. [.....]

7- مجمع البيان 8: 479.

(1) تقدّمت في تفسير الآيات (26- 28) من سورة الإسراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 350

قوله تعالى:

وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [39] 8361/ [1]- علي بن إبراهيم: أي ما بررتم به إخوانكم و أقرضتموهم لا طمعا في زيادة.

قال: و

قال الصادق (عليه السلام): «على باب الجنة مكتوب: القرض بثماني عشرة، و الصدقة بعشر».

ثم ذكر عز و جل عظيم قدرته، و تفضله على خلقه، فقال: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً أي ترفعه فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً قال: بعضه على بعض، فَتَرَى الْوَدْقَ «1» أي المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ «2» أي آيسين فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى «3» و هو رد على الدهرية.

سورة الروم(30): آية 40 ..... ص : 350

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [40]

8362/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟

فقال: «إن الله تعالى فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله)

أمر دينه، فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «4»، فأما الخلق و الرزق فلا». ثم قال (عليه السلام): «إن الله عز و جل يقول: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ «5»، و هو

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 159.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 203/ 3.

(1) الروم 30: 48.

(2) الروم 30: 48، 49.

(3) الروم 30: 50.

(4) الحشر 59: 7.

(5) الرعد 13: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 351

يقول: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ».

سورة الروم(30): آية 41 ..... ص : 351
اشارة

قوله تعالى:

ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [41]

8363/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ، قال: «ذاك و الله حين قالت الأنصار: منا أمير، و منكم أمير».

8364/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ؟ قال: «ذاك و الله يوم قالت الأنصار: منا رجل، و منكم رجل». و في نسخة: «منا أمير، و منكم أمير».

8365/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: في البر: فساد الحيوان إذا لم تمطر، و كذلك هلاك دواب البحر بذلك.

قال: و

قال الصادق (عليه السلام): «حياة دواب البحر بالمطر، فإذا كف المطر ظهر الفساد في البر و البحر،

و ذلك «1» إذا كثرت الذنوب و المعاصي».

باب تفسير الذنوب ..... ص : 351

8366/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن العلاء، عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الذنوب التي تغير النعم: البغي، و الذنوب التي تورث الندم: القتل، و التي تنزل النقم: الظلم، و التي تهتك الستر: شرب الخمر، و التي تحبس الرزق: الربا «2»، و التي تعجل الفناء: قطيعة الرحم، و التي ترد الدعاء و تظلم الهواء: عقوق الوالدين».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 58/ 19.

2- تفسير القمّي 2: 160.

3- تفسير القمّي 2: 160.

4- الكافي 2: 324/ 1.

(1) في «ط، ي»: كذلك. [.....]

(2) في المصدر: الزنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 352

و

رواه ابن بابويه في (معاني الأخبار)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن معلى بن محمد، قال: حدثنا العباس بن العلاء، عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، إلا أن فيه: «و الذنوب التي تهتك العصم، و هي الستور: شرب الخمر «1»».

8367/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان أبي (عليه السلام) يقول: نعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء، و تقرب الآجال، و تخلي الديار، و هي: قطيعة الرحم و العقوق، و ترك البر».

8368/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم عن أيوب بن نوح، أو بعض أصحابه، عن أيوب، عن صفوان بن يحيى، قال: حدثني بعض أصحابنا، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا فشت أربعة، ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلزلة، و إذا فشا الجور

في الحكم احتبس القطر، و إذا خفرت الذمة «2» أديل «3» لأهل الشرك من أهل الإسلام، و إذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة».

8369/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل «4»، عن أبيه، قال:

سمعت أبا خالد الكابلي يقول: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: «الذنوب التي تغير النعم:

البغي على الناس، و الزوال عن العادة في الخير و اصطناع المعروف، و كفران النعم، و ترك الشكر، قال الله عز و جل:

إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ «5».

و الذنوب التي تورث الندم: قتل النفس التي حرم الله، قال الله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ «6»، و قال عز و جل في قصة قابيل حين قتل هابيل فعجز عن دفنه: فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ «7»، و ترك صلة القرابة حتى يستغنوا، و ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، و ترك الوصية، و رد المظالم، و منع الزكاة حتى يحضر الموت و ينغلق اللسان.

و الذنوب التي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي، و التطاول على الناس، و الاستهزاء بهم، و السخرية منهم.

__________________________________________________

2- الكافي 2: 324/ 2.

3- الكافي 2: 325/ 3.

4- معاني الأخبار: 270/ 2.

(1) معاني الأخبار: 629/ 1.

(2) أخفر الذمّة: لم يف بها. «لسان العرب- خفر- 4: 253».

(3) الإدالة: الغلبة. «لسان العرب- دول- 11: 252».

(4) في المصدر: الفضيل.

(5) الرعد 13: 11.

(6) الأنعام 6: 151، الاسراء 17: 33.

(7) المائدة 5: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 353

و الذنوب التي تدفع القسم «1»: إظهار الافتقار،

و النوم عن العتمة، و عن صلاة الغداة، و استحقار النعم، و شكوى المعبود عز و جل.

و الذنوب التي تهتك العصم: شرب الخمر، و اللعب بالقمار، و تعاطي ما يضحك الناس من اللغو و المزاح، و ذكر عيوب الناس، و مجالسة أهل الريب.

و الذنوب التي تنزل البلاء: ترك إغاثة الملهوف و معاونة المظلوم، و تضييع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و الذنوب التي تديل الأعداء: المجاهرة بالظلم، و إعلان الفجور، و إباحة المحظور، و عصيان الأخيار، و الاتباع للأشرار.

و الذنوب التي تعجل الفناء: قطيعة الرحم، و اليمين الفاجرة، و الأقوال الكاذبة، و الزنى، و سد طرق المسلمين، و ادعاء الإمامة بغير حق.

و الذنوب التي تقطع الرجاء: اليأس من روح الله، و القنوط من رحمة الله، و الثقة بغير الله، و التكذيب بوعد الله عز و جل.

و الذنوب التي تظلم الهواء: السحر، و الكهانة، و الإيمان بالنجوم، و التكذيب بالقدر، و عقوق الوالدين.

و الذنوب التي تكشف الغطاء: الاستدانة بغير نية الأداء، و الإسراف في النفقة على الباطل، و البخل على الأهل و الولد و ذوي الأرحام، و سوء الخلق، و قلة الصبر، و استعمال الضجر و الكسل، و الاستهانة بأهل الدين.

و الذنوب التي ترد الدعاء: سوء الامنية «2»، و خبث السريرة، و النفاق مع الإخوان، و ترك التصديق بالإجابة، و تأخير الصلوات المفروضات حتى تذهب أوقاتها، و ترك التقرب إلى الله عز و جل بالبر و الصدقة، و استعمال البذاء و الفحش في القول.

و الذنوب التي تحبس غيث السماء: جور الحكام في القضاء، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و منع الزكاة و القرض و الماعون، و قساوة القلوب على أهل الفقر و الفاقة، و ظلم

اليتيم و الأرملة، و انتهار السائل و رده بالليل».

سورة الروم(30): آية 44 ..... ص : 353

قوله تعالى:

وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ [44]

8370/ [1]- الحسين بن سعيد في (كتاب الزهد): عن ابن النعمان، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا

__________________________________________________

1- الزهد: 21/ 46.

(1) القسم: النصيب و الحظّ. «لسان العرب- قسم- 12: 478».

(2) في المصدر: النيّة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 354

عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة، فيمهد لصاحبه، كما يبعث الرجل غلاما فيفرش له، ثم قرأ: وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ».

8371/ [2]- أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي المفيد في (أماليه)، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القمي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما) يقول: «إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة، فيمهد لصاحبه، كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له، ثم قرأ: وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ».

8372/ [3]- الطبرسي: روى منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن العمل الصالح ليسبق صاحبه إلى الجنة، فيمهد له، كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه».

سورة الروم(30): آية 54 ..... ص : 354

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً [54] 8373/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ يعني من نطفة منتنة ضعيفة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً و هو الكبر.

8374/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن

بن محمد بن أبي هاشم، عن أحمد بن محسن الميثمي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، في حديث يتضمن الاستدلال على الصانع سبحانه و تعالى، قال ابن أبي العوجاء- في الحديث بعد ما ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) الدليل على الصانع تعالى- فقلت له: ما منعه إن كان الأمر كما تقولون أن يظهر لخلقه، و يدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان، و لم احتجب عنهم، و أرسل إليهم الرسل، و لو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به؟

فقال لي: «ويلك، و كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك: نشوءك و لم تكن، و كبرك بعد صغرك، و قوتك بعد ضعفك، و ضعفك بعد قوتك، و سقمك بعد صحتك، و صحتك بعد سقمك، و رضاك بعد غضبك،

__________________________________________________

2- الأمالي: 195/ 26.

3- مجمع البيان 8: 481.

4- تفسير القمّي 2: 160.

5- الكافي 1: 58/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 355

و غضبك بعد رضاك، و حزنك بعد فرحك، و فرحك بعد حزنك، و بغضك بعد حبك، و حبك بعد بغضك، و عزمك بعد أناتك، و أناتك بعد عزمك، و شهوتك بعد كراهيتك «1»، و كراهيتك بعد شهوتك، و رغبتك بعد رهبتك، و رهبتك بعد رغبتك، و رجاءك بعد يأسك، و يأسك بعد رجائك، و خاطرك بما لم يكن في وهمك، و عزوب ما أنت معتقده عن ذهنك». و ما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني و بينه.

سورة الروم(30): آية 56 ..... ص : 355

قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ [56]

8375/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد

القاسم بن العلاء، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا (عليه السلام): في حديث وصف الإمام، و من له الإمامة، و يستحقها دون سائر الخلق- إلى أن قال الرضا (عليه السلام): «فلم تزل في ذريته- يعني الإمامة في ذرية إبراهيم (عليه السلام)- يرثها بعض عن بعض، قرنا فقرنا، حتى ورثها الله عز و جل النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال جل و تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ «2»، فكانت له خاصة، فقلدها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز و جل على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم و الإيمان بقوله جل و علا:

وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ، فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)».

و رواه ابن بابويه في كتاب (معاني الأخبار)، قال: حدثنا أبو العباس، محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو القاسم أحمد «3» بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا (عليه السلام)، و ذكر الحديث «4»،

و هو طويل ذكرناه بتمامه في قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ

__________________________________________________

1- الكافي 1: 154/ 1.

(1) في المصدر: كراهتك، في الموضعين.

(2) آل عمران 3: 68.

(3) في المصدر: أبو أحمد القاسم.

(4) معاني

الآخبار: 96/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 356

من سورة القصص «1».

8376/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ، فإن هذه الآية مقدمة و مؤخرة، و إنما هي: «و قال الذين أوتوا العلم و الإيمان في «2» كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث»

سورة الروم(30): آية 60 ..... ص : 356

قوله تعالى:

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [60] 8377/ [2]- علي بن إبراهيم: أي لا يغضبنك،

قال: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي و ابن الكواء خلفه، و أمير المؤمنين (عليه السلام) يقرأ، فقال ابن الكواء: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «3» فسكت أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى سكت ابن الكواء، ثم عاد في قراءته، حتى فعل ابن الكواء ثلاث مرات، فلما كان في الثالثة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ».

878/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن الرجل يؤم القوم، و أنت لا ترضى به في صلاة، يجهر فيها بالقراءة. فقال: «إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له». قلت: فإنه يشهد علي بالشرك؟ قال: «إن عصى الله فأطع الله». فرددت عليه فأبى أن يرخص لي. قال: فقلت له: اصلي اذن في بيتي ثم أخرج إليه؟ فقال: «أنت و ذاك».

و قال: «إن عليا (عليه السلام) كان في صلاة الصبح، فقرأ ابن الكواء و هو خلفه: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ

إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «4» فأنصت علي (عليه السلام) تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية، ثم عاد في قراءته، ثم أعاد ابن الكواء الآية، فأنصت علي (عليه السلام) أيضا، ثم قرأ، فأعاد ابن الكواء، فأنصت علي (عليه السلام)، ثم قرأ: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 160.

2- تفسير القمّي 2: 160.

3- التهذيب 3: 35/ 127.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيتين (68، 69) من سورة القصص.

(2) في «ط، ي»: من. [.....]

(3) الزمر 39: 65.

(4) الزمر 39: 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 357

سورة لقمان ..... ص : 357

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 359

فضلها ..... ص : 359

8379/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن عمر بن جبير العرزمي، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة لقمان في كل ليلة وكل الله به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس و جنوده حتى يصبح، فإذا قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس و جنوده حتى يمسي».

8380/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان لقمان رفيقه يوم القيامة، و أعطي من الحسنات عشرا بعدد من أمر بالمعروف و نهى عن المنكر و من كتبها و سقاها من في جوفه علة زالت عنه، و من كان ينزف دما، رجل أو امرأة، و علقها على موضع الدم، انقطع عنه بإذن الله تعالى».

8381/ [3]- و

في رواية اخرى: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و سقاها من في جوفه غاشية زالت عنه، و من كان ينزف دما، امرأة كانت أو رجلا، و علقها على موضع الدم، انقطع عنه بإذن الله تعالى».

8382/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و سقى بها رجلا أو امرأة في جوفها غاشية، أو علة من العلل، عوفي و أمن من الحمى، و زال عنه كل أذى بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- ... مجمع البيان 8: 488 «قطعة منه».

3- ...

4- خواصّ القرآن: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 361

سورة لقمان(31): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 361

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [1- 5] 8383/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ

يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ أي على بيان من ربهم.

سورة لقمان(31): الآيات 6 الي 7 ..... ص : 361

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ- إلى قوله تعالى- فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [6- 7]

8384/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام): عن كسب المغنيات. فقال: «التي يدخل عليها الرجل حرام، و التي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس، و هو قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 161.

2- الكافي 5: 119/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 362

8385/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الغناء مما وعد الله عز و جل عليه النار». و تلا هذه الآية: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

8386/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الغناء مما قال الله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

8387/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشاء، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، سئل «1» عن الغناء؟ فقال: «هو قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

8388/ [5]- و

عنه: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن الحسن بن هارون، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله، و هو مما قال الله عز و جل:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

8389/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله)، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا الحسين بن إشكيب، قال: حدثنا محمد بن السري، عن الحسين بن سعيد، عن أبي أحمد محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن عبد الأعلى، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قلت:

قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ، قال: «2» «الغناء».

8390/ [7]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن أبي أمامة، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا يحل تعليم المغنيات، و لا بيعهن، و لا شراؤهن، و لا التجارة فيهن، و ثمنهن حرام، و ما أنزلت علي هذه الآية إلا في مثل هذا الحديث: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

ثم قال: «و الذي بعثني بالحق، ما رفع رجل عقيرة «3» صوته بالغناء إلا بعث الله تعالى عليه عند ذلك

__________________________________________________

2- الكافي 6: 431/ 4.

3- الكافي 6: 431/ 5.

4- الكافي 6: 432/ 8.

5- الكافي 6: 433/ 16.

6- معاني الأخبار: 349/ 1.

7- ربيع الأبرار 2: 596. [.....]

(1) في المصدر: أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) يقول: سئل أبو عبد اللّه (عليه السّلام) عن.

(2) في المصدر زيادة: منه.

(3) عقيرة الرجل: صوته إذا غنى أو قرأ أو بكى. «لسان العرب- عقر- 4: 593».

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 363

شيطانين: على هذا العاتق واحد، و على هذا العاتق واحد، يضربان بأرجلهما في صدره، حتى يكون هو الذي يسكت».

8391/ [8]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: الغناء، و شرب الخمر، و جميع الملاهي. لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ قال: يحيد بهم عن طريق الله.

8392/ [9]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ: «فهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة من بني عبد الدار بن قصي، و كان النضر راويا لأحاديث الناس و أشعارهم، يقول الله عز و جل: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

سورة لقمان(31): آية 10 ..... ص : 363

قوله تعالى:

خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها [10] تقدم الحديث فيها في أول سورة الرعد «1»، و يأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ «2».

قوله تعالى:

وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ- إلى قوله تعالى- هذا خَلْقُ اللَّهِ [10- 11] 8393/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ، يقول: جعل فيها من كل دابة. قال: قوله:

فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ يقول: من كل لون حسن، و الزوج: اللون الأصفر و الأخضر و الأحمر، و الكريم:

الحسن. قال: قوله: هذا خَلْقُ اللَّهِ أي مخلوق الله، لأن الخلق هو الفعل، و الفعل لا يرى، و إنما أشار إلى المخلوق، و إلى السماء و الأرض و الجبال و جميع الحيوان، فأقام الفعل مقام المفعول.

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 2: 161.

9- تفسير القمّي 2: 161.

1- تفسير القمّي 2: 161.

(1) تقدّم في تفسير الآية (2)

من سورة الرعد.

(2) يأتي في تفسير الآيات (7- 9) من سورة الذاريات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 364

سورة لقمان(31): الآيات 12 الي 13 ..... ص : 364

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ- إلى قوله تعالى- يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [12- 13]

8394/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): «وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ، قال: الفهم و العقل».

8395/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لقمان و حكمته التي ذكرها الله عز و جل.

فقال: «أما و الله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب، و لا مال، و لا أهل، و لا بسط في جسم، و لا جمال، و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا سكيتا «1»، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن عن الغير «2»، لم ينم نهارا قط، و لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال، لشدة تستره، و عمق نظره، و تحفظه في أمره، و لم يضحك من شي ء قط مخافة الإثم، و لم يغضب قط، و لم يمازح إنسانا قط، و لم يفرح بشي ء أتاه من أمر الدنيا، و لا حزن منها على شي ء قط، و قد نكح من النساء و ولد له من الأولاد الكثير، و قدم أكثرهم إفراطا «3»، فما بكى على موت أحد منهم.

و لم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما، و لم يمض عنهما حتى تحاجزا «4»، و لم يسمع

قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره و عمن أخذه، و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء. و كان يغشى القضاة و الملوك، و الحكام، و السلاطين، فيرثي القضاة بما ابتلوا به، و يرحم الملوك و السلاطين لغرتهم «5» بالله، و طمأنينتهم في ذلك، و يعتبر، و يتعلم ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان، و كان يداوي قلبه بالفكر، و يداوي نفسه بالعبر، و كان لا يظعن إلا فيما يعنيه «6»، فبذلك أوتي الحكمة، و منح العصمة، فإن الله تبارك و تعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار و هدأت العيون بالقائلة، فنادوا لقمان حيث يسمع و لا

__________________________________________________

1- الكافي 1: 13/ 12.

2- تفسير القمّي 2: 162.

(1) رجل سكّيت: كثير السّكوت. «لسان العرب- سكت- 2: 43». و في «ج، ي»، مسكينا، و في المصدر: سكينا.

(2) في نسخة من «ط»: مستغن بالعبّر، و في المصدر: مستعبر بالعبر.

(3) أفرط فلان ولدا: إذا مات له ولد صغير قبل أن يبلغ الحلم. «لسان العرب- فرط- 7: 367».

(4) أي تصالحا و تمانعا، و في «ج»: تحابّا. [.....]

(5) في المصدر: لعزّتهم.

(6) في المصدر: ينفعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 365

يراهم، فقالوا: يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: إن أمرني الله بذلك فالسمع و الطاعة، لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه و علمني و عصمني، و إن هو خيرني قبلت العافية.

فقالت الملائكة: يا لقمان، لم قلت ذلك؟ قال: لأن الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين، و أكثرها فتنا و بلاء، و يخذل و لا يعان، و يغشاه الظلم من كل مكان، و

صاحبه فيه بين أمرين: إن أصاب فيه الحق فبالحري «1» أن يسلم، و إن أخطأ أخطأ طريق الجنة، و من يكن في الدنيا ذليلا و ضعيفا، و كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكيما «2» سريا شريفا، و من اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما، تزول هذه و لا يدرك تلك- قال- فتعجبت الملائكة من حكمته، و استحسن الرحمن منطقه.

فلما أمسى و أخذ مضجعه من الليل، أنزل الله عليه الحكمة، فغشاه بها من قرنه إلى قدمه و هو نائم، و غطاه بالحكمة غطاء، فاستيقظ و هو أحكم الناس في زمانه، و خرج على الناس ينطق بالحكمة و يبثها «3» فيها- قال- فلما اوتي الحكم، و لم يقبله، أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة، فقبلها و لم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله الخلافة في الأرض و ابتلي فيها غير مرة، كل ذلك يهوي في الخطأ و يقيله الله و يغفره له.

و كان لقمان يكثر زيارة داود (عليه السلام)، و يعظه بمواعظه و حكمته و فضل علمه، و كان داود يقول له: طوبى لك- يا لقمان- أوتيت الحكمة، و صرفت عنك البلية، و اعطي داود الخلافة، و ابتلي بالحكم و الفتنة».

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.

قال: «فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطر و انشق «4»، فكان فيما وعظه به- يا حماد- أن قال له: يا بني، إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها و استقبلت الآخرة، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد.

يا بني، جالس العلماء و زاحمهم

بركبتيك، و لا تجادلهم فيمنعوك، و خذ من الدنيا بلاغا، و لا ترفضها فتكون عيالا على الناس، و لا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، و صم صوما يقطع شهوتك، و لا تصم صوما يمنعك عن الصلاة، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام.

يا بني، إن الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان، و اجعل شراعها التوكل، و اجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله، و إن هلكت فبذنوبك.

يا بني، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا، و من عني بالأدب اهتم به، و من اهتم به تكلف علمه، و من تكلف علمه اشتد طلبه، و من اشتد طلبه أدرك منفعته، فاتخذه عادة، فإنك تخلف في سلفك، و ينتفع به من خلفك، و يرتجيك فيه راغب، و يخشى صولتك راهب، و إياك و الكسل عنه بالطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا

__________________________________________________

(1) الحريّ: الجدير و الخليق. «النهاية 1: 375».

(2) في المصدر: حكما.

(3) في المصدر: و يثبتها.

(4) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله: «حتّى تفطّر و انشقّ» كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه، البحار 13: 413.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 366

فلا تغلبن على الآخرة، و إذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، و اجعل في أيامك و لياليك و ساعاتك لنفسك نصيبا في طلب العلم، فإن فاتك لم تجد له تضييعا أشد من تركه، و لا تمارين فيه لجوجا، و لا تجادلن فقيها، و لا تعادين سلطانا، و لا تماشين ظلوما و لا تصادقنه، و لا تصاحبن فاسقا نطفا «1»، و لا تصاحبن متهما، و اخزن علمك كما تخزن ورقك «2».

يا بني، خف الله خوفا لو أتيت القيامة ببر

الثقلين خفت أن يعذبك، و ارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر لك.

فقال له ابنه: يا أبت، فكيف أطيق هذا، و إنما لي قلب واحد؟

فقال له لقمان: يا بني، لو استخرج قلب المؤمن فشق، لوجد فيه نوران: نور للخوف، و نور للرجاء، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله، و من يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله، و من لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا، و من عمل لله خالصا ناصحا، فقد آمن بالله صادقا، و من أطاع الله خافه، و من خافه فقد أحبه، و من أحبه اتبع أمره، و من اتبع أمره استوجب جنته و مرضاته، و من لم يتبع رضوان الله فقد حان «3» عليه سخطه، نعوذ بالله من سخط الله.

يا بني، لا تركن إلى الدنيا، و لا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين، و لم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟».

8396/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن علي بن محمد، عن بكر بن صالح، عن جعفر بن يحيى، عن علي القصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: جعلت فداك، قوله: وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ؟ قال: «اوتي معرفة إمام زمانه».

8397/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور ابن يونس، عن الحارث بن المغيرة، أو عن أبيه، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما كان في وصية لقمان؟

قال: «كان فيها الأعاجيب، و كان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف الله عز و جل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك، و ارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا و في قلبه نوران: نور خيفة، و نور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 161.

4- الكافي 2: 155/ 1.

(1) النّطف: النجس، و الرجل المريب. «أقرب الموارد- نطف- 2: 1314».

(2) الورق: الدراهم المضروبة. «الصحاح- ورق- 4: 1564»، و في «ج، ي»: رزقك.

(3) في المصدر: هان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 367

8398/ [5]- الطبرسي: روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في وصية لقمان لابنه: يا بني، سافر بسيفك، و خفك، و عمامتك، و خبائك، و سقائك، و خيوطك، و مخرزك، و تزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت و من معك، و كن موافقا لأصحابك إلا في معصية الله عز و جل.

يا بني، إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و أمورهم، و أكثر التبسم في وجوههم، و كن كريما على زادك بينهم، و إذا دعوك فأجبهم، و إذا استعانوا بك فأعنهم، و عليك بطول الصمت، و كثرة الصلاة، و سخاء النفس بما معك من دابة أو زاد أو ماء.

و إذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، و أجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تتثبت و تنظر، و لا تجب في مشورة حتى تقوم فيها و تقعد

و تنام و تأكل و تصلي و أنت مستعمل فكرتك و حكمتك، فإن من لم يمحض النصيحة «1» من استشاره، سلبه الله رأيه.

و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، و إذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، و اسمع لمن هو أكبر منك سنا، و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئا فقل: نعم، و لا تقل: لا، فإن لا عي و لؤم.

و إذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، و إذا شككتم في القصد فقفوا و تآمروا، و إذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم، و لا تسترشدوه، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب، لعله يكون عين اللصوص، أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، و احذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، و الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

يا بني، إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي ء، صلها و استرح منها فإنها دين، و صل في جماعة و لو على رأس زج، و لا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها، و ليس ذلك من فعل الحكماء، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل، و إذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك، و ابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك.

و إذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا، و ألينها تربة، و أكثرها عشبا، و إذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، و إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض، فإذا ارتحلت فصل ركعتين، ثم ودع الأرض التي حللت بها، و سلم على أهلها، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، و إن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل و

عليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا، و عليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا، و عليك بالدعاء ما دمت خاليا، و إياك و السير في أول الليل إلى آخره، و إياك و رفع الصوت في مسيرك».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب، و لا مال، و لا بسط في جسم، و لا جمال، و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا سكيتا «2»، عميق النظر، طويل التفكر، حديد البصر، لم ينم نهارا قط، و لم يتكئ في مجلس قوم قط، و لم يتفل في مجلس قوم قط، و لم يعبث بشي ء قط، و لم يره أحد من

__________________________________________________

5- مجمع البيان 8: 496.

(1) أمحضه النصيحة: صدقه. «لسان العرب- محض- 7: 228».

(2) في المصدر: سكينا، و في «ج»: ساكنا سكينا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 368

الناس على بول و لا غائط قط و لا اغتسال، لشدة تستره و تحفظه في أمره، و لم يضحك من شي ء قط، و لم يغضب قط مخافة الإثم في دينه، و لم يمازح إنسانا قط، و لم يفرح بما أوتيه من الدنيا، و لا حزن منها على شي ء قط، و قد نكح من النساء، و ولد له الأولاد الكثيرة، و قدم أكثرهم إفراطا فما بكى على موت أحد منهم.

و لم يمر بين رجلين يقتتلان أو يختصمان إلا أصلح بينهما، و لم يمض عنهما حتى تحاجزا «1»، و لم يسمع قولا استحسنه من أحد قط إلا سأله عن تفسيره، و عمن أخذه، و كان يكثر مجالسة الفقهاء و العلماء، و كان يغشى القضاة و الملوك و السلاطين، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به،

و يرحم الملوك و السلاطين لغرتهم «2» بالله، و طمأنينتهم في ذلك، و يتعلم ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان «3»، و كان يداوي نفسه بالتفكر و العبر، و كان لا يظعن إلا فيما ينفعه، و لا ينظر إلا فيما يعنيه، فبذلك اوتي الحكمة، و منح العصمة «4»».

8399/ [6]- الطبرسي: بحذف الإسناد، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان لقمان الحكيم معمرا قبل داود (عليه السلام) في أعوام كثيرة، و إنه أدرك أيامه، و كان معه يوم قتل جالوت، و كان طول جالوت ثمان مائة ذراع، و طول داود عشرة أذرع، فلما قتل داود جالوت رزقه الله النبوة بعد ذلك، و كان لقمان معه إلى أن ابتلي بالخطيئة، و إلى أن تاب الله عليه، و بعده.

و كان لقمان يعظ ابنه بآثار حتى تفطر و انشق، و كان فيما وعظه أنه قال: يا بني، مذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها و استقبلت الآخرة، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد.

يا بني، لا خير في الكلام إلا بذكر الله تعالى، و إن صاحب السكوت تعلوه السكينة و الوقار.

يا بني، جالس العلماء، فلو وضع الله العلم في قلب كلب لأعزه الله و أحبه. يا بني، جالس العلماء، و زاحمهم بركبتك، و لا تجادلهم فيمقتوك، و خذ من الدنيا بلاغا، و لا ترفضها فتكون عيالا على الناس، و لا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، و صم صوما يقطع شهوتك، و لا تصم صوما يمنعك و يضعفك عن الصلاة، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام، و الصلاة أفضل الأعمال.

يا بني، إن الدنيا بحر عميق قد هلك

فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان، و اجعل شراعها التوكل، و اجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله، و إن هلكت فبذنوبك.

يا بني، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا، و من عني بالأدب اهتم به، و من اهتم به تكلف عمله، و من تكلف عمله اشتد طلبه، و من اشتد طلبه أدرك منفعته، فاتخذه عادة، فإنك تخلف به في سلفك، و تنفع به خلفك، و يرتجيك فيه راغب، و يخشى صولتك راهب، و إياك و الكسل عن العلم و الطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا فلا

__________________________________________________

6- ...

(1) في «ط»: تحابّا.

(2) في المصدر: لعزّتهم.

(3) في «ط، ج، ي»: و المصدر: السلطان.

(4) في المصدر: القضيّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 369

تغلب على الآخرة.

يا بني، من أدرك العلم، فأي شي ء فاته؟ و من فاته العلم فأي شي ء أدرك؟ يا بني، إذا فاتك طلب العلم فإنك لم تجد له تضييعا أشد من تركه، و لا تمارين فيه لجوجا، و لا تجادلن فقيها، و لا تعادين سلطانا، و لا تماشين ظالما، و لا تصادقن عدوا، و لا تؤاخين فاسقا نطفا، و لا تصاحبن متهما، و اخزن علمك كما تخزن ورقك «1».

يا بني، لا تصعر خدك للناس، و لا تمش في الأرض مرحا، و اغضض من صوتك، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، و اقصد في مشيك.

يا بني، خف الله تعالى خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك، و ارج الله تعالى رجاء لو وافيت يوم القيامة بإثم الثقلين أن يغفر الله لك.

فقال له ابنه: يا أبت، و كيف أطيق هذا و إنما لي قلب واحد؟

فقال لقمان: يا بني، لو استخرج قلب المؤمن و شق لوجد

فيه نوران: نور للخوف، و نور للرجاء، و لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر شيئا و لا مثقال ذرة، فمن يؤمن بالله و يصدق ما قال الله تعالى يفعل ما أمر الله، و من لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا، و من عمل لله عملا خالصا ناصحا آمن بالله صادقا، و من يطع الله تعالى خافه، و من خافه فقد أحبه، و من أحبه اتبع أمره، و من اتبع أمره استوجب جنته و مرضاته، و من لم يتبع رضوان الله فقد خان الله، و من خان الله استوجب سخطه و عذابه، نعوذ بالله من سخط الله و عذابه و خزيه و نكاله.

يا بني، لا تركن إلى الدنيا، و لا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا أهون عليه منها، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين، و لم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟

يا بني، من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا، أي من استنقذها من قتل، أو غرق، أو حرق، أو هدم، أو سبع، أو كفله حتى يستغني، أو أخرجه من فقر إلى غنى، و أفضل من ذلك كله من أخرجه من ضلال إلى هدى.

يا بني، أقم الصلاة و أمر بالمعروف، و انه عن المنكر، و اصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور».

سورة لقمان(31): الآيات 14 الي 15 ..... ص : 369

قوله تعالى:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ- إلى قوله تعالى- بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [14- 15] 8400/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ يعني ضعفا على

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 165.

(1) في «ط»:

نسخة بدل: أرزقك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 370

ضعف.

8401/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق ابن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سئل «1» أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ.

فقال: «الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم، و ورثا الحكم، و أمر الناس بطاعتهما، ثم قال الله: إِلَيَّ الْمَصِيرُ فمصير العباد إلى الله، و الدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة و صاحبه، فقال في الخاص و العام: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي يقول: في الوصية، و تعدل عمن أمرت بطاعته فلا تطعهما، و لا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين، فقال: وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً، يقول: عرف الناس فضلهما، و ادع إلى سبيلهما، و ذلك قوله: وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ، فقال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله و لا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضا الله، و سخطهما سخط الله».

8402/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال- و أنا عنده- لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين، في قول الله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «2»، فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل: وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «3»، فلما كان بعد، سألته، فقال: «هي التي في لقمان:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حسنا وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما، فقال: إن ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما و حقهما على كل حال وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، فقال: لا بل يأمر بصلتهما و إن جاهداه على الشرك، و ما زاد حقهما إلا عظما».

8403/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان، قال: شهدت جابر الجعفي، عند أبي جعفر (عليه السلام)، و هو يحدث أن رسول الله و عليا (عليهما السلام) الوالدان.

قال عبد الله بن سليمان: و سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «منا الذي أحل الخمس، و منا الذي جاء بالصدق، و منا الذي صدق به، و لنا المودة في كتاب الله عز و جل، و علي و رسول الله (صلى الله عليهما) الوالدان، و أمر الله ذريتهما بالشكر لهما».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 354/ 79.

3- الكافي 2: 127/ 6.

4- تأويل الآيات 1: 436/ 1.

(1) في المصدر: أنه سأل.

(2، 3) الإسراء 17: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 371

8404/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة، عن عبد الواحد بن مختار، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «أما علمت أن عليا (عليه السلام) أحد الوالدين اللذين قال الله عز و جل: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ؟».

قال زرارة: فكنت لا أدري أي آية

هي، التي في بني إسرائيل، أو التي في لقمان- قال- فقضي لي أن حججت، فدخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فخلوت به، فقلت: جعلت فداك، حديثا جاء به عبد الواحد. قال:

«نعم». قلت: أي آية هي، التي في لقمان، أو التي في بني إسرائيل. فقال: «التي في لقمان».

8405/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن شمر، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ رسول الله، و علي (صلوات الله عليهما)».

8406/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن بشير الدهان أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد الوالدين».

قال: قلت: و الآخر؟ قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

8407/ [8]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سلمة بن كهيل، عن أبيه، في قول الله عز و جل:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً «1»، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

و قد تقدم في هذا المعنى عن الأئمة (عليهم السلام) في أول سورة العنكبوت «2».

8408/ [9]- ابن شهر آشوب: عن أبان بن تغلب، عن الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «3»، قال: «الوالدان: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام)».

8409/ [10]- عن سلام «4» الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام):

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 436/ 2.

6- تأويل الآيات 1: 437/ 3. [.....]

7- تأويل

الآيات 1: 437/ 4.

8- خصائص الأئمّة: 70.

9- المناقب 3: 105.

10- المناقب 3: 105.

(1) العنكبوت 29: 8.

(2) تقدّم في تفسير الآيتين (8، 9) من سورة العنكبوت.

(3) البقرة 2: 83، النساء 4: 36 ...

(4) في المصدر: سالم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 372

«نزلت في رسول الله و في علي (عليهما السلام)».

و روي مثل ذلك في حديث ابن جبلة.

8410/ [11]- و

روي عن بعض الأئمة (عليهم السلام)، في قوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ أنه نزل فيهما (عليهما السلام).

8411/ [12]- و

عن النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الأمة».

8412/ [13]- و

روي عنه (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الأمة، أنا و علي موليا هذه الامة».

8413/ [14]- و

روي عنه (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الأمة، فعلى عاق والديه لعنة الله».

8414/ [15]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان المقرئ الكندي، عن عبد الصمد بن علي النوفلي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة العبدي، قال: لما ضرب ابن ملجم (لعنه الله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، غدونا عليه في نفر من أصحابنا: أنا، و الحارث، و سويد بن غفلة، و جماعة معنا، فقعدنا على الباب، فسمعنا البكاء فبكينا، فخرج إلينا الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: «يقول لكم أمير المؤمنين (عليه السلام) انصرفوا إلى منازلكم».

فانصرف القوم غيري، فاشتد البكاء من منزله فبكيت، و خرج الحسن (عليه السلام)، و قال:

«ألم أقل لكم انصرفوا» فقلت: لا و الله- يا بن رسول الله- ما تتابعني نفسي، و لا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه). قال: و بكيت، فدخل، فلم يلبث أن خرج، فقال لي: «ادخل». فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء، قد نزف و اصفر وجهه، ما أدري وجهه أصفر أم العمامة؟ فأكببت عليه، فقبلته و بكيت، فقال لي: «لا تبك يا أصبغ، فإنها و الله الجنة».

فقلت له: جعلت فداك، إني و الله أعلم أنك تصير إلى الجنة، و إنما أبكي لفقداني إياك. يا أمير المؤمنين، جعلت فداك، حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا.

قال: «نعم- يا أصبغ- دعاني رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما، فقال لي: يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي، ثم تصعد منبري، ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله تعالى و تثني عليه، و تصلي علي صلاة كثيرة، ثم تقول: أيها الناس، إني رسول رسول الله إليكم، و هو يقول لكم: إن لعنة الله، و لعنة ملائكته المقربين، و أنبيائه المرسلين، و لعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره. فأتيت مسجده، و صعدت منبره، فلما رأتني

__________________________________________________

11- المناقب 3: 105.

12- معاني الأخبار: 52/ 3.

13- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

14- ...

15- الأمالي 1: 122.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 373

قريش و من كان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت الله و أثنيت عليه، و صليت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلاة كثيرة، ثم قلت: «أيها

الناس، إني رسول رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إليكم، و هو يقول لكم: ألا إن لعنة الله، و لعنة ملائكته المقربين، و أنبيائه المرسلين، و لعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره».

قال: «فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب، فإنه قال: قد أبلغت- يا أبا الحسن- و لكنك جئت بكلام غير مفسر. فقلت: ابلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبرته الخبر، فقال: ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري، فاحمد الله و اثن عليه، و صل علي، ثم قال: يا أيها الناس، ما كنا لنجيئكم بشي ء إلا و عندنا تأويله و تفسيره، ألا و إني أنا أبوكم، ألا و إني أنا مولاكم، ألا و إني أنا أجيركم».

8415/ [16]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ يقول: «اتبع سبيل محمد (صلى الله عليه و آله)».

سورة لقمان(31): آية 16 ..... ص : 373

قوله تعالى:

يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [16] 8416/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم عطف على خبر لقمان و قصته، فقال: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ قال: من الرزق يأتيك به الله.

8417/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي

بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا، لا يقول أحدكم: أذنب و أستغفر، إن الله عز و جل يقول: وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «1»، و قال عز و جل: إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ».

8418/ [3]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اتقوا

__________________________________________________

16- تفسير القمّي 2: 165. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 165.

2- الكافي 2: 207/ 10.

3- مجمع البيان 8: 499.

(1) يس 36: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 374

المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا، لا يقولن أحدكم: أذنب و استغفر الله، إن الله تعالى يقول: إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ».

سورة لقمان(31): آية 17 ..... ص : 374

قوله تعالى:

وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ [17]

8419/ [1]- الطبرسي: عن علي (عليه السلام): «اصبر على ما أصابك من المشقة و الأذى في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر».

سورة لقمان(31): آية 18 ..... ص : 374

قوله تعالى:

وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ [18]

8420/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، و محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في هذه الآية: وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ، قال: «ليكن الناس في العلم سواء عندك».

8421/ [3]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، أي لا تذل للناس طمعا فيما عندهم.

8422/ [4]- الطبرسي: أي لا تمل وجهك عن الناس تكبرا، و لا تعرض عمن يكلمك استخفافا به. قال: و هو معنى قول ابن عباس، و أبي عبد الله (عليه السلام).

قوله تعالى:

وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً [18] 8423/ [5]- علي بن إبراهيم: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي فرحا.

__________________________________________________

1- مجمع البيان 8: 500.

2- الكافي 1: 32/ 2.

3- تفسير القمّي 2: 165.

4- مجمع البيان 8: 500.

5- تفسير القمّي 2: 165.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 375

8424/ [1]- ثم

قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً: «أي بالعظمة».

سورة لقمان(31): آية 19 ..... ص : 375

قوله تعالى:

وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [19] 8425/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أي لا تعجل وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أي لا ترفعه إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ. قال علي بن إبراهيم: و روي فيه غير هذا أيضا.

8426/ [3]- الشيخ البرسي، قال في تفسير قوله تعالى: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ، قال: سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام): ما معنى هذه الحمير؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الله أكرم من أن يخلق شيئا ثم ينكره،

إنما هو زريق و صاحبه، في تابوت من نار، في صورة حمارين، إذا شهقا في النار انزعج أهل النار من شدة صراخهما».

8427/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بكر الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ، قال: «العطسة القبيحة».

8428/ [5]- الطبرسي: هي العطسة المرتفعة القبيحة، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة لقمان(31): الآيات 20 الي 21 ..... ص : 375

قوله تعالى:

وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً [20]

8429/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 165.

2- تفسير القمّي 2: 165.

3- مشارق أنوار اليقين: 80.

4- الكافي 2: 480/ 21.

5- مجمع البيان 8: 500. [.....]

6- تفسير القمّي 2: 165.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 376

شريك، عن جابر، قال: قرأ رجل عند أبي جعفر (عليه السلام): وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً، قال: «أما النعمة الظاهرة فالنبي (صلى الله عليه و آله)، و ما جاء به من معرفة الله عز و جل و توحيده، و أما النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت، و عقد مودتنا، فاعتقد و الله قوم هذه النعمة الظاهرة و الباطنة، و اعتقدها قوم ظاهرة، و لم يعتقدوها باطنة، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «1»، ففرح رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند نزولها، إذ لم يتقبل الله تعالى إيمانهم إلا بعقد ولايتنا و محبتنا».

8430/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن

جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي، قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً فقال (عليه السلام): «النعمة الظاهرة: الإمام الظاهر، و الباطنة:

الإمام الغائب».

فقلت له: و يكون في الأئمة من يغيب؟ فقال: «نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه، و لا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، و هو الثاني عشر منا، و يسهل الله له كل عسير، و يذلل الله له كل صعب، و يظهر له كل كنوز الأرض، و يقرب له كل بعيد، و يبير «2» به كل جبار عنيد، و يهلك على يده كل شيطان مريد، ذلك ابن سيدة الإماء، الذي تخفى على الناس ولادته، و لا يحل لهم تسميته، حتى يظهره الله عز و جل فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما».

ثم قال ابن بابويه (قدس الله سره): لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) بهمدان، عند منصرفي من حج بيت الله الحرام، و كان رجلا ثقة دينا فاضلا (رحمة الله و رضوانه عليه).

8431/ [3]- الشيخ في (أماليه). قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن آدم بن أبي اسامة اللخمي قاضي فيوم مصر، قال: حدثنا الفضل بن يوسف القصباني الجعفي، قال: حدثنا محمد بن عكاشة الغنوي، قال: حدثني عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي «3»، عن جويبر «4» بن سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي (عليه السلام)، و الضحاك عن عبد الله بن العباس، قالا في

قول الله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً، قال: «أما الظاهرة فالإسلام، و ما أفضل عليكم في الرزق، و أما الباطنة فما ستر عليك من مساوئ عملك».

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 368/ 6.

3- الأمالي 2: 104.

(1) المائدة 5: 41.

(2) أي يهلك.

(3) في «ج، ي، ط»: الحيني، و في «ط» نسخة بدل: الجبيسي، و في المصدر: الجهيني، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر تهذيب التهذيب 8: 111.

(4) في «ط» و المصدر: جوير، و في «ي» و «ط» نسخة بدل: حريز، و في «ج»: جريرة، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر تهذيب التهذيب 2: 123.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 377

8432/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله «1» بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) ببغداد، قال: سمعت جدي إبراهيم بن علي يحدث عن أبيه علي بن عبيد الله، قال: حدثني شيخان بران من أهلنا، سيدان، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه (عليهم السلام). و حدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدمعة، قال: حدثني عمي عمر بن علي، قال:

حدثني أخي محمد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي (عليهم السلام).

قال أبو جعفر (عليه السلام): «حدثني عبد الله بن العباس، و جابر بن عبد الله الأنصاري- و كان بدريا أحديا شجريا و ممن محض من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في مودة أمير المؤمنين (عليه السلام)- قالا: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجده في رهط من أصحابه، فيهم أبو بكر، و أبو عبيدة، و عمر، و عثمان، و

عبد الرحمن، و رجلان من قراء الصحابة: من المهاجرين عبد الله بن ام عبد، و من الأنصار أبي بن كعب، و كانا بدريين، فقرأ عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان، حتى أتى على هذه الآية: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً الآية، و قرأ أبي من السورة التي يذكر فيها إبراهيم (عليه السلام): وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ «2».

قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيام الله: نعماؤه، و بلاؤه، و مثلاته سبحانه «3»، ثم أقبل (صلى الله عليه و آله) على من شهده من أصحابه، فقال: إني لأتخولكم «4» بالموعظة تخولا مخافة السآمة «5» عليكم، و قد أوحى إلي ربي جل جلاله أن أذكركم بأنعمه، و أنذركم بما اقتص عليكم من كتابه، و تلا: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ الآية.

ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم: ما أول نعمة رغبكم الله فيها، و بلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا، فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم و أحسن إليهم بها من المعاش، و الرياش، و الذرية، و الأزواج إلى سائر ما بلاهم الله عز و جل به من أنعمه الظاهرة، فلما أمسك القوم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على علي (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، قل، فقد قال أصحابك. فقال: و كيف لي بالقول- فداك أبي و امي- و إنما هدانا الله بك! قال: و مع ذلك فهات، قل، ما أول نعمة بلاك الله عز و جل، و أنعم عليك بها؟ قال: أن خلقني- جل ثناؤه- و لم أك شيئا مذكورا. قال: صدقت، فما الثانية؟ قال: أن أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيا

لا مواتا. قال: صدقت، فما الثالثة؟ قال: أن أنشأني- فله الحمد- في أحسن صورة، و أعدل تركيب. قال: صدقت، فما الرابعة؟ قال: أن جعلني متفكرا راغبا، لا بلهة ساهيا. قال:

صدقت، فما الخامسة؟ قال: أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت بها، و جعل لي سراجا منيرا. قال: صدقت، فما السادسة؟ قال: أن هداني لدينه، و لم يضلني عن سبيله. قال: صدقت، فما السابعة؟ قال: أن جعل لي مردا في حياة لا انقطاع لها. قال: صدقت، فما الثامنة؟ قال: أن جعلني ملكا مالكا لا مملوكا. قال: صدقت، فما التاسعة؟ قال: أن

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 105.

(1) في جميع النسخ و المصدر: عبد اللّه، راجع تاريخ بغداد 10: 348.

(2) إبراهيم 14: 5.

(3) في «ط، ي»: و سبحاته.

(4) يتخولنا بالموعظة: أي يتعهّدنا. «النهاية 2: 88».

(5) السّآمة: الملل و الضّجر. «النهاية 2: 328».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 378

سخر لي سماؤه و أرضه، و ما فيهما، و ما بينهما من خلقه. قال: صدقت، فما العاشرة؟ قال: أن جعلنا سبحانه ذكرانا قواما على حلائلنا، لا إناثا.

قال: صدقت، فما بعد هذا؟ قال: كثرت نعم الله- يا نبي الله- فطابت، و تلا: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها «1»، فتبسم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: ليهنئك الحكمة، ليهنئك العلم- يا أبا الحسن- و أنت وارث علمي، و المبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبك لدينك، و أخذ بسبيلك فهو ممن هدي إلى صراط مستقيم، و من رغب عن هداك، و أبغضك، لقي الله يوم القيامة لا خلاق له».

8433/ [5]- و عنه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، قال: حدثنا الرزار، قال:

حدثنا محمد

بن يونس بن موسى، قال: حدثنا عون بن عمارة، قال: حدثنا سليمان بن عمران الكوفي، عن أبي حازم المدني، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً، قال: الظاهرة: الإسلام، و الباطنة: ستر الذنوب.

8434/ [6]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن إسماعيل بن يونس بن السكن بن صغير القنطري الصفار، قال: حدثنا إبراهيم بن جابر الكاتب المروزي ببغداد، قال: حدثنا عبد الرحيم ابن هارون الغساني، قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن همام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من لم يعلم فضل الله عز و جل عليه إلا في مطعمه و مشربه فقد قصر علمه، و دنا عذابه».

8435/ [7]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «النعمة الظاهرة النبي (صلى الله عليه و آله)، و ما جاء به النبي من معرفة الله عز و جل و توحيده، و أما النعمة الباطنة ولايتنا أهل البيت، و عقد مودتنا».

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ [20- 21]

8436/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

5- الأمالي 2: 6. [.....]

6- الأمالي 2: 104.

7- مجمع البيان 8: 501.

1- تفسير القمي 2: 166.

(1) إبراهيم 14: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 379

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ

اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ: «فهو النضر بن الحارث، قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله):

اتبع ما انزل إليك من ربك. قال: بل أتبع ما وجدت عليه آبائي».

سورة لقمان(31): آية 22 ..... ص : 379

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ [22] 8437/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال: الولاية.

8438/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن الحصين بن مخارق، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) في قوله عز و جل:

فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ، قال: «مودتنا أهل البيت».

8439/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن هارون بن سعيد، عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: العروة الوثقى المودة لآل محمد (صلى الله عليه و آله).

8440/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليستمسك بولاية أخي و وصيي علي بن أبي طالب، فإنه لا يهلك من أحبه و

تولاه، و لا ينجو من أبغضه و عاداه».

8441/ [5]- و

عنه، بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام)، من أطاعهم فقد أطاع الله، و من عصاهم فقد عصى الله عز و جل، هم العروة الوثقى، و هم الوسيلة إلى الله تعالى».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 166.

2- تأويل الآيات 1: 439/ 10.

3- تأويل الآيات 1: 439/ 11.

4- معاني الأخبار: 368/ 1.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 58/ 217.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 380

8442/ [6]- الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان: رواه من طريق العامة، عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ستكون بعدي فتنة مظلمة، الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى.

فقيل: يا رسول الله، و ما العروة الوثقى؟ قال: ولاية سيد الوصيين.

قيل: يا رسول الله، و من سيد الوصيين. قال: أمير المؤمنين.

قيل: يا رسول الله، و من أمير المؤمنين؟ قال: مولى المسلمين و إمامهم بعدي.

قيل: يا رسول الله، و من مولى المسلمين و إمامهم بعدك؟ قال: أخي علي بن أبي طالب».

8443/ [7]- ابن شهر آشوب: عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك، في قوله تعالى: وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ، قال: نزلت في علي (عليه السلام)، قال: كان أول من أخلص وجهه لله وَ هُوَ مُحْسِنٌ، أي مؤمن مطيع، فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ، قول: لا إله إلا الله، وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ و الله ما قتل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) إلا عليها.

و الروايات في معنى العروة الوثقى زيادة على ما هاهنا تقدمت في

تفسير آية الكرسي «1».

سورة لقمان(31): آية 27 ..... ص : 380

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [27]

8444/ [1]- الطبرسي: قرأ جعفر بن محمد (عليهما السلام): «و البحر مداده».

8445/ [2]- علي بن إبراهيم: و ذلك أن اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الروح، فقال: «الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا». قالوا: نحن خاصة، قال: «بل الناس عامة».

قالوا: فكيف يجتمع هذان- يا محمد- تزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلا و قد أوتيت القرآن، و أوتينا التوراة، و قد قرأت وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ «2» و هي التوراة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً «3»؟ فأنزل الله تعالى:

__________________________________________________

6- مائة منقبة: 149/ 81.

7- المناقب 3: 76، شواهد التنزيل 1: 444/ 609، ينابيع المودة: 111.

1- مجمع البيان 8: 503.

2- تفسير القمي 2: 166.

(1) تقدمت في تفسير الآيتين (256، 257) من سورة البقرة. [.....]

(2، 3) البقرة: 2: 269.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 381

وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ، يقول: علم الله أكثر من ذلك، و ما أوتيتم كثير فيكم، قليل عند الله.

8446/ [3]- و قال أيضا علي بن إبراهيم، في قوله: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ الآية: معنى ذلك أن علم الله أكثر من ذلك، و أما ما آتاكم فهو كثير فيكم، قليل فيما عند الله.

8447/ [4]- الطبرسي في (الإحتجاج): سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن العالم العسكري (عليه السلام) عن قوله تعالى: سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ ما

هي؟ فقال: «هي عين الكبريت، و عين اليمن، و عين البرهوت «1»، و عين الطبرية، و جمة «2» ما سيدان، و جمة إفريقية، و عين باهوران «3»، و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا و لا تستقصى».

و رواه الشيخ المفيد في (الإختصاص) ببعض التغيير «4».

سورة لقمان(31): الآيات 28 الي 34 ..... ص : 381

قوله تعالى:

ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [28- 34] 8448/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ قال: السفن تجري في البحر بقدرة الله.

8449/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ: «بلغنا- و الله أعلم- أنهم قالوا: يا محمد، خلقنا أطوارا نطفا، ثم علقا، ثم أنشأنا خلقا آخر كما تزعم، و تزعم أنا نبعث في ساعة واحدة؟ فقال الله: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، إنما يقول له: كن

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 166.

4- الاحتجاج 2: 454.

1- تفسير القمّي 2: 166.

2- تفسير القمّي 2: 167.

(1) برهوت: واد باليمن، و قيل في أقصى تيه حضرموت. «المعجم ما استعجم 1: 246».

(2) الجمّة: المكان الذي يجتمع فيه ماؤه. «الصّحاح- جمم- 5: 1890». و في «ط» نسخة بدل و «ج»: «حمّة» في الموضعين، و الحمّة: العين الحارّة. «الصحاح- حمم- 5: 1904».

(3) في المصدر: «ما جروان» و في «ج، ي» باحوران، و لعلّ الصّواب: باجروان: و هي بلدة كبيرة من بلاد الجزيرة على نهر، و منها إلى الرقّة ثلاثة فراسخ. «الروض المعطار: 74».

(4) الاختصاص: 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 382

فيكون».

و قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي

النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يقول: ما ينقص في الليل يدخل في النهار، و ما ينقص من النهار يدخل في الليل.

قوله: وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يقول: كل واحد منهما يجري إلى منتهاه، فلا يقصر عنه و لا يجاوزه.

8450/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ، قال: هو الذي يصبر على الفقر و الفاقة، و يشكر الله على جميع أحواله.

و قوله: وَ إِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ يعني في البحر دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، إلى قوله:

فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ أي صالح وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ، قال: الختار: الخداع، و قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ إلى قوله: إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، قال: ذلك يوم القيامة.

8451/ [4]- و قوله: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ،

قال: قال الصادق (عليه السلام): «هذه الخمسة أشياء لم يطلع عليها ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و هي من صفات الله عز و جل».

8452/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه): مرسلا، عن الصادق (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، قال: «من قدم إلى قدم».

8453/ [6]- ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة)، قال: روى ابن ديزيل، قال: لما خرج علي (عليه السلام) من الكوفة إلى الحرورية، قال له رجل: يا أمير المؤمنين، سر على ثلاث ساعات مضين

من النهار، فإنك إن سرت الساعة أصابك و أصحابك أذى. فقال (عليه السلام): «أفي بطن فرسي ذكر أم انثي؟». قال: إن حسبت علمت.

فقال (عليه السلام): «من صدقك كذب القرآن، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ الآية». ثم قال: «إن محمدا (صلى الله عليه و آله) لم يدع علم ما ادعيت، أ تزعم أنك تهدي إلى الساعة التي يصيب النفع [من سار فيها]، و تنهى عن الساعة التي يحيق السوء [بمن سار فيها]؟ فمن صدقك فقد استغنى عن الاستعانة بالله عز و جل- ثم قال- اللهم لا طير إلا طيرك، و لا ضير إلا ضيرك، و لا إله غيرك».

قال: و روى مسلم الضبي، عن حبة العرني، قال: سار في الساعة التي نهاه عنها المنجم، فلما انتهينا إليهم رمونا، فقلنا لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، قد رمونا. فقال: «كفوا». ثم رمونا، فقال: «كفوا». ثم الثالثة، فقال: «الآن طاب لكم القتال، احملوا عليهم».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 167.

4- تفسير القمّي 2: 167.

5- من لا يحضره الفقيه 1: 84/ 383.

6- شرح النهج 2: 269.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 383

سورة السجدة ..... ص : 383

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 385

فضلها ..... ص : 385

8454/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله تعالى كتابه بيمينه، و لم يحاسبه بما كان منه، و كان من رفقاء محمد و أهل بيته (عليهم الصلاة و السلام)».

8455/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة فكأنما أحيا ليلة القدر، و من كتبها و جعلها عليه أمن الحمى، و وجع الرأس، و وجع المفاصل».

8456/ [3]- و

في رواية اخرى، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه أمن من وجع الرأس، و الحمى، و المفاصل».

8457/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه أمن من الحمى، و إن شرب ماءها زال عنه الزيغ و المثلثة «1» بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110. [.....]

2- ...

3- خواصّ القرآن: 6 «نحوه».

4- ...

(1) الحمّى المثلّثة: التي تأتي في اليوم الثالث. «مجمع البحرين- ثلث- 2: 241»، و في «ط، ي»: بالمثلّثة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 387

سورة السجده(32): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 387

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ [1- 3] 8458/ [1]- علي بن إبراهيم: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ أي لا شك فيه مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، يعني قريشا، يقولون: هذا كذب محمد، فرد الله عليهم، فقال: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.

سورة السجده(32): آية 4 ..... ص : 387

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [4]

8459/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 167.

2- تفسير القمّي 8: 145/ 117.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 388

و معنى ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قد مضى في سورة طه «1».

سورة السجده(32): آية 5 ..... ص : 388

قوله تعالى:

يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ [5] 8460/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني الأمور التي يدبرها، و الأمر و النهي الذي أمر به، و أعمال العباد، كل هذا يظهر يوم القيامة، فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سني الدنيا.

سورة السجده(32): آية 6 ..... ص : 388

قوله تعالى:

عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ [6]

8461/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ، فقال: «الغيب ما لم يكن، و الشهادة ما قد كان».

سورة السجده(32): الآيات 7 الي 9 ..... ص : 388

قوله تعالى:

الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ سَوَّاهُ [7- 9] 8462/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ، قال: هو آدم (عليه السلام) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أي ولده مِنْ سُلالَةٍ، و هي الصفوة من الطعام و الشراب مِنْ ماءٍ مَهِينٍ قال: النطفة المني ثُمَّ سَوَّاهُ أي استحاله من نطفة إلى علقة، و من علقة إلى مضغة، حتى نفخ فيه الروح.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 168.

2- معاني الأخبار: 146.

3- تفسير القمّي 2: 167.

(1) تقدّم في تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 389

سورة السجده(32): آية 11 ..... ص : 389

قوله تعالى:

قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [11]

8463/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور، لا يلتفت يمينا و لا شمالا، مقبلا عليه، كهيئة الحزين، فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت، مشغول في قبض الأرواح. فقلت: أدنني منه- يا جبرئيل- لأكلمه. فأدناني منه، فقلت له: يا ملك الموت، أكل من مات، أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟ قال: نعم. قلت: و تحضرهم بنفسك؟

قال: نعم، فما الدنيا كلها عندي، فيما سخرها الله لي و مكنني منها، إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء، و ما من دار في الدنيا إلا و أدخلها في كل يوم خمس مرات، و أقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم: لا تبكوا عليه، فإن لي إليكم عودة و عودة، حتى لا يبقى منكم

أحد.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كفى بالموت طامة، يا جبرئيل. فقال جبرئيل: ما بعد الموت أطم و أعظم من الموت».

8464/ [2]- و

عنه، قال: حكى أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر حديث الإسراء: «و قال (صلى الله عليه و آله): ثم مررت بملك من الملائكة و هو جالس على مجلس و إذا جميع الدنيا بين ركبتيه، و إذا بيده لوح من نور، فيه كتاب ينظر فيه، و لا يلتفت يمينا و لا شمالا، مقبلا عليه كهيئة الحزين، فقلت:

من هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت، دائب في قبض الأرواح. فقلت: يا جبرئيل، أدنني منه حتى أكلمه.

فأدناني منه، فسلمت عليه، و قال له جبرئيل: هذا محمد (صلى الله عليه و آله) نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد، فرحب بي، و حياني بالسلام، و قال: أبشر- يا محمد- فإني أرى الخير كله في أمتك. فقلت: الحمد لله المنان، ذي النعم و الإحسان على عباده، ذلك من فضل ربي و رحمته علي.

فقال: جبرئيل: هذا أشد الملائكة عملا. فقلت: أكل من مات، أو هو ميت فيما بعد هذا تقبض روحه؟ قال:

نعم. قلت: و تراهم حيث كانوا، و تشهدهم بنفسك؟ فقال: نعم. و قال ملك الموت: ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي و مكنني منها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه حيث شاء، و ما من دار إلا و أنا أتصفحها في كل يوم خمس مرات، و أقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم: لا تبكوا عليه، فإن لي فيكم عودة و عودة، حتى لا يبقى منكم أحد.

فقال رسول الله (صلى الله عليه

و آله): كفى بالموت طامة، يا جبرئيل. فقال جبرئيل: إنما بعد الموت أطم و أطم من الموت».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 168.

2- تفسير القمّي 2: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 390

8465/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من أهل بيت شعر و لا وبر إلا و ملك الموت يتصفحهم في كل يوم خمس مرات».

8466/ [4]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أسباط بن سالم مولى أبان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، يعلم ملك الموت بقبض من يقبض؟

قال: «لا، إنما هي صكاك تنزل من السماء: اقبض نفس فلان بن فلان».

8467/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحام، قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن ملك الموت، يقال: الأرض بين يديه كالقصعة، يمد يده منها حيث يشاء؟ قال: «نعم».

8468/ [6]- و

عنه: عن علي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الميت إذا حضره الموت، أوثقه ملك الموت، و لولا ذلك ما استقر».

8469/ [7]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «حضر رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجلا من الأنصار، و كانت له حالة حسنة عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحضره عند موته، فنظر إلى ملك الموت عند رأسه، فقال

له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ارفق بصاحبي فإنه مؤمن. فقال له ملك الموت: يا محمد، طب نفسا، و قر عينا، فإني بكل مؤمن رفيق شفيق.

و اعلم- يا محمد- أني لأحضر ابن آدم عند قبض روحه، فإذا قبضته صرخ صارخ من أهله عند ذلك، فاتنحى في جانب الدار و معي روحه، فأقول لهم: و الله ما ظلمناه، و لا سبقنا به أجله، و لا استعجلنا به قدره، و ما كان لنا في قبض روحه من ذنب، فإن ترضوا بما صنع الله و تصبروا تؤجروا و تحمدوا، و إن تجزعوا و تسخطوا تأثموا و توزروا، و ما لكم عندنا من عتبى، و إن لنا عندكم أيضا لبقية و عودة، فالحذر الحذر، فما من أهل بيت مدر و لا شعر، في بر و لا بحر، إلا و أنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات عند مواقيت الصلاة، حتى لأنا أعلم منهم بأنفسهم، و لو أني- يا محمد- أردت قبض نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتى يكون الله عز و جل هو الآمر بقبضها، و إني لملقن المؤمن عند موته شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8470/ [8]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: قال الصادق (عليه السلام): «قيل لملك الموت (عليه السلام): كيف تقبض الأرواح و بعضها في المغرب، و بعضها في المشرق في ساعة واحدة؟ قال: أدعوها فتجيبني». قال: «و قال ملك الموت: إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما يشاء، و الدنيا عندي كالدرهم في كف أحدكم

__________________________________________________

3- الكافي 3: 256/ 22.

4-- الكافي 3: 255/ 21. [.....]

5- الكافي 3: 256/ 24.

6-

الكافي 3: 250/ 2.

7- الكافي 3: 136/ 3.

8- من لا يحضره الفقيه 1: 80/ 357.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 391

يقلبه كيف يشاء».

8471/ [9]- و

عنه: بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما أسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا، رجل له في المشرق، و رجل له في المغرب، و بيده لوح ينظر فيه و يحرك رأسه، قلت: يا جبرئيل، من هذا؟ قال: هذا ملك الموت».

8472/ [10]- ابن شهر آشوب: في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «يا أبا ذر، لما أسري بي إلى السماء مررت بملك جالس على سرير من نور، على رأسه تاج من نور، إحدى رجليه في المشرق و الاخرى في المغرب، و بين يديه لوح ينظر فيه، و الدنيا كلها بين عينيه، و الخلق بين ركبتيه، و يده تبلغ المشرق و المغرب، فقلت: يا جبرئيل، من هذا؟ فما رأيت من ملائكة ربي جل جلاله أعظم خلقا منه. قال: هذا عزرائيل ملك الموت ادن فسلم عليه، فدنوت منه، فقلت: سلام عليك، حبيبي ملك الموت. فقال: و عليك السلام يا أحمد. و ما فعل ابن عمك علي بن أبي طالب؟ فقلت: و هل تعرف ابن عمي؟ قال: و كيف لا أعرفه؟ فإن الله جل جلاله وكلني بقبض الأرواح ما خلا روحك و روح علي بن أبي طالب، فإن الله يتوفاكما بمشيئته».

8473/ [11]- عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم على منبره، و أقام عليا (عليه السلام) إلى جانبه، و حط يده اليمنى في يده [فرفعها] حتى بان بياض إبطيهما، و قال: «يا معاشر الناس،

ألا إن الله ربكم، و محمد نبيكم، و الإسلام دينكم، و علي هاديكم، و هو وصيي و خليفتي من بعدي».

ثم قال: «يا أبا ذر، علي عضدي، و هو أميني على وحي ربي، و ما أعطاني ربي فضيلة إلا و قد خص عليا بمثلها. يا أبا ذر، لن يقبل الله لأحد فرضا إلا بحب علي بن أبي طالب. يا أبا ذر، لما أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش، فإذا أنا بحجاب من الزبرجد الأخضر، فإذا مناد ينادي: يا محمد، ارفع الحجاب فرفعته فإذا أنا بملك، و الدنيا بين عينيه، و بيده لوح ينظر فيه، فقلت: حبيبي جبرئيل، من هذا الملك الذي لم أر في ملائكة ربي أعظم منه خلقة؟ فقال: يا محمد، سلم عليه، فإنه عزرائيل ملك الموت. فقلت: السلام عليك- يا حبيبي- ملك الموت.

فقال: و عليك السلام- يا خاتم النبيين- كيف ابن عمك علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقلت: حبيبي- ملك الموت- أ تعرفه؟ فقال: و كيف لا أعرفه؟ يا محمد، و الذي بعثك بالحق نبيا، و اصطفاك رسولا، إني أعرف ابن عمك وصيا كما أعرفك نبيا، و كيف لا يكون ذلك و قد وكلني الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك و روح علي، فإن الله تعالى يتولاهما بمشيئته كيف يشاء و يختار».

8474/ [12]- بستان الواعظين: ذكر في بعض الأخبار أن الله تعالى خلق شجرة فرعها تحت العرش، مكتوب على كل ورقة من ورقها اسم عبد من عبيده، فإذا جاء أجل عبد سقطت تلك الورقة التي فيها اسمه في حجر ملك الموت، فأخذ روحه في الوقت.

__________________________________________________

9- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 32/ 48.

10- المناقب 2: 236.

11- البحار 38: 137/ 97، عن

عروضة ابن شاذان، مدينة المعاجز: 175.

12- ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 392

8475/ [13]- و

فيه: و في بعض الأخبار: أن للموت ثلاثة آلاف سكرة، كل سكرة منها أشد من ألف ضربة بالسيف.

8476/ [14]- و

فيه: و في بعض الأخبار: أن الدنيا كلها بين يدي ملك الموت كالمائدة بين يدي الرجل، يمد يده إلى ما شاء منها فيتناوله و يأكل، و الدنيا، مشرقها و مغربها، برها و بحرها، و كل ناحية منها، أقرب إلى ملك الموت من الرجل على المائدة، و أن معه أعوانا، و الله أعلم بعدتهم، ليس منهم ملك إلا لو اذن له أن يلتقم السبع سماوات، و الأرضين السبع في لقمة واحدة لفعل، و أن غصة من غصص الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، و كل ما خلق الله عز و جل يتركه إلى الأجل، فإنه موقت لوفاء العدة و انقضاء المدة.

سورة السجده(32): الآيات 12 الي 14 ..... ص : 392

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّا نَسِيناكُمْ [12- 14] 8477/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا في الدنيا و لم نعمل به فَارْجِعْنا إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها، قال: لو شئنا أن نجعلهم كلهم معصومين لقدرنا. قال: قوله: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ أي تركناكم.

سورة السجده(32): الآيات 16 الي 17 ..... ص : 392

قوله تعالى:

تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [16- 17]

8478/ [2]- الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، قال: حدثني ابن رباط، عن ابن مسكان، عن

__________________________________________________

13- ...

14- ...

1- تفسير القمّي 2: 168.

2- التهذيب 2: 242/ 958.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 393

سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، أخبرني عن الإسلام: أصله، و فرعه، و ذروته، و سنامه. فقال: أصله الصلاة، و فرعه الزكاة، و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله تعالى.

قال: يا رسول الله، أخبرني عن أبواب الخير. قال: الصيام جنة «1»، و الصدقة تذهب الخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه». ثم قال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.

8479/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده: عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ، فقال: «لعلك ترى أن القوم لم يكونوا

ينامون؟» فقلت: الله و رسوله أعلم.

فقال: «لا بد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه، فإذا خرج نفسه استراح البدن، و رجعت الروح فيه، و فيه قوة على العمل، فإنما ذكرهم الله تعالى، فقال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) و أتباعه من شيعتنا، ينامون أول الليل، فإذا ذهب ثلث «2» الليل، أو ما شاء الله، فزعوا إلى ربهم راهبين راغبين طامعين فيما عنده، فذكرهم الله عز و جل في كتابه لنبيه (صلى الله عليه و آله)، و أخبره بما أعطاهم، و أنه أسكنهم في جواره، و أدخلهم جنته، و آمن خوفهم، و سكن روعتهم».

قلت: جعلت فداك، إذا أنا قمت آخر الليل، أي شي ء أقول إذا قمت؟ قال: «قل: الحمد لله رب العالمين، و إله المرسلين، الحمد لله الذي يحيي الموتى، و يبعث من في القبور. فإنك إذا قلتها ذهب عنك رجس الشيطان و وساوسه إن شاء الله تعالى».

8480/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «ألا أخبرك بأصل الإسلام، و فرعه، و ذروته، و سنامه؟». قال: قلت: بلى، جعلت فداك. قال: «أما أصله فالصلاة، و فرعه الزكاة، و ذروته و سنامه الجهاد».

فقال: «إن شئت أخبرتك بأبواب الخير». قلت: نعم، جعلت فداك. قال: «الصوم جنة، و الصدقة تذهب بالخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل يذكر الله». ثم قرأ: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ.

8481/ [4]- و

عنه: عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن علي بن عبد العزيز، قال: قال أبو عبد الله (عليه

السلام): «ألا أخبرك بأصل الإسلام، و فرعه، و ذروته، و سنامه؟». قال: قلت: بلى، جعلت فداك. قال:

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 1: 305/ 1394.

3- المحاسن: 289/ 435. [.....]

4- المحاسن: 289/ 434.

(1) الجنّة: الوقاية «النهاية 1: 308».

(2) في المصدر: ثلثا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 394

«أصله الصلاة، و فرعه الزكاة، و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله، ألا أخبرك بأبواب الخير؟» قلت: نعم، جعلت فداك. قال: «الصوم جنة، و الصدقة تحط الخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه». ثم تلا: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.

8482/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من عمل حسن يعمله العبد إلا و له ثواب في القرآن، إلا صلاة الليل، فإن الله لم يبين ثوابها لعظم خطرها عنده، فقال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ إلى قوله يَعْمَلُونَ».

ثم قال: «إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمنين ملكا معه حلتان، فينتهي إلى باب الجنة، فيقول: استأذنوا لي على فلان. فيقال له: هذا رسول ربك على الباب. فيقول لأزواجه: أي شي ء ترين علي أحسن؟ فيقلن: يا سيدنا، و الذي أباحك الجنة، ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا، قد بعث إليك ربك، فيتزر بواحدة، و يتعطف «1» بالأخرى، فلا يمر بشي ء إلا أضاء له، حتى ينتهي إلى الموعد، فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك و تعالى، فإذا نظروا إليه، أي إلى رحمته، خروا سجدا، فيقول:

عبادي، ارفعوا رؤوسكم، ليس هذا يوم سجود و لا عبادة، قد رفعت عنكم المؤونة «2». فيقولون: يا رب، و أي شي ء أفضل مما أعطيتنا! أعطيتنا الجنة فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا. فيرى المؤمن في كل جمعة سبعين ضعفا مثل ما في يديه، و هو قوله: وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ «3» و هو يوم الجمعة، إنها ليلة غراء و يوم أزهر، فأكثروا فيها من التسبيح، و التهليل، و التكبير، و الثناء على الله، و الصلاة على رسوله (صلى الله عليه و آله)».

قال: «فيمر المؤمن فلا يمر بشي ء إلا أضاء له، حتى ينتهي إلى أزواجه، فيقلن: و الذي أباحك الجنة- يا سيدنا- ما رأيناك أحسن منك الساعة. فيقول: إني قد نظرت إلى نور ربي». ثم قال: «إن أزواجه لا يغرن، و لا يحضن، و لا يصلفن» «4».

قال: قلت: جعلت فداك، إني أردت أن أسألك عن شي ء أستحي منه، قال: «سل». قلت: جعلت فداك، هل في الجنة غناء؟ قال: «إن في الجنة شجرة، يأمر الله رياحها فتهب، فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها حسنا». ثم قال: «هذا عوض لمن ترك السماء للغناء في الدنيا من مخافة الله».

قال: قلت: جعلت فداك، زدني. فقال: «إن الله خلق الجنة بيده، و لم ترها عين، و لم يطلع عليها مخلوق، يفتحها الرب كل صباح، فيقول لها: ازدادي ريحا، ازدادي طيبا، و هو قول الله تعالى:

__________________________________________________

5- تفسير القمي 2: 168.

(1) تعطف بالرداء: ارتدى و سمي الرداء عطافا لوقوعه على عطفي الرجل. «لسان العرب- عطف- 9: 251».

(2) المؤونة: التعب و الشدة. «الصحاح- مأن- 6: 2198».

(3) سورة ق 50: 35.

(4) صلفت المرأة: إذا لم تحظ عند زوجها، و أبغضها. «الصحاح- صلف-

4: 1387».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 395

فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».

8483/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، و الحسن بن علي بن فضال، جميعا، عن علي بن النعمان، عن الحارث بن محمد الأحول، عمن حدثه، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لعلي: يا علي، إني لما أسري بي، رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن، و أحلى من العسل، و أشد استقامة من السهم، فيه أباريق عدد النجوم، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر و الدر الأبيض، فضرب جبرئيل (عليه السلام) بجناحيه إلى جانبه فإذا هو مسكة ذفرة.

ثم قال: و الذي نفس محمد بيده، إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح، بصوت لم يسمع الأولون و الآخرون مثله يثمر ثمرا كالرمان، تلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة، و المؤمنون على كراسي من نور، و هم الغر المحجلون، أنت إمامهم يوم القيامة، على الرجل منهم نعلان شراكهما من نور، يضي ء أمامهم حيث شاءوا من الجنة، فبيناهم كذلك إذا أشرفت عليه امرأة من فوقه، تقول: سبحان الله- يا عبد الله- أما لنا منك دولة؟ فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. ثم قال: و الذي نفس محمد بيده، إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك يسمونه باسمه و اسم أبيه».

8484/ [7]- و

رواه ابن بابويه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن

علي بن النعمان، عن الحارث بن محمد الأحول، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفر (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء قال لعلي (عليه السلام): يا علي، إني رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن، و أحلى من العسل، و أشد استقامة من السهم، فيه أباريق عدد نجوم السماء، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر و الدر الأبيض، فضرب جبرئيل (عليه السلام) بجناحه إلى جانبه فإذا هو مسك أذفر».

ثم قال: «و الذي نفس محمد بيده، إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون و الآخرون بمثله، يثمر ثمرا كالرمان، و تلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة، و المؤمنون على كراسي من نور، و هم الغر المحجلون، أنت إمامهم يوم القيامة، على الرجل منهم نعلان، شراكهما من نور يضي ء أمامه حيث شاء من الجنة، فبينما هو كذلك إذ أشرفت امرأة من فوقه، فتقول: سبحان الله، أما لك فينا دولة؟ فيقول لها: من أنت؟

فتقول: أنا من اللواتي قال الله عز و جل: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، ثم قال: و الذي نفس محمد بيده إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف «1» ملك يسمونه باسمه و اسم أبيه».

و رواه ابن بابويه في كتاب (بشارات الشيعة) «2».

__________________________________________________

6- المحاسن: 180/ 172.

7- تأويل الآيات 2: 441/ 1.

(1) (ألف) ليس في «ج».

(2) ... فضائل الشيعة: 72/ 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 396

8485/ [8]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن الحصين، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله خلق بيده جنة

لم يرها غيره، و لم يطلع عليها مخلوق، تفتح للرب «1» تبارك و تعالى كل صباح، فيقول: ازدادي طيبا، ازدادي ريحا. و تقول: قد أفلح المؤمنون، و هو قول الله تبارك و تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».

8486/ [9]- كتاب (الجنة و النار): بالإسناد عن الصادق (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه أهل الجنة- قال (عليه السلام): «و إنه لتشرف على ولي الله المرأة، ليست من نسائه، من السجف «2»، فتملأ قصوره و منازله ضوءا و نورا، فيظن ولي الله أن ربه أشرف عليه، أو ملك من الملائكة، فيرفع رأسه فإذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نور عينيه- قال- فتناديه: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة- قال- فيقول لها: و من أنت؟- قال- فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ «3»، فيجامعها في قوة مائة شاب، و يعانقها سبعين سنة من أعمار الأولين، و ما يدري أ ينظر إلى وجهها، أم إلى خلفها، أم إلى ساقها، فما من شي ء ينظر إليه منها إلا و يرى وجهه من ذلك المكان من شدة نورها و صفائها، ثم تشرف عليه اخرى أحسن وجها، و أطيب ريحا من الاولى، فتناديه: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة- قال- فيقول لها: و من أنت؟ فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».

8487/ [10]- ابن بابويه: بإسناده [عن مقاتل بن سليمان ] يقول: سمعت الضحاك، قال: سأل رجل ابن عباس: ما الذي أخفى الله تبارك و تعالى من الجنة، و قد

أخبر عن أزواجها، و عن خدمها، و عن طيبها، و شرابها، و ثمرها، و ما ذكر الله تبارك و تعالى من أمرها و أنزله في كتابه؟

فقال ابن عباس: هي جنة عدن، خلقها الله تعالى يوم الجمعة، ثم أطبق عليها فلم يرها مخلوق من أهل السماوات و الأرض حتى يدخلها أهلها، قال لها عز و جل ثلاث مرات: تكلمي. فقالت: طوبى للمؤمنين. قال جل جلاله: طوبى للمؤمنين، و طوبى لك.

قال مقاتل: قال الضحاك: [قال ابن عباس ]: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «من كان فيه ست خصال فإنه منهم: من صدق حديثه، و أنجز موعوده، و أدى أمانته، و بر والديه، و وصل رحمه، و استغفر من ذنبه».

8488/ [11]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، قال: قال الصادق (عليه السلام)، في قوله: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ،

__________________________________________________

8- الزهد: 102/ 278.

9- الاختصاص: 352. [.....]

10- أمالي الصدوق: 225/ 9.

11- الأمالي 1: 300.

(1) في المصدر: يفتحها الرب.

(2) السجف و السجف: الستر. «الصحاح- سجف- 4: 1371».

(3) سورة ق 50: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 397

قال: «كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة».

8489/ [12]- الطبرسي: في معنى الآية، قال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً، أي ترتفع جنوبهم عن مواضع اضطجاعهم لصلاة الليل، و هم المتهجدون بالليل، الذين يقومون عن فرشهم للصلاة.

عن الحسن، و مجاهد، و عطاء، قال: و هو المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة السجده(32): الآيات 18 الي 20 ..... ص : 397

أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ- إلى قوله تعالى- ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [18- 20]

8490/ [1]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد

بن عبيد الله الغداني، قال: حدثنا الربيع بن يسار «1»، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه)، في حديث احتجاج علي (عليه السلام) على أهل الشورى يذكر فضائله، و ما جاء فيه على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هم يسلمون له ما ذكره، و أنه مختص بالفضائل دونهم، إلى أن قال علي (عليه السلام): «فهل فيكم أحد أنزل الله تعالى فيه: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ إلى آخر ما اقتص الله تعالى من خبر المؤمنين، غيري»؟ قالوا: اللهم لا.

8491/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، قال: «و ذلك أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا، فقال الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط: أنا- و الله- أبسط منك لسانا، و أحد منك سنانا، و أمثل منك حشوا «2» في الكتيبة. قال علي (عليه السلام): اسكت، فإنما أنت فاسق، فأنزل الله: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فهو علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَ قِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ».

__________________________________________________

12- مجمع البيان 7: 517.

1- الأمالي 2: 159.

2- تفسير القمّي 2: 170.

(1) في «ط، ي»: سيّار.

(2) في المصدر: جثوّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 398

8492/ [3]- و قال أيضا علي بن

إبراهيم، في قوله: وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها، قال: إن جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فإذا بلغوا أسفلها زفرت بهم جهنم، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، فهذه حالهم.

8493/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، عن الحجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعلي (عليه السلام): أنا أبسط منك لسانا، و أحد منك سنانا، و أملأ منك حشوا للكتيبة. فقال له علي (عليه السلام): «اسكت، يا فاسق». فأنزل الله جل اسمه: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ إلى قوله: تُكَذِّبُونَ.

8494/ [5]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عمرو بن حماد، عن أبيه، عن فضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ.

قال: نزلت في رجلين: أحدهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو المؤمن، و الآخر فاسق، فقال الفاسق للمؤمن: أنا- و الله- أحد منك سنانا، و أبسط منك لسانا، و أملأ منك حشوا في الكتيبة. فقال المؤمن للفاسق: اسكت، يا فاسق. فأنزل الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، ثم بين حال المؤمن، فقال: أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. و بين حال الفاسق، فقال عز و جل: وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما

أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَ قِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ.

8495/ [6]- و

ذكر أبو مخنف (رحمه الله) أنه جرى عند معاوية بين الحسن بن علي (عليهما السلام)، و بين الفاسق الوليد بن عقبة كلام، فقال الحسن (عليه السلام): «لا ألومك أن تسب عليا، و قد جلدك في الخمر ثمانين سوطا، و قتل أباك صبرا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في يوم بدر، و قد سماه الله عز و جل في غير آية مؤمنا، و سماك فاسقا».

8496/ [7]- الطبرسي في (الاحتجاج): في حديث ذكر فيه ما جرى بين الحسن بن علي (عليه السلام)، و بين جماعة من أصحاب معاوية، بمحضر معاوية، فقال الحسن (عليه السلام): «و أما أنت- يا وليد بن عقبة- فو الله ما ألومك أن تبغض «1» عليا (عليه السلام) و قد جلدك في الخمر ثمانين جلدة، و قتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف تسبه و قد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن و سماك فاسقا! و هو قول الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ

__________________________________________________

3- تفسير القمي 2: 170.

4- تأويل الآيات 2: 442/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 443/ 4.

6- تأويل الآيات 2: 443/ 5. [.....]

7- الاحتجاج: 276.

(1) في «ي، ط»: تنقص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 399

، و قوله: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ «1»؟

و ما أنت و ذكر قريش؟ و إنما أنت ابن عليج «2» من أهل صفورية «3»، يقال له: ذكوان «4»، و أما زعمك أنا قتلنا عثمان، فو الله ما استطاع طلحة و

الزبير و عائشة أن يقولوا ذلك لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكيف تقوله أنت؟ و لو سألت أمك: من أبوك؟ إذ تركت ذكوان فألصقتك بعقبة بن أبي معيط، اكتسبت بذلك عند نفسها سناء و رفعة، مع ما أعد الله لك، و لأبيك، و لأمك من العار و الخزي في الدنيا و الآخرة، و ما الله بظلام للعبيد.

ثم أنت- يا وليد- و الله، أكبر في الميلاد ممن تدعى له، فكيف تسب عليا (عليه السلام)؟! و لو اشتغلت بنفسك لتبينت نسبك إلى أبيك، لا إلى من تدعى له، و لقد قالت لك أمك: يا بني، أبوك ألأم، و أخبث من عقبة».

8497/ [8]- ابن شهر آشوب: عن الكلبي، عن أبي صالح، و عن ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن أبي العالية، عن عكرمة، و عن أبي عبيدة، عن يونس، عن أبي عمرو، عن مجاهد، كلهم عن ابن عباس. و قد روى صاحب (الأغاني) و صاحب (تاج التراجم) عن ابن جبير، و ابن عباس، و قتادة، و روي عن الباقر (عليه السلام)، و اللفظ له: «أنه قال الوليد بن عقبة لعلي (عليه السلام): أنا أحد منك سنانا، و أبسط لسانا، و أملأ حشوا للكتيبة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس كما قلت، يا فاسق- و في روايات كثيرة: اسكت، فإنما أنت فاسق- فنزلت الآيات: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً علي بن أبي طالب (عليه السلام) كَمَنْ كانَ فاسِقاً الوليد لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية، أنزلت في علي (عليه السلام) وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا أنزلت في الوليد، فأنشأ حسان:

أنزل الله و الكتاب عزيز في علي و في الوليد قرآنا

فتبوأ الوليد من ذاك فسقا و علي

مبوء إيمانا

ليس من كان مؤمنا عرف الله كمن كان فاسقا خوانا

سوف يجزى الوليد خزيا و نارا و علي لا شك يجزى جنانا».

8498/ [9]- و

من طريق المخالفين: موفق بن أحمد، قال: أخبرني الشيخ الزاهد الحافظ زين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، حدثنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، حدثنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، حدثنا أبو سعد الماليني «5»، حدثنا أبو أحمد «6» بن

__________________________________________________

8- المناقب 2: 10، كفاية الطالب: 140.

9- مناقب الخوارزمي: 197.

(1) الحجرات 49: 6.

(2) العلج: الرجل من كفّار العجم. «لسان العرب- علج- 2: 326».

(3) صفوريّة: بلدة من نواحي الأردن، و هي قرب طبرية. «معجم البلدان 3: 414».

(4) في «ي، ط»: ركون.

(5) في «ج، ي» و المصدر: أبو سعيد، و في «ط»: أبو سيد، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع سير أعلام 17: 301.

(6) في جميع النسخ: أبو محمّد، راجع المصدر المتقدّم في الهامش (1).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 400

عدي، حدثنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن الوليد بن عقبة قال لعلي (رضي الله عنه): أنا أبسط منك لسانا، و أحد منك سنانا، و أملأ منك حشدا «1» في الكتيبة، فقال له علي: «على رسلك، فإنك فاسق» فأنزل الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ يعني عليا المؤمن، و الوليد الفاسق.

تفسير الواحدي، و أسباب النزول له، مثله «2».

سورة السجده(32): آية 21 ..... ص : 400

قوله تعالى:

وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [21] 8499/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى ، قال: عذاب الرجعة

بالسيف، و معنى قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني فإنهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا.

8500/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ليس من مؤمن إلا و له قتلة و موتة، إنه من قتل نشر حتى يموت، و من مات نشر حتى يقتل».

ثم تلوت على أبي جعفر (عليه السلام) هذه الآية: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3» فقال: «و منشورة» قلت: قولك:

«و منشورة» ما هو؟ قال: «هكذا انزل بها جبرئيل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله): «كل نفس ذائقة الموت و منشورة» ثم قال: «ما في هذه الامة أحد، بر و لا فاجر، إلا و ينشر، فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة أعينهم، و أما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم، ألم تسمع أن الله تعالى يقول: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ؟».

8501/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن حاتم، عن حسن بن محمد، بن «4» عبد الواحد، عن «5»

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 170.

2- مختصر بصائر الدرجات: 17.

3- تأويل الآيات 2: 444/ 6.

(1) في «ط»: حشوا، و في المصدر: جسدا. [.....]

(2) أسباب النزول للواحدي: 198.

(3) آل عمران 3: 185.

(4) في «ج، ي، ط»: عن.

(5) في «ج، ي، ط»: بن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 401

حفص بن عمر بن سالم، عن محمد بن حسين بن عجلان، عن مفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ، قال: «الأدنى: غلاء السعر

«1»، و الأكبر: المهدي (عليه السلام) بالسيف».

8502/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العذاب الأدنى: دابة الأرض».

و قد تقدم تأويل دابة الأرض، و أنها أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ من سور النمل «2».

8503/ [5]- ابن بابويه، مرسلا: عن الصادق (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ: «إن هذا فراق الأحبة في دار الدنيا، ليستدلوا به على فراق الموتى «3»، فكذلك يعقوب تأسف على يوسف من خوف فراق غيره، فذكر يوسف لذلك».

8504/ [6]- الطبرسي: قيل: هو عذاب القبر، عن مجاهد. قال: و روي أيضا عن أبي عبد الله (عليه السلام). ثم قال:

و الأكثر في الرواية عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن العذاب الأدنى: الدابة، و الدجال».

8505/ [7]- الشيباني في (نهج البيان)، قال: روي عن جعفر الصادق (عليه السلام): «أن الأدنى: القحط، و الجدب، و الأكبر: خروج القائم المهدي (عليه السلام) بالسيف في آخر الزمان».

سورة السجده(32): آية 24 ..... ص : 401

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ [24] 8506/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كان في علم الله أنهم يصبرون على ما يصيبهم، فجعلهم أئمة.

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 444/ 7.

5- علل الشرائع: 50/ 1.

6- مجمع البيان 8: 520.

7- نهج البيان 3: 232 «مخطوط».

1- تفسير القمّي 2: 170.

(1) في «ج، ي، ط»: عذاب السفر.

(2) تقدّم في تفسير الآيات (82- 84) من سورة النمل.

(3) في المصدر: المولى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 402

8507/ [2]-

ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام عدل، و إمام جور، قال الله: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لا بأمر الناس، يقدمون أمر الله قبل أمرهم، و حكم الله قبل حكمهم، قال: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ «1» يقدمون أمرهم قبل أمر الله، و حكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلافا لما في كتاب الله».

8508/ [3]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في جميع أحواله، ثم بشر بالأئمة من عترته، و وصفوا بالصبر، فقال: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ».

8509/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي ابن هلال الأحمسي، عن الحسن بن وهب العبسي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليهم)، قال: «نزلت هذه الآية في ولد فاطمة (عليها السلام) خاصة: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ».

سورة السجده(32): الآيات 27 الي 30 ..... ص : 402

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ- إلى قوله تعالى- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ [27- 30] 8510/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ، قال: الأرض الخراب، و هو

مثل ضربه الله في الرجعة و القائم (عليه السلام)، فلما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بخبر الرجعة، قالوا: متى هذا الفتح إن كنتم صادقين؟ و هي معطوفة على قوله: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ «2»، فقالوا: مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ فقال الله: قُلْ لهم، يا محمد:

__________________________________________________

2- تفسير القمي 2: 170.

3- تفسير القمي 1: 197. [.....]

4- تأويل الآيات 2: 444/ 8، شواهد التنزيل 1: 454/ 625.

1- تفسير القمي 2: 171.

(1) القصص 28: 41.

(2) السجدة 32: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 403

يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ يا محمد وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ.

8511/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن ابن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ.

قال: «يوم الفتح، يوم تفتح الدنيا على القائم (عليه السلام)، لا ينفع أحدا تقرب بالإيمان ما لم يكن قبل مؤمنا، و بهذا الفتح موقنا، فذلك الذي ينفعه إيمانه، و يعظم عند الله قدره و شأنه، و تزخرف له يوم القيامة و البعث جنانه، و تحجب عنه نيرانه، و هذا أجر الموالين لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و لذريته الطيبين (عليهم السلام)».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 445/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 405

سورة الأحزاب ..... ص : 405

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 407

فضلها ..... ص : 407

8512/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد (صلى الله عليه و آله) و أزواجه».

ثم قال: «سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال و النساء من قريش و غيرهم. يا بن سنان، إن سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب، و كانت أطول من سورة البقرة، و لكن نقصوها، و حرفوها».

8513/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، و علمها ما ملكت يمينه، من زوجة و غيرها، اعطي أمانا من عذاب القبر من كتبها في رق غزال، و جعلها في حق «1» في منزله كثرت إليه الخطاب، و طلب منه التزويج لبناته، و أخواته، و سائر قراباته، و رغب كل أحد إليه، و لو كان صعلوكا فقيرا، بإذن الله تعالى».

8514/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في رق غزال، و تركها في حق، و علقها في منزله كثرت له الخطاب لحرمته، و رغب إليهم كل واحد، و لو كانوا فقراء».

8515/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في رق ظبي، و جعلها في منزله جاءت إليه الخطاب في منزله، و طلب التزويج في بناته، و أخواته، و جميع أهله و أقربائه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- خواصّ القرآن: 47 (مخطوط)، قطعة منه.

3- خواص القرآن: 47 (مخطوط).

4- خواص القرآن: 6.

(1) الحقّ: وعاء صغير ذو غطاء يتّخذ من عاج أو زجاج، و غيرهما. «المعجم الوسيط- حقق- 1: 188».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 409

سورة الأحزاب(33): آية 1 ..... ص : 409

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا

النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [1]

8516/ [1]- علي بن إبراهيم: هذا هو الذي قال الصادق (عليه السلام): «إن الله بعث نبيه بإياك أعني و اسمعي يا جارة». فالمخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس.

سورة الأحزاب(33): الآيات 4 الي 5 ..... ص : 409

قوله تعالى:

ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [4]

8517/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.

قال: «قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): ليس عبد من عبيد الله، ممن امتحن الله قلبه للإيمان، إلا و يجد مودتنا في قلبه، فهو يودنا، و ما من عبد من عبيد الله ممن سخط الله عليه إلا و يجد بغضنا على قلبه، فهو يبغضنا، فأصبحنا نفرح بحب المحب لنا، و نغتفر له، و نبغض المبغض، و أصبح محبنا ينتظر رحمة الله جل و عز، فكأن أبواب الرحمة قد فتحت له، و أصبح مبغضنا على شفا جرف هار من النار، فكأن ذلك الشفا قد انهار به في نار

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 171.

2- تأويل الآيات 2: 446/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 410

جهنم، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم، و تعسا لأهل النار مثواهم، إن الله عز و جل يقول: فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ «1».

و إنه ليس عبد من عبيد الله يقصر في حبنا لخير جعله الله عنده، إذ لا يستوي من يحبنا و من يبغضنا، و لا يجتمعان في قلب رجل أبدا، إن الله لم يجعل

لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا، و يبغض بهذا، أما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار، لا كدر فيه، و مبغضنا على تلك المنزلة، و نحن النجباء، و أفراطنا أفراط الأنبياء، و أنا وصي الأوصياء، و الفئة الباغية من حزب الشيطان، و الشيطان منهم، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فإن شارك في حبنا عدونا فليس منا، و لسنا منه، و الله عدوه، و جبرئيل، و ميكائيل، و الله عدو للكافرين».

8518/ [2]- و

قال علي (عليه السلام): «لا يجتمع حبنا و حب عدونا في جوف إنسان، إن الله عز و جل يقول: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.

8519/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.

قال: «قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا يجتمع حبنا و حب عدونا في جوف إنسان، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، فيحب بهذا و يبغض بهذا، فأما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار، لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فإن شارك في حبنا حب عدونا فليس منا، و لسنا منه، و الله عدوهم، و جبرئيل، و ميكائيل، و الله عدو للكافرين».

8520/ [4]- الطبرسي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا قوما، و يحب بهذا أعداءهم».

قوله تعالى:

وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ- إلى قوله تعالى- فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَ مَوالِيكُمْ [4- 5]

8521/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، قال: «كان سبب نزول ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما تزوج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 2: 447/ 2.

3- تفسير القمّي 2: 171. [.....]

4- مجمع البيان 8: 527.

1- تفسير القمّي 2: 172.

(1) النحل 16: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 411

تجارة لها، فرأى زيدا يباع، و رآه غلاما كيسا حصيفا «1»، فاشتراه، فلما نبئ رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعاه إلى الإسلام فأسلم، و كان يدعى زيد مولى محمد (صلى الله عليه و آله).

فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة، و كان رجلا جليلا، فأتى أبا طالب، فقال: يا أبا طالب، إن ابني وقع عليه السبي، و بلغني أنه صار إلى ابن أخيك، فاسأله، إما أن يبيعه، و إما أن يفاديه، و إما أن يعتقه. فكلم أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هو حر، فليذهب حيث شاء. فقام حارثة فأخذ بيد زيد، فقال له: يا بني، الحق بشرفك و حسبك. فقال زيد: لست أفارق رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبدا.

فقال له أبوه: فتدع حسبك و نسبك، و تكون عبدا لقريش؟ فقال زيد: لست أفارق رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما دمت حيا. فغضب أبوه، فقال: يا معشر قريش، اشهدوا أني قد برئت من زيد، و ليس هو ابني.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اشهدوا أن زيدا ابني، أرثه و يرثني. و كان زيد يدعى ابن محمد، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحبه، و سماه: زيد الحب.

فلما

هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة زوجه زينب بنت جحش، فأبطأ عنه يوما، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) منزله يسأل عنه، فإذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيبا بفهر «2» لها، فنظر إليها، و كانت جميلة حسنة، فقال: سبحان الله خالق النور، و تبارك الله أحسن الخالقين! ثم رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى منزله، و وقعت زينب في قلبه موقعا عجيبا، و جاء زيد إلى منزله، فأخبرته زينب بما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لها زيد: هل لك أن أطلقك حتى يتزوجك رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فلعلك قد وقعت في قلبه. فقالت: أخشى أن تطلقني و لا يتزوجني رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فجاء زيد إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- أخبرتني زينب بكذا و كذا، فهل لك أن أطلقها حتى تتزوجها؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): اذهب، و اتق الله، و أمسك عليك زوجك، ثم حكى الله، فقال: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها إلى قوله: وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا «3» فزوجه الله من فوقه عرشه، فقال المنافقون: يحرم علينا نساء أبنائنا و يتزوج امرأة ابنه زيد! فأنزل الله في هذا: وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ إلى قوله: يَهْدِي السَّبِيلَ. ثم قال: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ إلى قوله: وَ مَوالِيكُمْ».

فاعلم أن زيدا ليس ابن محمد (صلى الله

عليه و آله)، و إنما ادعاه للسبب الذي ذكرناه، و في هذا أيضا ما نكتبه في غير هذا الموضع، في قوله: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً «4».

__________________________________________________

(1) الحصيف: الجيد الرأي المحكم العقل. «لسان العرب- حصف- 9: 48».

(2)) الفهر: الحجر قدر ما يدق به الجوز و نحوه. «لسان العرب- فهر- 5: 66».

(3) الأحزاب 33: 37.

(4) الأحزاب 33: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 412

ثم نزل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ «1» أي من بعد ما حلل عليه في سورة النساء. و قوله: وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ «2» معطوف على قصة امرأة زيد وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ «3» أي لا يحل لك امرأة رجل أن تتعرض لها حتى يطلقها زوجها و تتزوجها أنت، فلا تفعل هذا الفعل بعد هذا.

سورة الأحزاب(33): آية 6 ..... ص : 412

قوله تعالى:

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً [6]

8522/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عبد الرحيم بن روح القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فيمن نزلت؟

فقال: «نزلت في الإمرة، إن هذه الآية جرت في ولد الحسين (عليه السلام) من بعده، فنحن أولى بالأمر، و برسول الله (صلى الله عليه و آله)

من المؤمنين و المهاجرين و الأنصار».

فقلت: فلولد جعفر فيها نصيب؟ فقال: «لا». قلت: فلولد العباس فيها نصيب؟ فقال: «لا». فعددت عليه بطون بني عبد المطلب، كل ذلك يقول: «لا». قال: و نسيت ولد الحسن (عليه السلام)، فدخلت بعد ذلك عليه، فقلت له:

هل لولد الحسن (عليه السلام) فيها نصيب؟ فقال: «لا و الله- يا عبد الرحيم- ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا».

8523/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين (عليهما السلام) أبدا، إنما جرت من علي بن الحسين (عليه السلام) كما قال الله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فلا تكون بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلا في الأعقاب، و أعقاب الأعقاب».

8524/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، و علي بن محمد، عن سهل بن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 228/ 2.

2- الكافي 1: 225/ 1.

3- الكافي 1: 227/ 1.

(1) الأحزاب 33: 52.

(2) الأحزاب 33: 52.

(3) الأحزاب 33: 52.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 413

زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي (عليه السلام) أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إقامته للناس، و أخذه بيده، فلما مضى علي (عليه السلام) لم يكن يستطيع علي، و لم يكن ليفعل، أن يدخل محمد بن علي، و لا العباس بن

علي، و لا أحدا من ولده، إذن لقال الحسن و الحسين (عليهما السلام): إن الله تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك.

فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن (عليه السلام) أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده، و لم يكن ليفعل ذلك، و الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فيجعلها في ولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أمر الله تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و بلغ في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك و في أبيك، و أذهب عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك.

فلما صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه، كما كان هو يدعي على أخيه و على أبيه لو أراد أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام)، فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، ثم صارت من بعد الحسين (عليه السلام)، لعلي بن الحسين (عليه السلام)، ثم صارت من بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلى محمد بن علي (عليه السلام)».

و قال: «الرجس هو الشك، و الله لا نشك في ربنا أبدا».

8525/ [4]- و

عنه: عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن صباح الأزرق، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه

السلام) إن رجلا من المختارية «1» لقيني، فزعم أن محمد بن الحنفية إمام؟ فغضب أبو جعفر (عليه السلام) ثم قال: «أ فلا قلت له؟» قال: قلت: لا و الله، ما دريت ما أقول له. قال: «أ فلا قلت له: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أوصى إلى علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فلما مضى علي (عليه السلام) أوصى إلى الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و لو ذهب يزويها عنهما لقالا له: نحن وصيان مثلك و لم يكن ليفعل ذلك، و أوصى الحسن إلى الحسين (عليهما السلام)، و لو ذهب يزويها عنه لقال له: أنا وصي مثلك من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من أبي و لم يكن ليفعل ذلك، قال الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، هي فينا و في أبنائنا».

8526/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات، فقرأ هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فدفع الميراث إلى الخالة، و لم يعط

__________________________________________________

4-: 231/ 7. [.....]

5- الكافي 7: 135/ 2.

(1) المختاريّة: أصحاب المختار بن أبي عبيد الثقفي، و يعتقدون بإمامة محمّد بن الحنفية. «فرق الشيعة: 27، معجم الفرق الإسلامية: 217».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 414

المولى».

8527/ [6]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، و غيره، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن الجهم، عن حنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أي شي ء للموالي؟ فقال: «ليس لهم

من الميراث إلا ما قال الله عز و جل: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً».

8528/ [7]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان علي (صلوات الله عليه) إذا مات مولى له و ترك ذا قرابة لم يأخذ من ميراثه شيئا، و يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ».

8529/ [8]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الخال و الخالة يرثان المال إذا لم يكن معهما أحد، إن الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

8530/ [9]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد يرث غيرهما، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

8531/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اختلف علي (عليه السلام) و عثمان بن عفان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه، و له ذو قرابة، لا يرثونه. فقال علي (عليه السلام): ميراثه لهم، يقول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، و كان عثمان يقول: يجعل في بيت مال المسلمين».

8532/ [11]- و

عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبيد

الله الحلبي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اختلف أمير المؤمنين (عليه السلام) و عثمان بن عفان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه، و له ذو قرابة، لا يرثونه. فقال علي (عليه السلام): ميراثه لهم، يقول الله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، و كان عثمان يقول: يجعل في بيت مال المسلمين».

8533/ [12]- و

عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سهل، عن الحسين بن الحكم، عن أبي

__________________________________________________

6- الكافي 7: 135/ 3.

7- الكافي 7: 135/ 5.

8- الكافي 7: 119/ 2.

9- الكافي 7: 119/ 3.

10- التهذيب 9: 396/ 1416.

11- التهذيب 9: 327/ 1175.

12- التهذيب 9: 325/ 1168.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 415

جعفر الثاني (عليه السلام)، في رجل مات و ترك خالتيه و مواليه، قال: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، المال بين الخالتين».

8534/ [13]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل خص عليا (عليه السلام) بوصية رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ما يصيبه له، فأقر الحسن و الحسين (عليهما السلام) له بذلك، ثم وصيته للحسن، و تسليم الحسين للحسن (عليهما السلام) ذلك، حتى أفضى الأمر إلى الحسين (عليه السلام)، لا ينازعه فيه أحد له من السابقة مثل ما له، و استحقها علي بن الحسين (عليهما السلام) لقول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فلا تكونن بعد علي بن الحسين (عليهما السلام) إلا في

الأعقاب، و أعقاب الأعقاب».

8535/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا القاسم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن قيس، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي «1» ابن أبي طالب (عليهم السلام) أنه قال: «فينا نزلت هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، و فينا نزلت هذه الآية: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «2»، و الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة، و إن للقائم منا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى: أما الاولى، فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين، و أما الاخرى، فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه، و صحت معرفته، و لم يجد في نفسه حرجا مما قضينا، و سلم لنا أهل البيت».

8536/ [15]- و

عنه، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد أبو بكر ابن هارون الدينوري، قال: حدثنا محمد بن العباس المصري، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري، قال: حدثنا حريز بن عبد الله الحذاء، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): «لما أنزل الله تبارك و تعالى هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن تأويلها. فقال: و الله ما عنى بها غيركم، و أنتم اولوا الأرحام، فإذا مت فأبوك علي أولى بي

و بمكاني، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولي به، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به.

فقلت: يا رسول الله، و من بعدي؟ قال: ابنك علي أولى بك من بعدك، فإذا مضى فابنه محمد أولى به، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى به من بعده و بمكانه، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده، فإذا مضى

__________________________________________________

13- علل الشرايع: 207/ 5.

14- كمال الدين و تمام النعمة: 323/ 8.

15- كفاية الأثر: 175.

(1) في المصدر: علي بن الحسين بن علي.

(2) الزخرف 43: 28. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 416

موسى فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى به من بعده، فإذا مضى محمد فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك، فهذه الأئمة التسعة من صلبك، أعطاهم الله علمي و فهمي، طينتهم من طينتي، ما لقوم يؤذوني فيهم، لا أنالهم الله شفاعتي؟!».

8537/ [16]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم بن روح القصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنه سئل عن قول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ، قال: «نزلت في ولد الحسين (عليه السلام)».

قال: قلت: جعلت فداك، نزلت في الفرائض؟ قال: «لا» قلت: ففي المواريث؟ فقال: «لا، نزلت في الإمرة».

8538/ [17]- و

قال أيضا: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، عن جعفر بن الحسين الكوفي، عن أبيه، عن محمد

بن زيد، مولى أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألت مولاي، فقلت: قوله عز و جل:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، معناه أنه رحم النبي (صلى الله عليه و آله)، فيكون أولى به من المؤمنين و المهاجرين».

8539/ [18]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن علي المقري بإسناده، يرفعه إلى زيد بن علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ، قال: رحم النبي (صلى الله عليه و آله) أولى بالإمارة و الملك و الإيمان.

8540/ [19]- ابن شهر آشوب: عن تفسير القطان، و تفسير وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن الناس كانوا يتوارثون بالاخوة، فلما نزل قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ و هم الذين آخى بينهم النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): «من مات منكم و عليه دين فعلي قضاؤه، و من مات و ترك مالا فلورثته» فنسخ هذا الأول، فصارت المواريث للقرابات، الأدنى فالأدنى.

8541/ [20]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ.

قال: نزلت: «و هو أب لهم و أزواجه أمهاتهم» فجعل الله المؤمنين أولادا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و جعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا لهم، ثم لمن لم يقدر أن يصون نفسه، و لم يكن

له مال، و ليس له على نفسه ولاية، فجعل

__________________________________________________

16- تأويل الآيات 2: 447/ 4.

17- تأويل الآيات 2: 447/ 5.

18- تأويل الآيات 2: 448/ 6.

19- المناقب 2: 187.

20- تفسير القمّي 2: 175.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 417

الله تبارك و تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) الولاية بالمؤمنين «1» من أنفسهم، و هو قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم:

«يا أيها الناس، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلى. ثم أوجب لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما أوجبه لنفسه عليهم من الولاية، فقال: «ألا من كنت مولاه فعلي مولاه».

فلما جعل الله النبي أبا للمؤمنين ألزمه مؤونتهم، و تربية أيتامهم، فعند ذلك صعد النبي (صلى الله عليه و آله) المنبر، فقال: «من ترك مالا فلورثته، و من ترك دينا، أو ضياعا فعلي و إلي». فألزم الله نبيه (صلى الله عليه و آله) للمؤمنين ما يلزم الوالد، و ألزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد، و كذلك ألزم أمير المؤمنين (عليه السلام) ما ألزم رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك، و بعده الأئمة (عليهم السلام) واحدا واحدا، و الدليل على أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) هما الوالدان: قوله: وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «2» فالوالدان:

رسول الله، و أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما).

و قال الصادق (عليه السلام): «و كان إسلام عامة اليهود بهذا السبب، لأنهم أمنوا على أنفسهم و عيالاتهم».

8542/ [21]- قال: و قوله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ قال: نزلت في الإمامة.

سورة الأحزاب(33): آية 7 ..... ص : 417

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ

وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً [7]

8543/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن سنان، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من سبق إلى الميثاق رسول الله «3» (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك و تعالى، و كان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء: تقدم- يا محمد- فقد وطئت موطئا لم يطأه ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و لولا أن روحه و نفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، فكان من الله عز و جل كما قال الله تعالى: قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «4»، أي بل أدنى، فلما خرج الأمر، وقع من الله «5» إلى

__________________________________________________

21- تفسير القمّي 2: 176.

1- تفسير القمّي 1: 246.

(1) في المصدر: على المؤمنين.

(2) النساء 4: 36.

(3) في المصدر: سبق من الرسل إلى بلى محمّد.

(4) النجم 53: 9.

(5) في المصدر: الأمر من اللّه وقع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 418

أوليائه (عليهم السلام)».

فقال الصادق (عليه السلام): «كان الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية، و لرسوله بالنبوة، و لأمير المؤمنين و الأئمة بالإمامة، فقال: أ لست بربكم، و محمد نبيكم، و علي إمامكم، و الأئمة الهادون أئمتكم؟ فقالوا: بلى، شهدنا. فقال الله تعالى: أن تقولوا يوم القيامة- أي لئلا تقولوا يوم القيامة- إنا كنا عن هذا غافلين.

فأول ما أخذ الله عز و جل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية، و هو قوله: وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ، فذكر جملة الأنبياء، ثم أبرز عز و جل أفضلهم بالأسامي، فقال: وَ مِنْكَ

يا محمد، فقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأنه أفضلهم وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفضلهم، ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء بالإيمان به، و على أن ينصروا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ «1» يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «2» يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، تخبروا أممكم بخبره، و خبر وليه من الأئمة (عليهم السلام)».

8544/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: هذه الواو زائدة في قوله: وَ مِنْكَ إنما هو: منك وَ مِنْ نُوحٍ فأخذ الله الميثاق لنفسه على الأنبياء، ثم أخذ لنبيه (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء و الأئمة (عليهم السلام)، ثم أخذ للأنبياء على رسول الله (صلى الله عليه و آله).

سورة الأحزاب(33): آية 8 ..... ص : 418

قوله تعالى:

لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ [8]

8545/ [1]- الطبرسي، قال: قال الصادق (عليه السلام): «إذا سئل الصادق عن صدقه على أي وجه قاله فيجازى بحسبه، فكيف يكون حال الكاذب!».

سورة الأحزاب(33): الآيات 9 الي 22 ..... ص : 418

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 176.

1- مجمع البيان 8: 531. [.....]

(1، 2) آل عمران 3: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 419

- إلى قوله تعالى- وَ ما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَ تَسْلِيماً [9- 22]

8546/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام ابن سالم، عن أبان بن عثمان، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) على التل الذي عليه مسجد الفتح في غزوة الأحزاب، في ليلة ظلماء قرة «1»، فقال: من يذهب فيأتينا بخبرهم، و له الجنة؟

فلم يقم أحد، ثم أعادها، فلم يقم أحد- فقال أبو عبد الله (عليه السلام) بيده- و ما أراد القوم، أرادوا أفضل من الجنة؟! ثم قال: من هذا؟ فقال: حذيفة. فقال: أما تسمع كلامي منذ الليلة، و لا تكلم؟ اقترب «2». فقام حذيفة، و هو يقول: القر و الضر- جعلني الله فداك- منعني أن أجيبك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): انطلق حتى تسمع كلامهم و تأتيني بخبرهم. فلما ذهب قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم احفظه من بين يديه و من خلفه، و عن يمينه و عن شماله، حتى ترده- و قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله)- يا حذيفة،

لا تحدث شيئا حتى تأتيني. فأخذ سيفه و قوسه و حجفته «3». قال حذيفة: فخرجت، و ما بي من ضر و لا قر، فمررت على باب الخندق، و قد اعتراه المؤمنون و الكفار.

فلما توجه حذيفة، قام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نادى: يا صريخ المكروبين، و يا مجيب دعوة المضطرين، اكشف همي و غمي و كربي، فقد ترى حالي و حال أصحابي. فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، إن الله عز ذكره قد سمع مقالتك، و دعاءك، و قد أجابك، و كفاك هول عدوك. فجثا رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ركبتيه، و بسط يديه، و أرسل عينيه، ثم قال: شكرا، شكرا كما رحمتني، و رحمت أصحابي. ثم قال: يا رسول الله «4»، قد بعث الله عز و جل عليهم ريحا من السماء الدنيا فيها حصى، و ريحا من السماء الرابعة فيها جندل «5».

قال حذيفة: فخرجت، فإذا أنا بنيران القوم، و أقبل جند الله الأول، ريح فيها حصى، فما تركت لهم نارا إلا أذرتها، و لا خباء إلا طرحته، و لا رمحا إلا ألقته، حتى جعلوا يتترسون من الحصى، فجعلنا نسمع وقع الحصى في الترس. فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين، فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين، فقال: أيها الناس، إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذاب، ألا و إنه لا يفوتكم من أمره شي ء، فإنه ليس سنة مقام، قد هلك الخف و الحافر، فارجعوا، و لينظر كل واحد منكم جليسه. قال حذيفة: فنظرت عن يميني، فضربت بيدي، فقلت:

من أنت؟ فقال: معاوية، فقلت للذي عن يساري: من أنت؟ فقال سهيل بن عمرو.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 277/

420.

(1) القرّ: البرد. «النهاية 4: 38».

(2) في المصدر: أقبرت.

(3) الحجفة: الترس. «الصحاح- حجف- 4: 1341».

(4) في المصدر: ثمّ قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

(5) الجندل: الحجارة. «لسان العرب- جندل- 11: 128».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 420

قال حذيفة: و أقبل جند الله الأعظم، فقام أبو سفيان إلى راحلته، فصاح في قريش: النجاء النجاء. و قال طلحة الأزدي: لقد زادكم محمد بشر، ثم قام إلى راحلته، و صاح في بني أشجع: النجاء النجاء: و فعل عيينة بن حصن مثلها، ثم فعل الحارث بن عوف المري مثلها، ثم فعل الأقرع بن حابس مثلها، و ذهب الأحزاب، و رجع حذيفة إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر». قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنه كان أشبه بيوم القيامة».

8547/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قصة الأحزاب من قريش و العرب، الذين تحزبوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله). قال: و ذلك أن قريشا تجمعت في سنة خمس من الهجرة، و ساروا في العرب، و جلبوا «1»، و استنفروهم «2» لحرب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوافوا في عشرة آلاف، و معهم كنانة، و سليم، و فزارة.

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أجلى بني النضير- و هم بطن من اليهود- من المدينة، و كان رئيسهم حيي ابن أخطب، و هم يهود من بني هارون (عليه السلام)، فلما أجلاهم من المدينة، صاروا إلى خيبر، و خرج حيي بن أخطب، و هم إلى قريش بمكة، و قال لهم: إن محمدا قد وتركم و وترنا، و أجلانا من المدينة من ديارنا و أموالنا، و أجلى بني عمنا بني

قينقاع، فسيروا في الأرض، و اجمعوا حلفاءكم و غيرهم، حتى نسير إليهم، فإنه قد بقي من قومي بيثرب سبع مائة مقاتل، و هم بنو قريظة، و بينهم و بين محمد عهد و ميثاق، و أنا أحملهم على نقض العهد بينهم و بين محمد، و يكونون معنا عليهم، فتأتونه أنتم من فوق، و هم من أسفل.

و كان موضع بني قريظة من المدينة على قدر ميلين، و هو الموضع الذي يسمى (بئر المطلب) «3»، فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش، و كنانة، و الأقرع بن حابس في قومه، و العباس بن مرداس في بني سليم.

فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و استشار أصحابه، و كانوا سبع مائة رجل، فقال سلمان الفارسي: يا رسول الله، إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة. قال: «فما نصنع؟» قال: نحفر خندقا يكون بيننا و بينهم حجابا فيمكنك منعهم في المطاولة، و لا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم «4» من عدونا نحفر الخنادق، فتكون الحرب من مواضع معروفة. فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «أشار سلمان بصواب». فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمسحه «5» من ناحية أحد، إلى راتج «6»، و جعل على كل عشرين خطوة، و ثلاثين خطوة قوما من المهاجرين و الأنصار يحفرونه، فأمر، فحملت

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 176، و نحوه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 19: 62، و الفصول المهمّة: 60، و مناقب الخوارزمي: 104.

(1) أجلب الرّجل الرّجل: إذا توعّده بشر، و

جمع الجمع عليه. «لسان العرب- جلب- 1: 272».

(2) في «ط» و المصدر: و استفزّوهم.

(3) في «ج»: بئر بن أخطب.

(4) يدهمهم: يفجأهم، و الدّهم: العدد الكثير. «النهاية 2: 145».

(5) مسح الأرض: ذرعها. «الصحاح- مسح- 1: 405». و في المصدر بحفره.

(6) راتج: أطمة- حصن- من آطام المدينة. «الروض المعطار: 266». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 421

المساحي و المعاول، و بدأ رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ معولا، فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، و أمير المؤمنين (عليه السلام) ينقل التراب عن الحفرة، حتى عرق رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أعيا، و قال: «لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للمهاجرين و الأنصار».

فلما نظر الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحفر، اجتهدوا في الحفر، و نقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر، و قعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد الفتح، فبينا المهاجرون و الأنصار يحفرون، إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلمه بذلك.

قال جابر: فجئت إلى المسجد، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) مستلق على قفاه، و رداؤه تحت رأسه، و قد شد على بطنه حجرا فقلت: يا رسول الله، إنه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه. فقام مسرعا حتى جاءه، ثم دعا بماء في إناء، فغسل وجهه و ذراعيه، و مسح على رأسه و رجليه، ثم شرب، و مج من ذلك الماء في فيه، ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة، فبرقت برقة، فنظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم

ضرب اخرى، فبرقت اخرى، فنظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى، فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله سيفتح عليكم هذه المواطن التي برق فيها البرق». ثم انهال علينا الجبل كما ينهال الرمل.

فقال جابر: فعلمت أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مقو- أي جائع- لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله، هل لك في الغذاء؟ قال: «ما عندك، يا جابر؟» فقلت: عناق «1»، و صاع من شعير. فقال: «تقدم، و أصلح ما عندك» قال جابر: فجئت إلى أهلي، فأمرتها، فطحنت الشعير، و ذبحت العنز، و سلختها، و أمرتها أن تخبز، و تطبخ، و تشوي، فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلت: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- قد فرغنا، فاحضر مع من أحببت، فقام (صلى الله عليه و آله) إلى شفير الخندق، ثم قال: «يا معاشر المهاجرين و الأنصار، أجيبوا جابرا» قال جابر: و كان في الخندق سبع مائة رجل، فخرجوا كلهم، ثم لم يمر بأحد من المهاجرين و الأنصار إلا قال:

«أجيبوا جابرا». قال جابر: فتقدمت، و قلت لأهلي: قد- و الله- أتاك محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما لا قبل لك به.

فقالت: أعلمته أنت بما عندنا؟ قلت: نعم. قالت: فهو أعلم بما أتى.

قال جابر: فدخل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر في القدر، ثم قال: «اغرفي، و أبقي». ثم نظر في التنور، ثم قال: «أخرجي، و أبقي»، ثم دعا بصفحة «2»، فثرد فيها، و غرف، فقال: «يا جابر، أدخل علي عشرة». فأدخلت عشرة، فأكلوا حتى

تملؤوا «3»، و ما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: «يا جابر، علي بالذراع». فأتيته بذراع، فأكلوه، ثم قال: «أدخل علي عشرة». فأدخلتهم، فأكلوا حتى تملؤوا «4»، و لم ير في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: «علي بذراع» فأكلوا، و خرجوا. ثم قال: «أدخل علي عشرة»، فأدخلتهم، فأكلوا حتى تملؤوا، و لم ير في القصعة

__________________________________________________

(1) العناق: الأنثى من المعز. «لسان العرب- عنق- 10: 274».

(2) الصحفة: إناء كالقصعة المبسوطة. «النهاية 3: 13».

(3) في «ي»: نهلوا.

(4) في «ط» و المصدر: نهلوا، و كذا في الموضع الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 422

إلا آثار أصابعهم، ثم قال: «يا جابر علي بالذراع» فأتيته، فقلت: يا رسول الله، كم للشاة من ذراع؟ قال: «ذراعان».

فقلت: و الذي بعثك بالحق نبيا، لقد أتيتك بثلاثة. فقال: «أما لو سكت- يا جابر- لأكل الناس كلهم من الذراع». قال:

«يا جابر، أدخل عشرة». فأقبلت ادخل عشرة عشرة، فيأكلون، حتى أكلوا كلهم، و بقي لنا- و الله- من ذلك الطعام ما عشنا به أياما.

قال: و حفر رسول الله (صلى الله عليه و آله) الخندق، و جعل له ثمانية أبواب، و جعل على كل باب رجلا من المهاجرين، و رجلا من الأنصار، مع جماعة يحفظونه، و قدمت قريش، و كنانة، و سليم، و هلال، فنزلوا الزغابة «1»، ففرغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام.

و أقبلت قريش، و معهم حيي بن أخطب، فلما نزلوا العقيق جاء حيي بن أخطب إلى بني قريظة في جوف الليل، و كانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدق باب الحصن، فسمع كعب بن أسد قرع

الباب، فقال لأهله: هذا أخوك قد شأم قومه، و جاء الآن يشأمنا، و يهلكنا، و يأمرنا بنقض العهد بيننا و بين محمد، و قد وفى لنا محمد، و أحسن جوارنا. فنزل إليه من غرفته، فقال له: من أنت؟ قال: حيي بن أخطب، قد جئتك بعز الدهر. قال: كعب: بل جئتني بذل الدهر. فقال: يا كعب، هذه قريش في قادتها و سادتها قد نزلت بالعقيق، مع حلفائهم من كنانة، و هذه فزارة، مع قادتها و سادتها قد نزلت الزغابة، و هذه سليم و غيرهم قد نزلوا حصن بني ذبيان، و لا يفلت محمد و أصحابه من هذا الجمع أبدا، فافتح الباب، و انقض العهد الذي بينك و بين محمد. فقال كعب: لست بفاتح لك الباب، ارجع من حيث جئت. فقال حيي: ما يمنعك من فتح الباب إلا جشيشتك «2» التي في التنور، تخاف أن أشركك فيها، فافتح فإنك آمن من ذلك. فقال له كعب: لعنك الله، لقد دخلت علي من باب دقيق. ثم قال: افتحوا له الباب. ففتحوا له، فقال: ويلك- يا كعب- انقض العهد الذي بينك و بين محمد، و لا ترد رأيي، فإن محمدا لا يفلت من هذا الجمع أبدا، فإن فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا.

قال: فاجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود، مثل: غزال بن شمول، و ياسر بن قيس، و رفاعة بن زيد، و الزبير بن باطا، فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت سيدنا، و المطاع فينا، و صاحب عهدنا و عقدنا، فإن نقضت نقضنا، و إن أقمت أقمنا معك، و إن خرجت خرجنا معك. فقال الزبير بن باطا- و كان شيخا كبيرا مجربا، قد ذهب بصره-:

قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبي في آخر الزمان، يكون مخرجه بمكة، و مهاجرته إلى المدينة في هذه البحيرة «3» يركب الحمار العري «4»، و يلبس الشملة «5»، و يجتزئ بالكسيرات

__________________________________________________

(1) زغابة: موضع قرب المدينة. «معجم البلدان 3: 141».

(2) الجشيش: السويق، الواحدة جشيشة. و حنطة تطحن جليلا فتجعل في قدر، و يجعل فيها لحم أو تمر، فيطبخ. «أقرب الموارد- جشّ- 1: 124».

(3) البحرة: البلدة، و البحيرة: مدينة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و هو تصغير البحرة. «النهاية 1: 100».

(4) أي الخالي من السرج.

(5) الشملة كساء يشتمل به الرجل. «مجمع البحرين- شمل- 5: 404».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 423

و التميرات، و هو الضحوك القتال، في عينيه الحمرة، و بين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه، لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر، فإن كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء و جمعهم، و لو ناوأته هذه الجبال الرواسي لغلبها.

فقال حيي: ليس هذا ذاك، ذاك النبي من بني إسرائيل، و هذا من العرب، من ولد إسماعيل، و لا يكون بنو إسرائيل أتباعا لولد إسماعيل أبدا، لأن الله قد فضلهم على الناس جميعا، و جعل فيهم النبوة و الملك، و قد عهد إلينا موسى ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، و ليس مع محمد آية، و إنما جمعهم جمعا، و سحرهم.

و يريد أن يغلبهم بذلك، فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه، فقال لهم: أخرجوا الكتاب الذي بينكم و بين محمد. فأخرجوه، فأخذه حيي بن أخطب و مزقه، و قال: قد وقع الأمر، فتجهزوا و تهيأوا للقتال.

و بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله)

ذلك، فغمه غما شديدا. و فزع أصحابه، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لسعد ابن معاذ، و أسيد بن حضير، و كانا من الأوس، و كانت بنو قريظة حلفاء الأوس، فقال لهما: «ائتيا بني قريظة، فانظرا ما صنعوا، فإن كانوا نقضوا العهد، فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلي، و قولا: عضل و القارة».

فجاء سعد بن معاذ، و أسيد بن حضير إلى باب الحصن، فأشرف عليهما كعب من الحصن، فشتم سعدا، و شتم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له سعد: إنما أنت ثعلب في جحر، لتولين قريش، و ليحاصرنك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لينزلنك على الصغر و القماءة «1»، و ليضربن عنقك، ثم رجعا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالا له: عضل و القارة. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لعنا، نحن أمرناهم بذلك» و ذلك أنه كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) عيون لقريش يتجسسون خبره، و كانت عضل و القارة قبيلتان من العرب، دخلتا في الإسلام، ثم غدرتا، فكان إذا غدر أحد ضرب بهما المثل، فيقال: عضل و القارة. و رجع حيي بن أخطب إلى أبي سفيان و قريش، و أخبرهم بنقض بني قريظة العهد بينهم و بين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ففرحت قريش بذلك.

فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام، فقال: يا رسول الله، قد آمنت بالله، و صدقتك، و كتمت إيماني عن الكفرة، فإن أمرتني أن آتيك بنفسي فأنصرك فعلت، و

إن أمرتني أن اخذل بين اليهود و قريش فعلت، حتى لا يخرجوا من حصنهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خذل بين اليهود و قريش، فإنه أوقع عندي». قال: أ فتأذن لي أن أقول فيك ما أريد؟ قال:

«قل ما بدا لك».

فجاء إلى أبي سفيان، فقال له: تعرف مودتي لكم، و نصحي، و محبتي أن ينصركم الله على عدوكم، و قد بلغني أن محمدا قد وافق اليهود أن يدخلوا بين عسكركم، و يميلوا عليكم، و وعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه: بني النضير، و قينقاع، فلا أرى أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثونهم إلى مكة، فتأمنوا مكرهم و غدرهم. فقال له أبو سفيان: وفقك الله، و أحسن جزاك، مثلك أهدى النصائح.

__________________________________________________

(1) الصغر: الذل و الضيم. «أقرب الموارد- صغر- 1: 649». و قمأ الرّجل قماءة: ذلّ و صغر. «لسان العرب- قمأ- 1: 134».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 424

و لم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم، و لا أحد من اليهود.

ثم جاء من فوره ذلك إلى بني قريظة، فقال: يا كعب، تعلم مودتي لكم، و قد بلغني أن أبا سفيان قال: نخرج بهؤلاء اليهود، فنضعهم في نحر محمد، فإن ظفروا كان الذكر لنا دونهم، و إن كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب، فلا أرى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم و عقدكم بين محمد و بينكم، لأنه إن ولت قريش و لم يظفروا بمحمد، غزاكم محمد، فيقتلكم. فقالوا: أحسنت، نصحت و أبلغت في النصيحة، لا نخرج من حصننا حتى نأخذ

منهم رهنا يكونون في حصننا.

و أقبلت قريش، فلما نظروا إلى الخندق، قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك. فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه. فوافى عمرو بن عبد ود، و هبيرة بن وهب، و ضرار بن الخطاب إلى الخندق، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد صف أصحابه بين يديه، فصاحوا بخيلهم حتى طفروا الخندق إلى جانب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صار أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) كلهم خلف رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قدموا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين أيديهم، و قال رجل من المهاجرين- و هو فلان- لرجل بجنبه من إخوانه: أما ترى هذا الشيطان- عمرو- لا و الله ما يفلت من بين يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله، و نلحق نحن بقومنا. فأنزل الله على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ذلك الوقت قوله: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَ الْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَ لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ إلى قوله وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً «1».

فركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض، و أقبل يجول حوله، و يرتجز، و يقول:

و لقد بححت من الندا ء بجمعكم: هل من مبارز؟

و وقفت إذ جبن الشجا ع مواقف القرن المناجز

إني كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز

إن الشجاعة في الفتى و الجود من خير الغرائز

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من لهذا الكلب؟» فلم يجبه أحد، فقام إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «أنا له، يا رسول الله» فقال: «يا علي، هذا عمرو بن عبد

ود فارس يليل «2»» فقال: «أنا علي بن أبي طالب» فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ادن مني» فدنا منه، فعممه بيده، و دفع إليه سيفه ذا الفقار، و قال له: «اذهب، و قاتل بهذا». و قال:

«اللهم احفظه من بين يديه، و من خلفه، و عن يمينه، و عن شماله، و من فوقه، و من تحته».

فمر أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو يهرول في مشيه، و هو يقول:

«لا تعجلن فقد أتا ك مجيب صوتك غير عاجز

__________________________________________________

(1) الأحزاب 33: 18 و 19.

(2) يليل: موضع، و هو وادي ينبع، أو وادي الصفراء دوين بدر. و فارس يليل: لقب عمرو بن عبد ودّ، انظر: «لسان العرب- يليل- 11: 740». البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 425

ذو نية و بصيرة و الصدق منجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى صوتها بعد الهزاهز»

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: «أنا علي بن أبي طالب، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ختنه «1»». فقال:

و الله إن أباك كان لي صديقا و نديما، و إني أكره أن أقتلك، ما أمن ابن عمك حين بعثك إلي أن أختطفك برمحي هذا، فأتركك شائلا بين السماء و الأرض، لا حي و لا ميت! فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «قد علم ابن عمي أنك إن قتلتني دخلت الجنة، و أنت في النار، و إن قتلتك فأنت في النار، و أنا في الجنة». فقال عمرو: كلتاهما لك- يا علي- تلك إذن قسمة ضيزى «2».

قال علي (عليه السلام): «دع هذا- يا عمرو- إني سمعت منك و أنت متعلق بأستار الكعبة تقول: لا يعرضن علي أحد في

الحرب ثلاث خصال إلا أجبته إلى واحدة منها، و أنا أعرض عليك ثلاث خصال، فأجبني إلى واحدة».

قال: هات، يا علي. قال: «إحداها: أن تشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله» قال: نح عني هذا، هات الثانية.

فقال: «أن ترجع، و ترد هذا الجيش عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن يك صادقا فأنتم أعلى به عينا، و إن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره». فقال: إذن لا تتحدث نساء قريش بذلك، و لا تنشد الشعراء في أشعارها أني جبنت و رجعت على عقبي من الحرب، و خذلت قوما رأسوني عليهم؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فالثالثة: أن تنزل إلي، فإنك راكب، و أنا راجل، حتى أنابذك» فوثب عن فرسه و عرقبه، و قال: هذه خصلة ما ظننت أن أحدا من العرب يسومني عليها. ثم بدأ فضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسيف على رأسه، فاتقاه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالدرقة، فقطعها، و ثبت السيف على رأسه، فقال له علي (عليه السلام): «يا عمرو، أما كفاك أني بارزتك و أنت فارس العرب حتى استعنت علي بظهير؟!» فالتفت عمرو إلى خلفه، فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) مسرعا على ساقيه، فقطعهما جميعا، و ارتفعت بينهما عجاجة، فقال المنافقون: قتل علي بن أبي طالب. ثم انكشفت العجاجة، فنظروا، فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) على صدره، قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه، فذبحه ثم أخذ رأسه، و أقبل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، و سيفه يقطر من الدم، و هو يقول، و الرأس بيده:

«أنا علي و ابن عبد المطلب الموت خير للفتى من الهرب»

فقال رسول الله

(صلى الله عليه و آله): «يا علي، ماكرته؟» قال: «نعم- يا رسول الله- الحرب خديعة».

و بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) الزبير إلى هبيرة بن وهب، فضربه على رأسه ضربة فلق هامته، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهما، فقال له

__________________________________________________

(1) في «ط»: و حبيبه.

(2) قسمة ضيزّى: أي جائرة. «لسان العرب- ضيز- 5: 368». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 426

ضرار: ويحك- يا بن صهاك- أ ترمي في مبارزة؟ و الله لئن رميتني لا تركت عدويا بمكة إلا قتلته. فانهزم عند ذلك عمر، و مر نحوه ضرار، و أشار «1» على رأسه بالقناة، ثم قال: احفظها- يا عمر- فإني آليت ألا أقتل قرشيا ما قدرت عليه. فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولي، فولاه.

فبقي رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما، فقال أبو سفيان لحيي بن أخطب:

ويلك- يا يهودي- أين قومك؟ فصار حيي بن أخطب إليهم، فقال: ويلكم، اخرجوا، فقد نابذكم محمد الحرب، فلا أنتم مع محمد، و لا أنتم مع قريش. فقال كعب: لسنا خارجين، حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يرد محمد علينا عهدنا و عقدنا، فإنا لا نأمن أن تفر قريش و نبقى نحن في عقر دارنا، و يغزونا محمد، فيقتل رجالنا، و يسبي نساءنا و ذرارينا، و إن لم نخرج لعله يرد علينا عهدنا.

فقال له حيي بن أخطب: تطمع في غير مطمع، قد نابذت العرب محمدا الحرب، فلا أنتم مع محمد، و

لا أنتم مع قريش.

فقال كعب: هذا من شؤمك، إنما أنت طائر تطير مع قريش غدا و تتركنا في عقر دارنا، و يغزونا محمد.

فقال له حيي لك عهد الله علي و عهد موسى إن لم تظفر قريش بمحمد أني أرجع معك إلى حصنك، يصيبني ما يصيبك.

فقال كعب: هو الذي قد قلته لك، إن أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا، و إلا لم نخرج. فرجع حيي بن أخطب إلى قريش فأخبرهم، فلما قال: يسألون الرهن. قال أبو سفيان: هذا- و الله- أول الغدر، قد صدق نعيم بن مسعود، لا حاجة لنا في إخوان القردة و الخنازير.

فلما طال على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) الأمر، اشتد عليهم الحصار، و كانوا في وقت برد شديد، و أصابتهم مجاعة، و خافوا من اليهود خوفا شديدا، و تكلم المنافقون بما حكى الله عنهم، و لم يبق أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا نافق، إلا القليل. و قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبر أصحابه: «أن العرب تتحزب، و يجيئونا من فوق، و تغدر اليهود و نخافهم من أسفل، و أنه ليصيبهم جهد شديد، و لكن تكون العاقبة لي عليهم». فلما جاءت قريش، و غدرت اليهود، قال المنافقون: ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا. و كان قوم منهم لهم دور في أطراف المدينة، فقالوا: يا رسول الله، تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا فإنها في أطراف المدينة، و هي عورة، و نخاف اليهود أن يغيروا عليها؟ و قال قوم: هلموا فنهرب و نصير في البادية، و نستجير بالأعراب، فإن الذي كان يعدنا محمد كان باطلا كله. و كان رسول الله (صلى

الله عليه و آله) أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) على العسكر كله بالليل يحرسهم، فإن تحرك أحد من قريش بارزهم «2»، و كان أمير

__________________________________________________

(1) في المصدر: و ضربه.

(2) في المصدر: نابذهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 427

المؤمنين (عليه السلام) يجوز الخندق، و يصير إلى قرب قريش حيث يراهم، فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلي، فإذا أصبح رجع إلى مركزه، و مسجد أمير المؤمنين (عليه السلام) هناك معروف، يأتيه من يعرفه فيصلي فيه، و هو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة «1» النشاب.

فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد إلى مسجد الفتح، و هو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم، فدعا الله، و ناجاه فيما وعده، و كان مما دعاه أن قال: «يا صريخ المكروبين، و يا مجيب دعوة المضطرين، و يا كاشف الكرب العظيم، أنت مولاي و وليي و ولي آبائي الأولين، اكشف عنا غمنا و همنا و كربنا، و اكشف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك، و حولك، و قدرتك». فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: «يا محمد، إن الله قد سمع مقالتك، و أجاب دعوتك، و أمر الدبور- و هي الريح- مع الملائكة أن تهزم قريشا و الأحزاب».

و بعث الله على قريش الدبور، فانهزموا، و قلعت أخبيتهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فأخبره بذلك، فنادى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذيفة بن اليمان، و كان قريبا منه، فلم يجبه، ثم ناداه ثانيا فلم يجبه، ثم ناداه الثالثة، فقال:

لبيك يا رسول الله. قال: «أدعوك فلا تجيبني؟» قال: يا رسول الله- بأبي أنت و أمي- من الخوف،

و البرد، و الجوع.

فقال: «ادخل في القوم، و ائتني بأخبارهم، و لا تحدثن حدثا حتى ترجع إلي، فإن الله قد أخبرني أنه قد أرسل الرياح على قريش، و هزمهم».

قال حذيفة: فمضيت و أنا انتفض من البرد، فو الله ما كان إلا بقدر ما جزت الخندق حتى كأني في حمام، فقصدت خباء عظيما فإذا نار تخبوا و توقد، و إذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلى خصيتيه على النار و هو ينتفض من شدة البرد، و يقول: يا معشر قريش، إن كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمد فلا طاقة لنا بأهل السماء، و إن كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم، ثم قال: لينظر كل رجل منكم إلى جليسه لا يكون لمحمد عين فيما بيننا. فقال حذيفة:

فبادرت أنا، فقلت للذي عن يميني: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن العاص. ثم قلت للذي عن يساري: من أنت؟ قال:

أنا معاوية، و إنما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد منهم من أنت.

ثم ركب أبو سفيان راحلته و هي معقولة، و لولا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «لا تحدثن حدثا حتى ترجع إلي» لقدرت أن أقتله، ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان، لا بد من أن أقيم أنا و أنت على ضعفاء الناس. ثم قال لأصحابه: ارتحلوا، إنا مرتحلون، فنفروا «2» منهزمين، فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال لأصحابه: «لا تبرحوا». فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة، و بقي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في نفر يسير.

و كان أبو فرقد «3» الكناني رمى سعد بن معاذ (رحمه الله) بسهم في الخندق فقطع أكحله «4» فنزفه الدم، فقبض

__________________________________________________

(1) الغلوة:

قدر رمية بسهم. «لسان العرب- غلا- 15: 132».

(2) في المصدر: ففرّوا.

(3) في المصدر: ابن فرقد.

(4) الأكحل: عرق في اليد. «لسان العرب- كحل- 11: 5886».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 428

سعد على أكحله بيده، ثم قال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فلا أحد أحب إلي من محاربة قوم حادوا الله و رسوله، و إن كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بين قريش فاجعلها لي شهادة، و لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة. فأمسك الدم، و تورمت يده، و ضرب له رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المسجد خيمة، و كان يتعاهده بنفسه، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ يعني بني قريظة حين غدروا، و خافهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ إلى قوله: إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً، و هم الذين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): تأذن لنا أن نرجع إلى منازلنا، فإنها في أطراف المدينة، و نخاف اليهود عليها، فأنزل الله فيهم:

إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً.

8548/ [3]- الطبرسي: في معنى قوله: وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ بل هي رفيعة السمك «1»، حصينة. عن الصادق (عليه السلام). إِنْ يُرِيدُونَ أي ما يريدون إِلَّا فِراراً.

8549/ [4]- و في رواية علي بن إبراهيم: نزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم ندفع

محمدا إلى قريش و نلحق نحن بقومنا: يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَ إِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَ لَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً.

8550/ [5]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، مع بعض اليهود، في حديث: «قال اليهودي: فإن هذا هودا قد انتصر الله له من أعدائه بالريح، فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟

قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عز و جل قد انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق، إذ أرسل عليهم ريحا تذر الحصى و جنودا لم يروها، فزاد الله تبارك و تعالى محمدا (صلى الله عليه و آله) على هود بثمانية آلاف ملك، و فضله على هود بأن ريح عاد ريح سخط، و ريح محمد (صلى الله عليه و آله) ريح رحمة، قال الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها».

8551/ [6]- علي بن إبراهيم: ثم وصف الله المؤمنين المصدقين بما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 545.

4- تفسير القمّي 2: 188.

5- الاحتجاج: 212.

6- تفسير القمّي 2: 188.

(1) سمك البيت: سقفه. «الصحاح- سمك- 4: 1592».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 429

يصيبهم في الخندق من الجهد، فقال: وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ

اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُمْ يعني ذلك البلاء، و الجهد، و الخوف إِلَّا إِيماناً وَ تَسْلِيماً.

سورة الأحزاب(33): الآيات 23 الي 24 ..... ص : 429

قوله تعالى:

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [23- 24]

8552/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن أحمد بن محمد ابن يزيد، عن سهل بن عامر البجلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه)، و عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1»، قال: قال علي (عليه السلام): «كنت عاهدت الله عز و جل و رسوله (صلى الله عليه و آله) أنا، و عمي حمزة، و أخي جعفر، و ابن عمي عبيدة بن الحارث على أمر و فينا به لله و لرسوله، فتقدمني أصحابي و خلفت بعدهم لما أراد الله عز و جل، فأنزل الله سبحانه فينا: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ حمزة، و جعفر، و عبيدة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. فأنا المنتظر، و ما بدلت تبديلا».

8553/ [2]- و

عنه، قال: حدثني علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد الأسدي، عن الحسن بن إبراهيم، عن جده عبد الله بن الحسن، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: و عاهد الله علي بن أبي طالب، و حمزة بن عبد المطلب، و جعفر بن أبي طالب «2» (عليهم السلام) أن لا يفروا من زحف أبدا، فتموا كلهم،

فأنزل الله عز و جل: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ حمزة استشهد يوم أحد، و جعفر استشهد يوم مؤتة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ يعني علي بن أبي طالب (صلوات الله و سلامه عليه)، وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا يعني الذي عاهدوا الله عليه.

8554/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، و محمد بن الحسن (رضى الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال:

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 449/ 8.

2- تأويل الآيات 2: 449/ 9.

3- الخصال: 364/ 58. [.....]

(1) في النسخ: عن أبي إسحاق، عن جابر، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، عن محمّد بن الحنفيّة (رضي اللّه عنه)، و فيه خلط بين طريقين و تحريف، صحيحه ما أثبتناه، انظر سند الحديث (3) الآتي عن (الخصال)، و متن هذا الحديث هو قطعة من حديث (الخصال).

(2) في المصدر زيادة: و عبيدة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 430

حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد، قال: حدثني جعفر بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه). و عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أتى رأس اليهود إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند منصرفه من وقعة النهروان، و هو جالس في مسجد الكوفة، فقال:

يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أسألك عن أشياء لا

يعلمها إلا نبي، أو وصي نبي، فإن شئت سألتك، و إن شئت أعفيك. قال: سل عما بدا لك، يا أخا اليهود.

قال: إنا نجد في الكتاب أن الله عز و جل إذا بعث نبيا أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر أمته من بعده، و أن يعهد إليهم فيه عهدا يحتذى عليه، و يعمل به في أمته من بعده، و أن الله عز و جل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء، و يمتحنهم بعد وفاتهم، فأخبرنا: كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء، و كم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة، و إلى ما يصير آخر أمر الأوصياء، إذا رضي محنتهم؟

فقال له علي (عليه السلام): و الله الذي لا إله غيره، الذي فلق البحر لبني إسرائيل، و أنزل التوراة على موسى (عليه السلام) لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه، لتقرن به؟ قال: نعم.

قال (عليه السلام): و الذي فلق البحر لبني إسرائيل، و أنزل التوراة على موسى (عليه السلام)، لئن أجبتك لتسلمن؟

قال: نعم.

فقال علي (عليه السلام): إن الله عز و جل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم و محنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم، و أوصياء بعد وفاتهم، و تصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء، ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء (عليهم السلام) في سبعة مواطن ليبلوا صبرهم، فإذا رضي محنتهم ختم لهم بالشهادة «1»، ليلحقهم بالأنبياء و قد أكمل لهم السعادة.

قال له رأس اليهود: صدقت- يا أمير المؤمنين- فأخبرني، كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة، و كم امتحنك بعد وفاته من مرة، و إلى ما يصير أمرك؟ فأخذ علي (عليه

السلام) بيده، و قال: انهض بنا أنبئك بذلك، يا أخا اليهود. فقام إليه جماعة من أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أنبئنا بذلك معه. فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم. قالوا: و لم ذلك، يا أمير المؤمنين؟ قال: لأمور بدت لي من كثير منكم. فقام إليه الأشتر، فقال: يا أمير المؤمنين، أنبئنا بذلك، فو الله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك، و إنا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا (صلى الله عليه و آله) نبيا سواه، و أن طاعتك لفي أعناقنا موصولة بطاعة نبينا (صلى الله عليه و آله). فجلس علي (عليه السلام)، فأقبل على اليهودي، فقال: يا أخا اليهود، إن الله عز و جل امتحنني في حياة نبينا (صلى الله عليه و آله) في سبعة مواطن، فوجدني فيهن- من غير تزكية لنفسي- بنعمة الله له مطيعا؟

__________________________________________________

(1) في «ج» و المصدر: بالسعادة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 431

قال: فيم، و فيم، يا أمير المؤمنين؟

قال: أما أولهن- و ساق الحديث بذكر الاولى، و الثانية، و الثالثة، و الرابعة، إلى أن قال-: و أما الخامسة- يا أخا اليهود- فإن قريشا و العرب تجمعت، و عقدت بينها عقدا و ميثاقا لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب، ثم أقبلت بحدها و حديدها حتى أناخت علينا بالمدينة، واثقة بأنفسها فيما توجهت له، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله) فأنبأه بذلك، فخندق على نفسه، و من معه من المهاجرين و الأنصار، فقدمت قريش، فأقامت على الخندق محاصرة لنا، ترى في أنفسها القوة، و فينا الضعف، ترعد، و

تبرق، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يدعوها إلى الله عز و جل، و يناشدها بالقرابة و الرحم، فتأبى عليه، و لا يزيدها ذلك إلا عتوا، و فارسها فارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود، يهدر كالبعير المغتلم «1»، يدعو إلى البراز، و يرتجز، و يخطر برمحه مرة، و بسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، و لا يطمع فيه طامع، و لا حمية تهيجه، و لا بصيرة تشجعه، فأنهضني إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عممني بيده، و أعطاني سيفه هذا- و ضرب بيده إلى ذي الفقار- فخرجت إليه، و نساء أهل المدينة بواكي إشفاقا علي من ابن عبد ود، فقتله الله عز و جل بيدي، و العرب لا تعد لها فارسا غيره، و ضربني هذه الضربة- و أومأ بيده إلى هامته- فهزم الله قريشا و العرب بذلك، و بما كان مني فيهم من النكاية. ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه، فقال: أ ليس كذلك؟ قالوا: بلى، يا أمير المؤمنين».

ثم ذكر السادسة، و السابعة، ثم ذكر أول السبع بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، و ذكرها، و قال (عليه السلام) فيها: «و أما نفسي، فقد علم من حضر ممن ترى، و من غاب من أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدي، و لقد كنت عاهدت الله عز و جل و رسوله (صلى الله عليه و آله): أنا، و عمي حمزة، و أخي جعفر، و ابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز و جل و لرسوله،

فتقدمني أصحابي، و تخلفت بعدهم لما أراد الله عز و جل، فأنزل الله فينا: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا حمزة، و جعفر، و عبيدة، و أنا- و الله- المنتظر».

8555/ [4]- ابن شهر آشوب: عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام): مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ قال: «علي، و حمزة، و جعفر، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ، قال: عهده، و هو حمزة، و جعفر وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

8556/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ: «أي لا يغيروا «2» أبدا فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ أي أجله، و هو

__________________________________________________

4- المناقب 3: 92.

5- تفسير القمّي 2: 188.

(1) أي الهائج.

(2) في المصدر: لا يفرّوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 432

حمزة، و جعفر بن أبي طالب وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ أجله، يعني عليا (عليه السلام)، وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ». الآية.

8557/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، إذ دخل عليه أبو بصير- و ذكر الحديث إلى أن قال-: «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا، و إنكم لم

تبدلوا بنا غيرنا، و لو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم، حيث يقول جل ذكره: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ «1»».

8558/ [7]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، من أحبك ثم مات فقد قضى نحبه، و من أحبك و لم يمت فهو ينتظر، و ما طلعت شمس و لا غربت إلا طلعت عليه برزق و إيمان». و في نسخة:

«نور».

8559/ [8]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن نصير أبي الحكم الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المؤمن مؤمنان: فمؤمن صدق بعهد الله، و وفى بشرطه، و ذلك قول الله عز و جل: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فذلك الذي لا تصيبه أهوال الدنيا، و لا أهوال الآخرة، و ذلك ممن يشفع و لا يشفع له، و مؤمن كخامة «2» الزرع، تعوج أحيانا، و تقوم أحيانا، و ذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا، و أهوال الآخرة، و ذلك ممن يشفع له و لا يشفع».

سورة الأحزاب(33): آية 25 ..... ص : 432

قوله تعالى:

وَ رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ [25] 8560/ [1]- علي بن إبراهيم: بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

6- الكافي 8: 34/ 6.

7- الكافي 8: 306/ 475.

8- الكافي 2: 193/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 189.

(1) الأعراف 7: 102.

(2) الخامّة: الغضّة الرطبة من النبات. «الصحاح- خوم- 5: 1916».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 433

8561/ [2]- محمد بن العباس، قال:

حدثنا علي بن العباس، عن أبي سعيد عباد بن يعقوب، عن فضل بن القاسم البراد، عن سفيان الثوري، عن زبيد اليامي «1»، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، أنه كان يقرأ: «و كفى الله المؤمنين القتال بعلي و كان الله قويا عزيزا».

8562/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن يونس بن مبارك، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن يحيى بن معلى الأسلمي، عن محمد بن عمار بن زريق، عن أبي إسحاق، عن زياد «2» بن مطر، قال: كان عبد الله بن مسعود يقرأ: «و كفى الله المؤمنين القتال بعلي «3»».

و سبب نزول هذه الآية: أن المؤمنين كفوا القتال بعلي (عليه السلام)، و إن المشركين تحزبوا، و اجتمعوا في غزاة الخندق- و القصة مشهورة، غير أنا نحكي طرفا منها- و هو: أن عمرو بن عبد ود كان فارس قريش المشهور، و كان يعد بألف فارس، و كان قد شهد بدرا، و لم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى الناس مقامه، فلما رأى الخندق، قال: مكيدة، و لم نعرفها من قبل. و حمل فرسه عليه، فعطفه «4»، و وقف بإزاء المسلمين، و نادى: هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد، فقام علي (عليه السلام)، و قال: «أنا، يا رسول الله». فقال له: «إنه عمرو، اجلس» فنادى ثانية، فلم يجبه أحد، فقام علي (عليه السلام)، و قال: «أنا، يا رسول الله». فقال له: «إنه عمرو، اجلس»، فنادى ثالثة، فلم يجبه أحد. فقام علي (عليه السلام)، و قال: «أنا يا رسول الله»، فقال له: «إنه عمرو». فقال: «و إن كان عمرا» فاستأذن النبي (صلى الله عليه و آله) في برازه، فأذن له.

قال حذيفة (رضي الله عنه):

فألبسه رسول الله (صلى الله عليه و آله) درعه [ذات ] الفضول، و أعطاه ذا الفقار، و عممه عمامته السحاب على رأسه تسعة أدوار، و قال له: «تقدم». فلما ولى، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «برز الإيمان كله إلى الشرك كله، اللهم احفظه من بين يديه، و من خلفه، و عن يمينه، و عن شماله، و من فوق رأسه، و من تحت قدميه».

فلما رآه عمرو، قال له: من أنت؟ قال: «أنا علي». قال: ابن عبد مناف؟ قال: «أنا علي بن أبي طالب» فقال: غيرك- يا ابن أخي- من أعمامك أسن منك، فإني أكره أن أهرق دمك. فقال له علي (عليه السلام): «و لكني- و الله- لا أكره أن أهرق دمك». قال: فغضب عمرو، و نزل عن فرسه، و عقرها، و سل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي (عليه السلام)، فاستقبله علي (عليه السلام) بدرقته، فقدها، و أثبت فيها السيف، و أصاب رأسه فشجه، ثم إن عليا (عليه السلام) ضربه على حبل عاتقه، فسقط إلى الأرض، و ثارت بينهما عجاجة، فسمعنا تكبير علي (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«قتله، و الذي نفسي بيده». قال: و حز رأسه، و أتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و وجهه يتهلل، فقال له

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 450/ 10. [.....]

3- تأويل الآيات 2: 450/ 12

(1) في جميع النسخ و المصدر: النامي، تصحيح صحيحه ما أثبتناه، انظر تقريب التهذيب 1: 57/ 14.

(2) في جميع النسخ و المصدر: أبي زياد، هو عبد اللّه بن مطر، و يقال له: زياد بن مطر، راجع تهذيب التهذيب 3: 386 و 6: 34.

(3) في المصدر زيادة:

قال أبو زياد: و هي في مصحفه، هكذا رأيتها.

(4) في «ي»: فقطعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 434

النبي (صلى الله عليه و آله): «أبشر- يا علي- فلو وزن اليوم عملك بعمل امة محمد لرجح عملك بعملهم، و ذلك أنه لم يبق بيت من المشركين إلا و دخله وهن، و لا بيت من المسلمين إلا و دخله عز».

قال: و لما قتل عمرو، و خذل الأحزاب، أرسل الله عليهم ريحا و جنودا من الملائكة، فولوا مدبرين بغير قتال، و سببه قتل عمرو، فمن ذلك قال سبحانه: وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بعلي (عليه السلام).

8563/ [4]- ابن شهر آشوب: قال الصادق (عليه السلام)، و ابن مسعود، في قوله: وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قتله عمرو بن عبد ود.

قال: و رواه أبو نعيم الأصفهاني في (ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين) بالإسناد، عن سفيان الثوري، عن رجل، عن مرة، عن عبد الله.

قال: و قال جماعة من المفسرين، في قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ «1» أنها نزلت في علي (عليه السلام) يوم الأحزاب.

8564/ [5]- الطبرسي: في معنى الآية: قيل: بعلي بن أبي طالب، و قتله عمرو بن عبد ود، و كان ذلك سبب هزيمة القوم، عن عبد الله بن مسعود. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

8565/ [6]- و

روى الحافظ منصور بن شهريار بن شيرويه بإسناده إلى ابن عباس، قال: لما قتل علي (عليه السلام) عمرا، و دخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سيفه يقطر دما، فلما رآه كبر، و كبر المسلمون، و قال النبي (صلى الله عليه و آله): «اللهم

أعط عليا فضيلة لم يعطها أحد قبله، و لم يعطها أحد بعده». قال: فهبط جبرئيل (عليه السلام)، و معه من الجنة اترجة، فقال: «يا رسول الله، إن الله عز و جل يقرأ عليك السلام، و يقول لك: حي بهذه علي بن أبي طالب». قال: فدفعها إلى علي (عليه السلام)، فانفلقت في يده فلقتين، فإذا فيها حريرة خضراء، فيها مكتوب سطران بخضرة: تحفة من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب.

سورة الأحزاب(33): الآيات 26 الي 27 ..... ص : 434

قوله تعالى:

وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً [26- 27]

8566/ [1]- علي بن إبراهيم: و نزل في بني قريظة: وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ

__________________________________________________

4- المناقب 3: 134.

5- مجمع البيان 8: 550.

6- ... المناقب (للخوارزمي): 105.

1- تفسير القمي 2: 189.

(1) الأحزاب 33: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 435

وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَ تَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِيارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) المدينة، و اللواء معقود، أراد أن يغتسل من الغبار، فناداه جبرئيل: «عذيرك من محارب، و الله ما وضعت الملائكة لأمتها، فكيف تضع لأمتك؟ إن الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة، فإني متقدمك، و مزلزل بهم حصنهم، إنا كنا في آثار القوم، نزجرهم زجرا، حتى بلغوا حمراء الأسد «1»».

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فاستقبله حارثة بن النعمان، فقال له: «ما الخبر، يا حارثة؟». قال: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- هذا دحية الكلبي ينادي في الناس: ألا لا يصلين العصر أحد

إلا في بني قريظة. فقال: «ذلك جبرئيل، أدعوا لي عليا». فجاء علي (عليه السلام)، فقال له: «ناد في الناس: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة».

فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنادى فيهم، فخرج الناس، فبادروا إلى بني قريظة.

و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام) بين يديه، مع الراية العظمى، و كان حيي بن أخطب لما انهزمت قريش، جاء و دخل حصن بني قريظة، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) و أحاط بحصنهم، فأشرف عليهم كعب بن أسد «2» من الحصن يشتمهم، و يشتم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حمار، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «بأبي أنت و امي- يا رسول الله- لا تدن من الحصن». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، لعلهم شتموني؟ إنهم لو قد رأوني لأذلهم الله». ثم دنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حصنهم، فقال: «يا إخوة القردة و الخنازير، و عبدة الطاغوت، أ تشتموني؟! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم».

فأشرف عليهم كعب بن أسد من الحصن، فقال: و الله- يا أبا القاسم- ما كنت جهولا. فاستحيا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى سقط الرداء عن ظهره حياء مما قال.

و كان حول الحصن نخل كثير، فأشار إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده، فتباعد عنه، و تفرق في المفازة، و أنزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) العسكر حول حصنهم، فحاصرهم ثلاثة أيام، فلم يطلع منهم أحد رأسه، فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه غزال «3» بن شمول، فقال:

يا محمد، تعطينا ما أعطيت إخواننا من بني النضير؟ احقن دماءنا، و نخلي لك البلاد و ما فيها، و لا نكتمك شيئا. فقال: «لا، أو تنزلون على حكمي». فرجع، و بقوا أياما، فبكت النساء و الصبيان إليهم، و جزعوا جزعا شديدا، فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالرجال، فكتفوا، و كانوا سبع مائة «4»، و أمر بالنساء، فعزلن.

و قامت الأوس إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، حلفاؤنا و موالينا من دون الناس، نصرونا

__________________________________________________

(1) حمراء الأسد: موضّع على ثمانية أميال من المدينة. «معجم البلدان 2: 301».

(2) في المصدر: أسيد، و كذا في المواضع الآتية.

(3) في «ي»: عزّال.

(4) في «ي»: تسع مائة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 436

على الخزرج في المواطن كلها، و قد وهبت لعبد الله بن أبي سبع مائة دارع، و سبع مائة «1» حاسر في صبيحة واحدة، و لسنا نحن بأقل من عبد الله بن أبي. فلما أكثروا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال لهم: «أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟». فقالوا: بلى، فمن هو؟ قال: «سعد بن معاذ». قالوا: قد رضينا بحكمه، فأتوا به في محفة «2»، و اجتمعت الأوس حوله يقولون له: يا أبا عمرو، اتق الله، و أحسن في حلفائك و مواليك، فقد نصرونا ببعاث، و الحدائق «3»، و المواطن كلها. فلما أكثروا عليه، قال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. فقالت الأوس: وا قوماه، ذهبت و الله بنو قريظة آخر الدهر. و بكت النساء و الصبيان إلى

سعد، فلما سكتوا، قال لهم سعد: يا معشر اليهود، أرضيتم بحكمي فيكم؟ قالوا: بلى، قد رضينا بحكمك، و قد رجونا نصفك، و معروفك، و حسن نظرك. فأعاد عليهم القول، فقالوا: بلى، يا أبا عمرو. فالتفت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إجلالا له، فقال: ما ترى، بأبي أنت و امي، يا رسول الله؟ قال: «احكم فيهم- يا سعد- فقد رضيت بحكمك فيهم». فقال: قد حكمت- يا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن تقتل رجالهم، و تسبى نساؤهم و ذراريهم، و تقسم غنائمهم بين المهاجرين و الأنصار. فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «قد حكمت بحكم الله من فوق سبع أرقعة» ثم انفجر جرح سعد بن معاذ، فما زال ينزف حتى قضى.

و ساقوا الأسارى إلى المدينة، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأخدود، فحفرت بالبقيع، فلما أمسى، أمر بإخراج رجل رجل، فكان يضرب عنقه، فقال حيي بن أخطب لكعب بن أسد: ما ترى يصنع بهم؟ فقال له: ما يسوؤك، أما ترى الداعي لا يقلع، و الذي يذهب لا يرجع؟ فعليكم بالصبر، و الثبات على دينكم.

فاخرج كعب بن أسد، مجموعة يديه إلى عنقه، و كان جميلا و سيما، فلما نظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال له: «يا كعب، أما نفعتك وصية ابن الحواس؟! الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام، فقال: تركت الخمر و الخنزير «4»، و جئت إلى البؤس و التمور، لنبي يبعث، مخرجه بمكة، و مهاجرته في هذه البحيرة، يجتزئ بالكسيرات و التميرات، و يركب الحمار العري، في عينيه حمرة، بين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه، لا يبالي من

لاقى منكم، يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر». فقال: قد كان ذلك يا محمد، و لولا أن اليهود يعيروني أني جزعت عند القتل لآمنت بك، و صدقتك، و لكني على دين اليهودية، عليه أحيا، و عليه أموت. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قدموه فاضربوا عنقه» فضربت عنقه.

ثم قدم حيي بن أخطب، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا فاسق، كيف رأيت صنع الله بك؟» فقال: و الله- يا محمد- ما ألوم نفسي في عداوتك، و لقد قلقلت «5» كل مقلقل، و جهدت كل الجهد، و لكن من يخذل الله

__________________________________________________

(1) في المصدر: ثلاث مائة.

(2) المحفّة: مركب من مراكب النساء كالهودج، إلّا أنّها لا تقبّب. «الصحاح- حفف- 4: 1345».

(3) بعاث و الحدائق: موضعان عند المدينة، كانت فيهما وقعتان بين الأوس و الخزرج قبل الإسلام، أنظر «الكامل في التاريخ 1: 676 و 680».

(4) في «ج»: الخمير.

(5) قلقل الشي ء: حرّكه فتحرّك و اضطرب. «لسان العرب- قلل- 11: 566».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 437

يخذل، ثم قال حين قدم للقتل:

لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه و لكنه من يخذل الله يخذل

فقدم، و ضرب عنقه فقتلهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في البردين: بالغداة، و العشي، في ثلاثة أيام، و كان يقول: «اسقوهم العذب، و أطعموهم الطيب، و أحسنوا إسارهم». حتى قتلهم كلهم، و أنزل الله على رسوله فيهم:

وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ أي من حصونهم وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ إلى قوله: وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً.

8567/ [2]- الطبرسي، في (إعلام الورى)، قال: قال أبان بن عثمان: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:

«قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) على التل الذي عليه مسجد الفتح، في ليلة ظلماء، ذات قرة، قال: من يذهب فيأتينا بخبرهم، و له الجنة؟ فلم يقم أحد. ثم عاد ثانية، و ثالثة، فلم يقم أحد. و قام حذيفة، فقال (صلى الله عليه و آله):

انطلق، حتى تسمع كلامهم، و تأتيني بخبرهم. فذهب، فقال: اللهم احفظه من بين يديه، و من خلفه، و عن يمينه، و عن شماله، حتى ترده إلي، و قال: لا تحدث شيئا حتى تأتيني.

و لما توجه حذيفة، قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي، ثم نادى بأشجى صوت: يا صريخ المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرين، اكشف همي، و كربي، فقد ترى حالي، و حال من معي. فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، إن الله عز و جل سمع مقالتك، و استجاب دعوتك، و كفاك هول من تحزب عليك و ناوأك. فجثا رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ركبتيه، و بسط يديه، و أرسل بالدمع عينيه، ثم نادى: شكرا، شكرا، كما آويتني، و آويت من معي. ثم قال جبرئيل (عليه السلام): يا رسول الله، إن الله قد نصرك، و بعث عليهم ريحا من سماء الدنيا فيها الحصى، و ريحا من السماء الرابعة فيها الجنادل.

قال حذيفة: فخرجت، فإذا أنا بنيران القوم قد طفئت، و خمدت، و أقبل جند الله الأول: ريح شديدة فيها الحصى، فما ترك لهم نارا إلا أخمدها، و لا خباء إلا طرحها، و لا رمحا إلا ألقاها، حتى جعلوا يتترسون من الحصى، و كنت أسمع وقع الحصى في الترسة.

و أقبل جند الله الأعظم، فقام أبو سفيان إلى راحلته، ثم صاح في قريش: النجاء،

النجاء ثم فعل عيينة بن حصن مثلها، و فعل الحارث بن عوف مثلها، و ذهب الأحزاب، و رجع حذيفة إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر، و أنزل الله على رسوله: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها «1» إلى ما شاء الله من السورة.

و أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمسلمين حتى دخل المدينة، فضربت له ابنته فاطمة (عليها السلام) غسولا، فهي تغسل رأسه إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام) على بغلة، معتجرا بعمامة بيضاء، عليه قطيفة من إستبرق، معلق عليها

__________________________________________________

2- إعلام الورى: 92.

(1) الأحزاب 33: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 438

الدر و الياقوت، عليه الغبار، فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فمسح الغبار عن وجهه، فقال له جبرئيل: رحمك الله، وضعت السلاح و لم يضعه أهل السماء؟ و ما زلت أتبعهم حتى بلغت الروحاء. ثم قال جبرئيل (عليه السلام): انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب، فوالله لأدقنهم دق البيضة على الصخرة.

فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، فقال: قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة، و قال: عزمت عليكم ألا تصلوا العصر إلا في بني قريظة. فأقبل علي (عليه السلام)، و معه المهاجرون، و بنو عبد الأشهل، و بنو النجار كلها، لم يتخلف عنه منهم أحد، و جعل النبي (صلى الله عليه و آله) يسرب إليه الرجال، فما صلى بعضهم العصر إلا بعد العشاء، فأشرفوا عليه، و سبوه، و قالوا: فعل الله بك، و بابن عمك، و هو واقف لا يجيبهم، فلما أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و المسلمون حوله، تلقاه أمير المؤمنين

(عليه السلام)، و قال: لا تأتهم- يا رسول الله، جعلني الله فداك- فإن الله سيجزيهم.

فعرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنهم قد شتموه، فقال: أما إنهم لو رأوني ما قالوا شيئا مما سمعت، و أقبل، ثم قال: يا إخوة القردة، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، يا عباد الطواغيت، اخسؤوا، أخسأكم الله. فصاحوا يمينا و شمالا: يا أبا القاسم، ما كنت فحاشا، فما بدا لك؟!».

قال الصادق (عليه السلام): «فسقطت العنزة «1» من يده، و سقط رداؤه من خلفه، و جعل يمشي إلى وراءه، حياء مما قال لهم.

فحاصرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) خمسا و عشرين ليلة، حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم بقتل الرجال، و سبي الذراري و النساء، و قسمة الأموال، و أن يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.

فلما جي ء بالأسارى، حبسوا في دار، و امر بعشرة، فاخرجوا، فضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) أعناقهم، ثم امر بعشرة، فاخرجوا، فضرب الزبير أعناقهم، و كل رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا قتل الرجل و الرجلين». قال: «ثم انفجرت رمية سعد، و الدم ينضح حتى قضى، و نزع رسول الله (صلى الله عليه و آله) رداءه، فمشى في جنازته بغير رداء، و بعث عبد الله بن عتيك إلى خيبر، فقتل أبا رافع بن أبي الحقيق».

سورة الأحزاب(33): الآيات 28 الي 31 ..... ص : 438

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ

لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً

__________________________________________________

(1) العنزة: عصا في قدر نصف الرّمح أو أكثر شيئا، فيها سنان مثل سنان الرمح. «لسان العرب- عنز- 5: 384».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 439

- إلى قوله تعالى- وَ أَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً [28- 31]

8568/ [1]- محمد بن يعقوب: عن حميد، عن ابن سماعة، عن ابن رباط، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل خير امرأته، فاختارت نفسها، بانت منه؟ قال: «لا، إنما هذا شي ء كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) خاصة، امر بذلك ففعل، و لو اخترن أنفسهن لطلقهن، و هو قول الله عز و جل: قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا».

8569/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: ذكر أبو عبد الله (عليه السلام): «أن زينب قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تعدل و أنت رسول الله؟! و قالت حفصة: إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا. فاحتبس الوحي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عشرين يوما- قال- فأنف الله عز و جل لرسوله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ إلى قوله: أَجْراً عَظِيماً- قال- فاخترن الله و رسوله، و لو اخترن أنفسهن لبن، و إن اخترن الله و رسوله فليس بشي ء».

8570/ [3]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن

زينب بنت جحش قالت: أ يرى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إن خلى سبيلنا أنا لا نجد زوجا غيره! و قد كان اعتزل نساءه تسعا و عشرين ليلة. فلما قالت زينب الذي قالت، بعث الله عز و جل جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال: قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا الآيتين كلتيهما، فقلن: بل نختار الله، و رسوله، و الدار الآخرة».

8571/ [4]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن زينب بنت جحش قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تعدل و أنت نبي؟! فقال: «تربت يداك، إذا لم أعدل، فمن يعدل؟».

فقالت: دعوت الله- يا رسول الله- ليقطع يداي؟ فقال: «لا، و لكن لتتربان «1»».

فقالت: إنك إن طلقتنا وجدنا في قومنا أكفاء. فاحتبس الوحي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تسعا و عشرين ليلة». ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «فأنف الله عز و جل لرسوله، فأنزل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها الآيتين، فاخترن الله و رسوله، فلم يكن شيئا، و لو اخترن أنفسهن لبن».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 137/ 3.

2- الكافي 6: 138/ 2.

3- الكافي 6: 138/ 4.

4- الكافي 6: 139/ 5.

(1) في «ج»: لتثريان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 440

8572/ [5]- ثم قال الكليني: و عنه، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، مثله.

ثم

قال الكليني: و بهذا الإسناد، عن يعقوب بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد

الله (عليه السلام)، في الرجل إذا خير أهله؟ فقال: «إنما الخيرة لنا، ليس لأحد، و إنما رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمكان عائشة، فاخترن الله و رسوله، و لم يكن لهن أن يخترن غير رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8573/ [6]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن معاوية بن حكيم، عن صفوان، و علي بن الحسن بن رباط، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الخيار، فقال: «و ما هو، و ما ذاك؟

إنما ذاك شي ء كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8574/ [7]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل أنف لرسوله (صلى الله عليه و آله) من مقالة قالتها بعض نسائه، فأنزل الله آية التخيير، فاعتزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) نساءه تسعا و عشرين ليلة في مشربة ام إبراهيم، ثم دعاهن، فخيرهن، فاخترنه، فلم يكن شيئا، و لو اخترن أنفسهن كانت واحدة بائنة».

قال: و سألته عن مقالة المرأة، ما هي؟ قال: فقال: «إنها قالت: يرى محمد أنه لو طلقنا أنه لا يأتينا الأكفاء من قومنا يتزوجونا».

8575/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن بعض نساء النبي (صلى الله عليه و آله) قالت: أ يرى محمد أنه لو طلقنا لا نجد الأكفاء من قومنا؟- قال- فغضب الله عز و جل له من

فوق سبع سماواته، فأمره، فخيرهن، حتى انتهى إلى زينب بنت جحش، فقامت، و قبلته، و قالت: أختار الله و رسوله».

8576/ [9]- علي بن إبراهيم: سبب نزولها: أنه لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزاة خيبر، و أصاب كنز آل أبي الحقيق، قلن أزواجه: أعطنا ما أصبت. فقال لهن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قسمته بين المسلمين على ما أمر الله» فغضبن من ذلك، و قلن: لعلك ترى أنك إن طلقتنا أنا لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا! فأنف الله لرسوله (صلى الله عليه و آله)، فأمره أن يعتزلهن، فاعتزلهن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مشربة ام إبراهيم تسعة و عشرين يوما، حتى حضن و طهرن، ثم أنزل الله هذه الآية، و هي آية التخيير، فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ الآية، فقامت ام سلمة، و هي أول من قامت، فقالت: قد اخترت الله

__________________________________________________

5- الكافي 6: 139/ 6. [.....]

6- الكافي 6: 136/ 1.

7- الكافي 6: 137/ 1.

8- الكافي 6: 138/ 3.

9- تفسير القمّي 2: 192.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 441

و رسوله. فقمن كلهن فعانقنه، و قلن مثل ذلك، فأنزل الله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ «1»، قال الصادق (عليه السلام): «من آوى فقد نكح، و من أرجى فقد طلق».

و قوله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ مع هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ

لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً و قد أخرت عنها في التأليف.

ثم خاطب الله عز و جل نساء نبيه، فقال: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ إلى قوله تعالى: نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَ أَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً.

8577/ [10]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أجرها مرتين، و عذابها ضعفين، كل هذا في الآخرة، حيث يكون الأجر، يكون العذاب».

8578/ [11]- ثم

قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن غالب، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ، قال: «الفاحشة: الخروج بالسيف».

8579/ [12]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن كرام، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «أ تدري ما الفاحشة المبينة؟» قلت: لا. قال: «قتال أمير المؤمنين (عليه السلام)» يعني أهل الجمل.

8580/ [13]- الطبرسي: روى محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن عبيد الله «2» بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، أنه قال له رجل: إنكم أهل بيت مغفور لكم. قال:

فغضب، و قال: «نحن أحرى أن يجري فينا ما أجرى الله في أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) من أن يكون «3» كما تقول، إنا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر، و لمسيئنا ضعفين من العذاب». ثم قرأ الآيتين.

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 2: 193.

11- تفسير القمّي 2:

193.

12- تأويل الآيات 2: 453/ 13.

13- مجمع البيان 8: 556.

(1) الأحزاب: 33/ 51.

(2) في جميع النسخ و المصدر: علي بن عبد اللّه، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع معجم رجال الحديث 11: 68 و 12 لا 88 و 89.

(3) في المصدر: نكون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 442

سورة الأحزاب(33): الآيات 33 الي 35 ..... ص : 442

قوله تعالى:

وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى [33]

8581/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)، في هذه الآية: وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ، قال: «أي ستكون جاهلية اخرى».

8582/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الجنيد الرازي، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا الحسن بن علي، عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت للنبي (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، من يغسلك إذا مت؟ قال: «يغسل كل نبي وصيه». قلت: فمن وصيك، يا رسول الله؟ قال: «علي بن أبي طالب».

قلت: كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال: «ثلاثين سنة، فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش بعد موسى ثلاثين سنة، و خرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى (عليه السلام)، فقالت: أنا أحق منك بالأمر. فقاتلها، فقتل مقاتليها، و أسرها فأحسن أسرها، و إن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا و كذا ألفا من أمتي، فيقاتلها، فيقتل مقاتليها، و يأسرها فيحسن أسرها، و فيها أنزل الله عز و

جل: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى يعني صفراء بنت شعيب».

قوله تعالى:

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [33]

8583/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن المفضل بن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «و قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً يعني الأئمة (عليهم السلام)، و ولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 193.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 27.

3- الكافي 1: 350/ 54. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 443

8584/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، و علي بن محمد، عن سهل بن زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1». قال: «نزلت في علي بن أبي طالب، و الحسن و الحسين (عليهم السلام)».

فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا و أهل بيته (عليهم السلام) في كتاب الله عز و جل؟ قال: فقال:

«قولوا لهم: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نزلت عليه الصلاة و لم يسم الله لهم ثلاثا، و لا أربعا، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهما، حتى كان رسول الله

(صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزل الحج و لم يقل لهم طوفوا سبعا، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم.

و نزلت أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و نزلت في علي، و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه. و قال (صلى الله عليه و آله):

أوصيكم بكتاب الله و أهل بيتي، فإني سألت الله عز و جل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك. و قال: لا تعلموهم، فهم أعلم منكم. و قال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، و لن يدخلوكم في باب ضلالة.

فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان، و آل فلان، و لكن الله عز و جل نزل في كتابه تصديقا لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فكان علي، و الحسن، و الحسين، و فاطمة (عليهم السلام)، فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحت الكساء، في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم، إن لكل نبي أهلا و ثقلا، و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي. فقالت ام سلمة: أ لست من أهلك؟ فقال:

إنك إلى خير، و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أقامه للناس، و أخذ بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي-

و لم يكن ليفعل- أن يدخل محمد بن علي، و لا العباس بن علي، و لا واحدا من ولده، إذا لقال الحسن و الحسين: إن الله تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك.

فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن (عليه السلام) أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده، و لم يكن ليفعل ذلك، و الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «2» فيجعلها في ولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أمر الله تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و بلغ في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك و في أبيك، و أذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك.

__________________________________________________

2- الكافي 1: 226/ 1.

(1) النساء 4: 59.

(2) الأنفال 8: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 444

فلما صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه، و على أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام)، فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، ثم صارت من بعد الحسين لعلي ابن الحسين (عليه السلام)، ثم صارت من بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلى محمد بن علي (عليه السلام)». و قال: «الرجس:

هو الشك، و الله لا نشك في ربنا أبدا».

و عنه: عن

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر، و عمران بن علي الحلبي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثل ذلك «1».

8585/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الرجس: هو الشك، و لا نشك في ديننا أبدا».

8586/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قال: «الرجس: هو الشك».

8587/ [5]- قال: حدثنا علي بن الحسين بن محمد، قال: حدثنا هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، قال: «دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة، و قد نزلت عليه هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، هذه الآية نزلت فيك، و في سبطي، و الأئمة من ولدك.

فقلت: يا رسول الله، و كم الأئمة من بعدك؟ قال: أنت- يا علي- ثم ابناك: الحسن، و الحسين، و بعد

الحسين علي ابنه، و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد جعفر ابنه، و بعد جعفر موسى ابنه، و بعد موسى علي ابنه، و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد علي ابنه، و بعد علي الحسن ابنه، و الحجة من ولد الحسين هكذا وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله تعالى عن ذلك، فقال: يا محمد، هم الأئمة بعدك، مطهرون معصومون، و أعداؤهم ملعونون».

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 226/ 13.

4- معاني الأخبار: 138/ 1.

5- كفاية الأثر: 155.

(1) الكافي 1: 228.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 445

8588/ [6]- و

عنه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما عنى الله عز و جل بقوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً؟

قال: «نزلت في النبي، و أمير المؤمنين، و الحسن، و الحسين، و فاطمة (صلوات الله عليهم أجمعين)، فلما قبض الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إماما، ثم الحسن (عليه السلام)، ثم الحسين (عليه السلام)، ثم وقع تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «1»، و كان علي بن الحسين (عليه السلام) إماما، ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء (عليهم السلام)، فطاعتهم طاعة الله، و معصيتهم معصية الله عز و جل».

8589/ [7]- و

عنه: عن علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا:

حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن

الرضا (عليه السلام)، في حديث المأمون و العلماء و سؤالهم للرضا (عليه السلام)، فكان فيه: قال (عليه السلام): «فصارت الوراثة للعترة الطاهرة، لا لغيرهم».

فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا (عليه السلام): «الذين وصفهم الله تعالى في كتابه، فقال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أيها الناس، لا تعلموهم، فإنهم أعلم منكم».

و في الحديث: قالت العلماء: فأخبرنا، هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا (عليه السلام): «فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا و موطنا: فأول ذلك، قوله تعالى: «و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك المخلصين» هكذا في قراءة أبي بن كعب، و هي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، و هذه منزلة رفيعة، و فضل عظيم، و شرف عال حين عنى الله عز و جل بذلك الآل، فذكره لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهذه واحدة، و الآية الثانية في الاصطفاء: قوله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند أصلا، لأنه فضل بعد طهارة تنتظر، فهذه الثانية»

و ساق الحديث بذكر الاثني عشر.

8590/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن أبي الجارود، و هشام أبي ساسان،

و أبي طارق السراج، عن عامر بن واثلة، قال: كنت في البيت يوم الشورى، فسمعت عليا (عليه السلام) و هو

__________________________________________________

6- علل الشرائع: 205/ 2.

7- الأمالي: 421/ 1.

8- الخصال: 553/ 31.

(1) الأنفال 8: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 446

يقول: «استخلف الناس أبا بكر و أنا- و الله- أحق بالأمر، و أولى به منه، و استخلف أبو بكر عمر و أنا و الله أحق بالأمر، و أولى به منه، إلا أن عمر جعلني مع خمسة أنا سادسهم، لا يعرف لهم علي فضل، و لو أشاء لاحتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم و لا عجميهم، المعاهد منهم و المشرك تغيير ذلك».

ثم ذكر (عليه السلام) ما احتج به على أهل الشورى، فقال في ذلك: «نشدتكم بالله، هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسوله (صلى الله عليه و آله): إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) كساء خيبريا، فضمني فيه، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، ثم قال: يا رب إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا؟». قالوا: اللهم لا.

8591/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال:

حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي، قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد، قال: حدثني أحمد بن التغلبي، قال: حدثني أحمد بن عبد الحميد، قال: حدثني حفص بن منصور العطار، قال: حدثنا أبو سعيد الوراق، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «لما كان من أمر أبي بكر و بيعة الناس له، و فعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)

ما كان، لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط، و يرى منه انقباضا، فكبر ذلك على أبي بكر، فأحب لقاءه، و استخراج ما عنده، و المعذرة إليه لما اجتمع الناس عليه، و تقليدهم إياه أمر الامة، و قلة رغبته في ذلك، و زهده فيه، أتاه في وقت غفلة، و طلب منه الخلوة، و قال له: و الله- يا أبا الحسن- ما كان هذا الأمر مواطأة مني، و لا رغبة فيما وقعت فيه، و لا حرصا عليه، و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة، و لا قوة لي بمال، و لا كثرة العشيرة، و لا ابتزازا له دون غيري، فما لك تضمر علي ما لا أستحق منك، و تظهر لي الكراهة فيما صرت إليه، و تنظر إلي بعين السأمة مني؟».

قال: «فقال له علي (عليه السلام): فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه، و لا حرصت عليه، و لا وثقت بنفسك في القيام به و بما يحتاج منك فيه؟

فقال أبو بكر: حديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله لا يجمع امتي على ضلال، و لما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي (صلى الله عليه و آله)، و أحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى، و أعطيتهم قود الإجابة، و لو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت».

قال: «فقال علي (عليه السلام): أما ما ذكرت من حديث النبي (صلى الله عليه و آله): إن الله لا يجمع امتي على ضلال، أ فكنت من الامة، أو لم أكن؟ قال: بلى. قال: و كذلك العصابة الممتنعة عليك: من سلمان، و عمار، و أبي ذر، و المقداد، و ابن عبادة، و من معه من الأنصار؟ قال: كل من

الامة. فقال علي (عليه السلام): فكيف تحتج بحديث النبي (صلى الله عليه و آله) و أمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك، و ليس من الامة فيهم طعن، و لا في صحبة الرسول (صلى الله عليه و آله) و نصيحته منهم تقصير؟!

__________________________________________________

9- الخصال: 548/ 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 447

قال: ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر، و خفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين، و كان ممارستكم إلي- إن أجبتم- أهون مؤونة على الدين، و أبقى له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعون كفارا، و علمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم، و على أديانهم.

قال علي (عليه السلام): أجل، و لكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر، بما يستحقه؟ فقال أبو بكر: بالنصيحة، و الوفاء، و رفع المداهنة و المحاباة، و حسن السيرة، و إظهار العدل، و العلم بالكتاب و السنة و فصل الخطاب، مع الزهد في الدنيا و قلة الرغبة فيها، و إنصاف المظلوم من الظالم، القريب و البعيد. ثم سكت. فقال علي (عليه السلام):

نشدتك بالله- يا أبا بكر- أفي نفسك تجد هذه الخصال، أو في؟ قال: بل فيك، يا أبا الحسن».

ثم ذكر علي (عليه السلام) ما احتج به على أبي بكر مما جاء فيه عن الله سبحانه، و عن رسوله (صلى الله عليه و آله)، إلى أن قال (عليه السلام): «أنشدك بالله، ألي و لأهلي و ولدي آية التطهير من الرجس، أم لك، و لأهل بيتك؟ قال: بل لك و لأهل بيتك، قال: فأنشدك بالله، أنا صاحب دعوة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أهلي، و ولدي يوم الكساء: اللهم هؤلاء أهلي، إليك

لا إلى النار، أم أنت؟ قال: بل أنت، و أهلك، و ولدك.

و ذكر له أمير المؤمنين (عليه السلام) سبعين منقبة- ثم ذكر في الحديث بعد ذكر السبعين منقبة-: فلم يزل (عليه السلام) يعد عليه مناقبه التي جعلها الله عز و جل له دونه، و دون غيره، و يقول له أبو بكر: بل أنت. قال: فبهذا و شبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد (صلى الله عليه و آله). فقال له علي (عليه السلام): فما الذي غرك عن الله، و عن رسوله، و عن دينه، و أنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه؟ قال: فبكى أبو بكر، و قال: صدقت- يا أبا الحسن- أنظرني يومي هذا، فأدبر ما أنا فيه، و ما سمعت منك. قال،: فقال له علي (عليه السلام): لك ذلك، يا أبا بكر.

فرجع من عنده، و خلا بنفسه يومه، و لم يأذن لأحد إلى الليل، و عمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي (عليه السلام)، فبات في ليلته، فرأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منامه متمثلا له في مجلسه، فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه، فولى وجهه، فقال أبو بكر: يا رسول الله، هل أمرت بأمر فلم أفعل؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أرد السلام عليك، و قد عاديت من ولاه الله و رسوله «1»! رد الحق إلى أهله. قال: فقلت: من أهله؟ قال: من عاتبك عليه، و هو علي. قال: فقد رددت عليه- يا رسول الله- بأمرك.

قال: فأصبح، و بكى، و قال لعلي (عليه السلام): ابسط يدك فبايعه، و سلم إليه الأمر، و قال له: نخرج إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخبر

الناس بما رأيته في ليلتي، و ما جرى بيني و بينك، فاخرج نفسي من هذا الأمر، و اسلم عليك بالإمرة. قال: فقال علي (عليه السلام): نعم. فخرج من عنده متغيرا لونه، فصادفه عمر، و هو في طلبه، فقال له: ما حالك، يا خليفة رسول الله؟ فأخبره بما كان منه، و ما رأى، و ما جرى بينه و بين علي (عليه السلام)، فقال له عمر: أنشدك بالله- يا خليفة رسول الله- أن تغتر بسحر بني هاشم، فليس هذا بأول سحر منهم. فما زال به حتى رده عن رأيه، و صرفه عن عزمه، و رغبه فيما هو فيه، و أمره بالثبات عليه، و القيام به».

__________________________________________________

(1) في المصدر: عاديت اللّه و رسوله و عاديت من والى اللّه و رسوله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 448

قال: «فأتى علي (عليه السلام) المسجد للميعاد، فلم يرد فيه منهم أحد، فأحس بالشر منهم، فقعد إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فمر به عمر، فقال له: يا علي، دون ما تروم خرط القتاد «1». فعلم بالأمر، و قام، و رجع إلى بيته».

8592/ [10]- و

عنه: بالإسناد عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه)، و عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في حديث مع رأس اليهود، فيما يمتحن به الأوصياء، و ذكر الحديث، إلى أن قال علي (عليه السلام): « [و رأيت تجرع الغصص، و رد أنفاس الصعداء، و لزوم الصبر حتى يفتح الله أو يقضي بما أحب، أزيد لي في حظي ] و أرفق بالعصابة التي وصفت أمرهم وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً «2»، و

لو لم أتق هذه الحالة- يا أخا اليهود- ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من بحضرتك منهم بأني كنت أكثر عددا، و أعز عشيرة، و أمنع رجالا، و أطوع أمرا، و أوضح حجة، و أكثر في هذا الدين مناقب و آثارا، لسوابقي، و قرابتي، و وراثتي، فضلا عن استحقاقي ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها، و البيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها.

و قد قبض محمد (صلى الله عليه و آله) و إن ولاية الامة في يده، و في بيته، لا في يد الاولى تناولوها، و لا في بيوتهم، و لأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا أولى بالأمر بعده من غيرهم في جميع الخصال». ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه، فقال: «أليس كذلك؟» قالوا: بلى، يا أمير المؤمنين.

و الحديث مختصر، و تقدم سنده في قوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ «3»، الآية.

8593/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن موسى الدقاق، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا:

حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا و قد شركته فيها، و فضلته،

و لي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم».

قلت: يا أمير المؤمنين، فأخبرني بهن. فذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) المناقب، إلى أن قال (عليه السلام): «و أما السبعون: فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نام، و نومني، و زوجتي فاطمة، و ابني الحسن و الحسين، و ألقى علينا عباءة قطوانية، فأنزل الله تبارك و تعالى فينا: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و قال جبرئيل (عليه السلام): أنا منكم، يا محمد فكان سادسنا جبرئيل (عليه السلام)».

__________________________________________________

10- الخصال: 374. [.....]

11- الخصال: 572/ 1.

(1) مثل يضرب للأمر الشاقّ. «المستقصى في أمثال العرب 2: 82». و القتاد: شجر ذو شوك. «لسان العرب- قتد- 3: 342».

(2) الأحزاب 33: 38.

(3) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآيتين (24، 23) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 449

8594/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى، و حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي بكر: يا أبا بكر، تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فيمن نزلت، فينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم».

8595/ [13]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن علي بن بزيع، عن إسماعيل بن بشار الهاشمي، عن قتيبة بن محمد الأعشى، عن هاشم بن البريد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة، فأتي بحريرة

«1»، فدعا عليا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام) فأكلوا منها، ثم جلل عليهم كساء خيبريا، ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً». فقالت ام سلمة: و أنا منهم، يا رسول الله؟ قال: «أنت إلى خير».

8596/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمارة، قال: حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن الله عز و جل فضلنا أهل البيت، و كيف لا يكون كذلك، و الله عز و جل يقول في كتابه: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»؟ فقد طهرنا الله من الفواحش، ما ظهر منها و ما بطن، فنحن على منهاج الحق».

8597/ [15]- و

عنه، قال: حدثنا عبد الله بن علي بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن محمد، عن علي بن جعفر ابن محمد، عن الحسين بن زيد، عن عمر بن علي (عليه السلام)، قال: خطب الحسن بن علي (عليهما السلام) الناس حين قتل علي (عليه السلام)، فقال: «قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعلم، و لا يدركه الآخرون، ما ترك على ظهر الأرض صفراء، و لا بيضاء، إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله».

ثم قال: «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، و أنا ابن البشير النذير، الداعي إلى الله بإذنه، و السراج المنير، أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرئيل و يصعد، أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس،

و طهرهم تطهيرا».

8598/ [16]- و

عنه، قال: حدثنا مظفر «2» بن يونس بن مبارك، عن عبد الأعلى بن حماد، عن مخول بن

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 2: 156.

13- تأويل الآيات 2: 457/ 21.

14- تأويل الآيات 2: 458/ 22.

15- تأويل الآيات 2: 458/ 23.

16- تأويل الآيات 2: 459/ 24.

(1) الحريرة: دقيق يطبخ بلبن أو دسم. «المعجم الوسيط 1: 166».

(2) في المصدر: محمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 450

إبراهيم، عن عبد الجبار بن «1» العباس، عن عمار الدهني، عن عمرة بنت أفعى، عن ام سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، و في البيت سبعة: جبرئيل، و ميكائيل، و رسول الله، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين). قالت: و كنت على الباب، فقلت: يا رسول الله، أ لست من أهل البيت؟ قال: «إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي». و ما قال إنك من أهل البيت.

8599/ [17]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر (رحمه الله)، قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة، قال: حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي، قال: حدثني محمد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأتينا كل غداة، فيقول: الصلاة يرحمكم الله، الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

و رواه الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، و ساق الحديث بباقي السند و المتن «2».

8600/ [18]- و

عنه: عن أبي عمر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي، قال:

حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن شيبان، قال: حدثنا سليمان بن قرم، قال:

حدثني أبو الجحاف، و سالم بن أبي حفصة، عن نفيع أبي داود، عن أبي الحمراء، قال: شهدت النبي (صلى الله عليه و آله) أربعين صباحا يجي ء إلى باب علي و فاطمة (عليهما السلام)، فيأخذ بعضادتي الباب، ثم يقول: «السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله، الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8601/ [19]- و

عنه، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، قال: حدثنا أحمد بن محمد، يعني ابن سعيد بن عقدة، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن المغيرة مولى أم سلمة، عن ام سلمة زوج النبي (صلى الله عليه و آله)، أنها قالت: نزلت هذه الآية في بيتها: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، أمرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن أرسل إلى علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، فلما أتوه اعتنق عليا (عليه السلام) بيمينه، و الحسن (عليه السلام) بشماله، و الحسين (عليه السلام) على بطنه، و فاطمة (عليها السلام)، عند رجليه، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهلي، و عترتي فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالها ثلاث مرات، قلت: فأنا، يا رسول الله؟ فقال: «إنك إلى خير، إن شاء الله».

__________________________________________________

17- الأمالي 1: 87.

18- الأمالي 1: 256.

19- الأمالي 1: 269. [.....]

(1) في «ج» و «ط» نسخة بدل: عن.

(2) الأمالي: 318/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 451

8602/ [20]- و

عنه، بإسناده عن

علي بن الحسين (عليه السلام)، عن ام سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، و في يومي، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عندي، فدعا عليا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و جاء جبرئيل فمد عليهم كساء فدكيا، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي- اللهم- أذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قال جبرئيل: «و أنا منكم، يا محمد؟» فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «و أنت منا، يا جبرئيل».

قالت ام سلمة: فقلت: يا رسول الله، و أنا من أهل بيتك، فجئت لأدخل معهم، فقال: «كوني مكانك، يا ام سلمة، إنك إلى خير، أنت من أزواج نبي الله». فقال جبرئيل: «اقرأ، يا محمد: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» في النبي، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلوات الله عليهم).

8603/ [21]- و

عنه، قال: أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمار الجعابي الحافظ، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه، قال: حدثني الحسن بن علي الهاشمي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه و آله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ففتح الله عليه، و أوقفه يوم غدير خم، فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة، و قال له: «أنت مني، و أنا منك». و قال له: «تقاتل على التأويل كما قاتلت أنا على التنزيل». و قال له:

«أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي». و قال له: «أنا سلم

لمن سالمت، و حرب لمن حاربت».

و قال له: «أنت العروة الوثقى».

و قال له: «أنت تبين لهم ما أشتبه عليهم بعدي». و قال له: «أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة، و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي». و قال له: «أنت الذي أنزل الله فيه: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ «1»».

و قال له: «أنت الآخذ بسنتي، و الذاب عن ملتي». و قال له: «أنا أول من تنشق عنه الأرض، و أنت معي». و قال له: «أنا عند الحوض، و أنت معي». و قال له: «أنا أول من يدخل الجنة، و أنت بعدي تدخلها، و الحسن، و الحسين، و فاطمة». و قال له: «إن الله أوحى إلي أن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس، و بلغتهم ما أمرني الله بتبليغه». و قال له:

«اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي، أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون».

ثم بكى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقيل: مم بكاؤك، يا رسول الله؟ قال: «أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه، و يمنعونه حقه، و يقاتلونه، و يقتلون ولده، و يظلمونهم بعده، و أخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن الله عز و جل أن ذلك يزول إذا قام قائمهم، و علت كلمتهم، و اجتمعت الامة على محبتهم، و كان الشانئ لهم قليلا، و الكاره لهم ذليلا، و كثر المادح لهم، و ذلك حين تغير البلاد، و ضعف العباد، و الإياس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم «2»».

فقيل له: ما اسمه؟ قال النبي (صلى الله عليه و آله): «اسمه كاسمي، و اسم أبيه كاسم أبي، و هو من ولد ابنتي، يظهر

__________________________________________________

20- الأمالي: 1:

378.

21- الأمالي 1: 361.

(1) التوبة 9: 3.

(2) في المصدر: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 452

الله الحق بهم، و يخمد الباطل بأسيافهم، و يتبعهم الناس بين راغب إليهم، و خائف منهم».

قال: و سكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «معاشر المؤمنين، أبشروا بالفرج، فإن وعد الله لا يخلف، و قضاؤه لا يرد، و هو الحكيم الخبير، فإن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهلي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم «1»، و ارعهم، و كن لهم، و احفظهم، و انصرهم، و أعنهم، و أعزهم، و لا تذلهم، و اخلفني فيهم، إنك على كل شي ء قدير».

و روى هذا الحديث من طريق المخالفين موفق بن أحمد، قال: أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك ابن علي بن محمد الهمداني إجازة، أخبرنا محمد بن الحسين بن علي البزاز، أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد العزيز، أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر، حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الحافظ، حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه، حدثنا الحسن بن علي الهاشمي، حدثني إسماعيل بن أبان، حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه و آله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ففتح الله تعالى عليه، و أوقفه يوم غدير خم، و أعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة. و ساق الحديث إلى آخره «2».

8604/ [22]- و

عنه، في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني، قال: حدثنا الربيع

بن يسار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام)، و عثمان، و طلحة، و الزبير، و عبد الرحمن بن عوف، و سعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا، و يغلقوا عليهم بابه، و يتشاوروا في أمرهم، و أجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، و إن توافق أربعة و أبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، و إن يكن باطلا فأنكروه». قالوا: قل.

فذكر من فضائله عن الله سبحانه، و عن رسوله (صلى الله عليه و آله)، و هم يوافقونه، و يصدقونه فيما قال، و كان فيما قال (عليه السلام): «فهل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير، حيث يقول الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً غيري، و زوجتي، و ابني؟». قالوا: لا.

و عنه، قال: حدثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران، قال: حدثنا أحمد بن الأسود أبو علي الحنفي القاضي، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص العائشي التيمي، قال: حدثني أبي، عن عمر بن أذينة العبدي، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي، قال:

حدثنا أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه أبي الأسود، قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب جعل الأمر

__________________________________________________

22- الأمالي 2: 159.

(1) كلأه: أي حفظه و حرسه. «الصحاح- كلأ- 1:

69».

(2) مناقب الخوارزمي: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 453

بين ستة نفر: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و عثمان بن عفان، و عبد الرحمن بن عوف، و طلحة، و الزبير، و سعد بن مالك، و عبد الله بن عمر معهم، و يشهد النجوى و ليس له في الأمر نصيب. و ذكر حديث المناشدة، نحوه «1».

8605/ [23]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جورية الجنديسابوري من أصل كتابه، قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني، قال: أخبرنا الحسن بن عنبسة النهشلي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، أنه ذكر عنده علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: إن قوما ينالون منه، أولئك هم وقود النار، و لقد سمعت عدة من أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله)، منهم: حذيفة بن اليمان، و كعب بن عجرة، يقول كل رجل منهم: لقد اعطي علي (عليه السلام) ما لم يعطه بشر: هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين و الآخرين، فمن رأى مثلها، أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الأولين و الآخرين؟

و هو أبو الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين و الآخرين، فمن له- أيها الناس- مثلهما؟

و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حموه، و هو وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أهله و أزواجه، و سد الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه، و هو صاحب باب خيبر، و هو صاحب الراية يوم خيبر، و تفل رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومئذ في عينيه و هو أرمد، فما اشتكاهما من بعد،

و لا وجد حرا و لا قرا بعد يومه ذلك.

و هو صاحب يوم غدير خم، إذ نوه رسول الله (صلى الله عليه و آله) باسمه، و ألزم أمته ولايته، و عرفهم بخطره، و بين لهم مكانه، فقال: «أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: الله، و رسوله. قال: «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه». و هو صاحب العباء، و من أذهب الله عز و جل عنه الرجس و طهره تطهيرا، و هو صاحب الطائر، حين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي». فجاء علي (عليه السلام) فأكل معه.

و هو صاحب سورة براءة، حين نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد سار أبو بكر بالسورة، فقال له: «يا محمد، إنه لا يبلغها إلا أنت، أو علي، إنه منك و أنت منه». فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) منه في حياته، و بعد وفاته.

و هو عيبة علم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من قال له النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد العلم فليأتي المدينة من بابها» كما أمر الله، فقال: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «2».

و هو مفرج الكرب عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الحروب، و هو أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صدقه و اتبعه، و هو أول من صلى. فمن أعظم فرية على الله، و على رسوله (صلى الله عليه و آله)، ممن قاس به أحدا، أو شبه به بشرا!

__________________________________________________

23- الأمالي 2: 170.

(1) الأمالي 2: 169.

(2)

البقرة 2: 189.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 454

8606/ [24]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، و سألته، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: «لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر، و أمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة. ثم تكلم معاوية، فقال:

أيها الناس، هذا الحسن بن علي، و ابن فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا، و قد أتانا ليبايع طوعا.

ثم قال: قم، يا حسن. فقام الحسن (عليه السلام)، فخطب، فقال: «الحمد لله المتحمد «1» بالآلاء و تتابع النعماء، و صارف الشدائد و البلاء عند الفهماء و غير الفهماء المذعنين من عباده، لامتناعه بجلاله و كبريائه و علوه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته و وحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، و أشهد أن محمدا (صلى الله عليه و آله) عبده و رسوله، اصطفاه و انتجبه و ارتضاه، و بعثه داعيا إلى الحق، و سراجا منيرا، و للعباد مما يخافون نذيرا، و لما يأملون بشيرا، فنصح الامة، و صدع بالرسالة، و أبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت و احشر، و بها في الآجلة أقرب و احبر.

و

أقول- معشر الخلائق- فاسمعوا، و لكم أفئدة و أسماع، فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام، و اختارنا، و اصطفانا، و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا، و الرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق و دينه أبدا، و طهرنا من كل أفن «2» و غية «3»، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الأمور، و أفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) للنبوة، و اختاره للرسالة، و أنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله عز و جل، فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أول من آمن و صدق الله و رسوله، و قد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «4»، فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي على بينة من ربه، و أبي الذي يتلوه، و هو شاهد منه.

و قد قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أمره أن يسير إلى مكة و الموسم ببراءة: سر بها- يا علي- فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا، أو رجل مني، و أنت هو يا علي. فعلي من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رسول الله منه. و قال له نبي الله (صلى الله عليه و آله) حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب (عليهما السلام) و مولاه زيد بن حارثة، في ابنة حمزة: أما أنت- يا علي- فمني، و أنا منك، و أنت ولي

كل مؤمن بعدي.

__________________________________________________

24- الأمالي 2: 174.

(1) في «ط» و المصدر: المستحمد. [.....]

(2) الأفن: النقص. «الصحاح- أفن- 5: 2071».

(3) في «ي، ط» و المصدر: و عيبة.

(4) هود 11: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 455

فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) سابقا، و وقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كل موطن يقدمه، و لكل شديدة يرسله، ثقة منه به، و طمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله عز و جل و رسوله و إنه أقرب المقربين من الله و رسوله، و قد قال الله عز و جل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1» فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز و جل و إلى رسوله (صلى الله عليه و آله)، و أقرب الأقربين.

و قد قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً «2»، فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا، و أولهم إلى الله و رسوله هجرة و لحوقا، و أولهم على وجده «3» و وسعه نفقة.

قال سبحانه: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «4»، فالناس من جميع الأمم يستغفرون له، لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، و قد قال الله تعالى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ «5» فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز و جل فضل السابقين على المتخلفين و المتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين، و

قد قال الله عز و جل: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ «6»، فهو المؤمن بالله، و المجاهد في سبيل الله حقا، و فيه نزلت هذه الآية.

و كان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه و آله) عمه حمزة، و جعفر ابن عمه، فقتلا شهيدين (رضي الله عنهما) في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم، و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، و ذلك لمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و منزلتهما، و قرابتهما منه (صلى الله عليه و آله)، و صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

و كذلك جعل الله تعالى لنساء النبي (صلى الله عليه و آله)، للمحسنة منهن أجرين، و للمسيئة منهن وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و جعل الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) بألف صلاة في سائر المساجد إلا المسجد الحرام، و مسجد خليله إبراهيم (عليه السلام) بمكة، و ذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ربه.

و فرض الله عز و جل الصلاة على نبيه (صلى الله عليه و آله)، على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة

__________________________________________________

(1) الواقعة 56: 10 و 11.

(2) الحديد 57: 10.

(3) الوجد: اليسار و السّعة. «لسان العرب- وجد- 3: 445».

(4) الحشر 59: 10.

(5) التوبة 9: 100.

(6) التوبة 9: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 456

عليك؟

فقال: قولوا: اللهم صل على محمد و آل محمد. فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) فريضة واجبة.

و أحل الله تعالى خمس الغنيمة لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أوجبها له في كتابه، و أوجب لنا من ذلك ما أوجب له، و حرم عليه الصدقة، و حرمها علينا معه، فأدخلنا- و له الحمد- فيما أدخل فيه نبيه (صلى الله عليه و آله)، و أخرجنا و نزهنا مما أخرجه منه و نزهه عنه، كرامة أكرمنا الله عز و جل بها، و فضيلة فضلنا بها على سائر العباد، فقال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله) حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «1»، فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الأنفس معه أبي، و من البنين أنا و أخي، و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا، فنحن أهله، و لحمه، و دمه، و نفسه، و نحن منه، و هو منا.

و قد قال الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنا، و أخي، و امي، و أبي، فجللنا و نفسه في كساء لام سلمة خيبري، و ذلك في حجرتها، و في يومها، فقال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي، و هؤلاء أهلي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا. فقالت ام سلمة (رضي الله عنها): أدخل معهم، يا رسول الله؟ فقال لها رسول الله (صلى

الله عليه و آله): يرحمك الله، أنت على خير، و إلى خير، و ما أرضاني عنك! و لكنها خاصة لي و لهم.

ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر، فيقول: الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال: أما إني لم أسد أبوابكم و أفتح باب علي من تلقاء نفسي، و لكن أتبع ما يوحى إلي، و إن الله أمر بسدها و فتح بابه، فلم يكن أحد من بعد ذلك تصيبه الجنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يولد فيه الأولاد، غير رسول الله و أبي (عليهما السلام)، تكرمة من الله تعالى لنا، و فضلا اختصنا به على جميع الناس.

و هذا باب أبي قرين باب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجده، و منزلنا بين منازل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أن الله أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يبني مسجده، فبنى «2» فيه عشرة أبيات، تسعة لبنيه و أزواجه، و عاشرها- و هو متوسطها- لأبي، فها هو بسبيل مقيم، و البيت هو المسجد المطهر، و هو الذي قال الله تعالى: أَهْلَ الْبَيْتِ، فنحن أهل البيت، و نحن الذين أذهب الله عنا الرجس، و طهرنا تطهيرا. أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عز و جل، و خصنا به من الفضل في كتابه و على لسان نبيه (صلى

الله عليه و آله) لم أحصه، و أنا ابن النذير البشير، و السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، و أبي علي ولي المؤمنين، و شبيه هارون.

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 61.

(2) في «ج»: فيبني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 457

و أن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا! فكذب معاوية، و ايم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله، و على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين، مظلومين، مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و نزل على رقابنا، و حمل الناس على أكتافنا، و منعنا سهمنا في كتاب الله من الفي ء و الغنائم، و منع امنا فاطمة (عليها السلام) إرثها من أبيها.

إنا لا نسمي أحدا، و لكن اقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول الله عز و جل و رسوله لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها، و لما اختلف في هذه الامة سيفان، و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، و ما طمعت فيها، يا معاوية، و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت عن قواعدها تنازعتها قريش بينها، و ترامتها كترامي الكرة، حتى طمعت فيها أنت- يا معاوية- و أصحابك من بعدك، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

ما ولت امة أمرها رجلا قط، و فيهم من هو أعلم منه، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا.

و قد تركت بنو إسرائيل- و كانوا أصحاب موسى- هارون أخاه و خليفته و وزيره، و عكفوا على العجل، و

أطاعوا فيه سامريهم، و هم يعلمون أنه خليفة موسى، و قد سمعت هذه الامة رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام): إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. و قد رأوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين نصبه لهم بغدير خم، و سمعوه، و نادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، و قد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذرا «1» من قومه إلى الغار- لما أجمعوا على أن يمكروا به و هو يدعوهم- لما لم يجد عليهم أعوانا، و لو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم.

و قد كف أبي يده، و ناشدهم، و استغاث أصحابه، فلم يغث، و لم ينصر، و لو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، و قد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه و آله) في سعة.

و قد خذلتني الامة و بايعتك- يا ابن حرب- و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، و قد جعل الله عز و جل هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه، كذلك أنا و أبي في سعة من الله حين تركتنا الامة و تابعت «2» غيرنا، و لم نجد عليهم أعوانا، و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أبوه وصي رسول الله لم تجدوا غيري و غير أخي، فاتقوا الله، و لا تضلوا بعد البيان، و كيف بكم، و أنى ذلك لكم؟ ألا و إني قد بايعت هذا- و أشار إلى معاوية- وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ

وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «3».

أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، و إنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، و كل صواب نافع، و كل خطأ ضار لأهله، و قد كانت القضية ففهمها سليمان، فنفعت سليمان، و لم تضر داود، و أما القرابة فقد نفعت المشرك، و هي و الله للمؤمن أنفع، قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم

__________________________________________________

(1) في المصدر: حذارا.

(2) في المصدر: و بايعت.

(3) الأنبياء 21: 111. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 458

القيامة. و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول له و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا، أعني أبا طالب، يقول الله عز و جل: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «1».

أيها الناس، اسمعوا و عوا، و اتقوا الله و ارجعوا، و هيهات منكم الرجعة إلى الحق و قد صارعكم النكوص، و خامركم الطغيان و الجحود أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ «2»؟ و السلام على من اتبع الهدى». قال: «فقال معاوية: و الله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض، و هممت أن أبطش به، ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية».

8607/ [25]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبيه، عن عمار أبي اليقظان، عن أبي عمر زاذان، قال: لما وادع الحسن بن علي (عليه

السلام) معاوية صعد معاوية المنبر، و جمع الناس، فخطبهم، و قال: إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا. و كان الحسن (عليه السلام) أسفل منه بمرقاة، فلما فرغ من كلامه قام الحسن (عليه السلام)، فحمد الله تعالى بما هو أهله، ثم ذكر المباهلة، فقال: «فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الأنفس بأبي، و من الأبناء بي، و بأخي، و من النساء بامي، و كنا أهله، و نحن آله «3»، و هو منا و نحن منه.

و لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كساء لام سلمة (رضي الله عنها) خيبري، ثم قال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، فلم يكن أحد في الكساء غيري و أخي و أبي و امي.

و لم يكن أحد يجنب في المسجد، و يولد له فيه إلا النبي (صلى الله عليه و آله) و أبي، تكرمة من الله تعالى لنا، و تفضيلا منه لنا، و قد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و امر بسد الأبواب، فسدها و ترك بابنا، فقيل له في ذلك، فقال: أما إني زعم لكم أني لم أسدها و أفتح بابه، و لكن الله عز و جل أمرني أن أسدها و أفتح بابه.

و إن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله، و على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله)، و لم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله تعالى نبيه (صلى الله عليه و آله)، فالله

بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و توثب على رقابنا، و حمل الناس علينا، و منعنا سهمنا من الفي ء، و منع امنا ما جعل لها رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و اقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها، و ما طمعت فيها يا معاوية، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها، فطمعت فيها الطلقاء و أبناء

__________________________________________________

25- الأمالي 2: 171.

(1) النساء 4: 18.

(2) هود 11: 28.

(3) في «ط» و المصدر: و نحن له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 459

الطلقاء، أنت و أصحابك، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما ولت امة أمرها رجلا و فيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا، حتى يرجعوا إلى ما تركوا.

و قد تركت بنو إسرائيل هارون و هم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم، و اتبعوا السامري، و قد تركت هذه الامة أبي و بايعوا غيره، و قد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة. و قد رأوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) نصب أبي يوم غدير خم، و أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، و قد هرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من قومه و هو يدعوهم إلى الله تعالى، حتى دخل الغار، و لو وجد أعوانا ما هرب، و قد كف أبي يده حين ناشدهم و استغاث فلم يغث، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه و كادوا يقتلونه، و جعل الله النبي (صلى الله عليه و آله) في سعة حين دخل

الغار و لم يجد أعوانا، و كذلك أبي و أنا في سعة من الله حين خذلتنا هذه الامة و بايعوك يا معاوية، و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم فيما بين المشرق و المغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري و أخي لم تجدوا، و إني قد بايعت هذا وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «1»».

8608/ [26]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو علي أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة البرقي أملاه علي إملاء من كتابه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الرضا أبو الحسن علي بن موسى، قال:

حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «لما أتى أبو بكر و عمر إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السلام) و خاطباه في البيعة، و خرجا من عنده، خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد، فحمد الله، و أثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت، إذ بعث فيهم رسولا منهم، و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

ثم قال: إن فلانا و فلانا أتياني و طالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني، أنا ابن عم النبي، و أبو ابنيه، و الصديق الأكبر، و أخو رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لا يقولها أحد غيري إلا كاذب، و أسلمت و صليت، و أنا وصيه، و زوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه و آله)، و أبو حسن و حسين سبطي رسول الله (صلى الله عليه و آله)،

و نحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم الله، و بنا استنقذكم من الضلالة، و أنا صاحب يوم الدوح، و في نزلت سورة من القرآن، و أنا الوصي على الأموات من أهل بيته (صلى الله عليه و آله)، و أنا ثقته «2» على الأحياء من أمته، فاتقوا الله يثبت أقدامكم، و يتم نعمته عليكم. ثم رجع (عليه السلام) إلى بيته».

8609/ [27]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدر، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا جرير، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي

__________________________________________________

26- الأمالي 2: 181.

27- الأمالي 2: 211.

(1) الأنبياء 21: 111.

(2) في المصدر: بقيّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 460

المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنت عند معاوية و قد نزل بذي طوى، فجاءه سعد بن أبي وقاص فسلم عليه، فقال معاوية: يا أهل الشام، هذا سعد بن أبي وقاص، و هو صديق لعلي. قال: فطأطأ القوم رؤوسهم، و سبوا عليا (عليه السلام)، فبكى سعد، فقال له معاوية: ما الذي أبكاك؟ قال: و لم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يسب عندك، و لا أستطيع أن أغير؟! و قد كان في علي (عليه السلام) خصال، لئن تكون في واحدة منهن أحب إلي من الدنيا و ما فيها.

أحدها: أن رجلا كان باليمن، فجفاه «1» علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: لأشكونك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسأله عن علي (عليه السلام) فثنى عليه، فقال: «أنشدك الله الذي أنزل علي الكتاب، و اختصني بالرسالة،

أعن سخط تقول ما تقول في علي بن أبي طالب؟». قال: نعم، يا رسول الله.

قال: «ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قال: بلى. قال: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه».

و الثانية: أنه بعث يوم خيبر عمر بن الخطاب إلى القتال، فهزم و أصحابه، فقال (صلى الله عليه و آله): «لأعطين الراية غدا إنسانا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله». فقعد المسلمون، و علي (عليه السلام) أرمد، فدعاه، فقال: «خذ الراية». فقال: «يا رسول الله، إن عيني كما ترى». فتفل فيها، فقام فأخذ الراية، ثم مضى بها حتى فتح الله عليه.

و الثالثة: خلفه في بعض مغازيه، فقال علي: «يا رسول الله، خلفتني مع النساء و الصبيان!». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي».

و الرابعة: سد الأبواب في المسجد إلا باب علي.

و الخامسة: نزلت هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فدعا النبي (صلى الله عليه و آله) عليا، و حسنا، و حسينا، و فاطمة (عليهم السلام)، فقال: «اللهم، هؤلاء أهلي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا».

8610/ [28]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

قال: «نزلت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي بن أبي طالب، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و ذلك في بيت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه و آله)، فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين، و فاطمة،

و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و ألبسهم كساء له خيبريا، و دخل معهم فيه، ثم قال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني، اللهم أذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا. فقالت ام سلمة:

و أنا معهم، يا رسول الله؟ فقال: أبشري- يا ام سلمة- إنك إلى خير».

8611/ [29]- و

عنه: قال أبو الجارود: و قال زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام): إن جهالا من الناس يزعمون

__________________________________________________

28- تفسير القمّي 2: 193.

29- تفسير القمّي 2: 193.

(1) في المصدر: فجاءه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 461

أنما أراد بهذه الآية أزواج النبي (صلى الله عليه و آله)، و قد كذبوا و أثموا، و ايم الله لو عنى بها أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) لقال: ليذهب عنكن الرجس، و يطهركن تطهيرا. و لكان الكلام مؤنثا، كما قال: وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ «1» و لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ «2».

8612/ [30]- الطبرسي، قال: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره، قال: حدثني شهر بن حوشب، عن ام سلمة (رضي الله عنها)، قالت: جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله) تحمل حريرة لها فقال لها: «ادعي لي زوجك و ابنيك». فجاءت بهم، فطعموا، ثم ألقى عليهم كساء خيبريا، و قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». فقلت: يا رسول الله، و أنا معهم؟ قال: «أنت إلى خير».

8613/ [31]- قال: و روى الثعلبي في تفسيره بالإسناد إلى ام سلمة: أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان في بيتها فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة «3» فيها حريرة، فقال لها: «ادعي زوجك و ابنيك». فذكرت الحديث نحو ذلك، ثم قالت:

فأنزل

الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قالت: فأخذ النبي (صلى الله عليه و آله) فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي و خاصتي «4»، إنك فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا». فأدخلت رأسي البيت، و قلت: و أنا معكم، يا رسول الله؟ قال: «إنك إلى خير، إنك إلى خير».

8614/ [32]- و

من طريق المخالفين: عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن والده أحمد، قال:

حدثنا محمد بن مصعب، و هو القرقسائي، قال: حدثنا الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع و عنده قوم، فذكروا عليا (عليه السلام)، فشتموه، فشتمته معهم، فلما قاموا، قال لي: لم شتمت هذا الرجل؟

قلت: رأيت القوم يشتمونه، فشتمته معهم. فقال: ألا أخبرك بما رأيته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قلت: بلى. قال:

أتيت فاطمة (عليها السلام) أسألها عن علي (عليه السلام)، فقالت: «توجه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فجلست أنتظره، حتى جاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجلس، و معه علي و حسن و حسين، أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى عليا و فاطمة فأجلسهما بين يديه، و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه- أو قال: كساء- ثم تلا هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، ثم قال:

«اللهم، هؤلاء أهل بيتي، و أهل بيتي أحق».

__________________________________________________

30- مجمع البيان 8: 559.

31- مجمع البيان 8: 559.

32- مسند أحمد 4: 107، الطرائف: 123/ 188. [.....]

(1) الأحزاب 33: 34.

(2) الأحزاب 33:

32.

(3) البرمة: القدر مطلقا، و هي في الأصل المتّخذة من الحجر المعروف الحجاز و اليمن. «لسان العرب- برم- 12: 45».

(4) في المصدر: و حامتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 462

8615/ [33]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عوف، عن أبي المعدل عطية الطفاوي، عن أبيه: أن أم سلمة حدثته، قالت: بينما رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيتي يوما، إذ قالت الخادم: إن عليا و فاطمة في السدة. قالت: فقال لي: «قومي، فتنحي لي عن أهل بيتي». قالت: فقمت، فتنحيت قريبا، فدخل علي، و فاطمة، و معهما الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و هما صبيان صغيران، قالت: فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره، فقبلهما، و اعتنق عليا (عليه السلام) بإحدى يديه، و فاطمة باليد الاخرى، فقبل فاطمة، و قبل عليا، فأغدف «1» عليهم خميصة «2» سوداء، و قال: «اللهم، إليك لا إلى النار، أنا و أهل بيتي». قالت: فقلت: و أنا يا رسول الله؟ قال: «و أنت».

8616/ [34]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا عبد الملك، قال:

حدثنا عطاء بن أبي رباح، قال: حدثني من سمع ام سلمة تذكر: أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان في بيتها، فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة فيها حريرة «3»، فدخلت بها عليه، فقال: «ادعي لي زوجك و ابنيك». قالت: فجاء علي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام) فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلوا من تلك الحريرة، و هو على منامة له على دكان، تحته كساء خيبري. قالت: و أنا في الحجرة اصلي، فأنزل الله تعالى هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قالت: فأخذ فضل الكساء، فغشاهم به، ثم أخرج يده، فألوى بها إلى السماء، و قال:

«هؤلاء أهل بيتي و خاصتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت:

و أنا معكم، يا رسول الله؟ قال: «إنك إلى خير، إنك إلى خير».

قال عبد الملك: و حدثني داود بن أبي عوف أبو الجحاف، عن شهر بن حوشب، عن ام سلمة بمثله سواء «4».

8617/ [35]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لفاطمة (عليها السلام): «ائتيني بزوجك و ابنيك». فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكيا، قالت: ثم وضع يده عليهم، و قال: «اللهم، هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك و بركاتك على محمد و آل محمد، إنك حميد مجيد». قالت ام سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، و قال: «إنك على خير».

__________________________________________________

33- مسند أحمد 6: 296، الطرائف: 124/ 191.

34- مسند أحمد 6: 292، الطرائف: 125/ 192.

35- مسند أحمد 6: 323، الطرائف: 125/ 193.

(1) أغدف السّتر: أرسله و أسبله. «النهاية 3: 345».

(2) الخميصة: كساء أسود مربّع له علمان. «الصحاح- خمص- 3: 1038».

(3) في المصدر: خزيرة، و الخزيرة: لحم يقطّع صغارا و يصبّ عليه ماء كثير، فإذا نضج ذرّ عليه الدّقيق. «النهاية 2: 28».

(4) مسند أحمد 6 لا 292.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 463

8618/ [36]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا شداد أبو

عمار، عن واثلة بن الأسقع، أنه حدثه، قال: طلبت عليا في منزله، فقالت فاطمة (عليها السلام): «ذهب رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1»». قال: فجاءا جميعا، فدخلا، و دخلت معهما، فأجلس عليا (عليه السلام) عن يساره، و فاطمة عن يمينه، و الحسن و الحسين (عليهما السلام) بين يديه، ثم التفع «2» عليهم بثوبه، و قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً اللهم، إن هؤلاء أهلي، اللهم، إن هؤلاء أحق «3»». قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: و أنا من أهلك، يا رسول الله؟ قال: «و أنت من أهلي». قال واثلة: فذلك أرجى ما أرجو من عملي.

8619/ [37]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن سليمان، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عمر الحنفي، قال: حدثنا عمر بن يونس، قال: حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرو، حدثني شداد بن عبد الله، قال: سمعت واثلة بن الأسقع، و قد جي ء برأس الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: فلقيه رجل من أهل الشام، فأظهر سرورا، فغضب واثلة، و قال: و الله لا أزال أحب عليا، و حسنا، و حسينا، و فاطمة أبدا بعد إذ سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو في منزل أم سلمة يقول فيهم ما قال. قال واثلة: رأيتني ذات يوم، و قد جئت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو في منزل ام سلمة، و جاء الحسن (عليه السلام) فأجلسه على فخذه اليمنى، و قبله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فأجلسه على فخذه اليسرى، و

قبله، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأجلسها بين يديه، ثم دعا بعلي (عليه السلام)، فجاء، ثم أغدف عليهم كساء خيبريا، كأني أنظر إليه، ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قلت لواثلة: ما الرجس؟

قال: الشك في الله عز و جل.

8620/ [38]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا أبو بلج، قال: حدثنا عمرو بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس (رضي الله عنه) إذ أتاه تسعة رهط- و الخبر طويل- قال ابن عباس (رضي الله عنه): و أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثوبه، فوضعه على علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، و قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8621/ [39]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا عبد الحميد

__________________________________________________

36- فضائل أحمد 2: 632/ 1077، العمدة: 33/ 14.

37- فضائل أحمد 2: 672/ 1149، العمدة: 34/ 15.

38- مسند أحمد 1: 330، العمدة: 35/ 16. [.....]

39- مسند أحمد 6: 298، الطرائف: 126/ 194.

(1) في الفضائل: يأتي برسول اللّه.

(2) الالتفاع: الالتحاف بالثوب. «لسان العرب- لفع- 8: 320».

(3) في المصدرين: اللهمّ أهلي أحقّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 464

- يعني ابن بهرام- قال: حدثني شهر بن حوشب، قال: سمعت ام سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه و آله) حين جاء نعي الحسين بن علي (عليهما السلام) لعنت أهل العراق، فقالت: قتلوه، قتلهم الله، غروه و أذلوه، لعنهم الله، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد جاءته فاطمة غدوة ببرمة قد

صنعت له فيها عصيدة، تحملها في طبق لها، حتى وضعتها بين يديه، فقال لها: «أين ابن عمك؟». قالت: «هو في البيت» قال: «اذهبي فادعيه، و ائتيني بابنيه». قالت: فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما بيد، و علي (عليه السلام) يمشي في أثرهما، حتى دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأجلسهما في حجره و جلس علي (عليه السلام) عن يمينه، و جلست فاطمة (عليها السلام) عن يساره. قالت ام سلمة:

فاجتذب من تحتي كساء خيبريا كان بساطا لنا على المنامة في المدينة، فلفه رسول الله (صلى الله عليه و آله) [عليهم جميعا] و أخذ [بشماله ] طرفي الكساء، و ألوى بيده اليمنى إلى ربه عز و جل، و قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي، أذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، اللهم هؤلاء أهل بيتي، أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا». قلت: يا رسول الله، أ لست من أهلك؟ قال: «بلى». فأدخلني في الكساء «1» بعد ما قضى دعاءه لابن عمه علي و ابنيه، و ابنته فاطمة (عليهم السلام).

قلت: هذه الأحاديث من مسند أحمد بن حنبل.

8622/ [40]- و

روى مسلم بن الحجاج صاحب (الصحاح)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، و محمد بن عبد الله بن نمير، و اللفظ لأبي بكر، قالا: حدثنا محمد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: خرج النبي (صلى الله عليه و آله) غداة، و عليه مرط مرحل «2» من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي (عليه السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فدخل معه، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ

عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب (الصحاح)، يرفعه إلى مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، الحديث بعينه «3».

8623/ [41]- أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، صاحب التفسير، في تفسير قوله تعالى:

طه «4»، قال: قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «طه طهارة أهل بيت محمد (عليهم السلام)». ثم قرأ:

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

__________________________________________________

40- صحيح مسلم 4: 1883/ 2424.

41- تفسير الثعلبي: 75 «مخطوط»، العمدة: 38.

(1) في المسند: فادخلي في الكساء، قالت: فدخلت في الكساء.

(2) المرط: الكساء، و المرحل: الذي نقش فيه تصاوير الرّحال. «النهاية 2: 210، 4: 319».

(3) ...، تفسير الطبري 22: 5، مستدرك الحاكم 3: 147، مصابيح السنّة 4: 183/ 4796، كفاية الطالب: 54، العمدة: 43/ 30.

(4) طه 20: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 465

8624/ [42]- الثعلبي أيضا، في تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ «1»،

قال: روى سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش «2»: إحداهما بيضاء، و الاخرى صفراء، في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة، أكوابها و أبوابها من عرق واحد، فالبيضاء لمحمد و أهل بيته، و الصفراء لإبراهيم و أهل بيته (صلى الله عليهم أجمعين)».

8625/ [43]- و

عنه، قال: أخبرني عقيل بن محمد الجرجاني، أخبرنا المعافى بن زكريا البغدادي، أخبرنا محمد بن جرير، حدثني المثنى، حدثني أبو بكر بن يحيى بن ريان الغنوي، حدثنا مسندا إلى مندل، عن الأعمش ابن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه

و آله): «نزلت هذه الآية في خمسة: في، و في علي، و في حسن، و حسين، و فاطمة (عليهم السلام) إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8626/ [44]- و

عنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبد الملك- يعني ابن سليمان- عن عطاء بن أبي رباح، حدثني من سمع ام سلمة (رضي الله عنها) تذكر: أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان في بيتها، فأتته فاطمة (صلوات الله عليها) ببرمة فيها حريرة، فدخلت بها عليه، فقال لها: «ادعي زوجك و ابنيك». فجاء علي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة، و هو و هم على منام له، على دكان، تحته كساء خيبري. قالت: و أنا في الحجرة اصلي، فأنزل الله عز و جل هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. قالت: فأخذ فضل الكساء، فغشاهم به، ثم أخرج يده، و أومأ بها إلى السماء، ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي، و خاصتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت:

و أنا معكم، يا رسول الله؟ قال: «إنك إلى خير».

8627/ [45]- و

عنه، قال: أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله الثقفي، حدثنا عمر بن الخطاب، حدثنا عبد الله بن الفضل، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، حدثني ابن عم لي من بني الحارث بن تيم الله، يقال له مجمع، قال: دخلت مع امي على عائشة، فسألتها امي، قالت:

رأيت خروجك يوم الجمل؟ قالت: إنه كان قدرا من الله تعالى. فسألتها عن علي، فقالت: سألتني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لقد رأيت عليا، و فاطمة، و حسنا، و حسينا، و قد جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاعا «3»

__________________________________________________

42- ...، عنه العمدة: 38/ 20، مجمع البيان 3: 293.

43- ...، العمدة: 38/ 21، الطرائف: 127/ 195.

44- ...، العمدة: 39/ 22، الطرائف: 125/ 192.

45- ...، العمدة: 39/ 23، الطرائف: 127/ 196. [.....]

(1) المائدة 5: 35.

(2) بطنان العرش: وسطه، و قيل: أصله. «النهاية 1: 137».

(3) اللّفاع: الملحفة أو الكساء. «تاج العروس- لفح- 5: 501».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 466

عليهم، ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي، و خاصتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالت ام سلمة «1»: يا رسول الله، أنا من أهلك؟ فقال: «تنحي، إنك إلى خير».

8628/ [46]- و

عنه، قال: أخبرني الحسين بن محمد، حدثنا ابن حبش المقري، حدثنا أبو زرعة، حدثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، حدثني أبو فديك، حدثني ابن أبي مليكة، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيار، عن أبيه، قال: لما نظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى رحمة هابطة من السماء، قال: «من يدع؟» مرتين. قالت زينب: أنا، يا رسول الله. فقال: «ادعي عليا و فاطمة، و الحسن، و الحسين». قال: فجعل حسنا عن يمينه، و حسينا عن شماله، و عليا و فاطمة تجاهه، ثم غشاهم كساء خيبريا، ثم قال: «اللهم إن لكل نبي أهلا، و هؤلاء أهل بيتي».

فأنزل الله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فقالت زينب: يا

رسول الله، ألا أدخل معكم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مكانك، فإنك إلى خير، إن شاء الله تعالى».

8629/ [47]- و

عنه، قال: أخبرني الحسين بن محمد، حدثنا عمر بن الخطاب، حدثنا عبد الله بن الفضل، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة ابن الأسقع، و عنده قوم، فذكروا عليا (عليه السلام)، فشتموه، فشتمته معهم، فلما قاموا، قال لي: لم شتمت هذا الرجل؟ قلت: رأيت القوم شتموه، فشتمته معهم. فقال: ألا أخبرك ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه و آله).؟ قلت:

بلى. قلت: أتيت فاطمة (صلوات الله عليها) أسألها عن علي، فقالت: «توجه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فجلست، فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و معه علي و حسن، و حسين (عليهم السلام)، كل واحد منهما آخذ بيده، حتى دخل، فأدنى عليا و فاطمة (عليهما السلام)، فأجلسهما بين يديه، و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه- أو قال: كساء- ثم تلا هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي، و أهل بيتي أحق».

8630/ [48]- و

عنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري، حدثنا ابن حبش المقري، حدثنا محمد بن عمران، حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، عن أبيه، عن سعيد بن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنشدكم الله في أهل بيتي» مرتين.

8631/ [49]- و

عنه، قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا أبو سعيد أحمد بن

علي بن عمر بن حبش الرازي،

__________________________________________________

46- ...، العمدة: 40/ 24، الطرائف: 127/ 197.

47- ...، العمدة: 40/ 26، الطرائف: 123/ 188.

48- ...، العمدة: 41/ 26.

49- ...، العمدة: 41/ 27، الطرائف: 128/ 198.

(1) في العمدة: قلت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 467

حدثنا أحمد بن عبد الرحيم الشامي «1» أبو عبد الرحمن، حدثنا أبو كريب، حدثنا هشام، عن يونس، عن أبي إسحاق، عن نفيع، عن أبي داود، عن أبي الحمراء، قال: أقمت بالمدينة تسعة أشهر كيوم واحد، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجي ء كل غداة، فيقوم على باب علي و فاطمة (عليهما السلام)، فيقول: «الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8632/ [50]- و

عنه، قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك، حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، حدثنا الحارث بن عبد الله الحارثي، حدثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قسم الله الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، فذلك قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «2»، فأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، فذلك قوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «3»، فأنا من السابقين، و أنا من خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها [قبيلة، فذلك قوله: شُعُوباً وَ قَبائِلَ «4»، فأنا أتقى ولد آدم، و أكرمهم على الله، و لا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرها] بيتا، فذلك قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ

اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8633/ [51]- أبو عبد الله بن أبي نصر الحميدي، قال: الحديث الرابع و الستون «5» من المتفق عليه في الصحيحين: من البخاري، و مسلم، من مسند عائشة، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، قالت: خرج النبي (صلى الله عليه و آله) ذات غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي (عليه السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فدخل معه، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. و ليس لمصعب بن شيبة عن صفية في مسند عائشة من الصحيح غير هذا.

8634/ [52]- أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي الأندلسي جامع الصحاح الستة: موطأ مالك،

__________________________________________________

50- ...، العمدة: 42/ 28.

51- ...، صحيح مسلم 4: 1883/ 2424، تفسير الطبري 22: 5، مستدرك الحاكم 3: 147، شواهد التنزيل 2: 33/ 676، و: 36/ 681، مصابيح السنة 4: 183/ 796، العمدة 43: 30، كفاية الطالب 54، الطرائف: 128/ 200.

52- العمدة: 44/ 31.

(1) في «ج»: الساني، و في «ي، ط»: الساتي.

(2) الواقعة 56: 27.

(3) الواقعة 56: 8- 10. [.....]

(4) الحجرات 49: 13.

(5) في العمدة: السابع و الستون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 468

و صحيح مسلم، و البخاري، و سنن أبي داود السجستاني، و صحيح الترمذي، و النسخة الكبيرة من صحيح النسائي، قال: في الجزء الثاني من أجزاء ثلاثة في سورة الأحزاب، من صحيح أبي داود السجستاني، و هو في تفسير قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، عن عائشة، قالت:

خرج

رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن (عليه السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فأدخله، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8635/ [53]- عن ام سلمة زوج النبي (صلى الله عليه و آله): أن هذه الآية نزلت في بيتها: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قالت: و أنا جالسة عند الباب، فقلت: يا رسول الله، أ لست من أهل البيت؟ فقال: «إنك إلى خير، إنك من أزواج رسول الله (صلى الله عليه و آله). قالت: و في البيت رسول الله، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلى الله عليهم و سلم)، فجللهم بكساء، و قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا».

8636/ [54]- و

عنه: بالإسناد المذكور في (سنن أبي داود) و (موطأ مالك)، عن أنس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يمر بباب فاطمة، إذا خرج إلى صلاة الفجر، حين نزلت هذه الآية، قريبا من ستة أشهر، يقول:

«الصلاة، يا أهل البيت إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8637/ [55]- و

عنه أيضا، في مناقب الحسن و الحسين (عليهما السلام)، من الجزء الثالث من الكتاب المذكور، من صحيح أبي داود، و هو (السنن) بالإسناد المتقدم: عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) غداة، و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي (عليهما السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فدخل معه،

ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8638/ [56]- مسلم بن الحجاج، في (صحيحه)، قال: حدثني زهير بن حرب، و شجاع بن مخلد جميعا، عن ابن علية، قال زهير: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثني أبو حيان، حدثني يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة و المدينة، فحمد الله و أثنى عليه، و وعظ، و ذكر، ثم قال: «أما بعد- أيها الناس- إنما أنا بشر مثلكم، يوشك أن يأتيني رسول ربي و أجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين: أولهما:

__________________________________________________

53- ... العمدة: 44/ 31.

54- العمدة: 45/ 32، الطرائف: 128/ 199.

55- العمدة: 45/ 33، الطرائف: 129/ 201.

56- صحيح مسلم 4: 1873/ 2408.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 469

كتاب الله، فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب الله، و استمسكوا به- فحث على كتاب الله، و رغب فيه، ثم قال- و أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي». فقال حصين: من أهل بيته- يا زيد- أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، و لكن أهل بيته من حرم الصدقة من بعده.

8639/ [57]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن بكار بن الريان، حدثنا حسان- يعني ابن إبراهيم- عن سعيد- هو ابن مسروق- عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ألا و إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما: كتاب الله، هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، و من تركه

كان على ضلالة. و ثانيهما: أهل بيتي «1»».

فقلنا: من أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، و ايم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أهلها و قومها، أهل بيته أصله، و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

8640/ [58]- موفق بن أحمد، صدر الأئمة عندهم، أخطب الخطباء، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، أخبرنا بكير بن أحمد بن سهيل الصوفي بمكة، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا إبراهيم بن حبيب، حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبي الجحاف، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) جاء إلى باب فاطمة (عليها السلام) أربعين صباحا بعد ما دخل علي بفاطمة (عليهما السلام) فيقول: «السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته، الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8641/ [59]- و

عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: لما نزل قوله: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ «2»، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأتي باب فاطمة و علي (عليهما السلام) تسعة أشهر، في كل صلاة، فيقول: «الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8642/ [60]- و

عنه، بهذا الإسناد، عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، و أبو بكر أحمد بن الحسين القاضي، و أبو عبد الرحمن السلمي، قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد

الله بن دينار، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن ام سلمة (رضي الله عنها)، قالت: في بيتي نزلت: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

__________________________________________________

57- صحيح مسلم 4: 1874/ 37.

58- مناقب الخوارزمي: 22.

59- مناقب الخوارزمي: 23.

60- مناقب الخوارزمي: 23.

(1) (و ثانيهما أهل بيتي) ليس في المصدر.

(2) طه 20: 132.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 470

قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى علي و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، فقال: «هؤلاء أهلي «1»».

فقلت: يا رسول الله، ما أنا من أهل البيت؟ فقال: «بلى، إن شاء الله».

8643/ [61]- ابن شهر آشوب: نزلت في علي (عليه السلام) بالإجماع: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

8644/ [62]- علي بن إبراهيم: ثم انقطعت مخاطبة نساء النبي (صلى الله عليه و آله)، و خاطب أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

ثم عطف على نساء النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً «2».

ثم عطف على آل محمد (عليهم السلام)، فقال: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتِينَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقِينَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ إلى قوله تعالى: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً «3».

سورة الأحزاب(33): آية 36 ..... ص : 470

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً [36]

8645/ [1]- علي بن

إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطب على زيد بن حارثة زينب بنت جحش الأسدية، من بني أسد بن خزيمة، و هي بنت عمة النبي (صلى الله عليه و آله) فقالت:

يا رسول الله، حتى أوامر نفسي فأنظر. فأنزل الله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً فقالت: يا رسول الله، أمري بيدك. فزوجها

__________________________________________________

61- المناقب 2: 175.

62- تفسير القمّي 2: 193. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 194.

(1) في المصدر زيادة: أهل البيت.

(2) الأحزاب 33: 34.

(3) الأحزاب 33: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 471

إياه، فمكثت عند زيد ما شاء الله، ثم إنهما تشاجرا في شي ء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر إليها النبي (صلى الله عليه و آله) فأعجبته، فقال زيد: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كبرا، و إنها لتؤذيني بلسانها، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اتق الله، و أمسك عليك زوجك، و أحسن إليها». ثم إن زيدا طلقها، و انقضت عدتها، فأنزل الله نكاحها على رسول الله، فقال: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها «1».

سورة الأحزاب(33): الآيات 37 الي 38 ..... ص : 471

قوله تعالى:

وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى

زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا- إلى قوله تعالى- وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [37- 38]

8646/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات، من أهل الإسلام، و الديانات: من اليهود، و النصارى، و المجوس، و الصابئين، و سائر أهل المقالات، فلم.

يقم أحد إلا و قد ألزمه حجته، كأنه القم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له: يا بن رسول الله، أ تقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم». قال: فما تقول في قوله عز و جل: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى «2»؟ و في قوله عز و جل:

وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ «3»؟ و في قوله عز و جل في يوسف (عليه السلام): وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها «4»؟ و قد ذكرت هذه الآيات في موضعها و ما قاله الرضا (عليه السلام) في معناها- و قوله عز و جل في

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 191/ 1.

(1) الأحزاب 33: 37.

(2) طه 20: 121.

(3) الأنبياء 21: 87.

(4) يوسف 12: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 472

داود (عليه السلام): وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ «1»؟- و ستأتي في مواضعها إن شاء الله تعالى، و معناها عن الرضا (عليه

السلام)- و قوله عز و جل في نبيه محمد (صلى الله عليه و آله): وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ؟

فقال الرضا (عليه السلام): «ويحك- يا علي- اتق الله، و لا تنسب إلى الأنبياء الفواحش، و لا تتأول كتاب الله برأيك، فإن الله تعالى يقول: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «2»». و ذكر (عليه السلام) الجواب عن الآيات، إلى أن قال: «و أما محمد (صلى الله عليه و آله)، و قول الله تعالى: وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فإن الله تعالى عرف نبيه (صلى الله عليه و آله) أسماء أزواجه في دار الدنيا، و أسماء أزواجه في دار الآخرة، و أنهن أمهات المؤمنين. و إحداهن- من سمى له-: زينب بنت جحش، و هي يومئذ تحت زيد بن حارثة، فأخفى رسول الله (صلى الله عليه و آله) اسمها في نفسه، و لم يبده، لكي لا يقول أحد من المنافقين إنه قال في امرأة في بيت رجل إنها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين، و خشي قول المنافقين، فقال الله تعالى: وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ يعني في نفسك، و إن الله عز و جل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم (عليه السلام)، و زينب من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، بقوله: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها الآية، و فاطمة من علي (عليهما السلام)».

قال: فبكى علي بن محمد بن الجهم، و قال: يا ابن رسول الله، أنا تائب إلى الله تعالى من أن أنطق في أنبيائه (عليهم السلام) بعد يومي هذا إلا

بما ذكرته.

8647/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: «إن الأنبياء معصومون؟» قال: «بلى». فسأله المأمون عن آيات في الأنبياء، و ذكرناها في مواضعها و معناها عن الرضا (عليه السلام)، إلى أن قال المأمون: فأخبرني عن قول الله تعالى: وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ.

قال الرضا (عليه السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده، فرأى امرأته تغتسل، فقال لها: سبحان الله الذي خلقك! و إنما أراد بذلك تنزيه الله تعالى عن قول من زعم أن الملائكة بنات الله تعالى، فقال الله تعالى: أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً «3». فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لما رآها تغتسل: سبحان الذي خلقك أن يتخذ له ولدا يحتاج إلى هذا التطهير و الاغتسال!

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 195/ 1.

(1) سورة ص 38: 24.

(2) آل عمران 3: 7.

(3) الإسراء 17: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 473

فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجي ء الرسول (صلى الله عليه و آله)، و قوله لها: سبحان الذي خلقك، فلم يعلم زيد ما أراد بذلك، فظن أنه قال ذلك لما

أعجبه من حسنها، فجاء إلي النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا رسول الله، إن امرأتي في خلقها سوء، و إني أريد طلاقها. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): أمسك عليك زوجك، و اتق الله. و قد كان الله تعالى عرفه عدد أزواجه، و أن تلك المرأة منهن، فأخفى ذلك في نفسه، و لم يبده لزيد، و خشي الناس أن يقولوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) يقول لمولاه: إن امرأتك ستكون لي زوجة، فيعيبونه بذلك، فأنزل الله تعالى: وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ يعني بالإسلام وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ يعني بالعتق أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ، ثم إن زيد بن حارثة طلقها، و اعتدت منه، فزوجها الله تعالى من نبيه محمد (صلى الله عليه و آله)، و أنزل بذلك قرآنا، فقال عز و جل: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا، ثم علم الله عز و جل أن المنافقين سيعيبونه بتزويجها، فأنزل الله تعالى: ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ».

فقال المأمون: لقد شفيت «1» صدري- يا ابن رسول الله- و أوضحت لي ما كان ملتبسا علي، فجزاك الله تعالى عن أنبيائه، و عن الإسلام خيرا.

8648/ [3]- الطبرسي: قيل: الذي أخفاه في نفسه: أن الله سبحانه أعلمه أنها ستكون من أزواجه، و أن زيدا سيطلقها،

فلما جاء زيد، و قال: إني أريد أن اطلق زينب، قال له: «أمسك عليك زوجك». فقال سبحانه: «لم

قلت:

أمسك عليك زوجك، و قد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك؟». قال: و روي ذلك عن علي بن الحسين (عليهما السلام)،

و هذا التأويل مطابق لتلاوة الآية.

و قد تقدمت رواية اخرى في ذلك، في قوله تعالى: وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ «2».

سورة الأحزاب(33): آية 40 ..... ص : 473

قوله تعالى:

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ [40] 8649/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هذه نزلت في شأن زيد بن حارثة، قالت قريش: يعيرنا محمد أن يدعي

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 564. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 194.

(1) في «ط» نسخة بدل: شرحت.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (4 و 5) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 474

بعضنا بعضا و قد ادعى هو زيدا! فقال الله: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ يعني يومئذ أنه ليس بأبي زيد.

قال: قوله: وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ يعني لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله).

سورة الأحزاب(33): الآيات 41 الي 43 ..... ص : 474

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [41- 43]

8650/ [1]- علي بن جعفر، في (رسالته): عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، قال: قلت: من ذكر الله مائتي مرة، كثير هو؟ قال: «نعم».

8651/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن أبي بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الذكر الكثير الذي قال الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً».

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي أسامة زيد الشحام، و منصور بن حازم، و

سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

8652/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن عبد الله، عن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق بن فروخ، من صلى على محمد و آل محمد عشرا صلى الله و ملائكته عليه مائة مرة، و من صلى على محمد و آل محمد مائة مرة صلى الله عليه و ملائكته ألف مرة، أما تسمع قول الله عز و جل: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً؟».

8653/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من شي ء إلا و له حد ينتهي إليه إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه، فرض الله عز و جل الفرائض، فمن أداهن فهو حدهن، و شهر رمضان، فمن صامه فهو حده، و الحج فمن حج فهو حده، إلا

__________________________________________________

1- مسائل علي بن جعفر: 143/ 169.

2- الكافي 2: 362/ 4.

3- الكافي 2: 358/ 14.

4- الكافي 2: 361/ 1.

(1) الكافي 2: 363.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 475

الذكر، فإن الله عز و جل لم يرض منه بالقليل، و لم يجعل له حدا ينتهي إليه». ثم تلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا، فقال: «لم يجعل الله عز و جل له حدا ينتهي إليه».

قال: «و كان أبي (عليه السلام) كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و إنه ليذكر الله تعالى، و آكل معه الطعام و إنه

ليذكر الله تعالى، و لقد كان يحدث القوم و ما يشغله ذلك عن ذكر الله، و كنت أرى لسانه لازقا بحنكه، يقول: لا إله إلا الله.

و كان يجمعنا و يأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، و يأمر بالقراءة من كان يقرأ منا، و من كان لا يقرأ منا أمره بالذكر.

و البيت الذي يقرأ فيه القرآن، و يذكر الله عز و جل فيه تكثر بركته، و تحضره الملائكة، و تهجره الشياطين، و يضي ء لأهل السماء كما يضي ء الكوكب الدري لأهل الأرض، و البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، و لا يذكر الله فيه تقل بركته، و تهجره الملائكة، و تحضره الشياطين.

و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم، أرفعها في درجاتكم، و أزكاها عند مليككم، و خير لكم من الدينار و الدرهم، و خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتقتلوهم و يقتلوكم؟ فقالوا: بلى. قال: ذكر الله عز و جل كثيرا».

ثم قال: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم لله ذكرا. و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من اعطي لسانا ذاكرا فقد اعطي خير الدنيا و الآخرة. و قال في قوله تعالى: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ «1» قال: لا تستكثر ما عملت من خير لله».

8654/ [5]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله ذكرا كثيرا».

8655/ [6]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد جميعا، عن الحسن بن

علي الوشاء، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أكثر ذكر الله عز و جل أحبه الله، و من ذكر الله كثيرا كتبت له براءتان: براءة من النار، و براءة من النفاق».

8656/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن داود الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أكثر ذكر الله عز و جل أظله الله في جنته».

8657/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و حسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

__________________________________________________

5- الكافي 2: 362/ 2.

6- الكافي 2: 362/ 3.

7- الكافي 2: 363/ 5.

8- الكافي 2: 357/ 6.

(1) المدّثر 74: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 476

قال: «إذا ذكر النبي (صلى الله عليه و آله) فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، و لم يبق شي ء مما خلق الله إلا صلى على العبد لصلاة الله عليه، و صلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برى ء الله منه، و رسوله و أهل بيته».

8658/ [9]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من صلى علي صلى الله عليه و ملائكته، و من شاء فليقل، و من شاء فليكثر».

و سيأتي

إن شاء الله تعالى معنى الصلاة من الله تعالى، و كيفية الصلاة على محمد (صلى الله عليه و آله)، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ «1» الآية.

8659/ [10]- ابن بابويه، مرسلا: عن الصادق (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، ما هذا الذكر الكثير؟ قال: «من سبح تسبيح فاطمة (عليها السلام) فقد ذكر الذكر الكثير».

8660/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن محمد بن مسلم، قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «تسبيح فاطمة (عليها السلام) من ذكر الله الكثير الذي قال الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً».

8661/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسماعيل بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ما حده؟

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) علم فاطمة (عليها السلام) أن تكبر أربعا و ثلاثين تكبيرة، و تسبح ثلاثا و ثلاثين تسبيحة، و تحمد ثلاثا و ثلاثين تحميدة، فإذا فعلت ذلك بالليل مرة، و بالنهار مرة، فقد ذكرت الله ذكرا كثيرا».

8662/ [13]- شرف الذين النجفي: روي مرفوعا عن ابن عباس، أنه قال في تأويل قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ، قال: الصلاة على النبي و أهل بيته (صلى الله عليهم).

8663/ [14]- ا

الطبرسي: عن زرارة، و حمران ابني أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من سبح تسبيح الزهراء (عليها السلام) فقد ذكر الله كثيرا».

__________________________________________________

9- الكافي 2: 357/ 7. [.....]

10- معاني

الأخبار: 193/ 5.

11- تأويل الآيات 2: 454/ 15.

12- تأويل الآيات 2: 454/ 16.

13- تأويل الآيات 2: 454/ 17.

14- مجمع البيان 8: 568.

(1) يأتي في تفسير الآية (56) من هذة السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 477

8664/ [15]- قال: و روي عن أئمتنا (عليهم السلام): «من قال: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر ثلاثين مرة، فقد ذكر الله كثيرا».

8665/ [16]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء، وقف جبرئيل في مقامه، و غبت عن تحية كل ملك و كلامه، و صرت بمقام انقطعت عني فيه الأصوات، و تساوى عندي الأحياء و الأموات، اضطرب قلبي، و تضاعف كربي، فسمعت مناديا ينادي بلغة علي ابن أبي طالب: قف- يا محمد- فإن ربك يصلي. قلت: كيف يصلي و هو غني عن الصلاة لأحد، و كيف بلغ علي هذا المقام؟ فقال الله تعالى: اقرأ- يا محمد- هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ و صلاتي رحمة لك و لامتك. فأما سماعك صوت علي، فإن أخاك موسى بن عمران لما جاء جبل الطور، و عاين ما عاين من عظيم الأمور أذهله ما رآه عما يلقى إليه، فشغلته عن الهيبة بذكر أحب الأشياء إليه، و هي العصا، إذ قلت له: وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى «1»، و لما كان علي أحب الناس إليك ناديناك بلغته و كلامه، ليسكن ما بقلبك من الرعب، و لتفهم ما يلقى إليك».

و قال: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى «2». بها ألف معجز ليس هذا موضعها.

سورة الأحزاب(33): الآيات 45 الي 48 ..... ص : 477

قوله تعالى:

إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً

وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا [45- 48] 8666/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً إلى قوله تعالى: وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا فإنها نزلت بمكة قبل الهجرة بخمس سنين، فهذا دليل على خلاف التأليف.

__________________________________________________

15- مجمع البيان 8: 567.

16- ...

1- تفسير القمّي 2: 194.

(1) طه 20: 17.

(2) طه 20: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 478

سورة الأحزاب(33): آية 49 ..... ص : 478

قوله تعالى:

فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا [49]

8667/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن الكوفي، عن الحسن بن سيف «1»، عن أخيه علي، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا.

قال: «متعوهن: جملوهن «2» بما قدرتم عليه من معروف، فإنهن يرجعن بكآبة و خشية و هم عظيم، و شماتة من أعدائهن، فإن الله كريم، يستحيي و يحب أهل الحياء، إن أكرمكم أشدكم إكراما لحلائله».

سورة الأحزاب(33): الآيات 50 الي 52 ..... ص : 478

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ [50- 52] 8668/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ يعني من الغنيمة وَ بَناتِ عَمِّكَ وَ بَناتِ عَمَّاتِكَ وَ بَناتِ خالِكَ وَ بَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.

8669/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ. فقال: «لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما غيره فلا يصلح نكاح إلا بمهر.

و ستأتي الروايات في هذه الآية في الآية التي بعدها، إن شاء الله تعالى.

__________________________________________________

1- التهذيب 8: 141/ 488.

2- تفسير القمّي 2: 195.

3-

الكافي 5: 384/ 2. [.....]

(1) كذا في النسخ و المصدر، و الذي في جامع الرواة 1: 243 الحسين بن سيف.

(2) في «ي، ط»: حمّلوهنّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 479

8670/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ قلت: كم أحل له من النساء؟ قال: «ما شاء من شي ء».

قلت: قوله: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ، فقال: «لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أن ينكح ما شاء من بنات عمه، و بنات عماته، و بنات خاله، و بنات خالاته، و أزواجه اللاتي هاجرن معه، و أحل له أن ينكح من عرض المؤمنين بغير مهر، و هي الهبة، و لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأما لغير رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلا يصلح نكاح إلا بمهر، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ».

قلت: أ رأيت قوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ؟ قال: «من آوى فقد نكح، و من أرجى فلم ينكح».

قلت: قوله: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ؟ قال: «إنما عنى به النساء اللاتي حرم عليه في هذه الآية:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ «1» إلى آخر الآية، و لو كان الأمر كما يقولون، كان قد أحل لكم ما لم يحل له، إن أحدكم يستبدل كلما أراد، و لكن ليس

الأمر كما يقولون، إن الله عز و جل أحل لنبيه (صلى الله عليه و آله) ما أراد من النساء، إلا ما حرم عليه في هذه الآية التي في النساء».

8671/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ.

فقال: «أراكم و أنتم تزعمون أنه يحل لكم ما لم يحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله)! و قد أحل الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه و آله) أن يتزوج من النساء ما شاء، إنما قال: لا يحل لك النساء من بعد الذي حرم عليك قوله:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ «2» إلى آخر الآية».

8672/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ، كم أحل له من النساء؟ قال: «ما شاء الله من شي ء».

قلت: قوله عز و جل: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ فقال: «لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما لغير رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلا يصلح نكاح إلا بمهر».

__________________________________________________

3- الكافي 5: 387/ 1.

4- الكافي 5: 388/ 2.

5- الكافي 5: 389/ 4.

(1) النساء 4: 33.

(2) النساء 4: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 480

قلت: أ رأيت قول

الله عز و جل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ؟ فقال: «إنما عنى به: لا يحل لك النساء التي حرم الله في هذه الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ «1»، إلى آخرها، و لو كان الأمر كما تقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له، لأن أحدكم يستبدل كلما أراد، و لكن الأمر ليس كما يقولون، إن الله عز و جل أحل لنبيه (صلى الله عليه و آله) أن ينكح من النساء ما أراد، إلا ما حرم عليه في هذه الآية في سورة النساء».

8673/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن محمد العاصي، عن علي بن الحسن بن فضال، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أ رأيت قول الله عز و جل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ؟

فقال: «إنما لم يحل له النساء التي حرم الله عليه في هذه الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ «2» في هذه الآية كلها، و لو كان الأمر كما يقولون لكان قد أحل لكم ما لم يحل له هو، لأن أحدكم يستبدل كلما أراد، و لكن ليس الأمر كما يقولون، أحاديث آل محمد (عليهم السلام) خلاف أحاديث الناس، إن الله عز و جل أحل لنبيه (صلى الله عليه و آله) أن ينكح من النساء ما أراد، إلا ما حرم عليه في سورة النساء، في هذه الآية».

8674/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن جميل بن دراج، و محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قالا: سألنا أبا عبد

الله (عليه السلام): كم أحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) من النساء؟ قال: «ما شاء،- يقول بيده هكذا- و هي له حلال» يعني يقبض يده.

8675/ [8]- و عنه: بإسناده عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، و غيره، في تسمية نساء النبي (صلى الله عليه و آله)، و نسبهن، و صفتهن: عائشة، و حفصة، و ام حبيب بنت أبي سفيان بن حرب، و زينب بنت جحش، و سودة بنت زمعة، و ميمونة بنت الحارث، و صفية بنت حيي بن أخطب، و ام سلمة بنت أبي أمية، و جويرية بنت الحارث.

و كانت عائشة من تيم، و حفصة من عدي، و ام سلمة من بني مخزوم، و سودة من بني أسد بن عبد العزى، و زينب بنت جحش من بني أسد، و عدادها من بني امية، و ام حبيب «3» بنت أبي سفيان من بني امية، و ميمونة بنت الحارث من بني هلال، و صفية بنت حيي بن أخطب من بني إسرائيل.

و مات (صلى الله عليه و آله) عن تسع نساء، و كانت له سواهن: التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه و آله)، و خديجة بنت

__________________________________________________

6- الكافي 5: 391/ 8.

7- الكافي 5: 389/ 3.

8- الكافي 5: 390/ 5.

(1) النساء 4: 23.

(2) النساء 4: 23.

(3) في «ي، ط»: أمّ حبيبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 481

خويلد ام ولده، و زينب بنت أبي الجوزاء «1» التي جذمت «2»، و الكندية.

8676/ [9]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يتزوج على خديجة (رضي الله

عنها)».

8677/ [10]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن عاصم ابن حميد، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) ام سلمة، زوجها إياه عمر بن أبي سلمة، و هو صغير لم يبلغ الحلم».

8678/ [11]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان، عن زرارة، قال: سألته: كم أحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) من النساء؟ قال: «ما شاء من شي ء».

قلت: فأخبرني عن قول الله عز و جل: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ. قال: «لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما غيره فلا يصلح له نكاح إلا بمهر».

8679/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن الحسين السكري، قال: حدثنا محمد بن زكرياء الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: «تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بخمس عشرة امرأة، و دخل بثلاث عشرة منهن، و قبض عن تسع، فأما اللتان لم يدخل بهما: فعمرة، و الشنباء «3»، و أما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن: فأولهن خديجة بنت خويلد، ثم سودة بنت زمعة، ثم ام سلمة، و اسمها: هند بنت أبي أمية، ثم ام عبد الله عائشة بنت أبي بكر، ثم حفصة بنت عمر، ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث ام المساكين، ثم زينب بنت جحش، ثم ام حبيب «4»

رملة بنت أبي سفيان، ثم ميمونة بنت الحارث، ثم زينب بنت عميس، ثم جويرية بنت الحارث، ثم صفية بنت حيي بن أخطب، و التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه و آله) خولة بنت حكيم السلمي، و كانت له سريتان «5» يقسم لهما مع أزواجه: مارية القبطية، و ريحانة الخندقية.

و التسع اللاتي قبض عنهن: عائشة، و حفصة، و ام سلمة، و زينب بنت جحش، و ميمونة بنت الحارث، و ام حبيب بنت أبي سفيان، و صفية بنت حيي بن أخطب، و جويرية بنت الحارث، و سودة بنت زمعة، و أفضلهن:

__________________________________________________

9- الكافي 5: 391/ 6. [.....]

10- الكافي 5: 391/ 7.

11- التهذيب 7: 364/ 1478.

12- الخصال: 419/ 13.

(1) في المصدر: الجون.

(2) في المصدر: خدعت، و في «ج»: جزمت.

(3) في المصدر: و السنى.

(4) في المصدر: امّ حبيبة.

(5) السرّيّة: الأمة التي أنزلتها بيتا. «أقرب الموارد- سرر- 1: 511».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 482

خديجة بنت خويلد، ثم أم سلمة بنت أبي امية، ثم جويرية بنت الحارث».

8680/ [13]- علي بن إبراهيم: إنه كان سبب نزولها: أن امرأة من الأنصار أتت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد تهيأت و تزينت، فقالت: يا رسول الله، هل لك في حاجة، فقد وهبت نفسي لك؟ فقالت لها عائشة: قبحك الله، ما أنهمك للرجال؟! فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مه- يا عائشة- فإنها رغبت في رسول الله إذ زهدت «1» فيه». ثم قال: «رحمك الله، و رحمكم يا معاشر الأنصار، نصرني رجالكم، و رغبت في نساؤكم، ارجعي- رحمك الله- فإني أنتظر أمر الله». فأنزل الله: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً

لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، فلا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله).

سورة الأحزاب(33): الآيات 53 الي 54 ..... ص : 482

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ- إلى قوله تعالى- مِنْ وَراءِ حِجابٍ [53] 8681/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: لما تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) زينب بنت جحش، و كان يحبها، فأولم، و دعا أصحابه، فكان أصحابه إذا أكلوا يحبون أن يتحدثوا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان يحب أن يخلو مع زينب، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ [و ذلك أنهم كانوا يدخلون بلا إذن ] إلى قوله مِنْ وَراءِ حِجابٍ.

8682/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تزوج زينب بنت جحش، فأولم، و كانت وليمته الحيس «2»، و كان يدعو عشرة عشرة، فكانوا إذا أصابوا طعام رسول الله (صلى الله عليه و آله) استأنسوا إلى حديثه، و استغنموا النظر إلى وجهه، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يشتهي أن يخففوا عنه فيخلو له المنزل، لأنه حديث عهد بعرس، و كان يكره أذى المؤمنين له، فأنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَ لكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا

وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَ

__________________________________________________

13- تفسير القمي 2: 195.

1- تفسير القمي 2: 195.

2- علل الشرائع: 65.

(1) في المصدر: زهدتن.

(2) الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر و الدقيق و السمن. «النهاية 1: 467».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 483

ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَ اللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فلما نزلت هذه الآية، كان الناس إذا أصابوا طعام نبيهم (صلى الله عليه و آله) لم يلبثوا أن يخرجوا.

قال: فلبث رسول الله (صلى الله عليه و آله) سبعة أيام بلياليهن عند زينب بنت جحش، ثم تحول إلى بيت ام سلمة بنت أبي أمية، و كانت ليلتها و صبيحة يومها من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: فلما تعالى النهار انتهى علي (عليه السلام) إلى الباب، فدقه دقا خفيفا له، عرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) دقه، و أنكرته ام سلمة. فقال لها: «يا ام سلمة، قومي فافتحي له الباب» فقالت: يا رسول الله، من هذا الذي يبلغ من خطره أن أقوم له فافتح له الباب، و قد نزل فينا بالأمس ما قد نزل من قول الله عز و جل: وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، فمن هذا الذي بلغ من خطره أن أستقبله بمحاسني و معاصمي؟

قال: فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله) كهيئة المغضب: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «1»، قومي فافتحي له الباب، فإن بالباب رجلا ليس بالخرق «2»، و لا بالنزق «3»، و لا بالعجول في أمره، يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، و ليس بفاتح الباب حتى يتوارى عنه الوطء». فقامت ام سلمة و هي لا تدري من بالباب، غير

أنها قد حفظت النعت و المدح، فمشت نحو الباب و هي تقول: بخ، بخ لرجل يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله.

ففتحت له الباب، فأمسك بعضادتي الباب، و لم يزل قائما حتى خفي عنه الوطء.

و دخلت ام سلمة خدرها، ففتح الباب و دخل، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله: «يا أم سلمة، أ تعرفينه؟». قالت: نعم، و هنيئا له، هذا علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه و آله). فقال: «صدقت- يا أم سلمة- هذا علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي، و دمه من دمي، و هو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. يا أم سلمة، اسمعي، و اشهدي: هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، و سيد الوصيين «4»، و هو عيبة علمي، و بابي الذي اوتى منه، و هو الوصي على الأموات من أهل بيتي، و الخليفة على الأحياء من امتي، و أخي في الدنيا و الآخرة، و هو معي في السنام الأعلى. اشهدي- يا ام سلمة- و احفظي: أنه يقاتل الناكثين، و القاسطين، و المارقين».

و رواه السيد الرضي في كتاب (المناقب): بإسناده عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن عبد الله بن عباس «5».

8683/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا العباس

__________________________________________________

3- الأمالي 1: 159. [.....]

(1) النساء 4: 80.

(2) الخرق: الجهل و الحمق. «لسان العرب- خرق- 10: 75».

(3) النّزّق: الخفة و الطيش. «لسان العرب- نزق- 10: 352».

(4) في المصدر: سيد المسلمين.

(5) ...

البرهان

في تفسير القرآن، ج 4، ص: 484

ابن بكار، قال: حدثنا أبو بكر الهلالي، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال الغلابي: و حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. قال: و حدثنا أبو عيسى عبيد الله بن الفضل الطائي، قال: حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني محمد بن سلام الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد ابن صالح، و محمد بن الصلت، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليماني، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: دخل الحسين بن علي على أخيه الحسن (عليهما السلام) في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: «اكتب- يا أخي- هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي (عليهم السلام): أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، و لا ولي له من الذل، و أنه خلق كل شي ء فقدره تقديرا، و أنه أولى من عبد، و أحق من حمد، من أطاعه رشد، و من عصاه غوى، و من تاب إليه اهتدى.

فإني أوصيك- يا حسين- بمن خلفت من أهلي، و ولدي، و أهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، و تقبل من محسنهم، و تكون لهم خلفا و والدا، و أن تدفنني مع جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإني أحق به و ببيته ممن ادخل بيته بغير إذنه، و لا كتاب جاءهم من بعده، قال الله تعالى فيما أنزله

على نبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، فو الله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، و لا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته! و نحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن رأيت أن تفاقم عليك الأمر «1» فانشدك بالقرابة التي قرب الله عز و جل منك، و الرحم الماسة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن لا تهريق في محجمة من دم، حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنختصم إليه، فنخبره بما كان من الناس إلينا بعده». ثم قبض (عليه السلام).

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً [53- 54]

8684/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن النضر، عن محمد ابن مروان، رفعه إليهم (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ في علي و الأئمة (عليهم السلام) كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً «2».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 9.

(1) في المصدر: فإن أبت عليك الامرأة.

(2) الأحزاب 33: 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 485

8685/ [2]- علي بن إبراهيم: فإنه كان سبب نزولها: أنه لما أنزل الله النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «1» و حرم الله نساء النبي على المسلمين غضب طلحة، فقال: يحرم علينا نساءه و يتزوج هو نساءنا! لئن أمات الله محمدا لنركضن بين خلاخل نسائه كما ركض بين خلاخل نسائنا. فأنزل الله: وَ ما

كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً.

8686/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء ابن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لو لم يحرم على الناس أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) بقول الله عز و جل: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً حرمن على الحسن و الحسين (عليهما السلام) لقول الله عز و جل: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ «2» و لا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده».

8687/ [4]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، و ذكر هذه الآية: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً «3»، فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد الوالدين» فقال عبد الله بن عجلان: من الآخر؟ فقال: «علي (عليه السلام)، و نساؤه علينا حرام، و هي لنا خاصة».

8688/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: حدثني سعيد بن أبي عروبة «4»، عن قتادة، عن الحسن البصري: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة، يقال لها شنباء «5»، و كانت من أجمل أهل زمانها، فلما نظرت إليها عائشة و حفصة، قالتا: لتغلبنا هذه على رسول الله

(صلى الله عليه و آله) بجمالها، فقالتا لها: لا يرى منك رسول الله (صلى الله عليه و آله) حرصا. فلما دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) تناولها بيده، فقالت: أعوذ بالله، فانقبضت يد رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنها، فطلقها و ألحقها بأهلها.

و تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) امرأة من كندة، بنت أبي الجون «6»، فلما مات إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ابن مارية القبطية، قالت: لو كان نبيا ما مات ابنه. فألحقها رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأهلها قبل أن

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 195.

3- الكافي 5: 420/ 1.

4- الكافي 5: 420/ 2.

5- الكافي 5: 421/ 3.

(1) الأحزاب 33: 6.

(2) النساء 4: 22. [.....]

(3) العنكبوت 29: 8.

(4) في «ج، ي، ط»: سعيد بن أبي عوذة، و في المصدر: سعد بن أبي عروة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر تهذيب التهذيب 4: 63 و 8: 352.

(5) في المصدر: سنى.

(6) في «ط»: بنت أبي الجوزاء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 486

يدخل بها، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ولي الناس أبو بكر، أتته العامرية و الكندية و قد خطبتا، فاجتمع أبو بكر و عمر، فقالا لهما: اختارا إن شئتما الحجاب، و إن شئتما الباه «1». فاختارتا الباه، فتزوجتا، فجذم أحد الرجلين، و جن الآخر.

قال عمر بن أذينة: فحدثت بهذا الحديث زرارة و الفضيل، فرويا عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «ما نهى الله عز و جل عن شي ء إلا و قد عصي فيه، حتى لقد نكحوا أزواج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بعده». و ذكر هاتين:

العامرية،

و الكندية.

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «لو سألتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، أ تحل لابنه؟ لقالوا:

لا، فرسول الله (صلى الله عليه و آله) أعظم حرمة من آبائهم».

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، نحوه «2».

8689/ [6]- ابن طاوس في (طرائفه)، قال: و من طرائف ما شهدوا به على عثمان و طلحة ما ذكره السدي في تفسيره للقرآن، في تفسير سورة الأحزاب، في تفسير قوله تعالى: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً.

قال السدي: لما توفي أبو سلمة، و خنيس بن حذافة، و تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بامرأتيهما: أم سلمة، و حفصة، قال طلحة و عثمان: أ ينكح محمد (صلى الله عليه و آله) نساءنا إذا متنا و لا ننكح نساءه إذا مات! و الله لو قد مات لقد أجلنا على نسائه بالسهام. و كان طلحة يريد عائشة، و عثمان يريد أم سلمة، فأنزل الله تعالى: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً الآية، و أنزل الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً، و أنزل تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً «3».

سورة الأحزاب(33): آية 55 ..... ص : 486

قوله تعالى:

لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ- إلى قوله تعالى- عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً [55] 8690/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم رخص لقوم معروفين في

الدخول عليهن بغير إذن، فقال:

__________________________________________________

6- الطرائف: 492.

1- تفسير القمي 2: 196.

(1) الباه: الجماع. «الصحاح- بوه- 6: 2228».

(2) الكافي 5: 421/ 4.

(3) الأحزاب 33: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 487

لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَ لا أَبْنائِهِنَّ وَ لا إِخْوانِهِنَّ وَ لا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً.

8691/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم، بن أبي البلاد، و يحيى بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، عن معاوية بن عمار، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) نحوا من ثلاثين رجلا إذ دخل عليه أبي، فرحب به أبو عبد الله (عليه السلام)، و أجلسه إلى جنبه، فأقبل عليه طويلا، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن لأبي معاوية حاجة، فلو خففتم». فقمنا جميعا، فقال لي أبي: ارجع، يا معاوية.

فرجعت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا ابنك؟» فقال: نعم، و هو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم، قال: «و ما هو؟» قلت: إن المرأة القرشية و الهاشمية تركب و تضع يدها على رأس الأسود، و ذراعها على عنقه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما تقرأ القرآن» قلت: بلى. قال: «اقرأ هذه الآية: لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ- حتى بلغ- وَ لا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ- ثم قال- يا بني، لا بأس أن يرى المملوك الشعر، و الساق».

سورة الأحزاب(33): آية 56 ..... ص : 487

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً [56]

8692/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن علي بن

النعمان، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: كيف كانت الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «لما غسله أمير المؤمنين (عليه السلام) و كفنه، سجاه، ثم أدخل عليه عشرة، فداروا حوله، ثم وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في وسطهم، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، فيقول القوم كما يقول، حتى صلى عليه أهل المدينة، و أهل العوالي».

8693/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلت عليه الملائكة، و المهاجرون، و الأنصار، فوجا فوجا».

قال: «و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول في صحته و سلامته: إنما أنزلت

__________________________________________________

1- الكافي 5: 531/ 2.

2- الكافي 1: 374/ 35.

3- الكافي 1: 375/ 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 488

هذه الآية في الصلاة علي بعد قبض الله لي: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً».

8694/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «الصلاة عليه، و التسليم له في كل شي ء جاء به».

8695/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا أبو عمرو محمد

بن جعفر المقرئ الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن عاصم الطريفي، قال: حدثنا أبو زيد عياش «1» بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي، قال: حدثني أبي يزيد بن الحسن، قال: حدثني موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: «قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): من صلى على النبي و آله فمعناه: أني أنا على الميثاق و الوفاء الذي قبلت حين قوله: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «2»».

8696/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، عن أحمد بن حفص البزاز الكوفي، عن أبيه، عن ابن أبي حمزة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، فقال: «الصلاة من الله عز و جل رحمة، و من الملائكة تزكية «3»، و من الناس دعاء، و أما قوله عز و جل: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، فإنه يعني التسليم له فيما ورد عنه».

قال: فقلت له: كيف نصلي على محمد و آل محمد؟ قال: «تقولون: صلوات الله، و صلوات ملائكته، و أنبيائه، و رسله، و جميع خلقه على محمد و آل محمد، و السلام عليه و عليهم و رحمة الله و بركاته».

قال: قلت: فما ثواب من صلى على النبي و آله بهذه الصلاة؟ قال: «الخروج من الذنوب- و الله- كهيئته يوم ولدته امه».

8697/ [6]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن

أحمد بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن أبي المغيرة، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «من قال في دبر صلاة الصبح، و صلاة المغرب قبل أن يثني رجليه، أو يكلم أحدا: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً

__________________________________________________

3- المحاسن: 271/ 363.

4- معاني الأخبار: 115. [.....]

5- معاني الأخبار: 367/ 1.

6- ثواب الأعمال: 156.

(1) في «ط، ي»: عباس.

(2) الأعراف 7: 172.

(3) في «ج»: بركة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 489

اللهم صل على محمد و ذريته، قضى الله له مائة حاجة: سبعين في الدنيا، و ثلاثين في الآخرة».

قال: قلت: ما معنى صلاة الله و ملائكته، و صلاة المؤمنين؟ قال: «صلاة الله رحمة من الله، و صلاة الملائكة تزكية منهم له، و صلاة المؤمنين دعاء منهم له».

8698/ [7]- الشيخ بإسناده في (مجالسه): عن العباس، عن بشر بن بكار، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن ملكا من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العباد فأعطاه، فذلك الملك قائم حتى تقوم الساعة، ليس أحد من المؤمنين يقول: صلى الله على محمد و آله و سلم، إلا و قال الملك: و عليك السلام. ثم يقول الملك: يا رسول الله، إن فلانا يقرئك السلام. فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): و عليه السلام».

8699/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: صلاة الله عليه تزكية له و ثناء عليه، و صلاة الملائكة مدحهم له، و صلاة الناس دعاؤهم له و التصديق و الإقرار بفضله، و قوله: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً يعني: سلموا له بالولاية، و بما جاء به.

8700/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى،

عن علي بن الجعد، عن شعيب، عن الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية؟ قلت: بلى. قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج إلينا، فقلت: يا رسول الله، قد علمنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: «قولوا:

اللهم صل على محمد و آل محمد، كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، و بارك على محمد و آل محمد، كما باركت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».

8701/ [10]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، و عبد الرحمن بن أبي نجران، جميعا، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل دعاء يدعى الله عز و جل به محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد و آل محمد».

8702/ [11]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، قال: كنت عند الرضا (عليه السلام)، فعطس، فقلت له: صلى الله عليك. ثم عطس، فقلت: صلى الله عليك. ثم عطس، فقلت:

صلى الله عليك. و قلت له: جعلت فداك، إذا عطس مثلك نقول له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك الله، أو كما تقول «1»؟ قال: «نعم، أليس تقول: صلى الله عليه محمد و آل محمد؟» قلت: بلى. قال: «ارحم محمدا و آل محمد؟».

قال: «بلى، و قد صلى الله عليه و رحمه، و إنما صلواتنا عليه رحمة لنا و قربة».

8703/ [12]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن

__________________________________________________

7- الأمالي 2: 290.

8- تفسير القمّي 2: 196.

9- تأويل الآيات

2: 460/ 26.

10- الكافي 2: 357/ 10.

11- الكافي 2: 478/ 4.

12- الكافي 2: 480/ 22.

(1) في «ي» و المصدر: نقول.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 490

راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عطس، ثم وضع يده على قصبة أنفه، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، [الحمد لله حمدا] كثيرا كما هو أهله، و صلى الله على محمد النبي و آله و سلم، خرج من منخره الأيسر طائر أصغر من الجراد، و أكبر من الذباب حتى يصير تحت العرش، يستغفر الله له إلى يوم القيامة».

8704/ [13]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا عمر، إنه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذر، في أيديهم أقلام الذهب، و قراطيس الفضة، لا يكتبون إلى ليلة السبت إلا الصلاة على محمد و آل محمد صلى الله عليه و عليهم، فأكثر منها».

و قال: «يا عمر، إن من السنة أن يصلى على محمد و على أهل بيته في كل يوم جمعة ألف مرة، و في سائر الأيام مائة مرة».

8705/ [14]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن عبد الله، عن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق بن فروخ، من صلى على محمد و آل محمد عشرا صلى الله عليه و ملائكته مائة مرة، و من صلى على محمد و آل محمد مائة مرة صلى الله عليه و ملائكته ألفا، أما تسمع قول الله عز و جل: هُوَ

الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً «1»».

8706/ [15]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و حسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

قال: «إذا ذكر النبي (صلى الله عليه و آله) فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، و لم يبق شي ء مما خلق الله إلا صلى على العبد لصلاة الله عليه و صلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برى ء الله منه، و رسوله و أهل بيته».

8707/ [16]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «ما في الميزان شي ء أثقل من الصلاة على محمد و آل محمد، و إن الرجل لتوضع أعماله في ميزانه فيميل به، فيخرج (صلى الله عليه و آله) الصلاة عليه، فيضعها في ميزانه فيرجح».

8708/ [17]- ابن بابويه في (أماليه): بإسناده عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين سيد العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أبيه علي بن أبي طالب سيد

__________________________________________________

13- الكافي 3: 416/ 13.

14- الكافي 2: 358/ 14. [.....]

15- الكافي 2: 357/ 6.

16- الكافي 2: 358/ 15.

17- الأمالي: 167/ 9.

(1) الأحزاب 33: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 491

الأوصياء (صلوات الله عليهم)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من صلى

علي و لم يصل على آلي لم يجد ريح الجنة، و أن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام».

8709/ [18]- و

عنه: بإسناده عن ناجية، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) «1»: «إذا صليت العصر «2» يوم الجمعة، فقل: اللهم صل على محمد و آل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، و بارك عليهم بأفضل بركاتك، و السلام عليهم «3»، و على أرواحهم، و أجسادهم و رحمة الله و بركاته. فإن من قالها بعد العصر «4»، كتب الله عز و جل له مائة ألف حسنة، و محا عنه مائة ألف سيئة، و قضى له بها مائة ألف حاجة، و رفع له بها مائة ألف درجة».

8710/ [19]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «لهذه الآية ظاهر و باطن، فالظاهر: قوله صَلُّوا عَلَيْهِ و الباطن: قوله: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً أي سلموا لمن وصاه و استخلفه و فضله عليكم، و ما عهد به إليه تسليما، و هذا مما أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه، و صفا ذهنه، و صح تمييزه».

8711/ [20]- و

من طريق المخالفين: ما رواه البخاري في الجزء الرابع، قال: حدثنا قيس بن حفص، و موسى ابن إسماعيل، قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا أبو فروة مسلم بن سالم الهمداني، حدثني عبد الله بن عيسى، سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي (صلى الله عليه و آله)؟ فقلت: بلى، فأهدها لي. فقال: سألنا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلنا:

يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم- أهل البيت- فإن الله قد علمنا كيف نسلم؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد و على «5» آل محمد، كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد و على آل محمد، كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».

8712/ [21]- و

عنه، قال: حدثني سعيد بن يحيى بن سعيد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسعر، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قيل: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال:

«قولوا: اللهم صل على محمد و على آل محمد، كما صليت على إبراهيم و على «6» آل ابراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد و على آل محمد، كما باركت على إبراهيم و على «7»

__________________________________________________

18- ثواب الأعمال: 158.

19- الاحتجاج: 253.

20- صحيح البخاري 4: 289/ 172.

21- صحيح البخاري 6: 217/ 291.

(1) في المصدر: عن ناجية، عن أحدهما (عليهما السلام).

(2) (العصر) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: عليه و عليهم.

(4) (فإن من قالها بعد العصر) ليس في المصدر.

(5) (على) ليس في «ج».

(6، 7) (إبراهيم و على) ليس في «ج» و المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 492

آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».

8713/ [22]- و

عنه بإسناده، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، قال: قلنا: يا رسول الله، هذا التسليم، فكيف نصلي عليك؟

قال: «قولوا: اللهم صل على محمد عبدك و رسولك، كما صليت على آل إبراهيم، و بارك على محمد و آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم».

8714/

[23]- و

عنه بإسناده، قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا ابن أبي حازم، و الدراوردي، عن يزيد، و قال: «كما صليت على إبراهيم». و قال أبو صالح عن الليث: «على محمد و على آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم».

8715/ [24]- الثعلبي في (تفسيره)، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ،

قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج بن الأزهر البغدادي، قدم علينا واسط، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن عرفة بن لؤلؤ، قال: حدثني عمر بن محمد القافلائي «1»، قال: حدثني محمد بن خلف الحدادي قال:

حدثني عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية، قال: حدثني عمر بن ثابت، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن سعاد «2»، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «صلت الملائكة علي و على علي سبع سنين، و ذلك أنه لم يصل معي أحد غيره».

8716/ [25]- و

عنه، قال: أخبرني أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز «3»، قال: حدثني أبو القاسم عبد الله «4» بن محمد بن أحمد بن أسد البزاز «5»، إملاء، قال: حدثني ابن مقاتل «6»، حدثني الحسن بن أحمد بن منصور، قال: حدثني سهل بن صالح المروزي، قال: سمعت أبا معمر عباد بن عبد الصمد، يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «صلت الملائكة علي و على علي سبعا، و ذلك أنه لم ترفع إلى السماء شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله إلا مني و منه».

__________________________________________________

22- صحيح البخاري 6: 217/ 292.

23- صحيح البخاري 6: 218/ 293

و: 217 ذيل حديث 292.

24- ...، مناقب ابن المغازلي: 13/ 17، العمدة: 65/ 78.

25- ...، مناقب ابن المغازلي: 14: 19، العمدة: 65/ 79.

(1) في «ج، ي، ط»: العاقلاني، و في المصدر: الباقلاني، انظر تاريخ بغداد 11: 222.

(2) في «ج، ي، ط»: عبد الرحمن بن سعد، و في المصدر: عبد الرحمن بن سعيد، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع تهذيب الكمال 8: 67، تهذيب التهذيب 6: 183.

(3، 4) في المصدرين: البزار.

(5) في المصدرين: عبيد اللّه.

(6) في المصدرين: محمّد أبو مقاتل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 493

سورة الأحزاب(33): الآيات 57 الي 58 ..... ص : 493

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ- إلى قوله تعالى- وَ إِثْماً مُبِيناً [57- 58] 8717/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يعني عليا و فاطمة (عليهما السلام) بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً و هي جارية في الناس كلهم.

8718/ [2]- الطبرسي: حدثنا السيد أبو الحمد، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي دارم الحافظ، قال: حدثنا علي بن أحمد العجلي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا أرطاة بن حبيب، قال: حدثني أبو خالد الواسطي و هو آخذ بشعره، قال:

حدثني زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن الحسين (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو آخذ بشعره، فقال: «من آذى شعرة منك فقد آذاني، و

من آذاني فقد آذي الله، و من آذى الله فعليه لعنة الله».

8719/ [3]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث جيشا ذات يوم لغزاة، و أمر عليهم عليا (عليه السلام)- و ما بعث جيشا قط و فيهم علي (عليه السلام) إلا جعله أميرهم- فلما غنموا رغب علي (عليه السلام) في أن يشتري من جملة الغنائم جارية، و يجعل ثمنها في جملة الغنائم، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة، و بريدة الأسلمي، و زايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه و يزايدانه انتظر إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك، فلما رجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) تواطئا على أن يقولا ذلك «1» لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوقف بريدة قدام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا رسول الله، أ لم تر إلى «2» علي بن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين؟ فأعرض عنه، فجاء عن يمينه، فقالها، فأعرض عنه، فجاء عن يساره، فقالها، فأعرض عنه، و جاء من خلفه، فقالها، فأعرض عنه، ثم عاد إلى بين يديه، فقالها، فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله) غضبا لم يغضب قبله و لا بعده غضبا مثله، و تغير لونه، و تربد «3» و انتفخت أوداجه، و ارتعدت أعضاؤه، فقال: ما لك- يا بريدة- آذيت رسول الله منذ اليوم، أما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 196.

2- مجمع البيان 8: 579، شواهد التنزيل 2: 98/ 776،

مناقب الخوارزمي: 235.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 136/ 70.

(1) في المصدر: يقول ذلك بريدة.

(2) في المصدر: تر أن. [.....]

(3) تربد: احمر وجهه حمزة فيها سواد عند الغضب. «لسان العرب- ربد- 3: 170».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 494

وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً؟

فقال بريدة: يا رسول الله ما علمت أني قد قصدتك بأذى.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو تظن- يا بريدة- أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي، أما علمت أن عليا مني و أنا منه، و أن من آذى عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله، و من آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟ يا بريدة، أنت أعلم، أم الله عز و جل؟ أنت أعلم، أم قراء اللوح المحفوظ؟ أنت أعلم، أم ملك الأرحام؟ فقال بريدة: بل الله أعلم، و قراء اللوح المحفوظ، و ملك الأرحام أعلم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا بريدة، أنت أعلم أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال: بل حفظة علي بن أبي طالب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فكيف تخطئه، و تلومه، و توبخه، و تشنع عليه في فعله، و هذا جبرئيل (عليه السلام) أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد؟ و هذا ملك الأرحام حدثني أنه كتب «1» قبل أن يولد، حين استحكم في بطن امه: أنه لا يكون منه خطيئة أبدا، و هؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي إلى السماء أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ مكتوبا: علي معصوم من كل خطأ

و زلل.

فكيف تخطئه أنت- يا بريدة- و قد صوبه رب العالمين، و الملائكة المقربون؟! يا بريدة، لا تتعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل، فإنه أمير المؤمنين، و سيد الوصيين، و سيد الصالحين، و فارس المسلمين، و قائد الغر المحجلين، و قسيم الجنة و النار، يقول يوم القيامة للنار: هذا لي، و هذا لك.

ثم قال: يا بريدة، أ ترى ليس لعلي من الحق عليكم- معاشر المسلمين- ألا تكايدوه، و لا تعاندوه، و لا تزايدوه؟ هيهات هيهات، إن قدر علي عند الله تعالى أعظم من قدره عندكم، ألا أخبركم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله سبحانه و تعالى يبعث يوم القيامة أقواما تمتلئ من جهة السيئات موازينهم، فيقال لهم: هذه السيئات، فأين الحسنات، و إلا فقد عطبتم؟ فيقولون: يا ربنا، ما نعرف لنا حسنات!. فإذا النداء من قبل الله عز و جل: إن لم تعرفوا لأنفسكم حسنات، فإني أعرفها لكم، و أوفرها عليكم. ثم تأتي الريح برقعة صغيرة و تطرحها في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء و الأرض، فيقال لأحدهم: خذ بيد أبيك، و أمك، و إخوانك، و أخواتك، و خاصتك، و قراباتك، و أخدانك و معارفك فأدخلهم الجنة. فيقول أهل المحشر: يا ربنا، أما الذنوب فقد عرفناها، فما كانت حسناتهم؟ فيقول الله عز و جل: يا عبادي، إن أحدهم مشى ببقية دين عليه لأخيه إلى أخيه، فقال له: خذها، فإني أحبك بحبك لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له الآخر: قد تركتها لك بحبك لعلي بن أبي طالب، و لك من مالي ما شئت. فشكر الله تعالى ذلك لهما، فحط به خطاياهما، و جعل ذلك

في حشو صحائفهما و موازينهما، و أوجب لهما و لوالديهما و لذريتهما الجنة.

ثم قال: يا بريدة، إن من يدخل النار ببغض علي أكثر من حصى الخذف الذي يرمى بها عند الجمرات فإياك

__________________________________________________

(1) في المصدر: إنّهم كتبوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 495

أن تكون منهم».

8720/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الواحدي في (أسباب النزول)، و مقاتل بن سليمان، و أبي القاسم القشيري في تفسيريهما: أنه نزل قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا الآية، في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذلك أن نفرا من المنافقين كانوا يؤذونه، و يسمعونه، و يكذبون عليه.

8721/ [5]- ابن مردويه: بالإسناد عن محمد بن عبد الله الأنصاري، و جابر الأنصاري، و في (الفضائل) عن أبي المظفر بإسناده عن جابر الأنصاري، و في (الخصائص) عن النطنزي بإسناده عن جابر، كلهم عن عمر بن الخطاب، قال: كنت أجفو عليا، فلقيني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «إنك آذيتني، يا عمر». فقلت: أعوذ بالله من أذى رسول الله. قال: «إنك قد آذيت عليا، و من آذاه فقد آذاني».

8722/ [6]- و

من طريق المخالفين: الترمذي في (الجامع)، و أبو نعيم في (الحلية)، و البخاري في (الصحيح)، و الموصلي في (المسند)، و أحمد في (الفضائل) و (المسند) أيضا «1»، و الخطيب في (الأربعين)، عن عمران بن الحصين، و ابن عباس، و بريدة، أنه رغب علي (عليه السلام) من الغنائم في جارية، فزايده حاطب بن أبي بلتعة، و بريدة الأسلمي، فلما بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها أخذها بذلك، فلما رجعوا وقف بريدة قدام الرسول (صلى الله عليه و آله)، و شكا من علي (عليه السلام)، فأعرض عنه النبي (صلى

الله عليه و آله)، ثم جاءه عن يمينه، و عن شماله، و من خلفه يشكوه، فأعرض عنه، ثم قام بين يديه، فقالها، فغضب النبي (صلى الله عليه و آله) و تغير لونه، و تربد وجهه، و انتفخت أوداجه، و قال: «ما لك- يا بريدة- آذيت رسول الله منذ اليوم؟! أما سمعت أن الله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً؟ أما علمت أن عليا مني و أنا منه، و أن من آذى عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله، و من آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟

يا بريدة، أ أنت أعلم، أم الله أعلم؟ أ أنت أعلم، أم قراء اللوح المحفوظ أعلم؟ أ أنت أعلم، أم ملك الأرحام أعلم؟ أ أنت أعلم- يا بريدة- أم حفظة علي بن أبي طالب؟» قال: بل حفظته. قال: «فهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد». ثم حكى عن ملك الأرحام، و قراء اللوح المحفوظ، و فيها: «ما تريدون من علي» ثلاث مرات. ثم قال (صلى الله عليه و آله): «إن عليا مني و أنا منه، و هو ولي كل مؤمن بعدي».

سورة الأحزاب(33): الآيات 59 الي 60 ..... ص : 495

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا [59- 60]

__________________________________________________

4- المناقب 3: 210، شواهد التنزيل 2: 93/ 775، أسباب النزول: 205.

5- المناقب 3: 210.

6- المناقب 3: 211.

(1) (و المسند أيضا) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 496

8723/ [1]- علي بن إبراهيم: و أما قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ

نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ كان سبب نزولها: أن النساء كن يخرجن إلى المسجد، و يصلين خلف رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا كان الليل خرجن إلى صلاة المغرب، و العشاء الآخرة، و الغداة، يقعد الشبان لهن في طريقهن فيؤذونهن، و يتعرضون لهن، فأنزل الله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ إلى قوله: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

و قال: و أما قوله: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا فإنها نزلت في قوم منافقين كانوا في المدينة يرجفون برسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا خرج في بعض غزواته، يقولون: قتل، و أسر، فيغتم المسلمون لذلك، و يشكون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله في ذلك: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شك وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها أي نأمرك بإخراجهم من المدينة إِلَّا قَلِيلًا.

سورة الأحزاب(33): آية 61 ..... ص : 496

قوله تعالى:

مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا [61] 8724/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ملعونين، فوجبت عليهم اللعنة، يقول الله بعد اللعنة: أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا».

سورة الأحزاب(33): الآيات 66 الي 69 ..... ص : 496

قوله تعالى:

يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ- إلى قوله تعالى- عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً [66- 69] 8725/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ، فإنها كناية عن الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا يعني في أمير المؤمنين (عليه السلام)

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 196.

2- تفسير القمي 2: 197.

3- تفسير القمي 2: 197.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 497

وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا و هما الرجلان، و السادة و الكبراء، هما أول من بدأ بظلمهم و غصبهم.

قال: قوله: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا أي طريق الجنة، و السبيل: أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يقولون: رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً.

قال: و أما قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً أى ذا جاه.

8726/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن صفوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن بني إسرائيل كانوا يقولون: ليس لموسى ما للرجال. و كان موسى إذا أراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد من الناس، فكان يوما يغتسل على شط نهر و قد وضع ثيابه على صخرة، فأمر الله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنو إسرائيل إليه، فعلموا أنه ليس كما قالوا، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً».

8727/ [3]- ثم

قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان، رفعه إليهم (عليهم السلام)، فقال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تؤذوا رسول الله في علي و الأئمة (عليهم السلام) كما آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً».

محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، إلى آخره «1».

8728/ [4]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا، علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق (عليه السلام)، في حديث: «ألم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى أنه عنين، و آذوه حتى برأه الله مما قالوا، و كان عند الله وجيها؟».

سورة الأحزاب(33): الآيات 70 الي 71 ..... ص : 497

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ [70- 71]

8729/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، قال: قال أبو

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 197.

3- تفسير القمّي 2: 197.

4- الأمالي: 91/ 3.

1- الكافي 8: 107/ 81.

(1) الكافي 1: 342/ 9. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 498

عبد الله (عليه السلام) لعباد بن كثير الصوفي البصري: «ويحك- يا عباد- غرك أن عف بطنك و فرجك؟ إن الله عز و جل يقول في كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ اعلم أنه لا يتقبل الله عز و جل منك شيئا حتى تقول قولا سديدا «1»».

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ

فَوْزاً عَظِيماً [71]

8730/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، «و من يطع الله و رسوله في ولاية علي و الأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما، هكذا نزلت».

و روى الحديث علي بن إبراهيم بعين السند و المتن، إلى أن قال في آخره: «هكذا نزلت و الله «2»».

8731/ [2]- محمد بن العباس (رحمه الله): عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «و من يطع الله و رسوله في ولاية علي و الأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما».

ابن شهر آشوب: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في رواية محمد بن يعقوب «3».

سورة الأحزاب(33): الآيات 72 الي 73 ..... ص : 498

قوله تعالى:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [72- 73]

8732/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 8.

2- تأويل الآيات 2: 469/ 39.

3- الكافي 1: 341/ 2.

(1) في المصدر: قولا عدلا.

(2) تفسير القمّي 2: 197.

(3) المناقب 3: 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 499

إسحاق بن عمار، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ

مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا، قال: «هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8733/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم)، فعرضها على السماوات، و الأرض، و الجبال، فغشيها نورهم.

فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال: هؤلاء أحبائي، و أوليائي، و حججي على خلقي، و أئمة بريتي، ما خلقت خلقا أحب إلي منهم، لهم و لمن تولاهم خلقت جنتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم مني، و محلهم من عظمتي عذبته عذابا أليما لا أعذبه أحدا من العالمين، و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، و من أقر بولايتهم، و لم يدع منزلتهم مني و مكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي، و كان لهم فيها ما يشاءون عندي، و أبحتهم كرامتي، و أحللتهم جواري، و شفعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي، فولايتهم أمانة «1» عند خلقي، فأيكم يحملها بأثقالها، و يدعيها لنفسه دون خيرتي؟ فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها، و أشفقن من ادعاء منزلتها، و تمني محلها من عظمة ربها، فلما أسكن الله عز و جل آدم و زوجته

الجنة، و قال لهما: وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ «2» يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «3».

فنظرا إلى منزلة محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم)، فوجداها أشرف منازل الجنة، فقالا: يا ربنا، لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله: ارفعا رءوسكما إلى ساق عرشي. فرفعا رؤوسهما، فوجدا اسم محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم) مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، و ما أحبهم إليك، و ما أشرفهم لديك؟ فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي، و امنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، و تتمنيا منزلتهم عندي و محلهم من كرامتي، فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني، فتكونا من الظالمين. قالا: ربنا، و من الظالمون؟ قال: المدعون منزلتهم بغير حق. قالا: ربنا، فأرنا منازل ظالميهم في نارك، حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك.

فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال و العذاب، و قال عز و جل: مكان الظالمين

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 108/ 1.

(1) في «ط»: أمانتي.

(2، 3) البقرة 2: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 500

لهم، المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، و كلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب. يا آدم، و يا حواء، لا تنظرا إلى أنواري و حججي بعين الحسد فاهبطكما من جواري، و أحل بكما هواني.

فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما، و

قال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين، أو تكونا من الخالدين، و قاسمهما إني لكما لمن الناصحين، فدلاهما بغرور، و حملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيرا- فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه، و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه- فلما أكلا من الشجرة طار الحلي و الحلل عن أجسادهما، و بقيا عريانين وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قالَ اهْبِطُوا «1» من جواري، فلا يجاورني في جنتي من يعصيني، فاهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.

فلما أراد الله عز و جل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل (عليه السلام)، فقال لهما: إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه، فاسألا ربكما بحق هذه الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش، حتى يتوب عليكما. فقالا: اللهم، إنا نسألك بحق الأكرمين عليك: محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة (عليهم السلام) إلا تبت علينا، و رحمتنا. فتاب الله عليهما، إنه هو التواب الرحيم.

فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة، و يخبرون بها أوصياءهم، و المخلصين من أممهم فيأبون حملها، و يشفقون من ادعائها، و حملها الإنسان الذي قد عرف، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة، و ذلك قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ

عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا».

8734/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن مروان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا، قال: «الأمانة: الولاية، و الإنسان: هو أبو الشرور المنافق».

8735/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 110/ 2.

4- معاني الأخبار: 110/ 3.

(1) الأعراف 7: 22- 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 501

علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها، الآية. فقال: «الأمانة: الولاية، من ادعاها بغير حق كفر».

8736/ [5]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن سعيد، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها، قال: «هي الولاية، أبين أن يحملنها «1» وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ و الإنسان الذي حملها: أبو فلان».

8737/ [6]- محمد بن العباس، عن الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن الحكم

بن مسكين، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا، قال: «يعني بها ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

8738/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: الأمانة هي الإمامة، و الأمر و النهي. و الدليل على أن الأمانة هي الإمامة، قوله عز و جل في الأئمة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها «2»، يعني الإمامة، فالأمانة هي الإمامة، عرضت على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها، قال: أبين أن يدعوها، أو يغصبوها أهلها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ أي الأول إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

8739/ [8]- ابن شهر آشوب: عن أبي بكر الشيرازي في (نزول القرآن في شأن علي (عليه السلام)، بالإسناد عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

قال: «عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب و العقاب، فقلن: ربنا، لا نحملها بالثواب و العقاب، لكن نحملها بلا ثواب و لا عقاب. و إن الله عرض أمانتي و ولايتي على الطيور، فأول من آمن بها: البزاة و القنابر، و أول من جحدها من الطيور: البوم و العنقاء، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور، فأما البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطيور لها، و أما العنقاء، فغابت في البحار لا ترى.

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 96/ 3.

6- تأويل الآيات

2: 470/ 40. [.....]

7- تفسير القمّي 2: 198.

8- المناقب 2: 314.

(1) زاد في المصدر: كفرا بها و عنادا.

(2) النساء 4: 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 502

و إن الله عرض أمانتي على الأرض، فكل بقعة آمنت بولايتي و أمانتي جعلها الله طيبة مباركة زكية، و جعل نباتها و ثمرها حلوا عذبا، و جعل ماءها زلالا، و كل بقعة جحدت إمامتي «1» و أنكرت ولايتي جعلها سبخة، و جعل نباتها مرا علقما، و جعل ثمرها العوسج و الحنظل، و جعل ماءها ملحا أجاجا».

ثم قال: وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ يعني أمتك يا محمد، ولاية أمير المؤمنين و إمامته «2» بما فيها من الثواب و العقاب إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لنفسه جَهُولًا لأمر ربه، من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم و غشوم.

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يحبني إلا مؤمن، و لا يبغضني إلا منافق و ولد حرام».

8740/ [9]- عمر بن إبراهيم الأوسي: عن صاحب كتاب (الدر الثمين) يقول: قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها، الأمانة: و هي إنكار ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عرضت على ما ذكرنا، فأبين أن يحملنها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا و هو الأول. لأي الأشياء! لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ فقد خابوا و الله، و فاز المؤمنون و المؤمنات.

8741/ [10]- شرف الدين النجفي، قال في تأويل إِنَّا عَرَضْنَا: أي عارضنا و قابلنا، و الأمانة هنا: الولاية.

قال: و قوله: عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فيه قولان: الأول: إن العرض على أهل السماوات و الأرض من الملائكة، و الجن، و الإنس، فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه. و

الثاني: قول ابن عباس: و هو أنه عرضت على نفس السماوات و الأرض و الجبال، فامتنعت من حملها، و أشفقن منها، لأن نفس الأمانة قد حفظتها الملائكة و الأنبياء و المؤمنون، و قاموا بها.

__________________________________________________

9- ...

10- تأويل الآيات 2: 469.

(1) في «ج، ي، ط»: أمانتي.

(2) في «ي، ط»: و أمانته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 503

سورة سبأ ..... ص : 503

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 505

فضلها ..... ص : 505

8742/ [1]- ابن بابويه بإسناده عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «الحمدان جميعا: حمد سبأ، و حمد فاطر، من قرأهما في ليلة لم يزل في ليلته في حفظ الله و كلاءته، و من قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه، و اعطي من خير الدنيا و خير الآخرة ما لم يخطر على قلبه و لم يبلغ مناه».

8743/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، لم يبق شي ء إلا كان يوم القيامة رفيقا صالحا، و من كتبها و علقها عليه لم يقربه دابة و لا هوام، و إن شرب ماءها، و رش عليه، و كان يفرق من شي ء، أمن و سكن روعه، و لا يفزع إن غسل وجهه بمائها».

8744/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه لا يقربه دابة و لا هوام، و من كتبها و شربها بماء، و رش على وجهه منها، و كان خائفا، أمن مما يخاف منه، و سكن روعه».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- ...

3- ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 507

سورة سبأ(34): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 507

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [1- 3] 8745/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ إلى قوله تعالى: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ، قال: ما يدخل فيها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ يعني المطر وَ ما يَخْرُجُ مِنْها، قال: من النبات وَ

ما يَعْرُجُ فِيها قال: من أعمال العباد. ثم حكى عز و جل قول الدهرية، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث في ذلك في قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «1».

8746/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أول ما خلق الله، القلم، فقال له: اكتب. فكتب ما كان، و ما هو كائن إلى يوم القيامة».

سورة سبأ(34): الآيات 6 الي 11 ..... ص : 507

قوله تعالى:

وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ- إلى

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 198.

2- تفسير القمّي 2: 198.

(1) سيأتي في تفسير الآيات (7) من سورة المجادلة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 508

قوله تعالى- أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ [6- 11] 8747/ [1]- علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ، قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام)، صدق رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما أنزل الله عليه. ثم حكى قول الزنادقة، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أي متم و صرتم ترابا إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ تعجبوا أن يعيدهم الله خلقا جديدا أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ أي مجنون؟ فرد الله عليهم، فقال: بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَ الضَّلالِ الْبَعِيدِ.

ثم ذكر ما اعطي داود

(عليه السلام)، فقال: وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ أي سبحي الله وَ الطَّيْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ، قال: كان داود (عليه السلام) إذا مر في البراري فقرأ الزبور تسبح الجبال و الطير و الوحوش معه، و ألان الله له الحديد مثل السمع، حتى كان يتخذ منه ما أحب.

قال: و قال الصادق (عليه السلام): «اطلبوا الحوائج يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود (عليه السلام)».

8748/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من تعذر عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود (عليه السلام)».

8749/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ، قال: الدروع وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ، قال:

المسامير التي في الحلقة.

8750/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: أوحى الله عز و جل إلى داود (عليه السلام): أنك نعم العبد لو لا أنك تأكل من بيت المال، و لا تعمل بيدك. قال: فبكى داود (عليه السلام) أربعين صباحا، فأوحى الله عز و جل إلى الحديد أن لن لعبدي داود. فألان الله عز و جل له الحديد، فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة و ستين درعا، فباعها بثلاثمائة و ستين ألفا، و استغنى عن بيت المال».

8751/ [5]- و

عنه، بإسناده عن أحمد بن محمد بن

أبي نصر، قال: سألنا الرضا (عليه السلام): «هل من أصحابكم من يعالج السلاح؟». فقلت: رجل من أصحابنا زراد. فقال: «إنما هو سراد، أما تقرأ كتاب الله عز و جل لداود:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 198.

2-- الكافي 8: 143/ 109 (قطعة منه).

3- تفسير القمي 2: 199.

4- الكافي 5: 74/ 5.

5- قرب الإسناد: 160.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 509

أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ «1»».

سورة سبأ(34): الآيات 12 الي 13 ..... ص : 509

قوله تعالى:

وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ- إلى قوله تعالى- اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً [12- 13] 8752/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ، قال: كانت الريح تحمل كرسي سليمان، فتسير به في الغداة مسيرة شهر، و بالعشي مسيرة شهر.

و قوله: وَ أَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ أي الصفر وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ مَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ. و قوله: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ قال: في الشجر.

8753/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد، و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي ابن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ، فقال: «و الله ما هي تماثيل الرجال و النساء، و لكنها تماثيل «2» الشجر و شبهه».

8754/ [3]- الطبرسي: روي عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «و الله ما هي تماثيل الرجال و النساء، و لكنه الشجر و ما أشبهه».

8755/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ أي جفنة كالحفرة وَ قُدُورٍ راسِياتٍ أي ثابتات. ثم قال:

اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً قال: اعملوا ما تشكرون عليه.

سورة سبأ(34): آية 14 ..... ص : 509

قوله تعالى:

فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ [14]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 199.

2- الكافي 6: 527/ 7.

3- مجمع البيان 8: 600.

4- تفسير القمّي 2: 199.

(1) زاد في المصدر: الحلقة بعد الحلقة.

(2) (تماثيل) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 510

8756/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل أوحى إلى سليمان بن داود (عليهما السلام): أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها الخرنوبة. فنظر سليمان يوما، فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة- قال- فولى سليمان مدبرا إلى محرابه، فقام فيه متكئا على عصاه، فقبض روحه من ساعته- قال- فجعلت الجن و الإنس يخدمونه، و يسعون في أمره كما كانوا، و هم يظنون أنه حي لم يمت، يغدون و يروحون و هو قائم ثابت، حتى دبت الأرضة من عصاه، فأكلت منسأته، فانكسرت، و خر سليمان (عليه السلام) إلى الأرض، أ فلا تسمع قوله عز و جل: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ».

8757/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى

الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد «1» (عليهم السلام)، قال: «إن سليمان بن داود (عليه السلام) قال ذات يوم لأصحابه: إن الله تبارك و تعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، سخر لي الريح و الإنس و الجن و الطير و الوحوش، و علمني منطق الطير، و آتاني من كل شي ء، و مع جميع ما أوتيت من الملك ما تم سروري يوما «2» إلى الليل، و قد أحببت أن أدخل قصري في غد، فأصعد أعلاه و أنظر إلى ممالكي، فلا تأذنوا لأحد علي لئلا يرد علي ما ينغص علي يومي. فقالوا: نعم.

فلما كان من الغد، أخذ عصاه بيده و صعد إلى أعلى موضع من قصره، و وقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه، مسرورا بما اوتي، فرحا بما اعطي، إذ نظر إلى شاب حسن الوجه و اللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره، فلما أبصر به سليمان (عليه السلام)، قال له: من أدخلك إلى هذا القصر، و قد أردت أن أخلوا فيه هذا اليوم. و بإذن من دخلت؟ قال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه، و بإذنه دخلت. فقال: ربه أحق به مني، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت. قال: و فيم جئت؟ قال جئت لأقبض روحك. قال: امض لما أمرت به، فهذا يوم سروري، و أبى الله عز و جل أن يكون لي سرور دون لقائه.

فقبض ملك الموت روحه و هو متكئ على عصاه، فبقي سليمان متكئا على عصاه و هو ميت ما شاء الله،

__________________________________________________

1- الكافي 8: 144/ 114.

2- عيون أخبار الرّضا 1: 265/ 24، علل الشرائع: 73/ 2.

(1) في المصدر زيادة: عن أبيه محمد بن

عليّ. [.....]

(2) في المصدر: ما تمّ لي سرور يوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 511

و الناس ينظرون إليه و هم يقدرون أنه حي، فافتتنوا فيه، و اختلفوا، فمنهم من قال: إن سليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة و لم يتعب، و لم ينم، و لم يأكل، و لم يشرب! إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده. و قال قوم:

إن سليمان ساحر، و إنه ليرينا أنه واقف متكئ على عصاه فيسحر أعيننا، و ليس كذلك. و قال المؤمنون: إن سليمان هو عبد الله و نبيه، يدبر الله أمره بما شاء.

فلما اختلفوا بعث الله عز و جل الأرضة فدبت في عصا سليمان، فلما أكلت جوفها انكسرت العصا، و خر سليمان من قصره على وجهه، فشكرت الجن الأرضة على صنيعها، فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلا و عندها ماء و طين، و ذلك قول الله عز و جل: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ يعني عصاه فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ».

ثم قال الصادق (عليه السلام): «و ما نزلت هذه الآية هكذا، و إنما نزلت: فلما خر تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين».

8758/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أمر سليمان بن داود الجن فصنعوا له قبة من قوارير، فبينما هو متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى الجن كيف يعملون، و

هم ينظرون إليه، إذ حانت منها التفاتة، فإذا رجل معه في القبة، قال: من أنت؟ قال أنا الذي لا أقبل الرضا، و لا أهاب الملوك، أنا ملك الموت. فقبضه و هو قائم متكئ على عصاه في القبة، و الجن ينظرون إليه- قال- فمكثوا سنة يدأبون له حتى بعث الله عز و جل الأرضة، فأكلت منسأته، و هي العصا فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الجن يشكرون الأرضة ما صنعت بعصا سليمان (عليه السلام)، فما تكاد تراها في مكان إلا و عندها ماء و طين».

8759/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لقد شكرت الشياطين الأرضة حين أكلت عصا سليمان (عليه السلام) حتى سقط، و قالوا: عليك الخراب، و علينا الماء و الطين، فلا تكاد تراها في موضع إلا رأيت ماء و طينا».

8760/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، و فضالة، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الجن

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 74/ 3.

4- علل الشرائع: 74/ 4.

5- علل الشرائع: 72/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 512

شكرت الأرضة ما صنعت بعصا سليمان،

فما تكاد تراها «1» إلا و عندها ماء و طين».

8761/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: لما أوحى الله إلى سليمان إنك ميت، أمر الشياطين أن يتخذوا له بيتا من قوارير، و وضعوه في لجة البحر، و دخله فاتكأ على عصاه، و كان يقرأ الزبور و الشياطين حوله ينظرون إليه لا يجسرون أن يبرحوا، فبينما هو كذلك إذ حانت منه التفاتة، فإذا هو برجل معه في القبة، ففزع منه سليمان، فقال له:

«من أنت؟» قال: أنا الذي لا أقبل الرشا، و لا أهاب الملوك. فقبضه و هو متكئ على عصاه سنة و الجن يعملون له، و لا يعلمون بموته، حتى بعث الله الأرضة، فأكلت منسأته، فلما خر على وجهه تبينت الإنس أن لو كان الجن «2» يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، فهكذا نزلت هذه الآية، و ذلك أن الإنس كانوا يقولون: إن الجن يعلمون الغيب، فلما سقط سليمان على وجهه علم الإنس أن لو يعلم الجن الغيب لم يعملوا سنة لسليمان و هو ميت، و يتوهمونه حيا- قال- فالجن تشكر الأرضة بما عملت بعصا سليمان.

قال: فلما هلك سليمان وضع إبليس السحر و كتبه في كتاب، ثم طواه و كتب على ظهره: هذا ما وضعه آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز الملك و العلم، من أراد كذا و كذا فليعمل كذا و كذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان إلا بهذا. و قال المؤمنون: بل هو عبد الله و نبيه.

8762/ [7]- الطبرسي: «تبينت الإنس» و هي قراءة علي بن الحسين، و أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة سبأ(34): الآيات 15 الي 19 ..... ص : 512

قوله تعالى:

لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ

يَمِينٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ- إلى قوله تعالى- لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [15- 19]

8763/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير، قال سأل رجل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ.

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 199.

7- مجمع البيان 8: 594.

1- الكافي 8: 395/ 5996.

(1) زاد في المصدر: في مكان.

(2) في المصدر: أن لو كانوا، أي الجن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 513

فقال: «هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا بأنعم الله، و غيروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عز و جل عليهم سيل العرم، فغرق قراهم، و خرب ديارهم، و أذهب أموالهم، و أبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط «1»، و أثل، و شي ء من سدر قليل، ثم قال الله عز و جل:

ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ».

8764/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ الآية.

فقال: «هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا بأنعم الله، و غيروا ما بأنفسهم من عافية الله، فغير الله ما بهم من نعمة و إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عليهم سيل العرم، فغرق قراهم، و خرب

ديارهم، و أذهب أموالهم، و أبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط، و أثل، و شي ء من سدر قليل، ثم قال: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ».

8765/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: فإن بحرا كان من اليمن، و كان سليمان أمر جنوده أن يجروا له خليجا من البحر العذب إلى بلاد الهند، ففعلوا ذلك، و عقدوا له عقدة عظيمة من الصخر و الكلس حتى يفيض على بلادهم، و جعلوا للخليج مجاري، فكانوا إذا أرادوا أن يرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون إليه، و كان لهم جنتان عن يمين و شمال، عن مسيرة عشرة أيام، فيها يمر المار لا تقع عليه الشمس من التفافهما «2»، فلما عملوا بالمعاصي، و عتوا عن أمر ربهم، و نهاهم الصالحون فلم ينتهوا، بعث الله على ذلك السد الجرذ- و هي الفأرة الكبيرة- فكانت تقتلع الصخرة التي لا يستقلعها «3» الرجل، و ترمي بها، فلما رأى ذلك قوم منهم هربوا و تركوا البلاد، فما زال الجرذ يقلع الحجر حتى خربوا ذلك السد، فلم يشعروا حتى غشيهم السيل، و خرب بلادهم، و قلع أشجارهم، و هو قوله:

لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ إلى قوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ يعني العظيم الشديد وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ و هو ام غيلان وَ أَثْلٍ قال: هو نوع من الطرفاء وَ شَيْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا إلى قوله تعالى: بارَكْنا فِيها قال: مكة.

8766/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام، قال: دخل قتادة بن

دعامة على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة؟» فقال: هكذا يزعمون. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «بلغني أنك تفسر القرآن؟» قال له قتادة: نعم. فقال له أبو

__________________________________________________

2- الكافي 2: 210/ 23.

3-- تفسير القمّي 2: 200.

4- الكافي 8: 311/ 485.

(1) الخمط: كلّ نبت قد أخذ طعما من مرارة حتّى لا يمكن أكله. «لسان العرب- خمط- 7: 296».

(2) في «ط، ي»: فيها ثمر لا يقع عليها الشمس من التفافها. [.....]

(3) في المصدر: يستقيلها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 514

جعفر (عليه السلام): «بعلم تفسره، أم بجهل؟». قال: لا، بعلم، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت، و أنا أسألك». قال قتادة: سل.

قال: «أخبرني عن قول الله عز و جل في سبأ: وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ». فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد، و راحلة، و كراء حلال يريد هذا البيت، كان آمنا حتى يرجع إلى أهله.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أنشدك بالله- يا قتادة- هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال، [و راحلة] و كراء حلال، يريد هذا البيت، فيقطع عليه الطريق، فتذهب نفقته، و يضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟» قال قتادة: اللهم نعم.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ويحك- يا قتادة- إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت أخذته من الرجال فقد هلكت و أهلكت. ويحك- يا قتادة- ذلك من خرج من بيته بزاد، و راحلة، و كراء حلال يروم هذا البيت، عارفا بحقنا، يهوانا قلبه، كما قال الله عز و جل: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «1»

و لم يعن البيت، فيقول: إليه، فنحن و الله دعوة إبراهيم (صلى الله عليه و آله) التي من هوانا قلبه قبلت حجته، و إلا فلا. يا قتادة، فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة».

قال قتادة: لا جرم، و الله لا فسرتها إلا هكذا. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما يعرف القرآن من خوطب به».

8767/ [5]- الشيخ في (غيبته)، قال: روى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن صالح الهمداني، قال: كتبت إلى صاحب الزمان (عليه السلام): أن أهل بيتي يؤذونني، و يقرعونني «2» بالحديث الذي روي عن ءابائك (عليهم السلام)، أنهم قالوا: «خدامنا و قوامنا شرار خلق الله» فكتب: «ويحكم، ما تقرءون ما قال الله تعالى: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً فنحن و الله القرى التي بارك الله فيها، و أنتم القرى الظاهرة».

و رواه ابن بابويه: في (غيبته)، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قالا: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، عن محمد بن صالح الهمداني، عن صاحب الزمان (عليه السلام)، الحديث إلى آخره «3».

8768/ [6]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث في معنى الآية- قال: «يا أبا بكر، سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ- فقال- مع قائمنا أهل البيت».

8769/ [7]- محمد بن العباس: عن الحسين بن علي بن زكريا البصري، عن الهيثم بن عبد الله الرماني، قال:

__________________________________________________

5- الغيبة: 345/ 295.

6- علل الشرائع: 91/ ذ ح 5.

7- تأويل الآيات 2: 471/ 1.

(1) إبراهيم 14: 37.

(2) التقريع: التأنيب: و التعنيف. «لسان العرب- قرع- 8: 266». في «ي، ط»: و يفزعوني.

(3) كمال الدين

و تمام النعمة: 483/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 515

حدثني علي بن موسى، قال: «حدثني أبي موسى، عن أبيه جعفر (عليهم السلام)، قال: دخل على أبي بعض من يفسر القرآن، فقال له: أنت فلان؟ و سماه باسمه، قال: نعم. قال: أنت الذي تفسر القرآن؟ قال: نعم. قال: فكيف تفسر هذه الآية: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ؟ قال: هذه بين مكة و منى. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أ يكون في هذا الموضع خوف و قطع؟ قال: نعم، قال: فموضع يقول الله عز و جل: آمن، يكون فيه خوف و قطع؟! قال: فما هو؟ قال: ذاك نحن أهل البيت، قد سماكم الله أناسا، و سمانا قرى.

قال: جعلت فداك، أوجدت هذا في كتاب الله أن القرى رجال؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): أليس الله تعالى يقول: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها «1»، فللجدران و الحيطان السؤال، أم للناس؟ و قال تعالى: وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً «2» فلمن العذاب: للرجال، أم للجدران و الحيطان؟».

8770/ [8]- و

عنه: عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دخل الحسن البصري على محمد بن علي (عليه السلام)، فقال له: يا أخا أهل البصرة، بلغني أنك فسرت آية من كتاب الله على غير ما أنزلت، فإن كنت فعلت فقد هلكت و استهلكت «3». قال: و ما هي،

جعلت فداك؟ قال: قول الله عز و جل: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ. ويحك، كيف يجعل الله لقوم أمانا و متاعهم يسرق بمكة و المدينة و ما بينهما، و ربما أخذ عبدا، و قتل، و فاتت نفسه- ثم مكث مليا، ثم أومأ بيده إلى صدره، و قال- نحن القرى التي بارك الله فيها.

قال: جعلت فداك، أوجدت هذا في كتاب الله: أن القرى رجال؟ قال: نعم، قوله عز و جل: وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً «4»، فمن العاتي على الله عز و جل:

الحيطان، أم البيوت، أم الرجال؟

فقال: الرجال ثم قال: جعلت فداك، زدني. قال: قوله عز و جل في سورة يوسف (عليه السلام): وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها «5»، لمن أمروه أن يسأل، عن القرية و العير، أم الرجال؟

فقال: جعلت فداك، فأخبرني عن القرى الظاهرة. قال: هم شيعتنا- يعني العلماء منهم-».

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 472/ 2.

(1) يوسف 12: 82.

(2) الاسراء 17: 58.

(3) استهلكه: بمعنى أهلكه.

(4) الطلاق 65: 8.

(5) يوسف 12: 82.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 516

8771/ [9]- و في قوله تعالى: سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ

روي عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، أنه قال: «آمنين من الزيغ» أي فيما يقتبسون منهم من العلم في الدنيا و الدين.

8772/ [10]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي حمزة الثمالي، قال: دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال له: جعلني الله فداك، أخبرني عن قول

الله عز و جل: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ. قال له: «ما تقول الناس فيها قبلكم بالعراق؟». فقال: يقولون إنها مكة. فقال: «و هل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكة؟».

قال: فما هو؟ قال: «إنما عنى الرجال». قال: و أين ذلك في كتاب الله؟ فقال: «أ و ما تسمع إلى قوله عز و جل:

وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ «1»، و قال: وَ تِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ «2»، و قال: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها «3»، أ فيسأل القرية، و العير، أو الرجال؟». قال: و تلا عليه آيات في هذا المعنى.

قال: جعلنا فداك، فمن هم؟ قال: «نحن هم». و قوله: سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ، قال: «آمنين من الزيغ».

8773/ [11]- و

عنه، في (الاحتجاج): عن أبي حمزة الثمالي، قال: أتى الحسن البصري أبا جعفر (عليه السلام)، قال: يا أبا جعفر، ألا أسألك عن أشياء من كتاب الله؟ فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «أ لست فقيه أهل البصرة؟» قال: قد يقال ذلك. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟» قال: لا. قال: «فجميع أهل البصرة يأخذون عنك؟» قال: نعم.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «سبحان الله! لقد تقلدت عظيما من الأمر، بلغني عنك أمر فما أدري أ كذلك أنت، أم يكذب عليك؟». قال: ما هو؟ قال: «زعموا أنك تقول: إن الله خلق العباد و فوض إليهم أمورهم». قال: فسكت الحسن، فقال: «أ رأيت من قال الله له في كتابه: إنك آمن، هل عليه خوف بعد هذا القول؟»

فقال الحسن: لا.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إني أعرض عليك آية، و أنهي إليك خطابا، و لا أحسبك إلا و قد فسرته على غير وجهه، فإن كنت فعلت ذلك فقد هلكت و أهلكت» فقال له: ما هو؟ فقال: «أ رأيت الله حيث يقول: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ يا حسن، بلغني أنك أفتيت الناس، فقلت: هي مكة؟».

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 473/ 3. [.....]

10- الاحتجاج: 313.

11- الاحتجاج: 327.

(1) الطلاق 65: 8.

(2) الكهف 18: 59.

(3) يوسف 12: 82.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 517

و قال أبو جعفر (عليه السلام): «فهل يقطع على من حج مكة، و هل يخاف أهل مكة، و هل تذهب أموالهم؟».

قال: بلى. قال: «فمتى يكونون آمنين؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن، فنحن القرى التي بارك الله فيها، و ذلك قول الله عز و جل. فمن أقر بفضلنا حيث أمرهم الله أن يأتونا، فقال: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها أي جعلنا بينهم و بين شيعتهم القرى التي باركنا فيها قُرىً ظاهِرَةً، و القرى الظاهرة: الرسل، و النقلة عنا إلى شيعتنا، و فقهاء شيعتنا إلى شيعتنا.

و قوله تعالى: وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ، فالسير مثل للعلم سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً، مثل لما يسير من العلم في الليالي و الأيام عنا إليهم في الحلال، و الحرام، و الفرائض، و الأحكام آمِنِينَ فيها إذا أخذوا من معدنها الذي أمروا أن يأخذوا منه، آمنين من الشك و الضلال، و النقلة من الحرام إلى الحلال لأنهم أخذوا العلم ممن وجب لهم أخذهم إياه عنهم بالمعرفة «1»، لأنهم أهل

ميراث العلم من آدم إلى حيث انتهوا، ذرية مصطفاة بعضها من بعض، فلم ينته الأمر «2» إليكم، بل إلينا انتهى، و نحن تلك الذرية المصطفاة، لا أنت، و لا أشباهك، يا حسن. فلو قلت لك حين ادعيت ما ليس لك، و ليس إليك: يا جاهل أهل البصرة، لم أقل فيك إلا ما علمته منك، و ظهر لي عنك، و إياك أن تقول بالتفويض، فإن الله عز و جل لم يفوض الأمر إلى خلقه و هنا منه و ضعفا، و لا أجبرهم على معاصيه ظلما».

8774/ [12]- و

عنه في (الاحتجاج): أن الصادق (عليه السلام) قال لأبي حنيفة لما دخل عليه، قال: «من أنت؟» قال: أبو حنيفة. قال (عليه السلام): «مفتي أهل العراق؟» قال: نعم. قال: «بم تفتيهم؟». قال: بكتاب الله، قال (عليه السلام):

«و إنك لعالم بكتاب الله: ناسخه، و منسوخه، و محكمه، و متشابهه؟». قال: نعم.

قال: «فأخبرني عن قول الله عز و جل: وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ أي موضع هو؟» قال: أبو حنيفة: هو ما بين مكة و المدينة. فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى جلسائه، و قال: «نشدتكم بالله، هل تسيرون بين مكة و المدينة و لا تأمنون على دمائكم من القتل، و لا على أموالكم من السرق؟». فقالوا: اللهم نعم.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويحك- يا أبا حنيفة- إن الله لا يقول إلا حقا، أخبرني عن قول الله عز و جل:

وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً «3»، أي موضع هو؟» قال: ذلك بيت الله الحرام. فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى جلسائه قال: «نشدتكم بالله، هل تعلمون أن عبد الله بن الزبير، و سعيد بن جبير دخلاه

فلم يأمنا القتل؟». قالوا: اللهم نعم.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويحك- يا أبا حنيفة- إن الله لا يقول إلا حقا». فقال أبو حنيفة: ليس لي علم بكتاب الله، إنما أنا صاحب قياس- و ساق حديثا طويلا-.

__________________________________________________

12- الاحتجاج: 360.

(1) في «ج»: ممن وجب لهم بأخذهم إيّاهم عنهم المغفرة.

(2) في «ج» و المصدر: الاصطفاء.

(3) آل عمران 3: 97.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 518

8775/ [13]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت، عن القاسم بن إسماعيل، عن محمد ابن سنان، عن سماعة بن مهران، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ. قال: «صبار على مودتنا، و على ما نزل به من شدة أو رخاء، صبور على الأذى فينا، شكور الله تعالى على ولايتنا أهل البيت».

سورة سبأ(34): آية 20 ..... ص : 518

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [20]

8776/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن مسمع بن الحجاج، عن صباح الحذاء، عن صباح المزني، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) يوم الغدير، صرخ إبليس في جنوده صرخة، فلم يبق منهم أحد في بر و لا بحر إلا أتاه، فقالوا: يا سيدهم و مولاهم، ماذا دهاك، فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا. فقالوا: يا سيدهم، أنت كنت لآدم.

فلما قال المنافقون: إنه ينطق عن الهوى، و قال أحدهما لصاحبه:

أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون، يعنون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، صرخ إبليس صرخة بطرب، فجمع أولياءه، فقال: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد و لم يكفر بالرب، و هؤلاء نقضوا العهد، و كفروا بالرسول.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أقام الناس غير علي، لبس إبليس تاج الملك، و نصب منبرا، و قعد في الزينة «1»، و جمع خيله و رجله «2»، ثم قال لهم: اطربوا، لا يطاع الله حتى يقام إمام «3»». و تلا أبو جعفر (عليه السلام):

وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الظن من إبليس، حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إنه ينطق عن الهوى، فظن إبليس بهم ظنا فصدقوا ظنه».

__________________________________________________

13- تأويل الآيات 2: 473/ 4.

1- الكافي 8: 344/ 542.

(1) في المصدر: الوثبة. و قعد في الوثبة: أي الوسادة. «مرآة العقول 26: 507».

(2) رجله: أي رجّالته.

(3) في المصدر: حتّى يقوم الإمام. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 519

8777/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس في قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «1» في علي بغدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر، و حثوا التراب على وجوههم «2»، فقال لهم إبليس: ما لكم؟ قالوا: إن

هذا الرجل، قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شي ء إلى يوم القيامة. فقال لهم إبليس: كلا، إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني. فأنزل الله على رسوله: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ الآية».

8778/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن ابن فضال، عن عبد الصمد بن بشير، عن عطية العوفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أخذ بيد علي (عليه السلام) بغدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، كان إبليس لعنه الله حاضرا بعفاريته، فقالت له- حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه-: و الله ما هكذا قلت لنا، لقد أخبرتنا أن هذا إذا مضى افترق أصحابه، و هذا أمر مستقر، كلما أراد أن يذهب واحد بدر آخر. فقال: افترقوا، فإن أصحابه قد وعدوني أن لا يقروا له بشي ء مما قال. و هو قوله عز و جل: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ».

8779/ [4]- علي بن إبراهيم، عن زيد الشحام، قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام)، و سأله عن قوله عز و جل: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قال: «لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس، و هو قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ «3» أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) يوم غدير خم، و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، حثت الأبالسة التراب

على رؤوسها، فقال لهم إبليس الأكبر: ما لكم؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل اليوم عقدة لا يحلها إنسي إلى يوم القيامة. فقال لهم إبليس: كلا، إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة، و لن يخلفوني فيها. فأنزل الله سبحانه هذه الآية: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعني شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)».

سورة سبأ(34): الآيات 21 الي 26 ..... ص : 519

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [21- 23]

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 201.

3- تأويل الآيات 2: 473/ 5.

4- تأويل الآيات 2: 474/ 6.

(1) المائدة 5: 67.

(2) في المصدر: رؤوسهم.

(3) المائدة 5: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 520

8780/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ كناية عن إبليس إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَ رَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ حَفِيظٌ.

ثم قال عز و جل احتجاجا منه على عبدة الأوثان: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ ما لَهُمْ فِيهِما كناية عن السماوات و الأرض مِنْ شِرْكٍ وَ ما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ و قوله تعالى: وَ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ قال: لا يشفع أحد من أنبياء الله و رسله يوم القيامة حتى يأذن الله له إلا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن الله قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، و الشفاعة له و للأئمة من ولده، و من بعد ذلك للأنبياء (عليهم السلام).

8781/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن

معاوية بن عمار، عن أبي العباس المكبر، قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين (عليه السلام) علي أبي جعفر (عليه السلام)، يقال له أبو أيمن، فقال: يا أبا جعفر، يغرون «1» الناس، و يقولون: «شفاعة محمد، شفاعة محمد»؟! فغضب أبو جعفر (عليه السلام) حتى تغير «2» وجهه، ثم قال: «ويحك- يا أبا أيمن- أغرك أن عف بطنك و فرجك، أما لو رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله)، ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار».

ثم قال: «ما من أحد من الأولين و الآخرين إلا و هو محتاج إلى شفاعة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الشفاعة في أمته، و لنا الشفاعة في شيعتنا، و لشيعتنا الشفاعة في أهاليهم». ثم قال: «و إن المؤمن ليشفع في مثل ربيعة و مضر، و إن المؤمن ليشفع حتى لخادمه، يقول: يا رب، حق خدمتي، كان يقيني الحر و البرد».

8782/ [3]- شرف الدين النجفي: قال علي بن إبراهيم (رحمه الله): روي عن أبي جعفر «3» (عليه السلام) أنه قال: «لا يقبل الله الشفاعة يوم القيامة لأحد من الأنبياء و الرسل حتى يأذن له في الشفاعة إلا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن الله قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، فالشفاعة له، و لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و للأئمة من ولده (عليهم السلام)، ثم من بعد ذلك للأنبياء (صلوات الله عليهم)».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 201.

2- تفسير القمّي 2: 202.

3- تأويل الآيات 2: 476/ 8.

(1) في «ط، ي» تغرّون الناس و تقولون.

(2) في

المصدر: تربّد.

(3) في «ج، ي» و المصدر: أبي عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 521

8783/ [4]- قال: و روى أيضا عن أبيه، عن علي بن مهران، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شفاعة النبي (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة قال: «يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد، فيلجمهم العرق، فيقولون: انطلقوا بنا إلى أبينا آدم (عليه السلام) يشفع لنا. فيأتون آدم (عليه السلام)، فيقولون له: اشفع لنا عند ربك. فيقول: إن لي ذنبا و خطيئة، و إني أستحيي من ربي، فعليكم بنوح. فيأتون نوحا، فيردهم إلى من يليه، و يردهم كل نبي إلى من يليه من الأنبياء، حتى ينتهوا إلى عيسى (عليه السلام)، فيقول: عليكم بمحمد (صلى الله عليه و آله).

فيأتون محمدا (صلى الله عليه و آله)، فيعرضون أنفسهم عليه، و يسألونه أن يشفع لهم، فيقول: انطلقوا بنا فينطلقون حتى يأتي باب الجنة، فيستقبل وجه الرحمن سبحانه، و يخر ساجدا، فيمكث ما شاء الله، فيقول الله له: ارفع رأسك- يا محمد- و اشفع تشفع، و سل تعط. فيشفع فيهم».

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ [23- 26]

8784/ [1]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ: «و ذلك أن أهل السماوات لم يسمعوا وحيا فيما بين أن بعث عيسى بن مريم (عليه السلام) إلى أن بعث محمد (صلى الله عليه و آله)، فلما بعث الله جبرئيل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسمع أهل السماوات

صوت وحي القرآن كوقع الحديد على الصفا، فصعق أهل السماوات، فلما فرغ من الوحي انحدر جبرئيل، كلما مر بأهل سماء فزع عن قلوبهم. يقول: كشف عن قلوبهم، فقال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، و هو العلي الكبير».

قوله تعالى: قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا، يقول: يقضي بيننا بِالْحَقِّ وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ قال:

القاضي العليم.

سورة سبأ(34): آية 28 ..... ص : 521

قوله تعالى:

وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ [28]

8785/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عبد الله الطائي، قال: حدثنا

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 476/ 9.

1- تفسير القمّي 2: 202. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 202.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 522

محمد بن أبي عمير، قال: حدثنا حفص الكناسي، قال: سمعت عبد الله بن بكر الأرجاني، قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): «أخبرني عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، كان أرسل عامة للناس، أليس قد قال الله في محكم كتابه: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ لأهل المشرق و المغرب، و أهل السماء و الأرض من الجن و الإنس، هل بلغ «1» رسالته إليهم كلهم؟» قلت: لا أدري.

قال: «يا بن بكر، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يخرج من المدينة، فكيف أبلغ أهل المشرق و المغرب؟» قلت: لا أدري.

قال: «إن الله تعالى أمر جبرئيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه، و نصبها لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكانت بين يديه مثل راحته في كفه، ينظر إلى أهل المشرق و المغرب، و يخاطب كل قوم بألسنتهم، و يدعوهم إلى الله تعالى و إلى نبوته بنفسه، فما بقيت قرية و لا مدينة إلا و دعاهم النبي (صلى

الله عليه و آله) بنفسه».

8786/ [2]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سليمان، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قلت له: جعلت فداك، فهل يرى الإمام ما بين المشرق و المغرب؟

قال: «يا ابن بكر، فكيف يكون حجة على ما بين قطريها و هو لا يراهم، و لا يحكم فيهم؟ و كيف يكون حجة على قوم غيب لا يقدر عليهم و لا يقدرون عليه؟ و كيف يكون مؤديا عن الله، و شاهدا على الخلق و هو لا يراهم؟

و كيف يكون حجة عليهم و هو محجوب عنهم، و قد حيل بينهم و بينه أن يقوم بأمر ربه فيهم، و الله يقول: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ يعني به من على الأرض، و الحجة من بعد النبي (صلى الله عليه و آله) يقوم مقام النبي (صلى الله عليه و آله) من بعده، و هو الدليل على ما تشاجرت فيه الأمة، و الآخذ بحقوق الناس».

و قد تقدم حديث صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ «2».

سورة سبأ(34): الآيات 31 الي 33 ..... ص : 522

قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ- إلى قوله تعالى- وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ [31- 33] 8787/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله لنبيه قول الكفار من قريش و غيرهم:

__________________________________________________

2- كامل الزيارات: 326/ 2.

1- تفسير القمي 2: 203.

(1) في «ي» و «ط»

نسخة بدل: أبلغ.

(2) تقدم في الحديث (4، 7) من تفسير الآية (85) من سورة القصص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 523

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَ لا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من كتب الأنبياء وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا و هم الرؤساء لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى و هو البيان العظيم بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ، ثم يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ يعني مكرتم بالليل و النهار.

قال: قوله تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ قال: قال: «يسرون الندامة في النار إذا رأوا ولي الله» فقيل: يا ابن رسول الله، و ما يغنيهم إسرار الندامة و هم في العذاب؟ قال: «يكرهون شماتة الأعداء».

8788/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسين، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن رجل، عن حماد بن عيسى، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله تبارك و تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ، قال: قيل له: ما ينفعهم إسرار الندامة و هم في العذاب؟ قال: «كرهوا شماتة الأعداء».

سورة سبأ(34): الآيات 35 الي 37 ..... ص : 523

قوله ت٘Ǚęɺ

نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ [35- 37] 8789/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم افتخروا على الله بالغنى، فقالوا: نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فرد الله عليهم، فقال: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ

لا يَعْلَمُونَ وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً.

8790/ [3]- قال: و ذكر رجل عند أبي عبد الله (عليه السلام) الأغنياء، و وقع فيهم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«اسكت، فإن الغني إذا كان وصولا لرحمه، بارا بإخوانه أضعف الله له الأجر ضعفين، لأن الله يقول: وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ».

8791/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 313.

2- تفسير القمّي 2: 203.

3- تفسير القمّي 2: 203.

4- علل الشرائع: 604/ 73.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 524

ابن محبوب، عن إبراهيم الجازي «1»، عن أبي بصير، قال: ذكرنا عند أبي جعفر (عليه السلام) من الأغنياء من الشيعة، فكأنه كره ما سمع منا فيهم، قال: «يا أبا محمد، إذا كان المؤمن غنيا، رحيما، وصولا، له معروف إلى أصحابه أعطاه الله أجر ما ينفق في البر أجره مرتين ضعفين، لأن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ».

سورة سبأ(34): الآيات 39 الي 41 ..... ص : 524

قوله تعالى:

وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ- إلى قوله تعالى- بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [39- 41]

8792/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: آيتان

في كتاب الله عز و جل، أطلبهما فلا أجدهما. قال: «و ما هما؟» قلت: قول الله عز و جل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «2» فندعوه، و لا نرى إجابة. قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟» قلت: لا. قال: «فمم ذلك؟». قلت: لا أدري. قال: «لكني أخبرك، من أطاع الله عز و جل فيما أمره، ثم دعاه «3» من جهة الدعاء أجابه».

قلت: و ما جهة الدعاء؟ قال: «تبدأ فتحمد الله، و تذكر نعمة عندك، ثم تشكره، ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم تذكر ذنوبك فتقربها، ثم تستعيذ منها، فهذا جهة الدعاء».

ثم قال: «و ما الآية الاخرى؟» قلت: قول الله عز و جل: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، و إني أنفق و لا أرى خلفا؟ قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟». قلت: لا. قال: «فمم ذلك؟». قلت:

لا أدري. قال: «لو أن أحدكم اكتسب المال من حله، و أنفقه في حله، لم ينفق درهما إلا اخلف عليه».

8793/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الرب تبارك و تعالى ينزل أمره كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أول الليل، و في كل ليلة في الثلث الأخير،

__________________________________________________

1- الكافي 2: 352/ 8.

2- تفسير القمّي 2: 204.

(1) في «ي، ط»: الجاري، لم نعثر عليه في كتب الرجال و الظاهر تصحيف الخارقي الذي يروي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و يروي عنه ابن محبوب، راجع معجم رجال الحديث 1: 358.

(2) غافر 40: 60.

(3) في «ج، ي، ط» من دعائه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 525

و

أمامه «1» ملكان يناديان «2»: هل من تائب يتاب عليه؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟

اللهم أعط كل منفق خلفا، و كل ممسك تلفا «3». فإذا طلع الفجر عاد أمر الرب إلى عرشه، فيقسم الأرزاق بين العباد».

ثم قال للفضيل بن يسار: «يا فضيل، نصيبك من ذلك، و هو قول الله: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ فتقول الملائكة:

سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ».

سورة سبأ(34): آية 45 ..... ص : 525

قوله تعالى:

وَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ [45]

8794/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني علي بن الحسين، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن حسان، عن هشام بن عمار، يرفعه، في قوله: وَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ، قال: «كذب الذين من قبلهم رسلهم، و ما بلغ ما آتينا رسلهم معشار ما آتينا محمدا و آل محمد (عليهم السلام)».

سورة سبأ(34): آية 46 ..... ص : 525

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى [46]

8795/ [2]- علي بن إبراهيم، عن جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، قال: «إنما أعظكم بولاية علي (عليه السلام) «4»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 204.

2- تفسير القمّي 2: 204.

(1) في «ج، ي، ط» زيادة: يعني آخره.

(2) في المصدر: ملك ينادي.

(3) في المصدر زيادة: إلى أن يطلع الفجر.

(4) في المصدر زيادة: هي الواحدة التي قال اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 526

8796/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، فقال: «إنما أعظكم بولاية علي (عليه السلام)، هي الواحدة التي قال الله تبارك و تعالى: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ».

8797/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى ، قال:

«بالولاية».

قلت: و كيف ذاك؟ قال: «إنه لما نصب النبي (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اغتابه رجل، و قال: إن محمدا ليدعو كل يوم إلى أمر جديد، و قد بدأ بأهل بيته يملكهم رقابنا.

فأنزل الله عز و جل على نبيه (صلى الله عليه و آله) بذلك قرآنا، فقال له: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، فقد أديت إليكم ما افترض ربكم عليكم».

قلت: فما معنى قوله عز و جل: أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى ؟ فقال: «أما مثنى: يعني طاعة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و طاعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و أما قوله فرادى: فيعني طاعة الإمام من ذريتهما من بعدهما، و لا و الله- يا يعقوب- ما عنى غير ذلك».

8798/ [4]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، قال: «فإن الله جل ذكره أنزل عزائم الشرائع، و آيات الفرائض في أوقات مختلفة كما خلق السماوات و الأرض في ستة أيام، و لو شاء الله لخلقها في أقل من لمح البصر، و لكنه جعل الأناة و المداراة مثالا لامنائه، و إيجابا لحججه «1» على خلقه، فكان أول ما قيدهم به: الإقرار له بالوحدانية و الربوبية، و الشهادة بأن لا إله إلا الله، فلما أقروا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و الشهادة له بالرسالة، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصوم، ثم الحج «2»، ثم الصدقات و ما يجري

مجراها من مال الفي ء.

فقال المنافقون: هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض شي ء آخر يفترضه، فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ يعني الولاية، و أنزل الله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «3»، و ليس بين الامة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد و هو راكع غير رجل واحد، لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره، و هذا و ما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرفون، فيبلغ إليك و إلى أمثالك، و عند ذلك قال

__________________________________________________

2- الكافي 1: 347/ 41.

3- تأويل الآيات 2: 477/ 10.

4- الاحتجاج: 254.

(1) في المصدر: للحجّة.

(2) في المصدر زيادة: ثم الجهاد.

(3) المائدة 5: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 527

الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «1»».

سورة سبأ(34): آية 47 ..... ص : 527

قوله تعالى:

قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ [47]

8799/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «2»، قال:

«من تولى الأوصياء من آل محمد، و اتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)، و هو قوله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها «3»، يدخله الجنة و هو قول الله عز و جل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ

لَكُمْ، يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم، تهتدون به، و تنجون من عذاب يوم القيامة».

8800/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ: «و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سأل قومه أن يوادوا أقاربه و لا يؤذوهم، و أما قوله:

فَهُوَ لَكُمْ يقول: ثوابه لكم».

سورة سبأ(34): آية 49 ..... ص : 527

قوله تعالى:

وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ [49]

8801/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، قال: أولم إسماعيل، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «عليك بالمساكين فأشبعهم، فإن الله عز و جل يقول: وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 379/ 574.

2- تفسير القمّي 2: 204. [.....]

3- الكافي 6: 299/ 16.

(1) المائدة 5: 3.

(2) الشورى 42: 23.

(3) النمل 27: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 528

سورة سبأ(34): الآيات 50 الي 54 ..... ص : 528

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ [51- 54]

8801/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني: عن علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن خالد، عن الحسن بن مبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الهمداني، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: «المهدي أقبل «1» جعد، بخده خال، يكون مبدأه من قبل المشرق. فإذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة: تسعة أشهر، يخرج بالشام، فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله عن الخروج معه، و يأتي المدينة بجيش جرار، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ».

8803/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي خالد الكابلي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله لكأني أنظر إلى القائم (عليه السلام)

و قد أسند ظهره إلى الحجر، ثم ينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس، من يحاجني في الله فأنا أولى بالله. أيها الناس، من يحاجني في آدم فأنا أولى بآدم.

أيها الناس، من يحاجني في نوح فأنا أولى بنوح. أيها الناس، من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم. أيها الناس، من يحاجني في موسى فأنا أولى بموسى. أيها الناس، من يحاجني في عيسى فأنا أولى بعيسى. أيها الناس، من يحاجني في رسول الله فأنا أولى برسول الله. أيها الناس، من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب الله. ثم ينتهي إلى المقام، فيصلي ركعتين، و ينشد الله حقه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «هو و الله المضطر في كتاب الله، في قوله: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ «2»، فيكون أول من يبايعه جبرئيل، ثم الثلاث مائة و الثلاثة عشر رجلا، فمن كان ابتلي بالمسير وافى، و من لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه، و هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): هم المفقودون عن فرشهم. و ذلك قول الله:اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

«3»- قال- الخيرات: الولاية، و قال في موضع آخر: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ «4»، و هم أصحاب

__________________________________________________

1- الغيبة 304/ 14.

2- تفسير القمّي 2: 205.

(1) القبل في العين: إقبال السواد على الأنف، و هو الذي كأنّه ينظر إلى طرّف أنفه. «الصحاح- قبل- 5: 1796».

(2) النمل 27: 62.

(3) البقرة 2: 148.

(4) هود 11: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 529

القائم (عليه السلام)، يجتمعون إليه في ساعة واحدة.

فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم، و هو

قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ يعني بالقائم من آل محمد (عليهم السلام)، وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ- إلى قوله- وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ يعني أن لا يعذبوا كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ يعني من كان قبلهم من المكذبين هلكوا».

8804/ [3]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا. قال: «من الصوت، و ذلك الصوت من السماء».

و في قوله: وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال: «من تحت أقدامهم خسف بهم».

8805/ [4]- ثم

قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله: وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، قال: «إنهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال، و قد كان لهم مبذولا من حيث ينال».

8806/ [5]- العياشي: عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة- و ذكر حديثا طويلا يتضمن غيبة صاحب الأمر (عليه السلام) و ظهوره، إلى أن قال (عليه السلام)- فيدعو الناس- يعني القائم (عليه السلام)- إلى كتاب الله، و سنة نبيه، و الولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و البراءة من عدوه، و لا يسمي أحدا، حتى ينتهي إلى البيداء، فيخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم، و هو قول الله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ يعني بقائم آل محمد وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ

يعني بقائم آل محمد- إلى آخر السورة- فلا يبقى منهم إلا رجلان، يقال لهما: وتر، و وتيرة «1»، من مراد، وجوههما في أقفيتهما، يمشيان القهقرى، يخبران الناس بما فعل بأصحابهما».

و الحديث بطوله تقدم في قوله: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ من سورة الأنفال «2».

8807/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن الصباح المدائني، عن الحسن بن محمد بن شعيب، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يخرج القائم (عليه السلام) فيسير حتى يمر بمر «3»، فيبلغه أن

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 205.

4- تفسير القمّي 2: 206.

5- تفسير العيّاشي 2: 56/ 49.

6- تأويل الآيات 2: 478. [.....]

(1) في المصدر: و تير.

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (39) من سورة الأنفال.

(3) مرّ: واد في بطن إضّم- و هو الوادي الذي فيه المدينة المنورة- «المعجم البلدان 1: 214 و 5: 106».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 530

عامله قد قتل، فيرجع إليهم، فيقتل المقاتلة، و لا يزيد على ذلك شيئا، ثم ينطلق «1»، فيدعو الناس حتى ينتهي إلى البيداء، فيخرج جيش «2» للسفياني، فيأمر الله عز و جل الأرض أن تأخذ بأقدامهم، و هو قوله عز و جل: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ يعني بقيام القائم (عليه السلام) وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ، يعني بقيام القائم من آل محمد (صلى الله عليه و آله) وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ

بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ».

__________________________________________________

(1) في «ي، ط»: ينطق.

(2) في المصدر: جيشان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 531

سورة فاطر ..... ص : 531

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 533

فضلها ..... ص : 533

تقدم في سورة سبأ.

8808/ [1]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة يريد بها ما عند الله تعالى نادته يوم القيامة ثمانية أبواب الجنة، و كل باب يقول: هلم ادخل مني إلى الجنة، فيدخل من أيها شاء، و من كتبها في قارورة، و جعلها في حجر من شاء من الناس، لم يقدر أن يقوم من مكانه حتى ينزعها من حجره، بإذن الله تعالى».

8809/ [2]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و تركها في قارورة خشب، و تركها في حجر من أراد من الناس بحيث لا يعلم به، لم يقدر أن يقوم حتى ينزعها».

8810/ [3]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في قارورة و أحرز ما عليها، و جعلها مع من أراد، لم يخرج من مكانه حتى يرفعها عنه، و إن تركها في حجر رجل على غفلة، لم يقدر أن يقوم من موضعه حتى يرفع عنه، بإذن الله تعالى».

8811/ [4]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده عن معاوية بن وهب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

فصدع ابن لرجل من أهل مرو و هو عنده جالس. قال: فشكا ذلك إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أدنه مني» قال:

فمسح على رأسه، ثم تلا: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً «1».

8812/ [5]- و

عنه، في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن حماد الكوفي، عن

__________________________________________________

1- ....

2- ....

3- خواص القرآن: 48 (مخطوط).

4- الأمالي 2: 284.

5- التهذيب 3: 294/ 892.

(1)

فاطر 35: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 534

محمد بن خالد، عن عبيد الله بن الحسين، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن ابن يقطين، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من أصابته زلزلة فليقرأ: يا من يمسك السماوات و الأرض أن تزولا، و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا، صل على محمد و آل محمد، و أمسك عني السوء إنك على كل شي ء قدير». قال: «من قرأها عند النوم لم يسقط عليه البيت، إن شاء الله تعالى».

8813/ [6]- و

قال الشيخ أيضا: روى العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «لم يقل أحد قط إذا أراد أن ينام: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً «1»، فسقط عليه البيت».

__________________________________________________

6- التهذيب 2: 117/ 440.

(1) فاطر 35: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 535

سورة فاطر(35): آية 1 ..... ص : 535

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [1]

8814/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليس خلق أكثر من الملائكة، إنه لينزل كل ليلة من السماء سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم، و كذلك في كل يوم».

8815/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم،

عن أبيه، قالا: حدثنا ابن محبوب، عن عبد الله بن طلحة رفعه، قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «الملائكة على ثلاثة أجزاء: جزء له جناحان، و جزء له ثلاثة أجنحة، و جزء له أربعة أجنحة».

8816/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن في الجنة نهرا يغتمس فيه جبرئيل (عليه السلام) كل غداة، ثم يخرج منه فينتفض، فيخلق الله عز و جل من كل قطرة تقطر منه ملكا».

8817/ [4]- ثم

قال محمد بن يعقوب: عنه، عن بعض أصحابه، عن زياد القندي، عن درست بن أبي

__________________________________________________

1- الكافي 8: 272/ 402. [.....]

2- الكافي 8: 272/ 403.

3- الكافي 8: 272/ 404.

4- الكافي 8: 272/ 405.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 536

منصور، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لله عز و جل ملكا ما بين شحمة اذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة عام خفقان الطير».

8818/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن لله عز و جل ديكا رجلاه في الأرض السابعة، و عنقه مثنية تحت العرش، و جناحاه في الهواء، إذا كان في نصف الليل، أو الثلث الثاني من آخر الليل ضرب بجناحيه، و صاح: سبوح، قدوس، ربنا الله الملك الحق المبين، فلا إله غيره، رب الملائكة و الروح. فتضرب الديكة «1»، بأجنحتها و تصيح».

8819/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «خلق الله الملائكة مختلفة، و قد رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله)

جبرئيل و له ستمائة جناح، على ساقه الدر مثل القطر على البقل، و قد ملأ ما بين السماء و الأرض».

و قال: «إذا أمر الله ميكائيل بالهبوط إلى الدنيا صارت رجله اليمنى في السماء السابعة، و الأخرى في الأرض السابعة، و إن لله ملائكة أنصافهم من برد، و أنصافهم من نار، يقولون: يا مؤلفا بين البرد و النار، ثبت قلوبنا على طاعتك».

و قال: «إن لله عز و جل ملكا بعد ما بين شحمة أذنيه إلى عينيه مسيرة خمسمائة عام بخفقان الطير».

و قال: «إن الملائكة لا يأكلون، و لا يشربون، و لا ينكحون، و إنما يعيشون بنسيم العرش، و إن لله ملائكة ركعا إلى يوم القيامة، و إن لله ملائكة سجدا إلى يوم القيامة».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما من شي ء مما خلق الله أكثر من الملائكة، و إنه ليهبط في كل يوم، أو في كل ليلة سبعون ألف ملك، فيأتون البيت الحرام، فيطوفون به، ثم يأتون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم يأتون أمير المؤمنين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يأتون الحسين (عليه السلام) فيقيمون عنده، فإذا كان عند السحر وضع لهم معراج إلى السماء، ثم لا يعودون أبدا».

8820/ [7]- و

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله تعالى خلق جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل من سبحة «2» واحدة، و جعل لهم السمع، و البصر، و جودة العقل، و سرعة الفهم».

8821/ [8]- و

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خلق الملائكة: «و ملائكة خلقتهم، و أسكنتهم سماواتك، ليس فيهم فترة، و لا عندهم غفلة، و لا فيهم معصية، هم أعلم خلقك بك، و أخوف خلقك منك،

و أقرب خلقك إليك،

__________________________________________________

5- الكافي 8: 272/ 406.

6- تفسير القمّي 2: 206.

7- تفسير القمّي 2: 206.

8- تفسير القمّي 2: 207.

(1) في «ي، ط»: الملائكة.

(2) السبحة (بضم السين): الدعاء، و بفتحها: المرّة، و في «ي»: سنحة، و في «ج، ي، ط» نسخة بدل، و المصدر: تسبيحة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 537

و أعملهم بطاعتك، لا يغشاهم نوم العيون، و لا سهو القلوب «1»، و لا فترة الأبدان، لم يسكنوا الأصلاب، و لم تتضمنهم الأرحام، و لم تخلقهم من ماء مهين، أنشأتهم إنشاء، فأسكنتهم سماواتك، و أكرمتهم بجوارك، و ائتمنتهم على وحيك، و جنبتهم الآفات، و وقيتهم البليات، و طهرتهم من الذنوب.

و لو لا قوتك لم يقووا، و لو لا تثبيتك لم يثبتوا، و لو لا رحمتك لم يطيعوا، و لو لا أنت لم يكونوا، أما إنهم على مكاناتهم منك، و طاعتهم «2» إياك، و منزلتهم عندك، و قلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا ما خفي عنهم «3» لاحتقروا أعمالهم، و لزروا «4» على أنفسهم، و لعلموا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، سبحانك خالقا و معبودا، ما أحسن بلاءك عند خلقك».

و قد تقدم باب فيه ذكر عظمة الله تعالى من الملائكة و غيرهم، في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ من سورة النور «5».

سورة فاطر(35): آية 2 ..... ص : 537

قوله تعالى:

ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها [2]

8822/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن مالك بن عبد الله بن أسلم، عن أبيه، عن رجل من الكوفيين «6»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ

رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، قال: «و المتعة من ذلك».

8823/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قول الله عز و جل: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، قال: «هي ما أجرى الله على لسان الإمام».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 207.

2- تأويل الآيات 2: 478/ 1.

(1) في المصدر: العقول.

(2) في المصدر: مكانتهم منك و طواعيتهم.

(3) زاد في المصدر: منك. [.....]

(4) زرى عليه: عابه. «لسان العرب- زرى- 14: 356».

(5) تقدّم في ذيل تفسير الآية (41) من سورة النور.

(6) (من الكوفيين) ليس في «ج».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 538

سورة فاطر(35): آية 8 ..... ص : 538

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ [8]

8824/ [1]- علي بن إبراهيم، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن حسان، عن هاشم بن عمار، يرفعه، في قوله: أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ، قال: «نزلت فى زريق، و حبتر».

8825/ [2]- الطبرسي، في (الاحتجاج): عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام)، في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض- و ذكر الرسالة إلى أن قال (عليه السلام):- « [فإن قالوا ما الحجة في قول الله تعالى:] فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ «1»، و ما أشبه ذلك؟ قلنا:

فعلى مجاز هذه الآية يقتضي معنيين:

أحدهما: أنه إخبار عن كونه تعالى قادرا على هداية من يشاء و ضلالة من يشاء، و لو أجبرهم على أحدهما لم يجب لهم ثواب، و لا عليهم عقاب، على ما شرحناه. و المعنى الآخر: أن الهداية منه: التعريف، كقوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى «2». و ليس كل آية مشتبهة في القرآن كانت الآية حجة على حكم الآيات اللاتي امر بالأخذ بها و تقليدها، و هي قوله: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ «3» الآية، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «4»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 207.

2- الاحتجاج: 453.

(1) إبراهيم 14: 4.

(2) فصلّت 41: 17.

(3) آل عمران 3: 17.

(4) الزمر 39: 17 و 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 539

سورة فاطر(35): آية 9 ..... ص : 539

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ [9]

8826/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن العرزمي، رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، و سئل عن السحاب، أين يكون؟ قال: «يكون على شجر على كثيب على شاطئ البحر يأوي إليه، فإذا أراد الله عز و جل أن يرسله أرسل ريحا فأثارته، و وكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق- و هو البرق- فيرتفع». ثم قرأ هذه الآية: «وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ الآية، و الملك

اسمه (الرعد)».

8827/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم احتج عز و جل على الزنادقة، و الدهرية، فقال: وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ، و هو الذي لا نبات فيه فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، أي بالمطر، ثم قال: كَذلِكَ النُّشُورُ.

سورة فاطر(35): آية 10 ..... ص : 539

قوله تعالى:

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [10]

8828/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و غيره، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن عمار الأسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، قال: «ولايتنا أهل البيت- و أهوى بيده إلى صدره- فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا».

8829/ [4]- و

عن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، قال: «الكلم الطيب هو قول المؤمن: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله و خليفته حقا، و خلفاؤه خلفاء الله.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 218/ 268.

2- تفسير القمّي 2: 207.

3- الكافي 1: 356/ 85.

4- تأويل الآيات 2: 479/ 4، تنبيه الخواطر 2: 109.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 540

و العمل الصالح يرفعه إليه، فهو دليله، و عمله: اعتقاده الذي في قلبه بأن «1» الكلام صحيح كما قلته بلساني».

8830/ [3]- الطبرسي، في (الاحتجاج): عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله ابن الكواء، قال: يا أمير المؤمنين، كم بين موضع قدمك إلى عرش ربك؟ قال: «ثكلتك أمك- يا بن الكواء- اسأل متعلما، و لا تسأل متعنتا، من موضع قدمي إلى عرش

ربي أن يقول قائل مخلصا: لا إله إلا الله».

قال: يا أمير المؤمنين، فما ثواب من قال: لا إله إلا الله؟ قال: «من قال: لا إله إلا الله، مخلصا، طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرق الأبيض. فإذا قال ثانية: لا إله إلا الله، مخلصا، خرقت أبواب السماوات و صفوف الملائكة، حتى تقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله. فإذا قال ثالثة: مخلصا، لم تنهنه «2» دون العرش، فيقول الجليل: اسكني، فوعزتي و جلالي لأغفرن لقائلك بما كان فيه» ثم تلا هذه الآية: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ يعني إذا كان عمله خالصا «3» ارتفع قوله و كلامه.

8831/ [4]- الشيخ، في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري إملاء من أصل كتابه، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى و ستين و مأتين، قال: حدثني خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) لما دخل نيسابور، و هو راكب بغلة شهباء، و قد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلما صاروا إلى المربعة «4» تعلقوا بلجام بغلته، و قالوا: يا ابن رسول الله، بحق آبائك الطاهرين حدثنا عن آبائك (صلوات الله عليهم أجمعين). فأخرج رأسه من الهودج، و عليه مطرف «5» خز، فقال: «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله أجمعين)، قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين عن الله عز و جل،

تقدست أسماؤه، و جل وجهه، قال:

إني أنا الله «6»، لا إله إلا أنا وحدي- عبادي- فاعبدوني، و ليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها أنه قد دخل «7» حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي».

قالوا: يا ابن رسول الله، و ما إخلاص الشهادة لله؟ قال: «طاعة الله، و طاعة رسوله، و ولاية أهل بيته (عليهم السلام)».

__________________________________________________

3- الاحتجاج: 259. [.....]

4- الأمالي 2: 201.

(1) زاد في المصدر: هذا.

(2) النّهنهة: الكفّ، و في حديث وائل: «لقد ابتدرها اثنا عشر ملكا، فما نهنهها شي ء دون العرش» أي ما منعها و كفّها عن الوصول إليه. «لسان العرب- نهنه- 13: 550».

(3) في المصدر: صالحا.

(4) قال المجلسي (رحمه اللّه): المربعة: الموضع المتّسع الذي كانوا يخرجون إليه في الربيع للتنزّه. «البحار 3: 6/ 15». و في المصدر: المرتعة.

(5) المطرف: الثوب الذي في طرفيه علمان. «النهاية 3: 121».

(6) في «ج، ي، ط» زيادة: بشهادة أن.

(7) في «ج، ي، ط» زيادة: الجنّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 541

8832/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمد جميعا، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي الحسن السواق، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا أبان، إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا وجبت له الجنة».

قال: قلت له: إنه يأتيني من كل صنف، أ فأروي لهم هذا الحديث؟ قال: «نعم- يا أبان- إنه إذا كان يوم القيامة، و جمع الله الأولين و الآخرين، فتسلب لا إله إلا الله منهم إلا من كان على هذا الأمر».

8833/ [6]-

علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، قال: كلمة الإخلاص، و الإقرار بما جاء من عند الله من الفرائض، و الولاية ترفع العمل الصالح إلى الله.

8834/ [7]- ثم

قال: و عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «الكلم الطيب: قول المؤمن: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله و خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله). و قال: «العمل الصالح: الاعتقاد بالقلب أن هذا هو الحق من عند الله لا شك فيه من رب العالمين».

8835/ [8]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن لكل قول مصداقا من عمل يصدقه، أو يكذبه، فإذا قال ابن آدم و صدق قوله بعمل رفع قوله بعمله إلى الله، و إذا قال و خالف عمله قوله رد قوله على عمله الخبيث، و هوى في النار».

سورة فاطر(35): آية 11 ..... ص : 541

قوله تعالى:

وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ [11] 8836/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ يعني يكتب في كتاب، و هو رد على من ينكر البداء.

8837/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر، عن محمد بن عبيد الله، قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «يكون الرجل يصل رحمه، فيكون قد

__________________________________________________

5- الكافي 2: 378/ 1.

6- تفسير القمّي 2: 208.

7- تفسير القمّي 2: 208.

8- تفسير القمّي 2: 208.

1- تفسير القمّي 2: 208.

2- الكافي 2: 121/ 3. [.....]

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 542

بقي من عمره ثلاث سنين، فيصيرها الله ثلاثين سنة، و يفعل الله ما يشاء».

8838/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلا صلة الرحم، حتى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم، فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة، فيجعلها ثلاثا و ثلاثين سنة، و يكون أجله ثلاثا و ثلاثين سنة فيكون قاطعا للرحم، فينقصه الله ثلاثين سنة، و يجعل أجله إلى ثلاث سنين».

و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) مثله.

8839/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، و جماعة مشايخي رحمهم الله، عن سعد بن عبد الله، و محمد بن يحيى العطار، و عبد الله بن جعفر الحميري، جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإن إتيانه يزيد في الرزق، و يمد في العمر، و يدفع «1» السوء، و إتيانه مفروض «2» على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله تعالى».

8840/ [5]- و

عنه، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، قال: سمعناه يقول: «من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين (عليه السلام) أنقض الله من عمره حولا، و لو

قلت أن أحدكم يموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا، و ذلك أنكم «3» تتركون زيارته، فلا تدعوا زيارته يمد الله في أعماركم و يزيد في أرزاقكم، و إذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم و أرزاقكم، فسابقوا «4» في زيارته، و لا تدعوا ذلك فإن الحسين بن علي (عليهما السلام) شاهد لكم في ذلك عند الله، و عند رسوله، و عند علي و فاطمة (عليهم السلام)».

8841/ [6]- و

عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عمن حدثه، عن عبد الله بن وضاح، عن داود الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من لم يزر قبر الحسين (عليه السلام) فقد حرم خيرا كثيرا، و نقص من عمره سنة».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 122/ 17.

4- كامل الزيارات: 150.

5- كامل الزيارات: 151.

6- كامل الزيارات: 151.

(1) في «ج» و المصدر: مدافع.

(2) في المصدر: مفترض.

(3) في المصدر: لأنه.

(4) في المصدر: فتنافسوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 543

سورة فاطر(35): آية 12 ..... ص : 543

قوله تعالى:

وَ ما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ- إلى قوله تعالى- فِيهِ مَواخِرَ [12]

8842/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ ما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ: «فالأجاج: المر. قوله: وَ تَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ يقول: الفلك مقبلة و مدبرة بريح واحدة».

قوله تعالى:

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [13] مر تفسيره في سورة لقمان «1».

سورة فاطر(35): الآيات 13 الي 27 ..... ص : 543

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ- إلى قوله تعالى- غَرابِيبُ سُودٌ [13- 27] 8843/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ قال: الجلدة الرقيقة التي على ظهر نواة التمر. ثم احتج على عبدة الأصنام، فقال: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَ لَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ إلى قوله: بِشِرْكِكُمْ يعني يجحدون بشرككم لهم يوم القيامة. قوله: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أي لا تحمل آثمة إثم اخرى.

قوله تعالى: وَ إِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْ ءٌ وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى يعني لا يحمل ذنب أحد على أحد، إلا من يأمر به، فيحمله الآمر و المأمور. قوله: وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ مثل ضربه الله للمؤمن و الكافر وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ فالظل للناس، و الحرور للبهائم «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 208.

2- تفسير القمّي 2: 208.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (28- 34) من سورة لقمان.

(2) في المصدر: فالظلّ: الناس، و الحرور: البهائم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 544

قوله: وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ

وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، قال:

هؤلاء يسمعون منك كما لا يسمع من في القبور. قوله: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ، قال: لكل زمان إمام. ثم ذكر كبرياءه و عظمته، فقال: أَ لَمْ تَرَ يا محمد أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها إلى قوله: وَ غَرابِيبُ سُودٌ أي الغربان.

8844/ [1]- و روي من طريق المخالفين: عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: قوله عز و جل: وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ.

قال: الأعمى أبو جهل، و البصير أمير المؤمنين (عليه السلام). وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ فالظلمات أبو جهل، و النور أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ، الظل ظل لأمير المؤمنين (عليه السلام) في الجنة، و الحرور يعني جهنم لأبي جهل، ثم جمعهم جميعا، فقال: وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لَا الْأَمْواتُ فالأحياء: علي، و حمزة، و جعفر، و الحسن، و الحسين، و فاطمة، و خديجة (عليهم السلام)، و الأموات: كفار مكة.

سورة فاطر(35): الآيات 28 الي 31 ..... ص : 544

قوله تعالى:

إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ [28- 31]

8845/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، قال: «يعني بالعلماء من صدق فعله قوله، و من لم يصدق فعله قوله فليس بعالم».

8846/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن صالح بن حمزة،

رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن من العبادة شدة الخوف من الله عز و جل، يقول الله عز و جل:

إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، و قال جل ثناؤه: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ «1»، و قال تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً «2»».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن حب الشرف و الذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب».

__________________________________________________

1- شواهد التنزيل 2: 101/ 781، مناقب ابن شهر آشوب 3: 81، تأويل الآيات 2: 480/ 5.

2- الكافي 1: 28/ 2. [.....]

3- الكافي 2: 56/ 7.

(1) المائدة 5: 44.

(2) الطلاق 65: 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 545

8847/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة قال: ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين (عليهما السلام) إلا ما بلغني عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

قال أبو حمزة: كان الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا تكلم في الزهد و وعظ أبكى من بحضرته. قال أبو حمزة: و قرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين (عليهما السلام)، و كتبت ما فيها، ثم أتيت علي بن الحسين (عليهما السلام)، فعرضت ما فيها عليه، فعرفه و صححه، و كان فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم- و ذكر الصحيفة، و كان مما فيها-: و ما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم و ساء مصيرهم، و ما العلم بالله و العمل إلا إلفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، و حثه

الخوف على العمل بطاعة الله، و إن أرباب العلم و أتباعهم الذين عرفوا الله، فعملوا له و رغبوا إليه، قال الله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ».

8848/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد «1»، عن إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن عمر، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، قال: يعني به عليا (عليه السلام)، كان عالما بالله، و يخشى الله عز و جل و يراقبه، و يعمل بفرائضه، و يجاهد في سبيله، و يتبع في جميع أمره مرضاته و مرضاة رسوله (صلى الله عليه و آله).

8849/ [5]- ابن الفارسي، في (روضة الواعظين) قال: قال ابن عباس: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، قال: كان علي (عليه السلام) يخشى الله و يراقبه، و يعمل بفرائضه، و يجاهد في سبيله، و كان إذا صف في القتال كأنه بنيان مرصوص، يقول الله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ «2»، يتبع في جميع أمره مرضاة الله و رسوله، و ما قتل المشركين قبله أحد.

8850/ [6]- علي بن إبراهيم، في معني: الآية: معناه يخشاه عباده العلماء. ثم ذكر المؤمنين المنفقين أموالهم في طاعة الله، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ أي لن تخسر. ثم خاطب الله نبيه، فقال: وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ.

__________________________________________________

3- الكافي 8: 14/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 480/ 6.

5- روضة الواعظين 1: 105.

6- تفسير

القمّي 2: 209.

(1) في «ج، ي، ط»: علي بن أبي طالب، و ما أثبتناه في المتن بقرينة الأحاديث الموجودة في المصدر، و لم نعثر عليه في كتب الرجال.

(2) الصف 61: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 546

سورة فاطر(35): الآيات 32 الي 35 ..... ص : 546

قوله تعالى:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ- إلى قوله تعالى- وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ [32- 35]

8851/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن عبد المؤمن، عن سالم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، قال:

«السابق بالخيرات: الإمام، و المقتصد: العارف بالإمام، و الظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام».

8852/ [2]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى، عن الوشاء، عن عبد الكريم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فقال: «أي شي ء تقولون أنتم؟» قلت: نقول: إنها في الفاطميين. قال: «ليس حيث تذهب، ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه، و دعا الناس إلى الخلاف «1»».

فقلت: فأي شي ء الظالم لنفسه؟ قال: «الجالس في بيته لا يعرف حق الإمام، و المقتصد: العارف بحق الإمام، و السابق بالخيرات: الإمام».

8853/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى، عن الحسن، عن أحمد بن عمر، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ

اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الآية، فقال: «ولد فاطمة (عليها السلام)، و السابق بالخيرات: الإمام، و المقتصد: العارف بالإمام، و الظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام».

8854/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، أخبرني عن النبي (صلى الله عليه و آله)، ورث النبيين كلهم؟ قال: «نعم». قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: «ما بعث الله نبيا إلا و محمد (صلى الله عليه و آله) أعلم منه».

قال: قلت: و إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى! قال: «صدقت، و سليمان بن داود كان

__________________________________________________

1- الكافي 1: 167/ 1.

2- الكافي 1: 167/ 2.

3- الكافي 1: 167/ 3.

4- الكافي 1: 176/ 7.

(1) في «ج، ي، ط» نسخة بدل: ضلال. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 547

يفهم منطق الطير، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقدر على هذه المنازل». قال: فقال: «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده و شك في أمره، فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ «1»، حين فقده فغضب عليه، فقال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «2»، و إنما غضب لأنه كان يدله على الماء، فهذا و هو طائر قد اعطي ما لم يعط سليمان، و كانت الريح و النمل و الجن و الإنس و الشياطين و المردة له طائعين، و لم يكن يعرف الماء تحت الهواء، و كان الطير يعرفه.

و إن الله يقول في كتابه: وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ

بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى «3»، و قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال، و تقطع به البلدان، و تحيى به الموتى، و نحن نعرف الماء تحت الهواء، و إن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون و جعله لنا في أم الكتاب، إن الله يقول: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «4»، ثم قال:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فنحن الذين اصطفانا الله عز و جل، ثم أورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي ء».

و رواه محمد بن الحسن الصفار في (البصائر) عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) «5».

8855/ [5]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن حميد بن المثنى، عن أبي سلام المرعشي، عن سورة بن كليب، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله تبارك و تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، قال:

«السابق بالخيرات: الإمام».

8856/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال في هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا إلى آخر الآية، قال: «السابق بالخيرات: الإمام، فهي في ولد علي و فاطمة (عليهم السلام)».

8857/ [7]- ابن بابويه،

قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري المقرئ، قال: حدثنا أبو عبد الله

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 64/ 1.

6- بصائر الدرجات: 65/ 3.

7- معاني الأخبار: 104/ 1.

(1) النمل 27: 20.

(2) النمل 27: 21.

(3) الرعد 13: 31.

(4) النمل 27: 75.

(5) بصائر الدرجات: 134/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 548

الكوفي العلوي الفقيه بفرغانة، بإسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، فقال: «الظالم يحوم «1» حوم نفسه، و المقتصد يحوم حوم قلبه، و السابق يحوم حوم ربه عز و جل».

8858/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسان القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري، قال: أخبرنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، فقال: «الظالم لنفسه:

من لا يعرف حق الإمام، و المقتصد: العارف بحق الإمام، و السابق بالخيرات بإذن الله: هو الإمام، جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يعني السابق و المقتصد».

8859/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو عوانة «2» موسى بن يوسف الكوفي، قال: حدثنا عبد الله «3» بن يحيى، عن يعقوب بن يحيى، عن أبي حفص، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت جالسا في المسجد الحرام مع أبي

جعفر (عليه السلام) إذ أتاه رجلان من أهل البصرة، فقالا له: يا ابن رسول الله، إنما نريد أن نسألك عن مسألة فقال لهما: «سلا عما شئتما». قالا: أخبرنا عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، إلى آخر الآيتين، قال: «نزلت فينا أهل البيت».

قال أبو حمزة الثمالي، فقلت: بأبي أنت و أمي، فمن الظالم لنفسه منكم؟ قال: «من استوت حسناته و سيئاته منا أهل البيت، فهو الظالم لنفسه». فقلت: من المقتصد منكم؟ قال: «العابد لله في الحالين حتى يأتيه اليقين».

فقلت: فمن السابق منكم بالخيرات؟ قال: «من دعا- و الله- إلى سبيل ربه، و أمر بالمعروف و نهى عن المنكر، و لم يكن للمضلين عضدا، و لا للخائنين خصيما، و لم يرض بحكم الفاسقين، إلا من خاف على نفسه و دينه و لم يجد أعوانا».

8860/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان، فقال

__________________________________________________

8- معاني الأخبار: 104/ 2.

9- معاني الأخبار: 105/ 3.

10- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 228/ 1، أمالي الصدوق: 421/ 1.

(1) حام: أي دار. «مجمع البحرين- حوم- 6: 53».

(2) في «ج، ي، ط»: أبو عرافة.

(3) في «ج، ي، ط»: أبو عبد اللّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 549

المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: ثُمَّ

أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فقالت العلماء: أراد الله عز و جل بذلك الامة كلها.

فقال المأمون: ما تقول، يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): «لا أقول كما قالوا، و لكن أقول: أراد الله عز و جل بذلك العترة الطاهرة». فقال المأمون: و كيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال له الرضا (عليه السلام): «لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله تبارك و تعالى: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، ثم جمعهم كلهم في الجنة، فقال عز و جل: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم».

فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟ فقال الرضا (عليه السلام): «الذين وصفهم الله في كتابه، فقال عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1»، و هم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أيها الناس، لا تعلموهم، فإنهم أعلم منكم».

قالت العلماء: أخبرنا- يا أبا الحسن- عن العترة: هم الآل، أم غير الآل؟ فقال الرضا (عليه السلام): «هم الآل».

قالت العلماء: و هذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يؤثر عنه أنه قال: «امتي آلي» و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: الآل أمته.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «أخبروني: هل تحرم الصدقة على الآل؟». قالوا: نعم. قال: «فتحرم على الامة؟» قالوا: لا. قال: «هذا فرق بين الآل و الامة. ويحكم، أين يذهب بكم، أ ضربتم عن

الذكر صفحا، أم أنتم قوم مسرفون، أما علمتم أنه وقعت الوراثة و الطهارة «2» على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟!» قالوا: من أين، يا أبا الحسن؟

قال: «من قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ «3»، فصارت وراثة [النبوة و] الكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا (عليه السلام) حين سأل ربه عز و جل، فقال: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ «4» و ذلك أن الله عز و جل و عده أن ينجيه و أهله، فقال له: يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ «5»؟».

و الحديث طويل أخذنا ذلك منه، و ربما ذكرنا منه في هذا الكتاب في مواضع تليق به «6».

__________________________________________________

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في «ط»: وقف الوراثة الظاهرة.

(3) الحديد 57/ 26.

(4، 5) هود 11: 45، 46.

(6) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب، و يأتي أيضا في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة الحديد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 550

8861/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن سعيد، عن إسحاق بن يزيد الفراء «1»، عن غالب الهمداني، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: خرجت حاجا فلقيت محمد بن علي (عليه السلام)، فسألته عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فقال: «ما يقول فيها قومك، يا أبا إسحاق؟» يعني أهل الكوفة. قال: قلت: يقولون إنها

لهم. قال: «فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة؟».

قلت: فما تقول أنت، جعلت فداك؟ قال: «هي لنا خاصة- يا أبا إسحاق- أما السابقون بالخيرات: فعلي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و الإمام منا، و المقتصد، فصائم بالنهار، و قائم بالليل، و الظالم لنفسه: ففيه ما في الناس، و هو مغفور له. يا أبا إسحاق، بنا يفك الله رقابكم، و بنا يحل الله رباق الذل من أعناقكم، و بنا يغفر الله ذنوبكم، و بنا يفتح، و بنا يختم، و نحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف، و نحن سفينتكم كسفينة نوح، و نحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل».

8862/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن أبي حمزة، عن زكريا المؤمن، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما معنى قوله عز و جل:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الآية؟ قال: «الظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام» قلت: فمن المقتصد؟ قال: «الذي يعرف الإمام» قلت: فمن السابق بالخيرات؟ قال: «الإمام» قلت: فما لشيعتكم؟ قال: «تكفر ذنوبهم، و تقضى ديونهم، و نحن باب حطتهم، و بنا يغفر الله لهم».

8863/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا.

قال: «فهم آل محمد صفوة الله، فمنهم الظالم لنفسه، و هو الهالك، و منهم المقتصد، و هم الصالحون، و منهم سابق بالخيرات بإذن الله، فهو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

يقول الله عز و جل: ذلِكَ هُوَ

الْفَضْلُ الْكَبِيرُ يعني القرآن.

يقول الله عز و جل: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يعني آل محمد يدخلون قصور جنات، كل قصر من لؤلؤة واحدة ليس فيها صدع «2»، و لا وصل، و لو اجتمع أهل الإسلام فيها ما كان ذلك القصر إلا سعة لهم، له القباب من الزبرجد، كل قبة لها مصراعان، المصراع طوله اثنا عشر ميلا.

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 2: 481/ 7.

12- تأويل الآيات 2: 481/ 8.

13- تأويل الآيات 2: 482/ 10.

(1) في «ج، ي، ط»: الغرا.

(2) في «ج، ي، ط»: صدف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 551

يقول الله عز و جل: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ، قال: و الحزن ما أصابهم في الدنيا من الخوف و الشدة.

8864/ [14]- الطبرسي، في (الإحتجاج): عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، قال: «أي شي ء تقول؟» قلت: إني أقول: إنها خاصة في ولد فاطمة (عليها السلام). فقال (عليه السلام): «أما من سل سيفه، و دعا الناس إلى نفسه إلى الضلال، من ولد فاطمة و غيرهم فليس بداخل في هذه الآية».

قلت: من يدخل فيها؟ قال: «الظالم لنفسه: الذي لا يدعو الناس إلى ضلال و لا هدى، و المقتصد منا أهل البيت: هو العارف حق الإمام، و السابق بالخيرات: هو الإمام».

8865/ [15]- ابن شهر آشوب: عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن آبائه، و السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، و محمد الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ: «و الله لهو علي

بن أبي طالب».

8866/ [16]- الطبرسي: روى أصحابنا، عن ميسر بن عبد العزيز، عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «الظالم لنفسه منا: من لا يعرف حق الإمام، و المقتصد منا: العارف بحق الإمام، و السابق بالخيرات: هو الإمام، و هؤلاء كلهم مغفور لهم».

8867/ [17]- و

عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و أما الظالم لنفسه منا: فمن عمل صالحا و آخر سيئا، و أما المقتصد: فهو المتعبد المجتهد، و أما السابق بالخيرات: فعلي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و من قتل من آل محمد (صلى الله عليه و آله) شهيدا».

8868/ [18]- صاحب (الثاقب في المناقب): عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي محمد- يعني الحسن (عليه السلام)- فسألناه عن قول الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ. قال (عليه السلام): «كلهم من آل محمد (عليهم السلام)، الظالم لنفسه:

الذي لا يقر بالإمام، و المقتصد: العارف بالإمام، و السابق بالخيرات بإذن الله: الإمام».

قال: فدمعت عيناي، و جعلت أفكر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمد، فنظر إلي، و قال: «الأمر أعظم مما حدثتك به نفسك من عظم شأن آل محمد، فاحمد الله فقد جعلك مستمسكا بحبلهم، تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل أناس بإمامهم، فأبشر- يا أبا هاشم- فإنك على خير».

__________________________________________________

14- الاحتجاج: 375.

15- المناقب 2: 122.

16- مجمع البيان 8: 638.

17- مجمع البيان 8: 639. [.....]

18- الثاقب في المناقب: 566/ 506.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 552

8869/ [19]- و

من طريق المخالفين: قال علي (عليه السلام): «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا نحن أولئك».

8870/ [20]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر

آل محمد، فقال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا و هم الأئمة (عليهم السلام)، ثم قال: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ من آل محمد غير الأئمة، و هو الجاحد للإمام وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ و هو المقر بالإمام وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ و هو الإمام.

ثم ذكر ما أعد الله لهم عنده، فقال: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ قال: النصب: العناء، و اللغوب: الكسل و الضجر، و دار المقامة: دار البقاء.

8871/ [21]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أبي الحسن أحمد بن محمد الشعراني، عن أبي محمد عبد الباقي، عن عمر بن سنان المنبجي «1»، عن حاجب بن سليمان، عن وكيع بن الجراح، عن سليمان الأعمش، عن أبي ظبيان «2»، عن أبي ذر (رحمه الله)، قال: رأيت سلمان و بلالا يقبلان إلى النبي (صلى الله عليه و آله) [إذ انكب سلمان على قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقبلها، فزجره النبي (صلى الله عليه و آله)] عن ذلك، ثم قال له: «يا سلمان، لا تصنع بي كما تصنع الأعاجم بملوكها، إنما أنا عبد من عبيد الله، آكل كما يأكل العبد، و أقعد كما يقعد العبد».

فقال له سلمان: يا مولاي، سألتك بالله إلا أخبرتني بفضل فاطمة (عليها السلام) يوم القيامة، قال: فأقبل النبي (صلى الله عليه و آله) ضاحكا مستبشرا، ثم قال: «و الذي نفسي بيده إنها الجارية التي تجوز في عرصة

القيامة على ناقة رأسها من خشية الله، و عيناها من نور الله، و خطامها من جلال الله، و عنقها من بهاء الله، و سنامها من رضوان الله، و ذنبها من قدس الله، و قوائمها من مجد الله، إن مشت سبحت، و إن رغت قدست. عليها هودج من نور فيه جارية إنسية «3» حورية عزيزة، جمعت فخلقت، و صنعت فمثلت من ثلاثة أصناف: فأولها من مسك أذفر، و أوسطها من العنبر الأشهب، و آخرها من الزعفران الأحمر، عجنت بماء الحيوان، لو تفلت تفلة في سبعة أبحر مالحة لعذبت، و لو أخرجت ظفر خنصرها إلى دار الدنيا لغشي الشمس و القمر.

جبرئيل عن يمينها، و ميكائيل عن شمالها، و علي أمامها، و الحسن و الحسين وراءها، و الله يكلؤها

__________________________________________________

19- غاية المرام: 351/ 1.

20- تفسير القمّي 2: 209.

21- ...، تأويل الآيات 2: 483/ 12.

(1) لعلّه عمر بن سعيد بن سنان المنبجي، راجع أنساب السمعاني 5: 388.

(2) في «ج، ي»: الأعمش بن ظبيان، و في «ط»: الأعمش، عن ظبيان، تصحيف صحيحه ما أثبتناه راجع تهذيب التهذيب 4: 222.

(3) في «ط»: أشبه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 553

و يحفظها، فيجوزون في عرصة القيامة، فإذا النداء من قبل الله جل جلاله: معاشر الخلائق، غضوا أبصاركم، و نكسوا رؤوسكم، هذه فاطمة بنت محمد نبيكم، زوجة علي إمامكم، أم الحسن و الحسين. فتجوز الصراط و عليها ريطتان «1» بيضاوان، فإذا دخلت الجنة، و نظرت إلى ما أعد الله لها من الكرامة، قرأت: بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ- قال- فيوحي الله

عز و جل إليها: يا فاطمة، سليني أعطك، و تمني علي أرضك، فتقول:

إلهي، أنت المنى، و فوق المنى، أسألك أن لا تعذب محبي و محبي عترتي بالنار، فيوحي الله تعالى إليها: يا فاطمة، و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات و الأرض بألفي عام أن لا اعذب محبيك، و محبي عترتك بالنار».

8872/ [22]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن قول الله عز و جل: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً، فقال: يا علي، إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا، أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله، و اختصهم، و رضي أعمالهم، فسماهم المتقين- ثم ذكر ما أعد الله سبحانه لهم، إلى أن قال في الحديث- فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة وضع على رأسه تاج الملك و الكرامة، و البس حلل الذهب و الفضة و الياقوت و الدر، منظومة «2» في الإكليل تحت التاج- قال- و البس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة، و ضروب مختلفة، منسوجة بالذهب و الفضة و اللؤلؤ و الياقوت الأحمر، فذلك قوله عز و جل: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ».

و الحديث طويل، ذكرناه في قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً من سورة مريم «3».

سورة فاطر(35): الآيات 36 الي 37 ..... ص : 553

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى- ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ [36- 37] 8873/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر ما أعد الله لأعدائهم- يعني أعداء آل محمد

(صلى الله عليه و آله)- و من خالفهم

__________________________________________________

22- الكافي 8: 95/ 69.

1- تفسير القمّي 2: 209.

(1) الريطة: الملاءة. «الصحاح- ريط- 3: 1128».

(2) في المصدر: المنظور.

(3) تقدّم في الحديث (11) من تفسير الآيات (73- 98) من سورة مريم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 554

و ظلمهم، فقال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا إلى قوله تعالى: وَ هُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها أي يصيحون و ينادون رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، فرد الله عليهم فقال: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ أي عمرتم حتى عرفتم الأمور كلها وَ جاءَكُمُ النَّذِيرُ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله).

8874/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، عن عمر بن عبد الجبار، عن علي «1»، عن أبيه، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، ما بين من يحبك و بين أن يرى ما تقربه عيناه إلا أن يعاين الموت، ثم تلا: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ يعني أن أعدائه إذا دخلوا النار قالوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً في ولاية علي (عليه السلام) غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ في عداوته، فيقال لهم في الجواب: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ النَّذِيرُ و هو النبي (صلى الله عليه و آله) فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ لآل محمد مِنْ نَصِيرٍ ينصرهم و لا ينجيهم منه و لا يحجبهم عنه».

8875/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا

أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي بإسناده، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ قال: «توبيخ لابن ثماني عشرة سنة».

8876/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن سيف التمار، عن أبي بصير، قال: قال الصادق أبو عبد الله (عليه السلام): «إن العبد لفي فسحة من أمره ما بينه و بين أربعين سنة، فإذا بلغ أربعين سنة أوحى الله عز و جل إلى ملائكته: أني قد عمرت عبدي عمرا، فغلظا و شددا و تحفظا و اكتبا عليه قليل عمله و كثيره، و صغيره و كبيره».

و سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ فقال: «توبيخ لابن ثماني عشرة سنة».

و روى ابن بابويه الحديث الأخير في (الفقيه) أيضا، مرسلا عن الصادق (عليه السلام) «2».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 485/ 13.

3- الخصال: 509/ 2. [.....]

4- أمالي الصدوق: 40/ 1.

(1) (علي) ليس في المصدر.

(2) من لا يحضره الفقيه 1: 118/ 561.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 555

سورة فاطر(35): الآيات 42 الي 45 ..... ص : 555

قوله تعالى:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً [42- 45] 8877/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول قريش، فقال: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ يعني الذين هلكوا فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ يعني رسول الله (صلى

الله عليه و آله) ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَ مَكْرَ السَّيِّئِ وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.

8878/ [2]- قال: و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه الذي كتبه إلى شيعته يذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة، و عظم خطأ طلحة و الزبير فقال: «و أي خطيئة أعظم مما أتيا! أخرجا زوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بيتها، و كشفا عنها حجابا ستره الله عليها و صانا حلائلهما في بيوتهما! ما أنصفا لا لله و لا لرسوله من أنفسهما.

ثلاث خصال مرجعها على الناس في كتاب الله: البغي، و المكر، و النكث، قال الله: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ «1»، و قال: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ «2»، و قال: وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، و قد بغيا علينا، و نكثا بيعتي، و مكرا بي».

8879/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ قال: أ و لم ينظروا في القرآن، و في أخبار «3» الأمم الهالكة؟!

8880/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن بدر «4» بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ «5»، فقال: «عنى بذلك: أي انظروا في القرآن، فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم، و ما أخبركم عنه».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 210.

2- تفسير القمّي

2: 210.

3- تفسير القمّي 2: 210.

4- الكافي 8: 248/ 349.

(1) يونس 10: 23.

(2) الفتح 48: 10.

(3) في «ج، ي، ط» زيادة: رجعة.

(4) في «ي، ط»: بريد، و في «ج»: يزيد، و في المصدر: زيد، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع جامع الرواة 2: 385.

(5) الروم 30: 42.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 556

8881/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، قال: لا يؤاخذهم الله عند المعاصي، و عند اغترارهم بالله.

8882/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): سبق العلم، و جف القلم، و مضى القضاء، و تم القدر بتحقيق الكتاب، و تصديق الرسل، بالسعادة من الله لمن آمن و اتقى، و الشقاء لمن كذب و كفر بالولاية من الله للمؤمنين، و بالبراءة منه للمشركين.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله يقول: يا ابن آدم، بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، و بإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، و بفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي، و بقوتي و عصمتي و عافيتي أديت إلي فرائضي، و أنا أولى بحسناتك منك، و أنت أولى بذنبك مني، الخير مني إليك واصل بما أوليتك، و الشر مني إليك بما جنيت جزاء، و بكثير من تسليطي «1» لك انطويت عن طاعتي، و بسوء ظنك بي قنطت من رحمتي، فلي الحمد و الحجة عليك بالبيان، و لي السبيل عليك بالعصيان، و لك الجزاء الحسن عندي بالإحسان،

ثم لم أدع تحذيرك بي، ثم لم آخذك عند غرتك «2»، و هو قوله: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ، لم اكلف فوق طاقتك، و لم أحملك من الأمانة إلا ما أقررت بها على نفسك، و رضيت لنفسي منك ما رضيت به لنفسك مني، ثم قال عز و جل: وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 210.

6- تفسير القمّي 2: 210. [.....]

(1) في «ي، ط»: تسلّطي.

(2) في «ج، ي، ط»: عزّتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 557

المستدرك (سورة فاطر) ..... ص : 557
سورة فاطر(35): آية 6 ..... ص : 557

قوله تعالى:

إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [6]

[1]- في (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): «لا يتمكن الشيطان بالوسوسة من العبد إلا و قد أعرض عن ذكر الله تعالى، و استهان و سكن إلى نهيه، و نسي اطلاعه على سره، فالوسوسة ما تكون من خارج القلب بإشارة معرفة العقل و مجاورة الطبع، و أما إذا تمكن في القلب فذلك غي و ضلالة و كفر، و الله عز و جل دعا عباده بلطف دعوته و عرفهم عداوة إبليس، فقال تعالى: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا».

__________________________________________________

1- مصباح الشريعة: 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 559

سورة يس ..... ص : 559

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 561

فضلها ..... ص : 561

8883/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن لكل شي ء قلبا، و إن قلب القرآن يس، فمن قرأها قبل أن ينام، أو في نهاره قبل أن يمسي «1» كان في نهاره من المحفوظين و المرزوقين حتى يمسي.

و من قرأها في ليلة قبل أن ينام و كل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم، و من كل آفة، و إن مات في يومه أدخله الله الجنة، و حضر غسله ثلاثون ألف ملك، كلهم يستغفرون له، و يشيعونه إلى قبره بالاستغفار له. فإذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله، و ثواب عبادتهم له، و فسح له في قبره مد بصره، و أؤمن من ضغطة القبر، و لم يزل له في قبره نور ساطع إلى عنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره، فإذا أخرجه لم تزل ملائكة الله يشيعونه، و يحدثونه، و يضحكون في وجهه، و يبشرونه بكل خير حتى يجوزوا به على الصراط و الميزان، و يوقفونه من الله موقفا لا يكون عند الله خلق أقرب منه إلا ملائكة الله المقربون، و أنبياؤه المرسلون، و هو مع النبيين واقف بين يدي الله، لا يحزن مع من يحزن، و لا يهتم مع من يهتم «2»، و لا يجزع مع من يجزع.

ثم يقول له الرب تبارك و تعالى: اشفع- عبدي- أشفعك في جميع ما تشفع، و سلني أعطك- عبدي «3»- جميع ما تسأل. فيسأل فيعطى، و يشفع فيشفع، و لا يحاسب فيما يحاسب، و لا يوقف مع من يوقف، و لا يذل من يذل، و لا يكتب

بخطيئته، و لا بشي ء من سوء عمله، و يعطى كتابا منشورا حتى يهبط من عند الله، فيقول الناس بأجمعهم: سبحان الله، ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة! و يكون من رفقاء محمد (صلى الله عليه و آله)».

8884/ [2]- و

عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن جابر الجعفي،

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- ثواب الأعمال: 111.

(1) في المصدر: يمشي.

(2) في المصدر: و لا يهم مع من يهم.

(3) في «ج، ي» و «ط» نسخة بدل: عندي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 562

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة يس في عمره مرة كتب الله له بكل خلق في الدنيا، و بكل خلق في الآخرة، و في السماء، و بكل واحد ألفي ألف حسنة، و محا عنه مثل ذلك، و لم يصبه فقر، و لا غرم «1»، و لا هدم، و لا نصب، و لا جنون، و لا جذام، و لا وسواس، و لا داء يضره، و خفف الله عنه سكرات الموت و أهواله، و ولي قبض روحه، و كان ممن يضمن الله له السعة في معيشته، و الفرح «2» عند لقائه، و الرضا بالثواب في آخرته، و قال الله تعالى لملائكته أجمعين، من في السماوات و من في الأرض: قد رضيت عن فلان، فاستغفروا له».

8885/ [3]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «علموا أولادكم (يس)، فإنها ريحانة القرآن».

8886/ [4]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة

يريد بها الله عز و جل غفر الله له، و اعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتي عشرة مرة، و أيما مريض قرئت عليه عند موته نزل عليه بعدد كل آية عشرة أملاك، يقومون بين يديه صفوفا، و يستغفرون له، و يشهدون موته، و يتبعون جنازته، و يصلون عليه، و يشهدون دفنه.

و إن قرأها المريض عند موته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يؤتى بشراب من الجنة و يشربه، و هو على فراشه، فيقبض ملك الموت روحه و هو ريان «3»، فيدخل قبره و هو ريان، و يبعث و هو ريان، و يدخل الجنة و هو ريان، و من كتبها و علقها عليه كانت حرزه من كل آفة و مرض».

8887/ [5]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها عند كل مريض عند موته نزل عليه بعدد كل آية ملك- و قيل عشرة أملاك- يقومون بين يديه صفوفا، يستغفرون له، و يشيعون جنازته، و يقبلون عليه، و يشاهدون غسله، و دفنه.

و إن قرئت على مريض عند موته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يأتيه بشربة من الجنة يشربها و هو على فراشه، و يقبض روحه و هو ريان، و يدخل قبره و هو ريان، و من كتبها بماء ورد، و علقها عليه كانت له حرزا من كل آفة و سوء».

8888/ [6]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها بماء ورد و زعفران سبع مرات، و شربها سبع مرات متواليات، كل يوم مرة، حفظ كل ما سمعه، و غلب على من يناظره، و عظم في أعين الناس.

و من كتبها و علقها على جسده أمن على جسده من الحسد و العين، و من الجن و الإنس،

و الجنون و الهوام، و الأعراض، و الأوجاع، بإذن الله تعالى، و إذا شربت ماءها امرأة در لبنها، و كان فيه للمرضع غذاء جيدا بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 290.

4- نحوه في مجمع البيان 8: 646، جوامع الجامع: 390.

5- ....

6- خواص القرآن: 6 «قطعة منه».

(1) الغرم: الدّين. «لسان العرب- غرم- 12: 436».

(2) في «ي» و المصدر: الفرج. [.....]

(3) في «ج، ي»: نائم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 563

سورة يس(36): الآيات 1 الي 12 ..... ص : 563

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى قوله تعالى- فِي إِمامٍ مُبِينٍ [1- 12]

8889/ [1]- سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن حماد الطنافسي، عن الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا كلبي، كم لمحمد (صلى الله عليه و آله) من اسم في القرآن؟ فقلت: اسمان، أو ثلاثة. فقال: «يا كلبي، له عشرة أسماء». و ذكر (عليه السلام) العشرة، و قال فيها: و يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، و قد ذكرنا الحديث بتمامه في أول سورة طه «1».

8890/ [2]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن الصادق (عليه السلام) قال له: يا ابن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: يس؟

قال: «اسم من أسماء النبي (صلى الله عليه و آله)، و معناه: يا أيها السامع الوحي، و القرآن الحكيم، إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم».

8891/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه

السلام)، و قد سأله بعض الزنادقة عن آي من القرآن، فكان فيما قال له (عليه السلام): «قوله: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فسمى الله النبي بهذا الاسم، حيث قال: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ».

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 67.

2- معاني الأخبار: 22/ 1.

3- الاحتجاج: 253.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 564

8892/ [4]- الطبرسي: روى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن لرسول الله (صلى الله عليه و آله) اثني عشر اسما، خمسة منها في القرآن: محمد، و أحمد، و عبد الله، و يس، و نون».

8893/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «يس اسم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الدليل على ذلك قوله: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ- قال- على الطريق الواضح».

تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ قال: القرآن لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ يعني نزل بهم العذاب فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. قال: قوله: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ، قال: قد رفعوا رؤوسهم.

8894/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ.

قال: «لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله، و عن رسوله، و عن وعيده «1» لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) و الأئمة من بعده فَهُمْ

لا يُؤْمِنُونَ بإمامة أمير المؤمنين و الأوصياء، من بعده، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ في نار جهنم، ثم قال: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ عقوبة من حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) و الأئمة من بعده، هذا في الدنيا، و في الآخرة في نار جهنم مقمحون.

ثم قال: يا محمد: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بالله، و بولاية علي و من بعده، ثم قال: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ يا محمد بِمَغْفِرَةٍ وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ».

8895/ [7]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في سؤال يهودي، قال له اليهودي: فإن إبراهيم (عليه السلام) حجب عن نمرود بحجب ثلاث.

قال علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله): حجب عن من أراد قتله بحجب خمس، فثلاثة بثلاثة، و اثنان فضل، قال الله عز و جل و هو يصف أمر محمد (صلى الله عليه و آله): وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الأول وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الثاني فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فهذا الحجاب

__________________________________________________

4- مجمع البيان 8: 647.

5- تفسير القمّي 2: 211.

6- الكافي 1: 357/ 90.

7- الاحتجاج: 213.

(1) في «ي، ط»: و عده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 565

الثالث، ثم قال: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً «1» فهذا الحجاب الرابع، ثم قال: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ

فهذه خمسة حجب».

8896/ [8] ض

- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، منهم: الحسين بن عبيد الله، و أحمد بن عبيد الله، و أحمد بن عبدون، و أبو طالب بن غرور، و أبو الحسن الصفار، و أبو علي الحسن بن إسماعيل «2» بن أشناس، قالوا: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن العباس النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي الشرقية، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة- يعني الأشهلي- عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان، عن ابن عباس، قال: اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر، و أمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، المبيت أمر عليا (عليه السلام) أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات علي (عليه السلام)، و تغشى ببرد أخضر حضرمي، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينام فيه، و جعل السيف إلى جنبه، فلما اجتمع أولئك النفر من قريش يطوفون به و يرصدونه، يريدون قتله، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هم جلوس على الباب، خمسة و عشرون رجلا، فأخذ حفنة من البطحاء، ثم جعل يذرها على رؤوسهم، و هو يقرأ:

يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ حتى بلغ فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.

فقال لهم قائل: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا؟ قال: خبتم و خسرتم، قد و الله مر بكم، فما منكم رجل إلا و قد جعل على رأسه ترابا. قالوا:

و الله ما أبصرناه، قال: فأنزل الله عز و جل: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ «3».

8897/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ، يقول: «فأعميناهم فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ الهدى، أخذ الله بسمعهم، و أبصارهم، و قلوبهم، فأعماهم عن الهدى، نزلت في أبي جهل بن هشام و نفر من أهل بيته، و ذلك أن النبي (صلى الله عليه و آله) قام يصلي و قد حلف أبو جهل (لعنه الله) لئن رآه يصلي ليدمغنه، فجاء و معه حجر، و النبي قائم يصلي، فجعل كلما رفع الحجر ليرميه أثبت الله يده إلى عنقه، و لا يدور الحجر بيده، فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده، ثم قام رجل آخر، و هو من رهطه أيضا، و قال: أنا أقتله. فلما دنا منه فجعل يسمع قراءة رسول الله (صلى الله عليه و آله) فارعب، فرجع إلى أصحابه، فقال: حال بيني و بينه كهيئة الفحل «4»، يخطر بذنبه،

__________________________________________________

8- الأمالي 2: 60.

9- تفسير القمّي 2: 212.

(1) الاسراء 17: 45.

(2) في تاريخ بغداد 7: 435: الحسن بن محمد بن إسماعيل. [.....]

(3) الأنفال 8: 30.

(4) الفحل: الذكر القوي من كلّ حيوان. «المعجم الوسيط 2: 676»، و في المصدر: العجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 566

فخفت أن أتقدم».

و قوله: وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قال: «فلم يؤمن من أولئك الرهط من بني مخزوم أحد» «1».

8898/ [10]- الطبرسي في (إعلام الورى): عن الكلبي، عن

أبي صالح، عن ابن عباس: أن أناسا من بني مخزوم تواصوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) ليقتلوه، منهم: أبو جهل، و الوليد بن المغيرة، و نفر من بني مخزوم، فبينا النبي (صلى الله عليه و آله) قائم يصلي إذ أرسلوا إليه الوليد ليقتله، فانطلق حتى انتهى إلى المكان الذي يصلي فيه، فجعل يسمع قراءته و لا يراه، فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك، فأتاه من بعده أبو جهل، و الوليد- يعني ابن المغيرة- و نفر منهم، فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه، سمعوا قراءته و ذهبوا إلى الصوت، فإذا الصوت من خلفهم، فيذهبون إليه فيسمعونه أيضا من خلفهم، فانصرفوا و لم يجدوا إليه سبيلا، فذلك قوله سبحانه: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.

8899/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إلى قوله: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ أي في كتاب مبين «2».

و

ذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: «أنا- و الله- الإمام المبين، أبين الحق من الباطل، ورثته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8900/ [12]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحارث بن جعفر، عن علي بن إسماعيل بن يقطين، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير، قال:

حدثني موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أليس كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كاتب الوصية، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) المملي عليه، و جبرئيل و الملائكة المقربون (عليهم سلام الله) شهود؟ قال:

فأطرق طويلا، ثم قال: يا أبا الحسن، قد كان ما قلت، و لكن حين نزل برسول الله (صلى الله عليه و آله) الأمر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا، نزل به جبرئيل (عليه السلام) مع أمناء الله تبارك و تعالى من الملائكة، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، مر بإخراج من عندك إلا وصيك، لتقبضها «3» منا، و لتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها- يعني عليا (عليه السلام)- فأمر النبي (صلى الله عليه و آله) بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا (عليه السلام)، و فاطمة فيما بين الستر و الباب، فقال جبرئيل:

يا محمد، ربك يقرئك السلام، و يقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك، و شرطت عليك، و شهدت به عليك،

__________________________________________________

10- إعلام الورى: 30.

11- تفسير القمّي 2: 212.

12- الكافي 1: 222/ 4.

(1) في «ج، ي» و المصدر زيادة: يعني ابن المغيرة.

(2) في المصدر زيادة: و هو محكم.

(3) في المصدر: ليقبضها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 567

و أشهدت به عليك ملائكتي، و كفى بي- يا محمد- شهيدا.

قال: فارتعدت مفاصل النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا جبرئيل، ربي هو السلام، و منه [السلام ]، و إليه يعود السلام، صدق- عز و جل- و بر، هات الكتاب. فدفعه إليه و أمره، بدفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: اقرأ.

فقرأه حرفا حرفا، فقال: يا علي هذا عهد ربي تبارك و تعالى إلي، و شرطه علي، و أمانته، و قد بلغت، و نصحت، و أديت. فقال علي (عليه السلام): و أنا أشهد لك- بأبي أنت و أمي- بالبلاغ، و النصيحة، و التصديق على ما قلت، و يشهد لك به سمعي، و بصري، و لحمي،

و دمي. فقال جبرئيل (عليه السلام): و أنا لكما على ذلك من الشاهدين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، أخذت وصيتي، و عرفتها، و ضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال علي (عليه السلام): نعم- بأبي أنت و امي- علي ضمانها، و على الله عوني و توفيقي على أدائها. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، إني أريد أن اشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة. فقال علي: نعم أشهد. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): إن جبرئيل و ميكائيل فيما بيني و بينك الآن، و هما حاضران، معهما الملائكة المقربون، لأشهدهم عليك. فقال: نعم، ليشهدوا، و أنا- بأبي أنت و أمي- اشهدهم. فأشهدهم رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و كان فيما اشترط عليه النبي (صلى الله عليه و آله) بأمر جبرئيل (عليه السلام) فيما أمر الله عز و جل، أن قال له: يا علي، تفي بما فيها من موالاة من والى الله و رسوله، و البراءة و العداوة لمن عادى الله و رسوله، و البراءة منهم، و الصبر منك على «1» كظم الغيظ، و على ذهاب حقك، و غصب خمسك، و انتهاك حرمتك. فقال: نعم، يا رسول الله. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة، لقد سمعت جبرئيل (عليه السلام) يقول للنبي (صلى الله عليه و آله): يا محمد، عرفه، أنه ينتهك الحرمة- و هي حرمة الله، و حرمة رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و على أن تخصب لحيته من رأسه بدم عبيط.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فصعقت حين سمعت «2» الكلمة من الأمين جبرئيل، حتى سقطت على وجهي، و

قلت: نعم، قبلت و رضيت، و إن انتهكت الحرمة، و عطلت السنن، و مزق الكتاب، و هدمت الكعبة، و خضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط، صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك.

ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و أعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقالوا مثل قوله، فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار، و دفعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)».

فقلت لأبي الحسن (عليه السلام): بأبي أنت و أمي، ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله، و سنن رسوله.

فقلت: أ كان في الوصية توثبهم، و خلافهم على أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ فقال: نعم، شيئا شيئا، و حرفا حرفا، أما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ؟

__________________________________________________

(1) في المصدر: على الصبر منك و على.

(2) في «ي» و المصدر: فهمت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 568

و الله لقد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين و فاطمة (عليهما السلام): أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما، و قبلتماه فقالا: بلى، و صبرنا على ما ساءنا و غاظنا».

و في نسخة الصفواني زيادة.

8901/ [13]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «اتقوا المحقرات من الذنوب، فإن لها طالبا، لا يقول أحدكم؟ أذنب و أستغفر، إن الله عز و جل يقول: وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ و قال عز

و جل: إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ «1»».

8902/ [14]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، و الحجال جميعا، عن ثعلبة، عن زياد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه: ائتوا بحطب، فقالوا: يا رسول الله، نحن بأرض قرعاء، ما بها من حطب. قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه، فجاءوا به حتى رموا به بين يديه، بعضه على بعض. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هكذا تجتمع الذنوب، ثم قال: و إياكم و المحقرات من الذنوب، فإن لكل شي ء طالبا، ألا و إن طالبها يكتب ما قدموا و آثارهم وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ».

8903/ [15]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي اسامة زيد الشحام، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «اتقوا المحقرات من الذنوب، فإنها لا تغتفر» قلت: و ما المحقرات؟ قال: «الرجل يذنب الذنب، فيقول: طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك».

8904/ [16]- الطبرسي: عن أبي سعيد الخدري: أن بني سلمة كانوا في ناحية من المدينة، فشكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد منازلهم من المسجد و الصلاة معه، فنزلت الآية.

8905/ [17]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا أحمد بن سلام الكوفي، قال: حدثنا

الحسين بن عبد الواحد، قال: حدثنا حرب بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل بن صدقة، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)،

__________________________________________________

13- الكافي 2: 207/ 10.

14- الكافي 2: 218/ 3.

15- الكافي 2: 218/ 1.

16- مجمع البيان 8: 653. [.....]

17- معاني الأخبار: 95/ 1.

(1) لقمان 31: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 569

قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ قام أبو بكر و عمر من مجلسيهما، فقالا: يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا. قالا: فهو القرآن؟ قال: لا- قال- فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هو هذا، إنه الإمام الذي أحصى الله تبارك و تعالى فيه علم كل شي ء».

8906/ [18]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله ابن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ قال: «في أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8907/ [19]- الشيخ، في كتاب (مصباح الأنوار): بإسناده عن رجاله، مرفوعا إلى المفضل بن عمر، قال: دخلت على الصادق (عليه السلام) ذات يوم، فقال لي: «يا مفضل، عرفت محمدا، و عليا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام) كنه معرفتهم؟» قلت: يا سيدي، ما كنه معرفتهم؟ قال: «يا مفضل، تعلم أنهم في طير عن الخلائق بجنب الروضة الخضراء، فمن عرفهم كنه معرفتهم كان معنا في السنام الأعلى».

قال: قلت:

عرفني ذلك، يا سيدي. قال: «يا مفضل، تعلم أنهم علموا ما خلق الله عز و جل، و ذرأه، و برأه، و أنهم كلمة التقوى، و خزان السماوات و الأرضين، و الجبال، و الرمال، و البحار، و عرفوكم في السماء نجم، و ملك، و وزن الجبال، وكيل ماء البحار، و أنهارها، و عيونها، و ما تسقط من ورقة إلا علموها، و لا حبة في ظلمات الأرض، و لا رطب، و لا يابس إلا في كتاب مبين، و هو في علمهم، و قد علموا ذلك».

فقلت: يا سيدي، قد علمت ذلك، و أقررت به، و آمنت. قال: «نعم يا مفضل، نعم يا مكرم، نعم يا طيب، نعم يا محبوب، طبت و طابت لك الجنة، و لكل مؤمن بها».

8908/ [20]- و

عنه: رواه عن أبي ذر، في كتاب (مصباح الأنوار)، قال: كنت سائرا في أغراض أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ مررنا بواد و نمله كالسيل سار «1»، فذهلت مما رأيت، فقلت: الله أكبر، جل محصيه. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تقل ذلك- يا أبا ذر- و لكن قل: جل باريه، فو الذي صورك أني احصي عددهم، و أعلم الذكر من الأنثى «2» بإذن الله عز و جل».

8909/ [21]- و

عن عمار بن ياسر، قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض غزواته، فمررنا بواد مملوء نملا، فقلت: يا أمير المؤمنين، ترى يكون أحد من خلق الله يعلم كم عدد هذا النمل؟ قال: «نعم- يا عمار- أنا أعرف

__________________________________________________

18- تأويل الآيات 2: 487/ 2.

19- مصباح الأنوار: 134 «مخطوط»، تأويل الآيات 2: 488/ 4.

20- ... عنه: تأويل الآيات 2: 490/ 8.

21- الفضائل لابن شاذان: 94.

(1) في المصدر: الساري.

(2) في المصدر: الذكر منهم

و الأنثى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 570

رجلا يعلم كم عدده، و كم فيه ذكر، و كم فيه أنثى». فقلت: من ذلك- يا مولاي- الرجل؟ فقال: «يا عمار، أما قرأت في سورة يس: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ؟ فقلت: بلى، يا مولاي. قال: «أنا ذلك الإمام المبين».

8910/ [22]- البرسي: عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ، قام رجلان، فقالا: يا رسول الله، أهو التوراة؟ قال: «لا». قالا: فهو الإنجيل؟ قال: «لا». قالا: فهو القرآن؟ قال: «لا». فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «هذا هو الذي أحصى الله فيه علم كل شي ء، و إن السعيد كل السعيد من أحب عليا في حياته، و بعد وفاته، و إن الشقي كل الشقي من أبغض هذا في حياته، و بعد وفاته».

سورة يس(36): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 570

قوله تعالى:

وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ [13 و 14]

8911/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية. فقال: «بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية، فجاءاهم بما لا يعرفون، فغلظوا عليهما، فأخذوهما و حبسوهما في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث، فدخل المدينة، فقال: أرشدوني إلى باب الملك. قال: فلما وقف على الباب، قال: أنا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض، و قد أحببت أن أعبد إله الملك. فأبلغوا كلامه الملك، فقال: أدخلوه إلى بيت الآلهة. فأدخلوه، فمكث سنة مع صاحبيه، فقال لهما: بهذا ينقل قوم من دين إلى دين، بالخرق

«1»، ألا رفقتما؟! ثم قال لهما: لا تقران بمعرفتي.

ثم ادخل على الملك، فقال له الملك: بلغني أنك كنت تعبد إلهي، فلم أزل و أنت أخي، فسلني حاجتك.

قال: مالي من حاجة- أيها الملك- و لكني رأيت رجلين في بيت الآلهة، فما بالهما؟ قال الملك: هذان رجلان أتياني يضلاني عن ديني «2»، و يدعواني إلى إله السماوات «3». فقال: أيها الملك، مناظرة جميلة، فإن يكن الحق لهما اتبعناهما، و إن يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا، فكان لهما مالنا، و عليهما ما علينا».

قال: «فبعث الملك إليهما، فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما: ما الذي جئتما به؟ قالا: جئنا ندعو إلى عبادة

__________________________________________________

22- مشارق أنوار اليقين: 55.

1- تفسير القمّي 2: 212.

(1) الخرق: نقيض الرّفق. «لسان العرب- خرق- 10: 75».

(2) في المصدر: ببطلان ديني.

(3) في المصدر: إليه سماوي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 571

الله الذي خلق السماوات و الأرض، و يخلق في الأرحام ما يشاء، و يصور كيف يشاء، و أنبت الأشجار و الثمار، و أنزل القطر من السماء- قال- فقال لهما: إلهكما هذا الذي تدعوان إليه، و إلى عبادته، إن جئنا بأعمى يقدر أن يرده صحيحا؟ قالا: إن سألناه أن يفعل فعل إن شاء. قال: أيها الملك، علي بأعمى لم يبصر شيئا قط. فأتي به، فقال:

ادعوا إلهكما أن يرد بصره هذا، فقاما، و صليا ركعتين، فإذا عيناه مفتوحتان و هو ينظر إلى السماء. فقال: أيها الملك، علي بأعمى آخر، فأتي به، فسجد سجدة، ثم رفع رأسه فإذا الأعمى الآخر بصير.

فقال: أيها الملك، حجة بحجة، علي بمقعد، فأتي به، فقال لهما مثل ذلك، فصليا، و دعوا الله، فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه، و قام يمشي. فقال: أيها الملك، علي

بمقعد آخر، فأتي به، فصنع به كما صنع أول مرة، فانطلق المقعد، فقال: أيها الملك، قد أتيا بحجتين و أتينا بمثله، و لكن بقي شي ء واحد، فإن هما فعلاه دخلت معهما في دينهما، ثم قال: أيها الملك، بلغني أنه كان للملك ابن واحد، و مات، فإن أحياه إلههما دخلت معهما في دينهما، فقال له الملك: و أنا أيضا معك.

ثم قال لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة: قد مات ابن الملك، فادعوا إلهكما ليحييه. فوقعا إلى الأرض ساجدين لله، و أطالا السجود، ثم رفعا رأسيهما، و قالا للملك: ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره، إن شاء الله، قال: فخرج الناس ينظرون، فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب.

قال: فأتي به إلى الملك، فعرف أنه ابنه، فقال له: ما حالك، يا بني؟ قال: كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدين يسألانه أن يحييني، فأحياني. قال: يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم. قال: فأخرج الناس جملة إلى الصحراء، فكان يمر عليه رجل رجل، فيقول له أبوه: انظر. فيقول: لا، لا. ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير، فقال: هذا أحدهما. و أشار بيده إليه، ثم مروا أيضا بقوم كثير، حتى رأى صاحبه الآخر، فقال: و هذا الآخر. فقال النبي صاحب الرجلين: أما أنا فقد آمنت بإلهكما، و علمت أن ما جئتما به هو الحق. قال: فقال الملك:

و أنا أيضا آمنت بإلهكما. و آمن أهل مملكته كلهم».

8912/ [2]- الطبرسي: قال: وهب بن منبه، بعث عيسي (عليه السلام) هذين الرسولين إلى أنطاكية، فأتياها و لم يصلا إلى ملكها، و طالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم، فكبرا، و ذكرا الله، فغضب الملك

و أمر بحبسهما، و جلد كل واحد منهما مائة جلدة، فلما كذب الرسولان و ضربا بعث عيسى (عليه السلام) شمعون الصفا- رأس الحواريين- على أثرهما لينصرهما، فدخل شمعون البلدة متفكرا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به، فرفعوا خبره إلى الملك، فدعاه، و رضي عشرته، و أنس به و أكرمه.

ثم قال له ذات يوم: أيها الملك، بلغني أنك حبست رجلين في السجن، و ضربتهما حين دعواك إلى غير دينك، فهل سمعت قولهما؟ قال الملك: حال الغضب بيني و بين ذلك. قال: فإن رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما. فدعاهما الملك، فقال لهما شمعون، من أرسلكما إلى هاهنا؟ قالا: الله الذي خلق كل شي ء، لا شريك له.

__________________________________________________

2- مجمع البيان 8: 655. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 572

قال: و ما آيتكما؟ قالا: ما تتمناه. فأمر الملك حتى جاءوا بغلام مطموس العينين، و موضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه، فصارتا مقلتين يبصر بهما، فتعجب الملك.

فقال شمعون للملك: أ رأيت لو سألت إلهك حتى يصنع صنعا مثل هذا، فيكون حجة لك، و لإلهك شرفا؟

فقال الملك: ليس لي عنك سر، إن إلهنا الذي نعبده لا يضر و لا ينفع. ثم قال الملك للرسولين: إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به و بكما. قالا: إلهنا قادر على كل شي ء. فقال الملك: إن هاهنا ميتا مات منذ سبعة أيام، لم ندفنه حتى يرجع أبوه، و كان غائبا. فجاءوا بالميت، و قد تغير و أروح، فجعلا يدعوان ربهما علانية، و جعل شمعون يدعو ربه سرا، فقام الميت، و قال لهم: إني قد مت منذ سبعة أيام، و ادخلت

في سبعة أودية من النار، و أنا أحذركم ما أنتم فيه، فآمنوا بالله. فتعجب الملك، فلما علم شمعون أن قوله أثر في الملك دعاه إلى الله، فآمن، و آمن من أهل مملكته قوم، و كفر آخرون.

ثم قال الطبرسي: و قد روى مثل ذلك العياشي بإسناده عن الثمالي، و غيره، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، إلا أن في بعض الروايات: بعث الله الرسولين إلى أنطاكية، ثم بعث الثالث.

و في بعضها: أن عيسى أوحى الله إليه أن يبعثهما، ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما، و أن الميت الذي أحياه الله تعالى بدعائهما كان ابن الملك، و ذكر نحو ما تقدم بنوع من التغيير.

8913/ [3]- الطبرسي: عن ابن عباس: أسماء الرسل: صادق، و صدوق، و الثالث: سلوم.

سورة يس(36): الآيات 18 الي 29 ..... ص : 572

قوله تعالى:

إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ- إلى قوله تعالى- فَإِذا هُمْ خامِدُونَ [18- 29] 8914/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ قال: بأسمائكم. و قوله: وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، قال: نزلت في حبيب النجار، إلى قوله: وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ.

و قوله: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ أي ميتون.

8915/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن ناجية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن المغيرة يقول: إن المؤمن لا يبتلي بالجذام، و لا البرص، و لا بكذا، و لا بكذا؟

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 654.

1- تفسير القمّي 2: 214.

2- الكافي 2: 197/ 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 573

فقال: «إن كان لغافلا عن صاحب يس إنه كان مكنعا «1» ثم ردت أصابعه. فقال: و كأني أنظر إلى

تكنيعه، أتاهم فأنذرهم، ثم عاد إليهم من الغد، فقتلوه. ثم قال: إن المؤمن يبتلى بكل بلية، و يموت بكل ميتة، إلا أنه لا يقتل نفسه».

8916/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الأصبهاني، عن أحمد بن الفضل بن المغيرة، عن أبي نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الأصبهاني، قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد، قال: حدثنا محمد بن المغيرة الشهرزوري، قال: حدثنا يحيى بن الحسين المدائني، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل يس، و علي بن أبي طالب، و آسية امرأة فرعون».

8917/ [4]- و

عنه، قال: أخبرني محمد بن علي بن إسماعيل، قال: حدثنا النعمان بن أبي الدلهاث البلدي، قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن محمد بن أبي ليلى الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: علي بن أبي طالب، و حبيب النجار، و مؤمن آل فرعون».

8918/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى الأنصاري، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله، عن خالد بن عيسى الأنصاري، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول: اتبعوا المرسلين، اتبعوا من

لا يسألكم أجرا و هم مهتدون، و حزقيل مؤمن آل فرعون، و علي بن أبي طالب، و هو أفضلهم».

8919/ [6]- و

من طريق المخالفين: الثعلبي في (تفسيره) بالإسناد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: سباق الأمم ثلاثة، لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي طالب، و صاحب يس، و مؤمن آل فرعون، فهم الصديقون، و علي أفضلهم».

و رواه صاحب (الأربعين)، بإسناده عن مجاهد، عن ابن عباس، و فضائل أحمد «2».

سورة يس(36): آية 36 ..... ص : 573

قوله تعالى:

سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

__________________________________________________

3- الخصال: 174/ 230.

4- الخصال: 184/ 254.

5- أمالي الصدوق: 385/ 18.

6- تفسير الثعلبي: 468 «مخطوط».

(1) كنعت أصابعه: أي تشنّجت و يبست. «النهاية 4: 204».

(2) ... فضائل الصحابة 2: 627/ 1072.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 574

وَ مِمَّا لا يَعْلَمُونَ [36]

8920/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن النطفة تقع من السماء إلى الأرض على النبات و الثمر و الشجر، فتأكل الناس منه و البهائم، فتجري فيهم».

8921/ [2]- عن أبي الربيع، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ مِمَّا لا يَعْلَمُونَ، فقال: «إن النطفة- يعني الماء- تقع من السماء إلى الأرض على النبات و الثمار و الشجر، فتأكل الناس منها، و البهائم، فتجري فيهم».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الإنسان خلق من أضعف ما يكون خلقا، من نطفة قطرت، ثم جعلت علقة، ثم جعلت مضغة، ثم جعلت عظاما غليظة، ثم كسي العظام لحما، فتبارك الله أحسن الخالقين».

سورة يس(36): آية 37 ..... ص : 574

قوله تعالى:

وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ [37]

8922/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ «1»، قال: لو أني أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم

من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عز و جل: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ «2»، يقول: أضاءت الأرض بنور محمد (صلى الله عليه و آله) كما تضي ء الشمس، فضرب الله مثل محمد (صلى الله عليه و آله) الشمس، و مثل الوصي القمر، و هو قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «3»، و قوله: وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ، و قوله عز و جل: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «4» يعني قبض محمد (صلى الله عليه و آله)، فظهرت الظلمة، فلم يبصروا فضل أهل

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 215.

2- ....

3- الكافي 8: 380/ 574.

(1) الأنعام 6: 58.

(2) البقرة 2: 17. [.....]

(3) يونس: 10: 5.

(4) البقرة 2: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 575

البيت، و هو قوله عز و جل: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ «1»».

سورة يس(36): الآيات 38 الي 39 ..... ص : 575

قوله تعالى:

وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [38 و 39]

8923/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي نعيم البلخي، عن مقاتل بن حيان، عن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله)، قال: كنت آخذ بيد النبي (صلى الله عليه و آله) و نحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله،

أين تغيب؟ قال: «في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء، حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة، فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب، من أين تأمرني أن أطلع، أمن مغربي، أم من مطلعي؟ فذلك قول الله عز و جل: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ يعني بذلك صنع الرب العزيز في ملكه، العليم بخلقه».

قال: «فيأتيها جبرئيل (عليه السلام) بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار، على طوله في أيام الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف و الربيع، قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه، ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها».

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «فكأني بها و قد حبست مقدار ثلاثة أيام، ثم لا تكسى ضوءا، و تؤمر أن تطلع من مغربها، فذلك قوله عز و جل: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ «2»، و القمر كذلك، من مطلعه و مجراه في أفق السماء، و مغربه و ارتفاعه إلى السماء السابعة، و يسجد تحت العرش، ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي، و ذلك قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «3»».

قال أبو ذر (رحمه الله عليه): ثم اعتزلت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فصلينا المغرب.

8924/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن

__________________________________________________

1- التوحيد: 280/ 7.

2- الكافي 8: 195/ 233.

(1) الأعراف 7: 198.

(2) التكوير 81: 1 و 2.

(3) يونس 10: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 576

الحسن بن أسباط،

عن عبد الرحمن بن سيابة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت لك الفداء، إن الناس يقولون: إن النجوم لا يحل النظر فيها. و هي تعجبني، فإن كانت تضر بديني، و إن كانت لا تضر بديني فو الله إني لأشتهيها، و أشتهي النظر فيها.

فقال: «ليس كما يقولون، لا تضر بدينك. ثم قال: إنكم تنظرون في شي ء منها كثيره لا يدرك، و قليله لا ينتفع به، تحسبون على طالع القمر».

ثم قال: «أ تدري كم بين المشتري و الزهرة من دقيقة؟» قلت: لا و الله. ثم قال: «أ فتدري كم بين الزهرة و القمر من دقيقة؟» قلت: لا. قال: «أ فتدري كم بين الشمس و السنبلة من دقيقة؟» قلت: لا. و الله، ما سمعته من أحد من المنجمين قط. قال: «أ فتدري كم بين السنبلة و بين اللوح المحفوظ من دقيقة؟» قلت: لا و الله، ما سمعته من منجم قط.

قال: قال: «ما بين كل واحد منها إلى صاحبه ستون، أو سبعون دقيقة». شك عبد الرحمن. ثم قال: «يا عبد الرحمن، هذا حساب إذا حسبه الرجل، و وقع عليه عرف القصبة التي وسط الأجمة «1»، و عدد ما عن يمينها، و عدد ما عن يسارها، و عدد ما عن خلفها، و عدد ما عن أمامها حتى لا يخفى عليه من قصب الأجمة واحدة».

8925/ [3]- و

عنه: عن علي، عن أبيه، عن داود النهدي، عن بعض أصحابه «2»، قال دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال له: أبلغ من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك؟

فقال: «ما لك، أطفأ الله نورك، و أدخل الفقر بيتك، أما علمت أن الله تعالى أوحى إلى عمران: أني واهب

لك ذكرا. فوهب له مريم، و وهب لمريم عيسى (عليه السلام)، فعيسى من مريم، و مريم من عيسى، و عيسى و مريم شي ء واحد، و أنا من أبي، و أبي مني، و أنا و أبي شي ء واحد».

فقال له ابن أبي سعيد: أسألك عن مسألة. فقال: «لا أخالك تقبل مني و لست من غنمي، و لكن هلمها «3»».

فقال: رجل قال عند موته: كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله؟

قال: «نعم، إن الله عز و جل قال في كتابه: حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ فما كان من مماليكه أتى عليه ستة أشهر فهو قديم، و هو حر». قال: فخرج من عنده، فعمي، و افتقر، حتى مات و لم يكن عنده مبيت ليلة.

و رواه الشيخ في (التهذيب) «4»، و علي بن إبراهيم في (تفسيره) «5»، عن أبيه، عن داود بن محمد النهدي، إلا أن في رواية علي بن إبراهيم: دخل أبو سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا (عليه السلام).

8926/ [4]- علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: العرجون: طلع النخل، و هو مثل الهلال في أول طلوعه.

__________________________________________________

3- الكافي 6: 195/ 6.

4- تفسير القمّي 2: 214.

(1) الأجمة: الشجر الكثير الملتفّ. «لسان العرب- أجم- 12: 8».

(2) في المصدر: أصحابنا.

(3) في «ج، ي، ط» زيادة: و في نسخة هاتها.

(4) التهذيب 8: 231/ 835.

(5) تفسير القمّي 2: 215. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 577

سورة يس(36): آية 40 ..... ص : 577

قوله تعالى:

لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [40]

8927/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ

النَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول: «الشمس سلطان النهار، و القمر سلطان الليل، لا ينبغي للشمس أن تكون مع ضوء القمر بالليل، و لا يسبق الليل النهار، يقول: لا يذهب الليل حتى يدركه النهار وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول: يجري «1» وراء فلك الاستدارة».

8928/ [2]- الطبرسي: روى العياشي في (تفسيره)، بالإسناد عن الأشعث بن حاتم، قال: كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا (عليه السلام)، و الفضل بن سهل، و المأمون في الإيوان «2» بمرو، فوضعت المائدة، فقال الرضا (عليه السلام): «إن رجلا من بني إسرائيل سألني بالمدينة، فقال: النهار خلق قبل، أم الليل، فما عندكم؟» قال:

فأداروا الكلام، فلم يكن عندهم في ذلك شي ء، فقال الفضل للرضا (عليه السلام): أخبرنا بها، أصلحك الله. قال: «نعم، من القرآن، أم من الحساب؟» قال الفضل: من جهة الحساب.

فقال: «قد علمت- يا فضل- أن طالع الدنيا السرطان، و الكواكب في مواضع شرفها، فزحل في الميزان، و المشتري في السرطان، و الشمس في الحمل، و القمر في الثور، فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر من الطالع في وسط السماء «3»، فالنهار خلق قبل الليل».

سورة يس(36): الآيات 41 الي 42 ..... ص : 577

قوله تعالى:

وَ آيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ- إلى قوله تعالى- لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ [41 و 42] 8929/ [3]- علي بن إبراهيم: قول: وَ آيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، قال: السفن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 214.

2- مجمع البيان 8: 664.

3- تفسير القمّي 2: 215.

(1) في المصدر: يجي ء.

(2) في المصدر: إيوان الحبري.

(3) في «ج»: السماء الدنيا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 578

المليئة وَ خَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ، قال: يعني الدواب و الأنعام.

سورة يس(36): آية 45 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [45]

8930/ [1]- الطبرسي: روى الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «معناه: اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب، و ما خلفكم من العقوبة».

سورة يس(36): الآيات 48 الي 50 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ- إلى قوله تعالى- وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ [48- 50] 8931/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَ هُمْ يَخِصِّمُونَ.

قال: ذلك في آخر الزمان، يصاح فيهم صيحة و هم في أسواقهم يتخاصمون، فيموتون كلهم في مكانهم، لا يرجع أحد منهم إلى منزله، و لا يوصي بوصية، و ذلك قوله: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ.

سورة يس(36): الآيات 51 الي 55 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ- إلى قوله تعالى- فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ [51- 55] 8932/ [3]- علي بن إبراهيم، و قوله: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قال: من القبور.

8933/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «في قوله: قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 8: 667.

2- تفسير القمي 2: 215.

3- تفسير القمي 2: 216.

4- تفسير القمي 2: 216.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 579

فإن القوم كانوا في القبور، فلما قاموا حسبوا أنهم كانوا نياما، قالوا: يا ويلنا، من بعثنا من مرقدنا؟ قالت الملائكة: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ».

8934/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، و محمد بن يحيى، جميعا، عن محمد بن سالم بن أبي سلمة، عن الحسن بن شاذان الواسطي، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أشكو جفاء أهل واسط، و جهلهم «1» علي، و كانت عصابة من العثمانية تؤذيني، فوقع بخطه: «إن الله تبارك و تعالى قد أخذ ميثاق أوليائه «2» على الصبر في دولة الباطل، فاصبر لحكم ربك، فلو قد قام سيد الخلق، لقالوا:

يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ و يعني به سيد الخلق «3»».

8935/ [4]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر النفخة الثانية، فقال: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ، و قوله: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ قال: في افتضاض العذارى فاكهون، قال:

يفاكهون النساء و يلاعبونهن.

8936/ [5]- الطبرسي، في قوله تعالى: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «معناه شغلوا بافتضاض العذارى».

سورة يس(36): الآيات 56 الي 64 ..... ص : 579

قوله تعالى:

فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ- إلى قوله تعالى- اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ [56- 64]

8937/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ، قال: «الأرائك: السرر، عليها الحجال «4»».

8938/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ، قال: السلام منه تعالى هو الأمان.

__________________________________________________

3- الكافي 8: 247/ 346.

4- تفسير القمّي 2: 216.

5- مجمع البيان 8: 670.

1- تفسير القمّي 2: 216. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 216.

(1) في المصدر: و حملهم.

(2) في المصدر: أوليائنا.

(3) (و يعني به سيد الخلق) ليس في المصدر.

(4) الحجلة: بيت كالقبّة يستر بالثّياب، و تكون له أزرار كبار، و تجمع على حجال. «النهاية 1: 346».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 580

قوله: وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ، قال: إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق، فينادون: يا ربنا، حاسبنا، و لو إلى النار. قال: فيبعث الله رياحا فتضرب بينهم، و ينادي مناد:

وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ، فيميز بينهم، فصار المجرمون إلى النار، و من كان في قلبه إيمان صار إلى الجنة. و قوله: وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ

جِبِلًّا كَثِيراً يعني خلقا كثيرا قد أهلك.

قوله: هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ. فإنه محكم.

سورة يس(36): الآيات 65 الي 75 ..... ص : 580

قوله تعالى:

الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ- إلى قوله تعالى- لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ [65- 75]

8939/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل، قال (عليه السلام) فيه: «و فرض الله على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شي ء من معاصي الله، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز و جل، فقال: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا «1»، و قال: وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «2».

و قال فيما شهدت الأيدي و الأرجل على أنفسها، و على أربابها، من تضييعها لما أمر الله عز و جل به، و فرضه عليها: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين و على الرجلين، و هو عملهما، و هو من الإيمان».

و الحديث بطوله تقدم في قوله تعالى: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ من سورة براءة «3».

8940/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ- إلى قوله تعالى- بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، قال: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة دفع إلى كل إنسان كتابه، فينظرون فيه، فينكرون أنهم عملوا من

__________________________________________________

1- الكافي 2: 28/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 216.

(1) الاسراء 17: 37.

(2) لقمان 31:

19.

(3) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (124- 125) من سورة التوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 581

ذلك شيئا، فتشهد عليهم الملائكة، فيقولون: يا رب، ملائكتك يشهدون لك. ثم يحلفون أنهم لم يفعلوا من ذلك شيئا، و هو قوله: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ «1» فإذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم، و تنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.

قوله: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ، يقول: كيف يبصرون وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ يعني في الدنيا فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَ لا يَرْجِعُونَ. و قوله: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ، فإنه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد، و يقولون: إن الرجل إذا نكح المرأة و صارت النطفة في رحمها تلقته الأشكال من الغذاء، و دار عليه الفلك، و مر عليه الليل و النهار، فيتولد الإنسان بالطبائع من الغذاء و مرور الليل و النهار، فنقض الله عليهم قولهم في حرف واحد، فقال: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ.

قال: لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي أن يزيد الإنسان أبدا، ما دامت الأشكال قائمة، و الليل و النهار قائمين، و الفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى النقصان، كلما ازداد في الكبر، إلى حد الطفولية، و نقصان السمع، و البصر، و القوة، و العلم، و المنطق حتى ينقص، و ينكس في الخلق؟ و لكن ذلك من خلق العزيز العليم، و تقديره.

و قوله: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ، قال: كانت قريش تقول: إن هذا الذي يقول محمد شعرا. فرد الله عليهم، فقال: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ

هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ و لم يقل رسول الله (صلى الله عليه و آله) شعرا قط.

و قوله: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا يعني مؤمنا حي القلب، و تقدم حديث في هذه الآية، في قوله تعالى:

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ «2» في سورة الأنعام.

و قوله: وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ يعني العذاب. و قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً أي خلقناها بقوتنا. و قوله: وَ ذَلَّلْناها لَهُمْ يعني الإبل مع قوتها و عظمها يسوقها الطفل. و قوله:

وَ لَهُمْ فِيها مَنافِعُ يعني ما يكسبون بها و ما يركبون، قوله: وَ مَشارِبُ يعني ألبانها.

8941/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ يقول: «لا تستطيع الآلهة لهم نصرا، و هم للآلهة جند محضرون».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 217.

(1) المجادلة 58: 18.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (95، 96) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 582

سورة يس(36): الآيات 76 الي 83 ..... ص : 582

قوله تعالى:

فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [76- 83] 8942/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: ثم خاطب الله نبيه، فقال: فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ قوله: فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ، أي ناطق، عالم، بليغ. و قوله: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ، فقال الله: قُلْ يا محمد، يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ.

قال: فلو أن الإنسان تفكر في خلق نفسه لدله ذلك على خالقه،

لأنه يعلم كل إنسان أنه ليس بقديم، لأنه يرى نفسه و غيره مخلوقا محدثا، و يعلم أنه لم يخلق نفسه، لأن كل خالق قبل خلقه، و لو خلق نفسه لدفع عنها الآفات، و الأوجاع، و الأمراض، و الموت، فثبت عند ذلك أن لها إلها، خالقا، مدبرا هو الله الواحد القهار.

8943/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد بن عبد الله بن أبي شيخ إجازة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد البصري، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن يسار المدني، قال: حدثنا سعيد بن ميناء، عن غير واحد من أصحابنا: أن نفرا من قريش اعترضوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، منهم، عتبة بن ربيعة، و أبي «1» بن خلف، و الوليد بن المغيرة، و العاص بن سعيد، فمشى إليه أبي بن خلف بعظم رميم، ففته في يده، ثم نفخه، و قال:

أ تزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى؟! فأنزل الله تعالى: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ، إلى آخر السورة.

و رواه المفيد في (أماليه) بالسند و المتن «2».

8944/ [3]- العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط، ففته، ثم قال: يا محمد، إذا كنا عظاما و رفاتا أ إنا لمبعوثون، من يحيي العظام و هي رميم؟ فنزلت: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ».

8945/

[4]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) قال: «قال الصادق (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه الجدال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 217. [.....]

2- الأمالي 1: 18.

3- تفسير العيّاشي 2: 296/ 89.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 527/ 322.

(1) في المصدر: و امية.

(2) أمالي المفيد: 246/ 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 583

بالتي هي أحسن، و الأمر به، و الجدال بالتي هي غير أحسن و النهي عنه، فقال-: و أما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، و إحياءه له، فقال الله تعالى حاكيا عنه: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ، فقال الله في الرد عليه: قُلْ يا محمد، يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ إلى آخر السورة. فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث الله هذه العظام و هي رميم؟

فقال الله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ أ فيعجز من ابتدأه لا من شي ء أن يعيده بعد أن يبلى؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته.

ثم قال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أي إذا كان قد كمن النار الحارة في الشجر الأخضر كالرطب، ثم يستخرجها، يعرفكم أنه على إعادة ما يبلى أقدر، ثم قال: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ أي إذا كان خلق السماوات و الأرض أعظم و أبعد في أوهامكم و قدركم أن تقدروا عليه من إعادة

البالي، فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم، و الأصعب لديكم، و لم تجوزوا ما هو سهل عندكم من إعادة البالي؟ و قال الصادق (عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لأن فيها انقطاع دعوى «1» الكافرين، و إزالة شبهتهم».

8946/ [5]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله يهودي، فقال: إن إبراهيم قد بهت كافرا ببرهان نبوته. قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) أتاه مكذب بالبعث بعد الموت، و هو أبي بن خلف الجمحي، معه عظم نخر، ففركه، ثم قال: يا محمد، من يحيي العظام و هي رميم؟ فأنطق الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بمحكم آياته، و بهته ببرهان نبوته، فقال: يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم، فانصرف مبهوتا».

الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن القائل أبي بن خلف».

8947/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: عجب كل العجب لمن أنكر الموت و هو يرى من يموت كل يوم و ليلة، و العجب كل العجب لمن أنكر النشأة الاخرى و هو يرى النشأة الاولى».

8948/ [7]- علي بن إبراهيم: قوله: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ و هو المرخ و العفار «2»، و يكون في ناحية بلاد المغرب، فإذا أرادوا أن يستوقدوا أخذوا من ذلك الشجر، ثم أخذوا عودا

__________________________________________________

5- الاحتجاج: 213.

6- الكافي 3: 258/ 28.

7- تفسير القمّي 2: 218.

(1) في «ج، ط»:

عرى، و في المصدر: قطع عذر.

(2) المرخ و العفار: شجرتان فيهما نار ليس في غيرهما من الشجر، و يسوّى من أغصانها الزّناد فيقتدح بها. «لسان العرب- عفر- 4: 589».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 584

فحركوه فيه، فيستوقدوا منه النار.

8949/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال:

حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قوام الإنسان و بقاؤه بأربعة: بالنار، و النور، و الريح، و الماء. فبالنار يأكل و يشرب، و بالنور يبصر و يعقل، و بالريح يسمع و يشم، و بالماء يجد لذة الطعام و الشراب، فلو لا النار في معدته لما هضمت الطعام، و لو لا أن النور في بصره لما أبصر و لا عقل، و لو لا الريح لما التهبت نار المعدة، و لو لا الماء لم يجد لذة الطعام و الشراب».

قال: و سألته عن النيران؟ فقال: «النيران أربعة: نار تأكل و تشرب، و نار تأكل و لا تشرب، و نار تشرب و لا تأكل، و نار لا تأكل و لا تشرب. فالنار التي تأكل و تشرب فنار ابن آدم، و جميع الحيوان، و التي تأكل و لا تشرب فنار الوقود، و التي تشرب و لا تأكل فنار الشجرة، و التي لا تأكل و لا تشرب فنار القداحة «1»، و الحباحب «2»».

8950/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: قال عز و جل: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ إلى قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ قال: خزائنه في كاف و نون.

8951/ [10]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن

إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الإرادة من الله، و من الخلق؟ قال: فقال: «الإرادة من الخلق: الضمير، و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل. و أما من الله تعالى فإرادته: إحداثه، لا غير ذلك، لأنه لا يروي، و لا يهم، و لا يتفكر، و هذه الصفات منفية عنه، و هي صفات الخلق، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك، يقول له: كن، فيكون. بلا لفظ، و لا نطق بلسان، و لا همة، و لا تفكر، و لا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شي ء و إليه ترجعون».

8952/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): «لما صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور فناجى ربه عز و جل، قال: رب، أرني خزائنك، فقال: يا موسى، إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له: كن، فيكون».

__________________________________________________

8- الخصال: 227/ 62.

9- تفسير القمّي 2: 218.

10- الكافي 1: 85/ 3.

11- التوحيد: 133/ 17. [.....]

(1) القدّاحة: الحجر الذي يوري النار. «الصحاح- قدح- 1: 394».

(2) الحباحب: ذباب يطير بالليل، كأنّه نار، له شعاع كالسّراج. «لسان العرب- حبحب- 1: 297».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 585

المستدرك (سورة يس) ..... ص : 585
سورة يس(36): آية 30 ..... ص : 585

قوله تعالى:

يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [30]

[1]- أخبرنا محمد بن همام، و محمد بن الحسن بن محمد بن جمهور، جميعا، عن الحسن بن محمد بن جمهور، قال:

حدثنا أبي، عن بعض رجاله، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «خبر تدريه خير من عشر ترويه، إن لكل حق حقيقة، و لكل صواب نورا».

ثم قال: «إنا و الله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له فيعرف اللحن، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: إن من ورائكم فتنا مظلمة عمياء منكسفة، لا ينجو منها إلا النومة، قيل: يا أمير المؤمنين، و ما النومة؟ قال: الذي يعرف الناس و لا يعرفونه. و اعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله عز و جل، و لكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم و جورهم و إسرافهم على أنفسهم، و لو خلت الأرض ساعة واحدة من حجة لله، لساخت بأهلها، و لكن الحجة يعرف الناس و لا يعرفونه، كما كان يوسف يعرف الناس و هم له منكرون، ثم تلا: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.

__________________________________________________

1- غيبة النعماني: 141/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 586

سورة يس(36): آية 47 ..... ص : 586

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ [47]

[1]- ابن بابويه في كتاب (الخصال)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: تصدقوا بالليل، فإن الصدقة بالليل تطفئ غضب الرب جل جلاله، احسبوا كلامكم من أعمالكم، يقل كلامكم إلا في خير، أنفقوا مما رزقكم الله عز و جل، فإن المنفق بمنزلة المجاهد في سبيل الله، فمن أيقن

بالخلف جاد و سخت نفسه بالنفقة».

سورة يس(36): آية 60 ..... ص : 586

قوله تعالى:

أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ [60]

[2]- ابن بابويه، في (اعتقادات الإمامية): عن الصادق (ع) أنه قال: «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، و إن كان الناطق عن إبليس فقد عبده».

__________________________________________________

1- الخصال: 619/ 10.

2- اعتقادات الإمامية: 105.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 587

سورة الصافات ..... ص : 587

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 589

فضلها ..... ص : 589

8953/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن سليمان الجعفري، قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) يقول لابنه القاسم: «قم- يا بني- فاقرأ عند رأس أخيك وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا حتى تستتمها» فقرأ، فلما بلغ: أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا «1» قضى الفتى، فلما سجي و خرجوا، أقبل عليه يعقوب ابن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ عنده يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ فصرت تأمرنا بالصافات؟ فقال: «يا بني، لم تقرأ عند مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته».

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن سليمان الجعفري، قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام)، مثله «2».

8954/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني أحمد بن إدريس، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الصافات في كل جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة، مدفوعا عنه كل بلية في الحياة الدنيا، مرزوقا في الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق، و لم يصبه في ماله و ولده و لا بدنه بسوء من شيطان رجيم، و لا من جبار عنيد، و إن مات في يومه، أو في ليلته بعثه الله شهيدا، و أماته شهيدا، و أدخله الجنة مع الشهداء في أعلى درجة من الجنة».

8955/ [3]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله

عشر

__________________________________________________

1- الكافي 3: 126/ 5.

2- ثواب الأعمال: 112.

3- خواص القرآن: 48 «مخطوط»، مجمع البيان 8: 681.

(1) الصافّات 37: 11.

(2) التهذيب 1: 427/ 1358.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 590

حسنات بعدد كل جني و شيطان، و من كتبها في إناء زجاج، و جعلها في صندوق رأى الجن يهرعون إليه، و يأتون أفواجا، و لا يضرون أحدا من الناس بشي ء».

8956/ [4]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و جعلها في إناء زجاج ضيق الرأس، و علقها في صندوق، رأى الجن يهرعون إليه، و يأتون أفواجا أفواجا، و لا يضرونه».

8957/ [5]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في إناء زجاج ضيق الرأس، و جعلها في منزله رأى الجن في منزله يذهبون و يأتون أفواجا أفواجا، و لا يضرون أحدا بشي ء، و يستحم بمائها الولهان و الرجفان ليسكن ما به، إن شاء الله تعالى».

__________________________________________________

4- خواص القرآن: 48 «مخطوط».

5- ....

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 591

سورة الصافات(37): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 591

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا- إلى قوله تعالى- إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ [1- 11] 8958/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا قال: الملائكة، و الأنبياء، و من صف لله و عبده فَالزَّاجِراتِ زَجْراً الذين يزجرون الناس فَالتَّالِياتِ ذِكْراً الذين يقرءون الكتاب من الناس، فهو قسم، و جوابه إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ رَبُّ الْمَشارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ.

8959/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، و يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لهذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المدائن التي

في الأرض، مربوطة كل مدينة إلى عمود من نور، طول ذلك العمود في السماء مسيرة مائتين و خمسين سنة».

قوله: وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ قال: المارد: الخبيث، لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً يعني الكواكب التي يرمون بها وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ أي واجب، و قوله: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ يعني يسمعون الكلمة فيحفظونها فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ، و هو ما يرمون به فيحترقون.

8960/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: عَذابٌ واصِبٌ أي دائم موجع، قد خلص إلى قلوبهم، و قوله: شِهابٌ ثاقِبٌ أي مضي ء، إذا أضاء فهو ثقوبه» «1».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 218.

2- تفسير القمّي 2: 218. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 221.

(1) في المصدر: إذا أصابهم نفوا به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 592

8961/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حكى أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- و ذكر حديث معراج النبي (صلى الله عليه و آله)، إلى أن قال (صلى الله عليه و آله): «فصعد جبرئيل، و صعدت معه إلى السماء الدنيا، و عليها ملك يقال له إسماعيل، و هو صاحب الخطفة التي قال الله عز و جل: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ و تحته سبعون ألف ملك، تحت كل ملك سبعون ألف ملك».

و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا «1».

8962/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله: فَاسْتَفْتِهِمْ أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ يعني يلصق باليد.

8963/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن،

عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عز و جل خلق المؤمن من طينة الجنة، و خلق الكافر من طينة النار».

و قال: «إذا أراد الله عز و جل بعبد خيرا طيب روحه «2» و جسده، فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه، و لا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره».

قال: و سمعته يقول: «الطينات ثلاث: طينة الأنبياء، و المؤمن من تلك الطينة، إلا أن الأنبياء هم من صفوتها، هم الأصل و لهم فضلهم، و المؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز و جل بينهم و بين شيعتهم». و قال:

«طينة الناصب من حمأ مسنون، و أما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه، و لا ناصب عن نصبه، و لله المشيئة فيهم».

سورة الصافات(37): الآيات 12 الي 20 ..... ص : 592

قوله تعالى:

بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ- إلى قوله تعالى- يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ [12- 20] 8964/ [7]- علي بن إبراهيم: بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ وَ إِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ وَ إِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ

__________________________________________________

4- تفسير القمي 2: 4.

5- تفسير القمي 2: 221.

6- 2: 2/ 2.

7- تفسير القمي 2: 222.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (1) من سورة الإسراء.

(2) في «ج، ي، ط»: ريحه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 593

يعني قريشا. ثم حكى قول الدهرية من قريش، فقال: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً إلى قوله تعالى: داخِرُونَ أي مطروحون في النار فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ، و قوله: وَ قالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ، قال: يوم الحساب و المجازاة.

8965/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن النضر

بن سويد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ قالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ: «يعني يوم الحساب».

سورة الصافات(37): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 593

قوله تعالى:

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا- إلى قوله تعالى- إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ [22 و 23] 8966/ [2]- علي بن إبراهيم، و قوله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ، قال: الذين ظلموا آل محمد حقهم، و أزواجهم. قال: يعني أشباههم وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ.

8967/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ، يقول: «ادعوهم إلى طريق الجحيم».

سورة الصافات(37): الآيات 24 الي 42 ..... ص : 593

قوله تعالى:

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ- إلى قوله تعالى- فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ [24- 42]

8968/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو القاسم، علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني سيدي علي بن محمد بن علي الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أبا بكر مني لبمنزلة السمع، و إن عمر مني لبمنزلة البصر، و إن عثمان مني لبمنزلة الفؤاد. قال:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 28.

2- تفسير القمّي 2: 222.

3- تفسير القمّي 2: 222.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 313/ 86.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 594

فلما كان من الغد، دخلت عليه و عنده أمير المؤمنين (عليه السلام) و أبو بكر، و عمر، و عثمان، فقلت له: يا أبت، سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا، فما هو؟ فقال (صلى الله عليه و آله): نعم، ثم أشار إليهم، فقال: هم السمع و البصر و الفؤاد و سيسألون عن ولاية وصيي هذا، و أشار إلى علي بن

أبي طالب (صلوات الله عليه)، ثم قال: إن الله عز و جل يقول:

إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «1»، ثم قال (صلى الله عليه و آله): و عزة ربي إن جميع امتي لموقوفون يوم القيامة، و مسئولون عن ولايته، و ذلك قول الله عز و جل: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ».

8969/ [2]- و

عنه: عن محمد بن عمر الحافظ الجعابي، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن سعيد بن زياد من أصل كتابه «2»، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حفص بن عمر العمري، قال: حدثنا عصام بن طليق، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، عن النبي (صلى الله عليه و آله) في قول الله عز و جل: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، قال: «عن ولاية علي، ما صنعوا في أمره و قد أعلمهم الله عز و جل أنه الخليفة من بعد رسوله».

8970/ [3]- أبو الحسن الشاذاني: عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى ملكين يقعدان على الصراط، فلا يجوز أحد إلا ببراءة علي بن أبي طالب، و من لم تكن له براءة أمير المؤمنين أكبه الله «3» على منخريه في النار، و ذلك قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ».

قلت: فداك أبي و أمي- يا رسول الله- ما معنى البراءة التي أعطاها علي؟ فقال: «مكتوب «4»: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول الله «5»».

8971/ [4]- الشيخ في (أماليه): عن أبي محمد الفحام، قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن هاشم الهاشمي صاحب الصلاة بسر من رأى، قال: حدثنا أبي هاشم بن

القاسم، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن عبد الله الجوهري البصري، عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إذا كان يوم القيامة، و نصب الصراط على جهنم، لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب، و ذلك قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، يعني عن ولاية علي بن أبي طالب».

8972/ [5]- محمد بن العباس: عن صالح بن أحمد، عن أبي مقاتل، عن الحسين بن الحسن، عن الحسين بن نصر بن مزاحم، عن القاسم بن عبد الغفار، عن أبي الأحوص، عن مغيرة، عن الشعبي، عن ابن عباس، في قول

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 67/ 7.

3- مائة منقبة: 36/ 16. [.....]

4- الأمالي 1: 296.

5- تأويل الآيات 2: 492/ 1.

(1) الإسراء 17: 36.

(2) في المصدر: كتاب أبيه.

(3) في المصدر: له براءة، أمر اللّه تعالى الملكين الموكلين على الجواز أنّ يوفقاه و يسألاه فلما عجز عن جوابهما فيكبّاه.

(4) في المصدر زيادة: بالنور الساطع.

(5) في المصدر: محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 595

الله عز و جل: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قال: عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).

8973/ [6]- ابن شهر آشوب: عن الشيرازي في كتابه، عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النيران السبع، و أمر رضوان أن يزخرف الجنان الثمانية، و يقول: يا ميكائيل، مد الصراط على متن جهنم و يقول: يا جبرئيل، انصب ميزان العدل تحت العرش، و ناد: يا

محمد، قرب أمتك للحساب.

ثم يأمر الله تعالى أن يعقد على الصراط سبع قناطر، طول كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ، و على كل قنطرة سبعون ألف ملك قيام، فيسألون هذه الأمة، نساءهم و رجالهم، على القنطرة الاولى: عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) و حب أهل بيت محمد (عليهم السلام)، فمن أتى به جاز على القنطرة الاولى كالبرق الخاطف، و من لم يحب أهل بيت نبيه سقط على ام رأسه في قعر جهنم، و لو كان معه من أعمال البر عمل سبعين صديقا. و على القنطرة الثانية: يسألون عن الصلاة، و على الثالثة: يسألون عن الزكاة، و على الرابعة: عن الصيام، و على الخامسة: عن الحج، و على السادسة: عن الجهاد، و على السابعة: عن العدل. فمن أتى بشي ء من ذلك جاز على الصراط كالبرق الخاطف، و من لم يأت عذب، و ذلك قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ يعني معاشر الملائكة، وقفوهم- يعني العباد- على القنطرة الاولى عن ولاية علي، و حب أهل البيت (عليهم السلام).

و

سئل الباقر (عليه السلام) عن هذه الآية، قال: «يقفون فيسألون: ما لكم لا تناصرون في الآخرة كما تعاونتم في الدنيا على علي (عليه السلام)؟ قال: يقول الله: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ يعني العذاب، ثم حكى الله عنهم قولهم:

وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ- إلى قوله- بِالْمُجْرِمِينَ.

8974/ [7]- عن محمد بن إسحاق، و الشعبي، و الأعمش، و سعيد بن جبير، و ابن عباس، و أبو نعيم الأصفهاني، و الحاكم الحسكاني، و النطنزي، و جماعة أهل البيت (عليهم السلام): وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن ولاية علي بن أبي طالب، و حب أهل البيت (عليهم السلام).

8975/ [8]- الشيخ في (مصباح الأنوار): بإسناده

عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا كان يوم القيامة أقف أنا و علي على الصراط، بيد كل واحد منا سيف، فلا يمر أحد من خلق الله إلا سألناه عن ولاية علي بن أبي طالب، فمن كان معه شي ء منها نجا، و إلا ضربنا عنقه و ألقيناه في النار». ثم تلا قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ.

8976/ [9]- و

عنه، في (أماليه)، قال: أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي

__________________________________________________

6- المناقب 2: 152.

7- المناقب 2: 152.

8- مصباح الأنوار: 91 «مخطوط».

9- أمالي الطوسي 1: 124.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 596

حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تزول قدم عبد مؤمن يوم القيامة من بين يدي الله عز و جل حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك، فيما أفنيته؟ و جسدك، فيما أبليته؟

و مالك، من أين اكتسبته، و أين وضعته؟ و عن حبنا أهل البيت.

فقال رجل من القوم: و ما علامة حبكم، يا رسول الله؟ فقال: محبة هذا، و وضع يده على رأس علي بن أبي طالب».

8977/ [10]- و من طريق المخالفين، موفق بن أحمد، قال: روى أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، في قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قال: يعني عن ولاية علي (عليه السلام).

8978/ [11]- و

عن ابن شيرويه: عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «وَ قِفُوهُمْ

إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و عن الحبري في (كتابه)، يرفعه إلى ابن عباس، مثله «1».

8979/ [12]- موفق بن أحمد في كتاب (المناقب)، بإسناده عن أبي برزة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأله الله تبارك و تعالى عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و عن جسده فيما أبلاه، و عن ماله مما كسبه، و فيما أنفقه، و عن حبنا أهل البيت».

فقال عمر بن الخطاب: فما آية حبكم من بعدك؟ فوضع يده على رأس علي (عليه السلام)- و هو إلى جانبه-، فقال: «إن آية حبي من بعدي: حب هذا، و طاعته طاعتي، و مخالفته مخالفتي».

8980/ [13]- الثعلبي في (تفسيره): عن مجاهد، عن ابن عباس، و أبو القاسم القشيري، في (تفسيره): عن الحاكم الحافظ بإسناده عن أبي برزة، و ابن بطة في (إبانته): عن أبي سعيد الخدري، كلهم، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و عن شبابه فيما أبلاه، و عن ماله: من أين اكتسبه، و فيما أنفقه، و عن حبنا أهل البيت».

8981/ [14]- و

عن ابن عباس، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «و الذي بعثني بالحق نبيا، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب».

8982/ [15]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، قال: عن ولاية أمير المؤمنين

__________________________________________________

10- مناقب الخوارزمي: 195.

11- العمدة: 301/ 506 عن الفردوس لابن شيرويه.

12- مناقب الخوارزمي: 35. [.....]

13- ...، مناقب ابن شهر آشوب 2: 153.

14- ...، مناقب ابن شهر آشوب 2: 153.

15-

تفسير القمّي 2: 222.

(1) تفسير الحبري: 312/ 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 597

علي (عليه السلام). قوله تعالى: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ يعني للعذاب، ثم حكى الله عز و جل عنهم قولهم:

وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ يعني فلانا و فلانا قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ قوله: فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ، قال: العذاب فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ.

و قوله: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ إلى قوله: يَسْتَكْبِرُونَ فإنه محكم، قوله: وَ يَقُولُونَ أَ إِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فرد الله عليهم: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ يعني الذين كانوا قبله، ثم حكى ما أعد الله للمؤمنين، فقال: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ يعني في الجنة.

8983/ [16]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قوله: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ، قال: «يعلمه الخدام، فيأتون به إلى أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه». و أما قوله عز و جل: فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ، قال: «فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به».

سورة الصافات(37): الآيات 47 الي 57 ..... ص : 597

قوله تعالى:

لا فِيها غَوْلٌ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ [47- 57] 8984/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: لا فِيها غَوْلٌ يعني الفساد وَ لا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ أي لا يطردون منها، قوله: وَ عِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ يعني الحور العين، يقصر الطرف، عن النظر إليها من صفائها و حسنها: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ يعني مخزون فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ

لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أي تصدق بما يقول لك: إنك إذا مت حييت. قال: فيقول لصاحبه:

هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ قال: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ، فيقول له: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَ لَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ.

8985/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ، يقول: «في وسط الجحيم».

__________________________________________________

16- الكافي 8: 95/ 69.

1- تفسير القمّي 2: 222.

2- تفسير القمّي 2: 222.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 598

سورة الصافات(37): الآيات 58 الي 78 ..... ص : 598

قوله تعالى:

أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ- إلى قوله تعالى- وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ [58- 78]

8986/ [1]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن درست، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، قال: لا أعلمه ذكره إلا عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة و أهل النار النار، جي ء بالموت في صورة كبش حتى يوقف بين الجنة و النار. قال: ثم ينادي مناد يسمع أهل الدارين جميعا: يا أهل الجنة، يا أهل النار. فإذا سمعوا الصوت أقبلوا: قال، فيقال لهم: أ تدرون ما هذا؟ هذا هو الموت الذي كنتم تخافون منه في الدنيا. قال: فيقول أهل الجنة: اللهم لا تدخل الموت علينا. قال: و يقول أهل النار: اللهم أدخل الموت علينا. قال:

ثم يذبح كما تذبح الشاة».

قال: «ثم ينادي مناد: لا موت أبدا، أيقنوا بالخلود. قال: فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ يموت من فرح لماتوا، قال: ثم قرأ هذه الآية: أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ

الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ قال: و يشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا من شهيق لماتوا، و هو قول الله عز و جل: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ» «1».

8987/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن علي بن مهزيار، و الحسن بن محبوب، عن النضر بن سويد، عن درست، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار، جي ء بالموت فيذبح كالكبش بين الجنة و النار، ثم يقال لهم: خلود، فلا موت أبدا. فيقول أهل الجنة: أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ».

ثم قال عز و جل: أَ ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ يعني بالفتنة هاهنا العذاب إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فإنه محكم.

قوله: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ يعني عذابا على عذاب. ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ أي يمرون وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ يعني الأنبياء فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ يعني الأمم الهالكة، ثم ذكر عز و جل نداء الأنبياء، فقال: وَ لَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ إلى قوله تعالى: فِي الْآخِرِينَ.

__________________________________________________

1- الزهد: 100/ 273.

2- تفسير القمّي 2: 223.

(1) مريم 19: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 599

8988/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ جَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ، يقول: «الحق، و النبوة، و الكتاب، و الإيمان في

عقبه، و ليس كل من في الأرض من بني آدم من ولد نوح، قال الله في كتابه: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ منهم وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «1»، و قال أيضا: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ» «2».

8989/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، و محمد بن موسى بن المتوكل، و أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: عاش نوح بعد نزوله من السفينة خمسين سنة، ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا نوح، قد انقضت نبوتك، و استكملت أيامك، فانظر الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة التي معك فادفعها إلى ابنك سام، فإني لا أترك الأرض إلا و فيها عالم تعرف به طاعتي، فيكون نجاة فيما بين قبض النبي و مبعث النبي الآخر، و لم أكن أترك الناس بغير حجة، و داع إلي، و هاد إلى سبيلي، و عارف بأمري، فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء، و يكون حجة على الأشقياء».

قال: «فدفع نوح (عليه السلام) الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة إلى ابنه سام، و أما حام و يافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به. قال: و بشرهم نوح بهود (عليه السلام) و أمرهم باتباعه، و أن يفتحوا الوصية كل

عام فينظروا فيها، و يكون عيدا لهم، كما أمرهم آدم (عليه السلام)، فظهرت الجبرية في ولد حام و يافث، فاستخفى ولد سام بما عندهم من العلم، و جرت على سام بعد نوح الدولة لحام و يافث، و هو قول الله عز و جل: وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ يقول: تركت على نوح دولة الجبارين، و نصر «3» الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بذلك».

قال: «و ولد لحام: السند، و الهند، و الحبش، و ولد لسام: العرب، و العجم، و جرت عليهم الدولة، و كانوا يتوارثون الوصية عالم بعد عالم، حتى بعث الله عز و جل هودا (عليه السلام)».

سورة الصافات(37): آية 83 ..... ص : 599

قوله تعالى:

وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ [83]

8990/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبو العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 223.

4- كمال الدين و تمام النعمة: 134/ 3.

1- تفسير القمّي 2: 223.

(1) هود 11: 40. [.....]

(2) الإسراء 17: 3.

(3) في المصدر: و يعزّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 600

عن النضر بن سويد، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «ليهنئكم الاسم». قلت: و ما هو، جعلت فداك؟ قال: «الشيعة».

قيل: إن الناس يعيروننا بذلك! قال: «أما تسمع قول الله: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ، و قوله: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ «1» فليهنئكم الاسم».

8991/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روي عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ أي إن إبراهيم (عليه السلام) من شيعة النبي (صلى الله عليه و آله)، فهو من شيعة علي (عليه السلام)، و كل من كان من شيعة علي

فهو من شيعة النبي (صلى الله عليهما و على ذريتهما الطيبين)».

8992/ [3]- قال: و يؤيد هذا التأويل- أن إبراهيم (عليه السلام) من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)- ما

رواه الشيخ محمد بن العباس، عن محمد بن وهبان، عن أبي جعفر محمد بن علي بن رحيم، عن العباس بن محمد، قال:

حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم، قال: سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ.

فقال (عليه السلام): «إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم (عليه السلام) كشف له عن بصره، فنظر، فرأى نورا إلى جنب العرش، فقال: إلهي، ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمد صفوتي من خلقي. و رأى نورا إلى جنبه، فقال: إلهي، و ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور علي بن أبي طالب ناصر ديني. و رأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار، فقال: إلهي، و ما هذه الأنوار؟ فقيل له: هذا نور فاطمة، فطمت محبيها من النار، و نور ولديها: الحسن، و الحسين. و رأى تسعة أنوار قد حفوا بهم؟ فقال: إلهي، و ما هذه الأنوار التسعة؟ قيل: يا إبراهيم، هؤلاء الأئمة من ولد علي و فاطمة.

فقال إبراهيم: إلهي، بحق هؤلاء الخمسة، إلا ما عرفتني من التسعة. فقيل: يا إبراهيم، أولهم علي بن الحسين، و ابنه محمد، و ابنه جعفر، و ابنه موسى، و ابنه علي، و ابنه محمد، و ابنه علي، و ابنه الحسن، و الحجة القائم ابنه.

فقال إبراهيم: إلهي و سيدي، أرى أنوارا قد أحدقوا بهم، لا يحصي عددهم إلا أنت؟ قيل: يا إبراهيم، هؤلاء شيعتهم، شيعة أمير

المؤمنين علي بن أبي طالب. فقال إبراهيم: و بم تعرف شيعته؟ فقال: بصلاة إحدى و خمسين، و الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، و القنوت قبل الركوع، و التختم في اليمين. فعند ذلك قال إبراهيم: اللهم، اجعلني من شيعة أمير المؤمنين. قال: فأخبر الله في كتابه، فقال: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ».

8993/ [4]- ثم قال شرف الدين: و مما يدل على أن إبراهيم (عليه السلام) و جميع الأنبياء و المرسلين من شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، ما

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «ليس إلا الله و رسوله، و نحن، و شيعتنا، و الباقي في

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 495/ 8.

3- تأويل الآيات 2: 496/ 9.

4- تأويل الآيات 2: 497/ 10.

(1) القصص 28: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 601

النار».

8994/ [5]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ «1».

قال (عليه السلام): «السيئة المحيطة به: هي التي تخرجه من جملة دين الله، و تنزعه عن ولاية الله، و ترميه في سخط الله، و هي الشرك بالله، و الكفر به، و الكفر بنبوة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الكفر بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كل واحدة من هذه سيئة محيطة «2» به، أي تحيط بأعماله فتبطلها، و تمحقها، فأولئك، الذين عملوا هذه السيئة المحيطة، أصحاب النار هم فيها خالدون.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن ولاية علي حسنة لا تضر معها سيئة «3» من السيئات و إن جلت، إلا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا، و ببعض العذاب في الآخرة إلى أن ينجو منها بشفاعة مواليه الطيبين

الطاهرين، و إن ولاية أضداد علي، و مخالفة علي سيئة لا ينفع معها شي ء إلا ما ينفعهم بطاعاتهم في الدنيا بالنعم، و الصحة، و السعة، فيردون الآخرة و لا يكون لهم إلا دائم العذاب.

ثم قال: إن من جحد ولاية علي لا يرى الجنة بعينه أبدا، إلا ما يراه بما يعرف به أنه لو كان يواليه لكان ذلك محله و مأواه و منزله، فيزداد حسرات و ندامات، و أن من توالى عليا و برى ء من أعدائه، و سلم لأولياء الله، لا يرى النار بعينه أبدا، إلا ما يراه فيقال له: لو كنت على غير هذا لكان ذلك مأواك، و إلا ما يباشره منها إن كان مسرفا على نفسه بما دون الكفر إلى أن ينظف بجهنم كما ينظف القدر من بدنه بالحمام الحامي، ثم ينتقل عنها بشفاعة مواليه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتقوا الله- معاشر الشيعة- فإن الجنة لن تفوتكم و إن أبطأت بكم عنها قبائح أعمالكم، فتنافسوا في درجاتها.

قيل: فهل يدخل جهنم أحد من محبيك، و محبي علي (عليه السلام)؟ قال: من قذر نفسه بمخالفة محمد و علي، و واقع المحرمات و ظلم المؤمنين و المؤمنات، و خالف ما رسم له من الشرعيات جاء يوم القيامة قذرا، طفسا «4»، يقول له محمد و علي: يا فلان، أنت قذر طفس، لا تصلح لمرافقة مواليك الأخيار، و لا لمعانقة الحور الحسان، و لا لملائكة الله المقربين، و لا تصل إلى ما هناك إلا أن يطهر منك ما هناك «5»- يعني ما عليه من الذنوب- فيدخل إلى الطبق الأعلى من نار جهنم، فيعذب ببعض ذنوبه. و منهم من تصيبه الشدائد في المحشر ببعض ذنوبه، ثم

يلقطه من هنا و من هنا من يبعثهم إليه مواليه من خيار شيعتهم كما يلقط الطير الحب. و منهم من تكون ذنوبه أقل و أخف،

__________________________________________________

5- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 304/ 147- 149.

(1) البقرة 2: 81.

(2) في «ج» و المصدر: تحيط.

(3) في المصدر: لا يضرّ معها شي ء.

(4) الطفس: الوسخ و الدرن. «الصحاح- طفس- 3: 944».

(5) في المصدر: عنك ما هاهنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 602

فيطهر منها بالشدائد و النوائب من السلاطين و غيرهم، و من الآفات في الأبدان في الدنيا ليدلى في قبره و هو طاهر من ذنوبه. و منهم من يقرب موته و قد بقيت عليه، فيشتد نزعه، و يكفر به عنه، فإن بقي شي ء و قويت عليه يكون له بطن «1» أو اضطراب في يوم موته، فيقل من يحضره، فيلحقه به الذل، فيكفر عنه، فإن بقي شي ء أتي به و لما يلحد فيوضع، فيتفرقون عنه، فيطهر.

فإن كانت ذنوبه أعظم و أكثر طهر منها بشدائد عرصات القيامة، فإن كانت أكثر و أعظم طهر منها في الطبق الأعلى من جهنم، و هؤلاء أشد محبينا عذابا، و أعظمهم ذنوبا، و ليس هؤلاء يسمون بشيعتنا، و لكنهم يسمعون محبينا، و الموالين لأوليائنا، و المعادين لأعدائنا. إن شيعتنا من شايعنا، و اتبع آثارنا، و اقتدى بأعمالنا».

8995/ [6]- و

قال الإمام (عليه السلام): «قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، فلان ينظر إلى حرم جاره، و إن أمكنه مواقعة حرام لم ينزع عنه؟ فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: ائتوني به. فقال رجل آخر: يا رسول الله، إنه من شيعتكم، ممن يعتقد موالاتك و موالاة علي، و يتبرأ

من أعدائكما. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تقل إنه من شيعتنا، فإنه كذب، إن شيعتنا من شيعنا و تبعنا في أعمالنا، و ليس هذا الذي ذكرته في هذا الرجل، من أعمالنا.

و قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): فلان مسرف على نفسه بالذنوب الموبقات، و هو مع ذلك من شيعتكم! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد كتبت عليك كذبة، أو كذبتان، إن كان مسرفا بالذنوب على نفسه، يحبنا و يبغض أعداءنا، فهو كذبة واحدة، هو من محبينا لا من شيعتنا، و إن كان يوالي أولياءنا، و يعادي أعداءنا، و ليس هو بمسرف على نفسه في الذنوب كما ذكرت، فهو منك كذبة، لأنه لا يسرف في الذنوب، و إن كان لا يسرف في الذنوب، و لا يوالينا، و لا يعادي أعداءنا فهو منك كذبتان.

و قال رجل لامرأته: اذهبي إلى فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاسأليها عني: أنا من شيعتكم، أو لست من شيعتكم؟ فسألتها، فقالت (عليها السلام): قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك، و تنتهي عما زجرناك، فأنت من شيعتنا، و إلا فلا. فرجعت، فأخبرته، فقال: يا ويلي، و من ينفك من الذنوب و الخطايا؟ فأنا إذن خالد في النار، فإن من ليس من شيعتهم فهو خالد في النار. فرجعت المرأة، فقالت لفاطمة (عليها السلام) ما قال لها زوجها، فقالت فاطمة (عليها السلام): ليس هكذا، إن شيعتنا من خيار أهل الجنة، و كل محبينا، و موالي أوليائنا، و معادي أعدائنا، و المسلم بقلبه و لسانه لنا، ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا و نواهينا في سائر الموبقات، و هم مع ذلك في الجنة، و لكن بعد ما

يطهرون، من ذنوبهم بالبلايا و الرزايا أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها، أو في الطبق ǙĘØٙęɠمن جهنم بعذابها، إلى أن نستنقذهم بحبنا منها، و ننقلهم إلى حضرتنا.

و قال رجل للحسن بن علي (عليهما السلام): يا ابن رسول الله، إني من شيعتكم. فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): يا

__________________________________________________

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 307/ 150- 160.

(1) بطن الرجل: اشتكى بطنه. «الصحاح- بطن- 5: 2079». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 603

عبد الله، إن كنت لنا في أوامرنا و زواجرنا مطيعا فقد صدقت، و إن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها، لا تقل: أنا من شيعتكم، و لكن قل: أنا من مواليكم، و محبيكم، و معادي أعدائكم.

و أنت في خير، و إلى خير.

و قال رجل للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): يا ابن رسول الله، أنا من شيعتكم. قال (عليه السلام): اتق الله، و لا تدعين شيئا يقول لك الله: كذبت، و فجرت في دعواك. إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش و غل و دغل «1»، و لكن قل: إني من مواليكم و محبيكم.

و قال رجل لعلي بن الحسين (عليهما السلام): يا ابن رسول الله، أنا من شيعتكم الخلص. فقال له: يا عبد الله، فإذن أنت كإبراهيم الخليل (عليه السلام)، الذي قال الله تعالى: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «2» فإن كان قلبك كقلبه فأنت من شيعتنا، و إن لم يكن قلبك كقلبه، و هو طاهر من الغش و الغل فأنت من محبينا، و إلا فإنك إن عرفت أنك بقولك كاذب فيه إنك لمبتلى بفالج لا يفارقك إلى

الموت، أو جذام ليكون كفارة لكذبك هذا.

و قال الباقر (عليه السلام) لرجل فخر على آخر، قال: أ تفاخرني و أنا من شيعة محمد (صلى الله عليه و آله) و آل محمد الطيبين؟! فقال له الباقر (عليه السلام): ما فخرت عليه و رب الكعبة، و غبن منك على الكذب. يا عبد الله، أمالك الذي معك تنفقه على نفسك أحب إليك، أم تنفقه على إخوانك المؤمنين؟ قال: بل أنفقه على نفسي. قال: فلست من شيعتنا، فإنا نحن ما ننفق على المنتحلين من إخواننا أحب إلينا من أن ننفق على أنفسنا، و لكن قل: أنا من محبيكم، و من الراجين للنجاة بمحبتكم.

و قيل للصادق (عليه السلام): إن عمارا الدهني شهد اليوم عند ابن أبي ليلى قاضي الكوفة بشهادة، فقال له القاضي: قم- يا عمار- فقد عرفناك، لا نقبل شهادتك لأنك رافضي. فقام عمار، و قد ارتعدت فرائصه، و استفرغه البكاء، فقال له ابن أبي ليلى: أنت رجل من أهل العلم و الحديث، إن كان يسوؤك أن يقال لك رافضي فتبرأ من الرفض، فأنت من إخواننا.

فقال له عمار: يا هذا، ما ذهبت- و الله- حيث ذهبت، و لكني بكيت عليك و علي: أما بكائي على نفسي، فإنك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها، زعمت أني رافضي، ويحك، لقد حدثني الصادق (عليه السلام): أن أول من سمي الرافضة السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى (عليه السلام) في عصاه آمنوا به، و رضوا به، و اتبعوه، و رفضوا أمر فرعون، و استسلموا لكل ما نزل بهم، فسماهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه. فالرافضي: من رفض كل ما كرهه الله تعالى، و فعل كل ما أمر به الله تعالى، فأين في

الزمان مثل هذا؟ فإنما بكيت على نفسي خشية أن يطلع الله تعالى على قلبي و قد تقبلت هذا الاسم الشريف، فيعاقبني ربي عز و جل، و يقول: يا عمار أ كنت رافضا للأباطيل، عاملا للطاعات كما قال لك؟ فيكون ذلك تقصيرا بي في الدرجات إن سامحني، موجبا لشديد العقاب علي إن

__________________________________________________

(1) الدغل: الفساد. «الصحاح- دغل- 4: 1197».

(2) الصافات 37: 83 و 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 604

ناقشني، إلا أن يتداركني موالي بشفاعتهم، و أما بكائي عليك، فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي، و شفقتي الشديدة عليك من عذاب الله تعالى أن صرفت أشرف الأسماء إلى أن جعلته من أرذلها، كيف يصبر بدنك على عذاب الله و عذاب كلمتك هذه.

فقال الصادق (عليه السلام): لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات و الأرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات، و إنها لتزيد في حسناته عند ربه عز و جل حتى يجعل كل خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرة».

قال: «و قيل لموسى بن جعفر (عليه السلام): مررنا برجل في السوق و هو ينادي: أنا من شيعة محمد و آل محمد الخلص، و هو ينادي على ثياب يبيعها على من يزيد. فقال موسى (عليه السلام): ما جهل و لا ضاع امرؤ عرف قدر نفسه، أ تدرون ما مثل هذا؟ هذا كمن قال: أنا مثل سلمان، و أبي ذر، و المقداد، و عمار، و هو مع ذلك يباخس في بيعه، و يدلس عيوب المبيع على مشتريه، و يشتري الشي ء بثمن فيزايد الغريب، يطلبه فيوجب له، ثم إذا غاب المشتري، قال: لا أريده إلا بكذا، بدون ما كان يطلبه منه، أ يكون هذا كسلمان، و أبي ذر،

و المقداد، و عمار؟ حاش لله أن يكون هذا كهم، و لكن لا يمنعه أن «1» يقول: أنا من محبي محمد و آل محمد، و من موالي أوليائهم، و معادي أعدائهم.

قال (عليه السلام): و لما جعل إلى علي بن موسى (عليهما السلام) ولاية العهد دخل عليه آذنه، فقال: إن قوما بالباب يستأذنون عليك، يقولون: نحن من شيعة علي (عليه السلام). فقال (عليه السلام): أنا مشغول، فاصرفهم. فصرفهم. فلما كان في اليوم الثاني جاءوا و قالوا كذلك، فقال مثلها فصرفهم إلى أن جاءوا، هكذا يقولون و يصرفهم شهرين. ثم أيسوا من الوصول، و قالوا للحاجب: قل لمولانا: إنا من شيعة أبيك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا، و نحن ننصرف هذه الكرة، و نهرب من بدلنا خجلا و أنفة مما لحقنا، و عجزا عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة أعدائنا، فقال علي بن موسى (عليهما السلام): ائذن لهم ليدخلوا. فدخلوا، فسلموا عليه، و لم يأذن لهم بالجلوس، فبقوا قياما، فقالوا: يا بن رسول الله، ما هذا الجفاء العظيم، و الاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب، أي باقية تبقي منا بعد هذا؟

فقال الرضا (عليه السلام): اقرءوا: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «2»، ما اقتديت إلا بربي عز و جل، و برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بأمير المؤمنين (عليه السلام)، و من بعده من آبائي الطاهرين (عليهم السلام)، عتبوا عليكم فاقتديت بهم.

قالوا: لماذا، يا ابن رسول الله؟ قال: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و من بعده من آبائي الطاهرين (عليهم السلام)، عتبوا عليكم فاقتديت بهم.

قالوا:

لما ذا، يا بن رسول الله؟ قال: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويحكم، إنما شيعته: الحسن، و الحسين (عليهما السلام)، و سلمان، و المقداد، و أبو ذر، و عمار، و محمد بن أبي بكر، الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، و لم يرتكبوا شيئا من فنون زواجره، فأما أنتم إذا قلتم إنكم شيعته، و أنتم في أكثر أعمالكم

__________________________________________________

(1) في المصدر: لا نمنعه من أن.

(2) الشورى 42: 30.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 605

له مخالفون، مقصرون في كثير من الفرائض، و متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله، و تتقون حيث لا تجب التقية، و تتركون التقية حيث لا بد من التقية، و لو قلتم أنكم موالوه و محبوه، الموالون لأوليائه، و المعادون لأعدائه لم أنكره من قولكم، و لكن هذه مرتبة شريفة ادعيتموها، إن لم تصدقوا قولكم بفعلكم هلكتم، إلا أن تتدارككم رحمة من ربكم.

قالوا: يا بن رسول الله، فإنا نستغفر الله، و نتوب إليه من قولنا، بل نقول كما علمنا مولانا: نحن محبوكم، و محبوا أوليائكم، و معادوا أعدائكم. قال الرضا (عليه السلام): فمرحبا بكم- يا إخواني و أهل ودي- ارتفعوا، ارتفعوا.

فما زال يرفعهم حتى ألصقهم بنفسه، ثم قال لحاجبه: كم مرة حجبتهم؟ قال: ستين مرة فقال لحاجبه: فاختلف إليهم ستين مرة متوالية، فسلم عليهم، و أقرئهم سلامي، فقد محوا ما كان من ذنوبهم باستغفارهم و توبتهم، و استحقوا الكرامة لمحبتهم لنا و موالاتهم، و تفقد أمورهم و امور عيالاتهم، فأوسعهم بنفقات و مبرات و صلات و دفع مضرات «1»».

قال (عليه السلام): «و دخل رجل على محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام) و هو مسرور، فقال: ما لي أراك مسرورا؟ قال:

يا ابن رسول الله، سمعت أباك يقول: أحق يوم بأن يسر العبد فيه: يوم يرزقه الله صدقات و مبرات و سد خلات من إخوان له مؤمنين، و أنه قصدني اليوم عشرة من إخواني المؤمنين الفقراء، لهم عيالات، قصدوني من بلد كذا و كذا، فأعطيت كل واحد منهم، فلهذا سروري.

فقال محمد بن علي (عليهما السلام): لعمري إنك حقيق بأن تسر إن لم تكن أحبطته، أو لم تحبطه فيما بعد. فقال الرجل: و كيف أحبطته و أنا من شيعتكم الخلص؟ قال: ها قد أبطلت برك بإخوانك و أصدقائك «2».

قال: و كيف ذلك، يا ابن رسول الله؟ قال له محمد بن علي (عليهما السلام): اقرأ قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى «3».

قال الرجل: يا ابن رسول الله، ما مننت على القوم الذين تصدقت عليهم، و لا آذيتهم. قال له محمد بن علي (عليهما السلام): إن الله عز و جل إنما قال: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى و لم يقل: لا تبطلوا بالمن على من تتصدقون عليه، و بالأذى لمن تتصدقون عليه، و هو كل أذى. أفترى أذاك للقوم الذين تصدقت عليهم أعظم، أم أذاك لحفظتك، و ملائكة الله المقربين حواليك، أم أذاك لنا؟ فقال الرجل: بل هذا، يا ابن رسول الله. فقال: فقد آذيتني، و آذيتهم، و أبطلت صدقتك. قال: لماذا؟ قال: لقولك: و كيف أحبطته و أنا من شيعتكم الخلص؟ ويحك، أ تدري من شيعتنا الخلص؟ قال: لا. قال: شيعتنا الخلص حزقيل المؤمن، مؤمن آل فرعون، و صاحب يس الذي قال الله تعالى فيه: وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى «4» و سلمان، و أبو ذر،

و المقداد، و عمار. أ سويت

__________________________________________________

(1) في المصدر: المعرّات.

(2) في المصدر: صدقاتك.

(3) البقرة 2: 264.

(4) يس 36: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 606

نفسك بهؤلاء، أما آذيت بهذا الملائكة، و آذيتنا؟ فقال الرجل: أستغفر الله و أتوب إليه، فكيف أقول؟ قال: قل: أنا من مواليكم، و محبيكم، و معادي أعدائكم، و موالي أوليائكم.

فقال: كذلك أقول، و كذلك أنا- يا ابن رسول الله- و قد تبت من القول الذي أنكرته، و أنكرته الملائكة، فما أنكرتم ذلك إلا لإنكار الله عز و جل. فقال محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام): الآن قد عادت إليك مثوبات صدقاتك، و زال عنك الإحباط».

8996/ [7]- قال أبو يعقوب يوسف بن زياد، و علي بن سيار (رضي الله عنهما): حضرنا ليلة على غرفة الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام)، و قد كان ملك الزمان له معظما، و حاشيته له مبجلين، إذ مر علينا والي البلد، والي الجسرين، و معه رجل مكتوف، و الحسن بن علي (عليهما السلام) مشرف من روزنته «1»، فلما رآه الوالي ترجل عن دابته إجلالا له. فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «عد إلى موضعك». فعاد و هو معظم له، و قال: يا ابن رسول الله، أخذت هذا في هذه الليلة على باب حانوت صيرفي، فاتهمته بأنه يريد نقبه و السرقة منه، فقبضت عليه، فلما هممت أن أضربه خمس مائة سوط، و هذا سبيلي في من أتهمه ممن آخذه، ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني و يسألني فيه من لا أطيق مدافعته. فقال لي: اتق الله، و لا تتعرض لسخط الله، فإني من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و شيعة هذا

الإمام أبي القائم بأمر الله (عليه السلام). فكففت عنه، و قلت: أنا مار بك عليه، فإن عرفك بالتشيع أطلقت عنك، و إلا قطعت يدك و رجلك، بعد أن أجلدك ألف سوط. و قد جئتك به يا ابن رسول الله، فهل هو من شيعة علي (عليه السلام) كما ادعى؟ فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «معاذ الله، ما هذا من شيعة علي (عليه السلام)، و إنما ابتلاه الله في يدك لاعتقاده في نفسه أنه من شيعة علي (عليه السلام)».

فقال الوالي: كفيتني مؤونته، الآن أضربه خمس مائة ضربة لا حرج علي فيها. فلما نحاه بعيدا، قال: ابطحوه، فبطحوه، و أقام عليه جلادين: واحدا عن يمينه، و آخر عن شماله، و قال: أوجعاه. فأهويا إليه بعصيهما، فكانا لا يصيبان استه شيئا، إنما يصيبان الأرض، فضجر من ذلك، و قال: ويلكما، تضربان الأرض؟ اضربا استه. فذهبا يضربان استه، فعدلت أيديهما، فجعلا يضرب بعضهما بعضا، و يصيح، و يتأوه، فقال: ويحكما، أ مجنونان أنتما، يضرب بعضكما بعضا؟! اضربا الرجل. فقالا: ما نضرب إلا الرجل، و ما نقصد سواه، و لكن تعدل أيدينا حتى يضرب بعضنا بعضا. قال: فقال: يا فلان، و يا فلان، حتى دعا أربعة، و صاروا مع الأولين ستة، و قال: أحيطوا به فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم و ترفع عصيهم إلى فوق، فكانت لا تقع إلا بالوالي، فسقط عن دابته، و قال:

قتلتموني، قتلكم الله، ما هذا؟ قالوا: ما ضربنا إلا إياه. ثم قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا. فجاءوا يضربونه بعد، فقال: ويلكم، إياي تضربون؟! قالوا: لا و الله، ما نضرب إلا الرجل: قال الوالي. فمن أين لي هذه الشجاة برأسي، و وجهي، و بدني إن لم تكونوا

تضربوني؟ قالوا: شلت أيماننا إن كنا قصدناك بضرب.

__________________________________________________

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 316/ 161.

(1) الرّوزنة: الكوّة، معرّبة. «لسان العرب- رزن- 13: 179».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 607

فقال الرجل للوالي: يا عبد الله، أما تعتبر بهذه الألطاف التي بها يصرف عني هذا الضرب- ويلك- ردني إلى الإمام، و امتثل في أمره. قال: فرده الوالي بعد بين يدي الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: يا ابن رسول الله، عجبا لهذا، أنكرت أن يكون من شيعتكم، و من لم يكن من شيعتكم فهو من شيعة إبليس، و هو في النار، و قد رأيت له من المعجزات ما لا يكون إلا للأنبياء! فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): قل: «أو للأوصياء». فقال الحسن بن علي (عليهما السلام) للوالي: «يا عبد الله، إنه كذب في دعواه أنه من شيعتنا كذبة لو عرفها ثم تعمدها لابتلي بجميع عذابك له، و لبقي في المطبق «1» ثلاثين سنة، و لكن الله تعالى رحمه لإطلاق كلمة على ما عنى، لا على تعمد كذب. و أنت- يا عبد الله- فاعلم أن الله عز و جل قد خلصه من يديك، خل عنه، فإنه من موالينا و محبينا، و ليس من شيعتنا».

فقال الوالي: ما كان هذا كله عندنا إلا سواء، فما الفرق؟ قال له الإمام (عليه السلام): «الفرق: أن شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا، و يطيعونا في جميع أوامرنا و نواهينا، فأولئك من شيعتنا، فأما من خالفنا في كثير مما فرض الله عليه فليسوا من شيعتنا».

قال الإمام (عليه السلام) للوالي: «و أنت قد كذبت كذبة لو تعمدتها و كذبتها لابتلاك الله عز و جل بضرب ألف سوط، و سجن ثلاثين سنة في المطبق».

فقال: و ما هي، يا ابن رسول الله؟ قال: زعمت أنك رأيت له معجزات، إن المعجزات ليست له، إنما هي لنا، أظهرها الله تعالى فيه إبانة لحجتنا، و إيضاحا لجلالتنا و شرفنا، و لو قلت: شاهدت فيه معجزات. لم أنكره عليك، أليس إحياء عيسى (عليه السلام) الميت معجزة، أ هي للميت أم لعيسى؟ أ و ليس خلق من الطين كهيئة الطير، فصار طيرا بإذن الله معجزة، أ هي للطائر، أو لعيسى (عليه السلام)؟ أ و ليس الذين جعلوا قردة خاسئين معجزة، أ هي للقردة، أو لنبي ذلك الزمان؟» فقال الوالي: أستغفر الله ربي و أتوب إليه.

ثم قال الحسن بن علي (عليهما السلام) للرجل الذي قال إنه من شيعة علي (عليه السلام): «يا عبد الله، لست من شيعة علي (عليه السلام)، إنما أنت من محبيه، إن شيعة علي (عليه السلام): الذين قال الله تعالى فيهم: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «2»، و هم الذين آمنوا بالله، و وصفوه بصفاته، و نزهوه عن خلاف صفاته، و صدقوا محمدا في أقواله، و صوبوه في كل أفعاله، و قالوا: إن كان عليا بعده سيدا إماما، و قرما «3» هماما، لا يعدله من امة محمد أحد، و لا كلهم إذا اجتمعوا في كفة يوزنون بوزنه، بل يرجح عليهم كما ترجح السماء و الأرض على الذرة، و شيعة علي (عليه السلام) هم الذين لا يبالون في سبيل الله أوقع الموت عليهم، أو وقعوا على الموت، و شيعة علي (عليه السلام) هم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم، و لو كان بهم خصاصة، و هم الذين لا يراهم الله حيث نهاهم، و لا يفقدهم من حيث

أمرهم، و شيعة علي (عليه السلام) هم الذين يقتدون بعلي في إكرام إخوانهم المؤمنين. ما عن قولي أقول لك هذا، بل أقوله عن قول محمد (صلى الله عليه و آله)، فذلك قوله تعالى:

__________________________________________________

(1) المطبق: السجن تحت الأرض. «أقرب الموارد 1: 697».

(2) البقرة 2: 82.

(3) القرم من الرجال: السيد المعظّم. «لسان العرب- قرم- 12: 473».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 608

و عملوا الصالحات قضوا الفرائض كلها بعد التوحيد، و اعتقاد النبوة و الإمامة، و أعظمها فرضان: قضاء حقوق الإخوان في الله، و استعمال التقية من أعداء الله عز و جل».

سورة الصافات(37): آية 84 ..... ص : 608

قوله تعالى:

إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [84] 8997/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، قال: السليم من الشك.

8998/ [2]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «بقلب سليم من كل ما سوى الله تعالى، لم يتعلق بشي ء غيره».

و تقدم معنى الآية في الحديث الطويل في الآية السابقة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) «1».

سورة الصافات(37): الآيات 88 الي 89 ..... ص : 608

قوله تعالى:

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ [88- 89]

8999/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ، قال: «حسب، فرأى ما يحل بالحسين (عليه السلام)، فقال: إني سقيم لما يحل بالحسين (عليه السلام)».

9000/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «التقية من دين الله». قلت: من دين الله؟! قال: «إي و الله، من دين الله، و لقد قال يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ «2»، و الله ما كانوا سرقوا شيئا، و لقد قال إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي سَقِيمٌ، و الله ما كان سقيما».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 223. [.....]

2- مجمع البيان 8: 701.

3- الكافي 1: 387/ 5.

4- الكافي 2: 172/ 3.

(1) تقدّم في الحديث (6) من تفسير الآية (83) من هذه السورة.

(2) يوسف 12: 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 609

9001/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، قال: قيل لأبي جعفر (عليه السلام) و أنا عنده: إن سالم بن أبي

حفصة و أصحابه يروون عنك أنك تكلم على سبعين وجها، لك منها المخرج.

فقال: «ما يريد سالم مني، أ يريد أن أجي ء بالملائكة! و الله ما جاءت الملائكة بهذا النبيون، فلقد قال إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي سَقِيمٌ «1»، و ما كان سقيما، و لا كذب، و لقد قال إبراهيم (عليه السلام): بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا «2»، و ما فعله، و لا كذب، و لقد قال يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ «3»، و الله ما كانوا سارقين، و ما كذب».

9002/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر: و قال أبو جعفر (عليه السلام): فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله ما كان سقيما، و ما كذب».

9003/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن هاشم، عن صالح بن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قلت: قوله: إِنِّي سَقِيمٌ؟ قال: «ما كان إبراهيم سقيما، و ما كذب، إنما عنى سقيما في دينه مرتادا».

قال: و روي أنه عنى أني سقيم بما يفعل بالحسين (عليه السلام).

9004/ [6]- قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ

إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ «4»، فذكر (عليه السلام)، ما ابتلي به إبراهيم (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): «و منها: المعرفة بقدم بارئه، و توحيده، و تنزيهه عن التشبيه، حين «5» نظر إلى الكواكب و القمر و الشمس، فاستدل بأفول كل واحد منها على حدوثه، و بحدوثه على محدثه، ثم علمه (عليه السلام) بأن الحكم بالنجوم خطأ، في قوله عز و جل: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ، و إنما قيده الله سبحانه بالنظرة

__________________________________________________

3- الكافي 8: 100/ 70.

4- الكافي 8: 369/ 559.

5- معاني الأخبار: 209/ 1.

6- معاني الأخبار: 127/ 1.

(1) الصافات 37: 89.

(2) الأنبياء 21: 63.

(3) يوسف 12: 70.

(4) البقرة 2: 124.

(5) في المصدر: حتّى. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 610

الواحدة، لأن النظرة الواحدة لا توجب الخطأ «1» إلا بعد النظرة الثانية، بدلالة قول النبي (صلى الله عليه و آله) لما قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي أول النظرة لك، و الثانية عليك لا لك».

سورة الصافات(37): الآيات 91 الي 96 ..... ص : 610

قوله تعالى:

فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ [91- 96]

9005/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن آزر أبا إبراهيم (عليه السلام) كان منجما لنمرود، و لم يكن يصدر إلا عن أمره، فنظر ليلة في النجوم، فأصبح و هو يقول لنمرود: لقد رأيت عجبا. قال: و ما هو؟ قال: رأيت مولودا يولد في أرضنا، يكون هلاكنا على يديه، و

لا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به. فقال: فتعجب من ذلك، و قال:

هل حملت به النساء؟ قال: لا. فحجب النساء عن الرجال، فلم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة لا يخلص إليها، و وقع آزر بأهله، فعلقت بإبراهيم (صلى الله عليه) فظن أنه صاحبه، فأرسل إلى نساء من القوابل في ذلك الزمان لا يكون في الرحم شي ء إلا علمن به، فنظرن، فألزم الله عز و جل ما في الرحم إلى الظهر، فقلن: ما نرى في بطنها شيئا، و كان فيما اوتي من العلم: أنه سيحرق بالنار، و لم يؤت علم أن الله تبارك و تعالى سينجيه.

قال: فلما وضعت أم إبراهيم أراد آزر أن يذهب به إلى نمرود ليقتله، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلى بعض الغيران، أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله، و لا تكون أنت الذي تقتل ابنك.

فقال لها: فامضي به. قال: فذهبت به إلى غار، ثم أرضعته، ثم جعلت على باب الغار صخرة، ثم انصرفت عنه. قال:

فجعل الله عز و جل رزقه في إبهامه، فجعل يمصها فتشخب لبنا، و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة، و يشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر، و يشب في الشهر كما يشب غيره في السنة، فمكث ما شاء الله أن يمكث.

ثم إن امه قالت لأبيه: لو أذنت لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي، فعلت. قال: فافعلي. فذهبت، فإذا هي بإبراهيم (عليه السلام)، و إذا عيناه تزهران كأنهما سراجان. قال: فأخذته، و ضمته إلى صدرها، و أرضعته، ثم انصرفت

__________________________________________________

1- الكافي 8: 366/ 558.

(1) في «ج»: الخطايا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 611

عنه، فسألها آزر عنه، فقالت:

قد واريته في التراب. فمكثت تعتل «1»، و تخرج في الحاجة، و تذهب إلى إبراهيم (عليه السلام)، فتضمه إليها و ترضعه، ثم تنصرف. فلما تحرك أتته كما كانت تأتيه، فصنعت به كما كانت تصنع، فلما أرادت الانصراف أخذ بثوبها، فقالت له: مالك؟ فقال لها: اذهبي بي معك. فقالت له: حتى أستأمر أباك. فأتت أم إبراهيم (عليه السلام) آزر فأعلمته القصة، فقال لها: ائتيني به، فأقعديه على الطريق، فإذا مر به إخوته دخل معهم و لا يعرف، قال: و كان إخوة إبراهيم (عليه السلام) يعملون الأصنام و يذهبون بها إلى الأسواق، و يبيعونها».

قال: «فذهبت إليه، فجاءت به حتى أقعدته على الطريق، و مر إخوته، فدخل معهم فلما رآه أبوه وقعت عليه المحبة منه، فمكث ما شاء الله. قال: فبينما إخوته يعملون يوما من الأيام الأصنام إذ أخذ إبراهيم (عليه السلام) القدوم «2»، و أخذ خشبة، فنجر منها صنما لم ير مثله قط. فقال آزر لامه: إني لأرجو أن نصيب خيرا ببركة ابنك هذا، قال: فبينما هي كذلك إذ أخذ إبراهيم (عليه السلام) القدوم، فكسر الصنم الذي عمله، ففزع أبوه من ذلك فزعا شديدا، فقال له: أي شي ء عملت؟ فقال له إبراهيم (عليه السلام): و ما تصنعون به؟ فقال آزر: نعبده. فقال له إبراهيم (عليه السلام):

أ تعبدون ما تنحتون؟ فقال آزر لامه: هذا الذي يكون ذهاب ملكنا على يديه».

9006/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خالف إبراهيم (صلى الله عليه) قومه، و عاب الهتهم حتى ادخل على نمرود، فخاصمه. فقال إبراهيم (صلى الله عليه) رَبِّيَ

الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «3».

و قال أبو جعفر (عليه السلام): عاب آلهتهم فنظر نظرة في النجوم، فقال: إِنِّي سَقِيمٌ. قال أبو جعفر (عليه السلام):

و الله ما كان سقيما، و ما كذب.

فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل إبراهيم (عليه السلام) إلى آلهتهم بقدوم فكسرها، إلا كبيرا لهم، و وضع القدوم في عنقه، فرجعوا إلى آلهتهم، فنظروا إلى ما صنع بها، فقالوا: لا و الله، ما اجترأ عليها و لا كسرها إلى الفتى الذي كان يعيبها و يبرأ منها. فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار، فجمعوا له الحطب، و استجادوه، حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود و جنوده، و قد بني له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النار، و وضع إبراهيم (عليه السلام) في منجنيق، و قالت الأرض: يا رب، ليس على ظهري أحد يعبدك غيره، يحرق بالنار! فقال الرب: إن دعاني كفيته».

فذكر أبان عن محمد بن مروان، عن زرارة «4»، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن دعاء إبراهيم (عليه السلام) يومئذ كان:

يا أحد، يا أحد، يا صمد، يا صمد، يا من لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد. ثم قال: توكلت على الله. فقال

__________________________________________________

2- الكافي 8: 368/ 559.

(1) في «ج، ي» و المصدر: تفعل.

(2) القدوم: آلة للنجر و النحت. «أقرب الموارد- قدم- 2: 983».

(3) البقرة 2: 258.

(4) في المصدر: عمّن رواه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 612

الرب تبارك و تعالى: كفيت. فقال للنار: كُونِي بَرْداً «1». قال: فاضطربت أسنان

إبراهيم (عليه السلام) من البرد حتى قال الله عز و جل: وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ «2» و انحط جبرئيل (عليه السلام) فإذا هو جالس مع إبراهيم (صلى الله عليه) يحدثه في النار، قال نمرود: من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم. قال: فقال عظيم من عظمائهم: إني عزمت على النار أن لا تحرقه، فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه» قال: «فآمن له لوط، و خرج مهاجرا إلى الشام، هو و سارة و لوط».

سورة الصافات(37): آية 99 ..... ص : 612

قوله تعالى:

وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ [99]

9007/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن إبراهيم (عليه السلام) كان مولده بكوثى ربى «3»، و كان أبوه من أهلها، و كانت أم إبراهيم و ام لوط- سارة و ورقة «4»- أختين، و هما ابنتا لا حج، و كان لا حج نبيا منذرا و لم يكن رسولا.

و كان إبراهيم (عليه السلام) في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز و جل الخلق عليها حتى هداه الله عز و جل إلى دينه و اجتباه، و أنه تزوج بسارة ابنة لا حج «5»، و هي ابنة خالته، و كانت سارة صاحبة ماشية كثيرة، و أرض واسعة، و حال حسنة، و كانت قد ملكت إبراهيم (عليه السلام) جميع ما كانت تملكه، فقام فيه فأصلحه، و كثرت الماشية و الزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربى رجل أحسن حالا منه.

و إن إبراهيم (عليه السلام) لما كسر أصنام نمرود، أمر به نمرود فأوثق، و عمل له

حيرا «6»، و جمع له فيه الحطب، و ألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم (عليه السلام) في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم (عليه السلام) سالما مطلقا من وثاقه، فأخبر نمرود خبره، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم (عليه السلام) من بلاده، و أن يمنعوه من الخروج بماشيته و ماله، فحاجهم إبراهيم (عليه السلام) عند ذلك، فقال: إن أخذتم ماشيتي و مالي، فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم. و اختصموا إلى قاضي نمرود، فقضى على

__________________________________________________

1- الكافي 8: 370/ 560.

(1) الأنبياء 21: 69.

(2) الأنبياء 21: 69.

(3) كوثى ربّى: موضع في العراق و بها مشهد إبراهيم الخليل (عليه السّلام). «معجم البلدان 4: 487».

(4) و في نسخة من «ي، ط» و المصدر: رقية، و «ج»: رضية.

(5) قوله (عليه السّلام): ابنة لا حج، الظاهر أنّه كان: ابنة ابنة لا حج، فتوهّم النسّاخ التكرار فاسقطوا إحداهما. «مرآة العقول 26: 556».

(6) الحير: شبه الحظيرة أو الحمى. «الصحاح- حير- 2: 641». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 613

إبراهيم (عليه السلام) أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم، و قضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم (عليه السلام) جميع ما ذهب من عمره في بلادهم. فأخبر بذلك نمرود، فأمرهم أن يخلوا سبيله، و سبيل ماشيته و ماله، و أن يخرجوه، و قال: إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم، و أضر بآلهتكم.

فأخرجوا إبراهيم و لوط معه (صلوات الله عليهما) من بلادهم إلى الشام فخرج و معه لوط لا يفارقه، و سارة، و قال لهم: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ يعني بيت المقدس، فتحمل إبراهيم (عليه السلام) بماشيته و ماله،

و عمل تابوتا، و جعل فيه سارة، و شد عليها الأغلاق غيرة منه عليها، و مضى حتى خرج من سلطان نمرود، و صار إلى سلطان رجل من القبط، يقال له عرارة، فمر بعاشر «1» له، فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر و معه التابوت، قال العاشر لإبراهيم (عليه السلام): افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه. فقال له إبراهيم (عليه السلام): قل ما شئت فيه من ذهب و فضة حتى نعطي عشره، و لا نفتحه. قال: فأبى العاشر إلا فتحه. قال: و غضب إبراهيم (عليه السلام):

على فتحه، فلما بدت له سارة- و كانت موصوفة بالحسن و الجمال- قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم (عليه السلام): هي حرمتي و ابنة خالتي، فقال له العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): الغيرة عليها أن يراها أحد. فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى اعلم الملك حالها و حالك.

قال: فبعث إلى الملك رسولا، فأعلمه، فبعث الملك رسلا من قبله ليأتوه بالتابوت، فأتوا ليذهبوا به، فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي. فأخبروا الملك بذلك، فأرسل الملك أن احملوه و التابوت معه، فحملوا إبراهيم (عليه السلام) و التابوت، و جميع ما كان معه، حتى ادخل على الملك، فقال له الملك: افتح التابوت. فقال له إبراهيم (عليه السلام): أيها الملك، إن فيه حرمتي و ابنة خالتي، و أنا مفتد فتحه بجميع ما معي. قال: فغصب الملك إبراهيم (عليه السلام) على فتحه، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها، فأعرض إبراهيم (عليه السلام) بوجهه عنها و عنه غيره منه،

و قال: اللهم احبس يده عن حرمتي و ابنة خالتي. فلم تصل يده إليها، و لم ترجع إليه. فقال له الملك: إن إلهك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال: نعم، إن إلهي غيور يكره الحرام، و هو الذي حال بينك و بين ما أردت من الحرام. فقال له الملك: فادع إلهك يرد علي يدي، فإن أجابك لم أعرض لها. فقال إبراهيم (عليه السلام): إلهي رد عليه يده ليكف عن حرمتي.

قال: فرد الله عز و جل عليه يده، فأقبل الملك نحوها ببصره، ثم عاد بيده نحوها، فأعرض إبراهيم (عليه السلام) عنه بوجهه غيره منه، و قال: اللهم احبس يده عنها. قال: فيبست يده، و لم تصل إليها. فقال الملك لإبراهيم (عليه السلام): إن إلهك لغيور، و إنك لغيور، فادع إلهك يرد علي يدي، فإنه إن فعل لم أعد. فقال له إبراهيم (عليه السلام): أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله. فقال له الملك: نعم. فقال إبراهيم (عليه السلام):

اللهم، إن كان صادقا فرد عليه يده. فرجعت إليه يده.

فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى، و رأى الآية في يده عظم إبراهيم (عليه السلام)، و هابه، و أكرمه و اتقاه،

__________________________________________________

(1) العاشر و العشّار: قابض العشر. «لسان العرب- عشر- 4: 570».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 614

و قال له: قد أمنت من أن أعرض لها، أو لشي ء مما معك، فانطلق حيث شئت، و لكن لي إليك حاجة؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): ما هي؟ قال له: أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي، جميلة عاقلة تكون لها خادمة قال:

فأذن له إبراهيم (عليه السلام)، فدعا بها فوهبها لسارة، و هي هاجر أم إسماعيل (عليه السلام).

فسار إبراهيم

(عليه السلام) بجميع ما معه، و خرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم (عليه السلام)، إعظاما لإبراهيم (عليه السلام) و هيبة له، فأوحى الله تبارك و تعالى إلى إبراهيم: أن قف، و لا تمش قدام الجبار المتسلط و يمشي هو خلفك، و لكن اجعله أمامك و امش خلفه، و عظمه، و هبه، فإنه مسلط، و لا بد من إمرة في الأرض برة أو فاجرة.

فوقف إبراهيم (عليه السلام)، و قال للملك: امض، فإن إلهي أوحى إلي الساعة أن أعظمك و أهابك، و أن أقدمك أمامي و أمشي خلفك، إجلالا لك. فقال له الملك: أوحى إليك بهذا؟ فقال له إبراهيم (عليه السلام): نعم. فقال الملك: أشهد أن إلهك لرفيق، حليم، كريم، و أنك ترغبني في دينك.

قال: و ودعه الملك، و سار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات، و خلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات، ثم إن إبراهيم (عليه السلام) لما أبطأ عليه الولد، قال لسارة: لو شئت لبعتني هاجر، لعل الله أن يرزقنا منها ولدا، فيكون لنا خلفا. فابتاع إبراهيم (عليه السلام) هاجر من سارة، فوقع عليها، فولدت إسماعيل (عليه السلام)».

9008/ [2]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث له في سؤال زنديق عن آيات من القرآن- قال له (عليه السلام): «و من كتاب الله عز و جل يكون تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه تأويله بكلام البشر «1»، و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء الله تعالى، و هو حكاية الله عز و جل عن إبراهيم (عليه السلام)، حيث قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي توجهه إليه في عبادته «2»، و اجتهاده، ألا ترى أن تأويله غير

تنزيله؟».

سورة الصافات(37): الآيات 100 الي 113 ..... ص : 614

قوله تعالى:

رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى - إلى قوله تعالى- وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ [100- 113]

9009/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد،

__________________________________________________

2- الاحتجاج: 250.

1- الكافي 4: 207/ 9.

(1) في «ط»: يشبه تأويل الكلام البشر.

(2) في «ط»: توجيه عبادته إليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 615

و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، أنه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عليهما السلام) يذكران جبرئيل: «أنه لما كان يوم التروية قال جبرئل لإبراهيم (عليهما السلام) ترو «1» من الماء. فسميت التروية. ثم أتى منى فأباته بها، ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباءه، بنمرة، دون عرفة، فبنى مسجدا بأحجار بيض- و كان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتى ادخل في هذا المسجد الذي بنمرة، حيث يصلي الإمام يوم عرفة- فصلى بها الظهر و العصر.

ثم غدا «2» به إلى عرفات، فقال: هذه عرفات، فاعرف بها مناسكك، و اعترف بذنبك، فسمي عرفات. ثم أفاض إلى المزدلفة، فسميت المزدلفة لأنه ازدلف إليها، ثم قام على المشعر الحرام، فأمره الله أن يذبح ابنه، و قد رأى فيه شمائله، و خلائقه، و آنس ما كان إليه، فلما أصبح أفاض من المشعر إلى منى، فقال لامه: زوري البيت أنت، و احتبس الغلام، فقال: يا بني هات الحمار و السكين حتى أقرب القربان».

فقال أبان: فقلت لأبي بصير: ما أراد بالحمار و السكين؟ قال: «أراد أن يذبحه، ثم

يحمله، فيجهزه و يدفنه».

قال: «فجاء الغلام بالحمار و السكين، فقال: يا أبت، أين القربان؟ فقال: ربك يعلم أين هو. يا بني، أنت و الله هو، إن الله قد أمرني بذبحك، فانظر ماذا ترى؟ قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ «3». قال: فلما عزم على الذبح قال: يا أبت، خمر وجهي و شد وثاقي. قال: يا بني، الوثاق مع الذبح؟

و الله لا أجمعهما عليك اليوم. قال أبو جعفر (عليه السلام): فطرح له قرطان «4» الحمار، ثم أضجعه عليه، و أخذ المدية فوضعها على حلقه، قال: فأقبل شيخ، فقال: ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أريد أن أذبحه، فقال: سبحان الله، غلام لم يعص الله طرفة عين، تذبحه! قال: نعم، إن الله قد أمرني بذبحه، فقال: بل ربك نهاك عن ذبحه، و إنما أمرك بهذا الشيطان في منامك. قال: ويلك، الكلام الذي سمعت هو الذي بلغ بي ما ترى، لا و الله لا أكلمك. ثم عزم على الذبح، فقال الشيخ: يا إبراهيم، إنك إمام يقتدى بك، فإن ذبحت ولدك ذبح الناس أولادهم، فمهلا. فأبى أن يكلمه».

قال أبو بصير: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فأضجعه عند الجمرة الوسطى، ثم أخذ المدية فوضعها على حلقه، ثم رفع رأسه إلى السماء، ثم انتحى «5» عليه، فقلبها جبرئيل (عليه السلام) عن حلقه، فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة، فقلبها إبراهيم على حدها، و قلبها جبرئيل على قفاها، ففعل ذلك مرارا، ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف: أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا و اجتر الغلام من تحته، و تناول جبرئيل (عليه السلام) الكبش من قلة

__________________________________________________

(1) في «ي» و المصدر: تروّه.

(2) في نسخة من «ي، ط»

و المصدر: عمد.

(3) الصافات 37: 102.

(4) القرطان: قيل: هو كالبرذعة يطرح تحت السرج. «لسان العرب 7: 376».

(5) الانتحاء: الاعتماد و الميل. «الصحاح- نحا- 6: 2503».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 616

ثبير «1» فوضعه تحته.

و خرج الشيخ الخبيث حتى لحق بالعجوز حين نظرت إلى البيت، و البيت في وسط الوادي، فقال: ما شيخ رأيته بمنى؟ فنعت نعت إبراهيم، قالت: ذاك بعلي. قال: فما وصيف رأيته معه؟ و نعت نعته. قالت: ذلك ابني. قال:

فإني رأيته أضجعه، و أخذ المدية ليذبحه. قالت: كلا، ما رأيت إبراهيم إلا أرحم الناس، و كيف رأيته يذبح ابنه؟

قال: فورب السماء و الأرض، و رب هذه البينة، لقد رأيته أضجعه و أخذ المدية ليذبحه. قالت: لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذبحه. قالت: فحق له أن يطيع ربه.

قال: فلما قضت مناسكها فرقت أن يكون قد نزل في ابنها شي ء! فكأني أنظر إليها مسرعة في الوادي، واضعة يدها على رأسها، و هي تقول: رب، لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل قال: فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر، قامت إلى ابنها تنظر، فإذا أثر السكين خدوشا في حلقه، ففزعت، و اشتكت، و كان بدء مرضها الذي هلكت فيه».

و ذكر أبان عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت ام رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند الجمرة الوسطى، فلم يزل مضربهم يتوارثونه كابر عن كابر، حتى كان آخر من ارتحل منه علي ابن الحسين (عليهما السلام) في شي ء كان بين بني هاشم و بني أمية، فارتحل، فضرب بالعرين «2»».

9010/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، و الحسن بن محبوب، عن العلاء

بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): أين أراد إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح ابنه؟ قال: «على الجمرة الوسطى».

و سألته عن كبش إبراهيم (عليه السلام): ما كان لونه، و أين نزل؟ فقال: «كان أملح «3»، و كان أقرن، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، و كان يمشي في سواد، و يأكل في سواد، و ينظر، و يبعر، و يبول في سواد».

9011/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن إبراهيم (عليه السلام) أتاه جبرئيل عند زوال الشمس من يوم التروية، فقال: يا إبراهيم، ارتو من الماء لك و لأهلك. و لم يكن بين مكة و عرفات ماء، فسميت التروية بذلك، فذهب به حتى انتهى به إلى منى، فصلى الظهر، و العصر، و العشاءين، و الفجر، حتى إذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات، فنزل بنمرة، و هي بطن عرفة، فلما زالت الشمس خرج و اغتسل، فصلى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و صلى في موضع المسجد الذي بعرفات، و قد كانت ثمة أحجار بيض فأدخلت في المسجد الذي بني.

__________________________________________________

2- الكافي 4: 209/ 19.

3- تفسير القمّي 2: 224.

(1) ثبير: هو أعلى جبال مكّة و أعظمها. «كتاب الروض المعطار: 149».

(2) عرين مكّة: فناؤها، و العرين في الأصل: مأوى الأسد، شبهت به لعزّها و منعتها. «النهاية 3: 223». [.....]

(3) الملحة من الألوان: بياض يخالطه سواد. «الصحاح- ملح- 1: 407».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 617

ثم مضى به إلى الموقف، فقال: يا إبراهيم، اعترف بذنبك، و اعرف مناسكك. فلذلك سميت عرفة و أقام به حتى

غربت الشمس ثم أفاض به، فقال: يا إبراهيم، ازدلف إلى المشعر الحرام، فسميت المزدلفة، و أتى به المشعر الحرام، فصلى به المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، ثم بات بها، حتى إذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف، ثم أفاض إلى منى، فأمره، فرمى جمرة العقبة، و عندها ظهر له إبليس (لعنه الله)، ثم أمره الله بالذبح.

و إن إبراهيم (عليه السلام) حين أفاض من عرفات بات على المشعر الحرام، و هو فزع، فرأى في النوم أنه يذبح ابنه إسحاق، و قد كان إسحاق حج بوالدته سارة، فلما انتهى إلى منى رمى جمرة العقبة هو و أهله، و أمر أهله فسارت إلى البيت، و احتبس الغلام فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى، فاستشار ابنه كما حكى الله يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى ؟ فقال الغلام كما ذكر الله عنه: يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، و سلما لأمر الله.

و أقبل شيخ، فقال: يا إبراهيم، ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أريد أن أذبحه. فقال: سبحان الله، تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين! فقال إبراهيم: إن الله أمرني بذلك. فقال: ربك ينهاك عن ذلك، و إنما أمرك بذلك الشيطان.

فقال له إبراهيم: ويلك، إن الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به، و الكلام الذي وقع في أذني. فقال: لا و الله ما أمرك بهذا إلا الشيطان. فقال إبراهيم: و الله لا أكلمك. ثم عزم إبراهيم (عليه السلام) على الذبح. فقال: يا إبراهيم، إنك إمام يقتدى بك، و إنك إن ذبحت ولدك، ذبح الناس أولادهم. فلم يكلمه.

و أقبل على الغلام و استشاره في الذبح،

فلما أسلما جميعا لأمر الله قال الغلام: يا أبتاه، خمر وجهي، و شد وثاقي. فقال إبراهيم: يا بني، الوثاق مع الذبح؟ لا و الله لا أجمعهما عليك اليوم. فرمى بقرطان الحمار، ثم أضجعه عليه، فأخذ المدية فوضعها على حلقه، و رفع رأسه إلى السماء، ثم انتحى «1» عليه المدية، فقلب جبرئيل المدية على قفاها، و اجتر الكبش من قبل ثبير، و أثار الغلام من تحته، و وضع الكبش مكان الغلام، و نودي من ميسرة مسجد الخيف: أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ.

قال: و لحق إبليس بأم الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي، بحذاء البيت، فقال لها: ما شيخ رأيته؟ قالت: إن ذلك بعلي. قال: فوصيف رأيته معه؟ قالت: ذلك ابني. فقال: لقد رأيته أضجعه، و أخذ المدية ليذبحه، فقالت: كذبت، إن إبراهيم أرحم الناس، كيف يذبح ابنه؟ قال: فورب السماء و الأرض، و رب هذا البيت لقد رأيته أضجعه و أخذ المدية ليذبحه. فقالت: و لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك. قالت: فحق له أن يطيع ربه. فوقع في نفسها أنه قد امر في ابنها بأمر، فلما قضت مناسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى، و هي واضعة يدها على رأسها، تقول: يا رب، لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل».

قلت: فأين أراد أن يذبحه؟ قال: «عند الجمرة الوسطى». قال: «و نزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى، نزل من السماء، و كان يأكل في سواد، و يمشي في سواد، أقرن».

__________________________________________________

(1) في «ط» نسخة بدل: اجتّر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 618

قلت: ما كان لونه؟ قال: «كان أملح، أغبر «1»».

9012/ [4]- و

قال

علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، و حماد، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن صاحب الذبح، فقال: «إسماعيل».

9013/ [5]- و

قال: و روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «أنا ابن الذبيحين» يعني: إسماعيل، و عبد الله ابن عبد المطلب، فهذان الخبران عن الخاصة في الذبيح، قد اختلفوا في إسحاق و إسماعيل، و قد روت العامة خبرين مختلفين في إسماعيل و إسحاق، فناداه الله عز و جل: قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا الآية. قال: إنه لما عزم إبراهيم على ذبح ابنه، و سلما لأمر الله تعالى، قال عز و جل: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً. فقال إبراهيم: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي، قال: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «2»، أي لا يكون بعهدي إمام ظالم».

9014/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

أيهما كان أكبر: إسماعيل، أو إسحاق، و أيهما كان الذبيح؟

فقال: «كان إسماعيل أكبر من إسحاق بخمس سنين، و كان الذبيح إسماعيل، و كانت مكة منزل إسماعيل، و إنما أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل أيام الموسم بمنى. قال: و كان بين بشارة الله إبراهيم بإسماعيل و بين بشارته بإسحاق خمس سنين، أما تسمع لقول إبراهيم (عليه السلام)، حيث يقول: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ؟ إنما سأل الله عز و جل أن يرزقه غلاما من الصالحين، و قال في سورة الصافات: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ، يعني إسماعيل من هاجر. قال: ففدى إسماعيل بكبش عظيم».

فقال

أبو عبد الله (عليه السلام): «ثم قال: وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَ بارَكْنا عَلَيْهِ وَ عَلى إِسْحاقَ يعني بذلك إسماعيل قبل البشارة بإسحاق، فمن زعم أن إسحاق أكبر من إسماعيل، و أن الذبيح إسحاق فقد كذب بما أنزل الله عز و جل في القرآن من نبأهما».

9015/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور، في شعبان سنة اثنين و خمسين و ثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «لما أمر الله تعالى إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنى إبراهيم (عليه السلام) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل (عليه السلام) بيده، و أنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 226.

5- تفسير القمّي 2: 226.

6- معاني الأخبار: 391/ 34.

7 عيون أخبار الرّضا 1: 209/ 1.

(1) الغبرة: لون الأغبر، و هو شبيه بالغبار. «الصحاح- غبر- 2: 764».

(2) البقرة 2: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 619

قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح [أعز] ولده بيده، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى الله عز و جل إليه: يا إبراهيم، من أحب خلقي إليك؟ فقال: يا رب، ما خلقت خلقا أحب إلي من حبيبك محمد. فأوحى الله عز و جل إليه: يا إبراهيم، فهو أحب إليك، أو نفسك؟ فقال: بل هو أحب إلي من نفسي.

قال: فولده أحب إليك، أو ولدك؟ قال: بل ولده. قال: فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك، أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب، بل ذبحه على أيدي أعدائه

أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم، إن طائفة تزعم أنها من امة محمد، ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا، كما يذبح الكبش، فيستوجبون بذلك غضبي «1». فجزع إبراهيم (عليه السلام) لذلك، و توجع قلبه، و أقبل يبكي، فأوحى الله عز و جل إليه: يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين و قتله، و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب. فذلك قول الله عز و جل: وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ».

9016/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال:

حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن معنى قول النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا ابن الذبيحين».

قال: «يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) و عبد الله بن عبد المطلب. أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله تعالى به إبراهيم (عليه السلام)، فلما بلغ معه السعي «2»، قال: يا بني، إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى؟ قال: يا أبت افعل ما تؤمر- و لم يقل له: يا أبت افعل ما رأيت- ستجدني إن شاء الله من الصابرين.

فلما عزم على ذبحه فداه الله تعالى بذبح عظيم، بكبش أملح، يأكل في سواد، و يشرب في سواد، و ينظر في سواد، و يمشي في سواد، و يبول «3» و يبعر في سواد، و كان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما، و ما خرج من رحم أنثى. و إنما قال الله عز و جل له: كن فكان، ليفدي به إسماعيل (عليه السلام) فكل

ما يذبح بمنى فهو فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة، فهذا أحد الذبيحين.

و أما الآخر فإن عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة، و دعا الله عز و جل أن يرزقه عشرة بنين، و نذر لله عز و جل أن يذبح واحدا منهم متى أجاب الله دعوته، فلما بلغوا عشرة، قال: قد وفى الله لي، فلأفين لله عز و جل. فأدخل ولده الكعبة، و أسهم بينهم، فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان أحب ولده إليه، ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد الله، ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبد الله، فأخذه و حبسه، و عزم على ذبحه، فاجتمعت قريش و منعته من ذلك، و اجتمع نساء عبد المطلب يبكين و يصحن، فقالت له ابنته عاتكة: يا أبتاه، أعذر

__________________________________________________

8- الخصال: 55/ 78.

(1) في نسخة من «ج، ي، ط»، و المصدر: سخطي.

(2) في «ج، ي، ط» زيادة: قال: و هو لما عمل مثل عمله.

(3) في «ط، ج»: و يبرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 620

فيما بينك و بين الله عز و جل في قتل ابنك. قال: كيف اعذر- يا بنية- فإنك مباركة. قالت: أعمد إلى تلك السوائم التي لك في الحرم، فاضرب بالقداح على ابنك و على الإبل، و اعط ربك حتى يرضى. فبعث عبد المطلب إلى إبله فأحضرها، و عزل منها عشرا، و ضرب بالسهام، فخرج سهم عبد الله، فما زال يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة، فضرب فخرج السهم على الإبل فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة، فقال عبد المطلب: لا، حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات، فضرب ثلاثا، كل ذلك يخرج السهم على الإبل. فلما كان في الثالثة

اجتذبه الزبير، و أبو طالب، و إخوانهما «1» من تحت رجليه، فحملوه و قد انسلخت جلدة خده الذي كان على الأرض، و أقبلوا يرفعونه، و يقبلونه، و يمسحون عنه التراب، و أمر عبد المطلب أن تنحر الإبل بالحزورة «2»، و لا يمنع أحد منها، و كانت مائة.

و كانت لعبد المطلب خمس من السنن، أجراها الله عز و جل في الإسلام: حرم نساء الآباء على الأبناء، و سن الدية في القتل مائة من الإبل، و كان يطوف بالبيت سبعة أشواط، و وجد كنزا فأخرج منه الخمس، و سمى زمزم حين حفرها سقاية الحاج. و لو لا أن عبد المطلب كان حجة، و أن عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيه بعزم إبراهيم (عليه السلام) على ذبح ابنه إسماعيل (عليه السلام)، لما افتخر النبي (صلى الله عليه و آله) بالانتساب إليهما لأجل أنهما الذبيحان، في قوله (صلى الله عليه و آله): أنا ابن الذبيحين.

و العلة التي من أجلها دفع الله عز و جل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من أجلها دفع الذبح عن عبد الله، و هي كون النبي و الأئمة (صلوات الله عليهم) في صلبهما، فبركة النبي (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) دفع الله الذبح عنهما، فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم، و لو لا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم، و كل ما يتقرب به الناس إلى الله عز و جل من أضحية فهو فداء لإسماعيل (عليه السلام) إلى يوم القيامة».

ثم قال محمد بن بابويه: اختلفت الروايات في الذبيح: فمنها ما ورد بأنه إسحاق، و منها ما ورد أنه إسماعيل (عليه السلام)،

و لا سبيل إلى رد الأخبار التي «3» صح طرقها، و كان الذبيح إسماعيل (عليه السلام)، لكن إسحاق (عليه السلام) لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي امر أبوه بذبحه، فكان يصبر لأمر الله تعالى و يسلم له كصبر أخيه و تسليمه، فينال بذلك درجته في الثواب، فعلم الله عز و جل ذلك من قلبه فسماه الله عز و جل بين الملائكة ذبيحا لتمنيه لذلك. و قد أخرجت الخبر في ذلك مسندا في كتاب (النبوة).

9017/ [9]- و

عنه، في كتاب (الخصال): حدثني بذلك- إشارة إلى ما ذكرناه عنه- محمد بن علي البشاري القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا المظفر بن أحمد القزويني، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد الله بن داهر، عن أبي قتادة الحراني، عن وكيع بن الجراح، عن سليمان بن

__________________________________________________

9- الخصال: 58/ 78.

(1) في المصدر: و إخوانه. [.....]

(2) كانت الحمورة سوق مكّة، فدخلت في المسجد لمّا زيد فيه. «معجم البلدان 2: 255».

(3) في المصدر: متى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 621

مهران، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «و قول النبي (صلى الله عليه و آله): أنا ابن الذبيحين يريد بذلك العلم، لأن العم قد سماه الله عز و جل أبا، في قوله: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ «1»، و كان إسماعيل عم يعقوب فسماه الله في كتابه «2» أبا، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): العلم والد».

ثم قال ابن بابويه: فعلى هذا الأصل يطرد

قول النبي (صلى الله عليه

و آله): «أنا ابن الذبيحين».

أحدهما ذبيح بالحقيقة، و الآخر ذبيح بالمجاز، و استحقاق الثواب على النية و التمني، فالنبي (صلى الله عليه و آله) هو ابن الذبيحين من وجهين، على ما ذكرناه.

9018/ [10]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن عقبة ابن بشير، عن أحدهما (عليهما السلام)- في حديث- قال: «و حج إبراهيم (عليه السلام) هو و أهله و ولده، فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن هاهنا كان ذبحه».

و ذكر عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر، و أبا عبد الله (عليهما السلام) يزعمان أنه إسحاق، فأما زرارة فزعم أنه إسماعيل.

9019/ [11]- الشيخ، في (أماليه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد- يعني ابن عقدة- قال: أخبرنا علي بن محمد الحسيني، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيد الله بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «رؤيا الأنبياء وحي».

9020/ [12]- ابن الصلت، عن ابن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن عنبسة بن عمر، قال: حدثنا سليمان بن يزيد، قال: حدثنا علي بن موسى، قال: حدثني أبي، عن أبيه أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام) قال: «الذبيح: إسماعيل».

9021/ [13]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

كم كان بين بشارة إبراهيم (عليه السلام) بإسماعيل (عليه السلام) و بين

بشارته بإسحاق؟ قال: «كان بين البشارتين خمس سنين، قال الله سبحانه: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ، يعني إسماعيل، و هي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد،

__________________________________________________

10- الكافي 4: 205/ 4 «قطعة منه».

11- الأمالي 1: 348.

12- الأمالي 1: 348.

13- مجمع البيان 8: 710.

(1) البقرة 2: 133.

(2) في المصدر: في هذا الموضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 622

و لما ولد لإبراهيم إسحاق من سارة، و بلغ إسحاق ثلاث سنين أقبل إسماعيل (عليه السلام) إلى إسحاق و هو في حجر إبراهيم، فنحاه و جلس في مجلسه، فبصرت به سارة، فقالت: يا إبراهيم، ينحي ابن هاجر ابني من حجرك، و يجلس هو في مكانه! و الله لا تجاورني هاجر و ابنها في بلاد أبدا، فنحهما عني.

و كان إبراهيم مكرما لسارة، يعزها، و يعرف حقها، و ذلك أنها كانت من ولد الأنبياء، و بنت خالته، فشق ذلك على إبراهيم، و اغتم بفراق إسماعيل (عليه السلام)، فلما كان الليل أتى إبراهيم آت من ربه، فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة، فأصبح إبراهيم حزينا للرؤيا التي رآها. فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجر و إسماعيل في ذي الحجة من أرض الشام، فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في الموسم، ذلك العام فبدأ بقواعد البيت الحرام، فلما رفع قواعده خرج إلى منى حاجا، و قضى نسكه بمنى، و رجع إلى مكة، فطافا بالبيت أسبوعا، ثم انطلقا إلى السعي، فلما صارا في المسعى، قال إبراهيم لإسماعيل (عليهما السلام): يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك في الموسم عامي هذا، فما ذا ترى؟ قال: يا أبت، افعل ما تؤمر. فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى، و ذلك يوم

النحر، فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى، و أضجعه لجنبه الأيسر، و أخذ الشفرة ليذبحه، نودي: أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إلى آخره. و فدي إسماعيل بكبش عظيم، فذبحه، و تصدق بلحمه على المساكين».

9022/ [14]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن كبش إبراهيم (عليه السلام)، ما كان لونه؟ قال: «أملح، أقرن، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، بحيال الجمرة الوسطى، و كان يمشي في سواد، و يأكل في سواد، و ينظر في سواد و يبعر في سواد، و يبول «1» في سواد».

9023/ [15]- و

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن صاحب الذبيح، قال: «هو إسماعيل».

9024/ [16]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه و آله) لجبرئيل (عليه السلام): «أنت مع قوتك هل تعبت قط؟» يعني أصابك تعب و مشقة. قال: «نعم- يا محمد- ثلاث مرات: يوم القي إبراهيم في النار أوحى الله إلي: أن أدركه، فوعزتي و جلالي لئن سبقك إلى النار لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة، و أدركته بين النار و الهواء، فقلت: يا إبراهيم، هل لك حاجة؟ قال: إلى الله نعم، أما إليك فلا.

و الثانية: يوم امر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل أوحى الله إلي: أن أدركه، فوعزتي و جلالي لئن سبقتك السكين إلى حلقه لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة، حتى حولت السكين و قلبتها في يده، و أتيته بالفداء.

__________________________________________________

14- مجمع البيان 8: 711.

15- مجمع البيان 8: 711.

16- ....

(1) في «ط» نسخة بدل: و يبرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 623

و الثالثة: حين رمي يوسف (عليه

السلام) في الجب أوحى الله تعالى إلي: أدركه- يا جبرئيل- فو عزتي و جلالي إن سبقك إلى قعر الجب لأمحون اسمك من ديوان الملائكة، فنزلت بسرعة، و أدركته إلى الفضاء، و رفعته إلى الصخرة التي كانت في قعر الجب، و أنزلته عليها سالما، فعييت، و كان الجب مأوى الحيات و الأفاعي، فلما حست به قالت كل واحدة لصاحبتها: إياك أن تتحركي، فإن نبيا كريما نزل بنا، و حل بساحتنا فلم تخرج واحدة من وكرها، إلا الأفاعي، فإنها خرجت و أرادت لدغه، فصحت بهن صيحة صمت آذانهن إلى يوم القيامة»

سورة الصافات(37): الآيات 123 الي 125 ..... ص : 623

قوله تعالى:

وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ أَ تَدْعُونَ بَعْلًا وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ [123- 125] 9025/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كان لهم صنم يسمونه بعلا، و سأل رجل أعرابيا عن ناقة واقفة، فقال: لمن هذه الناقة؟ فقال الأعرابي: أنا بعلها. و سمي الرب بعلا.

9026/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر، قال: أتينا باب أبي عبد الله (عليه السلام) و نحن نريد الإذن عليه، فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية، فتوهمنا أنه بالسريانية، ثم بكى، فبكينا لبكائه، ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا، فدخلنا عليه، فقلت: أصلحك الله، أتيناك نريد الإذن عليك، فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية، فتوهمنا أنه بالسريانية، ثم بكيت فبكينا لبكائك.

فقال: «نعم، ذكرت إلياس النبي (عليه السلام)، و كان من عباد أنبياء بني إسرائيل، فقلت كما كان يقول في سجوده». ثم اندفع فيه بالسريانية، فلا و الله ما رأيت قسيسا «1»، و لا جاثليقا أفصح لهجة

منه فيه، ثم فسره لنا بالعربية، فقال: «كان يقول في سجوده: أتراك معذبي و قد أظمأت لك هواجري؟ أتراك معذبي و قد عفرت لك في التراب وجهي؟ أتراك معذبي و قد اجتنبت لك المعاصي؟ أتراك معذبي و قد أسهرت لك ليلي؟ قال: فأوحى الله إليه: أن ارفع رأسك، فإني غير معذبك. قال: فقال: إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني ماذا؟ أ لست عبدك و أنت ربي؟

فأوحى الله إليه: أن ارفع رأسك، فإني غير معذبك، إني إذا وعدت وعدا وفيت به».

9027/ [3]- ابن شهر آشوب: عن أنس: أن النبي (صلى الله عليه و آله) سمع صوتا من قلة جبل: اللهم اجعلني من

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 226.

2- الكافي 1: 177/ 2. [.....]

3- المناقب 1: 137.

(1) في المصدر: رأينا قسا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 624

الامة المرحومة المغفورة، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا بشيخ أشيب، قامته ثلاث مائة ذراع، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عانقه، ثم قال: إنني آكل في كل سنة مرة واحدة، و هذا أوانه. فإذا هو بمائدة أنزلت من السماء، فأكلا. و كان إلياس (عليه السلام).

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث إلياس (عليه السلام) مع الباقر (عليه السلام) في تفسير: إِنَّا أَنْزَلْناهُ «1».

سورة الصافات(37): آية 130 ..... ص : 624
اشارة

قوله تعالى:

سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ [130]

9028/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا الخضر بن أبي فاطمة البلخي، قال: حدثنا وهيب «2» بن نافع، قال: حدثنا كادح، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي

(عليهم السلام)، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: «يس محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن آل يس».

9029/ [2]- و عنه: عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن عبد الغني المعاني «3»، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن مندل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: السلام من رب العالمين على محمد و آله (صلى الله عليه و عليهم)، و السلامة لمن تولاهم في القيامة».

9030/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثني الحسين بن معاذ، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال:

حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: يس: اسم محمد «4».

9031/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 122/ 2.

2- معاني الأخبار: 122/ 1.

3- معاني الأخبار: 122/ 3.

4- معاني الأخبار: 122/ 4.

(1) يأتي في الحديث (2) من تفسير سورة القدر.

(2) في المصدر: وهب.

(3) الظاهر أنّه الحسن بن عليّ بن عيسى، أبو عبد الغني المعاني، لروايته عن عبد الرزاق، انظر ميزان الاعتدال 1: 505.

(4) في المصدر: يس محمّد (صلى اللّه عليه و آله)، و نحن آل ياسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 625

الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرني أحمد بن أبي عمر النهدي، قال:

حدثني أبي، عن محمد ابن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: على آل محمد (عليهم السلام).

9032/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثني محمد بن سهل، قال: حدثنا إبراهيم بن معمر، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الأحمري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن أبي عبد الرحمن السلمي: أن عمر بن الخطاب كان يقرأ: «سلام على آل يس»، قال أبو عبد الرحمن: آل يس: آل محمد (عليهم السلام).

9033/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت- في حديث مجلس الرضا (عليه السلام) مع المأمون و العلماء، و قد أشرنا له في هذا الكتاب غير مرة- قال الرضا (عليه السلام) في الآيات الدالة على الاصطفاء: «و أما الآية السابعة: فقوله تبارك و تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، و قد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية، قيل: يا رسول الله، قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فهل بينكم- معاشر الناس- في هذا خلاف؟» فقالوا: لا.

قال المأمون: هذا مما لا خلاف فيه أصلا، و عليه إجماع الامة، فهل عندك في الآل شي ء

أوضح من هذا في القرآن؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «نعم، أخبروني عن قول الله عز و جل: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «2» فمن عنى بقوله: يس؟» قال العلماء: يس: محمد (صلى الله عليه و آله)، لم يشك فيه أحد. قال أبو الحسن (عليه السلام): «فإن الله عز و جل أعطى محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، و ذلك أن الله عز و جل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء (صلوات الله عليهم)، فقال تبارك و تعالى:

سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ «3» و قال: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ «4»، و قال: سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ «5»، و لم يقل سلام على آل نوح، و لا على آل موسى، و لا على آل إبراهيم، و قال عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ

__________________________________________________

5- معاني الآخبار: 123/ 5.

6- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 236/ 1، تأويل الآيات 2: 500/ 18.

(1) الأحزاب 33: 56.

(2) يس 36: 1- 4. [.....]

(3) الصافات 37: 79.

(4) الصافات 37: 109.

(5) الصافات 37: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 626

إِلْ ياسِينَ يعني آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

9034/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن حسين بن الحكم، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) اسمه ياسين، و نحن الذين قال الله: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ».

9035/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، عن الخضر بن أبي فاطمة البلخي، عن وهيب «1» بن

نافع، عن كادح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ قال: «يس محمد، و نحن آل محمد».

9036/ [9]- و عنه: عن محمد بن سهل، عن إبراهيم بن معمر، عن إبراهيم بن داهر «2»، عن الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ: «سلام على آل يس». قال: على آل محمد (صلى الله عليه و آله).

9037/ [10]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن موسى بن عثمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: نحن هم آل محمد (صلى الله عليه و آله).

9038/ [11]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن رزيق بن مرزوق البجلي، عن داود بن علية، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: أي على آل محمد (صلى الله عليه و آله).

9039/ [12]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ إن الله سمى النبي (صلى الله عليه و آله) بهذا الاسم، حيث قال: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «3»، لعلمه بأنهم يسقطون قوله: سلام على آل محمد، كما أسقطوا غيره».

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 498/ 13.

8- تأويل الآيات 2: 499/ 14.

9- تأويل الآيات 2: 499/ 15.

10- تأويل الآيات 2: 499/ 16.

11- تأويل الآيات 2: 500/ 17.

12- الاحتجاج: 253.

(1) في المصدر: وهب.

(2) في سند الحديث (5) المتقدّم: عبد اللّه بن داهر الأحمري،

عن أبيه.

(3) يس 36: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 627

باب معنى آل محمد (صلوات الله عليهم) ..... ص : 627

9040/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن أبي العلاء، عن عبد الله بن ميسرة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نقول: اللهم صل على محمد و آل محمد، فيقول قوم: نحن آل محمد. فقال: «إنما آل محمد من حرم الله عز و جل على محمد (صلى الله عليه و آله) نكاحه».

9041/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، من الآل؟ قال: «ذرية محمد (صلى الله عليه و آله)». قال: قلت: فمن الأهل. قال: «الأئمة (عليهم السلام)» فقلت:

قوله عز و جل: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ «1»؟ قال: «و الله ما عنى إلا ابنته».

9042/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «ذريته». فقلت: من أهل بيته؟ قال: «الأئمة الأوصياء». فقلت: من عترته؟ قال:

«أصحاب العباء» فقلت: من أمته؟ قال: «المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز و جل، و المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله عز و جل، و عترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم

الرجس و طهرهم تطهيرا، و هما الخليفتان على الامة بعده (عليه السلام)».

سورة الصافات(37): الآيات 137 الي 138 ..... ص : 627

قوله تعالى:

وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ

[137- 138]

9043/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد،

__________________________________________________

1-- معاني الأخبار: 93/ 1.

2- معاني الأخبار: 94/ 2. [.....]

3- معاني الأخبار: 94/ 3.

4-- الكافي 8: 249/ 349.

(1) غافر 40: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 628

و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت: قوله: وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ

؟ قال: «تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن، تقرأ ما قص الله عز و جل عليكم من خبرهم».

و خبر لوط تقدم في سورة هود، و سورة الحجر، و سورة العنكبوت «1»، و يأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الذاريات «2».

سورة الصافات(37): الآيات 139 الي 177 ..... ص : 628

قوله تعالى:

وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ

- إلى قوله تعالى- فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ [139- 177]

9044/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، و كان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك فهم أن يدعو عليهم، و كان فيهم رجلان: عابد، و عالم، و كان اسم أحدهما مليخا، و اسم الآخر روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، و كان العالم ينهاه، و يقول: لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك، و لا يحب هلاك عباده. فقبل قول العابد، و لم

يقبل من العالم، فدعا عليهم، فأوحى الله عز و جل إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا و كذا، في شهر كذا و كذا، و في يوم كذا و كذا.

فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد، و بقي العالم فيها، فلما كان ذلك اليوم نزل العذاب، فقال لهم العالم: يا قوم، افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم، فيرد العذاب عنكم. فقالوا: كيف نصنع؟ قال: اجتمعوا و اخرجوا إلى المفازة، و فرقوا بين النساء و الأولاد، و بين الإبل و أولادها، و بين البقر و أولادها، و بين الغنم و أولادها، ثم ابكوا، و ادعوا. فذهبوا، و فعلوا ذلك، و ضجوا، و بكوا، فرحمهم الله، و صرف عنهم العذاب، و فرق العذاب على الجبال، و قد كان نزل و قرب منهم.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 317.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (69- 83) من سورة هود، و الحديث (4) من تفسير الآيات (48- 72) من سورة الحجر، و الحديث (6) من تفسير الآيات (27- 35) من سورة العنكبوت.

(2) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 629

فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله تعالى، فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم، قال: لهم: ما فعل قوم يونس. فقالوا له، و لم يعرفوه: إن يونس دعا عليهم فاستجاب الله له، و نزل العذاب عليهم، فاجتمعوا و بكوا، و دعوا، فرحمهم الله، و صرف ذلك عنهم، و فرق العذاب على الجبال، فهم إذن يطلبون يونس ليؤمنوا به. فغضب يونس، و مر على وجهه مغاضبا- كما حكى الله- حتى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت، و أرادوا أن يدفعوها، فسألهم

يونس أن يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر، بعث الله حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة من قدامها، فنظر إليه يونس ففزع منه و صار إلى مؤخر السفينة، فدار الحوت إليه و فتح فاه، فخرج أهل السفينة، فقالوا:

فينا عاص، فتساهموا، فخرج سهم يونس، و هو قول الله عز و جل: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فأخرجوه، فألقوه في البحر، فالتقمه الحوت و هو مليم، و مر به في الماء.

و قد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين (عليه السلام) عن سجن طاف أقطار الأرض «1» بصاحبه، فقال: يا يهودي، أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، و دخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر، ثم دخل في بحر طبرستان، ثم دخل في دجلة العوراء «2»، ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون، و كان قارون هلك في أيام موسى، و وكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل، و كان يونس في بطن الحوت يسبح الله و يستغفره، فسمع قارون صوته، فقال للملك الموكل به: أنظرني، فإني أسمع كلام آدمي. فأوحى الله إلى الملك الموكل به: أنظره. فأنظره.

ثم قال قارون: من أنت؟ قال يونس: أنا المذنب الخاطئ يونس بن متى. قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات، هلك. قال: فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك. قال:

فما فعلت كلثم بنت عمران، التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات، ما بقي من آل عمران أحد. قال قارون: وا أسفا على آل عمران. فشكر الله له ذلك، فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا، فرفع عنه.

فلما رأى يونس

ذلك نادى في الظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فاستجاب الله له، و أمر الحوت أن يلفظه، فلفظه على ساحل البحر، و قد ذهب جلده و لحمه، و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هي الدباء- فأظلته عن الشمس، فشكر «3»، ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه، و وقعت الشمس عليه، فجزع، فأوحى الله إليه: يا يونس، لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون و أنت تجزع من ألم ساعة! فقال: يا رب، عفوك عفوك. فرد الله عليه بدنه، و رجع إلى قومه، و آمنوا به، و هو قوله: فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ «4»» و قالوا: مكث يونس (عليه السلام) في

__________________________________________________

(1) في «ج، ي، ط»: البحر.

(2) في «ي، ط»: دجلة الغور، و في المصدر: دجلة الغورا، و هو تصحيف صحيحه ما أثبتناه، و دجلة العوراء: اسم لدجلة البصرة، علم لها. «مجمع البلدان 2: 442».

(3) في «ج، ي، ط»: فسكن.

(4) يونس 10: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 630

بطن الحوت سبع «1» ساعات.

9045/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام، و نادى في الظلمات الثلاث: ظلمة بطن الحوت، و ظلمة الليل، و ظلمة البحر: أن لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فاستجاب له ربه، فأخرجه الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هو القرع- فكان يمصه، و يستظل به و بورقه، و كان تساقط

شعره، ورق جلده، و كان يونس يسبح و يذكر الله في الليل و النهار. فلما أن قوي و اشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع، فذبلت القرعة، ثم يبست، فشق ذلك على يونس، و ظل حزينا، فأوحى الله إليه: ما لك حزينا، يا يونس؟ قال: يا رب، هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست. قال: يا يونس، أحزنت لشجرة لم تزرعها، و لم تسقها، و لم تعي بها أن يبست حين استغنيت عنها، و لم تحزن لأهل نينوى، أكثر من مائة ألف أردت أن ينزل عليهم العذاب! إن أهل نينوى قد آمنوا و اتقوا فارجع إليهم.

فانطلق يونس إلى قومه، فلما دنا من نينوى استحى أن يدخل، فقال لراع لقيه: ائت أهل نينوى، فقل لهم: إن هذا يونس قد جاء. قال الراعي: أ تكذب، أما تستحي، و يونس قد غرق في البحر و ذهب؟! قال له يونس: اللهم إن هذه الشاة تشهد لك أني يونس. فنطقت الشاة له بأنه يونس، فلما أتى الراعي قومه و أخبرهم، أخذوه و هموا بضربه، فقال: إن لي بينة بما أقول. قالوا: من يشهد؟ قال: هذه الشاة تشهد، فشهدت بأنه صادق، و أن يونس قد رده الله إليهم. فخرجوا يطلبونه، فوجدوه فجاءوا به و آمنوا، و أحسنوا إيمانهم، فمتعهم الله إلى حين، و هو الموت، و أجارهم من ذلك العذاب».

9046/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا:

حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أول من

سوهم عليه مريم بنت عمران، و هو قول الله عز و جل:

وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ «2»، و السهام ستة.

ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم فوقفت السفينة في اللجة، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات، قال: فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه، فرمى بنفسه.

ثم كان عبد المطلب، ولد له تسعة، فنذر في العاشر إن يرزقه الله غلاما أن يذبحه. قال: فلما ولد عبد الله لم يكن يقدر أن يذبحه و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في صلبه، فجاء بعشر من الإبل، و ساهم عليها و على عبد الله، فخرجت السهام على عبد الله، فزاد عشرا، فلم تزل السهام تخرج على عبد الله، و يزيد عشرا، فلما بلغت المائة

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 319.

3- الخصال: 156/ 198.

(1) في المصدر: تسع.

(2) آل عمران 3: 44. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 631

خرجت السهام على الإبل، فقال عبد المطلب: ما أنصفت ربي، فأعاد السهام. ثلاثا فخرجت على الإبل، فقال: الآن علمت أن ربي قد رضي، فنحرها».

9047/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن إسحاق الفزاري، قال: سئل و أنا عنده- يعني أبا عبد الله (عليه السلام)- عن مولود ولد، ليس بذكر و لا أنثى، و ليس له إلا دبر، كيف يورث؟

قال: «يجلس الإمام، و يجلس معه ناس، فيدعو الله، و يجيل السهام على أي ميراث يورثه، ميراث الذكر، أو ميراث الأنثى، فأي ذلك خرج ورثه عليه». ثم قال: «و أي قضية

أعدل من قضية يجال عليها بالسهام! إن الله عز و جل يقول: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ».

9048/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، و الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن مولود ليس بذكر و لا أنثى، ليس له إلا دبر، كيف يورث؟

قال: «يجلس الإمام، و يجلس عنده أناس من المسلمين، فيدعو الله عز و جل، و تجال السهام عليه، على أي ميراث يورث، أ ميراث الذكر، أو ميراث الأنثى، فأي ذلك خرج عليه ورثه». ثم قال: «و أي قضية أعدل من قضية يجال عليها بالسهام! يقول الله تعالى: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. قال: و ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا و له أصل في كتاب الله، و لكن لا تبلغه عقول الرجال».

9049/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد: عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن منصور بن حازم، قال سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسألة. فقال: «هذه تخرج في القرعة». ثم قال: «أي قضية أعدل من القرعة، إذا فوض الأمر إلى الله عز و جل؟! أليس الله تبارك و تعالى يقول: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ

».

9050/ [7]- محمد بن الحسن الصفار: عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن حبة العرني، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الله عرض ولايتي على أهل السماوات و على أهل الأرض، أقر بها من أقر، و أنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها».

9051/ [8]- ابن شهر آشوب: عن أبي حمزة الثمالي، أنه

قال: دخل عبد الله بن عمر على علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، و قال: يا ابن الحسين، أنت الذي تقول: إن يونس بن متى إنما لقي في الحوت ما لقي لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال: «بلى، ثكلتك أمك». قال عبد الله بن عمر: فأرني برهان ذلك إن

__________________________________________________

4- الكافي 7: 157/ 1.

5- الكافي 7: 158/ 3.

6- المحاسن: 603/ 30.

7- بصائر الدرجات: 95/ 1.

8- المناقب 4: 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 632

كنت من الصادقين.

قال: فأمر علي بن الحسين (عليه السلام) بشد عينيه بعصابة، و عيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على شاطئ بحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي، دمي في رقبتك، الله الله في نفسي. فقال علي بن الحسين (عليه السلام): «أردت البرهان؟». فقال عبد الله بن عمر: أرني إن كنت من الصادقين.

ثم قال علي بن الحسين: «يا أيتها الحوت». فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، و هو يقول:

لبيك لبيك، يا ولي الله. فقال: «من أنت؟» قال: أنا حوت يونس، يا سيدي. قال: «حدثني بخبر يونس». قال: يا سيدي، إن الله تعالى لم يبعث نبيا- من آدم إلى أن صار جدك محمد (صلى الله عليه و آله)- إلا و قد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء، سلم و تخلص، و من توقف عنها، و تتعتع في حملها، لقي ما لقي آدم من المعصية، و ما لقي نوح من الغرق، و ما لقي إبراهيم من النار، و ما لقي يوسف من الجب، و ما لقي أيوب من البلاء، و ما لقي داود من الخطيئة، إلى أن بعث الله يونس، فأوحى الله

إليه: أن تول أمير المؤمنين عليا و الأئمة الراشدين من صلبه، في كلام له. قال يونس: كيف أتولى من لم أره و لم أعرفه. و ذهب مغاضبا. فأوحى الله تعالى إلي: «أن التقم يونس و لا توهن له عظما» فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث، ينادي: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، قد قبلت ولاية علي بن أبي طالب و الأئمة الراشدين من ولده». فلما آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر.

و قد تقدمت روايات كثيرة في قصة يونس، في سورة يونس «1»، و سورة الأنبياء «2».

9052/ [9]- الطبرسي: قرأ جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «و يزيدون».

9053/ [10]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، و درست بن أبي منصور، عنه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الأنبياء و المرسلون على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها. و نبي يرى في النوم، و يسمع الصوت، و لا يعاينه في اليقظة، و لم يبعث إلى أحد، و عليه إمام، مثل ما كان إبراهيم على لوط (عليهما السلام). و نبي يرى في منامه، و يسمع الصوت، و يعاين الملك، و قد أرسل إلى طائفة، قلوا أو كثروا كيونس، قال الله عز و جل: وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ.

قال: يزيدون ثلاثين ألفا، و عليه إمام. و الذي يرى في منامه، و يسمع الصوت، و يعاين في اليقظة، و هو إمام، مثل:

أولي العزم، و قد كان إبراهيم (عليه السلام) نبيا و ليس بإمام، حتى قال الله: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ

وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «3» من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما».

__________________________________________________

9- مجمع البيان 8: 714.

10- الكافي 1: 33/ 1.

(1) تقدّمت في تفسير الآية (98) من سورة يونس.

(2) تقدّمت في تفسير الآية (87) من سورة الأنبياء.

(3) البقرة 2: 124.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 633

و رواه المفيد في (الاختصاص): عن أبي محمد الحسن بن حمزة الحسيني، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، و درست بن أبي منصور، عنهم (عليهم السلام) قال: «إن الأنبياء و المرسلين على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه، لا يعدو غيره» و ذكر الحديث بعينه «1»، و فيه تغيير يسير و لعله من النساخ، و الله أعلم.

9054/ [11]- علي بن إبراهيم: ذكر يونس فقال: وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ

يعني هرب إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

فَساهَمَ

أي ألقى السهام فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ

أي من المغوصين فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ ... وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، قال: الدباء.

ثم خاطب الله نبيه، فقال: فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ، قال: قالت قريش: الملائكة هم بنات الله فرد الله عليهم، فقال: فَاسْتَفْتِهِمْ الآية. إلى قوله: سُلْطانٌ مُبِينٌ، أي حجة قوية على ما يزعمون. و قوله تعالى: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً يعني أنهم قالوا: إن الجن بنات الله. فرد الله عليهم، فقال: وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ يعني في النار.

9055/ [12]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ إِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ

الْمُخْلَصِينَ فهم كفار قريش، كانوا يقولون: قاتل الله اليهود و النصارى كيف كذبوا أنبياءهم، أما و الله لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين يقول:

فَكَفَرُوا بِهِ حين جاءهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول الله: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. فقال جبرئيل: «يا محمد إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ».

قوله: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ يعني: العذاب إذا نزل ببني أمية و أشياعهم في آخر الزمان. قوله: وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ، فذلك إذا أتاهم العذاب أبصروا حين لا ينفعهم النظر، و هذه في أهل الشبهات و الضلالات من أهل القبلة.

9056/ [13]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمد، عن يحيى بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ، قال: «نزلت في الأئمة و الأوصياء من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

9057/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد الشيباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ميمونة «2»، قال:

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 227.

12- تفسير القمّي 2: 227.

13- تفسير القمّي 2: 227.

14- تفسير القمّي 2: 228. [.....]

(1) الاختصاص: 22.

(2) في المصدر و معجم رجال الحديث 16: 121: بويه، و في معجم رجال الحديث 2: 252: ثوية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 634

حدثني محمد بن سليمان، قال: و حدثنا أحمد بن محمد الشيباني، قال: حدثنا عبد الله بن محمد التفليسي، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين، عن شهاب بن عبد ربه، قال: سمعت الصادق أبا عبد الله (عليه السلام)

يقول: «يا شهاب، نحن شجرة النبوة، و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، و نحن عهد الله و ذمته، و نحن ودائع الله و حجته، كنا أنوارا صفوفا حول العرش نسبح الله، فتسبح الملائكة «1» بتسبيحنا، إلى أن هبطنا إلى الأرض فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا، و إنǠلنحن الصافون، و إنا لنحن المسبحون، فمن و فى بذمتنا فقد و فى بعهد الله عز و جل و ذمته، و من خفر ذمتنا فقد خفر ذمة الله عز و جل و عهده».

9058/ [15]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن يونس الحنفي اليمامي، عن داود بن سليمان المروزي، عن الربيع بن عبد الله الهاشمي، عن أشياخ من آل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قالوا: قال علي (عليه السلام) في بعض خطبة: «إنا آل محمد كنا أنوارا حول العرش، فأمرنا الله بالتسبيح فسبحنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا، ثم أهبطنا إلى الأرض فأمرنا الله بالتسبيح فسبحنا، فسبح أهل الأرض بتسبيحنا، و إنا لنحن الصافون، و إنا لنحن المسبحون».

9059/ [16]- قال: و روي مرفوعا إلى محمد بن زياد، قال: سأل ابن مهران عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) عن تفسير قوله تعالى: وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ، فقال ابن عباس: إنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما رآه النبي (صلى الله عليه و آله) تبسم في وجهه، و قال: «مرحبا بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف عام». فقلت: يا رسول الله، أ كان الابن قبل الأب؟ قال: «نعم، إن الله تعالى خلقني، و خلق عليا قبل

أن يخلق آدم بهذه المدة، خلق نورا، فقسمه نصفين، فخلقني من نصفه، و خلق عليا من النصف الآخر قبل الأشياء كلها، ثم خلق الأشياء، فكانت مظلمة، فنورها من نوري و نور علي، ثم جعلنا عن يمين العرش، ثم خلق الملائكة، فسبحنا فسبحت الملائكة، و هللنا فهللت الملائكة، و كبرنا فكبرت الملائكة، فكان ذلك من تعليمي و تعليم علي، و كان ذلك في علم الله السابق أن لا يدخل النار محب لي و لعلي، و لا يدخل الجنة مبغض لي و لعلي.

ألا و إن الله عز و جل خلق ملائكة بأيديهم أباريق اللجين «2»، مملوءة من ماء الحياة من الفردوس، فما من أحد من شيعة علي إلا و هو طاهر الوالدين، تقي، نقي، مؤمن، موقن بالله، فإذا أراد أبو أحدهم أن يواقع أهله جاء ملك من الملائكة الذين بأيديهم أباريق من ماء الجنة، فيطرح من ذلك الماء في آنيته التي يشرب منها، فيشرب من ذلك الماء، فينبت الإيمان في قلبه كما ينبت الزرع، فهم على بينة من ربهم، و من نبيهم، و من وصيه علي، و من ابنتي الزهراء، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم الأئمة من ولد الحسين».

__________________________________________________

15- تأويل الآيات 2: 501/ 19.

16- تأويل الآيات 2: 501/ 20.

(1) في المصدر: فيسبح أهل السماء.

(2) اللجين: الفضّة. «النهاية 4: 235».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 635

فقلت: يا رسول الله، و من هم الأئمة؟ قال: «أحد عشر مني، و أبوهم علي بن أبي طالب».

ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): «الحمد لله الذي جعل محبة علي و الإيمان سببين» يعني: سببا لدخول الجنة، و سببا للنجاة من النار».

9060/ [17]- علي بن إبراهيم، في قوله: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ: أي

بمكانهم فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ.

سورة الصافات(37): آية 180 ..... ص : 635

قوله تعالى:

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [180]

9061/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد ابن داود، عن محمد بن عطية، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) من أهل الشام، من علمائهم، فقال: يا أبا جعفر، جئت أسألك عن مسألة قد أعطيت علي أن أجد أحدا يفسرها، و قد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس، فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ما ذاك؟» قال: إني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه، فإن بعض من سألته قال: القدر، و قال بعضهم: القلم، و قال بعضهم: الروح.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما قالوا شيئا، أخبرك أن الله تعالى كان و لا شي ء غيره، و كان عزيزا و لا أحد كان قبل عزه، و ذلك قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ».

و الحديث طويل، ذكرناه في قوله تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ من سورة الأنبياء «1».

__________________________________________________

17- تفسير القمّي 2: 228.

1- الكافي 8: 94/ 97.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من سورة الأنبياء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 639

سورة ص ..... ص : 639

فضلها ..... ص : 639

9062/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة (ص) في ليلة الجمعة اعطي من خير الدنيا و الآخرة ما لم يعط أحد من الناس إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، و أدخله الله الجنة، و كل من أحب من أهل بيته، حتى خادمه الذي يخدمه و إن لم يكن في حد عياله، و لا في حد من يشفع فيه».

9063/ [2]-

و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر وزن كل جبل سخره الله لداود عشر مرات، و عصمه الله أن يصر على ذنب صغير أو كبير. و من كتبها و جعلها تحت قاض أو وال لم يقف الأمر في يده أكثر من ثلاثة أيام، و ظهرت عيوبه، و عزل، و انفض من حوله».

9064/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها تحت قاض، أو وال لم يقف الأمر بيده أكثر من ثلاثة أيام، و ظهرت للناس عيوبه، و تفرق الناس من حوله».

9065/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و جعلها في إناء زجاج و أخرقه، و جعلها في موضع قاض، أو موضع شرطة لم يقم عليه ثلاثة أيام إلا و قد ظهرت عيوبه، و تنقص الناس بقدره، و لا ينفذ له أمر بعد ذلك، و يبقى في ضيق و شدة بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 112.

2- ...، مجمع البيان 8: 723.

3- خواص القرآن: 48 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 48 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 641

سورة ص(38): الآيات 1 الي 16 ..... ص: 641

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ- إلى قوله تعالى- عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ [1- 16] 9066/ [1]- علي بن إبراهيم: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، قال: هو قسم، و جوابه: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ يعني في كفر.

9067/ [2]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان

بن سعيد الثوري، قال: قلت: لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام):

يا ابن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: ص؟

قال: «ص عين تنبع من تحت العرش، و هي التي توضأ منها النبي (صلى الله عليه و آله) لما عرج به، و يدخلها جبرئيل (عليه السلام) كل يوم دخلة، فينغمس «1» فيها، ثم يخرج منها فينفض أجنحته، فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكا يسبح الله، و يقدسه، و يكبره، و يحمده إلى يوم القيامة».

9068/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)- و ذكر صلاة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 228. [.....]

2- معاني الأخبار: 22/ 1.

3- علل الشرائع: 334/ 1.

(1) في المصدر: فيغتمس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 642

النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة المعراج- إلى أن قال: قلت: جعلت فداك، و ما (ص) الذي أمر أن يغتسل منه؟ قال: «عين تنفجر من ركن من أركان العرش، يقال له ماء الحياة، و هو ما قال الله عز و جل: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ إنما أمره أن يتوضأ، و يقرأ، و يصلي».

9069/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- و ذكر حديث الإسراء- إلى أن قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ثم أوحى الله إلي: يا محمد، ادن من صاد، فاغسل مساجدك، و

طهرها، و صل لربك. فدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) من صاد، و هو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن» و ذكر الحديث.

9070/ [5]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أقبل أبو جهل بن هشام و معه قوم من قريش، فدخلوا على أبي طالب. فقالوا:

إن ابن أخيك قد أذانا، و أذى آلهتنا، فادعه و مره فليكف عن آلهتنا، و نكف عن إلهه. قال: فبعث أبو طالب إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدعاه، فلما دخل النبي (صلى الله عليه و آله) لم ير في البيت إلا مشركا، فقال: السلام على من اتبع الهدى. ثم جلس، فخبره أبو طالب بما جاءوا له، فقال: فهل لهم في كلمة خير لهم من هذا، يسودون بها العرب و يطؤون أعناقهم؟ فقال أبو جهل: نعم، و ما هذه الكلمة؟ فقال: تقولون: لا إله إلا الله. قال: فوضعوا أصابعهم في آذانهم، و خرجوا هرابا، و هم يقولون: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق. فأنزل الله تعالى في قولهم: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ إلى قوله: إِلَّا اخْتِلاقٌ».

9071/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: «الأنبياء معصومون؟». قال: «بلى»: و ذكر المأمون الآيات التي في الأنبياء، إلى أن قال المأمون: فأخبرني- يا أبا الحسن-

عن قول الله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ.

فقال الرضا (عليه السلام): «لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاث مائة و ستين صنما، فلما جاءهم (صلى الله عليه و آله) بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم و عظم، و قالوا: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ فلما فتح الله عز و جل على نبيه (صلى الله عليه و آله) مكة، قال له: يا محمد إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً

__________________________________________________

4- الكافي 3: 482/ 1.

5- الكافي 2: 474/ 5.

6- عيون أخبار الرضا 1: 202/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 643

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ «1» عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم و ما تأخر، لأن مشركي مكة أسلم بعضهم و خرج بعضهم من مكة، و من بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد إذا دعا الناس إليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم». فقال المأمون: لله درك، يا أبا الحسن.

9072/ [7]- الطبرسي في (إعلام الورى): بالإسناد عن مجاهدين جبر، قال: كان مما أنعم الله على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أراد به الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، و كان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس عمه، و كان من أيسر بني هاشم: يا عباس،

إن أخاك أبا طالب كثير العيال، و قد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق، حتى نخفف عنه من عياله. فانطلقا إليه، و قالا له، فقال: اتركوا لي عقيلا، و خذوا من شئتم. فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا، فضمه إليه، فلم يزل علي مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى بعثه الله نبيا، فاتبعه علي، و آمن به، و صدقه.

قال علي بن إبراهيم: فلما أتى على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك ثلاث سنين، أنزل الله عليه: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «2»، فخرج «3» رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قام على الحجر، و قال: «يا معشر قريش، و يا معشر العرب، أدعوكم إلى عبادة الله، و خلع الأنداد و الأصنام، و أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله، فأجيبوني تملكوا بها العرب، و تدين لكم بها العجم، و تكونوا ملوكا في الجنة» فاستهزءوا منه، و ضحكوا، و قالوا: جن محمد بن عبد الله. و آذوه بألسنتهم، فقال له أبو طالب: يا ابن أخ، ما هذا؟ قال. «يا عم، هذا دين الله الذي ارتضاه لملائكته و أنبيائه، و دين إبراهيم و الأنبياء من بعده، بعثني الله رسولا إلى الناس». فقال: يا ابن أخ، إن قومك لا يقبلون هذا منك، فاكفف عنهم. فقال: لا أفعل، فإن الله قد أمرني بالدعاء. فكف عنه أبو طالب.

و أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الدعاء في كل وقت، يدعوهم، و يحذرهم، فكان من سمع من خبره ما يسمع «4» من أهل الكتب، يسلمون، فلما رأت قريش من

يدخل في الإسلام جزعوا من ذلك، و مشوا إلى أبي طالب، و قالوا: اكفف عنا ابن أخيك، فإنه قد سفه أحلامنا، و سب آلهتنا، و أفسد شباننا، و فرق جماعتنا. فدعاه أبو طالب، فقال: يا ابن أخ، إن القوم قد أتوني يسألونك أن تكف عن آلهتهم. قال: «يا عم، لا أستطيع أن أخالف أمر ربي» فكان يدعوهم، و يحذرهم العذاب، فاجتمعت قريش إليه، فقالوا له: إلام تدعونا، يا محمد؟ قال: «إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و خلع الأنداد كلها». قالوا: ندع ثلاث مائة و ستين إلها، و نعبد إلها واحدا؟! فحكى الله سبحانه، قولهم:

وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ إلى قوله: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ.

__________________________________________________

7- إعلام الورى: 38.

(1) الفتح 48: 1 و 2.

(2) الحجر 15: 94.

(3) في «ج، ي، ط»: فجزع.

(4) في المصدر: خبر ما سمع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 644

9073/ [8]- و

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته القاصعة، قال: «لقد كنت معه (صلى الله عليه و آله) لما أتاه الملأ من قريش، فقالوا له: يا محمد، إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك و لا أحد من أهل بيتك، و نحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه و أريتناه علمنا أنك نبي و رسول، و إن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب. فقال لهم: و ما تسألون؟ قالوا:

تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها، و تقف بين يديك. فقال لهم (صلى الله عليه و آله): إن الله على كل شي ء قدير، فإن فعل ذلك بكم تؤمنون، و تشهدون بالحق؟ قالوا: نعم. قال: فإني سأريكم ما تطلبون،

و إني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير، و أن فيكم من يطرح في القليب «1»، و من يحزب الأحزاب.

ثم قال: أيتها الشجرة، إن كنت تؤمنين بالله و اليوم الآخر، و تعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله. و الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها، و جاءت و لها دوي شديد، و قصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) مرفوعة «2»، و ألقت بغصنها الأعلى على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ببعض أغصانها على منكبي، و كنت عن يمينه (صلى الله عليه و آله)، فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا و استكبارا: فمرها، فليأتك نصفها و يبقى نصفها. فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال، و أشده دويا، فكادت تلتف برسول الله، فقالوا كفرا و عتوا. فمر هذا النصف يرجع إلى نصفه. فأمره (صلى الله عليه و آله)، فرجع، فقلت أنا: لا إله إلا الله، إني أول مؤمن بك يا رسول الله، و أول من آمن بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله، تصديقا لنبوتك، و إجلالا لكلمتك. فقال القوم: بل ساحر كذاب، عجيب السحر، خفيف فيه، و هل يصدقك في أمرك غير هذا؟ يعنونني».

9074/ [9]- علي بن إبراهيم: قوله: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ أي ليس هو وقت مفر، و قوله: وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، قال: نزلت بمكة، لما أظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا، و سب آلهتنا، و أفسد شباننا،

و فرق جماعتنا، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم حملنا «3» له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش، و نملكه علينا.

فأخبر أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، فقال: «لو وضعوا الشمس في يميني، و القمر في شمالي ما أردته، و لكن يعطونني كلمة يملكون بها العرب، و يدين لهم بها العجم، و يكونون ملوكا في الآخرة». فقال لهم أبو طالب ذلك، فقالوا: نعم، و عشر كلمات. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تشهدون أن لا إله إلا الله، و أني رسول الله». فقالوا: ندع ثلاث مائة و ستين إلها، و نعبد إلها واحدا؟! فأنزل الله تعالى:

__________________________________________________

8- إعلام الورى: 22.

9- تفسير القمي 2: 228.

(1) القليب: البئر. «مجمع البحرين 2: 149». [.....]

(2) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: مرفرفة، الشجر الرفيف، المتندي، انظر «لسان العرب 9: 125».

(3) في المصدر: جمعنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 645

وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إلى قوله: إِلَّا اخْتِلاقٌ، أي تخليط أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي إلى قوله: مِنَ الْأَحْزابِ يعني الذين تحزبوا يوم الخندق.

ثم ذكر هلاك الأمم الماضية، و قد ذكرنا خبرهم في سورة هود، و غيرها «1».

قال قوله: وَ ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ أي لا يفيقون من العذاب، و قوله: وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ أي نصيبنا، و صكنا «2» من العذاب.

9075/ [10]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمد الثقفي،

عن إبراهيم بن ميمون، عن مصعب، عن سعد، عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ، قال: «نصيبهم من العذاب».

سورة ص(38): الآيات 17 الي 26 ..... ص: 645

قوله تعالى:

اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ- إلى قوله تعالى- بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ [17- 26] 9076/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله عز و جل نبيه، فقال: اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ أي دعاء «3».

9077/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا بكر، عن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال الله: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ. فقال: «اليد في كلام العرب: القوة و النعمة». و تلا الآية.

و سيأتي الحديث بزيادة، في قوله تعالى: قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ «4».

__________________________________________________

10- معاني الأخبار: 225/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 229.

2- التوحيد: 153/ 1.

(1) انظر تفسير الآيات (36- 49) و «50- 53) من سورة هود، و الإحالة المذكورة هي لعليّ بن إبراهيم القميّ.

(2) في نسخة من «ج، ي، ط»: وصلنا.

(3) الدعّاء: الكثير الدعاء. «أقرب الموارد- دعو- 1: 337».

(4) يأتي في الحديث (7) من تفسير الآيات (67- 75) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 646

9078/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ يعني إذا طلعت الشمس وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ.

9079/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن

زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبي الصلت الهروي، قال: كان الرضا (عليه السلام) يكلم الناس بلغاتهم، و كان و الله أفصح الناس و أعلمهم بكل لسان و لغة، فقلت له يوما: يا ابن رسول الله، إني لأعجب من معرفتك بهذا اللغات على اختلافها! فقال: «يا أبا الصلت، أنا حجة الله على خلقه، و ما كان الله ليتخذ حجة على قوم و هو لا يعرف لغاتهم، أما بلغك ما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و أوتينا فصل الخطاب؟ فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات؟».

9080/ [5]- علي بن إبراهيم: في قوله: وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ يعني نزلوا من المحراب إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ إلى قوله: وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ.

9081/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «إن داود (عليه السلام) لما جعله الله عز و جل خليفة في الأرض، و أنزل عليه الزبور، أوحى الله عز و جل إلى الجبال و الطير أن يسبحن معه، و كان سببه أنه إذا صلى ببني إسرائيل قام وزيره بعد ما يفرغ من الصلاة فيحمد الله، و يسبحه، و يكبره، و يهلله، ثم يمدح الأنبياء (عليهم السلام) نبيا نبيا، و يذكر من فضلهم، و أفعالهم، و شكرهم، و عبادتهم لله سبحانه و تعالى، و الصبر على بلائه، و لا يذكر داود (عليه السلام)، فنادى داود ربه، فقال: يا رب، قد أنعمت على الأنبياء بما أثنيت عليهم، و لم تثن علي. فأوحى الله عز و جل إليه: هؤلاء عباد ابتليتهم فصبروا، و أنا أثني

عليهم بذلك. فقال: يا رب، فابتلني حتى أصبر. فقال: يا داود، تختار البلاء على العافية؟ إني ابتليت هؤلاء و لم أعلمهم، و أنا أبتليك و أعلمك أن بلائي في سنة كذا، و شهر كذا، و يوم كذا.

و كان داود (عليه السلام) يفرغ نفسه لعبادته يوما، و يقعد في محرابه، و يوما يقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم، فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز و جل اشتدت عبادته، و خلا في محرابه، و حجب الناس عن نفسه، و هو في محرابه يصلي فإذا بطائر قد وقع بين يديه، جناحاه من زبرجد أخضر، و رجلاه من ياقوت أحمر، و رأسه و منقاره من لؤلؤ و زبرجد، فأعجبه جدا، و نسي ما كان فيه، فقام ليأخذه، فطار الطائر فوقع على حائط بين داود و بين أوريا ابن حنان، و كان داود قد بعث أوريا في بعث، فصعد داود (عليه السلام) الحائط ليأخذ الطائر و إذا امرأة أوريا جالسة تغتسل، فلما رأت ظل داود نشرت شعرها، و غطت به بدنها، فنظر إليها داود. فافتتن بها، و رجع إلى محرابه، و نسي ما كان فيه، و كتب إلى صاحبه في ذلك البعث: لما أن تصير إلى موضع كيت و كيت، يوضع التابوت بينهم و بين عدوهم.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 229.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 228/ 3.

5- تفسير القمّي 2: 229.

6- تفسير القمّي 2: 229.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 647

و كان التابوت في بني إسرائيل، كما قال الله عز و جل: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ «1»، و قد كان رفع بعد موسى (عليه السلام) إلى السماء

لما عملت بنو إسرائيل المعاصي، فلما غلبهم جالوت، و سألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله بعث إليهم طالوت، و أنزل عليهم التابوت، و كان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل و بين أعدائهم و رجع عن التابوت إنسان كفر و قتل، و لا يرجع أحد عنه إلا و يقتل.

فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه: أن ضع التابوت بينك و بين عدوك، و قدم أوريا بن حنان بين يدي التابوت. فقدمه، فقتل أوريا، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان، و لم يكن تزوج امرأة أوريا، و كانت في عدتها، و داود في محرابه يوم عبادته، فدخل عليه الملكان من سقف البيت، و قعدا بين يديه، ففزع داود منهما، فقالا: لا تخف، خصمان بغى بعضنا على بعض، فاحكم بيننا بالحق و لا تشطط، و اهدنا إلى سواء الصراط، و لداود حينئذ تسع و تسعون امرأة ما بين مهيرة «2» إلى جارية، فقال أحدهما لداود: إن هذا أخي له تسع و تسعون نعجة، و لي نعجة واحدة، فقال: أكفلنيها و عزني في الخطاب. أي ظلمني و قهرني، فقال داود كما حكى الله عز و جل: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ إلى قوله: وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ، قال: فضحك المستعدى عليه من الملائكة و قال:

قد حكم الرجل على نفسه. فقال داود: أ تضحك و قد عصيت! لقد هممت أن أهشم فاك. قال: فعرجا، و قال الملك المستعدى عليه: لو علم داود لكان أحق بهشم فيه مني. ففهم داود الأمر، و ذكر الخطيئة، فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي، ليله، و نهاره، و لا يقوم إلا وقت الصلاة، حتى انخرق جبينه، و سال الدم من

عينيه.

فلما كان بعد أربعين يوما، نودي: يا داود، مالك، أ جائع أنت فنشبعك، أو ظمآن فنسقيك، أو عريان فنكسوك، أم خائف فنؤمنك؟ فقال: أي رب، و كيف لا أخاف و قد عملت ما عملت، و أنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم؟ فأوحى الله إليه: تب، يا داود. فقال: أي رب، و أني لي بالتوبة؟ قال: صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك، و اسأله أن يغفر لك، فإن غفر لك غفرت لك. قال: يا رب، فإن لم يفعل؟ قال: أستوهبك منه.

قال: فخرج داود (عليه السلام) يمشي على قدميه و يقرأ الزبور، و كان إذا قرأ الزبور لا يبقي حجر، و لا شجر، و لا جبل، و لا طائر، و لا سبع إلا يجاوبه، حتى انتهى إلى جبل، فإذا عليه نبي عابد، يقال له حزقيل، فلما سمع دوي الجبال، و أصوات السباع علم أنه داود (عليه السلام)، فقال: هذا النبي الخاطئ. فقال له داود: يا حزقيل، أ تأذن لي أن أصعد إليك؟ قال: لا، فإنك مذنب. فبكى داود (عليه السلام)، فأوحى الله عز و جل إلى حزقيل: يا حزقيل، لا تعير داود بخطيئته، و سلني العافية. فنزل حزقيل، و أخذ بيد داود فأصعده إليه، فقال له داود: يا حزقيل، هل هممت بخطيئة قط؟ قال: لا. قال: فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز و جل؟ قال: لا. قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها و لذاتها؟ قال: بلى، ربما عرض ذلك بقلبي. قال: فما تصنع؟ قال: أدخل هذا

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 248. [.....]

(2) المهيرة: الحرّة. «الصحاح- مهر- 2: 821».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 648

الشعب «1»، فأعتبر بما فيه.

قال:

فدخل داود (عليه السلام) الشعب، فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية، و عظام نخرة، و إذا لوح من حديد و فيه مكتوب، فقرأه داود (عليه السلام)، فإذا فيه: أنا أروى بن سلم «2»، ملكت ألف سنة، و بنيت ألف مدينة، و افتضضت ألف جارية، و كان آخر أمري أن صار التراب فراشي، و الحجارة و سادي، و الحيات و الديدان جيراني، فمن رآني فلا يغتر بالدنيا.

و مضى داود حتى أتى قبر أوريا، فناداه، فلم يجبه، ثم ناداه ثانية، فلم يجبه، ثم ناداه ثالثة، فقال أوريا: مالك- يا نبي الله- قد شغلتني عن سروري و قرة عيني؟ فقال داود: يا أوريا، اغفر لي، و هب لي خطيئتي. فأوحى الله عز و جل إليه: يا داود، بين له ما كان منك. فناداه داود (عليه السلام)، فأجابه في الثالثة، فقال: يا أوريا، فعلت كذا و كذا، و كيت و كيت. فقال أوريا: أ يفعل الأنبياء مثل هذا؟ فقال: لا «3»، فناداه فلم يجبه، فوقع داود على الأرض باكيا، فأوحى الله إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه، فكشف عنه، فقال أوريا: لمن هذا؟ فقال: لمن غفر لداود خطيئته.

فقال: يا رب، قد وهبت له خطيئته.

فرجع داود (عليه السلام) إلى بني إسرائيل، و كان إذا صلى وزيره يحمد الله و يثني على الأنبياء (عليهم السلام)، ثم يقول: كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت و كيت. فاغتم داود (عليه السلام)، فأوحى الله عز و جل إليه: يا داود، قد وهبت لك خطيئتك، و ألزمت عار ذنبك بني إسرائيل. فقال: و كيف، و أنت الحكم العدل الذي لا يجوز؟ قال:

لأنه لم يعاجلوك بالنكير «4». قال: و تزوج داود (عليه السلام)

بعد ذلك بامرأة أوريا، فولدت له سليمان (عليه السلام). ثم قال عز و جل: فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ».

9082/ [7]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ ظَنَّ داوُدُ: «أي علم، وَ أَنابَ أي تاب». و ذكر أن داود كتب إلى صاحبه: أن لا تقدم أوريا بين يدي التابوت، و رده.

فلما رجع أوريا إلى أهله مكث ثمانية أيام ثم مات.

9083/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات من أهل الإسلام، و الديانات: من اليهود، و النصارى، و المجوس، و الصابئين، و سائر أهل المقالات، فلم

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 2: 234.

8- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 191/ 1.

(1) الشعب: ما انفرج بين جبلين. «لسان العرب- شعب- 1: 499».

(2) في المصدر: أورى بن سلمة.

(3) (فقال: لا) ليس في المصدر.

(4) فى «ي»: النكرة، في المصدر: بالنكيرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 649

يقم أحد إلا و قد ألزمه حجته كأنه القم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له: يا بن رسول الله، أ تقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم» إلى أن قال: فما تعمل في قول الله تعالى في داود: وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فقال له (عليه السلام): «فما يقول من قبلكم فيه؟».

فقال علي بن محمد بن الجهم:

يقولون: إن داود (عليه السلام) كان يصلي في محرابه، فتصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته و قام ليأخذ الطير، فخرج الطير إلى الدار، فخرج في أثره، فطار الطير إلى السطح، فصعد في طلبه، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها، و قد كان أخرج أوريا في بعض غزواته، فكتب إلى صاحبه: أن قدم أوريا أمام التابوت. فقدم، فظفر أوريا بالمشركين، فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية: أن قدمه أمام التابوت. فقدم، فقتل أوريا (رحمه الله)، فتزوج داود بامرأته.

قال: فضرب الرضا (عليه السلام) بيده على جبهته، و قال: «إنا لله و إنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله (عليهم السلام) إلى التهاون بصلاته، حتى خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل».

فقال: يا بن رسول الله، فما كانت خطيئته؟ قال: «ويحك، إن داود (عليه السلام) إنما ظن أن ما خلق الله عز و جل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز و جل إليه الملكين، فتسورا المحراب، فقالا: خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ، وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها، وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ، فعجل داود (عليه السلام) على المدعى عليه، فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه. و لم يسأل المدعي البينة على ذلك، و لم يقبل على المدعى عليه، فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم، لا ما ذهبتم إليه، ألا تسمع الله عز و جل يقول: يا داوُدُ إِنَّا

جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ، إلى آخر الآية؟».

فقال: يا بن رسول الله، فما كانت قصته مع أوريا؟ قال الرضا (عليه السلام): «إن المرأة في أيام داود (عليه السلام) كانت إذا مات بعلها، أو قتل لا تتزوج بعده أبدا، فأول من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود (عليه السلام)، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل و انقضت عدتها منه، فذلك شق على [الناس من قبل ] أوريا».

9084/ [9]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح، عن علقمة، عن الصادق (عليه السلام)، في حديث قال فيه: «يا علقمة، إن رضى الناس لا يملك، و ألسنتهم لا تضبط، و كيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله و رسله و حججه (عليهم السلام) ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا؟ ألم ينسبوا أيوب (عليه السلام) إلى أنه ابتلي بذنوبه؟ ألم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى أنه تبع الطير، حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها، و أنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل، ثم تزوج بها؟».

__________________________________________________

9- أمالي الصدوق: 91/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 650

سورة ص(38): آية 27 ..... ص: 650

قوله تعالى:

وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [27]

9085/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الطائي، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي، عن علي بن جعفر الكوفي، قال: سمعت سيدي علي بن محمد (عليه السلام) يقول: حدثني أبي محمد بن

علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه (عليهم السلام). و حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي، قال:

حدثني أبي جعفر بن محمد بن علي، عن سليمان بن محمد القرشي، عن إسماعيل بن أبي زياد الكوفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، و اللفظ لعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، قال: دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام: أ بقضاء من الله و قدر؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «أجل- يا شيخ- فو الله ما علوتم تلعة، و لا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله و قدر».

فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي، يا أمير المؤمنين. فقال: «مهلا- يا شيخ- لعلك تظن قضاء حتما، و قدرا لازما، لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب، و الأمر و النهي، و الزجر، و لسقط معنى الوعد و الوعيد، و لم يكن على مسي ء لائمة، و لا لمحسن محمدة، و لكان المحسن أولى باللائمة من المذنب، و المذنب أولى بالإحسان من المحسن تلك مقالة عبدة الأوثان، و خصماء الرحمن، و قدرية هذه الامة و مجوسها.

يا شيخ، إن الله عز و جل كلف تخييرا، و نهى تحذيرا، و أعطى على القليل كثيرا، و

لم يعص مغلوبا، و لم يطع مكرها، و لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار».

قال: فنهض الشيخ، و هو يقول:

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم المعاد من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربك عنا فيه إحسانا

فليس معذرة في فعل فاحشة قد كنت راكبها فسقا و عصيانا

لا لا و لا قائلا ناهيك واقعة «1» فيها عبدت إذن يا قوم شيطانا

__________________________________________________

1- التوحيد: 380/ 28.

(1) في المصدر: ناهيه أوقعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 651

و لا أحب و لا شاء الفسوق و لا قتل الولي له ظلما و عدوانا

أنى يحب و قد صحت عزيمته ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا

قال ابن بابويه: لم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث إلا بيتين من هذا الشعر، من أوله.

9086/ [2]- ثم

قال ابن بابويه أيضا: و حدثنا بهذا الحديث أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي العزائمي، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي بجرجان، قال: حدثنا عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر ببغداد، قال: حدثني عبد الوهاب بن عيسى المروزي، قال: حدثني الحسن بن علي بن محمد البلوي، قال:

حدثنا محمد بن عبد الله بن نجيح، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام).

و حدثنا بهذا الحديث أيضا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكرياء الجوهري، قال: حدثنا العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما انصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) من صفين قام إليه شيخ ممن شهد معه الوقعة، فقال:

يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرنا هذا، أ بقضاء من الله و قدر؟ و ذكر الحديث مثله سواء، إلا أنه زاد فيه: فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، فما القضاء و القدر اللذان ساقانا، و ما هبطنا واديا، و لا علونا تلعة إلا بهما؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الأمر من الله، و الحكم» ثم تلا هذه الآية: وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «1» أي أمر ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا.

و رواه محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، و إسحاق بن محمد، و غيرهما، رفعوه، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثم قال له: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام، أ بقضاء من الله و قدر؟ و ساق الحديث «2»، إلا أنه ذكر في آخر الحديث من الأبيات بيتين.

سورة ص(38): آية 28 ..... ص: 651

قوله تعالى:

أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [28]

9087/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثني يحيى بن زكرياء اللؤلؤي، عن علي بن

__________________________________________________

2- التوحيد: 381.

1- تفسير القمّي 2: 234.

(1) الإسراء 17: 23.

(2) الكافي 1: 119/ 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 652

حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قال: «أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه، كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ حبتر، و زريق، و أصحابهما، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه كَالْفُجَّارِ حبتر، و دلام، و أصحابهما».

9088/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا

علي بن عبيد، و محمد بن القاسم بن سلام، قال: حدثنا حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل:

أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ علي، و حمزة، و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ عتبة، و شيبة، و الوليد أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ علي (عليه السلام) و أصحابه كَالْفُجَّارِ فلان و أصحابه.

9089/ [3]- ابن شهر آشوب: عن تفسير أبي يوسف الفسوي، و قبيصة بن عقبة، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية، نزلت في علي، و حمزة، و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ عتبة، و شيبة، و الوليد.

9090/ [4]- محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن حفص المؤذن، عن أبي عبد الله (عليه السلام). و محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال (عليه السلام): «فإنه لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل، لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل، ألم يعرفوا وجه قول الله في كتابه، إذ يقول: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ؟».

سورة ص(38): آية 29 ..... ص: 652

قوله تعالى:

كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ- إلى قوله تعالى- أُولُوا الْأَلْبابِ [29] 9091/ [1]- علي بن إبراهيم: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ فهم أهل الألباب الثاقبة «1».

قال: و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يفتخر بها، و يقول: «ما

أعطي أحد قبلي و لا بعدي مثل ما أعطيت».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 503/ 2.

3- المناقب 3: 118.

4- الكافي 8: 12.

1- تفسير القمّي 2: 234.

(1) في «ج، ي، ط»: الباقية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 653

سورة ص(38): الآيات 30 الي 33 ..... ص: 653

قوله تعالى:

وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ- إلى قوله تعالى- مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ [30- 33] 9092/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله: وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ و ذلك أن سليمان كان يحب الخيل و يستعرضها، فعرضت عليه يوما إلى أن غابت الشمس، و فاتته صلاة العصر، فاغتم من ذلك غما شديدا، فدعا الله عز و جل أن يرد عليه الشمس حتى يصلي العصر، فرد الله سبحانه عليه الشمس إلى وقت العصر حتى صلاها، فدعا بالخيل، فأقبل يضرب أعناقها و سوقها بالسيف حتى قتلها كلها، و هو قوله عز و جل: رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ».

9093/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده، قال زرارة و الفضيل: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): أ رأيت قول الله عز و جل: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً «1»؟. قال: «يعني كتابا مفروضا، و ليس يعني وقت فوتها، إن جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاة مؤداة، و لو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين صلاها لغير وقتها، و لكن متى ذكرها صلاها».

ثم قال ابن بابويه: إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان (عليه السلام) اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب، ثم أمر برد الخيل، و أمر بضرب سوقها و أعناقها، و قتلها،

و قال: إنها شغلتني عن ذكر ربي عز و جل. و ليس كما يقولون، جل نبي الله سليمان (عليه السلام) عن مثل هذا الفعل، لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها و أعناقها، لأنها لم تعرض نفسها عليه، و لم تشغله، و إنما عرضت عليه، و هي بهائم غير مكلفة.

و الصحيح في ذلك ما

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إن سليمان بن داود (عليه السلام) عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب، فقال للملائكة: ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها. فردوها، فقام فمسح ساقيه و عنقه، و أمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك، و كان ذلك وضوءهم للصلاة، ثم قام فصلى، فلما فرغ غابت الشمس، و طلعت النجوم: و ذلك قول الله عز و جل:

وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 234.

2- من لا يحضره الفقيه 1: 129/ 606 و 607.

(1) النساء 4: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 654

9094/ [3]- الطبرسي، قال: قال ابن عباس: سألت عليا (عليه السلام) عن هذه الآية، فقال: «ما بلغك فيها، يا بن عباس؟». قلت: سمعت كعبا يقول: اشتغل سليمان بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة، فقال: ردوها علي- يعني الأفراس، و كانت أربعة عشر فرسا- فضرب سوقها و أعناقها بالسيف، فقتلها، فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما، لأنه ظلم الخيل بقتلها.

فقال علي (عليه السلام): «كذب كعب، لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم، لأنه أراد جهاد العدو، حتى توارت الشمس

بالحجاب، فقال، بأمر الله تعالى للملائكة الموكلين بالشمس: ردوها علي. فردت، فصلى العصر في وقتها. و إن أنبياء الله لا يظلمون، و لا يأمرون بالظلم، لأنهم معصومون، مطهرون».

9095/ [4]- الطبرسي: و قيل: معناه أنه سأل الله تعالى أن يرد الشمس عليه، فردها عليه حتى صلى العصر، فالهاء في رُدُّوها كناية عن الشمس. عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

سورة ص(38): الآيات 34 الي 39 ..... ص: 654

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ- إلى قوله تعالى- فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ [34- 39]

9096/ [1]- الطبرسي: روي أن الجن و الشياطين لما ولد لسليمان ابن، قال بعضهم لبعض: إن عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء. فأشفق (عليه السلام) منهم عليه فاسترضعه المزن- و هو السحاب- فلم يشعر إلا و قد وضع على كرسيه ميتا، تنبيها على أن الحذر لا ينفع من القدر، و إنما عوقب «1» (عليه السلام) على خوفه من الشياطين. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

9097/ [2]- قال الطبرسي: و من الأقوال: أن سليمان قال يوما في مجلسه: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله. و لم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق ولد- رواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه و آله). قال: ثم قال: «فو الذي نفس محمد بيده، لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا».

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 741.

4- مجمع البيان 8: 741.

1- مجمع البيان 8: 741.

2- مجمع البيان 8: 741.

(1) في المصدر: عوتب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 655

9098/ [3]- ابن بابويه، قال:

حدثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الوراق، قال: حدثنا علي بن هارون الحميري، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثنا أبي، عن علي بن يقطين، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): أ يجوز أن يكون نبي الله عز و جل بخيلا؟ فقال: «لا».

فقلت له: فقول سليمان (عليه السلام): رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ما وجهه و ما معناه؟

فقال: «الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة، و الجور، و اختيار الناس، و ملك مأخوذ من قبل الله تبارك و تعالى، كملك «1» إبراهيم، و ملك طالوت، و ملك ذي القرنين. فقال سليمان (عليه السلام): هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، أن يقول: إنه مأخوذ بالغلبة، و الجور، و اختيار الناس، فسخر الله تبارك و تعالى له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، و جعل غدوها شهرا، و رواحها شهرا، و سخر له الشياطين كل بناء و غواص، و علم منطق الطير، و مكن في الأرض، فعلم الناس في وقته و بعده أن ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس، و المالكين بالغلبة و الجور».

قال: فقلت له: فقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رحم الله أخي سليمان، ما كان أبخله!» فقال (عليه السلام): «لقوله وجهان: أحدهما: ما كان أبخله بعرضه، و سوء القول فيه! و الوجه الآخر: يقول: ما كان أبخله إن كان أراد ما يذهب إليه الجهال!».

ثم قال (عليه السلام): «قد- و الله- أوتينا ما اوتي سليمان، و ما لم يؤت سليمان، و ما لم يؤت أحد من العالمين، قال الله عز و

جل في قصة سليمان: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ، و قال عز و جل في قصة محمد (صلى الله عليه و آله): ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «2»».

9099/ [4]- علي بن إبراهيم: إن سليمان لما تزوج باليمانية ولد منها ابن، و كان يحبه، فنزل ملك الموت على سليمان، و كان كثيرا ما ينزل عليه، فنظر إلى ابنه نظرا حديدا ففزع سليمان من ذلك، فقال لامه: «إن ملك الموت نظر إلى ابني نظرة أظنه قد امر بقبض روحه». فقال للجن و الشياطين: «هل لكم حيلة في أن تفروه من الموت؟».

فقال واحد منهم: أنا أضعه تحت عين الشمس في المشرق. فقال سليمان: «إن ملك الموت يخرج ما بين المشرق و المغرب» فقال واحد منهم: أنا أضعه في الأرض السابعة. فقال: «إن ملك الموت يبلغ ذلك». فقال آخر: أنا أضعه في السحاب و الهواء. فرفعه، و وضعه في السحاب، فجاء ملك الموت، فقبض روحه في السحاب، فوقع جسده ميتا على كرسي سليمان، فعلم أنه قد أخطأ. فحكى الله ذلك في قوله: وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ، و الرخاء: اللينة وَ الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ أي في البحر وَ آخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 71/ 1. [.....]

4- تفسير القمي 2: 235.

(1) في «ط» و المصدر زيادة: آل.

(2) الحشر 59: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 656

يعني مقيدين، قد شد بعضهم إلى بعض، و هم الذين عصوا سليمان (عليه السلام) حين سلبه الله عز و جل

ملكه.

9100/ [5]- علي بن إبراهيم: و قال الصادق (عليه السلام): جعل الله عز و جل ملك سليمان في خاتمه، فكان إذا لبسه حضرته الجن و الإنس و الشياطين، و جميع الطير، و الوحوش و أطاعوه، فيقعد على كرسيه، و يبعث الله ريحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين، و الطير، و الإنس، و الدواب، و الخيل، فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان (عليه السلام)، و كان يصلي الغداة بالشام، و يصلي الظهر بفارس، و كان يأمر الشياطين أن تحمل الحجارة من فارس يبيعونها «1» بالشام، فلما مسح أعناق الخيل و سوقها بالسيف سلبه الله ملكه، و كان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه إلى بعض من يخدمه، فجاء شيطان فخدع خادمه، و أخذ منه الخاتم و لبسه، فخرت عليه الشياطين، و الإنس، و الجن، و الطيور، و الوحوش، و خرج سليمان في طلب الخاتم فلم يجده، فهرب، و مر على ساحل البحر، و أنكرت بنو إسرائيل الشيطان الذي تصور في صورة سليمان، و صاروا إلى امه، فقالوا لها، أ تنكرين من سليمان شيئا؟ فقالت: كان أبر الناس بي، و هو اليوم يبغضني «2»! و صاروا إلى جواريه و نسائه، فقالوا: أ تنكرن من سليمان شيئا؟ قلن: كان لم يكن يأتينا في الحيض، و هو الآن يأتينا في الحيض «3»! فلما خاف الشيطان أن يفطنوا به ألقى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته، و هرب الشيطان، فبقي بنو إسرائيل يطلبون سليمان أربعين يوما، و كان سليمان يمر على ساحل البحر، يبكي، و يستغفر الله، تائبا إلى الله مما كان منه، فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد السمك، فقال له: أعينك على

أن تعطيني من السمك شيئا؟

قال: نعم. فأعانه سليمان، فلما اصطاد دفع إلى سليمان سمكة، فأخذها، فشق بطنها، و ذهب يغسلها، فوجد الخاتم في بطنها، فلبسه، فخرت عليه الشياطين، و الجن، و الإنس، و الطير، و الوحش، و رجع إلى ما كان، و طلب ذلك الشيطان و جنوده الذين كانوا معه، فقيدهم، و حبس بعضهم في جوف الماء، و بعضهم في جوف الصخر بأسماء الله، فهم محبوسون معذبون إلى يوم القيامة.

قال: و لما رجع سليمان إلى ملكه قال لآصف بن برخيا، و كان آصف كاتب سليمان، و هو الذي كان عنده علم من الكتاب: قد عذرت الناس بجهالتهم، فكيف أعذرك؟ قال: لا تعذرني، فقد عرفت الشيطان الذي أخذ خاتمك، و أباه، و أمه، و عمه، و خاله، و لقد قال لي: اكتب لي. فقلت له: إن قلمي لا يجري بالجور. فقال: اجلس، و لا تكتب. فكنت أجلس و لا أكتب شيئا، و لكن أخبرني عنك يا سليمان، صرت تحب الهدهد و هو أخس الطير منبتا، و أنتنهن ريحا. قال: إنه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم. قال: و كيف يبصر الماء من وراء الصفا، و إنما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يؤخذ بعنقه؟ فقال سليمان: قف يا وقاف، إنه إذا جاء القدر حال دون البصر».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 235.

(1) في «ط»: يبعثونها.

(2) في نسخة من «ط» زيادة: و يعصيني.

(3) (و هو الآن يأتينا في الحيض) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 657

9101/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي خالد القماط، أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«قال بنو إسرائيل لسليمان: استخلف علينا ابنك. فقال لهم:

إنه لا يصلح لذلك. فلجوا «1» عليه، فقال: إني أسأله عن مسائل، فإن أحسن الجواب فيها استخلفته. ثم سأله، فقال:

يا بني، ما طعم الماء، و طعم الخبز، و من أي شي ء ضعف الصوت و شدته، و أين موضع العقل من البدن، و من أي شي ء القساوة و الرقة، و مم تعب البدن و دعته، و مم تكسب البدن و حرمانه؟ فلم يجبه بشي ء منها».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «طعم الماء: الحياة، و طعم الخبز القوة، و ضعف الصوت و شدته من شحم الكليتين، و موضع العقل الدماغ، ألا ترى أن الرجل إذا كان قليل العقل قيل له: ما أخف دماغك! و القسوة و الرقة من القلب، و هو قوله: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ «2»، و تعب البدن و دعته من القدمين، إذا تعبا في المشي تعب البدن، و إذا و دعا و دع البدن، و تكسب البدن و حرمانه من اليدين، إذا عمل بهما ردتا على البدن، و إذا لم يعمل بهما لم تردا على البدن شيئا».

9102/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن صندل الخياط، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ، قال: «اعطي سليمان ملكا عظيما، ثم جرت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان له أن يعطي ما يشاء من يشاء، و يمنع من يشاء، و أعطاه الله أفضل مما أعطى سليمان، لقوله تعالى: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

«3»».

9103/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، أو غيره، عن سعد بن سعد، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «من أخلاق الأنبياء: التنظف، و التطيب، و حلق الشعر، و كثرة الطروقة، ثم قال: كان لسليمان بن داود (عليه السلام) ألف امرأة في قصر واحد، ثلاث مائة مهيرة، و سبع مائة سرية، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) له بضع «4» أربعين رجلا، و كان عنده تسع نسوة، و كان يطوف عليهن في كل يوم و ليلة».

9104/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي نصر، عن أبان، عن أبي حمزة، عن أصبغ بن نباتة،

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 238.

7- الكافي 1: 210/ 10.

8- الكافي 5: 567/ 50.

9- تفسير القمّي 2: 238.

(1) في المصدر: فألحّوا.

(2) الزمر 39: 22.

(3) الحشر 59: 7. [.....]

(4) البضع: النّكاح. «لسان العرب- بضع- 8: 14».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 658

عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «خرج سليمان بن داود (عليه السلام) من بيت المقدس، و معه ثلاث مائة ألف كرسي عن يمينه عليها الإنس، و ثلاث مائة ألف كرسي عن يساره عليها الجن، و أمر الطير فأظلتهم، و أمر الريح فحملتهم حتى وردوا إيوان كسرى في المدائن، ثم رجع و بات بإصطخر «1»، ثم غدا «2» فانتهى إلى مدينة بركاوان «3»، ثم أمر الريح فحملتهم حتى كادت أقدامهم يصيبها الماء، و سليمان على عمود منها، فقال بعضهم لبعض: هل رأيتم ملكا قط أعظم من هذا، و سمعتم به؟ فقالوا: ما رأينا، و لا سمعنا بمثله. فنادى ملك من السماء: ثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم

مما رأيتم».

9105/ [10]- البرسي «4»، قال: ورد عن سليمان أن طعامه «5» كان في كل يوم ملحه سبعة أكرار «6»، فخرجت دابة من دواب البحر يوما، و قالت: يا سليمان، أضفني اليوم. فأمر أن يجمع لها مقدار سماطه شهرا، فلما اجتمع ذلك على ساحل البحر، و صار كالجبل العظيم، أخرجت الحوت رأسها و ابتلعته، و قالت: يا سليمان، أين تمام قوتي اليوم، فإن هذا بعض طعامي؟ فأعجبت سليمان، و قال لها: «هل في البحر دابة مثلك؟» فقالت: ألف دابة «7».

فقال سليمان: «سبحان الله الملك العظيم في قدرته! يخلق ما لا تعلمون».

و أما نعمة الله تعالى الواسعة، فقد قال لداود (عليه السلام): «يا داود، و عزتي و جلالي، لو أن أهل سماواتي و أرضي أملوني فأعطيت كل مؤمل أمله، و بقدر دنياكم سبعين ضعفا، لم يكن ذلك إلا كما يغمس أحدكم إبرة في البحر و يرفعها، فكيف ينقص شي ء أنا قيمه «8»».

9106/ [11]- الشيخ، في (مجالسه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن سليمان (عليه السلام) لما سلب ملكه خرج على وجهه، فضاف رجلا عظيما، فأضافه، و أحسن إليه. قال: و نزل سليمان منه منزلا عظيما لما رأى من صلاته و فضله. قال: فزوجه بنته. قال: فقالت له بنت الرجل حين رأت منه ما رأت: بأبي

أنت و أمي، ما أطيب ريحك،

__________________________________________________

10- مشارق أنوار اليقين: 41.

11- الأمالي 2: 272.

(1) إصطخر: بلدة بفارس. «معجم البلدان 1: 211». في المصدر: فبات فاضطجع.

(2) في «ط، ي»: ثمّ عاد.

(3) بركاوان: ناحية بفارس. «معجم البلدان 1: 399». في المصدر: تركاوان.

(4) في «ي، ط»: الطبرسي.

(5) في المصدر: سماطه.

(6) الكر: 1980 لتر.

(7) في المصدر: ألف امة.

(8) في المصدر: أعطيته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 659

و أكمل خصالك! لا أعلم فيك خصلة أكرهها إلا أنك في مؤنة أبي. قال: فخرج، حتى أتى الساحل، فأعان صيادا على ساحل البحر، فأعطاه السمكة التي وجد في بطنها خاتمه».

9107/ [12]- و

روي أن سليمان (عليه السلام) كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء، فمر ذات يوم و هو سائر في أرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات، حتى خافوا السقوط، فسكنت الريح، و نزل البساط في أرض كربلاء، فقال سليمان للريح: «لم سكنت؟» فقالت: إن هنا يقتل الحسين (عليه السلام). فقال: «و من يكون الحسين؟» فقالت: هو سبط محمد المختار، و ابن علي الكرار. فقال: «و من قاتله؟». فقالت: يقتله لعين أهل السماوات و الأرض يزيد (لعنه الله). فرفع سليمان يديه و لعنه، و دعا عليه، و أمن على دعائه الإنس و الجن، فهبت الريح، و سار البساط.

9108/ [13]- و

روي عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: كنا جلوسا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بمنزله لما بويع عمر بن الخطاب، قال: كنت أنا، و الحسن، و الحسين (عليهما السلام)، و محمد بن الحنفية، و محمد بن أبي بكر، و عمار بن ياسر، و المقداد بن الأسود الكندي (رضي الله عنهم): قال له ابنه الحسن (عليه السلام): «يا أمير المؤمنين، إن سليمان سأل ربه

ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه ذلك، فهل ملكت مما ملك سليمان بن داود (عليه السلام)؟» فقال (عليه السلام): «و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إن سليمان بن داود سأل الله عز و جل الملك و أعطاه، و أن أباك ملك ما لم يملكه بعد جدك رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد قبله، و لا يملكه أحد بعده».

فقال له الحسن (عليه السلام): «نريد أن ترينا مما فضلك الله تعالى به من الكرامة». فقال (عليه السلام): «أفعل إن شاء الله».

و ساق الحديث بما فضله الله تعالى به، و في الحديث: فقال الحسن (عليه السلام): «يا أمير المؤمنين، إن سليمان ابن داود (عليه السلام) كان مطاعا بخاتمه، و أمير المؤمنين بماذا يطاع؟» فقال (عليه السلام): «أنا عين الله في أرضه، أنا لسان الله الناطق في خلقه، أنا نور الله الذي لا يطفأ، أنا باب الله الذي يؤتى منه، و حجته على عباده».

ثم قال: «أ تحبون أن أريكم خاتم سليمان بن داود (عليه السلام)؟». قال: «نعم». فأدخل يده إلى جيبه، فأخرج خاتما من ذهب، فصه من ياقوتة حمراء، عليه مكتوب: محمد و علي، فقال (عليه السلام): «تريدون أن أريكم سليمان ابن داود (عليه السلام)؟» فقلنا: نعم. فقام، و نحن معه، فدخل بنا بستانا ما رأينا أحسن منه، و فيه من جميع الفواكه و الأعناب، و أنهاره تجري، و الأطيار يتجاوبن على الأشجار، فحين رأته الأطيار جاءته ترفرف حوله حتى توسطنا البستان، فإذا سرير عليه شاب ملقى على ظهره، واضع يده على صدره، فأخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) الخاتم من جيبه، و جعله في إصبع سليمان (عليه السلام)، فنهض قائما، و قال: «السلام عليك يا

أمير المؤمنين، و وصي رسول رب العالمين، أنت و الله الصديق الأكبر، و الفاروق الأعظم، قد أفلح من تمسك بك، و قد خاب و خسر من تخلف عنك، و إني سألت الله تعالى بكم أهل البيت فأعطيت ذلك الملك».

__________________________________________________

12- ...، بحار الأنوار 44: 244/ 42.

13- ...، المحتضر: 71، بحار الأنوار 27: 33/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 660

قال سلمان: فلما سمعت كلام سليمان بن داود (عليه السلام) لم أتمالك نفسي، حتى وقعت على أقدام أمير المؤمنين (عليه السلام) أقبلها، و حمدت الله تعالى على جزيل عطائه بهدايته لنا إلى ولاية أهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس أهل البيت و طهرهم تطهيرا، و فعل أصحابي كما فعلت.

و الحديث طويل، تقدم بتمامه في باب (يأجوج و مأجوج) من آخر سورة الكهف «1»، و تقدمت الروايات أن خاتم سليمان بن داود (عليه السلام)، و عصا موسى (عليه السلام) عند الأئمة، في قوله تعالى: وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى من سورة طه «2».

سورة ص(38): الآيات 41 الي 44 ..... ص: 660

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَحْنَثْ [41- 44]

9109/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن بلية أيوب (عليه السلام) التي ابتلي بها في الدنيا، لأي علة كانت؟

قال: «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا و أدى شكرها، و كان في ذلك الزمان لا يحجب

إبليس من دون العرش، فلما صعد و رأى شكر أيوب نعمة ربه حسده إبليس، و قال: يا رب، إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، و لو حرمته دنياه، ما أدى إليك شكر نعمة أبدا، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبدا. فقيل له: قد سلطتك على ماله و ولده. قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا و لا ولدا إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا، قال: فسلطني على زرعه. قال: قد فعلت. فجاء مع شياطينه، فنفخ فيه، فاحترق، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا، فقال: يا رب، سلطني على غنمه. فسلطه على غنمه، فأهلكها، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا. فقال: يا رب، سلطني على بدنه. فسلطه على بدنه، ما خلا عقله و عينيه، فنفخ فيه إبليس، فصار قرحة واحدة، من قرنه إلى قدمه، فبقي على ذلك عمرا طويلا يحمد الله و يشكره، حتى وقع في بدنه الدود، و كانت تخرج من بدنه فيردها، و يقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه. و نتن، حتى أخرجه أهل

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 239. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (3) من الباب أعلاه.

(2) تقدّمت في تفسير الآيات (10- 18) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 661

القرية من القرية، و ألقوه في المزبلة خارج القرية. و كانت امرأته رحمة «1» بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (صلوات الله عليهم و عليها) تتصدق من الناس و تأتيه بما تجده.

قال: فلما طال عليه البلاء، و رأى إبليس صبره أتى أصحابا له كانوا رهبانا في الجبال، فقال: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى،

نسأله عن بليته. فركبوا بغالا شهبا و جاءوا، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فقربوا «2» بعضا إلى بعض، ثم مشوا إليه، و كان فيهم شاب حدث السن، فقعدوا إليه، فقالوا: يا أيوب، لو أخبرتنا بذنبك لعل الله يجيبنا إذا سألناه، و ما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره.

فقال أيوب: و عزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا و يتيم أو ضعيف «3» يأكل معي، و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني.

فقال الشاب: شوه «4» لكم، عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها.

فقال: أيوب: يا رب، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي. فبعث الله إليه غمامة، فقال: يا أيوب، أدل بحجتك، فقد أقعدتك مقعد الحكم، و ها أنا ذا قريب، و لم أزل. فقال: يا رب، إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك، ألم أشكرك، أ لم أسبحك؟». قال:

«فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب، من صيرك تعبد الله و الناس عنه غافلون، و تحمده، و تسبحه، و تكبره، و الناس عنه غافلون، أتمن على الله بما لله فيه المنة عليك؟ قال: فأخذ أيوب التراب، فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب، أنت فعلت ذلك بي. فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله، فخرج الماء، فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان، و أطرأ، و أنبت الله عليه روضة خضراء، و رد عليه أهله، و ماله، و ولده، و زرعه، و قعد معه الملك يحدثه و يؤنسه.

فأقبلت

امرأته و معها الكسر، فلما انتهت إلى الموضع إذا الموضع متغير، و إذا رجلان جالسان، فبكت، و صاحت، و قالت: يا أيوب، ما دهاك؟ فناداها أيوب، فأقبلت، فلما رأته و قد رد الله عليه بدنه و نعمه، سجدت لله شكرا، فرأى ذوائبها مقطوعة، و ذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام، و كانت حسنة الذوائب، فقالوا لها: تبيعينا ذوائبك حتى نعطيك؟ فقطعتها و دفعتها إليهم، فأخذت منهم طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب، و حلف عليها أن يضربها مائة، فأخبرته أنه كان سببه كيت و كيت، فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى الله عز و جل إليه: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ، فأخذ مائة شمراخ، فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.

ثم قال: وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ، قال: فرد الله عليه أهله الذين

__________________________________________________

(1) في المصدر: رحيمة.

(2) في المصدر: فقرنوا.

(3) في المصدر: ضيف.

(4) في المصدر: سوأة، و في نسخة من «ط، ي»: سوء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 662

ماتوا قبل البلاء، و رد الله عليه أهله الذين ماتوا بعد ما أصابه البلاء، كلهم أحياهم الله جميعا فعاشوا معه.

و سئل أيوب بعد ما عافاه الله تعالى: أي شي ء كان أشد عليك مما مر عليك؟ فقال: شماتة الأعداء. قال:

فأمطر الله عليه في داره فراش الذهب، و كان يجمعه، فإذا ذهب الريح منه بشي ء عدا خلفه فرده، فقال له جبرئيل:

أما تشبع، يا أيوب؟ قال: و من يشبع من رزق ربه؟».

9110/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن يحيى بن عمران، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ «1»، قلت: ولده كيف اعطي مثلهم معهم؟

قال: «أحيا له من ولده الذين ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ».

9111/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما كانت بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، و كان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس، فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، فلو حلت بينه و بين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة. فقال: قد سلطتك على دنياه. فلم يدع له دنيا، و لا ولدا إلا أهلكه، كل ذلك و هو يحمد الله عز و جل، ثم رجع إليه، فقال: يا رب إن أيوب يعلم أنك سترد عليه دنياه، التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة. قال الله عز و جل: قد سلطتك على بدنه ما عدا عينيه، و قلبه، و لسانه، و سمعه».

فقال أبو بصير: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة الله عز و جل فتحول بينه و بين أيوب، فنفخ في منخريه من نار السموم، فصار جسده نقطا نقطا».

9112/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)،

قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن درست الواسطي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن أيوب ابتلي من غير ذنب».

9113/ [5]- و

عنه، بهذا الإسناد: عن الحسن بن علي الوشاء، عن فضل الأشعري، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ابتلي أيوب (عليه السلام) سبع سنين بلا ذنب».

9114/ [6]- و

عنه، بهذا الإسناد: عن الحسن بن علي الوشاء، عن فضل الأشعري، عن الحسن بن الربيع، عمن

__________________________________________________

2- الكافي 8: 252/ 354.

3- علل الشرائع: 75/ 1.

4- علل الشرائع: 75/ 2.

5- علل الشرائع: 75/ 3.

6- علل الشرائع: 75/ 4.

(1) الأنبياء 21: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 663

ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى ابتلى أيوب (عليه السلام) بلا ذنب، فصبر حتى عير، و أنتم لا تصبرون «1» على التعيير».

9115/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن يحيى البصري، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا الحسن الماضي (عليه السلام) عن بلية أيوب، التي ابتلي بها فى الدنيا، لأية علة كانت؟

قال: «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا فأدى شكرها، و كان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش، فلما صعد أداء شكر نعمة أيوب، حسده إبليس، فقال: يا رب، إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، و لو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا. قال: فقيل له: إني قد سلطتك

على ماله، و ولده.

قال: فانحدر إبليس، فلم يبق له مالا و لا ولدا إلا أعطبه، فلما رأى إبليس أنه لا يصل إلى شي ء من أمره، قال: يا رب، إن أيوب يعلم أنك سترد عليه دنياه التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه. قال: فقيل له: إني قد سلطتك على بدنه، ما خلا قلبه، و لسانه، و عينيه و سمعه. قال: فانحدر إبليس مستعجلا مخافة أن تدركه رحمة الرب عز و جل، فتحول بينه و بين أيوب.

فلما اشتد به البلاء، و كان في آخر بليته جاءه أصحابه، فقالوا له: يا أيوب، ما نعلم أحدا ابتلي بمثل هذه البلية إلا لسريرة سوء، فلعلك أسررت سوءا في الذي تبدي لنا. قال: فعند ذلك ناجى أيوب ربه عز و جل، فقال:

رب ابتليتني بهذه البلية، و أنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط إلا لزمت أخشنهما على بدني، و لم آكل أكلة قط إلا و على خواني يتيم، فلو أن لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجتي: قال: فعرضت له سحابة، فنطق فيها ناطق، فقال:

يا أيوب، أدل بحجتك! قال: فشد عليه مئزره، و جثا على ركبتيه، فقال: ابتليتني بهذه البلية و أنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط إلا لزمت أخشنهما على بدني، و لم آكل أكلة من طعام إلا و على خواني يتيم. قال: فقيل له: يا أيوب، من حبب إليك الطاعة؟ قال: فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه، ثم قال: أنت، يا رب».

9116/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن

أبيه (عليهما السلام)، قال: إن أيوب (عليه السلام) ابتلي من غير ذنب، و إن الأنبياء لا يذنبون لأنهم معصومون مطهرون، لا يذنبون، و لا يزيغون، و لا يرتكبون ذنبا صغيرا و لا كبيرا».

و قال (عليه السلام): «إن أيوب (عليه السلام) مع جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة، و لا قبحت له صورة، و لا خرجت منه مدة «2» من دم، و لا قيح، و لا استقذره أحد رآه، و لا استوحش منه أحد شاهده، و لا تدود شي ء من جسده،

__________________________________________________

7- علل الشرائع: 76/ 5.

8- الخصال: 399/ 108. [.....]

(1) في المصدر: عيّر، و إن الأنبياء لا يصبرون.

(2) المدّة: ما يجتمع في الجرح من القيح. «الصحاح- مدد- 2: 537».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 664

و هكذا يصنع الله عز و جل بجميع من يبتليه من أنبيائه و أوليائه المكرمين عليه.

و إنما اجتنبه الناس لفقره و ضعفه في ظاهر أمره، لجهلهم بما له عند ربه تعالى من التأييد و الفرج، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): أعظم الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، و إنما ابتلاه الله عز و جل بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس، لئلا يدعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، و ليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى ذكره على ضربين: استحقاق، و اختصاص. و لئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه، و لا فقيرا لفقره، و لا مريضا لمرضه، و ليعلموا أنه يسقم من شاء، و يشفي من شاء متى شاء، كيف شاء بأى سبب «1»، شاء و يجعل ذلك عبرة لمن شاء، و شقاوة لمن شاء، و سعادة

لمن شاء، و هو عز و جل في جميع ذلك عدل في قضائه، و حكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم، و لا قوة لهم إلا به».

9117/ [9]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عثمان النواء، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل يبتلي المؤمن بكل بلية، و يميته بكل ميتة، و لا يبتليه بذهاب عقله، أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله و على ولده، و على أهله، و على كل شي ء منه، و لم يسلطه على عقله، تركه له ليوحد الله به».

9118/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير: أن عباد المكي قال: قال لي سفيان الثوري: أرى لك من أبي عبد الله (عليه السلام) منزلة، فاسأله عن رجل زنى و هو مريض، فإن أقيم عليه الحد خافوا أن يموت، ما تقول فيه؟ قال: فسألته، فقال لي: «هذه المسألة من تلقاء نفسك، أو أمرك إنسان أن تسأل عنها؟» قال: قلت: إن سفيان الثوري أمرني أن أسألك عنها.

قال: فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أتي برجل كبير قد استسقى «2» بطنه، و بدت عروق فخذيه، و قد زنى بامرأة مريضة، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ، فضربه ضربة واحدة، و ضربها ضربة واحدة، و خلى سبيلهما، و ذلك قوله تعالى: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ».

9119/ [11]- (تحفة الإخوان): بحذف الإسناد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: سألته

عن بلية أيوب (عليه السلام) التي ابتليها في الدنيا، لأي شي ء علته؟

قال: «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا، و أدى شكرها، و ذلك أنه لم يكن بعد يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم (عليه السلام) إلا أيوب بن موص بن رعويل «3» بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، و كان أيوب رجلا

__________________________________________________

9- الكافي 2: 199/ 22.

10- التهذيب 10: 32/ 108.

11- تحفة الإخوان: 53. «مخطوط».

(1) في نسخة من «ج، ي، ط»: شي ء.

(2) سقى بطنه و استسقى: أي اجتمع فيه ماء أصفر. «الصحاح- سقى- 6: 2380».

(3) في «ي، ط» نسخة بدل: روعيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 665

عاقلا، حليما، نظيفا، حكيما، و كان أبوه رجلا مثريا كثير المال، يملك الماشية من الإبل، و البقر، و الغنم، و الحمير، و البغال، و الخيل، و لم يكن في أرض الشام من كان في غنائه، فلما مات ورث ذلك أيوب، و كان أيوب يومئذ عمره ثلاثين سنة، فأحب أن يتزوج، فوصفت له رحمة بنت إفرائيم «1» بن يوسف (عليه السلام)، و كانت رحمة عند أبيها بأرض مصر، و كان أبوها شديد الفرح بها، و كان يحبها حبا عظيما، لأنه رأى في المنام أن جدها يوسف (عليه السلام) نزع قميصا كان عليه فألبسها إياه، و قال: يا رحمة، هذا حسني و جمالي و بهائي قد وهبته لك.

و كانت رحمة أشبه الخلق بيوسف (عليه السلام)، و كانت زاهدة عابده، فلما سمع بها أيوب رغب فيها، فخرج إلى بلدها و معه مال جزيل و هدايا، و سار حتى وصل إلى أبيها، فخطب منه ابنته رحمة، فزوجه إياها لزهده و ماله، و جهزها إليه، فحملها أيوب إلى بلاده، فرزقه الله

منها اثني عشر بطنا، في كل بطن ذكر و أنثى.

ثم بعثه الله إلى قومه رسولا، و هم أهل حوران و البثنة «2»، و أعطاه الله من حسن الخلق و الرفق ما لم يعطه أحد، و لم يخالفه أحد، و لا يكذبه أحد لشرفه و شرف أبيه، فشرع لهم الشرائع، و بنى لهم المساجد، و كانت له موائد يضعها للفقراء و المساكين و الأضياف يضيفهم و يكرمهم، و كان لليتيم كالأب الرحيم، و للأرملة كالزوج العطوف، و للضعيف كالأب الودود، و كان قد أمر وكلاءه و أمناءه أن لا يمنعوا أحدا من زرعه و أثماره، و كان الطير و الوحوش و جميع الأنعام ترعى في كسبه «3»، و بركة الله تعالى تزداد لأيوب (عليه السلام) صباحا و مساء، و كانت جميع مواشيه تحمل في كل سنة توأمين، و لم يكن أيوب (عليه السلام) يفرح بشي ء من ذلك، لكنه يقول: إلهي و سيدي و مولاي و سندي، هذه الدنيا على هذه الحالة، فكيف بالآخرة و الجنة التي خلقتها لأهل كرامتك؟

و كان إذا جاء الليل يجمع من يلوذ به في مسجده، يصلون بصلاته، و يسبحون بتسبيحه، حتى إذا أصبح أمر باتخاذ الطعام لهم، و لجميع الضعفاء، و كان يذهب له في ذلك مال لا يحصى، و كان له من الخيل ألف فرس، و ألف رمكة، و ألف بغل و بغلة، و ثلاثة آلاف بعير، و ألف و خمس مائة ناقة، و ألف ثور، و ألف بقرة، و عشرة آلاف شاة، و خمس مائة فدان، و ثلاث مائة أتان «4»، و خلف كل رمكة مهران أو ثلاثة، و كل ناقة فصيل، و كذلك جميع مواشيه، و على كل خمسين

رأسا من هذه راع مملوك لأيوب، و لكل عبد منهم أهل و ولد.

و كان إبليس اللعين لا يمر على شي ء من مال أيوب إلا رآه مختوما بخاتم الشكر، مطهرا بالزكاة، فحسده، و لم يقدر له على ضرر، و كان إبليس في ذلك الزمان يصعد إلى السماوات السبع، و يحجب من دون العرش، و يقف في أي مكان منها شاء، حتى رفع عيسى بن مريم (عليه السلام)، فحجب عن أربع سماوات، و يصعد إلى ثلاثة منها، حتى بعث النبي (صلى الله عليه و آله)، فحجب إبليس عن جميعها، و كان يسترق السمع بعد ذلك، و منه تعجبت الإنس و الجن، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً

__________________________________________________

(1) في «ج، ي»، و «ط» نسخة بدل: افراثيم، و في المصدر: مزايم.

(2) البثنة أو البثنية: قرية بين دمشق و أذرعات كان أيوب (عليه السلام) منها. «معجم البلدان 1: 338».

(3) في المصدر: أرضه.

(4) الأتان: الحمارة. «الصحاح- اتن- 5: 2067».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 666

وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً «1».

فصعد إبليس اللعين في زمان أيوب (عليه السلام) إلى ما دون العرش كما كان يصعد، و وقف في الموضع الذي كان يقف فيه، و في قلبه من النبي أيوب ما فيه، و الله مطلع على السر و العلانية، فنودي: يا ملعون، من أين أقبلت؟

فقال: إلهي، طفت الأرض لأفتن من أطاعني، ففتنتهم إلا عبادك منهم المخلصين. فنودي: يا لعين، ما في قلبك من نعمة أيوب؟ فقال إبليس: يا رب، إنك ذكرته فصلت عليه ملائكتك. فنودي: يا لعين، هل نلت منه شيئا مع طول عبادته، فهل

تستطيع أن تغويه عن عبادتي؟ فقال: إلهي و مولاي، إن أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة، و نظرت في أمره و إذا هو عبد عافيته فقبل عافيتك، و رزقته فشكرك، و لم تجربه في البلاء و المصائب، فلو ابتليته لوجدته بخلاف ما هو عليه، و لو سلطنتي- يا رب- على ماله لرأيته كيف ينساك. فنودي: يا ملعون، قد سلطتك على ماله لتعلم أنك كاذب فيما تعتقده فيه».

قال: «فانقض من السماوات حتى وقف على الصخرة التي رضخ عليها قابيل رأس أخيه هابيل (عليه السلام)، و هي صخرة سوداء ينبع منها صديد اللعنة، فوقف إبليس عليها، و رن رنة حتى اجتمع عليه العفاريت المتمردون من المشرق و المغرب، فقالوا: يا أبانا، و ما وراءك، و ما دهاك؟ فقال: إني مكنت من فرصة ما تمكنت من مثلها منذ أخرجت آدم من الجنة، و ذلك أني سلطت على مال أيوب لافقره، و اعطب ماله. فقال بعضهم: سلطني على أشجاره، فإني أتحول نارا، و لا أمر على شي ء إلا أحرقته، و صيرته رمادا. فقال إبليس: أنت لذلك. و قال آخر:

سلطني على مواشيه حتى أصيح صيحة تخرج أرواحها. فقال أنت لذلك. فأقبل الأول، و تحول نارا، حتى أحرق تلك الأشجار و الآجام. و أقبل الآخر على المواشي، فصاح بها صيحة خرجت كلها ميتة مع رعاتها.

فرأى أهل القرية دخانا عظيما، و صيحة عظيمة، ففزعوا فزعا شديدا، فأقبل اللعين إلى أيوب و هو في صلاته، و خيل إلى أيوب أنه أصابه وهج ذلك الحريق، و قد اسود وجهه، و تمعط «2» شعره، و هو لعنه الله ينادي: يا أيوب، أدركني، فأنا الناجي من دون غيري، فما رأيت نارا أقبلت من السماء فيها دخان

فأحرقت ما لك- يا أيوب- و أصابتني نفحة من نفحاتها، و سمعت مناديا من السماء يقول: هذا جزاء من كان مرائيا في عبادته، يريد بها الناس دون الله تعالى. و قال إبليس: و سمعت النار تقول: أنا نار الغضب، أنا نار السخط.

قال: فلما سمع أيوب ذلك أقبل على صلاته، و لم يلتفت إليه حتى فرغ من صلاته تامة كاملة، فقال: يا هذا، ليست هي أموالي، و إنما هي أموال الله تعالى يفعل بها ما شاء. فقال إبليس لعنه الله: صدقت. و ماج الناس، فقال بعضهم: هذا ما قبضه قبض العجب. و قال آخرون: ما كان أيوب صادقا في توبته، فلهذا جازاه بهذا الجزاء. فشق ذلك على أيوب من قولهم، و لم يجبهم، غير أنه قال: الحمد لله على قضائه و قدره.

فأقبل النبي أيوب على اللعين إبليس، و قال له: من أنت أيها العبد؟ كأنك ممن أخرجه الله من رحمته،

__________________________________________________

(1) الجن 72: 8 و 9.

(2) تمعّط شعره: أي تساقط. «الصحاح- معط- 3: 1161». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 667

و سلب عنه نعمته، و لو علم فيك خيرا لأخبرني بك، و لقبض روحك مع أرواح الرعاة، و لكنه علم فيك شرا فخلصك منها كما يخلص الزوان «1» من القمح، فسر عني- أيها العبد- مذموما مدحورا. فقال إبليس: صدق من قال: لا تخدموا المتكبرين. يا أيوب، الآن علمت أنك كنت مرائيا في صلاتك، ألم أكن لك عبدا شفيقا من عبيدك، ألم أكن حريصا على أموالك، فما جزائي منك إلا أن تعيرني بما نالني من وهج الحريق، دون أن تقول ما تقوله؟ فلم يكلم إبليس، و أقبل أيوب على صلاته.

و انصرف عنه إبليس خائبا ذليلا، و صعد إلى

السماء كما كان يصعد، و وقف كما كان يقف، فنودي: يا ملعون، كيف وجدت عبدي أيوب، كيف صبر على ذهاب أمواله جميعا، من المواشي، و العبيد، و غيرها، و كيف حمدني على البلية؟ فقال اللعين: إلهي و سيدي، إنك متعته بعافية أولاده، و زخارف دوره، و لو سلطتني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبدا. فنودي: يا ملعون، اذهب، فقد سلطتك على أولاده».

قال: فانقض عدو الله إلى قصر أيوب الذي فيه أولاده، فأما البنون: فحزقل، و هو أكبرهم، و مقبل، و رشد، و رشيد، و بهارون، و بشير، و أقرون، و الباقي من الذكور، لم نجد لهم أسماء في الكتب و القصص. و أما البنات:

فمرجانة «2»، و عبيدة، و صالحة، و عافية، و تقية «3»، و مؤمنة. قال: «فزلزل عليهم القصر بنفسه حتى سقط بعضه على بعض، و جعل يشد أفواههم بالخشب، و الخرق، و يقذفهم بالجندل، حتى مثل بهم أقبح مثلة، و أوحى الله تعالى إلى الأرض: أن احفظي أولاد النبي أيوب، فإني بالغ مشيئتي فيهم، و لأجزينهم بذلك الثواب. فأقبل إبليس إلى أيوب، و قال: يا أيوب، لو رأيت قصورك و أولادك كيف صاروا، و لقد صارت قصورهم لهم قبورا، و طينها صار لهم حنوطا، و ثيابهم و فرشهم صارت لهم أكفانا، و لو أبصرت كيف تغيرت تلك الوجوه الحسان بالدماء و التراب، و العظام كيف تهشمت، و اللحوم كيف رصعت «4»، و الجلود كيف تمزقت. و لم يزل إبليس اللعين يعد عليه مثل هذا بافتجاع و انكسار و انتحاب حتى بكى أيوب (عليه السلام)، و ساعده إبليس على البكاء، فندم أيوب على بكائه، و أخذ قبضة من التراب،

و وضعها على رأسه، و استغفر الله تعالى، و خر ساجدا، ثم أقبل على إبليس، و قال له: يا ملعون، انصرف عني خائبا ذليلا مدحورا، فإن أولادي كانوا عارية لله تعالى عندي، و لا بد من اللحاق بهم».

قال: «فانصرف إبليس و لم ينل منه، و صعد إلى السماء كما كان يصعد، و وقف كما كان يقف، فأتاه النداء: يا ملعون، كيف رأيت عبدي أيوب و توبته و استغفاره بعد بكائه؟ فقال إبليس: إلهي و سيدي، إنك متعته بعافية نفسه، و فيها عوض عن المال و الولد، فلو سلطنتي على بدنه لرأيته كيف ينسى ذكرك، و يترك شكرك. فنودي: يا لعين، اذهب، فقد سلطتك على بدنه، ما خلا: عينيه «5»، و عقله، و لسانه الذي لا يفتر عن ذكري، و أذنيه».

__________________________________________________

(1) الزوان: حبّ يخالط البرّ. «الصحاح- زون- 5: 2133».

(2) في «ي، ط»: فنحاة، و في «ج» و «ط» نسخة بدل: فمنجاة.

(3) في المصدر: نفيسة.

(4) رصع الحبّ: دقّه بين حجرين. «لسان العرب- رصع- 8: 125».

(5) في المصدر: قلبه و عينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 668

قال: «فانقض إليه اللعين، فوجد أيوب في مسجده متضرعا إلى الله تعالى بأنواع الثناء، داعيا إليه بأعظم الدعاء، و يشكره على جميع النعماء، و يحمده على جميع البلاء، و هو يقول: و عزتك و جلالك، لا ازددت على بلائك إلا شكرا، و لو ألبستني ثوب البلاء سرمدا لا ازددت على بلائك إلا صبرا. قال: فلما سمع إبليس اغتاظ من قوله، و عجل، و لم يتركه حتى يرفع رأسه من السجود، فانحدر في الأرض حتى صار تحت أنفه، ثم نفخ في فيه و منخريه نار اللهب، فاسود وجه أيوب (عليه السلام) في الحال،

فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدميه، فتمعط منها شعره، فلما كان اليوم الثاني ورم، و عظم، و في الثالث اسود، و في الرابع امتلأ ماء أصفر، و في الخامس صار قيحا، و في السادس وقع فيه الدود، و سال صديده، و وقع فيه الحكاك «1»، فحك جسده شهرين حتى سقطت أظافيره، ثم حك بالمسوح و الخرق، و بالحجارة الخشنة، و كان إذا رأى دودة سقطت من بدنه ردها بيده إلى موضعها، و يقول لها: كلي من لحمي و دمي حتى يأتي الله بالفرج.

فقالت رحمة: يا أيوب، ذهب المال و الولد، و قد بدأ الضر في الجسد. فقال أيوب: يا رحمة، إن الله تعالى ابتلى النبيين من قبلي فصبروا، و إن الله تعالى وعد الصابرين خيرا. ثم خر أيوب ساجدا، و جعل يقول: إلهي و سيدي، لو جعلت علي ثوب البلاء سرمدا، و حرمتني العافية، و مزقتني الديدان، ما ازددت إلا شكرا، إلهي لا تشمت بي عدوي إبليس اللعين».

قال: «و كانت رحمة تبكي مرة، و تصرخ أخرى لما ترى من بلاء أيوب، و هو (عليه السلام) ينهاها عن ذلك، و يقول لها: أ لست أنت من بنات الأنبياء، و تعلمين أني نبي الله، و أن لي أسوة بالنبيين و المرسلين، و آبائك: إبراهيم، و إسماعيل، و إسحاق، و يعقوب، و يوسف؟ ثم سأل الله تعالى لها الصبر على ما تشاهد منه، ثم قال لها أيوب:

انطلقي التمسي لي موضعا غير مسجدي فاحمليني إليه. فمضت رحمة، و نظرت له موضعا، ثم عادت إليه فاحتملته إلى فضاء من الأرض، و كان قد قال لها: إني لا أحب أن يتلوث المسجد.

ثم انطلقت إلى قوم كان أيوب (عليه السلام) يبرهم

و يحسن إليهم كثيرا، فلما التمست له موضعا، طلبتهم أن يعينوها على إخراج أيوب من المسجد. فقالوا لها: إن أيوب قد غضب عليه ربه و هتك ستره لما كان فعله من الرياء، فيا ليت كان بيننا و بينه بعد المشرقين، فإنه لو كان فيه خير في عبادة ربه، ما ابتلاه. فرجعت رحمة إلى أيوب، و قالت له: يا أيوب، جلت المصيبة، خاب أملنا من أهل المعارف و أهل الاصطناع. فقال لها: يا رحمة، هكذا يكونون أهل البلاء، و لكن تقدمي إلي، و قولي: لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، و أدخلي يدك اليمنى تحت رأسي، و يدك اليسرى تحت رجلي، و احمليني. ففعلت ذلك، و احتملته بقوة الله تعالى حتى أخرجته إلى الفضاء، و هو الموضع الذي يوضع فيه الموائد من أيوب للضعفاء و المساكين.

ثم قال: يا رحمة، إن الصدقة حرام علينا، و لا تحل لنا، فاحتالي في الخدمة. فأسبل دمعته. فقالت رحمة: ما يبكيك، يا نبي الله؟ فقال لها: يا رحمة، أنت من بنات النبيين، و من نسل المرسلين، و أنت امرأة عظيمة الحسن

__________________________________________________

(1) الحكاك: داء يحكّ منه كالجرب. «المعجم الوسيط- حكك- 1: 190».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 669

و الجمال، و ما اعطي الحسن و الجمال في زمانك إلا جدك يوسف (عليه السلام)، و إن في القرية فساق كثيرة، و أنت تخدمين، و أخشى عليك من مكائد إبليس اللعين. فبكت رحمة، و قالت: يا نبي الله، ما جزائي منك إلا أن تتهمني و تنسبني إلى ذلك، و أنا من بنات النبيين و الصديقين الطاهرين؟! و حق آبائي و أجدادي ما ملت بعيني إلى آدمي بعدك. فعند ذلك أذن لها أيوب

(عليه السلام) بالخدمة.

و كانت تخدم أهل البثنة في سقي الماء، و كنس البيوت، و إخراج المزابل، و غسل الثياب و الخرق، و يعطونها الاجرة و تنفقها على أيوب (عليه السلام) في طعامه و شرابه، فأقبل إبليس في صورة شيخ كبير حتى وقف على أهل القرية، فقال لهم: كيف تطيب أنفسكم بامرأة تعالج من زوجها القيح، و الصديد، و نتن الرائحة، ثم تدخل بيوتكم و تدخل يديها في أوعيتكم، و طعامكم، و شرابكم؟ قال: فوقع ذلك في قلوبهم، و لم يتركوا رحمة أن تدخل بيوتهم من ذلك اليوم. فكرهت رحمة أن تخبر أيوب (عليه السلام) بذلك حتى لا يزداد حزنا على حزنه، و كان القوم لا يستخدمونها، و كانوا يعطونها الشي ء فتطعمه ذلك، و لا تخبره بشي ء من أمرها».

قال: «فاشتد بأيوب البلاء و نتن رائحته، حتى لا يقدر أحد من أهل القرية أن يستقر في بيته لشدة نتن الرائحة، و لم يدروا ما يصنعون، فاجتمع رأيهم على أن يرسلوا عليه كلابا لتأكله، فبلغ ذلك رحمة، فجاءت إلى أيوب فأخبرته بذلك، فقال لها: يا رحمة، لم يكن الله تعالى بالذي يسلط علي الكلاب و أنا نبيه و ابن أنبيائه. قال:

فجمع أهل القرية كلاب الرعاة، فأرسلوها على أيوب (عليه السلام)، فجاءت إليه تعدو، فلما تقاربت منه رجعت إلى خلفها، فهربت الكلاب عن البلاد حتى لم يكن في تلك القرية كلب واحد.

و كان القوم يأتون أيوب، و يقولون له: لا صبر لنا على بليتك، إما أن تخرج عنا و إلا رجمناك بالحجارة حتى تموت فنستريح منك. فقال لهم أيوب: لا ترجموني بالحجارة، و لكن أخرجوني من قريتكم إلى بعض مزابلكم، فإني أرجو من الله تعالى أن لا يضيعني. فقالوا

له: إنا نستقذرك و أنت بعيد عنا، فكيف ندنو منك و نحملك؟ ثم انصرفوا عنه.

فقال أيوب لرحمة: أيتها الصديقة الطاهرة البارة، قد عرفت أن هؤلاء القوم قد بغضوني و ملوني، فقفي على مفرق الطريق، فلعلك أن تقفي على أحد من الناس فتخبرينه بقصتي، و تسأليه أن يعينك على حملي من هذه القرية. فقالت رحمة: لا تعجل علي حتى أخرج إلى بلد كذا و كذا و أتخذ لك هناك عريشا.

ثم وقفت على الطريق تنظر من يمر بها، و إذا هي برجلين كأنهما قمرين، تفوح منهما رائحة طيبة، فتوسمت فيهما الخير، و استحيت أن تسألهŘǠعن حاجتها، فلما دنوا منها قالا لها: و أين أيوب خليلنا و صديقنا، و كيف هو على بلائه؟ فأخبرتهما بحاله، و ضجر أهل القرية منه، و كيف سوت له العريش على المزبلة، ثم قالت لهما: إن لي إليكما حاجة، و هي دعوة منكما له بالعافية. فقالا لها: نعم، فإذا رجعت إليه فأقرئيه منا السلام. ثم أنهما مضيا، فانصرفت رحمة إلى أيوب، و أخبرته بحديث الرجلين و ما كان منهما، فصاح أيوب صيحة، و قال: وا شوقاه إليك يا جبرئيل، وا شوقاه إليك يا ميكائيل، ثم قال: يا رحمة، و من مثلك الآن و قد كلمتك الملائكة. فقالت له رحمة: قد هيأت لك العريش، و لكن اصبر حتى أقف على قارعة الطريق لعل أحدا يمر بي فيساعدني على حملك. البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 670

ثم مضت و وقفت على قارعة الطريق، و إذا هي بأربعة نفر من الملائكة، فسألوها، و قالوا لها: أيتها المرأة، أ لك حاجة؟ قالت: نعم، و هي أن تعينوني على حمل نبي الله أيوب إلى مزبلة كذا و كذا.

فأقبلوا حتى وقفوا على أيوب (عليه السلام)، و صبروه على بلائه، و دعوا له بالعافية، و احتملوه بأطراف النطع، و وضعوه على باب العريش، فانصرفوا عنه. و كانت رحمة قد جمعت في العريش ترابا كثيرا، و اتخذت منصة منه، ثم قالت له: قم- يا أيوب- إلى فراشك التراب من بعد الفرش الممهدة، و وسادك الحجارة من بعد الوسائد المنضدة. فقال لها أيوب: أ لم أنهك عن ذكر شي ء من نعيم الدنيا؟ فزحف أيوب، و ألقى بنفسه على ذلك الرماد، و هو يسبح الله العلي الأعلى، و يقول:

سبحان العزيز الأدنى، سبحان الرفيع الأعلى، سبحانه و تعالى. ثم عمدت رحمة إلى كساء كان عندها فجعلته غطاء، و سترت باب العريش، و كانت تصدع بخدمته، و تأتيه بما تجده.

و مضت تطلب له شيئا من الطعام لتأتيه به، فأقبلت إلى باب دار فسألتهم، فقالت لها امرأة من داخل الدار:

إليك عنا، فإن رب أيوب قد سخط عليه. و سارت إلى باب آخر، و قالوا لها مثل ذلك، حتى دارت القرية و لم يعطوها شيئا، فرجعت باكية إلى أيوب، و قالت له: إن القوم طردوني، و أغلقوا الأبواب من دوني. فقال لها أيوب: لا بأس عليك- يا رحمة- إن أغلقوا أبوابهم دوننا، فإن الله لا يغلق أبواب رحمته دوننا، و لكن- يا رحمة- لعلك مللتني، و لعلك تريدين فراقي؟ فقالت رحمة: أعوذ بالله من ذلك، و أي عذر يكون لي عند الله على فراق نبيه؟

حاشا، و كلا، و لكن أحملك من هذه القرية إلى قرية اخرى لعلهم يكونون أرحم من هؤلاء».

قال: «فأخذته رحمة على النطع، فغشي عليه من الوجع، فجاءته بماء، فرشته عليه حتى أفاق، فغطته بذلك الكساء، و جسد أيوب

كأنما انسلخ سلخا، ثم حملته إلى قرية اخرى من حوران، ثم وضعته إلى جانب القرية، فرفعت يدها إلى الله تعالى و دعت الله أن يحفظه من السباع و غيرها، فدخلت القرية، و قالت: ألا من أراد غسل ثياب، أو خرق، أو كنس دار، أو حمل تراب إلى مزبلة، أو استسقاء ماء بشي ء من الطعام أحمله إلى نبي الله أيوب.

فخرجن إليها نساء القرية، و قالت واحدة منهن: هذه غولة «1» قد دخلت قريتنا. فقالت لها رحمة: لم تقولين هذا الكلام، و أنا رحمة بنت أفرائيم نبي الله بن يوسف صديق الله بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق صفي الله بن إبراهيم خليل الله، زوجة أيوب المبتلى نبي الله! فقلن لها: و أين أيوب؟ قالت: ها هو على باب القرية، إلى جنب كنائسكم و مزابلكم.

فأقبلن إلى أيوب، فلما رأين ما عليه من البلاء بكين أشد البكاء، ثم قلن: هذا أيوب النبي صاحب الإماء و العبيد و المواشي؟ فبكى أيوب و رحمة بكاء شديدا، ثم قال: أنا أيوب عبد ربي و رسوله، أنا الجائع الذي لا أشبع إلا من ذكره، و أنا العطشان الذي لا أروى إلا من تسبيحه. قال: فبكين، و بكت رحمة معهن، و قالت لهن: لي إليكن حاجة، و هي أن تعطوني فأسا أقطع بها أشجارا لأتخذ لأيوب عريشا يكنه من الحر و البرد، فأعمل له طعاما.

فأتوها بجميع ذلك، فعمدت إلى مطهرة معها من خزف، و بلت ذلك الخبز في تلك المطهرة، ثم مرسته بيدها

__________________________________________________

(1) الغولة: من السعالي. «الصحاح- غول- 5: 1786». و في «ي، ط»: خولة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 671

فأطعمته ذلك، لأن أسنانه قد تساقطت، ثم قطعت أعوادا و ظللت بها على

رأس أيوب مثل العريش، ثم دخلت القرية، فقربوها، و أكرموها، فعملت ذلك في خمسة بيوت، و اتخذت عشرة أقراص. فلما رجعت أخبرت أيوب بذلك، و قالت: أصبت اليوم طعاما كثيرا، من رزق ربي، فأقعد عندك، فإني لا أفارقك حتى يفرغ هذا الطعام: فقال لها أيوب: جزاك الله خيرا- يا رحمة- فأنت من بنات النبيين، فقال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، و لا يخيب عبدا شكره، و لا يضيع «1» من توكل عليه، له الحكم، و إليه يرجع الأمر كله و هو على كل شي ء قدير.

فأقبل نساء أهل القرية، فقعدن ذات يوم بقرب عريش أيوب،- فشممن رائحته، فانصرفن مسرعات إلى بيوتهن، و أغلقن الأبواب عن رحمة، و قلن لرحمة: لا تدخلي بيوتنا، و لكن نواسيك في طعامنا. فرضيت رحمة بذلك.

فبينما رحمة ذات يوم راجعة من القرية إلى أيوب، و إذا هي بإبليس اللعين قد عرض لها في صورة طبيب، و معه آلة الطب، و قال لرحمة: إني أقبلت من فلسطين حين سمعت بخبر زوجك أيوب، جئت لاداويه، و أنا سائر إليه غدا، فأخبريه بقصتي، و قولي له يأخذ عصفورا فيذبحه، و لا يذكر اسم الله عليه، و يأكله، و يشرب عليه قدحا من خمر، و يطلي نفسه بالدم، فإن فرجه من ذلك. قال: فجاءت رحمة إلى أيوب فرحانة، فأعلمته بذلك، فبان الغضب في وجهه، فقال لها: متى رأيت أني [أشرب الخمر و] آكل مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، و أطلي نفسي بشي ء من الدم. يا رحمة، بالأمس كنت رسولة من جبرئيل و ميكائيل، و أنت اليوم رسولة من إبليس اللعين؟! فعلمت أنها أخطأت، فأعتذرت إليه و لم تزل تتلطف به حتى رضي

عنها، و حذرها أن لا تعود إلى مثلها».

قال: «فبينما هي ذات يوم راجعة من القرية إلى أيوب، و معها شي ء من الطعام، فاعترض لها إبليس اللعين في صورة رجل بهي الصورة، حسن الوجه، على حمار أحمر، فقال اللعين لها: كأني أعرفك، أ لست رحمة بنت أفرائيم نبي الله، و زوجة المبتلى أيوب نبي الله؟ قالت: بلى. قال اللعين لها: إني أعرفكم و أنتم أهل غناء و ثروة، فما الذي غير حالكم؟ فقالت له: إنا بلينا بذهاب المال جميعه، و الولد، ثم البلاء الأعظم ما نزل بصاحبي أيوب، فقال لها الملعون: لأي شي ء أصابتكم هذه المصائب؟ قالت: لأن الله تعالى أراد أن يجرب صبرنا على بلائه. قال اللعين:

بئسما قلت، و لكن إله السماء هو الله، و إله الأرض أنا، فأردتكم لنفسي، فعبدتم إليه السماء و لم تعبدوني، ففعلت بكم ما فعلت، و سلبتكم أموالكم، و أمت أولادكم و عبيدكم و مواشيكم، فها هي كلها عندي. فإن أردت ذلك فاتبعيني حتى أريك أولادك، و عبيدك، و مواشيك، فإنهم عندي في وادي كذا و كذا.

قال: فلما سمعت بذلك بقيت متعجبة و هي متحيرة، و اتبعته غير بعيد حتى أوقفها على ذلك الوادي، و سحر عينيها حتى رأت جميع ما فقدته هناك. فقال لها: أنا صادق عندك الآن، أم كاذب؟ فقالت رحمة: لا أدري ما أقول لك حتى أرجع إلى أيوب».

قال: «فرجعت إلى أيوب، فأخبرته بما رأته جميعه. فقال أيوب: إنا لله و إنا إليه راجعون، ويحك- يا رحمة-

__________________________________________________

(1) في المصدر: يضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 672

أما تعلمين أن ليس مع الله إله آخر، و أن الذي أماته الله فلا يقدر أحد أن يحييه! قالت: نعم. قال أيوب

(عليه السلام): فلو كنت عاقلة ما أصغيت إلى كلامه، [و لا اتبعتيه ] حتى سحر عينيك. فقالت رحمة: يا نبي الله، اغفر لي هذه الخطيئة، فإني لا أعود إلى مثلها أبدا. فقال لها أيوب: قد نهيتك عن هذا اللعين مرة، و هذه ثانية، فلله علي نذر لئن عافاني الله مما أنا فيه لأجلدنك مائة جلدة على ما كان من مكالمتك لإبليس لعنه الله. و كانت رحمة تقول: ليته قام من بلائه و جلدني مائة و مائة».

9120/ [1]- قال ابن عباس: لبث أيوب (عليه السلام) في بلائه ثماني عشرة سنة حتى لم يبق منه إلا عيناه تدوران في رأسه، و لسانه ينطلق به، و قلبه على حالته، و أذناه فإنه كان يسمع بهما، و كانت تحت لسانه دودة عظيمة سوداء تؤلمه في خروجها من تحت لسانه، فإذا رجعت إلى موضعها يتأوه لذلك، فأوحى الله تعالى إليه: أن- يا أيوب قد صبرت على رخائي، فاصبر الآن على بلائي.

قال: و خرجت رحمة ذات يوم في طلب الطعام فلم تقدر على شي ء، فرفعت رأسها إلى السماء، و قالت:

إلهنا و سيدنا، ارحم غربتنا و ضعفنا. قال: فسمع ذلك بعض أهل القرية، فقال لها: ادخلي على نساء أهل القرية، فإنهن أرق قلوبا. فأقبلت رحمة، و قرعت باب عجوز، و قالت: أنا رحمة امرأة أيوب، و لقد طفت يومي هذا فلم أجد طعاما، و لقد بلغني جوع شديد. فقالت العجوز: لي إليك حاجة يا رحمة، إني قد زوجت ابنة لي، فهل لك أن تعطيني ظفيرتين من ظفائرك أزين بهما ابنتي، و أعطيك رغيفين؟ فقالت لها رحمة: و لا يرضيك مني إلا ذلك؟

قالت: نعم. قالت رحمة: احضري لي الرغيفين، فو الله لو أردت شعري

كله لأعطيتك لطعام أيوب. قال: فجاءت العجوز بالرغيفين و المقص، فقصت ظفيرتين.

و جاءت رحمة بالرغيفين إلى أيوب، فأنكرهما، و قال لها: من أين لك هذا؟ فأخبرته بالقصة لما اشتد عليها طلب الطعام، فصاح أيوب صيحة، فقال: إلهي أي ذنب عملته حتى صرفت وجهك الكريم عني، إلهي الموت أجمل لي مما أنا فيه، رب إني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين فأوحى الله تعالى إليه: يا أيوب، لقد سمعت كلامك، و تمنيك الموت في ضرك، و لو مت بغير هذا البلاء لم يكن لك من الأجر و الثواب ما يكون لك مع البلاء، و لأجزينك على صبرك. و أما رحمة، فو عزتي و جلالي لارضينها في الجنة فعند ذلك فرح أيوب، و تسلى.

فلما طال على أيوب البلاء، و رأى إبليس اللعين صبره أتى إليه أصحاب له، و كانوا رهبانا في الجبال:

أحدهم اسمه نفير «1» و هو من اليمن، و الآخر اسمه صوتى و هو من فلسطين، و الثالث ملهم «2» و هو من حمص، و كانوا من تلامذته، و هم حكماء، و كان أيوب هو الذي اصطنعهم، و رفع أقدارهم، و كانوا يأتونه و يسألونه عن حاله، فركبوا بغالا شهبا، و جاءوا حتى إذا دنوا منه نفرت بغالهم من نتن رائحته (عليه السلام)، فقربوا بعضها إلى بعض، ثم مشوا إليه، و قعدوا عنده، و قالوا: يا أيوب، لو أخبرتنا بذنبك، لعل الله تعالى يهبه لنا إذا سألناه، و دعونا إليه، و ما نراه

__________________________________________________

1- تحفة الاخوان: 59 «مخطوط».

(1) في «ج»: نقير.

(2) في المصدر: اسمه سلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 673

ابتلاك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تسره، و لو كنت صادق

النية في عبادته لما وقع بك البلاء العظيم. فوقع في قلوبهم أن يجتمعوا عليه و يذبحوه.

فقال أيوب: و عزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا و يتيما أو ضعيفا يأكل معي، و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله تعالى، إلا أخذت بأشدهما على بدني. أيها القوم، أراكم تغيظوني «1» و توبخوني من غير معرفة، و ما كان هذا جزائي منكم، فإن الله تعالى يبتلي من يشاء زيادة في أجره، كما ابتلى سائر النبيين و الصالحين. ثم رفع طرفه إلى السماء، و قال: إلهي و سيدي، أذقني طعم العافية و لو ساعة من النهار، و لا تشمت بي الأعداء، و لا تصرف وجهك الكريم عني، فإني قد أجهدني البلاء، و قد تقطعت أوصالي، و ورمت شفتاي حتى غطت العليا أنفي، و السفلى ذقني، و قد سقط لحم رأسي، و ما تبين أذني من نفاخ وجهي، و لقد غص من القيح و الصديد جوفي، و نخرت من الدود عظامي، و لقد ملني و جفاني من كان يكرمني فبكى بكاء شديدا.

فلما فرغوا من توبيخه، و هموا أن يقوموا، التفت إليهم شاب حدث السن، كان قد سمع كلامهم، و كان الله قد قيضه لهم، فقال الشاب: شوه لكم، عبرتم إلى نبي الله فعيرتموه، و لقد تركتم الرأي الصائب بتوبيخكم لأيوب (عليه السلام)، و لقد كان له عليكم من الحقوق ما كان الواجب عليكم أن تقصروا عما قلتموه. ويلكم، أ تدرون من الذي و بختم، أ لم تعلموا أنه نبي الله، اختاره لرسالته، و ائتمنه على وحيه؟! فإن الله تعالى لم يطلعكم على أنه سخط عليه، و أن هذا البلاء الذي نزل به قد صغره عندكم، و

لقد علمتم أن الله تعالى يبتلي النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، و لا يكون ذلك سخطا و لا هوانا، و لو كان لم يكن نبيا لكان لا يجمل للأخ أن يعير أخاه عند البلاء، و لا يعاتبه عند المصيبة، و لا يزيده غما إلى غمه، الله الله في أنفسكم، و لو نظرتم فيها لوجدتم لها عيوبا كثيرة.

ثم أقبل على أيوب، و عزاه، و سكن ما به، و أقبل أيوب على الثلاثة، و قال لهم: «إنكم أعجبتكم أنفسكم، فلو نظرتم فيها لوجدتم لها عيوبا كثيرة، و لكن أصبحت اليوم و ليس لي رأي معكم، لأن أهلي قد ملوني و تنكرت معارفي، و هربوا عني أصدقائي، و قطعوني أصحابي، و كفر بي أهل ملتي، و إلا لم تكونوا تقولون ما تقولون. سبحان من لو يشاء لفرج عني ما أنا فيه من هذا البلاء الذي لم تقم به الجبال الرواسي.

فقال أيوب: يا رب، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي. فبعث إليه غمامة سوداء مظلمة فيها رعد، و برق، و صواعق متداركات، ثم نودي منها بأكثر من عشرة آلاف صوت: يا أيوب، إن الله تعالى يقول لك:

أدلني بحجتك، فقد أقعدتك مقعد الحكم، و ها أنا قريب منك، و لم أزل قريبا دائما. فقال: يا رب، إنك تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك، ألم أشكرك، أ لم أسبحك، و أذكرك، و اكبرك؟ فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب، من صيرك تعبد الله و الناس عنه غافلون، و تحمده و تشكره و الناس عنه لاهون؟ تمن على الله فيه؟ بل المن لله تعالى عليك. فأخذ

التراب، و وضعه في فيه،

__________________________________________________

(1) في «ج، ي، ط»: تعظوني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 674

ثم قال: لك العتبى. يا رب أنت فعلت ذلك. قال: فانصرفوا أولئك الذين وبخوه، و انصرف الفتى الذي كان عن يمينه.

فلما كان في الغد، و هو يوم الجمعة، عند الزوال. هبط الأمين جبرئيل (عليه السلام)، فقال: «السلام عليك، يا أيوب فقال: و عليك السلام و رحمة الله و بركاته، فمن أنت يا عبد الله، فإني أسمع منك نغمة حسنة، و أجد منك رائحة طيبة، و أرى صورة جميلة؟ فقال له: أنا جبرئيل، رسول رب العالمين، أبشرك- يا أيوب- بروح الله، و برحمته، منها شفاؤك، و أن الله تعالى قد وهب لك أهلك و مثلهم معهم، و ما لك و مثله معه، ليكون آية لمن مضى، و عبرة لأهل البلاء.

قال: و كان أيوب (عليه السلام) من شدة البلاء حصل له فرح عظيم بعد ذلك، فقال: الحمد لله الذي لا إله إلا هو ذو العزة و السلطان و المنة و الطول، ذو الجلال و الإكرام الذي لم يشمت بي إبليس اللعين و أعوانه ثم قال جبرئيل (عليه السلام): يا أيوب، قم بإذن الله تعالى». فنهض أيوب قائما على قدميه. فقال له جبرئيل: اركض برجلك الأرض. ففعل أيوب (عليه السلام) ذلك، فإذا بالعين من الماء قد نبعت من تحت قدميه أشد بياضا من الثلج، و أحلى من العسل، و أذكى رائحة من الكافور، فشرب منه شربة فلم يبق في بدنه دودة إلا سقطت، فتعجب أيوب (عليه السلام) من كثرة الدود. فأمره جبرئيل بالغسل، فاغتسل في تلك العين، فخرج منها و وجهه كالقمر في ليلة البدر، و عاد إليه حسنه و جماله، و صار

أحسن مما كان و أطرأ. ثم ناوله جبرئيل الأمين حلتين. فاتزر بواحدة، و ارتدى بالأخرى، و ناوله نعلين من ذهب، شراكهما من ياقوت، و أعطاه سفرجلة من الجنة، فأكل بعضها و ترك منها لزوجته رحمة، فقال له جبرئيل: كلها- يا أيوب- فإن معي ثانية لها. فأكل أيوب باقي السفرجلة ثم وثب، و صف قدميه، و قام يصلي.

فأقبلت رحمة و هي مهمومة، مطرودة من جميع أبواب أهل القرية، باكية العين، فلما وصلت إلى الموضع رأت نظافة المكان، و أن الله تعالى أنبت روضة خضراء، و رأت نظافة الرجل الذي يصلي، فظنت أنها قد ضلت عن الطريق، ثم قالت: أيها المصلي، أقبل علي حتى أكلمك. فلم يكلمها أيوب، و هو ساكت، فصاحت، و قالت: يا أيوب، ما دهاك؟ فلما أتم صلاته قال له جبرئيل (عليه السلام): كلمها، يا أيوب فقال لها أيوب: ما حاجتك، أيتها المرأة؟. قالت رحمة: أ لك علم بأيوب المبتلى، فإني أرى الموضع متغيرا علي، فلقد خلفته هاهنا و لست أراه؟

فتبسم أيوب، و قال لها: إن رأيته تعرفينه؟. فقالت رحمة: إنك لأشبه الناس به قبل أن يصيبه البلاء. فضحك أيوب (عليه السلام)، و قال: أنا أيوب فبادرت إليه، فاعتنقته، و اعتنقها، فما فرغا من معانقتهما حتى بشرهما بأولادهما، و أولاد أولادهما، و إمائهما، و عبيدهما، و مواشيهما، و مثلهم معهم، و أمطر الله تعالى عليه جرادا من الذهب، و كان يلقطه بثوبه، فإذا ذهب الريح بشي ء ركض خلفه فرده، فقال له جبرئيل (عليه السلام): أما تشبع، يا أيوب؟ فقال: يا جبرئيل، و من يشبع من رزق الله تعالى؟

و كان له بئران عظيمان فأفرغ في أحدهما الفضة، و في الآخر الذهب، حتى فاض أحدهما على

الآخر.

و أعطاه الله من الإبل أربعين ألفا، و من النوق عشرين ألفا، و من البقر الإناث أربعين ألفا، و من البقر الذكور أربعين ألفا، و من الضأن أربعة آلاف، و من المعز كذلك، و من العبيد خمسة آلاف، و مثلهم من الإماء. و كان له في ضياعه البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 675

أربعة آلاف وكيل، و اجرة كل واحد منهم في كل شهر مائة مثقال من الذهب، و بين يديه اثنا عشر من البنين، و اثنا عشر من البنات، فلما رأت رحمة جميع ذلك سجدت لله تعالى شكرا، و ملكه جميع الشام و أولاده، و أعطاه مثل عمره الماضي.

و ذكر مكالمة رحمة لإبليس زمان بلائه، و ذكر نذره، فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى الله إليه: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً أي شمراخا مشتملا عدده على مائة فَاضْرِبْ بِهِ زوجتك رحمة وَ لا تَحْنَثْ في النذر، فأخذ شمراخا، فضربها ضربة واحدة عن يمينه، و روي أن ضربه لها بالشماريخ لما رأى ذؤابتها مقطوعة غضب، و حلف عليها أن يضربها مائة جلدة، فأخبرته أنه كان سبب قطعها كذا و كذا، فاغتم أيوب (عليه السلام) من ذلك، فأمره الله بالضغث حذرا من الحنث، و روي أن الله تعالى رد على رحمة ذؤابتيها كما كانتا.

و سئل أيوب بعد ما عافاه الله: أي شي ء كان أشد عليك مما مر عليك من البلاء؟ قال: شماتة الأعداء.

ثم إنه عمر عمرا طويلا، فلما أدركته الوفاة أحضر أولاده، و أوصاهم أن يصنعوا في ماله كما كان يصنع للفقراء و المساكين، ثم مات (عليه السلام)، و توفيت امرأته قبله، أو بعده بقليل، و دفن إلى جانب العين التي أذهب الله بلاءه بها، و سار أولاده

سيرة أبيهم أيوب (عليه السلام) حتى ظهر عليهم ملك يقال له لام بن عاد، فتغلب على بلاد الشام، و على أولاد أيوب، و جعل يؤذي أولاد أيوب، و بعث إلى حزقل «1» بن أيوب- و كان أكبرهم- و قال: إنكم ضيقتم علينا بلاد الشام بكثرة مواشيكم، فأريد أن تعطوني نصف أموالكم، مع العقار و العبيد و الإماء، و إلا ما تركتكم على ما أنتم عليه، و أن تزوجوني باختكم التي يقال لها نقية، و قيل: اسمها مؤمنة، و قيل: صالحة، و كانت امرأة حسناء ذات حسن و جمال، إذا مشت كأنها تنحدر من جبل في حذاء مسيل، كأن غرتها البدر المشرق، و جبهة واسعة، و عينان كالنيل، و حاجبان كالقسي المنحنية، و خداها كاللؤلؤ الأحمر يكاد ان يدميهما الهواء، و جيد كأنه جيد ريم، و روي أنه كان في بيتهم غلام صغير، و كان إذا نامت على جنب فيقعد الصبي و معه اترنجة، فيدحرجها فتعبر من بين خصرها و الأرض، و كانت ذات منطق، أديبة، لبيبة، عجيبة، رحيمة للفقراء و المساكين، فجعل يبعث إليهم بذلك، فيقول: اختاروا أحدها، و إلا جئتكم بخيلي و رجلي، و جعلت أولادكم غنيمة لي.

فأجابه حزقل بن أيوب (عليه السلام)، و أرسل إليه رسولا: أما الأموال التي في أيدينا، فليس لأحد فيها حق إلا الفقراء و المساكين و الأيتام و الضعفاء و أبناء السبيل، و لست منهم، و إنما ورثتها من أبينا أيوب، و أما أختنا فلست على ديننا حتى نزوجكها، و أما تخويفك لنا بخيلك و رجلك فإنا نتوكل على الله، فهو حسبنا و نعم الوكيل.

قال: فلما سمع هذه الرسالة جمع جنوده لحربهم، فعلم بذلك حزقل بن أيوب، فاستشار إخوته

بحربه، فقال أخوه بشير: لا أشور عليك بالحرب، فإني أخاف أن يظفر بنا لأنه قوي، فيأسرنا، و لكن الرأي أن تبعثوا له من المال ما طلبه، و أما خطبته أختنا فإنك تداريه بالمواعيد الحسنة و الهدايا لعله يقنع بها. فأبى حزقل، و أحب المحاربة، فجمع جيشه، و مضى حتى التقى الجيشان، فاقتتلا قتالا شديدا، فوقعت الهزيمة على حزقل بن أيوب،

__________________________________________________

(1) في المصدر: حزقيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 676

و احتوى لام بن عاد على جميع أموالهم و أملاكهم، و غنمهم، و أسر من قومه جيشا كثيرا، و أسر بشير بن أيوب، و هم بقتله، فأمر بحبسه.

و أفلت حزقل بنفسه، فاغتم لما ناله غما شديدا، ثم إنه جمع مالا عظيما ليحمله إلى الملك لام بن عاد، ليخلص أخاه منه، فسار إليه، فبينما هو في طريقه إذ أتاه آت في منامه، و قال له: لا تحمل هذا المال، و لا تخف على أخيك، فإنه يخلص، و الملك يؤمن، و تكون عاقبته خيرا.

فأصبح حزقل، و قص رؤياه على إخوته، فأقاموا معه في موضعه، فبلغ ذلك لام بن عاد، فبعث إليه: أن ادفع إلي ما حملت، و إلا أحرقت أخاك في النار. فبعث إليه: إني لا أدفع إليك من أموالي شيئا، فاصنع ما أنت صانع.

فغضب لام بن عدا من ذلك، فقال لبشير بن أيوب: إنك قد تكفلت بإخوتك أن يدفعوا إلي هذا المال، فقد امتنعوا، فإن هم وفوا بكفالتك و إلا أحرقتك بالنار. فلما سمع ذلك منه خشي من القتل إن لم يوف بما تكفل له. قال: فأرسل حزقل إلى أخيه بشير، و أخبره بما رأى في منامه، ففرح به بشير.

ثم إن الملك أمر أن يخدوا له أخدودا واسعا،

و طرح فيه النار و النفط و الزيت و القطران، و أمر بإلقاء بشير بن أيوب فيه، فلما القي فيه لم تحرقه النار، فتعجب الملك لام بن عاد من ذلك، ثم قال: يا بني أيوب، إنكم سحرة.

فقال بشير: أيها الملك، لسنا بسحرة، و لكن كان لنا جد يقال له إبراهيم الخليل بن تارخ، ألقاه النمرود بن كنعان في النار، فجعلها الله له بردا و سلاما، و كذلك أرجو أن يفعل الله بي كذلك.

قال: فوقع في قلب الملك ما قاله بشير، فأسلم، و حسن إسلامه، و اختلط بعضهم في بعض، و زوجوه أختهم، فسمى الله تعالى بشير بن أيوب ذا الكفل، لما كان من كفالته، و جعله رسولا إلى جميع أهل الشام، و كان بين يديه لام بن عاد يقاتل الكفار، فلم يزل كذلك حتى مات ذو الكفل، ثم مات من بعده لام بن عاد، فغلب على أهل الشام العمالقة، إلى أن بعث الله شعيبا، و اسمه: فترون بن صهون «1» بن عنقاء بن ثابت بن مدين «2» بن إبراهيم الخليل (عليه السلام).

9121/ [13]- شرف الدين النجفي: مما نقل من خط الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) من كتاب (مسائل البلدان)، رواه بإسناده عن أبي محمد الفضل بن شاذان، يرفعه إلى جابر بن يزيد الجعفي، عن رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: دخل سلمان الفارسي (رضي الله عنه) على أمير المؤمنين (عليه السلام) فسأله عن نفسه، فقال:

«يا سلمان، أنا الذي دعيت الأمم كلها إلى طاعتي فكفرت، فعذبت بالنار، و أنا خازنها عليهم، حقا أقول- يا سلمان- أنه لا يعرفني أحد حق معرفتي إلا كان معي في الملأ الأعلى».

قال: ثم دخل الحسن و الحسين (عليهما

السلام)، فقال: «يا سلمان، هذان شنفا «3» عرش رب العالمين، بهما تشرق

__________________________________________________

13- تأويل الآيات 2: 504/ 4. [.....]

(1) في المصدر: صعون، و في «ي، ط» نسخة بدل: صيون.

(2) في المصدر: عزير.

(3) الشّنف: حليّ الأذن، و قيل: هو ما يعلّق في أعلاها. «النهاية 2: 505».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 677

الجنان، و أمهما خيرة النسوان، أخذ الله على الناس الميثاق بي، فصدق من صدق، و كذب من كذب، أما من صدق فهو في الجنة، و أما من كذب، فهو في النار، و أنا الحجة البالغة، و الكلمة الباقية، و أنا سفير السفراء».

قال سلمان: يا أمير المؤمنين، لقد وجدتك في التوراة كذلك، و في الإنجيل كذلك، بأبي أنت و أمي يا قتيل كوفان، و الله لو لا أن يقول الناس: وا شوقاه، رحم الله قاتل سلمان، لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس، لأنك حجة الله الذي به تاب على آدم، و به نجى يوسف من الجب، و أنت قصة أيوب، و سبب تغير نعمة الله تعالى عليه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أ تدري ما قصة أيوب، و سبب تغير نعمة الله عليه؟». قال: الله أعلم، و أنت يا أمير المؤمنين. قال: «لما كان عند الانبعاث للمنطق شك أيوب في ملكي و بكى، فقال: هذا خطب جليل، و أمر جسيم. قال الله عز و جل: يا أيوب، أ تشك في صورة أقمته أنا، إني قد ابتليت آدم بالبلاء، فوهبته له و صفحت عنه بالتسليم له «1» بإمرة المؤمنين، و أنت تقول: خطب جليل و أمر جسيم! فو عزتي و جلالي لأذيقنك من عذابي، أو تتوب إلي بالطاعة لأمير المؤمنين. ثم أدركته السعادة بي» يعني أنه تاب إلى الله،

و أذعن بالطاعة لأمير المؤمنين.

9122/ [14]- صاحب الأربعين، عن (الأربعين)، قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن أحمد بن الحسين بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن محمد بن الحسن الأهوازي، قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن سهل الفارسي، قال: حدثنا أبو زرعة أحمد بن محمد بن موسى الفارسي، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن يعقوب البلخي، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: حدثنا الهيثم بن الحسين، عن محمد بن عمر، عن محمد بن مروان «2»، عن عمارة «3»، عن أبيه، عن أنس بن مالك، قال: خرجت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) نتماشى حتى انتهينا إلى بقيع الغرقد «4»، فإذا نحن بسدرة عالية لانبات عليها، فجلس رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحتها، فأورقت الشجرة، و أثمرت، و ظللت على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فتبسم (صلى الله عليه و آله) و قال: «يا أنس، ادع لي عليا» فغدوت، حتى انتهيت إلى منزل فاطمة (عليها السلام)، فإذا أنا بعلي (عليه السلام) يتناول شيئا من الطعام، فقلت له: أجب رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال: «لخير ادعى؟» فقلت: الله و رسوله أعلم.

قال: فجعل علي يمشي و يهرول على أطراف أنامله حتى تمثل بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجذبه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أجلسه إلى جنبه، فرأيتهما يتحدثان و يضحكان، و رأيت وجه علي قد استنار، فإذا بجام «5» من ذهب مرصع باليواقيت و الجواهر، و للجام أربعة أركان، كل ركن منه مكتوب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، و على الركن الثاني: لا إله إلا الله، محمد

رسول الله، علي بن أبي طالب ولي الله، و سيفه على الناكثين

__________________________________________________

14- الأربعون للخزاعي: 26/ 27.

(1) في المصدر: عليه.

(2) في «ط، ي»: الهيثم بن الحسين بن محمد بن عمر، عن محمد بن هارون.

(3) في «ي»: بن عمارة.

(4) بقيع الغرقد: مقبرة أهل المدينة. «معجم البلدان 1: 473».

(5) الجام: إناء للطّعام و الشّراب. «المعجم الوسيط 1: 149».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 678

و القاسطين و المارقين، و على الركن الثالث: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيده الله بعلي بن أبي طالب، و على الركن الرابع: نجا المعتقدون لدين الله، المؤالفون لأهل بيت رسول الله. و إذا في الجام رطب و عنب، و لم يكن في أوان العنب، و لا أوان الرطب، فجعل رسول الله يأكل و يطعم عليا، حتى إذا شبعا ارتفع الجام.

فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أنس، ترى هذه السدرة» قلت: نعم. قال: «قد قعد تحتها ثلاث مائة و ثلاثة عشر نبيا، و ثلاث مائة و ثلاثة عشر وصيا، ما في النبيين أوجه مني، و لا في الوصيين وصي أوجه من علي بن أبي طالب (عليه السلام).

يا أنس، من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، و إلى إبراهيم في وقاره، و إلى سليمان في قضائه، و إلى يحيى في زهده، و إلى أيوب في صبره، و إلى إسماعيل في صدقه- و هو إسماعيل بن حزقيل، و هو الذي ذكره الله في القرآن وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ «1»- فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

يا أنس، ما من نبي إلا و قد خصه الله بوزير، و قد خصني الله عز و جل بأربعة: اثنين في السماء، و اثنين في

الأرض، فأما اللذان في السماء: فجبرئيل، و ميكائيل. و أما اللذان في الأرض: فعلي بن أبي طالب، و عمي حمزة بن عبد المطلب».

9123/ [15]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة، التي قد افتتنت في حسنها، فتقول: يا رب، حسنت خلقي حتى لقيت ما لقيت، فيجاء بمريم (عليها السلام)، فيقال: أنت أحسن أم هذه، قد حسناها فلم تفتتن؟ و يجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه، فيقول: يا رب، حسنت خلقي حتى لقيت من النساء ما لقيت. فيجاء بيوسف (عليه السلام)، فيقال:

أنت أحسن أم هذا؟ قد حسناه فلم يفتتن في حسنه. و يجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابته الفتنة في بلائه، فيقول:

يا رب، قد شددت علي البلاء حتى افتتنت. فيؤتى بأيوب (عليه السلام)، فيقال: بليتك أشد أم بلية هذا، فقد ابتلي فلم يفتتن؟».

سورة ص(38): الآيات 45 الي 64 ..... ص: 678

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [45- 64] 9124/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال: وَ اذْكُرْ يا محمد عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ

__________________________________________________

15- الكافي 8: 228/ 291.

1- تفسير القمي 2: 242.

(1) مريم 19: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 679

يعني: أولي القوة إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ وَ اذْكُرْ إِسْماعِيلَ الآية.

9125/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ:

«يعني أولي القوة في العبادة، و البصر «1» فيها، و قوله: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ يقول: إن الله اصطفاهم بذكر الآخرة، و

اختصهم بها».

9126/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر الله المتقين، و ما لهم عند الله تعالى، فقال: هذا ذِكْرٌ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ إلى قوله تعالى: قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ يعني الحور العين، يقصر الطرف عنها و النظر من صفائها، مع ما حكى الله من قول أهل الجنة: إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ أي لا ينفد أبدا، و لا يفنى هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسَّاقٌ، قال: الغسال، واد في جهنم، فيه ثلاث مائة و ثلاثون قصرا، و في كل قصر ثلاث مائة بيت، في كل بيت أربعون زاوية، في كل زاوية شجاع «2»، في كل شجاع ثلاث مائة و ثلاثون عقربا، في جمجمة كل عقرب ثلاث مائة و ثلاثون قلة من سم، لو أن عقربا منها نفحت سمها على أهل جهنم لو سعتهم بسمها هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ و هم الأولون، و بنو امية.

ثم ذكر من كان من بعدهم ممن غصب آل محمد حقهم، فقال: وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ و هم بنو العباس، فيقول بنو امية: لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ فيقول بنو فلان: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا، و بدأتم بظلم آل محمد فَبِئْسَ الْقَرارُ، ثم يقول بنو امية: رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ يعنون الأولين.

ثم يقول أعداء آل محمد في النار: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ في الدنيا، و هم شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ؟ ثم قال: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ

فيما بينهم، و ذلك قول الصادق (عليه السلام): «و الله إنكم لفي الجنة تحبرون، و في النار تطلبون».

9127/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن ميسر، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «كيف أصحابك؟» فقلت: جعلت فداك، نحن عندهم شر من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا. قال: و كان متكئا فاستوى جالسا، ثم قال: «كيف قلت؟». قلت: و الله لنحن عندهم شر من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 242.

3- تفسير القمّي 2: 242. [.....]

4- الكافي 8: 78/ 32.

(1) في «ي، ط»: الصبر.

(2) الشجاع: ضرب من الحيّات. «الصحاح 3: 1235».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 680

فقال: «أما و الله، لا يدخل النار منكم اثنان، لا و الله و لا واحد، و الله إنكم الذين قال الله عز و جل: وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ- ثم قال- طلبوكم و الله في النار، و الله فما وجدوا منكم واحدا».

9128/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور بن يونس، عن عنبسة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا استقر أهل النار في النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحدا، فيقول بعضهم لبعض: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ؟

- قال- قال: و ذلك قول الله عز و جل: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون في

الدنيا».

9129/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير- و ذكر الحديث إلى أن قال (عليه السلام) فيه-: «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار، بقوله: وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ، و الله ما عنى و لا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، و أنتم و الله في الجنة تحبرون، و في النار تطلبون».

و رواه الشيخ المفيد في (الاختصاص): بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

و رواه ابن بابويه في (بشارات الشيعة): بإسناده عن سليمان الديلمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) و ذكر رواية أبي بصير «2».

9130/ [7]- الشيخ في (أماليه): عن ابن الفحام، بإسناده، قال: دخل سماعة بن مهران على الصادق (عليه السلام)، فقال له: «يا سماعة من شر الناس؟» قال: نحن يا ابن رسول الله. قال: فغضب حتى احمرت وجنتاه ثم استوى جالسا، و كان متكئا، فقال: «يا سماعة من شر الناس عند الناس؟» فقلت: و الله ما كذبتك يا ابن رسول الله، نحن شر الناس عند الناس، لأنهم سمونا كفارا، و رافضة. فنظر إلي، ثم قال: «كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة، و سيق بهم إلى النار، فينظرون إليكم، فيقولون: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ.

يا سماعة بن مهران، إن من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع، و الله لا يدخل النار منكم عشرة

رجال، و الله لا يدخل النار منكم خمسة رجال، و الله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، و الله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات، و أكمدوا عدوكم بالورع، و الله ما عنى و لا أراد

__________________________________________________

5- الكافي 8: 141/ 104.

6- الكافي 8: 36/ 6.

7- أمالي الطوسي 1: 301.

(1) الإختصاص: 106.

(2) ... فضائل الشيعة: 63/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 681

غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، و أنتم و الله في الجنة تحبرون، و في النار تطلبون».

9131/ [8]- الطبرسي، قال: روى العياشي، بإسناده إلى جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «إن أهل النار يقولون: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. يعنونكم، و يطلبونكم فلا يرونكم في النار، و الله لا يرون أحدا منكم في النار».

سورة ص(38): الآيات 67 الي 75 ..... ص: 681

قوله تعالى:

قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ- إلى قوله تعالى- أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ [67- 75]

9132/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، أو غيره، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ «1». قال: «ذلك إلي، إن شئت أخبرتهم، و إن شئت لم أخبرهم. لكني أخبرك بتفسيرها؟» قلت: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؟ قال: فقال: «هي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: ما لله عز و جل آية هي أكبر مني، و لا لله نبأ أعظم مني».

9133/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن

أبيه سليمان، عن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) [قال:] قلت له: قول الله تبارك و تعالى: [بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ «2» و قوله تعالى:] قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ؟ قال: «الذين أوتوا العلم: الأئمة، و النبأ: الإمامة».

9134/ [3]- علي بن إبراهيم: قال الله عز و جل: يا محمد قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى .

9135/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني خالد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سنان «3»، عن أبي

__________________________________________________

8- مجمع البيان 8: 755.

1- الكافي 1: 161/ 3.

2- بصائر الدرجات: 227/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 243.

4- تفسير القمّي 2: 243.

(1) النبأ 78: 1، 2. [.....]

(2) العنكبوت 29: 49.

(3) في المصدر: محمد بن يسار، و نسخة بدل: محمد بن سيار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 682

مالك الأسدي، عن إسماعيل الجعفي، قال: كنت في المسجد الحرام قاعدا، و أبو جعفر (عليه السلام) في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة، و إلى الكعبة مرة، ثم قال: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ «1»، و كرر ذلك ثلاث مرات، ثم التفت إلي، فقال: «أي شي ء يقول أهل العراق في هذه الآية، يا عراقي؟» قلت: يقولون أسرى به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس.

فقال: «ليس كما يقولون، و لكنه أسرى به من هذه إلى هذه»- و أشار بيده إلى السماء- و قال: «ما بينهما حرم» قال: «فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل في هذا

الموضع تخذلني؟ فقال: تقدم أمامك، فو الله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك، قال: فرأيت من نور ربي و حال بيني و بينه السبحة» «2».

قال: قلت: و ما السبحة، جعلت فداك؟ فأومأ بوجهه إلى الأرض، و أومأ بيده إلى السماء، و هو يقول: «جلال ربي جلال ربي» ثلاث مرات.

[قال ]: «قال: يا محمد، قلت: لبيك يا رب، قال: فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت: سبحانك لا علم لي إلا ما علمتني، قال: فوضع يده- أي يد القدرة- بين ثديي، فوجدت بردها بين كتفي، [قال:] فلم يسألني عما مضى، و لا عما بقي إلا أعلمته «3»، قال: يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: يا رب، في الدرجات، و الكفارات، و الحسنات، فقال: يا محمد، قد انقضت نبوتك، و انقطع أجلك «4»، فمن وصيك؟ [فقلت: يا رب، قد بلوت خلقك، فلم أر من خلقك أحدا أطوع لي من علي. فقال: ولي يا محمد]. و قلت: يا رب، إني قد بلوت خلقك، فلم أر في خلقك أحدا أشد حبا لي من علي، قال: و لي يا محمد، فبشره بأنه راية الهدى، و إمام أوليائي، و نور لمن أطاعني، و الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، و من أبغضه أبغضني، مع ما أني أخصه بما لم أخص به أحدا، فقلت: يا رب، أخي و صاحبي و وزيري و وارثي. فقال: إنه أمر قد سبق. إنه مبتلى و مبتلى به، مع ما أني قد نحلته و نحلته و نحلته، و نحلته أربعة أشياء عقدها بيده و لا يفصح بها عقدها».

ثم حكى خبر إبليس، فقال الله عز و جل: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً

مِنْ طِينٍ.

و قد كتبنا خبر آدم و إبليس في موضعه «5».

9136/ [5]- قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 244.

(1) الإسراء 17: 1.

(2) سبحات اللّه: جلاله و عظمته، و هي في الأصل جمع سبحة، و قيل: أضواء وجهه. «النهاية 2: 332».

(3) في المصدر: علمته.

(4) في «ط»: أكلك.

(5) تقدم في تفسير الآية (34) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 683

الهاشمي «1»، عن محمد بن يسار، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أن الله خلق الخلق كلهم بيده، لم يحتج في آدم أنه خلقه بيده، فيقول: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، أفترى الله يبعث الأشياء بيده؟».

9137/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الأحول، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن الروح التي في آدم (عليه السلام) قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ، قال: «هذه روح مخلوقة، و الروح التي في عيسى (عليه السلام) مخلوقة».

و قد تقدمت روايات كثيرة في معنى الآية في سورة الحجر «2».

9138/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا بكر، عن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت: قوله عز و جل:

يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ؟ قال: «اليد في كلام العرب: القوة و النعمة، قال الله تعالى: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ «3»، و قال: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ «4» أي بقوة، و قال: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «5» أي قواهم، و يقال: لفلان عندي [أياد كثيرة، أي فواضل و إحسان، و له عندي ] يد بيضاء، أي نعمة».

9139/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن محمد بن عبيد، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل لإبليس: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ؟ قال: «يعني بقدرتي [و قوتي ]».

9140/ [9]- ابن بابويه: عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أبي الحسن محمد بن أحمد القواريري، عن أبي الحسن محمد بن عمار، عن إسماعيل بن توبة، عن زياد بن عبد الله البكائي، عن سليمان الأعمش، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا جلوسا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ أقبل إليه رجل، فقال: يا رسول الله، أخبرني عن

__________________________________________________

6- الكافي 1: 103/ 1.

7- التوحيد: 153/ 1.

8- التوحيد: 153/ 2.

9- فضائل الشيعة: 49/ 7.

(1) في المصدر: القاسم بن محمد، عن إسماعيل الهاشمي.

(2) تقدمت في تفسير الآيات (27- 35) من سورة الحجر. [.....]

(3) سورة ص: 38: 17.

(4) الذاريات 51: 47.

(5) المجادلة 58: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 684

قول الله عز و جل لإبليس: أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ من هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة المقربين؟

فقال رسول الله (صلى

الله عليه و آله): «أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين، كنا في سرادق العرش نسبح الله، فسبحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله آدم (عليه السلام) بألفي عام. فلما خلق الله عز و جل آدم (عليه السلام)، أمر الملائكة أن يسجدوا له، و لو يؤمروا بالسجود إلا لأجلنا، فسجدت الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد. فقال الله تبارك و تعالى: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قال: من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش، فنحن باب الله الذي يؤتى منه، بنا يهتدي المهتدون، فمن أحبنا أحبه الله، و أسكنه جنته، و من أبغضنا أبغضه الله، و أسكنه ناره، و لا يحبنا إلا من طاب مولده».

روى هذا الحديث ابن بابويه في كتاب (بشارات الشيعة): بإسناده، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، الحديث بعينه «1».

9141/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى، قال: حدثني محمد بن همام، قال: حدثني عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني عمر بن علي العبدي، عن داود بن كثير الرقي، عن يونس بن ظبيان، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، إني دخلت على مالك و أصحابه، فسمعت بعضهم يقول: إن لله وجها كالوجوه، و بعضهم يقول: له يدان، و احتجوا في ذلك بقوله تعالى: بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ، و بعضهم يقول: هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة، فما عندك في هذا، يا ابن رسول الله؟! قال: و كان متكئا، فاستوى جالسا، و قال: «اللهم عفوك عفوك». ثم قال:

«يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك، و من زعم أن لله جوارحا كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله، فلا تقبلوا شهادته، و لا تأكلوا ذبيحته، تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين، فوجه الله أنبياؤه و أولياؤه، و قوله تعالى: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ فاليد القدرة، كقوله تعالى: وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ «2» فمن زعم أن الله في شي ء، أو على شي ء، أو تحول من شي ء إلى شي ء، أو يخلو من شي ء، أو يشغل به شي ء، فقد وصفه بصفة المخلوقين، و الله خالق كل شي ء، لا يقاس بالمقياس «3»، و لا يشبه بالناس، و لا يخلو منه مكان، و لا يشغل به مكان، قريب في بعده، بعيد في قربه، ذلك الله ربنا لا إله غيره، فمن أراد الله و أحبه بهذه الصفة، فهو من الموحدين، و من أحبه بغير هذه الصفة فالله منه

__________________________________________________

10- كفاية الأثر: 255.

(1) تأويل الآيات 2: 508/ 11.

(2) الأنفال 8: 26.

(3) في المصدر: بالقياس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 685

بري ء، و نحن منه برآء».

ثم قال (عليه السلام): «إن أولى الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله، فإن حب الله إذا ورثه القلب استضاء به، و أسرع إليه اللطف، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة، فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة، عمل بها في القدرة، فإذا عمل بها في القدرة، عمل في الأطباق «1» السبعة، فإذا بلغ هذه المنزلة، صار يتقلب في لطف و حكمة و بيان، فإذا بلغ هذه المنزلة، جعل شهوته و محبته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى، فعاين ربه في قلبه،

و ورث الحكمة بغير ما ورثته الحكماء، و ورث العلم بغير ما ورثته العلماء، و ورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون.

إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت، و إن العلماء ورثوا العلم بالطلب، و إن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة، فمن أخذه بهذه السيرة، إما أن يسفل، و إما أن يرفع، و أكثرهم الذي يسفل و لا يرفع إذا لم يرع حق الله، و لم يعمل بما أمر به، فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته، و لم يحبه حق محبته، فلا يغرنك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم، فإنهم حمر مستنفرة».

ثم قال: «يا يونس، إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فإنا ورثناه، و أوتينا شرح «2» الحكمة، و فصل الخطاب».

فقلت: يا ابن رسول الله، و كل من كان من أهل البيت، ورث كما ورثتم من «3» علي و فاطمة (عليهما السلام)؟ فقال:

ما ورثه إلا الأئمة الإثنا عشر».

فقلت: سمهم يا ابن رسول الله؟ فقال: «أولهم علي بن أبي طالب و بعده الحسن، و بعده الحسين، و بعده علي ابن الحسين، و بعده محمد بن علي، ثم أنا، و بعدي موسى ولدي، و بعد موسى علي ابنه، و بعد علي محمد، و بعد محمد علي، و بعد علي الحسن، و بعد الحسن الحجة، اصطفانا الله و طهرنا و آتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين».

ثم قلت: يا ابن رسول الله، إن عبد الله بن سعد دخل عليك بالأمس، فسألك عما سألتك، فأجبته بخلاف هذا؟! فقال: «يا يونس، كل امرى و ما يحتمله، و لكل وقت حديثه، و إنك لأهل لما سألت، فاكتمه إلا عن أهله، و السلام».

سورة ص(38): الآيات 76 الي 77 ..... ص: 681

قوله تعالى:

أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ

نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [76- 77]

__________________________________________________

(1) في المصدر: القدرة عرف الأطباق.

(2) في «ج» و المصدر: شرع.

(3) في المصدر زيادة: كان من ولد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 686

9142/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبليس قاس نفسه بآدم، فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، فلو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم (عليه السلام) بالنار، كان ذلك أكثر نورا و سنا «1» من النار».

9143/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله العقيلي، عن عيسى بن عبد الله القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له: «يا أبا حنيفة، بلغني أنك تقيس»؟ قال: نعم.

قال: «لا تقس، فإن أول من قاس إبليس حين قال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، فقاس ما بين النار و الطين، و لو قاس نورية آدم بنورية النار، عرف فضل ما بين النورين، و صفاء أحدهما على الآخر».

9144/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن أبي سعيد، عن إسحاق بن جرير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أي شي ء يقول أصحابك في قول إبليس: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ». قلت: جعلت فداك، قد قال ذلك، و ذكره الله في كتابه. فقال: «كذب إبليس (لعنه الله). يا إسحاق، ما خلقه الله إلا من طين».

ثم قال: «قال الله: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «2» خلقه الله

من تلك النار، و النار من تلك الشجرة، و الشجرة أصلها من طين».

9145/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) يقول: «معنى الرجيم أنه مرجوم باللعن، مطرود من مواضع الخير، لا يذكره مؤمن إلا لعنه، و إن في علم الله السابق أنه إذا خرج القائم (عليه السلام) لا يبقى مؤمن في زمانه إلا رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن».

سورة ص(38): الآيات 79 الي 81 ..... ص: 686

قوله تعالى:

قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ

__________________________________________________

1- الكافي 1: 47/ 18.

2- الكافي 1: 47/ 20.

3- تفسير القمّي 2: 244.

4- معاني الآخبار: 139/ 1. [.....]

(1) في المصدر: ضياء.

(2) يس 36: 80.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 687

إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [79- 81] تقدمت الروايات في معنى هذه الآية في سورة الحجر «1»

سورة ص(38): الآيات 82 الي 85 ..... ص: 687

قوله تعالى:

قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [82- 85] 9146/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال لإبليس (لعنة الله) لما قال: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ. فقال الله: فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ أي إنك تفعل ذلك، و الحق أقول: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

سورة ص(38): الآيات 86 الي 88 ..... ص: 687

قوله تعالى:

قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ- إلى قوله تعالى- بَعْدَ حِينٍ [86- 88]

9147/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ، قال: « [هو] أمير المؤمنين (عليه السلام)، وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ- قال-: عند خروج القائم (عليه السلام)».

9148/ [3]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أعداء الله أوليآء الشيطان أهل التكذيب و الإنكار قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ يقول متكلفا أن أسألكم ما لستم بأهله، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 245.

2- الكافي 8: 287/ 432.

3- الكافي 8: 379/ 574.

(1) تقدّمت في تفسير الآيات (26- 38) من سورة الحجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 688

محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا! فقالوا: ما أنزل الله هذا، و ما هو إلا شي ء يتقوله، يريد أن يرفع

أهل بيته على رقابنا، و لئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته، ثم لا نعيدها فيهم أبدا، و أراد الله عز و جل أن يعلم نبيه (صلى الله عليه و آله) الذي أخفوا في صدورهم و أسروا به، فقال في كتابه عز و جل:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «1». يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تتكلم بفضل أهل بيتك و لا بمودتهم».

و ستأتي- إن شاء الله تعالى- تتمة هذا الحديث في سورة الشورى «2».

9149/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن محمد، عن بكر بن سهل، عن عبد الغني، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى قُلْ يا محمد ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أي على ما أدعوكم إليه من مال تعطونيه وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ يريد ما أتكلف هذا من عندي إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ يريد موعظة لِلْعالَمِينَ يريد الخلق أجمعين وَ لَتَعْلَمُنَّ يا معشر المشركين نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ يريد عند الموت، و بعد الموت يوم القيامة.

9150/ [4]- ابن شهر آشوب: عن كتاب ابن رميح: قال أبو جعفر (عليه السلام): قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ قال: «أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 245.

4- المناقب 3: 97.

(1) الشورى 42: 24.

(2) يأتي في الحديث (4) من تفسير الآيات (23- 26) من سورة الشورى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 689

سورة الزمر ..... ص : 689

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 691

فضلها..... ص : 691

9151/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الزمر استخفاء «1» من لسانه، أعطاه الله شرف الدنيا و الآخرة، و أعزه بلا مال و لا عشيرة حتى يهابه من يراه، و حرم جسده على النار، و بنى له في الجنة ألف مدينة، في كل مدينة ألف قصر، في كل قصر مائة حوراء، و له مع هذا عينان تجريان، و عينان نضاختان و جنتان مدهامتان، و حور مقصورات في الخيام، و ذواتا أفنان، و من كل فاكهة زوجان».

9152/ [2]- و من (خواص القرآن)،

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يبق نبي و لا صديق إلا صلوا و استغفروا له، و من كتبها و علقها عليه، أو تركها في فراشه، كل من دخل عليه أو خرج، أثنى عليه بخير و شكره، و لا يزالون على شكره مقيمين أبدا تعطفا من الله عز و جل».

9153/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه، كل من دخل عليه أو خرج، أثنى عليه بالخير و شكره في كل مكان دائما».

9154/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها في عضده أو فراشه فكل من دخل عليه أو خرج عنه، أثنى عليه بالجميل و شكره، و لم يلقه أحد من الناس، إلا شكره و أحبه، و لا يزالون مقيمين على شكره و الكلام بفضله، و لم يغتبه أحد من الناس أبدا».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 112.

2- ...

3- ...

4- خواصّ القرآن: 48 «مخطوط». [.....]

(1) في المصدر: استحقها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 693

سورة الزمر(39): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 693

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ- إلى قوله تعالى- مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ [1- 3] 9155/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه، فقال: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى و هذا مما ذكرنا أن لفظه خبر و معناه حكاية، و ذلك أن قريشا قالت: إنما نعبد الأصنام ليقربونا إلى الله زلفى، فإنا لا نقدر أن نعبد الله حق عبادته. فحكى الله قولهم على لفظ الخبر، و معناه حكاية عنهم. فقال الله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ.

9156/ [2]- الحميري: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: و حدثني جعفر، عن أبيه، أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن الله تبارك و تعالى يأتي يوم القيامة بكل شي ء يعبد من دونه، من شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد، فيقول كل من عبد غيره: ربنا إنا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى. قال: فيقول الله تبارك و تعالى للملائكة: ادعوهم و ما كانوا «1» يعبدون إلى النار، ما خلا من استثنيت، فإن أولئك عنها مبعدون».

9157/ [3]- العياشي: عن الزهري، قال: أتى رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن شي ء فلم يجبه، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك فإنك من أبناء عبدة الأصنام. فقال له: «كذبت إن الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 245.

2- قرب الإسناد: 41.

3- تفسير العيّاشي 2:

230/ 31.

(1) في المصدر: اذهبوا بهم و بما كانوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 694

ففعل، فقال إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «1»، فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما قط، و لكن العرب عبدت الأصنام، و قالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله فكفرت، و لم تعبد الأصنام».

سورة الزمر(39): الآيات 4 الي 6 ..... ص : 694

قوله تعالى:

لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ- إلى قوله تعالى- فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [4- 6] 9158/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم رد الله تعالى على الذين: قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً «2»، فقال الله: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ إلى قوله: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ يعني يغطي ذا على ذا، و ذا على ذا. ثم خاطب الله تعالى الخلق فقال: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها يعني آدم و زوجته حواء وَ أَنْزَلَ لَكُمْ يعني خلق لكم مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ. و هي التي فسرناها في سورة الأنعام «3».

9159/ [2]- العياشي: عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «صنع نوح (عليه السلام) السفينة في مائة سنة، ثم أمره أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين، الأزواج الثمانية الحلال التي خرج بها آدم (عليه السلام) من الجنة ليكون معيشة لعقب نوح (عليه السلام) في الأرض كما عاش عقب آدم، فإن الأرض تغرق و ما فيها إلا ما كان معه في السفينة، قال: فحمل نوح (عليه السلام) في السفينة من الأزواج الثمانية التي قال الله: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ، مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ «4»، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ

اثْنَيْنِ «5»، فكان زوجين من الضأن: زوج يربيها الناس و يقومون بأمرها، و زوج من الضأن التي تكون في الجبال الوحشية، أحل لهم صيدها، و من المعز اثنين يكون زوج يربيه الناس، و زوج من الظباء، سمي الزوج الثاني، و من البقر اثنين: زوج يربيه الناس، و زوج هو البقر الوحشي، و من الإبل زوجين: و هي البخاتي و العراب، و كل طير وحشي أو إنسي، ثم غرقت الأرض».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 246.

2- تفسير العيّاشي 2: 147/ 26.

(1) إبراهيم 14: 35.

(2) مريم 19: 88، الأنبياء 21: 26.

(3) تقدّم تفسيرها في الآيتين (143 و 144) من سورة الأنعام.

(4) الأنعام 6: 143.

(5) الأنعام 6: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 695

9160/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، مما تأويله غير تنزيله، قال: «و أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج، و قال: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ «1»، فإنزال ذلك خلقه».

9161/ [4]- علي بن إبراهيم: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ، قال:

الظلمات الثلاث: البطن و الرحم و المشيمة.

9162/ [5]- الطبرسي: عن أبي جعفر (عليه السلام): «ظلمة البطن، و ظلمة الرحم، و ظلمة المشيمة».

سورة الزمر(39): آية 7 ..... ص : 695

قوله تعالى:

إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [7] 9163/ [1]- علي بن إبراهيم: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ فهذا كفر النعم.

9164/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن بعض أصحابنا، رفعه، في قول الله تبارك و تعالى:

وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2»، قال: «الشكر: المعرفة». و في قوله: وَ لا

يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ، فقال: «الكفر هاهنا الخلاف، و الشكر: الولاية و المعرفة».

قوله تعالى:

وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [7] مر الحديث في معنى الآية في آخر سورة الأنعام، عن الصادق (عليه السلام) «3».

__________________________________________________

3- الاحتجاج: 250.

4- تفسير القمّي 2: 246. [.....]

5- مجمع البيان 8: 766.

1- تفسير القمّي 2: 246.

2- المحاسن: 149/ 65.

(1) الحديد 57: 25.

(2) البقرة 2: 185.

(3) تقدّم في الحديث (9) من تفسير الآيات (161- 165) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 696

سورة الزمر(39): الآيات 8 الي 9 ..... ص : 695

قوله تعالى:

وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ- إلى قوله تعالى- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ [8 و 9]

9165/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ قال: «نزلت في أبي الفصيل. إنه كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنده ساحرا، فكان إذا مسه الضر، يعني السقم دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ يعني تائبا إليه، من قوله في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول: ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ يعني العافية نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ يعني نسي التوبة إلى الله عز و جل مما كان يقول في رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنه ساحر، و لذلك قال الله عز و جل: قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ

قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عز و جل و من رسوله (صلى الله عليه و آله)».

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ثم عطف القول من الله عز و جل في علي (عليه السلام)، يخبر بحاله و فضله عند الله تبارك و تعالى فقال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1» إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا تأويله، يا عمار».

9166/ [2]- و

عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ؟ قال: «يعني صلاة الليل». قال: قلت له: وَ أَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى «2»؟ قال: «يعني تطوع بالنهار» قال: قلت له: وَ إِدْبارَ النُّجُومِ «3»؟ قال: «ركعتان قبل الصبح». قلت: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ «4»؟ قال: «ركعتان بعد المغرب».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 204/ 246.

2-- الكافي 3: 444/ 11.

(1) في المصدر زيادة: و أنّه ساحر كذّاب.

(2) طه 20: 130.

(3) الطور 52: 49.

(4) سورة ق 50: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 697

9167/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري، عن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ

لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما نحن الذين يعلمون، و الذين لا يعلمون عدونا، و شيعتنا أولو الألباب».

9168/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ. قال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9169/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير- و ذكر الحديث- إلى أن قال-: «يا أبا محمد، لقد ذكرنا الله عز و جل و شيعتنا و عدونا في آية من كتابه، فقال عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، فنحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9170/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، و لا بعث الله نبيا و لا رسولا حتى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول أمته، و ما يضمر النبي (صلى الله عليه و آله) في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، و ما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه، و لا بلغ جميع العابدين، في فضل

عبادتهم ما بلغ العاقل، و العقلاء هم أولو الألباب، الذين قال الله تعالى: وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ» «1».

9171/ [7]- و

عنه: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل قال فيه-: «يا هشام، ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر، و حلاهم بأحسن الحلية، و قال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 165/ 1.

4- الكافي 1: 166/ 2. [.....]

5- الكافي 8: 35/ 6.

6- الكافي 1: 10/ 11.

7- الكافي 1: 12/ 2.

(1) البقرة 2: 269.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 698

9172/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين نعلم، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9173/ [9]- و عنه: عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن محمد، عن على، عن ابى بصير، قال سالت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين نعلم، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9174/ [10]- و

عنه: عن محمد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن محمد بن مروان، قال: قلت

لأبي عبد الله (عليه السلام): هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين نعلم، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9175/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، قال: «يعني صلاة الليل».

9176/ [12]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عمن ذكره، عن أبي علي حسان العجلي، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) و أنا جالس، عن قول الله عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9177/ [13]- و

عنه: عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بن خالد، قال: دخلت أنا و معلى بن خنيس على أبي عبد الله (عليه السلام)، و ليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه و ليس عليه جلباب، فلما نظر إلينا رحب، فقال: «مرحبا بكما و أهلا»، ثم جلس، و قال: «أنتم أولو الألباب في كتاب الله، قال الله تبارك و تعالى:

إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ».

9178/ [14]- محمد بن العباس، قال: حدثني علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن

__________________________________________________

8- بصائر الدرجات: 74/ 1.

9- بصائر الدرجات: 75/ 4.

10- بصائر الدرجات: 74/ 2.

11- علل الشرائع: 363/ 8.

12- المحاسن: 169/ 134.

13- المحاسن: 169/ 135.

14- تأويل الآيات 2: 512/ 3.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 4، ص: 699

إسماعيل بن صبيح، عن سفيان بن إبراهيم، عن عبد المؤمن، عن سعد بن مجاهد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ فقال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9179/ [15]- و

عنه، قال: حدثنا عبد الله بن زيدان بن يزيد، عن محمد بن أيوب، عن جعفر بن عمر «1»، عن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، قال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9180/ [16]- ابن شهر آشوب: عن النيسابوري في (روضة الواعظين)، أنه قال عروة بن الزبير: سمع بعض التابعين أنس بن مالك يقول: نزلت في علي (عليه السلام): أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً الآية، قال الرجل: فأتيت عليا (عليه السلام) وقت المغرب فوجدته يصلي و يقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر، ثم جدد وضوءه، و خرج إلى المسجد، و صلى بالناس صلاة الفجر، ثم قعد في التعقيب إلى أن طلعت الشمس، ثم قصده الناس، فجعل يقضي بينهم إلى أن قام إلى صلاة الظهر، فجدد الوضوء، ثم صلى بأصحابه الظهر، ثم قعد في التعقيب إلى أن صلى بهم العصر، ثم كان يحكم بين الناس و يفتيهم إلى أن غابت الشمس.

9181/ [17]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ أي شركاء، قال: قوله تعالى: قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ، قال: نزلت في

أبي فلان، ثم قال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)، وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ يا محمد هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ يعني أولي العقول.

سورة الزمر(39): آية 10 ..... ص : 699
اشارة

قوله تعالى:

قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ [10]

9182/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان،

__________________________________________________

15- تأويل الآيات 2: 512/ 4.

16- مناقب ابن شهر آشوب 2: 124.

17- تفسير القمّي 2: 246. [.....]

1- الكافي 2: 60/ 4.

(1) في النسخ: عمرو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 700

جميعا، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة، يقوم عنق «1» من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟

فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله، و نصبر عن المعاصي، فيقول الله عز و جل: صدقوا أدخلوهم الجنة، و هو قول الله عز و جل: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ».

9183/ [1]- الشيخ في (أماليه): بإسناد تقدم في قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ من سورة يونس «2»،

عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في كتابه إلى محمد بن أبي بكر و أهل مصر، قال (عليه السلام): «قد قال الله تعالى: يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ، فما أعطاهم الله في الدنيا

لم يحاسبهم به في الآخرة».

9184/ [2]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا نشرت الدواوين، و نصبت الموازين، لم ينصب لأهل البلاء ميزان، و لم ينشر لهم ديوان، ثم تلا هذه الآية: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ».

باب معنى الدنيا، و كم إقليم هي؟ ..... ص : 700

9185/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، بإسناده، رفعه، قال: أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) يهودي، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أسألك عن أشياء، إن أنت أخبرتني بها أسلمت، قال علي (عليه السلام): «سلني يا يهودي عما بدا لك، فإنك لا تصيب أحدا أعلم منا أهل البيت» و ذكر مسائل اليهودي إلى أن قال اليهودي: و لم سميت الدنيا دنيا، قال علي (عليه السلام): «و إنما سميت الدنيا دنيا لأنها أدنى من كل شي ء، و سميت الآخرة آخرة لأن فيها الثواب و الجزاء».

9186/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، بإسناده، رفعه إلى الصادق (عليه السلام)، قال: «الدنيا سبعة أقاليم: يأجوج، و مأجوج، و الروم، و الصين، و الزنج، و قوم موسى، و أقاليم بابل».

9187/ [5]- و

عنه: بإسناده، في حديث، عن يزيد بن سلام، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: قلت: أخبرني

__________________________________________________

1- أمالي الطوسي 1: 25.

2- مجمع البيان 8: 767.

3- علل الشرائع: 1/ 1.

4- الخصال: 357/ 40.

5- علل الشرائع: 470/ 33.

(1) العنق: الجماعة من الناس. «المعجم الوسيط 2: 632».

(2) تقدّم في

الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 701

عن الدنيا، لم سميت الدنيا؟ قال: «إن الدنيا دنيئة، خلقت من دون الآخرة، و لو خلقت مع الآخرة لم يفن أهلها كما لم يفن أهل الآخرة».

قال: فأخبرني عن القيامة، لم سميت القيامة؟ قال: «لأن فيها قيام الخلق للحساب».

قال: فأخبرني لم سميت الآخرة آخرة؟ قال: «لأنها متأخرة تجي ء من بعد الدنيا، لا توصف سنينها، و لا تحصى أيامها، و لا يموت سكانها»، قال: صدقت، يا محمد.

و قد مر سند الحديث في قوله تعالى: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ في سورة الإسراء «1».

سورة الزمر(39): الآيات 15 الي 16 ..... ص : 701

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [15 و 16]

9188/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ، يقول: «غبنوا أنفسهم وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ».

9189/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ يعني تظلل عليهم النار من فوقهم و من تحتهم.

سورة الزمر(39): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 701

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَ أَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ [17- 18]

9190/ [3]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أنتم هم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 248.

2- تفسير القمّي 2: 246.

3- مجمع البيان 8: 770.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (12) من سورة الإسراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 702

9191/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الاستطاعة و قول الناس؟ فقال و تلا هذه الآية وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ «1»: «يا أبا عبيدة، الناس مختلفون في إصابة القول، و كلهم هالك». قال: قلت قوله تعالى: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ؟ قال: «هم شيعتنا، و لرحمته خلقهم، و هو قوله تعالى:

وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول: لطاعة الإمام الرحمة التي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ يقول: علم الإمام، و وسع علمه الذي هو من علمه كل شي ء، هم شيعتنا.

ثم قال: فَسَأَكْتُبُها

لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ «2» يعني ولاية غير الإمام [و طاعته ]، ثم قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يعني النبي (صلى الله عليه و آله)، و الوصي، و القائم يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إذا قام وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ و المنكر: من أنكر فضل الإمام، و جحده وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أخذ العلم من أهله وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ [و الخبائث ] قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ و الأغلال: ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام، فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم. و الإصر: الذنب، و هي الآصار.

ثم نسبهم فقال: الذين ءامنوا به يعني بالإمام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «3» يعني الذين اجتنبوا [الجبت و] الطاغوت أن يعبدوها، و الجبت و الطاغوت: فلان و فلان و فلان، و العبادة: طاعة الناس لهم، ثم قال: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ «4» ثم جزاهم، فقال:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ

«5»، و الإمام يبشرهم بقيام القائم و بظهوره، و بقتل أعدائهم، و بالنجاة في الآخرة، و الورود على محمد (صلى الله عليه و آله) و آله الصادقين على الحوض».

9192/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل راية ترفع قبل قيام القائم (عليه السلام) فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز و جل».

9193/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن مهران، عن

عبد العظيم الحسني، عن علي بن أسباط، عن علي بن عقبة، عن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 355/ 83. [.....]

3- الكافي 8: 295/ 452.

4- الكافي 1: 322/ 8.

(1) هود 11: 118، 119.

(2) الأعراف 7: 156.

(3) الأعراف 7: 157.

(4) الزمر 39: 54.

(5) يونس 10: 64.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 703

الحكم بن أيمن، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ إلى آخر الآية، قال: «هم المسلمون لآل محمد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه، و لم ينقصوا منه، و جاءوا به كما سمعوه».

9194/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله جل ثناؤه: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ؟ قال: « [هو الرجل ] يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه، لا يزيد فيه و لا ينقص [منه ]».

9195/ [6]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، أو عمن سمع أبا بصير، يحدث عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، قال: «هم المسلمون لآل محمد (عليهم السلام)، إذا سمعوا الحديث جاءوا به كما سمعوه، و لم يزيدوا فيه، و لم ينقصوا منه».

9196/ [7]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام)، في رسالته إلى أهل الأهواز، قال: «و ليس كل آية مشتبهة في القرآن، كانت الآية حجة على حكم الآيات اللاتي أمر بالأخذ بها و تقليدها، و

هي قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ «1» الآية، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ».

و الرسالة طويلة يأتي ذكرها- إن شاء الله تعالى- في أول سورة الملك «2».

سورة الزمر(39): آية 20 ..... ص : 703

قوله تعالى:

لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ [20]

9197/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق

__________________________________________________

5- الكافي 1: 41/ 1.

6- مختصر بصائر الدرجات: 77.

7- الإحتجاج: 453.

1- الكافي 8: 97/ 69.

(1) آل عمران 3: 7.

(2) تأتي في الحديث (4) من تفسير الآيتين (1 و 2) من سورة الملك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 704

المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي (عليه السلام): يا رسول الله، أخبرنا عن قول الله عز و جل: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ بما ذا بنيت يا رسول الله؟

فقال: يا علي تلك غرف بناها الله عز و جل لأوليائه بالدر و الياقوت و الزبرجد، سقوفها الذهب، محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بألوان مختلفة، و حشوها المسك و الكافور و العنبر، و ذلك قوله عز و جل: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ «1»».

و الحديث طويل، تقدم بطوله في قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً من سورة مريم «2».

9198/ [2]- علي بن

إبراهيم: في تفسير هذه الآية، رواه عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن تفسير هذه الآية، فقال:

بماذا «3» بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟

فقال: يا علي تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر و الياقوت و الزبرجد، سقوفها الذهب، محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، و فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بألوان مختلفة، و حشوها المسك و العنبر و الكافور، و ذلك قول الله تعالى: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ «4»، فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة، وضع على رأسه تاج الملك و الكرامة، و البس حلل الذهب و الفضة و الياقوت و الدر منظوما في الإكليل تحت التاج، و البس سبعين حلة بألوان مختلفة منسوجة بالذهب و الفضة و اللؤلؤ و الياقوت الأحمر، و ذلك قوله: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ «5»، فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا.

فإذا استقرت لولي الله منازله في الجنة، استأذن عليه الملك الموكل بجنانه، ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له خدامه و وصفاؤه: مكانك، فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته، و زوجته الحوراء العيناء قد هيئت له، فاصبر لولي الله حتى يفرغ من شغله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة، و حولها و صفاؤها، عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت و اللؤلؤ و الزبرجد صبغن بمسك و عنبر، و على رأسها تاج الكرامة، و في رجليها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت و اللؤلؤ،

شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي الله، و هم أن يقوم إليها شوقا، تقول له: يا ولي الله، ليس هذا يوم تعب و لا نصب فلا تقم، أنا لك و أنت لي، فيعتنقان قدر خمس مائة عام من أعوام الدنيا لا

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 246. [.....]

(1) الواقعة 56: 34.

(2) تقدّم في الحديث (11) من تفسير الآيات (73- 98) من سورة مريم.

(3) في المصدر: لماذا.

(4) الواقعة 56: 34.

(5) الحج 22: 23، فاطر 35: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 705

يملها و لا تمله، قال: فينظر إلى عنقها فإذا عليها قلادة من قصب ياقوت أحمر، وسطها لوح مكتوب: أنت يا ولي الله حبيبي، و أنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي و إلي تناهت نفسك.

ثم يبعث الله ألف ملك، يهنئونه بالجنة، و يزوجونه الحوراء، قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه، فيقولون للملك الموكل بأبواب الجنان: استأذن لنا على ولي الله، فإن الله بعثنا مهنئين. فيقول الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه مكانكم، قال: فيدخل الملك إلى الحاجب، و بينه و بين الحاجب ثلاث جنان، حتى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك، أرسلهم رب العالمين، يهنئون ولي الله، و قد سألوا أن أستأذن لهم عليه. فيقول الحاجب: إنه ليعظم علي أن أستأذن لأحد على ولي الله و هو مع زوجته. قال: و بين الحاجب و بين ولي الله جنتان، فيدخل الحاجب على القيم، فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك، أرسلهم رب العالمين، يهنئون ولي الله، فاستأذن لهم. فيقوم القيم إلى الخدام، فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة، و هم ألف ملك، أرسلهم يهنئون ولي الله، فأعلموه مكانهم، قال:

فيعلمه الخدام مكانهم. قال: فيأذن لهم فيدخلون على ولي الله، و هو في الغرفة، و لها ألف باب، و على كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله، فتح كل ملك بابه الذي قد وكل به، فيدخل كل ملك من باب من أبواب الغرفة، فيبلغونه رسالة الجبار، و ذلك قول الله: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ «1» يعني من أبواب الغرفة سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ «2»، و ذلك قوله: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً «3» يعني بذلك ولي الله و ما هو فيه من الكرامة و النعيم و الملك العظيم، و أن الملائكة من رسل الله الجبار ليستأذنون عليه فلا يدخلون إلا بإذنه، فذلك الملك العظيم، و الأنهار تجري من تحتها».

و رواية محمد بن يعقوب فيها زيادة، تقدمت بتمامها في سورة مريم، كما أشرنا إليه سابقا «4».

سورة الزمر(39): آية 21 ..... ص : 705

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً- إلى قوله تعالى- ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً [21]

9199/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 248.

(1) الرعد 13: 23.

(2) الرعد 13: 24.

(3) الإنسان 76: 20.

(4) تقدمت الإشارة في الحديث السابق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 706

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ: «و الينابيع: هي العيون و الركايا مما أنزل الله من السماء فأسكنه في الأرض. ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ بذلك حتى يصفر ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً و الحطام إذا يبست و تفتتت».

سورة الزمر(39): آية 22 ..... ص : 706

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ [22] 9200/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).

9201/ [2]- ابن شهر آشوب: عن الواحدي في (أسباب النزول) و (الوسيط)، قال عطاء في قوله تعالى:

أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ: نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ في أبي جهل و ولده.

9202/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أوحى الله عز و جل إلى موسى (عليه السلام): يا موسى، لا تفرح بكثرة المال، و لا تدع ذكري على كل حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب، و إن ترك ذكري يقسي القلوب».

9203/ [4]- علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي خالد القماط، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القسوة و الرقة من القلب، و هو قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ».

سورة الزمر(39): آية 23..... ص : 706

قوله تعالى:

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ- إلى قوله

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 248.

2- المناقب 3: 80.

3- الكافي 2: 360/ 7.

4- تفسير القمّي 2: 239. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 707

تعالى- فَما لَهُ مِنْ هادٍ [23] 9204/ [1]- علي بن إبراهيم: إنه محكم.

9205/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن إسحاق الضبي، عن أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: إن قوما إذا ذكروا شيئا من القرآن، أو حدثوا به، صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه و «1» رجلاه، لم يشعر بذلك؟ فقال:

«سبحان الله! ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا، إنما هو اللين و الرقة و الدمعة و الوجل».

و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن حسان، عن أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

سورة الزمر(39): الآيات 25 الي 28 ..... ص : 707

قوله تعالى:

كَذَّبَ الَّذِينَ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [25- 28] 9206/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: فإنه محكم.

سورة الزمر(39): آية 29..... ص : 707

قوله تعالى:

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ [29]

9207/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا،

__________________________________________________

1- تفسير القمي (الطبعة الحجرية): 318.

2- الكافي 2: 451/ 1.

3- تفسير القمي (الطبعة الحجرية): 318.

4- الكافي 8: 224/ 283.

(1) في المصدر: أو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 708

قال: «أما الذي فيه شركاء متشاكسون، فلان الأول، يجمع المتفرقون ولايته، و هم في ذلك يلعن بعضهم بعضا، و يبرأ بعضهم من بعض، فأما رجل سلم لرجل فإنه الأول حقا و شيعته.

ثم قال: إن اليهود تفرقوا من بعد موسى (عليه السلام) على إحدى و سبعين فرقة، منها فرقة في الجنة و سبعون في النار، و تفرقت النصارى بعد عيسى (عليه السلام) على اثنين و سبعين فرقة، فرقة منها في الجنة و إحدى و سبعون في النار، و تفرقت هذه الأمة بعد نبيها (صلى الله عليه و آله) على ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون فرقة في النار، و فرقة في الجنة، و من الثلاث و سبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا و مودتنا، اثنتا عشرة فرقة منها في النار، و فرقة في الجنة، و ستون فرقة من سائر الناس [في النار]».

9208/

[2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في خطبة ذكر فيها أسماء له من القرآن- قال: «و أنا السلم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول الله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ».

9209/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن محمد بن تركي، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن شعيب، عن قيس بن الربيع، عن المنذر الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ، قال: «أنا ذلك الرجل السالم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

9210/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن حمران، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً- هو علي (عليه السلام)- لِرَجُلٍ هو النبي (صلى الله عليه و آله) و شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ أي مختلفون، و أصحاب علي (عليه السلام) مجتمعون على ولايته».

9211/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن سلام، عن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة القمي، عن بكير بن الفضل، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول

الله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ، قال: «الرجل السالم لرجل علي (عليه السلام) و شيعته».

9212/ [6]- ابن شهر آشوب، و الطبرسي: عن العياشي، بالإسناد عن أبي خالد، عن الباقر (عليه السلام)، قال:

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 60/ 9.

3- تأويل الآيات 2: 514/ 10.

4- تأويل الآيات 2: 515/ 11.

5- تأويل الآيات 2: 515/ 12.

6- المناقب 3: 104، مجمع البيان 8: 775.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 709

«الرجل السالم «1» حقا، علي و شيعته».

9213/ [7]- الحسن بن زيد، عن آبائه: و رجلا سالما لرجل، هذا مثلنا أهل البيت.

9214/ [8]- الطبرسي: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بالإسناد، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «أنا ذلك الرجل السالم «2» لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

9215/ [9]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ فإنه مثل ضربه الله لأمير المؤمنين (عليه السلام) و شركائه الذين ظلموه و غصبوه حقه و قوله تعالى: مُتَشاكِسُونَ أي متباغضون، و قوله: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ أمير المؤمنين (عليه السلام) سلم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

سورة الزمر(39): الآيات 30 الي 33 ..... ص : 709

قوله تعالى:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [30- 33]

9216/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا، قال: حدثني يعقوب الأحمر، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) نعزيه بإسماعيل، فترحم عليه، ثم قال: «إن الله عز و جل نعى إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) نفسه، فقال:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، و قال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3»- ثم أنشأ يحدث فقال-: إنه يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد، ثم يموت أهل السماوات حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت و حملة العرش و جبرئيل و ميكائيل (عليهم السلام)، فيجي ء ملك الموت (عليه السلام) حتى يقوم بين يدي الله عز و جل، فيقال له: من بقي؟- و هو أعلم- فيقول: يا رب، لم يبق إلا ملك الموت و حملة العرش و جبرئيل و ميكائيل. فيقال له: قل لجبرئيل و ميكائيل: فليموتا. فتقول الملائكة عند ذلك: يا رب، رسوليك و أمينيك. فيقول: إني قد قضيت على كل نفس فيها الروح الموت، ثم يجي ء ملك

__________________________________________________

7- المناقب 3: 104.

8- مجمع البيان 8: 775.

9- تفسير القمّي 2: 248.

1- الكافي 3: 256/ 25. [.....]

(1) في مجمع البيان: السلم.

(2) في المصدر: السّلم.

(3) آل عمران 3: 185.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 710

الموت حتى يقف بين يدي الله عز و جل فيقال له: من بقي؟- و هو أعلم- فيقول: يا رب، لم يبق إلا ملك الموت و حملة العرش. فيقول: قل لحملة العرش: فليموتوا. قال: ثم يجي ء كئيبا حزينا لا يرفع «1» طرفه فيقال: من بقي؟

فيقول: يا رب، لم يبق إلا ملك الموت. فيقال له: مت يا ملك الموت. فيموت، ثم يأخذ الأرض بيمينه و السماوات بيمينه، فيقول: أين الذين كانوا يدعون معي شريكا؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلها [آخر]».

9217/ [2]- ابن بابويه: بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما نزلت هذه الآية إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، قلت: يا رب أ يموت الخلائق كلهم و يبقى الأنبياء؟ فنزلت كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ

الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ «2»».

9218/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم عزى نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) و من غصبه حقه، ثم ذكر أيضا أعداء آل محمد و من كذب على الله و على رسوله و ادعى ما لم يكن له، فقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ يعني بما جاء به رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الحق و ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

9219/ [4]- و

من طريق المخالفين: عن ابن مردويه، بإسناد مرفوع إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «الذي كذب بالصدق هو الذي رد قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام)».

9220/ [5]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.

9221/ [6]- الشيخ في (أماليه): عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ، قال: «الصدق ولايتنا أهل البيت».

9222/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ، قال: «الذي جاء بالصدق: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صدق به: علي بن أبي طالب

(عليه السلام)».

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 32/ 51.

3- تفسير القمّي 2: 249، تأويل الآيات 2: 516/ 14.

4- كشف الغمة 1: 317، عن ابن مردويه.

5- تفسير القمّي 2: 249.

6- أمالي الطوسي 1: 374.

7- تأويل الآيات 2: 517/ 18.

(1) في «ط، ي»: يطرف.

(2) العنكبوت 29: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 711

9223/ [8]- ابن شهر آشوب: عن علماء أهل البيت، عن الباقر، و الصادق، و الكاظم، و الرضا، و زيد بن علي (عليهم السلام)، في قوله تعالى: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ، قالوا: «هو علي (عليه السلام)».

9224/ [9]- و

عنه: عن حذيفة، عن النبي (صلى الله عليه و آله) في خبر: «أن الله تعالى فرض على الخلق خمسة، فأخذوا أربعة و تركوا واحدا» فسئل عن ذلك، قال: «الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم».

قالوا: فما الواحد الذي تركوا؟ قال: «ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)». قالوا: أ هي واجبة من الله تعالى؟

قال: «نعم، قال الله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» «1» الآيات.

9225/ [10]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين): قال ابن عباس: و الذي جاء بالصدق محمد (صلى الله عليه و آله)، و صدق به علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9226/ [11]- الطبرسي: ا لذي جاء بالصدق: محمد (صلى الله عليه و آله)، و صدق به: علي بن أبي طالب (عليه السلام).

عن مجاهد، و رواه الضحاك، عن ابن عباس، قال: و هو المروي عن أئمة الهدى من آل محمد (عليهم السلام).

9227/ [12]- و من طريق المخالفين: ابن المغازلي الشافعي في (المناقب)، يرفعه إلى مجاهد، في قوله تعالى:

وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ، قال: جاء به محمد (صلى

الله عليه و آله) و صدق به علي بن أبي طالب (عليه السلام).

و من كتاب الحبري يرفعه إلى ابن عباس، مثله «2».

و من (حلية الأولياء) لأبي نعيم المحدث، مثله «3».

سورة الزمر(39): آية 36 ..... ص : 711

قوله تعالى:

أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [36] 9228/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ يعني

__________________________________________________

8- المناقب 3: 92.

9- المناقب 3: 199.

10- روضة الواعظين: 104، شواهد التنزيل 2: 122/ 813. [.....]

11- مجمع البيان 8: 777، شواهد التنزيل 2: 121/ 811، ترجمة الإمام علي (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 2: 418/ 924، كفاية الطالب: 233.

12- المناقب: 269/ 317.

1- تفسير القمّي 2: 249.

(1) الأنعام 6: 144، الأعراف 7: 37.

(2) تفسير الحبري: 315/ 62.

(3) ...، النور المشتعل: 204/ 56، و لم نجده في الحلية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 712

يقولون لك: يا محمد اعفنا من علي، و يخوفونك أنهم يلحقون بالكفار.

سورة الزمر(39): آية 38 ..... ص : 712

قوله تعالى:

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [38]

9229/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «1»، قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، قال: فطرهم على المعرفة به».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «2» الآية، قال: «أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم و أراهم نفسه، و لو لا ذلك لم يعرف أحد ربه».

و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة، يعني المعرفة بأن الله عز و

جل خالقه، كذلك قوله تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ».

سورة الزمر(39): آية 42 ..... ص : 712

قوله تعالى:

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها [42]

9230/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام)، قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في المسجد و عنده الحسن بن علي (عليهما السلام)، و أمير المؤمنين (عليه السلام) متكئ على يد سلمان، فأقبل رجل حسن اللباس، فسلم على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فرد عليه مثل سلامه و جلس، فقال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بها علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما ليس لهم، و خرجوا من دينهم، و صاروا بذلك غير مؤمنين في الدنيا، و لا خلاق لهم في الآخرة، و إن تكن الاخرى علمت أنك و هم شرع سواء، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سل عما بدا لك.

فقال أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه. و عن الرجل كيف يذكر و ينسى، و عن الرجل يشبه ولده الأعمام

__________________________________________________

1- الكافي 2: 10/ 4.

2- تفسير القمّي 2: 249.

(1) الحج 22: 31.

(2) الأعراف 7: 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 713

و الأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن (عليه السلام) فقال: يا أبا محمد أجبه.

فقال: أما ما سألت عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ فإن الروح متعلقة بالريح، و الريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها، فإن أذن الله بالرد عليه جذبت تلك الروح تلك الريح، و جذبت تلك الريح ذلك الهواء، فأسكنت الروح في بدن صاحبها، و إن لم يأذن الله برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء

الريح، و جذبت الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث». و هذا الحديث فيه زيادة، و هو من مشاهير الأحاديث.

و رواه ابن بابويه، و الشيخ، و محمد بن إبراهيم النعماني «1».

9231/ [1]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما من أحد «2» ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء، و بقيت روحه في بدنه، و صار بينهما سبب كشعاع الشمس!، فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس، و إذا أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح، و هو قوله سبحانه: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها الآية، فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل، و ما رأته بين السماء و الأرض فهو مما يخيله الشيطان و لا تأويل له».

سورة الزمر(39): آية 43 ..... ص : 713

قوله تعالى:

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ [43] 9232/ [2]- علي بن إبراهيم: يعني الأصنام، ليشفعوا لهم يوم القيامة، و قالوا: إن فلانا و فلانا يشفعان لنا [عند الله ] يوم القيامة.

سورة الزمر(39): آية 44 ..... ص : 713

قوله تعالى:

قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً [44] 9233/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: لا يشفع أحد إلا بإذن الله تعالى.

__________________________________________________

1- مجمع البيان 8: 781.

2- تفسير القمّي 2: 250.

3- تفسير القمّي 2: 250.

(1) كمال الدين و تمام النعمة: 313/ 1، كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 154/ 114، كتاب الغيبة للنعماني: 58/ 2. [.....]

(2) في النسخ: عبد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 714

سورة الزمر(39): آية 45 ..... ص : 714

قوله تعالى:

وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [45] 9234/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنها نزلت في فلان و فلان و فلان.

9235/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: حدثني أبو الخطاب في أحسن ما يكون حالا، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ، فقال: «إذا ذكر الله وحده بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمد (عليهم السلام) اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، و إذا ذكر الذين لم يأمر الله بطاعتهم إذا هم يستبشرون».

9236/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن حبيب بن المعلى الخثعمي، قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما يقول أبو الخطاب؟ فقال: «احك لي ما يقول». قلت: يقول في قوله عز و جل: وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ أنه أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ فلان و فلان! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قال

هذا فهو مشرك بالله عز و جل- ثلاثا- أنا إلى الله منه بري ء- ثلاثا- بل عنى الله بذلك نفسه».

قال: [و أخبرته ] بالآية الاخرى التي في «حم» قول الله عز و جل: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ «1»؟ ثم قلت: زعم أنه يعني بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قال هذا فهو مشرك بالله- ثلاثا- أنا إلى الله منه بري ء- ثلاثا- بل عنى الله بذلك نفسه، بل عنى الله بذلك نفسه- ثلاثا-».

9237/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثني محمد بن الحسين، عن إدريس بن زياد، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: سمعت صامتا بياع الهروي، و قد سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن المرجئة، فقال: «صل معهم، و اشهد جنائزهم، و عد مرضاهم، و لا تستغفر «2» لهم، فإنا إذا ذكرنا عندهم اشمأزت قلوبهم، و إذا ذكر الذين من دوننا إذا هم يستبشرون».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 250.

2- الكافي 8: 304/ 471.

3- مختصر بصائر الدرجات: 88.

4- تأويل الآيات 2: 517/ 19.

(1) غافر 40: 12.

(2) في المصدر: و إذا ماتوا فلا تستغفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 715

قلت: أبو الخطاب غلا في آخر عمره، و لهذا قال ما قال، و الصحيح روايته الاولى التي رواها زرارة.

سورة الزمر(39): آية 46 ..... ص : 715

قوله تعالى:

عالِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ [46] مر الحديث فيها في سورة الأنعام «1»، و الم السجدة «2».

سورة الزمر(39): آية 53 ..... ص : 715

قوله تعالى:

قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [53]

9238/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال: «قد ذكركم الله في كتابه إذ يقول: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، و الله ما أراد بهذا غيركم».

9239/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يعذر «3» أحد يوم القيامة بأن يقول: يا رب، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة، و في ولد فاطمة أنزل الله هذه الآية خاصة يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».

9240/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة.

9241/ [4]- علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا عبد الكريم، عن محمد بن علي، عن محمد

__________________________________________________

1- الكافي 8: 35/ 6.

2- معاني الأخبار: 107/ 4.

3- تفسير القمّي 2: 250.

4- تفسير القمّي 2: 250.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (73) من سورة الأنعام.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة السجدة.

(3) في

المصدر: لا يقدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 716

ابن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا يعذر الله يوم القيامة أحدا يقول: يا رب، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة على الناس كافة، و في شيعة ولد فاطمة (عليها السلام) أنزل الله هذه الآية خاصة يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الآية».

9242/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن فضال، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا يعذر الله أحدا يوم القيامة بأن يقول: يا رب، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة، و في «1» ولد فاطمة (عليهم السلام) أنزل الله هذه الآية خاصة: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».

9243/ [6]- ابن بابويه: في حديث، عن محمد بن الحسن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير فقال له الإمام: «يا أبا بصير، لقد ذكركم الله عز و جل في كتابه، إذ يقول: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ و الله ما أراد بذلك غيركم. يا أبا محمد، فهل سررتك؟» قال: نعم.

9244/ [7]- محمد بن علي، عن عمرو بن عثمان، عن عمران بن سليمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله

عز و جل: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، فقال: «إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب».

قال: فقلت: ليس هكذا نقرأ، فقال: «يا أبا محمد، فإذا غفر الله الذنوب جميعا فلمن يعذب؟ و الله ما عنى من عباده غيرنا و غير شيعتنا، و ما نزلت إلا هكذا: إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب».

سورة الزمر(39): الآيات 54 الي 56 ..... ص : 716

قوله تعالى:

وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [54- 56] 9245/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ، أي توبوا وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 518/ 21.

6- تأويل الآيات 2: 518/ 22، فضائل الشيعة: 62/ 18.

7- تأويل الآيات 2: 519/ 23.

1- تفسير القمّي 2: 250.

(1) في المصدر زيادة: شيعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 717

يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ من القرآن و ولاية أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)، و الدليل على ذلك قول الله عز و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ الآية، قال: في الإمام،

لقول الصادق (عليه السلام): «نحن جنب الله».

9246/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم».

9247/ [3]- و

عنه:

عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حسان الجمال، قال: حدثني هاشم بن أبي عمار الجنبي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «أنا عين الله [و أنا يد الله ]، و أنا جنب الله و أنا باب الله».

9248/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في خطبته: «أنا الهادي، و أنا المهدي «1»، و أنا أبو اليتامى و المساكين، و زوج الأرامل، و أنا ملجأ كل ضعيف، و مأمن كل خائف، و أنا قائد المؤمنين إلى الجنة، و أنا حبل الله المتين، و أنا عروة الله الوثقى، و كلمة التقوى، و أنا عين الله و لسانه الصادق و يده، و أنا جنب الله الذي يقول: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، و أنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة، و أنا باب حطة، من عرفني و عرف حقي فقد عرف ربه، لأني وصي نبيه في أرضه و حجته على خلقه، لا ينكر هذا إلا راد على الله و رسوله».

و رواه المفيد، في (الاختصاص)، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمد بن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أنا الهادي و أنا المهتدي» و ذكر الحديث «2».

9249/ [5]- و

عنه،

قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي الكوفي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن الحسين

__________________________________________________

2- الكافي 1: 113/ 9.

3- الكافي 1: 113/ 8.

4- التوحيد: 164/ 2.

5- التوحيد: 164/ 1.

(1) في المصدر، و «ج»: و أنا المهتدي.

(2) الإختصاص: 248.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 718

عمن حدثه، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أنا علم الله، و أنا قلب الله الواعي، و لسانه الناطق، و عين الله، و أنا جنب الله، و أنا يد الله».

9250/ [6]- محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المعمر الطبراني بطبرية سنة ثلاثة و ثلاثين «1» و ثلاث مائة و كان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية و من النصاب، قال:

حدثني أبي، قال: حدثني علي بن هاشم، و الحسن «2» بن السكن، قال: حدثني عبد الرزاق بن همام، قال: أخبرني أبي، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: و فد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل اليمن، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «جاءكم أهل اليمن يبسون «3» بسيسا». فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «قوم رقيقة قلوبهم، راسخ إيمانهم، منهم المنصور، يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي و خلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك».

فقالوا: يا رسول الله و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال عز و جل: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ

لا تَفَرَّقُوا «4»».

فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: «هو قول الله: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ «5»، فالحبل من الله كتابه، و الحبل من الناس وصيي».

فقالوا: يا رسول الله، من وصيك؟ فقال: «هو الذي أنزل الله فيه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ».

فقالوا: يا رسول الله، و ما جنب الله هذا؟ فقال: «هو الذي يقول الله فيه: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا «6» هو وصيي، و السبيل إلي من بعدي».

فقالوا: يا رسول الله، بالذي بعثك بالحق أرناه، فقد اشتقنا إليه، فقال: «هو الذي جعله الله آية للمتوسمين، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز و جل يقول في كتابه: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «7» إليه و إلى ذريته».

__________________________________________________

6- غيبة النعماني: 39/ 1.

(1) في «ط، ي»: و ثمانين.

(2) في المصدر: الحسين، و كذلك في تاريخ بغداد 8: 50. [.....]

(3) البسّ: السير الرقيق. «لسان العرب- بسس- 6: 28».

(4) آل عمران 3: 103.

(5) آل عمران 3: 112.

(6) الفرقان 25: 27.

(7) إبراهيم: 14: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 719

قال: فقام أبو عامر الأشعري، في الأشعريين، و أبو غرة الخولاني في الخولانيين، و ظبيان و عثمان بن قيس «1» و عرنة الدوسي في الدوسيين، و لا حق بن علاقة، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، و أخذوا بيد الأصلع البطين، و قالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا، يا رسول الله. فقال

النبي (صلى الله عليه و آله): «أنتم نخبة «2» الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو؟». فرفعوا أصواتهم يبكون، و قالوا: يا رسول الله، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم [قلوبنا]، و لما رأيناه و جفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا، و انجاشت أكبادنا، و هملت أعيننا، و تبلجت «3» صدورنا حتى كأنه لنا أب، و نحن له بنون.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «4» أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى، و أنتم عن النار مبعدون».

قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل و صفين، فقتلوا بصفين (رحمهم الله)، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) يبشرهم بالجنة، و أخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9251/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن حمران بن أعين، عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ. قال: «خلقنا و الله من نور جنب الله خلقنا الله جزءا من جنب الله، و ذلك قوله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ يعني في ولاية علي (عليه السلام)».

9252/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن العباس، عن حسن بن محمد، عن حسين بن علي بن بهيس «5»، عن موسى بن أبي الغدير، عن عطاء الهمداني، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، في قول الله

عز و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «قال علي (عليه السلام): أنا جنب الله، و أنا حسرة للناس يوم القيامة».

9253/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عن حمزة بن بزيع، عن علي السائي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و كذلك من

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 519/ 24.

8- تأويل الآيات 2: 520/ 25.

9- تأويل الآيات 2: 520/ 26.

(1) في المصدر زيادة: في بني قيس.

(2) في المصدر: نجبة.

(3) في المصدر: و انثلجت.

(4) آل عمران 3: 7.

(5) في «ج»: مهس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 720

كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع حتى ينتهي إلى الأخير منهم، و الله أعلم بما هو كائن بعده».

9254/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سدير الصيرفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: و قد سأله رجل عن قول الله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن و الله خلقنا من نور جنب الله تعالى، و ذلك قول الكافر إذا استقرت به الدار: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ يعني ولاية محمد و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».

9255/ [11]- الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا

أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن خيثمة، قال: سمعت الباقر (عليه السلام) يقول: «نحن جنب الله، و نحن صفوة الله، و نحن خيرة الله، و نحن مستودع مواريث الأنبياء، و نحن أمناء الله عز و جل، و نحن حجج الله، و نحن حبل الله، و نحن رحمة الله على خلقه، و نحن الذين بنا يفتح الله و بنا يختم، و نحن أئمة الهدى، و نحن مصابيح الدجى، و نحن منار الهدى، و نحن العلم المرفوع «1» لأهل الدنيا، و نحن السابقون، و نحن الآخرون، من تمسك بنا لحق، و من تخلف عنا غرق.

و نحن قادة الغر المحجلين، و نحن حرم الله، و نحن الطريق و الصراط المستقيم إلى الله عز و جل، و نحن من نعم الله على خلقه، و نحن المنهاج، و نحن معدن النبوة «2»، و نحن موضع الرسالة، و نحن أصول الدين، و إلينا تختلف الملائكة، و نحن السراج لمن استضاء بنا، و نحن السبيل لمن اقتدى بنا، و نحن الهداة إلى الجنة، و نحن عرى الإسلام، و نحن الجسور، و نحن القناطر، من مضى علينا سبق، و من تخلف عنا محق، و نحن السنام الأعظم، و نحن الذين بنا تنزل الرحمة، و بنا تسقون الغيث، و نحن الذين بنا يصرف الله عز و جل عنكم العذاب، فمن أبصرنا و عرفنا و عرف حقنا و أخذ بأمرنا، فهو منا و إلينا».

9256/ [12]- ابن شهر آشوب: عن السجاد و الباقر و الصادق و زيد بن علي (عليهم السلام) في هذه الآية، قالوا:

«جنب الله علي (عليه السلام)،

و هو حجة الله على الخلق يوم القيامة».

9257/ [13]- و

عن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «في ولاية علي (عليه السلام)».

9258/ [14]- أبو ذر، في خبر عن النبي (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، يؤتي بجاحد علي يوم القيامة أعمى أبكم،

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 520/ 27. [.....]

11- أمالي الطوسي 2: 267.

12- المناقب 3: 273.

13- المناقب 3: 273.

14- المناقب 3: 273.

(1) في «ط، ي»: المعروف.

(2) (و نحن من نعم ... معدن النبوة) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 721

يتكبكب في ظلمات القيامة، ينادي يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، و في عنقه طوق من النار».

9259/ [15]- الطبرسي في (الاحتجاج): في حديث طويل، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «قد زاد جل ذكره في التبيان و إثبات الحجة بقوله في أصفيائه و أوليائه (عليهم السلام): أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، تعريفا للخليقة قربهم، ألا ترى أنك تقول: فلان إلى جنب فلان، إذا أردت أن تصف قربه منه؟

و إنما جعل الله تبارك و تعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره و غير أنبيائه و حججه في أرضه، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه، و تلبيسهم ذلك على الأمة، ليعينوهم على باطلهم، فأثبت فيه الرموز، و أعمى قلوبهم و أبصارهم، لما عليهم في تركها و ترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه».

9260/ [16]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن القاسم بن بريد، عن مالك الجهني، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنا شجرة من جنب الله، فمن وصلنا وصله الله» قال: ثم تلا هذه الآية: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ.

9261/ [17]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عن حمزة بن بزيع، عن علي السائي، قال: سألت أبا الحسن الماضي (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين، و كذلك من كان من بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع، إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم، و الله أعلم بما هو كائن بعده».

9262/ [18]- الطبرسي: روى العياشي، بالإسناد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «نحن جنب الله».

سورة الزمر(39): الآيات 57 الي 59 ..... ص : 721

قوله تعالى:

لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ- إلى قوله تعالى- وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ [57- 59]

9263/ [1]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ،

__________________________________________________

15- الإحتجاج: 252.

16- بصائر الدرجات: 82/ 5.

17- بصائر الدرجات: 82/ 6.

18- مجمع البيان 8: 787.

1- المناقب 3: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 722

قال: «الولاية لعلي (عليه السلام)، فرد الله عليهم: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ».

9264/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال: أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً الآية، فرد الله تعالى عليهم، فقال: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها يعني بالآيات الأئمة (عليهم السلام) وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ [يعني ] بالله.

سورة الزمر(39): آية 60 ..... ص : 722

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [60]

9265/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، قال: «من قال إني إمام و ليس بإمام».

قال: قلت: و إن كان علويا؟ قال: «و إن كان علويا»، قلت: و إن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال:

«و إن كان».

9266/ [3]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا حميد ابن زياد، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل المنقري، قال: أخبرني شيخ بمصر يقال له: الحسين بن أحمد المقري، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو

عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ، قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام».

9267/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال من كتابه، قال: حدثنا العباس بن عامر بن رباح الثقفي، عن أبي المغرا، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، أنه قال له: قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ؟ قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام»، قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ فقال: «و إن كان علويا فاطميا».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 251.

2- الكافي 1: 304/ 1.

3- غيبة النعماني: 111/ 1. [.....]

4- غيبة النعماني: 112/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 723

9268/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي، قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي المعروف بالرزاز الكوفي، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ. قال: «من قال إني إمام و ليس بإمام».

قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا»، قلت: و إن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: «و إن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9269/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله

تعالى: يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ،

قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من ادعى أنه إمام و ليس بإمام».

قلت: «و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».

9270/ [6]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر، شكا إلى الله شدة حره، و سأله أن يتنفس، فأذن له فتنفس فأحرق جهنم».

9271/ [7]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله عز و جل:

وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام».

قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».

9272/ [8]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الحسين بن المختار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ؟ قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام».

قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».

9273/ [9]- العياشي: بإسناده، عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من حدث عنا بحديث فنحن سائلوه عنه يوما، فإن صدق علينا فإنما يصدق على الله و على رسوله، و إن كذب

علينا فإنما يكذب على الله و على رسوله، لأنا إذا حدثنا لا نقول: قال فلان و فلان، و إنما نقول: قال الله و قال رسوله». ثم

__________________________________________________

4- غيبة النعماني: 114/ 8.

5- تفسير القمّي 2: 251.

6- تفسير القمّي 2: 251.

7- ثواب الأعمال: 214.

8- الكافي 1: 304/ 3.

9- مجمع البيان 8: 787.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 724

تلا هذه الآية: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ثم أشار خيثمة إلى أذنيه فقال: صمتا إن لم أكن سمعته.

سورة الزمر(39): آية 62 ..... ص : 724

قوله تعالى:

اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيلٌ [62]

9274/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله عليه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟ فقال: «إن الله تعالى فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أمر دينه، فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «1»، فأما الخلق و الرزق فلا».

ثم قال (عليه السلام): «إن الله تعالى يقول: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ، و يقول تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ «2»».

سورة الزمر(39): آية 63 ..... ص : 724

قوله تعالى:

لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [63] 9275/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [يعني ] مفاتيح السماوات و الأرض.

سورة الزمر(39): آية 64 ..... ص : 724

قوله تعالى:

قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ [64]

9276/ [3]- ابن شهر آشوب: الطبري و الواحدي بإسنادهما، عن السدي، و روى ابن بابويه في كتاب (النبوة)،

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 202/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 251.

3- المناقب 1: 59.

(1) الحشر 59: 7.

(2) الروم 30: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 725

عن زين العابدين (عليه السلام): «أنه اجتمعت قريش إلى أبي طالب و رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنده، فقالوا: نسألك عن ابن أخيك النصف منه. قال: و ما النصف منه؟ قالوا: يكف عنا و نكف عنه، فلا يكلمنا و لا نكلمه، و لا يقاتلنا و لا نقاتله، ألا إن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب، و زرعت الشحناء، و أنبتت البغضاء، فقال: يا بن أخي، أ سمعت؟

قال: يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي و قبلوا نصيحتي، إن الله تعالى أمرني أن أدعو إلى الحنيفية ملة إبراهيم، فمن أجابني فله عند الله الرضوان، و الخلود في الجنان، و من عصاني قاتلته حتى يحكم الله بيننا، و هو خير الحاكمين. فقالوا: قل له أن يكف عن شتم آلهتنا فلا يذكرها بسوء. فنزل: قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ».

سورة الزمر(39): الآيات 65 الي 66 ..... ص : 725

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [65 و 66]

9277/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحكم بن بهلول، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، قال:

«يعني إن أشركت في

الولاية غيره بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ يعني بل الله فاعبد بالطاعة و كن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك و ابن عمك».

9278/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ، قال: «تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي (عليه السلام) من بعدك ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين».

9279/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن عبيد بن مسلم، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن الحسن بن إسماعيل الأفطس، عن أبي موسى المشرقاني، قال: كنت عنده و حضره قوم من الكوفيين، فسألوه عن قول الله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، فقال: ليس حيث تذهبون، إن الله عز و جل حيث أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يقيم عليا (عليه السلام) للناس علما، اندس إليه معاذ بن جبل، فقال:

__________________________________________________

1- الكافي 2: 254/ 76.

2- تفسير القمّي 2: 251. [.....]

3- تأويل الآيات 2: 522/ 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 726

أشرك في ولايته- أي الأول و الثاني- حتى يسكن الناس إلى قولك و يصدقوك، فلما أنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «1» شكا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى جبرئيل، فقال: «إن الناس يكذبوني و لا يقبلون مني»، فأنزل الله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ.

9280/ [4]-

ابن شهر آشوب: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ الآية، و ذلك لما أمر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه و آله) أن يقيم عليا (عليه السلام)، و أن لا يشرك مع علي (عليه السلام) شريكا».

9281/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثني تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام)، فقال له [المأمون ]: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

قال له المأمون فيما سأله: يا أبا الحسن أخبرني عن قول الله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ «2». قال:

قال له الرضا (عليه السلام): «هذا مما نزل بإياك أعني و اسمعي يا جارة، خاطب الله تعالى بذلك نبيه (صلى الله عليه و آله) و أراد به أمته، و كذلك قوله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ و قوله تعالى: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا «3»» قال: صدقت يا ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله).

9282/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزل القرآن بإياك أعني و اسمعي يا جارة».

و قد تقدم في ذلك في مقدمة الكتاب «4»

سورة الزمر(39): آية 67 ..... ص : 726

قوله تعالى:

وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ

تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [67]

9283/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن

__________________________________________________

4- المناقب 1: 252.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 202/ 1.

6- الكافي 2: 461/ 14.

1- الكافي 1: 80/ 11.

(1) المائدة 5: 67.

(2) التوبة 9 43.

(3) الإسراء 17: 74.

(4) تقدّم في باب (9).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 727

ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله لا يوصف، و كيف يوصف و قد قال في كتابه: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك».

9284/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.

فقال: «ذلك تعيير الله تبارك و تعالى لمن شبهه بخلقه، ألا ترى أنه قال: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ و معناه إذ قالوا: إن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه؟ كما قال الله عز و جل: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ «1»، ثم نزه عز و جل نفسه عن القبضة و اليمين فقال: سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ».

9285/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر

بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ.

فقال: «يعني ملكه لا يملكه معه أحد، و القبض من الله تعالى في موضع آخر: المنع، و البسط منه: الإعطاء و التوسيع [كما قال عز و جل ]، وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «2» يعني يعطي و يمنع «3»، و القبض منه عز و جل في وجه آخر: الأخذ، و الأخذ في وجه القبول، كما قال: وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ «4» أي يقبلها من أهلها و يثيب عليها».

قلت: فقوله عز و جل: وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ؟ قال: «اليمين: اليد، و اليد: القدرة و القوة، يقول عز و جل: وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي بقدرته و قوته سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ».

9286/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في الخوارج وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ

__________________________________________________

2- التوحيد: 160/ 1.

3- التوحيد: 161/ 2.

4- تفسير القمي 2: 251.

(1) الأنعام 6: 91.

(2) البقرة 2: 245. [.....]

(3) في المصدر: يعطي و يوسع و يمنع و يضيق.

(4) التوبة 9: 104.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 728

أي بقدرته «1».

9287/ [5]- الديلمي: بحذف الإسناد، مرفوعا إلى سلمان الفارسي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث له معه جاثليق و معه مائة رجل من النصارى، فكان فيما سأله (عليه السلام) أن قال له الجاثليق: فأخبرني عن قوله جل ثناؤه: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ «2» وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ فإذا

طويت السماوات، و قبضت الأرض، فأين تكون الجنة و النار فيهما؟

قال: فدعا بدواة و قرطاس، ثم كتب فيه: الجنة و النار، ثم درج القرطاس و دفعه إلى النصراني، و قال [له ]:

«أليس قد طويت هذا القرطاس؟». قال: نعم، قال: «فافتحه» قال: ففتحه، فقال: «هل ترى آية النار و آية الجنة، أمحاهما طي القرطاس؟». قال: لا، قال: «فهكذا في قدرة الله إذا طويت السماوات و قبضت الأرض لم تبطل الجنة و النار، كما لم يبطل طي هذا الكتاب آية الجنة و آية النار».

9288/ [6]- كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): عن أبي هريرة و سلمان الفارسي، في حديث طويل، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في جواب سؤال جاثليق، قال له الجاثليق: فأخبرني عن الجنة و النار أين هما؟

قال (عليه السلام): «الجنة تحت العرش في الآخرة، و النار تحت الأرض السابعة السفلى».

فقال الجاثليق: صدقت، فإذا طوى الله السماوات و الأرض، أين تكون الجنة و النار؟ فقال (عليه السلام): «ائتوني بدواة و بياض». فكتب آية من الجنة و آية من النار، ثم طوى الكتاب و ناوله النصراني، فأخذه بيده، قال له: «ترى شيئا؟» قال: لا، قال: «فانشره». فقال: «ترى تحت آية الجنة آية النار، و آية النار تحت آية الجنة؟». قال: نعم. قال:

«كذلك الجنة و النار في قدرة الرب عز و جل» قال: صدقت.

سورة الزمر(39): آية 68 ..... ص : 728

قوله تعالى:

وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ [68]

9289/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير، عن ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسين

(عليهما السلام)، قال: سئل عن النفختين، كم بينهما؟

__________________________________________________

5- إرشاد القلوب: 310.

6- ....، معالم الزلفى: 315.

1- تفسير القمّي 2: 252.

(1) في المصدر: بقوته.

(2) إبراهيم 14: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 729

قال: «ما شاء الله».

فقيل له: فأخبرني يا ابن رسول الله، كيف ينفخ فيه؟ فقال: «أما النفخة الأولى، فإن الله يأمر إسرافيل فيهبط إلى الأرض و معه الصور، و للصور رأس واحد و طرفان، و بين طرف كل رأس منهما ما بين السماء و الأرض، فإذا رأت الملائكة إسرافيل و قد هبط إلى الدنيا و معه الصور، قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض، و في موت أهل السماء، قال: فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس و يستقبل الكعبة، فإذا رأوه أهل الأرض، قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض، قال: فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض، فلا يبقى في الأرض ذو روح إلا صعق و مات، و يخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماء، فلا يبقى ذو روح في السماوات إلا صعق و مات إلا إسرافيل».

قال: «فيقول الله لإسرافيل: يا إسرافيل مت فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر الله السماوات فتمور، و يأمر الجبال فتسير، و هو قوله تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً «1» يعني تنبسط و تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ «2» يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب، بارزة ليس عليها جبال و لا نبات، كما دحاها أول مرة، و يعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة، مستقلا بعظمته و قدرته- قال-: فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات و الأرضين: لمن الملك اليوم؟ فلا

يجيبه أحد، فعند ذلك يجيب الجبار عز و جل مجيبا لنفسه: لله الواحد القهار و أنا قهرت الخلائق كلهم و أمتهم، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك لي و لا وزير، و أنا خلقت خلقي بيدي و أنا أمتهم بمشيتي، و أنا أحييهم بقدرتي، قال:

فينفخ الجبار نفخة في الصور، فيخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات، فلا يبقى أحد في السماوات إلا حيي و قام كما كان، و يعود حملة العرش، و تعرض «3» الجنة و النار، و تحشر الخلائق للحساب». قال: فرأيت علي ابن الحسين (عليهما السلام) يبكي عند ذلك بكاء شديدا.

9290/ [2]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا، فاجتمعت الأوصال و نبتت اللحوم و قد «4» أتى جبرئيل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ بيده و أخرجه إلى البقيع، فانتهى به إلى قبر فصوت بصاحبه، فقال: قم «5» بإذن الله فخرج منه رجل أبيض الرأس و اللحية، يمسح التراب عن وجهه، و هو يقول: الحمد لله و الله أكبر، فقال جبرئيل: عد بإذن الله، ثم انتهى به إلى قبر آخر، فقال: قم بإذن الله: فخرج منه رجل مسود الوجه، و هو

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 253.

(1) الطور 52: 9 و 10.

(2) إبراهيم 14: 48.

(3) في المصدر: تحضر.

(4) في المصدر: و قال.

(5) في نسخة من «ط، ج، ي»: كن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 730

يقول: وا حسرتاه وا ثبوراه، ثم قال له جبرئيل: عد، إلى ما كنت فيه [بإذن الله ]، فقال:

يا محمد، هكذا يحشرون يوم القيامة، فالمؤمنون يقولون: هذا القول، و هؤلاء يقولون ما ترى».

9291/ [3]- (بستان الواعظين): قال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، عن الخير، و كنت أسأله عن الشر، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يكون في آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم، فإذا غضب الله على أهل الأرض، أمر الله سبحانه و تعالى إسرافيل أن ينفخ نفخة الصعق، فينفخ على غفلة من الناس، فمن الناس من هو في وطنه، و منهم من هو في سوقه، و منهم من هو في حرثه، و منهم من هو في سفره، و منهم من يأكل فلا يرفع اللقمة إلى فيه حتى يخمد و يصعق، و منهم من يحدث صاحبه فلا يتم الكلمة حتى يموت، فتموت الخلائق كلهم عن آخرهم، و إسرافيل لا يقطع صيحته حتى تغور عيون الأرض و أنهارها و بناؤها و أشجارها و جبالها و بحارها، و يدخل الكل بعضهم في بعض في بطن الأرض، و الناس خمود و صرعى، فمنهم من هو صريع على وجهه، و منهم من هو صريع على ظهره، و منهم من هو صريع على جنبه، و منهم من هو صريع على خده، و منهم من تكون اللقمة في فيه فيموت، فما أدرك به أن يبتلعها، و تنقطع السلاسل التي فيها قناديل النجوم، فتسوى بالأرض من شدة الزلزلة، و تموت ملائكة السماوات السبع و الحجب و السرادقات و الصافون و المسبحون و حملة العرش و الكرسي، و أهل سرادقات المجد و الكروبيون، و يبقى جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و ملك الموت (عليهم السلام).

فيقول الجبار جل جلاله: يا ملك الموت من بقي؟ و

هو أعلم، فيقول ملك الموت: سيدي و مولاي، بقي إسرافيل، و بقي جبرئيل، و بقي ميكائيل، و بقي عبدك الضعيف ملك الموت و هو خاضع خاشع ذليل، قد ذهبت نفسه لعظم ما عاين من الأهوال، فيقول الجبار تبارك و تعالى: انطلق إلى جبرئيل فاقبض روحه فينطلق ملك الموت إلى جبرئيل (عليه السلام)، فيجده ساجدا و راكعا، فيقول له: ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين، قد مات بنو آدم و أهل الدنيا و الأرض و الطيور و السباع و الهوام و سكان السماوات و حملة العرش و الكرسي و السرادقات و سكان سدرة المنتهى، و قد أمرني المولى بقبض روحك. فعند ذلك يبكي جبرئيل (عليه السلام)، و يقول متضرعا إلى الله تعالى: يا الله، هون علي سكرات الموت، فيضمه ملك الموت ضمة يقبض فيها روحه، فيخر جبرئيل (عليه السلام) منها ميتا صريعا.

فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت؟ و هو أعلم، فيقول: يا سيدي و مولاي أنت أعلم بمن بقي، بقي ميكائيل و إسرافيل و عبدك الضعيف ملك الموت. فيقول الجبار جل جلاله: انطلق إلى ميكائيل فاقبض روحه فينطلق ملك الموت إلى ميكائيل، كما أمره الله تعالى، فيجده ينظر إلى الماء يكيله على السحاب، فيقول له: ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك، ما بقي لبني آدم رزق و لا للأنعام و لا للوحوش و لا للهوام، قد مات أهل السماوات و أهل الأرض و أهل الحجب و السرادقات و حملة العرش و الكرسي و سرادقات المجد و الكروبيون و الصافون و المسبحون، و قد أمرني ربي بقبض روحك. فعند ذلك يبكي ميكائيل و يتضرع إلى الله تعالى و يسأله أن

__________________________________________________

3-؟؟؟ [.....]

البرهان في

تفسير القرآن، ج 4، ص: 731

يهون عليه سكرات الموت، فيحتضنه ملك الموت، و يضمه ضمة يقبض فيها روحه، فيخر صريعا ميتا لا روح فيه.

فيقول الجبار عز و جل: من بقي يا ملك الموت؟ و هو أعلم، فيقول: مولاي و سيدي، أنت أعلم بمن بقي، بقي إسرافيل و عبدك الضعيف ملك الموت، فيقول الجبار تبارك و تعالى: انطلق إلى إسرافيل فاقبض روحه، فينطلق ملك الموت إلى إسرافيل، كما أمره الجبار، فيقول له: ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك، قد مات الخلائق كلهم، و قد أمرني ربي و مولاي أن أقبض روحك. فيقول إسرافيل: سبحان من قهر العباد بالموت، سبحان من تفرد بالبقاء، ثم يقول: مولاي هون علي سكرات الموت، مولاي هون علي سكرات الموت، مولاي هون علي مرارة الموت، فيضمه ملك الموت ضمة يقبض فيها روحه، فيخر ميتا صريعا.

فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت؟ و هو أعلم، فيقول: أنت أعلم يا سيدي و مولاي بمن بقي، بقي عبدك الضعيف ملك الموت. فيقول الجبار: و عزتي و جلالي لأذيقنك مثل ما أذقت عبادي، انطلق بين الجنة و النار و مت، فينطلق بين الجنة و النار فيصيح صيحة، فلو لا أن الله تبارك و تعالى أمات الخلائق لماتوا عن آخرهم من شدة صيحة ملك الموت، فيموت، فتبقى السماوات خالية من أملاكها، ساكنة أفلاكها، و تبقى الأرض خالية من إنسها و جنها و طيرها و هوامها و سباعها و أنعامها، و يبقي الملك لله الواحد القهار الذي خلق الليل و النهار، فلا يرى أنيس، و لا يحس حسيس «1»، قد سكنت الحركات، و خمدت الأصوات، و خلت من سكانها الأرض و السماوات.

ثم يقول الله تبارك و

تعالى للدنيا: يا دنيا، أين أنهارك، و أين أشجارك، و أين سكانك، و أين عمارك، و أين الملوك، و أين أبناء الملوك، أين الجبابرة و أبناء الجبابرة، أين الذين أكلوا رزقي و تقلبوا في نعمتي و عبدوا غيري، لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد. فيقول الله تعالى: لله الواحد القهار.

فتبقى الأرضون و السماوات ليس فيهن من ينطق و لا من يتنفس، ما شاء الله من ذلك- و قد قيل: تبقى أربعين يوما- و هو مقدار ما بين النفختين، ثم بعد ذلك ينزل الله تعالى من السماء السابعة بحرا، يقال له بحر الحيوان، ماؤه يشبه مني الرجال، ينزله ربنا أربعين عاما، فيشق ذلك الماء الأرض شقا، فيدخل تحت الأرض إلى العظام البالية، فتنبت بذلك الماء كما ينبت الزرع بالمطر، قال الله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إلى قوله تعالى: كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى «2» الآية، أي: كما أخرج النبات بالمطر كذلك يخرج بماء الحيوان، فتجتمع العظام و العروق و اللحوم و الشعور فيرجع كل عضو إلى مكانه الذي كان فيه في الدنيا، فترجع كل شعرة إلى هيئتها التي كانت في دار الدنيا، فتلتئم الأجساد بقدرة الله جل جلاله، و تبقى بلا أرواح.

ثم يقول الجبار جل جلاله: ليبعث إسرافيل فيقوم إسرافيل حيا بقدرة الله تعالى، فيقول الجبار لإسرافيل:

التقم الصور، و الصور قرن من نور فيه أنقاب على عدد أرواح العباد، فتجتمع الأرواح كلها فتجعل في الصور، و يأمر الجبار إسرافيل أن يقوم على صخرة بيت المقدس، و ينادي في الصور، و هو في فمه قد التقمه، و الصخرة أقرب ما

__________________________________________________

(1) الحسيس: الصوت الخفي. «أقرب الموارد- حسس- 1: 191».

(2) الأعراف 7: 57.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 732

في الأرض إلى السماء، و هو قوله تعالى: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ «1»، و يقول إسرافيل في أول ندائه: أيتها العظام البالية، و اللحوم المنقطعة، و الشعور المتبددة، و الشعور الملتزقة، ليقمن إلى العرض على الملك الديان ليجازيكم بأعمالكم فإذا نادى إسرافيل في الصور، خرجت الأرواح من أنقاب الصور، فتنتشر بين السماء و الأرض كأنها النحل يخرج من كل نقب، و لا يخرج من ذلك النقب غيره، فأرواح المؤمنين تخرج من أنقابها نائرة بنور الإيمان و بنور أعمالها الصالحة، و أرواح الكفار تخرج مظلمة بظلمة الكفر، و إسرافيل يديم الصوت، و الأرواح قد انتشرت ما بين السماء و الأرض، ثم تدخل الأرواح إلى الأجساد، و تدخل كل روح إلى جسدها الذي فارقته في دار الدنيا، فتدب الأرواح في الأجساد كما يدب السم في الملسوع حتى ترجع إلى أجسادها كما كانت في دار الدنيا، ثم تنشق الأرض من قبل رؤوسهم، فإذا هم قيام ينظرون إلى أهوال القيامة و طوامها، و إسرافيل (عليه السلام) ينادي بهذا النداء، لا يقطع الصوت و يمده مدا، و الخلائق يتبعون صوته، و النيران تسوق الخلائق إلى أرض المحشر.

فإذا خرجوا من قبورهم، خرج مع كل إنسان عمله الذي كان عمله في دار الدنيا، لأن عمل كل إنسان يصحبه في قبره، فإذا كان العبد مطيعا لربه و عمل عملا صالحا، كان أنسيه في الدنيا، و كان أنسيه إذا خرج من قبره يوم حشره، يؤنسه من الأهوال و من هموم القيامة، فإذا خرج من قبره يقول له عمله: يا حبيبي، ما عليك من هذا شي ء، ليس يراد به من أطاع الله، فإنما يراد به إلا من عصى

الله و خالف مولاه، ثم كذب آياته و اتبع هواه، و أنت كنت عبدا مطيعا لمولاك متبعا لنبيك تاركا لهواك، فما عليك اليوم من هم و خوف حتى تدخل الجنة. و إذا كان العبد خاطئا و عاصيا لذي الجلال، و مات على غير توبة و انتقال، فإذا خرج المغرور المسكين من قبره و معه عمله السوء الذي عمله في دار الدنيا، و كان قد صحبه في قبره، فإذا نظر إليه العبد المغتر يراه أسود فظيعا، فلا يمر على هول و لا نار و لا بشي ء من هموم يوم القيامة إلا قال له عمله السوء: يا عدو الله، هذا كله لك، و أنت المراد به».

9292/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت [أنا] و الشيخ أبو عمرو (رحمه الله)، عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو، إني [أريد أن ] أسألك عن شي ء و ما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي و ديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجة و أغلق باب التوبة، فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فأولئك أشرار من خلق الله عز و جل، و هم الذين تقوم عليهم القيامة.

__________________________________________________

4- الكافي 1: 265/ 1.

(1) سورة ق 50: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 733

سورة الزمر(39): آية 69 ..... ص : 733

قوله تعالى:

وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [69]

9293/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد

بن أبي عبد الله، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني القاسم بن الربيع، قال: حدثنا صباح المدائني، قال: حدثنا المفضل بن عمر، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها، قال: «رب الأرض يعني إمام الأرض».

قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: «إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس و نور القمر و يجتزون بنور الإمام».

9294/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن ثوير بن أبي فاختة، قال سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يحدث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «حدثني أبي أنه سمع أباه علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث الناس، و يقول: إذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك و تعالى الناس من حفرهم غرلا بهما «1» جردا مردا في صعيد واحد يسوقهم النور و تجمعهم الظلمة حتى يقفوا على عقبة المحشر، فيركب بعضهم بعضا، و يزدحمون دونها، فيمنعون من المضي، فتشتد أنفاسهم، و يكثر عرقهم، و تضيق بهم أمورهم، و يشتد ضجيجهم، و ترتفع أصواتهم، قال: و هو أول هول من أهوال يوم القيامة، قال: فيشرف الجبار تبارك و تعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة، فيأمر ملكا من الملائكة فينادي فيهم: يا معشر الخلائق، أنصتوا و اسمعوا منادي الجبار. قال: فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم، قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك، و تخشع قلوبهم «2»، و تضطرب فرائصهم، و تفزع قلوبهم، و يرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت، مهطعين إلى الداعي، قال: فعند ذلك يقول الكافر: هذا يوم عسر، فيشرف

الجبار عز ذكره الحكم العدل عليهم فيقول: أنا الله لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور، اليوم أحكم بينكم بعدلي و قسطي، لا يظلم اليوم عندي أحد، اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه، و لصاحب المظلمة بالمظلمة، بالقصاص من الحسنات و السيئات، و أثيب على الهبات، و لا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم، و لا من لأحد عنده مظلمة، إلا مظلمة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 253.

2- الكافي 8: 104/ 79.

(1) الغرل: جمع الأغرل، و هو الأقلف، و الغرلة: القلفة، و البهم: جمع بهيم، و هو في الأصل الذي لا يخالط لونه لون سواه، يعني ليس فيهم شي ء من العاهات و الأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى و العور و العرج و غير ذلك، و إنّما هي أجساد مصحّحة لخلود الأبد في الجنّة أو النار. و قال بعضهم في تمام الحديث: «قيل: و ما البهم؟ قال: ليس معهم شي ء»، يعني من أعراض الدنيا، و هذا [لا] يخالف الأول من حيث المعنى.

«النهاية 1: 167، 3: 362».

(2) في المصدر: أبصارهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 734

يهبها صاحبها، و أثيبه عليها، و آخذ له بها عند الحساب، فتلازموا أيها الخلائق، و اطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا، و أنا شاهدكم عليها «1»، و كفى بي شهيدا. قال: فيتعارفون و يتلازمون، فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا لزمه بها.

قال: فيمكثون ما شاء الله، فيشتد حالهم، و يكثر عرقهم، و يشتد غمهم، و ترتفع أصواتهم بضجيج شديد، فيتمنون المخلص منه بترك مظالمهم لأهلها، قال: و يطلع الله عز و جل على جهدهم، فينادي مناد من عند الله تبارك و تعالى، يسمع آخرهم كما

يسمع أولهم، يا معشر الخلائق، أنصتوا الداعي الله تبارك و تعالى و استمعوا، إن الله تبارك و تعالى يقول لكم: أنا الوهاب، إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا، و إن لم تواهبوا أخذت لكم بمظالمكم قال:

فيفرحون بذلك لشدة جهدهم، و ضيق مسلكهم و تزاحمهم، قال: فيهب بعضهم مظالمهم رجاء أن يتخلصوا مما هم فيه، و يبقى بعضهم، فيقول: يا رب مظالمنا أعظم من أن نهبها قال: فينادي مناد من تلقاء العرش: أين رضوان خازن الجنان، جنان الفردوس، قال: فيأمره عز و جل أن يطلع من الفردوس قصرا من فضة بما فيه من الأبنية و الخدم، قال: فيطلعه عليهم في حفافة القصر «2» الوصائف و الخدم، قال: فينادي مناد من عند الله تبارك و تعالى: يا معشر الخلائق، ارفعوا رؤوسكم، فانظروا إلى هذا القصر، قال: فيرفعون رؤوسهم، فكلهم يتمناه، قال: فينادي مناد من عند الله تبارك و تعالى: يا معشر الخلائق، هذا لكل من عفا عن مؤمن، قال: فيعفون كلهم إلا القليل، قال: فيقول الله عز و جل: لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم، و لا يجوز إلى ناري اليوم ظالم و لا من لأحد من المسلمين عنده مظلمة حتى آخذها منه عند الحساب، أيها الخلائق استعدوا للحساب.

قال: ثم يخلي سبيلهم، فينطلقون إلى العقبة، يكرد «3» بعضهم بعضا حتى ينتهون إلى العرصة، و الجبار تبارك و تعالى على العرش، قد نشرت الدواوين، و نصبت الموازين، و احضر النبيون و الشهداء، و هم الأئمة يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عز و جل، و دعاهم إلى سبيل الله».

قال: فقال له رجل من قريش: يا ابن رسول الله، إذا كان للرجل المؤمن عند

الرجل الكافر مظلمة، أي شي ء يأخذ من الكافر، و هو من أهل النار؟ قال: فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): «يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر، و يعذب الكافر بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة».

قال: فقال له القرشي: فإذا كانت المظلمة لمسلم عند مسلم، كيف تؤخذ مظلمته من مسلم؟ قال: «يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم، فتزاد «4» على حسنات المظلوم».

قال: فقال له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات؟ قال: «إن لم يكن للظالم حسنات، فإن للمظلوم سيئات،

__________________________________________________

(1) في المصدر: شاهد لكم عليهم.

(2) أي جوانبه و أطرافه.

(3) كردهم: ساقهم و طردهم. «لسان العرب- كرد- 3: 379».

(4) في «ج، ي»: فيزداد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 735

يؤخذ من سيئات المظلوم، فتزاد «1» على سيئات الظالم».

9295/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ قال: الشهداء:

الأئمة (عليهم السلام)، و الدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الحج: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا- أنتم يا معشر الأئمة- شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ «2».

سورة الزمر(39): آية 73 ..... ص : 735

قوله تعالى:

وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا- إلى قوله تعالى- فَادْخُلُوها خالِدِينَ [73] 9296/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً أي جماعة حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ أي طابت مواليدكم، لأنه لا يدخل الجنة إلا طيب المولد فَادْخُلُوها خالِدِينَ.

9297/ [3]- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن فلانا و فلانا و فلانا غصبونا حقنا، و اشتروا به الإماء و تزوجوا به النساء، ألا و إنا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حل

لتطيب مواليدهم».

سورة الزمر(39): الآيات 74 الي 75 ..... ص : 735

قوله تعالى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ- إلى قوله تعالى- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [74- 75] 9298/ [4]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ: «يعني أرض الجنة».

9299/ [5]- و

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، قال: حدثنا إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام)،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 253.

2- تفسير القمّي 2: 254. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 254.

4- تفسير القمّي 2: 254.

5- تفسير القمّي 2: 254.

(1) في «ط» نسخة بدل: فيزداد.

(2) الحج 22: 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 736

قال: «لما حضر علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة اغمي عليه ثلاث مرات، فقال في المرة الأخيرة: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ثم مات (عليه السلام)».

9300/ [3]- قال علي بن إبراهيم: ثم قال الله عز و جل: وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ أي محيطين حول العرش يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ كناية عن أهل الجنة و النار، و هذا مما لفظه ماض أنه قد كان»

، و معناه مستقبل أنه يكون «2»، وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

9301/ [4]- المفيد في (الإختصاص): في حديث رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في سؤال عبد الله بن سلام، قال (صلى الله عليه و آله): «و أما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش، و ذلك قوله تعالى:

حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ».

9302/ [5]- ابن شهر آشوب: من أحاديث علي بن الجعد، عن شعبة، عن قتادة في تفسير قوله تعالى:

وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ

مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ الآية، قال أنس: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما كانت ليلة المعراج نظرت تحت العرش أمامي، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب قائم أمامي تحت العرش، يسبح الله و يقدسه، قلت: يا جبرئيل سبقني علي بن أبي طالب؟ قال: لا، لكني أخبرك يا محمد، أن الله عز و جل يكثر من الثناء و الصلاة على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوق عرشه، فاشتاق العرش إلى رؤية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فخلق الله تعالى هذا الملك على صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) تحت عرشه، لينظر إليه العرش، فيسكن شوقه، و جعل تسبيح هذا الملك و تقديسه و تحميده «3» ثوابا لشيعة أهل بيتك، يا محمد»، الخبر.

و هذا من طريق المخالفين، و الروايات في خلق الله سبحانه ملكا على صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) متكثرة من طريق الخاصة و العامة، ليس هذا موضع ذكرها.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 254.

4- الإختصاص: 47.

5- المناقب 2: 233.

(1) (أنّه قد كان) ليس في المصدر.

(2) (أنّه كان) ليس في المصدر.

(3) في «ج، ي»: تمجيده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 737

المستدرك (سورة الزمر) ..... ص : 737
سورة الزمر(39): آية 19 ..... ص : 737

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ [19]

[1]- محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)- و ساق الحديث إلى أن قال-: «و ليست تشهد الجوارح على مؤمن، إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه».

سورة الزمر(39): آية 61 ..... ص : 737

قول تعالى:

وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [61]

[2]- (تحف العقول): عن الحسن بن علي (عليه السلام)- في حديث- قال: «و أوصاكم بالتقوى، و جعل التقوى منتهى رضاه، و التقوى باب كل توبة، و رأس كل حكمة، و شرف كل عمل، بالتقوى فاز من فاز من المتقين، قال الله تبارك و تعالى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً «1»، و قال تعالى: وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 27/ 1.

2- تحف العقول: 232.

(1) النبأ 78: 31. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 739

سورة المؤمن ..... ص : 739

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 741

فضلها ..... ص : 741

عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال في الحواميم فضلا كثيرا، يطول الشرح فيها «1».

9303/ [1]- ابن بابويه: باسناده، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ حم المؤمن في كل ليلة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و ألزمه كلمة التقوى، و جعل الآخرة له خيرا من الدنيا».

9304/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يقطع الله رجاءه يوم القيامة، و يعطى ما يعطى الخائفون الذين خافوا الله في الدنيا و من كتبها و علقها في حائط بستان اخضر و نما، و إن كتبت في خانات، أو دكان، كثر الخير فيه و كثر البيع و الشراء».

9305/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها في بستان أخضر و نما، و إن تركها في دكان كثر معه البيع و الشراء».

9306/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلا و جعلها في حائط أو بستان كثرت بركته و أخضر و أزهر و صار حسنا في وقته، و إن تركت في حائط دكان كثر فى البيع و الشراء و إن كتبت لإنسان فيه الادرة «2»، زال عنه ذلك و برى ء».

و قيل: «الأدرة طرف من السوداء، و الله أعلم.

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113.

2- ....

3- ....

4- ....

(1) مراد المؤلف أنّه (عليه السّلام) ورد عنه أحاديث كثيرة في فضل الحواميم، و ليس مراده إخراج نصّ قول الإمام (عليه السّلام)، انظر: ثواب الأعمال:

114، نور الثقلين 4: 510/ 6.

(2) الأدرة، بالضّم: نفخة في الخصية. «النهاية 1: 31».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 742

و إن كتبت و علقت على من به دمامل زال عنه ذلك و كذلك للمفروق «1» يزول عنه الفرق و إذا عجن بمائها دقيق، ثم يبس حتى يصير بمنزلة الكعك، ثم يدق دقا ناعما، و يجعل في إناء ضيق مغطى، فمن احتاج إليه لوجع في فؤاده أو لمغمى عليه، أو لمغشي عليه، أو وجع الكبد أو الطحال، يستف منه، برى ء بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

(1) الفرق: الخوف. «لسان العرب- فرق- 10: 304».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 743

سورة غافر(40): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 743

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [1- 2]

9307/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن الصادق (عليه السلام)، قال له: أخبرني يا ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن حم و حم عسق «1»؟ قال: «أما حم فمعناه الحميد المجيد، و أما حم عسق فمعناه الحليم المثيب العالم السميع القادر القوي».

سورة غافر(40): الآيات 3 الي 5 ..... ص : 743

قوله تعالى:

غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ- إلى قوله تعالى- فَكَيْفَ كانَ عِقابِ [3- 5] 9308/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ ذلك خاصة لشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، و قوله: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ هم الأئمة (عليهم السلام) إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ الْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ و هم أصحاب الأنبياء الذين تحزبوا وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ يعني يقتلوه وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 254.

(1) الشورى 42: 1 و 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 744

أي خاصموا لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ أي يبطلوه و يدفعوه فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ.

سورة غافر(40): الآيات 6 الي 12..... ص : 744

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً- إلى قوله تعالى- الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [6- 12]

9309/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن الله عز و جل، أين هو؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «هو هاهنا و هاهنا، و فوق و تحت، و محيط بنا و معنا، و هو قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا «1» فالكرسي محيط بالسماوات و الأرض و ما بينهما و ما

تحت الثرى وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى «2»، و ذلك قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ «3» فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، و ليس يخرج من هذه الأربعة شي ء خلق [الله ] في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه [الله ] أصفياءه، و أراه خليله (عليه السلام)، [فقال ]: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «4»، و كيف يحمل حملة العرش الله، و بحياته حييت قلوبهم، و بنوره اهتدوا إلى معرفته!».

9310/ [2]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته فأذن له فدخل، فسأله عن الحلال و الحرام، ثم قال له: أفتقر أن الله محمول؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «كل محمول مفعول مضاف إلى غيره محتاج، و المحمول اسم

__________________________________________________

1- الكافي 1: 100/ 1.

2- الكافي 1: 101/ 2.

(1) المجادلة 58: 7.

(2) طه 20: 7. [.....]

(3) البقرة 2: 255.

(4) الأنعام 6: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 745

نقص في اللفظ، و الحامل الفاعل، و هو في اللفظ مدحة، و كذلك قول القائل فوق و تحت، و أعلى و أسفل، و قد قال الله: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها «1»، و لم يقل في كتبه إنه المحمول، بل قال إنه الحامل في البر و البحر و الممسك للسماوات و الأرض أن تزولا، و المحمول ما سوى الله، و لم يسمع أحد آمن بالله و عظمه قط قال في دعائه: يا محمول».

قال أبو قرة: [فإنه قال:] وَ

يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ «2»، و قال: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «العرش ليس هو الله، و العرش اسم علم و قدرة، و العرش فيه كل شي ء، ثم أضاف الحمل إلى غيره، خلق من خلقه، لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه، و هم حملة علمه، و خلقا يسبحون حول عرشه، و هم يعملون بعلمه، و ملائكة يكتبون أعمال عباده، و استعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته، و الله على العرش استوى، كما قال، و العرش و من يحمله و من حول العرش، و الله الحامل لهم، الحافظ لهم، الممسك القائم على كل نفس، و فوق كل شي ء، و على كل شي ء، و لا يقال محمول و لا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشي ء فيفسد اللفظ و المعنى».

قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت: أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه، أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرون سجدا، فإذا ذهب الغضب خف و رجعوا إلى مواقفهم؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «أخبرني عن الله تبارك و تعالى، منذ لعن إبليس إلى يومك هذا، هو غضبان عليه، فمتى رضي و هو في صفتك لم يزل غضبانا عليه، و على أوليائه، و على أتباعه؟ كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال، و أنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين! سبحانه و تعالى لم يزل مع الزائلين، و لم يتغير مع المتغيرين، و لم يتبدل مع المتبدلين، و من دونه في يده و تدبيره، و كلهم إليه محتاج، و هو غني عمن سواه».

9311/ [3]- و

عنه: عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس، عمن ذكره،

عن أبي بصير، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، إن لله عز و جل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق [من الشجر] في أوان سقوطه، و ذلك قوله عز و جل: يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا و الله ما أراد غيركم».

9312/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال: «يا أبا محمد، إن لله عز و جل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق في أوان سقوطه، و ذلك قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا استغفارهم و الله لكم دون هذا الخلق».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 304/ 470.

4- الكافي 8: 34/ 6.

(1) الأعراف 7: 180.

(2) الحاقة 69: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 746

و رواه ابن بابويه بإسناده عن سليمان الديلمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر حديث أبي بصير «1».

9313/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي بالكوفة سنة أربع و خمسين و ثلاث مائة، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني، قال:

حدثنا أبو الفضل «2» العباس بن عبد الله البخاري، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد، عن عبد الله ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)،

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يستغفرون للذين آمنوا بولايتنا».

9314/ [6]- محمد بن العباس: عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن الحسين العلوي، عن محمد بن حاتم، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل:

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ، قال: «يعني محمدا و عليا و الحسن و الحسين و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى (صلوات الله عليهم أجمعين)، يعني أن هؤلاء الذين حول العرش».

9315/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بإسناده يرفعه، إلى الأصبغ بن نباتة، قال: إن عليا (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنزل عليه فضلي من السماء، و هي هذه الآية الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، و ما في الأرض يومئذ مؤمن غير رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنا». و هو قوله (عليه السلام): «لقد استغفرت لي الملائكة قبل جميع الناس من أمة محمد (صلى الله عليه و آله) سبع سنين و ثمانية أشهر».

9316/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، بإسناده يرفعه إلى أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي (عليه السلام): لقد مكثت الملائكة سبع سنين و أشهرا لا يستغفرون إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ولي، و فينا نزلت هذه الآية [و التي بعدها] الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ

وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فقال قوم من المنافقين: من أبو علي و ذريته الذين أنزلت فيه هذه الآية؟ فقال علي (عليه السلام): «سبحان الله، أما من آبائنا إبراهيم و إسماعيل؟ أليس هؤلاء آباؤنا؟».

__________________________________________________

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 262/ 22.

6- تأويل الآيات 2: 716/ 7.

7- تأويل الآيات 2: 526/ 1.

8- تأويل الآيات 2: 527/ 2.

(1) فضائل الشيعة: 61/ 18.

(2) في «ط، ي»: أبو الفضيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 747

9317/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن علي، عن حسين الأشقر، عن علي بن هاشم، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لقد صلت الملائكة علي و على علي سنين «1»، لأنا كنا نصلي و ليس أحد معنا غيرنا».

9318/ [10]- و

عنه: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي بصير، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، إن لله ملائكة تسقط الذنوب عن ظهر شيعتنا، كما تسقط الريح الورق من الشجر أوان سقوطه، و ذلك قوله عز و جل: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، و استغفارهم و الله لكم دون هذا الخلق. يا أبا محمد، فهل سررتك»؟ قال: فقلت: نعم.

9319/ [11]- و

في حديث آخر: بالإسناد المذكور: «و ذلك

قوله عز و جل: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا إلى قوله عز و جل: عَذابَ الْجَحِيمِ، فسبيل الله علي (عليه السلام)، و الذين آمنوا أنتم، ما أراد غيركم».

9320/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل: هل الملائكة أكثر أم بنو آدم؟ فقال: «و الذي نفسي بيده لعدد الملائكة في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض، و ما في السماء موضع قدم إلا و فيها ملك يسبحه و يقدسه، و لا في الأرض شجرة و لا مدرة إلا و فيها ملك موكل بها يأتي الله كل يوم بعملها و الله أعلم بها، و ما منهم أحد إلا و يتقرب كل يوم إلى الله بولايتنا أهل البيت، و يستغفر لمحبينا و يلعن أعداءنا، و يسأل الله أن يرسل عليهم العذاب إرسالا».

9321/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن محمد بن الحسين و محمد بن عبد الجبار، جميعا، عن محمد بن سنان، عن المنخل بن جميل الرقي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: «وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ يعني بني أمية، قوله تعالى:

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأوصياء من بعده، يحملون علم الله وَ مَنْ حَوْلَهُ يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني شيعة آل محمد رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية فلان و فلان و بني أمية وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ أي ولاية علي ولي

الله وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يعني من تولى عليا (عليه السلام)، فذلك صلاحهم

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 527/ 3.

10- تأويل الآيات 2: 528/ 4. [.....]

11- تأويل الآيات 2: 528/ 5.

12- تفسير القمي 2: 255.

13- تفسير القمي 2: 255.

(1) في المصدر: سنتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 748

وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ يعني يوم القيامة وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لمن نجاه [الله ] من ولاية فلان و فلان، ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ يعني إلى ولاية علي (عليه السلام) فَتَكْفُرُونَ».

9322/ [14]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: «إن الله عز و جل أعطى التائبين ثلاث خصال، لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات و الأرض لنجوا بها:

قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ «1»، فمن أحبه الله لم يعذبه، و قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، و قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ

لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «2»».

9323/ [15]- ابن شهر آشوب: عن ابن فياض في (شرح الأخبار)، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه و آله) يقول: «لقد صلت الملائكة علي و على علي بن أبي طالب سبع سنين، و ذلك أنه لم يؤمن بي ذكر قبله، و ذلك قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ «3»».

9324/ [16]- هارون بن الجهم و جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا: «من ولاية جماعة و بني امية» وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ: «آمنوا بولاية علي (عليه السلام)، و علي هو السبيل».

9325/ [17]- شرف الدين النجفي، قال: روي عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ يعني بني أمية، هم الذين كفروا، و هم أصحاب النار».

ثم قال: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني الرسول و الأوصياء (عليهم السلام) من بعده، يحملون علم

__________________________________________________

14- الكافي 2: 315/ 5.

15- المناقب 2: 16.

16- المناقب 3: 72.

17- تأويل الآيات 2: 528/ 7.

(1) البقرة 2: 222.

(2) الفرقان 25: 68- 70.

(3) الشورى 42: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 749

الله عز و جل». ثم قال: وَ مَنْ حَوْلَهُ يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا و هم شيعة

آل محمد (عليهم السلام)، و يقولون: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية هؤلاء و بني أمية وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ و هو أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ و السيئات هم بنو أمية و غيرهم و شيعتهم».

ثم قال: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ». ثم قال: «ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ بولاية علي (عليه السلام) وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ يعني بعلي (عليه السلام) تُؤْمِنُوا أي إذا ذكر إمام غيره تؤمنوا [به ] فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ».

9326/ [18]- قال: و روى بعض أصحابنا، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ، قال: «يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ...

وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني شيعة محمد (صلى الله عليه و آله) و آل محمد (عليهم السلام) رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية الطواغيت الثلاثة و من بني أمية وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ يعني ولاية علي (عليه السلام)، و هو السبيل.

و قوله تعالى: وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ يعني الثلاثة وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ، و قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ يعني ولاية علي (عليه السلام)، و هي الإيمان فَتَكْفُرُونَ».

9327/ [19]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ-

إلى قوله- مِنْ سَبِيلٍ

قال: قال الصادق (عليه السلام): «ذلك في الرجعة».

9328/ [20]- رجعة المعاصر: عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ، قال: «هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت، فتجري في القيامة، فبعدا للقوم الظالمين».

9329/ [21]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا و الكفر هاهنا الجحود، قال: إذا وحد الله كفرتم، و إن جعل لله شريكا تؤمنوا.

9330/ [22]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن محمد بن جمهور،

__________________________________________________

18- تأويل الآيات 2: 531/ 13.

19- تفسير القمّي 2: 256.

20- الرجعة: 43 «مخطوط». [.....]

(21) تفسير القمّي 2: 256.

22- تفسير القمّي 2: 256.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 750

عن جعفر بن بشير، عن الحكم بن زهير، عن محمد بن حمدان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ، يقول: «إذا ذكر الله وحده «1» بولاية من أمر الله بولايته كفرتم، و إن يشرك به من ليست له ولاية تؤمنوا بأن له ولاية».

9331/ [23]- شرف الدين النجفي، قال: روى البرقي، عن عثمان بن أذينة، عن زيد بن الحسن، قال سألت: أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ، [فقال ] «فأجابهم الله تعالى:

ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ و أهل الولاية كَفَرْتُمْ بأنه كانت لهم ولاية وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ من ليست له ولاية تُؤْمِنُوا بأن

لهم ولاية فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ».

و قد تقدم عن قريب في السورة السابقة حديث في ذلك «2».

9332/ [24]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ و أهل الولاية كَفَرْتُمْ».

سورة غافر(40): آية 13..... ص : 750

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ [13] 9333/ [1]- علي بن إبراهيم: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ يعني الأئمة الذين أخبر الله و رسوله بهم.

سورة غافر(40): آية 15..... ص : 750

قوله تعالى:

رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ- إلى قوله تعالى- لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ [15] 9334/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: روح القدس، و هو خاص لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام).

__________________________________________________

23- تأويل الآيات 2: 530/ 12.

24- الكافي 1: 349/ 46.

1- تفسير القمّي 2 256.

2- تفسير القمّي 2 256.

(1) في المصدر: و وحّد.

(2) تقدّم في الحديث (2) في تفسير الآية (45) من سورة الزمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 751

9335/ [1]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، و محمد بن الحسين، و موسى بن عمر بن يزيد الصيقل، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فقال: «جبرئيل».

و الحديث بتمامه تقدم في أول سورة النحل «1»، و سيأتي إن شاء الله في ذلك زيادة في قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا من سورة الشورى روايات كثيرة «2».

9336/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان ابن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء و أهل الأرض، و يوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «3»، و

يوم التغابن يوم يغبن أهل الجنة أهل النار، و يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح».

سورة غافر(40): الآيات 16 الي 17..... ص : 751

قوله تعالى:

لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ [16- 17]

9337/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن بكران النقاش (رحمه الله) بالكوفة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)- في حديث تفسير حروف المعجم- قال: «فالميم ملك الله [يوم الدين ] يوم لا مالك غيره، و يقول الله عز و جل:

لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، ثم تنطق أرواح أنبيائه و رسله و حججه، فيقولون: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ، فيقول جل جلاله: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ».

9338/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن عبيد بن زرارة، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الخلق، و مثل ما أماتهم، و أضعاف

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 3.

2- معاني الأخبار: 156/ 1.

3- التوحيد: 234/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 256.

(1) تقدّم في الحديث (5) في تفسير الآيتين (1- 2) من سورة النحل.

(2) يأتي في تفسير الآيتين (52، 53) من سورة الشورى. [.....]

(3) الأعراف 7: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 752

ذلك، ثم أمات أهل السماء الدنيا، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ما أمات أهل الأرض و أهل السماء الدنيا و أضعاف ذلك، ثم أمات أهل السماء الثانية، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ما أمات أهل الأرض و أهل السماء الدنيا و السماء الثانية

و أضعاف ذلك، ثم أمات أهل السماء الثالثة، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ما أمات أهل الأرض و أهل السماء الدنيا و السماء الثانية و السماء الثالثة و أضعاف ذلك، و في كل سماء مثل ذلك و أضعاف ذلك، ثم أمات ميكائيل، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك كله و أضعاف ذلك، ثم أمات جبرئيل، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك كله و أضعاف ذلك، ثم أمات إسرافيل، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك كله و أضعاف ذلك، ثم أمات ملك الموت ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك و أضعاف ذلك، ثم يقول الله عز و جل: لمن الملك اليوم؟ فيرد الله على نفسه: لله الواحد القهار، و أين الجبارون؟ و أين الذين ادعوا معي إلها آخر؟ أين المتكبرون و نحوهم «1»؟ ثم يبعث الخلق».

قال عبيد بن زرارة: فقلت: إن هذا الأمر كائن طولت ذلك؟ فقال: «أ رأيت ما كان، هل علمت به؟» فقلت: لا، فقال: «فكذلك هذا».

9339/ [3]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أمات الله أهل الأرض، أمات أهل السماء الدنيا، ثم أمات أهل السماء الثانية، ثم أمات أهل السماء الثالثة، ثم أمات أهل السماء الرابعة، ثم أمات أهل السماء الخامسة، ثم أمات أهل السماء السادسة، ثم أمات أهل السماء السابعة، ثم أمات ميكائيل- قال: أو جبرئيل- ثم أمات جبرئيل، ثم أمات إسرافيل، ثم أمات ملك الموت، ثم ينفخ في الصور».

و قال: «ثم يقول الله تبارك و

تعالى: لمن الملك اليوم؟ فيرد على نفسه فيقول: لله الخالق البارئ المصور تعالى الله الواحد القهار، ثم يقول: أين الجبارون؟ أين الذين كانوا يدعون مع الله «2» إلها آخر؟ أين المتكبرون، و نحو هذا، ثم يبعث الخلق؟».

سورة غافر(40): الآيات 18 الي 19..... ص : 752

قوله تعالى:

وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ- إلى قوله تعالى- وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ [18- 19] 9340/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ يعني يوم القيامة

__________________________________________________

3- الزهد: 90/ 242.

1- تفسير القمي 2: 257.

(1) في المصدر: و نحوتهم.

(2) في المصدر: معي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 753

إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ قال: مغمومين مكروبين، ثم قال: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ يعني ما ينظر إلى ما يحل له أن يقبل شفاعته، ثم كنى عز و جل عن نفسه فقال: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ.

9341/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن سلمة الجريري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قوله عز و جل: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ، فقال: «ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشي ء و كأنه لا ينظر إليه، فذلك خائنة الأعين».

سورة غافر(40): آية 21 ..... ص : 753

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ [21] 9342/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا إلى قوله: مِنْ واقٍ أي من دافع.

سورة غافر(40): آية 26 ..... ص : 753

قوله تعالى:

وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ [26]

9343/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن إسماعيل بن منصور أبي زياد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول فرعون: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى من كان يمنعه؟ قال: «منعته رشدته، و لا يقتل الأنبياء و لا أولاد الأنبياء إلا أولاد الزنا».

9344/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات): عن محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن بعض رجاله، عن أبي

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 147/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 257.

3- علل الشرائع: 57/ 1.

4- كامل الزيارات: 78/ 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 754

عبد الله (عليه السلام)، في قول فرعون: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى فقيل: من كان يمنعه؟ قال: «كان لرشدة «1»، لأن الأنبياء و الحجج لا يقتلهم إلا أولاد البغايا «2»».

ثم، قال: و حدثني أبي (رحمه الله)، و جماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن محمد بن الحسين بهذا الحديث.

9345/ [3]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، قال: قال: «إن موسى و هارون، حين دخلا على فرعون، لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح، كانوا

ولد نكاح كلهم، و لو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما. فقالوا: أَرْجِهْ وَ أَخاهُ «3» و أمروه بالتأني و النظر» ثم وضع يده على صدره، قال: «و كذلك نحن لا ينزع إلينا إلا كل خبيث الولادة».

سورة غافر(40): آية 28 ..... ص : 754

قوله تعالى:

وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ [28]

9346/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان خازن فرعون مؤمنا بموسى، قد كتم إيمانه ستمائة سنة، و هو الذي قال الله تعالى: وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ».

9347/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث قال فيه-: «فقول الله عز و جل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ، و كان ابن خال فرعون، فنسبه إلى فرعون بنسبه، و لم يضفه إليه بدينه».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 24/ 62.

1- تفسير القمّي 2: 137.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 240/ 1.

(1) أي صحيح النسب، أو من نكاح صحيح.

(2) في المصدر: أولاد زنا و البغايا. [.....]

(3) الأعراف 7: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 755

9348/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول و عنده رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعمى، و هو يقول: إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فهلك إذن مؤمن آل فرعون، ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا (عليه السلام)، فليذهب الحسن يمينا و شمالا، فو الله ما يوجد العلم إلا هاهنا».

محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني السندي بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، مثله «1».

9349/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى الأنصاري، قال: حدثنا الحسين «2» بن عبد الله، عن خالد بن عبد الله «3» الأنصاري، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، يرفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول: يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «4»، و حزقيل مؤمن آل فرعون، و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم».

9350/ [5]- علي بن إبراهيم: قال: كتم إيمانه ست مائة سنة، و كان مجذوما مكنعا «5»، و هو الذي قد وقعت أصابعه، و كان يشير إلى قومه بيده المقطوعة «6»، و يقول: يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ

«7».

9351/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن هذا الذي ظهر بوجهي، يزعم الناس أن الله لم يبتل به عبدا له فيه حاجة، قال: فقال لي: «لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع، فكان يقول هكذا- و يمد

__________________________________________________

3- الكافي 1: 40/ 15.

4- أمالي الصدوق: 385/ 18.

5- تفسير القمّي 2: 257.

6- الكافي 2: 200/ 30.

(1) بصائر الدرجات: 29/ 1.

(2) في المصدر: الحسن.

(3) في المصدر: خالد بن عيسى.

(4) يس 36: 20 و 21.

(5) كنع الشي ء: يبس و تشنّج. «المعجم الوسيط- كنع- 2: 800»، و في المصدر: مقفعا. قفع الرد أو الداء أصابعه: أيبسها و قبّضها. «المعجم الوسيط- قفع- 2: 751».

(6) في المصدر: المقفوعة.

(7) المؤمن 40: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 756

يديه- و يقول: يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ «1»». ثم قال لي: «إذا كان الثلث الأخير من الليل، في أوله فتوضأ و قم إلى صلاتك التي تصليها، فإذا كنت في السجدة [الأخيرة] من الركعتين الأوليين، فقل و أنت ساجد: (يا علي يا عظيم، يا رحمن يا رحيم، يا سامع الدعوات، يا معطي الخيرات صل على محمد و آل محمد، و أعطني من خير الدنيا و الآخرة ما أنت أهله، و اصرف عني من شر الدنيا و الآخرة ما أنت أهله، و أذهب عني هذا الوجع- و تسميه- فإنه قد غاظني و أحزنني) و ألح في الدعاء». قال: فما وصلت إلى الكوفة حتى أذهب الله به عني كله.

سورة غافر(40): آية 32 ..... ص : 756

قوله تعالى:

وَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ [32]

9352/ [1]- العياشي: عن

الزهري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، يقول: «يَوْمَ التَّنادِ يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء».

و قد تقدم حديث فيه بذلك في قوله تعالى: يَوْمَ التَّلاقِ «2».

سورة غافر(40): آية 34 ..... ص : 756

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا [34]

9353/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أبي سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي، عن محمد بن آدم النسائي، عن أبيه آدم بن أبي إياس، عن المبارك بن فضالة، عن سعيد بن جبير، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما حضرت يوسف (عليه السلام) الوفاة جمع شيعته و أهل بيته، فحمد الله و أثنى عليه، ثم أخبرهم بشدة تنالهم، يقتل فيها الرجال، و تشق بطون الحبالى، و تذبح الأطفال، حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب، و هو رجل أسمر طويل، و وصفه لهم بنعته، فتمسكوا بذلك، و وقعت الغيبة و الشدة على بني إسرائيل، و هم ينتظرون قيام القائم

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 19/ 50.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 145/ 12. [.....]

(1) يس 36: 20.

(2) تقدّم في الحديث (3) في تفسير الآية (15) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 757

أربع مائة سنة حتى إذا بشروا بولادته، و رأوا علامات ظهوره، اشتدت البلوى عليهم، و حمل عليهم بالخشب و الحجارة، و

طلبوا الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر، و راسلهم، و قالوا: كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك فخرج بهم إلى بعض الصحارى، و جلس يحدثهم حديث القائم و نعته و قرب الأمر، و كانت ليلة قمراء، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى (عليه السلام)، و كان في ذلك الوقت حدث السن، و قد خرج من دار فرعون يظهر النزهة، فعدل عن موكبه، و أقبل إليهم و تحته بغلة و عليه طيلسان خز، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت، فقام إليه و انكب على قدميه فقبلهما. ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك، فلما رآه الشيعة فعل ذلك «1» علموا أنه صاحبهم، فانكبوا عليه «2»، فلم يزدهم على أن قال: أرجو أن يعجل الله فرجكم.

ثم غاب بعد ذلك، و خرج إلى مدينة مدين، فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى، و كانت نيفا و خمسين سنة، و اشتدت البلوى عليهم، و استتر الفقيه، فبعثوا إليه: أنه لا صبر لنا على استتارك عنا، فخرج إلى بعض الصحارى و استدعاهم، و طيب نفوسهم، و أعلمهم أن الله عز و جل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة فقالوا بأجمعهم: الحمد لله فأوحى الله عز و جل إليه: قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم: الحمد لله فقالوا: كل نعمة فمن الله فأوحى الله إليه: قل لهم: قد جعلتها عشرين سنة فقالوا: لا يأتي بالخير إلا الله، فأوحى الله إليه: قل لهم: قد جعلتها عشرا فقالوا: لا يصرف السوء إلا الله فأوحى الله إليه: قل لهم: لا تبرحوا فقد أذنت في فرجكم فبينا هم كذلك، إذ طلع موسى (عليه السلام)

راكبا حمارا، فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يتبصرون به، و جاء موسى (عليه السلام) حتى وقف عليهم، فسلم عليهم، فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى. قال:

ابن من؟ قال: ابن عمران. قال: ابن من؟ قال: ابن فاهث «3» بن لاوي بن يعقوب. قال: بماذا جئت؟ قال: بالرسالة من عند الله عز و جل. فقام إليه فقبل يده، ثم جلس بينهم، فطيب نفوسهم، و أمرهم أمره، ثم فرقهم، فكان بين ذلك الوقت و بين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة».

9354/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، عن سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، و محمد بن يحيى العطار، و أحمد بن إدريس، جميعا، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب، و هم ثمانون رجلا فقال: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم، و يسومونكم سوء العذاب، و إنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب، اسمه موسى بن عمران (عليه السلام) غلام طويل، جعد، آدم، فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران، و يسمي عمران ابنه موسى- فذكر أبان بن عثمان، عن أبي الحسين «4»، عن أبي بصير، عن أبي

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 147/ 13.

(1) في المصدر: فلما رأى الشيعة ذلك.

(2) في المصدر: فأكبوا على الأرض شكرا للّه عزّ و جلّ.

(3) في المصدر: قاهث.

(4) في «ط، ي»: عن أبي الحصين، و الظاهر أن

الصواب و أبي الحسين. انظر معجم رجال الحديث 21: 45.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 758

جعفر (عليه السلام)، أنه قال: ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل، كلهم يدعي أنه موسى بن عمران- فبلغ فرعون أنهم يرجفون به، و يطلبون هذا الغلام، [و قال له كهنته و سحرته: إن هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام،] الذي يولد العالم في بني إسرائيل، فوضع القوابل على النساء، و قال: لا يولد العام غلام إلا ذبح، و وضع على أم موسى (عليه السلام) قابلة».

و ذكر الحديث بطوله و قد تقدم في أول سورة القصص «1».

9355/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الحر حر على جميع أحواله، إن تأتيه «2» نائبة صبر لها، و إن تداكت عليه المصائب لم تكسره، و إن أسر و قهر و استبدل باليسر عسرا، كما كان يوسف الصديق (صلوات الله عليه)، لم يضر بحريته أن استعبد و قهر و أسر، و لم تضره ظلمة الجب و وحشته و ما ناله، أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد أن كان مالكا، فأرسله و رحم به أمة، و كذلك الصبر يعقب خيرا، فاصبروا و وطنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا».

سورة غافر(40): آية 35 ..... ص : 758

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ [35] 9356/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ يعني بغير حجة يخاصمون كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ

اللَّهِ.

سورة غافر(40): آية 36 ..... ص : 758

قوله تعالى:

وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ [36] تقدم تفسير ذلك في سورة القصص «3».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 73/ 6.

1- تفسير القمّي 2: 257.

(1) تقدّم في الحديث (1) في تفسير الآية (4) من سورة القصص.

(2) في المصدر: نابته.

(3) تقدّم في تفسير الآية (38).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 759

سورة غافر(40): آية 40 ..... ص : 759

قوله تعالى:

مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ [40]

9357/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قيل له: إن أبا الخطاب يذكر عنك أنك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت، فقال: «لعن الله أبا الخطاب، و الله ما قلت له هكذا، و لكني قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك، إن الله عز و جل يقول: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ، و يقول تبارك و تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً «1»».

9358/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن في النار لنارا يتعوذ منها أهل النار، ما خلقت إلا لكل متكبر جبار عنيد، و لكل شيطان مريد، و لكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، و لكل ناصب العداوة لآل «2» بيت محمد (صلى الله عليه و

آله)».

و قال: «إن أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار، عليه نعلان من نار و شراكان من نار، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن في النار أحدا أشد عذابا منه، و ما في النار أهون عذابا منه».

سورة غافر(40): آية 45 ..... ص : 759

قوله تعالى:

فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ [45]

9359/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن أيوب ابن الحر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا، فقال: «أما لقد سلطوا «3»

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 388/ 26.

2- تفسير القمّي 2: 257. [.....]

3- الكافي 2: 171/ 1.

(1) النحل 16: 97.

(2) في «ي، ط»: لأهل.

(3) في «ي» سطوا، و في المصدر: بسطوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 760

عليه و قتلوه، و لكن أ تدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه».

9360/ [2]- علي بن إبراهيم: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله لقد قطعوه إربا إربا، و لكن وقاه أن يفتنوه في دينه».

9361/ [3]- أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، أنه قال: «قال بعض المخالفين بحضرت الصادق (عليه السلام) لرجل من الشيعة: ما تقول في العشرة من الصحابة؟ قال: أقول فيهم الخير الجميل الذي يحط الله به سيئاتي و يرفع به درجاتي. قال السائل: الحمد لله على ما أنقذني من بغضك، كنت أظنك رافضيا تبغض الصحابة! فقال:

من أبغض ألا من أبغض واحدا من الصحابة فعليه لعنة الله، قال: لعلك تتأول ما تقول في من أبغض العشرة من الصحابة؟ فقال:

من أبغض العشرة من الصحابة فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين.

فوثب فقبل رأسه، و قال: اجعلني في حل مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم، قال: أنت في حل و أنت أخي. ثم انصرف السائل، و قال له الصادق (عليه السلام): جودت، لله درك، لقد عجبت الملائكة في السماوات من حسن توريتك، و تلفظك بما خلصك الله، و لم تثلم دينك، و زاد الله في مخالفينا غما إلى غم، و حجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في أنفسهم «1».

فقال بعض أصحاب الصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله، ما عقلنا من كلام هذا إلا موافقة صاحبنا لهذا المتعنت الناصب، فقال الصادق (عليه السلام): لئن كنتم لم تفهموا ما عنى فقد فهمناه نحن، و قد شكره الله له، إن الموالي لأوليائنا، المعادي لأعدائنا إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه وفقه لجواب يسلم معه دينه و عرضه، و يعصمه الله بالتقية، إن صاحبكم هذا قال: من عاب واحدا منهم، فعليه لعنة الله، أي من عاب واحدا منهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قال في الثانية: من عابهم أو شتمهم فعليه لعنة الله، و قد صدق، لأن من عابهم فقد عاب عليا (عليه السلام) لأنه أحدهم، فإذا لم يعب عليا (عليه السلام) و لم يذمه، فلم يعبهم، و إنما عاب بعضهم.

و لقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل هذه التورية. كان حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله و نبوة موسى، و تفضيل محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) على جميع رسل الله و خلقه، و تفضيل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) و الخيار من الأئمة على سائر أوصياء النبيين و إلى البراءة من ربوبية فرعون،

فوشى به الواشون إلى فرعون، و قالوا: إن حزقيل يدعو إلى مخالفتك و يعين أعدائك على مضادتك، فقال لهم فرعون: إنه ابن عمي، و خليفتي على ملكي «2»، و ولي عهدي، إن فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره لنعمتي، و إن كنتم كاذبين فقد استحققتم أشد العذاب لإيثاركم الدخول في مساءته.

فجاء بحزقيل و جاء بهم فكاشفوه، و قالوا: أنت تجحد ربوبية فرعون الملك و تكفر نعماءه، فقال حزقيل:

أيها الملك، هل جربت علي كذبا قط؟ قال: لا، قال: فسلهم من ربهم؟ قالوا: فرعون. قال: و من خالقكم؟ قالوا:

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 258.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 355/ 247.

(1) في المصدر: تقيتهم.

(2) في «ط، ي»: مملكتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 761

فرعون هذا. قال: و من رازقكم، الكافل لمعايشكم، و الدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا: فرعون هذا. قال حزقيل: أيها الملك فأشهدك و من حضرك أن ربهم هو ربي، و خالقهم هو خالقي، و رازقهم هو رازقي، و مصلح معايشهم هو مصلح معايشي، لا رب لي و لا خالق و لا رازق غير ربهم و خالقهم و رازقهم، و أشهدك و من حضرك أن كل رب و خالق و رازق سوى ربهم و خالقهم و رازقهم فأنا بري ء منه و من ربوبيته، و كافر بإلهيته.

يقول حزقيل هذا و هو يعني أن ربهم هو الله ربي، و لم يقل: إن الذي قالوا هم إنه ربهم هو ربي، و خفي هذا المعنى على فرعون و من حضره و توهموا أنه يقول: فرعون ربي و خالقي و رازقي، و قال لهم: يا رجال السوء، و يا طلاب الفساد في ملكي، و مريدي الفتنة بيني و بين

ابن عمي و عضدي، أنتم المستحقون لعذابي، لإرادتكم فساد أمري، و إهلاك ابن عمي، و الفت في عضدي. ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتد، و في صدره وتد، و أمر أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم، فذلك ما قال الله تعالى: فَوَقاهُ اللَّهُ يعني حزقيل سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا لما وشوا به إلى فرعون ليهلكوه وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ و هم الذين وشوا بحزقيل إليه، لما أوتد فيهم الأوتاد، و مشط من أبدانهم لحومهم بالأمشاط».

سورة غافر(40): آية 46 ..... ص : 761

قوله تعالى:

النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ [46]

9362/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حكي أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث الإسراء-: «ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الذين [يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي ] يتخبطه الشيطان من المس، فإذا هم بسبيل «1» آل فرعون يعرضون على النار غدوا و عشيا، يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟».

9363/ [2]- علي بن إبراهيم: قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في قول الله عز و جل: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما يقول الناس فيها؟»، فقال: يقولون إنها في نار الخلد و هم [لا] يعذبون فيما بين ذلك، فقال (عليه السلام): «فهم من السعداء». فقيل له: جعلت فداك، فكيف هذا؟ فقال:

«إنما هذا في الدنيا، و أما في نار الخلد فهو قوله

تعالى: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 7.

2- تفسير القمّي 2: 258.

(1) في المصدر: مثل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 762

9364/ [3]- الطبرسي: عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة و العشي، إن كان من أهل الجنة [فمن الجنة]، و إن كان من أهل النار [فمن النار، يقال: هذا مقعدك ] حتى يبعثك الله يوم القيامة». أورده البخاري و مسلم في (الصحيحين).

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة، لأن نار القيامة لا تكون غدوا و عشيا». ثم قال: «إن كانوا إنما يعذبون في النار غدوا و عشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء. لا، و لكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة، ألم تسمع قوله عز و جل: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ؟».

9365/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك من الآل؟ قال: «ذرية محمد (صلى الله عليه و آله)». قلت: فمن الأهل؟ قال: «الأئمة (عليهم السلام)». فقلت: قوله عز و جل:

أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ؟ قال: «و الله ما عنى إلا ابنته».

سورة غافر(40): الآيات 47 الي 50 ..... ص : 762

قوله تعالى:

وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [47- 50] 9366/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر قول أهل النار، فقال: وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إلى قوله تعالى:

مِنَ النَّارِ فردوا عليهم، فقالوا: إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ، و قوله تعالى: وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أي في بطلان.

9367/ [2]- ابن طاوس في (الدروع الواقية)، قال: ذكر أبو جعفر أحمد القمي في كتاب (زهد النبي)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، و قد نزل عليه جبرئيل، و هو متغير اللون- و ذكر حديثا طويلا، قال: و في الحديث-: أن أهل النار إذا دخلوها و رأوا أنكالها و أهوالها، و علموا عذابها و عقابها، و رأوها كما قال زين العابدين (عليه السلام): «ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها، و لا تقدر على التخفيف عمن خشع لها، و استسلم إليها، تلقي سكانها بأحر ما لديها من أليم النكال، و شديد الوبال». يعرفون أن أهل الجنة في ثواب عظيم، و نعيم مقيم، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز:

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 818.

4- معاني الآخبار: 94/ 2.

1- تفسير القمي 2: 258. [.....]

2- الدروع الواقية: 58 «مخطوط»، البحار 8: 304/ 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 763

وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «1». قال: فيحبس عنهم الجواب إلى أربعين سنة، ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار و التهوين: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ «2»، قال: فيرون الخزنة عندهم و هم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب فيؤملون أن يجدوا عندهم فرحا بسبب من الأسباب، كما قال الله جل جلاله:

وَ قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ، قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، ثم

يجيبونهم بعد خيبة الآمال قالُوا فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ، قال: فإذا يئسوا من خزنة جهنم، رجعوا إلى مالك مقدم الخزان، و أملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان، كما قال الله جل جلاله: وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ «3» قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، و هم في العذاب، ثم يجيبهم، كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ «4» قال: فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شي ء عندهم في دنياهم، و كان قد آثر كل واحد منهم عليه هواه مدة الحياة، و كان قد قرر عندهم «5» بالعقل و النقل أنه واضح «6» لهم على يد الهداة سبل النجاة، و عرفهم بلسان الحال أنهم الملقون بأنفسهم إلى دار النكال و الأهوال، و أن باب القبول يغلق عن الكفار بالممات أبد الآبدين، و كان يقول لهم في أوقات كانوا في الحياة الدنيا من المكلفين بلسان الحال الواضح المبين: هب إنكم ما صدقتموني في هذا المقال، أما تجوزون أن أكون مع الصادقين؟ فكيف أعرضتم عني و شهدتم بتكذيبي و تكذيب من صدقني من المرسلين و المؤمنين؟ فهلا تحرزتم من هذا الضرر المحذر الهائل؟ أما سمعتم بكثرة المرسلين، و تكرار الرسائل. ثم كرر جل جلاله مواقفهم و هم في النار ببيان المقال، فقال: أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ «7». قال: فيبقون أربعين سنة في ذل الهوان لا يجابون، و في عذاب النيران لا يكلمون، ثم يجيبهم الله جل جلاله: اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ «8»، قال: فعند

ذلك ييأسون من كل فرج و راحة، و تغلق أبواب جهنم عليهم، و تدوم لديهم مآتم الهلاك و الشهيق و الزفير و الصراخ و النياحة.

سورة غافر(40): الآيات 51 الي 52 ..... ص : 763

قوله تعالى:

إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ

__________________________________________________

(1، 2) الأعراف 7: 50.

(3، 4) الزخرف 43: 77.

(5) في المصدر: قد قررهم، و في البحار: قد قدر عندهم.

(6) في المصدر: أوضح.

(7) المؤمنون 23: 105- 107.

(8) المؤمنون 23: 108.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 764

- إلى قوله تعالى- سُوءُ الدَّارِ [51- 52] 9368/ [1]- علي بن إبراهيم: هو في الرجعة إذا رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام).

9369/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله تبارك و تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، قال: «ذلك و الله في الرجعة، أما علمت أن أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا و قتلوا، و أئمة من بعدهم قوتلوا «1» و لم ينصروا، و ذلك في الرجعة».

9370/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله عز و جل: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ؟ قال: «ذلك و الله في الرجعة، أما علمت أن أنبياء الله تبارك و تعالى كثيرا «2» لم ينصروا في الدنيا و قتلوا، و أئمة من بعدهم قتلوا و لم ينصروا، فذلك

في الرجعة».

9371/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد ابن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: تلا هذه الآية: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، قال:

«الحسين بن علي (عليهما السلام) [منهم ]، قتل و لم ينصر بعد»، ثم قال: «و الله لقد قتل قتلة الحسين (عليه السلام) و لم يطلب بدمه بعد».

9372/ [5]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يعني الأئمة (عليهم السلام).

9373/ [6]- رجعة السيد المعاصر: عن جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إسماعيل، عن علي بن خالد العاقولي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ «3»، قال: «الراجفة: الحسين بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 258.

2- تفسير القمّي 2: 258.

3- مختصر بصائر الدرجات: 45.

4- كامل الزيارات: 63/ 2.

5- تفسير القمّي 2: 259.

6- الرجعة: 60 «مخطوط».

(1) في «ط» و المصدر: قتلوا. [.....]

(2) في المصدر: كثيرة.

(3) النازعات 79: 6 و 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 765

علي (عليهما السلام)، و الرادفة: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أول من ينشق عنه القبر و ينفض عن رأسه التراب الحسين ابن علي (عليهما السلام) في خمسة و سبعين ألفا، و هو قوله تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ

وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ».

سورة غافر(40): آية 60 ..... ص : 765

قوله تعالى:

وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [60]

9374/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إن الله عز و جل يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ؟ قال: «هو الدعاء، و أفضل العبادة الدعاء».

قلت: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ «1»؟ قال: «الأواه: الدعاء».

9375/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «ادع، و لا تقل: قد فرغ من الأمر، فإن الدعاء هو العبادة، إن الله عز و جل يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ و قال تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».

9376/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن رجل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الدعاء هو العبادة التي قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ الآية، ادع الله عز و جل، و لا تقل: إن الأمر قد فرغ منه».

قال زرارة: إنما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء و القدر أن تبالغ بالدعاء و تجتهد فيه، أو كما قال.

9377/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة، فتلا هذا القرآن، فكانت تلاوته أكثر من دعائه، و دعا هذا

فكان دعاؤه أكثر من تلاوته، ثم انصرفا في ساعة واحدة، أيهما أفضل؟ قال: «كل فيه فضل،

__________________________________________________

1- الكافي 2: 338/ 1.

2- الكافي 2: 339/ 5.

3- الكافي 2: 339/ 7.

4- التهذيب 2: 104/ 394.

(1) التوبة 9: 114.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 766

كل حسن».

قلت: إني قد علمت أن كلا حسن، و أن كلا فيه فضل، فقال: «الدعاء أفضل أما سمعت قول الله عز و جل:

وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ، هي و الله العبادة، هي و الله أفضل، هي و الله أفضل، أ ليست هي العبادة؟ هي و الله العبادة، هي و الله العبادة، أ ليست هي أشدهن؟ هي و الله أشدهن، هي و الله أشدهن».

9378/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن المغيرة، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن فضل الدعاء بعد الفريضة على الدعاء بعد النافلة كفضل الفريضة على النافلة».

قال: ثم قال: «ادعه و لا تقل: قد فرغ من الأمر، فإن الدعاء هو العبادة، إن الله عز و جل يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ، و قال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»، و قال: «أردت أن تدعو الله فمجده و احمده و سبحه و هلله، و أثن عليه، و صل على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم سل تعط».

9379/ [6]- المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن علي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، قال: قلت للصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله، ما

بال المؤمن إذا دعا ربما «1» استجيب له، و ربما لم يستجب له، و قد قال الله عز و جل: وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ؟

فقال (عليه السلام): «إن العبد إذا دعا الله تبارك و تعالى بنية صادقة و قلب مخلص، استجيب له بعد وفائه بعهد الله عز و جل، و إذا دعا الله بغير نية و إخلاص لم يستجب له، أ ليس الله تعالى يقول: أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ «2»؟ فمن و فى وفي له».

9380/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: آيتان في كتاب الله عز و جل أطلبهما فلا أجدهما، قال: «و ما هما؟» قلت: قول الله عز و جل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، فندعوه و لا نرى إجابة! قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟» قلت:

لا. قال: «فبما ذلك؟» قلت: لا أدري. قال: «و لكني أخبرك، من أطاع الله عز و جل فيما أمره من دعائه من جهة الدعاء أجابه». قلت: و ما جهة الدعاء؟ قال: «تبدأ فتحمد الله و تذكر نعمه عندك، ثم تشكره، ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم تذكر ذنوبك فتعترف بها، ثم تستعيذ منها، فهذا جهة الدعاء».

__________________________________________________

5- الكافي 3: 341/ 4.

6- الاختصاص: 242.

7- الكافي 2: 352/ 8.

(1) في «ط، ي»: دعاء.

(2) البقرة 2: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 767

ثم قال: «و ما الآية الاخرى؟» قلت: قول الله عز و جل: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ «1»، و إني أنفق و لا أرى خلفا! قال: «أفترى الله عز و جل

أخلف وعده؟» فقلت: لا. قال: «فمم ذلك؟» قلت: لا أدري. قال: «لو أن أحدكم اكتسب المال من حله و أنفقه في حله، لم ينفق درهما إلا أخلف عليه».

9381/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ابن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى ليمن على عبده المؤمن يوم القيامة، فيأمره أن يدنو منه- يعني من رحمته- فيدنو حتى يضع كفه عليه، ثم يعرفه ما أنعم به عليه، يقول: ألم تكن تدعوني يوم كذا و كذا، فأجبت دعوتك؟ ألم تسألني يوم كذا و كذا، و أعطيتك مسألتك؟ ألم تستغث بي يوم كذا و كذا، فأغثتك؟ ألم تسألني كشف ضر كذا و كذا، فكشفت عنك ضرك، و رحمت صوتك؟ ألم تسألني مالا، فملكتك؟ ألم تستخدمني، فأخدمتك؟

ألم تسألني أن أزوجك فلانة و هي منيعة عند أهلها، فزوجتكها؟

قال: فيقول العبد: بلى يا رب، أعطيتني كل ما سألتك، و كنت يا رب أسألك الجنة، فيقول الله له: فإني منعم لك بما سألتنيه الجنة لك مباحا، أرضيت؟ فيقول المؤمن: نعم يا رب أرضيتني و قد رضيت. فيقول الله: عبدي كنت أرضى أعمالك، و أنا أرضي لك أحسن الجزاء، فإن أفضل جزاء عندي أن أسكنك الجنة. و هو قوله تعالى:

ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».

9382/ [9]- محمد بن العباس: قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن سنان، عن محمد بن النعمان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل لم يكلنا إلى أنفسنا، و لو وكلنا إلى أنفسنا لكنا كبعض الناس، و لكن نحن

الذين قال الله عز و جل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».

سورة غافر(40): آية 65 ..... ص : 767

قوله تعالى:

هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [65]

9383/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، رفعه، قال: جاء

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 2: 259.

9- تأويل الآيات 2: 532/ 16. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 259.

(1) سبأ 34: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 768

رجل إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فسأله عن مسائل، ثم عاد ليسأل عن مثلها، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام):

«مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعملون «1»، و لما عملتم بما علمتم، فإن العالم إذا لم يعمل به، لم يزدد بعلمه من الله إلا بعدا».

ثم قال: «عليك بالقرآن، فإن الله خلق الجنة بيده، لبنة من ذهب، و لبنة من فضة، و جعل ملاطها «2» المسك، و ترابها الزعفران، و حصاها اللؤلؤ، و جعل درجاتها على قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ و ارق و من دخل منهم الجنة لم يكن أحد في الجنة أعلى درجة منه، ما خلا النبيين و الصديقين».

و قال له الرجل: فما الزهد؟ قال: «الزهد عشرة أجزاء فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الرضا، ألا و إن الزهد في آية من كتاب الله لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «3»».

فقال الرجل: لا إله إلا الله. و قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «و أنا أقول لا إله إلا الله، فإذا قال: أحدكم لا إله إلا الله، فليقل: الحمد لله رب العالمين. فإن الله يقول: هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

9384/

[2]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري إملاء من أصل كتابه، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى و ستين و مائتين، قال: حدثنا خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) لما دخل نيسابور و هو راكب بغلة شهباء، و قد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلما صار إلى المرتعة تعلقوا بلجام بغلته، و قالوا: يا ابن رسول الله، حدثنا بحق آبائك الطاهرين، حدثنا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين. فأخرج رأسه من الهودج، و عليه مطرف خز، فقال: «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين، عن الله تقدست أسماؤه، و جل وجهه، قال: إني أنا الله، لا إله إلا أنا وحدي، عبادي فاعبدوني، و ليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها، أنه قد دخل حصني، و من دخل حصني أمن عذابي».

قالوا: يا ابن رسول الله، و ما إخلاص الشهادة لله؟ قال: «طاعة الله و رسوله، و ولاية أهل بيته (عليهم السلام)».

9385/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد

__________________________________________________

2- الأمالي 2: 201.

3- الكافي 2: 378/ 1.

(1) في «ط» و المصدر: تعلمون.

(2) في «ي»: بلاطها.

(3) الحديد 57: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 769

ابن محمد، جميعا، عن الوشاء، عن

أحمد بن عائذ، عن أبي الحسن السواق، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا أبان، إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا، وجبت له الجنة».

قال: قلت له: إنه يأتيني من كل صنف، أ فأروي لهم هذا الحديث؟ قال: «نعم. يا أبان، إذا كان يوم القيامة، و جمع الله الأولين و الآخرين، فتسلب لا إله إلا الله منهم، إلا من كان على هذا الأمر».

سورة غافر(40): آية 67 ..... ص : 769

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [67] 9386/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنه محكم.

سورة غافر(40): الآيات 70 الي 74 ..... ص : 769

قوله تعالى:

الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ [70- 74]

9387/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ فقد سماهم الله كافرين «1» مشركين بأن كذبوا بالكتاب، و قد أرسل الله رسله بالكتاب، و بتأويل الكتاب، فمن كذب بالكتاب، أو كذب بما أرسل به رسله من تأويل الكتاب، فهو مشرك «2».

9388/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد و سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): إن الناس

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 321 «مخطوط».

2- تفسير القمّي 2: 260.

3- الكافي 3: 246/ 1.

(1) في المصدر: سمّى اللّه الكافرين.

(2) زاد في المصدر: كافر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 770

يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة، فكيف هو، و هو يقبل من المغرب، و تصب فيه العيون و الأودية؟

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و أنا أسمع أن لله جنة خلقها في المغرب، و ماء فراتكم يخرج منها، و إليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء، و تسقط على ثمارها، و تأكل منها، و تتنعم فيها، و تتلاقى و تتعارف، فإذا طلع الفجر هاجت من الحنة، فكانت في الهواء فيما بين السماء و الأرض، تطهير ذاهبة و جائية، و

تعهد حفرها إذا طلعت الشمس، و تتلاقى في الهواء و تتعارف».

قال: «و إن لله نارا في المشرق، و خلقها ليسكنها أرواح الكفار، و يأكلون من زقومها، و يشربون من حميمها ليلهم، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن، يقال له: برهوت، أشد حرا من نيران الدنيا، كانوا فيها يتلاقون و يتعارفون، فإذا كان المساء عادوا إلى النار، فهم كذلك إلى يوم القيامة».

قال: قلت: أصلحك الله، فما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) من المسلمين المذنبين، الذين يموتون و ليس لهم إمام، و لا يعرفون ولايتكم؟ فقال: «أما هؤلاء فإنهم في حفرتهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح، و لم تظهر منهم عداوة، فإنه يخد له خدا إلى الجنة التي خلقها الله في المغرب، فيدخل عليه منها الروح إلى حفرته إلى يوم القيامة، فيلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار، فهؤلاء موقوفون لأمر الله».

قال: «و كذلك يفعل الله بالمستضعفين و البله و الأطفال و أولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم، فأما النصاب من أهل القبلة، فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله في المشرق، فيدخل عليهم منها اللهب و الشرر و الدخان و فورة الحميم إلى يوم القيامة، ثم مصيرهم إلى الجحيم في النار يسجرون، ثم قيل لهم: أين ما كنتم تشركون «1» من دون الله؟ أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما؟».

9389/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى

الله عليه و آله) [من المسلمين ] المذنبين، الذين يموتون و ليس لهم إمام، و لا يعرفون ولايتكم؟ فقال: «أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح و لم يظهر منه عداوة، فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله بالمغرب، فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار، و هؤلاء الموقوفون لأمر الله».

قال: «و كذلك يفعل الله بالمستضعفين و البله و الأطفال و أولاد المسلمين [الذين لم يبلغوا الحلم ]، و أما النصاب من أهل القبلة، فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله بالمشرق، فيدخل عليهم اللهب و الشرر و الدخان و فورة الحميم إلى يوم القيامة، ثم بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم في النار يسجرون، ثم قيل لهم: أين ما

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 260.

(1) في المصدر: تدعون. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 771

كنتم تشركون من دون الله؟ أي أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما؟».

سورة غافر(40): الآيات 75 الي 77 ..... ص : 771

قوله تعالى:

ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ- إلى قوله تعالى- فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ [75- 77] 9390/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ.

9391/ [2]- ثم

قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الفرح و المرح و الخيلاء، كل ذلك في الشرك و العمل في الأرض بالمعصية».

سورة غافر(40): الآيات 81 الي 82 ..... ص : 771

قوله تعالى:

يُرِيكُمْ آياتِهِ

- إلى قوله تعالى- وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ [81- 82] 9392/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: يُرِيكُمْ آياتِهِ

يعني أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) في الرجعة، قوله تعالى: وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ يقول: أعمالا في الأرض.

9393/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان ما بين آدم و نوح من الأنبياء مستخفين، و لذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء (صلوات الله عليهم)، و هو قول الله عز و جل: وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ «1»».

سورة غافر(40): الآيات 84 الي 85 ..... ص : 771

قوله تعالى:

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 261.

2- تفسير القمّي 2: 261.

3- تفسير القمّي 2: 261.

4- الكافي 8: 115/ 92.

(1) النساء 4: 164.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 772

فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا [84- 85]

9394/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لأي علة أغرق الله عز و جل فرعون، و قد آمن به و أقر بتوحيده؟ قال: «لأنه آمن عند رؤية البأس و الإيمان عند رؤية البأس غير مقبول، ذلك حكم الله تعالى في السلف و الخلف، قال الله تعالى:

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ

لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا».

9395/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن رزق الله- أو رجل، عن جعفر بن رزق الله- قال: قدم إلى المتوكل رجل نصراني، فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: قد هدم إيمانه شركه و فعله، و قال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، و قال بعضهم: يفعل به كذا و كذا، فأمر [المتوكل ] بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث (صلوات الله عليه)، سؤاله عن ذلك، فلما قرأ الكتاب كتب: «يضرب حتى يموت». فأنكر يحيى بن أكثم، و أنكر فقهاء العسكر ذلك، و قالوا: يا أمير المؤمنين، سل عن هذه، فإنه شي ء لم ينطق به كتاب، و لم تجي ء به سنة، فكتب إليه: إن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا، و قالوا: لم تجي ء به سنة، و لم ينطق به كتاب فبين لنا لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَلَمَّا رَأَوْا «1» بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ» قال: فأمر به المتوكل فضرب حتى مات.

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 77/ 7.

2- الكافي 7: 238/ 2.

(1) في النسخ و المصدر: أحسوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 773

سورة فصلت ..... ص : 773

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 775

فضلها ..... ص : 775

9396/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي المغرا، عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قرأ حم السجدة كانت له نورا يوم القيامة مد بصره و سرورا، و عاش في الدنيا محمودا مغبوطا».

9397/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله بعدد حروفها عشر حسنات و من كتبها في إناء و غسله، و عجن به عجينا ثم سحقه، و أسفه كل من به وجع الفؤاد، زال عنه و برى ء بإذن الله تعالى».

9398/ [3]- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في إناء و غسلها بماء، و عجن بها عجينا و يبسه، ثم يسحقه، و أسفه كل من به وجع الفؤاد زال عنه و برى ء».

9399/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في إناء و محاها بماء المطر، و سحق بذلك الماء كحلا، و تكحل به من في عينه بياض أو رمد، زال عنه ذلك الوجع، و لم يرمد بها أبدا، و إن تعذر الكحل فليغسل عينيه بذلك الماء، يزول عنه الرمد بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113.

2- ....

3- ....

4- خواص القرآن: 49 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 777

سورة فصلت(41): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 777

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [1- 2] مر تفسيرها في سورة حم المؤمن «1».

سورة فصلت(41): الآيات 3 الي 7 ..... ص : 777

قوله تعالى:

كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ- إلى قوله تعالى- وَ اسْتَغْفِرُوهُ [3- 6] 9400/ [1]- علي بن إبراهيم: أي بين حلالها و حرامها و أحكامها و سننها بَشِيراً وَ نَذِيراً أي يبشر المؤمنين، و ينذر الظالمين فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ يعني عن القرآن فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ، قال: في غشاوة، مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ أي تدعونا إلى ما لا نفهمه و لا نعقله فقال الله: قُلْ لهم يا محمد إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ أي أجيبوه وَ اسْتَغْفِرُوهُ.

9401/ [2]- الشيخ الفاضل عمر بن إبراهيم الأوسي: قال: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لما نزلت سورة الشعراء في آخرها آية الإنذار وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «2» أمرني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا علي،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 261.

2- .... [.....]

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (1، 2) من سورة المؤمن.

(2) الشعراء 26: 214.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 778

اطبخ و لو كراع شاة، و لو صاعا من طعام و قعبا من لبن، و اعمد إلى قريش. قال: فدعوتهم و اجتمعوا أربعين بطلا بزيادة، و كان فيهم أبو طالب و حمزة و العباس، فحضرت ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه و آله) معمولا، فوضعته بين أيديهم، فضحكوا استهزاء، فأدخل إصبعه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأربعة جوانب الجفنة، فقال: كلوا و قولوا: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال أبو جهل: يا محمد، ما نأكل،

و أحدنا يأكل الشاة مع أربعة أصوع من الطعام! فقال: كل و أرني أكلك. فأكلوا حتى تملؤوا، و أيم الله ما يرى أثر أكل أحدهم، و لا نقص الزاد، فصاح بهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): كلوا. فقالوا: و من يقدر على أكثر من هذا؟ فقال: ارفعه يا علي. فرفعته، فدنا منهم محمد (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا قوم اعملوا أن الله ربي و ربكم. فصاح أبو لهب، و قال: قوموا إن محمدا سحركم.

فقاموا و مضوا فاستعقبهم علي بن أبي طالب، و أراد أن يبطش بهم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا يا علي، ادن مني. فتركهم و دنا منه، فقال له: أمرنا بالإنذار لا بذات الفقار، لأن له وقتا، و لكن اعمل لنا من الطعام مثل ما عملت، و ادع لي من دعيت، فلما أتى غد، فعلت ما بالأمس فعلت.

فلما اجتمعوا و أكلوا كما أكلوا. قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به من أمر الدنيا و الآخرة. قيل: فقال أبو جهل: قد شغلنا أمر محمد، فلو قابلتموه برجل مثله يعرف السحر و الكهانة، لكنا استرحنا. فقطع كلامه عتبة بن ربيعة، و قال: و الله إني لبصير بما ذكرته. فقال: لم لا تباحثه؟ قال: حاشا أن كان به ما ذكرت، فقال له: يا محمد، أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم علي بن أبي طالب، دامغ الجبابرة، قاصم أصلاب أكبرهم؟ فلم تضل آبائنا و تشتم آلهتنا، فإن كنت تريد الرئاسة عقدنا لك أولويتها،

و كن رئيسا لنا ما بقيت و إن كان بك الباه زوجناك عشرة نسوة من أكبرنا. و إن كنت تريد المال جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك أنت و عقبك من بعدك، فما تقول؟

فقال (صلى الله عليه و آله): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا إلى آخر الآية، فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد و ثمود، فأمسك عتبة على فيه، و رجع فناشده بالله اسكت، فسكت، و قام و مضى، فقام من كان حاضرا خلفه فلم يلحقوه، فدخل و لم يخرج أبدا، فغدوه قريش، فقال أبو جهل: قوموا بنا إليه. فدخلوا و جلسوا. فقال أبو جهل: يا عتبة، محمد سحرك. فقام قائما على قدميه، و قال: يا لكع الرجال، و الله لو لم تكن ببيتي لقتلتك شر قتلة، يا ويلك. قلت: محمد ساحر كاهن شاعر، سرنا إليه، سمعناه تكلم بكلام من رب السماء، فحلفته و أمسك، و قد سميتموه الصادق الأمين، هل رأيتم منه كذبة؟ و لكني لو تركته يتمم ما قرأ لحل بكم العذاب و الذهاب».

9402/ [3]- محمد بن العباس في (تفسيره)، قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد الدهان، عن الحسن بن علي بن أحمد العلوي، قال: بلغني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لداود الرقي: «أيكم ينال السماء؟ فو الله إن أرواحنا و أرواح النبيين لتنال العرش كل ليلة جمعة. يا داود، قرأ أبي محمد بن علي (عليه السلام) حم السجدة حتى بلغ

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 533/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 779

فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ، ثم قال: نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)

بأن الإمام بعده علي (عليه السلام)، ثم قرأ (عليه السلام): حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ حتى بلغ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن ولاية علي فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ».

قوله تعالى:

وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ- إلى قوله تعالى- بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ [6، 7] 9403/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ و هم الذين أقروا بالإسلام و أشركوا بالأعمال، و هو قوله تعالى: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «1» يعني بالأعمال إذا أمروا بأمر عملوا خلاف ما قال الله، فسماهم الله مشركين، ثم قال تعالى: الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ يعني من لم يدفع الزكاة فهو كافر.

9404/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبان أ ترى أن الله عز و جل طلب من المشركين زكاة أموالهم و هم يشركون به حيث يقول: وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ».

قلت له: كيف ذلك جعلت فداك، فسره لي؟ فقال: «و ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول، و هم بالأئمة الآخرين كافرون، يا أبان، إنما دعا الله العباد إلى الإيمان به، فإذا آمنوا بالله و رسوله افترض عليهم الفرائض».

9405/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثني الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان بن مسلم، عن أبان بن تغلب،

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) و قد تلا هذه الآية: «يا أبان، هل ترى الله سبحانه طلب من المشركين زكاة أموالهم، و هم يعبدون معه إلها غيره؟».

قال: قلت: فمن هم؟ قال: «ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول، و لم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول، و هم به كافرون».

9406/ [4]- قال: و روى أحمد بن محمد بن سيار، بإسناده إلى أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 261.

2- تفسير القمّي 2: 262.

3- تأويل الآيات 2: 2: 533/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 2: 534/ 3.

(1) يوسف 12: 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 780

«ويل للمشركين الذين أشركوا مع الإمام الأول غيره، و لم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول، و هم به كافرون».

قال شرف الدين النجفي عقيب هذا الحديث: فمعنى الزكاة هاهنا: زكاة الأنفس، و هي طهارتها من الشرك المشار إليه، و قد وصف الله سبحانه المشركين بالنجاسة، يقول: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ «1»، و من أشرك بالإمام فقد أشرك بالنبي (صلى الله عليه و آله) و من أشرك بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقد أشرك بالله.

و قوله تعالى: الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ أي أعمال الزكاة و هي ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، لأن بها تزكى الأعمال يوم القيامة.

سورة فصلت(41): الآيات 8 الي 14 ..... ص : 780

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ [8- 14] 9407/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر الله عز و جل المؤمنين فقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي بلا من من الله عليهم بما يأجرهم به، ثم خاطب الله نبيه فقال: قل- لهم يا

محمد- أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ و معنى يومين أي وقتين: ابتداء الخلق و انقضاؤه وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها أي لا يزول و لا يفنى «2» فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ يعني في أربعة أوقات، و هي التي يخرج الله فيها أقوات العالم، من الناس و البهائم و الطير و حشرات و الأرض و ما في البر و البحر من الخلق و الثمار و النبات و الشجر و ما يكون فيه معاش الحيوان كله، و هو الربيع و الصيف و الخريف و الشتاء.

ففي الشتاء يرسل الله الرياح و الأمطار و الأنداء و الطلول من السماء فيسقي «3» الأرض و الشجر، و هو وقت بارد، ثم يجي ء بعده الربيع و هو وقت الخريف و معتدل حار و بارد، فيخرج الشجر ثماره، و الأرض نباتها، فيكون أخضر ضعيفا ثم يجي ء من بعده وقت الصيف [و هو حار]، فينضج الثمار، و يصلب الحبوب التي هي أقوات العباد و جميع الحيوان، ثم يجي ء من بعده وقت الخريف فيطيبه و يبرده، و لو كان الوقت كله شيئا واحدا، لم يخرج النبات من الأرض، لأن الوقت لو كان كله ربيعا لم تنضج الثمار و لم تبلغ الحبوب، و لو كان الوقت كله صيفا لاحترق كل شي ء في الأرض، و لم يكن للحيوان معاش و لا قوت، و لو كان الوقت كله خريفا، و لم يتقدمه شي ء من هذه

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 262.

(1) التوبة 9: 28.

(2) في المصدر: يبقى.

(3) في المصدر: فيلقح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 781

الأوقات، لم يكن شي ء يتقوت به العالم، فجعل الله هذه الأقوات في هذه

الأربعة أوقات: في الشتاء و الربيع و الصيف و الخريف، و قام به العالم و استوى و بقي، و سمى [الله ] هذه الأوقات أياما سواء للسائلين. يعني المحتاجين، لأن كل محتاج سائل، و في العالم من خلق الله من لا يسأل و لا يقدر عليه من الحيوان كثير، فهم سائلون، و إن لم يسألوا.

و قوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أي دبر و خلق و قد سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) عمن كلم الله لا من الجن و لا من الإنس، فقال: «السماوات و الأرض، في قوله تعالى: ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ».

فَقَضاهُنَّ أي خلقهن سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ يعني في وقتين ابتداء و انقضاء وَ أَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها فهذا وحي تقدير و تدبير وَ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ يعني بالنجوم وَ حِفْظاً يعني من الشياطين أن تخرق السماء.

9408/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله عز و جل: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ «1»».

9409/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا يا محمد فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ و هم قريش، و هو معطوف على قوله تعالى: فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ «2»، و قوله تعالى:

إِذْ

جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ يعني نوحا و إبراهيم و موسى و عيسى و النبيين و من خلفهم أنت قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً لم يبعث بشرا مثلنا فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ.

سورة فصلت(41): آية 16 ..... ص : 781

قوله تعالى:

فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ [16] 9410/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً: «و الصرصر: الريح الباردة فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ أي أيام مياشيم».

__________________________________________________

2- الكافي 8: 145/ 117.

3- تفسير القمّي 2: 263. [.....]

4- تفسير القمّي 2: 263.

(1) السجدة 32: 4.

(2) فصلت 41: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 782

قوله تعالى:

لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [16]

9411/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني علي بن الحسن التيملي، عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هو؟ فقال: «و أي خزي أخزى- يا أبا بصير- من أن يكون الرجل في بيته، و حجلته على خوانه «1» وسط عياله، إذ شق أهله الجيوب عليه و صرخوا، فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مسخ فلان الساعة».

فقلت: قبل [قيام ] القائم أو بعده؟ قال: «لا، بل قبله».

سورة فصلت(41): الآيات 17 الي 19 ..... ص : 782

قوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى - إلى قوله تعالى- فَهُمْ يُوزَعُونَ [17- 19]

9412/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة ابن ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ «2»، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه، و قال تعالى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها «3»، قال:

بين لها ما تأتي و ما تترك، و قال تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً «4»، قال: عرفناه إما آخذا و إما تاركا، و قال تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ، قال:

عرفناهم، فاستحبوا العمى على الهدى، و هم يعرفون». و في رواية: «بينا لهم».

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد

__________________________________________________

1- غيبة النعماني: 269/ 41.

2- الكافي 1: 124/ 3.

(1) في المصدر: و حجاله و على إخوانه.

(2) التوبة 9: 115.

(3) الشمس 91: 8.

(4) الإنسان 76: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 783

ابن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

9413/ [2]- أبو الحسن الثالث، علي بن محمد الهادي (عليه السلام)، قال: «إن الهداية منه: التعريف، كقوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ».

9414/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: روى علي بن محمد، عن أبي جميلة، عن الحلبي. و رواه علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قوله تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها «2»، قال: «ثمود رهط من الشيعة، فإن الله سبحانه يقول: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ و هو السيف إذا قام القائم (عليه السلام)».

9415/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ، و لم يقل:

استحب الله، كما زعمت المجبرة أن الأعمال «3» أحدثها الله لنا فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يعني ما فعلوه. و قوله: وَ يَوْمَ يُحْشَرُ

أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يجيئون من كل ناحية.

سورة فصلت(41): الآيات 20 الي 23 ..... ص : 783

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا- إلى قوله تعالى- فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ [20- 23]

9416/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث، قال فيه-: «ثم نظم ما فرض على القلب و اللسان و السمع و البصر في آية، فقال: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ يعني [بالجلود]: الفروج و الأفخاذ».

__________________________________________________

2- الاحتجاج: 453، تحف العقول: 475.

3- تأويل الآيات 2: 804/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 264.

1- الكافي 2: 30/ 1.

(1) التوحيد: 411/ 4. [.....]

(2) الشمس 91: 11.

(3) في المصدر: الأفعال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 784

9417/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قوم تعرض عليهم أعمالهم فينكرونها، فيقولون: ما عملنا منها شيئا، فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم.

قǙĺ قال الصادق (عليه السلام): «فيقولون لله: يا رب، هؤلاء ملائكتك يشهدون لك، ثم يحلفون بالله ما فعلوا من ذلك شيئا، و هو قول الله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ «1»، و هم الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعند ذلك يختم الله على ألسنتهم، و ينطق جوارحهم، فيشهد السمع بما سمع مما حرم الله، و يشهد البصر بما نظر إلى ما حرم الله، و تشهد اليدان بما أخذتا، و تشهد الرجلان بما سعتا فيما حرم الله، و يشهد الفرج بما ارتكب مما حرم الله، ثم أنطق

الله ألسنتهم فيقولون: لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أي من الله أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ و الجلود: الفروج وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ».

9418/ [3]- الطبرسي، قال الصادق (عليه السلام): «ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه يشرف على النار، و يرجوه رجاء كأنه من أهل الجنة، إن الله تعالى يقول: ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ الآية». ثم قال: «إن الله عند ظن عبده به، إن خيرا فخير، و إن شرا فشر».

9419/ [4]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حديث يرويه الناس في من يؤمر به آخر الناس إلى النار، فقال: «أما إنه ليس كما يقولون، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن آخر عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت، فيقول الجبار: ردوه. فيردونه، فيقول له: لم التفت إلي؟ فيقول: يا رب، لم يكن ظني بك هذا. فيقول: و ما كان ظنك بي؟ فيقول: يا رب، كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي، و تسكنني جنتك. قال: فيقول الجبار: يا ملائكتي، لا و عزتي و جلالي و آلائي و علوي و ارتفاع مكاني، ما ظن بي عبدي هذا ساعة من خير قط، و لو ظن بي ساعة من خير ما روعته بالنار، أجيزوا له كذبه، و أدخلوه الجنة.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليس من عبد يظن بالله خيرا إلا كان عند ظنه به،

و ذلك قوله تعالى:

وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ».

9420/ [5]- حسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حديث يرويه الناس- و ذكر الحديث إلا أن في آخر الحديث-: «ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليس من عبد ظن بالله خيرا إلا كان عند ظنه به، و لا ظن به سوء إلا كان عند ظنه به، و ذلك قوله

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 264.

3- مجمع البيان 9: 14.

4- تفسير القمّي 2: 264.

5- الزهد: 97/ 262.

(1) المجادلة 58: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 785

تعالى: وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ».

9421/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد، قال:

حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا أبو العيناء، قال: حدثني محمد ابن مسعر، قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاءه رجل، فقال له: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «إن العبد إذا أذنب ذنبا، ثم علم أن الله عز و جل يطلع عليه غفر له».

فقال ابن عيينة: هذا في كتاب الله عز و جل، قال الله تعالى: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ [فإذا كان الظن هو المردي، كان ضده هو المنجي ].

سورة فصلت(41): الآيات 24 الي 28 ..... ص : 785

قوله تعالى:

فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ- إلى قوله تعالى- جَزاءً بِما

كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ [24- 28] 9422/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ أي يخسروا و يحشروا «1» وَ إِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أي لا يجابوا إلى ذلك، قوله تعالى: وَ قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ يعني الشياطين من الجن و الإنس الأردياء فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أي ما كانوا يفعلون وَ ما خَلْفَهُمْ أي ما يقال لهم إنه يكون خلفكم كله باطل و كذب وَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ و العذاب. و قوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ أي تصيرونه سخرية و لغوا.

9423/ [2]- محمد بن العباس: قال: حدثنا علي بن أسباط، عن علي بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «قال الله عز و جل: فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بتركهم ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) عَذاباً شَدِيداً في الدنيا وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ في الآخرة ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ و الآيات: الأئمة (عليهم السلام)».

__________________________________________________

6- الأمالي 1: 52.

1- تفسير القمّي 2: 265.

2- تأويل الآيات 2: 534/ 4.

(1) في المصدر: يخشؤا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 786

سورة فصلت(41): الآيات 29 الي 32 ..... ص : 786

قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ- إلى قوله تعالى- نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [29- 32]

9424/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أحمد القمي، عن عمه عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن حسين الجمال، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، في قول الله تبارك و تعالى:

رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ، قال: «هما، و كان فلان شيطانا».

9425/ [2]- و

عنه: بهذا الإسناد، عن يونس، عن سورة بن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ، قال: «يا سورة هما، و الله هما- ثلاثا- و الله يا سورة، إنا لخزان علم الله في السماء، و إنا لخزان علم الله في الأرض».

9426/ [3]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل يصف فيه حال قنفذ و صاحبه يوم القيامة-: «فيؤتيان هو و صاحبه، فيضربان بسياط من نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، و لو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا، فيضربان بها، ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله مع الرابع، و يذهب «1» الثلاثة في جب، فيطبق عليهم، لا يراهم أحد و لا يرون أحدا، فيقول الذين كانوا في ولايتهم: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ، قال الله عز و جل: وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ «2»».

9427/ [4]- الطبرسي، في قوله تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا

مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا يعنون إبليس الأبالسة، و قابيل بن آدم أول من أبدع المعصية، روي ذلك عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

1- الكافي 8: 334/ 523.

2- الكافي 8: 334/ 524.

3- كامل الزيارات: 332/ 11. [.....]

4- مجمع البيان 9: 17.

(1) في المصدر: فيدخل.

(2) الزخرف 43: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 787

9428/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: قال العالم: «من الجن إبليس الذي دل «1» على قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في دار الندوة، و أضل الناس بالمعاصي، و جاء بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى فلان و بايعه، و من الإنس فلان نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ».

ثم ذكر أمير المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا، قال: على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله تعالى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ، قال: عند الموت: أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، قال: كنا نحرسكم من الشياطين وَ فِي الْآخِرَةِ

أي عند الموت وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ

يعني في الجنة نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ.

9429/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما يموت موال لنا، مبغض لأعدائنا، إلا و يحضره رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فيسرونه «2» و يبشرونه، و إن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسوءه، و الدليل على ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لحارث

الهمداني:

يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا»

9430/ [7]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، عن الحسين بن عثمان، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «استقاموا على الأئمة واحدا بعد واحد تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ».

9431/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن الحسن بن علي، قال:

حدثنا عبد الله بن سهل الأشعري، عن أبيه، عن أبي اليسع، قال: دخل حمران بن أعين على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال له: جعلت فداك، يبلغنا أن الملائكة تنزل عليكم؟

قال: «إي و الله، لتنزل علينا، فتطأ بسطنا «3»، أما تقرأ كتاب الله تبارك و تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 265.

6- تفسير القمّي 2: 265.

7- الكافي 1: 172/ 2.

8- بصائر الدرجات: 111/ 3.

(1) في المصدر: دبّر.

(2) في «ط، ي»: فيرونه.

(3) في المصدر: فقال: إنّ الملائكة و اللّه لتنزل علينا تطأ فرشنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 788

9432/ [9]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول

الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) و تجري فيمن استقام من شيعتنا، و سلم لأمرنا، و كتم حديثنا عن عدونا، تستقبله الملائكة بالبشرى من الله بالجنة، و قد و الله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الذين استقاموا، و سلموا لأمرنا، و كتموا حديثنا، و لم يذيعوه عند عدونا، و لم يشكوا فيه كما شككتم، و استقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة».

9433/ [10]- محمد بن العباس، قال: حدثني محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ يقول:

«استكملوا طاعة الله و طاعة رسوله و ولاية آل محمد (عليهم السلام): ثُمَّ اسْتَقامُوا [عليها] تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ يوم القيامة أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فأولئك الذين إذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون تتلقاهم الملائكة و يقولون لهم: لا تخافوا و لا تحزنوا نحن كنا معكم في الحياة الدنيا، لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة، و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون».

9434/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ الآية، قال: «استقاموا على الأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد».

9435/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن

محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا، قال: «هو و الله ما أنتم عليه و هو قوله تعالى: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً «1»».

قلت: متى تتنزل عليهم الملائكة بأن لا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا و في الآخرة؟ فقال: «عند الموت و يوم القيامة».

9436/ [13]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه، و ظهور ملك الموت له، و ذلك أن

__________________________________________________

9- مختصر بصائر الدرجات: 96.

10- تأويل الآيات 2: 536/ 8.

11- تأويل الآيات 2: 537/ 9.

12- تأويل الآيات 2: 537/ 10. [.....]

13- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 239/ 117.

(1) الجن 72: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 789

ملك الموت يرد على المؤمن و هو في شدة علته، و عظيم ضيق صدره بما يخلفه من أمواله و عياله، و ما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه و عياله، و قد بقيت [في ] نفسه حزازتها، و انقطعت آماله «1» فلم ينلها.

فيقول له ملك الموت: ما لك تجرع غصصك؟ فيقول: لاضطراب أحوالي و انقطاعي دون آمالي، فيقول له ملك الموت: و هل يجزع عاقل من فقد درهم زائف، و قد اعتاض عنه بألف ألف ضعف الدنيا؟ [فيقول: لا.] فيقول له ملك الموت: فانظر فوقك. فينظر، فيرى درجات الجنان و قصورها التي تقصر دونها الأماني، فيقول

له ملك الموت: هذه منازلك و نعمك و أموالك و عيالك و من كان من ذريتك صالحا فهو هناك معك، أ فترضى به بدلا مما هاهنا؟ فيقول: بلى و الله.

ثم يقول ملك الموت: انظر. [فينظر] فيرى محمدا و عليا و الطيبين من آلهما في أعلى عليين، فيقول له:

أو تراهم هؤلاء ساداتك و أئمتك، هم هنا جلاسك و أناسك، أ فما ترضى بهم بدلا مما تفارق هاهنا؟ فيقول: بلى و ربي. فذلك ما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا فما أمامكم من الأهوال فقد كفيتموه، و لا تحزنوا على ما تخلفونه من الذراري و العيال و الأموال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ هذه منازلكم و هؤلاء أناسكم و جلاسكم و نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ

».

9437/ [14]- الطبرسي: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): « [يعني ] عند الموت».

9438/ [15]- قال: و روى محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستقامة؟ فقال: «هي و الله ما أنتم عليه».

سورة فصلت(41): آية 33 ..... ص : 789

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [33]

9439/ [1]- العياشي: عن جابر، قال: قلت لمحمد بن علي (عليه السلام)، قول الله في كتابه:

__________________________________________________

14- مجمع البيان 9: 17.

15- مجمع البيان 9: 17.

1- تفسير العياشي 1: 279/ 286.

(1) في المصدر: حسراتها و اقتطع دون أمانيه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 790

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا «1»؟ قال:

«هما، و الثالث و الرابع و عبد الرحمن و طلحة، و كانوا سبعة عشر رجلا».

قال: «لما وجه النبي (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و عمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة، [قالوا:

بعث هذا الصبي، و لو بعث غيره- يا حذيفة- إلى أهل مكة.] و في مكة صناديدها؟ و كانوا يسمون عليا (عليه السلام) الصبي، لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي، لقول الله: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً و هو صبي وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ».

و في الحديث زيادة تقدمت في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا في سورة النساء «2».

9440/ [2]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «أن عليا باب الهدى بعدي، و الداعي إلى ربي، و هو صالح المؤمنين وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً الآية».

و قد تقدم حديث في معنى الآية، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا من آخر سورة آل عمران «3».

سورة فصلت(41): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 790

قوله تعالى:

وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- إلى قوله تعالى- ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [34- 35]

9441/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ، قال: «الحسنة: التقية، و السيئة:

الإذاعة».

و قوله عز و جل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ «4»، قال: «التي هي أحسن، التقية فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ».

أحمد بن محمد بن

خالد البرقي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي

__________________________________________________

2- المناقب 3: 77.

1- الكافي 2: 173/ 6.

(1) النساء 4: 137.

(2) تقدّمت في الحديث (2) من تفسير الآية (137) من سورة النساء.

(3) تقدّم في الحديث (10) في تفسير الآية (200) من سورة آل عمران.

(4) المؤمنون 23: 96، و الآية في سورة فصلت بدون ذكر (السيئة) و لعلّه أراد بها هنا بيان المعنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 791

عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

9442/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سورة بن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أمرت بالتقية، فسار بها عشرا حتى أمر أن يصدع بما امر، و أمر بها علي، فسار بها حتى أمر أن يصدع بها، ثم أمر الأئمة بعضهم بعضا فساروا بها، فإذا قام قائمنا سقطت التقية و جرد السيف، و لم يأخذ من الناس و لم يعطهم إلا بالسيف».

9443/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا الصالح الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن فضيل، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ، فقال: «نحن الحسنة، و بنو امية السيئة».

9444/ [4]- و

عنه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: حدثنا أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: «صافح عدوك

و إن كره، فإنه مما أمر الله عز و جل به عباده، يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيئة فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ما تكافئ عدوك بشي ء أشد من أن تطيع الله فيه، و حسبك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله عز و جل في الدنيا».

9445/ [5]- شرف الدين النجفي: قال علي بن إبراهيم (رحمه الله) في (تفسيره): قال أبو جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ: «إن الحسنة: التقية، و السيئة: الإذاعة».

9446/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: ثم أدب الله نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال تعالى: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فقال: ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك، حتى يكون الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم، ثم قال تعالى: وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.

9447/ [7]- المفيد في (الاختصاص): عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ، قال: «الحسنة: التقية، و السيئة: الإذاعة ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 539/ 13.

3- تأويل الآيات 2: 540/ 14 .. [.....]

4- ...، 633/ 10، و لم يرد في تأويل الآيات.

5- تأويل الآيات 2: 540/ 15.

6- تفسير القمّي 2: 266.

7- الاختصاص: 25.

(1) المحاسن: 257/ 297.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 792

سورة فصلت(41): الآيات 36 الي 44 ..... ص : 792

قوله تعالى:

وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ يُنادَوْنَ

مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [36- 44] 9448/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ أي إن عرض بقلبك نزغ من الشيطان فاستعذ بالله، و المخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس. ثم احتج على الدهرية، فقال:

وَ مِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً أي ساكنة هامدة فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا يعني ينكرون لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ثم استفهم عز و جل على المجاز، فقال تعالى: أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، و قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ يعني بالقرآن لَمَّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ.

9449/ [2]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ الآية:

«معناه أنه ليس في إخباره عما مضى باطل، و لا في إخباره عما يكون في المستقبل باطل، بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها».

9450/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ يا محمد وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ، قال: عذاب أليم، ثم قال تعالى: وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ، قال: لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا: لو لا انزل لنا بالعربية، فقال الله تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ أي بيان «1» وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ أي صمم وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ.

9451/ [4]- ثم

قال

علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ: «يعني القرآن لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ». قال: «لا يأتيه الباطل من قبل التوراة، و لا من قبل الإنجيل و الزبور، و أما مِنْ خَلْفِهِ لا يأتيه من بعده كتاب يبطله».

قوله تعالى: لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ، قال: «لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا: كيف نتعلمه،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 266.

2- مجمع البيان 9: 23.

3- تفسير القمّي: 223 «حجرية».

4- تفسير القمّي 2: 266.

(1) في المصدر: تبيان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 793

و لساننا عربي، و أتيتنا بقرآن أعجمي؟ فأحب [الله ] أن ينزله بلسانهم، و قد قال الله عز و جل: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ «1»».

سورة فصلت(41): الآيات 45 الي 51 ..... ص : 793

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ [45- 51]

9452/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الله تعالى: هل يجبر عباده على المعاصي؟ فقال: «بل يخيرهم و يمهلهم حتى يتوبوا». قلت: فهل يكلف عباده ما لا يطيقون؟ فقال: «و كيف يفعل ذلك؟ و هو يقول: وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ».

ثم قال (عليه السلام): «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام)، أنه قال: من زعم أن الله تعالى يجبر عباده على المعاصي، و «2» يكلفهم ما لا يطيقون، فلا تأكلوا ذبيحته، و لا تقبلوا شهادته، و لا تصلوا وراءه، و لا تعطوه من الزكاة شيئا».

9453/ [2]-

علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فيقول: أَيْنَ شُرَكائِي: يعني ما كانوا يعبدون من دون الله قالُوا آذَنَّاكَ أي أعلمناك ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَ ظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ أي علموا أنه لا محيص لهم و لا ملجأ و لا مفر.

و قوله تعالى: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ [أي ] لا يمل و لا يعيى أن يدعو لنفسه بالخير وَ إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ أي يائس من روح الله و فرجه، ثم قال تعالى: وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ أي يتجبر «3» و يتعظم و يستحقر من هو دونه وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ يعني الفقر و المرض و الشدة فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ أي يكثر الدعاء.

9454/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 124/ 16.

2- تفسير القمّي 2: 266.

3- الكافي 8: 287/ 432.

(1) إبراهيم 14: 4. [.....]

(2) في المصدر: أو.

(3) في المصدر: يبتختر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 794

عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ، قال: «اختلفوا كما اختلفت هذه الامة في الكتاب، و سيختلفون في الكتاب الذي مع القائم لما يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم و يضرب أعناقهم».

سورة فصلت(41): الآيات 53 الي 54 ..... ص : 794

قوله تعالى:

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ- إلى قوله تعالى- بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ [53- 54]

9455/ [1]- أبو القاسم جعفر بن

محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سليمان، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «يقول الله تعالى:

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق؟».

9456/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [قال: «في الآفاق: انتقاص الأطراف عليهم، و في أنفسهم: بالمسخ حتى يتبين لهم أنه الحق ] أي أنه القائم (عليه السلام)».

9457/ [3]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يوسف ابن يعقوب، من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و وهيب، عن أبي بصير، قال: سئل أبو جعفر الباقر (عليه السلام) عن تفسير قوله عز و جل: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، فقال (عليه السلام): «يريهم في أنفسهم المسخ، و يريهم في الآفاق انتقاص «1» الآفاق عليهم، فيرون قدرة الله في أنفسهم و في الآفاق، و قوله تعالى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ يعني بذلك خروج القائم، و هو الحق من الله عز و جل، يراه هذا الخلق لا بد منه».

9458/

[4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون،

__________________________________________________

1- كامل الزيارات: 329/ 2.

2- تأويل الآيات 2: 541/ 17.

3- الغيبة: 269/ 40.

4- الكافي 8: 166/ 181.

(1) في النسخ: انتقاض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 795

عن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، قال: «خسف و مسخ، و قذف»، قال: قلت: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ قال: «دع ذا، ذاك قيام القائم (عليه السلام)».

9459/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فمعنى في الآفاق: الكسوف و الزلزال و ما يعرض في السماء من الآيات، و أما في أنفسهم: فمرة بالجوع، و مرة بالعطش، و مرة يشبع، و مرة يروى، و مرة يمرض، و مرة يصح، و مرة يستغني، و مرة يفتقر، و مرة يرضى، و مرة يسخط «1»، و مرة يغضب، و مرة يخاف، و مرة يأمن، فهذا من عظيم دلالة الله على التوحيد، قال الشاعر:

و في كل شي ء له آية تدل على أنه واحد

ثم أرهب عباده بلطيف عظمته فقال تعالى: أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ- يا محمد- أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ، ثم قال تعالى: أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ كناية عن الله بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 267.

(1) (و مرة يسخط) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 797

المستدرك (سورة فصلت) ..... ص : 797
سورة فصلت(41): آية 15 ..... ص : 797

قوله تعالى:

فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [15]

[1]- ابن بابويه: بإسناده عن

عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، قال: «لما بعث الله عز و جل هودا، أسلم له العقب من ولد سام، و أما الآخرون فقالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً فأهلكوا بالريح العقيم، و أوصاهم هود و بشرهم بصالح (عليه السلام)».

[2]- نهج البلاغة: من خطبة له (عليه السلام) قال: «و اتعظوا فيها بالذين قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، و أنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا، و جعل لهم من الصفيح أجنان، و من التراب أكفان، و من الرفات جيران».

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 136/ 5.

2- نهج البلاغة: 166 الخطبة 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 799

سورة الشوري ..... ص : 799

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 801

فضلها ..... ص : 801

9460/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن سيف بن عميرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ (حم عسق) بعثه الله يوم القيامة و وجهه كالثلج، أو كالشمس، حتى يقف بين يدي الله عز و جل، فيقول: عبدي أدمت قراءة (حم عسق) و لم تدر ما ثوابها؟ أما لو دريت ما هي و ما ثوابها؟ لما مللت قراءتها، و لكن سأجزيك جزاءك، أدخلوه الجنة و له فيها قصر من ياقوتة حمراء، أبوابها و شرفها و درجها منها، و يرى ظاهرها من باطنها، و باطنها من ظاهرها، و له حوراء من الحور العين، و ألف جارية و ألف غلام من الولدان المخلدين، الذين وصفهم الله عز و جل».

9461/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة صلت عليه الملائكة، و ترحموا عليه بعد موته و من كتبها بماء المطر، و سحق بذلك الماء كحلا، و اكتحل به من بعينه بياض قلعه، و زال عنه كل ما كان عارضا في عينه من الآلام بإذن الله تعالى».

9462/ [3]- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها بعجين مكي و ماء المطر، و سحق به كحلا، و يكحل منه، فإن كان في عينه بياض زال عنه، و كل ألم في العين يزول».

9463/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه أمن من الناس، و من شربها فى سفر أمن».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113.

2- ....

3- .... [.....]

4 ....

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 803

سورة الشوري(42): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 803

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم عسق- إلى قوله تعالى- الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [1- 3] حم عسق تقدم تفسيرها في سورة المؤمن

«1».

9464/ [1]- علي بن إبراهيم: هو حرف من اسم الله الأعظم المقطوع، يؤلفه الرسول و الإمام «2»، فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب، ثم قال: كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

9465/ [2]- علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن علي، و أحمد بن إدريس، قالا: حدثنا محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي، عن محمد بن جمهور، قال: حدثنا سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن يحيى بن ميسرة الخثعمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «حم عسق عدد سني القائم، و ق «3»: جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر، و خضرة السماء من ذلك الجبل، و علم كل شي ء في عسق».

9466/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن يوسف بن كليب المسعودي، عن عمرو بن عبد الغفار الفقيمي، عن محمد بن الحكم بن المختار، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: حم اسم من أسماء الله عز و جل، و عسق علم علي (عليه السلام) بفسق كل جماعة و نفاق كل فرقة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 267.

2- تفسير القمّي 2: 267.

3- تأويل الآيات 2: 541/ 1.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (1، 2) من سورة المؤمن.

(2) في المصدر: أو الإمام.

(3) سورة ق 50: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 804

9467/ [4]- تأويل آخر:

بحذف الإسناد، يرفعه إلى محمد بن جمهور، عن السكوني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «حم حتم، و (عين) عذاب، و (سين) سنون كسني يوسف (عليه السلام)، و (قاف) قذف [و خسف ] و مسخ يكون في آخر الزمان

بالسفياني و أصحابه، و ناس من كلب ثلاثون ألف «1» يخرجون معه، و ذلك حين يخرج القائم (عليه السلام) بمكة، و هو مهدي هذه الامة».

سورة الشوري(42): آية 5 ..... ص : 804

قوله تعالى:

تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ- إلى قوله تعالى- وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ [5] 9468/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ، قال: للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة، و لفظ الآية عام و معناه خاص.

9469/ [2]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ: «أي يتصدعن».

سورة الشوري(42): الآيات 7 الي 8 ..... ص : 804

قوله تعالى:

لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها [7]

9470/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله البرقي، عن جعفر بن محمد الصوفي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام)، فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمي النبي الأمي- و ذكر الحديث إلى أن قال فيه-: «و إنما سمي الامي لأنه من أهل مكة، و مكة من أمهات القرى، و ذلك قول الله تعالى في كتابه: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها».

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 542/ 3.

1- تفسير القمّي 2: 268.

2- تفسير القمّي 2: 268.

3- بصائر الدرجات: 245/ 1.

(1) في المصدر زيادة: ألف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 805

و قد مضت الروايات في سورة الأنعام «1»، و ستأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الجمعة «2».

9471/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أم القرى مكة، سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض، لقوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً «3».

قوله تعالى:

وَ تُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ- إلى قوله تعالى- ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ [7- 8]

9472/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني الحسين بن عبد

الله السكيني، عن أبي سعيد البجلي، عن عبد الملك بن هارون، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «لما بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر معاوية و أنه في مائة ألف، قال: من أي القوم؟ قالوا: من أهل الشام. قال (عليه السلام): لا تقولوا من أهل الشام، و لكن قولوا من أهل الشؤم، هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود، فجعل الله منهم القردة و الخنازير.

ثم كتب (عليه السلام) إلى معاوية: لا تقتل الناس بيني و بينك، و لكن هلم إلى المبارزة، فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت، و تستريح الناس منك و من ضلالتك، و إن قتلتني فأنا إلى الجنة، و يغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك و خديعتك و بدعتك، و أنا الذي ذكر الله اسمي في التوراة و الإنجيل بموازرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أنا أول من بايع رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحت الشجرة، في قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ «4».

فلما قرأ معاوية كتابه و عنده جلساؤه، قالوا: و الله لقد أنصفك. فقال معاوية: و الله ما أنصفني، و الله لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إلي، و الله ما أنا من رجاله، و لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: و الله يا علي، لو بارزك أهل المشرق و المغرب لتقتلهم أجمعين. فقال له رجل من القوم: فما يحملك يا معاوية، على قتال من تعلم و تخبر فيه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما تخبر! و ما أنت و نحن

في قتاله إلا على ضلالة. فقال معاوية: إنما هذا بلاغ من الله و رسالاته، و الله ما أستطيع أنا و أصحابي رد ذلك، حتى يكون ما هو كائن.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 268.

1- تفسير القمّي 2: 268. [.....]

(1) تقدّمت الروايات في تفسير الآيتين (91، 92) من سورة الأنعام.

(2) تأتي الروايات في تفسير الآية (2) من سورة الجمعة.

(3) آل عمران 3: 96.

(4) الفتح 48: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 806

قال: و بلغ ذلك ملك الروم، و أخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك، فسأل: من أين خرجا؟ فقيل له: رجل بالكوفة و رجل بالشام. قال: فلمن الملك الآن؟ قال: فأمر وزراءه، و قال: تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي؟ فأتي برجلين من تجار الشام، و رجلين من تجار مكة، فسألهم عن صفتهما، فوصفوهما له، ثم قال لخزان بيوت خزائنه: أخرجوا إلي الأصنام. فأخرجوها، فنظر إليها، فقال: الشامي ضال، و الكوفي هاد، ثم كتب إلى معاوية: أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك و كتب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام): أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك، فأسمع منهما، ثم أنظر في الإنجيل كتابنا، ثم أخبركما من أحق بهذا الأمر و خشي على ملكه، فبعث معاوية بيزيد ابنه، و بعث أمير المؤمنين الحسن ابنه (عليهما السلام).

فلما دخل يزيد على الملك، أخذ بيده و قبلها، ثم قبل رأسه، ثم دخل الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال:

الحمد لله الذي لم يجعلني يهوديا، و لا نصرانيا، و لا مجوسيا، و لا عابدا للشمس و لا للقمر و لا لصنم و لا لبقر، و جعلني حنيفا مسلما، و لم يجعلني من المشركين، تبارك الله رب العرش العظيم، ثم جلس، لا

يرفع بصره، فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين أخرجهما، ثم فرق بينهما، ثم بعث إلى يزيد فأحضره، ثم أخرج من خزائنه ثلاث مائة و ثلاثة عشرة صندوقا، فيها تماثيل الأنبياء (عليهم السلام)، و قد زينت بزينة كل نبي مرسل، فأخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه، ثم عرض عليه صنما صنما فلا يعرف منها شيئا، و لا يجيب عنها بشي ء، ثم سأله عن أرزاق الخلائق، و عن أرواح المؤمنين، أين تجتمع؟ و عن أرواح الكفار، أين تكون إذا ماتوا؟ فلم يعرف من ذلك شيئا.

ثم دعا الملك الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: إنما بدأت بيزيد بن معاوية لكي يعلم أنك تعلم ما لا يعلم، و يعلم أبوك ما لا يعلم أبوه، فقد وصف لي أبوك و أبوه، و نظرت في الإنجيل، فرأيت فيه محمدا رسول الله، و الوزير عليا، و نظرت في الأوصياء، فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله.

فقال له الحسن (عليه السلام): سلني عما بدا لك مما تجده في الإنجيل، و عما في التوراة، و عما في القرآن، أخبرك به، إن شاء الله تعالى. فدعا الملك بالأصنام، فأول صنم عرض عليه في صفة «1» القمر، فقال الحسن (عليه السلام): هذه صفة آدم أبي البشر. ثم عرض عليه آخر في صفة الشمس. فقال الحسن (عليه السلام): هذه صفة حواء أم البشر. ثم عرض عليه آخر في صفة حسنة. فقال: هذه صفة شيث بن آدم (عليه السلام)، و كان أول من بعث، و بلغ [عمره ] في الدنيا ألف سنة و أربعين عاما. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة نوح صاحب السفينة، و كان عمره ألفا و أربع مائة سنة، و لبث في قومه

ألف سنة إلا خمسين عاما. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إبراهيم (عليه السلام)، عريض الصدر، طويل الجبهة. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إسرائيل و هو يعقوب. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إسماعيل. ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة يوسف بن يعقوب بن إسحاق. ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة موسى بن عمران، و كان عمره مائتين و أربعين سنة،

__________________________________________________

(1) في المصدر: صورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 807

و كان بينه و بين إبراهيم خمس مائة عام، ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة داود صاحب المحراب «1»، ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة شعيب. ثم زكريا، ثم يحيى، ثم عيسى بن مريم روح الله و كلمته، و كان عمره في الدنيا ثلاثة و ثلاثين سنة، ثم رفعه الله إلى السماء، و يهبط إلى الأرض بدمشق، و هو الذي يقتل الدجال.

ثم عرضت عليه صنما صنما، فيخبر باسم نبي نبي، ثم عرض عليه الأوصياء و الوزراء، فكان يخبر باسم وصي وصي، و وزير وزير. ثم عرض عليه أصنام بصفة الملوك. فقال الحسن (عليه السلام): هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة، و لا في الإنجيل، و لا في الزبور، و لا في القرآن «2»، فلعلها من صفة الملوك. فقال الملك: أشهد عليكم، يا أهل بيت محمد، أنكم قد أعطيتم علم الأولين و الآخرين، و علم التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و صحف إبراهيم، و ألواح موسى.

ثم عرض عليه صنم يلوح، فلما رآه الحسن بكى بكاء شديدا، فقال له الملك: ما يبكيك؟ فقال: هذه صفة جدي رسول الله (صلى الله عليه و

آله)، كثيف اللحية، عريض الصدر، طويل العنق، عريض الجبهة، أقنى الأنف، أفلج «3» الأسنان، حسن الوجه قطط الشعر، طيب الريح، حسن الكلام، فصيح اللسان، كان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، بلغ عمره ثلاثا و ستين سنة، و لم يخلف بعده إلا خاتما مكتوب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، و كان يتختم بيمينه، و خلف سيف ذي الفقار، و قضيبه، و جبة صوف، و كساء صوف، و كان يتسرول به، لم يقطعه و لم يخطه حتى لحق بالله، فقال الملك: إنا نجد في الإنجيل أن يكون له ما يتصدق به على سبطيه، فهل كان ذلك؟ فقال الحسن (عليه السلام): قد كان ذلك. فقال الملك: فبقي لكم ذلك؟ فقال: لا، فقال الملك: أول فتنة هذه الامة غلبها أباكما، و هما الأول و الثاني، على ملك نبيكم، و اختيار هذه الامة على ذرية نبيهم، منكم القائم بالحق، و الآمر بالمعروف، و الناهي عن المنكر.

قال: ثم سأل الملك الحسن بن علي (عليهما السلام) عن سبعة أشياء خلقها، لم تركض في رحم. فقال الحسن (عليه السلام): أول هذه آدم، ثم حواء، ثم كبش إبراهيم، ثم ناقة صالح، ثم إبليس الملعون، ثم الحية، ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن.

قال: و سأله عن أرزاق الخلائق، فقال الحسن (عليه السلام): أرزاق الخلائق في السماء الرابعة، منها ينزل بقدر و يبسط بقدر.

ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين تكون إذا ماتوا؟ قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة، و هو عرش الله الأدنى، منها يبسط الله الأرض، و إليه يطويها، و منها المحشر، و منها استوى ربنا إلى السماء أي استولى على السماء و الملائكة.

ثم سأله عن

أرواح الكفار أين تجتمع؟ قال: تجتمع في وادي حضرموت، وراء مدينة اليمن، ثم يبعث الله

__________________________________________________

(1) في «ط، ي»: الحرب.

(2) في المصدر: الفرقان.

(3) في «ط، ي»: أبلج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 808

نارا من المشرق و نارا من المغرب، و يتبعهما بريحين شديدتين، فيبعث الناس عند صخرة بيت المقدس، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة، و يزلف المتقين و تصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة، و فيها الفلق و السجين، فتفرق الخلائق عند الصخرة، فمن وجبت له الجنة دخلها، و من وجبت له النار دخلها، و ذلك قوله تعالى: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. فلما أخبر الحسن (عليه السلام) بصفة ما عرض عليه من الأصنام و تفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية، فقال: أشعرت أن ذلك علم لا يعلمه إلا نبي مرسل أو وصي مؤازر، قد أكرمه الله بمؤازرة نبيه أو عترة نبي مصطفى، و غيره فقد طبع الله على قلبه، و آثر دنياه على آخرته، و هواه على دينه و هو من الظالمين؟ قال: فسكت يزيد و خمد.

قال: فأحسن الملك جائزة الحسن و أكرمه و قال له: ادع ربك حتى يرزقني دين نبيك، فإن حلاوة الملك قد حالت بيني و بين ذلك، فأظنه شقاء مرديا و عذابا أليما.

قال: فرجع يزيد إلى معاوية، و كتب إليه الملك كتابا: أن من آتاه الله العلم بعد نبيكم، و حكم بالتوراة و ما فيها، و الإنجيل و ما فيه، و الزبور و ما فيه، و القرآن «1» و ما فيه، فالحق و الخلافة له. و كتب إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن الحق و الخلافة لك، و بيت النبوة

فيك و في ولدك، فقاتل من قاتلك، فإن من قاتلك يعذبه الله بيدك ثم يخلده نار جهنم، فإن من قاتلك نجده عندنا في الإنجيل أن عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، و عليه لعنة أهل السماوات و الأرضين».

9473/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً، قال: لو شاء الله يجعلهم كلهم معصومين مثل الملائكة بلا طباع، لقدر عليه، وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ الظَّالِمُونَ لآل محمد (صلى الله عليه و آله) حقهم ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ.

9474/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس، عن حسن بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن عمرو بن جبير، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ، قال:

«الرحمة: ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ الظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ».

سورة الشوري(42): الآيات 9 الي 18..... ص : 808

قوله تعالى:

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَ هُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ- إلى قوله تعالى- أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ [9- 18]

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 272.

3- تأويل الآيات 2: 542/ 4.

(1) في المصدر: الفرقان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 809

9475/ [1]- ابن شهر آشوب: من كتاب العلوي البصري: أن جماعة من اليمن أتوا إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: نحن بقايا الملك المقدم «1» من آل نوح، و كان لنبينا وصي اسمه سام، و أخبر في كتابه، أن لكل نبي معجزة، و له وصي يقوم مقامه، فمن وصيك؟ فأشار بيده نحو علي (عليه السلام)، فقالوا: يا محمد،

إن سألناه أن يرينا سام بن نوح، فيفعل؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «نعم، بإذن الله» و قال: «يا علي، قم معهم إلى داخل المسجد فصل ركعتين، و اضرب برجلك الأرض عند المحراب».

فذهب علي، و بأيديهم صحف، إلى أن بلغ «2» محراب رسول الله (صلى الله عليه و آله) داخل المسجد، فصلى ركعتين، ثم قام فضرب برجله على الأرض فانشقت الأرض و ظهر لحد و تابوت، فقام من التابوت شيخ يتلألأ وجهه مثل القمر ليلة البدر، و ينفض التراب من رأسه، و له لحية إلى سرته، و صلى على علي (عليه السلام)، و قال: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، سيد المرسلين، و أنك علي وصي محمد، سيد الوصيين، أنا سام بن نوح.

فنشروا أولئك صحفهم، فوجدوه كما وصفوه في الصحف، ثم قالوا: نريد أن يقرأ من صحفه سورة. فأخذ في قراءته حتى تمم السورة، ثم سلم على علي، و نام كما كان، فانضمت الأرض، و قالوا بأسرهم: إن الدين عند الله الإسلام. و آمنوا، فأنزل الله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَ هُوَ يُحْيِ الْمَوْتى إلى قوله:

أُنِيبُ.

9476/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْ ءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ يعني و ما اختلفتم فيه من المذاهب، و اخترتم لأنفسكم من الأديان، فحكم ذلك كله إلى الله يوم القيامة.

و قوله: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني النساء وَ مِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يعني ذكورا و إناثا «3» يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ يعني النسل الذي يكون من الذكور و الإناث. ثم رد على من وصل الله فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

9477/ [3]- محمد بن

يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن عبد الله بن جندب، أنه كتب إليه الرضا (عليه السلام): «أما بعد، فإن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان أمين الله في خلقه، فلما قبض (صلى الله عليه و آله) كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا و المنايا، و أنساب العرب،

__________________________________________________

1- المناقب 2: 339.

2- تفسير القمّي 2: 273.

3- الكافي 1: 174/ 1. [.....]

(1) في المصدر: نحن من الملل المتقدمة.

(2) في المصدر: دخل.

(3) في المصدر: ذكرا و أنثى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 810

و مولد الإسلام، و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق، و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ الله علينا و عليهم الميثاق، يردون موردنا، و يدخلون مدخلنا، ليس على ملة الإسلام غيرنا و غيرهم.

نحن النجباء و النجاة، و نحن أفراط الأنبياء، و الأوصياء «1»، و نحن المخصوصون في كتاب الله عز و جل، و نحن أولى الناس بكتاب الله، و نحن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن الذين شرع لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ يا آل محمد مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً قد وصانا بما وصى به نوحا وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى فقد علمنا و بلغنا علم ما علمنا و استودعنا علمهم، نحن ورثة أولي العزم من الرسل أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ و كونوا على جماعة كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ من أشرك بولاية علي ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي، إن الله يا

محمد يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9478/ [4]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: كتب أبو الحسن الرضا (عليه السلام) رسالة [و أقرأنيها، قال ]: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): إن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان أمين الله في أرضه، فلما قبض محمد (صلى الله عليه و آله) كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا و المنايا، و أنساب العرب، و مولد الإسلام، و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق، و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ الله علينا و عليهم الميثاق، يردون موردنا و يدخلون مدخلنا.

نحن النجباء، و أفراطنا أفراط الأنبياء، و نحن أبناء الأوصياء، و نحن المخصوصون في كتاب الله، [و نحن أولى الناس بالله ]، و نحن أولى الناس بكتاب الله، و نحن أولى الناس بدين الله، و نحن الذين شرع لنا دينه فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ يا آل محمد مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً و قد وصانا بما وصى به نوحا وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ و إسماعيل وَ مُوسى وَ عِيسى و إسحاق و يعقوب، فقد علمنا و بلغنا ما علمنا و استودعنا علمهم، و نحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة أولي العزم من الرسل أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ و كونوا على جماعة كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ [من أشرك ] بولاية علي (عليه السلام) ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي، إن الله يا محمد يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ من يجيبك إلى

ولاية علي (عليه السلام)».

9479/ [5]- [و عنه: عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد العزيز بن المهتدي،] عن عبد الله بن جندب، عن الرضا (عليه السلام) [في حديث ] قال: «نحن النجباء، و نحن أفراط الأنبياء، و نحن أولاد «2» الأوصياء، و نحن

__________________________________________________

4- بصائر الدرجات: 138/ 1.

5- في المصدر: 139/ 3.

(1) في المصدر: و نحن أبناء الأوصياء.

(2) في المصدر: أبناء

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 811

المخصوصون في كتاب الله، و نحن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى قد علمنا و بلغنا ما علمنا و استودعنا علمهم، و نحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة أولي العزم من الرسل و الأنبياء أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ كما قال: وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ من أشرك بولاية علي ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي، إن اللَّهُ يا محمد يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9480/ [6]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): و لقد وصيناك بما وصينا به آدم و نوحا و إبراهيم و النبيين من قبلك أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من تولية «1» علي بن أبي طالب (عليه السلام)». قال (عليه السلام): «إن

الله عز و جل أخذ ميثاق كل نبي، و كل مؤمن ليؤمنن بمحمد و علي، و بكل نبي، و بالولاية، ثم قال لمحمد (صلى الله عليه و آله): أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ «2»، يعني آدم و نوحا و كل نبي بعده».

9481/ [7]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمد ابن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، قال: حدثنا عبد الله بن جبلة، عن عمران بن قطن، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعرف الأئمة (عليهم السلام)؟ قال: «قد كان نوح (عليه السلام) يعرفهم، الشاهد على ذلك قول الله عز و جل في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى ». قال: «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ يا معشر الشيعة ما وَصَّى بِهِ نُوحاً».

9482/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد الحناط، عن أحمد ابن عبد الرحمان الخراساني، عن يزيد «3» بن إبراهيم، عن أبي حبيب النباجي، عن أبي عبد الله، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال في تفسير هذه الآية: «نحن الذين شرع الله لنا دينه في كتابه، و ذلك قوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ يا آل محمد مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من

__________________________________________________

6-

مختصر بصائر الدرجات: 63.

7- الغيبة: 113/ 6.

8- تأويل الآيات 2: 2: 543/ 5.

(1) في النسخ: قول.

(2) الأنعام 6: 90.

(3) في المصدر: بريد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 812

ولاية علي (عليه السلام) اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ أي من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9483/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الله القصباني، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران، قال: كتب أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إلى عبد الله بن جندب رسالة، و أقرأنيها: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): [نحن أولى الناس بالله عز و جل ]، و نحن أولى الناس بكتاب الله، و نحن أولى الناس بدين الله، و نحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ يا آل محمد ما وَصَّى بِهِ نُوحاً فقد وصانا بما وصى به نوحا وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ و إسماعيل و إسحاق و يعقوب وَ مُوسى وَ عِيسى فقد علمنا و بلغنا ما علمنا و استودعنا، فنحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة أولي العزم من الرسل أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ و كونوا على جماعة كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي (عليه السلام)، إن اللَّهُ يا محمد يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9484/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ

إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ أي تعلموا الدين، يعني التوحيد، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و صوم شهر رمضان، و حج البيت، و السنن و الأحكام التي في الكتب، و الإقرار بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [أي لا تختلفوا فيه ] كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ذكر هذه الشرائع.

ثم قال: اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ أي يختار وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ و هم الأئمة الذين اجتباهم الله و اختارهم، قال: وَ ما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ قال: لم يتفرقوا بجهل، و لكنهم تفرقوا لما جاءهم العلم و عرفوه، و حسد بعضهم بعضا، و بغى بعضهم على بعض، لما رأوا من تفضيل «1» أمير المؤمنين (عليه السلام) بأمر الله، فتفرقوا في المذاهب، و أخذوا بالآراء و الأهواء.

ثم قال عز و جل: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ، قال: لو لا أن الله قدر ذلك أن يكون في التقدير الأول لقضي بينهم إذا اختلفوا، و أهلكهم و لم ينظرهم، و لكن أخرهم إلى أجل مسمى مقدر.

وَ إِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ عنى «2» الذين نقضوا أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: فَلِذلِكَ فَادْعُ يعني هذه الأمور، و الذي تقدم ذكره، و موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ.

9485/ [11]- علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن علي بن مهزيار، عن بعض أصحابنا، عن أبي

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 543/ 6. [.....]

10- تفسير القمّي 2: 273.

11- تفسير القمّي 2: 273.

(1) في المصدر: تفاضل.

(2) في المصدر: كناية عن.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 4، ص: 813

عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ، قال: «الإمام وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كناية عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي (عليه السلام) اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ كناية عن علي (عليه السلام) وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ، ثم قال: فَلِذلِكَ فَادْعُ يعني إلى ولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ فيه وَ قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَ أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ إلى قوله: وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ».

9486/ [12]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، عن الرضا (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: «كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بولاية علي ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يا محمد من ولاية علي، هكذا في الكتاب محفوظ» «1».

9487/ [13]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم: ثم قال عز و جل: وَ الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ أي يحتجون على الله بعد ما شاء [الله ] أن يبعث إليهم الرسل [و الكتب ]، فبعث الله إليهم الرسل و الكتب فغيروا و بدلوا، ثم يحتجون يوم القيامة على الله حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ أي باطلة عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ عَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ.

ثم قال عز و جل: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ الْمِيزانَ «2»، قال: الميزان: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل على ذلك قوله في سورة الرحمن: وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ يعني الإمام.

و قوله تعالى: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها كناية عن القيامة فإنهم كانوا يقولون لرسول الله (صلى الله عليه و

آله): أقم لنا الساعة و ائتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين، قال الله: أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ أي يخاصمون.

سورة الشوري(42): الآيات 19 الي 20 ..... ص : 813

قوله تعالى:

اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ- إلى قوله تعالى- مِنْ نَصِيبٍ [19- 20]

9488/ [1]- ابن بابويه: عن علي بن محمد، مسندا عن الرضا (عليه السلام):- في معنى بعض أسماء الله تعالى- قال (عليه السلام): «و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة «3» و صغر، و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء و الامتناع من أن

__________________________________________________

12- الكافي 1: 346/ 32.

13- تفسير القمّي 12: 274.

1- التوحيد: 189/ 2.

(1) في المصدر: مخطوطة.

(2) الرحمن 55: 7.

(3) القضافة: قلّة اللحم، و القضيف: الدقيق العظم، اللحم. «لسان العرب- قضف- 9: 284».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 814

يدرك، كقولك للرجل: لطف عني هذا الأمر، و لطف فلان في مذهبه، و قوله يخبرك: أنه غمض فبهر العقل، و فات الطلب، و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، و كذلك لطف الله تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد يوصف «1» و اللطافة منا الصغر و القلة، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى».

9489/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ، فقال: «معرفة أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)». نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ قال: «نزيده منها»، قال: «يستوفي نصيبه من دولتهم» وَ مَنْ

كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. قال: «ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب».

9490/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المال و البنون حرث الدنيا، و العمل الصالح حرث الآخرة، و قد يجمعهما [الله ] لأقوام».

سورة الشوري(42): الآيات 21 الي 26 ..... ص : 814

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ- إلى قوله تعالى- الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ [21- 23]

9491/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أما قوله عز و جل: وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال: «لو لا ما تقدم فيهم من أمر الله عز و جل ما أبقى القائم (عليه السلام) منهم واحدا».

9492/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: الكلمة: الإمام، و الدليل على ذلك قوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ «2» [يعني الإمامة]، ثم قال: وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ يعني الذين ظلموا هذه الكلمة

__________________________________________________

1- الكافي 1: 361/ 92.

2- تفسير القمي 2: 274.

3- الكافي 8: 287/ 432.

4- تفسير القمي 2: 274. [.....]

(1) في المصدر: بحد، أو يحد بوصف.

(2) الزخرف 43: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 815

لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ثم قال: تَرَى الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم، مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا، قال: خائفون مما ارتكبوا [و عملوا] وَ هُوَ واقِعٌ بِهِمْ [أي ما يخافونه ].

ثم ذكر الله الذين آمنوا بالكتب «1» و اتبعوها، فقال: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ

الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا [بهذه الكلمة] وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ [مما أمروا به ].

قوله تعالى:

قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ- إلى قوله تعالى- وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ [23- 26]

9493/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن زرارة، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

9494/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسماعيل ابن عبد الخالق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول، و أنا أسمع: «أتيت البصرة؟» فقال: نعم.

قال: «كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر، و دخولهم فيه؟» فقال: و الله إنهم لقليل، و قد فعلوا، و إن ذلك لقليل.

فقال: «عليك بالأحداث، فإنهم أسرع إلى كل خير».

ثم قال: «ما يقول أهل البصرة في هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟» قلت:

جعلت فداك، إنهم يقولون: [إنها] لأقارب رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال: «كذبوا، إنما نزلت فينا خاصة، في أهل البيت، في علي و فاطمة و الحسن و الحسين، أصحاب الكساء (عليهم السلام)».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 7.

2- الكافي 8: 93/ 66.

(1) في المصدر:

الكلمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 816

و رواه عبد الله بن جعفر الحميري، في (قرب الإسناد)، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن إسماعيل بن عبد الخالق، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) للأحول: «أتيت البصرة؟». و ذكر مثله إلا لفظ خاصة «1».

9495/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي مسروق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2»، فيقولون: نزلت في أمراء السرايا. فنحتج عليهم بقوله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ «3» إلى آخر الآية، فيقولون: نزلت في المؤمنين. و نحتج عليهم بقول الله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، فيقولون: نزلت في قربى المسلمين. قال: فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا و شبهه إلا ذكرته، فقال لي: «إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة».

قلت: و كيف أصنع؟ قال: «أصلح نفسك- ثلاثا، و أظنه قال:- و صم و اغتسل و ابرز أنت و هو إلى الجبان، فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثم أنصفه، و أبدأ بنفسك، و قل: اللهم رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع، عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل عليه حسبانا من السماء و «4» عذابا أليما. ثم رد الدعوة عليه، فقل: و إن كان فلان جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل عليه حسبانا من السماء و «5» عذابا أليما». [ثم ] قال لي: «فإنك لا تلبث أن ترى

ذلك [فيه ]». فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه.

9496/ [4]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، قال: «من تولى الأوصياء من آل محمد، و اتبع آثارهم، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها «6» يدخله الجنة، و هو قول الله عز و جل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ «7» يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم، تهتدون به و تنجون من عذاب يوم القيامة.

و قال لأعداء الله، أولياء الشيطان، أهل التكذيب و الإنكار:

__________________________________________________

3- الكافي 2: 372/ 1.

4- الكافي 8: 379/ 574.

(1) قرب الإسناد: 60.

(2) النساء 4: 59.

(3) المائدة 5: 55.

(4، 5) في المصدر: أو.

(6) النمل 27: 89.

(7) سبأ 34: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 817

قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ «1» يقول: متكلفا أن أسألكم ما لستم بأهله. فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا؟ [فقالوا: ما أنزل الله هذا، و ما هو إلا شي ء يتقوله، يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا،] و لئن قتل محمد أو مات، لننزعنها من أهل بيته [، ثم ] لا نعيدها فيهم أبدا.

و أراد الله عز ذكره أن يعلم نبيه (صلى الله عليه و آله) الذي أخفوا في صدورهم

و أسروا به، فقال عز و جل في كتابه:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك و لا بمودتهم، و قد قال الله عز و جل: وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يقول: الحق لأهل بيتك الولاية إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ، يقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك، و الظلم بعدك، و هو قول الله عز و جل: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ «2»».

و الحديث طويل، سيأتي تمامه في قول الله تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى إن شاء الله تعالى «3».

9497/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، قال: «الاقتراف:

التسليم لنا، و الصدق علينا، و ألا يكذب علينا».

9498/ [6]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، فقال:

«الاقتراف للحسنة: هو التسليم لنا و الصدق علينا، [و ألا يكذب علينا]».

و عنه: عن يعقوب بن يزيد و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «4».

9499/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب،

و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر

__________________________________________________

5- الكافي 1: 321/ 4. [.....]

6- مختصر بصائر الدرجات: 72.

7- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 233/ 1.

(1) سورة ص 38: 86.

(2) الأنبياء 21: 3.

(3) تأتي قطعة منه في الحديث (2) من تفسير الآية (1) من سورة النجم.

(4) مختصر بصائر الدرجات: 72.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 818

الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من أهل العراق «1»- و ذكر الحديث و ذكر (عليه السلام) آيات الاصطفاء و هي اثنتا عشرة- قال (عليه السلام): «و السادسة: قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، و هذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه و آله) [إلى ] يوم القيامة، و خصوصية للآل دون غيرهم، و ذلك أن الله عز و جل حكى ذكر نوح في كتابه: وَ يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ «2»، و حكى عز و جل عن هود أنه قال: يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ «3»، و قال عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله):

قُلْ يا محمد لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، و لم يفرض الله تعالى مودتهم إلا و قد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا، و أخرى أن يكون

الرجل وادا للرجل، فيكون بعض أهل بيته عدوا له، فلم يسلم قلب الرجل له، فأحب الله عز و جل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه و آله) على المؤمنين شي ء، ففرض [الله ] عليهم مودة ذوي القربى، فمن أخذ بها و أحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أحب أهل بيته، لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يبغضه، و من تركها و لم يأخذ بها و أبغض أهل بيته، فعلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى، فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟

فأنزل الله تعالى هذه الآية على نبيه (صلى الله عليه و آله) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أصحابه، فحمد الله و أثنى عليه، و قال: أيها الناس، إن الله عز و جل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد، فقال: يا أيها الناس، إنه ليس بذهب و لا فضة [و لا مأكول ] و لا مشروب، فقالوا: هات إذن، فتلا عليهم هذه الآية، فقالوا: أما هذا فنعم. فما وفى بها أكثرهم.

و ما بعث الله عز و جل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا، لأن الله يوفي أجر الأنبياء، و محمد (صلى الله عليه و آله) فرض الله عز و جل «4» مودة قرابته على أمته، و أمره أن يجعل أجره فيهم، ليودوه في قرابته، لمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز و جل لهم، فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل، فلما

أوجب الله تعالى ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة، فأخذ «5» بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء، و عاند أهل الشقاق و النفاق، و ألحدوا في ذلك، فصرفوه عن حده الذي قد حده الله تعالى، فقالوا: القرابة هم العرب كلها، و أهل دعوته، فعلى أي الحالتين كان، فقد علمنا أن المودة هي للقرابة، فأقربهم من النبي (صلى الله عليه و آله) أولاهم بالمودة، و كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها.

__________________________________________________

(1) في المصدر: من علماء أهل العراق و خراسان.

(2) هود 11: 29.

(3) هود 11: 51.

(4) في المصدر زيادة: طاعته و.

(5) في المصدر: فتمسك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 819

و ما أنصفوا نبي الله (صلى الله عليه و آله) في حيطته و رأفته، و ما من الله به على أمته، مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه، أن «1» يودوه في قرابته و ذريته و أهل بيته، و أن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس، حفظا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فيهم، و حبا لهم، و كيف و القرآن ينطق به و يدعو إليه، و الأخبار ثابته أنهم أهل المودة و الذين فرض الله تعالى مودتهم، و وعد الجزاء عليها! فما و فى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة، لقول الله عز و جل في هذه الآية: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «2» مفسرا و مبينا».

ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): «حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه، عن الحسين بن

علي (عليهم السلام) قال: اجتمع المهاجرون و الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن لك مؤونة في نفقتك و من يأتيك من الوفود، و هذه أموالنا مع دمائنا، فاحكم فيها مأجورا، أعط منها ما شئت [و أمسك ما شئت ] من غير حرج، فأنزل الله عز و جل عليه الروح الأمين، فقال: يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني [أن ] تودوا قرابتي من بعدي، فخرجوا.

فقال المنافقون: ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته [من بعده ]، إن هو إلا شي ء افتراه في مجلسه. فكان ذلك من قولهم عظيما، فأنزل الله عز و جل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ «3»، فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: هل من حدث؟ فقالوا: إي و الله «4»، قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه. فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) [الآية]، فبكوا و اشتد بكاؤهم، فأنزل الله عز و جل: هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ».

9500/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثني حاجب عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة)، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال لرجل: «أما قرأت كتاب الله عز و جل؟» قال:

نعم، قال: «قرأت هذه الآية

قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى »؟ قال: بلى. قال: «فنحن أولئك».

9501/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن أبي محمد إسماعيل بن

__________________________________________________

8- أمالي الصدوق: 141/ 3.

9- تأويل الآيات 2: 2: 545/ 8.

(1) في المصدر زيادة: لا. [.....]

(2) الشورى 42: 22، 23.

(3) الأحقاف 46: 8.

(4) في المصدر زيادة: يا رسول اللّه، لقد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 820

محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، قال: حدثني عمي علي بن جعفر، عن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: خطب الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) حين قتل علي (عليه السلام)، ثم قال: «و إنا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم حيث يقول: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت».

9502/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عبد الله الخثعمي، عن الهيثم بن عدي، عن سعيد بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير، عن الحسين بن علي (صلوات الله عليهما)، في قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قال: «و إن القرابة التي أمرا لله بصلتها، و عظم من حقها، و جعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذي أوجب الله حقنا على كل مسلم».

9503/ [11]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي الخزاز، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً

إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قال: «هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة و لا تحل لهم».

9504/ [12]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده، عن هارون بن مسلم، قال: حدثني مسعدة بن صدقة، قال:

حدثني جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام): «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى قد فرض لي عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم، فانصرف. فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك، ثم قام فيهم، و قال [مثل ] ذلك في اليوم الثالث، فلم يتكلم أحد، فقال: أيها الناس، إنه ليس من ذهب و لا فضة و لا مطعم و لا مشرب. قالوا: فألقه إذن. قال: إن الله تبارك و تعالى أنزل علي قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا: أما هذه فنعم».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فو الله ما وفى بها إلا سبعة نفر: سلمان، و أبو ذر، و عمار، و المقداد بن الأسود الكندي، و جابر بن عبد الله الأنصاري، و مولى لرسول الله (صلى الله عليه و آله) يقال له الثبيت «1»، و زيد بن أرقم».

و رواه المفيد في (الاختصاص) قال: حدثني جعفر بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن أبي الحسن الليثي، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، و ذكر الحديث «2».

9505/ [13]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد

بن

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 545/ 9.

11- المحاسن: 145/ 48.

12- قرب الإسناد: 38.

13- تفسير القمّي 2: 275.

(1) في المصدر: الثبت، و في الاختصاص: شبيب.

(2) الاختصاص: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 821

مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى :

«يعني في أهل بيته» قال: «جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: إنا قد آوينا و نصرنا، فخذ طائفة من أموالنا، استعن بها على ما نابك. فأنزل الله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً يعني على النبوة إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى أي في أهل بيته».

ثم قال: «ألا ترى أن الرجل يكون له صديق، و في [نفس ] ذلك [الرجل ] شي ء على أهل بيته فلم يسلم صدره، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) شي ء على أمته، ففرض عليهم المودة [في القربى ]، فإن أخذوا أخذوا مفروضا، و إن تركوا تركوا مفروضا».

قال: «فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول: عرضنا عليه أموالنا، فقال: قاتلوا عن أهل بيتي [من بعدي ] و قالت طائفة: ما قال هذا رسول الله. و جحدوه، و قالوا كما حكى الله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً. فقال الله:

فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ قال: لو افتريت وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ يعني يبطله وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يعني بالأئمة و القائم من آل محمد إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ثم قال: وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ إلى قوله وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ يعني الذين قالوا: القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله).

ثم قال: وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ،

و قال أيضا: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قال:

أجر النبوة أن لا تؤذوهم و لا تقطعوهم «1» و لا تبغضوهم، و تصلوهم، و لا تنقضوا العهد فيهم، لقوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ «2»».

قال: «جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: إنا قد نصرنا و فعلنا فخذ من أموالنا ما شئت، فأنزل الله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني في أهل بيته، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك: من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا، و هو محبة آل محمد».

ثم قال: «وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً و هي [إقرار] الإمامة لهم، و الإحسان إليهم، و برهم وصلتهم نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً أي نكافئ على ذلك بالإحسان».

9506/ [14]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، عن الحسن (عليه السلام)، في خطبة له، قال: «فيما أنزل الله على محمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً و اقتراف الحسنة مودتنا».

9507/ [15]- الطبرسي: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره، قال: حدثني عثمان بن عمير، عن سعيد بن جبير،

__________________________________________________

14- الأمالي 2: 276.

15- مجمع البيان 9: 44.

(1) في المصدر: و لا تغصبوهم.

(2) الرعد 13: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 822

عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين قدم المدينة و استحكم الإسلام، قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنقول

له: إن تعرك أمور، فهذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج و لا محظور [عليك ]. فأتوه في ذلك، فنزلت: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، فقرأها عليهم، و قال:

«تودون قرابتي من بعدي». فخرجوا من عنده مسلمين لقوله، فقال المنافقون: إن هذا لشي ء افتراه في مجلسه، و أراد أن يذللنا لقرابته من بعده. فنزلت أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فأرسل إليهم فتلا عليهم، فبكوا و اشتد عليهم، فأنزل الله: وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ الآية، فأرسل في أثرهم فبشرهم، و قال: وَ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا و هم الذين سلموا لقوله.

9508/ [16]- ثم قال الطبرسي: و ذكر أبو حمزة الثمالي، عن السدي، أنه قال: اقتراف الحسنة: المودة لآل محمد (عليهم السلام).

9509/ [17]- قال: و صح عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، أنه خطب الناس فقال في خطبته: «إنا من [أهل البيت ] الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت».

9510/ [18]- و

روى إسماعيل بن عبد الخالق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «إنها نزلت فينا أهل البيت، أصحاب الكساء».

9511/ [19]- و

قال أيضا في معنى الآية: إن معناه أن تودوا قرابتي و عترتي، و تحفظوني فيهم. عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، و سعيد بن جبير، و عمرو بن شعيب [و جماعة]، و هو المروي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

9512/ [20]- ثم

قال: و أخبرنا السيد أبو جعفر مهدي بن نزار الحسيني، قال: أخبرنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: حدثنا القاضي أبو بكر الحيري، قال: أخبرنا

أبو العباس الضبعي، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن زياد السري، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: أخبرنا حسين الأشقر، قال: أخبرنا قيس عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً الآية، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: «علي و فاطمة و ولدها» «1».

__________________________________________________

16- مجمع البيان 9: 44. [.....]

17- مجمع البيان 9: 44، مستدرك الحاكم 3: 172، الصواعق المحرقة: 170.

18- مجمع البيان 9: 44.

19- مجمع البيان 9: 43.

20- مجمع البيان 9: 43، الصواعق المحرقة: 170.

(1) في المجمع: و ولدهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 823

9513/ [21]- ثم

قال: و أخبرنا السيد أبو جعفر، قال: أخبرنا الحاكم أبو القاسم بالإسناد المذكور في كتاب (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) مرفوعا إلى أبي أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى، و خلقت أنا و علي من شجرة واحدة، فأنا أصلها، و علي فرعها، [و فاطمة لقاحها]، و الحسن و الحسين ثمارها، و أشياعنا أوراقها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، و من زاغ عنها هوى، و لو أن عبدا عبد الله بين الصفا و المروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي، ثم لم يدرك محبتنا، أكبه الله على منخريه في النار. ثم تلا قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ».

9514/ [22]- قال: و روى زاذان، عن علي (عليه السلام)، قال: «فينا في آل حم «1» آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن»

ثم قرأ هذه الآية.

9515/ [23]- و

من طريق المخالفين: ما رواه عبد الله بن

أحمد بن حنبل، عن أبيه أحمد بن حنبل في مسنده، قال: و فيما كتب إلينا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، يذكر أن حرب بن الحسن الطحان حدثه قال: حدثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: لما نزلت: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال:

«علي و فاطمة و ابناهما (عليهم السلام)».

9516/ [24]- و من (صحيح البخاري): في الجزء السادس في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الملك ابن ميسرة، [قال ]: سمعت طاوسا، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، أنه سئل عن قوله تعالى: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، فقال: سعيد بن جبير: قربى آل محمد (صلوات الله عليهم)، الحديث.

9517/ [25]- الثعالبي قال: أنبأني عقيل بن محمد، قال: أخبرنا المعافى بن المبتلى، حدثنا محمد بن جرير، حدثني محمد بن عمارة، حدثني إسماعيل بن أبان، حدثنا الصباح بن يحيى المزني، عن السدي، عن أبي الديلم، قال: لما جي ء بعلي بن الحسين (صلوات الله عليهما) أسيرا قائما على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام، فقال: الحمد لله الذي قتلكم، و استأصل شأفتكم، و قطع قرن الفتنة. فقال له علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): «أقرأت القرآن؟» قال: نعم. قال: «قرأت آل حم». قال: قرأت القرآن، و لم أقرأ آل حم. قال: «قرأت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟».

__________________________________________________

21- مجمع البيان 9: 43، شواهد التنزيل 2: 140/ 137، ترجمة الإمام

علي (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر 1: 148/ 182 و 183، كفاية الطالب:

317.

22- مجمع البيان 9: 43 ..

23- فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 669/ 1141، العمدة 47: 34.

24- صحيح البخاري 6: 231/ 314.

25- ...، تفسير الطبري 25: 16، العمدة: 51/ 46.

(1) في «ط»: فينا نزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 824

قال: لأنتم هم؟ قال: «نعم».

9518/ [26]- مسلم في (صحيحه): في الجزء الخامس، في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قال: و سئل ابن عباس، عن هذه الآية، فقال: قربى آل محمد (صلى الله عليه و آله).

و رواه في (الجمع بين الصحاح الستة) في الجزء الثاني من أجزاء أربعة، في تفسير سورة حم من عدة طرق.

9519/ [27]- و

روى الثعلبي في تفسير هذه الآية تعيين آل محمد، من عدة طرق، فمنها: عن أم سلمة، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال لفاطمة (عليها السلام): «ائتيني بزوجك و ابنيك». فأتت بهم، فألقى عليهم كساء، ثم رفع يده عليهم، فقال: «اللهم هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك و بركاتك على آل محمد، فإنك حميد مجيد». قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل بينهم، فاجتذبه و قال: «إنك لعلى خير».

9520/ [28]- موفق بن أحمد: عن مقاتل و الكعبي، لما نزلت هذه الآية: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، قالوا «1»: هل رأيتم أعجب من هذا، يسفه أحلامنا، و يشتم آلهتنا، و يروم قتلنا، و يطمع أن نحبه [أو نحب قرباه ]؟ فنزل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ «2»، أي ليس لي في ذلك أجر، لأن منفعة المودة تعود إليكم، و هو ثواب الله تعالى و رضاه.

9521/ [29]- علي

بن الحسين بن محمد الأصبهاني، في (مقاتل الطالبيين)، قال: قال الحسن (عليه السلام) في خطبة له بعد موت أبيه: «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله عز و جل بإذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و الذين افترض مودتهم في كتابه إذ يقول: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فالحسنة «3» مودتنا أهل البيت».

9522/ [30]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، قال: «هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب، فيقول له الملك:

آمين و يقول الله العزيز الجبار: و لك مثل ما سألت، و قد أعطيت ما سألت لحبك إياه».

__________________________________________________

26- ...، العمدة: 49/ 40، الطرائف: 112/ 169.

27- ...، الطرائف: 113/ 170.

28- مناقب الخوارزمي: 194. [.....]

29- مقاتل الطالبيين: 33، مستدرك الحاكم 3: 172، ذخائر العقبى: 138.

30- الكافي 2: 368/ 3.

(1) في المصدر: فقال ناس من المنافقين.

(2) سبأ 34: 47.

(3) في المصدر: فاقتراف الحسنة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 825

سورة الشوري(42): آية 27 ..... ص : 825

قوله تعالى:

وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [27] 9523/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ

قال: قال الصادق (عليه السلام): «لو فعل لفعلوا، و لكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض

و استعبدهم بذلك، و لو جعلهم كلهم أغنياء لبغوا في الأرض وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ مما يعلم أنه يصلحهم في دينهم و دنياهم إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ».

9524/ [2]- ابن بابويه: عن علي بن محمد، مسندا، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «و أما الخبير فهو الذي لا يعزب عنه شي ء، و لا يفوته شي ء، ليس للتجربة و لا للاعتبار بالأشياء. فعند التجربة و الاعتبار علمان، و لو لا هما ما علم لأن كل من كان كذلك كان جاهلا، و الله لم يزل خبيرا بما يخلق، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى، و البصير لا بخرت كما أننا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره، و لكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى».

سورة الشوري(42): آية 28 ..... ص : 825

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [28]

9525/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن العرزمي، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سئل عن السحاب، أين يكون؟ قال: «يكون على شجر كثيف على ساحل البحر يأوي إليه، فإذا أراد الله أن يرسله أرسل ريحا فأثاره، و وكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق، و هو البرق، فيرتفع».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 276.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 148/ 50.

3- تفسير القمّي 2: 276.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 826

سورة الشوري(42): آية 30 ..... ص : 826

قوله تعالى:

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [30]

9526/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال:] «أما إنه ليس من عرق يضرب، و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلا بذنب، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، قال: و ما يعفو الله أكثر مما يؤآخذ به».

9527/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، قال: فقال هو: وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ. قال: قلت: ليس هذا أردت، أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) و أشباهه و أهل بيته (عليهم السلام) من ذلك؟

فقال: «إن

رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب».

9528/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) و أهل بيته (عليهم السلام) من بعده، أهو بما كسبت أيديهم، و هم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله و يستغفره في كل يوم و ليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها» «1».

و رواه ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثله «2».

9529/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، رفعه، قال: لما حمل علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى يزيد بن معاوية، فأوقف بين يديه، قال يزيد (لعنه الله): وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ. فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «ليست هذه الآية فينا، إن فينا قول الله عز و جل: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» «3».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 207/ 3.

2- الكافي 2: 325/ 1.

3- الكافي 2: 326/ 2.

4- الكافي 2: 326/ 3.

(1) في

المصدر زيادة: من غير ذنب.

(2) معاني الأخبار: 383/ 15. [.....]

(3) الحديد 57: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 827

9530/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ: «ليس من التواء عرق، و لا نكبة حجر، و لا عثرة قدم، و لا خدش عود إلا بذنب، و لما يعفو الله عز و جل أكثر، و من عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا، فإن الله عز و جل أجل و أعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة».

9531/ [6]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده، عن محمد بن الوليد، عن عبد الله بن بكير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) [عن قول الله عز و جل ]: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، قال: فقال هو:

وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ. قال: قلت له: ما أصاب عليا (عليه السلام) و أشباهه من أهل بيته، من ذلك؟ قال: فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله عز و جل كل يوم سبعين مرة من غير ذنب».

9532/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، [قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)] عن قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، قال:

أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) و

أهل بيته، هو بما كسبت أيديهم، و هم أهل طهارة معصومون؟ قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله و يستغفره في كل يوم و ليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه، بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب».

9533/ [8]- و

قال الصادق (عليه السلام): «لما أدخل علي بن الحسين (عليهما السلام) على يزيد نظر إليه، ثم قال له: يا علي وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ. فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): كلا، ما هذه فينا، إنما نزلت فينا: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «1» فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدنيا، و لا نفرح بما أوتينا».

9534/ [9]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: إني أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن يعيه» ثم أقبل علينا، فقال: «ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا و عفا عنه «2» إلا كان الله أجل «3» و أمجد و أجود [من ] أن يعود

__________________________________________________

5- الكافي 2: 323/ 6.

6- قرب الإسناد: 79.

7- تفسير القمّي 2: 277.

8- تفسير القمّي 2: 277.

9- تفسير القمّي 2: 276.

(1) الحديد 57: 22، 23.

(2) (و عفا عنه) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: أحلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 828

في عقوبته يوم القيامة، و ما ستر الله على عبد مؤمن في هذه الدنيا و عفا عنه إلا

كان الله أجود و أمجد و أكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة». ثم قال: «و قد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله «1» أو أهله». ثم تلا هذه الآية وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ و حثا بيده ثلاث مرات.

سورة الشوري(42): آية 37 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ إِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [37]

9535/ [1]- قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «من كظم غيظا، و هو يقدر على إمضائه، حشا الله قلبه أمنا و إيمانا يوم القيامة». قال: «و من ملك نفسه إذا رغب و إذا رهب و إذا غضب، حرم الله جسده على النار».

9536/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن غالب ابن عثمان، عن عبد الله بن منذر، عن الوصافي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من كظم غيظا و هو يقدر على إمضائه، حشا الله قلبه أمنا و إيمانا يوم القيامة».

سورة الشوري(42): الآيات 38 الي 40 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ- إلى قوله تعالى- فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [38- 40] 9537/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ، قال: في إقامة الإمام وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ أي يقبلون ما أمروا به و يشاورون الإمام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم كما قال الله تعالى: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ «2».

و أما قوله تعالى: وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ يعني إذا بغي عليهم هم ينتصرون، و هي رخصة «3» صاحبها فيها بالخيار، إن شاء فعل، و إن شاء ترك، ثم جزى ذلك، فقال تعالى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 277.

2- الكافي 2: 90/ 7.

3- تفسير القمي 2: 277.

(1) في المصدر زيادة: أو ولده.

(2) النساء 4: 83. [.....]

(3) في المصدر: الرخصة التي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 829

أي لا يتعدى و لا يجازي بأكثر مما فعل [به ] «1»، ثم قال تعالى: فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ.

سورة الشوري(42): الآيات 41 الي 46 ..... ص : 829

قوله تعالى:

وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ- إلى قوله تعالى- فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ [41- 46]

9538/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال الأحمسي، عن الحسن بن وهب، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، قال: «ذلك القائم (عليه السلام)، إذا قام انتصر من بني امية و من المكذبين و النصاب».

9539/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن

خالد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قرأ:

«وَ تَرَى الظَّالِمِينَ آل محمد حقهم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ و علي هو العذاب يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ يعني أنه سبب العذاب، لأنه قسيم الجنة و النار».

9540/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن البرقي، عن محمد بن أسلم، عن أيوب البزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل:

خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ يعني [إلى ] القائم (عليه السلام)».

9541/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ تَرَى الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ أي إلى الدنيا.

9542/ [5]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ يعني القائم (عليه السلام) و أصحابه فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ و القائم إذا قام

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 549/ 18.

2- تأويل الآيات 2: 550/ 19.

3- تأويل الآيات 2: 550/ 20.

4- تفسير القمّي 1: 277.

5- تفسير القمّي 2: 278.

(1) في المصدر: لا تعتدي و لا تجازي بأكثر ممّا فعل بك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 830

انتصر من بني امية و من المكذبين و النصاب هو و أصحابه، و هو قول الله تبارك و تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

ثم قال أيضا: «قوله تعالى:

وَ تَرَى الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ و علي (عليه السلام) هو العذاب في هذا الوجه يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ فنوالي عليا (عليه السلام) وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ لعلي يَنْظُرُونَ إلى علي مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَ قالَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني آل محمد و شيعتهم إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم فِي عَذابٍ مُقِيمٍ، قال: و الله يعني النصاب الذين نصبوا العداوة لأمير المؤمنين و ذريته (عليهم السلام) و المكذبين وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ».

سورة الشوري(42): الآيات 49 الي 50 ..... ص : 830

قوله تعالى:

يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً [49- 50]

9543/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً: «يعني ليس معهن ذكر وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ يعني ليس معهم أنثى أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً أي يهب لمن يشاء ذكرانا و إناثا «1» جميعا، يجمع له البنين و البنات، أي يهبهم جميعا لواحد».

9544/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن المحمودي، و محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن محمد بن سعيد، أن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد، عن مسائل و فيها: أخبرنا عن قول الله عز و جل: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فهل يزوج الله عباده الذكران، و قد عاقب قوما فعلوا ذلك؟ فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري (عليه السلام)، و كان من جواب أبي الحسن (عليه السلام): «أما قوله تعالى:

أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فإن الله تبارك و تعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين، و إناث المطيعات من النساء «2» من ذكران المطيعين، و معاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلبا للرخصة لارتكاب المآثم وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «3» أي إن لم يتب».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 278.

2- تفسير القمّي 2: 278.

(1) (أي يهب لمن يشاء ذكرانا و إناثا) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: الإنس.

(3) الفرقان 25: 68، 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 831

9545/ [3]- قلت: الحديث

ذكره الشيخ المفيد في كتاب (الإختصاص): [يرويه محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي، عن ] موسى بن محمد بن علي بن موسى، سأله ببغداد في دار القطن، قال: قال موسى لأخيه أبي الحسن العسكري (عليه السلام): كتب إلي يحيى بن أكثم، يسألني عن عشر مسائل [أو تسعة، فدخلت على أخي، فقلت له: جعلت فداك إن ابن أكثم كتب إلي يسألني، عن مسائل ] افتيه فيها. فضحك، ثم قال: «فهل أفتيته»؟ قلت:

لا. قال: «و لم؟» قلت: لم أعرفها. قال: «و ما هي؟» قلت: كتب إلي: أخبرني عن قول الله عز و جل: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ «1»، أ نبي الله عز و جل كان محتاجا إلى علم آصف؟

و أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً «2»، أسجد يعقوب و ولده ليوسف و هم أنبياء؟

و أخبرني عن قول الله عز و جل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ «3»،

من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أليس قد شك فيما أنزل [إليه ]؟ و إن كان المخاطب به غيره، فعلى غيره إذن أنزل القرآن.

و أخبرني عن قول الله تعالى: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ «4»، ما هذه الأبحر و أين هي؟

و أخبرني عن قول الله تعالى: وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ «5»، فاشتهت نفس آدم البر فأكل و أطعم، فكيف عوقبا فيها [على ما تشتهي الأنفس ]؟

و أخبرني عن قول الله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فهل زوج الله عباده الذكران، و قد عاقب الله قوما فعلوا ذلك؟

و أخبرني عن شهادة المرأة جازت وحدها، و قد قال الله عز و جل: وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ «6»؟

و أخبرني عن الخنثى و قول علي فيها: تورث الخنثى من المبال «7»، من ينظر إذا بال؟ و شهادة الجار لنفسه لا تقبل، مع أنه عسى أن يكون رجلا و قد نظر إليه النساء، و هذا ما لا يحل فكيف هذا؟

و أخبرني عن رجل أتى قطيع غنم، فرأى الراعي ينزو على شاة منها، فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها،

__________________________________________________

3- الإختصاص: 91.

(1) النمل 27: 40. [.....]

(2) يوسف 12: 100.

(3) يونس 10: 94.

(4) لقمان 31: 27.

(5) الزخرف 43: 71.

(6) الطلاق 65 2.

(7) المبال: مخرج البول. «المعجم الوسيط 1: 77».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 832

فانسابت بين الغنم، لا يعرف الراعي أيها كانت، و لا يعرف صاحبها أيها يذبح؟

و أخبرني عن قول علي لابن جرموز: بشر قاتل ابن صفية بالنار. فلم لم يقتله و هو إمام، و من ترك

حدا من حدود الله فقد كفر إلا من علة؟

و أخبرني عن صلاة الفجر، لم يجهر فيها بالقراءة و هي من صلاة النهار، و إنما يجهر في صلاة الليل؟

و أخبرني عنه لم قتل أهل صفين و أمر بذلك مقبلين و مدبرين، و أجهز «1» على جريحهم، و يوم الجمل غير حكمه، لم يقتل من جريحهم، و لا من دخل دار، و لم يجهز «2» على جريحهم، و لم يأمر بذلك، و من ألقى سيفه آمنه، لم فعل ذلك؟ فإن كان الأول صوابا، كان الثاني خطأ.

فقال (عليه السلام): «اكتب». قلت: و ما أكتب؟ قال: «أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، و أنت فألهمك الله الرشد، ألقاني كتابك بما امتحنتنا به من تعنتك، لتجد إلى الطعن سبيلا إن قصرنا فيها، و الله يكافئك على نيتك، فقد شرحنا مسائلك، فأصغ إليها سمعك، و ذلل لها فهمك، و اشغل بها قلبك، فقد ألزمتك الحجة و السلام.

سألت عن قول الله عز و جل في كتابه: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ، فهو آصف بن برخيا، و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف، و لكن أحب أن يعرف أمته من الجن و الإنس أنه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان، أودعه آصف بأمر الله، ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته و دلالته، كما فهم سليمان في حياة داود لتعرف إمامته و نبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق.

و أما سجود يعقوب و ولده، فإن السجود لم يكن ليوسف، كما أن السجود من الملائكة لم يكن لآدم، و إنما كان منهم طاعة لله و تحية لآدم، فسجد يعقوب و ولده شكرا لله باجتماع شملهم، أ لم تر أنه يقول في

شكره في ذلك الوقت: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ «3» إلى آخر الآية.

و أما قوله تعالى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ، فإن المخاطب في ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يكن في شك مما أنزل إليه، و لكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث الله نبيا من ملائكته؟ أم كيف لم يفرق بينه و بين خلقه بالاستغناء عن المأكل و المشرب و المشي في الأسواق؟ فأوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله): فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ تفحص بمحضر من الجهلة، هل بعث الله رسولا قبلك إلا و هو يأكل و يشرب، و يمشي في الأسواق، و لك بهم أسوة، و إنما قال: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ، و لم يكن، و لكن للنصفة، كما قال تعالى: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «4»، و لو قال: نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونا يجوزان للمباهلة.

و قد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالته و ما هو من الكاذبين، و كذلك عرف النبي (صلى الله عليه و آله) أنه صادق فيما يقول

__________________________________________________

(1) في المصدر: أجاز.

(2) في المصدر: يجز.

(3) يوسف 12: 101.

(4) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 833

و لكن أحب أن ينصفهم من نفسه.

و أما قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ، فهو كذلك، لو أن أشجار الدنيا أقلام، و البحر مداد، يمده سبعة

أبحر حتى فجرت الأرض عيونا، فغرق أصحاب الطوفان «1»، لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله عز و جل، و هي عين الكبريت، و عين اليمن، و عين برهوت، و عين الطبرية، و حمة ما سبذان و تدعى المنيات، و حمة إفريقية و تدعى بسلان، و عين باحروان «2».

و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا و لا تستقصى.

و أما الجنة ففيها من المأكل و المشرب و الملاهي و الملابس ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين، و أباح الله ذلك كله لآدم، و الشجرة التي نهى الله عنها آدم و زوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد، عهد إليهما أن لا ينظرا إلى من فضل الله عليهما و على كل خلائقه بعين الحسد، فنسي و نظر بعين الحسد، و لم يجد له عزما.

و أما قوله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فإن الله تبارك و تعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور، و معاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست على نفسك، تطلب الرخص لارتكاب المآثم وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «3» إن لم يتب.

و أما قول علي (عليه السلام): بشر قاتل ابن صفية بالنار، لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) له: بشره بالنار، و كان ممن خرج يوم النهروان، و لم يقتله أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة، لأنه علم أنه يقتل في فتنة النهروان.

و أما قولك: علي (عليه السلام) قتل أهل صفين مقبلين و مدبرين و أجاز على جريحهم، و يوم الجمل لم يتبع موليا، و لم يجهز على جريح، و من ألقى سيفه آمنه، و من دخل داره آمنه، فإن أهل الجمل قتل

إمامهم و لم يكن [لهم ] فئة يرجعون إليها، و إنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين و لا محتالين و لا متجسسين و لا منابزين، و قد رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم رفع السيف عنهم و الكف عنهم إذا لم يطلبوا عليه أعوانا. و أهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة، و إمام لهم منتصب يجمع لهم السلاح من الدروع و الرماح و السيوف، و يستعد لهم العطاء، و يهي ء لهم الأنزال «4»، و يتفقد جريحهم، و يجبر كسيرهم، و يداوي جريحهم، و يحمل رجلتهم، و يكسو حاسرهم، و يردهم فيرجعون إلى محاربتهم و قتالهم، لا يساوى بين الفريقين [في الحكم ]، و لو لا علي (عليه السلام) و حكمه لأهل صفين و الجمل لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد، لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عنه يعرض على السيف أو يتوب عن ذلك.

و أما شهادة المرأة التي جازت وحدها، فهي القابلة، جائز شهادتها مع الرضا، و إن لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم مع المرأة مقام الرجل للضرورة، لأن الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامهما، فإن كانت وحدها قبل مع

__________________________________________________

(1) في البحار 50: 166: كما انفجرت في الطوفان.

(2) في المصدر زيادة: و بحر بحر.

(3) الفرقان 25: 68 و 69.

(4) أي الأرزاق. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 834

يمينها.

و أما قول علي (عليه السلام) في الخنثى: إنه يورث من المبال فهو كما قال، و ينظر إليه قوم عدول، فيأخذ كل واحد منهم مرآة، فيقوم الخنثى خلفهم عريانا، و ينظرون في المرآة، فيرون الشبح، فيحكمون عليه.

و أما الرجل الذي قد نظر إلى الراعي قد نزا على شاة، فإن عرفها ذبحها و أحرقها، و إن لم

يكن يعرفها قسمها بنصفين و ساهم بينهما، فإن وقع السهم على أحد النصفين فقد نجا الآخر، ثم يفرق الذي وقع فيه السهم بنصفين و يقرع بينهما بسهم، فإن وقع على أحد النصفين نجا النصف الآخر، فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنتان فيقرع بينهما، فأيهما وقع السهم لها تذبح و تحرق، و قد نجت سائرها.

و أما صلاة الفجر و الجهر بالقراءة، لأن النبي (صلى الله عليه و آله) كان يغلس بها، فقراءتها من الليل. و قد أنبأتك بجميع ما سألتنا، فاعلم ذلك تولى الله حفظك، و الحمد لله رب العالمين».

سورة الشوري(42): آية 51 ..... ص : 834

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [51]

9546/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله ابن حبيب، قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر، قال: حدثني محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجنديسابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن زيد «1»، عن عبيد الله بن عبيد، عن أبي معمر السعداني: أن رجلا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام)- و ذكر حديث الشاك إلى أن قال- فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) له: «و أما قوله تعالى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا، و ليس بكائن إلا من وراء حجاب، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء [كذلك ] قال الله تبارك و تعالى علوا كبيرا، قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء، فيبلغ رسل السماء رسل الأرض، و قد كان

الكلام بين رسل الأرض و بينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء.

و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، هل رأيت ربك؟ فقال (عليه السلام): إن ربي لا يرى. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أين تأخذ الوحي؟ فقال: آخذه من إسرافيل. فقال: و [من ] أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين. فقال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا. فهذا وحي، و هو كلام

__________________________________________________

1- التوحيد: 264/ 5.

(1) في المصدر: يزيد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 835

الله عز و جل، و كلام الله ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل، و منه ما قذفه في قلوبهم، و منه رؤيا يريها الرسل، و منه وحي و تنزيل يتلى و يقرأ، فهو كلام الله، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله، فإن معنى كلام الله ليس بنحو واحد، فإن منه ما يبلغ رسل السماء رسل الأرض». فقال: فرجت عني فرج الله عنك «1».

9547/ [2]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سنان، و غيره، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لقد أسرى بي ربي عز و جل، و أوحى إلي من وراء حجاب ما أوحى، و كلمني بما كلمني «2»، و كان مما كلمني به أن قال: يا محمد، [إني ] أنا الله لا إله إلا أنا [عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم، إني أنا الله لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار

المتكبر سبحان الله عما يشركون، إني أنا الله لا إله إلا أنا] الخالق البارئ المصور، لي الأسماء الحسنى، يسبح لي ما في السماوات و ما في الأرض، و أنا العزيز الحكيم.

يا محمد، إني أنا الله لا إله إلا أنا الأول فلا شي ء قبلي، و أنا الآخر فلا شي ء، بعدي، و أنا الظاهر فلا شي ء فوقي، و أنا الباطن فلا شي ء دوني، و أنا الله لا إله إلا أنا بكل شي ء عليم.

يا محمد، علي أول من آخذ ميثاقه من الأئمة. يا محمد، علي آخر من أقبض روحه من الأئمة، و هو الدابة التي تكلم الناس «3». يا محمد، علي أظهره على جميع ما أوحيه إليك، ليس لك أن تكتم منه شيئا. يا محمد، أبطنه الذي أسررته إليك، فليس فيما بيني و بينك سر دونه. يا محمد، علي ما خلقت من حرام و حلال عليم به».

9548/ [3]- المفيد: في حديث مسائل عبد الله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال له: يا محمد، فأخبرني، كلمك الله قبلا؟ قال: «ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب». قال: صدقت يا محمد.

9549/ [4]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: وحي مشافهة منه، و وحي إلهام، و هو الذي يقع في القلب أو من وراء حجاب، كما كلم الله نبيه (صلى الله عليه و آله) و كما كلم الله موسى (عليه السلام) من النار، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء، قال: وحي مشافهة يعني إلى الناس.

سورة الشوري(42): الآيات 52 الي 53 ..... ص : 835

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا

__________________________________________________

2- مختصر بصائر الدرجات: 36.

3- الاختصاص: 43.

4- تفسير القمّي 2: 279.

(1) في

المصدر زيادة: و حللت عني عقدة، فعظم اللّه أجرك يا أمير المؤمنين.

(2) في المصدر: بما كلم به.

(3) في المصدر: تكلمهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 836

الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [52- 53]

9550/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ، قال: «خلق من خلق الله عز و جل، أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يخبره و يسدده، و هو مع الأئمة من بعده».

و رواه سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات)، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا، و ساق الحديث بعينه «1».

9551/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن أسباط بن سالم، قال: سأله رجل من أهل هيت و أنا حاضر، عن قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا،

فقال:

«منذ أنزل الله عز و جل ذلك الروح على محمد (صلى الله عليه و آله) ما صعد [إلى ] السماء، و إنه لفينا».

9552/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العلم، هو شي ء «2» يتعلمه العالم من أفواه الرجال، أم في الكتاب عندكم تقرءونه فتعلمون منه؟ قال: «الأمر أعظم من ذلك و أوجب، أما سمعت قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ».

ثم قال: «أي شي ء يقول أصحابك في هذه الآية؟ أ يقرون أنه كان في حال ما يدري ما الكتاب و لا الإيمان»؟

فقلت: لا أدري- جعلت فداك- ما يقولون. فقال: «بلى، قد كان في حال لا يدري ما الكتاب و لا الإيمان حتى بعث الله عز و جل الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها إليه علم بها العلم و الفهم، و هي الروح التي يعطيها

__________________________________________________

1- الكافي 1: 214/ 1.

2- الكافي 1: 215/ 2.

3- الكافي 1: 215/ 5.

(1) مختصر بصائر الدرجات: 2.

(2) في المصدر: أهو علم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 837

الله عز و جل من شاء، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم».

و رواه سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات): عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن ابن أسباط، عن محمد بن الفضيل الصيرفي، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن العلم، و ساق الحديث بعينه بتغيير يسير «1».

9553/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال تعالى في نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يقول: تدعو».

9554/ [5]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا، قال: «لقد أنزل الله عز و جل ذلك الروح على نبيه (صلى الله عليه و آله)، و ما صعد إلى السماء منذ أنزل، و إنه لفينا».

9555/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، و محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، و أبي الصباح الكناني، قالا: قلنا لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلنا الله فداك، قوله تعالى: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، قال: «يا أبا محمد، الروح خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يخبره و يسدده، و هو مع الأئمة (عليهم السلام) يخبرهم و يسددهم».

9556/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال، عن الحسن بن وهب العبسي، عن جابر الجعفي،

عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا، قال: «ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9557/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسين «2» بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله تعالى: إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ،

__________________________________________________

4- الكافي 5: 13/ 1. [.....]

5- مختصر بصائر الدرجات: 2.

6- تأويل الآيات 2: 55/ 21.

7- تأويل الآيات 2: 551/ 22.

8- بصائر الدرجات: 98/ 5.

(1) مختصر بصائر الدرجات: 3.

(2) في النسخ: الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 838

إنك لتأمر بولاية علي (عليه السلام) و تدعو إليها، و هو الصراط المستقيم».

9558/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، قال: حدثنا محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله لنبيه (صلى الله عليه و آله):

ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً: «يعني عليا (عليه السلام)، و علي هو النور، فقال:

نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا يعني عليا (عليه السلام)، هدى به من هدى من خلقه.

و قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني إنك لتأمر بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تدعو إليها، و علي هو الصراط المستقيم صِراطِ اللَّهِ يعني عليا (عليه السلام) الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ يعني عليا (عليه السلام) أن جعله خازنه على ما في السماوات و ما في الأرض «1»، و

أئتمنه عليه أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ».

9559/ [10]- ثم قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: أي تدعو إلى الإمامة المستوية. ثم قال: صِراطِ اللَّهِ أي حجته «2» الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.

9560/ [11]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني محمد بن همام، قال: حدثنا سعد بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن عبد الله بن الهيثم، عن الصلت بن الحر، قال: كنت جالسا مع زيد بن علي (عليه السلام)، فقرأ: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [قال:] هدى الناس و رب الكعبة إلى علي (عليه السلام)، ضل عنه من ضل، و اهتدى من اهتدى.

9561/ [12]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن أبي مريم الأنصاري، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «وقع مصحف في البحر فوجدوه قد ذهب ما فيه إلا هذه الآية أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ».

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 279.

10- تفسير القمّي 2: 280.

11- تفسير القمّي 2: 280.

12- الكافي 2: 462/ 18.

(1) في المصدر زيادة: من شي ء.

(2) في المصدر: أي حجة اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 839

المستدرك البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 841

المستدرك (سورة الشورى) ..... ص : 841
سورة الشوري(42): آية 36 ..... ص : 841

قوله تعالى:

وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [36]

[1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، في (المحاسن): عن الحسن بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أحب أن يعلم

ما له عند الله، فليعلم ما لله عنده».

__________________________________________________

1- المحاسن: 252/ 273.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 843

سورة الزخرف ..... ص : 843

فضلها ..... ص : 843

9562/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من أدمن قراءة حم الزخرف، آمنه الله في قبره من هوام الأرض، و ضغطة القبر، حتى يقف بين يدي الله عز و جل، ثم جاءت حتى تدخله الجنة [بأمر الله تبارك و تعالى ]».

9563/ [2]- و من (خواص القرآن):

روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان ممن يقال له يوم القيامة: يا عباد الله، لا خوف عليكم و لا أنتم تحزنون. و من كتبها و شربها لم يحتج إلى دواء يصيبه لمرض، و إذا رش بمائها مصروع أفاق من صرعته، و احترق شيطانه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113. [.....]

2- خواص القرآن: ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 845

سورة الزخرف(43): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 845

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [1- 4] تقدم معنى حم في أول سورة المؤمن «1».

9564/ [1]- علي بن إبراهيم: حم حروف من اسم الله «2» الأعظم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ يعني القرآن الواضح إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

قال قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) مكتوب في الفاتحة «3»، في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «4»،

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)».

9565/ [2]- علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «5»، قال: «هو أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) و معرفته، و الدليل على أنه أمير المؤمنين قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ

لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 280.

2- تفسير القمّي 1: 28.

(1) تقدّ في الحديث (1) من تفسير الآيتين (1، 2) من سورة المؤمن.

(2) في المصدر: حرف من الاسم.

(3) في المصدر: الحمد.

(4) الفاتحة 1: 6.

(5) الفاتحة 1: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 846

9566/ [3]- محمد بن العباس: عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن محمد بن علي بن جعفر، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) و هو يقول: «قال أبو عبد الله «1» (عليه السلام)، و قد تلا هذه الآية: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9567/ [4]- و

روي عنه أنه (عليه السلام) سئل: أين ذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أم الكتاب؟ فقال: «في قوله سبحانه و تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «2» و هو علي (عليه السلام)».

9568/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن حماد الشاشي، عن الحسين بن أسد الطفاوي، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن عباس الصائغ، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خرجنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى انتهينا إلى صعصعة بن صوحان (رحمه الله)، فإذا هو على فراشه، فلما رأى عليا (عليه السلام) خف له، فقال له (صلوات الله عليه): «لا تتخذن زيارتنا فخرا على قومك». قال: لا يا أمير المؤمنين، و لكن ذخرا و أجرا، فقال له: «و الله ما كنت علمتك إلا خفيف المؤنة، كثير المعونة». فقال صعصعة: و أنت و الله- يا أمير المؤمنين- ما علمتك إلا أنك بالله لعليم، و أن الله في عينك لعظيم، و أنك في كتاب الله لعلي

حكيم، و أنك بالمؤمنين لرؤوف رحيم.

9569/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما صرع زيد بن صوحان يوم الجمل، جاء أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى جلس عند رأسه، فقال: رحمك الله يا زيد، قد كنت خفيف المؤنة، عظيم المعونة. فرفع زيد رأسه إليه، فقال: و أنت جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فو الله ما علمتك إلا بالله عليما، و في أم الكتاب عليا حكيما، و أن الله في صدرك عظيم».

9570/ [7]- الشيخ في (التهذيب): عن الحسين بن الحسن الحسيني، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) و ذكر فضل يوم الغدير و الدعاء فيه، إلى أن قال في الدعاء: «فاشهد يا إلهي أنه الإمام الهادي المرشد الرشيد، علي أمير المؤمنين، الذي ذكرته في كتابك، فقلت: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 552/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 552/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 552/ 4.

6- تأويل الآيات 2: 553/ 5.

7- التهذيب 3: 145/ 317.

(1) في «ج» و المصدر: قال أبي. [.....]

(2) الفاتحة 1: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 847

9571/ [8]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده، عن رجاله إلى حماد السندي «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و قد سأله سائل عن قول الله عز و جل: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ، قال: «هو أمير المؤمنين

(عليه السلام)».

9572/ [9]- البرسي: بالإسناد، يرفعه إلى الثقات الذين كتبوا الأخبار: أنهم أوضحوا ما وجدوا، و بان لهم من أسماء أمير المؤمنين (عليه السلام)، فله ثلاث مائة اسم في القرآن، منها: ما رووه بالإسناد الصحيح عن ابن مسعود، قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ، و قوله تعالى: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «2»، و قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ «3»، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ

«4»، و قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «5»، فالمنذر: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي بن أبي طالب (عليه السلام) الهادي.

و قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «6» فالبينة محمد (صلى الله عليه و آله)، و الشاهد علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى «7»، و قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «8»، و قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ «9»، جنب الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قوله تعالى: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «10»، معناه علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «11»، و قوله تعالى: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «12»، معناه عن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 552/ 1.

9- ....، الفضائل لابن شاذان: 174.

(1) لعله حماد السمندري، انظر معجم رجال الحديث 6: 243.

(2) مريم 19: 50.

(3)

الشعراء 26: 84.

(4) القيامة 75: 17.

(5) الرعد 13: 7.

(6) هود 11: 17.

(7) الليل 92: 12 و 13.

(8) الأحزاب 33: 56.

(9) الزمر 39: 56.

(10) يس 36: 12.

(11) يس 36: 3 و 4. [.....]

(12) التكاثر 102: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 848

9573/ [10]- ابن شهر آشوب: قال أبو جعفر الهاروني، في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ: و أم الكتاب الفاتحة، يعني أن فيها ذكره.

سورة الزخرف(43): الآيات 5 الي 12 ..... ص : 848

قوله تعالى:

أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ [5- 12] 9574/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً استفهام، أي ندعكم مهملين لا نحتج عليكم برسول أو بإمام أو بحجج، و قوله تعالى: وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَ ما يَأْتِيهِمْ إلى قوله تعالى: أَشَدَّ مِنْهُمْ يعني من قريش بَطْشاً وَ مَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ، و قوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً أي مستقرا وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا أي طرقا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي كي تهتدون.

ثم احتج على الدهرية، فقال: وَ الَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ.

و قوله تعالى: وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ هو معطوف على قوله تعالى: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ «1».

سورة الزخرف(43): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 848

قوله تعالى:

لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ [13- 14]

9575/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟

__________________________________________________

10- المناقب 3: 73.

1- تفسير القمّي 2: 280.

2- الكافي 2: 78/ 12.

(1) النحل 16: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 849

قال: «نعم».

قلت: ما هو؟ قال: «يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل و مال، و إن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، و منه قوله عز

و جل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، و منه قوله تعالى: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ «1»، و قوله تعالى: رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً «2»».

9576/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن فضال، عن المفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أمسكت لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالركاب، و هو يريد أن يركب، فرفع رأسه ثم تبسم، فقلت له: يا أمير المؤمنين، رأيتك رفعت رأسك، ثم تبسمت؟

قال: «نعم يا أصبغ، أمسكت أنا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، كما أمسكت أنت لي الركاب، فرفع رأسه و تبسم، فسألته عن تبسمه كما سألتني، و سأخبرك كما أخبرني رسول الله (صلى الله عليه و آله). أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه و آله) بغلته الشهباء، فرفع رأسه إلى السماء و تبسم، فقلت: يا رسول الله، رفعت رأسك [إلى السماء] و تبسمت، لما ذا؟

فقال: يا علي، إنه ليس أحد يركب فيقرأ آية الكرسي، ثم يقول: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، و أتوب إليه، اللهم اغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، إلا قال السيد الكريم: يا ملائكتي، عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري، اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه».

9577/ [3]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن علي بن أسباط، قال: حملت متاعا إلى مكة فكسد علي، فجئت إلى المدينة، فدخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، إني قد حملت متاعا إلى مكة، و كسد علي، و أردت مصر، فأركب برا أو بحرا؟ فقال:

«مصر الحتوف، و يقيض إليها أقصر الناس أعمارا، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تغسلوا رؤوسكم بطينها، و لا تشربوا في فخارها، فإنه يورث الذلة، و يذهب بالغيرة».

ثم قال: «لا، عليك أن تأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فتصلي ركعتين، و تستخير الله مائة مرة و مرة، فإذا عزمت على شي ء، و ركبت البر، و استويت على راحلتك، فقل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ، فإنه ما ركب أحد ظهرا قط فقال هذا و سقط، إلا لم يصبه كسر و لا وبال «3» و لا وهن. و إن ركبت بحرا، فقل [حين تركب ]: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها «4»، فإذا ضربت بك الأمواج فاتكئ على يسارك، و أشر إلى الموج بيدك، و قل: اسكن بسكينة الله، و قر بقرار الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 281.

3- تفسير القمّي 2: 282.

(1) المؤمنون 23: 29.

(2) الإسراء 17: 80.

(3) في المصدر: و لا وثى.

(4) هود 11: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 850

قال علي بن أسباط: قد ركبت البحر، و كان إذا هاج الموج قلت كما أمرني أبو الحسن (عليه السلام)، فيتنفس الموج، و لا يصيبنا منه شي ء. فقلت: جعلت فداك، ما السكينة؟ قال: «ريح من الجنة، لها وجه كوجه الإنسان، طيبة، و كانت مع الأنبياء، و تكون مع المؤمنين».

9578/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط و محمد بن أحمد، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن أسباط قال: قلت لأبي الحسن [الرضا] (عليه السلام): جعلت فداك ما

ترى، آخذ برا أو بحرا؟ فإن طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال: «اخرج برا، و لا عليك أن تأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تصلي ركعتين في غير وقت فريضة، ثم لتستخير الله مائة مرة و مرة، ثم تنظر، فإن عزم الله لك على البحر، فقل الذي قال الله عز و جل: وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «1»، فإذا اضطرب بك البحر فاتكئ على جانبك الأيمن، و قل: بسم الله، اسكن بسكينة الله، و قر بقرار «2» الله، و أهدأ بإذن الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله».

قلنا: ما السكينة أصلحك الله؟ قال: «ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان، و رائحة طيبة، و هي التي نزلت على إبراهيم، فأقبلت تدور حول أركان البيت، و هو يضع الأساطين».

قيل له: هي من التي قال الله عز و جل: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ «3».؟

قال: «تلك السكينة في التابوت، و كانت في طست يغسل فيها قلوب الأنبياء، و كان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء».

ثم أقبل علينا، فقال: «ما تابوتكم»؟ قلنا: السلاح. قال: «صدقتم، هو تابوتكم، و إن خرجت برأ فقل الذي قال الله عز و جل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ، فإنه ليس من عبد يقولها عند ركوبه فيقع من بعير أو دابة فيصيبه شي ء بإذن الله».

ثم قال: «فإذا خرجت من منزلك فقل: بسم الله آمنت بالله، توكلت على الله، لا حول و لا قوة إلا بالله، فإن الملائكة تضرب وجوه الشياطين، و

يقولون: قد سمى الله، و آمن بالله، و توكل على الله، و قال: لا حول و لا قوة إلا بالله».

9579/ [5]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ذكر النعمة أن تقول: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، و علمنا القرآن، و من علينا بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و تقول بعده: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا إلى آخر الآية».

__________________________________________________

4- الكافي 3: 471/ 5.

5- مجمع البيان 9: 63.

(1) هود 11: 41. [.....]

(2) في المصدر: بوقار.

(3) البقرة 2: 248.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 851

سورة الزخرف(43): الآيات 15 الي 20 ..... ص : 851

قوله تعالى:

وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً- إلى قوله تعالى- إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [15- 20] 9580/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً، قال: قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله، ثم قال على حد الاستفهام: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَ أَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا يعني إذا ولدت لهم البنات ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ و هو معطوف على قوله تعالى: وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ «1».

و قوله تعالى: أَ وَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ أي ينشؤ في الذهب وَ هُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ، قال: إن موسى (عليه السلام) أعطاه الله من القوة أن أرى فرعون صورته على فرش من ذهب رطب، عليه ثياب من ذهب رطب، فقال فرعون: أَ وَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ أي ينشؤ في الذهب وَ هُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ، قال: لا يبين الكلام، و لا يتبين من الناس، و لو كان نبيا لكان خلاف الناس.

و قوله تعالى: وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ

عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً معطوف على ما قالت قريش: إن الملائكة بنات الله في قوله تعالى: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً، فرد الله عليهم، فقال تعالى: أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ قوله تعالى: إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أي يحتجون بلا علم.

9581/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر و عمر و عليا (عليه السلام) أن يمضوا إلى الكهف و الرقيم، فيسبغ أبو بكر الوضوء و يصف قدميه و يصلي ركعتين، و ينادي ثلاثا، فإن أجابوه و إلا فليقل مثل ذلك عمر، فإن أجابوه و إلا فليقل مثل ذلك علي (عليه السلام) فمضوا و فعلوا ما أمرهم به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلم يجيبوا أبا بكر و لا عمر، فقام علي (عليه السلام) و فعل ذلك فأجابوه، و قالوا: لبيك لبيك.

ثلاثا، فقال لهم: ما لكم لم تجيبوا الأول و الثاني، و أجبتم الثالث؟ فقالوا: إنا أمرنا أن لا نجيب إلا نبيا أو وصي نبي. ثم انصرفوا إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فسألهم ما فعلوا؟ فأخبروه. فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) صحيفة حمراء، و قال لهم: اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم و سمعتم، فأنزل الله عز و جل: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ يوم القيامة».

9582/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن خلف، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 281.

2- تأويل الآيات 2: 553/ 7.

3- تأويل الآيات

2: 555/ 9.

(1) النحل 16: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 852

حماد بن عيسى، عن أبي بصير، قال: ذكر أبو جعفر (عليه السلام) الكتاب الذي تعاقدوا عليه في الكعبة، و أشهدوا فيه، و ختموا عليه بخواتيمهم، فقال: «يا [أبا] محمد، إن الله أخبر نبيه بما يصنعونه قبل أن يكتبوه، و أنزل الله فيه كتابا».

قلت: و أنزل فيه كتابا؟ قال: «نعم، ألم تسمع قول الله تعالى: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ».

9583/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الجعفري، قال: حدثنا يعقوب بن جعفر، قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) بمكة، فقال له رجل: إنك لتفسر من كتاب الله ما لم يسمع؟ فقال (عليه السلام): «علينا نزل قبل الناس، و لنا فسر قبل أن يفسر في الناس، فنحن نعرف حلاله و حرامه، و ناسخه و منسوخه، و متفرقه «1» و حضريه، و في أي ليلة نزلت من آية، و فيمن نزلت «2»، فنحن حكماء الله في أرضه، و شهداؤه على خلقه، و هو قوله تبارك و تعالى:

سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ، فالشهادة لنا، و المسألة للمشهود عليه، فهذا [علم ما] قد أنهيته [إليك و أديته إليك ما لزمني، فإن قبلت فاشكر، و إن تركت فإن الله على كل شي ء شهيد]».

سورة الزخرف(43): الآيات 22 الي 27 ..... ص : 852

قوله تعالى:

بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [22- 27] 9584/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ أي على مذهب وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ فقال الله عز و جل: قل يا محمد:

أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ثم قال عز و جل: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي أي خلقتني فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ أي يبين لي و يثبتني.

سورة الزخرف(43): آية 28 ..... ص : 852

قوله تعالى:

وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [28]

9585/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 218/ 4.

2- تفسير القمّي 2: 283.

3- معاني الأخبار: 131/ 1.

(1) في المصدر: و سفريه.

(2) في المصدر: نزلت كم من آية، و فيم نزلت، و فيما نزلت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 853

الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال: «هي الإمامة، جعلها الله عز و جل في عقب الحسين (عليه السلام)، باقية إلى يوم القيامة».

9586/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن علي ابن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، فقال: «في عقب الحسين (عليه السلام)، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضي إلى الحسين ينتقل من ولد إلى ولد، لا يرجع إلى أخ و لا عم، و لم يتم بعلم أحد منهم إلا

و له ولد». و إن عبد الله «1» خرج من الدنيا و لا ولد له، و لم يمكث بين ظهراني أصحابه إلا شهرا.

9587/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن موسى بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال المفضل، فقلت: يا ابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال: «يعني بذلك الإمامة، جعلها في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة».

9588/ [4]- و

عنه، رفعه إلى هشام بن سالم، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال: «الحسن أفضل من الحسين».

قلت: و كيف صارت [الإمامة] من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: «إن الله تبارك و تعالى أحب أن يجعل سنة موسى و هارون جارية في الحسن و الحسين (عليهما السلام)، ألا ترى أنهما كانا شريكين في النبوة، كما كان الحسن و الحسين شريكين في الإمامة، و أن الله عز و جل جعل النبوة في ولد هارون و لم يجعلها في ولد موسى، و إن كان موسى أفضل من هارون».

قلت: فهل يكون إمامان في وقت واحد؟ قال: «لا، إلا أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه، و الآخر ناطقا إماما لصاحبه، فأما أن يكونا إمامين ناطقين [في وقت واحد] فلا».

قلت: فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟ قال: «لا، إنما هي جارية في عقب

الحسين (عليه السلام)، كما قال الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ثم هي جارية في الأعقاب و أعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة».

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 207/ 6.

3- الخصال: 305/ 84.

4- كمال الدين و تمام النعمة: 416/ 9. [.....]

(1) هو عبد اللّه الأفطح، ابن الامام جعفر الصادق (عليه السّلام)، و قد قالت الفطحيّة بإمامته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 854

9589/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن محمد الجعفي، عن محمد «1» بن القاسم الأكفاني، عن علي بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: خرج علينا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و نحن في المسجد فاحتوشناه، فقال: «سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن القرآن، فإن في القرآن علم الأولين و الآخرين، لم يدع لقائل مقالا، و لا يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم، و ليسوا بواحد، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان واحدا منهم، علمه الله سبحانه إياه، و علمنيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم لا يزال في عقبه إلى يوم القيامة، ثم قرأ: وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ «2»، فأنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، و العلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة» ثم قرأ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ثم قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عقب إبراهيم (عليه السلام)، و نحن أهل البيت عقب إبراهيم، و عقب محمد (صلى الله عليه و آله)».

9590/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي

بن مهزيار، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال: «إنها في [عقب ] الحسين (عليه السلام)، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضي إلى الحسين (عليه السلام) ينتقل من والد إلى ولد، و لا يرجع إلى أخ و لا إلى عم، و لا يعلم أحد منهم ممن خرج من الدنيا إلا و له ولد». و إن عبد الله بن جعفر خرج من الدنيا و لا ولد له، و لم يمكث بين ظهراني أصحابه إلا شهرا.

9591/ [7]- ابن بابويه في كتاب (النبوة): بإسناده الى المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يا ابن رسول الله، أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ. قال: «يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة».

فقلت: يا ابن رسول الله، أخبرني كيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن (عليهما السلام)، و هما ولدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و سبطاه، و سيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: «يا مفضل، إن موسى و هارون نبيان مرسلان أخوان، فجعل الله النبوة في صلب هارون، و لم يكن لأحد أن يقول: [لم فعل ذلك؟ و كذلك الإمامة، و هي خلافة الله عز و جل، و ليس لأحد أن يقول:] لم جعلها في صلب الحسين و لم يجعلها في صلب الحسن، لأن الله عز و جل الحكيم «3» في أفعاله، لا يسئل عما يفعل و هم

يسئلون».

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 555/ 10.

6- تأويل الآيات 2: 2: 556/ 11.

7- تأويل الآيات 2: 556/ 12، الخصال: 305/ 84، معاني الأخبار: 126/ 1.

(1) في المصدر: أحمد.

(2) البقرة 2: 248.

(3) في «ج، ي»: الحكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 855

9592/ [8]- ابن بابويه: عن محمد بن عبد الله الشيباني (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي، قال: حدثني أبو نصر أحمد بن عبد المنعم الصيداوي، قال: حدثني عمرو بن شمر الجعفي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: قلت له: يا ابن رسول الله، إن قوما يقولون: إن الله تبارك و تعالى جعل الأئمة في عقب «1» الحسن دون الحسين. قال: «كذبوا و الله، أو لم يسمعوا أن الله تعالى ذكره يقول: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فهل جعلها إلا في عقب الحسين؟».

فقال: «يا جابر إن الأئمة هم الذين نص عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالإمامة، و هم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق «2» العرش بالنور، اثني عشر اسما، منهم علي، و سبطاه، و علي، و محمد، و جعفر، و موسى، و علي، و محمد، و علي، و الحسن، و الحجة القائم، فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة و الطهارة، و الله ما يدعيه أحد غيرنا إلا حشره الله تبارك و تعالى مع إبليس و جنوه- ثم تنفس (عليه السلام)، و قال-: لا رعى الله حق هذه الامة، فإنها لم ترع حق نبيها، أما و الله لو تركوا الحق على أهله

لما اختلف في الله اثنان».

ثم أنشأ (عليه السلام) يقول:

إن اليهود لحبهم لنبيهم أمنوا بوائق حادث الأزمان

و ذوو الصليب بحب عيسى أصبحوا يمشون زهوا «3» في قرى نجران

و المؤمنون بحب آل محمد يرمون في الآفاق بالنيران

قلت: يا سيدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال: «نعم». قلت: فلم قعدتم عن حقكم و دعواكم، و قد قال الله تبارك و تعالى: وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ «4»، فما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) قعد عن حقه؟ قال:

فقال: «حيث لم يجد ناصرا، ألم تسمع الله يقول في قصة لوط (عليه السلام): قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ «5»؟ و يقول حكاية عن نوح (عليه السلام): فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ «6»، و يقول في قصة موسى (عليه السلام): إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ «7»، فإذا كان النبي هكذا، فالوصي أعذر. يا جابر، مثل الإمام مثل الكعبة تؤتى و لا تأتي».

__________________________________________________

8- كفاية الأثر: 246.

(1) في «ط»: ولد.

(2) في «ط، ي» سرادق.

(3) في «ج»: رهوا.

(4) الحج 22: 78.

(5) هود 11: 80.

(6) القمر 54: 10. [.....]

(7) المائدة 5: 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 856

9593/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله الجوهري، قال: حدثنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم، قال: حدثنا الطيالسي أبو الوليد، عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قوله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال:

«جعل الأئمة «1» في عقب الحسين، يخرج من صلبه

تسعة من الأئمة، و منهم مهدي هذه الامة»، ثم قال: «لو أن رجلا ظعن بين الركن و المقام، ثم لقي الله مبغضا لأهل بيتي، دخل النار».

9594/ [10]- و

عنه، بهذا الإسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين: أحدهما كتاب الله عز و جل، من اتبعه كان على الهدى، و من تركه كان على الضلالة، ثم أهل بيتي، أذكركم في أهل بيتي». ثلاث مرات، فقلت لأبي هريرة: فمن أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، أهل بيته أصله و عصبه، و هم الأئمة الاثنا عشر، الذين ذكرهم الله في قوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ.

9595/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال:

حدثنا القاسم بن العلاء، قال: حدثني إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن قيس، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: «فينا نزلت هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «2»، و فينا نزلت هذه الآية: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، و الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة. و إن للغائب منا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى، أما الاولى فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين، و أما الاخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه، و صحت معرفته، و لم يجد في نفسه حرجا مما قضيت، و سلم لنا أهل البيت».

9596/ [12]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: ثم ذكر

الله الأئمة (عليهم السلام)، فقال: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، يعني فإنهم يرجعون، أي الأئمة (عليهم السلام) إلى الدنيا.

سورة الزخرف(43): الآيات 31 الي 32 ..... ص : 856

قوله تعالى:

وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ- إلى قوله

__________________________________________________

9- كفاية الأثر: 86.

10- كفاية الأثر: 87.

11- كمال الدين و تمام النعمة: 323/ 8.

12- تفسير القمّي 2: 283.

(1) في المصدر: الإمامة.

(2) الأحزاب 33: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 857

تعالى- وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [31- 32]

9597/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه عروة بن مسعود الثقفي، و كان عاقلا لبيبا، و هو الذي أنزل الله تعالى فيه: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ».

9598/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول قريش: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ يعني هلا نزل القرآن عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ؟ و هو عروة بن مسعود، و القريتين: مكة و الطائف، و كان جزاهم بما يحتمل الديات، و كان عم المغيرة بن شعبة، فرد الله عليهم، فقال: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ، يعني النبوة و القرآن حين قالوا: لم لم ينزل على عروة بن مسعود، ثم قال تعالى: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ يعني في المال و البنين لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.

و هذا من أعظم دلالة الله على التوحيد، لأنه خالف بين ملكهم كهيئاتهم و تشابههم و دلالاتهم و إراداتهم و أهوائهم، ليستعين بعضهم على بعض، لأن أحدهم لا يقوم بنفسه لنفسه،

و الملوك و الخلفاء لا يستغنون عن الناس، و بهذا قامت الدنيا و الخلق المأمورون المنهيون المكلفون، و لو احتاج كل إنسان أن يكون بناء لنفسه و خياطا لنفسه و حجاما لنفسه و جميع الصناعات التي يحتاج إليها، لما قام العالم طرفة عين، لأنه لو طلب كل إنسان العلم، ما دامت الدنيا، و لكنه عز و جل خالف بين هيئاتهم، و ذلك من أعظم الدلالة على التوحيد.

9599/ [3]- الامام الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال: «قلت لأبي علي بن محمد (عليهما السلام): فهل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يناظرهم إذا عانتوه و يحاجهم؟ قال: بلى، مرارا كثيرة، منها ما حكى الله من قولهم: وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ إلى قوله: مَسْحُوراً «1»، وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إلى قوله:

كِتاباً نَقْرَؤُهُ «2»، ثم قيل له في آخر ذلك: لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا الصاعقة في مساءلتنا إياك، لأن مساءلتنا أشد من مساءلة قوم موسى لموسى. و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قاعدا ذات يوم بمكة، بفناء الكعبة، إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش، منهم: الوليد بن المغيرة المخزومي، و أبو البختري بن هشام، و أبو جهل بن هشام، و العاص بن وائل السهمي، و عبد الله بن أبي أمية، و جمع ممن يليهم كثير، و رسول الله (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 310.

2- تفسير القمّي 2: 283.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 500/ 314.

(1)

الفرقان 25: 7 و 8.

(2) الإسراء 17: 90- 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 858

في نفر من أصحابه، يقرأ عليهم كتاب الله، و يذكرهم عن الله أمره و نهيه، فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحل أمر محمد، و عظم خطبه، تعالوا نبدأ بتقريعه و تبكيته «1» و الاحتجاج عليه، و إبطال ما جاء به، ليهون خطبه على أصحابه، و يصغر قدره عندهم، فلعله أن ينزع عما هو فيه من غيه و باطله و تمرده و طغيانه، فإن انتهى و إلا عاملناه بالسيف الباتر.

قال أبو جهل: فمن ذا الذي يلي كلامه و محاورته؟ فقال «2» عبد الله بن أبي امية المخزومي: أنا لذلك، أ فما ترضاني قرنا حسيبا، و مجادلا كفيا؟ قال أبو جهل: بلى. فأتوه بأجمعهم، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية، فقال: يا محمد- و ذكر ما طلبه من محمد (صلى الله عليه و آله) و ما أجابه به- فقال: و أما قولك: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، الوليد بن المغيرة بمكة، أو عروة بن مسعود بالطائف، فإن الله تعالى ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت، و لا خطر له عنده كما كان له عندك، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة لما سقى كافرا به، مخالفا له، شربة ماء، و ليس قسمة رحمة الله إليك، بل الله القاسم للرحمة «3»، و الفاعل لما يشاء في عبيده و إمائه، و ليس هو عز و جل ممن يخاف أحدا كما تخافه لماله أو لحاله فتعرفه بالنبوة لذلك، و لا ممن يطمع في أحد في ماله و حاله كما تطمع فتخصه بالنبوة لذلك، و لا ممن يحب أحدا محبة

الهوى كما تحب فتقدم من لا يستحق التقديم، و إنما معاملته بالعدل، فلا يؤثر بأفضل مراتب الدين و خلاله «4»، إلا الأفضل في طاعته، و الآخذ في خدمته، و كذلك لا يؤخر في مراتب الدين و خلاله «5»، إلا أشدهم تباطؤا عن طاعته، و إذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال و لا إلى حال، بل هذا المال و الحال من فضله، و ليس لأحد من عباده عليه ضربة لازب.

فلا يقال له: إذا تفضلت بالمال على عبد، فلا بد أن تتفضل عليه بالنبوة أيضا، لأنه ليس لأحد إكراهه على خلاف مراده، و لا إلزامه تفضلا، لأنه تفضل قبله بنعمة، ألا ترى- يا عبد الله- كيف أغنى واحدا و قبح صورته؟

و كيف حسن صورة واحد و أفقره؟ و كيف شرف واحدا و أفقره؟ و كيف أغنى واحدا و وضعه؟ ثم ليس لهذا الغني أن يقول: هلا أضيف إلى يساري جمال فلان؟ و لا للجميل أن يقول: هلا أضيف إلى جمالي مال فلان؟ و لا للشريف أن يقول: هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟ و لا للوضيع أن يقول: هلا أضيف إلى ضعتي شرف فلان؟ و لكن الحكم لله يقسم كيف يشاء، و يفعل ما يشاء، و هو حكيم في أفعاله، محمود في أعماله، و ذلك قوله تعالى: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ.

قال الله تعالى: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يا محمد نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فأحوجنا بعضا إلى بعض، أحوجنا هذا إلى مال ذاك، و أحوجنا ذاك إلى سلعة هذا و إلى خدمته، فترى أجل الملوك و أغنى الأغنياء، محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب

من الضروب، إما سلعة معه ليست معه، و إما

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و توبيخه.

(2) في المصدر: و مجادلته. قال. [.....]

(3) في المصدر: اللّه هو القاسم للرحمات.

(4، 5) في «ج» و المصدر: جلاله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 859

خدمة يصلح لها لا يتهيأ لذلك الملك إلا أن يستعين «1» به، و إما باب من العلم و الحكم هو فقير أن يستفيدها من هذا الفقير، و هذا الفقير يحتاج إلى مال ذلك الملك الغني، و ذلك الملك يحتاج إلى علم ذلك الفقير أو رأيه أو معرفته، ثم ليس للملك أن يقول: هلا أجمع إلى ملكي و مالي علمه و رأيه؟ و لا لذلك الفقير أن يقول: هلا أجمع إلى رأيي و علمي و ما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الغني؟ ثم قال تعالى: وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا، ثم قال: يا محمد وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا».

سورة الزخرف(43): الآيات 33 الي 36 ..... ص : 859

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ- إلى قوله تعالى- فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [33- 36]

9600/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: سألت علي بن الحسين (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً، قال: «عنى بذلك أمة محمد أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ و

لو فعل ذلك بأمة محمد (صلى الله عليه و آله) لحزن المؤمنون و غمهم ذلك، و لم يناكحوهم و لم يوارثوهم».

9601/ [2]- الحسين بن سعيد، في كتاب (الزهد): عن النضر، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن غالب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في هذه الآية: وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ، قال: «لو فعل، لكفر الناس جميعا».

9602/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً أي على مذهب واحد لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ، قال: المعارج التي يظهرون بها وَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَ زُخْرُفاً البيت المزخرف بالذهب. قال: فقال الصادق (عليه السلام): «لو

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 589/ 33.

2- الزهد: 47/ 127.

3- تفسير القمّي 2: 284.

(1) في المصدر: الملك أن يستغني إلّا به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 860

فعل الله ذلك لما آمن أحد، و لكنه جعل في المؤمنين أغنياء، و في الكافرين فقراء، و جعل في الكافرين أغنياء، و في المؤمنين فقراء، ثم امتحنهم بالأمر و النهي و الصبر و الرضا». قال: قوله تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ أي يعمى نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ.

سورة الزخرف(43): الآيات 38 الي 39 ..... ص : 860

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ [38- 39]

9603/ [1]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن

محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) قيل له: إن الله مختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك؟ قال: اسلم لأمرك يا رب، و لا قوة لي على الصبر إلا بك، فما هن؟ قيل له: أولهن: الجوع و الأثرة على نفسك و على أهلك لأهل الحاجة. قال: قبلت يا رب و رضيت و سلمت، و منك التوفيق للصبر «1».

و أما الثانية: فالتكذيب و الخوف الشديد، و بذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك و نفسك، و الصبر على ما يصيبك منهم من الأذى من أهل النفاق، و الألم في الحرب و الجراح. قال: يا رب قبلت و رضيت و سلمت، و منك التوفيق للصبر.

و أما الثالثة: فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم و التعنيف و التوبيخ و الحرمان و الجحد و الظلم، و آخر ذلك القتل، فقال: يا رب سلمت و قبلت، و منك التوفيق للصبر.

و أما ابنتك فتظلم و تحرم، و يؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها، و تضرب و هي حامل، و يدخل حريمها و منزلها بغير إذن، ثم يمسها هوان و ذل. ثم لا تجد مانعا، و تطرح ما في بطنها من الضرب، و تموت من ذلك الضرب. فقلت: إنا لله و إنا إليه راجعون، قبلت يا رب و سلمت، و منك التوفيق للصبر.

و يكون لها من أخيك ابنان، يقتل أحدهما غدرا، و يسلب و يطعن و يسم، تفعل به ذلك أمتك،

قال: قبلت يا رب، و إنا لله و إنا إليه راجعون، و منك التوفيق للصبر. و أما ابنها الآخر فتدعوه أمتك للجهاد، ثم يقتلونه صبرا و يقتلون

__________________________________________________

1- كالم الزيارات: 332/ 11.

(1) في المصدر: و الصبر، و كذا ما بعدها.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 861

ولده و من معه من أهل بيته، ثم يسلبون حرمه، فيستعين بي، و قد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له و لمن معه، و يكون قتله حجة على من بين قطريها، فيبكيه أهل السماوات و أهل الأرضين جزعا عليه، و تبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته.

ثم أخرج من صلبه ذكرا به أنصرك «1»، و إن شبحه عندي تحت العرش، يملأ الأرض بالعدل و يطبقها بالقسط، يسير معه الرعب، يقتل حتى يشك فيه. فقلت: إنا لله و إنا إليه راجعون، فقيل له: ارفع رأسك. فنظرت إلى رجل من أحسن الناس صورة، و أطيبهم ريحا، و النور يسطع من بين عينيه و من فوقه و من تحته، فدعوته فأقبل إلي، و عليه ثياب النور، و سيماء كل خير، حتى قبل بين عيني، و نظرت إلى الملائكة قد حفوا به، لا يحصيهم إلا الله عز و جل، فقلت: يا رب، لمن يغضب هذا، و لمن أعددت «2» هؤلاء الملائكة، و قد وعدتني النصر فيهم، فأنا أنتظره منك، فهؤلاء أهلي و أهل بيتي، و قد أخبرتني بما يلقون من بعدي، و لو شئت لأعطيتني النصر فيهم على من بغى عليهم، و قد سلمت و قبلت و رضيت، و منك التوفيق و الرضا و العون على الصبر؟

فقيل لي: أما أخوك فجزاؤه عندي جنة المأوى نزلا بصبره، أفلج حجته على الخلائق يوم البعث، و اوليه حوضك، يسقي منه

أولياءكم، و يمنع منه أعداءكم، و أجعل جهنم عليه بردا و سلاما، يدخلها فيخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من المودة لكم، و أجعل منزلتكم في درجة واحدة في الجنة.

و أما ابنك المقتول المخذول المسموم، و ابنك المغدور المقتول صبرا، فإنهما ممن أزين بهما عرشي، و لهما من الكرامة سوى ذلك، مما لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء «3»، و لكل من أتى قبره من الخلق «4»، لأن زواره زوارك، و زوارك زواري، و علي كرامة زائري، و أنا أعطيه ما سأل، و أجزيه جزاء يغبطه به من نظر إلى عطيتي إياه، و ما أعددت له من كرامتي.

و أما ابنتك، فإني أوقفها عند عرشي، فيقال لها: إن الله قد حكمك في خلقه، فمن ظلمك و ظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت، فإني أجيز حكومتك فيهم. فتشهد العرض «5»، فإذا أوقف من ظلمها أمرت به إلى النار، فيقول الظالم: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «6»، و يتمنى الكرة، و يعض الظالم على يديه، و يقول:

يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا «7»، و قال: حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ،

__________________________________________________

(1) في نسخة من المصدر: ذكرا انتصر له به.

(2) في «ج، ي»: مددت.

(3) في «ط» و المصدر زيادة: فعليّ فتوكّل.

(4) في المصدر زيادة: من الكرامة.

(5) في المصدر: العرصة.

(6) الزمر 39: 56. [.....]

(7) الفرقان 25: 27، 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 862

فيقول الظالم: أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ «1»، فيقال لهما: أَلا لَعْنَةُ

اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ يَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ «2».

و أول من يحكم فيه محسن بن علي (عليه السلام) و في قاتله، ثم في قنفذ فيؤتيان هو و صاحبه فيضربان بسياط من نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، و لو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا، فيضربان بها. ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله تعالى مع الرابع، و يدخل الثلاثة في جب، فيطبق عليهم، لا يراهم أحد و لا يرون أحدا، فعندها يقول الذين كانوا في ولايتهم: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ «3»، فيقول الله عز و جل: وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ فعند ذلك ينادون بالويل و الثبور، و يأتيان الحوض فيسألان عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و معهم حفظة، فيقولان: اعف عنا و اسقنا و خلصنا. فيقال لهم: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ «4»، يعني بإمرة المؤمنين، ارجعوا ظماء مظمئين [إلى النار]، فما شرابكم إلا الحميم و الغسلين، و ما تنفعكم شفاعة الشافعين».

9604/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في خطبة الوسيلة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيها: «و لئن تقمصها دوني الأشقيان، و نازعاني فيما ليس لهما بحق، و ركباها ضلالة، و

أعتقدها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، و لبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما، و يتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ، فيجيبه الأشقى على رثوثة: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا، فإنا الذكر الذي عنه ضل، و السبيل الذي عنه مال، و الإيمان الذي به كفر، و القرآن الذي إياه هجر، و الذين الذي به كذب، و الصراط الذي عنه نكب».

و تقدم بزيادة، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا من سورة الفرقان «5».

9605/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن

__________________________________________________

2- الكافي 8: 27/ 4.

3- تأويل الآيات 2: 557/ 13.

(1) في المصدر زيادة: أو الحكم لغيرك، و الآية في سورة الزمر 39: 46.

(2) هود 11: 18، 19.

(3) فصلت 41: 29.

(4) الملك 67: 27.

(5) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآيات (27- 29) من سورة الفرقان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 863

خالد البرقي، عن محمد بن أسلم، عن أيوب البزاز، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم آل محمد حقهم، إنكم في العذاب مشتركون».

9606/ [4]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه حال الكافرين يوم القيامة- قال: «ثم يدفع- يعني الكافر- في صدره دفعة، فيهوي على رأسه سبعين ألف عام حتى يواقع الحطمة، فإذا

واقعها دقت عليه و على شيطانه، و جاذبه الشيطان بالسلسلة، كلما رفع رأسه و نظر إلى قبح وجهه، كلح في وجهه، قال: فيقول: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ، ويحك كما أغويتني احمل عني من عذاب الله من شي ء. فيقول: يا شقي، كيف أحمل عنك من عذاب الله من شي ء، و أنا و أنت في العذاب مشتركون».

سورة الزخرف(43): الآيات 41 الي 42 ..... ص : 863

قوله تعالى:

فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ [41]

9607/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فإما نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة، فإنا رادوك إليها و منتقمون منهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9608/ [6]- محمد بن العباس: عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن يحيى بن حسن بن فرات، عن مصبح ابن الهلقام العجلي، عن أبي مريم، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، قال: قوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ يعني بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

9609/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي، عن عيسى بن مهران، عن يحيى بن حسن ابن فرات، بإسناده إلى أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن عمه، أنه قال: إن النبي (صلى الله عليه و آله) [قال:] «لما نزلت: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أي بعلي، كذلك حدثني جبرئيل (عليه السلام)».

9610/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمد، عن عبد الغفار بن محمد، عن منصور بن أبي الأسود، عن زياد بن المنذر، عن عدي بن ثابت، قال:

سمعت ابن عباس يقول: ما حسدت قريش

__________________________________________________

4- الاختصاص: 362.

5- تفسير القمّي 2: 284.

6- تأويل الآيات 2: 558/ 16.

7- تأويل الآيات 2: 559/ 17.

8- تأويل الآيات 2: 559/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 864

عليا (عليه السلام) بشي ء مما سبق له أشد مما وجدت يوما و نحن عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «كيف أنتم- يا معشر قريش- لو كفرتم من بعدي، فرأيتموني في كتيبة أضرب وجوهكم بالسيف؟»، فهبط جبرئيل (عليه السلام)، فقال: قل: إن شاء الله، أو علي فقال: «إن شاء الله، أو علي».

9611/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن «1» عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، قال: «قال الله: انتقم بعلي (عليه السلام) يوم البصرة، و هو الذي وعد الله رسوله».

9612/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال، عن محمد بن الربيع، قال: قرأت على يوسف الأزرق حتى انتهيت في الزخرف [إلى قوله تعالى:] فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، قال: يا محمد، أمسك فأمسكت، فقال يوسف: قرأت على الأعمش، فلما انتهيت إلى هذه الآية قال:

يا يوسف، أ تدري فيمن نزلت؟ قلت: الله أعلم. قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ بعلي مُنْتَقِمُونَ محيت و الله من القرآن، و اختلست و الله من القرآن.

9613/ [7]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله

عليه و آله) في حجة الوداع بمنى، فقال: «لأعرفنكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم». ثم التفت إلى خلفه [فقال ]: «أو علي أو علي أو علي» ثلاثا، فرأينا أن جبرئيل (عليه السلام) غمزه، و أنزل الله عز و جل: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعلي أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ «2»، ثم نزلت: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ إِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ «3»، ثم نزلت: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ من أمر علي بن أبي طالب إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «4» و إن عليا لعلم للساعة لك و لقومك و لسوف تسألون عن محبة علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9614/ [8]- الطبرسي: روى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بمني. حتى قال: «لألفينكم «5» ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم الله لئن فعلتموها

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 559/ 19. [.....]

6- تأويل الآيات 2: 560/ 20.

7- الأمالي 1: 373.

8- مجمع البيان 9: 75.

(1) في المصدر: عن.

(2) الزخرف 43: 42.

(3) المؤمنون 23: 93- 96.

(4) الزخرف 43: 43.

(5) في المصدر: لا ألفينّكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 865

لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم». ثم التفت إلى خلفه، فقال: «أو علي. أو علي أو علي» ثلاث مرات، فرأينا أن جبرئيل (عليه السلام) غمزة، فأنزل الله إثر ذلك: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

و ستأتي رواية جابر بن عبد الله الأنصاري،

في الآية الآتية، إن شاء الله تعالى «1».

9615/ [9]- و

من طريق المخالفين: من (فضائل السمعاني) يرفعه إلى ابن عباس، قال: لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، قال: «بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و من (مناقب ابن المغازلي) يرفعه إلى جابر، مثله «2».

سورة الزخرف(43): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 865

قوله تعالى:

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ- إلى قوله تعالى- وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ [43- 44]

9616/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن خالد ابن ماد، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله):

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» [قال:] «إنك على ولاية علي، و علي هو الصراط المستقيم».

محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن الحسين، عن النضر بن سويد، عن خالد بن حماد و محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله «3».

9617/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزلت هاتان الآيتان هكذا، قول الله: حَتَّى إِذا جاءَنا يعني فلانا و فلانا، يقول أحدهما لصاحبه حين يراه: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ «4». فقال الله لنبيه: قل لفلان و فلان و أتباعهما: لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ آل

__________________________________________________

9- ...، كشف الغمة 1: 323.

1- الكافي 1: 345/ 24.

2- تفسير القمّي 2: 286.

(1) تأتي في حديث (5) من تفسير الآيتين (43، 44) من

هذه السورة.

(2) المناقب: 320/ 366.

(3) بصائر الدرجات: 91/ 7. [.....]

(4) الزخرف 43: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 866

محمد حقهم أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ «1».

ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ مَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ «2» يعني من فلان و فلان و أتباعهما، ثم أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله):

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ في علي (عليه السلام) إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يعني إنك على ولاية علي، و علي هو الصراط المستقيم».

9618/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال، عن الحسن بن وهب، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ قال: «في علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9619/ [4]- و

رواه علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ، فقال: «في علي بن أبي طالب (عليه السلام)» «3».

9620/ [5]- و

من طريق المخالفين: ابن المغازلي في (المناقب)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بمنى، حتى قال: «لألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم»، ثم التفت إلى خلفه فقال: «أو علي أو علي أو علي» ثلاثا، فرأينا أن جبرئيل غمزه، فأنزل الله عز و جل على إثر ذلك:

فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ «4» بعلي «5»، ثم نزلت: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «6»، ثم نزلت: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و إن عليا لعلم للساعة وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9621/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان،

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 560/ 21.

4- تأويل الآيات: 544 «طبع جماعة المدرسين».

5- المناقب: 274/ 321.

6- تفسير القمّي 2: 286.

(1) الزخرف 43: 39.

(2) الزخرف 43: 40، 41.

(3) هذا هو الحديث المتقدّم بعينه إلّا أن (الحسن بن وهب) سقط من السند.

(4) الزخرف 43: 41، 42.

(5) (بعليّ) ليست بالمصدر.

(6) المؤمنون 23: 93، 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 867

عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ؟ فقال: «الذكر: القرآن، و نحن قومه، و نحن مسئولون».

9622/ [7]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1». قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الذكر أنا، و الأئمة أهل الذكر».

و قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن قومه، و نحن المسؤولون».

9623/ [8]- و

عنه: عن الحسين بن

محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمان بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «2»، قال: «الذكر: محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهله المسؤولون».

قال: قلت: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ؟ قال: «إيانا عنى، و نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

9624/ [9]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ: «فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذكر، و أهل بيته (عليهم السلام) المسؤولون، و هم أهل الذكر».

9625/ [10]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «الذكر: القرآن، و نحن قومه، و نحن المسؤولون».

و رواه محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «3».

9626/ [11]- و

عنه: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى،

__________________________________________________

7- الكافي 1: 163/ 1.

8- الكافي 1: 164/ 2.

9- الكافي 1: 164/ 4. [.....]

10- الكافي 1: 164/ 5.

11- الكافي 1: 234/ 3.

(1) النحل 16: 43.

(2) النحل 16: 43.

(3) بصائر الدرجات:

57/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 868

و محمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد ابن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال جل ذكره: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1»، قال:

الكتاب: الذكر، و أهله آل محمد (عليهم السلام)، و أمر الله عز و جل بسؤالهم، و لم يأمر بسؤال الجهال، و سمى الله عز و جل القرآن ذكرا، فقال تبارك و تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «2»، و قال عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ».

9627/ [12]- محمد بن الحسن الصفار: عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن يزيد، قال:

قال أبو جعفر (عليه السلام): وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذكر، و أهل بيته أهل الذكر، و هم المسؤولون».

9628/ [13]- و

عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «إنما عنانا بها، نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

9629/ [14]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن حسين بن الحكم، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ فنحن قومه، و نحن المسؤولون».

9630/ [15]-

و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمان بن سلام، عن أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «إيانا عنى، و نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

9631/ [16]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذكر، و أهل بيته (صلوات الله عليهم) أهل الذكر، و هم المسؤولون، أمر الله الناس يسألونهم، فهم ولاة الناس و أولاهم، فليس يحل لأحد من الناس أن يأخذ هذا الحق الذي افترضه الله لهم».

__________________________________________________

12- بصائر الدرجات: 57/ 5.

13- بصائر الدرجات: 58/ 8.

14- تأويل الآيات 2: 561/ 23.

15- تأويل الآيات 2: 561/ 24.

16- تأويل الآيات 2: 561/ 25.

(1) النحل 16: 43.

(2) النحل 16: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 869

9632/ [17]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يوسف، عن صفوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، من هم؟ قال: «نحن هم».

9633/ [18]- و

روي عن محمد بن خالد البرقي، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن ابني القاسم «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «قوله: وَ لِقَوْمِكَ يعني عليا أمير المؤمنين

(صلوات الله عليه) وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ عن ولايته».

سورة الزخرف(43): آية 45 ..... ص : 869
اشارة

قوله تعالى:

وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [45]

9634/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و أبي منصور، عن أبي الربيع، قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام)، في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت، و قد اجتمع عليه الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي. فقال: اشهد لآتينه، فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي. قال: فاذهب فاسأله لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: يا محمد بن علي، إني قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي. قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه، فقال: «سل عما بدا لك» فقال: أخبرني كم بين عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله) من سنة؟ فقال: «أخبرك بقولي أو بقولك؟» قال: أخبرني عن القولين جميعا. قال: «أما في قولي فخمس مائة سنة، و أما في قولك فست مائة سنة».

قال: فأخبرني عن قول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ

مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ، من الذي سأل محمد (صلى الله عليه و آله)، و كان بينه و بين عيسى خمس مائة سنة؟

__________________________________________________

17- تأويل الآيات 2: 561/ 26.

18- تأويل الآيات 2: 562/ 27. [.....]

1- الكافي 9: 120/ 93.

(1) في المصدر زيادة: عن عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 870

[قال:] فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «1»، فكان من الآيات التي أراها الله تبارك و تعالى محمدا (صلى الله عليه و آله) حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين و الآخرين من النبيين و المرسلين، ثم أمر جبرئيل (عليه السلام) فأذن شفعا، و أقام شفعا، و قال في أذانه: حي على خير العمل ثم تقدم محمد (صلى الله عليه و آله) فصلى بالقوم، فلما انصرف، قال [لهم ]: على ما تشهدون؟ و ما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك رسول الله، أخذ على ذلك عهودنا و مواثيقنا». قال نافع: صدقت، يا أبا جعفر.

9635/ [2]- و

رواه علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي الربيع قال: حججت مع أبي جعفر (عليه السلام)، في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب- و ذكر الحديث إلا أن في آخر رواية علي بن إبراهيم-: «ثم تقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي بالقوم، فأنزل الله عليه: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ

رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): على ماذا تشهدون؟ و ما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك رسول الله، أخذت على ذلك عهودنا و مواثيقنا». قال نافع: صدقت يا ابن رسول الله يا أبا جعفر، أنتم و الله أوصياء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خلفاؤه في التوراة، و أسماؤكم في الإنجيل و الزبور و في الفرقان «2»، و أنتم أحق بالأمر من غيركم.

9636/ [3]- محمد بن العباس: عن جعفر بن محمد الحسني، عن علي بن إبراهيم القطان، عن عباد بن يعقوب، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن سوقة، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في حديث الإسراء: «فإذا ملك قد أتاني، فقال: يا محمد، سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا:

على ماذا بعثتم؟ فقلت لهم: معاشر الرسل و النبيين على ماذا بعثكم الله قبلي؟ قالوا: على ولايتك يا محمد، و ولاية علي بن أبي طالب».

9637/ [4]- الطبرسي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا: «فهذا من براهين نبينا (صلى الله عليه و آله) التي آتاه الله إياها، و أوجب به الحجة على سائر خلقه، لأنه لما ختم به الأنبياء، و جعله الله رسولا إلى جميع الأمم، و سائر الملل، خصه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج، و جمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به و حملوه من عزائم الله و آياته و براهينه، و أقروا أجمعين بفضله، و فضل الأوصياء

و الحجج في الأرض من بعده، و فضل شيعة وصيه من المؤمنين و المؤمنات، الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم، و لم يستكبروا عن أمرهم، و عرف من أطاعهم و عصاهم من أممهم، و سائر من مضى و من غبر، أو تقدم أو

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 285.

3- تأويل الآيات 2: 562/ 29.

4- الاحتجاج: 248.

(1) الإسراء 17: 1.

(2) في المصدر: القرآن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 871

تأخر».

9638/ [5]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي، بإسناده إلى محمد بن مروان، قال: حدثنا محمد بن السائب، بإسناده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي إلى السماء، انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة، فرأيت بيتا من ياقوت أحمر، فقال لي جبرئيل: يا محمد، هذا البيت المعمور، خلقه الله قبل خلق السماوات و الأرضين بخمسين ألف عام، فصل فيه. فقمت للصلاة، و جمع الله النبيين و المرسلين، فصفهم جبرئيل صفا، فصليت بهم.

فلما سلمت أتاني آت من عند ربي، فقال: يا محمد، ربك يقرئك السلام، و يقول لك: سل الرسل: على ماذا أرسلتم من قبلي؟ فقلت: معاشر الأنبياء و الرسل، على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ قالوا: على ولايتك و ولاية علي بن أبي طالب، و ذلك قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا».

9639/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن العباس ابن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث الله نبيا قط إلا بها».

9640/ [7]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن

محمد، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و وصية علي (عليه السلام)».

9641/ [8]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: أخبرني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما قبض الله نبيا حتى أمره الله أن يوصي إلى أفضل عشيرته، من عصبته، و أمرني أن أوصي، فقلت:

إلى من يا رب؟ فقال: أوص- يا محمد- إلى ابن عملك علي بن أبي طالب، فإني قد أثبته في الكتب السالفة، و كتبت فيها أنه وصيك، و على ذلك أخذت ميثاق الخلائق و مواثيق أنبيائي و رسلي، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية، و لك- يا محمد- بالنبوة، و لعلي بن أبي طالب بالولاية».

9642/ [9]- و

من طريق المخالفين: أبو نعيم المحدث، في (حلية الأولياء) في تفسير قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا، قال: إن النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة أسري به، جمع الله بينه و بين الأنبياء، قال: سلهم- يا محمد- على ماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة: أن لا إله إلا الله، و الإقرار بنبوتك، و الولاية لعلي بن أبي طالب.

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 563/ 30.

6- الكافي 1: 362/ 3.

7- الكافي 1: 363/ 6.

8- الأمالي 1: 102.

9- ...،

تأويل الآيات 2: 563/ 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 872

لطيفة ..... ص : 872

9643/ [1]- شرف الدين النجفي، قال: و مما ورد في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل من النبيين (صلوات الله عليهم)، روي مسندا مرفوعا، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) أنه قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا جابر، أي الإخوة أفضل؟» قال: قلت: البنون من الأب و الام. فقال: «إنا معاشر الأنبياء إخوة، و أنا أفضلهم، و أحب الإخوة إلي علي بن أبي طالب، فهو عندي أفضل من الأنبياء، فمن زعم أن الأنبياء أفضل منه، فقد جعلني أقلهم، و من جعلني أقلهم فقد كفر، لأني لم أتخذ عليا أخا إلا لما علمت من فضله» «1».

9644/ [2]- ثم قال: و بيان ذلك أن معنى الاخوة بينهما: المماثلة في الفضل إلا النبوة، لما

روى المفضل بن عمر «2» المهلبي، عن رجاله مسندا، عن محمد بن ثابت، قال: حدثني أبو الحسن موسى (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «أنا رسول الله المبلغ عنه، و أنت وجه الله المؤتم به، فلا نظير لي إلا أنت، و لا مثل لك إلا أنا».

سورة الزخرف(43): آية 48 ..... ص : 872

قوله تعالى:

وَ ما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها [48]

9645/ [3]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، قال: صحبت أبا عبد الله (عليه السلام) في طريق مكة من المدينة، فنزلنا منزلا يقال له: عسفان، ثم مررنا بجبل أسود عن

يسار الطريق وحش، فقلت له: يا ابن رسول، ما أوحش هذا الجبل! ما رأيت في الطريق مثل هذا. فقال لي: «يا ابن بكر، أ تدري أي جبل هذا؟» قلت: لا. قال: «هذا جبل يقال له الكمد، و هو على واد من أودية جهنم، و فيه قتلة أبي الحسين (عليه السلام)، استودعهم الله فيه، تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين و الصديد و الحميم و ما يخرج من جب الخزي «3»، و ما يخرج من الفلق، و ما يخرج من أثام، و ما

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 566/ 37.

2- تأويل الآيات 2: 567/ 38. [.....]

3- كامل الزيارات: 326/ 2.

(1) في المصدر زيادة: و أمرني ربي بذلك.

(2) في المصدر: المفضّل بن محمّد.

(3) في المصدر: الجوى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 873

يخرج من طينة خبال، و ما يخرج من جهنم، و ما يخرج من لظى، و ما يخرج من الحطمة، و ما يخرج من سقر، و ما يخرج من الجحيم «1»، و ما يخرج من الهاوية، و ما يخرج من السعير «2»، و ما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان و إني لأنظر إلى قتلة أبي، و أقول لهما: إنما هؤلاء فعلوا ما أسستما، لم ترحمونا إذ وليتم، و قتلتمونا و حرمتمونا، و وثبتم على حقنا «3»، و استبددتم بالأمر دوننا، فلا رحم الله من يرحمكما، ذوقا وبال ما قدمتما، و ما الله بظلام للعبيد. و أشدهما تضرعا و استكانة الثاني، فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما في قلبي، و ربما طويت الجبل الذي هما فيه و هو جبل الكمد».

قال: قلت له: جعلت فداك، فإذا طويت الجبل، فما تسمع؟ قال: «أسمع أصواتهما يناديان:

عرج علينا نكلمك، فإنا نتوب و اسمع من الجبل صارخا يصرخ بي: أجبهما و قل لهما: اخسؤوا فيها و لا تكلمون».

قال: قلت له: جعلت فداك، و من معهم؟ قال: «كل فرعون عتا على الله و حكى الله عنه فعاله، و كل من علم العباد الكفر».

قلت: من هم؟ قال: «نحو بولس الذي علم اليهود أن يد الله مغلولة، و نحو نسطور الذي علم النصارى أن عيسى المسيح ابن الله، و قال: إنه ثالث ثلاثة «4» و نحو فرعون موسى الذي قال: أنا ربكم الأعلى و نمرود «5» الذي قال: قهرت أهل الأرض، و قتلت من في السماء و قاتل أمير المؤمنين و قاتل فاطمة و محسن، و قاتل الحسن و الحسين (عليهم السلام)، و أما معاوية و عمرو بن العاص فهما يطمعان في الخلاص و معهم كل من نصب لنا العداوة، و أعان علينا بلسانه و يده و ماله».

و قلت له: جعلت فداك، فأنت تسمع هذا كله و لا تفزع؟ قال: «يا ابن بكر، إن قلوبنا غير قلوب الناس، [إنا مطيعون مصفون مصطفون، نرى ما لا يرى الناس، و نسمع ما لا يسمع الناس ]، و إن الملائكة تنزل علينا في رحالنا، و تتقلب على فرشنا، و تشهد طعامنا، و تحضر موتنا «6»، و تأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، و تصلي معنا، و تدعو لنا، و تلقي علينا أجنحتها، و تتقلب على أجنحتها صبياننا، و تمنع الدواب أن تصل إلينا، و تأتينا مما في الأرضين من كل نبات في زمانه، و تسقينا من ماء كل أرض، نجد ذلك في آنيتنا، و ما من يوم و لا ساعة و لا وقت صلاة إلا و هي تنبهنا

لها، و ما من ليلة تأتي علينا إلا و أخبار كل أرض عندنا، و ما يحدث فيها، و أخبار الجن و أخبار [أهل ] الهواء من الملائكة، و ما من ملك يموت في الأرض و يقوم غيره مقامه إلا أتتنا بخبره و كيف سيرته في الذين قبله، و ما من أرض من ستة أرضين إلى أرض «7» السابعة إلا و نحن نؤتى بخبرها».

__________________________________________________

(1) في المصدر: الحميم.

(2) في نسخة من «ط، ج، ي»: حميم.

(3) في المصدر: قتلنا.

(4) في نسخة من «ط، ج، ي»: و قال: هم ثلاثة، و في المصدر: قال لهم: هم ثلاثة.

(5) في «ط، ج، ي»: و ثمود.

(6) في المصدر: موتانا.

(7) (أرض) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 874

فقلت له: جعلت فداك أين ينتهي هذا الجبل؟ قال: «إلى الأرض السادسة «1»، و فيها جهنم على واد من أوديتها، عليه حفظة أكثر من نجوم السماء و قطر المطر، و عدد ما في البحار، و عدد الثرى، و قد وكل كل ملك منهم بشي ء، و هو مقيم عليه لا يفارقه».

قلت: جعلت فداك، إليكم جميعا يلقون الأخبار؟ قال: «لا، إنما يلقى ذلك إلى صاحب الأمر، و إنا لنحمل ما لا يقدر العباد على حمله، و لا على الحكومة فيه «2»، فمن لم يقبل حكومتنا أجبرته الملائكة على قولنا، و أمرت الذين يحفظون ناحيته أن يقسروه على قولنا، فإن كان من الجن أهل الخلاف و الكفر أوثقته و عذبته حتى يصير إلى ما حكمنا به».

قلت له: جعلت فداك، فهل يرى الإمام ما بين المشرق و المغرب؟ قال: «يا ابن بكر، فكيف يكون حجة على ما بين قطريها، و هو لا يراهم و لا يحكم فيهم! و كيف

يكون حجة على قوم غيب لا يقدر عليهم و لا يقدرون عليه! و كيف يكون مؤديا عن الله و شاهدا على الخلق و هو لا يراهم؟! و كيف يكون حجة عليهم و هو محجوب عنهم، و قد حيل بينهم و بينه أن يقوم بأمر الله فيهم! و الله يقول: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ «3» يعني به من على الأرض، و الحجة من بعد النبي (صلى الله عليه و آله) يقوم مقام النبي (صلى الله عليه و آله)، و هو الدليل على ما تشاجرت فيه الامة، و الآخذ بحقوق الناس، و القائم «4» بأمر الله، و المنصف لبعضهم من بعض، فإذا لم يكن معهم من ينفذ قوله تعالى، و هو يقول: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ «5»، فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق؟ و قال تعالى: وَ ما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها فأي آية أكبر منا».

سورة الزخرف(43): الآيات 49 الي 54 ..... ص : 874

قوله تعالى:

وَ قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ [49- 54] 9646/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم حكى قول فرعون و أصحابه [لموسى (عليه السلام)]، فقال: وَ قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ أي يا أيها العالم ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ ثم قال فرعون: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ يعني موسى وَ لا يَكادُ يُبِينُ، قال: لم يبن الكلام، ثم قال: فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ أي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 285.

(1) في المصدر: السابعة.

(2) في المصدر: العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه. [.....]

(3) سبأ 34: 28.

(4) في المصدر: و القيام.

(5) فصلت 41: 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 875

هلا

القي عليه أسورة مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ؟ يعني مقارنين فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ لما دعاهم فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ.

سورة الزخرف(43): آية 55 ..... ص : 875

قوله تعالى:

فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ [55]

9647/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فقال: «إن الله عز و جل لا يأسف كأسفنا، و لكنه خلق أولياء لنفسه، يأسفون و يرضون، و هم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه، و سخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه، و الأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك، و ليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك، و قد قال: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة و دعاني إليها. و قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «1»، و قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ «2».

فكل هذا و شبهه على ما ذكرت لك، و هكذا الرضا و الغضب و غيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، و لو كان يصل إلى الله الأسف و الضجر، و هو الذي خلقهما و أنشأهما، لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما، لأنه إذا دخله الغضب و الضجر، دخله التغيير، و إذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ثم لم يعرف المكون من المكون، و لا القادر من المقدور عليه، و لا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا [القول ] علوا كبيرا، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد

و الكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى».

و رواه ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثله

، و التغيير في يسير من الألفاظ لا يضر المعنى «3».

9648/ [2]- علي بن إبراهيم: فَلَمَّا آسَفُونا أي عصونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ، لأنه لا يأسف عز و جل كأسف الناس.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 112/ 6.

2- تفسير القمّي 2: 285.

(1) النساء 4: 80.

(2) الفتح 48: 10.

(3) التوحيد: 168/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 876

سورة الزخرف(43): الآيات 57 الي 60 ..... ص : 876

قوله تعالى:

وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ- إلى قوله تعالى- يَخْلُفُونَ [57- 60]

9649/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»: «قال بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالسا، إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن فيك شبها من عيسى بن مريم، لو لا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك، يلتمسون بذلك البركة. قال: فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عدة من قريش، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلى عيسى بن مريم! فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ

يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يعني من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ.

قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري، فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم فأنزل الله عليه مقالة الحارث، و نزلت عليه هذه الآية: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «2»، ثم قال له: يا ابن عمرو، إما تبت، و إما رحلت. فقال: يا محمد بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب و العجم، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك و تعالى، فقال: يا محمد، قلبي ما يتابعني على التوبة، و لكن أرحل عنك فدعا براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة، أتته جندلة فرضت «3» هامته، ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «4»».

قال: قلت له: جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا، فقال: «هكذا و الله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله)، و هكذا و الله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام). فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى

__________________________________________________

1- الكافي 8: 57/ 18.

(1) (عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ليس في «ج» و المصدر.

(2)

الأنفال 8: 33.

(3) في المصدر: فرضخت.

(4) المعارج 70: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 877

صاحبكم، فقد أتاه ما استفتح به قال الله عز و جل: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «1»».

9650/ [2]- الشيخ في (التهذيب): عن الحسين بن الحسن الحسيني، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، في دعاء يوم الغدير: « [ربنا] فقد أجبنا داعيك النذير المنذر محمدا (صلى الله عليه و آله) عبدك و رسولك إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي أنعمت عليه و جعلته مثلا لبني إسرائيل، إنه أمير المؤمنين و مولاهم و وليهم إلى يوم القيامة، يوم الدين فإنك قلت: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ».

9651/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن وكيع، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن أبي الأغر «2»، عن سلمان الفارسي، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في أصحابه إذ قال: «إنه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم» فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليكون هو الداخل، فدخل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال الرجل لبعض أصحابه: ما رضي محمد أن فضل عليا علينا حتى يشبهه بعيسى بن مريم! و الله لآلهتنا التي كنا نعبدها في الجاهلية أفضل منه، فأنزل الله في ذلك المجلس «و لما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يضجون» فحرفوها يصدون «و قالوا ءآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم

خصمون، إن علي إلا عبد أنعمنا عليه و جعلناه مثلا لبني إسرائيل» فمحي اسمه و كشط من «3» هذا الموضع.

9652/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عمر الحنفي «4»، عن عمر «5» بن قائد، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بينما النبي (صلى الله عليه و آله) في نفر من أصحابه إذ قال: «الآن يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في أمتي». فدخل أبو بكر، فقالوا: هو هذا؟ فقال: «لا».

فدخل عمر، فقالوا: هو هذا؟ فقال: «لا». فدخل علي (عليه السلام) فقالوا: هو هذا؟ فقال: «نعم». فقال قوم: لعبادة اللات و العزى أهون من هذا، فأنزل الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ الآيات.

9653/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، قال: حدثنا أحمد بن عمر الدهقان، عن محمد بن كثير الكوفي، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: جاء قوم إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا

__________________________________________________

2- التهذيب 3: 144/ 1. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 285.

4- تأويل الآيات 2: 567/ 39.

5- تأويل الآيات 2: 568/ 40

(1) إبراهيم 14: 15.

(2) في المصدر: أبي الأعزّ.

(3) في المصدر: اسمه عن.

(4) في المصدر: نجدح بن عمير الخثعمي.

(5) في المصدر: عمرو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 878

محمد، إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى، فأوحي لنا الموتى، فقال لهم: «من تريدون؟» قالوا: نريد فلانا، و إنه قريب عهد بموت، فدعا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأصغى إليه بشي ء لا نعرفه، ثم قال له: «انطلق معهم إلى

الميت فادعه باسمه و اسم أبيه»، فمضى معهم حتى وقف على قبر الرجل، ثم ناداه: يا فلان بن فلان، فقام الميت، فسألوه. ثم اضطجع في لحده، ثم انصرفوا و هم يقولون: إن هذا من أعاجيب بني عبد المطلب، أو نحوها، فأنزل الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ أي يضحكون «1».

9654/ [6]- و

عنه: عن عبد الله بن عبد العزيز، عن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن نمير، عن شريك، عن عثمان بن عمير البجلي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال لي علي (عليه السلام): «مثلي في هذه الأمة مثل عيسى ابن مريم، أحبه قوم فغالوا في حبه فهلكوا، و أبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا، و اقتصد فيه قوم فنجوا».

9655/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن مخلد الدهان، عن علي بن أحمد العريضي بالرقة، عن إبراهيم بن علي بن جناح، عن الحسن بن علي بن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نظر إلى علي (عليه السلام) و أصحابه حوله و هو مقبل، فقال (صلى الله عليه و آله): أما إن فيك لشبها من عيسى، و لو لا مخافة أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصاري في عيسى بن مريم، لقلت فيك مقالا لا تمر بملإ من الناس إلا أخذوا من تحت قدميك التراب، يبتغون فيه البركة. فغضب من كان حوله، و تشاوروا فيما بينهم، و قالوا: لم يرض [محمد] إلا أن يجعل ابن عمه مثلا لبني إسرائيل! فأنزل الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا

قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ».

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ليس في القرآن: بني هاشم «2»؟ قال: «محيت و الله فيما محي، و لقد قال عمرو بن العاص على منبر مصر: محي من كتاب الله ألف حرف، و حرف منه بألف حرف، و أعطيت مائتي ألف درهم على أن أمحي إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ «3»، فقالوا: لا يجوز ذلك فكيف جاز ذلك لهم و لم يجز لي؟ فبلغ ذلك معاوية، فكتب إليه: قد بلغني ما قلت على منبر مصر، و لست هناك».

9656/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن جده، قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله)، في قول الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ، قال: «الصدود في العربية: الضحك».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 568/ 41.

7- تأويل الآيات 2: 568/ 42.

8- معاني الأخبار: 220/ 1.

(1) في «ج، ي»: يضجون.

(2) في «ط» زيادة: ملائكة في الأرض يخلفون.

(3) الكوثر 108: 3. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 879

9657/ [9]- الطبرسي: روى سادات «1» أهل البيت، عن علي (عليه السلام)، قال: «جئت إلى النبي (صلى الله عليه و آله) يوما، فوجدته في ملأ من قريش، فنظر إلي، ثم قال: يا علي، إنما

مثلك في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا، و أبغضه قوم و أفرطوا في بغضه فهلكوا، و اقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم و ضحكوا، و قالوا: شبهه بالأنبياء و الرسل» فنزلت هذه الآية.

سورة الزخرف(43): الآيات 61 الي 62 ..... ص : 879

قوله تعالى:

وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها- إلى قوله تعالى- عَدُوٌّ مُبِينٌ [61- 62]

9658/ [1]- الشيخ في (أماليه): عن محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال (صلى الله عليه و آله): «و إن عليا لعلم للساعة لك و لقومك و لسوف تسألون عن محبة علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و الحديث تقدم في قوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ «2».

9659/ [2]- و

من طريق المخالفين: ما رواه ابن المغازلي في (المناقب)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال: «و إن عليا لعلم الساعة لك و لقومك و لسوف تسألون عن علي بن أبي طالب». في حديث تقدم في قوله تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «3».

9660/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: جاء في تفسير أهل البيت (عليهم السلام): أن الضمير في (إنه) يعود إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لما روي بحذف الإسناد، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ، قال: «عنى بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)». و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، أنت علم هذه الامة، فمن اتبعك نجا، و من تخلف عنك هلك

و هوى».

9661/ [4]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر الله خطر أمير المؤمنين (عليه السلام) و عظم شأنه عنده تعالى، فقال: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام).

__________________________________________________

9- مجمع البيان 9: 80.

1- الأمالي 1: 373.

2- المناقب: 275/ 321.

3- تأويل الآيات 2: 2: 570/ 45.

4- تفسير القمّي 2: 286.

(1) في المصدر: ما رواه سادة.

(2) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآية (41) من هذه السورة.

(3) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيتين (43، 44) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 880

9662/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له [: قوله تعالى ]: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ «1»؟ فقال: «الذكر: القرآن، و نحن قومه، و نحن المسؤولون وَ لا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ يعني الثاني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ».

سورة الزخرف(43): آية 66 ..... ص : 880

قوله تعالى:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ [66]

9663/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن يسار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً، قال: «هي ساعة القائم (عليه السلام)، تأتيهم بغتة».

سورة الزخرف(43): آية 67 ..... ص : 880

قوله تعالى:

الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [67]

9664/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال له: «يا أبا محمد الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، و الله ما أراد بهذا غيركم».

9665/ [3]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: يعني: الأصدقاء يعادي بعضهم بعضا،

قال: و قال الصادق (عليه السلام): «ألا كل خلة كانت في الدنيا في غير الله، فانها تصير عداوة يوم القيامة».

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «و للظالم غدا بكفه عضة، و الرحيل و شيك، و للأخلاء ندامة إلا المتقين».

9666/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن شعيب بن يعقوب، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال في خليلين

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 286.

1- تأويل الآيات 2: 1: 571/ 46.

2- الكافي 8: 35/ 6.

3- تفسير القمّي 2: 287.

4- تفسير القمّي 2: 287.

(1) الزخرف 43: 44. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 881

مؤمنين، و خليلين كافرين، و مؤمن غني و مؤمن فقير، و كافر غني و

كافر فقير: «فأما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله تبارك و تعالى، و تباذلا عليها و توادا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه، فأراه الله منزله في الجنة، يشفع لصاحبه، فقال: يا رب خليلي فلان، كان يأمرني بطاعتك، و يعينني عليها، و ينهاني عن معصيتك، فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيان عند الله عز و جل، فيقول كل واحد لصاحبه: جزاك الله من خليل خيرا، كنت تأمرني بطاعة الله، و تنهاني عن معصيته.

و أما الكافران فتخالا بمعصية الله، و تباذلا عليها، و توادا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه، فأراه الله تعالى منزله في النار. فقال: يا رب خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك، و ينهاني عن طاعتك، فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما أريتني من العذاب فيلتقيان عند الله يوم القيامة، يقول كل واحد منهما لصاحبه: جزاك الله عني من خليل شرا، كنت تأمرني بمعصية الله، و تنهاني عن طاعته». قال: ثم قرأ: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ.

«و يدعى بالمؤمن الغني يوم القيامة إلى الحساب فيقول الله تبارك و تعالى: عبدي. قال: لبيك يا رب، قال:

ألم أجعلك سميعا بصيرا، و جعلت لك مالا كثيرا؟ قال: بلى يا رب. قال: فما أعددت للقائي؟ قال: آمنت بك، و صدقت رسلك، و جاهدت في سبيلك. قال: فما ذا فعلت فيما آتيتك؟ قال: أنفقته في طاعتك. قال: فما ذا أورثت في عقبك؟ قال: خلقتني و خلقتهم، و رزقتني و رزقتهم، و كنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني، فوكلت عقبي إليك. فيقول الله عز و جل: صدقت، اذهب، فلو تعلم مالك عندي لضحكت كثيرا.

ثم

يدعى بالمؤمن الفقير، فيقول: يا ابن آدم «1»، فيقول: لبيك يا رب، فيقول: ماذا فعلت؟ فيقول: يا رب هديتني لدينك، و أنعمت علي، و كففت عني ما لو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني له. فيقول الله عز و جل: صدق عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا.

ثم يدعى بالكافر الغني فيقول له: ما أعددت للقائي؟ فيعتل فيقول: ما أعددت شيئا. فيقول: ما ذا فعلت فيما آتيتك؟ فيقول: ورثته عقبي، فيقول: من خلقك؟ فيقول: أنت. فيقول: من رزقك؟ فيقول: أنت. فيقول: من خلق عقبك؟ فيقول: أنت. قال: أ لم أك قادرا أن أرزق عقبك كما رزقتك؟ فإن قال: نسيت هلك، و إن قال: لم أدر ما أنت هلك، فيقول الله عز و جل: لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا.

ثم يدعى بالكافر الفقير، فيقول له: يا ابن آدم فما فعلت فيما أمرتك؟ فيقول: ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك، و شغلتني عما خلقتني له. فيقول: فهل دعوتني فأرزقك، و سألتني فأعطيك؟ فإن قال: رب نسيت هلك، و إن قال: لم أدر ما أنت هلك، فيقول: لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا».

سورة الزخرف(43): الآيات 69 الي 75 ..... ص : 881

قوله تعالى:

الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَ كانُوا مُسْلِمِينَ- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [69- 75]

__________________________________________________

(1) في المصدر: يا عبدي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 882

9667/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا: يعني الأئمة «1» (عليهم السلام) وَ كانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ أي تكرمون يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ أَكْوابٍ أي قصاع و أواني وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ إلى قوله تعالى: مِنْها تَأْكُلُونَ فهو «2» محكم.

9668/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم:

أخبرني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيام الدنيا، و يأكل في أكلة واحدة بمقدار أكله «3» في الدنيا».

ثم ذكر الله عز و جل ما أعده لأعداء آل محمد (عليهم السلام)، فقال: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أي آيسون من الخير، فذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «و أما أهل المعصية فخلدهم في النار، و أوثق منهم الأقدام، و غل منهم الأيدي إلى الأعناق، و ألبس أجسادهم سرابيل القطران، و قطعت لهم منها ثياب من مقطعات النيران «4»، هم في عذاب قد اشتد حره، و نار قد أطبق على أهلها، لا تفتح عنهم أبدا، و لا يدخلهم ريح أبدا، و لا ينقضي لهم غم أبدا، العذاب أبدا شديد، و العقاب أبدا جديد، لا الدار زائلة فتفنى، و لا آجال القوم تقضى».

سورة الزخرف(43): آية 76 ..... ص : 882

قوله تعالى:

وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ [76]

9669/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ، [قال ]: «و ما ظلمناهم بتركهم ولاية أهل بيتك، و لكن كانوا هم الظالمين».

سورة الزخرف(43): الآيات 77 الي 78 ..... ص : 882

قوله تعالى:

وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 288.

2- تفسير القمّي 2: 288.

3- تأويل الآيات 2: 571/ 47.

(1) في المصدر: بالأئمة.

(2) في المصدر: فإنه.

(3) في المصدر: ما أكله.

(4) في المصدر: و قطعت لهم مقطعات من النار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 883

لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ [77- 78] 9670/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى نداء أهل النار، فقال: وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قال: أي نموت، فيقول مالك: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ.

ثم قال الله تعالى: لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ يعني بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ يعني لولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل على أن الحق ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله تعالى:

وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ يعني ولاية علي (عليه السلام) فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ آل محمد حقهم ناراً «1».

9671/ [2]- ابن طاوس (رحمه الله):- في حديث، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في أهل النار- قال (صلى الله عليه و آله): «فإذا يئسوا من خزنة جهنم رجعوا إلى مالك مقدم الخزان، و أملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان، قال الله جل جلاله:

وَ نادَوْا يا مالِكُ

لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة و هم في العذاب، ثم يجيبهم كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ، قال: فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شي ء عندهم في دنياهم، و كان قد آثر كل واحد منهم هواه عليه مدة الحياة».

و الحديث تقدم بزيادة في قوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ من سورة حم المؤمن «2».

سورة الزخرف(43): الآيات 79 الي 80 ..... ص : 883

قوله تعالى:

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [79- 80] 9672/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: ثم ذكر على إثر هذا خبرهم، و ما تعاهدوا عليه في الكعبة، أن لا يردوا الأمر في أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ إلى قوله تعالى لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ.

9673/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 289.

2- الدروع الواقية: 58 «مخطوط».

3- تفسير القمّي 2: 289.

4- الكافي 8: 180/ 202.

(1) الكهف 18: 29.

(2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (47- 50) من سورة حم المؤمن. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 884

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: [قوله تعالى ]: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ؟ قال: و هاتان الآيتان نزلتا فيهم «1» ذلك اليوم، قال أبو عبد الله (عليه السلام):

«لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب، إلا يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و ذلك كان

سابقا في «2» علم الله عز و جل الذي أعلمه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إذا كتب الكتاب قتل الحسين (عليه السلام)، و خرج الملك من بني هاشم، فقد كان ذلك كله».

9674/ [3]- و

عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، و علي بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله تعالى: كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ «3»، و الذي أنزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان معهم أبو عبيدة، و كان كاتبهم، فأنزل الله تعالى: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ الآية».

9675/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن حماد الشاشي، عن الحسين «4» بن أسد الطفاوي، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن الفضيل بن الزبير، عن أبي داود، عن بريدة الأسلمي: أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لبعض أصحابه: «سلموا على علي بإمرة المؤمنين». فقال رجل من القوم: لا و الله لا تجتمع النبوة و الإمامة «5» في أهل بيت أبدا. فأنزل الله عز و جل: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ.

9676/ [5]- روى عبد الله بن عباس، أنه قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخذ عليهم الميثاق مرتين لأمير المؤمنين (عليه السلام)، الاولى: حين قال: «أ تدرون من وليكم من بعدي؟» قالوا: الله و رسوله أعلم، قال: «صالح المؤمنين». و أشار بيده إلى علي بن أبي طالب

(عليه السلام)، و قال: «هذا وليكم بعدي».

و الثانية: يوم غدير خم يقول: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه». و كانوا قد أسروا في أنفسهم و تعاقدوا: أن لا نرجع إلى أهل هذا البيت «6» هذا الأمر، و لا نعطيهم الخمس فأطلع الله نبيه (صلى الله عليه و آله) على أمرهم، و أنزل عليه:

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ.

__________________________________________________

3- الكافي 1: 348/ 43.

4- تأويل الآيات 2: 572/ 48.

5- تأويل الآيات 2: 572/ 49.

(1) انظر بداية الحديث في الكافي.

(2) في المصدر: و هكذا كان في سابق.

(3) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 9.

(4) الظاهر أنّه الحسن، راجع الجامع في الرجال 1: 474 و 494.

(5) في المصدر: و الخلافة.

(6) في المصدر: إلى أهله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 885

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة محمد (صلى الله عليه و آله) روايات بهذا المعنى «1».

سورة الزخرف(43): آية 81 ..... ص : 885

قوله تعالى:

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ [81]

9677/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال:] «إن الله جل و عز لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) أرسل الماء على الطين، ثم قبض قبضة فعركها، ثم فرقها فرقتين بيده، ثم ذرأهم فإذا هم يدبون. ثم رفع لهم نارا، فأمر أهل الشمال أن يدخلوها، فذهبوا إليها فهابوها و لم يدخلوها، ثم أمر أهل اليمين أن يدخلوها، فذهبوا فدخلوها. فأمر الله عز و جل النار فكانت عليهم بردا و سلاما، فلما رأى ذلك

أهل الشمال. قالوا: ربنا أقلنا فأقالهم، ثم قال لهم: ادخلوها فذهبوا فقاموا عليها و لم يدخلوها، فأعادهم طينا و خلق منها آدم (عليه السلام)».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء، و لا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء». قال:

«فيرون أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أول من دخل تلك النار، فذلك قوله جل و عز: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ».

9678/ [2]- علي بن إبراهيم: يعني الآنفين «2» أن يكون له ولد.

9679/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ «أي الجاحدين» التأويل في هذا القول، باطنه مضاد لظاهره.

سورة الزخرف(43): آية 82 ..... ص : 885

قوله تعالى:

سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [82]

9680/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الشجري بنيسابور، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الشعراني العماري، من ولد عمار بن ياسر، قال: حدثنا أبو محمد

__________________________________________________

1- الكافي 2: 5/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 289.

3- الاحتجاج: 250.

4- التوحيد: 311/ 1.

(1) تأتي في تفسير الآيتين (29 و 30) و ما بعدهما، من سورة محمّد (ص). [.....]

(2) في المصدر: يعني أول القائلين للّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 886

عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي الأذني بأذنة، قال: حدثنا علي بن الحسن المعاني، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، قال: حدثنا محمد بن جحادة، عن يزيد بن الأصم، قال: سأل رجل عمر بن الخطاب:

ما تفسير سبحان الله؟ قال: إن في هذا الحائط رجلا إذا سئل أنبأ، و إذا

سكت ابتدأ فدخل فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، ما تفسير سبحان الله؟ قال: «هو تعظيم جلال الله عز و جل، و تنزيهه عما قال فيه كل مشرك، فإذا قالها العبد صلى عليه كل ملك».

9681/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا أبي، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل قال (عليه السلام) فيه-: «فمن اختلاف صفات العرش، أنه قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ رب الوحدانية عَمَّا يَصِفُونَ، و قوم وصفوه بيدين، فقالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ «1»، و قوم و صفوه بالرجلين، فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء، و وصفوه بالأنامل، فقالوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال:

رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ، يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شي ء، و لا يوصف، و لا يتوهم، فذلك المثل الأعلى».

و الحديث تقدم بتمامه في قوله تعالى: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ في سورة النمل «2».

و معنى سبحان، تقدم بروايات كثيرة في قوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ، إلى آخر الآية من سورة يوسف «3».

سورة الزخرف(43): آية 84 ..... ص : 886

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ [84]

9682/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال:

قال أبو

شاكر الديصاني: إن في القرآن آية هي قولنا. قلت: ما هي؟ فقال: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ فلم أدر بما أجيبه، فحججت، فخبرت أبا عبد الله (عليه السلام)، قال: «هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه

__________________________________________________

2- التوحيد: 323/ 1.

1- الكافي 1: 99/ 1.

(1) المائدة 5: 64.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النمل.

(3) تقدّم في تفسير الآية (108) من سورة يوسف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 887

فقل له: ما أسمك بالكوفة؟ فإنه يقول: فلان، فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان، فقل: كذلك الله ربنا في السماء إله، و في البحار «1» إله، و في الأرض «2» إله، و في القفار إله، و في كل مكان إله»، قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز.

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، الحديث «3».

9683/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن منصور، عن أبي اسامة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ، فنظرت و الله إليه و قد لزم الأرض، و هو يقول:

«و الله عز و جل الذي هو، و الله ربي في السماء إله، و في الأرض إله، و هو الله عز و جل».

9684/ [3]- السيد الرضي في (الخصائص): قال الأسقف النصراني لعمر: أخبرني- يا عمر- أين الله تعالى؟

قال: فغضب عمر، فقال أمير

المؤمنين (عليه السلام): «أنا أجيبك و سل عما شئت، كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم، إذ أتاه ملك فسلم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أين أرسلت؟ قال: من سبع سماوات من عند ربي، ثم أتاه ملك آخر فسلم، فقال له رسول الله: من أين أرسلت؟ قال: من سبع أرضين من عند ربي ثم أتاه ملك آخر فسلم، فقال له رسول الله: من أين أرسلت؟ قال: من مشرق الشمس من عند ربي ثم أتاه ملك آخر، فقال له رسول الله: من أين أرسلت؟ قال: من مغرب الشمس من عند ربي، فالله ها هنا و ها هنا، في السماء إله، و في الأرض إله، و هو الحكيم العليم».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «معناه من ملكوت ربي في كل مكان، و لا يعزب عن علمه شي ء تبارك و تعالى».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث في معنى الآية في قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ من سورة المجادلة «4».

سورة الزخرف(43): الآيات 86 الي 89 ..... ص : 887

قوله تعالى:

وَ لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ- إلى قوله تعالى- فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [86- 89]

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 289.

3- خصائص أمير المؤمنين (عليه السّلام): 92.

(1) في المصدر: الأرض.

(2) في المصدر: البحار.

(3) التوحيد: 133/ 16.

(4) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (7) من سورة المجادلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 888

9685/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هم الذين قد عبدوا في الدنيا لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا رب إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ» فقال الله: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.

9686/ [2]- محمد

بن يعقوب: عن محمد بن الحسن، و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى، و محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «فلما بعث الله عز و جل محمدا (صلى الله عليه و آله) سلم له العقب من المستحفظين، و كذبه بنو إسرائيل، و دعا إلى الله عز و جل، و جاهد في سبيله، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: إن العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب، و لم يبعث إليهم نبي، و لا يعرفون نبوة «1» الأنبياء، و لا شرفهم، و لا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي. فقال الله جل ذكره:

وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ «2»، وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، فذكر من فضل وصيه ذكرا، فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك، فقال الله جل ذكره «3»: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ «4»، فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «5»، و لكنهم يجحدون بغير حجة لهم».

تم بحمد الله و منه الجزء الرابع من تفسير البرهان، و يتلوه الجزء الخامس، أوله تفسير سورة الدخان

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 289.

2- الكافي 1: 233/ 3. [.....]

(1) في المصدر: و لا يعرفون فضل نبوّات.

(2) النحل 16: 127.

(3) في المصدر: ذلك و ما يقولون، فقال اللّه جلّ ذكره يا محمّد.

(4) الحجر 15: 97.

(5) الأنعام 6: 33.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.